منحة الباري بشرح صحيح البخاري

الأنصاري، زكريا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «لَا يشْكر الله مَنْ لَا يشْكر النَّاسَ» الحمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِه تتمُ الصالحاتُ فإنَّ إِخْرَاج هَذَا الْكتاب بِهَذِهِ الصُّورَة فِي فَتْرَة وجيزة كَانَ ثمرةَ تعاونٍ مَعَ: "مَرْكَز الْفَلاح للبحوث العلمية" لصَاحبه الشَّيْخ خَالِد الرِّبَاط وَالَّذِي عاون فِي الإشراف على هَذَا الْكتاب، بمشاركة الْأُخوة: خَالِد بُكير، وعصام حمدي (فِي الْمُقَابلَة وَالتَّعْلِيق والمراجعات) نَادِي فكري، وَمُحَمّد رَمَضَان (فِي التَّخْرِيج وَالتَّعْلِيق) كَمَا قَامَ بمراجعة متن البُخَارِيّ وَضَبطه: الدكتور جُمُعَة فتحي، وَالْأَخ أَحْمد روبي فجزاهم الله خيرًا وكل من شَارك مَعَهم على مَا بذلوه من جهد وَعون، أسأَل الله أَن يَجْعله فِي ميزَان حسناتهم، إنَّهُ سميع مُجيب. سُلَيْمَان بن دريع العازمي الكويت هَاتِف: 009659532016

منْحَةُ البَارِي بِشَرْح صَحِيح البُخَارِي

جَمِيع الحقُوق مَحفُوظَة الطَّبعَة الأولى 1426 هـ - 2005 م مكتبة الرشد ناشرون المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض - شَارِع الْأَمِير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن (طَرِيق الْحجاز) ص. ب: 17522 - الرياض: 11494 - هَاتِف: 4593451 - فاكس: 4573381 Email : [email protected] Website : www.rushd.com * فرع طَرِيق الْملك فَهد: الرياض - هَاتِف: 2051500 - فاكس: 2052301 * فرع مَكَّة المكرمة: هَاتِف: 5585401 - فاكس: 5583506 * فرع الْمَدِينَة المنورة: شَارِع أبي ذَر الْغِفَارِيّ - هَاتِف: 8340600 - فاكس: 8383427 * فرع جدة: ميدان الطائرة - هَاتِف: 6776331 - فاكس: 6776354 * فرع القصيم: بُرَيْدَة - طَرِيق الْمَدِينَة - هَاتِف: 3242214 - فاكس: 3241358 * فرع أَبِهَا: شَارِع الْملك فيصل - تلفاكس: 2317307 * فرع الدمام: شَارِع الْخزَّان - هَاتِف: 8150566 - فاكس: 8418473 وكلاؤنا فِي الْخَارِج * الْقَاهِرَة: مكتبة الرشد - هَاتِف: 2744605 * بيروت: دَار ابْن حزم هَاتِف: 701974 * الْمغرب: الدَّار الْبَيْضَاء - وراقة التَّوْفِيق - هَاتِف: 303162 - فاكس: 303167 * الْيمن: صنعاء - دَار الْآثَار - هَاتِف: 603756 * الْأُرْدُن: عمان - الدَّار الأثرية: 6584092 - جوال: 796841221 * الْبَحْرين: مكتبة الغرباء - هَاتِف: 957833 - 945733 * الإمارات: مكتبة دبي للتوزيع - هَاتِف: 43339998 - فاكس: 43337800 * سوريا: دَار البشائر: 231668 * قطر: مكتبة ابْن الْقيم - هَاتِف: 4863533

مقدمة التحقيق

مقدمة التحقيق إنَّ الحمدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ به مِن شرور أنفسِنا، وَمِن سيئاتِ أعمالنا، مَنْ يَهْدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِل، فلا هَادِيَ له، وأشْهَدُ أن لا إله إلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [آل عمران: 102]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} [النساء: 1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71]. أما بعد فإنَّ الاشتغالَ بخدمةِ السُّنَّةِ المُطهرة مِنْ أفضلِ الأعمال وأعظم القربات التي يقومُ بها المسلم، فصُحبة الحديث صحبةٌ لكلام النَّبي صلَّى الله عليه وسلم، وأنعم بها من صُحبة، وقد عملتُ منذ سنوات على تحقيق كتاب "جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد" لمؤلفه محمد بن سليمان المغربي، وقد لاقى القبولَ بحمد الله تعالى وأُعد الآن لطبعة جديدة له في حلةٍ قشيبة، ثم اختصرتُ "صحيح الترغيب والترهيب" للشيخ الألباني رحمه الله، ثم أتتني رغبة في العمل على أحد شروح السنة، فوقعتُ على هذا الشرح لصحيح البخاري، وعلى الرغم من شهرة مؤلفه ومكانة الصحيح، إلا أنَّه لم يلق العناية من

المحققين، فقد طُبع منذ نحو مئة عام بالمطبعة الميمنية بمصر (عام 1325 هـ) على هامش "إرشاد الساري" للقسطلاني،، وبهامش هذا الكتاب "شرح مسلم" للنووي، وكانت طباعة حجرية بحرفٍ دقيقٍ، كما أنَّ النسخةَ غير متوفرة أصلا، ولم نجدْها بأي قيمة، ولكن حصلنا على صورةٍ منها من مكتبةٍ خاصة بعد أن فرغنا من ثُلثي الكتاب فأعدنا المقابلة مرةً أخرى عليها، أما مصورات مخطوطات الكتاب فقد حصلنا عليها من دار الكتب المصرية، ومكتبتي جامعة الإمام محمد بن سعود، وجامعة الملك سعود بالرياض، وسيأتي بيان وصفها. ووجدنا في فهارس جامعة القرويين بالمغرب نسحة للكتاب، وقد حاولتُ جاهدًا الحصول عليها فلم يتيسر لي ذلك، فعملنا على ما في أيدينا، ونحن على ثقة أننا قد خدمنا نص الكتاب ليكونَ أقرب لما كتبه المؤلف. ولمَّا كان مثل هذا العمل كبيرًا ويحتاج إلى وقتٍ وجهدٍ مع الحاجة لإخراج غيره، فقد تعاونتُ مع مركز الفلاح للبحوث العلمية بالفيوم بمصرَ لصاحبه الشيخ خالد الرباط في إخراج هذا الكتاب، وذكرتُ أسماءَ مَنْ شاركوا في هذا العمل وذلك للأمانة التي ينبغي أن يتحلى بها طلبة العلم والمحققون. والله تعالى أسأل أنْ يوفقني لخدمة دينه والمساهمة في إظهار كنوز التراث الإسلامي التي لا زالت حبيسة الخزائنِ والمكتبات. وآخر دعوانا أن الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمِين. سليمان بن دريع العازمي

ترجمة المؤلف

ترجمة المؤلف اسمه ولقبه وولادته وأسرته: القاضي زكريا محمد بن زكريا الأنصاري، قاضي القضاة زين الدين أبو يحيى السُّنيكي المصري الشافعي ولد بسُنيكة (¬1) في سنة ست وعشرين وثمانمئة، وقيل في سنة ثلاثِ، وقيل أربع وعشرين وثمانمئة، والأول الأرجح. (¬2) وحكى "محمد بن أحمد العلائي الفيومي الأصل القاهري الحنفي" عن الشيخ السُّلَمي أنه كان يومًا بسُنيكة وإذا بامرأةِ تستجيرُ به وتستغيث أن ولدها مات أبوه، وعامل البلد النصراني قبض عليه يرومُ أن يكتبه موضع أبيه في صيد الصقور، فخلصه الشيخ منه، وقال لها: "إن أردتَ خلاصه، فافرغي عنه يشتغلُ ويقرأ بجامع الأزهر، وعليَّ كلفته". فسلمت إليه زكريا، فلا زال يشتغل حتى صارَ إلى ما صارَ إليه. (¬3) وحكى الشيخ زكريا عن فترةِ شبابه التي قضاها بالشغل والدرس دون أن يتعلق قلبه بأحد من الخلق حتى أنه كان يُصاب بالجوع الشديد، فيخرج ليلًا إلى الميضأة، فيغسل ما يجده من قشيراتِ ¬

_ (¬1) سُنَيْكَة: من قرى مصر بين بلبيس والعبَّاسية، وهي تابعة للشرقية بمصر. "معجم البلدان" 3/ 307، "الذيل على رفع الإصر" ص 140. (¬2) وهو قول السخاوي صديقه وصاحبه. (¬3) "الضوء اللامع" للسخاوي 3/ 334، "الذيل على رفع الإصر" ص 140 - 150 "الكواكب السائرة" للغزي 1/ 196 - 207، "وكشف الظنون" 5/ 374، و"شذرات الذهب" 10/ 186 - 187، و"الأعلام" 3/ 46.

نشأته

البطيخ، ثم يأكلها، إلى أن قيض الله له شيخًا صالحًا، فكان يأتيه بكل ما يحتاجُ إليه من طعام وشراب وكساء، وظل على هذا عدة سنوات. نشأته: نشأ الأنصاري بسُنيكة يتيمًا، فحفظ القرآن -عند الفقيهين محمد بن ربيع والبرهان الفاقوسي البلبيسي- و"عمدة الأحكام" وبعض "مختصر التبريزي"، ثم رحل إلى القاهرة سنة إحدي وأربعين وثمانمئة. فقطن في الجامع الأزهر، وأتم حفظ المختصر، ثم حفظ المنهاج والألفية النحوية والشاطبية والرائية ونحو النصف من ألفية العراقي في الحديث، ثم رجع إلى بلده. ورحل رحلته الثانية إلى القاهرة وقرأ على مشايخ مصر في مختلف العلوم إلى أن صار عالمًا مبرزًا في النحو واللغة والتفسير والحديث والأصول والقراءات والأدب إلى غير ذلك من العلوم. الأمر الذي أهله لتولي منصب التدريس في عدة مدارس، وتصدى للتدريس في حياة غير واحد من شيوخه، إلى أن رقي منصب قاضي القضاة بعد إلحاح شديد سنة ست وثمانين وثمانمئة في ولاية قايتباي وظل فيه حتى كُف بصره، فعزل بسبب العمى، لكنه ظل متابعًا الاتصال بالعلماء وملازمًا التدريس والإفتاء والتصنيف. (¬1) وحضر الشيخ مبايعة خمسة من السلاطين، وهم الناصر محمد بن قايتباي، وخاله الظاهر قانصوة، والأشرف جان بلاط، والعادل طومان باي، والأشرف الغوري (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: "الكواكب السائرة" 1/ 196 - 197، و"شذرات الذهب" 10/ 186. (¬2) "بدائع الزهور" لابن إياس الحنفي 2/ 1210.

شيوخه

شيوخه: اشتغل الشيخ زكريا الأنصاري في مختلف العلوم المتداولة وبرع فيها، فقرأ القرآن الكريم على جماعة، منهم: - الشيخ رضوان بن محمد بن يوسف بن سلامة بن البهاء، أبو النعيم العقبي الشافعي. "ولد سنة تسع وستين وسبعمئة، كان خيرًا ديّنًا، قرأ العلوم على عدد من شيوخها: العربية والفقه والفرائض والحساب والكلام والتصريف والمعاني والمنطق والبيان. وأقرأ القرآن وتخرج به جمع من الفضلاء، وطار اسمه بمعرفة الأسانيد والشيوخ والمرويات. مات سنة اثنتين وخمسين وثمانمئة. "الكواكب السائرة" 1/ 197، و"الضوء اللامع" 4/ 226، و"شذرات الذهب" 9/ 401. - الشيخ صالح بن عمرو بن رسلان ابن القاضي أبو البقاء سِراج الدين البُلْقيني ولد سنة إحدى وتسعين وسبعمئة بالقاهرة، حفظ القرآن والعمدة والألفية ومنهاج الأصول، أخذ الفقه عن البرماوي، والأصول عن ابن جماعة، والنحو عن الشنطوفي، والحديث عن ابن العراقي، فكان إمامًا فقيهًا عالمًا، صنف تفسيرًا وشرحًا على البخاري لم يُكمله، وله: "القولُ المفيدُ في اشتراط الترتيب بين كلمتي التوحيد"، و"الخطب"، و"التذكرة" وغيرها. مات سنة 868. "الكواكب السائرة" 1/ 197، و"الضوء اللامع" 3/ 312 - 314، و"شذرات الذهب" 9/ 454. - الشيخ طاهر بن محمد بن علي بن محمد بن مكين الدين، أبو الحسن النويري المالكي: وُلد بعد التسعين وسبعمة، حفظ القرآن على الشرايبي وأخذ العربية عن الصنهاجي وكثيرًا من الفنون عن القاياتي. مات سنة ست وخمسين وثمانمئة. "الكواكب السائرة" 1/ 197، و"الضوء اللامع" 4/ 5 - 6.

- الشيخ نور الدين علي بن محمد بن الإمام فخر الدين البلبيسي الشافعي: ولد سنة سبع عشرة ببلبيس ونشأت فيها، حفظ القرآن عند البرهان الفانوسي، وعرض على جماعة، واشتغل بالخط على الشمس البيشي، واستقل بقضاء الإسكندرية، مات سنة ثمانِ وثمانين وثمانمئة. "الكواكب السائرة" 1/ 197، و"الضوء اللامع" 5/ 300 - 301. وأخذ الشيخ زكريا الفقه عن جماعةٍ منهم: - الشيخ أحمد بن عبد الله بن مفرج بن بدر الدين الغزي الشافعي: توفي بمكة سنة اثنتين وعشرين وثمانمئة. صنف: "البحر المبتغي لمعان ينبغي"، "تراجم رجال البخاري"، و"شرح الألفية لابن مالك"، و"شرح جمع الجوامع للسبكي في الفروع"، "شرح عمدة الأحكام في الحديث"، وغير ذلك. "الكواكب السائرة" 1/ 197، و"شذرات الذهب" 9/ 224 - 225، و"هدية العارفين" 5/ 122 - 123. - الشيخ أحمد بن علي بن محمد الشهاب أبو الفضل الكناني العسقلاني، المعروف بابن حجر: ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمئة بمصر، ونشأ بها يتيمًا، فحفظ القرآن والعمدة وألفية ابن العراقي والحاوي الصغير وهو ابن تسع، وحين بلغ لازم القطان في الفقه والعربية والحساب، ثم اجتمع مع عدد كبير من العلماء، وزادت مصنفاته على مائة وخمسين مات سنة اثنتين وخمسين وثمانمئة. "الكواكب السائرة" 1/ 197، و"الضوء اللامع" 2/ 36 - 40، و"شذرات الذهب" 9/ 395. - الشيخ محمد بن إسمعيل بن أحمد بن يوسف الشمس الونائي الشافعي: ولد سنة ثمان وثمانين وسبعمئة، حفظ القرآن والعمدة التنبيه والشاطبية وجمع الجوامع وألفية ابن مالك والتلخيص. وأخذ النحو عن

الدماميني وأخذ على البخاري المختصر حتى تقدم في الفنون وصار أحد من يشار إليه بالعلم والعمل وولي قضاء مصر ثم دمشق ثم مصر. واستمر حتى مات سنة ثمان وأربعين وثمانمئة وكان إمامًا علامة فقيهًا أصوليًّا نحويًّا قوي الحافظة أمينًا. "الكواكب السائرة" 1/ 197، و"الضوء اللامع" 7/ 140 - 141، و"شذرات الذهب" 9/ 385. - الشيخ موسى بن أحمد بن موسى بن عبد الله بن سليمان السُبكي القاهري الشافعي: ولد سنة اثنتين وستين وسبعمئة، قرأ القرآن وحفظ العمدة والحاوي والمنهاج والألفية تصدي للإقراء في الفقه وأصوله والعربية وغيرها، وكان إمامًا ثبتًا حجة فيها، مات بالسل سنة أربعين وثمانمئة. "الكواكب السائرة" 1/ 197، و"الضوء اللامع" 10/ 176 - 178، و"شذرات الذهب" 9/ 345. وغيرهم. وأخذ الشيخُ زكريا الأنصاري الحديث عن جماعة منهم: - الشيخ إبراهيم بن صَدَقَة بن إبراهيم بن إسماعيل برهان الدين أبو إسحق بن فتح الدين المقدسي الحنبلي: ولد سنة اثنتين وسبعين وسبعمئة بالقاهرة، نشأ فحفظ القرآن، والعمدة في الحديث وعرض على ابن الملقن والأبناس وأجازوا له، وأجاز له خلق كثير. كان خيرًا ثقة صبورًا على التحدث. مات سنة اثنتين وخمسين وثمائمئة. "الكواكب السائرة" 1/ 198، و "الضوء اللامع" 1/ 55 - 56، و"شذرات الذهب" 9/ 413. - الشيخ أبو العباس أحمد بن رجب بن طيبغا الشافعي، ويُعرف بابن المجدي: ولد سنة سبع وستين وسبعمئة بالقاهرة، حفظ القرآن وبعض المنهاج ثم الحاوي والألفية، وأخذ الفرائض والحساب والعربية وتقدم بذكائه المفرط وصار رأس الناس في أنواع الحساب

والهندسة والهيئة والفرائض، والكافي، والرسالة الكبرى، وزاد المسافر، والقول المفيد في جامع الأصول وغير ذلك كثير. مات سنة خمسين وثمانمئة عن أربع وثمانين سنة. "الكواكب السائرة" 1/ 198، و"الضوء اللامع" 1/ 300 - 302 و"شذرات الذهب" 9/ 390. - الشيخ محمد بن علي القاياتي الشافعي: ولد سنة خمس وثمانين وسبعمئة، حفظ القرآن والمنهاج والألفية والتسهيل، ولم يزل يدأب في العلوم حتى تقدم في الفنون كلها، فكان إمامًا عالمًا تزاحم الناسُ عليه من سائر أرباب الفنون والطوائف والمذاهب. مات سنة خمسين وثمانمئة. "الكواكب السائرة" 1/ 198، "الذيل على رفع الإصر" ص 141، و"شذرات الذهب" 9/ 390. قرأ عليهم وعلى غيرهم السيرة النبوية، والسنن لابن ماجة، ومسندُ الإمام الشافعي، وصحيح مسلم، والسنن الصغري للنسائي، وصحيح البخاري، فأجازه خلق يزيدون على مائة وخمسين ذكرهم في ثبته. وأخذ الشيخ زكريا الأنصاري العربية والأدب والأصول والمعقولات عن شيخ الإسلام: ابن حجر، وعن المحيوي الكافيجي والتقي الحصكفي. - الشيخ أحمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد شهاب الدين أبو الفضل الكناني العسقلاني الشافعي المعروف بابن حجر (¬1). - الشيخ محمد بن سليمان بن مسعود محيي الدين أبو عبد الله الكافيجي، ولد سنة ثمان وثمانين وسبعمئة. لقي العلماء وأخذ عنهم، ¬

_ (¬1) سبقت ترجمته.

وكان إمامًا في المعقولات كلها: الكلام وأصول اللغة والنحو والتصريف والإعراب. من تصانيفه: شرح قواعد الإعراب، ومختصر في علوم الحديث، ومختصر في علوم التفسير يسمى التيسير. توفي سنة تسع وسبعين وثمانمئة. "بغية الوعاة" 1/ 117 - 118، و"الضوء اللامع" 7/ 259، و"شذرات الذهب" 9/ 488. - الشيخ حسين بن علي بن يوسف بدر الدين الأربلي الحصكفي الشافعي. ولد بحلب سنة خمسين وثمانمئة، حفظ القرآن، والمنهاج للنووي، والإرشاد لابن المقري، ومنهاج البيضاوي، والشاطبية، والكافية، والألفية، وتصريف العزي. من مؤلفاته: وحاشية على شرح المنهاج للمحلي، حاشية على شرح الكافية المتوسط لركن الدين. توفي بحلب سنة خمس وعشرين وتسعمئة. "الكواكب السائرة" 1/ 198، و"الضوء اللامع" 1/ 178 - 180، و"شذرات الذهب" 10/ 189. ولبس الشيخ زكريا الأنصارى الخرقة الصوفية من: الشيخ أبي العباس أحمد بن علي الأتكاوي، مات سنة خمسٍ وأربعين وثمانمئة. "الضوء اللامع"2/ 44. والشيخ أبي حفص عمر بن علي النبتيتي، مات سنة سبعٍ وستين وثمانمئة. "الضوء اللامع" 6/ 108. والشيخ أحمد بن علي الدمياطي الشهير بابن الزلباني. "الضوء اللامع" 6/ 108. وأخذ الطريق عن الشيخ محمد بن عمر الواسطي العمري الشافعي. توفي سنة تسع وأربعين وثمانمئة. "الكواكب السائرة" 1/ 198، و"الضوء اللامع" 8/ 238 - 239، و "شذرات الذهب" 9/ 386.

تلاميذه

تلاميذه: كان لاشتهار الشيخ زكريا الأنصاري بالبراعة في سائر العلوم -من حديثٍ وفقهٍ وأصول- الأثر في جعل الطلاب يقبلون عليه من كل حدب وصوب، فقصدوه بالرحلة من الحجاز والشام، وعمَّر حتى رأى تلاميذه وتلاميذ تلاميذه شيوخ الإسلام. ومن تلاميذه: - الشيخ أبو بكر بن محمد بن يوسف القاري: أخذ عن البرهان بن أبي شريف والقاضي زكريا، وتفقه على الشيخ ابن قاضي عجلون، وكان ممن أخذ عنه شيخ الإسلام شهاب الدين الطيبي، كان محققًا مدققًا عالمًا بالنحو والقراءات والفقه والأصول. توفي سنة خمسٍ وأربعين وتسعمئة. "الكواكب السائرة" 2/ 89 - 90. - الشيخ أحمد بن أحمد بن أحمد بن محمد شيخ الإسلام شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المصري المكي الشافعي: ولد سنة إحدي عشرة وتسعمئة. أجازه القاضي زكريا والشيخ عبد الحق، وأخذ الفقه عن الرملي. من مؤلفاته: شرح المنهاج، وشرح الإرشاد، وشرح العباب. وشرح الهمزية للبوصيري، والصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع، وشرح الأربعين النووية، وغيرها. توفي سنة 973. "الكواكب السائرة" 3/ 111 - 112، و"شذرات الذهب" 10/ 541 - 542. - الشيخ أحمد بن أحمد بن حمزة الرملي الأنصاري الشافعي: تلميذ القاضي زكريا، أخذ الفقه عنه وعن طبقة. من مؤلفاته: شرح الزبد لابن أرسلان، وشرح منظومة البيضاوي في النكاح، ورسالة في شروط الإمامة وغيرها. توفي في بضع وسبعين وتسعمئة. "الكواكب السائرة" 3/ 111، و"شذرات الذهب" 9/ 482.

- الشيخ أحمد شهاب الدين الرملي المصري الشافعي: هو أحد الأجلاء من تلاميذ القاضي زكريا الأنصاري، وكان مقدمًا عنده حتى أذن له أن يصلح في مؤلفاته في حياته وبعد مماته، ولم يأذن لأحد سواه. كتب شرحًا عظيمًا على صفوة الزبد في الفقه. أخذ عن الشربيني والغزي، وانتهت إليه الرئاسة في العلوم الشرعية بمصر. توفي سنة 957 هـ. "الكواكب السائرة" 2/ 119 - 120، و"شذرات الذهب" 10/ 454. - الشيخ أحمد بن محمد بن عمر بن أبي بكر شهاب الدين الحمصي الدمشقي الشافعي: ولد سنة إحدى وخمسين، أو ثلاث وخمسين وثمانمئة، أخذ العلم عن جماعة من الشاميين والمصريين، فوض القضاء إليه ابن الفرفور، وفوض إليه الشيخ زكريا، وكان يخطب مكانه بقلعة الجبل، وكان الغوري يميل إليه لفصاحته. توفي سنة 934 ص "الكواكب السائرة" 2/ 97، و"شذرات الذهب" 10/ 280. - الشيخ شهاب الدين البرلسي المصري الشافعي الملقب بعميرة: كان عالمًا زاهدًا ورعًا، انتهت إليه الرئاسة في تحقيق المذهب يدرس ويفتي حتى أصيب بالفالج ومات به. "الكواكب السائرة" 2/ 119. - الشيخ الصالح عبد الوهاب بن ذوقا بن موسى الشعرواي المصري الشافعي: قرأ على مشايخ عصره شرح المحلي على جمع الجوامع، وشرح العقائد للتفتازاني، وشرح المقاصد وشرح الفصول، وشرح شذور الذهب والألفية وشرح الشيخ زكريا على الروض، وشرحه للرسالة، وغير ذلك. توفي في حدود السبعين وتسعمئة. "الكواكب السائرة" 3/ 176، و"شذرات الذهب" 10/ 544. - الشيخ علي بن أحمد بن علي بن عبد المهيمن بن حسن بن علي

الشيخ نور الدين الشافعي المعروف بالقرافي: أخذ عن الديلمي والقاضي زكريا والبرهان ابن أبي شريف. مات قبل الثمانين وتسعمئة. "الكواكب السائرة" 3/ 182. - الشيخ محمد بن أحمد بن محمود بن الفرفور الدمشقي الشافعي: ولد سنة خمس وتسعين وثمانمئة. حفظ القرآن والمنهج في الفقه لشيخه زكريا، وجمع الجوامع والألفية. ولي قضاء الشافعية. توفي مسجونًا بقلعة دمشق سنة سبع وثلاثين وتسعمئة. "الكواكب السائرة" 2/ 22 - 23، و"شذرات الذهب" 10/ 314 - 315. - الشيخ محمد بن سلام بن علي الطبلاوي: تلقى العلم عن أجل المشايخ منهم: القاضي زكريا والديملي والسيوطي. انتهت إليه الرئاسة في سائر العلوم بعد موت أقرانه، كان متبحرًا في التفسير والقراءات والفقه والحديث والأصول والمعاني والبيان والطب والمنطق والكلام. توفي سنة ست وستين وتسعمئة. "الكواكب السائرة" 2/ 33 - 34، و"شذرات الذهب" 10/ 506. - الشيخ محمد بن عبد الله بهاء الدين المصري: ولد سنة ثمان وثمانين وثمانمئة، أخذ عن السخاوي والسيوطي والقاضي زكريا والذهبي ودروس بالجامع الأزهر. له مؤلفات في الفرائض. توفي سنة تسعين وتسعمئة. "الكواكب السائرة" 3/ 61. - الشيخ يوسف بن زكريا الشيخ جمال الدين ابن شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري: كان ممن أخذ عنه الشيخ شمس الدين محمد بن الجوخي الشافعي. ربي في نزاهة وطاعة وعدم الخروج من دار والده، وكان ممن جبله الله على الأخلاق الحميدة درس في المدرسة الصالحية بجوار الإمام الشافعي، وحضر على والده شرح رسالة

عبادته وزهده

القشيري وشرح آداب القضاء وآداب البحث وشرح التحرير. توفي سنة سبع وثمانين وتسعمئة. "الكواكب السائرة" 3/ 221. عبادته وزهده: ذكر الغزي في الكواكب السائرة (¬1) شيئًا من ذلك فذكر أنه مع ما كان عليه من الاجتهاد في العلم اشتغالًا واستعمالًا وإفتاءً وتصنيفًا، ومع ما كان عليه من مباشرة القضاء ومهمات الأمور، وكثرة إقبال الدنيا؛ لا يكاد يفتر عن الطاعة ليلًا ونهارًا. ولا يشتغل بما لا يعنيه، وقورًا وهيبًا يصلي النوافل من قيام مع كِبر سنه، ويقول: (لا أعوّد نفسي الكسل)، حتى في حال مرضه كان يصلي النوافل قائمًا، وهو يميل يمينًا وشمالًا، لا يتمالك أن يقف بغير ميل للكبر والمرض فقيل له في ذلك، فقال: يا ولدي، النفس من شأنها الكسل، وأخاف أن تغلبني، وأختم عمري بذلك!!. كان إذا أطال عليه أحد في الكلام يقول له: عجل قد ضيعت علينا الزمان!. كان قليل الأكل، لا يزيد على ثلث رغيف، وكان كثير الصدقة مع إخفائها، وكان له جماعة يرتب لهم من صدقته ما يكفيهم إلى يوم، وإلى جمعة، وإلى شهر!!. كان يبالغ في إخفاء ذلك، حتى كان غالب الناس يعتقدون في الشيخ: قلة الصدقة! وكان إذا جاءه سائل -بعد أن كف بصره- يقول لمن عنده من جماعته هل هنا من أحد؟ فإن قال: لا، أعطاه، وإن قال ¬

_ (¬1) 1/ 202.

عقيدته

له نعم، قال: قال له: يأتينا في غد هذا الوقت. عقيدته: كان الشيخ زكريا الأنصاري مثل كثير من علماء زمانه ومكانه متأثرًا بالمذهب الأشعري في تأويل الأسماء الصفات ظنًّا منه أن هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا يظهر في شرحه لبعض الأحاديث التي تتناول بعض الصفات مثل حديث نزول الرب في آخر الليل، وصفة النور، وغير ذلك، وقد علقنا علي هذه المواضع تعليقًا موجزًا وأحلنا القاريء إلى موضع بسط هلذا الموضوع في كتب العقائد. وعلى ما بدا لنا فإن مخالفته لعقيدة السلف لم تتعد هذا الباب، ولم يكن من المنكرين لها، فيذكر مثلًا أن مذهب التفويض أسلم، ومذهب التأويل أحكم، وهذا على بطلانه يدل على عدم تعصبه للمذهب. تصوفه: وكما هو الحال في مسألة الصفات فقد كان الشيخ متأثرًا بمتصوفة زمانه كما أن له شرحًا على "الرسالة القشيرية في علم التصوف" وهو أشهر شروح الكتاب. وتقدم في ذكر شيوخه أنه لبس خرقة الصوفية عن بعضهم. قال السخاوي: وكان أحد من كتب في كائنة ابن الفارض، بل هو أحد من عظم ابن عربي واعتقده وسماه وليًّا، وعزلتُه عن ذلك فما كفَّ، وله تهجدٌ وتوجُّدٌ، وصبر واحتمال (¬1). آثاره العلمية: لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري -رحمه الله- كتب ورسائل كثيرة ¬

_ (¬1) "الذيل على رفع الأصر" ص 146.

لم يستقص أحدٌ ممن ترجموا له أسماءها، ولم يحص عدَّها، وأنت واجد عند كل منهم كتابًا، أو أكثر مما أنفرد بذكره، ولست واجدًا عند أحدٍ منهم ثبتًا مستوعبًا لها، ولكن من الصعب العسير الآن أن نجزم بعدد كتبه وأسمائها -لكنها تزيد عن المئة- لأنَّ كثيرين من المؤلفين كانوا يشيرون إلى بعض كتبه دون ذكر أسمائها التي وضعها لها ممَّا جعل للكتاب الواحد اسمين، أو أكثر من اسم، وخلاف ذلك أن الشيخ نفسه كان يضع على الكتاب الواحد شرحين أو شرحًا وحاشية، كما سنرى -إن شاء الله- عند عرض آثاره فالتبست الإشارات إلى تلك الكتب واختلطت على أقلام المترجمين، ومن هنا يظهر لنا أسباب كثرة مؤلفاته، ولعلَّ ذلك يرجع إلى أمرين: الأول: كما أشرنا سابقًا في ترجمته أن الشيخ قرأ وسمع كثيرًا من الكتب على كثير من المشايخ والعلماء، كابن حجرٍ العسقلاني وغيره ممن سبقت الإشارة إليهم؛ إذًا فلا غرابة أن يؤلف الكتب الكثيرة من الفنون المختلفة. الثاني: من الممكن أن يرجع كما قلنا: إن للكتاب الواحد اسمين أو أكثر من اسم، أو وضع لكل كتاب أكثر من شرح وحاشية، وأخيرًا سنورد فيما يلي قائمة بما وقفنا عليه من أسماء آثاره إلي أننا في شكٍّ من أن بعضها مكرر، ولعلَّ مما يساعد على الترجيح أنَّ الرجل كان يضع لكتبه عناوين مسجعةً. (¬1) وكثرة مؤلفاته وتنوعها تدل على سعة إطلاعه، وإنه لم يكن متخصصًا في علم من العلوم بل كان رئيسًا في كل فن أخذًا بزمام سائر ¬

_ (¬1) انظر: "شذرات الذهب" 10/ 186 - 187، و"الكواكب السائرة" 1/ 201، و"الأعلام" 3/ 46.

ما وقفنا عليه من أسماء مؤلفاته

العلوم التي ألقت إليه قيادها وكان بحرًا زاخرًا متدفقة أمواج علومه تفسيرًا وحديثًا وفقهًا وأصولًا ولغة ومعاني وبيانًا وبديعًا ومنطقًا وقراءة، وهندسة وهيئة وحكمًا، وطبًّا، وميقاتًا وفرائض، وحسابًا وجبرًا ومقابلة وعروضًا وصرفًا وتصوفًا، بل كان له الباع الطويل والقدم الراسخة في شتى ميادين فروع العلم وأصوله. فجزى الله شيخ الإسلام خير الجزاء وجعل هذه الأعمال في ميزان حسناته ورفعه الله درجة المتقين الأبرار. ما وقفنا عليه من أسماء مؤلفاته: أولًا: المطبوع: 1 - أحكام الدلالة على تحرير الرسالة (¬1): وهو عبارةٌ عن شرح للرسالة القشيريَّة، وهي في علم التصوف، ذكر الشعراني أنَّه قرأها على المؤلف (¬2)، وقال الحنفيُّ: إنَّ الأنصاريَّ شرح رسالة الإمام عبد الكريم بن هوزان القشيريَّ في جزأين، أمَّا اسم الكتاب فلم يذكره سوى البغداديِّ في هدية العارفين، وطبعت الرسالة في القاهرة سنة 1304 هـ. وتقع في أربع وأربعين ومئتي صفحة وبهامشها تقريرات من شرح زكريا الأنصاري. 2 - أسنى المطالب في شرح روض الطالب (¬3): وهو كتابٌ شَرحَ فيه الأنصاري كتاب "الروض" لإسماعيل بن أبي بكر عبد الله المقري: اليمانيَّ الشافعيَّ المشهور بابن المقري. المتوفى ¬

_ (¬1) انظر: "كشف الظنون" 5/ 374. (¬2) "طبقات الشعراني" 2/ 122. (¬3) انظر: "الكواكب السائرة" للغزي 1/ 201، "الضوء اللامع" للسخاوي 3/ 236، "هدية العارفين" 5/ 374، "معجم المؤلفين" لكحالة 4/ 182. معجم المطبوعات العربية والمعربة ليوسف إليان سركيس 1/ 384.

سنة (837 هـ) وقد اختصر ابن المقري. في كتابه "الروض" كتاب "روضة الطالبين وعمدة المتقين" لإمام المحققين المدققين محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي المتوفى سنة (676 هـ) مختصرًا بـ (الروض) اسم (الروضة) ومجردًا نصّه من الخلاف اختصر الإمام النووي فيه كتاب "فتح العزيز في شرح الوجيز" لعبد الكريم الرافعي وكتاب الرافعي هذا شرحٌ لكتاب "الوجيز" في فروع مذهب الشافعية للإمام أبي حامد الغزالي. قال الشيخ زكريا -رحمه الله تعالى- في مقدمة كتابه "أسنى المطالب": هذا ما دعت إليه حاجة المتفهمين للروض في الفقه تأليف الإمام العلامة شرف الدين إسماعيل بن المقري اليمني من شرح يحل ألفاظه ويبين مراده ويذلل صعابه ويكشف لطلابه نقابه مع فوائد لا بدَّ منها، ودقائق لال يستغني الفقيه عنها، على وجه لطيف ومنهج منيف خالٍ من الحشو والتطويل حاوٍ على الدليل والتعليل، وسميته: أسنى المطالب في شرح روض الطالب وطبع هذا الكتاب بمصر بالمطبعة الميمنية عام 1313 هـ وبهامشه حاشية الشيخ أحمد الرملي الكبير (فقه الشافعي) ثم طبع بعد ذلك طبعات مختلفة وقد أثنى على هذا الكتاب السخاوي فقال: شَرَحَ الروضَ شرحًا بليغًا قاضي الشافعية في وقتنا ومحقق الوقت الشيخ زكريا الأنصاري. 3 - الأضواء البهجة في إبراز دقائق المنفرجة (¬1): وهو شرح على المنفرجة، والمنفرجة قصيدة مشهورة مطلعها: اشتدّي أزمة تنفرجي ... قد آذن ليلُك بالفرج ¬

_ (¬1) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 483.

وفي نسبتها خلاف، والأرجح أنها لأبي الفضل يوسف بن محمد بن يوسف التوزري التلمساني المعروف بابن النحوي المتوفى سنة 513 هـ قال صاحب كشف الظنون: المنفرجة لأبي الفضل يوسف بن محمد، وقيل: لأبي الحسن يحيى بن العطار، والأول أرجح. شرحها شيخ الأعلام زكريا الأنصاري وفرغ منها في ذي الحجة سنة 881 هـ وقال: هي قصيدة الإمام التوزري على ما قاله أبو العباس أحمد البجائي شارحها، أو أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الأندلسي القرشي على ما قاله العلامة تاج الدين السبكي. وللإنصاري على المنفرجة شرحان، "الأضواء البهجة" وهو أكبرهما. قال السخاوي: وشرح المنفرجة في مطول ومختصر. وقال الغزي: له شرحا المنفرجة كبير وصغير وسماه بالخلاصة. وطبع في مصر عام 1323 هـ، مطبعة التقدم، ويقع في أربع وأربعين صفحة. وطبع معه كتاب "المنفرجة على المنفرجة" للشيخ عبد الله بن عبد العزيز الصولي مطبعة مصر 1914 - 1332، وتقع في ست وخمسين صفحة. 4 - الإعلام بأحاديث الأحكام (حديث) (¬1). 5 - أقصى الأماني (¬2) (بلاغة) مع شرح فتح منزل المباني. طبع بالقاهرة من دون تاريخ. 6 - بلوغ الأرب شرح شذور الذهب: قام بتحقيقه الباحث: يوسف الحاج أحمد في رسالة دكتوراه بدمشق سنة (1990). ¬

_ (¬1) انظر: "تاريخ الأدب" لبروكلمان 6/ 397. (¬2) انظر: "تاريخ الأدب" 6/ 399.

7 - بهجة الحاوي، شرح حاوي الصغير للقزويني، في الفروع. 8 - البهجة الوردية في فروع الفقه. 9 - تحرير تنقيح اللباب (¬1): أوله: "الحمد لله المتفضل الوهاب.". قال: "هذا مختصر تنقيح اللباب ضممت إليه فوائد، وبدلت غير المعتمد عليه، وحذفت منه الخلاف.". مع شرح: تحفة الطلاب، وحاشية تهذيب الطلاب لعبد الله بن حجازي الشرقاوي 1227 - مطبعة القاهرة 1306 - 1316. 10 - تحفة الباري (أو منحة الباري) على صحيح البخاري: وهو كتابنا هذا وسيأتي الكلام عليه. 11 - تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب (¬2) (فقه شافعي). أوله: "الحمد لله الذي فقه في دينه من اصطفاه من الأنام.". مطبعة بولاق 1292 والمطبعة اليمنية 1331، وتقع في أربع وأربعين ومئة ورقة. 12 - تعريف الألفاظ الاصطلاحية في العلوم (¬3): طبع بذيل اللؤلؤ المنظوم في روم التعليم الآتي ذكره برقم (57)، مطبعة مصر 1319. 13 - تلخيص الأزهية في أحكام الأدعية لزركشي. 14 - حاشية على تفسير البيضاوي. 15 - حاشية على شرح جمع الجوامع. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 483. (¬2) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 485. (¬3) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 485.

16 - حاشية على التلويح. 17 - الحواشي المفهمة في شرح المقدمة للجزري. 18 - خلاصة الفوائد المحمدية في شرح البهجة الوردية (¬1): وضع الشيخ الأنصاري كتابين حول البهجة الوردية، أحدهما: خلاصة الفوائد المحمدية، والثاني: الغرب البهية، والبهجة الوردية: عبارة عن منظومة وضعها الشيخ زين الدين عمر بن مظفر الوردي الشافعي المتوفى سنة 749 هـ نظم بها كتاب الحاوي الصغير في فروع فقه السادة الشافعية ومطلعها: قال الفقير عمر بن الوردي ... الحمد لله أتم الحمد وشرحا الأنصاري كبير وهو "الغرر البهية"، وآخر صغير وهو "الخلاصة". وقال الغزي أن لها شرحين كبير وصغير، وذكر البغدادي الشرحين في هدية العارفين وقد طبعا بالمطبعة الميمنية عام 1318 هـ بالقاهرة. 19 - الدرر السنية في شرح الألفية: وهو شرح الألفية العلامة ابن مالك الأندلسي، ذكره البغدادي في هدية العارفين، وله نسخة خطية في مكتبة الأزهر الشريف وأخرى مخطوطة بجامعة الملك سعود تحت رقم (3338) ومن الجدير بالذكر أن الغزي قال في حديثه عن آثار الأنصاري وما يتعلق بالنحو والتصريف حاشية على ابن المصنف، وشرح الشافية لابن الحاجب كما ذكرناها سابقًا، وشرح شذور الذهب لابن هشام الأنصاري. ¬

_ (¬1) انظر: "إيضاح المكنون" 3/ 436.

20 - الدقائق المحكمة في شرح المقدمة (¬1) وهو عبارة عن شرح للمقدمة الجزرية وهي منظومة في تجويد القرآن للشيخ الإمام والحبر الهمام شيخ الإسلام حافظ عصره أبي الخير محمد بن محمد الجزري طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه، فوضع الشيخ زكريا لهذه المقدمة شرحًا وسمى شرحه: بالدقائق المحكمة في شرح المقدمة، قال الشيخ زكريا الأنصاري في مقدمة شرحه: لما أعتنى بها -أي: بالمقدمة- ذوو الجد والاجتهاد وكانت محتاجة إلي بيان المراد وحوت مع صغر الحجم وحسن الاختصار ما لم يحوه في الفن كثير من الكتب الكبار رأيتُ أن أضع عليها شرحًا يحل ألفاظها ويبين مرادها، ويبرر دقائقها ويقيد مطلقها ويفتح مغلقها وسميته: بالدقائق المحكمة في شرح المقدمة وقد طبع هذا الشرح المطبعة اليمنية 1308، تقع في اثنتين وثلاثين ورقة، وبهامشه المُنَح الفكرية بشرح المقدمة الجزرية، لمُلا علي القاري. كما أنه طبع طبعة حديثة منقحة. 21 - ديوان شعره. 22 - ربُّ البرية بشرح القصيدة الخزرجية. 23 - الزبدة الرائقة في شرح البُردة الفائقة، للبوصيري. 24 - شرح آداب البحث (جدل). 25 - شرح الأربعين النووية. 26 - شرح ألفية العراقي. (حديث) وغالبًا المقصود به "فتح الباقي" الآتي برقم 44. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 485.

27 - شرح إيساغوجي (¬1): وهو شرح في علم المنطق، ويشتهر هذا الشرح باسم "المطلع" وهو شرح على مختصر أثير الدين الأبهري المسمَّى إيساغوجي، ذكره الغزي، والبغدادي، وفي معجم المطبوعات العربية، وقد طبع هذا الكتاب مع شرحين آخرين الأول: للمفضَّل الأبهري سماه مطلع شرح إيساغوجي، والثاني: شرح ليوسف الغناوي. أوله: "حمدًا لمن ميز الإنسان بشرف النطق من بين الخلائق، طبع في بولاق سنة 1282 هـ طُبع مع شرحين آخرين الأول للمفضل الأبهري سمّاه مطلع شرح إبساغوجي والثاني شرح ليوسف الغناوي. أوله "حمدًا لمن ميز الإنسان بشرف النطق من بين الخلائق". مطبعة بولاق. 28 - شرح التحرير. 29 - شرح التنقيح ومختصره وشرحه (مختصر أدب القضاء للغزي). 30 - شرح رسالة التوحيد. 31 - شرح الروض. 32 - شرح الشمسية. 33 - شرح صحيح مسلم. 34 - شرح الطوالع في أصول الدين. 36 - شرح القصيدة الخزرجية. 37 - شرح الكفاية لابن الهائم (الفرائض). 38 - شرح مختصر المزني في فروع الفقه الشافعي. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 485، و"المنتخب" ص 199.

39 - شرح منهاج النووي. 40 - شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول، للبيضاوي. 41 - غاية الوصول إلى شرح لب الأصول (¬1). توجد بأسفل الصحائف حواشي للشيخ محمد الجوهري، وبالهامش متنُ لبّ الأصولِ، له أيضًا. مطبعة مصر 1310 هـ. ويقع في ثمان وسبعين ومئة ورقة. 42 - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية (¬2) (فقه الشافعي). وهو الشرح الكبير، فرغ من تأليفه سنة 867 هـ. أوله "الحمد لله الذي أظهر بهجة دينه القويم". معه حاشية الشيخ عبد الرحمن الشربيني، وبالهامش حاشية ابن القاسم العبادي علي الشرح المذكور مع تقرير الشيخ الشربيني عليها. المطبعة الميمنية 1315 هـ وطُبع طبعة حديثة. 43 - فتح الإله الماجد بإيضاح شرح العقائد: وهو شرح لكتاب العقائد لنجم الدين عمر بن محمد النسفي المتوفى سنة 537 أحد علماء الحنفية الأعلام في الفقه والتفسير والتاريخ وهو غير النسفي المفسر، وكتابه هذا مشهور بالعقائد النسفية وعليه عدة شروح منها: شرح السعد التفتازاني المتوفى سنة 791 هـ وهو الشرح الذي وضع الشيخ الأنصاري شرحه المسمي "فتح الإله الماجد" وقد ذكر هذا الاسم كل من حاجي خليفة في كشف الظنون، والبغدادي في هدية العارفين، وتوجد نسخة خطية منه في المكتبة التيمورية بمصر. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 486، و"إيضاح المكنون" 3/ 153. (¬2) انظر: "معجم المطبوعات"1/ 486.

44 - فتح الباقي بشرح ألفية العراقي: وألفية العراقي هي للإمام زين الدين عبد الرحيم بن الحسين أبو الفضل العراقي المتوفى سنة 806 هـ المشهور بالحافظ العراقي وألفيته تعرف بألفية الحديث فقد نظمها ملخصًا فيها كتاب علوم الحديث لابن الصلاح ومطلعها: يقول راجي ربه المقتدر ... عبدُ الرحيمِ بنُ الحسينِ الأثريّ وعلى هذه الألفية شروح كثيرة، منها شرح ناظمها وشرح شيخ السخاوي ومن شروحها المشهورة شرح القاضي العلامة زكريا الأنصاري، وهو شرح مختصر ممزوج سماه "فتح الباقي بشرح ألفية العراقي" فرغ منه -رحمه الله- في رجب سنة 896 هـ. وقد اتهمه الحافظ السخاوي بأنه استمد من شرحه عليها وهي تهمة لا يقوم عليها دليل لما علم مقام الشيخ زكريا من العلم وخضوع العالي والنازل له وكثرة كتبه تبين علمه فكيف تشرئب نفسه إلى عمل طفيف مثل هذا وينسبه لنفسه وهو لغيره إذ التهمة لا تتوجه إلا على من يليق به ذلك وإلا كانت من المهالك. 45 - فتح الجليل ببيان خفي أنوار التنزيل، للبيضاوي (¬1). 46 - فتح رب البرية بشرح القصيدة الخزرجية (¬2): شرح فيه القصيدة الخزرجية في العروض والقافية نظمها ضياء الدين عبد الله بن محمد الخزرجي العروضي الأندلسي الذي نزل الإسكندرية وتوفي فيها قتلًا سنة 626 هـ وسماها: الرامزة في علمي ¬

_ (¬1) انظر: "تاريخ الأدب" 6/ 397. (¬2) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 486.

العروض والقافية، ولكنها عرفت بالخزرجية نسبة إلى ناظمها. شرحها الشيخ زكريا الأنصاري وسمى شرحه "فتح رب البرية .. " وقد طبع بهامش العيون الفاخرة الغامزة على خبايا الرامزة لابن أبي بكر الدماميني، مطبعة مصر سنة 1303 هـ. 47 - فتح الرحمن بشرح رسالة الولي رسلان (¬1): وهو شرح الرسالة الرسلانية في علم التوحيد شرحها الشيخ زكريا وسمى شرحه "فتح الرحمن بشرح رسالة الولي رسلان" كما جاء في "كشف الظنون" وقد جاء ذكر هذا الشرح في الكواكب السائرة بين آثار الشيخ الأنصاري في التصوف، وطبع مع كتاب حل الرموز ومفتاح الكنوز، للعز بن عبد السلام مطبعة مصر سنة 1317 ص ويقع في ست عشرة ورقة. 48 - فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن (¬2): وهو من الكتب النفيسة النادرة فقد بذل فيها المؤلف -رحمه الله- قصارى جهده، لتوضيح ما يتلبس من آيات القرآن الكريم، لبيرز لنا تلك الدرر النفيسة والكنوز الثمنية، وليكشف لنا عن دقائق أسرار القرآن في تعبيره الرفيع، وبيانه المعجز، وذكر فيه آيات القرآن المتشابهة المختلفة بزيادةٍ وتقديم، أو إبدال حرف بآخر مع بيان سبب الاختلاف والتكرار وأورد فيه شيئًا من أسئلة القرآن وأجوبتها، وقد طبع هذا الكتاب أولًا في بولاق على هامش التفسير المسمي: "السراج المنير" للخطيب الشربيني عام 1299 فلم يكن كاملًا، وإنَّما هو لبعض سورٍ كريمة، من ¬

_ (¬1) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 486. (¬2) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 486.

أول سورة البقرة إلى نهاية سورة التوبة، وليس فيه شيء من التحقيق العلمي الذي يرغب فيه أي باحث ثم طبع بالرياض عام 1404 هـ / 1984 م طبعة محققة مع مقدمة عن الأنصاري وآثاره بتحقيق الدكتور عبد السميع محمد أحمد حسنين. وصدرت له طبعة بعد ذلك بعام بتحقيق الأستاذ محمد علي الصابوني، وهي طبعة خالية من مقدمة للتحقيق (¬1). 49 - فتح الرحمن على متن لقطة العجلان (¬2) (أصول). للزركشي، وبالهامش حاشية الشيخ يس على الشرح المذكور، مطبعة النيل 1328 هـ ويقع في سبع وسبعين ورقة. 50 - فتح المبدع في شرح الممتع، لابن الهائم (منظومة في الحساب). 51 - فتح منزل المثاني بشرح أقصى الأماني في البيان والبديع والمعاني: هو كتاب في علوم البلاغة، وهو مختصر تلخيص المفتاح كما جاء في كشف الظنون، وقد عرف حاجي خليفة كتاب فتح المثاني في خلال حديثه عن تلخيص المفتاح فقال: "وللتلخيص مختصرات منها التلخيص المسمي بأقصى الأماني في علم البيان والبديع والمعاني لبعض شراح المطول، أوله: الحمد لله الذي نور بصائر من اصطفاه .. ، ربته على مقدمة، وثلاثة فنون ثم شرحه وسماه فتح منزل المثاني، وأوله: الحمد لله الذي شرح صدورنا .. ، سلك فيها مسلك الإيجاز، وقد عُمد كتاب فتح منزل المثاني في جملة آثار الأنصاري المطبوعة ¬

_ (¬1) انظر: "فتح الرحمن" بتحقيق الشيخ الصابوني. (¬2) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 486.

باسم "فتوح منزل المباني بشرح أقصى الأماني في البيان والمعاني" وهو بتصحيح الشيخ علي المني، والشيخ سالم رضوان العيوني، وكان طبعه في المطبعة الجمالية بمصر سنة 1332 هـ، وتوجد نسخة خطية منه في مكتبة الأزهر الشريف. 52 - فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب (¬1): اختصر فيه الأنصاري كتاب "منهاج الطالبين وعمدة المفتين" في فروع مذهب الإمام الشافعي للنووي، وسمى هذا المختصر "منهج الطلاب" ثم عاد وشرح منهج الطلاب، وسمى شرحه "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" وهو كتاب في الفقه ذكره الغزي حين ذكر آثار الأنصاري، وقال: منها المنهج وشرحه، وجاء في مقدمة على لسان مؤلفه الأنصاري قوله: وبعدُ: فقد كنت أختصرت منهاج الطالبين في الفقه تأليف الإمام حجة الإسلام أبي زكريا يحيى محيي الدين النووي -رحمه الله- في كتاب سميته "منهج الطلاب" وقد سألني بعض الأعزة عليّ من الفضلا، المترددين إليَّ أن أشرحه شرحًا يحل ألفاظه ويجلي حفاظه ويبين مراده، ويتمم مفاده فأجبته إلى ذلك بعون القادر وسميته: "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" (¬2) وقد طبعا معًا في الميمنية بمصر عام 1332 هـ، وأعيدت طباعته حديثًا - بلا تاريخ- في دار المعرفة بيروت. 53 - الفتحة الإنسية لفلق التحفة القدسية لابن الهائم (¬3) (الفرائض). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 486. (¬2) "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 1/ 2. (¬3) انظر: "معجم المطبوعات" 4/ 176.

54 - فتوح منزل المباني بشرح أقصي الأماني في البيان والبديع والمعاني (¬1)، بتصحيح الشيخ علي المتني، والشيخ سالم رضوان العيوني، مطبعة الجمالية 1332 هـ 1914 م. ويقع في أربع وعشرين ومئة ورقة. 55 - قطعة على مختصر ابن الحاجب. 56 - لب الأصول مختصر جمع الجوامع للسبينكي. 57 - اللؤلؤ النظيم في روم التعلم والتعليم (¬2). مختصر أوله "الحمد لله لذي شرف من وفقه بالعلم والعمل.". ذكر أصناف العلوم وحدودها. بذيله تعريف الألفاظ الأصطلاحية في العلوم. مطبعة الموسوعات عام 1319. يقع في اثنتين وثلاثين ورقة. 58 - مختصر الآداب للبيهقي. 59 - مختصر قرة العين في الفتح والإمالة. 60 - المقصد لتلخيص المرشد (¬3): هو كتاب لخص الشيخ زكريا الأنصاري فيه كتاب "المرشد في الوقف والابتداء" للحافظ العماني المتوفى في حدود 400 هـ كما جاء في كشف الظنون، وله نسخة في جامعة الإمام محمد بن سعود، أوله بعد البسملة: "قال عمدة المحققين .. الحمد لله على آلائه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصفيائه وبعد .. " آخره "وليس في الفلق، والنسا وقفٌ حسنٌ نعتمده. تم الكتاب" نسخة موسى بن بكر ¬

_ (¬1) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 487. (¬2) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 487، و"تاريخ الأدب" 6/ 396. (¬3) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 487، و "المنتخب" ص 59.

القنائي سنة 1146 هـ وطبع في مطبعة بولاق سنة 1280 هـ يقع في اثنتين وأربعين ومئة ورقة، كما طبع في سنة 1290 هـ بالمطبعة العامرة بمصر على هامش كتاب "تنوير المقياس في تفسير ابن عباس" لأبي طاهر محمد بن يعقوب الفيروز آبادي. 61 - الملخص من تلخيص المفتاح (¬1) (بلاغة). أوله: "الحمد لله علي نعمائه، والصلاة على محمد أفضل أنبيائه"، مطبعة بولاق 1305 هـ 62 - المناهج الكافية في شرح الشافية: وهو شرح على الشافية لابن الحاجب في علم التصريف وهو من الشروح الصرفية المهمة، والتي عدت خلاصة ما انتهى إليه المتقدمون، طبع هذا الشرح عام 1310 هـ بالأستانة، لكن هذه الطبعة أقرب ما تكون إلي النسخ الخطية، ولهذا الكتاب نسخة خطية وحيدة في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق ثم طبع بعد ذلك كرسالة علمية دكتوراة مقدمة من الباحثة رزان خدّام إلى جامعة تشرين بسوريا سنة 2003 م. (¬2) 63 - منهاج الطلاب، أو المناهج في فقه الإمام الشافعي (¬3). اختصره من منهاج الطالبين وشرحه شرحًا مفيدًا. أوله: "الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.". مطبعة بولاق 1285 هـ أو 1294 هـ ومطبعة الجمالية 1329 هـ. ويقع في سبعة عشرة ومئة صفحة. وطبع بهامش منهاج الطالبين لأبي ¬

_ (¬1) انظر: "معجم المطبوعات"1/ 487. (¬2) وطبعت ضمن إصدارات مجلة الحكمة، واستفدنا من الدراسة وترجمة المصنف كثيرًا في مقدمتنا هذه. (¬3) انظر: "معجم المطبوعات" 1/ 487، و"تاريخ الأدب" 6/ 398.

زكريا يحيى بن شرف النوري بمطبعة مصر 1305 هـ و 1329 هـ يقع في تسع وثلاثين ومئة ورقة. 64 - منهج الوصول إلى علم الفصول، ومنهج الوصول إلى تخريج الفصول (¬1): وهما شرحان وضعهما الشيخ الأنصاري على كتاب "الفصول المهمة في علم الميراث الأمة"، المشهور بالفصول في الفرائض لابن الهائم أحمد بن محمد المتوفى سنة 815 هـ، وهو صاحب "التحفة القدسية" التي شرحها الأنصاري وسمى شرحها "الفتحة الإنسية" قال السخاوي: إن الشيخ زكريا شرح فصول ابن الهائم، وسماه: "منهج إلى علم الفصول". مزج المتن فيه وشرحه شرحًا آخر سماه: "منهج الوصول إلى تخريج الفصول"، وهو أبسطهما وكذلك قال العيدروسي، وأشار الغزي إلى هذين الشرحين، ولم يسمهما فقال في جملة آثار الأنصاري شرحان على الفصول. 65 - نهاية الهداية في شرح الكفاية: وهذا الكتاب عبارة عن شرح أجوزة كبرى في الفرائض اسمها "الكفاية" لابن الهائم الفقيه الفرضي الرياضي، شرحها الشيخ زكريا رحمه الله. وقد بيَّن فيها أسباب شرحه لهلذه المنظومة، والدوافع إلي ذلك في مقدمة الكتاب فإن كتاب الكفاية المنظوم في علم الفرائض للشيخ الإمام العالم العلامة أبي العباس .. لما كان موشحًا بالمعاني الغزيرة، والقواعد الكثيرة، وقد تداولته الطلبة ليجتنوا من لطيف ثماره ويقتبسوا من ضياء أنواره واشتدت حاجتهم إلى حل مبانيه وإبراز ¬

_ (¬1) انظر: "تاريخ الأدب"6/ 398.

معانيه، التمس مني بعض الفضلاء شرحًا يفي بالمقصود فأجبته لذلك راجيًا العفو من ربنا المعبود مع ذكر فوائد لا يستغنى عنها، المجد النبيه .. إلخ وقد أوفى بما وعد -رحمه الله- وقد طبع هذا الكتاب طبعة قديمة، وحديثة بتحقيق عبد الرزاق أحمد حسن عبد الرازق: وأصلها رسالة علمية قدمت إلى كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض- طبع دار ابن خزيمة بالرياض سنة 1420 هـ. ثانيًا: الكتب الغير مطبوعة: 66 - الآداب: وهو كتاب علم آداب البحث كما ذكر ذلك صاحب "كشف الظنون" وله شرحٌ عليه يسمى "فتح الوهاب" وقد عدَّه البغداديُّ من آثاره في هدية العارفين، فذكر كتاب "الآداب" على رأسها، ثم أكّد ذلك حين ذكر شرحه "فتح الوهاب" فقال: "فتح الوهاب بشرح الآداب"، والآداب غير كتاب "آداب القاضي" كما ذكره كل من صاحبي "الكشف" و"الهداية". واكتفت طائفة من العلماء بنسبة الشرح إلى الأنصاريِّ؛ فقال الإمام السخاويُّ: "فتح الوهاب" شرح فيه آداب البحث (¬1)، وقال الشعرانيُّ: له "شرح آداب البحث"، وهو نفسه رحمه الله قد أشار إليه في معرض شرحه ولـ"صحيح البخاري". 67 - أدب القاضي- مخطوط يني رقمه 355. (¬2) 68 - الأزهية في أحكام الأدعية. مخطوط الموصل رقمه 212/ 2 / 69. (¬3) ¬

_ (¬1) انظر: "هداية العارفين"1/ 473، "كشف الظنون" 1/ 41. (¬2) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 398. (¬3) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400.

69 - الإعلام والاهتمام لجميع فتاوى شيخ الإسلام. وهو ترتيب المسميات بعد الفروع، مخطوط جوتا 1145. (¬1) 70 - تبيان ما في أحكام النون والتنوين. مخطوط- رامبو 1/ 45 / 9. (¬2) 71 - تحفة الراغبين في بيان أمر الطواعين. مخطوط الإسكندرية فنون 1/ 144. (¬3) 72 - تحفة نجباء العصر في أحكام النون الساكنة والتنوين والمد والقصر. مخطوط أول رقم 7/ 60 (¬4). 73 - تعريفات. وهي عبارة عن تعريفات قصيرة لمصطلحات أصول الدين والفقه مخطوط برلين 3463. (¬5) 74 - تهذيب الدلالة، مخطوط دمشق العمويمة 77/ 167. (¬6) 75 - الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة. مخطوط- القاهرة ثان 2/ 12. (¬7) وعليه شرح: "قرة عيون ذوي الأفهام" للشنواني 1019 هـ. 76 - الدقائق المحكمة. (¬8) مخطوط الإسكندرية- فنون 174/ 190, 20/ 2. ¬

_ (¬1) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 398. (¬2) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬3) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬4) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬5) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 398. (¬6) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬7) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬8) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400.

77 - ذكر آيات القرآن والمتشابهات (¬1). 78 - رسالة في البسملة والحمد لله (¬2). 79 - رسالة في تعريف الألفاظ التي يتداولها محققو الصوفية. مخطوط القاهرة أول رقمه 149. (¬3) 80 - عقيدة- مخطوط آصفية (2/ 1318/ 148 - مخطوط جاريت 1/ 181). (¬4) 81 - عماد الرضا بآداب القضاء- مخطوط 1045 في القاهرة 1/ 535. (¬5) 82 - غاية الوصول إلى الأصول- مخطوط- دمشق العمومية 59/ 73. (¬6) 83 - غاية الفصول إلى علم الأصول- مخطوط- رامبو 1/ 267 / 50. (¬7) 84 - الفتوحات الإلهية في نفع أرواح الذات الإنسانية، وهو عبارة عن وصف مختصر للتصوف- مخطوط- برلين 3035/ 6. (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬2) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 397. (¬3) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 399. (¬4) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬5) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬6) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬7) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬8) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 398.

وفاته

85 - نبذة في بيان الألفاظ المصطلح عليها عند الأصوليين. مخطوط 1/ 300. (¬1) 86 - النجفة العليا (السنية) في الخطب المنبرية- مخطوط- القاهرة أول 149 العملية القاهرة 1281 (¬2). 87 - نهج الطالب لأشرف المطالب. مع شرح تحفة الراغب. مخطوط باريس 1049. (¬3) 89 - هداية المتنسك وكفاية المتسمك (حديث) مخطوط. وفاته: توفي الشيخ زكريا الأنصاري يوم الأربعاء ثالث شهر ذي القعدة سنة ستُ وعشرين وتسعمئة عن مائة وثلاث سنوات، وغُسل في صبيحة يوم الخميس، ولما بلغ ملك الأمراء وفاته أرسل إليه ثوبًا بعلبكيًا وخمسين دينارًا على يد الأمير جالم الحمزاوي، وحضر غسله وتكفينه والصلاة عليه، وأخرجت جنازته من عند المدرسة السابقية، ومشى في جنازته قضاة القضاة وأعيان الناس، وصلوا عليه في سبيل المؤمنين، ونزل ملك الأمراء وصلى عليه بالجامع الأزهر مع العلماء والفضلاء وخلائق لا يُحصون (¬4)، وحُمِل نعشه من سبيل المؤمنين أول ما طلعوا وكانت جنازته حافلة، فلما صلوا عليه توجهوا به إلى مقام الإمام الشافعي رحمة الله عليه بالقرافة الصغرى، ودفن عند الشيخ محمد الخبشاني تجاه قبر الإمام الشافعي. ¬

_ (¬1) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 400. (¬2) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 399. (¬3) انظر: "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان 6/ 398. (¬4) انظر: "شذرات الذهب" 10/ 187، و "الكواكب السائرة" 1/ 206 - 207، و"الإعلام" 3/ 46.

وقد قيل في رثائه (¬1): لقد عَظمت رَزِيتُنا فنبه ... لها عمرًا ونم جنحَ الليالي فلا زالت ذوو الأقدار تلقى ... من الأيامِ أنواعَ النكالِ وكم جنت المنونُ على رجال ... وجندلت الكماة بلا قتال ودائي ليس يشفيه داء ... وجُرْحي لا يئول إلى أندمال به الأيام قد كانت قصارا ... فويلي مِنْ لياليها الطوال وكان زخيرتي فيها وكنزي ... وكان هدايتي عند الضلال ودق الناس أبواب الفتاوى ... وقد وصلوا إلى باب الصيال بكى العلمُ حتى النحو أضحى ... مع التصريفِ بعدكَ في جدال بكت أوراقُه بيض المواصي ... دمًا ويراعه سمر العوالي وعينُ دواته عمشت وآلت ... يمينًا لا تداوي باكتحال تنكرت المعارفُ في عياني ... وتمييزي غدا في سوء حال وما عوضت من بدل وعطف ... سوى توكيد سقمي واعتلالي فيا قبرًا ثوى فيه تهنى ... فقد حُزْتَ الجميلَ مع الجمال سقاهُ الله عينًا سلسبيلًا ... وأسبغ ما عليه من الظلال وبوأه من الفردوسِ فضلًا ... ورقاه إلى الغرفِ العوالي ¬

_ (¬1) "بدائع الزهور" 2/ 1210 - 1211.

كتاب "منحة الباري بشرح صحيح البخاري" أو "تحفة الباري"

كتاب "منحة الباري بشرح صحيح البخاري" أو "تحفة الباري" وهو شرح نفيس كثير الفوائد جدًّا، عمدة الطالب، جذل العبارة، تفرد بأشياء لم يأت بها سابقوه مع أنَّه عبارة عن ملخص لعشرة شروح على الصحيح كما قال الغزي، وهو سفر عظيم في غاية الأهمية للمبتدي، وللمنتهي أيضًا. وذكر الحنفي أنَّه من أجل مؤلفاته وفي الحقيقة فإن هذا السفر المبارك يكشف عن معاني الصحيح، ويبرز عن مبانيه إعرابه كما ذكر مصنفه نفسه في مقدمته، فقال: "قد سنح لي أن أضع على صحيح الإمام الحافظ العالم العلامة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه شرحًا يحل صعابه، ويكشف عن وجه معانيه نقابه، ويبرز عن مبانيه إعرابه ويغني عن غيره طلابه، ضامًّا إليه من الفوائد المستجدات والقواعد المحررات ما تقر به أعين أولي الرغبات راجيًا بذلك جزيل الأجر والثواب من فيض مولانا الأكرم الوهاب وسميته: "منحة الباري بشرح صحيح البخاري". وبالفعل لقد قرّت بهذا الشرح أعيننا فجزى الله صاحبه الأجر والثواب. وقد طُبع هذا الشرح مع إرشاد السَّاري في مصر عام 1326 هـ، وهي طبعة جيدة بالنسبة لوقتها وفيها عناية بالنص، لكن مواضع الخلل والاضطراب في هذه الطبعة عديدة، أضف إلي ذلك خلوها من الضبط والترتيب، وهما من الأشياء التي لا يمكن تجاهلها، وقد اعتمدنا في تحقيقنا هذا على أكثر من نسخة خطية مختلفة مما زاد

اسم الكتاب

في وضوحها وانجلى من نقابها، ونسأل الله أن يتقبل هذا العمل المبارك. اسم الكتاب: تقدم في ترجمة المؤلف أن كتبه يكون لها أحيانًا أكثر من اسم للكتاب الواحد، وهذا هو الحال في كتابنا هذا، فالكتاب له عدة أسماء: منحة الباري بشرح صحيح البخاري: وهو الاسم الموجود على النسخة (أ) ووجدناه أيضًا في فهارس خاصة لمصورات مجموعة من المخطوطات الهندية. تحفة الباري: وهو الاسم الموجود على النسخة (ب) وكذا المطبوعة (م)، وفي "معجم المؤلفين" لكحالة 1/ 733. تحفة القاري بشرح صحيح البخاري: وجدنا هذا الاسم في الفهارس الهندية المذكورة. شرح الجامع الصحيح أو شرح صحيح البخاري، وهو اسم متداول كثيرًا كما في "كشف الظنون" 5/ 374.

عملنا في كتاب المنحة

عملنا في كتاب المنحة 1 - نسخنا الكتاب من النسخ المخطوطة. 2 - قابلنا النص على هذه النسخ مع المطبوع القديم وأثبتنا فروق النسخ. 3 - وضعنا نص "صحيح البخاري" كل حديث قبل شرحه. وقد ضبطنا نص الصحيح بطريقة سنصفها بعد نهاية كلامنا هذا. 4 - ضبطنا الكلمات التي تحتاج إلى ضبط، وميزنا كلام البخاري (في الشرح) بوضعه بين قوسين هكذا ()، وميزنا فروق النسخ التي يذكرها المصنف بوضعها بين أقواس صغيرة هكذا "". 5 - عزونا الأقوال لمصادرها، ووثقنا التراجم والبلدان. 6 - خرجنا الآيات والأحاديث والشعر. 7 - علقنا على ما يحتاج إلى تعليق (وخاصةً المسائل اللغوية، والتي اعتنى بها الدكتور / جمال محمد عبد العزيز المدرس بكلية التربية بالفيوم)، وربما ذكرنا بعض فوائد حديث الباب من شروح مختلفة (ومنها شرح ابن عثيمين على رياض الصالحين) إذا أهمل الشارح الكلام على الحديث. 8 - قمنا بعمل الفهارس اللازمة للكتاب.

عملنا في كتاب صحيح البخاري

عملنا في كتاب صحيح البخاري وهو عمل مستقل تمامًا عن الشرح، قام به الشيخ خالد الرباط والدكتور جمعة فتحي والأخ أحمد روبي، وذلك بغرض خدمة كتاب الصحيح، وقد أخذنا هذا النص ووضعناه مع عملنا في شرح الشيخ الأنصاري، وقد اضطررنا لتعديل بعض الألفاظ الناتجة عن اختلاف النسخ بما يوافق الشرح، إلا أننا لم نفعل ذلك إلا في أضيق الحدود. منهج ضبط متن صحيح البخاري: 1 - تم الاعتماد على الطبعة اليونينية، بالنشرة التي أصدرتها دار طوق النجاة مؤخرًا، مع الاستفادة بالهوامش التي توضح الفروق بين النسخ. كما رجعنا إلى بعض مخطوطات الصحيح عند الحاجة. 2 - رقمنا الأحاديث والأبواب بترقيم الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله. 3 - عزونا كل حديث إلى: - مواضع رواياته (أطرافه) في صحيح البخاري نفسه. - موضعه في صحيح مسلم إن وجد. - موضعه من "فتح الباري" الطبعة السلفية المعتمدة لدى معظم الباحثين. 4 - هذا كله مع ضبط النص بصورة شبه كاملة. والله تعالى نسأل أن يتقبل هذا العمل، وأن يعييننا على خدمة هذا الدين، إنه سميعٌ مجيب الدعاء.

وصف النسخ الخطية

وصف النسخ الخطية 1 - نسخة الإفتاء (أ): واعتمدناها أصلًا في الجزء الذي تمثله. عليها ختم مكتبة الرياض العامة السعودية رقم التسجيل العام 515 والخاص 86، وهي مكتبة الإفتاء وغالب ظننا أنها انتقلت الآن إلى مكتبة الملك فهد بالرياض. وعلى ظهرية النسخة تملك مؤرخ سنة 1271 هـ باسم / عبد الوهاب محمد الحريمي. وختم (وقف الشيخ محمد بن عبد اللطيف) والختم متأخر (حديث). وقد نُسخت في القرن الثالث عشر الهجري تقديرًا. مقاسها 31 × 5.21 سم، وخطها نسخ قريب من الجيد، والمتن بالحمرة، والورقتان الأولتان بأطرافهما تآكل. 608 صفحة (304 ورقة) وعدد الأسطر في الصفحة 29 س وقد حصلنا على مصورتها من مكتبة جامعة الملك سعود. وتبدأ من أول الكتاب وتنتهي بنهاية كتاب المكاتب (حديث 2565). 2 - نسخة دار الكتب المصرية (ب) واعتمدناها أصلًا بعد نهاية (أ) وهي في الدار برقم 138 وتقع في 292 ورقة (584 صفحة) 23 س، وتبدأ من كتاب الحج (حديث 1513) وتنتهي بمناقب الأنصار (حديث 3948). وخطها نسخ واضح لكن ليس بجيد 3 - نسخة أخرى من دار الكتب المصرية (ج) رقم 137 وتقع في 626 ورقة (1252 صفحة) 22 س وتبدأ من حديث 1174 من كتاب الصلاة (التطوع) وتنتهي بحديث (4644)

في التفسير (سورة الأعراف). وعليها وقف (المرحوم الشيخ عبد الحي الشرنبلاتي الحنفي بقناطر السباع بجامع الجنيد) وقناطر السباع هذه موضع بالقاهر القديمة (انظر: المقفي 1/ 744). 4 - نسخة ثالثة (د) من دار الكتب المصرية برقم 139 ولم يتيسر الحصول عليها من الدار فحصلت على مصورتها من مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود: واعتمدناها أصلًا بعد نهاية النسخة (ب). وتقع في 170 ورقة (340 صفحة) 31 س وتبدأ من حديث 31910 (كتاب بدء الخلق) وتنتهي بحديث 6065 (كتاب الأدب). وعليها تملك: (انتقل بالملك الشرعي إلى نوبة الفقير إلى الله تعالي محمد بن علي بن عبد الوهاب العرايشي المالكي). ووقف: (أوقف هذا الكتاب السيد أحمد عبد السلام ومقره بزاوية العربي بالحوادرية). 5 - النسخة (س) مصورة من الأصل المحفوظ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض برقم (3929)، وهي مشتراه من "رضوان دعبول" وتبدأ من حديث (2351) وتنتهي بحديث (7544) وهي بذلك تكملة للنسخة (أ) لكن الناسخ مختلف، وخطها أقرب ما يكون لخط النسخة (ج) وتقع في 364 ورقة مقاس 27 × 18 سم ومسطرتها مختلفة لكنها تتراوح بين 31 إلى 34 س، وعلى ظهريتها كُتب العنوان: الجزء الثاني من تحفة الباري بشرح صحيح البخاري تأليف قاضي القضاة شيخ مشايخ الإسلام، ملك العلماء الأعلام، سيبويه زمانه وفريد عصره وأوانه، زين الدين لسان المتكلمين، حجة المناظرين، محيي سنة سيد المرسلين، زكريا الأنصاري الشافعي،

تغمده الله تعالى بالرحمة والرضوان، وأسكنه بحبوحة الجنان، بمنه وكرمه، والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء والأموات، آمين آمين آمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمين .. وبالهامش تصحيحات وتعليقات، ومتن البخاري بالحمرة. وقد اعتمدناها أصلًا بعد نهاية النسخة (د). 6 - الطبعة الميمنية (م) المطبوعة عام 1326 هـ كحاشية على إرشاد الساري وبالهامش شرح النووي، وفيها خاتمة لرئيس لجنة التصحيح بمطبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر محمد الزهري الغمراوي، وقد أثنى على هذا الشرح قائلا: " .. وهو شرح مرصع بدرر التحقيقات موشى بحلى الكشف عن المدلهمات بعبارات موجزة رائقة، وطريقة سهلة فائقة". واستفدنا منها في بعض المواضع ومنها أكملنا النقص الموجود في نهاية الكتاب في النسخ المخطوطة وهو نحو عشرين حديثًا. وقد وضعنا بعض النماذج من نسخ الكتاب بعد هذا الوصف، وقد نلحق صورًا أخرى في المجلد الأخير من الكتاب، وذلك لأننا استخدمنا قاريء الميكروفيلم مباشرة في النسخ والمقابلة لبعض النسخ ولم يتيسر لنا تصوير نماذج منها أثناء إعداد المقدمة. أخيرا هذا جهدنا نقدمه للقارئ الكريم, فما كان فيه من توفيق وسداد فمن الله سبحانه وتعالى, وما كان فيه من نقص فمن أنفسنا ومن الشيطان, ونسأل الله المغفرة والعفو, والله حسيبنا وعليه التكلان.

نماذج من نسخ الكتاب

ظهرية النسخة (أ) واسم الكتاب فيها: "منحة الباري بشرح صحيح البخاري"

ورقة من النسخة (أ)

ظهرية النسخة (ب) وعليها اسم الكتاب "تحفة الباري"

صفحة من النسخة (ب)

الصفحة الأولى من (ج)

غلاف الملجد الرابع من المطبوع (م)

صفحة من المطبوع (م) وكتاب المنحة (التحفة) في المربع الأسفل

منحة الباري بشرح صحيح البخاري المسمى «تحفة الباري» تأليف شيخ الإسلام أبي يحيى زكريا الأنصاري المصري الشافعي اعتنى بتحقيقه والتعليق عليه سليمان بن دريع العازمي بالتعاون مع مركز الفلاح للبحوث العلمية [المجلد الأول]

[مقدمة المصنف]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال [سيدنا ومولانا وشيخنا وقدوتنا إلى الله تعالى: شيخ مشايخ الإسلام، ملك العلماء الأعلام، سلطان الفقهاء والأصوليين، علم النحاة والمفسرين، رحلة المحدثين] (¬1) سيبويه زمانه، فريد عصره وأوانه، زين الملة والدين لسان المتكلمين حجة الناظرين محيي سُنَّةِ سَيِّدِ المرسلين، أبو يحيى زكريا الأنْصاريّ الشَّافعيّ، تغمده الله برحمته، ونفعنا والمسلمين ببركته: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمدُ لله الذي شَرَحَ صُدُورنَا لشرْحِ مسنوناتِهِ، ووفَّقَ جوارحَنَا للاشتغالِ بطاعتِهِ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وَحْدَهُ لا شريك له، عَدَدَ معلوماتِهِ، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه المؤيَّد بمعجزاته - صلى الله عليه وسلم - وعلى [آله و] (¬2) إخوانه من النبيِّين وآل كلٍّ وسائر الصالحين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يَوْمِ الدِّين، آمين. وبعد: فقد سَنَحَ لي أَنْ [أضع] (¬3) عَلَى صحيحِ الإمامِ الحافظِ العالمِ العلامةِ مُحمد بْنِ إسماعيل البخاريّ، طيَّبَ الله ثراه، وجَعَلَ الجنَّةَ مأْواه ¬

_ (¬1) مطموس في الأصل ما يقارب من سطر وظهرت منه بعض الأحرف وكأنها محيت عمدًا ونقلناها من مقدمة شرحه على "الشافية" بما يتناسب مع السياق الموجود والأحرف الظاهرة. (¬2) من (م). (¬3) من (م).

شرحًا يحلُّ صِعَابَهُ ويكشفُ عن وَجْهِ معانيه نِقَابَهُ، ويبرزُ عن مبانيه إعرابَهُ، ويغني عن غيرِهِ طلابَهُ، ضامًّا إليه من الفوائد المستجادات، والقواعدِ المحَّرراتِ ما تَقَرُّ به أعينُ أُولي الرَّغباتِ، راجيًا بذلك جزيلَ الأجرِ والثوابِ من فَيْضِ مولانا الأكرمِ الوهَّابِ، وسميتُه: "مِنْحةُ البارِيّ بِشَرْحِ صَحيح البُخاريّ" والله أسأل أن يجعله خالصًا لوجههِ الكريمِ، ووسيلةً للفوزِ بجنَّاتِ النعيم.

1 - كتاب بدء الوحي

1 - كتاب بدء الوحي

1 - باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

قَالَ الشَّيْخُ الإمَامُ الحَافِظُ أبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل بْنِ إبراهيم بن المُغِيرَةِ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى آمينَ 1 - باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْي إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. وَقَوْلِ الله جل ذِكْرُهُ {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163] [فتح: 1/ 8] قال المصنف رحمه الله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أي: أبتدئ أو أؤلِّفُ؛ إذْ كلُّ فاعلٍ يبدأُ في فعلِه ببسم الله يُضمِرُ ما جعلَ التسميةَ مبدأ له (¬1)، كما أنَّ المسافرَ إذا حلَّ أو ارْتحلَ، فقالَ باسمِ الله كان المعنى: باسم الله أحلُّ، أو بسم الله أرتحل. والباءُ للمصاحبةِ (¬2)؛ ليكونَ ابتداءُ التأليفِ مصاحِبًا لاسم الله تعالى المتبرك بذكره. وقِيلَ: للاستعانةِ، نحو: كتبتُ بالقلمِ. والاسْمُ مشتقٌّ مِنَ السُّموِّ (¬3)، وهو: العُلُوُّ، وقيلَ: مِنَ ¬

_ (¬1) اختلف النحاة في المتعلّق في البَسْمَلة فبعضهم يجعله فعلًا -وعليه المصنف- والمعنى: أبتدئ ببسم الله وعليه يكون الجار والمجرور في محل نصب مفعول به مقدم وبعضهم يجعله اسمًا، والمعنى: ابتدائي ببسم الله، وعليه يكون الجار والمجرور متعلقًا بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف. (¬2) المصاحبة والاستعانة من معاني الباء، وقد وصل بعضهم بمعاني الباء إلى ثلاثة عشر معنًى جمعها في قوله: بالباءِ أَلْصِقْ، واسْتَعِنْ، أو عَدٍّ، أو ... أَقْسِمْ، وبَعِّضْ، أو فَزِدْ، أو عَلِّلِ وأَتَتْ بمعنى مَعْ، وفي، وعلَي، وعنْ ... وبها فَعَوِّضْ، إن تشا، أو أبْدِلِ (¬3) هذا مذهب البصريين. انظر: "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" ص 6.

الوَسْمِ (¬1)، وهو: العلامة؛ لأنَّ كل ما سمِّي فقد نُوِّهَ باسمه ووُسِمَ و (الله): علَمٌ للذات الواجب الوجود، وأصلُه (¬2): الإله حُذِفَت همزته وعوِّض عنها حرف التعريف، ثم جعل علمًا، وهو عربي عند الأكثرِ (¬3)، وزعمَ البلخيُّ من المعتزلة أنه معرَّب، فقيل: عبري. وقيل: سرياني. و (الرحمن) (¬4) و (الرحيم) (¬5): اسمانِ بنُيا للمبالغةِ من: رَحِمَ، ¬

_ (¬1) وهذا مذهب الكوفيين. انظر: "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" ص 6. (¬2) لفظ الجلالة مرتجل غير مشتق عند الأكثرين، وإليه ذهب سيبويه في أحد قوليه، فلا يجوز حذف الألف واللام منه. وقيل: هو مشتق، وإليه ذهب سيبويه في قوله الثاني. ولهم في اشتقاقه قولان: أحدهما: أن أصله: (إلاه) على وزن فِعال من قولهم: إله الرجل يأله إلاهة، أي عبد عبادة ثم حذفوا الهمزة تخفيفًا؛ لكثرة وروده واستعماله، ثم أُدخلت الألف واللام للتعظيم، ودفع الشيوع الذي ذهبوا إليه من تسميته أصنامهم وما يعبدونه آلهة من دون الله. الثاني: أن أصله: (لاه) ثم أدخلت الألف واللام عليه، واشتقاقه من لاه يليه، إذا تستر، كأنه سبحانه يُسمَّى بذلك لاستتاره واحجابه عن إدراك الأبصار. (¬3) في (م) [الأكثرين]. (¬4) الرحمن على وزن فعْلان وصيغة فعلان في اللغة تدل على وصف فعليٍّ فيه معنى المبالغة للصفات الطارئة كعطشان. وتحذف الألف من (الرحمن) لدخول الألف واللام عليها. ولم يوصف بالرحمن في العربية بالألف واللام إلا الله تعالى. وقد نعتت العرب مسيلمة الكذاب به مضافًا، فقالوا: رحمان اليمامة. قال شاعر يمدح مسيلمة: سموت بالمجد يا ابن الأكرمين أبًا ... وأنت غيث الورى لا زلت رحمانًا (¬5) الرحيم على وزن فعيل، وصيغة فعيل تدل على وزن فعلى فيه معنى المبالغة للصفات الدائمة الثابتة؛ ولهذا لا يستغنى بأحد الوصفين عن الآخر.

والرحمة لغةً: رقة القلب تقتضي التفضل، فالتفضل غايتها، وأسماء الله تعالى المأخوذة من نحو ذلك إنما تُؤخذ باعتبارِ الغاية دون المبدأ، والرحمن أبلغُ منَ الرحيم؛ لأنَّ زيادةَ البناء تدلُّ على زيادةِ المعنى، كما في قطع وقطَّع، وفيه: كلام ذكرته مع جوابه في "شرح البهجة". وبدأ كتابَه بالبسملةِ (¬1) اقتداءَ بالكتابِ العزيز، وعملًا بخبر: "كُلُّ أمرِ ذي بالٍ لا يبدأ فيه ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فهو أقطعُ". أي: للبركة. ورواه أبو داود وغيرُه، وحسَّنه ابن الصلاح وغيره (¬2). (باب) ساقطٌ من نسخة، وهو لغةً (¬3): ما يتُوصلُ به إلى غيره، ¬

_ (¬1) يقال لمن قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: مُبَسْمِلٌ وهو ضربٌ من النحت اللغوي. يقال: بَسْمَلَ الرجل، إذا قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وقال الشاعر: لقد بسملت ليلى غداة لقيتها ... فيا حبنا ذاك الحبيب المُبَسْمِلُ وتكتب (بسم الله) بغير ألف في البسملة خاصة استغناء عنها بالباء بخلاف قوله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}. (¬2) رواه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" 2/ 69 (1210) والرهاوي في "الأربعين البلدانية" كما ذكره ابن حجر في "التلخيص" 3/ 151، وأخرجه السبكي أيضًا في "طبقات الشافعية" 1/ 12 بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة. وأخرجه أبو داود، كما أشار المصنف، ولكن بلفظ: "لا يبدأ فيه بحمد الله" بدل (بسم الله) برقم (4840) كتاب: الأدب، باب الهدي في الكلام من طريق الوليد بن مسلم وقد حسنه النووي في "أذكاره" وقد روي موصولًا، وروي مرسلًا، ورواية الموصول جيدة الإسناد، وإذا روي الحديث موصولًا ومرسلًا فالحكم للاتصال عند جمهور العلماء؛ لأنها زيادة ثقة، وهي مقبولة عند الجماهير. انظر: "كتاب الأذكار" ص 148. (¬3) انظر في معنى (باب): "الصحاح"، "اللسان"، مادة (بوب).

وعرفًا: اسمٌ لجملة مختصة من العلم مشتملة غالبًا على فصول، ويُقرأُ بالتنوين وتركه، وبالوقف عليه على سبيلِ التعداد للأبواب، فعليه: لا إعراب له، وعلى الأولين: خبرٌ لمبتدإ محذوف، لكنه على الثاني: مضاف إلا ما بعده بتقدير مضاف أي: هذا باب جواب (كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ابتدأ كتابه بذلك؛ لأنَّ الوحي مادة الشريعة إذ قَصْدُه: جمع حديث النبي وهو وحْيٌ. و (كَيْفَ): في محلِّ نصب خبر (كان) إن جُعلت ناقصةً، وحالًا إن جُعلت تامة، وتقديمها واجب؛ لأنها في الأصل للشرط (¬1)، نحو: كيف تصنع أصنع وللاستفهام حقيقة كما هنا، أو تجوزا نحو: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة: 28] لأنها فيه بمعنى الإنكار والتعجب وكل مِنَ الشرط والاستفهام له صدرُ الكلامِ / 1 / والضابطُ في إعرابها: أنَّها إنْ وقعَتْ قبل مالا يستغنا عنها فمحلها بحسب الافتقار إليها، ففي نحو: كيف أنت؟ رُفِعَ لأنَّها خبرُ المبتدإ، وفي نحو: كيف تصنعْ أصنعْ، نُصِبَ مفعولًا لتصنع، وفي نحو: كيف كنتَ؟ نصب إن قدرت كان ¬

_ (¬1) كيف تكون للشرط باتفاق، لكنهم اختلفوا بعد ذلك من حيث المجازاة بها، فذهب الكوفيون إلى أنه يُجازى بها، كما يُجازى بغيرها من كلمات المجازاة، واحتجوا بأنها مشابهة لكلمات المجازاة في الاستفهام، وبأن معناها، كمعنى هذه الكلمات. وذهب البصريون إلى أنه لا يُجازى بـ (كيف) واحتجوا بأنها قصرت عن كلمات المجازاة من وجهين: أحدهما: أن جوابها لا يكون إلا نكرة لأنها سؤال عن الحال، والحال لا يكون إلا نكرة. الثاني: أنها لا يجوز الإخبار عنها ولا يعود عليها ضمير. انظر: "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" 2/ 643 وما بعدها.

ناقصةً خبرًا لها، وفي نحو: كيف ظننت زيدًا؟ نصب مفعولًا ثانيًا لظنَّ، وإن وقعت قبل ما ويستغني عنها، نحو: كيف جاء زيد؟ فمحلها: نصب على الحال، وقد تأتى مفعولًا مطلقًا نحو: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] لاقتضاء الكلام ذلك. و (بدءُ): بفتح الباء وسكون الدال وبالهمز مصدر بدأ بمعنى: الابتداء، وبضم الباء والدال وتشديد الواو مصدر بدا بمعنى: ظهر، قيل: والأحسن الأولُ؛ لجَمْعِهِ المعنيين. وقيل بالعكس؛ لأنه الأظهرُ في المقصود. وقال العلامةُ الشمسُ البرماويُّ (¬1): والظاهرُ: أنَّ أحدَهما ¬

_ (¬1) هو العلامة شمس الدين محمد بن عبد الدائم بن موسى بن عبد الدائم بن فارس بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النعميمي العسقلاني الأصل البرماوي ثم القاهري الشافعي، والبرماوي نسبة لبرمة من نواحي الغربية بمصر من طريق الإسكندرية، ولد -رحمه الله- في منتصف ذي القعدة سنة ثلاث وستين وسبعمائة بالقاهرة، نشا في بيت علم وأدب حيث إن أباه كان مؤدب الأطفال فنشأ طالب علم منذ نعومة أظفاره، يقول عنه السخاوي: كان إمامًا علامة في الفقه والأصول، والعربية وغيرها مع الحفظ والنظم. وقال عنه ابن قاضي شهبة إنه كان في صغره في خدمة البدر ابن أبي البقاء وفضل وتميز في الفقه والحديث والنحو والأصول، وكانت معرفته بهذه الأصول الثلاثة من معرفته بالفقه، وأقام بمصر يشتغل ويفتي في حياة البلقيني. تلقى العلم -رحمه الله- عن عدد غير قليل من العلماء منهم: التنوخي، الأبناسي والبدر الزركشي، والعراقي، والبلقيني، وابن الملقن، والبرهان بن جماعة وإبراهيم بن إسحاق الآمدي، غيرهم، وأما عن تلاميذه فقد تتلمذ على يد الشيخ البرماوي كثيرون منهم: الزين رضوان القاهري، والسند بيسي، والمناوي والمحلي، وابن حجي، وغيرهم كثير، من مصنفاته "ألفية في الأصول الفقهية"، "البهجة الوردية"، "تلخيص التوشيح"، "تلخيص قوت القلوب"، "تلخيص المهمات" للإسنوي،

لا يستلزمُ الآخر، والمرادُ ببدءِ الوحي: حالُه مع كلِّ ما يتعلقُ بهِ أيَّ تعلقٍ كانَ. فلا يردُّ الاعتراض بأنه لم يتعرض في الحديث لبيان كيفية بدء الوحي فقط. بل لبيان كيفية الوحي على أنه قد تعرض له بعدُ في حديث عائشة، حديث ذكر فيه أن ابتداءه كان رؤيا منام، ولا يضره نقص الترجمة عن المترجم له، إنما يُعاب العكس. و (الوحي) لغةً (¬1): يقال للإعلام بخفاء، وللكتاب، وللمكتوب وللبعث، وللإلهام، وللأمر، وللإيماء، وللإشارة، وللتصويت شيئًا بعد شيء. وشرعًا: الإعلام بالشرع بكتاب، أو رسالة ملك، أو منام، أو إلهام، أو نحوها. وقد يطلق الوحي ويراد به اسم المفعول منه أي: الموحى وهو كلام الله المنزَّلُ على النبي - صلى الله عليه وسلم -. والرسول: إنسانٌ أُوحي إليه بشرعٍ وأُمِرَ بتبليغه، فهو أَخصُّ من النبيِّ؛ لأن النبيَّ إنسان أُوحي إليه بشرعٍ وإن لم يؤمر بتبليغه. و (قول الله): بالرفع مبتدأ خبره ما بعده، وبالجر عطفًا على كيف إن أضيف إليها (باب) أي: باب بيان كيف كان بدءُ الوحي، وباب معنى قول الله أو على كان بتقدير مضاف أي: كيف كان نزول قول الله، وإنما قلت: ¬

_ "ثلاثيات البخاري" وغيرها. توفي -رحمه الله تعالى- يوم الخميس ثاني من جمادى الثانية سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة بعد عمر حافل بالعلم والعطاء والتأليف والتصنيف ودفن ببيت المقدس بمقبرة "ماملا" -رحمه الله تعالى وعفا عنه-. انظر: "إنباء الغمر" 3/ 414، و"الإنس الجليل" 2/ 112، "شذرات الذهب" 7/ 197، "البدر الطالع" 2/ 181، "الضوء اللامع" 7/ 270. (¬1) انظر "القاموس المحيط" ص 1729.

بتقدير مضاف؛ لأن العطف بدونه [على كان] (¬1) يقتضي أن لكلام الله كيفيةً، ولا كيفيةَ له. وكثيرًا ما يذكر البخاريُّ في الترجمة آيةً فأكثر من القرآن؛ للاستشهاد بها على ما قبلها أو ما بعدها. (جلَّ ذكره) في نسخة: "-عَزَّ وَجَلَّ-". {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} الآية [النساء: 163]. عادةُ البخاري -رحمه الله- أن يضمَّ إلى بعض التراجم والحديث ما يناسبه من قرآن وتفسير له، أو حديثٍ على غير شرطه، أو أثر عن بعض الصحابة، أو عن بعض التابعين، بحسب ما يليق عنده ذلك بالمقام، وأراد بذكر هذه الآية في أوَّلِ هذا الباب؛ الإشارة إلى أن الوَحْي سنة الله تعالى في أنبيائه عليهم السلام، وإلى أن الوَحْي إلى نبيِّنا محمد شبيه بالوحي إلى بقية الأنبياء في أنه وحيُ رسالةٍ لا وَحْيَ إلهام. ولما كان كتابه لجمع وحي السنة، وكان الوَحْيُ لبيان الأحكام الشرعية صدَّره بباب الوحي؛ لأنه مادة الشريعة كما مرَّ ثم بحديث: "إنما الأعمال بالنيات" الآتي لمناسبته للآية السابقة؛ لأنه أوحي إلى الجميع الأمر بالنية، بقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] والإخلاص: النية، قيل: قدم ذكر نوح لأنه أوَّلُ نبيٍّ أُرسل، أو أوَّلُ نبيٍّ عوقب قومه. 1 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ ¬

_ (¬1) من (م).

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ". [54، 2529، 3898، 5070، 6689، 6953 مسلم: 1907 - فتح: 1/ 9] (حدثنا الحُمَيْدِيُّ) بالتصغير أبو بكر عبد الله بن الزبير مكيّ، منسوب إلى حميد بن أسامة بطن من بني أسد بن عبد العزى بن قصي. (حدثنا سُفْيَان) هو بضمِّ السين أَفْصَحُ من فتحها وكسرها ابن عيينة بن أبي عُمْران الهلالُّي مكيُّ، حدثنا (يَحْيى بنُ سعيد) اسم جدَّه قيس بن عمرو مدني (الأنصاري) نسبة إلى الأنصار جدهم نَصير، كشريف وأشراف، وقيل: ناصر كصاحب وأصحاب، وهو وصف لهم بعد الإسلام وهم قبيلتان الأوس والخزرج / 2 / ابنا حارثة بن ثعلبة (قال: أخبرني محمد بن إبراهيم) اسم جده الحارث، ويحيى ومحمد تابعيَّان (التيميِّ) نسبة لتيم قريش. (أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي) بالمثلثة نسبة إلى ليث بن بكر ذكره ابن منده في الصحابة وغيره في التابعين، (سمعت عمر بن الخطاب) اسم جدّه نفيل أي: سمعته حال كونه (على المنبر) بكسر الميم من النبر: وهو الارتفاع، (قال) في نسخة "يقول" (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هو مفعول سمعت (يقول) حال دالة على محذوف مضاف للمفعول أي: سمعت كلامه؛ لأن الذوات لا تسمع، وقيل: مفعول ثانِ لسمعت (¬1)، وأتى به مضارعًا بعد سمع الماضي حكاية لحال وقت السماع، أو لإحضار ذلك في ذهن السامع، وأتى في السند بحدثنا، وأخبرني، وسمعت؛ ليفيد أنها كلها تفيد السماع والاتصال، كما نبه ¬

_ (¬1) كونها حالًا أفضل؛ لأن (سمع) لا يتعدى في أصله لمفعولين.

عليه بعدُ في باب: العلم، وقد بينت ذلك مع زيادةٍ في "شرحِ ألفيةِ العراقيِّ" (¬1). (إنما) مركبة من إنَّ المشددة وما الكافة (¬2). (الأعمال) البدنية أقوالها وأفعالها الصادرة من المؤمنين أي: إنما صحتها منهم كائنة. (بالنيات) في رواية: "بالنية" (¬3)، وفي أخرى: "العمل بالنيات" وفي أخرى: "العمل بالنية" (¬4)، وفي أخرى لابن حبان: "الأعمال بالنيات" (¬5) بحذف إنما، وكلها تفيد الحصر، أما في الأخيرة فبعموم المبتدأ أو خصوص الخبر على حد: صديقى زيد، وأما في البقية فبكلٍ من: إنما وما بعدها، والحصر بإنما بالمنطوق لا بالمفهوم؛ لأنه لو قال: ما له عليَّ إلا دينار كان إقرارًا بالدينار، ولو كان بالمفهوم لم يكن مقرًا لعدم اعتبار المفهوم في الأقارير، ثم الحصر فيما ذكر أكْثَرِيٌّ لا كُليُّ إذ قد يصح العمل بلا نية كالأذان والإقامة (¬6) كما يصح ترك العمل ¬

_ (¬1) "فتح الباقي" للمصنف ص 290 - 294. (¬2) ما الكافة على ثلاثة أنواع: أحدها: الكافة عن عمل الرفع وتتصل بثلاثة أفعال: حَلَّ: وكَثُرَ، وطال. وعلة ذلك: شبههن برُبَّ. الثاني: الكافة عن عمل النصب والرفع، وتتصل بـ (إنّ) وأخواتها. وهي التي ذكرها المصنف. الثالث: الكافة عن عمل الجد، وتتصل بأحرف وظروف. فالأحرف: (رُبَّ)، والكاف، والباء، ومِنْ والظروف: بَعْدُ، وبين، وحيث، وإذ. (¬3) ستأتي برقم (54) كتاب: الإيمان، باب: ما جاء إن الأعمال بالنية. (¬4) ستأتي برقم (5070) كتاب: النكاح، باب: من هاجر أو عمل خيرًا. (¬5) "صحيح ابن حبان" 2/ 113 (388) كتاب: البر والإحسان، باب: الإخلاص وأعمال السر. (¬6) في (م) [القراءة].

بدونها، كترك الزنا وإن افتقر حصول الثواب فيه إليها بأن يقصد بتركه امتثال الشرع وإزالة النجاسة من قبيل الترك، والحصر فيها ذكر من حصر المبتدأ في الخبر. والنيةُ لغةً (¬1): القصد، وشرعًا: قصد الشيء مقترنًا بفعله، فإن تراخى عنه كان عزمًا. وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح البهجة" وغيره. (وإنما لكل امرئٍ ما نوى) وكذا لكلِّ امرأةٍ، والحصر في هذا عكس ما قبله؛ لأنه حصر الخبر في المبتدأ إذ المحصور فيه بإنما المؤخر دائمًا والحصر هنا مُفاد بكلٍّ من إنما وتقديم الخبر، ثم المراد من هذه غير المراد من التي قبلها بأن يقال المراد من تلك: حَصْرُ المبتدأ في الخبر ومن الثانية عكسه كما مرَّ، أو أن المراد من تلك: بيان توقف الصحة على النية ومن هذه: بيان توقف الثواب عليها، أو أن تلك لم تفد تعيين العمل بالنية وهذه أفادته؛ لأنه لو نوى صلاة إن كانت فائتة وإلا فهي تطوع لم تجزئه عن فرضه؛ لأنه لم يمحص النية ولم يعين بها شيئًا. (فمن كانت هجرته إلى دنيا) بضم الدال وبالقصر بلا تنوين للتأنيث والعلمية وحكي الكسر والتنوين، وسميت بذلك؛ لدنوها بسبقها على الدار الآخرة، واستشكل استعمالها منكرة؛ لأنها في الأصل مؤنث أدنى، وأدنى أفعل تفضيل فحقها أن تستعمل باللام نحو: الكبرى والحسنى، وأجيب: بأن دنيا خلعت عن الوصفية وأجريت مجرى ما لم يكن وصفًا مما وزنه فُعْلى اسمًا، كرُجْعَى، وبُهْمَى. ¬

_ (¬1) انظر "القاموس المحيط" ص 1728.

(يصيبها) صفة لدنيا. (أو إلى امرأة) في نسخة: "أو امرأة" وخُصَّت بالذكر مع دخولها في دنيا؛ لأنها فتنة عظيمة، فنبه على التحذير منها ففي الحديث: "ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجل من النساء" (¬1) ولأنها سبب ورد عليه الحديث وهو الرجل الذي هاجر إلى امرأة لينكحها يقال لها: أم قيس واسمها: قيلة (¬2) (ينكحها) أي: يتزوجها كما في رواية (¬3). (فهجرته إلى ما هاجر إليه) جواب مَنْ (¬4)، وأسقط من روايته هنا تنافى بقية الروايات عقب قوله: نوى، وهو (فمن كانت هجرته إلا الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله). وأبدل (واو فمن كانت هجرته إلى / 3 / دنيا) بفاء. والهجرة فِعْلَة من الهَجْرِ: وهو الترك، والمراد هنا: ترك الوطن إلى غيره؛ لأن المقصود هجرة من هاجر من مكة إلى المدينة وقد وقع قبل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لذلك هجرة بعض الصحابة للحبشة مرتين، وبالجملة فحكم الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام مستمر على التفصيل المذكور في الفقه، وقد تطلق الهجرة، كما في بعض الأحاديث على هَجْرِ ما نهى الله عنه، وعلى هجر المسلم أخاه، وهجر ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5096) كتاب: النكاح، باب: ما يتقي من شؤم المرأة. ورواه مسلم (2740) كتاب: الذكر والدعاء، باب: أكثر أهل الجنة الفقراء، وأكثر أهل النار النساء. من حديث أسامة بن زيد. (¬2) قال الحافظ في "الفتح" 1/ 24: لم نقف على تسميته، ونقل ابن دحية أن اسمها: قيلة. (¬3) ستأتي برقم (54) كتاب: الإيمان، باب: ما جاء أن الأعمال بالنية. (¬4) أي (مَنْ) في قوله: فمن كانت هجرته ... وهي شرطية، وما بعدها شرطها.

المرأة في المضجع، وغير ذلك. ومناسبة ذكر الهجرة هنا أنها من قاعدة الأعمال بالنية. وفاء فهجرته: داخلة في جواب (مَن) إن قدرت شرطية وفي خبرها إن قدرت موصولة لتضمنها معنى الشرط، لكن الشرط والجزاء، والمبتدأ والخبر لا بد من تغايرهما وظاهر الكلام هنا اتحادهما، فلا بد من تأويل للتغاير فقيل: تقديره فيما سقط من الحديث. (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله) نيةً وقصدًا. (فهجرته إلى الله ورسوله) شرعًا وحكمًا، وقيل: حذف من الثاني الخبر أي: فهجرته إلى الله ورسوله مقبولة، أو صحيحة، وقيل: التقدير فيه: فله ثواب مَنْ هاجر إلى الله ورسوله فأقيم السبب مقام المسبب، وقيل: التقدير فيه: ما عُهد في الذهن. وفي الأول: المشخص في الخارج مثل أنا أبو النجم وشعري شعري (¬1)، أي: شعري الذي سمعتموه هو شعري، أي: [المستقر] (¬2) المعهود في الأذهان، ثم ما ظاهره الاتحاد يقصد به المبالغة إما في التعظيم، كما في قوله: (ومن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)، وإما في التحقير، كما في قوله: (ومن كانت هجرته إلى ¬

_ (¬1) هذا رَجَزٌ منسوب لأبي النجم في "الخصائص" 3/ 337، و"شرح المفصل" 1/ 98، و"شرح التسهيل" لابن مالك 4/ 301، و"المساعد" 1/ 225، و"شفاء العليل" 1/ 286، و"الخزانة" 1/ 439، 8/ 307، 2/ 419، وبلا نسبة في "الكامل" للمبرد 1/ 44، و"المستوفى" لابن فرُّخان 1/ 199، و"شرح الكافية" 1/ 225، 325، و"تذكرة النحاة" 319. (¬2) في (م) [المشتهر].

دنيا ... إلخ)، وإنما قال: إلى الله ورسوله، ولم يقل: إليهما. وإن كان الأصل الربطَ بالضمير لكونه أخصر، إما لأن الظاهر استلذاذًا بذكره صريحًا ولذلك لم يأت مثله في الجملة بعده إعراضًا عن تكرار لفظ الدنيا، وإما لئلا يجمع بين اسم الله ورسوله في ضمير، بل يفردان، كما في حديث: "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله" (¬1) واعلم أن الجملة الأولى من هذا الحديث تضمنت المدح وهو ظاهرٌ والثانية منه الذم؛ لأن مضمونها خرج في صورة الطالب لفضل الهجرة وباطنه خلاف ظاهره، وأن نية المؤمن خير من عمله، لخبر ورد فيه بذلك؛ ولأن نية الحسنة يثاب عليها بخلاف عملها بلا نية، ولأن النية لكونها بالقلب لا يدخلها رياء، بخلاف الأعمال الظاهرة؛ ولأن القلب أشرف من غيره فكذا فعله؛ وأن هذا الحديث أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام. قال أبو داود: يكفي الإنسان لدينه أربعة أحاديث (¬2): الأعمال بالنيات، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه (¬3)، ولا يكون المؤمن ¬

_ (¬1) رواه مسلم (870) كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة. وأبو داود (1099) كتاب: الصلاة، باب: الرجل يخطب على قوس. (¬2) انظر: "تاريخ بغداد" 9/ 57، و"تهذيب الكمال" 11/ 364. (¬3) رواه الترمذي (2317) كتاب: الزهد، باب: فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه. وابن ماجه (3976) كتاب: الفتن، باب: كفِّ اللسان في الفتنة. وابن حبان (229) كتاب: الإيمان، باب: صفات المؤمنين. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

2 - باب

مؤمنًا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه (¬1)، والحلال بين والحرام بين (¬2). وسيأتي في باب: من استبرأ لدينه ماله بهذا تعلق. 2 - باب 2 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنها - أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ - رضي الله عنه - سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - "أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ -وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ- فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ". قَالَتْ عَائِشَةُ - رضي الله عنها - وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا. [3215 - مسلم: 2333 - فتح: 1/ 18] (حدثنا عبد الله بن يوسف) وهو تنِسيُّ المنزل، دمشقي الأصل، و (يوسف) مثلث السين مع الهمز وبتركه، ومعناه بالعبرانية: جميل الوجه. و (أخبرنا مالك) أي: ابن أنس الأصبحي، إمام دار الهجرة. (عن هشام بن عروة) أي: ابن الزبير بن العوام القرشيُّ التابعيُّ. (عن أبيه) هو أبو عبد الله عروة المدنيُّ أحد الفقهاء السبعة. (عن عائشة) بالهمز، وعوام المحدثين يبدلونها ياء. (أم المؤمنين) قال تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] أي: في الاحترام، وتحريم نكاحهن، لا في غيرهما كجواز الخلوة، والمسافرة، والنظر وتحريم ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (13) كتاب: الإيمان، باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه. ورواه مسلم (45) كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير. (¬2) سيأتي برقم (52) كتاب: الإيمان، باب: فضل من استبرأ لدينه.

نكاح بناتهن، وإنما قيل لهنَّ: أمهات المؤمنين للتغليب وإلا فلا مانع من أن يقال لهن: أمهات المؤمنات على الراجح (أن الحارث) قد يكتب بدون ألف تخفيفًا. (سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) يحتمل: أن تكون عائشة حضرت ذلك وهو المشهور، فيكون من مسندها وأن يكون الحارث أخبرها بذلك فيكون من مرسل الصحابة وهو محكوم / 4 / بوصله عند الجمهور. (كيف يأتيك الوحي؟) أي: صفته، أو صفة حامله، أو حامله، أو ما هو أعمُّ من ذلك، وبكل تقدير فإسناد الإيمان إلى الوحي مجاز، لأن الإتيان حقيقة من وصف حامله، (فقال) في نسخةٍ: "قال" بلا فاءٍ (أحيانًا) أي: أوقاتًا، ونصبه على الظرفية وعامله يأتي في قوله: (يأتيني مثل صلصلة الجرس) أي: صوته، والصوت المشبه بذلك قيل: صوت الملَكِ، وقيل صوت حفيف أجنحة الملك، والحكمة في تقدمه: أن يُقْرعَ سَمْعَ النَّبِيِّ الوَحْيُ، فلا يبقى فيه مُتَّسَعٌ لغيره. ولا ينافي تشبيهُ صوتِ الملكِ هُنَا لصلصلةِ الجرسِ تشبيهَهُ بِدَويِّ النحلِ المرويِّ في أبي داود، بلفظ: كنا نسمعُ عنده مثلَ دويِّ النحل (¬1). لأن ذاك بالنسبة إلى الصحابة لبعدهم وهذا بالنسبة إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لقربه. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي برقم (3173) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة المؤمنون. والنسائي في "الكبرى" 1/ 450 (1439) كتاب: الوتر، باب: رفع اليدين في الدعاء. وأحمد في "المسند" 1/ 34، وعبد الرزاق في "مصنف" 3/ 383 - 384 (6038) كتاب: فضائل القرآن، باب: تعليم القرآن وفضله. وعبد بن حميد في "المنتخب" 1/ 52 (15)، والبزار في "المسند" 1/ 427 (301) ولم أقف عليه عند أبي دواد، وقال السيوطي في "الخصائص" 1/ 198: سنده جيد.

و (مثل) منصوب نعتًا لمصدر محذوف أي: إتيانًا مثل، أو حال أي: مشابهًا صوته صلصلة الجرس وهو بفتح الراء: الجلجل الذي يُعلَّق في الدواب، قيل: إنما كان ينزل كذلك فيما هو وعيد أو تهديد لا يقال: صوت الجرس مذموم؛ لصحة النهي عنه؛ ولأن الملائكة تنفر عنه، فكيف يشبه به ما يفعله الملك به؛ لأنَّا نقول لا يلزم من تشبيه الشيء بآخر تساويهما في الصفات كلها، بل اشتراكهما في صفةٍ ما، والمقصود به هنا: بيان الجنس، فذكر ما أَلِفَ السامعون سماعه تقريبًا لإفهامهم، والحاصل: أن للصوت جهتين: جهة قوة، وجهة طنين، فمن حيث القوة: وقع التشبيه به، ومن حيث الطنين: وقع التنفير عنه، (وهو) أي: الوحي بصفته المذكورة (أَشَدُّ) أي: أَشَدُّ إتيانه عليَّ. فائدة هذه الشدة المستلزمة للمشقة ما يترتب عليها من زيادة الزُّلْفَى ورفع الدرجات، والجملة حال (¬1). (فَيُفْصَم) بفتح الياء أي: الوحي أو المَلَك، من الفَصم وهو: القطع بلا إبانة، بخلاف القصم بالقاف فإنه: قطع بإبانة. وذكر هنا بالفاء؛ إشارةً إلى أن الوحيَ، أو الملك يعود فكأنه قال: لا انفصال له. ويُروى بضم الياء، بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول، والمراد: قطع الشدة أي: ينجلي ما يغشاني من الكرب والشدة. (وَعَيْتُ) بفتح العين، أي: فهمت، أو حفظت، أو جمعت، وأصله: الوعاء، ومنه: أذن واعية، فاسم الفاعل منه واعٍ، ويقال في المال والمتاع: أوعيت، فاسم الفاعل منه موعٍ (¬2) (يتَمَثَّل) أي: يتصور ¬

_ (¬1) يعني جملة: وهو أشدُّه عليَّ. (¬2) بحذف الياء في حالتي الرفع والجر، أما في حالة النصب فتبقى الياء. يقال: واعيًا، موعيًا.

لي أي: لأجلي. (المَلَكُ) أي جبريل. (رجلًا) بالنصب على التمييز من النسبة أو على المصدرية أي: مثل رجلٍ، كدِحية، أو على الحالية أي: هيئة رجل، ولا يرد على الأول أن تمييز النسبة لا بد أن يكون محولًا عن الفاعل أو عن المفعول، وذلك غير متأت هنا؛ لأن ذلك أَكْثَرِيٌّ لَا كُلَّيٌّ، بدليل امتلاء الإناءِ ماءً، والملك: واحد الملائكة، والملائك بحذف التاء ولا ينافيه قول الزمخشري (¬1): إن الملائك جمع ملأك على الأصل، كالشمائل جمع شمأل؛ لأن مراده بالأصل، الأصل الثاني: وهو تأخير الهمز عن اللام، والأول: بنى على الأول وهو تقديمه عليها، وأصل ملك: مألك حذفت همزته؛ لكثرة الاستعمال. وتمثله رجلًا ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلًا، بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنيسًا لمن يخاطبه بما يعهد من البشر والملائكة، كما قال المتكلمون: أجسام علوية لطيفة تتشكل بأيّ شكل شاءت. (فَأَعِي) أتى بالفعل هنا مضارعًا، وفيما مرَّ ماضيًا؛ لأن الوعْيَ فيما مرَّ: حصل قبل الفصم ولا يُتصور بعده، وهنا حال المكالمة لا يتصور قبلها، أو أنه فيما مرَّ عند غلبة التلبس بالصفات الملكية، فلما ¬

_ (¬1) هو محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي، الزمخشري، أبو القاسم جار الله مفسر محدث، متكلم، نحوي، لغوي، بياني، من مشاهير المعتزلة، أديب ناظر ناثر مشارك في عدة علوم بزمخشر من قرى خوارزم في رجب، وقدم بغداد، وسمع الحديث وتفقه، ورحل إلى مكة فجاور بها وسمي جار الله، وتوفي بجرجانية خوارزم ليلة عرفة بعد رجوعه من مكة. من تصانيفه الكثيرة: "ربيع الأبرار"، و"نصوص الأخبار"، "المفرد والمؤلف" في النحو، "الفائق في غريب الحديث"، "المفصل في غريب الحديث". انظر: "سير أعلام النبلاء" 12/ 179، "النجوم الزاهرة" 5/ 274، "اللباب" 1/ 507، "الكامل في التاريخ" 11/ 37.

عاد للحال المعهودة أخبر عن الماضى، وأما هنا فهو على حالته. وحاصل جوابه - صلى الله عليه وسلم - كيفيتان: إحداهما: وهي أشده عليه أن يأتيه الملك في صورته؛ لاشتمالها على ما يخالف طبع البشرية؛ فيحصل له من الشدة والمشقة وغشيان الكرب لثقل ما يلقى إليه أمر عظيم قال تعالى: / 5 / {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5]، وثانيهما: وهي أيسر من الأولى أن يأتيه الملك في صورة بَشَرِ يأنس به، ويكلمه على المعتاد، ووجه الاقتصار عليهما: أن سنة الله تعالى لمَّا جرت أنه لا بد من مناسبة بين القائل والسامع حتى يقع التعليم والتعلم فتلك المناسبة إما باتصاف السامع بوصف القائل بغلبة الروحانية عليه، وهو النوع الأول، أو باتصاف القائل بوصف السامع، وهو النوع الثاني. والكلام في الوحي من جبريل في اليقظة، وإلا فمنه الرؤيا الصادقة، وسماع الكلام القديم كسماع موسى وسماع نبينا عليهما السلام كلامه تعالى منه ووحي تلقِ بالقلب. والوحي من إسرافيل أول البعثة ثلاث سنين، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة (¬1)، ثم وحي جبريل، وكان يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة رجلٍ (¬2)، وفي صورة دحية (¬3)، وفي صورته التي خُلق عليها ¬

_ (¬1) "الطبقات الكبرى" 1/ 191، و"تاريخ الطبري" 1/ 573 - 574، و 2/ 5، و"التمهيد" 3/ 14، و"الاستيعاب" 1/ 140. (¬2) سيأتي برقم (3235) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين. وأخرجه مسلم برقم (177) كتاب: الإيمان، باب: معنى قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} وهل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة الإسراء؟. (¬3) سيأتي برقم (3633) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، و (4980) كتاب: فضائل القرآن، باب: كيف نزل الوحي وأول ما نزل.

مرتين (¬1)، وفي صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر (¬2). (قالت عائشة) أي: وبالإسناد السابق فحذف حرف العطف فيكون مقولها مسندًا، ويحتمل أن يكون من تعاليق البخاري، وتكون النكتة فيه اختلاف التحمل؛ لأنها في الأول: أخبرت عن مسألة الحارث على ما مرَّ، وفي الثاني: عمَّا شاهدته تأييدًا للخبر الأول. (وَلَقدَ) الواو للقسم أي: والله لقد. (ينزل) بالبناء للفاعل ويروى يُنَزَّل بالبناء للمفعول (في اليوم الشديد البرد) الشديد: صفة جرت على غير من هي له؛ لأنه صفة البرد لا اليوم فالإضافة فيه من إضافة الصفة للموصوف. (فيفصم) بفتح الياء وضمها نظير ما مرَّ. (وإن جبينه) هو طرف الجبهة، وللإنسان جبينان يكتنفان الجبهة. (لَيَتَفَصَّدُ) بالفاء والصاد المهملة المشددة أي: يسيل، كما يسيل دم الفصد: وهو قطع العرق؛ لإسالته وفي التعبير بيتفصد مبالغة في كثرة العرق. (عَرَقًا) هو الرطوبة التي ترشح من مسام البدن، ونصبه بالتمييز، والمراد: شدة الكرب من ثقل الوحي كما مرَّ ولهذا أكدت عائشة ذلك بقولها: في اليوم الشديد البرد. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3234 - 3235) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين، و (4855) كتاب: التفسير، تفسير سورة والنجم، وأخرجه مسلم برقم (177) كتاب: الإيمان، باب: معنى قول الله -عَزَّ وَجَلَّ- لقد رآه نزلة أخرى وهل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة الإسراء؟. (¬2) أخرجه مسلم برقم (8) كتاب: الأيمان، باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله -عَزَّ وَجَلَّ- وبيان الدليل على التبري ممن لا يؤمن بالقدر وإغلاظ القول في حقه.

3 - باب

3 - باب 3 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ, عَنْ عُقَيْلٍ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ -وَهُوَ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ. فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ "مَا أَنَا بِقَارِئٍ". قَالَ "فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ. قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: 1 - 3]. فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها فَقَالَ: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي". فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ: "لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي". فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا, وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ -وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ- فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ, اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأَى. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ

- صلى الله عليه وسلم - "أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ ". قَالَ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ. [3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982 - مسلم: 160 - فتح: 1/ 22] 4 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ قَالَ -وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ فَقَالَ- فِي حَدِيثِهِ "بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} إِلَى قَوْلِهِ: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} [المدثر: 1 - 5] فَحَمِىَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ". تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو صَالِحٍ. وَتَابَعَهُ هِلالُ بْنُ رَدَّادٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ "بَوَادِرُهُ". [3238، 4922، 4923، 4924، 4925، 4926، 4954، 6214 - مسلم: 161 - فتح: 1/ 27] (يحيي) قرشيٌّ مخزوميٌّ مصريٌّ. (ابن بُكَيْر) تصغير بكر، وبكير: جد يحيى نسبه البخاريُّ إليه لشهرته، وإلَّا فاسم أبيه: عبد الله. (الليث) بمثلثة وهو ابن سعد بن عبد الرحمن الفهميُّ عالم أهل مصر، وكان حنفيَّ المذهب فيما قاله ابن خلكان، لكن المشهور أنه مجتهد وعن الشافعي أنه قال: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به، وفي رواية عنه: "ضيعه قومه" وقال يحيى بن بكير: الليث أفقه من مالك، ولكن كانت الحظوة لمالك (¬1). (عن عُقَيْل) وهو بالتصغير: ابن خالد بن عقيل مكبر، أو هو قرشيٌّ أمويٌّ. (عن ابن شهاب) هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهريُّ المدنيُّ وهو تابعيٌّ، ونسبه البخاريُّ، ¬

_ (¬1) انظر: "تاريخ دمشق" 50/ 358، "تهذيب الكمال" 24/ 275، "سير أعلام النبلاء" 8/ 156، "تهذيب التهذيب" 8/ 415.

كغيره إلى جده الأصليِّ؛ لشهرته به. (ابن الزبير) بالتصغير. (أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة) رواه في التفسير: "الصادقة" (¬1)، والمراد منهما: الرؤيا التي لا ضغث فيها، ومِنْ (¬2): للتبعيض، ولبيان الجنس، والرؤيا: مصدر كرجعى، وتختص بالمنام عند كثير، كاختصاص الرائي بالقلب، والرؤية بالعين. وفيه: أن رؤيا النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وحيٌّ، فوصفها بالصالحة للإيضاح؛ لأن غيرها يُسمَّى حلمًا، كما ورد: "الرؤيا من الله والحلم من الشيطان" (¬3) وإن قيل: الرؤبا أعم من الوحي فيكون الوصف للتخصيص أي: لا السيئة، أو لا الكاذبة، المسمى ذلك بأضغاث أحلام. وصلاحها إما باعتبار صورتها، أو تعبيرها وذلك بأن يُلقِي الله تعالى في قلب النائم الأشياء، كما يخلقها في قلب اليقظان، فتكون في اليقظة، كما في المنام، وتكون علامة على أمور أخرى، كالغيم علامة للمطر، وكانت مدة الرؤيا سنة. انتهى. ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (4953) كتاب: التفسير، تفسير سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}. (¬2) التبعيض وبيان الجنس معنيان من معاني (من) والمعنى الأصلي لها: ابتداء الغاية في الزمان والمكان، نحو: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} و {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} وتكون (من) أيضًا لانتهاء الغاية (بمعنى: إلى) وللبدل، وللاستعلاء (بمعنى: على) وبمعنى الباء، وللتعليل وللمجاوزة (بمعنى: عن) وللظرفية (بمعنى: في) و (بمعنى: عند)، وللفصل. وأكثر هذه المعاني فيها خلاف بين النحاة، يجيزها بعضهم وينكرها آخرون. (¬3) سيأتي برقم (3292) كتاب: بدأ الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده ورواه مسلم (2261) أول كتاب: الرؤيا.

وخرج بقوله: (من الوحى) ما زاد من دلائل نبوته من غير وَحْي كتسليم الحجر عليه وما سمعه من بحير الراهب في النوم؛ ذكر لزيادة الإيضاح، أو لدفع تَوَهُّمِ أن المراد بالرؤيا: رؤية العين، رؤيا بلا تنوين، كحُبْلَى. (مثل فلق الصبح) منصوب نعتًا لمصدر محذوف أي: مجيئًا مثل، أو حالًا أي: مشبهة ضياء الصبح. (وفلق الصبح) وكذا فرقة الصبح بفتح أولهما، وثانيهما بمعنى ضيائه. وحكي تسكين اللام، وإنما يقال ذلك لما كان واضحًا بَيّنًا قبل. والفلق: مصدر كالانفلاق والصحيح: أنه معنى مفلوق، وهو اسم للصبح، فأضيف أحدهما للآخرة لاختلاف اللفظين فالإضافة فيه للبيان، وقد جاء الفلق منفردًا عن الصبح، كما في {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] وقيل: لما كان الفلق اسمًا للصبح ويستعمل في غيره أضيف للصبح للتخصيص من إضافة العام للخاص، كما يقال: عين الشيء ونفسه. إنما ابتدئ - صلى الله عليه وسلم - بالرؤيا؛ لئلا يفجأه الملك، ويأتيه بصريح النبوة بغتة فلا تتحملها القوى البشرية، فبُدئ بأوائل خصال النبوة (حبب إليه الخلاء) ببناء (حبب) للمفعول، والخلاء بالمد والقصر، وبالتذكير والتأنيث، وبالصرف وعدمه: الخلوة، بأن يخلو عن غيره بل وعن نفسه بربه، وإنما حببت إليه الخلوة؛ لأن معها فراغ القلب والانقطاع عن الخلق؛ ليجد الوحيُ منه مكانًا سهلًا لا حزنًا. وفيه: تنبيهٌ على فضل العزلة؛ لأنها تريح القلب من أشغال الدنيا وتفرغه لله تعالى؛ فيتفجر منه ينابيع الحكمة. (بغار) وهو نقب في الجبل، وجمعه غيران وهو قريب من معنى

الكهف. (حراء) بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء وبالمد وحكي فتحها، والقصر وهو مصروف إن أريد المكان، وغير مصروف إن أريد البقعة، كنظائره من أعلام الأمكنة: وهو جبل بينه وبين مكة نحو ثلاثة أميال على يسار الذاهب إلى منًى (¬1). (فيتحنث) بحاء مهملة وبمثلثة أي: يتجنب الحنث أي: الإثم، بأن يتعبد، كما يأتي وهو معنى يتحنَّف بالفاء، كما روي كذلك أي: يتبع دين الحنيفة أي: دين إبراهيم - عليه السلام -، والفاء تبدل ثاء. (فيه) أي: في غار حراء، وخصَّ حراء بالتعبد فيه لمزيد فضله على غيره؛ لأنه منزوٍ مجموع للتحنث وينظر منه الكعبة المعظمة، والنظر إليها عبادة، فكان له - صلى الله عليه وسلم - فيه ثلاث عبادات: الخلوة، والتحنث، والنظر إلى الكعبة (وهو) أي: التحنث: التعبد، فسر الزهريُّ بهذه الجملة التحنث مُدْرِجًا لها في الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 233. (¬2) الإدراج في الحديث هو ما يدخله الراوي على الأصل المروي من زيادة غيرت سياق سنده أو متنه وذلك لغرض من الأغراض، كبيان اللغة، أو التفسير للمعنى، أو التقييد للمطلق ونحو ذاك، وهو أقسام إدراج في الإسناد وهي إذا كانت المخالفة بسبب تغير السياق في السند، ومدرج في المتن وذلك إذ كانت المخالفة في ذات المتن، بأن يدمج موقوفًا بمرفوع في أول الحديث، أو آخره، أو وسطه. ويعرف الإدراج بأمورٍ منها: وروده منفصلًا من طريق آخر، تصريح الراوي بذلك، استحالة كونه - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك، بيانه من إمام متبحر. أمَّا عن حكمه: فلا خوف بين العلماء أن تعمد الإدراج في الحديث حرام لا يجوز فعله في متن أو سند لتضمنه عزو القول لغير قائله تعمية على القراء، وقد فسَّروا الجواز على من تجوز له رواية الحديث بالمعنى، بحيث يتحقق فيه الآتي:

(الليالي) ظرف ليتحنث، وأراد بالليالي ما يشمل الأيام، وغلبها على الأيام؛ لأنها أنسب للخلوة. (ذوات العدد) صفة لليالي منصوب بالكسرة، وأبهم العدد؛ لاختلافه بالنسبة إلى المدد التي يتخللها مجيؤه إلى أهله، وأقل الخلوة ثلاثة أيام، ثم سبعة أيام، ثم شهر، والتعبد المذكور يحتمل أن يكون بشرع الأنبياء قبله على القول بأنه قبل النبوة كان متعبدًا بشرعٍ، إما بشرع إبراهيم، أو نوح، أو موسى، أو عيسى، أو ما ثبت أنه شرع على الخلاف المشهور فيه (قبل) تنازع فيه يخلو ويتحنث. (ينزع) بفتح الياء، وكسر الزاي أي: قبل أن يحنَّ ويشتاق إلى أهله فيرجع إليهم يقال: نزع إلى أهله إذا حنَّ واشتاق إليهم. (ويتزود) بالرفع عطفًا على يتحنث أي: يتخذ الزاد (لذلك) أي: للخلوة وللتعبد. (إلى خديجة) أي: أم المؤمنين. (لمثلها) أي: لمثل الليالي، وتخصيص خديجة بالذكر بعد تعبيره بالأهل؛ للتفسير عن الإبهام، أو للتنبيه على اختصاص التزود بكونه من عندها دون غيرها. (حتى) غاية لمحذوف أي: واستمر ما ذكره إلى أن (جاءه الحق) أي: الوحي، وعبر في كتاب: تعبير الرؤيا (¬1) بقوله: "حتى فجئه" بكسر الجيم من ¬

_ أن يكون عالمًا بالعربية وما هو في أساليب الكلام، أن يكون عارفًا بخواص التراكيب ومفهومات الخطاب والله أعلم. انظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص 130، "النخبة النبهانية" ص 33، "تدريب الراوي" 2/ 435، "التقريب والتيسير" ص 36، "النكت على كتاب ابن الصلاح" ص 813، "الباعث الحثيث" ص 70. (¬1) ستأتي برقم (6982) كتاب: التعبير، باب: أول ما بديء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي.

الفجأة، والمراد: أنه جاء بغتة؛ لأنه لم يكن متوقعًا مجيء الوحي. (فجاءه الملك) أي: جبريل يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من رمضان، وهو ابن أربعين سنة، والفاء هنا تفسيرية وتفصيلية لما في مدخولها من تفسير وبيان ما قبلها من الإجمال، كما في قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 54]. (اقرأ) الأمر به لمجرد التنبيه والتيقظ لما سيلقى إليه، أو للطلب على بابه فيستدل به على تكليف ما لا يطاق في الحال. (ما أنا بقارئ) ما: نافية، أو استفهامية، وما قيل: إنها ليست استفهامية لدخول الباء في خبرها وهي لا تدخل على ما الاستفهامية. رُدَّ بأنها تدخل عليها عند الأخفش (¬1)، وبورود الخبر بصيغة: كيف أقرأ؟ وبصيغة ماذا أقرأ؟ (فغطني) بمعجمه ثم مهملة أي: ضمني وعصرني، ويروى: "فغتني" بالتاء بدل الطاء أي: حبس نفسي. (الجهد) هو بالنصب والرفع مع فتح الجيم وضمها: المشقة، فهو على الأول: مفعول أي: بلغ الغطُّ منَّى الجهْدَ، وعلى الثاني: فاعل أي: بلغ منِّي الجهدُ مبلغَه. (أرسلني) أي: أطلقني. (فغطني الثالثة) الحكمة في غطه: أن يفرغ قلبه عن النظر إلى أمر الدنيا، ويقبل بكليته إلى ما يلقى إليه، وفي تكريره ذلك زيادة في ذلك، ففيه: أن المعلِّم ينبغي أن يحتاط للمتعلم في تنبيهه وإحضار مجامع قلبه وأن لا يضرب متعلِّمًا أكثر من ثلاث ضربات. (فقال اقرأ باسم ربك) أي مفتتحًا به، ولا دلالة في ترك البسملة ¬

_ (¬1) وهو مذهب ردَّه كثيرٌ من النحاة، والراجح هنا كونها -أي: ما- نافية عاملة؛ لأنها بمعنى ليست.

هنا على أنها ليست من أوائل السور؛ لأنها وإن لم تنزل حينئذ فنزلت بعد ذلك، كبقية القرآن (¬1). (خلق الإنسان من علق) خصه بالذكر؛ لأنه أشرف المخلوقات، والعلق جمع علقة: وهي الدم المنعقد، وفيما ذكر دليل للجمهور على أن سورة اقرأ باسم ربك أول ما نزل وقول من قال: إن أول ما نزل {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} عملًا بالرواية الآتية في الباب فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} محمول على أنه أول ما نزل بعد فترة الوحي. فرجع بها أي بالآيات المقروءة. (يرجف) بضم الجيم: حال من رسول الله أي: يخفق ويضطرب: (فؤاده) أي: قلبه، وقيل: باطنه. (زملوني زملوني) من التزميل وهو التلفيف والتدثير؛ وقال ذلك لشدة ما لحقه من هول الأمر، والعادة جارية بسكون الرعدة بالتلفف، والجمع في زملوني للتعظيم، أو لخديجة ومن حضرها، وإلا فالقياس أن يقال: زمليني، لأنه إنما دخل عليها. (الروع) بفتح الراء: الفزع، وهو المراد هنا، وبضمها: النفس وموضع الفزع من القلب. (الخبر) أي ما جرى من مجيء الملك والغظ وغيرهما. (لقد خشيت على نفسي) أي: الموت من شدة الرعب، أو أن لا أطيق حمل أعباء الوحي؛ لما لقيته أولًا عند لقاء الملك وليس معناه الشك في أن ما أتى به من عند الله؛ إذ لا شك عنده إنه من الله، وأكد خشيته باللام، و (قد) (¬2) تنبيهًا على تمكنها من قلبه، وخوفه على نفسه. ¬

_ (¬1) ظاهر كلامه أن البسملة من أوائل السور. (¬2) وهو جواب القسم محذوف، أي: والله لقد خشيت.

(كلَّا) (¬1) نفي ورَدْعٌ عن هذه الخشية أي: لا تقل ذلك، أو لا خوف عليك. (ما يخزيك) بضم الياء، وبالمعجمة، وبزايٍ مكسورة، وبياء من الخزي وهو الفضيحة، والهوان، وفي نسخة: "يحزنك" بفتح الياء، ¬

_ (¬1) (كلَّا) حرف ردع وزجر. هذا مذهب الخليل، وسيبويه، وعامة البصريين. وذهب الكسائي، وتلميذه نُصير بن يوسف، ومحمد بن أحمد بن واصل، إلى أنها تكون بمعنى "حقًّا". ومذهب النضر بن شميل أنها بمعنى "نَعَمْ". وركب ابن مالك هذه المذاهب الثلاثة، فجعلها مذهبًا واحدًا. قال في "التسهيل": (كلَّا) حرف ردع وزجر، وقد تُؤؤل بـ "حقًّا"، وتساوي "إِيْ" معنى واستعمالًا. وذهب أبو حاتم إلى أنها تكون ردًّا للكلام الأول، وتكون للاستفتاح بمعنى: "ألا"، ووافقه الزجّاج. وذهب عبد الله بن محمد الباهلي إلى أنها تكون على وجهين: أحدهما أن تكون ردًّا لكلام قبلها، فيجوز الوقف عليها، وما بعدها استئناف. والآخر: أن تكون صلة للكلام، فتكون بمعنى: "إِيْ". وقيل: إِن "كلّا" بمعنى: "سوف". وعدة ما جاء في القرآن من لفظ: "كلّا" ثلاثة وثلاثون موضعًا، تتضمنها خمس عشرة سورة. وليس في النصف الأول منها شيء. قيل: وحكمة ذَلِكَ: أن النصف الأخير نزل أكثره بمكة، وأكثرها جبَابرة. فتكرّرت هذه الكلمة على وجه التهديد، والتعنيف لهم، والإِنكار عليهم، بخلاف النصف الأول، وما نزل منه في اليهود، لم يحتج إلى إيرادها فيه، لذلّهم وصغارهم. واختلف في "كلّا": هل هي بسيطة، أو مركَّبة؟ ومذهب الجمهور: أنها بسيطة. وذهب ثعلب إلى أنها مركّبة من كاف التشبيه و"لا" التي للردّ، وزيد بعد الكاف لام، فشدّدت، لتخرج عن معناها التشبيهي. وقال صاحب "رصف المباني": هي بسيطة عند النحويين، إِلا ابن العريف جعلها مركّبة من "كَلْ" و"لا". وهذا كلام خَلْفٌ، لأن "كَلْ" لم يأت لها معنى في الحروف، فلا سبيل إلى ادعاء التركيب من أجل "لا" والله سبحانه أعلم.

وبالمهملة، وبزايٍ مضمومة، أو بضم الياء، وبزايٍ مكسورة وبنون فيهما من الحزن, يقال: حزنه، وأحزنه. (أبدًا) نصب على الظرف. (إنك) بكسر الهمزة (¬1) لوقوعها في الابتداء على جملة وقعت جوابًا عن سؤالٍ وهو: هل سبب ذلك الاتصاف بمكارم الأخلاق، أو غيره؟ (لتصل الرحم) أي: لتحسن للأرقارب بالمال، أو بالزيارة، أو بالخدمة، أو بغير ذلك. (تحمل الكلَّ) هو بفتح الكاف وتشديد اللام: من لا يستقل بأمره، أو الثقْل بكسر المثلثة وسكون القاف وفتحها: وهو كل ما يتكلف له أي: إنك لتعين الضعيف وترفع ما عليه من الثقل. (وتكسب المعدوم) بفتح الفوقية أي: تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك وكسب يتعدى بنفسه إلى واحد نحو: كسبت المال، ¬

_ (¬1) تكسر همزة (إن) في ثمانية مواضع: أحدها: ابتداء الكلام، نحو: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)}. الثاني: صلة الموصول، نحو: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ}. الثالث: جواب القسم، نحو: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}. الرابع: إذا حُكيت بالقول، نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}. الخامس: أن تقع موقع الحال، نحو: {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}. السادس: أن تكون قبل لام معلِّقة، نحو {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ}. السابع: أن تقع بعد حيث، نحو قولهم: من حيث إنك فاضل. الثامن: أن تكون واقعة موقع خبر اسم عين، نحو: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ}. ويجب فتح همزة (أن) في كل موضع يلزم فيه تأويلها مع اسمها وخبرها بمصدر.

وإلى اثنين نحو: كسَّبت غيري المال، وما هنا منه، وفي نسخة: "تكسب" بضم الفوقية وصوبه الخطابي وغيره مع ضم الميم وحذف الواو من المعدوم أي: تعطى العائل وترفده (¬1). (وتقري الضيف) بفتح أوَّله. يقال: قريت الضيف قرى بكسر القاف والقصر وقراء بفتحها والمد، وروي: "تقري" بضم أوَّله، والمعنى: تهيء له طعامه ونزله. (نوائب الحق) أي حوادثه، وخرج بالحق نوائب الباطل إذ النوائب تكون في الحق والباطل، قال لبيد: نوائب من خير وشر كلاهما ... فلا الخير ممدود ولا الشر لازبُ أي: لازم، وبالجملة فمعنى كلام خديجة: أنك لا يصيبك مكروه لما جعل الله فيك من مكارم الأخلاق وجميل الصفات، وذكرت أمورًا هي [سبب] (¬2) للسلامة من السوء والمكاره، ففيه: مدح الإنسان في وجهه لمصلحة، وأما حديث "احثوا في وجوه المداحين التراب" (¬3) فذاك في المدح بالباطل، أو المؤدي إلى باطل، وفيه: التأنيس لمن حصل لهم مخافة شيءٍ وذكر أسباب السلامة له، وذلك أبلغ دليل على كمال خديجة وجزالة رأيها، وعظيم فقهها؛ إذ جمعت فيما ذكرته أنواع أصول المكارم؛ لأن الإحسان إما للأقارب، وإما للأجانب، أو ¬

_ (¬1) انظر: "أعلام الحديث" 1/ 129. (¬2) في (م) [سبل]. (¬3) رواه مسلم (3002) كتاب: الزهد والرقائق، باب: المؤمن أمره كله خير. عن همام بن الحارث، وأبو داود (4804) كتاب: الأدب، باب: في كراهية التمادح، والترمذي (2393) كتاب: الزهد، باب: ما جاء في كراهية المدحة والمداحين. عن مجاهد عن أبي معمر: وفي الباب عن أبي هريرة أيضًا. وابن ماجه (3742) كتاب: الأدب، باب: المدح من حديث المقداد بن عمرو.

بالبدن، أو بالمال، أو على من لا يستقلُّ بأمره، أو على غيره. (فانطلقت به) أي: مضت به، وعَدَّاه بالباء؛ لأنها انطلقت مصاحبةً له، بخلاف ما لو عُدِّيَ بالهمزة، نحو: أذهبت، فإنه لا يلزم ذلك. (ورقة) بفتحات. (نوفل) بفتح النون والفاء. (العُزى) بضم العين تأنيث أعز: وهي صنم. (ابن عم خديجة) بنصب (ابن) بدلًا من ورقة، أو صفة له، ولا يجوز جره؛ لأنه يصير صفة لعبد العُزى، وليس كذلك ويكتب بالألف لا بدونها؛ لأنه لم يقع بين علمين، وتجتمع معه خديجة في أسد؛ لأنها بنت خويلد بن أسد. (تنصر) بنون أي: صار نصرانيًّا، وترك عبادة الأوثان، وقيل: إنما هو تبصر بموحدة، من البصيرة لكونه في زمن الجاهلية كان متبصرًا. (في الجاهلية) هي ما قبل نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، لما كانوا عليه من الجهل، وقيل: هي زمن الفترة مطلقًا. (الكتاب العبراني) في مسلم كالبخاريِّ في تعبير الرؤيا (الكتاب العربي) (¬1) وصححه الزركشي، لاتفاقهما عليه. (من الإنجيل) هو إفعيل من النجل؛ لأن الأحكام منجولة منه أي: مستخرجة منه، ومنه أنجل فلان ولدًا. (بالعبرانية) متعلق بيكتب أي: يكتب باللغة العبرانية، وهي على الرواية الأولى، وأما على الثانية، "فبالعربية" كما في نسخة، وهي كالعبراني بكسر العين نسبة إلى العبْر بكسرها، وإسكان الموحدة، زيدت الألف والنون في النسبة على غير قياس، قيل: سميت بذلك؛ لأن الخليل عليه ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (6982) كتاب: التعبير، باب: أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي. ومسلم (160) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الصلاة والسلام تكلم بها لما عبر الفرات فارًّا من نمرود والحاصل كما قال النوويُّ: أنه تمكن في دين النصارى وكتابهم، وتصرف حتَّى صار يكتب الإنجيل إن شاء بالعربية، وإن شاء بالعبرانية (¬1)، على الروايتين، قيل: فهم من الحديث أن الإنجيل عبراني، ورُد بأنه ليس كذلك، وإنما هو سرياني، والعبراني إنما هو التوراة. (يا ابن عم) هو ابن عمها حقيقة، ورواه مسلم "أيْ عمِّ" (¬2) وهو مجاز جعلته عمًّا تعظيمًا وتوقيرًا لعادة العرب في خطاب الصغير للكبير. (ابن أخيك) تعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، والمعنى: ابن [أخي] (¬3) جدك ففيه: مجاز الحذف، أو مجاز التشبيه؛ لأن جد ورقة الثالث أخو جدِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الرابع، وإنما عبرت بذلك تعظيمًا له، واستعطافًا له، (الناموس) هو جبريل، وأصله: صاحب سر الخير ضد الجاسوس، يقال: نمست بفتح الميم، أنمس بكسرها أي: كتمت، ونامسته: ساررته. (على موسى) لم يقل على عيسى، مع أن ورقة تنصر تحقيقًا للرسالة؛ لأن نبوة موسى متفقٌ عليها عند أهل الكتابين، بخلاف نبوة عيسى فإن كثيرًا من اليهود ينكرونها؛ ولأن كتاب موسى مشتمل على أكثر الأحكام، وكذا كتاب نبينا - صلى الله عليه وسلم -، بخلاف كتاب عيسى فإنه أمثال ومواعظ على أن الزبير بن بكار رواه عيسى. (يا ليتني) يا للتنبيه (¬4) كألا في نحو: ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 203. (¬2) "صحيح مسلم" (160) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) من (م). (¬4) هذا مذهب جماعة من النحويين -قيل هم الكوفيون- يجعلون (يا) للتنبيه إذا وليها أحد خمسة أشياء، هي: الأمر، والدعاء، وليت -كما في الحديث-

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة أو للنداء والمنادى محذوف أي: يا محمدٌ. (فيها) أي: في مدة النبوة والدعوة. (جذعًا) بفتح الذال المعجمة، وبالنصب: خبر مقدرة (¬1) يؤيده قوله بَعْدُ: يا ليتني أكون حيًّا، أو على الحال من ضمير فيها، وخبر ليت: فيها، أو على أن ليت بمعنى أتمنى فتنصب الجزأين (¬2) نحو: يا ليت أيَّامَ الصبا رواجعًا (¬3)، أو بفعل محذوف أي: جعلت فيها جزعًا، وفي نسخة: "جذع" بالرفع خبر ليت، وفي أخرى: "جذع" بالسكون، والجذع: الصغير من البهائم، واستعير للإنسان أي: يا ليتني كنت شابًّا عند ظهور نبوتك حَتَّى أَقْوى على المبالغة في نصرتك، وإنما ¬

_ وحبذا، ورُبَّ. فهي في هذه المواضع حرف تنبيه لا حرف نداء. قال بعضهم: وهو الصحيح. وذهب آخرون إلى أنها في كل ذلك حرف نداء والمنادى محذوف. وفضل ابن مالك فقال: إن (يا) إذا وليها أمر أو دعاء فهي حرف نداء، والمنادى محذوف. وإذا وليها (ليت)، أو (رُبَّ) أو (حبذا) فهي لمجرد التنبيه. (¬1) يعني خبر كان مقدرة. والتقدير: يا ليتني أكون فيها جذعًا. (¬2) المشهور في (ليت) رَفْعُ خبرها، وذهب الكسائي إلى جواز نصبه، ونُقل عن الفراء أيضًا. وذهب ابن سلام وجماعة من المتاخرين إلى جواز نصب الخبر مع إن وأخواتها، وخصَّه بعضهم بـ ليت وكأنّ ولعلّ. ومما جاء على ذلك قول ابن المعتز: مرَّت بنا سَحَرًا طيرٌ فقلتُ لها ... طُوباكِ يا ليتني إياك طُوباكِ (¬3) رجز قائله العجاج. انظر: الكتاب 2/ 142، و"طبقات فحول الشعراء" 65، و"المغني" 316، و"الموشح" 217، و"البحر" 4/ 444، و"الهمع" 1/ 134، و"الخزانة" 4/ 290. ومثله قول الشاعر: ليت الشبابَ هو الرَّجيعَ على الفتى ... والشَّيبَ كان هو البدئ الأوَّلُ

تمنَّى مستحيلًا وهو عود الشباب؛ لأن المستحيل يسوغ تمنيه إذا كان في فعل خير، أو لأن التمني ليس مقصودًا، بل المراد به: التنبيه على صحة ما أخبره به، والتنويه بقوة تصديقه فيما يجيء به، أو قاله تحسرًا لتحققه عدم عود الشباب (¬1). (ليتني أكون) في نسخة: "يا ليتني أكون". (إذ يخرجك) إذ بمعنى إذا (¬2)، كما في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} [مريم: 39] عكس إذا كما في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا} ونكتة الأول تنزيل المستقبل المقطوع بمرفوعه منزل الماضى الواقع أو استحضاره في مشاهدة السامع تعجبًا، أو تعجيبًا، فلذلك قال: "أَوَمُخْرِجِيَّ هم" وهو تعجبا، واستبعادًا، أو مخرجيَّ بتشديد الياء المفتوحة؛ لأن أصله: مخرجوني: فحذفت النون للإضافة فاجتمعت الياء والواو، وسبقت إحداهما بالسكون، فأبدلت الواو ياءً، وأدغمت، ثم أبدلت الضمة قبل الواو كسرة. و (هم) مبتدأ خبره مخرجيَّ ولا يجوز العكس؛ لأنه يلزم منه الإخبار بالمعرفة عن النكرة، والهمزة للاستفهام الإنكاريّ، والواو بعدها مفتوحة للعطف على مقدر أي: أمعاديَّ ومخرجيَّ هم، فالهمزة ¬

_ (¬1) كما قال الشاعر: ألا ليت الشباب يعود يومًا ... فأخبره بما فعل المشيب (¬2) إذ: ظرف لما مضى من الزمان، وإذا: ظرف لما يستقبل من الزمان متضمِّنة معنى الشرط. وذهب بعض المتأخرين إلى أن (إذا) تكون ظرفًا لما يستقبل من الزمان، فتكون بمعنى (إذا) وعليه المصنف هنا.

واقعة في محلها الأصليِّ من تصديرها الجملة، كما في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا} وخُصَّت بذلك؛ لأنها أصل الاستفهام (¬1)؛ ولأنها حرف واحد، فسقط ما قبل الأصل. أن يجاء بالهمزة بعد العاطف؛ لكونها للاستفهام نظير نحو: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ} (¬2)، {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}، {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)} مع أن التمثيل بكيف تكفرون غير صحيح، إذ لم يتقدمه عاطف، فإنما يصح التمثيل بنحو: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد}. (إِلا عُوْدِيَ) أي: لأن الإخراج عن المألوف موجب لذلك (يومُك) أي: يوم انتشار نبوتك، أو يوم يخرجك قومك. (مؤزرًا) أي: قويًّا بليغًا، من الأزر وهو القوة والعون. (ينشب) بفتح المعجمة أي: يلبث. (ورقة) بالرفع فاعل ينشب. (أن تُوفِّي) بفتح الهمزة بدل اشتمال من ورقة أي: لم تلبث وفاته. (فَتَرَ الوَحْي) أي: احتبس بعد تتابعه في النزول سنتين، وقال ابن إسحاق: ثلاثًا، وقال ورقة في ذلك: فإن يك حقًّا يا خديجة فاعملي ... حديثكِ إيانا فأحمد مرسل وجبرئيل يأتيه وميكال معهما ... من الله وحي يشرح الصدر منزل قيل: علم بهذا أن ورقة آمن لتصديقه رسالة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ويدل لإيمانه كذلك ما في السير: أنه قال له: أبشر فأنا أشهد أنك الذي بَشَّرَ به ابن مريم، وأنك على مثل ناموسِ موسى، وأنك نبيٌّ مرسل، وأنك ¬

_ (¬1) كل أدوات الاستفهام أسماء عدا الهمزة وهل فهما حرفان. (¬2) الاستدلال بهذه الآية خطأ؛ لعدم وجود العاطف، وسيشير المصنف إلى ذلك بعد الاستدلال.

ستأمر بالجهاد وإن أدرك ذلك لأجاهدن معك، وفي "مستدرك الحاكم": "لا تسبوا ورقة؛ فإني رأيت له جنة أو جنتين" (¬1). (قال ابن شهاب) هو الزهري وصورة هذا تعليق، لكنه متصل، كما ستعلمه، وقاعدة البخاري في مثله: أنه إن كان صحيحًا عنده أتى فيه بصيغة الجزم، كقال أو ضعيفًا أتى فيه بصيغة المبني للمفعول، كقيل ورُويَ، فإن لم تقم قرينة على البناء على سند متقدم فهو مما حذف البخاريُّ سنده فيه لغرض، ككونه معروفًا عن الثقات ونحو ذلك، وربما وصله البخاريُّ في موضعٍ آخر وإن قامت قرينة على ذلك، كما هنا، فهو من المتصل صريحًا، فإن التقدير في قوله: (وأخبرني أبو سلمة) حدثنا يَحيى بن بُكير، حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب، أنه قال: أخبرني أبو سلمة، فيكون الأوَّلُ: مما حدَّث به ابن شهاب عن عروة والثاني: مما حدث عن أبي سلمة، قالوا: وفي وأخبرني عاطفة له على ما رواه، أولًا عن عروة، كأنه قال أخبرني عروة بكذا، وأخبرني أبو سلمة بكذا (وهو يُحَدّثُ) حال أي: قال جابر في حال تحديثه. (عن فترة الوَحْي) أي: عن احتباسه عن النزول. (بينا) أصله: بين فأشبعت الفتحة ألفًا، وقد تزاد عليها ما فتصير بينما وهي ظرف زمان لازم الإضافة إلى الجملة الاسمية، كما هنا، وهي تتضمن معنى الشرط، ولذلك احتاجت إلى الجواب، فإن لم يكن في جوابها مفاجاة فهو العامل فيها، وإن كان فيه ذلك كما هنا، وهو الأفصح، فالعامل ¬

_ (¬1) انظر: "المستدرك" 2/ 609 كتاب: التاريخ من حديث عائشة. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

معنى المفأجاة، وتحتاج إلى جواب ليتمَّ به المعنى، كما ستعلمه. (إذ) للمفاجأة (¬1) وهل هي ظرف زمان، أو مكان، أو حرف للفاجأة، أو حرف زائد مؤكد، أقوال (¬2). وعلى الظرفية قال ابن جني (¬3): عاملها الفعل الذي بعدها؛ لأنها غير مضافة، وعامل بينا محذوف يفسره الفعل المذكور، وقال الشلوبين: إذ مضافة للجملة ولا يعمل فيها الفعل بعدها؛ لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف، ولا في بينا؛ لأن المضاف إليه، لا يعمل فيما قبل المضاف، بل عاملها محذوف يدل عليه الكلام والمعنى أن في أثناء أوقات المشي فاجأني السماع. (جالس) بالرفع خبر المبتدأ، وهو الملك، ورواه مسلم (¬4) بالنصب حالًا من الملك، والخبر محذوف أي: شاهدٌ أو حاضرٌ. (على كرسيٍّ) بضم الكاف وقد تكسر. (فَرُعِبْتُ) بضم الراء وكسر العين، وفي رواية: بفتح الراء وضم العين أي: فزعتُ. (زَمِّلُوني زملوني) بالتكرار في أكثر النسخ، وفي بعضها مرة، ¬

_ (¬1) لا تكون (إذ) للمفاجأة إلا بعد بينا أو بينما. وقد اختلف النحاة فيها على أقوال ذكرها المصنف. (¬2) انظر هذه الأقوال في "الجنى الداني" 189 - 190. (¬3) هو أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي النحوي اللغوي، له مصنفات في علوم النحو أبدع فيها وأحسن منها: "التلقين"، و"اللمع والتعاقب في العربية وشرح القوافي"، و"المذكر والمؤنث"، و"سر الصناعة"، و"الخصائص" وغيره. وذكر ابن جني بغداد ودرّس بها وأقرأ حتى مات في صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. انظر: "تاريخ بغداد" 11/ 313، "النجوم الزاهرة" 4/ 204، "اللباب" 1/ 243، "شذرات الذهب" 3/ 140 - 141. (¬4) انظر: "صحيح مسلم" (161) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ورواية مسلم (دثروني) وهو أنسب بقوله فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] أي: يا أيها المتدثر بثيابه، وعن عكرمة: المدثر بالنبوة وأعبائها. (فأنذر) أي حذِّر بالعذاب من لم يؤمن بك، واقتصر على الإنذار؛ لأن التبشير إنما يكون لمن دخل في الإسلام ولم يكن إذ ذاك من دخل فيه. (إلى قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] في نسخة: "الآية"، وفسر الرجز هنا بالأوثان؛ لأن الرجز لغةً: العذاب فعبادتها سبب العذاب، وقيل: الرجز: الشرك، وقيل: الذنب، وقيل: الظلم. (فحَمِى الوَحْيُ) أي: كَثُرَ نزوله وازداد، كَحَمِيَتِ الشمس: كَثُرَتْ حرارتها. (وتتابع) في نسخة: "وتواتر" ولم يكتف عن ذلك بحمى؛ لأنه لا يستلزم الاستمرار والدوام والتواتر. (تابعه) أي: يحيى بن بكير. (عبد الله بن يوسف) أي: التِّنِيسيُّ، وكلاهما شيخ البخاريَّ، وكثيرًا ما يذكر البخاريُّ في هذا "الجامع" المتابعات، وهذا أوَّل موضعٍ منها، وتسُمَّى هذه المتابعة تامة؛ لأنه من أول الإسناد إلخ، فإن وقعت لا من الأول سميت ناقصة، كما يأتي في متابعة هلال، ثم النوعان ربما يترك المتابع عليه، كما هنا، وربما يذكر، كما يأتي آخر الباب وتسمى متابعة مقيدة. (أبو صالح) هو عبد الله كاتب الليث، أو هو عبد الغفار بن داود البكريُّ الحرانيُّ أي: وتابع أبو صالح يحيى بن بكير عن الليث (وتابعه) أي: عقيل بن خالد شيخ الليث بقرينة قوله عن الزهريَّ. (هلال بن ردَّاد). (عن الزهري) هو محمد بن مسلم بن شهاب (وقال يونس)

4 - باب

هو ابن يزيد بن مشكان الأَيليّ بفتح الهمزة. (ومَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين: أبو عروة بن أبي عمرو بن راشد الأزديُّ الحرانيُّ (بَوَادِرُه) جمع بادرة: وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق، تضطرب عند فزع الإنسان أي: وقال يونس ومعمر في الحديث بدل (يرجف فؤاده) (ترجف بوادره). وفائدة المتابعة: التقوية؛ ولهذا تقع برواية من لا يحتج بحديثه منفردًا. 4 - باب 5 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} [القيامة: 16] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا. وَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا، فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} [القيامة: 16 - 17] قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ, وَتَقْرَأَهُ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)} [القيامة: 18] قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} [القيامة: 19] ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ. [4927، 4928، 4929، 5044، 7524 - مسلم: 448 - فتح: 1/ 29] (حدثنا) في نسخة: "أخبرنا" (موسى بن إسماعيل) هو أبو سلمة المنقريُّ بكسر الميم وفتح القاف نسبة إلى مِنْقَر أبي عبيد. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليَشْكُري بفتح التحتية وضم الكاف. (موسى بن

أبي عائشة) هو أبو الحسن الكوفيُّ الهمدانيُّ بإسكان الميم. (سعيد بن جُبَيْر) بضم الجيم وفتح الموحدة، ابن هشام الكوفيُّ الأسديُّ. (يعالج) أي: لعظم ما يلقاه من القول الثقيل. (شدة) مفعول به ليعالج أو مفعول مطلق أي: معالجة شديدة. (وكان مما يحرك شفتيه) أي: وكان العلاج ناشئًا من تحريك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شفتيه، فمن متعلقة بخبر كان محذوفًا وما مصدرية أو المعنى: وكان النبيُّ مما يحرك شفتيه بجعل الضمير في كان للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، و (ما) بمعنى: من، وكان في مثل ذلك تفيد التكرر والاستمرار. (فأنا أحركها) تقديم أنا على الفعل يشعر بتقوية الفعل، ووقوعه لا محال. (لك) في نسخة: "لكم". (كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحركها) لم يقل فيه، كما قال في الذي بعده (كما رأيت عباس)؛ لأن ابن عباس لم يدرك ذلك، بل صح عنده أنه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك؛ لأنه لم يكن وُلِدَ أَوَّلَ البعثة. وقوله: (يحركهما) لا ينافي مفهوم قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} من أنه كان يحرك لسانه لا شفتيه لتلازم التحريكين غالبًا؛ أو لأنه كان يحرك الفم المشتمل على اللسان والشفتين، فيصدق على التحريكين وهذا الحديث يسمى بالمسلسل بتحريك الشفتين، لكن في طبقة الصحابة والتابعين لا في من بعدهم، وفيه: أنه يُسَنُّ للمُعَلِّمِ أَنْ يُرِيَ المُتَعَلِّمَ صورةَ الفعل إذا كان فيه زيادة بيان على ذكره بالقول. (فأنزل الله) عطف على كان يعالج فقوله: قال ابن عباس إلى آخره اعتراض بالفاء، كما في قول الشاعر: واعْلَمْ فَعِلْمُ المَرْءِ يَنْفَعُهُ ... أنْ سَوْفَ يَأتى كُلَّمَا قدرَا (وقرآنه) أي: قراءته. (قال) أي: ابن عباس في تفسيره لجَمْعُه الواقع في الآية أن المَعْنَى به: (جَمْعُهُ لك في صدرك) بسكون الميم

وضم العين مصدرًا أي: إنَّ علينا أن نجمعه لك، وفي نسخة: "جَمَعَهُ لك صدرك" - صلى الله عليه وسلم - بحذف (في) فصدرك فاعل و (جَمَعَهُ) وفي أخرى: "جَمَعَهُ" بفتح الميم والعين فعل، وإسناد الجمع للصدر في هاتين الروايتين مجاز بملابسة الظرفية؛ إذ الصدر ظرف الجمع فيكون مثل أنبت الربيعُ البقل. (وَتَقرَأَهُ) عطف على جمعه، أي: أن نجمعه لك، أو أن يجمعه لك صدرك، وأن تقرأ، والمعنى: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحرك شفتيه بما يسمعه من جبريل قبل إتمامه؛ استعجالًا لحفظه واعتناءً بتلقيه، فقيل له: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ} أي: بالقرآن {لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} في صدرك، وفي معناه قوله: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} ({فَإِذَا قَرَأْنَاهُ}) أي: فإذا فرغ جبريل من قرآته {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قال أي: ابن عباس: معناه (فاستمع له) وسقط من نسخةٍ قال. (وأَنْصِتْ) بهمزة قطعٍ مفتوحة من أَنْصَتَ وقد تكسر من نَصَتَ وتحذف في الدرج، ومفاده مفاد استمع فعطفه عليه عطف تفسير. والاستماع افتعال يقتضي تعرفًا؛ لأنه إصغاء بقصد السماع، فهو أبلغ من السماع نحو: كسب واكتسب، ولهذا قال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} بلفظ: الاكتساب في الشر، إذ لا بد فيه من السعي، بخلاف الخير {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)}) معناه عند ابن عباس: (ثمَّ إنَّ علينا أنْ تقرأَهُ)، وعنَد غيرِه: بيانُ ما أشكلَ عليكَ منْ معاِنيْه. وفي تَصْدِيرِ ذلكَ بثمَّ المفيدة للتراخي (¬1) دليلٌ على جوازِ تأخير البيان عنْ وقت الخطابِ وهوَ الراجحُ. (قرأَهُ النبيُّ) أيْ: قَرَأَ القُرْآنَ، ¬

_ (¬1) هذا على رأي جمهور النحاة في أن (ثُمَّ) تفيد الترتيب والتراخي، وذهب بعضهم إلى أن (ثُمَّ) لا تقتضي الترتيب والتراخي، بل إنها قد تكون بمعنى الواو.

5 - باب

وفي نسخةٍ: "قرأَ النبيُّ" بحذفِ الضميرِ. (كَمَا قرأَهُ) أيْ: قرأَ جبريلُ القرآنَ، وفي نسخةٍ: "كمَا قرأَ" بحذفِ الضميرِ، وفي أُخْرى: "كمَا كانَ قرأَ" بزيادةِ كانَ (¬1) وحذفِ الضميرِ. وَمُنَاسَبَةُ هذا الحَدِيثِ لِلْتَرْجَمةِ ما فيه مِنْ بَيَانِ حَالِهِ في ابْتدَاءِ الوَحْيِ. 5 - باب 6 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، نَحْوَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" [1902، 3220، 3554، 4997 - مسلم: 2308 - فتح: 1/ 30] (حَدَّثنَا عَبْدانُ) هوَ بفتحِ المهملةِ، وسكونِ الموحدةِ، لَقَبُ عبدِ الله بنِ عثمانَ بن جبلةَ العنكيِّ المروزيِّ. (عبدُ اللهِ) هوَ: ابن المباركِ بنِ واضحِ الحنظليُّ التميميُّ. (ح) مأخوذة من التحويل؛ لأن البخاريَّ تحولَ من مسندٍ إلى آخر وقيل من الحائل بين الشيئين؛ لأنها حالت بين السندين؛ لئلا يظن أنهما واحد، وفي نسخة: بدل (ح) "قال" أي: البخاريُّ: (بشر بن محمد) هو المروزيُّ السختيانيُّ (عن الزهريّ نحوه) في نسخة: "نحوه عن الزهري". (أخبرني) في نسخةٍ: "أخبرنا". (عبيد ¬

_ (¬1) هذا أمرٌ تختص به كان من دون أخواتها وهو أن تكون زائدة بشرطين؛ أحدهما: أن تكون بلفظ الماضي، فلا تزاد بلفظ المضارع والأمر. الثاني: كونها بين شيئين متلازمين ليسا جارًا ومجرورًا. ومما سُمِعَ فيه زيادتها قولهم: ما كان أحسن زيدًا.

الله بن عبد الله) وهو ابن عتبة بن مسعود التابعيُّ. (أجودَ الناسِ) بالنصب خبر كان، مشتق من الجود وهو الكرم والسخاء، أي: كان أسخاهم على الإطلاق. (وكان أجود ما يكون في رمضان) برفع أجود على أنه مبتدأ مضاف إلى ما بعده، بجعل ما مصدرية أي: أجود أكوانه، وفي رمضان: خبره أي: حاصل له، والجملة: خبر كان، واسمها: ضمير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو ضمير الشان، أو على أنه اسم كان والخبر محذوف وجوبًا إذ هو، نحو: أخطب ما يكون الأمير قائمًا، وفي رمضان: حال سدَّ مسدَّ الخبرِ، أي: حاصلًا فيه، وبنصبه على أنه: خبر كان، واسمها: ضمير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وما: ظرفية مصدرية أي: كان أجود مدة كونه في رمضان أي: أجود مما هو في غيره؛ لشرفه لأنه موسم الخير. (حين يلقاه جبريل) حال، فإن جعل ما قبله حالًا فهو من تداخل الحالين؛ لأن الثانية حال من ضمير في الأولى، فهي حال من ذي حال، وإنما كان أجود حين يلقاه؛ لأن في ملاقاته زيادة ترقية له في المقامات، وزيادة اطلاع له على علوم. (فيدارسه القرآن) بالنصب مفعول ثانٍ ليدارسه، كجاذبته الثوب، والفاء عاطفة على يلقاه، والمعنى: أنهما يتناوبان قراءة القرآن، ويحتمل: أنهما يقرآن معًا، والدرس: القراءة بسرعة فائدة ذلك: تعليم جبريل للرسول تجويد اللفظ، وتصحيح إخراج الحروف من مخارجها، وتعليمها للأمة، كيف يُقرءون تلامذتهم، ورسوخه عنده أتمَّ رسوخ، فلا يتناسَّاه، فيكون ذلك إنجاز وعده تعالى له، حيث قال: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)} [الأعلى: 6]. (فلرسول الله) بفتح اللام الأولى؛ لأنها لام الابتداء تزاد

6 - باب

للتوكيد، أو جواب لقسم مقدر، والفاء للسببية. (المرسلة) بفتح السين، أي: المطلقة، أشار به إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - في الإسراع بالجود، أسرعُ من الريح المرسلة، وإلى عموم النفع بجوده - صلى الله عليه وسلم -، كما تعمُّ الريحُ المرسلةُ جميعَ ما تهبُّ عليهِ. وفي الحديث: جواز المبالغة في التشبيه، وجواز تشبيه المعنوي بالمحسوس؛ ليقرب لفهم سامعه، وتخصيص بعد تخصيص على سبيل الترقي جحما فَضَّلَ أولًا: جودَه مطلقًا على جود الناس كلهم، ثم فَضَّلَ ثانيًا: جوده في رمضان على جوده في غيره، ثم فَضَّلَ ثالثًا: جوده في ليالي رمضان عند لقاء جبريل على جودِهِ في رمضانَ مطلقًا، ثم شبَّهَ جودَه بالريح المرسلةِ. ولما فرغ من بدء الوحي شرع يذكر جملة من أوصاف الموحى إليه الواقعة في بدء الوحي فقال. 6 - باب: 7 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ, أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ, أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّأْمِ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا، فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي (¬1)، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَوَاللَّهِ لَوْلَا ¬

_ (¬1) في السلطانية بضم الهمزة.

الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ, ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الكَلِمَةِ، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قُلْتُ: الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ. قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَةِ. فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ؟، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ:، هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ. وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. وَسَأَلْتُكَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ: أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ. وَسَأَلْتُكَ: بِمَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ,

وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ. ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ" وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} " [آل عمران: 64]. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ. فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلامَ. وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ -صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ- سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ, يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ، أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ، قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؟ قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إلا اليَهُودُ، فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ اليَهُودِ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا؟ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ العَرَبِ، فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا

مُلْكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ. ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي العِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ. رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَيُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ [51، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541 - مسلم: 1773 - فتح: 1/ 31] (حدثنا أبو اليمان الحكم) بفتح المهملة، والكاف، وفي نسخة: "حدثنا الحكم"، (أخبرنا شعيب) هو: ابن أبي حمزة، بمهملة، وزاي، القرشيُّ. (عن الزهريِّ) أتي فيه أوَّلًا: بحدثنا، وثانيًا: بأخبرنا، وثالثًا: بعن، ورابعًا: بأخبرني؟ إما للفرق بينها، أو لحكاية الواقع؛ أو لأن الكل جائز، إذا قلنا لا فرق، وهو الأصح. (أبا سفيان) بتثليث السين، يُكْنَى أيضًا: بأبي حنظلة، واسمه: صخر بن حرب، وهو بمهملة وراء، ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، جد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (هِرَقْلُ) بكسر الهاء، وفتح الراء، وسكون القاف، وهو غير منصرف للعجمة والعلمية، وحُكِيَ فيه "هِرْقِلُ" [بكسر الهاء] (¬1) بسكون الراء، وكسر القاف، ولقبه: قيصر. (في رَكْبِ) جمع راكب، كتجرٍ وتاجر، وقال سيبويه: إنه اسم جمع، كقوم، ودود، والركبُ: أصحابُ الإبلِ ¬

_ (¬1) من (م).

العشرة فما فوقها، قاله الجوهريُّ (¬1). (من قريش) صفة لركب، وقريش: ولد النضر، وقيل: ولد فهد بن مالك ابن النضر، سُمُّوا قريشًا من القرش وهو: الكسب، والجمع؛ لتكسبهم، أو لتجمعهم بعد التفرق، وقيل: سُمُّوا ذلك باسم دابة في البحر من أقوى دوابِّه، تأكلُ ولا تؤكل، وتعلو ولا يُعْلَى عليها، والتصغير فيه للتعظيم، وهو منصرف، على إرادة الحيِّ، و [قد] (¬2) يمنع، على إرادة القبيلة. (تُجَّارًا) بالضم والتشديد بوزن كُفَّار، وبالكسر والتخفيف بوزن كِلَاب، جمع تاجر. (بالشام) بالهمز وبدونه، وبالهمزة مع المد، وهو متعلق بـ "تجارًا" أو بـ (كانوا)، أو صفة بعد صفة لـ (ركب). (مادَّ) بالتشديد، فعلٌ ماضٍ من المفاعلة، يقال: مادَّ الغريمان إذا اتفقا على أجل للدين، وضربا له زمانًا، وهو من المدة أي: القطعة من الزمان، وهذه المدة: هي مدة صلح الحديبية الذي جرى بين النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبين أبي سفيان حاكِي القصة، وكفارِ قريش سنة ستٍّ من الهجرة. (وكفار قريش) عطفه على (أبا سفيان) فهو من عطف العامِّ على الخاصِّ، وقيل: هو مفعولٌ معه، فالواو بمعنى مع (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: "الصحاح" 1/ 138. (¬2) في (م) [قيل]. (¬3) الواو التي بمعنى مع تُسمَّى واو المعية، وما بعدها يكون مفعولًا معه منصوبًا نحو استوى الماءُ والخشبةَ. وقد اختلف النحاة في عمل هذه الواو، فذهب عبد القاهر الجرجاني إلى أنها عاملة تنصب المفعول معه بعدها. وقيل إنها غير عاملة وما بعدها منصوب بما قبلها من فعل أو شبهه بواسطة الواو. وذهب الزجاج إلى أن ناصب المفعول معه مضمر بعد الواو من فعل أو شبهه. وذهب الكوفيون إلى أن ما بعد الواو منصوب بالخلاف، وذهب

(فأتوه) الفاء فيه فصيحة (¬1)، وهي العاطفة على مقدر أي: أرسل إليه فجاء الرسولُ، فطلب أن يأتوه فأتوه، على حدِّ: {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ} [الأعراف: 160] أي: فضرب فانفجر. (وهم) أي: هرقل وجماعته، وفي نسخة: "وهو" أي: هرقل، (بإيلياء) بالمد، بوزن: كبرياء، وفي نسخة: بالقصر، وفي أخرى: "إلياء"، بحذف الياء الأولى، بوزن: إعطاء، وحُكِيَ: إيليَّا بتشديد الياء الثانية والقصر ومعناه: بيت الله، والمراد: بيت المقدس. (في مجلسه) حال؛ أي: دعاهم حالة كونه في مجلسه؛ لأن دعا إنما يتعدى بإلى، نحو: {يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] أي: دعاهم وهو في مجلس ملكه، لا في خلوته. (وحوله) نصب على الظرفية، ويقال فيه: حواليه، وحوليه، وحواله، وهو خبر لقوله: (عظماء الروم) والروم: اسم للجيل المعروف، قال الجوهريُّ: ولد الروم بن عيصو أي: فغلب عليهم اسم أبيهم (¬2)، (ثم دعاهم) عطف على فدعاهم، وليس بتكرار؛ لأن معناه: أنه دعاهم أولًا، فلما حضروا بعيدًا منه وقعت مهلة بقرينة ثم دعاهم ثانيًا؛ ليقربوا منه. (تَرجُمانه) بفتح التاء، وضم الجيم، وقد تضم التاء اتباعًا، وقد ¬

_ الأخفش إلى أنه منصوب على الظرفية. واختلف النحاة -كذلك- في أصل هذه الواو: أهي قسمٌ برأسه، أ، هي واو العطف؟ فاختار بعض النحاة الأول، واختار آخرون الثاني. (¬1) الفاء الفصيحة هي العاطفة على كلام مُقدَّرٍ، وأكثر ما يكون المقدر قبلها الشرط، ومنه قوله تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)} أي إن علمت هذا أيها الإنسان فما يكذبك. (¬2) انظر: "الصحاح" 5/ 1939.

يفتحان، وقد يضم الأول ويفتح الثاني، وفي نسخة: "بترجمانه"، وفي أخرى: "بالترجمان"، وهو: المفسر لغة بلغة، والباء في الأخيرتين زائدة للتوكيد (¬1)، كما في قوله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] أو أصلية بتضمين دعا معنى استعان، وإلا فدعا متعد بنفسه. (فقال: أيكم أقرب) الفاء فصيحة، أي: فقال للترجمان قل: أيكم أقرب فقال الترجمان ذلك، وصلة أفعل التفضيل، والمفضل عليه: محذوفان، والتقدير: أيكم أقرب إليه من غيره، ووجه سؤال هرقل ذلك: أن الأقرب إلى النبيِّ أعلمُ بحاله، وأبعد من الكذب في نسبه؛ لئلا يكون قدحًا في نسب نفسه. (فقال) في نسخةٍ: "قال" (قلت) في نسخةٍ: "فقلتُ". (أقربهم نسبًا) في نسخةٍ: "أقربهم به نسبًا". (فقال) نسخة: "قال". (أدنوه) بهمزة قطع مفتوحة؛ أي: قربوه، وأصله: ادنيوا بكسر النون استثقلت الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان فحذفت الياءُ دون ¬

_ (¬1) أن تكون الباء زائدة في ستة مواضع: أحدها: في الفاعل، نحو: كفى بالله شهيدًا. الثاني: في المفعول، وعليه خرَّج المصنف زيادة الباء في (بالترجمان). الثالث: في المبتدأ، نحو: بحسبك وَلَد. الرابع: في الخبر. وبخاصة في خبر ليس وما العاملة عملها، نحو: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} و {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}. الخامس: في النفس والعين في باب التوكيد نحو: جاء محمد بنفسه، أو: بعينه. السادس: في الحال المنفية. قاله بعض النحاة واحتجوا بأن جملة الحال شبيهة بجملة الخبر، وجعلوا منه قول الشاعر: فما رَجَعَتْ بخائبةِ رِكابٌ ... حكيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنْتَهاهَا

الواو لأنها علامة الجمع ثم أبدلت كسرة النون ضمة؛ لمناسبتها الواو فصار أدنوه وإنما أمر بإدنائه؛ ليمعن في السؤال، ويشفي غليله عند ظهره؛ ليكون أهون عليهم في تكذيبه؛ لأن مقابلته بذلك في وجهه صعبة. (هذا الرجل) أي: النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وأشار إليه إشارة القريب؛ لقرب العهد بذكره؛ أو لأنه معهود في أذهانهم. (كذبني) أي: نقل إليَّ الكذب، وهو يتعدى إلى مفعولين، تقول: كذبنيَ الحديثَ، كما في: صدق، قال تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا} [الفتح: 27] بخلاف كذَّب، وصدَّق بالتشديد، فإنهما يتعديان إلى واحد، وهذا من الغرائب، أن يكون الفعلُ بالتخفيف متعدِّيًا لاثنين، وبالتشديد لواحدٍ (¬1). (يأثروا) بضم المثلثة وكسرها؛ أي: يرووا من أثرت الحديث بالقصر. آثره بالمد أي: رويته عليَّ، بمعنى: عنِّي، والمعنى لولا الحياء من أن رفقتي يروون عنِّي أني كذبت. وهو قبيح فأعاب به. (لكذبت عنه) أي: لأخبرت عنه بكذب لبغضي إياه، وفي نسخة: بدل عنه "عليه". (ثم كان أَوَّل ما سألني عنه أن قال) بنصب أَوَّل: خبرًا لكان، واسمها: أن قال، أو ضمير الشأن بجعل (أن قال) بدلًا من (سألني) ويجوز رفعه: اسمًا لكان، وخبرها: أن قال، واعترض إطلاق جواز النصب والرفع؛ بأن الصواب أن يقال: إن جعلت (ما) نكرة، تعين نصبه على الخبرية؛ لأن أن قال: مؤوَّل بمصدر مضاف إلى الضمير فهو معرفة، فيتعين أن يكون اسم كان، وأَوَّل: خبرها؛ لكونه نكرة، وإن ¬

_ (¬1) لأن الأصل هو العكس أن يكون الفعل بالتخفيف متعديًا لواحدٍ وبالتشديد -أو بالهمز- متعديًا لاثنين، أو ثلاثة.

جعلت (ما) موصولة، جاز الأمران، لكن المختار جعل (أن قال) هو الاسم لكونه أعرف (ذو نسب) التنوين فيه للتعظيم، كقوله تعالى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]. (قَطُّ) بفتح القاف، وتشديد الطاء مضمومة على الأشهر، وبضمها مع التشديد ومع التخفيف، وبفتح القاف وتخفيف الطاء ساكنة، أو مضمومة، وهي هنا: ظرف ولا تستعمل إلا في ماضٍ منفيِّ، أو ما في معناه، كالاستفهام هنا فإنه في حكم النفي إذ المعنى: هل قال هذا القول منكم أحد، أولم يقله أحد قط قبله؟ في نسخة: "مثله"، فيكون بدلًا من هذا القول. (من ملك) بكسر الميم، حرف جر، وملك: بكسر اللام، صفة مشبهة، وفي نسخة: بفتح ميم "من" موصولة، أو بفتح أحرف "ملك"، فعل ماض، وفي أخرى: "ملك" بإسقاط من، وكسر لام ملك. (فأشراف النَّاسِ) أي: كِبارُهم، وأهلُ الأحسابِ. (يتَّبعونه) في نسخة: "اتَّبَعُوه". (بل ضعفاؤهم) فيه: تغليبٌ إذ تَبِعه بعضُ الأشرافِ مثلُ العُمرين ممِن أَسْلم قبل سؤالِ هِرَقل. (سخطةً لدينِه) بفتح السينِ أي: كراهةً، ونصبت مفعولًا له، أو حالًا أي: ساخطًا، ويُروى: سُخْطًا بضم السين، وفتحِها، وسكون الخاءِ، ويجوز فتحها مع فتح السين، وخرج بذلك من ارتد مكرها، أولًا لسخطةِ ديِنه، بل لرغبةٍ في غيره لحظ نَفْسانِي. (يغدِر) بدال مهملة مكسورة أي: ينقضِ العهدِ في مدِة صلح الحديبية، أو مدةِ غَيبةِ أبي سفيانَ، وانقطَاع أَخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه. (قال) أي: أبي سفيانَ. (ولم تُمكنّي) بالفوقيةِ، أو التحتية، كلمةُ فيها ثلاثُ لغاتٍ مشهورة، وأطلقَها هنَا على الجملة أي: لم يمكني

جملةَ أُدْخِل فيها شيئًا أنتقصُه به (غير هذه الكلمة) أي: الجملة، وغيرَ: منصوبة صفة لـ (شيئًا)، ومرفوعة صفة لكلمةٍ، وإن كانت غيرَ مضافةٍ إلى معرفةٍ؛ لأنَّها لا تتعرف بالإضافةِ إلَّا عند توسُّطها بين المتغايرين، على ما قاله ابن السراج (¬1)، وهنا ليس كذلك. (فهل قاتلتموه) نَسبَ ابتداء القتال إليهم لا إليه لما اطَّلع عليه من أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لا يبدأ فرقةً بالقتالِ حتَّى يقاتِلُوه. (قتالكم إياه) هو أفصح من قتالكموه. (قلت) في نسخةِ "قال" (سِجالٌ) بكسر السين: جمع سجل: وهو: الدَّلو الكبيرُ، شبَّه الحربَ بالاستقاءِ؛ لأنَّ المتحاربين كالمستقين: يَستقي هذا دلوًا وهذا دلوًا، فالمرادُ بالسِجالِ: النَّوبُ، وسوِّغَ الإخبار به مع أنَّه جمعٌ عن مفردٍ، وهو الحربُ؛ لأنَّ لامَ الحربِ للجنسِ؛ أي: الحروبُ بيننا وبينه تُشبه السِجالِ: نوبةٌ لنا، ونوبةٌ له، كما فسَّره بقولهِ: (ينالُ منَّا وننالُ منه) أي: يصيبُ منا، ونصيبُ منه. (ماذا) في نسخةٍ: بماذا، وفي أخرى: "فماذا". (ولا تُشركوا) في نسخةٍ: "لا تشركوا"، وهلذه الجملةُ والتي قبلها، والتي بعدها متلازمة والقولُ: بأنَّ الثانيةَ أخصُّ من الأولى؛ لأنَّ ¬

_ (¬1) هو محمد بن السري بن سهل البغدادي المعروف بابن السراج أبو بكر أديب نحوي، لغوي. صحب المبرد وقرأ عليه كتاب سيبويه في النحو ثم اشتغل بالموسيقى، ثم رجع إلى كتاب سيبويه ونظر في دقائق، وعول على مسائل الأخفش والكوفيين، وخالف أصول البصريين في مسائل كثيرة وأخذ عنه عبد الرحمن الزحاجي وأبو سعيد السيرافي، وأبو علي الفارسي توفي في سن الكهولة في ذي الحجة سنة ست عشرة وثلثمائة. ومن تصانيفه: "شرح كتاب سيبويه" في النحو، "احتجاج القراء في القراءة"، "جمل الأصول"، "الاشتقاق"، "الشعر والشعراء"، "وله شعر"، "الموجز في النحو".

عدَم الإشراكِ أخصُّ من عبادَة الله وهمٌ؛ لأنَّ الأُولى مقيدةٌ بقولهِ وحدَه، وفي الجمل الثلاث مبالغةٌ؛ لأنَّها أشدُّ الأشياءِ على أبي سفيانَ، أو أنَّه فَهِمَ أنَّ هِرَقل من الذين قالوا بالإشراكِ من النصارى، وأرادَ تحريكه، وتنفيره عن دين الإسلِام (بالصلاة) أي: المعهودةُ المفتتحةُ بالتكبيرِ، المختتمةُ بالتسليم، وزاد في نسخةٍ: "والزكاةُ" والصدق: هو القولُ المطابقُ للواقع، وفي نسخةٍ: "والصدقةُ". (والعفافُ) بفتح العينِ، الكفِ عن المحارِم، وخوارم المُروَّة، والصلةُ أي: للأرحام، أو لكلِ قريبٍ، والأَولَى: عُمومُه في كلِ ما أمَر الله به أنْ يوصلَ بالصدقةِ، والبرِّ، والسِلامِ. وفي ذكر الأمرِ بالأربعةِ: تمامُ مكارِم الأخلاقِ؛ لأن الفضيلة إما قولية: وهي الصدق، أو فعلية متعلقةٌ بالله تعالى: وهي الصلاةُ، أو بنفسه: وهي العفة، أو بغيره: وهي الصلةُ. (وكذلك الرسل) أي: يكونون ذوي أنسابٍ شريفة؛ لأنَّ من شَرُف نَسَبُه كان أبعدَ من انتحِال الباطل، وأقربَ لانقيادِ الناسِ إليه. (فقلت) أي: في نفسي. (يَأتسي) بهمزة ساكنةٍ بعد التحتية، أي: يَقتدي، وفي نسخة: "يتأسَّى" بتحتيةٍ، ففوقيةٍ، فهمزةٍ مفتوحةٍ، فسينٍ مفتوحةٍ مشددةٍ. (قلت) في نسخةٍ: "فقلت" (فلو) في نسخةٍ: "لو" (لم يكن ليذر الكذب) لام ليذر الجحود (¬1)، وفائدتُها: تأكيدُ النفي نحو: ¬

_ (¬1) لام الجحود هي اللام الواقعة بعد كان الناقصة المنفية، لفظًا أو معنى. وسُمِّيت لام الجحود؛ لاختصاصها بالنفي. ويكون الفعل بعدها منصوبًا. وقد اختلف في هذه اللام، فمذهب الكوفيين أنها ناصبة بنفسها، ومذهب البصربين أنها جارَّة والناصب مقدَّرٌ بعدها وهو أن. ومذهب ثعلب أنها ناصبة لكن لقيامها مقام (أن).

{لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 137]. (وهم أتباعُ الرسل) أي: لأنَّ الأشرافَ يأنفون من تقدم مثلِهم عليهم بخلافِ الضعفاء، فإنَّهم يُسرعون إلى الانقيادِ واتباعِ الحقِّ، وهذا بحسب الغالبِ، كما مرَّ. (أيرتد أحدٌ؟) حكمة هذا السؤال: أنَّ مَن دخلَ على بصيرةٍ في أمرٍ محققٍ لا يرجع، بخلافِ مَن دخلَ في باطلٍ، لا يُقالُ: فقد ارتد بعض من آمن؛ لأنَّا نقولُ: وقوعُ ذلك لم يكن في أوائل الأمرِ، أو ليس لسخطةِ الدِّين، بل لمعنى آخرَ، كحبِّ الرياسةِ. (حين) في نسخةٍ: "حتى". (تخالطُ بشاشته القلوبَ) أي: تخالطُ بشاشةُ الإيمان القلوبَ، فالبشاشةُ: وهي انشراحُ الصدرِ للحق ووضوحُه: فاعلُ تخالط، والقلوب: مفعولٌ به، وفي نسخةٍ: "بشاشة القلوبِ" بنصب بشاشة وإضافته إلى القلوب، أيْ: يخالطُ الإيمانُ بشاشةَ القلوب، ففاعلُ يخالطُ ضميرٌ مستترٌ. (وكذلك الرُّسلُ لا تغدر) لطلبهم الآخرةَ، ومَن طلبها لا يرتكبُ غدرًا، ولا غيره من القبائح، بخلافِ طالبِ الدنيا لا يبالي بذلك. (بما يأمُرُكم) هو مِن القليلِ في إثباتِ ألفِ ما الاستفهاميةِ عِنَد دخول الجارِّ عليها (¬1). (ولا تُشركوا) أدخلَهُ في المأمورِ معَ أنَّه مَنهيٌ، بناءً على أنَّ الأمرَ ¬

_ (¬1) جعل المصنف إثبات ألف ما الاستفهامية عند دخول عليها قليلًا، فظاهر كلامه أن حذف الألف كثير. والمشهور عند النحاة وجوب حذف ألف ما الاستفهامية إذا سبقها حرف الجر، وإبقاء الفتحة على الميم دليلًا عليها. وعليه جاء القرآن الكريم. قال تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)}، وقال: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35] وقال: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} وقال: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)}.

بالشيء نهيٌ عَنْ ضدِّهِ. (ويَنْهاكم عَن عبادةِ الأوثانِ). تعرَّض هِرَقلُ لذلك، وإنْ لمْ يقع في لفظِ أبي سفيانَ؛ لأنَّه لازم قوله: (وَحْدَهُ) إلخ، تركَ ذكرَ الصِّلةِ وهي موجودةٌ في كلامِ أبي سفيانَ لدخولها في العفافِ، وترك مِن إعادةِ الأسئلةِ: وهي أحدَ عشرَ إعادة اثنين: وهما: السؤالُ عن القتالِ، وعن كيفيته؛ لأن مقصوده بيان علامات النبوة، وأمرُ القتالِ لا دخل لهُ فيها إلَّا بالنظرِ للعاقبةِ، وهي إذ ذاك مغيبةٌ؛ أو لأنَّ الرَّاويَ اكتفى عن ذلك بما سيذكره في روايةِ أُخرى فذكرها البخاريُّ مع زيادة في الجهادِ، في بابِ: دعاء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1) (كنتُ أعلمُ) إِلى آخرِه، مأخذه إمَّا من القرائن العقليةِ، أو الأحوالِ العادية، أو الكتب القديمة. (أخلص) أي: أَصِلُ (لتِجَشَّمْتُ) بجيمٍ وشينٍ معجمتينِ أي: تكلفت لِمَا فيه مِن المشقةِ، ورواه في التفسيرِ بلفظِ: (أحببت) (¬2)، والمعنى: لو كنتُ أتيقنُ الوصولَ إليه لتكلفتُ ذلك، لكني أخافُ أنْ يَعوقَني عنه عائقٌ، فأكونُ قدْ تركتُ مُلكيَ، ولمْ أصلْ إلى خدمتهِ، ولا يحكم بإيمانه بذلك، ولا بما يأتي بعدُ؛ لقوله: (بعد قلت) مقالتي آنفًا، أختبر بها شدتكم على دينكم، ولا عذر له في قوله: لتجشمت؛ لأنه قد عرف صدق النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنما سُجَّ بالملك، ورغب في الرياسة، فآثرها على الإسلام. وزعم ابن عبد البرِّ أنه آمن. (ثم دعا) أي: من وُكِّلَ ذلك إليه. ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (2941)، كتاب: الجهاد والسير، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى الإسلام والنبوة. (¬2) ستأتي برقم (4553) كتاب: التفسير، باب: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله}.

(بكتاب) هو مدعو به، ولذلك عُدِّيَ بالباءِ، والباءُ زائدة، أي: دعا الكتاب على سبيل المجاز، أو ضمَّن دعا معنى اشتغل، ونحوه. (بعث به) أي: أرسله، وفي معناه بعثه، وابتعثه مع، بفتح العين أفصح من سكونها. (دحية) بكسر الدال وفتحها: ابن خليفة بن فروة الكلبيُّ، وهو صحابيٌّ، ومعناه بلغة اليمن: رئيس الجند، وكان من أجمل الناس وجهًا، وهذا هو الحكمة في أن جبريل - عليه السلام - كان يأتي في صورته، وفي نسخة: "بعث به دحية"، بحذف مع. (عظيم بُصْرَي): هو الحارث بن أبي شمر الغساني، وبُصْرى: بضم الموحدة مدينة بين المدينة ودمشق، وقيل: هي حوران، بفتح الحاء والراء المهملتين (¬1). (من محمد عبد الله) في نسخةٍ: "محمد بن عبد الله" وفي ذكر عبد الله تعريض ببطلان قول النصارى في المسيح: إنه ابن الله. (رسوله) فيه: الترقي من كونه عبد الله إلى كونه رسوله. (عظيم الروم) بالجرِّ بدل من هرقل، وقد يقطع بالرفع والنصب، ولم يقل: ملك الروم؛ لأن فيه تسليمًا لملكه، واتصافه بما لا يستحق، وهو بحق الدين معزول، مع أنه لم يخله من نوع الإكرام في المخاطبة؛ أخذًا بأمرِ الله في تليين القولِ لمن يُدْعَى إلى الحق، كما في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النحل: 125] الآية. (سلامٌ على مَن اتبع الهُدى) لم يقل: عليكَ؛ لأن الكافرَ لا يُسَلَّمُ عليه. (أما بعدُ) مبني على الضمِّ بِنِية الإضافة (¬2)، أي: بعد ما ذُكِرَ، ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 441. (¬2) أي الإضافة المعنوية لا اللفظية لأن قبل وبعد ظرفان يضافان ويقطعان عند الاضافة فإن أضيفا نُصِبًا أوجُدَّا بمن؛ لأنهما من الظروف المتصرفة. وإن قُطِعَا عن الإضافة بُنِيَا على الضَّمِّ.

و (أما) (¬1) للاستئناف، كما في أوائلِ الكتبِ، لا لتفصيل ما أُجْمِلَ، حتى يحتاج إلى قسيم، كقولك: جاء القوم: أما زيد فأكرمته، وأما عمرو فأهنته. (بدعاية الإسلام) أي: بدعوته، وهي كلمة الشهادة، التي تُدعى بها الأمم، للدخول فيه، فهي شعاره، وهي من دعا يدعو دِعايةً، كشكا يَشْكُو شِكايةً، ويحتمل: أن يراد بالدعوة الإسلام، كشجر الأراك، فالإضافة للبيان، والباء بمعنى إلى، والمعنى: آمرك بكلمة التوحيد. (أَسْلِمْ) بكسر اللام. (تَسْلَمْ) بفتحها. (يُؤتِكَ) بالجزم: جوابًا ثانيًا للأمر، أو بدلًا من الجواب، أو بيانًا له. (مرتين) أي: مرة للإيمان بنبيهم، ومرة للإيمان بنبينا. (توليت) أي: أعرضتَ. (عليك إثم الأَرِيْسيِّين) رويَ بفتح الهمزة، وكسر الراء، وسكون المثناة تحت، ثم ياء مشددة للنسب، ثم علامة جمع السلامة في المذكور وهي: الياء والنون، وبذلك أيضًا، لكن بإبدال الهمزة ياءً، وبه أيضًا، لكن بدون ياء النسب في روايتي الهمزة والياء، وبكسر الهمزة والراءِ المشددة، وياء واحدة بعد السين ومعنى الكلِّ: المزارعون، المعبر عنهم في رواية: "بالأكَّارين"، ويقال: الفلاحون، ويقال: اليهود والنصارى، ويقال: المكاسون، ويعبر عنهم بالعشَّارين، ومعنى الجميع: أن عليك إثم أتباعك، وقدَّم عليك؛ لإفادة الحصر ولا ينافيه قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18]؛ لأن المراد هنا: إثم إضلالِكَ لهم؛ ولأن إثم الوزْرِ لا يتحمله غيرُ الوازرِ، لكن المتسبب للمسببات يتحمل من جهتين: جهة فعله وجهة تسبُّبه. ¬

_ (¬1) أما في الأصل حرف شرط وتفصيل، وتلزمها الظاء في جوابها.

({يَاأَهْلَ الْكِتَابِ}) [آل عمران: 65] عطف على باسم الله أي: وفيه: ({يَاأَهْلَ الْكِتَابِ}) (تعالوا) أصله: تعاليوا، قلبت الياء ألفًا، لتحركها، وانفتاح ما قبلها، فاجتمع ساكنان، فحذفت الألف (¬1). {أَلَّا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ}) الآية. تفسير للكلمة، قال النوويُّ: وفي الحديث فوائد: جواز مكاتبة الكفار، ودعائهم إلا الإسلام قبل المقاتلة، وهو واجب إذا لم تبلغهم دعوة الإسلام، وإلا فمستحب، ووجوب العمل بخبر الواحد (¬2)، وإلا لما بعثه مع دحية وحده، واستحباب تصدير الكتب بالبسملة، ولو كان المبعوث إليه كافرًا، وجواز السفر بآية من القرآن ونحوها، إلى بلاد الكفر، والنهيُ عن ذلك يُحمل على النهي عن المسافرة بالقرآن كله أو كثير منه إذا خُشِيَ أن يقع في يد كافر، وجواز مسِّ الجنب والكافر ما فيه قرآن، وغيره، إذا كان غير القرآن أكثر، واستحباب بداءة الكاتب في الرسائلِ بنفسهِ، وأنَّ مَن تَسبب في ضلالٍ أَثِمَ. واستعمالُ (أمَّا بعدُ) في المكاتبةِ، والخطبِ. (فلمَّا قال) أي: هِرَقل. (ما قال) أي: مِن السؤالِ والجوابِ. (الصَّخَب) بفتح الصادِ المهملةِ، والخاء المعجمة: اختلاطُ الأصواتِ، ويقال له السَّخَب، ورُويَ: اللَّخَب، واللّغَط، وهما: بمعنى الصَّخَب. (وأُخْرِجنَا) بالبناءِ للمفعولِ أي: من مجلسهِ. (لقد أَمِرَ) جوابُ قسمٍ محذوفٌ، وأَمِر بفتح الهمزة، وكسر الميم، أي: عَظُمَ. (أَمْر) بسكون الميم أي: شأنُ (ابن أبي كبشةَ) يُريدُ أبو ¬

_ (¬1) وهكذا شأن كل فعل معتل الآخر إذا لحقته واو الجماعة حذف آخره، نحو: تقاضوا، تناسوا، تهادوا. (¬2) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 12/ 113.

سفيانَ به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، شبَّههُ بأبي كبشةَ من حيث أن كلًّا منهما خالفَ العرب في عبادة الأوثان؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - عَبَدَ الله تعالى، وأبو كبشةَ [عَبَد الشعرى فجعله ابنًا له تشيبهًا به، وأبو كبشة] (¬1) رجلٌ مِن خذاعةَ، وقيل: هو جَدُّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّه، وقيل: أبوه من الرَّضَاع، وقيل: جَدُّ جده عبدِ المطلبِ، واسمه: الحارثُ بن عبدِ العزى السَّعْدِي. (إنَّه يخافُه) بكسر الهمزةِ استئنافٌ بيانيٌّ، وبفتحها على أنَّه مفعولٌ له، أو بدلٌ مِن أمرٍ، وبيانٌ له. (بِنَي الأصْفر) همُ: الرومُ سمُّوا بذلك لأن جيشًا مِن الحبشةِ غَلَبَ على ناحيتهم في وقتٍ فوطئُوا نساءَهُم، فولدت أولالًا صفرًا، لسوادِ الحبشةِ، وبياضِ الرُّومِ، وقيل: نسبةً للأصفرِ مِن الرُّومِ ابن [عيصو] (¬2) بن إسحاق - عليه السلام -. (ابن النَّاطُور) بطاءٍ مهملةٍ ومعجمة، حافظ الزرع. (صاحب إيلياء وهرقل أسقفًا) برفع صاحب صفة لابن الناطور، وبنصبه على الاختصاص، أو الحال، واسم كان: ابن الناطور، وخبرها أسقف بوزن أترج، [وفي نسخة: "سُقُفا" بضم السين والقاف وتشديد الفاء، وفي أخرى: "سقفًا" بوزن قفل] (¬3)، وفي أخرى: "سُقفًا" بضم السين وتشديد القاف مكسورة ومعناه في الأخيرة: جعل رئيس النصارى وقاضيهم، وفي البقية رئيسهم وقاضيهم، وهرقل: مجرور بالفتحة؛ عطفًا على إيلياء، [فصاحب إيليا] (¬4) بمعنى: حاكمها، وصاحب هرقل بمعنى: صديقه، ففي صاحب الجمع بين الحقيقة والمجاز، ويعبر عنه بعضهم بعموم المجاز. (نَصَارى الشامِ) سُمُّوا بذلك؛ لنصرةِ بعضِهمِ بعضًا؛ أو لأنهم ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) في (م) [عيص]. (¬3) و (¬4) من (م).

نزلوا نَصْرانَ [أو نصرةَ] (¬1) أو ناصرةَ: اسم موضع أو لقوله تعالى: {مَنْ أَنْصَارِي} [الصف: 14]. (يُحَدِّثُ) خبر بعد خبر لكان، وقيل: هو الخبر، وأسقفًا حال (حتى قدم إيلياء) أي: من حمص عند غلبةِ جنوده على جنود فارس وإخراجِهِم. (خبيث النفس) أي: مهمومًا غيرَ نَشِيْطٍ، ولا مُنْبَسِطٍ (بَطارقته) بفتح الباء: جمع بطريق: بكسرها، وهم: قُوَّادُ مُلْكِهِ وخواصُّ دولتِه. (استنكرنا هيئتك) أي: أنكرنَا حالتَكَ لمخالفَتِها لسائرِ الأيَّامِ. (حَزَّاءً) بفتح المهملة، وتشديد الزاى والمد أي: كهَّانا (ينظر في النجوم) تفسير له، ويجوز أن يكونَ نوعًا منه؛ لأن الكِهانةَ أنواع. (سَألُوْهُ) أي؛ عما استنكُرُوْه مِنْهُ. (ملك الختان) بضم الميم وسكون اللام، وبفتحها وكسر اللام، والختان: قطع جلدة فوق الحشفة، والمرادُ: أن هِرَقْل رأى بواسطة رؤيته في النجومِ طائفة أهل ختان [يملكون] (¬2)، فاغتمَّ لذلك؛ لأن النصارى لا تختتن، فالملك ينتقل عنهم إلى أهل الختان. (قد ظهر) أي: بدا، أو غلب. (من هذه الأمَّة) أي: من أهل هذا العصر. (يُهِمُّنَّكَ) بضم أوَّلهِ أي: يُقْلِقُنَّكَ وَيُحْزنْنَّكَ، والمعنى: هو لا أحقر من أن يهتمَّ بهم، أو يبالي بهم. (مدائنُ) بالهمز أفصحُ من تركِهِ، فَهَمْزُهَا على أنها جمعٌ لمدينة بوزن فَعْيِلَة، وَتَرْكُهُ على أنَّها جَمْعٌ لَمْديَنَة بوزن مَفْعَلَة من دَانَ أي: ملك. (أتَيَ) مبنيٌّ للمفعول، وقع جوابًا لبينما، مجردًا من إذ، وإذا الفجائيتين، وهو العامل في بينما؛ لأنه جوابها. (مَلِكُ غَسَّان) هو ¬

_ (¬1) و (¬2) من (م).

صاحب بُصْرى، وهو من ملوكِ اليمنِ، سكنوا الشام وغَسَّان: بفتح الغين المعجمة، ما نزلوا عنده. (اذهبوا به) أي: بالرجلِ، و (به): ساقط من نسخةٍ. (هذا ملك) بضم الميم وسكون اللام: مصدر، وبفتحها وكسر اللام: صفة مشبهة، وفي نسخة: "يملك" فعل مضارع. (قَدْ ظَهَرَ) جملةٌ مستأنفةٌ، أو خبرٌ بعد خبرٍ لهذا. (برومية) بتخفيف الياء، مدينة معروفة بالروم (¬1). (حمص) مدينة بالشام (¬2)، ممنوعة الصرف؛ للعلمية والتأنيث، ومصروفة؛ بسكون الوسط، فهيَ كهِنْد في جواز الوجهين، لكن إن ثبت أنها أعجمية على ما قيل تعين المنع، كجور وماه، عَلَمَي بَلَدَيْنِ. (فلم يَرِمْ) بفتح الياء وكسر الراء، لم يبرح، ولا يكاد يُسْتَعْمَلُ في النفي، يقال: ما رام، ولا يريم، ولم يَرِمْ. (من صاحبه) أي: الذي برومية، واسمه: ضغاطر. (في دَسْكَرَةٍ) أي: في دخولها، وهو بفتح الدال، بناء كالقصر حوله بيوت للخدم والحشم. (ثُمَّ اطَّلَعَ) أي: عليهم؛ ليخاطبهم. (معشر) هم الجمع الذي شأنهم واحد، فالإنس: معشرٌ، والجنُّ: معشرٌ، والأنبياء: معشرٌ. ¬

_ (¬1) هما روميتان: إحداهما بالروم، والأخرى: بالمدائن بنيت وسميت باسم ملك، فأما التي في بلاد الروم: في مدينة رياسة الروم وعلمهم، وهي شمالي وغربي القسطنطينة بينهما مسيرة خمسين يومُا أو أكثر. انظر: "معجم البلدان" 3/ 100. (¬2) حمص: بالكسر ثم السكون، والصاد مهملة: بلد مشهور قديم كبير مسور وفي طرفه القبلي قلعة حصينة على تل عالٍ كبيرة، وهي بين دمشق وحلب في نصف الطريق، بناه رجل يقال له حمص بن مكنف العمليقي. انظر: (معجم البلدان" 2/ 302.

(الفلاح) الفوز والنجاة. (الرشد) بضمِّ أوَّله، وسكون ثانيه، وبفتحهما: خلاف الغِيّ، فهو إصابة الخير. (فتبايعوا) (¬1) بالجزم: جواب الاستفهام، وهو بمثناة فوقية، فموحدة من البيعة، وفي نسخةٍ: "بفوقيتين" من المتابعة، وفي أخرى: "فنبايع" بنون قبل الموحدة، وفي أخرى: بنونٍ ففوقيةٍ فموحدةٍ. (لهذا) في نسخة: "هذا" بحذف اللام. (فحاصوا) بمهملتين: نفروا. (وأيس) في نسخة: "وَيئِسَ" وهو الأصل، فقلب (¬2)، ومعناه: انقطع طمعه. (آنفًا) بالمد وكسر النون، وقد تقصر أي: قريبًا، ونصبه على الحال. (أختبر شدتكم) أي: أمتحنُ رسوخكم. (آخر شأن هرقل) بنصب آخر: خبر كان، واسمها: ذلك، ويجوز العكس، والمعنى: كان ذلك آخر شأنه في أمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يتعلق بتلك القصة خاصة، وإلا فقد وقعت له قصص أخرى بعد ذلك، كتجهيزه الجيوش إلى تبوك، ومكاتبة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، له ثانيًا، وإرساله إلا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذهبٍ قسمه على أصحابه. (قال محمدٌ) هو البخاريُّ (رواه صالح بن كَيسان ويونس ومعمر) أي: تابع هؤلاء الثلاثة شعيبًا في رواية هذا الحديث. (عن الزُّهْرِيّ) هو المتابع عليه وبذكره تُسَمَّى هذه متابعة مقيدة كما مرَّ، وقد وصل ¬

_ (¬1) الذي وجدناه "فتبايعوا" مقرونًا بفاء السببية، فهو منصوب بأن مضمرة هذا ما كتب في هامش الأصل. ومعلومٌ أن نصب الفعل بعد فاء السببية يكون بعد الأمر والنهي والدعاء والاستفهام والتحضيض والعرض والتمني والنفي والترجي. والذي في الحديث منها الاستفهام. (¬2) أي قلب أَيِسَ من (يَئِسَ) ووزنه على ذلك: عَفِلَ.

البخارِيُّ روايةَ صالح من طريق إبراهيم بن سعد، ورواية يونس من طريق الليث في كتاب: الجهاد، ورواية معمر من طريق الليث أيضًا في التفسير (¬1). ¬

_ (¬1) رواية يونس من طريق الليث ستأتي برقم (3174) كتاب: الجزية والموادعة، باب: فضل الوفاء بالعهد. وأما رواية يونس من طريق الليث ستأتي برقم (4553) كتاب: التفسير، باب: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله}.

2 - كتاب الإيمان

2 - كتاب الإيمان

1 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس"

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 2 - كتاب الإيمان 1 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ" وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4] {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13] {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76] {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17] وَقَوْلُهُ: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31] وَقَوْلُهُ: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: 124] وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: 173]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا زَادَهُمْ إلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22] وَالحُبُّ فِي اللَّهِ وَالبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنَ الإِيمَانِ " وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ: "إِنَّ لِلْإِيمَانِ فَرَائِضَ، وَشَرَائِعَ، وَحُدُودًا، وَسُنَنًا، فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ" وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: "وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ

قَلْبِي} [البقرة: 260]. وَقَالَ مُعَاذُ: "اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً" وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "اليَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ" وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {شَرَعَ لَكُمْ} [الشورى: 13]: أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] سَبِيلًا وَسُنَّةً. [فتح: 1/ 45] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) كرَّرَها في أكثرِ النسخِ، في كلِّ كتابٍ وإن أغنى ذكرها أوَّل الكتاب؛ لزيادة الاعتناء بالتمسك بالسنة، في الابتداء بها في كلِّ أمرٍ ذي بالٍ. (كتاب الإيمان) الكتابُ لغةً: الضم والجمع، يُقَالُ: كَتَبَ يَكْتُبُ كتَابًا وَكتَابَةً أي: جمع، وَعُرْفًا: اسمٌ لجملةِ مختصةٍ من العلمِ، مشتملةٍ غالبًا على أبواب وفصولٍ. والإيمانُ لغةً: التصديقُ، وشرعًا: تصديق النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما جَاء به عن ربِّه، بشرط تلفظ القادر بالشهادتين، ولما كان ذكر كيف كان بدء الوحي، كالمقدمة لكتابه لم يذكره بالكتاب، بل بالباب. (وقولُ النبيِّ) بالرفع بالابتداءِ, أو بالجز عطفًا على الإيمان، وفي نسخةِ: "بابُ: قولِ النبيِّ" [وهو واضح] (¬1)، وفي أخرى: "باب: الإيمان وقولِ النبيِّ". (بُنِيَ الإسلامُ على خمسِ) تمامه كما يأتي: "شهادة أن لا إلله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان". وذكر بعض الحديث لغرض جائز، والإسلام لغة: الاستسلام ¬

_ (¬1) من (م).

والانقياد، وشرعًا: تَلَفظُ القادر بالشهادتين، بشرط تصديق النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما مرَّ. (وهو) أي: كلٌّ من الإيمان والإسلام عند البخاريِّ. (قول وفعل) أي: مع اعتقاد، ويمكن دخوله فيهما (¬1) وأما عِنْدَ غيرِ البخاريِّ، فهو ما قَدَّمْنَاه، وعليه فما هنا محمول على الإيمانِ الكاملِ، وفيه: ردُّ عَلَى المُرْجِئَةِ القائلين: بأنه قول بلا عمل، وفي نسخة: بدل (وفعل) "وعمل". (ويزيدُ وينقصُ) إمَّا باعتبار دخول القول والفعل فيه، أو باعتبار القوة والضعف، أو باعتبار الإجمال والتفصيل، أو باعتبار تعدد المؤمن به. (قال الله تعالى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} إلى آخر ما ذَكَرَهُ من الآياتِ، وغيرها، يَدَلُّ على زيادةِ الإيمانِ. ونقصانُ ثبوتِها يثبتُ النقصَ المقابل لَهَا؛ لأَنَّ كلَّ قابلٍ للزيادةِ قابلٌ للنقصِ ضرورةً، ولا يَخْفَى أَنَّ ذكْرَ ذلِكَ في بابِ: زيادةِ الإيمان ونقصانِه أنسبُ منْ ذكِره هُنَا. (والحبُّ في الله والبغضُ في الله مِن الإيمانِ) هو حديث رواه: البيهقيُّ بلفظ: "أوثقَ عُرى الإيمان: أن تحب في الله، وأن تبغض في الله" (¬2)، وأبو داود بلفظ: "من أحبَّ لله، وأبغضَ لله، ومنع لله، أو أعطى لله] (¬3)، فقد استكمل الإيمان" (¬4) ووجه الدلالة منه: أن الحب والبغض ¬

_ (¬1) إما دخوله في القول: فباعتبار القول النفسيِّ، وإما دخوله في الفعل: فباعتبار أنه من أعمال القلب. (¬2) "شعب الإيمان" 1/ 36 (14) باب: الدليل على أن الطاعات كلها إيمان. (¬3) من (م). (¬4) "سنن أبي داود" (4681) كتاب: السنة، باب: الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه من حديث أبي أمامة. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

متفاوتان. و (في) في الحديث للسببية (¬1) أي: لسبب إطاعة الله ومعصيته، والجملة مع الجمل الآتية: عطف على جملة (قال الله تعالى). (عَدي بن عَدي) بفتح العين المهملة، أبو فروة الكندي تابعيٌّ، وقيل: صحابيٌّ. (فرائضَ) أي: أعمالًا مفروضة. (وشرائعَ) أي: عقائد دينية. (وحدودًا) أي: منهيات. (وسُنَنًا) أي: مندوبات. (فإن أعش فَسَأُبَيِّنُهَا) أي: أُوَضِّحُهَا؛ ليفهَمهَا كلُّ أحدٍ، وليس في ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة لعلمه أنهم علموا مقاصدهم؛ لإعلامه لهم بها؛ ولاشتغاله عن التفصيل والإيضاح بما هو أهمُّ من ذلك. (قال إبراهيم: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}) لم يورد هذه الآية مع الآيات السابقة؛ إشعارًا بالتفاوت؛ لأن دلالة تلك على المراد بالتصريح، وهذه باللازم، ووجه الشاهد فيها: أنه إن انضم عين اليقين كان أقوى من انفراد العلم. (اجلس) همزته للوصل (¬2). (نؤمن) جواب الأمر، ووجه الشاهد فيه: أنه كان مؤمنًا، فوجب حمله على الزيادة والتقوية للأدلة، والمقول له الأسودُ بن هلال. ¬

_ (¬1) المعنى الأصلي للحرف (في) هو الدعاء أو الظرفية، حقيقة أو مجازًا، فالأول نحو: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} والثاني نحو: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}. وجمهور البصريين على أن (في) لا تكون إلا للوعاء أو الظرفية. وذهب الكوفيون وبعض البصريين أن (في) تكون لمعانٍ أخر منها: الاستعلاء (بمعنى على) والسببية (التعليل)، وبمعنى الباء، وبمعنى (إلى)، وبمعنى (مِنْ) والمصاحبة (بمعنى مع). وظاهر كلام المصنف أنه مع الكوفيين ومن تبعهم؛ بدليل أنه جعل (في) هنا للسببية. (¬2) لأنه أمْرٌ من فعل ثلاثي. ومثله: اضربْ من ضَرَبَ، واسمعْ من سَمِعَ.

(وقال ابن مسعود: اليقين: الإيمان كلُّه) هذا التعليق من طرفٍ من أثرٍ وصله الطبرانيُّ بسندٍ صحيح، وبقيته: "الصبر: نصف الإيمان" (¬1). ورواه البيهقي مرفوعًا (¬2)، قال شيخنا حافظ العصر الشهاب بن حجر -وهو المراد بإطلاقي شيخنا فيما يأتى-: ولا يصح رفعه. ووجه الشاهد فيه: أن لفظ: نصف يقتضي الزيادة. (حقيقة التقوى) أي: الإيمان كما في رواية (¬3)؛ لأن التقوى وقاية النفس عن الشرك، والتقوى أتت في القرآن لمعان للإيمان، كقوله: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26] وللتقوى، كقوله: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا} [الأعراف: 96] وللطاعة، كقوله: {أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاتَّقُونِ} ولترك المعصية، كقوله: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ} وللإخلاص كقوله: {مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} وللخشية كقوله: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ}. (حتى يَدَعَ) أي: يترك. (حاكَ) بتخفيف الكاف، أي: تردَّد وهذا ¬

_ (¬1) انظر: "المعجم الكبير" 9/ 104 (8544). وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 57: ورجاله رجال الصحيح. (¬2) "شعب الإيمان" 1/ 74 (48)، ولا حديث بعلقه البخاري، كما بين المصنف، وقال الحافظ في "الفتح" 1/ 48: رواه الطبراني بسند صحيح وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "الزهد" من حديثه مرفوعًا ولا يثبت رفعه، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 57 رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح. (¬3) رواه ابن حبان في "صحيحه" 1/ 471 (235) كتاب: الإيمان، باب: صفات المؤمنين. من حديث أنس بن مالك.

2 - باب: {دعاؤكم} [الفرقان: 77]: إيمانكم

الأثر رواه مسلم مرفوعًا (¬1)، وفيه: دليل أن بعض المؤمنين بلغ حقيقة الإيمان، وبعضهم لم يبلغها، فهو يزيد وينقص. (وقال مجاهد) أي: ابن جبر المفسر. (وإيَّاهُ) أي: نوحًا والمعنى: أن ما تظاهرت عليه آيات الكتاب والسنة من زيادة الإيمان ونقصانه هو شرع الأنبياء كلهم؛ لقوله تعالى: ({شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ}) الآية. سبيلًا وسنة تفسير لقوله تعالى: ({شرعة ومنهاجًا}) ففيه: لفٌّ ونشرُ غيرُ مرتبٍ، وفي نسخةٍ: "سنةً وسبيلًا" فهو مرتبٌ، وآيةُ {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} دالة على اتحاد شِرعةِ الأنبياء، وذلك في أصولِ الدينِ، وآية {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} دالةٌ على تفريق شرائعهم وذلك في الفروع. 2 - باب: {دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77]: إِيمَانُكُمْ. كذا في أكثر النسخِ، وقال النوويُّ: هو غلطٌ فاحشٌ، وصَوابُهُ: ودعاؤكم إيمانُكمَ بحذف باب؛ لعدمِ مطابقةِ الحديثِ الآتي له؛ ولأنه ترجم قبله بقوله - صلى الله عليه وسلم -: بُنيَ الإسلام على خمس، ولم يذكره فيه بل ذكره بعده وعليه فيكون (دعاؤكم إيمانكم) من قول ابن عباس تفسيرًا للدعاء بالإيمان، قوله تعالى: {لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77] ووجه الاستشهاد فيه: أن الدعاء المفسر بالإيمان يقبل الزيادة والنقص. 8 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ". [4514 - مسلم: 16 - فتح: 1/ 49] ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم" (2553) كتاب: البر والصلة، باب: تفسير البر والإثم. من حديث النواس بن سمعان.

(عبيد الله بن موسى) هو ابن باذام بموحدة، وذالٍ معجمةٍ، العَبْسِيُّ بفتح المهملة، وسكون الموحدة، الكوفيُّ. (حنظلة بن أبي سفيان) هو قرشيٌّ، من ذرية صفوان بن أمية الجمحيُّ. (عكرمة بن خالد) هو سعيد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزويُّ. (بُنيَ الإسلامُ) قال النوويُّ: أُدْخِلَ هذا الحديث في هذا الباب، يعني: باب قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: (بُنيَ الإسلام على خمسٍ)؛ ليُبَيِّن أَنَّ الإسلام يُطْلَقُ عَلَى الأفعالِ، وأنَّ الإسلام والإيمانَ قد يكونانِ بمعنى واحدٍ. (عَلَى خَمْسٍ) أي: دَعَائم، أو قَوَائم، وفي نسخةٍ: "عَلَى خَمْسَةٍ" أَي: أَشْيَاءَ، أَوْ أَرْكَانَ، عَلَى أَنَّ دُخُولَ التَّاءِ في العَدَدِ للتَّذْكِيرِ، وَحَذْفَهَا مِنْهُ للتَّأنيثِ، محله: إذا ذُكِرَ المعدودُ، فإنْ حُذِفَ كما هنا جاز الأمرانِ. (شهادة) هو مع ما عطف عليه، مجرورٌ على البدل من خمس بدل كلٌّ من كلٍّ، أو مرفوع خبر مبتدأ محذوف، ويجوز نصبه بتقدير أَعْنِي. (أن لا إله إلا الله) أن: فيه مخففة من الثقيلة عطف عليها (وأنَّ محمدًا رسولُ الله) بتشديد أن. (وإقام الصلاة) أصله: إقوام الصلاة، نقلت فتحة الواو إلى الساكن قبلها فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، وحينئذٍ فيعوضُ عنها. التَّاء، فيقُالُ: إقامةٌ أَوْ ذِكْرُ المُضَافِ إلَيْهِ، فَيُقَالُ: إِقامُ الصَّلاةِ، كَما هُنا. (وإِيتَاءِ الزكاة) أَي: إِعْطَائِهَا مُسْتحِقَّهَا. (والَحجِّ) أي: والعُمْرَةِ إلى أن في الحديث التنبيهَ عَلَى جَميع مَا أُمِرَ بالإيمانِ بهِ، كالإِيْمان بُرسُلِ الله، وَمَلَائكَته، وكُتُبِه، والبَعْثِ، وَغَيْرِهِا، فاسْتُغْني بمفتتح الإيمانِ عَنْ ذَلك، كَمَا تَقُولُ: قَرَأْتُ الحَمْدَ، والمراد إلى آخر السُّورةِ. (وصوم رمضان) فيه: دليلٌ لمن جوَّز إطلاقَ رمضانَ مِنْ غَيْر إضافةِ شَهْرٍ إلَيهِ، وَاعلَمْ أَنَّ الإسلامَ مُشَبَّهٌ بِشَيءٍ لَهُ دَعَائم

فذكرَ المُشَبَّه وأسْندَ إليهَ مَا هُو من خَواصِّ المشبه به، وهو البناءُ، ويسَمَّى ذَلِكَ استعارة بالكناية كأنبت الربيعُ البقلَ، ويجوز أنْ تكون الاستعارة تبعيةً، بأنْ شبه ثبات الإسلام على الأمور الخمسة ببناء الخباء على الأعمدة الخمسة، ثمَّ مرَّتْ الاستعارة منَ المصدرِ إلى الفعلِ، ووجهُ الحصرِ في الخمسة: أنَّ العبادةَ إما قولية وهي الشهادة، أو غير قولية، فإِما تركيٌّ وهو الصوم، أو فعليٌّ، فإما بدنيُّ، وهو الصلاة، أو ماليُّ، وهو الزكاة، أو مركبٌّ منهما وهو الحَجُّ. قال النَّوويُّ: وَحُكْمُ الإِسْلَام في الظَّاهِرِ ثَبُتَ بالشهادَتَيْنِ، وإنَّما أضيفَ إليهما الصلاةُ ونحوهَا، لِكونِها أظهَر شعائر الإسلام وأعظمها وبقيامه بها يتم استسلامه وتركه لها يشعر بانحلاله انتهى. فالإسلام الحقيقي يحصل بالشهادتين (¬1) بشرطِ التصديقِ كما مرَّ، والكاملُ يحصلُ بالأمور الخمسة، فإن قيلَ: إذَا كانَ حصولُه بالخمسةِ فهُوَ عَيْنُهَا، والمبني يجب أنْ يكون غير المبنى عَلَيْهِ وأُجِيْبُ: بأنَّ الإسلامَ هو المجموع، والمجموعُ غيرُ كلٍّ منْ أركانهِ، فإنْ قيلَ فالأرَبعةُ لَا تَصِحُّ إلا بالأوَّل فهي المبنية، وهو المبنى عليه، فلا يجوز إدخالهما في سلكٍ واحدٍ، أجيبُ: بأنهُ لا امتناع أنْ يكونَ أمرًا مبنيًّا على أمرٍ، ثمَّ الأمرُ أنْ يكون مبينًا عليهُمَا شيء آخرُ، أو إِنَّ مَعْنَى بناءِ الأَرْبَعَةِ مِنْ جِهَةِ صِحَّتِهِا، وذلك غير معنى بناءِ الإسلام على الخمسِ فإنْ قيلَ: لِمَ لمْ يذكر مع [الخمس] (¬2) الجهادِ؟ أجيبُ بَأنَّهُ: لم يكنْ فرضًا، أو كانَ فرضه فرضَ كفايةٍ، بخلافِ الخمس، فإنَّهَا فرائضُ أعيانٍ. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 1/ 148. (¬2) من (م).

3 - باب أمور الإيمان

3 - باب أُمُورِ الإِيمَانِ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177] [وَقَوْلِهِ]: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] الآيَةَ [فتح: 1/ 50]. (باب: أمور الإيمان) أي: الأمورُ التي هيَ الإيمانُ عنَدهُ فالإِضافةُ بَيَانيَّةٌ، والأمورُ التي للإيمانِ في تحقيقِ حقيقتهِ، فالإضافة بمعنى اللام. (وقول الله) أي: عند البخاريِّ، بالرفع والجرِّ نظير ما مرَّ، وكذا الكلام في قوله بعدُ، في نسخة: "وقوله". ({قَدْ أَفْلَحَ}) والشاهدُ في الآية الأُولى: قصر أصحاب الصفات المذكورة فيها على المتقين في قوله في آخرها: ({وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ}). وفي الثانية: قصر المؤمنين على أصحاب الصفات المذكورة فيها ({قَدْ أَفْلَحَ}) في نسخة: "وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ} " والفلاحُ: الفوز، وهو أربعةٌ: بقاءٌ بلا فناءِ، وغنى بلا فقرِ، وعِزٌّ بلا ذُلٍّ، وعِلْمٌ بلا جهلٍ، فلا كلمة أجمع منها. (الآية) بالنصب بمقدرِ كاقرأ، وبالرفع مبتدأ حُذِفَ خبره أي: تُقْرأُ بتمامها، وبالجرِّ على حذف مضاف أي: اقرأ إلى آخر الآية.

9 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ". [مسلم: 35 - فتح: 1/ 51] (عبد الله ... إلخ) كنيته: أبو جعفر بن محمد بن عبد الله الجُعْفِيُّ المَسْنَديُّ؛ لأنه كان يرغب في الأحاديث المسندة، ويترك المراسيل. (أبو عامر العَقَدى) بالعين المهملة، والقاف المفتوحتين، واسمه: عبد الملك بن عَمْرو البَصْرِيُّ، والعقد: قومٌ منْ قيسِ، وهَمْ بَطْنٌ من الأزد. (سليمان بن بلال) كنيته: أبو محمَّدٍ، أو أبو أيوبَ القرشيُّ. (عبد الله بن دينار) كنيته: أبو عبد الرحمن القرشي. (عن أبي صالح) اسمه: ذكوان السمَّان. (عن أبي هريرة) اختلف في اسمه، واسم أبيه، على نحو ثلاثين قولًا، أصحُّها عند الأكثر: عبد الرحمن بن صخر الدَّوْسِيُّ اليمنيُّ (¬1). (بضع) بكسر أوَّله أكثر من فتحه، وفي نسخة: "بضعة". ومعناهما: القطعةُ، ثمَّ استعملا في العدد لما بين الثلاثةِ والعشرةِ، وقيلَ: منْ ثلاثةٍ إلى تسعةٍ، وقيلَ: منِ واحدٍ إلى تسعةٍ، وقيلَ: منْ اثنينِ إلى عشرةٍ. (وسِتُّون) في مسلمٍ: "وسبعون" (¬2)، وفي روايةٍ له أيضًا: "وستون أو سبعون" (¬3)، على الشك. ¬

_ (¬1) انظر: "الاستيعاب" 4/ 332 (3241)، "تجريد أسماء الصحابة" 9/ 202، و"الكنى والأسماء" 1/ 60، "الأنساب" 5/ 402. (¬2) "صحيح مسلم" (35). (¬3) انظر رواية البيهقي في "شعب الإيمان" 7/ 93، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" 1/ 426.

(شعبة) بالضمِّ أي: قطعة، والمرادُ: الخصلة، والشعبة في الأصلِ: غصن الشجرة، فشبَّه الإيمان بشجرة ذات أغصانٍ وشعب، كما شبَّه الإسلام بخباءٍ ذي عمدٍ في خبر: "بُنِيَ الإسلام". والمرادُ مِنَ الحديثِ: شعبُ الإيمانِ الكاملِ، وهوَ التصديقُ والإقرارُ والعملُ، وبيانُ عددِ شعبهِ على رواية: "بضع وسبعون". أن التصديقَ يرجعُ إلى أعمالِ القلب، والإقرار إلى أعمالِ اللسانِ، والعمل إلى أعمالِ البدن. فالأوَّلُ: يتشعبُ إلى ثلاثين شعبةَ: الإيمانِ بالله تعالى، واعتقادِ حدوثِ ما سواهُ، والإيمانِ بملائكتهِ، والإيمان بكتبهِ، والإيمانِ برسله، والإيمان بالقدرِ خيرهِ وشرِّهِ، والإيمانِ باليوم الآخرِ، والوثوقِ بوعدِ الجنةِ والخلودِ فيها، واليقين بوعيدِ النارِ وعذابِها، ومحبةِ الله تعالى، والحبِّ والبغضِ في الله تعالى، ومحبةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والإخلاصِ، والتوبةِ، والخوفِ، والرجاءِ، وتركِ اليأسِ والقنوطِ، والشكرِ، والوفاء بالعهدِ، والصبرِ، والتواضعِ، والرحمةِ، والرضا بالقضاءِ، والتوكلِ، وتركِ العُجْبِ، وترك الحسدِ، وتركِ الحقدِ، وترك الغضبِ، وترك الغشِّ، وتركِ حبِ الدنيا. والثاني: يتشعبُ إلى سبع شعب: التلفظ بالتوحيد، وتلاوة القرآن، وتعلُّم العلمِ، وتعليمه، والدعاء والذكر، واجتناب اللغو. والثالثُ: يتشعبُ إلى أربعينَ شعبةَ، وهي على ثلاثة أنواع: الأولُ: ما يختصُّ بالأعيان، وهو ست عشرةَ شعبةً: التطهيرُ، وإقامةُ الصلاة، وأداءُ الزكاةِ، والصَّومُ، والحجُّ، والاعتكافُ، والفرارُ بالدينِ، والوفاء بالنذر، والتحري في الإيمانِ، وأداءُ الكفَّارةِ، وسترُ العورةِ، وذبحُ الضحايا، والجودُ، وفكُّ الرقابِ، والصدقُ في

المعاملاتِ، والشهادةُ بالحق. والثاني: ما يختصُّ بالأتباعِ، وهي ستُّ شُعبٍ: التعففُ بالنكاحِ، والقيامُ بحقوقِ العيال، وبرُّ الوالدينِ، وتربيةُ الأولادِ، وصلة الرحم، وطاعة الموالي. والثالثُ: ما يختصُ بالعامةِ، وهي ثماني عشرة شعبةً: القيامُ بالإمرة، ومتابعةُ الجماعةِ، وإطاعةِ أُولي الأمرِ، والإصلاحُ بين الناسِ، والمعاونةُ على البرِّ، والأمرُ بالمعروفِ، وإقامةُ الحدودِ، والجهادُ، وأداءُ الأمانةِ، والقرضُ مع وفائهِ، وإكرامُ الجارِ، وحُسنُ المعاملةِ، وإنفاقُ المالِ في حقِّه، وردُّ السلام، وتشميتُ العاطسِ، وكفُّ الضررِ عن النَّاسِ، واجتنابُ اللَّهو، وإماطةُ الأذى عن الطريق. فهذه سبعٌ وسبعون شعبةً، وإنْ دخلَ في بعضها زيادةٌ، كدخولِ الإيمان بصفاتِ الله تعالى في الإيمان به، وكدخولِ الصَّدقة في الزكاةِ، والعُمرةِ في الحجِ، والحياءِ في حسنِ المعاملة، وإلى الزيادةِ أَشار بقولهِ (والحياء) بالمدِّ: تغيرٌ وانكسارٌ يعتري الإنسان من خوف ما يعابُ بِه، وربَّما عُرِّف بأنَّه خُلُقٌ يبعثُ على اجتناب القبيح. (شعبةٌ منَ الإيمانِ) صرَّحَ بذلكَ وإنْ دخلَ فيمَا مرَّ؛ لأنه يمنع صاحبه عن المعاصي، ولأنه كالداعي لسائر الشعب، واستشكل بأن المستحي قد يستحي أن يواجَهَ بالحقِّ، فيترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأجيبُ: بأن ذلك ليس حياءً بل عجزًا ومهابةً [وضعفًا] (¬1) وتسميته حياءً مجاز من مجاز المشابهة. ¬

_ (¬1) من (م).

4 - باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

4 - باب المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ. لفظ (باب) يحتمل التنوين، والإضافة إلى الجملة والسكون، وهو ساقط من نسخة. 10 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ أَبُو مُعَاويَةَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [6484 - مسلم: 40 - فتح: 1/ 53] (حدثنا آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة والمثناة التحتية، وآدم كنيته: أبو الحسن، واسم أبي إياس: عبد الرحمن بن محمد. (شعبة) بضم الشين، كنيته: أبو بسطام بن الحجاج بن الورد الأزديُّ. (عبد الله بن أبي السفر) بفتح الفاء، واسمُ أبي السَّفرِ: سعيد بن يحمد، قال النوويُّ: هو بضم الياء وفتح الميم، والغسانيُّ: بضم الياء، وكسر الميم. (وإسماعيل) هو: ابن أبي خالد، واسم أبي خالد: هرمز، وقيل: سعيد، وقيل: كثير البجليُّ. (عن الشعبيِّ) بفتح الشين وسكون العين، أبو عمرو عامر بن شراحيل، نسبة إلى شعبٍ، بطن من همدان: بسكون الميم. (عن عبد الله بن عمرو) بفتح العين وبالواو، وكتبت فيه؛ ليتميز بها عن عُمَرٍ في غيرِ النصب، أما في النصب: فتُميَّز بالألفِ، وهو: عمرو بن العاص بن وائل القرشي، وكنيته: عبد الله أبو محمد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو نصر بضم النون.

(المسلم) أي: الكاملُ، وفيه: تغليبٌ (¬1) لتدخل المسلمة. (من سلم المسلمون من لسانه ويده) أي: من أذاهما، وخُصَّا بالذكر مع أن غيرهما يصدر من الأذى؛ لأن الغالبَ وقوعه منهما، أو أطلق على الكلِّ عملَ اليد واللسان، فيقال في كلِّ عمل: هذا مما عملته اليدُ، واعلم أنَّ ما وقع بحق، كإقامة الحدود والتعازير ليس بإيذاءٍ في الحقيقة، بل استصلاح وطلب سلامة ولو في المآل. (والمهاجر) من الهجرة، وهو الترك. (من هَجَرَ) أي: ترك ما نهى الله عنه من المحرمات والمكروهات، قيل: إنه لما انقطعت الهجرة حزن على فواتها من لم يدركها، فأعلمهم النبيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: أن المهاجرَ في الحقيقة منْ هَجَرَ ما نهى الله ورسولهُ عنهُ، وقيل: بل أعلم المهاجرين لئلَّا يتكلوا على الهجرة. (قال أبو عبد الله) أي: البخاريُّ، وهذا ساقط من نسخة. (وقال أبو معاوية ... إلخ) ذكر فيه تعليقين: رجال الأول: أبو معاوية الضرير محمد بن خازم بمعجمتين الكوفيُّ، وداود بن أبي هند دينار، وعامر الشعبي، المتقدم آنفًا. وعبد الله بن عمرو بن العاص، ورجال الثاني: عبد الأعْلى بن عبد الأعلى الساميُّ بسين مهملة، من بني سامة، وداود، وعامر، وعبد الله، المذكورون آنفًا. وأورد البخاريُّ التعليقين للاستشهادِ والمتابعةِ، لا لأصلِ الاستدلالِ لحصولهِ بالروايةِ المتصلةِ، وأراد باولهما: التصريح بسماع الشعبي من عبد الله بن عمرو، وبثانيهما: التنبيه على أن عبد الله الذي أُبْهِمَ فيه هو عبد الله بن عمرو، والذي بُيِّن في الرواية ¬

_ (¬1) واللغة كثيرًا ما تغلب المذكر على المؤنث إذا اشتركا، كما يقال للشمس والقمر: القمران.

المتصلةِ، والتعليقُ: حذفُ أوَّلِ الإسناد، أو كلهُ كما وضحتهُ في: "شرحِ ألفية العراقي" (¬1). ¬

_ (¬1) فالحديث المعلق: هو ما سقط من أول إسناده راو واحدٍ أو أكثر على التوالي، ولو إلى منتهاه ويعزى الحديث فيه إلى من فوق المحذوف، ويدخل في هذا التعريف المرفوع، والموقوف، والمقطوع، ويخرج المتصل، وللحديث المعلق صور مختلفة منها: أن يحذف الإسناد كله، مثل قول الرواي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنها أن يحذف الإسناد كله إلا الصحابي، مثل قول الراوي قال ابن عباس من كذا. ومنها أن يحذف الإسناد كله إلا الصحابي والتابعي معًا مثل قول الراوي: قال سعيد بن المسيب عن أبي هريرة كذا بلا سند -مع أن بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابي والتابعي أكثر من راوٍ، وهكذا إلى شيوخ شيوخه، فإن أسنده إلى شيخ شيخه فقد اختلف العلماء فيه هل يسمى تعليقًا أم لا، والصحيح فيه التفصيل، فإن عرف بالنص أو بالاستقراء أن فاعل ذلك وهو المصنف مدلس كان الحديث مدلسًا، فإن لم يكن قد عرف ذلك عنه كان الحديث معلقًا وإذا كان الذي علق الحديث عنه دون الصحابة فالحكم بصحته يتوقف على اتصال الإسناد بين الرواي الأبعد وبين الصحابي مع استيفاء سائر شروط القبول. أمَّا تعليقات الصحيحين فما روياه بالإسناد المتصل فهو المحكوم بصحته مقطوع به كما قال ابن الصلاح والعلم اليقيني النظري واقع به خلافًا لمن نفى ذلك محتجًا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن، وأمَّا ما حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر فما كان منه بصيغة الجزم كقال، وفعل، وأمر .. إلخ فهو حكم بصحته عن المضاف إليه، وما ليس فيه جزم كيُروى، ويُذكر، ويُحكى فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه، وليس بواه لإدخاله في الكتاب الموسوم بالصحيح قال الحافظ العراقي: واقطَعْ بِصِحَّةٍ لِمَا قَدْ أَسْنَدَا ... كَذَا لَه وقِيلَ ظَنَّا وَلَدى مُحَقِّقِيهم قَدْ عَزَاهُ النَّوويُّ ... وفي الصحيح بعضُ شيءٍ قد رُوي انظر: "فتح الباقي" للمصنف ص 87، "تدريب الراوي" 1/ 128، "نظم الدر في علم الأثر" للعراقي ص 7.

5 - باب أي الإسلام أفضل؟

5 - باب أَيُّ الإِسْلام أَفْضَلُ؟ (أي الإسلام أفضل) برفع (أفضل) (¬1) سواءٌ نَوَّنت باب أو سكَّنْتَهُ، أو أضفته إلى ما بعده. 11 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الإِسْلامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ". [مسلم: 42 - فتح: 1/ 54] (حدثنا سعيدُ بنُ يحيى) كنيةُ سعيد: أبو عثمانَ، وكنية يحيى: أبو أيوب، وفي نسخةٍ: بعد يحيى "ابن سعيد" وهو أنصاري. (حدثنا أبي) هو: يحيى المذكور آنفًا. (أبو بردة) بضم الباء، واسمه: بُرَيْدُ، بالتصغير. (ابن أبي بردة) اسمه: عامر، أو الحارث بن أبي موسى. (قالوا) في رواية: قلتُ (¬2)، ولا منافاة لاحتمال التعدد. (عن أبي موسى) اسمُه: عبُد الله بنُ قيسٍ الأشعريُّ اليمنيُّ. (أيُّ الإسلام) أي: أيُّ خصاله، أو أيُّ ذويه؛ لأن أيَّ لا تضافُ إلَّا إلى متعددٍ؛ ولأنَّ جوابه يدل على أنَّ السؤال عنْ خصلةٍ منه، أو عنْ من تلبس بسلامةِ المسلمين منه، لا عن الإسلامِ نفسه، لكن التقديرَ الأوَّلَ يُحوِّجُ إلى تقديرٍ آخر في الجواب؛ ليطابق السؤال، بأن يقال: خصلةُ من سلم، فالتقديرُ الثاني أَوْلَى لسلامتِه من ذلك. (أفضلُ) أيْ: من غيرِه منْ الخصالِ، أو منْ ذويِّ الإسلامِ؛ لكثرةِ ثوابِه. ¬

_ (¬1) وهي هنا استفهامية ومحلها من الإعراب مبتدأ. (¬2) أخرجه مسلم (42) كتاب: الإيمان، باب: بيان تفاضل الاسلام وأي أموره أفضل.

6 - باب إطعام الطعام من الإسلام

6 - باب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلامِ. في ضبط باب وسقوطه: ما مرَّ في البابِ السابقِ على ما قبلَهُ، وفي نسخةٍ: بدل من (الإسلام) "من الإيمان". 12 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: "تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ" [28 - 6236 - مسلم: 39 - فتح: 1/ 55] (حَدَّثنَا عَمْرُو) كنيتهُ: أبو الحسن. (خالد) هو ابن فرُّخ بفتح الفاء وبتشديد الراء المضمومة وفي آخره خاء معجمة الحرانيُّ. (عن بريد) هو أبو رجاء (¬1) بن أبي حبيب. (عن أبي الخير) هو: مَرْثَد، بفتح الميم، والمثلثة بينهما راء ساكنة، ابن عبد الله اليزنيُّ، بفتح التحتية والزاي نسبة إلى يزن بطن من حمير وقيل: موضع (¬2). (أنَّ رجلا) قيل هو أبو ذرٍّ. (سأل النبيَّ) في نسخةٍ: "سألَ رسولَ الله" (أي الإسلام) أي: أيُّ خصاله. (قال) في نسخة: "فقال" (تطعم) أي: الخلق. (الطعام) الشامل للمأكول والمشروب، والفعلُ مُؤَوَّلٌ بمصدر (¬3)، أي: إطعامُه، وإن خلا عن حرفٍ مصدريٍّ على حدِّ: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} وتسمع بالمُعَيْدِيِّ (¬4) (وتقرأ) بفتح الفوقية ¬

_ (¬1) في الأصل: رحا. (¬2) انظر: "معجم ما استعجم" 4/ 1394، و"معجم البلدان" 5/ 436. (¬3) على أن الأصل: أنْ تُطعمَ، فإن حُذفت (أنْ) ارتفع الفعل. و (أنْ) موصول حرفي تؤول مع الفعل بعدها بمصدر، وتدخل على الفعل المتصرف ماضيًا كان أو مضارعًا أو أمرًا على الأصحِّ. (¬4) هذا مثل عربي، وهو بتمامه: تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه. ويضرب لمن

7 - باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه

والراء، وبضمها وكسر الراء، أي: تُفشي. (على من عرفت ومن لم تعرف) من المسلمين، وفي هاتين الخصلتين الجمع بين المكارم المالية، والبدنية، ولا ينافي جعل الخير هنا الإطعام وإقراء السلام جعلَ الأفضل فيما مرَّ السلامة من اليد واللسان؛ لأن وقوعهما كان في وقتين، فكان الأفضل في كلٍّ منهما ما أجيبَ به، ولأن المراد بخيرته ما ذكر: التودد والتآلف، وبأفضلية السلامة مما ذكر كثرة الثواب كما مرَّ وإن استلزمت السلامة التودد والتآلف. 7 - باب: مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ. (باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه) في ضبط (باب) وسقوطه ما مرَّ. 13 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ". [مسلم: 45 - فتح: 1/ 56] (حدثنا مُسَدَّدٌ) بضم الميم، وفتح السين والدال المشددة المهملتين: ابن مسرهد بن مسربل بن مغربل الأسديُّ البصريُّ. ¬

_ يكون خبره والحديث عنه أفضل من مَرْآه ونظره. وأول من قاله هو المنذر بن ماء السماء. ويُروى المثل على ثلاثة أوجه: أحدها: لأن تسمع بالمعيدي ... والثاني: تسمعَ بالمعيدي ... بنصب الفعل مع حذف (أنْ). والثالث: تسمعُ بالمعيدي ... برفع الفعل بعد حذف (أن).

(قال: حدثنا يحيى) هو: ابن سعيد بن فروخ القطان التيميُّ. (عن قتادة) هو: ابن دعامة، بكسر الدال ابن قتادة السدوسيُّ نسبة إلى سدوس جدِّه الأعلَى. (عن أنس) هو ابن مالك بن النضر، بالنون والضاد المعجمة، الأنصاريُّ. (وعن حسين) عطف على (عن شعبة)، وحسين هو: ابن ذكوان المعلم البصريُّ. (قال: حدثنا قتادة) حاصله: أن كلًّا من شعبة وحسين، حَدَّث عن قتادة، وليست طريق حسين معلقةً، بل موصولة، فقد رواها أبو نعيم من طريق إبراهيم الحربيَّ عن مسدد، عن يحيى القطان، عن حسين، عن قتادة، عن أنس، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (عن أنس) في نسخةٍ: "عن أنس بن مالك". (لا يؤمن أحدكم) في نسخةٍ: "أحدٌ"، وفي أخرى: "عبد" وفي أخرى: الاقتصار على "لا يؤمن"، أي: أحدكم، أي لا يؤمن إيمانًا كاملًا. (حَتَّى يُحِبَّ) بالنصب بأن مضمرة بعد حتَّى، وهي جارة لا عاطفة (¬1)، ولا ابتدائية. (لأخيه) أي: في الإيمان، قال تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} [الحجرات: 15]. (مَا يُحِبُّ) أي: مثل ما يحب إذ عينه محال؛ لأنَّهُ لا يكون في محلينِ، والمرادُ: ما يُحِبُ من الخير، كما جاء ذلك صريحًا في رواية ¬

_ (¬1) هذا على مذهب البصريين في أن (حتى) لا تكون إلا حرف جرٍّ، والفعل بعدها ينصب بأنْ مضمرة واستدلّوا بأنها من عوامل الأسماء فلا تكون من عوامل الأفعال وذهب الكوفيون إلى أن (حتى) تكون حرف نصب وأنها حينئذٍ تنصب المضارع بنفسها، وتكون أيضًا حرف جر.

النسائيُّ (¬1)، وذلك من الطاعات، والمباحات، والمحبةُ: إرادةُ ما يعتقدُه خيرًا، وقريب منه قول النوويِّ (¬2): المحبةُ: الميلُ إلى ما يوافقُ المحبَّ، والميلُ: إلى ما يستلذُّهُ بحواسِهِ، كحسنِ الصورةِ، أو لما يستلذُّهُ بعقِلِه، كمحبةِ الفضلِ والجمالِ، أو لإحسانِ غيرهِ إليه، ودفعه المضارَّ عنه، قيلَ: كيف يحصلُ الإيمانُ الكاملُ بالمحبةِ المذكورة؟ معَ أنَّ لَهُ أركانًا أخَر، وأَجِيْبُ: بأنَّ ذكر المحبةِ مبالغةٌ؛ لأنَّهَا الركنُ الأعظمُ نحوَ: "الحجُّ عرفةٌ" (¬3) أو هي مستلزمةٌ لهَا، والمرادُ بالميلِ هنَا الاختيارُ دوَن الطبيعيِّ والقَسْرِيُّ، ومن الإيمان أيضًا أن يبغضَ لأخيهِ ما يبغضُ لنفسهِ، ولمْ يذكرْهُ في الحديث، إمَّا لأنَّ حبَّ الشيء مستلزمٌ لبغضِ نقيضِهِ؛ أوْ لأَنَّ الشخصَ لا يبغضُ شَيئًا لنفسِهِ غَالبًا. ¬

_ (¬1) النسائي 8/ 115 كتاب؛ علامة الإيمان وشرائعه، باب: علامة الإيمان. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 14. (¬3) الترمذي (889): الحج، باب: ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج، وابن ماجة (3015) كتاب: المناسك، باب: من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، والنسائي في "الكبرى" 2/ 424 (4011) كتاب: الحج، باب: فرض الوقوف بعرفة، وأحمد 4/ 309 - 310، وابن خزيمة 4/ 257 (2822) كتاب: المناسك، باب: ذكر الليل على أن الحاج إذا لم يدرك عرفه قبل طلوع الفجر من يوم النحر فهو فائت الحج غير مدركه. والحاكم في "المستدرك" 1/ 464 كتاب: المناسك، وقال الذهبي: صحيح والبيهقي في "الكبرى" 5/ 173 كتاب: الحج، باب: إدراك الحج بإدراك عرفة قبل طلوع الفجر من يوم النحر.

8 - باب: حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

8 - بَابٌ: حُبُّ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الإِيمَانِ. (باب: حبُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان) في ضبطَ (باب) ما مرَّ. وفي نسخةٍ: "حبُّ الرسولِ". 14 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ". [فتح: 1/ 58] (قال: حدثنا أبو الزناد) وفي نسخةٍ: "أخبرنا أبو الزناد" وهو بكسر الزاي، وبالنون: عبد الله بن ذكوان المدنيُّ القرشيُّ. (عن الأعرج) هو أبو داود، عبد الرحمن بن هرمز التابعيُّ القرشيُّ. (فوالذي) في نسخةٍ: "والذي". (نفسى بيده) أي: بقدرته، إذْ هوَ من المتشابهِ المفوضِ علمُه إلى الله، أو المؤوَّل بما يليقُ قولان: والأول: أسلم، والثاني: أحكم، كتأويل اليد بالقدرة (¬1) ويؤخذ من ¬

_ (¬1) قصر معنى اليد على القدرة والنعمة تأويل مذموم، وهو مذهب الأشاعرة والجهمية، والصواب فيه إثبات صفة اليد لله -عَزَّ وَجَلَّ- دون تشبيه أو تأويل أو تعطيل. وهذه الدعوى باطلة من وجوه: - أن الأصل الحقيقة فدعوى المجاز مخالفة للأصل، ثم إن ذلك خلاف الظاهر، فاتفق الأصل والظاهر على الباطن. - ليس هناك قرائن تدل على المجاز. - أن اطراد لفظ "اليد" في مواد الاستعمال وتنوع ذلك وتصريف استعماله يمنع المجاز. قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وقال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، وقال: {والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه}، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "وكلتا يديه يمين" وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يقبض الله سماواته بيده والأرض باليد الأخرى"، وقوله: "إن الله

الحديثِ: جواز القسم على الأمر المهم للتوكيد، وإن لم يكن ثَمَّ مستحلف، والمقسم عليه هنا قوله: (لا يؤمن أحدكم) أي: إيمانًا كاملًا. (حتى أكونَ أحبَّ إليه) أفعل التفضيل فيه منصوب خبر أكون، وهو بمعنى المفعول، ومع كثرته هو خلاف القياس، إذ القياس أن ¬

_ يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار" إلى آخر ذلك من عشرات النصوص الصريحة الصحيحة. وقد اقترن لفظ اليد في كثير من النصوص بالطي والقبض والإمساك باليد فيصير بذلك حقيقة لا مجاز. - وقد أنكر الله على اليهود نسبة يده إلى النقص والعيب، ولم ينكر عليهم إثبات اليد؛ {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}. ويد القدرة والنعمة لا يعرف استعمالها البتة إلا في حق من له يد حقيقة. وعندما نثبت صفاته -عَزَّ وَجَلَّ- من يد وسمع وبصر فإننا ننزهه سبحانه عن مشابهة المخلوق، فالخالق سبحانه له صفاته التي تليق وإن تشابهت المسميات. ومذهب السلف في هذا الأسلم والأعلم والأحكم، لا كما قال المصنف -رحمه الله- بأن المؤول أحكم. والتأويل هو الذي أفسد الدنيا والدين، وهكذا فعلت اليهود والنصارى في نصوص التوراة والإنجيل، وحذرنا الله أن نفعل مثلهم، وهل قتْل عثمان رضي الله عنه إلا بالتأويل الفاسد، وهل خرجت الخوارج، واعتزلت المعتزلة، ورفضت الروافض، وافترقت الأمة إلا بالتأويل الفاسد. وانظر بسط هذا الموضوع في "مختصر الصواعق المرسلة" للعلامة ابن القيم. وفي كلامنا هذا ما يغني عن إعادته في مواضع أخرى من هذا الشرح.

يكون بمعنى الفاعل، (من والدِهِ) شامل للأبِّ والأمِّ؛ لأن الوالدَ: من له ولد، أو مقصور على الأب، واكْتُفِيَ بذكرِه عن الأمِّ، كما في قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أي: والبردَ. (وولدِهِ) ذكرًا أو أنثى، ولم يذكر نفسه، بل اقتصر على الوالد والولد؛ لكونهما أعزَّ خلقِ الله على الإنسانِ غالبًا، وربما كانا أعزَّ على ذي اللبِّ من نفسه، وفهم من ذلك بالأَوْلَى أنه يجب أن يكون أحبَّ إليه من غيرهما من الخلق فذكرهما تنبيه وتمثيل، وقد جاء في الرواية الآتية: التعميم والمحبة ثلاثة أقسام: محبة إجلالٍ: كمحبة الولد للوالدين، ومحبة شفقةٍ: كالعكس، ومحبة استحسان: كمحبتنا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، بل المعاني الثلاثة موجودةٌ في محبتنا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والمراد بها: المحبة الإيمانية، وهي اتباع المحبوب، لا الطبيعية؛ لأنها لا تدخلُ تحت الاختيار، فلا نكلف بها، ومن ثمَّ لم يحكم بإيمان أبي طالب مع حبه للنبي - صلى الله عليه وسلم -. 15 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ". [مسلم: 44 - فتح 1/ 58] (حدثنا) في نسخةٍ: "أخبرنا". (يعقوب) كنيته: أبو يوسف. (إبراهيم) وهو: ابن كثير الدورقي. (ابن عُلَيَّة) بضم العين المهملة وفتح اللام وتشديد التحتية، نسبة إلى أمِّه، واسمه: إسماعيل بن إبراهيم بن سهل البصري الأسدي، أسد خزاعة. (صُهَيْبٌ) بالتصغير، هو البناني بضم الموحدة؛ نسبة إلى بُنانة بطن من قريشٍ. (عن أنس) في نسخةٍ: "عن أنس بن مالك". (عن النبيِّ) في نسخةٍ: "قال: قال النبيُّ" ولفظ متنِ هذا السندِ كما

9 - باب حلاوة الإيمان

رواه ابن خزيمةَ: "لا يؤمن أحدكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من أهله وماله" (¬1). فقوله: (من أهله وماله) بدل قوله في الحديث السابق والآتي: (من والده وولده) وإن أوهم العطف في قوله (ح وحدثنا آدم) استواء السندين في المتن الآتي. (قال: قال النبيُّ) في نسخة: "قال: قال رسولُ الله". (من والدِه وولدِهِ والناس أجمعين) فيه: عُطِفَ العامُّ على الخاصِّ، والظاهرُ: دخول النفس في الناسِ، وسيأتي التصريح بذكرها في حديث عبد الله بن هشام (¬2). 9 - باب حَلاوَةِ الإِيمَانِ. (باب: حلاوة الإيمان) مراده: أنها من ثمراته، وسقط من نسخة: (باب). 16 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إلا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ". [21، 6041، 6941 - مسلم: 43 - فتح: 1/ 60] (حدثنا محمد بن المُثَنَّى) بالمثلثة: ابن عبيد العَنَزِيُّ بفتح العين والنون وبالزاي؛ نسبة إلى عنزة بن أسد، حيٌّ من ربيعة. (عبد الوهاب) ¬

_ (¬1) ولم نقف عليه عند ابن خزيمة وهو عند مسلم (44) كتاب: الإيمان، باب: وجوب محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سيأتي برقم (6632) كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أي: ابن عبد المجيد بن الصلت. (الثقفيُّ) بالمثلثة، نسبة إلى ثقيف. (أيوب) أي: ابن أبي تميمة، واسمه: كيسان السَّختياني، بفتح المهملة؛ نسبة إلى بيع السَّختيان وهو: الجلد. (عن أبي قلابة) بكسر القاف، أي: عبد الله بن زيد بن عمرو، أو عامر. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (ثلاث) مبتدأ سوغ الابتداء به -مع أنه نكرة- التنوين (¬1)؛ لأنه للتعظيم، كما في: شرَّ أهرَّ ذا ناب (¬2)؛ أو لأنه عوض عن المضاف إليه أي: ثلاث خصالٍ، وخبره قوله: (من كن فيه وجد حلاوة الإيمان) أي: نال حسنه باستلذاذ الطاعات عند قوة النفس بالإيمان، وانشراح الصدر له. (أن يكون) بدل من ثلاث، أو خبر مبتدأ محذوف. (أحبَّ) لم يقل: أحبَّا؛ لأن أفعلَ التفضيل إذا استعمل بمن أُفرد دائمًا. (مما سواهما) عَبَّر بـ (ما) لا بـ (من) ليعمَّ العاقل وغيره (¬3)، والمراد بهذا الحب، كما قال العلامة البيضاويُّ: العقليُّ وهو إيثار ما يقتضي العقل رُجْحَانَه ويستدعي اختيارَه وإن كانَ خلافَ هواه، ألا ترى أن المريض يعافُ الدواءَ وينفر عنه طبعُه، ولكنَّه يميل إليه باختيارِه، ويهوى تناولَه ¬

_ (¬1) لا يبتدأ بالنكرة إلا إن حصلت فائدة، والأفضل في (ثلاث) أنه ابتدئ به مع أنه نكرة لأنه عوض عن المضاف إليه، وهو الوجه الثاني الذي ذكره المصنف. (¬2) هذا مثل يُضرب في ظهور أمارات الشر ومخايله. وأهرَّ: حمله على الهرير، وهو صوت دون النباح. وذو نابٍ: هو الكلب هنا. ومعناه: شيءٌ ما جعل الكلب يهرُّ، أي يصدر هذا الصوت الذي هو الهرير. (¬3) (ما) الموصولة تكون لما لا يعقل وحده، وتكون لما لا يعقل وما يعقل إذا اجتمعا، وأُريد بهما العموم ومنه قوله تعالى: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض}.

بمقتضى عقلِه؛ لما يعلمُ أن صلاحَه فيه، ولا يعارضُ تثنية الضمير هَنا قصةَ الخطيب، حيثُ قال: ومَنْ يَعْصِهِمَا فقد غوى، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "بئسَ الخطيبُ أنتَ" (¬1) فأمَرَهُ بالإفرادِ، لأنَّ المعتبر هنا المجموعُ المركبُ من المحبتين حتى لا تكفي إحداهما، وفي قصةِ الخطيبِ المعتبرُ كلٌّ منهما؛ إذ كل من العصيانين مستقلٌّ باستلزامِه الغوايةَ؛ ولأن القصد هنا ألا يجاوز، وثَمَّ الإيضاح ولهذا جاء في رواية أبي داود: "ومن يعصهما فلا يضر إلا نفسه" (¬2)؛ لكونه في غير الخطبة. (المرءَ) مفعول يحب. (لا يُحبُّهُ إلا لله) حال من الفاعل، أو المفعول، أو منهما. (يعود في الكفر) أي: إليه، يجعل في بمعنى إلى أو بتضمين يعود معنى مستقر (¬3). وذكر الحلاوة مع أنها من صفات الطعم على التشبيه، ووجه الشبه: الاستلذاذ، وميل القلب إليه، ففي إضافتها إلى الإيمان استعارة بالكناية، حيث شبه الإيمان بما له حلاوة، كالعسل فذكر المشبه وأضاف إليه ما هو من خواصِّ المشبه به، وفي الحديث: إشارة إلى التحلي بأنواع الفضائل من التعظيم لأمر الله، بكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، ثم الشفقة عى خلق الله بإخلاص محبته، ثم التخلِّي عن الرذائل بكراهة الكفر وهذا لازم للأوَّلِ، وإن اختلفا مفهومًا. ¬

_ (¬1) مسلم (870) كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة. (¬2) أبو داود (1097) كتاب: الصلاة، باب: الرجل يخطب على قوس، و (2119) كتاب: النكاح، باب: في خطبة النكاح. (¬3) الأحسن أن يقول: معنى يستقر؛ لأن الفعل يضمَّن معنى الفعل.

10 - باب علامة الإيمان حب الأنصار

10 - باب عَلامَةُ الإيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ. 17 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ" [3784 - مسلم: 74 - فتح: 1/ 62] (باب: علامةُ الإيمانِ حُبُّ الأنصارِ) في ضبط باب: ما مرَّ. (حدثنا أبو الوليد) هو: هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ؛ نسبة إلى بيع الطيالسة. (ابن جبر) بفتح الجيم وإسكان الموحدة. (أنسًا) في نسخة: "أنس بن مالك" - رضي الله عنه -. (آية الإيمان) أي: علامته. (حب الأنصار) جمع نصير، كشريف وأشراف، أو جمع ناصر كصاحب وأصحاب، واللام للعهد أي: أنصار النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين ابتدوا بالبيعة على إعلاء توحيد الله وشريعته، وهم الأوس والخزرج، واستشكل جمع نصير، أو ناصر على أنصار بأنه جمع قلة بوزن أفعال، وهو لا يكون لما فوق العشرة مع أنهم أكثر منها بكثير، وأجيب: بأن القلة والكثرة، إنما يعتبران في نكرات المجموع دون معارفها. (وآية النفاق) هو: إظهار الإيمان، وإبطان الكفر. (بغض الأنصار) صرَّح بذلك تأكيدًا؛ لاقتضاءِ المقاِم ذلك، وقابل الإيمان بالنفاقِ لا بالكفرِ، الذي هو ضدُّه؛ لأَن الكلامَ في الذين ظاهرُهم الإيمانَ وباطنهم الكفَر، فميَّزهم عن ذويِ الإيمانِ الحقيقيِّ، ولا يقتضي الحديثُ أنَّ مَن لَمْ يُحِبَّهُمْ لا يكونَ مؤمنًا؛ لأنَّه لا يلزمُ من عدم العلامَة عدم ما هيَ لهم، نعم: يُقْتضى إنَّ من أبغَضَهُم يكَونُ منافقًا، وإنْ صَدَّق بقلبه؛ لأنَّ مَن أَبْغضهم لكْونهم أنصارَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يكونُ منافقًا.

11 - باب

11 - باب (بابٌ) بالتنوين، والسكون، وهو ساقطٌ من نسخة. 18 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: "بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ" فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ. [3892، 3893، 3999، 4894، 6784، 6801، 6873، 7055، 7199، 7213، 7468 - مسلم: 1709 - فتح 1/ 64] (عائذ الله) بذالٍ معجمةٍ أي: عائذٌ بالله وهو صحابي (ابن عبد الله) أي: إبراهيمُ الخولاني (عُبَادة) بضم العين. (ابن الصَّامت) أي: ابن قيسٍ الأنصاري الخزرجي، شَهِد بدرًا، خُصت بالذكِر لفضلِها على غيرِها، وإلا فقد شهد غيَرها أيضًا: وهي اسمُ موضعِ بئرٍ حفرها رجلٌ مِن بني النجارِ، اسمه: بدرُ (النقباءِ) جمعُ نقيبٍ، وهو الناظرُ على القوم وعريفُهم، وكانوا اثْنَيْ عشر رجلًا، والمرادُ: نقباءُ الأنْصَارِ الذين تقدموا لبيعةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ العقبة بمنى، والواو في (وكان) وفي (وهو) هي: الداخلةُ على الجملة الموصوف بها لتأكيدِ لصوقِ الصفةِ بالموصوفِ (¬1)، وإفادةِ أنَّ اتصافَه بها أمرٌ ثابت، ولا ريبَ أنَّ شهودَ ¬

_ (¬1) هذه الواو تسمى واو اللُّصوق. ولم يقل بها من النحاة إلا الزمخشري. وردَّها كثير من النحاة. وظاهر كلام المصنف موافقة الزمخشريّ.

عبادةَ بدرًا، وكونِه مِن النقباءِ صفتانِ من صفاتِه، وممن صرَّح بهذا المعنى الزمخشريُ في سورِة الحجر في قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)} (¬1) [الحجر: 4] (وكان شهد ... إلخ) اعتراض بين أَنّ وخبرها المقدَّرِ وهو أخبر، وقائلُ ذلك يُحتمَل أنْ يكونَ البخُاري، وأنْ يكونَ غيَره من الرواة. (وحوله) بالنصب بالظرفية، ومحلُّه: رُفِعَ خبرًا لما بَعْدَه، ويقالُ فيه أيضًا: حَوْلَيْه وحَوَالَيْه، بفتحِ اللَّام، أي: يحيطونَ بِه. (عِصابة) بكسر العين: ما بين العشرة والأربعين، لا واحدَ لها من لفظهِا، جمعُها: عصائب، ومادتُها: العصب، وهو: الشدُّ؛ لأنَّهم يشدُّ بعضُهم بعضًا، أو العصبُ بمعنى: الإحاطةِ، يقالُ: عصبة، إذا أحاط به، وأشار الراويُّ بذكر ذلك إلى المبالغة في ضبطِ الحديثِ، وأنَّه عن تحقيق وإتقانِ، ولذا ذَكر أنَّ الرَّاوي شهِد بدرًا، وأنَّه أحدُ النقباءِ. (بايعوني) المبايعة: المعاقدةُ والمعاهدةُ، شُبِّهت بعقودِ المالِ؛ لأنَّ كلًّا مِن المتعاقدينِ يُعطي ما عِنْده ما عِند الآخرِ، فمن عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الثواب والخيرُ الكثير، ومن عندهم التزامُ الطاعة، وقد تُعرفُ بأنَّها عقدُ الامامِ العهدَ بما يأمرُ الناسَ به. (على ألا تشركوا) أي: على التوحيد وقدَّمه؛ لأنَّه أصلُ الإيمانِ، وأساسُ الإسلام. (شيئًا) عمم به منع الإشراكِ؛ لأنَّه نكرةٌ في سياقِ النهي، والنهيُ كالنفي. (ولا تقتلوا أولادكم) خصَّهُم بالذكرِ نظرًا للغالب مِن أنَّهم كانوا يَقْتُلون أولادَهُم خشيةَ الإملاقِ؛ ولأن قتلهم فيه قطيعةُ رحمٍ، ¬

_ (¬1) انظر: "الكشاف" 2/ 552.

والحاصلُ: أنَّ لفظَ الأولادِ لا مفهومَ لهُ؛ لكونه جرى مُجرى الغالبِ، ولكونِه لَقبًا. (ولا تأتون) في نسخةِ: "ولا تأتُوا" (ببهتان) البهتانُ: هو الكذب الذي يُبهِتُ سامعَهُ أي: يدهشُه لفظاعتِه. (تفترونه) أي: تختلقونه. (بين أيديكم، وأرجلِكم) ذُكرتْ مَعَ أنَّها لا مدخَل لها في البهتِ؛ لأنَّ الجناياتِ تضافُ إليها غالبًا، ولأنه يُكنى بها عن الذاتِ، والمعنى: لا تأتوا ببهتانِ مِن قبل أنفسكم؛ ولأنَّ البهتانَ ناشئٌ عن القلب الذي هو بين الأيدي، والأرْجلِ، ثمَّ يبرزُهُ بلسانهِ (في معروفِ) هو ما يُحسن، وهو ما لم يَنْهَ الشارعُ عنه ويقالُ: هُوَ ما عُرِفَ مِن الشارع حسنه نهيًا وأمْرًا، وقُيِّدَ بالمعروفِ تطيبًا لقلوبهمِ، وإلَّا فهو - صلى الله عليه وسلم - لا يأمرُ إلا به، وفيه: التنبيهُ على أنَّه لا يجوزُ طاعةُ مخلوقٍ في معصيةِ، وخص ما ذكر مِن المناهي بالذكرِ بالاهتمام به (فمن وَفى) بالتخفيف، وفي نسخةٍ: "وَفَّى" بالتشديد، ويقالُ فيه أيضًا: أَوفَى، والمعنى: فمَن ثبت منكم على ما بايع عليه. (فأجره على الله) فضلًا وَوَعْدًا بالجنةِ لا وجوبًا، فتعبيرهُ بعلى وبالأجر؛ للمبالغة في تحقق وتوهمِ (من ذلك شيئًا) أي: غير الشرك، و (مِن) للتبعيض (فعوقب) أي: لسبب ما أصاب، والحكمةُ في عطفِ جملةِ (عُوقِبَ في الدنيا) بالفاءَ وجملة (ستره الله) بثمَّ: التنفيرُ عن مواقعة المعصيةِ، فإنَّ السامع إذا عَلِم أن العقوبةَ مفاجئة لإصابةِ السيئةِ وأنَّ الستَر متراخِ، بعثَهُ ذلك على اجتنابِ المعصيةِ وتوقِّيها (¬1). ¬

_ (¬1) ذلك أن (ثم) تفيد الترتيب والتراخي، والفاء تفيد الترتيب والتعقيب.

12 - باب من الدين الفرار من الفتن

(فهو كفَّارةُ له) استُشكل بأنَّ قتل المرتدِّ على ارتدادِه لا يكون كفارةً، وأجيب: بأن الحديث مخصوصٌ بقولهِ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 116]، وحاصل ما ذهبَ إليه أكثرُ الفقهاءِ: أنَّ الحدودَ في غير الشركِ كفارات، وقال قومٌ بالوقفِ لخبر الحاكم: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - "قال: لا أدري الحدودُ كفارةٌ لأهلِها، أمْ لَا" (¬1) وأُجيبُ: بأن خبر الباب أصحُّ إسنادًا، وبأن خبر الحاكم ورد قبل أَنْ يُعلمَ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ثم أعلَمهُ الله أخيرًا به. (فهو إلى الله) أي: مفوَّضٌ إليه. (إن شاء عفا عنه) بفضلهِ، (وإنْ شاء عاقبه) بعدلهِ، ثم أدخلَهُ الجنَّةَ، وفي ذلك ردٌّ على المعتزلةِ في قولهم: إنَّ صاحبَ الكبيرة إذا ماتَ بغيرِ توبةٍ لا يعُفى عنه، وأنه إذا تاب يجب أنْ يُعفا عنه. 12 - باب مِنَ الدِّينِ الفِرَارُ مِنَ الفِتَنِ. (باب) بالتنوينُ، والسكونُ، والإضافةُ، إِلى جملةِ (منَ الدينِ الفرارُ منَ الفتنِ) لمْ يقلْ منَ الإيمان مِراعاةً للفظِ الحديثِ، والمرادُ: أنَّ الفرار شعبةٌ منْ شعب الإيمان المعبَّرِ عنهُ بالدينِ إذْ الفرارُ ليسَ بدينٍ. 19 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ" [3300، 3600، 6495، 7088 - فتح 1/ 69] (حدثنا عبدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ) بفتح الميمِ واللامِ، ابن قعنب الحارثيُّ. (أبي صَعْصَعَةَ) اسمهُ: عمروُ بنُ زيدٍ بن عوفٍ بنِ مبذولٍ بن ¬

_ (¬1) "المستدرك على الصحيحين" 2/ 450 كتاب: التفسير، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي.

عمروٍ الأنصاريُّ. (عن أبي سعيد) اسمه: سعدُ بنُ مالكِ بنِ سنان الخزرجيُّ. (الخُدْريُّ) بضمِّ المعجمةِ وسكونِ المهملةِ، نسبةً إلى خُدْرةَ جدِّه الأعلى، أو بطن مِنَ الأنصار. (يوشك) (¬1) بضمِّ الياءِ، وكسرِ المعجمةِ، وحُكِيَ فتحُها في لغةٍ، أي: يقربُ. (خير مال المسلم غنمًا) برفع خير اسم يكون، ونصب غنمًا خبرًا لها، وفي نسخةٍ: بالعكسِ (¬2)، وجوَّزَ ابن مالكٍ رفعَهما على الابتداء، والخبر، بجعل اسم يكون ضميرَ الشأنِ (¬3). (يتبع) بتشديد الفوقية منِ اتَّبَعَ، ويجوزُ تخفيفُها مسكنةً من تَبع بكسرِ الموحدةِ. (شَعَفَ الجبالِ) بمعجمةٍ فمهملةٍ مفتوحتين جمع شعفة بالفتح، أي: رؤسها. (ومواقع القطر) أي: مواضعَ المطرِ، والمرادُ: بطونُ الأوديةِ والصحاري، وخصَّ المواضعَ المذكورة؛ لما فيهَا من الخلوةِ والسلامةِ من الكدرِ، وخصَّ الغنم؛ لما فيها السكينةِ والبركة، وقد رعاها الأنبياءُ. (يفرُّ بدينهِ) أي: يهربُ بسببه ومعهُ، وجملةُ: (يفرُّ) حالٌ منْ فاعل (يتبع)، أو مَن المسلمِ، في قولهِ: (مالُ المسلم) وجازَ من المضافِ إليه (¬4)؛ لأنَّ المالَ لشدةِ ملابستِهِ لصاحبهِ، كأنه هو؛ أو جزء منه. (من ¬

_ (¬1) وهو فعل من أفعال المقاربة التي تعمل عمل (كان) إلا أن خبرها يجب أن يكون جملةً وأفعال المقاربة هي: كادَ، أَوْشَكَ، كَرَبَ. (¬2) الذي هنا نصب (خير) ورفع (غنم)، والذي في النسخة الأخرى هو العكس، وهو الذي وجَّهه المصنف. (¬3) انظر: "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح" ص 203. (¬4) مجيء الحال من المضاف إليه اختلف فيه النحاة على قولين: أحدهما: أنه جائز مطلقًا. وهو مذهب سيبويه والفارسي. الثاني: أنه جائز بثلاثة شروط:

13 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنا أعلمكم بالله"

الفتن) أي: منْ أجلها، لا منْ أجلِ غرضِ دنيويٍّ فالعزلةُ عنَد الفتنةِ ممدوحةٌ، إلا لقادرِ على إزالتها، فتجب الخلطةُ عينًا، أو كفايةً بحسب الإِمكان، واختُلِفَ فيها عند عدمها، فمذهبُ الشافعي: تفضيلُ الخلطةِ؛ لتعلمهِ وتعليمهِ وعبادتهِ وأدبهِ وغير ذلك، فاختار آخرون العزلةَ للسلامةِ المحققةِ فبالخلطة والعزلةِ كمالُ المرءِ، نعم تجب العزلةُ على فقيهٍ لا يسلم دينُه بالخلطةِ، وتجبُ الخلطة على منْ عرفَ الحق فاتَّبَعَهُ والباطلَ فاجتنبهُ، وعلى من جهلَ الحقَّ ليتعَلمهُ. 13 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ". وَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِعْلُ الْقَلْبِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]. باب: ساقطٌ من نسخةِ. (قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) بالجرِّ على ثبوت باب مضافًا، أو بالرفعِ على سقوطهِ، أو ثبوتهِ ساكنًا، خبر مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هذا (قولُ النبيِّ) أي: ذكر قوله. (أنا أعلمكم بالله) مقول القول، وفي نسخةِ: بدل (أعلمُكمُ) "أعرفكُم"، والفرقُ بينهما عند كثيرٍ أن العلم: هو الإدراكُ الكليُّ، والمعرفةَ: هي الإدراكُ الجزئيُّ. (وأَنَّ المعرفةَ) بفتح الهمزةِ، عُطِفَ على قولِ النبيِّ. (فعل القلب) فيهِ: أنَّ ¬

_ أحدها: أن يكون المضاف بعضًا من المضاف إليه نحو: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا}. الثالث: أن يكون المضاف عاملًا في الحال، أي إذا كان المضاف فيه معنى الفعل كاسم الفاعل والمصدر ونحوهما: نحو: {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا}. وظاهر كلام المصنف أنه مع الجمهور.

محلَّ العلمِ الحادثِ القلبُ، وهو ما دلَّ عليه السمع، وإنْ جازَ عندَ أهلِ السنَّةِ أن يخلقَه الله تعالى في أيِّ جوهرٍ أراد. ({كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}) [البقرة: 225] أي: عزمتْ عليه، ففيه: المؤاخذة بما يستقرُّ مِنْ فِعلِ القلبِ، بخلافِ ما لا يستقرُّ، وعليهِ حملَ خبر "إن الله تجاوزَ عنْ أمتي ما حدَّثتْ به أنفسُها ما لم تتكلَّمْ بهِ أو تعملْ". 20 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَهُمْ، أَمَرَهُمْ مِنَ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ، قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: "إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا". [فتح: 1/ 70] (حدثنا محمد بن سَلام) بالتخفبفِ أكثرُ منَ التشديدِ، ابن الفرجِ السلميُّ. (قال: أخبرنَا) في نسخةِ: "حدثنا". (عبدة) بسكونِ الباءِ، هو لقبه، واسمهُ: عبدُ الرحمنِ بنُ سليمانَ الكوفيُّ. (بما) في نسخةِ: "ما" (يطيقون) أي: الدوامَ عليهِ. (كهيئتك) أي: كحالتِكَ، وليسَ المرادُ نفيَ تشبيهِ ذواتِهِم - صلى الله عليه وسلم - فلَا بدَّ من تأويل في أحدِ الطرفينِ أي: ليست ذواتنا كهيئتِكَ، أو لسنا كمثلِكَ، أَي: كذاتِكَ، وزيدَ لفظُ الهيئةِ للتأكيدِ، نحوَ: مثلُكَ لا يبخل. ومرادهُمْ بهذا الكلامِ: طلبُ الإذنِ في الزيادة من العبادةِ، والرغبةُ في الخيرِ، كأنهم يقولونَ: أنتَ مغفورٌ لكَ لا تحتاجُ إلى عملٍ، ومعَ ذلكَ أنتَ مواظبٌ على الأعمالِ، فكيفَ بنا وذنوبُنا كثيرةٌ، فردَّ عليهم وقالَ: أنا أولى بالعملِ لأنِّي أعلمُكُمْ وأخشاكُم لله، كما ذكرَهُ بعدُ (قد غفرَ لكَ ما تقدَّمَ من ذنبكَ وما تأخرَ) قيلَ: معنى الغفرانِ له مع أنَّهُ معصومٌ غفرانُ الذنبِ الذي قبلَ النبوة، أو تركُ الأولى، أو نُسِبَ إليهِ

ذنبُ قومهِ، قالَ العلامةُ البرماويُّ (¬1): وكلها ضعيفة، والصواب: أن معنى الغفرانِ للأنبياءِ: الإحالةُ بينهم وبين الذنوبِ، فلا يصدرُ منهم ذنبٌ؛ لأن الغفرَ: السترُ، فالسترُ: إمَّا بيَن العبدِ والذنبِ، أو بينَ الذنبِ وعقوبتِه، فاللائقُ بالأنبياء الأوَّلُ، وبالأممِ الثاني. (فيغضبُ حتى يُعرفَ) بلفظِ المضارع فِيهما، حكاية عنِ الحالِ الواقعةِ واستحضار تلكَ الصورةِ الواقعةِ للحاضرينَ، وفي نسخةٍ: "فغضبَ حتى عُرِفَ"، بلفظِ الماضي فيهما، و (يعرف)؛ على الأوَّلِ منصوبٌ بأن مضمرةٍ بعد حتى، ويجوز رفعُهُ (¬2) عطفًا على يغضب، ومعنى الغضبِ: السخطُ. (ثم يقولُ) يجوز رفعهُ ونصبُهُ أيضًا، إن عُطِفَ على يعرف، فإن عُطِفَ على يغضب تعيَّنَ رفعُهُ (¬3). (إنَّ أتقاكم وأعلمكم بالله أنا) وأشارَ بالأوَّلِ: إلى كمالِهِ - صلى الله عليه وسلم - في القوةِ العمليةِ، وبالثاني: إلى كمالِهِ - صلى الله عليه وسلم - في القوةِ العلميةِ، والتقوى ثلاثُ مراتبَ: وقاية النفس عن الكفر وهو للعامةِ، وعن المعاصي: وهو للخاصةِ، وعمَّا سوى الله: وهو لخواصِّ الخاصةِ، والعلمُ بالله إما بصفاتهِ: وهو المسمَّى بأصولِ الدِّينِ، أو بأحكامهِ: وهو فروعُ الدينِ، أو بكلامهِ: وهو علم القرآنِ وما يتعلقُ بهِ، أو بأفعالِهِ: وهو العلم بحقائقِ أشياءِ العالمِ، ولمَّا جمع - صلى الله عليه وسلم - أنواع التقوى، وأقسامَ ¬

_ (¬1) سبقت ترجمته، انظر الحديث الأول. (¬2) على إهمال (حتى) ورفع الفعل بعدها. ومما جاء على ذَلِكَ قراءة {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} بالرفع. وفيه أيضًا قول الشاعر: أحبُّ لحُبِّها السُّودانَ حَتَّى ... أُحِبُّ لحُبِّها سُودَ الكِلَابِ (¬3) لأن (يغضب) لا يجوز فيه إلا الرفع بخلاف (يُعرف) فيجوز فيه النصب والرفع.

14 - باب: من كره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار من الإيمان

العلومِ، كان أتقى وأعلمَ على الإطلاقِ، والحديث دليلٌ على الشقِّ الأَولِ من الترجمةِ، والآية دليل على الشقّ الثاني منها، مع أنها لو لم تدلّ، فكثيرًا ما يذكر البخاريُّ ترجمةً، ولم يذكر حديثًا، أو يذكرُ حديثًا لا يطابقها؛ لما قيلَ: إنه ذكر تراجم ليذكر فيها أحاديثَ، فكانَ يذكرُ شيئًا فشيئًا، فماتَ قبلَ أنْ يذكرَ الكلَّ، أو أنَّهُ قصدَ بذلكَ بيان أنهُ لم يثبتْ عنَده حديثٌ يدلُّ عليهِ بشرطهِ. قالَ النوويُّ (¬1): وفي الحديثِ: أنَّ الأَوْلى في العبادةِ القصدُ وملازمةُ ما يمكنُ الدوامُ عليه، وأن الصالحَ لا ينبغي له أن يتركَ الاجتهاد؛ اعتمادًا على صلاحهِ، وأنَّهُ يذكرُ فضلَهُ إذا دعتِ الحاجةُ إلى ذكرِه، لكن ينبغي أن يحرصَ على كتمانها؛ خوفًا من إشاعتها وزوالها، وجوازُ الغضبِ عند ردِّ أمرِ الشارعِ، وأنَّ الصحابةَ كانوا على غايةٍ من الرغبةِ في طاعةِ الله تعالى، والازديادِ من أنواعِ الخير. 14 - بَابٌ: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ. (باب) ساقطٌ من نسخةٍ، (من كرِهَ أن يعودَ في الكفرِ كما يكره أن يلقى في النار) بالجرِّ: على ثبوت باب مضافًا، وبالرفعِ: على سقوطهِ، أو ثبوتهِ ساكنًا، خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: "من الإيمان" كما في نسخةٍ. 21 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لَا يُحِبُّهُ إلا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ يَكْرَهُ ¬

_ (¬1) "مسلم بشرح النووي" 6/ 23.

15 - باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال

أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ، بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ". [انظر: 16 - مسلم: 43 - فتح: 1/ 72] (حدثنا سليمان بن حرب) بفتحِ المهملةِ وسكونِ الراءِ وبموحدةٍ، ابن بجيلٍ: بفتحِ الموحدةِ وكسرِ الجيمِ، الأزديُّ. (عن أنسٍ) في نسخة: "عن أنسِ بنِ مالكٍ". (ثلاث) أي: ثلاثُ خصالٍ. (من كان) إلى آخرهِ، بدلٌ من ثلاث، أو خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، لَا بُدَّ في الجملِ الثلاثِ من تقدير محذوفٍ، أي: محبةُ من كان ومحبةُ من أحبَّ وكراهةُ من كره، وقد مرَّ الحديثُ آنفًا، وإنِ اختلف بعضُ الفاظِه فيهما، لكن رواةَ السابقِ عن أنسٍ غيرُ رواةِ هذا عنه. 15 - باب تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ. (باب) ساقطٌ من نسخةٍ. (تفاضلُ أهلِ الإيمانِ في الأعمالِ) في إعرابهِ ما مرَّ في سابقيهِ. 22 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ"، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: "أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَا، أَو الحَيَاةِ -شَكَّ مَالِكٌ- فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَويَةً" قَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو: الحَيَاةِ، وَقَالَ: خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ". [4581، 4919، 6560، 6574، 7438، 7439 - مسلم: 183 و 184 - فتح: 1/ 72] (حدثنا إسماعيل) هو: ابن أبي أويس بنُ عبد الله الأصبحيُّ المدنيُّ. (عن عمرو بن يحيى) أي: ابن عمارة. (يدخل أهلُ الجنةِ الجنةَ) أي: فيها. (يقول الله تعالى) في نسخةٍ:

"يقولُ الله -عَزَّ وَجَلَّ-" أي: لملائكتهِ. (اخرجوا) بقطع الهمزة (¬1)، وفي نسخةٍ: "أخرجوا من النار". (مثقالُ حبَّةٍ) أي: مقدارها، زائدًا على أصلِ التوحيد، والحبَّةُ: بفتح الحاء واحدةُ الحبِّ من الحنطةِ ونحوها، ويجمعُ أيضًا على حبَّات وحبوب وحباب. (من خَرْدَلٍ) صفة لحبة: وهو نباتٌ معروفٌ، يشبَّهُ بهِ الشيءُ القليلُ البالغُ في القِلَّةِ، والمرادُ: القدرُ الذي لا يكونُ مؤمنًا بأقلِّ منهُ. (من إيمانٍ) صفةٌ لمثقالٍ، وتنوينهُ: للتقليل باعتبار الزيادة على ما يكفي، لا لأن الإيمانَ ببعضِ ما يجبُ الإيمانُ به كافٍ؛ وفي نسخةٍ: "من الإيمان" بالتعريفِ، والمرادُ من قولهِ منُ خَرْدَلٍ: التمثيلُ، فيكونُ عيارًا في المعرفة، لا في الوزنِ حقيقةً؛ لأن الإيمانَ ليس بجسمٍ، بل عرض، فلا يوزن، أو الحقيقة فيوزن الإيمانُ كما صرَّحَ به في خبرِ "وكانَ في قلبهِ من الخير ما يزنُ برة" (¬2)، بناءً على أن الأعراض تجسم فتوزن. (قد اسْوَدُّوا) أي: صاروا سودًا من تأثيرِ النار. (فيلقون) بالبناءِ للمفعولِ. (الحيا) بالقصر: المطر. (أو الحياة) هو: النهر الذي من غمس فيه، حي (شكَّ مالكٌ) أي: في أيهما الرواية، وفي نسخةٍ: "يشكُّ"، وجملةُ شكَّ: اعتراض. (الحِبَّةُ) بكسر الحاءِ: بذر العشب، برفعٍ على حبَّ، كقِرْبةٍ وقرب. (في جانب السيلِ) قيلَ: إذا ألقوا فيهِ هَذه الحبة، وجرى عليها السيلُ، نبتْت في يومٍ وليلةٍ، بخلاف سائر الحبوب (صفراء) ذُكِرَ هذا اللونُ؛ لأنهُ يسرُّ ¬

_ (¬1) لأنه من الفعل الرباعي (أخرجَ) لا من الثلاثي (خرج). (¬2) سيأتي برقم (44) كتاب: الإيمان، باب: زيادة الإيمان ونقصانه. وعند مسلم برقم (193) كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها.

الناظرينَ؛ ولهذا كان سيِّدَ رياحين الجنةِ الحنَّاءُ، وهو أصفرُ. (ملتويةً) أي: منعطفةً؛ لأن ذلكَ أيضًا يزيد الريحانَ حسنًا، باهتزازه وتميلهِ، فمن في قلبهِ مثقالُ حبةِ من إيمانٍ يخرج نضرًا حسنًا منتشطًا، كخروجِ هذه الريحانةِ من جانبِ السيلِ، فوجهُ التشبيه: متعدد؛ لأنَّ التشبيهَ، وقعَ من حيثُ الإسراع وضعفِ النباتِ والطراوةِ والحسن، و (صفراءُ ملتويةٌ) حالان متداخلتان، أو مترادفتان. (قال وُهَيْبٌ) أي: ابن خالد عجلان الباهليُّ. (حدثنا عمرو) وهو: ابن يحيى المازنيُّ السابق. (الحياةِ) بالجرِّ: على الحكاية، أي: لم يشك، كما شكَّ مالكٌ. (وقال) أي: وهيب، بدل من إيمان. (من خير) وهذا التعليقُ وصلهُ البخاريُّ في الرقاق، فرواه عن موسى بن إسماعيل (¬1)، عن وهيب، عن عمرو، إلى آخر سنده هنا، وفي الحديث: الردُّ على المرجئةِ، في قولهم: لا يضر مع الإيمانِ معصية، وعلى المعتزلة، في قولهم: بتخليدِ أهلِ الكبائرِ في النارِ. 23 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ". قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الدِّينَ". [3691، 7008، 7009 - مسلم: 2390 - فتح 1/ 73] (حدثنا محمد بن عبيد الله) أي: ابن محمدِ بن زيدٍ القرشيُّ الأمويُّ. (إبراهيمُ بنُ سعدٍ) أي: ابن إبراهيمَ بن عبدِ الرحمنِ. (عن ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6560) كتاب: الرقاق، باب: صفة الجنة والنار.

صالح) هو: ابن محمد بن كيسان الغفاريُّ. (عن ابن شهاب) هو: الزهريُّ. (عن أبي أمامة) هو: بضمِّ الهمزةِ، أسعد بن سهلٍ، وزادَ في نسخةٍ: "ابن حنيف". (رأيت) من الرؤيا الحلميةِ، ويحتملُ أنه من الرؤيةِ البصرية، أو العملية، فعلى الثاني: يكون (يعرضون عليَّ) أي: يظهرون لي حالًا، وعلى الآخرين: يكون مفعولًا ثانيًا. (قُمُصٌ) بضم القاف مع ضمِّ الميم وسكونها. (الثُّدِيَّ) بضم المثلثة وكسرها، مع كسر الدَّالِ فيهما، وتشديد الياء، جمع ثدي بفتح المثلثة وسكون الدالِ. (ما دون ذلك) أي: لم يبلغ إلى الثدي لقصره، (فما أولت ذلك) التأويل لغة: تفسير الشيءِ بما يأول إليه، والمراد هنا تعبير الرؤيا، وأما التأويل في اصطلاح الأصوليين: فهو حمل الظاهر على المحتمل المرجوح لدليلٍ يصيرُ به راجحًا. (الدِّينَ) بالنصب، مفعولٌ ثانٍ لـ (أولت) مقدرًا (¬1)، ويجوز رفعه مشاكلةً للمبتدأ، ووجه تأويلِ القميص بالدينِ: أن القميص يسترُ العورةَ، والدينُ يستر من النَّارِ ومن كل مكروه، ولا يلزم من ذلك أفضلية عمر على أبي بكرٍ؛ لأنه لم يحصره في عمرٍ، ولو حصره فأحاديث أفضلية أبي بكر متواترة تواترًا معنويًّا، فلا يعارضها آحادٌ، وأيضًا فالإجماع على أفضلية أبي بكر، وهو قطعيٌّ فلا يعارضه ظنِّيٌّ. وفي الحديث -كما قال النوويُّ- فوائد: أن العمل من الإيمان، وأن الإيمان والدين بمعنى، وتفاضل أهل الإيمان وعظم فضل عمر، وتعبير الرؤيا وسؤال العالم بها عنها، وثناء العالم على بعض أصحابه؛ حيث لا يخشى فتنة بإعجاب أو نحوه، بل ليعلم بمنزلته ¬

_ (¬1) والتقدير: أَوَّلْتُهُ الدينَ.

16 - باب الحياء من الإيمان

فيعاملُ بمقتضاها ويقتضي به، ويتخلق بأخلاقه (¬1). 16 - باب الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ. (باب: الحياء من الإيمان) بإضافة باب، وتنوينه، وسكونه. 24 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُ فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ". [6118 - مسلم: 36 - فتح: 1/ 74] (أخبرنا) في نسخةِ: "حدثنا". (مالك) في نسخةٍ: "مالك بن أنس". (عن سالم بن عبد الله) إلى ابن عمر بن الخطاب. (يعظ أخاه) أي: في الدين، أو النسب، والوعظ: التذكير بالعواقب، والنصح، وقيل: التخويف والإنذار، وقيل: التذكير بالخير فيما يرقُّ به القلب. (في الحياءِ) أي: في شأنه، ومعناه أنَّه ينهاه عنه، ويخوفه منه. (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: للرجل زجرًا له. (دعه) أي: اتركه على حيائه، وهو أمرٌ قلَّ استعمالُ ماضيه (¬2)، وعن القليل قراءة (ما وَدَعَكَ) بالتخفيف، وقول الشاعر: ليت شعري عن خليليَّ ما الذي ... عاله في الوعدِ حتى وَدَعَه (فإنَّ الحياءَ من الإيمان) إذ به يكف عن المناهي، وتقدم مع ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 1/ 144. (¬2) اختلف النحاة في (ح) بمعنى اترك، له يتصرف فيأت منه الماضي والمصدر واسم الفاعل واسم المفعول؟ قال الجوهري: أُميت ماضيه. وقال غيره: ربما جاء في الضرورة، وهو المشهور، وقال آخرون: هو قليل في الاستعمال. وهو ظاهر كلام المصنف هنا.

17 - باب: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} [التوبة: 5]

تعريف الحياء أنه من الإيمان بلفظ، "والحياءُ شعبة من الإيمان"، لكن ذكر ثم بالتبعية، وهنا بالقصد. 17 - بَابٌ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]. (بَابٌ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}) في بابٍ: ما مرَّ قبله. 25 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ المُسْنَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلا بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ". [مسلم: 22 - فتح: 1/ 75] (عبد الله بن محمد) زاد في نسخةٍ: "المسندي"، بفتح النون وتقدم. (أبو رَوْحٍ) بفتح الراءِ وسكون الواو. (الحَرَمِيُّ) اسم أبي روح، لا نسبة إلى الحَرم، كما تُوهم. (واقد بن محمد) بالقاف، وفي نسخةٍ: "يعني ابن زيد بن عبد الله بن عمر". (أمرتُ) بالبناء للمفعول. (أن) أي: بأن (¬1). (أقاتل الناس) أي: المشركين لخبر النسائي "أمرت أن أقاتل المشركين" (¬2) والمراد بهم: من لا أمان له، فالحديث من العام المخصوص. ¬

_ (¬1) فحذفت الباء، وحذفها مع (أنْ) و (أن) كثير. (¬2) انظر: "سنن النسائي" (3966) أول كتاب: تحريم الدم، وقال الألباني في صحيح النسائي: صحيح.

18 - باب من قال: إن الإيمان هو العمل

(وأن محمدًا رسول الله) التصديق به يتضمن التصديق بكلِّ ما جاء به، حتى لو كذَّبه في شيء منه كفر وقوتل. (وتقيموا الصلاة) إقامتها: تعديلُ أركانها وإدامتها، (ويؤتوا الزكاة) لا تختص المقاتلة بترك الصلاة والزكاة، بل سائر الواجبات كذلك، فالاقتصار عليهما تعظيمًا لشأنهما؛ أو لأن العبادة إمَّا بدنية، أو مالية، فأشار إلى الأوَّلِ بالصلاة، وإلى الثاني بالزكاة، ولا ينافي ذلك كونَ العبادةِ قد تكون مركبةً من البدنيةِ والمالية، كالحج؛ لأن القضية مانعة خلو. (فإذا فعلوا ذلك) المراد بالفعل: ما يشملُ القول. (عصموا) أي: حفظوا، أي: حقنوا. (دماءهم) جمع دم، وأصله (¬1): دمو، كجمل وجمال. (إلَّا بحق الإسلام) استثناء مفرغ لتضمن عصم معنى النفي، أي: لا يهدر الله دماءهم وأموالهم بعد عصمتها بالإسلام بسبب من الأسباب، إلَّا بحق من حقوق الإسلام، كقتل نفسٍ وترك صلاةٍ، وإضافة حق إلى الإسلام بمعنى: اللام، أو في، أو من. (وحسابهم على الله) أي: يجب وقوعه، لا أنه يجب على الله؛ إذ لا يجب على الله شيءٌ، كما زعمه المعتزلة، والمراد: أنَّ سرائرهم على الله، وأما نحن فنحكم بالظواهر، أي: بمقتضى ظاهرِ أقوالهم، وأفعالهم. 18 - باب مَنْ قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ العَمَلُ. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} [الزخرف: 72]. وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ ¬

_ (¬1) والدليل على أن المحذوف منه واو، أنها ترجع في النسب فيقال: دَمَوى.

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92 - 93]: عَنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَقَالَ: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ العَامِلُونَ (61)} [الصافات: 61]. (باب: من قال: إن الإيمانَ هو العملُ) المراد بالعمل: ما يشمل القولَ، وعملَ القلب وغيره، فيطابقه ما أورده من الآيات والأحاديث بردِّ كلٍّ إلى ما يدلُّ عليه. (تعالى) في نسخةٍ: "-عَزَّ وَجَلَّ-". (أُورثتموها) ليس المراد الإرث المعروف، وهو: انتقال الحق؛ بموت المورث لوارثه؛ لامتناع حقيقته على الله تعالى، بل إمَّا أن المورث هو الكافر، بمعنى أنه لولا كفره لكان له نصيب من الجنة، فانتقل منه بسبب كفره، الذي هو موت الأرواح إلى المؤمن، أو أنه الله تعالى، فالإرث مجاز عن الإعطاء مجانًا على سبيل التشبيه لهذا الإعطاء بالميراث. (بما كنتم تعملون) قال المفسرون أي: تؤمنون، و (ما) مصدرية، أو موصولة، أي: بعملكم، أو بالذي كنتم تعملونه (¬1)، ولا تنافي الآية حديث "لن يدخلَ أحدكم الجنة بعمله" (¬2)؛ لأن الباءَ في الآية للسبب العاديِّ، وفي الحديث: للسبب الحقيقيِّ؛ أو لأن المثبتَ في الآية دخولُ الجنةِ بالعملِ المقبولِ، والمنفيَّ في الحديث دخولُها بالعمل ¬

_ (¬1) فحذف العائد لأنه منصوب. (¬2) سيأتي برقم (5673) كتاب: المرضى، باب: نهي تمني المريض الموت، و (6463 - 6464) كتاب: الرقاق، باب: القصد والمدومة على العمل، ومسلم برقم (2816، 2817 - 2818) كتاب: صفة الجنة والنار، باب: لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى.

المجردِ عن القبول، والقبول إنما هو برحمة الله تعالى، أو المراد بالمثبت في الآية: دخول درجات الجنة بالأعمال، وبالمنفي في الحديث: دخول نفسِ الجنة بها، وإنما هو بفضل الله. (عِدَّةٌ) بكسر العينِ، وتشديد الدَّالِ، أي: عدد قلَّ أو كثر. (تعالى) في نسخةٍ: "-عَزَّ وَجَلَّ-". (عن قول لا إله إلا الله) في نسخةٍ: "من لا إله إلا الله"، وهو في كلٍّ منهما، تفسير لقوله: {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92] فقصر عما كانوا يعملون على التوحيد، قال النوويُّ: الظاهر أنه لا يقصر عليه، بل يعمُّ كلَّ الأعمال التي يتعلق بها التكليف، ولا ينافي الآية قولهُ تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 39]؛ لأن ذلك إمَّا باعتبار محلين؛ لأن للقيامةِ مواقفَ وأزمنةً متعددة، أو لأن المعنى في الثاني: لا يسألون سؤالَ استخبارِ، بل سؤالَ توبيخٍ، أو لا يسألُ عن ذنبه غيره من الإِنسِ والجان، كما قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18]. (لمثلِ هذا) أي: [لنيل] (¬1) مثلِ هذا الفوز العظيم. (فليعمل العاملون) أي: فليؤمن الكافرون والمؤمنون، ومعناه في المؤمنين: طلب الدَّوام، أو الازدياد، ففي ذلك جمعٌ بين الحقيقةِ والمجازِ. 26 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ". قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "حَجٌّ مَبْرُورٌ". [1519 - مسلم: 83 - فتح: 1/ 77] ¬

_ (¬1) من (م).

(حدثنا أحمد بن يونس) [هو أحمد بن عبد الله بن يونس] (¬1) اليربوعيُّ، التميميُّ. (ابن المسيَّب) بفتح التحتيةِ أشهرُ من كسرِها، وكان يكره فتحها، ويقول: سيَّبَ الله من سيَّبني. (سُئل) أبهم السائل: وهو أبو ذرٍّ، كما ذكره في العتقِ (¬2). (أيُّ الأعمالِ أفضلُ) أي: أكثر ثوابًا عند الله. (إيمان بالله) خبر مبتدأٍ محذوف، أي: [هو، أو مبتدأ خبره محذوف، أي:] (¬3) أفضلُ، ويأتي مثل ذلك في بقيةِ الأقسام. (الجهاد في سبيل الله) أي: القتال؛ لإعلاءِ كلمة الله. (مبرورٌ) أي: مقبولٌ، وعلامةُ القبولِ أن يكون حاله بعد الرجوعِ خيرًا مما قبله، وقيلَ: ما لا رياءَ فيه، وقيلَ: ما لا إثمَ فيه، وقيلَ: ما لا يعقبه معصيةٌ، وأصلُ البرِّ: الطاعة، يقالُ: برَّ حَجُّك وبرَّ الله حجَّك، لازم ومتعد، و (ال) في الجهاد: للجنس (¬4) ليوافق تنكير قسيميه، أو للتعريف؛ لكونه يتكرر، بخلاف قسيميه، فناسبهما التنكير ووقع هنا الجهاد بعد الإيمان، وفي حديثِ أبي ذرٍّ لم يذكرْ الحجَّ (¬5)، بل العتق، وفي حديثِ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سيأتي برقم (2518) كتاب: العتق، باب: أي الرقاق أفضل. (¬3) من (م). (¬4) (ال) نوعان: عهدية وجنسية. والعهدية يُشار بها إلى معهود ذهني أو ذِكْرِيّ فالأول نحو: جاء القاضي، إذا كان بينك وبين المخاطب عَهْدٌ في قاضٍ خاص. والثاني: نحو: {فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا}. والجنسية إما أن تكون للاستغراق، نحو: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} وإما إن تكون مشارًا بها إلى نفس الحقيقة، نحو: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}. (¬5) سبق تخريجه.

19 - باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل

ابن مسعودٍ بدأ بالصلاةِ، ثم البرِّ، ثم الجهادِ، وفي الحديث السابق ذكر السلامةَ من اليدِ واللسان (¬1)، وكلها في الصحيح، ولا منافاة؛ إذ اختلاف الأجوبة في ذلك؛ إنما كان لاختلاف الأحوال والأشخاص، ومن ثمَّ لم يذكرْ الصلاةَ والزكاةَ والصيامَ هنا، على أنه قد يقال: أفضلُ الأشياء كذا، أو لا يراد أنه أفضل من جميع الوجوه في جميع الأحوالِ والأشخاصِ، بل في حالٍ دون حالِ، وشخصٍ دون شخصٍ. وأمَّا تقديم الجهادِ على الحجِّ مع أنه فرضُ كفاية، والحجُّ فرض عين؛ فللاحتياج إليه أوَّلَ الإسلام، ولأنه لا يقع إلا فرضًا؛ أو لأن نفعه متعد مع بذل النفس فيه، بخلاف الحجِّ فيهما؛ ولأنه لا يعد في كونه أفضل من الحجّ، وقصارى أمره أن يكون كابتداءِ السلام مع جوابه، فإنه أفضلُ منه، وإن كان سنة وجوابه فرضًا، أو لأنَّ ثمَّ هنا للترتيب الذِّكْرى كما في: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: 17]. 19 - بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلامُ عَلَى الحَقِيقَةِ، وَكَانَ عَلَى الاسْتِسْلامِ أَو الخَوْفِ مِنَ القَتْلِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14]. فَإِذَا كَانَ عَلَى الحَقِيقَةِ، فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران: 19]. [وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ] [آل عمران: 85] ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2782) كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل الجهاد والسير.

27 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: "أَوْ مُسْلِمًا" فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: "أَوْ مُسْلِمًا". ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: "يَا سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ" وَرَوَاهُ يُونُسُ، وَصَالِحٌ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [1478 - مسلم: 150 - فتح: 1/ 79] (باب: إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل) (إذا) لمجردِ الوقت لا للاستقبالِ؛ ليوافق قلب المضارع ماضيًا في قولهِ: (لم يكن). و (الاستسلام) الانقيادُ ظاهرًا، وجوابُ (إذا) محذوف، وتقديره: لا ينتفع به في الآخرة. (تعالى) في نسخةٍ: "-عَزَّ وَجَلَّ-". (الأعراب) أهل البدو، ولا واحد له من لفظه. (قل لم تؤمنوا) أي: الإيمان الشرعيُّ، لأنه التصديق بما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - مع التلفظ بالشهادتين ركنًا، كما عليه البخاريُّ، وشرطًا، كما عليه غيره. (ولكن قولوا أسلمنا) أي: دخلنا في السلم، وانقدنا، لا بالحقيقة؛ لكونهم كانوا كذلك، وكان نظم الكلام أن يقولوا: لا تقولوا آمنا، ولكن قولوا أسلمنا، لكن عدل إلى ما قاله؛ ليفيد التصريح بتكذيب دعواهم أنهم آمنوا، وفي الآية حجة على الكرامية، ومن وافقهم من المرجئة، في قولهم: إن الإيمان إقرارٌ باللسان فقط، ويكفي

في الردِّ عليهم الإجماع على كفر المنافقين مع إظهارهم الشهادتين. (فإذا كان) أي: الإسلام. (على الحقيقة فهو على) أي: واردٌ على [(قوله جل ذكره)] (¬1) إلى آخر الآيتين، فالمرادُ بالإسلام فيهما: الإسلام الحقيقيُّ المشتمل على التصديق والتلفظ بالشهادتين، لا الانقياد ظاهرًا، واحتجَّ البخاريُّ بهما، على أن الإسلام الحقيقي هو الدين، وأن الإسلام الحقيقي والإيمان: ما صدقهما واحدٌ؛ لأن الإيمان لو كان غير الإسلام لكان مقبولًا للآية الثانية، فتعين أن يكون صادقًا به، لأن الإيمان هو الدين، والدين هو الإسلام فينتج أن الإيمان هو الإسلام بمعنى: أنه صادق به. (أبي وقَّاص) بتشديد القاف، من الوقص: وهو الكسر، واسم أبي وقاص: مالك. (عن سعد) هو ابن أبي وقاص. (رهطًا) هو من الرجال ما دون العشرة، وقيل: ما دون الأربعين، وجمعه أرهط، وأرهاط. (رجلًا) اسمه: جميل، بالتصغير: ابن سراقة. (هو أعجبهم) أي: أفضلهم وأصلحهم. (إليَّ) أي: عندي. (ما لَكَ عن فلان) أي: أيُّ شيءٍ حصلَ لك حتَّى أعرضت به عنه، فلا تعطيه، وفلان: كناية عن اسم يسمى به المحدث عنه الخاصُّ، ويقال في غير الناسِ: الفلان، والفلانة، بالألف واللام. (لأَراه) بفتح الهمزة أي: أعلمه، وبضمها أي: أظنه، وإن عبر بالعلم في قوله: (ما أعلم منه) إذ العلم يأتي بمعنى الظنِّ، كما في قوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10] (أوْ مسلمًا) بإسكان ¬

_ (¬1) من (م).

الواو، على الإضراب عن جزم سعد بأنه مؤمن؛ إذ الإيمان يتعلق بالباطن وهو القلب، والباطن لا يعلمه إلا الله تعالى، وليس فيه الحكم بأنه غير مؤمن، على ما زعمه بعضهم إذ ليس فيه إيجاب أنه مؤمن، بل النهي عن القطع بإيمانه لعدم مقتضى القطع، بل فيه إشارة إلى كونه مؤمنًا بقوله. (لأعطي الرجل، وغيره أحبُّ إليه منه) وعليه فمطابقة الحديث للترجمة: إنما هو بإطلاق لفظ الإسلام في مقابلة الحقيقيِّ، من غيرِ تعرض لحال الشخص، والإنكار على سعد إنما على جزمه كما مرَّ، فسقط ما قيل: إن الحديث ليس مطابقًا للترجمة، وإنَّ ردَّه - صلى الله عليه وسلم - على سعد لا فائدة له. (فعدت لمقالتي) أي: رجعت لقولي. (وغيره أحب) جملة حالية. (خشية) مفعول له؛ لقوله أُعطي. (يَكُبَّه) بضم الكاف أي: يلقيه منكوسًا وهو من النوادر أن يكون الرباعي بهمزة لازمًا، والثلاثي بدونها متعديًا، والمعنى: أني أتألف قلب الرجل بالإعطاءِ؛ لضعف إيمانه مخافة كفره، إذا لم يعط، بخلاف من قَويَ إيمانه، وهذا كناية؛ لأن الكبَّ في النار للكفر لازمٌ للكفر مساو له، لا مجاز من إطلاق اللازم على الملزوم لأن المشروط فيه امتناع اجتماع معنى الحقيقة والمجاز بخلاف الكناية، وهنا ليس كذلك؛ إذ لا امتناع في اجتماع الكفرِ والكبِّ كما علم. وفي الحديث -كما قال النوويُّ (¬1) -: جواز الشفاعة إلى ولاة الأمور وغيرهم، ومرادة الشفيع إذا لم يؤدِّ إلا مفسدة، والأمر التثبت، وترك القطع بما لم يعلم القطع به، وأن الإمام يصرف الأمور في مصالحِ المسلمين، الأهمَ فالأهمَ، وأنَّ المشفوعَ إليه لا عتب عليه إذا ردَّ ¬

_ (¬1) "مسلم بشرح النووي" 10/ 143.

20 - باب إفشاء السلام من الإسلام

الشفاعةَ بالمصلحةِ، وأنَّه ينبغي له أنْ يعتذرَ للشافعِ، ويبين له العذرَ في ردِّ شفاعتِه، وأنَّه لا يقطع بالجنةِ لأحدٍ على التعيينِ إلَّا من ثبتتْ فيه كالعشرِة، وأنَّ الإقرارَ باللِّسانِ لا ينفع إلَّا باعتقادِ القلبِ. (ورواه) في نسخةٍ: "رواه"، والمعنى: أنَّ هؤلاء الأربعةُ تابعوا شعيبًا في رواية الحديث. (عن الزهريِّ) ولقول البخاريِّ مثل هذا، كما قال النوويُّ ثلاث فوائدٍ: بيان كثرةِ طرقِه، ومعرفةِ رواتهِ يتبع روايتَه مَنْ يريدُ جمعَ الطرقِ، ونحو ذلك، ودفعُ توهمِ أنَّه لم يروهِ غيرُ المذكورِ في الإسنادِ، (وابن أخي الزهريِّ) اسمه: محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ مسلمِ. 20 - باب إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ. وقَالَ عَمَّارٌ: ثَلاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ: الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلامِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ. (باب: إفشاءُ السلام من الإسلام) لفظ: (إفشاءِ) ساقطٌ مِن نسخةٍ، وعليها فالسَّلام مرفوعٌ بالابتداءِ، وإفشاءُ السَّلامِ: إذاعتهُ ونشرهُ، (وقال عمَّارُ) كنيته: أبو اليقظان بن ياسرٍ بنِ عامرٍ أحدُ السابقين. (ثلاث) أي: ثلاثُ خصالٍ، أو خصال ثلاث. (فقد جمع الإيمانَ) أي: جاز كمالُه، ولفظ: (فقد) ساقط مِن نسخةِ. (الإنصاف) أي: العدْلُ. (من نفسِك) بألَّا تترك عليك حقًّا إلَّا أديتَهُ، ولا شيئًا مما نهيتَ عنْهُ إلَّا اجتنبتهُ. (بذل السَّلام) أي: الابتداءُ به، كما تقولَ سلامٌ عليكم، والسَّلامُ: مِنْ السلامةِ، كأنَّ المسلمَ يقولُ أنت سالمٌ مِنِّي، وأنا سالمٌ منك، وأمَّا السلامُ اسمًا لله تعالى فمعناهُ: ذوُ السَّلامةِ مما يلحقُ الخلق مِنْ نقص، والسلامُ في قوله عليه

الصلاةُ والسلامُ: بمعنى: التسليم، وسميتِ الجنةُ دارَ السَّلامِ؛ لسلامةِ مَنْ بها مِن الآفاتِ. (للعالم) بفتح اللَّامِ أي: لكلِّ مؤمنٍ عرفتَهُ أو لمْ تعرفْهُ. (والإنفاق مِن الإقتارِ) بكسرِ الهمزةِ أي: في حالةِ الفقر وجَمَعَ عمارُ في كلماته الثلاثِ الخير كلَّه؛ لأنَّك بالأولى: تبلغُ الغايةَ بينك وبين خالقِك، وبينك وبين النَّاسِ، وبالثانيةِ: تحصل مكارمَ الأخلاقِ، واستئلافِ النفوسِ، وبالثالثةِ تحصل غايةَ الكرمِ. قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ}، ولأنَّ خصالَ الخيرِ المتضمنِ للإيمانِ إمَّا ماليةٌ، وهي المشارُ إليها بالثالثةِ، أوْ بدنيةٌ: وهي إمَّا مع الله تعظيمًا لأمره، وهي المشارُ إليها بالأولى، أو مع الناسِ، وهي المشارُ إليها بالثانيةِ، والإنفاقُ شامل لِمَا على العيالِ والأضيافِ وكلِّ نفقةٍ في طاعةِ الله تعالى. 28 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: "تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ". [انظر 12 - مسلم: 31 - فتح: 1/ 82] (حدثنا قتيبةُ) تصغير قتبة بكسر القاف وسكونِ التاء، وكنيتُه: أبو رجاءِ بنُ سعيدِ بنِ جميلٍ البغلاني، بفتح الموحَّدِة وسكونِ المعجمةِ نسبة إلى قريةٍ من قرى بلخ. (عن أبي الخيرِ) اسمه: مَرْثَد، بفتح الميم والمثلثة. (أن رجلًا) هو أبو ذر. (أيُّ الإسلامِ) أي: أيُّ خِصالِه. (تُطْعم) أي: أن تُطْعم، وسبق الحديثُ وما فيه وإنما أعاده، كعادته باعتبار ما اشتمل عليه، فإنْ قلتَ لِمَ لَمْ يكتفِ ببابٍ واحدٍ، وأنْ يقولَ ثَمَّ، أو هنا بابُ الإطعامِ،

21 - باب كفران العشير وكفر بعد كفر

والسلامُ من الإسلامِ؟ قلت: لعلَّ عمرو بنَ خالدٍ الراويَّ ثَمَّ ذكره في معرضِ بيانِ أنَّ الإطعامَ مِن الإسلام، وقتيبةُ ذكره هنا في معرض أنَّ السلامَ منْهُ فميزهُما البخاريُّ بذكْرهما في موضعين بترجمتين. 21 - باب كُفْرَانِ العَشِيرِ وكُفْرِ بَعْدَ كُفْرٍ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [304] (باب: كفرانِ العشيرةِ، وكفرٍ بعدَ كفر) بإضافةِ بابٍ وجرِّ كفرٍ عطفًا على كفرانِ، أو رفعِه، كما في نسخةٍ عطفًا على باب. وفي نسخةٍ: "وكفرًا دون كفرِ"، أشار بذلك إلى تفاوت الكفر، بمعنى أنَّ كفرًا أدون من كفرٍ، والكفرُ المطلقُ هو الكفرُ بالله، وما بعْدَه أدون منه، كما أنَّ نحو أَخْذ أموالِ الناسِ بالباطلِ أدون من قتل النفسَ بغيرِ حقٍّ. (والكفرانُ) من الكفر بالفتح: وهو الستر ومن ثمَّ سُمي ضد الإيمانِ كفرًا؛ لأنَّه يستُر الحقَّ، وقيل للزارعِ: كافرٌ لأنَّه يستُر البذرَ، وقد يطلقُ الكفرُ على البراءةِ، كقوله تعالى حكايةً على إبليس: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ} [إبراهيم: 22] أي: برئتُ منه، والكفرُ بالله، كما قال الأزهريُّ -أربعةُ أنواعٍ: كفرُ إنكارٍ: بأن يكفر بقلبه ولسانه، وكفرُ جحودٍ: بأنْ يعترفَ بقلبهِ ولا يقر بلسانهِ، ككفر إبليسِ وبلعام، وكفرُ عناد: بأنْ يعترف بقلبه ويقرُ بلسانهِ ولا يتلفظ بالتوحيد، ككفرِ أبي طالب، وكفرُ نفاقٍ: بأنْ يكفرَ بقلبهِ ويقر بلسانهِ ككفر المنافقِ (¬1). و (العشيرُ) الزوج، سمي عشيرًا بمعنى معاشرٍ، والمعاشرةُ: ¬

_ (¬1) "تهذيب اللغة" 10/ 193 - 194.

المخالطةُ، وقيل الملازمةُ. (فيه) أي: في البابِ. (عن أبي سعيد) في نسخةٍ: "فيه: أبو سعيد"، والمرادُ: أنَّ في الباب روايةَ أبي سعيدٍ الخدريِّ، كما رواه البخاريُّ في الحيضِ، وغيره (¬1) كثيرًا ساقطٌ من نسخةٍ، وفائدة إثباته: بيان تعدد رواية أبي سعيد بذلك. 21 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ" قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: "يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ". [431، 748، 1052، 3202، 5197 - مسلم: 907 - فتح: 1/ 83] (زيدُ بن أَسْلَم) كنيته: أبو أسامةَ مولى عمرَ بنِ الخطَّاب. (قال: قال النبيُّ) في نسخةٍ: "عن النبيِّ". (أُريتُ) بالبناءِ للمفعولِ من الرؤية البصرية. (فإذا أكثرُ أهلها النساءُ) في نسخة: "فرأيتُ أكثر"، وفي أخرى: "ورأيتُ أكثر فأكثر" والنساء على النسخةِ الأولى: مرفوعان على الابتداءِ والخبرِ، وعلى الأخيرتين: منصوبان على أنهما مفعولان لرأيتُ. (يكفرنَ) جملة استئنافية أي: هنَّ يكفرنَ، وهي في الحقيقة جوابُ امرأةٍ قالت: يا رسولَ الله لِمَ كنَّا أكثرَ أهل النارِ (¬2)، وفي نسخةٍ: "بكفرهن" بباء السببيةِ متعلقةٌ بأكثرَ. (العشيرُ) أي: الزوج كما مرَّ، وخص كفْره من بين سائرِ الذنوب لخبر: "لو أمرتُ أحدًا أن يسجدَ لأحدٍ، لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (304) كتاب: الحيض، باب: ترك الحائض الصوم من رواية أبي سعيد، كما ذكره المصنف، وسيأتي أيضًا برقم (1462) كتاب: الزكاة، باب: الزكاة على الأقارب. (¬2) رواه مسلم (885) أول كتاب: صلاة العيدين.

لزوجها"، فَقَرَنَ حقَّ الزوج على الزوجة بحق الله، فإذا كفرتْ المرأةُ حقَّ زوجها وقدْ بلَغ حقُّه عليها هذه الغايةَ كان ذلك دليلًا على تهاونها بحق الله، فلذلك أطلق عليه الكفرُ، لكنه كفرٌ لا يخرج عن الملةِ، وعُدِّيَ الكفرُ بالله بالباء ولم يُعد كفْرُ العشير بها؛ لأنَّ كفرَ العشير لا يتضمنُ معنى الاعترافِ قاله الكرمانيُّ وغيره (¬1). (ويكفرن الإحسان) أي: ولو مع غير العشير، فهذه الجملة أعمُّ مما قبلها، وقيل: ليس كفرانُ العشير لذاته بل لإحسانِه، فالجملةُ كالبيان لِمَا قبلها. (لو أحسنتَ) في نسخةٍ: "إنْ أحسنتَ" فـ (لو) بمعنى: إن في مجرد الشرطية فقط لا بمعناها الأصلي مِنْ أنَّها حرفُ امتناع لامتناع، أو هي من قبيل: "نعم العبدُ صهيبُ لو لم يخفِ الله، لمَ يعصه" (¬2) حتى يكونَ الحكمُ ثابتًا على النقيضين، والطرفُ المسكوتُ عنه أولى من المذكور، والخطابُ في (أحسنتَ) عامٌّ لكلِّ مَنْ يَتَأتَّى أَنْ يكون مخاطبًا فهو مجازٌ، كما في قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ} [السجدة: 12]. (الدهرَ) نصب على الظرفية، ومعناه: الأبد، والمراد هنا: دهر الرجل أي: عُمرُه، أو الدهرُ مطلقًا على سبيلِ الفرضِ، مبالغةَ في كفرهنَّ. (شيئًا) تنوينه للتحقيرِ، أو للتقليلِ، أَوْلهما. (قط) بفتح القافِ، وتشديد الطاءِ مضمومةً على الأشهرِ: ظرفُ زمانٍ لاستغراق ما مضى (¬3). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 1/ 136. (¬2) (كشف الخفاء ومزيل الألباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس" 2/ 323 (2831)، و"تدريب الراوي" 2/ 253، وقال العراقي وغيره: لا أصل له ولا يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث، و"المقاصد الحسنة" ص 526 (1259). (¬3) ونقيضتها (أبدًا) تقول: ما رأيته قط، للماضي. ولن آراه قط، للمستقبل.

22 - باب المعاصي من أمر الجاهلية

وفي الحديث: وعظ الرئيس والمرءوسَ، وتحريضُه على الطاعةِ، ومراجعةِ المتعلِّم العالمَ فيما قاله إذا لمْ يظهر له معناه، وجواز إطلاق الكفرِ على كفرِ النعمة وجحد الحقِّ، وأنَّه كبيرةٌ عند مَنْ يعرفها بما تُوُعِّدَ عليه، وأنَّ المعاصي تنقص الإيمانَ، ولا تخرج إلى الكفرِ الموجب للخلودِ في النارِ، وأنَّ النارَ مخلوقةٌ الآن، وأنَّ الإيمانَ يزيد بشكرِ نعمةِ العشير فثبت أنَّ الأعمالَ مِن الإيمانِ، ووجه مناسبة هذا الحديثِ للأبواب قبلَه المتعلقُة بالإيمان: أنَّ الكفَر ضدُّ الإيمانِ فالمناسبة بينهما من جهةِ التضادِ. 22 - باب المَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ وَلَا يُكَفَّرُ صَاحِبُهَا بِارْتِكَابِهَا إلا بِالشِّرْكِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ" وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. (باب) ساقطٌ من نسخةٍ. (المعاصي من أمرِ الجاهلية) مبتدأٌ وخبرٌ، والمعاصي: جمعُ معصيةٍ، وهي ترك واجب، أو فعلُ حرامٍ كبيرةً كانت أو صغيرة، والجاهلية: زمانُ الفترةِ قبلَ الإسلامِ، وسُمي بها لكثرةِ الجهالةِ فيه. (ولا يكفر) بفتح التحتية، وسكون الكافِ، وبضمها وفتح الكاف وتشديد الفاءِ المفتوحة (صاحبها بارتكابها) أي: خلافًا لقولِ الخوارجِ: إنَّه بالكبيرة يكفر، ولقولِ المعتزلةِ: إنَّه بين هاتين منزلتين لا مؤمنٍ ولا كافر، والمرادُ بارتكابها: فعلُها لا اعتقادُ حلِّها، إذ اعتقادُ ما هو معلومٌ مِن الدين بالضرورة كفرٌ، وجملةُ: (ولا يكفر) عطفٌ على الجملةِ قبلها فهي داخلَةٌ في الترجمةِ.

(جاهلية) أي: شيءٌ من أخلاقِ الجاهلية (وقول الله تعالى) في نسخةٍ: "وقال الله" وفي أخرى بدل تعالى: "-عَزَّ وَجَلَّ-" في استدلاله بالحديث والآيةِ على شِقَّي الترجمةِ: لفٌّ ونشرٌ مرتبٌ. ووجه الاستدلال بنفي الغفران على الكفرِ: كونُه يستلزمه عندنا. 30 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ، عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ". [2545، 6050 - مسلم: 1661 - فتح: 1/ 84] (عن واصل الأحدب) هو ابن حيان، بفتح المهملة وتشديد التحتية، وفي نسخة: "عن واصل" بدون ذكر الأحدب، وفي أخرى: "عن واصل هو الأحدب". (عن المعرور) بعين وراءين مهملات، وفي نسخة: "عن المعرور بن سويد". (أبا ذر) اسمه: جندب بضم الجيم والدال المهملة، وحكي فتح الدال ابن جنادة بضم الجيم الغفاري. (الربذة) بفتح الموحدة، والذال المعجمة: منزل لحاج العراق على ثلاث مراحل من المدينة. (حُلَّة) بضم المهملة: إزار ورداء ولا يسمَّى حلة حتى يكون ثوبين وسميا بذلك؛ لأنَّ كلًّا منهما يحلُّ على الآخر، فسألته عن ذلك، أي: عن سبب تساويهما في لبس الحلة، وسبب السؤال؛ أن العادة جارية بأن تكون ثيابُ الغلام دون ثياب سيِّدهِ. (ساببت) بموحدتين أي: شاتمتُ، أو شتمتُ. (رجلًا) هو بلال بن حمامة المؤذن. (فعيرته بأمه) أي: نسبته إلى العار بها، وفي رواية:

فقلت له يا ابن السوداء، وكلٌّ منهما بمعنى: ساببته، فهو تفسير له؛ ولهذا عطف عليه بالفاء التفسيرية، كقوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 54] وفي رواية: أنه لما شكاه بلالٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال له: "شتمت بلالًا وعيرته بسواد أصلًا قال: نعم، قال: "أحسب أنَّهُ بقيَ فيك شيءٌ من كبر الجاهلية" فألقى أبو ذر خدَّه على التراب ثم قال: لا أرفع خدِّي حتى يطأَ عليه بلالٌ بقدمه (¬1). (أعيرته بأمه) الهمزة فيه: للإنكار التوبيخي (إخوانكم) أي: في الإسلام، أو من جهة أولاد آدم. (خولكم) بفتح المعجمة والواو: جمع خايل، وقد يطلق الخولُ على الواحد، ومعنى الخول: الحشم (¬2)، من التخويل وهو التمليك، وقيل الخول: الخدم، وسمي به؛ لأنهم يتخولون الأمور، أي: يصلحونها، وإخوانكم خوالكم: برفعهما، الأول بأنه خبر مبتدإ محذوف بدليل رواية: هم إخوانكم (¬3)، والثاني بأنه نعت لإخوانكم أو خبر مبتدإٍ محذوف، وبنصبهما، الأول بمحذوف أي: احفظوا إخوانكم، والثاني: بأنه نعت له، قيل القصد: الإخبار عن الخول بالأخوة، لا العكس، وأجيب: بأنه عكس للاهتمام بشأن ¬

_ (¬1) "شعب الإيمان" 4/ 288 (5135) فصل: في حفظ اللسان عن الفخر بالآباء، باب: في حفظ اللسان. (¬2) والحشم محركة للواحد والجمع: وهو العيال والقرابة أيضًا، وأحشامه خاصَّته الذين يغضبن له من أهل وعبيد، أو جيرة. انظر مادة (حشم) في "القاموس" ص 1094. (¬3) سيأتي برقم (6050) كتاب: الأدب، باب: ما ينهى من السباب واللعن ومسلم برقم (1661) كتاب: الإيمان، باب: إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه.

الإخوان، أو لحصر الخول في الإخوان؛ لأن تقديم الخبر يفيد الحصر أي: ليس إلا إخوانًا. (جعلهم الله تحت أيديكم) مجاز عن القدرة، أو الملك. أي: وأنتم مالكون لهم، وقادرون عليهم. (فليطعمه) بضم التحتية. (مما يأكل) لم يقل: مما يطعم؛ لدفع توهم أن المراد بالطعم الذوق، وليس مرادًا قطعًا. (وليلبسهم) بضم التحتية. (مما يلبس) بفتحها، والأمر فيه وفيما قبله للاستحباب عند الأكثر. (ولا تكلفوهم) نهي تحريم. (ما يغلبهم) أي: ما تعجز قدرتهم عنه لعظمه، أو صعوبته. (فإن كلفتموهم) أي: ما يغلبهم. (فأعينوهم) أي: بغيرهم. وفي الحديث: النهيُ عن سبِّ العبيد، ومن في معناهم، وتعييرهم بأصولهم، والحث على الإحسان إليهم، والرفق بهم، وبمن في معناهم: من أجير، وخادم، ودابة. وجواز إطلاق الأخ على الرقيق، والمحافظة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. بَابُ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] فَسَمَّاهُمُ المُؤْمِنِينَ. (باب): ساقط من نسخةٍ. {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] جمع في اقتتلوا رعاية لآحاد الطائفتين، وثنَّى في بينهما رعاية للفظ الطائفة. (فسماهم مؤمنين) أي: لم يخرج صاحب الكبيرة عن كونه مؤمنًا. 31 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ"، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا القَاتِلُ فَمَا بَالُ المَقْتُولِ؟ قَالَ: "إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ" [6875، 7083 - مسلم: 2888 - فتح: 1/ 84] (عبد الرحمن بن المبارك) أي: ابن عبد الله العيشيُّ، بفتح المهملة، وسكون التحتية، وبالشين المعجمة. (حماد بن زيد) أي: ابن درهم الأزديُّ. (ويونس) أي: ابن عبيد بن دينار. (هذا الرجل) هو عليُّ بن أبي طالب، وقيل: عثمان - رضي الله عنه. (أبو بكرة) هو نُفَيْعٌ بالتصغير ابن الحارث، (قلت) في نسخةٍ: "فقلت". (أنصر) أي: أريدُ مكانَا أنصرُ فيه هذا الرجلُ. (فالقاتل والمقتول في النار) أي: يستحقانها، فلا يستلزم خلودهما فيها على ما زعمه المعتزلة، بل ولا دخولها لجواز العفو، ثم هذا حيث لا تأويل سائغ فإن كان كما في اجتهاد الصحابة، فلا يستحقانها، إذ القاتل والمقتول منهما إنما ارتكب ذلك عن اجتهاد، المصيبُ له أجران، والمخطئ له أجر. (فقلت) في نسخة: "قلت". (هذا القاتلُ) أي: هذا حال القاتل في أنه يستحق النار. (فما بال المقتول؟) أي: كيف يستحقها وهو مظلوم؟ (كان حريصًا على قتل صاحبه) فيه: دليل على أنَّ من عزم على معصية بقلبه، ووطَّن نفسه عليها كان آتيًا بمعصيةٍ، فإن فعل ما عزم عليه كانت معصية ثانية، فلا ينافي ذلك خبر: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم" (¬1) وخبر: "إذا همَّ عبدي بسيئة ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2528) كتاب: العتق، باب: الخطأ والنسيان في العتاقة، (5269) كتاب: الطلاق، باب: الطلاق في الإغلاق والكره، و (6664)

23 - باب ظلم دون ظلم

فلا تكتبوها عليه" (¬1)؛ لأن المراد بهما: ما مرَّ بفكره ولم يجزم به. 23 - باب ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ. (باب: ظلم دون ظلم) دون بمعنى: أدنى أي: بعض الظلم أدنى من بعضٍ منه، أو بمعنى: غير، أي: هو أنواع. 32 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح قَالَ: وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} [الأنعام: 82] إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. [3360، 3428، 3429، 4629، 4776، 6918، 6937 - مسلم: 124 - فتح: 1/ 87] (قال: وحدثني) في نسخة: "قال: ح وحدثني" بزيادة حاء. قال شيخنا حافظ عصره: فإن كانت من المصنف فهي مهملة مأخوذة من التحويل على المختار، وإن كانت من بعض الرواة، فيحتمل أن تكون مهملةً كذلك، وأن تكون معجمة مأخوذة من البخاريِّ لأنها رمزه (¬2) أي: قال البخاريُّ: حدثني. (بشر) في نسخة: "بشر بن خالد" أبو محمد العسكريُّ. (محمد) في نسخة: "محمد بن جعفر". (عن سليمان) هو ابن ¬

_ كتاب: الأيمان والنذور، باب: إذا حنث ناسيًا في الأيمان، ومسلم برقم (127) كتاب: الإيمان، باب: تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر. (¬1) سيأتي برقم (7501) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}، ومسلم برقم (128) كتاب: الإيمان، باب: إذا هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب. (¬2) "فتح الباري" 1/ 87.

24 - باب علامة المنافق

مهران الأعمش. (عن إبراهيم) هو ابن يزيد بن قيس النخعيُّ. (علقمة) هو: ابن قيس بن عبد الله النخعيُّ. (لما نزلت) في نسخة: "قال: لما نزلت". (ولم يلبسوا) بكسر الموحدة، ماضيها: لبس، بفتحها، عكس لبس الثوب يلبسه، والمصدر من الأول: لَبس بفتح اللام، ومن الثاني: لُبس بضمها، والمعنى هنا: لم يخلطوا، والمرادُ: لم يرتدوا، أولم ينافقوا بقرينة قوله: (بظلم) بجعل تنوينه للتعظيم وفهمت الصحابة من وقوع النكرة في سياق النفي، أن المراد: الظلم بمعنى: مجاوزة الحد، مما أشار إليه بقوله: (قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّنَا لم يظلم) وفي نسخةٍ: "لم يظلم نفسه"، وفي أخرى: "النبيُّ" بدل (رسول الله). ولما فهمت الصحابة ذلك وشقَّ عليهم بيَّن الله تعالى أن المراد به خاص، وهو الشرك حيث قال: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] وأفاد قوله تعالى في الآية: {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82] إن من لبس إيمانه بظلم لا يكون آمنًا ولا مهتديًا، وهو ما فهمه الصحابة، لا يقال: إن العاصي قد يعذب فكيف يكون آمنًا مهتديًا؛ لأنَّا نقول: إنه آمن من التخليد في النار، مهتد إلى طريق الجنة. وفي الحديث: أن المعاصى لا تسمَّى شركًا، وأن درجات الظلم تتفاوت، كما ترجم له، وأنَّ العامَّ يطلقُ ويراد بهِ: الخاصَّ، وأنَّ المفسرَّ يقضي على المجمَل، وأنَّ النكرةَ في سياق النفي تعمُّ. 24 - باب عَلامَةِ المُنَافِقِ. (باب) ساقط من نسخةٍ: (علامة المنافق) في نسخة: "علامات المنافق" بالجمع، والنفاق لغة: مخالفة الظاهر للباطن، فإن كان في

اعتقادِ الإيمان، فهو نفاق الكفر، وإلا فنفاق العمل، وتتفاوت مراتبه، ولفظ: (المنافق) من باب المفاعلة، وأصلها: أن تكون بين اثنين، لكنها من باب خادع، وسافر. 33 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ". [2682، 2749، 6095 - مسلم: 59 - فتح: 1/ 89] (سليمان أبو الربيع) هو ابن داود الزهرانيُّ. (إسماعيل بن جعفر) أي: ابن أبي كثير. (عن أبيه) هو مالك جدُّ إمام الأئمة مالك. (آية المنافق) أي: علامته، ولذلك قيلَ لآية القرآن: آية؛ لأنها علامة انقطاع كلامٍ عن كلامٍ، وأخبر عن آية بثلاث، وإن لم يتطابقا إفرادًا وجمعًا؛ باعتبار إرادة الجنس أي: أن كلَّ واحدة منها آية، وأن مجموع الثلاثة هو الآية. (إذا حدَّث ...) إلى آخرِ الخصالِ الثلاثة (¬1)، كلٌّ منها خبر بعد خبرٍ، أو بدل من ثلاث، والثانية منها أخصُّ من الأولى، ونبَّه بذكر الثلاث على ما عداها؛ لأن الدين منحصرٌ في ثلاث: القول، والنية، والفعل، فنبه على فساد القول بالكذب، وعلى فساد النية بالخلف، إذ الخلف إنما يقدح إذا كان عازمًا عليه، وعلى فساد الفعل بالخيانة، فلا ينافي في ذلك الحديث الآتي بلفظ: "أربعٌ من كن فيه" حيث ذكر فيه: "وإذا عاهد غدر" وأبدل قوله: "إذا وعد أخلف" بإذا خاصم فَجَرَ، إذ ¬

_ (¬1) جاء العدد هنا بالتاء على التأنيث؛ لأن العدد إذا تأخر عن معدوده جاز فيه الوجهان: التذكير والتأنيث، أيًا كان المعدود.

الغدر خيانة، والفجور لازم لها، ثم هذه الخصال قد توجد في مسلم، فتسمية مرتكبها منافقًا، تشبيه له به، أو المراد بالنفاق فيه: نفاق العمل لا الكفر، أو المراد بالنفاق: من غلبت هذه الخصال عليه، واستخف بها، إذ من كان كذلك كان فاسد الاعتقاد غالبًا. 34 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ " تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ. [2459، 3178 - مسلم: 58 - فتح: 1/ 89] (قبيصة) بفتح القاف، وكسر الموحدة. (ابن عقبة) بضم العين وسكون القاف، وفتح الموحدة: هو ابن محمد أبو عامر. (سفيان) هو ابن سعيد بن مسروق، أبو عبد الله الثوريُّ. (عبد الله بن مرة) بضم الميم وتشديد الرَّاء، الهْمدانيُّ بسكون الميم. (مسروق) هو ابن الأجدع، بالجيم والمهملتين، ابن مالك الهمداني. (خالصًا) أي: في هذه الخصال فقط، لا في غيرها، أو شديد الشبه بالمنافقين. (خصلة) أي: خلّة، بفتح أولهما. (عاهد) أي: حالف ووافق. (غدر) أي: ترك الوفاء بالعهد. (فجر) أي: مالَ عن الحقِّ، وقال الباطل. (تابعه) أي: سفيان، والمتابعة هنا مقيدة، حيث قال عن الأعمش وناقصة حيث ذكرها من وسط الإسناد لا مِنْ أولهِ ولما ذكر البخاريُّ كتابَ الإيمان المشتمل على أبواب عقَّبَ ذلك بذكر علاماته فقال:

25 - باب قيام ليلة القدر من الإيمان

25 - باب قِيَامُ لَيلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ. (باب) ساقطٌ في نسخةٍ. (قيام ليلة القدر من الإيمان) مبتدأٌ وخبرُه، سميت ليلةُ القدر، لِما تكتب فيها الملائكةُ مِن الأقدارِ والأرزاقِ والآجال في تلك السنةِ، وقيلِ؛ لعظم قدرِها، أو لأنَّ مَنْ أتى فيها بالطاعةِ قدرًا، ولأنَّ للطاعةِ فيها قدرًا زائدًا على غيرها، قال النوويُّ: واختلف في وقتها، فقيل: تنتقلُ في السنةِ، وبذلك يجمعُ بين الأحاديث الدالةِ على اختلافِ أوقاتِها (¬1)، وقيل: إنما تنتقلُ في العشرِ الأخير مْنِ رمضانَ، وقيل: في كلِّهِ، وقيل: معينةٌ لا تنتقلُ في السنةِ كلها، وقيل: في رمضانَ، وقيل: في العشر الأوسط والآخر، وقيل: في الآخرِ فقط، وقيل: في أوتارِه، وقيل: في أشفاعِه، وقيل غيرُ ذلك، ومال الشافعيُّ إلى أنها ليلةُ الحاديِّ أو الثالثِ والعشرين، وشذَّ قومٌ فقالوا: رُفعت؛ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم - حين تلاحا رجلانِ فيها: "رُفعت". هذا غلط؛ لأنَّه عقَّبه بقوله: "التمسوها في السبع، أو التسع" (¬2)، فالمراد برفعها: رفع العلم بها. وأجمعَ من يعتدُّ به على وجودهِا، ودوامِها إلى آخرِ الدهرِ، يراها ويتحققها مَن شاءَه الله تعالى في رمضانَ كلَّ سنةٍ. 35 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" [37، 38، 1901، 2008، 2009، 2014 - مسلم: 760 - فتح: 1/ 91] ¬

_ (¬1) "مسلم بشرح النووي" 8/ 57. (¬2) سيأتي برقم (2516) كتاب: فضل ليلة القدر، باب: التماس ليلة القدر في السبع الأواخر، و (2017 - 2022) كتاب: فضل ليلة القدر، باب: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر، و (2023) كتاب: فضل ليلة القدر، باب: رفع معرفة ليلة القدر لتلاهي الناس.

26 - باب الجهاد من الإيمان

(مَنْ يُقِمْ ليلةَ القدرِ) أي: يطع الله تعالى فيها، قيل: ويكفي في ذلك ما يُسمى قيامًا، حتى أنَّ مَنْ أدَّ العشاءَ فقد قام، لكن الظاهرَ من الحديثِ عُرفًا كما قال الكرمانيُّ: أنَّه لا يقال: قام الليةَ إلَّا إذا قام جميعَها، أو أكثرها (¬1). ونصب (ليلةَ القدرِ) بأنَّه مفعولُ به، لا فيه، إذ المعنى: مَنْ يُحيي ليلةَ القدرِ، ويجوزُ نصبُه بأنَّه مفعولُ فيه بمعنى: مَنْ يطعِ الله فيها، وإنمَّا عبَّر بالمضارعِ في الشرطِ في قيامِها، وبالماضي في قيام رمضانَ وصيامِه في البابين الآتيين؛ لأنَّ قيام رمضانَ وصيامه متحققانِ، بخلاف قيام ليلة القدر. (إيمانًا) أي: تصديقًا بأنَّه حقٌّ وطاعةٌ. (واحتسابًا) أي: لوجهه تعالى، لا رياءً، ونصبهما على المفعول له، أو التمييزِ، أو الحالِ بتأويل المصدر باسم المفعولِ. وعليه فهما: حالانِ متداخلانِ، أو مترادفانِ. (غُفر له ما تقدَّم من ذنبهِ) أي: مِنْ صغائرِ ذنوبِه، كما في نظائِره مِنْ غفرانِ الذنوبِ بقرينة التقييدِ في بعضِ الأحاديثِ بما اجتنبت الكبائرُ، والنكتةُ في وقوعِ الجزاءِ ماضيًا مع أنَّه في المستقبل: أنَّه متيقنُ الوقوعِ فضلًا من الله على عباده. وفي الحديث: دلالةٌ على جَعْلِ الأعمالِ إيمانًا؛ لأنَّه جعلَ القيامَ مِنْ الإيمانِ. (ومن ذنبهِ) بيانٌ لمِا تقدَّم. 26 - باب الجهَادُ مِنَ الإِيمَانِ. (باب) ساقطٌ منْ نسخةٍ. (الجَهاد من الإيمان) مبتدأٌ وخبرُ. ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 1/ 153.

36 - حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إلا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَلَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ" [2787، 2797، 2972، 3123، 7226، 7227، 7457، 7463 - مسلم: 1876 - فتح: 1/ 92] (حَرَميُّ بنُ حفص) هو ابن عمرِ العتكي، بفتح المهملة والفوقيةِ، نسبةً إلى العتيك بنِ الأسْدِ. (عبد الواحدِ) هو ابن زياد العبدي، نسبةً إلى عبد القيس المصريِّ. (عمارة) بضمِ المهملةِ ابن القعقاعِ بن شُبْرمةَ الضبيُّ نسبةً إلى بني ضبة. (أبو زرعةَ بن عمرو) أي: ابن جرير البجليُّ، واسمُ أبي زرعةَ: هرمٌ، أو عبدُ الرحمنِ، أو عمرُ، أو عبدُ الله. (انْتَدَبَ) بنونٍ ساكنةٍ، وفوقيةٍ مفتوحةٍ، ودالٍ مهملةٍ، أي: أجاب لمَّا نُدِبَ، أي: طلب منه. (الله) في نسخةٍ: "الله -عَزَّ وَجَلَّ-" (في سبيله) أي: سبيلِ الله، قيل: أو سبيل مَن خَرَجَ. (إلَّا إيمانٌ بي) في نسخةٍ: "إلَّا الإيمانُ بي" وفي (بي) إلتفاتٌ مِنَ الغيبةِ إلى المتكلم. (أو تصديق) في نسخةٍ: "وتصديقٌ" فأو بمعنى: الواو (¬1)، إذ لا بدَّ من الإيمان بالله، والتصديق برسلِه. ¬

_ (¬1) مجيء (أَوْ) بمعنى الواو -أي المطلق الجمع- ذكره كثير من النحاة منهم قطرب والأخفش والجَرْمي وأبو عبيدة والكوفيون وأبو علي الفارسي وابن جني والعكبري وابن مالك. وردَّ بعض النحاة مجيء (أو) بمعنى الواو، وجعله آخرون قليلًا لا يقاس عليه.

(أن أُرجعَهُ) بفتح الهمزةِ أي: بأن (¬1)، وأُرجعَه مِن الرجعِ، لا من الرجوعِ، إذ الفعلُ منْ الرجعِ متعدِّ، كما هنا، ومِنَ الرجوع لازمٌ. (نال) أي: أصاب وجاء بلفظِ الماضي، لتحقق وعدِ الله تعالى. (مِنْ أجر) أي: فقط إنْ لم يغنموا. (أو غنيمة) أي: إنْ غنموُا، لا ينافي ذلك اجتماعَ الأمرين بجعلِ القضية مانعة خلو. على أنَّ أبا داودَ عطف على ذلك بالواو، لا بـ (أو). (أو أدخله الجنة) عُطف على أُرجعه أي: إنَّ المجاهدَ ينال خيرَا بكل حالٍ، لأنَّه إمَّا أنْ يرجعَ سالمًا بأجرٍ، أو بغنيمةٍ، أو بهما، أو يستشهدَ فيدخل الجنة، والمعنى في وعده بدخول الشهيد لها مع أن كل مِن المؤمنين يدخلها: إنَّ دخولَهُ إمَّا عند موته، كما قال تعالى: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]، أو أنَّ المرادَ: دخولهم مع السابقين والمقرَّبين بلا حساب، ولا مؤاخذةٍ بذنوبٍ، بلْ تكفرها الشهادةُ. (ولولا) هي الامتناعية (¬2) أي: امتنع عدم القعود لوجودِ المشقةِ، وسببُ المشقةِ؛ صعوبةُ تخلفهم بعْدَهم، ولا قدرةَ لهم على المسيرِ معه؛ لضيق حالهم. (خَلْفَ سَرِيَّةٍ) بالنصبِ على الظرفيةِ أي: ما قعدت بعد سرية: وهي القطعة من الجيش أي: لا أتخلَّفُ عنها، بلْ أخرجُ معها بنفسي؛ لعظم أجرها. (ولوددتُ) عطف على ما قعدتُ، فكلٌّ ¬

_ (¬1) سبق القول بأن حذف الباء مع (أن) و (لأنّ) كثير. (¬2) لولا الامتناعية يقال لها: حرف امتناع لوجوب. وبعضهم يقول: لوجود، بالدال، وقيل: هي بحسب الجمل التي تدخل عليها.

منهما جوابُ لولا. واللام داخلة على الثاني محذوفة من الأول، وكلٌّ من ذكرها وعدمه جائزٌ، لكن الأكثر ذكرها (¬1)، أو هي لام قسم محذوف أي: أحببت. (أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ... إلخ) بضم الهمزة في كل ما ذكر من (أقتل وأحيا) في نسخةٍ: "أن أقتل" وفي أخرى: "فاقتل" وختم بالقتل مع أن القرار الحياة؛ لأن المراد: الشهادة، فختم بالحال عليها؛ أو لأن الإحياء للجزاء معلوم، فلا حاجة إلى ودادته، و (ثم): للتراخي في الرتبة أحسن من جعلها على تراخي الزمان؛ لأن المتمني حصول مرتبة بعد مرتبة إلى الانتهاء إلى الفردوس الأعلى. وفي الحديث -كما قال النوويُّ-: فضل الجهاد والشهادة، والحث على حسن النية، وشدة شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته، واستحباب طلب القتل في سبيل الله، وجواز قول الإنسان في الخير: لوددتُ، وتقديم أهم المصلحتين وأن الجهاد فرض كفاية، وتمنِّي الشهادة، وتمنِّي ما لم يمكن في العادة من الخيرات، والسعي في إزالة المكروه، والشفقة على المسلمين (¬2). ¬

_ (¬1) حَذْفُ اللام من جواب لولا اختلف فيه النحاة، فبعضهم جعله قليل -وعليه المصنف هنا- وبعضهم ضرورة، وبعضهم جعله مساويًا لأثباتها. والراجح من هذه الأقوال أولها. (¬2) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 13/ 22.

27 - باب تطوع قيام رمضان من الإيمان

27 - باب تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ. (باب: تطوع قيام رمضان من الإيمان) في نسخةٍ: "تطوع شهر رمضان". 37 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [انظر: 35 - مسلم: 759 و 760 - فتح: 1/ 92] (إسماعيل) هو ابن أبي أويس الأصبحي. (عن حميد بن عبد الرحمن) أي: ابن عوف. (من قام) أي: بالطاعة. (رمضان) أي: في لياليه. (من ذنبه) أي: من صغائر ذنوبه، كما مرَّ نظيره. 28 - بَابٌ: صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ. (باب) ساقط من نسخةٍ. (صوم رمضان احتسابًا من الإيمان) مبتدأ وخبرٌ. 38 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [انظر: 35 - مسلم: 759 و 760 - فتح: 1/ 92] (ابن سلام) في نسخةٍ: "محمد بن سلام". (قال: أخبرنا) في نسخةٍ: "قال حدثنا". (محمد بن فضيل) أي: ابن غزوان الضبِّيُّ. (من صام رمضان) أي: فيه بأن صامه كله، أو بعضه عند عجزه، ونيته الصوم لولا العجز. (إيمانًا واحتسابًا ... إلخ) تقدم بيانه.

29 - باب الدين يسر

29 - باب الدِّينُ يُسْرٌ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ". (باب: الدين يسرٌ) المراد بالدين: دين الإسلام؛ لأنه المتبادر، بـ (يُسْر) ذو يسر ليصح حمله على الدين، أو سمِّي الدين يسرًا مبالغة، كقول بعضهم في النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إنه الرحمة، مستدلًّا بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء: 107]. (وقول النبيِّ) بالجر عطف على الجملة قبله، بتقدير إضافة بابٍ إليها، وبالرفع عطفٌ عليها بدون هذا التقدير، أو على بابٍ، وخبره على الرفع محذوفٌ، أي: وارد وثابت. (أحب الدين) أي: أحب خصاله، وأحبُّ بمعنى محبوب، لا بمعنى محب. (الحنيفية) أي: الملة المائلة عن الباطلِ إلى الحق. (السمحة) أي: السهلة، والمراد: أنه لا حرج فيها ولا تضييق، بخلاف سائر الأديان، فالمراد بالدين: ملة الإسلام، كما مرت الإشارة إليه، ويحتمل: أن تكون اللام للعهد؛ إشارة إلى ملة إبراهيم، إذ الحنيف عند العرب من كان على ملة إبراهيم؛ لأنه مال عن عبادة الأوثان، وإنما أخبر عن الدين وهو مذكَّرٌ بالحنيفية السمحة وهما مؤنثان لغلبة الاسمية عليهما حتى صارا علمين، أو لأنَّ أفعل التفضيل المضاف لقصد الزيادة على من أضيف إليه، ويجوز فيه الإفراد والمطابقة لمن هو له، فإن قلت أفعل التفضيل يقتضي المشاركة، فيلزم أن يكون كل دينٍ محبوبًا لله تعالى، وليس كذلك. قلت: المراد بالدين: الطاعة، أو دين الإسلام لكن بتقدير أَحَبُّ

خصال الدين، كما مرَّ. وخصاله كلها محبوبة لله تعالى، لكن ما كان منها سمحًا سهلًا، فهو أحبُّ إلى الله تعالى. والتعليق المذكور أسنده ابن أبي شيبة، والبخاريُّ في: "الأدب المفرد" (¬1)، وإنما علقه هنا؛ لأنه ليس على شرطه. 31 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الغِفَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إلا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ". [5673، 6463، 7235 - مسلم: 2816 - فتح: 1/ 93] (عبد السلام بن مُطَهَّر) هو بضم الميم وفتح الهاء المشددة. ابن حسام الأزديُّ. (عمر بن علي) أي: ابن عطاء، وعمر وإن كان مدلسًا لكن لروايته شواهد تعضدها. (معن بن محمد) بفتح الميم وسكون العين المهملة، واسم جده: معن أيضًا. (عن سعيد بن أبي سعيد) اسم أبي سعيد: كيسان المقبريُّ، بضم الموحدة نسبة إلى مقبرة بالمدينة، وكان مجاورًا بها. (يسر) أي: ذو يسر كما مرَّ. (ولن يشاد الدين) أيُّ: "أحد" كما في نسخةٍ أي: يغالب، بمعنى: أن الدين يغلب من غالبه أي لا يتعمق فيه أحد ويترك الرفق إلَّا غلبه، وعجز وانقطع عن عمله كله، أو بعضه. (فسددوا) بالمهملة من السداد: وهو التوسط في العمل. (وقاربوا) أي: ¬

_ (¬1) "الأدب المفرد" ص 104 (287) باب: حسن الخلق إذا فقهوا. وقال الألباني: حسن لغيره.

30 - باب الصلاة من الإيمان

في العبادة، والمعنى: إن لم تستطيعوا العمل بالأكمل، فاعملوا بما يقرب منه. (وأبشروا) بقطع الهمزة، وكسر الشين من الإبشار، ويجوز لغة وصل الهمزة وضمُّ الشين من البشر، بمعنى الإبشار أي: أبشروا بالثواب على العمل، وإن قل وترك المبشر به للتنبيه على تعظيمه وتفخيمه. (بالغدوة) بضم الغين، وقيل: بفتحها: ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس. (والروحة) بفتح الراء: ما بين الزوال وغروب الشمس، وقد يقال لما قبل الزوال أيضًا. (الدُّلْجة) بضم الدال المهملة، وسكون اللام: سير آخر الليل، أو الليل كلّه، أما الدَّلجة بالفتح فسير أول الليل. واستعار في الحديث الأوقات الثلاثة، لأوقات النشاط وفراغ القلب للطاعة؛ لأنها أطيب أوقات المسافر، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - خاطب مسافرًا إلى مقصده، فنبهه على أوقات نشاطه؛ لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعًا عجز وانقطع. وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنه المداومة من غير مشقة. 30 - باب الصَّلاةُ مِنَ الإِيمَانِ. وَقَوْلُ الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] يَعْنِي: صَلَاتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ. (باب) ساقط من نسخة. (الصلاة من الإيمان) مبتدأ وخبر. (وقول الله) بالجرِّ والرفع نظير ما مرَّ في الباب قبله. (تعالى) في نسخةٍ: "عزَّ وجلَّ". (يعني صلاتكم) بمكة (عند البيت) أي: الحرام، متوجهين إلى بيت المقدس.

40 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إسحق، عَنِ البَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الَمدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجدَادِهِ -أَوْ قَالَ: أَخوَالِهِ- مِنَ الأنصَارِ، وَأنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيتِ الَمقدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهرًا -أَوْ سَبعَةَ عَشَرَ شَهرًا- وَكَانَ يُعجِبُهُ أَن تَكونَ قِبلَتُهُ قِبَلَ البَيتِ، وَأنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةِ صَلَّاهَا صَلَاةَ العَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ ممَّن صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهلِ مَسجِدٍ وَهُم رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بالله لَقَدْ صَلَّيتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ مَكُّةَ. فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيتِ، وَكانَتِ اليَهُودُ قَد أَعجبَتهم اِذ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الَمقْدِسِ، وَأَهلُ الكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ البَيتِ أَنكَرُوا ذَلِكَ. قَالَ زُهَيرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إسحق، عَنِ الَبرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هذا أنَّهُ مَاتَ عَلَى القِبلَةِ قَبلَ أَن تُحَوَّلَ رِجَال وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدرِ مَا نَقُولُ فِيهِم، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]. [399، 4486، 4492، 7252 - مسلم: 525 - فتح: 1/ 95] (زهير) هو ابن معاوية بن حديج بضم الحاء وفتح الدَّال المهملتين الجعفي. (أبو أسحاق) اسمه: عمرو بن عبد الله بن علي الهمداني. (عن البراء) في نسخة: "عن البراء بن عازب". (أوَّلَ) نصب على الظرفية، لا خبر كان؛ إذ خبرها (نزل) الآتي. (ما قدم) ما مصدرية. (المدنية) من مدن بالمكان إذا قام به، فجمعها مدائن بالهمز أو من دان أي: أطاع، أو من دين أي: ملك، فجمعها مداين بلا همز، ولها أسماء آخر يثرب، وطيبة، وطابة، والدَّار وطيبة؛ لخلوصها من الشرك؛ أو لطيبها لساكنها. (أو قال) الشك من أبي إسحق، وكل من الأمرين صحيح، إذ الجدودة هنا من جهة الأم كالخؤلة، وإطلاق الجدّ والخالِ هنا مجاز؛ لأن هاشمًا جدَّ أبي النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تزوج من الأنصار. (وأنه صلى)

عطف على أن النبيَّ. (قبل بيت المقدس) بكسر القاف وفتح الموحدة أي: جهته، والمقدس بفتح الميم وسكون القاف وكسر الدال مصدر، كالمرجع، أو مكان المقدس وهو الطهر أي: المكان الذي يطهر العابد فيه من الذنوب، أو يطهر العبادة فيه من الأصنام، ويقال: أيضًا بضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال المفتوحة ويقال: البيت المقدس على الصفة، والأشهر: بيت المقدس بالإضافة البيانية، كمسجد الجامع. (أو سبعة عشر شهرًا) الشكُّ منَ البرَّاءِ، وجزَم مسلمٌ وغيرُه بالأوَّلِ (¬1)، بعد زمني القدوم والتحويل من الشهرين شهرًا، وجزم الطبرانيُّ وغيره بالثاني (¬2)، بعد الزمنين شهرين وسمِّي زمن الشهر شهر الشهرية عند النَّاس لمحلِّ الحاجةِ إليه. (يعجبه) أي: يحبه. (وأنه أوَّل صلاة) عطف على (أن النبيَّ) أيضًا، وفي نسخة: "وأنَّه صلَّى أوَّلَ صلاةٍ" بذكرِ صلَّى، وهو مقدَّرٌ في الأولى، فصلى المذكور، أو المقدر خبر أنَّ، وأوَّل: مفعوله. (صلاة العصر) بالنصب بدلٌ من أول، ومن رفعهما على الابتداء والخبر، كأنه جعل ضمير أنه للشأن والجملة مفسرةٌ له. (فخرج رجلٌ) هو عباد بفتح العين، هو ابن نهيك بفتح النون وكسر الهاء، وهذا غير عَباد بن بشر الذي أخبر أهل قباء في صلاة ¬

_ (¬1) مسلم برقم (525) كتاب: المساجد، باب: تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة. (¬2) "الطّبرانيّ في "الكبير" 20/ 132 - 133 (270) و"مجمع الزوائد" 2/ 13 (1969) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القبلة، و"الثقات" لابن حبان 1/ 151.

الصبح، كما سيأتي بيانه (على أهل مسجد) هم من بني حارثة، ويعرف المسجد الآن بمسجد القبلتين. (وهم راكعون) أي: في الركوع حقيقة، أو في الصلاة مجازًا، من إطلاق الجزءِ على الكل. (أشهد بالله) أي: أحلفُ به. (لقد صليت) مقولُ القولِ، فجملة أشهد بالله: اعتراضٌ بين القول ومقوله. (مع رسول الله) في نسخة: "مع النَّبيِّ". (قبل مكّة) أي: قبل البيت الذي بها. (كما هم) أي: عليه، فما موصولةٌ، وصلتها: جملة هُمْ عليه (¬1). (قبل البيت) أي: الحرام. (اليهود) هم قوم مُوسَى عليه الصلاة والسلام واشتقاقه: من هاد أي: مال؛ لأنهم مالوا عن دين موسى إلى عبادة العجل، أو من هاد: إذا رجع من خير إلى شرِّ وعكسه؛ لكثرة انتقالاتهم. (أعجبهم إذ كان يصلِّي) فاعل أعجب يحتمل أن يكون ضمير النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وإذ بدل اشتمال منه، وأن يكون إذ يجعلها لمطلق الزمان، أي: زمان كان يصلي لبيت المقدس؛ لأنه كان قبلَتهم، فيعجبهم موافقتها. (وأهل الكتاب) بالرفع عطف على اليهود، وهو من عطف العام على الخاص، فإن أريد بهم النصارى لم يكن العطف من ذلك، وإعجابهم ذلك، ليس لكونه قبلتهم، بل بطريق التبعية لليهود. (أنكروا ذلك) قال تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} الآية [البقرة: 142]. (قال زهير) أي: ابن معاوية (أبو إسحق) أي: السبيعيُّ (مات على القبلة) أي: المنسوخة: وهيَ بيت المقدس. (رجال) أي: عشرة، منهم: البراء بن معرور، وأسعد بن زرارة، وعبد الله بن شهاب الزهريُّ. ¬

_ (¬1) فصلة (ما) هنا جملة اسمية، وهو قليل، والأكثر أن تكون صلتها جملة فعلية.

31 - باب حسن إسلام المرء

(وقتلوا) فائدة ذكر قتلهم: بيان كيفية موتهم؛ إشعارًا بشرفهم، واستبعادًا لضياع طاعتهم، لكن في القتل نظرة لأن تحويل القبلة كان قبل نزول القتال، حتَّى قال شيخنا (¬1): ولم أرَ في شيءٍ من الأخبار أن أحدًا من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة، فإن كانت هذه اللفظة محفوظة فتحمل على أن بعض المسلمين ممن لم يشتهر قتل في تلك المدة في غير الجهاد، ولم يضبط اسمه؛ لقلة الاعتناء بالتاريخ إذ ذاك. (تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ" ({وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}) [البقرة: 143] أبلغ وفيما يضيع لما فيه من نفي إمكان الإضاعة كما أشار إليه الزمخشريُّ (¬2). وفي الحديث كما قال النوويُّ: ندبُ إكرام القادم أقاربه، بالنزول عندهم، والانتقال من حال طاعة إلى أكمل والنُّسخ وأنه لا يثبت في حق أحدٍ حتَّى يبلغه، وجواز الصلاة إلى جهتين كل منهما بدليل حتى لو صلَّى أربعَ ركعات لأربع جهات بالاجتهاد صحَّ (¬3). 31 - باب حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ. (باب) ساقط من نسخة. (حسن إسلام المرء) بالجرِّ على إثبات (باب) مضافًا، وبالرفع على إسقاطه مبتدأ خبره محذوف أي: يكفر الله به عنه كلَّ سيئة كان زلفها، أخذًا من حديث الباب. 41 - قَالَ مَالِكُ: أَخَبرَني زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، أَنَّ عطَاءَ بْنَ يَسَارِ أَخبرَهُ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ أَخَبرَهُ، أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 1/ 98. (¬2) "الكشاف" 1/ 185. (¬3) "صحيح مسلم بشرح النووي" 5/ 9.

يُكَفرُ الله عَنْهُ كُل سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا اِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إلا أَنْ يَتَجَاوَزَ الله عَنْهَا". [فتح: 1/ 98] (قال مالك) في نسخةٍ: "وقال مالك" وفي أخرى: "قال: وقال مالك" وبكل تقدير هو تعليق بالجزم فله حكم الصحة على الصحيح. (يقول) أَتَى به مضارعًا، مع المناسب: أن يأتيَ به ماضيًا موافقة لـ (سمع)؛ لغرض الاستحضار، فهو لحكاية حال ماضيه (فحَسُنَ) عطف على أسلم. (يكفر) بالرفع جواب (إذا)، قيل: ويجوز جزمه فتكسر الراء حينئذٍ لالتقاء الساكنين. ويردُّ بأن جزم جواب (إذا) إنما يجوز في الضرورة كما صرَّح به ابن هشام. يقول الشاعر: وَإِذَا تُصْبِكَ خَصَاصَةٌ فَتَحَمَّلِ ... اسْتَعْنِ مَا أغْنَاكَ رَبُّكَ بِالْغِنَى فقول شيخنا (¬1): إن (إذا) لا تجزم أي: في النثر (¬2). (زلفها) بالتخفيف والتشديد أي: "أسلفها" كما عبَّر به في نسخةٍ، وفي نسخةٍ: "أزلفها". (وكان بعد ذلك) أي: بعد حسن إسلامه. (القصاص) بالرفع: اسم كان، على أنها ناقصة، أو فاعل على أنها تامة (¬3)، وأتى بها ماضيًا، مع أن السياق يقتضي أن يأتيَ بها مضارعًا؛ لتحقق الوقوع، كما في {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1] والمعنى: كان بعد ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 1/ 99. (¬2) وهو رأي جمهور النحاة. قالوا: إن (إذا) لا تجزم لمخالفتها (إنْ) الشرطية، وذلك لأن (إذا) لما تيقَّن وجوده أو رَجُحَ، بخلاف (إنْ) فإنها للمشكوك فيه. (¬3) والأوْلى هنا أن تهون ناقصة والقصاص اسمها.

ذلك المجازاة في الدنيا وفي الآخرة. (الحسنة بعشر أمثالها) جملة مستأنفة. (إلى سبعمائة ضعف) متعلق بمقدر أي: منتهيًا إلى ذلك، فهو حال والضعف: المثل، وظاهر الحديث: أنَّ التضعيف ينتهي إلى سبعمائة وبه أخذ بعضهم، والأوجه: خلافه؛ لنحو ما رواه البخاريُّ في: الرقاق بلفظ: "كتب الله له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافٍ كثيرة" (¬1) وأما قوله تعالى في آية: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} [البقرة: 261] {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261] فهو وإن احتمل أنه يضاعف تلك المضاعفة لمن يشاء بأن يجعلها سبعمائة، يحتمل أن يضاعف السبعمائة إلى أن يزيد ففضله واسع. (والسيئة بمثلها) أي: بلا زيادة، وذلك فضل من الله تعالى ومن سعة رحمته، كما قال تعالى: {فَلَا يُجْزَى إلا مِثْلَهَا} [الأنعام: 160] والجملة: معطوفة على الجملة قبلها. "إلا أن يتجاوز الله عنها" أي: يعفو عنها. وفيه: ردٌّ على من يقطع لأهل الكبائرِ بالنّار [كالمعتزلة] (¬2). 42 - حَدَّثَنَا إسحق بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا أَحْسَنَ أَحَدُكمْ إِسْلامَهُ فَكُل حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا". [مسلم: 129 - فتح: 1/ 100] (حدَّثنا) في نسخةٍ: "حدثني". (إسحق بن منصور) أي: ابن بهرام بكسر الموحدة على ما قال النوويُّ، والمشهور كما قال الكرمانيُّ ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6491) كتاب: الرقاق، باب: من هم بحسنة أو بسيئة. (¬2) من (م).

32 - باب أحب الدين إلى الله أدومه

وغيره: فتحها. (قال: حدَّثنا) في نسخةٍ: "أخبرنا". (عبد الرازق) هو ابن همام بن نافع الصنعاني. (عن همَّام) بتشديد الميم وفي نسخةٍ: "همَّام بن منبه". (أحدكم) الخطاب للحاضرين، والحكم عامٌّ لهم ولغيرهم باتفاق، ويدخل فيه العبيد والنساء، لكن النزاع في كيفية تناولهن، أهي حقيقة عرفية، أو شرعية، أو مجاز؟ (يعملها) تقييد للإطلاق السابق إذ لا بد من العمل في العشر والإضعاف، بخلاف الهمِّ بالحسنة، وأمَّا الهمِّ بالسيئة فلا بد من الجزم أو العمل. 32 - باب أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى الله أَدْوَمُهُ. (باب: أحبُّ الدين إلى الله أدومه) في نسخةٍ: "أحبُّ الدين إلى الله -عز جل- أدومه". 43 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخبرَنِي أَبي، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيهَا وَعِندَهَا امرأةٌ قَالَ: "مَنْ هذه؟ ". قَالَتْ: فُلَانَةُ. تَذكُرُ مِن صَلَاتِهَا. قَالَ: "مَهْ، عَلَيكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللهِ لَا يَمَل الله حَتَّى تَمَلُّوا". وَكَانَ أَحبَّ الدِّين إلَيهِ مَا دامَ عَلَيهِ صَاحِبُه. [1151 - مسلم: 785 - فتح: 1/ 101] (عن هشام) هو: ابن عروة. (قال) جواب ما يقالُ فماذا قال وفي نسخةٍ: "فقال". (فلانةُ) لا ينصرف للتأنيث والعملية؛ لأنه كناية عن كلِّ علمٍ عاقلٍ أنثى (تذكر) بالفوقية، وبالبناء للفاعل، وهو عائشة، وفي نسخةٍ: "يُذكر" بالياء التحتية والبناء للمفعول وهو (من صلاتها) أي: يُذكر كثيرُ من صلاتها فالمدْحُ لها على النسخةِ الأولى: كانِ مِنْ عائشةَ بحضرتِها،

ولعلهَّا أَمَنَتْ عليها الفتنة، فمدحتها في وجهها، وعلى الثانيةِ: من غيرها، وعائشةُ حاكيةٌ له هذا، ولكن رُويَ كانت عندي امرأة، فلما قامتْ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ هذه يا عائشةُ؟ " قالتْ: يا رسول الله هذه فلانةُ، وهي: أعبدُ أهلِ المدينةِ، وظاهرُه: أنَّ مدحها كان في غيبتها (مَهْ) بفتحِ الميم، وسكونِ الهاءِ: للزَّجْرِ بمعنى: اكْفُفِ. نهاها لله عليه الصلاة والسلام عن مدحِ المرأةِ بما ذُكرت، أو عَنْ تكلفِ عملِ ما لا يُطاق. (عليكم) اسم فعل بمعنى: الزمُوا، عمَّ [الرجال و] (¬1) المؤنثِ؛ تغليبًا لعمومِ الحكمِ في الأمةِ، وإلَّا فالخطابُ للنساءِ. (من الأعمال) أي: من دوامهِا. إلا يملُّ الله حتى تملوا) بفتح الميم فيها من الملالةِ: وهي السَّامةُ والضجرُ، أو تركُ الشيءِ؛ استثقالًا وكراهةً له بعدَ حرصٍ ومحبةٍ فيه، وهي بالمعنيين محالٌ على الله فيحتاجُ في حقهِ تعالى إلى تأويل. وهو كما قال المحققون: مجازٌ؛ لأنَّه تعالى لما كان يقطع ثوابه عمن قطع العمل ملالًا، عبر عن ذلك بالملال على سبيل المشاكلة، وهو في الحقيقة تسمية للشيء باسم سببه. (أحب الدين) أي: أحب الطاعة، أو أحب أعمال الدين (إليه) أي: إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أو إلى الله تعالى كما في رواية (¬2)، ولا تنافي بينهما لتلازم حكميهما. وفي الحديث -كما قال النوويُّ-: تسمية الأعمال دينًا، واستعمال المجاز في إطلاق الملل على الله تعالى، وجواز الحلف بلا ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) أخرجه مسلم برقم (782) كتاب: صلاة المسافرين، باب: فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره.

33 - باب زيادة الإيمان ونقصانه

استحلاف تفخيمًا للأمر، أو الحث على الطاعة، أو التغير من محذور وقصد المداومة حيث لا مشقة فيه؛ لما فيه من النشاط، فإن مع المشقة قد يترك الكلُّ، أو البعض. 33 - باب زِيادةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ. وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13] {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31] وَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ. (باب: زيادة الإيمان ونقصانه) بإضافة باب. (وقول الله) مع اللذين بعده عطف على زيادة الإيمان. (تعالى) في نسخةٍ: "عزَّ وجلَّ". والهدى: دلالة موصلة للبغية، وقيلَ: الدلالة مطلقة، وقوله: ({الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}) [المائدة: 3] دليل على نقص الإيمان؛ لأن ما قبل أحد الضدين قبل الضد الآخر، وإنما لم يقل فيه وقوله، كما في الآية الأولى الدالة على السيادة لصراحة تلك في الزيادة وهذه ليست صريحة في النقصان، ثم النقصان فيهما إنما هو بالنسبة إلى ما تجدد من الحج ونحوه، حتَّى أن من مات قبل نزوله فإيمانه ناقص بالنسبة إليه، وإلا فإيمانه، كغيره كامل في نفسه، فسقط ما قيل: إن الآية تقتضي أن الدين كان ناقصًا قبلُ، وإن من مات من الصحابة كان ناقص الإيمان. 44 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادةُ، عَنْ أَنَسِ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يَخرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إله إلا الله، وَفِي قَلبِهِ وزنُ شَعِيرَةٍ مِن خَيرٍ، وَيَخرُجُ مِنَ النَّارِ مَن قَالَ: لَا إلله إلا الله، وَفِي قَلبِهِ وَزنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيرٍ، ويخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَن قَالَ: لَا إله إلا الله، وَفِي قَلبِهِ وزنُ ذَرَّةٍ مِن خَيرٍ". قَالَ أَبُو عَبدِ الله: قَالَ أَبَانُ: حَدَّثَنَا قَتَادةُ، حَدَّثَنَا أَنَس، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "من

إِيمَانِ". مَكانَ: "مِنْ خَيرِ". [4476، 6565، 7410، 7440، 7509، 7510، 7516 - مسلم: 193 - فتح: 1/ 103] (مسلم بن إبراهيم) كنيته: أبو عمرو البصريُّ الأزديُّ. (هشام) هو ابن عبد الله سندر الربعيُّ، نسبةً إلا ربيعةَ. (يخرج) بالبناء للفاعل من الخروج، وفي نسخة: "يخرج" بالبناء للمفعول من الإخراج. (من قال) أي: بقلبه ولسانه. (لا إله إلا الله) أي: مع قوله: محمد رسول الله بجعل الجزء الأول علمًا على المجموع كـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] علم على السورة كلها، أو كان هذا قبل مشروعية ضم الثاني إليه. (من خير) أي: إيمان، كما في الرواية الأخرى، والمراد بهما: الإيمان بجميع ما جاء به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، والتنكير فيهما للتقليل المرغب في تحصيله؛ لأنه إذا حصل الخروج بأقلِّ ما ينطلق عليه اسم الإيمان، فالبكثير منه أحرى، وفي ذلك استعارة بالكناية، حيث شبه الإيمان وهو معنى بالجسم، ثم أضيف إليه ما هو من لوازم الجسم وهو الوزن. (برة) بضم الباء وتشديد الراء أي: قمحة. (ذرة) بفتح المعجمة وتشديد الراء: أصغر النمل، أو الهباء، الذي يظهر في عين الشمس كرءوس الإبر، أو الساقط من الكفِّ بعد وضعها في التراب ونفضها، وقدَّم الشعيرَ على البُرَّةِ؛ لكونها أكبرَ جرمًا منها، وأخَّر الذرةَ لصغرِها، فهو من باب الترقي في الحكم، وإن كان من باب التنزل في الصورة. وفي الحديثِ: الدلالةُ على زيادة الإيمان ونقصانه، ودخول طائفة من عصاة الموحدين النار، وأن الكبيرة لا يكفر مرتكبها ولا يخلد في النار، وفي نسخة: بدل (ذَرَّة) "ذُرَةٌ" بضم المعجمة وتخفيف

الراء. (قال أبو عبد الله) هو البخاريُّ، وهذا ساقط من نسخة. (قال أبان) في نسخةٍ: "وقال أبان" وهو بفتح الهمزة، وتخفيف الموحدة، بالصرف على أن الهمزة أصلية، فوزنه: فَعَال، وبالمنع على أنها زائدة، فوزنه: أفعل، وأبوه: يزيد العطار البصريُّ، وهذا من تعليقات البخاريّ، نبه به على تصريح قتادة فيه بالتحديث عن أنس؛ لأن قتادة مدلس لا يحتج بعنعنته، إلا إذا ثبت سماعه للذي عنعن فيه، وعلي تفسير المتن بقوله: (من إيمان) بدل قوله: (من خير). 45 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ، أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3] قَالَ عُمَرُ: «قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ» [4407، 4606، 7268 - مسلم: 3017 - فتح: 1/ 105] (الحسن بن الصَّبَّاح) في نسخةٍ: "الحسن بن البزار" بزايٍ ثم راءٍ، وجدُّ الحسن: محمد الواسطيّ. (جعفر بن عون) أي: ابن جعفر المخزوميَّ. (أبو العميس) بالتصغير: الهذليُّ. (قيس بن مسلم) كنيته: أبو عمرو الكوفي [العابد] (¬1). (عن طارق بن شهاب) كنيته: أبو عبد الله بن شهاب بن عبد شمس البجيليُّ الصحابيُّ. (أنَّ رجلًا) هو كعب الأحبار قبل أن يسلم. (آية) مبتدأ سوغ ¬

_ (¬1) من (م).

34 - باب: الزكاة من الإسلام

الابتداء به وصفُه ما بعده، أو بالتعظيم المستفاد من التنوين: أي: آية عظيمة، والخبر: (لو علينا) أي: لو نزلت علينا، أو محذوف مقدم على المبتدأ؛ أي: في كتابكم آية، وعليه: (لو علينا) صفة ثالثة لـ (آية). (معشر اليهود) بالنصب على الاختصاص، بأعني، أو نحوه، والمعشر: الجماعة شأنهم واحد. (لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا) أي: لعظمناه وجعلناه عيدًا لنا في كل سنة لعظم ما حصل فيه من كمال الدين. (أي آيةٍ) أي: هي، فالخبر محذوف، ولم يقل: ما تلك الآية؟ لأن السؤال بأي عن تعيين المشارك، والمطلوب تعيين تلك الآية، وما: يسأل بها عن الحقيقة وليس مرادةً هنا. (قال) أي: الرجل {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] أي: بالنصر والإظهار على الأديان، أو بالتنصيص على قواعد العقائد، والتوقيف على أصول الشرائع. {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] أي: بالهداية، والتوفيق، أو بإكمال الدين، أو بفتح مكّة، وهدم منار الجاهلية. (قال عمر) في نسخةٍ: "فقال" (نزلت فيه) في نسخةٍ: "أنزلتْ فيه". (على النَّبيِّ) في نسخةٍ: "على رسول الله". (بعرفة) بمنع الصرف للعلمية والتأنيث. (يوم جمعة) في نسخةٍ: "يوم الجمعة". 34 - بَابٌ: الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلاَمِ وَقَوْلُهُ: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة: 5] (باب: الزكاة من الإسلام) في باب: ما مرَّ في نظائره (وقوله) بالجرّ والرفعِ، وفي نسخةٍ: "وقوله - عزَّ وجلَّ - "وفي أخرى: "وقوله سبحانه"، وكل ذلك ساقط من نسخة. (ويقيموا) إلخ عطف على (يعبدوا) من

عطف الخاصِّ على العام. (القيمة) أي: المستقيمة. وفي نسخةٍ: "وقوله تعالى". {وَمَا أُمِرُوا} [البينة: 5] الآية. 46 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَويُّ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ". فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا، إلا أَنْ تَطَوَّعَ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَصِيَامُ رَمَضَانَ". قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: "لَا، إلا أَنْ تَطَوَّعَ". قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا، إلا أَنْ تَطَوَّعَ". قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ". [1891، 2678، 6956 - مسلم: 11 - فتح: 6/ 101] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس الأصبحي. (قال: حدثني) في نسخةٍ: "قال: حدثنا". (أبي سهيل) اسمه: نافع المدني. (عن أبيه) هو مالك بن أبي عامرٍ. (طلحة بن عبيد الله) أي: ابن عثمان القرشي. (جاء رجلٌ) هو ضِمَام بن ثعلبة، أو غيره. (من أهل نجد) هو بفتح النون وسكون الجيم: ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق. (ثائرا الرأس) بالمثلثة أي: متفرق شعر رأسه؛ من عدم الرفاهية وهو بالرفع: صفة لرجل، أو بالنصب: حال ولا تضرُّ إضافته؛ لأنها لفظيةٌ، وإسناده للرأس لإطلاقه على الشعر؛ لأنه أصله، كإطلاق السماءِ على المطر، أو للمبالغة بجعل الرأس كأنها المتفرقة، أو على حذف مضاف؛ أي: شعر الرأس. (نسمع) بفتح نونه، ونون (نفقه) ويروى: بضم التحتية فيهما بالبناءِ للمفعول. (دويُّ صوته) بفتح الدال، وكسر الواو، وشدة الياء،

وحكي: ضم الدال وهو بعد الصوت في الهواء وعلوه أي: شديد، لا يفهم منه شيءٌ، كدويِّ النحل. (حتى دنا) أي: لم نفقه قوله إلى أن قَرُبَ منا، ففقهناه أي: فهمناه. (عن الإسلام) أي: عن فرائضه بعد التوحيد وتصديق النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -، ولذلك لم يذكر له الشهادتين؛ لعلمه - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يسأل عنهما، ويحتمل: أنه ذكرهما ولم يسمع طلحة، أو لم يقل ذلك لشهرته. (إلا أن تطَّوع) بتشديد الطاء والواو، وأصله: تتطوع بتاءين فأدغمت إحداهما بعد قلبها طاءً في الطاءِ، ويجوز تخفيف الطاء على حذفِ إحدى التاءين. والاستثناء منقطع أي: لكن التطوع خير لك، ولا يجب إتمامه بالشروع فيه، صومًا كان، أو غيره، أمَّا الصوم: فلخبر النَّسائيّ وغيره: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان أحيانًا ينوي صوم التطوع ثم يفطر، وأما غيره فبالقياس عليه، وقال بعض العلماء: إنه متصل، فيجب عنده إتمام التطوع بالشروع فيه لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وبالقياس على الحجّ، ويجاب عنه: بأن النهيَ في الآية للتنزيه بقرينة الحديث السابق، والقياس على الحجّ مردودة لامتيازه عن غيره بوجوب المضيّ في فاسده فكيف في صحيحه؟ (قال رسول الله) في نسخة: "فقال رسول الله". (وصيام رمضان) بالرفع عطف على (خمس صلوات) وفي نسخةٍ: "وصوم رمضان". (قال) أي: طلحة. (وذكر له رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - الزكاة) هذا مقول طلحة، وكان نَسِيَ ما نصَّ عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أو التبس عليه فقال ذلك، وهذا يؤذن بأن مراعاة الألفاظ مشروطة، فإذا التبس عليه يشير في لفظه، إلى ما ينبيءُ عنه، كما فعل الرواي هنا. (أفلح) أي: فازَ وظفَر، وفلاحُه راجعٌ إلى عدمِ النقصِ، مطلقًا،

35 - باب: اتباع الجنائز من الإيمان

وإلى عدمِ الزيادةِ التي لمْ تُشرع، وإنَّما لم يذكر الحجَّ؛ لأنَّه لم يكن فُرِضَ، أو أن الرجل سأل عنْ حالهِ وهو ممن لا يجبُ عليه الحجُّ، أو أنَّ الرواةَ تفاوتوا حفظًا، إذ بعضهم لم يذكر الصومَ، [وبعضهم الزكاة] (¬1) وبعضُهم ذكر صلةَ الرحم، وبعضُهم أداءَ الخمسِ، وبالجملةِ فالزيادةُ يُعْمل بها، إلا إِن تغير إعراب الباقي فيقعُ التعارض، كما هو مقررٌ في محلّه. وفي الحديث: أنَّ السفرَ لطلبِ العلمِ مطلوبٌ، وجوازُ الحلفِ من غير استحلافٍ، ولا ضرورةَ، وأنَّه لا يجبُ صومُ غيرِ رمضانَ، وأنَه لا يجبُ في المال غيرُ الزكاةِ. 35 - بَابٌ: اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ (باب: اتباع الجنائز من الإيمان) في باب: ما مرَّ في نظائرهِ، واتباع: بتشديد التاءِ، والجنائز: جمعُ جنازةِ بفتحِ الجيمِ، وكسرها: الميتُ، وقيل بالفتحِ: للميت، وبالكسر: للنعشِ وعليه الميت. 47 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ المَنْجُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ" تَابَعَهُ عُثْمَانُ المُؤَذِّنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [1323، 1324، 1325 - مسلم: 945 - فتح: 1/ 108] ¬

_ (¬1) من (م).

(أحمد بن عبد الله بن عليّ المنجوفي) نسبة إلى جَدِّ أبيه منجوف: بفتح الميم، وسكون النونِ، وضمِّ الجيم، وفي آخرهِ فاءٌ، ومعناه: الموسع. (عَوْفٌ) هو ابن أبي جميله بندويه: بفتح الموحدة، وبالنون الساكنة، والدال المهملة المضمومة العبديُّ. (الحسن) أي: البصريُّ. (ومحمد) أي: ابن سيرين. (من اتبع) بتشديد التاء، وفي نسخةٍ: "من تبع"، والمرادُ من اتباعِ الجنازةِ: المشيُ أمامِها للاتَّباعِ؛ ولأن مشيعَها شفيعٌ والشفيعُ: إنَّما يكونُ أمامَ المشفوع له، وقيل: المراد باتباعِهَا: المشيُ وراءِها، وقيلَ: الأمرانِ سواءُ. (معه) أي: مع المسلمِ، وفي نسخةٍ: "معها" أي: مع الجنازةِ. (حتَّى يُصَلَّى عليها، ويفرغ من دفنها) ببنائهِما للفاعلِ، ويجوز بناؤهما للمفعول. (فإنّه يرجع من الإجر بقيراطين ... إلخ) أفاد الحديثُ: أنَّ حصولَ القيراطينِ للتابع مقيدٌ بأن يصلِّي هو عليها، ويتبعها إلى أن يفرغَ من دفنِها، فهو مقيدٌ لبعضِ الأحاديث المطلقةِ، والحاصلُ: أن الصلاةَ يحصل بها قيراطٌ إذا انفردتْ، وبها مع الاتباعِ إلى تمام الدفنِ قيراطان. وأما خبرُ: "من صلَّى على جنازة فله قيراطُ، ومن تبعها حتَّى تُدفنُ فله قيراطانِ" (¬1) فمعناه: فله تمامُ قيراطيِن بالمجموعِ، لكن قد يُقال: يُعارضُ ذلك خبرُ الطبرانيِّ أي: "من تبع جنازةَ حتَّى يقضى دفنها كتب له ثلاثةُ قراريطَ" (¬2) وخبُر السنن الصَّحاحِ المأثورة: "من أوذن بجنازة ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1325) كتاب: الجنائز، باب: من انتظر حتَّى تدفن، ومسلم برقم (945) كتاب: الجنائز، باب: فضل الصلاة على الجنازة واتباعها. (¬2) أخرجه الطّبرانيّ في "الأوسط" 9/ 117 - 118 (9292) وقال الهيثمي: رواه الطّبرانيّ في الأوسط وفيه الخليل بن مرَّة وفيه كلام.

فأتى أهلَها فعزَّاهم كتبَ الله له قيراطًا، فإن تبعَها كتب الله له قيراطين فإن صَلَّى عليها كتب الله له ثلاثةَ قراريطَ، فإن شَهِدَ دفنَها كتب الله له أربعةَ قراريطَ" (¬1)، ويجُاب بأنَّ خبَر صحيحِ البخاريِّ لا يقاومه غيره، فعلم أنَّ القيراطين لا يحصلان لمن صلَّى ولم يتبع، ولا لمن صلَّى وذهب إلى القبر وجلس حتَّى جاءت، [وحضر الدفن، أو حضر الدفن] (¬2) ولا لمن حضر الدفن ولم يصلِّ، أو تبعها [ولم يصل] (¬3). والقيراط لغة: نصف دانق، وأصله: قرَّاط، بتشديد الرَّاءِ، بدليلِ جمعهِ على قراريط، فأبدل من أحد حرفيِّ تضعيفه ياءً، كما في دينار، والمراد من القيراطِ هنا: الحصة من جنسِ الأجرِ، فلفظ: القيراطين مبهم، من جهتي الجنس والمقدار، فبين الأولى بقوله: من الأجر، والثانية بقوله: مثل أحد. و (أُحُد) بضمتين، جبل بالمدينة، سُمِّيَ به؛ لتوحُّدِهِ وانقطاعه عن جبالٍ أخرى (¬4)، وقد بسطت الكلام على الحديث بعض البسط في "شرط الأعلام". (تابعه) في نسخةٍ: "قال أبو عبد الله: تابعه" أي: تابع روحًا. (عثمان) هو ابن الهيثم. (المؤذن) أي: بجامع البصرة. (نحوه) بالنصب أي: بمعنى ما مرَّ لا بلفظه. وفي الحديث: الحثُّ على صلاةِ الجنازةِ واتباعها وحضورِ دفنِها والاجتماعِ لها. ¬

_ (¬1) هذا الخبر ذكره ابن حبان في كتابه "المجروحين" من رواية معري بن سليمان وهو ضعيف 3/ 40. (¬2) من (م). (¬3) من (م). (¬4) انظر: "معجم ما استعجم" 1/ 17، و "معجم البلدان" 1/ 109.

36 - باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر

36 - بَابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا» وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: " أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ. وَيُذْكَرُ عَنِ الحَسَنِ: " مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلاَ أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ. وَمَا يُحْذَرُ مِنَ الإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135]. [فتح: 1/ 109] (باب: خوفُ المؤمنِ منْ أَنْ يحبطَ عملُه) لفظُ: (من) ساقطٌ منْ نسخةٍ، و (يحبطُ عملهُ) بفتحِ الموحدةِ بالبناءِ للفاعلِ، والمرادُ: إحباطُ ثوابِ عملهِ بكفرٍ لا بمطلقِ المعصيةِ، إذ ذاكَ قولُ المعتزلةِ. (وهوَ لا يشعرُ) حال. (إبراهيمُ) هو ابن يزيد بنِ شريكِ التَّيميُّ أي: تَيْمُ الرباب بفتح الرَّاءِ. (مكذبًا) بكسر المعجمة أي: مكذبًا لعملي بقولي الذي أعظ به، وبفتحها [أي] (¬1): يكذبني من رأى عملي مخالفًا لقولي، أو ما قاله إبراهيم مع ما بعدَهُ تعليق من البخاريِّ. (ابن أبي مليكة) اسمه: عبدُ الله ابن عبيدِ الله بن أبي مليكة، واسم أبي مليكة بالتصغير: زهير. (من أصحاب النَّبيِّ) في نسخةٍ: "من أصحابِ رسول الله". (يخافُ) أي: يخشى. (النفاق) أي: في ¬

_ (¬1) من (م).

الأعمالِ، إذ قد يعرضُ للمؤمن في عملهِ ما يشعر به مما يخالفُ الإخلاصَ، ولا يلزمُ منْ خوفِ المذكورينَ ذلك وقوعه منهم - رضي الله عنهم -، وإنَّما خافوُا على سبيل المبالغةِ في الورعِ والتقوى، أو خافُوه لما رأوا من تغيير النَّاسِ بما يعهدُوه، مع عجزهِم عنْ إنكاره، فخافوُا أن يكونوا داهنوا بالسكوتِ. (ما منهم من أحدٍ يقولُ: إنه على إيمانِ جبريلَ وميكائيلَ) أي: لا يجزم أحدٌ منهم بعدم عروض ما يخالف الإخلاص، كما يجزم بذلك في إيمان جبريل وميكائيل؛ لإنهما معصومانِ. (ويُذكر) بالبناء للمفعول، وإنما لم يذكره بصيغة الجزم، كالذين من قبله؛ لأنه لم يثبت عنده ثبوتهما. (عن الحسن) أي: البصريِّ، وفي نسخة: زيادة "أنه قال". (ما خافه) في نسخة: "وما خافه" وضمير خافه وأمنه؛ للنفاق، وقيل لله تعالى. (ما يحذر) بالبناء للمفعول؛ عطفٌ على خوف، في الترجمة قال البرماوي: ويحتمل عطف على ما يقول ببنائه للفاعل، و (ما) على الثاني: نافية، وعلي الأوَّلِ: مصدرية، وما بين المتعاطفين فيه اعتراض وفصل به بينهما لتعلقهِ بأوَّلهما فقط. (على التقاتل) وفي نسخةٍ: "على النفاق". (لقول الله تعالى) في نسخةٍ: "لقولِ الله - عزَّ وجلَّ - "وفي أخرى: "لقوله -عزَّ وجلَّ -". (وهم يعلمون) حال من فاعل يصرُّوا أي: لم يصرُّوا على قبيح فعلهم عالمين به. 48 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ المُرْجِئَةِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ" [6044، 7076 - مسلم 64 - فتح: 1/ 110] (محمد بن عرعرة) بعينين وراءين مهملاتٍ؛ أي: ابن البرند

البصريُّ، والبرند: بكسرِ الموحدةِ والراءِ، وحُكِيَ فتحهما. (زبيد) بالتصغيرِ: ابن الحارثِ بنِ عبدِ الكريمِ الياميِّ. (أبا وائل) بالهمز بعد الألفِ، اسمهُ: شقيق بن سلمةَ الأسديَّ، أسد خزيمةَ. (عن المرجئةِ) نسبة إلى الإرجاءِ: وهو التأخير؛ لأنهم أخَّروا الأعمال على الإيمان، حيثُ زعموا أنَّ مرتكبَ الكبيرةِ غيرُ فاسقٍ، والمعنى: سألتُ أبا وائل عن قول المرجئةِ: إنَّ مرتكبَ الكبيرةِ غيرُ فاسقٍ، أهم مُصِيبُونَ فيه أَم مُخطِئُونَ؟ (عبد الله) هوَ ابن مسعودٍ. (سباب) بكسر السين، مصدر يحتمل أن يكونَ على بابهِ من المفاعلة أن يكونَ بمعتركه: السبِّ أي: الشتم: وهو التكلُّمُ في عرضِ الإنسانِ بما يعيبهُ. (فسوق) أي: خروج عن الطاعة. (وقتاله) يحتمل: أن يكون على بابهِ من المفاعلة، وأن يكونَ بمعنى: القتل. (كفر) لا بمعنى الخروج عن الملَّةِ، أو بمعناه، لكنه قاتل المسلم، أو قتله مستحلًّا لذلك، أو المرادُ: الكفرُ اللغويُّ، وهو الستر؛ لأنه بقتاله له ستَر مالَه عليهِ من حقّ الإعانةِ وكفِّ الأذى، أو عبَّر به مبالغة في التحذير عن ذلك؛ لأنه أغلظُ منَ السبِّ، وإنِ اشترك في الفسق، ولهذا عبَّر فيهِ بالكفرِ وفي السبابِ بالفسوقِ. وفي الحديث: تعظيمُ حقِّ المسلم، والحكمُ على من سبَّهُ بالفسقِ. 49 - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: "إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، التَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالخَمْسِ" [2023، 6049 - فتح: 1/ 131] (حدَّثنا قتيبة بن سعيد) في نسخةٍ: "هو ابن سعيد". (حميد)

بالتصغير، كنيتهُ: أبو عبيدةَ بنُ أبي حُمَيْدٍ. تير بكسر الفوقية، وسكون التحتية، ومعناه بالعربية: السهم. (عن أنسِ) في نسخةٍ: "عن أنس بن مالكٍ" وفي أخرى: ["حدَّثنا أنس" وفي أخرى] (¬1): "حدثني أنس". (خرج) أي: من الحجرة. (يخبر) استئنافٌ، أو حالٌ مقدرةٌ؛ لأن الإخبارَ منَ الخروجِ. (بليلة القدر) أي: بتعيينها. (فتلاحى) أي: تنازع. (رجلانِ) هما: عبد الله بن أبي حدرد، وكعب بن مالك، كان له على عبد الله دين فطالبه فتنازعا وارتفع صوتهما في المسجد، وقيل: إن البخاريَّ أوردَ هذا الحديثَ في الباب؛ تنبيهًا على أنَّ التلاحي غير المشاغبة؛ لأنَّ التلاحِي: محاورة فليس بفسوقٍ. (لأخبركم بليلةِ القدر) المفعول الأول لأخبر: الضمير، والثاني والثالث سدَّ مسدَّهما قوله: (بليلة القدر) أي: أخبركم بأن ليلة القدرِ هيَ ليلة كذا. (وإنَّه) بكسر الهمزة، عطف على إنِّي. (فَرُفِعَتْ) أي: رفع بيانُها، أو علْمُها من قلبي، بمعنى: أنِّي نسيتها. (وَعَسَى أن يكونَ) أي: رفعها. (خيرًا لكم) فتزيدوا في الاجتهاد في طلبها؛ ليكثر ثوابكم، ولو كانت معينةً لاقتصرتم عليها فقلَّ عملكم. وإنما أمر بطلبها مع أن علمها رفع؛ لأن المرادَ: طلبُ التعبد في مظانِّها، وربما يقع العمل مصادفًا لها، إلا أنه مأمور بطلب العلم بعينها. (التمسوها) أي: اطلبوها، فيه: إشارة إلى أنَّ المرادَ برفعها: رفع علمها، لا رفع وجودِها، وإلا لما أمرهم بطلبها، وفي نسخة: "فالتمسوها". (في السبع والتسعِ والخمسِ) أي: في لياليها بعد العشرين ¬

_ (¬1) من (م).

37 - باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلم الساعة

من رمضان بقرينة بقيةِ الروايات، وفي نسخةٍ: تقديمُ "التسعِ" على (السبعِ). وفي الحديث: ذمُّ الملاحاةِ والخصومةِ، وأنهما سببا العقوبة العامة بذنب الخاصة، والحثُّ على طلب ليلةِ القدر، ووجهُ مناسبةِ الحديثِ للترجمةِ: ذمُّ التلاحي الذي قد يؤدي صاحبه إلى بطلانِ عمله خصوصًا إذا كان في المسجدِ، وبحضرتِه - صلى الله عليه وسلم -. 37 - بَابُ سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلامِ، وَالإِحْسَانِ، وَعِلْمِ السَّاعَةِ وَبَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ" فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا، وَمَا بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ مِنَ الإِيمَانِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] (باب: سؤال جبريل للنبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - عنِ الإيمان ... إلى آخرهِ) بإضافةِ باب. (وعلم الساعةِ) عطف على الإيمانِ والمراد بالساعة: القيامة، سميت بذلك؛ لوقوعها بغتةً؛ أو لسرعة حسابها، والتقدير: وعلم وقتِ الساعةِ، كما يشير إليه قوله بعد: مَتى الساعةُ؛ لأن متى إنما يسأل بها عن الزمان. (وبيان) عطف على سؤالٍ (لهُ)؛ أي: لكل من الأسئلةِ المذكورة، والمراد: ببيانه عفيم لها، تفسيرها كما في الأسئلة الثلاثة الأُوَل، أو حكمًا كما في رابعها؛ لأنه لم يبيِّن وقتَ الساعةِ وإنما بيَّنَ حكمها في قولهِ بعد: (لا يعلمهنَّ إلا الله). (ثم قال) عطف علّى سؤال جبريل النبيَّ، وغير فيه الأسلوب؛ حيثُ عطفَ الجملة الفعليةَ على

الاسم؛ لتغيُّرِ المقصودِ إذ المقصودُ منَ الأوَّلِ: الترجمةُ، ومن الثاني: كيفيةُ الاستدلالِ. (فجعل ذلك كله دينًا) يدخلُ فيهِ اعتقادُ وجودِ الساعةِ، وعدمُ العلمِ بوقتها لغيرِ الله تعالى؛ لأنَّهما منَ الدينِ. (وما بين) الواو فيه وفي قوله: (وقوله تعالى) بمعنى: مع، ويحتمل على بعد عطفهما على سؤال فيكونان من جملة الترجمة وعلي الأوَّلِ فالمعنى: فجعل ذلك كله دينًا مع ما بينَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم. (لوفدِ عبدِ القيسِ) ومعَ ما دلَّ عليهِ قولهُ تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]. (من الإسلام) هو الدين. (لوفد) الوفد: الجماعة المختارة من القوم ليتقدَّموهم للقاء العظماءِ، وأحدهم وافد. (عبد القيس) قبيلةٌ عظيمةٌ من العربِ. 50 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: "الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ". قَالَ: مَا الإِسْلامُ؟ قَالَ: "الإِسْلامُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ". قَالَ: مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ"، قَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: "مَا المَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا، وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإِبِلِ البُهْمُ فِي البُنْيَانِ، فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إلا اللَّهُ " ثُمَّ تَلا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] الآيَةَ، ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ: "رُدُّوهُ" فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَقَالَ: "هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: جَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الإِيمَانِ [4777 - مسلم 9، 10 - فتح: 1/ 114]

(إسماعيل بن إبراهيم) أي: ابن سهم. (أبو حيَّان) بفتح المهملةِ وتشديد التحتيةِ اسمه: يحيى بن سعيد بن حيَّان التيميُّ؛ نسبة إلى تيمِ الربابِ. (أبي زرعةَ) تقدَّم في باب: الجهادِ من الإيمان (¬1). (بارزًا) أي: ظاهرًا. (للناس). (فأتاه) رجلٌ أي: (جبريل) في صورة رجلٍ، وفي نسخةٍ: "فأتاه جبريل". (أن تؤمن بالله) أي: تصدق بوجوده وصفاته، والسؤال وقع بما، ولا يسأل بها إلا عن الماهية، لكن الظاهر: أنه - صَلَّى الله عليه وسلم - علمَ أنَّ الرجلَ مسألة عن متعلقاتِ الإيمان لا عن حقيقته، وإلا فكان الجوابُ: الإيمانَ التصديقَ، وإنما عرَّف الإيمانَ بذلك؛ لأنَّ المرادَ من المعرَّفِ: الإيمانُ الشرعيُّ، ومن التعريف اللغويِّ حتَّى لا يلزم تعريفُ الشيء بنفسه، وإنما قالَ جبريلُ - عليه السلام - في جوابهِ: صدقتَ، مع أنه لا يقال في جوابِ التعريف؛ لأنَّه لم يقصدْ محض التعريفِ، بل قَصَدَ معهُ الحكم على الإيمان بأنه التصديق بما ذكر؛ ليكونَ فيه معَنى الخبرِ فصحَّ الجوابُ بصدقتَ، أو قصدَ بصدقتَ: التسليمَ والتعريفَ يقبلُه ولا يقبلُ المنعَ؛ لأن المنع: طلبُ الدليل، والدليلُ إنما يتوجه للخبرِ لا للتعريفِ. (وملائكتهُ) جمع ملكٍ، وأصلهُ: ملاكٌ مفعل من الألوكة: بمعنى الرسالةِ، زيدتْ فيه التاءُ، لتأكيدِ مَعْنى الجمعِ، أو لتأنيثِ الجمع، وهمْ: أجسامٌ علويةٌ نورانيةٌ مشكلةٌ مما شاءتْ من الأَشكالِ. والإيمانُ بهم والتصديقُ بوجودهمِ، وبأنهم كما وصفهم الله تعالى: {عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26]. (وبلقائِه) أي: بالانتقالِ إلى دار المقر، أو بما يكون بعد البعث عند ¬

_ (¬1) سبق ذكره في حديث برقم (36) كتاب: الإيمان، باب: الجهاد من الإيمان.

الحساب، أو برؤية الله في الآخرةِ. (وبرسلهِ) في نسخةٍ: "ورسله" وفي أخرى: زيادة "وكتبه". (وتؤمن بالبعثِ) أي: من القبورِ، وقيل: المرادُ: بعثةُ الأنبياء، وإنما أعادَ فيهِ تؤمنُ دونَ الثلاثةِ قيلَ: اعتناءَ بشأنهِ. (أن تعبد الله) أي: تطيعه بتذلُّلِ وخضوع وتنطق بالشهادتين (ولا تشركَ به) في نسخةٍ: زيادة "شيئًا". (وتقيمَ الصلاة) أي: "المكتوبة" كما صرَّح به مسلمٌ (¬1). (وتؤديَ الزكاةَ المفروضةَ) خرجَ بالمفروضةِ صدقةَ التطوعِ، فإنها زكاةٌ لغويةٌ، أو المعجَّلة؛ نظرًا لحالِ التعجيلِ، وقيل: ذكرُ المفروضة تأكيدٌ. (وتصوم رمضان) لم يذكر معَ المذكورات الحجَّ؛ إما نسيانًا من الراوي، أو لأنَّه لم يكن فُرِضَ، والأوجهُ: الأوَّلُ، لمجيئه في روايةٍ بلفظ: "وتحجَّ البيت إن أستطعت إليه سبيلًا" (¬2) [وفي رواية ذكر فيها الحج، والاعتمار، والغسل من الجنابة، وإتمام الوضوء، ولأن] (¬3). في رواية ابن منده بسندٍ عَلى شرطِ مسلمٍ: أنَّ الرجلَ جاءَ في آخر عمرِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مع أنَّه لم يذكر الصومَ في روايتهِ، واقتصر في أخرى: عَلى الصلاة والزكاة، وفي أخرى: عَلى الشهادتين، وقد وقع هنا التفريق بين الإيمان والإسلام، فجعلَ الإيمانَ عملَ القلبِ والإسلامَ عملَ الجوارحِ، وفيه: تجوزُ، بلْ هما معًا عبارةٌ عنِ الإيمان والإسلام الكاملين والإيمانُ الحقيقيُّ: هو التصديق بما جاءَ بهِ النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - بشرطِ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" برقم (9) كتاب: الإيمان، باب: الإيمان ما هو وبيان خصاله. (¬2) "صحيح مسلم" برقم (8) كتاب: الإيمان، باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله - صَلَّى الله عليه وسلم - وبيان الدليل على كل أن التبري ممن لا يؤمن بالقدر وإغلاظ القول في حقه. (¬3) من (م).

النطقِ بالشهادتينِ، والإسلام حقيقة: عكسُ ذلك كما مرَّ بيانه. (ما الإحسانُ) مبتدأ وخبر، والإحسانُ: الإنعامُ على الغيرِ، أو الإخلاصُ، إذ فيهِ إحسان لنفسه، بعدمِ المرايأةِ. (كأنَّكَ تراه) حال من فاعل تعبد؛ أي: تعبد الله مشبهًا نفسك بمن يراه. (فإنّه يراك) ليس جوابًا للشرطِ؛ لأنَّه ليسَ مسببًا عنه، بل الجوابُ مقدرٌ أي: فإن لم تكن تراه فاعبده، أو فلا تغفلْ فإنَهُ يراكَ. وهذا من جوامعِ كلمهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّهُ شامل لمقامِ المشاهدةِ ومقامِ المراقبة، إذ للعبد في عبادته ثلاث مقامات، وكل منها إحسان، الأول: أن يفعلها على الوجه الذي يسقطها [عنه] (¬1) بأن يفعلها مستوفيًا للشرائط والأركان، الثاني: أن يفعلها كذلك وقد استغرق في بحار المكاشفة حتَّى كأنّه يرى الله تعالى، وهذا مقامهُ - صلى الله عليه وسلم -، الثالث: أن يفعلها وقد غلبَ عليه أن الله تعالى يشاهده، وهذا هو مقام المراقبة. فقوله: (فإن لم تكن تراه) نزولٌ عن مقام المكاشفةِ، إلى مقام المراقبة أي: إن لم تعبُده وأنتَ منْ أهلِ الرُّؤيةِ المعنوية، فاعبده بحيث إنَّه يراك، وإنَّما أخَّر السؤال عن الإحسان؛ لأنَّه صفةُ الفعلِ، أو شرط في صحتهِ، والصفة بعد الموصوفِ، وبيان الشرطِ متأخَّر عن بيانِ المشروط. (ما المسئولُ عنها) لفظُ: (عنها) ساقطٌ منْ نسخةٍ. (بِأعْلَمَ) الباءُ زائدةٌ لتأكيدِ مَعْنَى النفي، والمرادُ: نفيُ عِلْم وقتها، إذ وجودها مقطوع به، وهذا وإن أشعر بالتساوي في العلم بوقتها فليس مرادًا، دائمًا المرادُ: التساوي في نَفْي العلمِ بهِ، وليس السؤال عنها ¬

_ (¬1) من (م).

ليعلمها الحاضرون، كالأسئلةِ السابقةِ، بل لينزجروا عن السؤال عنها، كما قال تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ} [الأحزاب: 63] فلمَّا وقع الجوابُ عنها، بأنه لا يعلمها إلا الله كفوا. (أشراطها) جمعُ شرط، بالتحريك أي: علاماتها السابقة عليها، أو مقدماتها لا المقارنة لا المضايقة لها، كطلوعِ الشمس من مغربها، وخروج الدابة (إذا ولدت الأمةُ ربَّها) أي: مالكها وسيدها، وعبَّر في كتاب: التفسير بربتها بتاء التأنيث، علَى معنى التسمية ليشمل الذكر والأنثى، وقيل: كراهية أن يقول: ربها؛ تعظيمًا للفظ الربِّ، وكُنِّي بذلك عن كثرةِ أولادِ السراري، حتَّى تصير الأمُّ كأنها أمةً لابنها من حيث إنها ملكٌ لأبيه، أو لأنَّ الإماءَ يلدنَ الملوكَ فتصير الأمُّ منْ جملةِ الرعايا، والملك سيِّد رعيتهِ، وأنَّ الحالَ يفسدُ بكثرةِ بيعِ أمهاتِ الأولادِ، فيتداولهُنَّ المَّلاك، فيشتري الولدُ أمه وهو لا يشعر. وإطلاق الربِّ هنا على غير الله لا ينافي خبر: "لا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي ومولاي" (¬1) لأنَّ هذا من باب التشديد والمبالغة، أو النَّبيُّ مخصوصٌ به. (إذا تطاول) أي: تفاخر أهلُ الباديةِ في البنيان. (رعاة الإبل) بضمِّ الرَّاء: جمع راعٍ، كقضاةٍ وقاضٍ، وفي نسخةٍ: "رعاءُ الإبلِ" بكسر الراء: جمع راعٍ أيضًا، كتجارٍ وتاجرٍ. (البهمٍ) بضمِّ الموحَّدةِ: جمعٍ أبهم، وهو الأسود، وروي بجرِّ الميمِ؛ صفة للإبلِ، وبرفعها؛ صفة ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2552) كتاب: العتق، باب: كراهية التطاول على الرقيق وأخرجه مسلم برقم (2249) كتاب: الألفاظ من الأدب، جاب: حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد.

للرعاةِ أي: الرعاة المبهمون الذين لا يعرفون، فهو جمع بهيم، ومنه أبهم الأمر. (في خمسٍ) أي: وعلم وقت الساعة داخلٌ في جملة خمس، قيل: والحصرُ فيها لكونها المسئول عنها، وإلا فالأمور التي لا يعلمها إلا الله لا حصر لها، أو يقال: إن غير الخمس عائدٌ إليها، وهذا إنما يأتي لو حُصِرَ علمُه فيها، بأن يقول: لا يعلم إلَّا إياها، وليس كذلك، بل الحصر إنما هو لا يعلمهن إلا الله، كما أفاده الحديث بهذا اللفظ، والآية: بتقديم عنده عليهن. (الآية) بالنصبِ: بمقدر كأعني، أو أقرأ، وبالرفع: مبتدأ خبره محذوف أي: الآية مقروءة أو عكسه أي: المقروء الآية، وبالجرِّ أي: إلى الآية أي: مقطعها. (ثم أدبر) أي: الرجل السائل. (فلم يروا شيئًا) مبالغة؛ حيث لم يقل لم يروه، أو لم يروا أحدًا أي: لم يروا عينه ولا أثره. (هذا جبريل) في نسخةٍ: "إن هذا جبريل" وفيه: أنَّ الملك يتمثل لغير النَّبيِّ، وأنَّ غيره يراه قائلًا سامعًا. (يُعَلِّمُ النَّاس) أسند التعليمُ إليهِ وإنْ كانَ سائلًا؛ لأنَّ سؤالَهُ مسبّبٌ في التعليمِ. (أبو عبد الله) أي: البخاريُّ. (من الإيمان) أي الكامل، وفي الحديث: أن العالم إذا سُئَلَ عما لا يعلم يصرِّحُ بأنَّهُ لا يعلم، ولا ينقصُ ذلك من جلالتِه، بل يدلُّ عَلى ورعهِ وتقواه، وأنَّه يسألُ غيره ليعلم السَّامعون، وبيان عظم الإخلاص والمراقبة وغير ذلك.

38 - باب

38 - باب (باب) بلا ترجمة، بل هو ساقط من نسخةٍ، فالحديث هنا داخل في ترجمةِ البابِ قبله من جهة اشتراكهما في جعل الإيمان دينًا. 51 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، " أَنَّ هِرَقْلَ، قَالَ لَهُ: سَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ، حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ لَا يَسْخَطُهُ أَحَدٌ" [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح: 1/ 125] (إبراهيم بن حمزة) أي: ابن محمد بن مصعب بن عبيد الله بن الزُّبير بن العوام القرشيُّ. (إبراهيم بن سعد) أي: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. (أبو سفيان) في نسخة: زيادة "ابن حرب". (هل يزيدون؟) استعمل هنا (هل) بمعنى: الهمزة التي عبَّر بها في بابِ: بدء الوحي بقرينةِ تعبيرهِ هنا بِأمِ الدالة عَلى الاتصال بين ما بعدها وما بعد الهمزة، وإن كان الأصلُ في الهمزة طلب تعيين أحد الأمرين وفي (هل) طلب الوجود، على أن كلامَ الزمخشريّ في "المفصل" يدل على أنه إنما يشترط في تقدم أم مطلق الاستفهام. وقيل: هل هنا على أصلها، وأم منقطعة لا متصلة أي: بل ينقصون، ليكون إضرابًا عن سؤالِ الزيادةِ واستفهامًا عن النقصان. (الإيمان) أي: أمره. وقد مرَّ شرحُ الحديث بطوله، ومقصود البخاريِّ هنا: أنَّ هرقل لم يفرقْ بين الإيمان والدين، فسماه مرةً دينًا، وأخرى إيمانًا، وحذف الزائد على ذلك، ومثل ذلك يسمَّى خرمًا، واختلف فيه، فقيل: بالمنع

39 - باب فضل من استبرأ لدينه

مطلقًا، [وقيل: بالجواز مطلقًا] (¬1) والصحيح: جوازه من العالمِ إذا كانَ ما تركه غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة، وقال الكرمانيُّ وغيره: والظاهر: أن وقوع ذلك هنا من الزهريِّ لا من البخاريِّ؛ لاختلافِ شيوخِ الإسنادين بالنسبة للبخاريّ. ولعلَّ شيخه ابن أبي حمزة لم يذكر في الاستدلال على أن الإيمان إلا هذا القدر، وإنما يقع الخرم لاختلاف المقامات والسياقات، ففيما مرَّ بيانُ كيفية الوحيِّ يقتضي ذكرَ الكلِّ، ومقامُ الاستدلالِ يقتضي الاختصار (¬2). 39 - بَابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ (باب: فضلُ من استبرأ لدينه) بالهمز أي: طلبُ البراءةِ لأجلِ دينهِ من الذمِّ الشرعي. 52 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الحَلالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ القَلْبُ". [2051 - مسلم: 1599 - فتح: 1/ 126] (أبو نعيم) بضم النون، اسمه: الفضلُ بن دُكين بضم المهملةِ، ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "البُخاريّ بشرح الكرماني" 1/ 202.

وفتح الكاف. (زكريا) هو ابن أبي زائدة: خالدُ بن ميمونٍ الهمداني. (عن عامر) أي: الشعبي. (بيَّن) أي: ظاهرٌ بأدلته المعروفة. (مشبَّهات) بتشديد الموحَّدة المفتوحة، أو المكسورة أي: شُبهت بما لم يتبين حكمه على التعيين، أو شبهت أنفسها بالحلال [والحرام] (¬1) وفي نسخةٍ: "مشتبهات" بمثناة فوقية مفتوحة، وموحدة مكسورة أي: أكتسبت الشبهة من أمرين متعارضين. (لا يعلمها) أي: لا يعلم حكمها (كثير النَّاس) بل انفرد به العلماء، إمَّا بنصٍّ، أو قياسٍ، أو استصحاب، أو غيرها. فإذا تردد الشيءُ بين الحلِّ والحرمة، ولم يكن دليلٌ، اجتهد فيه المجتهد، وألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي، فإن لم يظهر له شيءٌ فهل يؤخذ فيه بالحل أو الحرمة أو يوقف؟ ثلاثة مذاهب أوجهها: الأخير؛ إذ الخلاف في ذلك، كالخلاف في الأشياء قبل ورود الشرع فيها، والأصحُّ: عدم الحكم بشيءٍ؛ لأنَّ التكليف عند أهل الحق لا يثبت إلا بالشرع. (فمن اتقى) أي: احتزر، أو أحذر. (المشبهات) بتشديد الموحدة المفتوحة، أو المكسورة، وفي نسخةٍ: بمثناة فوقية بعد شينٍ ساكنة، وفي أخرى: "الشبهات" بضم الشينِ والموحدة. (استبرأ) أي: حصلَ البراعة لدينهِ من الدَّمِ الشرعيِّ، وصان عرضَه عن كلامِه، وفي نسخةٍ: "قد استبرأ". (لدينهِ وعرضه) الأول: متعلق بالخالق، والثاني: بالمخلوقِ، وفي نسخةٍ: "لعرضه ودينهِ". (في الشبهات) أي: التي أشبهتِ الحرامَ من وجهٍ، والحلالَ من آخرٍ. (كراعٍ) في نسخةٍ: "كراعي" بالياء، وهي خبرُ (مَنْ) إنْ جُعلتْ موصولة، وجوابهُا: إنْ ¬

_ (¬1) من (م).

جُعلتْ شرطيةً [محذوف] (¬1). (الحِمَى) بكسر المهملة وفتح الميم: الموضعُ الذي حماهُ الإمامُ لأمرٍ، ومنع النَّاسَ منه فمن دخله عاقبه، ومن اجتنبه سلم. (يُوشك) بكسر الشينِ، وحُكي فتحُها. أي: يقربُ، وهو صفةٌ، أو استئنافٌ، أو خبرٌ (مَن)، أو جوابُها (يواقعه) أي: يقعُ فيها إذ من كثُر تعاطيهِ الشبهاتِ يصادفُ الحرامَ، وإنْ لم يتعمده فيأثمُ بذلك إذا قصر. (ألا) بالتخفيف: حرف تنبيه، يبتدأ بها، وتدل على صحة ما بعدها، وتكريرُها، كما هنا يدلُّ على تضخيم شأنِ مدخولها وعظمهِ، وذكرُ الواو في مدخولها ثابتٌ في الأربعة التي ذكرهَا وفي نسخةٍ: حذفُها من الثاني: إمَّا لكمالِ الانقطاعِ، والبُعدِ بين حِمى الملوكِ، وحِمى الله تعالى، أو لكمالِ الاتحاد بينهُما؛ لأنَّه لمَّا كان لكل ملكٍ حِمى كان لله تعالى حمى؛ لأنَّه ملكُ الملوكِ، والمناسبةُ بين الأولى والثانية: أن أصلَ الاتقاءِ، والوقوعِ: ما كان بالقلب؛ لأنَّه عمادُ الأمرِ، وملاكُه، والواوُ في الأربعةِ: معطوفةٌ على مقدرٍ أي: ألا إنَّ الأمرَ، كما مرَّ، و (إنَّ إلخ). (محارمه) أي: المعاصي التي حرَّمها، كالزنا، والسرقةِ، وفي ما ذُكر: التمثيلُ والتشبيه للشاهدِ بالغائبِ، وشبه المكلَّف بالراعي، ونفسه بالأنعام، والمشبهاتِ بما حول الحمى، والمحارمُ بالحمى، وتناول المشبهات بالرتع حول الحمى ووجهُ التشبيه: حصولُ العقابِ بعدم الاحتراز عن ذلك، فكما أنَّ الراعي إذا جرَّه رعيُه حول الحمى إلى وقوعهِ في الحمى استحقَّ العقاب بسببِ ذلك. كذلك من أكثر من الشبهات، وتعرَّض لمقدماتها وقع في الحرام، فاستحق العقاب بسبب ¬

_ (¬1) من (م).

ذلك، كما مرَّ. (مضغة) أي: قطعةٌ من اللحم؛ لأنَّها تُمضغ في الفم؛ لصغرها، والمرادُ: تصغيرُ القلبِ بالنسبة إلى ما في الجسدِ مع أنَّ صلاحَه وفساده به. (إذا صلُحت) بفتح اللام أفصحُ من ضمها، وإذا قد تُستعمل للشكِّ كأن كما هنا؛ إذ الصلاحُ غيرُ متحققٍ بقرنيةِ ذكرِ مقابله. (القلب) سمي به؛ لسرعةِ تقلُّبه، أو لأنَّه خالصُ البدن، وخالصُ كلِّ شيءٍ: قلبُه، وهو محلُّ العقلِ، كما قال به جمهورُ المتكلمين لقوله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179] وخالف الحنفية والأطباءُ، فقالوا: إنَّه في الدِّماغِ، محتجين بأنَّه إذا فسد الدماغُ فسد العقلُ. ردَّ بأنَّه لا يلزم من فسادِ العقل بفسادِ الدماغ كونُه فيه، وغايتُهُ: أنَّ الله تعالى أجرى العادة بذلك، وقد أجمعَ العلماءُ على عظم موقع هذا الحديث، وإنه أحدُ الأحاديث الأربعةِ التي عليها مدارُ الإسلام المنظومة في قول بعضهم: عمدةُ الدين عندنا كلماتٌ ... مسنداتٌ من قولِ خير البريَّة اتَّقي الشبهات وازهد ودعْ ... ما ليس يعنيك واعملنَّ نيةً وتقدَّمَ هذا في أوائل الكتاب عنْ أبي داودَ (¬1)، لكنَّه أبدلَ حديثَ الزهدِ بحيث لا يكون المؤمنُ مؤمنًا حتَّى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه. فائدةٌ: قال حجةُ الإسلام الغزاليُّ: السلاطين في زماننا ظلمةٌ، قل ما يأخذون شيئًا على وجهه بحقه، فلا تحلُّ معاملتهم، ولا من يتعلقُ بهم حتَّى القضاة، ولا التجارة في الأسواق التي يعمرونها بغير حقٍّ. واستبراءُ الدينِ والورَع: اجتنابُ الربطِ، والمدارسِ، والقناطرِ التي أنشاؤها بالأموالِ التي لا يُعلم مالكُها. ¬

_ (¬1) سلف تخريجه.

40 - باب: أداء الخمس من الإيمان

40 - بَابٌ: أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ (باب: أداء الخمس من الإيمان) في باب ما مرَّ في نظائره، و (الخمس) بضم المعجمة، والميم من خمست القوم، أخمسهم، بضم الميم إذا أخذت منهم خمس أموالهم، وأمَّا خمستهم أخمسهم بكسرها فمعناه: إذا كنت خامسهم، أو كفلتهم خمسة بنفسك. 53 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُجْلِسُنِي عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي فَأَقَمْتُ مَعَهُ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ لَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنِ القَوْمُ؟ - أَوْ مَنِ الوَفْدُ؟ -" قَالُوا: رَبِيعَةُ. قَالَ: "مَرْحَبًا بِالقَوْمِ، أَوْ بِالوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيكَ إلا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ، نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، وَنَدْخُلْ بِهِ الجَنَّةَ، وَسَأَلُوهُ عَنِ الأَشْرِبَةِ: فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، أَمَرَهُمْ: بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ المَغْنَمِ الخُمُسَ" وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالمُزَفَّتِ"، وَرُبَّمَا قَالَ: "المُقَيَّرِ" وَقَالَ: "احْفَظُوهُنَّ وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ" [87، 523، 1398، 3095، 3510، 4368، 4369، 6176، 7266، 7556 - مسلم: 17 - فتح: 1/ 129). (عليُّ بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين: ابن عبيد الجوهري. (عن أبي جمرة) بالجيم والراء واسمه: نصر بن عمران الضبعيُّ بضم المعجمة وفتح الموحدة. (كنت أقعد) أتى بالثاني مضارعًا لحكايةِ الحال الماضية؛

استحضارًا لتلك الصورة للحاضرين. (مع ابن عبَّاس) أي: عنده في زمن [ولايته البصرة من قبل] (¬1) ولاية عليّ بن أبي طالبٍ. (يجلسني) حالٌ، وفي نسخة: "فيجلسني" أي: يرفعني على السرير بعد أن أقعد على غيره، ومن ثَمَّ عُطف على أقعد. (سريره) جمع له أسره وسُررٌ بضمتين، وحُكي فتحُ الرَّاءِ، سمي بذلك؛ لأنَّه مجلس السرور. (أقم عندي) أي: توطَّنْ لتساعدَني بالترجمة عند الأعجميِّ وله أو لتبلغ من لم يسمع. (سهمًا) أي: نصيبًا. (فأقمت معه) أي: عِنْدَه بمكة عبَّر بالمعية المشعرةِ بالمصاحبة؛ مبالغةً. (وفد عبد القيس) كانوا أربعة عشر راكبًا، كبيرهمُ: الأشج، وقيل: أربعين. (أو من الوفد) الشك من أحد الرواةِ. قال شيخُنا: وأظنُّه شعبةً (¬2). (قالوا: ربيعة) أي: ابن نزار بن معد بن عدنان، وإنمَّا قالوا: ربيعة لأنَّ عبد القيس من أولاده، وعبَّر عن البعض بالكلِّ؛ لأنهم بعض ربيعة بقرينة قوله في الصلاة: فقالوا: إنَّ هذا الحيَّ من ربيعة (¬3). (مرحبًا) نصب على المصدر بعامل محذوف وجوبًا أي: صادفت رحبًا؛ أي: سعة فاستأنس، ولا تستوحش. (غير) بالنصب حال من القوم. (أو الوفد) بالجر بدل منه، أو صفة له بجعل (ال) فيهم للجنس. (خزايا) بفتح المعجمة والزايِّ، جمعُ خزيان، كسكارى وسكران، والخزيان: المستحي، وقيل الذليل، وقيل: المفتضح، والمعنى: غير مستحيين لقدومكم بدون حرب يوجب استحياؤكم. (ندامى) جمع ندمان أي: منادم في اللهو، وقيل: جمع نادم، ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "الفتح" 1/ 130. (¬3) سيأتي برقم (523) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ}.

وكان قياسه نادمين، لكنه جمع على ندامى لمناسبة خزايا تحسينًا، كما في لا دريت ولا تليت، والقياس: ولا تلوت. (في هذا الشهر الحرام)، المراد: الجنس، فيشمل الأربعة الحرم، أو العهد والمراد: شهر رجب، كما صرَّح به البيهقي (¬1)، وسمّي حرامًا لحرمة القتال فيه، وفي نسخةٍ: "إلا في شهر الحرام" من إضافة العام إلى الخاص، كخاتم فضة. (الحي) هو منزل القبيلة، ثم سميت به اتساعًا؛ لأنَّ بعضهم يحيى ببعض. (مضر) بضم الميم، وفتح المعجمة، غير منصرف للعملية والتأنيث هو ابن نزار بن معد بن عدنان. (بأمرٍ) واحد الأوامر وهو القول الطالب للفعل، أو واحد الأمور، وهو الشأن. (فصلٍ) أي: فاصل، كعدل بمعنى: عادل. أي: يفصل بين الحقِّ والباطل، أو مفصَّل أي: واضح يتضح به المراد. (نخبر) بالجزم، جوابًا للأمر، وبالرفع صفة لأمرٍ. (من وراءنا) أي: من قومنا، أو من البلاد البعيدة، أو الأزمنة المستقبلة، ويروى بكسر ميم من [جارة] (¬2) لـ (وائنا). (وندخل) فيه الوجهان في (نخبر) وروي بحذف الواو، وعليه يتعين الرفع على الاستئناف. (عن الأشربة) أي: عن ظروفها، أو عن الأشربة التي تكون في الأواني المختلفة. (بأربع) أي: بخصال أربع. (أمرهم بالإيمان) تفسير لقوله: (فأمرهم بأربع) ومن ثمَّ حذف العاطف. (شهادة) بالجرّ بدل من الإيمان المجرور، وبالرفع خبر مبتدأ ¬

_ (¬1) "سنن البيهقي" 6/ 303 كتاب: قسم الفيء، باب: بيان مصروف خمس الخمس. (¬2) من (م).

محذوف، وفيه: دليل على اتحاد الإيمان والإسلام عنده؛ لأنَّه فسَّر الإسلام فيما مرَّ بما فسَّر الإيمان هنا. (وأن تعطوا) أتى بالمصدر مؤولًا لا صريحًا؛ للإشعار بالتجدد، بخلاف بقية الأركان فإنها كانت ثابتة. (من المغنم) أي: من الغنيمة؛ لأنَّ خمسها يخمس وأربعة أخماسها للغانمين، واستشكل قوله: (أمرهم بأربع) مع [إنه] (¬1) ذكر خمسة، وأجيب: أنه لم يجعل الشهادة بالتوحيد وبالرسالة من الأربع لعلمهم بها دون البقية، وبأن قوله وأن تعطوا عطف على أربع، وتعقبه الكرمانيُّ بأنه ليس بصحيح؛ لأنَّ البخاريَّ عقد الباب على أنَّ أداء الخمس من الإيمان. فلا بد أن يكون داخلًا تحت أجزاء الإيمان؛ لاقتضاء أحرف العطف ذلك (¬2)، والأول أن يأتي على قراءة شهادة بالرفع لا بالجرِّ. (عن الحنتم) هو بفتح المهملة وسكون النون، وفتح الفوقية، الجرار الخضر، أو الجرار مطلقًا، أو جرار مقيرات الأجواف أي: مطلية بما يسد مسام الخزف. (والدباء) بضم الدال وتشديد الموحدة، القرع أي: وعاء اليقطين اليابس. (والنقير) بفتح النون وكسر القاف، جذع ينقر وسطه وينتبذ فيه. (المزفَّت) بتشديد الفاء ماطُلِيَ بالزفت. (وربما قال) أي: ابن عباس، (المقُيَّر) بدل (المزفت) والمراد بالجميع: الأوعية، والنهي عن الانتباذ فيها؛ لأنَّ الشراب فيها يسرع إليه التخمر فيصير مسكرًا من غير شعور به. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح البُخاريّ بشرح الكرماني" 1/ 209.

41 - باب: ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى

وهذا كما قال النوويُّ: منسوخ بخبر: "كنت نهيتكم عن الانتباذ فيها؛ لأنَّ الشراب فيها إلا في الأسقية فانتبذوا في كلِّ وعاءٍ ولا تشربوا مسكرًا" (¬1) خلافًا للإمامين مالك وأحمد. وفي الحديث: استعانة العالم في تفهم الحاضرين، والفهم عنهم، واستحباب قول مرحبًا للزوَّار، وندب العالم إلى إكرام الفاضل، والحث على تبليغ العلم، ووجوب تخميس الغنيمة. 41 - بَابٌ: مَا جَاءَ إِنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَدَخَلَ فِيهِ الإِيمَانُ، وَالوُضُوءُ، وَالصَّلاةُ، وَالزَّكَاةُ، وَالحَجُّ، وَالصَّوْمُ، وَالأَحْكَامُ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] عَلَى نِيَّتِهِ. "نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا صَدَقَةٌ" وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ". [1834] 54 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ" [انظر: 1 - مسلم: 1907 - فتح: 1/ 135] (باب: ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة) بفتح (أن) فاعل (جاء) ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 1/ 185، والحديث رواه "مسلم" برقم (977) كتاب: الأشربة، باب: النهي عن الانتباذ في المزفت، والدباء.

أو على إضمار (من) أي: [من أن الأعمال، وبكسرها على إضمار القول] (¬1) أي: من قول النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - أن الأعمال وفي نسخةٍ: "أن العمل". (والحسبة) بكسر المهملة أي: الاحتساب، والإخلاص، وهو مع قوله: (ولكلِّ امرئٍ ما نوى) عطف على ما جاء. (فدخل فيه) أي: فيما ذكر، وفي نسخةٍ قبل هذا: "قال أبو عبد الله" أي: البخاريُّ (الإيمان) أي: على رأيه من أنَّه عملٌ كما مرَّ، أمَّا على رأيِ الجمهور من أنَّه: التصديقُ، فلا يحتاجُ إلى نيةِ، كسائرِ أعمالِ القلوبِ. (والأحكام) أي: من المعاملات، والمناكحات، والجراحات، إذ يُشترطُ فيها القصدُ، فلو تُرك كان سبق لسانه إليها لغت، وأمَّا تَرتُّبُ الضمانِ على العاقلةِ، أو على الجياني آخرًا في الخطأ، فمن قبيل ربطِ الأحكامِ بالأسبابِ، كما في ضمانِ إتلافِ الطَّفلِ في مالهِ، ودلوكِ الشَّمسِ، وغيرها من الأحكامِ الوضعية، ومع ذلك فليس ما ذُكر عامًّا؛ إذ بعضُ الأعمال لا حاجةَ فيه إلى نيةٍ، كما مرَّ بيانهُ أوَّلَ الكتابِ وقال الله تعالى: {قُلْ كُلٌّ} [الإسراء: 84] في نسخة: "وقال كلٌّ"، وفي أخرى: "قل كلٌّ". قال البرماويُّ والظاهرُ: أنَّ الجملةَ حالية لا معطوفةٌ على ما سبق. أي: إنَّ هذه الآية أيضًا تدل على أنَّ جميعَ الأعمال على حسبِ النية فهي مقوية لقوله: فدخلَ فيه كذا، وكذا (على نيته) تفسيرًا لشاكلته، بحذف أداةِ التفسير. "ونفقة الرجل" مبتدأ، وفي نسخة: "نفقة الرجل" بلا واو. (ويحتسبها) حالٌ. (صدقة) خبرُ المبتدأ، والجملةُ بحالها ¬

_ (¬1) من (م).

ساقطةٌ من نسخةٍ. (وقال) النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - (ولكن جهاد ونية) رواه في الحجِّ وغيرِهِ مسندًا بلفظِ: "لا هجرة بعد الفتحِ، ولكن جهادٌ ونيةٌ، وإذا أستنفرتُم فانفروا" (¬1). (أخبرنا) في نسخةٍ: "حدَّثنا" (الأعمال بالنية ... إلخ). تقدَّم الكلام عليه أوائل الكتاب. (لدنيا) في نسخة: "إلى دنيا". 55 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ". [4006، 5351 - مسلم: 1002 - فتح: 1/ 136] (عن أبي مسعود) اسمه: عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري. (أنفق) حذف مفعوله ليعمَّ القليل والكثير. (على أهله) أي: زوجته وولده، وإن كانت نفقتهما واجبة بشرطها. (يحتسبها) جالس من الفاعل، أو المحذوف. (فهو) أي: الإنفاق، وفي نسخةٍ: "فهي" أي: النفقةُ المفعولةُ. (صدقة) أي: كالصدقة في الثواب لا حقيقة، وإلَّا لحرمت على هاشمي ومُطَّلبي، والصارف له عن الحقيقة الإجماع، ولا يضرُّ في التشبيه كون هذا واجبًا، والصدقة غالبًا تطوع، وبه يجاب عن كون المشبه به دون المشبه، فكيف شبه الواجب بالتطوع؟ فيقال: في التشبيه في أصل الثواب لا من كل وجه. على أنَّ كل تشبيه لا يشترط فيه كون ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1834) كتاب: جزاء الصيد، باب: لا يحل القتال بمكة، وبرقم (2783) كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل الجهاد والسير، وبرقم (2825) كتاب: الجهاد والسير، باب: وجوب النفير، وبرقم (3077) كتاب: الجهاد والسير، باب: لا هجرة بعد الفتح.

المشبه دون المشبه به، كما قرر في محله. وفي الحديث: كما قال النوويُّ: الحثُّ على الإخلاص، وإحضار النية في الأعمال، والردُّ على المرجئة في قولهم: الإيمانُ: إقرارٌ باللسانِ فقط، وفي قول: (يحتسبها) دلالة على أنها لا تكون طاعة إلَّا بذلك. 56 - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ" [1295، 2742، 2744، 3936، 4409، 5354، 5659، 5668، 6373، 6733 - مسلم: 1628 - فتح: 1/ 136] - (إنك) الخطابُ لسعدٍ، وقِيْسَ به غيرُه، أو عامٌ كما في قولهِ: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ} [السجدة: 12] (لن) حرف برأسه (¬1). وقيل: أصلُه لا، فأبدِلَ عن ألفهِ نونٌ، أو أصلُه: لا أنْ وحذفت الهمزةُ وسَقطت الألف؛ لالتقاءِ الساكنين. (تبتغي) أي: تطلُبُ. (بها) الباء للمقابلة، أو للسببية، أو بمعنى على، فيوافقُ قولَه في نسخةٍ: "عليها"، (وجه الله) أي: جهتُه، وهذا من المتشابهِ، ففيه: مذهبان التفويضِ، والتأويلِ. (إلَّا أُجرت عليها) في نسخةٍ: "إلَّا أُجرتَ" لا يُقال: كيف وقع الفعل مستثنى لأنَّا؟ نقولُ: لا محذور فيه. إذ مثلُه واقع في الكتابِ، كقولهِ تعالى {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إلا كُتِبَ لَهُمْ} [التوبة: 120]. ¬

_ (¬1) أي: أنه حرف مقتضب برأسه وهو مذهب الجمهور، والآخر الذي أشار إليه المصنف مذهب الفراء، والثالث: مذهب الخليل والكسائي.

42 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"

وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إلا قَالَ مُتْرَفُوهَا} [سبأ: 34]، وفي السُّنةِ كقولهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: "لا يبقى أحدٌ منكم إلَّا لُد غير العباسِ" (¬1) وقوله: "ما من شيءٍ أُريتُه إلَّا رأيتُه في منامي" (¬2). لكن مثلُ ذلك مؤولٌ بما يرجعُ إلى أنَّ المستثنى اسمٌ، وتأويلُه في (إلَّا أجرتَ) إلَّا نفقة أُجرتَ عليها. (حتَّى ما تجعل) أي: الذي تجعلُه، وحتَّى عاطفه لاجارة، وما بعدُها منصوبُ المحل. (في في امرأتِك) أي: في فمِها، وفي نسخةٍ: "في فمِ امرأتِك" بالميم، وهي لغة قليلة، والمعنى: حتَّى الذي تجعلُه في فمِ امرأتك فتُؤجرُ عليها، وفيه كما قالَ النوويُّ: إنَّ ما أُريد به وجه الله تعالى يثبت فيه الأجرُ، وإنْ حصل لفاعلِه في ضمِنه حظُّ نفس من لذَّةٍ، أو غيرها، كوضعِ اللقمة في فمِ الزوجةِ، وهو غالبًا لحظِ النفسِ والشهوةِ، فإذا كان هذا فيه الأجرُ، فالأجرُ فيما يرادُ به وجهُ الله فقط أولى (¬3). 42 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ: لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91] ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4458) كتاب: المغازي، باب: مرض النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - ووفاته، و (6886) كتاب: الديات، باب: القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات، و (5712) كتاب: الطب، باب: اللدود، (6897) كتاب: الديات، باب: إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم، وأخرجه مسلم برقم (2213) كتاب: السلام، باب: كراهية التداوي باللدود. (¬2) سيأتي برقم (86) كتاب: العلم، باب: من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس. (¬3) "صحيح مسلم بشرح النووي" 11/ 77 - 78.

57 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [58، 524، 1401، 2157، 2714، 2715، 7204 - مسلم: 56 - فتح: 1/ 137] (باب: قول النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -) كلامٌ إضافي مرفوعٌ على أنَّه خبرُ مبتدإٍ محذوفٍ. (الدينُ النصيحةُ) جملةٌ محلُّها النصبِ بقولِ النَّبيِّ، والنصيحةُ: كلمة جامعة، معناها: حيازةُ الحظِّ للمنصوحِ له، ومعنى الحديثِ: قوامُ الدين ومعظمُه النصيحةُ، كالحجِّ عرفة متعلقٌ بالنصيحة، والنصيحةُ له بأن يؤمنَ به، ويصفَه بما هو أهلُه، ويخضعَ له ظاهرًا وباطنًا، ويجاهد في ردّ العاصين، وحقيقةُ ذلك ترجعُ إلى نصحِ العبدِ بذلك نفسهِ فإنَ الله غنيٌّ عن نصحهِ، وعن العالمين. (ولرسوله) بأن تصدق برسالته، وتؤمن بجميع ما أتى به، ويعظمه، وينصره حيًّا وميِّتًا، ويحيى سنته بتعلمها وتعليمها، ويتخلق بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ويحب أهل بيته وأصحابه، وأتباعه وأحبابه. (ولأئمة المسلمين) بإعانتهم على الحق وطاعتِهم فيه، وتنبيهِهم عند الغفلةِ برفقٍ، وسدِّ خلَّتهم، وردِّ القلوب النافرة إليهم. (وعامتهم) بالشفقة عليهم، والسعي فيما يعود نفعه عليهم، وتعليم ما ينفعهم، وكفِّ وجوه الأذى عنهم إلى غير ذلك. وهذا الحديث: علقه ولم يسنده؛ لكونه ليس على شرطه؛ لأنَّ راويه في أشهر الطرق عن تميم الدَّارميِّ سُهيل بن صالح، وليس من شرطه. (وقوله) عطف على قول النَّبيِّ. (تعالى) في نسخةٍ: "- عزَّ وجلَّ -" وسقط كل منهما من نسخة. (قيس بن أبي حازم) بحاء مهملة وزاي معجمة البجليُّ (بايعت)

أي: عاقدت. (إقام الصلاة وإيتاء الزكاة). اكتفى هنا من الأركان بذكر هذين لأنَّ العبادة بدنية، أو مالية. (والنصح) بالجرِّ عطف على إقام الصلاة. وفي الحديث: تسمية النصح دينًا وإسلامًا؛ لأنَّ الدين يقع على العمل، كما يقع على القول وهو فرض كفاية على قدر الطاقة، فعلى من علم بالمبيع مثلًا عيبًا أن يبينه بائعًا كان، أو أجنبيًّا. 58 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ يَوْمَ مَاتَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالوَقَارِ، وَالسَّكِينَةِ، حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ، فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ. ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ العَفْوَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلامِ فَشَرَطَ عَلَيَّ: "وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ" فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا المَسْجِدِ إِنِّي لَنَاصِحٌ لَكُمْ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ. [انظر: 57 - مسلم: 56 - فتح: 1/ 139] (أبو النَّعمان) اسمه: محمد بن الفضل الدوسيُّ. (عن زياد بن عِلاقة) بكسر العين المهملة أي: ابن مالك الثعلبيِّ بمثلثة ومهملة. (سمعت جرير بن عبد الله يقول) تقدم الكلام على إعرابه أوَّل الكتاب. (قام) ليسَ هو في حيِّز سمعتُ، وإنما التقديرُ: سمحتُ جريرًا حمد الله فحذف ثم فسر بقوله: (قام ... إلخ) فقام استئناف بيانيٌّ لا محلَّ له. (فحمد الله وأثنى عليه) أي: وصفه بالتحلِّي بصفات الكمال، والتنزه عن النقائص، فالأول؛ إشارة إلى الصفات الوجودية، والثاني: إلى الصفات العدمية. (عليكم) اسم فعل بمعنى: الزموا. (وحده) حال بتأويله بنكرة

أي: واحدًا، أو مصدر وحد يحد، كوجد يجدُ. (والوقار) بفتح الواو أي: الحلم والرزانة. (والسكينة) أي: السكون، أشار بالوقار: إلى مصالح الدين، وبالسكينة: إلى مصالح الدنيا، بعد الأمر باتقاءِ الله وحده. (حتَّى يأتيكم أميرٌ) أي: بدل هذا الذي مات، وحتَّى: غاية للأمرِ بالاتقاءِ وتالييه، ومفهوم الغاية: من أن المأمور به ينتهي بمجيء الأمير ليس مرادًا، بل يلزم عند مجيئه بطريق الأول، إذ شرط اعتبار مفهوم المخالفة، أن لا يعارضه مفهوم الموافقة. (فإنما يأتيكم الآن) أراد بالآن، كما قال شيخنا: تقريب المدة؛ تسهيلًا عليهم؛ لأنَّ معاوية لما بلغه موت المغيرة، كتب إلى نائبه على البصرة وهو زياد أن يسير إلى الكوفة، أميرًا عليها (¬1). ويحتمل أن يراد بالآن: حقيقته، فيكون ذلك الأمير جريرًا نفسه لما روي أن المغيرة استخلف جريرًا على الكوفة عند موته (¬2). (استعفوا) أي: اطلبوا العفو وفي نسخة: "استغفروا". (لأميركم) أي: المتوفى. (فإنّه كان يحبُّ العفو) أي: عن ذنوب النَّاس. (ثم قال) أي: جرير. (أما بعد) تقدم الكلام عليه. (قلت أبايعك) لم يأت بأداة العطف؛ لأنَّه بدل من أتيتُ، أو استئناف، وفي نسخةٍ: "فقلت". (فشرطَ عليَّ) بتشديد الياء؛ أي: الإسلام الذي بايعته عليه، فالفاء تفسيرية. (والنصح) بالجرِّ عطف على الإسلام في قوله: أبايعك على الإسلام، ومثله يسمَّى: بالعطف التلقيني أي: لقَّنَه أن يقول ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 1/ 139. (¬2) انظر "الاستيعاب" 4/ 8 - 9.

والنصح، وبالنصبُ عطف على مقدر أي: فشرط الإسلام والنصح. (على هذا) أي: ما ذكر من الإسلام والنصح. (هذا المسجد) أي: مسجد الكوفة، أو المسجد الحرام. (إنِّي لناصح لكم) جواب القسم، وفيه: إشارة إلى أنه وفَّى بما بايع به النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّ كلامه عارِ من الأغراض الفاسدة. (ونزل) أي: عن المنبر، أو عن القيام إلى القعود. وفي الحديث: استحباب البيعة وكمال شفقته - صلى الله عليه وسلم - إلى أمته.

3 - كتاب العلم

3 - كتاب العلم

1 - باب فضل العلم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 3 - كِتَابُ العِلْمِ 1 - بَابُ فَضْلِ العِلْمِ. وَقَوْلِ الله تَعَالَى: وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]. وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]. [فتح: 1/ 140] 2 - بَابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ، فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أَجَابَ السَّائِلَ 59 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، ح وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي هِلالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: "أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ" قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ"، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: "إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ". [6496 - فتح: 1/ 141] (كتاب العلم) أخره عن الإيمان؛ لأن الإيمان أولُ واجب ولأنه أفضل على الإطلاق، وقدمه على ما بعده؛ لأن مدار ما بعده عليه. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مقدمة في نسخة على كتاب العلم. (باب فضل العلم) لم يذكر لهذه الترجمة حديثًا؛ لما مرَّ أنه إما لكونه ذكر

التراجم وكان يلحق بها الأحاديث فلم يتفق له أن يلحق ببعضها شيئًا؛ أو لأنه لم يثبت عنده في تلك الترجمة بشيءِ أو نحو ذلك، وقوله: (بسم الله ... إلخ) ساقطٌ من نسخةِ. (وقول الله) بالجر عطف على فضل العلم. (تعالى) في نسخةٍ: "عزَّ وجلَّ". (درجات) مفعول (يرفع) ورفعها: كثرة الثواب، وقوله عزَّ وجلَّ: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] في نسخة: "قل ربّ زدني علمًا". اكتفى البخاريُّ في بيان فضل العلم بذكر الآيتين؛ لأن القرآن قويٌّ بالحجج القاطعة. (باب: من سُئل علمًا وهو مشتغل في حديثه) الجملة الأخيرة: حال. (فأتمَّ) عطفه بالفاءِ على ما قبله؛ لأنه عقبه. (ثم أجاب) عطفه بـ (ثم) لتراخيه. (محمد بن سنان) بكسر السين المهملة وبالتنوين هو: أبو بكر الباهليُّ البصريُّ. (فليح) بالتصغير: لقب له، واسمه: عبد الملك، وكنيته: أبو يحيى [(ح وحدثني) في نسخة: "قال: وحدثنا"] (¬1). (وحدثني أبي) في نسخةٍ: "حدثنا أبي". (هلال بن عليٍّ) يقال له أيضًا: هلال بن ميمون، وهلال بن هلال، وهلال بن أسامة؛ نسبة إلى أحدِ أجدادهِ. (بينما) [بالميم] (¬2) مرَّ بيانُه. (يحدث) خبر المبتدأ، وهو النبيُّ. (القوم) هم الرجال دون النساء، قال تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات: 11] ثم قال: {وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} [الحجرات: 11]. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

وقال الشاعرُ: أقومُّ آل حصنٍ أم نساءُ ... وقد تدخل النساءُ فيه على سبيلِ التبع؛ لأن قوم كل نبيّ رجالٌ ونساءٌ، وجمعه: أقوام، وجمع الجمع: أقاوم. (أعرابيٌّ) واحدٌ الأعراب، والأعراب: سكان البادية، لا واحد له من لفظه، وليس الأعراب جمعًا للعرب، والنسب للعرب: عربيٌّ، وهذا الأعرابيُّ سماه أبو العالية: رفيعًا. (يحدث) في نسخة: "بحديثه" بحرف الجر وزيادة ياء وهاء وفي أخرى: "يحدثه" أي: يحدث القوم الحديث الذي كان فيه. (متى) الساعة) أي: متى زمانها. (فقال بعض القوم ... إلخ) اعتراض بين (فمضى) وبين (حتَّى إذا قضى حديثه). (بل لم يسمع) عطفه على ما قبله، لا يقدح فيه تغاير المتكلمين. ولو سلم أنه يقدح فيه فلم لا يكون الكلُّ من كلام البعض الأول، على طريقة عطف التلقين؟ كأن البعض الآخر قال للبعض الأول: قل بل لم يسمع فقال: بل لم يسمع، أو من كلام البعض الآخر بأن يقدر قبله سمع أي: سمع بل لم يسمع. (قال: أين أراه) بضم الهمزة أي: أظنُّ الراويَ. (قال السائل) وفي نسخة: "أين السائل". (ها) بالمدِّ والقصر حرف تنبيه. (أنا) مبتدأ خبره محذوف أي: السائل. (إذا وُسِّدَ) بتشديد السين أي جعل. وفي الحديث: طلب تعليم السائل والرفق به، وأنه جفا في سؤاله أو جهل، ومراجعته للعالمِ عند عدم فهمه، وإن من آداب المتعلم: ألا يسأل العالمَ ما دام مشتغلًا بحديث، أو غيره.

3 - باب من رفع صوته بالعلم

3 - بَابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالعِلْمِ 60 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا - وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاةُ - وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: "وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ" مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. [96، 163 - مسلم: 241 - فتح: 1/ 143] (باب: من رفع صوته بالعلم) أي: بكلام يدل عليه، إذ العلم صفة معنوية، لا يتصور رفع الصوت به. (عن أبي بشر) اسمه: جعفر بن إياس اليشكريُّ. (عن يوسف) بتثليث السين مع الهمز وتركه: ابن ماهك بفتح الهاء غير منصرف للعلمية والعجمة؛ لأن ماهك بالفارسية تصغير ماه وهو القمر بالعربي، وقاعدتهم أنهم إذا صغروا الاسم جعلوا في آخره الكاف، وقيل: بكسر الهاء منصرف؛ لملاحظة معنى الصفة، لأن التصغير من الصفات، والصفة لا تجامع العلمية؛ أو لأنه حينئذ اسم فاعل من مهكتُ الشيءَ مهكًا إذا بالغت في سحقهِ، وماهكُ اسم أبي يوسفَ، وقيل: اسمَ أمِّه، وعليه يتعينُ منعُ صرفه للعلمية والتأنيث. (تخلَّف) أي: "عنَّا" كما في نسخة. (في سفرة سافرناها) أي: من مكة إلى المدينة، والهاء مفعول مطلق، نحو: ظننته زيدًا منطلقًا، أي: ظننت الظنَّ. (فأدركنا) بفتح الكاف أي، لحق بنا. (أرهقتنا الصلاة) برفعها فاعل أرهق أي: أدركتنا، وفي نسخةٍ: "أرهقنا" بلا تاء مع رفع الصلاة؛ لأن ثانيها غير حقيقيٌّ وفي أخرى: "أرهقنا الصلاة" بسكون القاف، ونصب الصلاة، أي: أخرناها حتَّى دنا وقتُ ما بعدها، وهذه الصلاة كانت العصر، كما سيأتي في باب:

من أعاد الحديث ثلاثًا ليفهم عنه وفي غيره. (فجعلنا) من أفعال المقاربة هنا، أي: كدنا. (نمسح) أي: نغسل غسلًا خفيفًا، حتَّى يرى كأنه مسح. (على أرجلنا) عبَّر بأرجلنا، وإن كان القياس رجلينا؛ إذ لكل واحدٍ رجلان؛ لأن الغرض مقابلة الجمع بالجمعِ، فيفيد توزيع الأرجل على الرجال، لا يقال: فعليه يكون لكلِّ رجُلٍ رِجْلٌ لأنَّا نقولُ: جنس الرجل يتناول الواحد والاثنين، والعقل يعين المقصود سيما فيما هو محسوس. (ويلٌ) مبتدأ، وهو كلمة عذاب، ويقال: وادٍ في جهنم، وخبر المبتدأ (للأعقاب) أي: ويلٌ لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها وهي: جمع عقِب، بكسر القاف وهو مؤخر القدم، واللام وإن كانت في الأصلِ للاختصاص النافع، وعلى للشرِّ الضار، نحو: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] لكنها استعملت هنا للاختصاصِ أيضًا، كما في قوله: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] وقوله {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. (من النَّار) من: بيانية، أو بمعنى في. (مرتين أو ثلاثًا) شكٌّ من عبد الله بن عمرو. وفي الحديث: التغليظ في الإنكار، والتكرارة للمبالغة، ورفع الصوت في المناظرة بالعلم، ودليل على وجوب غسل الرجلين، وهو الإسباغ لا اللمس بالماء، وأما قوله تعالى: {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} [المائدة: 6] وإن كان ظاهره على قراءة الجرِّ عطفه على الرءوس، وعلى قراءة النصب عطف على الجار والمجرور، فيجب تأويله بالجرِّ على المجاورة، وبالنصب على العطف على الوجوه، ويجوز عطف قراءة الجز على الرءوس، ويحمل المسح على مسح

4 - باب قول المحدث: حدثنا، وأخبرنا، وأنبأنا

الخف أو الغسل الخفيف الذي تسميه العربُ مسحًا، وعبَّر به في الأرجل؛ طلبًا للاقتصاد؛ لأنها مظنة الإسراف لغسلها بالصبِّ عليها وتجعل الباء المقدرة على هذا للإلصاق والحامل على ذلك الجمع بين القراءتين والأخبار الصحيحة الظاهرة في وجوب غسل الرجلين. 4 - بَابُ قَوْلِ المُحَدِّثِ: حَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا، وَأَنْبَأَنَا وَقَالَ لَنَا الحُمَيْدِيُّ: "كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا، وَأَنْبَأَنَا، وَسَمِعْتُ وَاحِدًا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ وَقَالَ شَقِيقٌ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً وَقَالَ حُذَيْفَةُ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَا يَرْوي عَنْ رَبِّهِ وَقَالَ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَا يَرْويهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَرْويهِ عَنْ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ. [فتح: 1/ 144] 61 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ" فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "هِيَ النَّخْلَةُ". [62، 72، 131، 2209، 4698، 5444، 5448، 6122، 6144 - مسلم: 2811 - فتح: 1/ 145] (باب: قولُ المحدِّثِ: حدثنا وأخبرنا وأنبأنا) أي: هل بينها فرق أو الكلُّ واحدٌ، وسقط من نسخة: "وأنبأنا"، ومن أخرى: "وأخبرنا"،

والمراد بالمحدِّث: اللغويُّ: وهو الذي يحدِّثُ غيره، لا الاصطلاحيُّ: وهو العالمُ بحديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وقالَ لنا الحميديُّ) في نسخة: "وقال الحميديُّ". (واحدًا) أي: الصيغُ الأربعُ بمعنى واحدٍ، في أنَّ ذلك جائزٌ اتفاقًا، كما حكاه القاضيُّ عياضُ (¬1)، وهذا لا ينافي ما يأتي من أرفعية بعضها على بعض، وتقديرُ البخاريّ ما نقله عن الحميديّ مع ما يأتي من التعاليق الثلاثة الآتية في كلامهِ يدل على اختياره له. قال الخطيبُ الأرفعُ: سمعت، ثم حدَّثني، ثم أخبرني، ثم أنبأني (¬2)، وقد بسطتُ الكلامَ على ذلك في "شرحِ ألفيةِ العراقيِّ" (¬3). (وقال ابن مسعود) هذا التعليق وصله في بدء الخلق والغسل وغيرهما (¬4). (الصادق) أي: في نفس الأمرِ وفيما قاله لغيره. (المصدوق) أي: المصدوق بالنسبة لله تعالى وإلى الناسِ، أو إلى ما قاله له غيره وهو جبريل. (وقال شفيق) وصله في الجنائز والتوحيد وغيرهما. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود، وإذا أطلق كان هو المراد من بين العبادلة. ¬

_ (¬1) انظر: "الإلماع ص 69. (¬2) انظر: "الكفاية في علم الرواية" ص 412 - 424. (¬3) انظر: "فتح الباقي بشرح ألفية العراقي" ص 290 - 294. (¬4) سيأتي برقم (3208) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة، و (3332) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته، و (6594) كتاب: القدر، و (7454) كتاب: التوحيد، باب: قوله تعالى (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين).

(سمعت النبيَّ) في نسخة: "سمعت من النبيِّ". (وقال حذيفة) هو ابن اليمان، وصله في الرقائق (¬1). (وقال أبو العالية) بالمهملة وبالمثناة التحتية، اسمه: رفيع بن مهران الرياحيُّ، بالمثناة التحتية، وقد وصل البخاريُّ هذا التعليق، والتعليق بعده [في التوحيد] (¬2) وأورد الثلاثة هنا تنبيهًا على حكم المعنعن المساوي على الراجح لحكم الصيغ الأربع السابقة. واختلفت النسخ في تعليق (أنسٍ) ففي نسخة: "فيما يرويه عن ربِّه عَزَّ وَجَلَّ" وسقط من أخرى: "فيما" وفي أخرى: بدل (عَزَّ وَجَلَّ) "تبارك وتعالى". (قتيبة) في نسخةٍ: "قتيبة بن سعيد". (وإنها) بكسر الهمزة عطف على (إن من الشجر). (مثل) بفتح الميم والمثلثة وبكسرها وسكون المثلثة، كشبه وشبه لفظًا، ومعنى شبه النخلة بالمسلم، ووجه الشبه بينهما: كثرة خيرهما، أما في النخلة: فدوام ظلها وطيب ثمرها، ووجوده على الدوام، واستعمال خشبها جذعًا وحطبًا وعصيًّا، وورقها: حُصْرًا وأواني وحبالًا، ونواها: علفًا للإبل، وأمَّا في المسلم: فكثرة طاعاته، ومكارم أخلاقه، ومواظبة صلواته، وصيامه، وقراءته. (ما هيَ) مبتدأ وخبر في محلِّ ثاني مفعولي حدثوني. (فوقع الناسُ) فَسُرَّ كلُّ واحدٍ بنوع. (البوادي) في نسخة: "البواد" بلا ياء. (فاستحييت) أي: أن أتكلم وعند - صلى الله عليه وسلم - الكبار هيبة منه وتوقيرًا. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6497) كتاب: الرقاق، باب: رفع الأمانة. (¬2) من (م).

5 - باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم

ثم (حدثنا ما هي يا رسولَ الله؟) في نسخة: "حدثنا يا رسول الله" وفي أخرى: "حدثنا يا رسول الله ما هي" وفي حديث استحباب إلقاء العالم المسألة على أصحابه ليختبر أفهامهم وليرغبهم في الفكر وتوقير الكبار، وجواز اللغز مع بيانه ودلالة على فضيلة النخل حيث شبه به الإنسان. 5 - بَابُ طَرْحِ الإِمَامِ المَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ. (باب: طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم) الاختبار: الامتحان. 62 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ" قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "هِيَ النَّخْلَةُ". [انظر: 61 - مسلم: 2811 - فتح: 1/ 147] (خالد بن مخلد) بفتح الميم واللام وسكون الخاء. (سليمان) أي: ابن بلال. وأعاد الحديث؛ لإفادة الحكم المترجم عليه؛ ولاختلاف السند، ولنقص بعض أحرف في متن أحدهما، وفائدة ذلك: التأكيد والتنبيه على أنَّ كلًّا من شيخيه في مقام، فقتيبة في مقام التحديث، وخالد في مقام طرح المسألة.

6 - باب ما جاء في العلم وقوله تعالى: {وقل رب زدني علما} [طه: 114]

6 - بَابُ مَا جَاءَ فِي العِلْمِ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] القِرَاءَةُ وَالعَرْضُ عَلَى المُحَدِّثِ وَرَأَى الحَسَنُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ: «القِرَاءَةَ جَائِزَةً» وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي القِرَاءَةِ عَلَى العَالِمِ " بِحَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ: قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: «فَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ ضِمَامٌ قَوْمَهُ بِذَلِكَ فَأَجَازُوهُ» وَاحْتَجَّ مَالِكٌ: " بِالصَّكِّ يُقْرَأُ عَلَى القَوْمِ، فَيَقُولُونَ أَشْهَدَنَا فُلاَنٌ وَيُقْرَأُ ذَلِكَ قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ وَيُقْرَأُ عَلَى المُقْرِئِ، فَيَقُولُ القَارِئُ: أَقْرَأَنِي فُلاَنٌ " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ الوَاسِطِيُّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: «لاَ بَأْسَ بِالقِرَاءَةِ عَلَى العَالِمِ» وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الفَرَبْرِيُّ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: إِذَا قُرِئَ عَلَى المُحَدِّثِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنِي قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ القِرَاءَةُ عَلَى العَالِمِ وَقِرَاءَتُهُ سَوَاءٌ. (باب: ما جاء في العلم، وقول الله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] لم يذكر فيه حديثَا لما قدمته في نظيره، مع أنه ساقط من نسخة. (باب) ساقط من نسخة (والقراءة، والعرض على المحدث) على تنازع فيه القراءة والعرض، والعطف للتفسير؛ إذ المراد هنا: عرض القراءة على الشيخ بدليل ما يأتي في الباب لا عرض

المناولة بأن يعرض الطالبُ ما مروي شيخه عليه فيتأمله الشيخ ثم يعيده إليه، ويأذن له في روايته عنه. (ورأى الحسن) أي: البصريُّ. (وسفيان) أي: الثوري. (ومالك) أي: ابن أنس. (واحتج بعضهم) أي: الحميديُّ شيخ البخاريّ وأبو سعيد الحداد. (بحديث ضِمام) بكسر المعجمة. (ابن ثعلبة) بمثلثة، ثمَّ مهملة. (آلله؟) بالاستفهام ورفع الاسم مبتدأ خبره الجملة بعده. (أن تصلِّي) بمثناة فوقية، وفي نسخةٍ: "أن نصلِّيَ" بنون الجمعِ. (الصلوات) في نسخة: "الصلاة". (قال) أي: الحميديُّ، (فهذه قراءة على النبي - صلى الله عليه وسلم -) في نسخةٍ: "فهذه قراءة على العالم". (فأجازوه) أي: أجازَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابهُ، أو قوم ضمام بعد إسلامهم. (واحتج مالك) أي: على جوازِ القراءةِ على المحُدِّثِ. (بالصَّكِّ) بفتح المهملة وتشديد الكاف، الكتابُ يكتبُ فيه إقرارُ المقر، وهوَ فارسيٌّ معرَّبٌ. (يُقرأ) بالبناءِ للمفعول، كالذي بعده، وإنما (ذلك قراءة عليهم) في نسخةٍ: "ويقرأ ذلك قراءة عليهم" أي: فتسوغ الشهادة عليهم، بقولهم: نعم، بعد قراءة المكتوب عليهم مع عدم تلفظهم بما هو مكتوب. قال ابن بطَّال: هلذه حُجَّةٌ قاطعةٌ؛ لأنَّ الإشهادَ أقوى حالًا من الإخبار (¬1). (فيقول) أي: "القارئ" كما في نسخة. (محمد بن سلام) بتخفيف اللام: البيكنديُّ. (عن عوف) هو ابن أبي جميلة الأعرابي. (عن الحسن) أي: البصريِّ. (عبيد الله بن موسى) باذام العبسيُّ. ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح ابن بطال" 1/ 144.

(إذا قُرِئَ) بالبناء للمفعول، وفي نسخةٍ: "إذا قرأت". وفي أخر: "إذا قرأ" أي: القارئ. (قال) في نسخةٍ: "قال أبو عبد الله" أي: البخاريُّ. (أبا عاصمٍ) هو الضَّحاكُ بنُ مخلد الشيبانيُّ. (سواء) أي: في جواز الرواية، نعم استحبَّ مالكُ القراءة على الشيخ، والجمهور: على أن قراءة الشيخ أرجح من قراءة الطالب عليه. 63 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ هُوَ المَقْبُرِيُّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فَأَنَاخَهُ فِي المَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الأَبْيَضُ المُتَّكِئُ. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا ابْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَبْتُكَ». فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي المَسْأَلَةِ، فَلاَ تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ؟ فَقَالَ: «سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ» فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. [مسلم: 12 - فتح: 1/ 148] (هو المقبُرِيُّ) سقط من نسخةٍ لفظ: (هو). (ابن أبي نمر) بفتح النون وكسر الميم.

(جلوسٌ) جمع جالس، كركوع جمع راكع. (في المسجد) أي: النبويِّ. (دخل رجلٌ) في نسخةٍ: "إذ دخل رجل". (فأناخه في المسجد) أي: في رحبته، أو ساحته بقرينة رواية أحمد والحاكم: فأناخ بعيره على باب المسجد (¬1). (ثم عقله) بفتح القاف أي: أثنى ساقه على ذراعه، وشدَّهما معًا في وسطِهما. (متكئٌ) بالهمز. (بين ظهرانيهم) بفتح الظاءِ المعجمةِ والنونِ، أي: بينهم. وإقحام لفظ الظهر؛ للدلالة على أن إقامته فيهم للاستظهارِ بهم، وعلى أنَّ ظهرَا منهم قُدَّامَهُ، وظهرَا وراءَهُ، فهو محفوفٌ بهم من جانبيه، وهو مما أريدَ بلفظ التثنيةِ فيه معنى الجمع، والألفُ والنونُ فيهِ للتوكيد في النسبة، كما يقال في النسبة إلى النفسِ نفساني، وتوسع في ثبوت نون التثنية مع الإضافة؛ لأنَّ الأصلَ عدم ثبوتها معها. (الأبيض) المراد بالبياض: المشرب بالحمرة، فلا ينافي ذلك ما يأتي في صفة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه ليسَ بالأبيضِ؛ لأنَّ المنفى ثمَّ البياضُ الخالصُ كلونِ الجصِّ، والمثبتُ هنا بياضٌ نيِّرٌ أَزْهَرُ. (فقال له) أي: للنبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (الرجل) أي: الداخل. (أبنَ عبد المطلب) بفتحِ الهمزةِ للنداءِ بقرينةِ روايةِ أبي داود (¬2) يا ابن ويل بكسرِ الهمزةِ، ونونُ ابن مفتوحةٌ في الوجهين إما على الأوَّلِ فلأنه: منادى مضاف، وإما على الثاني: ¬

_ (¬1) أحمد 1/ 264 - 265، والحاكم في "المستدرك" 3/ 54 - 55 كتاب: المغازي، وقال الحاكم: قد اتفق الشيخان على إخراج ورود ضمام المدينة ولم يسق واحد منهما الحديث بطوله وهذا صحيح، ووافقه الذهبي فقال: صحيح. (¬2) "سنن أبي داود" برقم (486) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في المشرك يدخل المسجد.

فمنصوب بمقدر، كأَعْني أو على حذف حرف النداءِ. (قد أجبتك) أي: سمعتُ كلامك، إذ لم يسبق منه جواب يخبر به، وهو إن شاءَ للإجابة، أو نزل تقريره للصحابة، في الإعلام عنه منزلة الجواب، وإنما لم يجبه بالصريح؛ لأنه أخلَّ برعاية التعظيم والأدب، حيث قال: أيُّكم محمدٌ؟ (فلا تجد عليَّ) بكسر الجيم والجزم على النهي من الموجدة أي: لا تغضب، أما في غير الغضب فلا يقال: موجدة، بل يقال في المطلوب: وجده وجودًا، وفي الضالة: وجدها وَجَدَانًا، وفي الحزن: وجد وَجْدًا، وفي المال: وجد جدةً أي: غنى. (سلْ عمَّا بدا) أي: ظهر. (آلله) بهمزة الاستفهام، والمد والرفع على الابتداء كما مرَّ. (فقال اللهمَّ) في نسخة: "قال اللهمَّ" وميمه عوض من حرف النداءِ فلا يجتمعان إلا شذوذًا، وذلك من خصائص هذا الاسم الشريف، ليتميز نداؤه عن نداءِ غيره، وإنما كان ميمًا، لقربها من حروف العلة، وشُدِّدَتْ، لأنَّها عوضٌ من حرفين. (نعم) هو الجواب فذكر اللهم، للتبرك أو للاستشهاد، في ذلك (بالله) توكيد الصدقة. (قال: أنشدك) بفتح الهمزة، وفي نسخةٍ: "فقال: أنشدك". (أن تصلِّيَ) بتاء الخطاب، وفي نسخة: بنون الجمع وكذا الحكم في (أن تصوم). (الصلوات) في نسخة: "الصلاة". (هذا الشهر) أي: رمضان. (من السنة) أي: من كلِّ سنة، فاللام فيها للجنس، والإشارة لنوع الشهر لا لعينه (فتقسمها) بتاء الخطاب والنصب عطفًا على تأخذ. (فقرائنا) خصهم بالذكر؛ لأنَّهم أغلبُ أصنافِ الزكاةِ، أو ليقابلَ به ذكرَ الأغنياءِ، ولم يذكر الحجَّ، لعدم تكرره، بخلاف المذكورات، أو لأن السائل غيرُ مستطيعٍ له، أولم يكن فُرِضَ إذ ذاك وهو غريب.

7 - باب ما يذكر في المناولة، وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان

(آمنت بما جئت به) يحتمل أن يكونَ ذلك إخبارًا عن إيمانٍ صادق، رجَّحه القاضي عياضُ (¬1)، وأن يكونَ إنشاءً لإيمانه، ورجَّحه القرطبيُّ (¬2)، والقلبُ إليه أميلُ. (من ورائي) بفتح الميم. (من قومي) بكسرها. (وأنا ضمام بن ثعلبة) فائدةُ ذكرِه: بيانُ شرفِ إيمانه؛ لأنَّه من المشاهيرِ؛ ولأنَّ إيمانَه سببُ إيمانِ قومِه فضُمَّ إليه. (أخو بني سعدِ) تتميمًا لبيان شرفه وقولُه: (وأنا ضمام) إلى آخره ساقطٌ من نسخة. والمراد ببني سعدٍ: بنو سعدِ بن بكر بن هوازن. وفي العرب سعود أُخَرُ، كسعد تميم، وسعد هزيل، وسعد قيس. (رواه) وفي نسخةٍ: "ورواه". (موسى) أي: "ابن إسماعيل" كما في نسخة. (وعليُّ بنُ عبدِ الحميد) أي: ابن مصعب المعني بفتح الميم. وسكون العين المهملة وكسر النون، بعدها ياء نسبةً إلى معن بن مالك. (عن سليمان) في نسخةٍ: "وأخبرنا سليمانُ بن المغيرة". (عن ثابت) أي: البُنَانَيِّ. (بهذا) ساقطٌ من نسخة، وفي أخرى: بدل (بهذا) "بمثلهِ". وفي الحديث: دليلٌ لما قالَهُ العُلَمَاءُ: إِنَّ العَوَامَّ المقلِّدِينَ مؤمنونَ يُكْتَفَى منهم بمجردِ اعتقادِ الحق جزمًا، خلافًا للمعتزلةِ. 7 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي المُنَاوَلَةِ، وَكِتَابِ أَهْلِ العِلْمِ بِالعِلْمِ إِلَى البُلْدَانِ. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: نَسَخَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ المَصَاحِفَ فَبَعَثَ بِهَا إلى ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 1/ 219 - 220. (¬2) انظر: "المفهم" 1/ 162 - 163.

الآفَاقِ، وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ذَلِكَ جَائِزًا وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الحِجَازِ فِي المُنَاوَلَةِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا وَقَالَ: «لاَ تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا». فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ المَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، وَأَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح: 1/ 153] (باب: ما يذكر في المناولة) أي: المقرونة بالإجازة: بأن يأتيَ الشيخ بأصلِ سماعه فيناوله للطالب ويقول: هذا سماعي جزت لك روايته عني، أما المناولةُ المجرَّدةُ عنِ الإجازةِ فلا تجوزُ الرواية بها على الصحيح. (وكتاب أهل العلم) بالجرِّ عطف على ما، أو على المناولةِ. (إلى البلدانِ) أي: أهلِها، وذكرها مثال فمثلها القُرى والصَّحَاري وغيرُهما، ثم المكاتبة إن قرنت بالإجازةِ جازتِ الروايةُ بها قطعًا وإلا فكذلك على الصحيح، وقد بسطتُ الكلامَ على المناولةِ والمكاتبةِ في "شرحِ ألفيةِ العراقيِّ" (¬1). (وقال أنسٌ) وصله البخاريُّ في فضائل القرآن وغيرها (¬2) وفي نسخة: "وقالَ أنسُ بنُ مالك". (فنسخَ عثمانُ المصاحفَ) أي: أمرَ زيدَ بنَ ثابتٍ، وعبدَ الله بن الزبيرِ، وسعيدَ بن العاصِ، وعبد الرحمن بن الحارثِ بنِ هشامِ بنسخها، أي: كتابتها، وفي نسخة: "عثمان بن عفان". ¬

_ (¬1) "فتح الباقي بشرح ألفية العراقي" ص 345 - 359. (¬2) سيأتي برقم (3506) كتاب: المناقب، باب: نزل القرآن بلسان قريش، و (4984، 4987) كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن.

(فبعث بها إلى الآفاق) مصحفًا إلى مكة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وأمسكَ بالمدينة واحدًا، وقيل: آخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة. (ورأى عبد الله بن عمر) أي: ابن عاصم ابن عمر بن الخطاب. (ومالك) وفي نسخة: "ومالك بن أنس". (ذلك) أي: ما ذكر من المناولة والكتابة. (بعض أهل الحجاز) هو الحميديُّ شيخ البخاريِّ، والحجاز: مكة والمدينة وقراهما، كخيبر للمدينة، والطائف لمكة، سميت بذلك؛ لأنها حجزت بين نجد والغور. (في المناولة) أي: في جوازها. (حيث كتب) أي: أمر بالكتابة، أو كتب خرقًا للعادة، وسيأتي في الجهاد أنه كتب بيده. (لأمير السَّرِيَّة) في نسخة: "أمير السَّرِيَّة" وفي أخرى: "لأمير الجيش" وفي أخرى: "إلى أمير الجيش" هو: عبد الله بن جحش، كما في "سيرة ابن إسحاق" (¬1)، و"الطبراني الكبير" (¬2). (ذلك مكان) هو نخلة بين مكة والطائف (¬3). 64 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بَعَثَ بِكِتَابِهِ رَجُلًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ" [2939، 4424، 7264 - فتح: 1/ 154] ¬

_ (¬1) انظر: "سيرة ابن هشام" 2/ 238 - 239. (¬2) الطبراني في "الكبير" 2/ 162 - 163 (1670). (¬3) انظر: "معجم ما استعجم" 4/ 1304 - 1305، و"معجم البلدان" 5/ 277.

(إبراهيمُ بنُ سعدِ) أي: ابن إبراهيمَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ. (بعثَ بكتابهِ رَجُلًا) اسمُه: عبدُ الله بنُ حذافةَ السَّهميُّ. (عظيم البحرين) هو المنذر بن ساوى، بسين مهملة وواو مفتوحة، وعبَّرَ بالعظيمِ دونَ ملك؛ لأنَّهُ لا ملكَ ولا سلطنة لكافرٍ، (والبحرين) بلفظ التثنية: بلد بين البصرة وعمَان (¬1). (فدفعه) عطف على مقدر أي: فذهب إلى عظيم البحرين، ودفعه إليه، ثم بعثه العظيم. (إلى كسرى) وهو بكسر الكاف أَفصح من فتحها، لقب لكلِّ من ملك الفرسَ، كما أن قيصر: لقب لكلِّ من ملك الروم. (فلما قرأه) في نسخة: "فلمَّا قرأ" بحذف الهاءِ، أي: قرأ الكتاب. (مزَّقه) أي: خرَّقه وفرَّقه. (فحسبت) أي: ظننت. (كلَّ ممزق) بفتح الزاي مصدر، كالتمزيق، أي: كلُّ نوعٍ من التمزيق. ووجه الدلالة من الحديث على الترجمة: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقرأ على رسوله الكتاب، بل ناوله له، وأجاز له أن يسند ما فيه عنه، ويقول: هذا كتاب رسول الله. 65 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا - أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ - فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ مَنْ قَالَ: نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ أَنَسٌ. [2938، 3106، 5870، 5870، 5874، 5875، 5877، 5871، 7162 - مسلم: 2012 - فتح: 1/ 155] (أبو الحسن) في نسخةٍ: "أبو الحسن المَرْوَزِيُّ". (أخبرنا عبدُ ¬

_ (¬1) انظر: "معجم ما استعجم" 1/ 228 - 229.

8 - باب من قعد حيث ينتهي به المجلس، ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها

الله) أي: ابن المبارك، وفي نسخةٍ: "حدثنا عبد الله". (عن أنس بن مالك) وفي نسخةٍ: "عن أنس" بدون ابن مالك. (كتب النبيُّ) أي: أمر بالكتابة، أو كتب بنفسه كما مرَّ. (كتابًا) أي: إلى العجم، أو إلى الروم، كما صرَّح بهما في كتاب: اللباس (¬1). (أو أراد أن يكتب) شكٌّ من أنس. (أنهم) أي: الروم، أو العجم على الروايتين. (لا يقرءون كتابًا إلا مختومًا) أي: خوفًا من كشف أسرارهم. (فاتخذ خاتمًا) بفتح التاءِ وكسرها، ويقال فيه: خاتام، وختَّام وختام، وختم. (في يده) أي: إصبع يده وهو: حال من المضافِ أو المضافِ إليه، (إلى بياضه في يده)، وفيه: قلب إذ الأصل أن الإصبع في الخاتم لا الخاتم في الإصبعِ. وفي الحديثِ: ختم الكتاب، واتخاذ الخاتم من فضة للرجال، ونقشه، ونقش اسم صاحبه، ونقش اسم الله تعالى فيه، وجواز الكتابة، بل يُنْدَبُ ذلك كلُّه. 8 - بَابُ مَنْ قَعَدَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ المَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا 66 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5875) كتاب: اللباس، باب: اتخاذ الخاتم ليختم به الشيء.

فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَلا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ". [474 - مسلم 2176 - فتح: 1/ 56] (باب: منْ قعدَ حيثُ ينتهي بهِ المجلسُ) أي: حكمُ ذلك من الجوازِ أو الأدبِ أو نحوهِ، ومناسبةُ هذا البابِ لكتابِ العلمِ من جهة أنَّ المراد بالحلقة: حلقة العلم. (ومن رأى ... إلخ) عطف على من قعدَ، (والفرجة) بضمِّ الفاءِ وفتحِها: الخللُ بين الشيئين، ويقالُ: بالضّمِّ ذلك، وبالفتحِ: الراحة من الهم ويقالُ: بتثليثِ الفاء: الراحة من الهم. (والحلقة): بسكونِ اللامِ أشهرُ من فتحها: كلُّ مستديرٍ خالي الوسط، والجمع: [حلق] (¬1) بفتح الحاء واللام، وعبَّر عنها تبعًا للحديث بالحلقة. وفي الترجمة بالمجلس؛ إشارةً إلى أن حكمها واحدٌ. (أبا مُرَّة) اسمه: يزيد. (عقيل) بفتح العين. (أبي واقد) بالقاف، اسمُ الحارثِ بنِ مالكِ أو ابن عوف الصحابي. (في المسجد) أي: النبويّ. (ثلاثة نفرٍ) النفر بفتح الفاءِ عدة رجال من الثلاثة إلى العشرة: وهو اسم جمع تمييز للثلاثة، بمعنى أنَّ الثلاثة نفر، لا أنَّ كلًّا منها نفرٌ، وإلَّا لكان المقبلون تسعة، وليس كذلك، بل كانوا ثلاثة فقط. (فأقبل اثنان) ذكره بعد فاقبل ثلاثة؛ لأنَّ التقدير: فأقبل اثنان منهم؛ أو لأن إقبالَ الثلاثة: إقبالٌ إلى المجلس، أو إلى جهة أهله، وإقبال الاثنين: إقبالٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) من (م).

(فوقفا على رسول الله) أي: على مجلسه. (وأما الآخر) بفتح الخاءِ، أي: الثاني. (فأدبر) أي: ولَّى. (ذاهبًا) أي: حال كونه ذاهبًا، فذاهبًا حالٌ مقدرة؛ إذ الإدبار لا يستلزمُ الذهابَ فسقط ما قيل: إن معنى "ذاهبًا" استمرَّ في ذهابه، وإلَّا أدبرَ مغنٍ عن "ذاهبًا". (فلمَّا فرغ رسولُ الله) أي: مما كان مشتغلًا به، من تعليم العلم، أو الذكر، أو الخطبة، ونحوها. (ألا) بالتخفيف حرف تنبيه، وفي الكلام طيٌّ، كأنهم قالوا: أخبرنا عنه، فقال (أما أحدهم فأوى ... إلخ). فقوله: (فأوى) بالقصرِ أكثر من المدِّ، أي: لجأ إلى الله، أو إلى مجلس ذكره. ومصدر المقصور: أويا على فعول، ومصدر الممدود: إيواء على إفعال. وقوله (فآواه الله) بالمدِّ أكثر من القصرِ، أي: جازاه بنظيرِ فعله بأن ضمَّه إلى رحمته ورضوانه، وهذا تفسير باللازم؛ إذ معناه الحقيقيُّ وهو الإنزال عند الله مستحيل في حقَّه تعالى، فهو من باب المشاكلة، كما في قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54]، وكذا القول في قوله: (فاستحيا فاستحيا الله منه) وفي قوله: (فأعرض فأعرض الله عنه) إذ الاستحياء: وهو تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يذمُّ به، والإعراض: وهو الألتفات إلى جهة أخرى مستحيلانِ في حقه تعالى. وفي الحديث: أن السنَّةَ: الجلوسُ على وضعِ الحلقة، وأن يجلس الداخلُ حيث ينتهي إليه المجلس، وألا يزاحم الجلاسَ، إن لم يجد فُرْجَةً، وإن الإعراضَ عن مجلس العلم مذموم، وهو محمولٌ على من ذهبَ معرضًا لا لعذر.

9 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رب مبلغ أوعى من سامع"

9 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ" 67 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ - أَوْ بِزِمَامِهِ - قَالَ: "أَيُّ يَوْمٍ هَذَا"، فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، قَالَ: "أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ" قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا" فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: "أَلَيْسَ بِذِي الحِجَّةِ" قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ". [105، 1741، 3197، 4406، 4662، 5550، 7078، 7447 - مسلم: 1679 - فتح: 1/ 157] (باب: قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعى من سامعٍ) أي: أَفْهَم منهُ لما أقولُ، وفي رُبَّ: سبعونَ لغةً بينتها معَ زيادةٍ في: "شرحِ المنفرجةِ الكبير" وهي حرفٌ لا اسم، خلافًا للكوفيين، لكنها في الأصل للتقليل، وفي الاستعمالِ للتكثير كثيرًا وللتقليل قليلًا. ومن بخصائصها إذ لم تكفّ بما عن العمل إنها لا تدخل إلَّا على نكرة ظاهرة أو مضمرة، وأن الفعلَ الذي تسلط على مجرورها يجب تأخيره عنها؛ لأنها لإنشاء التكثير أو التقليل ولها صدر الكلام، وفعلها يجيء محذوفًا، وماضيًا في الأكثر، وهو هنا محذوف، كعلمت ولقيت .. ومبلغ بفتح اللام أي: مبلغ إليه، وهو على القول بأن رُبَّ اسم مجموعهما كلام إضافيٌّ مبتدأ وأوعى من سامعٍ خبره، وعلى القولِ بأنها حرفُ محل مبلغ رفعَ بالابتداء وأوعى صفة له والخبر الفعل المحذوف أما إذا ذكر الفعل: فقد يكون محل مجرور رب نصبًا على

المفعولية نحو رب رجلٍ لقيت [وقد يكون محله رفعًا، أو نصبًا نحو: رب رجلٍ لقيته. (ابن عون) اسمه: عبد الله بن أرطبان البصري] (¬1). (ابن أبي بكرة) اسم أبي بكرة: نقيع بن الحارث. (قال) ساقط من نسخةٍ أي: قال أبو بكرة وقد (ذكر النبيُّ) ببنائه للفاعل وهو أبو بكرة وللمفعول وهو النبيُّ فهو منصوب: على الأول، ومرفوع: على الثاني، وقوله: (ذكر النبيّ) حال بقرينة رواية النسائي (¬2)، وذكر بالواو. وقوله: (قعد على بعيره) مقول القول وفي نسخة: "عن أبيه: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قعد على بعيره" وكان ذلك بمنى يوم النحرِ في حجَّةِ الوداعِ وإنما قعد على البعير لحاجته إلى إسماع الناس كلامه، فالنهيُ عن اتخاذ ظهور الدَّوَابِّ سائر، محمولٌ على: ماذا إذا لم تدعُ الحاجة إليه. (وأمسك إنسانٌ بخطامه أو بزمامه) شكٌّ من أبي بكرةَ، والخطام بكسر الخاءِ المعجمة: الزمام، وهو الذي يشدُّ في البُرَة، ثمَّ يشدُّ في طرفه المقودُ، وقد يسمَّى المقودُ: زمامًا، وزممتُ البعير: خطمتُه. والبرى: بضم الموحدة وتخفيف الراءِ، حلقة من صفر تجعل في أَحَدِ جانبي المنخرين، والإنسان المُمْسِك، قيل: بلالٌ، وقيل: عمرو بن خارجة، وقيلَ: أبو بكرةَ، وفائدةُ الإمساكِ: صونُ البعيرِ عن الاضطرابِ والإزعاجِ لراكبهِ. (فقالَ) في نسخةٍ: "قالَ". (سيسميه سوى اسمِه) فيه: إشارةٌ إلى ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) النسائي في "الكبرى" 3/ 432 - 433) (5851) كتاب: العلم، باب: ذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - رب مبلغ أوعى من سامع.

تفويض الأمورِ إلى الشارعِ. (أليس يوم النحر؟) الاستفهام فيه وفيما بعده للتقرير، كما في قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36]. (قلنا بلى) في نسخةٍ: "فقلنا بلى" وبَلَى: حرف مختص بالنفي، ويفيد إبطاله. (فقال: أليس بذي الحجة؟) بكسر الحاء وفتحها، وفي نسخة: "قال" بدل (فقال). (فإن دماءكم ... الخ) أي: انتهاكها؛ لأنَّ الذوات لا تحرم، والأعراض: جمع عرض بكسر العين: وهو موضع المدح والذمِّ من الإنسان وقيل: الحسب. وفي هذا الحديث كما قال النوويُّ: استحباب ضرب الأمثالِ (¬1)، وإلحاق النظير بالنظير قياسًا. (ليبلغ) أمر، وكسرت الغينُ فيهِ لالتقاءِ الساكنين. (الشاهدُ) أي: الحاضرُ في المجلسِ، والمراد: تبليغ تحريم ما ذكر، أو جميع الأحكام. (من هو أوعى له منه) أي: من الشاهدِ، و (منه) صلة أفعل التفضيل، وفصل بينهما بـ (له)؛ لأنه يتوسعُ في الجارِّ والمجرور، كالظرفِ ما لا يتوسع في غيرهما، بل يجوز الفصلُ بينهما بغير ذلك أيضًا، إذا لم يكن أجنبيًّا من كلِّ وجه، كقوله تعالى في قراءةِ ابن عامرٍ: {زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: 137] ببناءِ زين للمفعول ورفع قتل ونصب أولادهم وجرِّ شركائهم، واستنبط من الحديث: أنَّ حامل الحديث يؤخذ منه، وإن كان جاهلًا بمعناه. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 182.

10 - باب: العلم قبل القول والعمل

10 - بَابٌ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ} [محمد: 19] فَبَدَأَ بِالعِلْمِ "وَأَنَّ العُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَرَّثُوا العِلْمَ، مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ" وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وَقَالَ: {وَمَا يَعْقِلُهَا إلا العَالِمُونَ} [العنكبوت: 43] {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10] وَقَالَ: {هَلْ يَسْتَوي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ" وَإِنَّمَا العِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ " وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: "لَوْ وَضَعْتُمُ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ - ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّي أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا عَلَيَّ لَأَنْفَذْتُهَا" وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79] " حُلَمَاءَ فُقَهَاءَ، وَيُقَالُ: الرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ العِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ" [فتح: 1/ 159] (باب) ساقطٌ من نسخةٍ. (العلم قبل القولِ والعملِ) أي: يطلب قبلهما؛ إذ الشيءُ يعلم ثم يعملُ به، فهو مقدَّم بالذاتِ وكذا بالشرف؛ لأنه عملُ القلبِ، الذي هو أشرفُ الأعضاءِ، وبيَّن البخاريُّ بالترجمةِ مكانة العلم؛ لئلا يسبق إلى الذهن أن العلم لا ينفع إلا بالعملِ، فبيَّن أنَّه شرطٌ في القولِ والعملِ، مقدم عليهما، لا يعتبران إلا به.

(تعالى) في نسخةٍ: "عَزَّ وَجَلَّ". (فبدأ بالعلم) أي: قبل قوله في الآية: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: 19] المشار به إلى القولِ والعملِ والخطاب. بقوله: {فَاعْلَمْ} [محمد: 19] وإن كان للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فالمراد: ما يتناولُ أمته، أو هو خاصة والأمر للدوام والثبات، كقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: 1]. أي: دُمْ على التقوى، واثْبَتْ عليها. (وأنَّ العلماء) بفتح الهمزة عطفٌ على قولِ الله، أي: ولأنَّ العلماءَ وبكسرِها على سبيل الاستئنافِ، وقيل على سبيل الحكايةِ (ورثوا) بتشديد الراءِ مفتوحةً، أي: الأنبياءُ، وبتخفيفها مكسورةً أي: العلماءُ. (بحظٍّ وافرٍ) أي: بنصيب كاملٍ من ميراث النبوة. (طريقًا) نكرة ليتناول أنواع الطرقِ الموضلةِ إلى تحصيل العلوم الدينية. (علمًا) نكرة ليتناول القليل، والكثير. (سهَّل الله له) أي: في الآخرة، وفي الدنيا بأن يوفقَهُ للأعمالِ الصالحةِ الموصلة إلى الجنةِ. ({وَمَا يَعْقِلُهَا}) أي: الأمثالُ المضروبةُ، وحسنُها وفائدتُها. (من يردِ الله به خيرًا يفقهه) أي: "يفهِّمه" كما في نسخةٍ. (في الدِّين) علقه هنا ورواه قريبًا مسندًا (¬1). (وإنما العلم بالتعلم) في نسخةٍ: "بالتعليم" وهذا التعليقُ رواه الطبراني، وغيرُه مرفوعًا (¬2)، (وقال أبو ذرٍّ) اسمُه: جُنْدُبُ بنُ جنادةَ. (الصمصامه) بفتح الصادين المهملتينِ: السيفُ الصارمُ. (إلى قفاه) في نسخةٍ: "إلا القفا" وهو مقصورٌ يذكَّرُ ويؤنَّثُ (أُنفِذُ) بضم الهمزة، وكسر ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (71) كتاب: العلم، باب: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين. (¬2) الطبراني في "الكبير" 19/ 395 (929)، وأخرجه في "مسند الشاميين" 1/ 431 (758).

الفاء وبذالٍ معجمةٍ، أي: أُمضي، أو أُبلغ. (من النبيِّ) في نسخةٍ: "من رسولِ الله". (تُجيز) بضم أولهِ وبزايٍ أي: تمرُّ الصمصامةُ. (عليَّ) بتشديد الياء أي: على قفاي، والمعنى. قبل أنْ تقطعُوا رأسيَ. (لأنفذتها) بفتح الهمزةِ، والفاء، وتسكين الذالِ المعجمةِ، ولو هنا لمجردِ الشرط، كـ (إن)، لا لمعناها الأصلي، وهو امتناعُ الثاني لامتناعِ الأوَّلِ، أو هي مثلُ لو لم يخف الله لم يعصه حتى يكونَ الحكمُ ثابتًا في النقيضِ بطريق الأولى. هذا التعليقُ وصلَهُ الدارميُّ وغيره من حديثِ ابن مَرْثدٍ قال: جلستُ إلى أبي ذر والناسُ إليه عند الجمرةِ الوسطى يستفتونه فوقفَ عليه رجلٌ فقال: ألم ينهك أميرُ المؤمنين عنِ الفتوى، فقال: لو وضعتم الصمصامة على هذه الخ (¬1)، وإنما قال أبو ذرٍّ ذلك؛ حرصًا على تعليمِ العلمِ؛ طلبًا للثوابِ، وفي نسخةٍ: عقب لأنفذتُها لقولِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - "ليبلغِ الشاهدُ الغائبَ". (ربَّانيين) جمع ربَّاني، نسبةً إلى الربِ بزيادة الألف والنون، والرَّبَّاني: الكاملُ في العلم والعمل، ووجه النسبةِ: إخلاصهُم للرَّبِّ تعالى. (حلماءَ) جمعُ حليمٍ باللام، والحُلمُ: الطمأنينةُ عند الغضب وفي نسخةٍ: "حكماء" جمع حكيم بالكاف، والحكمةُ: صحةُ القولِ، والقصدِ، والفعل، وقيل: الفقهُ في الدينِ، وقيل: معرفةُ الأشياءِ على ما هي عليه. (فقهاء) في نسخةٍ: "علماءُ" وهذا التعليقُ وصلَهُ الخطيبُ، ¬

_ (¬1) الدارمي في "السنن" 1/ 456 (562) باب: البلاغ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعليم السنن، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 160، والذهبي في "تذكرة الحفاظ " 1/ 18.

11 - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا

وغيرُه بإسنادٍ حسنٍ. (بصغار العلم قبل كباره) أي: بجزيئات العلِم قبلَ كلياتِه، أو بفروعِه قبل أصولِه، أو بوسائِله قبل مقاصده، أو بما وضح مِن مسائِله قبل ما دقَّ منها. والربَّانيُّ على هذا القولِ منسوبٌ إلى التربية. 11 - بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا. 68 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا" [70، 6411 - مسلم: 2821 - فتح: 1/ 162] (باب: ما كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا) أي: يتباعدوا عنه، و (ما) مصدرية، أي: باب كون النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يتخَّول أصحابه، بخاءٍ معجمة مع لام أو نون، أي: يتعهدهم، وصوَّب بعضهُم أنه بحاءٍ مهملةِ ولامٍ أي: يطلبُ أحوالَهم التي ينشطون فيها للموعظةِ، فيعظهم بها ولا يكثر عليهم فيملوا الموعظة: النصحُ، والتذكير بالعواقبِ، وعطفُ العلمِ على الموعظةِ من عطفِ العامِّ على الخاصِّ. (محمدُ بنُ يوسف) أي: ابن واقدٍ الفريابي. (أخبرنا سفيان) في نسخةٍ: "حدثنا سفيان" وهو الثوريُّ. (كراهة) بالنصب مفعولٌ له أي: لأجلِ كراهةٍ. (السآمة) أي: الملالةُ من الوعظِ. (علينا) أي: لا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي نسخةٍ: "كراهيَّهِ". بياءٍ مشددة، وسأم: يتعدى بمِن، وهي محذوفة هنا أي: السآمة من الوعظ، و (علينا) متعلقٌ بالسآمة بتضمينها معنى المشقةِ أي: صفة لها، أي: كراهة السآمةِ الطارئة علينًا، أو حالٌ منها، أي: كراهةُ السآمة حال كونها طارنةً علينا.

12 - باب من جعل لأهل العلم أياما معلومة

69 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا، وَلَا تُنَفِّرُوا". [6125 - مسلم 1734 - فتح: 1/ 163] (يحيى) في نسخةٍ: "يحيى بنُ سعيد". (أبو التياح) بفتح المثناة، وتشديدِ التحتية، وبالحاء المهملةِ. اسمه: يزيد بنُ حميدٍ الضبعيُّ. (يسِّروا) من اليُسر، ضدَّ العسر. (ولا تُعسِّروا) ذكر تأكيدًا، وإلَّا فالأمر بالشيء نهيٌ عن ضدِّه؛ ولأنَّه لو اقتصر على اليُسرِ صدق على من أتى به مرَّة، وبالعسرِ: بعض أوقاته، فلمَّا قال: ولا تعسروا انتفى التعسير في كل الأوقات. (وبشِّروا) من البشارةِ: وهي الإخبارُ بالخير ضدُّ النذارة. (ولا تنفروا) قابلَ به بشِّروا مع أنَّ ضدَّ البشارةِ: النذارة؛ لأنَّ القصد من النذارةِ: التنفير فصرَّح بالمقصود منها. 12 - بَابُ مَنْ جَعَلَ لِأَهْلِ العِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً 70 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا، مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا" [انظر: 68 - مسلم 2821 - فتح: 1/ 163] (باب: من جعل لأهل العلم أيامًا معلومة) في نسخة: "معلومات" وفي أخرى: "يومًا معلومًا". (عثمان بن أبي شيبة) اسمُ أبي شيبةً: محمدُ بنُ إبراهيمَ بنِ أبي عثمانَ العبسيِّ. (جرير) هو ابن عبد الحميدِ الضبي. (منصور) هو ابن المعتمرِ بنِ عبدِ الله. (عبد الله) هو ابن مسعود.

13 - باب: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين

(رجلٌ) قال شيخنا: يشبه أن يكون يزيد بن معاوية النخعيَّ (¬1). (لوددتُ) أي: أحببتُ، وهو جوابُ قسمِ محذوفٌ. (أما) بالتخفيفِ: حرفُ تنبيهٍ، أو بمعنا حقًّا. (إنه) بكسر الهمزة: على الأول وبفتحها: على الثاني، والضمير للشان. (أملكم) بضمِّ الهمزة، أي: أوقعكم في الملل. (وإنِّي) بكسر الهمزة، عطف على (إنه) على الأول، واستئنافٌ على الثاني. (علينا) متعلق بمخافة، أو بالسآمة، أو صفة للسآمة، أو جارٌّ منها، كما مرَّ. 13 - بَابٌ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ. 71 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ مُعَاويَةَ، خَطِيبًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ". [3116، 3641، 7312، 7460 - مسلم: 1037 - فتح: 1/ 164] (باب: من يرد الله به خيرًا يفقهه) أي: يُفَهمه، كما مرّ. (في الدين) ساقطٌ من نسخةٍ. (عفير) بضمِّ المهملة وفتح الفاءِ وسكون التحتية. (ابن وهب) بسكون الهاء، اسمه: عبد الله بن وهب [بن مسلم القرشي] (¬2). (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيليِّ. (معاوية) أي: ابن أبي سفيان صخر بن حرب. (خطيبًا) حال من معاوية. (النبيُّ) في نسخة: "رسولُ الله". (يرد الله) بضمِّ التحتية مِنَ الإرادةِ، وهو تخصيص أحد طرفي الجائز بالوقوع. ¬

_ (¬1) "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" 1/ 164. (¬2) من (م).

(خيرًا) أي: منفعة ونكره للتعميم؛ لأنه في سياق الشرط أو للتعظيم لاقتضاءِ المقامِ إيَّاه. (وإنما أنا قاسم) الواو للحال من فاعل (يفقهه) أو من مفعوله. أي: وأنا أقسم بينكم بتبليغ الوحي من غير تخصيص. (والله يُعطي) أي: كلَّ واحدٍ منكم منَ الفهم على قدرِ ما تعلقتْ به إرادتُه تعالى فالتفاوت في أفهامكم منه تَعالَى، وتقديم المسند إليه فيما ذكرة للتقوية، أو للاختصاص، أي: الله يعطي لا غيره، والجملة حال، أي: إنما أنا قاسم، في حال إعطاء الله تعالى لا في حالٍ غيره، والحصر في كونه - صلى الله عليه وسلم - قاسمًا: ليس حقيقيًّا إذ له صفات أخر، بل هو إما ردٌّ على من اعتقد أنه يعطي ويقسم، فهو قصر إفراد، أو يعطي ولا يقسم، فقصر قلب. (ولن تزال) فعلٌ ناقصٌ ملازم للنفي، بخلاف زال يزول أي: ذهب، وبخلاف زال يزيل أي: ميز. (على أمرِ الله) أي: على الدين الحق. (حتَّى يأتيَ أمرُ الله) أي: القيامة، إذ لا تكاليف فيها، فالمراد من الدين الحق: التكاليف، أو هو باق على معناه، والغاية لتأكيد التأييد على حدِّ قوله تعالى {مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 108]. أو هي غاية لقوله: (لا يضرهم) ويكون المعنى حتَّى يأتيَ بلاء الله. (فيضرهم) فسقط ما قيل: إنه يلزم من الحديث أن تكون الأمة يوم القيامة على غير الحقِّ؛ لأن ما بعد الغاية مخالفٌ لما قبلها. وفي الحديث: حجة الإجماع، وفضل العلماء على سائر الناس، وفضل الفقه في الدين على سائر العلوم. وأن هذه الأمة آخر الأمم. وأن عليها تقوم الساعة، وخبر: "لا تقوم الساعة حتى لا يقول أحد الله

14 - باب الفهم في العلم

الله" (¬1)، وخبر: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" (¬2) فجوابها: أن العموم فيهما أريد به خصوص، من حيث إن أهل الحق منحازون عن غيرهم، أو المعنى: لا تقوم على أحد يوحد الله تعالى إلا بموضع كذا فإن به طائفة على الحق، ولا تقوم إلا على شرار الناس. والمراد كما قال النوويُّ بأمرِ الله: الريح اللينة التي تأتي قرب القيامة فتأخذ روح كلِّ مؤمن ومؤمنة، والخبران المتقدمان على ظاهرهما. 14 - بَابُ الفَهْمِ فِي العِلْمِ. 72 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى المَدِينَةِ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا حَدِيثًا وَاحِدًا، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ، فَقَالَ: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً، مَثَلُهَا كَمَثَلِ المُسْلِمِ"، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ القَوْمِ، فَسَكَتُّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ النَّخْلَةُ". [انظر: 61 - مسلم: 2811 - فقح: 1/ 165] (باب: الفهم في العلم) الفهم: جودة الذهن، والذهن: قوة يتصور بها الصور والمعاني. والعلم: إدراك الشيءِ، فظرفيته للفهم صحيحة؛ لتغايرهما، وفسر الجوهريُّ الفهم: بالعلم (¬3) فلزم ظرفية الشيءِ لنفسه، وأجيب عنه: بأن العلم بمعنى المعلوم. (عليّ) هو ابن عبد الله، أي: المدينيّ، وسقط من نسخة: (هو ابن عبد الله). (ابن أبي نجيح) اسمه: عبد الله، واسم أبي نجيح: ¬

_ (¬1) "مصنف عبد الرزاق" 11/ 373 (20776) كتاب: الجامع، باب: المهدي. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2949) كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: قرب الساعة. (¬3) انظر: "الصحاح" 5/ 2005.

15 - باب الاغتباط في العلم والحكمة

يسار. (مجاهد) أي: ابن جبر، وقيل: ابن جبير، بالتصغير. (إلا المدينة) أي: النبوية. (إلا حديثًا واحدً) هو الحديث الذي ذكره عقبة، وإن اقتصر على الواحدة لعدم نشاطه؛ ولعدم سؤاله، وقيل؛ لأنه كان مستوفيًا للحديث. ورُدَّ بأنه كان من المكثرين. (فأُتِيَ) بضم الهمزة. (بجُمَّار) بضم الجيم وتشديد الميم قلب النخلة وشحمتها. (مثلها كمثل المسلم) بفتح الميم والمثلثة فيهما على المشهور، أي: صفتها العجيبة، كصفة المسلم كما مرَّ، مع زيادة في باب: قول المحدث: حدثنا، وأخبرنا (¬1). (أن أقولَ) أي: في جواب ذلك. (فسكتُ) بضم التاء، أي: حياءً وتعظيمًا للأكابر. (قالَ النبيُّ) في نسخةٍ: "فقال النبيُّ". ووجه مناسبة الحديث للترجمة: أن ابن عمرَ لمَّا ذكر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المسألة عند إحضار الجمَّار إليه، فهم أن المسئول عنه النخلة؛ بقرينة الإتيان بجُمَّارها. 15 - بَابُ الاغْتِبَاطِ فِي العِلْمِ وَالحِكْمَةِ. وَقَالَ عُمَرُ: "تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا". 73 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا". [1409، 7141، 7316 - مسلم 816 - فتح: 1/ 165] ¬

_ (¬1) سلف برقم (61) كتاب: العلم، باب: قول المحدث: حدثنا، أخبرنا، وأبنائنا.

(باب: الاغتباط في العلم والحكمة) الاغتباط: افتعالٌ من الغبطة: وهي تمني مثل ما للمغبوط، من غير زوال عنه [بخلاف الحسد فإنه مع تمني الزوال عنه] (¬1) والحكمة: معرفة الشيء على ما هو عليه، فهو بمعنى: العلم، وعطفه عليه عطف تفسير، إلا أن يفسر أحدهما بما يشملُ الظنَّ، فيكون من عطف العام على الخاص، أو عكسه. (تفقهوا) أي: "تفهموا" كما في نسخة. (قبل أن تسودوا) بضم الفوقية وتشديد الواو المفتوحة، أي: تصيروا سادة فتمنعكم الأنفة من الأخذ عن غيركم فتبقوا جهالًا، وفي نسخة: عقب (تسودوا). "وقال أبو عبد الله" وبعد أن تسودوا: "وقد تعلم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كبر سنهم". (لا حسد) أي: جائز. (إلا في اثنتين) بتاء التأنيث أي: خصلتين. (رجل) بالجرِّ: بدل من اثنتين على حذف مضاف أي: خصلة رجلٍ، وبالنصب بأعني، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف. (فسلط) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "فسلطة" بالبناء للفاعل. (على هلكته) بفتح اللام، أي: هلاكه. (في الحق) أي: لا في التبذير، ووجوه المكاره. (أتاه الله الحكمة) أي: القرآن، أو كلُّ ما منع من الجهل والبقبيح، والاستثناءُ منقطع؛ لأن المستثنى في الحقيقة غبطةٌ، والمستثنى منه حسد، فإن حمل الحسد على الغبطة كان الاستثناء متصلًا، لكن يلزم عليه أن الغبطة حرام في غير المستثنى، وهو باطل، وإنما نكَّر مالًا وعرَّف الحكمة؛ لأن المراد بها: معهود، وهو ما جاء به الشرع. ¬

_ (¬1) من (م).

16 - باب ما ذكر في ذهاب موسى صلى الله عليه وسلم في البحر إلى الخضر

وفي الحديث: الترغيب في التصدق، وتعلم العلم، وأن الغنيَّ إذا قام بشروط المال، وفعل فيه ما يرضي ربه كان أفضل من الفقير العاجز عن ذلك. 16 - بَابُ مَا ذُكِرَ فِي ذَهَابِ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي البَحْرِ إِلَى الخَضِرِ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا) [الكهف: 66]. [فتح: 1/ 167] (باب: ما ذكر في ذهاب موسى) أي: ابن عمران. (في البحر إلى الخضرِ) هو بفتح الخاءِ وكسر الضاد المعجمتين أشهر من فتحها، أو كسرها مع سكون الضاد فيهما، لقب له لُقِّبَ به، كما سيأتي في كتاب الأنبياء، أنه جلس على فروة بيضاء فإذا هيَ تهتزُّ من خلفه خضراء (¬1)، والفروة: وجه الأرض، وقيل: نباتٌ مجتمع يابس، وكنيته: أبو العباس، واختلف في اسمه، فقيل: بليا بفتح الموحدة وسكون اللام، وبتحتية، وهو ما اقتصر النوويُّ على نقله، وقيل: إبليا، وقيل: خضرون، وقيل: أحمد، وقيل: عامر، وقيل: إرثا، وقيل: غير ذلك. واختلف فيه، أهو نبيٌّ؟ أو رسولٌ أو وليٌّ أو ملكٌ؟ والصحيح: أنه نبيٌّ، واختلفَ في حياته، والجمهور: على أنه حيُّ إلى يوم القيامة، لشربه من ماءِ الحياة، واختلف في اسم أبيه، فقيل: ملكانُ بفتح الميم وسكون اللام وبالكاف، وقيل: فرعونٌ صاحب موسى، وقيل: مالكٌ أخو إلياس، وقيل: بعضُ من آمن بإبراهيم، وقيل: آدم: عيصو، وقيل: فارس ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3402) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: حديث الخضر مع موسى عليهما السلام.

74 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى، الَّذِي سَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ " قَالَ مُوسَى: لَا، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، وَكَانَ يَتَّبِعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)، قَالَ: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ" [78، 122، 2267، 2728، 3278، 3400، 3401، 4725، 4726، 4727، 6672، 7478 - مسلم: 2380 - فتح: 1/ 168] (حدثني) وفي نسخةٍ: "حدثنا". (غُريرٍ الزهري) بضم المعجمة، وبرائين مهملتين، أي: ابن الوليد القرشيُّ. (يعقوبُ بنُ إبراهيم) أي: ابن سعد القرشيُّ. (قال: حدثني) في نسخةٍ: "قال: حدثنا". (حدَّث) في نسخة: "حدَّثه". (تمارى) أي: تنازعا. (والحُرُّ) بضم الحاءِ، وتشديد الراءِ. (الفزاري) نسبةً إلى فزارة بن شيبان. (أُبَيُّ بنُ كعبِ) أي: ابن منذرٍ الأنصاريُّ. (فدعاه) أي: ناداه. (سمعتَ رسولَ الله) في نسخة: "سمعتَ النبيَّ" (في ملإِ) بالقصر أي: جماعة، أو أشراف. (بني إسرائيل) أي:

يعقوب، فإسرائيل: لقبُ يعقوبَ، وبنوه اثنى عشر وهم الأسباط، وسمُّوا به؛ لأنَّ كلًّا منهم ولد قبيلةً، وجميعُ بني إسرائيلَ من هؤلاء المذكورين. (قال موسى) في نسخة: "فقال موسى". (لا) أي: لا أعلم أحدًا أعلمُ مني، وفيه: زيادةٌ تأتي في التفسيرِ (¬1). (فأوحى الله) زاد في نسخةٍ: "عَزَّ وَجَلَّ". (بلى) في نسخةٍ: "بل". (عبدنا) الأصلُ فيه: أنْ يقالَ عبدُ الله، لكن هذا على سبيل الحكاية عن قوله الله تعالى. (خضر) في نسخة: "الخضر"، والمعنى: بلى عبدنا خضرٌ أعلمُ منك بما أعلمته من الغيوب، وحوادثِ القدرةِ مما لا يعلمُ الأنبياءُ منه، إلَّا ما أُعلموا به، وإلَّا فلا ريب أن موسى لله أعلمُ بوظائفِ النبوةِ، وأمورِ الشريعة، وسياسةُ الأمةِ. (آية) أي: علامة لمكانِ الخضرِ، ولقيه حيث قال له الله تعالى: اطلبه على ساحلِ البحرِ عند الصخرة، قال: كيف لي به؟ قال: تأخذ حوتًا في مكتل فحيث فقدتَه فهو هناك، فقيل: أخذ سمكةً مملوحةً، وقال لفتاه: (إذا فقدت الحوت) فأخبرني، فاضطرب الحوتُ، فوقع في البحر، وقيل: نزلَ على شاطئٍ عين من عينِ الحياةِ، فلمَّا أصابَ السمكةَ رَوْحُ الماء وتردده عاشتْ، وقيل: توضأ يوشع من تلك العينِ، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4725) كتاب: التفسير، باب: وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين، و (4726) كتاب: التفسير، باب: {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما}، و (4727) كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} [الكهف: 63] إلى آخره.

17 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم علمه الكتاب"

فانتضح الماء على الحوتِ فعاش، ووقع في الماء، وقيل كان الحوتُ مشويًّا، وحياتُه بما ذكر معجزة لموسى، أو الخضرِ عليهما السلامُ. (وكان) في نسخةٍ: "لكان". (يتبع أثر الحوت) بتشديد الفوقيةِ، أي: ينتظرُ فقدانه. (فقال لموسى فتاه) أي: صاحبُه، وهو يوشعُ بنُ نونٍ، وإنَّما قيل: فتاه؛ لأنَّه كان يخدمه، ويَتَّبِعُه، ويأخذُ العلمَ عنه (أرأيت) أي: تنبَّه. (إلى الصخرةِ) هي التي رقد عندها موسى - عليه السلام -أو التي دون نهرِ الزيتِ بالمغربِ. (نسيت الحوت) أي: نسيت تفقُّدَ أمرِه مما جعل أمارةً. (أن أذكره) بدل من هاء أنسانيه. (قال ذلك ما كنا نبغي) أي: قال موسى: فقدانُ الحوتِ: البغيةُ. (فارتدَّا) أي: رجعا (على آثارهما) أي: في الطريق الذي جاءا فيه. (قصصًا) أي: يقصَّان قصصًا، أي: يتبعان آثارهما اتباعًا. (الذي قصَّ الله عَزَّ وَجَلَّ في كتابه) أي: من قوله تعالى: (قال له موسى هل أتبعك) [الكهف: 66] ... الخ): ذلك. وفي الحديث: جواز التماري في العلم إذا كان كلٌّ يطلب الحقَّ لا التعنتَ، والرجوعُ إلى قول أهلِ العلمِ عند التنازع، والرغبةُ في المزيد في العلم، والحرصُ عليه، ووجوبُ التواضعِ، فإنه تعالى عاتبه حين لم يردِّ العلَمَ إليه، وأراه من هو أعلم منه، وحمل الزَّادِ، وإعدادُهُ في السفر، وإنَّه لا بأس على العالم أنْ يخدمه المفضولُ. 17 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ". 75 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ" [143، 3756، 7270 - مسلم 2477 - فتح: 1/ 169]

(باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم علِّمه الكتاب) أي: حفِّظه، أو فهمه، وهاء علمه لابن عباس بقرينةٍ الحديثِ الآتي والسابقِ في الباب قبلَه و (الكتابُ): القرآن. (أبو معمر) اسمه: عبدُ الله بنُ أبي الحجاجِ البصريُّ. (عبد الوارث) أي: ابن سعيدٍ بنِ زكوان التيميُّ. (خالد) هو ابنُ مهران. (عكرمة) هو أبو عبد الله المدني. (ضمني رسولُ الله) في نسخة: "ضمني النبيُّ" أي: ضمني إلى نفسهِ، أو صدرهِ. (علمه الكتاب) أي: القرآن، وعلمه هنا بمعنى: عرِّفه، فلا يتعدى إلا إلى مفعولين، وهما هنا: الضمير والكتابُ، ودعوة النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مستجابة، فقد كان ابن عباس بحر العلم وحبر الأمة. وفي الحديث: جواز الضمِّ، أي: المعانقة، وهي جائزة للطفل وللقادم من سفر ونحوه، بلا كراهة ولغيرهما بها، وهذا كلُّه في غير الأمرد: الحسن الوجه، أمَّا فيه فالظاهر كما قال النوويُّ: إنه حرام، وفيه أيضًا: الحثُّ على تعليم القرآن، والدعاء إلى الله تعالى في ذلك. ورواه البخاريُّ في: فضائل الصحابة بلفظ: "علمه الحكمة" (¬1)، وفي الوضوءِ: "فقهه في الدين" (¬2)، وكلٌّ صحيح، فلقد كان ابن عبَّاس عالمًا بكلٍّ منها. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3756) كتاب: فضائل الصحابة، باب: ذكر ابن عباس رضي الله عنهما. (¬2) سيأتي برقم (143) كتاب: الوضوء، باب: وضع الماء عند الخلاء.

18 - باب: متى يصح سماع الصغير؟

18 - بَابٌ: مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ؟ 76 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ". [413، 861، 1857، 4412 - مسلم 504 - فتح: 11/ 171] (باب: متى يصح سماعُ الصغير) في نسخةٍ: "الصبيُّ". (إسماعيل) هو ابن أبي أويس. (أتان) بمثناة أي: أنثى الحمير، ولا يقال: أتانة على المشهورِ، بخلاف حمارة، وهو بالجرِّ بدلٌ من حمار، أو وصفٌ على معنى أنثى، وروي بإضافةِ حمار إلا أتان، أي: حمار هذا النوعِ. (ناهزت) أي: قاربت. (الاحتلام) أي: البلوغُ الشرعيُّ، وهو مشتقٌّ من الحلم بضمِّ اللام: وهو ما يراه النائم، واختلف في سنِّ ابن عبَّاسِ عندِ وفاة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقيلَ: عشر (¬1)، وقيل: ثلاث عشرة (¬2)، وقيل: خمس عشرة (¬3). (بمنى) بالصرفِ وعدمهِ، باعتبارِ كونهِ علمَ المكانِ. أو العقبة، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5035) كتاب: فضائل القرآن، باب: تعليم الصبيان القرآن، وانظر: "معجم الصحابة" 3/ 484 - 485 (1451، 1454). (¬2) انظر: "معرفة الصحابة" 3/ 1703 (4265)، و"تاريخ بغداد" 1/ 173 - 174، و"الإستيعاب" 3/ 66 - 67 (1606)، و"تهذيب الأسماء والألقاب" 1/ 259، و"مجمع الزوائد" 9/ 285. (¬3) أخرجه أبو داود الطيالسي 4/ 365 (2762)، وأحمد في "المسند" 1/ 373، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 1/ 284 (373)، والطبراني في "الكبير" 10/ 235 (10578).

كما جرى عليه النوويُّ (¬1)، وغيره، واقتصر الجوهريُّ (¬2) على الأوَّل، حيث قال: ومنى: موضع بمكة، وهو مذكر يصرف، وسمِّي منى لما يُمنَى به، أي: يراقُ فيه من الدِّماءِ. (إلى غير جدارٍ) يعني: إلى غير سترة، بقرينة السياق؛ لأن ابن عبَّاس أورده في معرض الاستدلال، على أن المرور بين يدي المصلِّي لا يقطع صلاته، وبقرينة خبر البزار: والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي ليس شيءٌ يستره. (بينَ يدي بعضِ الصفِّ) أي: قدامُه، والصفُّ يحتملُ: الجنس، أي: بعض الصفوفِ، والوحدة أي: بعضُ صفٍّ واحدٍ. (ترتع) أي: تأكل، والجملة: حالٌ من الأتانِ مقدرة؛ لأن الإرسالَ ليسَ حالَ الرتعِ. (ودخلت الصفِّ) في نسخة: "فدخلت في الصفِّ". (ينكر) بفتح الكاف، وأدخل البخاريُّ هذا الحديث في ترجمة سماع الصبيِّ، مع أنه لا سماع فيه، لتنزيل عدم إنكار المرور منزلة السماع حينئذٍ. وفي الحديث: صحة صلاة الصبيِّ، وأن مرور الحمار لا يقطع الصلاة، والاحتجاج بعدم إنكار النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على جواز نقل الحديث، والركوب إلا صلاة الجماعة، وأن الإمام يصلِّي إلى غير سترة، وصحة تحمل الصغير، وتأديته بعد البلوغ، وكذا شهادته بما تحمله قبل البلوغ، ويلحق به في ذلك العبد، والفاسق، والكافر. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 222. (¬2) انظر: "الصحاح" 6/ 2498.

19 - باب الخروج في طلب العلم

77 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: "عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ". [189، 839، 1185، 6354، 6422 - مسلم: 33 سيأتي 657 - فتح: 1/ 172] (حدَّثني محمد) في نسخة: "حدثنا محمد". (أبو مُسْهِرٍ) بوزن مسلم، واسمه: عبد الأعلى بن مسهر الغسَّانيُّ. (حدثني محمد) في نسخةٍ: "حدَّثنا محمدٌ" كنيتُه: أبو عبدِ الله بنُ حَرْبٍ بفتح المهملةِ وسكونِ الراءِ، وبالموحدةِ. (الزبيديُّ) بضمِّ الزايِ وفتحِ الموحدةِ: هوَ أبوُ الهذيلِ محمدُ بن الوليدِ، فالزبيديُّ: لقبُه، وأبو الهذيلِ: كنيتُه، ومحمدٌ: اسمهُ. (محمودِ بنِ الربيعِ) بفتحِ الراءِ وكسرِ الموحدةِ، أي: ابن سراقَة الأنصاريّ. (عَقَلْتُ) بفتح القافِ، أي: عرفتُ أو حفظت. (مجَّها) أي: رمى بها مع نفخٍ. (في وجهي) حال، وضميرُ مجَّها: مفعول مطلق، أو مفعول به. (من دلوٍ) أي: من مائها من بئرٍ كانتْ في دارهم. وفي الحديث: إِباحةُ مجّ الريقِ على الوجهِ لمصلحة، وطهارته، وثبوت الصحبة بذلك، وجواز مداعبة الصغير. 19 - بَابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ. وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ. 78 - حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ قَاضِي حِمْصَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، فَمَرَّ بِهِمَا

أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ فَقَالَ أُبَيٌّ: نَعَمْ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ يَقُولُ: "بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَتَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لَا، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَّبِعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)، قَالَ مُوسَى: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ". [انظر: 74 - مسلم 2380 - فتح: 1/ 173] (باب: الخروج في طلبِ العلمِ) أي: السفرُ لتعلمِ العلم. (جابر بن عبد الله) هو الأنصاريُّ، الصحابيُّ، ابن أنيس، مصغر، أي: الجهنيُّ. (في حديث واحد) هو حديث المظالمِ والقصاصِ المرويُّ فيها، وفي الأدب بلفظ: "يحشرُ الله العبادَ فيناديهم بصوت .. إلخ" (¬1)، وقيل: هو: حديث الستر على المسلم المرويُّ بلفظ: "من ستر مؤمنًا في الدنيا ستره الله يوم القيامة". (ابن خَلِيٍّ) بفتحِ المعجمةِ وكسرِ اللَّامِ المخففةِ لا المشددةِ، كما وقع لبعضهم (قاضي حمصِ) ساقط من نسخةٍ. (قال الأوزاعيُّ) بفتح الهمزة؛ نسبة إلى الأوزاع، قريةِ بقربِ دمشقٍ، أو بطن من حميرٍ (¬2)، أو ¬

_ (¬1) سيأتي معلقًا في باب: قول الله تعالى {وَلَا تَنْفعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ} كتاب: التوحيد قبل حديث رقم (7481). (¬2) انظر: "معجم البلدان" 1/ 280.

20 - باب فضل من علم وعلم

من همدان بسكونِ الميم، أو أوزاع القبائلِ، أي: فرقها، وكنيته أبو عمرو واسمه: عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، وقيل كان اسمه: عبد العزيز فسمَّى نفسه عبد الرحمن. (سمعت النبيَّ) في نسخة: "سمعت رسولَ الله". (فقال أتعلم؟) في نسخة: "قال أتعلم؟ " وفي أخرى: "تعلم؟ " بلا همزة، وفي أخرى: "هل تعلم؟ ". (أحدًا أعلم) في نسخة: "أن أحدًا أعلم". (بلى) في نسخة: "بل"، كما مرَّ نظيره. (في البحر) في نسخةٍ: "في الماء". 20 - بَابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ. 79 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ المَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الكَلَأَ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ، أَمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ إِسْحَاقُ: وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَيَّلَتِ المَاءَ، قَاعٌ يَعْلُوهُ المَاءُ، وَالصَّفْصَفُ المُسْتَوي مِنَ الأَرْضِ. [مسلم: 2282 - فتح: 1/ 175] (باب: فضل من علم وعلَّم) أي: فضل العالم والمعلم. (حدثنا محمد بن العلاء) بالمهملةِ والمدِّ، أي: ابن كريب بالتصغير، الهمداني: بسكون الميم. (حمَّاد) بفتحِ المهملةِ وتشديد الميمِ. (ابن أسامة) أي: ابن يزيد القرشيُّ.

(من الهُدى) هو الدلالة الموصلة إلى البغية. (والعلم) هو صفة توجب تمييزًا لا يحتمل متعلقه النقيض، والمراد به هنا: الأدلة الشرعية. (كمثل الغيث) أي: المطر. (نقية) بالنون، أي: طيبة، وفي نسخة: "ثغبة" بالمثلثة وغين معجمة ساكنة وموحدة: وهو مستنقع الماءِ في الجبال والصخور. ورد: بان هذه النسخة غلط من الناقلين، وتصحيف، وإحالة للمعنى؛ لأنه إنما جعلت هذه الطائفة مثلًا لما ينبت، والثغب لا ينبت. (قبلت) بالموحدة من القبول. (قال إسحاق) هو ابن راهويه شيخ البخاريّ، وفي نسخة: "قال أبو عبد الله: قال إسحاق". (وكان منها طائفة قيلت الماء) بتحتية مشددة من القيل: وهو شرب وسط النهار، أي: سقيت الماء فشربته، وهو: المراد بقول الكرمانيّ (¬1)، قالوا معناه أمسكت. وفي نسخة: "قبلت الماء" بموحدة. وقوله: (قال ... إلخ) ساقط هنا من نسخ، بل هو مكتوبٌ فيها آخر الحديث بلفظ: "قال أبو عبد الله: وقال إسحاق .. إلخ". (الكلأ) بالهمز، النبات يابسًا ورطبًا. (والعشب) النبات رطبًا. كالخلا بالمعجمة والقصر فهو من عطف الخاص على العام، والحشيش مختص باليابس. (أجادب) بجيم ودالٍ مهملة، أي: أرضٌ لا تنبت الكلأ وهو جمع جدب أي: قحط على غير قياس، والقياس: جمع جديب، أو جدب، كما قالوا في جمع حسن ومحاسن والقياس: أنه جمع محسن، وفي نسخة: "إخاذات" بهمزة مكسورة وبمعجمتين، جمع: إخاذة: وهي الأرض التي لا تمسك، ويقال: هيَ الغدراء بالدَّالِ. (فنفع الله بها) أي: بالأجادب، وفي نسخة: "به" أي: بما ذكر. ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 2/ 55 - 56.

(منها) حال من قوله: (طائفة أخرى) أي: من الأرضِ، وطائفة: مفعول أصاب. (قيعان) بكسر القاف: جمع قاع: وهو الأرض المتسعة الملساء، وقيل: الأرض التي لا تنبت، وهو المراد هنا. (وسقوا) يقال: سقى وأسقى لغتان، وقيل: سقاه: ناوله، وأسقاه: جعل له سقيًا. (فقه) بضمِّ القافِ أجود من كسرها، يقال: فقه بالضمّ: إذا صار الفقه له سجيَّة، وفقه بالكسر: إذا فهم، وفقه بالفتح: إذا سبق غيره إلى الفهم، قاله ابن القطاع وغيره (¬1). (ونفعه) عطفٌ على فقه. (ما بعثني الله به) فاعل نفعه. (لم يرفع بذلك رأسًا) أي: تكبرًا، فلم يلتفت إليه لتكبره. (فعِلمَ وعلَّم) اكتفى بهما عن ذكر الهدى؛ لاستلزامهما إياه، بقرينة المقام. (ولم يقبل هدى الله) اكتفى به عن ذكر العلم؛ لاستلزمه إياه، ولا يخفى ما اشتمل عليه الحديث من بديع التقسيم، ومن [حسن] (¬2) تشبيه كلِّ قسمٍ من الناس في إجابة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقسم من أقسام المطر، إذا نزل على الأرض، لكن المصرح به في الأرض ثلاثة أقسام، وفي الناس قسمانِ: من تحمَّلَ العلم وتفقه فيه شُبِّه بالأرض الطيبة تنبت فانتفعت وانتفع بنباتها الناس، ومن تحمَّلَ ولم يتفقه فيه لعدم الأذهان الثابتة والرسوخ في العلم المؤدي إلا استنباط الأحكام، ¬

_ (¬1) هو العلامة شيخ اللغة: أبو القاسم علي بن جعفر بن علي السعدي الصقلي ابن القطاع نزيل مصر، ومصنف كتاب: "الأفعال" وما أغزر فوائده وله كتاب: "أبنية الأسماء" وله مؤلف في العروض وكتاب في أخبار الشعراء، توفى سنة خمس عشرة وخمس مئة عن اثنتين وثمانين سنة. انظر: ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 19/ 433 - 435، "بغية الوعاه" 1/ 178. (¬2) من (م).

21 - باب رفع العلم وظهور الجهل

فهذا قد ينفع الناس فأشبه بالأرض الصلبة لم تنبت ولكن تمسك الماء فيأخذه الناس وينتفعون به، وهذا القسم من الناسِ غير مصرَّح به في الحديث ومن الأرض صرَّح به فيه، ومن لم يتحمَّل ولم يتفقه فيه، كالقيعان التي لا تمسك الماء، بل هي سباخ. فالأول: لمن نفع وانتفع وهم العلماء. والثاني: لمن نفع ولم ينتفع وهم النقلة، والثالث: لمن لم ينفع ولم ينتفع وهم من لا علم له ولا نقل. (الذي أرسلت به) زاد البخاريُّ في نسخة: "قاع يعلوه الماء والصفصف: المستوي من الأرض". قال شيخُنا: وأراد به أن قيعان المذكورة في الحديث جمع قاع (¬1)، وأنها الأرض التي يعلوها الماء، ولا يستقرُّ فيها، وإنما ذكر الصّفصف معه جريًا على عادته في الاعتناءِ بما يقع في الحديث من الألفاظ الواقعة في القرآن وقد يستطرد. 21 - بَابُ رَفْعِ العِلْمِ وَظُهُورِ الجَهْلِ. وقَالَ رَبِيعَةُ: "لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ العِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ". 80 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ وَيَثْبُتَ الجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا". [81، 5231، 5577، 6808 - مسلم 2671 - فتح: 1/ 178] ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 177.

(باب: رفع. العلم وظهور الجهل) أي: الثاني للإيضاح، وإلا فالأول مستلزم له. (وقال ربيعة) أي: ربيعة الرأي، بالهمزة الساكنة: ابن عبد الرحمن المدنيُّ التابعي شيخ الإمام مالك، وإنما قيل له: الرأي؛ لكثرة اشتغاله بالرأي والاجتهاد. (من العلم) أي: الفهم. (أن يضيع نفسه) أي: يترك الاشتغال؛ لئلا يرتفع العلم. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (أشراط الساعة) أي: علاماتها. (أن يرفع العلم) أي: بموت العلماء لا بنزعه من الصدور، بقرينة خبر: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد ولكن يقبضه بقبض العلماء" (¬1). (ويثبت) من الثبوت وفي نسخةٍ: "ويبثُّ" بمثله مشددة في آخره من البثِّ: وهو الانتشار، وفي أخرى: "وينبت" بمثناةٍ مخففةٍ في آخره، من النبات. (ويُشرب الخمرُ) بضمِّ أوله، أي: يفشو شربه إذ فشوه: هو العلامة. (ويظهر الزنا) بالقصرِ: بلغة أهل الحجاز وبالمدّ: بلغة أهل نجد، وبالنسبةِ إلى الأول: زنويّ، وإلى الثاني: زنائيّ. 81 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ". [انظر: 80 - مسلم: 2671 - فتح: 1/ 178] ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (100) كتاب: العلم، باب: كيف يقبض العلم، ومسلم برقم (2673) كتاب: العلم، باب: هلك المتنطعون.

(يحيى) أي: ابن سعيد القطَّان. (عن أنسٍ) في نسخةٍ: "عن أنس بن مالكٍ". (لأحدثنكم) بفتح اللام، جواب قسم محذوف. (حديثًا) قائم مقام المفعول الثاني والثالث لأحدث. (لا يحدثكم أحد) أي: به، قال ذلك؛ إمَّا لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أعلمه به، أو لأنه لم يبق من الصحابة حينئذٍ غيره، أو لحثِّه الناسَ على طلبِ العلمِ؛ لِما رأى من تفريطهم فيه. (سمعت) بيان لأحدثنكم، أو بدلٌ منه. (رسول الله) في نسخةٍ: "النبيُّ". (من أشراط الساعة) في نسخة: "أن من أشراط الساعة". (يقلُّ العلم) بكسر القاف، ولا منافاة بينه وبين ما مرَّ من الرفعِ؛ لأن القلة قد يعبر بها عن العدم، أو ذلك باعتبار زمانين: مبدأ الأشراط وانتهائها، ولذلك قال ثم: ويثبت الجهل، وهنا: ويظهر. (ويقل الرجال) أي: لكثرة القتل بسبب الفتن. (لخمسين امرأة) يحتمل إرادة حقيقة هذا العدد، وأن يراد بها كونها مجازًا: عن الكثرة، قال الكرمانيُّ: ولعلَّ السرَّ في ذكر الخمسين؛ أن الأربعة هي كمال نصاب الزوجات، فاعتبر الجمال مع زيادة واحدة عليه؛ ليصير فوق الكمال؛ مبالغة في الكثرة؛ أو لأن الأربعة تؤلف منها العشرة، فيزيد فوق الأصلِ واحد، ثم اعتبر كلُّ واحدٍ منها بعشرة؛ تأكيدًا للكثرة، ومبالغةً فيها (¬1). (القيم الواحد) أي: من يقوم بأمرهنَّ، واللام فيه للعهد، في كون الرجالِ قوَّامين على النساءِ، وللتخصيص لهذه الأمور نكتة وهي كونها مشعرة باختلال الضروريات الخمس الواجب رعايتها في جميع ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 2/ 61.

22 - باب فضل العلم

الأديان، فرفعُ العلمِ مخلٌّ بالدِّين، وشربُ الخمرِ بالعقلِ وبالمالِ، وقلة الرجال بالنفسِ، وظهور الزنا بالنسب. 22 - باب فَضْلِ العِلْم. 82 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ" قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "العِلْمَ". [3681، 7006، 7007، 7027، 7032 - مسلم: 2391 - فتح: 1/ 180] (باب: فضل العلم) أي: زيادته بمعنى كثرته، بخلاف ما مرَّ في كتاب: العلم، فإن المراد به: فضيلته، فلا تكرار. (سعيد بن عفير) بضمِّ العين المهملة وفتح الفاءِ. (حدثني) في نسخة: "حدثنا الليث". (حدثني عقيل) بضمِّ العين وفتح القاف، أي: ابن خالد الأيليُّ، ونسخة: "عن عقيل". (قال: بينا) في نسخةٍ: "يقولُ بينا". (حتَّى إنِّي) بكسر إني؛ لوقوعها بعد حتَّى الابتدائية، وبفتحها بتقديرها جارة. (لأرى) بفتح الهمزة، من الرؤية، وذكر بلفظ المضارع؛ لاستحضار هذه الرؤية للسامعين، واللام فيه للتأكيد. (الرِّي) بكسر الراءِ وفتحها وتشديد الياءِ، وقيل بالكسر: الاسم، وبالفتح: المصدر، وجعله مرئيًّا تنزيلًا له منزلة الجسم. (يخرج) أي: اللبن، أو الرِّيُّ تجوزًا، وهو حال، إن كانت بَصَريَّةً، ومفعولٌ ثان، إن كانت عَلَمِيَّةً. (في أظفاري) في نسخة: "من أظفاري". (ما أولته) أي: عبرته؛ لأن التأويل لغةً: التفسير بما يؤول

23 - باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها

إليه الشيءُ. (العلم) بالنصب: أي: أولته العلم، أي: به، وبالرفع: أي: المؤول به العلم. ووجه تفسير اللبن بالعلم: اشتراكهما في كثرةِ. النفعِ بهما، وكونهما سببًا لصلاح اللبن في الأشباح والعلم في الأرواح. وفي الحديث: منقبة لعمر، وجواز تعبير الرؤيا، ورعاية المناسبة بين التعبير والمعبر عنه. 23 - بَابُ الفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا. 83 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فَقَالَ: "اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ" فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: "ارْمِ وَلَا حَرَجَ" فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلا قَالَ: "افْعَلْ وَلَا حَرَجَ". [124، 1736، 1738، 1738، 6665 - مسلم: 1306 - فتح: 1/ 180] (باب: الفتيا) من فتى، يفتي، فتا، فهو فتيُّ السنِّ، أي: حديثه، وكلُّ حدثٍ أشْكلَ على أحدٍ طلب من المفتي فيه أمرًا حديثًا، فالفُتْيَا بالضمِّ، كالفتوى بالفتحِ: جواب حديث لأمرٍ حديثٍ. (وهو) أي: المفتي. (واقف) أي: راكب. (على الدابة) في نسخة: "على ظهر الدابة". (وغيرها) من سفينة وأرض وغيرهما، وفي نسخة: "أو غيرها". (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (حجة الوداع) بفتح الحاءِ والواو وكسرهما، والفتح في الوداع على أنه اسم، والكسر فيه على أنه مصدر من المفاعلة.

(بمنى) تقدَّمَ الكلام عليه. (يسألونه) حالٌ من فاعل. (وقف) أو (من الناس)، واستئناف: بيانًا لقلة الوقوف. (فجاءه رجل) في نسخة: "فجاء رجل". (لم أشعر) بضم العين: لم أفطن. (فحلقت) أي: رأسي. (قبل أن أذبح) أي: الهدي. (لا حرج) أي: لا إثم ولا فدية عليك. (فنحرت) في نسخة: "فذبحت" والذبح: في الحلق، والنحر: في اللبة، بفتح اللام وهو موضع القلادة من الصدر، والفاءُ في فحلقت، وفي فنحرت سببية لتسبب كلِّ منهما عن عدم الشعور. (قبل أن أرمي) أي: الجمرة. (قال: أرم) في نسخة: "فقال أرم" (عن شيء) أي: من أعمال يوم العيد: الرمي، والنحر، والحلق، والطواف. (قدم ولا أخر) ببنائهما للمفعول، وحذف من الأول "لا" مع أنها لا تكون في الماضي، إلا مكررة على الفصيح وحسن ذلك هنا أنه في سياق النفي، كما في قوله تعالى: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9]. (ولا حرج) أي: عليك في تقديم شيءٍ مما ذكر أو تأخيره، فترتيب الأمور المذكورة غير واجب عند الشافعيّ وأحمد، وقال أبو حنيفة ومالك: واجب يجبر بالدَّم؛ وفسروا (ولا حرج) بلا إثم. وفي الحديث: جواز سؤال العالم راكبًا وماشيًا وواقفًا، وأن الجلوس على الدابة جائز للحاجة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك ليشرف على الناس، ولا يخفى عليهم كلامه.

24 - باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس

24 - بَابُ مَنْ أَجَابَ الفُتْيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّأْسِ. 84 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ، قَالَ: "وَلَا حَرَجَ" قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: "وَلَا حَرَجَ". [1721، 1722، 1723، 1734، 6666 - مسلم: 1307 - فتح: 1/ 181] (باب: من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس) يعني: باب بيان المفتي الذي أجاب بإشارة يدِه، أو رأسِه المستفتى عمَّا سألهَ عنه، والفتيا: تقدَّم أنَّها جوابُ المفتي، فهي منصوبةٌ هنا بنزعِ الخافضِ أي: أجاب بالفتيا أي: بطريقها، ويُحتمل: أنَّه أطلقها هنا على السؤالِ، أي: أجاب السؤالَ، أي: سائله، فهي: مفعولُ أجاب بتقديرِ مضافٍ محذوفٍ، (وهيب) بضم الواو: ابن خالدٍ الباهلي (أيوب) أي: السختياني. (فأومأ) بالهمزِ. أي: أشار، وفي نسخةٍ: "قال فأومأ". (قال: لا حرج) بيانٌ لقولهِ: أومأ تنزيلًا للإشارةِ منزلة القولِ، وفي نسخةٍ: "وقال: لا حرج"، وفي أخرى: "ولا حرج". و (قال: حلقت) أي: قال ذلك السائلُ، أو غيره. (فأومأ بيده: ولا حرج) الواو عاطفةٌ على مقدَّر. أي: صحَّ فعلك، ولا حرج. 85 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يُقْبَضُ العِلْمُ، وَيَظْهَرُ الجَهْلُ وَالفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ"، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الهَرْجُ؟ فَقَالَ: "هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا، كَأَنَّهُ يُرِيدُ القَتْلَ". [1036، 1412، 3608، 3609، 4635، 4636، 6037، 6506، 6935، 7061، 7115، 7121 - مسلم: 157 - فتح: 1/ 182] (المكيُّ بنُ إبراهيم) أي: ابن بشير بفتح الموحدةِ، وكسرِ

المعجمة البلخي. (حنظلة) في نسخة: "حنظلة بنُ أبي سفيان". (عن سالم) هو ابن عبدِ الله بنِ عمر بنِ الخطَّاب. (يقبض) بالبناء للمفعولِ، أي: يرفع بموتِ العلماءِ. (والفتن) في نسخةٍ: "وتظهر الفتنُ". (ويكثر الهرج) بفتح الهاء، وسكونِ الراءِ: الفتنة والاختلاط، وهو بلسان الحبشة: القتلُ كما صرَّح به البخاريُّ في كتابِ: الفتنِ (¬1)، وأشار إليه هنا بقوله: (قيل: يا رسول الله ... إلخ) (فحرَّفها) بتشديد الراءِ: تفسيرًا لقولِه: (فقال: هكذا بيده). (يريد القتلَ) أي: يزيد بالهرج القتلُ، فهو حقيقةٌ فيه، أو مجاز؛ لأنَّه من لازم الهرج. 86 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، قُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الغَشْيُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي المَاءَ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إلا رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي، حَتَّى الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَأُوحِيَ إِلَيَّ: أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ - مِثْلَ أَوْ - قَرِيبَ - لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَو المُوقِنُ - لَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ مُحَمَّدٌ ثَلاثًا، فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ. وَأَمَّا المُنَافِقُ أَو المُرْتَابُ - لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ". [184، 922، 1053، 1054، 1061، 1235، 1373، 2519، 2520، 7287 - مسلم: 905 - فتح: 1/ 182] ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7121) كتاب: الفتن.

(عن فاطمة) هي بنت المنذر بن الزبير بن العوام. (عن أسماء) بنت أبي بكر. (ما شأن الناس؟) أي: في قيامهم واضطرابهم وفزعهم. (إلى السماء) إلى أن الشمس في السماء أنكسفت، والناس يصلُّون لذلك. (فإذا الناس) أي: بعضهم. (قيام) أي: في صلاة الكسوف، وهو جمع قائم. (سبحان الله) علم على التسبيح، أي: التنزيه، لكنه نُكِّر فأضيف، وهو مفعول مطلق التزم إضمار فعله. فـ (قلت: آية؟) مقدر فيه همزة استفهام، أي: أهيَ علامة لعذاب الناس مقدمة له؟ قال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إلا تَخْويفًا} [الإسراء: 59] أو علامة لقرب زمان قيام الساعة. (فقمت) أي: للصلاة. (حتَّى علاني) في نسخة: "تجلَّاني". (الغشي) بفتح الغين المعجمة، مع كسر الشين المعجمة، وتشديد الياءِ أو مع تسكينها وتخفيف الياءِ، بمعنى: الغشاوة: وهي الغطاء، وأصله: مرض معروف يحصل بطول القيام في الحر ونحوه، وفي الطبِّ أنه يعطل القُوى المحركة والحساسة لضعف القلب واجتماع الروح كله إليه. (وأثنى عليه) عطف على حمد الله، وهو من عطف العام على الخاص، أو من عطف الشيء على نفسه؛ لتغاير اللفظين، كما في قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157] (ما من شيءٍ) أي: ممن يصح رؤيته عقلًا، كرؤية الباري تعالى، أو عرفًا كغيره من الأجرام. (أريته) بضمِّ الهمزة، قال السلمي: يحتمل أنها رؤية عين، بأن كشف الله له عن ذلك، وأزال الحجب المانعة من رؤيته كما كشف له

عن المسجد الأقصى (¬1)، حتَّى وصفه للناس، ويحتمل: أنها رؤية علمٍ ووحي بتعريفه من ذلك تفصيلًا ما لم يكن يعرفه قبل ذلك. (إلا أريته) إلا: استثناءٌ متصلٌ مفرَّغ وكل مُفرَّغٍ متصلٌ، ومعناه: أن ما قبل إلا مفرغ لما بعدها، لأنه مستثنى من كلام غير تام فألغيت فيه إلَّا من حيث العمل، لا من حيث المعنى والتفريغ من الحالِ، أي: لم أكن أريته كائنًا في حالِ من الأحوالِ إلَّا في حالِ رؤيتي إياه، ولذلك جاء في استثناءِ الفعل بهذا التأويل. (مقامي) يحتمل المصدر، والزمان والمكان، وفي نسخة: "مقامي هذا". (حتَّى الجنة والنار) برفعهما: بجعل حتَّى ابتدائيةً، أي: حتَّى الجنة والنار مرئيتان، وبنصبهما بجعلها عاطفةً لهما على مفعول رأيته، وبجرِّهما بجعلها جارةً، كما في: أكلت السمكة حتَّى رأسها، فإن قلتَ: الجرُّ ممتنعٌ لما يلزم عليه من زيادة من مع المعرفة وهو ممتنع، قلتُ: إنما يمتنع حيث لم يقع المجرور تابعًا، إذ يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المبتوع، كما في: رُبَّ شاةٍ وسخلتها. (فأُوحِيَ إلى) ببنائه للمفعول. (وهو أنكم) بفتح الهمزة. (تفتنون) أي: تمتحنون. (مثلَ أو -قريبَ- لا أدري أيَّ ذلك قالت أسماءُ -من فتنة المسيح الدَّجَّال) بحذف التنوين من مثل، وإثباته في قريبًا، أي: مثلَ فتنة المسيح، أو قريبًا منها، فمثل مضاف، وفي نسخة: "مثل أو قريب" بغير تنوين فيهما. أي: مثل فتنة المسيح أو قريب الشبه منها، فكلاهما مضافٌ، و (من) ساقطة من نسخة وعليها لا يضرُّ الفصلُ بين المضافِ والمضافِ ¬

_ (¬1) سيأتي في (3886) كتاب: مناقب الأنصار، باب: حديث الإسراء.

إليه بـ (لا) أدري إلخ) لأنَّه مؤكد لمعنى الشد، والمؤكد للشيءِ لا يكون أجنبيًّا منه، وكذا على نسخة إثبات من؛ لأن إثباتها بين المضافِ والمضافِ إليه جائز عند جماعة من النحاة، وفي نسخة: "مثلًا أو قريبًا" بالتنوين فيهما، أي: مثلًا من فتنة المسيح أو قريبًا منها، والشكُّ في ذلك وفيما يأتي من فاطمة، وأيّ: مرفوع على الابتداء والخبر (قالت) لأنها استفهامية، علقت أدري عن النصب ومفعول (قالت) محذوف، أي: قالته، وبالنصبِ: مفعول أدري إن جعلت موصولة، أو (قالت) إن جعلت استفهامية، و (المسيح) سمِّي به لمسحه الأرض، أو لأنه ممسوخ العين، و (الدَّجَّال): بالتشديد، من الدَّجَل: وهو الكذب والتمويه، ووصف بالمسيح عيسى بن مريم أيضًا، بمعنى: أنه مسيح في الخير، ووجه الشبه بين فتنة القبرِ والدَّجَّال: الشدة والهول والغمُّ، لكن {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27]. (يقالُ: ما علمُك) بيان و (تفتنون)، والخطاب للمفتون، وأفرد بعد أن قال: (في قبوركم) بالجمع؛ لأنه تفصيلٌ له، أي: كلُّ واحدٍ يقال له ذلك. (بهذا الرجل) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وإنما لم يقل برسول الله لأنه يصير تلقينًا لحجته. (فأما المؤمن أو الموقن) أي: المصدق بنبوته. (بأيهما) في نسخة: "أيهما". (بالبينات) أي: المعجزات الدالة على نبوته. (فأجبنا واتبعنا) في نسخة: "فأجبناه واتبعناه" أي: صدقناه واتبعناه فيما جاء به، فعطف الثاني على الأوَّل من عطف العامِّ على الخاصِّ، أو الأول: يتعلقُ بالعلمِ، والثاني: بالعملِ. (هو محمد) جملة مؤكدة للجملة السابقة، ولو زاد هو رسول الله، لكانت الجملتان مؤكدتين للجملتين السابقتين، وفي نسخةٍ: "وهو

محمد" بالواو. (ثلاثًا) أي: ثلاث مرات. (نمْ صالحًا) أي: منتفعًا بأعمالك، إذ الصلاح كون الشيء في حدِّ الانتفاعِ. (إن كنت) بكسر الهمزة (إن) شرطية، وبفتحها مخففة من الثقيلة أي: أنه الشأن كنت في دار التكليف، ورجَّح البدرُ الدمامينيُّ الفتح (¬1)، بل قال: إنه متعين. (لموقنًا) اللام للفرق بين المخففة والنافية، وهي: مانعة من جواز فتح الهمزة، بجعل (أن) مصدرية، أي: كونك. (وأما المنافق) أي: غير المصدِّقِ بقلبه بنبوته. (أو المرتاب) أي: الشاكُّ. (فقلته) أي: ما كان الناس يقولونه، وفي نسخة: عقب هذا وذكر الحديث وهو أنه يقال: لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارقَ من حديد ضربةً، فيصيح صيحة يسمعها من يليه، غير الثقلين. وفي الحديث: أن الجنة والنار مخلوقتان اليوم، وإثبات عذاب القبر، وسؤال منكر ونكير، وخروج الدجال، وأن الرؤية لا يشترط فيها، ما يشترط عرفًا من مواجهة وخروج شعاعٍ وغيرهما، بل هي أمر يخلقه الله في الرائي، وفيه: أيضًا وقوع رؤية النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ربَّه عَزَّ وَجَلَّ، وإظهار حرف الجرِّ وذكر ما له تعلق بالمضاف بينه وبين المضاف إليه، ¬

_ (¬1) هو محمد بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر بن محمد بن سليمان بن جعفر القرشي المخزومي المالكي، يعرف بابن الدمامين، بدر الدين، أديب، ناثر، ناظم، نحوي، عروضي، استوطن القاهرة، ولازم ابن خلدون وتصدر لإقراء العربية بالأزهر، ثم تحول إلى دمشق، توفي بكلبرجا من الهند في شعبان، ومن تصانيفه: شرح مغني اللبيب، جواهر البحور في العروض، شرح لامية العجم للطغرائي، وغيرها من المصنفات البديعة. انظر: "بغية الوعاة" 2/ 27 - 28، "الضوء اللامع" 7/ 184، "شذرات الذهب" 7/ 181، 182، "حسن المحاضرة" 1/ 113.

25 - باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم، ويخبروا من وراءهم

وسُنِيَّةُ صلاة الكسوف وتطويل القراءة فيها، وأن الغشي لا ينقض الطهر ما دام العقل باقيًا إلا غير ذلك مما لا يخفى. 25 - بَابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالعِلْمَ، وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ. وقَالَ مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ: قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ". [انظر: 628] 87 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَنِ الوَفْدُ أَوْ مَنِ القَوْمُ" قَالُوا: رَبِيعَةُ فَقَالَ: "مَرْحَبًا بِالقَوْمِ أَوْ بِالوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى" قَالُوا: إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إلا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، نَدْخُلُ بِهِ الجَنَّةَ. فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ، قَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَتُعْطُوا الخُمُسَ مِنَ المَغْنَمِ" وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالمُزَفَّتِ " قَالَ شُعْبَةُ: رُبَّمَا قَالَ: "النَّقِيرِ" وَرُبَّمَا قَالَ: "المُقَيَّرِ" قَالَ: "احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ". [انظر: 53 - مسلم: 17 - فتح: 1/ 183] (باب: تحريض النبيِّ صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمانَ والعلمَ) التحريض: بالضادِ المعجمة، قيل: وبالمهملة: الحثُّ على الشيءِ. (الحويرث) بالتصغير والمثلثة، ابن حشيش بفتح المهملة، قيل:

26 - باب الرحلة في المسألة النازلة، وتعليم أهله

وبالشين المعجمة المكررة الليثيُّ. (قال لنا النبيُّ) في نسخة: "قال لنا رسول الله". (فعلموهم) في نسخة: "فعظوهم". (من شُقَّة) بضمِّ المعجمة، أي: مسافة. (في شهرٍ حرام) في نسخةٍ: "في شهر الحرام". (يدخل) في نسخةٍ: "وندخل". (هل تدرون) في نسخة: "قال: هل تدرون". (وتعطوا) ينصب بأن مقدرة عطفًا على المصدر وهو شهادة كقوله: لَلبسُ عَبَاءة وتَقرَّ عيني (¬1) ... ........................... (ربما) في نسخة: "وربما". (وأخبروه) في نسخة: "وأخبروا"، وفي أخرى: "وأخبروا به " وتقدم الكلام على الحديثِ استوفى في كتاب: الإيمان (¬2). 26 - بَابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ، وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ. 88 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عُزَيْزٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي، وَلَا أَخْبَرْتِنِي، فَرَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ" فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ، وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. [2052، 2640، 2659، 2660، 5104 - فتح: 1/ 184] (باب: الرحلة في المسألة النازلة، وتعليم أهله) الرحلة بكسر الراء: الارتحال، وبفتحها: المرة منه، وبضمها: المرحول إليه، ¬

_ (¬1) سبق الإشارة إليه. (¬2) سبق برقم (53) كتاب: الإيمان، باب: أداء الخُمس من الإيمان.

والفرق بين هذه الترجمة وترجمة الخروج لطلب العلم: أنها ثَمَّ لمطلقه وهنا لمسألةٍ خاصةٍ. (محمد بن مقاتل) زاد في نسخة: "أبو الحسن". (عبد الله) هو ابن المبارك. (ابنة) في نسخة: "بنتًا" واسمها: غنية بفتح المعجمة، وكنيتها: أم يحيى. (لأبي إهاب بن عزيز) بكسر الهمزة وفتح العين المهملة وبالزاي المكررة: ابن قس بن سويد. (ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني) وفي نسخة: "أرضعتيني ولا أخبرتيني" بزيادة مثناة تحتية قبل النون، لا أخبرتني عطف على ما أعلم، وأتى به ماضيًا؛ لأن نفيه باعتبار المضى، وبأعلم: مضارعًا؛ لأن نفيَ العلمِ حاصلٌ في الحال. (بالمدينة) حالٌ من رسولِ الله، لا متعلق بركب. (فسأله) أي: عن حكم هذه النازلة. (فقال رسول الله) في نسخة: "فقال النبيُّ" وفي أخرى: "قال رسول الله". (كيف) ظرف يسأل به عن الحال. (وقد قيل) حالٌ، أي: كيف تباشرها وقد قيل: إنك أخوها من الرضاعة، إذ ذلك بعيد من ذي المروءة. (ففارقها عُقْبَهْ) أي: صورة أو طلقها احتياطًا وورعًا، لا حكمًا. وبثبوتُ الرضاعِ وفسادُ النكاحِ، أي: ليس قول المرأة الواحدة شهادة يجوز بها الحكم، نعم أخذ بظاهره الإمام أحمد في المرضعة، فقال: الرضاع يثبت بشهادة المرضعة وحدها بيمينها (زوجًا غيره) هو ظريب، بضمِّ المعجمة، وفتح الراء آخره موحدة ابن الحارث. وفي الحديث: حرص الصحابة على العلم، وإيثارهم ما يقرب إلى الله تعالى.

27 - باب التناوب في العلم

27 - بَابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ. 89 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، فَقَالَ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: طَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: "لَا" فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. [2468، 4913، 4914، 4915، 5911، 5218، 5843، 7256، 7263 - مسلم: 1479 - فتح: 1/ 185] (باب) ساقط من نسخة. (التناوب في العلم) بأن يأخذ هذا العلم مرة ويذكره لهلذا والآخر مرة ويذكره له. (ح) للتحويل أو غيره، كما مرَّ، وفي نسخة: (قال: أبو عبد الله) أي البخاريُّ. (وقال ابن وهب) اسمه: عبد الله. (يونس) هو ابن يزيد الأيليُّ. (وجارٌ لي) برفعه عطف على (أنا) ويجوز نصبه بالمعية، واسمه: عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلانِ، وقيل: أوس بن حوليٍّ: (من الأنصار في بني أمية) أي: من الأنصارِ النازلين، أو الكائنين في قبيلة بني أمية، أي: محلهم. (وهي) أي: القبيلة وفي نسخة: "وهو" أي: المحل. (من عوالي

المدينة) أي: قرى شرقيتها أقربها إلى المدينة إلى المدينة على ميلين، أو ثلاثة أو أربعة، وأبعدها على ثمانية (¬1). (فإذا نزلت جئته) إن جعلت إذا شرطية، فالعامل فيها جئت أو نزلت، أو ظرفية فالعامل فيها جئت. (يوم نوبته) أي: يومًا من أيام نوبته. (فضرب) عطفٌ على مقدر، أي: فسمع اعتزال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجاته ورجع إلى العوالي، فجاء إلى بابي فضربه. (ففزعت) بكسر الزاي، أي: خفت؛ لكون الضرب على خلافِ العادة، وسيأتي الحديث في التفسير مبسوطًا (¬2). (حدث أمرٌ عظيم) هو اعتزاله أزواجه لكونه مظنة الطلاق، وهو عظيم لاسيما على عمر لأن بنته من زوجاته، وفي رواية: بعد حدث أمر عظيم: طلَّقَ - صلى الله عليه وسلم - نساءه. (فدخلتُ) أي: قال عمر: فجئت من العوالي إلى المدينة فدخلتُ، وفي نسخة: "دخلت" بلا فاءٍ، وفي أخرى: "قال فدخلتُ". (طلقكنَّ) في نسخة: "أطلقكنَّ". (فقلت: الله أكبر) وفي نسخة: "قلت: الله أكبر" تعجبًا من كون الأنصاريّ ظنَّ أن اعتزاله - صلى الله عليه وسلم - نساءه طلاقًا، أو ناشئًا عنه. وفي الحديث: الحرصُ على طلبِ العلمِ، وقبولُ خبرِ الواحد، وإخبارُ الصحابةِ بعضُهم بعضًا بما يسمعُ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وضرب الباب، ودخول الأب على البنت بلا إذن الزوج، والتفتيش عن الأحوال، والسؤال قائمًا. ¬

_ (¬1) "معجم البلدان" 4/ 166. (¬2) سيأتي برقم (4913) كتاب: التفسير، باب: {تبتغي مرضات أزواجك}.

28 - باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره

28 - بَابُ الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ. 90 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلانٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ". [702، 704، 6110، 7159 - مسلم: 466 - فتح: 1/ 186] (باب: الغضب) هو: انفعال يحصل من غليان الدم، لشيءٍ دخل في القلب. (في) حالة (الموعظة و) حالة (التعليم إذا رأى) أي: الواعظ، أو المعلم. (ما يكره) أي: يكرهه. (أخبرنا سفيان) في نسخة: "أخبرني سفيان". (ابن أبي خالد) اسمه: إسماعيل البجليُّ. (أبي حازم) بحاءٍ مهملة وزاي الأحمسي. (عن أبي مسعود) اسمه: عقبة بن عمرو. (قال: قال رجل) قال شيخنا في شرحه: لم أقف على تسميته ووهم من زعم أنه حزم بن أبي كعب؛ لأن قضيته كانت مع معاذ لا مع ابن أبي كعب (¬1)، فقوله في المقدمة: إنه حزم بن أبي كعب (¬2) سهوٌ. إلا أكاد أدرك الصلاة) كاد معناه: قارب فمجرده ينبئ عن نفي الفعلِ بعده، ومقرونه بالنافي ينبئ عن وقوع الفعل، كذا قيل، والحقُّ قولُ ابن الحاجب: إنه مع النافي كسائر الأفعال على الأصح، ومقتضاه: أنه مع النافي ينبئُ عن عدم المقاربة، وهو هنا التخلف عن الإدراك، بقرينة رواية: لا تأخر عن الصلاة، فكأنه قال: إني لا أكاد أدرك الصلاة في ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 198. (¬2) "الفتح" 1/ 186.

الجماعة بل أتأخر عنها من أجل التطويل. (مما يُطولُ بنا فلان) تعليل لعدم الإدراك المفسر بالتأخر عن الجماعة، لا للإدراك، كما قيل وإلا لكان فاسدًا؛ إذ الإطالة تقتضي الإدراك لا عدمه، هكذا أفهم. وقوله: (مما يطول) من التطويل في نسخة: "مما يطيل" من الإطالة. (وفلان) هو معاذ بن جبل. (أشد غضبًا) أي: "منه" كما في نسخة. (إنكم منفِّرُونَ) في نسخة: "إن منكم منفرين" ولم يخاطب المطوِّل على التعيين، بل عمَّمَ خوفَ الخجل عليه، لطفًا منه وشفقةً على عادته. (فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة) ذكر الثلاث؛ لأنها مجمع الأنواع الموجبة للتخفيف، إذ المقتضى: إما في نفسه بحسب ذاته: وهو الضعفُ، أو بحسب العارض: وهو المرض أولًا ولا. (وهو ذو الحاجة)، وفي نسخة: "وذو الحاجة" بالرفع، ووجه بالعطف على محلِّ أسم إنَّ. وفي الحديث: كما قال النوويُّ: جواز التأخر عن الجماعة؛ إذا علم من عادة الإمام أنه يُطَوِّلُ كثيرًا، وجواز ذكر الإنسان بفلان في معرض الشكوى والغضب؛ لما ينكر من أمور الدين، والإنكار على من ارتكب ما نهي عنه وإن كان غير محرَّمٍ، والتعزيز على إطالة الصلاة؛ إذا لم يرض المأمومون به، والاكتفاء فيه بالكلام، والأمر بتخفيف الصلاة (¬1). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 184 - 185.

91 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو العَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ المَدِينِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: "اعْرِفْ وكَاءَهَا، أَوْ قَالَ وعَاءَهَا، وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ" قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، أَوْ قَالَ احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: "وَمَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ، فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا" قَالَ: فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَالَ: "لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ". [2372، 2427، 2428، 2429، 2436، 2438، 5292، 6112 - مسلم 1722 - فتح: 1/ 186] (أبو عامر) في نسخة: "أبو عامر العقديُّ" وفي أخرى: "أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقديُّ". (المديني) في نسخة: "المدني" قال الجوهري: إذا نسب إلى مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل: مدني، وإلى مدينة المنصور: مديني، وإلى مدائن كسرى (¬1)، مدائني وهذا بعين النسخة الثانية، لكن نقل عن البخاريّ أنَّ المدينيّ من أقام بمدينة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يفارقها، والمدني: كان بالمدينة وتحوَّل عنها. (يزيد) بتحتية مفتوحة وزاي مكسورة. (سأله رجل) هو عمير والد مالك، وقيل: بلال المؤذن، وقيل: الجارود، وقيل: زيد بن خالد. (اللُّقطة) بفتح القاف أشهر من سكونها: وهي ما ضاع بسقوط أو غفلة فيجده شخصٌ، وقال الخليل هما بالفتح: اللاقط، وبالسكون: الملقوط، وقال ابن مالك: فيها أربع لغات: هذان، ولقاطة ولقطة بفتح اللام والقاف. ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة (مدن) 6/ 2201.

(وكاءها) بالقصر والمدِّ: ما يشد به رأس الصرة، والكيس، ونحوهما. أو قال: أعرف (وعاءها) بالكسر أكثر من الضمِّ: الظرف والشكُّ فيه من زيد، أو من يزيد. (وعفاصها) بكسر المهملة وبالفاءِ: ما يلبس لرأس الظرف وأما الصمام بالمهملة المكسورة: فهو ما يدخلُ في فم الظرف، وإنما أمر بمعرفة ما ذكرة ليعرف صدق مدعيها من كذبه، ولئلا يختلط بماله. (ثمَّ عرفها) أي: وجوبًا للناس بذكر بعض صفاتها. (سنة) ولو مفرقة وغير متصلة بالالتقاء يعرف وإلَّا كلَّ يومٍ طرفي النهار، ثمَّ كلَّ يوم مرة، ثم كلَّ أسبوع، ثمَّ كلَّ شهر. (ربُّها) أي: مالكها. (فَضَالَّةُ الإبل) خبره محذوف، أي: ما حكمه كذلك أم لا؟ وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف. (فَغَضِبَ) إنما غضب استقصارًا لعلم السائل وسوء فهمه؛ لأنه لم يراع المعنى المذكور، ولم يتفطن له، فقاس الشيءَ على غير نظيره؛ إذ اللقطة: ما يُخْشَى ضياعُه وتلفه، بخلاف الإبل؛ لقوله بعد (ما لَكَ؟ ولها ... إلخ). (وجنتاه) تثنية وجنة بتثليث الواو، وأُجنة بهمزة مضمومة: وهيَ ما ارتفعَ من الخد. (أو قال: احمرَّ وجهه) الشك من يزيد. (وما لَكَ ولَها؟) في نسخة: "فما لَك" وفي أخرى: "ما لك". وهو استفهام، أي: لم تأخذها؟ (سقاؤها) بكسر السين: الماء، والمراد هنا كما قال شيخنا كغيره: جوفها، لأنها تشرب من الماء ما تكفي به أيامًا (¬1). (وحذاؤها) بكسر المهملة، وبالذَّال المعجمة، والمدِّ: الخفُّ الذي تمشي عليه الإبل. ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 1/ 187.

(تردُ الماء) جملة بيانية لا محلَّ لها. (فذرها) بمعجمة، أي: دعها. (لك) أي: إن تملكتها بعد تعريفها. (ولأخيك) أي: لمالكها إن ظهر، أولملتقطٍ آخر إن لم تلتقطها. (أو للذئب) إن تركتها ولم يظهر مالكها ولا التقطها غيرك، فيأكلها الذئب غالبًا، وفيما قاله إذن في التقاط الغنم للتملُّكِ دون الإبل، نعم إن كانت الإبل في القرى، أو قريب منها جاز التقاطها ولو للتملك؛ لأنها تكون حينئذٍ معرضة للتلفِ. 92 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: "سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ" قَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ" فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: "أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ" فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. [7291 - مسلم: 2360 - فتح: 1/ 187] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (أبو أسامة) اسمه: جاد بن أسامة الكوفيُّ. (عن بريد) بضمِّ الموحدة. (غضب) أي: لتعنتهم في السؤال وتكلفهم ما لا حاجة لهم فيه. (ثمَّ قال للناس: سلوني) في نسخة: "قال: سلوني عما شئتم" في نسخة: "عمَّ " بلا ألف وهو الأصل؛ إذ يجب حذف ألف ما الاستفهامية إذا جُرَّتْ، وإبقاء الفتحة دليلٌ عليها؛ للفرق بين الاستفهامية والخبر ومن ثمَّ حُذفتْ في نحو: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [عم: 1]، {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 43] وثبتت في: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ} [النور: 14] {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]. وقوله: (سلوني عمَّا شئتم) قيل: محمولٌ على أنه أُوحيَ إليه به؛ إذ لا يعلم ما يسأل عنه من المغيبات إلا بإعلام الله تعالى.

29 - باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث

قال القاضي عياض: وظاهره أنه قال ذلك غضبًا (¬1) انتهى، وإنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك هنا وفي الباب الآتي وهو غضبانٌ ومثله غضبه في حكمه للزبير مع قوله: (لا يقضي القاضي وهو غضبان) لأنه - صلى الله عليه وسلم - معصوم فلا يجوز عليه الغلط في الحكم، بخلاف سائر القضاة. [(قال رجل) هو: عبد الله بن حذافة الرسول إلى كسرى] (¬2). (فقام آخر) هو: سعد بن سالم. (فقال: أبوك) في نسخة: "قال: أبوك سالم مولى شيبة" أي: ابن أبي ربيعة، وكان سبب السؤال طعن بعض الناس في نسب بعضهم على عادة الجاهلية. (ما في وجهه) أي: من أثر الغضب، (قال إنَّا نتوبُ إلى الله) أي: مما يوجب غضبك. 29 - بَابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ أَو المُحَدِّثِ. (باب: من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث) في (برك) استعار من برك البعير بروكًا، أي: استناخ، وكلُّ شيءِ ثبت وقام، فقد برك، ويُسَمَّى هذا المجاز غير مقيد، وهو: أن يكون في حقيقته مقيدًا، فيستعمل في الأعمِّ بلا قيد، كالمشفر وهو موضوع لشفة البعير يستعمل في مطلق الشفة فيقال: زيد غليظ المشفر. 93 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ" ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِي" فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا فَسَكَتَ [540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7091، 7294، 7295 - مسلم: 2359 - فتح: 1/ 187] ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم بفوائد مسلم" 7/ 332. (¬2) من (م).

30 - باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه

(أخبرنا شعيب) في نسخةٍ: "حدثنا شعيب". (فقال: من أبي؟ فقال: أبوك) في نسخة: "قال: من أبي؟ قال: أبوك". (فبرك عمرُ على ركبتيه) أدبًا وإكرامًا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وشفقة على المسلمين؛ لئلا يؤذوه فيدخلوا في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 57]. وسيأتي في التفسير أنَّ في ذلك نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} (¬1) الآية [المائدة: 101]. (فسكت) في نسخة قبله لفظ: "ثلاثًا". وفي الحديث: كحديث الباب السابق قبله: فضل فهم عمر وعلمه (¬2)، ووجوب التواضع للعالم، وإنه لا يسأل إلا فيما يحتاج إليه، ومعجزة للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 30 - بَابُ مَنْ أَعَادَ الحَدِيثَ ثَلاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ. فَقَالَ: "أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ" فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا وَقَالَ: ابْنُ عُمَرَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا؟ " [انظر: 1742] (باب: من أعاد الحديث) أي: في أمور الدين. (ثلاثًا ليفهم عنه) بضمِّ التحتية، وفتح الهاء، وفي نسخة: بكسر الهاء وحذف عنه. (فقال النبيُّ) في نسخة: "وقال النبيُّ" وفي أخرى: "وقول النبيِّ" ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4621) كتاب: التفسير، باب: قوله: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم). (¬2) سلف برقم (92) كتاب: العلم، باب: الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره.

بالجرِّ عطف على من أعاد. (ألا) حرف تنبيه يدلُّ على تحقيق ما بعدها، وتأكيده. (وقول الزور) بالرفع عطف على الإشراك في الحديث المشار إليه بذلك وهو "ألا أنبئكم بكبر الكبائر ثلائًا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئًا فقال: ألا وقولُ الزور" (¬1). والزور بضمِّ الزاي: الكذب والميلُ عن الحقِّ. (فما زال يكررها) أي: جملة ما ذكر، أو شهادة الزور المشار إليه بقول الزور، بل مصرح بها في رواية (¬2). (وقال ابن عمر) قاله في حجة الوداع، وهو موصول في الحدود (¬3). (ثلاثا) أي: ثلاث مرات. 94 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ "إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلاثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاثًا". [95، 6244 - فتح: 1/ 188] (عبدةُ) بفتح المهملة وسكون الموحدة، ابن عبد الله الخزاعيُّ. (عبد الصمد) هو: ابن عبد الوارث بن سعيد العنبريُّ. (ثمامة) بضمِّ المثلثة، زاد في نسخة: "ابن عبد الله" أي: ابن أنس بن مالك. (كان إذا سلَّم سلَّم ثلاثًا ... إلخ) قال ابن بطَّال: إنما كان يكرر الكلام والسلام (¬4)؛ إذا خشي أن لا يفهمَ عنه، أو لا يسمع سلامُه، أو ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5976) كتاب: الأدب، باب: عقوق الوالدين من الكبائر، و"مسلم" برقم (87) كتاب: الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها. (¬2) المرجع السابق. (¬3) سيأتي برقم (6785) كتاب: الحدود، باب: ظهر المؤمن حمى إلا في حد أو حق. (¬4) "صحيح البخاري بشرح ابن بطال" 1/ 172 - 173.

أراد الإبلاغ في التعليم، أو الزجر في الموعظة. ويدل لصدر كلامه الحديث الآتي وقوله: (أعادها ثلاثًا) ضمن أعاد قال أي: أعادها قائلًا ثلاثًا إذ لو بقى على معناه لزم قول تلك الكلمة أربع مرات فإن الإعادة ثلاثًا إنما يتحقق به إذ المرة الأولى: لا إعادة فيها. 95 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ "إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاثًا، حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاثًا". [انظر: 94 - فتح: 1/ 188] (عبدة بن عبد الله) في نسخة: "زيادة الصفَّار" وسقط من أخرى: "ابن عبد الله". (ثُمامة) في نسخةٍ: "ثمامة بن أنس" نسبة لجدّه. 96 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ سَافَرْنَاهُ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الصَّلاَةَ، صَلاَةَ العَصْرِ، وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا». [انظر: 60 - مسلم: 241 - فتح: 1/ 189] (في سفر سافرناه) في نسخة: "في سفرة سافرناها". (فأدركنا) بفتح الكاف، أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (وقد أرهقنا الصلاةَ) بسكون القاف، ونصب الصلاة، وفي نسخة: "أرهقتنا الصلاة" بفتح القاف، وبتاءٍ ساكنة، ورفع الصلاة. (صلاة العصر) بالرفع أو النصب على البدلية من الصلاة، أو بيان لها. (نمسح على أرجلنا) أي: نغسلها غسلًا خفيفًا. (مرتين أو ثلاثًا) شكٌّ من الراوي.

31 - باب تعليم الرجل أمته وأهله

وتقدم شرح الحديث في باب: من رفع صوته بالعلم (¬1)، وأعاده؛ للتصريح هنا بصلاة العصر؛ ولاختلاف بعض رجال السند؛ لأنه هناك عن النعمان عن أبي عوانة، وهنا عن مسدد عن أبي عوانة. 31 - بَابُ تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ. (باب: تعليم الرجل أمته وأهله) عطف الأهل على الأمة من عطف العام على الخاص؛ إذ أمة الرجل: من أهل بيته. 97 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: قَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالعَبْدُ المَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ"، ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ: أَعْطَيْنَاكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، قَدْ كَانَ يُرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى المَدِينَةِ. [2544، 2547، 2551، 3011، 3446، 5083 - مسلم: 154 - فتح: 1/ 190] (أخبرنا محمد) في نسخة: "حدثنا محمد هو ابن سلام" وفي أخرى: "حدثني محمد بن سلام". (حدثنا المحاربيُّ) في نسخةٍ: "أخبرنا المحاربيُّ" وهو: بضمِّ الميم، وبالحاءِ المهملة، وكسر الراءِ، وبالموحدة: عبد الرحمن بن محمد بن زياد الكوفيُّ. (صالح بن حيَّان) بفتح المهملة، وتشديد المثناة التحتية، ونسبة صالح إلى جدِّه لشهرته به إذ هو صالح بن مسلم بن حيان، وليس هو صالح بن حيَّان القرشيَّ الضعيف. (قال: قال عامر) أي: قال صالحٌ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (60) كتاب: العلم، باب: من رفع صوته بالعلم.

قال عامرٌ، وعامر هو: ابن شرحبيل. (ثلاثة لهم أجران) مبتدأ وخبر. (رجلٌ) بدل تفصيل من ثلاث، أو بدل بعض وهو مع ما عطف عليه بدل كل، أو خبر مبتدأ محذوف. (الكتاب) أي: التوراة والإنجيل، أو الإنجيل فقط على القول بأنَّ النصرانية ناسخة لليهودية، وخرج بالكتاب من لا كتاب له، كالحربيّ. (والعبد المملوك) قيد العبد بكونه مملوكًا، أي: للناس ليخرج غيره؛ لأن كلَّ الناس عبادُ الله، وإنما عرف العبد ونُكِّرَ الرجلُ في الموضعين؛ لأن (ال) فيه للجنس، والمعرف بلام الجنس، كالنكرة في المعنى. (حق الله) أي: من صلاة وصوم وغيرهما. (وحقَّ مواليه) أي: من خدمتهم وجمعه لأنَّ المراد بالعبدِ: جنس العبيد، كما مرَّ وليدخل ما لو كان العبدُ مشتركًا بين موالٍ، فالمولا هنا السيد، ويطلقُ أيضًا على المعتق والعتيق، وابن العمِّ، والناصر، والجار، والحليف، ومن ولي أمرَ غيره، والمراد: ترجيح العبد المؤدي للحقين علىل العبد المؤدي لأحدهما، وإلا فالسيد قد يكون أرجح من العبد لجهات أُخرِ، فإن قيل فالصحابيُّ الذي كان كتابيًّا يلزم أن يزيد أجره على أكابر الصحابة، قيل: خرجوا بالإجماع. (يطؤها) ساقط من نسخة، أي: يطؤها بالفعلِ، أو بالقوَّةِ، بأن يتمكن من وطئها شرعًا. (فأدبها) أي: علمها الأدب، وهو حسن الأحوال والأخلاق. (فأحسن تأديبها ... إلخ) أي: أدبها وعلمها ما ينفعها من غير عنفٍ وضرب، بل بالرفق، وإنما عطف التعليم على التأديب، مع أنه داخل فيه؛ لتعلق التأديب بالمروءات، والتعليم بالشرعيات، وأراد بالأول العرفيَّ أو الدنيويَّ، وبالثاني: الشرعيَّ أو الأخرويَّ.

(ثم أعتقها) عطف أعتق بثم، والبقية بالفاءِ؛ لأن الإعتاق نقلٌ من صنف إلى صنف آخر، ولا يخفى ما بين الصنفين من البعد، بل من الضدية في الأحكام، والمنافاة في الأحوال فناسب لفظًا يدلُّ على التراخي، بخلاف البقية من التأديب والتعليم وأحسنيتهما، والتزوج نظرًا لشدة تشوف النفسِ إليها. (فله) أي: لكلِّ من الثلاثة. (أجران) وخصَّ الثلاثة، مع أن من صام وصلَّى، أو أدى حقَّ الله، وحق والده، له أجران؛ لأن كلًّا من الثلاثة فاعلُ الضدين، بخلاف من ذكر ونحوه. ووجه الضدية في الثالث: الإعتاق منافٍ لجميع ما ذكر معه، وإلا فكان القياسُ: أن يكون له أكثر من أجرين؛ لتعدد مقتضى الأجر من التأديب والتعليم وأحسنيتهما والإعتاق والتزوج، أو المراد: فله أجران ولو مع زيادة. (ثمَّ قال عامر) الشعبيُّ: (أعطيناكها) أي: المسألة أو المقالة، والخطاب لصالح. (من غير شيءٍ) أي: من غير أجرٍ دنيوي. (قد كان يركب) أي: يرحل، وفي نسخة: "وقد كان يركب"، وفي أخرى: "فقد كان يركب". (إلى المدينة) أي: النبوية. ولم يذكر في الحديث الأهل مع أنه مذكور في الترجمة كأنه قاسه على الأمة، وأراد أن يورد فيه حديثًا، فلم يتفق له. وفي قول الشعبيّ ذلك: جواز قول العالم مثله للتحريضِ على العلمِ، وبيان ما كان السلفُ عليه من الرحلة البعيدة في المسألة الواحدة، وفضلُ المدينة؛ لأنها معدن العلم، وكان يرحلُ إليها في طلبه.

32 - باب عظة الإمام النساء وتعليمهن

32 - بَابُ عِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعْلِيمِهِنَّ. (باب: عظة الإمام النساءَ وتعليمهن) أي: أمور الدين، والعظة والموعظة وهي: التذكير بالعواقب، ولفظ: (باب) ساقط من نسخةٍ. 98 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَالَ عَطَاءٌ: أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "خَرَجَ وَمَعَهُ بِلالٌ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي القُرْطَ وَالخَاتَمَ، وَبِلالٌ يَأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ: إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَقَالَ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [863، 963، 964، 975، 975، 977، 979، 1431، 1449، 4895، 5249، 5880، 5881، 5883، 7325، مسلم: 884 - فتح: 1/ 192] (عطاء) بن أبي رباح: براءٍ مفتوحة، وموحدة مخففة ومهملة آخره القرشيُّ الفهريُّ المكيُّ. (على النبيِّ) في نسخة: "على رسول الله". (أو قال عطاء: أشهد) الشكُّ من أيوب، هل قائل أشهد عطاءٌ أو ابن عبَّاس، وذكر ما قاله في لفظ الشهادة؛ تأكيدًا لتحقيقه؛ وبيانًا لوثوقه بوقوعه، وكذا القولُ في ذكره (على)؛ لأنها تدلُّ على الاستعلاءِ بعلمه بوقوع ذلك. (خرج) أي: من صفوف الرجال، إلا صفوف النساءِ. (ومعه بلال) جملة حالية، وكذا على ما، في نسخة: "معه" بدون واو كقوله تعالى: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36]. (أنه لم يسمع) النساء: حلَّ محل مفعولي ظنَّ، ولفظ: (النساءِ) ساقط من نسخة. (بالصدقة) أي: النفلية. (وأمرهن) بها لما رآهنَّ أكثرَ أهلِ النَّارِ. (القرط) بضمِّ القافِ وسكون الراءِ وطاءٍ مهملة: ما يعلق في

شحمة الأذن، أما الخرص بضمِّ المعجمة فحلقة صغيرة. (وبلال يأخذ في طرف ثوبه) أي: يلقينه؛ ليصرفه - صلى الله عليه وسلم - في مصارفه؛ لأنه يحرم عليه الصدقة. (وقال إسماعيل) أي: ابن علية وفي نسخةٍ: "قال أبو عبد الله وقال إسماعيل". (وقال ابن عبَّاس) في نسخة: "قال ابن عبَّاس" وهو مقول قال إسماعيل، والغرض: أنه رواه لا بلفظ سمعت، وأنه جزم بالشهادة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم من غير شكِّ في المشهودِ عليه. وهذا من تعاليق البخاريِّ؛ لأنه لم يدرك إسماعيل ابن علية؛ لأنه مات في عام ولادته. وفي الحديث: أنه يجب على الإمام افتقاد رعيته وتعليمهم، وأن الصدقة تُنَجِّي من النَّار، وأنه يجوز للمرأة العطية من مالها بلا إذن زوجها، وأما نحو خبر "لا يحل لامرأة عطية إلا بإذن زوجها" (¬1) فليس بثابت، وليس سلم فهو محمول على الأولى، والأدب مع أنه لا يقاوم حديث البخاريّ، وفيه أيضًا: استحباب وعظِ النساءِ، وحثهن على الصدقة، وأن الصدقة لا تحتاج إلى إيجاب وقبول، وأن الأصل في الناسِ العقل وفي التصرفات الصحة لعدم سؤاله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3547) كتاب: البيوع، باب: في عطية المرأة بغير إذن زوجها، والنسائي 5/ 65 - 66 كتاب: الزكاة، باب: عطية المرأة بغير إذن زوجها، وابن ماجه (2388) كتاب: الهبات، باب: عطية المرأة بغير إذن زوجها، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"، و"صحيح النسائي"، و"صحيح ابن ماجه".

33 - باب الحرص على الحديث

33 - بَابُ الحِرْصِ عَلَى الحَدِيثِ. (باب: الحرص على الحديث) أي: على تحصيلِ الحديثِ النبويّ. 99 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ". [6570 - فتح: 1/ 193). (عبد العزيز بن عبد الله) ابن يحيى الأويسيّ: (سليمان) أي: ابن بلال. (عمرو بن أبي عمرو) بفتح العين فيهما، أبو عثمان مولى المطلب. (قيل) في نسخة: "قال" أي: أبو هريرة، وهو الصواب. (بشفاعتك) من الشفع وهو: ضمَّ الشيءِ إلى مثله؛ لأن المشفوع له كان فردًا فصار شفعًا بالشافع. (لقد) اللام؛ للتأكيد، أو جواب قسمٍ محذوف. (يا أبا هريرة) في نسخة: "يابا هريرة" بحذف الهمزة تخفيفًا. (يسألني) بالنصب بأن، وبالرفع لوقوع أن بعد الظن، كما في قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ} [المائدة: 71]. (أوَّلُ) صفة لأحد أو بدلٌ منه، وبالنصبِ على الظرفية، أو الحال. (لمَّا رأيت) أي: رأيته، (من حرصك) من: تبعيضية، أو بيانية، أو معدية. (يوم القيامة) ساقط من نسخة. (من قال) أي: ولو عاصيًا. (لا إلله إلا الله) أي: مع محمد رسول الله. (خالصًا) في نسخة: "مخلصًا" وخرج به المنافق وبما قبله

34 - باب كيف يقبض العلم؟

المشرك، لكن لا سعادة لهما، فأفعل التفضيل ليس على بابه المشاركة، بل معناه: سعيد الناس، أو هو على بابه لكن معناه: أسعد ممن لم يكن في هذه المرتبة من الإخلاص المؤكد بذكر القلب بعده، لأنه معدن الإخلاص، كما في أبصرته عيني وسمعته أذني. (من قلبه) متعلقٌ بـ (خالصًا) أو حال من ضمير قال ذلك ناشئًا من قلبه (أو نفسه) شكٌّ من أبي هريرة، أو من غيره من الرواة. 34 - باب كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ؟ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ العِلْمِ وَذَهَابَ العُلَمَاءِ، وَلَا تَقْبَلْ إلا حَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "وَلْتُفْشُوا العِلْمَ، وَلْتَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لَا يَعْلَمُ، فَإِنَّ العِلْمَ لَا يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا" حَدَّثَنَا العَلاءُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ: بِذَلِكَ، يَعْنِي حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، إِلَى قَوْلِهِ: ذَهَابَ العُلَمَاءِ. (باب: كيف يقبض العلم) أي: باب: كيفية قبض العلم، أي رفعه، ولفظ (باب) ساقط من نسخة، (وكتب) في نسخةٍ: "قال" أي: البخاريُّ "وكتب". (عمر بن عبد العزيز) أحد الخلفاء الراشدين، إلى نائبه في الإمرة والقضاءِ على المدينة. (أبي بكر) هو: ابن محمد بن عمرو (بن حزم) أي: الأنصاريِّ. (ما كان) أي: ما وجدته. وفي نسخة: "ما كان عندك " فكان على النسخة الأولى: تامة، وعلى الثانية: ناقصة.

(فاكتبه ... الخ) أمر بكتبه، لأن فيه ضبطًا له وإبقاء، وقد كان الاعتماد إذ ذاك إنما هو على الحفظ، فخاف عمر بن عبد العزيز في رأس المائةِ الأولى، من ذهاب العلم بموت العلماء، فأمر بذلك. (ولا تقبل) بفتح الفوقية والجزم، فلا ناهية، وفي نسخة: بضم التحتية والرفع فلا نافية، فحديث في قوله: (إلا حديث النبيِّ) بالنصب: على الأولى، وبالرفعِ: على الثانية. (وليفشوا العلم، وليجلسوا) بضمِّ التحتية في الأوَّلِ، وفتحها في الثاني، مع سكون اللام وكسرها فيهما، وفي نسخة: بضمِّ التحتية في الأول، وفتحها في الثاني. (حتَّى يعلم) بضمِّ التحتية وفتح العين وتشديد اللام المفتوحة، وفي نسخة: "يعلم" بفتح التحتية وسكون العين، وتخفيف اللام المفتوحة. (من لا يعلم) بفتح أوَّلهِ على البناء للفاعل (يهلك) بفتح أوَّله، وكسر ثالثة، وقد تفتح. (حتَّى يكون سرًّا) أي: خفية، كاتخاذها في الدور دون المساجد ونحوها. 100 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا" قَالَ الفِرَبْرِيُّ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ. [7307 - مسلم: 2673 - فتح: 1/ 194] (حدثنا إسماعيل ... إلخ) في نسخة: "حدثنا العلاء بن عبد الجبَّار إلى قوله: وذهاب العلماءِ". (ينتزعُه) في نسخةٍ: "ينزعه". (بقبض العلماءٍ) أقام فيه الظاهر مقام المضمر؛ تعظيمًا له، كما في قوله تعالى: {اللهُ الصَّمَدُ}

[الإخلاصُ: 2] بعد قول: {اللهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]. (حتَّى) ابتدائية. (إذا لم يُبق عالمًا) بضم الياءِ وكسر القاف، أي: لم يبق الله عالمًا، وفي نسخة: "لم يبق عالم" بفتح الياء والقافِ، ورفع عالم، فإن قلت: لم يبق للمضيِّ، فكيف وقعت بعد إذا وهيَ للاستقبال؟ قلنا: تعارضا فتساقطا فبقي الفعلُ على أصلهِ مضارعًا، مع أنه لا مانع من ذلك، كما في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1]، و {إذا جاء نصر الله} [النصر: 1]؛ لأن أداة الشرط تقلب الماضي مضارعًا، قيل قد يقال الشرط يقتضي أن اتخاذ رءوس جُهَّالٍ إنما هو حينَ لم يبق عالم، مع أنه يجوز اتخاذهم مع وجودِ العلماءِ، وأجيب: بأنَّ الشرط خرج مخرج الغالب فلا يعملُ بمفهومه. (اتخذ) أصله: ائتخذ فقلبت الهمزة الثانيةُ تاءً، وأدغمت في التاءِ بعدها. (رءوس) بضمِّ الراءِ والهمزة، والتنوين: جمع رأس، وفي نسخة: "رؤساء" بفتح الهمزة والمدّ، جمع رئيس. (فسئلوا) بضمِّ السين. (فضلُّوا) من الضلال، مقابل الهداية، أي: فضلوا في أنفسهم. (وأضلُّوا) أي: غيرَهم. (قال الفِرَبْريُّ) ساقط من نسخة، بل هو مع ما بعده إلى. (نحوه) ساقط من أخرى. وهو بكسر الفاءِ وفتحها، نسبة إلا فربر، قرية من قرى بخارى على طرفِ جيحون (¬1)، وكنيته: أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر وهو أنه سمع من البخاريّ صحيحه مرتين، شاركه في الرواية عن قتيبة بن سعيد، قال شيخنا: وهذا من زيادات الراوي عن البخاريّ في بعض الأساليب، وهي قليلة (¬2). (عبَّاسٌ) بموحدة، وسين مهملة. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 245 - 246. (¬2) "الفتح" 1/ 195.

35 - باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم؟

(نحوه) أي: نحو حديث مالك. ولا تنافي بين ما هنا وبين حديث: "ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله، حتى يأتي أمر الله" (¬1) وأمثالُ ذلك؛ لأن ما هنا بعد إتيان أمرِ الله، إن لم يفسر أمر الله بالقيامة، أو عدم بقاءِ العلماءِ، إنما هو في بعض المواضع، كفي عين بيت المقدسِ مثلًا إن فسرناه بها جمعًا بين الأدلة. وفي الحديث: التحذير من اتخاذ الجهال رءوسًا، وأن الزمان يخلو عن المجتهد، كما قال الجمهور، خلافًا للحنابلة، وأنَّ الله يهب العلم لخلقه ثمَّ ينزعه بلا سبب تعالى أن يسترجع ما وهب من علمه الذي يؤدي إلى معرفته، والإيمان به دائمًا، وإنما يكون قبض العلم بقبض العلماءِ. 35 - بَابٌ: هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ يَوْمٌ عَلَى حِدَةٍ فِي العِلْمِ؟ (باب: هل يجعل) بالبناء للفاعل، أي: يجعل الإمام (للنساءِ يومًا) وفي نسخة: "يجعل للنساءِ يومٌ" والبناءِ للمفعولِ، ورفعُ يوم. (على حِدة) بكسر الحاءِ، وفتح الدال المهملتين، أي: انفراد في العلمِ، متعلق بيجعل. ¬

_ (¬1) سلف برقم (71) كتاب: العلم، باب: من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين، وسيأتي برقم (3116) كتاب: فرض الخمس، باب: قول الله تعالى: (فأن لله خمسه وللرسول)، (3641) كتاب: المناقب، و (7312) كتاب: الاعتصام، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون وهم أهل العلم"، و (7460) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ}.

101 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: "مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاثَةً مِنْ وَلَدِهَا، إلا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ" فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: "وَاثْنَتَيْنِ". [1249، 7310 - مسلم: 2633 - فتح: 1/ 195] (ابن الأصبهاني) بفتح الهمزة، أشهر من كسرها، وقد تبدل باؤه فاءً: عبد الرحمن بن عبد الله الكوفيُّ. (قال: قال النساء) قال الأولى ساقطة من نسخة، وفي أخرى: "قالت النساءُ". (فاجعل) أي: صيِّر بمعنى عيِّن. (يومًا) مفعولٌ به، لا مفعولٌ فيه. (من) ابتدائية متعلقة باجعل. (نفسك). أي: اختيارك لا اختيارنا. (لَقِيَهُنَّ) صفةُ "يومًا". (فَوَعَظَهُنَّ) عطف على محذوفٍ، أي: فوَفَّى بوعدهِنَّ ولقيهُنَّ فوعظهُنَّ أي: بأمورٍ دينيةٍ. (ما منْكُنَّ أمرأةٌ) في نسخة: "ما منكن من امرأة" ومنكنَّ: حالٌ مقدمة على ذيها. (إلا كان) خبر امرأة؛ لأنَّ الاستثناء مفرغ، أي: إلا كان تقديمهم. (لها حجابًا) بالنصبِ خبر كان، وفي نسخةٍ: "حجاب" بالرفعِ: فاعلُ (كانَ) بجعلِها تامةً. (فقالت امرأة) اسمها: أم سليم، وقيل: غيرها. (واثنين) في نسخة: "واثنتين" بتاء التأنيث، وهو عطف على ثلاثة، عطف تلقين، أو على مقدر، دل عليه ما قبله، أي: قالت، ومن قدم اثنين؟ قال: ومن قدم اثنين.

36 - باب من سمع شيئا فراجع حتى يعرفه

102 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "ثَلاثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ". [1250 - مسلم: 2634 - فتح: 1/ 196] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (غندر) هو: محمد بن جعفر البصريُّ. (عن أبي سعيد) في نسخة: "عن أبي سعيد الخدري". (وعن عبد الرحمن) عطف على قوله: أولًا (عن عبد الرحمن)، والحاصل: أن (شعبة) يرويه عن (عبد الرحمن) بإسنادين (عن أبي هريرة قال) في نسخة: "وقال" بواو عطف على مقدر تقديره، كما قال شيخنا مثله، أي: مثل حديث أبي سعيد (¬1). (وقال: ثلاث لم يبلغوا الحنث) بكسر المهملة وبالمثلثة، أي: الإثم، فزاد هذا على الرواية الأولى، والمعنى: أنهم ماتوا قبل البلوغ، فلم يكتب عليهم إثم. 36 - باب مَنْ سَمِعَ شَيئًا فَرَاجَعَ حَتَّى يَعْرِفَهُ. (باب: من سمع شيئًا). زاد في نسخة: "فلم يفهمه" وفي أخرى: "فلم يفهم". (فراجع) أي: راجع من سمعه منه، وفي نسخة: "فراجع في "، وفي أخرى: "فراجعه". (حتى يعرفه) بالنصب بأن مقدرة بعد حتى. 103 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَتْ لَا تَسْمَعُ شَيْئًا لَا تَعْرِفُهُ، إلا رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ" قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 1/ 196.

أَوَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8] قَالَتْ: فَقَالَ: "إِنَّمَا ذَلِكِ العَرْضُ، وَلَكِنْ: مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ يَهْلِكْ". [4939، 6536، 6537 - مسلم: 2876 - فتح: 1/ 196] (سعيد بن أبي مريم) أي: الجمحيَّ، ونسبه لجدِّ أبيه، وإلا فأبوه إنما هو: الحكم بن محمد بن أبي مريم. (نافع مولى ابن عمر) في نسخة: "نافع بن عمر" أي: الجمحي. (كانت لا تسمع) في نسخة: "لا تستمع " وأتى به مضارعًا مع إن كان للماضي؛ استحضارًا للصورة الماضية. (إلا راجعت) استثناء متصل، وراجعت صفة لمحذوف، أي: لا تسمع شيئًا مجهولًا موصوفًا بصفة إلا موصوفًا بأنَّه مرجوع إليه. (وأن النَّبي) عطف على (أن عائشة) وهو من كلام ابن أبي مليكة مرسل ولم يسنده إلى صحابي. (أو ليس) بفتح الواو عطف على مقدر، أي: أكان ذلك، و (ليس) واسم ليس: ضمير الشان، وخبرها: (يقول الله)، أو ليس بمعنى: لا أي: أو لا. (يقولُ الله تعالى) في نسخة: "عَزَّ وَجَلَّ" (يسيرًا) أي: سهلًا لا مناقشة فيه. (ذلك) بكسر الكاف؛ لأنه خطاب لمؤنث. (نوقش) المناقشة: الاستقصاء في الحساب. (الحساب) بالنصب بنزع الخافض. (يهلك) بكسر اللام أشهر من فتحها، وهو لازم عند الحجازيين، متعدٍ عند تميم، وهو مرويٌّ بالجزم والرفع، لأن الشرط إذا كان ماضيًا، والجواب مضارعًا جاز فيه الوجهان، وفي نسخة: "عذب" بدل يهلك. وفي الحديث: بيان فضل عائشة، وحرصها على التعليم والتحقيق، وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يتضجَّر من مراجعته، وإثبات الحساب، والعرض والعذاب، وجواز المناظرة ومقابلة السنة بالكتاب.

37 - باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب

37 - بَابٌ: لِيُبَلِّغِ العِلْمَ الشَّاهِدُ الغَائِبَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب) بكسر غين يبلغ لالتقاء الساكنين، وبفتحها بالخفة وبنصب العلم مفعولًا ثانيًا ليبلغ، وبرفع الشاهد فاعلًا له، وبنصب الغائب مفعولًا أولًا ليبلغ، ولفظ: (العلم) ساقط من نسخة. (قاله: ابن عباس) علقه هنا ووصله في الحج بدون لفظ: العلم (¬1). 104 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ: - وَهُوَ يَبْعَثُ البُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ - ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ، أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغَدَ مِنْ يَوْمِ الفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ: حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ " فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ مَا قَالَ عَمْرٌو قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ وَلَا فَارًّا بِخَرْبَةٍ. [1832، 4295 - مسلم 1354 - فتح: 1/ 197] (قال: حدثني الليث) في نسخة: "قال: حدثنا الليث"، (سعيد) وفي نسخة: "سعيد بن أبي سعيد" وفي أخرى "سعيد، هو ابن أبي سعيد". (عن أبي شريح) بضم المعجمة، وبحاءٍ مهملةٍ. اسمه: خُويلدٌ ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1739) كتاب: الحج، باب: الخطبة أيام منى.

ابنُ عمرِ بنِ صخرٍ الخزاعيُّ. (لعمرو بن سعيد) أي: ابن العاصِ بنِ أميةَ القرشيُّ، قال شيخنُا وغيرُه: وليس بصحابيّ ولا تابعيّ (¬1). (يبعث البعوث) بضمِّ الموحدة: جمع بعث بمعنى: مبعوث، أي: كان عمرو يُرسلُ الجيوشَ إلى مكةَ لقتالِ عبد الله بنِ الزبيرِ؛ لكونه امتنع من مبايعةِ يزيد بنِ معاويةَ، وكان عمرو واليًا بالمدينة الشريفةِ. (ائذن لي أَيُّها الأمير أحدثك) بالجزمِ جوابًا للأمرِ. (قولًا) مفعولٌ ثانٍ لأحدثك. (قام به النبيُّ) في نسخةٍ: "قام به رسولُ الله". (الغد) بالنصبِ على الظرفيةِ أي: غد يومِ الفتحِ. (سمعته أذناي ... إلخ) فيه: تأكيدٌ ومبالغةٌ في تحقيق ما قبله، و (أذناي) أصله: أذنان لي وسقطت النونُ واللام؛ لإضافته لياء المتكلم، وهذه الجملةُ وجملةُ قام به النبيُّ صفتان لقولًا. والمعنى: أنه لم يكن اعتماده على الصوت فقط، بل عليه مع التثبت والمشاهدة. والتاءُ في سمعته وفي أبصرته للتأنيث، لأنَّ كل ما ثُنِّيَ في الإنسانِ من الأعضاءِ، كاليدِ، والعين والأذن فهو مؤنث؛ بخلافِ الأنف والقلب ونحوهما. (حين) ظرفٌ لقام وما بعده (حمد الله وأثنى عليه) بيان لقوله: (تكلَّم به) أي: بالقولِ، والعطفُ في ذلك من عطف العامِ على الخاصّ. (حرَّمها الله) أي: يوم خلق السمواتِ والأرضَ من غير سبب يعزى لأحدٍ، وهذا لا ينافيه حديثُ: "أن إبراهيم - عليه السلام - حرَّم ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 1/ 198. (¬2) سيأتي برقم (2129) كتاب: البيوع، باب: بركة صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومده، وأخرجه مسلم برقم (1360) كتاب: الحج، باب: فضل المدينة، ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالبركة، وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها، وبيان حدود حرمها.

مكة" (¬1) لأنَّ المرادَ: أنه بلغ حرمَ الله، وأظهره بعد أنْ رفعَ البيتَ إلى السماءِ وقت الطوفانِ، واندرست حرمتها، وإلا فهي محرمةٌ من يومِ خلقِ الله السموات والأرض. (يؤمنُ بالله واليومِ الاخر) إشارة إلى المبْدَأ والمُعَاد، وكل ما يجب الإيمانُ به لا يخرجَ عنهما، وقيد بالمؤمن؛ لأنه الذي ينقادُ للأحكام وينزجرُ، وإلَّا فالكافر أيضًا مخاطبٌ بفروعِ الشريعةِ. (أنْ يسفك) بكسرِ الفاءِ أشهرُ من ضمِّها، والسفكُ: صبُّ الدماء، أشار بذلك إلى القتل (بها) في نسخةٍ: "فيها". (ولا يعضد) بكسرِ الضادِ أشهرُ من ضمها، وزيدت لا للتوكيدِ (شجرة) أي: ذات ساقٍ، سواء أنبتها الآدميُّ أمْ لا. (فإن أحدٌ ترخَّص) برفعِ (أحد) بفعلٍ مقدر يفسره ما بعده، والترخُّص من الرُّخصةِ، وهي ما غيِّر من الحكمِ تخفيفًا لعذرِ مع قيامِ الموجب الأولِ لولا العذر. (لِقتال رسولِ الله) تمسَّك به من قال: فتحت مكةُ عنوةً، جوابه عند القائلِ: فتحتْ صُلحًا: أن المعنى ترخَّص بحل القتالِ؛ لأنَّه أحل له ساعة، ولا يلزم من حل الشيءِ وقوعه. نعم هو - صلى الله عليه وسلم - دخلها متأهبًا للقتال لو احتاج إليه، ولا يعرف أنه - صلى الله عليه وسلم - نصب لهم حربًا فطعن برمحٍ، أو رمى بسهمٍ، أو ضرب بسيفٍ، أو نحو ذلك. وأما قَتْلُه من استحق القتلَ خارج الحرمِ في الحرمِ، فليس من معنى القتالِ في شيءٍ. (وإنما أَذن لي) بفتحِ الهمزةِ وضمِّها. وليس عدولُه عن قوله له التفاتًا؛ لأنَّ السياق في (لقتال رسولِ الله) حكايةُ قولِ المترخِّص. وسياقُ هذا هو: تضمينه جواب المترخِّص، وقضيةُ الالتفاتِ تقتضي اتحادَ السياقِ. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2129) كتاب: البيوع، باب: بركة صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومده، وأخرجه مسلم برقم (1360) كتاب: الحج، باب: فضل المدينة، ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالبركة، وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها، وبيان حدود حرمها.

(ساعة) أي: في ساعة من نهارٍ، وهي من طلوعِ الشمسِ إلى العصرِ. وسيأتي ماله بما ذكر تعلق في بابِ: كتابة العلمِ. (ثم عادتْ حرمتُها اليوم) أي: تحريمُها المقابلُ للإباحةِ المفهومةِ من الإذن. (في اليوم) أي: في الزمنِ الحاضرِ، أو في اليوم المعهود. وهو يوم الفتحِ. (كحرمتها بالأمس) أي: الذي قبل يوم الفتحِ. (وليبلِّغ) بسكون اللامِ وكسرِها. (ما قال عمرو) أي: في جوابِك (أنا أعلمُ منك) أي: بمعنى الحديث. والجملةُ معترضةٌ بين القولِ ومقولهِ أعني (لا تعيذُ) وهو خبرُ مبتدإٍ محذوفٍ أي: مكة. وهو: بفوقيةٍ وذالٍ معجمةٍ أي: لا تعصمْ. وفي نسخة: "بتحتية"، وفي أخرى: "إنَّ الحرمَ لا يعيذُ" فضمير تعيذ في الأولى لمكةَ. وفي الثانيةِ للحرمِ، كالثالثةِ. (عاصيًا) أي: بظلمٍ أو نحوه. (ولا فارًّا بدمه) أي: ملتجئًا إلى الحرمِ ملتبسًا بدمِ غير حق خوفًا من القصاصِ. (ولا فارًّا بخربة) أي: بسببِها وهي بفتح المعجمةِ، وسكون الراءِ، وبموحدة: السرقة، وأصلها: سرقة الإبلِ، وفي نسخةٍ: "بخربة" بضمِّ الخاءِ يعني: السرقةَ، فزاد فيها التفسيرَ، وفي نسخةٍ: "بخربة" بضم الخاءِ أي: الفسادَ، وفي أخرى: "بخربة" بكسر المعجمةِ، وسكون الراءِ، وفي أخرى: بجيم مكسورةٍ، وياء تحتية، وفي أخرى: "بجنايةٍ وبلية". وقد حاد عمروُ عن الجواب، وأتى بكلامٍ ظاهره الحقُّ وهو (لا تعيذ ... إلخ) لكنَّه أراد به الباطلَ. فإن أبا شريح الصحابي أنكر عليه بعثَ الخيلِ إلى مكةَ واستباحة حرمتها بنصبِ الحربِ عليها، فأجابه: بأنه لا يمتنع من إقامةِ القصاصِ، وهو الصحيحُ. إلَّا أن ابن الزبير لم يرتكب أمرًا يجب عليه فيه شيءُ، بل هو

أولى بالخلافةِ من يزيد بن عبد الملك، لأنه بويع قبلَه، وهو صحابيٌّ. وفي الحديثِ: دعايةُ الرفقِ في الإنكار، كما أستأذن عمروُ أبا شريح، وتقديمُ الحمد على المقصود، وشرفُ مكةَ، وإثباتُ القيامةِ، واختصاصُ الرسولِ بخصائص، وجواز النسخ، إذ نسختْ الإباحةُ للرسولِ بالحرمةِ، وجوازُ المجادلة، ومخالفةُ التابعيِّ للصحابيِّ بالاجتهادِ. 105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، ذُكِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَأَعْرَاضَكُمْ، عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغَائِبَ". وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ ذَلِكَ "أَلا هَلْ بَلَّغْتُ" مَرَّتَيْنِ. [انظر: 67 - مسلم 1679 - فتح: 1/ 199] (عبد الله بن عبد الوهاب) هو: ابن محمد الحجبيُّ: بفتح المهملةِ والجيم، وبالموحدةِ. (حمَّاد) أي: ابن زيدِ البصريُّ. (عن أيوب) أي: السختيانيّ. (عن محمد) هو: ابن سيرين. (عن أبي بكرة) اسمُه: عبدُ الرحمن. (ذكر النبيّ) بضم الذالِ، وكسر الكافِ. وفي نسخةِ: بفتحها فالنبيُّ مرفوعٌ على الأولِ، ومنصوبٌ على الثاني. (قال) في نسخة: "فقال" وهو بدل اشتمال من النَّبي بتأويله بالمصدر. (فإن دماءكم) الفاءُ: عاطفةٌ؛ لمدخولها على مثل مقولِ القولِ السابق عليها في باب: (رُبَّ مبلِّغٍ) واقتصر هنا على المعطوفِ؛ لأنه المقصود من بيانِ التبليغ. (قال محمد) أي: ابن سيرين. (وأحسبه) أي: وأظن ابن أبي بكرةَ. (وأعراضكم) بالنصبِ عطفٌ على (دماءكم) والجملةُ بينهما معترضةٌ، والمراد بالعرضِ: الحسبُ، وقيل: الأخلاقُ النفسانيةِ، وظن

38 - باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم

محمدٍ هنا ذلك لا ينافي جزمه به في رواية أخرى لاحتمال تقدم أحدهما على الآخرِ. (عليكم حرام) معلومٌ بالعقلِ أن أموال الشخص لا تُحرَّم عليه فالمراد: أن أموالَ كلِ واحدٌ منكم حرام على غيرهِ، ويؤيده روايةُ: "بينكم" (¬1) بدل عليكم. كان ذلك بيانًا لقوله. (صدق) أي: كان إخبارُه - صلى الله عليه وسلم - بأنه سيقع التبليغُ بعد، فيكون الأمرُ في (ليبلِّغ) بمعنى الخبر؛ لأنَّ التصديقَ إنما يكونُ للخبرِ، لا للأمرِ. (ألا هَلْ بلغت) بتخفيف ألا أي: ألا يا قومِ هل بلغت، أي: امتثلت قولَه تعالى: (بلغ ما أنزل إليك) [المائدة: 67] وهل للاستفهام على أصلِها، أو بمعنى: قد، كما في قولهِ تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الإنسان: 1]. (مرتين) متعلقٌ بقال مقدرة أي: قال - صلى الله عليه وسلم -: ألا هل بلغت مرتين. لا أنه قال جميع ما ذكر مرتين؛ لأنَّه لم يثبت، فقوله (كان محمد ... إلخ) اعتراض بين كلامه - صلى الله عليه وسلم -. وفي الحديث: بيانُ حرمةِ مكةَ، وتحريمُ القتل، والغصب، والغيبة، وفيه تكرار الكلام. 38 - بَابُ إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: من كذب على النَّبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بابَ بيانِ ذلك. 106 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ، قَالَ: سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَكْذِبُوا ¬

_ (¬1) سلف برقم (67) كتاب: العلم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (رب مبلغ أوعى من سامع).

عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ". [مسلم: 1 - فتح: 1/ 199] (عليُّ بنُ الجعدِ) بفتح الجيمِ، وسكون العين، وبالدال المهملتين (منصور) هو ابن المعتمر. (رِبْعي) بكسر الراء وسكونِ الموحدةِ (ابن حراش) بكسر المهملةِ وبالراء الخفيفةِ، والشين المعجمةِ: ابن جحشٍ الغطفانيُّ. (لا تكذبوا عليَّ) الكذبُ: عدمُ مطابقة الخبرِ للواقعِ سواءً طابق الاعتقادَ أم لا، وقيل: عدم مطابقته للاعتقادِ، وقيل: عدمُ مطابقتهِ لهما، ولا فرق بين الكذبِ عليه، والكذب له، فمعنى قوله (عليَّ): نسبةُ الكلامِ إليه كذبًا، سواءُ كان عليه أم له. (فليلج النار) أي: فليدخلها. قيل: الشرطُ سببُ الجزاءِ، فكيف يتصور سببيةِ الكذب للأمر بالولوج؟ وإنَّما هو سببٌ للولوجِ، وأجيب: بأنه سببٌ للازمِ الأَمرِ بالولوجِ، وهو الإلزام به، أو هو الأمرُ، ومعناه الخبرُ، ويؤيده خبرُ مسلمٍ: "من يكذبُ علي يلج النار" (¬1)، والمرادُ كما قال النوويُّ: إنَّ هذا جزاؤه، وقد يُجازى به، وقد يعفو الله عنه، ولا يقطع له بدخولِ النَّارِ، كسائر أصحابِ الكبائرِ غير الكفرِ ثم إن جُوزيَ وأدُخلَ فلا يخلدُ فيها، بل لا بدَّ من خروجه منها بفضلِ الله ورحمتهِ (¬2). 107 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ: إِنِّي لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُحَدِّثُ فُلانٌ وَفُلانٌ؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". [فتح: 1/ 200] ¬

_ (¬1) مسلم في مقدمة صحيحه برقم (1) باب: تغليظ الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 1/ 68 - 69.

(لا أسمعك) في نسخةٍ: "إني لَاسمعك تُحدِّث ... الخ" المعنى: لأسمع تحدثيك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كتحديث فلانٍ وفلانٍ. (أما إني لم أفارقه) بتخفيف ميم أما وهي حرف تنبيه، وبكسر همزة إني، والمرادُ: نفيُ المفارقةِ العرفيةِ. أي: الملازمة حضرًا وسفرًا على عادةِ ملازمةِ الملوكِ، فلا تضرُّ مفارقته له بعض الأحيانِ. (ولكن سمعته يقول) في نسخةٍ: "ولكني" وفي أخرى: "ولكنني" ووجهُ الاستدراكِ: أن من لازم عدمَ المفارقة السماع، ولازم السماعَ التحديث، ولازم ما رواه في الجواب أن لا يحدّث، فبين الملازمتين منافاةٌ، وعبَّر بيقول مع أنَّ المناسبَ لسمعت: قال، لاستحضارِ صورة القولِ للحاضرين، والحكاية عنها. (فليتبوأ) بسكون اللام أشهر من كسرِها أي: فليتخذ مقعدَه. (من النارِ) من بيانية أو ابتدائية، أو بمعنى في، وفي وقوع فليتبوأ جوابًا للشرط ما مرَّ في فليلج النار، أو هو أمرُ تهديدٍ، أو دعاء أي؛ بوأه الله. وفي الحديثِ: أنَّه لا يجوز التحدُّث عنه - صلى الله عليه وسلم - بالشد وغالبِ الظنِّ حتى يتيقن سماعُه. 108 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، قَالَ أَنَسٌ: إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". [مسلم: 2 - فتح: 1/ 201] (أبو معمر) اسمُه: عبدُ الله بنُ عمرو المنقريُّ. (عبد الوارث) أي: ابنُ سعيد التيمي. (عبد العزيز) أي: ابن صُهيب البصريُّ. (ليمنعني أن أحدثكم ... إلخ) ومعنى كون الحديث الذي ذكره يمنعه من الحديثِ الكثيرِ وإنْ كان لا يمنع الصادقَ أنه قد يجر إلى الوقوعِ في كذبٍ، فإنَّ من حام حول الحمى يوشك أنْ يقع فيه وإنْ لم

يكن بالقصدِ. (كذبًا) نكرة في سياق الشرط، كما في سياقِ النفيّ، فيعمُّ تحريمُ الكذبِ جميعَ أنواعهِ، ولو في النومِ. وقد ذهب الشيخُ أبو محمدِ الجوينيُّ (¬1) إلى كفر من كذب عليه - صلى الله عليه وسلم - متعمدًا وردَّه عليه ولده إمام الحرمين، وقال: إنه من هفواته. 109 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". [فتح: 1/ 201] (حدثنا المكيّ) في نسخةٍ: "حدثني المكيّ" وفي أخرى: "حدثني مكيّ". (عن سلمة) هو: ابن الأكوع، واسمه: الأكوع سنانُ بنُ عبد الله. (ما لم أقل) أي: أقله، وكقوله: فعله ونحوه. 110 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، وَمَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". [3539، 6188، 6197، 6993 - مسلم: 3، 2134، 2266 - فتح: 1/ 202] (حدثنا موسى) في نسخةٍ: "حدثني موسى" هو: أبو عوانة. أي: ¬

_ (¬1) هو الحافظ أبو عمران موسى بن العباس صاحب المسند الصحيح على هيئة صحيح مسلم، قال أبو عبد الله الحاكم: هو حسن الحديث بمرة، صنف على كتاب مسلم وصحب أبا زكريا الأعرج بمصر والشام، وسمعت الحسن بن أحمد يقول: كان أبو عمران الجويني في دارنا وكان يقوم الليل ويصلي ويبكي طويلًا. توفي بجوين في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة. انظر: ترجمته في "تذكرة الحفاظ" 3/ 818 - 819 (804)، و"طبقات الحفاظ" 1/ 342 (774)، و"المقتنى في سرد الكنى" 1/ 438 (4770).

الوضَّاحُ اليشكريّ (عن أبي حصين) بفتح الحاء، وكسر الصاد المهملتين: عثمانُ بن عاصم. (عن أبي صالحٍ) اسمه: ذكوانُ السَّمانُ المدنيُّ. (تسموا) بفتح التاءِ، والسينِ، والميمِ المشددة: أمرٌ بصيغةِ الجمعِ من باب التفعلِ. (باسمي) أي: كمحمدٍ وأحمدَ. (ولا تكتنوا) بفتح التاءين بينَهما كافٌ ساكنةٌ. وفي نسخةٍ: "ولا تكنَّوا" بفتح التاء والكاف وبنون مشددةٍ مفتوحةٍ من باب التفعلِ. (بكنيتي) أي: بأبي القاسم، وتحريمُ التكني به محله فيمن اسمَه محمد، ولو في غير زمنه، لخبر: "من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي. ومن تكنّى بكنيتي فلا يتسمى باسمي" رواه ابن حبان وصححه، وقال البيهقي: إسناده صحيح (¬1)، والذي نصَّ عليه الشافعيُّ: المنعُ مطلقًا لخبر "الصحيحين": "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي". ورجَّح ابن أبي الدمِ والرافعيُّ الأول بعد نقلهما النصَّ المذكور، وما رجحاه فيه جمع بين الخبرينِ بخلافِ النصّ، وأما تكنيةُ عليٍّ رَضِي الله عَنْهُ ولدَه محمدَ بنَ الحنفيةِ بذلك فرخصةٌ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، كما قاله ابن أبي الدمِ. ¬

_ (¬1) رواه: "أبو داود" (4966) كتاب: الأدب، باب: عن رأي أن لا يجمع بينهما، و"الترمذي" (2842) كتاب: الأدب، باب: ما جاء في كراهية الجمع بين اسم النبي وكنيته بلفظ: (إذا سميتم بي فلا تكتنوا بي) وقال: حسن غريب من هذا الوجه. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي"، و"أحمد" 3/ 313، وابن حبان 13/ 133 (5816) كتاب: الحظر والإباحة، باب: الأسماء والكنى. بلفظ (إذا كنيتم فلا تسموا بي وإذا سميتم بي فلا تكنوا بي) والبيهقي في "السنن" 9/ 309 كتاب: الضحايا، باب: من رأى الكراهة في الجمع بينهما. قال الألباني في "ضعيف أبي داود": منكر.

قال شيخنا: وأما ما رواه أبو داودَ عن عائشةَ قالتْ: جاءت امرأة إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسولَ الله إني قد ولدتُ غلامًا، فسميته محمدًا، وكنيته أبا القاسم، فذُكِرَ لي أنك تكره ذلك. فقال: "ما الذي أحل اسمي وحرَّم كنيتي، أو ما الذي حرّم كنيتي وأحل اسمي" فيشبه أنْ يكونَ قبل النهي؛ لأنَّ حديث النهي أصح. انتهى (¬1). وضعَّف النوويُّ الأول وقال: الأقربُ أن النهي مختصٌّ بحياتهِ - صلى الله عليه وسلم - لما في الحديثِ (¬2) من سبب النهي، وهو أنَّ اليهودَ تكنوا به، وكانوا ينادون يا أبا القاسم، فإذا التفت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: لم نعنك. إظهارًا للإيذاءِ وقد زال ذلك المعنى. انتهى. وما قال أنه أقرب أخذًا من سببِ النهي مخالفٌ لقاعدةِ إنَّ العبرة بعمومِ اللفظِ، لا بخصوصِ السببِ، بل الأقرب ما رجحه الرافعيُّ، وقال الأسنويُّ: إنه الصوابُ؛ لما فيه من الجمع بين الخبرينِ السابقين، كما مرَّ. (ومن رآني في المنام فقد رآني) جواب الشرط لازمُ الرؤيةِ، وهو السرورُ لا الرؤية؛ لئلا يتحد الجواب مع الشرط، فيستسر؛ بأنه قد رآني، أو المعنى على التشبيه أي: فكأنَّه رآني في اليقظةِ، ومعنى رؤيته ¬

_ (¬1) "الفتح " 10/ 573 - 574، والحديث رواه أبو داود (4968)، كتاب: الأدب، باب: في الرخصة في الجمع بينهما. والطبراني في "الأوسط" 2/ 9 (1057) وقال: لم يرو هذا الحديث عن صفية إلا محمد بن عمران، ولا يُروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود". (¬2) سيأتي برقم (2121) كتاب: البيوع، باب: ما ذكر في الأسواق، وأخرجه مسلم برقم (2131) كتاب: الأدب، باب: النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يستحب من الأسماء.

39 - باب كتابة العلم

قيل: رؤية مثاله لا رؤيةَ شخصهِ، والأقربُ كما قال الكرمانيُّ: ما قيل إنها رؤيته حقيقةً، إذ العقلُ لا يحيلهَا، فلا حاجةَ إلا تأويلها، وأما قولهم فأنه قد يُرى على خلافِ صفته، أو في مكانين، فإنه تغييرٌ في صفاتِه، لا في ذاتِه، فتكونُ ذاتُه مرئيةً وصفاتُه متخيلةً، والرؤيةُ: أمرٌ يخلقها الله في الحيِّ، لا بشرطِ مواجهةٍ ولا تحديقِ بصر، ولا كونَ المرئيّ ظاهرًا، بل الشرط: كونه موجودًا فقط حتى يجوز رؤيةُ أعمى الصينِ بقةَ الأندلسِ، ولم يقُمْ دليلٌ على فناءِ جسمِه - صلى الله عليه وسلم -، بل جاء في الحديثِ ما يقتضي بقاءَهُ (¬1). (لا يتمثل في صورتي) أي: لا يتمثل بها. 39 - باب كتَابَةِ العِلْمِ. (باب: كتابة العلم) أي: بيانها. 111 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ؟ قَالَ: "لَا، إلا كِتَابُ اللَّهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: العَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ". [1870، 3047، 3172، 3179، 6755، 6103، 6915، 7300 - مسلم: 1370 - فتح: 1/ 204] (ابن سلام) في نسخةٍ: "محمد بن سلام". (وكيع) هو: ابن الجرَّاح. (عن سفيان) هو: ابن عيينة، أو الثوريُّ، وكلٌّ صحيح، لأنَّ وكيعًا يروي عن كل منهما. (عن مطرف) بضم الميم وتشديد الراءِ المكسورة: ابن طريف بطاءٍ مهملة. (عن أبي جحيفة) بضم الجيم وفتح ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 2/ 117.

الحاءِ المهملةِ. اسمه: وهب بنُ عبد الله السوائيُّ. (قال: قلت لعلى) في نسخةٍ: "لعليّ بن أبي طالب". (هل عندكم؟) خاطب به عليًّا بالجمعِ تعظيمًا؛ أو لإرادته مع أهلِ البيت. (كتاب) أي: مكتوب عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من أسرارِ علم الوحى، خصكم به، كما تزعم الشيعة. (إلا كتاب الله) بالرفع على الاستثناءِ من معمول لا المقدر، وهو استثناءٌ متصلٌ. (أو فهم) مستثنى أيضًا. أي: مفهوم بالاستنباط من فحوى الكلام. (أُعطيه) بالبناءِ للمفعولِ. (أو ما في هذه الصحيفةِ) مستثنى أيضًا. أي: ما في هذه الورقةِ وكانت معلقةً بقبضة سيفه احتياطًا أو استحضارًا، أو لانفراده بسماعها، أو للإشعارِ بأنَّ مصالحَ الدنيا ليست بالسيفِ وحده، بل بالقتلِ، أو الدِّية، أو العفو (وما) في نسخةٍ: "فما". (العقل) أي: الدِّية؛ لأنَّ إبلها تعقل بفناءِ دارِ المستحقِّ والمرادُ: بيان أحكام ذلك. (فكاك) بكسر الفاء وفتحها: ما يفتك به أي: يخلِّص. يقال: فكَّه وأفتكه بمعنى. (الأسير) فعيل بمعنى مأسور من أسره: شدَّه بالإسار وهو القِد. أي: السير من جلدٍ بكسر القاف وبالمهملة؛ لأنهم كانوا يشدون الأسير به، ثم سمي كل مأخوذٍ أسيرًا، وإن لم يشدُّ به. (ولا يقتل مسلم بكافر) في نسخةٍ: "وأن لا يقتل" فالعطف عليها عطف مفرد تقديرًا على مفرد، وعلى الأولى عطف جملة على مفرد، كما في نحو قوله تعالى: {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] والمعني في الصحيفة حكم العقل، وفكاك الأسير وحرمة قتل المسلم بالكافر، وهو مذهب الشافعي وغيره، وخالفه الحنفية فجوزوا قتله بالذمي تمسكًا بما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قتل مسلمًا بذمي،

وقال: "أنا أكرم من وفى بذمته" (¬1) وأجيب عنه: بأنه ضعيف، ومتروك بالإجماع؛ لأنه روي أن الكافر كان رسولًا فيكون مستأمنًا، وهو لا يقتل به المسلم اتفاقًا وإن صحَّ فمنسوخ؛ لأن ذلك كان قبل فتح مكة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - يوم فتحها في خطبته: "ولا يقتل مؤمن بكافرِ، ولا ذو عهد في عهده" (¬2). 112 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ - عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ - بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ القَتْلَ، أَوِ الفِيلَ» - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَذَا، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَاجْعَلُوهُ عَلَى الشَّكِّ الفِيلَ أَوِ القَتْلَ وَغَيْرُهُ يَقُولُ الفِيلَ - وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُؤْمِنِينَ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، أَلاَ وَإِنَّهَا ¬

_ (¬1) أخرجه الدارقطني في "السنن" 3/ 134 - 135 (165) كتاب: الحدود والديات وغيره، وقال الدارقطني: لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث والصواب عن ربيعة عن ابن البيلماني مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة، إذا وصل الحديث فكيف بما يرسله، والله أعلم. والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 30. (¬2) أخرجه أبو داود برقم (4530) كتاب: الديات، باب: أيقاد المسلم بالكافر، والنسائي 8/ 19 - 20 كتاب: القسامة، باب: القود بين الأحرار والمماليك في النفس، و 8/ 24 كتاب: القسامة، باب: سقوط القود من المسلم للكافر. وأحمد 1/ 119، 122، والبزار في "مسنده" 2/ 290 - 291 (713 - 714)، وأبو يعلى في "مسنده" 1/ 282 (338) و 1/ 424 - 425 (562)، 1/ 462 (628)، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 29 كتاب: الجراح، باب: فيمن لا قصاص بينه باختلاف الدينين. والبغوي في "شرح السنة" 10/ 172 (2531) كتاب: القصاص، باب: لا يقتل مؤمن بكافر. من حديث علي بن أبي طالب، وأحمد 2/ 180، و 194، 211 من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.

حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ، فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ القَتِيلِ ". فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ فَقَالَ: اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «اكْتُبُوا لِأَبِي فُلاَنٍ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: إِلَّا الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا الإِذْخِرَ إِلَّا الإِذْخِرَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يُقَالُ: يُقَادُ بِالقَافِ فَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ شَيْءٍ كَتَبَ لَهُ؟ قَالَ: كَتَبَ لَهُ هَذِهِ الخُطْبَةَ. [2434، 6880 - مسلم: 1355 - فتح: 1/ 205] (عن يحيى): هو: ابن أبي كثير صالح بن المتوكل الطائي. (أن خزاعة) بضم المعجمة وبالزاي حيٌّ من الأزد سميت بذلك؛ لأن الأزد لما خرجوا من مكة وتفرقوا خزعت أي: تخلفت، وأقامت بمكة. (قتلوا رجلًا) اسمه: جندب بن الأكوع الهذلي، واسم قاتله: خراش بن أمية الخزاعي، ففي قوله: قتلوا تجوز حيث عبَّر عن الواحد بالجمع. (بقتيلٍ منهم) أي: من خزاعة، واسم هذا القتيل: أحمس فأخبر بالبناء للمفعول. (راحلته) هي الناقة التي تصلح أن يرحل عليها، ويقال: هي المركوب من الإبل، ذكرًا كان أو أنثى. (حبس عن مكة القتل) بالقاف المفتوحة والمثناة الفوقية. (أو الفيل) بالفاء المكسورة والمثناة التحتية الحيوان المشهور. (قال محمد) في نسخة: "قال أبو عبد الله" أي: البخاري. (واجعلوه) بصيغة الأمر، أي: أنتم، وفي نسخةٍ: "وجعلوا" وفي أخرى: "وجعلوه لما بصيغة الخبر فيهما، وبضمير النصب: في ثانيتهما، أي: وجعل الرواة اللفظ على الشك، كذا قال أبو نعيم: القتل أو الفيل، أي: على الشك، فالشك من أبي نعيم وغيره أي: غير أبي

نعيم. يقول: الفيل بالفاء من غير شك، والمراد بحبس الفيل: حبس أصحابه الذين غزوا مكة به، فمنعها الله عنهم، كما أشار إليه تعالى في القرآن، وفيما قاله البخاري تلويح بأن الجمهور على رواية الفيل بالفاء من غير شك وفي نسخة: بدل (قال محمد ... إلخ) "شك أبو عبد الله"، أي: البخاري، فالشك من البخاري نفسه. (وسلط) بالبناء للمفعول، وهو عطف على حبس عن مكة، وفي نسخة: "وسلط عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنين" ببناء سلط للفاعل أي: سلط الله. (ألا) بالتخفيف: حرف تنبيه. (وإنها) بكسر الهمزة عطف على مقدر أي: ألا إن الله حبس عن مكة الفيل، (وإنها) في نسخة: "فإنهما". (لم تحل ... إلخ) المراد به: عدم حل القتال فيها في الزمنين ومحله كما قال النووي: في قتال بما يعم كمنجنيق إذا أمكن إصلاح الحال بدونه، وإلا فقتال أهل البغي أو طائفة تحصنت بمكة، جائز فيها، كما نصّ عليه الشافعي والجمهور (¬1)، وفي نسخة: بدل (ولا تحل) "ولم تحل" واستشكل بأن "لم" تقلب المضارع ماضيَا، وبعد الاستقبال، فيتنافيان، وأجيب: بأن المعنى: لم يحكم الله في الماضي بالحل في المستقبل. (ألا وأنها) أي: مكة. (ساعتي هذه) أي: فيها. (حرام) خبر أن وهو في الأصل خبر مكة وجاز الإخبار به عنها مع أنه مذكر وهي مؤنث لأنه مصدر فيجوز الإخبار به عن المؤنث، كغيره. (لا يختلي) أي: لا يجز شوكها أي: غير المؤذي واليابس. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 125.

(ولا يعضد) أي: لا يقطع. (شجرها) أي: غير اليابس. (إلا لمنشد) أي: لمعرف اللقطة أما طالبها فناشد فعلم أن التقاطها للتملك حرام، وهو مذهب الشافعي وغيره، وخالف الإمامان مالك وأحمد وغيرهما، فجوزوا التقاطها في الحرم، كغيره. (فمن قتل) بالبناء للمفعول، أي: "فمن قتل له قتيل" كما في نسخة. (فهو بخير النظرين) أي: أفضلهما، وقوله: فهو راجع إلى من قتل له قتيل. (إما أن يعقل) بالبناء للمفعول أي: يعطى العقل وهو الدية. (وإما أن يقاد) بالبناء للمفعول. أي: ينقاد قاتل قتيله أي: يقتص منه، فنائب فاعل يقاد: مضمر، ونائب فاعل يعقل قاتل القتيل، وإن كان في تقريرنا ضميرًا مستترا، ففيه: إقامة الظاهر مقام المضمر مع أنه لا يحتاج مع تقريرنا إلى هذا الظاهر. وجعل بعضهم ذلك من باب التنازع وهو صحيح، لكن مع تعسف زائد، وفي نسخة: بدل (يقاد) "يفاد" بالفاءِ أي: يعطى فداؤه وهو محمولٌ على إعطاء الدية التي لا تتحملها العاقلة، ويعقل على التي تتحملها العاقلة؛ لئلا يلزم التكرار، وفيما ذكر جواز القصاص في الحرم، وهو مذهب الشافعي، فإنكار النَّبي - صلى الله عليه وسلم - على خزاعة ليس لكون القصاص في الحرم بل لجواز أنهم قتلوا غير القاتل على عادة الجاهلية، وفيه بالنظر إلى الجمع بين الأحاديث: أن المستحق مخير بين أن يأخذ حقه بعينه، وأن يعفو على الدية، إذ لم يرد القصاص، وأن يعف مطلقًا وهذا لا يستلزم أن الواجب أحدهما لا بعينه، كما قال به جماعة. (فجاء رجل من أهل اليمن) هو: أبو شاهٍ بشين معجمة وهاء منونة. (وقال: اكتب لي) أي: الخطبة التي سمعتها منك. (لأبي فلان)

أي: لأبي شاه. (فقال رجل من قريش) هو العباس بن عبد المطلب. (إلا الإذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال، وكسر الخاءِ المعجمتين وهو نبت معروف طيب الرائحة، ونصبه على الاستثناءِ وجوز بعضهم رفعه على أنه بدل بعض مما قبله، وكأنه جعل إلا بمعنى غير. (فإننا نجعله في بيوتنا) أي: نسقف به فوق خشبها. (وقبورنا) أي: نسد به فرج لحدها المتخللة بين اللبنات. (فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إلا الإذخر) قاله اجتهادًا أو أوحي إليه في الحال باستثناء ذلك أو قبله بأنه إن طلب منك أحدٌ استثناء شيءٍ فاستثنه، وفي نسخة: "إلا الإذخر مرتين" فالثانية للتأكيد. وفي الحديث والذي بعده غير ما مرَّ: جواز كتابة العلم خلافًا لمن كرهه محتجًا بخبر مسلم: "لا تكتبوا عني غير القرآن، ومن كتب غير القرآن فليمحه" (¬1)، قال الكرماني: وكان في ذلك خلاف ثم أجمعوا على الجواز بل على الاستحباب، وحملوا النهي على أنه في حقّ من يوثق بحفظه ويخاف اتكاله على الكتابة، وحديث أبي شاه على من لا يوثق بحفظه أو كان النهي عند خوف الاختلاط بالقرآن وقد أمن ذلك أو النهي عن كتابة القرآن والحديث في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشبته على القارئ أو النهي للتنزيه أو منسوخ (¬2). وبالجملة فقد كره جماعة من الصحابة والتابعين كتابة الحديث واستحبوا حفظه لكن لما قصرت الهمم وخشي الأئمة ضياع العلم دونه، وأول من دون الحديث ابن ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (3004) كتاب: الزهد والرقائق، باب: التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 2/ 124.

شهاب الزهريّ على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز ثم أكثر التدوين ثم التصنيف وحصل بذلك خير كثير. 113 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَخِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: "مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إلا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ" تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. [فتح: 1/ 206] (سفيان) أي: ابن عيينة. (حدثنا عمرو) هو: ابن دينار المكي. (عن أخيه) اسمه: همام بن منبه. (أكثر حديثًا) بنصب أكثر خبر ما، وهو أفعل تفضيل، وجاز وقوع الفاصلة بينه وبين من في قوله: "منِّي"؛ لأنها ليست أجنبية وفي نسخة: "أكثر" بالرفع صفة، أحد (فما) مهملة، و (أحد) مبتدأ وخبره من أصحاب النبي. (إلا ما كان من عبد الله بن عمرو) أي: ابن العاص وإنما قلت الرواية عنه مع كثرة ما حمله؛ لأنه سكن مصر وكان الوار دون إليها قليلًا، وأبو هريرة سكن المدنية، وهي مقصد المسلمين من كلِّ جهة، والاستثناء كما قال الكرماني يحتمل الانقطاع، أي: لكن الذي كان من عبد الله أي: الكتابة لم تكن منِّي، والخبر محذوف بقرينة باقي الكلام، ويحتمل الاتصال؛ نظرًا إلى المعنئ؛ لأن حديثًا وقع تمييزًا، والتمييز كالمحكوم عليه فكأنه قال، ما أجد حديثه أكثر من حديثي، إلا أحاديث حصلت من عبد الله (¬1). (تابعه) أي: وهب بن منبه في روايته هذا الحديث. (معمر عن همام) أي: ابن منبه. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 2/ 125.

114 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ قَالَ: "ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ" قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا. فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ، قَالَ: "قُومُوا عَنِّي، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ" فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ، مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كِتَابِهِ". [3053، 3168، 4431، 4432، 5669، 7366 - مسلم: 1637 - فتح: 1/ 208] (يحيى بن سليمان) أي: ابن يحيى الجعفي. (عن وهب) هو عبد الله المصري. (يونس) هو: ابن يزيد الأيلي. (عن عبيد الله بن عبد الله) أي: ابن عتبة بن مسعود. (وجعه) أي: الذي توفى فيه. (ائتوني بكتاب) أي: بما من شأنه أنه يكتب فيه، كالكاغد وعظم الكتف، أو بأدوات كتاب: كقلم ودواة فالمراد بالكتاب: الكتابة. (أكتب) بالجزم جواب الأمر ومعنى كتابته مع أنه أميٌّ: أنه يأمر بها، أو أنه يأتي بها؛ لأن الأميَّ من لا يحسن الكتابة لا من لا يقدر عليها، وقد ثبت في الصحيح أنه كتب بيده. (لا تضلوا) بفتح التاءِ وبالجزم، بدل من جواب الأمر، وفي نسخة: "لن تضلوا". (حسبنا) خبر مبتدأ محذوف أي: وهو حسبنا أي: كافينا، فلا نكلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يشق عليه، وهذا تتمة كلام عمر، والأمر في ائتوني للإرشاد والندب، لا للوجوب. وإلا لما ساغ لعمر الاعتراض على أمر الرسول، ولما ترك الرسول الإنكار عليه. (وكثر اللغط) بفتح اللام وبالمعجمة ساكنة، ومفتوحة، أي: الصوت، بسبب اختلاف الصحابة. (قال) في نسخة: "فقال" وفي

40 - باب العلم والعظة بالليل

أخرى: "وقال". (قوموا عنِّي) أي: اذهبوا عنِّي. (إن الرزيئه) بفتح الراءِ وكسر الزاي بياء ساكنة ثم همزة، أي: المصيبة، وكثيرًا ما تقلب الهمزة ياءً وتدغم فيها الياء قبلها. (كل الرزية) بالنصب على التوكيد. (ما حال) أي: حجز. 40 - بَابُ العِلْمِ وَالعِظَةِ بِاللَّيْلِ. 115 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعَمْرٍو، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ". [1126، 3599، 5844، 6218، 7069 - فتح: 1/ 210] (باب: العلم والعظة بالليل) في نسخة: "واليقظة بالليل" وفي نسخة: تأخير هذا الباب عن الباب الآتي. (صدقة) هو ابن الفضل المروزي. (عن ابن عيينة) هو سفيان. (عن هند) هي بنت الحارث الفراسية بكسر الفاءِ وبالسين المهملة، وفي نسخة: "عن امرأة". (عن أمّ سلمة) هي من أمهات المؤمنين واسمها: هند بنت سهل بن المغيرة. (وعمرو ويحيى) بالجر عطف على معمر وبالرفع استئناف والمعنى: أن ابن عيينة حدث عن معمر عن الزهريّ أيضًا، لكنه حذف صيغة الأداءِ على عادته، وفي نسخة البخاري: "وعمرو ويحيى" وعمرو هو ابن دينار. (عن هند) في نسخة: "عن امرأة". (استيقظ) أي: تيقظ من النوم. (النبيُّ) في نسخة: "رسول الله". (ذات ليلة) بزيادة ذات للتوكيد،

وقال الزمخشري: هو من إضافة المسمى إلى اسمه. (سبحان الله) بمعنى التنزيه، ضمن هنا معنى التعجب. (ماذا) استفهام ضمن معنى التعجب والتعظيم. (أنزل الليلة) في نسخة: "أنزل الله الليلة". (من الفتن) أي: العذاب، وعبر بها عنه؛ لأنها سببه. (من الخزائن) أي: خزائن الرحمة أخذا من قوله: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ} [الطور: 37] والمراد: أنه - صلى الله عليه وسلم - أوحي إليه في المنام، أو في اليقظة أنه سيقع بعده فتن، وتفتح لهم الخزائن، وهلذا من معجزاته، فقد وقع بعده الفتن. وفتحت الخزائن من فارس والروم، وغيرهما. (أيقظوا) أي: نبهوا. (صواحب الحجر) في نسخة: "صواحبات الحجر" وهنَّ أزواجه - صلى الله عليه وسلم - والحجر بضم المهملة وفتح الجيم: منازلهن، وخصهن بالذكر؛ لأنهنَ الحاضرات حينئذ. (فَرُبَّ كاسيةٍ في الدنيا) أثوابًا رقيقة لا تمنع إدراك لون البشرة لغير زوجها أو نفسه. (عارية في الآخرة) من الثواب ندبهنَّ بذلك إلى الصدقة، وترك السرف، والاقتصار على أقلّ الكفاية فهو بيان موجب الاستيقاظ، أي: لا ينبغي لهن أن يتغافلن ويعتمدن على كونهن أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101] ورب هنا للتكثير وإن كانت أصلها للتقليل والتحقيق فيها أنها ليست للتقليل دائما خلافًا للأكثرين دلالة للتكثير دائمًا خلافًا لابن درسويه وجماعة بل ترد للتكثير كثيرًا وللتقليل قليلًا، وهي متعلقة وجوبًا بفعلٍ ماضٍ مقدرٍ متأخرٍ، كعرفتها ويجوز في عارية الجر صفة لكاسية المجرورة بربَّ والرفع خبر مبتدأ محذوف.

41 - باب السمر بالعلم

41 - باب السَّمَرِ بِالْعِلْم. (باب: السمر بالعلم) بفتح السين والميم: الحديث بالليل، وفي نسخة: "في العلم" وفي أخرى: "باب في العلم والسمر". 116 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ، فَقَالَ: "أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا، لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ". [564، 601 - مسلم 2537 - فتح: 1/ 211] (حدثني الليث) في نسخة: "حدثنا الليث". (عن عبد الرحمن بن خالد) في نسخة: زيادة "ابن مسافر" وفي أخرى: بعد (حدثني الليث) "حدثه عبد الرحمن". (عن سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر. (أبي حثمة) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة. (صلى بنا) في نسخة: "لنا". (النبي) في نسخة: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". (العشاء) أي صلاة العشاء. (في آخر حياته) أي: قبل موته بشهر. (أرأيتكم) بهمزة استفهام، وتاء الخطاب، والرؤية هنا بصرية، وكم: حرف خطاب بمنزلة تنوين أو تأنيث لا محل له من الإعراب، إذ لو كان ضميرًا لقال أرأيتموكم؟ لأن الخطاب لجمع، والمعنى: أخبروني فهو من إطلاق السبب على المسبب؛ لأن مشاهدة الأشياء طريق إلى الإخبار عنها ففيه: كما قال الزمخشري تجوزان إطلاق الرؤية، وإرادة الإخبار، لأنها سببه، وجعلوا الاستفهام بمعنى الأمر بجامع الطلب. (ليلتكم) أي: شأن ليلتكم أو خبرهما بما يحدث بعدها. (فإن رأس) في نسخة: "فإن على رأس" وعليها فاسم (إن) ضمير الشأن وخبرها على النسختين (لا يبقى ... إلخ).

(منها) أي: من تلك الليلة. (لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد) أي: ممن هو موجود عليها الآن، فخرج من في السماء، كعيسى، ومن في السحاب، كالخضر، ومن في الهوى والنار، كإبليس، ومن يولد بعد. 117 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ قَالَ: "نَامَ الغُلَيِّمُ" أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا، ثُمَّ قَامَ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ. [138، 183، 697، 698، 699، 726، 728، 859، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 5919، 6215، 6316، 7452 - مسلم: 763 - فتح: 1/ 212] (الحكم) أي: ابن عتينة. (خالتي) لأنها أخت أمه: لبابة الكبرى بنت الحارث. (فصلى العشاء) أي: في المسجد، وفاء فصلى هي التي تدخل بين المجمل والمفصل، كما ذكره الزمخشري في قوله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] لا المرتبة لما بعدها على ما قبلها؛ لأن مدخولها كان قبل كونه - صلى الله عليه وسلم - عند ميمونة لا بعده. (نام الغُليم) أي: ابن عباس، والتصغير فيه للشفقة نحو: يا بُني، ونام استفهام حذفت همزته لقرينة المقام، قيل: أو إخبار منه لله لميمونة بنومه. (أو كلمة تشبهها) أي: تشبه كلمة نام الغليم، والشك من ابن عباس، وأراد بالكلمة الكلام على حد كلمة الشهادة. (عن يساره) بفتح الياءِ أشهر من كسرها. (فصلى) في نسخة:

"وصلّى". (ثم صلى ركعتين) فصلهما عن الخمس إما لأنهما بسلام [والخمس بسلام] (¬1) أو لاقتداء ابن عباس به في الخمس فقط. (غطيطه) أي: شخيره: وهو صوت أنفه عند استثقال نومه. (أو خطيطه) هو الممدود من صوت النائم، وقيل هو بمعنى: الغطيط، والشك من ابن عباس. (ثم خرج إلى الصلاة) أي: ولم يتوضأ؛ لأن من خصائصه أن نومه مضطجعًا لا ينقض وضوءه؛ لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه، ولا يعارضه حديث نومه لله في الوادي إلا أن طلعت الشمس؛ لأن الفجر والشمس إنما يدركان بالعين لا بالقلب. ووجه مناسبة الحديث للترجمة: أن قوله: نام الغليم مع ما جرت به العادة عند اجتماع الأقارب والأضياف من وقوع المؤانسة والإكرام بالتحدث، وحديثه - صلى الله عليه وسلم - لا يخلو عن علم فكان سمرًا بالعلم وأيضًا من عادة البخاري أن يذكر حديثًا لا يدل بنفسه على الترجمة، بل بباقي طرقه فقد جاء في بعض طرق الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحدث أهله وابن عباس حاضر وحديثه لا يخلو من علمٍ كما مرَّ. وفي الحديث: بيان حذق ابن عباس وفضله على صغر سنه حيث رصد النبي - صلى الله عليه وسلم - طول ليله، وقيل إن أباه أوصاه بذلك ليطلع على عمله بالليل، وفيه: جواز الجماعة في النافلة وجواز المعمل اليسير في الصلاة، وجواز الصلاة خلف من لا ينوي الإمامة، وجواز بيتوتة الأطفال عند المحارم، وإن كانت عند زوجها والإشعار بقسمه عليه السلام بين زوجاته، وجواز التصغير على وجه الشفقة، وبيان أن موقف ¬

_ (¬1) من (م).

42 - باب حفظ العلم

المأموم الواحد عن يمين الإمام وأن صلاة الصبي صحيحة، ونوم الرجل مع امرأته في غير مواقعةٍ بحضرة بعض محارمها ولو كان مميزًا، وجواز الرواية عند الشك بشرط التنبيه عليه وغير ذلك. 42 - باب حِفْظِ العِلْمِ. (باب: حفظ العلم) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَوْلا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ يَتْلُو {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى} [البقرة: 159] إِلَى قَوْلِهِ {الرَّحِيمُ} [البقرة: 160] إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ العَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لَا يَحْفَظُونَ". [119، 2047، 2350، 3648، 7354 - مسلم: 2412 - فتح: 1/ 213] (عبد العزيز بن عبد الله) أي: الأويسي. (أكثر أبو هريرة) أي: من رواية الحديث، وهو حكاية كلام الناس، أو وضع الظاهر موضع المضمر، وإلا لقال: أكثرت. (ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثنا) بقية كلام أبي هريرة، وحذف اللام من جواب (لولا) وهي جائز، والمعنى: لولا أن الله ذمَّ كاتم العلم لما حدثتكم فإن كتمان العلم حرام. (ثم يتلو) بقية كلام الأعرج وذكر المضارع استحضارًا لصورة التلاوة، وفي نسخة: "ثم تلا". (إن إخواننا) ترك فيه العاطف؛ لأنه استئناف، كالتعليل للإكثار؛ جوابًا للسؤال عنه، وإنما لم يقل: إخوانه أي: إخوان أبي هريرة قصدًا للالتفات وجمع الضمير ولم يقل: إخواني قصدًا لإدخال نفسه وغيره

من أهل الصفة، والمراد: أخوة الإسلام. (يشغلهم الصفق) بفتح أوله وثالثه، وحكي بضم أوله وكسر ثالثه وهو غريب، والصفق بسكون الفاء، كناية عن التبايع؛ لأنهم كانوا يضربون فيه يدًا بيد عند المعاقدة. (بالأسواق) أي: فيها والسوق يذكر ويؤنث سمي بذلك لقيام الناس فيه على سوقهم. (العمل في أموالهم) أي: القيام على مصالح زرعهم. (وإن أبا هريرة) عدل عن قوله: و (إني)؛ لقصد الالتفات. (بشبع) بفتح الموحدة أشهر من سكونها، وفي نسخة: "لشبع" باللام بدل الباء، وكلاهما للتعليل، وفي أخرى: "ليشبع بطنه" والمعنى: أنه كان يلازم النبي قانعًا بالقوت لا يتجر ولا يزرع. (ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون) أشار بالأول: إلى المشاهدات، وبالثاني: إل المسموعات، ولا ينافي ذلك ما مرَّ في خبر أبي هريرة: ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثًا عنه منِّي إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب (¬1)؛ لأن عبد الله كان أكثر تحملا وأبا هريرة أكثر رواية. 119 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ؟ قَالَ: "ابْسُطْ رِدَاءَكَ" فَبَسَطْتُهُ، قَالَ: فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "ضُمَّهُ" فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ بِهَذَا أَوْ قَالَ: غَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ. [انظر: 118 - مسلم: 2492 - فتح: 1/ 215] (أحمد بن أبي بكر) زاد في نسخة: "أبي مصعب" وهو كنية ¬

_ (¬1) سلف برقم (113) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم.

أحمد، واسم أبي بكر: القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب الزهريّ. (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة القرشي. (قال: قلت: يا رسول الله) في نسخة: "قلت لرسول الله". (أنساه) صفة ثانية لـ (حديثًا)، والنسيان: جهل بعد علم، ويفارق السهو بأنه زوال الحافظة والمدركة، والسهو: زوال عن الحافظة فقط، ويفارق السهو الخطأ بأنه: ما ينتبه صاحبه بأدني تنبيه، والخطأ: ما لا ينتبه به. (ابسط رداءك) تمثيل للمعنى بالمحسوس. (ضمه) مثلث الميم، وقيل: يتعين ضمها لأجل الهاء المضمومة بعدها، وفي نسخة: "ضم" بلا هاء، وأشار بالضمّ إلى ضبط الحديث. (فما نسيت شيئًا) أي: مما سمعته منه، كما في رواية (¬1)، أو من مقالتي هذه، كما في أخرى (¬2)، لكن الرواية الأولى أرجع من حيث المعنى، لأن أبا هريرة نبه بذلك على كثرة محفوظه من الحديث فلا يليق تخصيصه بتلك المقالة، ولأن الثانية: أفراد فرد من العام فلا يخصصه. (بعده). أي: بعد الضمّ، وفي نسخة: "بعد" وهذا من المعجزات الظاهرات حيث رفع - صلى الله عليه وسلم - عن أبي هريرة النسيان الذي هو من لوازم الإنسان. (فغرف بيديه) في نسخة: "فغرف بيده". (فيه) بالإفراد وزيادة فيه أي: في الردأ. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7354) كتاب: الاعتصام، باب: الحُجة على من قال: إنَّ أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت ظاهرة. (¬2) سيأتي برقم (2047) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في قول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}، وبرقم (2349) كتاب: المزارعة، باب: ما جاء في الغرس.

120 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ". [فتح: 1/ 216] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (قال: حدثني) في نسخة: "قال حدثنا". (أخي) هو عبد الحميد بن أبي أويس. (حفظت عن) في نسخة: "حفظت من". (وعاءين) تثنية وعاء بالكسر والمد: وهو الظرف الذي فيه الشيء أطلق المحل على الحال إذ المراد نوعان من العلم، أو أنه لو كتب لكان في وعاء. (فبثثته) بمثلثتين ثم مثناة فوقيه أي: نشرته، وفي نسخة: "فبثثته في الناس". (لقطع) في نسخة: "قطع". (هذا البلعوم) كناية عن القتل وهو بضم الموحدة: مجرى الطعام وهو المريء وفوقه البلعوم وهو مجرى النفس، وقيل البلعوم: الحلقوم، وفي في سخة: زيادة "قال أبو عبد الله" البلعوم: مجرى الطعام، والمراد بالوعاء الأول: ما نشره من علم الأحكام والأخلاق وبالثاني: [ما كتمه] (¬1) من أخبار الفتن وأشراط الساعة، وتضييع حقوق الله تعالى لخبر: "يكون فساد هذا الدين على يدي أغيلمة سفهاء قريش" (¬2) وكان أبو هريرة يقول: لو شئتُ أن أسميهم ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) أخرجه أحمد: 2/ 288، 304، 328، 485، 520. الحاكم في "المستدرك" 4/ 527 كتاب: الفتن والملاحم وقال الحاكم: هلذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه لخلاف بين شعبة وسفيان الثوري فيه. ووافقه الذهبي فقال: صحيح. وابن حبان في "صحيحه" 15/ 108 (6713) كتاب: التاريخ، باب: إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما يكون في أمته من الفتن

43 - باب الإنصات للعلماء

بأسمائهم فخشى على نفسه فلم يصرح، أو ما كتمه من علم الأسرار المصون عن الأغيار المختص بأهل العرفان. قال قائلهم وهو الحسن بن علي: يا رب جوهر علم لو أبوح به ... لقيل في أنت ممن يعبد الوئنا ولاستحلُّ رجال مسلمون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسنا 43 - باب الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ. (باب: الإنصات للعلماء) هو بكسر الهمزة والسكون والاستماع ولام للعلماء؛ للتعليل، أي: لا قبل ما يقولون. 121 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ: "اسْتَنْصِتِ النَّاسَ" فَقَالَ: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [4405، 6869، 7080 - مسلم: 65 - فتح: 1/ 217] (حجاج) هو ابن منهال. (عن أبي زرعة) في نسخة: "عن أبي زرعة بن عمرو". (حجة الوداع) بفتح الحاء والواو أكثر من كسرهما سميت به، لأنه - صلى الله عليه وسلم - ودَّع الناس فيها. (استنصت الناس) أي: اطلب إنصاتهم، والإنصات لازم ومتعد، يقالُ أنصته وأنصت له. (لا ترجعوا) أي: لا تتشبهوا بالكفار في قتل بعضهم بعضًا. ولا تصيرواه (بعدي) أي: بعد موتي أو بعد موقفي هذا. (كفارًا) بالنصب بنزع الخافض على تضمين ترجعوا معنى تتشبهوا، وبالخبرية على تفسير ترجعوا بتصيروا. (يضرب) بالرفع على الاستئناف بيان لترجعوا، أو حال من ضمير ترجعوا، أو صفة لكفار، أو بالجزم جواب لشرط مقدر أي: فإن

44 - باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟ فيكل العلم إلى الله

ترجعوا كفارًا يضرب بعضكم. وفي الحديث: طلب الإنصات لسماع العلم. 44 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إِلَى اللَّهِ. (باب: ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس) أي: أي شخص من أشخاص الناس أعلم من غيره، وإذا شرطية فالفاء في (فيكل) داخل على الجر والجملة الشرطية بيان لما يستحب أو ظرفية ليستحب، فالفاء تفسيرية على تقدير المضارع مصدرًا أي: ما يستحب عند السؤال، هو الوكول. 122 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ؟ فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَحَمَلاَ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا وَنَامَا، فَانْسَلَّ الحُوتُ مِنَ المِكْتَلِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبًا، وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا،

وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ المَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ) قَالَ مُوسَى: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا) فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، أَوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَقَالَ الخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا مُوسَى، فَقَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لاَ أَعْلَمُهُ، قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الخَضِرُ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ الخَضِرُ: يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا العُصْفُورِ فِي البَحْرِ، فَعَمَدَ الخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ، فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ: لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا - فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا -، فَانْطَلَقَا، فَإِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلاَهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ - قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَهَذَا أَوْكَدُ - فَانْطَلَقَا، حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا

فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ، قَالَ الخَضِرُ: بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا، قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا". [انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح: 1/ 217]. (حدثنا عمرو) هو: ابن دينار وفي نسخة: "أخبرنا عمرو". (نَوْفًا) بفتح النون وسكون الواو وبفاءٍ منصرف وهو عربي، ولو سلمنا عجميته فمنصرف أيضًا على الأفصح لسكون وسطه، كنوح ولوط واسم أبي نوفٍ: فضالة البكاليّ بكسر الموحدة وفتحها وتخفيف الكاف، وحكي تشديدها مع فتح الموحدة، منسوب إلى بني بكال بطن من حمير. (أن موسى) أي: صاحب الخضر. (ليس بموسى بني إسرائيل) موسى ممنوع من الصرف؛ للعلمية والعجمة، وإنما أضيف مع أنه علم لتنكيره أي: تأويله بواحد موسى آخر. نون موسى لكونه نكرة فانصرف لزوال علميته، وفي نسخة: بغير تنوين؛ لأنه علم على معين، وهو موسى بن ميشا بكسر الميم وسكون التحتية وبالشين المعجمة. (فقال: كذب عدو الله) خرج مخرج الزجر والتحذير لا القدح في نوف؛ لأن ابن عباس قاله في حال غضبه، وألفاظ الغضب تقع على غير الحقيقة غالبًا، وتكذيبه له؛ لكونه قال غير الواقع ولا يلزم منه تعمده. (حدثنا أُبَيُّ) في نسخة: "حدثني أبي". (فعتب الله عليه) منشأ

العتب تغير النفس، وهو مستحيل في حقه تعالى فيحمل على أنه لم يرض قوله. (لم يرد العلم إليه) في نسخة: "لم يرد العلم إل الله" ويرد مثلث الدال، وجوز الفك أيضًا. (فأوحى الله تعالى إليه أن عبدًا) بفتح الهمزة أي: بأن وبكسرها بتقدير فقال: إن عبدًا، والمراد به: الخضر. (بمجمع البحرين) أي: ملتقى بحري فارس والروم من جهة المشرق، أو بإفريقية. (هو أعلم منك) أي: بشيءِ مخصوص، كما يدل له كلامه بعد، ولا ريب أن موسى أفضل من الخضر، وإن قيل بنبوته لما اختص به من الرسالة وسماع كلام الله. (قال رب) بحذف ياء النداء تخفيفًا، وفي نسخة: "يا رب" بإثباتها، وحذفت فيهما ياء المتكلم، تخفيفًا، واجتزاءً بالكسرة. (وكيف به) أي: كيف الالتقاء، والالتباس به، أي: كيف السبيل إلى لقائه. (حوتًا) أي: سمكة، وقيل: شق سمكة. (وانطلق بفتاه) في نسخة: "وانطلق معه فتاه". (في مكتل) بكسر الميم وفتح الفوقية، الزنبيل: يسع خمسة عشر صاعًا. (فإذا فقدته) بفتح القاف، أي: الحوت. (فانطلق) أي: موسى. (يوشع) عطف بيان لفتاه، وجرَّ بالفتحة، لأنه غير منصرف؛ للعجمة والعلمية، وبالكسرة يجعله منصرفًا، قيل: وهو الأفصح.

(عند الصخرة) أي: التي عند الساحل الموعود بلقي الخضر عنده. (وناما) في نسخة: "فناما" بالفاءِ. (سربًا) أي: ذهابًا، وزاد في سورة الكهف "فأمسك الله عن الحوت جريه الماء فصار عليه مثل الطاق" (¬1). (وكان) أي: ما ذكر من إحياء الحوت المملوح وإمساك جريه الماء حتَّى صار مسلكًا. (بقية ليلتهما ويومها) بجر (يومهما) عطف على (بقية) قال شيخنا: ونبه بعض الحذاق على أنه مقلوب، وأن الصواب: بقية يومها وليلتهما (¬2)، قلت: وهو ما رواه البخاري في التفسير. (غداءنا) بفتح الغين المعجمة، وبالمدِّ: الطعام الذي يؤكلُ أول النهار. (نصبًا) أي: تعبا لَحِقَهُ؛ ليذكر به نسيان الحوت، ولهذا لم يلحقه قبل ذلك. (مسًّا) في نسخة: "شيئًا". (فقال له) في نسخة: "قال له". (أرأيت) أي: أخبرني، كما. (فإني نسيت الحوت) أي: فقدته، أو نسيت ذكره، وزاد في نسخة: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إلا الشَّيْطَانُ} ". (قال موسى ذلك) أي: أمر الحوت. ({مَا كُنَّا نَبْغِ}) أي: نطلبه؛ لأنه علامة وجدان المطلوب. ({قصصًا}) بالنصب بمقدر أي: يقصان قصصًا. (رجل) مبتدأ. (مُسجَّى) (¬3) أي: مغطّى، كما يغطى الميت، وهو خبر المبتدأ، أو صفة له، والخبر محذوف أي: نائم. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4725) كتاب: التفسير، باب: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ}. (¬2) "فتح الباري" 1/ 220. (¬3) يقال: سجَّى الميت: غطاه، وسَجَّى: تغطى انظر مادة (سجى) في: "اللسان" 4/ 1948 و"القاموس" (1293).

(وأنَّي بأرضك السلام؟) أي: من أين السلام في هذه الأرض التي لا يعرف فيها السلام؟ (فقال أنا) في نسخة: "قال أنا" (موسى بني إسرائيل) خبر مبتدأ محذوف أي أنت موسى؟ (علمك الله) في نسخة: "علمكه الله" (¬1) (فكلموهم) أي: فكلم موسى والخضر، ويوشع أصحاب السفينة (أن يحملوهما) أي موسى والخضر وترك يوشع لأنه تابع، وإلا فهو محول أيضًا، كما ذكر في نسخة بلفظ: "فحملوهم" وهو نظير قوله تعالى: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: من الآية 117] (¬2). (بغير نول) أي: أجر، ويقال فيه: نوال أيضًا. (عصفور) بضمِّ أوَّله وحكي فتحه، قيل: سمي به؛ لأنه عصى وفرَّ. (ما نقص إلخ) ليس المراد من التشبيه أن علم الله نقص لاستحالة نقصه، بل هو تقريب إلى الأفهام، وقيل: (نَقَصَ) بمعنى أخذ، لأن النقص أخذ خاص، وقيل: (إلا) بمعنى: ولا (¬3) أي: ما نقص علمي وعلمك، ولا ما أخذ هذا العصفور شيئًا من علم الله؛ لأن علم الله لا ينقص بحال، وقيل: العلم هنا بمعنى: المعلوم، كما في: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة: ¬

_ (¬1) فيكون الفعل علم قد اتصل به ضميران: الكاف للخطاب، والهاء للغيبة. (¬2) حيث الشقاء لهما، كما الخروج لهما، لكنه خاطب به آدم وحده. (¬3) (إلا) حرف بابه الاستثناء. وقد ذهب بعض النحويين إلى أنها تكون حرف عطف أيضًا. ونُسب هذا القول إلى الأخفش والفراء وأحمد بن يحيى وأبي عبيدة والكوفيين. وقد جعلها الأخفش عاطفة في قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} ومذهبُ الجمهور ردُّ هذا القول. وقالوا: إن إلا حرف استثناء واحتجوا بأنها تلى العوامل، وليس شيء من حروف العطف كذلك.

255] ولولا ذلك لما صحَّ التبعيض في قوله: (من علم الله) لأن الصفة القديمة لا يدخلها تبعيض. (فعمد) بفتح الميم. (فنزعه) أي: بفأس. (لتغرق) بضم الفوقية، وكسر الراءِ. (أهلها) (¬1) بالنصب على المفعولية، وفي نسخة: "ليغرق أهلها" بفتح التحتية والراء، ورفع أهلها على الفاعلية. (بما نسيت) زاد في نسخة: "ولا ترهقني من أمري عسرًا". (فكانت الأولى) أي: المسألة الأولى. (نسيانًا) [خبر كان] (¬2) وفي نسخة: "نسيان" بالرفع بجعل اسم كان ضمير الشان، وما بعدها مبتدأ وخبر (¬3)، أو بجعل كان تامة، أو زائدة (¬4). (فانطلقا) أي: بعد خروجهما من السفينة. (فإذا غلام) هو اسم للمولود إلى أن يبلغ. (أقتلت نفسًا) الاستفهام فيه استفهام تقرير. (وهذا أوكد) أي: لزيادة لك. (حتَّى ¬

_ (¬1) يلاحظ أن موسى نسي نفسه هنا، بدليل قوله: لتغرق أهلها، ولم يقل: لتغرقنا، والجدير بأن ينهمك بامر نفسه وما هو مقدمّ عليه من سوء المصير، وإنما حمله على الإنكار الحمية للحق، فنسي نفسه واشتغل بغيره في الحالة التي يقول فيها كل واحد: نفسي نفسي. (¬2) من (م). (¬3) ومن ذلك قولهم: زيد كان أبوه منطلق، فأبوه مبتدأ، ومنطلق خبره، وجملة: أبوه منطلق خبر كان واسمها مضمر فيها. ومما جاء ذلك ما استشهد به سيبويه من قول الشاعر: إذا ما المرء كان أبوه عَبْسُ ... فحسبُك ما تريد إلى الكلام ومنه أيضًا قول أبي تمام: من كان مَرْعى عزمه وهمومه ... روض الأماني لم يزل مهزولا (¬4) جعلها زائدة أضعف الأقوال؛ لأن هذا الموضع ليس من مواضع زيادتها.

أتيا) في نسخة: "حتَّى إذا أتيا". (أهل قرية) هي أنطاكية (¬1) وقيل: ناصرة (¬2)، وقيل أُبُلَّة (¬3) بضم الهمزة والموحدة، وتشديد اللام المفتوحة وهي مدينة قرب بصرة وعبادان، وقيل: غير ذلك. (يريد) أي: يشرف؛ لأن الجدار لا إرادة له (¬4). (قال الخضر بيده) أي: أشار بها، وفيه: إطلاق القول على الفعل، وفي نسخة: "فمسحه بيده". (فأقامه) أي: بيده، وقيل: نقضه وبناه، وقيل بعمود عمده به، وفي نسخة: "يريد أن ينقص فأقامه". (فقال موسى) في نسخة: "فقال له موسى". (لو شئت) إنما قال موسى ذلك؛ لأنه في محلِّ اضطرار للتطعم، فاقتضى أن يكتسب لذلك بأخذ الأجرة. (لاتَّخَذْت) بهمزة وصل وتشديد التاءِ من اتّخذ كاتبع، وفي نسخة: "لَتَخذت" أي: لأخذت. (هذا فراق) الإشارة فيه إشارة إلى الفراق الموعود بقوله: (فلا تصاحبني) أو إلى السؤال الثالث أي: هذا الاعتراض سبب الفراق، أو إلى الوقت أي: هذا الوقت وقت الفراق. ¬

_ (¬1) هي بلد عظيم ذو سور وفيصل، ولسوره ثلاثمائة وستون برجًا، وشكل البلد كنصف دائرة، قطرها يتصل بجبل، انظر: "معجم البلدان" 1/ 266 - 270. (¬2) ناصرة: قرية بينها وبين طبرية ثلاثة عشر ميلًا، فيها كان مولد المسيح عيسى بن مريم - عليه السلام -. انظر: "معجم البلدان" 5/ 251. (¬3) الأبلة: بلدة على شاطيء دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة. انظر: "معجم البلدان" 1/ 76 - 77. (¬4) وهذا على سبيل الاستعارة المكنية، حيث اسُتعيرت الإدارة للمشارفة والمداناة. ويجوز أن يكون مجازًا عقليًّا وشبيه به قول حسان بن ثابت: إن دهرًا يلفُّ شملي بجمل ... لزمان يهمُّ بالإحسان

45 - باب من سأل، وهو قائم، عالما جالسا

(يرحم الله موسى) إنشاء بلفظ الخبر (¬1). (لوددنا) جواب قسم محذوف. (لو صبر) مؤول بمصدر (¬2) أي: والله لوددنا صبر موسى أي: لأنه لو صبر، لأبصر أعجب الأعاجيب. (يقص) مبني للمفعول. (قال محمد بن يوسف حدثنا به علي بن خشرم حدثنا سفيان بن عينيه بطوله) ساقط من نسخة، وابن خشرم بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين. وفي الحديث -كما قال النووي: ندب الرحلة للعلم، وفضل طَلَبِه، والتردد للسفر، والدب مع العالم، وتأويل ما لم يفهم ظاهره، والاعتذار عند المخالفة، وإثبات كرامات الأولياء، وجواز سؤال الطعام عند الحاجة، والحكم بالظاهر حتى يتبين خلافه، ودفع أعظم المفسدتين بأخفّهما عند التعارض، وأن ذلك كله كان بوحي فليس لأحد أن يقتل نفسَا؛ لما يتوقعه منها، وفيه: غير ذلك (¬3). 45 - بَابُ مَنْ سَأَلَ، وَهُوَ قَائِمٌ، عَالِمًا جَالِسًا. 123 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا القِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ ¬

_ (¬1) فهي جملة دعائية. (¬2) على أن (لو) مصدرية. وكونها مصدرية لم يقل به جمهور النحاة، وإنما قال بذلك الفراء وأبو علي الفارسي، والتبريزي، وأبو البقاء، وابن مالك. وعلامة (لو) المصدرية: أن يصلح في موضعها أَنْ، وأن تكون بعد مُفْهِم تمنِّ، نحو ودَّ ومن ذلك قوله تعالى: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} وقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ} وقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)} وقوله تعالى: {وَدُوا لَوْ تَكفُرُونَ}. (¬3) "شرح صحيح مسلم" 15/ 137.

فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ، قَالَ: وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إلا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا، فَقَالَ: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ". [2810، 3126، 7458 - مسلم: 1904 - فتح: 1/ 222] (باب: من سأل، وهو قائم عالمًا) مفعول سأل (¬1). (جالسًا) صفة عالمًا، والمراد بيان جواز السؤال في الحالة المذكورة. (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا". (جرير) أي: بن عبد الحميد. (جاء رجل إلى النبي) ضمن جاء معني أنهى أي: جاء منهيًا حديثه إلي النبي، وإلا فجاء متعد بنفسه (¬2). (غضبًا) هو حالة تحصل عند غليان الدم في القلب؛ لإرادة الانتقام. (حمية) هي المحافظة على الحرم، وقيل: الأنفة والغيرة، وأشار بالغضب إلى مقتضى القوةِ الغضبية وبالحمية إلى مقتضى القوة الشهوانية، أو الغضب؛ لدفع المضرة، والحمية لطلب المنفعة. (قال) أي: أبو موسى أو من دونه، (إلا أنَّه كان قائمًا) استثناء مفرغ أي: لم يرفع إليه لأمرٍ إلا لقيام الرجل. (من قاتل) أجاب بالمقاتل مع أن السؤال عن القتال، إما لأنه يتضمنه ففيه الجواب وزيادة، أو أن القتال في السؤال بمعنى المقاتل، ويكون قد عبَّر بما عن العاقل. (كلمة الله) أي: دعوته إلى الإسلام (فهو في سبيل الله) يدخل فيه من قاتل؛ لطلب ثواب الاخرة، أو رِضَى الله؛ لأنه من إعلاء كلمة الله، ¬

_ (¬1) يعني عالمًا، فهو مفعول سأل، وجملة وهو قائم حال من السائل. (¬2) وكثيرًا ما يأتى جاء متعديًا بـ (إلى).

46 - باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار

وحاصل الجواب: أن القتال في سبيل الله قتال منشؤه القوة العقلية لا القوة الغضبية، أو الشهوانية. وفي الحديث -كما قال النووي: أن الأعمال إنما تحسب بالنيات الصالحة، وأن الفضل الوارد في المجاهد مختص بمن قاتل؛ لإعلاء كلمة الله، وإقبال المتكلم على المخاطب (¬1). 46 - بَابُ السُّؤَالِ وَالفُتْيَا عِنْدَ رَمْيِ الجِمَارِ. 124 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الجَمْرَةِ وَهُوَ يُسْأَلُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: "ارْمِ وَلَا حَرَجَ"، قَالَ آخَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ؟ قَالَ: "انْحَرْ وَلَا حَرَجَ". فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلا قَالَ: "افْعَلْ وَلَا حَرَجَ". [انظر: 83 - مسلم: 1306 - فتح: 1/ 222] (باب: السؤال) من جهة المُسْتَفْتي. (والفتيا) بضم الفاءِ، والمفتى. (عند رمي الجمار) الكائنة بمنى. (عند الجمرة) أي: جمرة العقبة؛ لأنها المرادة عند الإطلاق. (وهو يُسأل) بالبناء للمفعول (¬2). (قال: ارم) في نسخة: "فقال: ارم". (قال آخر) في نسخة: "فقال آخر"، وفي أخرى: "وقال آخر". ومعنى الحديث: أنه يُسأَلُ عن علم، وهو مشغولٌ بطاعة فيجيب؛ لأنه انتقال الطاعة أخرى. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 13/ 49. (¬2) والجملة هنا حال من النبي - صلى الله عليه وسلم -. لأن الرؤية بصرية.

47 - باب قول الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85]

47 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] 125 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَرِبِ المَدِينَةِ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ، لَا يَجِيءُ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنَسْأَلَنَّهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ يَا أَبَا القَاسِمِ مَا الرُّوحُ؟ فَسَكَتَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ، فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ، قَالَ: " (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتُوا مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلًا) ". [4721، 7297، 7456، 7462 - مسلم: 2794 - فتح: 1/ 223] قَالَ الأَعْمَشُ: هَكَذَا فِي قِرَاءَتِنَا. (باب: قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] أي: باب بيان سبب نزول ذلك. (قيس بن حفص) أي: ابن القعقاع. (عبد الواحد) أي: ابن زياد البصري. (الأعمش سليمان) زاد في نسخة: "بن مهران". (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس النخعي. (خَرِب) بفتح المعجمة وكسر الراءِ، وبموحدة وفي نسخة: بكسر ثم فتح، ورواه البخاري في موضع آخَر بمهملة ومئلثة (¬1). (وهو يتوكأ) أي: يعتمد (¬2). (على عسيب) بفتح أوله وكسر ثانيه المهملتين أي: عصا من جريد النخل. (بنفر) بفتح الفاءِ: عدة رجال من ثلاثة إلى ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4721) كتاب: التفسير، باب: {ويسئلُونَكَ عَنِ الروح}. (¬2) وجملة (وهو يتوكأ) حال من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

عشرة. (لا يجيء) بالرفع على الاستئناف، وبالجزم على جواب النهي نحو: لا تدنو من الأسد تسلم أي: أن لا تَدْنُ، وبالنصب: على معنى: لا تسألوه إرادة أن لا يجيء فيه، والا) زائدة وهذا ماشٍ على مذهب الكوفيين (¬1). (لنسألنَّه) جواب قسم محذوف. (يا أبا القاسم) في نسخة: "يا با القاسم" بحذف الهمزة تخفيفا. (ما الروح) أي: الروح الحيوانية؛ لأنها المرادة عند الإطلاق، وإلا فالروح جاء في التنزيل على معانٍ أخر: هي القرآن، وجبريل، أو مَلَك غيره، وعيسى، وقد روي أن اليهود قالوا لقريش: إن فسَّر الروح فليس بنبي، ولهذا قال بعضهم: لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه أي: إن لم يفسره، لأنه يدل على نبوته، وهم يكرهونها. (فلما انجلى عنه) أي: انكشف عنه الكرب الذي كان يغشاه حال الوحى. (فقال) في نسخة: "قال". ({وَيَسْأَلُونَكَ}) في نسخة: " {وَيَسْأَلُونَكَ} " ({مِنْ أَمْرِ رَبِّي}) أي: من وحيه وكلامه، لا من كلام البشر. (وما أوتوا) بصيغة الغائب، في أكثر النسخ، وإن كانت القراءة ¬

_ (¬1) نصب المضارع بعد (أنْ) المحذوفة من غير بدل هو مذهب الكوفيين حقًّا: واحتجوا بقراءة أُبي وابن مسعود: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله} ويقول الشاعر: فلم أَرَ مثلها خُباسة واحد ... ونهنهت نفسي بعدما كدت أفعله أما البصريون فقالوا إنَّ (أنْ) لا تعمل النصب وهي محذوفة من غير بدل وما جاء من ذلك فشاذ، ودليلهم: أن عوامل الأفعال ضعيفة لا تعمل مع الحذف.

48 - باب من ترك بعض الاختيار، مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه

المشهورة: ({أُوتِيتُمْ}) والخطاب فيهما عام، وقيل: لليهود (¬1) ({إلا قَلِيلًا}) استثناء العلم أي: إلا علمًا قليلًا، أو من إلا إيتاء، أي إلا إيتاءً قليلًا، أو من الضمير أي: إلا قليلًا منكم. وفي الحديث: أن من العلم أشياء لم يُطُلِعِ الله عليها نبيًّا ولا غيره. 48 - بَابُ مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاخْتِيَارِ، مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ، فَيَقَعُوا فِي أَشَدَّ مِنْهُ. 126 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ، كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الكَعْبَةِ؟ قُلْتُ: قَالَتْ لِي: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ - قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - بِكُفْرٍ، لَنَقَضْتُ الكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ " فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. [1583، 1584، 1585، 1586، 3368، 4484، 7243 - مسلم: 133 - فتح: 1/ 224] (باب: من ترك بعض الاختيار) أي: بعض الشيء المختار. (مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا) بالنصب بحذف النون عطف على (يقصر). (في أشد منه) أي: من ترك الاختيار، [وفي نسخة: "في أشر منه" بالراء] (¬2) وفي أخرى: "شرٍّ منه" بالراءِ وحذف الهمزة. ¬

_ (¬1) روى ذلك الترمذي (3140) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة بني إسرائيل، وابن أبي عاصم في "السنة" (595). وصححه الألباني. (¬2) من (م).

(عبيد الله بن موسى) أي: العبسي. (عن إسرائيل) هو ابن يونس. (عن أبي إسحق) أي: السبيعي بفتح المهملة، وكسر الموحدة؛ نسبة إلى سبيع بن سبع. (الأسود) هو يزيد بن قيس النخعي. (ابن الزبير) اسمه: عبد الله. (تسرُّ إليك كثيرًا) في نسخة: "تسر إليك حديثًا كثيرًا". (في الكعبة) أي: في شأنها، وسميت بذلك من الكعوب: وهو النشوز؛ لأنها ناشزة في الأرض، أو من التربيع؛ لأنها مربعة (¬1). (قلت) في نسخة: "فقلت". (لولا قومك حديث عهدهم) بتنوين حديث، خبر عن (قومك)، وبرفع (عهدهم) فاعل بـ (حديث)؛ لأنه صفة مشبهة والخبر بعد (لولا) وإن كان حذفه واجبًا محلُّه إذا كان كونًا عامًّا، أما الخاص فيذكر، كما هنا (¬2)، وفي نسخة: "لولا أن قومك". (قال) ¬

_ (¬1) سميت الكعبة بذلك لنُتُوئها، وقيل لارتفاعها وتربيعها، والكعبة: البيت المزبع. وجمعه كِعَابُ. (¬2) هذا الحديث يستشهد به النجاة على ثبوت الخبر بعد (لولا) حيث اختلف النجاة في خبر المبتدأ الواقع بعد (لولا) على قولين: أحدهما -لجمهور النجاة: أن الخبر محذوف وجوبًا، ولا يكون إلا كونًا مطلقًا ولذلك يجب عندهم أن يقال: لولا زيد لأكرمتك، ولا يقال: لولا زيدُ قائم لأكرمتك. الثاني- للرماني وابن الشجري والشلوبين وابن مالك: أن الخبر بعد (لولا) ليس واجب الحذف على الإطلاق بل فيه تفضيل على ثلاثة أوجه. الأول- أنه إذا كان كونًا مطلقًا وجب حذفه نحو: لولا زيد لأكرمتك. الثاني- أنه إذا كان كونًا مقيدًا ولا دليل يدل عليه وجب إثباته، ومنه هذا الحديث: "لولا قومك حديث عهدهم". الثالث- أنه إذا كان كونا مقيد وله دليل يدل عليه جاز إثباته وحذفه نحو:

في نسخة: "فقال". (ابن الزبير بكفر) أي: زاد في روايته (بكفر) فالجملة معترضة بين طرفيها (¬1). (باب يدخل الناس) أي: منه. (وباب يخرجون) أي: منه، وفي نسخة: بإثبات "منه" في الثاني، وفي أخرى: "بابًا" بالنصب في الموضعين على البدلية مما قبلهما، أو البيان له. (ففعله) أي: ما ذكر من النقض وجعل البابين. (ابن الزبير) هذه الرابعة من بناء البيت: بنته الملائكة، ثم إبراهيم، ثم قريش في الجاهلية، ثم الرابعة بنية ابن الزبير هذه، ثم الخامسة بنية الحجاج، واستمرَّ. وقد تضمن الحديث معنى ما ترجم له؛ لأن قريشًا كانت تعظم أمر الكعبة فخشي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يظن؛ لأجل قرب عهدهم بالإسلام. أنه غيَّر بناءها، لينفرد بالفخر عليهم. وفي الحديث -كما قال النووي: دليل لقواعد منها: إذا تعارض مصلحة ومفسدة، بُدِيءَ بالأهم من فعل المصلحة وترك المفسدة؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - ترك مصلحة خوف فتنة بعض من أسلم، ومنها فكرُ وليِّ الأمر في مصالحِ رعيتهِ، واجتنابُ ما فيه ضررٌ عليه في دين أو دنيا، إلَّا الأمور الشرعيةِ، كأخذِ الزكاةِ، وإقامةِ الحدودِ. ومنها تألفُ قلوبهمِ (¬2). ¬

_ لولا أنصار زيد لهلك. ومما جاء على ثبوت الخبر قول المعري: فلولا الغمد يُمسكه لسالا ... يُذيب الرعب منه كل عضب وكلام المصنف يظهر اختياره مذهب أصحاب القول الثاني. (¬1) أي بين طرفى (لولا)، يعني جواب (لولا) وما بعدها. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 89.

49 - باب من خص بالعلم قوما دون قوم، كراهية أن لا يفهموا

49 - بَابُ مَنْ خَصَّ بِالعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا. (باب من خصَّ بالَعلمِ قومًا دون قومِ كرَاهية) بتخفيف الياء. (ألا يفهموا) أي: عدم فهمهم، والترجمةُ بذلك قريبةٌ من السابقة، لكنها في الأقوال والسابقة في الأفعالِ. 127 - وَقَالَ عَلِيٌّ: "حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ" حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ بِذَلِكَ. [فتح: 1/ 127] (وقال علي) أي: ابن أبي طالبِ. (حدثوا الناس) أي: كلموهم. (بما يعرفون) أي: يدركون بعقولهمِ، واتركوا ما يشتبه عليهم فهمه. (أن يكذَّب الله ورسولُهُ) بفتح الذالِ المشددةِ، لأنَّ السامعَ لمَّا يفهمه يعتقد استحالتَه جهلًا، فلا يصدق وجوده، فيلزم التكذيب. (عن معروف) في نسخةٍ: "حدثنا به عن معروف". (ابن خَرَّبوذ) بفتح المعجمة، وتشديد الراء، وضمّ الموحدة، وآخره ذالٌ معجمةٌ. (أبي الطفيل) اسمه: عامرٌ بن واثلةَ. (عن علي بذلك) أي: بقوله: (حدثوا الناس إلخ) وأخَّر السندَ هنا عن المتنِ؛ ليميز بين طريقي إسنادِ الحديث والأثر، أو لضعفِ الإسنادِ، بسبب ابن خَزَبُوذِ، أو للتفنن، أو لجوازِ الأمرين؛ ولهذا وقع في بعض النسخِ تقديم السندِ على المتن (¬1). ¬

_ (¬1) ومعنى تقديم السند على المتن كأن يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كذا وكذا، حدثنا به فلان ويذكر بعد ذلك سنده قال العراقي في "ألفتيه": وَسَبْقُ مَتْنٍ لَوْ بَبعضِ سَنَد ... لَا يَمنَعُ الوَصلَ، ولَا أَنْ يَبتدي راو كَذا بسند فمتجهْ ... وَقالَ خُلف النقلِ معنى يَتجهْ في ذا كَبَعْض المتن قَدَّمْتَ على ... بَعَضِ فَفيه ذا الخلاف نُقلا

128 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: "يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: "يَا مُعَاذُ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلاثًا، قَالَ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إلا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ"، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: "إِذًا يَتَّكِلُوا" وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا. [129 - مسلم: 32 - فتح: 1/ 226] (حدثنا معاذ) في نسخة: "أخبرنا معاذ". (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (ومعاذ رديفه) أي: راكب خلفه، والجملة حال. (على الرحل) متعلق بـ (رديفه) و (الرحل) للبعير، أصغر من القتب. (يا معاذ) بضم معاذة لأنه منادى مفرد، وهو ما اختاره ابن مالك، وبالنصب؛ لأنه مع ما بعده كاسم واحد (¬1)، وهو ما اختاره ابن الحاجب (بن جبل) بالنصب فقط، صفة قال معاذ أو لفظه. (لبيك وسعديك) من المصادر المحذوف فعلها وجوبًا، وثُنِّيا؛ للتوكيد والتكثير (¬2) أي: إقامة على طاعتك بعد إقامة، وإسعادًا بعد إسعاد. (ثلاثا) راجع لقول معاذ، ويحتمل رجوعه لقوله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا فيكون ¬

_ (¬1) أي مضاف، ولذلك نُصب، نحو: يا عبدَ الله. (¬2) هذا مذهب سيبويه، حيث يرى أن (لبيْك) وما هو مثله مثنى، وأنه منصوب على المصدرية بفعل محذوف، وأن تثنيته المقصود بها التكثير، فهو على هذا ملحق بالمثنى. ومذهب يونس إنّه ليس بمثنى وأن أصله: (لبَّى) وأنه مقصود، قُلبت ألفه ياءً مع الضمير، كما قلبت ألف (لدى، وعلى) مع الضمير في لديه وعليه. والظاهر: أن المصنف اختار مذهب سيبويه.

من التنازع. (صدقًا) خرج به شهادة المنافق. (من قلبه) يحتمل تعلقه بـ (صدقًا) فالشهادة لفظية، وبـ (يشهد) (¬1) فالشهادة قلبية، فمعنى الأول: يشهد بلفظه، ويصدق بقلبه، ومعنى الثاني: يشهد بقلبه، ويصدق بلفظه. (إلا حرَّمه) أي: منعه، كما في {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ} [الأنبياء: 95] ومعناه: حرَّم الله النَّار عليه، والاستثناء من أعم عام الصفات، أي: ما أحدٌ يشهد كائنًا بصفة إلا بصفة التحريم، ثم التحريم مقيد بمن أتى بالشهادتين ثم مات ولم يعص بعد إتيانه بهما، أو المراد: تحريم الخلود لا أصل الدخول، وإلا فمعلوم أن عصاة ممن أتى بهما يدخلون النار، ثم يخرجون منها بالشفاعة، أو بفضل الله تعالى. (أفلا أخبر به؟) العطف على مقدَّر، أي: أقلت ذلك فلا أخبر به؟. (فيستبشروا) بحذف النون (¬2)، جواب الاستفهام، أو النفي (¬3)، وفي نسخة: بإثباتها، أي: فهم يستبشرون (¬4)، والبشارة: الخبر الأول السار الصادق؛ لظهور أثر السرور فيه على البشرة. (إذًا) جواب لمقدر، أي: إن أخبرتهم (¬5) (إذا يتكلوا) بتشديد ¬

_ (¬1) أي ويحتمل تعلقه بـ (يشهد). (¬2) على نصب الفعل في جواب الاستفهام بعد فاء السببية. (¬3) وكونه جوابًا للاستفهام أظْهرُ. (¬4) على أن جملة: (يستبشرون) خبر لمبتدأ محذوف. (¬5) لا تكون (إذًا) في جواب الشرط، إنما تكون ناصبة للمضارع بشروط نحو: أنا آتيك، فتقول: إذن أكرمَك. ومذهب الجمهور أن إذن حرف، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها اسم، ومذهب الأكثرين: أنها بسيطة، وذهب الخليل في أحد أقواله: إلى أنها مركبة من (إذ)، و (أن). ومذهب الجمهور: الوقف عليها بالألف لشبهها بالمنوَّن المنصوب،

الفوقية، وكسر الكاف، أي: يعتمدوا على الشهادة المجردة عن العمل، وفي نسخة: "ينكلوا" بنون ساكنة، وضم الكاف من النكول: وهو الامتناع أي: يمتنعوا عن العمل؛ اعتمادًا على مجرد الشهادة. (عند موته) أي: موت معاذ، أي: قبله، أو موت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: بعده. (تأثمًا) أي: تجنبًا عن الإثم، أي: إثم كتمان ما أمر الله بتبليغه، حيث قال تعالى {وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] وليس فيه مخالفة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ نهيه عفا ذكر مقيد بالاتكال؛ إذ كانوا حديثي عهد بالإسلام، فلما زال القيد وصاروا حريصين على العبادة لم يبق نهيٌ، أو أن النهي لم يكن للتحريم، أو أنه كان قبل ورود الأمر بالتبليغ، والوعيد على الكتمان، أو المراد: أنه لا يخبر بها العوام؛ لأنه من الأسرار الإلهية، التي لا يجوز كشفها إلَّا للخواص، ولهذا أخبر به - صلى الله عليه وسلم - من يأمن عليه الاتكال، وسلك معاذ ذلك، فلم يخبر به إلا من رآه أهلًا لذلك، ولا يبعد أن نداءه معاذًا ثلاث مرات كان للتوقف في إفشاء هذا السر عليه أيضًا. وقد تضمن الحديث: أن يخصَّ بالعلم قوم فيهم الضبط وصحة الفهم دون غيرهم، وهو مطابق للترجمة. ¬

_ ومذهب المبرد، والمازني: الوقف عليها بالنون لأنها بمنزلة (أنْ) و (لنْ). وذهب فريق من النحاة إلى أنها تكتب بالألف، قيل: هو الأكثر، وكذلك رُسمت في المصحف. وذهب فريق ثانٍ إلا أنها تكتب بالنون. قال المبرد: أشتهي أن أكوي يد من يكتب (إذن) بالألف؛ لأنها مثل (أن)، و (لن) وذهب فريق ثالث: إلى التفصيل، فإن ألغيت كُتبت بالألف، وإن عملت كُتبت بالنون.

50 - باب الحياء في العلم

129 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: "مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ"، قَالَ: أَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: "لَا إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا". [انظر: 128 - مسلم 2: 3 - فتح: 1/ 227] (معتمر) هو ابن سليمان بن طرخان. (أنسًا) في نسخة: "أنس بن مالك". (ذكر لي) بالبناءِ للمفعول، ولا يقدح في صحة الحديث عدم تسمية أنس للذاكر؛ لأنَّ المتن ثابت من طريق آخر، وأيضًا فأنس لا يروي إلا عن عدل صحابيٍّ، أو غيره، فلا تضر الجهالة، وأيضًا يغتفر في المتابعة ما لا يغتفر في الأصولِ، ويحتمل أن المحذوف معاذ صاحب القصة. (قال لمعاذ) في نسخة: "لمعاذ بن جبل". (دخل الجنة) أي: ولو بعد دخوله النار. (قال معاذ) في نسخة: "فقال معاذ". (لا) أي: لا تبشرهم. (أخاف أن يتكلوا) استئناف على سبيل التعليل، كأن معاذًا قال لِمَ؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: لأني أخاف أن يعتمدوا على مجرد التوحيد، وفي نسخة: "لا، إني أخاف"، وما ذكر كان قبل نزول الفرائض، أو بالنسبة إلى من أدى حقوق الإسلام. 50 - باب الحَيَاءِ فِي العِلْم. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: "لَا يَتَعَلَّمُ العِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٌ" وَقَالَتْ عَائِشَةُ: "نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ". (باب: الحياء) بالمد. (في العلم)، أي: في تعلمه أي: في بيان حكم ذلك.

(وقال مجاهد) هو ابن جبر التابعي الكبير، والواو استئنافية. (لا يتعلم العلم مستحيي) بإسكان الحاء، وبياءين آخرهما ساكنة، من استحيا يستحيي، بوزن مستفعل، ويجوز فيه: (مستحي) بكسر الحاء، وبياء واحدة: من استحى يستحي بوزن مستفع، ويجوز مستحٍ بغير ياء بوزن مستفٍ. (ولا مستكبر) أي: متكبر، يتعاظم ويستنكف أن يتعلم العلم، وهو أعظم آفات العلم، فالحياءُ هنا مذموم؛ لأنه سببٌ لترك أمرٍ شرعيٍّ. (نساء الأنصار) أي: مؤمنات أهل المدينة. 130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا رَأَتِ المَاءَ" فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وَجْهَهَا، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: "نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا". [282، 3328، 6091، 6121 - مسلم 313 - فتح: 1/ 228] (هشام) في نسخة: "هشام بن عروة". (عن زينب ابنة أمِّ سلمة) في نسخة: "بنت أمِّ سلمة" وأبو زينب: عبد الله بن عبد الأسد المخزومي (¬1). (أمُّ سليم) بضمِّ المهملة، وفتح اللام، بنت ملحان. ¬

_ (¬1) هو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي، من السابقين الأولين إلى الإسلام، قال ابن إسحق: أسلم بعد عشرة أنفس وكان أخا النبي في الرضاعة كما ثبت في "الصحيحين" تزوج أم سلمة، ثم صارت بعده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو نعيم: كان أول من هاجر إلى المدينة، وزاد ابن منده: وإلا الحبشة، وتوفي سنة أربع من الهجرة بعد منصرفه من أحد انتقض به جرح كان أصابه باحد، فمات منه فشهده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

(إن الله لا يستحي) بياءين أفصح من واحدة، والاستحياءُ هنا ليس على بابه، بل هو استعارة تبعية تمثيلية أي: إن الله لا يمتنع من بيان الحقِّ، فكذا أنا لا أمتنع من سؤالي كان كان فيه استحياء، وإنما قالت ذلك؛ بَسْطًا لعذرها في ذكر ما تستحي النساءُ من ذكره عادة بحضرة الرجال. (من غسل) بضمِّ الغين وفتحها مصدران، ويقال: هو بالضمِّ اسم للفعل وبالفتح مصدر. (إذا هي احتلمت) أي: رأت في منامها أنها تجامع، وإذا ظرفية (¬1). (قال) في نسخة: "فقال". (النبي) في نسخة: "رسول الله". (إذا رأت الماء) أي: المنيَّ، و (إذا) ظرفية، ويجوز أن تكون شرطية، أي: إذا رأت المنيَّ وجب عليها الغسل، فإن لم تره فلا غسل عليها، وكذا الرجل؛ لأنَّ حكمه على الواحد حكم على الجماعة. (فغطت أم سلمة) الظاهر: أنه من كلام زينب، ويجوز أن يكون من كلام أم سلمة، على وجه الالتفات من باب التجريد (¬2)، كأنها ¬

_ "الإصابة" 4/ 131 (4801)، "الاستيعاب" ترجمة: (1607)، "أسد الغابة" ترجمة: (3038). (¬1) أي ظرف لمجرد الظرفية خالية من معنى الشرط. ومن ذلك قوله تعالى: "والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى". (¬2) التجريد: هو أن ينتزع من أمر ذي صفه آخر مثله فيها، مبالغة في كمالها فيه، وهو أقسام: منها: ما يكون بمن التجريدية نحو قولهم: "لي من فلان صديق حميم" أي: بلغ من الصداقة حدًّا صح معه أن يستخلص منه آخر مثله فيها؛ مبالغة في كمالها فيه. ومنها: ما يكون بالباء التجريدية الداخلة على المنتزع منه، كقولهم: "لئن سألت فلانًا لتسألن به البحر" بالغ في اتصافه بالسماحة انتزع منه بحرًا

جردت من نفسها شخصًا فأسندت إليه التغطية، والأصل: فغطيت وجهي. (تعني: وجهها) بالتاء الفوقية، أي: قال عروة، أو غير ذلك. (أو تحتلم؟) العطف على مقدر أي: اتربها المرأة الماء وتحتلم بحذف همزة الاستفهام (¬1). (تربت يمينك) بكسر الراءِ، أي: افتقرت وصارت على التراب، وهي كلمة جارية على ألسنة العرب، لا ¬

_ في السماحة. ومنها: ما يكون بفي الداخلة على المنتزع منه نحو قوله تعالى: {لهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ}، ومنها: ما يكون بغير توسط حرف نحو قوله: فلئن بقيت لأرحلن بغزوة ... تحوي الغنائم أو يموت كريم يعني نفسه انتزع منه نفسًا كريمة، مبالغة في كرمه، ومنها: مخاطبة الإنسان نفسه نحو المثال الذي معنا في الحديث فكأنها جردت من نفسها شخصًا فأسندت إليه التغطية، ونحو قول الشاعر: لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النطق إن لم تسعد الحال حيث انتزع من نفسه شخصًا آخر مثله في فقد الخيل والمال. أهـ بتصرف. انظر: "أسرار البلاغة" ص 335، "شرح عقود الجمان" ص 140 - 141. (¬1) الهمزة: أصل أدوات الاستفهام، ولأصالتها استأثرت بأمور منها تمام التصدير بتقديمها على الفاء والواو وثم، كما في الحديث (أو تحتلم) وكان الأصل في ذلك تقديم حرف العطف على الهمزة لأنها من الجملة المعطوفة، لكن راعوا أصالة الهمزة في أستحقاف التصدير فقدموها. والنحاة في حذف همزة الاستفهام على قولين: أحدهما: أن حذفها لأمن اللبس ضرورة. وهلذا قول سيبويه والمبرد وغيرهما. الثاني: جواز حذفها في الاختيار وهو مذهب الأخفش واختاره الزمخشري، وابن مالك، والمرادي، وغيرهم ومما جاء على حذفها قوله - صلى الله عليه وسلم - "يا أبا ذر عيَّرته بأمه" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإن زنى وإن سرق".

يريدون بها الدعاء على المخاطب، بل التحسن في الكلام، فيقال: تربت يمينه، أو يداه كما يقال: قاتل الله فلانًا ما أشجعه، فيقال مثل ذلك في مقام المدح بالشيء، أو الحث عليه. (فبم يشبهها ولدها؟) أصل فبم: (فبما)، حُذفت الألف (¬1)، والمعنى: أن الولد لا يشبه أمه إلا لأنَّ ماءها يغلب ماء الرجل عند الجماع، ومن أمكن منه إنزال الماء عند المجامعة أمكن منه نزول الماء عند الاحتلام. وأراد البخاريُّ بهذا الباب، كما قال ابن بطَّال: بيان أن الحياءَ المانع من طلب العلم مذموم، ولهذا بدأ يقول مجاهد وعائشة، وإذا كان الحياءُ على جهة التوقير والإجلال، فهو حسن، كما فعلت أمُّ سلمَة حين غطت وجهها (¬2). وفي الحديث: أن الحياء لا يمنع من طلب الحقائق، وأن المرأة تحتلم، وإن كان نادرًا منها. 131 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ " فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَادِيَةِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ النَّخْلَةُ" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي، فَقَالَ: "لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا". [انظر: 31 - مسلم: 2811 - فتح: 1/ 229] ¬

_ (¬1) لأن (ما) الاستفهامية إذا اسبقت بحرف الجر حُذف ألفها ومنه: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)} {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)}. (¬2) "شرح البخاري" لابن بطال 1/ 210.

51 - باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال

(إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (وهي) في نسخة: "هي". (مثل المسلم) بفتح الميم والمثلثة، وبكسرها وسكون المثلثة (لأن تكون قلتها) بفتح لام (لأن) جواب قسم محذوف، وأتى بمدخولها مضارعًا مع قوله عَقِبه: "قلت لا وهو ماضٍ؛ لأن المعنى: لأن تكون موصوفًا في الحال بهذا القول المصادر في الماضي. (أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا) أي: من حمر النعم وغيرها، وكذا: كناية عن العدد. وفي الحديث: حرص الرجل على ظهور ابنه في العلم على الشيوخ، وسروره بذلك، وأن الابن الموفق أفضل مكاسب الدنيا. 51 - بَابُ مَنِ اسْتَحْيَا فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالسُّؤَالِ. 132 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: "فِيهِ الوُضُوءُ". [178، 296 - مسلم: 303 - فتح: 1/ -230] (باب) ساقط من نسخة. (من استحيا) أن يسأل بنفسه. (فأمر غيره بالسؤال) نيابة عنه. (عبد الله بن داود) أي: الخريبي، بالتصغير نسبة إلى خريبة، بكسر الموحدة، محلة بالبصرة (¬1). (عن منذرٍ الثوري) كنيته أبو ¬

_ (¬1) الخريبة: موضع بالبصرة، وسميت بذلك فيما ذكره الزجاجي؛ لأن المرزبان كان ابتنى به قصرَا وخرب بعده، فلما نزل المسلمون البصرة ابتنوا عنده، وفيه أبنية وسموها الخُريَبَة. انظر: "معجم البلدان" 2/ 363.

يعلى. (عن محمد بن الحنفية) نسبة إلى أمِّه، واسمها: خولة بنت جعفر الحنفيِّ. (عن علي) في نسخة: "عن علي بن أبي طالب". (مذَّاء) بمعجمة مشددة للمبالغة في كثرة المذيِّ، وهو بسكون المعجمة، وكسرها مع تشديد الياء وتخفيفها: ماء رقيق لزج يخرج عند الملاعبة لا بشهوة وتدفق، وهو في النساءِ أكثر منه في الرجال، يقال: مَذِيَ وأَمذى، ومذي كمنى، وأمنى ومني. (المقداد) في نسخة: "المقداد بن الأسود" وليس بأبيه، وإنما ربَّاه أو حالفه، أو تزوج بأمِّه، فنُسب إليه، وإنما أبوه: ثعلبه البهراني. (فسأله) أي: عن حكم المذي، وقد تخفف همزته فيقال: ساله. (فيه) أي: في المذي. (الوضوء) لا الغسل. وفي الحديث: قبول خبر الواحد (¬1)، وجواز الاستشهاد به في ¬

_ (¬1) خبر الآحاد، أو خبر الواحد: وهو الخبر الذي تُنُوقل بواسطة الراوة إلا أنه لم يبلغ عدد التواتر في طبقة أو أكثر، وهذا النوع شائع كثير في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهلذا النوع من الأخبار في السنة النبوية له منزلته وقدره بشروط، فإذا كانت منزلة المتواتر قد جاءت من جهة الكيف بمعنى عدالة الرواة وضبطهم، فالسنة قائمة على خبر الآحاد، قال الشافعي: فإن قال قائل: اذكر الحجة في تثبيت خبر الواحد بنص خبر، أو دلالة فيه، أو إجماع لقلت: حديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "نضر الله عبدًا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها .. " الحديث، فلما ندب رسول الله إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها امرأ يؤديها والامرئ واحدٌ، دلَّ على أنه لا يأمر أن يؤدي عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه، وحديث الآحاد يؤخذ به في أمور العقيدة إذا كان صحيحًا، وفي الأحكام الشرعية على خلف في الأخذ بالضعيف منه، ويرى كثير من الأصوليين أنه يفيد الظن، ويرى آخرون كابن حزم في "الإحكام" وغيره أنه يفيد القطع لا الظن ويوجب العلم والعمل وحكي ذلك أيضًا رواية عن مالك، فإذا كان الحديث صحيحًا كان قطعي الثبوت ولو كان خبر آحاد.

52 - باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

الاستفتاء، واستحباب حسن العشرة من الأصهار، وأن الزوج لا يذكر ما يتعلق بالاستمتاع بحضور أقاربها. 52 - بَابُ ذِكْرِ العِلْمِ وَالفُتْيَا فِي المَسْجِدِ. 133 - حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا، قَامَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُهِلُّ أَهْلُ المَدِينَةِ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّأْمِ مِنَ الجُحْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ" وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَيُهِلُّ أَهْلُ اليَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [1522، 1525، 1527، 1528، 7344 - مسلم: 1182 - فتح: 1/ 230] (باب: ذكر العلم والفتيا في المسجد) أي: باب جواز ذلك، وإن أدت المباحثة فيه إلى رفع الأصوات، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. (حدثنا قتيبة) في نسخة: "حدثني قتيبة" وفي أخرى زيادة: "ابن سعيد". (نافع) هو ابن سرجس بفتح المهملة، وسكون الراءِ، وكسر الجيم آخره سين مهملة. (في المسجد) أي: النبوي. (أن نهل) الإهلال: رفع الصوت بالتلبية، والمراد هنا الإحرام مع التلبية. (ذي الحليفة) بضم الحاءِ، وفتح اللام تصغير حلفة: وهي نبت في الماء. (الجحفة) بضم الجيم، وسكون المهملة، وكان اسمها: مهيعة، بفتح الميم، وسكون الهاءِ، ¬

_ انظر: "الرسالة" ص 175، "الإحكام" لابن حزم 1/ 111 - 113، "للمدخل إلى السنة النبوية" ص 311.

وفتح الياء، فأجحف السيل أهلها أي: أذهبه، فسميت جحفة. (نَجْد) (¬1) هو ما ارتفع من أرض تهامة إلى أرض العراق. (قرن) بفتح القاف، وسكون الراء: جبلٌ مدورٌ أملسُ مطلٌّ على عرفاتِ، وقوله: (يُهِلُّ) في الجميع ظاهره: خبر، والمراد به: الأمر، أي: ليهل. (وقال ابن عمر) عطف من جهة المعنى على لفظ: (عن عبد الله) فالمتعاطفان من كلام نافع. (ويزعمون) عطف على مقدر، وهو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ولابدَّ من هذا التقدير، لأنَّ الواو لا تدخل بين القول والمقول، وفي نسخة: "ويزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال" وهذه الزيادة ثابتة من طريق ابن عباس، فالمراد بالزعم هنا: القول المحقق لا المعنى المشهور. (يلملم) بفتح الياء واللامين، ويقال فيه الملم: جبل من جبال تهامة (¬2)، وهو منصرف: إن أريد به الجبل، وغير منصرف: إن أريد به البقعة. (لم أفقه هذه من رسول الله) أي: لم أفهم، ولم أعرف هذه المقالة من رسول الله، وهذا من شدة تحريه وورعه. ¬

_ (¬1) الجحفة: كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل، وهي الآن خراب، وبينها وبين ساحل الجار نحو ثلاث مراحل، وبينها وبين المدينة نحو ست مراحل. انظر: "معجم البلدان" 2/ 111. (¬2) يلملم، ويقال: ألملم، والملم: المجموع: موضع على ليلتين من مكة، وهو ميقات أهل اليمن. انظر: "معجم البلدان" 5/ 441.

53 - باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

53 - بَابُ مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ. (باب: من أجاب السائل بأكثر مما مسألة) لا يخرج بذلك عن قول الأصوليين: يجب مطابقة الجواب للسؤال، إذ ليس المراد بها عدم الزيادة، بل أن يكون الجواب مفيدًا للحكم ولو بزيادة، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. 134 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: "لَا يَلْبَسُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاويلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أَو الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ". [366، 1542، 1838، 1842، 5714، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852 - مسلم: 1177 - فتح: 1/ 231] (ابن أبي ذئب) اسمه: محمد بن عبد الرحمن المدني. (وعن الزهريّ) عطف على (عن نافع) وفي نسخة: "والزهري" بالعطف على (نافع) وفي نسخة: "ح" قبل: (وعن الزهري). (ما يلبس) بفتح التحتية والموحدة: مضارع لبس، بكسر الموحدة، عكس لبست عليه الأمر، فإنه بالفتح في الماضي، والكسر في المضارع، و (ما) مفعول ثانٍ لـ (سأل) وهي موصولة، أو موصوفة، أو استفهامية. (المحرم) أي: بحجَّ أو عمرةٍ، أو بهما. (لا يلبس القميص) بضمِّ السين على أن (لا) نافية، وبكسرها على أنها ناهية. (السراويل) أعجمي عُرِّبَ جاء بلفظ الجمعِ، وهو مفرد يذكر ويؤنث، وجمعه سراويلات، وقيل: سراويل جمع سروالة، ومحل منع لُبْسِهِ: إذا وجد إزارًا وإلَّا فلا منع منه. (البرنس) بضم الموحدة، والنون وسكون الراء: ثوب رأسه ملتزق فيه، وقيل: قلنسوة طويلة.

(ولا ثوبًا) في نسخة: "ثوب" بالرفع على تقدير فعل مبني للمفعول، أي: ولا يُلبس ثوب، وإنما أخرج عن طريق أخواته؛ لأنَّ الطيب حرام على الرجل والمرأة، بخلاف أخواته، فإنها على الرجل فقط. (الورس) بفتح الواو، وسكون الراءِ: نبت أصفر باليمين، يصبغ به. (وليقطعهما) بكسر اللام وسكونها (¬1)، عطف على (فليلبس) لا يقال: القطع إضاعة مال، وهي منهيٌّ عنها؛ لأنا نقول: محل الإضاعة إذا لم تكن لغرض صحيح، ولم يَنْهَ عنها الشارع، وهنا بخلافه فلا إضاعة في الحقيقة، وإنما أجاب - صلى الله عليه وسلم - بما لا يلبس والسؤال كان عما يُلبس؛ لأن غير الملبوس منحصر، بخلاف الملبوس، فَحَصَرَ ما لا يلبس؛ ليعلم أن ما سواه مباح، ففي ذلك جواب وزيادة على أن السائل كان من حقّه أن يسأل عمَّا لا يلبس؛ لأن ما يلبس سائغ بالاستصحاب، فلا يسأل إلا عما حدث فيه [التحريم] (¬2)، ونبه بالقميص والسراويل على تحريم جميع المخيطات، وبالورس والزعفران على تحريم سائر أنواع الطيب. والحكمة في تحريم [لباس] (¬3) ما ذكر بُعدُ المحرم عن الترفة، واتصافه بصفة الخاشع الذليل، وأن يتذكر به الموت، والبعث يوم القيامة للناس حفاة عراة، وفي تحريم الطيب: البُعدُ عن زينة الدنيا وأنه داعٍ إلى الجماع، ولما فرغ من ذكر أحاديث الوحي الذي هو مادة الأَحكام الشرعية، وعقبه بالإيمان، ثم بالعلم شرع في ذكر أحكام ¬

_ (¬1) لأن هذا هو حال لام الأمر إذا سُبقت بالواو، أو الفاء، أو ثم. (¬2) من (م). (¬3) من (م).

العبادات مرتبًا لذلك على ترتيب خبر "الصحيحين" بعد الشهادتين: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا لا إلله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت، وصوم رمضان" (¬1). فقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (8) كتاب: الإيمان، باب: دعاؤكم إيمانكم، ورواه مسلم (16) كتاب: الإيمان، باب: بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام.

4 - كتاب الوضوء

4 - كتاب الوضوء

1 - باب ما جاء في الوضوء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 4 - كِتَابُ الوُضُوءِ (كتاب الوضوءِ) هو بالضم: الفعل، وبالفتح: الماء الذي يتوضأ به، وحكي في كلٍّ منهما الضم والفتح، وهو مشتق من الوضاءة، وهي الحسن والنظافة؛ لأن المصلي يتنظف به، فيصير وضيئًا، وفي نسخةٍ: "كتاب الطهارة"، وهي؛ لكونها أَعَمَّ من الوضوء أنسب بالأبواب الآتية، وقدم على الصلاة التي أهم العبادات بعد الشهادتين الوضوء؛ لأنه شرط لها، والشرط مقدم على المشروط طبعًا، فقدم عليه وضعًا. 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ} قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَرْضَ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً، وَتَوَضَّأَ أَيْضًا مَرَّتَيْنِ وَثَلاثًا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلاثٍ، وَكَرِهَ أَهْلُ العِلْمِ الإِسْرَافَ فِيهِ، وَأَنْ يُجَاوزُوا فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [فتح: 1/ 232] (باب: ما جاء في قول الله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] وفي نسخة: "باب في الوضوء". [وفي أخرى: "باب: ما جاء في الوضوء"] (¬1) و (إلى) في الآية على النسخة ¬

_ (¬1) من (م).

الأولى غاية للغسل، أو لتركه، أو بمعنى مع، وقد بسطت الكلام عليها، وعلى سائر ما يتعلق بالآية في "شرح البهجة" وافتتح الباب بهذه الآية للتبرك، أو لأصالتها في استنباط مسائله، وإن كان حق الدليل أن يؤخر عن المدلول. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (مرَّةٌ مرَّةٌ) بالرفع خبر أن، وبالنصبِ مفعول مطلق، أي: فرض الوضوء غسل كل عضوٍ مرة، [أو حال ساد مسد الخبر أي: يفعل مرة، كقراءة: {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} بالنصب، وتكرار المرة؛ لإرادة التفصيل في أعضاء الوضوء بأن يغسل كل عضوٍ مرة] (¬1) وما تقرر في (مرة مرة)، يأتي في (مرتين مرتين)، وفي (ثلاثًا ثلاثًا) على ما في نسخة أنَّ في أكثر النسخ: "وثلاثًا" بلا تكرار. (ولم يزد على ثلاث) في نسخة: "على ثلاثة" وفي أخرى: "على الثلاث" والزيادة عليها مذمومة، ففي خبر أبي داود وغيره بإسنادٍ جيد: إنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا ثم قال: "من زاد على هذا أو نقص، فقد أساء وظلم" (¬2) أي: ظلم بالزيادة بإتلاف الماءِ لوضعه في غير موضعه، وبالنقص: أي: عن المرة لتركه الواجب بقرينة خبر: "الوضوءِ مرة، ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "سنن أبي داود" (135) كتاب: الطهارة، باب: الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، ورواه النسائي 1/ 88 كتاب: الطهارة، باب: الاعتداء في الوضوء، وابن ماجه (422) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في القصد في الوضوء وكراهة التعدي فيه، وابن أبي شيبة 1/ 16 كتاب: الطهارة، باب: في الوضوء كم هو، وأحمد 2/ 180، وابن الجارود (75) كتاب: الطها رة، باب: صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وابن خزيمة 1/ 89 (174) كتاب: الطهارة، باب: التغليظ في غسل أعضاء الوضوء، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 36 كتاب: الطهارة، باب: فرض الرجلين في وضوء الصلاة، والبيهقي 1/ 79 كتاب: الطهارة، باب: كراهية الزيادة على الثلاث، والبغوي في: "شرح السنة" 1 /

2 - باب: لا تقبل صلاة بغير طهور

ومرتين، وثلاثًا، فمن نقص من واحدة أو زاد على ثلاث فقد أخطأ" (¬1) (وكره أهل العلم الإسراف فيه) هو صرف الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي، بخلاف التبذير فإنه صرف الشيء فيما لا ينبغي. (وأن يجاوزوا) أي: وكره أهل العلم ان يجاوزوا (فعل النبيِّ) فالمراد بالإسراف: الزيادة في ماءِ مرات الثلاث، لا الزيادة عليها؛ لئلا يلزم التكرار، والكراهة في ذلك كراهة تنزيه عند الشافعي وكثير. 2 - بَابٌ: لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ. (¬2) 135 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ: مَا الحَدَثُ يَا أَبَا ¬

_ = 444 - 445 من حديث عبد الله بن عمرو وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" دون قوله: "أو نقص" فقال: إنه شاذ. (¬1) عزاه ابن حجر لنعيم بن حماد من طريق المطلب بن حنطب مرفوعًا، كذا رواه ابن خزيمة في "صحيحه" 1/ 89 (174) ومن الغرائب ما حكاه الشيخ أبو حامد الإسفراييني عن بعض العلماء، أنه لا يجوز النقص من الثلاث، وكأنه تمسك بظاهر الحديث المذكور، وهو محجوج بالإجماع. انظر: "الفتح" 1/ 234. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 38: إن قيل: ترجمه على العموم، استدل بالخصوص؛ لأن المراد بالحديث المذكور في صلاة الجماعة خاصة؛ لأن سائلا سأله عن ذلك فأجاب بذلك، وكذلك فسره بالفساء والضراط؛ لأنه الذي يسبق في الصلاة غالبا لا البول والغائط واللمس وزوال العقل، وجوابه: أنه أراد الاستدلال على ما هو أغلظ من الفساء أولى وأن خارج الصلاة بالطهارة أولى فأتى بلفظ حديث يعم مسألة السائل وغيرها، ثم فسره بالحديث الذي يتصور في كل السؤال غالبا.

هُرَيْرَةَ؟، قَالَ: فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ. [6154 - مسلم: 225 - فتح: 1/ 234] (باب: لا تقبل صلاة بغير طهور) في نسخة: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور" وهو بالضم الفعل، وهو المراد هنا، وبالفتح: الماء الذي يُتَطَهَّرُ به، والقبول: حصول الثواب على الفعل الصحيح، والصحة: وقوع الفعل مطابقًا للأمر، فكلُّ مقبولٍ صحيح ولا عكس، فالقبول مُستلزم للصحة دون العكس، ونفي الأخص وإن كان لا يستلزم نفي الأعم، لكن المراد بعدم القبول هنا: ما يشمل عدم الصحة؛ ليكون الحديث دليلًا على عدمهما معًا لا على عدم القبول فقط عكس خبر: "من أتى عرافًا لم تقبل له صلاة" (¬1) إذ قد يصحُّ الفعلُ، ويتخلفُّ القبولُ لمانعٍ. (عبد الرزاق) هو ابن همام. (لا تقبل صلاة من أحدث) في نسخة: "لا يقبل الله صلاةَ من أحدث". (حتَّى يتوضأ) أي: إلى أن يتوضأ، والمراد يتطهر بوضوءٍ، أو غيره، وضمير (يتوضأ) يعود على من أحدث. (حضرموت) بفتح المهملة، وسكون المعجمة، بلد باليمين (¬2)، وقبيلة أيضًا، والجزآن اسمان جُعلا واحدًا، والأول مبنى على الفتح، والثاني معرب، وقيل: مبنيان، وقيل: معربان، قال الزمخشريُّ: فيه ¬

_ (¬1) رواه مسلم (2230) كتاب: السلام، باب: تحريم الكهانة وإتيان الكهان، البخاري في "التاريخ الصغير" 2/ 59 - 60، وأحمد 4/ 68، 5/ 380. وأبو نعيم في "الحلية" 10/ 406 - 407 ترجمة: محمد بن الحسين الخشوعي. وفي "تاريخ أصبهان" 2/ 236 ترجمة: محمد بن الحسين الخشوعي. والبيهقي 8/ 138 كتاب: القسامة، باب: ما جاء في النهي عن الكهانة وإتيان الكهان، من حديث صفية. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 269 - 270.

وجهان: منع الصرف للتركيب وإضافة الأول، فيجوز معها صرف الثاني وتركه. (ما الحدث) في نسخة: "فما الحدث". (فُساء) بضم الفاءِ، والمد. (وضُراط) بضم المعجمة وآخِره مهملة، وهما ريح خارج من الدبر، لكن الثاني بصوت، والأول بدونه، والحدث وإن لم ينحصر فيهما، لكن فسره أبو هريرة بهما تنبيهًا بالأخفِّ على الأغلظ؛ أو لأنَّه جواب من سأل عن المصلي يحدث في صلاته بما يغلب، والغائط ونحوه لا يغلبان فيها، أو لأنَّ السائل كان يعلم الإحداث إلا هذين، فإنه يجهل حكمهما، وأبو هريرة يعلم ذلك منه. وفي الحديث: افتقار الصلوات كلَّها للطهارة، ولو جنازةً وعيدًا، أو طوافًا (¬1) لخبر: "الطوافُ بالبيت صلاةُ إلا أنه أُبيح فيه الكلام" (¬2)، واعلم أن آخر الحديث (حتى يتوضأ) وأن ما بعده مدرج ¬

_ (¬1) ما بعد (لو) خبر لكان المحذوفة مع اسمها، فهذا من مواضع حذفها مع اسمها والتقدير: ولو كانت الصلاة جنازة وعيدًا، ومنه حديث: "التمس ولو خاتمًا من حديد" وقول الشاعر: لا يأمنِ الدهر ذو بغي ولو ملكَا ... جنوده ضاق عنها السهل والجبل (¬2) رواه الترمذي (960) كتاب: الحج، باب: ما جاء في الكلام، وقال: وقد روي هذا الحديث عن ابن طاوس عن ابن عباس موقوفًا ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن السائب والدارمي 2/ 1165 (1889) كتاب: الحج، باب: الكلام في الطواف، وابن الجارود في "المنتقى" 2/ 87 - 88 (461) كتاب: المناسك، وأبو يعلى 4/ 467 (2599)، وابن خزيمة 4/ 222 (2739) كتاب: المناسك، باب: الرخصة في التكلم بالخير في الطواف والزجر عن الكلام السيء فيه، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 178 -

3 - باب فضل الوضوء، والغر المحجلون من آثار الوضوء

فيه (¬1)، والظاهر: أنه من همام. 3 - بَابُ فَضْلِ الوُضُوءِ، وَالغُرُّ المُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ. 136 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ، قَالَ: رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ، فَتَوَضَّأَ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ". [مسلم: 246 - فتح: 1/ 235] (باب: فضل الوضوء) بجر (فضل) بالإضافة، وبرفعه بلا إضافة خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا. (والغر المحجلون) بالرفع عطف على (باب) أو على (فضل) إن رفع، أو مبتدأ خبره: (من آثار الوضوءِ) أو محذوف، أي: يفضلون على غيرهم، والجملة معطوفة على (باب) أو ¬

_ 179 - كتاب: مناسك الحج، باب: رفع اليدين عند رؤية البيت، وفي "شرح مشكل الآثار"، كما في "تحفة الأخبار" 3/ 259 (1724) كتاب: الحج، باب: بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "الطواف بالبيت صلاة" من حديث ابن عباس، وصححه الألباني في "الإراوء" (121). (¬1) المدرج: هو ما أدخل الراوي على الأصل المروي من زيادة غيرت سياق سنده، أو متنه وذلك لغرض من الأغراض، كبيان اللغة، أو التقيد للمعنى، أو التقييد للمطلق ونحو ذلك وهو أقسام: مدرج في الإسناد: وهو إذا كانت المخالفة بسبب تغير السياق في السند. ومدرج في المتن: وهو إذا كانت المخالفة في ذات المتن، بأن يدمج موقوفًا بمرفوع في أول الحديث، أو آخره أوسطه، وسبق الإشارة إليه بتوسع في حديث رقم (3). انظر: "تدريب الراوي" 2/ 435، "نزهة النظر" ص 46، "المنهج المعتبر" ص 260.

على (فضل) إن رفع، وفي نسخة: "والغر المحجلين" بالجرِّ؛ عطف على (الوضوءِ)، ويجعل "من آثار الوضوءِ" تعليلًا لفضل المحجلين، وواو الوضوءِ (¬1) يجوز ضمُّها وفتحُها؛ لأنَّ الغرة والتحجيل نشأ عن الفعل بالماءِ، فيجوز أن ينسب إلى كل منهما. (عن خالد) هو ابن يزيد الإسكندراني. (عن نعيم) بالتصغير. (المجمر) بضم الميم الأولى، وكسر الثانية المخففة من الإجمار، وقيل: بتشديد الثانية، من التجمير. (رقيت) بكسر القافِ، أي: صعدتُ. (ظهر المسجد) أي: النبوي. (فتوضأ، فقال) في نسخة: "وتوضأ، وقال" بالواو، وفي أخرى: "توضأ، قال" بحذفها، وكلٌ منهما جواب سؤال، كأنه قيل: ماذا فعل؟ قال توضأ، قيل: وما قال: قال: كذا، وفي أخرى: "ثم توضأ، فقال"، وفي أخرى: "توضأ، فقال". (سمعت النبيَّ) في نسخة: "سمعت رسول الله" (إنَّ أمتي) أي: أمة الإجابة لا أمة الدعوة، وأصل الأمة: المجتمعون على مقصد واحد، والمراد هنا: المتوضئون منهم. (غرًّا) جمع أغر، والغرة بالضمِّ: بياضٌ في جبهة الفرس فوق الدرهم، شُبِّه به ما يكون لهم من النور في الآخرة، ويقال للأبيض أيضًا، وفلان غرة قومه أي: سيدهم. (محجلين) التحجيل: بياضٌ في قوائم الفرس، أو في ثلاث منها، أو في رجليه قلَّ أو كَثُرَ بعد أن يجاوز الأرساغ، ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين، فلا يسمى ما كان بيد، أو ¬

_ (¬1) يقصد الواو الأولى التي هي فاء الكلمة.

4 - باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن

يديْنِ، أو رِجلٍ، أو يدٍ ورِجلٍ تحجيلًا إلا بتجوز، وانتصاب "غرًّا محجلين" على الحال، ويجوز أن يكون مفعولا ثانيًا لـ (يدعون) (¬1) كما يقال: فلان يدعى ليثًا أي: يُسَمَّاهُ. (فمن استطاع) أي: قدر. (أن يطيل غرته فليفعل) قال شيخنا: هو من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -أو من قول أبي هريرة (¬2)، واقتصر في المتن على إطالة الغرَّة؛ لأنه من باب: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (¬3) [النحل: 81] وخصَّها بالذكر؛ إما لشمولها التحجيل، كما قال به كثير؛ أو لأن محلها أشرف أعضاء الوضوء، وأول ما يقع عليه النظر من الإنسان. وفي الحديث: استحباب إطالة الغرة والتحجيل، بأن يغسل في الأول مع وجهه من مقدم رأسه وعنقه زائدًا على الجزءِ الواجب وبالثاني ما فوق الواجب من اليدين والرجلين، وغايته استيعاب العضد والساق، وقيل: نصفهما. 4 - بَابُ مَنْ لَا يَتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ. 137 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، ح وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاةِ؟ فَقَالَ: "لَا يَنْفَتِلْ - أَوْ لَا يَنْصَرِفْ - حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا". [177، 2056 - مسلم: 361 - فتح: 1/ 237] (باب: لا يتوضأ من الشك) أي: لأجله، وفي نسخة: "باب من لا يتوضأ من الشك" والمراد: لا يجب ذلك. ¬

_ (¬1) والوجه الأول أَوْلَى. (¬2) "الفتح" 1/ 236. (¬3) فهذه الآية على حذف العاطف والمعطوف، والتقدير: تقيكم الحرَّ والبردَ. والتقدير في الحديث: أن يطيل غرته وتحجيله.

(حدثنا على) هو ابن عبد الله المديني. (عباد بن تميم) أي: ابن زيد الأنصاري. (عن عمِّه) أي: عم عباد، وهو عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري. (شكا) ببنائه للفاعل، وهو عبد الله بن زيد، وببنائه للمفعول وهو الرجل، فعليه الرجل مرفوع، والفاعل مجهول، وعلى الأول منصوب مفعول (شكا) والفاعل معلوم، هكذا أفهم. (يخيل) أي: يظن، أو يشتبه. (أن يجد الشيء) أي: الريح، أو نحوه خارجًا من دبره، أو قبله. (لا ينفتل أو ينصرف) بالجزم فيهما على النهي، وبالرفعِ على النفي، قال شيخنا: والشكُّ من الراوي، وكأنه من عليٍّ شيخ البخاريِّ؛ لأن الرواة غيره رووه عن سفيان بلفظ: (لا ينصرف) من غير لفظ: (شكَّ) (¬1)، وفيما قاله ردُّ على من قال: الظاهر أن الشكَّ من عبد الله بن يزيد. (حتَّى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) اقتصر على الصوت والريح؛ لوقوعهما جوابًا لمسائل عنهما، وإلا فالحكم لا يختص بهما، والمراد بالسماع والوجدان: التحقق حتَّى لو كان لا يسمع، أو لا يشم كان الحكم كذلك. وهذا الحديث أصل في قاعدة: أن اليقين لا يرفع بالشك كمن تيقَّن النكاح وشكَّ في الطلاق. ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 238.

5 - باب التخفيف في الوضوء

5 - بَابُ التَّخْفِيفِ فِي الوُضُوءِ. 138 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ صَلَّى - وَرُبَّمَا قَالَ: اضْطَجَعَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى - " ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَانُ، مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا يُخَفِّفُهُ - عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ -، وَقَامَ يُصَلِّي، فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ، عَنْ يَسَارِهِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ عَنْ شِمَالِهِ - فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ المُنَادِي فَآذَنَهُ بِالصَّلاةِ، فَقَامَ مَعَهُ إِلَى الصَّلاةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ" قُلْنَا لِعَمْرٍو إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ" قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: "رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ، ثُمَّ قَرَأَ {إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102]. [انظر: 117 - مسلم 763 - فتح: 1/ 238]. (باب: التخفيف في الوضوءِ) أي: باب جواز ذلك. (حدثنا على) في نسخة: "حدثني على". (سفيان) أي: ابن عينية. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (كريب) هو ابن أبي مسلم القرشي. (حتى نفخ) أي: من خيشومه، وهو المسمى غطيطًا. (مرة بعد مرة) قال شيخنا: يعني أن سفيان كان يحدثهم به مختصرًا وصار يحدثهم به مطوَّلًا (¬1). (عن عمرو) أي: ابن دينار. (فقام) في نسخة: "فنام". (في بعض الليل) في نسخة: "من بعض الليل". (شن) بفتح المعجمة وتشديد النون، أي: قربة خلقة. (معلق) في نسخة: "معلقة" أنث فيها الشنُّ باعتبار معناه. ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 239.

(يخففه عمرو) أي: بالغسل الخفيف مع الإسباغ. (ويقلله) أي: بالاقتصار على مرة واحدة فالتخفيف من باب الكيف، والتقليل من باب الكم، وقوله: "يخففه إلخ" مدرج (¬1) من ابن عينية. (يصلي) في نسخة؛ "فصلَّى". (نحوًا) هي دون مثل، فهي المرادة به في ما عبر به في قوله بعد أبواب: "فقمت فصنعت مثل ما صنع" مع أنه لا يلزم من إطلاق المثلية المساواة من كلِّ وجه، فلا يرد على التعبير أن حقيقة مماثلته - صلى الله عليه وسلم - لا يقدر عليها غيره. (وربما قال سفيان عن شماله) مدرج من ابن المدايني. (ثم أتاه المنادي) أي: المؤذن. (فآذنه) بالمدِّ، أي: أعلمه، وفي نسخة: "يأذنه" بلفظ المضارع بدون الفاءِ، وفي أخرى: "فناداه". (معه) أي: مع المنادي، والإيذان. (قلنا .. إلخ) من كلام سفيان. (ولا ينام قلبه) أي: ليعي الوحي إذا أوحَي إليه في المنام. (رؤيا الأنبياء وحي) رواه مسلم مرفوعًا (¬2). (ثم قرأ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102] وجه الاستدلال به: أن الرؤيا لو لم تكن وحيًا، لما جاز لإبراهيم - عليه السلام - الإقدام على ذبح ولده. ¬

_ (¬1) سبقت الإشارة إليه، انظر: حديث (3). (¬2) رواه مسلم مطولًا حديث رقم (162) كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله بلفظ مختلف، ورواه بلفظه ابن أبي عاصم في "السنة" 1/ 202 (463) موقوفًا، باب: ما ذكر من رؤية نبينا ربه تبارك وتعالى في منامه، والحاكم في "المستدرك" 2/ 431 موقوفًا، كتاب: التفسير، تفسير سورة الصافات، وقال الألباني: إسناده حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وفي سماك، وهو ابن حرب كلام يسير، وهو في روايته عن عكرمة خاصة أشد.

6 - باب إسباغ الوضوء

وفي الحديث: أن موقف المأموم الواحد عن يمين الإمام، وإن الفعل القليل لا يبطل الصلاة، وصحة صلاة الصبيِّ، وإتيان المؤذن للإمام فيخرج للصلاة، وندبية صلاة الليل والجماعة في النفل، وأن نومه - صلى الله عليه وسلم - لا ينقض وضوءه، وخبر أنه توضأ بعد النوم محمولٌ على الاحتياط، أو غيره. 6 - بَابُ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: "إِسْبَاغُ الوُضُوءِ الإِنْقَاءُ". (باب: إسباغ الوضوءِ) أي: إتمامه. (وقال ابن عمر) في تفسير الإسباغ: (إسباغ الوضوء: الإنقاء) فسره باللازم؛ لاستلزام الإتمام له عادة. 139 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الوُضُوءَ فَقُلْتُ الصَّلاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: "الصَّلاةُ أَمَامَكَ" فَرَكِبَ، فَلَمَّا جَاءَ المُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى المَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ العِشَاءُ فَصَلَّى، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا. [181، 1667، 1669، 1672 - مسلم: 1280 - فتح: 1/ 239] (عن أسامة بن زيد) أي: ابن حارثة الكلبي. (دفع) أي: أفاض. (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة) أي: من الوقوف بها بعرفات، إذ عرفة: اسم للزمان، وهو تاسع ذي الحجة، وعرفات: اسم لمكان وقوف الحاج، وقيل: هما اسم لمكان الوقوف، فلا حاجة إلى التقدير المذكور.

(بالشعب) (¬1) بكسر المعجمة، وسكون المهملة: الطريق في الجبل المعهود للحاج. (ثم توضأ) أي: بماءِ زمزم. (ولم يسبغ الوضوء) أي: خففه، بالنسبة إلى غالب عاداته؛ لإعجاله الدفع إلى المزدلفة، وفي مسلم: فتوضأ وضوءًا خفيفًا (¬2)، وقيل معناه: توضأ مرة مرة. (فقلت: الصلاة) بالنصب بمقدر (¬3) كالزم، أو أتريد؟ (فقال) في نسخة: "قال". (الصلاة أمامك) مبتدأ وخبر، والمعنى: وقت الصلاة، أو مكانها كائن قدامك. (المزدلفة) هي جمع، سميت بها؛ لأن آدم اجتمع بها مع حواء، وازدلف إليها، أي: دنا منها، وقيل: لأنها يجمع فيها بين الصلاتين، ويزدلف الناس إلى الله بالوقوف فيها (¬4). (فتوضأ) أي: بماءِ زمزم أيضًا. (فأسبغ الوضوء) قيل: إنما أسبغ هذا، وخفف ذاك؛ لأنَّ ذاك لم يرد به الصلاة، بل دوام الطهارة. (فصلّى المغرب) أي: قبل حطِّ الرحال. (أقيمت العشاءُ) بكسر العين، وبالمد، أي: صلاتها. (ولم يصل بينهما) لتحصل الموالاة بينهما، وأما إناخة الأبعر بعرة بينهما فكانت يسيرة. ¬

_ (¬1) الشعب: بكسر أوله، وقال الجوهري: بالكسر والضم: الطريق في الجبل. انظر: "معجم البلدان" 3/ 347. (¬2) "صحيح مسلم" (1280) كتاب: الحج، باب: الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة. (¬3) أي أنها مفعول به لفعل محذوف. (¬4) وقيل: سميت المزدلفة بذلك لأنه يُتقرب فيه إلى الله تعالى، أو لاقتراب الناس إلى منى بعد الإضافة عن عرفات، أو لمجيء الناس إليها في زُلَفِ من الليل، أو لأنها أرض مستوية مكنوسة، وقيل سُميت بذلك؛ لاقترابها إلا عرفات. انظر "اللسان" 3/ 1853، والقاموس 817، و"معجم البلدان" 5/ 120 - 121.

7 - باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة

7 - بَابُ غَسْلِ الوَجْهِ بِاليَدَيْنِ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ. 140 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ الخُزَاعِيُّ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ بِلالٍ يَعْنِي سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ "تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا، أَضَافَهَا إِلَى يَدِهِ الأُخْرَى، فَغَسَلَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ اليُمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ اليُسْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ اليُمْنَى حَتَّى غَسَلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً أُخْرَى، فَغَسَلَ بِهَا رِجْلَهُ، يَعْنِي اليُسْرَى" ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ. [فتح: 1/ 240] (باب: غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة) (الغرفة) بالفتح: مصدر، وبالضم: المغروف. (محمد بن عبد الرحيم) أي ابن أبي زهير البغدادي. (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا". (توضأ فغسل ... إلخ) العطف فيه من عطف المفصل، وقد بيَّن كيفية غسل الوجه على وجه الاستئناف بقوله: (أخذ غرفة من ماءٍ إلى آخره). (فمضمض) في نسخة: "فتمضمض بها". (واستنشق) ذكرهما في غسل الوجه وليسا منه؛ لكونهما في الوجه فأعطيا حكمه، والمضمضة: إدخال الماء في الفم، والاستنشاق: إدخاله في الأنف، وقد بسطت الكلام عليهما في "شرح البهجة" لما وغيره، وهما عند الشافعيِّ ومالك سنتانِ في الوضوءِ والغسل، وعند أحمد واجبان فيهما، وعند أبي حنيفة: واجبان في الغسل فقط. (فجعل بها هكذا) بيَّن هكذا بقوله: (أضافها إلى يده الأخرى)

أي: جعل الماء الذي في يده في يديه جميعًا؛ لكونه أمكن في الغسلِ. (فغسل بها) أي: بالغرفة، وفي نسخة "بهما" أي: باليدين. (ثم مسح) أي: ثم بلَّ يده فمسح. (فرش على رجله اليمنى) أي: صب عليها الماء قليلًا قليلًا، والرش: قد يراد به الغسل، كما هنا بقرينة قوله: (حتَّى غسلها) وعبَّر به؛ تنبيهًا على الأحتراز عن الإسراف؛ لأنَّ الرِجل مظنةٌ في غسلها. (فغسل بها رجله يعني: اليسرى) في نسخة: "فغسل بها يعني: رجله اليسرى" قال شيخنا: وقائل يعني اليسرى: زيد بن أسلم، أو من دونه (¬1). (يتوضأ) حكاية حالٍ ماضية، وفي نسخة: "توضأ". وفي الحديث: دليل الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة، وهو نَصُّهُ في: "الأم"، وهو يحتمل وجهين: أن يتمضمض منها ثلاثًا أولًا، ثم يستنشق منها كذلك، وأن يتمضمض ثم يستنشق ثم يفعل كذلك ثانيًا وثالثًا (¬2). وأولى الكيفيات أن يجمع بثلاث غرفات، يمضمض من كلٍّ ثم يستنشق، كما بينته مع زيادة في "شرح الروض" وغيره (¬3). ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 241. (¬2) "الأم" 1/ 105 - 106. (¬3) قال المصنف -رحمه الله تعالى-: يتمضمض من كل، ثم يستنشق أفضل من الفصل بست غرفات، أو بغرفتين يتمضمض من واحدة منهما ثلاثًا ثم يستنشق من الأخرى ثلاثًا ومن الجمع بغرفة يتمضمض منها ثلاثًا ثم يستنشق منها ثلاثًا، أو يتمضمض منها ثم يستنشق مرة، ثم كذلك ثانية وثالثة للأخبار الصحيحة في ذلك، فالسنة تتأدى بالجميع وأن الأولى أولى، وقد صحيح النووي الجمع في "مجموعه". انظر: "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 1/ 39.

8 - باب التسمية على كل حال وعند الوقاع

8 - بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ الوقَاعِ. 141 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَبْلُغُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ". [3271، 3283، 5165، 6388، 7396 - مسلم: 1434 - فتح: 1/ 242] (باب: التسمية على كل حالٍ وعند الوقاع) بكسر الواو، أي: الجماع، وهو من عطف الخاصِّ على العامِّ. (عن منصور) هو ابن المعتمر. (يبلغ به) بفتح أوله، وضم ثالثه، أي: يصل ابن عباس بالحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا من كلام كريب، أي: أنه ليس موقوفًا على ابن عباس، بل هو مسند إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإن احتمل أنه بواسطة صحابيٍّ آخر. (أتى أهله) كناية عن الجماع. (جنبنا الشيطان) أي: أبعده عنها. (ما رزقتنا) المراد به: الولد، وإن كان اللفظ أعم، ففيه: أن الولد من الرزق. (فقضي) بالبناء للمفعول أي: قُدِّر. (بينهما) أي: بين الرجل والأهل، وفي نسخة: "بينهم" بالجمع؛ نظرًا إلى معناه في الأهل. (لم يضرُّه) بضم الراءِ على الأفصح أي: لا يكون للشيطان على الولد سلطان، ولا يتخبطه الشيطان بما يضر عقلَه وبدنه، أو لا يطعن فيه عند ولادته. 9 - بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الخَلاءِ. 142 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الخَلاءَ قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ

الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ" تَابَعَهُ ابْنُ عَرْعَرَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، وَقَالَ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ "إِذَا أَتَى الخَلاءَ" وَقَالَ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ "إِذَا دَخَلَ" وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ "إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ". [6322 - مسلم: 375 - فتح: 1/ 242] (باب: ما يقول عند الخلاء) أي: عند دخوله. و (الخلاءُ) بالمد: موضع قضاء الحاجة، وهو المرحاض، والكنيف، والحش، والمرفق، وسُمِّي بالخلاءِ، لأنَّ الإنسان يخلو فيه. (دخل الخلاء) أي: أراد دخوله بقرينه الرواية الآتية في كلامه. (أعوذ بك) أي: ألوذ بك، وألتجئ. (من الخبث) بضم المعجمة والموحدة، وقد تسكن: جمع خبيث (¬1). (والخبائث) جمع خبيثة، أي: من ذكران الشياطين وإناثهم، وخصَّ الخلاء بذلك؛ لأنَّ الشياطين يحضرونه؛ لأنه ينحى فيه ذكر الله. (تابعه) أي: آدم. (ابن عرعرة عن شعبة) فابن عرعرة روى هذا الحديث عن شعبة، كما رواه آدم عنه. (وقال غندر) وهو لقب محمد بن جعفر (عن حماد) أي: ابن سلمة بن دينار الربعي. (وقال سعيد بن زيد .. إلخ) هذه الروايات وإن اختلفت لفظًا متقاربة معنًى ترجع كلُّها إلى الأخيرة، وسكت عما يقوله بعد خروجه، لأنه ليس على شرطه، وإن ¬

_ (¬1) قال الخطابي: أصحاب الحديث يرونه: الخبث، ساكنة الباء، وكذلك رواه أبو عبيد في كتابه وفسره فقال: أما الخبث: فإنه يعني الشر، والخبائث: فإنها الشياطين. قال أبو سليمان: وإنما هو الخُبُث مضمومة الباء، جمع خبيث والخبائث فإنه جمع خبيثة، استعاذة بالله من مردة الجن، ذكورهم وإناثهم وأما الخبث ساكنة فهو مصدر خَبُثَ الشيء، يخُبث خُبْثا، وقد يجعلى اسمًا أهـ انظر: "إصلاح غلط المحدثين" ص 28.

كان صحيحًا وهو كما [في] (¬1) رواية: "غفرانك" (¬2)، وفي أخرى: "الحمد لله الذي أذهب عنِّي الأذى وعافاني" (¬3)، وفي أخرى: "الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني، وامسك عليَّ ما ينفعني" (¬4)، وفي أخرى: "الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى علي منفعته، وأذهب عني أذاه" (¬5). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) رواه أبو داود (30) كتاب: الطهارة، باب: ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء، والترمذي (7) كتاب: الطهارة، باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء. وابن ماجه (3009) كتاب: الطهارة، باب: القول عن الخروج من الخلاء، وأحمد 6/ 155، ورواه البخاري في "الأدب المفرد" ص 239 (693) باب: دعوات النبي - صلى الله عليه وسلم -، والدارمي 1/ 536 (707) كتاب الطهارة، باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء، وابن الجارود (42) كتاب: الطهارة، باب: القول عند الخروج من الخلاء، وابن خزيمة 1/ 48 (90) كتاب: الطهارة، باب: القول عند الخروج من المتوضأ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" 1/ 62 - 64 (24) باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء، والحاكم في "المستدرك" 1/ 158 كتاب: الطهارة، والبيهقي 1/ 97 كتاب: الطهارة، باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء من حديث عائشة، والحديث صححه الألباني في السنن الأربعة. (¬3) رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" 1/ 60 - 61 (23) باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء، والطبراني في "الدعاء" 2/ 968 (372) باب: القول عند الخروج من الخلاء من حديث أبي ذر. وضعفه الألباني في "الإرواء" (53). (¬4) رواه الطبراني في "الدعاء" 2/ 967 - 968 (371) باب: القول عند الخروج من الخلاء. والدراقطني في "السنن" 1/ 57 - 58 كتاب: الطهارة، باب: الاستنجاء. والبيهقي 1/ 111 كتاب: الطهارة، باب: ما ورد في الاستنجاء بالتراب وقال: لا يصح وصله ولا رفعه. (¬5) رواه الطبراني في "الدعاء" 2/ 967 (370) باب: القول عند الخروج من الخلاء. وابن السني في "عمل اليوم والليلة" 1/ 65 (26) باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء عن ابن عمر.

10 - باب وضع الماء عند الخلاء

10 - بَابُ وَضْعِ المَاءِ عِنْدَ الخَلاءِ. 143 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ القَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الخَلاءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا قَالَ: "مَنْ وَضَعَ هَذَا فَأُخْبِرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ". [انظر: 75 - مسلم: 2477 - فتح: 1/ 244] (باب: وضع الماء عند الخلاء) أي: ليتوضأ به الخارج منه. (ورقاء) بإسكان الراءِ والمدِّ: ابن عمر اليشكري. (وضوء) بالفتح على الأفصح: ما يتُوضأ به. (قال) أي: بعد خروجه، في نسخة: "فقال". (فأخبر) بالبناء للمفعول، والمخبر له ميمونة؛ لأنه كان في بيتها. (اللهم فقهه) دعا له؛ سرورًا بانتباهه مع صغر سنه إلي وضع الماء عند الخلاءِ، وهو من أمور الدين، ففيه: المكافأة بالدعاءِ لمن أحسن، وخدمة العالم، وأن الأدب فيما ذكر إن يليه الأصاغر، ودلالة على إجابة دعائه - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس؛ لأنه صار فقيها أيُّ (¬1) فقيه. 11 - بَابٌ: لَا تُسْتَقْبَلُ القِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، إلا عِنْدَ البِنَاءِ، جِدَارٍ أَوْ نَحْوهِ. 144 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الغَائِطَ، فَلَا يَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ، شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا". [394 - مسلم: 264 - فتح: 1/ 245] ¬

_ (¬1) وهي أي الكمالية، وتدل على معنى الكمال، وتأتي صفةً لنكرة، أو حالًا، وهي في الحالتين ملازمة للإضافة نحو: مررت برجلٍ أي رجلٍ، وكالمثال الذي أشار إليه المصنف.

(باب: لا يستقبل) بفتح التحتية وكسر الموحدة، وفي نسخةٍ: هي هذه بضم الفوقية، وفتح الموحدة، وعلى الأولى فلام (يستقبل) مضمومة بجعل لا نافية، ومكسورة (¬1) بجعلها ناهية. (القبلة) بالنصب على الولى، وبالرفع على الثانية. (بغائط أو بولٍ) في نسخة: "بغائط ولا بول" والباءُ ظرفية، والغائط: المكان المطمئن من الأرض، كان يُقصد لقضاءِ الحاجة فيه، ثم كُنِّي به عن العذرة؛ كراهة لذكرها بخاص اسمها فصار حقيقة عرفية غلبت على الحقيقة اللُّغوية. (إلا عند البناء) استثناء من قوله: "لا يستقبل القبلة". (جدار) بدل من البناء، ولا دلالة في حديث الباب على الاستثناء المذكور، وإنَّما له خبر ابن عمر الآتي في الباب بعده، فلو ذكره هنا أولى. (أو نحوه) في نسخة: "أو غيره" أي: كالسواري والأساطين والتلال. (فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره) جعل هنا (لا) ناهية؛ لقرينة قوله: (ولا يولها) بحذف الياءِ، ويجوز رفع الأول (¬2) بجعل (لا) فيه نافية. (شرقوا أو غربوا) فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، وهذا لأهل المدينة، ومن كانت قبلتهم على سمتهم، أما من قبلته إلى المشرق، أو المغرب، فينحرف إلى الجنوب أو الشمال. ثم هذا الحديث يدل على عموم النهي في الصحاري، والبنيان، وهو مذهب أبي حنيفة وغيره، وخصَّه الشافعيُّ وغيره بالصحاري، لأخبار وردت فيه وسيأتي بعضها، وقد بينتها مع تحرير مذهب الشافعي، وما يستثنى من ذلك في "شرح البهجة" وغيره. ¬

_ (¬1) أي لالتقاء الساكنين. (¬2) لكن الجزم هنا أَوْلى؛ ليكون الكلام من باب واحد.

12 - باب من تبرز على لبنتين

12 - بَابُ مَنْ تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ. 145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ، وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ فَلَا تَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلَا بَيْتَ المَقْدِسِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَقَدْ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "عَلَى لَبِنَتَيْنِ، مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ المَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ". وَقَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي وَاللَّهِ. قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي الَّذِي يُصَلِّي وَلَا يَرْتَفِعُ عَنِ الأَرْضِ، يَسْجُدُ وَهُوَ لاصِقٌ بِالأَرْضِ. [148، 149، 3102 - مسلم 266 - فتح: 1/ 246] (باب: من تبرز) أي: تغوط جالسًا. (على لبنتين) بفتح اللام وكسر الموحدة، وبكسرها وسكون الموحدة: واحدة الطوب النّيء. (حبان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة في الموضعين. (إذا قعدت على حاجتك) ذكر القعود؛ لكونه غالبًا، وإلا فلا فرق بينه وبين القيام. (بيت المقدس) بفتح الميم، وسكون القاف، وكسر الدال، وبضم الميم، وفتح القاف، وتشديد الدال مفتوحة، الأولى على إرادة المصدر، أو المكان، أي: بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة، أو بيت مكان الطهارة، والثانية بمعنى: المطهر، وتطهره: إخلاؤه من الأصنام وإبعاده منها، أو من الذنوب، والإضافة فيه من إضافة الموصوف إلى صفته، كمسجد الجامع. (لقد) جواب قسم محذوف. (ارتقيت) أي: صعدت. (على لبنتين مستقبلًا) وكلٌّ منهما حال من (رسول الله) فالثانية حال مرادفة، أو الثاني حال من ضمير الأولى، فتكون حالًا متداخلة. (لحاجته) أي: لأجلها، أو وقتها. (وقال) أي: ابن عمر مخاطبًا واسعًا. (لعلك من الذين يصلون على أوراكهم) أي: من الجاهلين بالسنة في السجود من

13 - باب خروج النساء إلى البراز

تجافي البطن على الوركين فيه؛ إذ لو كنت ممن يعلمها لعرفت الفرق بين الفضاءِ وغيره، والفرق بين استقبال الكعبة وبيت المقدس. (فقلت) أي: قال واسع. (فقلت لا أدري والله) أي: لا أدري أنا منهم أم لا، ولا أدري السنة في استقبال بيت المقدس. (قال مالك) (¬1) في تفسير الصلاة على الورك. (يعني الذي يصلي ولا يرتفع عن الأرض، يسجد وهو لاصق بالأرض) أي: وصلاته كذلك باطلة. وفي الحديث: أن الصحابة كانوا يختلفون بحسب ما بلغهم من العموم وغيره. 13 - بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى البَرَازِ. 146 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى المَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ " فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْجُبْ نِسَاءَكَ، فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ"، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي عِشَاءً، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَويلَةً، فَنَادَاهَا عُمَرُ: أَلا قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ، حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الحِجَابُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الحِجَابِ [147، 4795، 5237، 6240 - مسلم: 2170 - فتح: 1/ 248] (باب: خروج النساءِ إلى البراز) بفتح الموحدة: الفضاء الواسع من الأرض، ويكنى به عن قضاء الحاجة، أما بكسرها: فهو الغائط، والمبارزة في الحرب. (أزواج النبي) أي: ومنهن عائشة راوية الحديث ¬

_ (¬1) "الموطأ" 1/ 193 (456) رواية يحيى.

بناءً على المرجح من أن المتكلم داخلٌ في عموم كلامه. (إذا تبرزن) أي: خرجن إلى البراز. (المناصع) بفتح الميم والنون وبصاد وعين مهملتين: مواضع خارج المدينة من جهة ناحية البقيع (¬1)، واحدها: منصع من النصوع، وهو الخلوص. (وهو) أي: ما ذكر من المناصع (صعيد) أي: تراب، أو وجه الأرض. (أفيح) بفاء ومهملة، أي: واسع. (احجب نساءك) أي: امنعهن من الخروج من البيوت. (يفعل) أي: ما قاله عمر. (زمعة) بسكون الميم أشهر من فتحها. (عشاء) بكسر العين وبالمد، والمراد به هنا: ما بين المغرب والعتمة، وهو منصوب بدلا من (ليلة). (حرصًا) مفعول له، وعامله (نادى). (ينزل) ببنائه للفاعل وللمفعول. (الحجاب) أي: حكمه. (فأنزل الله آية الحجاب) أي: بين الرجال والنساء، وفي نسخة: "فأنزل الله الحجاب" والمراد بالآية: الجنس، فيشمل آية: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ} [الأحزاب: 59]: 159]، وآية: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا} [الأحزاب: 53]، وآية: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31]، أو العهد لواحدة من الآيات الثلاث. وفي الحديث: مراجعة الأدنى للأعلى فيما لا يتبين له، وفضل عمر موافقته ربه فيما ذكر، وكلام الرجال مع النساء في الطريق؛ لمصلحة دينية، والإغلاظ في النصيحة؛ لقوله: (قد عرفناك يا سودة) والنصيحة لله ولرسوله لقوله: (احجب نساءك). ¬

_ (¬1) المناصع: هي المواضع التي تتخلى فيها النساء لبولٍ وحاجةٍ. انظر: "معجم البلدان" 5/ 202.

147 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "قَدْ أُذِنَ أَنْ تَخْرُجْنَ فِي حَاجَتِكُنَّ" قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي البَرَازَ. [انظر: 146 - مسلم: 2170 - فتح: 1/ 249] (حدثنا زكريا) هو ابن يحيى بن صالح اللؤلؤي، وفي نسخةٍ: "حدثني زكريا" (أبو أسامة) هو حماد بنُ أسامة الكوفيُّ. (قد أذن) بالبناء للمفعول. أي: أذن الله لنبيه، وفي نسخةٍ: "أذن" بدون قد، وفي أخرى: "أذن النبي". (قال هشام) إمَّا تعليق من البخاري، أو من مقول أبي أسامة. (تعني) أي: عائشة، وفي نسخة: "يعني" أي: النبيَّ. واعلم أنَّ الحديثَ السابقَ في حجابِ البيوت، وهذا ليس فيه، بل في التستر بالجلبابِ بعد نزولِ الحجاب؛ وذلك لأنَّه طرفٌ من حديثِ يأتي بطوله في التفسير (¬1) وحاصله: أن سودةَ خرجت بعد ضرب الحجابِ لحاجتها، وكانت عظيمةَ الجسمِ، فرآها عمر- رضي الله عنه - فقال: يا سودة أَمَا والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، فرجعت فشكت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو يتعشَّى، وأوحى إليه فقال: إنَّه قد أُذن لكُنَّ أنْ تخرجن لحاجتكن. أي: لضرورِة عدم الأخلية في البيوت، فلمَا اتُخِذَتْ فيها الكنفُ منعهن من الخروجِ، إلا لضرورةٍ شرعيةٍ. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4795) كتاب: التفسير، باب: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}.

14 - باب التبرز في البيوت

14 - بَابُ التَّبَرُّزِ فِي البُيُوتِ. 148 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ لِبَعْضِ حَاجَتِي، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ القِبْلَةِ، مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ. [انظر: 145 - مسلم: 266 - فتح: 1/ 250] (باب: التبرز في البيوت) أي: كيفيته. (حدثنا إبراهيم) في نسخةٍ: "حدثني إبراهيم" (أنس بن عياض) هو أبو ضمرةَ الليثي. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر بنُ حفص بن عاصم بن عمر بنُ الخطاب. (فوق ظهر بيت حفصة) في نسخةٍ: "فوق بيتِ حفصةَ"، وفي رواية سبقت: "على ظهرِ بيتٍ لنا" (¬1). ووجه الجمع بين الروايتين: أن يقال: أضاف البيتَ إلى حفصةَ باعتبارِ سكنِها فيه، وأضافه إلى نفسِه باعتبار ما آل إليه الحال؛ لأنه الوارثُ لحفصةَ؛ لكونه شقيقها، ولا حاجب له. (مستدبر القبلة) حالٌ؛ لأن إضافته لفظية، فلم يتعرف بها وفائدةُ ذكره التأكيد، وإلَّا فمستقبل الشامِ في المدينةِ مستدبُر القبلةِ قطعًا. 149 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّ عَمَّهُ، وَاسِعَ بْنَ حَبَّانَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ قَالَ: لَقَدْ ظَهَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا، فَرَأَيْتُ "رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ المَقْدِسِ". [انظر: 145 - مسلم 266 - فتح 1/ 250] ¬

_ (¬1) سبق برقم (145) كتاب: الوضوء، باب: من تبرز على لبنتين.

15 - باب الاستنجاء بالماء

- باب 141 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّ عَمَّهُ، وَاسِعَ بْنَ حَبَّانَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ قَالَ: لَقَدْ ظَهَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا، فَرَأَيْتُ "رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ المَقْدِسِ". [انظر: 145 - مسلم 266 - فتح: 1/ 250] (باب) ساقطٌ من نسخة (يعقوب بن إبراهيم) أي: ابن يوسف الدورقي. (يزيد) أي: ابن هارون. (لقد ظهرتُ) أي: علوتُ، وارتقيتُ. (ذات يومٍ) أي: يومًا، فهو من إضافةِ العامِ إلى الخاصّ، أو من إضافة المسمى إلى اسمه، أي: ظهرتُ في زمانٍ هو مسمى لفظِ اليوم وصاحبه فـ (ذات) توكيد بكل حال. 15 - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ. 150 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ، وَاسْمُهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، أَجِيءُ أَنَا وَغُلامٌ، مَعَنَا إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ، يَعْنِي يَسْتَنْجِي بِهِ". [151، 152، 217، 500 - مسلم 271 - فتح: 1/ 250] (باب الاستنجاء بالماء) هو إزالةُ الخبث، وهو الأذى عن المخرجين بالحجرِ، كما سيأتي، أو بالماءِ، وهو المذكور هنا، وأصلُه: الإزالةُ، والذهابُ إلى النجوة: وهي ما ارتفع من الأرض، كانوا يستترون بها إذا قعدوا للتخلي، وقصد البخاريُّ بهذه الترجمة: الردَّ على من كَرِهَ الاستنجاء بالماءِ، وعلى نفي وقوعه عن الشارع - صلى الله عليه وسلم -.

16 - باب من حمل معه الماء لطهوره

(هشام) في نسخة: "هو هشام". (عن أبي معاذ) بضمِّ الميم، وبذالٍ معجمة. (أجيءُ) أي: أجيئه. (وغلام) هو اسمٌ للصبي من ولادته إلى بلوغه. (معنا) بفتح العين أكثر من سكونها (¬1). (إداوة) بكسر الهمزة: المطهرة، والجملة حالٌ، وإن خلت من الواو، على حد: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36]. (من ماء) فيه تجُّوز، لأنه في الحقيقة بيانٌ لما في الإدارة، لا للإدارة، فالمعنى: إداوة مملوءة من ماءٍ، أو إداوةٌ فيها ماء [كما روي كذلك بلفظ: فانطلقت أنا وغلام من الأنصار معنا إداوة فيها ماء] (¬2) يستنجي به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (يعني) أي: أنس (يستنجي وبه) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. قال الكرماني: والظاهر أنَّ هذا من كلام عطاء (¬3). 16 - بَابُ مَنْ حُمِلَ مَعَهُ المَاءُ لِطُهُورِهِ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: "أَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالطَّهُورِ وَالوسَادِ؟ " ¬

_ (¬1) سكون العين في (مع) لغة ربيعة وغنم، يبنونها على السكون قبل متحرك، ويكسرونها قبل ساكن. واختُلف في الساكنة العين، فقيل: هي حرف جر، وقيل اسم، أمَّا (مع) المفتوحة العين فهي اسم المكان الاصطحاب، أو وقته على حسب ما يليق بالمضاف إليه، فهي ظرف لازم للظرفية لا يخرج عنها إلا إلى الجر بمن، وتقع خبرًا وصلة وصفة وحالًا. (¬2) من (م). (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 2/ 196.

(باب من حمل معه الماء لطهوره) بضم الطاء على الأفصح؛ لأنه اسمٌ للفعل، وفي نسخةٍ: "لطهور" بلا ضمير. (صاحب الفعلين) أي: ابن مسعودٍ؛ لأنَّه كان يُلبس النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نعليه إذا قام، فإذا قعد أدخلهما في ذراعيه. (والطهور) بفتح الطاءِ على الأفصح؛ لأنه اسمٌ لما يتطهر به (والوساد) بكسرِ الواو أي: المخدَّة، ويقال: الوسادة، وإنما قال أبو الدرداء ذلك؛ لأنَّه كان يسكنُ الشامَ، فيقول لأهلِ العراقِ حين يسألونه: لما لا تسألوا عبد الله، وهو بينكم بالعراقِ، وكيف تحتاجون معه، أي: إلى أهلِ الشامِ، أو إلى مثلي؟! 151 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ هُوَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، تَبِعْتُهُ أَنَا وَغُلامٌ مِنَّا، مَعَنَا إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ". [انظر: 150 - مسلم 271 - فتح: 1/ 251] (عن عطاء بن أبي ميمونة) في نسخةٍ: "عن ابن أبي معاذ هو عطاء ابن أبي ميمونة". (سمعت أنسًا) في نسخة: "سمعتُ انس بن مالك". (كان رسول الله) في نسخةٍ: "كان النبي". (إذا خرج) إذا لمحض الظرفية، فلا ينافي خرج الذي للمضي، بخلافِ ما إذا كانت شرطية، فإنَّها للاستقبالِ، إلَّا أن تكون حكايةً للحال الماضيةِ. (منَّا) أي: من الأنصار، كما روي كذلك، أو من قومنا، أو من المسلمين (¬1). وفي الحديث: خدمةُ العالمِ وحملُ ما يحتاجُ إليه، وإنَّ ذلك شرف للمتعلم؛ لأنَّ أبا الدرداء أثنى على ابن مسعود بذلك. ¬

_ (¬1) عزاه ابن حجر في "فتح الباري" 1/ 252 للإسماعيلي.

17 - باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء

17 - بَابُ حَمْلِ العَنَزَةِ مَعَ المَاءِ فِي الاسْتِنْجَاءِ. (باب حمل العَنزة مع الماء في الاستنجاء) (العنزةُ) بفتح النون: أطول من العصا وأقصر من الرمحِ وفي طرفها زجٌّ، أي: سنان من حديد كالرمحِ (¬1)، وتقدم معنى الاستنجاء. 152 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَدْخُلُ الخَلاءَ، فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلامٌ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً، يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ" تَابَعَهُ النَّضْرُ وَشَاذَانُ، عَنْ شُعْبَةَ العَنَزَةُ: عَصًا عَلَيْهِ زُجٌّ. [انظر: 150 - مسلم 271 - فتح: 1/ 252] (كان رسولُ الله) في نسخة: "كان النبيُّ". (يدخل الخلاء) المرادُ به: مكانُ قضاءِ الحاجةِ في الفضاء (وعنزة) بالنصب؛ عطفٌ على (إداوة) والغرض من حملها: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استنجى توضأ، وإذا توضأ صلَّى، فيستتر بها في صلاته، أو يدفعُ بها ما يعرض من الهوام، أو غيرها، أو ينبشُ بها الأرض الصلبة عند قضاء حاجته؛ لئلا يرتد عليه الرشاشُ. (تابعه) أي: محمد بن جعفر. (النضر) بفتح النون وسكون المعجمة: ابن شميل. (شاذان) بمعجمتين: لقبُ الأسود بن عامر، أمَّا متابعة النضر فوصلها النسائيُّ (¬2)، وأمَّا متابعة (شاذان) فوصلها البخاريُ ¬

_ (¬1) وقيل: العنزة: عصا أقصر من الرمح، وقيل: هي رُمَيْح بين العصا والرمح. قال أبو عبيد: قدر نصف الرمح، أو أكثر شيئًا فيه سِنَانَ مثل سِنَان الرمح. وقيل: في طرفه الأسفل زُجٍّ كزُجِّ الرمح يتوكأ عليها الشيخ الكبير. انظر اللسان 5/ 3128 القاموس 518. (¬2) "سنن النسائي" 1/ 42 كتاب: الطهارة، باب: الاستنجاء بالماء.

18 - باب النهي عن الاستنجاء باليمين

في الصلاةِ (¬1). (العنزة: عصا عليه زُجّ) ساقط من أكثر النسخ. 18 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ الاسْتِنْجَاءِ بِاليَمِينِ. 153 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ، وَإِذَا أَتَى الخَلاءَ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ". [154، 5630 - مسلم 267 - فتح: 1/ 253] (باب النهي عن الاستنجاء باليمين) أي: فلا يستنجي إلَّا باليسارِ؛ لأن اليمينَ لما شرُفَ وعلا، واليسارُ لما خسَّ ودنا. (حدثنا معاذ) في نسخةٍ: "حدثني معاذ". (عن أبيه) هو أبو قتادةَ، واسمه الحارث، أو النعمان، أو عمرو بنُ ربعي الأنصاريُّ (¬2). (فلا يتنفس) بجزمه مع الفعلين بعده على النهي، وبرفعه معهما؛ على النفي بمعنى النهي، والنهي في الثلاثة للتنزيه، وحكمته في الأول ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (500) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة إلا العنزة. (¬2) المشهور أن اسمه: الحارث. وجزم الواقدي، وابن الكلبي، بأن اسمه: النعمان، وقيل: اسمه: عمرو، وأبوه: ربعي هو ابن بلدمة بن خُناس بن عبيد بن غنم بن سلمة الأنصاري الخزرجي السلمي. وأمه: كبشة بنت مطهر بن حرام بن سواد بن غنم. شهد أحدًا وما بعدها، وكان يقال له فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت ذلك في حديث ورد في مسلم: "خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالنا سلمة بن الأكوع" وكانت وفاة أبي قتادة بالكوفة في خلافة علي رضي الله عنهما وعن سائر صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجمعين. انظر: "الطبقات الكبرى" 6/ 15، "المغازي للواقدي" 2/ 1222، "البداية والنهاية" 8/ 68، "الإصابة" 7/ 272 (10411).

19 - باب: لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال

المبالغةُ في النظافةِ؛ لأنه ربما يخرجُ منه ريق فيخالط المشروب، فيعافه الشارب، وربمَّا تروَّح المشروبُ من بخار ردئ بمعدتهِ فيفسده، فالسُّنَّةُ: أن يبين الإناءَ عن فمهِ ثلاثًا، مع التنفسِ كل مَّرة (¬1)، وحكمته في الأخيرين: تشريفُ اليمنى عن مماسة ما فيه الأذى، وعن استعمالهِا في إزالتِه، وربما يتذكرُ عند تناولِ الطعامِ ما باشرته يدُه من الأذى، فينفر طبُعه عن تناوله. واستُشكل النهيُ عن مسّ الذكرِ، والاستنجاءِ فيه باليمين؛ لأنه إذا استجمر باليسارِ استلزم مسَّ الذكر باليمين، وإذا مسَّ باليسارِ استلزم الاستجمارَ باليمين، وكلاهما منهي عنه، وأجيبُ عن ذلك: بأن يُمرَّ الذكر بيساره على شيءٍ يمسكه بيمينه، وهي قارة، فلا يعدّ مستجمرًا باليمين، ولا مسا للذكرِ بها، فهو كمن صبَّ الماءَ بيمينهِ على يسارهِ في الاستنجاء، ويجوزُ في سين (يمسُّ) ثلاثة أوجه: فتحها لخفته، وكسرُها على الأصلِ في تحريكِ الساكنِ، وفكِ الإدغامِ وحينئذٍ يظهرُ الجزمُ، لزوالِ مانِعه، وهو الإدغام (¬2). 19 - بَابٌ: لَا يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ إِذَا بَالَ. 154 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ". [انظر: 153 - مسلم 267 - فتع: 1/ 254] ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5631) كتاب: الأشربة، باب: الشرب بنفسين، أو ثلاثة. كان أنس يتنفس في الإناء مرتين، أو ثلاثًا، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفس ثلاثا. (¬2) لأن الإدغام لا يظهر معه الجزم.

20 - باب الاستنجاء بالحجارة

(باب لا يمسك) في نسخةٍ: "لا يمس" وفائدةُ هذه الترجمة مع ما تقدَّم معناها في الباب قبله: اختلاف الإسناد مع ما وقع في لفظ المتن من الخلافِ الآتي فيه، وخالف ترجمتي البابين مع اتحادِ مؤدي حديثيهما؛ جريًا على عادته في تعدد التراجم بتعدد الأحكامِ المجموعةِ في الحديثِ الواحدِ، كما هنا. (فلا يأخذنَّ) بنون التوكيد، وفي نسخةٍ: "فلا يأخذ" بحذفها. (ولا يستنج بيمينه، ولا يتنفَّس في الإناء) النهيُ عنهما ليس مقيدًا بما إذا بال. فالجملتانِ معطوفتانِ على الجملةِ الشرطيةِ، لا على جزاء الشرط؛ لئلا يلزم أنَّ النهيَ عن الأمرين مقيّد بما إذا بال مع أنه ليس كذلك. 20 - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالحِجَارَةِ. (باب: الاستنجاء بالحجارة) قُيد بها كالحديث؛ جريًا على الغالب، وإلَّا فالاستنجاءُ يحصل بكل طاهرٍ قالعٍ غيرِ محترمٍ، كما هو معلوم في كتب الفقه. 155 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو المَكِّيُّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: اتَّبَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَكَانَ لاَ يَلْتَفِتُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: «ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا - أَوْ نَحْوَهُ - وَلاَ تَأْتِنِي بِعَظْمٍ، وَلاَ رَوْثٍ، فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ بِطَرَفِ ثِيَابِي، فَوَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ، وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا قَضَى أَتْبَعَهُ بِهِنَّ». [3860 - فتح: 1/ 255] (أحمد بن محمد) أي: ابن عونٍ. (أتبعت) بهمزة قطعٍ رباعيًّا، أي: لحقته، وبهمزة وصلٍ خماسيًّا، أي: مشيتُ خلفه، وكذا تبع ثلاثيًّا وهذا ما في "الصحاحِ" (¬1)، ولا ¬

_ (¬1) انظر: "الصحاح" 3/ 1189، مادة "تبع".

ينافيه قولُ "المحكم": تبع واتَّبع وأتْبع بمعنى؛ لأن اتحاد المعنى بالنظر للمادة، وتفاوته بالنظرِ إلا الصيغة، كنظيره في: وفَّى، وأَوْفى، ووفي (وخرج) حالٌ بتقدير قد (¬1) (فكان) في نسخةٍ: "وكان". (فدنوت) أي: قربتُ منه؛ لأستأنس به كما في رواية، وزاد فيها "فقال: من هذا؟ " فقلت أبو هريرة (¬2). (فقال ابغني) همزة وصلٍ ثلاثيًّا، أي: اطلب لي، وبهمزة قطعٍ رباعيًّا مزيدًا فيه أي: أعني على الطلب. يقال: أبغيتك الشيء، أي: أعنتك على طلبهِ، وفي نسخةٍ: "ابغ لي". (أحجارًا) في نسخة: "حجارةً" (أستنفض) بالرفع صفةً لـ (أحجارًا) أو بالجزم؛ جوابٌ للأمر، وهو بنون وفاءٍ مكسورةٍ، وضادٍ معجمةٍ من النفض: وهو هزُّ الشيء؛ ليطير غباره، والمراد هنا: أستنظف بها، أي: أنظف نفسي بها من الحدثِ، فكنى به عن الاستجمار. (أو نحوه) بالنصب، أي: أو قال نحو هذا القول كأستنجي أو أستنظف، ففيه: جوازُ الرواية بالمعنى، ¬

_ (¬1) اختلف النحاة في وقوع الجملة الفعلية التي فعلها ماضٍ مثبت حالًا بدون (قد) على قولين: أحدهما: أنه يجوز وقوع الفعل الماضى المثبت حالًا بدون (قد) هذا مذهب الأخفش والكوفيين ما عدا الفراء. الثاني: أنه يشترط في الجملة الفعلية التي فعلها ماضٍ مثبت الواقعة حالًا اقترانها بـ (قد) ظاهرة، أو مقدرة وهذا مذهب البصريين والفراء. وقد اختار المصنف القول الثاني فجعل (قد) مقدرة مع الماضي الواقع حالًا. لكن الراجح هو القول الأول. لأن مجيء الماضى حالًا بدون (قد) كثير في لسان العرب، فلا داعي للتأويل والتقدير. (¬2) ذكره ابن حجر في "الفتح" 1/ 255 وعزاها للإسماعيلي، وقال: زاد الإسماعيلي "استأنس وأتنحنح" فقال: من هذا؟ فقلت: أبو هريرة.

21 - [باب: لا يستنجى بروث]

والشكُّ فيه من بعض رواته. (ولا تأتني) في نسخةٍ "ولا تأتيني" بياء قبل النون، وفي أخرى: "ولا تأتي" وفي أخرى: "ولا تأت لي" بلامٍ بدل النون. (بعظم ولا روث) أي: لأنهما مطعومان للجن؛ ولأنَّ العظم لزجٌ، فلا يقلع النجاسة، والروث نجس فيزيد ولا يزيل، ويؤخذ مما ذكر: أنَّ ما في معنى الحجرِ من كل طاهرٍ قالعٍ غيرِ محترمٍ يستنجى به، كما مرَّ. (بطرفِ ثيابي) أي: في طرفها. (فوضعتها) في نسخةٍ: "فوضعها". (وأعرضت) في نسخةٍ: "واعترضت". (فلمَّا قضى) أي: حاجته. (أتبعه) أي: المحلّ (بهن) أي: بالأحجار. وفي الحديث: جواز اتباعِ السادات بغيرِ أذنهمِ، واستخدامُ المتبوعِ إياهم، وندبُ الإعراضِ عن قاضي الحاجةِ، وإعدادُ المزيل للاستنجاءِ قبل القعودِ، لئلا يتلوث إذا قام بعد الفراغ لطلبهِا، ومشروعية الاستنجاء. 21 - [بَابٌ: لَا يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ]. 156 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: - لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ - وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ: "أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ" وَقَالَ: "هَذَا رِكْسٌ" وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ. [فتح: 1/ 256] (باب لا يُستنجى بروثِ) ببناء (يستنجى) للمفعول، والباب مع ترجمتهِ ساقط من نسخةٍ.

(عن أبي إسحق) اسمه: عمرو بنُ عبد الله السبيعيُّ. (قال) أي: أبو إسحق. (ليس أبو عبيدة) عامر بن عبد الله بنُ مسعود. (ذكره) أي: حدثني به. (ولكن) ذكره لي (عبد الرحمن بن الأسود) أي: لست أرويه عن أبي عبيدة، وإنما أرويه عن عبد الرحمن. (عبد الله) أي: ابن مسعود. (بثلاثة أحجار) فيه دليل على اعتبارِ الثلاثِ، وإلا لما طلبها، صرَّح به في حديثِ مسلم "لا يستنجي أحدُكم بأقلِ من ثلاثةِ أحجارِ" (¬1). (والتمست) أي: طلبت. (فلم أجده) في نسخة: "فلم أجد روثة" أي: روثة حمار، كما رواها ابن خزيمة (¬2). (فأتيته بها) أي: بالثلاثة. (هذا ركس) في نسخة: "هذه ركس" وهو بكسر الراء: الرجيع؛ لرجوعه من حال الطهارة إلى حال النجاسة، ويروى: "رجس" (¬3) بالجيم، أي: نجس، وأخذ بظاهر الحديث جماعة فاكتفوا بدون الثلاث؛ حيث وُجِدَ الإنقاءُ فالمدار عليه لا على العدد،، وأجيب: باحتمال حضور ثالث، لكن لم يعلمه، فطلب الثلاث فلمّا علمه اكتفى بالحجرين معه، وبأنه أمر عبد الله بإحضار ثالث، واكتفى في المسحات الثلاث بأطراف الحجرين عن ثالث. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (262) كتاب: الطهارة، باب: الاستطابة. (¬2) "صحيح ابن خزيمة" 1/ 39 (70) كتاب: الطهارة، إعداد الأحجار للاستنجاء. (¬3) رواه ابن ماجه (314) كتاب: الطهارة، باب: الاستنجاء بالحجارة، وابن خزيمة 1/ 39 (70) كتاب: الطهارة، إعداد الأحجار للاستنجاء. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".

وأما احتمال مسح المخرجين بالثلاث، فقد يمنع باحتمال: أن الحاجة في أحدهما فقط، وأن مسح الأرض يكفي في القبل، فالثلاثة للدبر. (وقال إبراهيم بن يوسف) أي: ابن إسحاق السبيعي. (عن أبيه) يوسف بن إسحق. (عن أبي إسحق) جد إبراهيم. (حدثني عبد الرحمن) ابن الأسود بن يزيد بالإسناد السابق. وأراد البخاريُّ بهذا التعليق الردَّ على من زعم أن أبا إسحق دلَّس هذا الخبر، وهذه متابعة ناقصة (¬1) ذكرها تعليقًا، وهي ساقطة من نسخة على أن إبراهيم هذا متكلم فيه؛ لكن يغتفر مثله في المتابعة. ¬

_ (¬1) المتابعة الناقصة، أو القاصرة: هي أن تحصل المشاركة للراوي في أثناء الإسناد؛ بخلاف المتابعة التامة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي من أول الإسناد. ومثاله: ما رواه الشافعي في "الأم" عن مالك، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين". فهذا الحديث بهذا اللفظ ظن قوم أن الشافعي تفرد به عن مالك، فعدوه في غرائبه؛ لأن أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسناد، وبلفظ: "فإن غم عليكم فاقدروا له" لكن بعد الاعتبار وجدنا للشافعي متابعة تامة، ومتابعة قاصرة، فأما التامة: فما رواه البخاري عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك بالإسناد نفسه، وفيه: "فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"، وأما الناقصة: فما رواه ابن خزيمة من طريق عاصم بن محمد، عن أبيه محمد بن زيد عن جده عبد الله بن عمر بلفظ: "فأكملوا ثلاثين" أهـ بتصرف. انظر: "تدريب الرواي" 2/ 386 - 387، "مقدمة ابن الصلاح" صـ 38 - 39.

22 - باب الوضوء مرة مرة

22 - بَابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً. 157 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً". [فتح: 1/ 258] (باب: الوضوء مرة مرة) أي: لكل عضوٍ. (مرةً مرةً) بنصبهما مفعول مطلق مبين للكمية، أو ظرف، أي: توضأ في زمان واحد. 23 - بَابٌ: الوُضُوءُ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ. 158 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ". [فتح: 1/ 258] (باب: الوضوء مرتين مرتين) أي: لكلِّ عضو. (حدثنا حسين) في نسخة: "الحسين" وفي أخرى: "حدثني حسين". (ابن عيسى) أي: ابن حُمران بضم المهملة. (حدثني فليح) في نسخة: "أخبرنا فليح" واسمه: عبد الملك. (عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم) في نسخة: زيادة "ابن محمد" بين أبي بكر وعمرو. (عن عَبّاد بن تميم) أي: ابن زيد. (عن عبد الله بن زيد) أي: ابن عبد ربه. (مرتين مرتين) في إعرابه: ما مرَّ. 24 - بَابُ: الوُضُوءُ ثَلاثًا ثَلاثًا. 159 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاثَ مِرَارٍ، فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ

ثَلاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاثَ مِرَارٍ إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [160، 164، 1934، 6433 - مسلم: 226 - فتح: 1/ 259] (باب: الوضوء ثلاثًا ثلاثًا) أي: لكلِّ عضوٍ، وفي إعرابه ما مرَّ (¬1). (دعا بإناء) أي: فيه ماء للوضوءِ. (فأفرغ على كفيه) أي: صبَّ عليهما ماءً. (ثلاث مرار) في نسخة: "ثلاث مرات". (فمضمض) أي: أدخل الماء في فيه، وفي نسخة: "فتمضمض". (واستنشق) أي: أدخل الماء في أنفه، وفي نسخة: بدل هذا "واستنثر" أي: أخرج من أنفه، وجمع بينهما في رواية (¬2)، وفي رواية أبي داود وغيره: (فتمضمض ثلاثًا واستنثر ثلاثًا) (¬3) والاستنثار: يستلزم الاستنشاق من غير عكس، وهي مأخوذة من النثرة: وهي الأنف، أو طرفه أو الفرجة بين الشاربين على الخلاف فيه، وتقديم المضمضة على الاستنشاق مستحق، وقيل: مستحب. ¬

_ (¬1) مفعول مطلق، أو ظرف. (¬2) رواه أحمد 1/ 82 - 83. والبزار في "مسنده" 2/ 111 (464) وقال: هذا الحديث بهذه الألفاظ لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بهذا الإسناد. وعبيد الله الخولاني لا نعلم أن أحدا يروي عنه غير محمد بن طلحة. وابن خزيمة 1/ 79 (153) كتاب: الطهارة، استحباب صك الوجه بالماء. وابن حبان 3/ 362 (1080) كتاب: الطهارة، باب: سنن الوضوء. وحسنه الألباني في "الارواء" (91). (¬3) "سنن أبي داود" (108) كتاب: الطهارة، باب: صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -". ورواه النسائي 1/ 701 كتاب: الطهارة، باب: صفة الوضوء. وابن ماجه (434) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في مسح الرأس. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (95) حسن صحيح.

(إلى المرفقين) تثنية مرفق، بفتح الميم وكسر الفاءِ وبالعكس، وسمي مرفقًا؛ لأنه يرتفق به في الاتكاءِ. (ثم مسح برأسه) زاد أبو داود: ثلاثًا (¬1). (ثم غسل رجليه ثلاث مرات) قال النوويُ: أجمع العلماءُ على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة، وان الثلاث سنة (¬2). وقد جاءت الأحاديثُ بالغسل مرة ومرتين وثلاثة، وبعض الأعضاءِ ثلاثًا، وبعضها مرتين، وبعضها مرة، واختلافها دليلُ جواز الكلِّ، والثلاث هي الكمال، أو يحمل الاختلاف على أن بعض الرواة حفظ، وبعضهم نسي، فيؤخذ بما زاده البقية وتثليث مسح الرأس قال به الشافعي؟ لمجيئه في خبر أبي داود (¬3)، وقياسًا على بقية الأعضاءِ، وأن رواية المسح مرة إنما هي؛ لبيان الجواز. (إلى الكعبين) هما العظمان الناتيان عند مفصل الساق والقدم. (نحو وضوئي هذا) رواه في الرقاق بلفظ: "مثل" (¬4)، وتقدم التنبيه على أن نحو دون مثل، وأن المماثلة لا يشترط فيها المماثلة من كلِّ وجه، فلا يرد على التعبير بالمثل ان وضوءه لا يقدر على مثله أحد. (لا يحدث فيهما نفسه) أي: بشيءٍ من أمور الدنيا، فلا يؤثر حديث نفسه في أمور الآخرة، ولا التفكر في معاني ما يتلوه من القرآن، ولا ما يهجم من الخطرات فيعرض عنه فهو معفوٌّ عنه؛ لعدم كسبه له الملوح له التعبير بـ (يحدث). نعم هو بلا ريب دون من سلم من ذلك، ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (107) كتاب: الطهارة، باب: صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 106. (¬3) "سنن أبي داود" (107) كتاب: الطهارة، باب: صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -. وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود". (¬4) سيأتي برقم (6433) كتاب: الرقاق، باب: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}.

كما لا يخفى. (غفر له ما تقدم من ذنبه) أي: من الصغائر دون الكبائر صرَّح به في مسلم (¬1)، وفي نسخة: "غفر الله له ما تقدم من ذنبه". 160 - وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ، وَلَكِنْ عُرْوَةُ، يُحَدِّثُ عَنْ حُمْرَانَ، فَلَمَّا تَوَضَّأَ عُثْمَانُ قَالَ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا لَوْلَا آيَةٌ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ يُحْسِنُ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّي الصَّلاةَ، إلا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاةِ حَتَّى يُصَلِّيَهَا" قَالَ عُرْوَةُ: "الآيَةَ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ} [البقرة: 159] [انظر: 159 - مسلم: 227 - فتح 1/ 261] (وعن إبراهيم) أي: ابن سعد، السابق أول الباب وهو معطوف على قوله: (حدثني إبراهيم). (ولكن عروة) أي: ابن الزبير بن العوام. (يحدث عن حمران) هذا استدراك من ابن شهاب، ويعني أن شيخه عطاء وعروة اختلفا في روايتهما عن حمران، فحدث به عطاء على صفة وقد تقدمت، وعروة على صفة وهي ما ذكرها بقوله: (فلما توضأ عثمان ... إلخ) وهو معطوف على محذوف تقديره: عن حمران: أنه رأى عثمان دعا بماء فأفرغ على كفيه إلى ان قال: إلى الكعبين، فلما توضأ قال: (إلا أحدثكم) في نسخة: "لأحدثنكم". (لولا آية) سيأتي بيانها. (ما حدثتكموه) أي: ما كنت حريصًا على تحديثكم به. (لا يتوضأ) في نسخة: "لا يتوضأنَّ" بنون التوكيد الثقيلة. (يحسن) في نسخة: "فيحسن". (إلا غفر له) أي: من الصغائر كما مرَّ. (ما بينه) أي: بين ما صلَّاه بالوضوءِ. (وبين الصلاة) أي: التي تلي ما ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (228) كتاب: الطهارة، باب: فضل الوضوء والصلاة عقبه.

صلَّاه بالوضوء. (حتَّى يصليها) أي: يفرغ منها؛ ليشمل غفران صغيرة وقعت فيها، كنظرة محرمة. وتفسير شيخنا له بالشروع فيها مخالف لظاهر اللفظ (¬1)، و (حتَّى) غايةُ لتحصيل المقدر العامل في الظرف، لا للغفران؛ إذ لا غاية له، والتقدير: إلا غفر له الذنب الذي حصل بين الصلاتين. وفائدة ذكره مع علمه مما قبله: دفع احتمال ان المراد: ما بين الوضوء وبين الشروع فيها. (قال عروة: الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا}) [البقرة: 159] زاد في نسخة: {مِنَ الْبَيِّنَاتِ}، وفي أخرى: "الآية" وهذه الآية وإن نزلت في أهل الكتاب عامة لهم ولغيرهم، لما تقرَّر من أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وعورض هذا الحديث المقيد للغفران بالصلاة بحديث أبي هريرة: "إذا توضأ العبد خرجت خطاياه" (¬2) الحديث؛ حيث أفاد أن الغفران لا يتقيد بالصلاة، وأجيب باحتمال أن يكون ذلك باختلاف الأشخاص، فربَّ متوضِّيء يحضره من الخشوع ما يستقل وضوءه بالغفران، وآخر ليس كذلك، فلا يستقل وضوؤه بالغفران إلَّا مع الصلاة الأخرى. ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 1/ 261. (¬2) رواه مسلم (244) كتاب: الطهارة، باب: خروج الخطايا مع ماء الوضوء، والترمذي (2) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في فضل الطهور، ومالك في "الموطأ" 1/ 34 (75) باب: جامع الوضوء، أحمد 2/ 303، والدارمي 1/ 560 (745) كتاب: الطهارة، باب: فضل الوضوء.

25 - باب الاستنثار في الوضوء

25 - بَابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ. ذَكَرَهُ عُثْمَانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر 159، 185] (باب الاستنثار في الوضوء) تقدم بيانه في الباب السابق ذكره أي: الاستنثار. (عثمان) أي: بن عفان. (وابن عباس) في نسخة: "وعبد الله بن عباس". (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: أن أمر بذلك، كما رواه أبو داود والحاكم من حديث ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا" (¬1). 161 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ". [162 - مسلم: 237 - فتح: 1/ 262] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. (أبو إدريس) أي: عائذ الله الخولاني. (قال: من توضأ) في نسخة: "أنه قال: من توضأ". (فليستنثر) أي: لما فيه من تنقية مجرى النَّفَسِ الذي به تلاوة القرآن؛ ولإزالة ما فيه من الثفل؛ لتصح مجاري الحروف، ولما فيه من طرد الشيطان؛ لخبر البخاري في بدء الخلق: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثًا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه" (¬2) والأمر فيه للندب، كما في الاستنشاق، ولخبر الترمذي وحسنه "من توضأ كما ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (141) كتاب: الطهارة، باب: مرتين في الاستنثار، "المستدرك" 1/ 149 كتاب: الطهارة، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (129). (¬2) سيأتي برقم (3295) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الجن وثوابهم وعقابهم.

26 - باب الاستجمار وترا

أمر الله" (¬1)، وليس في الآية ذكر الاستنثار. (ومن استجمر) أي: مسح محل النجو بالجمار: وهي الأحجار الصغار. (فليوتر) أي: بثلاث، أو خمس، أو غير ذلك، والواجب عند الشافعي ثلاث، فإن لم ينق بها وجب زيادة، واستحب الإيتار وإن حصل الإنقاء بشفع، وقيل: يجب الإيتار مطلقًا؛ لظاهر هذا الحديث، ورده الجمهور بخبر: "من أستجمر فليوتر من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج" (¬2) وحملوا هذا الخبر على الوجوب في الثلاث، وعلى الندب فيما زاد عليه، فالأمر مستعمل في حقيقته ومجازه، وهو جائز عند الشافعي - رضي الله عنه -. 26 - بَابُ الاسْتِجْمَارِ وتْرًا. 162 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ، ثُمَّ لِيَنْثُرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ". [انظر: 161 - مسلم: 237، 278 - فتح: 1/ 263] (باب: الاستجمار) أي: بالأحجار. (وترًا) حال. (إذا توضأ) أي: أراد أن يتوضأ. (فليجعل في أنفه) أي: "ماء" كما في نسخة. (ثم لينثر) بمثلثة مضمومة بعد نون ساكنة، وفي نسخة: "ثم لينتثر" بفوقية قبل المثلثة، وأراد به الاستنثار وبما قبله الاستنشاق. (فليوتر) أي: بثلاث، ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (302) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في وصف الصلاة. (¬2) رواه أبو داود (35) كتاب: الطهارة، باب: الاستتار في الخلاء. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (8).

27 - باب غسل الرجلين، ولا يمسح على القدمين

أو خمس أو سبع، أو غير ذلك كما مرَّ مع زيادة. (استيقظ) أي: تيقظ. (فليغسل يده) أي: ندبًا. (قبل أن يدخلها في وضوئه) بفتح الواو، وفي نسخة: "في الإناءِ" أي: الذي فيه ماء الوضوء. (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) أي: هل لاقت مكانًا طاهرًا أو نجسًا؟ كبثرة أو جرح، والتعليل بذلك جري على الغالب؛ إذ لو نام نهارًا، أو درى أنَّ يده لم تلق نجسًا، كأن لف عليها خرقة، أو شك في نجاستها بلا نوم، ندب غسلها أيضًا، فقد صحَ عنه - صلى الله عليه وسلم -: أنه غسل يديه قبل إدخالهما في الإناء في حال اليقظة مع تيقن طهارة يده، فندب غسلها بعد النوم، أو بعد الشك بدونه أَوْلى. 27 - بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ. 163 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا العَصْرَ، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: "وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ" مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. [انظر 60 - مسلم: 241 - فتح: 1/ 265] (باب: غسل الرجلين) زاد في نسخة: "ولا يمسح على القدمين" (حدثنا موسى) هو ابن إسماعيل التبوذكي، وفي نسخة: "حدثني موسى". (حدثنا أبو عوانة) في نسخة: "أخبرنا أبو عوانة". (يوسف بن ماهك) بكسر الهاء وفتحها منصرفًا وغير منصرفٍ. (في سفرة) أي: من مكة إلى المدينة في حجة الوداع، أو عمرة القضية، وفي نسخة: "في سفرة سافرناها". (فأدركنا) بفتح الكاف أي: لَحِقَ بنا. (وقد أرهقنا) بسكون القافِ أي: أخرنا، وفي نسخة: "أرهقتنا" بفتح القاف وبتاءٍ ساكنة أي: أدركتنا. (العصر) مفعول على

28 - باب المضمضة في الوضوء

النسخة الأولى، وفاعل على الثانية. (ويل) كلمة عذاب، أو وادٍ في جهنم، وسوغ الابتداء به مع كونه نكرة؛ لأنه دعاء وموصوف بما يأتي. (للأعقاب) أي: لأصحابها. المقصرين في غسلها، والعقب: مؤخر الرجل. (من النار) صفة لـ (ويل) وفيه: ردٌّ على الشيعة القائلين: بأن الواجب المسح؛ أخذًا بظاهر قراءة: (وأرجُلِكم) بالجر؛ إذ لو كان الفرض المسح لما توعد عليه بالنار. 28 - بَابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [انظر 140، 185] (باب: المضمضة في الوضوء) بإضافة (باب) وفي نسخة: "باب المضمضة من الوضوء" بلا إضافة (باب)، وإبدال (في) بـ "مَنَ". (قاله) أي: ما ذكر من المضمضة. (ابن عباس، وعبد الله بن زيد) علق البخاري عنهما، ذلك، وقد أسنده عن ابن عباس قبل في باب: غسل الوجه (¬1)، وعن عبد الله بن زيد بعدُ، في باب: من مضمض واستنشق (¬2). 164 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ حُمْرَانَ، مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إِنَائِهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الوَضُوءِ، ثُمَّ ¬

_ (¬1) سلف برقم (140) كتاب: الوضوء، باب: غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة. (¬2) سيأتي برقم (191) كتاب: الوضوء، باب: من مضمض واستنشق من غرفة واحدة.

29 - باب غسل الأعقاب

تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ كُلَّ رِجْلٍ ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، وَقَالَ: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [انظر: 159 - مسلم: 226 - فتح: 1/ 266] (أنه رأى عثمان) في نسخة: "عثمان بن عفان". (دعا بوضوء) بفتح الواو أشهر من ضمها. (ثم تمضمض) في نسخة: "ثم مضمض". (ثم مسح برأسه) زاد أبو داود وابن خزيمة ثلاثًا (¬1). (ثم غسل كل رجل) في نسخة: "ثم غسل كل رجله" وفي أخرى: "كل رجليه" وفي أخرى: "كلتا رجليه". (وقال) في نسخة: "ثم قال". (وصلَّى) في نسخة: "ثم صلَّى". (غفر الله له) في نسخة: "غفر له" وتقدم بيان معنى الحديث. 29 - بَابُ غَسْلِ الأَعْقَابِ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ: "يَغْسِلُ مَوْضِعَ الخَاتَمِ إِذَا تَوَضَّأَ". 165 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا وَالنَّاسُ يَتَوَضَّئُونَ مِنَ المِطْهَرَةِ، قَالَ: أَسْبِغُوا الوُضُوءَ، فَإِنَّ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ". [مسلم 242 - فتح: 1/ 267] (باب: غسل الأعقاب) أي: وما يلتحق بها مما قد يتساهل في إسباغه من الأعضاء؛ ولهذا قال: (وكان ابن سيرين يغسل موضع ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (107) كتاب: الطهارة، باب: صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن خزيمة 1/ 78 (152) كتاب: الوضوء، باب: تخليل اللحية في الوضوء. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (94).

30 - باب غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسح على النعلين

الخاتم إذا توضأ) أي: يفرده بالغسل، ومذهب الشافعي وكثير: إن كان الخاتم واسعًا يدخل الماء تحته أجزأ من غير تحريك، وإن كان ضيقًا فليحرك. (وكان يمرُّ بنا) حال من (أبي هريرة) و (يمرُّ بنا) خبر كان. (والناس يتوضئون) حال من اسم (كان) فهي مع الحال السابقة كما قال الكرماني (¬1) حالان متداخلتان، وإن احتمل أن يكونا مترادفتين. (من المطهرة) بفتح الميم أجود من كسرها: الإناء المعد للتطهير. (قال) حالٌ من فاعل سمعتُ، وفي نسخة: "فقال" بالفاءِ التفسيرية؛ لأنها تفسر (قال) المحذوفة بعد قوله: "أبا هريرة" لأن التقدير حينئذٍ: سمعت أبا هريرة قال: وكان يمرُّ بنا إلخ. وهنا احتيج إلى تقدير (قال) لأن الذات لا تسمع حتَّى اعتبر في وقوعها مفعولًا لفعلِ السماع، أن يكون مقيدًا بالقول أو نحوه، كقوله تعالى: {سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي} [آل عمران: 193] فالمراد بسمعت أبا هريرة سمعت قوله. (أسبغوا) بفتح الهمزة من الإسباغ، وهو الإتمام. (أبا القاسم) كنية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (ويل للأعقاب من النار) تقدم بيانه. 30 - بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي النَّعْلَيْنِ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ. 166 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا، قَالَ: وَمَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ: رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 1/ 216.

الأَرْكَانِ إلا اليَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلالَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْويَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا الأَرْكَانُ: فَإِنِّي لَمْ "أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إلا اليَمَانِيَّيْنِ"، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ: فَإِنِّي "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النَّعْلَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا"، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ: فَإِنِّي "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا"، وَأَمَّا الإِهْلالُ: فَإِنِّي "لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ". [1514، 1552، 1609، 2865، 5851، 1554 - مسلم: 1187، 1267 - فتح: 1/ 268] (باب: غسل الرجلين في النعلين) سيأتي بيان ذلك. (ولا يمسح على النعلين) ردَّ به ما رُوي عن علي وغيره من الصحابة أنهم مسحوا على نعالهم ثم صلَّوا، ويمكن تأويله بأنهم مسحوا عليها مع غسل أرجلهم فيها، وأمَّا حديث: مسحهما المروي في أبي داود فضعيف (¬1)، وإن سلم صحته فمؤول بما مرَّ. (عن عبيد بن جريج) بالتصغير فيهما. (رأيتك) يحتمل البصرية والعلمية. (تصنع أربعًا) أي: أربع خصالٍ. (من أصحابك) في نسخة: "من أصحابنا" والمراد: من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. (يصنعها) أي: مجتمعة، وإن كان يصنع بعضها، أو المراد: الأكثر منهم. (إلا اليمانيين) بتخفيف الياءِ، بجعل الألف عوضًا عن إحدى يائي النسب، وبتشديدها في لغة؛ بجعل الألف زائدة، وفي تعبيره بذلك تغليب، وإلا فالذي فيه الحجر الأسود عراقي؛ لأنه إلى جهة العراق ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (137) كتاب: الطهارة، باب: الوضوء مرتين، من حديث ابن عباس، والحديث حسنه الألباني إلا: مسح القدم. فقال: شاذ. انظر: "صحيح سنن أبي داود" (126).

وهما الباقيان على قواعد إبراهيم، ومن ثَمَّ خصَّ الآن بالاستلام حتَّى لو بنى البيت على قواعد إبراهيم، استلمت الأركان كلها اقتداءَ به ولهذا لما ردها ابن الزبير على القواعد استلمها. وظاهر الحديث: انفراد ابن عمر باستلام اليمانيين، وأن غيره كان يستلم الأربعة، لكن اتفق الفقهاء اليوم، كما قال الكرماني وغيره (¬1)، على أن الركنين الشاميين لا يستلمان، وإنما كان الخلاف فيه في العصر الأول بين بعض الصحابة، وبين بعض التابعين، ثم زال الخلاف. (تلبس) بفتح الموحدة. (السبتية) بكسر المهملة، وسكون الموحدة، نسبة إلى السِبْت بالكسر: وهو جلد البقر المدبوغ، وإنما اعترض على ابن عمر في ذلك؛ لأنه لباس أهل النعمة، وإنما كانوا يلبسون النعال بالشعر غير مدبوغة، وكانت المدبوغة تعمل بالطائف وغيره. (تصبغ) بتثليث الباء، أي: الثياب، وقيل: الشعر. (إذا كنت بمكة إلخ) كان يحتمل أنها ناقصة، أو تامة، و (إذا) في الموضعين تحتمل الشرطية والظرفية، أو الأولى شرطية، والثانية ظرفية، وهو الظاهر. (رأوا الهلال) أي: هلال ذي الحجة، والإهلال لغة: رفع الصوت، وسمي الهلال هلالًا؛ لرفع الصوت عند رؤيته، واصطلاحًا: رفع الصوت بالتلبية عند الدخول في الإحرام. (حتى كان يوم التروية) وهو ثامن ذي الحجة، وهو بالرفع فاعل كان فهي تامة، وبالنصب ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 1/ 218.

خبرها فهي ناقصة (¬1)، واسمها: الزمان الدال عليه السياق، وسمي يوم التروية؛ لأنهم يتروون فيه من الماء ما يستعملونه في عرفات شربًا وغيره، وقيل: لرؤية إبراهيم - عليه السلام - رؤيا ذبح ولده في ليلته، وقيل: لأنه تروى أي: تفكر في رؤياه التي رآها، ثم كان قياس ما ذكر من الأمور الأربعة أن يقول هنا. رأيتك لم تهل. (حتَّى كان يوم التروية) فيقال: إنه محذوف، والمذكور دليل عليه أو تجعل الشرطية قائمة مقامه. (ويتوضأ فيها) أي: حال كون النعل في الرجل؛ بأن يغسل غير الرجلين قبل نزعهما من النعلين، ثم الرجلين بعد نزعهما منهما، ثم يدخلهما رطبتين فيهما. (وأمَّا الصفرة، فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها) المراد: صبغ ثيابه لحديث ورد فيه في "سنن أبي داود" وقيل: صبغ شعره لما في "سنن أبي داود" وغيره أيضًا، أنه كان يصفر بها لحيته، وأجاب الأول عن هذا باحتمال: أنه كان يتطيب بها، لا أنه كان يصبغ بها (¬2). (حتَّى تنبعث به راحلته) كناية عن ابتداءِ السير في أفعال الحج وانبعاثها، واستوائها قائمة، والإحرام عند انبعاثها مذهب الشافعي ومالك واحمد، وقال أبو حنيفة: يحرم عقب الصلاة جالسًا، وهو قولٌ عندنا، وقيل يحرم من أول يوم من ذي الحجة، والخلاف في الأفضلية، والراحلة: المركب من الإبل ذكرًا، كان أو أنثى. ¬

_ (¬1) وكونها تامة هنا أظهر. (¬2) "سنن أبي داود" (429) كتاب: الترجل، باب: ما جاء في خضاب الصفرة، عن ابن عمر وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

31 - باب التيمن في الوضوء والغسل

31 - بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ وَالغَسْلِ. (باب: التيمن في الوضوءِ والغسل) أي: أخذ الماءِ فيهما باليمين، والوضوء والغسل، بالضمِّ فيهما على الأشهر: الفعل. 167 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ: "ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا". [1253، 1254، 1255، 1256، 1257، 1258، 1259، 1260، 1261، 1262، 1263 - مسلم: 939 - فتح: 1/ 269] (إسماعيل) أي: ابن علية. (خالد) هو الحذاء. (عن أم عطية) اسمها: نسيبة -بالتصغير- بنت كعب، أو بنت الحارث. (لهن) أي: لأمِّ عطية ومن معها. (في غسل ابنته) أي: زينب. (ومواضع الوضوء) إن جُوِّز العطف على الضمير المجرور (¬1)، فهو دليل التيامن في مواضع الوضوء، وإلا فيؤخذ من عموم ميامنها. ¬

_ (¬1) العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجارّ مسألة خلاف بين النحاة فقد ذهب الكوفيون ويونس وقطرب والأخفش وأبو علي الشلوبين وابن مالك وابن هشام وابن عقيل والزبيدي والسيوطي إلى جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار. واستدلوا بالسماع والقياس، ومما استدلوا به قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} وقوله تعالى: {وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وذهب البصريون وعلى رأسهم سيبويه، والمبرد، والمازني، والزجاج، وابن السراج، والسيرافي، والفارسي، وابن جنى والزمخشري، والأنباري، والجزولي، وابن معط، وابن يعيش، وغيرهم إلى منع العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجارة ولذلك تاؤَّلوا ما استشهد به الكوفيون وغيرهم. ولعل القول الراجح في هذه المسألة جواز العطف فيها، فالسماع يعضده والقياس يقويه.

168 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ، فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ". [426، 5380، 5854، 5926 - مسلم: 268 - فتح: 1/ 269] (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (يعجبه التيمن) أي: الأخذ باليمين. فيما يأتي ذكره. (في تنعله) أي: لبسه النعل (وترجله) أي: تمشيطه الشعر. (وطهوره) بضمِّ الطاءِ؛ لأن المراد: تطهره. (في شأنه كله) أي: في حاله كله، والمراد: جميع حالاته مما هو من باب التكريم، والتزيين كلُبْسِ السراويل، والخُفِّ وتقليم الأظافر، وقصِّ الشارب، نعم الكفان والخدان والأذنان يطهران دفعة واحدة. أَمَّا ما ليس من غير باب ما ذُكر، كدخول الخلاء، والخروج من المسجد فإنه باليسار، وفي نسخة: "وفي شأنه كله" بواو العطف، وهو من عطف العام على الخاص، ووجه حذف العاطف: (¬1) أنه جائز عند بعضهم حيث دلَّت عليه قرينة، أو أن (ما) بدلٌ مما قبله بدلُ اشتمال، والشرط فيه: أن يكون المبدل منه مشتملًا على الثاني أي: متقاضيًا له بوجه ما، وهنا كذلك، أو هو بدل كلٍّ من بعض (¬2) على ما جوزه ¬

_ (¬1) لا يحذف من حروف العطف حرف وحده إلا الواو، وحذفها فيه خلاف: حيث أجازه بعض النحاة واستشهدوا عليه بما حكاه أبو زيد من قولهم: أكلت لحمًا سمكًا تمرًا: وسمكًا وتمرًا، وردَّه آخرون. (¬2) بدل كل من بعض فيه خلاف بين النحاة: حيث يجيزه بعضهم، ويردُّه الجمهور، والبيت الذي استشهد به المصنف يستشهد به الذين أجازوا هذا النوع من البدل على أن (طلحة) بدل من (أعظما).

32 - باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة

بعضهم، وعليه قوله: نضر الله أعظمًا دفنوها ... بسجستان (¬1) طلحة الطلحات (¬2) أو يقدر قبله: يعجبه التيمن فتكون الجملة بدلًا من الجملة. وفي الحديث: شرف اليمين على اليسار. 32 - بَابُ التِمَاسِ الوَضُوءِ إِذَا حَانَتِ الصَّلاةُ. (¬3) وَقَالَتْ عَائِشَةُ: "حَضَرَتِ الصُّبْحُ، فَالْتُمِسَ المَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ، فَنَزَلَ التَّيَمُّمُ". (باب: التماس) أي: طلب. (الوَضوء) بفتح الواو على الأشهر. (إذا حانت الصلاة) أي: قَرُبَ وقتها. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 190. (¬2) هذا البيت منسوب لابن قيس الرقيات. والشاهد فيه: "طلحة" فإنه بدل من قوله: "أعظمًا" وهو بدل كل من بعض وهو نوع زائد عن أنواع البدل عند قوم واستدلوا له بهذا البيت، وقال السيوطي: وقد وجدت له شاهدًا في التنزيل، وهو قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} وذلك أن {جَنَّاتِ عَدْنٍ} بدل من {الْجَنَّةَ} ولا شك أنه بدل كل من بعض؛ لأن الجمع كل، والمفرد جزء إذ هو واحد منه، ويؤيده ما روى البخاري عن أنس أن حارثة أصيب يوم بدر، فقالت أمه: إن يكن في الجنة صبرت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "جنة واحدة؟ إنها جنات كثيرة" أهـ. (¬3) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 21: أراد بالحديث الاستدلال على أنه لا تجب الطهارة ولا طلب الطهر قبل دخول وقت الصلاة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليهم تأخير طلب الماء إلى حين وقت الصلاة فدل على جوازه، والله أعلم.

(حضرت الصبح) أي: صلاته. (فالتمس) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "فالتمسوا" بالبناء للفاعل، فقوله: (الماء) مرفوع على الأولى، منصوب على الثانية. (فنزل التيمم) أي آيته (¬1). وهذا التعليق وصله البخاري في كتاب: التفسير (¬2). 169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتْ صَلاةُ العَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ قَالَ: "فَرَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ". [195، 200، 3572، 3573، 3574، 3575 - مسلم: 2279 - فتح: 1/ 271] (رأيت رسول الله) في نسخة: "رأيت النبي". (وحانت صلاة العصر) حال. (فلم يجدوه) أي: الماء، أي: لم يصيبوه، وفي نسخة: "فلم يجدوا" بدون هاء. (فأُتي) بالبناء للمفعول. (بوَضوء) أي: بماء والمراد: بإناء فيه ما يتوضأ به؛ لقوله: (فوضع رسول الله لم - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الإناء يده) أي: اليمنى فيما يظهر، ولفظ: (الإناء) ساقط من نسخة. (منه) أي: من الماء الذي فيه يده المباركة (ينبع) بتثليث الموحدة، أي: يخرج، والجملة حال. (من تحت أصابعه) وفي رواية: "يفور من بين أصابعه" (¬3) وأكثر ¬

_ (¬1) وهي قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}. (¬2) سيأتي برقم (4608) كتاب: التفسير، باب: قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}. (¬3) سيأتي برقم (4152) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية.

33 - باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان

العلماء على أنه كان يخرج من نفس أصابعه، وقيل: كثر الله الماء بنفسه فصار يفور من بين أصابعه لا من نفسها، وكلاهما معجزة ظاهرة. (حتَّى توضئوا من عند آخرهم) حتى: حرف ابتداء دالة على التدريج، و (من) للبيان، أو لانتهاء الغاية (¬1) في لغة، كما قال النووي (¬2). أي: توضأ الناس من أولهم حتى انتهوا إلى آخرهم، والشخص الذي هو آخرهم منهم؛ لأن السياق يقتضي العموم والمبالغة بجعل (عند) لمطلق الظرفية بمعنى في لا لظرفية خاصة بالحضور، فكأنه قال: حتى توضأ الذين هم في آخرهم، وأنسٌ منهم أيضًا، بناءً على الأصح من أن المتكلم يدخل في عموم كلامه. وفي الحديث: استحباب التماس الماء لمن كان على غير طهارة، وطلب الإعانة له عند حاجته [ممن معه ماء فاضل عن حاجته، (¬3)، والرد على من أنكر المعجزة من الملاحدة، واغتراف المتوضِئ من الماء القليل. 33 - بَابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الإِنْسَانِ. وَكَانَ عَطَاءٌ: "لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهَا الخُيُوطُ وَالحِبَالُ. وَسُؤْرِ الكِلابِ ¬

_ (¬1) أي معنا (إلى)، ومجيء (مِنْ) لانتهاء الغاية، قال به بعض النحويين، ونُسب إلى الكوفيين. واستشهدوا عليه بقول بعض العرب شممت الريحان من الطريق، ورأيت الهلال من خلل السحاب. فـ (من) هنا لانتهاء الغاية؛ لأن الشم لم يبتدئ من الطريق والرؤية لم تبتدئ من خلل السحاب، وإنما ابتدءا من غيرها وانتهيا إليهما. (¬2) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 15/ 39. (¬3) من (م).

وَمَمَرِّهَا فِي المَسْجِدِ" وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: "إِذَا وَلَغَ فِي إِنَاءٍ لَيْسَ لَهُ وَضُوءٌ غَيْرُهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ" وَقَالَ سُفْيَانُ: "هَذَا الفِقْهُ بِعَيْنِهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَهَذَا مَاءٌ، وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ، يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ". [فتح: 1/ 272] (باب: الماء الذي يغسل به شعر الإنسان) أي: باب بيان حكمه، أهو طاهر أم لا؟ (وكان عطاء بن أبي رباح لا يرى به) أي: بالانتفاع بشعور الناس التي تحلق بعد غسلها بمنى. (بأسًا) وفي نسخة: "لا يرى بأسًا" بإسقاط به. (أن يتخذ) محله: (¬1) جُر على الأول، بدل من ضمير به، ونصبه على الثانية بدل من (بأسًا). (منها) أي: من الشعور، وفي نسخة: "منه" أي: من الشعر. (الخيوط والحبال) يفترقان بالرقة والغلظ، وأراد البخاري بكلام عطاء: الرد على من نجس شعر الإنسان بانفصاله؛ لاقتضائه تنجس الماء المنفصل معه؛ إذ لو كان نجسًا لما اتخذ منه الخيوط والحبال. (وسؤر الكلاب وممرها في المسجد) بالجرِّ فيهما؛ عطف على الماء في الترجمة، والسؤر بالهمز وبتركه على قلة: بقية مما في الإناء بعد الشرب، وفي نسخة: بعد لفظ: (في المسجد) "وأكلها" بإضافة المصدر إلى الفاعل وأكلها الشيء في المسجد، والمراد بأكلها: محله فيصير المعنى: بيان حكم الماء. . . إلخ، وحكم الثلاثة حكمها عند الشافعي أنها نجسة، لكن محله في السؤر إذا نقص عن قلتين، وفي الممر إذا لم يخل عن رطوبة، وحينئذ لا فرق في تنجسهما، بل في تنجس الثلاثة بين كونها في المسجد وغيره. (قال الزهري) هو: محمد ¬

_ (¬1) أي: المصدر المؤول.

ابن مسلم بن شهاب، كما مرَّ. (إذا ولغ) أي: "الكلب" كما في نسخة. (في إناء) أي: فيه ماء، وفي نسخة: "في الإناء" أي: الذي فيه ماء. (ليس له) أي: لمريد الوضوء. (وَضوء) بفتح الواو على المشهور. (غيره) بالرفع والنصب أي: غير ما ولغ فيه، والجملة المنفية صفة لإناءٍ على النسخة الأولى، وحال من الإناء على الثانية. (يتوضأ) جواب إذا. (به) أي: بالوضوء، وفي نسخة: "بها" أي: بالمطهرة، أي بالماء الذي فيها، وفي أخرى: "منه". (وقال سفيان) أي: الثوري. (هذا) أي: الحكم بأنه يتوضأ مما ذكر. (الفقه بعينه) أي: هو المستفاد من القرآن، كما أشار إليه بقوله: (يقول الله) وفي نسخة: "لقول الله تعالى": ({فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}) [المائدة: 6]؛ لأن قوله (ماء) نكرة في سياق النفي فتعم، وفي نسخة: "فإن لم تجدوا فتيمموا" وهي خلاف التلاوة فهو سبق قلم، أو رواه سفيان بالمعنى، ولعله كان يرى جواز ذلك. (وهذا) أي: ما ذكر، وفي نسخة: "فهذا". (ماء) أي: فتوضأ به، وتنجسه بالولوغ ليس متفقًا عليه (وفي النفس منه شيءٌ) من تتمة كلام سفيان، وإنما قاله مع أنه في القرآن، لعدم ظهور دلالته عليه عنده، أو لوجود معارض من القرآن أو غيره، فالاحتياط ما ذكره بقوله: (يتوضأ به) في نسخة: "منه". (ويتيمم) لأن الماء المشكوك فيه كالعدم، والواو بمعنى: ثم (¬1)؛ لأن التيمم بعد الوضوء قطعًا كذا قيل. ولك أن تقول من قبل الشافعي الشك مُنْتفٍ، لأن ما ولغ فيه الكلب إن بلغ قلتين فطاهر أو لا فنجس، ولو سلم الشك فالقول بأن المشكوك فيه كالعدم يقتضي ¬

_ (¬1) مجيء الواو بمعنى: ثم، كما قال به بعض النحاة وقد ردّه الجمهور.

الاقتصار على التيمم، وقد يجاب عنه: بأن المشبه لا يلزم أن يكون مساويًا للمشبه به من كلِّ وجه، والقول: بأن التيمم بعد الوضوءِ قطعًا فيه نظر؛ إذ الفرض أن الماء كالعدم. وبذلك علم أن في الجمع بين الوضوءِ والتيمم نظرًا؛ حتى زعم بعضهم: أن الأولى أن يريق ذلك الماء ثم يتيمم. 170 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبِيدَةَ "عِنْدَنَا مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَبْنَاهُ مِنْ قِبَلِ أَنَسٍ أَوْ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ أَنَسٍ" فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ عِنْدِي شَعَرَةٌ مِنْهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. [171 - فتح: 1/ 273] (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (لعبيدة) بفتح العين، وكسر الموحدة: ابن عمرو، أو ابن قيس بن عمرو السلماني بفتح السين وسكون اللام. (عندنا) أي: شيء، (من شعر النبي) فشيءٌ المقدر مبتدأ خبره: (عندنا) أو لا يقدر شيء، وتجعل (مِنْ) قائمة مقام بعض، فتكون مبتدأ (¬1). (من قبل أنس، أو من قبل أهل أنس) بكسر القاف وفتح الموحدة فيهما، أي: من جهته، أو من جهتهم. (لأن تكون عندي شعرة منه) لام (لأن تكون) لام الابتداء، والمجموع مسبوك بمصدر، وهو مبتدأ خبره: (أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها) أي: من متاعها، وفي نسخة: "أحبُّ إليَّ من كل صفراء وبيضاء" وبكلِّ حالٍ يجوز في (تكون) أن تكون تامة وناقصة بجعل (عندي) خبرها (¬2). ¬

_ (¬1) هذا القول غريب ولم يقل به أحد، إذ لم يُعهد في شيء من حروف الجر أن يكون مبتدأ أو فاعلًا إلا الكاف وحدها، أما غيرها فلا. (¬2) وهذا أولى من جعلها ناقصة.

ووجه دلالة ذلك على الترجمة: أنه لو لم يكن الشعر طاهرًا لما حفظه أنس ولما كان عند عبيدة أحبَّ إليه مما ذكر، وإذا كان طاهرًا فالماء الذي يغسل به طاهر. 171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ". [انظر: 170 - مسلم: 1305 - فتح: 1/ 273] (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا". (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (أن رسول الله) في نسخة: "أن النبيَّ". (كان أبو طلحة) هو زيد بن سهل بن الأسود الأنصاري. (أول من أخذ من شعره) هو محل دليل الترجمة؛ إذا لو لم يكن شعره طاهرًا لما أخذه وأقره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الأصل عموم الأحكام له - صلى الله عليه وسلم - ولغيره حتى تثبت الخصوصية بدليل. [باب إِذَا شَرِبَ الكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا] (باب: إذا شرب الكلب في إناءِ أحدكم فليغسله سبعًا) هذا ساقط من نسخة، وعُدِّي فيه (شرب) بفي؛ تبعًا للحديث بتضمين (شرب) معنى: ولغ. 172 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا شَرِبَ الكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا". [مسلم: 271 - فتح: 1/ 274] (قال: إذا شرب الكلب في) في نسخة: "من" بدل (في) وعليها فلا تحتاج إلى التضمين السابق، وفي ذلك دليلٌ على نجاسة بقية أعضاءِ

الكلب؛ لأن الطهارة إما عن حدث وهو منتفٍ، أو عن نجس وهو المدعي، وإذا كان فمه الذي هو أطيب أجزائه -بل هو أطيب الحيوان نكهة؛ لكثرة ما يلهث- نجسًا فبقيتها أولى، وعلى أنه لا فرق في الكلب بين المعلم وغيره، ولا بين البدوي والحضري، والسبع، كافية مع الترتيب المذكور في مسلم (¬1) للتطهير سواء اتحد الولوغ، أم تعدد من كلب، أو كلاب على الأصح عند الشافعي، ثم محل التنجيس بما ذكر إذا كان الماء دون القلتين، وإلا فلا تنجيس ما لم يتغير. 173 - [حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ رَجُلًا رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ، فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ".] [2363، 2466، 6009 - مسلم: 2244 - فتح: 1/ 278] (إسحق) هو ابن منصور بن إبراهيم الكوسج. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. (أن رجلًا) أي: من بني إسرائيل. (يأكل الثرى) بالمثلثة أي: التراب الندي. (يغرف له به) استدلَّ به البخاري على طهارة سؤر الكلب؛ لأن ظاهره أنه سقى الكلب منه. ورُدَّ بأن الاستدلال به مبنيٌّ على أن شرعَ مَنْ قبلنا شرع لنا، وفيه خلاف، ولو قلنا به لكان محله فيما لم ينسخ، ومع التسليم لا يتم الاستدلال به؛ لاحتمال أن يكون صبَّ في شيءٍ فسقاه، أو غسل خفه بعد ذلك؛ أو لم يلبسه (حتى أرواه) أي: جعله ريانًا. (فشكر الله له) أي: أثنى عليه أي: جازاه على ما أولى الكلب من ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (279) كتاب: الطهارة، باب: حكم ولوغ الكلب.

المعروف. ومحله: في كلب محترم، وعليه يحمل خبر: "في كلِّ كبدٍ حراء أجر" (¬1) قال النووي: المحترم يحصل الثواب بالإحسان إليه لا غير المحترم، كالحربي والكلب العقور، فيمتثل أمر الشارع في قتله (¬2). (فأدخله الجنة) من عطف الخاص على العام، أو الفاء تفسيريه، نحو: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 54] على تفسير التوبة بقتل النفس. 174 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَتِ الكِلابُ تَبُولُ، وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي المَسْجِدِ، فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ". [فتح: 1/ 278] (وقال أحمد بن شبيب) بفتح المعجمة وكسر الموحدة: هو ابن سعيد التيميُّ، وفي نسخة قبل هذا الباب: "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا" ومثبتها هو المسقط مما مرَّ. (يونس) هو: ابن يزيد الأيلي. (في المسجد) أي: النبوي، و (في) تنازع فيها تقبل وتدبر، على معنى أنها متعلقة بأحدهما، أو حال من فاعله. (فلم يكونوا يرشون) في نسخة: "فلم يكن يرشون"، وفي أخرى: "فلم يرشوا"، وفي الأوليين: مبالغة ليست في الثالثة، كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} [الأنفال: 33] حيث لم يقل: وما يعذبهم، وكذا في لفظ: الرش حيث اختاره على لفظ: الغسل؛ لأن ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (3686) كتاب: الأدب، باب: فضل صدقة الماء، وأحمد 4/ 175، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 1/ 276 (1032، 1031)، والطبراني 7/ 131 (6598). من حديث سراقة بن جعشم، والحديث صححه الألباني: انظر: "صحيح ابن ماجه". (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 14/ 241.

الرش ليس فيه جريان الماء، بخلاف الغسل، فإنه يشترط فيه الجريان، فنفي الرش أبلغ من نفي الغسل، وقوله: (شيئًا) عام؛ لأنه في سياق النفي، وكلُّ ذلك للمبالغة في طهارة سؤر الكلب؛ إذ في مثل هذه الصورة الغالب أن لعابه يصل إلى بعض أجزاء المسجد. وأجيب: بأن طهارة المسجد متيقنة، وما ذُكِرَ مشكوك فيه، واليقين لا يُرفع بالشك، ثم إن دلالته لا تعارض دلالة منطوق الحديث الوارد بالغسل من ولوغه. 175 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ المُعَلَّمَ فَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِذَا أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ" قُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ؟ قَالَ: "فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبٍ آخَرَ". [2054، 5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5486، 5487، 7379 - مسلم 1929 - فتح: 1/ 279] (حفص بن عمر) أي: ابن الحارث بن سَخْبرة النمري. (سألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: عن حكم صيد الكلاب. (فقال) في نسخة: "قال". (المعلم) هو: الذي ينزجر بالزجر، ويسترسل بالإرسال ولا يأكل منه، وتكرر ذلك منه مرارًا بحيث يغلب على الظنِّ تأدبه بها ويرجع في ذلك لأهل الخبرة، وقيل: يشترط ثلاث مرات، ولا فرق في ذلك بين الأسود وغيره، خلافًا للإمام أحمد: حيث منع صيد الأسود محتجًا بأنه شيطان. (فقتل) أي: الصيد، وخرج بقتله ما فيه حياة مستقرة، فلا بد من ذكاته. (فإنما سميت على كلبك ولم تسَمِّ على كلبٍ آخر) ظاهره: وجوب التسمية، حتى لو تركها ولو سهوًا لم تحلّ، وهو قول الظاهرية، وقال الحنفية والمالكية: يجوز تركها سهوًا لا عمدًا، واحتجوا

بالحديث، وبقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] وقال الشافعية: إنها سنة فلو تركها عمدًا، أو سهوًا حلَّ، وأجابوا عن ذلك: بحديث البخاري عن عائشة: قلت: يا رسول الله، إن قومًا حديثو عهد بجاهلية أتونا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه، أم لم يذكروا، أنأكل منه أم لا؟ فقال: "اذكروا اسم الله وكلوا" (¬1)، فلو كان واجبًا لما جاز الأكل مع الشك، وأما النهي في حديث ابن حاتم: فمحمول على كراهة التنزيه [كما حمل الأمر في حديث أبي ثعلبة: "ما صدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله] (¬2) ثم كل" (¬3) على الندب، وأما الآية: ففسر الفسق فيها بما أُهل لغير الله به، ووجه بأن قوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]، ليس معطوفًا؛ لأن الجملة الأولى: فعلية إنشائية، والثانية: خبرية (¬4)، ولا يجوز أن يكون جوابًا لمكان الواو فتعين كونها حالية، فيتقيد النهي بحال كون الذبح فسقًا، والفسق في الذبيحة يفسر في القرآن بما أُهِلَّ لغير الله به، فتكون الآيةُ دليلًا لنا لا علينا. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7398) كتاب: التوحيد، باب: السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها. (¬2) من (م). (¬3) سيأتي برقم (5478) كتاب: الذبائح والصيد، باب: صيد القوس. (¬4) اختلف النحاة في عطف الخبرية على الإنشائية وبالعكس، على قولين: أحدهما: - أنه ممتنع، وهذا مذهب الزمخشري، وابن عصفور، وابن مالك، وهشام، والسيوطي، والبيانيين. الثاني: أنه جائز. وهذا مذهب جماع، منهم الملقى، والصفار. واستدل هؤلاء على جوازه بقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} وقوله: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا} فكل منهما إنشائية عُطفت على ما قبلها وهي خبرية. ومرجع الخلاف بين القولين السابقين خلافهم في اشتراط التناسب بين الجملتين المتعاطفتين فمن اشترط التناسب منع هذا العطف، وهم أصحاب القول الأول، ومن لم يشترط التناسب فقد أجازه وهم أصحاب القول الثاني.

34 - باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين: من القبل والدبر

34 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلا مِنَ المَخْرَجَيْنِ: مِنَ القُبُلِ وَالدُّبُرِ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ} [النساء: 43] وَقَالَ عَطَاءٌ: - فِيمَنْ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ الدُّودُ، أَوْ مِنْ ذَكَرِهِ نَحْوُ القَمْلَةِ - "يُعِيدُ الوُضُوءَ" وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: "إِذَا ضَحِكَ فِي الصَّلاةِ أَعَادَ الصَّلاةَ وَلَمْ يُعِدِ الوُضُوءَ" وَقَالَ الحَسَنُ: "إِنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ، أَوْ خَلَعَ خُفَّيْهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ" وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "لَا وُضُوءَ إلا مِنْ حَدَثٍ" وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَرُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ، فَرَكَعَ، وَسَجَدَ وَمَضَى فِي صَلاتِهِ" وَقَالَ الحَسَنُ: "مَا زَالَ المُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِي جِرَاحَاتِهِمْ" وَقَالَ طَاوُسٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَطَاءٌ، وَأَهْلُ الحِجَازِ لَيْسَ فِي الدَّمِ وُضُوءٌ وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَبَزَقَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى دَمًا فَمَضَى فِي صَلاتِهِ " وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَالحَسَنُ: "فِيمَنْ يَحْتَجِمُ: لَيْسَ عَلَيْهِ إلا غَسْلُ مَحَاجِمِهِ " (باب: من لم ير الوضوء) أي: واجبًا من مخرج من مخارج البدن، كمخرج الفصد والحجامة. (إلا من المخرجين: القبل والدبر) بجرهما بدل، أو عطف بيان، والقصرُ في ذلك: قصر إفراد أي: الوضوء واجب من الخارج من القبل، أو الدبر دون الخارج من غيرهما من البدن، لا قصر مطلق؛ إذ للوضوء موجبات أخر، كالمسِّ واللَّمس.

(لقوله) في نسخة: "وقول الله تعالى": {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] هو في الأصل: المكان المطمئن من الأرض تُقضى فيه الحاجة، سُمِّي باسمه الخارج؛ للمجاورة، ووجهُ دلالة الآية على القصر الإفرادي: التقييدُ فيها بالغائط. (وقال عطاء) أي: ابن أبي رباح. (فيمن يخرج من دبره الدود، أو من ذكره نحو: القملة) أي: من الأشياء النادرة. (يعيد الوضوء) هذا التعليق وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح (¬1) وما قاله هو مذهب الشافعي، وكثير، وقال الإمام مالك: لا وضوء فيه (¬2). (وقال جابر. . . إلخ) وصله الدارقطني (¬3)، وما ذكره هو مذهب الشافعي وكثير أيضًا، وقال أبو حنيفة: يعيد الوضوء أيضًا. (وقال الحسن) أي: البصري. (إن أخذ من شعره. . إلخ) وصل الأولين منه ابن المنذر بإسناد صحيح، والثالث منه ابن أبي شيبة كذلك (¬4)، وما ذكره في الثلاثة هو مذهب الشافعي وغيره على خلافٍ فيه. (أو خلع خفيه) أي: أو أحدهما. (وقال أبو هريرة: لا وضوء إلا من حدث) وهو الناقض للطهارة، وهذا متفق عليه، والمراد: لا وضوء واجب، وإلا فالوضوء يشرع من غير حدث. (ويذكر عن جابر إلخ) تعليق بصيغة التمريض، لنه بعض ¬

_ (¬1) "المصنف" لابن أبي شيبة 1/ 43 كتاب: الطهارات، باب: في إنسان يخرج من دبره الدود. (¬2) ذكره ابن حزم في "المحلى" 1/ 264، وابن قدامة في "المغني" 1/ 111. (¬3) "سنن الدارقطني" 1/ 172 (50) كتاب: الطهارة، باب: أحاديث القهقهة في الصلاة. (¬4) "المصنف" لابن أبي شيبة 1/ 188 كتاب: الطهارة، باب: من كان يقول لا يغسل قدميه.

حديث وصله ابن خزيمة في "صحيحه" وأبو داود (¬1) (فرمي رجل) هو عباد بن بشر. (فنزفه الدم) بفتح الزاي، أي: خرج منه كثيرًا. (ومضى في صلاته) أي: فلم يقطعها؛ لاشتغاله بحلاوتها عن مرارة ألم الجرح، وفيه ردٌّ على الحنفية القائلين بنقض الوضوءِ إذا سال الدمُ، لكن يشكل عليه الصلاة مع وجود الدم في بدنه، أو ثوبه المستلزم لبطلان الصلاة بالنجاسة. وأجيب: باحتمال عدم إصابة الدَّم لهما، أو إصابة الثوب فقط، ونزعه عنه في الحال، ولم يَسِلْ على بدنه إلا مقدار ما يُعفى عنه. (ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم) بكسر الجيم، أي: يصلون فيها، وإن سال دمها بقدر ما يعفى عنه. (وقال طاوس) اسمه: ذكوان بن كيسان اليماني. (ومحمد بن علي) أي: ابن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي التابعي. (وعطاء) أي: ابن أبي رباح. (وأهل الحجاز) أي: كسعيد بن المسيب، وسعيد بن جُبير، والفقهاء السبعة، ومالك، والشافعي، وغيرهم. وهو من عطف العام على الخاص؛ لأن الثلاثة قبله حجازيون أيضًا، وأثر كلٍّ من الثلاثة موصول (ليس في الدم وضوء) أي: وإن سال، خلافًا لأبي حنيفة في السائل. (بثرة) بسكون المثلثة: خراج صغير يخرج في البدن، وفعله: بثر بتثليث المثلثة. (فخرج منها الدم ولم يتوضأ). في نسخة: "دم" وفي أخرى: "الدم فلم" وهذا الأثر وصله ابن ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (198) كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من الدم. وصحيح ابن خزيمة 1/ 24 (36) كتاب: الوضوء، جماع أبواب الأفعال اللواتي لا توجب الوضوء. كلاهما عن جابر، والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".

أبي شيبة بإسناد صحيح (¬1). (وبزق) بالزاي، ويقال: بالسين والصاد. (ابن أبي أوفَى) هو عبد الله الصحابي ابن الصحابي. (دمًا) أي: وهو يصلى. (فمضى في صلاته) وصله ابن أبي شيبة بإسناد جيد (¬2) ولا حجة فيه على الشافعي؛ إذ ليس فيه أنه علم في الصلاة بالدمِ، ولا أنه لم يعدها. (وقال ابن عمر، والحسنُ فيمن يحتجم) في نسخة: "فيمن احتجم". (ليس عليه إلا غسل محاجمه) أي: لا الوضوء خلافًا للحنفية، وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة (¬3). في نسخة: "ليس عليه غسل محاجمه" بإسقاط إلا، والأُولى هي الشائعة، والمحاجم: جمع محجمة، بفتح الميم: موضع الحجامة هنا لا قارورتها. 176 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَزَالُ العَبْدُ فِي صَلاةٍ مَا كَانَ فِي المَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ مَا لَمْ يُحْدِثْ" فَقَالَ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ: مَا الحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: الصَّوْتُ يَعْنِي الضَّرْطَةَ. [445، 477، 647، 648، 659، 2119، 3229، 4717 - مسلم: 362 - فتح: 1/ 282] (حدثنا سعيد) في نسخة: "عن سعيد". (قال: قال النبيُّ) في نسخة: "قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". (لا يزال العبد في صلاة) أي: في ثوابها لا حقيقتها، وإلا لامتنع عليه الكلام ¬

_ (¬1) "المصنف" 1/ 128 كتاب: الطهارات، باب: من كان يرخص في الدم ولا يرى فيه وضوءًا. (¬2) "المصنف" 1/ 117 كتاب: الطهارات، باب: الصفرة في البزاق فيها وضوء أم لا؟ (¬3) "المصنف" 1/ 47 كتاب: الطهارات، باب: من كان يتوضأ إذا احتجم.

ونحوه، ونكر: (صلاة)؛ للتنويع، أي: تلك الصلاة التي ينتظرها (ما كان) في نسخة: "ما دام"، و (ما) مصدرية ظرفية. (ينتظر) خبر كان، أو حال، و (في المسجد): الخبر. (أعجمي) هو من لا يفصح ولا يبين كلامه، ولو كان من العرب، فلا ينافي ما سبق أنه من حضرموت، أما العجمي فنسبة للعجم، وهم خلاف العرب، ففرق بين الأعجمي والعجمي. 177 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا". [انظر: 137 - مسلم: 361 - فتح: 1/ 283] (أبو الوليد) اسمه: هشام بن عبد الملك الطيالسي. (ابن عيينة) في نسخة: "سفيان بن عيينة". (عن عمه) عبد الله بن زيد المازني. (لا ينصرف) أي: المصلي عن صلاته. (حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) تقدم بيانه. 178 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: "فِيهِ الوُضُوءُ" وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ. [انظر: 132 - مسلم: 303 - فتح: 1/ 283] (فاستحييت أن أسأل) أي: عن حكم المذي. (المقداد بن الأسود) نسبته إلى الأسود مجاز؛ لكونه تبناه أو حالفه، وإلا فأبوه في الحقيقة: ثعلبة البهراني. (فيه الوضوء) أي: لا الغسل. (ورواه) في نسخة: "رواه". (عن الأعمش) هو: سليمان بن مهران.

179 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ فَلَمْ يُمْنِ، قَالَ عُثْمَانُ "يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ" قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. [292 - مسلم: 347 - فتح: 1/ 283] (سعد بن حفص) هو أبو محمد الطلحي بمهملتين. (شيبان) هو ابن عبد الرحمن، أبو معاوية النحوي. (عن يحيى) أي: ابن كثير البصري. (عن أبي سلمة) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف التابعي. (قلت) فيه التفات من الغيبة إلى التكلم؛ لقصد حكاية لفظه بعينه، كما قال: أنا الذي سمتني أمي حيدرة (¬1). وكان الأصل أن يقال هنا: قال: وثمَّ سمته أمه. (أرأيت) [أي: أخبرني ومفعوله محذوف، أي: قوله: إنه يتوضأ. (إذ جامع فلم يمن)] (¬2) بضم الياءِ، وسكون الميم، وهو الرواية واللغة الفصيحة، وقد تفتح الباء، وقد تضم، وتفتح الميم، وتشدد النون، فإنه يقال: أمنى ومنى ومنّي بمعنى، والأول أشهر وأفصح. (ويغسل ذكره) أي لتنجسه بالمذي، فيغسل ما تنجس منه عند الشافعي، وجميعه عند مالك. (سمعته) أي: ما ذكر. (فأمروه) أي: أمر الصحابة المُجامعَ الذي لم يمن (بذلك) أي: بأن يتوضأ. وفي الحديث: وجوب الوضوءِ على من جامع ولم يمن لا الغسل، لكنه منسوخ، وقد أجمعت الأمة على وجوب الغسل بعد أن ¬

_ (¬1) رجز منسوب للإمام علي. (¬2) من (م).

كان في الصحابة من لا يوجب الغسل إلا بالإنزال، كعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام. 180 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَجَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ"، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أُعْجِلْتَ أَوْ قُحِطْتَ فَعَلَيْكَ الوُضُوءُ" تَابَعَهُ وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَلَمْ يَقُلْ غُنْدَرٌ، وَيَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ الوُضُوءُ. [مسلم: 345 - فتح: 1/ 284] (إسحاق) هو ابن منصور، في نسخة: "إسحق بن منصور". (عن الحكم) بفتح الحاءِ والكاف، أي: ابن عتيبة، مصغر عتبة الباب. (إلى رجل) هو على الراجح: عتبان، بكسر المهملة وبالفوقية والموحدة: ابن مالك الأنصاري. (ورأسه) أي: شعر رأسه. (يقطر) أي: ينزل الماء منه قطرة قطرة، وإسناد القطر للرأس مجاز مثل: سال الوادي. (لعلنا) لعلَّ هنا: لإفادة التحقق لا للترجِّي (¬1)، وإلا لما احتاجت لجواب (أعجلناك) أي: عن فراغ حاجتك من الجماع. (فقال) في نسخة: "قال". (نعم) أي: أعجلتني: (أُعجلت) بضم الهمزة وكسر الجيم، وفي نسخة: "عجلت" بضم العين، وكسر الجيم المخففة وفي أخرى: "عجلت" بضم العين، وكسر الجيم المشددة. ¬

_ (¬1) جعل المصنف (لعل) هنا للتحقيق، وجعلها الكوفيون -وتبعهم ابن مالك- للاستفهام، ومنه عندهم قوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)} وجعله البصريون خطأ. وقالوا: هي في الحديث للإشفاق، وفي الآية للترجي.

(أو قحطت) بضم القاف، وكسر الحاءِ، وفي نسخة: "قحطت" بفتحهما، وفي أخرى: "أقحطت" بفتح الهمزة وضمها على البناء للفاعل، أو المفعول، والإقحاط: عدم إنزال المني، استعارة من قحوط المطر، وهو انحباسه، وقحوط الأرض: وهو عدم إخراجها النبات، ويقالُ: قحط القوم وأقحطوا، بالبناء للفاعل، أو للمفعول، أي: أصابهم القحط، وأو للشك (¬1) من الراوي؛ أو لتنويع، الحكم من النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: سواء كان عدم الإنزال بأمر خارج عن ذات الشخص، أو من ذاته. (فعليك الوضوء) بالرفع: مبتدأ وخبر مقدم وبالنصب على المفعولية؛ لأن عليك اسم فعل بمعنى: الزم، والمعنى: فعليك الوضوء لا الغسل، وتقدم أن نفي وجوب الغسل منسوخ. (تابعه) أي: النضر. (وهب) أي: ابن جرير. (قال) أي: وهب. (حدثنا شعبة) في نسخة: "عن شعبة". (قال أبو عبد الله) أي: البخاري، وهذا ساقط من نسخة. (ولم يقل غندر) أي: محمد بن جعفر. (ويحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن شعبة: الوضوء) أي: ولم يقل غندر ويحيى في روايتهما هذا الحديث عن شعبة لفظ: الوضوء، بل قالا: فعليك فقط، كذا ذكره الكرماني (¬2)، وتعقبه شيخنا بأن ذلك مسلم في يحيى، وأما غندر فذكر الوضوء (¬3)، كما أخرجه أحمد وغيره عنه بلفظ: "فلا غسل عليك، عليك الوضوء" (¬4) ¬

_ (¬1) (أو) لها ثمانية معانٍ: الشك والإبهام، والتخيير، والإباحة، والتقسيم، والإضراب، ومعنى الواو، ولا. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 2/ 20. (¬3) "الفتح" 1/ 285. (¬4) سيأتي برقم (180) كتاب: الوضوء باب: من لم ير الوضوء إلا من المخرجين. رواه مسلم (345) كتاب: الحيض، باب: إنما الماء من الماء. وأحمد 3/ 21.

35 - باب: الرجل يوضئ صاحبه

35 - بَابٌ: الرَّجُلُ يُوَضِّئُ صَاحِبَهُ. 181 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَفَاضَ مِنْ عَرَفةَ عَدَلَ إِلَى الشِّعْبِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي؟ فَقَالَ: "المُصَلَّى أَمَامَكَ". [انظر: 139 - مسلم 1280 - فتح: 1/ 285] (¬1). (باب: الرجل يوضِّئ صاحبه) ذكر الرجل مثال، فمثله: المرأة، والخنثى. (حدثنا محمد بن سلام) بالتخفيف على الصحيح، وفي نسخة: "حدثني محمد بن سلام"، وفي أخرى: "حدثنا ابن سلام" (عن يحيى) هو: ابن سعيد. (لما أفاض) أي: رجع، أو دفع من عرفة، تقدم بيانه. (قال أسامة) أي: ابن زيد. (ويتوضأ) أي: وهو يتوضأ، فالجملة حال. (فقال) في نسخة: "قال". (المصلَّى) بفتح اللام: مكان الصلاة. (أمامك) أي: قدامك. وفي الحديث: جواز الاستعانة في الوضوء، وهو دليل الترجمة، لكن إن كانت الاستعانة بإحضار الماءِ فلا كراهة ولا خلاف الأولى، أو بغسل الأعضاء فمكروهة، إن لم تكن حاجة، أو بالصب، فالأولى ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 39: استدل بحديث أسامة وبغيره على جواز الصب على المتوضئ وإذا جاز ذلك جاز أن يوضئه إذا نوى المعان بجامع ما بينهما من جواز الإعانة فكما جاز الصب عليه جاز أن يوضئه لأن مقصود الطهارة حاصل، والله أعلم.

36 - باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره

تركه في حقنا؛ لأنه ترفه لا يليق بالمتعبد في حقه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لا يفعله لبيان الجواز. وأما حديث: "أنا لا أستعين في وضوئي بأحد" فقال النووي في "مجموعه": إنه باطل لا أصل له (¬1). 182 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، يُحَدِّثُ عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وَأَنَّهُ ذَهَبَ لِحَاجَةٍ لَهُ، وَأَنَّ مُغِيرَةَ "جَعَلَ يَصُبُّ المَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَمَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ". [203، 206، 363، 388، 2918، 4421، 5798، 5799 - مسلم: 274 - فتح: 1/ 285] (وأن مغيرة) في نسخة: "وأن المغيرة". (جعل) أي: طفق. (يصب الماء عليه) في نسخة: "يصب عليه". (فغسل وجهه. . إلخ) الفاء تفصيلية، وأتى بمدخولها ماضيًا؛ لأنه الأصل، وبما قبلها مضارعًا؛ لحكاية الحال الماضية. (ومسح على الخفين) بين به جواز المسح عليهما دون أحدهما، وعدى (مسح) بعلى دون حرف الإلصاق (¬2)؛ نظرًا إلى معنى الاستعلاء، وأعاد لفظ: (ومسح) دون لفظ: (غسل)؛ لأن المراد: بيان تأسيس قاعدة المسح، بخلاف الغسل، فإنه تكرير لسابق، وهو تقرير حكمه في القرآن. 36 - بَابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: "لَا بَأْسَ بِالقِرَاءَةِ فِي الحَمَّامِ، وَبِكَتْبِ الرِّسَالَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ" وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ ¬

_ (¬1) "المجموع" 1/ 382. (¬2) حرف الإلصاق هو الباء.

إِبْرَاهِيمَ: "إِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ إِزَارٌ فَسَلِّمْ، وَإِلَّا فَلَا تُسَلِّمْ". [فتح: 1/ 286] (باب: قراءة القرآن بعد الحدث) أي: الأصغر. (وغيره) أي: غير الحدث من مظانه، كالحمام، وقيل: الضمير عائد على القرآن، أي: وغير القرآن من ذكر وسلام وغيرهما بعد الحدث. (منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد النخعي. (بالقراءة) أي: للقرآن، أو الحديث. (في الحمام) كلام يقتضي عدم كراهة القراءة في الحمام، وهو ما نقله في "أذكاره" عن الأصحاب، وقال أبو حنيفة بكراهته فيه؛ لأن حكمه حكم بيت الخلاء. (وبكتب الرسالة) أي: ولا بأس به والكاتب. (على غير وضوء) وإن كان الغالب في الرسائل قرآن وذكرٌ، وفي نسخة: "ويكتب" بلفظ المضارع. (وقال حماد) أي: ابن سليمان، شيخ أبي حنيفة. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (إن كان عليهم) أي: على داخلي الحمام. (إزار) وهي ما يلبس في النصف الأسفل. (فسلِّم) زاد في نسخة: "عليهم". (وإلا) بأن لم يكن عليهم إزار. (فلا تسلم) عليهم إما إهانة لهم؛ لكونهم على بدعة؛ أو لأن في ذلك تلفظًا بالسلام، وفيه: ذكر الله، لأن السلام من أسمائه تعالى؛ أو لأن لفظ: سلام عليكم من القرآن. 183 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ خَالَتُهُ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الوسَادَةِ " وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ

العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ بِأُذُنِي اليُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى أَتَاهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ". [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 1/ 287] (حدثنا إسماعيل) ابن أبي أويس الأصبحي. (فاضطجعتُ) أي: وضعت جنبي بالأرض، وكان الظاهر أن يقول: فاضطجع مناسبة لبات، أو يقول: بت مناسبة لاضطجعت، إلا أنه تفنن في الكلام تفننًا يرجع إلى الالتفات، أو يقدر قال: (فاضطجعت). (في عرض الوسادة) بفتح العين، وحكي: ضمها، والوسادة: المخدة. (حتى إذا انتصف الليلُ) في نسخة: "حتى انتصف الليلُ". (أو قبله) أي: قبل انتصافه، وهو: ظرف لاستيقظ، كإذا إن جُعلت لمجرد الظرفية، أي: استيقظ وقت الانتصاف أو قبله، فإن جُعلت شرطية فمتعلق بفعل مقدر، أو كان قبله. و (استيقط) جواب الشرط، فهو في الأول معطوف على [إذا، وفي الثاني:] (¬1) عامله على: (انتصف الليل). (فجلس) في نسخة: "فجعل". (يمسح) حال على الأول، وخبر على الثاني. (النوم) أي: أثره، وهو: ارتخاء الجفون به؛ لأن النوم لا يمسح، فهو من باب إطلاق المسبب على السبب. (عن وجهه) أي: عن عينيه، فهو من ¬

_ (¬1) من (م).

إطلاق اسم المحل على الحال. (بيده) أراد الجنس، والمراد: بيديه. (العشر الآيات) من إضافة الصفة للموصوف، و (أل) تدخل على العدد المضاف نحو: الثلاثة الأبوب. (الخواتم) جمع خاتمة بالنصب صفة للعشر، وأولها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 190] (ثم قام إلى شنٍّ معلقة) تقدم بيانه في باب: التخفيف في الوضوء (¬1). (فأحسن وضوءه) أي: أتمه بأن أتى بواجباته ومندوباته، ولا يعارض قوله ثَمَّ: وضوءًا خفيفًا؛ لأنه لا ينافي التخفيف، أو كان ذا في وقت، وذاك في آخر. (بأذني) بضم الذال، وسكونها. (يفتلها) أي: يدلكها، إما تنبيه على الغفلة عن أدب الائتمام، أو إظهار لمحبته. (فصلى. . . إلخ) مجموعه ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتان سنة العشاء، والبقية وتر، وذلك تقييد للمطلق في قوله في الباب المذكور: فصلى ما شاء الله. (ثم خرج) أي: من الحجرة إلى المسجد. قيل وفي الحديث: رد على من كره قراءة القرآن للمحدث غير الجنب، ورُدَّ بأنه لا حجة فيه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - وإن نام لا ينام قلبه. ومطابقة الحديث للترجمة: في قراءة القرآن بعد الحدث، مع أن نومه - صلى الله عليه وسلم - لا ينقض وضوءه من حيث ما قيل: أن له - صلى الله عليه وسلم - نومين: نوم تنام فيه عينه فقط، وآخر ينام فيه عينه وقلبه (¬2)، وهو المراد هنا، أو يحمل على أنه أحدث بعد النوم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (138) كتاب: الوضوء، باب: التخفيف في الوضوء. (¬2) سيأتي برقم (3569) كتاب: المناقب، باب: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه عن عائشة أن رسول الله قال: "تنام عيني ولا ينام قلبي".

37 - باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل

37 - بَابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ إلا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ (باب: من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل) بضم الميم، وسكون المثلثة، وكسر القاف: صفة للغشي، بفتح الغين وسكون الشين المعجمين، روي بكسر الشين، وتشديد الياء، وبالجملة: هو مرض يعرض من طول التعب والوقوف، وهو إغماء خفيف، فلا ينقض الوضوء إلا إذا كان مثقلًا، ووجه الحصر، مع أن للوضوء أسبابًا أخر: أن الاستثناء مفرغ، فلا بد من تقدير المستثنى منه مناسبًا له، والتقدير: من لم يتوضأ من الغشي إلا من الغشي المثقل أو يقال: هو قصر إفراد ردا على من زعم أن نوعي الغشي ينقض الوضوء، والتقدير: من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل لا من غير المثقل. 184 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ، وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا لِلنَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ، وَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ: أَيْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الغَشْيُ، وَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي مَاءً، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إلا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ مِثْلَ - أَوْ قَرِيبَ مِنْ - فِتْنَةِ الدَّجَّالِ - لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ، قَالَتْ: أَسْمَاءُ - يُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَو المُوقِنُ - لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ: أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا، فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ صَالِحًا، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا، وَأَمَّا المُنَافِقُ أَو المُرْتَابُ - لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي،

سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ". [انظر: 86 - مسلم: 905 - فتح: 1/ 288] "حدثني مالك" في نسخة: "حدثنا مالك". (عن امرأته فاطمة) هي: بنت المنذر بن الزبير بن العوام. (عن جدتها) في نسخة: "عن جدته" وكل صحيح؛ لأن أسماء جدة لهشام وفاطمة. (خسفت الشمس) بالبناء للفاعل، أي: ذهب ضوْءُها كله، أو بعضه، ويقال: "خسفت" بالنباء للمفعول. "وكسفت" بالنباء لكلٍّ منهما، ويقال ذلك كله في القمر، ويقال فيه وفي الشمس: انخسفا وانكسفا ويقال في الشمس: كسفت وفي القمر خسف، وهي: أجود اللغات (¬1). (وإذا هي) أي: عائشة. (وقالت: سبحان الله!) في نسخة: "فقالت: سبحان الله". (فقلت: آية؟) أي: أهي آية؟ أي: علامة لعذاب ¬

_ (¬1) كَسَفَ القمر يكْسِفُ كُسُوفًا، وكذلك الشمس كَسَفَتْ تَكْسِفُ كُسُوفًا: احتجبا، وذهب ضوؤهما واسودَّا، وكَسَفَت الشمس وخَسَفَتْ بمعنى واحد، والكثير في اللغة -وهو اختيار الفراء- أن يكون الكسوف للقمر، يقال: كسفت الشمس وكسفها الله وانكسفت، وخَسَفَ القمر، وخَسَفَه الله وانْخَسَفَ، وقيل: انكسف وانخسف خطأ. وقال ابن الأثير: المعروف للشمس في اللغة الكسوف لا الخسوف، أما إطلاق الخسوف عليهما فتغليبٌ للقمر على تأنيث الشمس، يُجمع بينهما فيما يخصُّ القمر؛ أو لاشتراك الخسوف والكسوف في معنى ذهاب نورهما وإظلامهما. وقال أبو زيد: كُسِفَتَ الشمس إذا اسودَّت بالنهار، وقيل: الكسوف في معنى ذهاب نورهما وإظلامهما. وقال أبو زيد: كُسفتْ الشمس إذا اسودَّت بالنهار، وقيل: الكسوف: ذهاب البعض، والخسوف: ذهاب الكل قال جرير: فالشمسُ كاسفةٍ ليست بطالعة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا انظر: "الصحاح" للجوهري، "القاموس" ص 848 - 849.

38 - باب مسح الرأس كله

الناس. (فأشارت) أي: برأسها. (أن نعم) في نسخة: "أي نعم" وكلٌّ منهما حرف تفسير. (حتى تجلاني) بالجيم أي: غطاني. (الغشي) أي: من طول نصب الوقوف. (أصب فوق رأسي ماءً) أي: ليدفع الغشي، والظاهر: أنها كانت متوضئة، وأن الغشي غير المثقل؛ لصبها الماء على رأسها الدالّ على حضور حواسها وهو يدل على عدم انتقاض وضوئها، فتحصل مطابقة الحديث للترجمة، في كون الغشي غير المثقل لا ينقض الوضوء. (فلما انصرف) أي: من الصلاة. (إلا قد رأيتهُ) أي: رؤية عين. (حتى الجنة والنار) برفعهما ونصبهما وجرهما، كما مرَّ في باب: من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس (¬1). (في القبور) في نسخة: "في قبوركم". (مثل أو قريبًا من فتنة الدجال) أي: مثل فتنة الدجال، أو قريبًا منها. (بهذا الرجل) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (وفيها المؤمن، أو الموقن) أي: بنبوته - صلى الله عليه وسلم -. (بالبينات) أي: الدالة على نبوته. (والهدى) أي: الموصل للمراد. (فيقال: نم) في نسخة: "فيقال له: نَمْ". (فقد علمنا أن كنت) بفتح همزة أن وكسرها، كما مَرَّ مع زيادة في باب: من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس. 38 - بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6]. وَقَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: "المَرْأَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ تَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهَا" وَسُئِلَ مَالِكٌ: "أَيُجْزِئُ أَنْ يَمْسَحَ بَعْضَ الرَّأْسِ؟ ¬

_ (¬1) سبق برقم (86) كتاب: العلم، باب: من أصاب الفتيا بإشارة اليد والرأس.

فَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ". (باب: مسح الرأس) أي: في الوضوء. (كله) ساقط من نسخة. (لقول الله تعالى) في نسخة: "سبحانه وتعالى"، وفي أخرى: "عزَّ وجلَّ". ({وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}) [المائدة: 6] أي: امسحوها كلها فالباء زائدة (¬1) عند البخاري، كمالك القائلين بوجوب ذلك. (المرأة بمنزلة الرجل) أي: في مسح رأسها كلِّه، ومثلها الخنثى. (وسُئل مالك) السائل له: إسحاق بن عيسى الصباغ (أيجزئ) بضم أوله من الإجزاء: وهو الداء المكافيء لسقوط التعبد به، وبفتحه من الجزاء: وهو الكفاية. (أن يمسح بعض الرأس؟) في نسخة: "رأسه"، وفي أخرى: "ببعض الرأس". (فاحتج) أي: مالك على أن مسح بعض الرأس لا يجزئ. (بحديث عبد الله بن زيد) المذكور في قوله. 185 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: نَعَمْ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاثًا، ثُمَّ ¬

_ (¬1) اختلف النحاة والفقهاء في الباء في قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} على قولين. أحدهما: أن الباء فيها للتبعيض. وهو قول الكوفيين والشافعي والأصمعي وابن قتيبة والفارسي وابن مالك وابن هشام وعقيل. وعلى هذا القول: يجزئ مسح بعض الرأس. الثاني: أن الباء فيها ليست للتبعيض إنما هي زائدة مؤكدة أو للإلصاق، وهذا قول البصريين وابن جني والقرطبي والزركشي ومالك والزبيدي، وعلى هذا القول: لا يجزئ مسح بعض الرأس.

غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى المَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ". [186، 191، 192، 197، 199 - مسلم: 235 - فتح: 1/ 281] (حدثنا عبد الله بن يوسف) أي: التنيسي. (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا". (أن رجلًا) هو عمرو بن أبي حسن، كما سيأتي. (وهو) أي: الرجل المفسر بعمرو بن أبي حسن. (جد عمرو بن يحيى) أي: جده مجازًا لا حقيقة؛ لأنه عمُّ أبيه، فسماه جدًّا؛ لأنه في منزلته. (على يديه) في نسخة: "على يده". (فغسل يده) أراد الجنس، والمراد: فغسل يديه، ولفظ: (يده) ساقط من نسخة. (مرتين) رواه مسلم: ثلاثًا (¬1) فهما واقعتان. (ثم مضمض واستنثر ثلاثًا) أي: بثلاث غرفات، وفي نسخة: بدل (استنثر) "استنشق" الأولى تستلزم الثانية، كما مرَّ في باب: الوضوء ثلاثًا ثلاثًا (¬2). (إلى المرفقين) في نسخة: "إلى المرافق" وتقدم ضبطه مع زيادة. ثم (بدأ) عطف بيان لقوله: (فأقبل بهما وأدبر): (بمقدم رأسه) بأن وضع يديه عليه، وألصق مسبحته بالأخرى وإبهاميه على صدغيه. (ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه) مختص بَمنْ له شعر ينقلب، وإلا فلا حاجة إلى الردِّ، فلو ردَّ لم تحسب ثانية؛ لأن الماء صار مستعملًا، وهذا التعليل يقتضي أنه لو ردَّ ماء المرة الثانية حسب ثالثة بناءً على الأصح من أن المستعمل في النفل طهور، إلا أن يقال: السنة كون كل مرة بماءٍ جديد. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (235) كتاب: الطهارة، باب: في وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (159) كتاب: الوضوء، باب: الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.

39 - باب غسل الرجلين إلى الكعبين

(ثم غسل رجليه) لم يذكر فيه تثليثًا ولا تثنية، إشارة إلى أن الوضوءَ الواحدَ يكون بعض أعضائه بمرة وبعضها بمرتين، وبعضها بثلاث، وإن كان الأكمل تثليثها كلها؛ ففعلها، كما ذكر بيانًا للجواز. 39 - بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الكَعْبَيْنِ (باب: غسل الرجلين إلى الكعبين) أي: في الوضوء. 186 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ، سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ، عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "فَأَكْفَأَ عَلَى يَدِهِ مِنَ التَّوْرِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثَلاثَ غَرَفَاتٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَحَ رَأْسَهُ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الكَعْبَيْنِ". [انظر: 185 - مسلم: 235 - فتح: 1/ 294] (عن عمرو) أي: ابن يحيى بن عمارة. (عن أبيه) أي: يحيى بن عمارة. أنه قال: (شهدت) أي: حضرت. (عمرو بن أبي حسن) هو أخو عمارة، وعمُّ يحيى بن عمارة. (بتور) بفتح المثناة الفوقية، وسكون الواو: إناء يُشرب فيه، أو طسْت من صفر، أو حجر، كالإجانة. (فتوضأ لهم) أي: لأجل السائل وأصحابه. (وضوء النبي) أي: مثله. (فأكفأ) بهمزتين أي: أفرغ. (فغسل يديه) في نسخة: "فغسل يده" على إرادة الجنس. (ثلاث) في نسخة: "بثلاث". (غرفات) بفتح الغين والراء، ويجوز ضمهما، وضم الغين وإسكان الراء. (ثم غسل يديه) أي: بالصبِّ من الإناء، أو بأخذ الماء بيده منه بنية الاغتراف. (فمسح رأسه. . . إلى آخره) تقدم بيانه.

40 - باب استعمال فضل وضوء الناس

40 - بَابُ اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ. (¬1) وَأَمَرَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: "أَهْلَهُ أَنْ يَتَوَضَّئُوا بِفَضْلِ سِوَاكِهِ". (باب: استعمال فضل وضوء الناس) بفتح الواو على المشهور، أي: استعمال فضل الماء الباقي في الإناء بعد الفراغ من الوضوء في التطهير وغيره، كالشرب والطبخ. (أن يتوضئُوا بفضل سواكه) هو: العود الذي يتسوك به في الأشهر، والمراد بفضله: الماء الذي ينقع هو فيه، ليترطب، وبهذا تحصل مطابقة ذلك للترجمة بحمل الوضوء فيها على ما يشمل بعضه. 187 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ، يَقُولُ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالهَاجِرَةِ، فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ فَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ. [376، 495، 499، 501، 633، 634، 3553، 3566، 5786، 5859 - مسلم: 503 - فتح: 1/ 294] (أبا جحيفة) بضم الجيم، وفتح الحاء المهملة: هو وهب بن عبد الله السوائي. (خرج علينا رسول الله) في نسخة: "خرج علينا النبي". (بالهاجرة) هي وسط النهار عند شدة الحرِّ. (الظهر ركعتين، والعصر ركعتين) أي: قصرًا؛ لكونه كان في سفر طويلٍ (بين يديه عنزة) تقدم بيانها. ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 39: أراد بالأحاديث المذكورة طهارة الماء المستعمل ردًّا على نجسه نجاسة حكمية وليس فيه دليل لمن جوز الطهارة، ثانيا لأنَّ المذكور إنما رفعه التمسح به والشرب والمسحة للبركة ونحن لا نختلف في جوازه.

188 - وَقَالَ أَبُو مُوسَى: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: "اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا". [196، 4328 - مسلم: 2497 - فتح: 1/ 295] (وقال أبو موسى) هو عبد الله بن قيس الأشعري. (ثم قال لهما) أي: لأبي موسى الراوي، وبلال؛ فإنه كان معه. (اشربا) بهمزة وصل من شرب. (وأفرغا) بهمزة قطع من أفرغ (ونحوركما) جمع نحر، وهو: موضع القلادة من الصدر. وفيما ذكر جواز قصر الرباعية في السفر، وندب نصب العترة، وجواز مج الريق في الماء، وأن المستعمل طاهر خلافًا لأبي حنيفة، وأن لعاب البشر ليس بنجس، وأما النهي عن النفخ في الطعام، فإنما هو؛ لئلا يتقذر الطعام بما يتطاير من اللعاب فيه لا لنجاسته. ثم ما قاله أبو موسى: ذكر استطرادًا، أو تشبيهًا، كالحديث بعده؛ وإذ لا دلالة فيهما على الترجمة. 189 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ "وَهُوَ الَّذِي مَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ غُلامٌ مِنْ بِئْرِهِمْ" وَقَالَ عُرْوَةُ، عَنِ المِسْوَرِ، وَغَيْرِهِ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ "وَإِذَا تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ". [انظر 77 - فتح: 1/ 295] (عن صالح) هو ابن كيسان. (قال: أخبرني) في نسخة: "قال: حدثني". (ابن الربيع، بفتح الراءِ، وكسر الموحدة. (قال) أي: ابن شهاب. (وهو) أي: محمود.

(الذي مجَّ) أي: رمى. (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: من فمه ماء. (في وجهه) مازحه بذلك. (وهو غلام) حال (من بئرهم) أي: بئر محمود وقومه، والذي أخبره به محمود هو قوله: عقلت من النبي - صلى الله عليه وسلم - مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو) (¬1). (عن المسور) بكسر الميم: ابن مخرمة. (وغيره) هو مروان بن الحكم. (يصدق كل واحد منهما) أي: من المسور، ومروان، لا من محمود والمسور، كما وقع لبعضهم. (وإذا توضأ. . . إلخ) يقول: قال عروة. (كادوا) في نسخة: "كانوا". (يقتتلون على وضوئه) بفتح الواو على المشهور، مبالغة منهم في التنافس عليه. - بَابٌ (باب) ساقط من أكثر النسخ. 190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الجَعْدِ، قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ "فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ". [3540، 3541، 5670، 6352 - مسلم: 2345 - فتح: 1/ 296] (عن الجعد) في نسخة: "عن الجعيد"- بالتصغير: وهو ابن عبد الرحمن بن أوس المدني. (ذهبت) أي: مضت. (بي) أي: صَحِبَتْهُ في الذهاب، بخلاف أذهبتني، فإنه بمعنى أزالتني، وجعلتني ذاهبًا. (خالتي) لم تسم (ابن أختي) اسمها: علبة، بضم المهملة وبسكون اللام وبالموحدة: بنت شريح. ¬

_ (¬1) سلف برقم (77) كتاب: العلم، باب: متى يصح سماع الصغير؟

(وجع) بفتح الواو، وكسر الجيم وبالتنوين، وفي نسخة: "وقع" بوزن: (وجع) أي: أصابه وجع في قدميه، أو يشتكي لحم رجليه من الحفاء؛ لغلظ الأرض والحجارة، وفي أخرى: "وقع" -بالفتح- بوزن: ضرب، أي: وقع في المرض. (فمسح رأسي) أي: بيده. (من وضوئه) بفتح الواو على المشهور. (فنظرت إلى خاتم النبوة) قال الكرماني: بكسر التاء أي: فاعل الختم وهو الإتمام والبلوغ إلى الآخر، وبفتحها بمعنى الطابع ومعناه: الشيء الذي هو دليل على أنه لا نبيَّ بعده. قال البيضاويُّ: خاتمُ النبوةِ أثر بين كتفيه نُعِت به في الكتب المتقدمة، وكانت علامةً يُعلم بها أنه النبيُّ الموعودُ؛ صيانةً لنبوته عن تطرقِ القدحِ إليها صيانة الشيءِ المستوثقِ بالختمِ (¬1). انتهى كلامُ الكرماني وما ذكره أولًا: تفسيرٌ لحقيقةِ الخاتم، لكن يحتاجُ إلى فاعل، والفرق بين الختمِ والطابع من حيث الماصدق، وقوله: ومعناه: الشيء إلى آخره تفسيرٌ للمراد به هنا، واستشهد له بكلام البيضاويِّ هذا. وفرقهُ المذكور ينافيه قولُ أئمة اللغة: الفتحُ والكسرُ في الخاتم، كالطابع لغتان بمعنى واحد. (مثل زر الحجلة) بنصب مثل: حالٌ، وبجره: بدلٌ من خاتم، وزر بكسر الزاي، وتشديد الراءِ: واحدُ الأزرار، و (الحجلة) بفتح المهملةِ والجيم: واحدُ حجالِ العروس، وهي بيتٌ كالقبة يزين بالثياب والستورِ والأسرة، ولها أزرارٌ كبارٌ وعُرى، وقيل: الحجلةُ: الطائرُ المعروف، ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 536.

41 - باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة

وزرها: بيضتها. وقد رُوي: رأيتُ خاتم النبوة، كبيضة الحمامة (¬1)، ورُوي أيضًا: رز، بتقديم الراء على الزاي، والمرادُ منه: البيض. يقالُ أرَزَت الجرادة بفتح الراء، وتشديد الزاي: إذا كبت ذنبها في الأرضِ فباضت. فائدةٌ: الخاتُم وضع على كتفه - صلى الله عليه وسلم - عقب مولدهِ؛ لحديثِ ورد به في "دلائل أبي نُعيم" (¬2) وقيل: وُلد كذلك. 41 - بَابُ مَنْ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ (باب: من مضمض واستنشق من غرفة واحدة) في نسخة: بدل (مضمض) "تمضمض". 191 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ أَفْرَغَ مِنَ الإِنَاءِ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ - أَوْ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ - مِنْ كَفَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا، فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: "هَكَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 185 - مسلم: 235 - فتح: 1/ 297] (ثم غسل) أي: فمه. (أو مضمض) شكٌّ من الراوي، قال شيخُنا مع استغرابهِ قول الكرماني: الظاهرُ أن الشكَّ من يحيى (¬3): والظاهرُ أنه من شيخ البخاريّ. وأخرجه مسلم بغير شك ولفظه: ثم أدخل يده ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (3644) كتاب: المناقب، باب: في خاتم النبوة. من حديث السائب بن يزيد وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. (¬2) "دلائل النبوة" 1/ 159 - 162 (97). (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 37.

42 - باب مسح الرأس مرة

فاستخرجها فمضمض واستنشق (¬1) (من كفةٍ) بفتح الكاف، وضمها، وبها تأنيثٌ، كغرفة وغرفة. قال ابن بطَّال: ولا يُعرف في كلام العرب إلحاق هاء التأنيث في الكف (¬2)، وفي نسخةٍ: "من كف"، وفي أخرى: "من غرفة"، وفي أخرى: "مما كفأة" بالهمز. (ففعل ذلك)، أي: ما ذكر من المضمضة والاستنشاق. (فغسل يديه. . . . . إلخ) تقدَّم بيانه في باب: غسل الرجلين إلى الكعبين (¬3)، لكنه حَذف هنا غسل الوجهِ اختصارًا؛ أو قوله: (ثم غسل) أي: وجهه، وتُجعل (أو) في قوله: (أو مضمض) بمعنى: الواو (¬4) وهي لا تدل على الترتيب. 42 - بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً (باب: مسح الرأس مرَّة) في نسخةٍ: "مسحة"، وفي أخرى: "مرَّة واحدةً". 192 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ، سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 297، والحديث رواه مسلم برقم (235) كتاب: الطهارة، باب: في وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عبد الله بن زيد. (¬2) "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 1/ 294. (¬3) سبق برقم (186) كتاب: الوضوء، باب غسل الرجلين إلى الكعبين. (¬4) مجيء (أو) بمعنى: الواو أي: لمطلق الجمع، وقال به قطرب والأخفش والجرمي وأبو عبيدة والكوفيون واختاره أبو علي الفارسي وابن جني والهروي والعُكبري وابن مالك وابن بدر الدين والزبيدي. وردَّ بعض النحاة مجيء (أو) بمعنى: الواو، وجعله آخرون قليلًا لا يقاس عليه، في حين ذهب الزجاجي إلى أنها تكون بمنزلة الواو في الشعر.

43 - باب وضوء الرجل مع امرأته، وفضل وضوء المرأة

النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ لَهُمْ، فَكَفَأَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاثًا، بِثَلاثِ غَرَفَاتٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ بِهِمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ" وحَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً. [انظر: 185 - مسلم: 235 - فتح: 1/ 297] (عن وضوء النبِيِّ) في نسخةٍ: "عن وضوء رسول الله". (فدعا بتورٍ من ماءٍ) في نسخةٍ: "فدعا بماءٍ". (فكفأ) في نسخةٍ: "فأكفأ". وفي أخرى: "فكفأه". (ثم أدخل يده فغسل) في نسخةٍ: "ثمَّ أدخل يده في الإناء فغسل". "فأقبل بيده، وأدبر بها" وحد اليد على إرادة الجنس، وفي نسخةٍ: "فأقبل بيديه، وأدبر بهما". (ثم أدخل يده فغسل) في نسخة: "ثمَّ أدخل يده في الإناء". (حدثنا موسى) في نسخةٍ: "وحدثنا موسى". (وهيب) هو ابن خالد الباهليُّ. وتمام هذا الإسناد تقدَّم في بابٍ: غسلِ الرجلين (¬1). (قال مسح) في نسخةٍ: "وقال مسح". (رأسه) في نسخة: "برأسه". وتقدم معنى الحديث. 43 - بَابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ، وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ وَتَوَضَّأَ عُمَرُ بِالحَمِيمِ وَمِنْ بَيْتِ نَصْرَانِيَّةٍ. (باب: وضوء الرجلِ مع امرأته) أي: من إناءِ واحدٍ، وفي نسخةٍ: ¬

_ (¬1) سلف برقم (186) كتاب: الوضوء، باب: غسل الرجلين إلى الكعبين.

44 - باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه

"مع المرأة". (وفضل وضوء المرأة) بالجرة عطف على وضوءِ الرجل، والوضوء هنا بفتحِ الواو، وثمَّ بضمها على المشهور فيهما. (بالحميم) أي: بالماءِ المسخَّنِ، فهو فعيل بمعنى مفعول. (ومن بيت نصرانية) أشار به، وبالحميم إلى أنه لا كراهة في التطهر بالماءِ المسخَّن، خلافًا لمجاهد، ولا بما في أواني الكفار، خلافًا لأحمدَ ومن تبعه. وفي نسخةٍ: "بالحميم من بيت نصرانية" وذكر البخاريُّ ذلك استطرادًا، أو تشبيهًا. 193 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: "كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا". [فتح: 1/ 298] (عن عبد الله بن عمر) في نسخةٍ: "عن ابن عمر". (كان الرجال والنساء) (ال) فيهما: للجنس لا للاستغراق، كما هو معلوم. (جميعًا) أي: مجتمعين لا متفرقين، وكان ذلك قبل نزول الحجاب، أمَّا بعده فيختص بالزوجات والمحارم. وزاد ابن ماجه في الحديث: من إناءٍ واحدٍ (¬1). ودلالةُ الحديث على الجزءِ الأولِ من الترجمة صريحةٌ، وعلى الثاني: منها التزامٌ. قاله الكرماني (¬2). 44 - بَابُ صَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءهُ عَلَى المُغْمَى عَلَيْهِ (باب: صبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وضوءه على المغمى عليه) بضم الميم. يُقال: أُغمي عليه بضم الهمزة فهو مُغمى عليه. ويُقالُ: غُمِي عليه بضم ¬

_ (¬1) "سنن ابن ماجه" (381) كتاب: الطهارة وسننها، باب: الرجل والمرأة يتوضآن من إناء واحد. (¬2) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 40 - 41.

الغين فهو مَغْمِيٌّ عليه (¬1) والإغماء والغشيُ بمعنى، كما مرَّ، وفرِّق بين الجنونِ، والنوم، والإغماء، بأنَّ الجنونَ: زوال العقلِ، والنوم: استتاره، والإغماءَ: انغماره. 194 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنِ المِيرَاثُ؟ إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلالَةٌ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الفَرَائِضِ. [4577، 5651، 5664، 5676، 6723، 6743، 7309 - مسلم: 1616 - فتح: 1/ 301] (لا أعقلُ) أي: لا أفهم شيئًا. (من وضوئه) بفتح الواو على المشهور أي: من الماءِ الذي توضأ به، أو مما فضُلَ منه. (فعقلت) بفتح القافِ. (لمن الميراث) أي: من ميراثي، ويؤيده قوله في الاعتصام: كيف أصنع في مالي (¬2) (إنما يرثني كلالة) هي على الأصح من الورثة ¬

_ (¬1) غُمِى على المريض وأُغمِيَ عليه: غُشِيَ عليه ثم أفاق. وقيل: أُغْمي على فلان إذا ظن أنه مات ثم رجع حيًّا، ورجل غمى: مُغْمى عليه، وامرأة غمى كذلك، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث؛ لأنه مصدر، وقد ثنَّاه بعضهم وجمعه. وقال ابن برى: يقال: غُمِى عليه غَمًى وأُغْمِيَ عليه إغماء، أُغْمِيَ عليه بالبناء للمفعول: فهو مُغْمى عليه، وغُمِيَ عليه، ثلاثي مبني للمفعول أيضًا، فهي مَغْمِي عليه. وقيل: الإغماء: آمتلاء بطون الدماغ من بلغم بارد غليظ، وقيل: هو سهو يلحق الإنسان مع فتور الأعضاء لِعِلَّة. انظر: مادة (غمى) في "الصحاح" 6/ 2449، و"اللسان" 6/ 3304، و"القاموس" 1319. (¬2) سيأتي برقم (7309) كتاب: الاعتصام، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل مما لم ينزل عليه الوحي فيقول: "لا أدري".

45 - باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة

غير ولد ولا والد. (فنزلت آية الفرائض) هو قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] إلى آخر السورة، وقيل: هي آية المواريث مطلقًا. واستنبط من الحديث: فضيلة عيادة الأكابر الأصاغر. 45 - بَابُ الغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ وَالقَدَحِ وَالخَشَبِ وَالحِجَارَةِ (باب: الغسل والوضوء في المخضب) (في) ظرفية على حقيقتها، ويحتمل أن تكون بمعنى: من (¬1)، وهو أنسب بالمعطوفات الآتية، وأن يكون حقيقة في (المخضب) مجازًا في المعطوفات، فيكون ذلك جمعًا بين الحقيقة والمجاز، وهو جائز عند الشافعي - رضي الله تعالى عنه. و (المخضب) بكسر الميم وسكون المعجمة: إجانة لغسل الثياب. (والقدح): إناءٌ يؤكل فيه ويكون من الخشب غالبًا مع ضيقٍ فيه. (والخشب) بفتح الخاءِ والشين المعجمتين وبضمهما وبضم الأول وسكون الثاني والمراد: الإناء منها. (والحجارة) نفيسة كانت، أو غيرها، والمراد: الإناء منها أيضًا، وعطفها مع الخشب على سابقهما من عطف الخاص على العام؛ لأن ¬

_ (¬1) مجيء (في) للظرفية يكون حقيقة أو مجازًا، فالأول نحو: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} والثاني نحو: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} وذهب المحققون من البصريين إلى أن في لا تكون إلا للوعاء أو الظرفية حقيقة أو مجازًا. وقال بعضهم: وأما كون (في) ظرفًا فهو الموضوع لها حقيقة. أما مجيء في بمعنى: (من) فقال به الكوفيون، ووافقهم الأصمعي وابن قتيبة والزجاجي وجعلوا منه قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} أي: من كل أمة.

(المخضب والقدح) قد يكونان من الخشب أو الحجارة. كما وقع التصريح به في (المخضب) في الحديث الآتي بقوله: "بمخضب من حجارة". 195 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ إِلَى أَهْلِهِ، وَبَقِيَ قَوْمٌ، "فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَغُرَ المِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَتَوَضَّأَ القَوْمُ كُلُّهُمْ" قُلْنَا: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: "ثَمَانِينَ وَزِيَادَةً". [انظر: 169 - مسلم: 2279 - فتح: 1/ 301] (عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون، في نسخة: "ابن المنير" بزيادة ال. (حميد) بالتصغير: ابن أبي حميد الطويل. (حضرت الصلاة) أي: صلاة العصر. (فقام من كان قريب الدار إلى أهله) أي: ليحصل الماء للوضوء. (وبَقِي قوم) أي: عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير وضوء. (فأتي) بالبناءِ للمفعول. (فصغر المخضب) أي: لم يسع بسط الكف فيه. (فتوضأ القوم) أي: الذين بقوا عنده - صلى الله عليه وسلم -. (قلنا)، في نسخة: "فقلنا" وفي أخرى: "قلتُ" وهو من كلام حميد. (كم) أي: نفسًا (¬1). (ثمانين وزيادة) خبر كان المقدرة (¬2). وفي الحديث: معجزة له - صلى الله عليه وسلم -. 196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ". [انظر: 188 - مسلم: 2497 - فتح: 1/ 302] (دعا بقدح) أي: طلبه. (فغسل يديه ووجهه فيه) أي: في القدح. ¬

_ (¬1) كم هنا استفهامية. (¬2) والتقدير: كُنَّا ثمانين وزيادة.

(ومَجَّ) أي: صبَّ فيه، ولا دلالة فيه على الوضوء منه ولا الغسل. 197 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: "أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِهِ وَأَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ". [انظر: 185 - مسلم: 235 - فتح: 1/ 302] (أتى) في نسخة: "أتانا". (رسول الله) في نسخة: "النبي". (من صفر) بضم الصاد أكثر من كسرها: ما يتخذ منه الأواني كالنحاس، وتقدم معنى الحديث. (فأقبل به) أي: بالمسح. 198 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِي الأَرْضِ، بَيْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: " أَتَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تُحَدِّثُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، بَعْدَمَا دَخَلَ بَيْتَهُ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ: «هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ، لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ» وَأُجْلِسَ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ تِلْكَ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: «أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ». ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ. [664، 665، 671، 683، 687، 712، 713، 716، 2588، 3099، 3384، 4442، 4445، 5714، 7303 - مسلم: 418 - فتح: 1/ 302] (ابن عتبة) زاد في نسخة: "ابن مسعود". (لما ثقل النبي) بضم القاف، أي: أثقله المرض. (أن يمرض)

بضم التحتية، وفتح الراء المشددة، أي: يخدم في مرضه. (فأذِنَّ) بكسر المعجمة، وتشديد النون، أي: الأزواج. (فخرج النبيُّ) أي: من بيت ميمونة على الراجح. (تخط) بضم الخاء المعجمة، أي: تؤثر. (بين عبَّاس) أي: عم النبيِّ، وفي نسخة: "بين العباس" بزيادة ال. (هو عليٌّ) في نسخة: "هو عليُّ بن أبي طالب"، وفي رواية مسلم (¬1): (بين الفضل بن عباس)، وفي أخرى: (بين رجلين: أحدهما أسامة) فكل من الثلاثة أخذ بيده - صلى الله عليه وسلم -، لكن العباس أدومهم لأخذها؛ إكرامًا له، ومن ثمَّ صرَّحت عائشة به وأبهمت الآخر، أو المراد به: عليٌّ، كما بينّه في الحديث. قيل: وإنما أبهمته؛ لما كان عندها منه مما يحصل للبشر مما يكون سببًا في الإعراض عن ذكر اسم الشخص. (وكانت عائشة) هو من مقول عبيد الله لا عبد الله بن عباس. (بيته) في نسخة: "بيتها" أي: عائشة؛ لأنها ساكنة فيه، فإضافة البيت لها مجازًا. (واشتد وجعه) في نسخة: "واشتد به وجعه". (هريقوا) أي: صُبُّوا، في نسخة: "أَهْريقوا" بفتح الهمزة وسكون الهاء، وفي أخرى: "أريقوا"، والهاء في الأولين بدل من همزته. (من سبع قرب) بكسر القاف وفتح الراءِ: جمع قربة، وهي: ما يستقى به. (أوكيتُهنَّ) جمع وكاء: وهو ما يربط به فيم القربة. (أعهد) بفتح الهمزة، أي: أوصي. (وأجلس) في نسخة: "فأجلس" بالفاء وكلاهما مبنيان للمفعول. (في مخضب) أي: إناء من نحاس، كما رواه ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (418) كتاب: الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما.

46 - باب الوضوء من التور

ابن خزيمة (¬1). (ثم طفقنا) بكسر الفاءِ أكثر من فتحها (¬2) أي: جعلنا. (حتَّى طفق) أي: جعل. (يشير إلينا. . . . . إلخ) وإنما طلب صبَّ الماءِ عليه؛ لأن الماء البارد في بعض الأمراض تُردُّ به القوة، والحكمة في عدم حل أوكية القرب: كونه أبلغ في طهارة الماء وصفائه؛ لعدم مخالطة الأيدي له، وكون القربة تجمع بركة الذكر في شدها وحلها؛ لأنها إنما تؤكأ وتحل على ذكره تعالى غالبًا. وأما عدد السبعِ ففيه: بركة إذ له شأن؛ لوقوعها في كثير من أعداد معاظم الخليقة، وبعض الأمور الشرعية. (ثم خرج إلى الناس) أي: الذين في المسجد، فصلى بهم وخطبهم، كما سيأتي. والمستنبط من الحديث: وجوب القسم عليه - صلى الله عليه وسلم -، وإراقة الماءِ على المريض؛ لقصد الاستشفاءِ به، أي: إذا اقتضاه المرض. 46 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ التَّوْرِ (باب: الوضوء من التور) أي: بيان التوضّئ منه. 199 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَمِّي يُكْثِرُ مِنَ الوُضُوءِ، قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: أَخْبِرْنِيا كَيْفَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ "فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَكَفَأَ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ ¬

_ (¬1) "صحيح ابن خزيمة" (1/ 127) 258) كتاب: الوضوء، باب: ذكر الدليل على أن اغتسال النبي - صلى الله عليه وسلم - من الإغماء لم يكن اغتسال فرض ووجوب. . . . (¬2) وطفق من أفعل الشروع (المقاربة) تدل على الشروع في الفعل، ومثلها: جعل، وأنشأ، وأخذ، وعلق.

أَدْخَلَ يَدَهُ فَاغْتَرَفَ بِهَا، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَمَسَحَ رَأْسَهُ، فَأَدْبَرَ بِهِ وَأَقْبَلَ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ" فَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ. [انظر: 185 - مسلم: 235 - فتح: 1/ 303] (سليمان) أي: ابن بلال. (قال لعبد الله) في نسخة: "فقال لعبد الله". (ثلاث مرار) في نسخة: "ثلاث مرات". (ثلاث مرات) في نسخة: "ثلاث مرار". (ثم أدخل يده فاغترف بها) في نسخة: "ثم أدخل يديه فاغترف بهما". (ثلاث مرات) في نسخة: "ثلاث مرار". (ثم أخذ بيده ماء) في نسخة: "ثم أخذ بيمينه ماء". (فأدبر به) في نسخة: "وأدبر به"، وفي أخرى: "فأدبر بيديه". (فقال: هكذا رأيت النبي) في نسخة: "وقال: هكذا رأيت النبي". 200 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُتِيَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ، فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ" قَالَ أَنَسٌ: "فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى المَاءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ" قَالَ أَنَسٌ: فَحَزَرْتُ مَنْ تَوَضَّأَ، مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ. [انظر: 169 - مسلم: 2279 - فتح: 4/ 301] (فَأُتَي) بضم الهمزة. (رحراح) بمهملات الأولى: مفتوحة، والثانية: ساكنة، أي: واسع الفم، قريب القعر، ويقال فيه: رحرح بلا ألف، ومثله لا يسع كثيرًا، ففيه: معجزة من معجزاته - صلى الله عليه وسلم -. (شيءٌ) أي: قليل، فتنوينه للتقليل. (ينبع) بتثليث الموحدة. (فحزرت من توضأ) بتقديم الزاي، أي: قدرتهم، فكانوا (ما بين السبعين إلى الثمانين) فـ (ما) مفعول لكان محذوفة، وقيل: حال. وفي رواية حميد السابقة: أنهم كانوا ثمانين وزيادة، وفي حديث جابر في باب: علامات النبوة

47 - باب الوضوء بالمد

في الإسلام: كنَّا خمسة عشرة مائة (¬1)، ولغيره ثم زهاء ثلاثمائة (¬2)، فهي وقائعُ متعددة في أماكن مختلفة، وأحوال متغايرة. 47 - بَابُ الوُضُوءِ بِالْمُدِّ (باب: الوضوء بالمُدِّ) هو بضم الميم: مكيال يسع قدر رطل وثلث عند أهل الحجاز، ورطلين عند أهل العراق. 201 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَبْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ، أَوْ كَانَ يَغْتَسِلُ، بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ". [مسلم: 325 - فتح: 1/ 304] (ابن جبر) بفتح الجيم، وسكون الموحدة: عبد الله بن عبد الله بن جبر. (كان النبي - صلى الله عليه وسلم -) في نسخة: "كان رسول الله". (كان يغسل) أي: جسده. (أو كان يغسل) الشك من ابن جبر على الراجح. (بالصَّاع) مكيال يسع خمسة أرطال وثلثا عند أهل الحجاز، وثمانية أرطال عند أهل العراق، وربما زاد - صلى الله عليه وسلم - في غسله على الصَّاع. (إلى خمسة أمداد) وإلى ستة عشر رطلًا، كما رواه البخاريُّ بعد، وربما نقص عنه، فقد اغتسل هو وعائشة من إناءٍ يسع ثلاثة أمداد، كما رواه مسلم (¬3). (و) كان (يتوضأ بالمد) تقدم تفسيره، وربما زاد عليه، أو نقص ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3576) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة. (¬2) سيأتي برقم (3572) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، عن أنس - رضي الله عنه -. (¬3) "صحيح مسلم" (321) كتاب: الحيض، باب: القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة. . .

48 - باب المسح على الخفين

عنه، فقد توضأ من إناء يسع رطلين، ومن إناءٍ يسعُ ثلثي مُدٍّ، كما رواهما أبو داود (¬1). والجمع بين هذه الروايات، كما نقله النووي عن الشافعي: أنها كانت اغتسالات ووضوءات في أحوال وجد فيها أكثر ما استعمله وأقلَّهُ وهو يدلُّ على أنه لا حدَّ لقدر ماء الطهارة (¬2)، وهو كذلك، لكن السنة أخذًا من غالب أحواله - صلى الله عليه وسلم - أن لا ينقص ماءُ الوضوءِ عن مُدٍّ، والغسل عن صاع، وهذا لمن جسده كجسد النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَّا نحيف الجسد وعظيمه، فيُسَنُّ لهما أن يستعملا من الماءِ قدرًا يكون نسبته إلى جسدهما، كنسبة المدِّ والصاعِ إلى جسد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 48 - بَابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ (باب: المسح على الخفين) هو: بدل من غسل الرجلين في الوضوء. 202 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ المِصْرِيُّ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ "النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ" وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: نَعَمْ، إِذَا حَدَّثَكَ شَيْئًا سَعْدٌ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدًا حَدَّثَهُ، فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ: نَحْوَهُ. [فتح: 1/ 305] (أصبغ بن الفرج) كنيته: أبو عبد الله بن وهب، اسمه: عبد الله. ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (95) كتاب: الطهارة، باب: ما يجزئ من الماء في الوضوء، والضياء في "المختار" 9/ 368 (338) من حديث أنس - رضي الله عنه -، والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود". (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 243.

(حدثني) في نسخة: "أخبرني". (عمرو) في نسخة: "عمرو بن الحارث". (أبو النضر) بضاد معجمة، واسمه: سالم بن أبي أمية. (عن أبي سلمة) اسمه: عبد الله. (وأن عبد الله) عطف، -كما قاله شيخنا- على قوله: (عن عبد الله بن عمر) (¬1) فهو من كلام أبي سلمة. قال الكرماني: وهو الظاهر، ويحتمل أنه تعليق من البخاري (¬2). (سأل عمر) زاد في نسخة: "بن الخطاب". (عن ذلك) أي: عن مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - على الخفين، وسبب سؤال ابن عمر أياه عن ذلك: أنه أنكر على سعد مسحه على خفيه بالعراق، وسبب إنكاره مع كثرة روايته؛ أنه خفي عليه ما اطلع عليه غيره، أو أنكر عليه مسحه في الحضر، كما هو ظاهر روايةٍ في "الموطأ" (¬3). (إذا حدَّثك شيئًا سعدٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا تسأل عنه غيره) فيه: منقبة عظيمة لسعد، ودليل على العمل بخبر الواحد وإن أفاد في الأصل الظن. وأما نهيه عن السؤال فيما حدَّث به سعد من أن السؤال يؤكد الظن فلا ينهى عنه، فمحمول على أن خبر سعد احتف به من القرائن ما يفيد القطع، أو هو كناية عن التصديق، أي: فصدقه، والمصدق لا يسأل غيره. وبالجملة: فقد اتفق العلماء، كما قال ابن بطال على جواز المسح على الخفين خلافًا للخوارج وللشيعة، ويكفي في الرد عليهما صحة ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتواتره على قول جمع من الحفاظ (¬4). (فقال ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 306. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 51. (¬3) "الموطأ" 1/ 40 (88) باب: ما جاء في المسح على الخفين. (¬4) "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 1/ 304 - 305.

عمر) عطف على "سأل" المقدر هنا أخذًا من الرواية السابقة. (نحوه) بالنصب، يقال: أي: نحوه. قوله قبل: (إذا حدثك سعدٌ إلخ) فقول عمرو في هذه الرواية المعلقة بمعنى الموصولة السابقة، لا بلفظها. 203 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَاتَّبَعَهُ المُغِيرَةُ بِإِدَاوَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَصَبَّ عَلَيْهِ حِينَ فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ". [انظر: 182 - مسلم: 274 - فتح: 1/ 306] (عمرو بن خالد) أي: ابن فروخ، بفاء مفتوحة، وراء مضمومة مشددة، وخاء معجمة. (الحراني) بفتح المهملة، وتشديد الراءِ، وبنون؛ نسبة إلى حرَّان: مدينة بين دجلة والفرات (¬1). (سعد بن إبراهيم) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (أنه خرج لحاجته) أي: في غزوة تبوك، عند صلاة الفجر عند "الموطأ" و"سنن أبي داود" وغيرهما (¬2). (فأتبعه) بهمزة قطع (¬3) وسكون التاء، وبهمزة وصل (¬4) وتشديد التاء. (بإداوة) بكسر الهمزة أي: مطهرة. (فتوضأ) أي: إلَّا رجليه بقرينة قوله: (ومسح على الخفين) أي: على أعلاهما، لا على أسفلهما، ولا حرفهما ولا عقبهما، فيكفي مسمَّى مسح على أعلاه، لكن السنة في مسحه أن يضع يده ¬

_ (¬1) "معجم البلدان" 2/ 235. (¬2) "سنن أبي داود" (151) كتاب: الطهارة، باب: المسح على الخفين، و"الموطأ" 1/ 39 (87) باب: ما جاء في المسح على الخفين. (¬3) لأنه ماضٍ رباعي، ومثله: أخرجَ، أحسنَ. (¬4) لأنه ماضٍ خماسي، ومثله: اتَّكل، اتَّصل، اتَّزن.

اليسرى تحت العقب، واليمنى على ظهر الأصابع، ثم يمر اليمنى إلى ساقه، واليسرى إلى أطراف الأصابع من تحت مفرجا بين أصابع يديه. وفي الحديث: خدمة السادات بلا إذنه والاستعانة، وقد مرَّ بيانها، وللخُفِّ شروط مذكورة في كتب الفقه (¬1). 204 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ "رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى الخُفَّيْنِ" وَتَابَعَهُ حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، وَأَبَانُ، عَنْ يَحْيَى. [205 - فتح: 1/ 308] (شيبان) هو ابن عبد الرحمن. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (رأى النبيَّ) في نسخة: "رأى رسول الله". (وتابعه) بلا واو، أي: تابع شيبان. (حرب بن شداد) في نسخة: "حرب" فقط. (وأبان) بفتح الهمزة، وبالصرف على أنَّ ألفه أصلية، ووزنه: فعال، وبمنعه على أن الهمزة زائدة، والألف بدلٌ من الياء، ووزنه أفعل، وهو ابن يزيد العطار. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. 205 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ" وَتَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 204 - فتح: 1/ 308] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن جعفر بن عمرو) وزاد في نسخة: "ابن أمية". ¬

_ (¬1) ومن شروط المسح على الخفين. أن يلبسهما بعد كمال الطهارة، وأن يكون ساترين لمحل الفرض من القدمين، وأن يمكن تتابع المشي عليهما، وأن يكون ثخينًا. أهـ بتصرف "المجموع" 1/ 510 - 511.

49 - باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان

(يمسح على عمامته) أي: بعد مسح الناصية، كما رواه مسلم (¬1)، فلا يجوز الاقتصار على العمامة، وأجازه الإمام أحمد، بشرط أن يكون قد اعتمَّ بعد كمال الطهارة، قياسًا على مسح الخفِّ، وهو محجوج بحديث مسلم السابق، وبالإجماع على أنه لا يجوز مسح الوجه في التيمم على حائل، فكذا الرأس، وقياسه على مسح الخفِّ بعيد؛ لأنه يشقُّ نزعه، بخلاف العمامة. (وتابعه) في نسخة: "تابعه" بحذف الواو، أي: تابع الأوزاعي على الرواية السابقة (معمر) أي: ابن راشد. (عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عمرو) بإسقاط (جعفر) الثابت في السابقة بين أبي سلمة وعمرو، وهذا هو السبب في سياق البخاري الإسناد ثانيًا. (رأيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -) ترك المتن في هذه الرواية؛ اكتفاءً بذكره في السابقة. 49 - بَابُ إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ (باب: إذا أدخل رجليه) أي: في الخفين، أي: باب في بيان حكم ذلك. (وهما طاهرتان) أي: عن الحدث. 206 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: "دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ". فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. [انظر: 182 - مسلم: 274 - فتح: 1/ 309] (زكريا) ابن أبي زائدة (عن عامر) هو ابن شراحيل. (فأهويت) بفتح الهمزة، أي: أشرت إليه. (دعهما) أي: الخفين، ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (274) كتاب: الطهارة، باب: المسح على الخفين.

50 - باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق

أي: اتركهما. (أدخلتهما) أي: الرجلين. (طاهرتين) أي: عن الحدث، وفي نسخةٍ: "وهما طاهرتان". (فمسح عليهما) عطف على مقدر، تقديره: فأحدث. وفي الحديث: خدمة العالم، وأن للخادم أن يقصد إلى ما يعرف من خدمته دون أن يؤمر بها، والفهم عن الإشارة، ورد الجواب عما نشاء من فهمهما، وأن من لبس خفيه على غير طهر لا يمسح عليهما، فلو لبس قبل غسل رجليه، وغسلهما فيه، لم يجز المسح، إلَّا أن ينزعهما من مقرهما ثم يدخلهما فيه، ولو أدخل إحداهما بعد غسلها ثم غسل الأخرى وأدخلها، لم يجز المسح إلا أن ينزع الأولى من مقرها، ثم يدخلها فيه. وسكت عن تأقيت المسح، وأخذ بظاهره الإمام مالك، وقيده بقية الأئمة بيوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر؛ لخبر ابني خزيمة وحِبَّان: أنه - صلى الله عليه وسلم - أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما (¬1). 50 - بَابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّويقِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [لحمًا]، "فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا". (باب: من لم يتوضأ من لحم الشاه) أي: من أكله، وتَبِعَ في ذكرِ الشَّاةِ الحَدِيثَ وذِكرُها مثال، فغيرها مثلها. (والسويق) أي: تناوله، وهو: ما اتخذ من شعير، أو قمح مقلى، يدقُّ فيكون، كالدقيق، إذا ¬

_ (¬1) "صحيح ابن خزيمة" (17) كتاب: الوضوء. وابن حبان (1320)، (1321) كتاب: الطهارة، باب: المسح على الخفين، من حديث صفوان بن عسال.

احتج إلى تناوله خلط بماء، أو لبن، أو زيت ونحوه. (وأكل أبو بكر وعمر وعثمان، - رضي الله عنهم - لحمًا) لفظ: (لحمًا) ساقط من نسخة. (فلم يتوضئُوا) أشار به إلى أن ذلك إجماع سكوتي. 207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [5404، 5405 - مسلم: 354 - فتح: 1/ 310] (كتف شاة) أي: لحمه. (ثم صلَّى ولم يتوضأ) هذا مذهب الشافعيِّ وأكثر الأئمةِ، وأما حديث مسلم: "الوضوء مما مست النار" (¬1) وحديثه عن جابر بن سمرة: أنتوضأ من لحم الإبل؟ قال: "نعم" (¬2). فأجيب: بحمل الوضوء فيهما على غسل اليد والمضمضة؛ لزيادة دسومة اللحم، وزهومة (¬3) لحم الإبل، أو بأنهما منسوخان بخبر أبي داود، والنسائي، وغيرهما عن جابر (¬4)، قال: كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار. لكن ضعف النوويُّ الجوابين؛ لأن الحمل على الوضوءِ الشرعي مقدم على الوضوءِ اللغوي، وترك الوضوء مما مست النار عامٌّ، وخبر الوضوء من لحم الإبل خاص، والخاص مقدَّمٌ على العام (¬5). ¬

_ (¬1) رواه مسلم (351) كتاب: الحيض، باب: الوضوء مما مست النار. (¬2) رواه مسلم (360) كتاب: الحيض، باب: الوضوء من لحوم الإبل. (¬3) والزهومة بضمها: السمين الكثير الشحم، أو الذي فيه باقي طِرْقٍ. (¬4) "سنن أبي داود" (192) كتاب: الطهارة، باب: في ترك الوضوء مما مست النار. والنسائي 1/ 109 كتاب: الطهارة، باب: المضمضة من السويق، من حديث جابر - رضي الله عنه -. والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود". (¬5) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 279.

قال: وأقرب ما يستروح إليه قول الخلفاء الراشدين، وجماهير الصحابة، وما دلَّ عليه الحديثان، هو القول القديم، وهو وإن كان شاذًّا في المذهب فهو قويٌّ في الدليل. وقد اختاره جماعة من محققي أصحابنا المحدثين، وأنا ممن اعتقد رجحانه. 208 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلاةِ، فَأَلْقَى السِّكِّينَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [675، 2923، 5408، 5422، 5462 - مسلم: 355 - فنح: 1/ 311] (يحيى بن بكير) نسبة إلى جده؛ لشهرته به، وإلا فأبوه: عبد الله بن بكير. (رأى رسول الله) في نسخة: "رأى النبي". (يحتزُّ) بمهملة وزاي مشددة، أي: يقطع. (من كتف شاة) بفتح الكاف، وبكسر التاء، وبكسر الكاف، وسكون التاءِ، وزاد في الأطعمة من طريق معمر عن الزهري: (يأكل منها) (¬1). (فُدِعي إلى الصلاة) الداعي له بلال، كما في حديث النسائي (¬2). (فألقى السكين) قال في الأطعمة في رواية: (فألقاها، والسكين) أي: ألقى كتف الشاة، والسكين، وهو بكسر السين تذكر وتؤنث، وحكى الكسائي: سكينة. (وصلى) في نسخة: "فصلَّى". وفي الحديث: الاستعجال للصلاة، وأن الشهادة على النفي تقبل ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5408) كتاب: الأطعمة، باب: قطع اللحم بالسكين. (¬2) "سنن النسائي" 1/ 107 - 108 كتاب: الطهارة، باب: ترك الوضوء مما غيرت النار. من حديث أم سلمة، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي".

51 - باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ

إذا كان محصورًا، وجواز قطع اللحم بالسكين، وفي النهي عنه: حديث ضعيف في "سنن أبي داود" (¬1)، ولو ثبت، حُمِلَ علَى عدم الحاجة الداعية إلى ذلك؛ لما فيه من التشبيه بالأعاجم وأهل الترفه. 51 - بَابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّويقِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ (باب: من مضمض من السويق ولم يتوضأ) تقدم بيان السويق. 209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ، وَهِيَ أَدْنَى خَيْبَرَ، "فَصَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ، فَلَمْ يُؤْتَ إلا بِالسَّويقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى المَغْرِبِ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [215، 2981، 4175، 4195، 5384، 5390، 5454، 5455 - فتح: 1/ 312] (بشير) بضمِّ الموحدة، وفتح المعجمة. (سويد بن النعمان) بضم النون، وليس له في البخاري غير هذا الحديث، ولم يرو عنه غير بشير بن يسار. (عام خيبر) أي: غزوتها، وهي غير منصرفة؛ للعلمية والتأنيث، وسميت باسم رجل من العماليق اسمه: خبير نزلها (¬2). (حتَّى إذا كان) أي: الرسول - صلى الله عليه وسلم - (بالصهباء) بالموحدة والمدِّ. (أدنى خيبر) أي: أسفلها، وهو طرفها مما يلي المدينة. ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (3778) كتاب: الأطعمة، باب: في أكل اللحم. عن عائشة رضي الله عنها وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود". (¬2) ذكر أبو القاسم الزجاجي أنها سميت بخيبر بن قانيه بن مهلائيل بن إرم بن عبيل، وعبيل أخو عاد بن عوض بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام. انظر: "معجم البلدان" 2/ 410.

(فصلَّى) عطف على كان فإذا ظرفية، وفي نسخة: "نزل فصلَّى" فهو عطف على (نزل) وإذا شرطية، فنزل فصلَّى جزاؤها. (بالأزواد) جمع زاد، وهو ما يطعم في السفر. (به) أي: بالسويق: (فَثُرِّيَ) بضم المثلثة، وبالراء المشددة، ويجوز تخفيفها، أي: بُلَّ بالماء لمَّا لحقه من اليبس. (فأكلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكلنا) أي: من السويق، زاد في رواية تأت: (وشربنا) (¬1) أي: من الماء، أو مائع السويق. (فمضمض ومضمضنا) فائدة المضمضة من السويق وإن كان لا دسم له: أن يزول بها ما بقي منه بين الأسنان ونواحي الفم فيشغله تتبعه عن أحواله في الصلاة. وهو يدل على ندب المضمضة بعد تناول الطعام. 210 - وحَدَّثَنَا أَصْبَغُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَكَلَ عِنْدَهَا كَتِفًا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [مسلم: 356 - فتح: 1/ 312] (وحدثنا) في نسخة: "حدثنا" بلا واو. (أكل عندها كتفًا) أي: لحم كتف، ولا مطابقة بين الحديث والترجمة، وقد قالوا: إن وضعه هنا من قلم النساخ، وإن نسخة الفربري التي بخطه: تقديمه إلى الباب السابق. وفي الحديث: إباحة أخذ الزاد في السفر؛ ردًّا على من قال من الصوفية: لا يدخر شيئًا لغده، ونظر الإمام لأهل العسكر عند قلة الأزواد بجمعها؛ ليقوت من لا زاد له. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (215) كتاب: الوضوء، باب: الوضوء من غير حدث.

52 - باب: هل يمضمض من اللبن؟

52 - بَابٌ: هَلْ يُمَضْمِضُ مِنَ اللَّبَنِ؟ (باب: هل يمضمض من اللبن) أي: إذا شربه، وفي نسخة: بدل (تمضمض) "يمضمض". 211 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَقُتَيْبَةُ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ، وَقَالَ: "إِنَّ لَهُ دَسَمًا" تَابَعَهُ يُونُسُ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [5609 - مسلم: 358 - فتح: 1/ 313] (عقيل) بضمِّ العين. (فمضمض) زاد مسلم قبله: (ثم دعا بماءٍ) (¬1). (دسمًا) بيانٌ لِعِلَّة المضمضة من اللبن، والدسم: ما يظهر على اللبن من الدهن، ويقاس بذلك ندب المضمضة من كلِّ ما له دسم. (تابعه) أي: تابع عقيلًا. (يونس) أي: ابن يزيد. 53 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ، وَمَنْ لَمْ يَرَ مِنَ النَّعْسَةِ وَالنَّعْسَتَيْنِ، أَوِ الخَفْقَةِ وُضُوءًا. (¬2). (باب: الوضوء من النوم) أي: المأخوذ ذلك من مقتضى ¬

_ (¬1) رواه مسلم (358) كتاب: الحيض، باب: نسخ الوضوء مما مست النار. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 40: إن قيل أن الترجمة تشعر بأن النعاس لا يوجب الوضوء والحديث مشعر بالنهي عن الصلاة ناعسًا فجوابه: أنه استنبط عدم الانتقاض بالنعاس من قوله: "إذا صلى وهو ناعس" والواو للحال تقديره "إذا" فقد فعله مصليًا مع النعاس، فدل على بقاء وضوئه.

الحديث الآتي. (ومن لم ير من النعسة والنعستين، والخفقة وضوءًا) عطف على الوضوء، والنعسة: فتور في الحواس، وتسمى الوسن. والخفقة: تحريك الرأس حال النعاس. 212 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ، حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ". [مسلم: 786 - فتح: 1/ 313] (عن هشام) في نسخة: "عن هشام بن عروة". (إذا نعس) يقال: (نعس) بفتح العين (ينعس) بضمها وفتحها نعسًا ونعاسًا. (فليرقد) أي: بعد تمام صلاته، فرضًا كانت أو نفلًا، فالنعاس سببٌ للنوم، أو للأمر به. (إذا صلَّى وهو ناعس) إن قلت: ما الفرق بين قوله: نعس وهو يصلي، وصلَّى وهو ناعس؟ قلت: هو الفرق بين ضرب قائمًا، وقام ضاربًا، وهو احتمال القيام بلا ضرب في الأول، واحتمال الضرب بلا قيام في الثاني. وإنما اختار في الحديث ذاك ثم وهذا هنا؛ لأن الحال قيد وفضله والقصد في الكلام ما له قيد، فالقصد في الأول: غلبة النعاس لا الصلاة؛ لأنه العلة في الأمر بالرقاد، فهو المقصود الأصلي في التركيب، وفي الثاني: الصلاة لا النعاس؛ لأنها العلة في الاستغفار، ¬

_ وقوله: "فليتم" أي يتجوز في صلاته- ويتمها وينام لا أنه يقطع صلاته بمجرد النعسة. ويجوز أن يريد بقوله: باب: الوضوء من النوم، انقسام النوم إلى ما لا ينقض، كالنعاس وإلى ما ينقض، كالمستغرق غير الممكن حقه.

54 - باب الوضوء من غير حدث

فهي المقصود في التركيب، إذ تقدير الكلام: فإن أحدكم إذا صلَّى وهو ناعس يستغفر. (لعله يستغفر) أي: يريد أن يستغفر. (فيسب نفسه) أي: يدعو عليها، وهو بالرفع عطف على ما قبله، وبالنصب جواب لعلَّ (¬1)؛ لأنها كلَيْتَ، وفي نسخة: "يسب" بلا فاءٍ، وهو حال. والترجي في لعل عائدٌ إلى المصلِّي لا إلى المتكلم به، أي: لا يدري أمستغفرٌ أم سابٌّ، مترجيًا للاستغفار وهو في الواقع بضدِّ ذلك. 213 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ فَلْيَنَمْ، حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقْرَأُ". [فتح: 1/ 315] (إذا نعس) أي: "أحدكم" كما في نسخة. (فلينم) أي: بعد تمام صلاته. 54 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ. (باب: الوضوء من غير حدث) أي: باب بيان حكمه. 214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ¬

_ (¬1) تكون الفاء ناصبة للفعل في جواب الأمر والنهي والدعاء والاستفهام والتحضيض والعرض والتمني والنفي والترجي. وقد اختُلف في الأخير، وهو الترجي: فذهب الكوفيون إلى نصب الفعل بعده بالفاء واستدلوا بقراءة حفص: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} وردَّ ذلك البصريون، وتأولوا هذا القراءة على أن لعل أُشربت معنى ليت. وظاهر كلام المصنف: اختيار مذهب البصريين حيث قال: وبالنصب جواب (لعل) لأنها كلَيْتَ.

عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ" قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: يُجْزِئُ أَحَدَنَا الوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ. [فتح: 1/ 315] (حدثنا سفيان) في نسخة: "أخبرنا سفيان". (أنسًا) في نسخة: "أنس بن مالك". (ح) إشارة إلى التحويل، أو الحائل، أو صحَّ، أو الحديث كما مرَّ. (قال) أي: البخاري. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (لكل صلاة) أي: مفروضة، قيل: ويحتمل شمول النفل أيضًا؛ بناء على التجديد له، ومعلوم أن ذلك في الغالب. (قلت) القائل هو عمرو بن عامر. (يجزيء) بضمِّ الياء: "يكفي " كما في نسخة، يقال: أجزأني الشيء، أي: كفاني، ففعْل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان على جهة الأفضلية؛ لأن الأصل عدم الوجوب، والأمر في آية: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] المقتضية لوجوب الوضوء كلما قام إلى صلاة، وإن لم يحدث حُمِلَ عَلى أنه للندب، أو له للوجوب؛ إعمالًا للمشترك في معنييه، أو أن الخطاب فيها للمحدثين. 215 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ، "صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَصْرَ، فَلَمَّا صَلَّى دَعَا بِالأَطْعِمَةِ، فَلَمْ يُؤْتَ إلا بِالسَّويقِ، فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَغْرِبِ، فَمَضْمَضَ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا المَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [انظر: 209 - فتح: 1/ 316] (حدثنا سليمان) أي: "ابن بلال" كما في نسخة، وفي نسخة: "أخبرنا سليمان". (حدثني يحيى) في نسخة: "حدثنا يحيى". (وشربنا) أي: من السويق ومن الماء. (ولم يتوضأ) لا ينافي ما مرَّ في الحديث السابق؛ لأن فعله ثَمَّ كان غالب أحواله كما مرَّ، وهنا لبيان

55 - باب: من الكبائر أن لا يستتر من بوله

الجواز، لا يقال أن ذلك من تعارض النفي والإثبات، فيقدم الإثبات؛ لأنا نقول: إنَّ ذلك في النفي المحصور، وهنا غير محصور. 55 - بَابٌ: مِنَ الكَبَائِرِ أَنْ لَا يَسْتَتِرَ مِنْ بَوْلِهِ. (باب: من الكبائر أن لا يستتر من بوله) الكبائر: جمع كبيرة، وهي ما أوجب حدًّا، أو ما توعد عليه بخصوصه، على ما بينته في غير هذا الكتاب. 216 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ، أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ" ثُمَّ قَالَ: "بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ". ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ، فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: "لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا" أَوْ: "إِلَى أَنْ يَيْبَسَا". [218، 1361، 1378، 6052، 6055 - مسلم: 292 - فتح: 1/ 317] (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (منصور) أي: ابن المعتمر. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (بحائط) أي: بستان من النخل عليه جدار. (من حيطان المدينة، أو مكة) شكٌّ من جرير، ورواه البخاري في "الأدب المفرد" بلفظ: (من حيطان المدينة) (¬1) بالجزم. (في قبورهما) عبر بالجمع في موضع التثنية لا من اللبس، وإلا فالتثنية في مثله أكثر؛ لأن المضاف إذا لم يكن جزء المضاف إليه فالأكثر التثنية، نحو: سَلَّ الزيدان سيفيهما، ويجوز فيه الجمع إن أمن اللبس، وإن كان جزءه جاز إفراده وجمعه وهو أجود كما ¬

_ (¬1) "الأدب المفرد" ص 347 (965) باب: ما يقول الرجل إذا خدرت رجله.

في {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، وجاز تثنيته وهي وإن كانت الأصل، قليلة الاستعمال. (وما يعذبان في كبير) أي: عند الناس؛ لعدم المشقة عليهم في الاحتراز عنه. (ثم قال: بلى) هي إيجابٌ للنفي، أي: بلى لا يعذبان في كبير، أي: عند الله؛ لعظم إثمه، فهو مع ما قبله نظير قوله تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15]، وفي نسخة: بدل (بلى): "بل". (لا يستتر من بوله) يعني: لا يتنزه عنه، بدليل روايته في نسخة بلفظ: "لا يستبرئ" أي: لا يستفرغ البول جهده بعد فراغه منه. (يمشي بالنميمة) وهي نقل كلام الناس بعضهم لبعض بقصد الإفساد. (كسرتين) بكسر الكاف: تثنية كِسرة، وهي القطعة من الشيءِ المكسور. (لعله أن) شبه لعلَّ بعسى، فقرنها بأن. (عنهما) في نسخة: "عنها"، أي: عن النفس. (ما لم تيبسا) بمثناة فوقية، بالتأنيث؛ باعتبار عود الضمير إلى الكسرتين، وبمثناة تحتية، بالتذكيرة باعتبار عود الضمير إلى العودين؛ لأن الكسرتين عودان، وفي نسخة: "إلا أن ييبسا"، وفي أخرى: "إلى أن ييبسا"، والباءُ في الجميع مفتوحة، من باب: علم، يعلم، وقد تكسر في لغة شاذة. ثم ما ذكر كان بالوحي، كما قاله المازري وردَّه بأنه: لو كان بالوحي لما أتي بحرف الترجي. أجيب عنه: بأن لعل هنا للتعليل (¬1)، أو أنه شفع لهما في ¬

_ (¬1) كون (لعل) للتعليل أثبته الكسائي والأخفش وحملا على ذلك قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. وقال الأخفش: قوله تعالى: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} نحو قول الرجل لصاحبه:

56 - باب ما جاء في غسل البول

التخفيف هذا المدة، وكانا مسلمين؛ إذ لو كانا كافرين لم يدع لهما بتخفيف العذاب، ولا ترجَّاه لهما. 56 - باب مَا جَاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبِ القَبْرِ: "كَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ". وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى بَوْلِ النَّاسِ. (باب: ما جاء في غسل البول) أي: بول الإنسان. (وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لصاحبِ القبرِ) أي: لأجله، أو عنه، فاللامُ للتعليلِ، أو بمعنى: عنه. (كان لا يَسْتَتِرُ) في نسخةٍ: "لا يستبرئُ". (من بولِه). (ولم يَذُكُرْ) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (سِوى بولِ النَّاس) أخذ البخاريُّ هذا من إضافة البول إلى القبور، والقصد: أنَّ نجاسة البولِ بما ذكر هنا خاصٌّ ببول الناسِ، أما نجاسةُ بولِ سائرِ الحيوانِ، فلها دلائلٌ مذكورةٌ في محلِّها. 217 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ القَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا تَبَرَّزَ لِحَاجَتِهِ، أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَيَغْسِلُ بِهِ". [انظر: 150 - مسلم: 271 - فتح: 1/ 321] (حدثنا إسماعيل) في نسخةٍ: "أخبرنا إسماعيل". (كان النبي) في نسخةٍ: "كان رسول الله". (تبرز) أي: خرج إلى البَرَاز بفتح الباءِ، أي: الفضاء الواسع، كنوا به عن قضاءِ الحاجة. ¬

_ افْرَغَ لعلنا نتغدى، والمعنى: لنتغدى. ومذهب سيبويه والمحققين: أن لعلَّ في ذلك كله للترجي.

(فيغتسل) في نسخة: "فيغسل" أي: ذكره، وفي أخرى: "فتغسَّل" بفتح الفوقية والغين، والسين المشددة. - باب (باب) بلا ترجمة فهو كالفصلِ من سابقه. 218 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: "إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ" ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: "لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا" وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا مِثْلَهُ: "يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ". [انظر: 216 - مسلم: 292 - فتح: 1/ 322] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (محمد بن خازم) بخاءٍ معجمة وزايٍ. (ليعذبان) أسند العذاب إلى القبرينِ مجازًا من باب: ذكر المحل وإرادة الحال، أو من باب: حذف المضاف، أي: ليعذب صاحبا القبرين. (لا يستتر) في نسخة: "لا يستبرئ" بالموحدة. (لم فعلت) أي: "هذا" كما في نسخة. (قال ابن المثني) في نسخةٍ: "وقال محمد بن المثني" والغرض من مقوله: أن الأعمش صرَّح في هذا السند بـ (سمعت) وهو مدلس، وعنعنة المدلس لا يعمل بها إلا إذا ثبت السماع من طريق آخر. وعبَّر هنا بـ (قال) رعايةً للفرق بينه وبين حدثني؛ لأن (قال) [أحط رتبة. (مثله) أشار به إلى أنه لم يذكر لفظ] (¬1) الحديث بعينه. ¬

_ (¬1) من (م).

57 - باب ترك النبي صلى الله عليه وسلم والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد

57 - بَابُ تَرْكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ الأَعْرَابِيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ فِي المَسْجِدِ (باب: ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس الأعرابيَّ حتَّى فرغ من بوله في المسجد) أي: النبوي. 219 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى أَعْرَابِيًّا يَبُولُ فِي المَسْجِدِ فَقَالَ: "دَعُوهُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ". [221، 6025 - مسلم: 284 - 285 - فتح: 1/ 322] (أخبرنا إسحاق) أي: ابن عبد الله بن أبي طلحة، وفي نسخةٍ: "حدثنا إسحق". (رأى أعرابيًّا) هو ذو الخويصرة اليماني، أو الأقرع بن حابس التميمي، ووصف الأعرابيَّ بقوله: (يبول في المسجد) فزجره الناس. (فقال: دعوه) أي: اتركوه. (حتَّى إذا فرغ) أي: "من بوله" كما في نسخة، وهذا من كلامِ أنسٍ، و (حتَّى) ابتدائية، و (إذا) شرطية. (فَصَبَّهُ) أي: أمر بصبه، وفي نسخة: "فَصَبَّ". وفي الحديث: تنزيه المسجد من الأقذار، وتطهير الأرض بالصبِّ وإن لم تحفر، خلافًا لأبي حنيفة، وطهارة غسالة النجاسة إذا طهر المحل، ولم يتغير، والرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف ولا إيذاء إذا لم يظهر استخفافه أو عناده، ودفع أعظم الضررين بأخفهما؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - تركه لئلا يتضرر، والتنجس قد حصل، فاحتمال زيادته أولى من إيقاع الضرر به؛ ولأنه لو قام في أثناء البول؛ لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع من المسجد.

58 - باب صب الماء على البول في المسجد

58 - باب صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ. (باب: صب الماء على البول في المسجد) أي: النبوي، ومثله غيره من المساجد. 220 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ". [6128 - فتح: 1/ 324] (فتناوله الناس) أي: بألسنتهم لا بأيديِهم. (وهريقوا) تقدم بيانُه. (سَجلًا) بفتح السين أي: دلوًا فيه ماء. (أو ذنوبًا) بفتح المعجمة، أي: دلوًا مملوءًا ماء، وهو مع ما قبله من كلام النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيكون تخييرًا، أو من كلام الراوي فيكون شكًّا منه. (إنما بُعثتم) المبعوث حقيقة: هو النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، لكن لما كانت الصحابة مقتدين به، ومهتدين بهديه سُمُّوا مبعوثين أيضًا، فجمع اللفظ باعتبار ذلك. حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [مسلم: 284 - فتح: 1/ 324] (عبد الله) بن المبارك. بَابُ: يُهَرِيقُ المَاءَ عَلَى البَوْلِ. (باب: يهرق الماءَ على البول) ساقط من نسخة. وفيها بدله "ح" علامة للتحويل. (حدثنا خالد) في نسخة: "وحدثنا خالد" بواو. (قال: وحدثنا سليمان) أي: ابن بلال، وفي نسخةٍ: "حدثنا سليمان" بلا واو.

59 - باب بول الصبيان

221 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ المَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، "فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ". [انظر: 219 - مسلم: 284، 285 - فتح: 1/ 324] (طائفة المسجد) أي: قطعة من أرضه. (فنهاهم) أي: عن زجره. (فأهريق) بهمزةٍ مضمومة، وبفتح الهاء وسكونها، وفي نسخةٍ: "فهريق" بحذف الهمزة، وضمَّ الهاءِ. 59 - باب بَوْلِ الصِّبْيَانِ. (باب: بول الصبيان) بكسر الصاد، وحكي ضمها: جمع صبيٍّ، والجارية: صبية، وجمعها: صبايا. 222 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: "أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ". [5468، 6002، 6355 - مسلم: 286 - فتح: 1/ 325] (عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: أُتِيَ) في نسخة: "عن عائشة أم المؤمنين: أُتِيَ". (بصبي) هو الحسين، أو حسن بن علي، أو عبد الله بن الزبير، أو سليمان بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص. (فأتبعه) بفتح الهمزة. 223 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ، أَنَّهَا "أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ، لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ". [5693 - مسلم: 287 - فتح: 1/ 326] (بنت محصن) في نسخة: "ابنة محصن". (في حجره) بكسر الحاءِ وفتحها.

60 - باب البول قائما وقاعدا

60 - بَابُ البَوْلِ قَائِمًا وَقَاعِدًا. (باب: البول قائمًا وقاعدًا) أي: بيان حكمه. 224 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ "أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ". [225، 226، 2471 - مسلم: 273 - فتح: 1/ 328] (حذيفة) أي: ابن اليمان، واسم اليمان: حسيل بمهملتين مصغَّرًا، ويقال: حِسْل. بكسر ثم سكون، العبسيُّ بموحدة. (سُباطة قوم) بضم المهملة: الكناسة التي تطرح بأفنية البيوت، ويقال لها: مزبلة. (فبال قائمًا) أي: لبيان الجواز أو لتداوٍ من مرضٍ، أو لعدم وجوده مكانًا يصلح للقعود، وإن كان مكروهًا في حقِّ غيره كراهة تنزيه لغير حاجة، وجواز بوله في سباطة القوم؛ لأنها ليست ملكًا لهم بل مختصة بهم، أو لأنهم أذنوا لمن أراد ذلك صريحًا، وبالمعنى. قال النوويُّ (¬1): وأظهر الوجوه أنَّهم كانوا يؤثرون ذلك، ولا يكرهونه بل يفرحون به، ومَنْ هذا حاله يجوز البول في أرضه، والأكل من طعامه. وفي الترجمة: ذكر البول قاعدًا، ووجه أخذ جوازه من الحديث: أنه إذا جاز قائمًا فقاعدًا أولى؛ لأنه أمكن. 61 - بَابُ البَوْلِ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَالتَّسَتُّرِ بِالحَائِطِ. (باب: البول عند صاحبه، والتستر بالحائط) أي: بيان [حكم] (¬2) ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 166. (¬2) من (م).

62 - باب البول عند سباطة قوم

كلٍّ منهما، وقوله: (صاحبه) أي: صاحب البائل. 225 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: "رَأَيْتُنِي أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَمَاشَى، فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ، فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ، فَأَشَارَ إِلَيَّ فَجِئْتُهُ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ". [انظر: 224 - مسلم: 273 - فتح: 1/ 329] (رأيتُني) بضم التاء وهي فاعل، والياء مفعول، وجاز كونهما واحدًا، لأن أفعال القلوب يجوز فيها ذلك. (أنا والنبيَّ) بنصب (النبيَّ) عطفًا على مفعول رأى، وبرفعه عطفًا على (أنا) المذكور للتأكيد. (فانتبذت) بنون فمثناة فوقية، فموحدة، وذالٍ معجمة، أي: ذهبت ناحية، يقال: جلس فلان نبذة بفتح النون وضمها، أي: ناحية. (فأشار إليَّ) أي: برأسه، وفيه: دليل على أنه لم يبعد منه بحيث لا يراه؛ لأنه كان يحرسه. (فقمت عند عقبه) في نسخة: "فقمت عند عقبيه". 62 - بَابُ البَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ (باب: البول عند سباطة قوم) أي: بيان حكمه. 226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي البَوْلِ، وَيَقُولُ: "إِنَّ: بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ. فَقَالَ: حُذَيْفَةُ لَيْتَهُ أَمْسَكَ "أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا" [انظر: 224 - مسلم: 273 - فتح: 1/ 329] (يشدد في البول) أي: يحتاط في أمره، حتَّى كان يبول في قارورة؛ خوفًا من أن يصيبه شيءٌ من رشاشه. (إنَّ بني إسرائيل) هو

63 - باب غسل الدم

يعقوب بن إسحق، فإسرائيل لقبه. (كان إذا أصاب) أي: البول. (ثوب أحدهم قرضه) بمعجمةٍ، أي: قطع محل البولِ منه بالمِقراض، واسم (كان) ضمير الشأن، وإلا لقال: كانوا. (ليته) أي: ليت أبا موسى. (أمسك) نفسه عن هذا التشديد، أو لسانه عن القول الذي قاله، أو كليهما، وقصده: أن ذلك خلاف السنة. فقد (أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سباطة قوم، فبال قائمًا) لم [يتكلف] (¬1) البول في قارورة. 63 - باب غَسْلِ الدَّمِ. (باب: غسل الدم) أي: دم الحيض، ويقاس به سائر الدماء. 227 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ: "تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، وَتَنْضَحُهُ، وَتُصَلِّي فِيهِ". [307 - مسلم: 291 - فتح: 1/ 330] (حدثتني فاطمة) هي زوجة هشام: بنت المنذر بن الزبير. (جاءت امرأةٌ النبيَّ) في نسخةٍ: "إلى النبي " والمرأة: هي أسماء بنت أبي بكر، كما في رواية الشافعي، ولا يبعد أن يبهم الراوي اسم نفسه، وقيل: هي أسماء بنت شكل، وقيل: أسماء بنت يزيد، وصوَّبه جماعة، أتبعتهم في غير هذا الكتاب، والأوجه: ما قدَّمتُه هنا. (أرأيت إحدانا تحيضُ) حال كونها. (في الثوب) ومن ضرورة ذلك غالبًا وُصُول الدم إليه. (كيف تصنع) أي: به، ومعنى: أرأيت بفتح التاء: أخبرني، كما مرَّ بيانه. ¬

_ (¬1) من (م).

(قال) في نسخة: "فقال". (تُحُّته) بضم المهملة، وبالفوقية المشددة، أي: تفرُكُه. (ثم تقرصه بالماء) بفتح الفوقية، وضمِّ الراءِ، والصاد المهملة، أي: تقلعه، بأن تقلع الدمَ منه بالظفرِ، أو بالأصابعِ بمعونةِ الماء، وفي نسخة: "تُقرِّصُه" بضم الفوقية، وكسر الراء المشددة، وضم الصاد المهملة، أي: تقطعه، بأن تزيل الدم عنه بالماء. (وتنضحه) بفتح أوله وثالثه، يعني: تغسله، بأن تصب الماءَ عليه قليلًا قليلًا، وفي نسخة: "ثم تنضحه". (وتصلِّي فيه) في نسخة: "ثم تصلي فيه". وفي الحديث: تعيَّن الماء؛ لإزالة جميع النجاسات دون غيره من المائعات؛ إذ لا فرق بين الدم وغيره، خلافًا لأبي حنيفة حيث جوَّزَ تطهير النجاسة بكلِّ مائعٍ طاهر، وأما خبر عائشة: ما كان لإِحدانا إلا ثوبٌ واحدٌ فإذا أصابه شيءٌ من دم الحيض، قالت بريقها فمصعته بظفرها (¬1). فأجيب عنه: بأنها أرادت بذلك تحليل أثر الدم ثم غسله. 228 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي" - قَالَ: وَقَالَ أَبِي: - "ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ". [306، 320، 325، 331 - مسلم: 333 - فتح: 1/ 331] (حدثنا محمد هو ابن سلام) بتخفيف اللام: البيكندي، وفي نسخةٍ: "حدثنا محمدٌ" وفي أخرى: "حدثنا محمد بن سلام" وفي ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (312) كتاب: الحيض، باب: هل تصلي المرأة في ثوب واحد.

64 - باب غسل المني وفركه، وغسل ما يصيب من المرأة

أخرى: "حدثنا محمد يعني: ابن سلام". (حدثنا أبو معاوية) وفي نسخةٍ: "أخبرنا أبو معاوية". (ابنة أبي جبيش) وفي نسخة: "بنت أبي حبيش" واسمه: قيس بن المطلب. (إني امرأةٌ أُستحاض) بضم الهمزة، أي: يستمر بي الدمُ بعد أيامي المعتاد؛ إذ الاستحاضة: دمٌ يخرج من عرقٍ يُسَمَّى بالعاذل بذال معجمة، بخلاف الحيض، فإنه يخرج من قعر الرحم. (أفأدع الصلاة؟) أي: أتركها، والفاء عاطفة على مقدر قبلها، أي: أيكون لي حكم الحائض فأدعُ الصلاة. (لا) أي: لا تدعيها. (إنما ذلكِ) بكسر الكاف؛ لأن الخطاب للمؤنث. (عِرْقٌ) أي: دم عرق، يُسَمَّى بالعاذل كما مرَّ. (وليس بحيض) أي: لأنه يخرج من قعر الرحم، كما مرَّ. (فإذا أقبلت حَيضتُك) بفتح الحاءِ: المرة من الحيض، وبكسرها: الهيئة منه. وصحح النوويُّ الأول (¬1). (فاغسلي عنك الدم) أي: واغتسلي؛ لانقطاع الحيض. (ثم صلِّي) أي صلاة تدركينها. (قال) أي: هشام. (وقال أبي) أي: عروة بن الزبير. (ثم توضَّئي لكلِّ صلاةٍ حتَّى يَجيءَ ذلك الوقت) أي: وقت إقبال الحيض. وفي مسألة الاستحاضة تفاصيلُ معروفةٌ في كتب الفقه. 64 - بَابُ غَسْلِ المَنِيِّ وَفَرْكِهِ، وَغَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ (باب: غسل المنيِّ وفركه) أي: دلكه حتَّى يذهب أثره. (وغسل ما يصيب) الثوب وغيره. (من المرأة) أي: من الرطوبة الحاصلة من ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 21.

فرجها عند مخالطته إياها. 229 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الجَزَرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كُنْتُ أَغْسِلُ الجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ، وَإِنَّ بُقَعَ المَاءِ فِي ثَوْبِهِ". [230، 231، 232 - مسلم: 289 - فتح: 1/ 332] (أخبرنا عبدُ الله) أي: "ابنُ المبارك" كما في نسخة. (عمرو بن ميمون) في نسخة: "عمرو بن مهران". (الجزريُّ) نسبة إلى الجزيرة. (كنت أَغْسِلُ الجنابة) أي: أثرها. (من ثوبِ النبيِّ) في نسخةٍ: "من ثوب رسول الله". (فيخرج) أي: من الحجرة. (إلى الصلاة) أي: في المسجد. (وإنَّ بُقَعَ الماءِ في ثوبه) الجملةُ حال و (بُقَع) بضم الموحدة وفتح القاف: جمع بقعة، أي: موضع يخالف لونه ما يليه، ومنه: غرابٌ أبقع. وفي نسخةٍ: بتسكين القاف: جمع بقعة، كتمرة وتمر، ونحوها مما يفرق بين جنسه وواحده بالتاءِ. والغسل في الحديث محمولٌ على الندب، جمعا بينه وبين حديثِ ابنيَّ خزيمة وحِبَّان في صحيحيهما: كانت تحكه وهو يصلِّي (¬1). واكتفى البخاريُّ عن ذكر حديث لفركِ المنيِّ المذكور في الترجمة بالإشارة إليه فيها كعادته، أو كان غرضه ذكر حديث يتعلق به، فلم يتفقْ له، أو لم يجده على شرطه، وأمَّا ما يصيب من رطوبة فرج المرأة، ¬

_ (¬1) "صحيح ابن خزيمة" 1/ 147 (290) كتاب: الوضوء، باب: ذكر الدليل على أن المني ليس بنجس، والرخصة في فركه. و"صحيح ابن حبان" 4/ 219 (1380) كتاب: الطهارة، باب: ذكر الخبر المدحض.

65 - باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره

فاكتفي عن ذكر حديث له بحديث غسل المنيِّ؛ لأنه يختلط بها عند الجماعِ، أو بما سيأتي في آخر كتاب: الغسل. 230 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ مَيْمُونٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ المَنِيِّ، يُصِيبُ الثَّوْبَ؟ فَقَالَتْ: "كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ، وَأَثَرُ الغَسْلِ فِي ثَوْبِهِ" بُقَعُ المَاءِ. [انظر: 229 - مسلم: 289 - فتح: 1/ 332] (حدثنا يزيد) أي: ابن زُريع، أو ابن هارون. (عمرو) أي: ابن ميمون. (عن سليمان) أي: ابن يسار. (قال: سَالْتُ عائشةَ) قال هنا: "سألت" وفي السند السابق: "سمعت" وكلٌّ من السماع والسؤال لا يستلزم الآخر، فجمع بينهما؛ ليدل على صحتهما. (وأثر الغَسْلِ في ثَوْبِهِ) حال. (بُقَعُ المَاءِ) بالرفع، خبرُ مبتدإٍ محذوف، كأنه قيل: ما الأثر الذي في ثوبه؟ فقالت: هو بُقَعُ الماء، ويجوز النصب بفعل محذوف، كأعني، أو أخص. 65 - بَابُ إِذَا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَهَا فَلَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ (باب: إذا غسل الجنابة أو غيرها) كدم الحيض وغيره من النجاسة العينية. (فلم يذهب أثره) أي: أثر ذلك المغسول، وجواب (إذا) محذوف، أي: لا يضر، لطهارة المحل حينئذٍ، ومحله في النجاسة: إذا عسر زوال أثرها من لون، أو ريح، وإلا ضرَّ؛ لبقاءِ المحلِّ على نجاسته.

231 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ المِنْقَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ فِي الثَّوْبِ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: "كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ، وَأَثَرُ الغَسْلِ فِيهِ" بُقَعُ المَاءِ. [انظر: 229 - مسلم: 289 - فتح: 1/ 334] (موسى) في نسخة: "موسى بن إسماعيل" وفي أخرى: "موسى المنقري" [بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف، (¬1). (سألت سليمان) في نسخةٍ: "سمعت سليمان". (في الثوب) أي: في حكمه، و (في) على الأولى بمعنى: عن، متعلقة بـ (سألتُ) وعلى الثانية: باقية على معناها، متعلقة بقوله: (قال) والمعنى: سمعته قال في حكم الثوب. (كنت أغسله) أي: أثر الجناية. (وأثر الغسل) أي: مائه. (فيه) أي: في الأثر، أو في الثوب، وهو خبر (أثر) والجملة حال. (بُقَعُ الماء) بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، ويجوز نصبه؛ نظير ما مرَّ في الباب قبله. 232 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُ المَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَرَاهُ فِيهِ بُقْعَةً أَوْ بُقَعًا". [انظر: 229 - مسلم: 289 - فتح: 1/ 335] (زهير) أي: ابن معاوية. (من ثوب النبيِّ) في نسخةٍ: "من ثوب رسول الله". (ثم أَرَاه) من قول عائشة، أي: ثم أَرى ثوب النبيِّ، أي: أبصره، فهو نقل للفظها ¬

_ (¬1) من (م).

66 - باب أبوال الإبل، والدواب، والغنم ومرابضها

بعينه، وما قبله نقلٌ عنها بالمعنى. (فيه) أي: في الثوب. (بُقعةً) بدلٌ من مفعول (أراه) فمفعول (أراه) في نية الطرح بقرينة حذفه [في نسخةٍ.] (¬1) فبقي المعني. "ثم أرى في ثوب النبيِّ بقعة" فـ (بُقْعَةً) على النسخة الثانية: مفعول (أرى). (أو بقعًا) عطف على بقعة. والظاهر: أنَّ ذلك من قول عائشة وينزل على حالتين، ويحتمل أن يكون شكًّا أحد من رواته. ووجه أخذ باقي الترجمة، وهو غسل غير الجنابة من الحديث: القياس على الجنابة. 66 - بَابُ أَبْوَالِ الإِبِلِ، وَالدَّوَابِّ، وَالغَنَمِ وَمَرَابِضِهَا وَصَلَّى أَبُو مُوسَى فِي دَارِ البَرِيدِ وَالسِّرْقِينِ، وَالبَرِّيَّةُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ: "هَاهُنَا وَثَمَّ سَوَاءٌ". (باب: أبوال الإبل والدواب والغنم وَمَرابِضِهَا) بفتحِ الميم: جمعُ مربض، بكسر الموحدة وبالمعجمة، من ربض بالمكان يربض، من باب ضرب يضرب: إذا قام به، والمرابض للغنم، كالمعاطن للإبل، وربوضها، كبروك الإبل، ويقال: مربض الغنم. مأواها (والدَّوَابِّ) جمع دابة، وهي لغةً: ما يدبُّ على الأرض، وعُرفًا: لذواتِ الأربع، وهو المراد هنا، وعطفها على الإبل من عطف العام على الخاص، والغنم إذا عطف على الإبل -وهو المشهور- فالمتعاطفان متغايران، أو على الدواب: فهو من عطف الخاص على العامِّ. ¬

_ (¬1) من (م).

(في دار البريد) بفتح الموحدة: منزلٌ بالكوفة ينزل الرسل إذا حضروا من الخلفاءِ إلى الأمراء. وكان أبو موسَى أميرًا على الكوفة من قبل عمر وعثمان. ويطلق البريد على الرسول، وعلى مسافة اثنى عشر ميلًا. (والسِّرْقين) بكسر السين وفتحها، ويقال له: السرجين، بالجيم: روث الدَّوابِّ، وهو بالجرِّ عطفًا على (دار البريد) وبالرفع مبتدأٌ خبره يؤخذ مما بعده. (والبَريَّةُ إلى جَنْبِه) حال، أي: والحال أن البرية إلى جنب أبي موسَى، وهي بفتح الموحدة، وتشديد الراءِ والتحتية: الصحراءُ. (فقال) أي: أبو موسَى. (هَاهُنا، وثم سَوَاءٌ) أي: ذلك والبريةُ مستويان في جواز الصلاة فيهما، أي: لأنَّ ما فيه من الأرواثِ والبولِ طاهرٌ، فلا فرق بينه وبين البرية. وقصد البخاريُّ من هذا التعليق: الاستدلالَ على طهارة بولِ ما يُؤكل، ولا حجة فيه؛ لاحتمال أنَّه صَلَّى على حائل مع أن هذا من فعل أبي موسَى، وقد خالفه غيره من الصحابة فلا يكون في فعلهِ حجةٌ. 233 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ "فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِلِقَاحٍ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا" فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا، قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ، "فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَأُلْقُوا فِي الحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ". قَالَ أَبُو قِلابَةَ: "فَهَؤُلاءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ". [1501، 3018، 4192، 4193، 4610، 5685، 5686، 5727، 6802، 6803، 6804، 6805، 6899 - مسلم: 1671 - فتح: 1/ 335]

(عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالكٍ". (قدم أُنَاسٌ) بهمزةٍ مضمومةٍ، وفي نسخةٍ: "ناسٌ" بدونها. (من عُكْلٍ) بضم المهملة، وسكون الكاف: قبيلة من تيم الرباب. (أوْ عُرينة) بالتصغير: حي من بجيلة. قال شيخُنُا: والشكُ من حمَّادٍ (¬1). (فَاجْتَووَا المدينة) بجيمٍ وواوين أي: كرهوا الإقامة بها؛ لِما فيها من الوخم، وأصابهم فيها الجوى، وهو داءُ الجوفِ إذا تطاول. (بلقاح) بكسر اللام: جمع لقوح بفتحها: وهي الناقة الحلوب قال ابن سعد: كان عدتها خمسة عشر (¬2). (وأن يشربوا) في محلِّ جرِّ عطف على (لقاح). (فلما صحُّوا) بتشديد الحاء أي: من مرضهم. (راعي النبيِّ) في نسخةٍ: "راعي رسول الله" واسمه: يسار النوبي. (واستاقوا) أي: سا قوا. (النعم) سوقًا عنيفًا، و (النعم) الإبل والبقر والغنم، والمراد هنا: الإبلُ. (فبعث في آثارهم) أي: سرية، وكانت عشرين. (فقطع أيديهم) أي: يدي كلِّ واحد؛ بناءً على أنَّ أقل الجمع اثنان، أو من توزيع الجمع على الجمع، أو من كلِّ واحدٍ يدًا واحدة، وكذا القول في قوله: (وأرجلهم) وفي نسخةٍ: قبل (فقطع) "فأمر" وفي أخرى: "فأمر بقطع أيديهم". (وسُمرتْ أعينهم) بضمِّ السين مع تخفيف الميم، أشهرُ من تشديدها، أي: كحلت بالمسامير المحمية، وقيل: فقئت -كما في رواية مسلم- (¬3). (سملت) باللام فيكونان بمعنىً؛ لقرب مخرج الراءِ ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 337. (¬2) "طبقات ابن سعد" 2/ 93. (¬3) "صحيح مسلم" (1676) كتاب: القسامة، باب: ما يباح به دم المسلم.

واللام، وإنما فعل بهم ذلك قصاصًا؛ لأنهم فعلوا بالراعي مثلَ ذلك، فليس من المثلة المنهيِّ عنها، وقيل: كان ذلك قبل نزول الحدود، وآية المحاربة. (في الحرَّة) بفتح المهملة والراءِ المشددة: أرض ذات حجارة سود بظاهر المدينة، كأنها أحرقت بالنار. (يستسقون) أي: يطلبون السقي. (فلا يُسْقَوْنَ) المنع من ذلك مع كون الإجماع على سقي من وجب عليه قتله إذا استسقى، إمَّا لأنَّه ليس بأمره - صلى الله عليه وسلم -، أو لأنَّه نهى عن سقيهم لارتدادهم، ففي مسلم: أنهم ارتدوا عن الإسلام، واحتج بالأمر بشربهم البولَ من قال بطهارته أيضًا في بول الإبل، وقياسًا في بول سائر مأكول اللحم. وأجيب: بأنَّ الأمر بذلك محمول على التداوي، وحديث أبي داود: "إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها" (¬1) محمول على غير الضرورة، وأما خبر مسلم: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الخمر: "إنها ليست بدواءِ، إنها داء" (¬2) جوابًا لمن سأله عن التداوي بها. فخاصٌّ بالخمر ونحوه من سائر المسكرات؛ لوجوب الحدِّ فيها؛ ولأن شربها يجرُّ إلى مفاسدٍ كثيرةٍ. ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (3873) كتاب: الطب، باب: في الأدوية المكروهة من حديث علقمة بن وائل عن أبيه بلفظ مختلف ورواه بهذا اللفظ ابن أبي شيبة في "المصنف" 5/ 37 كتاب: الطب، باب: في الخمر يتداوى به والسكر، والطبراني 9/ 345 (9714 - 9717) والبيهقي 10/ 5 كتاب: الضحايا، باب: النهي عن التداوي بالمسكر. كلهم عن ابن مسعود موقوفًا. والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود". (¬2) "صحيح مسلم" (1984) كتاب: الأشربة، باب: تحريم التداوي بالخمر.

67 - باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

(قال أبو قلابة. . . . . إلخ) قال الكرمانيُّ إن كان من قول أيوب فمسند، وإن كان من قول المؤلف فمن تعاليقه (¬1) وقال شيخنا قوله: (سرقوا) قال أبو قلابة استنباطًا، وبقية كلامه مسند لا موقوف عليه (¬2). 234 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، قَبْلَ أَنْ يُبْنَى المَسْجِدُ، فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ". [428، 429، 1868، 2106، 2771، 2774، 2779، 3932 - مسلم: 524 - فتح: 1/ 341] (أخبرنا أبو التيَّاح) في نسخة: "حدثنا أبو التياح" وفي أخرى زيادة: "يزيد بن حميد". (قبل أن يبنى المسجد) أي: النبويَّ. (في مرابض الغنم) استدل بصلاته فيها على طهارة أبو ال الغنم وأبعارها، وأجيب: باحتمال أنه صلَّى على حائل، أو على مكان طاهرٍ من مرابضها. وفي الحديث: مشروعيةُ الطبِّ والتدواي بأبو ال الإبل وألبانها، وأن كلَّ جسد يُطَبَّبُ بما اعتاد. وقتل الجماعة بالواحد، والمماثلة بالقصاص. 67 - بَابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالمَاءِ. (¬3) وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: "لَا بَأْسَ بِالْمَاءِ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ لَوْنٌ" وَقَالَ حَمَّادٌ: "لَا بَأْسَ بِرِيشِ المَيْتَةِ" وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: "فِي ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 87. (¬2) ذكره ابن حجر في "الفتح" 1/ 34. (¬3) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 40 - 41: مقصود البخاري بهذه الترجمة والآثار المذكورة: أن الماء إذا لم يتغير بنجاسة فهو باق على طهارته، كما هو مذهب مالك لأن الريش والعظم لا يغيره ومقصوده بحديث

عِظَامِ المَوْتَى، نَحْوَ الفِيلِ وَغَيْرِهِ: أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ سَلَفِ العُلَمَاءِ، يَمْتَشِطُونَ بِهَا، وَيَدَّهِنُونَ فِيهَا، لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا " وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ: "وَلَا بَأْسَ بِتِجَارَةِ العَاجِ". [فتح: 1/ 342] (باب: ما يقع من النَّجَاسَاتِ في السمن والماء) أي: بيان حكم ذلك. (لا بأس بالماء) أي: لا حرج في استعماله. (ما لم يغيره) أي: الماء (طعم أو ريح أو لون) أي: طعم ما وقع فيه، أو ريحه، أو لونه، وقضيته: أنه لا فرق بين قليل الماءِ وكثيره، وإليه ذهب بعضهم، ومذهب الشافعي وأحمد: أن محله في الكثير وهو ما بلغ قلتين، أما القليل فينجس بالملاقاة، وإن لم يتغير، كما هو مقرر مع أدلته في كتب الفقه. (وقال حمَّاد) هو ابن أبي سليمان، شيخ أبي حنيفة. (لا بأس بريش الميتة) وقضيته: أنه لا فرق بين تغييره الماء وعدم تغييره له، ولا بين قليل الماءِ وكثيره ومذهب الشافعي خلاف ذلك، كما يعلم مما مرَّ آنفًا. (وقال الزهريُّ في عظم الموتى، نحو الفيل وغيره: أدركت ناسًا ¬

_ الدم تأكيد ذلك بأن تبدل الصفة يؤثر في الموصوف فكما أن تغير صفة الدم بالرائحة إلى طيب المسك أخرجه من النجاسة إلى الطهارة والطيب. فكذلك تغير صفة الماء إذا تغير بالنجاسة يخرجه من صفة الطهارة إلى صفة النجاسة فإذا لم يوجد التغيير لم يوجد النجاسة، وجود النجاسة لا يلزم من وجود الشيء عند الشيء أن لا توجد عند عدمه؛ لجواز نقيض آخر فلا يلزم من كونه خرج بالتغيير إلى النجاسة أن لا يخرج من الطهارة لاحتمال وصف آخر يخرج به من الطهارة لمجرد الملاقاة وهو القلة.

من سلف العلماء، يمتشطون بها) أي: بعظام الموتى، بأن يصنعون مشطًا ويستعملونه. (ويدهنون فيها) بأن يصنعوا منها آنية يجعلون فيها الدهن، ويدهنون به. (لا يرون به بأسًا) فعلم أنه لا بأس بوقوعها في الماء. وقضيته: أنه لا فرق بين عظام الآدمي وغيره، وإن مثل بعظم غيره، ولا بين تغييرها للماء، وعدم تغييرها له، ولا بين قليل الماءِ، وكثيره، ومذهب الشافعي خلاف ذلك. (قال ابن سيرين وإبراهيم) أي: النخعي. (لا بأس بنجارة العاج) بضم النون، وهو ما يخرط من العاج، وهو ناب الفيل، أو عظمه مطلقًا، قيل: ويقال لظهر السلحفاة البحرية أيضًا، وفيما قاله ابن سيرين وإبراهيم ما قدمته آنفًا. 235 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ: "أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ، وَكُلُوا سَمْنَكُمْ". [236، 5538، 5539، 5540 - فتح: 1/ 343] (عن ابن شهاب) أي: "الزهريِّ" كما في نسخة. (عن عبيد الله بن عبد الله) زاد في نسخةٍ: "ابن عتبة بن مسعود". (سُئل عن فأرَةٍ) يحتمل أن يكون السائل ميمونة. (في سمن) أي: جامد، كما دلَّ عليه كلامه بعد، فماتت، كما رواه المؤلف في الذبائح (¬1). 236 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5538) كتاب: الذبائح والصيد، باب: إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب.

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ: "خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ" قَالَ مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، مَا لَا أُحْصِيهِ يَقُولُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ. [انظره 23 - فتح: 1/ 343] (حدثنا معن) بفتح الميم وسكون العين، أي: ابن عيسى أبو يحيى القزاز. (فاطرحوه) أي: المأخوذ. (قال معن) من كلام ابن المديني داخلٌ تحت الإسناد السابق. (ما لا أُحْصِيه) بضمِّ الهمزة، أي: لا أضبطه. (يقول) أي: مالك. (عن ابن عباس، عن ميمونة) القصد من ذلك: بيان أن هذا الحديث من مسانيد ميمونة؛ دفعًا لما توهمه بعضهم من أنه من مسانيد ابن عباس، أي: يروي ابن عباس عن ميمونة لا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 237 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ المُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَكُونُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا، إِذْ طُعِنَتْ، تَفَجَّرُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالعَرْفُ عَرْفُ المِسْكِ". [2803، 5533 - مسلم: 1876 - فتح: 1/ 343] (أحمد بن محمد) أي: ابن موسى المروزي. (حدثنا عبد الله) أي: ابن المبارك، وفي نسخةٍ: "أخبرنا عبد الله". (كُلُّ كَلْمٍ) بفتح الكاف وسكون اللام، أي: جُرح. (يُكْلَمُهُ) بالبناء للمفعول، أي: يُكلمُ به، فحذف الجار وأوصل الضمير بالفعل، وفي نسخةٍ: "كَلْمَة يُكْلَمُها" أي: جراحة. (يكون) أي: الكلم، وفي نسخةٍ: "تكون" بمثناة فوقية. (كهيئتها) أي: كهيئة الكلمة، ويجوز تأنيثُ الكَلْمة أيضًا باعتبار الجراحة. (إذ طُعِنَتْ) أي: حين طعنت، أنث (الكَلْم) مع أنه مذكر؛ لأن أصله: طعن بها، فحذف الجار وأوصل الضمير بالفعل مستترًا. (تفجَّر) بفتح الجيم المشددة، وأصل: تتفجر، فحذفت التاء الأولى تخفيفًا.

68 - باب [البول في] الماء الدائم

(اللون) وفي نسخة: "واللون". (لون الدم) ليشهد لصاحبه بفضله على بذل نفسه. (والعَرْفُ) بفتح العين المهملة وسكون الراءِ، أي: الريح. (عرف المسك) لينتشر في أهل الموقف؛ إظهارًا لفضل الجريح، وفي نسخة: تنكير (الدم) و (المسك). ووجه دخول الحديث في الباب: أن المسكَ طاهرٌ، وأصله: نجسٌ، فإن تغير خرج عن حكمه فكذلك الماء. 68 - باب [الْبَوْلِ فِي] المَاءِ الدَّائِمِ. (¬1) ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 41 - 42: إن قيل: ما مناسبة الترجمة بهذا الحديث، وما مناسبة هذا الحديث لآخره؟ فالجواب: أما مناسبة الترجمة فله وجهان: أحدهما: أن من عادة البخاري أحيانا وغيره من المحدثين ذكر الحديث جملة؛ لتضمنه موضع الدلالة المطلوبة ولا يكون باقيه مقصودا بالاستدلال، إنما جاء تبعا لموضع الدليل. والثاني: أن حديث: "نحن الآخرون السابقون" أول حديث في صحيفة همام عن أبي هريرة، وكان همام إذا روى الصحيفة استفتح بذكر: "نحن الآخرون السابقون" ثم يسرد الأحاديث، فوافقه البخاري هاهنا، وكذلك يقول مسلم فيه بذكر أحاديث منها: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أما مناسبة هذا الحديث لآخره هنا وفي قوله: "إنما جعل الإمام جنة" ومن جهة أن هذه الأمة آخر من يدفن من الأمم، وأول من يخرج؛ لأن الأرض لهم وعاء، والوعاء آخر ما يوضع فيه، وأول ما يخرج منه فكذلك الماء الراكد آخر ما يقع فيه من البول أول ما يصادف عضو يتطهر منه، فينبغي أن يجتنب ذلك ولا يفعله؛ كيلا يتطهر بنجاسة، وكذلك جاء في سياق قوله: (إنما الإمام جنة) أي: كما نحن آخرون سابقون فكذلك الإمام حال القتال في موضع وقوفه وراءهم، فهو وإن كان آخرًا موضعًا، فهو أول موقعا في قوة القلوب بوجوده.

(باب: البول في الماءِ الدائم) في نسخة: "باب: الماءِ الدائم". وفي أخرى: "باب: لا تبولوا في الماء الدائم". (أخبرنا أبو الزناد) في نسخة: "حدثنا أبو الزناد". (أنَّه سمع) في نسخةٍ: "قال: سمعت" وفي أخرى: "يقول: سمعت". (رسول الله) في نسخةٍ: "النبي". (نحن الآخرون) بكسر الخاءِ، أي: المتأخرون في الدنيا، وهو جمع آخر بالكسر، مقابل أول، أمَّا آخَر بالفتِح: فأفعل تفضيل، بمعنى: مغاير، فهو أعم من آخر بالكسر. (السَّابِقُون) أي: المتقدمون في الآخرة. 238 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ". [876، 896، 2956، 3486، 6624، 6887، 7036، 7495 - مسلم: 855 - فتح: 1/ 345] 239 - وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ". [مسلم: 282 - فتح: 1/ 346] (بإِسْنَادِهِ) أي: بإسناد الحديث السابق. (في الماء الدائم) أي: الراكد، أو الكائن ببئر معينة، كما نصَّ عليهما الشافعيُّ في "البويطي" فهو تفسير للراكد، وفسره البخاريُّ بقوله: (الذي لا يجري) ولا منافاة بينهما. (ثمَّ يغتسل فيه) أي: أو يتوضأ، و (يغتسل) بالرفع على المشهور، وجوَّز ابن مالك جزمه عطفًا على (يبولنَّ) المجزوم محلًا بلا الناهية، ونصبه على إضمار أن؛ إعطاءً لـ (ثم) حكم واو الجمع (¬1). وردَّه النوويُّ بأنه يقتضي أن النهي للجمعِ بينهما، ولم يقله أحد، بل البول ¬

_ (¬1) إعطاء (ثم) حكم الواو، ونصب الفعل بعدها قاله بعض النحويين وردَّه الجمهور.

منهيٌّ عنه (¬1). وأجاب ابن دقيق العيد: بأنه لا يلزم أن يدلَّ على الأحكام المتعددة لفظٌ واحد، فيؤخذ النهيُّ عن الجمع بينهما من هذا الحديث إن ثبتت رواية النصب، ويؤخذ النهي عن الإفراد من حديث آخر (¬2). وقضية ذكر الراكد المفسر بما مرَّ: أنه لا فرق بين القليل والكثير وهو ظاهر، وإن قيده بعضهم بالقليل، غايته: أن فيه الجمع بين الحقيقة والمجاز؛ لكون البول في القليل حرامًا، وفي الكثير مكروهًا، وذلك جائز عند الشافعي، وخرج بالذي لا يجري الجاري فلا يكره ذلك فيه؛ لأنه إذا خالطه نجس دفعه الجزءُ الذي يليه فيغلبه فيصير كالمستهلك، بخلاف الراكد. لكن نقل النوويُّ في "مجموعه" وغيره (¬3) عن جماعة: الكراهةَ في القليل منه دون الكثير، ثم قال: وينبغي أن يحرم البولُ في الماءِ القليل مطلقًا؛ لإتلافه. وأجيب عنه: بإمكان طهره بالكثرة، قال: وأما الكثير -يعني: من الجاري- فالأَوْلَى اجتنابُهُ. ووجه ذكر "نحن الآخرون السابقون" مع ما بعده مع أنه ليس في الترجمة: احتمال أن أبا هريرة سمعهما في نسق واحد من النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدث بهما جميعًا، وتبعه البخاريُّ. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 187. (¬2) "إحكام الأحكام" 1/ 22. (¬3) "المجموع" 2/ 112، و"صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 187.

69 - باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة، لم تفسد عليه صلاته

69 - بَابُ إِذَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِ المُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ، لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: "إِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ دَمًا، وَهُوَ يُصَلِّي، وَضَعَهُ وَمَضَى فِي صَلاتِهِ" وَقَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيُّ: "إِذَا صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ أَوْ جَنَابَةٌ، أَوْ لِغَيْرِ القِبْلَةِ، أَوْ تَيَمَّمَ صَلَّى، ثُمَّ أَدْرَكَ المَاءَ فِي وَقْتِهِ، لَا يُعِيدُ" [فتح: 1/ 348] (باب: إذا أُلقيَ على ظهر المصلي قذرٌ أو جيفة، لم تفسد عليه صلاته) ألقي: مبني للمفعول. وقذر: نائب الفاعل، وهو بفتح المعجمة: الشيء النجس. والجيفة: جيفة الميتة. (وكان) في نسخةٍ: "قال: وكان". (وضعه) أي: ألقاه عنه. (ومضى في صلاته) سكت عن إعادتها، ومذهب الشافعيِّ وأحمد: وجوب إعادتها؛ لندرة ذلك. (وقال ابن المسَيَّب والشعبيُّ: إذا صلَّى) أي: المرء، وفي نسخةٍ: "وكان ابن المسيب والشعبي: إذا صَلَّى" أي: كلٌّ منهما. (وفي ثوبه دم) أي: لم يعلمه. (أو جنابة) أي: أثرها وهو المني. (أو لغير القبلة) باجتهاد أخطأ فيه. (أو تيمم) أي: عند عدمِ الماءِ. (وصلَّى) في نسخة: "فصلَّى". ثم أدرك الماء في وقته) أي: وقت تيممه. (لا يعيد) صلاته، أما في صورة الدم: فمحمول على قلته إن كان من أجنبيِّ، أو على كثرته إن كان من المصلّي، والكثرة في محلِّ الجرح، وأما في صورة الجنابة فلطهارة المنيِّ عند الشافعيِّ، وأما في صورة غير القبلة فهو على مذهب الشافعيِّ في القديم، وأمَّا في الجديد: فتجب الإعادة، وأمَّا في صورة التيمم، فعدم الإعادة فيها هو

مذهب الأربعة، وأكثر السلف. 240 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ قَالَ: ح وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ البَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلانٍ، فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى القَوْمِ فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا، لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ، قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ، فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ". ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ البَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ، ثُمَّ سَمَّى: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ، وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ" - وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْ -، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْعَى، فِي القَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ. [520، 2934، 3185، 3854، 3160 - مسلم: 1794 - فتح: 1/ 341] (عبدان) أي: ابن عثمان. (عن عبد الله) في نسخة: "قال عبد الله". (ح) علامة للتحويل، كما مرَّ، وفي نسخة بدلها. "قال" أي: البخاري. (وحدثني أحمد) في نسخةٍ: "وحدثنا أحمد". (أن عبد الله) في نسخة: "عن عبد الله". (عند البيت) أي: الكعبة. (وأبو جهل) هو عمرو بن هشام

المخزومي، وكانت كنيته: أبا الحكم، فكناه - صلى الله عليه وسلم -: أبا جهل. (وأصحاب له) وهم السبعة المدعوُّ عليهم بَعْدُ. (جلوس) خبر المبتدأ، وهو أبو جهل، وما عطف عليه، وجوز فيه الكرماني (¬1) أنه خبر (أصحاب)، وخبر "أبو جهل" محذوف على حد قول الشاعر: نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف (¬2) (إن قال) في نسخة: "قال". (بعضهم) وهو أبو جهل؛ -كما في مسلم (¬3) -. (لبعض) زاد مسلم في روايته: "وقد نُحِرَت جَزورٌ بالأمسِ". (بِسَلَى) بفتح السين وخفة اللام، وبالقصر: الجلدةُ التي يخرج منها ولد البهيمة، كالمشيمة للآدميات، ويقال فيهن ذلك أيضًا. (جزور بني فلان) بفتح الجيم: من الإبل، يقع على الذكر والأنثى، وجمعه: جزر. (فانبعث أشقى القوم) هو عقبة بن أبي معيط، أي: بعثته نفسه الخبيثة فانبعث يقال: انبعث في سيره، أي: أسرع فيه، وفي نسخةٍ: ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 95. (¬2) هذا البيت نسبه ابن هشام اللخمي، وابن بري إلى عمرو بن امرئ القيس الأنصاري، ونسبه غيرهما ومنهم العباس "في معاهد التنصيص" إلى قيس بن الخطيم أحد فحول الشعراء في الجاهلية، وهو من قصيدة له أولها قوله: رَدَّ الخليطُ الجمال وانصرفوا ... ماذا عليهم لو أنهم وقفوا؟ والشاهد في البيت: حيث حذف الخبر -احترازا من العبث وقصدًا للاختصار مع ضيق المقام- من قوله: "نحن بما عندنا" والذي جعل صدفه سائغا سهلا دلالة خبر المبتدأ الثاني عليه أي: نحن بما عندنا راضون، فحذف خبر المبتدأ الأول؛ لدلالة الثاني عليه. (¬3) "صحيح مسلم" (1794) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من. أذى المشركين والمنافقين.

"أشقى قومه" وفي أخرى: "أشقى قوم" بالتنكير، وإنما كان أشقاهم مع أن فيهم أبا جهلٍ وهو أشد كفرًا منه وإيذاءً للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم اشتركوا في الكفر والرضا وانفرد هو بالمباشرة، ولهذا قتلوا في الحروب، وقتل هو صَبْرًا. (لا أغني) بضمِّ الهمزة أي: لا أغني في كفِّ شرهم، وفي نسخة: "لا أغيِّر" أي: لا أغير من فعلهم شيئًا. (لو كان لي) في نسخةٍ: "لو كانت لي". (منعة) بفتح النون وسكونها، أي: قوة أو موانع؛ إذا المنعة هي القوة، أو جمع مانع، ككتبة وكاتب، وجواب (لو) محذوف، أي: لو كان لي قوة، أو عشيرة بمكة يمنعونهم مني؛ لأغنيت وكففت شرهم، أو غيرت فعلهم، أو هي للتمني (¬1) فلا تحتاج إلى جواب. (فجعلوا يضحكون) أي: استهزاءً. (ويحيل بعضهم على بعض) أي: ينسب بعضهم فعل ذلك إلى بعض تهكُّمًا. (حتَّى جاءته) في نسخة: "حتَّى جاءت" بلا هاءٍ. (فاطمة) أي: بنت النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (فطرحت) أي: ما وضعه أشقى القوم، وفي نسخة: "فطرحته" وإنما تمادى في صلاته مع أنَّ ما وُضع عليه نجس؛ لأنه لم يعلم نجاسته، والأصل الطهارة، ولم يعلم هل كانت الصلاة واجبة فتجب إعادتها؟ وإلا فلا تجب، ولو وجبت فالوقت موسع. (فرفع رأسه) في نسخةٍ: "فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه". (ثم قال) أي: بعد تمام صلاته، وفي نسخة: "وقال". (اللهم عليك بقريش) أي: ¬

_ (¬1) (لو) التي للتمني علامتها أن تكون بمعنى: ليت، نحو: لو تأتينا فتحدثنا والمعنى: ليتك تأتينا فتحدثنا، وجعلوا منه قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ}. و (لو) هذه كـ (ليت) في نصب الفعل بعدها مقرونًا بالفاء.

بإهلاك كفارهم أو من سمَّى منهم بَعْدُ. (ثلاث مراتٍ) ثلث ذلك على عادته في تثليث الدعاءِ وغيره. (إذ دعا) أي: حين دعا. (قال) أي: ابن مسعود. (وكانوا يرون) بفتح أوله، أي: يعتقدون، وبضمه: أي: يظنون. (أن الدعوة) في نسخةٍ: "أن الدعوى". (مستجابة) أي: مجابة، والمراد: أنهم ما اعتقدوا الإجابة إلا من جهة المكان لا من خصوص دعوته - صلى الله عليه وسلم -. (ثم سمَّى) أي: عيَّن في دعائه وبيَّن ما أجمل أولًا. (وعدَّ) أي: النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو عبد الله بن مسعود، أو عمرو بن ميمون. (الوليد بن عتبة) بالفوقية، ووقع في مسلم: ابن عقبة بالقاف وهو وَهْمُ نبَّه عليه ابن سفيان الراوي عن مسلم (¬1). (فلم نحفظه) بنون، أي: نحن، أو بياء، أي: ابن مسعود، أو عمرو بن ميمون، لكن حفظه غيرهما، وهو عمارة بن الوليد بن المغيرة، كما ذكره البخاري في رواية (¬2). (قال) أي: ابن مسعود. (فوالذي نفسي بيده) في يده. (الذين عدَّ) أي: عدَّهم، وفي نسخة: "الذي عدَّ" أي: الجمع الذي عده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (صرعى) جمع صريع بمعنا: مصروع، وهو حال من مفعول رأى؛ لأنها بصرية. (في القليب) هو البئر قبل أن تطوى. (قَلِيبِ بَدْرٍ) بجرِّه بدلٌ من القليب، ويجوز رفعه ونصبه، وإنما ألقوا في القليب؛ تحقيرًا لشأنهم؛ ولئلا يتأذى الناسُ برائحتهم لا أنه دفن؛ لأن الحربي لا يجب دفنه، ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1794) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من أذى المشركين والمنافقين. (¬2) ستأتي برقم (520) كتاب: الصلاة، باب: المرأة تطوح عن المصلي شيئًا من الأذى.

70 - باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب

قيل: كيف ألقوا في القليب والناسُ ينتفعون بمائه؟ وأجيب: بأنه لم يكن فيه ماء، أو كان مهجورًا. وبدر: موضع الغزوة المشهورة على أربع مراحل من المدينة، (¬1) يذكر ويؤنث، وقيل: بدر: بئر كانت لرجل يسمَّى بدرًا سميت باسمه. والقاتل لأبي جهلٍ: ابنا عفراء، ولعتبة: عبيدة بن الحارث [أو حمزة، ولشيبة: حمزة، أو عليُّ، وللوليد: عليُّ، وللأُمية: رجلٌ من الأنصار، أبو معاذُ بن عفراء] (¬2) أو خارجة بن زيد، ولابن أبي معيط: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أو على، أو عاصم بن ثابت، وأمَّا عمارة بن الوليد: فقتله ساحر بسحره بأمر النجاشي. 70 - بَابُ البُزَاقِ وَالمُخَاطِ وَنَحْوهِ فِي الثَّوْبِ قَالَ عُرْوَةُ، عَنِ المِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ حُدَيْبِيَةَ فَذَكَرَ الحَدِيثَ: "وَمَا تَنَخَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً، إلا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ". [انظر: 1694، 1695] (باب: البُزاق) بالزاي أكثر من الصاد والسين، والباء مضمومة في الثلاثة: وهو ما يسيل من الفم. (والمخاط) بضمِّ الميم: ما يسيل من ¬

_ (¬1) بالفتح ثم السكون، قال الزجاج: بدر: أصله الامتلاء. وبدر: ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراء، وبهذا الماء كانت الوقعة المشهورة التي أظهر الله بها الإسلام، وفرق بين الحق والباطل. في شهر رمضان سنة اثنين للهجرة انظر: "معجم البلدان" 1/ 357 - 358. (¬2) من (م).

الأنف. (ونحوه) أي: نحو كلِّ من البزاق والمخاط، كالعرق والنخامة. (في الثوب) تنازع فيه المذكورات قبله، أي: المواقع كلٌّ منها فيه. (ومروان) أي: ابن الحكم، ولد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسمع منه؛ لأنه خرج طفلًا مع أبيه الحكم إلى الطائفِ حيث نفاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إليها؛ لأنه كان يفشي سره، فكان معه حتَّى استخلف عثمان فردَّه إلى المدينة، وكان إسلام الحكم يوم الفتح، وحينئذٍ فيكون حديث مروان مرسل صحابيٍّ، ذكر تقوية لحديث مسور، فحديث مسور هو الأصل. (خرج النبيُّ) في نسخة: "خرج رسول الله". (زمن حديبية) بتخفيف الياءِ عند الشافعي، وتشديدها عند أكثر المحدثين، وفي نسخة: "زمن الحديبية"، وهي قرية سميت ببئر هناك أو بشجرة حدباء (¬1)، كان تحتها بيعة الرضوان وهي على مرحلة من مكة. (فذكر) أي: حذيفة. (الحديث) أي: الآتي مسندًا في قصة الحديبية. (وما تنخم. . إلخ) قال الكرماني: هو عطف على (خرج) أو على (الحديث) (¬2) والمراد: ما يتنخم مطلقًا، أو على (زمن الحديبية)، والمعنى: ما تنخم في حالٍ من الأحوال إلا حال وقوعها في كفِّ رجلٍ منهم. والنخامة: هي النخاعة بضم النون فيهما: وهما ما يخرج من ¬

_ (¬1) الحديبية: بضم الحاء، وفتح الدال، وياء ساكنة، وباء موحدة مكسورة، وياء اختلفوا فيها فمنهم من شددها، ومنهم من خففها، وبين الحديبية ومكة مرحلة، وبينها وبين المدينة تسع مراحل. انظر: "معجم البلدان" 2/ 229. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 100.

الصدر، وزعم النوويُّ (¬1): أنَّ النخامة تخرج من الفم، والنخاعة من الحلق. وقيل: النخامة [: ما يخرج من الصدر، والبلغم: ما ينزل من الدماغ، وقيل: بالعكس. (فدلك بها وجهه وجلده) أي:] (¬2) تبركا به - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمًا له، وأفاد بذلك أن الريق والمخاط ونحوهما طاهرة، فوقوعها في الماء لا ينجسه، فيتوضأ به، وبذلك ناسب ذكره في كتاب: الوضوءِ. ووجه ذكر حديث الحديبية هنا: أن التنخم كان فيها، أو أن الراوي ساق الحديثين معًا، كما مرَّ: "نحن الآخرون السابقون". 241 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «بَزَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبِهِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: طَوَّلَهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [405، 412، 417، 531، 532، 1214 - مسلم: 551 - فتح: 1/ 353] (سفيان) أي الثوري. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (بزق النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في ثوبه) أي: وهو في الصلاة. (طَوَّلَهُ) أي: الحديث، أي: ذكره مطولًا في باب: حك البزاق باليد من المسجد (¬3) وفي نسخة: قبل (طوَّله): "قال أبو عبد الله" أي: البخاريّ. (ابن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم شيخ البخاريِّ. (سمعت أنسًا، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: يقول مثل هذا الحديث، وفي ذلك تصريح بسماع حميد من أنس، فظهر أن روايته عنه في السند ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 5/ 38 - 39. (¬2) من (م). (¬3) سيأتي برقم (405) كتاب: الصلاة، باب: حك البزاق باليد في المسجد.

71 - باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ، ولا المسكر

السابق بعن ليست تدليسًا، كما زعمه بعضهم. وفي الحديث: طهارة النخامة والبزاق، والتبرك بفضلاته - صلى الله عليه وسلم -. 71 - بَابُ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ، وَلَا المُسْكِرِ وَكَرِهَهُ الحَسَنُ، وَأَبُو العَالِيَةِ وَقَالَ عَطَاءٌ: "التَّيَمُّمُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ وَاللَّبَنِ". [فتح: 1/ 353] (باب: لا يجوز الوضوء بالنبيذ) بمعجمة: هو فعيل بمعنى مفعول أي: مطروح، والمراد: الماء المطروح فيه التمر، أو الزبيب سواء أَسْكَرَ أم لا. (ولا المسكر) أي: لبنًا كان أو غيره، وهو عطف على (النبيذ)؛ لأن بينهما عمومًا وخصوصًا من وجه. (وكرهه الحسن) أي: البصريُّ، أي: كره التوضؤ بالنبيذ، وروي عنه: أنه لا بأس به (¬1). فكراهته عنده للتنزيه. (وأبو العالية) هو رفيع بن مهران الرِّياحي بكسر الراءِ، وبالتحتية. (وقال عطاء) أي: ابن أبي رباح. (التيمم أحبُّ إليَّ من الوضوءِ بالنبيذ واللبن) قد يؤخذ منه جواز الوضوءِ بهما وليس مرادًا، وأمَّا خبر الترمذيِّ عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "ماذا في إداوتك؟ " قال: نبيذ، قال: "تمرة طيبة، وماء طهور"، فتوضأ به فصلَّى الفجر (¬2) فأجبت ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 86 (23953) كتاب: الأشربة، باب: في النبيذ في الرصاص من كرهه. (¬2) "سنن الترمذي" (88) أبواب: الطهارة، باب: ما جاء في الوضوء بالنبيذ. وفي إسناده: أبو زيد -الرواي عن ابن مسعود- وهو مجهول، انظر: "تهذيب الكمال" 33/ 332، و"المجروحين" لابن حبان 3/ 158، وقال:

72 - باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

عنه: بأن علماء السلف أطبقوا على تضعيفه، ولئن سلم صحته، فهو منسوخ؛ لأَنه كان بمكة، وآيةُ التيممِ نزلتْ بالمدينةِ. 242 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ". [5585، 5586 - مسلم: 2001 - فتح: 1/ 354] (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال: حدثنا الزهريُّ) في نسخةٍ: "عن الزهري". (كل شرابٍ أسكر) أي: من شأنِه أنْ يسكر. (فهو حرام) على شاربه وإنْ قلَّ ولم يسكره. فبذلك خرج عن اسم الماء فلا يتوضأ به. 72 - بَابُ غَسْلِ المَرْأَةِ أَبَاهَا الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ: "امْسَحُوا عَلَى رِجْلِي، فَإِنَّهَا مَرِيضَةٌ". (باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه) بنصب الدم، بدل اشتمال، أو بعض من (أباها) أو على الاختصاص، أي: أخص أو أعني، وفي نسخة: "غسل المرأة أباها الدَّمَ من وجهه" وفي أخرى: "غسل المرأةِ الدم عن وجهِ أبيها". (قال أبو العالية) أي: بعد ما وضَّئوه، وبقيت إحدى رجليه، وهو وجيعٌ. ¬

_ يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه، ليس يُروى من هو، لا يعرف أبوه ولا بلده، والإنسان إذا كان بهذا النعت ثم لم يرد إلا خبرًا واصلا خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأي يستحق مجانبته فيها، ولا يحتج به. وقال ابن أبي داود: كان أبو زيد هذا نَبَّاذًا بالكوفة. والحديث ضعفه الألباني في الترمذي.

(امسحوا على رجلي، فإنَّها مريضة) أي: من جمرةٍ. ومطابقةُ هذا للترجمة: من جهة أنَّ الاستعانةَ في الوضوء، كهي في إزالة النجاسة. 243 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَسَأَلَهُ النَّاسُ، وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ: بِأَيِّ شَيْءٍ دُوويَ جُرْحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، "كَانَ عَلِيٌّ يَجِيءُ بِتُرْسِهِ فِيهِ مَاءٌ، وَفَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، فَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأُحْرِقَ، فَحُشِيَ بِهِ جُرْحُهُ". [2903، 2911، 3037، 4075، 5248، 5722 - مسلم: 1790 - فتح: 1/ 354] (حدثنا محمد) أي: ابن سلام. (أخبرنا سفيان) في نسخةٍ: "حدثنا سفيان". (عن أبي حازم) بمهملة وزاي مكسورة: سلمة بن دينار الأعرج. (وسأله الناس) حال، وفي نسخة: "وسألوه الناس" على لغة: أكلوني البراغيث وفي أخرى: "سأله الناس" بدون واو. (ما بيني وبينه أحد) أي: عند السؤال؛ ليكون أدل على صحة سماعه، والجملة اعتراضٌ، أو حالٌ ثانية؛ إما من مفعول سأل فالحالان متداخلتان، أو من مفعول سمع، فهما مترادفتان. (بأي شيء) الباء: بمعنى: عن (¬1) متعلقة بسأل. (دُوويَ) مبني للمفعول وواواه الأولى ساكنة، والثانية مكسورة، وربَّما كتب في نسخة بواو واحدة، فيكون، كداود في الخط. (جُرْحُ النبيِّ) هذا الجرح كان في غزوة أحد. ¬

_ (¬1) مجيء (الباء) بمعنى: عن، قاله الكوفيون والأخفش وابن قتيبة وتبعهم المصنف هنا، وذلك عندهم بعد السؤال، ومنه قوله تعالى: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] وردَّ هذا المعنى آخرون وقالوا: إن تعدية السؤال هنا على سبيل التضمين ولا تكون الباء بمعنى: عن؛ لأنها لو كانت بمعناها لجاز أن يقال: أطعمته بجوع، وهو يقصد: عن جوع.

73 - باب السواك

(فقال) أي: سهلٌ. (ما بقي أحد) أي: من الناس. (أعلم به مني) برفع (أعلم) صفة أَحد، ويجوز نصبه على الحال، والتركيب المذكور يصدق بكونه أعلم من غيره، وبمساواته، لكن المراد الأول، وشاهده استعمال العرف ذلك فيه. (فأحرق، فحشي به جرحه) ببناء الفعلين للمفعول، كما في قوله: أُخِذ حصيرٌ، وأخذ الحصير. ومُحرِقُه وحَشِيْه هو فاطمة - رضي الله عنها - كما ذكره البخاريُّ في الطب (¬1)، وإنما حشته برماد الحصير؛ لأن فيه استمساكًا للدمِ. وإدخال هذا الباب في كتاب: الوضوء على نسخةٍ الترجمة به بالنظر إلى أن المراد بالوضوء معناه اللغوي، وهو الوضاءةُ والحسن ورفع الخبث من ذلك. وأمَّا إدخاله في كتاب: الطهارة على نسخة الترجمة به فظاهر. وفي الحديث: مباشرة المرأة محارمها ومداواتهم، وإباحة التداوي، وابتلاء الأنبياء عليهم السلام، لينالوا جزيل الأجر؛ ولتتأسَّى بهم أُمَّتُهُم؛ وليعلموا أن الأنبياء بَشَرٌ تصيبهم مِحَنُ الدنيا في أجسامهم، وأنَّ المداواة لا تقدح في التوكل. 73 - باب السِّوَاكِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "بِتُّ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ". [انظر: 117] (باب السواك) هو بالكسر: يطلق على الفعل، وعلى الآلة التي يُتسوك بها، وهو مذكر، وقيل: مؤنث، وهو مأخوذ من ساك إذا دلك، أو من جاءت الإبل تتساوك، أي: تتمايل هزالًا، وهو سنة مطلقًا، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5722) كتاب: الطب، باب: حرق الحصير ليسد به الدم.

ويتأكد في مواضع كالوضوءِ، وقد بينتها في غير هذا الكتاب. وكماله: أن يمرَّ السواك علي أسنانه، وكراسي أضراسه، وسقف حلقه، إمرارًا لطيفًا. (فاستنَّ) مأخوذ من الاستنان: وهو دَلْكُ الأسنان وحكها بما يجلوها، مأخوذ من السن بكسر السين: وهو دلك الأسنان، أو بفتحها: وهو إمرار ما فيه خشونة علي آخر؛ ليذهبها. وهذا التعليق ساقط من نسخة. 244 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُهُ "يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ بِيَدِهِ يَقُولُ أُعْ أُعْ، وَالسِّوَاكُ فِي فِيهِ، كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ". [مسلم: 254 - فتح: 1/ 355] (أَبو النعمان) هو محمد بن الفضل. (يقول). أي: النبيُّ، أو السواك، مجازًا. (أع أع) بضم الهمزة، وقيل: بفتحها، والعين مهملة فيهما، وقيل: معجمة، وكلُّ ذلك راجع إلى حكاية صوت النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أو صوت السواك مجازًا. (والسواك في فيه) حال. (كأنه) أي: النبيَّ صلى الله عليه وسلم. (يتهوَّع) أي: يتقيأ، يقال: هاع يهوع إذا قاءَ بلا تكلُّف (¬1)، يعني: أن له صوتًا، كصوت المتقيِّئ علي سبيل المبالغة. وللسواك فوائد ذكرتها مع زيادة في غير هذا الكتاب. 245 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ". [889، 1136 - مسلم 255 - فتح: 1/ 356] ¬

_ (¬1) هاع: إذا قاء، وقيل: قاء من غير تكلف، وإذا تكلَّف ذلك قيل: تهوَّع فتهوَّع، القيء إذا تكلَّفه، وهوَّعته ما أكل، أي: فيأتُه ما أكل، والهواعة: اسم ما خرج من الحلق عند القيء. والتهوَّع: التقيُّؤ انظر: مادة (هيع) في "الصحاح" 3/ 1309، و"اللسان" 8/ 4621. و"القاموس" 777.

74 - باب دفع السواك إلى الأكبر

(عثمان) في نسخةٍ: "عثمان بن أبي شيبة". (يشوصُ فاه) بمعجمةٍ وصادِ مهملة، أي: يُدلكه، أو يغسله، أو يحكُّه. 74 - باب دَفْعِ السِّوَاكِ إِلَى الأَكْبَرِ. (باب: دفع السواك إلى الأكبر) أي: سنًّا. (وقال عفَّان) أي: ابن مسلم الصفَّار. 246 - وَقَالَ عَفَّانُ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءَنِي رَجُلانِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى الأَكْبَرِ مِنْهُمَا " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. [مسلم: 2271، 3003 - فتح: 1/ 356] (أراني أتسوك بسواكٍ) بفتح همزة (أراني) أي: أعتقد أني أتسوك، وبضمها أي: أظنُّ ذلك، وكلٌّ منهما إخبارٌ بما رآه في النوم. (فناولتُ السواك) أي: أعطيته. (فقيل لي) القائل له جبريل. (كَبِّر) أي: قَدِّم الأكبر سنًّا. (قال أَبو عبد الله) أي: البخاريّ. (اختصره) أي: الحديث. (نُعيم) بالتصغير: هو ابن حمَّاد. وفي الحديث: تقديم الأكبر في السواك والطعام والشراب والمشي والركوب والكلام وغيرها، نعم إذا ترتب القوم في الجلوس، فالسنة تقديم فالأيمن، كما دل له حديث آخر (¬1). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2352) كتاب: المساقاة، باب: في الشرب ومن رأى صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة.

75 - باب فضل من بات على الوضوء

75 - بَابُ فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الوُضُوءِ (باب: من بات على الوضوءِ) في نسخة: "على وضوء". 247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إلا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ". قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ، قَالَ: "لَا، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ". [6311، 6313، 6315، 7488 - مسلم: 2710 - فتح: 1/ 357] (أخبرنا عبد الله) أي: ابن المبارك، وفي نسخة: "حدثنا عبد الله". (سفيان) أي: الثوري. (إذا أتيت مضجعك) بفتح الجيم أي: إذا أردت إتيانه. (فتوضأ) أي: إن كنت علي غير وضوء، وإنما ندب ذلك حينئذٍ؛ لأنه قد تقبض روحه في نومه، فيكون قد ختم عمله بالوضوء؛ وليكون أصدق لرؤياه، وأبعد من تلاعب الشيطانِ به في منامه. (ثم اضطجع علي شقك الأيمن) لأنه يمنع الاستغراق في النوم؛ لقلق القلب؛ لكونه في الأيسر فتسرع الإفاقة؛ ليتهجد، أو ليذكر الله، بخلاف اضطجاعه علي الأيسر. (أسلمت وجهي) أي: جعلتُ ذاتي منقادة لك طائعة لحكمك. (وفوضت) أي: رددت. (وألجأت ظهري إليك) أي: أسندته، والمرادُ: توكلت واعتمدت عليك، كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما

يسنده إليه. (رغبة) أي: طمعًا في ثوابك. (ورهبة) أي: خوفًا من عقابك. (إليك) تنازعه (رغبة) و (رهبة) وإن عديت الرهبة بمن، لكنها أجريت هنا مجرى الرغبة تغليبًا، كما في: علفتها تبنًا وماءً باردًا (¬1)، أو فيهما مع ما قبلهما لف ونشر مرتب. (لا ملجأ) بالهمز وقد يخفف. (ولا منجا) بالقصر، ويجوز تنوينه مع حذف ألفه، إن قُدِّر معربًا، وهذا مع ما قبله مثل: لا حول ولا قوة إلا بالله، فيجوز فيه خمسة أوجه: فتح الأول والثاني، ورفعهما، وفتح الأول مع نصب الثاني أو رفعه، ورفع الأول وفتح الثاني. (منك) تنازعه (ملجأ) و (منجا) لأنهما هنا مصدران لا مكانان. وفيه: تغليب المنجا علي الملجأ؛ إذ الملجأ لا يعدى بمن، وكذا القول في إليك؛ إذ المعنى: لا ملجأ منك إلى أحدٍ إلا إليك ولا منجا منك منتهيًا إلى أحد إلا إليك. ¬

_ (¬1) هذا شاهد شِعريُّ، يجعله بعض النحاة صدرًا لبيت ينشدونه هكذا: عَلَفْتُهِا تِبْنًا وماءً باردًا ... حتى شَتَتْ هَمَّالةً عيناها وبعضهم يجعله عجزًا لبيت ينشدونه هكذا: لما حَطَطْتُ الرَّحْلَ عنها واردًا ... عَلَفْتُها تِبْنًا وماءً باردًا وهذا شاهد على امتناع عطف (ماءً) على (تبنًا) عطف مفرد على مفرد مع بقاء (علفتها) علي معناه الأصلي الذي وضع له في لسان العرب؛ وذلك؛ لأن من شرط عطف المفرد علي المفرد علي المفرد أن يكون العامل في المفرد المعطوف عليه مما يصح أن يتسلط على المفرد المعطوف، وذلك لا يجوز هنا. وقد خرَّج أكثر النحاة الشاهد علي أن قوله: (ماءً) مفعول به لفعل محذوف يقتضيه السياق. والتقدير: وسقيتها ماءً باردًا، وتكون الواو في هذه الحالة عاطفة جملة علي جملة.

(آمنت بكتابك) أي: صدقت به، والمراد بالكتاب: جميع كتب الله تعالى؛ لإضافته إلا معرفة، أو القرآن، لأن الإيمان به يتضمن الإيمان بجميع كتب الله تعالى المنزلة. (على الفطرة) هي دين الإسلام، وقد يطلق على الخلقة نحو: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]، وعلى السُّنة نحو: "خمسٌ من الفطرة" (¬1). (واجعلهن من) أي: من هذه الكلمات. (آخر ما تتكلم به) في نسخةٍ: "آخر ما تكلم به" بحذف إحدى التاءين، وفي أخرى: "من آخر ما تتكلم به"، (واجعلهن آخرًا) هو الأكمل، وإلا فلا يمتنع أن يقول بعدهنَّ شيئًا مما شرع من الذكر عند النوم، والفقهاء لا يعدون الذكر كلامًا في باب الإيمان، وإن كان كلامًا لغويًّا. (قال) أي: البراء. (فَرَدَّدْتُها) أي: كررت هذه الكلمات؛ لأحفظهن. (قلت: ورسولك) زاد في نسخة: "الذي أرسلت". (قال) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (لا) أي: لا تقل: ورسولك، بل قل: (وبنبيكَ الذي أرسلت) وجه المنع من ذلك والعدول إلى (نبيك) أنه لو قال: ورسولك؛ لكان تكرارًا مع قوله: أرسلت، وأن ألفاظه - صلى الله عليه وسلم - ينابيع الحكمة، وجوامع الكلم فتتبع، وقيل في توجيهه غير ذلك. وفي الحديث: سنُّ الوضوءِ عند النومِ، والنومُ علي الشقِّ الأيمن، وخَتْمُ عمله بذكر الله تعالى والدعاء. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5891) كتاب: اللباس، باب: باب: تقليم الأظفار.

5 - كتاب الغسل

5 - كتاب الغسل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 5 - كِتَابُ الغُسْلِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43]. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مؤخَّرٌ في نسخة عن قوله: (كتاب: الغسل) وساقط من أخرى. مع إبدال (كتاب) بـ"باب"، والغسل بالفتح: مصدر غسل الشيء غسلًا؛ وبمعنى الاغتسال كقولك: غسل الجمعة مستحب، وبالضمِّ مشترك بينهما وبين الماء الذي يغتسل به

ففيه: علي الأوليين لغتان: الفتح وهو أكثر، والضمُّ وهو ما يستعمله الفقهاء أو أكثرهم، وأما بالكسر: فاسم لما يغتسل به من سِدْرٍ ونحوه. (وقول الله) بالجرِّ عطف على الغسل. (تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ". ({جُنُبًا}) يستوي فيه المذكر والمؤنث، والواحد والجمع على الأفصح؛ لأنه يجري مجرى المصدر، وهي الإجناب، وأريد بها هنا جمع المذكر. (فاطهروا) أي: فاغتسلوا من الجنابة. ({مَرْضَى}) أي: مرضًا يخاف معه من استعمال الماء، محذور في نفسه، أو ما يتبعها وأنتم جنبٌ، أو محدثون. ({أَوْ عَلَى سَفَرٍ}) أي: مسافرين وأنتم جنبٌ، أو محدثون. ({أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}) أي: لمستم بشرتهن ببشرتكم، أو باليد، وألحق بها اللمس بباقي البشرة. ({فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}) تتطهرون به للصلاة بعد طلبه، وهذا راجع إلى ما عدا المرضى. ({فَتَيَمَّمُوا}) أي: اقصدوا بعد دخول الوقت. ({صَعِيدًا طَيِّبًا}) أي: ترابًا طاهرًا. ({فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}) أي من المرفقين. ومسح يتعدى بنفسه وبالباء كما هنا. ({مِنْهُ}) أي: من بعض التراب. ({مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ}) أي: بما فرض عليكم من الغسل والوضوء والتيمم. ({مِنْ حَرَجٍ}) أي: ضيق. {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}) أي: من الأحداث والذنوب. {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ}) أي: بيان شرائع الدين ({لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}) نعمة فيزيدها عليكم (وقوله) بالجرِّ عطفٌ علي الغسل أيضًا. ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ}) أي: لا تصلوا. ({وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}) نزلت في جمعٍ من الصحابة شربوا الخمر قبل تحريمها. ({وَلَا جُنُبًا}) بنصبه علي الحال. ({إِنَّ}

1 - باب الوضوء قبل الغسل

اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}) يسهل ولا يعسر، ويغفر. كذا ذكر الآيتين بتمامهما في نسخة، وفي أخرى: " ({فَتَيَمَّمُوا} إلى قوله: {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} "، وفي أخرى: " {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} الآية) وفي أخرى: " {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ". وفي أخرى: " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} ". 1 - بَابُ الوُضُوءِ قَبْلَ الغُسْلِ (باب: الوضوء قبل الغسل) قدَّم الوضوءَ على الغسل؛ لفضل أعضاء الوضوء؛ ولأن تقديمه أكمل، قال الرافعي: لا يحتاج هذا الوضوء إلى إفراده بنية؛ لاندراجه في الغسل (¬1). زاد في "الروضة" (¬2): قلت: المختار أنه إن تجردت جنابته عن الحدث نوى بوضوئه سنة الغسل، وإن اجتمعا نوى به رفع الحدث الأصغر. 248 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي المَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ". [262، 272 - مسلم 316 - فتح: 1/ 360] (عن هشام) هو ابن عروة. (إذا اغتسل) أي: أراد أن يغتسل. (كان إذا اغتسل من الجنابة، ¬

_ (¬1) انظر: "الشرح الكبير" 1/ 188. (¬2) "روضة الطالبين" 1/ 89.

بدأ فَغَسَلَ يديه) أتى بها بلفظ الماضي، وبما بعدها بلفظ المضارع، وإن كانت كلها بمعنى المستقبل؛ إشعارًا بالفرق بين ما هو خارج من أفعال الغسل، وما هو داخل فيها، هذا إذا جعلت (إذا) شرطية، وهو الظاهر، فإن جعلت ظرفية فما جاء ماضيًا فعلى أصله، وما جاء مضارعًا فلاستحضار صورته للسامعين. (ثم يتوضأ) في نسخة: "ثم توضأ". (كما يتوضأ للصلاة) ظاهره، أو صريحه: أنه يأتي بالوضوءِ قبل الغسل، وهو الأكمل، وإن حصلت السنة عند الشافعي بإتيانه بعده، وبإتيان بعضهِ قبلَه وبعضِه بعده. (أصول شعره) في نسخةٍ: "أصول الشعر" والحكمة في تخليله: تليينه؛ ليسهل مرور الماءِ عليه، ويكون أبعد من السرف. (ثلاث غرف) جمع غُرفة بالضمِّ: وهي ملءُ الكفِّ من الماءِ، وفي نسخة: "ثلاث غرفات". (ثم يفيض الماء) أي: يسيله. وفي الحديث: استحباب غسل اليدين قبل الغسل، وتثليث الصبِّ، وتخليل الشعر، وجواز إدخال الأصابع في الماء. 249 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: "تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُضُوءهُ لِلصَّلاةِ، غَيْرَ رِجْلَيْهِ، وَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الأَذَى، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ المَاءَ، ثُمَّ نَحَّى رِجْلَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا، هَذِهِ غُسْلُهُ مِنَ الجَنَابَةِ". [257، 259، 260، 265، 266، 274، 276، 281 - مسلم: 317 - فتح: 1/ 361] (محمد بن يوسف) أي: الفريابيُّ. (سفيان) أي: الثوري. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (غير رجليه) أي: فأخرهما؛ ليحصل الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء، وإن كان الأكمل تقديهما، كما

2 - باب غسل الرجل مع امرأته

مرَّ؛ تحصيلًا للموالاة. (وغسل فرجه) أي: ذكره، وأخَّر غسله من الوضوء، وإن كان الأفضل تقديمه؛ لعدم وجوب تقديمه أو لأن الواو لا تقتضي الترتيب (¬1) أو أنها للحال. (وما أصابه من الأذى) طاهرًا كان كالمنِّي والمُخاط، أو نجسًا بناءً على ما قاله النووي: إن الغسلة الواحدة كافية للنجس والحدث (¬2). (هذه) أي: الأفعال. (غسله) أي: كيفية غسله، وفي نسخة: "هذا غسله". (من الجنابة) أي: من أجلها. 2 - بَابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ (باب: غسل الرجل مع امرأته) أي: من إناءٍ واحد. 250 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ الفَرَقُ". [261، 263، 273، 299، 5956، 7339 - مسلم: 319 - فتح: 1/ 363] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن القرشي. (كنت أغتسل أنا والنبيّ) بنصب النبيِّ على أنه مفعول معه (¬3)، وبرفعه بالعطف علي (أنا) وإن لم يصح أن يكون (أغتسل) عاملا فيه؛ ¬

_ (¬1) مذهب سيبويه وجمهور النحويين: أن الواو لا تفيد ترتيبًا، ولا تدل على أنه قد بدأ بشيء قبل شيء؛ لأن الواو لمطلق الجمع؛ ولذلك تَعطِف الشيء على سابقه ولاحقه ومرادفه، وذهب بعض النحاة منهم قطرب وثعلب وابن درستوريه ونُسب إلى الكوفيين، وبعضهم خصَّ به الفراء والكسائي إلى أن الواو تفيد الترتيب. (¬2) "روضة الطالبين" 1/ 39. (¬3) وعليه تكون الواو واو المعية التي بمعنى: مع.

3 - باب الغسل بالصاع ونحوه

لتغليب المتكلم على الغائب، كتغليب المخاطب على الغائب في قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] فيقدر عامل، كما قدر ثَمَّ، وتقديره هنا: ويغتسل النبي، وإنما غلَّب الذكر على الأنثى ثَمَّ؛ لأن آدم أصل في سكنى الجنة، وهنا بالعكس؛ لكون المرأة هي محل الشهوة وحامله على الاغتسال. (من قدح) بدل من إناء، بإعادة الجارِّ، و (من) فيها ابتدائية، وقيل: إن الأولى: ابتدائية، والثانية: بيانية. (يقال له: الفرق) بفتح الراءِ، أشهر من سكونها: ما يسع ثلاثة آصع وقيل: ستة عشر رطلًا. وفي الحديث: جواز اغتسال الرجل والمرأة من إناءٍ واحد، واستعمال فضل المرأة كعكسه، وهو وإن احتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - يغتسل أولًا، ويترك لها ما بقي، لكنه خلاف الظاهر، وأما خبر نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يغتسل الرجل بفضل وضوء الرجل (¬1). فلم يثبت، ولو ثبت فمنسوخ. قاله الخطابي (¬2). 3 - باب الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوهِ. (باب: الغسل بالصاع) أي: بالماء الذي هو قدر ملء الصاع، وهو يذكر ويؤنث، وتقدم أنه مكيال يسع خمسة أرطال وثلثًا بغدادية. (ونحوه) أي: نحو الصاع، من الأواني التي تسع ما يسع الصاع. ¬

_ (¬1) الحديث رواه أَبو داود (81) كتاب: الطهارة، باب: النهي عن ذلك. والنسائي كتاب: المياه، باب: النهي عن فضل وضوء المرأة. وقال ابن حجر: إسناده صحيح، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود". (¬2) "أعلام الحديث"1/ 299.

251 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، يَقُولُ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَةَ عَلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوًا مِنْ صَاعٍ، فَاغْتَسَلَتْ، وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَبَهْزٌ، وَالجُدِّيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، "قَدْرِ صَاعٍ". [مسلم: 320 - فتح: 1/ 364] (حدثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله". (حدثني عبد الصمد) في نسخة: "حدثنا عبد الصمد". (حدثني شعبة) في نسخة: "حدثنا شعبة". (وأخو عائشة) أي: من الرضاع، -كما في مسلم (¬1) -، وهو عبد الله بن يزيد البصريُّ، وقيل: غيره. (عن غسل النبيِّ) في نسخة: "عن غسل رسول الله". (فدعت بإناءٍ) أي: طلبته، والباءُ زائدة. (نحو من صاع) بجرِّ (نحو) صفة لـ (إناء) وفي نسخة: "نحوًا" بالنصب صفة لـ (إناء) باعتبار المحلِّ، أو بإضمارِ أعني. (وبَيْنَنَا وبينها حجاب) أي: ساتر يستر أسافل بدنها مما لا يحلُّ للمحرم النظرُ إليه، أما أعاليه فجائزٌ له النظر إليها؛ ليرى عملها في رأسها وأعالي بدنها، وإلا لم يكن لاغتسالها بحضرة أخيها معنى، وفي فعلها ذلك دلالة علي استحباب التعليم بالفعل؛ لأنه أوقع في النفس من القول، وأدلُّ عليه. (قال أَبو عبد الله) أي: البخاريُّ. (قال) في نسخة: "وقال" بزيادة الواو وبإسقاط: (قال أَبو عبد الله). (وَبَهْزٌ) أي: ابن أسد. (والجُدِّيُّ) ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (320) كتاب: الحيض، باب: القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.

بضمِّ الجيم، وتشديد الدال المكسورة نسبة لجدَّة: ساحل البحر من جهة مكة (¬1)، واسمه: عبد الملك بن إبراهيم. (قدر صاع) بدلٌ من قوله: "نحو من صاع" ففيه الجرُّ والنصب. 252 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ وَأَبُوهُ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عَنِ الغُسْلِ، فَقَالَ: "يَكْفِيكَ صَاعٌ"، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي، فَقَالَ جَابِرٌ: "كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْكَ شَعَرًا، وَخَيْرٌ مِنْكَ" ثُمَّ أَمَّنَا فِي ثَوْبٍ. [255، 256 - مسلم: 329 - فتح: 1/ 365] (حدثنا زهير) أي: ابن معاوية، في نسخة: "أخبرنا زهير". (عن أبي إسحق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (أَبو جعفر) هو محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو مشهور بالباقر. (وعنده) أي: عند جابر. (قوم) في نسخةٍ: "قومه". (فسألوه) السائل: أَبو جعفر، وجمعه في الحديث باعتبار من معه. (فقال رجل) هو الحسن بن محمد بن الحنفية: خولة بنت جعفر. (من هو أوفى) أي: أكثر. (شعرًا) بالنصب بالتمييز. (وخيرًا) بالنصب عطفٌ على (من) وبالرفع كما في نسخة عطفٌ على (أوفى)، والمراد بمن اتصف بذلك: النبيُّ صلى الله عليه وسلم. (ثم أمَّنا) أي: جابر كما قال شيخنا (¬2). وفي الحديث: أنه يندب ألا ينقص ماء الغسل عن صاع، وتقدم بيانه. ¬

_ (¬1) وجدة: بلد على ساحل بحر اليمن، وهي فرضة مكة، بينها وبين مكة ثلاث ليالٍ، وقال الحازمي: بينها يوم وليلة. انظر: "معجم البلدان"2/ 114. (¬2) "الفتح" 1/ 366.

4 - باب من أفاض على رأسه ثلاثا

253 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةَ كَانَا يَغْتَسِلانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ أَخِيرًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ". [مسلم: 322 - فتح: 1/ 366] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (من إناء) في نسخة: "في إناءٍ". أوالمراد بالإناء: ما يسع صاعًا فيوافق الترجمة. (يقول أخيرًا) أي: آخر عُمْرِه] (¬1) والمراد: أنه كان مستمرًّا على ذلك إلى آخر عمره، فيكون عنده من مسند ميمونة لا من مسند ابن عباس؛ لأنه لا يطلع على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حال اغتساله معها، فيكون ابن عباس أخذه عنها، لكن صحَّح البخاريُّ عكسه؛ حيث قال (والصحيح ما رواه أَبو نعيم) أي: من أنه من مسند ابن عباس، لا من مسند ميمونة، وهو الذي صحَّحه الدارقطني (¬2). 4 - باب مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا. (باب: مَنْ أفاض) أي: الماء في الغسل. (على رأسه ثلاثًا) أي: ثلاث غرفات. 254 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَمَّا أَنَا ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "سنن الدارقطني" 1/ 53 كتاب: الطهارة، باب: استعمال الرجل فضل وضوء المرأة.

فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلاثًا، وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا". [مسلم: 327 - فتح: 1/ 367] (أما أنا فأفيض) بفتح همزة (أمَّا) وضمَّ همزة (أفيضُ) ولم يعادل بأمَّا أخرى بعدها؛ لأنه ليس بلازم، والمعنى: مهما يكن من شيء (¬1) فأنا أُفيضُ، أو عادل بها تقديرًا، أي: وأمَّا غيري فلا يفيض، أو لا أعلم حاله. (كلتيهما) في نسخة: "كلاهما" بالألف علي لغة، وبلا تاء بالنظر إلى اللفظ دون المعنى، وفي أخرى: "كلتاهما" بالتاء والألف. وفي الحديث: أن الإفاضة ثلاثًا باليدين علي الرأس، ويقاس به سائر البدن. 255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مِخْوَلِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثًا". [انظر: 252 - مسلم: 329 - فتح: 1/ 367] (حدثني محمد) في نسخةٍ: "حدثنا محمد بن بشار" بفتح الموحدة وبالشين المعجمة. (عن مخول) بكسر الميم وسكون المعجمة، وفي نسخة: "عن مخول" بضم الميم وفتح الخاءِ وتشديد الواو المفتوحة. (عن محمد بن علي) هو أَبو جعفر الباقر. (يفرغ) بضم الياءِ من الإفراغ. (على رأسه ثلاثًا) زاد في نسخةٍ: "أظنه من غسل الجنابة". ¬

_ (¬1) جمهور النحاة يقدرون أما بـ (مهما يكن من شيء) لأنها قائمة مقام أداة الشرط وفعل الشرط، فإذا قيل: أما زيد فمنطلق، فالتقدير: مهما يكن من شيء فزيد منطلق، فحذف فعل الشرط وأداته، وأقيمت (أما) مقامهما، وأخرت الفاء إلى الجزء الثاني. ولذلك قيل: إنَّ أما: حرف شرط وتفصيل، وقال بعضهم: حرف إخبار مضمَّن معنى الشرط.

256 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَامٍ، حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ لِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَتَانِي ابْنُ عَمِّكَ يُعَرِّضُ بِالحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ. قَالَ: كَيْفَ الغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ؟ فَقُلْتُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ ثَلاثَةَ أَكُفٍّ وَيُفِيضُهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ" فَقَالَ لِي الحَسَنُ إِنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ، فَقُلْتُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْكَ شَعَرًا". [انظر: 252 - مسلم: 329 - فتح: 1/ 368] (معمر بن يحيى) بفتح الميمين، وسكون العين، وفي نسخة: "معمر" بضم الميم الأولى، وتشديد الثانية، بوزن مُحَمَّد. (حدثني أَبو جعفر) في نسخة: "حدثنا أَبو جعفر". (جابر) في نسخة: "ابن عبد الله". (ابن عمّك) أي: ابن عم أبيك ففيه: تجوز. (يعرض بالحسن) التعريض خلاف التصريح، وهو اصطلاحًا: كناية سيقت لموصوفٍ غير مذكور. (ثلاثة أكفٍّ) في نسخة: "ثلاث أكفٍّ" وأكف جمع كف، يذكر ويؤنث فيجوز دخول التاء وتركه، كذا قال شيخنا (¬1)، وكلام الجوهريِّ وغيره يقتضي أنها مؤنثة فقط (¬2) ومن ثمَّ قال الكرماني وغيره: إنما أتي بالتاء مع أن الكف مؤنثة؛ لأن المراد: قدر كفٍّ، ثم ليس المراد أنه يأخذ في كلِّ مرة كفًّا واحدة، بل المراد: أنه يأخذ في كلِّ مرة كفَّين بقرينة قوله (¬3) في الحديث السابق: "وأشار بيديه" ويراد بالكف: الجنس. (ويفيضها) أي: الثلاثة أكف، وفي نسخةٍ: "فيفيضها، بالفاء. (على رأسه) في نسخةٍ: "رأسه" بالنصب، وبدون (علي). (ثُمَّ يفيض) مفعوله محذوف، أي: الماء، ولا يعاد إلى ما مرَّ في المعطوف عليه، ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 368. (¬2) انظر: "الصحاح" 4/ 1422. (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 119.

5 - باب الغسل مرة واحدة

وهو ثلاثة أكفٍّ؛ لأن الثلاثة لا تكفي بقية الجسد غالبًا. (إني رجل كثير الشعر) أي: فلا يكفيني هذا القدر فردَّه عليٌّ بقوله: (فقلت .. إلخ). وفي الحديث: ندب تقديم الإفاضة علي الرأس. فإن قلت: السؤال هنا وفي ما مرَّ قبل الباب وقع عن الكيفية؛ لقوله: (كيف) وإن حذفت (ثم) اختصارًا فكيف أجاب بالكمِّ. حيث قال: ثُمَّ يكفيك صاعٌ، وهنا قال: ثلاثة أكفٍّ؟ لا مانع إذ الكيفيات والكميات من عوارض الذوات؛ لأنها أحكام، والأحكام عن عوارض الذوات. والغرض من البعثة: أصالة بيان الأحكام لا الذوات. 5 - باب الغُسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً. (باب: الغسل مرة واحدة) أي: بيان حكمه. 257 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ: "وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءً لِلْغُسْلِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ". [انظر: 249 - مسلم: 317، 377 - فتح: 1/ 368] (موسَى) في نسخة: "موسَى بن إسماعيل" أي: التبوذكي. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (يديه) في نسخة: "يده". (مرتين أو ثلاثًا) الشكُّ من الأعمش، أو من ميمونة. (مذاكيره) جمع ذكر علا غير قياس؛ فرقًا بينه وبين جمع المذكر، خلاف الأنثى، قال الأخفش: إنه جمع لا واحد له من لفظه، كأبابيل، وإنما أتى بصيغة الجمع وهو واحد؛ إشارةً إلى غسل الأنثيين

6 - باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل

وما حوليهما معه، كأنه قيل: كلُّ جزءٍ من هذا المجموع، كذكر في حكم الغسل، أو مذاكير جمع مذكار، لكن أهمل المفرد فاستعمل الجمع. (ثُمَّ أفاض علي جسده) يتناول المرة والأكثر، وبهذا تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة. وفي الحديث: استحباب غسل اليد أولًا، والاستنجاء قبل الغسل وبالشمال، ودلك اليد بالأرض، والمضمضة والاستنشاق. فائدة: قال النوويُّ (¬1): يُسنُّ للمغتسل من نحو إبريق أن يتفطن لدقيقة، وهو أنه إذا استنجا يعيد غسل محلِّ الاستنجاءِ بنية غسل الجنابة؛ لأنه إذا لم يغسل الآن ربما غفل عنه بعد ذلك، فلا يصح غسله لتركه بعض البدل، فإن تذكر احتاج لمس فرجه فينتقض وضوءه، أو يحتاج إلى تكلف لفِّ خرقة علي يده. 6 - بَابُ مَنْ بَدَأَ بِالحِلابِ أَو الطِّيبِ عِنْدَ الغُسْلِ (باب: من بدأ بالحلاب) بكَسر المهملة، وتخفيف اللام: إناء يسع قدر حلب ناقة، قاله الخطابيُّ (¬2)، وليس هو المحلب الذي يستعمل في غسل الأيدي، قال: وأمَّا بالفتح: فهو الحبُّ الطيب الريح، ويرد على من توهم أن الحلاب: ضرب من الطيب. قوله: "أو الطيب" عند الغسل؛ لأن العطف يقتضي التغاير، يعني: أنه يبدأ تارة بطلب الحلاب، وتارة بطلب الطيب. وقد عقد البخاريُّ الباب لأحد الأمرين فَوَفَّى بذكر أحدهما، وهو الحلاب، وكثيرًا ما يترجم ثُمَّ لا ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 229. (¬2) "أعلام الحديث" 1/ 302.

7 - باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة

يذكر في بعضه حديثًا؛ لأمور مرَّ التنبيه عليها، لكن في نسخة: "والطيب" بإسقاط الألف. 258 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلابِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ". [مسلم: 318 - فتح: 1/ 369] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (حدثنا أَبو عاصم) هو الضَّحاك بن مخلد. (عن حنظلة) ابن أبي سفيان. (عن القاسم) أي: ابن محمد بن أبي بكر. (إذا اغتسل) أي: أراد أن يغتسل. (نحو الحلاب) هو قدر كوز يسع ثمانية أرطال، كما قاله البيهقيُّ (¬1) (بكفِّهِ) في نسخةٍ: "بكفيه". (وقال بهما) أي بالكفين، يعني: صبَّ بهما، ففيه: إطلاق القول على الفعل. (على رأسه) في نسخة: "على وسط رأسه". 7 - بَابُ المَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ (باب: المضمضة والاستنشاق) أي: بيانهما (في) الغسل من (الجنابة) يلحقُ بها نحوها، كالحيض. 259 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنَا مَيْمُونَةُ قَالَتْ: "صَبَبْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا، فَأَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ ¬

_ (¬1) "السنن الكبري" 1/ 184. كتاب: الطهارة، باب: استحباب البداية فيه بالشق الأيمن.

الأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ، ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ، وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى، فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا". [انظر: 249 - مسلم: 317 - فتح: 1/ 371] (غسلًا) بضمِّ الغين، أي: ماء. (ثم قال بيده) يعني: ضرب بها. (الأرض) في نسخة: "على الأرض". (ثُمَّ تمضمض) في نسخة: "ثُمَّ مضمض". (ثم تنحَّى) أي: تحول إلى مكان. (ثم أُتِيَ) بضم الهمزة. (بمنديل) بكسر الميم: مأخوذٌ من الندل: هو الوسخ؛ لأنه يندل منه. (فلم ينتفض بها) في نسخة: "فلم ينفض بها" بحذف التاءِ، وأنث الضمير على معنى: الخرقة؛ لأن المنديل خرقة، وفي حديث عائشة: كانت له خرقة ينتشف بها (¬1). وزاد في نسخة: "قال أَبو عبد الله: يعني: لم يتمسح به". وفي التنشيف في الوضوءِ والغسل أوجه عندنا: يندب تركه، يندب فعله، يكره فعله فيهما، يكره فعله في الوضوءِ دون الغسل، يكره فعله في الصيف دون الشتاء، مباح وتركه وفعله سواء. والأول هو الصحيح عندنا، [واختار النوويُّ في "شرح مسلم" الأخير] (¬2). قال في "المجموع" (¬3): هذا كله إذا لم يكن حاجة كبردٍ، والتصاق نجاسة، وإلا فلا كراهة قطعًا. وفي الحديث: غسل اليدِ والفرج، ودلك اليد بالأرض، والمضمضة والاستنشاق قبل الغسل. ¬

_ (¬1) رواه البيهقي: 1/ 185 كتاب: الطهارة، باب: التمسح بالمنديل. (¬2) من (م). (¬3) "المجموع" 1/ 522.

8 - باب مسح اليد بالتراب لتكون أنقى

8 - بَابُ مَسْحِ اليَدِ بِالتُّرَابِ لِتَكُونَ أَنْقَى (باب: مسح اليد بالتراب لتكون أَنقى) بالنون والقاف، أي: أطهر. 260 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ دَلَكَ بِهَا الحَائِطَ، ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ". [انظر: 249 - مسلم: 317 - فتح: 1/ 372] (حدثنا الحميديُّ) وفي نسخة: "حدثني عبد الله بن الزبير الحميديُّ". (سفيان) أي: ابن عيينة. (فغسل إلخ) من عطف المفصل على المجمل؛ لأنه تفسيرٌ لاغتسل، وإلا فغسل الفرج والدلك ليس بعد الغسل، هذا وإن علم حكمه مما قبله فليس بتكرار، لأن غرض البخاريِّ بمثله التقوية والتأكيد واستخراج [روايات] (¬1) الشيوخ؛ مثلًا إن عمرو بن حفص روى الحديث في غرض المضمضة، والاستنشاق في غسل الجنابة، والحميديُّ في معرض مسح اليدِ بالتراب (¬2). 9 - بَابٌ: هَلْ يُدْخِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرٌ غَيْرُ الجَنَابَةِ؟ (¬3) ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "مسند الحميدي" 1/ 319 (318). (¬3) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 42: مقصوده استنباط ذلك من أحاديث الباب؛ لأنها تجوزه لإدخالها في إناء الغسل قبل تمام رفع الحدث بكمال الغسل، فكما جال في وسط الغسل وإشارة جال في أوله وابتدأ به لعدم نجاسة مانعه.

وَأَدْخَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَالبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ يَدَهُ فِي الطَّهُورِ وَلَمْ يَغْسِلْهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ بَأْسًا بِمَا يَنْتَضِحُ مِنْ غُسْلِ الجَنَابَةِ. [فتح: 1/ 372] (باب: هل يدخل الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها إذا لم يكن على يده قذر؟)، أي: شيء مستكره من نجاسة وغيرها. (وأدخل ابن عمر والبراء بن عازب يده) أي: أدخل كلٌّ منهما يده، وفي نسخةٍ: "يديهما". (في الطّهور) بالفتح علي المشهور: وهو الماء الذي يتطهر به. (ولم يغسلها) وفي نسخة: "ولم يغسلاهما". (ثم توضأ) وفي نسخة: (ثم توضَّئا) بالتثنية. (بما ينتضح من غسل الجنابة) أي: بما يترشش منه في الماء الذي يغتسل منه؛ لأنه يشقُّ الاحتراز عنه. 261 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ". [انظر: 250 - مسلم: 319، 321 - فتح: 1/ 373] (أخبرنا أفلح) في نسخة: "حدثنا أفلح" وفي أخرى: "أفلح بن حميد". (تختلف أيدينا فيه) أي: إدخالًا وإخراجًا، والجملة: حالٌ من (إناءٍ واحدٍ) أو صفة ثانية لـ (إناء). 262 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَهُ". [انظر: 248 - مسلم: 316 - فتح: 1/ 374] (حمَّاد) أي: ابن زيد. (عن هشام) أي: ابن عروة. (غسل يده) أي: قبل أن يدخلها في الماء.

263 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ جَنَابَةٍ" وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. [انظر: 250 - مسلم: 319 - فتح: 1/ 374] (أَبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ. (كنت أغتسل) في نسخة: "قالت: كنت أغتسل". (من إناءٍ واحد من جنابة) في نسخة: "من الجنابة"، و (من) الأولى: ابتدائية، والثانية: سببية (¬1). (وعن عبد الرحمن) عطفٌ على: "عن أبي بكر" فيكون متصلًا لا تعليقًا. (مثله) بالنصب والرفعِ، أي: مثل حديث شعبة، وفي نسخة: "بمثله". 264 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمَرْأَةُ مِنْ نِسَائِهِ يَغْتَسِلانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ" زَادَ مُسْلِمٌ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ "مِنَ الجَنَابَةِ". [فتح: 1/ 374] (كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم والمراة) برفع المرأة؛ بالعطف، وبنصبها بالمعية، واللام فيها للجنس. (زاد مسلم) هو ابن إبراهيم الأزديُّ، شيخ المؤلف. (ووهب) زاد في نسخة: "ابن جرير". (عن شعبة) أي: بهذا الإسناد الذي رواه عنه أَبو الوليد. ¬

_ (¬1) مجيء (الباء) للسببية قال به بعض النحاة، منهم: ابن مالك وابن هشام وأبو حيان وتابعهم المصنف، وجعل أو حيان (من) للسبب في قوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} وقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ}.

10 - باب تفريق الغسل والوضوء

10 - بَابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ وَالوُضُوءِ وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهُ غَسَلَ قَدَمَيْهِ بَعْدَ مَا جَفَّ وَضُوءُهُ". (باب: تفريق الغسل والوضوء) أي: هل هو جائز أم لا؟ (بعدما جفَّ وضوْءُه) بفتح الواو، أي: الماء الذي توضَّأ به. وفيه: دليلٌ علي عدم وجوب الموالاة بين أعضاءِ الوضوءِ، فبجامع سنيتها القائل بها الشافعيُّ وكثير. 265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ: "وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَغَسَلَ رَأْسَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى مِنْ مَقَامِهِ، فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ". [انظر: 249 - مسلم: 317 - فتح: 1/ 375] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (وضعت لرسول الله) في نسخة: "وضعت للنبيِّ". (ثُم تمضمض) في نسخة: "ثم مضمض". (غسل رأسه) في نسخة: "ثم غسل رأسه". (ثلاثًا) راجع إلى جميع الأفعال السابقة علي القاعدة المعروقة في الأصول. (من مقامه) بفتح الميم: اسم المكان، وهو وإن كان من قام يقوم، فلا يستدلُّ به على أنه - صلى الله عليه وسلم - اغتسل قائمًا؛ لأنَّ الغرفَ يطلقه علي المكان سواء كان قائمًا فيه أم قاعدًا. (فغسل قَدَمَيْهِ) يحتمل أنه غسلهما قبل جفاف ما قبله أو بعده، فلا دلالة فيه على وجوب الموالاة.

11 - باب من أفرغ بيمينه على شماله في الغسل

11 - بَابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ (باب: من أفرغ بيمينه علي شماله في الغسل) أي باب: بيان كيفية إفراغ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الماء في غسله. وفي نسخةٍ: تقديم هذا الباب على سابقه. 266 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، قَالَتْ: "وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا وَسَتَرْتُهُ، فَصَبَّ عَلَى يَدِهِ، فَغَسَلَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ" - قَالَ: سُلَيْمَانُ لَا أَدْرِي، أَذَكَرَ الثَّالِثَةَ أَمْ لَا؟ - ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ أَوْ بِالحَائِطِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَغَسَلَ رَأْسَهُ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، فَنَاوَلْتُهُ خِرْقَةً، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَلَمْ يُرِدْهَا". [انظر: 249 - مسلم: 317 - فتح: 1/ 375] (بنت الحارث) في نسخةٍ: "ابنة الحارث". (وسترته) أي: الغسل الذي هو الماء، أي: غطت رأس إنائه. (فصبَّ علي يده) عطفٌ على محذوفٍ، أي: فأراد الاغتسال، فكشف رأس الإناء وأخذ الماءَ فصبَّه على يده، وأراد باليد: الجنس، فتصحُّ إرادة كلتيهما. (قال سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (أذكر) أي: سالم. (الثالثة أم لا؟) لا ينافيه ذكرها بشكٍّ في رواية عبد الواحد عن

12 - باب إذا جامع ثم عاد، ومن دار على نسائه في غسل واحد

الأعمش، ولا ذكرها بلا شك في رواية بن فضيل عن الأعمش؛ لاحتمال أن الأعمش كان يشك ثم تذكرها، فيذكرها تارة للشك، ثم أخرى بالجزم؛ لأن سماع ابن فضيل منه متأخرٌ. (ثم تمضمض) في نسخة: "ثم مضمض". (فغسل قدميه) في نسخة: "وغسل قدميه" بالواو. (فناولته خرقة) أي: لينشف بها جسده. (فقال بيده) يعني: أشاربها. (هكذا) أي: لا أتناولها، بقرينة قولها: (ولم يردها) بضم أوله، من الإرادة. وفي الحديث: خدمة الزوجات للأزواج، وتغطية الماء، وتقديم الاستنجاء وإن جاز تأخيره، والوضوء قبل الغسل، والصبُّ علي اليد دون إدخال، ثم إن كان الإناء واسعًا، وضعه عن يمينه وأخذ منه بيمينه، أو ضيقًا فعن يساره فيصب منه على يمينه، ورده الخرقة هنا والمنديل فيما مرَّ لكونه أولى لا لأنَّه غير مباحٍ، فقد روي عن قيس بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل فأتيناه بملحفة فالتحف بها (¬1). 12 - بَابُ إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ، وَمَنْ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ (باب: إذا جامع ثم عاد) في نسخة: "عاود". (ومن دار على نسائه ¬

_ (¬1) رواه أَبو داود (5185) كتاب: الأدب، باب: كم يسلم الرجل في الاستئذان، والنسائي في "الكبرى" 6/ 89 (10157) كتاب: عمل اليوم والليلة، والطبراني: 18 / (902)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6/ 439) (8808) باب: في مقاربة وموادة أهل الدين، قال أَبو داود: رواه عمر بن عبد الواحد وابن سماحة عن الأوزاعي مرسلًا ولم يذكرا قيس بن سعد. وقال الألباني في "ضعيف أبي داود": ضعيف الإسناد.

في غسل واحد) هذه جملة شرطية معطوفة على الأولى، وجواب الشرطين محذوف، أي: هل هو جاز أم لا؟ 267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ "كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا". [270 - مسلم: 1192 - فتح: 1/ 376] (ابن أبي عَدِيٍّ) اسمه: إبراهيم المنتشر، بضم الميم وسكن النون، وفتح الفوقية، وكسر المعجمة. (ذكرته لعائشة) أي: ذكرت لها قول ابن عمر: "ما أحبُّ أن أصبح محرمًا أنضخُ طيبًا ... إلخ" كما سيأتي (¬1). (يرحم الله أبا عبد الرحمن) تريد عبد الله بن عمر في ترحمها له إشعارٌ بأنه سَهَا فيما قاله في شأن النضخ، وغفل عن فعل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (فيطوف) أي: يدور. (على نسائه) أي: في غسلٍ واحد، وهو كناية عن الجماع. (ينضخ) بخاءٍ معجمة، وفي نسخة: بحاء مهملة، أي يرش فيهما، أو في المهملة، ويفور في المعجمة، ومنه قوله تعالى: {عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن: 66] وقيل: بالمعجمة أكثر. (طيبًا) تمييز. 268 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ، مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ" قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ أَوَكَانَ يُطِيقُهُ؟ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ "أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلاثِينَ" وَقَالَ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، إِنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُمْ "تِسْعُ نِسْوَةٍ". [284، 5068، 5215 - مسلم: 309 - فتح: 1/ 377] ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (270) كتاب: الغسل، باب: من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب.

(أنس بن مالك) في نسخة: "أنس" فقط. (في الساعة) المراد بها: قدر من الزمان لا ما اصطلح عليه الفلكيون. (والنهار) الواو فيه بمعنى: أو (¬1). (وهن إحدى عشرة) تسع زوجات. ومارية، وريحانة، وأطلق عليهن (نساءه) تغليبًا، وبهذا يجمع بين الحديث وحديث "وهنَّ تسعُ نسوة" أو يحملان على اختلاف الأوقات. وإطلاق نسائه في حديث عائشة: محمول على المقيد بتسعٍ، أو بإحدى عشرة، وإنما جاز وطؤه في ساعة؛ لأنَّ القسم لم يكن واجبًا عليه، كما هو موجه عندنا، أو كان ذلك باستطابتهنَّ، أو الدوران كان في يوم القرعة للقسمة قبل أن يقرع بينهنَّ، أو كان من خصائصه أن الله خصه بجواز دورانه عليهن في ساعة وكانت بعد العصر -كما في مسلم- عن ابن عباس (¬2). (قال) أي: قتادة. (أو كان) بهمزة الاستفهام وبفتح الواو، وهي عاطفة على مقدر أي: أثبت ذلك. (ثلاثين) أي: رجلًا، وفي رواية: "أربعين" (¬3). (تسعة نسوة) برفع تسع؛ لأنه بدل من قوله: "إحدى عشرة". ¬

_ (¬1) مجيء الواو بمعنى (أو) قال به بعض النحاة، واستشهدوا بقول الشاعر: وقالوا: نَأَتْ فَاخْتَرْ لها الصَّبْرَ والبُكَا ... فقلتُ: البُكا أَشْفَى إذًا لِغَلِيِلي ومعناه: الصبر أو البكا؛ لأنهما لا يجتمعان بدليل قوله: فاختر لها. وجمهور النحاة يمنع ذلك، والواو عندهم لمطلق الجمع. (¬2) "صحيح مسلم" (14740) كتاب: الطلاق، باب: وجوب الكفارة على من حرم امرأته. (¬3) رواها الطبراني في "الأوسط" 1/ 178 (567).

13 - باب غسل المذي والوضوء منه

13 - بَابُ غَسْلِ المَذْيِ وَالوُضُوءِ مِنْهُ (باب: غسل المذي والوضوءِ منه) أي: من المذي، وهو بفتح الميم، وسكون المعجمة، وتخفيف التحتية، وبكسر المعجمة وتشديد التحتية: ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة، أو تذكر الجماع، أو إرادته. 269 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَسَأَلَ فَقَالَ: "تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ". [انظر: 132 - مسلم 303 - فتح: 1/ 379] (زائدة) أي: ابن قدامة. (عن أبي حصين) بفتح الحاءِ وكسر الصاد المهملتين. (عن أبي عبد الرحمن) هو عبد الله بن حبيب. (كنت رجلًا مذَّاءً) فائدة ذكر الموصوف: الدلالة على تعظيمه من حيث أن المذي إنما يغلب على الأقوياء الأصحاء؛ إذ ذكره قد يكون للتعظيم، كرأيت رجلًا صالحًا، وللتحقير، كرأيت رجلًا فاسقًا. (فأمرت رجلًا) هو المقداد بن الأسود، [وروي: أنه أمر عمارًا] (¬1) وروي؛ أنه سأل النبيَّ (¬2)، ويجمع بينهما: بأنه في الأخيرة سأل النبيَّ بواسطة، ففيه: تجوز، وفي الأوليين: أمر عمارًا، ثم المقداد بذلك. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) رواه أَبو داود (206) كتاب الطهارة، باب: في المذي. والترمذي كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المني والمذي وابن ماجة (504) كتاب: الطهارة وسننها، باب: الوضوء من المذي. وابن حبان 3/ 385 (1102) كتاب: الطهارة، باب: نواقض الوضوء. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (201): إسناده صحيح.

14 - باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب

(لمكان ابنته) أي: فاطمة - رضي الله عنها - أي: استحييت أن أسأله بنفسي عن حكم المذي لذلك. (فسأل) في نسخة: "فسأله". (واغسل ذكرك) أي: ما أصابه من المذي. وعن مالك وأحمد: يغسل ذكره كله؛ لظاهر الحديث، قيل: وهو تعبد، وقيل: لأنه إذا غسله كله تقلَّص، فينقطع خروج المذي. 14 - بَابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أَثَرُ الطِّيبِ (باب: من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب) أي: في جسده. 270 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، فَذَكَرْتُ لَهَا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: "أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا". [انظر: 267 - مسلم: 1192 - فتح: 1/ 381] (سألت عائشة) أي: عن التطيب قبل الإحرام. (فذكرت) في نسخة: "ذكرتُ". (أصبح) بضمِّ الهمزة. (أنضخ) بالخاءِ المعجمة، وبالحاءِ المهملة. (ثم طاف في نسائه) كناية عن الجماع، ومن لازمه الاغتسال، وقد ذكرت أنها طيبته قبل ذلك، وفي بمعنى: الباءِ (¬1). (ثم أصبح محرمًا) أي: ينضخ طيبًا؛ ليتمَّ الردُّ على ابن عمر؛ وليطابق ترجمة الباب. ¬

_ (¬1) مجيء (في) بمعنى: الباء قال به الكوفيون وابن قتيبة والزجاجي وابن مالك وجعلوا منه قول الشاعر: ويركب يوم الرَّوْعِ منا فوارسُ ... بصيرون في طعن الأباهر والكُلَى أي: بصيرون بطعِن. والبصريون يردون هذا، ويجعلونه على التضمين.

15 - باب تخليل الشعر، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه

وفي الحديث: ندب التطيب قبل الإحرام، وجواز رد بعض الصحابة علي بعض، وخدمة الأزواج بعولَتَهُنَّ. 271 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ، فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ". [1538، 5918، 5923 - مسلم: 1190 - فتح: 1/ 381] (عن إبراهيم) أي: النخعي. (إلى وبيص) بفتح الواو، وبكسر الموحدة، وبصاد مهملة، أي: بريق. (في مفرق) بفتح الميم، وكسر الراءِ أشهر من فتحها: مكان فَرْقِ الشعر. (النبيِّ) في نسخة: "رسول الله". (وهو محرم) حال. وفي الحديث: أن بقاء أثر الطيب الذي يتطيب به المحرم قبل إحرامه علي بدنه غير مؤثر في إحرامه، ولا موجب عليه كفارة. 15 - بَابُ تَخْلِيلِ الشَّعَرِ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ (باب: تخليل الشعر) أي: في غسل الجنابة. (حتّى إذا ظَنَّ أنه قد أروى بشرته) في ظاهر جلده، وهو هنا ما تحت شعره الذي خلَّله. (أفاض عليه) جواب (إذا) أي: صب الماء علي شعره، وفي نسخة: "أفاض عليها" أي: صبه على بشرته، وفي أخرى: "أفاض" فقط. 272 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، غَسَلَ يَدَيْهِ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ، أَفَاضَ عَلَيْهِ المَاءَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ". [انظر: 248 - مسلم: 316 - فتح: 1/ 382]

16 - باب من توضأ في الجنابة، ثم غسل سائر جسده، ولم يعد غسل مواضع الوضوء مرة أخرى

(عبدان) هو عبد الله بن عثمان العتكي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أخبرنا هشام) في نسخة: "حدثنا هشام". (إذا اغتسل) أي: أراد أن يغتسل. (ثُمَّ اغتسل) أي: أخذ في أفعال الغسل. (ثمَّ يخلل بيده شعره) التخليل في الغسل سُنَّةٌ عندنا، كما في الوضوء، واجب عند المالكية. (أنه قد) الضمير فيه للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي نسخةٍ: "أن قد" بتخفيف (أن) واسمها: ضمير الشأن محذوفًا (¬1). (ثلاث مرات) بالنصب على المصدرية؛ لأنه عَدَدُ المصدر، وعَدَدُ المصدر مصدر (¬2). (سائر جسده) أي: باقيه. 273 - وَقَالَتْ: "كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، نَغْرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا". [انظر: 250 - مسلم: 319 - فتح: 1/ 382] (وقالت) أي: عائشة عطفٌ علي قوله في الحديث السابق: "عن عائشة فهو موصول الإسناد. (نغرف) حال، أو استئناف، وفي نسخة: "نغترف" بزيادة تاء قبل الراءِ. (جميعًا) حال أيضًا، أي: نغرف منه حال كوننا جميعًا. 16 - بَابُ مَنْ تَوَضَّأَ فِي الجَنَابَةِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى. (¬3). (باب: من توضأ في) غسل (الجنابة، ثم غسل سائر جسده) أي: ¬

_ (¬1) لأنها حينئذٍ مخففة من الثقيلة. (¬2) أي: يكون العدد نائبًا عن المفعول المطلق، ومثله: ضربته ثلاثَ ضرباتٍ. (¬3) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 43: إن قيل: قولها: "ثم غسل جسده" يتضمن مواضع الوضوء فهو خلاف الترجمة، قال بعضهم: ولو روى الطريق التي فيها سائر جسده كان أولى

باقيه. (لم يعد غسل مواضع الوضوء منه) أي: من جسده. (مرة أخرى) ولفظ: (منه) ساقط من نسخة. 274 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: "وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءًا لِجَنَابَةٍ، فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ أَو الحَائِطِ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ المَاءَ، ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ" قَالَتْ: "فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا، فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ". [انظر: 249 - مسلم: 317 - فتح: 1/ 382] (أخبرنا الفضل) في نسخة: "حدثنا الفضل". (عن سالم) أي: ابن أبي الجعد. (وضع) بالبناءِ للفاعلِ، وهو رسول الله، وفي نسخة: "وضع لرسول الله" بالبناء للمفعول وبلام الجرِّ وقوله بعد: (وضوء). منصوبٌ علي الأولى (¬1) ومرفوعٌ على الثانية (¬2). (وضوء الجنابة) بفتح الواو والإضافة، وإنما أضيف إلى الجنابة مع أنه الماء المعد للوضوءِ؛ لأنه أريد به مطلق الماء الذي يتطهر به، فهو مما أطلق فيه المقيد، وأريد به المطلق، ومثله يسمَّى بالمجاز الغير مقيد، كإطلاق المرسن على أنف الإنسان، وفي نسخة: "وضوءٌ للجنابة) بالتنوين ولام الجرِّ مع التعريف، وفي أخرى: "وضوءٌ لجنابة" كذلك، لكن مع التنكير. ¬

_ بالباب وجوابه: أن قرينة الحال في العرف من مفهوم الكلام يخص أعضاء الوضوء فإن تقديم غسل أعضاء الوضوء وعرف الناس من مفهوم الجسد إذا أطلق يدل على ما ذكرناه. (¬1) فهو مفعول به. (¬2) فهو نائب فاعل.

(فأكفأ) في نسخةٍ: "فكفأ) أي: قلب. (على يساره) في نسخة: "على شماله". (ضرب يده بالأرض) ضمن ضرب معنى: عفر فعداه بالباء، أو الباء بمعنى: على (¬1) وفي نسخة: "ضرب بيده الأرض". (ثُمَّ تمضمض) في نسخة: "ثُمَّ مضمض". (وذراعيه) أي: مع مرافقيه، والذراع يذكر ويؤنث. (ثُمَّ غسل جسده) أي: ما بقي منه، بقرينة الحديث في الباب السابق. (قالت) أي: ميمونة، وفي نسخة: "قالت عائشة" وهي غلط. (فلم يردها) بضم الياءِ من الإرادة. (ينفض بيده) في نسخة: "ينفض يده". وفيه: أنه لا بأس بنفض اليد بعد الوضوءِ أو الغسل، وفيه: خلافٌ وتناقضٌ فقيل: مكروه، ورجحه الرافعي، في غير "المحرر" وقيل: مباح ورجّحه النووي في "الروضة"، و"المجموع" وقيل: خلاف الأولى، ورجحه النووي في "المنهاج"، وغيره، كالرافعي في "المحرر" قال في "المهمات": وبه الفتوى (¬2)، وقد نقله ابن ¬

_ (¬1) مجيء (الباء) بمعنى: على قال به الكوفيون والأخفش وابن قتيبة والزجاجي وابن مالك، وجعلوا منه قوله تعالى: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} أي: تأمنه على قنطار. (¬2) واختلف في النفض عند الشافعية على أوجه: أحدها: أن المستحب ترك النفض ولا يقال النفض مكروه كذا قاله أَبو على الطبري في "الإفصاح" وأبو إسحاق الشيرازي في "التنبيه". والثاني: أنه مكروه، وبه قطع القاضي أَبو الطيب، والماوردي، والرافعي، كما ذكر المصنف. والثالث: مباح يستوي فعله وتركه وهذا هو الصحيح كما قال النووي. انظر:

كجّ (¬1) عن نصِّ الشافعي. (باب: إذا ذكر) أي: الشخص. وهو (في المسجد) [أنه جنب يخرج] (¬2) في نسخة: "خرج". (كما هو) ما: موصولة، أو موصوفة، وهو مبتدأ، والخبر محذوف، أي: كالأمر الذي هو عليه من الجنابة، أو كحالة هو عليها من الجنابة، كما في: كن كما أنت عليه (¬3) وجعلها الكرمانيُّ للمقارنة أي: خرج مقارنًا للأمر الذي هو عليه، أو للحالة التي هو عليها (¬4). (ولا يتيمم) خلافًا لمن قال: يتيمم قبل أن يخرج. ¬

_ "الشرح الكبير" 1/ 134. و"المجموع" 1/ 446. و"روضة الطالبين" 1/ 63. (¬1) هو القاضي يوسف بن أحمد بن كج الدينوري، أحد أئمة الشافعية وأركان المذهب، وله في المذهب وجوه غريبة، وكانت له نعمة عظيمة جدًّا، تفقه على ابن القطان وجمع بين رياسة الدين والدنيا، وكان يرحل إليه الناس من الآفاق رغبة في عمله وعلمه وجوده، وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب، قتله العيارون ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان سنة خمس وأربعمائة. من تصانيفه: "التجريد" وله مصنفات غير ذلك كثير. انظر: "طبقات الفقهاء" للشيرازي ص 118، "طبقات الشافعية" 5/ 359، "البداية والنهاية" 11/ 355، "شذرات الذهب" 3/ 177، "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة 1/ 198، "العبر" 3/ 92، "طبقات الشافعية" للحسيني ص 126. (¬2) من (م). (¬3) الكاف في هذا القول بمعنى: على، قاله الكوفيون والأخفش وابنا مالك وهشام، والمعنى: كن على الحال الذي أنت عليه. (¬4) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 137.

17 - باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب، يخرج كما هو، ولا يتيمم

17 - بَابُ إِذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ، يَخْرُجُ كَمَا هُوَ، وَلَا يَتَيَمَّمُ 275 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلاةُ وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ قِيَامًا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ، ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ، فَقَالَ لَنَا: "مَكَانَكُمْ" ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ " تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [639، 640 - مسلم: 605 - فتح: 1/ 383] (يونس) أي: ابن يزيد (¬1). (وعُدِّلَتْ الصفوف) أي: سوِّيت. (قيامًا) إما لجمع قائم، كتجار: جمع تاجر فهو: حال، أو مصدر مجرى على حقيقته؛ قهو تمييز أو محمو على معنى اسم الفاعل فهو حال. (فخرج إلينا رسول الله) قضيته: أن خروجه كان بعد قيامهم للصلاة، قيل: ولعله كان مرة أو مرتين؛ لبيان الجواز أو لعذر، فلا ينافي خبر: "إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتَّى تروني" (¬2). أو لعلَّه كان قبل هذا الخبر. (ذكر) أي: بقلبه، قبل أن يحرم بالصلاة، وفهم أَبو هريرة ذلك بالقرائن، وإلا فالذكر باطن لا ¬

_ (¬1) في (أ): أبي يزيد، والصواب: ما أثبتناه، وهو يونس بن يزيد بن أبي النجار، أَبو يزيد القرشي. انظر: "تهذيب الكمال" 32/ 551. (¬2) رواه مسلم (604) كتاب: المساجد، باب: متى يقوم الناس للصلاة. وأبو داود (539) كتاب: الصلاة، باب: في الصلاة تقام ولم يأتِ الإمام ينتظرونه قعودًا. والترمذي (592) كتاب: الجمعة، باب: كراهية أن ينتظر الناس الإمام وهم قيام عند افتتاح الصلاة.

18 - باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة

يطلع عليه. (فقال لنا) في نسخةٍ: "فأشار بيده". (مكانكم) بالنصب، أي: الزموه. (ورأسه يقطُرُ) أي: من ماء الغسل الكائن بشعر الرأس، فإسناد القطر إلى الرأس من مجاز الحذف، أو من إطلاق المحلّ على الحال مجازًا. (فكبَّر) أي: للإحرام مكتفيًا بالإقامة السابقة، بقرينةِ تعبيره بالفاء، وهو حجة لقول الجمهور: إن الفصل بينهما جائز بالكلام مطلقًا، وبالفعل إذا كان لمصلحة الصلاة، وقيل: يمتنع ويؤوَّل، فكبَّر بأن معناه: كبَّر بعد رعاية ما هو وظيفة للصلاة، كالإقامة، أو يؤول قوله أولًا: أقيمت بغير الإقامة الاصطلاحية. (تابعه) أي: عثمان بن عمرو. (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى الساميُّ بالمهملة. (عن معمر) أي: ابن راشد. (عن الزهريِّ). وهذه متابعة ناقصة، كما عُلم قبلُ. (ورواه الأوزاعيُّ، عن الزهريِّ). تعليق أيضًا، ولم يقل البخاريُّ: وتابعه الأوزاعيُّ؛ لأنه لم ينقل لفظ الحديث بعينه، وإنما رواه بمعناه؛ لأن المفهوم من المتابعة: الإتيان بمثله من غير تفاوت، والرواية أعمُّ، أو هو من التفنن في العبارة، وبه جزم شيخنا، وردَّ الأول (¬1). 18 - بَابُ نَفْضِ اليَدَيْنِ مِنَ الغُسْلِ عَنِ الجَنَابَةِ (باب: نفض اليدين (¬2) من الغسل عن الجنابة) في نسخة: "من الجنابة"، وفي أخرى: "من غسل الجنابة". ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 384. (¬2) في (أ): اليد من الغسل.

19 - باب من بدأ بشق رأسه الأيمن في الغسل

276 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ: "وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا، فَسَتَرْتُهُ بِثَوْبٍ، وَصَبَّ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ، فَمَسَحَهَا، ثُمَّ غَسَلَهَا، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَأَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى، فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، فَنَاوَلْتُهُ ثَوْبًا فَلَمْ يَأْخُذْهُ، فَانْطَلَقَ وَهُوَ يَنْفُضُ يَدَيْهِ". [انظر: 249 - مسلم: 317، 337 - فتح: 1/ 384] (أخبرنا) في نسخة: "حدثنا". (أَبو حمزة) بحاء مهملة وزاي: محمد بن ميمون المروزيُّ السكريُّ، سمِّي به؛ لحلاوة كلامه؛ أو لأنه كان يحمل السكر في كمِّه. (فمضمض) في نسخة: "فتمضمض". وفي الحديث: أن تركه التنشيفَ سنة؛ لإبقاء أثر العبادة، وتقدم بيان الخلاف فيه، وفي النفض وغيره. 19 - بَابُ مَنْ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ فِي الغُسْلِ (باب: من بدأ بشقِّ) بكسر المعجمة، أي: بجانب. (رأسه الأيمن في الغسل) بمعنى: الاغتسال. 277 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كُنَّا إِذَا أَصَابَتْ إِحْدَانَا جَنَابَةٌ، أَخَذَتْ بِيَدَيْهَا ثَلاثًا فَوْقَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ بِيَدِهَا عَلَى شِقِّهَا الأَيْمَنِ، وَبِيَدِهَا الأُخْرَى عَلَى شِقِّهَا الأَيْسَرِ". [فتح: 1/ 384] (إذا أصاب) في نسخة: "إذا أصابت". (بيديها) في نسخة: "بيدها" بالإفراد، وفي أخرى: (يدها) بدون الجارِّ، فينصب؛ بنزع

20 - باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة، ومن تستر فالتستر أفضل

الخافض، ويجر؛ بتقدير مضاف، أي: ملء يدها. (فوق رأسها) ظرف لمحذوف، أي: صابَّةً، أو تصبُّ فوق لا لـ (أخذت) لفساده. (ثُمَّ تأخذ بيدها) في نسخة: "يدها" بدون باء الجارِّ، فتنصب بنزع الخافض، وَتجر نظير ما مرَّ. (وبيدها الأخرى علي شقها الأيسر) أي: من الرأس في الشقين. لا الأيمن والأيسر من الشخص. وبذلك يحصل المطابقة بين الحديث والترجمة، وظاهر ذلك: أن الصبَّ بيد واحدة، لكن العادة إنما هي الصبُّ باليدين معًا، فيحمل اليد على الجنس الصادق عليهما. وللحديث حكم الرفع؛ لأن الصحابيَّ إذا قال: كما نفعل فالظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم علي ذلك وتقريره عليه (¬1). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 20 - بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ وَقَالَ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب: من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة) في نسخةٍ: "في خلوة" أي: من الناس، وهذا تأكيد لقوله: (وحده) لتلازمهما في المعنى. وكشف العورة للخلوة جائزٌ؛ للحاجة ولغيرها حرام على الأصحِّ، ¬

_ (¬1) انظر: "علوم الحديث" النوع الثامن: معرفة المقطوع ص 47. و"المقنع في علوم الحديث" النوع الثامن: المقطوع ص 116 - 125.

وعليه يحمل خبر أبي داود: "إذا اغتسل أحدكم فليستتر" (¬1). (ومن تستر) عطفٌ على (من اغتسل) وفي نسخة: "ومن ستر". (فالتستر) في نسخة: "والتستر". (أفضل) أي: من الكشف. (وقال بهز) زاد في نسخةٍ: "ابن حكيم". (عن أبيه) حكيم. (عن جده) أي: معاوية الصحابي. (الله أحقُّ أن يستحيا منه) في نسخة: "الله أحق أن يستتر منه". (من الناس) متعلِّقٌ بأحقِّ. 278 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إلا أَنَّهُ آدَرُ، فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ، يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ، وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْبًا " فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالحَجَرِ، سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، ضَرْبًا بِالحَجَرِ. [3404، 4799 - مسلم: 339 - فتح: 1/ 385] (إسحق بن نصر) نسبه هنا إلى جَدِّه، وفي محل آخر إلى أبيه إبراهيم. (عبد الرزاق) أي: ابن همَّام. (كانت بنو إسرائيل) أنث (كانت) على رأي من يؤنث المجموع مطلقًا، ولو كان جمع سالم المذكر، كما هنا، وإن كان بنون جمع سلامة على خلاف القياس؛ لتغير مفرده، وأما على رأي من يقول: كلُّ ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (4012) كتاب: الحمام، باب: النهي عن التعري. وقال الألباني -رحمه الله- في "صحيح أبي داود": صحيح.

جمعٍ مؤنثٌ إلا جمع السلامة المذكر؛ فلتأويله بالقبيلة؛ أو لأنه جاء على خلاف القياس. (ينظر بعضهم إلى بعض) إما لجوازه في شرعه، وموسى عليه السلام بختار الخلوة حياءً ومروءةً؛ أو لتساهلهم به مع كونه حرامًا. (وكان موسى) في نسخة: "موسى - صلى الله عليه وسلم -"، وفي أخرى: "موسَى عليه السلام". (أن يغتسلَ معنا) أي: عريانًا. (آدر) بمدِّ الهمزة وفتح المهملة، أي: عظيم الخصيتين منتفخهما. (فذهب مرة يغتسل) أي: ليغتسل. (على حجر) قيل: هو الحجر الذي كان يحمله معه في الأسفار فيضربه فيتفجر منه الماء. (فخرج) في نسخةٍ: "فجَمَح" أي: أسرع، وجرى أشد الجري. (في إثره) بفتح الهمزة والمثلثة، وبكسرها وسكون المثلثة. (ثوبي) مفعول فعل محذوف، أي: رُدّ. (يا حجر) نزَّله منزلةَ من يعقل لِفِعْلهِ فِعْلَهُ فناداه. (فقالوا) في نسخةٍ: "وقالوا". (ما) بمعنَى: ليس. (بموسَى) خبرها. (من بأسِ) اسمها، ومن زائدة. (فطفق) بكسر الفاءِ وفتحها، وفي نسخة: "وطفق" أي شرع. (بالحجر ضربًا) في نسخة: "فطفق يضرب الحجر ضربًا". (فقال أَبو هريرة) هو من تتمة كلام همَّام، فيكون مسندًا. أو من كلام البخاريِّ فيكون تعليقًا، وبالأول جزم شيخنا (¬1). وفي نسخة: "قال أَبو هريرة" بلا فاء. (لندب) بفتح النون والدال المهملة، أي: أثر. (ستة) أي: ستة آثار، وهو مرفوعٌ، بدل أو خبر لمبتدأ محذوف؛ أو منصوب تمييز أو حال من الضمير المستتر في الحجر. (أو سبعةٌ) شكٌّ من ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 1/ 386.

الراوي. (ضربًا) تمييز. قال النووي: يجوز أن يكون موسَى أراد بضرب الحجر، إظهار المعجزة لقومه بأثر الضرب في الحجر، أو أنه أوحي إليه بذلك، ومشي الحجر بالثوب معجزة أخرى (¬1). وفيه: ما ابتلي به الأنبياء من أذى الجهال، وصبرهم عليه، ونزاهتهم عن نقص الخلْقِ والخُلُق. 279 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ " وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا". [3391، 7493 - فتح: 1/ 387] (وعن أبي هريرة) هو تعليقٌ أيضًا، إلا أنه بصيغة التمريض، كذا قال الكرمانيُّ (¬2). (بينا) أصله: بين أشبعت فتحته ألفًا، والعامل فيه جوابه، وهو قوله بعد: (فخَرَّ) ولا يضر وقوعه بعد الفاءِ؛ لأنَّ المعتمد أن ما بعدها يعمل فيما قبلها؛ ولأن الظرف يتوسع فيه، وإنما لم يؤت بإذا أو بإذ الفجائية، لقيام الفاءِ مقام كلٍّ منهما، كعكسه في قوله: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} الآية [الروم: 36]. (أيوب) أي: النبي المبتلى، واسمه أعجميٌّ. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 33. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 1/ 142.

(جراد من ذهب) الجراد معروف وهو مما يفرق فيه بين الجنس والواحد بالتاء، كتمرة وتمر، فالجراد، كما في "الصحاح" تقع على الذكر والأنثى وليس الجراد بذكر للجرادة؛ إنما هو اسم جنس، كالبقر والبقرة، والتمر والتمرة، والحمام والحمامة، وسمي جرادًا، لأنه يجرد الأرض فيأكل ما عليها (¬1). (يحتثي) [بحاءٍ مهملة ساكنة وفوقية مفتوحة ومثلثة، أي: يأخذ بيده ويرمي في] (¬2) ثوبه. (بلَى) أي: أغنيتني، ولو قيل: نعم لم يجز؛ لأنه كفرٌ، والفرق بينهما: أن (بلى) مختصة بإيجاب النفي [ونعم مقررة] (¬3) لما سبقها، وإنما لم يفرق الفقهاء بينهما في الإقرار؛ لأنه مبنيٌّ على العرف. (لا غنى بي عن بركتك) أي: خيرك، و (غنى) بغير تنوين بُنيَ على أنَّ (لا) لنفي الجنس، وبالتنوين معربُ على أنَّ (لا) بمعنى: ليس ولكن الأول: نص في الاستغراق، والثاني: ظاهر فيه، وخبر لا: يجوز أن يكون: (عن بركتك). وفي الحديث: فضل الغنى على الفقر؛ لأنه سماه بركة. وجواز الاغتسال عريانًا، لأنه تعالى لم يعاتب أيوب عليه، وعاتبه على جمع الجراد. (ورواه إبراهيم) أي: ابن طهمان. (عن صفوان) أي: ابن سليم. (قال: بينا أيوب يغتسل عريانًا) في نسخة: "بينا أيوب" بدون (قال) وهو بدلٌ من ضمير (رواه إبراهيم) السابق في كلامه. قال الكرماني: ولعله إنما أخَّر الإسناد عن المتن؛ لأن له طريقًا آخر، وتركه وذكر الحديث؛ ¬

_ (¬1) انظر: مادة (جرد) في "الصحاح" 2/ 456. (¬2) من (م). (¬3) من (م).

21 - باب التستر في الغسل عند الناس

تعليقًا لغرض من أغراض التعليقات، ثم قال: (ورواه إبراهيم) إشعارًا بهذا الطريق الآخر، وهو تعليقٌ أيضًا؛ لأن البخاريَّ لم يدرك إبراهيم، لكنه نوع آخر فلا يكون فيه تأخير الإسناد، وكذا لو قلنا: أن (وعن أبي هريرة) من تتمة كلام همَّام، فلا يكون تأخيرًا أيضًا، بل يكون تقوية وتأكيدًا (¬1). 21 - بَابُ التَّسَتُّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاسِ (باب التستر في الغسل عند الناس) في نسخة: "عن الناس". 280 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ فَقَالَ: "مَنْ هَذِهِ؟ " فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ. [357، 3171، 6158 - مسلم: 336 - فتح: 1/ 387] (عبد الله بن مسلمة) زاد في نسخة: "ابن قعنب". (عن أبي النضر) بضاد معجمة، اسمه: سالم بن أبي أمية. (مولى أم هانيء) زاد في نسخة: "بنت أبي طالب". (عام الفتح" أي: فتح مكة في رمضان سنة ثمان. (من هذه) لم يقل: من هذا؛ لعلمه أن المحلَّ لا يدخله رجال. (فقلتُ) في نسخة: "قلت". وفي الحديث: جواز الغسل بحضرة المحارم، إذا كان بينهما ساتر من ثوب، أو غيره. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 1/ 143.

22 - باب إذا احتلمت المرأة

281 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: "سَتَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى الحَائِطِ أَو الأَرْضِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ المَاءَ، ثُمَّ تَنَحَّى، فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ" تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ فُضَيْلٍ فِي السَّتْرِ. [انظر: 249 - مسلم: 317، 337 - فتح: 1/ 387] (عبدان) لقب عبد الله بن عثمان. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أخبرنا سفيان) أي: الثوري، وفي نسخةٍ: "حدثنا سفيان". (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (سترت النبيَّ) في نسخة: "سترت رسول الله". (وما أصابه) أي: من رطوبة فرج المرأة والبول وغيرهما. (بيده على الحائط) في نسخة: "بيده الحائط". (تابعه) أي: سفيان. (أبو عوانة) اسمه: الوضاح. (وابن فضيل) اسمه: محمد. (في الستر) أي: في لفظ: سترت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دون بقية الحديث وفي نسخةٍ: ["في التستر"] (¬1). 22 - بَابُ إِذَا احْتَلَمَتِ المَرْأَةُ (باب: إذا احتلمت المرأة) أي: هل يجب عليها غسل أم لا؟ 282 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا ¬

_ (¬1) من (م).

23 - باب عرق الجنب، وأن المسلم لا ينجس

يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ". [انظر: 130 - مسلم: 313 - فتح: 1/ 388] (أم سليم) بضم السين، وفتح اللام، اسمها: سهلة، أو رميلة بنت ملحان، والدة أنس بن مالك. (امرأة أبي طلحة) اسمه: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاريُّ. (لا يستحي من الحقِّ) أي: لا يأمر بالحياء فيه، أو لا يمنع من ذكره قالته؛ تمهيدًا لعذرها في ذكر ما يستحى منه. (نعم إذا رأت الماء) أي: المنيَّ بعد استيقاظها من النوم، والرؤية بصرية، فتتعدى لواحدٍ وهو مذكور، ويحتمل أنها علمية (¬1)، فتتعدى لاثنين ثانيهما محذوف، أي: إذا رأت الماءَ موجودًا. 23 - بَابُ عَرَقِ الجُنُبِ، وَأَنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ (باب: عرق الجنب، وأن المسلم لا ينجس) أي: ولو أجنب. 283 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرٌ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَرِيقِ المَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: "أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ" قَالَ: كُنْتُ جُنُبًا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ". [285 - مسلم: 371 - فتح: 1/ 390] (يحيى) أي: ابن سعيد القطَّان. (حميد) أي: الطويل. (طريق المدينة) في نسخةٍ: "طرق المدينة". (فانخنست منه) بنون فمعجمة فنون، فمهملة، أي: تأخرت وانقبضت، وفي نسخةٍ: ¬

_ (¬1) وكون الرؤية بصرية هو الأَظْهَرُ.

24 - باب: الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره

"فانخنس" وفي أخرى: "فانجَبسْتُ " بموحدة وجيم، أي: اندفعت، وفي أخرى: "فانتجست" بنون ففوقية فجيم، من النجاسة، أي: اعتقدت نفسي نجسًا. (فذهبت فاغتسلت) وهذا مناسب لنسخة: "فانخنست" وفي نسخةٍ: "فذهب فاغتسل" بلفظ الغيبة من باب النقل عن الراوي بالمعنى، أو من قول أبي هريرة، فيكون من باب التجريد، وهو أنه جرَّد من نفسه شخصًا وأخبر عنه، وهذه النسخة مناسبة لنسخة: (فانخنس). (أين كنت؟) أين: خبر كان (¬1) إن كانت ناقصة، ولا خبر لها إن كانت تامة (¬2). (قال: كنت جنبًا) أجاب به مع أن السؤال إنما كان عن المكان حيث قال: (أين كنت؟) لِمَا فهمه من أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما سأل عن سبب غيبته. (فقال) في نسخةٍ: "قال". (سبحان الله) بالنصب (¬3) بفعل لازم الحذف، وأتى به هنا؛ للتعجب والاستعظام، أي: كيف يخفى مثل هذا الظاهر عليك. (إن المؤمن) في نسخةٍ؛ "إن المسلم". (لا ينجس) أي: ولو ميتًا أو كافرًا، وأما قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] فالمراد به: نجاسة اعتقادهم أو لأنه يجب أن يتجنب عنهم، كما يتجنب عن الأنجاس. 24 - بَابٌ: الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ عَطَاءٌ: "يَحْتَجِمُ الجُنُبُ، وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ". ¬

_ (¬1) مقدم وجوبًا؛ لأنه اسم استفهام له الصدارة. (¬2) وكونها ناقصة أَظْهَرُ. (¬3) فهو مفعول مطلق لفعل محذوف.

(باب: الجنب يخرج) أي: من بيته. (ويمشي في السوق وغيره) أي يجوز له ذلك، كما عليه الجمهور. (وقال عطاءٌ .. إلخ) وجه مطابقته للترجمة: أن الجنب إذا جاز له الخروج من بيته والمشي في السوق وغيره، جاز له ما ذكر في الأثر. 284 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ "يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، فِي اللَّيْلَةِ الوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ". [انظر: 268 - مسلم: 309 - فتح: 1/ 311] (عبد الأعلى بن حمَّاد) في نسخةٍ: "عبد الأعلى" فقط. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة، وفي نسخة: بدل سعيد، "شعبة". (حدثهم) في نسخةٍ: "حدثه". (أن نبيَّ الله) في نسخة: "أن النبيَّ". (يومئذٍ) أي: حينئذٍ؟ إذ لا يوم لذلك معين. ووجه مطابقته للترجمة: يفهم من قوله (كان يطوف على نسائه) لأن نساءه كان لهنَّ حُجَرٌ متقاربة، فبالضرورة أنه كان يخرج من حجرة إلى أخرى قبل الغسل. 285 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: "أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ"، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ المُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ". [انظر: 283 - مسلم: 371 - فتح: 1/ 391] (عياش) بمثناة تحتية مشددة وشين معجمةٍ: ابن الوليد الرقام. (عن بكر) أي: المزني.

25 - باب كينونة الجنب في البيت، إذا توضأ قبل أن يغتسل

(بيدي) في نسخة: "بيميني". (فانسللتُ) أي: خرجتُ، أو ذهبت في خفية، وفي نسخة: "فانسللت منه". (فأتيتُ) في نسخة: "وأتيتُ". (الرحل) بحاء مهملة ساكنة، أي: المسكن، وما يستصحب من الأساس (يا أبا هريرة) في نسخة: "يا أبا هرَّ" بالترخيم. (فقلت له) ما فعلتُ من المجيء للرحل والاغتسال. (سبحان الله با أبا هريرة) في نسخة: "سبحان الله" فقط، وفي نسخة: "سبحان الله يا أبا هر". وتقدم الكلام علي مباحث هذا الحديث آنفا، ومطابقته للترجمة في قوله: (فمشيت معه). وفيه: مصافحة الجنب ومشيه معه مرتفقًا به، وأن الأدب ألا ينصرف عنه حتَّى يعلمه؛ لقوله له: (أين كنت؟) فدلَّ على أنه أحبَّ ألا يفارقه. 25 - بَابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي البَيْتِ، إِذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ (باب: كينونة الجنب) أي: استقراره. (في البيت) أي: حكم ذلك. (إذا توضأ قبل أن يغتسل) ولفظ: (قبل أن يغتسل) ساقط من نسخة، وهو مع ما قبله ساقط من أخرى. 286 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَشَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ " أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ". [288 - مسلم: 305 - فتح: 1/ 312] (عن يحيى) في نسخة: "عن يحيى بن كثير". (قال: نعم، ويتوضَّأ) أي: قالت، (نعم) يرقد ويتوضأ. فيتوضأ معطوفٌ على (يرقد) المقدر، والواو لا تقتضي الترتيب، فالمراد: أنه يجمع بين الوضوء والرقاد، مقدمًا الوضوء. ويدلُّ له خبر مسلم: كان إذا

26 - باب نوم الجنب

أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة (¬1). 26 - باب نَوْمِ الجُنُبِ. (باب: نوم الجنب) هذا الباب ساقط من نسخةٍ؛ للاستغناءِ به بالباب الآتي. 287 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ". [289، 290 - مسلم: 306 - فتح: 1/ 392] (حدثنا الليث) في نسخةٍ: "عن الليث". (أيرقد أحدنا) أي: أيجوز له الرقاد. (إذا توضأ أحدكم فليرقد) أي: إن أراد الرقاد فليرقد بعد التوضؤ فالأمر؛ لإباحة الرقود قبل الغسل؛ لقرينة الإجماع علي عدم وجوب الرقود وندبه، والحكمة في الوضوء لما ذكرنا: تخفيف الحدث. 27 - بَابُ الجُنُبِ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَنَامُ (باب: الجنب يتوضأ ثُمَّ ينام) أي: باب بيان ندب الوضوء للجنب، إذا أراد النوم. 288 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ". [انظر: 286 - مسلم: 305 - فتح: 1/ 313] ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (305) كتاب: الحيض، باب: جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء له.

28 - باب: إذا التقى الختانان

(وتوضأ للصلاة) أي: توضأ، كما يتوضأ للصلاة؛ لأنَّ المراد: ليصلي به؛ لأنَّ الصلاة تمنع قبل الغسل من الجنابة. واستنبط منه: أنَّ غسل الجنابة ليس على الفور بل إنما يتضيق عند القيام إلى الصلاة. 289 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ" [انظر: 287 - مسلم: 306 - فتح: 1/ 393] (جويرية) أي: ابن أسماء بن عبيد الضُّبعَي. (عن عبد الله) في نسخة: "عن ابن عمر". (قال: نعم) في نسخة: "فقال: نعم". 290 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ". [انظر: 287 - مسلم: 306 - فتح: 1/ 393] (أَنَّه تصيبه الجنابةُ) في نسخة: "بأنه تصيبه الجنابة". (فقال له رسول الله) في نسخةٍ: "فقال رسول الله". وفي الحديث: ندب غسل ذَكَر الجنب عند النوم والوضوء. 28 - بَابٌ: إِذَا التَقَى الخِتَانَانِ (باب: إذا التقى الختانان) أي: باب بيان حكم التقائهما، والختان: اسم مصدر من الختن: وهو القطع، والمراد هنا: موضع القطع من الفرج، وجواب (إذا) محذوف، أي: فقد وجب الغسل.

291 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الغَسْلُ" تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ شُعْبَةَ، مِثْلَهُ وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ مِثْلَهُ. [مسلم: 348 - فتح: 1/ 395] (معاذ بن فضالة) بفتح الفاءِ. (إذا جلس) أي: الرجل. (بين شعبها) بضمِّ المعجمة وفتح المهملة جمع شعبة: وهي القطعة من الشيءِ. (الأربع) المراد بها: اليدان والرجلان، واختاره ابن دقيق العيد (¬1). أو الرجلان والفخذان، أو الرجلان والشفران، أو الفخذان والشفران، أو نواحي فرجها الأربع، ورجحه القاضي عياض (¬2). (ثم جهدها) بفتح الجيم والهاءِ أي: بلغ جهده، أو طاقته، وهو كناية عن معالجة الإيلاج، أو الجهد: الجماع أي: جامعها، وإنما كُنِّي بذلك؛ للتنزه عما يفحش ذكره صريحًا. ووجه دلالة الحديث على الترجمة: أن بلوغ الجهد المذكور هو التقاء الختانين، ولهذا روى مسلم: "إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان" (¬3). وليس المراد بالمس حقيقته؛ لأن ختانها في أعلى الفرج فوق مخرج البول الذي هو فوق مدخل الذكر، ولا يمسه الذكر في الجماع، بل لو مسه بلا مخرج جماع لم يجب الغسل، فالمراد: ¬

_ (¬1) "إحكام الأحكام" 1/ 104 - 105. (¬2) "إكمال المعلم" 2/ 197. (¬3) "صحيح مسلم" (350) كتاب: الحيض، باب: نسح: "الماء من الماء" ووجوب الغسل بالتقاء الختانين.

تغيب حشفة الذكر، وهو المراد بالتقاء الختانين، المراد به تحاذيهما. (فقد وجب الغسل) أي: على الرجل والمرأة وإن لم يحصل إنزال، فالموجب: غيبوبة الحشفة، والحصر في خبر: "إنما الماءُ من الماءِ" (¬1): أي لا غسل بماءٍ من غير إنزال منيٍّ، منسوخ، لكن قال ابن عباس: ليس بمنسوخ بل المراد به: نفي وجوب الغسل بالرؤية في النوم إن لم ينزل، فعلى ما قاله: لا حاجة إلى دعوى نسخه، بل حديث: "إذا التقى الختانان" مقدم عليه؛ لأن دلالته على وجوب الغسل بالمنطوق، ودلالة الحصر عليه بالمفهوم، والمنطوق مقدم على المفهوم [بل قيل: أنه لا يحتج بالمفهوم] (¬2). (تابعه) أي: هشامًا. (مثله) بالنصب بمحذوف، أي: فرويا مثله، أي: مثل حديث الباب، وهو ساقط من نسخةٍ. (وقال موسَى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي شيخ البخاري. (حدثنا أبان) في نسخة: "أخبرنا أبان" وهو مصروف وممنوع الصرف كما مرَّ، ولما روى قتادة أولًا عن الحسن بعن وهو مدلس صرح هنا بالسماع منه حيث قال: (أخبرنا الحسن) وإنما قال البخاريُّ هنا: وقال وثَم: تابعه؛ لأن المتابعة أقوى؛ لأن القول أعمُّ من نقله رواية ومذاكرة. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (343) كتاب: الحيض، باب: إنما الماء من الماء. والترمذي (110) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء أن الماء من الماء، والنسائي 1/ 115 كتاب: الطهارة وسننها، باب: الذي يحتلم ولا يرى الماء. وابن ماجه (606) كتاب: الطهارة وسننها، باب: الماء من الماء. (¬2) من (م).

29 - باب غسل ما يصيب من فرج المرأة

29 - بَابُ غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ المَرْأَةِ (باب: غسل ما يصيب) أي: الرجل. (من فرج المرأة) أي: من رطوبة فرجها. 292 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: يَحْيَى، وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الجُهَنِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ؟ قَالَ: عُثْمَانُ: "يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ" قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ، وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. قَالَ: يَحْيَى، وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 179 - مسلم: 347 - فتح: 1/ 316] (عن الحسين) زاد في نسخة: "المعلم". (قال يحيى) أي: ابن أبي كثير. (وأخبرني) ذكره بواو؛ إشعارًا بأنه حدثه عن غير ذلك أيضًا. (الجهني) بضم الجيم وفتح الهاءِ؛ نسبة إلى جهينة بن زيد. (فقال: أرأيت) في نسخة: "فقال له: أرأيت" أي: أخبرني، فهو استفهام بمعنى: الأمر؛ لاشتراكهما في الطلب. (قال عثمان) في نسخةٍ: "وقال عثمان". (سمعته) أي: ما أفتيت به من الوضوءِ للصلاة وغسل الذكر. (فأمروه بذلك) أي: بما ذكر منهما، وفي نسخة: "فقالوا مثل ذلك" عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا الإفتاء كان في أول الإسلام ثُمَّ جاءت السُّنة بوجوب الغسل، ثُمَّ أجمعوا عليه. (قال يحيى) ساقط من نسخةٍ.

293 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ؟ قَالَ: "يَغْسِلُ مَا مَسَّ المَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "الغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآخِرُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لِاخْتِلافِهِمْ". [مسلم: 346 - فتح: 1/ 398] (إذا جامع الرجل المرأة) في نسخةٍ: "امرأته". (يغسل ما مسَّ المرأةَ منه) أي: يغسل العضو الذي مسَّ رطوبة فرج المرأة من أعضائه. (ثُمَّ يتوضأ ويصلي) هو أصرح في الدلالة على ترك الغسل من الحديث السابق. (قال أَبو عبد الله) أي: البخاريُّ. (الغسل) بضمِّ الغين، أي: الاغتسال من الإيلاج بدون إنزال. (أحوط) أي: من الاكتفاء بالوضوءِ وغسل الفرج. (وذاك الآخر) بالمذ وكسر الخاءِ، وفي نسخة: "الأخير" بالقصر وبالمثناة التحتية، أي: آخر الأمرين من فعل الشارع، وفي أخرى: بالمدِّ وفتح الخاءِ، أي: الحديث السابق. (إنما) في نسخة: "وإنما". (بينا) في نسخة: "بيناه" (لاختلافهم) أي: لاختلاف الصحابة، ولاختلاف المحدثين، في صحته وعدمها، وفي نسخة: "وإنما بينا اختلافهم" وفي أخرى: "إنما بينا الحديث الآخر لاختلافهم" والماء أنقى، وهذه مناسبة لفتح الخاء. وتقدم أن ما ذكر موجب للغسل مع زيادة.

6 - كتاب الحيض

6 - كتاب الحيض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 6 - كِتَابُ الحَيْض وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ} [البقرة: 222]- إِلَى قَوْلِهِ - {وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]. [فتح: 1/ 399] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (كتاب الحيض) أي: وما يذكر معه من الاستحاضة والنفاس، في نسخةٍ: تقديم هذا علي البسملة، وفي أخرى: بدل (كتاب): "باب" والحيض لغة: السيلان، وشرعًا: دم يخرج من قعر رحم المرأة بعد بلوغها، في أوقات معتادة، بخلاف الاستحاضة: فإنها من عرقٍ فمه بأدنى الرحم، يسمَّى: العاذل بالذال المعجمة. (وقول الله تعالى) بالجرِّ عطفٌ علي الحيض. ({وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}) أي: الحيض، أي: عن حكمه، وسبب نزول الآية: ما رواه مسلم عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم أخرجوها من البيوت، فسأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: ({وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}) الآية [البقرة: 222] فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "افعلوا كل شيء إلا النكاح" (¬1) ({فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}) أي: في الحيض، أو وقته، أو مكانه: وهو الفرج. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (302) كتاب: الحيض، باب: جواز غسل الحائض رأس زوجها.

1 - باب كيف كان بدء الحيض؟

وهذا اقتصاد بين إفراط اليهود القائلين بإخراجهن من البيوت في زمن الحيض، وتفريط النصارى القائلين بحلِّ جماعهنَّ في زمنه. ({وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}) [البقرة: 222] تأكيد لحكم ما قبله، وبيان لغايته، وهو اغتسالهن بعد الانقطاع. ({فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}) إلخ في نسخة: بدل ما ذكر: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} الآية وفي أخرى: "فاغتسلوا" إلى قوله. " {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} " [البقرة: 222]. 1 - بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الحَيْضِ؟ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ". وَقَالَ بَعْضُهُمْ: "كَانَ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ الحَيْضُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرُ". [فتح: 1/ 400] (باب: كيف كان بدءُ الحيضِ) أي: ابتداؤه، ويجوز تنوين (باب) وتركه بإضافته، أو بسكونه، فقوله: (وقول النبيِّ) يجوز رفعه وجره. (علي بنات آدَم) أصله: الصلبية، لكن عممه في بنات الولد أيضًا، وإن سفل. (وقال بعضهم) هو عبد الله بن مسعود، وعائشة. (أول) اسم كان. (على بني إسرائيل) خبرها، والمراد: على بنات، أو نساء بني إسرائيل، على حذف مضاف كما في: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]. وهذا أقرب من قول الكرماني: المراد: القبيلة، أو أولاد إسرائيل (¬1). (قال أَبو عبد الله) أي: البخاريُّ، وهذا ساقط من نسخة. (وحديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم) أي: بأن هذا أمر كتبه الله على بنات ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 158.

آدم. (أكثر) بمثلثة أي: أشمل من قول بعضهم السابق؛ لأنه يتناول بنات إسرائيل وغيرهنَّ بلا تكلف، وفي نسخةٍ: "أكبر" بموحدة، أي: أوسع. [باب الأَمْرِ بِالنُّفَسَاءِ إِذَا نُفِسْنَ] (باب: الأمر للنفساءِ إذا نفسن) ساقط من نسخة. و (نفسن) بفتح النون أكثر من ضمها أي حضن. قال النووي: الفتح في الحيض أكثر من الضم، وفي الولادة بالعكس (¬1)، لكن قال الهروي: الضم والفتح في الولادة، وأما الحيض فبالفتح لا غير، وفي نسخةٍ: بدل (للنفساء): "للنساء" وفي أخرى: "باب: الأمر بالنفساء إذا نفسن" والمراد بالنفساءِ: الحائض، وبالباء زائدة، أو تقديره الأمر الملتبس بالنفساء، وذكر ضمير نفسن باعتبار الشخص، أو لعدم الإلباس؛ لاختصاص الحيض بالنساءِ، وجمعه على النسخة الأولى باعتبار الجنس. 294 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ، قَالَ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: خَرَجْنَا لَا نَرَى إلا الحَجَّ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، قَالَ: "مَا لَكِ أَنُفِسْتِ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ" قَالَتْ: وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ. [305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229 - مسلم: 1211 - فتح: 1/ 400]. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 207.

(علي بن عبد الله) في نسخة: "على يعني: ابن عبد الله". (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال: سمعت القاسم) أي: "ابن محمد" كما في نسخة، وهو ابن أبي بكر الصديق. (لا نرى) بضم النون، أي: لا نظن، وبفتحها، أي: لا نعتقد ونقصد. (إلا الحج) أي: قصده. (فلمَّا كنا) في نسخة: "فلما كنتم". (بسرف) بفتح المهملة، وكسر الراءِ: موضع على عشرة أميال، أو تسعة، أو سبعة، أو ستة من مكة (¬1)، غير منصرف، للعلمية والتأنيث باعتبار إرادة البقعة، وقد تصرف باعتبار إرادة المكان، كذا قيل، والأقرب استواء الأمرين، أو ترجيح الصرف؛ لأنه الأصل. (قال: مالك) في نسخة: "فقال: مالك". (أنفست؟) نفتح النون، وفي نسخة: بضمها، وتقدم بيانه. (إن هذا) الحيض. (أمر) أي: شأن. (غير) بالنصب. (أن لا تطوفي) أي: أن تطوفي، فـ (لا) زائدة، وإلا فغير عدم الطواف هو نفس الطواف، و (أن) مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن، و (تطوفي) مجزوم بلا، أي: لا تطوفي ما دمت حائضًا. (وضحَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه) أي: بإذنهنَّ. (بالبقر) في نسخة: "بالبقرة" والتاء فيها؛ للفرق كما في تمرة وتمر، كما مرَّ. وفي الحديث: جواز البكاء والتحزن عند حصول مانع العبادة بل يندبان. واشتراط الطهارة في الطواف، وتضحية الزوج عن امرأته، أي: بإذنها، كما مرَّ. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 212.

2 - باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

2 - بَابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ. (باب: غسل الحائض رأس زوجها وترجيله) بالجيم، أي: تسريحه شعر رأسه وتنظيفه. 295 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا حَائِضٌ". [296، 301، 2028، 2029، 2031، 2046، 5925 - مسلم: 297 - فتح: 1/ 401] (حدثنا مالك) في نسخة: "أخبرنا مالك". (أرجل) أي: أسرح شعر (رسول الله) أي: شعر رأسه، فهو من مجاز الحذف، أو من إطلاق المحل على الحال مجازًا. 296 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ سُئِلَ أَتَخْدُمُنِي الحَائِضُ أَوْ تَدْنُو مِنِّي المَرْأَةُ وَهِيَ جُنُبٌ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: كُلُّ ذَلِكَ عَلَيَّ هَيِّنٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَخْدُمُنِي وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: "أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ، تَعْنِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ حَائِضٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ مُجَاورٌ فِي المَسْجِدِ، يُدْنِي لَهَا رَأْسَهُ، وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا، فَتُرَجِّلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ". [انظر: 295 - مسلم: 297 - فتح: 1/ 401] (ابن جريج) نسبة لجدِّه؛ لشهرته به، وإلا فاسمه: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. (أخبرهم) أي: هشامًا ومَنْ في طبقته. (أخبرني هشام) زاد في نسخة: "ابن عروة". (كلُّ ذلك) أي: ما ذكر من الخدمة والدنو. (على) ساقط من نسخة. (هيِّن) بتشديد الياءِ أكثر من تخفيفها، أي: سهل. (وكل ذلك) أي: من ذكر من الحائض والجنب. (تخدمني) الأَوْلى قراءته بالياء التحتية؛ تغليبًا للذكر على المؤنث. (وليس على أحدٍ في ذلك بأس) أي: حرج. (ترجل رسول الله)

3 - باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض

أي: تسرح شعر رأسه، وفي نسخة: "ترجل، تعني: رأس رسول الله". (وهي حائض) لم يقل: حائضة بالتاء لعدم الإلباس؛ لاختصاص الحيض بالنساء، بخلاف ما إذا ألبس، كحاملة ومرضعة، فإنه إن كان المعنى فيها بالفعل أتي بالتاء، أو بالقوة فلا. (حينئذٍ) أي: حين الترجيل. (مجاور) أي: معتكفٌ. (في المسجد) أي: النبويِّ. (يدني لها رأسه) أي: يقربه لها. (حجرتها) بضم المهملة، أي: بيتها. وفي الحديث: ترجيل شعر الرأس، وأن إخراج المعتكف بعضه، كيده ورأسه من المسجد لا يبطل اعتكافه، واستخدام الزوجة في غسلٍ ونحوه برضاها، وألحق عروة الجنابة بالحيض؛ قياسا بجامع الحدث الأكبر، بل هو قياسٌ جليٌّ؛ لأن الاستقذار بالحائض أكثر. 3 - بَابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حَجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ: "يُرْسِلُ خَادِمَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إِلَى أَبِي رَزِينٍ، فَتَأْتِيهِ بِالْمُصْحَفِ، فَتُمْسِكُهُ بِعِلاقَتِهِ". (باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض) في نسخةٍ: "باب: قراءة القرآن في حجر امرأته" والحجر، بتثليث الحاءِ؛ الحضن، قاله في "القاموس" (¬1). (وقال أَبو وائل) اسمه: شقيق بن سلمة. (إلى أبي رزين) اسمه: مسعود بن مالك الأسديُّ. (فتأتيه" في نسخة: "التأتيه". (بعلاقته) بكسر العين، أي: خيطه الذي يربط به كيسه. وغرض البخاريِّ بذلك: الاستدلال على جواز حمل الحائض ¬

_ (¬1) انظر مادة: حجر "القاموس المحيط" ص 371.

4 - باب من سمى النفاس حيضا

المصحف من غير مسٍّ لكتابته - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل ما فيه من القرآن مع علمه أنهم يمسونه وهم جنب، ومنعه الجمهور؛ لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ (79)} [الواقعة: 79] حيث صرح فيه بحرمة مَسِّه المفهوم من حرمة حمله بالأولى. 297 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، سَمِعَ زُهَيْرًا، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، أَنَّ أُمَّهُ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ يَتَّكِئُ فِي حَجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ يَقْرَأُ القُرْآنَ". [7549 - مسلم: 301 - فتح: 1/ 401] (يتكئ في حجري) ضمَّن يتكئ معنى: يتمكن فعدَّاه بفي، أو في بمعني: على (¬1)؛ لأن الاتكاء إنما يتعدى بها، قال تعالى: {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} [طه: 18، (ثم يقرأ القرآن) فيه: دلالة على جواز القراءة بقرب موضع النجاسة. 4 - بَابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا (باب: من سمَّى النفاس حيضًا) زاد في نسخة: "والحيض نفاسًا" وهي الموافقة صريحًا؛ لقوله في الحديث الآتي: (أنفست؟) أي: حضت. 298 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَا قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُضْطَجِعَةٌ فِي خَمِيصَةٍ، إِذْ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي، قَالَ: "أَنُفِسْتِ" قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَانِي، فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ. [322، 323، ¬

_ (¬1) مجيء (في) بمعنى: على قال به الكوفيون وابن قتيبة وابن مالك وابن هشام وجعلوا منه قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} أي: على جذوع النخل ورده البصريون وتأوَّلوا ذلك على التضمين.

1929 - مسلم: 296 - فتح: 1/ 402] (المكيُّ) في نسخة: "مكي". (ابنة أمِّ سلمة) في نسخة: "بنت أمِّ سلمة". (مضطجعة) أصله: مضتجعة، قلبت التاءُ طاءً، ويروى مرفوعًا ومنصوبًا. (في خميصة) وهو كساءٌ مربع له علمان. (إذ حضتُ) جواب (بينا). (فانسللتُ) أي: خرجتُ، أو ذهبت في خفية، فعلت ذلك؛ تقذرًا منها أن تضاجعه وهي كذلك؛ أو خشية أن يصيبه من دمها، أو أن يطلب منها استمتاعًا. (حِيَضتي) بكسر الحاء، أي: أخذت ثيابي التي أعددتها؛ لألبسها في حالة الحيض، وبفتحها أي: أخذت ثيابي التي ألبسها زمن الحيض، ويؤيده قولها في نسخة: "حيضي" لكن قال النووي: الكسرُ هو الصحيحُ المشهورُ (¬1) وقال القرطبيُّ: الفتح أرجح (¬2). (قال) في نسخة: "فقال". (أنفست؟) بفتح النون، على الراجح، وبضمها علي المرجوح، أي: حضت. (في الخميلة) باللامِ بدل الصادِ: وهي القطيفة ذات الخمل، وهو الهدب. وفي الحديث: استحباب اتخاذ المرأة ثيابًا للحيض غير ثيابها المعتادة، وجواز النوم مع الحائض في ثيابها، والاضطجاع في لحاف واحد. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 207. (¬2) "المفهم" 1/ 557.

5 - باب مباشرة الحائض

5 - بَابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ (باب: مباشرة الحائض) أي: بالتقاءِ بشرتها ببشرة بعلها بغير جماع، وسيأتي لهذا زيادة. 299 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ كِلانَا جُنُبٌ". [انظر: 250 - مسلم: 319 - فتح: 1/ 403] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوريُّ. (عن منصورٍ) أي: ابن المعتمر. (إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن زيد. (أنا والنبي) برفع النبيِّ ونصبه كما مرَّ. (كلانا جُنُبٌ) حال. 300 - وَكَانَ يَأْمُرُنِي، فَأَتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ". [302، 2030 - مسلم 293 - فتح: 1/ 403] 301 - وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ". [انظر: 295 - مسلم: 297 - فتح: 1/ 403] (وكان) في نسخةٍ: "فكان". (يأمرني) أي: بالاتزار. (فأتزر) بفتح الهمزة وتشديد الفوقية، وأنكره البصريون، وقال الزمخشريُّ: إنه خطأ، وأصله: فأَأتزر بهمزة ساكنةٍ بعد همزة المتكلم بوزن: أفتعل فتقوا لذلك، أو بإبدال الهمزة الثانية ألفًا؛ لوقوعها بعد فتحة لا بالإدغام. والحق جوازه عملًا بمذهب الكوفيين، وبنقل الثقات له عن عائشة؛ إذ قولها حجة؛ لأنها من فصحاء العرب. (فيباشرني) أي: بملاقاة بشرته بشرتها، بلا جماع كما مرَّ، والمباشرة بالملاقاة بالذكر، أو غيره جائزة فيما فوق السرة وتحت الركبة اتفاقًا، وفيما بينهما غير القبل والدبر محرّمة علي الأصح. وقيل: مكروهةٌ، وقيل: إن كان يضبط نفسه عن الفرج جازت وإلا فلا. واختار

النوويُّ من جهة الدليل القول الثاني (¬1)؛ لخبر مسلم: "اصنعوا كلَّ شيءٍ إلا النكاح" (¬2) وحمل خبر أمرها أن تتزر علي الندب واستحسن في "مجموعه" الثالث (¬3). وتقدم ما يؤخذ من الحديث. 302 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَاشِرَهَا " أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا، قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟ [انظر: 300 - مسلم: 293 - فتح: 1/ 403] تَابَعَهُ خَالِدٌ، وَجَرِيرٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ. (حدثنا إسماعيل) في نسخةٍ: "أخبرنا إسماعيل". (خليل) في نسخة: "الخليل". (أَبو إسحق) اسمه: سليمان بن فيروز. (هو الشيباني) بفتح المعجمة، وإنما قال: هو؛ لينبه على أنه من قوله لا من قول الراوي عن إسحاق. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 204. (¬2) "صحيح مسلم" (302) كتاب: الحيض، باب: جواز غسل الحائض رأس زوجها. (¬3) ففي مباشرة الحائض بين السرة والركبة ثلاثة أوجه عند الشافعية: الأول: أنها حرام وهو المنصوص للشافعي -رحمه الله- في "الأم"، واحتجوا له بقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} الثاني: أنه ليس بحرام، وهو قول أبي إسحاق المروزي وحكاه صاحب "الحاوي" عن أبي علي خيران، وهو الأقوى من حيث الدليل لحديث أنس - رضي الله عنه - فإنه صريح في الإباحة، وأما مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم فوق الإزار فمحمولة على الاستحباب جمعًا بين قوله - صلى الله عليه وسلم - وفعله. والثالث: إن وثق المباشر تحت الإزار بضبط نفسه عن الفرج لضعف شهوة أو لشدة ورع جاز، وإلا فلا وهو ما استحسنه النووي كما صرح المصنف. انظر: "المجموع" 2/ 345.

(فأراد رسول الله) في نسخة: "فأراد النبيُّ". (أن تتزر) بتشديد الفوقية، وفي نسخة: "أن تأتزر" بهمزة ساكنة وهي أفصح، كما عُلِمَ مما مرَّ آنفًا. (في فور) بفتح الفاء وسكون الواو وبالراء أي: قوة وشدة، ومنه: فار القدر، أي: قوي واشتدَّ، والمراد: عند ابتداء الحيض، ورواه أَبو داود (¬1): "في فوح" بحاء مهملة. (إربه) بكسر الهمزة وسكون الراء وبموحدة، أي: فرجه، وروي: بفتح الهمزة والراء، أي: حاجته، أي: شهوته، والمعنى: أيكم أضبط لفرجه أو شهوته. (كما كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يملك إربه) فلا يخشى عليه ما يخشى عليكم. (تابعه) أي: عليَّ بن مسهر. (خالدٌ) أي: ابن عبد الله الواسطي. (وجرير) أي: ابن عبد الحميد. 303 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ، تَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا، فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حَائِضٌ" وَرَوَاهُ سُفْيَانُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ. [مسلم: 294 - فتح: 1/ 405] (سمعت ميمونة قالت: كان رسول الله) في نسخة: ["سمعت ميموته تقول: كان رسول الله"] (¬2) وفي أخرى: "سمعت ميمونة قالت: كان النبيُّ). (فاتزرتُ) تقدم ما فيه. (وهي حائض) حالٌ من مفعول (يباشر) أو من مفعول أمر، أو من فاعل اتزر، أو من الثلاثة جميعًا (¬3). ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (268) كتاب: الطهارة، باب: في الرجل يصيب منها ما دون الجماع. (¬2) من (م). (¬3) كونها حالًا من الثلاثة هو أضعف الأوجه.

6 - باب ترك الحائض الصوم

(رواه) أي: الحديث، وفي نسخة: "ورواه". (سفيان) أي: الثوريُّ، وقيل: ابن عيينة، وعبَّر برواه دون تابعه؛ لأن الرواية أعمُّ من المتابعة كما مرَّ، فلعلَّه لم يَرْوهِ [متابعةً] (¬1). 6 - بَابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ (باب: ترك الحائض الصوم) أي: في أيام حيضها. 304 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ" فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ"، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ" قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: "فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ" قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: "فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا". [1462، 1951، 2658 - مسلم 80 - فتح: 1/ 405] (أخبرنا محمد) في نسخة: "حدثنا محمد". (زيد -هو ابن أسلم-) في نسخة: "زيد" فقط. (خرج رسول الله) أي: من بيته، أو من مسجده. (في أضحى) أي: في عيد أضحى، وهو بفتح الهمزة، وسكون الضاد: جمع أضحاة إحدى أربع لغات في أسمها، ثانيتها وثالثتها: أضحية بضم الهمزة وكسرها مع تخفيف الياءِ، ورابعتها: ضحية بفتح الضاد وتشديد الياءِ، ¬

_ (¬1) من (م).

وأضحى تذكر وتؤنث، وهو منصرف، سميت بذلك؛ لأنها تفعل في الضحى: وهو ارتفاع النهار. (أو فطر) أي: عيد الفطر، والشكُّ من أبي سعيد. (إلى المصلَّى) هو مكان الصلاة. (يا معشر النساءِ) المعشر: كلُّ جماعة أمرهم واحد، وفيه: ردٌّ علي ثعلب؛ حيث خصَّه بالرجال إلا إن أراد بالتخصيص حالة إطلاق المعشر لا تقييده. (أريتكن) بضمِّ الهمزة، أي: أخبرت، وهو متعدٍّ إلى ثلاثة، ثالثها: (أكثر أهل النار) وكانت الرؤية ليلة الإسراء، أو حالة صلاة الكسوف فيها، كما يؤخذ من حديث ابن عبَّاس الآتي في بابها. (فقلن) في نسخة: "قلن". (وبم) الواو عاطفة على مقدر، أي: وما ذنبنا، وقيل: استئنافية، والباء سببية، والميم أصلها: ما الاستفهامية، حذفت ألفها تخفيفًا على القاعدة في مثل ذلك، بخلاف ما الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، والزائدة، فإن ألفها تثبت، نحو: {بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [الأنفال: 47]، {بِمَا كَسَبُوا} [الكهف: 58] {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} [آل عمران: 79] {فَبِمَا رَحْمَةٍ} [آل عمران: 159]. (تُكْثِرنْ اللَّعْنَ) أي: الدعاء به، وهو الإبعاد من الله، والدعاء به على معين لم يعلم بنص خاتمة أمره بسوءٍ - محرم، بخلاف المعين الذي علم بنص خاتمةِ أمرِه بسوءٍ، كأبي جهل، وغير المعين ممن اتصف بسوءٍ، كالظالمين، والكافرين، فيجوز الدعاء عليهم بذلك. (وَتَكْفُرنَ) من الكفر وهو الستر، وكفر النعمة: سترها. (العشير) أي: المعاشر، وهو الزوج، والخطاب عامٌّ، غلِّبت فيه الحاضرات على الغائبات. و (من ناقصات عقل) صفة لمحذوف، أي: أحدًا،

والعقل: العلم ببعض الضروريات. الذي هو مناط التكليف، وقيل: غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات، وقد بسطت الكلام عليه في "شرح آداب البحث". (أذهب) من الإذهاب على قول سيبويه، يجوز بناء أفعل التفضيل من مزيد الثلاثي وكان القياس أن يقال: أشد إذهابًا. (للبِّ) بضمِّ اللام الثانية، وتشديد الموحدة: العقل الخالص من الشوائب، وسمِّي بذلك؛ لأنه خالص ما في الإنسان من قواه، فكلُّ لبٍّ عقلٌ لا العكس. (الحازم) بحاءٍ مهملة وزاي، أي: الضابط لأمره، وذكره مبالغة في وصفهنَّ بذلك؛ لأن الضابط لأمره إذا كان معهنَّ متصفًا بما ذكر فغيره أولى. (ديننا وعقلنا) في نسخةٍ: "دينها وعقلها". (فذلكِ) بكسر الكاف، عدل إليه عن فذالكن؛ ليفيد العموم لكلِّ مخاطبة. وفي الحديث: كما قال النوريُّ الحثُّ على الصدقة، وأن الحسنات يذهبن السيئات، وأن كفران العشير من الكبائر؛ للتوعد عليه بالنَّار، وجواز إطلاق الكفر على غير الكفريات (¬1)، والمراجعة فيما لا يظهر معناه، وكون شهادة امرأتين بشهادة رجل، وحضورهن مجامع الرجال، لكن بانعزالهن عنهم؛ خوف الفتنة، وخروج الإمام للمصلَّى في العيد، وإنَّ نقص الدين قد يكون مع عدم الإثم، كما أن الكامل ناقصٌ عن الأكمل، وإن لم يكن إثمًا، ثُمَّ إن البخاري خصَّ بالذكر في الترجمة صوم الحائض دون صلاتها، مع أنهما في الحديث؛ لأن تركها للصلاة واضح؛ لافتقارها إلى الطهارة، بخلاف الصوم، فتركها له مع ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 66.

الحيض تعبد محضٌ فاحتيج إلى ذكره بخلاف الصلاة، وليس المراد بذكر نقص العقل والدين في النساءِ لومهنَّ عليه؛ لأنه من أصل الخلقة، لكن التنبيه على ذلك تحذيرًا منهن. وهل تثاب على تركها الصوم؛ لأنها مكلفة به، كما يثاب المريض علي النوافل التي كان يفعلها في صحته، وشغل عنها بمرضه؟. قال النوويُّ: الظاهر لا؛ لظاهر الحديث؛ لأن المريض كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته لها (¬1)، وهي ليست كذلك، بل نيتها ترك الصلاة زمنَ الحيض، وكيف لا وهي حرامٌ عليها. قال الطيبي (¬2): والجواب، أي: بقوله: (تكثرن اللعن ... إلخ) من أسلوب الحكيم؛ لأن (ما رأيت ... إلخ) زيادة، فإن قوله: (تكثرن اللعن وتكفرن العشير) جواب تامٌّ، فكأنه من باب: الاستتباع؛ إذ الذمُّ بالنقصان استتبع الذمَّ بأمرٍ آخر غريب، وهو كون الرجل الكامل منقادًا للناقصات دينًا وعقلًا. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 68. (¬2) هو أَبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد حمدان الطيبي المعروف بالصائن تفقه بواسط على المجير البغدادي، وصنف مختصرًا في الفرائض. مولده سنة ثلاث وستين وخمسمائة. قال الذهبي: مصنف "شرح التنبيه" ومعيد النظامية، كان سديد الفتاوى، متقنا، فرضيًا، حاسبًا، فاضلًا. توفي في صفر سنة أربع وعشرين وستمائة. انظر: "البداية والنهاية" 13/ 122، "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة 2/ 74.

7 - باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت

7 - بَابٌ: تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إلا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: "لَا بَأْسَ أَنْ تَقْرَأَ الآيَةَ"، وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ "بِالقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأْسًا" وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ " وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: "كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ يَخْرُجَ الحُيَّضُ فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ" وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ، أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} [آل عمران: 64] " الآيَةَ وَقَالَ عَطَاءٌ: عَنْ جَابِرٍ، حَاضَتْ عَائِشَةُ فَنَسَكَتْ المَنَاسِكَ غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَلَا تُصَلِّي وَقَالَ الحَكَمُ: "إِنِّي لَأَذْبَحُ وَأَنَا جُنُبٌ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]. (باب: تقضي) أي: تؤدي. (الحائض المناسك كلها) المتعلقة بالحجِّ والعمرة. (إلا الطواف بالبيت) فلا تقضيه؛ لأنه صلاة مخصوصة. (وقال إبراهيم) أي: النخعي. (لا بأس) أي: لا حرج. (أن تقرأ) أي: الحائض. (الآية) هو ما روي عن مالك ومذهب الشافعي والحنفي والحنبلي: التحريم ولو بعض آية؛ لخبر الترمذيِّ: "لا يقرأ الجنبُ ولا الحائضُ شيئًا من القرآن" (¬1) نعم له، ولها إذا انقطع دمها قراءة الفاتحة ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (131) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن. وقال الترمذي: وفي الباب عن علي. وقال: حديث ابن عمر حديث لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة

في الصلاة عند فقد الطهورين، بل قال النووي بوجوبها. (على كلِّ أحيانه) أي: أزمانه، فيدخل فيه خبر الجنابة. (أن نخرج الحيض) بنون مضمومة، وراء مكسورة ونصب الحيض، وبتاء مفتوحة، وراء مضمومة ورفع الحيض. (ويدعون) في نسخة: "ويدعين". قال صاحب "القاموس" (¬1): دَعَيْتُ لغة في دَعَوْتُ. و {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 64] في نسخة: "يا أهل الكتاب" بلا واو، واستدل بما قاله ابن عبَّاس علي جواز القراءة للجنب؛ لأن الكفَّار جنب، وإنما كتب لهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليقرءُون وذلك يستلزم جواز القراءة، وأجيب: بأن الكتاب اشتمل على غير البسملة والآية، كما لو كتبت بعض القرآن في التفسير فإنه لا يمتنع قراءته ولا مَسُّه عند الجمهور؛ لأنه لا يُقصد منه التلاوة. (وقال عطاء) هو ابن أبي رباح. (فنسكت المناسك) أصل النُّسُك: التعبُّد، وخصَّه العرفُ بمناسك الحج والعمرة "كلها" ساقط من نسخة. (وقال الحكم) بفتح الحاءِ والكاف، أي: ابن عتيبة، بضمِّ العين وفتح الفوقية. (لأذبح وأنا جنب) أي: لأذكر الله في ذبحي حالة كوني جنبًا؛ لأن الذبح يستلزم ذكر الله تعالى عادة وشرعًا. 305 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَذْكُرُ إلا الحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: ¬

_ عن نافع عن ابن عمر. وقال الألباني في. "ضعيف سنن الترمذي": منكر. (¬1) انظر: "القاموس المحيط" 1283.

"مَا يُبْكِيكِ؟ " قُلْتُ: لَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنِّي لَمْ أَحُجَّ العَامَ، قَالَ: "لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 1/ 407] (لا نذكر إلا الحجَّ) أي: لأنهم كانوا يعتقدون امتناع العمرة في أشهر الحجِّ). (طمثتُ) بكسر الميم أشهر من فتحها، وبمثلثة، أي: حضتُ. (لوددت) بكسر الدال وهو جواب قسم محذوف (¬1)، والقسم الذي بعده: هو والله تأكيد المحذوف، أو مفعول وددتُ. (أني) بفتح الهمزة. (لم أحج) أي: لم أقصد الحجَّ هذه السنة؛ لأن قولها ذلك كان قبل فعل شيءٍ من الحجِّ. (فإن ذاك) في نسخة: "فإن ذلك" بلام قبل الكاف (¬2). (شيءٌ كتبه الله على بنات آدم) أي: ليس خاصًّا بكِ، قاله تسلية لها وتخفيفًا لهمِّها. (حتى تطهري) أي؛ طهارة كاملة بانقطاع الحيض والاغتسال؛ لحديث "الطواف بالبيت صلاة" (¬3) فيُشترط له ما يشترط لها. وفي الحديث: مَنْعُ الحائض من الطواف، وصحة أفعال الحجِّ منها غير الطواف، وندب حج الرجل بامرأته. ¬

_ (¬1) ودلت عليه اللام؛ لوقوعها في جواب القسم المحذوف. (¬2) واللام فيها للبعد، والكاف للخطاب. (¬3) رواه الترمذي (960) كتاب: الحج، باب: ما جاء في الكلام في الطواف. والحاكم 1/ 459 كتاب: المناسك، باب: إن الطواف مثل الصلاة، والبيهقي 5/ 1388 كتاب: الحج، باب: إقلال الكلام بغير ذكر الله في الطواف. والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".

8 - باب الاستحاضة

8 - باب الاسْتِحَاضَةِ (باب: الاستحاضة) تقدم بيانها، وتفسير الحديث الآتي. 306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي". [انظر: 228 - مسلم: 333 - فتح: 1/ 409] (عن هشام بن عروة) في نسخة: "هشام" فقط. (فقال رسول الله) في نسخة: "فقال النبيُّ". وفي الحديث: استفتاء من وقعت له مسألةٌ لا يعرف حكمها. وجواز استفتاء المرأة الرجل بنفسها فيما يتعلق بالنساءِ، واستماع صوتها عند الحاجة. 9 - باب غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ. (باب: غسل دم المحيض) في نسخة: "الحيض" وهو المراد بالأولى، وفي أخرى: "الحائض". 307 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهَا قَالَتْ: سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهَا الدَّمُ مِنَ الحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الحَيْضَةِ فَلْتَقْرُصْهُ، ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِمَاءٍ، ثُمَّ لِتُصَلِّي فِيهِ". [انظر: 227 - مسلم: 291 - فتح: 1/ 410] (هشام) زاد في نسخة: "ابن عروة". (عن أسماء بنت أبي بكر) أي: "الصديق" كما في نسخة.

10 - باب اعتكاف المستحاضة

(سألت امرأة) هي أسماء بنت الصديق أبهمت نفسها؛ لغرض صحيح. (أرأيت) استفهام بمعنى: الأمر؛ لاشتراكهما في الطلب، أي: أخبرني، كما مرَّ. (فلتقرصه) بقاف وراء مضمومة، وصاد مهملة، أي: تقلعه بظفرها، أو أصابعها. (ثُمَّ لتنضحه) بكسر الضاد وفتحها، أي: تغسله بماءٍ، وتقدم بيان ذلك. 308 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَتْ إِحْدَانَا تَحِيضُ، ثُمَّ تَقْتَرِصُ الدَّمَ مِنْ ثَوْبِهَا عِنْدَ طُهْرِهَا، فَتَغْسِلُهُ وَتَنْضَحُ عَلَى سَائِرِهِ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ". [فتح: 1/ 410] (أصبغ) بغين معجمة، أي: ابن الفرج. (أخبرني عمرو) في نسخة: "حدثني عمرو". (تقترص الدَّم) بفوقية بعد القاف، وفي نسخةٍ: "تقرص". (عند طهرها) في نسخة: "عند طهره" أي: ثوبها، أي: عند إرادة تطهيره. (فتغسله) بالماء بأطراف أصابعها. (وتنضح) أي: ترش الماء. (علي سائره) أي: جميعه؛ دفعًا للوسوسة. 10 - بَابُ اعْتِكَافِ المُسْتَحَاضَةِ (باب: الاعتكاف) أي: في المسجد. (للمستحاضة) في نسخةٍ: "باب: اعتكاف المستحاضة". 309 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ"، فَرُبَّمَا وَضَعَتِ الطَّسْتَ تَحْتَهَا مِنَ الدَّمِ، وَزَعَمَ أَنَّ عَائِشَةَ رَأَتْ مَاءَ العُصْفُرِ، فَقَالَتْ:

كَأَنَّ هَذَا شَيْءٌ كَانَتْ فُلانَةُ تَجِدُهُ. [310، 311، 2037 - فتح: 1/ 411] (حدثنا إسحاق بن شاهين) في نسخة: "حدثنا إسحاق الواسطيُّ". (حدثنا خالد) في نسخة: "أخبرنا خالد" وهو الطحان. (عن خالد) أي: ابن مهران، وهو الحذَّاء. (بعض نسائه) هي سودة بنت زمعة، أو رملة أم حبيبة، أو زينب بنت جحش. (وهي مستحاضة) أدخل فيه التاء مع أن الاستحاضة خاصة للنساء؛ للتنبيه على أن الاستحاضة حاصلة لها بالفعلِ لا بالقوة، أو التاء؛ لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية، ولا يقالُ في المستحاضة: مستحيضة، وكما يقال في فعلها: استحاضت، وإنما يقال: استحيضت؛ إذ بعض الأفعال لم تستعمل إلا مجهولا (¬1)، كجُنَّ. (الطَّسْتَ) أصلُه: طسَّ، أبدلت إحدى السينين تاءً؛ للاستثقال، فإذا جمع أو صغر رُدَّ إلى الأصل، فيقال: طاس وطيس. (من الدم) متعلِّقٌ بوضعت، ومن ابتدائية أو سببية (¬2). (وزعم) أي: عكرمة، وعبر بزعم؛ إما لمجيئه بمعنى قال، أو لأنه لم يثبت صريح القول بذلك عن عكرمة، بل بقرائن الأحوال، وهذا تعليقٌ من البخاريِّ، أو من تتمة قول خالد الحذاءِ فيكون مسندًا، وهو ¬

_ (¬1) أي مبنيًّا للمجهول. (¬2) مجيء من للتعليل، أو السبب قاله بعض النحويين منهم ابنا مالك وهشام وجعلوا منه قول الشاعر: يُغضي حياءً ويغضى من مهابته ... فما يُكلَّم إلا حين يبتسمُ وقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} وقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ}.

11 - باب: هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه؟

عطفٌ في المعنى علي: (عن عكرمة) قال خالد: قال عكرمة، وزعم عكرمة. (كأنَّ) بتشديد النون. (كانت فلانة) هي زينب بنت جحش. (تجده) أي: تجد مثله في زمن استحاضتها. 310 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي". [انظر: 309 - فتح: 1/ 411] (عن خالد) أي: الحذاء. (امرأة من أزواجه) تقدم بيانها آنفًا. (والطست تحتها) بواو الحال، وفي نسخةٍ: بلا واو. وفي الحديث: جواز مكث المستحاضة في المسجد، وجواز اعتكافها وصلاتها فيه، بشرط عدم التلويث في الكلِّ. 311 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، "أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ اعْتَكَفَتْ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ". [انظر: 309 - فتح: 1/ 411] (معتمر) أي: ابن سليمان. (أن بعض أمهات المؤمنين اعتكفت وهي مستحاضة) تقدم بيانه. 11 - بَابٌ: هَلْ تُصَلِّي المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ؟ (باب: هل تصلِّي المرأة في ثوب حاضت فيه) أي: بعد غسل ما أصابه من الدم، أو قبله، وكان مما يُعفى عنه. 312 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: "مَا كَانَ لإِحْدَانَا إلا ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ، فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ قَالَتْ بِرِيقِهَا، فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا". [فتح: 1/ 412] (ابن أبي نجيح) اسمه: عبد الله، واسم أبي نجيح: يسار.

12 - باب: الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض

(لإحدانا) عامٌّ؛ لأن المفرد المضاف من صيغ العموم علي الأصح. (إلَّا ثوب واحد) لا ينافي ما مرَّ من قول أمِّ سلمة: "فأخذت ثياب حيضتي" الدال على تعدد الثوب لجواز أن يكون ما هنا كان في بدء الإسلام، فإنهم كانوا حينئذٍ في شِدَّةٍ وقِلَّة، وما مرَّ كان بعد أن فتح الله الفتوح واتسعت أحوالُهم. (قالت بريقها) من التعبير بالقول عن الفعل، أي: وضعت ريقها عليه. (فقصعته) بقافٍ فمهملتين، أي: دلكته بظفرها وعالجته به، وفي نسخةٍ: "فمصعته" بميم بدل القاف، أي: حكَّته. (بظفرها) بسكون الفاءِ وضمها، والمراد: إنها بعد ذلك غسلته. 12 - بَابٌ: الطِّيبُ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ (باب: الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض) أي: الحيض، وفي نسخة: قبل الباب "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". 313 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَوْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: "كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا نَكْتَحِلَ وَلَا نَتَطَيَّبَ وَلَا نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إلا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ"، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [1278، 1279، 5340، 5341، 5342، 5343 - مسلم: 138 - فتح: 1/ 413] (أيوب) أي: السختياني. (عن حفصة) أي: بنت سيرين الأنصارية. (قال أَبو عبد الله) أي: البخاريُّ. (أو هشام ... إلخ) قال

شيخنا: كأنه -يعني: البخاري- شك في شيخ حمَّاد أو أيوب أو هشام. (أن تحِدَّ) بفوقية، أي: المرأة، وفي نسخةٍ: "نحد" بنون، وكذا القول في (نكتحل) وأخواته، وكلا النسختين من أحدت رباعي، ويقال فيه أيضًا: حدت ثلاثي، ومضارعه: تحد بفتح الفوقية وضمِّ الحاءِ وكسرها: حدادًا فهي حاد، والإحداد: ترك الزينة، وهو واجب على المعتدَّةِ وفاةٍ. (إلا علي زوجها) موافقٌ لنسخة: (تحد) بالفوقية، وفي نسخة: "إلا علي زوج" وهي موافقة لنسخة: "نحد" بالنون. (عشرًا) أي: عشر ليالٍ؛ إذ لو أريد الأيام لقيل: عشرة بالتاءِ، مع أن كلًّا منهما جائزٌ عند حذف المميز كما هنا، وخصت الأربعة الأشهر والعشر بالذكر؛ لأن غالب الحملِ تبين حركته فيها. (ولا نكتحل .. إلخ) برفع الأفعال الثلاثة بالعطف على (ننهى) وبنصبها بالعطف على (نحد) بزيادة لا؛ تأكيدًا لتقدم معنى النفي، وهو النهي. (إلا ثوب عَصْبٍ) بمهملتين مفتوحة فساكنة: برود باليمين يُصبغ غزلها ثم ينسج. (وقد رخص) أي: التطيب. (من محيضها) أي: حيضها. (في نُبذة) بضمِّ النون وفتحها وسكون الموحدة، وذال معجمة، أي: شيءٌ يسير من النبذ: وهو الطرح، أي: يطرح ذلك في النَّار بمقدار ما يقطع عند الطهر الرائحة. (كست) أي: قسط بضم القاف: من عقاقير البحر. (ظفار) بفتح المعجمة والبناء علي الكسر، كحضار: موضع بساحل عدن، أو مدينة باليمن (¬1)، وفي نسخة: "أظفار" بفتح الهمزة ¬

_ (¬1) هي مدينة باليمن في موضعين، إحداهما قرب صنعاء، وهي التي نسب إليها الجزع الظفاري وبها كان مسكن ملوك حمير، ولعل هذا كان قديمًا. وأمَّا ظفار المشهورة اليوم فليست إلا مدينة على ساحل بحر الهند، بينها وبين

13 - باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض، وكيف تغتسل، وتأخذ فرصة ممسكة، فتتبع [بها] أثر الدم

وسكون المعجمة، قيل: هو شيءٌ من الطيب أسود. (رواه هشام بن حسان) بالصرف وتركه كما مرَّ، وهذا تعليق من البخاريِّ، أو من مقول حمَّاد، فيكون مسندًا. وفي الحديث: أن للحائض ولو مُحدةً أن تدرأ عن غسلها من الحيض رائحة الدم عن نفسها بالبخور بالقسط؛ لأنها مستقبلة للصلاة، مجالسة للملائكة؛ لئلا تؤذيهم برائحة الدم. 13 - بَابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ، وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ، وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَتَّبِعُ [بها] أَثَرَ الدَّمِ (باب: دَلْكِ المرأة نفسها) أي: بدنها. (إذا تطهرت من المحيض) أي: الحيض. (وكيف تغتسل) عطفٌ علي دَلْكِ المرأة. (وتأخذ) عطفٌ علي (تغتسل). (فرصة) بكسر الفاءِ، وحُكِى تثليثها، وبصاد مهملة، أي: قطعة. (ممسكة) بضمِّ الميم الأولى، وفتح الثانية، وتشديد السين، وفتح الكاف، أي: قطعة من قطن، أو خرقة مطليةْ. (بمسك) وفي نسخة: "من مسك" وهي الموافقة لما في الحديث على ما يأتي فيه، وإن كانت الأولى أقرب معنىً. (فتتبع) في نسخة: "تتبع" بلا فاءٍ، وهي علي النسختين مشددة التاء، أو مخففتها مع ضم الفوقية، أو فتح الموحد. 314 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ ¬

_ مِرباط خمسة فراسخ وهي من أعمال الشِّحر. انظر: "معجم البلدان" 4/ 60.

تَغْتَسِلُ، قَالَ: "خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بِهَا" قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: "تَطَهَّرِي بِهَا"، قَالَتْ: كَيْفَ؟، قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي" فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ، فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. [315، 7357 - مسلم: 332 - فتح: 1/ 414] (يحيى) أي: ابن موسَى البلخيّ، وقيل: ابن جعفر البيكنديُّ. (أنَّ امرأةً) هي أسماء بنت يزيد بن السكن، وقيل: أسماء بنت شَكَل بفتح المعجمة والكاف. (قال: خذي .. إلخ) إنما أجاب بهذا: سؤالها عن الاغتسال؛ لأنه المقصود منه؛ لأنَّ كون الاغتسال إيصال الماءِ إلى الشعرِ والبشرة معلوم لكلِّ أحد، وإنما تسأل عما يختصُّ بغسل الحيض. قال الكرماني: إذا هو جملة حالية لا بيانية، أي: والتقدير: أمرها كيف تغتسل قائلًا: "خذي فرصة من مسك" بكسر الميم (¬1)، ورجحه النووي (¬2)، وهو الموافق لرواية من ذريرة (¬3)، وبفتحها، قال القاضي عياضٌ وغيره: وهي أكثر الروايات، أي: قطعة من جلد (¬4). (سبحان الله) قد مرَّ أنها تقالُ عند التعجب. (فاجتذبتها) بتأخير الباءِ عن الذال، وفي نسخة: بتقديمها عليها. (تَتَبَّعي) أمرٌ من التتبعِ. وهو المرادُ من قولهِ قبلُ: تطهري. (أثر الدم) قال النووي: المراد به عند الفقهاء: الفرج (¬5). وقال غيره: كلُّ موضع أصابه الدم من بدنها، وهو الموافق لنسخة: "تتبعي بها مواضع الدم". وفي الحديث: جواز التسبيح عند التعجب، وحسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 180. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 14. (¬3) المرجع السابق. (¬4) "إكمال المعلم" 2/ 171. (¬5) "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 15.

14 - باب غسل المحيض

وعظيم حلمه وحيائه، وأن المرأة تسأل عن أمر حيضها وما تبدأ به. وأن العالم يجيب بالتعريض في الأمور المستورة، وتكرير الجواب؛ لإفهام السائل، وأن لمن في مجلس العالِم أن يفهم السائل ما قاله العالم وهو يسمع، ويكون ذلك بمنزلة قوله حتى يقول فيه: حدثني وأخبرني. ووجه دلالة الحديث على الدلك في الترجمة: أن تتبع الدم يستلزمه، قاله الكرماني (¬1). 14 - باب غَسْلِ المَحِيضِ (باب: غسل المحيض) بفتح الغين، (المحيض) بمعنى: مكان الحيض أو بضمها والمحيض] (¬2) بمعنى: الحيض، والإضافة بمعنى: اللام. 315 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ المَحِيضِ؟ قَالَ: "خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَوَضَّئِي ثَلاثًا" ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحْيَا، فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ، أَوْ قَالَ: "تَوَضَّئِي بِهَا" فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا، فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 314 - مسلم: 332 - فتح: 1/ 416] (مسلم) أي: ابن إبراهيم. (أن امرأة) مرَّ بيانها. (ممسكة) بتشديد السين مفتوحة، وفي نسخة: بكسرها. (وتوضَّئي) أي: الوضوء اللغوي، أي: تنظفي. (ثلاثًا) متعلق بقال أو بقالت أوبـ (توضئي)، ومنع الكرمانيُّ الأخيرَ (¬3). وجَّوزه ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 182. (¬2) من (م). (¬3) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 182.

15 - باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض

شيخنا، وهو ظاهر، ومن ثم تبعته (¬1). (أو قال ... إلخ) شكٌّ من عائشة، وفي نسخة: "وقال" قال شيخنا: والأولى أظهر، قال: ومحل التردد في لفظ: (بها)، هل هو ثابت أولًا؟ أو التردد بينه وبين لفظ: (ثلاثًا) انتهى، ويحتمل أن التردد واقعٌ بين إعراضه عنها، وقوله لها ذلك (¬2). (بما يريد) أي: من التتبع وإزالة الرائحة الكريهة. 15 - بَابُ امْتِشَاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ (باب: امتشاط المرأة) أي: تسريح شعر رأسها. (عند غسلها من المحيض) أي: الحيض. 316 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقْ الهَدْيَ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتِكِ"، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الحَصْبَةِ، فَأَعْمَرَنِي مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي نَسَكْتُ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 1/ 417] (إبراهيم) أي: ابن سعد. (أهللت) أي: أحرمت، ورفعت صوتي بالتلبية. (ولم يسق الهدي) تاكيدٌ لمن تمتع؛ لأن المتمتع لا يسوقُ هديًا، والهدي بفتح، فسكون، فياء مخففة، أو بكسر الدال وتشديد الياء: ما يهدى لمكة من الأنعام. (فزعمت) عبَّر به دون: قالت؛ لأنها لم تصرح بذلك؛ لأنه مما ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 417. (¬2) "الفتح" 1/ 417.

يستحى من التصريح به. (إنما كنت تمتعت بعمرة) أي: وأنا حائض، وقولها: (بعمرة) تصريح لما تضمنه التمتع؛ لأنه إحرام بعمرة في أشهر الحج ممن على مسافة القصر من الحرم، ثم يحج من سنته. (انقضي) بقاف، وفي نسخة: بفاء، أي: حلي رأسك، أي: عقد شعره. (ففعلت) أي: فعلت النقض، والامتشاط، والإمساك. (فلما قضيت) أي: أديت الحج، أي: بعد إحرامي به. (أمر) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (عبد الرحمن) أي: أخا عائشة. (ليلة الحصبة) بفتح الحاءِ، وسكون الصاد المهملتين: وهي الليلة التي ينزل بها الحاج في المحصب، وهو المكان الذي نزلوه بعد النفر من منى خارج مكة، وهي الليلة التي بعد أيام التشريق، سميت بذلك؛ لأنهم نفروا من منى فنزلوا في المحصب، وباتوا فيه، والحصبة والحصباء، والأبطح والبطحاء، والمحصب وخيف بني كنانة ما بين مكة ومنى. (فأعمرني) في نسخة: "فاعتمر بي". (من التنعيم) هو موضع علي فرسخ من مكة عى طريق المدينة (¬1)، فيه مسجد عائشة. (مكان عمرتي التي نسكتُ) أي: أحرمت بها، فيه مسجد عائشة. (مكان عمرتي التي نسكتُ) أي: أحرمت بها، وفي نسخة: "سكت" من السكوت أي: التي تركت أعمالها، وسكتت عنها، وفي أخرى: "شكت" بمعجمة وتاءٍ ساكنة، أي: شكت العمرة من الحيض، من الشكاية، وإطلاق الشاكية عليها؛ كناية عن اختلالها، أو شكت عائشة على طريق الالتفات من ¬

_ (¬1) هو موضع بمكة في الحل، وهو بين مكة وسرف، على فرسخين من مكة، وقيل: على أربعة، وسمي بذلك؛ لأن جبلًا عن يمينه يقال له: نعيم، وآخر عن شماله يقال له: ناعم، والوادي: نعمان، ومن التنعيم يحرم المكيون بالعمرة. انظر: "معجم ما استعجم" 1/ 32، "معجم البلدان" 2/ 49.

التكلُّمِ إلا الغيبة. ووجه الاستدلال بالحديث للترجمة: أن الامتشاط إذا كان لغسل الإحرام هو سنة فلغسل الحيض الذي هو فرضٌ أولى، والأمر بالنقض مستعمل في حقيقته ومجازه؛ لوجوبه إن لم يصل الماء إلى باطن العقد، وندبه إن وصل، أو محمول على إذا لم يصل؛ لقول الجمهور: لا يجب النقض بل الواجب إيصال الماء لأصول الشعر، أخذًا من حديث أم سلمة: إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه للجنابة؟ قال: "لا، إنما كان يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات" (¬1) مع أن هذا الحديث محمولٌ على ما إذا وصل الماءُ إلى باطن العقد. قال النووي (¬2): فإن قلت: صحت الروايات عن عائشة أنها قالت: لا نرى إلا الحجَّ ولا نذكر إلا الحج، وخرجنا مهلين بالحجِّ. (¬3) فكيف يجمع بينها وبين قولها: تمتعت بعمرة (¬4)؟ قلت: الحاصل: أنها أحرمت بالحجِّ ثم فسخته إلى عمرة حين أمر الناس بالفسخ، فلما حاضت وتعذَّر عليها إتمام العمرة أمرها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالإحرام بالحجِّ، فأحرمت به فصارت مدخلة للحجِّ على العمرة وقارنة؛ لقوله لها: "يسعك طوافك لحجِّك وعمرتك" وقوله لها: "دعي أو أمسكي عن ¬

_ (¬1) رواه مسلم (330) كتاب: الحيض، باب: حكم ضفائر المغتسلة، وابن خزيمة 1/ 122 (246) كتاب: الوضوء، باب: إفاضة الماء على الميامن قبل المياسر وابن حبان 3/ 471 كتاب: الطهارة، باب: الغسل. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 138 - 139. (¬3) سيأتي برقم (294) كتاب: الحيض، باب: الأمر بالنفساء إذا نفست. (¬4) سيأتي برقم (316) كتاب: الحيض، باب: امتشاط المرأة ثم غسلها من المحيض.

16 - باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

عمرتك" ليس المراد: الخروج منها، فإن العمرة والحج لا يخرج منهما إلا بالتحلل، بل المراد: اتركي العمل في العمرة، وإتمامها، ولا يلزم من نقض الرأس والامتشاط إبطالها؛ لجوازهما عندنا حال الإحرام؛ حيث لا ينتفان شعرًا، لكن يكره الامتشاط إلا لعذر وحملوا فعلها ذلك علي أنه كان برأسها أذى، وقيل: المراد بالامتشاط هنا: تسريح الشعر بالأصابع؛ لإيصال ماء الغسل، ويلزم منه نقض الشعر، لا حقيقة الامتشاط، وإنما أمرها بالعمرة بعد الفراغ، وهي كانت قارنة؛ لقصدها عمرة منفردة، كما حصل لسائر أمهات المؤمنين حيث اعتمرن عمرة منفردة عن حجهنَّ، ولكن أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يطيب نفسها بذلك. قال الكرماني: فكانت عائشة مفردة ثم متمتعة ثم قارنة (¬1). 16 - بَابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ المَحِيضِ (باب: نقض المرأة شعرها عند الغسل المحيض) بفتح الغين، والمحيض بمعنى: مكان الحيض، أو بضمِّها والمحيض بمعنى: الحيض والإضافة بمعنى: اللام، كما مرَّ. 317 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلالِ ذِي الحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ، فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ" فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "دَعِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِحَجٍّ"، فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ، أَرْسَلَ مَعِي أَخِي ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 184.

عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي قَالَ هِشَامٌ: "وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ، وَلَا صَوْمٌ وَلَا صَدَقَةٌ". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 1/ 417] (عبيد بن إسماعيل) أي: ابن محمد الهبَّاري بفتح الهاءِ والباءِ المشددة وبالراء. (خرجنا موافين) أي: مقاربين، أو مشارفين، وكان خروجهم قبله لخمسٍ بقين من ذي القعدة. (فليهلل) أي: فليحرم، وفي نسخة: "فليهلَّ" بالإدغام. (أهديت) أي: سقت الهدي، وإنما كان الهديُ علةً؛ لانتفاء إحرام العمرة، لأن صاحب الهدي لا يجوز له التحلل حتَّى ينحر، ولا ينحر إلا يوم النحر، والمتمتع يتحلل من عمرته قبله، فتنافيا. (فأهل بعضهم بعمرة) أي: صاروا متمتعين. (وأهلَّ بعضهم بحجٍّ) أي: صاروا مفردين. (دعي عمرتك) أي: اتركي أفعالها لا نفسها لما مرَّ. (حتَّى إذا كان ليلة الحصبة) برفع (ليلة) على أن كان تامة، وبنصبها على أنها ناقصة، واسمها: مضمر، أي: الوقت. ووجه دلالة الحديث للترجمة: أن النقض إذا كان لغسل الإحرام وهو سنة فلغسل الحيض الذي هو فرضٌ أولى؛ ولا دلالة في الحديث على أن التمتع أفضل من الإفراد؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال ذلك لأجل فسخ الحجِّ إلى العمرة الذي هو خاصٌّ في تلك السنة؛ لمخالفة تحريم الجاهلية العمرة في أشهر الحجِّ، لا التمتع الذي فيه الخلاف وقاله؛ تطيبًا لقلوب أصحابه، وكانت نفوسهم لا تسمح بفسخ الحجِّ إليها؛ لإرادتهم موافقته - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنما يمنعني من موافقتكم الهدي، ولولاه لوافقتكم. (قال هشام: ولم يكن في شيء من ذلك، هدي ولا صوم ولا صدقة) هذا يحتمل أن يكون تعليقًا، وأن يكون متصلًا بالإسناد

17 - باب: {مخلقة وغير مخلقة}

المذكور. والظاهر الأول قاله الكرماني (¬1)، وقال النووي: ونفي الثلاثة مشكلٌ من حيث إنها كانت قارنة، والقارن يلزمه الدم (¬2). قال الكرماني: لفظ: (الصدقة) يدلُّ على أن المراد لم يكن أحدها من جهة ارتكاب محظورات الإحرام (¬3)، كتطيب، وإزالة شعر، وستر وجه؛ إذ ليس في القرآن إلا الهدي والصوم ثُمَّ قال: وقال القاضي عياض فيه: دليلٌ على أنها كانت في حجِّ مفرد، لا تمتع ولا قران؛ لأن العلماء مجمعون على وجوب الدم فيهما (¬4)، قلت: الإشكال قويٌّ؛ لما مرَّ من أنها كانت مفردة ثُمَّ متمتعة ثُمَّ قارنة، والأقرب في دفعه ما قاله الكرماني (¬5). 17 - بَابُ: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} (باب: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}) [الحج: 5] أي: هذا باب في بيان قوله - صلى الله عليه وسلم - (فإذا أراد الله أن يقضي خلقه، قال) الملك: مخلقة، وإن لم يرد، قال: وغير مخلقة. والمعنى: مصورة تامة الخلق، أو غير تامة الخلق. قال الكرماني: وغرض البخاريِّ بهذا الباب: أن الحامل لا تحيض على ما قاله الكوفيون قالوا: لأن اشتمال الرحم على الولد يمنع ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 186. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 145. (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 186. (¬4) "إكمال المعلم" 4/ 242. (¬5) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 184.

خروج دم الحيض (¬1). 318 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا، يَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ: أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى، شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، فَمَا الرِّزْقُ وَالأَجَلُ، فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ". [3333، 6595 - مسلم: 2646 - فتح: 1/ 418] (حمَّاد) أي: ابن زيد. (عن عبيد الله بن أبي بكر) أي: (عن أنس بن مالك). (يارب) أصله: ربِّي بسكون الياء وفتحها، حذفت ياء المتكلم، ويجوز فيه أيضًا: يا ربا ويا رباه بهاء، ويا ربُّ بفتح الباءِ وضمها. (نطفة) بالنصب، بمقدر، كصار المنيُّ نطفة، أو جعلته نطفة، وبالرفع؛ خبر مبتدأ محذوف. (علقة) أي: قطعة دمٍ جامد. (مضغة) أي: لحمة صغيرة بقدر ما يمضغ، وإعرابهما كإعراب نطفة، وليس المراد بالإخبار بذكر الثلاثة أنها تصدر من الملك في وقت واحد، بل في أوقات متعددة. قال الكرماني: فإن قلت: الخبر إما فائدته إعلام المخاطب بمضمونه، أو إعلامه بعلم المتكلم به (¬2)، ويسمَّى الأول: فائدة الخبر، والثانية: لازمها، ولا يتصوران هنا؛ لأن الله علام الغيوب، قلت: ذلك إذا كان الكلام واردًا علي مقتضى الظاهر، أما إذا عدل عن الظاهر فلا يلزم إحداهما، كما في قوله حكاية عن أُمِّ مريم: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمران: 36] فالغرض من الإخبار فيما نحن فيه: التماس ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 188. (¬2) المرجع السابق ص 187.

إتمام خلقه، والدعاء بإفاضته الصورة الكاملة عليه، أو الاستعلام من ذلك ونحوهما. (يقضي) أي: يتمُّ. (قال) أي: الملك. (أذكرٌ؟) أي: أهو ذكرُ بالرفع؛ خبر مبتدأ محذوف، وجزم الكرمانيُّ بأنه مبتدأ، أي: أذكر هو؟ (¬1)، وفي نسخة: بالنصب أي: أتريد، أو أتخلق ذكرًا؟ وكذا القول في: (شقي وسعيد) وهمزة الاستفهام مقدرة في (شقي) بقرينة أم المتصلة (¬2) في قوله: (أم سعيد)، ومعنى الشقي: العاصي لله، ومعنى السعيد: المطيع له. (فما الرزق) هو ما ينتفع به. (و) ما (الأجل) هو الزمان الذي علم الله أن الشخص يموت فيه، أو مدة حياته؛ لأنه يطلق على المدة وعلى غايتها. (فيكتب) أي: الله بمعنى: فيأمر، أو الملك، وفي نسخة: "فيكتب" بالبناء للمفعول، والكتابة حقيقة، أو مجاز عن التقدير، فإن قلت: التقدير أولى، فكيف قال: (في بطن)؛ قلت: الحاصل في البطن تعلقه بالمحلِّ، ويسمي: قدرا، والأزلي أمرٌ عقليٌّ محض، ويسَمَّى: قضاءً، والبطن: ظرفٌ للكتابة. وقدر روي أن الأربعة تكتب على الجبهة، واعلم أن كتب الأربعة جامع لجميع أحوال الشخص؛ إذ فيه بيان حال المبدإ، وهو خلقه ذكرًا أو أنثى، وحال المعاد وهو السعادة والشقاوة، وما بينهما وهو الأجل، وما يتصرف فيه وهو الرزق. ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) لأن أم المتصلة قد تتقدم عليها همزة يُطلب بها وبـ (أَمْ) التعيين وهي ما يُطلب بـ (أي) نحو: أزيد في الدار أم عمرو؟ أي: أيهما في الدار؟

18 - باب: كيف تهل الحائض بالحج والعمرة؟

18 - بَابٌ: كَيْفَ تُهِلُّ الحَائِضُ بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ؟ (باب: كيف تهلُّ الحائضُ بالحجِّ والعمرة؟) أي: كيف تحرم بهما والمراد: بيان جواز ذلك، وفي نسخة: تقديم هذا الباب علي سابقه. 319 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ، فَلْيُحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى، فَلَا يُحِلُّ حَتَّى يُحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ" قَالَتْ: فَحِضْتُ فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إلا بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي وَأَمْتَشِطَ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ وَأَتْرُكَ العُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّي، فَبَعَثَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِي مِنَ التَّنْعِيمِ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 1/ 419] (عن عُقيل) بضمِّ العين: ابن خالد بن عقيل بفتحها، الأيلي. (في حجة الوداع) بفتح الحاءِ، والواو وبكسرهما. (ولم يهد) (¬1) بضمِّ الياءِ. (فليحلل) بفتح الياء وكسر اللام؛ لأن الفعل ثلاثي، وفي نسخة: بضم الياء. (حتَّى يُحِلَّ بنحر هديه) بكسر الحاء، أي: في يوم العيد، وفي نسخةٍ: "حتَّى يحل نحر" بحذف الباء، وفي أخرى: "حتى ينحر" لكن المعتمر -وإن ساق هديًا- يتحلل قبل يوم النحر حتى يحرم بالحج، فإن قلت: قد يتحلل الشخص بعد انتصاف ليلة النحر فلمَ جعل ¬

_ (¬1) في (أ): ولم يهل.

19 - باب إقبال المحيض وإدباره

غايته النحر أو وقته؟ قلت: المراد أن التحلل الكلي المبيح للجماع. (ومن أهل بحجة) في نسخةٍ: "ومن أهل بحج". (يوم عرفة) برفعه علي أن كان تامة، وبنصبه على أنها ناقصة (¬1)، واسمها: مضمر، أي: اليوم. (فأمرني) وفي نسخة: "وأمرني". (وأترك العمرة) أي: أفعالها كما مرَّ. (حتَّى قضيت حَجِّي) في نسخة: "حتَّى قضيت حجتي". (من التنعيم) متعلقٌ باعتمر، و (من) ابتدائية، أو بيانية. 19 - بَابُ إِقْبَالِ المَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ، فَتَقُولُ: "لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ القَصَّةَ البَيْضَاءَ" تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الحَيْضَةِ وَبَلَغَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ نِسَاءً يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ، فَقَالَتْ: "مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ". [فتح: 1/ 420] (باب: إقبال المَحِيضِ وإدباره) أي: بيان حكمهما. (كنَّ نساء) برفع نساء؛ بدلٌ من ضمير (كنَّ)، علي لغة: أكلوني البراغيث (¬2) وكان تامة، أو ناقصة، وأنصبه على أنها تامةٌ، أو ناقصةُ ¬

_ (¬1) وكونها تامة هنا أظْهَرُ. (¬2) هذه اللغة يلحق فيها ضمير الرفع، كالنون والألف والواو والفعل المسند إلى فاعله الظاهر نحو: ضربتني نساؤك، وضرباني أخواك، وضربوني إخوتك والأصل في كل ذلك: ضربني وقيل: هذه لغة طيئ وأزد شنوءة، وجعلها سيبويه لغة - قليلة، وسماها ابن مالك: لغة يتعاقبون فيكم ملائكة؛ لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار". وقد حمل بعض النحاة على هذه اللغة موضعين من القرآن هما قوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} وقوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}.

أيضًا] (¬1) لكن على الاختصاص وإن كان نكرة، أي: أعني: نساءً، وتنكيره؛ للتنويع، أي: كان ذلك من نوعٍ من النساءِ لا من كلهنَّ، وخبر كان على أنها ناقصة: (يعثن). والأثر المذكور رواه مالك في "الموطأ" عن علقمة بن أبي علقمة [المدني] (¬2) عن أمه، واسمها: مرجانة مولاة عائشة (¬3). (بالدرجة) بكسر الدال، وفتح الراءِ والجيم وتاء التأنيث: جمع درج بضم الدال وسكون الراء: وهو وعاء كنحو المغازل وفي نسخة: بضم الدال وسكون الراء وبالتاء الفارقة بين اسم الجنس وواحده، كتمرة وتمر. (الكُرْسُفُ) أو نحوه مما حشون به فروجهنَّ؛ ليعرفنَ هل بقي من أثر الحيض أم لا؟. (فتقول) أي: عائشةُ. (حتَّى ترين القصة البيضاء) هي بقافٍ مفتوحة وصاد مهملة مشددة: ماءٌ أبيض يكون آخر الحيض يعرف به نقاء الرحم؛ تشبيهًا بالقصةِ التي هي الجير. (ابنة زيد) الظاهر أنها أم كلثوم؛ لأن لها رواية دون بقية بناته من أمِّ إسحق، وحسنة، وعمرة. (يدعون) أي: يطلبن، فالنون للنسوة، [والواو] (¬4) لام الفعل، وفي نسخة: "يدعين" وتقدم ذلك مع زيادة. (ينظرن إلى الطهر) أي: إلى ما يدلُّ عليه. (وعابت عليهن) أي: دعاءهن بما ذكر، وإنما عابت عليهن ذلك؛ لأن فعلهن وإن كان فيه حرصٌ على الطاعة، لكن فيه حرج، وهو مذموم؛ إذ ليس جوف الليل إلا وقت استراحةٍ. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م). (¬3) "الموطأ" 1/ 65 (163) ما جاء في طهر الحائض. (¬4) من (م).

20 - باب: لا تقضي الحائض الصلاة

320 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ، كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي". [انظر: 228 - مسلم: 333 - فتح: 1/ 421] (عبد الله بن محمد) أي: الجعفي. (سفيان) أي: ابن عيينة. (بنت أبي حبيش) بضمِّ المهملة وفتح الموحدة، وبمعجمة. (تستحاض) بالبناء للمفعول. (ذلكِ) بكسر الكاف. (عرق) بكسر العين، ويسمَّى: العاذل، كما مرَّ. (وليست بالحيضة) بكسر الحاءِ، وفتحها، وهو أظهر. (فاغتسلي) أي: عند احتمال انقطاع الحيض، أمَّا عند عدم احتماله فلا يجب الاغتسال بل غسل ما أصابها من الدم فقط كما مرَّ. وفي الحديث كما قال ابن بطَّال: أن الصفرة والكدرة في زمن الحيض حيضٌ حتَّى ترى الماء الأبيض الذي يدفعه الرحم عند الانقطاع (¬1). 20 - بَابٌ: لَا تَقْضِي الحَائِضُ الصَّلاةَ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَأَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَدَعُ الصَّلاةَ". [انظر: 304 - 1557] (باب: لا تقضي الحائض الصلاة) أي: لا تؤديها زمن الحيض ولا بعده، فالتعبير بعدم القضاء أعمُّ ظاهرًا من التعبير بـ (تدع الصلاة) المذكور في قوله: (وقال جابر ... إلخ). ¬

_ (¬1) "شرح ابن بطال" 1/ 446.

321 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي مُعَاذَةُ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَتَجْزِي إِحْدَانَا صَلاتَهَا إِذَا طَهُرَتْ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ "كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَأْمُرُنَا بِهِ" أَوْ قَالَتْ: فَلَا نَفْعَلُهُ. [مسلم: 335 - فتح: 1/ 421] (همَّام) بتشديد الميم: ابن يحيى بن دينار. (معاذة) بميم مضمومة وذال معجمة: بنت عبد الله العدوية. (أن امرأة) هي معاذة، أبهمت نفسها؛ لغرض صحيح. (أتجزي) بفتح أوله بلا همزة في آخره، وحكي الهمز، أي: أتقضي. (صلاتها) بالنصب: مفعول تجزي أي: تقضي كما قلنا، وأن فسر تجزيء بتكفي، كانت صلاتها مرفوعة علي الفاعلية لكن رده البرماويُّ، بأنها لم تصلِّ حتَّى تسأل عن الاكتفاء بها، إنما سألت عن لزوم القضاءِ بعد الطهر، ثم قال: أما ضمُّ تاء تجزيَ والهمز من أجزأ الرباعي فلا معنى له هنا. (أحرورية؟) بفتح المهملة وضمِّ الراءِ الأولى؛ نسبة إلى حروراء قرية بقرب الكوفة كان أول اجتماع الخوارج بها، وتعاقدهم، فالمعنى هنا: أخارجيةٌ أنت؟ لأن طائفة من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصلاة الفائتة في زمن الحيض، وهو خلاف الإجماع، فالاستفهام إنكاريٌّ. (أنتِ) مبتدأ خبره حرورية قدم عليه للحصر، أي: أنتِ لا غير، أو فاعلٌ للوصف، والوصف مبتدأ أغنى عن خبره الفاعل، وفي نسخةٍ: نصب حرورية بفعل مقدر ككنت أو صرت، وأنت حينئذ تأكيد. (مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم) أي: مع وجوده، أو عهده والغرض منه: بيان أنه كان مطلقًا على حالنا من الحيض وتركنا الصلاة في أيامه، ولم يأمرنا بالقضاءِ، ولو كان واجبًا لأمرنا به. (فلا يأمرنا به) أي: بقضاءِ الصلاة.

21 - باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها

(أو قالت: فلا نفعله) الشكُّ من معاذة، والفرق بين وجوب قضائها، [الصوم وعدمه في الصلاة، إنها تتكرر فيشق قضاؤها] (¬1) بخلاف الصوم، فإنه يجب في السنة مرة واحدة، وخطابها بقضائه لا بالأمر الأول وهو الأمر بترك الصوم، بل بأمر جديد، وقيل: خوطبت به وأمرت بتأخيره، كما يخاطب المحدث بالصلاة وإن لم تصح صلاتُه زمن الحدث، ورد بأنه محرَّم عليها فكيف يجب، وبأن الحيض سببٌ لا قدرة لها على إزالته بخلاف الحدث، واستُثْني من نفي قضاء الصلاة ركعتا الطوافِ. 21 - بَابُ النَّوْمِ مَعَ الحَائِضِ وَهِيَ فِي ثِيَابِهَا (باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها) أي: أهو جائزٌ أم لا؟. 322 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: حِضْتُ وَأَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَمِيلَةِ، فَانْسَلَلْتُ فَخَرَجْتُ مِنْهَا، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي فَلَبِسْتُهَا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنُفِسْتِ" قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَانِي، فَأَدْخَلَنِي مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ، قَالَتْ: وَحَدَّثَتْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ" "وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الجَنَابَةِ". [انظر: 298 - مسلم: 296، 324، 1108 - فتح: 1/ 422] (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (في الخميلة) أي: القطيفة. (قالت) أي: زينب، وظاهره: التعليق، لكن السياق مشعرٌ بأنه داخل تحت الإسناد المذكور. (وحدثتني) عطفٌ على مقدر، وهو مقول القول. (وكنت) عطف على: (أن النبيَّ ... إلخ) أي: وحدثتني بقولها: (وكنت ... إلخ). (من إناء واحد من الجنابة) (من) في الموضعين: متعلقة باغتسل، والأولى: ¬

_ (¬1) من (م).

22 - باب من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر

ابتدائية والثانية: تعليلية، أو كلٌّ منهما ابتدائية (¬1)، لكن الابتداء الأول من معنى، والثاني من معنى، فلم يكونا بمعنى واحدٍ حتَّى يمتنع تعلقهما بعامل واحد، وتقدم شرح الحديث أول الحيض (¬2). 22 - بَابُ مَنِ اتَّخَذَ ثِيَابَ الحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ (باب: من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر) أي: هذا باب في بيان من اتخذ من النساءِ ثيابًا للحيض سوى ثيابها التي تلبسها وهي طاهرة، والمراد: بيان مشروعية اتخاذها. 323 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعَةٌ فِي خَمِيلَةٍ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي، فَقَالَ: "أَنُفِسْتِ"، فَقُلْتُ: نَعَمْ فَدَعَانِي، فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ". [انظر: 298 - مسلم: 296 - فتح: 423] (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (حضت) هو العامل في: (بينا) وتقدم شرح الحديث. 23 - بَابُ شُهُودِ الحَائِضِ العِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلْنَ المُصَلَّى (باب: شهود الحائض العيدين) أي: صلاتهما. (ودعوة المسلمين) بالنصب عطفٌ على العيدين. (ويعتزلن المصلَّى) حال، والمصلَّى: بضمِّ الميم، وفتح اللام: ¬

_ (¬1) كون الثانية تعليلية أَظْهَرُ. (¬2) سبق برقم (298) كتاب: الحيض، باب: من سمي النفاس حيضًا.

مكان الصلاة، جمع الضمير مع عوده لمفرد؛ لإرادة الجنس، كما في: {سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67]. 324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ، قَالَتْ: كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي العِيدَيْنِ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ، فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا، وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ، قَالَتْ: كُنَّا نُدَاوي الكَلْمَى، وَنَقُومُ عَلَى المَرْضَى، فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لَا تَخْرُجَ؟ قَالَ: "لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلْتَشْهَدِ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ"، فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: بِأَبِي، نَعَمْ، وَكَانَتْ لَا تَذْكُرُهُ إلا قَالَتْ: بِأَبِي، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "يَخْرُجُ العَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الخُدُورِ، أَو العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ، وَالحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ، وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى"، قَالَتْ حَفْصَةُ: فَقُلْتُ الحُيَّضُ، فَقَالَتْ: أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ، وَكَذَا وَكَذَا؟ [351، 971، 974، 980، 981، 1652 - مسلم: 890 - فتح: 1/ 423] (عبد الوهاب) أي: الثقفي. (عن أيوب) أي: السختياني. (عواتقنا) جمع عاتق، أي: شابة بلغت الحلم لم تفارق بيت أهلها إلى زوج، سميت بذلك؛ لأنها عتقت عن خدمة آبائها والخروج في الحوائج. (قصر بني خلف) موضع بالبصرة (¬1). (وكانت أختي) أي: وقالت المرأة المحدثة. (وكانت أختي) ولم تعرف اسم المرأة وأختها. (معه) أي: مع زوجها، أو مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم (في ستٍّ) أي: ستِّ غزوات. (قالت) أي: الأختُ. (الكلمى) جمع كليم، فعيل بمعنى: مفعول. (المرضَى) ¬

_ (¬1) انظر: "معجم ما استعجم" 2/ 508، "معجم البلدان" 4/ 356.

فيه ما قلنا في الكلمى. (أن لا تخرج) أي: إلى مصلَّى العيد. (من جلبابها) بكسر الجيم وتكرير الموحدة: ثوب أعرض وأقصر من الخمار، وقيل: ثوب واسعٌ دون الرداءِ، تغطي بها صدرها وظهرها، وقيل: هو الإزار (¬1)، والمعنى: تستر بجلبابها المرأة معها، أو تعيرها جلبابًا لا تحتاج إليه تلبسه، فَمِن على الأول: تبعيضية، وعلى الثاني: زائدة، أو تبعيضية. ويراد: بالجلباب الجنس، ويؤيده رواية الترمذيِّ "من جلابيبها" (¬2). (ولتشهد الخير) أي: مجالسه. (فلمَّا قدمت أم عطية) أي: البصرة. (أسمعت؟) أي بذلك. (بأبي) أي: مفدًا بأبي، ولبعضهم: "بأبا" بإبدال ياء المتكلم ألفًا، ولعضهم: "بيبي" "وبيبا" بقلب الهمزة ياءً فيهما. (ولا تذكره) أي: النبي صلى الله عليه وسلم (سمعته) ليس من تتمة المستثنى. (يخرج العواتقُ، وذوات الخدور) في نسخة: "ذات الخدور" ¬

_ (¬1) الجِلْبَابُ كَسِرْدَابٍ: القميص مطلقًا، وقال الجوهري: الجلباب: الملْحَفَةُ، وقيل: الجلباب: ثوب أوسع من الخمار دون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها. وقيل: الجلباب: ثوب واسع تلبسه المرأة دون المِلْحَفَةُ، وقيل: هو الرداء، وقيل: هو ما تغطي به المرأة ثيابها من فوق كالملحفة، وقيل: هو الخمار، وقيل: هو الإزار، وقيل: هو الملاءة التي تشتمل بها المرأة، وقيل: هو في الأصل المِلْحَفَةُ ثم استعير لغيرها من الثياب، وقيل: الجلباب: ثوب أقصر من الخِمَار وأعرض منه، وهو المِقْنَعَةُ تغطي بها المرأة رأسها وصدرها وظهرها. انظر مادة (جلب) في "الصحاح" 1/ 101، و"اللسان" 2/ 649 - 650 و"القاموس" 68. (¬2) "سنن الترمذي" (539) كتاب: الجمعة، باب: ما جاء في خروج النساء في العيدين.

24 - باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض

بلا واو، وفي أخرى: "تخرج العاتقُ ذات الخدر" وهو بكسر الخاءِ: الستر في جانب البيت، أو هو البيت. (أو العواتق ذوات الخدور) الشَّكُّ من أمِّ عطية. (والحيض) عطفٌ علي العواتق. (يعتزل) في نسخة: "يعتزلن" على لغة: أكلوني البراغيث. (فقلت: الحيض؟) استفهام تعجبي من إخبارها شهود الحائض ما ذكر. (أليس) اسمها: ضمير الشأن، وفي نسخة: "ليس" بحذف الهمزة. (وكذا وكذا) أي: نحو المزدلفة، وصلاة الاستسقاء. وفي الحديث: أن الحائض تذكر الله، وتشهد مجالس الخير للدعاءِ والتأمين؛ رجاء بركة المشهد، لكن لا تدخل المسجد، إعارة الثياب؛ للخروج للطاعات، واشتمال المرأتين في ثوب واحد؛ لضرورة الخروج للطاعة، وغزو النساء ومداوتهنَّ الجرحى وإن لم يكونوا محارم بشرطه، وقبول خبر المرأة، والنقل عن صحابيٍّ لا يعرف، وامتناع خروج النساءِ بدون جلابيب. 24 - بَابُ إِذَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِي الحَيْضِ وَالحَمْلِ، فِيمَا يُمْكِنُ مِنَ الحَيْضِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ، وَشُرَيْحٍ: "إِنِ امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ، أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلاثًا فِي شَهْرٍ صُدِّقَتْ" وَقَالَ عَطَاءٌ: "أَقْرَاؤُهَا مَا كَانَتْ وَبِهِ" قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَقَالَ عَطَاءٌ: "الحَيْضُ يَوْمٌ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ" وَقَالَ مُعْتَمِرٌ: عَنْ أَبِيهِ: سَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ

عَنِ المَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قُرْئِهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ؟ قَالَ: "النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ". [فتح: 1/ 424] (باب: إذا حاضت في شهر) أي: باب بيان حكم الحائض إذا حاضت في شهر واحد. (ثلاث حيض) بكسر الحاءِ وفتح الياء: جمع حيضة. (وما يُصَدَّقُ النساء) عطفٌ على الجملة قبلهن، أي: وبيان ما يصدق فيه النساء في الحيض، أي: مدته، وهو بدلٌ من فيه المقدر قبله. (والحمل) في نسخة: "والحبل" بموحدة مفتوحة. (فيما يمكن من الحيض) أي: من تكراره، وهو متعلقٌ بيصدق. (لقوله تعالى) في نسخة: "لقول الله تعالى". ووجه دلالة الآية على تصديق المرأة فيما ذكر: أنها لو لم تصدق فيه لما كان لإلزامها بعدم الكتمان فائدة، وروى [الطبراني] (¬1) بإسنادٍ حسن: "لا يحلُّ لها إذا كانت حائضًا أن تكتم حيضها ولا إن كانت حاملا أن تكتم حملها" (¬2) (ويذكر) تعليق بصيغة تمرض. (عن علي) أي: ابن أبي طالب. (وشريح) أي: ابن الحارث الكنديِّ. (بطانة أهلها) بكسر الباء، أي: خواصهم. (يُرْضَى دينُه) أي: يكون عدلًا مقبولًا. (أنها حاضت ثلاثًا في شهر، صدقت) هو قول أحمد، وقال أَبو حنيفة: لا تصدق في أقلَّ من شهرين، وقال الثوريُّ وأبو يوسف ومحمد: لا تصدق في أقل من ثلاثين يومًا؛ لأن أقل ¬

_ (¬1) كذا في (أ)، (م) وهو تصحيف، والصواب كما ذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" أن الحديث مِن رواية الطبري في "التفسير" انظر: "الفتح" 1/ 425. (¬2) رواه الطبري في " التفسير" 2/ 460 (4738) موقوفًا علي ابن عمر.

الحيض عندهم ثلاثة أيام، وقال الشافعي: لا تصدق في أقلِّ من اثنين وثلاثين يومًا، بأن تطلق وبقي من الطهر لحظة فتحيضُ يومًا وليلة، وتطهر خمسة عشرًا ثم هكذا. (وقال عطاء) ابن أبي رباح. (أقراؤها) جمع قرء بفتح القاف وضمها، والمراد: أقراؤها في زمن العدة. (ما كانت) أي: قبل العدَّة، أي: تصدق عند موافقة عادتها كيف كانت. (وبه) أي: بقول عطاء. (قال إبراهيم) أي: النخعي. (وقال عطاء: الحيضُ يومٌ إلى خمسة عشر) في نسخة: "خمس عشرة" والأُولى أَولى، وأشار بذلك إلى أن أقلَّ الحيضِ: يوم، أي: مع ليلته، وأن أكثره خمسة عشر يومًا أي: بليليها. (وقال معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (بعد قرئها) أي: طهرها، والغرض: أن القرء، هل يكون خمسة أيامٍ أم لا؟ قاله الكرماني (¬1)، ورده غيره، بأن ابن سيرين إنما ذكر ذلك في امرأة سألته عمن تحيضُ خمسة أيام، ثَمَّ رأت دمًا زائدًا عليها، كيف يكون حكم الزائد؟ فقال: هي أعلم بذلك، يعني التمييز بين الدمينِ راجعٌ إليها، فيكون المرئي في أيام عادتها حيضًا، وما زاد على ذلك استحاضةً، فليس المراد ببعد قرئها: بعد طهرها، بل بعد حيضها. 325 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ، سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ، فَقَالَ: "لَا إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي". [انظر: 228 - مسلم: 333 - فتح: 1/ 425] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 200.

25 - باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض

(ابن أسامة) (¬1) اسمه: حماد بن أسامة. (قالت) بيان السؤال وفي نسخة: "فقالت"، الفاء تفسيرية. (قدر أيام (¬2) التي كنت تحيضين فيها) بدلٌ على أنها كانت معتادة، وتقدم تفسير الحديث. ووجه دلالالته علي الترجمة: أن إطلاق الشارع قدر الأيام صادق بأن يكون في الشهر ثلاث حيض، وأنها مصدقة في الحيض وقدره. 25 - بَابُ الصُّفْرَةِ وَالكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الحَيْضِ (باب: الصفرة الكدرة في غير أيام الحيض) أَي: بيان أنهما في غير أيام الحيض ليسا بحيضٍ، وألوان الدم ستة: سوادٌ، وحمرةٌ وصفرةٌ وكدرةٌ وخضرةٌ وتربيةٌ بضمِّ الفوقية وسكون الراء: بأن يكون على لون التراب، فالنسبة فيها إليه، وهو نوع من الكدرة، ويقال لها: ترابية. 326 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: "كُنَّا لَا نَعُدُّ الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا". [فتح: 1/ 426] (إسماعيل) أي: ابن عُلية. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (كنا) أي: في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مع علمه وتقديره. (لا نعد الصفرة والكدرة شيئًا) أي: من الحيض، ومحله: إذا كان في غير زمن الحيض، كما جاء في حديث بلفظ: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد ¬

_ (¬1) كذا في (أ)، وكلاهما صواب؛ لأنه أَبو أسامة حماد بن أسامة. انظر: "تهذيب الكمال" 7/ 217. (¬2) كذا في (أ)، وفي متن البخاري [الأيام].

26 - باب عرق الاستحاضة

الغسل شيئًا (¬1) أما في زمنه فهما حيضٌ؛ لعموم خبر: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة" (¬2) وخبر: "حتَّى ترين القصة البيضاء" (¬3). 26 - بَابُ عِرْقِ الاسْتِحَاضَةِ (باب: عرق الاستحاضة) أي: بيان عرقها، وهو بكسر العين يسمَّى: العاذل، كما مرَّ. 327 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ، فَقَالَ: "هَذَا عِرْقٌ" فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاةٍ. [مسلم: 334 - فتح: 1/ 426] (الحزامي) بكسر المهملة، وبالزاي الخفيفة. (معن) ابن عيسى بفتح الميم، وسكون العين، أي: القزاز. (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (وعن عمرة) عطفٌ على (عن عروة) وعمرة: هي بنت عبد الرحمن. (أمَّ حبيبة) يقال لها: أم حبيب أيضًا بلا هاء، وهي بنت جحش زوج عبد الرحمن بن عوف، ولها أختان يُستحاضان أيضًا: زينب زوج النبيِّ، وحمنة زوج طلحة بن عبد الله. (أن تغتسل) أي: لكلِّ صلاة احتياطًا، أو عند احتمال انقطاع الحيض. (فكانت تغتسل لكلِّ صلاة) محمول على ما مرَّ قبله. ¬

_ (¬1) انظر: حديث الباب. (¬2) سبق برقم (320) كتاب: الحيض، باب: إقبال المحيض وإدباره، سيأتي برقم (331). كتاب: الحيض، باب: إذا رأى المستحاضة الطهر. (¬3) سبق معلقًا قبل الرواية (320) كتاب: الحيض، باب: إقبال المحيض وإدباره، ومالك في "الموطأ" 1/ 65 (165) جاء في طهر الحائض.

27 - باب المرأة تحيض بعد الإفاضة

27 - بَابُ المَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ (باب: المرأة تحيض بعد الإفاضة) أي: باب في بيان حكم حيض المرأة بعد طواف الإفاضة، ويسمى: طواف الزيارة. 328 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ قَدْ حَاضَتْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَلَّهَا تَحْبِسُنَا أَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ مَعَكُنَّ"، فَقَالُوا: بَلَى، قَالَ: "فَاخْرُجِي". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 1/ 428] (بنت حُيَي) بضمِّ المهملة، وقد تكسر. (لعلها تحبسنا) أي: عن الخروج من مكة، ولعل هنا، كما قال الكرماني: ليست للترجي بل للاستفهام، أو للتردد، أو للظنِّ وما (¬1) شاكله (¬2). (ألم تكن طافت) أي: طواف الركن. (قالوا) أي: الناس، وحقه: قلن أو قلنا. (بلى) أي: طافت معنا طواف الركن. (فاخرجي) فيه: التفات من الغيبة إلى الخطاب، أي: فقال لصفية: اخرجي، أو قال لعائشة: اخرجي، فإنها توافقك، أو قولي لها: اخرجي، وفي نسخة: "فاخرجن". قال النوويُّ في "شرح مسلم" (¬3): وفي الحديث: دليل لسقوط طواف الوداع عن الحائض، وأن طواف الإفاضة ركن لا بد منه، وأنه لا يسقط عن الحائض ولا غيرها، وقال في موضع آخر منه: إن صفية أمَّ ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 1/ 203. (¬2) (لعل) لها خمسة معانٍ: الترجي وهو أشهر معانيها، نحو: لعل الله يرحمنا، والإشفاق، والتعليل، والاستفهام، والشك. (¬3) "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 80.

المؤمنين حاضت قبل طواف الوداع، فلما أراد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الرجوع إلى المدينة، قالت صفية: ولا يمكنني الطواف الآن، وظنت أن طواف الوداع لا يسقط عن الحائض فقال لها: "أما كنت طفت يوم النحر، قالت: بلى، قال: يكفيك ذلك" (¬1)؛ لأن طواف الركنِ سقط بفعله، والوداع سقط عنها بحيضها، وبما تقرر عُلِمَ أن خبر: "لا ينفرن أحد حتَّى يكون آخر عهده بالبيت" (¬2) عامٌّ إلا في الحيض، فإنه لا طواف عليهن، وأنه لا يجوز للمحرم أن يخرج من مكة حتَّى يطوف طواف الإفاضة، فإن خرج قبله لم يَجُزْ له أن يحلَّ حتَّى يعود إلى مكة فيطوفه. 329 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا حَاضَتْ". [1755، 1760 - مسلم: 1328 - فتح: 1/ 428] (وهيب) أي: ابن خالد. (تنفر) بكسر الفاءِ أفصح من ضمِّها. 330 - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: "فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ إِنَّهَا لَا تَنْفِرُ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "تَنْفِرُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لَهُنَّ". [1761 - فتح: 1/ 428] (إن رسول الله) هو من تتمة قول ابن عمر. (لَهُنَّ) أي: للحائض، وإنما جمع؛ نظرًا إلى الجنس، وفتوى ابن عمر أولًا بخلاف ذلك؛ إمَّا لأنه نسيَ الحديث؛ أو أنه سمع الحديث بَعْدُ من صحابيٍّ آخر رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع بعد السماع عن فتواه الذي كان باجتهاد. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1561) كتاب: الحج، باب: المتع والإقران والإفراد بالحج. (¬2) رواه مسلم (1327) كتاب: الحج، باب: وجوب طواف الوداع. وأبو داود (2002) كتاب: المناسك، باب: في الوداع. والنسائي في "الكبرى" 2/ 463 (4184) كتاب: الحج، باب: النهي عن الصيام أيام منى.

28 - باب إذا رأت المستحاضة الطهر

28 - بَابُ إِذَا رَأَتِ المُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَلَوْ سَاعَةً، وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِذَا صَلَّتْ، الصَّلاةُ أَعْظَمُ". (باب: إذا رأت المستحاضة الطهر) أي: باب بيان حكم المستحاضة، إذا رأت الطهر من الحيض. (قال ابن عباس: تغتسل) أي: بعد الطهر من حيضها. (وتصلِّي ولو) كان طهرها (ساعة) في نسخة: "ساعة من نهارٍ، أو ليل لا. (إذا صلَّتْ) (إذا) ظرفية، أو شرطية، وجوابها محذوف دلَّ عليه ما قبلها، أو ما قبلها هو الجواب على مذهب الكوفيين (¬1). (الصلاة أعظم) أي: من وطء الزوج. وفائدة ذكر ذلك: بيان الملازمة بين الصلاة، والوطء، إذا جاءت الصلاة جاز الوطء بالأولى. 331 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي". [انظر: 228 - مسلم: 333 - فتح: 1/ 428] (زهير) أي: ابن معاوية. (فدعي) أي: اتركى. 29 - بَابُ الصَّلاَةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا (باب: الصلاة على النفساء) بضمِّ النونِ وفتح الفاءِ والمدِّ، أي: الحديثة العهد بالولادة، والجمع: نفاس، فليس قياسًا لا في ¬

_ (¬1) لأنهم يجيزون تقديم الجواب على أداة الشرط، والبصرين يمنعون ذلك.

المفرد ولا في الجمع؛ إذ ليس في الكلام فُعَلاء يجمع على فِعال إلا نفساء وعشراء. (وسنتها) أي: النفساء، أي: كيفية الصلاة عليها. 332 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: "أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ فِي بَطْنٍ، فَصَلَّى عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ وَسَطَهَا". [1331، 1332 - مسلم: 964 - فتح: 1/ 429] (أحمد بن أبي سُرَيْجٍ) بضم المهملة وبالجيم نسبة إلى جَدِّه؛ فإنه ابن عمر بن أبي سريج الصباح بتشديد الموحدة. (شبابة) بفتح المعجمة، وتخفيف الموحدتين، واسمه: مروان بن سوَّار، بفتح المهملة وتشديد الواو. (ابن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء، اسمه: عبد الله بن الحصيب بضم المهملة وإهمال الصاد المفتوحة وبالموحدة: المروزي. (أن امرأة) هي أم كعب الأنصارية. (في بطن) أي: بسبب بطن، أي: ولادة بطن [فالمراد: النفاس] (¬1)، ز (في): سببية (¬2) كما في خبر: "دخلت امرأةٌ النار في هرَّة" (¬3). (وسطها) بسكون السين، وفي نسخة: بفتحها أي: فقام في صلاته عليها محاذيًا وسطها. وفي الحديث: أنَّ الإمام يقف عند عجيزتها، وأنها طاهرة لا يمنع دمها الصلاةَ عليها. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) مجيء (في) للسببية والتعليل قال به ابنا مالك وهشام، وتابعهما المصنف هنا. وجعل منه أَبو حيان قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}. (¬3) سيأتي برقم (3318) كتاب: بدء الخلق، باب: خمس من الدواب فواسق يُقتلن في الحرم ورواه مسلم (2242) كتاب: السلام، باب تحريم قتل الهرة. وأحمد 2/ 158. وابن حبان 2/ 305 (546) كتاب: البر والإحسان، باب: ذكر استحباب الإحسان إلى ذوات الأربع وجاء النجاة في العقبة له.

30 - باب

30 - باب. (باب) ساقط من نسخة. 333 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ اسْمُهُ الوَضَّاحُ، مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالَتِي مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَكُونُ حَائِضًا، لَا تُصَلِّي وَهِيَ مُفْتَرِشَةٌ بِحِذَاءِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى خُمْرَتِهِ إِذَا سَجَدَ أَصَابَنِي بَعْضُ ثَوْبِهِ". [379، 381، 517، 518 - مسلم: 513 - فتح: 1/ 430] (ابن مدرك) بضمِّ الميم، وسكون الدال، وكسر الراء، أي: السدوسي. (من كتابه) فيه: تقوية لما روي عنه، قال أحمد: إذا حدَّث أَبو عوانة من كتابه فهو أثبت، وإن حدث من غير كتابه ربما وهم. (كانت تكون) إحداهما زائدة (¬1)، أو ضمير (كانت) للقصة وضمير (تكون) لميمونة، أو (تكون) بمعنى تصير قاله الكرمانيُّ (¬2). (لا تصلي) صفةٌ لـ (حائضًا) أو خبرٌ لكانت، ويجعل (تكون حائضًا) جملة حالية بتقدير جعل الضمير في (كانت) و (تكون) لميمونة. (مفترشة) أي: منبسطة، يقال افترش الشيء: انبسط، وافترش ذراعيه: بسطهما على الأرضِ. (بحذاء مَسْجِدِ رسول الله) بكسر الحاء المهملة والمدِّ، أي: بإزائه، والمراد بمسجده - صلى الله عليه وسلم -: موضع سجوده من بيته لا مسجده المشهور. (على خمرته) بضمِّ المعجمة وسكون الميم: وهي سجادة صغيرة ¬

_ (¬1) الأظهر الثانية هي الزائدة، مع أن هذا ليس من مواضع زيادتها. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 208.

تعمل من سعف النخل تنسج بالخيوط بقدر ما يوضع عليه الوجه والكفان، فإن زاد على ذلك فهو حصير. (أصابني) حكاية لفظها، وإلا فكان الأصل أن يقول: أصابها. وفي الحديث: أن الحائض ليست بنجسة، وإلا لما وقع عليها ثوبه في الصلاة. وأن الحائض تترك الصلاة. وأنها تفترش تجاه المصلي، وجواز الصلاة على سعف النخل. تم المجلد الأول بتجزئة التحقيق ويليه المجلد الثاني وأوله: كتاب التيمم الصف: دار الفلاح بالفيوم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «لَا يشْكر الله مَنْ لَا يشْكر النَّاسَ» الحمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِه تتمُ الصالحاتُ فإنَّ إِخْرَاج هَذَا الْكتاب بِهَذِهِ الصُّورَة فِي فَتْرَة وجيزة كَانَ ثمرةَ تعاونٍ مَعَ: "مَرْكَز الْفَلاح للبحوث العلمية" لصَاحبه الشَّيْخ خَالِد الرِّبَاط وَالَّذِي عاون فِي الإشراف على هَذَا الْكتاب، بمشاركة الْأُخوة: خَالِد بُكير، وعصام حمدي (فِي الْمُقَابلَة وَالتَّعْلِيق والمراجعات) نَادِي فكري، وَمُحَمّد رَمَضَان (فِي التَّخْرِيج وَالتَّعْلِيق) كَمَا قَامَ بمراجعة متن البُخَارِيّ وَضَبطه: الدكتور جُمُعَة فتحي، وَالْأَخ أَحْمد روبي فجزاهم الله خيرًا وكل من شَارك مَعَهم على مَا بذلوه من جهد وَعون، أسأَل الله أَن يَجْعله فِي ميزَان حسناتهم، إنَّهُ سميع مُجيب. سُلَيْمَان بن دريع العازمي الكويت هَاتِف: 009659532016

منْحَةُ البَارِي بِشَرْح صَحِيح البُخَارِي [2]

جَمِيع الحقُوق مَحفُوظَة الطَّبعَة الأولى 1426 - هـ - 2005 م مكتبة الرشد ناشرون المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض - شَارِع الْأَمِير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن (طَرِيق الْحجاز) ص. ب: 17522 - الرياض: 11494 - هَاتِف: 4593451 - فاكس: 4573381 Email : [email protected] Website : www.rushd.com * فرع طَرِيق الْملك فَهد: الرياض - هَاتِف: 2051500 - فاكس: 2052301 * فرع مَكَّة المكرمة: هَاتِف: 5585401 - فاكس: 5583506 * فرع الْمَدِينَة المنورة: شَارِع أبي ذَر الْغِفَارِيّ - هَاتِف: 8340600 - فاكس: 8383427 * فرع جدة: ميدان الطائرة - هَاتِف: 6776331 - فاكس: 6776354 * فرع القصيم: بُرَيْدَة - طَرِيق الْمَدِينَة - هَاتِف: 3242214 - فاكس: 3241358 * فرع أَبِهَا: شَارِع الْملك فيصل - تلفاكس: 2317307 * فرع الدمام: شَارِع الْخزَّان - هَاتِف: 8150566 - فاكس: 8418473 وكلاؤنا فِي الْخَارِج * الْقَاهِرَة: مكتبة الرشد - هَاتِف: 2744605 * بيروت: دَار ابْن حزم هَاتِف: 701974 * الْمغرب: الدَّار الْبَيْضَاء - وراقة التَّوْفِيق - هَاتِف: 303162 - فاكس: 303167 * الْيمن: صنعاء - دَار الْآثَار - هَاتِف: 603756 * الْأُرْدُن: عمان - الدَّار الأثرية: 6584092 - جوال: 796841221 * الْبَحْرين: مكتبة الغرباء - هَاتِف: 957833 - 945733 * الإمارات: مكتبة دبي للتوزيع - هَاتِف: 43339998 - فاكس: 43337800 * سوريا: دَار البشائر: 231668 * قطر: مكتبة ابْن الْقيم - هَاتِف: 4863533

7 - كتاب التيمم

7 - كتاب التيمم

1 - [باب]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 7 - كِتَابُ التَّيَمُّمِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا، فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] 1 - [باب]. (كتاب التيمم) في نسخةٍ: تقديم الكتاب علي البسملة، و (التيمم) لغة: القصد، يقال: يممت فلانًا ويممته، وتأممته، وأممته، أي: قصدته، وشرعًا: إيصال التراب إلى الوجه واليدين بشرائط مخصوصة، وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، وخُصَّت به هذه الأمة. (وقوله تعالى) عطفٌ على التيمم، أي: كتاب بيان التيمم، وبيان قوله تعالى ... إلخ، وفي نسخة: "قول الله عزَّ وجلَّ"، وفي أخرى: "قول الله" بحذف الواو، وهي مبتدأ خبره: {فَلَمْ تَجِدُوا} [المائدة: 43] أي: قول الله في شأن التيمم هذا الآية. 334 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى

فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إلا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، "فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا"، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ. [336، 3672، 3773، 4583، 4607، 4608، 5164، 5250، 5882، 6844، 6845 - مسلم: 367 - فتح: 1/ 431] (في بعض أسفاره) كان ذلك في غزوة بني المصطلق، وهي غزوة المريسيع، التي كان فيها قصة الإفك. (بالبيداء) بفتح الموحدة، والمدِّ. (أو بذات الجيش) بفتح الجيم وسكون التحتية، وإعجام الشين: هما موضعان بين مكة والمدينة (¬1)، والشكُّ من عائشة رضي الله عنها. (انقطع عقد لي) بكسر العين، أي: قلادة؛ لأنها تعقد وتقلد العنق أي: تعلق فيه. (على التماسه) أي: طلبه. (وليسوا على ماءٍ): وليس معهم ماء، الثاني منهما ساقط هنا من نسخةٍ؛ اكتفاءً بالأول. (ما صنعت عائشة) أي: ما تسببت فيه من إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وألف (ما) ساقطة من نسخة. (فعاتبني أَبو بكر) لم تقل: أبي؛ لأن عتابه لها ينافي الأبوة فنزلته منزلة الأجنبي فذكرته باسمه. (يطعنني) ¬

_ (¬1) ذكر القتبي أنها من المدينة على بريد، وعن ابن وهب أن بين ذات الجيش والعقيق خمسة أميال، وقيل: سبعة أميال، وقيل: عشرة أميال، وهي أحد منازل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى بدرٍ وإحدى مراحله عند انصرافه من غزوة بني المصطلق، وهناك جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابتغاء عقد عائشة، ونزلت آية التييم. انظر: "معجم ما استعجم" 2/ 409 - 410، "معجم البلدان" 2/ 200 - 201.

بضمِّ العين، وحكي فتحها، والأكثر ضمها في الطعن باليد، بخلاف الطعن في النسب فالأكثر فيه فتحها. (في خاصرتي) هي بخاء معجمة وصاد مهملة: الجنب، أو الوسط. (فخذي) بفتح الفاءِ وكسرها مع كسر الخاءِ وسكونها فيهما، وهي جارية في كل ما وسطه حرف حلق من فعل. (أصبح) أي: دخل في الصباح، فهو تام يكتفي بمرفوعه لا ناقص حتى يحتاج إلى خبرٍ. (علي غير ماء) تنازعه قام، وأصبح. (فتيمَّمُوا) بلفظ المضيِّ أي: فتيمم الناس بعد نزول الآية، وبلفظ الأمر على ما هو لفظ الآية ذكره بيانًا، أو بدلًا من آية التيمم. (أُسيد بن الحضير) بالتصغير فيهما، والحضير بحاء مهملة وضاد معجمة، وفي نسخة: "حضير" بدون ال. (ما هي) أي: البركة التي حصلت للمسلمين برخصة التيمم، والبركة: كثرة الخير. (بأول بركتكم) في نسخةٍ: "أول بركتكم" بلا باء، بالنصب والرفع على لغتي: إعمال (ما) وإهمالها (¬1). (يا آل أبي بكر) الآل: الأهل والعيال أو الأتباع، ولا يستعمل إلا في الأشراف، وإنما قيل: آل فرعون؛ لتصوره بصورة الأشراف، أو لشرفه في قومه عندهم، وفي نسخة: "يال أبي بكر" بحذف الهمزة والألف من الآل؛ تخفيفًا. (الذي كنت عليه) أي: راكبة عليه. (فأصبنا) أي: وجدنا. وفي الحديث: جواز اتخاذ القلائد. والاعتناء بحفظ حقوق المسلمين وأموالهم وإن قلَّت، فقد روي: أن العقد كان ثمنه اثنى عشر ¬

_ (¬1) إعمال (ما) لغة أهل الحجاز، وإهمالها لغة بني تميم.

درهمًا. وجواز السفر بالنساء، والنهي عن إضاعة المال. وأن للأب أن يدخل على ابنته وزوجها معها إن علم أنه في غير خلوة مباشرة، وأن له أن يعاتبها في أمر الله ويضربها عليه. ومعاتبة من نسب إلى ذنب. ونسبة الفعل إلى المتسبب فيه. وجواز الإقامة بموضع لا ماء فيه. 335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ هُوَ العَوَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: ح وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ الفَقِيرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً". [438، 3122 - مسلم: 521 - فتح: 1/ 435] (هشيم) بالتضغير، أي: ابن بشير بالتكبير. (ح) هي حاء التحويل، وهي ساقطة من نسخة. (ابن النضر) بفتح النون وسكون المعجمة: أَبو عثمان البغدادي. (سيار) بفتح المهملة، وتشديد التحتية. (يزيد) هو "ابن صهيب" كما في نسخة. (الفقير) سمِّي به؛ لشكوى فقار ظهره، لا لفقرة من المال. (خمسًا) أي: خمس خصالٍ. (لم يعطهن أحدٌ قبلي) أي: لم تجمع لأحد قبلي. (بالرعب) أي: بالخوف مني. (مسجدًا) أي: مكانًا للسجود. (وطهورًا) بفتح الطاء بمعنى: مطهرًا، فالتراب مطهر وإن لم يرفع حدثًا. (فأيُّمَا) الفاء: سببية، و (أي): شرطية زيد عليها (ما)؛ لزيادة التعميم. (رجل) مجرور من الإضافة. (من أمتي) ساقط من نسخة. (فليصلِّ) أي: بوضوء، أو تيمم، أي: إلا الأماكن المنهي عن الصلاة فيها.

2 - باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا

(وأحلت لي الغنائم) جمع غنيمة: وهي ما حصل من الكفَّار بقهر، وفي نسخة: "المغانم" وهي بمعنى: الغنائم، أما غيره فلا تحلُّ له، إما لأنه لم يجاهد، أو لأنه إذا غنم شيئًا تجيءُ نار تحرقه. (وأعطيت الشفاعة) هي سؤال فعل الخير، وترك الضرر عن الغير على سبيل التصريح، والمراد بها: الشفاعة العظمى، وهي المراد بالمقام المحمود عامة، تكون في الحشر حتى تفرغ الخلائق إليه - صلى الله عليه وسلم - قال النوويُّ (¬1): الشفاعة خمسٌ، أولها: مختصة بنبينا - صلى الله عليه وسلم -: وهي الإراحة من هول الموقف وطول الوقوف، الثانية: في إدخال قومِ الجنة بغير حساب، الثالثة: لقوم استوجبوا النار، والرابعة: فيمن دخل النار من المذنبين، والخامسة: في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها. قال في "الروضة": ويجوز أن يكون خُصَّ بالثالثة والخامسة أيضًا. قال غيره: ومن شفاعاته: أن يشفع لمن مات بالمدينة، وأن يشفع في تخفيف العذاب لمن استحق الخلود [في النار] (¬2) كأبي طالب، وأن يشفع لجماعة من صلحاء المؤمنين فيتجاوز عنهم في تقصيرهم في الطاعات، وأن يشفع في أطفال المشركين حتَّى يدخلوا الجنة. 2 - بَابُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا (باب: إذا لم يجد ماءً ولا ترابًا) أي: للطهارة، هل يصلِّي أم لا؟ 336 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 35. (¬2) من (م).

هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلادَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَوَجَدَهَا، "فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ" فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ، إلا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا. [انظر: 334 - مسلم: 367 - فتح: 1/ 440] (زكريا بن يحيى) أي: ابن صالح اللؤلؤيِّ، أو ابن عمرو الطائيِّ. (استعارت من أسماء) أي: أختها. (فهلكت) أي: ضاعت. (بعث رجلًا) هو أسيد بن حضير، بتصغيرهما. (فوجدها) أي: الرجل، وهو لا ينافي قول عائشة في الباب السابق: فأصبنا العقد تحت البعير؛ لأن قولها: أصبنا عامٌّ، يصدق بها وبمن معها. (فصلَّوا) أي: بغير وضوء، كما صرَّح به في سورة النساءِ (¬1)، فاستدلَّ به علي أن فاقد الطهورين يصلِّي على حاله، وهو وجه الدلالة على مطابقة الحديث للترجمة، وهذه الصلاة واجبة لحرمة الوقت، لكن تجب إعادتها عند الطهر على مذهب الشافعي الجديد، وفي القديم: لا يجب إعادتها؛ لظاهر هذا الحديث؛ إذ لم يذكر فيه الأمر بالإعادة والقضاء، إنما يجب بأمر جديد، ولم يثبت، فلا يجب، وللقائلين بوجوبها أن يجيبوا: بأن الإعادة ليست على الفور ويجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة. (ذلكِ لكِ) بكسر الكاف فيهما؛ لأنه خطاب لمؤنث. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4583) كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ}.

3 - باب التيمم في الحضر، إذا لم يجد الماء، وخاف فوت الصلاة

وفي الحديث: جواز الإعارة والاستعارة. وجواز السفر بالعارية إذا كان إذن المعير. 3 - بَابُ التَّيَمُّمِ فِي الحَضَرِ، إِذَا لَمْ يَجِدِ المَاءَ، وَخَافَ فَوْتَ الصَّلاةِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ: وَقَالَ الحَسَنُ: "فِي المَرِيضِ عِنْدَهُ المَاءُ، وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنَاولُهُ يَتَيَمَّمُ" وَأَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ: "مِنْ أَرْضِهِ بِالْجُرُفِ فَحَضَرَتِ العَصْرُ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ فَصَلَّى، ثُمَّ دَخَلَ المَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدْ". (باب: حكم التيمم في الحضر). (إذا لم يجد الماء) حسًّا أو شرعًا. (وخاف) في نسخة: "فخاف" وفي أخرى: "أو خاف". (فوت) وقت (الصلاة) فـ (إذا) ظرف للتيمم، أو شرط وجوابها محذوف، دلَّ عليه ما قبله، أي: يتيمم. (وبه) أي: بالتيمم فيما ذكر. (قال عطاء) هو ابن أبي رباح، وبه قال الشافعي، لكن مع القضاء؛ لندرة فقد الماءِ في الحضر، بخلاف السفر، وعليه لا يتقيد ذلك بخوف فوت الوقت. (وقال الحسن) أي: البصريُّ. (في المريض عنده الماء، ولا يجد من يناوله) له (يتيمم) في نسخة: "تيمم" بلفظ الماضي، بخلاف ما إذا وجد من يناوله الماء، لا يتيمم؛ لقدرته على الوضوء، وهذا مذهب الحسن، ومن وافقه، وأما مذهب الشافعي: فلا يتيمم للمرض إلا إذا خاف من الماءِ محذورًا سواء وجد من يناوله الماء أم لا. (بالجرف) بضمِّ الجيم والراء، وقد تسكن: ما تجرفه السيول

وتأكله الأرض، والمراد به هنا: موضعٌ بقرب المدينة، على ثلاثة أميال، وقيل: على فرسخٍ منها من جهة الشمال (¬1). (فحضرت العصر) أي: صلاته. (بمربد النعم) بكسر ميم مربد أكثر من فتحها، وسكون الراءِ، وفتح الموحدة، ودال مهملة: موضع تحبس فيه النعم على ميلين من المدينة (¬2)؛ فلهذا دخل في ترجمة الحضر؛ لأن السفر القصير في حكم الحضر. (فصلَّى) أي: العصر بالتيمم. (مرتفعة) أي: عن الأفق. (فلم يعد) أي: الصلاة. وتقدم أن مذهب الشافعي: وجوب الإعادة على من تيمم في الحضر، وأن السفر القصير في حكمه. قال شيخنا: وظاهر ما ذكر: أن ابن عمر لم يراع في جواز التيمم خروج الوقت؛ لأنه دخل المدينة والشمس مرتفعة، لكن يحتمل أنه ظنَّ أنه لا يصل إليها إلا بعد الغروب، أو تيمم لا عن حدث، وإنما أراد تجديد الوضوء فلم يجد الماء فاقتصر على التيمم بدل الوضوء. قال: وعلى الاحتمال الأخير لا حجة فيما ذكر لمن أسقط الإعادة عن المتيمم في الحضرِ؛ لأنه على هذا الاحتمال لا يجب عليه الإعادة بالاتفاق (¬3). ¬

_ (¬1) الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام، به كانت أموال لعمر بن الخطاب ولأهل المدينة، وفيه بئر جُشم، وبئر جمل، قالوا: سمي جرف لأن تُبَّعًا مرَّ به، فقال: هذا جرف الأرض، وكان يسمي العرض. - انظر: "معجم البلدان" 2/ 128. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 5/ 98. (¬3) "الفتح" 1/ 442.

337 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ أَبُو الجُهَيْمِ الأَنْصَارِيُّ "أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْو بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الجِدَارِ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ". [مسلم: 369 - فتح: 1/ 441] (يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير، كما مرَّ. (حدثنا الليث) في نسخة: "حدثني الليث". (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز، وفي نسخة: "عن حميد الأعرج". (عميرًا) بالتصغير، هو ابن عبد الله الهاشمِي. (عن أبي جهيم) بالتصغير، اسمه: عبد الله. (ابن الصمة) بكسر المهملة، وتشديد الميم: ابن عمر بن عتيك الخزرجي. (فقال أَبو الجهيم) في نسخة: "أَبو جهيم" وفي أخرى: "فقال الأنصاريُّ". (بئر جمل) بفتح الجيم والميم: موضع بالمدينة (¬1). (فلقيه رجل) هو أَبو جهيم، رواي الحديث، أبهم نفسه؛ لغرض. (فلم يرد) بتثليث الدال، كما مرَّ أي: السلام. (على الجدار) أي: ترابه، وإنما تيمم به مع أنه لا يجوز مثله إلا بإذن المالك؛ لأن ذلك الجدار كان مباحًا، أو علم من مالكه الرضا بذلك، واحتج بعضهم بذلك؛ على جواز التيمم علي الحجر؛ لأن حيطان المدينة بحجارة سود، وأجيب: بأن الغالب وجود الغبار على الجدار مع أنه - صلى الله عليه وسلم - حتَّ الجدار بالعصا ثم تيمم، فيحمل المطلق على المقيد. (ويديه) وفي نسخة: "وبيديه". قال النوويُّ: والحديث محمولٌ على أنه - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 299.

4 - باب: المتيمم هل ينفخ فيهما؟

كان عادمًا للماءِ حال التيمم [لامتناع التيمم] (¬1) مع القدرة سواء كان لفرضٍ أو نفل، لكن هذا التيمم لردِّ السلام وهو ذكر، يجوز بلا طهر (¬2). فوجه الاستدلال به للترجمة: أنه إذا تيمم للذكر والطهارة سنة له، فالتيمم للصلاة إذا خاف فوتها ولم يجد ماءً أولى، وقال غيره: خبر المنع من ردِّ السلام بلا وضوء منسوخ بآية الوضوءِ. 4 - بَابٌ: المُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا؟ (باب: المتيمم هل ينفخ فيها) أي: في يديه بعد أخذهما التراب. 338 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا" فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. [339، 340، 341، 342، 343، 345، 346، 347 - مسلم 368 - فتح: 1/ 343] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (الحكم) بفتح الحاء والكاف: ابن عتيبة. (عن ذَرّ) بذال معجمة مفتوحة، وراء مشددة: ابن عبد الله الهمداني. (أبزى) بفتح الهمزة وسكون الباء وبزاي مقصورًا. (فجاء رجلٌ) أي: من أهل البادية. (أجنبت) أي: صرت جنبًا، وفي نسخة: "جنبت" بضم الجيم وكسر النون. (فلم أصب) بضم ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 64.

الهمزة، أي: لم أجد. (أما تذكر) الهمزة استفهامية، و (ما) نافية. (أنَّا كنَّا) بتشديد النون، وفي نسخة: "إذ كنَّا" ومحلُّ كلٍّ منهما نصب مفعول بـ (تذكر). (أنا وأنت) تفسير لضمير الجمع في (أنا). (فلم تصلِّ) أي: إمَّا لاعتقاد أن التيمم عن الحدث الأصغر لا الأكبر، وعمَّار قاسه عليه، أو أنه لم يصلِّ؛ لتوقع وصوله للماءِ. (فتمعَّكت) أي: تمرغت في التراب، كأنه لمَّا رأى أن التيمم إذا وقع بدل الوضوء، وقع على هيئة الوضوء، رأى أن التيمم عن الغسل يقع على هيئة الغسل. (فذكرت ذلك للنبيِّ) لفظ: (ذلك): ساقط من نسخة. (فقال النبيُّ) لفظ: (النبيِّ) ساقط من نسخة. (هكذا) في نسخة: "هذا". (فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه) في نسخة: "فضرب بكفيه". (الأرض) في نسخة: "في الأرض" زيد في روايه: ضربة واحدة ولا دلالة فيها على أن الضربة الواحدة كافية للوجه واليدين؛ لجواز أن يكون ذلك تعليمًا لإتيان كلِّ ما يحصل به التيمم. وقد ثبت في رواية أخرى: التعبير بضربتين. (ونفخ فيها) أي: نفخًا خفيفًا؛ تخفيفًا للتراب، وهو محمولٌ على أنه كان كثيرًا. (وكفيه) أي: "مع ذراعيه ومرفقيه"، كما في رواية: لأبي داود (¬1) وقياسًا على الوضوء. وفي الحديث: جواز الاجتهاد في زمنه - صلى الله عليه وسلم - وهو أصح الأقوال. ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (325) كتاب: الطهارة، باب: التيمم. وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود" 2/ 135: حديث صحيح دون قوله: والذراعين إلى قوله: ولم يبلغ المرفقين، فإنه شاذ والصواب: والكفين، وبه حكم البيهقي، وهو الذي لم يروا صاحبا "الصحيحين" غيره.

5 - باب التيمم للوجه والكفين

وأن مسح الوجه واليدين بدلٌ في الجنابة عن كلِّ البدن، كما أنه في الوضوء بدلٌ عن أعضائه، والأصح: لا تجب الإعادة للصلاة الواقعة بالتمرغ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بها؛ ولأن المتمرغ أتى بمسح الوجه واليدين وزيادة. 5 - بَابُ التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالكَفَّيْنِ (باب: التيمم للوجه والكفين) التيمم: مبتدأ، و"للوجه والكفين" متعلقٌ به، والخبر مقدر أي: مجزيء. 339 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي الحَكَمُ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ عَمَّارٌ: "بِهَذَا وَضَرَبَ - شُعْبَةُ - بِيَدَيْهِ الأَرْضَ، ثُمَّ أَدْنَاهُمَا مِنْ فِيهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ" وَقَالَ النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَرًّا، يَقُولُ: عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ الحَكَمُ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ. [انظر: 338 - مسلم: 368 - فتح: 1/ 444] (حجاج) هو ابن منهال. (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا". (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عبد الحكم) في نسخة: "أخبرني الحكم". (عن ذر) بفتح المعجمة، أي: ابن عبد الله الهمداني. (عن سعيد بن عبد الرحمن) في نسخة: "عن ابن عبد الرحمن". (قال عمَّار بهذا) أي: بقوله فيما مرَّ (أما تذكر ... إلخ). (وضرب شعبة) من مقول حجاج بن منهال. (أدناهما) أي: قربهما. (من فيه) لينفخ به فيهما. (ثُمَّ مسح وجهه) في نسخة: "ثُمَّ مسح بهما وجهه". (وكفيه) أي: من الذراعين والمرفقين، كما مرَّ. (النضر) بنون ومعجمة، أي: ابن شُمَيْل، وهو من كلام

البخاريِّ، والفرق بين هذا الطريق وطريق حجاج أن الطريق هنا تعليق، وثَمَّ موصول، وأنه هنا بلفظ: (سمعت ذرًا) وثَمَّ بلفظ: (عن ذَرٍّ)، وبينهما فرقٌ. (ابن عبد الرحمن عن أبيه) في نسخة: "عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه" وأفاد هذا الطريق: أن الحكم سمعه من شيخ شيخه سعيد. 340 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ وَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: "كُنَّا فِي سَرِيَّةٍ، فَأَجْنَبْنَا"، وَقَالَ: "تَفَلَ فِيهِمَا". [انظر: 338 - مسلم: 368 - فتح: 1/ 444] (عن ذَرٍّ) في نسخة: "سمعت ذرًّا". (شهد عمر) أي: حضره. (في سرية) أي: قطعة من الجيش. (وقال: تفل فيهما) أي: بدل قوله: نفخ فيهما والتفل بالمثناة، قال الجوهريُّ: شبية بالبزق (¬1)، وهو أقلُّ منه، أوله: البزق، ثم التفل، ثم النفث، ثم النفخ. 341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ لِعُمَرَ: تَمَعَّكْتُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَكْفِيكَ الوَجْهَ وَالكَفَّيْنِ". [انظر: 338 - مسلم: 368 - فتح: 1/ 445] (محمد بن كثير) بمثلثة. (عن عبد الرحمن) زاد في نسخة: "ابن أبزى" وقال في أخرى: "عن أبيه". (يكفيك الوجه والكفين) بنصب الوجه؛ مفعول لمقدر أي: أن تمسح (والكفين) بالعطف على (الوجه) في نسخة: "الوجه والكفان" بالعطف على الوجه، وفي أخرى: ¬

_ (¬1) تَفَلَ يَتْفُلُ ويَتْفِل وتَفْلًا: بَصَقَ، والتُّفْلُ والتُّفَالُ: البُصَاقُ، والتفل بالضم لا يكون إلا ومعه شيء من الريق، فإذا كان نَفْخًا بلا ريق فهو التَّفْثُ. وقال الجوهري: التَّفْلُ: شبيهٌ بالبَزْقِ وهو أقل منه. مادة (تفل) في "الصحاح" 4/ 1644 و"اللسان" 1/ 436، "القاموس" 970.

6 - باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم، يكفيه من الماء

"الوجه" بالرفع بالفاعلية. "والكفين" بالنصب على أنه مفعول معه، أو به لمقدر، وفي أخرى: "واليدين" وروي: "الوجه والكفين" بالجرِّ فيهما، ووجه بأن الأصل يكفيك مسح الوجه فحذف المضاف وبقي المجرور به على ما كان عليه. 342 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ، وَسَاقَ الحَدِيثَ. [انظر: 338 - مسلم: 368 - فتح: 1/ 446] (مسلم) أي: ابن إبراهيم الفراهيدي. (عن ابن عبد الرحمن) اسمه: سعيد، كما قدمه البخاريُّ، وزاد في نسخة: "ابن أبزى". (فقال) في نسخة: "قال". 343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ: "فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الأَرْضَ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ". [انظر: 338 - مسلم: 368 - فتح: 1/ 446] (غندر) هو محمد بن جعفر البصري. 6 - بَابٌ: الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ المُسْلِمِ، يَكْفِيهِ مِنَ المَاءِ وَقَالَ الحَسَنُ: "يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ مَا لَمْ يُحْدِثْ" وَأَمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ " وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: "لَا بَأْسَ بِالصَّلاةِ عَلَى السَّبَخَةِ وَالتَّيَمُّمِ بِهَا". [فتح: 1/ 446] (باب) بالتنوين وعدمه. (الصعيد) مبتدأ. (الطيب) صفته، وأخبر عن المبتدأ بقوله: (وضوء المسلم) ثم بقوله: (يكفيه من الماء) (¬1) عند ¬

_ (¬1) فهي خبر ثانٍ للمبتدأ.

عدمه حسًّا، أو شرعًا. ويجوز أن يكون (يكفيه من الماء) استئنافًا؛ بيانًا للجملة قبله. (وقال الحسن) أي: البصريُّ. (يجزئه) الياء والهمز من الإجزاء، وهو الأداء الكافي في سقوط التعبد، وفي نسخة: بفتحها بلا همز، أي: يكفي. (وَأَمَّ ابن عبَّاسٍ وهو متيمم) أي: أم من كان متوضئًا، وهو مذهب الشافعيِّ وغيره، وقال الأوزاعيُّ: لا يؤمُّهم إلا إذا كان أميرًا. (على السبخة) بفتح الموحدة: وهي الأرض المالحة التي لا تكاد تنبت، وأرض سبخة بكسر الموحدة ذات سباخ، قاله الجوهريُّ (¬1). 344 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ، قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَقَعْنَا وَقْعَةً، وَلَا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ المُسَافِرِ مِنْهَا، فَمَا أَيْقَظَنَا إلا حَرُّ الشَّمْسِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ فُلانٌ، ثُمَّ فُلانٌ، ثُمَّ فُلانٌ - يُسَمِّيهِمْ أَبُو رَجَاءٍ فَنَسِيَ عَوْفٌ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ الرَّابِعُ - وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَامَ لَمْ يُوقَظْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ، لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ وَكَانَ رَجُلًا جَلِيدًا، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ بِصَوْتِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ، قَالَ: "لَا ضَيْرَ - أَوْ لَا يَضِيرُ - ارْتَحِلُوا"، فَارْتَحَلَ، فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَعَا بِالوَضُوءِ، فَتَوَضَّأَ، وَنُودِيَ بِالصَّلاةِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلاتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ القَوْمِ، قَالَ: "مَا مَنَعَكَ يَا فُلانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ القَوْمِ؟ " قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ، قَالَ: "عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ"، ¬

_ (¬1) انظر: مادة (سبخ) في "الصحاح" 1/ 423.

ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَكَى إِلَيْهِ النَّاسُ مِنَ العَطَشِ، فَنَزَلَ فَدَعَا فُلانًا - كَانَ يُسَمِّيهِ أَبُو رَجَاءٍ نَسِيَهُ عَوْفٌ - وَدَعَا عَلِيًّا فَقَالَ: "اذْهَبَا، فَابْتَغِيَا المَاءَ" فَانْطَلَقَا، فَتَلَقَّيَا امْرَأَةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ - أَوْ سَطِيحَتَيْنِ - مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، فَقَالَا لَهَا: أَيْنَ المَاءُ؟ قَالَتْ: عَهْدِي بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ وَنَفَرُنَا خُلُوفٌ، قَالَا لَهَا: انْطَلِقِي، إِذًا قَالَتْ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَا: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ، قَالَا: هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ، فَانْطَلِقِي، فَجَاءَا بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَاهُ الحَدِيثَ، قَالَ: فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا، وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ، فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ المَزَادَتَيْنِ - أَوْ سَطِيحَتَيْنِ - وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا وَأَطْلَقَ العَزَالِيَ، وَنُودِيَ فِي النَّاسِ اسْقُوا وَاسْتَقُوا، فَسَقَى مَنْ شَاءَ وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ وَكَانَ آخِرُ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ، قَالَ: "اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ"، وَهِيَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا، وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلْأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْمَعُوا لَهَا" فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَويقَةٍ حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا، فَجَعَلُوهَا فِي ثَوْبٍ وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا، قَالَ لَهَا: "تَعْلَمِينَ، مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَسْقَانَا"، فَأَتَتْ أَهْلَهَا وَقَدِ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ، قَالُوا: مَا حَبَسَكِ يَا فُلانَةُ، قَالَتْ: العَجَبُ لَقِيَنِي رَجُلانِ، فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ، وَقَالَتْ: بِإِصْبَعَيْهَا الوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ، فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ - تَعْنِي السَّمَاءَ وَالأَرْضَ - أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَكَانَ المُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنَ المُشْرِكِينَ، وَلَا يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَوْمًا لِقَوْمِهَا مَا أُرَى أَنَّ هَؤُلاءِ القَوْمَ يَدْعُونَكُمْ عَمْدًا، فَهَلْ لَكُمْ فِي الإِسْلامِ؟ فَأَطَاعُوهَا، فَدَخَلُوا فِي الإِسْلامِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "صَبَأَ: خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى غَيْرِهِ " وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ: "الصَّابِئِينَ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ". [348، 357 - مسلم: 682 - فتح: 1/ 447]

(مسدد) في نسخة: "مسدد بن مسرهد". (حدثني يحيى) في نسخةٍ: "حدثنا يحيى". (أَبو رجاء) هو عمران بن ملحان. (عن عمران) أي: ابن حصين الخزاعي. (كنَّا في سفرة مع النبيِّ) كان ذلك عند رجوعه من خَبْيَر، كما في مسلم (¬1)، أو عند إقبالِه من الحديبية ليلًا، كما في أبي داودَ (¬2)، -أو بطريقِ تبوك كما في "دلائلِ البيهقيِّ" (¬3) -، أو في غزوة جيشِ الأمراء، كما في روايةٍ لأبي داودَ (¬4). (وإنَّا أسرينا) حالٌ، وفي نسخة: "سرينا"، قال الجوهريُّ: تقول: سريتُ وأسريتُ: إذا سرتَ ليلًا (¬5). (ووقعنا وقعةً) أي: نمنا نومةً، كأنَّهم سقطوا عن الحركةِ. (أحلى) خبرُ (لا)، أو صفةٌ لـ (وقع)، والخبرُ محذوفٌ. (منها) أي: من الوقعةِ آخر الليل. (فما) في نسخةٍ: "وما". (وكان) في نسخةٍ: "فكان". (أوَّلَ) بالنصب خبر: (كان). (فلان) اسمها، وهو أَبو بكر الصديقُ. (ثُمَّ عمر بن الخطاب الرابع) برفع (الرابع) صفة لعمر، وفي نسخةٍ: "هو الرابعُ" ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم". (680) كتاب: المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها. (¬2) "سنن أبي داود" (447) كتاب: الصلاة، باب: من نام عن صلاة أو نسيها. قال الألباني في "صحيح أبي داود" (474): صحيح. (¬3) "دلائل النبوة" 4/ 275 باب: ما جاء في نومهم عن الصلاة حتى انصرفوا من خيبر. (¬4) "سنن أبي داود" (438) كتاب: الصلاة، باب: من نام عن صلاة أو نسيها. قال الألباني في "ضعيف أبي داود": شاذ بلفظ: غزوة جيش الأمراد. (¬5) انظر: مادة (سرى) في "الصحاح" 6/ 2376.

أي: من المستيقظين. (لا يُوقظ) بالبناءِ للمفعولِ، وفي نسخةٍ: "لم نوقظه". (ما يحدث له) أي: من الوحيِّ. (ما أصاب الناسُ) أي: من نومِهم عن صلاةِ الصبحِ حتَّى خرج وقتُها وهم علي غير ماءٍ. (جليدًا) بفتح الجيمِ وكسر اللِام من الجلادة: وهي القوةُ والصلابةُ. (بصوتِه) أي: بسببه، وفي نسخةٍ: "لصوتِه" أي: لأجلهِ، وإنَّما استعمل التكبيرة لسلوكِ طريق الأدبِ، والجمعُ بين المصلحتين، وخصَّ التكبيرَ؛ لأَنَّه أصل الدعاءِ إلى الصلاةِ، ولا يشكل الحديث بخبر "إن عيني تنام ولا ينام قلبي" (¬1)؛ لأن القلبَ إنما يدرك الحسيَّات المتعلقة به، الألم والحدث، لا ما يتعلق بالعين؛ لأنها نائمة والقلب يقظان. (قال) في نسخة: "فقال". (لا ضير) أي: لا ضرر يقال: ضاره يضيره، ويضوره. (أو لا يضير) الشكُّ من عوف. (ارتحلوا) أمر بالارتحال. (فارتحل) أي: النبيُّ بمن معه، وفي نسخة: "فارتحلوا". (انفتل) أي: انصرف. (عليك بالصعيد) أي: بالتراب. (فإنه يكفيك) أي: لإباحة الصلاة. (فدعا فلانًا) هو عمران بن حصين. (نسيه عوف) في نسخة: "ونسيه عوف". (ودعا عليًّا) أي: ابن أبي طالب. (فابتغيا) بتاءٍ بعد الموحدة، وفي نسخة: "فابغيا" بحذفها، أي: فاطلبا. (بين مزادتين) تثنية مزادة، بفتح الميم والزاي، وهي الرواية، سميت بذلك؛ لأنه يزاد فيها جلدٌ آخر من غيرها، ولهذا قيل: إنها أكبر ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3569) كتاب: المناقب، باب: كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه.

من القربة. (أو سطحيتين) تثنية سطحية، وهي بمعني: المزادة، والشك من الراوي. (عهدي) مبتدأ. (بالماء) متعلقٌ به. (أمس) ظرفٌ له، وهو مبنيٌّ علي الكسر عند الحجازيين، ومعرب غير منصرف؛ للعلمية والعدل عند تميم، فتضم سينه إن جعل خبرًا للمبتدإِ، ويفتح علي الظرفية إن جعل الخبر محذوفًا أي: حاصل، وقيل: الخبر بالماء، و (أمس) ظرف لعامله أي: عهدي ملتبس بالماءِ في أمس. (هلذه الساعة) بدل بعض من كلّ، أي: مثل هذه الساعة، أو ظرف ثانٍ، أي: في مثل هذه الساعة. (ونفرنا) أي: رجالنا. (خلوف) بضم المعجمة: جمع خالف أي: غائب، أو مستق؛ لأن رجال النساء خرجوا للاستقاء، وخلفوهنَّ، وفي نسخة: "خلوفًا" بالنصب، بكان مقدرة. (الصابئ) بالمهمز من صبأ: خرج من دين إلى غيره، كما سيأتي، أو بالياء من صبا يصبي، كرمى يرمي، أو من صبا يصبو، كعلا يعلو إذا مال. واقتصر الجوهريُّ علي الثاني، فقال: صبا يصبو أي: مال إلى الجهل والفتوة (¬1). (تعنين) أي: تريدين. (فانطلقي) أي: معنا إليه. (فجاءا) أي: عليٌّ وعمران. (إلى النبيِّ) في نسخة: "إلى رسول الله". (وحدثاه الحديث) أي: الذي كان بينهما وبينها. (فاستنزلوها عن بعيرها) أي: طلبوا منها النزول عنه، وجمع باعتبار عليٍّ وعمران ومن تبعهما ممن يعينهما. (ففرغ) بالتشديد، وفي نسخة: "فأفرغ". (من أفواه المزادتين) جمع في موضع التثنية (¬2) على حدِّ {فَقَدْ ¬

_ (¬1) انظر: مادة (حبا) في "الصحاح" 6/ 2398. (¬2) فهو من وضع الجمع موضع المثنى.

صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]. (وأوكأ) أي: ربط. (وأطلق الغَزَالي) أي: فتحها، بفتح المهملة والزاي، وكسر اللام، ويجوز فتحها، وفتح الياء جمع عزلاء بإسكان الزاي والمدِّ: وهو فم المزادة الأسفل أي: عروتها التي تخرج منها الماء. (اسقوا) بهمزة وصل: من سقا، وتقصر، أو قطع: من أسقى فتفتح. (فسقى من سقى) في نسخة: "فسقى من شاء". (واستقى من شاء) فرق بينه وبين سقى، بأنه لنفسه، وسقى لغيره من ماشية وغيرها. (آخر ذلك) بالرفع، أو بالنصب: اسم كان أو خبرها، وما بعده خبرها واسمها. (الذي أصابته الجنابة) هو الذي كان معتزلا. (فأفرغه) بقطع الهمزة. (ما يفعل) ببنائه للمفعول، أو للفاعل. (بمائها) إنما استجازوا أخذ مائها؛ لأنها كانت حربية، وبتقدير أن لها عهدًا، فضرورة العطش تبيح للمسلم الماء المملوك لغيره بعوض. (وايم الله) بوصل الهمزة، والرفع مبتدأ خبره محذوف أي: قسمي، فايم الله قسم، وأصله: ايمن بضمِّ الميم والنون، حذفت نونه؛ لكثرة الاستعمال وليس لنا همزة وصل تفتح غير هذه قاله الجوهريُّ (¬1). (أقلع) بضمِّ الهمزة، من الإقلاع عن الشيءِ: وهو الكفُّ عنه. (ملأة) بكسر الميم وفتحها، وسكون اللام بعدها همزة، أي: امتلاء. (من بين عجوة) في نسخة: "ما بين عجوة". (ودقيقة وسويقة) بفتح أولهما، وفي نسخة: بضمهما، وتشديد الياء مصغرين. (حتَّى جمعوا لها طعامًا) أي: من الثلاثة المذكورة. (فجعلوه) أي: الطعام، وفي نسخة: "فجعلوها" أي: الثلاثة. (وحملوها) أي: المرأة. ¬

_ (¬1) انظر: مادة (يمن) في "الصحاح" 6/ 222.

(ووضعوا الثوب) أي: بما فيه. (قال لها) في نسخة: "قالوا لها". (تعلمين) بفتح التاءِ، وسكون العين، وتخفيف اللام، من باب علم، وضبطه شيخنا بفتح التاءِ والعين، وتشديد اللام من باب: تعلم بمعنى: اعلم، والمعنى: اعلمي (¬1). (ما رزئنا) بفتح الراء وكسر الزاي، وقد تفتح، وبعدها همزة ساكنة أي: ما نقصنا. (من مائك شيئًا) أي: فما أخذناه من الماء فما زاده الله وأوجده بقرينة قوله: (ولكن الله هو الذي أسقانا) بهمزة. وفي نسخة: "سقانا" بدونها. (قالوا) في نسخة: "فقالوا"، وفي أخرى: "فقالوا لها". (قالت: العجب) أي: حبسني العجب. (إلى هذا الذي) في نسخة: "إلى هذا الرجل الذي". (من بين) من: بيانية، وإلا فكان المناسب في بدل (من) على أن حروف الجر قد تتقارض (¬2). (وقالت) أي: أشارت. (والسبابة) أي: المسبِّحة. (تعني) أي: المرأة بقولها: (هذه وهذه). (السماء والأرض) يريد أنه أسحر الناس ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 453. (¬2) أي: ينوب بعضها عن بعض، وهي مسألة خلاف؛ إذ النحاة فيها على أقوال: أحدها: جواز التناوب بين حروف الجر، وأن يقع بعضها مكان بعض. وهذا مذهب الكوفيين ووافقهم عليه بعض النحاة الثاني: منع التناوب بينها، ومنع وقوع بعضها موقع بعض، وهذا مذهب البصريين ووافقهم عليه بعض النحاة أيضًا. الثالث: أن الحرف قد يكون بمعنى حرف آخر في موضع دون موضع، وعلى حسب الأحوال الداعية إليه والمسوغة له. وهذا مذهب ابن السراج وابن جني.

بين السماء والأرض، أو أنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حقًّا ترددت في ذلك مع ميلها إلى الإيمان فوفقها الله للإيمان، فآمنت به. (بعد ذلك) في نسخة: "بعد". (يغيرون) بضمِّ الياء، أكثر من فتحها. (الصرم) بكسر الصاد: أبيات مجتمعة من الناس، وقيل: النفر ينزلون بأهليهم على الماء، والجمع: أصرام وإنما لم يغيروا عليهم وهم كفرة؛ للطمع في إسلامهم بسببها، أو للاستئنافِ، أو لرعاية ذمامها. (ما أرى) بفتح الهمزة، أي: أعلم وبضمها، أي: أظن، وفي نسخة: "ما أدري"، و (ما) بمعنى الذي أي: الذي أعلمه وأعتقده. (أن هؤلاء القوم) بفتح همزة أن، وفي نسخة: بكسرها، بإهمال أرى، ولفظ: (أن) ساقط من نسخة أي: الذي أراهم. (يدعونكم) بفتح الدَّال أي: يتركونكم من الإغارة. (عمدًا) لإسلامكم لا سهوًا منهم، وغفلة عنكم، وخوفًا منكم. (فهل لكم) ترغيب منها لهم. (قال أَبو عبد الله) أي: البخاريُّ. (صبا) أي: (خرج من دين إلى غيره وقال أَبو العالية: الصابئين: فرقة من أهل الكتاب يقرءون الزبور). أورد البخاريُّ ذلك هنا؛ ليبين به الفرق بين الصابيء المروي في الحديث، والصابي المنسوب لهذه الطائفة. وقوله: (قال أَبو عبد الله ... إلخ) ساقط من نسخة. وفي الحديث: جواز تأخير القضاءِ للصلاة [الفائتة] (¬1) بعذر عن موضع تذكرها؛ حيث لا غفلة عنها ولا استهانة بها. وأن نومه - صلى الله عليه وسلم -، كنوم غيره إلا أنه لا أضغاث فيه؛ لأن رؤيا الأنبياء وحيٌ. والتأدب في ¬

_ (¬1) من (م).

7 - باب: إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت، أو خاف العطش، تيمم

إيقاظ الكبير. وأن عمر أجلدُ المسلمين وأصلبُهم في الدين. وأن من حلَّت به فتنة بموضعٍ يخرج منه ويفرُّ بدينه. ومشروعية الجماعة في صلاة الفائتة. ومراعاة ذمام الكافر. وأن العطشان يُقدَّم على الجنب. وجواز الحلف بدون استحلاف، وغير ذلك. 7 - بَابٌ: إِذَا خَافَ الجُنُبُ عَلَى نَفْسِهِ المَرَضَ أَو المَوْتَ، أَوْ خَافَ العَطَشَ، تَيَمَّمَ وَيُذْكَرُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ العَاصِ: "أَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَتَيَمَّمَ وَتَلا: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ". [فتح: 1/ 454] (باب: إذا خاف الجنب على نفسه المرض) أي: أو زيادته. (أو الموت) من استعماله الماء. (أو خاف العطش) لحيوان محترم، ولو في المستقبل. (تيمم) أي: مع وجود الماء، في نسخة: "يتيمم". (ويذكر) تعليق بصيغة تمريض. (أجنب في ليلة باردة) أي: في غزوة ذات السلاسل. (فتيمم) أي: وصلَّى بأصحابه. (وتلا) في نسخة: "فتلا". ({وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}) [النساء: 29] أي: بإلقائها إلى التهلكة. (فذكر للنبيِّ) بالبناءِ للمفعول، وفي نسخة: "بالبناء للفاعل" مع زيادة ذلك، فذكر عمرو "ذلك للنبيِّ". (فلم يعنف) في نسخة: "فلم يعنفه" أي: عَمْرًا. 345 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ غُنْدَرٌ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: "إِذَا لَمْ يَجِدِ المَاءَ لَا يُصَلِّي؟ " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ رَخَّصْتُ لَهُمْ فِي هَذَا كَانَ إِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمُ البَرْدَ قَالَ: هَكَذَا - يَعْنِي تَيَمَّمَ - وَصَلَّى، قَالَ: قُلْتُ: "فَأَيْنَ قَوْلُ عَمَّارٍ لِعُمَرَ؟ " قَالَ: إِنِّي لَمْ أَرَ عُمَرَ قَنِعَ بِقَوْلِ عَمَّارٍ. [انظر: 338 - مسلم: 368 - فتح: 1/ 455]

(محمد هو غندر) في نسخة: "محمد" فقط. (عن شعبة) في نسخة: "حدثنا شعبة" وفي أخرى: "أخبرنا شعبة". (عن سليمان) أي: الأعمش. (إذا لم يجد الماء لا يصلِّي؟) بتحتية في الفعلين، فالضمير للجنب، وفي نسخة: بفوقية فيهما، فالضمير للمخاطب. (قال عبد الله) أي: ابن مسعود، وفي نسخة: "قال عبد الله: نعم" أي: لا يصلِّي. (لو رخصت) أي: أنا. (في هذا) أي: في جواز التيمم للجنب. (يعني: تيمم، وصلَّى) فسر به أَبو موسَى كلام ابن مسعود. (قال) أي: أَبو موسَى. (قلت) أي: لابن مسعود. (فأين قول عمَّار؟) أي: قوله: (لعمر) ابن الخطاب: "كنَّا في سفر فأجنبتُ فتمعكت ... إلخ". (قال) أي: ابن مسعود (إنِّي) في نسخة: "فإنِّي". (لم أر عمر قَنِعَ بقول عمَّار) وإنما لم يقنع به؛ لأنه كان حاضرًا معه في تلك السفرة، ولم يتذكر القصة فارتاب في ذلك، ولم يقنع بقوله. 346 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي مُوسَى، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: أَرَأَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ المَاءَ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِقَوْلِ عَمَّارٍ حِينَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ يَكْفِيكَ" قَالَ: أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ؟ فَمَا دَرَى عَبْدُ اللَّهِ مَا يَقُولُ، فَقَالَ: إِنَّا لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَى أَحَدِهِمُ المَاءُ أَنْ يَدَعَهُ وَيَتَيَمَّمَ فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ فَإِنَّمَا كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ لِهَذَا؟ قَالَ: "نَعَمْ". [انظر: 338 - مسلم: 368 - فتح: 1/ 455] (عن الأعمش) في نسخة: "حدثنا الأعمش". (عن عبد الله) أي: ابن مسعود.

8 - باب: التيمم ضربة

(أرأيت) أي: أخبرني. (يا أبا عبد الرحمن) كنية ابن مسعود. (إذا أجنب ولم يجد الماء، كيف يصنع؟) في نسخة: "إذا أجنبت فلم تجد الماء، كيف تصنع؟ " ولفظ: (الماء) ساقط من نسخة. (كان يكفيك) أي: مسح الوجه والكفين. (لم يقنع بذلك) أي: "منه" كما في نسخة. (فدعنا) أي: اتركنا. (من قول عمَّار) أي: واقطع النظر عنه. (كيف تصنع بهذه الآية؟) أي: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] فانتقل في المحاججة من دليل فيه خلاف إلى آخر متفقٍ عليه؛ تعجيلًا لقطع خصمه. (فما درى) أي: فلم يعرف. (عبد الله ما يقول) أي: في توجيه الآية على وفق فَتْواه. (فما): استفهامية، ولعلَّ المجلس لم يكن مقتضيًا تطويل المناظرة بين عبد الله وأبي موسَى، وإلا فكان لعبد الله أن يقول: أن المراد من الملامسة في الآية: تلاقي البشرتين بلا جماع، وجعل التيمم بدلًا من الوضوء، فلا يدلُّ على جواز التيمم للجنب. (لأوشك) أي: قرب. (إذا برد) بفتح الراءِ أكثر من ضمها. (فقلت لشقيق) أي: قال الأعمش: فقلت لشقيق. (فإنما كره عبد الله) أي: التيمم للجنب. (لهذا) أي: لأجل احتمال أن يتيمم للبرد. (قال) أي: شقيق، وفي نسخة: "فقال". (نعم) أي: كرهه لذلك. وفي الباب: جواز التيمم للخائف من البرد، أو من العطش. 8 - بَابٌ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ (باب) بالتنوين، وتركه. (التيمم ضربة) مبتدأ وخبر، والمعنى: أن التيمم يحصلُ بضربة على ما يأتي بيانه.

347 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدِ المَاءَ شَهْرًا، أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ المَائِدَةِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ المَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ. قُلْتُ: وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ المَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا، فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ" فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ؟ وَزَادَ يَعْلَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي أَنَا وَأَنْتَ، فَأَجْنَبْتُ فَتَمَعَّكْتُ بِالصَّعِيدِ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ: "إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا. وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاحِدَةً"؟ [انظر: 338 - مسلم: 368 - فتح: 1/ 455] (محمد بن سلام) في نسخة: "محمد" فقط. (أخبرنا أَبو معاوية) في نسخة: "حدثنا أَبو معاوية". (أما كان يتيمم ويصلِّي) بهمزة، وفي نسخة: بدونها والهمزة مقحمة، أو مقررة، وعليهما فمدخولها لجواب (لو) بتقدير القول قبل (لو) أي: أتقولون: (لو أن رجلًا ... إلخ) أو استفهامية بتقدير قول قبلها هو جواب (لو) أي: لو أن رجلًا أجنب يقال في حقِّه أما يتيمم؟، ويحتمل أن الجواب على هذا: (فكيف تصنعون) وعلى ما مرَّ فهو جواب ما يقال، فإن قلتم: لا يتيمم وبكلِّ حالٍ، فما نافية قاله

الكرماني (¬1). (في سورة المائدة) قيد بها؛ لأنها أظهر في مشروعية تيمم الجنب من آية النساءِ، لتقدم حكم الوضوء في المائدة؛ ولأنها آخر السور نزولًا. (الصعيد) في نسخة: "بالصعيد". (قلت) أي: لشقيق، فقول بعضهم: إنه مقول شقيق سهوٌ. (وإنما) في نسخة: "فإنما"، (كرهتم هذا) أي: تيمم الجنب. (لذا) أي: لأجل تيمم صاحب البرد. (فقال) في نسخة: "قال". (في الصعيد) في نسخة: "في التراب". (كما تمرغ) بالرفع، وأصله: تتمرغ، فحذفت إحدى التائين والكاف؛ للتشبيه. ومحلها مع مجرورها: نصب على الحال من المصدر المفهوم من الفعل قبله، أو نعت لمصدر محذوف، أي: تمرغًا، كتمرغ الدابة. (بكفه) في نسخة: "بكفيه". (ضربة على الأرض) في غير هذا الطريق: "ضربتان" وهو الأصحُّ المنصوص في مذهب الشافعي. (ثُمَّ نفضها) أي: تخفيفًا للتراب. (ثُمَّ مسح بها) أي: بالضربة. (ظهر كفه) أي: اليمين. (بشماله أو ظهر شماله بكفه) أي: اليمين بالشكِّ في جميع الرويات، نعم هو في رواية أبي داود بغير شكٍّ (¬2). (ثم مسح بهما) أي: بكفيه، وفي نسخة: "بها" أي: بالضربة. (وجهه) ظاهر ما ذكره: الاكتفاء بضربة واحدة، وتقديم مسح الكف ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 232. (¬2) "سنن أبي داود" (231) كتاب: الطهارة، باب: التيمم. وقال الألباني في: "صحيح سنن أبي داود" 2/ 122: إسناد صحيح.

على الوجه، والاكتفاء بظهر كفٍّ واحدة، وعدم مسح الذراعين، ومسح الوجه بالتراب المستعمل في الكفِّ، وليس كذلك، والجواب عن الأول: أنه معارض رواية: الضربتين، وبأن الضربة لم تكن تيممًا، بل تعليمًا لكيفيته، وعن الثاني: بأن (ثُمَّ) في الحديث ليست للترتيب في الزمان، بل الترتيب في الإخبار (¬1) الموافق لخبر: "ابدأوا بما بدأ الله به" (¬2)، وعن الثالث: بالإجماع على عدم الاكتفاء بذلك، وعن الرابع: بأن التيمم بدل الوضوء، فالأنسب أن يكون مثله في استيعاب العضو، وعن الخامس: بما أجنبا به عن الأول. (فقال) في نسخة: "قال". (ألم تر" في نسخة: "أفلم تر". (وزاد) في نسخة: "زاد". (إن رسول الله) في نسخة: "إن النبيَّ". (بعثني أنا وأنت) أكد بالأول: أصالة، والثاني: تبعًا، وهما مرفوعان تأكيدًا للضمير المنصوب، وكان الوجه: إياي وإياك؛ لأن الضمائر تتقارض (¬3). (فأتينا رسول الله) في نسخة: "فأتينا النبيَّ". (هكذا) في نسخة: "هذا". (واحدة) أي: مسحة واحدة، أو ضربة واحدة، وتقدم ما فيه مع جوابه آنفًا. ¬

_ (¬1) هذا قول بعض النحاة، وجعل منه قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}. (¬2) رواه مسلم (1218) كتاب: الحج، باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم. وأبو داود (1905) كتاب: المناسك، باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم. وابن ماجه (3074) كتاب المناسك، باب: حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأحمد 3/ 320 - 321. (¬3) أي: ينوب ضمير الرفع عن النصب وبالعكس.

9 - باب

9 - باب. 348 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ الخُزَاعِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ فِي القَوْمِ، فَقَالَ: "يَا فُلانُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي القَوْمِ؟ " فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ، قَالَ: "عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ". [انظر: 344 - مسلم: 682 - فتح: 1/ 457] (باب) ساقط من نسخة (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عوف) هو الأعرابي. (يا فلان) كناية عن اسم الرجل، ويحتمل: أنه - صلى الله عليه وسلم - خاطبه باسمه، وكنَّى عنه الراوي؛ لنسيان اسمه أو لغيره. (ما منعك) في نسخة: (ما يمنعك).

8 - كتاب الصلاة

8 - كتاب الصلاة

1 - باب: كيف فرضت الصلاة في الإسراء؟

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 8 - كِتَابُ الصَّلاةِ 1 - بَابٌ: كَيْفَ فُرِضَتِ الصَّلاةُ فِي الإِسْرَاءِ؟ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ، فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ، فَقَالَ: يَأْمُرُنَا يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِالصَّلاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ". [انظر: 7] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (كتاب الصلاة) هي لغة: الدعاء (¬1)، وشرعًا: أقوال وأفعال ¬

_ (¬1) أصل الصلاة في اللغة الدعاء، وقيل: أصلها في اللغة التعظيم، وسُميت الصلاة المخصوصة صلاة؛ لما فيها من تعظيم الرب تعالى وتقدّس. وقيل: الصلاة في اللغة مشتركة بين الدعاء والتعظيم والرحمة والبركة. وقال ابن فارس: يقال: الصلاة من صَليُت العود بالنار إذا ليْنتُهُ؛ لأن المصلِّي يلين بالخشوع. وقيل: الصلاة: الدعاء والاستغفار، والصلاة من الله تعالى: الرحمة؟ وقال الزجاجي: الأصل في الصلاة: الدعاء والاستغفار، والصلاة من الله تعالى: الرحمة. وقال الزجاجي: الأصل في الصلاة اللُّزوم، يقال: قد صِلَي واصْطَلى: إذا لزِمَ، ومن هذا من يُصْلَى في النار، أي: يُلْزَمُ النار، سُميت بها؛ لأنها لزوم ما فرض الله تعالى. انظر: مادة (صلا) في: "الصحاح" 6/ 2402، "اللسان" 4/ 2490، "القاموس" 1303 - 1304.

مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم. (باب: كيف فرضت الصلاة) في نسخة: "كيف فرضت الصلوات". (في الإسراء) أي: ليلته. 349 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ: لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ مَعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْودَةٌ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْودَةٌ، إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ لِجِبْرِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الأَسْودَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ اليَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الجَنَّةِ، وَالأَسْودَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى حَتَّى عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، فَقَالَ لَهُ خَازِنِهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ: فَفَتَحَ، - قَالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ آدَمَ، وَإِدْرِيسَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، قَالَ أَنَسٌ - فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِدْرِيسَ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ

الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِيَّ، كَانَا يَقُولانِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلامِ"، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ، حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلاةً، قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، قُلْتُ: وَضَعَ شَطْرَهَا، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ، وَهِيَ خَمْسُونَ، لَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي، حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ؟ ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ وَإِذَا تُرَابُهَا المِسْكُ". [1636، 3342 - مسلم: 163 - فتح: 1/ 458] (عن يونس) أي: ابن يزيد. (عن أنس بن مالك) في نسخة: "عن أنس" فقط. (فرج) بضمِّ الفاءِ، وخفة الراء المكسورة، أي: فتح. (عن سقف بيتي) أضافه لنفسه؛ لصدق الإضافة بأدنى ملابسة، وإلا فهو بيت أمِّ هانئ. (فنزل جبريل) أي: من الموضع المفروج في السقف. (ففرج صدري) بالبناء للفاعل، أي: شقه، وفي نسخة: "ففرج عن صدري". والحكمة في شقِّ صدره: زيادة الطمأنينة لما يرى من عظم الملكوت.

(بطست) بفتح الطاء وسكون السين المهملة، وقد تكسر الطاء، وقد تدغم السين في التاء بعد قلبها سينًا، وهي مؤنثة وقد تذكر على معنى الإناء. (من ذهب) لا يقال فيه جواز استعمال آنية الذهب لنا؛ لأنا نقول هذا الاستعمال فعل الملائكة لا فعلنا، أو كان ذلك قبل تحريم آنية الذهب. (ممتلئ) نعت لطست. (حكمة وإيمانًا) جعلا مظروفين للطست، وهما معنيان؛ لأن المراد: أن في الطست شيئًا يحصل به كمالهما فسمِّي بهما؛ لكونه سببًا لهما، أو أن ذلك تمثيل للمعقول بالمحسوس كمجيء الموت في هيئة كبش أملح والحكمة، قال النوويُّ (¬1): هي العلم المتصف بالأحكام المشتملة على المعرفة بالله تعالى، المصحوب بنفاذ البصيرة، وتهذيب النفس، وتحقيق الحقِّ والعمل به، والصدِّ عن اتباع الهوى والباطل، وقيل: هي النبوة، وقيل: الفهم عن الله تعالى، وفعل الحكمة حكم [بضم الكاف، أي: صار حكيما، وفعل الحكم حكم بالفتح] (¬2) أي: قضى. (ثُمَّ أطبقه) أي: غطاه وجعله مطبقًا. (فعرج بي) أي: صعد بي، وفي نسخة: "فعرج به" على الالتفات، أو التجريد. قال: (جبريل) في نسخة: "قال: هذا جبريل". (أرسل إليه؟) ليس السؤال عن رسالته؛ لاشتهاره في الملكوت، بل عن الإرسال للعروج به، أو كان للاستعجاب بما أنعم الله عليه، والاستبشار بعروجه، وفي نسخة: "أأرسل" بهمزتين مفتوحة فمضمومة، الأولى: للاستفهام، والثانية: ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 218. (¬2) من (م).

للتعدية، وفي أخرى: "أو أرسل" بواو مفتوحة بين الهمزتي، عاطفة علي مقدر، أي: أحضر وأرسل إليه. (فلمَّا فتح) أي: الخازن. (فإذا رجلٌ) في نسخة: "إذا رجل". (أسودة) أي: أشخاص، جمع سواد، كأزمنة. (قبل يمينه) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي جهته. (مرحبًا) مفعولٌ مطلقٌ، أي: أصبت رحبا لا ضيقًا، وهي كلمة تقال عند تأنيس القادم. (بالنبيِّ الصالح) وصف هنا وفيما يأتي بالصلاح؛ لعمومه لكلِّ وصف حميد، إذ الصالح: هو القائم بحقوق الله، وحقوق العباد. (نسم بنيه) بفتح النون والمهملة، جمع نسمة: وهي نفسُ الإنسان، أي: أرواح بني آدم، واستشكل هذا بما جاء أن أرواح الكفار في سجين، وقيل: في الأرض السابعة، وأرواح المؤمنين في الجنة فوق السماء السابعة، فكيف تجتمع في السماء؟ وأجيب: باحتمال أنها تعرض على آدم أوقاتًا، فوافق وقت عرضها مرور النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قيل: السماء لا تفتح لأرواح الكفار، كما هو نصُّ القرآن، وأجيب: باحتمال أن الجنة كانت في جهة يمين آدم، والنار في جهة شماله، وكان يكشف له عنهما. (حتَّى عرج بي) في نسخة: "حتَّى عرج به". (قال أنس) في نسخة: "فقال أنس". (ولم يثبت كيف منازلهم) أي: لم يعين أَبو ذر لكلِّ نبيٍّ سماءً، (غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم في السماء السادسة) نعم عيَّن غيره لكل سماء، ففي "الصحيحين" حديث أنس بن مالك: أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وفي الثانية يحيى وعيسى، وفي الثالثة يوسف، وفي الرابعة إدريس، وفي الخامسة هارون، وفي السادسة موسَى، وفي السابعة: إبراهيم (¬1). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3207) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. ورواه مسلم (164) كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم.

(قال أنس) ظاهره: أن أنسًا لم يسمع من أبي ذرٍّ ما ذكره بقوله: (فلما مرَّ جبريل بالنبيِّ .. إلخ) والباء في بالنبيِّ للمصاحبة، وفي (بإدريس) للإلصاق، وكلٌّ منهما متعلِّقٌ بمرَّ. (والأخ) عبَّر به إدريس تلطفًا وتواضعًا؛ إذ الأنبياء إخوة، والمؤمنون إخوة، وإنما لم يقل: والابن، كما قال آدم؛ لأنه لم يكن من آبائه - صلى الله عليه وسلم -، وقضيته: أن ذلك يأتي في نظائره الآتية. (قال: هذا إدريس) في نسخة: "فقال: هذا إدريس". (ثُمَّ مررت بعيسى) ثُمَّ فيه للترتيب الإخباريِّ لا للترتيب الزمانيِّ (¬1)؛ لاتفاق الروايات على أنَّ المرور بعيسى كان قبل المرور بموسى. (ثمَّ: مررت إبراهيم) تقدم أنه وجده في السادسة، وجمع بينهما بأنه لعله وجده في السادسة، ثم ارتقى إبراهيم إلى السابعة؛ تعظيمًا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ليراه في مكانين، وإن كان الإسراء مرتين، فلا إشكال فيه. (وأبا حبَّةَ) بفتح المهملة، وتشديد الموحدة، وقيل: بتشديد التحتَّيِة، وقيل: بتشديد النون، واسمه: عامر، أو عمرو، أو ثابت، أو مالك. (عرج بي) بالبناءِ للفاعل، وبالبناءِ للمفعولِ. (حتَّى ظهرتُ) أي: علوت. (لمستوى) بفتح الواو، أي: لمصعد: وهو مكان يصعد إليه، أو لمكان مستوي فلامه للعلةِ، أي: علوت لاستعلاء مستوي، وقيل: بمعنى إلى (¬2)، كما في قوله تعالى: {أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: من الآية 5] ¬

_ (¬1) وهو قول بعض النحاة كما مرَّ آنفًا. (¬2) مجيء اللام بمعنى إلى: قال به الكوفيون وابن قتيبة وابن مالك وابن عقيلُ والمرادي. وجعلوا منه أيضًا قوله تعالى: {سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} [الأعراف: من الآية 57]، وقوله تعالى: {كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} [الرعد: من الآية 2].

أي: إليها وفي نسخة: "بمستوى" بموحدة بدل اللام. (صريف الأقلام) بفتح المهملة، أي: تصويتها، حال كتابة الملائكة ما يقضيه الله تعالى مما تنسخه من اللوح المحفوظ، أو ما شاء الله أن تكتب لما أراده تعالى من أمره وتدبيره. (قال ابن حزم .. إلخ) قال الكرمانيُّ: الظاهر: أنه مقول ابن شهاب، ويحتمل أن يكون تعليقًا من البخاريِّ، وليس بين أنس وبين رسول الله ذكر [أبي ذرٍّ، ولا بين ابن حزم ورسول الله ذكر] (¬1) ابن عباس وأبي حبة، فهو إما مرسل، وإما تركت الواسطة؛ اعتمادًا على ما تقدم آنفًا (¬2)، واسم ابن حزم: أَبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاريُّ. (ففرض الله على أُمَّتي) في نسخة: "ففرض الله -عزَّ وجلَّ- على أمتي". (خمسين صلاة) أي: في كلِّ يوم وليلة. (قال: فارجع إلى ربِّك) أي: إلى الموضع الذي ناجيت فيه ربك، قيل: ما وجه اعتناء موسى عليه السلام بهذه الأمة من بين سائر الأنبياء المذكورين في الحديث؟ وأجيب: بأنه لما قال: يا رب اجعلني من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، لما رأى من كرامتهم على ربهم اعتنى بهم، كما يعتني بالقوم من هو منهم. (ذلك) ساقط من نسخة. (فراجعني) في نسخة: "فراجحت". (فوضع شطرها) في رواية: "فوضع عنِّي عشرًا" (¬3) وفي أخرى عن ثابت: "فحطَّ عني خمسًا" (¬4) وزاد فيها أن التخفيف كان خمسًا خمسًا. قال شيخنا وهي: زيادة معتمدة ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 7. (¬3) سيأتي برقم (3887) كتاب: مناقب الأنصار، باب: المعراج. (¬4) "الفتح" 1/ 462.

يتعين حملُ ما في الروايات عليها (¬1)، أي: أن يقال، كما قال بعضهم، أراد بالشطر: البعض، وبالعشر: وقوعها في دفعتين. (قلت: وضع) في نسخة: "فقلت: وضع". (فقال) في نسخة: "قال". (راجع) في نسخة: "ارجع". (لا تطيق) أي: ذلك. (فرجعت فوضع) في نسخة: "فرجعت فراجعت فوضع). (فقال: هي خمسٌ) أي: بحسب الفعل. (وهي خمسون) أي: بحسب الثواب. قال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: من الآية 160] وفي نسخة: "هُنَّ خمسٌ، وهُنَّ خمسون". (لا يُبَدَّلُ القولُ لديَّ) أي: لا يبدل القول بمساواة ثوابِ الخمسِ ثوابَ الخمسين، أو لا يبدل القضاء المبرم لا المعلق، الذي يمحو الله منه ما يشاء ويثبت منه ما يشاء، وأما مراجعة الرسولين ربهما في ذلك؛ فللعلم بأن الأمر ليس علي وجه القطع والإبرام، أو أنهما طلبا ترحُّمَه علي عباده بنسخها. (فقال: راجع ربك) في نسخة: "فقال: ارجع إلى ربِّك". (فقلتُ: استحييتُ" في نسخة: "قلت: استحييتُ"، وفي أخرى: "فقلتُ: قد استحييتُ"، ووجه استحيائه: بأنه لو سأل التخفيف بعد الخمس لكان كأنه سأل رفع الخمس بعينها، لا سيما وقد سمع قوله تعالى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: من الآية 29]. وفي الحديث: جوازُ النسخ قبل الفعل، خلافًا للمعتزلة، ولا يشكل بأن النسخ إنما يكون بعد التبليغ، وهنا قبله؛ لأنه هنا بعده بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كُلِّفَ بذلك قطعًا ثُمَّ نسخ بعد أن بلَّغه. (ثُمَّ انطلق بي) بفتح الطاءِ، ولفظُ: (بي) ساقطة من نسخة. (إلى ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "الكبير" 19 / (270).

سدرة المنتهى) هي أعلى السماوات، وفي مسلم (¬1): أنها في السادسة، ويحتمل أن أصلها فيها ومعظمها في السابعة، وسميت سدرة المنتهى؛ لأنَّ علمَ الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحدٌ إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو أنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها، وما يصعد من تحتها، أو تنتهي إليها أرواح الشهداء، أو أرواح المؤمنين، فتصلي عليهم الملائكة المقربون. (لا أدري ما هي) هو مثل: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم: 16] في الإبهام؛ للتفخيم والتهويل، وإن كان معلومًا. (حبايل) بمهملة فموحدة فتحتية بعد الألف فلام كذا في جميع الروايات هنا: جمع حبالة، أي: عقود اللؤلؤ، أو قلائده، وذكر الخطابيُّ (¬2) وغيره: أنه تصحيف، وإنما هو، كما في البخاريِّ في أحاديث الأنبياء (¬3) "جنابذ" بجيم فنون بموحدة بعد الألف فذال معجمة: جمع جنبذ، بضمِّ أوله وثالثه: وهو ما ارتفع من الشيء واستدار، كالقبة، والعامَّة بفتح الباء. وفي الحديث: أن أرواح المؤمنين يُصعد بها إلى السماء. وأن أعمال بني آدم الصالحة تسرُّ آدم، والسيئة تسوءُه. والرحب عند اللقاء، وذكر أقرب القرابة؛ لتمام الترحيب. وأن أوامر الله تعالى تكتب بأقلام كثيرة. وأن ما كتبه الله تعالى وأحكمه من آثار معلومة لا يتبدَّل. وجواز النسخ قبل الفعل، كما مرَّ بيانه. والاستشفاع والمراجعة فيه. والحياء من ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (173) كتاب: الإيمان، باب: في ذكر سدرة المنتهى. (¬2) انظر: "أعلام الحديث" 1/ 348. (¬3) سيأتي برقم (3342) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ذكر إدريس لله.

تكثير الحوائج خشية الضعف عن القيام بشكرها. وأن الجنة في السماء. والاستئذان وقول المستأذن: فلان ولا يقول: أنا؛ تأدبًا ولأنه مبهم. وأن للسماءِ أبوابًا حقيقية تفتح وتغلق، وأن لها حفظَةً. وأنه - صلى الله عليه وسلم - من نسل إبراهيم، ومدح الإنسان في وجهه عند الأمن من الإعجاب ونحوه. وشفقة الوالد على ولده، وسروره بحسن حاله وضد ذلك. وعدم وجوب صلاة الوتر؛ لزيادتها علي الخمس. وأن الجنة والنار مخلوقتان. وأن الإسراء والمعراج واحدٌ؛ لأنه قال: كيف فرضت الصلاة في الإسراء. ثم أورد الحديث وفيه: (ثُمَّ عرج بي إلى السماء) لكن ظاهر كلامه في أحاديث الأنبياء عليهم السلام: أنهما غيران فإنه ترجم للإسراء ترجمة وذكر لها حديثًا، ثُمَّ ترجم للمعراج ترجمة وذكر لها حديثًا. 350 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: "فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاةِ الحَضَرِ". [1090، 3935 - مسلم: 685 - فتح: 1/ 464] (فرض الله) أي: قدر. (الصلاة) أي: الرباعية؛ لأن الثلاثية وتر صلاة النهار. (ركعتين ركعتين) بالنصب علي الحال، وتكريره؛ لإفادة عموم التنبيه؛ إذ لولاه لاحتمل أن المراد ركعتان فقط في السفر والحضر. (فأقرت صلاة السفر) أي: علي الركعتين. وقضيته: أنه لا يجوز الإتمام فيه، كما يقوله الحنفية، وجوابه: أنه مذهب لعائشة قالته عن اجتهاد، وهو معارَضٌ بفعلها حيث أتمت في السفر، وبإفتائها بالإتمام فيه فقوله: (فأقرت صلاة السفر) معناه: لمن أراد الاقتصار عليها جمعًا بين الأخبار.

2 - باب وجوب الصلاة في الثياب

2 - بَابُ وُجُوبِ الصَّلاةِ فِي الثِّيَابِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ " وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ" وَمَنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَرَ أَذًى "وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ". [فتح: 1/ 465] (باب: وجوب الصلاة في الثياب) أي: في ساتر العورة، وذكره بلفظ الجمع نحو قولهم: فلان يركب الخيول. (وقول الله) بالجرِّ: عطفٌ على (وجوب الصلاة). {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] أراد بالزينة: ما يستر العورة، وبالمسجد: الصلاة؛ مجازًا في الأول من إطلاق اسم الحال علي المحلِّ، وفي الثاني من إطلاق اسم المحلِّ على الحال. (ومن صلَّى .. إلخ) عطف على وجوب الصلاة أيضًا. (ويذكر عن سلمة بن الأكوع) علَّقه بصيغة التمريض؛ ولذا قال بعد: (وفي إسناده نظرٌ) ووجه النظر من جهة موسَى بن إبراهيم الواقع في إسناده، وهو منكر الحديث (¬1). ¬

_ (¬1) هذا الإسناد قد وصله المصنف في "تاريخه" وأبو داود (632) كتاب: الصلاة، باب: في الرجل يصلي في قميص واحد، وابن حبان. واللفظ له من طريق الدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع. ورواه البخاري أيضًا عن إسماعيل بن أويس عن أبيه عن موسى بن إبراهيم قال: حدثنا سلمة، فصرح بالتحديث بين موسى وسلمة، فاحتمل أن يكون رواية أبي أويس من المزيد في متصل الأسانيد، أو يكون التصريح في =

(ومن صلَّى .. إلخ) عطفٌ على وجوب الصلاة أيضًا، ومعناه: أن صلاة من صلَّى في الثوب الذي جامع فيه صحيحة. (ما لم ير فيه أذى) أي نجسًا، ولفظ: (ما لم ير فيه أذى) ساقط من نسخة. (وأمر .. إلخ) إن احتج به على اشتراط ستر العورة في الصلاة؛ لأنه إذا كان شرطًا في الطوافِ الذي هو شبهها، فاشتراطه فيها أولَى؛ لأن الطوافَ بالبيت صلاة. 351 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَوْمَ العِيدَيْنِ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ، قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: "لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا"، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَطِيَّةَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. [انظر: 324 - مسلم 890 - فتح: 1/ 466] (عن محمد) أي: ابن سيرين. (أن نخرج) بضمِّ النون وكسر الراء. (الخدور) أي: الستور، وتقدم تفسير الحديث. (مصلاهُنَّ) في نسخة: "مصلاهم". (لتلبسها صاحبتها من جلبابها) يحتمل أن تصيرا في جلباب واحد وأن تعيرها جلبابًا علي حدتها، كما مرَّ في كتاب ¬

_ = رواية عطاف وهمًا، فهذا هو وجه النظر في إسناده وأما من صححه فاعتمد رواية الدراوردي وجعل رواية عطاف شاهدة لاتصالها، أما قوله: أن وجهة النظر من جهة موسى بن إبراهيم حيث أنه منكر الحديث، فليس بمستقيم؛ لأنه نسب في رواية البخاري وغيره مخزوميًّا، وهو غير التيمي بلا تردد، وقد وقع عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 380 موسى بن إبراهيم، فإن كان محفوظًا فيحتمل علي بعد أن يكونا جميعًا راويا الحديث وحمله عنهما الدراوردي وإلا فذكر محمد فيه شاذ أهـ بتصرف. انظر: "الفتح" 1/ 465 - 466.

3 - باب عقد الإزار على القفا في الصلاة

الحيض (¬1). ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أنه إذا طلب اللبس للخروج لجماعة المسلمين، فللصلاة أولَى، ثم ستر العورة واجب مطلقًا في الصلاة وغيرها، وهو مذهب الشافعي، وقيل في الصلاة فقط، ونقل عن أبي حنيفة. (عمران) أي: ابن داور، بفتح الواو. 3 - بَابُ عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى القَفَا فِي الصَّلاةِ وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: "صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ". (باب: عقد الإزار على القفا في الصلاة) القفا بالقصر مؤخر العنق، يذكر ويؤنث وجمعه: قُفِيّ، كعُصي، وأقفاء. كأرجاء، وأقف وقفى وقفاء، وجاء: أقفية على غير قياس. (وقال أَبو حازم) بالمهملة والزاي: سلمة بن دينار. (عن سهل) أي: الساعدي. (أزرهم) بضمِّ الهمزة والزاي: جمع إزار، يذكر ويؤنث، ويجمع في القِلّة على أَأْزِرَة، كأخمرة. (عواتقهم) جمع عاتق: وهو موضع الرداء من المنكب، يذكر ويؤنث. 352 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ: "صَلَّى جَابِرٌ فِي إِزَارٍ قَدْ عَقَدَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى المِشْجَبِ"، قَالَ لَهُ قَائِلٌ: تُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ؟، فَقَالَ: "إِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِيَرَانِي أَحْمَقُ مِثْلُكَ وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [353، 361، 370 - مسلم 3008 - فتح: 1/ 467] ¬

_ (¬1) سبق برقم (324) كتاب: الحيض، باب: شهود الحائض العيدين.

(أحمد بن يونس) نسبة إلى جَدِّة، وإلا فهو أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله. (من قبل قفاه) أي: من جهته. (علي المشجب) بكسر الميم وسكون المعجمة فجيم فموحدة: عيدان تضم رءُوسها، ويفرج بين قوائمها، يوضع عليها الثياب، والأسقية؛ لتبرد الماء، وهو من تشاجب الأمر: اختلط وتداخل. (ذلك) في نسخة: "هذا". (أحمق) أي: جاهل. (مثلك) صفة له، وإضافته لا تفيده تعريفًا؛ لتوغله في الإبهام، إلا إذا أضيف لما اشتهر بمماثلته، وهنا ليس كذلك. والمراد بجعله إراءة الأحمق غرضًا لفعله: بيان جواز ذلك الفعل، فكأنه قال ذلك، صنعت ذلك؛ ليراني الأحمقُ، فينكر عليَّ بجهله، فأظهر له جوازه وإنما أغلظ عليه بنسبته إلى الحماقة؛ لإنكاره على فعله بقوله: (تصلِّي في إزارٍ واحد) لأن همزة الإنكار فيه مقدرة (¬1). (وأينا) استفهام يفيد النفي، وقصده: بيان إسناد فعله إلى ما تقرر في عهده - صلى الله عليه وسلم -. 353 - حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي المَوَالِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ". [انظر: 352 - مسلم: 518 - فتح: 1/ 468] (مطرف) بتشديد الراءِ المكسورة: هو ابن عبد الله. (الموالي) في نسخة: "الموال" بحذف الياءِ. (رأيت جابر بن عبد الله .. إلخ) هذه طريقة أخرى لحديث جابر - رضي الله عنه -، وفيها الرفع إلى فعل النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهي أصرح في الرفع من التي قبلها، وبهذا علم وجه مطابقة هذا الحديث للترجمة. ¬

_ (¬1) والتقدير: أتصلي في إزار واحد، فالهمزة فيه للاستفهام الإنكاري.

4 - باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به

وفيه: الأخذ بالأيسر مع القدرة على الأكثر؛ توسعة على العامة؛ ليقتدي به. وأن للعالم أن يصف بالحمق من جَهِلَ دِيْنَه، وأنكر عى العلماء ما غاب عنه علمه من السُّنة. 4 - بَابُ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ مُلْتَحِفًا بِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ: "فِي حَدِيثِهِ المُلْتَحِفُ المُتَوَشِّحُ: وَهُوَ المُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ، وَهُوَ الاشْتِمَالُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ " قَالَ: قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: "التَحَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَوْبٍ وَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ". (باب: الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به) أي: متغطيًا به. (في حديثه) أي: الذي رواه في باب: السير (المتوشح) من التوشح، وهو نوع من الاشتمال، قال ابن السكيت: هو أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى، ويأخذ طرفه الذي ألقاه على منكبه الأيسر من تحت يده اليمنى، ثمَّ يعقد طرفيهما على صدره. (بين طرفيه) أي: الثوب. (على عاتقيه) أي: الملتحف. (أمُّ هانئ) اسمها: فاختة بنت أبي طالب. 354 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ". [355، 356 - مسلم: 517 - فتح: 1/ 468] 355 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ "رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَدْ أَلْقَى طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ". [انظر: 354 - مسلم: 517 - فتح: 1/ 469]

(عمر بن أبي سلمة) اسم أبي سلمة: عبد الله المخزومي. 356 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ، قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ". [انظر: 354 - مسلم: 517 - فتح: 1/ 469] (أَبو أسامة) اسمه: حمَّاد بن أسامة. (في بيت أم سلمة) متعلقٌ بيصلِّي، أو بمشتمل، أو بهما. 357 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "مَنْ هَذِهِ"، فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: "مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ"، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ، فُلانَ ابْنَ هُبَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ" قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَاكَ ضُحًى. [انظر: 280 - مسلم 336 - فتح: 1/ 469] (مرحبًا) أي: لقيت رحبًا وسعة. (يا أمَّ هانئ) بالنداءِ، وربما حذفت همزته تخفيفًا وفي نسخة: "بأمِّ هانئٍ" بباء الجرِّ. (ثمان ركعات) بفتح النون، وفي نسخة: "ثماني" بالياء المفتوحة مع كسر النون، وهو منسوب إلى الثمن؛ لأنه الجزء الذي صيَّر السبعة ثمانية، ثُمَّ فتحوا أوله؛ لأنهم يغيرون في النسب، وحذفوا منه إحدى يائي النسب، وعوضوا منه الألف، فثبتت ياؤه عند الإضافة، كما ثبتت ياء القاضي. (فلما انصرف) أي: من الصلاة. (زعم) أي: ادعى أو قال: (ابن أمي)

تعني: عليًّا - رضي الله عنه - وفي نسخة: "ابن أبي"، ولا تفاوت في المراد؛ لأنها أخت عليٍّ من الأب والأم. (قاتل) اسم فاعل من قتل. (قد أجرته) بالقصر، أي: آمنته، وهو مأخوذ من الجور، فهمزته للسلب أو من الجوار بمعنى: المجاورة. (فلان) بالرفع خبر مبتدأ محذوف، وبالنصب بدلٌ من (رجلًا) أو من الضمير المنصوب (هبيرة) بالتصغير: ابن عمر المخزوميُّ، ولدت منه أمُّ هانئ قبل إسلامها أولادًا منهم: هانئ، الذي كنيت به، وابنه المذكور هنا يحتمل أنه من أمِّ هانئ، وأنه من غيرها، ونسي الراوي اسمه، فذكره بلفظ: فلان، وسماه الزبير بن بكار، فقال: إنه الحارث بن هشام المخزومي. (قد أجرنا من أجرت) فيه: أن لكلٍّ من المسلمين ولو امرأة أن يؤمِّن كافرًا، كما هو مبين في كتب الفقه. وستر الرجال بالنساءِ المحارم، ومثلهن الزوجات والمملوكات. وجواز السلام من وراء حجاب. 358 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟ ". [365 - مسلم: 515 - فتح: 1/ 470] (أَوَ لكلكم) بهمزة الاستفهام الإنكاري، وبواو العطف على مقدر أي: أأنت سائل عن مثل هذا الظاهر [والكلكم) ومعناه: لا سؤال عن مثل هذا الظاهر] (¬1) ولا ثوبين لكلكم، فلفظه استخبار، ومعناه إخبار. ¬

_ (¬1) من (م).

5 - باب: إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

5 - بَابٌ: إِذَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ فَلْيَجْعَلْ عَلَى عَاتِقَيْهِ (باب: إذا صلَّى في الثوب الواحد فليجعل) أي: بعضه. (على عاتقيه) في نسخة: "على عاتقه". (أبو عاصم) أي: الضحَّاك بن مخلد. 359 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ". [انظر: 360 - مسلم: 516 - فتح: 1/ 471] (لا يصلِّي) بالياء فلا نافية، وروي بلا ياء، فلا ناهية، والنهي للتنزيه؛ للإجماع علي الاكتفاء بما يستر العورة. 360 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ - أَوْ كُنْتُ سَأَلْتُهُ - قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ". [انظر: 359 - مسلم: 516 - فتح: 1/ 471] (سمعته) أي: قال يحيى: سمعت عكرمة. (أو كنت سألته) الشكُّ من يحيى، أي: سمعت منه إمَّا لسؤالي منه، أو بغير سؤالى. (أشهد) بلفظ المضارع؛ ذكره؛ تأكيدًا لصدقه. (واحد) ساقط من نسخة. (فليخالف بين طرفيه) فائدة المخالفة: أَلَّا ينظر المصلِّي إلى عورة نفسه إذا ركع، وأن لا يسقط ثوبه إذا ركع، وأنه قد يشتغل بإمساكه؛ ليستر عورته فتفوته سنة وضع اليد اليمنى على اليسرى. 6 - بَابٌ: إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا (باب: إذا كان الثوب ضيقًا) أي: ماذا يفعل المصلِّي فيه، و (ضيقًا) بتشديد الياء، ويجوز تخفيفها: صفةٌ مشبهة تدلُّ على الثبوت، بخلاف ضائق.

361 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "مَا السُّرَى يَا جَابِرُ" فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: "مَا هَذَا الاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ"، قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ - يَعْنِي ضَاقَ - قَالَ: "فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ". [انظر: 352 - مسلم: 518، 3010 - فتح: 1/ 472] (يحيى بن صالح) أي: الوحاظي بضم الواو وتخفيف المهملة، وبالظاء المعجمة الحمصي. (وصليت إلى جانبه) (إلى) بمعنى: في (¬1)، أو ضمن (صلَّى) معنى: ضمَّ أو انتهى، فعداه (بإلى). (فلما انصرف) أي: من الصلاة، واستقبال القبلة. (ما السرى) هو بالقصر: سرى الليل، أي: ما سبب سراك؟ (ما هذا الاشتمال) أي: الالتحاف من غير أن تجعل طرفيه على عاتقيك، أو اشتمال الصَّمَّاءِ المنهُّي عنه، وهو أن يخلل نفسه بثوبه، ولا يرفع شيئًا من جوانبه، ولا يمكنه إخراج يديه إلا من أسفله، فيخاف أن تبدو عورته. (كان ثوبٌ) برفعه على أن كان تامة، وبنصبه على أنها ناقصة، أي: كان المشتمل به ثوبًا، وفي نسخة عقبه "يعني: ضاق"، وفي أخرى: "كان ثوبًا ضيقًا". (فاتزر) بإدغام الهمزة المقلوبة تاءً في ¬

_ (¬1) مجيء (إلى) بمعنى: (في) قاله الكوفيون، وابن قتيبة، والزجاجي، وابن مالك، وجعلوا منه قوله تعالى: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [النساء: من الآية 87] وقول الشاعر: فلا تتركنّي بالوعيد كأنني ... إلى الناس مطلي به القار أَجْرَبُ. وأنكر ذلك البصريون، وتأولوه على التضمين.

7 - باب الصلاة في الجبة الشامية

التاء، ولا يعارض هذا ما جاء من النهي عن الصلاة في الثوب الواحد متَّزرًا به؛ لأن النهي عنه إنما هو لواجد غيره. وفي الحديث: أن الثوب إذا أمكن الاشتمال به، فلا يتزر به؛ لأنه أَسْتَر للعورة. 362 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ، وَيُقَالُ لِلنِّسَاءِ: "لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَويَ الرِّجَالُ جُلُوسًا". [814، 1215 - مسلم: 441 - فتح: 1/ 473] (سفيان) أي: الثوري، ويحتمل أنه ابن عيينة؛ لأنهما يرويان (عن أبي حازم) وهو بالمهملة، وبالزاي: سلمة بن دينار. (يصلُّون) خبر كان. (عاقدي أزرهم) حال، ويجوز العكس. (ويقال للنساءِ) في نسخة: "وقال" أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (لا ترفعنَّ رءوسكنَّ) أي: من السجود؛ خشية أن يلمحن شيئًا من عورات الرجال عند الرفع. (جلوسًا) جمع جالس، أو مصدر بمعنى: جالسين. 7 - بَابُ الصَّلاةِ فِي الجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ وَقَالَ الحَسَنُ: "فِي الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا المَجُوسِيُّ لَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا" وَقَالَ مَعْمَرٌ: "رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ يَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ اليَمَنِ مَا صُبِغَ بِالْبَوْلِ" وَصَلَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: فِي ثَوْبٍ غَيْرِ مَقْصُورٍ". (باب: الصلاة في الجبة الشامية) أي: جواز الصلاة فيها، والجبة جمعها جباب، والشامية: نسبة إلى الشام، والمراد بالجبة الشامية: التي تنسجها الكفار، وكان هذا في غزوة تبوك، أو الشام؛ إذ ذاك دار كفر.

(وقال الحسن) أي: البصري. (ينسجها) بضم السين وكسرها، والجملة صفة ثياب، إذ (ال) فيها للجنس لا للتعريف (¬1)، فلا يضرُّ كون الجملة نكرة. (ينسجها المجوسيُّ) في نسخة: "المجوس" بالجمع. (لم ير بها بأسًا) أي: بلبسها [والصلاة] (¬2) فيها ما لم يتيقن فيها نجاسة. (رأيت الزهري: يلبس من ثياب اليمن ما صبغ بالبول) أي: في غير الصلاة إن كانت جافة، وفي الصلاة بعد غسلها. (وصلَّى علي في ثوب غير مقصور) أي: خام، والمراد كما قال شيخنا: أنه كان جديدًا لم يغسل (¬3). 363 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: "يَا مُغِيرَةُ خُذِ الإِدَاوَةَ"، فَأَخَذْتُهَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَقَضَى حَاجَتَهُ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى. [انظر: 182 - مسلم: 274 - فتح: 1/ 473] (يحيى) أي: ابن موسَى البلخيِّ، قاله شيخنا (¬4)، وذكر عن غيره خلافه، وردَّه ثُمَّ قال: (والمعتمد ما قدمناه). (أَبو معاوية) هو محمد بن حازم الضرير، قال شيخنا (¬5) -رادًّا على من زعم أنه غيره-: ولم يختلفوا في أن أبا معاوية [هنا] (¬6) هو: الضرير. (مسلم) أي: ابن صبيح ¬

_ (¬1) ومن ذلك قول الشاعر: ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فمضيت ثَمَّتَ قلتُ لا يعنيني. فجملة يسبني صفة للئيم؛ لأن (ال) فيه للجنس. (¬2) من (م). (¬3) "الفتح" 1/ 474. (¬4) "الفتح" 1/ 747. (¬5) "الفتح" 1/ 474. (¬6) من (م).

8 - باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها

بضمِّ المهملة: أَبو الضُّحَى العطَّار، خلافًا لمن زعم أنه يحتمل غيره. (خذ الإداوة) أي: المطهرة. (حتَّى توارى) أي: غاب. (فضاقت) أي: الجبة. وفي الحديث: جواز أمر الرئيسِ غيرَه بالخدمة. والستر عن الأعين للحاجة. والإعانة في الوضوء. والمسح علي الخفين. وإخراج اليد من أسفل للحاجة، ولباس الضيقة الكُمِّ ولباس ثياب المشركين. 8 - بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّعَرِّي فِي الصَّلاةِ وَغَيْرِهَا (باب: كراهة التعري في الصلاة) زاد في نسخة: "وغيرها" أي: غير الصلاة. 364 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يُحَدِّثُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ"، فَقَالَ لَهُ العَبَّاسُ عَمُّهُ: يَا ابْنَ أَخِي، لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الحِجَارَةِ، قَالَ: "فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [1582، 3829 - مسلم: 340 - فتح: 1/ 474] (روح) بفتح الراء: ابن عبادة. (ينقل معهم) أي: مع قريش. (للكعبة) أي: لبنائها، وسميت كعبة؛ لارتفاعها، وقال الزهري: لم يكن النبيُّ حينئذٍ بلغ الحلم، وقيل: كان عمره خمسة عشر، وقيل: غير ذلك. (إزاره) في نسخة: "إزار". (لو حللت إزارك) جواب (لو) محذوف، أي: لكان أسهل، أو هي للتَّمنِّي، لا جواب لها. (دون الحجارة) أي: تحتها. (فسقط) أي: النبيُّ. (مغشيًّا عليه) أي: مغمى عليه؛ لانكشاف عورته، وروي: أن

9 - باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

الملك نزل عليه فشد إزاره. (فما رُئِيَ) بضمِّ الراءِ وكسر الهمزة، ويجوز كسرُ الراء والمدُّ. وفي الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مصونًا عمَّ يستقبح قبل البعثة وبعدها. 9 - بَابُ الصَّلاةِ فِي القَمِيصِ وَالسَّرَاويلِ وَالتُّبَّانِ وَالقَبَاءِ (باب: الصلاة) أي: حكمها من الجواز وعدمه. (في القميص والسراويل) يذكر ويؤنث، ويجمع علي سراويلات. (والتبان) بضمِّ الفوقية، وتشديد الموحدة: سراويل صغيرة كمقدار شبر يستر العورة المغلظة فقط، تكون للملاحين. (والقباء) بالمدِّ والقصر، سمِّي قباءً؛ لانضمام أطرافه، وجمعه: أقبية. 365 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: "أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ" ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ، فَقَالَ: "إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا"، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فِي إِزَارٍ، وَقَمِيصٍ فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ، فِي سَرَاويلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاويلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاويلَ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ. [انظر: 358 - مسلم: 515 - فتح: 1/ 475] (قام رجل) لم يسمّ. (أو كلكم) تقدم بلفظ: "أو لكلكم" مع بيانه. (ثم سأل رجلٌ) قال شيخنا: لم يسم، ويحتمل أنه ابن مسعود؛ لأنه اختلف هو وأُبي بن كعب في ذلك (¬1)، فقال أبيُّ: الصلاة في الثوب الواحد لا بأس به. وقال ابن مسعود: إنما كان ذلك، وفي الثياب قلة. ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 475.

فقام عمر على المنبر فقال: القول ما قال أُبَيُّ، ولم يأل ابن مسعود أي: لم يقصر. (جمع رجلٌ .. إلخ) من تتمة كلام عمر، وأورده مع قوله بصيغة الخبر، ومراده به الأمر، أي: ليجمع وليصل، وحذف الواو من صلَّى؛ لأنه أوقعه موقع البيان لجمع الثياب، و (أو) من متعلقات (صلَّى) مع أنها المناسبة للمراد؛ لإرادة التعداد والرِّدَاء لأعلى البدن، والإزار لأسفله. (قال) أي: أَبو هريرة. (وأحسبه) أي: عمر، أي: أظنُّه، والواو عاطفة على مقدر، أي قال: بقي شيءٌ: من صور ما ذكر (وأحسبه قال). إلخ. 366 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: "لَا يَلْبَسُ القَمِيصَ وَلَا السَّرَاويلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، وَلَا وَرْسٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ"، وَعَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح: 1/ 476] (فقال) الفاءُ تفسيرية. (ولا يلبس) بفتح الموحدة بلفظ النهي أو النفي، فتكسر سينه أو تضم. (البرنس) بضمِّ الموحدة والنون، وسكون الراء: ثوبٌ خاصٌّ، أو هو القلنسوة. (ولا ثوبًا) روي بالرفع أيضًا بتقدير فعل مبني للمفعول، كما مرَّ بيان حكمه آخر كتاب العلم (¬1). (ورس) هو نبتٌ أصفرُ باليمن، وبما تقرر علم أن الحديث الثاني في المحرم، والأول بعضه في غيره وبعضه مشترك بينهما. (وعن نافع) تعليقٌ، ويحتمل أنه عطفٌ على سالم فيكون متصلًا ¬

_ (¬1) سبق برقم (134) كتاب: العلم، باب: من أجاب السائل بأكثر مما سأل.

10 - باب ما يستر من العورة

(مثله)، بالنصب بمقدر، أي: روى البخاري، أو الزهري عن نافع مثل حديث سالم، ويجوز رفعه بأنه نائبٌ عن الفاعل، أي: وروي عن نافع مثله، أو بأنه مبتدأ خبره: (عن نافع). 10 - بَابُ مَا يَسْتُرُ مِنَ العَوْرَةِ (باب: ما يستر من العورة) أي: في الصلاة أو غيرها، (¬1)، و (ما) مصدرية أو موصولة، و (من) بيانية، و (العورة) (¬2): سوءة الإنسان، وكل ما يستحي منه، وهي عند الشافعي من الرجل: ما بين السُّرَّةِ والركبة، ومن الحرة: ما عدا الوجه والكفين، والخنثى الرقيق كالأمة، والحر كالحرة. 367 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ". [1991، 2144، 2147، 5820، 5822، 6284 - مسلم: 1512 - فتح: 1/ 476] (عن اشتمال الصَّمَّاء) بالمد واشتمالها كما مرَّ، أن يجلل نفسه بثوبه، ولا يرفع شيئًا من جوانبه، ولا يمكنه إخراج يده إلا من أسفله، ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) العَوْرَةُ: كلُّ مَكْمَنٍ للسَّتْرِ، وعورة الرجل والمرأة: سَوءتهما، والعور: كل ما يُستحيا منه إذا ظهر، وكل شيء يستره الإنسان أَنَفَةً وحياءً فهو عورة، وقيل: أصل العورة من العار كأنه يلحق بظهورها عار أي: مذمة، ولذلك سُميت المرأة عورة، وقيل للسوءة عورة لقُبح النظر إليها. مادة (عَوِرَ) "الصحاح" 2/ 759 - 760، "اللسان " 5/ 3166، 3167، "القاموس" 446.

فيخاف أن تبدو عورته، وسمِّي صماء؛ لسد المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق (وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيءٌ) ذكر الرجل ووصف الثوب بالوحدة مثال، أو جريٌ على الغالب، والاحتباء: أن يقعد الشخص على إليتيه وينصب ساقيه، ويلف عليهما ثوبًا أو نحوه، وهلذه القعدة تُسَمَّى الحبوة بضمِّ الحاء وكسرها، وكان هذا الاحتباء عادة العرب في أنديتهم، ومجالسهم، وحكمة النهي عنه: خشية كشف الفرج، وإليها أشار بقوله: (ليس على فرجه منه شيء) ولهذا قال الخطَّابي: وهو منهيٌّ عنه، إذا كان كاشفًا عن فرجه (¬1). 368 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ عَنِ اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ". [584، 588، 1993، 2145، 2146، 5819، 5821 - مسلم: 1511 - فتح: 1/ 477] (سفيان) أي: الثوري. (عن بيعتين) بفتح الموحدة وكسرها، وهو الأحسن؛ لأن المراد: الهيئة، كالركبة والجلسة. (عن اللِّماس) بكسر اللام، أي: عن جعل لمس الثوب مثلًا بيعًا. (والنباذ) بكسر النون، أي: وعن جعل نبذ الثوب مثلًا بيعًا، وبسط الكلام على البيعتين، يطلب من كتب الفقه. 369 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ، نُؤَذِّنُ بِمِنًى: أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ ¬

_ (¬1) "معالم السنن" 1/ 353.

مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ " قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةٌ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ: "لَا يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ". [1622، 3177، 4363، 4655، 4656، 4657 - مسلم: 1347 - فتح: 1/ 477] (إسحاق) أي: ابن إبراهيم، المشهور بابن راهويه. (ابن أخي ابن شهاب) هو محمد بن عبد الله ابن أخي الزهريِّ؛ والزهريُّ: محمد بن مسلم بن شهاب. (تلك الحجة) أي: حجة أبي بكر بالناس قبل حجة الوداع لسنته. (أن لا يحج) بإدغام النون في لا، وفي نسخة: "ألا لا يحج" بأداة الاستفتاح قبل حرف النفي. (بعد العام مشرك) موافقٌ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: من الآية 28] وظاهر ذلك: أن ذلك العام ليس داخلًا في الحكم، قال الكرماني: وهو الظاهر، وتعقب بأنه ينبغي أن يكون داخلًا فيه؛ نظرًا للمعنى (¬1). (ولا يطوف بالبيتِ عريانٌ) فيه إبطالٌ لما كانت الجاهلية عليه من طوافهم عرايا، ففيه دليلٌ على الستر في الطواف. (قال حميد بن عبد الرحمن) يحتمل أن يكون تعليقًا، وأن يكون داخلًا تحت الإسناد، نعم هو مرسل غير صحابيٍّ؛ لأن حميدًا ليس بصحابيّ. (ببراءة) بالفتح علي أنها علمٌ للسورة، أو بالرفع على الحكاية، قال الكرمانيُّ: أو بالجرِّ والتنوين، أي: بسورة براءة (¬2). (قال أَبو هريرة) يحتمل أيضًا أنه تعليقٌ، أو أنه داخلٌ تحت الإسناد. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني"4/ 28. (¬2) المصدر السابق.

11 - باب الصلاة بغير رداء

(فأذَّن معنا عليٌّ) بفتح عين (مع) وسكونه. قال الكرمانيُّ: فإن قلت: علي - رضي الله عنه - كان مأمورًا بأذان براءة، فكيف قال: فأذَّن معنا بأنه لا يحج؟ قلتُ: إما لأن ذلك داخلٌ في سورة براءة، وإما أن معناه: أنه أذن فيه أيضًا معنا بعد تأذينه ببراءة (¬1). 11 - بَابُ الصَّلاةِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ (باب: الصلاة بغير رداء) أي: بيان حكمها بغير الستر برداء. 370 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي المَوَالِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: وَهُوَ "يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ مُلْتَحِفًا بِهِ، وَرِدَاؤُهُ مَوْضُوعٌ"، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تُصَلِّي وَرِدَاؤُكَ مَوْضُوعٌ، قَالَ: نَعَمْ، أَحْبَبْتُ أَنْ يَرَانِي الجُهَّالُ مِثْلُكُمْ "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي هَكَذَا". [انظر: 352 - مسلم: 3008 - فتح: 1/ 478] (ملتحفًا) في نسخة: "ملتحفٌ" أي: وهو ملتحف. (ورداؤه موضوع) أي: على الأرض أو على المشجب، أو نحوه. (انصرف) أي: من الصلاة. (يا با عبد الله) كنية جابر، وحذفت همزة (أبا) تخفيفًا (¬2). (الجُهَّال مثلكم) بنصب مثل حالًا، وبرفعه صفة للجُهَّالِ، وإن كان مفردًا؛ لأنه بمعنى: مثيل بوزن فعيل، يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع، وتقدم تفسير الحديث. ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) والذي سهَّل حذفها وجود (يا) للنداء قبلها.

12 - باب ما يذكر في الفخذ

12 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الفَخِذِ وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَرْهَدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الفَخِذُ عَوْرَةٌ" وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "حَسَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَخِذِهِ" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ، وَحَدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ حَتَّى يُخْرَجَ مِنَ اخْتِلافِهِمْ" وَقَالَ أَبُو مُوسَى: "غَطَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكْبَتَيْهِ حِينَ دَخَلَ عُثْمَانُ" وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: "أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي". [فتح: 1/ 478] (باب: ما يذكر في الفخذ) أي: بيان ما يذكر في حكمه. (ويروى) تعليقٌ بتمريض، لكن أحاديث الثلاثة موصولة، كغالب تعاليق البخاريِّ. (أسند) أي: أحسن إسنادًا من حديث جَرْهَد. (أحوط) أي: أقرب للتقوى. (حتَّى يخرج من اختلافهم) فقد ذهبَ قومٌ إلى أن الفخذ عورة لحديث جَرْهَد وهو المعتمد وآخرون إلى أنه ليس بعورة لحديث أنس، وأجاب عن الأول بأن كشفه - صلى الله عليه وسلم - كان قبل الحكم بأنه عورة، وبأن كشفه إياه لم يكن باختياره، بل بسبب ازدحام النَّاس بدليل مس ركبة أنس فخذ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بل ثبت في رواية أنه لم يكشفه، وإنما انكشف إزاره حين أجرى مركوبه (¬1). (غطَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ركبته حين دخل عثمان) وجه مطابقته للترجمة: أن حكم بعض الركبة حكم الفخذ. (أنزل الله) أي: قوله تعالى: {لَا يَسْتَوي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ¬

_ (¬1) سيأتي قريبًا برقم (371).

[النساء: من الآية 95] الآية. (أن تَرُضَّ) بضمِّ الراءِ، مبنيًّا للفاعل، وهو ضمير فخذ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أو بفتحها؛ مبينًّا للمفعول. (فخذي) منصوب على الأول، مرفوع على الثاني، والرضُّ: الدقُّ، وكلُّ شيءٍ كسرتُه فقد رَضَضْتُهُ. 371 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ، فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلاةَ الغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ، فَأَجْرَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ، وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ حَسَرَ الإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ حَتَّى إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا دَخَلَ القَرْيَةَ قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ} [الصافات: 177] " قَالَهَا ثَلاثًا، قَالَ: وَخَرَجَ القَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ، قَالَ عَبْدُ العَزِيزِ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَالخَمِيسُ - يَعْنِي الجَيْشَ - قَالَ: فَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً، فَجُمِعَ السَّبْيُ، فَجَاءَ دِحْيَةُ الكَلْبِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ، قَالَ: "اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً"، فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، لَا تَصْلُحُ إلا لَكَ، قَالَ: "ادْعُوهُ بِهَا" فَجَاءَ بِهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا"، قَالَ: فَأَعْتَقَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَزَوَّجَهَا، فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: نَفْسَهَا، أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ، جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرُوسًا، فَقَالَ: "مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَجِئْ بِهِ" وَبَسَطَ نِطَعًا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمْرِ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالسَّمْنِ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَدْ ذَكَرَ السَّويقَ، قَالَ: فَحَاسُوا حَيْسًا، فَكَانَتْ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2944، 2945، 2911، 3367، 3647،

4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201، 4211، 4212، 4213، 5085، 5086، 5159، 5169، 5387 ـ 5425، 5528، 6363، 7333، 3085، 3086، 5168، 6185 - مسلم: 1365 بعد حديث 1427 - فتح: 1/ 479] (بغلس) بفتح الغين واللام: ظلمة آخر الليل (¬1). (أَبو طلحة) هو زيد بن سهل زوج أُمِّ أنس. (فأجرى) أي: مركوبه. (زقاق) بضمِّ الزاي، يذكر ويؤنث، وجمعه: أزقة، وزقان بالنون. (ثم حسر) بالبناءِ للمفعول، وهو الإزار، بدليل رواية مسلم: (¬2) فانحسر إزاره. فلا دلالة علي كون الفخذ ليس بعورة، لكن في نسخة: "ثُمَّ حسر الإزار" بالبناء للفاعل، وهو محمول على أن كشفه له عن فخذه كان قبل الحكم بأنه عورة. (عن فخذه) في نسخة: "على فخذه" أي: الإزار الكائن علي فخذه، فلا يتعلق بـ (حسر) إلا أن يقال: حروف الجرِّ ينوب بعضها عن بعض (¬3). (فلما دخل القرية) أي: خيبر، وهو يقتضي أن الزقاق خارجها. ¬

_ (¬1) ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح، وقال الأزهري: الغلس: أول الصبح الصادق المنتشر في الآفاق، وكذلك الغَبَسُ، وهما سواد يخالطه بياض يضرب إلى الحُمرة قليلًا وكذلك الصبح. قال الأخطل: كذبتك عينُك أم رأيت بواسط ... غَلَسَ الظلام من الرباب خيالًا؟ وجعل اللحياني الغَبَسَ والغَبَشَ والغَلَسَ واحدًا. مادة (غلس) في: "الصحاح" 3/ 956، "اللسان" 6/ 3281 "القاموس" 56. (¬2) "صحيح مسلم" (1365) كتاب: الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم. (¬3) نيابة حروف الجر عن بعضها مسألة خلاف سبقت الإشارة إليه.

(خربت خيبر) بكسر الراءِ، أي: صارت خرابًا. قاله إخبارًا، فيكون من باب الإخبار بالغيب، أو دعاءً عليهم، أو تفاؤلًا لمَّا رآهم خرجوا بمساحيهم، وهي من آلات الحرب. (بساحة قوم) أي: بناحيتهم، وجمع الساحة: سياح وساحات وسوح. (فقالوا: محمد) أي: جاء محمد أو هذا محمد. (قال عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (وقال بعض أصحابنا) هو ثابت البناني. (والخميس) برفعه، أي: زاد بعض أصحاب عبد العزيز لفظ: (والخميس) فمقولهم (محمد والخميس) ويجوز نصبه على أنه مفعولٌ معه (¬1)، وفسر الخميس (يعني: الجيش) سمِّي خميسًا؛ لأنه خمسة أقسام: قلب، وميمنة، وميسرة، ومقدمة، وساقة. (عَنْوة): فتح المهملة، وسكون النون، أي: قهرًا لا صلحًا. (دَحية) بفتح الدال وكسرها. (صفية) بفتح الصاد، قيل: كان اسمها زينب، سميت بعد الاصطفاء بصفية، وقيل: بل اسمها من قبل. (بنت حُيَي) بضم المهملة وكسرها، وتحتية مفتوحة مخففة، فتحتية مشددة، من نسل هارون النبيِّ - عليه السلام -. كانت تحت كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، قتل بخيبر سنة سبع. (فجاء رجل) لم يسم. (قريظة) بضمِّ أوله، وفتح ثانيه، وبظاء معجمة. (والنضير) بفتح أوله، وضاد معجمة: قبيلتان عظيمتان من يهود خيبر، وإنما أعطاها لدحية قبل القسمة؛ لأن له خمس المغنم، فله أن يعطيه لمن يشاء، وإنما رجع فيها بعد أن وهبها؛ إما لعدم تمام الهبة؛ أو لأنه أَبو المؤمنين، فله الرجوع في هبة الولد، أو أنه اشتراها منه، أو أنه ردها برضاه، أو أنه إنما كان أذن له في جارية من حشو السبي لا من ¬

_ (¬1) فتكون الواو بمعنى: مع.

أفضلهنَّ، فلما رآه أخذ بأنفسهن استرجعها؛ لأنه لم يأذن فيها، ورأى أن في إبقائها له مفسدة، لتميزه بها على باقي الجيش، ولما فيه من انتهاكها، مع مرتبتها. وربما ترتب على ذلك شقاق أو غيره، فكان أخذه لها - صلى الله عليه وسلم - قاطعًا لهذه المفاسد. (فقال له) أي: لأنس (ثابت) أي: البناني. (يا أبا حمزة) بمهملة وزايٍ: كنية أنس. (نفسها) بالنصب. (أعتقها وتزوجها) بيانٌ لقوله: (نفسها)، فالمعنى تزوجها [بلا مهرٍ، أو ليس بيانًا له، فالمعنى: تزوجها] (¬1) وجعل نفسها صداقها وهو من خصائصه. (أم سليم) هي أم أنس. (فأهدتها) أي: زفتها، وفي نسخة: "فهدتها". (عروسًا) يستوي فيه الرجل والمرأة. (نطعًا) قال الزركشيُّ: بنونٍ مكسورةٍ وطاء مفتوحةٍ في أفصحَ لغاتهِ السبع، واقتصر منها الكرماني على أربعةٍ، وقال: والنطع فيه أربع لغات، فتح النون وكسرها، وسكون الطاء، وفتحها، قال: والجمع: نطوع ونطاع (¬2)، [وأنطاع] (¬3) قال غيره: وأنطع. (قال) أي: عبد العزيز. (وأحسبه) أي: أنسًا. (ذكر السويق) أي: قال: وجعل الرجل يجيء بالسويق. (فحاسوا) بمهملتين، أي: خلطوا أو اتخذوا. (حيسًا) بفتح أوله: تمرٌ يخلط بسمن وأقط، وربما عوض بالدقيق عن الأقط. (فكانت) أي: الثلاثة المذكورة. (وليمة رسول الله) بالنصب خبر كان: وهي طعام العرس من الولم، وهو الجمع؛ لاجتماع الزوجين. وفي الحديث -كما قال النووي - (¬4): أنه لا كراهة في تسمية ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 33. (¬3) من (م). (¬4) انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 12/ 163.

13 - باب: في كم تصلي المرأة في الثياب؟

صلاة الصبح بصلاة الغداة، وجواز الإرداف على الدابة إذا كانت مطيقة، والتكبير عند الحرب، وتثليثه. والدعاء بخراب المقصود أخذه على أهله، إن جعل "خربت خيبر" دعاءً، واستحباب الوليمة بعد الدخول، وإدلال الكبير على أصحابه بطلب طعامهم في نحو ذلك، واستحباب مساعدة أصحابه فيه، وأن السنة فيها تحصل بغير اللحم. 13 - بَابٌ: فِي كَمْ تُصَلِّي المَرْأَةُ فِي الثِّيَابِ؟ وَقَالَ عِكْرِمَةُ: "لَوْ وَارَتْ جَسَدَهَا فِي ثَوْبٍ لَأَجَزْتُهُ". (باب: في كم تصلِّي المرأة من الثياب) (كم) استفهامية لها صدر الكلام، مميزها محذوف، أي: كم ثوبًا، ولا يقدح جرُّها بـ (في) في صدارتها؛ لأن الجارَّ والمجرور كلمة واحدة. (لو وارت) أي: سترت. (لأجزته) أي: لقلت بجوازه تبعًا للجمهور. 372 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَقَدْ "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الفَجْرَ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ المُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ". [578، 867، 872 - مسلم: 645 - فتح: 1/ 482] (لقد) جواب قسم محذوف. (متلفعات) بالرفع صفة للنساءِ، وبالنصبِ حالٌ منهنَّ، والتَّلَفُّعُ (¬1): التلحف والاشتمال بتغطية الرأس، ¬

_ (¬1) لَفَّعَ رأسه تلفيعًا أي غطّاه، وتلفَّعَ الرجل بالثوب: إذا اشتمل به، وتغطّي به وتلفَّعت المرأة بمرْطِها، أي التَحَفَتْ به، ولَفَعَ الشيب رأسه: شمله: والالتفاع والتلفع: الالتحاف بالثوب: وهو أن يشتمل به حتى يجلل جسده، واللّفاع والملفعة: ما تلفع به من رداءٍ أو لحاف أو قناع، وقال الخليل: اللفاع: خمار للمرأة يستر صدرها ورأسها، والمرأة تتلفع به. وقال =

14 - باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

والجسد، وفي نسخة: "متلففات" بفاءين، وهو بمعناه. (بمروطهنَّ) في نسخة: "في مروطهنَّ" وهي: أكسية من صوفٍ أو خزٍّ، وقيل: أردية واسعة (¬1)، واحدها: مرط بكسر الميم. (ما يعرفهنَّ أحد) أي: لبقاءِ ظلمة الليل، أولمبالغتهن في التلحف وفي التغطية. وفي الحديث: جواز صلاة المرأة في ثوب واحد، وهو مذهب الشافعيّ إذا غطَّتْ به جميع بدنها، سوى الوَجه والكفين، وجواز حضور النساء الجماعة مع الرجال. 14 - بَابُ إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ لَهُ أَعْلامٌ وَنَظَرَ إِلَى عَلَمِهَا (باب: إذا صلَّى في ثوب له أَعلام ونظر إلى علمه) أي: الثوب، وفي نسخة: "إلى علمها" أي: الخميصة؛ لذكرها في الحديث، وجواب (إذا) محذوف، أي: هل تكره صلاته، أولًا. ¬

_ = الأزهري: يجلِّل به الجسد، كساءً كان أو غيره. وقال ابن دريد: اللفاع: الملحفة أو الكساء تلفع به المرأة. وقال غيرهم: الكساء الأسود، وآخرون: الغليظ. مادة (لفع) في: "الصحاح" 3/ 1279 - 1280، "اللسان" 1/ 4053 "القاموس" 761. (¬1) المِرْطُ: كل ثوب غير مخيط، وقيل: المرط: كِسَاءٌ من خَزٍّ أو صوف أو كتَّان يُؤتزر به وتتلفَّع المرأة به، و (ج): مروط. وقيل: المرط: الثوب، وقيل: الثوب الأخضر. مادة (مرط) في: "الصحاح" 3/ 1159، و"اللسان" 7/ 4183، و"القاموس" 687.

373 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلامٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاتِي" وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا، وَأَنَا فِي الصَّلاةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي". [752، 5817 - مسلم: 556 - فتح: 1/ 482] (في خميصة) بفتح المعجمة، وكسر الميم، وبصاد مهملة: كساء أسود، مربعٌ له علمان، أو أعلام سميت بذلك؛ للينها وصغر حجمها إذا طويت، مأخوذ من الخمص، وهو ضمور البطن. (إلى أبي جهم) بفتح الجيم، وسكون الهاء: عامر بن حذيفة العدويُّ القرشيُّ، خصَّ - صلى الله عليه وسلم - بعث الخميصة بأبي جهمٍ؛ لأنه كان وهبها له - صلى الله عليه وسلم -. (بأنبجانية) بهمزةِ قطع تفتح وتكسر، ونونٍ ساكنة، وموحدةٍ تفتح وتكسر، ثم تحتيةٍ تُشدَّد وتُخفَّف: كساءٌ غليظٌ لا علم له، ويقال له: منبجانية بفتح الميم والباء: وهي منسوبة إلى إنبجان، وهو موضع ينسب إليه الثياب المنبجانية (¬1). (ألهتني) أي: شغلتني، من الإلهاء، وثلاثيه لهى الرجل عن الشيء، يلهى عنه: إذا غفل، وهو من باب علم يعلم، وأما لهى يلهو إذا لعب من باب نصر ينصر. (آنفًا) بالمدِّ، أي: قريبًا، ونصبه على الظرفية، واشتقاقه من الائتناف بالشيءِ، أي: الابتداء به. (عن صلاتي) أي: عن كمال الحضور فيها، وتدبر أركانها وأذكارها. (أن تفتنني) بفتح ¬

_ (¬1) قال ابن قتيبة في أدب الكُتاب: كساء منبجاني ولا يقال إنبجان؛ لأنه منسوب إلى منبج. انظر: "معجم البلدان" 5/ 206.

أوله، وبنونين بعد ثالثه، أي: تشغل قلبي، وفي نسخة: بنون مشددة بدَل النونين. وفي الحديث: الحثُّ على حضور القلب في الصلاة، وترك ما يؤدي إلى شغله عنها، وأن الصلاة تصح وإن حصل فيها فكرٌ مما ليس متعلقًا بها، وأن الواهب إذا ردت عليه عطيته من غير أن يكون هو الراجع لا عار عليه في قبولها، وأنه - صلى الله عليه وسلم - جبر قلبه بسؤاله ثوبًا مكانها؛ ليعلم أنه لم يردها عليه استخفافًا ولا كراهة لكسبه، وأن للعالم تكنيةَ مَنْ دونه، وأما بعثه بالخميصة إلى أبي جهمٍ، وطلب إنبجانيته؛ فهو من باب الإدلال عليه؛ لعلمه بأنه يفرح به، ثُمَّ ليس المراد من بعثه - صلى الله عليه وسلم - الخميصة إلى أبي جهم، أن أبا جهمٍ يصلِّي فيها؛ لأنه لم يكن - صلى الله عليه وسلم - يبعث إلى غيره بما يكرهه لنفسه، كما قال لعائشة في الضَّبِّ: "إنَّا لا نتصدَّقُ بما لا نأكل" (¬1) فعلى أبي جهم أن يجتنب ما اجتنبه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فهو كإهداء الحلة لعمر مع تحريم لبسها عليه، لا ليلبسها، بل لينتفع بها ببيعٍ أو غيره (¬2). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 6/ 105، 123، وأبو يعلى 7/ 438 (4461). والطبراني في "الأوسط" 5/ 212 - 213 (5116). والبيهقي 9/ 325 كتاب: الضحايا، باب: ما جاء في الضب. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 37. كتاب: الصيد والذبائح، باب: ما جاء في الضب: رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح. (¬2) ستأتي رقم (5841) كتاب: اللباس، باب: الحرير للناس.

15 - باب إن صلى في ثوب مصلب أو تصاوير، هل تفسد صلاته؟ وما ينهى عن ذلك؟

15 - بَابُ إِنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أَوْ تَصَاويرَ، هَلْ تَفْسُدُ صَلاتُهُ؟ وَمَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ؟ (باب: إن صلَّى في ثوب مصلَّب) بفتح اللام المشددة، أي: منقوش بصور الصلبان. (أو تصاوير) عطفٌ على متعلِّقِ (مصلَّبٍ) أي: في ثوب مصلب بصور الصلبان، أو بتصاوير، أي: تماثيل غير صور الصلبان، وفي نسخة: "أو فيه تصاوير". (هل تفسد صلاته) استفهام علي سبيل الاستفسار، وهو جواب إن (¬1). (وما ينهى) أي: عنه. (من ذلك) أي: مما ذكر من الصلاة في ثوب مصور بصلبان أو غيرها، فالجملة معطوفة على الجملة الشرطية، والمعنى: باب: في حكم إن صلَّى في ثوب مصلب .. إلخ، وفي حكم ما ينهى عنه من الصلاة بحضرة مصور من ثوب، أو ستر، أو جدار، أو بساط، أو غيرها. وفي نسخة: "وما ينهى عن ذلك". 374 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاويرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلاتِي". [5959 - فتح: 1/ 484] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (قرام) بكسر القاف، وخفة الراءِ: ستر رقيق فيه رقم ونقوش. (فإنه) أي: القرام. (لا تزال تصاويره) أي: تصاوير القرام، وفي نسخة: "تصاوير" بغير ضمير، فضمير (فإنه) للشأن. (تعرض) بفتح الفوقية، ¬

_ (¬1) وعلى رأي بعض النحاة: كانت تلزمه الفاء، وبعضهم الآخر: لا يلزمه الفاء في الجواب إذا كان استفهامًا، وهذا هو الراجح لورود السماع به.

16 - باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه

وكسر الراءِ، أي: تلوح، وفي نسخة: "تعرض" بفتح الفوقية والعين والراءِ المشددة، وأصله: تتعرض، فحذفت إحدى التاءين. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: من حيث أنه إذا نهى عن الستر بما فيه التصاوير فعن لُبْسِهِ بالأولَى. 16 - بَابُ مَنْ صَلَّى فِي فَرُّوجِ حَرِيرٍ ثُمَّ نَزَعَهُ (باب: من صلَّى في فَرُّوج حرير) بفتح الفاءِ، وتشديد الراءِ المضمومة، وتخفيفها، وبالجيم قباء فرُّوج أي: شقَّ من خلفه، وهو مضافٌ إلى حرير فلا يُنَوَّن، أو موصوفٌ به فينون، (ثُمَّ نزعه) ذكره تبعًا للحديث، وإلا فلا حاجة إليه في الترجمة. 375 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُّوجُ حَرِيرٍ، فَلَبِسَهُ، فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالكَارِهِ لَهُ، وَقَالَ: "لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ". [5801 - مسلم: 2075 - فتح: 1/ 484] (عن أبي الخير) اسمه: مرثد بفتح الميم والمثلثة اليزنيُّ. (أُهْدِيَ إلى النبيِّ) بالبناءِ للمفعول، واسم المُهْدِي: أكيدر بضمِّ الهمزة: ابن عبد الملك. (لا ينبغي هذا للمتقين) أي: عن الكفر: وهم المؤمنون، أو عن المعاصي كلِّها: وهم الصالحون، ولا يدخل في هذا الجمعِ النسوة؛ لأنه حلال لهنَّ، وعلى قولِ من قال: يدخلن؛ خرجن بدليل، ولبسه - صلى الله عليه وسلم - كان قبل التحريم، وليس ذلك من قبيل النسخ؛ لأن حِلَّه كان بالأصل، لا بالشرع. وفي الحديث: تحريم استعمال الحرير على الرجال، أي: إلا لحاجة، كحرب وجرَبٍ، وجواز قبول هدية المشرك للإمام؛ لمصلحة يراها.

17 - باب الصلاة في الثوب الأحمر

17 - بَابُ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الأَحْمَرِ 376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلالًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ بِلالًا أَخَذَ عَنَزَةً، فَرَكَزَهَا وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، مُشَمِّرًا صَلَّى إِلَى العَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَيِ العَنَزَةِ". [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح: 1/ 485] (باب: الصلاة في الثوب الأحمر) أي: جوازها فيه. (في قبة حمراء) أي: بالأبطح بمكة. (من أدم) بفتح الهمزة، والدال: جمع أديم: وهو الجلد، أو الجلد الأحمر، أو المدبوغ، واللائق هنا الثاني. (وضوء رسول الله) بفتح الواو على الأشهر، كما مرَّ. (يبتدرون ذلك الوضوء) أي: يتسارعون إليه تبركًا. (عنزة) بفتح العين والنون والزاي: أطول من العصا وأقصر من الرُّمح، وفيها سنان، كسنان الرُّمح (¬1). (في حُلَّةٍ) حالٌ، والحلة بضم الحاءِ: ثوبان: إزارٌ ورداءٌ، وقال ابن الأثير: ولا تُسَمَّى حُلَّة إلا أن تكون ثوبين من جنسٍ واحد، والحلل برود اليمن (¬2). (مشمّرًا) حالٌ أيضًا، وهو بكسر الميم الثانية المشددة، من التشمير: وهو الرفع، والمعنى: رفع الحُلَّةَ إلى أنصاف ساقيه. (صلَّى إلَى العنزةِ بالناسِ ركعتين) أي: صلاة الظهر. ¬

_ (¬1) وفيها أقوال أخر سبق التعريف بها. (¬2) انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 432.

18 - باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

وفي الحديث: جواز ضرب الخيام والقباب والتبرك بآثار الصالحين، وطهارة الماء المستعمل، ونصب علامة بين يدي المصلِّي، وخدمة السادات، وقصر الصلاة في السفر، والمرور وراء علامة المصلِّي. وجواز لبس الثياب الملونة للناس وللسيد الكبير، والزاهد في الدنيا. والحمرة أشهر الملونات وأجمل الزينة في الدنيا. 18 - بَابُ الصَّلاةِ فِي السُّطُوحِ وَالمِنْبَرِ وَالخَشَبِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَلَمْ يَرَ الحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُصَلَّى عَلَى الجُمْدِ وَالقَنَاطِرِ، وَإِنْ جَرَى تَحْتَهَا بَوْلٌ أَوْ فَوْقَهَا أَوْ أَمَامَهَا إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ" وَصَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ: "عَلَى سَقْفِ المَسْجِدِ بِصَلاةِ الإِمَامِ" وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ: "عَلَى الثَّلْجِ". (باب: الصلاة) أي: جوازها. (في السطوح) المعروفة. (والمنبر) بكسر الميم، من نبرت الشيءَ، إذا رفعته (¬1). (والخشب) بفتحتين، وبضمتين، وعُدِّيَ (صلَّى) إلى المذكورات بـ (في) لمجيئها بمعنى: عَلى كما في: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] أو لتضمين (صلَّى) معنى استعلى (¬2). (قال أَبو عبد الله) أي: البخاريُّ. (على الجمد) هو بفتح الجيم ¬

_ (¬1) المنبر: مرقاة الخاطب، وسمي منبرًا؛ لارتفاعه وعُلُوِّه، وقيل: لرفع الصوت عليه، وكُسرت الميم منه على التشبيه بالآلة، وانْتبَر الأمير: ارتفع فوق المنبر، مادة (نبر) "الصحاح" 2/ 821، و "اللسان" 7/ 4323 و "القاموس" 479. (¬2) مجيء (على) بمعنى: (في) مذهب الكوفيين، ووافقهم عليه بعض النحويين، والقول بالتضمين مذهب البصريين.

وسكون الميم: ما جمد من الماءِ من شدة البرد، سُمِّي بالمصدر مبالغة. (والقناطر) أي: الجسور المعروفة. (أو فوقها، أو أمامها) أي: بول. (إذا كان بينهما) أي: بين المصلَّى والبول، أو بين القناطر والبول، وهو قيد في أمامها وما قبله، وما قيل أنه قيد في أمامها فقط ممنوع. (على ظهر المسجد) في نسخة: "علي سقف المسجد". (على الثلج) بمثلثة: ما تراكم من الماء، فهو نظير الجمد، بل قال صاحب "المحكم" وغيره: الجمد: الثلج. 377 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، قَالَ: سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ المِنْبَرُ؟ فَقَالَ: مَا بَقِيَ بِالنَّاسِ أَعْلَمُ مِنِّي، هُوَ مِنْ أَثْلِ الغَابَةِ عَمِلَهُ فُلانٌ مَوْلَى فُلانَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "وَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ عُمِلَ وَوُضِعَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، كَبَّرَ وَقَامَ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَرَكَعَ النَّاسُ، خَلْفَهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَجَعَ القَهْقَرَى، فَسَجَدَ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى المِنْبَرِ، ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ القَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ بِالأَرْضِ"، فَهَذَا شَأْنُهُ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: "سَأَلَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، قَالَ: فَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَعْلَى مِنَ النَّاسِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ أَعْلَى مِنَ النَّاسِ بِهَذَا الحَدِيثِ، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ كَانَ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا كَثِيرًا فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ: لَا". [448، 917، 2094، 2569 - مسلم: 544 - فتح: 1/ 486] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أَبو حازم) بمهملة وزايٍ: سلمة بن دينار. (من الناس) في نسخة: "في الناس" وفي أخرى: "بالناس". (أثل الغابة) بفتح الهمزة، وسكون المثلثة: نوع من الطرفاء، و (الغابة)

بمعجمة وموحدة: موضع قرب المدينة (¬1) من العوالي. (عمل فلان) اسمه على الأشهر: باقوم بموحدة، وقاف، وميم الرومي مولى سعيد بن العاص. (مولى فلانة) اسمها: عائشة، وقيل: ميناء بميم مكسورة وتحتية ساكنة، وقيل: علاثة، وقيل: فكيهة بنت عبيد بن دليم. (وقام عليه) في نسخة: "ورقى عليه). (كَبَّرَ) جواب ما يقال ما عمل بعد استقباله؟ وفي نسخة: "وكبر" بواو العطف على (استقبل)، وفي أخرى: "فكبر" بالفاءِ. (القهقرى) مفعول مطلق بمعنى: الرجوع إلى الخلف، أي: رجع الرجوع الذي يعرف بذلك، فعل ذلك لئلَّا يُوَلِّيَ ظهره القبلة. (حتَّى سجد بالأرض) الباء بمعنى: على (¬2)، أو ضمن (سجد) معنى ألصق، أي: جبهته بالأرض. وفي الحديث: استحباب اتخاذ المنبر، وارتفاع الخطيب عليه، وجواز ارتفاع الإمام علي المأمومين، وأن ارتفاعه عليهم لغرض تعليمهم غير مكروه. وأن العمل اليسير غير مبطلٍ للصلاة، وكان المنبرُ ثلاث مراقٍ، فلعله إنما قام علي الثانية منها، فليس في كلِّ من نزوله وصعوده إلا خطوتان. (قال) في نسخة: "وقال". (أَبو عبد الله) أي: البخاريُّ. (قال عليُّ بن عبد الله) في نسخة: "قال عليٌّ بنُ المدينيِّ". (قال) أي: أحمد بن ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 182. (¬2) مجيء الباء بمعنى على قال به الكوفيون وتبعهم الأخفش وابن قتيبة والزجاجي وابن مالك، وجعلوا منه قوله تعالى: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: من الآية 75] وردَّ ذلك البصريون وجعلوه على التضمين.

حنبل، وفي نسخة: "فقال". (فإنما) في نسخة: "وإنما". (أردتُ) أي: بسؤالي. (أن النبيَّ .. إلخ). (فلا) في نسخة: "ولا". (بهذا الحديث) أي: بدلالته. (قال) أي: عليُّ بنُ المدينيِّ. (فقلت) أي: لأحمد بن حنبل. (إن سفيان) في نسخة: "فإن سفيان" (بن عيينة كان يسأل) بالبناءِ للمفعول. (فلم) أي: أفلم. (تسمعه منه؟ قال: لا.) صريح في أن أحمد بن حنبل لم يسمع هذا الحديث من ابن عيينة، وقوله: (قال أَبو عبد الله إلى هنا) ساقط من نسخة. 378 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّويلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَجُحِشَتْ سَاقُهُ - أَوْ كَتِفُهُ - وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا وَهُمْ قِيَامٌ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا" وَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ آلَيْتَ شَهْرًا، فَقَالَ: "إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ". [689، 732، 733، 805، 1114، 1911، 2469، 5201، 5289، 6684 - مسلم: 411 - فتح: 1/ 487] (فجحشت) بضمِّ الجيم، وكسر المهملة، أي: خدشت، والخدش: شقُّ الجلد. (أو كتفه) شكٌّ من الراوي، وفي نسخة: "وكتفه" بواو، وفي أخرى: بدل (فجحشت .. إلخ) "فجحش شقه الأيمن" وهي أولى. (وآلى) أي: حلف، لا الإيلاء المحرم المذكور في آية {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226]. (في مشربة) بفتح الميم وسكون المعجمة وضمِّ الراءِ، أي: غرفة. (من جذوع) في نسخة: "من جذوع النخل". (وهم قيام) حال،

19 - باب إذا أصاب ثوب المصلي امرأته إذا سجد

وقيام: جمع قائم، أو مصدر بمعنى اسم الفاعل. (ليؤتمَّ به) أي: ليقتدي به وتتبع أفعاله. (وإن) في نسخة: "وإذا". (صلَّى قائمًا) مفهومه: وإن صلَّى قاعدًا فصلُّوا قعودًا، وهو محمولٌ على ما إذا كانوا عاجزين عن القيام كالإمام. أو أنه نسخ بصلاتهم في آخر عمره خلفه قيامًا وهو قاعدٌ. (إن الشهر) أي: المحلوف عليه. (تسع وعشرون) أو أن الشهر في ذاته قد يكون تسعًا وعشرين، كما يكون ثلاثين، ووجه مطابقة صلاته في المشربة للترجمة: أن المشربة بمنزلة السطح لما تحتها. وفي الحديث: جواز الحلف على البعد من النساءِ، وعيادةُ نحو من خُدش، والصلاة جالسًا للعجز، ووجوب متابعة الإمام. 19 - بَابُ إِذَا أَصَابَ ثَوْبُ المُصَلِّي امْرَأَتَهُ إِذَا سَجَدَ (باب: إذا أصاب ثوب المصلِّي أمرأته إذا سجد) جواب (إذا) الأولى محذوف، أي: هل تفسد صلاته أو لا؟ و (إذا) الثانية ظرفية محضة متعلقة بأصاب. 379 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُصَلِّي وَأَنَا حِذَاءَهُ، وَأَنَا حَائِضٌ، وَرُبَّمَا أَصَابَنِي ثَوْبُهُ إِذَا سَجَدَ، قَالَتْ: وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى الخُمْرَةِ". [انظر: 333 - مسلم: 513 - فتح: 1/ 488] (عن عبد الله بن شداد) هو ابن الهاد، ولفظ: (ابن شداد) ساقط من نسخة. (حذاءه) بكسر المهملة وبذال معجمة، وبالنصب على الظرفية. (وأنا نائمة إزاءه) وفي نسخة: "حذاؤه" بالرفع على الخبرية. (وأنا

20 - باب الصلاة على الحصير

حائضٌ) هو وما قبله حالان مترادفتان، أو متداخلتان. (على الخمرة) هو بضمِّ المعجمة: سجادة صغيرة (¬1) من سَعَفٍ، ترمل بخيوط، سميت خمرة؛ لأنها تستر وجه المصلِّي على الأرض، كتسمية الخِمَار لسترة الرأس، والجمع: خُمُر. وفي الحديث: أن بدن الحائض وثوبها طاهران وأن الصلاة لا تبطل بمحاذاة المرأة. 20 - بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الحَصِيرِ (¬2) وَصَلَّى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ: "فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا" وَقَالَ الحَسَنُ: "قَائِمًا مَا لَمْ تَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِكَ تَدُورُ مَعَهَا وَإِلَّا فَقَاعِدًا". (باب: الصلاة على الحصير) أي: حكم الصلاة على الحصير: وهي ما يتخذ من سعف النخل وشبهه قدر طول الرجل، أو أكبر. (وصلَّى جابر) في نسخة: "جابر بن عبد الله". (في السفينة قائمًا) كلٌّ منهما متعلِّقٌ بجابر وأبي سعيد، وفي نسخة: "قيامًا". (وقال ¬

_ (¬1) السِّجَّادة والمِسْجَدَةُ وسُمِعَ فيها: السُّجَّاة: الخُمْرَةُ المسجود عليها، وقيل: هي الطنفسة والبساط الصغير يُصلى عليه. مادة (سجد) الصحاح 2/ 484، واللسان 4/ 1941، والقاموس 287. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 45: أما حديث أنس فظاهر الموافقة للترجمة وأما السفينة فلفقه الباب، وهو أن الصلاة لا يشترط فيها مباشرة الأرض لجوازها في السفينة، وعلى الحصير كيلا يتخيل متوهم ذلك من قوله لمعاذ: "عفر وجهك في الأرض".

الحسن: تصلِّي قائمًا ما لم تشقّ على أصحابك، تدور معها) أي: مع السفينة، والضمائر في المذكورات للمخاطب، وفي نسخة: للغائب. ولفظ: (تصلي) ساقط من أخرى، وجملة: (تدور) حالٌ. ووجه ذكر الصلاة في السفينة في باب: الصلاة على الحصير: اشتراكهما في أن الصلاة عليهما، صلاة على غير الأرض، وفي دفع ما يتوهم من خبر أبي داود وغيره "ترب وجهك" أن مباشرة الأرض شرط. 380 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: "قُومُوا فَلِأُصَلِّ لَكُمْ" قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا، قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَفَفْتُ وَاليَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ. [727، 860، 871، 874، 1164 - مسلم: 658 - فتح: 1/ 488] (عبد الله) أي: التنيسيُّ. (عن إسحق بن عبد الله) لفظ: (ابن عبد الله) ساقط من نسخة. (أن جَدَّتُه) أي: جدة إسحق لأبيه، وقيل: جدة أنس. (مليكة) بالتصغير: بنت مالك بن عدي، وهي والدة أمِّ أنس؛ لأن أمه أمُّ سليم، وأمها: مليكة. (فلأصلِّيَ) روي بستة أوجه: بياءٍ مفتوحة ولام مكسورة على أنها لام كي، والفعل منصوب بأن مضمرة (¬1)، واللام متعلِّقَةٌ بقوموا، والفاء زائدة، على رأي الأخفش، وما بعدها خبر مبتدإٍ محذوف، أي: ¬

_ (¬1) نصب الفعل بأن مضمرة بعد لام التعليل (لام كي) مذهب بصري، والكوفيون يجعلون النصب باللام نفسها، وثعلب يرى النصب باللام؛ لكل قيامها مقام (أنْ).

قيامكم لأن أصلِّيَ لكم، وبذلك أيضًا لكن بياءٍ ساكنة تخفيفًا، وبحذف الياءِ على أن اللام لام الأمر، وبحذف اللام خبر مبتدإٍ محذوف أي: فأنا أصلِّي، وبنون بدل الهمزة، وحذف الياءِ على أن اللام لام الأمر، وبفتح اللام على أنها لام الابتداء، أو جواب قسم محذوف، والفاء جواب شرط محذوف، تقديره: إن قمتم، فوالله لأُصَليَ لكم (¬1). (لكم) أي: لأجلكم، والأمر بالصلاة، قال السهيليُّ: بمعنى الخبر، كقوله: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم: 75] أو هو أمر لهم بالائتمام، لكنه أضافه إلى نفسه؛ لارتباط تعليمهم بفعله. (لُبِسَ) أي: استُعمل. (فنضحته) أي: رششته بالماءِ لتليينه، أو تنظيفه، أو تبريده. (فصففتُ أنا واليتيم) برفع (اليتيم) ونصبه (¬2)، ولفظ (أنا) ساقط من نسخة جريًا على مذهب الكوفيين في جواز العطف على الضمير المستكن. (والعجوز) أي: أمُّ سليم. (فصلَّى لنا) أي: لأجلنا. (ثُمَّ انصرف) أي: من الصلاة، أو من بيتهم. وفي الحديث: إجابة الداعي، ولو لغير وليمة عرسٍ، والأكل من طعامها. وصلاة الجماعة في النفل وفي البيوت، وفي بيت الداعي، وتبركه بها، وتنظيف مكان المصلَّى وتبريده، وقيام الطفل مع الرجل في صفٍّ، وصحة صلاة المميز، وتأخير النساء، وأنها تقف وحدها، إذا لم يكن ثَمَّ امرأة أخرى، وأن الأفضل في نافلة النهار ركعتان، كالليل. ¬

_ (¬1) الصواب: لأصليَنَّ؛ لأن الفعل المضارع إذا اقترن باللام وجبت النون وبالعكس، إلا على قول بعض النحاة، وهو مردود يقول الجمهور. (¬2) بالرفع على أنه فاعل، وبالنصب على أنه مفعول معه، والواو بمعنى مع.

21 - باب الصلاة على الخمرة

21 - بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الخُمْرَةِ (باب: الصلاة على الخمرة) بضمِّ الخاء، كما مرَّ مع بيان معناها. 381 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الخُمْرَةِ". [انظر: 333 - مسلم: 513 - فتح: 1/ 491] (كان النبيُّ) في نسخة: "كان رسول الله". (يصلِّي على الخمرة) تقدم آنفًا، وإنما أعاده هنا؛ لأنه رواه ثَمَّ عن مسدد مطولًا، وهنا عن أبي الوليد مختصرًا. 22 - بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الفِرَاشِ وَصَلَّى أَنَسٌ "عَلَى فِرَاشِهِ" وَقَالَ أَنَسٌ: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْجُدُ أَحَدُنَا عَلَى ثَوْبِهِ". [انظر: 385] (باب: الصلاة على الفراش) أي: على ما يفرش من ثوب، أو غيره. (وقال أنس) لفظ (أنس) ساقط من نسخة. (فيسجد أحدنا) أي: بعضُنا. (على ثوبه) أي: المنفصل عنه، أو المتصل الذي لا يتحرك بحركته، ومنهم من أجرى الحديث على ظاهره. 382 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: "كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلايَ، فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا"، قَالَتْ: وَالبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ. [383، 384، 508، 511، 512، 513، 514 , 515، 519، 997، 1209، 6276 - مسلم: 512، 744 - فتح: 1/ 491]

(إسماعيل) أي: ابن عبد الله بن أويس المدنيُّ. (عن أبي النضر) بفتح النون وسكون المعجمة، واسمه: سالم. (غمزني) أي: بيده مع حائل. (رجْلَيَّ) بفتح اللام وتشديد الياءِ بالتثنية، وفي نسخة: "رجلِي" بكسر اللام، وتخفيف الياءِ بالإفراد. (بسطتهما) في نسخة: "بسطتها". (قالت: والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح) قالته؛ اعتذارًا عن نومها على تلك الهيئة؛ إذ لو كان ثَمَّ مصابيح لقبضت رجليها عند إرادة السجود، ولَما احتيج إلى الغمز، وأرادت باليوم الوقت. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: قرينة قولها: (أنام) بمساعدة سياق الحديث. 383 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ اعْتِرَاضَ الجَنَازَةِ". [انظر: 382 - مسلم: 512، 744 - فتح: 1/ 492] (عن عُقيل) بضمِّ العين، أي: ابن خالد بن عَقيل بفتحها، وفي نسخة: "حدثني عقيل". (اعتراض الجنازة) بفتح الجيم وكسرها، أي: معترضة أعتراضًا كاعتراض الجنازة، وفيه لفٌّ ونشرٌ مرتبٌ، إذ (على الفراش) متعلقٌ بـ (يصلي)، و (اعتراض) بمعترضة المقدر. 384 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ عُرْوَةَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَعَائِشَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ عَلَى الفِرَاشِ الَّذِي يَنَامَانِ عَلَيْهِ". [انظر: 382 - مسلم: 512، 744 - فتح: 1/ 492] (عن يزيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن عراك) بكسر العين، أي: ابن مالك.

23 - باب السجود على الثوب في شدة الحر

(على الفراش الذي ينامان عليه) مقيدٌ لما مرَّ. وفي الأحاديث المذكورة: أن الصلاة إلى النائم لا تكره، وأن المرأة لا تُبطل صلاة من صلَّى إليها، وأن العملَ اليسير في الصلاة غير قادح. 23 - بَابُ السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ وَقَالَ الحَسَنُ: "كَانَ القَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى العِمَامَةِ وَالقَلَنْسُوَةِ وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ". (باب: السجود على الثوب في شدة الحر) أي: أو البرد. (وقال الحسن) أي: البصري. (كان القوم) أي: الصحابة. (على العمامة) بكسر العين. (والقلنسوة) بفتح القافِ والَّلام، وإسكان النون، وضمّ المهملة، وفتح الواو، ويقال: قلنسية بكسر السين، وبياءٍ بدل الواو: وهي من ملابس الرأس، كالبرنس: الذي يغطي به العمائم من الشمس والمطر. (ويداه في كُمّه) أي: ويدا كل منهم في كُمِّهِ، وفي نسخة: "ويديه" أي: ويجعل كل منهم يديه في كمِّه (¬1)، وما ذكر دليلٌ لمن جوز السجود على ساتر من عمامة أو نحوها، والشافعيُّ منع ذلك؛ لخبر الصحيحين: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم (¬2) وقياسًا على عدم أجزاء المسح على الساتر؛ ولأن القصد من السجود التذلُّلُ، وتمامه بكشف الجبهة، لا يقال: كما يجوز السجود على بقية الأعضاءِ بساتر ¬

_ (¬1) فهي مفعول به لفعل محذوف. (¬2) سيأتي برقم (809) كتاب: الأذان، باب: السجود على سبعة أعظم.

24 - باب الصلاة في النعال

يجوز على الجبهة كذلك؛ لأنَّا نقول جوازه في بقية الأعضاء ثابت بالإجماع مع أن ذلك معارَض بخبر. "ترب وَجْهَكَ" (¬1). 385 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي غَالِبٌ القَطَّانُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ". [542، 1208 - مسلم: 620 - فتح: 1/ 492] (غالب) بمعجمة، أي: ابن خُطَّاف بضم المعجمة وفتحها، وتشديد الطاء. (فيضع أحدنا) أي: بعضنا. (طرف الثوب) أي: المنفصل عنه، أو المتصل الذي لا يتحرك بحركته. 24 - بَابُ الصَّلاةِ فِي النِّعَالِ (باب: الصلاة في النِّعال) أي: عليها، أو بها (¬2)؛ لتعذر الظرفية إن جعلت (في) متعلِّقَةً بـ (الصلاةِ)، فإن جعلت متعلقة بمحذوف صَحَّتِ الظرفية بأن يقال: باب الصلاة والأرجل في النِّعالِ، أي: مستقرة فيها. 386 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". [5850 - مسلم 555 - فتح: 1/ 494] ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (381) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في كراهية النفخ في الصلاة. والنسائي في "الكبرى" 1/ 169 (548) كتاب: السهو، باب: النهي عن النفخ في الصلاة، وأحمد 6/ 301، وضعفه الألباني في "ضعيف الترمذي". (¬2) فتكون (في) بمعنى على أو الباء، وهو مذهب كوفي، ردَّه البصريون.

25 - باب الصلاة في الخفاف

(حدثنا آدم بن أبي إياس) لفظ: (ابن أبي إياس) ساقط من نسخة. (أخبرنا أبو مسلمة) في نسخة: "حدثنا أبو مسلمة". (يُصَلِّي في نعليه) فيه ما مرَّ في الترجمة. (قال: نعم) محمول على ما إذا لم يكن في النعلين نجاسة غير معفو عنها. 25 - بَابُ الصَّلاةِ فِي الخِفَافِ (باب: الصلاة في الخفاف) في قوله: (في الخفاف) ما مرَّ (في النعال) السابق في الباب السابق. 387 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، يُحَدِّثُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ "بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى" فَسُئِلَ، فَقَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا" قَالَ إِبْرَاهِيمُ: "فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ لِأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ". [مسلم: 272 - فتح: 1/ 494] (إبراهيم) أي: النخعي. (فَسُئل) بالبناءِ للمفعولِ، أي: فسئل جريرٌ عن المسح على الخفين، والصلاة فيهما، والسائلُ له: همّام، كما في الطبراني (¬1)، لكنه أبهم نفسه؛ لغرض (مثل هذا)، أي: مثل المسح على الخفين، والصلاة فيهما. (فكان) أي: الحديث. (يعجبهم) أي: القوم. (لأن جريرًا كان من آخر من أسلم) لفظ: (كان) ساقط من نسخة، وفي مسلم (¬2): لأن إسلام ¬

_ (¬1) "المعجم الكبير" 2/ 342 (2433). (¬2) "صحيح مسلم " (272) كتاب: الطهارة، باب: المسح على الخفين.

26 - باب إذا لم يتم السجود

جرير كان بعد نزول المائدة، ووجه الإعجاب: بقاءُ الحكم في المسح، والصلاة به، فلا نَسْخَ بآية المائدة كما زعمه بعضهم. 388 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: "وَضَّأْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى". [انظر: 182 - مسلم: 274 - فتح: 1/ 495] (إسحاق بن نصر) بصاد مهملة نسبة إلى جدِّه، لشهرته به، وإلَّا فهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن مسلم) هو ابن صبيح، بضمِّ الصاد، أو هو البطين، وكلٌّ منهما يروي عن مسروق، والأعمش يروي عن كل منهما. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (وضَّأتُ النبيَّ) في نسخة: "وضأت رسول الله". 26 - بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ 389 - أَخْبَرَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: "مَا صَلَّيْتَ؟ " قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: "لَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" [791 ,808 فتح: 1/ 495] (باب: إذا لم يُتم السجود) جواب (إذا) محذوف، أي: لم تصح صلاته. (الصلتُ بن محمد) أي: الخاركيُّ بخاءٍ معجمة وراء وكاف؛ نسبة إلى خارك من سواحل البصرة (¬1). (مهديُّ) أي: ابن ميمون الأزديُّ. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 337.

27 - باب يبدي ضبعيه ويجافي في السجود

(رأى رجلًا) لم يُسَمّ. (فلما قضى صلاته) أي: فعلها. إما صليت) نفى عنه الصلاة؛ لأنَّ الكلَّ ينتفي بانتفاءِ الجزء، فانتفاء إتمام الركوع أو السجود، يستلزم آنتفاء الركوع أو السجود المستلزم لانتفاء الصلاة. (قال) أي: أبو وائل. (وأحسبه) أي: حذيفة. (قال) أي: للرجل. (لو مُت) بضمِّ الميم، من مات يموت، وبكسرها من مات يمات. (سنة محمد) أي: طريقته الشاملة للفرض والنفل. 27 - بَابُ يُبْدِي ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِي فِي السُّجُودِ (باب) من السنة. (يُبدي) أي: يظهر. (ضبعيه) تثنية ضبع بسكون الباءِ. وسط العضد، أو ما تحت الإبط، أي: لا يلصق عضديه بجنبيه في السجود. (ويجافي) أي: ويباعد عضديه في السجود، فقوله: "في السجود" تنازعه (يبدي) (ويجافي)، وليست المفاعلة في يجافي) على بابها، كما في قوله تعالى: {وَسَارِعُوا} [آل عمران: من الآية 133] بمعنى: أسرعوا. 390 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ" وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ. [807، 3564 - مسلم: 495 - فتح: 1/ 496] (حدثنا بكر) في نسخة: "أخبرنا بكر". (مضر) بضم الميم، وفتح المعجمة، غير منصرف؛ للعلمية والعدل كعمر، قيل: أو للعجمة أي: مع العلمية، وتُعُقِّب بأنه لفظٌ عربيٌّ خالصٌ، واستشهد المتعقب بكلام في اللغة، وقد رأيته في كلام الجوهري وغيره (¬1). (عن جعفر) أي: ¬

_ (¬1) انظر: مادة (مضر) في "الصحاح" 2/ 817، "القاموس المحيط"ص 476.

28 - أبواب استقبال القبلة

المصري، وفي نسخة: (عن جعفر بن ربيعة). (عن عبد الله بن مالك بن بحينة) هي أمُّ عبد الله، لا أمُّ مالكُّ، فهي صفة لعبد الله، لا لمالك، فتحذف ألف (ابن) من الأول [خطًّا (¬1)]؛ لوقوعه بين علمين بلا فاصل بينهما، وتثبت في الثاني؛ لوجود الفاصل، و (مالك) منون. (كان إذا صلَّى) أي: سجد، فهو من إطلاق الكل على الجزء. (فرج) بالتخفيف والتشديد، أي: فتح (بين يديه)، أي: بين جنبيه، والمعنى: فرج يديه عن جنبيه، كما في رواية، وحكمته: أنه أشبه بالتواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة من الأرض، وأبعد من هيئات الكسالى، وهذا في حق الرجل، أما المرأة فتضم بعضها إلى بعض؛ لأنه أستر لها وأحوط، ومثلها الخنثى. (بياض إبطيه) في نسخة: "بياض إبطه" والإبط يذكر ويؤنث، والمراد: بياضه إن لم يكن ساتر، وبياض ساتره إن كان. (وقال الليث) عطفٌ على (حدثنا بكر). (نحوه) أي: نحو حديث بكر، وعبر بـ (نحوه) لأنه رواه بالتحديث، وبكر بالعنعنة. 28 - أَبْوَابُ اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 828] (باب: فضل استقبال القبلة) أي: على غيرها. (يستقبل) أي: المصلِّي. (بأطراف رجليه) أي: برءوس أصابعهما، وفي نسخة: "يستقبل القبلة بأطراف رجليه". (قال) أي: ¬

_ (¬1) من (م).

"قاله" كما في نسخة. (أبو حميد) اسمه على المشهور: عبد الرحمن بن سعيد الساعدي. (عن النبيِّ) تعليق قطعه أبو حميد من حديث طويل يأتي موصولًا من حديثه وقوله. (يستقبل القبلة .. إلخ) ساقط من نسخة. 391 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المَهْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ المُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ". [392 , 393 - فتح: 1/ 496] (ابن المهديِّ) بفتح الميم، واسمه: حسان البصري، وفي نسخة: "ابن مهدي". (سياه) بكسر المهملة، وبتحتية وهاء، مصروف، وقيل: ممنوع من الصرف؛ للعلمية والعجمة، ورد: بأنه غير علمٍ في العجمِ، ومعناه: الأسود. (صلَّى صلاتنا) أي: كصلاتنا، المتضمنة للإقرار بالشهادتين. (واستقبل قبلتنا) أفرده بالذكر مع دخوله فيما قبله؛ تعظيمًا لشأن القبلة. (وأكل ذبيحتنا) أي: مذبوحنا، وألحقه التاء، وإن كان فعيل بمعنى: مفعول يستوي فيه المُذكَّر والمؤنث؛ لغلبة الاسمية عليه؛ ولأن استواء الأمرين فيه إنما هو عند ذكر الموصوف. (فذلك) مبتدأ خبره (المسلم) أو (الذي له ذمة الله)، ويكون (المسلم) صفة للمبتدأ، والذمة بكسر المعجقة: الأمان، أو العهد، أو الزمام: وهو الحرمة. (وذمة رسوله) في نسخة: "وذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". (فلا تخفروا) بضمِّ الفوقية، وسكون المعجمة، وكسر الفاءِ، أي: لا تخونوا؛ إذ معنى أخفر: خان، بخلاف خفره، فإن معناه: حمى. (الله) اكتفى بذكره عن ذكر رسوله؛ للزومه له مع تصريحه به قبل. (في ذمته) أي: ذمة الله، أو ذمة المسلم.

وفي الحديث: اشترط استقبال عين القبلة لصلاة القادر، وأن من أظهر شعائر الدين، وتشكل بشمائل أهله، أجري عليه أحكامهم ولم يكشف عن باطن أمره، كغريب عليه زيُ المسلمين يحمل على أنه مسلم حتى يظهر خلافه. 392 - حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، وَصَلَّوْا صَلاتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، إلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ". [انظر: 391 - فتح: 1/ 497] (حدثنا نعيم) أي: "ابن حماد"، كما في نسخة، الخزاعيُّ، وفي نسخة: "وحدثنا نعيم". (قال: حدثنا ابن المبارك) اسمه عبد الله، وفي نسخة: "قال ابن المبارك" وفي أخرى: "وقال ابن المبارك" فيكون البخاريُّ علقه عنه. (أن أقاتل الناس) أي: المشركين. (حتَّى يقولوا لا إله إلا الله) أي: مع محمد رسول الله. (وذبحوا ذبيحتنا) أي: ذبحوا مذبوحهم مثل مذبوحنا، وفي إلحاقه التاء للذبيح الذي هو بمعنى المفعول ما مرَّ آنفًا. (حرمت) بفتحِ الحاءِ، وضم الراءِ، وبضم الحاءِ وتشديد الراءِ المكسورة. (وحسابهم على الله) هو على سبيل التشبيه أي: كالواجب على الله في تحقيق الوقوع، وإلا فلا يجب على الله شيءٌ، وكأن الأصل فيه أن يقال: وحسابهم لله، أو إلى الله. 393 - قَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: سَأَلَ مَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ، أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا يُحَرِّمُ دَمَ العَبْدِ وَمَالَهُ؟ فَقَالَ: "مَنْ

29 - باب قبلة أهل المدينة وأهل الشأم والمشرق

شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَصَلَّى صَلاتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَهُوَ المُسْلِمُ، لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَى المُسْلِمِ". [انظر: 391 - فتح: 1/ 497] (وقال ابن أبي مريم) اسمه: سعيد بن الحكم المصريُّ. (يحيى) أي: ابن أيوب. (حدثنا حميد) أي: الطويل، وفي نسخة: "وقال محمد أي: البخاريُ. قال ابن أبي مريم: حدثني حميد". (علي بن عبد الله) أي: المديني. (قال: يا أبا حمزة) هو كنية أنس، ولفظ: (قال) ساقط من نسخة، وفي أخرى: "فقال: يا أبا حمزة". (وما يحرم) عطفٌ على مقدر، أي: سأله عن شيءٍ وعن ما يحرم، وفي نسخة: "ما يحرم" بلا عاطف. ووجه مطابقة جواب أنس للسؤال عن سبب التحريم ما تضمنه قوله: (من شهد .. إلخ) من شهادة أن لا إله إلا الله، وما عطف عليها. 29 - بَابُ قِبْلَةِ أَهْلِ المَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّأْمِ وَالمَشْرِقِ لَيْسَ فِي المَشْرِقِ وَلَا فِي المَغْرِبِ قِبْلَةٌ" لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا". (باب: قبلة أهل المدينة، وأهل الشام، وقبلة المشرق) أي: والمغرب، وخص المشرق بالذكر؛ لأن أكثر بلادِ الإسلام في جهته، والمراد بالمشرق: مشرق الأرض كلِّها: المدينة والشام وغيرهما، فعطف قبلة المشرق على قبلة أهل المدينة والشام من عطف العام على الخاص، وفي نسخة: "والمشرق" بإسقاط قبلة، وفي أخرى: "وأهل" بدل (وقبلة). (ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة) أراد بهما المصدر، أي: ليس في التشريق والتغريب في المدينة والشام وغيرهما مما هو على

سمتهما قبلة، والجملة استئنافية جواب ما يقال: كيف قبلة المذكورين فأجاب بذلك، يعني: ليسوا عند انحرافهم للتشريق والتغريب متوجهين للقبلة، ولا مستدبرين لها، وإنما أُوِّلَ بذلك؛ لأن ظاهره غير مراد قطعًا. القولِ النبيِّ .. إلخ) محمول على الصحراءِ، كما مر بيانه في كتاب: الوضوءِ (¬1). 394 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا أَتَيْتُمُ الغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا" قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: "فَقَدِمْنَا الشَّأْمَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ القِبْلَةِ فَنَنْحَرِفُ، وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى"، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [انظر: 144 - مسلم: 264 - فتح: 1/ 498] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عطاء بن يزيد) زاد في نسخة: "الليثي". (ولكن شرقوا أو غربوا) مخصوصٌ بأهل المدينة؛ لأنهم المخاطبون، ومثلهم من هو على سمت المدينة ممن إذا استقبل المشرق، أو المغرب لم يستقبل القبلة، ولم يستدبرها. (وعن الزهريّ) أي: بالإسناد المذكورِ.؟ (عن عطاء قال: سمعتُ أبا أيوبَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلهُ) أي: مثل الحديث السابق. وحاصل ذلك أنَّ سفيان حدَّث به عليًّا مرتين: مرَّةً صرَّح بتحديث الزهريِّ له، وفيه عنعنة عطاء، ومرةً أتى بالعنعنة عن الزهريّ، وبتصريح عطاء بالسماع، وهذا فائدة إعادة السَّند. ¬

_ (¬1) سبق برقم (144) كتاب: الوضوء، باب: لا تستقبل القبلة بغائطٍ ولا بولٍ.

30 - باب قول الله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125]

30 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] (باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: من الآية 125] أي: موضع صلاة، أو دعاء. (سفيان) أي: ابن عيينة. 395 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ العُمْرَةَ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ"، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. [1623، 1627، 1645، 1647، 1793 - مسلم: 1234 - فتح: 1/ 491] (عن رجلٍ) لم يُسَمّ. (العمرة) بالنصبِ أي: طواف العمرة. (ولم يطف) أي: ولم يَسْعَ. (أيأتي امرأته؟) أي: أحل من إحرامِه حتى يجوز له أن يجامعَ. (أسوة) بضم الهمزةِ، وكسرها، أي: قدوة. 396 - وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: "لَا يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ". [1624، 1646، 1714 - فتح: 1/ 499] (لا يقربنَّها) أي: امرأته. 397 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَيْفٍ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الكَعْبَةَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَقْبَلْتُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ وَأَجِدُ بِلالًا قَائِمًا بَيْنَ البَابَيْنِ، فَسَأَلْتُ بِلالًا، فَقُلْتُ: أَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الكَعْبَةِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، رَكْعَتَيْنِ، بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا دَخَلْتَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى فِي وَجْهِ الكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ". [468، 504، 505، 506، 1167، 1598، 1599، 2988، 4289، 4400 - مسلم: 1329 - فتح: 1/ 500] (عن سيف) زاد في نسخة: "يعني: ابن أبي سليمان".

(وأجد) عُدِّل إلى المضارع بعد تعبيره بالماضي (¬1). (فأقبلت) حكايةً للحالِ الماضيةِ، واستحضارًا لتلك الصورة. (بين البابين) أي: مصراعي البابِ؛ إذ الكعبة لم يكن لها حينئذٍ إلا بابٌ واحدٌ، أو أُطلق ذلك باعتبار ما كان من البابين لها في زمن إبراهيم عليه الصلاةُ والسلام، وأنه كان في زمان روايةِ الراوي لها بابان؛ لأنَّ ابن الزبير جعل لها بابين، وفي نسخةِ بدل (البابين) "الناس" ذكر ذلك الكرمانيُّ (¬2). (أَصلَّى؟) في نسخةٍ: "صلَّى" بحذف همزة الآستفهام. (النبيُّ) في نسخةٍ: "رسول الله". (بين الساريتين) أي: الإسطوانتين. (على يساره) أي: الداخل، أو البيت، أو هو من الالتفات، وإلا فالمناسب لقوله: (دخلت) "يسارك"، كما في نسخةٍ. (في وجه الكعبة) أي: في مواجهةِ بابها، وهو مقامُ إبراهيم، وبه تحصل مطابقةُ الترجمة، ويُحتمل أن يكون المعنى: في جهة الكعبة، فيكون من جهة الباب. وفي الحديث: جوازُ الصلاةِ داخل الكعبة، قال النووي: أجمع أهلُ الحديث على الأخذِ برواية بلالٍ؛ لأنَّه مثبتٌ، ومع زيادةِ علم، فوجب ترجيحُ روايته على النافي، كأسامة؛ وسبب نفيه: اشتغاله بالدعاء في ناحيةٍ من نواحي البيت، غير التي كان فيها الرسولُ، وكان بلالُ قريبَا منه، فخفي على أسامةَ؛ لبعده، وجاز له النفيُ عملًا بظنه، أو أنّه - عليه السلام - دخل البيتَ مرتين: مرة صلَّى، مَّرةً دعا ولم يصل (¬3). ¬

_ (¬1) فهو مضارع بمعنى الماضي، أي: وجدت. (¬2) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 59. (¬3) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 86.

31 - باب التوجه نحو القبلة حيث كان

398 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْتَ، دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الكَعْبَةِ، وَقَالَ: "هَذِهِ القِبْلَةُ". [1601، 3351، 3352، 4288 - مسلم: 1331 - فتح: 1/ 501] (أخبرنا ابن جُريج) في نسخة: "حدثنا ابن جُريج" ونسبه إلى جدِّه؛ لشهرته به، وإلِّا فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج. (ولم يصلّ) أي: في البيت، الراوي له ابن عباس، وهو من جملة النافين، ولم يثبت أنَّه دخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة، فهو مرسل صحابي، وبتقدير: أنَّه دخل، فروايةُ بلال أرجح؛ لما مرَّ آنفًا. (فلما خرج ركع) أي: صلَّى. (في قبل الكعبة) بضم القاف، والموحدة، ويجوزُ إسكانُها أي: ما استقبلك منها، والمرادُ منه: مقام إبراهيم. (هذه) أي: الكعبة هي القبلةُ التي استقر الأمر على استقبالها لا كل الحرم، ولا مكة، ولا المسجد حول الكعبةِ. 31 - بَابُ التَّوَجُّهِ نَحْوَ القِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَكَبِّرْ". [757] (باب: التوجه في) الصلاة (نحو القبلة) أي: إلى جهتها. (حيث كان) أي: المصلِّي، أي: وجد. (قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: استقبل القبلةَ وكبَّر) بكسر الباء على صيغة الأمر فيها، وفي نسخة: "قام النبيُّ استقبل، فكبَّر" بميم بدل اللَّام، وبفتح الباء على صيغة الماضي في الفعلين، وبالفاء بدل الواو.

399 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144]، فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ"، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ اليَهُودُ: {مَا وَلَّاهُمْ} [البقرة: 142] عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، قُلْ لِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي صَلاةِ العَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَتَحَرَّفَ القَوْمُ، حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الكَعْبَةِ. [انظر: 40 - مسلم: 525 - فتح: 1/ 502] (عبد الله بن رجاء) أي: الغُداني بضم المعجمة. (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق. (عن أبي إسحاق) أي: عمرو بن عبد الله السبيعي جد إسرائيل. (كان رسول الله) في نسخة: "كان النبيُّ". (صلَّى) أي: بالمدينة. (نحو بيت المقدس) أي: جهته. (أو سبعة عشر شهرًا) الشك من البراء، وقال بعضهم بالأول، وبعضهم بالثاني، وجمع بينهما بأن من قال بالأول: أخذ من شهر القدوم، وشهر التحويل شهرًا، وألغى الأيام الزائدة فيه، ومن قال بالثاني: عدهما معًا، ومن شكَّ تردد فيهما، وذلك أن شهر القدوم ربيع الأول، وشهر التحويل رجب، وكان في نصفه في السنة الثانية على الصحيح، وفيه روايات أخر، ففي واحدة: "ثمانية عشر شهرًا" (¬1)، وفي أخرى: "ثلاثة عشر شهرًا " (¬2)، وفي أخرى: "سنتان". ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (110) كتاب: إقامة الصلاة، باب القبلة عن البراء. وقال الألباني: منكر. (¬2) رواه أبو داود (507) كتاب: الصلاة، باب: كيف الأذان عن معاذ. =

(أن يوجه) بالبناءِ للمفعول أي: يؤمر بالتوجه عن قبلتهم التي كانوا عليها، هي بيت المقدس. {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: 142]، أي: الجهات كلها، فيأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء لا اعتراض عليه. {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)} [البقرة: 142] هو دين الإسلام. (فصلَّى مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجل) اسمه: عباد بن بشر أو عباد بن نهيك، وفي نسخة: بدل (رجل) "رجال". (في صلاة العصر نحو بيت المقدس). في نسخة: "في صلاة العصر يصلون نحو بيت المقدس" وفي رواية: "في صلاة الصبح" ولا تعارض بين الروايتين؛ لأن الخبر وصل إلى قوم كانوا يصلون في المدينة صلاة العصر، ثم وصل إلى أهل قباء في صبح اليوم الثاني. (فقال) أي: الرجل. (هو يشهد) الأصل: إني أشهد، لكن عبر عن نفسه بذلك، على طريق التجريد أو الالتفات، أو نقل الراوي كلامه بالمعنى. (وأنه) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي الحديث: قبول خبر الواحد، وجواز النسخ ووقوعه، وأنه لا يثبت في حقّ المكلف حتَّى يبلغه، وجواز الصلاة إلى جهتين بشرطه. 400 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ فَإِذَا أَرَادَ الفَرِيضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ". [1094، 1099، 1217، 4140 - مسلم: 540، فتح: 1/ 503] ¬

_ = وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود" 2/ 428 - 234: حديث صحيح وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي، وعلق البخاري بعضه في صحيحه.

(مسلم) في نسخة: "مسلم بن إبراهيم". (هشام) في نسخة: "هشام بن عبد الله" أي: الدستوائي. (عن جابر) في نسخة: "عن جابر بن عبد الله". (يُصَلِّي) أي: النفل. (على راحلته) هي الناقة التي تصلح لأن ترحل، والمراد بها هنا: الحمار، كما في رواية مسلم وغيره (¬1). (حيث توجهت) أي: الراحلة، زاد في نسخة: "به" والمراد بتوجهها: توجه صاحبها؛ لأن توجهها تابع لتوجهه. 401 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَا أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ - فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ: "وَمَا ذَاكَ"، قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، قَالَ: "إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ". [404، 1226، 6671، 7249 - مسلم: 572 - فتح: 1/ 503] (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد النخعي. (قال: قال عبد الله) أي: ابن مسعود، وفي نسخة: "عن عبد الله". (صلَّى النبيُّ) هذه الصلاة، قيل: الظهر، وقيل: العصر، وكلٌّ منهما رواه الطبرانيُّ (¬2). (زاد) أي: النبيُّ، في نسخة: "أزاد؟ " بهمزة ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (700) كتاب: صلاة المسافرين، باب: جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر. (¬2) "المعجم الكبير" 10/ 28 (9838).

الاستفهام. (أحدث في الصلاة شيءٌ؟) أي: وحيٌ يوجب تغييرها بزيادة أو نقص. (كذا وكذا) كناية عما حدث من زيادة أو نقص. (فثنى) بالتخفيف من الثني، وهو العطف، أي: عطف. (رجله) وفي نسخة: "رجليه" بالتثنية، أي: جلس كجلوس التشهد. (وسجد سجدتين) لم يكن سجوده عملًا بقولهم؛ لأن المصلّي لا يرجع إلى قول غيره، بل لما سألهم بقوله: (وما ذاك؟)، تذكر فسجد، أَوْ أنَّ قول السائل: (أحدث؟) أورثه شكًّا فسجد للشك لا لمجرد إخبارهم. (لنبأتكم) أي: أخبرتكم. (به) أي: بالحادث، وهو ثاني مفاعيل (نبأ) والثالث محذوف (¬1)، وقول الكرماني: إن الثاني والثالث محذوفان، ومن خصائصهما أنهما لا يتفارقان حذفًا وإثباتًا (¬2)، مردود. وفي الحديث أنه كان يجب عليه تبليغ الأحكام إلى الأمة. (إنما أنا بشرٌ مثلكم) أي: بالنسبة إلى الإطلاع على بواطن المخاطبين لا بالنسبة إلى كل شيء فإن له - صلى الله عليه وسلم - أوصافًا أُخَرَ كثيرة. (أَنْسى) بفتح الهمزة، وتخفيف المهملة، وقيل: بضمِّ الهمزة، وتشديد المهملة، قال الزركشي: وهو لا يناسب التشبيه، والنسيانُ لغةً: خلاف الذكر والحفظ، واصطلاحًا: غفلة القلب عن الشيءِ. (فذكروني) أي: في الصلاة بالتسبيح. (فليتحر) أي: فليجتهد بأن يقصد. (الصواب) أي: يأخذ باليقين، وهو البناءُ على الأقل. (فليتم عليه) أي: على ما تيقنه. (ثم ليسلم) أي: وجوبًا فيهما. (ثُمَّ يسجد) ¬

_ (¬1) والأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل هي: أعلم، وأرى، ونبأ، وأخبر، وحدَّث وأنبأ، وخبَّر. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 64.

أي: للسهو ندبًا، سواءٌ كان بزيادة أو نقص، أم بهما. (سجدتين) وفي نسخة: "ثُمَّ يسلم" بغير لام الأمر، وفي أخرى: "ثُمَّ ليسجد". وما قيل: إن اقتصاره على سجود السهو يقتضي أن سهوه كان بزيادة؛ إذ لو كان بنقص لتداركه، فكيف قال إبراهيم: لا أدري؛ أجيب عنه: بأنه ليس كل نقصٍ يجب تداركه، بل ذلك في الواجب دون الأبعاض، واعلم أن آخر الحديث يدلُّ على أن سجود السهو بعد السلام، وأَوَّله على عكسه فنشأ خلاف، فقال الشافعي في "الجديد": إنه قبله لفعله - صلى الله عليه وسلم - وأمره به إذ ذاك، وأما سجوده بعدُ فلم يكن عن قصد، وقيل: الخلاف في الأفضل (¬1)، وقال أبو حنيفة: الأفضل بعده مطلقًا، وقال مالك: إنه بعده في الزائد وقبله في الناقص. ودلالة الحديث على الترجمة من قوله: (فثنى رجله واستقبل القبلة ..). وفي الحديث: زيادة على ما مرَّ من من جواز النسخ ووقوعه، ووجوب تبليغه - صلى الله عليه وسلم - الأحكام إلى الأمة، وجواز وقوع السهو من الأنبياء ¬

_ (¬1) فمذهب الشافعي وما نص عليه في القديم والجديد أن الأولى فعله قبل السلام في الزيادة والنقصان، وبه قال علي بن طالب، وابن مسعود، وعمار بن ياسر - رضي الله عنه -، وأما مذهب مالك: إن كان لنقصان فالأولى فعله قبل السلام، وإن كان لزيادة فالأولى بعد السلام، وقد أشار الشافعي في "الأم" بقوله: ولعل مالكًا لم يعلم الناسخ والمنسوخ من هذا، والمشهور من مذهب الشافعي في القديم والجديد أنه قبل السلام فيهما وهو ما عليه المذهب، أما مذهب أبي حنيفة، فإنه بعد السلام على الإطلاق سواء كان زيادة أو نقصًا ومما استدلوا به على مذهبهم حديث عن ثوبان عن النبي جميم قال: "لكل سهو سجدتان بعد السلام" وهذا حديث ضعيف ظاهر الضعف كما قال النووي. والله أعلم. "الأم" 1/ 114. و"المجموع" 4/ 62.

32 - باب ما جاء في القبلة، ومن لم ير الإعادة على من سها، فصلى إلى غير القبلة

عليهم السلام في الأفعال، لكن لا يقرون عليه، وعليه عامة العلماءِ، وفيه: أن سجود السهو على هيئة سجود الصلاة، وأنه لا يتشهد له، وأنَّ الكلام فيها قليلًا ناسيًا لا يبطلها، وأمر التابع بتذكير المتبوع، وأنَّ البيان لا يؤخر عن وقت الحاجة، وأنَّ من تحوَّل عن القبلة، أو تكلَّم ساهيًا لا يعيد. 32 - بَابُ مَا جَاءَ فِي القِبْلَةِ، وَمَنْ لَمْ يَرَ الإِعَادَةَ عَلَى مَنْ سَهَا، فَصَلَّى إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيِ الظُّهْرِ، وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ ثُمَّ أَتَمَّ مَا بَقِيَ". [انظر: 482] (باب: ما جاء في القبلة) أي: غير ما مرَّ. (ومن لا يرى الإعادة) عطفٌ على إما جاء في القبلة) وفي نسخة: "ومن لم ير الإعادة". (على من سها، فصلى إلى غير القبلة) الفاءُ تفسيرية، أو سببية،. والمسألة في المجتهد في القبلة إذا صلى بالاجتهاد، فتيقن الخطأ في الجهة، فقيل: لا تجب الإعادة؛ لعذره بالاجتهاد، والأظهر وعليه الجمهور: أنها تجب؛ لتيقن الخطأ، وقال مالك: يعيد في الوقت. (في ركعتي الظهر) في نسخة: "في ركعتين من الظهر". (ثُمَّ أتم ما بقي) أي: وهو ركعتان. ووجه ذكره في الترجمة: أنه بإقباله على الناس بوجهه فصلى لغير القبلة سهوًا، فيؤخذ منه بعد تمام صلاته إلى القبلة، أن من اجتهد ولم يصادف القبلة في الجملة لا يعيد.

402 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاثٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَو اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] وَآيَةُ الحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ)، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. [4483، 4790، 4116 - مسلم: 2399 - فتح: 1/ 504] وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا بِهَذَا. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (قال: قال عمر) زاد في نسخة: " - رضي الله عنه -. (وافقت ربّي في ثلاث) أي: ثلاث قضايا، ولا ينافي ذلك موافقته له بأكثر من ثلاث، كمنع الصلاة على المنافقين، وعدم الفداءِ في أسارى بدر، وتحريم الخمرة لأن العدد لا ينفي الزائد، أو أن ذلك كان قبل الموافقة في غير الثلاث، ثُمَّ موافقته له فيما ذكر غير موافقته له في جميع أوامره ونواهيه؛ لأن هذه موافقته لربه في أمر النزول، وتلك موافقته لأمر ربه بامتثاله له، والمعنى في الأصل: وافقني ربي، فأنزل القرآن على وفق ما رأيت، لكنه راعى الأدب، فأسند الموافقة إلا نفسه لا إلى الرب. (قلتُ) في نسخة: "فقلتُ". (لو اتخذنا) جواب (لو) محذوف، أي: لكان خيرًا، أو هي للتمني (¬1)، فلا تحتاج إلى جواب. (وآية الحجاب) بالرفعِ على الابتداء، أي: وآية الحجاب كذلك، وبالنصب ¬

_ (¬1) والأظهر هنا أنها للتمني.

على الاختصاص، وبالجر عطف على مقدر هو بدلٌ من ثلاث، أي: في ثلاث اتخاذ المصلى، وآية الحجاب وهي آية {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 59]. (البَرُّ) بفتح الموحدة: صفة مشبهة، وهو مقابل قوله: (الفاجر) أي: الفاسق. (الغيرة) بفتح الغين المعجمة، وهي: الحمية والأنفة {أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]، لا دلالة فيه على أن في النساءِ خيرًا منهن؛ لأن المعلق بشرط لا يلزم وقوعه، وهذا الحديث دليلٌ للجزءِ الأوَّلِ من الترجمة، والحديث الآتي دليلٌ للجزءِ الثاني منها. (حدثنا ابن أبي مريم) أي: سعيد بن محمد بن الحكم، وفي نسخة: "قال أبو عبد الله: وحدثنا ابن أبي مريم" وفي أخرى: "قال محمد أي: البخاري: وقال ابن أبي مريم" وفي أخرى: "وقال ابن أبي مريم". (حميد) أي: الطويل. (بهذا) أي: بالحديث المذكور سندًا ومتنًا، فهو من رواية أنس عن عمر، لا من رواية أنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وفائدة إيراد إسناده ما فيه من التصريح بسماع حميد من أنس فأمن من تدليسه. 403 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقَالَ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الكَعْبَةِ". [4488، 4490، 4491، 4493، 4494، 7251 - مسلم: 526 - فتح: 1/ 506] (مالك بن أنس) في نسخة: "مالك" فقط. (بقباءَ) أي: بمسجد قباء، بالمد والتذكير والصرف على الأشهر في الثلاث. (في صلاة الصبح) مرَّ ما يتعلَّقُ بها. (إذ جاءهم) أي: أهل

قباء، جواب (بينا). (آتٍ) بالمد: هو عبَّاد بن بشر، وقيل: ابن نهيك، وقيل: ابن وهب. (أنزل عليه الليلة قرآن) بالتنكير؛ لأن القصد البعض، وهو قوله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144] الآيات، وفي نسخة: "القرآن" والقصد منه ذلك بجعل (ال) للعهد، وفي ذلك، كما قال شيخنا: إطلاق الليلة على بعض اليوم، والليلة التي تليه مجازًا (¬1). (وقد أمر) بالبناءِ للمفعول. (فاستقبلوها) بفتح الباء على أنه خبر، وفي نسخة: بكسرها على أنه أمر. (وكانت وجوههم .. إلخ) تفسير من ابن عمر للتحول المفهوم مما قبله. (فاستداروا إلى الكعبة) أي: بأن تحول الإمام من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخره، لأن من استقبل الكعبة استدبر بيت المقدس، وهو لو دار، كما هو مكانه لمن يكن خلفه مكان يسع الصفوف، ثُمَّ تحولت الرجال حتَّى صاروا خلفه، وتحوَّل النساء حتَّى صرن خلف الرجال، واستشكل هذا، لما فيه من العمل الكثير في الصلاة؛ وأجيب: باحتمال وقوعه قبل التحريم، أولم تتوال الخطأ عند التحويل. وفي الحديث: أن الذي يُؤْمَر به - صلى الله عليه وسلم - يلزم أمته ما لم يقم دليل على الخصوصية. 404 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقَالُوا: أَزِيدَ فِي الصَّلاةِ؟ قَالَ: "وَمَا ذَاكَ" قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. [انظر: 401 - مسلم: 572 - فتح: 1/ 507] ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 506.

33 - باب حك البزاق باليد من المسجد

(إبراهيم) أي: النخعي. (وما ذاك) أي: ما سبب هذا السؤال. (رجليه) في نسخة: "رجله". 33 - بَابُ حَكِّ البُزَاقِ بِاليَدِ مِنَ المَسْجِدِ (باب: حكّ البزاق باليد من المسجد) البزاق بالزاي وبالصاد وبالسين، والأوليان مشهورتان (¬1). (عن أنس) زاد في نسخة: (ابن مالك). 405 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي القِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ" ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: "أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا". [انظر: 241 - مسلم: 551 - فتح: 1/ 507] (نخامة) بضمِّ النون: ما يخرج من الصدر، أو من الرأس (¬2). (رُئيَ) بضمِّ الراء، وكسر الهمزة، وفي نسخة: (رئ) بكسر ¬

_ (¬1) البُصاق، والبُساق والبُزاق ثلاث لغات، قيل: أفصحنّ بالصاد، وهو ماء الفم إذا خرج منه، وما دام فيه: خَريْقُ. مادة (بصق) في: "الصحاح" 4/ 1450، و "اللسان" 1/ 295، و"القاموس" 868. (¬2) النخامة والنخْمَةُ: النُّخَاعة، وقيل: النخامة: ما يلقيه الرجل من خراش صدره، والنخاعة: ما ينزل من النخاع؛ إذ مادته من الدماغ، وقيل: النخامة: ما يخرج من الخيشوم عند التنخم. مادة (نخم) "الصحاح" 5/ 204، و"اللسان"7/ 4379، و"القاموس" 1161.

الراءِ وبالمدِّ والهمز أي: شوهد (في وجهه) أثر المشقة. (فقال) في نسخة: "وقال". (وأنه يناجي ربَّه) جواب (إذا)، ومناجاته لربهِ من جهة إتيانه بالقرآن، والأذكار، ومناجاة ربه له من جهة لازم ذلك، وهو إرادة الخير مجازًا؛ لأن الحقيقة وهي الكلام المحسوس، مستحيلة في حقِّه تعالى، والمناجاة: المسارَّةُ، يقال: ناجيته ونجوته إذا ساررته. (أو أن) بفتح همزة (أن) وكسرها، والشكُّ من الراوي، وفي نسخة: "وأن" بواو العطف. (ربه بينه وبين القبلة) ظاهره: محال، فالمراد -كما يؤخذ من كلام الخطَّابي (¬1) - أن مقصوده من (ربه بينه وبين القبلة) ومثله يجري في قوله بعد: "فإن الله قبل وجهه". (فلا يبزقنَّ) بنون التوكيد الثقيلة، وفي نسخة: "فلا يبزق" والنهيُ فيه للتحريم. (قبل قبلته) بكسر القاف، وفتح الموحدة، أي: جهة قبلته التي عظمها الله تعالى، فلا تقابل بالبزاق المقتضي الاستخاف والاحتقار. (ولكن عن يساره) أي: في غير المسجد لا فيه؛ لشرفه، ولا عن يمينه؛ لأن عن يمينه كاتبَ الحسنات. (أو تحت قدميه) في نسخة: "قدمه" أي: اليسرى، وهي المرادة من الأولى. (أو يفعل هكذا) عطفٌ على المقدر، وبعد حرف الاستدراك، أي: (ولكن ليبزق عن يساره) أو يفعل هكذا. وفيه: البيان بالفعل؛ لأنه أوقع في النفس، ولفظة: (أو) هنا ليست للشك، بل للتخيير بينهما، والحاصل: أنه مخير في المسجد بين بصقه تحت قدمه اليسرى، وبصقه عن يساره بطرف ثوبه، وفي غيره: بين كل منهما، وبين بصقه عن يساره خارج ثوبه. ¬

_ (¬1) انظر: "أعلام الحديث" 1/ 386.

34 - باب حك المخاط بالحصى من المسجد

406 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ القِبْلَةِ، فَحَكَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: "إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى". [753، 1213، 6111 - مسلم: 547 - فتح: 1/ 509] (في جدار القبلة) في نسخة: "في جدار المسجد". (فإن الله) أي: ثوابه أو عظمته. (قبل وجهه) أي: جهة وجه المصلِّي. 407 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رَأَى فِي جِدَارِ القِبْلَةِ مُخَاطًا أَوْ بُصَاقًا أَوْ نُخَامَةً، فَحَكَّهُ". [مسلم: 549 - فتح: 1/ 509] (مخاطًا) هو السائل من الأنف. (أو بصاقًا) هو السائل من الفمِ. (أو نخامة) هي ما يخرج من الصدر، أو الرأس كما مرَّ، وهي النخاعة بالعين، وقيل: النخاعة بالعين من الصدر، وبالميم من الرأسِ (¬1). 34 - بَابُ حَكِّ المُخَاطِ بِالحَصَى مِنَ المَسْجِدِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "إِنْ وَطِئْتَ عَلَى قَذَرٍ رَطْبٍ، فَاغْسِلْهُ وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَلَا". (باب: حك المخاط بالحصى) أي: أو بغيره، وفي نسخة: "بالحصباء" (من المسجد) متعلق بـ (حك). (على قذر) بذال معجمة. ما يستقذر من طاهرٍ أو نجس. ¬

_ (¬1) من (م)، وفي (أ) الصدر.

35 - باب لا يبصق عن يمينه في الصلاة

408، 409 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَاهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ حَصَاةً فَحَكَّهَا، فَقَالَ: "إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى". 408 - [410، 416 - مسلم: 548 - فتح: 1/ 509] 409 - [411، 414 - مسلم: 548 - فتح: 1/ 509] (أخبرنا إبراهيم) في نسخة: "حدثنا إبراهيم". (أخبرنا ابن شهاب) في نسخة: "حدثنا ابن شهاب". (وأبا سعيد) هو سعد بن مالك الخدريُّ. (في جدار المسجد) أي: النبويّ. (فحكَّها) في نسخة: "فحتها" بالتاءِ الفوقية بدل الكاف، ومعناهما واحد. (تنخَّم) أي: رمى النخامة. وتقدم تفسير الحديث. 35 - بَابُ لَا يَبْصُقْ عَنْ يَمِينِهِ فِي الصَّلاةِ (باب: لا يبصق عن يمينه في الصلاة) تقدم بيانه. 410، 411 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَاهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي حَائِطِ المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَاةً، فَحَتَّهَا، ثُمَّ قَالَ: "إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ، فَلَا يَتَنَخَّمْ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى". [انظر: 408، 409 - مسلم: 548 - فتح: 1/ 510] (إذا تنخم أحدكم، فلا يتنخم قبل وجهه .. إلخ) تقدم تفسيره.

36 - باب: ليبزق عن يساره، أو تحت قدمه اليسرى

412 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَتْفِلَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ". [انظر: 241 - مسلم: 493، 551 - فتح: 1/ 510] (سمعت أنسًا) في نسخة: "أنس بن مالك". (قال النبيُّ) في نسخة: "قال رسول الله". (لا يتفلنَّ) بفوقية، وبضمِّ الفاءِ وكسرها، والتفلُ: شبيه بالبصق، وهو أقلُّ منه. 36 - بَابٌ: لِيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى 413 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاةِ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ". [انظر: 241 - مسلم: 551 - فتح: 1/ 511] (باب: ليبزُق عن يساره، أو تحت قدمه اليسرى) في نسخة: "ليبصق" بالصاد بدل الزاي. (فلا يبزقنَّ بين يديه .. إلخ) تقدّم تفسيره، وتفسير الحديث الآتي، وقيد في ترجمة الباب السابق البصاق بالصلاة، وفي حديثه المقدَّم باليسرى، وأطلقهما هنا، فيحمل المطلق هنا على المقيد ثمَّ. 414 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبْصَرَ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ، فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ ثُمَّ "نَهَى أَنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى" وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ حُمَيْدًا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ نَحْوَهُ. [انظر: 409 - مسلم: 548 - فتح: 1/ 511] (عليٌّ) في نسخة: "علي بن عبد الله المديني". (حدثنا سفيان)

37 - باب كفارة البزاق في المسجد

أي: ابن عيينة، وفي نسخة: "أخبرنا سفيان". (عن أبي سعيد) في نسخة: "عن أبي هريرة" وهو كما قال شيخنا (¬1). (وهم بحصاة) في نسخة: "بحصى". (أو تحت قدمه) في نسخة: "وتحت قدمه). (حميدًا) هو ابن عبد الرحمن لا الطويل. 37 - بَابُ كَفَّارَةِ البُزَاقِ فِي المَسْجِدِ (باب: كفارة البزاق في المسجد) أي: كفارة خطيئتة. 415 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا". [مسلم: 552 - فتح: 1/ 511] (البزاق في المسجد) وإن كان البزاق خارجه. (خطيئة) بالهمز وزن: فعيلة، وربما أسقطت الهمزة وشددت الياء، أي: إثم. (وكفارتها) أي: الخطيئة. (دفنها) أي: دفن سببها وهو البصاق في تراب المسجد إن كان، وإلا فيخرجه، وظاهر الحديث: أن البصاق في المسجد خطيئة وإن أراد دفنه، وهو ظاهر، لكن قيده القاضي عياض بما إذا لم يرده، فإن أراده ودفنه فلا، ولا يخفى ما فيه (¬2)، وأما خبر الطبراني وغيره بإسناد حسن: "من تنخع في المسجد فلم يدفنه فسيئةٌ، وإن دفنه فحسنة" (¬3) فظاهره من أن بزاقه إذا دفنه حسنة ليس مرادًا. ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 609. (¬2) "إكمال المعلم" 2/ 483 - 484. (¬3) "المعجم الكبير" 8/ 284 (8092). وقال الهيثمي في "معجم الزوائد"2/ 18: رجاله موثقون.

38 - باب دفن النخامة في المسجد

38 - بَابُ دَفْنِ النُّخَامَةِ فِي المَسْجِدِ 416 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ، فَلَا يَبْصُقْ أَمَامَهُ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَيَدْفِنُهَا". [انظر: 408 - فتح: 1/ 512] (باب: دفن النخامة في المسجد) أي: باب حُكْمِهِ. (إسحاق بن نصر) نسبة إلى جده، وإلا فاسم أبيه: إبراهيم كما مرَّ. (قال: حدثنا) في نسخة: "قال: أخبرنا". (عن معمر) أي: ابن راشد، وفي نسخة: "أخبرنا معمر". (عن همَّام) أي: ابن منبه. (فإنما) في نسخة: "فإنه". (فإن عن يمينه ملكًا) في نسخة: "ملك" على أن يكون اسم إن ضمير الشأن. واعلم أن على يساره ملكًا أيضًا، كما قال تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17]، لكنه في حال الصلاة التي هي أم الحسنات البدنية لا دخل لكاتب السيئة فيها، أو أن لكلِّ أحدٍ قرينًا، وموقفه يساره كما رواه الطبراني (¬1)، فلعلَّ المصلّي إذا تقلَ [عن يساره (¬2)] يقع تفله على قرينه وهو الشيطان، ولا يصيب الملك منه شيء. (فيدفنها) بالنصب؛ جواب الأمر، وبالرفع؛ استئناف، وبالجزم، ¬

_ وحسن إسناده كل من: السندي في "حاشيته على النَّسائيّ" 2/ 51. والزرقاني في "شرحه على الموطأ" 1/ 556. (¬1) "المعجم الكبير" 8/ 199 (7808). (¬2) من (م).

39 - باب إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه

عكف على الأمر، ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن دفن البصاق، كدفن النخامة؛ لأن حكم البصاق والنخامة واحد، كما مرَّ مع تفسير الحديث. 39 - بَابُ إِذَا بَدَرَهُ البُزَاقُ فَلْيَأْخُذْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ 417 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي القِبْلَةِ، فَحَكَّهَا بِيَدِهِ وَرُئِيَ مِنْهُ كَرَاهِيَةٌ، أَوْ رُئِيَ كَرَاهِيَتُهُ لِذَلِكَ وَشِدَّتُهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاتِهِ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ أَوْ رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ فِي قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ"، ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَزَقَ فِيهِ وَرَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ: "أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا". [انظر: 241 - مسلم: 551 - فتح: 1/ 513] (باب: إذا بدره) أي: المصلِّي، أي: غلبه. (البزاق فليأخذ بطرف ثوبه) أو يبصق تحت قدمه، أو عن يسار في غير المسجد. (حميد) أي: الطويل. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك). (فحكها) أي: النخامة، وفي نسخة: "فحكَّه" أي: أثرها، وهو البصاق. (وَرُئي) بضمِّ الراءِ، وهمزة مكسورة فياء مفتوحة، وفي نسخة: (ورئ) بكسر الراءِ فياء ساكنة، فهمزةٍ مفتوحة. (أو رُئي كراهيته لذلك) أي: للتنخم في القبلة، والشكُّ من الراوي. (وشدته) بالرفع عطفٌ على كراهيته، وبالجرِّ عطفٌ على ذلك. (فإنما يناجي ربَّه) أي: بكلامه وذكره، ويناجيه ربه بلازم ذلك من إرادة الخير. (أو ربه بينه وبين قبلته) جملة اسمية عطفت على فعلية (¬1)، وفي نسخة: "بينه وبين القبلة". (قال) ¬

_ (¬1) عطف الجملة الاسمية على الفعلية وبالعكس فيه خلاف بين النحاة: فذهب الجمهور إلا جوازه مطلقًا، ومنعه بعض النحاة مطلقًا، وذهب ابن الطراوة =

40 - باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة، وذكر القبلة

في نسخة: "فقال". واعترض: بأن الحديث لا مطابقة فيه بينه وبين الترجمة، وأجيب: بأنه أشار إلى ما في بعض طرق الحديث، وهو إن عجلت به بادره فليتفل بثوبه هكذا، ثُمَّ يلوي بعضه على بعضٍ. وفي الحديث: طهارة البزاق، وإكرام القبلة، وتنزيهها، وفضل اليمين على اليسار، وأن على الإمام النظر في أحوال المساجد وتعاهدها، وأن البصق في الصلاة غير مفسدٍ لها. 40 - بَابُ عِظَةِ الإِمَامِ النَّاسَ فِي إِتْمَامِ الصَّلاةِ، وَذِكْرِ القِبْلَةِ (باب: عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة) عظة أصلها وعظ، حذف منه الواو، وعوض عنها الهاء، والوعظ: النصحُ والتذكير بالعواقب. (وذكر القبلة) بالجرِّ عطفٌ على عظة. 418 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا، فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ خُشُوعُكُمْ وَلَا رُكُوعُكُمْ، إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي". [741 - مسلم: 424 - فتح: 1/ 514] (أن رسول الله) في نسخة: "عن النبيِّ" (هل ترون) بفتح التاءِ، والاستفهام للإنكار، أي: أتحسبون؟ (فو الله ما يخفى على خشوعكم) أي: في جميع الصلاة. (ولا ركوعكم) أي: ولا خشوع ركوعكم، فهو من عطفِ الخاصِّ على العام، وأفرده بالذكر اهتمامًا به؛ لكونه أعظم ¬

_ = إلى جواز هذا المعنى بشرطين: أحدهما: المساواة في المعنى. الثاني: المساواة في النظم. وذهب أبو علي الفارسي إلى جواز العطف إذا كان العاطف الواو خاصة. والراجح مذهب الجمهور فيه ورد السماع.

41 - باب: هل يقال مسجد بني فلان؟

الأركان؛ لأن المسبوق يدرك به الركعة. (إني لأراكم .. إلخ) بدلٌ من (ما يخفى) أو بيان له. 419 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةً، ثُمَّ رَقِيَ المِنْبَرَ، فَقَالَ فِي الصَّلاةِ وَفِي الرُّكُوعِ: "إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِي كَمَا أَرَاكُمْ". [742، 6644 - مسلم: 425 - فتح: 1/ 515] (صلَّى بنا) في نسخة: "صلَّى لنا" أي: لأجلنا. (النبيُّ) في نسخة: "رسول الله". (رقي) بكسر القاف، وفتح الياءِ، ويجوز فتح القاف على لغة طيء. (فقال في الصلاة وفي الركوع) الجار متعلقٌ بـ (أراكم) المذكور بعدُ؛ لأن ما في حيز إن لا يتقدم عليها، أو يقال أي: قال في شأن الصلاة والركوع: (إني لأراكم من ورائي كما أراكم) أي: من أمامي، وعطفُ الركوعِ على الصلاةِ من عطفِ الخاصِّ على العامِّ، وأفرده بالذكر لما مرَّ، وإطلاق الرؤية من ورائه يقتضي شموله للصلاة وغيرها، وإن اقتضى السياق أن ذلك في الصلاة فقط. 41 - بَابٌ: هَلْ يُقَالُ مَسْجِدُ بَنِي فُلانٍ؟ 420 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الخَيْلِ الَّتِي أُضْمِرَتْ مِنَ الحَفْيَاءِ، وَأَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ"، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا. [2868، 2869، 2870، 7336 - مسلم: 1870 - فتح: 1/ 515] (باب: هل يقال: مسجد بني فلان) أي: أو لا يقال، والجمهور: على أنه يقال أي: مجازًا أو تعريفًا لا حقيقة، عكس قوله

تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18]. (أضمرت) بضمِّ الهمزة بمعنا: ضمرت، بأن يقلل علفها مدة، وتجلل فيها؛ لتعرق ويجف عرقها؛ ليخفَّ لحمها، وتتقوى على الجري، وكان فرسه - صلى الله عليه وسلم - الذي سابق به يسمَّى السكب بكاف، وكان أغرَّ محجلًا، وهو أول فرسٍ ملكه، وأول فرسٍ غزا عليه. (من الحفياء) بفتح المهملة، وسكون الفاءِ بمد وقصر: موضع بقرب المدينة (¬1). (وأمدها) بفتح الهمزة والميم، أي: غايتها. (ثنية الوداع) بمثلثة: موضع بينه وبين الحفياء خمسة أميال، أو ستة، أو سبعة، وسمِّي بذلك؛ لأن الخارج من المدينة يمشي معه المودعون إليها (¬2)، والثنية لغةً: الطريق إلى العقبة. (لم تضمر) بفتح المعجمة وتشديد الميم المفتوحة، أو بسكون المعجمة وتخفيف الميم المفتوحة. (من الثنيّة) أي: ثنية الوداع. (مسجد بني زريق) بزاي مضمومة، وراء مفتوحة، وزاد - صلى الله عليه وسلم - في المسافة للخيل المضمرة؛ لقوَّتها، ونقص فيها لما لم يضمر منها؛ لقصورها عن شأْو المضمرة، ليكون عدلًا منه بين النوعين. (وأن عبد الله بن عمر كان فيمن سابق بها) أي: بالخيل، وهذا الكلام، إما من مقول ابن عمر عن نفسه، كما تقول عن نفسك: العبد فعل ذلك، أو من مقول نافع الراوي عنه. وفي الحديث: مشروعية تضمير الخيل، وتمرينها على الجري، وإعدادها لإعزاز كلمة الله ونصرة دينه، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 276. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 86.

42 - باب القسمة، وتعليق القنو في المسجد

اسْتَطَعْتُمْ} [الأنفال: 60] وجواز إضافة أعمال البرِّ إلى أربابها. 42 - بَابُ القِسْمَةِ، وَتَعْلِيقِ القِنْو فِي المَسْجِدِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "القِنْوُ العِذْقُ وَالاثْنَانِ قِنْوَانِ وَالجَمَاعَةُ أَيْضًا قِنْوَانٌ مِثْلَ صِنْوٍ وَصِنْوَانٍ". (باب: القسمة، وتعليق القنو) بكسر القاف وسكون النون، وسيأتي بيانه. (في المسجد) متعلقٌ بالقسمة. (قال أبو عبد الله -أي: البخاري-: القنو: العذق) بكسر المهملة وسكون المعجمة: الكباسة بشماريخها وبسرها، وأما بفتح العين: فالنخلة. (والاثنان قنوان) بالكسر وترك التنوين. (والجماعة قنوان) أي: بالرفع والتنوين، فتتميز عن المثنى بذلك، كما تتميز عنه بإثبات نون عند إضافته بخلاف المثنى فتحذف، مثل صنو وصنوان، في الحركات والسكنات والتثنية والجمع، وصادهما مكسورة، والصنوان تخرج نخلتان، أو أكثر من أصلٍ واحد، وكلُّ واحدة منهنَّ صنو، والاثنان: صنوان، والجمع: صنوان، وقوله: "قال أبو عبد الله .. إلخ " ساقط من نسخة. 421 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ طَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَقَالَ: "انْثُرُوهُ فِي المَسْجِدِ" وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلاةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إلا أَعْطَاهُ، إِذْ جَاءَهُ العَبَّاسُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعْطِنِي، فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذْ" فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ، قَالَ: "لَا" قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: "لَا" فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ

يَرْفَعْهُ عَلَيَّ، قَالَ: "لَا" قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: "لَا" فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى كَاهِلِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا - عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ - فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ. [3049، 3156 - فتح: 1/ 516] (البحرين) بلدة بين البصرة وعمان (¬1). (انثروه) بمثلثة أي: صبوه. (فاديت نفسي وفاديت عقيلًا) بفتح العين وكسر القاف، كان ذلك ببدر، حيث كان هو وعقيل ابن أخيه فيه أسيرين. (فحثا) بمهملة فمثلثة، من الحثية وهي ملءُ اليد. (يقلُّه) بضم الياء، أي: يرفعه من أصله. (أُؤمْر) بهمزتين مضمومة فساكنة، فحذفت الثانية للاشتغال، باجتماع همزتين أول الكلمة، فبقي: أمر فحذفت همزة الوصل؛ للاستغناء عنها بتحرك ما بعدها، وفي نسخة: هنا وفيما يأتي: (أأمر) على الأصل. (يرفعه) بياء المضارعة، وبالجزم؛ جواب الأمر، وبالرفع؛ على الاستئناف، وفي نسخة: "برفعه" بموحدة مكسورة وفاءٍ ساكنة. (قال: لا) قاله له؛ تنبيهًا على الاقتصاد في المال، وترك الاستكثار منه. (يرفعه) بالجزم، أي: الرفع كما مرَّ. (على كاهله) هو ما بين كتفيه. (يتبعه) بضمِّ أوله (عجبًا) مفعولٌ مطلقٌ من قبيل ما يجب حذف عامله، ويجوز أن يكون مفعولًا له ليتبعه. (وثَمَّ منها درهم) حال، وظاهره نفي القيام حال ثبوت الدرهم وليس مرادًا، بل المراد: إثبات القيام عند أنتفاء الدرهم، فالحالُ قيدٌ للمنفي لا للنفي فالمجموع منتفٍ بانتفاء القيد لانتفاء المقيد، ولم يذكر ¬

_ (¬1) انظر "معجم البلدان" 1/ 347.

43 - باب من دعا لطعام في المسجد ومن أجاب فيه

حديثًا في تعليق القنو وكأنه كما قيل: أخذه من جواز وضع المال في المسجد؛ بجامع أن كلًّا منهما وضع لأخذ المحتاجين منه، أو أشار به إلى خبر النَّسائيِّ بإسنادٍ قويٍّ: أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج وبيده عصا وقد علق رجل قنو حشف فجعل يطعن في ذلك القنو، ويقول: "لو شاء رب هذه الصدقة لتصدق بأطيب من هذا"ـ (¬1). وفي الحديث: قسم الإمام باجتهاده، وكرمه - صلى الله عليه وسلم -، وزهده في الدنيا، وأنه لم يمنع شيئًا سُئِلَهُ إذا كان عنده. وأن الإمام إذا علم حاجة الناس لا يدخر شيئًا. وأن له أن يترفع عمَّا يُدعى إليه من المهنة والعمل بيده. وأن يمتنع من تكليف ذلك غيره إذا لم يكن له في ذلك حاجة. وفيه: وضع ما الناس مشتركون فيه من صدقة ونحوها في المسجد؛ لأنه لا يُحجب أحد من ذوي الحاجات من دخوله. 43 - بَابُ مَنْ دَعَا لِطَعَامٍ فِي المَسْجِدِ وَمَنْ أَجَابَ فِيهِ (باب: من دعا) بفتح الدال والعين وفي نسخةٍ: بضم الدال وكسر العين. (الطعام) عُدّي دعا باللام؛ لقصد معنى: الاختصاص، فإن قصد معنى: الانتهاء، عُدّي بإلى نحو: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] أو معنى: الطلب عُدّي بالباء. نحو دعا هرقل بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتختلف صلةُ الفعلِ بحسب اختلاف المعاني المقصودة (في المسجد) متعلق بـ (دعا). (ومن أجاب فيه) أي: في ¬

_ (¬1) "سنن النَّسائيِّ" 5/ 43 - 44 كتاب: الزكاة، باب: قوله - عز وجل -: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وحسنه الألباني في "صحيح النسائي".

المسجد، وفي نسخةٍ: "إليه" أي: إلى الطعامِ، وفي أخرى: "منه" أي: من المسجد (ومن) للابتداء. 422 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، سَمِعَ أَنَسًا، قَالَ: وَجَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ مَعَهُ نَاسٌ، فَقُمْتُ فَقَالَ لِي: "آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: "لِطَعَامٍ"، قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: "لِمَنْ مَعَهُ قُومُوا، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ". [3578، 5381, 5450، 6688 - مسلم 2040 - فتح: 1/ 517] (إسحاق بن عبد الله) زاد في نسخة: "ابن أبي طلحة". (سمع) في نسخةٍ: "أنه سمع". (أنسًا) في نسخةٍ: "أنسَ بن مالك". (وجدتُ) أي: أصبتُ، وفي نسخةٍ: "قال: وجدتُ". (في المسجد) أي: النبوي. (معه) في نسخةٍ: "ومعه". (أأرسلك) في نسخة: "أرسلك" بدون همزة الاستفهام. (قلت) في نسخةٍ: "فقلت". (فقال) في نسخةٍ: "قال، (لطعام) في نسخةٍ: "للطعام" بالتعريف. (فقال) في نسخةٍ: "قال". (لمن معه) في نسخة: "لمن حوله". (فأنطلق) أي: النبيٍّ، وفي نسخةٍ: "فانطلقوا" أي: النبيُّ ومن معه. وفي الحديث: جوازُ تقديم بعض الخدم بين يدي الإمام ونحوه للحماية، ودعاء الإمامُ للطعام القليل. وأنَّ المدعوَّ إذا علم من حال الداعي أنَّه لا يكره أنْ يَجلب معه غيره وأن الطعام يكفيه، لا بأس أن يجلب معه من حضره. وطعامُ أبي طلحة وإنْ كان قليلًا, لكن علم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنه يكفي من حضر ببركته، وهذا من علامات النبوة.

44 - باب القضاء واللعان في المسجد بين الرجال والنساء

44 - بَابُ القَضَاءِ وَاللِّعَانِ فِي المَسْجِدِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (باب: القضاء واللعان في المسجد) زاد في نسخة: "بين الرجال والنساء" وعطف اللعان على القضاء من عطف الخاص على العام، من حيث أن القضاء يكون في اللعان وغيره. 423 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ "أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ فَتَلاعَنَا فِي المَسْجِدِ، وَأَنَا شَاهِدٌ". [4745، 4746، 5259، 5308، 5309، 654، 7165، 7166، 7304 - مسلم 1492 - فتح: 1/ 518] (يحيى) أي: الختي) بفتح المعجمة، وتشديد الفوقية، وفي نسخةٍ: "يحيى بن موسى". (أخبرنا عبد الرزاق) في نسخة: "حدثنا عبد الرزاق". (أخبرني ابن شهاب) في نسخةٍ: "أخبرنا ابن شهاب". (أن رجلًا) هو عويمرُ بنُ عامر العجلانيُّ، أو هلال بن أميَة، وقيل: غيرهما، وليس بصحيح. (أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا) أي: يزني بها، أي: أخبرني. (أيقتله؟) أم، لا، وجوابُ الاستفهام محذوفٌ، [أي: لا (¬1)] كما عُلم من قوله. (فتلاعنا) أي: الرجل والمرأة، اللعان المذكور في سورة النور، وسُمي بذلك؛ لقول الرجل عليه لعنةُ الله إنْ كان من الكاذبين؛ أو لأنَّ معنى اللعن: الإبعادُ، وكلٌّ منهما يبعد بذلك عن صاحبه، بحيث يحرم النكاحُ بينهما على التأبيد. وفي الحديث: جواز القضاء في المسجد، واللعان فيه بحضرةِ الخلفاء. ¬

_ (¬1) من (م).

45 - باب إذا دخل بيتا يصلي حيث شاء أو حيث أمر ولا يتجسس

45 - بَابُ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا يُصَلِّي حَيْثُ شَاءَ أَوْ حَيْثُ أُمِرَ وَلَا يَتَجَسَّسُ (باب: إذا دخل) أي: الرجل. (بيتًا) لغيره بإذنه، فهل (يصلي) فيه. (حيث شاء) اكتفاءً بالإذن العام في الدخول، أو يصلي (حيث أمر) لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - استأذن في موضع الصلاة، ولم يصل حيث شاء، وهذا هو الذي يأتي في الحديث، ويؤيده قوله: (ولا يتجسس) بالجيم، أو بالحاء المهملة، وبالرفع، أو بالجزم، أي: ولا يتفحص موضعًا يصلي فيه، وظاهرٌ أنّه لا تنافي بين القولين؛ لأنَّ له أن يصلي في بيت الداعي في أي موضع شاء؛ لأنَّه دعاه إلى الصلاةِ؛ ليتبرك بمكان صلاته، لكنه سأله عنه؛ ليصلي في المكان الذي يحب الصلاة فيه. 424 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَقَالَ: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ لَكَ مِنْ بَيْتِكَ؟ " قَالَ: فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى مَكَانٍ، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. [425، 667، 686، 840، 838، 1186، 4009، 4010، 5401، 6423، 6938 - مسلم: 33 - فتح: 1/ 518] (عِتبان) بكسر العين وضمها. (إنَّ النبي) في نسخة: "إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. (أن أصلي لك) أضاف الصلاةَ له باعتبار وقوعها في المكان المخصوص به، وإلا فهي لله حقيقةً، وفي أخرى: "أن أصلي من بيتك"، وفي أخرى: "أن أصلي في بيتك". (وصففنا) في نسخة: "فصففنا"ـ بالفاء، وفي أخرى: (وصفَّنا) بتشديد الفاء أي: وجعلنا صفًّا. وفي الحديث: تعيين مصلى في البيت إذا عجز عن المسجد، وجواز الجماعة في البيوت وفي النافلة، وتسوية الصفِّ خلف الإمام، وإتيان الرئيس بيت المرءوس.

46 - باب المساجد في البيوت

46 - بَابُ المَسَاجِدِ فِي البُيُوتِ وَصَلَّى البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: "فِي مَسْجِدِهِ فِي دَارِهِ جَمَاعَةً". (باب: المساجد) أي: مواضع السجود. (في البيوت) فالمراد: اتخاذ مواضع الصلاة في البيوت. (في مسجده في داره جماعة) في نسخة: "في مسجد إلخ" وفي أخرى: "في مسجد داره في جماعة". 425 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي فَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَالَ الوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ بِهِمْ، وَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَّكَ تَأْتِينِي فَتُصَلِّيَ فِي بَيْتِي، فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" قَالَ عِتْبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ البَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ" قَالَ: فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ، فَقُمْنَا فَصَفَّنَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، قَالَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرَةٍ صَنَعْنَاهَا لَهُ، قَالَ: فَآبَ فِي البَيْتِ، رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ، فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخَيْشِنِ أَو ابْنُ الدُّخْشُنِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُلْ ذَلِكَ، أَلا تَرَاهُ قَدْ قَالَ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ " قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى المُنَافِقِينَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: ثُمَّ سَأَلْتُ الحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيَّ

- وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ - وَهُوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ، عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ: "فَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ". [انظر: 424 - مسلم: 33 - فتح: 1/ 519] (سعيد بن عفير) بالتصغير، نسبته إلى جده، وإلا فاسم أبيه: كثير المصري. (عقيل) بالتصغير ابن خالد الأيلي. (أنكرت بصري) أراد به ضعف بصره، أو عماه. (وأنا أصلّي لقومي) أي: لأجلهم، بمعنى: إني أؤمهم. (كانت الأمطار) أي: وجدت. (سال الوادي) من إطلاق المحلّ على الحال: وهو الماء. (مسجدهم) في نسخة: "المسجد". (فأصلي) بالنصب؛ عطفٌ على آتي أو جواب النفي في قوله: (لم أستطع). (بهم) في نسخة: "لهم". (فتصلي) بالسكون عطفٌ على (تأتي) وبالنصب جواب التمني. (فأتَّخِذُه) بالرفع على الاستئناف، وبالنصب بأن مضمرة جوازًا (¬1)، وأن والفعل في تقدير مصدر معطوف عليها المصدر المؤول من (أنك تأتيني) أي: وددت إتيانك، فصلاتك، فاتخاذي لمكان صلاتك. (مصلى) فما قيل: من أنه منصوب بالعطف على (يصلّي) يكون جوابًا للتمني مردود، كيف ولو أظهرت أن هنا لم يمتنع وهناك يمتنع؟ (سأفعل إن شاء الله) علقه بمشيئة الله تعالى؛ عملًا بآية {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف: 23]، (فغدا رسول الله) في نسخة: "فغدا على رسول الله". (حين) في نسخة: (حتى" بدل (حين) في الموضعين. ¬

_ (¬1) بعد فاء السببية، وهذا مذهب البصريين، ومذهب أكثر الكوفيين: نصب الفعل بالفاء نفسها، وبعضهم نصبه بالخلاف.

(من بيتك) في نسخة: "في بيتك". (فصففنا) في نسخة: (فصفنا). (وحبسناه) أي: منعناه بعد الصلاة عن الرجوع. (على خزيرة) بفتح المعجمة وكسر الزاي: لحم مقطع قطعًا صغارًا طُبخ بماءٍ، يدر عليه بعد النضج من دقيق، فإن عرت من اللحم فعصيدة، وأما الحريرة بمهملتين فدقيقٌ يطبخُ بلبن. (فثاب) بمثلثة، أي: جاء لا رجع؛ لأنه غير مناسب، ولا اجتمع؛ لعطف قوله: "فاجتمعوا عليه" فيلزم عطف الشيء على مرادفه، وهو وإن صحَّ لاختلاف اللفظ لكنه خلاف الأصل. (من أهل الدار) يعني: المحلة. (فقال قائل) ولم يُسَمّ. (ابن الدخيشن أو ابن الدخشن) بضم المهملة وبخاءٍ وشين معجمتين، وبنون فيهما، ويروى: بالميم بدل النون، ويقال في الثاني: الدخشن بكسر الدال والشين. (فقال بعضهم) هو عتبان بن مالك، راوي الحديث. (منافقٌ لا يحب الله ورسوله) أي؛ لكونه يجالس المنافقين ويوادهم. (قد قال: لا إله إلا الله) أي: مع محمد رسول الله. (وجه الله) أي: ذاته. (قال) أي: القائل. (نرى وجهه) أي: توجهه. (إلى المنافقين) تنازعه (وجهه) و (نصيحته)، وغلب فيه وجهه؛ لأن التوجه يعدى بإلى، والنصيحة باللام، أو ضمَّن النصيحة معنى الانتهاء. (قال رسول الله) في نسخة: "فقال رسول الله". (حرم على النَّار) أي: دخولها مؤيَّدًا جمعًا بينه وبين ما ورد من دخول أهل المعصية فيها (قال ابن شهاب) أي: بالسند الماضي. (ثم سألت الحصينى) بمهملتين أولاهما مضمومة، وثانيتهما مفتوحة. وفي نسخةٍ: "ثُمَّ سألت بعد ذلك الحصين". (من سراتهم) بفتح السين، أي: خيارهم. (ابن الربيع) زاد في نسخة: "الأنصاري". (بذلك) أي: بالحديث المذكور.

47 - باب التيمن في دخول المسجد وغيره

وفيه: التخلف عن الجماعة لعذر، والتبرك بمصلَّى الصالحين، والوفاء بالوعد، وصلاة النفل في جماعة بالنهار، وإكرام العلماء بالطعام ونحوه، والتنبيه على أهل الفسق عند السلطان، وأن السلطان يتثبت في مثل ذلك، ويوجه له أجمل الوجوه، وأن الجماعة في الصلاة إذا غاب أحدٌ منهم يسألون عنه، وأنه لا يكفي في الإيمان النطق بلا اعتقاد، واستدعاء المفضول للفاضل، وإمامة الزائر المزور برضاه، وأن نفل النهار ركعتان، واستتباع الإمام والعالم أصحابه، والاستئذان على صاحب المنزل ولو تقدم استدعاؤه، وأن أهل المحلة إذا ورد صالح لمنزل بعضهم يجتمعون لزيارته؛ إكرامًا له واستفادة منه. وأنه لا بأس بملازمة الصلاة في موضع معين من البيت، وأنه لا يخلد في النار من مات على التوحيد، وإمامة الأعمى. 47 - بَابُ التَّيَمُّنِ فِي دُخُولِ المَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: "يَبْدَأُ بِرِجْلِهِ اليُمْنَى فَإِذَا خَرَجَ بَدَأَ بِرِجْلِهِ اليُسْرَى". (باب: التيمن) أي: البدأة باليمين. (في دخول المسجد وغيره) أي: من البيوت (يبدأ) أي: في دخول المسجد وغيره. 426 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ". [انظر: 168 - مسلم: 268 - فتح: 1/ 523] (يحب التيمن) أي: البدأة باليمين. (ما استطاع) أي: ما دام مستطيعًا للتيمن بخلاف ما إذا عجز عنه فيتعين غيره (في شأنه) متعلق بـ (يحب) أو بـ (التيمن) أو بهما من باب التنازع. (في طهوره) بضمِّ الطاءِ،

48 - باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد؟

أي: تطهره. (وترجله) بضمِّ الجيم، أي: تمشيط شعره. (وتنعله) بتشديد العين، أي: لبسه النعل، والثلاثةُ أبدالُ مِنْ: (في شأنه) بدل بعض من كلّ، وصرح بها؛ اهتمامًا بها لشرفها. 48 - بَابٌ: هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الجَاهِلِيَّةِ، وَيُتَّخَذُ مَكَانُهَا مَسَاجِدَ؟ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ" وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ فِي القُبُورِ وَرَأَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: "القَبْرَ القَبْرَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ". (باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد؟) بالرفع نائب الفاعل في (يتخذ) والاستفهام للتقرير كقوله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الإنسان: 1]. (مكانها) بالنصب هو المفعول الثاني، ويجوز رفعه على إنه نائب الفاعل، ونصب (مساجد) على أنه المفعول الثاني (¬1)]. (لعن الله اليهود؛ لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) سواء نبشت لما فيه من الاستهانة، أو لم تنبش؛ لما فيها من المغالاة في التعظيم، وكلٌّ منهما مذموم، ويلتحق بالأنبياء أتباعهم، بخلاف الكفرة فلا حرج في نبش قبورهم؛ لانتفاء العلتين، وبذلك علم أنه لا تعارض بين نبشه - صلى الله عليه وسلم - قبور المشركين واتخاذ مسجده مكانها، وبين لعنه - صلى الله عليه وسلم - مَنِ اتخذ قبور الأنبياء مساجد. ¬

_ (¬1) من (م).

واقتصر البخاريُّ هنا على اليهود وقال في الجنائز وغيرها: "لعن الله اليهود والنصارى" (¬1) لكن تعليله باتخاذهم مساجد لا يأتي في النصارى؛ لأنهم لا يزعمون نبوة عيسى، ولا موته حتى يكون له قبر، بل يزعمون أنه ابن له تعالى، أو إله، أو غير ذلك على اختلاف مللهم الباطلة. (وما يكره من الصلاة في القبور) سواءٌ كانت عليها، أم إليها، أم بينها، والجملة عطفٌ على (هل تنبش؟) قال الكرماني عقب هذا: فالترجمة مشتملة على مسألتين: اتخاذ المساجد في مكان القبور، واتخاذها بين القبور، ففي الأول: لا تبقى لصورة القبر أثر بخلافه في الثانية (¬2). (ورأى عمر) أي: "ابن الخطاب - رضي الله عنه - "كما في نسخة. (القبر القبر) بنصبهما على التحذير (¬3) محذوف العامل وجوبًا، أي: اجتنب القبر، وفي نسخة: قرن ذلك بهمزة الاستفهام؛ للإنكار أي: أتصلّي للقبر؟ أي: عنده. (ولم يأمره) أي: ولم يأمر عُمَرُ أنسًا بالإعادة، فصلاته صحيحة، لكن مع الكراهة؛ لكونه صلَّى محاذيًا لنجاسة، وإن كان بينهما حائل. 427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاويرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1330) كتاب: الجنائز، باب: من يكره اتخاذ المساجد على القبور. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 87 - 88. (¬3) الأول مفعول به للفعل المحذوف، والثاني توكيد لفظي للأول.

عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ". [434، 1341 - مسلم 528 - فتح: 1/ 523] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عائشة) زاد في نسخة: "أم المؤمنين". (أن أم حبيبة) هي رملة بنت أبي سفيان صخر (¬1). (ذكرتا) في نسخة: "ذكرا". (كنيسة) أي: معبدًا للنصارى. (رأينها) بنون الجمع على أن أقل الجمع اثنان، أو على أن معهما غيرهما من النسوة، وفي نسخة: "رأتاها" بمثناة فوقية، وفي أخرى: بياء تحتية. (أولئك) بكسر الكاف؛ لأن الخطاب لمؤنث. (تيك) بكسر الفوقية وبياء ساكنة، وفي نسخة: "تلك" بلام ساكنة، والكاف مكسورة فيهما. (فأولئك) بكسر الكاف أيضًا. (شرار) جمع شر، كخيار جمع خير. وفي الحديث: جواز حكاية ما يشاهده المرء من العجائب، ووجوب بيان حكم ذلك على العالم به، وذمُّ فاعل المحرمات، وكراهة الصلاة في المقابر. 428 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى المَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ، فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا"، قَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلا إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ قُبُورُ المُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ وَفِيهِ ¬

_ (¬1) في (أ): ابن صخر، والصواب: إسقاط كلمة [ابن] فإن أبا سفيان اسمه [صخر] واسم أبيه حرب- تعليق بهامش الأصل ص 194.

نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ، فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ، وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إلا خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ". [انظر: 234 - مسلم: 524 - فتح: 1/ 524] (عن أبي التياح) بفتح الفوقية والتحتية المشددتين، ثم بالمهملة: يزيد بن حميد الضبعي. (عن أنس) في نسخة: "أنس بن مالك". (فنزل أعلى المدينة) في نسخة: (فنزل في أعلى المدينة". (في حتى) أي: قبيلة. (أربع عشرة) في نسخة: "أربعًا وعشرين" وصوَّب شيخنا الأوَّل (¬1). (النجَّار) بتشديد الجيم: أبو قبيلة من الأنصار. (متقلدي السيوف) بالإضافة، وفي نسخة: "متقلدين السيوف" وتقليدها: جعل نجادها على المنكب، وحكمة مجيئهم كذلك: خوف اليهود؛ وليروه ما أعدوه لنصرته - صلى الله عليه وسلم -. (على راحلته) أي: ناقته القصواء. (ردفه) أي: راكب خلفه. (وملأُ بني النجار) بالهمزة أي: أشرافهم. (حتى ألقى) أي: طرح رحله. (بفناء أبي أيوب) أي: بفناء داره: وهو ما امتد من جوانبها، واسم أبي أيوب: خالد بن زيد الأنصاري. (ويصلِّي) عطفٌ على (يحب) فياؤه ساكنة، أو على معموله فياؤه مفتوحة، وفائدة حبه ذلك: بيان جوازه، وإن كان مكروهًا في حقنا. (في مرابض الغنم) أي: في مأواها، والمفرد: مربض (¬2) بكسر ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 1/ 626. (¬2) المرابض: جمع مَرْبِض، والمَرْبضُ: مجلس للغنم مأواها ليلًا وقال الجوهري: المرابض للغنم كالمعاطن للإبل. والرَّبَضُ: مرابض الغنم، =

الباءِ. (وإنه) بكسر الهمزة على الاستئناف، وفي نسخة: بفتحها. (ولا يخفى بعده) أمر بالبناء للفاعل، فضمير (إنه): للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وبالبناء للمفعول، فالضمير للشأن. (المسجد) بكسر الجيم أكثر من فتحها: موضع السجود، والمراد: البيت المهيأ للصلاة فيه (¬1). (إلا ملأ من بني النَّجار) في نسخة: "إلى ملأ بني النَّجار". (ثامنوني) بمثلثة، أي: سموا لي ثمنه وبيعوني به. (بحائطكم) أي: بستانكم. (إلا إلى الله) أي: من الله، وعُدِّيَ (نطلب) بإلى؛ لتضمينه معنا صرف الثمن إليه تعالى. فإطلاق الثمن على الصرف على سبيل المشاكلة و (ثامنوني). (فقال) في نسخة: "قال". (فكان فيه) أي: في الحائط. (ما أقولُ لكم) اسم (كان). (قبور المشركين) بالرفع بدلٌ من (ما أقول) أو بيان له. (وفيه خَرِبٌ) بفتح المعجمة وكسر الراءِ: اسم جنس جمعي واحده: خربة، ككلِم وكلمة، وبكسر المعجمة وفتح الراء، كعنب وعنبة: وهي ما يهدم من الأبنية. ¬

_ = ورَبَضُ الغنم: مأواها وسمِّى به لأنها تربض به. مادة (ربض) في "الصحاح" 3/ 1076، و"اللسان" 3/ 1558، و "القاموس" 642 - 643. (¬1) المسجد: بيت الصلاة، وقيل: الذي يُسْجَدُ فيه. واحد المساجد، وقال الزجاج: كل موضع يتعبد فيه فهو مسجد، وقيل: المسجد موضع السجود نفسه، وقال ابن الأعرابي: مَسْجَد، بفتح الجيم: محراب البيوت، ومَسْجِد بكسر الجيم: مصلَّى الجماعات. مادة (سجد) في: "الصحاح" 2/ 484 - 485، " اللسان" 4/ 1940، "القاموس" 287.

49 - باب الصلاة في مرابض الغنم

(فصفُّوا النخل قبلة المسجد) أي: جهته؛ إذ قبلته -كما سيأتي- كانت في زمانه - صلى الله عليه وسلم - مبنية باللبن ومسقفه بالجريد، وعمده خشب النخل (وجعلوا عضادتيه) أي: عضادتي بابه. (الحجارة) بدل الخشب المعهود؛ لأنَّ عضادتي الباب: هما الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل وشماله وفوقهما العارضة. (يرتجزون) أي: ينشدون الرجز تنشيطًا لنفوسهم؛ ليسهل عليهم العمل. (وهو معهم) حال؛ أي: يرتجز معهم. (وهو يقول: اللهم لا خير إلَّا خير الآخرة .. فاغفر للأنصار والمهاجرة) حال أيضًا، وهو من مشطور الرجز، وفي نسخة: "الأنصار" بدون لام بتضمين (اغفر) معنى استر، واستشكل قوله - صلى الله عليه وسلم - ذلك مع قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} [يس: 69] وأجيب: بأن الممتنع عليه - صلى الله عليه وسلم - إنشاء الشعر لا إنشاده، على أن الخليل لم يعد مشطور الرجز شعرًا، بل قيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك بالتاءِ متحركة فخرج عن وزن الشعر بالكلية. 49 - بَابُ الصَّلاةِ فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ (باب: الصلاة في مرابض الغنم) أي: بيان حكمها، وتقدم بيان المرابض. 429 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدُ يَقُولُ: "كَانَ يُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى المَسْجِدُ". [انظر: 234 - مسلم: 524 - فتح: 1/ 526] (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (ثُمَّ سمعته) أي: قال أبو التياح: ثم سمعت أنسًا، أو قال شعبة:

50 - باب الصلاة في مواضع الإبل

ثُم سمحت أبا التياح. (بعدُ) أي: بعد ذلك القول المطلق. (يقول: كان) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (يصلِّي في مرابض الغنم، قبل أن يُبنى المسجد) أي: النبوي، فقيَّد بالقَبْلِيَّة المفيدة لعدم صلات - صلى الله عليه وسلم - بعد بناء المسجد، نعم ثبت إذنه في ذلك. 50 - بَابُ الصَّلاةِ فِي مَوَاضِعِ الإِبِلِ (باب: الصلاة في مواضع الإبل) أي: باب: بيان حكمه، والمراد: بـ (مواضع الإبل): معاطنها: وهي مباركها للشرب، عللا بعد نهل، وكره الصلاة فيها مالك والشافعي؛ لنفارها السالب للخشوع، أو لكونها خلقت من الشياطين كما واه ابن ماجه (¬1). 430 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ "يُصَلِّي إِلَى بَعِيرِهِ"، وَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ. [507 - مسلم: 502 - فتح: 1/ 527] (أخبرنا سليمان) في نسخة: "حدَّثنا سليمان". (حيان) بفتح المهملة وتشديد التحتية، منصرفٌ وغير منصرفٍ؛ أي؛ ابن خالد الأحمر. (حدَّثنا عبيد الله) في نسخة: "أخبرنا عبد الله". (وقال) في نسخة: "فقال". (يفعله) أي: يصلِّي والبعير في قبلته. ¬

_ (¬1) "سنن ابن ماجه" (769) كتاب: المساجد والجماعات، باب: الصلاة في أعطان الإبل ومراح الغنم. والحديث صححه الألباني في "صحيح ابن ماحه".

51 - باب من صلى وقدامه تنور أو نار، أو شيء مما يعبد، فأراد به الله

51 - بَابُ مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَوْ نَارٌ، أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يُعْبَدُ، فَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ وَأَنَا أُصَلِّي". [فتح: 1/ 527] (باب: من صلَّى وقدامه تنور) هو بفتح الفوقية: ما يتخذ من الطين، ويوضع على جوانب حفيرة يوقد فيها النار إلى أن يحمى، فيخبز فيه، و (التنور) مبتدأ خبره (قدامه) بنصبه على الظرفية، والجملة حال. (أو نار) من عطف العام على الخاص اهتمامًا به؛ لأنَّ عبدتها من المجوس لا يعبدون سواها. (أو شيءٌ مما يعبد) كالأصنام والأوثان. (فأراد) أي: المصلِّي وقدامه شيء مما ذكرنا. (به) أي: بفعله. (الله تعالى) لفظ: (تعالى) ساقط من نسخة، وفي نسخة: "وجه الله تعالى" والمراد: أن صلاته صحيحة، ولا كراهة فيها عند الشافعيِّ ومن وافقه، وكأنه أشار إلى ذلك بقوله: (وقال الزهريُّ ... إلخ). (أنس) في نسخة: "أنس بن مالك). 431 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: "أُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَاليَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ". [انظر: 29 - مسلم: 907 - فتح: 1/ 528] (أُريتُ) بضمِّ الهمزة، من رؤية البصر. (النار) أي: الجهنمية. (منظرًا) أي: موضع النظر. (كاليوم) صفة و (منظر) أو لمصدر محذوف أي: رؤية مثل رؤية اليوم. (قط) بتشديد الطاء وتخفيفها ظرف للماضي المنفي، ويقال فيه: قُطُ بضمتين، وأما (قط) بمعنى حسب، فبفتح

52 - باب كراهية الصلاة في المقابر

القاف، وسكون الطاءِ. (أفظع) بالنصب صفة و (منظرًا) وصلة (أفظع) محذوفة أي: منه كالله أكبر، أي: من كل شيءٍ، والفظيع: الشنيع الشديد المجاوز المقدار. وفي الحديث: استحباب صلاة الكسوف، وأن النار مخلوقة اليوم وكذا الجنة. 52 - بَابُ كَرَاهِيَةِ الصَّلاةِ فِي المَقَابِرِ (¬1) 432 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا". [1187 - مسلم: 777 - فتح: 1/ 528] (باب: كراهية الصلاة في المقابر) في نسخة: "كراهة" بدل (كراهية). وكلاهما مصدر كره. (يحيى) أي: القطَّان. (عن عبيد الله) في نسخة: "عن عبيد الله بن عمر". (من صلاتكم) أي: بعضها، وهو مفعول الجعل، وهو هنا متعدٍ ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البُخاريّ" ص 45: فيه حديث ابن عمر، والظاهر أن البُخاريّ فهم من الحديث أن المقابر لا يصلَّى فيها وأنه مثل البيوت التي لا يصلى فيها بالمقابر، فدلَّ مفهومه على أن المقابر ليست محلًا للصلاة، وهذا فيه نظرة لأنَّ الظاهر من الحديث أن لا يكون المكلف ترك الصلاة في بيته كالميت المقطوع التكليف في قبره، وليس فيه ما يتعلق بصلاة المكلف في المقابر، ويدل عليه قوله: "ولا يجاورها قبورًا" جمع قبر ولم يقل: مقابر جمع مقبرة، ولو أراد ما يظهر من ظن البُخاريّ لقال: ولا يتحددها مقابر.

53 - باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب

لواحد كما في {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: من الآية 1] بخلاف ما إذا كان بمعنى التصيير، فإنّه يتعدى لاثنين نحو {جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ} [الأنعام: 165] (قبورًا) أي: كالقبور مهجورة من الصلاة شبَّه البيوت التي لا يصلَّى فيها بالقبور التي لا يمكن الموتى من العبادة فيها. 53 - بَابُ الصَّلاةِ فِي مَوَاضِعِ الخَسْفِ وَالعَذَابِ وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "كَرِهَ الصَّلاةَ بِخَسْفِ بَابِلَ". (باب: الصلاة في مواضع الخسف والعذاب) في نسخة: "موضع" بالإفراد وعطف (العذاب) على (الخسف) من عطف العام على الخاص؛ لأنَّ الخسف من جملة العذاب: وهو المكان المذاهب في الأرض. (بابل) موضعٌ بالعراق قريب من الكوفة، لا ينصرف للعلمية والتأنيث (¬1). 433 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاءِ المُعَذَّبِينَ إلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لَا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ". [3380، 3381، 4419، 4420، 4702 - مسلم: 2980 - فتح: 1/ 530] (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين) بفتح الذَّال المعجمة؛ أي: ثمود أصحاب الحجر؛ أي: لا تدخلوا ديارهم. (إلا أن تكونوا باكين) شفقة وخوفًا من حلول مثل ذلك. (لا يصيبكم) بالرفع على الاستئناف، ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 309 - 311.

54 - باب الصلاة في البيعة

فإن قلت: كيف يصيب عذابُ الظالمين غيرهم، وقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]؟ قلت: لا نسلم امتناع إصابة عذاب الظالم غيره، فقد قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وأمَّا آية: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ} فمحمولةٌ على عذاب يوم القيامة، ثم لا نسلم أنَّ الذي يدخل موضعهم ولا يتضرع ليس بظالم. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أنَّه إذا أمر بالبكاء فيما ذكر دوامًا استلزم أن يكون في الصلاة إذا صلَّى فيها، وهو فيها مكروه، بل لو ظهر منه حرفان أو حرفٌ مفهم أو ممدود بطلت. 54 - بَابُ الصَّلاةِ فِي البِيعَةِ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "إِنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ" وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "يُصَلِّي فِي البِيعَةِ إلا بِيعَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ". (باب: الصلاة في البيعة) هي بكسر الباء: معبد النصارى، كالكنائس لليهود، والصوامع للرهبان، والمساجد للمسلمين، ويقال: الكنائس للنصارى أيضًا كالبيعة. (كنائسكم) في نسخة: "كنائسهم" بضمير الغيبة. (التي فيها الصور) محله نصب صفة لـ "كنائسهم" لا لـ (لتماثيل) لأنها الصور، أو على الاختصاص. و (الصور) بالرفع مبتدأ خبره: (فيها) وبالنصب بأعني، وبالجرِّ بدلٌ من التماثيل، أو بيان لها، وفي نسخة: "والصور" بواو العطف على (التماثيل) وسوغه اختلاف اللفظ، وفي أخرى: "الصورة" بدل (الصور).

55 - باب

(إلَّا بيعة فيها تماثيل) أي: فلا يُصلِّي فيها ابن عباس؛ لأنها مأوى الشياطين. 434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ، فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أَو الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ". [انظر: 427 - مسلم: 528 - فتح: 1/ 531] (محمد) في نسخة: "محمد بن سلام". (أخبرنا عبدة) في نسخة: "أخبرني عبدة" واسمه: عبد الرحمن بن سليمان. (مارية) بتخفيف الياءِ. (أولئك) بكسر الكاف. (أو الرجل) شكٌّ من الراوي. (تلك) بكسر الكاف، وفي نسخة: "تيك" بياء بدل اللام. وفي الحديث: إشارة إلى كراهة الصلاة فيما ذكر، وفَرَّقَ بينها وبين عدمها في الصلاة إلى ما يعبد من النار، كما مرَّ بأن التصوير حرام بخلاف النار، فإن التحريم ليس فيها بل في عبادتها، وبأن التماثيل تشغل القلب، بخلاف النار. 55 - باب. 435، 436 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، قَالَا: لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: "لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ" يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. [1330، 1390، 3453، 3454، 4441، 4443، 4444، 5815، 5816 - مسلم: 531، 529 - فتح: 1/ 532]

56 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا"

(باب) ساقط من نسخة. (نزل) بالبناءِ للفاعل، وبالبناءِ للمفعول، والمعنى: لما نزل (برسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -) أمارة الموت. (طفق) بكسر الفاءِ أكثر من فتحها؛ أي: جعل. (خميصة) كساء له أعلام. (إذا اغتمَّ) أي: تسخن. (وهو كذلك) في حالة الطرح والكشف. (اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) بيَّن به سبب لعنهم، واستشكل بأن النصارى ليس لهم إلَّا نبيٌّ واحدٌ، وليس له قبر، وأجيب: بأن الجمع بإزاءِ المجموع من اليهود والنصارى، وهو قريب من التغليب، وبأن المراد بالأنبياء هم وكبراء أتباعه، أو أنه كان فيهم أنبياء أيضًا، لكنهم غير مرسلين كالحواريين. (يحذر ما صنعوا) بيَّن به الراوي حكمة ذكر النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما ذكر في ذلك الوقت. 437 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ". [مسلم: 530 - فتح: 1/ 532] (قاتل الله اليهود) أي: قتلهم، أو لعنهم. قال الكرمانيُّ: وخص اليهود بالذكر هنا بخلاف ما تقدم؛ لأنهم استنوا هذا الاتخاذ وابتدءوا به فهم أظلم، أو لأنهم أشدُّ غلوُّا فيه (¬1). 56 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا". (باب: قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا") بفتح الطاءِ على المشهور أي: فيصلِّي على أي جزء كان من أجزائها ويتيمم بترابها. ¬

_ (¬1) "البُخاريّ بشرح الكرماني" 4/ 97.

57 - باب نوم المرأة في المسجد

438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ هُوَ أَبُو الحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ الفَقِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ". [انظر: 335 - مسلم: 521 - فتح: 1/ 533] (لم يعطهنَّ أحدٌ) أي: لم تجمع لأحدٍ. (مسجدًا) أي: موضع سجود في الصلاة وغيرها. (وأَيُّمَا) في نسخة: "فأيُّما". (رجلٍ) مثالٌ، وإلا فالمرأة والخنثى كذلك. (كافة) أي: جميعًا وهو حال. 57 - بَابُ نَوْمِ المَرْأَةِ فِي المَسْجِدِ (باب: نوم المرأة في المسجد وإقامتها فيه) أي: بيان جواز ذلك. 439 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنَ العَرَبِ، فَأَعْتَقُوهَا، فَكَانَتْ مَعَهُمْ، قَالَتْ: فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ، قَالَتْ: فَوَضَعَتْهُ - أَوْ وَقَعَ مِنْهَا - فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاةٌ وَهُوَ مُلْقًى، فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطِفَتْهُ، قَالَتْ: فَالْتَمَسُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوهُ، قَالَتْ: فَاتَّهَمُونِي بِهِ، قَالَتْ: فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونَ حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا، قَالَتْ: وَاللَّهِ إِنِّي لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ، إِذْ مَرَّتِ الحُدَيَّاةُ فَأَلْقَتْهُ، قَالَتْ: فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ، قَالَتْ: فَقُلْتُ هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ، زَعَمْتُمْ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ، وَهُوَ ذَا هُوَ، قَالَتْ: «فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَتْ»، قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي المَسْجِدِ - أَوْ حِفْشٌ -» قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِنْدِي، قَالَتْ: فَلاَ تَجْلِسُ عِنْدِي مَجْلِسًا، إِلَّا قَالَتْ: [البحر الطويل] وَيَوْمَ الوِشَاحِ مِنْ أَعَاجِيبِ رَبِّنَا ... أَلاَ إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الكُفْرِ أَنْجَانِي

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهَا مَا شَأْنُكِ، لَا تَقْعُدِينَ مَعِي مَقْعَدًا إلا قُلْتِ هَذَا؟ قَالَتْ: فَحَدَّثَتْنِي بِهَذَا الحَدِيثِ. [3835 - فتح: 1/ 533] (عبيد) بضمِّ العين، وفي نسخة: "عبيد الله" وهو اسمه في الأصل. (عن هشام) في نسخة: "عن هشام بن عروة". (أن وليدة) بفتح الواو أي: أمةً لم تسمّ. (فخرجت صبية) لم تسمّ. (لهم) أي: للحيِّ. (وشاح) بكسر الواو، ويقال فيه: إشاح، بكسر الهمزة، وقد تضمُّ الواو والهمزة: وهو ما ينسج من أديم عريضًا، ويرصَّع بالجواهر، تشده المرأة بين عاتقيها وكشحها، ويقال: هو ثوب كالبرد، أو نحوه. (أو وقع منها) شكٌّ من الراوي. (فمرت به) لفظ: (به) ساقط من نسخة. (حُدَيَّاةٌ) بياءٍ مشددة فألف، والأصل: "حديأة" بياء مخففة فهمزة مفتوحة؛ لأنَّه مصغر حدأة بوزن عنبة فأبدلت الهمزة ياءً، وأدغمت الياءُ في الياءِ ثُمَّ أشبعت الفتحة فصارت ألفًا. (فخطفته) بكسر الطاءِ على المشهور. (فالتمسوه) أي: طلبوه وسألوا عنه. (فطفقوا) أي: فجعلوا. (يفتشون) في نسخة: "يفتشوني". (قُبُلَها) أتى فيه بضمير الغيبة؛ لأنَّه من كلام عائشة وإلا فالقياس: قُبُلِي، أو هو من كلام الوليدة؛ على طريق الالتفات، أو التجريد. (زعمتم) مفعولاه محذوفان أي: زعمتموني آخذةً له، أو ما يسدُّ مسدهما؛ أي: إنِّي أخذته. (وهو ذا هو) هو الأول مبتدأ و (ذا) خبره و (هو) الثاني إما خبر بعد خبر، أو تأكيد للأول، أو تأكيد و (ذا) أو بيان له، أو (ذا) مبتدأ ثانٍ وخبره (هو) الثاني، والجملة: خبر المبتدإ الأول، أو خبر (هو) الثاني محذوف؛ أي: حاضر، والجملة: تأكيدٌ للجملة قبلها، أو (ذا) نصب على الاختصاص، أو الأول ضمير

58 - باب نوم الرجال في المسجد

الشأن، وما بعده مفسرة له، و (ذا) إشارة إلى ما ألقته الحُدَيَّاةُ، و (هو) الثاني، عائدٌ إلى (الذي اتهمتموني به) وما صدقهما واحدٌ. (إلى رسول الله) في نسخة: "إلى النَّبيِّ". (فكانت) في نسخة: "فكان". (خباء) بالمدِّ؛ أي: خيمة من صوفِ، أو وبر. (في المسجد) أي: النبويِّ. (أو حفش) بمهملة مكسورة، وفاءِ ساكنة، وشينٍ معجمة أي: بيت صغير، ويطلق أيضًا على وعاء المغازل. (فتحدث) أصله: تتحدث، بتاءين فحذفت إحداهما تخفيفًا. (تعاجيب) جمع تعجيب، وإن كان مصدرًا؛ لأنَّ المصدر يجمع باعتبار أنواعه، يقال: تعجب به؛ أي: رأى العجب منه، فسقط ما قيل: أنه لا واحد له من لفظه، وفي نسخةٍ: "أعاجيب" بهمزةٍ بدل التاءِ (ألا إنَّه) بتخفيف اللام، وكسر همزة (إنه). وفي الحديث: مبيت من لا مسكن له في المسجد في نحو الخيمة، ولو كان الساكنُ امرأة. والخروج من بلدة جرت فيها فتنة؛ تشاؤمًا بها. 58 - بَابُ نَوْمِ الرِّجَالِ فِي المَسْجِدِ وَقَالَ أَبُو قِلابَةَ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ". [انظر: 233] وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: "كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ الفُقَرَاءَ". (باب: نوم الرجال في المسجد) في نسخة: "نوم الرجل في المسجد" أي: بيان جوازه. (أبو قلابة) هو عبد الله بن زيد. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (من عُكْلٍ) قبيلة من العرب. (في الصُّفَّةِ) هو موضع

مظلل في آخريات المسجدِ النبويِّ، يأوي إليه المساكين. (ابن أبي بكر) زاد في نسخة: "الصِّديق". (أصحابُ الصُّفَّة فقراء) في نسخة: "الفقراء" بالتعريف، وسيأتي قريبًا أنهم كانوا سبعين (¬1). 440 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، "أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لَا أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [1211، 1156، 3738، 3740، 7015، 7028، 7030 - مسلم: 2479 - فتح: 1/ 535] (يحيى) هو القطَّان. (عبد الله) أي: ابن عمر العمري. (أعزب) أي: لا زوجة له وهي قليلة، وفي نسخة: "عزب" بفتح الزاي، وقيل: بكسرها، وهي اللغة الفصيحة (لا أهل له) مفهومٌ من (أعزب) لكنه ذكره تأكيدًا له، أو أنه أراد بالأهل ما يعمُّ الزوجة والقريب. (في مسجد النَّبيِّ) متعلِّقٌ بـ (ينام). 441 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي البَيْتِ، فَقَالَ: "أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ " قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَغَاضَبَنِي، فَخَرَجَ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإِنْسَانٍ: "انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟ " فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ فِي المَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ، وَيَقُولُ: "قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ". [3703، 6204، 6280 - مسلم: 2409 - فتح: 1/ 535] (أين ابن عَمِّك) لم يَقُلْ: أين زوجك، أو عليّ، أو ابن عمِّ أبيك؛ استعطافًا لها على تذكُر القرابة القريبة بينهما؛ لأنَّه فهم أنه جرى بينهما شيءٌ. (قالت) في نسخة: "وقالت" وفي أخرى: "فقالت". (فلم) ¬

_ (¬1) سيأتي ذلك في حديث (442) كتاب: الصلاة، باب: نوم الرجال في المسجد.

في نسخة: "ولم". (يقل) بفتح الياء وكسر القاف: مضارع قَالَ من القيلولة: وهي نوم نصف النهار (¬1)، وفي نسخة: "يُقل" بضمِّ الياءِ. (لإنسان) هو سهل راوي الحديث. (انظر أين هو) لا ينافي قوله في "الأدب": "فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أين ابن عمِّك" قالت: في المسجد. لاحتمال أنه أراد انظر أهو في المسجد كما قالت أو تحوَّل منه. (عن شِقِّه) بكسر الشين أي: جانبه. (أبا تراب) أي: يا أبا تراب. وفي الحديث: الملاطفة بالأصهار، ونوم غير العزب في المسجد. ودخول الوالد بيت ابنته بغير إذن زوجها، والممازحة للغاضب بالتكنية بغير كنيته إذا كان ذلك لا يغضبه، والفضيلة العظمى لعلي. 442 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، إِمَّا إِزَارٌ وَإِمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رَبَطُوا فِي أَعْنَاقِهِمْ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الكَعْبَيْنِ، فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ، كَرَاهِيَةَ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ". [فتح: 1/ 536] (ابن فضيل) هو محمد بن فضيل بن غزوان. (قال: رأيتُ) في نسخة: "قال: لقد رأيتُ". (سبعين من أهلِ الصُّفَّةِ) هُمْ غير السبعين الذين استشهدوا ببئر معونة؛ لأنهم استشهدوا قبل إسلام أبي هريرة. (رداء) هو ما يكسو أعالي البدن. (إزار) هو ما يكسو النصف الأسفل. (وإما كساءٌ، قد ربطوا) أي: ربطوه. (فمنها) أي: من الأكسية المفهومة من (كساء). فيكسوه؛ أي: الواحد منهم. ¬

_ (¬1) القيلولة: نومة نصف النهار، وهي القائلة. قال الجوهري: القيلولة: النوم في الظهيرة، وقال الأزهري: القيلولة والمقيل: الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحرُّ وإن لم يكن ذلك مع نوم. مادة (قيل) في "الصحاح" 5/ 1808، "اللسان" 6/ 3796 - 3797، "مجمل اللغة" 739.

59 - باب الصلاة إذا قدم من سفر

أي: من الأكسية المفهومة من (كساء). فيكسوه؛ أي: الواحد منهم. 59 - بَابُ الصَّلاةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ". [انظر: 2757] (باب: الصلاة) أي: سنها في المسجد. (إذا قدم من سفر) أي: قدم الشخص على أهله. 443 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ - قَالَ مِسْعَرٌ: أُرَاهُ قَالَ: ضُحًى - فَقَالَ: "صَلِّ رَكْعَتَيْنِ" وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَنِي. [1801، 2097، 2309، 2385، 2394، 2406، 2470، 2603، 2604، 2718، 2861، 2967، 3087، 3089، 3090، 4052، 5079، 5080، 5243، 5244، 5245، 5246، 5247، 6705، 6387 - مسلم: 715 - فتح: 1/ 537] (أراه) بضمِّ الهمزة أي: أظنُّه. (صلَّى ركعتين) هما للقدوم من السفر، لا تحية للمسجد، لكنها تحصل بهما. (وكان لي عليه دين) أي: زنة أوقية، وفي نسخة: "وكان له عليه دين" وعليها ففي قوله: "فقضاني" التفات. 60 - بَابُ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ (باب: إذا دخل المسجد) في نسخة: "إذا دخل أحدكم المسجد". (فليركع ركعتي) زاد في نسخة: "قبل أن يجلس". 444 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

61 - باب الحدث في المسجد

قَالَ: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ". [1163 - مسلم: 714 - فتح: 1/ 537] (إذا دخل أحدكم المسجد) أي: وهو متوضِّئ. (فليركع) أي: فليصلِّ ندبًا. (ركعتين) أي: تحية المسجد، فلو جلس شرع تداركهما إن جلس ناسيًا، وقصر الفصل وإلا فلا، ولا تشرع التحية لداخل المسجد الحرام؛ لاشتغاله بالطواف، واندراجها تحت ركعتيه، ولا لمن اشتغل إمامه بالفرض، ولا لمن دخل وقد شرع المؤذن في إقامة الصلاة، أو قرب إقامتها، ولا للخطيب يوم الجمعة عند صعوده المنبر. 61 - بَابُ الحَدَثِ فِي المَسْجِدِ (باب: الحدث الحاصل في المسجد) أهو مكروه أم لا؟ 445 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ". [انظر: 176 - مسلم: 362، 649 - فتح: 1/ 538] (الملائكة) في نسخة: "إن الملائكة". (تصلِّي) أي: تستغفر وتدعو، كما يشير إليها كلامه بعد. (مصلاه) أي: مكان صلاته. (تقول: اللهمَّ اغفر له، اللهم ارحمه) بيان لصلاة الملائكة، والفرق بين المغفرة والرحمة أن المغفرة: ستر الذنوب، والرحمة: إفاضة الإحسان. والحدث في المسجد، كما قال ابن بطَّال: خطيئة، يُحْرَمُ بها المحدث استغفار الملائكة، ودعائهم المرجو بركته، وهو عقابٌ له بما اذاهم به من الرائحة الخبيثة، وخطيئته أشد من خطيئة النخامة في

62 - باب بنيان المسجد

المسجد؛ لأنَّ لتلك كفارة وهو دفنها، بخلاف هذه (¬1). 62 - بَابُ بُنْيَانِ المَسْجِدِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: "كَانَ سَقْفُ المَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ" وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ وَقَالَ: "أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ المَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ فَتَفْتِنَ النَّاسَ" وَقَالَ أَنَسٌ: "يَتَبَاهَوْنَ بِهَا ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا إلا قَلِيلًا" وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى". [فتح: 1/ 539] (باب: بنيان المسجد) أي: النبوي؛ أي: بيان [كيفيه] (¬2) بنيانهِ. (من جريد النخل) الجريد: ما جرد عنه الخوص، فإن لم يجرد فسعفٌ. (أكن النَّاس) بفتح الهمزة وكسر الكاف: أمرٌ من أكنَّ الرباعيِّ، أي: اصنع لهم كِنًّا بالكسر: وهو ما يسترهم من الشمس ونحوها، وفي نسخة: "كن" بحذف الهمزة وكسر الكاف، من كنيتُ الشيءَ: سترته، فهو أمر من الثلاثي، وفي أخرى: "كن" بحذف الهمزة وضمّ الكاف على أنه من كنَّه فهو مكنون: أي: صانه فـ (النَّاس) مرفوع. (فتفتن) بفتح الفوقية، من فتن يفتن، وقيل: بضمِّ الفوقية من أفتن، وأنكره الأصمعيُّ. (يتباهون) من المباهاة؛ أي: يتفاخرون. (بها) أي: بالمساجد. (إلا قليلًا) بنصبه، ويجوز رفعه على البدل من ضمير الفاعل ¬

_ (¬1) "شرح صحيح البُخاريّ" لابن بطال 2/ 95. (¬2) من (م).

في (يعمرونها). (لتزخرفنها) بفتح لام القسم، وبضم الفاءِ؛ لتدل على واو الضمير المحذوفة عند اتصال نون التأكيد (¬1)، من الزخرفة: وهي الزينة بالذهب ونحوه. (كما زخرفت اليهود والنصارى) أي: كنائسهم وبيَعَهُم. واستنبط من ذلك: كراهة زخرفة المساجد؛ لاشتغال قلب المصلِّي بها أو لصرف المال في غير وجهه، لكن إن وقع ذلك من غير بيت المال على سبيل التعظيم للمساجد فلا بأس به. 446 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ " أَنَّ المَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا، وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ: وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّبِنِ وَالجَرِيدِ وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً: وَبَنَى جِدَارَهُ بِالحِجَارَةِ المَنْقُوشَةِ، وَالقَصَّةِ وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ". [فتح: 1/ 540] (يعقوب بن إبراهيم) أي: "ابن سعد" كما زاده في نسخة. (حدثني أبي) في نسخة: "حدثنا أبي". (أن عبد الله) أي: "ابن عمر" كما في نسخة. (أن المسجد) أي: النبويَّ. (على عهد رسول الله) في نسخة: "على عهد النَّبيِّ". (باللبن) بفتح اللام وكسر الموحدة: الطوب النّيُّء. ¬

_ (¬1) وأصلها: تزخرفونها، ثم دخلت نون التوكيد فحذفت النون علامة الرفع؛ لتوالي الأمثال، ثم حذفت واو الجماعة؛ لالتقاء الساكنين وعُوض عنها بضم ما قبلها.

63 - باب التعاون في بناء المسجد

(وعُمُده) بضمتين وبفتحتين. (وأعاد عمده خشبًا) أي: جددها خشبًا؛ لأنها تلفت. (وبنى جداره بالحجارة المنقوشة) أي: بدل اللبن، وفي نسخة: "بحجارة منقوشة". (والقصة) بفتح القاف والصاد المهملة: الجصُّ بفتح الجيم وكسرها، بلغة أهل الحجاز، وهو الذي يسميه أهل مصر: جيرًا. (وسقفه بالساج) [بفتح السين القاف عطفٌ على (جعل) في نسخة، (¬1): بفتح السين عطف على (عمده) وفي أخرى: بتشديد القاف، والساج بالجيم: ضرب من الشجر يؤتى به من الهند. 63 - بَابُ التَّعَاوُنِ فِي بِنَاءِ المَسْجِدِ [وَقَولِ الله - عزَّ وجلَّ -] {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ، أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ، إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ، فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ}. [التوبة: 17 - 18] (باب: التعاون في بناء المسجد) في نسخة: "في بناء المساجد". ({مَا كَانَ}) في نسخة: "وقول الله تعالى: {مَا كَانَ} " وفي أخرى: "وقول الله - عزَّ وجلَّ -: {مَا كَانَ} ". ({أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ}) [التوبة: 17] أي: شيئًا منها، فضلًا عن المسجد الحرام، وقيل: هو المراد، وإنما جمع؛ لأنَّه قبلة المساجد وإمامها فعامره، كعامرها ويدلُّ له قراءة ابن كثير وأبي عمر ويعقوب بالتوحيد. ({شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التوبة: 17] ¬

_ (¬1) من (م).

أي: بإظهار الشرك، وتكذيب الرسول، والمعنى: ما صحَّ لهم أن يجمعوا بين أمرين متنافيين عمارة بيت الله، وعبادة غيره. ({أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}) أي: التي يفتخرون بها؛ لأنَّ الكفر يذهبُ ثوابها. ({فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18] أتى بعسى في قوله ({إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} إلخ؛ إشارة إلى منع المؤمنين المتصفين بما ذكر من الاغترار والاتكال على الأعمال، وإلى ردع الكفار وتوبيخهم بالقطع في زعمهم أنهم مهتدون، فإن المؤمنين مع اتصافهم بما ذكر إيمانهم دائرٌ بين عسى ولعلَّ، فما ظنُّكَ بمن هو أضلُّ من البهائم. وفي نسخة: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: من الآية 17] "، وفي أخرى: ذلك مع زيادة الآية وفي أخرى: " {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} " إلى قوله: {مِنَ الْمُهْتَدِينَ}. 447 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ: انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ، فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ المَسْجِدِ، فَقَالَ: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ، وَيَقُولُ: "وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ" قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الفِتَنِ". [2812 - فتح: 1/ 541] (الحذَّاء) بتشديد الذَّال المعجمة. (قال لي ابن عبّاس) أي: عبد الله. (ولابنه) عطف على (لي) والضمير فيه لابن عبّاس. (على) صفة لابنه فهو اسمه، وكنيته: أبو الحسن، وُلد يوم قُتِلَ عليّ بن أبي طالب، فسمِّي باسمه. (انطلقا إلى

أبي سعيد) أي: الخدريِّ. (فاسمعا) في نسخة: "واسمعا". (في حائط) أي: بستان، سمِّي بذلك؛ لأنَّه لا سقف له. (فاحتبى) بحاءٍ مهملة، أي: جمع ظهره وساقيه بنحو عمامة، وقد يحتبي بيديه. (ثم أنشأ) أي: شرع. (حتَّى أتى ذكر) في نسخة: "حتَّى إذا أتى على ذكر". (بناء المسجد) أي: النبويَّ. (عمَّار) أي: ابن ياسر. (فينفض) أتى بصيغة المضارع في موضع الماضي؛ لاستحضاره ذلك في نفس السامع كأنَّه شاهده، وفي نسخة: "فجعل ينفض" وفي أخرى: "فنفض". (ويقول) عطفٌ على (ينفض) وقياس النسخة الثالثة أن يقول: وقال. (ويح) كلمة رحمة لمن وقع في هلكة لا يستحقُّها، كما أن (ويل) كلمة عذاب لمن يستحقه، وهما منصوبان إذا أضيفا بإضمار فعل، وكذا إذا نُكِّرا نحو: ويحًا لزيد وويلًا له، ويجوز: ويحٌ لزيد وويلٌ له، بالرفع على الابتداء. (تقتله الفئة الباغية) ساقط من نسخة. والفئة الباغية في الاصطلاح الفقهي: فرقة خالفت الإمام، بتأويلٍ باطلٍ ظنًّا وبمتبوع مطاع وشوكة يمكنها مقاومته، وهي هنا أصحاب معاوية، الذين قتلوا عمَّارًا في وقعة صفين وهم أهل الشام. (إلى الجنة) أي: إلى سببها وهو الطاعة. (إلى النار) أي: إلى سببها وهو المعصية، قيل: في قاتليه صحابة فكيف جاز لهم أن يدعوه إلى النار، وأجيب: بأنهم يظنون أنهم يدعونه إلى الجنة باجتهادهم، فهم معذورون بظنهم أنهم يدعونه إلى الجنة، وإن كان في نفس الأمر بخلاف ذلك، فلا لوم عليهم في اتباع ظنهم؛ لأنَّ المجتهد إذا أصاب

64 - باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد

فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر. وفي الحديث: أن التعاون في بناءِ المسجد من أفضل الأعمال؛ لأنَّ أجره يبقى بعد موته، ومثله حفر الآبار، وتحبيس الأموال، وأن العالم يتهيأ للحديث ويجلس له جلسته، وأن العالم يبعث ابنه إلى عالم آخر؛ لأنَّ العلم لا يحوي جميعه أحدٌ، وأن لفاعلِ البرِّ أن يأخذ بالأشقِّ فيه. وفيه: علامة النبوة بإخباره - صَلَّى الله عليه وسلم - بما يكون، واستحباب الاستعاذة من الفتن، وإنْ علم المرءُ أنه يتمسك فيها بالحقِّ؛ لأنها قد تفضي إلى ما لا يظن وقوعه. وفيه: ردٌّ على ما اشتهر ولا أصلَ له. وفيه: "لا تكرهوا الفتن فإن فيها حصاد المنافقين وإصلاح البساتين، وإكرام الرئيس المرءوس" (¬1). 64 - بَابُ الِاسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِي أَعْوَادِ المِنْبَرِ وَالمَسْجِدِ (باب: الاستعانة بالنجار والصناع) عطفهم على النجار من عطف ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 114 في ترجمة: عبد الرحمن بن أبي يحيى الزُّهريّ أبو صالح الأعرج، والديلمي في "مسند الفردوس" 5/ 38 - (7390)، وذكره ابن عراق الكناني في "تنزيه الشريعة" 2/ 351 وقال: قال ابن تيمية: حديث موضوع أخرجه الديلمي من حديث عليّ بلفظ: "فإن فيها تبين المنافقين" قلت: وأنكره الحافظ في "الفتح" 13/ 44 وقال: أخرجه أبو نعيم من حديث عليّ بلفظ: "لا تكرهوا الفتنة في آخر الزمان فإنها تبير المنافقين" وفي سنده ضعيف. ومجهول، ونقل عن ابن وهب عنه سئل عنه فقال: باطل، والله تعالى أعلم.

العامِّ على الخاصِّ. (في أعواد المنبر والمسجد) متعلقٌ بـ (الاستعانة). 448 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى امْرَأَةٍ: "مُرِي غُلامَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ". [انظر: 377 - مسلم: 544 - فتح: 1/ 543] (قتيبة) في نسخة: "قتيبة بن سعيد". (عبد العزيز) أي: ابن أبي حازم. (عن أبي حازم) في نسخة؟ "حدثني أبو حازم". (إلى امرأة) اسمها: عائشة. (أن) مفسرة كأي. (غلامك النجَّار) اسمه: باقوم، أو ميمون، أو مينا، أو قبيصة. (يعمل) بالجزم جواب الأمر. (أعوادًا) أي: منبرًا مركبًا منها. 449 - حَدَّثَنَا خَلَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلامًا نَجَّارًا؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتِ" فَعَمِلَتِ المِنْبَرَ. [918، 2095، 3584، 3585 - فتح: 1/ 543] (خلاد) أي: ابن يحيى بن صفوان السلمي. (عن جابر) زاد في نسخة: "ابن عبد الله". (ألا) مركبة من همزة الاستفهام ولا النافية. (إن شئت) جوابه محذوف؛ أي: عملت. (فعملت) أي: أمرت بعمله. وليس في الحديث ما يدلُّ على الشقِّ الثاني من الترجمة، إما اكتفاءً بالنجار، أو أراد أن يذكر حديثًا فلم يتفق له، ثم وجه الجمع بين الحديثين من حيث: أن ظاهرهما التعارض؛ لأنَّ في الأوَّلِ أنه سأل المرأة، وفي الثاني: أنها سألتها إنه يحتمل أنها سألته] (¬1) فلما أبطأ الغلام سألها إتمامه، أو ¬

_ (¬1) من (م).

65 - باب من بنى مسجدا

أرسل إليها؛ ليعرفها صفة ما يصنع الغلام. 65 - بَابُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا 450 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ بُكَيْرًا، حَدَّثَهُ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الخَوْلانِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ، وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا - قَالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ - بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الجَنَّةِ". [مسلم: 533 - فتح: 1/ 544] (باب: من بنى مسجدًا) أي: باب بيان فضله. (حدثني ابن وهب) في نسخة: "حدَّثنا ابن وهب" واسمه: عبد الله. (حديثه) في نسخة "أخبره". (عند قول النَّاس فيه) أي: في عثمان: أي: إنكارهم عليه تغيير المسجد وبناءه بالحجارة المنقوشة والقصة. (إنكم أكثرتم) أي: الكلام في الإنكار عليَّ فيما فعلته. (سمعت النبيَّ) في نسخة: "سمعت رسول الله". (قال بكير) هو مع مقوله مدرج بين الشرط وجزائه. (مثله) أي: في مسمَّى المسجد لا في صفته، فوجه المماثلة مع أن الحسنة بعشر أمثالها: أن ذلك إما قبل نزول آية: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} [الأنعام: 160] أو المثلية بحسب [الكمية، والزيادة بحسب (¬1)] الكيفية، أو أن التقييد بها لا يدل على نفي الزيادة. ¬

_ (¬1) من (م).

66 - باب يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد

66 - بَابُ يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِي المَسْجِدِ 451 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرٍو: أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ فِي المَسْجِدِ وَمَعَهُ سِهَامٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا"؟. [7073، 7074 - مسلم: 2614 - فتح: 1/ 546] (باب) ساقط من نسخة. "يأخذ بنصول النبل إذا مرَّ في المسجد" النبل: بفتح النون وسكون الموحدة: السهام العربية، وفي نسخة: "يأخذ بنصال النبل" وفي أخرى: "يأخذ نصول النبل". (قتيبة) زاد في نسخة: "ابن سعيد". (سفيان) أي: ابن عيينة. (قلت لعمرو) أي: ابن دينار. (أسمعت .. إلخ) لم يذكر جوابه في أكثر النسخ، وذكره في نسخة بقوله: "فقال: نعم". (مرَّ رجلٌ) لم يسم. (في المسجد) [أي: النبوي] (¬1) (ومعه سهام) ي: قد أبدى نصولها. وفي الحديث: جواز إدخال السلاح المساجد، وتعظيم حرمة المسلم، حيث خَشِيَ عليه الصلاة والسلام أن يؤذيَ الداخلُ بالسهام أحدًا. 67 - بَابُ المُرُورِ فِي المَسْجِدِ 452 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ، فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا، لَا يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا". [7075 - مسلم 2615 - فتح: 1/ 547] ¬

_ (¬1) من (م).

68 - باب الشعر في المسجد

(باب: المرور في المسجد) أي: جواز مروره بالسهام إذا أمسك بنصالها. (أو أسواقنا) (أو) للتنويع لا للشكِّ. (على نصالها) زاد في نسخة: "بكفه" وعُدِّيَ (أخذ) بعلى؛ لتضمينه معنى استعلى مبالغة. (لا يعقر) مرفوعٌ على الاستئناف، أو مجزوم جواب الأمر. (بكفِّه) قال الكرمانيُّ: متعلِّقٌ بقوله: (فليأخذ) لا بـ (يعقر) إذ لا يتصور العقر بالكفِّ ولهذا وقع في بعضها لفظ: (بكفه) مقدمًا على لفظ: (لا يعقر) قال ويحتمل أن يراد من الكفِّ: اليد؛ أي: لا يعقر بيده؛ أي: باختياره (مسلمًا) أو يراد منه كف النفس؛ أي: لا يعقر بكفِّه نفسه عن الأخذ؛ أي: لا يجرح بسبب تركه أخذ النصال مسلمًا (¬1). 68 - بَابُ الشِّعْرِ فِي المَسْجِدِ (¬2) 453 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ ¬

_ (¬1) "البُخاريّ بشرح الكرماني" (4/ 112). (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البُخاريّ" ص 4 - 46: ليس في حديث أبي سلمة أنه كان في المسجد وجوابه: أنه روي من طريق آخر مصرحًا بأنه كان بالمسجد فاكتفى البُخاريّ بالإشارة إلى الحديث؛ لأنَّه إنما وضع الكتاب لذوي الأفهام والعلم فيكل الاستنباط من الحديث إلى فهمه من الإشارات ومعرفة طرق الحديث، ويحتمل أنه أراد أن الشعر المشتمل على الكلام الحق حق بدليل دعاء النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - لحسان على شعره فدل على أنه حق وإذا كان حقًّا جاز في المسجد كسائر الكلام الحق، ولا يمتنع منه، كما يمتنع غيره من الكلام واللغو الساقط.

الأَنْصَارِيَّ، يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَا حَسَّانُ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ" قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ. [3212، 6152 - مسلم: 2485 - فتح: 1/ 548] (باب: الشعر في المسجد) أي: جواز إنشاده فيه. (حسَّان) يصرف ويمنع؛ بناءً على أنه مشتقٌّ من الحسن، أو الحسن (يستشهد أبا هريرة) أي: يطلب منه الشهادة، أو الإخبار فأطلق عليه الشهادة؛ مبالغة في تقوية الخبر، والجملة حالٌ من (حسانٍ). (أنشدك الله) بفتح الهمزة وضمِّ الشين: أي: أسألك بالله. (أجب عن رسول الله) أي: أجب عنه الكفار، إن جعل من إجابة السؤال، وإلا فعدَّاه بمن؛ لتضمينه معنى ادفع، ثُمَّ يحتمل: أن حسَّان نقل ذلك بالمعنى، وكان القياس: أجب عنِّي فعبَّر عنه بذلك؛ تعظيمًا، أو أنه - صلى الله عليه وسلم - نطقَ به كذلك تربية للمهاب، وتقوية لداعي المأمور، كقوله تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: من الآية 159] وقول الخليفة: رسم بكذا. (أيده) أي: قُوِّه. (بروح القدس) أي: جبريل، وجملة: (اللهمَّ أيده بروح القدس) دعاء من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قال أبو هريرة: نعم) أي: سمعته يقول ذلك، قيل: ليس في الحديث أن حسَّان أنشد شعرًا في المسجد، فلا يطابق الترجمة، وأجيب: بأن روايته في بدء الخلق يدلُّ على أن قوله: (أجب عن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -) كان في المسجد، وأن حسَّان أنشد فيه ما أجاب به المشركين، ولفظها: مرَّ عمر في المسجد وحسان ينشد فزجره، فقال: كنت أنشد فيه، وفيه من هو خبر منك، ثم التفت

69 - باب أصحاب الحراب في المسجد

إلى أبي هريرة، وقال: أنشدك الله الحديث (¬1). وبذلك عُلم جواز إنشاد الشعر في المساجد، وهو محمولٌ على الشعر الحقِّ. وأما خبر ابن خزيمة: (نَهَى رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - عن تناشد الأشعار في المساجد (¬2). فضعَّفه جماعةٌ، وبتقدير صحته، هو محمولٌ على الشعر الباطل، كما حمل عليه خبر الصحيحين: "لأنَّ يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خيرٌ له من أن يمتلئ شعرًا" (¬3) وحمل بعضهم على من يمتلئ قلبه شعرَا حتَّى يغلب على اشتغاله به عن القرآن والذكر، والحاصل: أن إنشاد الشعر جائز بلا كراهة إن كان حقًّا، ومكروه كراهة تحريم إن كان باطلًا، ومكروه كراهة تنزيه إذا غلب عليه اشتغالٌ به عن القرآن والذكر. 69 - بَابُ أَصْحَابِ الحِرَابِ فِي المَسْجِدِ 454 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ". [455، 950، 988، 2907، 3530، 5190، 5236 - ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3212) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. (¬2) "صحيح ابن خزيمة" 2/ 275 (1306) جماع أبواب: فضائل المساجد وبنائها وتعظيمها، باب: الزجر عن إنشاد الشعر في المساجد. والحديث حسنه الألباني "صحيح ابن خزيمة" (1306). (¬3) سيأتي برقم (6154) كتاب: الأدب، جاب: ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر.

70 - باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد

مسلم: 892 - فتح: 1/ 549] (باب: أصحاب الحراب في المسجد) أي: جواز دخولهم فيه، ونصال حرابهم مشهورة. (عن صالح) في نسخة: "صالح بن كيسان". (يلعبون في المسجد) أي: للتدريب على مواقع الحروب، والاستعداد للعدو، ومن ثَمَّ جاز فعله في المسجد؛ لأنَّه من منافع الدين. (أنظُرُ إلى لعبهم) أي: وآلاتهم دون ذواتهم؛ إذ نظر الأجنبية إلى الأجنبيِّ حرام. 455 - زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ". [انظر: 454 - مسلم: 892 - فتح: 1/ 549] (زاد ابن إبراهيم) في نسخة: "وزاد إبراهيم". (حدَّثنا ابن وهب) في نسخة: "حدثني ابن وهب" وفي أخرى: "حديثه ابن وهب). (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (بحرابهم) هذه اللفظة هي التي زادها ابن المنذر، وبها تحصل المطابقة بين الترجمة والحديث. 70 - بَابُ ذِكْرِ البَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى المِنْبَرِ فِي المَسْجِدِ (¬1) 456 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البُخاريّ" ص 46: استنبط جواز ذلك في حديث ثمامة إنما لقصده أن لا يتوهم أنها لا تجوز في المساجد إلَّا =

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الوَلاءُ لِي، وَقَالَ أَهْلُهَا: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِيَ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا، وَيَكُونُ الوَلاءُ لَنَا - فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الوَلاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ" ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ - فَقَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا، لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ"، قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ يَحْيَى، وَعَبْدُ الوَهَّابِ: عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، نَحْوَهُ، وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ: أَنَّ بَرِيرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ صَعِدَ المِنْبَرَ. [1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - مسلم: 1504 - فتح: 1/ 550] (باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد) في نسخة: "على المنبر والمسجد" وعُدِّيَ فيه (ذكر) بـ (على) بالنسبة إلى المسجد؛ لتضمينه معنى الاستعلاء، أو أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، أو هو من باب: علفتها تبنًا وماءً وباردًا (¬1). (سفيان) أي: ابن ¬

_ = الصلاة خاصة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما بنيت المساجد لما بنيت له" بل يجوز كل فعل مباح لم يرد المنع منه، كما جاز ربط ثمامة ولم ينكره وقوله: "أطلقوا ثمامة" فكذلك يجوز التلفظ بالبيع والشرى ونحوه ولا فرق. (¬1) هذا صدر بيت من الشعر وعجزه: حتَّى غدت همالة عيناها. ويستشهد به النحاة على عدم جواز عطف (ماءً) على (تبنًا) لاختلاف العامل. وسبق شرحه.

عيينة. (عن يحيى) أي ابن سعيد الأنصاري. (عن عمرة) أي: بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة. (أتتها بريرة) هي بنت صفوان وفيه التفات؛ إذ الأصل أن تقول: "أتتني" أو القائل عمرة، وحينئذٍ فلا التفات. (تسألها في كتابتها) لم يقل: عن كتابتها؛ لأنَّ السؤال سؤال استعطاء لا استخبار؛ أي: جاءت تستعطيها، أو تستعين في كتابتها، وهي عقد عتق على الرقيق بمال يؤديه في نجمين فأكثر. (أهلك) أي: مواليك، وهو المفعول الأول لـ (أعطيت)، والثاني محذوف؛ أي: ما عليها من النجوم، وهو تسع أواقٍ؛ لخبر الشيخين: "فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواقِ في كل عام أوقية، فأعينيني فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم، ويكون ولاؤك لي فعلت" (¬1) وقيل: المحذوف: ما بقي عليها من النجوم، وهو خمس أواقٍ. ورد بما رواه البُخاريّ في: الشروط في البيع (¬2)، ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا. (قال سفيان) أي: ابن عيينة. (ذكرته) أي: ذكرت له؛ أي: للنبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فحذف الجار وأوصل الضمير بالفعلِ، والتاء إما مضمومة فيكون من لفظ عائشة، أو ساكنة فيكون من كلام الراوي، أو من كلام عائشة على تجريدها من نفسها ما عادت ضمير الغيبة عليه. (ذلك) أي: ما وقع. فقال النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - أمَّا بعد (فقال) ساقط من نسخة. (فإن الولاء) في ¬

_ (¬1) سيأتي رقم (2563) كتاب: المكاتبة، باب: استعانة المكاتب وسؤاله النَّاس. (¬2) سيأتي الحديث برقم (2717) كتاب: الشروط، باب: الشروط في البيوع.

71 - باب التقاضي والملازمة في المسجد

نسخة: "فإنما الولاء". (فصعد) بكسر العين بدل (ثم قام). إما بال) أي: شأن. (أقوام) كنَّى به عن الفاعل؛ إذ من خلقه العظيم أنه لا يواجه أحدًا بما يكره. (ليست) أي: الشروط، وفي نسخة: "ليس" أي: الاشتراط المفهوم من الشروط. (كتاب الله) أي: في اللوح المحفوظ، أو في حكم الله، يعني: أنها ليست في كتاب الله بواسطة، نحو: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] أو بغير واسطة، كمنصوصات القرآن. (فليس له) أي: فليس ذلك المشروطُ له شرط؛ إذ لا يستحقه. (وإن اشترط مائة مرَّة) ذكره للمبالغة، لا لقصد عين هذا العدد. (قال عليّ) أي: ابن المديني. (قال يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (وعبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد، وفي نسخة: "قال أبو عبد الله: قال يحيى وعبد الوهاب". (عن عمرة) أي: المذكورة. زاد في نسخة: "نحوه" أي: نحو الحديث المذكور. (وقال جعفر .. إلخ) أفاد به التصريح بسماع كل من يحيى وعمرة. (رواه مالك) في نسخة: "ورواه مالك". (ولم يذكر سعد المنبر) في نسخة: "ولم يذكر سعد على المنبر". وفي الحديث: جواز بيع المكاتب إذا عجز نَفْسَهُ، وأنه لا يعتق بمجرد الكتابة. 71 - بَابُ التَّقَاضِي وَالمُلازَمَةِ فِي المَسْجِدِ 457 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ، أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي

حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى: "يَا كَعْبُ" قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا" وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ: أَيِ الشَّطْرَ، قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "قُمْ فَاقْضِهِ". [471، 2418، 2424، 2706، 2710 - مسلم: 1558 - فتح: 1/ 551] (باب: التقاضي) أي: مطالبة الغريم بقضاءِ الدين. (والملازمة) أي: للغريم لأجل طلب الدين. (في المسجد) تنازعه التقاضي والتلازم. (حدَّثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله". (يونس) أي: ابن يزيد. (ابن أبي حدرد) بمهملات، مفتوح الأول ساكن الثاني، واسمه: عبد الله بن سلامة الأسلمي. (دينًا) منصوب بنزع الخافض؛ أي: بدين؛ لأنَّ تَفَاعلَ إذا كان من المتعدي إلى مفعولين، كما هنا، لا يتعدى إلَّا إلى مفعولٍ واحد، وهو هنا (ابن أبي حدرد) وكان أوقيتين، كما في الطّبرانيّ (¬1). (في المسجد) أي: النبوي، وهو متعلِّقٌ بـ (تقاضى). (أصواتهما) من باب: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: من الآية 4] أو جمع باعتبار أنواع الصوت. (سجف حجرته) بكسر السين وفتحها وسكون الجيم؛ أي: سترها أو بابها. (لبيك) تثنية للتكثير؛ أي: إقامة على طاعتك بعد إقامة. (الشطر) أي: النصف، وهو: تفسيرٌ لقوله (هذا). (قم) خطابٌ لابن أبي حدرد. وفي الحديث: جواز المخاصمة في المسجد في الحقوق، ¬

_ (¬1) انظر: "المعجم الكبير" 19 / (126).

72 - باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان

والمطالبة بالديون، والحض على الحظ عن المعسر. والقضاء بالصلح إذا رآه السلطان صلاحًا. وقيام الإشارة مقام النطق إذا فهمت، والملازمة في التقاضي، والشفاعة إلى صاحب الحق. والإصلاح بين الخصمين، وحسن التوسط، وقبول الشفاعة في غير معصية، وإسبال الستور عند الحجرة. ورفع الصوت في المسجد؛ أي: عند الحاجةِ إليه ووقوع سببه فيه، فلا يشكل بخبر: "ولا ترفع فيه الأصوات" (¬1)؛ لأنَّ ذاك بتقدير صحته محله إذا خلي عن ذلك. 72 - بَابُ كَنْسِ المَسْجِدِ وَالتِقَاطِ الخِرَقِ وَالقَذَى وَالعِيدَانِ 458 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَو امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: "أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ - أَوْ قَالَ قَبْرِهَا - فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا" [460، 1337 - مسلم: 956 - فتح: 2/ 522] (باب: كنس المسجد والتقاط الخرق والعيدان والقذى) بالمعجمة: ما يسقط في العين والشراب، وعطفه على ما قبله من عطف العام على الخاص، وزاد في نسخة: "منه" أي: من المسجد. (إنَّ رجلًا) لم يسم. (أو امرأة) اسمها أمُّ محجن، وقيل: محجنة، والشك من أبي هريرة، أو من أبي رافع، أو من ثابت. (كان يقمُّ) بضم القاف أي: يكنس القمامة: وهي الزبالة. (فسأل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: النَّاس. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 2/ 184.

73 - باب تحريم تجارة الخمر في المسجد

(عنه) أي: عن حاله. (قال) في نسخة: "فقال". (آذنتموني) بالمدِّ؛ أي: أعلمتموني. (فأتى قبره) في نسخة: "فأتى قبرها". (فصلَّى عليها) في نسخة: "فصلَّى عليه". ووجه دلالة الحديث على التقاط ما ذكر في الترجمة: القياس على الكنس. وفي الحديث: الحضُّ على كنس المساجد؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - حضَّ على الصلاة عليه بعد دفنه لما كان يفعل، وقد روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كنس المسجد (¬1)، وفيه السؤال عن الخادم والصديق، وافتقاده إذا غاب، والمكافأة بالدعاء والترحم، والرغبة في شهود جنائز الصالحين، وندب الصلاة على المدفون، والإعلام بالموت، وأنه لا يصلَّى عليه إلَّا عند القبر إذا كان حاضرًا. 73 - بَابُ تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الخَمْرِ فِي المَسْجِدِ 459 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي الرِّبَا، "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَسْجِدِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الخَمْرِ". [2084، 2226، 4540، 4541، 4542، 4543 - مسلم: 1580 - فتح: 1/ 553] (باب: تحريم تجارة الخمر) أي: ونحو الخمر كالنبيذ. (في المسجد) متعلِّقٌ بـ (تحريم) لا بـ (تجارة)، والمراد: أن بيان تحريمها كان في المسجد، لا أن تحريمها مختصٌّ به؛ لأنها حرام في المسجد وغيره. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 349.

74 - باب الخدم للمسجد

(عن أبي حمزة) بالمهملة والزاي: محمد بن ميمون السكريِّ. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن مسلم) هو ابن صبيح، بضمِّ المهملة، وفتح الموحدة: أبو الضُّحَى الكوفيِّ. (عن مسروق) هو ابن الأجدع الكوفيِّ. (أنزل) في نسخة: "أنزلت" وفي أخرى: "نزلت". (في الربا) بالقصر من ربا يربو زاد، فيكتب بالألف وأجاز الكوفيون كتبه بالياء لكسر أوله، وقد كتب في المصحف بالواو، كالصلاة للتفخيم، وزيدت الألف بعدها تشبيهًا بواو الجمع. (حرم تجارة الخمر) أي: بيعها وشراءها لنجاستها، قال القاضي عياض: تحريم الخمر؛ أي: شربها سابقٌ على آيات الربا (¬1)، فيحتمل أن هذا النهي تأخر عن تحريمها، أو أنه أخبر بتحريم تجارتها مرتين عند تحريمها، وعند نزول آيات الربا توكيدًا، ومبالغة في إشاعته، وربما حضر ثانيًا من لم يحضر أولًا. 74 - بَابُ الخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا لِلْمَسْجِدِ يَخْدُمُهَا". (باب: الخدم) بفتح الخاء والدال جمع خادم. (للمسجد) في نسخة: "في المسجد". (وقال ابن عباس) فيما حكاه الله عن حمنة أم مريم. " {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] أي: عتيقًا وفي نسخة بعد في بطني: "يعني: محررًا". (للمسجد) أي: الأقصى. ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 5/ 252 - 253.

75 - باب الأسير - أو الغريم - يربط في المسجد

(تخدمه) أي: المسجد، وفي نسخة: "تخدمها" أي: المساجد، أو الأرض المقدسة، أو الصخرة. 460 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ امْرَأَةً - أَوْ رَجُلًا - كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ - وَلَا أُرَاهُ إلا امْرَأَةً - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِهَا". [انظر: 458 - مسلم: 956 - فتح: 1/ 554] (حماد) في نسخة: "حماد بن زيد". (ثابت) [أي: البناني] (¬1). (كانت تقم المسجد) في نسخة: "كان يقم المسجد". (ولا أراه) بضمِّ الهمزة؛ أي: لا أظنه. (على قبره) في نسخة: "على قبرها". وفي أخرى "على قبر". 75 - بَابُ الأَسِيرِ - أَو الغَرِيمِ - يُرْبَطُ فِي المَسْجِدِ 461 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ البَارِحَةَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاةَ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي"، قَالَ رَوْحٌ: "فَرَدَّهُ خَاسِئًا". [1210، 3284، 3423، 3423، 4808 - مسلم 514 - فتح: 1/ 554] (باب: الأسير أو الغريم) (أو) للتنويع، وفي نسخة: "والغريم" بواو العطف. (يربط في المسجد) أي: يباح ربطه فيه. ¬

_ (¬1) من (م).

(أخبرنا روح) أي: ابن عبادة، وفي نسخة: "حدثنا روح". (محمد بن جعفر) هو المشهور بغندر. (إن عفريتا) هو الشديد المبالغ في كل شيءٍ. (من الجنِّ) بيان له. (تفلَّت) أي: تعرض فلتة أي: فجأة. (البارحة) هي أقرب ليلة مضت. (أو كلمة نحوها) أي: نحو (تفلت على البارحة) كقوله في الرواية الآتية آخر الصلاة (¬1): "عرض لي فشد عليَّ". (فأردت) في نسخة: "وأردت". (أن أربطه) بكسر الموحدة. (فتصبحوا) أي: تدخلوا في الصباح، فهي تامة لا تحتاج إلى خبر. (كلكم) بالرفع توكيد للضمير المرفوع. (فذكرت قول أخي) في النبوة. (سليمان) أي: ابن داود. ({قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي} [ص: من الآية 35] مقول قول (أخي) وفي نسخة: "رب هب لي" وفي أخرى: "هب لي" وزاد في أخرى: بعد {من بعدي}: {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: من الآية 35]. (خاسئًا) أي: مطرودًا مبعدًا، ووجه دلالة الحديث على ربط الغريم: القياس على الأسير. وفي الحديث: أن رؤية البشر للجن جائزةٌ، وأما قوله تعالى: {مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: من الآية 27] فجري على الغالب، أو المنفي رؤيتنا لهم حال رؤيتهم لنا لا مطلقًا، وأن أصحاب سليمان كانوا يرونهم وهو من دلائلِ نبوتهِ، ولولا مشاهدتهم إِيَّاهم لم تقم له الحجَّة عليهم، وأعلم أنهم يتشكلون في صور شتى كصورة الإنس، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1210) كتاب: العمل في الصلاة، باب: ما يجوز من العمل في الصلاة.

76 - باب الاغتسال إذا أسلم، وربط الأسير أيضا في المسجد

والبهائم والحيَّات والعقارب والطير. 76 - بَابُ الاغْتِسَالِ إِذَا أَسْلَمَ، وَرَبْطِ الأَسِيرِ أَيْضًا فِي المَسْجِدِ وَكَانَ شُرَيْحٌ: "يَأْمُرُ الغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ إِلَى سَارِيَةِ المَسْجِدِ". (باب: الاغتسال) أي: اغتسال الكافرِ. (إذا أسلم) أي: بعد إسلامه. (وربط الأسير أيضًا) عطفٌ على الاغتسال. (في المسجد) متعلّقٌ بربط الأسير. 462 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ"، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. [469، 2422، 2423، 4372 - مسلم: 1764 - فتح: 1/ 555] (وكان شريحٌ) بمعجمة ثمَّ بمهملة آخره: ابن الحارث الكنديُّ. (يأمر الغريم) أي: بالغريم، كما في: أمرتك الخير؛ أي: به. (أن يُحبس) ببنائه للمفعول بدل اشتمال من (الغريم) وفي نسخة: "أن يحبس" بالبناءِ للفاعل؛ أي: يأمر الغريم بأن يحبس نفسه، فعليها الباءُ محذوفةٌ منه لا من (الغريم). (إلى سارية المسجد) تمامه: إلى أن يقوم بما عليه، فإن أعطى الحق، وإلَّا أمر به إلى السجن، و (إلى) بمعنى مع (¬1)، أو ضُمِّن (يحبس) معنى يضم، فَعُدّيَ بـ (إلى)، وإنما ضمَّ إليه ¬

_ (¬1) مجيء (إلى) بمعنى (مع) قاله كثير من البصريين، والكوفيين، والفراء، وأبو عبيدة، وابن قتيبة، والزجاجي، وابن الحاجب، وابن مالك، وابن =

سارية؛ لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها فيرق قلبه إلى الإسلام. وقوله: (وبط الأسير .. إلخ) ساقط من نسخة، بل قوله: (الاغتسال .. إلخ) ساقط من أخرى. (حدَّثنا سعيد) في نسخة: "حدثني سعيد". (أنه) ساقط من نسخة. (سمع أبا هريرة) في نسخة: "حدثني أبو هريرة". (خيلًا) أي: فرسانًا، وكانوا ثلاثين. (نجد) ما ارتفع من تهامة إلى العراق، ومحله في جزيرة العرب، وهي كما قال المدائني: خمسة أقسام تهامة ونجد وحجاز وعروض ويمن (¬1). (ثمامة بن أثال) بضمِّ أولهما، وبمثلثة فيهما. (فربطوه) أي: بأمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وهذا الحديث من جنس حديث العفريت السابق، لكنه ثَمَّ هَمَّ بربطه ولم يربطه لأمر أجنبيٍّ تقدم بيانه، وهنا أمر به لفوات ذلك الأمر. (فقال: (أطلقوا ثمامة) أمر بذلك تالفًا، أو لما علمه من إيمان قلبه وأنه سيظهره. (إلى نخل) بخاءٍ معجمة؛ أي: بستان، وفي نسخة: ["نجل"] (¬2) بجيم أي: ماءٌ قليل نابع أو جار. (فاغتسل إلخ) فيه مشروعية اغتسال الكافر إذا أسلم، وأن للإمام إطلاقه؛ تألفًا له. ¬

_ = هشام، وابن عقيل. وجعلوا منه قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: من الآية 2] وقوله تعالى: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52] وأنكر ذلك بعض البصريين وذهبوا فيه إلى التضمين. (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 261 - 264، 5/ 265. (¬2) من (م).

77 - باب الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم

77 - بَابُ الخَيْمَةِ فِي المَسْجِدِ لِلْمَرْضَى وَغَيْرِهِمْ (باب: الخيمة) أي: جواز نصبها (في المسجد للمرضى وغيرهم) ممن به ألم. 463 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ فِي الأَكْحَلِ، "فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي المَسْجِدِ، لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ فَلَمْ يَرُعْهُمْ" وَفِي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، إلا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ فِيهَا. [2813، 3901، 4117، 4122 - مسلم: 1769 - فتح: 1/ 556] (أصيب سعد) هو ابن معاذ سيد الأوس. (في الأكحل) هو عرقٌ في وسط الذراع يفصد ويسمى: عرق الحياة. (وضرب النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - خيمة) أي: نصبها لسعد. (فلم يرعهم) بالجزم؛ أي: يفزعهم. (إلا الدم) بالرفع فاعل (يرعهم)؛ لأنَّه استثناءٌ مفرغ وما بينهما اعتراض. (يغذو) بمعجمتين: أي: يسيلُ. (جرحه) فاعل (يغذو). (دمًا) تمييز. (فمات فيها) أي: في الخيمة، أو في الجراحة، وفي نسخة: "منها" أي: من الجراحة. وفي الحديث: جواز سكنى المسجد للعذر. وأن للإمام إذا شقَّ عليه النهوض إلى عيادة مريض أن ينقله إلى موضع بقربه؛ ليخفف عليه عيادته فيه.

78 - باب إدخال البعير في المسجد للعلة

78 - بَابُ إِدْخَالِ البَعِيرِ فِي المَسْجِدِ لِلْعِلَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعِيرٍ". [1607] (باب: إدخال البعير في المسجد للعلة) أي: جواز إدخاله فيه للحاجة. 464 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي قَالَ: "طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ" فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ البَيْتِ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. [1619، 1626، 1633، 4853 - مسلم: 1276 - فتح: 7/ 557] (عروة) زاد في نسخة: "ابن الزُّبير". (أنِّي أشتكي) أي: أتوجَّع، وهو مفعول (شكوت). (فطفت) أي: راكبةً على البعير. (إلى جنب البيت) أي: منتهيًا إليه، وفائدة ذكر هذا أنه قريب من البيت لا بعيد. (بالطُّور) أي: بسورة الطور، ولهذا لم يقل والطور؛ لأنَّه صار علمًا عليها. 79 - باب. (باب) ذكره بلا ترجمة. 465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ "أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ، مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ". [3639، 3805 - فتح: 1/ 557] (أنس) في نسخة: "أنس بن مالك". (أنَّ رجلين) هما عباد بن بشر، وأسيد بن الحضير. (مظلمة) بكسر

80 - باب الخوخة والممر في المسجد

اللام من أظلم الليل، وقال الفراءُ: ظلم الليل وأظلم بمعنى، وضاءت النار وأضاءت مثله؛ وأضاءته النار يتعدى ولا يتعدى، وقال الزمخشري: بمعنى نوَّر متعدٍّ، وبمعنى لمع غير متعدٍّ، وأما أظلم فيحتمل التعدِّي وعدمه (¬1). (بين أيديهما) أي: قدامهما، وهو مفعول فيه إن كان فعل الإضاءة لازمًا، ومفعول به إن كان متعديًا، وحصول ذلك لهم؛ إكرامًا لهما ببركة نبيهما، وإنما ذكر هذا الحديث في أحكام المساجد؛ لأنَّ الرجلين كانا معه في المسجد فأكرمهما الله بالنور في الدنيا ببركته، وفضل مسجده، وذلك آية له - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث خصَّ أصحابه بمثل هذه الكرامة عند حاجتهم للنور. 80 - بَابُ الخَوْخَةِ وَالمَمَرِّ فِي المَسْجِدِ (باب: الخوخة والممر في المسجد) أي: جواز كونهما فيه. 466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ"، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ؟ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ ¬

_ (¬1) اختلف الزمخشري وأبو حيان في كون الفعل (أظلم) لازمًا أو متعديًا، وذلك في تفسيرهما قوله تعالى: {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} [البقرة: 20] فذهب الزمخشري إلى أن (أظلم) يكون متعديًا بنفسه إلى المفعول، وذهب أبو حيان إلى أنه متعدٍّ بحرف الجر لا بنفسه. واستشهد الزمخشري يقول أبي تمام: هما أظْلَمَا حاليَّ ثُمَّتَ أجْلَيَا ... شعر ظلاميها عن وَجْهِ أَمْردَ أشْيَبَ

عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ العَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، قَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إلا سُدَّ، إلا بَابُ أَبِي بَكْرٍ". [3654، 3904 - مسلم: 2382 - فتح: 1/ 558] (عن بسر بن سعيد) بضم الموحدة، وسكون المهملة، وهذا ساقط من نسخة، وثابت في أخرى مع واو قبل (عن) إذ كلٌّ من (عبيد بن حنين) و (بسر) يروي عن أبي سعيد. (فاختار ما عند الله) ساقط من نسخة. (فبكى أبو بكر) زاد في نسخة: "الصِّديق". (يبكي) بضمِّ أوله. (إن يكن الله خير عبدًا) في نسخة: "إن يكن لله عبدٌ خير" بجعل (خير) صفة و (عبد). (وإن) بالكسر فيهما، وجواب الشرط قال الكرماني: محذوف يدلُّ عليه السياق (¬1)، أي: فلم يبكي هذا الشيخ؟ وقال بعضهم: مذكور، وهو (فاختار ما عند الله) وفي نسخة: "أن" بالفتح؛ أي: لأجل أن يكن، وسكن (يكن) مع الناصب للوقف، كما قيل به في حديث: "لن تُرعْ" (¬2) حيث سكن العين فيه للوقف، ثم شبه بسكون المجزوم فحذفت الألف قبله، كما تحذف قبل سكون المجزوم. (هو العبد) أي: المخير. (وكان أبو بكرٍ أعلمنا) أي: حيث فهم أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يفارق الدنيا؛ فبكى حزنًا على فراقه. (فقال) في ¬

_ (¬1) انظر: "البُخاريّ بشرح الكرماني" 4/ 127. (¬2) سيأتي برقم (1121) كتاب التهجد، باب: فضل قيام الليل.

نسخة: "قال". (إنَّ أَمَنَّ النَّاسِ) بفتح الميم وتشديد النون: أي: أكثرهم جودًا بنفسه وماله بلا استثابة على ذلك، كما في: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6)} [المدثر: 6] أي: لا تعط لتأخذ أكثر مما أعطيت، فليس هو من المن الذي يفسد الصنيعة، فإنّه لا مِنَّةَ عليه - صلى الله عليه وسلم - لأحد، بل منته على جميع الخلق، وفي نسخة: "إن من أمنّ النَّاسِ" وعليها فيؤول؛ لأجل رفع (أبو بكر). بأنَّ "من أمنِّ" صفة لمحذوف؛ أي: إن رجلًا (من أمنِّ) أو يجعل اسم (إن) ضمير الشأن، كما قيل به في حديث: "إن من أشدِّ النَّاسِ عذابًا يوم القيامة المصورون" (¬1) (¬2). "ولو كنت متخذًا خليلًا" في نسخة: "ولو كنت متخذًا من أُمَّتِي خليلًا" والخليل فعيل بمعنى مفعول، وهو كما قال الزمخشريُّ: الخالُّ الذي يخالك؛ أي: يوافقك في خِلالك ويسايرك في طريقتك، من الخلِّ: وهو الطريق في الرملِ، ويسدُّ خللك، كما تسدَّ خلله، وقيل: أصله: الخلة: الانقطاع، فخليل الله: المنقطع إليه، والمعنى هنا: لو كنت منقطعًا إلى غير الله لانقطعت إلى أبي بكر، ولو اتسع قلبي لغير الله لاتسع له، وأما قول بعض الصحابة: سمعت خليلي - صلى الله عليه وسلم -. فانقطاعٌ إلى النَّبيِّ، وذلك انقطاعٌ إلى الله، مع أن البعض هو الذي اتخذ النبيَّ خليلًا، لا أن النبيَّ اتخذه خليلًا. (لاتخذت أبا بكر خليلًا) لفظ: (خليلًا) ساقط من نسخة، وفي أخرى: بدله "يعني: خليلًا". ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5950) كتاب: اللباس، باب: عذاب المصورين يوم القيامة. (¬2) وقيل إن (من) زائدة في هذا الحديث في الإيجاب على رأي الأخفش والفارسي.

(ولكن أخوة الإسلام ومودته) أي: أفضل، كما صرح به بعدُ "ولكن خُوَّة الإسلام" بحذف الهمزة مع ضمِّ نون (لكن) وسكونها، والمودة معنى: الخلة؛ أي في الجملة، فنفي الخلة أولًا، وإثبات المودة ثانيًا باعتبار أن الخلة أخصُّ وأعلى مرتبة، فالنفي من حيث خصوصها، والإثبات من حيث العموم، قيل: الصحابة كلُّهم مشتركون مع أبي بكر في أخوة الإسلام، والسياق لبيان أفضليته، وأجيب: بأن المودة الإسلامية معه أفضل منها مع غيره، رُتَبُها متفاوتة بحسب التفاوت في إعلاءِ كلمة الله، وتحصيل كثرة الثواب، فكان أفضل من هذه الحيثية. (لا يبقين في المسجد بابٌ) بالبناء للفاعل، أو بالبناء للمفعول، والنون مشددة للتوكيد، والنهي راجعٌ للمكلفين لا إلى الباب، فكنَّى بعدم البقاء عن عدم الإبقاء؛ لأنَّه لازم له كأنَّه قال: لا تبقوه فلا يبقى، كما في: لا أرينك هاهنا؛ أي: لا تقعد هاهنا فلا أراك. (إلَّا سُدَّ) أي: إلَّا بابًا سُدَّ، فالمحذوف هو المستثنى والفعل صفته، ثم استثنى ثانيًا من هذا قوله (إلا باب أبي بكر) بنصبه على الاستثناء، وبرفعه بدلًا، ولا يعارض ذلك خبر: "سدوا الأبواب إلَّا باب عليٍّ - رضي الله عنه -" لأنه غريب، كما قاله التِّرمذيُّ، بل وهمٌ، كما قاله ابن عساكر (¬1). وفي الحديث: خصوصيةٌ لأبي بكر، حيث تُسدُّ الأبواب إلَّا بابه، وأن المساجد تمنع من التطرق إليها من خوخة، ونحوها إلَّا لحاجة ¬

_ (¬1) "سنن التِّرمذيِّ" (3732) كتاب: المناقب، جاب: مناقب عليّ بن أبي طالب.

مهمة، وأن أبا بكرٍ أعلم الصحابة، والحضُّ على اختيار ما عند الله، والزهدُ في الدنيا، وأن على الإمام شكر مَنْ أحسن صحبته ومعونته بنفسه وماله، وأن الخليل فوق الصِّديق والأخ. 467 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ، غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ". [3656، 3657، 6738 - فتح: 1/ 558] (خرج رسول الله) في نسخة: "خرج النبيُّ". (عاصبًا) في نسخة: "عاصب" [أي: وهو عاصبٌ] (¬1). (فحمد الله) أي: على وجود الكمال. (وأثنى عليه) أي: على عدم النقصان. (ثُمَّ قال: إنه) أي: الشأن. (ابن أبي قحافة) بضمِّ القاف، وبحاءٍ مهملة، واسمه: عثمان. (ولكن خلة الإسلام أفضل) أي: فاضلة أو المقصود: أن الخلة بالمعنى السابق أعلى مرتبة وأفضل من كلِّ خلة حتَّى من المحبة، كما عليه الجمهور؛ تمسُّكًا بهذا الحديث، وقيل: المحبة أفضل؛ لأنها صفة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وهو أفضل من الخليل، وقيل: هما سواءٌ. وفي الحديث: جواز الخطبة لغير الجمعة قاعدًا. ¬

_ (¬1) من (م).

81 - باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد

81 - بَابُ الأَبْوَابِ وَالغَلَقِ لِلْكَعْبَةِ وَالمَسَاجِدِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: "يَا عَبْدَ المَلِكِ، لَوْ رَأَيْتَ مَسَاجِدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبْوَابَهَا". (باب: الأبواب والغلق) أي: اتخاذها (للكعبة والمساجد) لصونها عما لا يصلح فيها، ولحفظ ما فيها من الأيدي العادية، والغلق [بفتح اللام]: ما يغلق به الباب. (قال أبو عبد الله) أي: البخاريُّ، وهذا ساقطٌ من نسخة. (وقال لي) في نسخة: "قال لي" بلا واو، وبكلِّ حال هو أحطُّ مرتبةً من (حدَّثني)، و (أخبرني) لأنَّه قد يكون على وجه المذاكرة لا التحميل. (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابن أبي مليكة) نسبة إلى جَده، وإلا فهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي مليكة. واسم أبي مليكة: زهير بن عبد الله بن جدعان. (لو رأيت .. إلخ) جواب (لو) محذوف، أي: لرأيت عجبًا، أو (لو) للتمني، فلا جواب لها. 468 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ فَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَفَتَحَ البَابَ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِلالٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ أَغْلَقَ البَابَ (¬1)، فَلَبِثَ فِيهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجُوا" قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَبَدَرْتُ فَسَأَلْتُ بِلالًا فَقَالَ: صَلَّى فِيهِ، فَقُلْتُ: فِي أَيٍّ؟ قَالَ: بَيْنَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ، قَالَ: ابْنُ عُمَرَ: فَذَهَبَ عَلَيَّ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى. [انظر 397 - مسلم 1329 - فتح: 1/ 559] ¬

_ (¬1) في الأصل (أغلِق)، وما أثبتنا من هامش (س) من (عط) وهي نسخة مجهولة.

82 - باب دخول المشرك المسجد

(أبو النَّعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (وقتيبة) في نسخة: "وقتيبة بن سعيد". (حمَّاد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة. (وبلال إلخ) خَصَّ بالدخول بلالًا؛ لأنَّه مؤذنه وخادم أمر صلاته. (وأسامة) لأنَّه خادمه فيما يحتاج إليه. (وعثمان) لئلا يتوهم عزله عن سدانة البيت. (ثم أغلق الباب) أي: لئلا يزدحم النَّاس عليه - صَلَّى الله عليه وسلم - و (أغلق) بالبناءِ للمفعول وهو الباب، وفي نسخة: بالبناءِ للفاعل وهو عثمان بن طلحة، ونصب (الباب) على المفعولية. (فبدرت) بمهملة، أي: أسرعتُ. (فسألت بلالًا) أي: عن صلاته - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة. (في أيِّ) بالتنوين أي: "في أي نواحيه"، كما في نسخة. (بين الأُسطوانتين) هو تثنية أُسطوانة [بضم الهمزة] (¬1) ووزنها: أفعوالة، وقيل: فعلوانة، وقيل: أفعلانة. (فذهب) أي: فات. (كم صلَّى) سؤالٌ عن الكمية. وفي الحديث: أن للإمام أن يخصَّ خاصته ببعض ما يستتر به عن النَّاس. 82 - بَابُ دُخُولِ المُشْرِكِ المَسْجِدَ (باب: دخول المشرك المسجد) أي: جواز دخوله فيه. 469 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ ¬

_ (¬1) من (م).

83 - باب رفع الصوت في المساجد

يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ" .. [انظر 462 - مسلم 1764 - فتح: 1/ 560] (خَيْلَا) أي: فرسانًا، وتقدم تفسير الحديث في باب: الاغتسال إذا أسلم (¬1). وفيهما: جواز دخول المشرك المسجد، نعم يمنع عند الشافعيِّ من دخول المسجد الحرام؛ لقوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] بخلاف سائر المساجد، لا يمنع دخوله لها، لكن بعد إذن مسلمٍ له، ومنع مالكٌ من دخوله كلَّ مسجد؛ تعظيمًا لشعائر الله، وقال أبو حنيفة: يدخل المسجد الحرام وغيره. 83 - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي المَسَاجِدِ (باب: رفع الصوت في المساجد) أي: أهو جائزٌ أم لا؟، وفي نسخة: "في المسجد". 470 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا فِي المَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا، قَالَ: مَنْ أَنْتُمَا - أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا؟ - قَالَا: مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، قَالَ: "لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ البَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [فتح: 1/ 560] ¬

_ (¬1) سلف الحديث (426) كتاب: الصلاة، باب: الاغتسال إذا أسلم، وربط الأسير أيضًا في المسجد.

(الجعيد) بالتصغير، ويقال له: الجعد. (ابن خصيفة) نسبة إلى جدِّه، وإلا فهو يزيد بن عبد الله ابن خصيفة بالتصغير. (قائمًا) في نسخة: "نائمًا" بنون بدل القاف، وروي: مضجعًا. (فحصبني) أي: رماني بالحصباء، ومضارعه: يحصب بالكسر. (فإذا عمر بن الخطاب) أي: حاضر، أو واقف. (بهذين) أي: الشخصين، وكانا ثقيفيين. (قال: من) في نسخة: "فقال: من" وفي أخرى: "قال: ممن". (أنتما، أو من أين أنتما؟) قال لهما عمر ذلك؛ ليعلم أنهما إن كانا من أهل البلد، وعَلِمَا أن رفع الصوت بالغط في المسجد غير جائز أدَّبها فَلمَّا علم أنهما من غير البلد عذرهما للجهل. (قالا: من أهل الطائف) أي: بلاد ثقيف. (من أهل البلد) أي: المدينة. (لأوجعتكما) أي: جلدًا. (ترفعان أصواتكما) جواب ما يقال: لم توجعنا؟ وعبر بـ (أصواتكما) دون صوتيكما؛ لأنه الأفصح؛ لكون المضاف جزءًا من المضافِ إليه، كما في {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] (في مسجد رسول الله) في نسخة: "في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ". 471 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: "يَا كَعْبُ" قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ، قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ فَاقْضِهِ". [انظر: 457 - مسلم: 1558 - فتح: 1/ 561]

84 - باب الحلق والجلوس في المسجد

(حدثنا أحمد) في نسخة: "حدثنا أحمد بن صالح". (حدثنا ابن وهب) في نسخة: "أخبرنا ابن وهب". (له عليه) في نسخة: "كان له عليه". (حتَّى سمعها) أي: أصواتهما، وفي نسخة: "حتى سمعهما". (يا كعب) بالضمِّ؛ لأنه منادي مفرد (¬1). (ابن مالك) بالنصب: لكونه منادي مضافًا. (قال) في نسخة: "فقال". وتقدم تفسير الحديث، وما يؤخذ منه (¬2). 84 - بَابُ الحِلَقِ وَالجُلُوسِ فِي المَسْجِدِ (باب: الحلق والجلوس في المسجد) أي: جوازهما فيه، والحلق بكسر الحاء وفتحها مع فتح اللام فيهما، والمراد: حلق الذكر والقرآن ونحوهما. 472 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، مَا تَرَى فِي صَلاةِ اللَّيْلِ، قَالَ: "مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً، فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى" وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اجْعَلُوا آخِرَ صَلاتِكُمْ وتْرًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهِ. [473، 990، 993، 995، 998، 1137 - مسلم: 749، 751 - فتح: 1/ 561] (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري، وفي نسخة: "حدثنا عبيد الله". (عن ابن عمر) في نسخة: "عن عبد الله بن عمر". ¬

_ (¬1) يعني: هو منادى علم، فيُبنى على الضم. (¬2) سلف الحديث برقم (457) كتاب: الصلاة، باب: التقاضي والملازمة في المسجد.

(سأل رجل) لم يُسمّ. (ما ترى) أي: قائلًا له: ما ترى، أي: ما رأيك، أو ما علمك، من: رأى بمعنى علم، والمراد: لازمه، أي: ما حكمك؛ إذ العالم يحكم بعلمه شرعًا. (مثنى مثنى) خبر مبتدإٍ محذوف أي: صلاة الليل، و (مثنى) غير منصرف للعدل والوصف (¬1)، أي: اثنين اثنين، وكرَّره للتوكيد اللفظي. (صلَّى واحدة) أي: ركعة واحدة. (فأوترت) أي: تلك الواحدة. (وأنه) أي: ابن عمر. (آخر صلاتكم وترًا) في نسخة: "آخر صلاتكم بالليل وترًا" والنهار، كالليل عند الجمهور، وعن أبي حنيفة: الأفضل فيها أربع، وعن صاحبيه أبي يوسف ومحمد؛ الأفضل بالليلِ ركعتان وبالنهار أربع. (أمر به) أي: بالوتر، أو بالجعل. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن كونه - صلى الله عليه وسلم - علي المنبر، يدلُّ عادة على جماعة جالسين في المسجد محدقين به، وقد شبه جلوسهم حوله وهو يخطب، بالتحلُّقِ حول العالم مع أنه صرح بالحلقة في رواية تأتي في الحديث الآتي (¬2). 473 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: كَيْفَ صَلاةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: "مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ" قَالَ الوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ رَجُلًا نَادَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ. [انظر: 472 - مسلم 749 - فتح: 1/ 562] ¬

_ (¬1) أي: لكونه صفة معدولة على وزن مَفْعَل. (¬2) دلَّ عليه الحديث الآتي برقم (474).

(حمَّاد) في نسخة: "حماد بن زيد". (فقال) في نسخة: "قال". (توتر) بالرفع، علي الاستئناف، وبالجزم جواب الأمر، وفي نسخة: "توتر لك". (قال الوليد) في نسخة: "وقال الوليد". (أخبرنا مالك) في نسخة: "حدثنا مالك". 474 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ فَأَقْبَلَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا، فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ، فَجَلَسَ وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَلا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ: فَأَوَى إِلَى اللَّهِ، فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ: فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ: فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ". [انظر: 66 - مسلم: 2176 - فتح: 1/ 562] (أن أبا مرة) اسمه: يزيد مولى عَقيل بفتح العين. (عن أبي واقد) اسمه: الحارث بن عوف. (بينما رسول الله) في نسخة: "بينما النبي". (فأقبل ثلاثة نفر) جواب (بينما) وفي نسخة: "فأقبل نفر ثلاثة". (فرأى فرجة فجلس) في نسخة: "فرأى فرجة في الحلقة فجلس". (وأما الآخر) بفتح الخاءِ في الموضعين، وهو في أولهما الثاني من النفر، وفي ثانيهما الثالث منهم. (عن الثلاثة) في نسخة: "عن النفر الثلاثة". (فأوى إلى الله) بالقصر على المشهور، أي: لجأ. (فآواه الله) بالمدِّ على المشهور، أي: أنزله به؛ بمعنى أنجاه وأكرمه، فالمراد من إيوائه تعالى واستحيائه وإعراضه لازمها، وهو إرادة إيصال الخير وترك العقاب؛ لأن نسبة الإيواءِ والاستحياءِ والإعراض في حقه تعالى

85 - باب الاستلقاء في المسجد ومد الرجل

محالٌ، فهي من باب المشاكلة، كما في قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: من الآية 116]. والحديث مرَّ في باب: من قعد حيث ينتهي به المجلس من كتاب: العلم (¬1). 85 - بَابُ الاسْتِلْقَاءِ فِي المَسْجِدِ وَمَدِّ الرِّجْلِ (باب: الاستلقاء في المسجد، ومدِّ الرجل) أي: باب جوازهما في المسجد، ولفظ: (ومدِّ الرجل) ساقط من نسخة. 475 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ "رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي المَسْجِدِ، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى" وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: "كَانَ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ يَفْعَلانِ ذَلِكَ". [5969، 6287 - مسلم: 2100 - فتح: 1/ 563] (عن عمِّهِ) هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني. (مستلقيًا) حالٌ من (رسول الله). (واضعًا) حالٌ منه أيضًا، فهما حالان مترادفتان، أو من ضمير (مستلقيًا) فهما حالان متداخلتان، فعل - صلى الله عليه وسلم - ذلك: بيانًا لجوازه إذا لم تظهر به عورته، وأما حديث مسلم: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضع الرجل إحدى رجليه علي الأخرى وهو مستلقٍ على ظهره" (¬2) فمنسوخ، أو مقيد بما إذا ظهرت بذلك عورته، فعلم جواز أنواع الاستراحة في المسجد في غير ذلك لما ذكر، وفي غير الانبطاح على ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (66) كتاب: العلم، باب: من قعد حيث ينتهي به المجلس، ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها. (¬2) "صحيح مسلم" (2091) كتاب: اللباس والزينة، باب: في منع الاستلقاء على الظهر ووضع إحدى الرجلين على الأخرى.

86 - باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس

الوجه: لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، وقال: إنها "ضجعةٌ يبغضها الله تعالى" (¬1). (وعن ابن شهاب) يحتمل أنه تعليقٌ، وأنه متصلٌ من رواية مالك (¬2). (كان عمر وعثمان يفعلان ذلك) أي: الاستلقاء المذكور، وزاد الحميديُّ عن أبي مسعود: أن أبا بكر كان يفعله وهو يردُّ على من قال: إن الاستلقاء من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -. 86 - بَابُ المَسْجِدِ يَكُونُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالنَّاسِ وَبِهِ قَالَ: الحَسَنُ، وَأَيُّوبُ، وَمَالِكٌ. (باب: المسجد) أي: حكم بنائه حيث (يكون) بناؤه (في الطريق من غير ضرر بالناس) في نسخة: "الناس". (وبه) أي: بجواز بنائه فيه. (قال الحسن ... إلخ) وعليه الجمهور، وأما ما روي عن عليٍّ وابن عمر من المنع، فسنده ضعيف (¬3). ¬

_ (¬1) جزء من حديث رواه: البخاري في "الأدب المفرد" ص 434 (1187) باب: الضجعة على وجهه وفي "التاريخ الكبير" 4/ 365 ترجمة: طخفة الغفاري. وأبو داود (4050) كتاب: الأدب، باب: في الرجل ينبطح على وجهه. وابن أبي شيبة 5/ 339، كتاب: الأدب، في الرجل ينبطح على وجهه. وأحمد 3/ 430. والطبراني 5/ 328 - 330 (8227، 8228). والبيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 177 - 178) (4721) فصل: في النوم وآدابه. من حديث طخفة الغفاري، والحديث قال عنه الألباني في "ضعيف أبي داود" ضعيف مضطرب، غير أن الاضطجاع على البطن منه صحيح. (¬2) انظر: "الموطأ" 1/ 224 (574) كتاب: الصلاة، باب: جامع الصلاة. (¬3) روى ذلك عبد الرزق 1/ 403 (1575، 1576) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على الطريق.

476 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: "لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ". [2138، 2263، 2297، 3905، 4093، 5807، 6079 - فتح: 1/ 563] (عن عقيل) بضمِّ العين: ابن خالد الأيليِ. (أخبرني) في نسخة: "فأخبرني" وفي أخرى: "وأخبرني" وكلاهما عطفٌ على مقدر، أي: أخبرني عروة بكذا. فأخبرني، أو وأخبرني عقب ذلك بهذا. (لم أعقل) أي: لم أعرف. (أبويَّ) أي: أبا بكر وأم رومان، ففيه تغليب كالقمرين (¬1)، وفي نسخة: "أبواي" على لغة بني الحارث في لزوم المثنى الألف كعصا. (يدينان الدين) بكسر الدال، أي: يتدينان بدين الإسلام، فـ (الدين) منصوب بنزع الخافض، يقال: دان بكذا ديانة، وتدين به تدينًا. (ولم يمرّ علينا) أي: على عائشة وأبويها، وفي نسخة: "ولم يمرّ عليهما" أي: على أبويها. (ثُمَّ بدا لأبي بكر) أي: ظهر له رأيٌ. (بفناء داره) بكسر الفاءِ وبالمدِّ، أي: فيما امتد من جوانبها. (لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن) (إذا) ظرفية لـ (يملك)، أو شرطية والجزاء مقدر، دلَّ ¬

_ (¬1) للشمس والقمر فغُلِّب القمر؛ لكونه مذكرًا.

87 - باب الصلاة في مسجد السوق

عليه (لا يملك) أو هو لا يملك على مذهب الكوفيين (¬1). (فأفزع) بالزاي. (ذلك) أي: أخاف وقوف الأبناءِ والنساءِ عليه. (أشراف قريش) أي: أن تميل نساؤهم وأبناؤهم إلى دين الإسلام. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: من جهة أنه - صلى الله عليه وسلم - اطلع علي بناء المسجد وأقرَّه عليه وفيه من فضل أبي بكر ما لا يشاركه فيه أحد، وهو تبليغ كتاب الله، وإظهاره مع الخوف، وقدم إسلامه، وتردد النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه طرفي النهار، ورقة قلبه، وغلبة بكائه. 87 - بَابُ الصَّلاةِ فِي مَسْجِدِ السُّوقِ (¬2) وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ: "فِي مَسْجِدٍ فِي دَارٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِمُ البَابُ". (باب: الصلاة في مسجد السوق) أي: جوازها فيه وفي نسخة: "في مساجد السوق". (ابن عون) اسمه: عبد الله، ووجه مطابقة ما قاله للترجمة: قياس اتخاذه المسجد في السوق على اتخاذه في الدار، بجامع أن كلًّا منهما محجوب بأصل ما حواه. ¬

_ (¬1) لأن الكوفيين يجيزون تقديم الجواب على أداة الشرط، أما البصريون فيمنعون ذلك، ويجعلون المتقدم دليل الجواب لا الجواب. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 46 - 47: قيل: صلاة ابن عمر وحديث أبي هريرة لا يطابق الترجمة. فجوابه: أن المراد بالمساجد إيقاع الصلاة لا الأبنية الموضوعة للصلاة من المساجد والجوامع، كما يخيله بعضهم، فكأنه قال في الترجمة: باب: الصلاة في مواضع الأسواق، والسوق وأراد به أن لا يتخيل متخيل أن الأسواق ليست محلًّا للصلاة بل يجوز فيها، كما يجوز على غيرها من المواطن التي لم ينه عنها، وكذلك الصلاة في المسجد المحجور فإنه جائز فنبه عليه بحديث ابن عمر.

477 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "صَلاةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلاتِهِ فِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وَأَتَى المَسْجِدَ، لَا يُرِيدُ إلا الصَّلاةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ، كَانَ فِي صَلاةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّي - يَعْنِي عَلَيْهِ المَلائِكَةُ - مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ". [انظر: 176 - مسلم: 649 - فتح: 1/ 564] (أبو معاوية) هو محمد بن حازم الضرير. (عن أبي صالح) اسمه: ذكوان. (صلاة الجميع) في نسخة: "صلاة الجماعة" والمعنى: صلاة الرجل في الجماعة. (تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقه (أي: منفردًا. (خمسًا وعشرين درجة) سر التقييد بالأعداد لا يوقف عليه إلا بنور النبوة، قيل: ويحتمل أن يقال في سره: أن عدد الصلاة المفروضة خمسةٌ، فأريد التكثير عليها بتضعيفها بعدد نفسها مبالغة فيها وذلك خمس وعشرون، أو أن الأربعة لمَّا كانت يؤلَّف منها العشرة، ومن العشرات المئات، ومن المئات الألوف، كانت أصل جميع مراتب العدد، فزيد عليها واحد مبالغة ثُمَّ ضعفت بعدد الصلوات الخمس مبالغة أخرى، فصارت خمسًا وعشرين، ولا ينافي هذا الحديث "سبعًا وعشرين" (¬1) إما لأن العدد القليل لا ينفي الكثير، أو أنه أعلم بالقليل، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (645) كتاب: الأذان، باب: فضل صلاة الجماعة.

88 - باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره

ثُمَّ أعلم بالكثير فأخبر به، أو أن ذلك مختلف باختلاف المصلين، بحسب كمال الصلاة، ومحافظة هيئتها وخشوعها، وكثرة جماعتها، ونحو ذلك. (فإن أحدكم) في نسخة: "بأن أحدكم" بالموحدة، للمصاحبة، أي: تزيد خمسًا وعشرين درجة مع فضائل أخرى. (فأحسن) أي: الوضوء بإسباغه، ورعاية سننه وآدابه. (لا يريد إلا الصلاة) أي: أو نحوها، كالاعتكاف، واقتصر على الصلاة؛ لأنها أغلب. (خُطوة) بالضمِّ: ما بين القدمين، وبالفتح: المرة الواحدة. (وحَطَّ عنه خطيئة) في نسخة: "وحَطَّ عنه بها خطيئة" وفي أخرى: "أو حَطَّ". (ما كانت تحبسه) أي: الصلاة، وفي نسخة: "ما كان يحبسه" أي: مكثه في المسجد؛ منتظرًا الصلاة. (وتصلِّي -يعني- عليه الملائكة) أي: تستغفر وتطلب الرحمة له، ولفظ: (يعني) ساقطٌ من نسخة، ولفظ: (عليه) ساقط من أخرى. (اللهم .. إلى آخره) بيان للصلاة، أي: قائلين ذلك. (ما لم يؤذ) أي: الملائكة بالحدث. (يحدث) بالجزم بدل من يؤذ، وبالرفع استئناف وفي نسخة: "يحدث فيه"، وفي أخرى: "ما لم يحدث فيه" بإسقاط (يؤذ) والمعنى: ما لم يأت بناقض للوضوء. وقيل: ما لم يتكلَّمْ بكلام الدنيا. 88 - بَابُ تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ فِي المَسْجِدِ وَغَيْرِهِ (¬1) (باب: تشبيك الأصابع في المسجد وغيره) أي: جواز تشبيكها ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 47: لعل مراده جوازه =

فيهما. 478 - و 479 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، حَدَّثَنَا وَاقِدٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَوْ ابْنِ عَمْرٍو: "شَبَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ". [480 - فتح: 4/ 565] (عن بشر) بكسر الموحدة، وسكون المعجمة: ابن الفضل الرقاشيُّ. (عاصم) هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. (واقد) بالقاف: ابن محمد بن زيد. (عن ابن عمر) أي: ابن الخطاب. (أو ابن عمرو) أي: ابن العاص، والشكُّ من واقد. 480 - وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ أَبِي، فَلَمْ أَحْفَظْهُ، فَقَوَّمَهُ لِي وَاقِدٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَيْفَ بِكَ إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ بِهَذَا". [انظر: 479 - فتح: 1/ 565] (عاصم بن عليٍّ) هو من شيوخ البخاري. (عاصم بن محمد) هو ابن زيد. (واقد) هو أخو عاصم. (عن أبيه) هو محمد بن زيد. (قال عبد الله) أي: ابن عمرو بن العاص. (في حثالة) بضمِّ المهملة، وتخفيف المثلثة، أي: فيمن لا خير فيه. (بهذا) أي: بما مرَّ من التشبيك، وهو صفة للناس، أي: في حثالة من الناس المتصفين باختلاط بعضهم ببعض المفهوم من التشبيك. ¬

_ = مطلقًا؛ لأنه إذا جاز فعله في المسجد ففي غيره أولى بالجواز وقد كان تذكاه بحكمه تمثيل تعاضد المفتنين وتناصرهم بذلك ممثل المعنى بالصورة لزيادة التبيين، فإن قيل قد جاء في الحديث الآخر: أنه يشعر بجوازه في غير تمثيل مطلقًا، لعله كان لإراحة الأصابع، كما هو المعتاد لا على وجه العبث. فيفيد: أنه إذا كان التشبيك لغرض هام، جاز بخلاف العبث.

وزاد الحميديُّ عن ابن مسعود: "قد مرجت" (¬1) أي: اختلطت. عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا، وشبَّك بين أصابعه، وإنما شبَّك بينها؛ ليمثل لهم هيئة اختلاطهم، من باب تصوير المعقول، وإرادة المحسوس، وهذا الحديث ساقط من أكثر النسخ، وفيه جواز التشبيك، وهو كذلك حتى في الصلاة، لكنه فيها مكروه، وكذلك في غيرها بلا حاجة. 481 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ. [2446، 6026 - مسلم: 2585 - فتح: 1/ 565] (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي بردة) في نسخة: "عن بريد" وهو اسمه، وأبو بردة كنيته. (قال: إن المؤمن) في نسخة: "قال: المؤمن". (يشدُّ) في نسخة: "شد" بلفظ الماضي. (وشبك أصابعه) في نسخة: "وشبَّك بين أصابعه". ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 11/ 359 (2074)، وأحمد 2/ 162، والطبراني 6/ 164 (5868)، وأبو يعلى 9/ 442 (5593) وذكره الهيثمي في "مجمعه" 7/ 279 وقال: رواه أبو يعلى عن شيخه سفيان بن وكيع، وهو ضعيف، ورواه الطبراني بإسنادين، رجال أحدهما ثقات من حديث سهل بن سعد الساعدي، ورواه بإسناد آخر وفيه من لم أعرفه، وزياد بن عبد الله وثقه ابن حبان وضعفه جماعة. وعزاه الحافظ ابن حجر 1/ 566 للحميدي في "الجمع بين الصحيحين" عن أبي مسعود كلهم بزيادة "مرجت".

482 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلاتَيِ العَشِيِّ - قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: سَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا - قَالَ: فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الأَيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ اليُسْرَى، وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجِدِ، فَقَالُوا: قَصُرَتِ الصَّلاةُ؟ وَفِي القَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ، يُقَالُ لَهُ: ذُو اليَدَيْنِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاةُ؟ قَالَ: "لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ" فَقَالَ: "أَكَمَا يَقُولُ ذُو اليَدَيْنِ" فَقَالُوا: نَعَمْ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ: ثُمَّ سَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ. [714، 715، 1227، 1228، 1229، 6051، 7250 - مسلم: 573 - فتح: 1/ 565] (إسحق) أي: ابن منصور. (ابن شميل) في نسخة: "النضر بن شميل". (أخبرنا ابن عون) اسمه: عبد الله، وفي نسخة: "حدثنا ابن عون". (إحدى صلاتي) في نسخة: "صلاة" بالإفراد علي إرادة الجنس. (العشي) بفتح المهملة وتشديد الياء: وهو من الزوال إلى الغروب، وقيل: إلى الفجر، وهذا بالنظر إلى الاستعمال. وقول الجوهريِّ: إنه من صلاة المغرب إلى العتمة بالنظر إلى الوضع، وفي نسخة: "العشاء" بالكسر والمدِّ، وهو وَهْم؛ لما صحَّ أنها الظهر أو

العصر (¬1). (معروضة في المسجد) أي: موضوعة بالعرض، أو مطروحة في ناحيته (على اليسرى) في نسخة: "على يده اليسرى". (خدَّه الأيمن) في نسخة: "يده اليمنى" وفيها تكرار. (السرعان) بفتح السين والراءِ المهملتين، أي: أوائل الناس، وضبطه الأصيلي: بضمِّ السين وإسكان الراءِ. جمع سريع: وهو المسرع للخروج. (قصرت) بفتح أوله على البناءِ للفاعل من قصر يقصر بضمِّ الصاد فيهما، وبضمِّه وكسر ثانيه على البناءِ للمفعول. (فهابا) في نسخة: "فهاباه" أي: خافاه. (أن يكلماه) إجلالًا له. (وفي القوم رجلٌ) هو الخرباق. (في يديه طول، يقال له: ذو اليدين) أي: لطولهما، ويقال له أيضًا: ذو الشمالين؛ لأنه كان يعمل بيديه جميعًا. (قال: يا رسول الله) في نسخة: "فقال: يا رسول الله". (أم قصرت) في ضبطه ما مرَّ آنفًا. (لم أنس) أي: في ظني. (أكما يقول) أي: الأمر كما يقول. (فربما سألوه) أي: ابن سيرين، أسلَّمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد السجود مرة أخرى، أم اكتفى بالسلام الأول؟ (فيقول) في نسخة: "يقول". (نبئت) بضمِّ النون، أي: أخبرتُ، وسبق بيان الحديث وما يتعلَّق به في باب: التوجه نحو القبلة (¬2). ¬

_ (¬1) ورد ذلك في رواية مسلم: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر .. إلخ. انظر: "صحيح مسلم" (573) كتاب: المساجد، باب: السجود في الصلاة والسجود له. (¬2) سبق بيان ذلك في حديث (401) كتاب: الصلاة، باب: التوجه نحو القبلة حيث كان.

89 - باب: المساجد التي على طرق المدينة، والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم

89 - بَابٌ: المَسَاجِدُ الَّتِي عَلَى طُرُقِ المَدِينَةِ، وَالمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: المساجد التي على طرق المدينة، والمواضع التي صلَّى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: باب مشروعية الصلاة فيهما، ولفظ: "والمواضع .. إلخ) ساقطٌ من نسخة، وفي أخرى قبل (باب): "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". 483 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيهَا، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا "وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ". وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ، وَسَأَلْتُ سَالِمًا، فَلَا أَعْلَمُهُ إلا وَافَقَ نَافِعًا فِي الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إلا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ. [1535، 2336، 7345 - مسلم: 1346 - فتح: 1/ 567] (سالم بن عبد الله) أي: ابن عمر بن الخطاب. (وأنَّه) أي: أبا سالم عبد الله. (وحدثني نافع) عطفٌ على (رأيت) فيكون من كلام ابن عقبة، وفي نسخة: قبل (وحدثني) "ح" فهو من كلام البخاري فيكون تعليقًا. (وسألتُ) عطفٌ على (رأيت) أيضًا. (إلا أنهما) أي: سالمًا ونافعًا. (بشرف) بفتح المعجمةِ والراءِ: المكان العالي. (الروحاءِ) بفتح الراء وسكون الواو ثم حاء مهملة، ممدودة: قرية بينها وبين المدينة ستة

وثلاثون ميلًا، وقيل: ثلاثون (¬1). 484 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ، وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ المَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الحُلَيْفَةِ، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الوَادِي الشَّرْقِيَّةِ، فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ لَيْسَ عِنْدَ المَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ وَلَا عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا المَسْجِدُ"، كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَّ يُصَلِّي، فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ، حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ المَكَانَ، الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِيهِ. [1532، 1533، 1767، 1575، 1576، 1799 - مسلم: 1257 - فتح: 1/ 567] (أن عبد الله) في نسخة: "أن عبد الله بن عمر" وفي أخرى: "أن عبد الله -يعني- ابن عمر". (بذي الحليفة) بضمِّ المهملة، وفتح اللام: الميقات المشهور لأهل المدينة. (تحت سَمُرة) بضمِّ الميم: من شجر الطلح: وهو العظام من الأشجار التي لها شوك، ويقال لها: أم غيلان. (الذي بذي الحليفة) في نسخة: "الذي كان بذي الحليفة". (إذا رجع من غزو، وكان في تلك الطريق) أي: طريق الحديبية، (وكان): صفة لـ (غزو)، وفي نسخة: "غزوة كان" بالتأنيث، فتذكير ضمير (كان) باعتبار تأويلها بسفر، وفي أخرى: "غزوة" وفي أخرى: "غزو وكان" بواو الحال فيهما، قال الكرمانيُّ: فإن قلت: لما ما أخر لفظ: (كان في تلك الطريق) عن ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 76.

(الحج والعمرة) قلت: لأنهما لم يكونا إلا من تلك (¬1). (من بطن وادٍ) هو وادي العقيق، ولفظ: (من) ساقط من نسخة، وفي أخرى: "من ظهر وادٍ". (بالبطحاءِ) بالمدِّ: مسيل واسع فيه دِقاق الحصى، وكذا الأبطح. (على شفير الوادي) بشين معجمة، أي: طرفه. (الشرقية) صفة لبطحاء. (فعرَّس) بمهملات مع تشديد الراء، أي: نزل آخر الليل للاستراحة، (ثَمَّ) بفتح المثلثة، أي: هناك. (حتَّى يصبح) أي: يدخل في الصباح (ليس) المكان الذي عرَّس فيه. (عند المسجد الذي بحجارة) أي: الذي بُنِيَ بها، أو الذي عندها. (ولا على الأكمة) بفتح الهمزة والكاف: التلُّ، ويجمع على أكم، وهو على أكام، كجبل وجبال، وهو على أكم، ككتاب وكتب، وهو على آكام، كعنق وأعناق. وهو من الغرائب. (كان ثم) استئناف، أي: وكان هناك. (خليج) بفتح المعجمة وكسر اللام: نهر، ويقال: وادٍ عميق. (كُثُب) بكافٍ ومثلثة مضمومتين، جمع كثيب: وهو تلال الرمل. (فدحا السيل فيه) من الدحو: وهو البسط، أو الدفع، وفي نسخة: "قد جاء فيه السيل" بلفظ: "قد" وفعلُ من المجيء وتقديم "فيه" على "السيل"، وهو مقول نافع. 485 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى حَيْثُ المَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِي دُونَ المَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ المَكَانَ الَّذِي كَانَ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي المَسْجِدِ تُصَلِّي، وَذَلِكَ المَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ اليُمْنَى، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَسْجِدِ الأَكْبَرِ ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 145.

رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ". [فتح: 1/ 568] (حيث المسجد) برفع (المسجد) وهو خبر مبتدإِ محذوف؛ لأن (حيث) لا تضاف إلا إلى جملة غالبًا، وفي نسخة: "جنب المسجد" بجيم فنون فموحدة، وجر المسجد. (وقد كان عبد الله يعلم) بفتح أوله وثالثه وسكون ثانية من العلم، وفي نسخة: "يعلم" بضم فسكون فكسر: من الإعلام بمعنى: العلامة، وفي أخرى: "تعلَّم" بفوقية مفتوحة وتشديد اللام كذلك: من التعلم. (الذي كان صلَّى فيه) في نسخة: "الذي صلَّى فيه". (يقول) بيان للجملة قبله، أي: يقول عبد الله المكان الموصوف. (ثَمَّ .. إلخ). 486 - وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ: كَانَ يُصَلِّي إِلَى العِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ العِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ دُونَ المَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ المُنْصَرَفِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ وَقَدِ ابْتُنِيَ ثَمَّ مَسْجِدٌ، فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ، كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ، وَيُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى العِرْقِ نَفْسِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ المَكَانَ، فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ، وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ. [فتح: 1/ 568] (إلى العِرْقِ) بكسر العين، سكون الراءِ: جبلٌ صغير، وقيل: أرض ملح لا تنبت، وقيل: غير ذلك. (عند منصرف الروحاء) بفتح الراءِ فيهما، أي: عند آخر الروحاء. (انتهاء طرفه) في نسخة: "انتهى طرفه". (دون المسجد) أي: قريب منه. (عبد الله يصلِّي) في نسخة: "عبد الله بن عمر يصلي". (في ذلك المسجد، كان يتركه عن يساره) في نسخة: "وكان يتركه". و (وراءه) عطفٌ على (يساره)، وبالنصب على

الظرفية بتقدير في. (ويصلِّي أمامه) أي: قُدَّام المسجد. (أو من آخر السحر) هو ما بين الفجر الكاذب والصادق، وأراد بآخره: أقلَّ من ساعة، أو الإبهام الصادق بقدرها، وبأقل وبأكثر منها؛ ليغاير المعطوف عليه. 487 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ، عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، وَوجَاهَ الطَّرِيقِ فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ، حَتَّى يُفْضِيَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ، وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلاهَا، فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ، وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ". [فتح: 1/ 568] (تحت سرحة) بفتح السينِ، والحاءِ المهملتين بينهما راءٌ ساكنة، واحدة السرح: وهو شجرٌ عظام، كما مرَّ (¬1). (ضخمة) أي: عظيمة. (دون الرويثة) أي: قريبٌ منها، بضمِّ الراءِ، وبالمثلثة: قرية بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخًا (¬2). (ووجاه الطريق) بكسر الواو، وضمها، أي: مقابلها وهو بالجرِّ عطفٌ على (يمين الطريق)، وبالنصب على الظرفية بتقدير في. (بطح) بكسر الطاء وسكونها، أي: واسع. (حتَّى يفضي) أي: يخرج، وفي نسخة: "حين يفضي". (من أكمة) أي: مكان مرتفع. (دوين) مصغر دون. (بريد الرُّويثة بميلين) بضمِّ الراءِ، وفتح الواو، والبريد بموحدة: المرتب للسفر، والمراد به: موضع البريد، والمعنى بينه وبين المكان الذي ينزل فيه البريد بالرُّويثة ميلان، ويقال: المراد بالبريد: سكة الطريق، ولفظ: (بريد) ساقطٌ من نسخة. (أعلاها) ¬

_ (¬1) سلف ذلك آنفًا في حديث (484). (¬2) انظر: "معجم البلدان" 3/ 105.

أي: السرحة. (فانثنى) أي: انعطف. (على ساقٍ) أي: كالبنيان ضيقة من أسفل، متسعة من فوق. (وفي ساقها) أي: تحته. (كثب) بكاف ومثلثة مضمومتين جمع كثيب: وهي تلال الرمل، كما مرَّ (¬1). 488 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ العَرْجِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ المَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ، عَلَى القُبُورِ رَضَمٌ مِنْ حِجَارَةٍ، عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ عِنْدَ سَلَمَاتِ الطَّرِيقِ بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلَمَاتِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ العَرْجِ، بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالهَاجِرَةِ، فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ. [فتح: 1/ 568] (في طرف تلعة) بفتح الفوقية، وسكون اللام، وبمهملة: ما ارتفع من الأرض وما انخفض منها فهو من الأضداد، والمراد هنا الأول؛ إذ الغرض: مسيل الماءِ من فوق إلى أسفل. (العرج) بفتح المهملة، وسكون الراءِ أكثر من فتحها، وبالجيم: قرية بينها وبين الرُّويثة ثلاثة عشر أو أربعة عشر ميلًا (¬2). (هضبة) بفتح الهاء، وسكون المعجمة: جبلٌ منبسط علي وجه الأرض، أو ما طال وارتفع، وانفرد من الجبال. (رضم) بفتح الراءِ، وسكون المعجمة، وفتحها: صخور بعضها فوق بعض. (سلمات الطريق) بفتح السين المهملة، وكسر اللام: صخرات، وفي نسخة: بفتح اللام، جمع سلمة: وهي شجرة يدبغ بورقها الأديم. [(بين أولئك) في نسخةٍ: "من أولئك" فهو في الأولى متعلق بما قبله، أو بما بعده، وفي الثانية متعلق بما بعده] (¬3) (بالهاجرة) هي نصف النهار ¬

_ (¬1) سلف ذلك في الحديث الآنف برقم (487). (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 98 - 99. (¬3) من (م).

عند اشتداد الحرِّ. 489 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى، ذَلِكَ المَسِيلُ لاصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ "يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ، وَهِيَ أَطْوَلُهُنَّ". [فتح: 1/ 568] (عند سرحات) بفتح السين والراء، أي: شجراتٌ عظام. (مسيل) بفتح الميم، وكسر المهملة: مكانٌ يسيل فيه الماء من علوٍ إلى أسفل. (دون هرشَى) بفتح الهاء، وسكون الراءِ، وفتح الشين المعجمة، وبالقصر: جبلٌ على ملتقى طريق المدينةِ والشام قريب من الجحفةِ (¬1). (بكراع هرشَى) بضم الكاف، أي: بطرفها. (غلوة) بفتح الغين المعجمة: غاية بلوغ السهم، أو أمد جري الفرس، وهي: ثلثا ميل، وقيل: مائة باع. 490 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ فِي المَسِيلِ الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ، قِبَلَ المَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ المَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إلا رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ". [فتح: 1/ 568] (مر الظهران) بفتح الميم وتشديد الراءِ، وفتح الظاء المعجمة: مكان على أميال من مكة إلى جهة المدينة وهو بطن مر، والعامة تقول: مرو (¬2)، وفي نسخة: "مر ظهران". (قبل المدينة) بكسر القاف ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 397 - 398. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 5/ 104.

وفتح الموحدة، أي مقابلها. (حين يهبط) في نسخة: "حتَّى يهبط". (من الصفراوات) بفتح المهملةِ، وسكون الفاءِ: الأودية والجبال التي بعد (مر الظهران) وفي نسخة: "من وادي الصفراوات". (ينزل) بمثناة تحتية، وفي نسخة: "تنزل" بالتاءِ الفوقية؛ ليوافق قوله بعد: (وأنت ذاهب). 491 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى، وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ، يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ، لَيْسَ فِي المَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ، وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ". [1553، 1554، 1573، 1574، 1767، 1769 - مسلم: 1259 - فتح: 1/ 568] (بذي طوى) بتثليث الطاءِ: موضع بمكة (¬1)، وفي نسخة: "بذي الطواء" بزيادة "ال" وبالمدِّ. (غليظة) في نسخة: "عظيمة". 492 - وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَبَلِ الطَّويلِ، نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَجَعَلَ المَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ المَسْجِدِ، بِطَرَفِ الأَكَمَةِ، وَمُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ، تَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ تُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الفُرْضَتَيْنِ مِنَ الجَبَلِ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الكَعْبَةِ". [مسلم: 1260 - فتح: 1/ 569] (وأن عبد الله) في نسخة: "وأن عبد الله بن عمر". (فرضتي الجبل) تثنية فرضة، وهي بضمِّ الفاءِ، وسكون الراء، وفتح المعجمة: ما انحدر من وسطه وجانبه، قاله ابن الأثير (¬2). (الذي ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 44 - 45. (¬2) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 3/ 433.

90 - باب سترة الإمام سترة من خلفه

بينه) في نسخة: "الذي كان بينه". (نحو الكعبة) أي: ناحيتها. (فجعل) أي: عبد الله. (أسفل) بالنصب علي الظرفية، أو بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف. (عشرة أذرع) في نسخة: "عشر أذرع". (ثم تصلِّي مستقبل الفرضتين ... إلخ) إنما كان ابن عمر يصلِّي في هذه المواضع للتبرك، وهذا لا ينافي ما رُويَ من كراهة أبيه عمر لذلك، بل قال البغويُّ: إن المساجد التي ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى فيها لو نذر أحدٌ الصلاة في شيءٍ منها تعين، كما في المساجد الثلاثة. أَبْوَابُ سُتْرَةِ المُصَلِّي 90 - بَابُ سُتْرَةُ الإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ 493 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ، "وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ". [انظر: 76 - مسلم: 504 - فتح: 1/ 571] (أبواب: سترة المصلِّي) ساقطٌ من نسخة. (باب: سترة الإمام سترة من خلفه) في نسخة: "سترة لمن خلفه". (أخبرنا مالك) في نسخة: "حدثنا مالك". (أنه قال) في نسخة: "أن عبد الله بن عباس قال". (ناهزت) أي: قاربت. (بمنى) وفي رواية لمسلم: بعرفة (¬1)، وهي ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (504) كتاب: الصلاة، باب: سترة المصلي.

كما قال شيخنا: شاذة (¬1). (إلى غير جدار). ووجه مطابقته للترجمة: أن قوله: (إلى غير جدار) يشعر بأن ثم سترة بغير جدار؛ إذ التقدير: إلى شيءٍ غير جدار، وأن ذلك معلوم من حاله - صلى الله عليه وسلم -، لكن يشكل الأول بما نقل عن الشافعيِّ: أنه فسر (غير جدار) بغير سترة. (وأرسلت) في نسخة: "فأرسلت" بالفاءِ. 494 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ أَمَرَ بِالحَرْبَةِ، فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ"، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ. [498، 972، 973 - مسلم: 501 - فتح: 1/ 573] (إسحاق) في نسخة: "إسحاق بن منصور". (أمر) أي: خادمه. (بالحربة) أي: بأخذها. (والناس) بالرفع عطفٌ على فاعل (يصلِّي). (يفعل ذلك) أي: ما ذكر من وضع الحربة والصلاة إليها، أي: لم يكن ذلك مختصًّا بيوم العيد. وفي الحديث: الاحتياط وأخذ آلة دفع الأعداءِ سيما بالسفر، وجواز الاستخدام، وأمر الخادم بالخدمة. 495 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ المَرْأَةُ وَالحِمَارُ". [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح: 1/ 573] ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 572.

91 - باب قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة؟

(أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (بالبطحاء) هو خارج من مكة، ويقال له: الأبطح. (عنزة) هي أطول من العصا وأقصر من الرُّمح. (ركعتين) حالٌ، أو بدلٌ مما قبله في الموضعين. (بين يديه) أي: أمام العنزة، أي: بينها وبين القبلة لا بينه وبين العنزة. وفي الحديث: أن السترة مندوب إليها، وأن مرور الدواب بين يدي المصلِّي لا يقطع الصلاة، وأما خبر: "يقطع الصلاة الكلبُ والحمار والمرأة" (¬1) فمنسوخ. 91 - بَابُ قَدْرِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ المُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ؟ (باب: قدرُ كَمْ ينبغي أن يكون بين المصلِّي والسترة؟) أي: باب: بيان ذلك. 496 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: "كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ". [7334 - مسلم: 508 - فتح: 1/ 574] (قال: أخبرنا عبد العزيز) في نسخة: "حدثنا عبد العزيز". (أبي حازم) اسمه: سلمة. (عن أبيه) في نسخة: "أخبرني أبي". (عن سهل) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (338) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء أنه لا يقطع الصلاة إلا الكلب والحمار والمرأة، وقال: حسن صحيح. وأبو داود (702) كتاب: الصلاة، باب: ما يقطع الصلاة، وابن ماجه (950) كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما يقطع الصلاة، وقال البوصيري: هذا إسناد صحيح. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (699).

92 - باب الصلاة إلى الحربة

في نسخة: "عن سهل بن سعد". (مصلَّى رسول الله) أي: محل قدميه قائمًا في الصلاة لا محلَّ السجود، وفي نسخة: "مصلَّى النبي". (ممر الشاة) بالرفع، على أن (كان) تامة، أو هو اسم (كان) على أنها ناقصة، والتقدير: قدر ممر و (بين): خبرها، وبالنصب على أنه خبر (كان) واسمها مقدر، أي: نحو قدر المسافة، أو الممر. 497 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: "كَانَ جِدَارُ المَسْجِدِ عِنْدَ المِنْبَرِ مَا كَادَتِ الشَّاةُ تَجُوزُهَا". [مسلم: 509 - فتح: 1/ 574] (المكِّي) في نسخة: "المكي بن إبراهيم" أي: البلخي. (جدار المسجد) اسم (كان). (عند المنبر) تتمة اسمها، أي: الجدار الذي عند المنبر، وخبرها (ما كادت الشاة تجوزها) بالجيم، وفي نسخة: "أن تجوزها" بزيادة أن، أي: المسافة، وهي ما بين محل قدمي المصلي والجدار، وكاد إذا دخل عليها حرف النفي، تكون منفية، كسائر الأفعال عند كثير، وعند آخرين تكون مثبتة، وهو المراد هنا بقرينة الحديث السابق. 92 - بَابُ الصَّلاةِ إِلَى الحَرْبَةِ (باب: الصلاة إلى الحربة) أي: المركوزة بين يدي المصلِّي: وهو دون الرمح، عريضة النصل. 498 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الحَرْبَةُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا". [انظر: 494 - مسلم: 501 - فتح: 1/ 575]

93 - باب الصلاة إلى العنزة

(عن عبد الله) في نسخة: "عن عبد الله بن عمر". (تركز) بالبناءِ للمفعول وأوله بالتحتية، والفوقية، أي: تغرز، ومعنى الحديث يعلم مما مرَّ ومما يأتي. 93 - بَابُ الصَّلاةِ إِلَى العَنَزَةِ (باب: الصلاة إلى العنزة) أي: المركوزة بين يدي المصلِّي، وهي دون الرمح، مدورة النصل، كما في الرمح. 499 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: "خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالهَاجِرَةِ، فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ، فَتَوَضَّأَ، فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ وَالعَصْرَ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ وَالمَرْأَةُ وَالحِمَارُ يَمُرُّونَ مِنْ وَرَائِهَا". [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح: 1/ 575] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (قال: خرج) في نسخة: "يقول: خرج". (علينا رسول الله) في نسخة: "علينا النبي". (فصلَّى) في نسخة: "وصلَّى" بالواو. (والمرأة والحمار يمرون) المناسب: يَمُرَّانِ لكن يصحُّ ما قاله بتقدير محذوف، كما أفاده ابن مالك؛ حيث قال: أراد المرأة والحمار وراكبه، فحذف الراكب لدلالة الحمار عليه، ثم غلَّب تذكير الراكب المفهوم على تأنيث المرأة، وذا العقلِ علي الحمارِ، فقال: "يمرون". 500 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَاذَانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، تَبِعْتُهُ أَنَا وَغُلامٌ وَمَعَنَا عُكَّازَةٌ أَوْ عَصًا أَوْ عَنَزَةٌ، وَمَعَنَا إِدَاوَةٌ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ نَاوَلْنَاهُ الإِدَاوَةَ". [انظر: 150 - مسلم: 271 - فتح: 1/ 575]

94 - باب السترة بمكة وغيرها

(بزيع) بموحدة مفتوحة، وزايٍ مكسورة، وعين مهملة. (شاذانُ) بشين وذال معجمتين: هو ابن عامر البغدادي. (قال) في نسخة: "يقول". (عُكَّازَةٌ) بضمِّ المهملة، وتشديد الكاف: عصا ذات زُجٍّ. (أو عنزة) في نسخة: بدله "أو غيره " أي: غير ما ذكر من العكازة والعصا. قال شيخنا: وهو تصحيف (¬1). وفي الحديث: الاستنجاءُ بالماء، وخدمة الإمام والعالم. 94 - بَابُ السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا (باب: السترة) أي: ندبها؛ لدفع المارِّ بين يدي المصلِّي، ولا فرق بين كونه (بمكة وغيرها) أي: من سائر الأمكنة، ونصَّ على مكة؛ لدفع توهم من يتوهم أن البيت كافٍ في السترة للمصلِّي حوله وبينهما الطائفون. 501 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالهَاجِرَةِ، فَصَلَّى بِالْبَطْحَاءِ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَنَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً وَتَوَضَّأَ"، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَمَسَّحُونَ بِوَضُوئِهِ. [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح: 1/ 576] (ونصب بين يديه عنزة وتوضأ) الواو لا تدلُّ على الترتيب أفلا يشكل ذكر هاتين بعد الصلاة] (¬2). وفيه: التبرك بما يلامس أجساد الصالحين، وطهارة الماءِ المستعمل. ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 576. (¬2) من (م).

95 - باب الصلاة إلى الأسطوانة

95 - بَابُ الصَّلاةِ إِلَى الأُسْطُوَانَةِ وَقَالَ عُمَرُ: "المُصَلُّونَ أَحَقُّ بِالسَّوَارِي مِنَ المُتَحَدِّثِينَ إِلَيْهَا" وَرَأَى عُمَرُ: "رَجُلًا يُصَلِّي بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ، فَأَدْنَاهُ إِلَى سَارِيَةٍ، فَقَالَ: صَلِّ إِلَيْهَا". (باب: الصلاة إلى الأسطوانة) أي: ندب الصلاة إلى جهتها، وتقدم تفسير الأسطوانة. (المصلون أحق بالسواري) أي: في التستر بها. (من المتحدثين) المستندين إليها؛ لأنهما وإن اشتركا في الحاجة فالمصلِّي أحقُّ؛ لأنه في عبادة. (ورأى عمر) في نسخة: "ورأى ابن عمر". 502 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: كُنْتُ آتِي مَعَ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ فَيُصَلِّي عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ المُصْحَفِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ، أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلاةَ عِنْدَ هَذِهِ الأُسْطُوَانَةِ، قَالَ: فَإِنِّي "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى الصَّلاةَ عِنْدَهَا". [مسلم: 509 - فتح: 1/ 577] (عند المصحف) أي: الذي كان في مسجده - صلى الله عليه وسلم - من عهد عثمان. (أَراك) بفتح الهمزة، أي: أبصرك. (تتحرى) أي: تجتهد وتختار. (رأيت النبي) في نسخة: "رأيت رسول الله". (يتحرى الصلاة عندها) أي: لأنها أولى أن تكون سترة من العنزة. 503 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ كِبَارَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ عِنْدَ المَغْرِبِ»، وَزَادَ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ، حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [625 - مسلم: 837 - فتح: 1/ 577] (قبيصة) بفتح القاف، وكسر الموحدة: ابن عقبة الكوفيُّ. (سفيان)

96 - باب الصلاة بين السواري في غير جماعة

أي: الثوري. (عن أنسٍ) في نسخة: "عن أنسٍ بن مالك". (لقد رأيت) في نسخة: "لقد أدركت". (يبتدرون السواري) بدال مهملة، أي: يتصارعون إليها. (حتى يخرج) في نسخة: "حين يخرج". 96 - بَابُ الصَّلاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ (باب: الصلاة) أي: فعلها. (بين السواري في غير جماعة) أما فيها، فكره قوم الصلاة بينها؛ لورود النهي الخاصِّ عن الصلاة بينها في الترمذي وغيره (¬1): ولأنه يقطع تسوية الصفوف، والتسوية في الجماعة مطلوبة. 504 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْتَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، وَبِلالٌ فَأَطَالَ، ثُمَّ خَرَجَ وَكُنْتُ أَوَّلَ النَّاسِ دَخَلَ عَلَى أَثَرِهِ، فَسَأَلْتُ بِلالًا: أَيْنَ صَلَّى؟ قَالَ: بَيْنَ العَمُودَيْنِ المُقَدَّمَيْنِ". [انظر: 397 - مسلم: 1329 - فتح: 1/ 578] (جويرية) [أي: ابن] (¬2) أسماء الضبعي. ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (229) كتاب: الصلاة، باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري. قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح، والحديث رواه النسائي 2/ 94 كتاب: الإمامة، باب: الصف بين السواري وابن أبي شيبة 2/ 48 كتاب: الصلاة، باب: من يكره الصلاة بين السواري. والحاكم في "المستدرك" 1/ 210 كتاب: الصلاة. قال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه وتابعه الذهبي. وصححه الألباني "صحيح الترمذي". (¬2) من (م).

(قال: كنت) في نسخة: "قال: وكنت" بالواو. (على أثره) بفتح الهمزة والمثلثة، وبكسرها وسكون المثلثة. (قال) في نسخة: "فقال" (المقدَّمين) في نسخة: "المتقدمين". 505 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الكَعْبَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الحَجَبِيُّ فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ، وَمَكَثَ فِيهَا، فَسَأَلْتُ بِلالًا حِينَ خَرَجَ: مَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ، وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ، وَثَلاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ، وَكَانَ البَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى"، وَقَالَ لَنَا: إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، وَقَالَ: "عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ". [انظر: 397 - مسلم: 1329 - فتح: 1/ 578] (وأسامة) بالنصب عطف على اسم (أن) وبالرفع على فاعل (دخل). (الحجبيُّ) بفتح المهملة، والجيم نسبة إلى حجابة الكعبة. (فأغلقها) أي: عثمان الحَجَبي. (ومكث) بفتح الكاف وضمها. (عمودًا عن يساره، وعمودًا عن يمينه) لفظ العمود جنس يحتمل الواحد والاثنين، فهو مجملٌ يبينه حديث مالك الآتي: أن عمودين عن يمينه. أو يقال: الأعمدة الثلاثة المتقدمة كانت على سمت واحد، وصلى - صلى الله عليه وسلم - عند الأوسط، أو لم تكن على سمت واحد، بل عمودان متسامتان والثالث على غير سمتهما، ولفظ: (المقدمين) في الحديث السابق مشعر به فتعرض للمسامتين فقط. (وكان البيت يومئذٍ) أي: يوم صلَّى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم تغير وضعه في فتنة ابن الزبير. (على ستة) لفظ: (على) ساقط من نسخة، فنصب (ستة) بنزع الخافض.

97 - باب

(وقال إسماعيل) أي: ابن أبي أويس، وفي نسخة: "قال لنا إسماعيل". (وقال عمودين) في نسخة: "فقال عمودين". 97 - باب (باب) ساقط من نسخة، وعلى ثبوته إنما فصل به بين ما بين قبله وبين حديثه الآتي؛ لأنه ليس صريحًا في الصلاة بين الأُسطوانتين، لكنها المرادة بدليل بقية الأحاديث. 506 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ "إِذَا دَخَلَ الكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ وَجْهِهِ حِينَ يَدْخُلُ، وَجَعَلَ البَابَ قِبَلَ ظَهْرِهِ، فَمَشَى حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلاثَةِ أَذْرُعٍ، صَلَّى يَتَوَخَّى المَكَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِهِ بِلالٌ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهِ"، قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى أَحَدِنَا بَأْسٌ إِنْ صَلَّى فِي أَيِّ نَوَاحِي البَيْتِ شَاءَ. [انظر: 397 - مسلم: 1329 - فتح: 1/ 571] (حدثنا إبراهيم) في نسخة: "حدثني إبراهيم". (أبو ضمرة) اسمه: أنس بن عياض. (أن عبد الله) في نسخة: "أن عبد الله بن عمر". (قبل وجهه) أي: مقابله. (قريبًا) بالنصب خبر (يكون) واسمها مقدر أي: القدر، أو المكان، وفي نسخة بالرفع اسمها. (وبين الجدار) خبرها. (من ثلاثة أذرع) في نسخة: "من ثلاث أذرع". (يتوخَّى) أي: يتحرى ويقصد. (على أحدنا) في نسخة: "على أحد". (إن صلَّى) بكسر الهمزة. وبلفظ الماضي، وفي نسخة: بفتحها وبلفظ المضارع أي: من أن يصلّي.

98 - باب الصلاة إلى الراحلة، والبعير والشجر والرحل

98 - بَابُ الصَّلاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ، وَالبَعِيرِ وَالشَّجَرِ وَالرَّحْلِ (باب: الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرَّحل) الراحلة: هي الناقة التي تصلح لأن ترحل، وقيل: المركب من الإبل ذكرًا كان، أو أنثى، والبعير: هو من الإبل، كالإنسان من الناس، ولا يقال له: بعير لغة إلا إن دخل في الخامسة، والرَّحْلُ بفتح الراءِ وبالمهملة: الكور، وهو أصغر من القتب: وهو رحل صغير علي قدر السنام، قاله الجوهري. 507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ "كَانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا"، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ إِذَا هَبَّتِ الرِّكَابُ؟ قَالَ: "كَانَ يَأْخُذُ هَذَا الرَّحْلَ فَيُعَدِّلُهُ، فَيُصَلِّي إِلَى آخِرَتِهِ - أَوْ قَالَ مُؤَخَّرِهِ -" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَفْعَلُهُ". [انظر: 430 - فتح: 1/ 580] (عن عبيد الله) زاد في نسخة: "ابن عمر". (يعرض راحلته) بضمِّ التحتية، وتشديد الراءِ، أي: يجعلها عرضًا، وفي نسخة: بفتح التحتية، وسكون العين وضم الراءِ. (قلت) من قول نافع. (أفرأيت) في نسخة: "أرأيت". (إذا هبَّت الركاب) أي: هاجت الإبل، ماذا يفعل المصلِّي؟ (يأخذ الرحلَ) في نسخة: "يأخذ هذا الرحلَ". (فيُعَدِّلُهُ) بضمِّ الياءِ، وفتح العين، وتشديد الدَّال: من التعديل، وهو تقويم الشيء، وضبطه شيخنا بفتح التحتية وسكون العين وكسر الدال، أي: يقيمه تلقاء وجهه (¬1). ¬

_ (¬1) "الفتح" 1/ 580.

99 - باب الصلاة إلى السرير

(إلى آخرته) بفتح الهمزة والمعجمة، والراءِ بلا مدٍّ ويجوز المدُّ مع كسر الخاءِ. (أو قال مؤخره) بضم الميم وفتح الخاءِ بلا همز، وفي نسخة: بالهمز. (وكان ابن عمر يفعله) أي: ما ذكر من التعريض والتعديل. 99 - بَابُ الصَّلاةِ إِلَى السَّرِيرِ (باب: الصلاة إلى السرير) في نسخة: "على السرير" فقوله: (إلى السرير) أي: إلى حافته وهو عليه، وهو لا ينافي روايته في باب الاستئذان كان يُصلِّي والسرير بينه وبين القبلة (¬1) فهي المراد، وحافة السرير بينه وبين القبلة، أو أن ذلك تعددٌ منه. 508 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَعَدَلْتُمُونَا بِالكَلْبِ وَالحِمَارِ "لَقَدْ رَأَيْتُنِي مُضْطَجِعَةً عَلَى السَّرِيرِ، فَيَجِيءُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَتَوَسَّطُ السَّرِيرَ، فَيُصَلِّي، فَأَكْرَهُ أَنْ أُسَنِّحَهُ، فَأَنْسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيِ السَّرِيرِ حَتَّى أَنْسَلَّ مِنْ لِحَافِي". [انظر: 382 - مسلم: 512، 344 - فتح: 1/ 581] (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد النخعي. (أعدلتمونا) بهمزة الإنكار، أي: لِمَ عدلتمونا؟ (بالكلب والحمار) قالت ذلك حين قالوا بحضرتها: "يقطع الصلاةَ الكلبُ والحمار والمرأة". (لقد) في نسخة: "ولقد". (رأيتني) بضمِّ الفوقية، أي: لقد أبصرت نفسي. (أسنحه) بفتح الهمزة، وسكون المهملة، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6276) كتاب: الاستئذان، باب: السرير.

100 - باب: يرد المصلي من مر بين يديه

وكسر النون وفتحها، ومهملة بعدها، أي: أكره أن أستقبله ببدني في صلاته، وفي نسخة: بضمِّ الهمزة، وفتح المهملة، وتشديد النون المكسورة، ومهملة بعدها، وفي أخرى: بضم فسكون فكسر. (فأنسل) عطفٌ على (أكره)، أي: أخرج بخفية أو رفق. 100 - بَابٌ: يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَرَدَّ ابْنُ عُمَرَ: فِي التَّشَهُّدِ وَفِي الكَعْبَةِ، وَقَالَ: "إِنْ أَبَى إلا أَنْ تُقَاتِلَهُ فَقَاتِلْهُ". (باب: يردُّ المصلِّي) ندبًا. (من مرَّ بين يديه) كان آدميًّا، أو غيره. (وردَّ ابن عمر) أي: مَنْ مرَّ بين يديه، وهو عمرو بن دينار. (وفي الكعبة) عطفٌ على مقدر، أي: ردَّه في التشهد في غير الكعبة وفي الكعبة أو على (في التشهد) أي: يجمع بين الأمرين فيكون الرَّدُّ في حالة واحدة، وذكر (التشهد) مثال، أو كني به عن الصلاة، وخصت الكعبة بالذكر؛ لدفع توهم اعتقاده بقطع الدفع فيها لكثرة الزحام بها، وفي نسخة: "الركعة" بدل (الكعبة). (إِنْ أَبَى) أي: المارُّ، أي: امتنع من رجوعه عن المرور. (إلا أن تقاتله) بفوقية مضمومة، أي: أيها المصلِّي. (فقاتله) بصيغة الأمر، وفي نسخة: "قاتله" بلا فاءٍ على قلة (¬1)، وفي أخرى: ¬

_ (¬1) جعل المصنف حذف (الفاء) من جواب الشرط وهو طلب، قليلًا، و (الفاء) لازمة لجواب الشرط إذا كان طلبًا؛ ليُعلم ارتباطه بأداة الشرط، ولا نحذف الفاء إلا لضرورة. هذا قول الجمهور. وذهب ابن مالك إلى: أنها قد تحذف ندورًا، ومنه حديث (فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها) وذهب الأخفش إلى جواز حذف الفاء في الاختيار.

"بصيغة الماضي" على الالتفات. 509 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ العَدَويُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ، فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إلا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَادَ لِيَجْتَازَ، فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنَ الأُولَى، فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِابْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ". [3274 - مسلم: 505 - فتح: 1/ 581] (أبو معمر) هو عبد الله بن معمر. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد بن ذكوان العنبري. (يونس) أي: ابن عبيد بن دينار. (عن أبي صالح) ذكوان السمان. (ح) ساقطٌ من نسخة، وهي حاء التحويل. (آدم) في نسخة: "آدم بن أبي إياس". (فأراد شابٌ) قيل: هو الوليد بن عقبة، وقيل: غيره. (فلم يجد مساغًا) أي: طريقًا يمكنه المرور منها. (من الأولى) أي: من المرَّة، أو الدفعة الأولى. (فنال من أبي سعيد) أي: أصاب من عرضه. (مروان) أي: ابن الحكم الأمويُّ. (ما لكَ؟) مبتدأ وخبر. (ولابن أخيك) عطفٌ على (لكَ)، والمراد: أخوة الإسلام،

101 - باب إثم المار بين يدي المصلي

وإنما لم يقل: ولأخيك: لأنه شابٌ أصغر منه. (فليدفعه) أي: بالإشارة، ولطيف الدفع. (فليقاتله) أي: بالأفعال القليلة وهو بمكانه، فإن أدى دفعه إلى قتله لم يلزمه شيءٌ. (فإنما هو شيطان) أي: فعله فعل شيطان، أو هو شيطان؛ لأنه متمرد، ولو كان من الإنس، أو أن معه شيطانًا، هو الحاملُ له على فعله، والحصرُ للمبالغة في ذلك. وفي الحديث: أنه يقال لمن فتن شخصًا في دينه شيطان، وإن لم يكن شيطانًا حقيقة. وأن الدفع إنما هو بالأسهل فالأسهل. وأن المنازعات لا بد فيها من الرفع للحاكم. ولا ينتقم الخصمُ لنفسه. وأن رواية العدل مقبولة ولو انتفع بها. وأنه يحرم المرور بين المصلِّي وسترته. ومحله عند الشافعية: إذا كان بينهما ثلاثة أذرع فأقل. والسنة في السترة: أن يكون ثلثي ذراعٍ فأكثر، وأن لا يصمد إليها المصلِّي بأن يجعلها قبالة أحد جانبيه. 101 - بَابُ إِثْمِ المَارِّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي (باب: إثم المار بين يدي المصلي). أي: بيان إثمه. 510 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ، أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ: مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَارِّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي؟ فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ" قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي، أَقَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً. [مسلم: 507 - فتح: 1/ 584] (عن أبي النضر) بسكون المعجمة: سالم بن أبي أمية. (بُسْر) بضم

102 - باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي

الموحدة، وسكون المهملة. (إلى أبي جهيم) اسمه: عبد الله. (ماذا عليه؟) زاد في نسخة: "من الإثم"، وما: استفهامية، وهي مبتدأ، وذا خبره، وهو اسم إشارة، أو موصول وهو الأولى؛ لافتقاره إلى ما بعده، والجملةُ سادة مسدَّ مفعولي يعلم، وقد علَّق عمله بالاستفهام، وأبهم الأمر؛ ليدلَّ على الفخامة، وجواب لو محذوف، أي: لو يعلم ذلك لوقف، ولو وقف لكان خيرًا له، فقوله: (لكان أن يقف أربعين خيرًا له) جواب لو المحذوفة لا المذكورة، وفي نسخة: "خيرٌ" بالرفع اسم كان وخبرها ما قبله، وفي "صحيح بن حبان" (¬1) عن أبي هريرة: بدل (أربعين) "مائة عام" والظاهر: أن ذكر العدد مثال، والغرض منه المبالغة، ووجه التقييد بالأربعين: بأن كمال كل طورٍ بأربعين، كأطوار النطفة، فإن كلَّ طورٍ منها بأربعين يومًا، وكمال عقل الإنسان بأربعين سنة. (أقال:) بهمزة الاستفهام، وفي نسخة: "قال" بدونها، والقائل: بشر بن سعيد، قيل: أو النبي - صلى الله عليه وسلم -. 102 - بَابُ اسْتِقْبَالِ الرَّجُلِ صَاحِبَهُ أَوْ غَيْرَهُ فِي صَلاتِهِ وَهُوَ يُصَلِّي وَكَرِهَ عُثْمَانُ: "أَنْ يُسْتَقْبَلَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّي" وَإِنَّمَا هَذَا إِذَا اشْتَغَلَ بِهِ فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَغِلْ فَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: ¬

_ (¬1) "صحيح ابن حبان" 2/ 46 (2365) كتاب: الصلاة، باب: ما يكره للمصلي وما لا يكره.

"مَا بَالَيْتُ إِنَّ الرَّجُلَ لَا يَقْطَعُ صَلاةَ الرَّجُلِ". [فتح: 1/ 586] (باب: استقبال الرجل صاحبه، أو غيره في صلاته وهو يصلّي). أي: بيان كراهة ذلك، وفي نسخة: "استقبال الرجل وهو يصلّي" وهي أَوْلَى؛ لسلامتها عن تكرار ذكر الصلاة، وقوله: (أو غيره) ليس له كبير معنى. (¬1). (أن يُستقبل) مبني للمفعول. (وإنما هذا) أي: وإنما يكره استقبال المصلّي. (إذا اشتغل) أي: المستقبل. (به) أي: بالمصلِّي، أي: بالنظر إليه؛ لأنه يمنعه [من] (¬2) الخشوع وحضور القلب. (فأما إذا لم يشتغل) أي: به. (ما باليت) أي: بالاستقبال. (إن الرجل) بكسر الهمزة؛ على الاستئناف؛ لعلة عدم المبالاة. 511 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ يَعْنِي ابْنَ صُبَيْحٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ، فَقَالُوا: يَقْطَعُهَا الكَلْبُ وَالحِمَارُ وَالمَرْأَةُ، قَالَتْ: لَقَدْ جَعَلْتُمُونَا كِلابًا، "لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَإِنِّي لَبَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ عَلَى السَّرِيرِ، فَتَكُونُ لِي الحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ، فَأَنْسَلُّ انْسِلالًا" وَعَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ¬

_ (¬1) بل فيها معنى عام، فقد أورد البخاري حديث صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعائشة رضي الله عنها بينه وبين القبلة، فقد قصد البخاري بكلمة (أو غيره) أي المرأة كما في حديث الباب، وإذا جاز استقبال المرأة الرجل، فمن باب أولى استقبال الرجل الرجل المرأة. انظر الفتح 1/ 587. (¬2) من (م).

103 - باب الصلاة خلف النائم

الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ. [انظر: 382 - مسلم: 512، 744 - فتح: 1/ 587] (ابن خليل) في نسخة: "ابن الخليل". (حدثنا علي) في نسخة: "أخبرنا علي". (عن مسلم) زاد في نسخة: "يعني: ابن صبيح" بالتصغير. (فقالوا) في نسخة: "وقالوا". (قالت) في نسخة: "فقالت". (جعلتمونا كلابًا) أي: كالكلاب في قطع الصلاة. (¬1) (لقد رأيت) أي: أبصرت. (النبي) في نسخة: "رسول الله". (فأكره) في نسخة: "وأكره". (وعن الأعمش) عطف على قوله أولًا: (عن الأعمش). (نحوه) أي: نحو الحديث السابق، وهو بالنصب مفعول أخبرنا. 103 - بَابُ الصَّلاةِ خَلْفَ النَّائِمِ (باب: الصلاة خلف النائم) [أي: جوازها] (¬2). 512 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا رَاقِدَةٌ مُعْتَرِضَةٌ عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْتُ". [انظر: 382 - مسلم: ¬

_ (¬1) قول عائشة رضي الله عنها هنا للمبالغة، وإلا تعارض بين خبر قطع المرأة لصلاة الرجل وخبر عائشة، فلعلة في قطع الصلاة ما يحصل به التشويش وقد قالت رضي الله عنها إن البيوت يومئذ لم يكن فيها مصابيح فانقضى المعلول بانتفاء علته. وقد يتقيد القطع بالمرأة الأجنبية وعائشة رضي الله عنها زوجته. ثم إن حديث عائشة واقعه حال يتطرق إليها الاحتمال بخلاف أخبار القطع فهي مسوقة مساق التشريع العام. وانظر الفتح 1/ 590. (¬2) من (م).

104 - باب التطوع خلف المرأة

512، 744 - فتح: 1/ 587] (يحيى) أي: القطَّان. (معترضة) خبر بعد خبر. (يوتر) أي: يصلّي الوتر. (فأوترت) أي: معه. والحديث دلَّ على جواز الصلاة خلف النائمة بلا كراهة، فجوازها خلف النائم مفهوم بالأولى، فحصلت المطابقة بينه وبين الترجمة، ومن كرهها محتجًّا بخوف ما يحدث من النائم فيشغل المصلي، أو يضحكه فتفسد صلاته، محجوج بالحديث المذكور، وأما خبر أبي داود: "لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث" (¬1) أي: مع غيره، فإسناده ضعيف. وفي الحديث: استحباب إيقاظ النائم للطاعة، وأن الوتر قد يكون بعد النوم. 104 - بَابُ التَّطَوُّعِ خَلْفَ المَرْأَةِ (باب: التطوع خلف المرأة) أي: جوازه. 513 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: "كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا"، قَالَتْ: وَالبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ. [انظر: 382 - مسلم: 512، 744 - فتح: 1/ 588] ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (694) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة إلى المتحدثين والنيام.

105 - باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء

(فإذا سجد) أي: أراد السجود. ووجه مطابقة الحديث للتطوع في الترجمة: أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يصلي الفرض في المسجد. ووجه مطابقته له خلف المرأة وهي نائمة: أن السنة للنائم أن يستقبل القبلة، والغالب من حال عائشة - رضي الله عنها - أنها لا تتركها، وتقدم تفسير الحديث في باب: الصلاة على الفراش وعلى غيره (¬1). 105 - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ شَيْءٌ (باب: من قال لا يقطع الصلاة شيءٌ) أي: من فعل غيرِ المصلِّي. 514 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، ح قَالَ: الأَعْمَشُ، وَحَدَّثَنِي مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ الكَلْبُ وَالحِمَارُ وَالمَرْأَةُ، فَقَالَتْ: شَبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلابِ، وَاللَّهِ "لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً، فَتَبْدُو لِي الحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ، فَأُوذِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ". [انظر: 382 - مسلم: 512، 744 - فتح: 1/ 588] (عمر بن حفص) زاد في نسخة: "ابن غياث". (قال: حدثنا إبراهيم) في نسخة: "عن إبراهيم". (قال الأعمش) أي: بسنده السابق. (ما) مبتدأ. (يقطع الصلاة) صلة (ما). (الكلب) خبر المبتدإ، والجملة نائب فاعل (¬2) في (ذكر) أو (ما) هو النائب، فالكلب بدلُ منه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (382) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على الفراش. (¬2) وقوع الجملة فاعلًا أو نائب فاعل قول كوفي، وغيرهم يمنع ذلك.

(رأيت النبي) في نسخة: "رأيت رسول الله". (وإني) في نسخة: "وأنا". (على السرير) هو واللذان بعده ثلاثة أخبار مترادفة، أو خبران وحال، أو حالان وخبر، فقوله: (مضطجعة) بالرفع، وفي نسخة: بالنصب فالأولان خبران أو أحدهما خبر والآخر حال، ثم الحالان إما متداخلتان أو مترادفتان. (فتبدو) أي: تظهر. (فأكره أن أجلس) أي: مستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (فأوذيَ) بالنصب عطفُ على (أجلس) وبالرفع عطفٌ علي (فأكره). ووجه مطابقة الحديث لعموم [شيء] (¬1) في الترجمة: أن المرأة إذا لم تقطع الصلاة مع أن النفوس جبلت على الاشتغال بها، فغيرها من الكلب والحمار وغيرهما كذلك بل أولى، وما ذكر من عدم قطع شيءٍ من المذكورات هو المعتمد الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وأما خبر مسلم: "يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود" (¬2)، فمؤول بقطع الخشوع لا بالخروج من الصلاة، أو منسوخ بالأحاديث المذكورة، ويؤيد ذلك قوله فيما مرَّ: "فليدفعه" و "فليقاتله" (¬3) فإنه حكم فيه بالدفع والقتال، لا انقطاع الصلاة. 515 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّهُ عَنِ الصَّلاةِ، يَقْطَعُهَا شَيْءٌ فَقَالَ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ، أَخْبَرَنِي ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم" (510) كتاب: الصلاة، باب: قدر ما يستر المصلي. (¬3) سبق برقم (509) كتاب: الصلاة، باب: يرد المصلي من مر بين يديه.

106 - باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة

عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: "لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ فَيُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، وَإِنِّي لَمُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ". [انظر: 382 - مسلم: 512، 744 - فتح: 1/ 590] (إسحاق) أي: ابن راهويه الحنظلي، وفي نسخة: "إسحاق بن إبراهيم" وهو المعروف بابن راهويه. (أخبرنا يعقوب) في نسخة: "حدثنا يعقوب". (ابن إبراهيم) زاد في نسخة: "ابن سعد". (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (ابن أخي ابن شهاب) هو محمد بن عبد الله بن مسلم. (عمه) هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. (قال) في نسخة: "فقال". (لا يقطعها شيءٌ) مخصوص بالفعل القليل، أو المراد: لا يقطعها شيءٌ من الثلاثة التي وقع النزاع فيها. (أخبرني) من تتمة مقول ابن شهاب. (على فراش) متعلقٌ بـ (يقوم)، أو بـ (يصلي)، وفي نسخة: "عن فراش"، فيتعلق بـ (يقوم). 106 - بَابُ إِذَا حَمَلَ جَارِيَةً صَغِيرَةً عَلَى عُنُقِهِ فِي الصَّلاةِ (باب: إذا حمل جارية صغيرة علي عنقه) أي: لا تفسد صلاته، وزاد في نسخة: "في الصلاة". 516 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَبِي العَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا". [5996 - مسلم: 543 - فتح: 1/ 590]

(أخبرنا مالك) في نسخة: "حدثنا مالك". (وهو حاملُ أمامة) بالإضافة، وفي نسخة: بالتنوين، ونصب (أمامة) باسم الفاعل (¬1): لأنه حكاية حالٍ ماضية نحو: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} [الكهف: 18]، ويظهر أثر الوجهين في (بنت زينب) فتفتح، أو تكسر بالاعتبارين، و (أمامة) بضمِّ الهمزة، تزوجها عليٌّ بعد فاطمة (¬2). (بنت رسول الله) في نسخة: "ابنة رسول الله". (ولأبي العاص) عطفٌ على (زينب) بإعادة اللام المقدرة فيها؛ إذ المعنى: بنت لزينب ولأبي العاص، واسمه: مقسم، بكسر الميم وفتح السين، أو لقيط، أو القاسم، أو مهشم، أو هشيم، أو ياسر، أقوال [وابن ربيعة] الذي رواه غيره ابن الربيع. (ابن عبد شمس) نسبة لجده؛ لشهرته به، وإلا فهو] (¬3). ابن عبد العزي بن عبد شمس. وكان حمله - صلى الله عليه وسلم - لأمامة على عنقة (¬4)، كما ¬

_ (¬1) وقد عمل اسم الفاعل هنا؛ لتوافر أحد شروطه، وهو كونه خبرًا، أي: معتمدًا على مبتدأ. (¬2) هي أمامة بنت أبي العاص، وبنت زينب ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها علي رضي الله عنه في خلافة عمر، وبقيت عنده مدة، وجاءته منها أولاد، وعاشت بعده حتى تزوج بها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، فتوفيت عنده بعد أن ولدت له المغيرة. ماتت في دولة معاوية. انظر "أسد الغابة" 1/ 269، "سير أعلام النبلاء" 1/ 335. (¬3) من (م). (¬4) قال الحافظ في "الفتح" 1/ 592: قال الفكهاني: وكأن السر في حمله أمامة في الصلاة دفعًا لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن، فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم، والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول. واستدل به على ترجيح العمل بالأصل على =

ذكره في الترجمة، ورواه مسلم وغيره (¬1). [وروي على رقبته] (¬2). (فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها) فعل ذلك؛ لبيان الجواز، وهو محمولُ عندنا علي العمل القليل، أو الكثير المتفرق. ودعوى نسخ ذلك بخبر: "إن في الصلاة لشُغُلا" (¬3) مردودةُ؛ لأن الخبر كان قبل الهجرة، وقصة أمامة كانت بعدها بمدة طويلة، وكانت في الفرض، ودعوى أنها كانت في النفل مردودة بأخبار، كخبر مسلم: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤم الناسَ، وأمامة على عاتقه" (¬4)، وخبر ابن بكار: أنها كانت في ¬

_ = الغالب كما أشار إليه الشافعي. ولابن دقيق العيد هنا بحث من جهة أن حكايات الأحوال لا عموم لها، وعلى جواز إدخال الصبيان في المساجد، وعلى أن لمس الصغار الصبايا غير مؤثر في الطهارة، ويحتمل أن يفرق بين ذوات المحارم وغيرهن، وعلى صحة صلاة من حمل آدميًّا، وكذا من حمل حيوانًا طاهرًا، وللشافعية == تفصيل بين المستجمر وغيره، وقد يجاب عن هذه القصة بأنها واقعة حال فيحتمل أن تكون أمامة كانت حينئذ قد غسلت، كما يحتمل أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يمسها بحائل. (¬1) "صحيح مسلم" (543) كتاب: المساجد، باب: جواز حمل الصبيان في الصلاة. ورواه أبو داود (917) كتاب: الصلاة، باب: العمل في الصلاة. وأبو عوانة (1740) كتاب: الصلوات، باب: بيان ذكر حمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أمامة. (¬2) من (م). (¬3) رواه مسلم (538) كتاب: المساجد، باب: تحريم الكلام في الصلاة. وأبو عوانة (1719) كتاب: الصلوات، باب: بيان حظر الكلام في الصلاة. (¬4) "صحيح مسلم" (543) كتاب: المساجد، باب: جواز حمل الصبيان في الصلاة.

107 - باب إذا صلى إلى فراش فيه حائض

صلاة الصبح (¬1). 107 - بَابُ إِذَا صَلَّى إِلَى فِرَاشٍ فِيهِ حَائِضٌ (باب: إذا صلّى إلى فراش فيه حائض) أَي: صحت صلاته، ولا كراهة. 517 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الهَادِ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي خَالَتِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الحَارِثِ، قَالَتْ: "كَانَ فِرَاشِي حِيَالَ مُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرُبَّمَا وَقَعَ ثَوْبُهُ عَلَيَّ وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي". [انظر: 333 - مسلم: 513 - فتح: 1/ 593] (هشيم) أي: ابن بسر، بضمِّ الموحدة، وسكون المهملة الواسطيّ. (عن الشيباني) اسمه: سليمان وكنيته: أبو إسحق. (حيال) بكسر المهملة، وفتح التحتية، أي: حذاء. 518 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ، تَقُولُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ نَائِمَةٌ، فَإِذَا سَجَدَ أَصَابَنِي ثَوْبُهُ وَأَنَا حَائِضٌ" وَزَادَ مُسَدَّدٌ، عَنْ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَنَا حَائِضٌ. [انظر: 333 - مسلم: 513 - فتح: 1/ 593] (سمعت ميمونة) كانت خالته. (أصابني ثوبه) في نسخة: (أصابني ثيابه" وفي أخرى: "أصابتني ثيابه". (وأنا حائض) قيل القياس: حائضة؛ لأنه إذا أريد حدوث الفعل كان بالتاءِ وهو المراد هنا، وأجيب: بأن المراد: الحكم على الحائض من حيث هي. ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "الكبير" 22/ 442 (1079).

108 - باب: هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد؟

108 - بَابٌ: هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ السُّجُودِ لِكَيْ يَسْجُدَ؟ (باب: هل يغمز الرجل امرأته في السجود لكي يسجد) أي: هل يجوز ذلك، أو لا؟ 519 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: بِئْسَمَا عَدَلْتُمُونَا بِالكَلْبِ وَالحِمَارِ "لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَيَّ، فَقَبَضْتُهُمَا". [انظر: 382 - مسلم: 512، 744 - فتح: 1/ 513] (القاسم) هو ابن محمد بن أبي بكر. (بئسما) ما: نكرة موصوفة مفسرة لفاعل بئس، والمخصوص بالذم محذوف أي: عدلكم. (لقد رأيتني) فيه اتحاد الفاعل والمفعول، وهو جائز في الفعل القلبي، لكن استشكل بمنع حذف أحد مفعوليه، وجوابه ما قال الزمحشري في {وَلَا تَحْسَبَنَّ} الآية [آل عمران: 169] إن حذف أحد المفعولين جائز؛ لأنه مبتدأ في الأصل، ولا ينافيه ما في "الكشاف" (¬1) وغيره من المنع؛ لما رُوي عنه: إذا كان الفاعل والمفعولان عبارة عن شيءٍ واحد في المعنى جاز الحذف، فأمكن الجمع بينهما، بأن القول بالحذف فيما إذا اتحد الفاعل والمفعول، والقول بعدمه فيما إذا اختلفا، قاله الكرماني (¬2). ومرَّ تفسير الحديث في ¬

_ (¬1) "الكشاف" 1/ 386. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 170.

109 - باب المرأة تطرح عن المصلي، شيئا من الأذى

باب: الصلاة علي الفراش (¬1). 109 - بَابُ المَرْأَةِ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي، شَيْئًا مِنَ الأَذَى (باب: المرأة تطرح على المصلي شيئًا من الأذى) أي: باب بيان ذلك. 520 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّورَمَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الكَعْبَةِ وَجَمْعُ قُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ، إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَلا تَنْظُرُونَ إِلَى هَذَا المُرَائِي أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلانٍ، فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا وَسَلاهَا، فَيَجِيءُ بِهِ، ثُمَّ يُمْهِلُهُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ؟ وَثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا، فَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنَ الضَّحِكِ، فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ - وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ -، فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ، وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ، قَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ"، ثُمَّ سَمَّى: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَعُمَارَةَ بْنِ الوَلِيدِ" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى القَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ القَلِيبِ لَعْنَةً". [انظر: 240 - مسلم: 1794 - فتح: 1/ 594] ¬

_ (¬1) سبق برقم (352) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على الفراش.

(السورماري) ساقط من نسخة، وهو بضم المهملة، وفتح الراء الأولى، وفي نسخة: "السرماري" بتثليث المهملة، وحذف الواو، وسكون الراء الأولى؛ نسبة إلى سرمار (¬1) قرية من قرى بخارى (¬2). (إسرائيل) أي: ابن يونس بن إسحاق السبيعي (عن أبي إسحق) اسمه: عمر بن عبد الله. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (بينما) العامل فيه. معنى المفاجأة في (إذ) المذكورة بعد، لا الفعل الذي هو (يصلي)؛ لأنه حال من رسول الله المضاف إليه، قاله الكرماني (¬3)، وظاهره: أن (رسول الله) مجرور بالإضافة، والظاهر أن المضاف إليه (بين) هو الجملة الاسمية، فيكون (رسول الله) مرفوعًا بالابتداء، و (ما) زائدة على كلِّ حالٍ. (وجمعُ قريشٍ) بالإضافة، وهي بمعنى: من، أي: جمع من قريش. (جزور آل بني فلان) أي: منحورهم: وهو من الإبل يقع على الذكر والأنثى، وهي تؤنث، قاله الجوهري (¬4). (فيعمد) بكسر الميم، أي: يقصد، وهو مرفوع، وفي نسخة: منصوب جوابًا للاستفهام. (وسلاها) بفتح المهملة، والقصر: وعاء جنينها. (فانبعث) أي: انتهض. (أشقاهم) هو عقبة بن أبي معيط. (فانطلق منطلق) قال شيخنا: يحتمل أنه ابن مسعود (¬5). (جويرية) أي: صغيرة السنِّ. (رسول الله) في ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 215. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 3/ 215. (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 171 - 172. (¬4) "الصحاح" 2/ 612. (¬5) "الفتح" 1/ 594.

نسخة: "النبيَّ". (عليك بقريش) أي: أهلكهم، والمراد: كفارهم. (بعمرو بن هشام) هو أبو جهل، فرعون زمانه (¬1). (قال عبد الله) أي: ابن مسعود. (صرعى يوم بدر) أي: إلا عمارة بن الوليد، فإنه لم يحضر بدرًا، وإنما تُوفي بجزيرة بأرض الحبشة. (ثم سحبوا) أي: إلا عمارة بن الوليد. (قليب بدر) هو البئر قبل أن تطوى، وهو بالجر بدلُ من القليب قبله، ويجوز رفعه بتقدير هو، ونصبه بتقدير أعني. (قال رسول الله) في نسخة: "قال النبي". (وأتبع) بالبناءِ للمفعول، وفي نسخة: "وأَتبع" بالبناء للفاعل، وهو فيهما إخبار من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الله أتبعهم اللعنة، أي: كما أنهم مقتولون في الدنيا، فهم مطرودون في الآخرة عن رحمة الله تعالى، وفي أخرى: "وأتْبعْ" بلفظ الأمر، عطف علي (عليك بقريشٍ) أي: قال في حياتهم: أهلكهم، وفي مماتهم أتبعهم لعنة. (أصحاب) بالرفع: على النسخة الأولئ، والنصب: على الأخريين، ومرَّ ما في الحديث من المباحث في باب: إذا أُلْقيَ على ظهر المصلي قذر (¬2). وفي الحديث: جواز الدعاءِ على أهل الكفر إذا آذوا المؤمنين ولم يرُجَ إسلامهم. ¬

_ (¬1) دل على ذلك حديث رواه البزار في "مسنده" 5/ 248 (1861). (¬2) سبق برقم (240) كتاب: الوضوء، باب: إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة.

1 - باب مواقيت الصلاة وفضلها

[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] 9 - كِتَابُ المَوَاقِيتِ 1 - بَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ وَفَضْلِهَا وَقَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] مُوَقَّتًا وَقَّتَهُ عَلَيْهِمْ". (كتاب: المواقيت) في نسخة: "باب: مواقيت الصلاة": جمع ميقات، وهو الوقت المضروب لفعلها. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) زاد عقبها في نسخةٍ: "باب: مواقيت الصلاة وفضلها" وقدم البسملة في أخرى على ما قبلها، وذكر في أخرى: "باب: مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ" [وفي أخرى: "باب: مواقيت الصلاة وفضلها"]، (¬1) بدونِ بسملةٍ فيهما. (وَقَوْلِهِ) عطف على المواقيت في النسخةِ الأولى، وعلى مواقيتِ الصلاة في غيرها، وفي نسخة: "وقوله عزَّ وجلَّ". {مَوْقُوتًا} [النساء: 103] زاد في نسخة: "موقتًا" (وقَّتَه) بالتشديدِ تفسير لـ (موقوتًا) أي: لموقتًا، أي: حَدَد الصلاةَ بأوقاتٍ. 521 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلاةَ يَوْمًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ المُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلاةَ يَوْمًا وَهُوَ بِالعِرَاقِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى ¬

_ (¬1) من (م).

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: "بِهَذَا أُمِرْتُ"، فَقَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ: اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ، أَوَأَنَّ جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْتَ الصَّلاةِ؟ قَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ. [3221، 4007 - مسلم: 610 - فتح: 2/ 3] (أَخَّرَ الصلَاةَ) أي: صلاة العصر، أي: أخرها عن وقتها المختار لا عن وقتها الجائز. (وهو بالعراق) أي: عراقُ العرب، وهو من عبادان للموصل طولًا، ومن القادسية لحلوان عرضًا، وفي رواية في "الموطأ": "وهو بالكُوفة" (¬1) وهي من العراق، فالتعبير بها أخص من التعبير به. (أليس) اسمها: ضمير الشأن مُفسَّر بما بعدها، ويجوز ألست، بجعل اسمها ضمير المخاطب. (نَزَلَ) أي: صبيحة ليلة الإسراء المفروض فيها الصلاة. (فصلى) زاد في نسخةٍ: "برسولِ الله". (ثم صَلَّى، فَصَلَّى) عطف في صلاة جبريل. بـ (ثم): لأنها متراخيةٌ عمَّا قبلها، وفي صلاة النبي بالفاءِ؛ لأنها متعقبة لصلاة جبريل. (بهذا) أي: بأداءِ الصلاة في هذه الأوقات. (أُمِرْتُ) بضمِّ التاءِ، أي: أن أصلى بك، وبفتحها أي: شرع لك. (فقال عُمَرُ لِعُرْوَةَ: أعْلَمْ) بصيغة الأمر للتنبيه، على استبعاد ما قاله عروةُ. (ما) أي: الذي. (أو إِن) بفتحِ الواو؛ للعطف على مقدر، والهمزةُ للاستفهامِ، وإن بالكسر على الاستئناف، وإن صحب استفهامًا، و (أن) بالفتح، بتقدير: أو علمت. (هو أَقَامَ) في نسخةٍ: "هو الذي أَقام". (- صلى الله عليه وسلم -) في نسخة: "صلى الله عليهما". (وَقْتَ) في نسخة: "وُقُوت"، وفي أخرى: "مَواقيت". (كَذَلِك) في نسخةٍ: "وكَذَلِكَ". ¬

_ (¬1) انظر: "الموطأ" 1/ 403 (1) باب: وقوت الصلاة.

2 - باب قول الله تعالى: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين} [الروم: 31]

(بشير) بفتح الموحدة، وكسر المعجمة. (قال عروة) مقول ابن شهاب، قيل: أو تعليق من البخاري. 522 - قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي العَصْرَ، وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ". [544، 545، 546، 3103 - مسلم: 611 - فتح: 2/ -6] (والشمسُ في حجرتها) أي: عائشة، وسميت بذلك؛ لمنعها الداخل من الوصول إليها. (قبل أن تظهر) أي: تعلو من حجرتها، إلى أعالي الدار. وفي الحديث: المبادرة بالصلاة أول الوقت. وإنكار العلماء على الأمراء ما يخالف السنة. ومراجعة العالم؛ لطلب البيان. والرجوع عند التنازع إلا السنة. وأن الحجة في الحديث المسند دون المقطوع. ولا يعارض الحديث حديث إمامة جبريل له - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيءٍ مثليه (¬1): لأن ذاك وقع بيانًا للجواز. 2 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ} [الروم: 31]. (باب: قول الله تعالى) لفظ: (قول الله تعالى) ساقط من نسخة. ({مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} أي: راجعين إليه، وقيل: منقطعين إليه. {وَاتَّقُوهُ} أي: خافوه، وراقبوه. {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} أي: بل من الموحدين المخلصين له عبادة، وهذه الآية مما احتج به من يرى تكفير ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (393) كتاب: الصلاة، باب: في المواقيت. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": (417)

تارك الصلاة؛ لما يقتضيه مفهومها، لكن المراد أن تركها من أفعال المشركين، فورد النهي عن التشبه بهم. 523 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادٌ هُوَ ابْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّا مِنْ هَذَا الحَيِّ مِنْ رَبِيعَةَ وَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إلا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَيْءٍ نَأْخُذْهُ عَنْكَ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، فَقَالَ: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ، ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَيَّ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَى عَنْ: الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالمُقَيَّرِ وَالنَّقِيرِ". [انظر: 53 - مسلم: 17 - فتح: 2/ 7] (هو ابن عَبَّادٍ) في نسخة: "وهُوُ ابن عَبَّاد". (عن أبي جَمْرَةَ) بجيم وراء، اسمه: نصر بن عمران البصري. (هذا الحي) بالنصب على الاختصاص، وفي نسخة: "من هذا الحي". (من ربيعة) خبر إن [في قوله (إنَّا)] (¬1). وقوله: (إلا في الشهر الحرام) هو رجب، كما رواه البيهقي (¬2)، وقيل: المراد: الجنس، فيشمل الأربعة الحرم. (نأخذه) بالرفع على الاستئناف، لا بالجزم، جوابًا للأمر: لقوله بعده: (وندعو)؛ لأنه معطوف عليه. (بأربع) أي: من الخصال. (الإيمان بالله) بالجر، بدل من أربع، وبالرفع: خبر مبتدأ محذوف، وبالنصب بأعني. (ثم فسرها) أي: كلمة الإيمان، أي: فسرها لهم بقوله: (شهادة أن لا إله إلا الله ... إلخ). (والصوم) ذكر في ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) انظر: "سنن البيهقي" 6/ 303 كتاب: قسم الفيء والغنيمة، باب: بيان مصرف خمس الخمس.

3 - باب البيعة على إقام الصلاة

باب: أداء الخمس من الإيمان (¬1)، فتركه هنا إغفال من الرواة، لا لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقله أصلا. قاله ابن الصلاح (¬2)، وأما الحج فلم يكن فرض إذ ذاك. (وأنهاكم) في نسخة: "وأنها" ومر ضبط الحديث وتفسيره، في باب: أداء الخمس من الإيمان. ووجه مطابقته للترجمة: اقتران نفي الشرك، وهو التوحيد بإقامة الصلاة، ووجه مناسبة ذكر نهيه - صلى الله عليه وسلم - للوفد عن النبذ في الظروف المذكورة في الحديث، وأمره لهم بأداء الخمس مع أمره لهم بالإيمان وما معه: أنهم كانوا يكثرون النبذ في الظروف المذكورة، ويخاف منهم الغلول في الفيء فعرفهم ما يهمهم، ويخشى منهم مواقعته. 3 - بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ (باب: البيعة على إقام الصلاة) في نسخة: "على إقامة الصلاة" قال ابن الأثير: البيعة: عبارة عن المعاقدة على الإسلام والمعاهدة، كأن كل واحدِ منهما باع ما عنده من صاحبه، وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره (¬3). 524 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [انظر: 57 - مسلم: 56 - فتح: 2/ 7). (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (قيس) أي: ابن أبي حازم البجلي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (53) كتاب: الإيمان: أداء الخمس من الإيمان. (¬2) "صيانة صحيح مسلم" - دار الغريب. ص 155. (¬3) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 174.

4 - باب: الصلاة كفارة

(بايعت رسول الله) في نسخة: "بايعت النبي". (والنصح لكل مسلم) خصَّ جريرًا بالنصيحة؛ لأنه كان سيد بجيلة وقائدهم، فأرشده إلى النصيحة؛ لأن حاجته إليها أمس، بخلاف وفد عبد القيس؛ حيث خصهم بأداء الخمس؛ لكونهم أهل محاربة مع من يليهم من كفار مضز، فذكر لكل قوم أهم ما يحتاجون إليه، ويخاف عليهم من جهته، ومرت مباحث الحديث في باب: الدين النصيحة (¬1). 4 - بَابٌ: الصَّلاةُ كَفَّارَةٌ (باب: الصلاة كفارة) في نسخة: "باب: تكفير الصلاة" أي: لصغائر الذنوب. 525 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفِتْنَةِ، قُلْتُ أَنَا كَمَا قَالَهُ: قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ، قُلْتُ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ"، قَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، وَلَكِنِ الفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ البَحْرُ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لَا يُغْلَقَ أَبَدًا، قُلْنَا: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ البَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ الغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: البَابُ عُمَرُ. [1435، 1895، 3586، 7096 - مسلم: 144، فتح: 2/ 8] (شقيق) هو أبو وائل بن سلمة الأسدي. (سمعت حذيفة) في نسخة: "حدثني حذيفة". ¬

_ (¬1) سبق برقم (57) كتاب: الإيمان، باب: الدين النصيحة.

(قول رسول الله) في نسخة: "قول النبي". (في الفتنة) هي الحيرة والبلية. (قلت أنا) أي: أحفظه. (كما قاله) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأتى بالكاف، مع أنَّ مدخولَها عينُ قولِه؛ لأنه نقله بالمعنى، فاللفظ مثل لفظه بأداء ذلك المعنى، أو الكاف زائدة، قاله الكرماني (¬1). (إنك عليه) أي: على قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (أو عليها) أي: على مقالته. (لجريء) أي: جسور. (فتنة الرجل في أهله) أي: بأنه ياتي من أجلهم ما لا يحل. (وماله) أي: بأن يأخذه من غير مأخذه، ويصرفه في غير مصرفه. (وولده) أي: لفرط المحبة والشغل به عن كثير من الخيرات. (وجاره) أي: بأن يتمنى مثل حاله أي: إن كان متسعًا مع الزوال. (يكفرها) أي: الفتنة المفصلة بما مر. (الصلاة. إلخ) أي: تكفر الصغائر؛ لخبر "الصلاة إن الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر" (¬2). (ولكن الفتنة) بالنصب أي: ولكن أريد الفتنة العظيمة. (التي تموج) أي: تضطرب. (بابًا) في نسخة: "لبابًا". (إذًا) جواب وجزاء (¬3)، أي: إذا يكسر. (لا يغلق أبدًا) إذ الإغلاق ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 178. (¬2) رواه مسلم (233) كتاب: الطهارة، باب: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، والحاكم في "المستدرك"4/ 259 كتاب: التوبة والإنابة. والبيهقي في "شعب الإيمان" 3/ 309 (3620). (¬3) هذا قول سيبويه في إذًا: وقد اختلف النحاة في تفسيره: فحمله قوم منهم الشلوبين (عمر بن محمد الأزدي، من أئمة النحاة- سير أعلام النبلاء 23/ 207) على ظاهره، وقال: إنها للجواب والجزاء في كل موضع. وحمله الفارسي على أنها قد ترد لهما وهو الأكثر، وقد تكون للجواب وحده، وقال بعض المتأخرين: إنها وإن دلت على أن ما بعدها مسبب عما قبلها على وجهين. أحدها: أن تدل على إنشاء الارتباط والشرط بحيث لا يفهم الارتباط من غيرها. =

إنما يكون في الصحيح لا في المكسور، ويغلق بالنصب بإذًا (¬1)، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف. قلنا أي: لحذيفة. (كما أن دون الغدِ الليلة) أي: كما يعلم أن الليلة أقرب من الغدِ، وإنما علم عمر أنه الباب؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان على حراء هو والعمران وعثمان، فقال: "إنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان" (¬2). (ليس بالأغاليط): جمع أغلوطة بضم الهمزة، وهو ما يغلط به، قال النووي: معناه: حدثه حذيفة صدقًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا عن اجتهاد رأيٍ ونحوه (¬3). وحاصله: أن عمر كان هو الحائل بين الفتنة والإسلام فإذا مات دخلت. (فهبنا) أي: قال شقيق: فهبنا، أي: خفنا. (أن نسأل حذيفة) أي: عن الباب. (مسروقًا) أي: ابن الأجدع. (فقال) أي: مسروق. (الباب عمر) لا ينافيه قوله قبلُ: (إن بينك وبينها بابًا)، لأن المراد بقوله: (بينك) أي: بين زمانك وزمان الفتنة وجود حياتك، وعلم حذيفة ذلك مستندًا إلى الرسول لله بقرينة السؤال والجواب. ¬

_ = الثاني: أن تكون مؤكدة لجواب ارتبط بمتقدم، أو منبهةً على سبب حصل في الحال نحو: إن أتيتني إذا آتيك. (¬1) ينصب الفعل بعد إذن بثلاثة شروط: الأول: أن يكون مستقبلًا فإن كان حالا رُفع. الثاني: أن تكون إمَّا مصدرة، فإن تأخرت ألغيت حتمًا، وإن توسطت وافتقر ما قبلها لما بعدها وجب إلغاؤها أيضًا. الثالث: ألا يفصل بينها وبين الفعل بغير القسم، وأجاز بعضهم الفصل بالظرف، وآخرون أجازوا الفصل بالنداء والدعاء. وانظر "عمدة القارئ" 5/ 10. (¬2) سيأتي برقم (3686) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب. (¬3) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 175.

526 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِي هَذَا؟ قَالَ: "لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ". [4687 - مسلم: 2763 - فتح: 2/ 8] (ابن زريع) بضم الزاي وفتح الراء. (سليمان) أي: ابن طرخان. (عن أبي عثمان النهدي) هو عبد الرحمن بن مل، بتثليث الميم، وتشديد اللام. (أن رجلًا) هو أبو اليسر بفتح التحتية والمهملة: ابن عمرو الأنصاري. (طرفي النهار) أي: الغداة والعشي، والظهر والعصر. (وزلفًا من الليل) أي: وساعات منه قريبة من النهار (¬1)، فإنه من أزلفه إذا قربه، وقيل: صلاة المغرب والعشاء (¬2)، وقيل: صلاة العشاء (¬3)، وهو معطوف على طرفي النهار، وقيل: على الصلاة. ({إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}) [هود: 114] أي: يكفرنها، والمراد بالحسنات: الصلوات الخمس، كما عليه أكثر المفسرين، وقال مجاهد: هو قول العبد: سبحان الله، الحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (¬4). ¬

_ (¬1) روى ذلك الطبري في "التفسير" 7/ 127 (18638) عن مجاهد. (¬2) رواه الطبري في "التفسير" 7/ 128 (18648) عن الحسن. (¬3) رواه الطبري في "التفسير" 7/ 127 (18642) عن الحسن. (¬4) أخرجه الطبري في: "التفسير" 7/ 131 (18680).

5 - باب فضل الصلاة لوقتها

5 - بَابُ فَضْلِ الصَّلاةِ لِوَقْتِهَا (باب: فضل الصلاة لوقتها) أي: في وقتها. 527 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ الوَلِيدُ بْنُ العَيْزَارِ: أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا صَاحِبُ - هَذِهِ الدَّارِ وَأَشَارَ إِلَى دَارِ - عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: "الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا"، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ" قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَو اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي. [2782، 5970، 7534 - مسلم: 85 - فتح: 2/ 9] (قال: الوليد بن العيزار أخبرني) فاعل (قال) ضمير شعبة، الوليد مبتدأ، خبره: (أخبرني). (وأشار) أي: أبو عمرو الشيباني. (إلى دار عبد الله) أي: ابن مسعود. (الصلاة على وقتها) عبر هنا بعلى، وفي الترجمة باللام، وهما متغايران؛ لأن اللام لاستقبال الوقت، أو بمعنى: في؛ لأن الوقت ظرف لها، كقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] أي: فيه، وعلى للاستعلاء على الوقت، والتمكن من أداء الصلاة، أي: في [أي] (¬1) جزء كان من أجزائه فوجه مطابقة الحديث للترجمة: أنَّ اللام قد تأتي بمعنى: علي بناء على مذهب الكوفيين من تقارض الحروف، كقوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} [الإسراء: 107] أي: عليها، وقوله: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103] أي: عليه. (ثم أي) أي: بالتشديد بالتنوين، وأشار بـ (ثم) إلى تراخي السؤال الثاني، لكن في الرتبة لا الزمان. (قال: بر الوالدين) في نسخة: "ثم بر الوالدين". (والجهاد في سبيل الله) أي: لإعلاء كلمة الله، "ظهار شعائر ¬

_ (¬1) من (م).

6 - باب: الصلوات الخمس كفارة

الإسلام بالنفس المال. (حدثني بهن) أي: بالثلاثة المذكورة، والجمع بين هذا الحديث وأحاديث: إطعام الطعام خير أعمال الإسلام (¬1)، وأفضل أعماله أن يسلم المسلمون من يده ولسانه (¬2)، وأحب العمل إلى الله أدومه (¬3) وغير ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجيب كلامًا يوافقه ويليق به، أو بحسب الوقت، أو الحال، وقد تعارضت النصوص على تفضيل الصلاة على الصداقة، نعم إن عرضت حالة تقتضي المواساة لمضطر كانت الصدقة أفضل من الصلاة، وقِسْ على ذلك غيرها. وفي الحديث: تفضيل بعض أعمال البر على بعض، وفضلُ بر الوالدين. 6 - بَابٌ: الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ (باب: الصلوات الخمس كفارة) للخطايا إذا صلاهن لوقتهن في الجماعة وغيرها، في نسخة: "كفارات" وما بعدها ساقط من أخرى. 528 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ: ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ " قَالُوا: لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ: "فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا". [مسلم: 667 - فتح: 2/ 11] (قال: حدثني) في نسخة: "قال: حدثنا". (عن يزيد) أي: "ابن عبد الله" كما في نسخة، وفي أخرى: "عن يزيد يعني: ابن عبد الله بن الهاد". ¬

_ (¬1) سبق برقم (12) كتاب: الإيمان، باب: إطعام الطعام من الإسلام. (¬2) سبق برقم (11) كتاب: الإيمان، باب: أي الإسلام أفضل. (¬3) سيأتي برقم (1132) أبواب: التهجد، باب: من نام عند السحر.

(أرأيتم) بهمزة الاستفهام التقريري، أي: أخبروني، وفي نسخة: "أرأيتكم". "كم" حرف لا محل له من الإعراب، وسبق مع زيادة في باب: السمر في العلم (¬1). (لو أنَّ) أي: لو ثبت أن (¬2)؛ لأن (لو) لا تدخل إلا على فعل. وجوابها محذوف: لما بقي الدرن. (نهرًا) بفتح الهاء، وسكونها: وهو ما بين حافتي الوادي، سمي بذلك لسعته؛ ولذلك سمي اليوم بالنهار لسعة ضوئه. (خمسًا) أي: خمس مرات. (ما) استفهامية في موضع نصب بـ (يُبقي) الآتي، وقدم عليه؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام. (تقول) أي: أيها السامع، فالمخاطب عام، فيناسب خطاب الجماعة بقوله: "أرأيتم" وجرى القول مجرى الظن، فيتعدى إلى مفعولين: الأول: ذلك، والثاني: (يُبقي) بضم أوله وكسر ثانيه، أي: يبقي شيئًا. (من درنه) بفتح الراء: وسخه. (قال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فذلك مثل الصلاة) جواب شرط محذوف (¬3)، أي: إذا علمتم ذلك، وفائدة التمثيل: التأكيد، وجعل المعقول كالمحسوس، حيث شبه حال المقترف لبعض الذنوب المحافظ على أداء الصلوات الخمس بحال المغتسل في نهرٍ على باب داره كل يوم خمس مرات، بجامع أن كلًّا منهما يزول بفعله الأقذار وهي الذنوب في الأول، والأوساخ في الثاني. (بها) أي: بالصلوات، وفي نسخة: "به" أي: بأدائها. (الخطايا) أي: الصغائر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (116) كتاب: العلم، باب: السمر في العلم. (¬2) تدخل (لو) على (أن) كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ} وهو كثير، وقد اختلف النحاة في موضع (أن) بعد (لو): فذهب سيبويه إلى أنها في موضع رفع بالابتداء، وذهب الكوفيون والمبرد والزجاجي وغبرهم إلى أنها فاعل بفعل مقدر تقديره: ولو ثبت، وقد اختار المصنف هنا مذهب الكوفيين ومن تبعهم. (¬3) والفاء في: (فذلك)، الفاء الفصيحة.

7 - باب تضييع الصلاة عن وقتها

7 - بَابُ تَضْيِيعِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا (باب: تضييع الصلاة) في نسخة: "باب: في تضييع الصلاة". (عن وقتها) أي: تأخيرها إلى أن يخرج وقتها، ولفظ (باب) مع الترجمة ساقط من نسخة. 529 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ غَيْلانَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: "مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ: الصَّلاةُ؟ قَالَ: أَلَيْسَ ضَيَّعْتُمْ مَا ضَيَّعْتُمْ فِيهَا"؟ [فتح: 2/ 13] (مهدي) أي: ابن ميمون. (غيلان) أي: ابن جرير المعولي، بفتح الميم والواو؛ نسبة إلى المعاول: بطن من أزد. (قال) أي: أنس لما أخر الحجاج الصلاة. (ما أعرف شيئًا .. إلخ). (قيل) أي: قال له أبو رافع. (الصلاة) أي: هي شيء مما كان في عهده - صلى الله عليه وسلم -، وهي باقية. (قال) أي: أنس في الجواب. (أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها) أي: في الصلاة، واسم ليس ضمير الشأن، وضيعتم بمعجمة وتحتية مشددة في الموضعين، من التضيع، وفي نسخة: "قد ضيعتم"بزيادة (قد) وفي أخرى: بمهملة ونون مخففة من الصيع، والأُولى أوْلَى بالترجمة. والمراد أنهم أخروها عن وقتها بالكلية، وقيل: عن وقتها المستحب، ورده شيخنا: بأنه مخالف للترجمة، وللواقع (¬1)، فقد صح أنَّ الحجاجَ وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 2/ 14. (¬2) ورد في ذلك آثار رواها عبد الرزاق: 2/ 385 (3792 - 3799) كتاب: الصلاة، باب: الأمراء يؤخرون الصلاة. وابن أبي شيبة 2/ 156، 157 (666) كتاب: الصلاة، في الأمير يؤخر الصلاة عن الوقت.

8 - باب: المصلي يناجي ربه عز وجل

530 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ أَبُو عُبَيْدَةَ الحَدَّادُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، أَخِي عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: "لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إلا هَذِهِ الصَّلاةَ وَهَذِهِ الصَّلاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ" وَقَالَ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ البُرْسَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ نَحْوَهُ. [فتح: 2/ 13] (عن عثمان بن أبي روَّادَ أخي عبد العزيز) زاد في نسخة: "ابن أبي روَّاد" وعبر في نسخة: بـ "أخو" بدل (أخي). (بدمشق) بكسر الدال وفتح الميم. (أدركت) أي: في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إلا هذه الصلاة) بالنصب على الاستثناءِ، أو بدل من (شيئًا). (بكر) أي: "ابن خلف" كما في نسخة. (البرساني) [بضم الموحدة، وسكون الراء، وبالسين المهملة، وبالنون: الواسطي] (¬1). 8 - بَابٌ: المُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (باب: المصلي يناجي ربه عزَّ وجلَّ) أي: يخاطبه. 531 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلَا يَتْفِلَنَّ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى" وَقَالَ سَعِيدٌ: عَنْ قَتَادَةَ، "لَا يَتْفِلُ قُدَّامَهُ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ" وَقَالَ شُعْبَةُ: "لَا يَبْزُقُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ" وَقَالَ حُمَيْدٌ: عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَبْزُقْ فِي القِبْلَةِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ". [انظر: 241 - مسلم: 551 - فتح: 2/ 14] ¬

_ (¬1) من (م).

9 - باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

(هشام) هو ابن أبي عبد الله الدستوائي. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (يناجي ربه) زاد في نسخة: "عزَّ وجلَّ". (يتفلن) بضم الفاء وبكسرها، وإن أنكر بعضهم الضم. (وقال سعيد إلخ) هذه تعاليق أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا موقوفات. 532 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلَا يَبْسُطْ ذِرَاعَيْهِ كَالكَلْبِ، وَإِذَا بَزَقَ فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ". [انظر: 241، 822 - مسلم: 493، 551 - فتح: 2/ 15] (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (قال: اعتدلوا) في نسخة: "أنه قال: اعتدلوا". (في السجود) أي: بوضع أكُفكُم فيه على الأرض، ورفع مرافقكم عنها وعن أجنابكم، ورفع بطونكم عن أفخاذكم؛ لأن ذلك أشبه بالتواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة من الأرض، وأبعد من هيئات الكسالى. (ولا يبسط) بالجزم على النهي، أي: المصلي، وفي نسخة: "ولا يبسط أحدكم ذراعيه كالكلب" إذ في ذلك إشعار بالتهاون بالصلاة وقلة الاعتناء بها. (فلا يبزقن) بنون التوكيد الثقيلة، وفي نسخة: "فلا يبزق" بدونها. (فإنه) في نسخة: "فإنما" ومر تفسير الحديث (¬1). 9 - بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ (باب: الإبراد بالظهَر في شدة الحر) أي: بيان الأمر بالإبراد، ¬

_ (¬1) سبق برقم (405) كتاب: الصلاة، باب: حك البزاق باليد من المسجد.

وحقيقته: الدخول في البرد والباء للتعدية، والمعنى: إدخال الصلاة في البرد. 533 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا الأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ". [536 - مسلم: 615، 617 - فتح: 2/ 15] (أيوب بن سليمان) زاد في نسخة: "ابن بلال". (حدثنا أبو بكر) هو عبد الحميد بن أبي أويس الأصبحي، وفي نسخة: "حدثني أبو بكر". (عن سليمان) أي: ابن أبي بلال. (وغيره) قال شيخنا: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن فيما أظن (¬1). (ونافع) بالرفع؛ عطف على الأعرج. (أنهما) أي: أبا هريرة وابن عمر. (حدثاه) أي: حدَّثا مَنْ حدَّث ابن كيسان، ويحتمل أن ضمير (أنهما) للأعرج ونافع، وضمير (حدثاه) لابن كيسان [وفي نسخة: "حدثا" بلا ضمير] (¬2). ([فأبردوا بالصلاة]) (¬3) [أي: أخروها حين يبرد النهار] (¬4) وفي نسخة: "فأبردوا عن الصلاة" فعن بمعنى: الباء (¬5) كرميت عن القوس، أو ضمن (أبردوا) معنى التأخير، والأمر للندب، والصارف له عن ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 15. (¬2) من (م). (¬3) من (م). (¬4) من (م). (¬5) مجيء (عن) بمعنى (الباء) قاله الكوفيون ووافقهم أبو عبيدة وابن قتيبة والزجاجي وابن مالك، وجعلوا منه قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} أي: بالهوى. ورد البصريون ذلك وتأولوه على التضمين.

الوجوب الإجماع، ومحل الندب إذا أراد الصلاة بمسجد الجماعة ولا ظل للحيطان والوقت حارٌّ، كما أشار إليه بقوله: (فإن شدة الحر من فيح جهنم) أي: من سطوع حرَّها وثورانه. والحكمة في الإبراد: دفع المشقة عن المصلِّي، إذ شدة الحرِّ تذهب الخشوع، ولا ينافي هذا الحديثُ وما وافقه حديث خباب: "شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرمداءِ فلم يشكنا. (¬1) أي: لم يزل شكوانا؛ لأن الإبراد رخصة والتقديم عزيمة فعمل بكل منهما، أو حديث خباب منسوخ بأحاديث الإبراد. 535 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ المُهَاجِرِ أَبِي الحَسَنِ، سَمِعَ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ، فَقَالَ: "أَبْرِدْ أَبْرِدْ" أَوْ قَالَ: "انْتَظِرِ انْتَظِرْ" وَقَالَ: "شِدَّةُ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاةِ" حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ. [539، 629، 3258 - مسلم: 616 - فتح: 2/ 18] (ابن بشار) في نسخة: "محمد بن بشار". (غندر) اسمه: محمد بن جعفر. (المهاجر) ال فيه زائدة، كهي في العباس (¬2). (عن أبي ذر) اسمه: جندب بن جنادة الغفاري. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (619) كتاب: المساجد، باب: استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر. والنسائي 1/ 247 كتاب: الصلاة، أول وقت الظهر. وابن ماجه (675) كتاب: الصلاة، باب: وقت صلاة العصر. وابن حبان 4/ 343 (1480) كتاب: الصلاة، باب: مواقيت الصلاة. (¬2) (ال) التي تدخل على الأعلام: كالعباس والحارث تكون لِلَمْحِ الصفة، وحقيقتها: أنها حرف زائد للتنبيه على أن أصل هلذه الكلمات من الأعلام الوصفية.

(أذَّن مؤذّن النبيِّ) هو بلال، والمراد ما صرح به في الباب الآتي: أنه أراد أن يؤذن، أي: يقيم لما سيأتي. (الظهر) بالنصب بنزع الخافض باءً أو لامًا. (فقال: أبرد أبرد) أي: بالإقامة لا بالأذان؛ لأنه إنما هو للوقت لا للصلاة على الراجح، ويؤيد ذلك خبر الترمذيّ: فأراد بلال أن يقيم (¬1). (حتَّى رأينا) متعلق بـ (قال)، أي: كان يقول ذلك إلى أن رأينا، أو بالإبراد. (فَيْءَ التُّلُولِ) بضم الفوقية واللام المخففة: جمع تل، وهو ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل، أو نحوهما، والفيءُ (¬2): ما بعد الزوال، والظل أعمُّ منه، ووقت الظهر لا بد فيه من فيء، والمراد به: ما يؤذن عنده، وهو الحادث للشاخص في زمن، والزائد عليه في الغالب، وفي نسخة: "فيِّء" بياءٍ مشددة، وغاية الإبراد: أن يصير الظلُّ ذراعًا بعد ظلِّ الزوال، أو ربع قامة، أو ثلثها، أو نصفها، أو يختلف باختلاف الأوقات أقوال. 536 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المَدِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ". [انظر: 533 - مسلم: 615، 617 - فتح: 2/ 18] ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (158) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر وقال الألباني في "صحيح الترمذي": صحيح. (¬2) الفَيءُ: ما كان شَمْسًا فنسخه الظل، وجمعه أفياء وفيوء. قال الشاعر: لعمري لأنت البيت أكْرِمَ أهلُه ... وأقعد في أفيائه بالأصائل وقيل: الفَيءُ: ما بعد الزوال من الظل. وقيل: الفئ ما نَسَخَ الشمس. وقيل: الفئ بالغشى ما انصرفت عنه الشمس. وانظر: مادة (فيأ) في "الصحاح" 1/ 63 - 64، "اللسان" 6/ 3495 "القاموس" 48.

(عليُّ بن عبد الله) وزاد في نسخة: "ابن المديني". (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الزهري) هو محمد بن مسلم بن شهاب. 538 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ" تَابَعَهُ سُفْيَانُ، وَيَحْيَى، وَأَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ. [3260 - مسلم: 617 - فتح: 2/ 18] (اشتكت النار إلى ربها .. إلخ) إسناد ما ذكر فيه إلى النار حقيقة بأن خلق الله لها إدراكًا وتمييزًا ونطقًا، وقيل: مجاز على جهة تشبيه لسان الحال بلسان المقال، كقوله: شكا إليَّ جملي طول السَّرى ... مهلًا رويدًا فكلانا مبتلى فشكواها مجازٌ عن غليانها، وأكل بعضها بعضًا مجاز عن ازدحام أجزائها، وبنفسها مجازٌ عن خروج ما يبرز منها، قال النوويُّ: والصواب الأول؛ إذ لا مانع من الحقيقة (¬1). (نفس في الشتاءِ، ونفس في الصيف) بجرهما على البدلية، أو البيان من نفسين، ويجوز رفعهما ونصبهما (¬2). (أشد) بالجر بدل أو بيان، وبالرفع خبر مبتدإِ محذوف، وصرَّح به في نسخة بلفظ فهو أشد، أو مبتدأ محذوف الخبر كما صرَّح به النسائي في رواية بلفظ: "فأشدُّ ما تجدون من البرد من برد جهنم، وأشد ما تجدون من الحر من حز جهنم" (¬3). (من الزمهرير) والمراد به: شدةُ البردِ، ولا مانع من حصوله من نفس النارِ؛ لأن المراد من النارِ: محلُّها، وفيه طبقة زمهريريَّة؛ ولأنَّ النار عبارةٌ عن جهنم، وقد ورد: أن ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 120. (¬2) الرفع على أن كلًّا منهما خبر لمبتدأ محذوف، والنصب على أنه مفعول به لفعل محذوف. (¬3) رواه النسائي في "الكبرى" 6/ 504 من حديث أبي هريرة.

10 - باب الإبراد بالظهر في السفر

في بعض زواياها نارًا، وفي أخرى الزمهرير (¬1)، فلا منافاة في الجمع بينهما فيها. 538 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ" تَابَعَهُ سُفْيَانُ، وَيَحْيَى، وَأَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ. [3259 - فتح: 2/ 18] (عمر بن حفص) زاد في نسخة: "ابن غياث". (قال: حدثنا الأعمش) في نسخة: "عن الأعمش". (أبردوا بالظهر" خرج به غيرها، ولو جمعةً؛ لأنَّ الناسَ مأمورون بالتبكير إليها فلا يتأذَّون بالحرّ، وما في "الصحيحين" من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبرد بها بيانٌ للجواز فيها مع عِظَمها (¬2). (تابعه) في نسخة: "وتابعه"، أي: تابع حفص بن غياث في لفظ: (أبردوا بالظهر). (سفيان) أي: الثوري. (ويحيى) أي: ابن سعيد القطان. (وأبو عوانة) أي: الوضَّاح بن عبد الله. 10 - بَابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي السَّفَرِ (باب: الإبراد بالظهر في السفر) أي: إذا كان المسافر نازلًا. 539 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُهَاجِرٌ أَبُو الحَسَنِ مَوْلَى لِبَنِي تَيْمِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (906) كتاب: الجمعة، باب: إذا اشتد الحر يوم الجمعة. (¬2) سيأتي برقم (906) كتاب: الجمعة، باب: إذا اشتد الحر يوم الجمعة. من حديث أنس. ومسلم (184) كتاب: المساجد، باب: استحباب الإبراد بالظهر. من حديث: أبي ذر.

11 - باب: وقت الظهر عند الزوال

قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ المُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْرِدْ" ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ" حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ" وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " (تَتَفَيَّأُ) تَتَمَيَّلُ". [انظر: 535 - مسلم: 616 - فتح: 2/ 20] (آدم) في نسخة: "آدم بن أبي إياس". (مولى لبني تيم الله) في نسخة: "مولى بني تيم الله". (مع النبيّ) في نسخة: "مع رسول الله". (وقال ابن عباس) في نسخة: "قال محمد: قال ابن عباس" ومحمد: هو البخاري. (تتفيَّأ) في قوله تعالى {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ} [النحل: 48] معناه: تتميل، وفي نسخة: "تفيَّأ: تميَّل"، وفي أخرى: "تفيأ: تميل". 11 - بَابٌ: وَقْتُ الظُّهْرِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَقَالَ جَابِرٌ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالهَاجِرَةِ". [نظر: 560] (باب: وقت الظهر عند الزوال) (¬1) هو ميلُ الشمس إلى جهة المغرب. و (باب) منون في نسخة، ومضاف إلى الجملة في أخرى. (بالهاجرة) هي وقت اشتداد الحر في نصفِ النهارِ. 540 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَقَامَ عَلَى المِنْبَرِ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا، ثُمَّ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ، فَلَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إلا أَخْبَرْتُكُمْ، مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا". ¬

_ (¬1) الزوال: الذهاب والاستحالة والاضمحلال، والزوال: ذهاب الملك، ومنه زوال الشمس، وزالت الشمس: مالت عن كبد السماء. انظر: مادة (زول) في "الصحاح" 4/ 1720، و"اللسان" 3/ 1891، و"القاموس" 1011.

فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي البُكَاءِ، وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِي"، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ" ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِي" فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الحَائِطِ، فَلَمْ أَرَ كَالخَيْرِ وَالشَّرِّ". [انظر: 93 - مسلم: 2359 - فتح: 2/ 21) (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) هو ابن أبي حمزة بمهملة وزاي. (زاغت) أي: مالت. (فصلَّى الظهر) أي: أول وقتها وهذا لا ينافي حديث الإبراد؛ لاحتمال أن يكون هذا في وقتٍ ليس بحارٍّ؛ أو لأنَّ ذاك ثبت بالقول والفعلِ، وهذا بالفعلِ فقط، أو ذاك ناسخٌ لهذا. (فقام على المنبر) أي: لينكر على قومٍ من المنافقين بَلَغَهُ عنهم أنهم يسألونه ويعجزونه عن بعض ما يسألونه عنه. (فلا) في نسخة: "لا". (أخبرتكم) أي: أخبركم به، فأوقع الماضي موضع المستقبل؛ إشارة إلى أنه كالواقع لتحققه. (في مقامي هذا) لفظ: (هذا) ساقطٌ من نسخة. (في البكاءِ) بالمدِّ: رفع الصوت في البكاءِ، وبالقصر: خروج الدموع وسبب بكائهم [سماعهم] (¬1) أهوال يوم القيامة والأمور العظام، أو خوفهم من نزول العقاب المعهود في الأمم السابقة عند إيذائهم رسلهم. (سلوني) في نسخة: "سلوا". (فقال: رضينا) في نسخة: "قال: رضينا". (عرضت عليَّ الجنةُ والنارُ) أي: نصبتا، أو مثلتا لي. (آنفًا) بالمدِّ والنصب على الظرفية، أي: قريبًا، وتقدم. (في عرض هذا الحائط) بضمِّ العين المهملة، أي: جانبه. (فلم أر كالخير والشرِّ) أي ما ¬

_ (¬1) من (م).

أبصرت مثل الخير الذي في الجنة، والشر الذي في النارِ، أو ما أبصرت شيئًا مثل الطاعة والمعصية في سبب دخولهما. 541 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو المِنْهَالِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَأَحَدُنَا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ فِيهَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى المِائَةِ، وَيُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَالعَصْرَ وَأَحَدُنَا يَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى المَدِينَةِ، رَجَعَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ - وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي المَغْرِبِ - وَلَا يُبَالِي بِتَأْخِيرِ العِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَالَ: إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ " وَقَالَ مُعَاذٌ: قَالَ شُعْبَةُ: لَقِيتُهُ مَرَّةً، فَقَالَ: "أَوْ ثُلُثِ اللَّيْلِ". [547، 568، 599، 771 - مسلم: 461، 647 - فتح: 2/ 22] (عن أبي المنهال) في نسخة: "حدثنا أبو المنهال" بكسر الميم واسمه: سيار بن سلامة. (كان النبيُّ) في نسخة: "قال: كان النبيُّ". (ما بين الستين) أي: من آيات القرآن. (إلى المائة) أي: ما بين الستين والمائة، وإنما أتى بإلى التي للانتهاء، ولم يقل: والمائة الذي هو حق التعبير؛ ليبين من أنها لا تدخل إلا على متعدد؛ لأن التقدير: وما بين الستين وفوقها إلى المائة، فإلى غاية الفوقية؛ لدلالة الكلام على ذلك. (وأحدنا) مبتدأ. (يذهب) خبره، أو حال. (إلا أقصى المدينة) أي: آخرها. (رجع) حالٌ، أو خبر المبتدإِ بتقدير أن. (يذهب) حال، أو هما خبران، أو هو عطفٌ علا (يذهب) والتقدير: "ورجع" كما في نسخة، ورجع بمعنى: "يرجع" كما في نسخة بلفظ: "ويرجع" وفي أخرى: "ثُم يرجع" أي: إلى أقصى المدينة لا إلى المسجد، كذا قال الكرمِاني وغيره (¬1)، وأنت خبير بأنه ليس لذكر (رجع) بعد يذهب (كبير) ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 189.

معنى، وإن جعل حالًا منتظرة، أو تفسيرًا لـ (يذهب)؛ لأنه محض تكرار وإن كان فيه تأكيد، وإنما يسلم منه لو جعل [الرجوع] (¬1) من أقصى المدينة إلى المسجد، كما يلوح له نسخة (ثم يرجع) لكن حديث عوف الآتي يقتضي أنه من المسجد إلى أقصى المدينة، وفيه السلامة مما ذكر حيث حذف (يذهب)، فقال: ويصلي العصر، ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة. (والشمس حيَّة) أي: بيضاء لم يتغير لونها ولا ضوؤها. (ونسيت) من قول أبي المنهال. (ما قال) أي: ما قاله أبو بَرْزَةَ. (ولا يبالي) عطف على (يصلي) أي: كان - صلى الله عليه وسلم - يصلي ولا يبالي بما ذكر. (ثم قال) أي: أبو المنهال. (إلى شطر الليل) أي: نصفه، والأصحُّ المختار: أن وقت الاختيار إلا ثلث الليل، أما وقت الجواز فممتد إلى طلوع الفجرِ، كما بَيَّنْتُهُ بأدلته في "شرح البهجة" وغيره (¬2)، وأما مفهوم (لا يبالي) يبالي من أنه يبالي بعد الثلث، أو النصف، فلأنَّ مبالاته - صلى الله عليه وسلم - تكون بترك الأفضل. (وقال معاذ) هو ابن معاذ بن نصر العنبري. (ثم لقيته) أي: أبا المنهال. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) قال المصنف -رحمه الله-: ووقت الاختيار: من مغيب الشفق إلى ثلث الليل لخبر جبريل، وقوله فيه بالنسبة إليها: "الوقت ما بين هذين" محمول على وقت الاختيار ولها سبعة أوقات: وقت فضيلة، ووقت اختيار، ووقت جواز بلا كراهة إلى ما بين الفجرين وبها إلى الفجر الثاني، ووقت حرمة، ووقت ضرورة، ووقت عذر. انظر: "فتح الوهاب" 1/ 30، و"أسنى المطالب" 1/ 117.

12 - باب تأخير الظهر إلى العصر

542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ مُقَاتِلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي غَالِبٌ القَطَّانُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّهَائِرِ، فَسَجَدْنَا عَلَى ثِيَابِنَا اتِّقَاءَ الحَرِّ". [انظر: 385 - مسلم: 620 - فتح: 2/ 22] (محمد -يعني- ابن مقاتل) لفظ: (يعني) ساقظ من نسخة، وفي أخرى: "يعني: ابن معاذ" لكنه غير معروفي في مشايخ البخاري. (أخبرنا عبد الله) في نسخة: "حدثنا عبد الله" وهو ابن المبارك الحنظليُّ. (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا". (خالد بن عبد الرحمن) أي: ابن بكير السلميّ [البصريُ] (¬1)، ولم يذكر في "الجامع" إلا في هذا الموضع. (بالظهائر) أي: في وقتها وهي جمع ظهيرة وهي الهاجرة، وأراد بها الظهر، وجمعها بالنظرِ إلى تعدُّدِ الأيام. (فسجدنا على ثيابنا) عطف على مقدَّر، أي: فرشنا ثيابنا فسجدنا عليها، وفي نسخة: "سجدنا عليها" بلا فاء، ومحلُّه عند الشافعي: في ثياب منفصلةٍ عن المصلي، ولا تتحرك بحركته. (اتقاء الحرِّ) أي: الوقاية أي: وقاية لأنفسنا من الحرِّ أي: احترازًا منه. 12 - بَابُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ (باب: تأخير الظهر إلى العصر) المناسب للحديث: باب: صلاة الظهر مع العصرِ، والمغرب مع العشاءِ، ففي التعبير بما قاله تجوِّز وقصور وإيهام جواز الجمع بالمطر تأخيرًا مع أنَّه ممتنع عند الشافعي في ¬

_ (¬1) من (م).

13 - باب وقت العصر

الجديد، ولعل البخاري يرى جوازه، وتاويل ذلك: بأنه فرغ من الأولى فدخل وقت الثانية فصلاها عقبها خلاف الظاهرِ. 543 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا: الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ"، فَقَالَ أَيُّوبُ: لَعَلَّهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ، قَالَ: عَسَى. [562، 1174 - مسلم: 705 - فتح: 2/ 23] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل. (عن عمرو بن دينار) في نسخة: "هو ابن دينار". (سبعًا) أي: سبع ركعات جمعًا بين المغرب والعشاءِ. (وثمانيًا) أي: جمعًا بين الظهر والعصر، ففي قوله: (الظهر والعصر، والمغرب والعشاء) لفٌّ ونشر غير مرتب، والألفاظُ الأربعة منصوبة على البدلِ، أو البيان، أو الاختصاص، أو بنزع الخافض، أي: للظهر إلخ. (فقال أيوب) في نسخة: "قال أيوب" وهو السختياني. (لعلّه) أي: التأخير. (في ليلة) أي: مع يومها، بقرينة ذكر الظهر والعصر. (مطيرة) أي: كثيرة المطر. (قال: عسى) أي: قال جابر: عسى أن تكون مطيرة. 13 - بَابُ وَقْتِ العَصْرِ وَقَالَ أَبُو أُسامَةَ، عَنْ هِشَامٍ: مِنْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا. (باب: وقت العصر) أي: بيان وقته الذي صلى فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (من قعر حجرتها) يعني: وقت العصر الذي صلَّى فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، مقيدٌ بما إذا لم تخرج الشمس من حجرة عائشة. 544 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي العَصْرَ، وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ حُجْرَتِهَا" وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ: "مِنْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا". [انظر: 522 - مسلم: 611 - فتح: 2/ 25]

(عن هشام) أي: ابن عروة. (من حجرتها) أي: صحن بيتها، وهو من باب التجريد كأنها جرَّدت امرأة وأثبتت لها حجرة، وأخبرت بما أخبرت به، وإلا فالقياس التعبير بحجرتي، والمراد بالشمس: ضوؤها، لا عينها. 545 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى العَصْرَ، وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا لَمْ يَظْهَرِ الفَيْءُ مِنْ حُجْرَتِهَا". [انظر: 522 - مسلم: 611 - فتح: 2/ 25] (لم يظهر الفيءُ) أي: في الموضع الذي كانت الشمسُ فيه. (من حجرتها) فمن متعلقة بمحذوف. 546 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يُصَلِّي صَلاةَ العَصْرِ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ فِي حُجْرَتِي لَمْ يَظْهَرِ الفَيْءُ بَعْدُ"، وَقَالَ مَالِكٌ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَشُعَيْبٌ، وَابْنُ أَبِي حَفْصَةَ: "وَالشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ". [مسلم: 611 - فتح: 2/ 25] (أخبرنا ابن عيينة) في نسخة: "حدثنا ابن عيينة". (والشمسُ طالعة) أي: ظاهرة. (بعدُ) مبنيٌّ على الضم لنيَّةِ الإضافة. (وقال مالك) في نسخة: "قال مالك" وفي أخرى: "قال أبو عبد الله: وقال مالك". (وشعيب) أي: ابن أبي حمزة. (وابن أبي حفصة) هو محمد بن أبي ميسرة البصريُّ. 547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلامَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ؟ فَقَالَ: "كَانَ يُصَلِّي الهَجِيرَ، الَّتِي تَدْعُونَهَا الأُولَى، حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي العَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى المَدِينَةِ،

وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ - وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي المَغْرِبِ - وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ العِشَاءَ، الَّتِي تَدْعُونَهَا العَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاةِ الغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى المِائَةِ". [انظر: 541 - مسلم: 461 - فتح: 2/ 26] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (على أبي برزة) هو نضلة بن عبيد. (الهجير) أي: الهاجرة، وفي نسخة: "الهجيرة" وهي وقت شدة الحرِّ، والمراد: صلاة الظهر، وسميت بصلاة الهجير؛ لأن وقتها يدخل حينئذٍ (وهي التي تدعونها الأولى) سميت أولى؛ لأنها أول صلاة صليت في إمامة جبريل. (تدحض الشمس) أي: تزولُ عن وسط السماءِ إلى جهة الغرب. (إلى رحله) أي: منزله (في أقصى المدينة). [صفة لرحله] (¬1). (وكان) في نسخة: "فكان". (يؤخر العشاء) في نسخة: "يؤخر من العشاءِ". (العتمة) بفتح الفوقية: من عتم، أي: أظلم، وهي من الليل، بعد غيبة الشفق (¬2). (والحديث) أي: الدنيويَّ لا الدينيَّ. (وكان ينفتل) أي: ينصرف من الصلاة، أو يلتفت إلى المأمومين. (من صلاة الغداة) أي: الصبح. (ويقرأ) أي: في الصبح. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) العَتَمَةُ: من الليل بعد غيبوبة الشفق إلى آخر الثلث الأول، وقيل: العتمةُ: وقت صلاة الآخرة، سُميت بذلك؛ لاستعتام نعمها، وقيل: لتأخر وقتها. والعتمة: ظلمة الليل، وقيل: ظلامه، وقيل: ظلام أوله عند سقوط نور الشفق. والعامة يسكنونها. انظر مادة (عتم) في: "الصحاح" 5/ 1979، و"اللسان" 5/ 2802، و"القاموس" 1135.

548 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "كُنَّا نُصَلِّي العَصْرَ، ثُمَّ يَخْرُجُ الإِنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَنَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ العَصْرَ". [550، 551، 7329 - مسلم: 621 - فتح: 2/ 26] (إلى بني عمرو) أي: منازلهم: وهي على ميلين من المدينة. (فيجدهم يصلون العصر) كان - صلى الله عليه وسلم - يعجل أول الوقت، وإنما كان بنو عمرو يؤخرون عن أول الوقت؛ لاشتغالهم في زرعهم وحوائطهم، ثم بعد فراغهم يتأهبون للصلاة بالطهارة وغيرها فتتأخر صلاتهم إلى وسط الوقت. 549 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ، يَقُولُ: صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي العَصْرَ، فَقُلْتُ: يَا عَمِّ مَا هَذِهِ الصَّلاةُ الَّتِي صَلَّيْتَ؟ قَالَ: "العَصْرُ، وَهَذِهِ صَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كُنَّا نُصَلِّي مَعَهُ". [مسلم: 623 - فتح: 2/ 26] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (ابن حُنيف) بالتصغير. (أبا أمامة) هو بضم الهمزة: سعد بن سهل بن حنيف. (دخلنا على أنس) أي: في داره بجنب المسجد النبوي. (يا عم) بحذف الياءِ من عميِّ قال له ذلك؛ توقيرًا أو إكرامًا، وإلا فليس هو عَمّه. (قال) أي: أنس. (هي العصر إلخ) الحديث صريح في التعجيل بالعصر أول وقتها، كغيرها من بقية الصلوات، وإنما أخر عمر بن عبد العزيز الظهر إلى آخر وقتها حتى كانت صلاة أنس [العصر] (¬1) عقبها (¬2)، إمَّا على عادة الأمراء قبله قبل أن تبلغه السُّنَّةُ في التعجيل، أو أخَّر لعذرٍ. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) انظر: "عون المعبود" 13/ 169 و"حاشية ابن القيم" 3/ 80 و"فتح الباري" 2/ 28.

- باب وَقْتِ العَصْرِ 550 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي العَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى العَوَالِي، فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ" وَبَعْضُ العَوَالِي مِنَ المَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوهِ. [انظر: 548 - مسلم: 621 - فتح: 2/ 28] (باب: وقت العصر) ساقط من نسخة، وهو تكرار محض. (كان رسول الله) في نسخة: "كان النبيُّ". (فيذهب الذاهب) يريد أنس نفسه؛ للتصريح به في روايةٍ في النسائي، فهو تجريد، وإلا فالقياس: فأذهب (¬1). (العوالي) [أي: التي حول المدينة من القرى جهة نجد. (فيأتيهم) أي: فيأتي الذاهب أهل العوالي (والشمس مرتفعة) أي: دون الارتفاع الأولى. (وبعض العوالي .. إلخ)] (¬2) من كلام البخاري، أو مدرج من كلام أنس، أو الزهريّ. (أو نحوه) أي: نحو ما ذكره من الأميال الأربعة، وإلا فكان الأولى: أو نحوها. وفي الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبادر بصلاة العصر في أول وقتها كغيرها؛ لأنه لا يمكن أن يذهب الذاهب أربعة أميالٍ والشمس لم تتغير إلا إذا صلى حين صار ظل الشيءِ مثله، ولا يكاد يحصل ذلك إلا في الأيام الطويلة. 551 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "كُنَّا نُصَلِّي العَصْرَ، ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ مِنَّا إِلَى قُبَاءٍ، فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ". [انظر: 548 - مسلم: 621 - فتح: 2/ 28] ¬

_ (¬1) انظر: "سنن النسائي" 1/ 252 - 253 كتاب: الصلاة، باب: تعجيل العصر. (¬2) من (م).

14 - باب إثم من فاتته العصر

(إلى قباء) وهي من العوالي، على ثلاثة أميالٍ من المدينة (¬1)، والأفصح فيها: الصرف والتذكير والمدُّ، ويجوز مقابلها. (فيأتيهم) أي: أهل قباء ومر تفسير الحديث وما قبله. 14 - بَابُ إِثْمِ مَنْ فَاتَتْهُ العَصْرُ (باب: إثم من فاتته العصَرَ) أي: بلا عذر. 552 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاةُ العَصْرِ، كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ". [مسلم: 626 - فتح: 2/ 30] (عن ابن عمر) في نسخة: "عن عبد الله بن عمر". (الذي تفوته صلاة العصر) في نسخة: "الذي تفوته العصر". (كأنما) في نسخة: "فكأنَّما". (وتر) بالبناءِ للمفعول وهو ضمير يعود إلى الذي فاتته العصر. (أهله وماله) بالنصب مفعول ثانٍ، أي: فكأنه نقصهما فصار وترًا لا أهل له ولا مال، وبالرفع على أنهما نائبا الفاعل، وعلى الأول فـ (وتر) يتعدى إلى مفعولين، وإلى ذلك أشار البخاري بقوله: "قال أبو عبد الله" كما في نسخة "يتركم" أي: في قوله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35] أي: لن ينقصكم أعمالكم، ثُم أشار بقوله: (وترت الرجل إذا قتلتُ له قتيلًا وأخذت له مالًا) إلى أن (وتر) يتعدى إلى مفعولٍ واحدٍ، وهو يؤيد رواية الرفع، وفي نسخة: "وأخذت ماله" وخصت صلاة العصر بذلك؛ لاجتماع المتعاقبين من الملائكة فيها، أو أنه خرج جوابًا لسائلٍ عنها، أو لأنه نبَّه بها على غيرها، وخضت بالذكرة لأنها تأتي والناس في وقت تعبهم من أعمالهم ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 301.

15 - باب من ترك العصر

وحرصهم على تمام أشغالهم. قال ابن المنير كغيره: والحقُّ أن الله تعالى يخصُّ ما يشاءُ من الصلوات بما يشاء من الفضائل. 15 - بَابُ مَنْ تَرَكَ العَصْرَ (باب: من ترك العصر) أي: إثم من تركها عمدًا. 553 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي المَلِيحِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بِصَلاةِ العَصْرِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ تَرَكَ صَلاةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ". [594 - فتح: 2/ 31] (حدثنا هشام) في نسخة: "أخبرنا هشام". (حدثنا يحيى) في نسخة: "أخبرنا يحيى". (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد. (عن أبي المليح) هو عامر بن أسامة الهذلي. (مع بُرَيْدَة) أي: ابن الحصيب الأسلمي. (في يوم ذي غيم) إنَّما خصَّ يوم الغيم بالذكر؛ لأنَّه مظنةُ التأخير؛ إذ ربَّما يشتبه عليه الحال فيخرج الوقت بغروب الشمس. (بكِّروا) أي: أسرعوا. (من ترك صلاة العصر) أي: عمدًا. (فقد حبط عمله) بكسر الباءِ أي: بطل ثواب عمله، أورده على سبيل التغليظ، أو فكانَّما حبط عمله، ولفظ: (فقد) ساقطٌ من نسخة. 16 - بَابُ فَضْلِ صَلاةِ العَصْرِ (باب: فضل صلاة العصر) أي: على بقية الصلوات؛ لكونها الوسطى عند الأكثرين. 554 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاويَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِي البَدْرَ -

فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا" ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ} [ق: 39]، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: "افْعَلُوا لَا تَفُوتَنَّكُمْ". [573، 4851، 7434، 7435، 7436 - مسلم: 633 - فتح: 2/ 33] (الحميدى) هو عبد الله بن الزبير. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) هو ابن أبي حازم البجلي. (عن جرير) في نسخة: "عن جرير بن عبد الله" [أي: البجلي] (¬1). (مع النبي) في نسخة: "عند النبي". (ليلة) بالنصب على الظرفية. (يعني) أي: بالقمر. (البدر) وكانت هلذه الليلة ليلة البدر، كما في مسلم (¬2)، ولفظ: (يعني البدر) ساقظ من نسخة. (كما ترون هذا القمر) معنى التشبيه: أن ذلك محقق بلا مشقةٍ ولا خفاءِ، كرؤية القمرِ فهو تشبيه للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي. (لا تضامون) بضم الفوقية، وتخفيف الميم، أي: لا ينالكم ضيمٌ في رؤيته أي: تعب، أو ظلم، فيراه بعضكم دون بعضٍ، ورُويَ بفتح الفوقية وتشديد الميم من الضم، وأصله: تتضامون حذفت إحدى التاءين، أي: لا تتزاحمون كما يفعله الناس في رؤية الشيءِ الخفي. (لا تغلبوا) بالبناءِ للمفعولِ، أي: لا تتركوا الاستعداد لقطع أسباب الغلبة المنافية للاستطاعة بنومٍ وشغلٍ مانعٍ. (عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) أي: عن صلاة العصر والفجر. (فافعلوا) أي: ترك المغلوبية التي لازمها فعل الصلاة، كأنه قال: صلُّوا الصلاتين في هذين الوقتين. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم" (633) كتاب: المساجد، باب: فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليها.

(ثم قرأ) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو جرير الصحابى، فيكون مقوله على الثاني مدرجًا. (وسبِّح) في نسخة: "فسبح". {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] قيد بهذين الوقتين؛ لزيادة فضليهما على غيرهما كاجتماع الملائكة ورفع الأعمال فيهما، وكانقسام الأرزاق في الأول. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (لا تفوتنكم) أي: الصلاة، وهذا من كلام إسماعيل تفسيرٌ لما هو المقصود من (افعلوا). وفي الحديث: أن رؤية الله تعالى ممكنة يراه المؤمنون في الآخرة، كما هو مذهب أهل السنة، وزيادة شرف المصلين والصلاتين؛ لتعاقب الملائكة فيهما ولما في وقت الصبح من لذاذة النوم، والقيام فيه أشق على النفس، ووقت العصرِ وقت الفراغ والصناعات وإتمام الوظائف، فإذا أوظب عليهما كانت مواظبته على غيرهما أولى. 555 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ". [3223، 7429، 7486 - مسلم: 632 - فتح: 2/ 33] (يتعاقبون) أي: يعقب طائفةٌ طائفةً بالإتيان، وقيل: معناه: يذهبون ويرجعون. (ملائكة) بالرفع على أنه بدل من الضمير في (يتعاقبون)، أو بيان له، لا أنه فاعل، والواو علامة [الفاعل] (¬1)؛ لأن تلك لغة بني الحارث، وتعرف بلغة أكلوني البراغيث (¬2). (ويجتمعون في ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) الأصل في الفعل إذا أسند إلى الفاعل الظاهر أن يجرد من علامة التثنية والجمع، قام الرجلان، وقام الرجال، وقامت النساء؛ لأن الفعل يُوحد مع =

الفجر وصلاة العصر) اجتماعهم لا ينافي تعاقبهم، لأن التعاقب يصدق مع الاجتماع كهذا، وبدونه كتعاقب الضدين، أو المراد باجتماعهم: اجتماعهم في الصلاة جماعة، وبالتعاقب: التعاقب خارجها. (ثم يعرج الذين باتوا فيكم) ذكر الذين باتوا دون الذين ظلُّوا؛ إما للاكتفاءِ بذكر أحد المثلين عن الآخرة أو لأن طرفي النهار يعلم من طرفي الليلِ أو لأنَّ الليلَ مظنة المعصية والراحة، فلمَّا لم يعصوا فيه، واشتغلوا بالطاعة فالنهار أولى؛ أو لأنه استعمل بات في أقام مجازًا، فيشمل الليل والنَّهار. (فيسألهم) أي: "ربهم" كما في نسخة أي: يسألهم، طلبًا لتعريفهم ذلك، أو تعبدًا بهم كما تعبدهم بكتب أعمالهم وهو عالم بها. (وهو أعلم) أي: من الملائكة. (بهم) أي: بالمؤمنين، والملائكة هم الحفظة، وقيل: غيرهم. (وأتيناهم ... إلخ) زائد على الجواب عن سؤال (كيف تركتم؟) لإظهار فضل المؤمنين والحرص ¬

_ = التثنية والجمع، كما يوحد مع الفرد. لكن من العرب من يلحق الفعل الألف والواو والنون فيقول: ضرباني أخواك، وضربوني إخوتك، وضربني نسوتك. وقد عزى النحويون هذه اللغة لطيئ، وبعضهم عزاها لأزد شنوءة. وقال عنها سيبويه: وهي لغة قليلة، وتسمى لغة: أكلوني البراغيث، وسماها ابن مالك لغة: يتعاقبون فيكم ملائكة؛ لهذا الحديث. والنحاة في الألف والواو والنون التي تلحق الفعل المسند إلى الظاهر على قولين: أحدهما: أنها حروف تدل على التثنية والجمع، فهي ليست ضمائر، لكنها علامة للتثنية والجمع، وما بعدها هو القائل. الثاني: أنها ضمائر أسند إليها الفعل وقد جوز هؤلاء فيما بعدها أمرين: الأول: أنه بدل من هذه الضمائر. الثاني: أنه مبتدأ أو الجملة قبله خبر.

17 - باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب

على ذكر ما يوجب مغفرتهم فإنها وظيفتهم. وفي الحديث: أن ملائكة الليل لا يزالون حافظين العباد إلى الصبح. 17 - بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوبِ (باب: من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب) أي: فليتم صلاته، وفي نسخة: "قبل المغرب". 556 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاةِ العَصْرِ، قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ، قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ". (¬1) [579، 580 - مسلم: 607، 608 - فتح: 2/ 37] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (قال: حدثنا) في نسخة: "قال: أخبرنا". (عن يحيى) في نسخة: "عن يحيى ابن أبي كثير". (عن أبي سلمة) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف. (إذا أدرك أحدكم سجدة) أي: ركعة، وإنما هي تتمُّ بسجودها. ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 48: حديث أبي هريرة مطابق للترجمة، وأما حديث ابن عمر فمراده بالتمثيل أن هذه المدة أقصرها مدة وأكثرها ثوابًا، فما وجه دليل الترجمة منه. قلنا هو مأخوذ من قوله: "إلى غروب الشمس" ولم يفرق بين قارب الغروب وما قبله هذا من حديث الأشعار والإشارة. أما من حيث العبارة فمشعر بأن هذه الأمة عملت قليلًا وأثيبت كثيرًا، ويحتمل أن يكون وجه الدلالة: أنهم عملوا أقل من قدرتهم وأثيبوا بقدر أخذ أولئك فكأنه نبه على أن حكم البعض في الادراك حكم الكل، فأي وقت أدركه آخرًا منه كان، كمدركه أولًا وآخرًا.

(قبل أن تغرب) في نسخة: "قبل أن تغيب". (فليتم صلاته) أي: أداء على الأصح في الموضعين. 557 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا إِلَى صَلاةِ العَصْرِ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِينَا القُرْآنَ، فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ: أَهْلُ الكِتَابَيْنِ: أَيْ رَبَّنَا، أَعْطَيْتَ هَؤُلاءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلًا؟ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ". [2268، 2269، 3459، 5021، 7467، 7533 - فتح: 2/ 38]. (ابن عبد الله) أي: "الأويسي" كما في نسخة. (حدثني إبراهيم) أي: "ابن سعد" كما في نسخة، وفي أخرى: "حدثنا إبراهيم". (إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس) ظاهره: أن بقاء هذه الأمة وقع في زمن الأمم السالفة وليس مرادًا، وإنما معناه: أن نسبة مدة هذه الأمة إلى مدة من تقدم من الأمم مثل ما بين صلاة العصر وغروب الشمس إلا بقية النهار، فكأنه قال: إنما بقاؤكم بالنسبة إلى ما سلف إلخ فجعل (في) بمعنى: إلى وحذف ما تعلقت به وهو النسبة، كما حذف ما تعلقت به (إلى) وما أضيف إليه (بين). إذ التقدير: كما بين أجزاء وقت صلاة العصر المنتهية إلى غروب الشمس. (أوتي) أي: أعطي. (فعملوا) أي: "بها". كما في نسخة. (عجزوا)

بفتح الجيم وكسرها، وفي نسخة: "ثم عجزوا". (قيراطًا قيراطًا) أصله: قرَّاط بالتشديد: وهو نصف دانق، والمرادُ به هنا: النصيب وكرره لأنَّ القسمةَ على متعدد، والأول مفعول ثانٍ لـ (أعطوا)، وقيراطًا الثاني توكيدٌ، أو هما حال، والمفعول الثاني محذوف أي: أعطوا أجرهم حال كونه قيراطًا قيراطًا [أي] (¬1) متساويين. (فعملوا إلى صلاة العصر) أي: فعملوا به من نصف النهار إلا صلاة العصر. (أهل الكتابين) اليهود والنصارى، وفي نسخة: "أهل الكتاب". (أي ربنا) (أي) حرف نداء، أي: يا ربنا. (هل ظلمتكم؟) أي: هل نقصتكم، وفي نسخة: لا أظلمتكم؟ " بهمزة بدل هل. (فهو) أي: كلما أعطيه من الثواب. 558 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ المُسْلِمِينَ وَاليَهُودِ وَالنَّصَارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا، يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا إِلَى اللَّيْلِ، فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ، فَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ، فَقَالَ: أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَلَكُمُ الَّذِي شَرَطْتُ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلاةِ العَصْرِ، قَالُوا: لَكَ مَا عَمِلْنَا، فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الفَرِيقَيْنِ". [2271 - فتح: 2/ 38] (أبو كريب) محمد بن العلاء. (أبو أسامة) اسمه: حمَّاد. (بريد) بضم الموحدة: ابن عبد الله بن أبي بردة. (عن أبي بردة) اسمه: عامر. (مثل المسلمين) المثل في الأصل بمعنى النظير، ثم استعير لكل حالٍ، أو قضية، أو صفة لها شأن وفيها غرابة؛ لإرادة زيادة التوضيح والتقرير لأنه أوقع في القلب وأقمع للخصم الألد، يريك المتخيل ¬

_ (¬1) من (م).

18 - باب وقت المغرب

محققًا، والمعقول محسوسًا. (كمثل رجلٍ استأجر قوفا يعملون له عملًا إلى الليل) هذا ممثل به، وما قبله مثل، فالمثل مضروب للأمة مع نبيهم، والممثل به الأُجراء مع من أستاجر. (فقال: أكملوا) بهمزة قطع، وفي نسخة: "فقال اعملوا" بهمزة وصل حذفت في الوصل. (كان حين صلاة العصر)، بنصب (حين) خبر كان، أي: كان الزمان زمان الصلاة، وبالرفع على أن كان تامة. (قالوا لك ما عملنا) أي: لا حاجة لنا فيه. (واستكملوا أجر الفريقين) أي: اليهود والنصارى. ففي هذا الحديث لم يأخذوا شيئًا، وفي الذي قبله: أخذوا قيراطًا قيراطًا وهو محمول على من مات قبل التبديل، وما هنا محمول على من بدَّل وكفر بالنبي الذي بعد نبيه. 18 - بَابُ وَقْتِ المَغْرِبِ وَقَالَ عَطَاءٌ: "يَجْمَعُ المَرِيضُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ". (باب: وقت المغرب) أي: بيان وقته الذيَ صلى فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (وقال عطاء: يجمع المريض بين المغرب والعشاءِ) جرى عليه الإمام أحمد وغيره، والمشهور عند الشافعي وغيره المنع. 559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِيِّ صُهَيْبٌ مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، يَقُولُ: "كُنَّا نُصَلِّي المَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ". [مسلم: 637 - فتح: 2/ 40] (حدثنا الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمر. (قال: حدثنا) في نسخة: "قال: حدثني". (أبو النجاشي مولى رافع بن خديج) هو عطاء بن صهيب. لفظ: (ابن خديج مولى رافع بن خديج) ساقط من أخرى،

وفي أخرى: "حدثني أبو النجاشيِّ". (قال: سمعت رافع بن خديج [يقول] (¬1): كنا نصلي المغرب مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: في أول الوقت بقرينة كلامه بعد، وأما الأخبار الدالة على التأخير لقرب سقوط الشفق فلبيان الجواز (¬2). (ليبصر) بفتح اللام وضم الياءِ. 560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: قَدِمَ الحَجَّاجُ فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ، وَالعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، وَالمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ، وَالعِشَاءَ أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا، إِذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَؤُوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ كَانُوا - أَوْ كَانَ - النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ". [565 - مسلم: 646 - فتح 2/ 41] (عن سعد) أي: "ابن إبراهيم" كما في نسخة، وإبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. (قدم الحجاج) بفتح الحاءِ، أي: ابن يوسف الثقفي أي: قدم المدينة واليًا من قبل عبد الملك بن مروان. (نقية) أي: صافية بلا تغير. (وجبت) أي: غابت، وأصل الوجوب السقوط. (أحيانًا وأحيانًا) أي: أحيانًا يعجلها، وأحيانًا يؤخرها. (كانوا أو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليها بغلسٍ) الشكُّ من الراوي عن جابر، والمراد بهما واحد؟ لأنهم كانوا يصلُّون معه، فإمَّا أن يعود الضمير للكل، أَوله - صلى الله عليه وسلم - وهم تبع له. (وبغلسٍ) بفتح اللام: ظلمة آخر الليل (¬3). ¬

_ (¬1) ساقط من الأصل. (¬2) سيأتي برقم (1805) كتاب: العمرة، باب: المسافر إذا جد به السير. (¬3) الغلس: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح، وقال الأزهري: الغَلَسُ: =

19 - باب من كره أن يقال للمغرب: العشاء

561 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَغْرِبَ إِذَا تَوَارَتْ بِالحِجَابِ". [مسلم: 636 - فتح: 2/ 41] (توارت بالحجاب) أي: غربت الشمس، شبه غروبها بتواري المخبأة بحجابها. 562 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا جَمِيعًا وَثَمَانِيًا جَمِيعًا". [انظر: 543 - مسلم: 705 - فتح: 2/ 41] (عن ابن عباس) في نسخة: "عن عبد الله بن عباس". (سبعًا) أي: سبع ركعات. (جميعًا) أي: بين المغرب والعشاءِ. (وثمانيًا) في نسخة: "وثماني" وفي أخرى: "وثمانية". (جميعًا) أي: بين الظهر والعصر. 19 - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ: العِشَاءُ 563 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ المُزَنِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاتِكُمُ المَغْرِبِ" قَالَ الأَعْرَابُ: وَتَقُولُ: هِيَ العِشَاءُ. [فتح: 2/ 43] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد بن ذكوان. (عن الحسين) أي: ابن ¬

_ = أول الصبح الصادق المنتشر في الآفاق. وكذلك الغَبَسُ، وهما سواد يخالطه بياض يضرب إلى الحمرة قليلًا، كذلك الصبح. مادة (غلس) في: "الصحاح" 3/ 956 و"اللسان" 6/ 3281، و"القاموس"561.

20 - باب ذكر العشاء والعتمة، ومن رآه واسعا

ذكوان. (ابن بريدة) بضمِّ الموحدة، واسمه: عبد الله بن حصيب، فبريدة اسم أمه أو لقب أبيه. (حدثني عبد الله) أي: ابن مغفل، بالغين المعجمة. (أن النبي) في نسخة: "أن رسول الله". (لا يغلبنكم) بالتحتية، وفي نسخة: بالفوقية. (الأعراب) هم سكَّان البوادي. (صلاتكم المغرب) بجر المغرب صفةٌ لصلاتكم، وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، وبالنصب بأعني، والمعنى: لا تتبعوا الأعراب في تسميتهم المغرب عشاء؛ لأن الله سماها مغربًا، وتسمية الله أولى من تسميتهم، والسرُّ في النهي: خوف الاشتباه على غيرهم من المسلمين، والنهي للتنزيه لا للتحريم. (قال) أي: عبد الله المزني. (ويقول) بالتحتية، وفي نسخة: بالفوقية. (هي) أي: المغرب. 20 - بَابُ ذِكْرِ العِشَاءِ وَالعَتَمَةِ، وَمَنْ رَآهُ وَاسِعًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَثْقَلُ الصَّلاةِ عَلَى المُنَافِقِينَ العِشَاءُ وَالفَجْرُ" وَقَالَ: "لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالفَجْرِ" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَالاخْتِيَارُ: أَنْ يَقُولَ العِشَاءُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِشَاءِ} [النور: 58] " وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: "كُنَّا نَتَنَاوَبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ صَلاةِ العِشَاءِ فَأَعْتَمَ بِهَا" وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ: "أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعِشَاءِ" وَقَالَ بَعْضُهُمْ، عَنْ

عَائِشَةَ: "أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعَتَمَةِ" وَقَالَ جَابِرٌ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي العِشَاءَ" وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَخِّرُ العِشَاءَ" وَقَالَ أَنَسٌ: "أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ الآخِرَةَ" وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ". [انظر: 543، 1091، 1674 - فتح: 2/ 44] (باب: ذكر العشاءِ والعتمة) بفتحات، هي العشاء، وعطفها عليها؛ لتغايرهما لفظًا، وفي نسخة: "أو العتمة". (ومن رآه) أي: التعبير بالعتمة عن العشاءِ. (واسعًا) أي: جائزًا، والمراد: وذكر أن ذلك واسعٌ. (قال أبو هريرة) في نسخة: "وقال أبو هريرة". (أثقل الصلاة على المنافقين العشاءُ والفجر) أي: لأن وقتهما وقت راحة البدن. (وقال) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أو أبو هريرة عنه. (لو يعلمون ما في العتمة والفجر) فسمى - صلى الله عليه وسلم - العشاءَ تارة بالعشاءِ، وتارة بالعتمة، وجواب (لو) محذوف أي: لأتوهما ولو حَبْوًا. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (والاختيار أن يقول: العشاء؛ لقوله تعالى) في نسخة: "لقول الله تعالى". (ويذكر) بضم الياء، وإنَّما ذكره بصيغة التمريض مع أنَّه صحيح؛ لأنَّه ذكره بالمعنى. (فأعتم بها) أي: أخَّرها حتَّى اشتدت ظلمةُ الليل. 564 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَالِمٌ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً صَلاةَ العِشَاءِ، وَهِيَ

21 - باب وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا

الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ العَتَمَةَ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا، لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ". [انظر: 116 مسلم: 2527 - فتح: 2/ 45] (عبدان) اسمه: عبد الله بن عثمان المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (صلَّى لنا رسولُ الله) في نسخة: "صلَّى لنا النبي". (وهي التي يدعو الناس) أي: يدعونها الناس. (العتمة) فيه إشعار بغلبة هلذه التسمية عند الناس الذين لم يبلغهم النهي. (ثم انصرف) أي: من الصلاة. (أرأيتم) في نسخة: "أريتكم"، أي: أخبروني. (لا يبقى) فيه، أو عنده. وتقدم بيان الحديث في باب: السمر في العلم (¬1). 21 - بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أَوْ تَأَخَّرُوا (باب: وقت العشاءِ، إذا اجتمع الناس أو تأخروا) أي: بيان وقتها الذي فضَّلها فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -. 565 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ صَلاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ، وَالعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَالمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ، وَالعِشَاءَ إِذَا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ، وَإِذَا قَلُّوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ بِغَلَسٍ". [انظر: 560 - مسلم: 646 - فتح: 2/ 47] (هو ابن الحسن بن علي) وفي نسخة: "وهو" بزيادة واو، ولفظ: (ابن علي) ساقطٌ من نسخة. (سألنا) في نسخة: "سألتُ". (فقال) في نسخة: "قال". (كان ¬

_ (¬1) سبق برقم (116) كتاب: العلم، باب: السمر في العلم.

22 - باب فضل العشاء

يصلي) في نسخة: "كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (إذا وجبت) أي: غابت الشمس. (إذا كثر الناسُ عجل، وإذا قلُّوا أخر) جرى عليه كثيرٌ من الشافعية وغيرهم، والأصح عند الشافعية: أن التعجيل أول الوقت أفضل. ومرَّ بسط ذلك. 22 - بَابُ فَضْلِ العِشَاءِ (باب: فضل العشاءِ) أي: فضل صلاتها، أي: انتظارها. 566 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَتْ: أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً بِالعِشَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشُوَ الإِسْلامُ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قَالَ عُمَرُ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ، فَقَالَ لِأَهْلِ المَسْجِدِ: "مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرَكُمْ". [569، 862، 864 - مسلم: 638 - فتح: 2/ 47] (أعتم بالعشاءِ) أي: أخر صلاتها. (قبل أن يفشو الإسلام) أي: يظهر في غير المدينة. (نام النساء والصبيان) أي: الحاضرون في المسجد، وخصهم بالذكر دون الرجال؛ لأنهم مظنة قلة الصبر عن النوم. (ما ينتظرها) أي: الصلاة. (أحد من أهل الأرضِ غيركم) وذلك إما لأنه لا يصلِّي حينئذٍ إلا بالمدينة، أو أن سائر الأقوام ليس في دينهم صلاة في هذا الوقت، و (غيركم) بالرفع صفة لأحد وإن كان نكرة؛ لأن غير لا تتعرف بالإضافة إلى معرفة؛ لتوغلها في الإبهام، إلا إذا أضيفت لما اشتهر بالمغايرة، أو بدل منه، ويجوز النصب على الاستثناء. 567 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِي فِي السَّفِينَةِ نُزُولًا فِي بَقِيعِ

بُطْحَانَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَتَنَاوَبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ صَلاةِ العِشَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ نَفَرٌ مِنْهُمْ، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَصْحَابِي، وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ، فَأَعْتَمَ بِالصَّلاةِ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ، قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ: "عَلَى رِسْلِكُمْ، أَبْشِرُوا، إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ" أَوْ قَالَ: "مَا صَلَّى هَذِهِ السَّاعَةَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ" لَا يَدْرِي أَيَّ الكَلِمَتَيْنِ قَالَ، قَالَ أَبُو مُوسَى فَرَجَعْنَا، فَفَرِحْنَا بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم 641 - فتح: 2/ 47] (أخبرنا أبو أسامة) في نسخة: "حدثنا أبو أسامة"، واسمه: حمَّاد. (بريد) بضم الموحدة: ابن عبد الله بن أبي بردة. (نزولًا) خبر كان، وهو جمع نازل، كشهود وشاهد. (في بقيع) بفتح الموحدة، قال الجوهريُّ: موضع فيه أروم الشجر من دروب شتى (¬1). (بطحان) بضم الموحدة وسكون المهملة: وادٍ بالمدينة لا ينصرف (¬2)، قال القاضي عياض: هذه رواية المحدثين، وأهل اللغة: بفتح الموحدة بكسر الطاء (¬3). (نفر) أي: عدة رجالٍ من ثلاثة إلى عشرة. (في بعض أمره) هو تجهيز جيش كما في "معجم الطبراني". (ابهارَّ الليل) بسكون الموحدة، وتشديد الراءِ أي: انتصف، وقيل: ذهب معظمه. (على رِسلكم) بكسر الراء أكثر من فتحها، أي: تأنيكم. (أبشروا) بهمزة قطع وبهمزة وصل، يقال: أبشر، وبشر بالتخفيف، وبشز بالتشديد بمعنى. (إن) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح بتقدير ¬

_ (¬1) "الصحاح" 3/ 1187. (¬2) بطحان: بفتح أوله وسكون ثانيه، وهو وادٍ بالمدينة، وهو أحد أوديتها الثلاثة، وهي: العقيق، طحان، وقناة. انظر: "معجم البلدان" 1/ 446. (¬3) "إكمال المعلم" 2/ 597.

23 - باب ما يكره من النوم قبل العشاء

بإن، وقول شيخنا: إنه وهم فيه نظر (¬1)، وفي نسخة: "فإن" بالفاءِ. (من نعمة الله عليكم) خبر إنَّ، واسمها: (أنه إلخ) بفتح أن، وقُدِّمَ عليه الخبرة للاختصاص، والمعنى: أن من نعمة الله عليكم انفرادكم بهذه العبادة، وبهذا ظهر فضل العشاءِ، وبه يحصل مطابقة الحديث للترجمة. (لا يدري) بالتحتية، وفي نسخة: "لا أدري". (فرحى) جمع فرحان، كسكرى وسكران، فلا حاجة إلى ما قيل: إنَّه جمع فريح على غير قياس، أو مؤنث أفرح للجماعة، وهو قبله نحو الرجال فعلت، وفي نسخة: "فرحا" بفتح الراءِ، وفي أخرى: "فرحنا" بكسر الراء فيهما. (بما سمعنا) بيان لسبب فرحهم، وهو ما بشرهم به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. وفي الباب: جواز الحديث بعد العشاءِ، وجواز تأخيرها إذا علم قوة القوم على الانتظار؛ لأنَّ المنتظرَ للصلاة كالذي فيها. 23 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ (باب: ما يكره من النوم قبل العشاءِ) أي: بيان كراهة النوم قبل صلاة العشاءِ. 568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ العِشَاءِ وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا". [انظر: 541 - مسلم: 647 - فتح: 2/ 49] (محمد بن سلام) بتخفيف اللام، ولفظ: (ابن سلام) ساقطٌ من نسخة. (أخبرنا عبد الوهاب) في نسخة: "حدثنا عبد الوهاب" أي: ابن عبد المجيد بن الصلت. (خالد) أي: ابن مهران. (الحذَّاء) بفتح ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 48.

24 - باب النوم قبل العشاء لمن غلب

المهملة، وتشديد المعجمة. (عن أبي المنهال) هو سيَّار بن سلامة الرياحي، بكسر الراءِ وبالتحتية. (عن أبي برزة) بفتح الموحدة وسكون الراءِ، وفتح الزاي، اسمه: نضلة بن عبيد الأسلميُّ. (كان يكره النوم قبل العشاءِ) لأنَّه يعرضها للفوات باستغراق النوم أو لتفويت الجماعة تكاسلًا. (والحديث بعدها) أي: فيما لا مصلحة فيه في الدين؛ خوف السهر وغلبة النوم بعده، فيفوت قيام الليل أو الذكر فيه أو عن الصبح، أو الكسل عن العمل بالئهار في مصالح الدنيا وحقوق الدين، أما ما فيه مصلحة الدين كعلم وحكايات الصالحين، ومؤانسة الضيف والعروس، والأمر بالمعروف فلا كراهة فيه. 24 - بَابُ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ (باب: النوم قبل العشاء) أي: عدم كراهته قبلها. (لمن غلب) بالبناءِ للمفعول، أي: لمن غلبه النوم. 569 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ هُوَ ابْنُ بِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ ابْنُ بِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ: الصَّلاةَ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ، فَقَالَ: "مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ"، قَالَ: وَلَا يُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إلا بِالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ. [انظر: 566 - مسلم: 638 - فتح: 2/ 41] (أيوب بن سليمان) زاد في نسخة: "هو ابن بلال". (أبو بكر) هو عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي. (عن سليمان) زاد في نسخة: "هو ابن بلال". (قال صالح) في نسخة: "قال: حدثنا صالح".

(الصلاة) بالنصب على الإغراءِ. (قال) أي: الراوي وهي عائشة. (ولا تصلَّى) بضمِّ الفوقية وفتح اللام المشددة أي: العشاءُ، وفي نسخة: بضمِّ التحتية، أي: ولا يصلى. (يومئذٍ إلا بالمدينة) أي: لأنَّ الإسلام لم يبلغ غيرها حينئذٍ. (وكانوا) أي: النبيُّ وأصحابه، وفي نسخة: "قال: وكانوا". (فيما بين أن يغيب الشفق) في نسخة: "فيما بين مغيب الشفق" أي: الأحمر، كما هو في اللغة. (إلى ثلث الليل الأول) بالجر صفة و (ثلث) وفي ذلك حذف؛ لأجل بين وتقدم بيانه. وفي الحديث: تذكير الإمام واعتذاره لهم عند تأخيره الصلاة. 570 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ يَعْنِي ابْنَ غَيْلانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً، فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا فِي المَسْجِدِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ رَقَدْنَا، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: "لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ غَيْرُكُمْ" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: "لَا يُبَالِي أَقَدَّمَهَا أَمْ أَخَّرَهَا، إِذَا كَانَ لَا يَخْشَى أَنْ يَغْلِبَهُ النَّوْمُ عَنْ وَقْتِهَا، وَكَانَ يَرْقُدُ قَبْلَهَا". [مسلم: 639 - فتح: 2/ 50] (محمود) زاد في نسخة: "يعني: ابن غيلان". (أخبرنا عبد الرزاق) في نسخة: "حدثنا عبد الرزاق" أي: ابن همام بن نافع الحميري. (أخبرني ابن جريج) في نسخة: "أخبرنا ابن جريح" أي: عبد الملك. (حدثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله". (شُغل) بالبناءِ للمفعول. (عنها) أي: عن العشاءِ. (حتَّى رقدنا في المسجد) أي: قعودًا ممكنين المقعدة، أو مضطجعين غير نائمين. (ثم استيقظنا) أي: من النوم الذي لا ينقض الوضوءِ، أو من الغَفْلَةِ، إذ لفظ: الاستيقاظ يقال: للأعم من النوم ومن السِّنَةِ والغفلة. (وكان يرقد)

في نسخة: "وقد كان يرقد". (قبلها) أي: قبل صلاة العشاءِ، وحملوه على ما إذا لم يخش غلبة النوم عن وقتها. وفيه: أنَّ كراهةَ النوم قبلها للتنزيه لا للتحريم. 571 - وَقَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً بِالعِشَاءِ، حَتَّى رَقَدَ النَّاسُ وَاسْتَيْقَظُوا، وَرَقَدُوا وَاسْتَيْقَظُوا، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فَقَالَ: الصَّلاةَ - قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -: فَخَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ الآنَ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا" فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً كَيْفَ وَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ يَدَهُ، كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ، ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ، ثُمَّ ضَمَّهَا يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ، حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ، مِمَّا يَلِي الوَجْهَ عَلَى الصُّدْغِ، وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ، لَا يُقَصِّرُ وَلَا يَبْطُشُ إلا كَذَلِكَ، وَقَالَ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا هَكَذَا". [7239 - مسلم: 642 - فتح: 2/ 50] (قلت لعطاء) أي: ابن أبي رباح، لا ابن يسار، كما وقع لبعضهم. (فقال) أي: عطاء لابن جريج، وفي نسخة: "وقال". (قال عطاء) في نسخة: "فقال عطاء". (فخرج نبيُّ الله) في نسخة: "فخرج النبيُّ" وفي أخرى: "فخرج رسول الله". (ماء) بالنصب تمييز محوَّلٌ عن الفاعل (¬1)، وأصله: يقطر ماءُ رأسه. (لأمرتهم أن يصلوها هكذا) أي: في هذا الوقت، وفي نسخة: "كذا". (أنبأه) أي: أخبره. (فبدَّد) أي: فرق. (على قرن الرأس) أي: جانبه. (ثم ضمها) أي: أصابعه، ولمسلمٍ: ثم ¬

_ (¬1) قد يكون التمييز محولًا عن فاعل كما ذكر المصنف أو عن مفعول نحو: غرست الأرض شجرًا، أو عن مضاف نحو: زيد أكثر مالًا. أو عن مبتدأ.

صبها (¬1) بمهملة فموحدة، قال القاضي وهو الصواب فإنه يصف عصر الماء من الشغر باليد (¬2). (حتَّى مست إبهامه طرف الأذن) برفع إبهامه على الفاعلية ونصب (طرف) على المفعولية، وفي نسخة: [إبهاميه] [بالتثنية] (¬3) بالنصب على المفعولية، ورفع (طرف) على الفاعلية، وأنث (مست) المسند و (طرف) المذكرة لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه (¬4). (على الصدغ) بضم الصاد. (لا يقصر) بقافٍ فمهملة مشددة مكسورة: من التقصير أي: لا يبطئ وفي نسخة: "لا يعصر" بمهملة ساكنة مع فتح أوَّله وكسر ثالثه، قال شيخنا: والصواب الأول (¬5). (ولا يبطش) أي: ولا يستعجل. (إلا كذلك) أي: الأمثل ما ذكر من التبديد، وما بعده. (لأمرتهم) أي: أمر إيجاب. (أن يصلُّوا) في نسخة: "أن يصلُّوها". (هكذا) أي: في هذا الوقت، أو بعد الغسل. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (642) كتاب: المساجد، باب: وقت العشاء وتأخيرها. (¬2) "إكمال المعلم" 2/ 606. (¬3) من (م). (¬4) يكتسب المضاف من المضاف إليه واحدًا من عشرة أمور هي: التعريف نحو: غلام الأمير، والتخصيص نحو: غلام رجلٍ، والتخفيف نحو: ضارب علي، ورفع القبح نحو: زيد الحسن الوجه، والتذكير نحو: {إنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ} والتأنيث نحو: قطعت بعض أصابعه، والظرفية نحو: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ}، والمصدرية نحو: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}، ووجوب التصدير، نحو: غلام من عندك؟، والبناء نحو {مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ}. (¬5) "الفتح" 2/ 51.

25 - باب وقت العشاء إلى نصف الليل

25 - بَابُ وَقْتِ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَهَا". [انظر: 541] (باب: وقت العشاءِ إلى نصف الليل) أي: بيان وقته الاختياريِّ على أحد الرأيين فيه (يستحب تأخيرها) أي: إلى نصف الليل، بقرينة ما بعده. 572 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ المُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ العِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ قَالَ: "قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا، أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا"، وَزَادَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ لَيْلَتَئِذٍ". [600، 661، 847، 5869 - مسلم: 640 - فتح: 2/ 51] (عبد الرحيم) أي: ابن عبد الرحمن بن محمد. (عن زائدة) هو ابن قدامة. (عن أنس) زاد في نسخة: "ابن مالك". (صلَّى الناسُ) أي: المعهودون. (أما) بالتخفيف للتنبيه. (ما انتظرتموها) أي: مدة انتظاركم إياها. (وزاد ابن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن [أبي مريم بن] (¬1) الجمحي. (حميد) أي: الطويل. (سمع أنسًا قال: كأني أنظر) في نسخة: "سمع أنس بن مالك قال: كأني أنظر". (وبيص خاتمه) بفتح الواو وكسر الموحدة، وبصاد مهملة، أي: بريقه ولمعانه. (ليلتئذٍ) أي: ليلة إذ أخَّرَ العشاء، والتنوين عوض من المضاف إليه. ¬

_ (¬1) من (م).

26 - باب فضل صلاة الفجر

وظاهر الحديث: أنّ وقت العشاءِ يخرج بالنصف، والجمهور: على أنه وقت الأختيار، وقيل: وقت الاختيار [إلى الثلث، وجمع بينهما بأن المراد بالثلث أول أبتداء وقت الاختيار] (¬1) وبالنصف آخر انتهائه، وأما وقت الجواز فإلى طلوع الفجر لخبر: "ليس في النوم نفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيءُ وقت الصلاة الأخرى" (¬2) وهذا في غير الصبح، أما فيها فوقتها إلى طلوع الشمس؛ لمفهوم خبر: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح" (¬3). 26 - بَابُ فَضْلِ صَلاَةِ الفَجْرِ (باب: فضل صلاة الفجر) زاد في نسخة: "والحديث" قال الكرماني: ولم تظهر مناسبة ذكره هنا، قال: وقد يقالُ: الغرض منه: ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) رواه مسلم (681) كتاب: المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة وأبو داود (441) كتاب: الصلاة، باب: من نام عن صلاة، أو نسيها. والنسائي في "المجتبى" 1/ 273. كتاب: المواقيت، باب: من نام عن الصلاة. (¬3) رواه مسلم (608) كتاب: المساجد، باب: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة. وأبو داود (412) كتاب: الصلاة، باب: في وقت صلاة العصر. والترمذي (186) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس. والنسائي في "المجتبي" 1/ 293 - 294. كتاب: المواقيت، باب: من أدرك ركعة من الصلاة. وابن ما جه (700) كتاب: الصلاة، باب: وقت الصلاة في العذر وللضرورة.

باب كذا، وباب الحديث الوارد في فضل صلاة الفجر (¬1). 573 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ لِي جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَقَالَ: "أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لَا تُضَامُّونَ - أَوْ لَا تُضَاهُونَ - فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا" ثُمَّ قَالَ: "وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا" [طه: 130] (¬2) [انظر: 554 - مسلم: 633 - فتح: 2/ 52] (قال جرير) في نسخة: "قال: قال جرير"، وفي أخرى: "قال: قال لي جرير". (لا تضامون) بضم الفوقية، وتخفيف الميم، أي: لا ينالكم ضيمٌ، وفي نسخة: بفتح الفوقية، وتشديد الميم أي: لا ينضم بعضكم إلى بعض، وتقدم ذلك. (أوْ لا تضاهون) من المضاهاة، أي: لا يشتبه عليكم ولا ترتابوا، وفي نسخة: "أو قال: لا تضاهون". (فافعلوا) أي: ترك المغلوبية اللازم له الإتيان بالصلاة، كأنه قال: فصلُّوا. (فسبح) في نسخة: {فَسَبِّحْ} ولفظ: القرآن وسبح بالواو. 574 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني"4/ 215. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 48 - 49: حديث أبي هريرة مطابق للترجمة، وأما حديث أبي الدرداء وأبي موسى فغير مطابق ظاهرًا؛ لأنه لا يختص بالفجر، وجوابه: أن صلاة الجماعة وبعد المشي إنما كثر ثمرها للمشقة الحاصلة بالتقييد بالجماعة والمشي إليها والمشي إلى الجماعة في الفجر أشق من غيرها فيكون الأجر أكثر.

27 - باب وقت الفجر

الجَنَّةَ"، وَقَالَ ابْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَخْبَرَهُ بِهَذَا، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [مسلم: 635 - فتح: 2/ 52] (البردين) بفتح الموحدة، وسكون الراءِ: صلاة الفجر والعصر؛ لأنهما في بردي النهار وهما طرفاه حين يطيب الهواء، وتذهب سورة الحرِّ. (دخل الجنة) أي: من غير سبق عذاب، أو بعده. مفهومه: أن من لم يصلهما لا يدخل وهو محمول على المستحل لتركهما، وأتى بـ (دخل) دون يدخل؛ لأنَّ متحقق الوقوع، كالواقع. (ابن رجاء) هو عبد الله البصري. (حدثنا همام) في نسخة: "أخبرنا همام". (إسحاق) أي: ابن منصور بن بهرام. (عن حَبَّان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة: ابن هلال الباهلي. 27 - بَابُ وَقْتِ الفَجْرِ (باب: وقت الفجر) أي: بيانه. 575 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، حَدَّثَهُ: "أَنَّهُمْ تَسَحَّرُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ"، يَعْنِي آيَةً. ح. [1921 - مسلم: 1097 - فتح: 2/ 53] (عن أنس) زاد في نسخة: "ابن مالك". (حدثه) في نسخة: "حدثهم"، أي: أنسًا وأصحابه. (أنهم) أي: زيدًا وأصحابه. (تسحروا) أي: أكلوا السحور: وهو ما يؤكل في السحر. (كم بينهما؟) في نسخة: "كم كان بينهما؟ ". 576 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ، سَمِعَ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ: "تَسَحَّرَا فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا، قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلاةِ، فَصَلَّى"، قُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلاةِ؟ قَالَ: "قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً". [1134 - فتح: 2/ 54] (حسن بن صبَّاح) في نسخة: "الحسن بن الصبَّاح". (روحًا) في نسخة: "روح بن عبادة". (سعيد) هو ابن أبي عروبة. (عن أنس بن مالك) لفظ: (ابن مالك) ساقط من نسخة. (تسحرا) في نسخة: "تسحَّروا" أي: النبي وأصحابه. (فصلى) أي: النبي، في نسخة: "فصليا" أي: النبي وزيد، وفي أخرى: "فصلينا" بلفظ التكلم. (قلت لأنس) في نسخة: "قلنا لأنس". 577 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، يَقُولُ: "كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ يَكُونُ سُرْعَةٌ بِي، أَنْ أُدْرِكَ صَلاةَ الفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [1920 - فتح: 2/ 54] (عن أخيه) هو عبد الحميد بن أبي أويس يكنى: أبا بكر. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار الأعرج. (ثم يكون) بتحتية، وفي نسخة: بفوقية. (سرعة بي أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله) برفع (سرعة) فاعل كان، أو اسمها، فكان إمَّا تامة و (بي) متعلِّق بـ (سرعة)، أو ناقصة وخبرها (بي)، أو (أن أدرك) إذ التقدير: لأن أدرك، وبنصبها خبر كان، واسمها ضمير يرجع إلى ما يدلُّ عليه لفظ السرعة، أي: تكون السرعة سرعة حاصلة بي لإدراك الصلاة. 578 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَتْ: "كُنَّ نِسَاءُ المُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلاةَ، لَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الغَلَسِ". [انظر: 372 - مسلم: 645 - فتح: 2/ 54]

(يحيى بن بكير) نسبة لجدِّه، وإلا فهو يحيى بن عبد الله بن بكير. (أخبرنا الليث) في نسخة: "حدثنا الليث". (كُنَّ) في نسخة: "كنَّا". (نساء المؤمنات) جرى فيه على لغة بني الحارث (¬1)، أو النون في (كنَّ) ضمير و (نساء) بدل منه، أو بيان، وإضافة (نساء) لـ (لمؤمنات) مؤَوَّل بنساء الأنفس المؤمنات، أو الجماعة المؤمنات؛ لئلَّا يلزم إضافة الشيءِ لنفسه، كذا قيل، والأولى أن يقال: إنه من إضافة الأعمِّ إلى الأخصِّ، كمسجد الجامع. وقيل: نساء هنا بمعنى الفاضلات، أي: فاضلات المؤمنات، كما يقالُ: رجال القوم، أي: فضلاؤهم. (يشهدن) أي: يحضرن. (متلفعات) أي: متلحفات. (بمروطهن) جمع مرط بكسر الميم: وهو كساءٌ من صوف (¬2)، أو خز يؤتزر به. (ثم ينقلبن) أي: يرجعن. (لا يعرفهنَّ أحدٌ) أي: أنساءٌ أم رجالٌ؟ (من الغلس) (من) تعليلية أي: لأجل، ولا ينافي هذا ما مرَّ أنه كان ينفتل عن صلاة الغداة حين يعرف الرجلُ جليسه؛ لأن ذاك إخبارٌ عن رؤية جليسه وهذا عن رؤية النساءِ من بُعْدٍ. وفي الحديث: حضور النساءِ الجماعة في المسجد أي: حيث لم تخش فتنة عليهنَّ أو بهنَّ، وندب التبكير بالصبح الدَّالُّ عليه أيضًا خبر ابن مسعود: أي الأعمال أفضل؟ قال: "الصلاة لأول وقتها" (¬3) وأمَّا خبر: "أسفروا بالفجر لأنه أفضل الأجر" (¬4) فمؤوَّلٌ بأنَّ الإسفار أن يتضح الفجر ولا يشك في طلوعه. ¬

_ (¬1) انظر: ما سبق من الكلام عن هذه اللغة (حديث: 555). (¬2) سبق التعريف به. (¬3) سلف برقم (527) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها. (¬4) رواه الترمذي (154) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الإسفار بالفجر، =

28 - باب من أدرك من الفجر ركعة

28 - بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الفَجْرِ رَكْعَةً (باب: من أدرك من الفجر) أي: من صلاته. (ركعة) أي: فليتم صلاته. 579 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَنِ الأَعْرَجِ يُحَدِّثُونَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَدْرَكَ العَصْرَ". [انظر: 556 - مسلم: 608، 607 - فتح: 2/ 56] (يحدثونه) أي: يحدث الثلاثةُ زيد بن أسلم. (من الصبح) أي: من فعل صلاتها. (ركعة قبل أن تطلع الشمس) أي: وركعة بعد طلوعها. (فقد أدرك الصبح) أي: أداءً، أو المراد: من أدرك من وقت الصبح قدر ركعة فقد أدرك وقت وجوبها، حتى لو بلغ الصبيُّ، أو أفاق المجنون، أو المغمى عليه، أو أسلم الكافر، أو طهرت الحائض وبقي من الوقت قدر ركعة وجبت الصلاة، وإما بدون ركعة من تكبيرة فأكثر، فللشافعي فيه قولان: أصحهما تجب أيضًا؛ لأنه أدرك ما يسع ركنًا، فالاقتصار في الحديث على ركعة جريٌ على الغالب مما يمكن إدراك معرفته وذلك كالركعة دون التكبيرة ونحوها. (ومن أدرك ركعة من العصر إلخ) عرف تفسيره مما مر آنفًا في باب: من ¬

_ = وقال: حديث رافع بن خديج: حديث حسن صحيح. والنسائي في "المجتبي" كتاب: المواقيت، باب: الإسفار. وابن حبان 4/ 357 (1490) كتاب: الصلاة، باب: مواقيت الصلاة. والطبراني في "الأوسط" 9/ 116 (9289). وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

29 - باب من أدرك من الصلاة ركعة

أدرك ركعة من العصر قبل الغروب (¬1). 29 - بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاةِ رَكْعَةً (باب: من أدرك من الصلاة ركعة) أي: فقد أدرك الصلاة، وفرَّق بين هذه الترجمة والسابقة: بان تلك في إدراك الفجر خاصة، وهذه في الصلاة مطلقًا مع اختلاف سنديهما. 580 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ". [انظر: 566 - مسلم: 607، 608 - فتح: 2/ 57] (فقد أدرك الصلاة) أي: حكمها من كونها أداء، وإلا فمعلوم أنها لا تحصل بإدراك ركعة، وأما إدراك فضيلة الجماعة فتحصل بالركعة، وبدونها ما لم يسلم، وأمَّا فعل بعضها في الحضرِ أو في السفرِ، فيجب به الإتمام سواء الركعة ودونها. 30 - بَابُ الصَّلاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ (باب: الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس) أي: بيان حكمها حينئذٍ. 581 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ". [مسلم: 826 - فتح: 2/ 58] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (556) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: مواقيت الصلاة.

سَمِعْتُ أَبَا العَالِيَةِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَاسٌ بِهَذَا. (عن أبي العالية) اسمه: رفيع الرياحي. (شهد عندي) أي: أخبرني. (نهى عن الصلاة) أي: التي لا سبب لها متقدم، أو مقارن. (بعد الصبح) أي: بعد صلاته. (حتى تشرق) بفتح الفوقية، وضمِّ الراءِ أي: تطلع، وبضمها وكسر الراءِ أي: تضيءُ وترتفع، والأول أوفق برواية: "حتَّى تطلع" الآتية (¬1). (وبعد العصر) أي: بعد صلاتها، وكما تكره الصلاة بعد الصلاتين، تكره أيضًا من الطلوع إلى الارتفاع كرمح، ومن الاستواءِ إلى الزوال في غير يوم الجمعة، ومن الاصفرار إلى الغروب، وإلى ذلك أشار الرافعيُّ بقوله: ربما انقسم النهيُ الواحد إلى متعلِّقٍ بالفعل، وإلى متعلِّقِ بالزمان، وقد بسطت الكلام عليه في "شرح البهجة" وغيره (¬2). (بهذا) أي: بهذا الحديث، أي: بمعناه. 582 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحَرَّوْا بِصَلاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا". [585، 598، 1629، 3273 - مسلم: 828 - فتح: 2/ 58] (هشام) أي: ابن عروة. (لا تحرَّوا) أصله: لا تتحروا، بتاءين، أي: لا تقصدوا، نهيٌ عن التشبه بقوم كانوا يتحرون طلوع الشمس وغروبها، فيسجدون لها عبادةً من دون الله. ¬

_ (¬1) ستأتي هلذه الرواية برقم (588) في باب: لا يتحرى الصلاة، قبل غروب الشمس. (¬2) انظر: "الشرح الكبير" للرافعي 1/ 396، و"فتح الوهاب" للمصنف 1/ 30 - 31، و"أسنى المطالب" للمصنف 1/ 117.

31 - باب: لا تتحرى الصلاة قبل غروب الشمس

583 - وَقَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَغِيبَ" تَابَعَهُ عَبْدَةُ. [3272 - مسلم: 829 - فتح: 2/ 58] (وقال: حدثني) في نسخة: "قال: وحدثني". (حاجب الشمس) أي: طرفها الذي يبدو عند الطلوع. (تابعه عبدة) أي: ابن سليمان، وفي نسخة: "قال محمد: تابعه عبدة". 584 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ، وَعَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ صَلاتَيْنِ: نَهَى عَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَعَنْ الاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، يُفْضِي بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَعَنِ المُنَابَذَةِ، وَالمُلامَسَةِ". [انظر: 368 - مسلم: 825، 1511 - فتح: 2/ 58] (عن أبي أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن عبيد الله) أي: ابن حفص العمري. (عن حفص بن عاصم) أي: ابن عمر بن الخطاب. (عن بيعتين، ولبستين) بكسر الباء واللام؛ نظرًا للهيئة، وبفتحهما؛ نظرًا للمرة. (الصَّمَاء) بالصاد المهملة والمدِّ، وتقدم تفسيره. (يفضي بفرجه) في نسخة: "يفضي فرجه". (والمنابذة) بذال معجمة بأن يجعل النبذ بيعًا. (والملامسة) بأن يلمس ثوبًا مطويًا، ثم يشتريه على أن لا خيار له إذا رآه. 31 - بَابٌ: لاَ تُتَحَرَّى الصَّلاَةُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ (باب: لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس) في نسخة: "لا

تُتحرى" بالبناءِ للمفعول ورفع الصلاة، وفي أخرى: "لا تتحروا الصلاة". 585 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ، فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا". [انظر: 582 - مسلم: 828 - فتح: 2/ 60] (لا يتحرى) خبر بمعنى النهي. (فيصلي) بالنصب جواب النهي، المراد من (لا يتحرى) نحو: ما تأتينا فتحدثنا، فالمراد: النهيُ عن التحزي والصلاة معًا. وجوَّز بعضهم الجزم على العطف، أي: لا يتحرَّ ولا يصل، والرفع على القطع، أي: فهو يصلي. 586 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ الجُنْدَعِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلاةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ". [1188، 1197، 1864، 1192، 1195 - مسلم: 827 - فتح: 1/ 61] (أخبرني عطاءُ) في نسخة: "حدثني عطاء" وفي أخرى: "حدثنا عطاء". (الجندِعيُّ) بضئم الجيم، وإسكان النون، وفتح الدَّال وضمها، وإهمال العين. (لا صلاة) أي: صحيحة. 587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: «إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلاَةً لَقَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا»، يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ. [3766 - فتح: 2/ 61]

32 - باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر

(محمد بن أبان) بفتح الهمزة، وخفة الموحدة: هو أبو بكر حمدويه البلخي، وقيل: هو الواسطيُّ. (غندر) هو محمد بن جعفر. (معاوية) أي: ابن أبي سفيان. (يصليها) أي: الصلاة، وفي نسخة: "يصليهما" أي: الركعتين. (عنهما) في نسخة: "عنها" ولا يناسبها التفسير بقوله: (يعني ... إلخ) ونفي معاوية رؤيته أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلِّها معارضٌ بإثبات غيره أنه كان يصلّيها (¬1)، والمثبت مقدَّم على النافي. 588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلاتَيْنِ: بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ". [انظر 368 - مسلم: 825 - فتح: 2/ 61] (عبدة) أي: ابن سليمان. (عن خبيب) بضمِّ المعجمة، أي: ابن عبد الرحمن. (حتَّى تطلع الشمس) أي: وترتفع كرمحٍ أخذًا من الأحاديث الدَّالة عليه. (حتَّى تغرب الشمس) لفظ: (الشمس) ساقطٌ من نسخة. 32 - بَابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاةَ إلا بَعْدَ العَصْرِ وَالفَجْرِ رَوَاهُ عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ. [انظر: 581، 5869، 368] ¬

_ (¬1) هو حديث عائشة حيث قالت: ركعتان لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعهما سرا ولا علانية: ركعتان قبل صلاة الصبح، وركعتان بعد العصر. سيأتي برقم (592) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: ما يصلي بعد العصر من الفوائت ونحوها.

33 - باب: ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها

(باب: من لم يكره الصلاة إلا بعد العصرِ والفجر)، لفظ: (والفجر) ساقطٌ من نسخة، والحصرُ فيما ذكر صحيح، بالنظر إلى أن متعلّق النهي الفعلُ لا الوقت، وإلا انتقض بالكراهة عند الاستواءِ في غير يوم الجمعة. (رواه) أي: عدم الكراهة. 589 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "أُصَلِّي كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يُصَلُّونَ: لَا أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّي بِلَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ مَا شَاءَ، غَيْرَ أَنْ لَا تَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا". [انظر: 582 - مسلم: 828 - فتح: 2/ 62] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسيُّ. (كما رأيت أصحابي يصلُّون) أي: وأقرهم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أراد إجماعهم بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - لأن الإجماع لا ينعقد في حياته لأن قوله أو فعله هو الحُجةُ القاطعة. (لا أنهى) بفتح الهمزةِ والهاءِ. (أحدًا يصلّي بليلٍ ولا نهار) في نسخة: "أو نهار" وفي أخرى: "ونهار". (أن لا تحروْا) أصله: أن لا تتحروا، كما مر. 33 - بَابٌ: مَا يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ مِنَ الفَوَائِتِ وَنَحْوهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ كُرَيْبٌ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ العَصْرِ رَكْعَتَيْنِ، [انظر: 1233 - فتح: 2/ 63] وَقَالَ: "شَغَلَنِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ القَيْسِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ". [1233 - فتح: 2/ 63] (باب: ما يصلى) بفتح اللام. (بعد العصر من الفوائت ونحوها) كرواتب الفرائض، وصلاة الجنازة. (وقال كريب) في نسخة: "قال أبو عبد الله: وقال كريب". (عن أمّ سلمة: صلّى النبيُّ) في نسخة: "عن أمّ سلمة، قالت: صلّى النبيُّ".

590 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ، سَمِعَ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَالَّذِي ذَهَبَ بِهِ، مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ، وَمَا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلاةِ، وَكَانَ يُصَلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلاتِهِ قَاعِدًا - تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ - "وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا، وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي المَسْجِدِ، مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِهِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ". [591، 592، 593، 1631 - مسلم: 835 - فتح: 4/ 62] (والذي) قسم أي: والله الذي. (ذهب به) في نسخة: "ذهب بنفسه" أي: توفاه، تعني: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (حتَّى ثقل) بضم القاف. (مخافة أن يثقل) بضم التحتية وفتح المثلثة وكسر القاف المشددة، أي: مخافة التثقيل. (ما يخفف عنهم) بالبناءِ للفاعلِ، ويجوز بناؤه للمفعول، وفي نسخة: "خفف عنهم" بصيغة الماضي. 591 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَتْ عَائِشَةُ: ابْنَ أُخْتِي "مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ عِنْدِي قَطُّ". [انظر: 510 - مسلم: 835 - فتح: 2/ 64] (هشام) أي: ابن عروة. (قالت عائشة: ابن أختي) بكسر الهمزة أي: يا ابن أختي بحذف حرف النداءِ، وفي نسخة: "ابن أختي" بفتح الهمزة، بجعلها حرف نداء؛ لأن أمَّ عروة هي أسماء بنت أبي بكر. (ما ترك النبي) في نسخة: "ما ترك رسول الله". (السجدتين) من باب: إطلاق البعض على الكل أي: الركعتين بأربع سجدات. 592 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُهُمَا سِرًّا وَلَا عَلانِيَةً: رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلاةِ الصُّبْحِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ العَصْرِ". [انظر: 590 - مسلم: 835 - فتح: 2/ 64]

34 - باب التبكير بالصلاة في يوم غيم

(ركعتان) أي: صلاتان؛ لأنه فسرهما فيما يأتي بأربع ركعات. (لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعهما سرًّا ولا علانية) لفظ: (سرًّا ولا علانية) ساقطٌ من نسخة. (ركعتان قبل الصبح) أي: قبل صلاته. 593 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: رَأَيْتُ الأَسْوَدَ، وَمَسْرُوقًا، شَهِدَا عَلَى عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينِي فِي يَوْمٍ بَعْدَ العَصْرِ، إلا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ". [انظر: 590 - مسلم: 835 - فتح: 2/ 64] (عن أبي إسحق) هو عمرو السبيعيُّ. (الأسود) هو ابن يزيد النخعيِّ. (ومسروقًا) هو ابن الأجدع. (شهدا على عائشة) أي: أخبرا عنها. (ما كان النبيُّ) في نسخة: "وما كان النبيُّ". (إلا صلَّى) استثناءٌ مفرغ، أي: ما كان يأتيني بوجه، أو بحالة إلا بهذا الوجه، أو الحالة. وهذا لا ينافي حديث النهي عن الصلاة بعد العصر (¬1)؛ إذ ذاك فيما لا سبب له وهذا له سبب، وهو قضاءُ فائتة الظهر، وكان إذا فعل شيئًا داوم عليه (¬2). 34 - بَابُ التَّبْكِيرِ بِالصَّلاةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ (باب: التبكير) أي: المبادرة. (بالصلاة في يوم غيم) أي: خوفًا من فواتها، وفي نسخة: "في يوم الغيم". 594 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي ¬

_ (¬1) وهو حديث سبق برقم (581) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس. (¬2) دل على ذلك حديث سبق برقم (43) كتاب: الإيمان باب: أحب الدين إلى الله عزَّ وجلَّ أدومه.

35 - باب الأذان بعد ذهاب الوقت

كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، أَنَّ أَبَا المَلِيحِ حَدَّثَهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بِالصَّلاةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ تَرَكَ صَلاةَ العَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ". [انظر: 553 - فتح: 2/ 66] (أن أبا المليح) هو عامر بن أسامة، في نسخة: "أنَّ أبا مليح". (بريدة) بضمِّ الباءِ: هو ابن الحصيب، بضمِّ الحاءِ وفتح الصادِ المهملتين. (حبط عمله) في نسخة: "فقد حبط عمله" أي: ثواب عمله، أو المراد: من تركها مستحلًا للترك. 35 - بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ (باب: الأذان بعد ذهاب الوقت) أي: حكمه، ولفظ: (ذهاب) ساقطٌ من نسخة. 595 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، فَقَالَ: بَعْضُ القَوْمِ: لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلاةِ" قَالَ بِلالٌ: أَنَا أُوقِظُكُمْ، فَاضْطَجَعُوا، وَأَسْنَدَ بِلالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَالَ: "يَا بِلالُ، أَيْنَ مَا قُلْتَ؟ " قَالَ: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلالُ، قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلاةِ" فَتَوَضَّأَ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ، قَامَ فَصَلَّى. [7471 - مسلم: 681 - فتح 2/ 66] (حُصين) بضمِّ أولهِ: هو ابن عبد الرحمن الواسطيُّ. (مع أنس) في نسخة: "مع رسول الله". (بعض القوم) قيل: هو عمر. (لو عرست بنا يا رسول الله) أي: لو

36 - باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت

نزلت بنا آخر الليل فاسترحنا، وجواب (لو) محذوف، أي: لكان أسهلَ علينا، أو هي للتمني فلا جواب لها. (أخافُ أن تناموا عن الصلاة) أي: فمن يوقظنا. (قال بلال) في نسخة: "فقال بلال". (فاضطجعوا) بلفظ الماضي، أو الأمر. (فغلبته) في نسخة: "فغلبت". (أين ما قلت؟) أي: أين الوفاء بقولك: (أنا أوقظكم)؟ (قبض أرواحكم عن أبدانكم) بأن قطع تعلُّقها عنها وتصرفها فيها ظاهرًا، لا باطنًا. (فأذن بالناس) بتشديد الذال وبالقصر، وفي نسخة: بالمدِّ والتشديد، وفي أخرى: "فآذن للناس" بالمذ وتخفيف الذال، وفي أخرى: بالقصر وتشديدها مع إسقاط الموحدة. (فتوضأ) أي: النبي. (وابياضتْ) بتشديد المعجمة بعد الألف أي: صفت، صانما أخرها حتَّى ارتفعت الشمس؛ ليتأهب الناسُ لها، وقيل: ليخرج وقت الكراهة. وفي الحديث: سن الأذان للفائتة نعم لو كان عليه فوائت، وقضاها متوالية، فعند الشافعية: يؤذن للأولى فقط، ويقيم لكل منهما. 36 - بَابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ (باب: من صلى بالناسِ جماعة) أي: صلاة فائتة. 596 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا" فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ. [598، 641، 945، 4112 - مسلم: 631 - فتح: 2/ 68] (عن يحيى) أي: ابن كثير. (ما كدتُ) بكسر الكاف أكثر من

37 - باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر، ولا يعيد إلا تلك الصلاة

ضمِّها. (حتَّى كادت الشمس تغرب) أي: ما صليت حتَّى غربت الشمس؛ لأن كاد إذ تجردت من النفي كان معناها إثباتًا، وإلا كان معناها نفيًا؛ لأن قولك: كاد زيذ يقوم معناه: إثبات قرب القيام، وقولك: ما كاد زيدٌ يقوم معناه: نفي قرب القيام، فكاد هنا دخل عليها النفي، فصار معناها نفي قربِ الصلاةِ. وقوله: (حتى كادت الشمس تغرب) حال من النفي، فالمعنى: ما صليت حال قرب الغروب أي: بل بعده. (بطحان) بضم الموحدة، وسكون الطاءِ، أو بالفتح والكسر: وادٍ بالمدينة. (فصلى العصر بعد ما غربت الشمس) أي: صلاها جماعة، أخذًا من حديث طويل فيطابق الحديث الترجمة. وفيه: جواز سبِّ الكفار، والحلف بدون استحلاف بل هو كما قال النوويُّ (¬1) مستحبٌّ؛ لمصلحة توكيد الأمر، أو زيادة طمأنينة أو نفي توهم نسيان أو غير ذلك من المصالح، وإنما حلف النبيُّ؛ تطيبًا لقلب عمر لمَّا شقَّ عليه تأخيرها، وسبب سبِّ عمرَ كفَّار قريش؛ أنهم كانوا سببًا لاشتغال المسلمين بحفر الخندق، والذي هو سبب لفوات صلاتهم. 37 - بَابُ مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَ، وَلَا يُعِيدُ إلا تِلْكَ الصَّلاةَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: "مَنْ تَرَكَ صَلاةً وَاحِدَةً عِشْرِينَ سَنَةً، لَمْ يُعِدْ إلا تِلْكَ الصَّلاةَ الوَاحِدَةَ". ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 5/ 131، 132.

(باب: من نسي صلاة) أي: حتَّى خرج وقتها. (فليصلِّ إذا ذكرها) في نسخة: "إذا ذكر" أي: تلك الصلاة. (ولا يعيد) بإثبات الياء، فـ (لا) نافية، وفي نسخة: "ولا يعد" بحذفها، فـ (لا) ناهية أي: ولا يقضي إلا تلك الصلاة وإن طال الزمن، ردَّ بذلك على من قال: إنّه لو لم يعد الفائتة حتَّى أدَّى خمس صلوات بعدها وجب عليه إعادتها مع إعادة الخمس بعدها، وقوى الأول بقوله: (وقال إبراهيم) أي: النخعيُّ. (من ترك صلاة ... إلخ). 597 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إلا ذَلِكَ {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] "، قَالَ مُوسَى: قَالَ هَمَّامٌ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَعْدُ: "وَأَقِمِ الصَّلاةَ للذِّكْرَى"، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ حَبَّانُ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [مسلم: 684 - فتح: 2/ 70] (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (فليصل) في نسخة: "فليصلي" بياء. (إذا ذكرها) في نسخة: "إذا ذكر" أي: تلك الصلاة. (لا كفارة لها) أي: لا خصلة تكفرها. (إلا ذلك) أي: قضاؤها. {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] دليل القضاء أي: فليصلها؛ لقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} أي: لتذكرني بها، وفي نسخة هنا وفيما يأتي: "أقم الصلاة للذكرى" بلامين وفتح الراءِ وألف بعدها مقصورة مصدر ذكر، والأمر في الآية لموسى عليه الصلاة والسلام، فنبه نبيُّنا بتلاوتها على أن هذا شرعٌ لنا أيضًا. (موسى) أي: ابن إسماعيل. (سمعته) أي: قتادة. (يقول بعد) أي: بعد زمان رواية الحديث أي: لم يكن نقل الحديث وتلاوة الآية معًا.

38 - باب قضاء الصلاة، الأولى فالأولى

(وقال حَبَّان) بفتح المهملة، وتشديد الموحدة أي: ابن هلال، وفي نسخة: "قال أبو عبد الله: وقال حَبَّان". (حدثنا قتادة) وفي نسخة: "أخبرنا قتادة". وفائدة ذكر البخاريِّ هذا التعليق: إزالة وهم تدليس قتادة حيث عبَّر فيه بـ (حدثنا) وفي الأول بـ (عن). 38 - بَابُ قَضَاءِ الصَّلاةِ، الأُولَى فَالأُولَى (باب: قضاء الصلوات) في نسخة: "الصلاة". (الأولى فالأولى) أي: استحباب ذلك. 598 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "جَعَلَ عُمَرُ يَوْمَ الخَنْدَقِ يَسُبُّ كُفَّارَهُمْ، وَقَالَ: مَا كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ حَتَّى غَرَبَتْ، قَالَ: فَنَزَلْنَا بُطْحَانَ، فَصَلَّى بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ". [انظر: 596 - مسلم: 631 - فتح: 2/ 72] (يحيى) في نسخة: "يحيى القطان". (عن هشام) في نسخة: "حدثنا هشام". (حدثنا يحيى) في نسخة: "حدثني يحيى". (عن جابر) أي: "ابن عبد الله" كما في نسخة. (قال) في نسخة: "فقال". (حتَّى غربت) أي: "الشمس" كما في نسخة. وتقدم شرح الحديث آنفًا. 39 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ (باب: ما يكره من السمر) أي: حديث الليل المباح. (بعد العشاء) زاد في نسخة: "السامر" من السمر والجمع: السمَّار، والسامر هاهنا في موضع الجمع، أي: المسامر المذكور في قوله تعالى:

40 - باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء

{سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67] مشتق من السمر بفتح الميم وسكونها، والجمع: السمار بضم السين وتشديد الميم، والسامر هاهنا، أي: في الآية في موضع الجمع كما مرَّ، وأصل السمر: ضوء لون القمر؛ لأنهم كانوا يتحدثون فيه. 599 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو المِنْهَالِ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إِلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: حَدِّثْنَا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ؟ قَالَ: "كَانَ يُصَلِّي الهَجِيرَ - وَهِيَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الأُولَى - حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي العَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى أَهْلِهِ فِي أَقْصَى المَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ - وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي المَغْرِبِ - قَالَ: وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ العِشَاءَ، قَالَ: وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاةِ الغَدَاةِ، حِينَ يَعْرِفُ أَحَدُنَا جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ مِنَ السِّتِّينَ إِلَى المِائَةِ". [انظر: 541 - مسلم: 461، 647 - فتح: 2/ 72] (يحيى) أي: ابن القطان. (قال: كان) في نسخة: "فقال: كان". (يصلِّي الهجير) أي: الظهر. (تدحض الشمس) أي: تزول عن وسط السماءِ إلى جهة المغرب. (ما قال في المغرب) في نسخة: "ما قال لي في المغرب". وتقدَّم تفسير الحديث في باب: وقت الظهر عند الزوال (¬1). 40 - بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ وَالخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ (باب: السَّمر في الفقه والخير بعد العشاء) خصَّ الفقه بالذكر وإن دخل في الخير؛ تنبيهًا على عظم قدره. 600 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (541) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت الظهر عند الزوال.

خَالِدٍ، قَالَ: انْتَظَرْنَا الحَسَنَ وَرَاثَ عَلَيْنَا حَتَّى قَرُبْنَا مِنْ وَقْتِ قِيَامِهِ، فَجَاءَ فَقَالَ: دَعَانَا جِيرَانُنَا هَؤُلاءِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: انْتَظَرْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، حَتَّى كَانَ شَطْرُ اللَّيْلِ يَبْلُغُهُ، فَجَاءَ فَصَلَّى لَنَا، ثُمَّ خَطَبَنَا، فَقَالَ: "أَلا إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا ثُمَّ رَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاةَ - قَالَ الحَسَنُ - وَإِنَّ القَوْمَ لَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا انْتَظَرُوا الخَيْرَ" قَالَ قُرَّةُ: هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 572 - مسلم: 640 - فتح: 2/ 73] (عبد الله بن صباح) بتشديد الموحدة وفي نسخة: "عبد الله بن الصباح" بزيادة (ال). (أبو علي) هو عبيد الله بن عبد المجيد. (وراث) بمثلثة، أي: أبطأ علينا والجملة حال. (حتَّى قريبًا) أي: حتَّى كان الزمان قريبًا، وفي نسخة: "قربنا" بلفظ الفعل. (من قيامه) أي: قيام الحسن من النوم؛ لأجل التهجد، أو من المسجد؛ لأجل النوم. (فجاء فقال) في نسخة: "وقال" بالواو. (دعانا جيراننا هؤلاء) أي: قال ذلك؛ معتذرًا عن تخلفه عن القعود معهم على عادته في المسجدِ؛ لأخذ العلمِ عنه. (ثُم قال) أي: الحسن. (قال أنس) في نسخة: "قال أنس بن مالك". (نظرنا) في نسخة: "انتظرنا". (ذات ليلة) أي: في ليلة وإضافة (ذات) إليها من إضافة المسمى إلى اسمه. (حتَّى كان شطر الليلِ يبلغه) برفع شطر على أن كان تامَّة أو ناقصةٌ، وخبرها (يبلغه)، وبنصبه على أنه خبر كان، واسمها مقدر أي: الوقت و (يبلغه) استئناف، أو تأكيد كما هو كذلك بجعل كان تامة. (لم تزالوا) في نسخة: "لن تزالوا". (في صلاة) أي: في ثوابها. (وإنَّ القوم) في نسخة: "وقال الحسن: وإنَّ القوم". (بخير) في نسخة: "في خير" أي: عمَّم الحسنُ الحكمَ في كلِّ خير، فيشمل الصلاة

وغيرها. (قال قُرَّةُ) أي: ابن خالد. (هو) أي: مقول الحسن وهو: (إن القوم لا يزالون ... إلخ). (من حديث أنس) أي: من جملة مروياته. 601 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ العِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةٍ، لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ" فَوَهِلَ النَّاسُ فِي مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى مَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ، عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ" يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَخْرِمُ ذَلِكَ القَرْنَ. [انظر: 116 - مسلم: 2537 - فتح: 2/ 73] (شعيب) هو ابن أبي حمزة الحِمْصي. (وأبو بكر بن أبي حثمة) بفتح المهملة، وسكون المثلثة، نسبة إلى جدِّه، لشهرته به، وإلا فهو أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة. (أرأيتكم) استفهام تعجبي، والمعنى: أخبروني، كما مرَّ. (ليلتكم هذه) مفعول أرى، وجواب الاستفهام محذوف، أي: فاحفظوها واحفظوا تاريخها. (فإنَّ رأس مائة) في نسخة: "فإنَّ رأس مائة سنة". (لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد) أي: ممن ترونه، أو تعرفونه، أو (ال) في (الأرض) للعهد أي: أرضي التي نشأت بها وبعثت منها. (فوهل الناسُ) بفتح الواو مع فتح الهاء وكسرها، أي: غلطوا وذهب وهمهم إلى خلاف الصواب. (في مقالة رسول الله) في نسخة: "من مقالة رسول الله" وفي أخرى: "في مقالة النبي". (إلى ما يتحدثون) متعلِّق بـ (وهل). (في هذه) في نسخة: "من هذه". (الأحاديث عن مائة سنة) فكان بعضهم يقول: تقوم الساعة عند

41 - باب السمر مع الضيف والأهل

انقضاء مائة سنة، فردَّ عليه [علي بن أبي طالب، فبين] (¬1) ابن عمر مراد الرسول في هذا الحديث فقال: (وإنما قال النبي ... إلخ). وتقدم ذلك في باب: السمر في العلم (¬2)، وفيما ذكر علم من أعلام النبوة، فقد استقرئ ذلك فكان آخر من مات من الصحابة الموجودين عند مقالته - صلى الله عليه وسلم - أبو الطفيل عامر بن واثلة، فإنه مات على رأس المائة من مقالته - صلى الله عليه وسلم -. 41 - بَابُ السَّمَرِ مَعَ الضَّيْفِ وَالأَهْلِ (باب: السمر مع الأهل والضيف) في نسخة: "مع الضيف والأهل" وهو شامل للزوجة والأولاد والعيال وبين هذا الباب وما قبله عموم وخصوص من وجه؛ لأن هذا خاص بالسمر مع الضيف والأهل، عام لصدقه بالجائز المستوي الطرفين وغيره، وذاك خاص بالسمر في الخير، عامٌّ لصدقه بالسمر مع الأهل والضيف وغيرهما. 602 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ، كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَإِنْ أَرْبَعٌ فَخَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ" وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاثَةٍ، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ، قَالَ: فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي - فَلَا أَدْرِي قَالَ: وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ - بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ العِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: وَمَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَوْ قَالَتْ: ضَيْفِكَ - قَالَ: أَوَمَا عَشَّيْتِيهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (116) كتاب: العلم، باب: السمر في العلم.

تَجِيءَ، قَدْ عُرِضُوا فَأَبَوْا، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ يَا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَالَ: كُلُوا لَا هَنِيئًا، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا، وَايْمُ اللَّهِ، مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إلا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا - قَالَ: يَعْنِي حَتَّى شَبِعُوا - وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا؟ قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاثِ مَرَّاتٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِي يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ، فَفَرَّقَنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ. [3581، 6140، 6141 - مسلم: 2057 - فتح: 2/ 75] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (أبو عثمان) هو عبد الرحمن بن مل النهديُّ. (أناسًا) بهمزة مضمومة، وفي نسخة: "ناسًا" بحذفها. (وأن النبي) بفتح همزة (أن)؛ عطفًا على: (أن أصحاب الصفة). (فليذهب بثالث) أي: من أهل الصفة، وكذا ما بعده. (وإنَّ أربع) في نسخة: "أربعة". وهو بالرفع أي: كان عنده طعام أربع فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وبالجر؛ على حذف المضاف، وإبقاء عمله، كما حكى يونس عن العرب: مررت برجل صالح، وإن لا صالح فطالح أي: وإن لا أمرُّ بصالح فقد مررت بطالح، وكذا يقرر في خامس (أو سادس)، أي: مع الخامس، والمعنى: فليذهب بخامس، أو بخامس وسادس فهو من عطف مفرد على مفرد بهذا المعنى، ويحتمل أن يكون معناه: وإن كان عنده طعام خمسٍ فليذهب بسادس، فيكون من عطف جملة على جملة.

(وأن أبا بكر) بفتح همزة (أنَّ) عطف على (أن أصحاب الصفة) وبكسرها على الاستئناف. (جاء بثلاثة) أي: من أهل الصفة. (فانطلق) في نسخة: "وانطلق". (بعشرة) أي: من أهل الصفة. (قال) أي: عبد الرحمن. (فهو) أي: الشأن. (أنا) مبتدأ خبره محذوف، أي: في الدار. (أبي وأمي) عطفٌ على (أنا)، وفي نسخة: "أنا وأبي" وفي أخرى: "أنا وأمي". (فلا أدري) من كلام أبي عثمان. (قال) أي: عبد الرحمن، وفي نسخة: "ولا أدري هل قال". (وامرأتي) هي: أميمة بنت عدي بن قيس السهميُّ. (وخادم) عطفٌ على (أمي)، أو على (امرأتي). (وهو أقرب بيننا) ظرف لخادم، أو لمحذوف أي: مشترك. (وبين بيت أبي بكر) في نسخة: "بين بيتنا وبيت أبي بكر"، وفي أخرى: "بين بيتنا وبين بيت أبي بكر. (تعشَّى) أي: أكل العشاء، بفتح العين: وهو طعام آخر النهار. (ثم لبث) أي: في داره. (حيث) في نسخة: "حتَّى" وفي أخرى: "حين". (صُليتِ العشاء) بالبناء للمفعول. (ثم رجع) أي: أبو بكر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (فلبث) أي: عنده. (امرأته) هي أم رومان: زينب بنت بَهمان بفتح الموحدة. (وما حبسك) في نسخة: "ما حبسك". (أو قالت: ضيفك) أفردتهم مع أنهم ثلاثة؛ لإرادة الجنس. (أوما عشيتهم؟) في نسخة: "أوما عشيتيهم؟ " بياءِ تولَّدت من إشباع حركة التاء، والواو مفتوحة للعطف على مقدر. (قد عرضوا) بالبناءِ للمفعول أي: عرض الطعام على الأضياف، فحذف الجار وأوصل الفعل، وفي نسخة: "عرضوا" بالبناء للفاعل أي: عرض الولد والزوجة والخادم على الأضياف.

(قال) أي: عبد الرحمن. (فاختبأت أنا) أي: خوفًا من أبي ومن شتمه. (فقال) أي: أبو بكر. (يا غنثر) بضمِّ المعجمة وسكون النون، وفتح المثلثة وضمها أي: يا ثقيل، أو يا جاهل، أو يا دنيء، أو يا لئيم. (فَجَدَّعَ) بجيم ودال مهملة مشددة، أي: دعا بالجدع: وهو قطع الأنف، أو الأذن، أو الشفة، أو نحو ذلك. (وسمث) أي: سبَّ ولده؛ ظنًّا منه أنه فرط في الأضياف. (لا هنيئًا) قاله تأديبًا لهم حيث لم يكتفوا بولده ومن معه، وقيل: بل هو خبر أي: إنَّكم لم تهنئوا بالطعام في وقته (وأيم الله) أي: قسمي، وهو بهمزة وصل، وقد تقطع. (إلا ربا) أي: زاد الطعام. (من أسفلها) أي: اللقمة. (أكثر) بالرفع خبر مبتدأ محذوف، ويجوز النصب صفة لمصدر محذوف أي: زيادة أكثر. (منها) أي: من اللقمة. (حتى شبعوا) في نسخة: "قال: وشبعوا" وفي أخرى: "قال: فشبعوا". (وصارت) أي: الأطعمة. (أكثر) بمثلثة، وفي نسخة: بموحدة. (فإذا هي) أي: الأطعمة، أو الجفنة. (كما هي) أي: على حالها الأول لم تنقص شيئًا. (أو أكثر) بمثلثة، وفي نسخة: بموحدة. (منها) ساقطٌ من نسخة. (يا أخت بني فِراس) بكسر الفاءِ، وخفة الراءِ، وبالمهملة. قال النووي: معناه: يا من هي من بني فراس أي: وذلك لأنها بنت الحارث بن غنم الفراسية (¬1)، وقال الكرمانيُّ: هي بنت عبد دهمان بضمِّ المهملة وسكون الهاءِ أحد بني فراس بن مالك بن كنانة (¬2). (ما هذا؟) استفهام، في نسخة: "ما هذه" وهو استفهام عن حال الأطعمة. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 14/ 20. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 4/ 239.

(لا وقرة عيني) بالجرِّ على القسم تريد به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو قسم بالمخلوق، أو المراد: وخالق قرة عيني، و (لا) زائدة أو نافية لمحذوف أي: لا شيء غير ما أقول وهو قرة عيني، وقرة العين يعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان لأن العين تقرُّ ببلوغ الأمنية، قال الأصمعي: أقر الله عينه أبرد دمعه؛ لأن دمع الفرح بارد، ودمع الحزن حارٌّ، لكن تُعُقِّب: بأن كلَّ دمعٍ حارُّ. (بثلاث مرات) في نسخة: "بثلاث مرار" وهذا كرامة من كرامات الصديق. (ذلك) بكسر الكاف وفتحها باعتبار أنَّ الخطاب كان للمرأة، أو للابن. (ثُم أكل منها لقمة) فائدته مع قوله فيما مر (أكل) دفع إيهام أنه أكل أكثر من لقمة، فإنما خالف يمينه لخبر: "فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير" (¬1) أو كان مراده: لا أطعمه معكم، أو في هذه الساعة، أو عند الغضب، والكفارة على أحد هلذه الثلاثة مندوبة، أو واجبة. (فأصبحت) أي: الأطعمة. (عنده) أي: عند النبي - صلى الله عليه وسلم -. (عقد) أي: عهد مهادنة. (ففرقنا) الفاءُ فصيحة (¬2)، أي: فجاءوا إلى المدينة (ففرقنا)، أي: ميزَّنَا أو جعلنا منهم. (اثني عشر رجلًا) أي: مع كل فرقة كما يعلم مما يأتي، وفي نسخة: "اثنا عشر" بالألف على ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1650) كتاب: الإيمان، باب: ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها. والترمذي (1530) كتاب: النذور والإيمان، باب: ما جاء في الكفارة قبل الحنث. وأحمد 2/ 361. (¬2) هي التي يكون الكلام قبلها على معنى الشرط المقدر، وقد سبق الحديث عنها.

لغة: من يجعل المثني، كالمقصور في أحواله الثلاثة (¬1)، وفي أخرى: "فعرفنا" بعين مهملة وراءٍ مشددة وفاءٍ أي: جعلنا منهم اثني عشر رجلًا، أي: عَرِّيفًا مع كل فرقة، وفي أخرى: "فقرينا" بقاف وراء مخففة، وتحتية من القرى: بمعنى الضيافة. أي: ضيفنا منهم اثنى عشر رجلًا بأن جعلناهم عرفاء. (مع كل رجلٍ منهم) أي: من الاثنى عشر. (أناس) أي: فرقة. (الله أعلم) أي: بعددها كما أشار إليه بقوله: (كم مع كل رجل؟) أي: "منهم" كما في نسخة، والمعنى: كم رجل من الطوائف مع كل رجلٍ من الاثنى عشر؟ مميز (كم) محذوف. (فأكلوا منها) من الأطعمة. (أجمعون أو كما قال) أي: عبد الرحمن، والشك من أبي عثمان. وفي الحديث: الأكل من طعامٍ ظهرت بركته، وإهداء ما يُرجى بركته لأهل الفضل، وفضيلة الإيثار والمواساة، وتوزع الأضياف إذا كثروا، وإثبات كرامات الأولياء، وجواز الاختفاء من الوالد عند الخوف من تقصير، والدعاء بالتجديع ونحوه على الأولاد، وترك المجماعة لعذر، وحمل المشقة على نفسه لإكرام الضيف (¬2)، والاجتهاد في دفع المشقة، وتطييب القلوب، وجواز ادخار الطعام للغدِ. ¬

_ (¬1) وهي لغة لبعض العرب. (¬2) في هامش الأصل: [المضيف].

10 - كتاب الأذان

10 - كتاب الأذان

1 - باب بدء الأذان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 10 - كِتَابُ الأَذَانِ 1 - بَابُ بَدْءِ الأَذَانِ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُؤًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ)، وَقَوْلُهُ {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ} [الجمعة: 9]. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطٌ من نسخة. (كتاب الأذان) ساقط من أخرى، وفي أخرى بدله: "أبواب الأذان" وهو بمعجمة لغة: الإعلام (¬1)، وشرعًا: إعلامٌ بدخول أوقات الصلوات الخمس بكلمات مخصوصة. (باب: بَدْء الأذان) أي: بيان ابتدائه، وفي أخرى: "كتاب بدء الأذان" بدون باب. (وقوله عزَّ وجلَّ) بالجرِّ عطفٌ على (بَدْء)، وبالرفع عطف على (باب)، وفي نسخة: "وقول الله عزَّ وجلَّ". {وَإِذَا نَادَيْتُمْ} [المائدة: 58] ¬

_ (¬1) أصل الأذان: الإعلام والعلم، تقول العرب: قد أذنت بهذا الأمر أي: علمت، وأذنني فلان: أعلمني، وعلى ذلك فالأذان والتأذين: النداء إلى الصلاة والإعلام بوقتها، والأذان: الإعلام، وقيل: الأذان: الإقامة؛ لما فيها من الإعلام للحضور للفرض، وأذن المؤذن بالصلاة: أعلم بها. والأذان للصلاة: إعلام بها وبوقتها، والمؤذن: المُعْلمُ بأوقات الصلاة. انظر: مادة (أذن) في: "الصحاح" 5/ 2068، و"اللسان"1/ 51 - 53، و"القاموس" 1175.

({إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ} [الجمعة: 9] اللام للاختصاص. {مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ}) زاد في نسخة: "الآية". 603 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى "فَأُمِرَ بِلالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ". [605، 606، 607، 3457 - مسلم: 378 - فتح: 2/ 77] (عبدُ الوارث) هو ابن سعيد بن ذكوان. (حدثنا خالد) زاد في نسخة: "الحذاء". (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن يزيد. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (والناقوس) هو ما يضرب به النصارى لصلاتهم، وهو خشبة طويلة تضرب بأصغرَ منها، وسيأتي الحديث مبسوطًا في الباب الآتي. (أمر بلال) بالضمِّ أي: أمره النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه الآمر الناهي. (أن يشفع الأذان) يعني يأتي بمعظم ألفاظه مثنى، إذ التكبير في أوَّله أربع، ولا إله إلا الله في آخره مفرد. (وأن يوتر الإقامة) وهي إعلامٌ بالشروع في الصلاة بألفاظ مخصوصة (¬1)، والمرادُ بإيتارها: أن يأتيَ بمعظم ألفاظها مفردًا، إذ التكبير في أوَّلها اثنان، ولفظ: (الإقامة) في أثنائها كذلك كما صرَّح به في الباب الآتي، وإنَّما كرر لفظها؛ لأنَّه المقصود فيها، وأما تكرير التكبير فهو تثنيةٌ صورةً لكنه مفرد حكمًا، ولذلك يستحب أن يقال ¬

_ (¬1) الإقامة: بمعنى: التمام والكمال، وقد قامت الصلاة: قام أهلها، أو حان قيامهم، وأقام الصلاة إقامةً وإقامًا، ومن كلام العرب: ما أدرى أأذَّنَ أو أقام، يعنون أنهم لم يعتدوا أذانه أذانًا، ولا إقامته إقامة؛ لأنه لم يوفِ ذلك حقه، ولو قالوها بـ (أم) لأثبتوا أحدهما لا محالة. انظر: مادة (قوم) في: "الصحاح" 5/ 2017، و"اللسان" 6/ 3781 - 3782 و"القاموس" 1152.

اللفظان بنفس واحد، وإنما ثُنِّي الأذان؛ لأنه إعلام للغائبين، وأفردت الإقامة؛ لأنها إعلام للحاضرين. 604 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: كَانَ المُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ اليَهُودِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَوَلا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلاةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بِلالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاةِ". [مسلم: 377 - فتح: 2/ 77] (عبد الرزاق) أي: ابن همَّام. (فيتحينون الصلاة) بحاءٍ مهملة، وتحتية مشددة، ثم نون، من الحين: وهو الوقت أي: يقدرون أحيانها، ليأتوا إليها في أوقاتها، وفي نسخة: "فيتحينون للصلاة". (ليس ينادى لها) بفتح الدال، قال ابن مالك: هو شاهد على جواز استعمال ليس حرفًا لا اسم لها، ولا خبر، ويحتمل: أن اسمها ضمير الشأن، والجملة بعدها خبر (¬1). (فتكلَّمُوا) أي: الصحابة. (اتخذوا) بكسر الخاءِ. (بل بوقًا) بضمِّ الباءِ. (مثل قرن اليهود) أي: الذي ينفخ فيه، ولا ينافي هذا ما مرَّ من كون النار لليهود لجواز أن لهم الأمرين. (أَوَلا تبعثون؟) بهمزة الاستفهام، والوا وللعطف على مقدر أي: أتقولون بموافقتهم ولا تبعثون؟ (رجلًا) زاد في نسخة: "منكم". وفي الحديث: منقبة عظيمةٌ لعمرَ في إصابته الصواب، والتشاور في ¬

_ (¬1) قال ابن مالك: هو شاهد على استعمال "ليس" حرفًا لا اسم لها ولا خبر، أشار إلى ذلك سيبويه، وحمل عليه قول بعض العرب: (ليس الطيب إلا المسك). بالرفع. انظر: "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الصحيح" ص 199.

2 - باب: الأذان مثنى مثنى

الأمور المهمة، وأن كلًّا يقول ما عنده؛ ليفعل صاحب الأمر ما فيه المصلحة. 2 - بَابٌ: الأَذَانُ مَثْنَى مَثْنَى (باب: الأذان مثنى مثنى) أي: اثنين اثنين، ولفظ: (مثنى) الثاني ساقط من نسخة. 605 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: "أُمِرَ بِلالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ، إلا الإِقَامَةَ". [انظر: 603 - مسلم: 378 - فتح: 2/ 82] (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (قال: أمر) في نسخة: "قال: قال أمر". (وأن يوتر) في نسخة: "ويوتر". (إلا الإقامة) أي: لفظها وهي قد قامت الصلاة، فإنه تشفع. 606 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ" قَالَ: "ذَكَرُوا أَنْ يَعْلَمُوا وَقْتَ الصَّلاةِ بِشَيْءٍ يَعْرِفُونَهُ، فَذَكَرُوا أَنْ يُورُوا نَارًا، أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا فَأُمِرَ بِلالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ". [انظر: 603 - مسلم: 378 - فتح: 2/ 82] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد" وزاد في أخرى: "هو ابن سلام". (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا" وفي أخرى: "قال: حدثني". (عبد الوهاب) زاد في نسخة: "الثقفي". (قال أخبرنا خالد) في نسخة: "قال حدثنا خالد". (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد. (قال: لما كثر الناس قال: ذكروا) جواب لمَّا: "ذكروا"، ولفظ: "قال" قبله زائد؛ لتأكيد (قال) الأولى. (أن يعلموا) بضمِّ الياءِ وسكون العين. (يوروا) أي: يوقدوا ويشعلوا من أوريت النار أشعلتها. وليس في هذا الحديث حجة لمن أفرد الإقامة حيث لم يستثنها، لأن المطلق يحمل على المقيد وهو باقي الأحاديث .......

3 - باب: الإقامة واحدة، إلا قوله قد قامت الصلاة

3 - بَابٌ: الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ، إلا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ (باب: الإقامة واحدة) أي: ألفاظها فرادى. (إلا قوله: قد قامت الصلاة) فلا يكون واحدًا، بل مثنى. 607 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "أُمِرَ بِلالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ" قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَذَكَرْتُ لِأَيُّوبَ، فَقَالَ: "إلا الإِقَامَةَ". [انظر: 603 - مسلم: 378 - فتح: 3/ 83] (علي بن عبد الله) أي: بن جعفر المديني. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (فذكرت) في نسخة: "فذكرته" أي: حديث خالد. (فقال: (إلا الإقامة) أي: زاد أيوب في آخر الحديث هذا الاستثناء، وهو ثقة، وزيادة الثقة مقبولة (¬1)، ففيها: رد على من قال: إن لفظ الإقامة لا يشفع. ¬

_ (¬1) زيادة الثقة: هي انفراد الراوي الضابط الثقة للحديث بزيادة، فيه لم يذكرها بقية الرواة عن شيخ لهم، وهذه الزيادة، قد تكون موضحة للمعنى، أو مفيدة لحكم شرعي. ولها حالتان: الأولى: أن تكون الزيادة، مخالفة للحديث الذي رواه ثقة آخر، أو ثقات ويمكن الجمع بينها، كحديث "جعلت الأرض مسجدًا وطهورا" رواه مسلم وقد انفرد أبو مالك الأشجعي فقال: "وتربتها طهورًا" وقد أخذ بهذه الزيادة الشافعي وأحمد فقالوا: التيمم يختص بالتراب وهذه الزيادة مقبولة. والثانية: أن تكون الزيادة منافية لرواية الأوثق والأكثر عددًا مثل: "يوم عرفة وأيام التشريق أيام كل وشرب"، "فيوم عرفة" زيادة مخالفة للمحفوظ وهو أيام التشريق أيام أكل وشرب، وهذه الزيادة مردودة- والله أعلم. انظر: "تدريب الراوي" 1/ 310 - 311.

4 - باب فضل التأذين

4 - بَابُ فَضْلِ التَّأْذِينِ (باب: فضل التأذين) أي: الأذان. 608 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وَلَهُ ضُرَاطٌ، حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْويبَ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى". [1222، 1231، 1232، 3285 - مسلم: 389 - فتح: 2/ 84] (أن رسولَ الله) في نسخة: "أن النبي". (له ضراط) يشغل نفسه به عن سماع الأذان، والجملة حال وإن لم يكن بواو؛ اكتفاءً بالضمير (¬1) كما في {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36] وفي نسخة: "وله ضراط" بالواو. (حتى لا يسمع) أي: كي لا يسمع التأذين؛ لما اشتمل عليه من قواعد الدين وإظهار شرائع الإسلام. (فإذا قَضى النداءَ) أي: الأذان، وهو بالنصب: إن قُرِئ (قضى) بالبناءِ للفاعلِ، وبالرفع: إن قرئ بالبناءِ للمفعول والفاعل على الأول ضمير يرجع إلى المؤذن، وما ذكر من أن التأذين والأذان والنداء واحد هو بالنظر للمراد، وإلا فالنداءُ أعمُّ من الأذان والتأذين. والأذان أعمُّ من التأذين؛ لأن التأذين تفعيل يشمل جميع ما يصدر من المؤذن، من قولٍ وفعلٍ وهيئةٍ ونيةٍ، والأذان يفعل بدون الثلاثة الأخيرة. (حتى إذا ثوب بالصلاة) أي: أقام لها، بمعنى شرع في إقامتها. (قضى التثويب) بالبناءِ ¬

_ (¬1) لأن الجملة الاسمية الواقعة حالًا إذا كانت بالضمير يجوز أن يكتفى به، ويجوز أن تكون بعد الواو.

5 - باب رفع الصوت بالنداء

للفاعل وللمفعول. (حتَّى يخطر) بكسر الطاء، أي: يوسوس، وبضمها: أي: يمرُّ. (اذكر كذا اذكر كذا) في نسخة: "اذكر كذا أو اذكر كذا". (لما لم يكن يذكر) أي: لشيءٍ لم يكن يذكره في غير الصلاة. (حتى يظل الرجل) بفتح الظاءِ المعجمة أي: يصير، وفي نسخة: "حتى يضِلَّ" بكسر الضاد المعجمة، أي: ينسى، وترك هنا ذكر الضراط؛ اكتفاءً بذكره فيما مر. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث هروب الشيطان من الأذان، إذ لو لم يكن له فضل يتأذى منه الشيطان لم يهرب منه، ومن حصول هذا الفضل للتأذين يحصلُ أيضًا للمؤذن؛ لأنه الآتي به. 5 - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: "أَذِّنْ أَذَانًا سَمْحًا وَإِلَّا فَاعْتَزِلْنَا". (باب: رفع الصوت بالنداءِ) أي: ثواب رفعه بالأذان. (وقال عمر بن عبد العزيز) أي: لمؤذنه. (أنَّ أذانًا سمحًا) بسكون الميم، أي: سهلًا، أي: بلا نغمات وتطريب. 609 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِيِّ ثُمَّ المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، قَالَ لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ، أَوْ بَادِيَتِكَ، فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ: "لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ، جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ، إلا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [3296، 7548 - فتح: 2/ 87].

6 - باب ما يحقن بالأذان من الدماء

(والبادية) هي الصحراء التي لا عمارة فيها. (في غنمك) أي: معها، ففي للمصاحبة (¬1) نحو: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38]. (أو باديتك) في نسخة: "وباديتك" بغير شك. (بالصلاة) في نسخة: "للصلاة". (مدى صوت المؤذن) أي: غايته. (ولا شيءٌ) أي: من حيوان، أو جماد بأن يخلق الله تعالى فيه إدراكًا، والعطف فيه من عطف العائم على الخاصِّ. (إلا شهد له) في نسخة: "إلا يشهد له" والمراد: أنَّه يشهدُ له بالفضل وعلو الدرجة. (سمعته) أي: سمعت قوله، (فإنه لا يسمع .. إلخ)، فيكون ما قبله موقوفًا. (من رسول الله) في نسخة: "من النبيِّ". وفي الحديث: نَدْبُ الأذان للمنفرد، وأن يؤذِّنَ على مكان مرتفع؛ ليكون أبعد لذهاب الصوت، وأنَّ اتخاذ الغنم والمقام بالبادية من فعل السلفِ الصالح، وأنَّ الجنَ يسمعون أصوات بني آدم، وأن بعض الخلق يشهد لبعض يوم القيامة. 6 - بَابُ مَا يُحْقَنُ بِالأَذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ (باب: ما يحقن بالأذان من الدماء) أي: ما يمنع به منها. 610 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا، لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَخَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا رَكِبَ، وَرَكِبْتُ خَلْفَ أَبِي طَلْحَةَ، ¬

_ (¬1) مجيء (في) للمصاحبة أي بمعنى: مع قال به الكوفيون ووافقهم ابن قتيبة والزجاجي وابنا مالك وهشام، وجعلوا منه قوله تعالى: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} وظاهر كلام المصنف هنا: موافقة الكوفيين.

وَإِنَّ قَدَمِي لَتَمَسُّ قَدَمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَخَرَجُوا إِلَيْنَا بِمَكَاتِلِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ، فَلَمَّا رَأَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ، قَالَ: فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ} ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 2/ 89] (حدثنا قتيبة) في نسخة: "حدثني قتيبة" وفي أخرى: "قتيبة بن سعيد". (عن أنس بن مالك) في نسخة: "عن أنس". (أن النبيَّ) في نسخة: "عن النبيِّ". (كان) في نسخة: "أنه كان". (لم يكن يغزو) بواو بعد الزاي، وفي نسخة: "يغز" بدونها من الغزو فيهما، وذكر الواو في (يغزو) في الأولى على لغة (¬1)، وحذفها منه في الثانية: على أنَّه بدل من يكن، وفي أخرى: "يغير" بتحتية قبل الراءِ، وفي أخرى: "يغر" بدونها، من الإغارة فيهما، وفي أخرى: "يغز" بسكون الغين من الإغزاءِ، وفي أخرى: "يَعْدُدا بالدال من العدو. (أغار) أي: هجم على العدو من غير علم منهم. (قال) أي: أنس. (إليهم) أي: إلى أهل خيبر (بمكاتلهم) أي: قففهم. (ومساحيهم) أي: مجارفهم الحديد. (قالوا) في نسخة: "قال" أي: قائلهم. (محمد) أي: جاء محمد. (والخميس) أي: الجيش وهو برفع؛ عطف على (محمد)، وبالنصب؛ مفعول معه، وفي نسخة بدل (الخميس) "والجيش"، وسُمِّي بالخميس؛ لأنَّ له قلبًا وميمنةً، وميسرةً، ومقدمةً، وساقةً كما مرَّ. (قال: الله أكبر، الله أكبر، خربت خيبر) قاله بوحي، أو تفاؤلًا بما في أيديهم من آلة الهدم (بساحة قوم) أي: بفنائهم، وأصل الفناءٍ: الفضاءُ بين المنازل، أو في جوانبها، قال الجوهري: فناء الدار: ما امتدَّ من ¬

_ (¬1) وهي الأصل.

7 - باب ما يقول إذا سمع المنادي

جوانبها (¬1). (فساء صباح المنذرين) أي: فبئس الصباحُ صباحُهم، وإنَّما حقن الدم بالأذان؛ لأنَّ فيه الشهادتين. وفي الحديث: جوازُ الإرداف على الدابَّة المطيقة، والتكبير عند اللقاءِ بالعدوّ، والاستشهاد بالقرآن، لا في نحو ضرب الأمثال، وأنَّ الإغارة على العدو يستحب أن تكون أول النهارة لأنه وقت غفلتهم، بخلاف ملاقاة الجيوش، وأنَّ النطقَ بالشهادتين إسلامٌ. 7 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ المُنَادِي (باب: ما يقول) أي: الشخص. (إذا سمع المنادي) أي: المؤذن. 611 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّنُ". [مسلم: 383 - فتح: 2/ 90] (أخبرنا مالك) في نسخة: "حدثنا مالك". (إذا سمعتم النداء) أي: الأذان. (فقولوا مثل ما يقول المؤذن) بأن يقول السامع عقب كلّ كلمةٍ مثلَها، فإن لم يجبه حتَّى فرغ نُدِبَ له التداركُ إن لم يَطُلِ الفصل، كما بحثه النووي في "مجموعه" (¬2)، وقوله: (مثل ما يقول المؤذن) مثله ما يقول المقيم، واستثني من ذلك الحيعلتان (¬3) فيقولُ بدل كل منهما: (لا حول ولا قوة إلا بالله) كما يعلم مما يأتي. ¬

_ (¬1) "الصحاح" 6/ 2457. (¬2) "المجموع" 3/ 127. (¬3) الحيعلة: حكاية قول المؤذن: حي على الصلاة، حيّ على الفلاح، وهي من الألفاظ المنحوتة، نُحتت من حي على، قال ابن بَري: حَيْعَل الرجل، إذا =

والتثويب في الصبح فيقولُ في كلّ من كلمتيه صدقت وبررت، والإقامة: وهي قد قامت الصلاة فيقول في كلّ من كلمتيهما: (أقامها الله وأدامها). وقاضي الحاجة، والمجامع، والمصلّي فلا يجيبون، نعم يُندب للمصلي أن يجيب بعد فراغه إن قَصُرَ الفصل، والظاهر: أنَّ قاضي الحاجة والمجامع في هذا، كالمصلّي. 612 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاويَةَ يَوْمًا، فَقَالَ مِثْلَهُ، إِلَى قَوْلِهِ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى - نَحْوَهُ. [613، 914 - فتح: 2/ 90] (هشام) أي: الداستوائي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن محمد) في نسخة: "حدثنا محمد". (سمع معاوية) أي: ابن أبي سفيان. (يومًا) زاد في نسخة: "وسمع المؤذن" والمعنى: أن عيسى بن طلحة سمع معاوية وقد سمع المؤذن. (فقال مثله) أي: مثل قول المؤذن. (إلى قوله: وأشهد أن محمدًا رسول الله) أمَّا ما بعده فلا يقول مثله مطلقًا، بل يقول في الحيعلتين والتثويب ما مرَّ آنفًا، وفي الباقي مثل قوله، و (واو) و (أشهد): زائدة. (إسحق بن راهويه) لفظ: "ابن راهويه" ساقط من نسخة. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (نحوه) أي: نحو الحديث السابق. ¬

_ = قال: حي على الصلاة. وقال الشاعر: أقول لها ودمع العين جارٍ ... ألم تحْزُنْكِ حَيْعَلَةُ المنادي؟ انظر: "التهذيب". 1/ 55، "اللسان" 2/ 921، "والقاموس" 990.

613 - قَالَ يَحْيَى: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ إِخْوَانِنَا، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، قَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ"، وَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْنَا نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ. [انظر: 612 - فتح: 2/ 92] (وحدثني بعض إخواننا) قيل: هو الأوزاعي، وقيل: علقمة بن وقاص. (أنه) أي: بعض إخواننا. (قال: لما قال) أي: المؤذن. (حَيَّ على الصلاة) أي: هلم إليها. (قال) أي: معاوية. إلا حول ولا قوةَ إلا بالله) لم يذكر حكم (حَي على الفلاح) اكتفاءً بذكر حكم (حَيَّ علَى الصلاة) والفلاح: الفوز والنجاة والبقاء (¬1)، والمعنى: اقبلوا على سبب الفوز والنجاة من النار والبقاء في الجنة، والحول: الحركة، أي: لا حول إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، ويقال في التعبير عن ذلك: الحولقة والحوقلة. (وقال) أي: معاوية، وفي نسخة: "قال" وإنما لم يجب السامع في الحيعلتين؛ لأن معناهما: الدعاءُ إلى الصلاة، ولا معنى لقول السامع ذلك؛ لأن دعاء الناسِ إلى الصلاة سرًّا لا فائدة له، ¬

_ (¬1) الفلاح: الفوز والنجاة والبقاء في الخير والنعيم، وفلاح الدهر بقاؤه، قال ابن السكيت: الفَلَحُ والفلاح: البقاء، والفلاح: الفوز بما يُغتبط به، وفيه صلاح الحال. وأفلح الرجل: ظَفِرَ، وقوم أفلاحٌ: مفلحون فائزون. قال الخليل: الفلاح في الأذان بمعنى: هلم على بقاء الخير، وقيل: معناه: هلم إلى طريق النجاة والفوز، وقيل: عجل وأسرع إلا الفلاح، قيل: أقبل على النجاة، وقال ابن الأثير: وهو من أفلح، كالنجاح من أنجح، أي هلموا إلى سبب البقاء في الجنة والفوز بها وهو الصلاة في الجماعة، وقال الزبيدي: فليس في كلام العرب كله أجمع من لفظة الفلاح لخَيْري الدنيا والآخرة، كما قال أئمة اللسان انظر مادة (فلح) في "الصحاح" 1/ 392، "واللسان" 6/ 3458، "والقاموس" 234.

8 - باب الدعاء عند النداء

بل يجعل مكانه الحولقة؛ لأنَّها كنز من كنوز الجنة، فعوضها السامع عمَّا يفوته من ثواب الحيعلتين. 8 - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ (باب: الدعاء عند النداء) أي: الأذان. 614 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ". [4719 - فتح: 2/ 94] (حين يسمع) أي: حين يفرغ من سماع أذانه. (الدعوة) بفتح الدَّال وكسرها: ما يدعى إليه، ويقال بفتحها: الدعاء إلى الطعام، وبكسرها في النسب، وبضمها في الحرب، والمراد بها هنا: ألفاظ الأذان التي يُدعى بها إلا الصلاةِ. (التامَّة) وصفت بالتمام، لما مرَّ من أنها جامعةٌ للعقائد بتمامها. (والصلاة القائمة) أي: التي ستقام. (الوسيلة) منزلة في الجنة (¬1). (والفضيلة) هي المرتبة الزائدة على الخلق. (مقامًا) مفعولٌ به لابعثه، بتضمينه معنى: أعطه، أو مفعول فيه، أي: أقمه في مقام محمود، أو حال، أي: ابعثه ذا مقام محمود. ونكر مع أنَّه معين لأنَّه أفخم، كأنه قيل: مقامًا أي: مقام محمود بكل لسان، والأكثر على أن المراد ¬

_ (¬1) دل على ذلك ما رواه ابن حبان 4/ 589 (11619) كتاب: الصلاة، باب: الأذان. والبيهقي 1/ 409 كتاب: الصلاة، باب: ما يقول إذا فرغ من ذلك.

9 - باب الاستهام في الأذان

بالمقام المحمود: الشفاعة (¬1)، وقيل: إجلاسه على العرش (¬2)، وقيل: على الكرسي، وفائدة الدعاء له بذلك مع أن الله وعده به وهو لا يخلف الميعاد: طلب الدوام والإشارة إلى ندب دعاء الشخص لغيره. (محمودًا) أي: مقامًا يحمده فيه الأولون والآخرون. (الذي وعدته) بقوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} وهو منصوب على البدل من (مقامًا)، أو على المدح، أو مرفوع بتقدير هو. (له) أي: عليه. (شفاعتي) سواءٌ كان القائل صالحًا أم طالحًا، فالشفاعة تكون؛ لزيادة الثواب، وإسقاط العقاب، ففيه: حجة على المعتزلة حيث خصصوها بالصالح؛ لزيادة الثواب. 9 - بَابُ الاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ وَيُذْكَرُ: "أَنَّ أَقْوَامًا اخْتَلَفُوا فِي الأَذَانِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ". (باب: الاستهام في الأذان) أي: الاقتراع فيه، أي: في منصبه؛ ليتقدم إليه من خرجت قرعته. (فأقرع بينهم سعد) أي: سعد بن أبي وقاص، وكان ذلك عند فتح القادسية في خلافة عمر بن الخطاب، وكان سعدٌ يومئذٍ أميرًا على الناس، والقادسية: قرية على طريق الحاج على مرحلة من الكوفة. ¬

_ (¬1) دل على ذلك ما سيأتي برقم (4718) كتاب: التفسير، باب: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}. (¬2) قال ابن حجر في "الفتح"2/ 95: قيل: إجلاسه على العرش، وقيل: على الكرسي، وحكى كلا من القولين عن جماعة، وعلى تقدير الصحة لا ينافي الأول لاحتمال أن يكون الإجلاسُ علامةَ الإذن في الشفاعة.

615 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا". [654، 721، 3689 - مسلم: 437 - فتح: 2/ 96] (عن سُمي) بضم المهملة، وفتح الميم، وتشديد التحتية. (عن أبي صالح) الزيات. (لو يعلم الناس) وضع المضارع موضع الماضي؛ ليفيد استمرار العلم. (ما في النداءِ والصف الأول) مفعول (يعلم)، وأبهم فيه الفضيلة؛ ليفيد ضربًا من المبالغة، وإنَّه مما لا يدخل تحت الوصف. (لا يجدون) في نسخة: "لم يجدوا"، وفي أخرى: "لا يجدوا" بحذف النون، وهو ثابت لغةً، وإن كان قليلًا (¬1). (إلا أن يستهموا) أي يقترعوا. ¬

_ (¬1) جاء ذلك بحذف النون من الفعل مع (لا) النافية، ومثله قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا" وقيل في تخريج مثل ذلك أقوال: 1 - أن حذف النون لغة معروفة صحيحة نصَّ عليها النووي -رحمه الله- والسجاعي في حاشيته على "قطر الندى". ولعلَّ هذا ما قصده المصنف بقوله: وهو ثابتٌ لغة. 2 - أنَّ حذف النون هنا لمجرد التخفيف، وهذا ثابتٌ في الكلام الفصيح. 3 - أنَّ (لا) النافية عملت الجزم حملًا على (لم) الجازمة. 4 - أنَّ (لا) النافية عملت الجزم حملًا على (لا) الناهية. 5 - أنَّ حذف النون نوع من الضرورة النثرية، جاءت على نسق الضرورة الشعرية. وهناك أحاديث أخرى جاءت على هلذه الصورة أي: على حذف النون من الفعل من غير سبب نحوي ظاهر. منها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وأصبحوا يعلمونا كتاب الله". =

(عليه) أي: على كل من الأذانِ والصف. (لاستهموا) أي: عليه، والمعنى: أنهم لو علموا فضيلة الأذان والصف الأول وعظيم جزائها ثم لا يجدون طريقًا يحصلونهما به؛ لضيق الوقت، أو لكونه لا يؤذِّن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيلهما وأتى بثُمَّ؛ ليفيد تراخي رتبة الاستهام عن العلم. (ما في التهجير) أي: التبكير بكلِّ صَلاة، ولا يعارضه بالنسبة إلى الظهر الإبراد به؛ لأنَّه تأخير قليل، والتهجير يمتد إلى قرب العصر. (ولو يعلمون ما في العتمة والصبح) العتمة: صلاة العشاء أي: لو يعلمون ما في ثواب أدائها. (لأتوهما ولو حبوًا) أي: ولو كانوا حابين، من حبي الصبي إذا مشى على أربع، أي: يديه ورجليه، ويقال: يديه وركبتيه، ويقال: إذا مشى على يديه واسته. وفي الحديث: الحث على منصب الأذان والصفِّ الأول، والتهجير للصلاة والعتمة والصبح لما فيها من الفضائل؛ ولما في العتمة والصبح من المشقة على النفوس، وفيه: مشروعيةُ القرعة، وتسمية العشاء عتمة، وإن ورد النهيُ عنها (¬1)، فهذا لبيان أنَّ النهيَ ليسَ ¬

_ = - وقول عقبة بن عامر للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنك تبعثنا فتنزل بقوم لا يَقْرُونا. - وقول ابن عباس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر لعائشة: بلغنا أنك تصليهما. - وقول مسروق لعائشة: لِمَ تأذني له. - وقول عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله كيف يسمعوا؟ وأنى يجيبوا؟ ويمكن تخريج هذه الأحاديث ببعض ما خُرِّج عليه الحديث الأول. (¬1) رواه النسائي 2/ 270 كتاب: المواقيت، باب: كراهية تسمية العشاء بالعتمة، وابن ماجه (704) كتاب: الصلاة، باب: النهي أن يقال: صلاة العتمة، وقال البوصيري في الزوائد: هذا إسناد صحيح. وقال الألباني في "صحيح الجامع الصغير": صحيح (7375).

10 - باب الكلام في الأذان

للتحريم، فهوَ؛ لبيانِ الجواز، أو لدفعِ توهمِ أن يراد بالعشاءِ المغرب؛ لأنَّهم كانوا يسمونها عشاء فيفسدُ بذلك المعنى. فاستعمل العتمة التي لا يشكون فيهَا دفعًا لأعظم المفسدتين بأخفِّهما. 10 - بَابُ الكَلامِ فِي الأَذَانِ وَتَكَلَّمَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ فِي أَذَانِهِ وَقَالَ الحَسَنُ: "لَا بَأْسَ أَنْ يَضْحَكَ وَهُوَ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ". (باب: الكلام في الأذان) أي: جوازه فيه. (سليمان بن صرد) بضمِّ الصادِ، وفتح الراءِ، وبدالٍ مهملة، وكنيته: سليمان أبو المطرف. (لا بأس أن يضحك). وجه مطابقته للترجمة: أنه إذا جاز الضحك في الأذان والإقامة، فجواز الكلام فيهما أولى 616 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَعَبْدِ الحَمِيدِ، صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ رَدْغٍ، فَلَمَّا بَلَغَ المُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ "الصَّلاةُ فِي الرِّحَالِ"، فَنَظَرَ القَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: "فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ". [668، 901 - مسلم: 699 - فتح: 2/ 97] (حمَّاد) أي: ابن زيد. (عن أيوب) أي: السختياني. (وعبد الحميد) أي: ابن دينار. (في يوم ردغٍ) بالإضافة وبدونها (¬1)، بجعل (ردغ) صفة ليوم أي: ¬

_ (¬1) بالإضافة أي: في يومِ ردغٍ لأنَّ الإضافةَ تمنع التنوين، وبدون الإضافة أي: في يومٍ ردغٍ.

11 - باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره

يوم ذي ردغ، وهو بفتح الراءِ، وسكون الدَّال المهملة أو فتحها، وإعجام الغين أي: وحل شديد، وفي نسخة: "رزغ" بزاي بدل الدَّال، أي: غيم بارد، أو مطر. (فلما بلغ المؤذن حيَّ على الصلاة) أي: أراد أن يقولها. (أن ينادي: الصلاةَ) بنصبها بمحذوف أي: صلُّوا أو أدُّوا، ويجوز رفعها مبتدأ خبره (في الرحال) أي: المنازل، والمرادُ: أن يأتي بذلك بدل الحيعليتن، إما في محلهما وإما بعده كما قاله النوويُّ قال: والأمران جائزان -كما نص عليهما الشافعيُّ- لكن بعده أحسن؛ ليتمَّ نظم الأذان (¬1). (فنظر القومُ بعضهم إلى بعض) أي: كأنهم أنكروا تغيير الأذان، وتبديل الحيعليتن بذلك. (من هو خير منه) أي: من ابن عباس، وفي نسخة: "مني" وفي أخرى: "منهم" أي: من المؤذن والقوم (وإنها) أي: الجمعة، كما دلَّ عليه (خَطَبَنَا). (عزمةٌ) بسكون الزاي، أي: واجبة، فلو قال المؤذن: حَيّ على الصلاةِ لتكلفتم المجيء إليها، ولحقتكم المشقة. وفي الحديث: جواز التخلف عن الجمعة؛ لعذر، وتخفيف أمر الجماعة في المطر أو نحوه. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أنه لمَّا جازت الزيادة المذكورة في الأذان للحاجة إليها، دلَّ ذلك على جواز الكلام في الأذان لمن يحتاج إليه. 11 - بَابُ أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ (باب: أذان الأعَمى إذا كان له من يخبره) أي: بدخول الوقت. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 5/ 207.

12 - باب الأذان بعد الفجر

617 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ بِلاَلًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»، ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى، لاَ يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. [620، 623، 1918، 2656، 7248 - مسلم: 1092 - فتح: 2/ 99] (حتى ينادي) أي: إلى أن يؤذن. (ابن أم مكتوم) هو: عمرو، أو عبد الله بن قيس بن زائدة، وأُمُّ مكتوم، اسمها: عاتكة بنت عبد الله المخزومية. (قال: وكان) في نسخة: "ثم قال: فكان". (أصبحت أصبحت) أي: دخلت في الصباح، فهي تامة تكتفي بمرفوعها. وكررها؛ للتأكيد. وفي الحديث: الوصف بالعيب لتعريف أو مصلحة، واتخاذ مؤذنَيْنِ للصبح، يؤذن أحدهما قبل الفجر والآخر بعده، وأن أذان الأعمى لا يكره إذا كان معه بصير، وجواز نسبة الرجل لأمه إذا كان يعرف بها، وتكرار اللفظ؛ للتأكيد، وتكنية المرأة، والأذان قبل الوقت في الصبح، والأكل ونحوه إلى الفجر، واعتماد صوت المؤذن، واستحباب السحور وتأخيره. 12 - بَابُ الأَذَانِ بَعْدَ الفَجْرِ (باب: الأذان بعد الفجر) أي: بعد طلوعه. (إذا اعتكف المؤذن للصبح) أي: مكث وجلس ينتظر؛ الصبح ليؤذن، وفي نسخة: "اعتكف وأذن المؤذن" فعليها ضمير (اعتكف) راجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي أخرى: "إذا أذن المؤذن". (وبدا) بغيرهم، أي: ظهر والواو للحال. (صلَّى) جواب (إذا)، أي: صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -

13 - باب الأذان قبل الفجر

618 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ المُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ، وَبَدَا الصُّبْحُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلاةُ". [626، 994، 1123، 1159، 1160، 1161، 1168، 1169، 1170، 1171، 6310 - مسلم: 724 - فتح: 2/ 101] (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير (عن أبي سلمة) هو ابن عبد الرحمن بن عوف. (عن عائشة كان) في نسخة: "عن عائشة قالت: كان" وفي أخرى: "أنَّها قالت: كان". 619 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ" [انظر: 617 - مسلم: 1092 - فتح: 2/ 101] (أخبرنا مالك) في نسخة: "حدثنا مالك". (أن بلالًا ينادي) أي: "يؤذن" كما في نسخة. (حتى ينادي ابن أم مكتوم). قيل: لا مطابقة بين الترجمة والحديث؛ إذ لو كان أذانه بعد الفجر لما جاز الأكل إلى أذانه. وأجيب: بأن أذانه كان علامة على أن الأكل صار حرامًا. 13 - باب الأذانِ قَبْلَ الفَجْرِ. (باب: الأذان قبل الفجر) أي: هل هو مشروع أولًا؟ وبتقدير أنه مشروع هل يكتفي به أولًا؟ 621 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ - أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ - أَذَانُ بِلالٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ يُنَادِي بِلَيْلٍ - لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الفَجْرُ - أَو الصُّبْحُ -" وَقَالَ

بِأَصَابِعِهِ وَرَفَعَهَا إِلَى فَوْقُ وَطَأْطَأَ إِلَى أَسْفَلُ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا وَقَالَ زُهَيْرٌ: "بِسَبَّابَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الأُخْرَى، ثُمَّ مَدَّهَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ". [5298، 7247 - مسلم: 1093 - فتح: 2/ 103] (أحمد بن يونس) نسبة لجدّه، وإلا فهو أحمد بن عبد الله بن قيس. (زهير) هو ابن معاوية الجعفي. (أو أحدًا) والشكُّ من الروي. (ليرجع) بفتح التحتية، وكسر الجيم المخففة من الرجع، أي: الرد، أو من الرجوع. (قائمكم) برفعه بالفاعلية على الثاني، وبنصبه بالمفعولية على الأول، والفاعل ضمير الأذان. [أي: ليرد الأذان متهجدكم؛ لينام لحظة؛ ليصبح نشيطًا ويتسحر إن أراد الصيام] (¬1) (ولينبه) أي: يوقظ. (نائمكم) أي: ليتأهب للصلاة بالغسل ونحوه. (وليس) من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. (أن يقول) بالخطاب وبالغيبة، خبر ليس واسمها (الفجر أو الصبح) على الشكّ من الراوي، أي: وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ليس الفجر، أو الصبح أن يقول الشخص هكذا. (وقال) أي: وأشار. (بأصابعه) في نسخة: "بإصبعه". (ورفعها) في نسخة: "بأصبعيه ورفعهما" (إلى فوق) بالضمِّ على البناء، وفي نسخة: "إلى فوقٍ" بالجرِّ والتنوين. (وطأطأ) أي: خفض أصابعه. (إلى أسفل) بالضم وبالنصب؛ لأنَّه غير منصرف، وأشار بذلك إلى الفجر الكاذب، وهو الضوء [المستطيل] (¬2) من العلو إلى السفل ثم يذهب وتعقبه ظلمة، ثم يطلع الفجر الصادق، وإليه أشار بقوله: حتَّى يقول أي: يظهر. (هكذا) وأشار إلى تفسيره بقوله. (وقال زهير) أي: أشار. (بسبابتيه، إحداهما فوق الأخرى، ثم مدَّهما عن يمينه وشماله) ظاهره: أنه مدَّهما ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

مجتمعين يمينًا ويسارًا، لكن قال شيخنا: كأنه جمع بين إصبعيه ثم فرقهما ليحكي صفة الفجر الصادق؛ لأنه يطلع معترضًا، ثم يعود الأفق ذاهبًا يمينًا وشمالًا، وما قاله من التعليل لا يقتضي تفريقهما، وسمي صادقًا؛ لأنه يصدق عن الصبح ويبينه (¬1). 622، 623 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ح وَحَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عِيسَى المَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ بِلالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ". حديث 622 - [1919 - مسلم: 1092 - فتح: 2/ 104] حديث 623 - [انظر 617 - مسلم: 1092 - فتح: 2/ 104] (حدثنا إسحق) في نسخة: "حدثني إسحق" وهو إسحق بن إبراهيم بن راهويه، وقيل: إسحق بن منصور الكوسج. وقيل إسحق بن نصر السعدي. (أبو أسامة) اسمه: حماد. (قال: عبيد الله) أي: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب. (حدثنا) في نسخة: "أخبرنا". (عن القاسم بن محمد) أي: ابن أبي بكر الصديق. (وعن نافع) عطفٌ على عن القاسم، وربما كتب فيه (ح) للتحويل. (أن النبيَّ) في نسخة: "أن رسول الله" (ح) للتحويل. (قال) أي: البخاريُّ. (يوسف بن عيسى المروزي) لفظ: (المروزي) ساقط من نسخة. (الفضل) في نسخة: "الفضل بن موسى"، وفي أخرى: "الفضل يعني بن موسى". (حتَّى يؤذن) في نسخة: "حتى ينادي". ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 105.

14 - باب: كم بين الأذان والإقامة، ومن ينتظر الإقامة؟

14 - بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ؟ (باب: كم بين الأذان والإقامة) أي: بيان كم ساعة أو نحوها بين الأذان والإقامة، (و) بيان حكم من ينتظر إقامة الصلاة وهذا ساقط من نسخة اكتفاء عنه بترجمة الباب الآتي. 624 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ، ثَلاثًا لِمَنْ شَاءَ". [627 - مسلم: 838 - فتح: 2/ 106] (إسحق) أي: ابن شاهين. (خالد) أي: عبد الله الطحان. (الجريري) بضم الجيم، أي: سعيد بن إياس. (بين كل أذانين صلاة) أي: صلاة نفلٍ، والمراد بهما: الأذان والإقامة ففيه: تغليب، وإنَّما لم يجز ذلك على ظاهره؛ لأنَّ الصلاة بين الأذانين مفروضةٌ، والخبر ناطقٌ بالتخيير؛ لقوله بعد: "لمن شاء". (ثلاثًا) أي: قال ذلك ثلاث مرَّات. 625 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الأَنْصَارِيَّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "كَانَ المُؤَذِّنُ إِذَا أَذَّنَ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ، حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ كَذَلِكَ، يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ المَغْرِبِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ شَيْءٌ"، قَالَ عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ، وَأَبُو دَاوُدَ: عَنْ شُعْبَةَ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلا قَلِيلٌ. [انظر: 503 - مسلم: 837 - فتح: 2/ 106] (إذا أذَّن المؤذِّن) أي: للمغرب، كما صرَّح به في نسخة بلفظ: "إذا أخذ المؤذن في أذان المغرب". (يبتدرون السواري) أي: يتسارعون إليها، ويستبقون للاستتار بها ممن يمرُّ بين أيديهم؛ لكونهم يصلُّون فرادى. (حتَّى يخرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أي: من بيته إليهم. (وهم كذلك) أي:

15 - باب من انتظر الإقامة

في الابتدار والانتظار، وفي نسخة: "وهي كذلك" أي: كما يقال: الرجال فعلت. (ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء) أي: زمن كثير يسع أكثر من صلاة نافلة، أخذًا من مفهوم التقييد بعد بالقليل، فلا ينافي ما هنا الحديث السابق، مع أنّ ما هنا نافٍ، وما سبق مثبت. والمثبت مقدم على النافي، أو ما هنا قول أنس، وما سبق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مقدم على قول سائر الناس، وقد اختلف في صلاة الركعتين قبل المغرب، فقيل: جائزة، وقيل: بدعة ولأصحابنا وجهان: أشهرهما لا يندب، وأصحهما يندب. (قال عثمان) في نسخة: "قال أبو عبد الله: وقال عثمان". (جبلة) بفتح الجيم وتالييها: ابن أبي داود. (وأبو داود) أي: سليمان الطيالسي. (لم يكن بينهما إلا قليل) تقييد لما سبق كما مرَّ بيانه. 15 - بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ (باب: من انتظر الإقامة) يعني: بيان فَضيلة انتظار إقامة الصلاة بعد سماع الأذان. 626 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَكَتَ المُؤَذِّنُ بِالأُولَى مِنْ صَلاةِ الفَجْرِ قَامَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ الفَجْرِ، بَعْدَ أَنْ يَسْتَبِينَ الفَجْرُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ المُؤَذِّنُ لِلْإِقَامَةِ". [انظر: 619 - مسلم: 724، 736 - فتح: 2/ 109] (أخبرنا شعيب) في نسخة: "حدثنا شعيب" أي: ابن أبي حمرة. (أخبرني عروة) في نسخة: "أخبرنا عروة". (إذا سكت) بفوقية من السكوت، وبموحدة من السكب: وهو

16 - باب: بين كل أذانين صلاة لمن شاء

الصبُّ والإفراغ. (المؤذن بالأولى) أي: بالمناداة الأولى؛ إذ الثانية هي الإقامة، أو بالساعة الأولى، أو الباء متعلِّقة بالمؤذن أوبـ (سكت)، وهي بمعنى عن إن علقت بـ (سكت) بالفوقية، وزائدة إن علقت بـ (سكب) بالموحدة، إذ أصله من سكب الماء وهو صبه، أي: صب الأذان وأفرغه في الآذان. (قام) جواب (إذا)، أي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (فركع) في نسخة: "يركع". (يستبين) بموحدة ونون، وفي نسخة: "يستنير" بنون وراء، وفي أخرى: "يستيقن" بقاف ونون. (ثم اضطجع) أي: في بيته. (على شقِّه الأيمن) إنَّما أعتمده؛ لئلا يستغرق في النوم إذ القلب في الشقِّ الأيسر، فبالنوم عليه يسكن ويستريح فيستغرق في النوم، ولأنه أسهل لانحدار الثفل إلى أسفل، فيصير سببًا لدغدغة قضاء الحاجة، فينتبه بسرعة. وفي الحديث: استحبابُ تخفيف سنة الفجر، والاضطجاع على الأيمن عند النوم، وإتيان المؤذن للإمام الراتب، وإعلامه بحضور الصلاة. 16 - بَابٌ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ لِمَنْ شَاءَ (باب: بين كلِّ أذانين صلاة لمن شاء) تقدم بيان ذلك. 627 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ"، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: "لِمَنْ شَاءَ". [انظر: 624 - مسلم: 838 - فتح: 2/ 110] (قال: حدثنا) في نسخة: "قال: أخبرنا". (مغَفَّل) بفتح المعجمة، والفاءِ المشددة.

17 - باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد

(بين كل أذانين صلاة) في نسخة: "بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" مرتين. (ثُمَّ قال في الثالثة: (لمن شاء) لا يتقيد قوله: "لمن شاء" بالثالثة، بل يجري في الأوليين أيضًا بقرينة قوله في باب: كم بين الأذان والإقامة (¬1) بين كل أذانين صلاة ثلاثًا لمن شاء. 17 - بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ (باب: من قال ليؤذن في السفر مؤذِّنٌ واحدٌ) أي: بيان ندب كون المؤذن واحدًا في الصبح وغيرها، وذكر السفر مثال تبع فيه ما ذكره في الباب الآتي، وإلا فالحضر كذلك، والتأذين جماعة إنما أحدثه بنو أمية. 628 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا، قَالَ: "ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ، وَصَلُّوا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ". [630، 631، 658، 685، 815، 819، 2848، 6008، 7246 - مسلم: 674 - فتح: 2/ 110] (أيوب) أي: السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد. (أتيت) في نسخة: "قال: أتيت". (قومي) هم بنو ليث بن بكر. (رحيمًا) أي: بالمؤمنين. (رفيقًا) أي: بهم، وهو بفاءٍ ثم قاف من الرفق، وفي نسخة: "رقيقًا" بقافين من الرقة، أي: رقيق القلب. (إلى ¬

_ (¬1) سبق برقم (624) كتاب: الأذان، باب: كم الأذان والإقامة.

18 - باب الأذان للمسافر، إذا كانوا جماعة، والإقامة، وكذلك بعرفة وجمع

أهالينا) في نسخة: "إلى أهلينا"، والأهل من النوادر، حيث جمع بالواو والنون فيقال: أهلون وبالألف والتاء فيقال: الأهلات، وتكسيرًا فيقال: أهالى. (وليؤمَّكم أكبركم) أي: سنًّا في الإسلام، وإنما قدم مع أن الأفقه، ثم الأقرأ، ثم الأورع مقدمون عليه؛ لأنَّ النفر مكثوا عنده - صلى الله عليه وسلم - نحو عشرين ليلة، فاستووا في الأخذ عنه عادة، فلم يبق ما يقدم إلا به السنُّ. وهذا مستحبٌّ، فالصارف للأمر عن الوجوب الإجماعُ. وفي الحديث: الحث على الأذان والجماعة، وتقديم الأسنِّ عند الاستواءِ فيما مر، واستدل به على تفضيلِ الإمامةِ على الأذان؛ لقوله في الأذان: (أحدكم) وفي الإمامة: (أكبركم). 18 - بَابُ الأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ، إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً، وَالإِقَامَةِ، وَكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ وَقَوْلِ المُؤَذِّنِ: الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ، فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ أَوِ المَطِيرَةِ. (باب: الأذان للمسافر) أي: بيان حكمه، وفي نسخة: "للمسافرين". (إذا كانوا جماعة، والإقامة) بالجرِّ عطفٌ على الأذان. (وكذلك) أي: الأذان. (بعرفة) هي على المشهور: الزمان وهو تاسع ذي الحجة، لكن المراد هنا: مكان الوقوف. (وجمع) بالجر عطفٌ على عرفة وهو مزدلفة، وسمى جمعًا؛ لاجتماع الناس إليها ليلة العيد. (وقولِ المؤذنِ) بالجر عطفٌ على الأذان. (الصلاة) بالنصب أي: أدُّوها، وبالرفع: أي: مبتدأ خبره (في الرحال) أي: المنازل. (أو المطيرة) بفتح الميم فعيلة من. المطر، أي: فيها فحذفت صلتها، وإسناد

المطر إلى الليلة مجاز، وأو للتنويع لا للشكِّ. 629 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ المُهَاجِرِ أَبِي الحَسَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ المُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ"، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ"، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ" حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ". [انظر: 535 - مسلم: 616 - فتح: 2/ 111] (ساوى الظلُّ التلول) أي: صار الظل مساوي التل، أي: مثله (رجلان) هما: مالك بنُ الحويرث الراويُّ، ورفيقه الآتي في باب: سفر الاثنين. 630 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ، قَالَ: أَتَى رَجُلانِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدَانِ السَّفَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا". [انظر: 628 - مسلم: 674 - فتح: 2/ 111] (خرجتما) أي: للسفر (فأذنا) لا بأن تؤذنا معًا، بل بأنْ يؤذن أحدكما لقوله في الباب السابق: "فليؤذن لكم أحدكم" (¬1)، وقد يخاطب الواحد بلفظِ التثنية كما يخاطب بلفظ الجمع، كقوله في الأوَّل: قفا نبك (¬2). وقوله تعالى في الثاني: {وَإذ قَتَلْتُم} [البقرة: 72] (ثمَّ أقيما) فيه: ما مرَّ في فأذنا. (ثم ليؤمَّكما) بكسر اللام وسكونها، وبفتح الميم وضمها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (628) كتاب: الأذان، باب: من قال ليؤذن في السفر مؤذن واحد. (¬2) جزء من صدر بيتٍ لمعلقة امرئ القيس، وتمامه: قفا نبك من ذكرى حبيب ... ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل

631 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، أَتَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا - أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا - سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، قَالَ: "ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ - وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لَا أَحْفَظُهَا - وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ". [انظر: 628 - مسلم: 674 - فتح: 2/ 111] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد البصري. (مالك) أي: ابن الحويرث. (أتينا إلى النبيِّ) في نسخةٍ "قال: أتيتُ النبيَّ". (شببة) جمعُ شابٍّ (متقاربون) أي: في السن. (عشرين يومًا) أي: بلياليها. (رفيقًا) من الرفق، وفي نسخة: "رقيقًا" من الرقة. (أو قد اشتقنا) شكٌّ من الراوي، في نسخةٍ: "وقد اشتقنا" بواو العطف. (قال: ارجعوا) في نسخةٍ: "فقال: ارجعوا". (إلى أهليكم) في نسخةٍ: "إلى أهاليكم" (وعلِّموهم) أي: شرائع الإسلام. (ومرُوهم) أي: بما أمرتكم به. (أو لا أحفظها) شكٌّ من الراوي. 632 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، قَالَ: أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ، ثُمَّ قَالَ: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ: "أَلا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ" فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ، أَو المَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ. [666 - مسلم: 697 - فتح: 2/ 112] (أخبرنا يحيى) أي: القطَّان، وفي نسخةٍ: "حدثنا يحيى". (بِضَجْنَانَ) بضادٍ معجمةٍ مفتوحةٍ، وجيم ساكنةٍ، نونين بينهما ألفٌ جبلٌ على بريدين من مكة. (فأخبرنا) في نسخة: "وأخبرنا".

19 - باب: هل يتتبع المؤذن فاه ها هنا وها هنا، وهل يلتفت في الأذان؟

(أن رسول الله) في نسخةٍ: "أنَّ النبي". (إثره) بكسر الهمزة، وسكون المثلثة، وبفتحهما: ما بقي من رسم الشيءِ، والمراد هنا: عقب فراغ الأذان، وتقدم في باب الكلام في الأذان أنه يقول حين بلوغه: حي على الصلاة (¬1)، ولا منافاة بينهما لما مر، ثم إن الأمرين جائزان. 633 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالأَبْطَحِ، فَجَاءَهُ بِلالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلاةِ ثُمَّ خَرَجَ بِلالٌ بِالعَنَزَةِ حَتَّى رَكَزَهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالأَبْطَحِ، وَأَقَامَ الصَّلاةَ". [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح: 2/ 112]. (إسحق) في نسخةٍ: "إسحق بن منصور". (أبي جحيفة) اسمه: وهب بنُ عبد الله. (بالأبطح) مكان معروف بظاهر مكة (¬2). (فآذنه) بالمدّ أي: أعلمه. (ثم خرج) في نسخةٍ: "ثم أخرج" بهمزةٍ مضمومة. 19 - بَابٌ: هَلْ يَتَتَبَّعُ المُؤَذِّنُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا، وَهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ؟ وَيُذْكَرُ عَنْ بِلالٍ: "أَنَّهُ جَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ" وَكَانَ ابْنُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (616) كتاب: الأذان، باب: الكلام في الأذان. (¬2) الأَبْطَحُ: بالفتح ثم السكون وفتح الطاء والحاء مهملة: وكل مسيل فيه دقاق الحصى فهو أبطح، وقال ابن دريد: الأبطح والبطحاء، الرمل المنبسط على وجه الأرض والأبطح يضاف إلى مكة وإلى منى؛ لأن المسافةَ بينه وبينهما واحدة، وربّما كان إلى منى أقرب، وهو المحصب وهو خيف بني كنانة، وقد قيل: إنه ذو طوى وليس به. انظر: "معجم البلدان"1/ 74.

عُمَرَ: "لَا يَجْعَلُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ" وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: "لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ" وَقَالَ عَطَاءٌ: "الوُضُوءُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ" وَقَالَتْ عَائِشَةُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ". (باب: هل يتتبع) في نسخةٍ: "يتبع" بضم أوله، وسكون ثانية، وكسر ثالثه. (المؤذن) بالرفع: فاعل مما قبله. (فاه) مفعول، وفي نسخةٍ: "المؤذن" بالنصب مفعول، والفاعلُ: مقدَّر أي: يتبع الشخصُ المؤذنُ، و (فاه) بدلٌ من المؤذن. (ها هنا وههنا) يمينًا وشمالا وعطفٌ على هل تتبع قوله. (وهل يلتفت) أي: المؤذن (في) الحيعلتين في الأذان يمينًا وشمالا، و (هل) في الموضعين بمعنى قد (¬1)، كما في قوله تعالى {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ} [الإنسان: 1]. (ويُذكر) بالبناء للمفعول. (أنَّه جعل إصبعيه) أي: أنملتي إصبعيه (¬2) المسبحتين. (في أذنيه) ليعَينه ذلك على زيادةِ رفع صوته، أو ليكون علامةً يعرف بها مَنْ به صَمَمٌ، أو بَعُدَ عن المؤذن أنَّه يؤذن. (وكان ابن عمر لا يجعل إصبعيه) أي: أنملتيهما (في أذنيه) ويؤخذ منه مع ما قبله: أنَّ ميل البخاريُّ إلى عدم ¬

_ (¬1) مجيء (هل) بمعنى: (قد) قال به قومٌ من النحويين منهم الكسائي والفراء وتبعهم ابن مالك، وقال به أيضًا بعضُ المفسرين. في قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} واستدل بعضُهم على ذلك بقول الشاعر: سائِلْ فوارسَ يَرْبُوعِ بشِدَّتنا ... أَهَلْ رأونا بسَفْحِ القُفِّ ذي الأكَمِ وأنكر آخرون أن تكون (هل) بمعنى: (قد). (¬2) وهو مجاز مرسل علاقته الجزئية، ومنه قوله تعالى: {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ}. لأنه لا يتوقع أن يدخلوا الإصبعَ كلها في الأذن.

20 - باب قول الرجل: فاتتنا الصلاة

جعلهما في أذنيه، حيث عبَّر فيه بصيغة الجزم، وفي جعلهما في أذنيه بصيغة التمريض. (إبراهيم) أي: النخعي. (لا بأسَ أن يؤذن على غير وضوء) لكنَّه مكروه عندنا. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (الوضوء) أي: للأذان (حقٌّ) أي: ثابت بالشرع (سنَّة) أي: في الأذان. (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه) أي: سواء كان على وضوءٍ أم لا؛ لأن الأذان ذكر فلا يشترط له الوضوء، كما لا يشترط له توجه القبلة. 634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، "أَنَّهُ رَأَى بِلالًا يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَهُنَا بِالأَذَانِ". [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح 2/ 114] (سفيان) أي: الثوريُّ. (بالأذان) أي: فيه. وفي الحديث: الالتفات في الأذان، ومحله: في الحيعلتين وهو برأسه لا بصدره، فيبدأ باليمين في قوله: حيّ على الصلاة مرتين، ثم بالشمالِ بقوله: حي على الفلاح مرتين. وحكمة ذلك: تفهم الناس بالإسماع. 20 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَاتَتْنَا الصَّلاةُ وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ يَقُولَ: "فَاتَتْنَا الصَّلاةُ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَمْ نُدْرِكْ" وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَحُّ". (باب: قول الرجل: فاتتنا الصلاة) أي: هل يُكره، أو لا؟. (وكره ابن سيرين أنْ يقول: فاتتنا وليقل: لم ندرك) في نسخةٍ: "ولكن ليقل: لم تدرك" ووجه كراهية ذلك: نسبة الفوات إلى الصلاة،

بخلاف لم ندرك فإنَّه منسوبٌ إلى المصلي، وردَّ البخاري على ابن سيرين بقوله: (وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: كما في قوله بعد وما فاتكم (أصح) أي: صحيح بالنسبة إلا قول ابن سيرين فإنه غيرُ صحيحٍ؛ لمخالفته النص. 635 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: "مَا شَأْنُكُمْ؟ " قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاةِ؟ قَالَ: "فَلَا تَفْعَلُوا إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا". [مسلم: 603 - فتح: 2/ 116]. (أبو نعيم) هو الفضلُ بن دكين. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (يحيى) هو ابن أبي كثير. (مع النبي) في نسخةٍ: "مع رسول الله". (جلبة الرجال) بفتحاتٍ أي: أصوات حركاتِهم وكلامِهم وعجلتهم، وفي نسخةٍ: "جلبة رجال". (ما شأنكم) بالهمز وتركه أي: حالكم. (فلا تفعلوا) في نسخةٍ "لا تفعلوا" أي: لا تستعجلوا، وعبَّر بلفظ: (تفعلوا)؛ مبالغةً في النهي عنه. (فعليكم بالسكينة) أي: بالتأني والهينة، وفي نسخةٍ: "عليكم السكينة" بالنصب، وهو الأصل، كما في قوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105] أي: الزموها، وفي أخرى: بالرفع مبتدأ، أو عليكم: خبره، فالباءُ على الأولى زائدةٌ؛ لضعف العامل. (فما أدركتم) أي: مع الإمام من الصلاة (فصلوا) أي: مع الإمام. (وما فاتكم) أي: منها (فأتموا) أي: فأتموه وحدكم. وفيه: دليل للشافعية أن ما يفعله مع الإمام أوّل صلاته، وما يأتي به بعد آخرها؛ لأن الإتمام لا يكون إلا للآخر.

21 - باب لا يسعى إلى الصلاة، وليأت بالسكينة والوقار

21 - بَابُ لَا يَسْعَى إِلَى الصَّلاةِ، وَلْيَأْتِ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ وَقَالَ: "مَا أَدْرَكْتُمْ، فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا" قَالَهُ أَبُو قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [نظر 635] (باب: لا يسعى) أي لا يسرع بالحركات. (إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار) ساقطٌ من نسخةٍ، وفي أخرى: "وليأتها"، وفي أخرى: "باب: ما أدركتم فصلوا"، وفي أخرى: "باب: فليأتها بالسكينة والوقار"، والسكينةُ: التأني في الحركات، واجتنابُ العبث، والوقارُ: الهيبةُ كغض البصر، خفضِ الصوت، وعدم الالتفات، أو الكلمتان بمعنى واحد، والثاني: مؤكد للأول. (وقال) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. 636 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلاةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا". [908 - مسلم: 602 - فتح: 2/ 117] (آدم) أي: ابن أبي إياس (وعن الزهريِّ) عطفٌ على (حدثنا الزهريُّ). (فامشوا) أي: فامضوا (بالسكينة والوقار) تقدَّم بيانهما، وذكر الإقامة في قوله (إذا سمعتم الإقامة) تنبيه على غيرها؛ لأنه إذا أمر بالسكينة والوقار مع سماع الإقامة فمع غيره أولى. وحكمة التقييد بها: أن المسرع يصل إليها وقد انتهك فلا يتم خشوعه في التلاوة وغيرها. (ولا تسرعوا) أي: بالحركات ولو خفتم فوات تكبيرةٍ فإنَّكم في حكم المصلين المخاطبين بالخشوع والإجلال

والخضوع، فالمقصودُ من الصلاة حاصلٌ لكم، وإن لم تدركوا منها شيئًا. (فأتموا) في نسخةٍ: "فاقضوا" وبها استدل الحنفيةُ على أنَّ ما أدركه المأمومُ مع الإمامِ هو آخر صلاته حتى يسن له الجهر، وقراءة السورة مع الفاتحة في الركعتين الأخرتين اللتين أتى بهما منفردًا، وأجاب عنه الشافعيةُ: بأنَّ القضاء وإن كان يطلق على الفائت غالبًا يطلق أيضًا على الأداء كقوله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا} [الجمعة: 10] فتحمل رواية: (فاقضوا) (¬1) على الأداء، واستدل ¬

_ (¬1) أصل هذه الرواية أخرجها البخاري بلفظ: "فأتموا" أمَّا رواية: "فاقضوا" رواها النسائي 2/ 114 كتاب: الإمامة، باب: السعي إلى الصلاة من حديث أبي هريرة. وعبد الرزاق 2/ 287 (3399) كتاب: الصلاة، باب: الرجل يدرك سجدة واحدة مع الإمام من حديث أبي هريرة. وأحمد 2/ 238. وابن الجارود 1/ 262 (305) بهذا اللفظ أيضًا. وابن خزيمة 3/ 3 (1505) كتاب: الصلاة، باب: الأمر بالسكينة في المشي إلى الصلاة. وابن حبان 5/ 517 (2145) كتاب: الصلاة، باب: فرض متابعة الإمام. قال ابن حجر في "الفتح": ورواية: "فأتموا" هو الصحيح في رواية الزهري ورواه عنه ابن عيينة بلفظ: "فاقضوا" وحكم مسلم في التمييز عليه بالوهم في هذه اللفظة، مع أنَّه أخرج إسناده في صحيحه لكن لم يسق لفظه، وكذا روى أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة فقال: "فاقضوا" وأخرجه مسلمٌ عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق بلفظ: "فأتموا" كذا ذكره ابن أبي شيبة فلم يسق لفظه أيضًا. والحاصل: أن أكثر الروايات ورد بلفظ: "فأتموا" وأقلها بلفظ: "فاقضو" وإنما تظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين الإتمام والقضاء مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحدًا واختلف في لفظة منه وأمكن رد الاختلاف إلى =

22 - باب: متى يقوم الناس، إذا رأوا الإمام عند الإقامة؟

بعضهم بقوله: (وما فاتكم فأتموا)، على أن من أدرك الإمامَ راكعًا لم تحسب له تلك الركعة؛ لأنه قد فاته القيام والقراءة، والجمهور على أنه مدرك لها لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكرة حيث أسرع، وركع دون الصف: "زادك الله حرصًا ولا تعد" (¬1) ولم يأمره بإعادة تلك الركعة. 22 - بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ؟ (باب: متى يقوم الناس) أي: الطالبون للصَلاة جماعة. (إذا رأوا الإمام عند الإقامة) لا يخفى أنه مع ذكر هذا لا معنى لذكر (متى) إذ المقصودُ: بيان قيامهم، (إذا رأوا الإمام عند الإقامة) إلا أن يقال: إن (متى) بمعنى: قد (¬2)، كما أن هل تكون بمعناها وتكون قد للتحقيق. 637 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي". [638، 909 - مسلم: 604 - فتح: 2/ 119] (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (فلا تقوموا حتى تروني) أي: خرجت: لَئَلا يطولَ عليهم القيام؛ ولأنه قد يعرض له ما يؤخره، وأما خبر مسلم: أقيمت الصلاة فقمنا فعدَّلنا الصفوف قبل أن يخرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3)، فورد؛ لبيان ¬

_ = معنى واحد كان أولى، وهنا كذلك. لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائت غالبًا، لكنه يطلق على الأداء أيضًا اهـ انظر: "الفتح" 2/ 118. وقال الألباني "في صحيح النسائي": حديث صحيح. (¬1) ستأتي برقم (783) كتاب: الأذان، باب: إذا ركع دون الصف. (¬2) مجيء (متى) بمعنى (قد) لم يقل به أحد من النحويين، لكن قال بعضهم: إنها إذا كانت حرفًا فقد تكون بمعنى: (في) أو (من) وذلك في لغة هذيل. (¬3) "صحيح مسلم" (605) كتاب: المساجد، باب: متى يقوم الناس للصلاة.

23 - باب: لا يسعى إلى الصلاة مستعجلا، وليقم بالسكينة والوقار

الجواز، أو كان ذلك لعذر، أو قبل ورود خبر الباب، واختُلِفَ في وقت القيام إلى الصلاة، فقال الشافعي: عند الفراغ من الإقامة للخبر المذكور، وعن مالك: أولها، وعن أبي حنيفة: عند حيَّ على الصلاة، وعند أحمد: عند قد قامت الصلاة. 23 - بَابٌ: لَا يَسْعَى إِلَى الصَّلاةِ مُسْتَعْجِلًا، وَلْيَقُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ (باب: لا يسعى إلى الصلاة ولا يقوم إليها مستعجلًا، وليقم بالسكينة والوقار) ولفظ: (ولا يقوم إليها) ساقطٌ من نسخة، وفي أخرى: بدل قوله: (لا يسعى) "لا يقوم". 638 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ". [تَابَعَهُ عَليُّ بْنُ الُمبَارَكِ]. [انظر: 637 - مسلم: 604 - فتح: 2/ 120] (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (قال رسول الله) في نسخة: "قال النبي". (وعليكم بالسكينة) في نسخة: "وعليكم السكينة". ومرَّ الحديث آنفًا. (تابعه) أي: شيبان عن يحيى. (عليُّ بن المبارك)، وهذه المتابعة ساقطة من نسخة. 24 - بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ؟ 639 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ، حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ، انْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ، انْصَرَفَ، قَالَ: "عَلَى مَكَانِكُمْ" فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا، حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً، وَقَدِ اغْتَسَلَ. [انظر: 275 - مسلم: 605 - فتح: 2/ 121] (باب: هل) أي: قد. (يخرج) أي: الشخصُ. (من المسجد) أي: من بعد إقامة الصلاة. (لعلة) ولا ينافيه خبرُ مسلم عن أبي هريرة في رجلٍ خرج من المسجد بعد الأذان؛ لأن ذاك مخصوصٌ بمن لا حاجة له لخبر ورد فيه (¬1). (أن رسول الله) في نسخة: "أن النبي". (خرج) أي: من الحجرة. (وقد أقيمت الصلاة) أي: بإذنه، أو بعلمهم بالقرائن خروجه. (وعدِّلت الصفوف) أي: سُوِّيَت. (انتظرنا) جملة حالية، وجواب (إذا) (انصرف) أي: إلى الحجرة قبل أن يكبر. (قال) في نسخة: "وقال". (على مكانكم) أي: اثبتوا عليه. (على هيئتنا) بفتح الهاء، وسكون التحتية، وهمزة مفتوحة، أي: الصورة التي كنَّا عليها، وفي نسخة: "هيئتنا" بكسر الهاء، وسكون التحتية، ونون مفتوحة، أي: الرفق الذي كنا عليه. (ينطف) بكسر المهملة، وضمها، أي: يقطر. (ماءً) تمييز. (وقد اغتسل) أي: من جنابة نسي أن يغتسل منها. وفي الحديث: تعديل الصفوف، وجواز النسيان على الأنبياء في العبادات، وطهارة الماء المستعمل، وأنَّ بين الإقامة والصلاة مهلةً للضرورة بقدرها من انصرافهِ وغسلهِ ومجيئهِ، وجواز انتظارهم قيامًا بقدر ما ذكروا، ومرَّ فوائدٌ أخرى في باب: إذا ذكر في المسجد أنه جنب من كتاب: الغسل (¬2). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (655) كتاب: المساجد، باب: النهي عن الخروج من المسجد من حديث أبي هريرة. (¬2) سبق برقم (275) كتاب: الغسل، باب: إذا ذكر في المسجد أنه جنب.

25 - باب: إذا قال الإمام: مكانكم حتى رجع انتظروه

25 - بَابٌ: إِذَا قَالَ الإِمَامُ: مَكَانَكُمْ حَتَّى رَجَعَ انْتَظَرُوهُ (باب: إذا قال الإمام للجماعة مكانكم) أي: الزموه. (حتَّى رجع) في نسخة: "أرجع" وفي أخرى: "نرجع" بنون وفي أخرى: "يرجع" بتحتية. (انتظروه) جواب إذا. 640 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَسَوَّى النَّاسُ صُفُوفَهُمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَقَدَّمَ، وَهُوَ جُنُبٌ، ثُمَّ قَالَ: "عَلَى مَكَانِكُمْ" فَرَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً، فَصَلَّى بِهِمْ. [انظر: 275 - مسلم: 605 - فتح: 2/ 122] (إسحق) أي: ابن منصور. (حدثنا محمد) في نسخة: "أخبرنا محمد". (فخرج) أي: بعد الإقامة. (وهو جنب) أي: في نفس الأمر، فلمَّا قام في مصلاه ذكر أنه جنب. (فقال) في نسخة: "ثم قال". (فاغتسل) في نسخة: "واغتسل". (فصلَّى بهم) أي: من غير إعادة الإقامةِ. 26 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا صَلَّيْنَا (باب: قول الرجل ما صلينا) في نسخة: "قول الرجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما صلينا). 641 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَوْمَ الخَنْدَقِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ: مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا" فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بُطْحَانَ

27 - باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة

وَأَنَا مَعَهُ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى - يَعْنِي العَصْرَ - بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ. [انظر: 596 - مسلم: 631 - فتح: 2/ 123] (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (يا رسول الله، والله ما كدتُ) لفظ: (والله) ساقطٌ: من نسخة. (وذلك) أي: الوقت الذي خاطب فيه عمر النبي - صلى الله عليه وسلم -. (بعدما أفطر الصائم) أي: بعد الغروب، فالمراد باليوم في قوله: (جاء عمر يوم الخندق): الوقت. (ثم صلَّى العصر) في نسخة: "ثم صلَّى -يعني- العصر" وتقدم تفسير الحديث في باب: من يصلي بالناس جماعة (¬1). ووجه مطابقته للترجمة: أن ما كدتُ أصلي بمعنى: ما صليت بحسب الاستعمال. 27 - بَابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ (باب: الإمام تعرض) بكسر الراء، أي: تظهر. (له الحاجة بعد الإقامة) أي: بيان حكم عروضها حينئذٍ من أنه يباح له التشاغل بها، قبل الدخول في الصلاة. 642 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "أُقِيمَتِ الصَّلاةُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاجِي رَجُلًا فِي جَانِبِ المَسْجِدِ، فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ حَتَّى نَامَ القَوْمُ". [643، 6292 - مسلم: 376 - فتح: 2/ 124] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن عبد العزيز بن صهيب) في نسخة: "عبد العزيز هو ابن صهيب". (عن أنس) زاد في نسخة: "ابن مالك". ¬

_ (¬1) سبق برقم (569) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من صلى بالناس جماعة.

28 - باب الكلام إذا أقيمت الصلاة

(أقيمت الصلاة) أي: العشاء. (يناجي) أي: يحدِّث. (رجلا) لم يُسَمّ. (في جانب المسجد) أي: النبوي، وفي نسخة: "إلى جانب المسجد". (حتَّى نام القوم) أي: نعسوا، والمراد: بعضهم. وفي الحديث: جواز الكلام بعد الإقامة. 28 - بَابُ الكَلامِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ (باب: الكلام إذا أقيمت الصلاة) ساقطٌ من نسخة. 643 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: سَأَلْتُ ثَابِتًا البُنَانِيَّ - عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا تُقَامُ الصَّلاةُ - فَحَدَّثَنِي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَعَرَضَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَحَبَسَهُ بَعْدَ مَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ". [انظر: 642 - مسلم: 376 - فتح: 2/ 124] (عيَّاش) بفتح المهملة، وتشديد التحتية والشين المعجمة. (فحبسه) أي: منعه من فعل الصلاة بتكلُّمِه معه حتَّى نعس بعض القوم. 29 - بَابُ وُجُوبِ صَلاةِ الجَمَاعَةِ وَقَالَ الحَسَنُ: "إِنْ مَنَعَتْهُ أُمُّهُ عَنِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ شَفَقَةً لَمْ يُطِعْهَا". (باب: وجوب صلاة الجماعة) أي: وجوبها عينًا، كما في الجمعة، أو كفاية كما في الصلوات الخمس. (وقال الحسن) أي: البصريُّ. (في الجماعة) في نسخة: "في جماعة". (شفقةً عليه) لفظ: (عليه) ساقط من نسخة. (لم يُطعها) لأن

طاعة الوالدين إنَّما تجب حيث لا معصية فيها، وترك الجماعة معصية عند الحسن. وخصَّ العشاءَ مع أنَّ غيرها مثلها؛ لأنَّها من أثقل الصلاة على المنافقين (¬1)، مع كون وقتها مظنة الخوف، وخص الأُمَّ مع أنَّ الأب مثلها؛ لأنَّها أكثر شفقةً منه على الأولاد. 644 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ، فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاةِ، فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ، أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ، لَشَهِدَ العِشَاءَ". [657، 2420، 7224 - مسلم: 651 - فتح: 2/ 125] (والذي نفسي بيده) أي: بتقديره وتدبيره. (لقد هممت) أي: قصدت. (فيحطب) أي: يجمع، وهو بالنصب عطفٌ على ما قبله وكذا بقية الأفعال بعده، وفي نسخة: "فيحتطب" وفي أخرى: "فيتحطب" وفي أخرى: "ليتحطب" بالنصبِ فيهما بلام كي. وبالجزم كذلك بلام الأمر، وفي أخرى: "يتحطب" بضمِّ التحتية، وفتح الفوقية، وفي أخرى: "فيحطب" بتشديد الطاءِ، وفي أخرى: "يتحطب" بضم التحتية، وفتح الفوقية، وتشديد الطاءِ. (ثم أخالف إلى رجال) أي: أخالف المشتغلين بالصلاة قاصدًا إلى بيوت الذين لم يخرجوا إليها. (فأحرق عليهم بيوتهم) بالنار عقوبة لهم. (والذي نفسي بيده) أعاده مبالغةً في التهديد. (عَرْقًا) بفتح المهملة، وسكون الراءِ، وبالقاف مفرد عراق بضمها، وهي كما قال الأزهريُّ: العظام التي يؤخذ منها هبر ¬

_ (¬1) دل على ذلك ما سيأتي برقم (657) كتاب: الأذان، باب: فضل العشاء في الجماعة.

اللحم، ويبقى عليها لحوم رقيقة طيبة (¬1). (أو مرماتين) بكسر الميم وفتحها، تثنية مرماة: ظلف الشاة أو ما بين ظلفيها من اللحم. (حسنتين) أي: جيدتين، قال البغويُّ: الحسن: العظم الذي في المرفق مما يلي البطن، والقبيح: العظم الذي في المرفق مما يلي الكف (¬2)، وكل منهما عارٍ من اللحم أي: الكثير والمعنى: توبيخ المنافقين بأن أحدهم يجيب إلى ما هذه صفته في الحقارة، وعدم النفع، ولا يجيب إلى الصلاة، أو أنه يشهد الجماعة للحقير من الدنيا، ولا يشهدها لفضل الله، ووصف العرق بالسمن، والمرماتين بالحسن، ليكون ثَم باعثٌ نفساني يبعثُ على تحصيلهما. وفي الحديث: تقديم التهديد والوعيد على العقوبة، وسرُّه أن المفسدةَ إذا ارتفعت بالأهون من الزواجر اكتُفِيَ به عن الأعلى منها. وفيه: جواز العقوبة بالنَّار، وكان ذلك أوَّل الأمر، لكن قام الإجماع بعده على المنع منه، وفيه أن الإمام، إذا عرض له شغل يستخلف من يصلِّي بالناس. واحتجَّ بالحديث على أن الجماعة فرض عين في غير الجمعة، وأجاب القائلُ بأنها فرض كفاية: بأن المتخلفين كانوا منافقين وسياق الحديث يقتضيه فهمه بتحريقهم إنما كان؛ لنفاقهم لا لتركهم الجماعة، وبأنَّه لم يحرقهم بل هم بتحريقهم وتركه ولو كانت فرضَ عينٍ لما تركه، ذكره النوويُّ (¬3). ¬

_ (¬1) "تهذيب اللغة"1/ 224. (¬2) "شرح السنة" 3/ 345. (¬3) "صحيح مسلم بشرح النووي" 5/ 153.

30 - باب فضل صلاة الجماعة

30 - بَابُ فَضْلِ صَلاةِ الجَمَاعَةِ وَكَانَ الأَسْوَدُ: "إِذَا فَاتَتْهُ الجَمَاعَةُ ذَهَبَ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ" وَجَاءَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "إِلَى مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّيَ فِيهِ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى جَمَاعَةً". (باب: فضل الجماعة) أي: فضل صلاتها على صلاة الفذّ. (الأسود) هو ابن يزيد النخعي. (وجاء أنس) في نسخة: "وجاء أنس بن مالك". (إلى مسجدٍ) هو مسجد بني ثعلبة. (صُلِّي فيه) بالبناءِ للمفعول. (فأذَّن) أي: بدون رفع صوته؛ لئلا يلتبس برفعه دخول وقت صلاة أخرى. 645 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً". [649 - مسلم: 650 - فتح: 2/ 131] (عن عبد الله بن عمر) في نسخة: "عن ابن عمر". (تفضل) بفتح أوله، وسكون الفاء، وضمّ ثالثهِ. (الفذّ) بفتح الفاء، وتشديد المعجمة، أي: المنفرد. 646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً". [فتح: 2/ 131] (أخبرنا الليث) في نسخة: "حدثنا الليث". (ابن الهاد) هو يزيد بن عبد الله، ونسبه إلى جدِّه؛ لشهرته به. (ابن خَبَّاب) بفتح المعجمة، وتشديد الموحدة. (بخمس) في نسخة: "خمسًا". وهذا الحديث ساقطٌ من نسخة.

وجمع بينه وبين سابقه بأنَّ ذكرَ القليل لا ينفي الكثير، بناء على أن مفهوم العدد غير معتبر، وبأنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بالخمس، ثم أعلمه الله بالزيادة، فأخبر بالسبع وبأن ذلك بالنظر لقرب المسجد وبعده، أو بحال المصلِّي كان يكون أعلم أو أخشع، أو الخمس بالسرِّيَّة، والسبع بالجهرية. والحكمة في هذا العدد: إمَّا في الخمس والعشرين فمن جهة أن عدد المكتوبات خمس، فأريد المبالغة في تكثيرها فضربت في مثلها، وأما في السبع والعشرين فمن جهة ركعات الفرائض ورواتبها المؤكدة. 647 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلاةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَفِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ: إِذَا تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، لَا يُخْرِجُهُ إلا الصَّلاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إلا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ، مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ". [انظر: 176 - مسلم: 362، 649 - فتح: 2/ 131] (عبد الواحدِ) أي: ابن زياد العبديِّ. (حدثنا الأعمش) هو سليمان بن مهران، وفي نسخة: "أخبرنا الأعمش". (في الجماعة) في نسخة: "في جماعة". (تُضعَّفُ) بضمِّ الفوقية، وتشديد العين المفتوحة، أي: تزاد. (في بيته وسوقه) أي: منفردًا. (خمسًا) في نسخة: "خمسةٌ". (ضعفًا) في رواية: "جزءًا" (¬1) والمعنى ¬

_ (¬1) رواية "جزءًا" ستأتي برقم (648) كتاب: الأذان، باب: فضل صلاة الفجر في جماعة.

31 - باب فضل صلاة الفجر في جماعة

واحد. (وذلك) أي: التضعيف، أي: سببه (أنه: إذا ... إلخ). (لم يخط) بفتح التحتية وضمِّ الطاء. (خطوة) بفتح الخاءِ، اسمُ للمرة، أمَّا بضمها: فاسم لما بين القدمين. (في مصلاه) أي: في المكان الذي صلى فيه وهو المسجد، حتَّى لو انتقل من المكان الذي أوقع فيه الصلاة من المسجد إلى مكان آخر منه، كان كالماكث في محل صلاته منه. (اللهم صلِّ عليه) أي: قائلين ذلك. (لا يزال أحدكم في صلاة) أي: في ثوابها. واستنبط من الحديث: أفضلية الصلاة على سائر العبادات. 31 - بَابُ فَضْلِ صَلاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ (باب: فضل صلاة الفجر في جماعة) في نسخة: "الجماعة" وفي أخرى: "باب فضل الفجر". 648 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تَفْضُلُ صَلاةُ الجَمِيعِ صَلاةَ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ، بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، وَتَجْتَمِعُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاةِ الفَجْرِ" ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] انظر: 176 - مسلم: 362، 649 - فتح: 2/ 137] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (صلاة الجميع) أي: الجماعة. (بخمس) في نسخة: "بخمسة". (ويجتمع) في نسخة: "تجتمع". (ملائكة الليل وملائكة النهار) لأنها في وقت صعود ملائكة الليل لعمله، ومجيء ملائكة النهار لضبط عمله. (ثم يقول أبو هريرة) مستشهدًا لذلك. {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]

في نسخة: "وقرآن الفجرِ إن قرآن الفجر" وقرآن الفجرِ: كناية عن صلاة الفجر؛ لاستلزام الصلاة القرآن. (كان مشهودًا) أي: للملائكة. 649 - قَالَ شُعَيْبٌ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: "تَفْضُلُهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً". [انظر: 645 - مسلم: 650 - فتح: 2/ 137] (قال شعيب) أي: ابن أبي حمزة. 650 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ، تَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مُغْضَبٌ، فَقُلْتُ: مَا أَغْضَبَكَ؟ فَقَالَ: "وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا إلا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا". [فتح: 2/ 137] (أمَّ الدرداء) هي: هجيمة الصغرى التابِعيَّة، لا الكبرى الصحابِيَّة، التي اسمها: خيرة (¬1). (فقال) في نسخة: "قال". (من أمةِ محمدٍ) في نسخة: "من أمرِ أمةِ محمدٍ" وفي أخرى: "من محمدٍ" أي: من شريعتهِ. 651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلاةِ أَبْعَدُهُمْ، فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي يُصَلِّي، ثُمَّ يَنَامُ". [مسلم: 662 - فتح: 2/ 137] (عن أبي بردة) هو عامر، وقيل: الحارث. (عن أبي موسى) في نسخة: "عن أبي موسى الأشعري" واسمه: عبد الله بن قيس. (فأبعدهم) الفاء للاستمرار، نحو: الأمثل فالأمثل -كما قاله ¬

_ (¬1) قيل: هو اسم الصَّماء أخت عبد الله بن بسر، كما ذكر ذلك ابن حجر في "الإصابة" 8/ 339 (11834).

32 - باب فضل التهجير إلى الظهر

الكرماني (¬1) -. (مَمْشًى) تميز أي: مكانًا يمشي فيه، والمراد: أبعدهم مسافة إلى المسجد؛ لكثرة الخطا إليه، المشتملة على المشقة، ومن ثَمَّ حصلت المطابقة بين الحديث والترجمة؛ لأن سبب أعظمية الأجر في الصلاة بُعْدُ الممشى للمشقة، وفي صلاة الفجر زيادة بمفارقة النومة المشتهاة طبعًا، مع مصادفة الظلمة أحيانًا. (أعظم أجرًا من الذي يصلي) أي: في وقت الاختيار وحده، أو مع الإمام من غير انتظار. (ثم ينام) أي: كما أن بعد المكان مؤثر في زيادة الأجر، كذلك طول الزمان للمشقة التي في ضمن الانتظار. 32 - بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ (باب: فضل التهجير إلى الصلاة) أي: التبكير إليها، وهو المبادرة إليها أوَّلَ الوقت، في نسخة: بدل الصلاة: "الظهر". 652 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ". [2472 - مسلم: 1914 - فتح: 2/ 139] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (قتيبة) في نسخة: "قتيبة بن سعيد". (عن سُمَيٍّ) بضم السين، وفتح الميم. (أبي بكر) في نسخة: "أبي بكر بن عبد الرحمن" أي: ابن الحارث هشام بن المغيرة القرشي. (بينما) أصله: بين فأشبعت فتحة النون فصارت ألفا، وزيدت فيه الميم. (فأخَّره) أي: عن الطريق، وفي نسخة: "فأخذه". (فشكر الله له). أي: رضي فعله وقبله منه، وأثنى عليه. ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 41.

653 - ثُمَّ قَالَ: "الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". وَقَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أَنْ يَسْتَهِمُوا لاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ". [720، 2829، 5733 انظر: 615 - مسلم: 437، 1914 - فتح: 2/ 139] (الشهداء) جمع شهيد، سُمّيَ بذلك؛ لأن روحه شهدت أي: حضرت دار السلام عند موته، وروح غيره دائمًا تشهدها يوم القيامة، أو لأن الله تعالى يشهد له بالجنة، أو لأن ملائكة الرحمن يشهدونه؛ أو لأنه شهد ما أعده الله له من الكرامةِ، أو لغير ذلك (خمسة) في نسخة: "خمس". (المطعون) أي: الذي يموت في الطاعون. (والمبطون) أي: يموت بداءِ بطنه، كإسهالٍ واستسقاء. (والغريق) أي: في الماء. (وصاحب الهدم) الذي مات تحته. (والشهيد) أي: القتيل (في سبيل الله) الذي حكمه ألا يغسل ولا يصلى عليه، فالأخير حقيقة والأربعة قبله مجاز، فجمع في لفظ واحد بين حقيقة ومجاز، وهو جائز عند الشافعي، ومن منع يحمله على معنى مجازي يشمل الأمرين، فالأربعة شهداء في الثواب، كثواب الشهيد ويقال لهم شهداء الآخرة، والذي في سبيل الله شهيد الدنيا والآخرة، وأمَّا شهيد الدنيا فقط: فمن قتل مدبرًا، أو من غلَّ في الغنيمة، أو قاتل لغرض آخر، لا لإعلاءِ كلمة الله، واستشكل بالتعبير بالشهيد في سبيل الله، مع قوله: (الشهداء خمس) فإنه يلزم منه حملُ الشيءِ على نفسه، فكأنه قال: الشهيد شهيد. وأجيب بأنه من باب: أنا أبو النجم وشعري شعري (¬1)، أو معنى ¬

_ (¬1) شاهد نحوي يستشهد به النحاة على أن (شعري) الأولى مبتدأ والثانية خبر، فالمبتدأ والخبر بلفظ واحد، والمعنى: وشعري هو شعري، والمقصود به المدح.

33 - باب احتساب الآثار

الشهيد: [القتيل] (¬1) كما مرَّ، وزيد على الخمسة موت الغريب، والشريق، ومن أكله السبع، والمرأة تموت بالطلق، ومن يموت عشقًا فعفَّ وكتمه، وصاحب ذات الجنب، والحريق. (إلا أن يستهموا لاستهموا عليه) في نسخة: "إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه" وتقدم تفسير الحديث. 654 - وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا". [انظر: 615 - مسلم: 437 - فتح: 2/ 139] 33 - بابُ احْتِسَابِ الآثَارِ (باب: احتساب الآثار) أي: الخَطوات إلى الصَّلاة. 655 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بَنِي سَلِمَةَ أَلا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ" وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فِي قَوْلِهِ: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12]، قَالَ: "خُطَاهُمْ". [656، 1887 - فتح: 2/ 139] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. [حدثنا حميد) أي: الطويل، وفي نسخةٍ: "حدثني حميد". (عن أنس) في نسخةِ: "عن أنس بن مالك". (يا بني سلمة) بفتح السين، وكسر اللام: بطن من الأنصارِ. (ألا تحتسبون آثاركم؟) أي: ألا تعدون خطاكم عند مشيكم إلى المسجدِ، فإنَّ في كلِّ خطوة إليه درجةً، خاطبهم بذلك حين أرادوا النقلة إلى قرب المسجدِ، كما صرَّح به بعد. ¬

_ (¬1) من (م).

(وقال مجاهد في) تفسير (قوله: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}) [يس: 12]. (قال: خطاهم) (قال) الثانية زائدة في نسخةِ، (وقال مجاهد: خطاهم: آثار المشي بأرجلهم في الأرض) وفي أخرى: "قال مجاهد: وخطاهم: آثارهم يعني: المشي بأرجلهم في الأرض" (¬1). 656 - وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ: أَنَّ بَنِي سَلِمَةَ أَرَادُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ مَنَازِلِهِمْ فَيَنْزِلُوا قَرِيبًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْرُوا المَدِينَةَ، فَقَالَ: "أَلا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ" قَالَ مُجَاهِدٌ: "خُطَاهُمْ آثَارُهُمْ، أَنْ يُمْشَى فِي الأَرْضِ بِأَرْجُلِهِمْ". [انظر: 655 - فتح: 2/ 139] (حدثتا ابن أبي مريم) نسبةً إلى جد له؛ لشهرته به، وإلا فهو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم. (حميد) أي: الطَّويل. (حدثني أنس) في نسخة: "عن أنس". (من النبيّ) أي: من مسجده. (قال) أي: أنس (فكره رسولُ الله) في نسخةٍ: "فكره النبيُّ". (أن يُعْرُوا المدينة) بضم التحتية، وسكون المهملة، وضم الرَّاء أي: يخلوها، وفي نسخةٍ: "أن يُعْرو منازلهم" وهو المراد من الأولى، رغبهم بذلك فيما عند الله من الأجرِ على نقل الخطوات إلا المسجد. (أن يُمشى) بضم أوله، وفتح ثالثه، وفي نسخةٍ: "أن يمشى"، وفي أخرى: "المشي"، وأشار البخاري بهذا التعليق المسوق مرتين إلى أن قصة بني سلمة كانت سببَ نزول هذه الآية. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" 15/ 319 (18040).

34 - باب فضل العشاء في الجماعة

34 - بابُ فَضْلِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ (باب: فضل صلاة العشاء في الجماعة) لفظ: (صلاة) ساقطٌ من نسخةٍ. 657 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ صَلاةٌ أَثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ المُؤَذِّنَ، فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلًا مِنْ نَارٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ بَعْدُ". [انظر: 644 - مسلم: 651 - فتح: 2/ 141] (الأعمش) هو سليمان بنُ مهران. (أبو صالح) هو ذكوانُ السمان. (ليس صلاةٌ أثقل) بنصب أثقل: خبر ليس، واسمها: (صلاة) وفي نسخةٍ: "ليس أثقل" بجعل اسم ليس ضميرًا يعود إلى الصلاة المفهومة من السياق (على المنافقين) أطلق عليهم النفاق مبالغةً في التهديدة لكونهم لا يحضرون الجماعة، ويصلون في بيوتهم فرادى من غير عذرٍ (من الفجر) في نسخةٍ: للمن صلاة الفجر والعشاء" خصَّهما بذلك؛ لأنَّ وقت الأولى وقت لذة النَّوم، والثانيةُ وقت سكونٍ واستراحة. (ولو حبوًا) تقدَّم بيانه في باب: الاستهام في الأذانِ (لقد) في نسخةٍ: "ولقد" (يؤم) بالرفع، وبقيةُ الأفعال بالنصب (شعلا) بفتح العين، جمع شعلة من النار، وبضمها جمع شعيلة: وهي الفتيلةُ فيها زيت كصحيفةٍ وصحف. (فأحرق) بفتح الحاء، وتشديد الراء، وفي نسخةٍ: "فأحْرق" بسكون الحاء. (بعد) أي: بعد أنْ يسمع النداء إلى الصلاة، وفي نسخةٍ: بدل (بعد) "يقدر" أي: لا يخرج إلى الصلاة حال كونه يقدر على خروجه لها.

35 - باب: اثنان فما فوقهما جماعة

35 - بابٌ: اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ (باب: اثنان فما فوقهما جماعة) أي: فلا يختص فضلها بما فوقهما. 658 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا". [انظر: 628 - مسلم: 674 - فتح: 2/ 142] (خالد) في نسخةٍ: "خالد الحذاء". (أنه قال) أي: لرجلين أتياه يريدان السفر. (إذا حضرت الصلاة فأذِّنا وأَقِيما) أي: فليؤذن وليقم أحدُكُما، كما مر بيانه. (ثم ليؤمكما أكبركما) فيه مع ما قبله: صحت الجماعة لإمامٍ ومأمومٍ واحدٍ، وتقديم الصلاة في أوَّل الوقت. 36 - بابُ مَنْ جَلَسَ فِي المَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ وَفَضْلِ المَسَاجِدِ (باب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة) أي: باب بيان فضل جلوس الشخص في المسجد؛ لانتظاره الصلاة في جماعة. (وفضل المساجد) بالجر عطفٌ على من جلس، والمرادُ: بيان فضلها. 659 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاةُ تَحْبِسُهُ، لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إلا الصَّلاةُ". [انظر: 176 - مسلم: 362، 649 - فتح: 2/ 142] (عن أبي الزناد) هو عبدُ الله بن ذكوان القرشي (عن الأُعرج) هو

عبدُ الرحمن بن هرمز. (تصلي) أي: تستغفر، وعبَّر بـ "تصلي"؛ ليناسب الجزاء العمل. (ما لم يحدث) أي: بأن يأتي بناقضٍ للوضوء، أو بفاحشٍ من قولٍ، أو فعلٍ. (اللهم أغفر له) بيانٌ لصلاة الملائكة عليه. أي: قائلين ذلك. (لا يزال) في نسخةٍ: "ولا يزال" (في صلاة) أي: في ثوابها. (ما دامت الصلاة تحبسه) في نسخةٍ: "ما كانت الصلاة تحبسه". 660 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ". [1423، 6479، 6806 - مسلم: 1031 - فتح: 2/ 143] (محمد بن بشار) زاد في نسخة: "بندار" وهو لقب محمد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (خُبيب) بضم المعجمة. (سبعة يظلهم الله في ظله) لم يرد أن ذلك محصورٌ في السبعة؛ لورود أزيد منها، كرجلٍ تعلَّم القرآن في صغره ويتلوه في كبره (¬1)، ورجل يراعي الشمس لمواقيت الصلاة، ورجلٍ إنْ تكلم تكلم بعلمٍ، وإن سكت سكت عن حلم (¬2) ورجلٍ تاجر اشترى وباع فلم يقل ¬

_ (¬1) رواه البيهقي في "الشعب" 1/ 487 (794) باب: في الخوف من الله تعالى. (¬2) رواه الإمام أحمد في الزهد ص 189.

إلَّا حقًّا (¬1)، ورجلٍ أَنْظَرَ معسرًا، أو وضع له (¬2). وإضافة الظلِّ إلى الله تعالى إضافة تشريف، كناقة الله؛ لأنه تعالى منزهٌ عن الظلِّ؛ لأنه من خواص الأجسام، فالمرادُ: ظل عرشه كما ورد في حديثٍ. (العادل) أي: واضعُ كلِّ شيءٍ موضعه، وقدِّم على ما بعده لعموم نفعه. (وشاب) لأنَّ عبادته أشق؛ لغلبة شهوته وكثرة الدواعي له على طاعة الهوى. (معلَّق) في نسخةٍ: "متعلق" (في المساجد) أي: بها أي: مشتد حبه لهما، وكني به عن انتظار أوقات الصلاة، فلا يصلي صلاةً في المسجد، ويخرج منه إلا وهو ينتظر أخرى ليصليها فيه. (تحابا في الله) أي: لأجله لا لغرضٍ دنيوي (اجتمعا عليه) أي: بقلوبهما، وفي نسخةٍ: "اجتمعا" (على ذلك) أي: على الحبِّ في الله. (طلبته) أي: إلى الزنا بها (ذات) في نسخةٍ: "امرأة ذات". (منصب) أي: نسب شريف. (وجمال) لأنَّ الرغبة في مثلها أشد، فالصبر عنها -مع أنها طالبة للزنا-؛ لخوف الله تعالى من أكمل المراتب في الطاعة (فقال) أي: لها؛ زجرًا عن الفاحشة (إني أخاف الله) زاد في نسخةٍ: "رب العالمين". (تصدَّق) أي: تطوعًا (أخفى) حال، وفي نسخةٍ: "وأخفى" بواو العطف، وفي أخرى: "إخفاء" بكسر الهمزة والمدِّ؛ نعتٌ لمحذوفٍ أي: صدقة إخفاء (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) ذكر للمبالغة في إخفاء الصدقة، و (تعلم) بالرفع نحو: مرض حتى لا يرجونه، وبالنصب ¬

_ (¬1) رواه ابن عدي 8/ 408 في ترجمة: هشام بن سلمان المجاشعي. (¬2) وراه مسلم (3006) كتاب: الزهد والرقائق، باب: حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر. وأحمد 3/ 427.

نحو: سرت حتى تغيب الشمس، وضرب المثل باليمين والشمال؛ لقرب كلِّ منهما من الأخرى، أو لتلازمهما. أي: لو قدّر أن الشمال رجل مستيقظ لما علم صدقة اليمنى، للمبالغة في الإخفاء. (ذكر الله) أي: بلسانه أو قلبه. (خاليًا) أي: من الخلق؛ لأنَّ في ذلك الإخلاص والبعدُ من الرياء. (ففاضت عيناه) أي: من الدَّمع، وأسند الفيض إلى العين مع أنها لا تفيض؛ لأن الفائض هو الدمعُ؛ مبالغةً كأنَّه هي الفائض. ثم إنَّ كلًّا من هذه الأقسام يأتي في الرجل والمرأة وإن عبَّر بلفظ: الرجلِ، وذكر في مناسبة السبعة أنَّ الطاعة، إمَّا بين العبد وبين الله، أو بينه وبين الخلق. والأوَّل إمَّا باللسان: وهو من فاضت عيناه، أو بقلبه: وهو من تعلق قلبه بالمساجد، أو بجميع البدن: وهو من نشأ في عبادة الله. والثاني: إمَّا عام وهو العدل، أو خاصٌّ وهو إمَّا من جهة النفس، وهو التحابب في الله، أو البدن وهو من طلبته امرأة ذات منصب وجمال، أو المال وهو من تصدَّق وأخفى. ولا ينحصر ما ذكر في السبعة فقد ورد منه: ومن أنظر معسرًا أو وضع له (¬1)، ومن أوفى دينَ الغارم (¬2)، ومن ¬

_ (¬1) رواه مسلم (3006) كتاب: الزهد والرقائق، باب: حديث جابر الطويل، وقصة أبي اليسر. وابن حبان 11/ 423 (5044) كتاب: البيوع، باب: الديون. (¬2) رواه أحمد 1/ 73 من حديث عثمان، ولفظه: " ... أو ترك لغارم". والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 80 (530) ترجمة: زياد أبو هشام مولى عثمان، عن محمد بن علي بن شعيب عن الحسن بن بشر، بهذا الإسناد. وذكره الهيثمي في "مجمعه" 4/ 133 كتاب: البيوع، باب: فيمن فرج عن معسر أو أنظره وقال: رواه عبد الله في المسند، وفيه: عباس بن الفضل، ونسب إلا الكذب.

37 - باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

أعان مكاتبًا، ومن صدق في تجارته (¬1)، ومن حسن خلقه (¬2)، وغير ذلك. 661 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ هَلِ اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا؟ فَقَالَ: نَعَمْ أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاةَ العِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَقَالَ: "صَلَّى النَّاسُ وَرَقَدُوا وَلَمْ تَزَالُوا فِي صَلاةٍ مُنْذُ انْتَظَرْتُمُوهَا" قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ. [انظر: 572 - مسلم: 640 - فتح: 2/ 148] (أنس) في نسخةٍ: "أنسُ بن مالك". (فكأني) في نسخةٍ: "وكأني". (وبيص خاتمه) أي: بريقه، كما مرَّ مع تفسير الحديث في باب: وقت العشاء إلى نصف الليل (¬3). 37 - بابُ فَضْلِ مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ وَمَنْ رَاحَ (باب: فضل من غدا إلى المسجد ومَن راح) أي: إليه، وفي نسخةٍ: "ومن خرج"، وفي أخرى: "ومن يخرج". والغدو والرواح: بغدوة، والرواح: الرجوع بالعشي وقد يستعملان في الخروج والرجوع مطلقًا كما هنا. 662 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ". [مسلم 669 - فتح: 2/ 148] ¬

_ (¬1) رواه ابن عدي في "الكامل" 8/ 408 ترجمة: هشام بن سلمان المجاشعي. (¬2) رواه الطبراني في "الأوسط" 6/ 315 (6506). (¬3) سبق برقم (572) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت العشاء إلا نصف الليل.

38 - باب: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

(مطرِّف) براءٍ مشددة مكسورة، وفي نسخةٍ: "المطرف". (وراح) في نسخةٍ: "أو راح" (أعدَّ الله له) أي: هيأ له. (نزله) بضم النون والزاي، وقد تسكن أي: مكانًا ينزله. (من الجنة) في نسخةٍ: "نزلًا في الجنة" (كلما غدا أو راح) أي: إلى المسجد. 38 - بابٌ: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلَا صَلاةَ إلا المَكْتُوبَةَ (باب: إذا أقيمت الصلاة) أي: شرع في الإقامة لها. (فلا صلاة) أي: كاملة (إلا المكتوبة) وهي: التي أقيم لها. 663 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَالَ: ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ ابْنُ بُحَيْنَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاثَ بِهِ النَّاسُ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصُّبْحَ أَرْبَعًا، الصُّبْحَ أَرْبَعًا" تَابَعَهُ غُنْدَرٌ، وَمُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ فِي مَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ سَعْدٍ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَقَالَ حَمَّادٌ: أَخْبَرَنَا سَعْدٌ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ مَالِكٍ. [مسلم: 711 - فتح: 2/ 148] (عن عبد الله بن مالك بن بحينة) بتنوين مالك، وزيادة كتابة ألف قبل ابن بحينة؛ لأنه صفة لعبد الله لا لمالك، فبحينة: اسم أم عبد الله، واسم أبي مالك: القشب بقافٍ مكسورة، فمعجمة ساكنة، فموحدة. (برجل) هو عبد الله الراوي، ولا يعارضه عند ابن حبان أنه ابن

عباس (¬1)؛ لأنهما واقعتان. (قال) أي: البخاري. (عبد الرحمن) زاد في نسخة: "يعني ابن بشر" بكسر الموحدة، وسكون المعجمة: ابن الحكم النيسابوري. (أخبرني سعد) في نسخة: "حدثني سعد". (يقال له مالك بن بحينة) كذا قال شعبة وتابعه جماعة، لكن حَكَم جمعٌ من الحفاظ، كابن معين، والنسائي وغيرهما بوهم شعبة في ذلك في أن بحينة أم عبد الله لا مالك، وفي أن الصحبةَ والروايةَ عن النبي لعبد الله لا لمالك. (رأى رجلًا) هو الرجل الأول، وقد عرفت ما فيه. (لاث به الناس) بمثلثة، أي: أحاطوا به (فقال) في نسخة: "قال". (الصبح) بالنصب، أي: أتصلي، وبالرفعِ، أي: الصبح تصلِّي. (أربعًا) بدل من الصبح إن نُصب، أو حال منه إن رُفع، وهمزة الصبح للإنكار التوبيخيِّ، والمراد: أن الصبح إذا أقيم لها لا يصلَّى غيرها. والحكمة فيه: أن تتفرغ للفريضة من أولها حتى لا تفوته فضيلةُ الإحرام مع الإمام، وأما زيادة "إلا ركعتي الفجر" في خبر: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة إلا ركعتي الفجر" (¬2) فلا أصلَ لها -كما ¬

_ (¬1) "صحيح ابن حبان" 6/ 221 (2469) كتاب: الصلاة، باب: النوافل. (¬2) رواه مسلم (710) كتاب: صلاة المسافرين، باب: كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن. وأبو داود (1266) كتاب: التطوع، باب: إذا أدرك الإمام ولم يصلي ركعتي الفجر. والترمذي (421) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة من حديث أبي هريرة وقال: حديث أبي هريرة حديث حسن. والنسائي 2/ 116 كتاب: الافتتاح، باب: ما يكره من الصلاة عند الإقامة. وابن ماجه (1151) كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في إذا أقيمت الصلاة.

39 - باب: حد المريض أن يشهد الجماعة

قاله البيهقيُّ (¬1) - وإن صحَّت فمحمولة على الجواز. (تابعه) أي: بهزًا. (عن شعبة عن مالك) لفظ: (عن شعبة) ساقط من نسخة. (ابن إسحق) هو محمد صاحب المغازي. (حمَّاد) هو ابن سلمة لا ابن زيد. والغرض من هذين الطريقين أنهما اختلفا في الرواية عن عبد الله، وعن والده مالك. 39 - بَابٌ: حَدُّ المَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ (باب: حد المريض أن يشهد الجماعة) روى الأكثر (حد) بالمهملة ومعناه: الحدُّ الذي يُحدُّ له حتَّى إذا جاوزه لم يشرع له شهود الجماعة، وقيل: معناه: الحدَّةُ والحرصُ على شهودها، ورواه الأقل بالجيم (¬2)، ومعناه: اجتهاد المريض لشهود الجماعة. 664 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَذَكَرْنَا المُوَاظَبَةَ عَلَى الصَّلاةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا، قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَأُذِّنَ فَقَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ ¬

_ (¬1) "سنن البيهقي" 2/ 483 كتاب: الصلاة، باب: كراهية الاشتغال بهما بعدما أقيمت الصلاة. (¬2) قال ابن حجر نقلًا عن ابن التين: ويصح أن يقال هنا "جد" بكسر الجيم وهو: الاجتهاد في الأمر، لكن لم أسمع أحدًا رواه بالجيم، وقد أثبت ابن قرقول رواية الجيم وعزاها للقابسي أهـ. انظر: "الفتح" 2/ 152.

بِالنَّاسِ" فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: "إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى فَوَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنَ الوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَكَانَكَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ، قِيلَ لِلْأَعْمَشِ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَبُوبَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلاتِهِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: بِرَأْسِهِ نَعَمْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ بَعْضَهُ، وَزَادَ أَبُو مُعَاويَةَ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 2/ 151] (عمر بن حفص) زاد في نسخة: "ابن غياث". (حدثني أبي) في نسخة: "حدثنا أبي". (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (قال الأسود) هو ابن زيد بن قيس النخعي. (كنَّا) في نسخة: "عن الأسود قال: كنَّا". (والتعظيم) بالنصبِ عطف على المواظبة. (مرض رسول الله) في نسخة: "مرض النبيُّ". (فحضرت الصلاة) عطف على (مرض). (فأُذن) بالبناءِ للمفعول، وفي نسخة: "وأُذن" بالواو، وفي أخرى: "فأوذن" من آذن بالمدِّ، أي: أعلم. (فقال) عطف على جواب (لمَّا) المقدَّر، أي: "لمَّا مرض رسول الله .... إلخ" أراد أن يستخلف أبا بكر فقال (مروا أبا بكر فليصل) بسكون اللام الأولى، وفي نسخة: "فليصل" بكسرها، وزيادة ياء مفتوحة في آخره. واستدل بذلك: على أن الأمرَ بالأمرِ بالشيءِ يكون أمرًا به، وأجاب المانعون: بأن المعنى: بلَّغوا أبا بكرِ قولي فليصل. وفصل النزاع كما قال شيخُنا: إن المانع إن أراد أنه ليس أمرًا حقيقة فمسلم، وإن أراد أنه لا يستلزمه فمردود (¬1). (فقيل له) أي: فقالت عائشة له. (أسيف) بوزن فعيلٍ بمعنى فاعل من الأسف أي: شديد ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 152.

الحزن رقيق القلب سريع البكاء. (مقامك) في نسخة: "في مقامك". (فأعادوا) أي: عادت عائشة، ومن معها (له) تلك المقالة. (صواحب يوسف) أي: مثلهنَّ في إظهار خلاف ما في الباطن، فإن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها؛ لكونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه، ومرادها أن لا يتشاءم الناس به وهذا مثل زليخا، استدعت النسوة، وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة، وغرضها أن ينظرن إلى حسن يوسف، ويعذرنها في محبته. (فليصل) تقدم ما فيه. (بالناس) في نسخةٍ: "للناس". (فصلى) في نسخة: "يصلي". (يُهادى) بالبناءِ للمفعول، أي: يمشي به (خفة). ظاهره: أنه وجدها في تلك الصلاة، ويحتمل أنه وجدها بعدُ، وفي رواية: فصلَّى أبو بكر تلك الأيام. (¬1) ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد من نفسه خفةً، فعليها لا يتعين أن تكون الخفةُ في تلك الصلاة، وهي العشاء على الراجح. (بين) أي: يهادي بين. (رجلين) أي: العباس وعلي، أو أسامة بن زيد والفضل بن عباس، معتمدًا عليهما، متمايلًا في مشيه من شدة الضعف (أَنْظُرُ رجليه) في نسخة: "أنظر إلى رجليه". (تخطَّان الأرض) أي: يجرهما عليها غير معتمد عليهما، ولفظ: "الأرض" ساقط من نسخة. (فأومأ إليه النبي) أي: ولم ينطق له إما لضعف صوته أو لأن مخاطبةَ من في الصلاة بالإيماءِ أولى من النطق، ولفظ: "النبي" ساقطٌ من نسخة. (أن مكانك) بفتح الهمزة، وسكون النون، ونصب مكانك، أي: ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (687) كتاب: الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به.

أن الزم مكانك، فأن مفسرة (إلى جنبه) أي: الأيسر كما يأتي. (فقيل) في نسخة: "قيل". (وكان) في نسخة: "فكان". (والنَّاس يصلُّون بصلاة أبي بكر) أي: بصوته الدَّالِّ على فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أنَّهم مقتدون به؛ لئلَّا يلزم الاقتداء بمأموم، ولفظ: "يصلُّون" ساقط من نسخة. وعُلم من الحديث أنَّ الإمام هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن روى الترمذيُّ وغيره: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى خلف أبي بكر (¬1)، فمن العلماء من رجَّح الأول، ومنهم من رجَّح الثاني، فيحتمل أنهما واقعتان. (رواه) أي: الحديث المذكور، وفي نسخة: "ورواه". (بعضه) بدل من ضمير رواه. (وكان) في نسخة: "فكان". وفي الحدبث: جواز الأخذ بالشدة دون الرخصة؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يمكنه التخلُّف للمرض. وأنه يجوز أن يقتدى بإمام فيفارقه ويقتدى بآخر، وإنشاء القدوةِ في أثناء الصلاة. وجوازُ المرض على الأنبياء؛ ليكثر الأجر ولتسلية الناس بهم، ولئلا تفتتن النَّاسُ بهم فيعبدوهم. ومعاودة وليِّ الأمر على وجه العرض والمشاورة فيما يظهر لهم أنَّه مصلحة. وجواز الاسْتخلافِ، وفضل أبي بكر وترجيحه على سائر الصحابة، وأنه أحقُّ بالخلافة، واتباع صوت المبلغ، والالتفات في الصلاة، وملازمة الأدب مع الكبار، وخرق الإمام الصفَّ للحاجة، واقتداء المصلِّي بمن يُحرم بعده؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنَّما أحرم بعد إحرام أبي بكر، وصلاة القائم خلف القاعد. ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (362) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا. وقال الألباني في "صحيح الترمذي": حديث صحيح.

40 - باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحله

وفيه: الحجة على من قال: إن الإمام إذا صلى قاعدًا يصلُّون خلفه قعودًا؛ لأن هذا آخر عهده - صلى الله عليه وسلم -. 665 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: "لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ العَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ" قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِي: وَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 2/ 152] (أخبرنا هشام) في نسخة: "حدثنا هشام". (عن معمر) أي: ابن راشد. (لما ثقل النبي) بمثلثةٍ مفتوحةٍ، وقافٍ مضمومة، أي: ركضت أعضاؤه عن خفة الحركات، وفي نسخة: "لما ثقل رسول الله". (وكان) في نسخة: "فكان". (بين العباس) في نسخة: "بين عباس" و (رجل) في نسخة: "وبين رجل" وسيأتي أنه علي - رضي الله عنه - وتقدم الخلافُ في ذلك آنفًا. (فذكرت ذلك) لفظ: (ذلك) ساقط من نسخة. 40 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ وَالعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ (بابُ) بالتنوين، أو بالوقف. (الرخصة) مبتدأ. (في المطر والعلَّة) أي: بسببهما، وعطف العلة على المطر من عطف الخاصِّ على العام. والمراد بها: ما يمنع من الحضور، كالمرض، والخوف من ظالم، والريح العاصف بالليل، والوحل الشديد. (أن يصلِّي في رحله) أي: في منزله وهو خبر المبتدأ. 666 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ،

أَذَّنَ بِالصَّلاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: أَلا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ المُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ، يَقُولُ: "أَلا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ". [انظر: 632 - مسلم: 697 - فتح: 2/ 156] (أخبرنا مالك) في نسخة: "حدثنا مالك". (أنَّ ابن عمرَ أذَّن) في نسخة: "عن ابن عمر أنه أذن". (في ليلة ذات برد وريح .. إلخ). المراد: البرد الشديد، ومثله الحر الشديد بجامع المشقة، وسواء كانا كالمطر ليلًا أم نهارًا، وخصُّوا الريح العاصف بالليل؛ لعظم مشقتها فيه دون النهار. وقاس ابن عمر الريح على المطر المذكور في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بجامع المشقة فيهما. 667 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ أَعْمَى، وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالسَّيْلُ، وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ، فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلَّى، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ؟ " فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ مِنَ البَيْتِ، فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 424 - مسلم: 33 - فتح: 2/ 157] (إسماعيل) هو ابن أبي أويس. (أنها) أي: القصة تكون تامة. (ضرير البصر) أي: ناقصه. قال ابن عبد البر: ثم عمَى بعد ذلك (¬1)، يقال للناقص ضرير البصر، فإن أُعْمِيَ أطلق عليه: ضرير من غير تقييد بالبصر، وذكر عتبان الثلاثة: الظلمة والسيل، ونقص البصر، وإن كان كلُّ واحدٍ منها كافيًا في العذر عن الجماعة؛ ليبين كثرة موانعه، وأنه حريصٌ على الجماعة. (مكانًا) نصب ¬

_ (¬1) انظر: "الاستيعاب" 3/ 305 (2042).

41 - باب: هل يصلي الإمام بمن حضر؟ وهل يخطب يوم الجمعة في المطر؟

بنزع الخافض. (اتخذه) بالجزم جواب الأمر، وبالرفع صفة لـ (مكانًا)، كما في {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي} [مريم: 5 - 6]. وفي الحديث: إمامة الأعمى، والتماس دخول الأكابر منزل الأصاغر، واتخاذ موضع معين من البيت مصلى وغير ذلك، نعم قيل: في الاستدلال به على ترك الجماعة بالعذر نظر إنَّما هو لتركها في المسجد لا مطلقًا. وأجيب: بأنه استاذنه على الانفراد وغيره، وإلَّا لقال له: لا يصحُّ لك في مصلَّاك صلاة حتَّى يصلِّي معك غيرك. 41 - بَابٌ: هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ؟ وَهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي المَطَرِ؟ (باب: هل يصلِّي الإمام بمن حضر؟) أي: من ذوي الأعذار المرخصة للتخلُّفِ عن الجماعة. (وهل يخطب يوم الجمعة في المطر؟) أي: بمن حضر منهم، و (هل) في الموضعين بمعنى قد (¬1)، كما في {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ}. 668 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ، صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الحَارِثِ، قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ ذِي رَدْغٍ، فَأَمَرَ المُؤَذِّنَ لَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، قَالَ: قُلْ: "الصَّلاةُ فِي الرِّحَالِ"، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا، فَقَالَ: كَأَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا، "إِنَّ هَذَا فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي"، - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّهَا عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ. وَعَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: ¬

_ (¬1) هذا مذهب قوم من النحاة ووافقهم المصنف، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.

"كَرِهْتُ أَنْ أُؤَثِّمَكُمْ فَتَجِيئُونَ تَدُوسُونَ الطِّينَ إِلَى رُكَبِكُمْ". [انظر: 616 - مسلم: 699 - فتح: 2/ 157] (عبد الله بن عبد الوهاب) زاد في نسخة: "الحجبي" بفتح المهملة والجيم، نسبة لحجابةِ الكعبةِ. (عبد الحميد) أي: ابن دينار. (ردغ) براءٍ فدالٍ مهملة فغين معجمة. وفي نسخة: (رزغ) بزايٍ بدل الدَّالِ، ومعناها واحد: وهو طين رقيق. (الصلاة) بالرفع مبتدأ خبره (في الرحال) أي: رخصة فيها، وبالنصب بمقدر، أي: الزموها، والأمر فيه للإباحة لا للندب. (كأنهم) في نسخة: "فكأنهم". (أنكروا) أي: ذلك. (يعني النبي) في نسخة: "يعني رسول الله". (إنها) أي: الجمعة. (عزمة) أي: واجبة (وإنِّي) مع هذا (كرهتُ أن أحرجكم) أي: أُؤَثِّمَكم، وأضيق عليكم، وفي نسخة: "أخرجكم" بمعجمة بدل المهملة. (وعن حماد) عطفٌ علَى "حدثنا حماد". (عن عاصم) أي: الأحول. (نحوه) أي: نحو الحديث المذكور. (أُؤَثّمَكُم) بهمزة. مضمومة، ثم أخرى مفتوحة، من التأثيم، أو بهمزة مضمومة وواو مضارع آثمه بالمدّ من الإيثام، والمعنى فيهما واحد، وهو أوقعكم في الإثم. (فتجيئون) بثبوت النون، عطفًا على (أؤثمكم)، لكن على لغة من يرفع الفعل بعد أن، أو خبر مبتدأ محذوف أي: فأنتم تجيئون، وبحذفها عطفًا على (أؤثمكم) لكن على اللغة [من يرفع الفعل بعد أن، أو هو خبر لمبتدأ محذوف أي: فأنتم تجيئون، وبحذفها عطف على (أؤثمكم)

على اللغة] (¬1) المشهورة. (تدوسون) أي: تطئون، ويجوز حذف نونه بالعطف على (أؤثمكم) على اللغة السابقة. 669 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، فَقَالَ: جَاءَتْ سَحَابَةٌ، فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ السَّقْفُ، وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، "فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِي المَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ". [813، 836، 2016، 2018، 2027، 2036، 2040 - مسلم: 1167 - فتح: 2/ 157] (مسلم) في نسخة: "مسلم بن إبراهيم " (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (سألت أبا سعيد) أي: عن ليلة القدر. (سال السقف) مجاز، كسال الوادي. ووجه دلالة الحديث على صدر الترجمة: أنَّ العادة أن يوم المطر يتخلَّفُ بعض الناس عن الجماعة، فتكون صلاة الإمام بمن حضر فقط. 670 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ الصَّلاةَ مَعَكَ، وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا، "فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا، فَدَعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا، وَنَضَحَ طَرَفَ الحَصِيرِ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ"، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الجَارُودِ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ صَلَّاهَا إلا يَوْمَئِذٍ. [1179، 6080 - فتح: 2/ 157] (أنس بن سيرين) هو أخو محمد بن سيرين. (أنسًا) في نسخة: "أنس بن مالك". ¬

_ (¬1) من (م).

42 - باب: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة

(قال رجل) قيل: هو عتبان بن مالك. (ضخمًا) أي: سمينًا، وأشار به إلى علَّةِ تخلفه. (رجل من الجارود) اسمه: عبد الحميد بن المنذر بن الجارود العبديِّ. (لأنس) في نسخة: "لأنس بن مالك". (ما رأيته صلاها إلَّا يومئذٍ) نفي رؤيته لا يستلزم نفيَّ فعلها قبل فهو كقول عائشة - رضي الله عنها - (ما رأيته - صلى الله عليه وسلم - يصليها). وأما قولها في رواية: كان يصليها أربعًا (¬1) فالمثبت فعله لها لا رؤيتها له، بأن أثبته بإخباره، أو إخبار غيره. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: من جهة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلِّي بسائر الحاضرين عند غيبة الرجل الضخم. 42 - بَابٌ: إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: "يَبْدَأُ بِالعَشَاءِ" وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: "مِنْ فِقْهِ المَرْءِ إِقْبَالُهُ عَلَى حَاجَتِهِ حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلاتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ". (باب: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة) أي: فابدءُوا بالطعام. (بالعَشَاء) بفتح العين والمدِّ خلاف الغداء. (من فقهِ المرءِ إقبالُهُ على حاجته) أي: على قضائِها، وهي أعمُّ من الطعام. 671 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا وُضِعَ العَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ". [5465 - مسلم: 558 - فتح: 2/ 159] ¬

_ (¬1) رواه مسلم (719) كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى. والبيهقي 3/ 47 كتاب: الصلاة، باب: ذكر من رواها أربع ركعات.

672 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا قُدِّمَ العَشَاءُ، فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلاةَ المَغْرِبِ، وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ". [5463 - مسلم: 557 - فتح: 2/ 159] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (فابدءوا بالعشاءِ) أي: ندبا إذا اتسع الوقت. (ولا تعجلوا) بفتح الفوقية والجيم، وفي نسخة: بضم الفوقية وفتح الجيم أي: مبنيًّا للمفعول، من الثلاثي فيهما، وفي أخرى: بضم الفوقية، وكسر الجيم، من الرباعي. 673 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ وَلَا يَعْجَلْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: "يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ، وَتُقَامُ الصَّلاةُ، فَلَا يَأْتِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ". [674، 5465 - مسلم: 559 - فتح: 2/ 159] (عن أبي أسامة) هو حمَّاد. (وأقيمت الصلاة) أي: صلاة المغرب؛ لقوله في رواية: "فابدءوا به قبل أن تصلُّوا المغرب" (¬1) فاللَّام للعهد، وقيل: كلُّ صلاة، واللام للاستغراق، وهي أولى؛ نظرًا للعلة، وهي خوف ترك الخشوع في الصلاة. (ولا يعجل) أي: أحدكم. (حتَّى يفرغ منه) أي: من العشاءِ. (وإنَّه سمع) في نسخة: "وإنَّه ليسمع" والواو للحال. ¬

_ (¬1) سبقت برقم (672) كتاب: الأذان، باب: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة.

43 - باب: إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل

674 - وَقَالَ زُهَيْرٌ، وَوَهْبُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ، فَلَا يَعْجَلْ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ، وَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ"، رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عُثْمَانَ "وَوَهْبٌ مَدِينِيٌّ". [انظر: 673 - مسلم: 559 - فتح: 2/ 159] (زهير) أي: ابن معاويةَ الجعفي. (رواه إبراهيمُ) زاد في نسخةٍ قبله: "قال أبو عبدِ الله". (مدينيٌّ) في نسخةٍ: "مدني". وفي الباب: دليل على تقديمِ فضيلةِ الخشوعِ في الصلاةِ على فضيلةِ أولِ الوقتِ. 43 - بَابٌ: إِذَا دُعِيَ الإِمَامُ إِلَى الصَّلاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ (باب: إذا دُعِيَ الإمامُ إلى الصلاةِ وبيدهِ ما يأكل) أي: وقامَ إليها لم يحتج إلى وضوءٍ. 675 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ أَبَاهُ، قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ ذِرَاعًا يَحْتَزُّ مِنْهَا، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلاةِ، فَقَامَ، فَطَرَحَ السِّكِّينَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [انظر: 208 - مسلم: 355 - فتح: 2/ 162] (إبراهيمُ) أي: ابن سعدِ بن إبراهيم بن عبد الرحمنِ بن عوف الزهري. (عن صالحٍ) أي: ابن كيسانَ. (ذراعًا) أي: من شاةٍ. (يحتزُّ) بمهملة وزاي، أي: يقطعُ. (منها) أي: من لحمِها بسكين. (فَطَرَح السِّكِّيَن، فصلى) قطعَ الأكلَ للصلاةِ مع أنه أمر غيرهَ بتقديمِ الأكل؛ إما لأنه قضَى حاجته من الأكلِ، أو لأنه أخذ في خاصةِ

44 - باب: من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج

نفسهِ بالعزيمةِ، وفي أمر غيرهِ بالرخصةِ؛ لأنَّ غيره لا يقوى على مدافعةِ الشهوةِ قوته. وفي الحديث: ردٌّ على الظاهريةِ القائلينَ بأنَّه لا يجوزُ صلاةُ من حضرَ الطعام بين يديه. 44 - بَابٌ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَخَرَجَ (باب: من كان في حاجةِ أهله فأقيمتِ الصلاة فخرج) أي: بابُ ندبِ خروجِ من كانَ في حاجة أهلهِ إلى الصلاةِ. 676 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: "كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ". [5363، 6039 - فتح: 2/ 162] (شعبة) أي: ابن الحجاجِ. (الحكم) أي: ابن عتيبةَ: مصغر العتبة. (عن إبراهيمَ) أي: النخعي. (عن الأسودِ) أي: ابن يزيدَ النخعي. (كان يكون) فائدة تكرير الكونِ: استمرارُه - صلى الله عليه وسلم - على مهنةِ أهلهِ، واسم (كانَ) ضمير والشأنِ، واسمُ (يكون) ضميرُ النبي - صلى الله عليه وسلم -. (في مهنةِ أهله) بفتح الميمِ، وكسرِها، مع سكونِ الهاءِ فيهما، وفتحها في الأولِ، وفي نسخةٍ: "في مهنةِ بيت أهله" وإضافةُ البيتِ فيها إلى أهلهِ؛ لملابسةِ السكنى وإلا فالبيتُ له - صلى الله عليه وسلم -. (تعني) أي: عائشةُ. (بمهنةِ أهلهِ) خدمةِ أهلهِ بالنصبِ على الأصلِ، وبالجر؛ على الحكاية. (فإذا حضرتِ الصلاةُ) أي: وقتها، بأن سمعَ المؤذن، كما في رواية (¬1). ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (5363) كتاب: النفقات، باب: خدمة الرجل في أهله. من رواية: ابن عرعرة.

45 - باب: من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته

وفي الحديث: أنَّ الأئمة يتولون أمورَهم بأنفسِهم، وأنه من فعل الصالحين. 45 - بَابٌ: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ إلا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّتَهُ (باب: من صلى بالناسِ وهو لا يريدُ إلَّا أن يعلمهم صلاة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وسنتَه). أي: باب بيان صلاةِ من صلى بهم؛ ليعلمهم صلاةَ النبي. (وسنتَه) أي: طريقته. 677 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَالَ: جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ - فِي مَسْجِدِنَا هَذَا - فَقَالَ: إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلاةَ، أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَقُلْتُ لِأَبِي قِلابَةَ: كَيْفَ كَانَ يُصَلِّي؟ قَالَ: مِثْلَ شَيْخِنَا هَذَا، قَالَ: وَكَانَ شَيْخًا، "يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى". [802، 818، 824 - فتح: 2/ 163] (وهيب) أي: ابن خالدٍ. (أيوبُ) أي: ابن أبي تميمةَ السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبدُ الله بنُ زيد. (في مسجدنا هذا) أي: مسجد البصرةِ. (فقالَ) في نسخة: "قال". (بكم) في نسخة: "لكم" أي: لأجلِكم (وما أريدُ الصلاةَ) أي: فقط لأنه ليسَ وقت فرضِها أي: لأني صلَّيت، ولكن أريدُ مع الصلاةِ أن أعلمكم صلاةَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهي عبادةٌ من حيثُ تعليم الشريعة، وأشارَ إلى ما ذكرَ بقولهِ: (أُصَلِّي): أي: هذه الصلاةَ. (كيفَ) مفعولُ فعلٍ مقدر أي: لأريكم كيف (رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي) لكن كيفية الرؤيةِ لا يمكنُ أن يريهم إيَّاها، فالمرادُ: لازمها وهو كيفيةُ صلاته - صلى الله عليه وسلم -. (مِثلَ

46 - باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة

شيخنا هذا) أي: مثل صلاتِه، واسمه: عمرو بن سلمةَ، بكسر اللام، كما سيأتي في باب: المكثُ بين السجدتينِ (¬1). (وكان شيخنا) في نسخةٍ: "وكانَ الشيخُ". (في الركعةِ) متعلقٌ بالسجودِ لا ينهض وإلَّا لقال: من الركعة وهو خبرٌ لمبتدأ محذوف أي: هذا الجلوسُ كان فيها، أو أنَّ في بمعنى: من (¬2). والغرض: بيان ندبية جلوس الاستراحةِ، وفيه أيضًا: جوازُ تعليمِ الصلاة عِملا وعيانًا، كما فعلَ جبريلُ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). 46 - بَابٌ: أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ (باب: أهل العلمِ والفضلِ أَحقُّ بالإمامةِ) أي: من غيرهم. 678 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَقَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، قَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" فَعَادَتْ، فَقَالَ: "مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ" فَأَتَاهُ الرَّسُولُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [3385 - مسلم: 420 - فتح: 2/ 164] (حدَّثنا إسحاق) في نسخةٍ: "حدثني إسحق". ونسبَ إلى جدِّهِ؛ لشهرتهِ بهِ، وإلَّا فهو ابن إبراهيمَ بن إسحق. (حسين) هو ابن عليِّ بنُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (818) كتاب: الأذان، باب: المكث بين السجدتين. (¬2) مجيء (في) بمعنى: (من) قاله الكوفيون ووافقهم الأصمعيُّ وابن قتيبة والزجاجي، وجعلوا من ذلك قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا}. (¬3) وهذه الرواية سبقت برقم (521) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: مواقيت الصلاة وفضلها.

الوليدِ الجعفي. (عن زائدةَ) أي: ابن قدامةَ. (فلْيصل) بسكونِ اللامِ الأولى، وفي نسخة: بكسرِها وزيادةِ ياءٍ مفتوحة في آخرهِ فيها وفي الاثنيين بعدها. (مروا أبا بكرٍ) في نسخةٍ: "مري أبا بكرٍ". (الرسولُ) هو بلالٌ كما يأتي. (بالناسِ) في نسخةٍ: "للناسِ" أي: لأجلِهم. 679 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ" قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ، فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ" فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 2/ 164] (فقالتْ) في نسخةٍ: "قالتْ". (للناسِ) في نسخةٍ: "بالناسِ". (مَهْ) اسمُ فعل مبني على السكونِ، زجر بمعنى: اكففي. (إنكنَّ) في نسخةٍ: "فإنكنَّ" وسبق تفسيرُ الحديثِ وما قبلَه (¬1). 680 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ - وَكَانَ تَبِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَدَمَهُ وَصَحِبَهُ - أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلاةِ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتْرَ الحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَكَصَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (198) كتاب: الوضوء، باب: الغسل والوضوء في المخضب والقدح.

أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجٌ إِلَى الصَّلاةِ "فَأَشَارَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ وَأَرْخَى السِّتْرَ فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ". [681، 754، 1205، 4448 - مسلم: 419 - فتح: 2/ 164] (تبع النبي) أي: في العقائدِ والأقوالِ والأخلاقِ. (وخدمَه) أي: عشر سنين. (يصلي بهم) في نسخةٍ: "يصلي لهم". (كان يومَ الاثنين) برفع يومٍ على أنَّ كان تامة، وبنصبه على أنَّها ناقصةٌ وهو خبرُها. (ينظرُ إلينا) في نسخةٍ: "فنظرَ إليها". (ورقة مصحف) بتثليث الميم، ووجه التشبيهِ: حسنُ الوجه وصفاءُ البشرةِ والجمالُ البارعِ. (يضحك) حالُ، وفي نسخةٍ: "فضحكَ" أي: فُسر فرحًا باجتماعهم على الصلاةِ واتفاقِ كلمتِهم، وإقامةِ شريعتهِ؛ ولهذَا استنارَ وجهُه الكريمُ. (فَهَهَمْنا) أي: قصدنا (أنْ نفتتَن) بأن نخرج من الصلاة. (فنكَصَ) أي: رجعَ (ليصلَ الصفَّ) أي: ليصلَ إليهِ (فتوفي) في نسخةٍ: "وتوفي ". 681 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "لَمْ يَخْرُجِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثًا"، فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَقَدَّمُ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِالحِجَابِ فَرَفَعَهُ، فَلَمَّا وَضَحَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا نَظَرْنَا مَنْظَرًا كَانَ أَعْجَبَ إِلَيْنَا مِنْ وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وَضَحَ لَنَا، فَأَوْمَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَأَرْخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحِجَابَ، فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ". [انظر: 680 - مسلم: 419 - فتح: 2/ 164] (عن أنسٍ) في نسخة: "عن أنسِ بن مالكِ". (ثلاثًا) أي: ثلاثةَ أيامٍ. (يتقدَّمُ) في نسخةٍ: "فتقدَّمَ". (فقالَ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجابِ) الذي على بابِ الحجرةِ أي: فأخذَهُ فأقامَ القولَ مقام الفعلِ. (وَضَحَ) أي: ظَهَرَ. (ما رأينَا) في نسخةٍ: "ما نظرنَا". (أن يتقدَّمَ) أي: بالتقدمِ. (فلم يُقدر عليهِ) بضم الياءِ، وفتحِ الدالِ، أو بنونٍ مفتوحةٍ، وكسرِ الدالِ.

وفي الحديث: أنَّ أبا بكرِ خليفةٌ في الصلاةِ إلى موتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يُعزل كما زعمتِ الشيعةُ أنه عزل بخروجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقدُّمه وتخلف أبي بكر، وفيما قبله: أنَّ الخطوةَ والخطوتين لا تبطلُ الصلاةَ -قاله الكرمانيُّ (¬1). 682 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ قِيلَ لَهُ فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَرَأَ غَلَبَهُ البُكَاءُ، قَالَ: "مُرُوهُ فَيُصَلِّي" فَعَاوَدَتْهُ، قَالَ: "مُرُوهُ فَيُصَلِّي، إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ" تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الكَلْبِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ عُقَيْلٌ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح: 2/ 165] (وحدَّثنا ابن وهب) هو عبد الله، وفي نسخةٍ: "حدَّثني ابن وهبِ". (يونس) هو ابن يزيد الأيليُّ. (في الصلاةِ) أي: في شأنِها. (فقالَ: مروا) في نسخة: "قالَ: مروا". (فعاودته) أي: عائشةُ، وفي نسخةٍ: "فعاودنَهُ" أي: عائشة ومن معها. (قالَ: مروه) في نسخة: (فقالَ: مروه". (إنكنَّ) في نسخةٍ: "فإنكنَّ". (تابعه) أي: تابع يونسَ. (الزبيديُّ) بضمِّ الزاي وفتحِ الموحدةِ: محمدُ بنُ الوليدِ الحمصي. (وقال عقيلٌ) بضمِّ المهملةِ: أي: ابن خالدِ الأيليُّ. (عن حمزةَ) وهو ابن عبدِ الله بنُ عمرَ بن الخطابِ. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 63.

47 - باب من قام إلى جنب الإمام لعلة

47 - بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ (باب: من قامَ) أي: من المصلينَ (إلَى جنب الإمام لعلة) به اقتضتْ ذلك. 683 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ"، فَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ، قَال عُرْوَةُ: فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْخَرَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ: "أَنْ كَمَا أَنْتَ"، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِذَاءَ أَبِي بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ". [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 2/ 166] (حدثنا ابن نمير) في نسخة: "أخبرنا ابن نمير" واسمُه: عبدُ الله. (في نفسهِ) في نسخة: "من نفسهِ" (استأخر) أي: تأخَّر، وزادَ في نسخة: "إليهِ". (كما أنتَ) ما موصولة، و (أنت) مبتدأٌ خبره محذوفٌ أي: عليه، أو فيهِ، والكاف للتشبيهِ. أي: كن مشابهًا لما أنت عليه، أي: يكون حالك في المستقبل مشابهًا لحالك في الماضي، أو الكاف زائدة. أي: الزم الذي أنت عليه وهو الإمامة. (حَذَاء أبي بكر) بذال معجمة أي: محازيا له من جهة الجنب بحيث لم يتقدم بعقبه عليه. (والناس يصلون) لفظ (يصلون) ساقط من نسخة، ومرَّ تفسير الحديث (¬1). 48 - بَابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ، فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ، فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ، جَازَتْ صَلاَتُهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (198) كتاب: الضوء، باب: الغسل الوضوء في المخضب والقدح. وبرقم (697) كتاب: الأذان، باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة.

(باب: من دخل ليؤم، فجاء الإمام الأول) أي: الراتب فتأخر الأول أي: النائب عن الراتب فهو أول في هذه الصلاة، وذاك أول في كونه راتبا، وقول النحاة: إنَّ المعرفة المعاودة عين الأول، محله: حيث لا قرينة، وهنا قرينة، وفي نسخةٍ: "فتأخر الآخر" (أولم يتأخر جازت صلاته فيه) أي: في كلٍّ من التأخر وعدمه فيه. (عائشة) أي: ما روته حيث دوّن الأول في الباب السابق بلفظ: (فلما رآه استأخر) (¬1) والثاني في باب حد المريض بلفظ (فأراد أبو بكر أن يتأخر إلخ) (¬2). 684 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَحَانَتِ الصَّلاةُ، فَجَاءَ المُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَال: أَتُصَلِّي لِلنَّاسِ فَأُقِيمَ؟ قَال: نَعَمْ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ فِي الصَّلاةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلاتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ التَفَتَ، فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ"، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: "يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ" فَقَال أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ، مَنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاتِهِ، فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ التُفِتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ". [1201، 1204، 1218، 1234، 2690، 2693، 7190 - مسلم: 421 - فتح: 2/ 167] (عن أبي حازم) اسمه: سلمة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (683) كتاب: الأذان، باب: من قام إلى جنب لعلة. (¬2) سبق برقم (664) كتاب: الأذان، باب: حد المريض أن يشهد الجماعة.

49 - باب: إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم

(ذهب) أي: بعد أن صلى الظهر. (فحانت الصلاة) أي: صلاة العصر. (فأقيم) بالرفع: خبر مبتدأ محذوف أي: فأنا أقيم، وبالنصب: جواب الاستفهام قبله. (فصلَّى أبو بكر) أي: دخل في الصلاة. (فتخلَّص) أي: من شق الصفوف. (على ما أمره) في نسخةٍ: "على ما أمر". (من ذلك) أي: من الوجاهة في الدِّين. (إذًا) أي: حين. (لابن أبي قحافة) بضم القاف: وهو عثمان بن عامر، أسلم في الفتح، ولم يقل: لي ولا لأبي بكر؛ لقصد التحقير لنفسه والاستصغار لمرتبته بالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم -. (من رابه شيءٌ) أي: رأى منه ما يريبه فيكرهه، قاله الجوهريُّ، وفي نسخةٍ: "من نابه شيءٌ" أي: أصابه. (فليسبح) أي: بأن يقول: سبحان الله. (التفت) بالبناء للمفعول. وفي الحديث: الإصلاح بين الناس، وأنَّ المسبوقَ يدخل في الصَّف، وأنَّ المصلي لا يلتفت إلا لشدةِ حاجة، وتعظيمُ الأفضل وتقديمه، وإظهار الاستصغار عند الأكابر، ورفع اليدين بالدعاء، وأنَّ التابع إذا أمره المتبوع بشيء يفهم منه إكرامَه به، لا يجب عليه فعله، ولا يكون بتركه مخالفا للأمرِ، بل أدبا، وأنَّ المؤذن هو الذي يقيم. وجواز خرق الإمام الصفوف، وانتظار الإمام ما لم يخش فوات الوقت الفاضل، وشكر الله على الوجاهة في الدين كما مر، وغير ذلك. 49 - بَابٌ: إِذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ (باب: إذا استووا) أي: الحاضرون للصلاة. (في القراءة فليؤمهم أكبرهم). أي: سنًّا في الإسلام كما مرَّ. 685 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ، قَال: قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ، فَلَبِثْنَا عِنْدَهُ

50 - باب إذا زار الإمام قوما فأمهم

نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا فَقَال: "لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى بِلادِكُمْ، فَعَلَّمْتُمُوهُمْ مُرُوهُمْ، فَلْيُصَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ". [انظر: 628 - مسلم: 674 - فتح: 2/ 170] (لو رجعتم) جواب (لو) محذوف. أي: لكان خيرا لكم، أو هي للتمني فلا جواب لها (فعلمتموهم) أي: دينهم وهو عطف على (رجعتم). (مروهم) استئنافٌ، كأنه قيل: ماذا نعلمهم؟ فقال: مروهم بالطاعات كذا وكذا، والأمر بها مستلزم للتعليم، ويجوز أن يكون جوابا لـ (لو) بجعلها بمعنى إذا، ومر تفسير الحديث (¬1). 50 - بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ (باب: إذا زار الإمام قومًا فأمهم) أي: في الصلاة بإذنهم له، فهو جائز. 686 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَال: سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصارِيَّ، قَال: اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذِنْتُ لَهُ فَقَال: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ " فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ، فَقَامَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا. [انظر: 424 - مسلم: 33 - فتح: 2/ 172] (أخبرنا عبد الله) أي: ابن المبارك، وفي نسخةٍ: "حدثنا عبد الله". (مُعَمر) أي: ابن راشد. (استأذن النبيُّ) وفي نسخةٍ: "استأذن على النبي". (وصففنا) بفائين ¬

_ (¬1) سبق برقم (628) كتاب: الأذان، باب: من قال ليؤذِّن في السفر.

51 - باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به

مفتوحة، فساكنة، فـ (نا) فاعل (¬1) وفي نسخةٍ: "وصفنا" بفاءٍ مشددةٍ، فـ (نا) مفعول (¬2) والفاعلُ ضميرٌ يعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (وسلمنا) في نسخةٍ: "فسلَّمنا". 51 - بَابٌ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ بِالنَّاسِ وَهُوَ جَالِسٌ. [انظر: 98] وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: "إِذَا رَفَعَ قَبْلَ الإِمَامِ يَعُودُ، فَيَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا رَفَعَ، ثُمَّ يَتْبَعُ الإِمَامَ" وَقَال الحَسَنُ: "فِيمَنْ يَرْكَعُ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ، يَسْجُدُ لِلرَّكْعَةِ الآخِرَةِ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الأُولَى بِسُجُودِهَا، وَفِيمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً حَتَّى قَامَ: يَسْجُدُ". (باب: إنما جعل الإمام) اللام فيه للجنس، أو للعهد الذهني، والمعنى: إنما جعل للناس إمامٌ للصلاة. (ليؤتم به) أي: يقتدى به فيها. (وهو جالس) أي: والناس خلفه قياما، ولم يأمرهم بالجلوس، فهو كالذي بعده مخصصٌ؛ لعموم خبر: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" (¬3) الموافق له الترجمة. (إذا رفع) أي: من الركوع أو السجود. (يعود. . . . إلخ) إنما يعود إذا لم يرفع الإمام رأسه، وإلا فلا يعود، وسبقه بركنٍ بلا ¬

_ (¬1) فهي هنا ضمير رفع. (¬2) فهي هنا ضمير نصب، و (نا) تكون ضمير رفع، ونصب، وجر. (¬3) سيأتي برقم (688) كتاب: الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليأتم به.

عذر لا يضر وإن كان حرامًا. (فيمن يركع مع الإمام ركعتين) أي: ركوعين. (ولا يقدر على السجود فيهما) لنحو زحمة. (يسجد للركعة الآخرة) في نسخةٍ: "الأخيرة". (سجدتين ثم يقضي) أي: يؤدي الركعة الأولى بسجودِها، إنما لم يقل الثانية؛ لاتصالِ الركوع الثاني بالأوَّل، ثم ما ذكره وجهٌ عند الشافعيَّة. والأصح: أنه يحسب ركوعه الأول [فركعته] (¬1) ملفقة من ركوع الأولى، وسجودِ الثانية. (وفيمن نسي سجدة حتى قام يسجد) أي: ويطرحُ القيامَ الذي صلى بغير نظم الصلاة. 687 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَال: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَال: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: أَلا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالتْ: بَلَى، ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَصَلَّى النَّاسُ؟ " قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، قَال: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ". قَالتْ: فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ، فَذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصَلَّى النَّاسُ؟ " قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ" قَالتْ: فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَال: "أَصَلَّى النَّاسُ؟ " قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ"، فَقَعَدَ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَال: "أَصَلَّى النَّاسُ؟ " فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي المَسْجِدِ، يَنْتَظِرُونَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ لِصَلاةِ العِشَاءِ الآخِرَةِ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ - وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا -: يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَال لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ، فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الأَيَّامَ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ¬

_ (¬1) من (م).

أَحَدُهُمَا العَبَّاسُ لِصَلاةِ الظُّهْرِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ، قَال: أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِهِ، فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، قَال: فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُوَ يَأْتَمُّ بِصَلاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ، قَال عُبَيْدُ اللَّهِ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَلا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: هَاتِ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَدِيثَهَا، فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ قَال: أَسَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ مَعَ العَبَّاسِ قُلْتُ: لَا، قَال: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 2/ 172] (أحمد بن يونس) نسبة لجده لشهرته به، وإلا فهو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي. (زائده) أي: ابن قدامة البكري. (عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) لفظ: (بن عتبة): ساقطٌ من نسخةٍ. (ألا) بالتخفيف للعرض والافتتاح. (قلنا: لا، هم) في نسخةٍ: "فقلنا: لا هم"، وفي أخرى: "فقلنا: لا يا رسول الله، وهم". (ضعوا لي) في نسخةٍ: "هنا" وفيما يأتي (ضعوني) بالنون، فعليها (ماء) نُصب بنزع الخافض، أو بـ (ضعوني) بتضمينه معنى: آتوني بالمد. (في المخضب) بكسر الميم، وسكون الخاء وفتح الضاد المعجمتين المركن: وهو الإجانة. (ففعلنا) أي: ما أمر به. (فاغتسل) في نسخةٍ: "فقعد فاغتسل". (فذهب) في نسخةٍ: "ثم ذهب". (لينوء) بالمد والهمز أي: ليقوم. (فأغمى عليه) أُخذ منه: جواز الإغماء على الأنبياء؛ لأنه إنَّما يعطل الحس والحركة، فهو مرضٌ، بخلاف الجنون؛ لأنه يزيل العقلَ فهو نقصٌ. (فقلنا) في نسخةٍ: "قلنا". (عكوف) أي: جمع عاكف أي: مجتمعون. (ينتظرون النبيَّ) في نسخةٍ: "ينتظرون رسول الله". (لصلاة العشاء الآخرة) كأنَّ الراوي فسر الصلاة المسئول عنها في قوله: (أصلى الناس؟) أي: الصلاة المسئول عنها هي العشاء الآخرة.

(فقال أبو بكر وكان رجلًا رقيقًا: يا عمر، صلِّ بالناس) قال ذلك؛ تواضعًا، أو لأنه فهم أنَّ أمر الرسول فيما ذكر ليس للإيجاب، أو للعذر المذكور. (أنت أحقُّ بذلك) أي: لفضيلتك، أو لأمر الرسول إياك، ففيه: الثناء في الوجه لمن أُمن عليه الإعجاب والفتنة. (تلك الأيام) أي: أيام مرضه - صلى الله عليه وسلم -. (فخرج) في نسخةٍ: "وخرج". (لصلاة الظهر) فيه مع تصريح الشافعيِّ بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل بالناس في مرض موته إلا في هذه الصلاة التي صلى فيها قاعدًا فقط: ردٌّ على من زعم أنها الصبح. (قال) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (للعباس وللآخر: أجلساني إلخ). (وهو قائمٌ) في نسخةٍ: "وهو يأتم". (بصلاة النبي) في نسخةٍ: "بصلاة رسول الله". (قال عبيد الله) في نسخةٍ: "وقال عبيد الله". (عن مرض النبيِّ) في نسخةٍ: "عن مرض رسول الله". (هاتِ) بالكسر، وقد تشبع وبه يُردُّ على من زعم: أنها اسم فاعل؛ لأنَّ الضمائر المباشرة لا تدخل إلا على الأفعال. (وهو عليُّ) في نسخةٍ: "وهو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ". 688 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا". [1113، 1236، 5658 - مسلم: 412 - فتح: 2/ 173] (صلى رسول الله) في نسخةٍ: "صلى النبيّ". (شاكٍ) بالتخفيف، وأصله: شاكي استثقلت الضمة على الياء فحذفت، وفي نسخةٍ: "شاكي" أي: موجع من فك قدميه بسبب سقوطه عن فرسه. (فأشار

إليهم) في نسخةٍ: "فأشار عليهم". (وإذا رفع فارفعوا) زاد في نسخةٍ: "وإذا قال: سمع الله لمن حمد، فقولوا: ربنا ولك الحمدُ" وفي أخرى: "لك الحمدُ" بلا واو. 689 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا، فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَصَلَّى صَلاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ " قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَال الحُمَيْدِيُّ: قَوْلُهُ: "إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا" بهُوَ فِي مَرَضِهِ القَدِيمِ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا، لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالقُعُودِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ، مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 378 - مسلم: 411 - فتح: 2/ 173] (فصُرع) بضم الصاد، وكسر الراء، أي: سقط. (فجحش) أي: خدش (فإذا) في نسخةٍ: "وإذا". (صلَّى قائمًا فصلوا قيامًا) ساقطٌ من نسخةٍ. (أجمعون) تأكيد لضمير (صلوا) وفي نسخةٍ: "أجمعين" بالنصب حال. أي: جلوسًا مجتمعين، أو تأكيد لـ (جلوسًا)، أو لمضمر مقدَّرٍ منصوب، أي: أعنيكم أجمعين. (قال أبو عبد الله) ساقطٌ من نسخةٍ. (الحميديُّ) هو عبد الله بن الزبير. (قوله: "إذا صلَّى جالسًا فصلوا جلوسًا") هو في مرضه القديم في نسخةٍ: بدل ما ذكر: "قال الحميدي: هذا منسوخٌ" لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى في مرضه الذي مات فيه (والناس خلفه قيامًا). [بنصب قيامًا] (¬1) على ¬

_ (¬1) من (م).

52 - باب: متى يسجد من خلف الإمام؟

الحال من المبتدأ وهو: الناس، أو من الضمير فيما تعلق به الخبر، إذ المعنى: والناس يصلون خلفه وفي نسخةٍ: "قيام" بالرفع خبر ثان (من فعل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) في نسخةٍ: "من فعل رسول الله". 52 - بابٌ: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ؟ قَال أَنَسٌ: "فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا". [انظر: 378] (باب: متى يسجد مَنْ خلف الإمام) أي: بيان وقت سجوده بعد الرفع من الركوع أو السجدة الأولى. (قال أنس: فإذا سجد فاسجدوا) في نسخةٍ: "وقال أنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إذا سجد فاسجدوا". 690 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، قَال: حَدَّثَنِي البَرَاءُ - وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ -، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ، حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ". حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، نَحْوَهُ بِهَذَا. [747، 811 - مسلم: 474 - فتح: 2/ 181] (عن سفيان) أي: الثوري. (أبو إسحق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (حدثني البراء) في نسخة: "حدثنا البراء بن عازب". (وهو غير كذوب) الضمير لعبد الله من كلام أبي إسحق فيه، لا البراء من كلام عبد الله فيه؛ لأنَّ البراء صحابيٌّ لا يحتاج إلى تزكية، كغيره من بقية الصحابة، كذا قيل، ورُدَّ بأن عبد الله صحابيٌّ أيضًا، وبأن المراد بما ذكر: تقوية الحديث، والمبالغة في تمكينه من النفس، لا

53 - باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام

التزكية التي تكون في مشكوكِ فيه ثم المراد بذلك بقرينة السياق: نفي مطلق الكذب الذي هو المطلوب، لا نفي المبالغة فيه على ما يقتضيه صيغة: فعول. (ساجدًا) حال. (ثم نقع سجودًا بعده) أي: حيث يتأخر ابتداء فعلهم عن ابتداء فعله ويتقدم ابتداء فعلهم على فراغه من السجود. (حدثنا أبو نعيم) هو الفضل بن دكين، وفي نسخة: "قال: وحدثنا أبو نعيم". (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي إسحق) أي: السبيعي. (نحوه) أي: نحو الحديث. (بهذا) أي: بهذا الإسناد، و (هذا) ساقط من نسخة. وهو مع قوله: "حدثنا أبو نعيم. . . . إلخ" ساقطٌ من أخرى. 53 - بَابُ إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ (باب: إثم من رفع رأسه) أي: من الركوع أو السجود أو منهما. (قبل الإمام) أي: قبل رفع رأسه من ذلك. 691 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ - أَوْ: لَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ، أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ". [مسلم: 427 - فتح: 2/ 182] (سمعت) في نسخة: "قال: سمعت". (أما يخشى. . . . إلخ) الشكُّ فيه من الراوي، و (أَمَا) و (أَلَا) بتخفيفهما: حرفا استفتاح، وفي نسخة: "أو لا" بدل: (أو ألا). (أن يجعل الله رأسه إلخ) شكٌّ فيه من الراوي، وخصَّ

54 - باب إمامة العبد والمولى

الرأس؛ لأنها التي جنت، وجعلها رأس حمار هو باقٍ على ظاهره؛ إذ لا مانع عند الأكثرين من وقوع المسخ في هذه الأمة، وقيل: مجاز عن البلادة الموصوف بها الحمار. ثم الحديث يقتضي تحريم ذلك للتوعدِ عليه بالمسخ وهو كذلك، وإن لم يبطل الصلاة كما جزم به النووي (¬1). 54 - بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى وَكَانَتْ عَائِشَةُ: "يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِنَ المُصْحَفِ" وَوَلَدِ البَغِيِّ وَالأَعْرَابِيِّ، وَالغُلامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ " لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ". (باب: إمامة العبد والمولى) أي: العتيق، وفي نسخة: "والموالي". (وكانت) في نسخة: "وكان" وهي شاذة. (ذَكْوان) بفتح المعجمة وسكون الكاف. (من المصحف) أي: بأن ينظر فيه ويقرأ منه، ولم يقترن به ما يبطل الصلاة، وعطف على العبد مدخولات الواوات في قوله: (وولد البغيِّ) بتشديد الياءِ: الزانية. (والأعرابيّ) بياء النسب إلى الجمع؛ لأنه صار علمًا فهو كالمفرد، والأعراب: سكان البادية. (والغلام) أي: المميز الذي لم يحتلم أو لم يبلغ، فلا تكره إمامة الثلاثة، كما لا تكره إمامة العبد إن لم يصدر منهم فعل منكر، ومن كرهها نظر في الأول إلى فعل أبويه، وفي الثاني إلى غلبة جهله بحدود الصلاة، وفي الثالث إلى الغالب من عدم تحفظ الصبي عما يطلب في الصلاة، ثم علَّل جواز إمامة من ذكر [بالأقرأ] (¬2) ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 157. (¬2) من (م).

المذكورة بقوله: (لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله") أي: من المذكورين وغيرهم. والمراد بالأقرأ: الأكثر قرآنا. (ولا يمنع العبد من الجماعة بغير علة)، أي: حاجة للسيد، وفي نسخة: "لغير علة". وقوله: (يمنع. . . . إلخ) ساقط من أخرى. 692 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: "لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ العُصْبَةَ - مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ - قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا". [7175 - فتح: 2/ 184] (عن ابن عمر) في نسخة: "عن عبد الله بن عمر". (العصبة) بالنصب على الظرفية. لـ (قدم) وهو بفتح العين المهملة، وضمِّها مع سكون الصاد المهملة فيهما. (موضع) بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف كما عرف، وفي نسخة: "موضعًا" بالنصب بدلٌ من العصبة، أو بيانٌ لها. (بقباء) مذكر مصروفٌ ممدودٌ على المَشهور. (كان يؤمهم سالم) هو اسم كان. (أبي حذيفة) هو هشام، وقيل: مهشم بن عتبة بضمِّ المهملة وسكون الفوقية: ابن ربيعة. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: إمامة سالم بهم، فإنها كانت قبل عتقه. 693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ". [696، 7142 - فتح: 2/ 184] (يحيى) هو ابن سعيد القطان. (حدثني أبو التيَّاحِ) في نسخة: "حدثنا أبو التياح" وهو يزيد بن حميد الضبعي. (عن أنس) في نسخة: "أنس بن مالك".

55 - باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه

(كأن رأسه زبيبة) أي: في شدة السواد، أو في صغر الرأس كما هو معروفٌ في الحبشة، وفسر الكرمانيُّ الزبيبة بجبة من العنب يابسة سوداء، ثم قال: وهذا تمثيل في الحقارة وسماجة الصورة، وعدم الاعتداد بها (¬1). ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن العبد إذا صار واليًا بشوكة يقدم في إمامة الصَّلاة، أو أنه إذا أمر بطاعته أمر بالصلاة خلفه. 55 - بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ (باب: إذا لم يُتم الإمام) أي: الصلاة. (وأتمَّ من خلفه) جواب (إذا) محذوف، أي: لا يضرهم ذلك، وفي نسخة: "أتمَّ من خلفه" بغير واو فهو جواب (إذا). 694 - حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، قَال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ". [فتح: 2/ 187] (الأشيب) بهمزة مفتوحة، فمعجمة ساكنة، فتحتية مفتوحة، فموحدة. (حدثنا عبد الرحمن) في نسخة: "حدثني عبد الرحمن". (يصلُّون) أي: الأئمة. (لكم) أي: لأجلكم. (فإن أصابوا) أي: في الأركان والشروط والسنن. (فلكم) أي: ثواب صلاتكم كما أنَّ لهم ثواب صلاتهم. (وإن أخطئوا) أي: ارتكبوا الخطيئة في صلاتهم كأن صلَّوا محدثين. (فلكم) أي: ثواب صلاتكم. (وعليهم) أي: عقاب أخطائهم؛ لأن على تستعملُ في الشرِّ، واللَّام في الخير. ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 75.

56 - باب إمامة المفتون والمبتدع

56 - بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ (¬1). وَقَال الحَسَنُ: "صَلِّ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ". (باب) جواز (إمامة المفتون) أي: من فتن بذهاب عقله وماله فضلَّ عن الحقِّ. (والمبتدع) أيُّ بدعة قبيحةٍ تخالف الكتاب والسنة والإجماع. (وعليه بدعته) أي: إثمها. 695 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، - وَهُوَ مَحْصُورٌ - فَقَال: إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى، وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ، وَنَتَحَرَّجُ؟ فَقَال: "الصَّلاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ" وَقَال الزُّبَيْدِيُّ، قَال: الزُّهْرِيُّ: "لَا نَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ المُخَنَّثِ إلا مِنْ ضَرُورَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا". [فتح: 2/ 188] (وقال أبو عبد الله) أي: البخاريُّ، وفي نسخة: "وقال محمد بن إسماعيل" وكلٌّ منهما ساقطٌ من أخرى. (وقال لنا محمد) أي: مذاكرة لا تحملًا وإلا لقال: حدثنا. (عن حميد) بالتصغير. (خيار) بكسر المعجمة وتخفيف التحتية، وفي نسخة: "الخيار". (محصور) أي: محبوس في الدَّار ممنوع من الأمور. (إمامُ عامة) بالإضافة، أي: إمام جماعةٍ. ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 49: فيه حديث أنس ووجه الموافقة منه للترجمة: أن الصفات المذكورة لا توجد غالبا إلا فيمن هو في غاية الجهل لقرب عهده بإسلامه وعجبته فيمن هو مفتون إذ لولا ذلك لما أهل للإمامة. والإمارة وإمارة مثل هذا، وإمامته بدعة ظاهرة فطابق الحديث الترجمة لما ذكرناه.

(ما ترى) بفوقية، أي: من خروج الخوارج عليك وحبسك في دارك، وفي نسخة: بنون. (ويصلي لنا) أي: نزل بك ما ترى، والحالة أنه يؤمناه (إمامُ فتنة) أي: رئيسها الذي حصر عثمان واختلف فيه، فقيل: إنه عبد الرحمن بن عُديسٍ البلوي (¬1)، وقيل: كنانة بن بِشر (¬2)، قال شيخنا: وهو المراد هنا، انتهى (¬3). وقول عبيد الله: (ويصلِّي لنا إمامُ فتنة) أي: في الجملة، وإلَّا فقد صلى بهم غيره كعلي، وأبي أمامة بن سهل، وأبي أيوبَ الأنصاري بإذن عثمان وهو محصور. (ونتحرج) أي: نتأثم بمتابعته. (الزُّبيدى) بضمِّ الزاي: محمد بن الوليد الشامي. (أن يُصلَّى) بضمِّ التحتية وفتح اللام. (خلف المخنث) بكسر النون أفصح وأشهر من فتحها، وقيل الكسر أفصح والفتح أشهر: وهو من يتخلَّق بخلق النساءِ، والمذموم منه من يتكلفه ويتصنعه لا من به ذلك خِلْقة؛ وذلك لأن الإمامة لأهل الفضل، والمخنث مفتونٌ؛ لتشبهه بالنساءِ كالمبتدع، فإن كلا مفتون في طائفته فكرهت إمامته. (إلا من ضرورة لا بد منها) كخوف، أو ثوران فتنة فيُصلَّى خلفه. 696 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ: "اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ". [انظر: 693 - فتح: 2/ 188] ¬

_ (¬1) دلَّ على ذلك ما رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 64. وذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" 2/ 383 (1445) في ترجمته. (¬2) دل على ذلك ما رواه ابن سعد في "طبقاته" 3/ 73. والطبري في "التاريخ" 2/ 677. (¬3) "الفتح" 2/ 189.

57 - باب: يقوم عن يمين الإمام، بحذائه سواء إذا كانا اثنين

(حدثنا محمد) في نسخة: (حدثني محمد). (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن أبي التياح) هو يزيد بن حميد. (ولو لحبشيٍّ) أي: ولو كانت الطاعة لحبشي. (كأنَّ رأسَه زبيبة) تقدَّم. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن هذه الصفة لا تكون غالبا إلا لمن هو غاية في الجهل مفتون بنفسه. 57 - بَابٌ: يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ (باب: يقوم) أي: الشخصُ. 697 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالتِي مَيْمُونَةَ " فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَجِئْتُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ - أَوْ قَال: خَطِيطَهُ - ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ". [انظر: 117 - فتح: 2/ 190] (عن يمين الإمام بحذائه) بمهملة مكسورة، وذال معجمة، وألف ممدودة، أي: بإزائه، وفي نسخة: "يقوم بحذاء الإمام عن يمينه". (سواء) أي: مساويًا، لكن يندب تخلف المأموم قليلا، والمعنى: باب حكم من يقوم .. إلخ حتى قيل: النسخة باب من يقوم بإضافة باب إلى من. (ثم جاء) أي: من المسجد إلى منزله. (فجئت) الفاءُ فصيحة، أي: قام من النوم، فتوضأ، فأحرم بالصلاة فجئت. (غطيطه) هو بغين معجمة: صوت يسمع من تردد النفس، كهيئة صوت المخنوق. (أو قال: خطيطه) بخاء معجمة: وهو الغطيط، أو قريب منه.

58 - باب: إذا قام الرجل عن يسار الإمام، فحوله الإمام إلى يمينه، لم تفسد صلاتهما

(ثم خرج إلى الصلاة) أي: صلاة الصبح فصلَّى ولم يتوضأ؛ لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه (¬1). 58 - بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ، لَمْ تَفْسُدْ صَلاتُهُمَا (باب: إذا قام الرجل) في نسخة: "إذا قام رجل". (عن يسار الإمام، فحوَّله إلى يمينه) في نسخة: "عن يمينه" وفي أخرى: "على يمينه". (لم تفسد صلاتهما) أي: الإمام والمأموم، وفي نسخة: "لم تفسد صلاته" أي: المأموم، أو أحدٌ منهما. 698 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ "فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَخَذَنِي، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ المُؤَذِّنُ، فَخَرَجَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ" قَال عَمْرٌو: فَحَدَّثْتُ بِهِ بُكَيْرًا، فَقَال: حَدَّثَنِي كُرَيْبٌ بِذَلِكَ. [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 2/ 191] (حدثنا أحمد) أي: ابن صالح. (ابن وهب) هو عبد الله. (عمرو) أي: ابنُ الحارث المصريُّ. (قال: نمتُ) في نسخة: "قال: بتُّ". (فتوضأ) الفاء فصيحة، أي: نام - صلى الله عليه وسلم -، ثم قام من نومه فتوضأ. (فخرج) أي: من بيته إلى المسجد. (بكير) هو ابن عبد الله الأشج. ¬

_ (¬1) دلَّ على ذلك ما سبق برقم (138) كتاب: الوضوء، باب: التخفيف في الوضوء.

59 - باب إذا لم ينو الإمام أن يؤم، ثم جاء قوم فأمهم

59 - بَابُ إِذَا لَمْ يَنْو الإِمَامُ أَنْ يَؤُمَّ، ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ (باب: إذا لم يَنْو الإمام ثم جاء قوم فأمهم) في نسخة: "فجاء قومٌ فأمهم" وجواب (إذا) محذوف، أي: صحتْ صلاة الجميع. 699 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: بِتُّ عِنْدَ خَالتِي "فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ أُصَلِّي مَعَهُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِي، فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ". [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 2/ 192] (عند خالتي) زاد في نسخة: "ميمونة". (فأقامني) في نسخة: "وأقامني" وتقدم تفسير الحديث (¬1). 60 - بَابُ إِذَا طَوَّلَ الإِمَامُ، وَكَانَ لِلرَّجُلِ حَاجَةٌ، فَخَرَجَ فَصَلَّى (باب: إذا طول الإمام) أي: صلاته. (وكان للرجل) أي: المأموم. (حاجة فخرج) أي: من الصلاة، أو من القدوة. (فصلى) أي: وحده صحَّتْ صلاته، في نسخة: "وصلَّى" بالواو. 700 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَرْجِعُ، فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ". [701، 705، 711، 6106 - مسلم: 465 - فتح: 2/ 192] (مسلم) في نسخة: "مسلم بن إبراهيم". (عن عمرو) أي: ابن دينار. ¬

_ (¬1) سبق برقم (117) كتاب: العلم، باب: السمر في العلم.

(يصلِّي مع النبيِّ) أي: العشاء. (قال) أي: البخاريُّ، وهو ساقط من نسخة. (فيؤمُّ قومه) أي: بتلك الصلاة. 701 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَرْجِعُ، فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى العِشَاءَ، فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَكَأَنَّ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "فَتَّانٌ، فَتَّانٌ، فَتَّانٌ" ثَلاثَ مِرَارٍ - أَوْ قَال: "فَاتِنًا، فَاتِنًا، فَاتِنًا" - وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ المُفَصَّلِ، قَال عَمْرٌو: لَا أَحْفَظُهُمَا. [انظر: 700 - مسلم: 465 - فتح: 2/ 192] (فصلى) أي: معاذ بهم. (العشاء) في رواية: (المغرب) (¬1) وحمل على ما بعد الواقعة. (بالبقرة) أي: ابتدأ بقراءتها، وفي نسخة: "البقرة". (فانصرف الرجل) (ال) للجنس أيُّ رجل واسمه: حزم بمهملة وزايٍ: ابن أبي بن كعب، أو حرام: بمهملة وراء: ابن مِلْحَان بكسر الميم خال أنس، أو سَلْم: بفتح أوله، وسكون اللام: ابن الحارث. (فكأن معاذا يتناول منه) بفوقية أي: بسوء، وفي نسخة: "فقال" وفي أخرى: "فكان معاذ ينال" بتحتية، وحذف الواو. (فبلغ) أي: ذلك. (فتان) خبر مبتدإٍ ¬

_ (¬1) رواها النسائي 2/ 168 كتاب: الافتتاح، باب: القراءة في المغرب بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}. وأحمد 3/ 299. والنسائي في "الكبري" 6/ 512 (11664) كتاب: التفسير، سورة الطارق. والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 213. والطبراني في "الأوسط" 8/ 7 (7787). والبيهقي 3/ 116 كتاب: الصلاة، باب: ما على الإمام من التخفيف. وقال الألباني في "صحيح النسائي": صحيح.

محذوف، أي: أنت منفرٌ عن الدين صاد عنه. (ثلاث مرات) في نسخةٍ: "ثلاث مرار". (أو قال: فاتنًا، فاتنًا، فاتنًا) بالنصب بتكون محذوفة، وفي نسخةٍ: "أو قال: فاتن، فاتن، فاتن" بالرفع، والشكُّ من جابر. (فأمره بسورتين من المُفَصَّل) يؤمُّ بهما قومه، وأوَّلُ المفصَّل: الحجرات، وقيل: القتال، وقيل: الفتح، وقيل: ق، وطواله: قيل إلى عمَّ، وأوساطه: منها إلى الضحى، وقصاره: منها إلى آخر القرآن، وقيل طواله: إلى الصفِّ، وأوساطه: منها إلى الانشقاق، وقصاره: منها إلى الأخير، وسمي مُفَصَّلا؛ لكثرة الفصول فيه، وقيل: لقلة المنسوخ فيه. (ولا أحفظهما) أي: السورتين، كأن عمرًا قال ذلك في حال تحديثه لشعبة، وإلَّا فقد ورد عنه في تحديثه لغير شعبة أنه قال: إنهما: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)}، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} مرة (¬1)، أخرى (¬2). وفي الحديث: جواز صلاة الفرض خلف المنتفل، وأنه يقال البقرة أي: السورة التي يذكر فيها البقرة، وإنكار ما يكره، وتخفيف الصلاة، والتعذير بالكلام. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (6106) كتاب: الأدب، باب: مَنْ لم ير إكفار من قال: ذلك متأولا أو جاهلا. رواه مسلم (465) كتاب: الصلاة، باب: القراءة في العشاء. (¬2) انظر: "صحيح ابن خزيمة" 1/ 262 - 263 (521) كتاب: الصلاة، باب: القراءة في صلاة العشاء الآخرة. و 3/ 51 (1611) كتاب: الإمامة، باب: الرخصة في خروج المأموم من صلاة الإمام للحاجة تبدو له من أمور الدنيا إذا طول الصلاة.

61 - باب تخفيف الإمام في القيام، وإتمام الركوع والسجود

61 - بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي القِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (باب: تخفيف الإمام في القيام) خصَّ التخفيف بالقيام؛ لأنه مظنة التطويل. (وإتمام الركوع والسجود) أي: باب: طلب ذلك. 702 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَال: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: سَمِعْتُ قَيْسًا، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلًا، قَال: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاةِ الغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَال: "إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ". [انظر: 90 - مسلم: 466 - فتح: 2/ 197] (أحمد بن يونس) نسبة لجده؛ لشهرته به، وإلَّا فهو أحمد بن عبد الله بن يونس كما مرَّ. (إسماعيل) أي: ابن خالد. (قيسًا) هو ابن أبي حازم. (أبو مسعود) هو عقبة بن عمرو البدريِّ. (أن رجلا) لم يسم (لأتأخَّرُ عن صلاة الغداة) أي: لا أحضرها مع الجماعة. (فأيكم ما صلَّى) بزيادة (ما) لتوكيد الشمول، والمعنى: أيُّ واحدٍ منكم. (فليتجوز) أي: فليخفف، وهو جواب الشرط. (فإن فيهم إلخ) علة للأمر بالتجوز، والمراد بالضعيف: ما يشمل المريض وضعيف الخِلْقَة، وبالكبير: كبير السن، وبذي الحاجة: ما يشملهما، وغيرهما: كالصغير والحامل والمرضع وعابر السبيل، فعطفه على ما قبله من عطف العامِّ على الخاصِّ. 62 - بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ (باب: إذا صلَّى لنفسه) أي: وحده. (فليطوِّل ما شاء) لانتفاء العلة السابقة.

63 - باب من شكا إمامه إذا طول

703 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ". [مسلم: 467 - فتح: 2/ 199] (إذا صلى أحدكم للناس) أي: إمامًا لهم، أو لثوابهم الحاصل من الجماعة. (فإن فيهم) في نسخة: "فإن منهم". (الضعيف) أي: ضعيف الخلقة. (والسقيم) أي: المريض. (والكبير) أي: سنًّا كما مرَّ مع زيادة. (فليطول ما شاء) أي: في القراءة، والركوع، والسجود وإن خرج الوقت على الأصح؛ لأنه مشتغل بها. وأمَّا خبر النهي عن إخراجها عن وقتها (¬1) فهو فيما إذا أخَّر الشروع فيها إلى أن خرج وقتها، أو ضاق عنها. 63 - بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ وَقَال أَبُو أُسَيْدٍ: "طَوَّلْتَ بِنَا يَا بُنَيَّ". (باب: من شكا إمامه إذا طول) أي: عليه في الصلاة. (أبو أسيد) بضمِّ الهمزة، وفتح السين، وفي نسخة: بفتحها وكسر السين: مالك بن ربيعة. (يا بنُيَّ) اسمه. المنذر. 704 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَال: قَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاةِ فِي الفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ ¬

_ (¬1) رواه مسلم (681) كتاب: المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة. وأبو داود (441) كتاب: الصلاة، باب: في من نام عن الصلاة. والنسائي 1/ 293 كتاب: الصلاة، باب: فيمن نام عن صلاة.

فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ". [انظر: 90 - مسلم: 466 - فتح: 2/ 200] (سفيان) أي: الثوريُّ. (قال رجل) لم يسم، (فلان) هو: معاذ، أو أُبي بن كعب. (فيها) أي: في صلاة الفجر. (في موضع) في نسخة: "في موعظة". (منفرين) في نسخة: "لمنفرين". واعلم أن التطويل والتخفيف من الأمور الإضافية، فقد يكون الشيءُ خفيفًا بالنسبة للإمام [لكنه ثقيل] (¬1) بالنسبة إلى عادة آخرين فيتبع في ذلك العادة. 705 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ، قَال: أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ، فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّي، فَتَرَكَ نَاضِحَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ البَقَرَةِ - أَو النِّسَاءِ - فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَال مِنْهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ" - أَوْ "أَفَاتِنٌ" - ثَلاثَ مِرَارٍ: "فَلَوْلا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الحَاجَةِ" أَحْسِبُ هَذَا فِي الحَدِيثِ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، وَمِسْعَرٌ، وَالشَّيْبَانِيُّ، قَال عَمْرٌو، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ: عَنْ جَابِرٍ، قَرَأَ مُعَاذٌ فِي العِشَاءِ بِالْبَقَرَةِ، وَتَابَعَهُ الأَعْمَشُ، عَنْ مُحَارِبٍ. [انظر: 700 - مسلم: 465 - فتح: 2/ 200] (أقبل رجل) لم يسم. (بناضحين) تثنية ناضح: وهو البعير الذي يسقى عليه (فوافق معاذا يصلِّي) أي: صلاة العشاء. (فترك ناضحه) في ¬

_ (¬1) بياض بالأصل والمثبت من (م).

64 - [باب الإيجاز في الصلاة وإكمالها]

نسخة: "فبرك ناضحه". (فقرأ) أي: معاذ. (سورة البقرة أو النساء) الشكُّ من مُحارب. (نال منه) أي: ذكره بسوء. (أفتان) مبتدأ. (أنت) فاعل سدَّ مسد الخبر، أو (أنت) مبتدأ خبره (فتان). (أو أفاتن) الشكُّ من محارب أيضًا، وفي نسخة: "فاتن" بلا همزة، وفي أخرى: "أفاتنٌ أنت". (ثلاث مرار) في نسخة: "ثلاث مرات". (فلولا) أي: فهلا. ({سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}) [الأعلى: 1] ({وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)}) [الشمس: 1] ({وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)}) [الليل: 1] أي: ونحوها من قصار المفصَّل. (أحسب) أي: قال شعبة -قيل: أو محارب- أحسب، أي: قوله: (فإنه يصلِّي إلخ). (في الحديث) وفي نسخة: "أحسب هذا في الحديث". (تابعه) أي: شعبة، وفي نسخة: "قال أبو عبد الله وتابعه سعيد بن مسروق" هو والد سفيان الثوري. (ومسعر) بكسر الميم: هو ابن كدام. (والشيباني) هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان فيروز. (قال عمرو) أي: ابن دينار. (وعبيد الله بن مقسم) بكسر الميم. (وأبو الزبير) بضمِّ الزاي: هو محمد بن مسلم. (قرأ معاذ في العشاء بالبقرة) أي من غير شكٍّ. (وتابعه) أي: شعبة. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن محارب) أي: ابن دثار. 64 - [بَابُ الإِيجَازِ فِي الصَّلاَةِ وَإِكْمَالِهَا] (باب: الإيجاز في الصلاة وإكمالها) أي: التخفيف فيها مع إكمال أركانها. فالإيجاز ضد الإطناب، والإكمال ضد النقص، و (باب) مع ما

65 - باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي

بعده ساقط من أخرى. 706 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوجِزُ الصَّلاةَ وَيُكْمِلُهَا". [708 - مسلم: 469 - فتح: 2/ 201] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمر المقعد (¬1). (عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (عن أنس) في نسخة: "أنس بن مالك". (يوجز الصلاة ويكملها) أي: بأن يأتي بأقل ما يمكن من الأركان، والأبعاض، والهيئات. 65 - بَابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ (باب: من أخفَّ الصلاة عند بكاء الصبي) أي: باب بيان تخفيف الصلاة عند ذلك. 707 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَال: أَخْبَرَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَال: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ" تَابَعَهُ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَبَقِيَّةُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ. [868 - فتح: 2/ 201] (إبراهيم) أي: ابن موسى، في نسخة: "هو الفراء". (أخبرنا الوليد) في نسخة: "حدثنا الوليد". (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (أريد أن أطوِّل فيها) حال بقرينة قوله في رواية: "تأتي وأنا أريد ¬

_ (¬1) في الأصل: [عبد بن عمرو المقعد] والصواب ما أثبتناه. انظر: "تهذيب الكمال" 15/ 353.

إطالتها" أو معطوف بعاطف مقدر بقرينة قوله في رواية أخرى: "تأتي فأريد إطالتها". (تابعه) أي: الوليد. (بشر بن بكر) بكسر باء (بشر)، وفتح باء (بكر). (وابن المبارك) أي: عبد الله. (وبقية) أي: ابن الوليد الكلاغِيِّ بفتح الكاف وتخفيف اللام. 708 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَال: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: "مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاةً، وَلَا أَتَمَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ". [انظر: 706 - مسلم: 469 - فتح: 2/ 201] (حدثنا شريك) في نسخة: "حدثني شريك". (أنس بن مالك) في نسخة: "أنسا". (ما صلَّيت وراء إمام قطُّ أخفَّ صلاةً) بنصب صلاة؛ على التمييز [لـ (أخف)، (¬1)، وأخف صفة لـ (إمام). (وإن كان) (إن) هي المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، وما بعدها خبر. (مخافة) مفعول له. (تفتن) بالبناءِ للمفعول من فَتَن، أو فُتِن، وفي نسخة: "تفتتنَّ" بزيادة تاء، وفي أخرى: "تفتَّن" بتشديد التاءِ، فالصيغة إما من الفعل، أو الإفعال، أو الافتعال، أو التفعيل، وفي نسخة: "تفتن" بالبناءِ للفاعل، وهو ضمير يرجع إلى الإطالة المفهومة من السياق فعليها. (أمه) منصوبة على المفعولية، وعلى الأول بأنواعها مرفوعة؛ نيابة عن الفاعل. ¬

_ (¬1) من (م).

709 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلاةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ". [710 - مسلم: 470 - فتح: 2/ 202] (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (قال: حدثنا قتادة) أي: ابن دعامة، وفي نسخة: "عن قتادة". (حدثه) في نسخة: "حدث". (أنَّ النبيَّ) وفي نسخة: "أن نبي الله". (من شدةِ وَجْدِ أمِّه) أي: حزنها. 710 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلاةِ، فَأُرِيدُ إِطَالتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ" وَقَال مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [انظر: 709 - مسلم: 470 - فتح: 2/ 202] (قال: حدثنا) في نسخة: "قال: حدثني". (ابن أبي عَدِي) اسمه: محمد، واسم أبيه: إبراهيم. (عن سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن أنس بن مالك) في نسخة: "عن أنس". (مما أعلم) في نسخة: "لما أعلم"، وذكر الأمِّ خرج مخرج الغالب؛ إذ مثلها من قام مقامها. وفي الحديث: أن من قصد في الصلاة الإتيان بشيءٍ مستحب لا يلزمه الوفاء به، خلافًا لبعضهم. (وقال موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (أبان) أي: ابن يزيد العطار. (مثله) أي: مثل الحديث، وهو ساقط من نسخة، وفائدة هذا التعليق: بيان سماع قتادة له من أنس.

66 - باب إذا صلى ثم أم قوما

66 - بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا (باب: إذا صلَّى) أي: رجل مع الإمام. (ثم أمَّ قومًا) أي: صحت صلاته وصلاتهم. 711 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ، فَيُصَلِّي بِهِمْ". [انظر: 700 - مسلم: 465 - فتح: 2/ 203] (وأبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن جابر) زاد في نسخة: "ابن عبد الله". (قال: كان معاذ .. إلخ) مرَّ تفسيره (¬1). 67 - بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ (باب: من أسمع الناس تكبير الإمام) أي: ندب إسماعهِم تكبيره. 712 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، قَال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَتَاهُ بِلالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلاةِ، فَقَال: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ"، قُلْتُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِنْ يَقُمْ مَقَامَكَ يَبْكِي، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى القِرَاءَةِ، فَقَال: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ"، فَقُلْتُ: مِثْلَهُ، فَقَال فِي الثَّالِثَةِ أَو الرَّابِعَةِ: "إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ"، فَصَلَّى وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ الأَرْضَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ صَلِّ، فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَعَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ تَابَعَهُ مُحَاضِرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 2/ 203] ¬

_ (¬1) سبق برقم (700) كتاب: الأذان، باب: إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة.

68 - باب: الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم

(أتاه يؤذنه) بضمِّ الياء، وسكون الواو، أي: يعلمه، وفي نسخة: "أتاه بلال يؤذنه". (فليصلِّ) زاد في نسخة: هنا وفي نظيره الآتي "بالناس". (أسيفٌ) أي: شديد الحزن رقيق القلب سريع البكاء. (إن يقم مقامك يبكي) بإثبات ياء (يبكي) إجراء للمعتل مجرى الصحيح، وبحذفها على الأصل. (قال: مروا) في نسخة: "فقال: مروا". (فليصل) في نسخة: هنا وفي نظيره الآتي: "فليصلي" بياء. (فقلت) في نسخة: "قلت". (بين رجلين) أي: العباسِ وعلي، أو علي والفضلِ، وقال النوويُّ: إنهما قضيتان، فخروجه من بيت ميمونة لعائشة كان بين علي والفضلِ، ومن بيت عائشة إلى المسجد كان بين العباسِ وعلي (¬1). ومرَّ تفسير الحديث. (تابعه) أي: عبد الله بن داود. (محاضر) بميم مضمومة وحاءٍ مهملة وضادٍ معجمة: هو الهمدانيُّ. 68 - بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْتَمُّوا بِي وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ". (باب: الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم) أي: على لوجه الآتي بيانه. (وليأتم بكم من بعدكم) أي: من سائر الصفوف أي: يستدلون بأفعالكم على أفعالي، وليس المراد أن المأموم يقتدي به غيره. ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 137 - 138.

713 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِلالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلاةِ، فَقَال: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، فَقَال: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ" فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، قَال: "إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ" فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَرِجْلاهُ يَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ، حَتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ، ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَاعِدًا، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مُقْتَدُونَ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 2/ 204] (حدثنا قتيبة) في نسخة: "حدثني قتيبة" وفي أخرى: "قتيبةُ بن سعيد". (أن يصلِّي) في نسخة: "فيصلي". (متى يقم) في نسخة: "متى يقوم" [بإهمال (متى) حملًا على إذا، كما جزم بإذا حملًا على متى في قوله: وإذا تصبك خصاصة فتحمل. (لا يسمع) بضم التحتية وفي نسخة: "لم يسمع". (فلو أمرت) لو شرطية، وجوابها محذوف، أو للتمني فلا جواب لها. (يصلي) في نسخة: "أن يصلي". (متى يقم) في نسخة: "متى يقوم"] (¬1) وفي أخرى: "متى ما يقم" بزيادة ما. (لا يسمع) في نسخة: "لم يسمع". (قال: إنكنَّ) في نسخة: "فقال: إنكنَّ". (أن ¬

_ (¬1) من (م).

69 - باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟

يصلِّي) في نسخة: "يصلّي". (يخطَّان) بتحتية، وفي نسخة: "تخطان" بفوقية. (فجاء) في نسخة: "فجاءه". (رسول الله) في نسخة: "النبيُّ". (مقتدون) في نسخة: "يقتدون"، ومرَّ تفسير الحديث (¬1). 69 - بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ؟ (باب: هل يأخذ الإمام إذا شَكَّ بقول الناس؟) كما قال الحنفية أو لا كما قال الشافعية، وفي نسخة: "هل يأخذ الإمام بقول الناس إذا شكَّ من اثنتين؟ " أي: ركعتين من صلاة الظهر. 714 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَال لَهُ ذُو اليَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلاةُ، أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ" فَقَال النَّاسُ: نَعَمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ. [انظر: 482 - مسلم: 573 - فتح: 2/ 205] (ذو اليدين) اسمه: الخرباق. (فقال رسول الله) أي: للحاضرين. (فصلى اثنتين أخريين). ظاهر الحديث: أنه أخذ بقول الحاضرين، والشافعي حمله على أنه تذكر بعد قولهم، ويؤيده خبر أبي داود عن أبي هريرة قال: "ولم يسجد سجدتي السهو حتى يقنه الله" (¬2). 715 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، فَقِيلَ: صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (198) كتاب: الوضوء، باب: الغسل والوضوء في المخضب. (¬2) انظر: "سنن أبي داود" (1012) كتاب: الصلاة، باب: السهو في السجدتين وقال الألباني في "ضعيف أبي داود": ضعيف (184).

70 - باب إذا بكى الإمام في الصلاة

فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ". [انظر: 482 - مسلم: 573 - فتح: 2/ 205] (أبو الوليد) اسمه: هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ. (عن أبي سلمة) زاد في نسخة: "ابن عبد الرحمن". (صلى النبي) في نسخة: "صلَّى رسول الله". (فصليت) في نسخة: "قد صليت". ومر تفسير الحديث وما قبله (¬1). 70 - بَابُ إِذَا بَكَى الإِمَامُ فِي الصَّلاةِ وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، سَمِعْتُ نَشِيجَ عُمَرَ، وَأَنَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ يَقْرَأُ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]. (باب: إذا بكى الإمام في الصلاة) أي: هل تفسد صلاته أم لا؟ (نشيج عمر) بفتح النون، وكسر الشين المعجمة، أي: بكاءه. (يقرأ) في نسخة: "فقرأ". {وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] زاد في نسخة: "الآية". 716 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي مَرَضِهِ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ" قَالتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ، فَقَال: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ" قَالتْ عَائِشَةُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ، فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (482) كتاب: الصلاة، باب: تشبيك الأصابع في المسجد.

71 - باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها

يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ، فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ" قَالتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 2/ 206] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس الأصبحيّ. (قال: حدثنا) في نسخة: "قال: حدثني". (يصلِّي) بياء بالرفع [على: الاستئناف] (¬1) أو بالجزمِ جوابًا للأمرِ إجراءً للمعتلِّ مجرى الصحيح، وفي نسخة: "يصلِّ" بالجزم بحذفِ الياءِ، وفي أخرى: "فليصل" بالفاءِ وبالجزم بحذف الياءِ، وفي نسخة: "فليصلّ بالناس" وفي أخرى: "للناس" وفي (يصلّي) ما مرَّ آنفًا (¬2). (فقالت عائشة لحفصة) في نسخة: "فقلت لحفصة". (إن أبا بكر) زاد في نسخة: "رجل أسيف". (في مقامك) لفظ: (في) ساقط من نسخة. (من البكاء) في نسخة: "في البكاء" أي: بسببه. (ففعلت) أي: القول المذكور. (مه) كلمة زجر، كما مرَّ. (قالت) في نسخة: "فقالت". ومرَّ تفسير الحديث. 71 - بَابُ تَسْويَةِ الصُّفُوفِ عِنْدَ الإِقَامَةِ وَبَعْدَهَا (باب: تسوية الصفوف عند الإقامة) أي: للصلاة. (وبعدها) أي: وبعد الإقامة قبل الشروع في الصلاة. 717 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَال: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الجَعْدِ، قَال: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ". [مسلم: 436 - فتح: 2/ 206] ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (198) كتاب: الوضوء، باب: الغسل والوضوء في المخضب.

(أخبرني عمرو) وفي نسخة: "حدثني عمرو". (لَتُسَونَّ) أصله: لتسوون، بضم الواو الأولى، وسكون الثانية، ونون الجمع، فلما دخلت عليه نون التوكيد الثقيلة حذفت نون الجمع لتوالي الأمثال، ثم واو الجمع لالتقاء الساكنَيْن، وفي نسخة: "تسَووُن" بفتح الواو الأولى، وضم الثانية، فلما دخلت عليه نون التوكيد حذفت نون الرفع لما مرَّ، والجملة: جواب قسم. (أو ليخالفنَّ الله) أي: ليوقعن الله المخالفة. (بين وجوهكم) بتحويلها عن مواضعها إن لم يقيموا الصفوف، فالجزاء من جنس العمل، أو ليوقعَنَّ العداوة والبغضاء بينكم؛ إذ مخالفة الظاهر سبب لاختلاف الباطن. ورواه أبو داود وغيره بلفظ: "أو ليخالفن الله بين قلوبكم. ." (¬1) والوعيد في الحديث على عدم التسوية للتغليظ لا للتحريم، فهو نظير ما مرَّ من الوعيد فيمن رفع رأسه قبل الإمام "أن يجعل الله رأسه رأس حمار" (¬2). 718 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَال حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَقِيمُوا الصُّفُوفَ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ خَلْفَ ظَهْرِي". [719، 725 - مسلم: 434 - فتح: 2/ 207] ¬

_ (¬1) انظر: "سنن أبي داود" (662) كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصلاة، وأحمد 4/ 276. وابن خزيمة 1/ 82 (160) كتاب: الوضوء، باب: ذكر الدليل على أن الكعبين اللذين أمر المتوضيء بغسل الرجلين إليهما. وابن حبان (2176) كتاب: الصلاة، باب: فرض متابعة الإمام، والبيهقي 3/ 100 - 101 كتاب: الصلاة، باب: إقامة الصفوف وتسويتها. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح (668). (¬2) سبق برقم (691) كتاب: الصلاة، باب: إثم من رفع رأسه قبل الإمام.

72 - باب إقبال الإمام على الناس، عند تسوية الصفوف

(عن عبد العزيز) زاد في نسخة: "ابن صهيب". (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (أقيموا الصفوف) أي: سوُّوها. (أراكم خلف ظهري) أي: رؤية عين، بأن خلق الله له إدراكًا من خلفه، أو من عينهِ فيرى من غير مقابلة؛ لأنها لا تشترط في الرؤية عند أهل السنة، فبصره لمن خلفه من خرق العادات. 72 - بَابُ إِقْبَالِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ، عِنْدَ تَسْويَةِ الصُّفُوفِ (باب: إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف) لينظر أَهُمْ غير مستوين، فيأمرهم بالتسوية. 719 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، قَال: حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، قَال: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَال: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّويلُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَال: أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِهِ، فَقَال: "أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وَتَرَاصُّوا، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي". [انظر: 718 - مسلم: 434 - فتح: 2/ 208] (أنس) في نسخة: "أنس بن مالك". (أقيموا صفوفكم) أي: سوُّوها. (وتراصُّوا) بضمِّ المهملة المشددة، أي: تضامُّوا وتلاصقوا حتَّى يتصل ما بينكم، ومنه: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]. (من وراءِ ظهري) أي: من خلفي، بأن خلق الله له إدراكًا من خلفه، كما يشعر به التعبير بـ (من) الابتدائية، فمبدأ الرؤية من خلفه، وعلى رواية عدم (من) السابقة يحتمل ذلك، ويحتمل أنها رؤية بالعين المعهودة كما مرَّ، وفي نسخة: "من وراء ظهري" الحديث.

73 - باب الصف الأول

73 - بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ (باب: الصَّفِّ الأَوَّلِ) أي: بيان فضيلته. 720 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشُّهَدَاءُ: الغَرِقُ، وَالمَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالهَدِمُ". [انظر: 653 - مسلم: 1914 - فتح: 2/ 208] (أبو عاصم) اسمه: الضحاك. (عن سُمَيٍّ) مولى أبي بكر بن عبد الرحمن. (أبي صالح) هو: ذكوان السمان. (الغرق) بكسر الراءِ، أي: الغريق. (والمبطون) هو ذو الإسهال ونحوه. (والهدم) بكسر الدال أي: الذي يموت تحت الهَدْمِ. 721 - وَقَال: "وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ المُقَدَّمِ لاسْتَهَمُوا". [انظر: 615 - مسلم: 437 - فتح: 2/ 208] (وقال: ولو) في نسخة: "وقال: لو". (التهجير) أي: التبكير. (لاستبقوا) أي: "إليه" كما في نسخة. (ما في العتمة والصبح) أي: ما في صلاتهما، (المقدم) في نسخة: "الأول" (لاستهموا) أي: لاقترعوا عليه لما فيه من الفضيلة كالسبقِ لدخول المسجد، والقرب من الإمام، واستماع قراءته، والتعلم منه، والفتح عليه، والتبليغ عنه، والصف المقدم يتناول الصف الثاني بالنسبة إلى الثالث، وكذا الثالث بالنسبة إلى الرابع، وهكذا، بخلاف رواية الصف الأول الذي هو المراد (¬1). ¬

_ (¬1) سبقت برقم (615) كتاب: الأذان، باب: الاستهام في الأذان.

74 - باب: إقامة الصف من تمام الصلاة

74 - بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ (باب: إقامة الصفِّ من تمام الصلاة) إذ تَرْكُ إقامته المفوِّتُ لأجْرِها مفوِّت لتمامِ أَجْرِ الصَّلاةِ. 722 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلاةِ، فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلاةِ". [734 - مسلم: 414، 417، 435 - فتح: 2/ 208] (عبد الله بن محمد) أي: المسندي. (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: "ابن منبه" كما في نسخة. (سمع الله لمن حمده) أي: أجاب دعاءه. (ربنا لك الحمد) في نسخة: "ربنا ولك الحمد" والمعنى: قولوه بعدما هو معروف من قوله: سمع الله لمن حمده. (فصلُّوا جلوسًا أجمعون) في نسخة: "أجمعين" وتقدم بيانه أنه منسوخ. (من حسن الصلاة) هذه مبيّنة لرواية: "من تمام الصلاة" (¬1) إذ المعنى: أنها سنة فيها لا جزءٌ منها؛ لأن حسن الشيء زائدٌ على تمامه. 723 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْويَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ". [مسلم: 433 - فتح: 2/ 209] ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 2/ 44 (2425) كتاب: الصلاة، باب: الصفوف. وأحمد 2/ 322. والطبراني 2/ 183 (1744).

75 - باب إثم من لم يتم الصفوف

(عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك). (فإن تسوية الصفوف) في نسخة: "فإن تسوية الصفِّ". 75 - بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ (باب: إثم من لم يتم الصفوف) في نسخة: "إثم من لم يتم الصفَّ" وفي أخرى: "إثم من لم يقم الصفوف" وميم (يتم) مفتوحة للتخفيف، أو مكسورة على الأصل في التقاءِ الساكنين. 724 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، قَال: أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، قَال: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَدِمَ المَدِينَةَ فَقِيلَ لَهُ: مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إلا أَنَّكُمْ لَا تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ" وَقَال عُقْبَةُ بْنُ عُبَيْدٍ: عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، قَدِمَ عَلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ المَدِينَةَ بِهَذَا. [فتح: 2/ 209] (أخبرنا الفضل) في نسخة: "حدثنا الفضلُ" (عن بشير) بضمِّ الموحدة وفتح المعجمة. (ابن يسار) بفتح التحتية، وتخفيف المهملة. (ما أنكرتَ منَّا) لفظ: "منَّا" ساقط من نسخة. (يوم) قال الزركشيُّ: يجوز فيه الرفعُ والنصبُ والجرُّ. (ما أنكرتُ شيئًا إلَّا أنكم لا تقيمونَ الصفوف) أي: فإني أكرهه، قال ذلك أنس؟ تغليظًا وتحريضًا على إقامة الصفوف، وإلَّا فإقامتها سنةٌ على المشهورِ، وعليه فلا يطابق ذلك الترجمةَ، ويحتملُ أن البخاريَّ اختار الوجوب أخذًا من قوله: "سوُّوا" (¬1) ومن عموم قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (¬2) ومن ورود ¬

_ (¬1) سبق برقم (723) كتاب: الأذان، باب: إقامة الصف من تمام الصلاة. (¬2) سبق برقم (631) كتاب: الأذان، باب: الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة.

76 - باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف

الوعيد على تركه (¬1) فإنكار أنس إنما وقع على ترك الواجب وعليه فالمطابقة ظاهرة. (عقبة) هو أخو سعيد المذكورِ قبله. (بهذا) أي: بالمذكورِ قبله، والفرقُ بينهما أن الأوَّلَ: روى فيه بشير عن أنس، والثاني: روى فيه أنه شاهد الحال نفسه. 76 - بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ وَقَال النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ: "رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ". (باب: إلزاق المنكبِ بالمنكب، والقدمِ بالقدمِ) أي: ندب ذلك. (رأيت الرجل منَّا يُلزق) بضَمِّ الياء. (كعبه بكعب صاحبه) هو بعض حديث رواه أبو داود (¬2). والكعب: هو العظم الناتئ بين الساق والقدم. 725 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَال: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ". [انظر: 718 - مسلم: 434 - فتح: 2/ 211] (عمرو بن خالد) في نسخة: "عمرو، وهو ابن خالد". (عن أنس) أي: "ابن مالك"، كما في نسخة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (717) كتاب: الأذان، باب: تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها. (¬2) انظر: "سنن أبي داود" (622) كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصفوف. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": حديث صحيح (668).

77 - باب: إذا قام الرجل عن يسار الإمام، وحوله الإمام، خلفه إلى يمينه تمت صلاته

(وكان أحدنا إلخ) هو قول أنس، وأراد به المبالغة في تسوية الصف، وسد خُلَلِهِ؛ ليمتنع الشيطان من دخوله الفُرَجَ، وقد ورد الأمر بذلك في خبر أبي داود وغيره، بلفظ: "أقيموا صفوفكم، وحازوا بين المناكب وسدوا الخُلَلَ، ولا تَذرُوا فرجات الشيطان، ومن وصَلَ صفًّا وصَلَهُ الله، ومن قَطَعَ صفا قَطَعَهُ الله -عزَّ وجلَّ -" (¬1). 77 - بَابٌ: إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صَلاتُهُ (باب: إذا قام الرجل عن يسار الإمام، وحوَّله الإمام خلفه إلى يمينه، تمت صلاته) أي: المأمومِ، أو الإمام، أو كل منهما، وهو أَوْلَى. 726 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِي مِنْ وَرَائِي، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى وَرَقَدَ، فَجَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 2/ 211] (داود) أي: ابن عبد الرحمن العطَّار. (ذات ليلة) أي: في ليلة، و (ذات) مقحمة، وهو من إضافة المسمى إلى اسمه. (فجاءه) في نسخة: "فجاء". (وصلَّى) في نسخة: ¬

_ (¬1) انظر: "سنن أبي داود" (666) كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصف. وراوه أحمد 2/ 98. والبيهقي 3/ 101 كتاب: الصلاة، باب: إقامة الصفوف وتسويتها. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح (672).

78 - باب: المرأة وحدها تكون صفا

"فصلَّى" وفي أخرى: "يصلي" بلفظ المضارع، ومرَّ بيان الحديث في باب: السمر بالعلم (¬1). 78 - بَابٌ: المَرْأَةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفًّا (باب: المرأة وحدها تكون صفًّا) أي: في حكم صفٍّ؛ لأنها لا تقف مع الرجال، وإلا فالصف يقتضي تعددا. 727 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ، فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا". [انظر: 380 - مسلم: 658 - فتح: 2/ 212] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن إسحق) أي: ابن عبد الله بن طلحة. (ويتيم) هو ضميرة بن أبي ضُميرة، بضمِّ المعجمة: الصحابيُّ ابن الصحابيِّ. (أمُّ سُليم) عطف بيان لـ (أمي) واسمها: سهلة، أو رميثة، أو رميلة، أو الغميصاء، أو الرميصاء، زوجة أبي طلحة، ومرَّ بيان الحديث في باب: الصلاة على الحصير (¬2). وأخذ منه صحة صلاة المنفرد خلف الصف، وفيها خلافٌ، فقيل: بعدم صحتها لخبر الطبراني: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يصلِّي خلف الصف وحده، فقال: "أعد الصلاة" (¬3) والجمهور على صحتها، وأجابوا عن الخبر بحمل الإعادة فيه على الندب جمعًا بين الدليلين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (117) كتاب: العلم، باب: السمر في العلم. (¬2) سبق برقم (380) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على الحصير. (¬3) انظر: "المعجم الكبير" 22/ 144 (390).

79 - باب ميمنة المسجد والإمام

79 - بَابُ مَيْمَنَةِ المَسْجِدِ وَالإِمَامِ 728 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "قُمْتُ لَيْلَةً أُصَلِّي عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِي - أَوْ بِعَضُدِي - حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، وَقَال بِيَدِهِ مِنْ وَرَائِي". [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 2/ 213] (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (وقال بيده) أي: أشار بها. (من ورائي) أي: من وراء ابن عباس، وفي نسخة: "من ورائه لا وهي كما قال شيخنا أوجه (¬1)، ومرَّ بيان الحديث (¬2). 80 - بَابُ إِذَا كَانَ بَيْنَ الإِمَامِ وَبَيْنَ القَوْمِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ وَقَال الحَسَنُ: "لَا بَأْسَ أَنْ تُصَلِّيَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نَهْرٌ" وَقَال أَبُو مِجْلَزٍ: "يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ جِدَارٌ إِذَا سَمِعَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ". (باب: إذا كان بين الإمام وبين القوم) أي: المقتدين به. (حائط أو سترة) لا يضرّ ذلك مطلقًا عند بعضهم، وبشرط أن يجمعهما نحو مسجد، ويعلم المأموم بصلاة الإمام عند الشافعية. ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 213. (¬2) سبق برقم (117) كتاب: العلم، باب: السمر في العلم.

(نهر) أي: وإن أحوج إلى سباحة، وفي نسخة: "نهير" بالتصغير. (أبو مجلز) بكسر الميم وسكون الجيم، اسمه: لاحق بن حميد بن سعيد. (يأتمُّ) أي: الشخص. (أو جدار) إذا جمعهما نحو مسجد، كما مرَّ. (إذا سمع تكبير الإمام) أي: أو مبلغ عنه، وبَسْطُ ذلك يُطلب من كتب الفقه. 729 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ، وَجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ، فَقَامَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ، فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ، صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاثًا - حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَال: "إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاةُ اللَّيْلِ". [730، 924، 1129، 2011، 2012، 5861 - مسلم: 761 - فتح: 2/ 213] (حدثنا محمد) أي: "ابن سلام" كما في نسخة، وفي أخرى: "حدثني محمد" ولام (سلام) مخففة على الراجح. (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا". (عَبدةُ) بفتح العين، وسكون الموحدة، أي: ابن سليمان الكوفي. (عن عمرة) أي: بنت عبد الرحمن الأنصارية. (كان يصلي من الليل في حجرته) أي: في حجرة بيته، أو حجرته التي احتجرها في المسجد بالحصير. (أناس) في نسخة هنا وفيما يأتي: "ناسٌ". (بصلاته) أي: ملتبسين، أو مقتدين بها. (فأصبحوا) أي: دخلوا في الصباح فهي تامة. (ليلة الثانية) أي: ليلة الغداة الثانية، وفي نسخة: "الليلة الثانية". (ذلك) أي: الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم -. (أو ثلاثة) في نسخة: "أو ثلاثا". (حتَّى إذا كان) أي: الوقت. (فلم يخرج) أي إلى الموضع المعهود الذي صلَّى فيه تلك الليالي. (تكتب) أي: تفرض.

81 - باب صلاة الليل

(عليكم صلاة الليل) زيادة على الفرائض الخمس، ولا يعارضه قوله في ليلة الإسراء: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ} فإن ذلك المراد به النقص عن الخمس بقرينة السياق، أو أن الزيادة تجب من جهة وجوب الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - لا من جهة إنشاء فرض زائد على الخمس، كما يوجب الرجل على نفسهِ صلاةَ نَذرٍ، ولا يدل على زيادة فرض فيما فرض في الأصل. 81 - بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ (باب: صلاة الليل) أي: جماعة ليناسب الأبواب السابقة؛ لأنها في إقامة الصفوف، وهي إنما تكون بجماعة، أما صلاة الليل لا بقيد الجماعة، فقد أفرد لها البخاريُّ كتابًا بعدُ. 730 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ حَصِيرٌ، يَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ، وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ، فَثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ، فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ". [انظر: 729 - مسلم: 761، 782 - فتح: 2/ 214] (ابن أبي فديك) نسبة إلى جَدٍّ له أعْلَى، وإلَّا فهو محمد بن إسماعيل بن أبي مسلم بن أبي فديك، بضم الفاءِ، وفتح المهملة: دينار الديلمي، وفي نسخة: "ابن أبي الفديك". (ابن أبي ذئب) نسبة لجَدٍّ له أعلى، وإلا فهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب هشام المدني. (المقبري) بفتح الميم وضم الموحدة وكسرها، وقد تفتح نسبة إلى المقبرة؛ لمجاورته لها، واسمه: سعيد بن أبي سعيد. (يبسطه) أي: يفرشه، وفي نسخة: "يبتسط" بفوقية بعد الموحدة وكسر السين. (ويحتجره) براء أي: يتخذه حجرةً، وفي نسخة: بالزاي أي: يجعله حاجزًا بينه وبين غيره.

(فثاب) بمثلثة، وموحدة، أي: اجتمع، وجاء وفي نسخة: "فثار" برَاءٍ بدل الموحدة من الثوران: وهو الهيجان، أي: ارتفع أو قام. (فصفُّوا) في نسخة: "وصفُّوا". 731 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ حُجْرَةً - قَال: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَال مِنْ حَصِيرٍ - فِي رَمَضَانَ، فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلاتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَال: "قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاةِ صَلاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلا المَكْتُوبَةَ" قَال عَفَّانُ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى، سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ، عَنْ بُسْرٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [6113، 7290 - مسلم: 781 - فتح: 2/ 214] (وهيب) أي: ابن خالد. (بسر) بضم الموحدة، وسكون المهملة. (حجرة) براءٍ، وفي نسخة: "بزاي". (جعل) أي: طفق. (عرفت) في نسخة: "علمت". (صنيعكم) في نسخة: "صنعكم" بضمِّ الصَّادِ وسكون النونِ، أي: حرصكم على صلاة التراويح. (فصلُّوا أيها الناس في بيوتكم) أي: النوافل التي لم تشرع فيها الجماعة. (إلَّا المكتوبة) أي: أو ما شرع فيه جماعة، كالعيد والتراويح فإن فعلها في المسجد أفضل منها في البيت، وأخذ بظاهر الحديث مالك فقال: صلاة التراويح في البيت أفضل منها في المسجد. وأجاب غيره: بأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال ذلك خشية أن تفرض عليهم، وبعد وفاته أمن ذلك، وهذا جواب أيضًا عن صلاة العيد ونحوها. وفي الحديث: جواز الاقتداء بمن لم ينو الاقتداء، [فإن نوى] (¬1) ¬

_ (¬1) من (م).

82 - باب إيجاب التكبير، وافتتاح الصلاة

بعد اقتدائهم به حصلت له فضيلة الجماعة، وإلَّا فلا، وأنَّ الكبير إذا فعلَ شيئًا خلاف ما يتوقعه أتباعه يذكر لهم عذره وحكمته، وجواز النفلِ في المسجد، والجماعة في غير المكتوبة، وترك بعض الصالحِ لخوف مفسدة هي أعظم، وشفقته على الأمة. (وقال عفَّان) أي: ابن مسلم بن عبد الله الباهليِّ. (موسى) أي: ابن عقبة. (سمعت أبا النَّضرِ) أي: ابن أبي أمية. (عن بسر) أي: ابن سعيد. (عن زيد) أي: ابن ثابت .. وهذا الطريق ساقط من نسخة. وفائدة ذكره: بيان سماع موسى له من النضر، ولما فرغ البخاريُّ من بيان أحكام الجماعة وما يتعلَّق بها، شرع في بيان صفة الصلاة وما يتعلَّقُ بها، فقال: 82 - بَابُ إِيجَابِ التَّكْبِيرِ، وَافْتِتَاحِ الصَّلاةِ (باب: إيجاب التكبير للإحرام وافتتاح الصلاة) أي: به، والواو بمعنى مع، أو للعطف على إيجاب، وفي نسخة قبل (باب): "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أبواب: صفة الصلاة". 732 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ - قَال أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَصَلَّى لَنَا يَوْمَئِذٍ صَلاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، ثُمَّ قَال لَمَّا سَلَّمَ: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ". [انظر: 378 - مسلم: 411 - فتح: 2/ 216] (فإذا صلَّى قائمًا فصلوا قيامًا) لم يذكره في الحديثين بعده وإنما ذكر فيهما: (فإذا كبر فكبروا) فهو مقدر هنا، والمقدر كالملفوظ به، وبتقديره هنا يحصل مطابقة الحديث للجزء الأول من الترجمة ويلزم منه

مطابقته للجزء الثاني منها؛ لأن التكبير أوَّل الصلاة لا يكون إلَّا عند الافتتاح، وبذلك سقط ما قيل: إنه لا مطابقة بين الحديث والترجمة. وقد وجهه الكرماني بما فيه تكلف زائدٌ، ثم قال: وقد يقال: عادةُ البخاريِّ أن يذكر مع الحديث المناسب للترجمة ما يناسب ذلك الحديث وإن لم يناسب الترجمة (¬1). 733 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَال: خَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَرَسٍ، فَجُحِشَ، فَصَلَّى لَنَا قَاعِدًا فَصَلَّيْنَا مَعَهُ قُعُودًا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَال: "إِنَّمَا الإِمَامُ - أَوْ إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ - لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا". [انظر: 378 - مسلم: 411 - فتح: 2/ 216] (قتيبة بن سعيد) لفظ: (ابن سعيد) ساقط من نسخة. (حدثنا الليث) في نسخة: "حدثنا ليثٌ". (فجحش) أي: خُدِشَ. (ربنا لك الحمد) في نسخة: "ربنا ولك الحمد" أي: حمدناك ولك الحمد، فتفيد الواو أن الحمد ذكر مرتين. وظاهر الحديث: وجوب ذلك، لكن صرف الأمر فيه عن الوجوب إجماع من يعتد به، وتقدم ما يتعلق بأحاديثِ البابِ. 734 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ". [انظر: 722 - مسلم: 414، 417 - فتح: 2/ 216] ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 103.

83 - باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء

83 - باب رَفْعِ اليَديْنِ فِي التَّكْبيرَةِ الأُولَى مَعَ الافتِتَاح سَوَاءً. (باب: رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح) أي: للصلاة. (سواء) حال، أي: حال كون رفع اليدين مع الافتتاح متساويين. وفي الترجمة قصورٌ عمَّا في الحديث؛ إذ فيه الرفعُ في غير التكبيرة الأولى، كما يأتي. 735 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا، وَقَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ". [736، 738، 739 - مسلم: 390 - فتح: 2/ 218] (حذو منكبيه) أي: مقابلهما. (رفعهما) جواب (إذا) في قوله: (وإذا رفع). (كذلك) أي: حذو منكبيه، والسنة في الرفع مقارنة ابتدائه لابتداءِ التكبير وانتهائه لانتهائه كما صححه النوويُّ في "مجموعه" (¬1). وصحَّح في "الروضة" كأصلها في انتهاء الرفع لتكبيرة الإحرام: أنه لا حدَّ له (¬2) وقيل: غير ذلك، كما هو مبسوطٌ في كتب الفقه، ودليل سن مقارنةِ ابتداءِ الرفع لابتداءِ التكبير خبر الباب. وأمَّا خبر مسلم في رواية أنه رفعهما ثم كبَّر (¬3) وفي أخرى: أنه كبر ثم رفع يديه (¬4) فمحمولٌ على بيان الجواز جمعًا بين الأدلة. (وكان لا يفعل ذلك) أي: الرفعَ. (في السجود) أي: لا في ابتدائه ولا في الرفعِ منه. ¬

_ (¬1) "المجموع" 5/ 185. (¬2) انظر: "روضة الطالبين" 1/ 231. (¬3) "صحيح مسلم" (401) كتاب: الصلاة، باب: وضع يده اليمنى على اليسرى. . . . (¬4) "صحيح مسلم" (391) كتاب: الصلاة، باب: استحباب رفع اليدين حذو المنكبين مع تكبيرة الإحرام.

84 - باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع

84 - بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ إِذَا كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ (باب: رفع اليدين إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع) أي: رأسه من الركوع. 736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَيَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ". [انظر: 735 - مسلم: 390 - فتح: 2/ 219] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) هو ابن يزيد الأيلي. (إذا قام في الصلاة) قال الكرماني: أي: شرع فيها، وهو غير قام إليها، وقام لها، ولا يخفى الفرق بين الثلاث (¬1). وتقدم بيان الحديث (¬2). 737 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الحُوَيْرِثِ "إِذَا صَلَّى كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ"، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ هَكَذَا. [مسلم: 391 - فتح: 2/ 219] (خالد بن عبد الله) هو الطحان. (عن خالد) هو الحذاء. (إذا أراد أن يركع) ذكر الإرادة في الركوع؛ لأن الرفع فيه عندها بخلاف رفعهما في غيره. (وحدث .. إلخ) الجملة حال لا عطف على (رأى)؛ لأن المحدث: مالك، والرائي: أبو قلابة. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 106. (¬2) سبق برقم (735) كتاب: الأذان، باب: رفع اليدين في التكبيرة الأولى.

85 - باب: إلى أين يرفع يديه؟

85 - بَابٌ: إِلَى أَيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؟ وَقَال أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ: "رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ". [828] (باب: إلى أين يرفع يديه؟) أي: بيان ما يرفع إليه المصلِّي يديه في الأحوالِ الآتيةِ. (أبو حميد) هو عبد الرحمن بن سعيد الساعديُّ. (في أصحابه) يحتمل أنه قاله بينهم، وأنه من جملتهم وكلهم قائلون، والمراد به: لأصحاب الصحابة. (حذو منكبيه) في رواية أخرى: حتِّى يحاذي بهما أذنيه (¬1)، وفي أخرى: حتّى يحاذي فروع أذنيه (¬2) فجمع الشافعيُّ بأنه: رفع يديه حذو منكبيه بحيث يحاذي أطراف أصابعه فروع أذنيه أي: أعلاهما، وإبهاماه شحمتي أذنيه، وراحتاه منكبيه، والمنكب: مجمع عظم العضد والكتف. 738 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلاةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى 5 يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَعَلَ مِثْلَهُ، وَقَال: رَبَّنَا وَلَكَ ¬

_ (¬1) رواه مسلم (391) كتاب: الصلاة، باب: استحباب رفع اليدين حذو المنكبين، والدارقطني 1/ 293 كتاب: الصلاة، باب: ذكر التكبير ورفع اليدين عند الافتتاح، وابن حبان (1863) كتاب: الصلاة، باب: صفة الصلاة، والبيهقي 2/ 24 كتاب: الصلاة، باب: من قال: يرفع يديه حذو منكبيه. (¬2) رواه مسلم (391) كتاب: الصلاة، باب: استحباب رفع اليدين حذو المنكبين، وأبو داود (745) كتاب: الصلاة، باب: من ذكر أنه يرفع يديه، والنسائي في "الكبرى" (643) كتاب: التطبيق، باب: رفع اليدين حذاء فروع أذنيه.

86 - باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين

الحَمْدُ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ". [انظر: 735 - مسلم: 390 - فتح: 2/ 221] (رأيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -) إلى آخره تقدم بيانه. 86 - بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ (باب: رفع اليدين إذا قام من الركعتين) بعد التشهد الأوَّل. 739 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، قَال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ " إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ"، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مُخْتَصَرًا. [انظر: 735 - مسلم: 390 - فتح: 2/ 222] (عيَّاش) أي: ابن الوليد الرقام. (عبد الأعلى) هو ابن عبد الأعلى الساميُّ، بمهملة. (دخل في الصلاة) أي: أراد الدخول فيها. (ورفع ذلك) أي: الرفع المذكور. (ابن طهمان) اسمه: إبراهيم. 87 - بَابُ وَضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلاَةِ (باب: وضع) اليد (اليمنى على اليسرى في الصلاة) أي في محل القراءة منها، بأن يقبض الكوع مع بعض الرسغ بيمناه تحت الصدر وفوق [السرة] (¬1) الرسغ: المفصل بين الساعد والكف. ¬

_ (¬1) من (م).

88 - باب الخشوع في الصلاة

740 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: "كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اليَدَ اليُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ اليُسْرَى فِي الصَّلاةِ" قَال أَبُو حَازِمٍ لَا أَعْلَمُهُ إلا يَنْمِي ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال إِسْمَاعِيلُ: يُنْمَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ يَنْمِي. [فتح: 2/ 224] (أن يضع) بأن يضع. (لا أعلمه) أي: الأمر. (ينمي) بالبناءِ للفاعل أي: يسند. (قال إسماعيل يُنمى) بالبناء للمفعول (ولم يقل) أبو حازم: ينمي بالبناء للفاعل حتى يكون هو الذي نمَّاه. 88 - بَابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلاةِ (باب: الخشوع في الصلاة) لفظ: "باب" ساقط من نسخة، والخشوع قلبي وبدني، فالأوَّل: خشية القلب، والثاني: سكون البدن، والمراد هنا: مجموعهما. 741 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا، وَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا خُشُوعُكُمْ، وَإِنِّي لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي". [انظر: 418 - مسلم: 424 - فتح: 2/ 225] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (هل ترون؟) استفهامٌ إنكاري. (قبلتي) أي: مقابلتي بمعنى: مواجهتي، أي: لا تظنوا مواجهتي هاهنا فقط، أو المعنى: لا تروا قصدي ورؤيتي طرف القبلة فقط، والله لأراكم من غيرها أيضًا، وسبق بيان ذلك في باب: تسوية الصفوف (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (718) كتاب: الأذان، باب: تسوية الصفوف.

89 - باب ما يقول بعد التكبير

742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي - وَرُبَّمَا قَال: مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي - إِذَا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ". [انظر: 419 - مسلم: 425 - فتح: 2/ 225] (غندر) هو محمد بن جعفر البصريُّ. (أقيموا) أي: "أتموا" كما في رواية (¬1). (من بعدي) أي: من خلفي .. ومرَّ بيان الحديث (¬2). 89 - بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ (باب: ما يقرأ بعد التكبير) أي: للإحرام، وفي نسخة: "باب: ما يقول بعد التكبير". 743 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاةَ بِ {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ} [الفاتحة: 2] ". [مسلم: 399 - فتح: 2/ 226] (يفتتحون الصلاة) أي: قراءتها، أو أطلق الصلاة على القراءة، فهو مجاز حذفٍ، أو استعارة (بـ {الْحَمْدُ}) بضمِّ الدال على الحكاية، ولا دلالة فيه على ترك البسملة؛ لأن المراد الافتتاح بالفاتحة قبل السورة، وهذا اسمها، كما يقال: يفتتح بالبقرة، أي: بسورتها، فلا تعرض فيه لكون البسملة منها أولًا، ولكن قامت الأدلة للشافعيِّ ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (6644) كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (419) كتاب: الصلاة، باب: عظة الإمام الناس.

على إثباتها، كما بينتها في غير هذا الكتابِـ (¬1). 744 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَال: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ القَعْقَاعِ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ القِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً - قَال أَحْسِبُهُ قَال: هُنَيَّةً - فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَال: "أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ". [مسلم: 598 - فتح: 2/ 227] (أبو زرعة) هو ابن عمرو بن جرير البجلي، واسمه: هرم، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: عمرو. (يسكت) من السكوت، وقيل: يسكت بضمِّ الياءِ من الإسكات [فالهمزة للصيرورة، كأغد البعير، أي: صار ذا غدةٍ فمعناه هنا: صار ذا سكوت قال الجوهري: يقال تكلم الرجل ثم سكت بغير ألف، فإذا انقطع كلامه فلم يتكلم قيل: اسكت. (إسكاتة) من الإسكات] (¬2) أو من السكوت فيكون من المصادر الشاذة، كأتيته إتيانًا، والقياس: أَتْية، والمراد منه السكوت عن الجهرِ لا عن الكلام مطلقًا لما سيأتي. (قال هُنيَّة) أي: بدل (إسكاتة) قاله الكرمانيُّ (¬3). قال شيخنا: وليس بواضح، بل الظاهر: أنه شكَّ، هل وصف الإسكاتة بكونها هنية أم لا؟ وهي ¬

_ (¬1) قال المصنف -رحمه الله تعالى-: أن البسملة آية من الفاتحة عملًا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - عدها آية كما روى ذلك ابن خزيمة، والحاكم وصححاه، ويكفي في ثبوتها عملا الظن. انظر: "فتح الوهاب" 1/ 40، "أسنى المطالب" 1/ 150. (¬2) من (م). (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 111.

بالنون بلفظ: التصغير، وبتشديد الياءِ عند الأكثر وبالهمز عند الأقل، وإن زعم بعضهم أنه بالهمز خطأ وأصله هنوة أي: قليل الزمان، فلما صُغِّرت صارت هنيوة، فاجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياءً. ثم أدغمت. وفي نسخة: "هنيهة" بقلب الياءِ الثانية هاءً (¬1). (بأبي) متعلِّقٌ باسم، أو فعلٍ محذوف؛ لكثرة الاستعمال، أي: أنت مَفدِيٌّ، أو فديتك بأبي. (إسكاتك) بالنصب بنزع الخافض. (ما تقول؟) في محلِّ النصب بفعل مقدر، أي: أسألك ما تقول في إسكاتك؟ ولا تنافي بين السكوت والقولِ فيه؛ لأن المراد به ترك الجهر لا ترك الكلام أصلًا. (باعد) أي: ابعد، وعبَّر بالمفاعلة مبالغة، (وبين خطاياي) كرر (بين)؛ لأنَّ العطف على الضمير المجرور يعاد فيه الخافض (¬2)، وأصل خطايا: خطايئ. فعند سيبويه: أبدلت الياء همزة؛ لوقوعها بعد الألف فاجتمعت ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 2/ 299. (¬2) النحاة في العطف على الضمير المجرور، وإعادة الجار على أقوال: أحدهما: جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار. وهذا مذهب الكوفيين ويونس وقطرب، والأخفش في أحد قولين، وأبي علي الشلوبين، وابن مالك، والقرطبي، وابن هشام، وابن عقيل، والسيوطي، وقد صرح بعض هؤلاء بأن الأولى إعادة الجار. واستدل هؤلاء بقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} في قراءة حمزة بجر (الأرحام). وقوله تعالى: {وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنما مثلكم واليهود والنصارى كرجل استعمل عمالًا. ." وبقول العرب: ما فيها غيره وفرسِه. الثاني: منع العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار. أي يلزم إعادة الجار. وهذا مذهب سيبويه، ونسب إلى البصريين، والأخفش، في =

همزتان، فأبدلت الثانية ياء، ثم قلبت ألفًا، وكانت الهمزة بين ألفين، فأبدلت ياءً. وعند الخليل: قدمت الهمزة، ثم فعل بهما ذلك. والخِطيء بالكسر: الذنب. (كما باعدت بين المشرق والمغرب) ما: مصدرية، والكاف للتشبيه، ويرجع الشبه أن التقاء المشرق والمغرب لمَّا كان مستحيلا، شبه بُعد الذنب عنه ببعد المشرق عن المغرب. (من الدنسِ) أي: الوسخ. (بالماء والثلج والبرد) جمع بينها؛ مبالغة في التطهير، وخصَّها بالذكر؛ لأنها منزلة من السماءِ؛ ولأنها لبرودتها أسرع لإطفاء حرارة عذاب النار التي هي في غاية الحرارة، وكأنه جعل الخطايا بمنزلة جهنم؛ لأنها سبب لها، فعبَّر عن إطفاء حرارتها بذلك، وبالغ فيه باستعمال المبردات، وبرودة الماء مأخوذة من وصفه بها في خبر مسلم (¬1). وأما حكمة الدعوات الثلاثة: فللإشارة إلى غفران ما يقع في الأزمنة الثلاثة، فالمباعدةُ للمستقبلِ، والتنقيةُ للحالِ، والغسلُ للماضي، ثُمَّ الدعاء بما ذكر صدر عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ مبالغة في إظهار العبودية، وإلَّا فهو معصومٌ، وقيل: قاله؛ تعليمًا لأمته. ¬

_ = قوله الآخر، والمازني، والمبرد، والزجاج، وابن السراج، والسيرافي، والفارسي، وابن جني، والصيمري، والزمخشري، والأنباري، والعكبري، وابن يعيش، وابن الحاجب وغيرهم. ورد هؤلاء أدلة الكوفيين وتأولوها. الثالث: أنه يجوز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، إذا أُكد الضمير المجرور بضمير منفصل مرفوع. وهذا قول الجرمي والزيادي، أجازا: مررت بك أنت وزيد. (¬1) انظر: "صحيح مسلم" (476) كتاب: الصلاة، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع.

90 - باب

وفي الحديث: ندب الدعاءِ بين التكبير والقراءة، وما كانت الصحابة عليه من المحافظة على تتبع أحوال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في حركاته وسكناته، وإسراره وإعلانه. 90 - باب (باب) ساقطٌ من نسخة، وعليها فمناسبة الحديث للترجمة في قوله: (فقام فأطال القيام)؛ لأن إطالته اشتملت على الدعاءِ، وقراءة القرآن، وقد علم أن الدعاءَ عقب الافتتاح قبل الشروع في القراءة يصدق عليه باب: ما يقول بعد التكبير. 745 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَال: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلاةَ الكُسُوفِ، فَقَامَ فَأَطَال القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَال الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَال القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَال الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَأَطَال السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَأَطَال السُّجُودَ، ثُمَّ قَامَ، فَأَطَال القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَال الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَال القِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَال الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ، فَسَجَدَ، فَأَطَال السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَأَطَال السُّجُودَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَال: "قَدْ دَنَتْ مِنِّي الجَنَّةُ، حَتَّى لَو اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا، لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا، وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ: أَيْ رَبِّ، وَأَنَا مَعَهُمْ؟ فَإِذَا امْرَأَةٌ - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَال - تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ، قُلْتُ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قَالُوا: حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لَا أَطْعَمَتْهَا، وَلَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ - قَال نَافِعٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَال: مِنْ خَشِيشِ - أَوْ خَشَاشِ الأَرْضِ". [2364 - فتح: 2/ 231] (ابن أبي مريم) نسبة إلى جَدٍّ له أعلى؛ لشهرته به، وإلَّا فهو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم. (ابن أبي مليكة) نسبة إلى جده؛ لشهرته به، وإلَّا فهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي مليكة، واسم أبي

91 - باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة

مليكة. زهير بن عبد الله التميمي. (لو اجترأت) من الجرأة: وهي الجسارة، وإنما قال ذلك؛ لأنه لم يكن مأذونًا له من عند الله بأخذه. (قِطاف) بكسر القاف جمع قِطف بكسرها: وهو العنقود، ويجمع أيضًا على قطوف، قال تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)} [الحاقة: 23]. (أَوَ أنا معهم؟) بهمزة الاستفهام، والواو عاطفة على مقدرٍ، كما مرَّ في نظيره، وفي نسخة: بلا همزة وهي مقدرة. (فإذا امرأة) (إذا) للمفاجآت (¬1). (حسبت أنه قال) جملة معترضة، وضمير (أنه) للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو لابن أبي مليكة، فضمير (حسبت) على الأول لأبي هريرة وعلى الثاني لنافع. (لا أطعمتها) في نسخة: "لا هي أطعمتها". (من خشيش أو خشاش) في نسخة: "من خشيش أو خشاش الأرض" وهو بخاءٍ معجمة مفتوحة فيهما، وقيل: مكسورة في الثاني: حشرات الأرض وهوامها، وبسط الكلام على كيفية صلاة الكسوف يطلب من كتب الفقه. وفي الحديث: أن الجنة والنار مخلوقتان الآن، وأن تعذيب الحيوان غير جائز، وأن المظلوم من الحيوان يسلط يوم القيامة على ظالمه. 91 - بَابُ رَفْعِ البَصَرِ إِلَى الإِمَامِ فِي الصَّلاةِ وَقَالتْ عَائِشَةُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلاةِ الكُسُوفِ: "فَرَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ". [انظر: 1044 - فتح: 2/ 231] ¬

_ (¬1) هي إذا الفجائية.

(باب: رفع البصر إلى الإمام في الصلاة) أي: حيث احتيج إلى بصره كأن ينظر إليه هل أحرم أم لا؟ وإلَّا فالسنة عند الشافعي أن ينظر المصلِّي إلى محلِّ سجوده. (رأيت) في نسخة: "فرأيت" عطف على المذكور في حديث صلاة الكسوف المطوَّل. (يحطم) -بكسر الطاء- أي: يكسر، أو يأكل، والحُطَمَةُ: من أسماء النار؛ لأنها تحطم ما يلقى. 746 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَال: قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ؟، قَال: نَعَمْ، قُلْنَا: بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قَال: "بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ". [760، 761، 777 - فتح: 2/ 232] (موسى) أي: ابن إسماعيل المنقري. (عبد الواحد) أي: "ابن زياد" كما في نسخة. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي معمر) هو عبد الله بن سخبرة بفتح المهملة وسكون الجيم. (خبَّاب) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة: ابن الأرت بمثناة مشددة. (يقرأ) أي: غير الفاتحة إذ لا شكَّ في قراءتها عند الشافعيِّ. (قلنا) في نسخة: "فقلنا" (بم) [أي: بما] (¬1) فحذفت الألف؛ تخفيفًا (¬2). (ذاك) في نسخة: "ذلك" أي: قراءته. (باضطراب لحيته) بكسر اللام، أي: بحركتها، واللحية: مجمع الشعر النابت على الخدين والذقن، وفي رواية: لحييه (¬3) بفتح اللام تثنية لَحي بفتحها وهو منبت اللحية. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) ذاك أن (ما) الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر حذفت ألفها، بخلاف الموصولة. (¬3) رواه الشاشي في "مسنده" 2/ 412 (1013)، والطبراني 4/ 74 (3685).

747 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ، يَخْطُبُ قَال: حَدَّثَنَا البَرَاءُ - وَكَانَ غَيْرَ كَذُوبٍ - أَنَّهُمْ كَانُوا "إِذَا صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامُوا قِيَامًا حَتَّى يَرَوْنَهُ قَدْ سَجَدَ". [انظر: 690 - مسلم: 474 - فتح: 2/ 232] (حجاج) هو ابن منهال. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (حدثنا البراء) في نسخة: "أخبرنا البراء". (وكان غير كذوب) في نسخة: "وهو غير كذوب". (مع رسول الله) في نسخة: "مع النبيِّ". (حتَّى يرونه) بثبوت نونه على أنه للحال، وفي نسخة: بحذفها على أنه للاستقبال. 748 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ، قَال: "إِنِّي أُرِيتُ الجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا". [انظر: 29 - مسلم: 907 - فتح: 2/ 232] (إسماعيل) هو ابن أبي أويس. (خسفت الشمس) استعمل خسفت في الشمس، وهو: صحيح، وإن كان الأجود استعماله في القمر، واستعمال كسفت بكاف في الشمس، كما مرَّ. (فصلى) أي: صلاة الكسوف. (قالوا) في نسخة: "فقالوا". (تناولت) في نسخة: "تناول" مضارعًا حذفت منه إحدى التاءين. (تكعكعت) أي: تأخرت ورجعت وراءك. (قال) في نسخة: "فقال". (أريت) بضمِّ الهمزة، وفي نسخة: "رأيت". (ولو أخذته) يدل على أنه لم يأخذه، فيجب تأويل تناولت بأنه أراد تناوله لنفسه ولم يأخذه لهم وعلى الأول أنه لم يأخذه؛ لأنه من طعام الجنة وهو لا يغني

ولا يؤكل في الدنيا إلَّا ما يغني. واختصر في هذه الرواية الجواب عن التأخر، وذكره في سائر الروايات، وأنه لدُنُو نار جهنم. (لأكلتم) في نسخة: "لأكلت". 749 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَال: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، قَال: حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: صَلَّى لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَقِيَ المِنْبَرَ، فَأَشَارَ بِيَدَيْهِ قِبَلَ قِبْلَةِ المَسْجِدِ، ثُمَّ قَال: "لَقَدْ رَأَيْتُ الآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمُ الصَّلاةَ الجَنَّةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتَيْنِ فِي قِبْلَةِ هَذَا الجِدَارِ، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ" ثَلاثًا. [انظر: 93 - مسلم: 2359 - فتح: 2/ 232] (فليح) أي: ابن سليمان بن المغيرة. (هلال بن عليٍّ) يقال له أيضًا: هلال بن أبي ميمونة، وهلال بن أبي هلال، وهلال بن أسامة الفهري. (أنس بن مالك) لفظ: (ابن مالك) ساقط من نسخة. (صلَّى لنا) في نسخة: "صلَّى بنا". (ثم رقي) بكسر القاف، أي: صعد بكسر العين. (بيديه) في نسخة: "بيده". (قبل) بكسر أوله وفتح ثانيه، أي: جهة. (لقد رأيت الآن) هو ظرفٌ بمعنى الوقت الحاضر لا اللحظة الحاضرة التي لا تنقسم، ولا يشكل بأن (رأى) و (صلَّى) الآتي للماضي فكيف يجامعان الحال؛ لأنَّ قد تقربهما للحال. (منذ صليت) قال الكرماني: يجوز في (منذ) أن يكون حرفا، وأن يكون اسمًا (¬1)، وهو ¬

_ (¬1) (منذ) لفظ مشترك يكون حرف جر، ويكون اسما، والمشهور: أنها حرف إذا انجرَّ ما بعدها، واسم إذا ارتفع ما بعدها وقيل هي اسم مطلقا، وعامة العرب على الجر بها إن كان ما بعدها حالا، نحو: منذ الساعة، وإن كان ماضيا، فالجر وقلَّ الرفع. ذاك أن (ما) الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر حذفت ألفها، بخلاف الموصولة.

92 - باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة

مبتدأ وما بعده خبر، والزمان مقدر قبل صليت (¬1)، وقال الزجاج بعكس ذلك. (ممثلتين) أي: صورتين. (في قبلة هذا الجدار) أي: في جهتها. (كاليوم) الكاف في محلِّ نصب، أي: فلم أر منظرًا مثلَ منظرى اليوم. (في الخير والشرّ) أي: في أحوالهما. (ثلاثًا) أي: قال ذلك ثلاث مرات. ومطابقة الأحاديث الأُوَل للترجمة: ظاهرة، ووجها في الأخير: أن فيه رفع بصر الإمام إلى الشيءِ فناسب رفع بيان بصر المأموم إلا الإمام؛ ليشتركا في رفع البصر في الصلاة؛ وليعلم المأموم أحوال إمامه فيتبعه فيها. 92 - بَابُ رَفْعِ البَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلاةِ (باب: رفع البصر إلى السماءِ في الصلاة) أي: كراهته فيها؛ لأنه ينافي الخشوع الذي هو السكون. 750 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، قَال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاتِهِمْ"، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى قَال: "لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ". [فتح: 2/ 233] (أخبرنا يحيى) في نسخة: "حدثنا يحيى". (ابن أبي عروبة) اسمه سعيد، واسم أبيه: مهران. (حدثهم) في نسخة: "حدثه". (ما بال أقوام) أي: ما حالهم، وأبهم الرافع؛ لئلَّا ينكسر خاطره؛ لأنَّ النصيحة على رءوس الأشهاد فضيحة. (في ذلك) أي: في ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 116.

93 - باب الالتفات في الصلاة

النهي عن رفع البصر إلى السماءِ. (لينتُهنَّ) جواب قسم محذوف، وهو بفتح التحتية، وضمِّ الهاء بالبناءِ للفاعل، والأصل لتنهوننَّ، وفي نسخة: "لينتهين" بضمِّ التحتية وفتح الهاءِ بالبناء للمفعول. (عن ذلك) أي: عن رفع البصر إلى السماءِ في الصلاة. (أو قال لتخطفَنَّ) بضمِّ الفوقية، وفتح الفاءِ، بالبناءِ للمفعول، وأو للتخيير: تهديدٌ أو هو خبرٌ بمعنى النهي والمعنى: ليكوننَّ منكم الانتهاءُ عن رفع البصر إلى السماء، أو خطف الأبصار عند رفعها من الله تعالى. والحاصل: أن رفعها مكروه، وإنما لم يحرم للإجماع على عدم الحرمة، أما رفع البصر إلى السماء في غير الصلاة لدعاء ونحوه فجوزه الأكثرون، كما قاله (¬1) القاضي عياض؛ لأن السماء قبلة الدعاءِ، كالكعبة قبلة الصلاة، وكرهه آخرون. 93 - بَابُ الالْتِفَاتِ فِي الصَّلاةِ (باب: الالتفات في الصلاة) أي: كراهته؛ لمنافاة الخشوع. 751 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، قَال: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الالْتِفَاتِ فِي الصَّلاةِ؟ فَقَال: "هُوَ اخْتِلاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاةِ العَبْدِ". [3291 - فتح: 2/ 234] (أبو الأحوص) هو سلَّام بتشديد اللام بن سليم بضمِّ السين. (أشعث) هو ابن سليم بضمِّ السين المحاربي. (مسروق) أي: ابن الأجدع الهمداني. ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 2/ 341.

94 - باب: هل يلتفت لأمر ينزل به، أو يرى شيئا، أو بصاقا في القبلة؟!

(اختلاس) هو الاختطاف بسرعة. (يختلسه) في نسخة: "يختلس" والمعنى: أن من التفت في الصلاة ذهب خشوعه فاستعير لذهابه اختلاس الشيطان والمراد بالالتفات: تحويل الشيطان الرأس يمينا وشمالا لا تحويل الصدر، إذ ذاك يبطل الصلاة. 752 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلامٌ، فَقَال: "شَغَلَتْنِي أَعْلامُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةٍ". [انظر: 373 - مسلم: 556 - فتح: 2/ 234] (سفيان) أي: ابن عيينة. (في خميصة) أي: كساء أسود مربع. (لها أعلام) وقيل: علمان. (شغلتني) في نسخة: "شغلني". (اذهبوا بها) في نسخة: "به". (أبي جهم) في نسخة: "أبي جهيم". (بأنبجانية) بفتح الهمزة وكسر الموحدة وتشديد التحتية، وفي نسخة: "بأنبجانيته" بضمير أبي جهم، وهو المراد من الأولى ويحتمل تعميمها، وتقدم بيان الحديث في باب: إذا صلَّى في ثوب له أعلام (¬1). 94 - بَابٌ: هَلْ يَلْتَفِتُ لِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ، أَوْ يَرَى شَيْئًا، أَوْ بُصَاقًا فِي القِبْلَةِ؟! وَقَال سَهْلٌ: "التَفَتَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَرَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 684] (باب: هل يلتفت لأمر ينزل به) كأن يخاف من سقوط جدار، أو قصد حية، أو سبع له، (أو) أي: أو هل (يرى شيئًا) في القبلة، أو عن ¬

_ (¬1) سبق برقم (373) كتاب: الصلاة، باب: إذا صلى فِي ثوب له أعلام.

يمينه، أو عن يساره. (أو) يرى (بصاقًا في القبلة) وجواب (هل) محذوف تقديره: نعم، أي: يفعل ذلك للحاجة. (وقال سهل) أي: ابن سعد. (فرأى النبيَّ) في نسخة: "فرأى رسول الله". 753 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ قَال: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ، فَحَتَّهَا، ثُمَّ قَال حِينَ انْصَرَفَ: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدٌ قِبَلَ وَجْهِهِ فِي الصَّلاةِ" رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ. [انظر: 406 - مسلم: 547 - فتح: 2/ 235] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (قتيبة بن سعيد) لفظ: "ابن سعيد" ساقط من نسخة. (ليث) في نسخة: "الليث". (أنه رأى) في نسخة: "أنه قال رأى". (فحتَّها) بمثناة فوقية، أي: حكَّها وأزالها، وهو محمولٌ على العمل اليسير؛ لئلَّا تبطل صلاته. (فإن الله قبل وجهه) أي: مطلع عليه كأنه مقابل لوجهه، ومرَّ بيان الحديث (¬1). (ابن أبي روَّاد) بتشديد الواو، اسمه: عبد العزيز، واسم أبيه: ميمون مولى أبي المهلب. 754 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَال: بَيْنَمَا المُسْلِمُونَ فِي صَلاةِ الفَجْرِ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ، وَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ لَهُ الصَّفَّ، فَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُ الخُرُوجَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (406) كتاب: الصلاة، باب: حك البزاق باليد في المسجد.

95 - باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، في الحضر والسفر، وما يجهر فيها وما يخافت

وَهَمَّ المُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاتِهِمْ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ، فَأَرْخَى السِّتْرَ وَتُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ اليَوْمِ". [انظر: 680 - مسلم: 419 - فتح: 2/ 235] (عقيل) بضمِّ العين، أي: ابن خالد الأيلي. (لم يفجأهم) هو العامل في بينما. (كشف) حال. (فتبسم) عطف على نظر. (يضحك) حال مؤكدة أي: غير منتقلة، أو حال مقدرة، قاله الكرماني وغيره (¬1). (ونكص) أي: رجع. (ليصلَ له) أي: لنفسه، ويصل من الوصول لا من الوصل، واللام زائدة، أي: ليوصل نفسه. (الصف) بنصبه بنزع الخافض، أي: إلى الصف. (وظن) في نسخة: "فظن" بالفاءِ السببية، أي: نكص أبو بكر بسبب ظنه. (أنه) أي النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (يريد الخروج) أي: إلى الصلاة. (وهم المسلمون) أي: قصدوا. (أن يفتتنوا) أي: يقعوا في الفتنة، أي: فساد الصلاة فرحًا به - صلى الله عليه وسلم - (أن أتمَّوا) أي: بِأن أئموا، ولفظ: (أن) ساقط من نسخة. 95 - بَابُ وُجُوبِ القِرَاءَةِ لِلْإِمَامِ وَالمَأْمُومِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَمَا يُجْهَرُ فِيهَا وَمَا يُخَافَتُ. 755 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَال: شَكَا أَهْلُ الكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَزَلَهُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا، فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَال: يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ هَؤُلاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لَا تُحْسِنُ تُصَلِّي، قَال أَبُو إِسْحَاقَ: أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ "فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أُصَلِّي صَلاةَ العِشَاءِ، فَأَرْكُدُ فِي ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 119.

الأُولَيَيْنِ وَأُخِفُّ فِي الأُخْرَيَيْنِ"، قَال: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلًا أَوْ رِجَالًا إِلَى الكُوفَةِ، فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الكُوفَةِ وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إلا سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ قَال: أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا فَإِنَّ سَعْدًا كَانَ لَا يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ، وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّويَّةِ، وَلَا يَعْدِلُ فِي القَضِيَّةِ، قَال سَعْدٌ: أَمَا وَاللَّهِ لَأَدْعُوَنَّ بِثَلاثٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالفِتَنِ، وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ، قَال عَبْدُ المَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ، قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ (¬1). [758، 770 - مسلم: 453 - فتح: 2/ 236] (باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم) في الصلوات كلِّها، في الحضر والسفر، (وما يجهر فيها وما يخافت) أي: وباب الصلاة التي يجهر ويسر فيها. (موسى) أي: ابن إسماعيل. (أبو عوانة) اسمه: الوضاح بتشديد الضاد المعجمة ابن عبد الله اليشكري. (شكا أهل الكوفة) (¬2) أي: بعضهم وسميت كوفة؛ لاستدارتها من ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 49 - 50: أما وجه الدلالة من حديث عبادة وأبي هريرة فظاهر لعموم قوله في حديث عبادة: "لا صلاة لمن لم يقرأ" وهذا عام في كل مصلٍ فدخل فيه الإمام والمأموم والحاضر والمسافر والحاقن والخافت، ولقوله: في حديث أبي هريرة: "ثم اقرأ ما تيسر" مع قوله أمر للواحد أمره للجماعة وأما حديث سعيد فوجه مطابقة الترجمة: أن الرقود عبارة عن القيام إلى أن ينقضي القراءة الطويلة والحذف عبارة عن تخفيف القرآن فدل ذلك على قراءة الفاتحة والسورة في الأوليين والاقتصار على الفاتحة في الأخريين. (¬2) الكوفة: هي أمصار العراق، وسميت بذلك؛ لاستدارتها أخذًا من قول العرب رأيت كُوفانًا وكَوْفانًا. انظر: "معجم البلدان" 4/ 490.

قولهم للرمل المستدير كوفًا؛ وقيل: لأن ترابها يخالطه حصى، وكل ما كان كذلك يسمى كوفة. (فشكوا) أي: سعدًا، فالفاء تفسيرية عَطَفتْ ما بعدها على (شكا أهلُ الكوفة سعدًا) وما بينهما اعتراض. (فأرسل إليه) أي: بأن يحضر فحضر، لذلك خاطبه بما يقتضي أنه حاضر. (فقال: يا أبا إسحق) هو كنية سعد كُنِّي به؛ لأنه أكبر أولاده، وهذا تعظيم من عمر له. وفيه إشارة إلى أنه لم تقدح فيه الشكوى عنده. (أمَّا) بتشديد الميم قسيمها محذوف، أي: أمَّا أنا (والله فإني كنت أصلِّي بهم صلاة رسول الله) وأمَّا هم فقالوا ما قالوا، والفاء بمدخولها جواب (أما)، وهو دالٌّ على جواب القسم، وكان القياس تأخير القسم عن الفاءِ، لكنه لمَّا لم يكن أجنبيًّا عن مدخولها جاز تقديمه عليها. (أخرم) بفتح الهمزة، وكسر الراء، أي: أنقص. وحُكِيَ ضمُّ الهمزة. (صلاة العشاءِ) قال الكرمانيُّ: لعله خصَّ صلاة العشاءِ بالذكر؛ لكونهم شكوه فيها؛ أو لأنها في وقت الراحةِ، فغيرها من باب أولى (¬1). وقال شيخنا ما حاصله: كذا هنا بكسر العين والمدّ، وفي الباب الآتي في أكثر النسخ: (صلاتي العشيِّ) (¬2) بالتثنية، وفتح العين والياء المشددة، ورواه جمع كذلك، وهو الأرجح، والمراد بالصلاتين: الظهر والعصر. قال: ولا يبعد أن تقع التثنية في الممدود ويراد بهما: المغرب والعشاء، لكن يعكر عليه قوله في الأخريين؛ إذ المغرب إنما لها أخرى واحدة (¬3). (فإنِّي) في نسخة: "إنِّي". (فأركُدُ) بضمِّ الكاف، ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 121. (¬2) رواه بلفظ: ". . . العشي" الطيالسي 1/ 175 - 176 (2214). والخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 145، وذكره الذهبي في "السير" 1/ 113. (¬3) "الفتح" 2/ 238.

أي: فأمكثُ، والمراد: أُطَوِّلُ (وأخفُّ) بضمِّ الهمزة، وفي نسخة: "وأخفف" وفي أخرى: "فأحذف" بفتح الهمزة وسكون المهملة وبذال معجمة، أي: أحذف التطويل. (ذلك) في نسخة: "ذاك" وهو: مبتدأ خبره (الظنُّ بك) أي: ما نقول هو الذي يظنُّ بك. (رجل) هو محمد بن مسلمة. (أو رجال) شكٌّ من الراوي. (سأل) حال مقدرة. (عنه) أي: عن سعد وفي نسخة: "فسأل عنه" بالعطف على مقدر أي: فأرسل رجلًا إلى الكوفة فانتهى إليها فسأل عنه، واقتصر على سؤال الرجل؛ اكتفاءً، وإلا فكان الأصل أن يقال: فسأل، أو يسألون عنه، أو المعنى: يسأل كلٌّ منهم. (ولم) في نسخة: "فلم". (يدع) أي: يترك. (لبني عبسٍ) بفتح العين وسكون الموحدة: قبيلة من قيس. (قال) في نسخة: "فقال". (أبا سعدة) بفتح السين وسكون العين المهملتين. (أما) قسيمها محذوف، أي: أمَّا نحن. (إذ نشدتنا) أي: سألتنا بالله فنقول كذا، وأما غيرنا: فأثنى عليه. (فإن سعدا كان لا يسير) لفظ (كان) ساقطٌ من نسخة. (بالسرية) بتخفيف الراءِ: قطعة من الجيش، سُمُّوا بذلك؛ لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم من الشيءِ السريِّ النفيس، والباء للمصاحبة. (في القضية) أي: الحكومة والقضاء. (أما والله) بتخفيف الميم حرف استفتاح. (لأَدْعُوَنَّ) أي: عليك. (رياءً وسمعة) أي: ليراه الناسُ ويسمعونه، ويشهرون ذلك عنه؛ ليكون له بذلك ذكر. (فَأطِلْ عمره) أي: بأن يُردَّ إلى أرذل العمر، وينتكس في الخلقِ؛ نقمة لا نعمة. (وعرِّضه للفتن) أي: اجعله عرضة لها، وفي نسخة: "وعرضه بالفتن" وإنما ساغ لسعد أن يدعو على أسامة مع أنه مسلم؛ لأنه ظلمه بالافتراء عليه. والحكمة في دعواته الثلاث: أن أسامة

نفى عنه الفضائل الثلاث التي هي أصول الفضائل، وهي: الشجاعة التي هي القوة الغضبية حيث قال: لا يسير بالسرية والعفة التي هي كمال القوة الشهوانية حيث قال لا يقسم بالسوية. والحكمة: التي هي كمال القوة العقلية حيث قال ولا يعدل في القضية. والثلاثة تتعلَّقُ بالنفس والمال والدين، فقابلها سعد بثلاث مثلها، فدعى عليه بما يتعلَّق بالنفس، وهو طول العمر، وبما يتعلَّق بالمال وهو الفقر، وبما يتعلَّق بالدين وهو الوقوع في الفتن. (وكان) أي: الرجل المفتون، وفي نسخة: "فكان". (إذا سئل) أي: عن حال نفسه. (شيخ) أي: أنا شيخ. (كبير) أي: بالدعوة الأولى. (مفتون) أي: بالثالثة، واكتفى عن الثانية بعموم قوله: (أصابتني دعوة سعد) فإنها تعمُّ الثلاث. (فأنا) في نسخة: "وأنا". (في الطريق) في نسخة: "في الطرق". (يغمزهنَّ) أي: يعصر أعضاءهنَّ بأصابعه. وفيه: إشارة إلى الفتنة والفقر؛ إذا لو كان غنيًّا لما احتاج إلى ذلك. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن قوله: (فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أخرم عنها) يدل على جميع ما فيها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يترك القراءة والجهر والسر في محلهما في الصلاة في حضر ولا سفر، وهو بقرينة الحديث الآتي وغيره يدلُّ على وجوب القراءة في الصلاة، وعلى ندب الجهر والسر في محلهما بناءً على استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، وهو ما عليه الشافعيُّ. وفي الحديث: أن من سُعِيَ به من الولاة يسأل عنه الإمام في موضع عمله أهل الفضل منه، وأنَّ الإمام يعزل من شكي منه وإن كُذِبَ عليه إن رآه مصلحة؛ لئلَّا يُبْقي عليهم أميرًا وفيهم من يكرهه؛ خوفًا من إساءةٍ في العاقبة، وخطاب الرجل بمدحه في وجهه إذا لم يخف منه فتنة بإعجاب ونحوه.

756 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ". [مسلم: 394 - فتح: 2/ 236] (سفيان) أي: ابن عيينة. (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). سميت بذلك؛ لافتتاحه بها، وضمن (يقرأ) معنى: يبدأ، فعداه بالباءِ، أو هي للاستعانة. ودلالته على صدر الترجمة ظاهرة. 757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ وَقَال: "ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" ثَلاثًا، فَقَال: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقَال: "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا". [793، 6251، 6252، 6667 - مسلم: 397 - فتح: 2/ 237] (يحيى) أي: [ابن سعيد] (¬1) القطَّان. (فدخل رجلٌ) اسمه: خلاد جَدُّ يحيى بن عبد الله بن خلَّاد. (ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن) أي: وهو الفاتحة للخبر السابق. قال النوويُّ: ما تيسر محمول على الفاتحة، أو على ما زاد عليها بعدها، أو على من عجز عنها، وإنما لم يذكر له بقية الواجبات، كالسجدة الثانية، والنية، والقعود في التشهد الأخير؛ ¬

_ (¬1) من (م).

96 - باب القراءة في الظهر

لأنها كانت معلومة عند السائل (¬1). 758 - [حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَال: قَال سَعْدٌ: "كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلاتَيِ العَشِيِّ لَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ" فَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ]. [انظر: 755 - مسلم: 453 - فتح: 2/ 237] 96 - بَابُ القِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ (باب: القراءة في الظهر) أي: وغيرها مما يأتي. 759 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلاةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ، وَسُورَتَيْنِ يُطَوِّلُ فِي الأُولَى، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ وَيُسْمِعُ الآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي العَصْرِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الأُولَى، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ". [762، 776، 778، 779 - مسلم: 451 - فتح: 2/ 243] (سفيان) أي: ابن عيينة. (صلاتي العشي) في نسخة: "صلاة العشاء" ومرَّ الكلامُ على ذلك في الباب السابق (¬2). (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (الأوليين) تثنية أولى. (وسورتين) أي: في كلِّ ركعة سورة. (يُطَولُ) من التطويل (في الأولى) أي: في الركعة الأولى. (ويقصر في ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 103. (¬2) سبق برقم (755) كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام.

97 - باب القراءة في العصر

الثانية) أي: لئلَّا يحصلَ بتطويلها مع تطويل الأولى مَلَلُ. (يسمع الآية) في نسخة: "يسمعنا الآية". (أحيانًا) يدل على تكرر ذلك منه. 760 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَبِي، قَال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَال: سَأَلْنَا خَبَّابًا أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْنَا: بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ؟ قَال: "بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ". [انظر: 746 - فتح: 2/ 244] (عمروُ بنُ حفصٍ) أي: ابن غياث. وفي الحديث: الإسرار في الظهر والعصر، وأن الجهر في السِّرية جائز، لكنه مكروه لنا، وأنه لا سجود للسهو على من فعل ذلك سواء كان - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك عمدًا؛ لبيان الجواز أم بلا قصد؛ لاستغراقه في التدبر، ويقاس بذلك حكم الإسرار في الجهرية. وفيه: أن قراءة سورة أفضل من قراءة بعض طويلة، وان كان أطول منها. 97 - بَابُ القِرَاءَةِ فِي العَصْرِ (باب: القراءة في العصر) وغيرها مما يأتي. 761 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَال: قُلْتُ لِخَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قِرَاءَتَهُ؟ قَال: "بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ". [انظر: 746 - فتح: 2/ 245] (قلت) في نسخة: "قلنا". 762 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ

98 - باب القراءة في المغرب

بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ، وَسُورَةٍ سُورَةٍ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَانًا". [انظر: 759 - مسلم: 451 - فتح: 2/ 246] (هشام) أي: الدستوائي. (وسورة سورة) أي: وكان يقرأ فيما ذكر بسورة سورة، وكرره ليفيد التوزيع على الركعات، أي: يقرأ في كل ركعة من ركعتيها سورة، ومرَّ بيان حديثي الباب في الباب السابق (¬1). 98 - بَابُ القِرَاءَةِ فِي المَغْرِبِ (باب: القراءة في المغرب) أي: وغيرها مما يأتي. قال شيخنا والمراد: تقديرها لا إثباتها؛ لكونها جهرية، بخلاف ما تقدَّم في باب: القراءة في الظهر من أن المراد: إثباتها (¬2). 763 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَال: إِنَّ أُمَّ الفَضْلِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ: {وَالمُرْسَلاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1] فَقَالتْ: يَا بُنَيَّ، وَاللَّهِ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ "هَذِهِ السُّورَةَ، إِنَّهَا لآخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فِي المَغْرِبِ". [4429 - مسلم: 462 - فتح: 2/ 246] (أمَّ الفضلِ) اسمها لُبابة بنت الحارث: أمَّ عبد الله بن عباس، وإنما لم يقل: أمي؛ لشهرتها بذلك. (سمعته) فيه التفات، إذ القياس أن يقول: سمعتني. (فقالت) في نسخة: "قلت". (بُنَيَّ) تصغير ابن، وهو تصغير شفقة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (759) كتاب: الأذان، باب: القراءة في الظهر. (¬2) "الفتح" 2/ 246.

(ذكرتني) بتشديد الكاف، وفي نسخة: بتخفيفها. (بقراءتك) بكسر القاف، وفتح الراءِ، وبالتاءِ، في نسخة: بضمِّ القاف، وسكون الراءِ وبالنون. (بهذه السورة) تنازع فيه "ذكَّرتني" و"قراءتك". (أنها) أي: هذه السورة. (لآخر ما سمعت) في نسخة: "لآخر ما سمعته". (من رسول الله) هذه الصلاة كانت في بيته - صلى الله عليه وسلم -، كما رواه البخاريُّ بعد عن أمِّ الفضل بلفظ: قالت: سمعت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفا ثم ما صلَّى [إمامًا] (¬1) لنا بعد حتَّى قبضه الله (¬2)، ولا يشمل بخبر الترمذيِّ: أن أمَّ الفضل قالت: خرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاصبُ رأسه في مرضه فصلَّى المغرب فقرأ بالمرسلات (¬3)؛ لأن قولها خرج إلينا محمول على أنه خرج من مكانه الذي كان راقدًا فيه إلى من في البيت فصلَّى، بهم وأما ما مرَّ في باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به (¬4) من أن الصلاة التي صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه في مرض موته كانت الظهر فكانت في المسجد. (يقرأ بها في المغرب) إمَّا حال فيحتمل سماعها منه، أو استئناف فلا يحتمل ذلك. 764 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ، قَال: قَال لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: "مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) رواه أبو عوانة 1/ 474 (1761) كتاب: الصوات، باب: بيان ذكر الأخبار التي تبين القراءة في صلاة المغرب. (¬3) "سنن الترمذي" (308) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القراءة في المغرب، وقال: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬4) سبق برقم (687) كتاب: الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به.

بِقِصَارٍ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ؟! [فتح: 2/ 246] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد بفتح الميم. (عن ابن جريج) اسمه: عبد الملك. (ابن أبي مليكة) نسبة إلى جَدِّه؛ لشهرته به، وإلَّا فاسمه: عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بضمِّ الميم واسمه: زهير بن عبد الله الأحول. (ما لك؟) استفهامٌ إنكاريٌّ. (بقصار المفصل) في نسخة: "بقصارٍ" بالتنوين عوضٌ عن المضاف إليه، وهو المفصَّل، ومرَّ بيانه. (وقد سمعت) بضمِّ التاءِ. (بطولَى الطولَيَيْنِ) أي: بأطولِ السورتين الطويلتين بعد البقرة، وإلا لقال: طولى الطوَلِ فدَل على أنه أراد الأطول بعدها وهو الأعراف؛ لورودها في الحديث، والأخرى: الأنعام، أو المائدة، أو يونس. قال شيخنا: والمحفوظ منها الأنعام، واعترض ما ذكر بأن الأطولَ بعد البقرة النساءُ لا الأعراف، ورد بأن الأعرافَ أكثر آياتٍ، وإن كانت النساءُ أكثر كلمات وحروفٍ وفيه نظرٌ؛ لأن الوصفَ إنما وقع بالطُّول لا بالأكبر، ولا ريب أن النساءَ أطول، وإن كانت أقلُّ آياتٍ. و (طولَى)، تأنيث أطول ككبرى تأنيث أكبر، و (الطوليين) تثنية طولى وفي نسخة: "بطول الطوليين" بلام فقط في المضاف (¬1). واستدل بالحديثين: على امتداد وقت المغرب، وعلى ندب القراءة فيها بغير قصار المفصل وسيأتي الكلام عليه في الباب الآتي. ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 2/ 247.

99 - باب الجهر في المغرب

99 - بَابُ الجَهْرِ فِي المَغْرِبِ (باب: الجهر في المغرب) أي: سنُّ الجهرَ بالقراءة في صلاة المغرب. 765 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَرَأَ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ". [3050، 4023، 4854 - مسلم: 463 - فتح: 2/ 247] (ابن شهاب) هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهريُّ. (قرأ) في نسخة: "يقرأ". (بالطور) أي: بسورتها، عُلِمَ بهذا مع ما مر أن البخاريَّ ذكر في القراءة في المغرب ثلاث سورٍ (¬1) مختلفة المقادير؛ لأن الأعراف من السبع الطوال مطلقًا، والطور من طوال المفصل، والمرسلات من أوساطه، وقراءة كل منها جائزة بلا كراهة، لكن السنةَ عند الشافعي سنُّ القراءةِ فيها بقصار المفصل؛ لأنها الغالبة من فعله - صلى الله عليه وسلم -، وأما قراءته بغيرها فلبيان الجواز، أو لعلمهِ بعدم المشقةِ على المأمومين. 100 - بَابُ الجَهْرِ فِي العِشَاءِ (باب: الجهر في العشاءِ) أي: سنُّ الجهر بالقراءةِ في صلاة العشاءِ. 766 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَال: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ العَتَمَةَ، فَقَرَأَ: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، فَسَجَدَ، فَقُلْتُ لَهُ: قَال: "سَجَدْتُ خَلْفَ أَبِي القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (763) كتاب: الأذان، باب: القراءة في المغرب.

101 - باب القراءة في العشاء بالسجدة

حَتَّى أَلْقَاهُ". [768، 1074، 1078 - مسلم: 578 - فتح: 2/ 250] (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (بكر) أي: ابن عبد الله المزنيِّ. (فقلت له) أي: سألته عن حكم السجدة. (أسجد بها) أي: بالسجدة أي: بتلاوة آيتها، فالباءُ: سببية (¬1)، أو في سورتها فالباءُ: بمعنى: في (¬2). (حتَّى ألقاه) أي: رسول الله، والمعنَى: حتَّى أموت. 767 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَرَأَ فِي العِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ: بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ". [769، 4952، 7546 - مسلم: 464 - فتح: 2/ 250] (أبو الوليد): اسمه: هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ. (شعبة) هو ابن الحجاج. (عدي) أي: ابن ثابت. (بالتين): أي بسورة التين، وفي الرواية الآتية: "والتين" (¬3) على الحكاية، وإنما قرأ في العشاءِ بقصارِ المفصلِ؛ لكونهِ كان مسافرا، وحديث أبي هريرة السابق محمول على الحضر فلذلك قرأ فيها بأوساط المفصل. 101 - بَابُ القِرَاءَةِ فِي العِشَاءِ بِالسَّجْدَةِ (باب: القراءة في العشاءِ بالسجدة) أي: بالسورة التي ¬

_ (¬1) تأتى الباء؛ للتعليل أو السببية، ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ}. (¬2) وتأتي الباء أيضًا؛ للظرفية بمعنى في، ومنه قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ}. وقال أبو حيان: واستعمالها ظرفية كثير. (¬3) ستأتي (769) كتاب: الأذان، باب: القراءة في العشاء.

102 - باب القراءة في العشاء

فيها سجدة التلاوة. 768 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَال: حَدَّثَنِي التَّيْمِيُّ، عَنْ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَال: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ العَتَمَةَ، فَقَرَأَ: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، فَسَجَدَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَال: "سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ". [انظر: 766 - مسلم: 578 - فتح: 2/ 250] (التيمي) هو سليمان بن طرخان. (عن بكر) أي: ابن عبد الله المزني. (أسجدُ فيها) في نسخة: "أسجدُ بها". ومرَّ تفسير الحديث في الباب قبله (¬1). 102 - بَابُ القِرَاءَةِ فِي العِشَاءِ (باب: القراءة في العشاءِ) أي: بسورة {وَالتِّينِ}. 769 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، قَال: حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، سَمِعَ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَقْرَأُ: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فِي العِشَاءِ، وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ أَوْ قِرَاءَةً". [انظر: 767 - مسلم: 464 - فتح: 2/ 251] (مسعر) أي: ابن كدام الكوفيُّ. (أو قراءة) شكٌّ من الراوي، وكرر الحديث؛ لاختلاف بعض الرواة فيه [ولما فيه من الزيادة] (¬2) هنا وهي قوله: "وما سمعت أحدًا .. إلخ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (766) كتاب: الأذان، باب: الجهر في العشاء. (¬2) من (م).

103 - باب يطول في الأوليين ويحذف في الأخريين

103 - بَابُ يُطَوِّلُ فِي الأُولَيَيْنِ وَيَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ (باب: يطوِّل في الأوليين، ويحذف في الآخريين) أي: من الرباعيات، كما هو ظاهر حديث الباب، وقد تقدم الكلام عليه في باب: وجوب القراءة مطوَّلًا (¬1) وإنما ذكر بعضه هنا؛ للاختلاف في الإسناد وبعض المتن، ثم بالعنعنة عن (جابر) وهنا بالسماع عنه. 770 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، قَال: قَال عُمَرُ لِسَعْدٍ: لَقَدْ شَكَوْكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الصَّلاةِ، قَال: "أَمَّا أَنَا، فَأَمُدُّ فِي الأُولَيَيْنِ وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ، وَلَا آلُو مَا اقْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" قَال: صَدَقْتَ ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ أَوْ ظَنِّي بِكَ. [انظر: 755 - مسلم: 453 - فتح 2/ 251] (ولا آلو) بالمدِّ، أي: لا أقصر. (أو ظنِّي بك) شك من الراوي. 104 - بَابُ القِرَاءَةِ فِي الفَجْرِ وَقَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: "قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطُّورِ". (باب: القراءة في الفجر) أي: في صلاته. 771 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلامَةَ، قَال: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ، فَقَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَالعَصْرَ، وَيَرْجِعُ الرَّجُلُ إِلَى أَقْصَى المَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ - وَنَسِيتُ مَا قَال فِي المَغْرِبِ - وَلَا يُبَالِي بِتَأْخِيرِ العِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَلَا يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَلَا الحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَيُصَلِّي الصُّبْحَ، فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ، فَيَعْرِفُ جَلِيسَهُ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ - أَوْ إِحْدَاهُمَا - مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى ¬

_ (¬1) سبق الحديث برقم (758) كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة.

المِائَةِ". [انظر: 541 - مسلم: 461، 647 - فتح 2/ 251] (عن وقت الصلاة) في نسخة: "عن وقت الصلوات" وهي الأنسب بالحديث. (ما بين الستين) أي: وما بعدها من الآيات. (إلى المائة) أي: منها. 772 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "فِي كُلِّ صَلاةٍ يُقْرَأُ، فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَعْنَاكُمْ، وَمَا أَخْفَى عَنَّا أَخْفَيْنَا عَنْكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أُمِّ القُرْآنِ أَجْزَأَتْ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ". [مسلم: 396 - فتح 2/ 251] (ابن جريج) هو عبد الملك. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (في كلِّ صلاة) متعلِّقٌ بقوله: (تُقْرَأ) بالبناءِ للمفعول أي: يقرأ فيها، وفي نسخة: بالبناء للفاعل، وهو ضمير النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي أخرى: "نقرأ" بنون، فالفاعل ضمير النبيِّ ومن معه، فالقراءة واجبة في كلِّ صلاة جهرًا، أو سرًّا، فما جهر به - صلى الله عليه وسلم - جهرنا به، وما أسر به أسررنا به. (فما أسمعنا) بفتح العين. (وإن لم تزد) بتاء الخطاب. (أمّ القرآن) هي الفاتحة سميت بذلك؛ لاشتمالها على معاني القرآن؛ أو لأنها أوَّلُ القرآن، كأمّ القرى لمكة؛ لأنها أول الأرض وأصلها. (أجزأت) أي: الصلاة، وفي الحديث: أن الصلاة بغير الفاتحة لا تجزأ، واستحباب السورة بعدها، وهو مذهبنا. ووجه الدلالة منه مع أنه قول صحابي أنه من باب الإجماع السكوتيِّ حيث لم ينكر ذلك أحدٌ على أبي هريرة، وأن مثل ذلك إنما يقال: بتوقيف إذ ليس للرأي فيه مجالٌ (¬1). ¬

_ (¬1) الإجماع السكوتي: هو عبارة عن إبداء بعض المجتهدين في عصر رأيًا صريحًا في مسألة عن طريق فتوى، أو قضاء، ويسكت باقي المجتهدين عن إبداء رأيه =

105 - باب الجهر بقراءة صلاة الفجر

105 - بَابُ الجَهْرِ بِقِرَاءَةِ صَلاةِ الفَجْرِ وَقَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: "طُفْتُ وَرَاءَ النَّاسِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَيَقْرَأُ بِالطُّورِ". [انظر: 464] (باب: الجهر بقراءة صلاة الفجر) في نسخة: "بقراءة صلاة الصبح". (طفت) أي: بالكعبة. (يصلي) أي: الصبحَ. (ويقرأ) في نسخة: (يقرأ) بلا واو. ¬

_ = بالموافقة، أو المخالفة بعد علمهم بالحكم، ومضى زمن يكفي البحث، والنظر عادة في مسألة اجتهادية تكليفية، ويكون السكوت مجردا أو استهزاء أو مجاملة، ويحصل الإجماع بغير ذلك قال الناظم: ويحصل الإجماع بالأقوال ... من كل أهله وبالأفعال وقول بعض حيث باقيهم فعل ... وبانتشار مع سكوتهم حصل وهو إجماع اعتباري؛ لأن الساكت لا جزم بأنه موافق، فلا جزم بتحقق الاتفاق وانعقاد الإجماع ولهذا اختلف في حجيته، فذهب الجمهور إلى أنه ليس حجة، وأنه لا يخرج عن كونه رأي بعض أفرادٍ من المجتهدين، وذهب علماء الحنفية إلى أنه حجة إذا ثبت أن المجتهد الذي سكت عُرضت عليه الحادثة وعرض عليه الرأي الذي أبدي فيها ومضت عليه فترة كافية للبحث وتكوين الرأي وسكت، والذي أراه الراجح مذهب الجمهور؛ لأن الساكت من المجتهدين تحيط بسكوته عدة ظروف وملابسات منها النفسي ومنه غير النفسي، ولا يمكن استقصاء كل هذه الظروف والملابسات والجزم بأنه سكت موافقة ورضا بالرأي، فالساكت لا رأي له ولا ينسب إليه قول موافق أو مخالف، وأكثر ما وقع مما سمي إجماعًا هو من الإجماع السكوتي والله أعلم. انظر: "لطائف الإشارات" ص 24، "علم أصول الفقه" لعبد الوهاب خلاف (118).

773 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالُوا: مَا حَال بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إلا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَال بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلاةَ الفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَال بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، وَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ، فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 2]، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} [الجن: 1] وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ". [4921 - مسلم: 449 - فتح: 64] (عن أبي بشر) زاد في نسخة: "هو ابن أبي وحشية" واسم أبي وحشية: إياس. (عن ابن عباس) في نسخة: "عن عبد الله بن عباس". (عامدين) أي: قاصدين. (سوق عكاظ) (¬1) بضمِّ المهملة، وتخفيف الكاف، وبظاءٍ معجمة، بالصرف وعدمه، وسوق يذكر ويؤنث، وإضافته إلى عكاظ من إضافة العام؛ لأنَّ عكاظ كما قال الجوهريُّ: سوق بناحية مكة يجتمعون بها شهرًا في كلِّ سنة يتبايعون، ويتناشدون الأشعار فلمَّا جاء الإسلام هدم ذلك (¬2)؛ وسُمِّيَ سوقا؛ ¬

_ (¬1) عكاظ: اسم سوق من أسواق العرب في الجاهلية، وكانت قبائل العرب تجتمع بعكاظ في كل سنة، وعكاظ بين نخلة والطائف وذو المجاز خلف عرفة ومجنة بمر الظهران -انظر: "معجم البلدان" 4/ 142. (¬2) انظر: "الصحاح" 3/ 1174.

لسوق الناسِ إليه بضائعهم؛ أو لقيام الناسِ فيه على سوقهم. (وقد حيل) أي: حجز. (الشهب) بضمِّ الهاءِ، جمع شهاب: وهي شعلة نار ساطعة ككوكب ينقضُّ. (فاضربوا) أي: سيروا. (مشارق الأرض ومغاربها) أي: فيهما. (فانظروا) في نسخة: "وانظروا". (ما هذا الذي) في نسخة: "ما الذي" (أولئك) أي: الجن، وعدتهم تسعةٌ، كما في "مستدرك الحاكم" (¬1). (تِهامة) بكسر التحتية (¬2): وهي مكة، وقيل: كلما نزل من نجد من بلاد الحجاز؛ لشدة الحرِّ، من التهم، وهو شدة الحرِّ وركود الريح. (بنخلة) بفتح النون وسكون الخاءِ، غير منصرف، للعلمية والتأنيث، موضوع على ليلة من مكة، بينها وبين الطائف (¬3). (استمعوا له) أي: سمعوه بقصد وإصغاء. (وقالوا) في نسخة: "قالوا" بلا واو وفي أخرى: "فقالوا" بالفاءِ. (عجبًا) مصدر وُصِفَ به القرآن مبالغة. ({قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ}) [الجن: 1] زاد في نسخة: " {أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} " وهذا الحديث مرسل صحابي (¬4)؛ لأن ابن عباس لم يرفعه ولا هو مدرك للقصة. وفيه: ¬

_ (¬1) "المستدرك للحاكم" 2/ 456. كتاب: التفسير. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. (¬2) كذا في الأصل، والصواب والله أعلم بكسر الفوقية. (¬3) نخلة: موضع بالحجاز قريب من مكة فيه نخل وكروم، وهي المرحلة الأولى للصادر عن مكة. انظر: "معجم البلدان" 5/ 277. (¬4) مرسل الصحابي: هو أن يروي الصحابي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثًا لم يسمعه منه أو يخبر عن شيء فعله - صلى الله عليه وسلم - أو نحوه مما يعلم أنه لم يحضره، وهذا إما لغيابه فلم يشهد الواقعة التي ذكر فيها الحديث، أو لأنه كان صغيرًا فلم يشهد ما فعل، أو لتأخر إسلامه، فهذا محكوم عليه بصحته على المذهب الصحيح =

مشروعية الجماعة في صلاة السفر، ووجود الجنِّ. 774 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أُمِرَ وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] ". [فتح: 2/ 253] (إسماعيل) أي: ابن أبي عُلية. (أيوب) أي: السختياني. (قرأ) أي: جهر. (وسكت) أي: أسرَّ. (فيما أمر) بالبناء للمفعول في الموضعين. {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] أي: تاركًا لبيان أفعال الصلاة وهو مجاز من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم؛ إذ نسيان الشيءِ المستحيل نسبته إليه تعالى مستلزم لتركه، وهذا المجاز كناية عند الأصوليين لا عند البيانيين، إذ شرطها عندهم إمكان إرادة المعنى الأصلي، ومساواة اللازم للملزوم، وكلاهما ممنوع، أما الأول: فلما مرَّ، وأما الثاني: فلأن الترك لا يستلزم النسيان. ومعنى الآية: أنه لو شاء أن ينزل بيان أحوال الصلاة حتى يكون قرآنا يُتْلَى لفعل، ولم يترك ذلك نسيانًا، بل وكل الأمر لبيان الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ثم أمر بالاقتداءِ بفعله بقوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ} [الأحزاب: 21] أي: قدوة. ¬

_ = الذي قطع به الجمهور من الشافعية وغيرهم، وأطبق عليه المحدثون المشترطون للصحيح القائلون بضعف المرسل، وفي الصحيحين من ذلك ما لا يحصى؛ لأن أكثر رواياتهم عن الصحابة، وكلهم عدول بلا شك، وقيل: إنه كمرسل غيره لا يحتج به إلا أن يبين الرواية عن صحابي وهذا القول زاده النووي في "التقريب" على ابن الصلاح، وحكاه في "شرح المهذب" عن أبي إسحاق الإسفراييني، وقال: الصواب الأول أهـ بتصرف. انظر: "تدريب الرواي" 1/ 258.

106 - باب الجمع بين السورتين في الركعة، والقراءة بالخواتيم، وبسورة قبل سورة، وبأول سورة

106 - بَابُ الجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ، وَالقِرَاءَةِ بِالخَوَاتِيمِ، وَبِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ، وَبِأَوَّلِ سُورَةٍ. وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، "قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُؤْمِنُونَ فِي الصُّبْحِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى، وَهَارُونَ - أَوْ ذِكْرُ عِيسَى - أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ" وَقَرَأَ عُمَرُ: فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنَ البَقَرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ المَثَانِي وَقَرَأَ الأَحْنَفُ: بِالكَهْفِ فِي الأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِيُوسُفَ -أَوْ يُونُسَ- وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصُّبْحَ بِهِمَا وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: بِأَرْبَعِينَ آيَةً مِنَ الأَنْفَالِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ المُفَصَّلِ وَقَال قَتَادَةُ: "فِيمَنْ يَقْرَأُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ يُرَدِّدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ كُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ". (باب: الجمع بين السورتين في الركعة) في نسخة: "في ركعة". (والقراءة بالخواتيم) في نسخة: (بالخواتم) بحذف الياءِ. (وبسورة قبل سورة، وبأول سورة) أي: باب بيان حكم الأمور الأربعة، وهي الجمع بين سورتين في ركعة، والقراءة بالخواتيم أي: الأواخر، وقراءة سورة في الركعة الثانية قبل التي قرأ بها فيما قبلها، والقراءة بأوَّلِ سورة. ومطابقة الحديث لغير القراءة بالخواتيم ظاهرة، وأما مطابقته لها: فيؤخذ من قول قتادة: (كل كتاب الله). (المؤمنين) في نسخة: "المؤمنون" بالرفع على الحكاية. (ذكر موسى وهارون) أي آية: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ} [المؤمنون: 45] (أو ذكر عيسى) شكٌّ من الراوي، أي أو آية: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: 50] (وذكر) مرفوع ومنصوب. (سعلة) بضمِّ السين المهملة، وفتحها. (المثاني) قيل: ما لم يبلغ مائة آية، وقيل: ما عدا السبع الطوال إلى المفصل، وسُمِّي جميع القرآن مثاني؛ لاقتران آية

الرحمة بآية العذاب، وأما قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87] فالمراد به: سورة الفاتحة. (الأحنف) أي: ابن قيس بن معد يكرب الكنديُّ الصحابي. (بالكهف في الأولى، وفي الثانية بيوسف) أي: من صلاة الصبح. (أو يونس) شك من الراوي. (وذكر) أي: الأحنف. (بأربعين آية من الأنفال) أي: في الركعة الأولى، وروي فافتتح الأنفال حتى بلغ (ونعم النصير) (¬1) [الأنفال: 40] وهو رأس الأربعين آية. (من المفصل) تقدم بيانه. (سورة) في نسخة: "بسورة" بباء في المواضع الثلاثة. (في ركعتين) في نسخة: "في الركعتين". (أو يردد) أي: يكرر وهو: زائدٌ على الترجمة. (كلٌّ) أي: كلُّ ذلك (كتابُ الله) أي: فعلى أي وجه يقرأ لا كراهة فيه. 774 - م - وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلاةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ: بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ لَا تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا تَقْرَأُ بِهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا، وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى فَقَال: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرُوهُ الخَبَرَ، فَقَال: "يَا فُلانُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في مصنفة (2669) كتاب: الصلاة، باب: كيف القراءة في الصلاة؟ وابن أبي شيبة (3609) كتاب: الصلوات، باب: ما يقرأ به في العشاء. والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 348. والطبراني في "الكبير" 9/ 263 (9308).

بِهِ أَصْحَابُكَ، وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ" فَقَال: إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَال: "حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ". [فتح: 2/ 255] (عبيد الله) أي: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب. (عن ثابت) أي: البناني. (عن أنس) زاد في نسخة: "ابن مالك". (كان رجل) اسمه: كلثوم، بضمِّ الكاف ابن هِدم بكسر الهاء. (وكان) في نسخة: "فكان". (افتتح سورة) أي: أراد أن يفتتح بها. (يقرأ به) في نسخة: "يقرأ بها". (افتتح) جواب كلَّما. (معها) أي: مع {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1]. (وكان يصنع ذلك) أي: ما ذكر من الافتتاح بسورة الإخلاص ثم بسورة معها. (فقالوا) في نسخة: "وقالوا". (لا ترى أنها تجزئك) بضمِّ أوَّله مع الهمز من الإجزاء، وفي نسخة: بفتح الأولى من جزئ، أي: لا ترى أنها تكفيك. (بأخرى) وفي نسخة "بالأخرى". (فإما أن تقرأ بها) في نسخة: "فإما تقرأ بها". (وإما أن تدعها) أي: تتركها. (بأخرى) أي: غير {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}. (يرون أنه) في نسخة: "يرونه". (وكرهوا أن يؤمهم غيره) أي: لكونه من أفضلهم؛ أو لأنه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي قرره. (الخبر) أي: المذكور، فاللام للعهد. (ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك) أي: بأن تقرأ سورة الإخلاص فقط، أو غيرها فقط، وليس فيما قاله أصحابه من التخيير أمرٌ لكنه لازم له، فهو مجازٌ من إطلاقِ الملزوم وإرادة اللازم. (وما يحملك على قراءة هذه السورة) أي: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}. (فقال) أي: الرجل. (إني أحبها) أي: قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} هذا جوابٌ عن السؤال الثاني صريحا، وعن الأول لزومًا

بانضمام شيءٍ آخر، وهو إقامة السنة المعهودة في الصلاة، فكأنه قال أقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} لمحبتي، وأقرأ سورة أخرى؛ إقامة للسنة، كما هو المعهود في الصلاة، وإنما لم يكن قوله: (إني أحبها) جوابًا عن الأوَّل أيضًا بدون انضمام ما ذكر؛ لأن محبتها لا تمنع أن يقرأ بها فقط، وهم إنما خيروه بين قراءتها فقط، وقراءة غيرها فقط. (فقال: حبُّكَ إياها أدخلك الجنة) فيه الرضا بفعل الرجل، وإنما عبَّر بالماضي وإن كان دخول الجنة مستقبلًا؛ لتحقق وقوعِه. 775 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَال: قَرَأْتُ المُفَصَّلَ اللَّيْلَةَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَال: "هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرُنُ بَيْنَهُنَّ، فَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً مِنَ المُفَصَّلِ، سُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ". [4996، 5043 - مسلم: 822 - فتح: 2/ 255] (عن عمر) في نسخة: "حدثنا عمر". (جاء رجل) هو: نهيك بفتح النون: ابن سنان البجليُّ. (فقال) أي: ابن مسعود للرجل منكرًا عليه عدم التدبر وترك الترتيل. (هذ) بفتح الهاء وتشديد المعجمة، أي: أتهذُّه (هذ) أي: إسراعًا. (كهذِّ الشِّعر) أي: كالإسراع فيه وإنما قاله؛ لأن تلك الصفة كانت عادتهم في إنشاد الشعر. (لقد عرفت النظائر) أي: السور المتقاربة في الطولِ والقصر، أو المتماثلة في المعاني كالمواعظ والحكم والقصص. (التي كان النبيُّ) في نسخة: "التي كان رسول الله". (يقرن) يفتح أوَّلهِ وضمِّ الراءِ، ويجوز كسرها. (فذكر) أي: ابن مسعود. (عشرين سورة من المفصَّل سورتين) أي: كل سورتين. (في ركعة) وهي -كما في "سنن أبي داود"- الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والطور والذاريات في ركعة، والواقعة ونون في ركعة، وسأل

107 - باب: يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب

والنازعات في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل أتى ولا أقسم في ركعة، وعمَّ والمرسلات في ركعة، والدخان والتكوير في ركعة (¬1). وعلى هذا ترتيب تأليف مصحف ابن مسعود دون مصحف عثمان في عدِّ الدخان من المفصَّل؛ تجوز؛ لأنها ليست منه حقيقة. 107 - بَابٌ: يَقْرَأُ فِي الأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ (باب: يقرأ) أي: المصلّي. (في الأخريين) من الرباعية. (بفاتحة الكتاب) أي: فقط وحكم الأخيرة من المغرب كذلك، وسكت عنها؛ رعاية للحديث، وكان الأولى: أن يزيد في الترجمة: (وفي الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين) رعاية للحديث. 776 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الكِتَابِ، وَسُورَتَيْنِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الكِتَابِ وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ، وَيُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مَا لَا يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا فِي العَصْرِ وَهَكَذَا فِي الصُّبْحِ". [انظر: 759 - مسلم: 451 - فتح: 2/ 260] (همام) أي: ابن يحيى. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (وسورتين) في كل ركعة منهما بسورة. (ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية) بتشديد الواو من التطويل، وفي نسخة: "ما لا يطيل" بياء مخففة من الإطالة، وفي أخرى: "بما لا يطيل" بموحدة، ووقع في أخرى: "مما" بميم، و (ما) تجوز أن تكون نكرة ¬

_ (¬1) "سنن أبي داوود" (1396) كتاب: شهر رمضان، باب: تحزيب القرآن. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح (1262).

108 - باب من خافت القراءة في الظهر والعصر

موصوفة، أي: تطويلًا لا يطيل في الثانية، وأن تكون مصدرية، أي: غير إطالته في الثانية فهي مع ما في حيزها صفة لمصدر محذوف. (وهكذا) أي: يقرأ في الأوليين بالفاتحة وسورة، وفي الأخريين بها فقط ويطول في الأولى. (في العصر) أي: في صلاته. (وهكذا) أي: يطيل في الركعة الأولى. (في الصبح) فالتشبيه الواقع في الصبح في تطويل القراءة بعد الفاتحة في الأولى فقط، بخلاف التشبيه الواقع في العصر فإنَّه أعمُّ، كما تقَّدم. وفي الحديث: حجة للقول بوجوب الفاتحة، ويؤيده التعبير بكان المشعرة بالاستمرار مع قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلِّي" (¬1). 108 - بَابُ مَنْ خَافَتَ القِرَاءَةَ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ (باب: من خافت) أي: أسر (القراءة في الظهر والعصر) في نسخة: "بالقراءة". 777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قُلْتُ لِخَبَّابٍ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ؟ قَال: "بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ". [انظر: 746 - فتح: 2/ 261] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي معمر) هو عبد الله بن سخبرة. قال: قلت) في نسخة: "قال: قلنا". (يقرأ في الظهر والعصر) أي: غير الفاتحة. وتقدم بيان الحديث في باب: رفع البصر إلى الإمام (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (631) كتاب: الأذان، باب: الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة. (¬2) سبق برقم (746) كتاب: الأذان، باب: رفع البصر إلى الإمام في الصلاة.

109 - باب إذا أسمع الإمام الآية

109 - بَابُ إِذَا أَسْمَعَ الإِمَامُ الآيَةَ (باب: إذا أسمع الإمام الآية) أي: إذا أَسْمَعَهَا للمأمومين لا يضرُّ، وفي نسخة: "إذا سمَّع" بتشديد الميم. 778 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الكِتَابِ وَسُورَةٍ مَعَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلاةِ الظُّهْرِ وَصَلاةِ العَصْرِ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَانًا وَكَانَ يُطِيلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى". [انظر: 759 - مسلم: 451 - فتح: 2/ 261] (حدثنا الأوزاعيُّ) هو عبد الرحمن بن عمرو، وفي نسخة: "حدثني الأوزاعيُّ". (حدثني عبد الله بن أبي قتادة) في نسخة: "عن عبد الله بن أبي قتادة". (يطيل) في نسخة: "يطوِّل". 110 - بَابُ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى (باب: يطوِّل في الركعة الأولى) أي: من جميع الصلوات. 779 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلاةِ الظُّهْرِ، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ". [انظر: 759 - مسلم: 451 - فتح 2/ 261] (هشام) أي: الدستوائي. (كان يطوِّل في الركعة الأولى .. إلخ) هذا الحديث، وحديث الباب الذي قبله سبقا بشرحهما فيما قبلهما من الأبواب (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (759) كتاب: الأذان، باب: القراءة في الظهر.

111 - باب جهر الإمام بالتأمين

111 - بَابُ جَهْرِ الإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ وَقَال عَطَاءٌ: "آمِينَ دُعَاءٌ" أَمَّنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَمَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "يُنَادِي الإِمَامَ لَا تَفُتْنِي بِآمِينَ" وَقَال نَافِعٌ: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَدَعُهُ وَيَحُضُّهُمْ وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا". (باب: جهر الإمام بالتأمين) في نسخة: "بآمين" أي: عقب قراءته الفاتحة في الصلاة الجهرية، والتامين مصدر أمَّن بالتشديد، أي: قال آمين. (وقال عطاء) أي: ابن أبي رباح. (آمين دعاءٌ) معناه: اللهم استجب، وهو بالمدِّ والقصرِ وتخفيف الميم مبني على الفتح؛ لاجتماع ساكنين نحو: كيف، وما حكى من تشديد ميمه فخطأ، وحكيت الإمالة مع المدِّ. (أَمَّن ابن الزبير) من مقول عطاء. (حتَّى إن) بكسر الهمزة. (للمسجد) أي: لأهله. (للجّةً) بلامين، الأولى للابتداءِ، أي: لأصواتًا مرتفعًا، وفي نسخة: "لجلبة" بجيم فلامٍ فموحدةٍ، أي: لأصواتًا مختلطةً، وفي أخرى: "لرجَّةً" براء بدل اللام، وهو بمعنى لجةِ. (ينادي الإمام) أي: يقول له. جواب قبل إحرامه بالصلاة. (لا تفتني) أي: "لا تسبقني"، كما في نسخة. (بآمين) كان أبو هريرة يؤذِّن لمروان، ومروان يحرم قبل فراغ أبي هريرة فقال له: لا تحرم في الصلاة حتَّى أفرغ من الإقامة؛ لئلا تفوتني بقراءة أم القرآن فيفوتني التأمين به. (لا يدعه) أي: التأمين، أي: لا يتركه. (ويحضهم) بمهملة، ثُمَّ معجمة. (وسمعت منه) أي: من ابن عمر. (في ذلك) أي: في التأمين. (خيرًا) بتحتية ساكنة، أي: فضلًا وثوابًا، وفي نسخة: بموحدة مفتوحة أي: خبرًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

780 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ، فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ - وَقَال ابْنُ شِهَابٍ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: آمِينَ". [781، 782، 4475، 4602 - مسلم: 410 - فتح: 2/ 262] (أخبرنا مالك) في نسخة: "حدثنا مالك". (أن النبيَّ) في نسخة: "أن رسول الله". (إذا أذن الإمام) إذا أراد أن يؤذن. (فأمِّنوُا) قضية ذلك: أن الإمام إذا لم يؤمن لا يؤمن المأموم وهو وجه، والأصح خلافه. (فإنه) أي: الشأن. (من وافق تأمينه تأمين الملائكة) أي: وافقه في القول والزمان، والمراد بالملائكة: جميعهم؛ لأنَّ اللام الداخلة على الجمع تفيد الاستغراق، بأن يقول لها الحاضرون من الحفظة ومَنْ فوقهم حتَّى ينتهي إلى الملأ الأعلى، وقيل المراد: الحفظة منهم، وقيل: الذين يتعاقبون منهم. إذا قلنا: إنهم غير الحفظة (¬1). قال شيخنا: والذي يظهر أن المراد بهم: من يشهد تلك الصلاة منهم ممن في الأرض، أو في السماءِ (¬2)، وأطال في الاستدلال له. (غفر له ما تقدم من ذنبه) أي: من الصغائر، وزاد بعضهم "وما تأخر" وهي كما قال شيخنا: زيادة شاذة، و (من) للبيان لا للتبعيض. (وقال ابن شهاب ..) إلخ بيَّن به أن المراد بقوله في الحديث: (إذا أمَّن) حقيقة التأمين، لا ما أُوِّل به من قراءة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ} إلخ وهو وإن كان مرسلًا فقد اعتضد بما يقويه. وفي الحديث ندب التأمين مطلقًا، والجهر به في الجهرية، والردُّ ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 265. (¬2) "الفتح" 2/ 265.

112 - باب فضل التأمين

على الإمامية في قولهم: إن التأمين يبطل الصلاة؛ لأنه ليس بقرآن ولا ذكر، ويردُّ بأنه دعاءٌ وهو لا يُبْطِل الصلاة. 112 - بَابُ فَضْلِ التَّأْمِينِ (باب: فضل التأمين) أي: فضل الإتيان بآمين. 781 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا قَال أَحَدُكُمْ: آمِينَ، وَقَالتِ المَلائِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ، فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [انظر: 780 - مسلم: 410 - فتح: 2/ 266] (عنْ أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (إذا قال أحدكم: آمين) فيه: أن التأمين سنة لكلِّ إمام ومأموم ومنفرد ولو في غير الصلاة، ولا يتعين تقييده بخبر مسلم: "إذا قال أحدكم في صلاته: آمين" (¬1)، كما قيل به بل يجري كل منهما على مقتضاه ويوافق حديث الباب حديث مسند الإمام أحمد: "إذا أمَّن القارئ فأمنوا" (¬2). (في السماء) فيه، أن ما ذكر في الملائكة لا يختص بالحفظة كما مر. (إحداهما الأخرى) أي: كلمة تأمين أحدكم، وكلمة تأمين الملائكة. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم" (410) كتاب: الصلاة، باب: التسميع والتأمين. (¬2) "مسند أحمد" 2/ 459. وقال الألباني في "الصحيحة": حديث صحيح (1263).

113 - باب جهر المأموم بالتأمين

113 - بَابُ جَهْرِ المَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ (باب: جهر المأموم بالتأمين) في نسخة: "باب: جهر الإمام بآمين" وفي أخرى: "بالتأمين". 782 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا قَال الإِمَامُ: {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقُولُوا: آمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُعَيْمٌ المُجْمِرُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [انظر: 780 - مسلم: 410 - فتح: 2/ 126] (عن أبي صالح) زاد في نسخة: "السمان" واسمه: ذكوان. (فقولوا: آمين) أي: موافقة للإمام في قولها، ويدل على أن الإمام قالها. قوله: (فإنه من وافق قوله ..) إلخ؛ لأن الفاء تعليليةُ، فلولا أن المراد إذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ثُمّ أمَّن: فقولوا آمين كالملائكة، لم يصح تعليله بمدخولها. (تابعه) أي: سُمَيًّا. 114 - بَابُ إِذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ (باب: إذا ركع دون الصف) أي: قبل وصوله إليه جاز مع الكراهة. 783 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنِ الأَعْلَمِ وَهُوَ زِيَادٌ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ". [فتح: 2/ 267]

115 - باب إتمام التكبير في الركوع

(همَّام) أي: ابن يحيى. (الأعلم) قيل له ذلك؛ لأنه كان مشقوقُ الشفة السفلة أو العليا. (وهو زياد) أي: ابن حسان بن قرةٍ. (عن الحسن) أي: البصري. (عن أبي بكرة) هو نفيع بن الحارث بن كلدة. (فذكر) أي: ما فعله من الركوع دون الصف. (زادك الله حرصًا) أي: على الخير. (ولا تعد) أي: إلى الركوع دون الصف منفردًا والنهي للتنزيه لا للتحريم، وإلَّا لأمره بالإعادة. وأما خبر أبي داود وغيره: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلّي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة، (¬1) فمحمولٌ على الندب، وما زاده ابن خزيمة فيه من قوله: "لا صلاة لمنفرد خلف الصف" (¬2) فمحمولٌ على أنه لا صلاة كاملة كما في خبر "لا وضوءَ لمن لم يسم الله" (¬3). 115 - بَابُ إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي الرُّكُوعِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 787] فِيهِ مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ. [انظر: 677] ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (682) كتاب: الصلاة، باب: الرجل يصلي وحده خلف الصف. - وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح (683). (¬2) انظر: "صحيح ابن خزيمة" (1569) كتاب: الإمامة، باب: الزجر عن صلا؛ الماموم خلف الصف وحده. (¬3) رواه الترمذي (25) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في التسمية عند الوضوء. وابن ماجه (399) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في التسمية على الوضوء. وأحمد 2/ 418. والدارقطني (3) كتاب: الطهارة، باب: التسمية على الوضوء. والبيهقي (192) كتاب: الطهارة، باب: التسمية على الوضوء. وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" حسن لغيره (202).

(باب: إتمام التكبير في الركوع) أي: بمدِّه من الانتقال من محل القراءة إلى الركوع، وأما خبر أبي داود: عن عبد الرحمن بن أبزى قال: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يتم التكبير فباطل (¬1)، وبتقدير صحته، فهو بيان للجواز، أو المراد أنه لم يتم الجهرية، أولم يمده، وإنما خص الركوع هنا والسجود في الباب الآتي بذلك (¬2)؛ لأنهما أعظم أركان الصلاة، وإلا فغيرهما كذلك، كما صرح به في أحاديث البابين. (قاله) أي: الإتمام، وفي نسخة: "قال" وفي أخرى: "وقال" أي: ذلك (فيه) أي: في الباب (مالك بن الحويرث) أي: حديثه الآتي في باب: المكث بين السجدتين (¬3). 784 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي العَلاءِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَال: صَلَّى مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْبَصْرَةِ فَقَال: "ذَكَّرَنَا هَذَا الرَّجُلُ صَلاةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَفَعَ وَكُلَّمَا وَضَعَ" [786، 826 - مسلم: 393 - فتح: 2/ 269] (إسحق) أي: ابن شاهين (حدثنا) في نسخة: "أخبرنا". (خالد) أي: ابن عبد الله الطحان. (عن الجريري) بضم الجيم، وفتح الراء الأولى: سعد بن إياس. (عن أبي العلاء) هو يزيد بن عبد الله بن الشخير (عن مطرِّف) هو أخو أبي العلاء. (بالبصرة) (¬4) بتثليث الباء، والأشهر الفتح. قال السمعاني: يقال ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (837) كتاب: الصلاة، باب: تمام التكبير. قال الألباني في "ضعيف أبي داود" (15): إسناده ضعيف مضطرب. (¬2) سيأتي برقم (786) كتاب: الأذان، باب: إتمام التكبير في السجود. (¬3) سيأتي برقم (818) كتاب: الأذان، باب: المكث بين السجدتين. (¬4) البصرة: هي مدينة عظمى بالعراق وسميت بالبصرة؛ لغلظها وشدتها. انظر: "معجم البلدان" 1/ 430.

116 - باب إتمام التكبير في السجود

لها: قبة الإسلام، وخزانة العرب (¬1). (قال: صلى) أي: قال عمران: إنه صلى، أو قال مطرف: إنه أي: عمران بن حصين صلى. (فقال) أي: عمران بن حصين، وفي بعض ذلك التفات، وما قررته من التفاسير يعلم من الحديث الأول من الباب الآتي. (ذكرنا) بتشديد الكاف. (هذا الرجل) أي: على - رضي الله عنه -. (صلاة) في نسخة: "بصلاة". (فذكر) أي: عمران (أنه) أي: عليًّا، أو النبي - صلى الله عليه وسلم - (كان يكبر كلما ركع) خص عمومه بخبر: "سمع الله لمن حمد" (¬2) عند الاعتدال. 785 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ "يُصَلِّي بِهِمْ، فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ، وَرَفَعَ"، فَإِذَا انْصَرَفَ، قَال: إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [789، 795، 803 - مسلم: 392 - فتح: 2/ 269] (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (بهم) في نسخة: "لهم". (إني لأشبهكم صلاة برسول الله) أي: في تكبير الانتقالات وإتمامها. 116 - بَابُ إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِي السُّجُودِ (باب: إتمام التكبير في السجود) أي: بأن يبتدئ به من الانتقال من القيام إلى السجود. 786 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، "فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ وَإِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ"، فَلَمَّا ¬

_ (¬1) انظر: "الأنساب" 2/ 236. (¬2) سيأتي برقم (789) كتاب: الأذان، باب: التكبير إذا قام من السجود.

117 - باب التكبير إذا قام من السجود

قَضَى الصَّلاةَ أَخَذَ بِيَدِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فَقَال: قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَال: لَقَدْ صَلَّى بِنَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [انظر: 784 - مسلم: 393 - فتح: 2/ 271] (وإذا رفع رأسه) أي: من السجود. (قضى الصلاة) أي: فرغ منها. (قد ذكرني) في نسخةٍ: "لقد ذكرني". (هذا) أي: علي. (أو قال) شك من الرواي. 787 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَال: رَأَيْتُ رَجُلًا عِنْدَ المَقَامِ، "يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، وَإِذَا قَامَ وَإِذَا وَضَعَ"، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَوَلَيْسَ تِلْكَ صَلاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا أُمَّ لَكَ؟! [788 - فتح: 2/ 271] (هشيم) أي: ابن بشير السلمي. (رجلًا) أي: هو أبو هريرة. (يكبر) في نسخة: "فكبر" بفاء على صيغة الماضي. (قال) في نسخة: "فقال". (أو ليس تلك صلاة النبي؟) استفهام إنكار للإنكار المفهوم من قوله: (فأخبرت ابن عباس) فيكون إثباتًا؛ لأن نفي النفي إثبات. (لا أُمَّ لك) كلمة ذم، ذمَّ بها ابن عباس عكرمة حيث جهل هذه السنة. 117 - بَابُ التَّكْبِيرِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ (باب: التكبير إذا قام من السجود) أي: باب: بيان حكمه. 788 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ، «فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً»، فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ أَحْمَقُ، فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ «سُنَّةُ أَبِي القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ. [انظر: 787 - فتح: 2/ 272] (أخبرنا همام) في نسخة: "حدثنا همام" أي: ابن يحيى.

(صليت خلف شيخ) هو: أبو هريرة (فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة) هذا في الرباعية؛ لأن الصلاة كانت الظهر، أما في الثلاثية: فسبع عشرة، وأما في الثنائية: فإحدى عشرة، ففي الصلوات الخمس أربع وتسعون تكبيرة. (أنه) أي: الشيخ (أحمق) أي: قليل العقل. (فقال) في نسخة: "قال". (ثكلتك أمك) بمثلثة مفتوحة، وكافٍ مكسورة، أي: فقدتك. (سنة أبي القاسم) خبر مبتدإٍ محذوف، أي: هذا الذي فعله الشيخ، ويجوز النصب بفعل مقدر، أو استحق عكرمة الدعاء بما ذكر؛ لكونه نسب أبا هريرة إلى الحمق الذي هو غاية الجهل، وهو برئ منه. (وقال موسى) في نسخة: "قال موسى" أي: ابن إسماعيل التبوذكي المذكور في السند، يريد أنه روى عن أبان كما روى عن همام، فهو متصل إلا أن الأول بالعنعنة، وهذا بلفظ: حدثنا، مع زيادة تصريح قتادة بالتحديث عن عكرمة. (أبان) أي: ابن يزيد العطار. 789 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ " قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ: "وَلَكَ الحَمْدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوي، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الجُلُوسِ". [انظر: 785 - مسلم: 392 - فتح: 2/ 272] (يحيى بن بُكير) نسبه لجده؛ لشهرته به، وإلا فهو: يحيى بن عبد الله بن بُكير. (عن عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (من الركعة) في نسخة: "من الركوع". (قال أبو عبد الله بن صالح

118 - باب وضع الأكف على الركب في الركوع

عن الليث: ولك الحمد) ساقط من نسخة، والواو زائدة، أو عاطفة على مقدر، أي: ربنا حمدناك ولك الحمد (حين يهوي)، بكسر الواو مضارع هوى بفتحها، أي: سقط إلى أسفل. وفيه: التكبير لكل انتقال غير القيام من الركوع، وهذا الحديث مفسِّر، لما سبق من قوله: (كان يكبر في كل خفض ورفع). 118 - بَابُ وَضْعِ الأَكُفِّ عَلَى الرُّكَبِ فِي الرُّكُوعِ وَقَال أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ: "أَمْكَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ". [انظر: 828] (باب: وضع الأكف على الركب في الركوع) أي: باب: بيان وضعها على الركب في حالة الركوع. (أبو حميد) بالتصغير هو: عبد الرحمن الساعدي، وقيل: غيره. (في أصحابه) أي: في حضورهم (أمكن النبي .. إلخ) أي: مكن يديه من ركبتيه في الركوع. 790 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، قَال: سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ، يَقُولُ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي، فَطَبَّقْتُ بَيْنَ كَفَّيَّ، ثُمَّ وَضَعْتُهُمَا بَيْنَ فَخِذَيَّ، فَنَهَانِي أَبِي، وَقَال: كُنَّا نَفْعَلُهُ، "فَنُهِينَا عَنْهُ وَأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِينَا عَلَى الرُّكَبِ". [مسلم: 535 - فتح: 2/ 273] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي (عن أبي يعفور) بتحتية، فعين مهملة، ففاء، فراء، اسمه: وقدان بواو مفتوحة، فقاف ساكنة، فدال مهملة. (نفعله) أي: التطبيق. (فنهينا عنه) أي: فهو ناسخ لذلك. (وأمرنا) بضم الهمزة، أي: أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه الآمر. (أيدينا) أي: أكفنا.

119 - باب إذا لم يتم الركوع

(على الركب) شبه القابض عليها مع تفريق الأصابع للقبلة. 119 - بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الرُّكُوعَ (باب: إذا لم يتم) أي: المصلي (الركوع) يعيد صلاته تامة. 791 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، قَال: رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلًا لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، قَال: "مَا صَلَّيْتَ وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا". [انظر: 389 - فتح: 2/ 274] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران. (رجلًا) لم يسم. (قال) أي: حذيفة، وفي نسخة: "فقال". (ما صليت) نفي للحقيقة؛ لأنها تنتفي بانتفاء جزئها، وهو هنا الطمأنينة. (ولو مت) أي: على هذه الحالة. (مت على غير الفطرة) أي: الملة، أو السنة كما في خبر: "خمس من الفطرة" (¬1). وبَّخه على سوء فعله؛ ليرتدع. لا أن المراد: أن ترك الطمأنينة مخرج له من الدين (التي فطر الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم -) أي: "عليها"، كما في نسخة. 120 - بَابُ اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ فِي الرُّكُوعِ وَقَال أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ: "رَكَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ". [828 - فتح: 2/ 275] (باب: استواء الظهر في الركوع) أي: بأن لم يرفع فيه المصلي رأسه ولم يخفضه. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5889) كتاب: اللباس، باب: قص الشارب.

121 - باب حد إتمام الركوع والاعتدال فيه والطمأنينة

(وقال أبو حميد) أي: الساعدي (في أصحابه) أي: في حضورهم. (هصر ظهره) أي: أماله، وفي نسخة: "حنى ظهره"، والمراد: أنه أماله، ثم بعد انتهائه إلى حد الركوع سواه، كما ورد في رواية لأبي داود (¬1). [121 - بَابُ حَدِّ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالاعْتِدَالِ فِيهِ وَالطُّمَأْنِينَةِ] [فتح: 2/ 275] (باب: حد إتمام الركوع والاعتدال فيه والاطمأنينة) ساقط من نسخة، وعلى ثبوته في النسخة: (والطمانينة) بضم الطاء، وهي أكثر استعمالًا، وفي نسخةٍ: حذف (باب) وزيادة واو بدله، وأراد بالاعتدال في الركوع: تسوية الظهر فيه. 792 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ المُحَبَّرِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي الحَكَمُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ البَرَاءِ، قَال: "كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، مَا خَلا القِيَامَ وَالقُعُودَ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ". [801، 820 - مسلم: 471 - فتح: 2/ 276] (بدل بن المحبَّر) بفتح الدال المهملة، وضم الميم، وفتح الحاء المهملة، والموحدة المشددة. (شعبة) أي: ابن الحجاج (الحكم) أي: ابن عتيبة. (عن ابن أبي ليلى) هو عبد الرحمن الأنصاري (عن البراء) أي: "ابن عازب" كما في نسخة. ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (852) كتاب: الصلاة، باب: طول القيام من الركوع وبين السجدتين. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (798) إسناده صحيح على شرط البخاري رجاله ثقات رجال الشيخين.

122 - باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتم ركوعه بالإعادة

(وبين السجدتين) أي: وجلوسه بينهما. (وإذا رفع) أي: "رأسه" كما في نسخة. يعني: واعتداله من وقت رفع رأسه من الركوع. (فإذا) لمجرد الزمان منسلخًا عن الاستقبال. (ما خلا القيام) أي: قيام القراءة (والقعود) أي: قعود التشهد، والاستثناء فيهما منقطع. (قريبًا) خبر كان. (من السواء) بفتح السين، والمد من المساواة، والمعنى: كان جميع أفعال صلاته قريبًا من السواء ما خلا القيام والقعود، فإنه كان يطولهما. وفيه: إشعار بالتفاوت والزيادة على أصل حقيقة الأركان. ووجه مطابقة الحديث لترجمة من جهة أنه دل على تسوية الركوع والمعطوفات عليه. [122 - بَابُ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ بِالإِعَادَةِ] (باب: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يتم ركوعه بالإعادة) أَي: لصلاته. 793 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلامَ، فَقَال: "ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" ثَلاثًا، فَقَال: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، قَال: "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ، فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا". [انظر: 757 - مسلم: 397 - فتح: 2/ 276] (أخبرني) في نسخة: "حدثنا". (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (ثلاثًا) تنازعه (صلى)، (وجاء)، (وسلم) (ورد)، (وقال)، وإنما

123 - باب الدعاء في الركوع

لم يعلمه أولًا؛ لأن التعليم بعد تكرار الخطأ أثبت منه قبله، وقيل: تأديبًا له؛ لأنه لم يسأل واكتفى بعلم نفسه، وليس فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ لأن وقت الصلاة كان فيه سعة. (فما) في نسخة: "ما". (قال) في نسخة: "فقال". (ما تيسر) في نسخة: "بما تيسر" والمراد به: الفاتحة بقرينة رواية ابن حبان وغيره "ثم اقرأ بأم القرآن ثم آقرأ بما شئت" (¬1) ومرَّ شرح الحديث في باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم (¬2). 123 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ (باب: الدعاء في الركوع) وخصَّ الركوع بالدعاء دون التسبيح مع أن الحديث واحد، والتسبيح فيه مقدم عليه؛ قصدًا للرد على من كره الدعاء في الركوع، وأما التسبيح فمتفق عليه. 794 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي". [817، 4293، 4967، 4968 - مسلم 484 - فتح: 2/ 281] ¬

_ (¬1) "صحيح ابن حبان" 5/ 88 (1787) كتاب: الصلاة، باب: صفة الصلاة. وأبو داود (859) كتاب: الصلاة، باب: صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود والترمذي (302) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في وصف الصلاة. أحمد 4/ 340. وقال: حديث رفاعة بن رافع حديث حسن وقد روي عن رفاعة هذا الحديث من غير وجه من حديث رفاعة بن رافع. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬2) سبق برقم (757) كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم.

124 - باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع

(عن منصور) أي: ابن المعتمر بن عبد الله بن رُبَّيعة بضم الراء وتشديد الباء المفتوحة. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح بالتصغير. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (كان النبي) في نسخة: "كان رسول الله". (سبحانك) سبحان علم على التسبيح، أي: التنزيه عن النقائص، وإنما أضيف بتقدير تنكيره، ونصب بفعل محذوف لزومًا، أي: سبحت. (وبحمدك) أي: وسبحت بحمدك أي: بتوفيقك وهدايتك لا بحولي وقوتي والواو فيه للحال، أو لعطف جملة على جملة، والإضافة فيه إما للفاعل، والمراد: من الحمد لازمه، وهو ما يوجب الحمد من التوفيق والهداية، أو للمفعول ومعناه: وسبحت ملتبسًا بحمدي لك. (اللهم اغفر لي) سأل المغفرة مع كونه معصومًا؛ لبيان الافتقار والإذعان، وإظهار العبودية، والشكر، وطلب الدوام، أو لأنه كان عن ترك الأولى، أو لأن مراده: تعليم أمته، بل الدعاء نفسه عبادة وهو مأمور به في قوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}. 124 - بَابُ مَا يَقُولُ الإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ (باب: ما يقول الإمَام ومن خلفه إذا رفع) أي: كل منهما. (رأسه من الركوع) لكنه لم يذكر في الباب ما يدل على من يقول من خلفه اكتفاءً بخبر: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" (¬1)، وخبر: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (722) كتاب: الأذان، باب: إقامة الصف من تمام الصلاة و (734) كتاب: الأذان، باب: إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة. (¬2) سبق برقم (631) كتاب: الأذان، باب: الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة.

795 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَال: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يُكَبِّرُ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ، قَال: اللَّهُ أَكْبَرُ". [انظر: 785 - مسلم: 392 - فتح: 2/ 282] (ابن أبي ذئب) هو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، واسم أبي ذئب: هشام (قال: اللهم ربنا) أي: يا الله يا ربنا، ففيه: تكرير النداء؛ للمبالغة، وفي رواية: "قال: ربنا" (¬1) بحذف اللهم. (ولك الحمد) بإثبات الواو، وفي رواية: "لك الحمد" بحذفها قال النووي (¬2): ولا ترجيح لإحداهما على الأخرى. وقال ابن دقيق العيد: كأنَّ إثباتها دال على معنى زائد؛ لأن التقدير: ربنا استجب ولك الحمد، أي: فيشتمل على معنى الدعاء، ومعنى الخبر (¬3) [(إذا ركع وإذا رفع رأسه) أي: من السجود.] (¬4). (يكبر) أي: فيهما، وعبر فيهما بالمضارع، وفيما بعد بالماضي وهو (قال) للتفنن، وتقدم شرح الحديث في باب: التكبير إذا قام من السجود (¬5). ¬

_ (¬1) رواه مسلم (477) كتاب: الصلاة، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع. وابن خزيمة 1/ 310 (613) كتاب: الصلاة، باب: التحميد والدعاء. وابن حبان 5/ 231 (1905) كتاب: الصلاة، باب: صفة الصلاة. بلفظ: قال ربنا .. من حديث أبي سعيد الخدري. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 121. (¬3) "إحكام الأحكام" 1/ 204. (¬4) من (م). (¬5) سبق برقم (789) كتاب: الأذان، باب: التكبير إذا قام من السجود.

125 - باب فضل اللهم ربنا لك الحمد

125 - بَابُ فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ (باب: فضل اللهم ربنا لك الحمد) في نسخة هنا، وفي الحديث: (ولك الحمد) بالواو، وتقدم الكلام على ما يتعلق بها. 796 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا قَال الإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [3228 - مسلم: 409 - فتح: 2/ 283] وقوله: (فقولوا: ربنا ولك الحمد) أي: مع ما علمتموه من سمع الله لمن حمده لعلمهم بقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وإنما خصَّ (ربنا لك الحمد) بالذكر؛ لأنهم كانوا لا يسمعونه غالبًا، ويسمعون (سمع الله لمن حمده) وأخذ بعض الأئمة بظاهر الحديث، فاقتصروا على (ربنا لك الحمد). 126 - باب (باب) ساقط من نسخة كالترجمة، وفي نسخة: "باب القنوت". 797 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، قَال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: لَأُقَرِّبَنَّ صَلاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاةِ الظُّهْرِ، وَصَلاةِ العِشَاءِ، وَصَلاةِ الصُّبْحِ، بَعْدَ مَا يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الكُفَّارَ". [مسلم: 676 - فتح: 2/ 284] (هشام) أي: الدستوائي (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (لأقربن صلاة النبي) أي: لأقرب صلاته إليكم، أو لأقربكم إلى صلاته، أي: لأرينكم إياها، وفي نسخة: "إني لأقربكم صلاة برسول الله". (فكان) بالفاء التفسيرية، وفي نسخة:

"وكان" بواو (الأخرة) بضم الهمزة، وسكون الخاء، وفي نسخة: "الآخرة" (بعدما يقول: سمع الله لمن حمده). فيه: القنوت بعد الركوع في الاعتدال، وقال مالك: يقنت قبله دائمًا. (ويلعن الكفار) أي: من غير تعيين، بخلاف أعيانهم لا يجوز إلَّا لمن علم بالنصوص أنه مات كافرًا كابي لهب، وإنما كان يلعنهم مع أن لعنهم تنفير لهم عن الإيمان؛ لأنه كان قبل نزول: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية، فلما نزل نسخ به القنوت، وممن روى القنوت عبد الله بن عمر (¬1)، ثم أخبر بعدُ أن الله تعالى نسخ ذلك حين أنزل {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية، وهذا في قنوت غير الصبح، أما قنوته فباقٍ على سنيته، خلافًا لأبي حنيفة وأحمد لما صح عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يترك فيه حتى فارق الدنيا (¬2). 798 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ القُنُوتُ فِي المَغْرِبِ وَالفَجْرِ". [1004 - فتح: 2/ 284] (عبد الله بن أبي الأسود) نسبه إلى جد أبيه؛ لشهرته به، وإلا فهو: عبد الله بن محمد بن حميد بن أبي الأسود. (إسماعيل) أي: ابن علية. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4559) كتاب: التفسبر، باب: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}. (¬2) رواه أحمد 3/ 162، وعبد الرزاق 3/ 110 (4964) كتاب: الصلاة، باب: القنوت، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"1/ 244، والبيهقي 2/ 201 (3104 - 3105) كتاب: الصلاة، باب: الدليل على أنه لم يترك أصل القنوت في صلاة الصبح. قال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1238): منكر.

799 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المُجْمِرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، قَال: "كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، قَال رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَال: "مَنِ المُتَكَلِّمُ" قَال: أَنَا، قَال: "رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ". [فتح: 284] (المجمر) بضم الميم الأولى، وكسر الثانية. (يومًا فصلى) في نسخة: "نصلي يومًا" أي: المغرب. (وراء النبي) في نسخة: "وراء رسول الله". (فلما رفع رأسه) أي: شرع في رفعه. (من الركعة) أي: من الركوع. (قال) في نسخة: "فقال". (رجل) زاد في نسخة: "وراءه" واسم الرجل رفاعة بن رافع راوي الحديث، وإنما أبهم نفسه قصدًا لإخفاء عمله. (ربنا ولك الحمد) تقدم بيانه في نظيره، وأبدل رفاعة بن يحيى في روايته الآتية. (ربنا ولك الحمد) بقوله: (الحمد لله). (حمدًا) منصوب بمقدر، ودل عليه (ولك الحمد). (طيبًا) أي: خالصًا عن الرياء والسمعة. (مباركًا فيه) أي: كثير الخير، زاد رفاعة بن يحيى فيما رواه عنه النسائي، وغيره: مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى (¬1). فقوله: (مباركًا عليه) الظاهر: أنه تأكيد للأول، ¬

_ (¬1) "سنن النسائي" 2/ 145 كتاب: الافتتاح، باب: قول المأموم إعطس خلف الإمام. ورواه أبو داوود (773) كتاب: الصلاة، باب: ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، والترمذي (404) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة، والبيهقي 2/ 95 (2610) كتاب: الصلاة، باب: القول عند الرأس من الركوع وإذا استوى قائمًا. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (744): إسناده صحيح على شرط البخاري.

وقيل: الأول: بمعنى الزيادة، والثاني: بمعنى البقاء. (من المتكلم؟) أي: بهذه الكلمات، زاد رفاعة بن يحيى في الصلاة: "فلم يتكلم أحد ثم قالها الثالثة، فقال رفاعة بن رافع: أنا، قال: "كيف قلت" قال: قلت: الحمد لله حمدًا (¬1) فذكره. واستشكل تأخير رفاعة إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كرر سؤاله ثلاثًا، مع أن إجابته واجبة عليه، بل وعلى من سمع كلام رفاعة، فإنه لم يسأل المتكلم وحده. وأجيب: أنه لما لم يعين واحدًا لم تتعين المبادرة بالجواب من المتكلم، ولا من واحد بعينه، فكأنهم انتظروا بعضهم ليجيب، وحملهم على ذلك؛ خشية أن يبدو في حقه شيء ظنًّا منهم أنه أخطأ فيما فعل ورجوا أن يقع العفو عنه. (بِضعًا) بكسر الباء أكثر من فتحها، وفي نسخة: "بضعة" والبضع: ما بين الثلاث والتسع، وفي قوله: "بضعًا وثلاثين" رد على من زعم -كالجوهري- أن البضع يختص بما دون العشرين (¬2). والحكمة في اختصاص العدد المذكور بهذا الذكر على رواية الكتاب: أن عدد حروفه مطابق للعدد المذكور، وهو: أربعة وثلاثون حرفًا، الصادق به ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (404) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة وقال أبو عيسى: حديث رفاعة حديث حسن، وكان هذا الحديث عند بعض أهل العلم أنه في التطوع. لأن غير واحدٍ من التابعين قالوا: إذا عطس الرجل في الصلاة المكتوبة إنما يحمد الله في نفسه ولم يوسعوا في أكثر من ذلك. ورواه أيضًا النسائي في "المجتبى" 2/ 45 كتاب: الأذان، باب: الأمر بالتأمين خلف الإمام. (¬2) "الصحاح" 3/ 1186.

127 - باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع

بضع وثلاثون لا ثلاثة وثلاثون، كما قيل: وأمَّا على رواية النسائي، وغيره فالحروف تزيد على البضع والثلاثين. (أيُّهم) بالرفع مبتدأ خبره: (يكتبها) ويجوز نصبه بتقدير ينظرون (أيهم يكتبها) وأي موصولة عند سيبويه، والتقدير: يبتدرون الذي يكتبها، واستفهامية عند غيره، والتقدير: مقول فيهم أيهم يكتبها (أول) بالضم على البناء، وبالنصب على الحال، وهو غير منصرف. وفي الحديث: التحميد والذكر لله، وجواز رفع الصوت بذلك في المساجد. 127 - بَابُ الطُّمَأْنِينَةِ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَقَال أَبُو حُمَيْدٍ: "رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَوَى جَالِسًا حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ". [انظر: 828] (باب: الاطمأنينة) بكسر الهمزة قبل الطاء الساكنة، في نسخة: "الطمأنينة" بضم الطاء، بغير همز. (حين يرفع رأسه من الركوع) خصَّ ذلك بالركوع تبعًا للأحاديث الآتية، وإلا فهو غير مختص به. (أبو حميد) أي: الساعدي. (رفع النبي) أي: رأسه من الركوع. (واستوى) أي: قائمًا فتحصل مطابقته للترجمة، في نسخة: "واستوى جالسًا" فتفوت المطابقة، وفي أخرى: "فاستوى" بالفاء. (حتى يعود كل فقَارٍ مكانه) بفتح الفاء، وخِفة القاف: تحوزات الظهر وهي: مفاصله، والواحدة: فقارة، وفي نسخة: "كل فقارة". 800 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ، قَال: كَانَ أَنَسٌ يَنْعَتُ لَنَا صَلاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " فَكَانَ يُصَلِّي وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ نَسِيَ". [821 - مسلم: 472 - فتح: 2/ 287]

(أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن ثابت) أي: البناني. (كان أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. (ينعت) أي: يصف. (فإذا) في نسخة: "وإذا" بالواو. (قد نسي) أي: أنس وجوب الهوي إلى السجود، أو أنه في صلاة. 801 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجُودُهُ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ". [انظر: 792 - مسلم: 471 - فتح: 2/ 288] (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (وإذا رفع) أي: "رأسه" كما في نسخة، وقد سبق شرح الحديث في باب: حد إتمام الركوع والاعتدال (¬1). 802 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَال: كَانَ مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ يُرِينَا كَيْفَ كَانَ صَلاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَاكَ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلاةٍ، "فَقَامَ فَأَمْكَنَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَمْكَنَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَنْصَبَ هُنَيَّةً"، قَال: فَصَلَّى بِنَا صَلاةَ شَيْخِنَا هَذَا أَبِي بُرَيْدٍ، وَكَانَ أَبُو بُرَيْدٍ: "إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الآخِرَةِ اسْتَوَى قَاعِدًا، ثُمَّ نَهَضَ". [انظر: 677 - فتح: 2/ 288] (فإن كان) في نسخة: "وإن قام". (وذاك) أي: الفعل (وقت صلاة) في نسخة: "وقت الصلاة". (فامكن القيام) أي: أمكنه. (فأنصت) بهمزة قطع وفوقية في آخره أي: سكت فلم يُكبر للهوي في الحال، وفي نسخة: "فانصبَّ" بهمزة وصل، وموحدة مشددة في آخره كأنه كنى عن رجوع أعضائه من الإنحاء إلى القيام بالانصباب، وفي ¬

_ (¬1) سبق برقم (792) كتاب: الأذان، باب: حد إتمام الركوع والاعتدال فيه والطمأنينة.

128 - باب: يهوي بالتكبير حين يسجد

نسخة: "فانتصب قائمًا" وهي أوضح من اللتين قبلها. (هنية) بضم الهاء، وفتح النون، وتشديد التحتية أي: قليلًا، فلم يُكبر للهوي في الحال. (قال) أي: أبو قلابة. (فصلى بنا) أي: مالك (ابن بُريد) بضم الموحدة، وفتح الراء المهملة: كُنية شيخنا، واسمه: عمرو بن سلمة، بكسر اللام الجرمي، وفي نسخة: "ابن يزيد" بتحتية مفتوحة، وزاي مكسورة، أي: غير منصرف. (استوى قاعدًا) أي: للاستراحة، وسبق شرح الحديث في باب: من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم (¬1). 128 - بَابٌ: يَهْوي بِالتَّكْبِيرِ حِينَ يَسْجُدُ وَقَال نَافِعٌ: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ". (باب: يهوي بالتكبير حين يسجد) بفتح أول (يهوي)، وضمه، وكسر ثالثه، أي: يهبط. (نافع) أي: مولى ابن عمر (يضع يديه) أي: كفيه (قبل ركبتيه) هو مذهب مالك، واحتج له بخبر أبي داود وغيره بإسناد جيد: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك، كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه" (¬2). ومذهب الثلاثة وفاقًا للجمهور: يضع ركبتيه قبل يديه؛ ¬

_ (¬1) سبق برقم (677) كتاب: الأذان، باب: من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي وسنته. (¬2) "سنن أبي داود" (840) كتاب: الصلاة، باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه. وأحمد 2/ 381، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 254، وابن حزم في "المحلى" 4/ 124 - 129 والبيهقي 2/ 99، والحازمي في الاعتبار ص 77 من طريق سعيد بن منصور بهذا الإسناد، كما أخرجه أيضًا البيهقي 2/ 100 من طريق الحسن بن علي بن زياد، عن سعيد بن منصور به، =

لأنها أقرب إلى الأرض، واحتج له بخبر أبي داود وغيره، وحسنه الترمذي عن أبي هريرة قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد وضع ركبتيه قبل يديه. قال الخطابي: وهو أثبت من خبر تقديم اليدين، وأرفق بالمصلي، وأحسن في الشكل، ورأي العين (¬1). ووجه مطابقة الأثر للترجمة: من جهة اشتمالها عليه؛ لأنها في الهوي بالتكبير إلى السجود، والهوي: فعل، والتكبير: قول، فالأثر يدل على الفعل، والحديث الآتي يدل عليه وعلى القول. 803 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، " كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ صَلاةٍ مِنَ المَكْتُوبَةِ، وَغَيْرِهَا فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ، فَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ حِينَ يَهْوي سَاجِدًا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الجُلُوسِ فِي الاثْنَتَيْنِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الصَّلاةِ"، ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَنْصَرِفُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ ¬

_ = بلفظ: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك الجمل، وليضع يديه على ركبتيه"، وقال عقبة: كذا قال: على ركبتيه. فإن كان محفوظًا كان دليلًا على أنه يضع يديه على ركبتيه عند الإهواء إلى السجود. كما أخرجه النسائي في "المجتبى" 2/ 207 كتاب: الافتتاح، باب: وضع اليدين مع الوجه في السجود، وفي "الكبرى" (978). والبخاري في "التاريخ الكبير" من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي به. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (789): إسناده صحيح وجود إسناده النووي والزرقاني. (¬1) من (م).

كَانَتْ هَذِهِ لَصَلاتَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. [انظر: 785 - مسلم: 392 - فتح: 2/ 290] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (حدثنا شعيب) في نسخة: "أخبرنا شعيب بن أبي حمزة". (يهوي) بفتح الياء، وكسر الواو، وفي نسخة: بضم الياء. (إن كانت) بكسر همزة إن المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن. 804 - قَالا: وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ " وَأَهْلُ المَشْرِقِ يَوْمَئِذٍ مِنْ مُضَرَ مُخَالِفُونَ لَهُ. [1006، 2932، 3386، 4560، 4598، 6200، 6393، 6940 - مسلم: 675 - فتح: 2/ 290] (قالا) أي: أبو بكر، وأبو سلمة. (سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد) أي: يقول في رفعه من الركوع: (سمع الله لمن حمده)، وفي اعتداله: (ربنا ولك الحمد). (يدعو) خبر ثان لكان، أو حال من ضمير يقول، أو عطف بدون ذكر حرف العطف، وفي نسخة: "ثم يدعو". (لرجال) أي: من المسلمين (أنج) بهمزة قطع (الوليد بن الوليد) أي: ابن عقبة، هو أخو خالد بن الوليد، وقد أسر يوم بدر كافرًا، فلما فُدي أسلم، فقيل له: هلا أسلمت قبل أن تفدى؟ فقال: كرهت أن يُظن بي أني أسلمت جذعًا، فحبس بمكة، ثم أفلت من إسارهم؛ بدعائه - صلى الله عليه وسلم - ولحق به - صلى الله عليه وسلم - (¬1). (وسلمة بن هشام) بفتح اللام هو: أخو أبي جهل [بن هشام. (وعياش بن أبي وبيعة) ¬

_ (¬1) ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" 4/ 118 - 119 (2753).

بفتح المهملة وتشديد التحتية: وهو أخو أبي جهل] (¬1) لأمه وكل من هؤلاء الذين دعا لهم - صلى الله عليه وسلم - نجوا من أسر الكفار ببركة دعائه - صلى الله عليه وسلم -. (والمستضعفين من المؤمنين) من عطف العام على الخاص. (اللهم اشدد) بهمزة وصل في اشدد. (وطأتك) بفتح الواو وسكون المهملة، وفتح الهمزة: البأس والعقوبة، من الوطء وهو: شدة الاعتماد على الرجل (مضر) بضم الميم، وفتح المعجمة، غير منصرف أي: ابن نزار، والمراد: القبيلة. (واجعلها) أي: وطأتك، أو الأيام الدال عليها سنين، أو نفس السنين، وإن تأخر لفظًا، كما في قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} بجامع أن كلًّا من الضميرين مخبر عنه بخبر يفسره. (كسني يوسف) أي: في القحط، وامتداد زمن المحنة، وغاية الشدة. وفي الحديث: إثبات القنوت، وأنه بعد الرفع من الركوع، وأن تسمية من يدعى له، أو عليه لا تبطل الصلاة. 805 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، غَيْرَ مَرَّةٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: سَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَرَسٍ - وَرُبَّمَا قَال سُفْيَانُ: مِنْ فَرَسٍ - فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا وَقَعَدْنَا - وَقَال سُفْيَانُ مَرَّةً: صَلَّيْنَا قُعُودًا - فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قَال: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا " قَال سُفْيَانُ: كَذَا جَاءَ بِهِ مَعْمَرٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: لَقَدْ حَفِظَ كَذَا، قَال الزُّهْرِيُّ: وَلَكَ الحَمْدُ حَفِظْتُ مِنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ، فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الزُّهْرِيِّ، قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَنَا عِنْدَهُ، فَجُحِشَ سَاقُهُ الأَيْمَنُ. [انظر 378 - مسلم، 411 - فتح: 2/ 290] ¬

_ (¬1) من (م).

(سفيان) أي: ابن عيينه. (وربما) أصلها للتقليل، لكنها تستعمل للتكثير كثيرًا، كما مرَّ. (قال سفيان) لفظ: (سفيان) ساقط من نسخة. (من) أي: بدل عن. (قعودًا) حال، أو مفعول له. (وقعدنا) في نسخة: "فقعدنا" بالفاء. (قعودًا) مصدر، أو جمع قاعد، وقد سبق أن ذلك نسخ بصلاتهم قيامًا في مرض موته - صلى الله عليه وسلم - خلفه قاعدًا. (كذا جاء به معمر) أي: أكذا فهمزة الاستفهام مقدرة، وفي نسخة قبل كذا: "قال سفيان" أي: قال سفيان سائلًا مِنْ ابن المديني، أرواه معمر مثل الذي رويته أنا، فقال ابن المديني: (قلت نعم) أي: رواه مثل ما رويته. (قال) أي: سفيان (لقد حفظ) أي: معمر عن الزهري متقنًا (كذا قال الزهري) أي: كما قال معمر. (ولك الحمد) أي: بالواو، وهو بيان لقوله، (كذا قال) أي: حفظ، وأراد سفيان بالاستفهام المذكور: تقرير روايته برواية معمر له، وفيه تحسين حفظه. (حفظت) في نسخة: "وحفظت"، أي: قال سفيان: (حفظت من الزهري) أنه قال: (فجحش من شقه الأيمن) بزيادة من. (قال ابن جريج) نسبة إلى جده؛ لشهرته به، وإلا فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. (وأنا كنت عنده) أي: عند الزهري، فقال: (فجحش ساقه الأيمن) بلفظ: الساق بدل الشق، فقوله: (وأنا عنده) قال الكرماني وهو معطوف على مقدر، أو حال من فاعل (قال) مقدرًا، أي: قال الزهري. (وأنا عنده) فهو مقول ابن جريج قال: ويحتمل أن يكون مقول سفيان، والضمير لابن جريج (¬1) قال شيخنا: وهذا أقرب إلى الصواب، ومقول ابن جريج هو (فجحش .. إلخ) (¬2). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 60. (¬2) "فتح الباري" 2/ 292.

129 - باب فضل السجود

129 - بَابُ فَضْلِ السُّجُودِ (باب: فضل السجود) أي: بيان فضله. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. 806 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُمَا: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَال: "هَلْ تُمَارُونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ" قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ" قَالُوا: لَا، قَال: "فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ القَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إلا الرُّسُلُ، وَكَلامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَال: "فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إلا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ اللَّهُ المَلائِكَةَ: أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إلا أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، قَدْ امْتَحَشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ العِبَادِ وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ،

مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَيَقُولُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، فَيُعْطِي اللَّهَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الجَنَّةِ، رَأَى بَهْجَتَهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قَال: يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ العُهُودَ وَالمِيثَاقَ، أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: فَمَا عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، لَا أَسْأَلُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا، فَرَأَى زَهْرَتَهَا، وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ، أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ العُهُودَ وَالمِيثَاقَ، أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَضْحَكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَ أُمْنِيَّتُهُ، قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مِنْ كَذَا وَكَذَا، أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ، قَال اللَّهُ تَعَالى: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ " قَال أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ"، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا قَوْلَهُ: "لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ" قَال أَبُو سَعِيدٍ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ". [6573، 7437 - مسلم: 495 - فتح: 2/ 294] (هل نرى) أي: نبصر (هل تمارون) هو ونظيره الآتي بضم التاء، والراء من المماراة، وهي المجادلة، وفي نسخةٍ: "هل تمارون" بفتح التاء والراء، وأصله: تتمارون، حذفت إحدى تائيه أي: هل تشكون (في الشمس) في نسخة: "في رؤية الشمس" (قالوا: لا) زاد في نسخة:

"يا رسول الله". (كذلك) أي: بلا مرية ظاهرًا جليًّا ولا يلزم منه المشابهة في الجهة والمقابلة، وخروج الشعاع؛ لأنها أمورٌ لازمة للرؤية عادة لا عقلًا. (فيقول) أي: الله تعالى، أو القائل. (فليتبع) بتشديد الفوقية، وكسر الموحدة، وفي نسخة: "فليتبعه" بضمير المفعول مع التشديد والكسر، أو التخفيف والفتح. (الطواغيت) جمع طاغوت أي: الصنم أو الساحر، أو غير ذلك. (هذه الأمة فيها منافقوها) أي: يستترون بها، كما كانوا في الدنيا واتبعوها، فلما انكشفت لهم الحقيقة لعلهم ينتفعون بذلك {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13]. (فيأتيهم الله) أي: يظهر لهم في غير صفته التي يعرفونها. (من الصفات) أي: تعبدهم بها في الدنيا امتحانا منه؛ ليقع التمييز بينهم وبين غيرهم ممَّن يعبد غيره تعالى (فيقول: أنا ربكم) فيستعيذون بالله منه؛ لأنه لم يظهر لهم بالصفات التي يعرفونها، بل بما استأثر بعلمه تعالى. (حتى يأتينا ربنا) أي: يظهر لنا. (فيأتيهم الله) أي: يظهر لهم متجليًا بصفاته المعروفة عندهم. (فيقول: أنا ربكم) كرر ذلك؛ لأن ظهوره في الأول ظهور غير واضحٍ؛ لبقاء بعض الحجب، وفي الثاني ظهور واضح، أو لأنه أبهم أولًا ثم فسر ثانيًا بزيادة بيان (فيضرب) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "ويضرب" بالواو. (الصراط) هو جسر ممدود على متن جهنم أدق من الشعر، وأحد من السيف يمر عليه الناس كلهم. (بين ظهراني جهنم) بفتح الظاء أي: في ظهرها أي: وسطها، فزيدت الألف والنون؛ للمبالغة، والياء؛ لصحة دخول بين على متعدد، وقيل: لفظ: (ظهراني) مقحم. (يجوز) من جاز، وفي نسخةٍ: "يجيز" من أجاز، أي: فأكون أول من يمر بأمته على الصراط، أو يقطعه.

(ولا يتكلم يومئذٍ أحدٌ إلا الرسل) أي: لشدة الهول، والمراد: لا يتكلم أحد حين الجواز، وإلا فيتكلم الناس في مواطن في القيامة، وتجادل كل نفسٍ عن نفسها. (وكلام الرسل يؤمئذ: اللهم سلم، سلم) أي: شفقة منهم على الخلق ورحمة. (كلاليب) جمع كَلُّوب بفتح الكاف، وضم اللام المشددة: وهو حديدة [مفتوحة] (¬1) معطوفة الرأس يعلق فيها اللحم، ويقال لها أيضًا: كلاب، بضم الكاف. (السعدان) بفتح أوله: نبت له شوك عظيم من كل الجوانب. مثل الحَسَك (¬2).، وهو أجود مراعي الإبل. (فإنها) أي: الكلاليب. (لا يعلم قدر عظمها إلا الله) في نسخة: لالا يعلم ما قدر عظمها إلا الله" بزيادة ما للتأكيد، أو بجعلها استفهامية، ورفع (قدر) مبتدأ خبره ما. (تخطف) بفتح الطاء أفصح من كسرها، وفي نسخةٍ: "فتخطف" بالفاء، أي: تأخذ. (بأعمالهم) أي: بسببها (من يوبق) بالبناء للمفعول، أي: يهلك. (من يخردل) بالبناء للمفعول، بخاء معجمة ودال مهملة، أي: يقطع صغارًا، كالخردل، وفي نسخة: بالجيم من الجردلة، وهي: الأشراف على الهلاك. (من أهل النار) أي: الداخلين فيها وهو المؤمنون؛ إذا الكافر لا ينجو منها أبدًا. (أثر ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) نبات تعْلَقُ ثمرته بصوف الغنم، ورقه كورق الرجْلَة وأدق، وعند ورقه شوكٌ ملزَّرٌ صلبٌ ذو ثلاث شعب، وله ثمرٌ شربه يفتت حصى الكُليتين والمثانة، وكذا شرب عصير ورقه جيدٌ للباءَة وعسر البول ونهش الأفاعي ورشه في المنزل يقتل البراغيث. انظر: مادة (حسك) في " القاموس المحيط" ص 936.

السجود) أي: محله وهو الأعضاء السبعة، أو الجبهة خاصة لخبر مسلم: "إن قومًا يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارات وجوههم" (¬1). (امتحشوا) بالبناء للفاعل وفي نسخة: بالبناء للمفعول أي: احترقوا، أو اسودوا. (فيصب عليهم) بالبناء للمفعول. (ماء الحياة) هو الذي من شرب منه أو صُب عليه لم يمت أبدا. (الحبة) بكسر المهملة: بذور الصحراء ما ليس بقوت. (في حميل السيل) فتح الحاء المهملة: ما جاء به السيل من طين ونحوه، شبه به؛ لأنه شبه نباتهم بنبات الحبة في حميل السيل؛ لسرعة نباتهما فيه. (ثم يفرغ الله) الإسناد فيه مجازي؛ لأنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن، فالمراد: ثم يتم الله الحكم بين العباد بالثواب والعقاب. (ويبقى رجل) هو جهينة (دخولا) تمييز، أو حال بتأويله بداخلا. (مقبلًا) حال، وفي نسخة: "مقبل" بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف (عن النار) في نسخة: "من النار" (قد) في نسخة: "فقد". (قشبني ريحها) أي: سمني وأهلكني، وكل مسموم قشيب أي: صار ريحها، كالسم في أنفي. (ذكاؤها) بمعجمة مفتوحة وبالمد أي: لهبها واشتعالها، وفي نسخة: "ذكاها" بالقصر، قال النوويُّ: وهو الأشهر في اللغة (¬2). (عسيت) بفتح السين وكسرها مع فتح التاء فيهما. (إن فعل) بالبناء للمفعول. (ذلك) أي: الصرف الدال عليه كلامه الآتي. (ما شاء) في نسخة: "ما يشاء". (من عهد) أي: يمين. (بهجتها) أي: حسنها، وجملة: (رأى بهجتها) بدل من (أقبل به على الجنة). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (191) كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 23.

(سكت .. إلخ) جواب (إذا)، وفي نسخةٍ: "فسكت" بالفاء، فجواب (إذا) محذوف أي: تحير، أو سكت، والفاء: تفسيرية (أليس) أسمها: ضمير الشأن (والميثاق) في نسخةٍ: "والمواثيق". (لا أكون) في نسخةٍ: "لا أكونن" أي: لا تجعلني (أشقى خلقك) أي: كافرًا، وقيل: الألف زائدة، والمعنى: إذا أبقيتني على هذه الحالة، ولا تدخلني الجنة لأكونن أشقى خلقك. (فما عسيت) ما استفهامية، أو نافية على ما يأتي (إن أعطيت ذلك) أي: التقديم إلى باب الجنة، والجملة: اعتراض بين اسم عسى وخبرها، وهو (أن تسأل غيره) وفي نسخة: "أن لا تسأل غيره" بزيادة (لا)، فهي بجعل (ما) استفهامية زائدة، كما في {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}، وبجعلها نافية أصلية، ونفي النفي إثبات أي: عسيت أن تسأل غيره، وإنما قال تعالى ذلك، وهو عالم بما كان، وما يكون؛ إظهارًا لما عهد من بني آدم من نقض العهد، وأنتم أحق بأن يقال لهم ذلك فمعنى عسى راجع للمخاطب، لا الله تعالى. (لا أسأل) في نسخة: "لا أسألك". (فرأى زهرتها) عطف على (بلغ بابها). (من النضرة) بنون مفتوحة، وضاد معجمة ساكنة أي: البهجة. (فيسكت) الفاء تفسيرية، وجواب (إذا) محذوف أي: تحير أو سكت، كما في نظيره، وسكوته عن السؤال كما قال الكلاباذي (¬1).: ¬

_ (¬1) هو أحمد بن الحسين بن علي بن رستم الكلاباذي، أبو نصر محدث حافظ، ولد في سنة ثلاث وعشرين وثلاث منه، وسمع من الهيثم بن كليب الشاشي، وعلي بن محتاج، وعبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي، وطبقتهم. روى عنه الدارقطني، والحاكم، وجعفر بن محمد المستغفري، وآخرون. قال المستغفري: هو أحفظ من بما وراء النهر اليوم فيما أعلم. وقال الحاكم: هو متقن ثبت توفي - حمه الله- سنة ثمان وتسعين وثلاث =

حياء من ربه، وهو تعالى يحب سؤاله فيباسطه بقوله: (لعلك إن أعطيت هذا تسأل غيره) وهذه حالة المقصر، فكيف حالة المطيع؟ وليس نقض هذا العبد عهده جهلًا منه، ولا قلة مبالاة، بل علمًا منه أن نقضه أولى من الوفاء به؛ لأن سؤاله ربه أولى من إبراره قسمه؛ لعلمه بقوله - صلى الله عليه وسلم - "من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير" (¬1). (ويحك) نصب بفعل محذوف أي الزم، وهو كلمة رحمة، كما أن ويلك: كلمة عذاب، وقيل: هما بمعنى واحد. (ما أغدرك) صيغة تعجب من الغدر، وهو: ترك الوفاء. (قد أعطيت) بالبناء للفاعل. (العهد والميثاق). في نسخة: "العهود والميثاق". (غير الذي أعطيت) بالبناء للمفعول. (فيضحك الله عزَّ وجلَّ منه) لفظ: (منه) ساقط من نسخة. والمراد بضحكه تعالى: لازمه، وهو رضاه، وإرادته الخير. (انقطع) في نسخة: "انقطعت"، زاد في نسخة: "تمن". (من كذا وكذا) أي: من أمانيك التي كانت لك قبل أن أذكرك بها. (أَقْبل يُذكِّرُهُ رَبُّه) بدل من (قال الله .. إلخ)، والمعنى: يذكره الأماني، وقوله: (ربُّه) تنازعه الفعلان قبله، (الأماني): جمع أمنية، ¬

_ = مئة، ولم يخلف بما وراء النهر مثله. ومن تصانيفه: الإرشاد في معرفة رجال البخاري. انظر: "تهذيب سير أعلام النبلاء" 2/ 249 (3706)، "شذرات الذهب" 3/ 151، "كشف الظنون" 1/ 88 "معجم المؤلفين" 1/ 260. (¬1) رواه مسلم (1650) كتاب: الإيمان، باب: ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها. بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة. وأخرجه البخاري بلفظ مقارب برقم (6722) كتاب: كفارات الأيمان، باب: الكفارة قبل الحنث وبعده من حديث عبد الرحمن بن سمرة.

130 - باب يبدي ضبعيه ويجافي في السجود

بتشديد الياء فيهما. (لك ذلك) أي: ما سألته من الأماني (ومثله معه) الواو حالية، ومدخولها جملة من مبتدإٍ وخبر، أو عاطفة ومدخولها مفرد وهو مثله، و (معه) حال منه. (ذلك لك) في نسخة: "لك ذلك". (وعشرة أمثاله) لا تنافي بين الروايتين؛ لاحتمال أن مؤدي الأولى كان أولًا، ثم تكرم الله بالزيادة، فأخبر بها - صلى الله عليه وسلم -، ولم يسمعها أبو هريرة. وفي الحديث: إثباتُ الرؤيةِ لله تعالى، وفضيلة السجود، وأن الصلاة أفضل الأعمال؛ لما فيها من السجود، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - "أقرب مما يكون العبد من ربه إذا سجد" (¬1) وأنه تعالى أكرم الأكرمين، وأن كلًّا من الصراط والجنة، والنار، والحشر، والنشر، والسؤال حق. 130 - بَابُ يُبْدِي ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِي فِي السُّجُودِ (باب: يبدي) أي: يظهر الرجل في صلاته. (ضبعيه) بفتح أوله، وسكون ثانية، وحكي ضمه، أي: عضديه. (ويجافي) أي: يباعد بطنه (في السجود) تنازعه الفعلان قبله. 807 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ" وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، نَحْوَهُ. [انظر: 390 - مسلم: 495 - فتح: 2/ 294] (يحيى بن بكير) نسبة إلى جده، لشهرته به، وإلا فهو "يحيى بن عبد الله بن بكير" كما في نسخة. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (482) كتاب: الصلاة، باب: ما يقال في الركوع والسجود.

131 - باب يستقبل بأطراف رجليه القبلة

(حدثني بكر) في نسخة: "حدثنا بكر". (عن جعفر) أي: ابن ربيعة. (عن ابن هرمز) هو عبد الرحمن الأعرج (ابن بُحينة) صفة لعبد الله لا لمالك؛ فيكتب (ابن) بألف وبنون (مالك) كما مرَّ. (فرج بين يديه) أي: نحى كل يدٍ عن الجنب الذي يليها. (حتى يبدو بياض إبطيه) لأن ذلك أشبه بالتواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض مع مغايرته لهيئة الكسلان. 131 - بَابُ يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ القِبْلَةَ قَالهُ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 828 - فتح: 2/ 295] (باب: يستقبل) أي: المصلي في سجوده. (بأطراف رجليه القبلة) أي: بأن يقيم قدميه على بطون أصابعهما. (قاله) أي: الاستقبال المذكور (أبو حميد) أي: "الساعدي" كما في نسخةٍ، وهذا الباب والذي قبله ساقطان من نسخة. 132 - بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ (باب: إذا لم يتم) أي: المصلي. (السجود) أي: لم تصح صلاته، وفي نسخةٍ: "سجوده". واقتصاره على السجود قاصر عما أفاده الحديث الآتي من الركوع والسجود. 808 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ، وَلَا سُجُودَهُ فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَال لَهُ حُذَيْفَةُ: "مَا صَلَّيْتَ؟ " قَال: وَأَحْسِبُهُ قَال: "وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 389 - فتح: 2/ 295]

133 - باب السجود على سبعة أعظم

(مهدي) أي: "ابن ميمون" كما في نسخةٍ. (عن واصل) أي: الأحدب. (عن أبي وائل) بالهمز هو شقيق بن سلمة. (قضى صلاته) أي: أدَّاها (قال) أبو وائل. (وأحسب) أي: حذيفة، وفي نسخة: "فأحسبه" بالفاء (ولو) في نسخةٍ بلا واو. (مت) أي: وأنت على صلاتك هذه. (مت) في نسخة: "لمت". (على غير سنة محمد) أي: غير طريقته. 133 - بَابُ السُّجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ (باب: السجود على سبعة أعظم) أي: أعضاء. 809 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ، وَلَا يَكُفَّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا: الجَبْهَةِ، وَاليَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ". [810، 812، 815، 816 - مسلم: 490 - فتح: 2/ 215] (قبيصة) أي: ابن عقبة بن عامر الكوفي. (سفيان) أي: الثوري. (عن طاوس) أي: ابن كيسان. (عن ابن عباس: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -) بالبناء للمفعول، وفي نسخةٍ: "عن ابن عباس أنه قال: أمر النبي". (على سبعة أعضاء) في نسخة: "على سبعة أعظم" وعبَّر فيها، كما في الترجمة بسبعة أعظم، فسمى كل واحدٍ فيها عظمًا باعتبار الجملة، وإن اشتمل كل منها على عظام، فهو من باب تسمية الكل باسم البعض. (لا يكف) أي: يضم وهو بالنصب عطف على (يسجد). (شعرًا ولا ثوبًا) الأمر بعدم كفهما؛ للندب، وإن الأمر بالسجود على الأعضاء السبعة للوجوب. والأمر في الحديث مستعمل في

معنيين، وذلك جائز عند الشافعي. والحكمة في عدم كف الشعر والثوب: إنهما يسجدان معه، أو أنه إذا ضمهما بان رفعهما عن الأرض أشبه المتكبر. (الجبهة) هي وما عطف عليها بالجر عطف بيان لسبعة أعضاء، وما بينهما اعتراض، والمراد باليدين: الكفان. 810 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلَا نَكُفَّ ثَوْبًا وَلَا شَعَرًا". (عن عمرو) أي: ابن دينار (عن طاوس) أي: ابن كيسان. (أُمرنا) بالبناء للمفعول أي: أنا وأمتي. 811 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الخَطْمِيِّ، حَدَّثَنَا البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، - وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ -، قَال: "كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَبْهَتَهُ عَلَى الأَرْضِ". [انظر: 690 - مسلم: 474 - فتح: 2/ 295] (إسرائيل) أي: ابن يونس، (عن أبي إسحق) أبو عمرو بن عبد الله الكوفي الخطمي، بفتح الخاء المعجمة، وهو ساقط من نسخة. (لم يحن) بفتح الياء، وكسر النون وضمها. (أحد منا ظهره) أي: إلى السجود، وفي نسخةٍ: "أحدنا". (حتى يضع النبي - صلى الله عليه وسلم - جبهته على الأرض) خصَّ الجبهةَ بالذكر؛ لاستلزام وضعها وضع بقية السبعة غالبًا، أو لأنها أدخل في الوجوب من البقية؛ ولذا لم يختلف في وجوب السجود عليها، واختلف في بقية السبعة، ويجب عندنا كشف الجبهة دون البقية، ويكتفي في الجيمع بوضع بعض كلٍّ منهما.

134 - باب السجود على الأنف

134 - بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ (باب: السجود على الأنف) أي: بيان حكمه. 812 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَاليَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ". [انظر: 809 - مسلم: 490 - فتح: 2/ 297] (معلى) في نسخةٍ: "المعلَّى". (وَهَيبٌ) أي: ابن خالدٍ الباهلي. (وأشار) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - (بيده على أنفه) على بمعنى: "إلى" كما عبر بها في نسخة، أو ضمن (أشار) معنى: أمر فعداه بعلى، ويؤيده ما رواه النسائي بلفظ: ووضع يده على جبهته وأمرها على أنفه (¬1). والسجود عليه عندنا مستحبٌّ لا واجب؛ ولهذا عبَّر فيه بالإشارة، وأما خبر: "من لم يلصق أنفه مع جبهته بالأرض إذا سجد لم تجز صلاته" فضعيف (¬2)، ¬

_ (¬1) "سنن النسائي" (1097) كتاب: التطبيق، باب: السجود على اليدين، صححه الألباني في "صحيح النسائي". (¬2) هذا الحديث رواه الترمذي (270) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في السجود على الجبهة والأنف، ولفظه: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض ونحى يديه عن جنبيه، ووضع كفيه حذو منكبيه. وقال أبو عيسى: في الباب عن ابن عباس، ووائل بن حجر، وأبي سعيد، وحديث أبي حميد: حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم: أن يسجد الرجل على جبهته وأنفه، فإن سجد على جبهته دون أنفه، فقد قال قوم من أهل العلم: يجزئه، وقال غيرهم: لا يجزئه حتى يسجد على الجبهة والأنف أهـ وكذا رواه ابن خزيمة 1/ 322 (637) كتاب: الصلاة، باب: إمكان الجبهة. والأنف من الأرض. وذكره الحافظ في "التلخيص" 1/ 255 (281). وقال الألباني في "إرواء الغليل": حديث صحيح (309).

135 - باب السجود على الأنف، والسجود على الطين

وقوله: (وأشار .. إلخ) اعتراض بين المتعاطفين. (ولا نَكْفِتَ) بكسر الفاء، وبالنصب، أي: لا نضم، فهو بمعنى: ولا نكف، فهو من كفت الشيء: ضممه إلى نفسه. وفي الحديث: وجوب السجود على الأعضاء السبعة، وندبه على الأنف، كما مرَّ. 135 - بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ، وَالسُّجُودِ عَلَى الطِّينِ (باب: السجود على الأنف في الطين) في نسخة: "باب: السجود على الأنف، والسجود على الطين" والأولى أولى؛ دفعًا للتكرار. 813 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَال: انْطَلَقْتُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ فَقُلْتُ: أَلا تَخْرُجُ بِنَا إِلَى النَّخْلِ نَتَحَدَّثُ، فَخَرَجَ، فَقَال: قُلْتُ: حَدِّثْنِي مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ، قَال: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ الأُوَلِ مِنْ رَمَضَانَ وَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَال: إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَكَ، فَاعْتَكَفَ العَشْرَ الأَوْسَطَ، فَاعْتَكَفْنَا مَعَهُ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَال: إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَكَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَقَال: "مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلْيَرْجِعْ، فَإِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، وَإِنِّي نُسِّيتُهَا، وَإِنَّهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فِي وتْرٍ، وَإِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَسْجُدُ فِي طِينٍ وَمَاءٍ" وَكَانَ سَقْفُ المَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ شَيْئًا، فَجَاءَتْ قَزَعَةٌ، فَأُمْطِرْنَا، فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ وَالمَاءِ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْنَبَتِهِ تَصْدِيقَ رُؤْيَاهُ. [انظر: 669 - مسلم: 1167 - فتح: 2/ 298] (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (همام) هو ابن يحيى. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف.

(ألا تخرج بنا إلى النخل) لفظ: (بنا) ساقط من نسخةٍ (نتحدث) بالجزم جواب الأمر المفاد مما قبله، وبالرفع والجملة حال. (فخرج، فقال) في نسخة: "فخرج، قال" بلا فاء. (اعتكف رسول) في نسخةٍ: "اعتكف النبي" (عشر الأول) بالإضافة، وضم الهمزة، وتخفيف الواو، وفي نسخة: "العشر الأول" وفي أخرى: "الأول" بدون ذكر ما قبله، وبفتح الهمزة، وتشديد الواو. (فاعتكف العشر الأوسط) أي: لياليه. (فاعتكفنا) في نسخةٍ: "واعتكف" بالواو. (فقام) في نسخةٍ: "ثم قام". (مع النبي) فيه: التفات؛ إذ القياس معي. (فليرجع) أي: إلى الاعتكاف. (أريت) بالبناء لمفعول من الرؤية العلمية، وفي نسخةٍ: "رأيت" من الرؤية العلمية، أو من الرؤية البصرية (ليلة القدر) أي: علامتها، وهي السجود في الماء والطين. (نُسِّيتها) بضم النون، وتشديد السين المكسورة، وفي نسخةٍ: "أنسيتها" بضم الهمزة، وفي أخرى: "نسيتها" بفتح النون وكسر السين المخففة، والمراد: أنه نسي تعيينها. (وأنها في العشر الأواخر) جمع آخرة، قال الطيبي: وصف العشرين الأولين بالإفراد، والأخير بالجمع؛ لأن كلَّ ليلةٍ منه يتصور أنها ليلة القدر بخلاف ذينك. (في وتر) بكسر الواو وفتحها، وهو بدل من قوله: (في العشر الأواخر) (وإني رأيت) من الرؤية العلمية. (شيئًا) أي: من السحاب (قزعة) بقاف، وزاي ومهملة مفتوحات، وقد تسكن الزاي، والجمع قزع، وهو: قطع من السحاب رقيقة، وقيل: هو السحاب المتفرق. (فأمطرنا) بالبناء للمفعول (الطين والماء). في نسخةٍ: "الماء والطين" (على جبهة رسول الله) في نسخةٍ: "على جبهة النبي". (وأرنبته) بالجر؛ عطفٌ على جبهة

136 - باب عقد الثياب وشدها، ومن ضم إليه ثوبه، إذا خاف أن تنكشف عورته

النبي، وهو بفتح الهمزة، وسكون الراء، وفتح النون، وبالموحدة: طرف الأنف. (تصديق رؤياه) بالرفع؛ خبر مبتدإِ محذوف أي: أثر الطين والماء على الجبهة والأرنبة، تصديق رؤياه، وتأويلها: وهو محمولٌ على أنه كان يسيرًا لا يمنع مباشرة الجبهة المصلى. وفي الحديث: أن رؤيا الأنبياء حق، وطلب الخلوة في المحادثة؛ لأنها أجمع للضبط في الأخذ عن الشيخ، وموافقة الرئيس في الطاعة، وأن ليلة القدر غير معينة. والحكمة فيه: تعظيم سائر الليالي، وأن السجود على الجبهة واجبٌ، وإلا لصانها عن لصق الطين والملوث لها، واستحباب ترك الإسراع إلى نفض ما يصيب جبهة الساجد من أثر الأرض وغبارها. 136 - بَابُ عَقْدِ الثِّيَابِ وَشَدِّهَا، وَمَنْ ضَمَّ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ، إِذَا خَافَ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ (باب: عَقْدِ الثِّياب وشدها عند الصلاة) وعطف شد على (عقد) عطف تفسير، أو هو أعم منه وعطفٌ على (عقد) مدخول الواو في قوله: (ومن ضم إليه ثوبه) أي: في الصلاة. (إذا خاف) في نسخةٍ: "مخافة" (أن تنكشف عورته) فيها. 814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَال: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ عَاقِدُوا أُزْرِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ عَلَى رِقَابِهِمْ، فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ: "لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَويَ الرِّجَالُ جُلُوسًا". [انظر: 362 - مسلم: 441 - فتح: 2/ 298] (سُفْيَانُ) أي: الثوريُّ (عن ابن أبي حازم) بحاء مهملة: سلمة بن دينار.

137 - باب لا يكف شعرا

(وهم) مبتدأ (عاقدوا) خبره، وفي نسخةٍ: "عاقدي" إما خبر كان محذوف، أي: كانوا عاقدي، والجملة خبر المبتدأ، وإما حال، وخبر المبتدأ محذوف، أي: وهم مؤتزرون حال كونهم عاقدي (أزرهم) بضمتين جمع إزار. (من الصغر) أي من أجل صغر أزرهم. (على رقابهم) متعلقٌ بعاقدي أُزُرهم (جلوسًا) أي: الجالسين، نهى النساء أن يرفعن رؤوسهن قبل الرجال؛ خوفًا أن يقع بصرهن على عوراتهم، ففيه: الاحتياط في ستر العورة. 137 - بَابُ لَا يَكُفُّ شَعَرًا (باب: لا يَكُفُّ شعرًا) بضم الفاء، وفتحها، ورجَّح شيخنا الأول (¬1)، واقتصاره على الشعر قاصرٌ على ما أفاده الحديث الآتي من الشعر والثوبِ. 815 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلَا يَكُفَّ ثَوْبَهُ وَلَا شَعَرَهُ". [انظر: 809 - مسلم: 490 - فتح: 2/ 299] (أبو النُّعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي (وهو: ابن زيد) لفظ: (وهو) ساقط من نسخةٍ، وفي أخرى: "هو ابن زيد" بلا واو. (أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - .. إلخ) مرَّ بيانه في باب: السجود على سبعة أعظم. 138 - بَابُ لاَ يَكُفُّ ثَوْبَهُ فِي الصَّلاَةِ (باب: لا يكف ثوبه في الصلاة) تقدم ضبط يكف في الباب قبله. ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 2/ 299.

139 - باب التسبيح والدعاء في السجود

816 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، لَا أَكُفُّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا". [انظر: 809 - مسلم: 490 - فتح: 2/ 299] (ابن إسماعيل) ساقط من نسخةٍ. (أبو عوانة) أي: الوضاح اليشكري. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (على سبعة) في نسخة: "على سبعة أعظم" وهو بيان الحديث، وفيه زيادة على الترجمة. 139 - بَابُ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ (باب: التسبيح والدعاء) أي: من المصلي. (في السجود) تنازعه العاملان قبله. 817 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ المُعْتَمِرِ، عَنْ مُسْلِمٍ هُوَ ابْنُ صُبَيْحٍ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي " يَتَأَوَّلُ القُرْآنَ. [انظر: 794 - مسلم: 484 - فتح: 2/ 299] (مسدَّد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. (منصور) أي: "ابن المعتمر" كما في نسخةٍ. (عن مسلم) أي: "ابن صبيح [أبي الضحى" كما في نسخة] (¬1). (اللهم ربنا) جملة معترضة بين (سبحانك) وبين قوله: (وبحمدك) والواو فيه للحال أي: وأسبحك ملتبسًا بحمدي لك من أجل توفيقك لي للتسبيح ونحوه، أو لعطف الجملة على الجملة، أي: أسبحك، ¬

_ (¬1) من (م).

140 - باب المكث بين السجدتين

وألتبس بحمدك. (يتأول القرآن) أي: يعمل بما أمر به في قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3] أي: سبح بنفس الحمد؛ لما تضمنه الحمد من معنى التسبيح الذي هو التنزيه، فيكفي في الامتثال الأمر بالتسبيح الاقتصار على الحمد، أو المراد: فسبح ملتبسًا بالحمد، فلا يتمثل حتى يجمعهما، وهو الظاهر، ذكر ذلك شيخُنا (¬1)، وقوله (حتى يجمعهما) أي: التسبيح والتحميد. 140 - بَابُ المُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (باب: المكث بين السجدتين) في نسخةٍ: "بين السجود". 818 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ الحُوَيْرِثِ، قَال لِأَصْحَابِهِ: أَلا أُنَبِّئُكُمْ صَلاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: وَذَاكَ فِي غَيْرِ حِينِ صَلاةٍ، فَقَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَامَ هُنَيَّةً، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ هُنَيَّةً، فَصَلَّى صَلاةَ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ شَيْخِنَا هَذَا، قَال أَيُّوبُ: كَانَ يَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَهُ كَانَ يَقْعُدُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ. [انظر: 677 - فتح: 2/ 300] (حماد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد [الجرميّ] (¬2). (صلاة رسول الله) في نسخةٍ: "صلاة النبي" (وذاك) أي: الإنباء (في غير حين صلاة) أي: في غير وقت صلاة من الصلوات المفروضة. (فقام) أي: مالك (هنية) بضم الهاء، وفتح النون، وتشديد التحتية أي: قليلًا، كما مرَّ (ثم رفع رأسه) أي: من السجود. (هنية) هذا محل الترجمة. (وصلى) أي: قال أبو قِلابة: (فصلى) مالك (صلاة عمرو بن ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 299 - 300. (¬2) من (م).

سلمة) بكسر اللام (شيخنا هذا) بالجرِ عطفُ بيان لـ (عمرو) وفي نسخة: "صلاة شيخنا هذا عمرو بن سلمة". (وكان) أي: عمرو. (يقعد) أي: للاستراحة. (في الثالثة والرابعة) أي: فيما بينهما، وفي نسخةٍ: "أو الرابعة" بالشك أي: في آخر الثالثة، أو بدء الرابعة. 819 - قَال: فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ، فَقَال: "لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى أَهْلِيكُمْ صَلُّوا صَلاةَ كَذَا، فِي حِينِ كَذَا صَلُّوا صَلاةَ كَذَا، فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ". [انظر: 628 - مسلم: 674 - فتح: 2/ 300] (قال) أي: مالك. (فأتينا) عطف على مقدر، أي: أسلمنا فأتينا، أي: فأتى بعضنا. (فأقمنا عنده) أي: "شهرًا" كما في نسخة. (لو) بمعنى: إذا. (أو أن أهليكم) في نسخةٍ: "أهاليكم" (صلوا صلاة كذا) في نسخةٍ: "وصلوا" بواو العطف في الجملة الثانية، ومرَّ تفسير الحديث (¬1). 820 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ البَرَاءِ، قَال: "كَانَ سُجُودُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُكُوعُهُ وَقُعُودُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ". [انظر: 792 - مسلم: 471 - فتح: 2/ 300] (الزبيري) بضم الزاي، وفتح الموحدة. (مسعر) أي: ابن كدام (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (قريبًا من السواء) بالمد، أي: من المساواة كما مرَّ. 821 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: إِنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ، كَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا - قَال ثَابِتٌ: ¬

_ (¬1) سبق برقم و (628) كتاب: الأذان، باب: من قال ليؤذن في السفر مؤذن واحدٌ.

141 - باب لا يفترش ذراعيه في السجود

كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ أَرَكُمْ تَصْنَعُونَهُ، كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: قَدْ نَسِيَ، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: قَدْ نَسِيَ". [انظر: 800 - مسلم: 472 - فتح: 2/ 301] (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (لا آلو) بالمد أي: لا أقصر. (كان أنس) في نسخة: "كان أنس بن مالك". (نَسِى) بالفتح والتخفيف، أو بالضم والتشديد، كما مر. وفي الحديث: استحباب تطويل المكث في الاعتدال، وبين السجدتين ولكن المشهور عند الشافعي أنهما ركنان قصيران. 141 - بَابُ لَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ وَقَال أَبُو حُمَيْدٍ: "سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا". (باب: لا يفترش ذراعيه في السجود) بجزم (يفترش) على النهي، وبضمها على النفي وهو بمعنى: النهي. (ووضع يديه) أي: كفيه على الأرض. (غير مفترش) أي: لذراعيه بأن نصبهما. (ولا قابضمها) أي: كفيه، بأن لا يقبض أصابعهما في السجود، أو ذراعيه بأن يجافيهما عن جنبيه، ويسمي الفقهاءُ ذلك التخوية. 822 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الكَلْبِ". [انظر: 532 - مسلم: 493 - فتح: 2/ 301] (حدثنا شبعة) في نسخة: "أخبرنا شعبة". (قتاة) أي: ابن دعامة.

142 - باب من استوى قاعدا في وتر من صلاته ثم نهض

(اعتدلوا في السجود) أي: كونوا متوسطين فيه بين الافتراش والقبض. (ولا يبسط) بتحتية فموحدة ساكنة فسين مضمومة، وفي نسخة: "ولا ينبسط" بنون ساكنة بعد التحتية، فموحدة مفتوحة، فسين مكسورة، وفي نسخةٍ: "ولا يبتسط" بموحدة ساكنة بعد التحتية، فمثناة فوقية مفتوحة، فسين مكسورة. (انبساط الكلب) بنون ساكنة، فموحدة مكسورة على النسخة الأولى والثانية، لكنه في الأولى: مصدر مطاوع، بسط، يبسط، وفي نسخةٍ: "ابتساط" بموحدة ساكنة، ففوقيةٍ مكسورة على الثالثة. وحكمة النَّهي عن ذلك: أن تركه أشبه بالتواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف، وأبعد من هيئة الكسالى؛ إذ المنبسط كذلك يشعر بالتهاون بالصلاة. 142 - بَابُ مَنِ اسْتَوَى قَاعِدًا فِي وتْرٍ مِنْ صَلاتِهِ ثُمَّ نَهَضَ (باب: من استوى قاعدًا) أي: للاستراحة (في وتر) أي: في الركعة الأولى، أو الثالثة. (من صلاته، ثم نهض) أي: للقيام. 823 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَال: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، قَال: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيُّ، أَنَّهُ "رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وتْرٍ مِنْ صَلاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَويَ قَاعِدًا". [فتح: 2/ 302] (هشيم) بضم الهاء أي: ابن بشير بفتح الموحدة. (عن أبي قلابة) هو: عبد الله بن زيد الجرمي. (أخبرنا مالك) في نسخةٍ: "أخبرني مالك". (لم ينهض) أي: إلى القيام. (حتى يستوي قاعدًا) أي: للاستراحة. فالجلوس لها سنة، كما قال به الشافعي. وأما تركه - صلى الله عليه وسلم -

143 - باب: كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة؟

حديث رواه أبو داود، وغيره (¬1)، فبيان للجواز. 143 - بَابٌ: كَيْفَ يَعْتَمِدُ عَلَى الأَرْضِ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَةِ؟ (باب: كيف يعتمد) أي: المصلي. (على الأرض إذا قام من الركعة) أي: من ركعة إلى أخرى، وفي نسخةٍ: "من الركعتين" أي: والأولى، والثانية، وهي قاصرة. 824 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَال: جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ، فَصَلَّى بِنَا فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، فَقَال: إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلاةَ، وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، قَال أَيُّوبُ: فَقُلْتُ لِأَبِي قِلابَةَ: وَكَيْفَ كَانَتْ صَلاتُهُ؟ قَال: مِثْلَ صَلاةِ شَيْخِنَا هَذَا - يَعْنِي عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ - قَال أَيُّوبُ: وَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْخُ "يُتِمُّ التَّكْبِيرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنِ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ قَامَ". [انظر: 677 - فتح: 2/ 303] (قال حدثنا) في نسخةٍ: "أخبرنا" (وهيب) أي: ابن خالد. (فقال) في نسخةٍ: "قال" (وما أريد الصلاة) أي: صلاة واجبة عليَّ (ولكن) في نسخةٍ: "لكن" بلا واو، وفي أخرى: "ولكنني". (رأيت النبي) في نسخةٍ: "رأيت رسول الله". (قال أيوب) أي: السختياني. (يتم التكبير) أي: يكبر عند كل انتقال غير الاعتدال، أو ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (733) كتاب: الصلاة، باب: افتتاح الصلاة. و (966) كتاب: الصلاة، باب: كيف الجلوس في التشهد. والحديث رواه البيهقي 2/ 101 - 102، كتاب: الصلاة، باب: السجود على الكفين والركبتين والقدمين والجبهة، وابن حبان 5/ 181 (1866) كتاب: الصلاة، باب: صفة الصلاة، وقال الألباني في: "ضعيف أبي داود" (118): سنده ضعيف.

144 - باب يكبر وهو ينهض من السجدتين

كان يمده من أول الانتقال .. إلخ. (وإذا) في نسخة: "فإذا" بالفاء (عن السجدة) في نسخةٍ: "في السجدة" وفي أخرى: "من السجدة". ووجه مطابقة الحديث للترجمة التي هي لبيان كيفية الاعتماد مع أن الذي في الحديث نفس الاعتماد، لا كيفيته: لأنه تضمن كيفية، وهي أنه يجلس أولًا، ثم يعتمد، ثم يقوم. 144 - بَابُ يُكَبِّرُ وَهُوَ يَنْهَضُ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: "يُكَبِّرُ فِي نَهْضَتِهِ". (باب: يكبر) أي: المصلي. (وهو ينهض من السجدتين) أي: من الجلوس بعد سجدتي الركعة الثانية. (وكان ابن الزبير) أي: عبد الله. (من نهضته) أي: من الجلوس المذكور. 825 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَال: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ، قَال: صَلَّى لَنَا أَبُو سَعِيدٍ "فَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، وَحِينَ سَجَدَ وَحِينَ رَفَعَ وَحِينَ قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ" وَقَال: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح: 2/ 303] (فليح) اسمه: عبد الملك، و (فليح) لقبه فغلب على اسمه، وشهر به. (فجهر) أي: أبو سعيد. (وحين رفع) أي: "رأسه" كما في نسخةٍ. (هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: يصلي. وفي الحديث: ندب الجهر بالتكبيرات، وأن التكبير للقيام مقارن للفعل كغيره. 826 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَال: حَدَّثَنَا غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَال: صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ، صَلاةً خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي

145 - باب سنة الجلوس في التشهد

طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ وَإِذَا رَفَعَ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ"، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخَذَ عِمْرَانُ بِيَدِي، فَقَال: لَقَدْ صَلَّى بِنَا هَذَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَال: لَقَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [انظر: 784 - مسلم: 393 - فتح 2/ 303] (عن مطرف) هو عبد الله بن الشخير العامري. (وعمران) أي: ابن حصين. (وإذا نهض من الركعتين) أي: الأوليين بعد التشهد. (بيدي) بكسر الدال (صلى بنا هذا) أي: علي. (أو قال) عطف على (لقد صلى بنا) وهو شكٌّ من مُطَرَّف، ومرَّ شرح الحديث في باب: إتمام التكبير (¬1). 145 - بَابُ سُنَّةِ الجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ وَكَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: "تَجْلِسُ فِي صَلاتِهَا جِلْسَةَ الرَّجُلِ وَكَانَتْ فَقِيهَةً". (باب: سنة الجلوس) أي: هيئته. (في التشهد) أي: الأول والثاني. (جلسة الرجل) بكسر الجيم؛ لأن المراد: الهيئة أي: كجلسته في الافتراش في التشهد الأول، والتورك في الثاني. وهذا التعليق وصله البخاري في "تاريخه الصغير" عن مكحول (¬2). (وكانت فقيهة) من كلام مكحول، لا من كلام البخاري، كما زعمه مغلطاي، وابن الملقن، نبه على ذلك شيخنا (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (784) كتاب: الآذان، باب: إتمام التكبير في الركوع. (¬2) "تاريخ الصغير" 1/ 193 ترجمة (906) وسنده: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان، عن ثور، عن مكحول: كانت أم الدرداء. (¬3) "فتح الباري" 2/ 305 - 306.

827 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَتَرَبَّعُ فِي الصَّلاةِ إِذَا جَلَسَ، فَفَعَلْتُهُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ، فَنَهَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَقَال: "إِنَّمَا سُنَّةُ الصَّلاةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ اليُمْنَى وَتَثْنِيَ اليُسْرَى"، فَقُلْتُ: إِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ، فَقَال: إِنَّ رِجْلَيَّ لَا تَحْمِلانِي. [فتح: 2/ 305] (عن عبد الرحمن بن القاسم) أي: ابن محمد بن أبي بكر الصديق. (عن عبد الله بن عبد الله) أي: ابن عمر بن الخطاب. (وقال) في نسخةٍ: "قال"، وفي أخرى: "فقال". (وتثني) بفتح أوله، أي: تعطف (اليسرى) أي: وتجلس عليها (إنك تفعل ذلك؟) أي: التربع. (إن رجلي) بتشديد الياء تثنية رجل، وفي نسخةٍ: "إن رجلاي" بألف على إجراء المثنى مجرى المقصور، أو أن (إن) بمعنى: نعم فعليه قوله: (رجلاي) أي: (لا تحملاني) بتخفيف النون، وتشديدها: استئناف بياني. 828 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَحَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَيَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْنَا صَلاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ القِبْلَةَ، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ" وَسَمِعَ اللَّيْثُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ،

وَيَزِيدُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَلْحَلَةَ، وَابْنُ حَلْحَلَةَ مِنْ ابْنِ عَطَاءٍ، قَال أَبُو صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ: كُلُّ فَقَارٍ، وَقَال ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، قَال: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ، كُلُّ فَقَارٍ. [فتح: 2/ 305] (عن خالد) أي: ابن يزيد الجمحي. (عن سعيد) زاد في نسخةٍ: "هو ابن أبي هلال". (حلحلة) بفتح المهملتين الديلي. (وحدثنا) في نسخةِ: " ح وحدثنا " وفي أخرى: "قال: حدثني" أي: قال يحيى بن بكير حدثني. (مع نفر) في نسخةٍ: "في نفر" وهو اسم جمع من الرجال ما بين الثلاثة والعشرة، لكن في "سنن أبي داود" و"صحيح ابن خزيمة" أنهم كانوا عشرة (¬1). (من أصحاب النبي) في نسخةٍ: "من أصحاب رسول الله" فيهم أبو قتادة بن ربعي، وأبو أسيد الساعدي، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، وأبو هريرة. (فقال أبو حميد) أي: عبد الرحمن، أو المنذر (لصلاة رسول الله) في نسخةٍ "لصلاة النبي". (حذاء منكبيه) في نسخة: "حذو منكبيه". (هصر ظهره) أي: أماله مع استوائه مع رقبته من غير تقويس (مكانه) في نسخة: "إلى مكانه" (غير مفترش ولا قابضهما) مرَّ شرحه في باب: لا يفترش ذراعيه في السجود (¬2). (فإذا جلس في الركعتين) أي: الأوليين. ¬

_ (¬1) انظر: "سنن أبي داود" (730) كتاب: الصلاة، باب: افتتاح الصلاة، وابن خزيمة 1/ 317 (625) كتاب: الصلاة، باب: التجافي باليدين عند الإهواء إلى السجود. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (722): إسناده صحيح. (¬2) سبق برقم (822) كتاب: الأذان، باب: لا يفترش ذراعيه في السجود.

(جلس على رجله اليسرى؛ ونصب اليمنى) هذا هو الافتراش (قدم رجله اليسرى) أي: إلى جهة يمينه. (ونصب الأخرى وقعد قعدته) هذا هو التورك وفيما ذكر دليل للشافعية في أن جلوس التشهد الأخير مغاير للأول، والحكمة في ذلك: أنه أقرب إلى عدم اشتباه الركعات، وأن الأول يعقبه حركة، بخلاف الثاني، وأن المسبوق إذا رأى جلوس إمامه علم ما سبقه به. (ويزيد من محمد بن حلحلة) في نسخةٍ: "ويزيد بن محمد، محمد بن حلحل" بزيادة ابن محمد، وإسقاط (من)، وفي أخرى: "ويزيد محمدًا" أو في أخرى: "يزيد سمع من محمد بن حلحلة" ولفظ: (وسمع الليث) إلى آخر قوله: (من ابن عطاء) ساقط من نسخةٍ. وفي ذكره فائدة: وهي بيان أن المعنعنَ هنا سماع بالتصريح. (وقال) في نسخةٍ: "قال". (أبو صالح) هو كاتب الليث، لا عبد الغفار البكري كما زعمه بعضهم. (كل فقار) يعني: وافق أبو صالح يحيى عن الليث في ذلك بدون ضمير، ورواه ابن المبارك بالضمير، أو بتاء التأنيث عن اختلاف فيه، وعن ابن السكن أن هذه الرواية بكسر الفاء. قال البرماوي (¬1): وهي أقرب إلى الصوب، قال: وحكي عن الأصيلي أنها بتقديم القاف على الفاء، وهو التصحيفٌ. (أن محمد بن عمرو) زاد في نسخةٍ: (ابن حلحلة). (كل فقار) أي: بدون ضمير، أو بتاء تأنيث أيضًا، في نسخةٍ: "كل فقاره" واختلف في ضبطه، فقيل: بهاء الضمير، وقيل: بهاء التأنيث. ¬

_ (¬1) سبقت ترجمته.

146 - باب من لم ير التشهد الأول واجبا لأن النبي صلى الله عليه وسلم: "قام من الركعتين ولم يرجع"

146 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ وَاجِبًا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَرْجِعْ" (باب: من لم ير التشهد الأول واجبًا) هو ما عليه الشافعي وكثير. (ولم يرجع) أي: إلى التشهد، ولو كان واجبًا؛ لرجع. 829 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ، مَوْلَى بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ - وَقَال مَرَّةً: مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الحَارِثِ - أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ - وَهُوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمُ الظَّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ". [830، 1224، 1225، 1230، 6670 - مسلم: 570 - فتح: 2/ 309] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (قال: أخبرني) في نسخةٍ: "قال حدثنا". (شعيب) هو ابن أبي حمزة (دينار مولى بني عبد المطلب) نسبه لجد مواليه الأعلى. (وقال) أي: الزهريّ. (مرة مولى ربيعة بن الحارث) نسبه هنا لمولاه الحقيقي، فلا ينافي ما قبله. (بحينة) اسم أم عبد الله، كما مرَّ (وهو) أي ابن بحينة. (من أزد شنوءة) بفتح الهمزة، وسكون الزاي، وقال مهملة، وفتح الشين، وضم النون، وبالمد، وفتح الهمزة: قبيلة مشهورة. (وهو حليف لبني عبد مناف) بالحاء المهملة؛ لأن جده حالف المطلب بن عبد مناف (وكان من أصحاب النبي) مقول عبد الرحمن بن هرمز. (لم يجلس) في نسخةٍ: "ولم يجلس"، والجملة حال. (حتى إذا قضى الصلاة) أي: فرغ منها (كبر) جواب إذا. وفي الحديث: تبعية المأمومين الإمام في تركة الجلوس للتشهد الأول حيث يقوم، وأن سجود السهو قبل السلام ومرَّ بيانه.

147 - باب التشهد في الأولى

147 - بَابُ التَّشَهُّدِ فِي الأُولَى (باب: التشهد في الأولى) أي: مشروعيته في الجلسة الأولى من الثلاثية والرباعية. 830 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا بَكْرٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ، قَال: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ، فَقَامَ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ صَلاتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ". [انظر: 829 - مسلم: 570 - فتح: 2/ 310] (قتيبة بن سعيد) لفظ: (ابن سعيد) ساقط من نسخةٍ. (قال: حدثنا) في نسخةٍ: "قال: أخبرنا". (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (وعليه جلوس) أي: للتشهد الأول. 148 - بَابُ التَّشَهُّدِ فِي الآخِرَةِ (باب: التشهد في الآخرة) أي: وجوبه في الجلسة الآخرة من الصلاة. 831 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْنَا: السَّلامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ السَّلامُ عَلَى فُلانٍ وَفُلانٍ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلامُ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ". [835، 1202، 6230، 6265، 6328، 7381 - مسلم: 402 - فتح: 2/ 311] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (الأعمش) هو: سليمان بن مهران

(شقيق بن سلمة) بفتح اللام، وكنيته: أبو وائل. (عبد الله) أي: ابن مسعود (- رضي الله عنه -). (قلنا: السلام على جبريل .. إلخ" فيه: اختصار. ثبت في رواية يحيى المذكورة. وهو: (قلنا: السلام على الله في عباده) وهذه الزيادة حسن الرد عليهم بقوله: (فقال: إن الله هو السلام) معناه: السالم من سمات الحدوث، أو المسلم عباده من المهالك، أو المسلم عليهم في الجنة، أو أن كل سلام ورحمةِ له ومنه، وهو مالكهما ومعطيهما فكيف يدعى له بهما، وهو المدعو، فأمر المصلين أن يصرفوهما إلى الخلق؛ لحاجتهم إليهما، وهو غني عنهما. (فإذا صلى أحدكم) يعني جلس في صلاته للتشهد (فليقل) أي: ندبًا في الأول، ووجوبًا في الثاني عند الشافعي. ففيه: استعمال اللفظ في معنييه، أو في حقيقته ومجازه، وذلك بقرينة الأخبار الدالة على ذلك. (التحيات لله) جمع تحية وهي السلام، أو البقاء، أو الملك، أو السلامة من الآفات، وجمعت؛ لأن الملوك كان كل واحدٍ منهم يحييه أصحابه بتحية مخصوصة، فقيل: جميعها لله تعالى، وهو المستحق لها حقيقة، والمراد: التحيات التي يعظم بها، وإلا فكانت العرب، كما قال الخطابي: تحيي الملوك بكلمات مخصوصة، نحو: أبيت اللعن، ونحو: أنعم صباحًا، المعجم تحييهم بما معناه: ألف سنة، وقيل: عشرة آلاف سنة، وكلٌّ منهما لا يصلح للثناء عليه تعالى به، فلا يعظم بها (¬1). (والصلوات) أي: الخمس وغيرها، وقيل: الدعوات، وقيل الرحمة، أي: كلها لله؛ لأنه المتفضل بها. (والطيبات) أي: الكلمات التي تصلح ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 1/ 545.

للثناء عليه تعالى بها، أي: كلها لله فالواو: وفي (والصلوات والطيبات) عاطفة لهما على التحيات، فالعطف فيهما من عطف المفردات، أو كل منهما مبتدأ حذف خبره، فهو من عطف الجمل، وأشار بالتحيات: إلى العبادات القولية [وبالصلوات: إلى العبادات الفعلية] (¬1) وبالطيباب: إلى العبادات المالية. (السلام عليك) السلام: اسم من أسمائه تعالى تقديره: الله (عليك) أي: حفيظ، أو المراد: السلامة من المكاره، أو السلام الذي وجه إلى الرسل والأنبياء، أو الذي سلمه الله عليك ليلة المعراج، وإنما قال: (عليك) بالخطاب مع أن السياق يقتضي الغيبة، لاتباع لفظ الرسول حين علم الحاضرين من أصحابه؛ وليناسب قوله: (أيها النبي) فلا فرق في الخطاب بين زمنه، وما بعده، وفي رواية صححها شيخنا: فلما قبض .. قلنا السلام على النبي (¬2). ففيها المغايرة بين زمنه، وما بعده فكل جائز، لكن الأول أولى؛ لمَّا مر ولكثرة أخباره. (السلام) أي: الذي وجه إلى الأمم السالفة من الصلحاء (علينا) أراد به: المصلي نفسه، والحاضرين معه، وحذف -ال- من السلام في الموضعين، كما قال النووي: جائز (¬3)، لكن المعرف أفضل، وأمَّا سلام التحليل فتعريفه واجب على الأصح؛ لأنه لم ينقل إلا معرفًا؛ ولأنه عائد إلى ما تقدم ذكره في التشهد، فينبغي تعريفه. (وعلى عباد الله) من عطف العام على الخاص أي: القائمين بحقوق الله، وحقوق العباد. (فإنكم إذا قلتموها) ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "الفتح" 2/ 314. وسيأتي برقم (6265) كتاب: الاستئذان، باب: الأخذ باليد. (¬3) "صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 117.

149 - باب الدعاء قبل السلام

أي: هذه الكلمة. (أصابت كل عبد إلخ) فيه: مع ما قبله أن الجمع المحلى باللام للإستغراق والتفرقة في مدلول جمعي القلة والكثرة، إنما هي عند تنكيرهما، وقوله: (فإنكم إذا قلتموها .. إلخ) اعتراض. (عبده ورسوله) أفاد أنه يكفي ذلك في التشهد، ولكن الأفضل أن يقول بدله رسول الله وأما الاقتصار على رسوله بدون عبد، فلا يكفي، كما أوضحته في "شرح البهجة" وغيره (¬1). 149 - بَابُ الدُّعَاءِ قَبْلَ السَّلامِ (باب: الدعاء قبل السلام) أي: بعد التشهد، والصلاة على محمد وآله، وفي نسخةٍ: "قبل التسليم". 832 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا، وَفِتْنَةِ المَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ " فَقَال لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ، فَقَال: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ، حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ". (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -) ساقطٌ من نسخةٍ. (في الصلاة) أي: في آخرها، قبل السلام، وبعد التشهد. (المسيح)، سُمي به، لأن إحدى عينيه ممسوحة؛ أو لأن الخير مسح منه فهو فعيل بمعنى: مفعول؛ أو لأنه يمسح الأرض أي: يقطعها في أيام معدودة فهو بمعنى: فاعل. ¬

_ (¬1) انظر: "فتح الوهاب" للمصنف 1/ 45.

(الدجال) قيده به؛ ليمتاز عن عيسى - عليه السلام -. من الدجل وهو الخلط سمي به؛ لكثرة خلط الباطل بالحق، أو من دجل أي: كذب، والدجال: الكذاب، وأما تسمية عيسى المسيح: فلأنه كان لا يمسح بيده ذا عاهةٍ لا برأ أو لأنه كان أمسح الرجل لا أخمص له، أو لأنه خرج من بطن أمه ممسوحًا بدهن. وعن بعضهم أن الدجال مسيخ بخاء معجمة، لكن ينسب إلى التصحيف. (من فتنة المحيا) بفتح الميم أي: مما يعرض للإنسان في حياته من الآفتان أي: الابتلاء بالدنيا، والشهوات، والجهالات. (وفتنة الممات) أي: ما يفتن به عند الموت في أمر الخاتمة، وبعده في أمر السؤال، وذْكر فتنتي المحيا والممات من ذكر عام بعد خاص، بطريق اللف والنشر غير المرتب؛ إذ فتنة المحيا أعم من فتنة الدجال، وفتنة الممات أعم من عذاب القبر. (من المأثم) أي: مما يأثم به الإنسان، أو من الإثم نفسه. (والمغرم) أي: الدين فيما لا يجوز، أو فيما يجوز، لكن عجز عن وفائه فإما دين احتاجه وهو قادر على أدائه فلا استعاذة منه، واستعاذته - صلى الله عليه وسلم - مما ذكر؛ تعليم لأمته، وإلا فهو معصومٌ من ذلك. أو إنه سلك به مسلك التواضع، وإظهار العبودية، والخوف منه، والافتقار إليه، وإنما استعاذ من فتنة الدجال مع أنه لم يدركه؛ لأن فائدته، كما علم تعليم أمته؛ لينتشر خبره بينهم جيلًا بعد جيل حتى لا يلتبس كفره عند خروجه على من يدركه. وإنما استعاذ من عذاب القبر، وفتنة المسيح الدجال، والمأثم، والمغرم مع أنها داخلة في فتنة المحيا والممات؛ لعظم شأنها، وكثرة شرها.

(قائل) هو عائشة رضي الله عنها كما في النَّسائيِّ (¬1). (ما أكثر ما تستعيذ من المغرم) في محل نصب بأكثر، أي: ما أكثر استعاذتك منه. (إذا غرم حدث فكذب). (حدث) جواب (إذا) وفاء (فكذب) تفسيرية. (ووعد) عطف على (حدث). (فأخلف) فاؤه تفسيرية، وفي نسخة: "وإذا وعد أخلف". قال محمد بن يوسف -أي: ابن مطر الفربري- حكاية عن البخاري: سمعت خلف بن عامر يقول في المسيح: بفتح الميم، وتخفيف السين، والمسيح بكسر الميم، وتشديد السين، ليس بينهما فرق، وهما واحد -أي: في اللفظ- أحدهما أي: أحد اللفظين عيسى - عليه السلام -، والآخر: الدجال، لا اختصاص لأحدهما بأحد اللفظين، لكن إذا أريد الدجال قيد به كما مر، وفي "سنن أبي داود" (¬2): أن المشدد: الدجال، والمخفف: عيسى، ومرَّ وجه تسميتهما بالمسيح آنفًا. وقوله: (قال محمد بن يوسف .. إلخ) ساقط من نسخةٍ. 833 - وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ فِي صَلاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. [انظر: 832 - مسلم: 587، 589 - فتح: 2/ 317] (عروة) أي: "ابن الزبير" كما في نسخةٍ. ¬

_ (¬1) انظر: "سنن السنائي" 8/ 258 - 259 كتاب: الاستعاذة، باب: الاستعاذة من المغرم والمأثم. وقال الألباني في "صحيح النَّسائيِّ": حديث صحيح. (¬2) انظر: "سنن أبي داود" (880) كتاب: الصلاة، باب: الدعاء في الركوع والسجود. قال الألباني في "صحيح أبي داود" (824): إسناده صحيح.

150 - باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب

834 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ قَال لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي، قَال: "قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ". [6326، 7387، 7388 - مسلم: 2705 - فتح: 2/ 317] (عن أبي الخير) هو مرثد بمثلثة: ابن عبد الله اليزني، بفتح التحتية والزاي وكسر النون: بطن من حمير. (في صلاتي) أي: في آخرها كما مرَّ. (ظلمت نفسي) أي: بارتكاب ما يوجب العقوبة (كثيرًا) بالمثلثة، وفي نسخة "كبيرًا" بالموحدة. (مغفرة) نكرة؛ للتعظيم أي: عظيمة، لا يدرك كنهها، وزاد ذلك بقوله: (من عندك)؛ لأن الذي من عنده لا يحيط به وصف الواصفين أي: اغفر لي مغفرة تتفضل بها على لا تسبب لي فيها بعمل ولا غيره. (إنَّك أنت الغفور الرحيم) قابل اغفر بالغفور، وارحم بالرحيم. 150 - بَابُ مَا يُتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ (باب: ما يتخير) بضم أوله ويجوز فتحه. (من الدعاءِ بعد التشهد) قبل السلام. (وليس بواجب) بل مستحبٌ، في نسخة الباب: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". 835 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاةِ، قُلْنَا: السَّلامُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، السَّلامُ عَلَى فُلانٍ وَفُلانٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُولُوا السَّلامُ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلامُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ

151 - باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى

أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ، فَيَدْعُو". [انظر: 831 - مسلم: 402 - فتح: 2/ 320] (يحيى) أي: القطان. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (شقيق) هو أبو وائل. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (ولكن قولوا) لفظ: (قولوا) ساقط من نسخةٍ (إذا قلتم ذلك) لفظ: (ذلك) ساقط من نسخةٍ. (يتخير) في نسخةٍ: "ليتخير". (من الدعاء) أي: الجائز (أعجبه) أي: أحسنه، وهو شاملٌ للمأثور وغيره، سواء تعلق بالآخرة كقوله: اللهم أدخلني الجنة، أم بالدنيا كقوله: اللهم ارزقني زوجة جميلة، ودرا هم جزيلة. وبذلك أخذ الشافعية، والمالكية، وقصره الحنفية على المأثور، وما يشبه ألفاظُ القرآن، ومر شرح الحديث في باب: التشهد في الآخرة (¬1). 151 - بَابُ مَنْ لَمْ يَمْسَحْ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ حَتَّى صَلَّى [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: رَأَيْتُ الحُمَيْدِيَّ: يَحْتَجُّ بِهَذَا الحَدِيثِ أَنْ لَا يَمْسَحَ الجَبْهَةَ فِي الصَّلاةِ]. (باب: من لم يمسح جبهته وأنفه) أي: من الطين (حتى صلى) أي: فلما صلى مسحه. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (رأيت الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (يحتج بهذا الحديث) أي: الآتي. ¬

_ (¬1) سق برقم (831) كتاب: الأذان، باب: التشهد في الآخرة.

152 - باب التسليم

(على أن لا يمسح .. إلخ) وقوله: (قال أبو عبد الله .. إلخ) ساقط من نسخةٍ. 836 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَال: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ فَقَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِي المَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ". [انظر: 669 - مسلم: 1167 - فتح: 2/ 322] (هشام) أي: الدستوائي (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (سألت أبا سعيد) عن ليلة القدر (حتى رأيت أثر الطين في جبهته) أي: ولم يمسحه في الصلاة، وهو محمول على أثر خفيف لا يمنع مباشرة جبهة المصلي كما مرَّ، وإنما لم يمسحه؛ لتصديق رؤياه؛ ليراه الناس، فيستدل به على عين تلك؛ أو لأن ترك المسح أولى؛ لأن المسح عمل، وإن كان قليلًا. 152 - بَابُ التَّسْلِيمِ (باب: التسليم) أي: آخر الصلاة. 837 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الحَارِثِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ" قَال ابْنُ شِهَابٍ: "فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ القَوْمِ". [849، 850 - فتح 2/ 322] (قام النساء) أي: لينصرفن. (حتى يقضي) حتى بمعنى: "حين" كما عبر بها في نسخة أي: يتم. (تسليمه) أي: الأول، والثاني. (فأرى) بضم الهمزة، أي: أظن. (والله أعلم) اعتراض. (لكي ينفذ النساء) بفتح

153 - باب يسلم حين يسلم الإمام

التحتية وبضم الفاء وبمعجمة أي: لكي يخرجن. (قبل أن يدركهن) في نسخةٍ: "قبل أن يدركهم" نزل فيها الإناث منزلة الذكور. 153 - بَابُ يُسَلِّمُ حِينَ يُسَلِّمُ الإِمَامُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "يَسْتَحِبُّ إِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ أَنْ يُسَلِّمَ مَنْ خَلْفَهُ". (باب: يسلم) أي: المأموم. (حين يسلم الإمام) قضيته، كالحديث الآتي: أن يقارنه في السلام الحينية الآتية، كبقية الأركان إلا تكبيرة الإحرام، وكأن البخاري يميل إلى أنه يسن له أن يسلم عقب سلام الإمام، فاحتج له بقوله: (وكان ابن عمر .. إلخ) والسنة عند الشافعي: أن سلام المأموم يكون عقب تسليمتي الإمام. 838 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ". (حبان بن موسى) بكسر المهملة، أي: المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك المروزي. (معمر) أي: ابن راشد البصري. (محمود بن الربيع) لفظ: (ابن الربيع) ساقطٌ من نسخة، وفي أخرى: "محمود هو ابن الربيع". (عتبان) بكسر العين، أي: "ابن مالك"، كما في نسخة. (فسلمنا حين سلم) أي: معه، بحيث كان ابتداء سلامهم بعد ابتداء سلامه وقبل فراغه منه، ويجوز أن يراد أن ابتداء سلامهم بعد سلامه. 154 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ رَدَّ السَّلاَمِ عَلَى الإِمَامِ وَاكْتَفَى بِتَسْلِيمِ الصَّلاَةِ

(باب: من لم يردَّ) في نسخةٍ: "من لم يردد" وفي أخرى: "من لم ير السلام على الإمام" أي: بتسليمة ثالثة بين التسليمتين، (واكتفى) عنها بتسليم الصلاة، وهو التسليمتان؛ لشموله لها. إذ السنة في تسليمه للصلاة أن ينوي الردَّ على الإمام كغيره، وأشار بذلك إلى الرد على من لم يكتف بذلك. 839 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ: "عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ دَلْوٍ كَانَ فِي دَارِهِمْ". (عبدان) لقبه، واسمه: عبد الله بن عثمان بن جبلة الأسدي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن الزهريّ) هو محمد بن مسلم بن شهاب (وزعم) أي: وقال، فالمراد بالزعم هنا: القول المحقق؛ لأنه اللائق بالمقام، إن كان كثيرًا يطلق على الكذب، أو المشكوك فيه. (عقل) بفتح القاف، أي: علم (كان) أي: الدلو، وفي نسخة: "كانت" الدلو يذكر ويؤنث، وهو الأكثر وعليه اقتصر الجوهري في قوله: دلوت الدلو: نزعتها، وأدليتها: أرسلتها في البئر (¬1). 840 - قَال: سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصارِيَّ، ثُمَّ أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ، قَال: كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي بَنِي سَالِمٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَإِنَّ السُّيُولَ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِي، فَلَوَدِدْتُ أَنَّكَ جِئْتَ، فَصَلَّيْتَ فِي بَيْتِي مَكَانًا حَتَّى أَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَال: "أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَال: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ "، فَأَشَارَ إِلَيْهِ مِنَ المَكَانِ الَّذِي أَحَبَّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ. [انظر: 424 - مسلم: 33 - فتح: 2/ 323] ¬

_ (¬1) "الصحاح" 6/ 2339.

155 - باب الذكر بعد الصلاة

(ثم أحد بني سالم) بالنصب عطف على (الأنصاري) أو على (عتبان) أي: وسمعت أيضًا (أحد بني سالم)، فيكون السماع من اثنين، والظاهر حينئذٍ أن هذا المبهم هو: الحصين بن محمد الأنصاري، نبه على ذلك مع زيادة الكرماني (¬1). (فلوددت) أي: فوالله لوددت (أتخذه) بالرفع وبالجزم جواب للتمني المفاد من وودت، وفي نسخة: "حتى أتخذه". (بعدما اشتد النهار) أي: ارتفع بارتفاع شمسه (فاستأذن النبي) أي: في الدخول لبيتي. (فأشار إليه) فيه التفات إذ السياق يقتضى أن يقال: فأشرت إليه، وهو الموافق لرواية سبقت وجزم الكرماني بأنه لا التفات فيه، حيث قال: فأشار أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المكان الذي هو المكان المحبوب في (أن يصلِّي فيه) ويحتمل: أن من للتبعيض، ولا ينافي ما سبق من قوله: (فأشرت) لاحتمال أن كلا من النبي، وعتبان أشارا (¬2). انتهى ملخصًا. فعليه يكون في ذلك معجزة له - صلى الله عليه وسلم - حيث أشار إلى المكان الذي كان مراد عتبان أن يصلي فيه. (فصففنا) في نسخةٍ: "وصففنا" بالواو. 155 - بَابُ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلاَةِ (باب: الذكر بعد الصلاة) أي: المكتوبة. (إسحاق بن نصر) نسبه إلى جده؛ لشهرته، وإلا فهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر. (قال: حدثنا) في نسخةٍ: "قال: أخبرنا". (عبد الرزاق) ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 189. (¬2) انظر: المرجع السابق المشار إليه.

أي ابن همام. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عمرو) أي: ابن دينار. (أن أبا معبد) هو نافذ مولى ابن عباس (أن رفع الصوت بالذكر) أي: بعد انقضاء صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (على عهد النبي) في نسخةٍ: "على عهد رسول الله" أي: على زمنه. (كنت أعلم) أي: أعرف، كما عبر به في الحديث الآتي، وإن كان الأكثر على أن العلم: يستعمل في الكليات، والمعرفة: في الجزئيات. (بذلك) أي برفع الصوت، وهو جائز، لكن الأولى عند الجمهور: استحباب عدم الجهر وحمل الرفع في الحديث على أنه كان لتعليم الحاضرين صفة الذكر. 841 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ أَبَا مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: "أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ، بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ المَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ". [842 - مسلم: 583 - فتح: 2/ 324] (علي بن عبد الله) أي: المديني، ولفظ: (ابن عبد الله) ساقطٌ من نسخةٍ. (سفيان) أي: ابن عيينة. (بالتكبير) أي: بعد انقضاء صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعبَّر هنا (بالتكبير) وهو من باب التعبير عن الكل بالبعض، وإلا فهو أخص من تعبيره قبل الذكر. (قال علي) أي: ابن المديني، وفي نسخة: "وقال علي" بالواو، وفي أخرى: "حدثنا علي". (سفيان) أي: ابن عيينة. (أصدق) أفعل تفضيل، والتفضيل فيه: باعتبار تفاوت أفراد الخبر، وإلا فنفس الصدق

لا يتفاوت. (واسمه نافذ) بفاء فذال معجمة على الأصح. 843 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ العُلا، وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، قَال: "أَلا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إلا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ"، فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا، فَقَال بَعْضُنَا: نُسَبِّحُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَنَحْمَدُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَال: تَقُولُ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ". [6329 - مسلم 595 - فتح: 2/ 325] (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان وفي نسخة: "المعتمر". (عن عبيد الله) أي: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب. (عن سمي) أي: مولى أبي بكر بن عبد الرحمن. (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان. (الدثور) بمهملة مضمومة فمثلثة، جمع دثر بفتح أوله وسكون ثانيه: وهو المال الكثير، وقيل: هو الكثير من كل شيء. (من الأموال) بيان للدثور. (بالدرجات العلى) أي: في الجنة والعلى جمع علياء مؤنث الأعلى (المقيم) أي: الدائم. (فضل أموال) بالإضافة، وفي نسخة: "فضل من أموال" وفي أخرى: "فضل من الأموال". (قال) في نسخةٍ: "فقال" أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - (بما) أي: بشيء، وفي نسخة: "بأمر" (إن أخذتم) زاد في نسخةٍ: "به".

(من سبقكم) أي: من أهل الأموال الذين امتازوا عليكم بما ذكرتم. (وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه) وفي نسخة: "بين ظهرانيهم" اعتبر في الأولى لفظ: من، وفي الثانية: معناها، والمعنى: من أنت بينهم ولا ينافي قوله: (وكنتم خير) قوله: (أدركتم) الذي ظاهره المساوة؛ لأنَّا نمنع أن الإدراك قاصر على المساواة، فقد يوجد مع الإدراك بزيادة. (إلا من عمل مثله) أي: إلا الغني الذي يسبح، فإنه خير منكم، أو مثلكم، لكن الاستثناء إذا عاد على كل من الجملتين قبله على قاعدة الشافعي لزم أن يكون الأغنياء أفضل؛ إذ معناه: إن أخذتم أدركتم (إلا من عمل مثله)، فإنكم لا تدركون، واستشكل مساواة هذا الذكر؛ لفضل التقرب بالمال مع شدة المشقة فيه من الجهاد ونحوه. وأجيب: بأنه لا يلزم أن يكون الثواب على قدر المشقة مطلقًا، بل يجوز أن يفوق الذكر مع سهولته الأعمال الشاقة، وإن ورد أفضل العبادات آخرها؛ لأن الشهادتين مع سهولتهما أفضل من سائر العبادات، ولأن في الإخلاص في الذكر من المشقة لا سيما الحمد في حال الفقر ما يصير الذكر به أعظم الأعمال. (تسبحون وتحمدون وتكبرون) بدأ بالتسبيح؛ لتضمنه نفي النقائص عنه تعالى، ثم التحميد؛ لتضمنه إثبات الكمال له، ثم بالتكبير، لإفادته أنه أكبر من كل شيء. (خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين) تنازع فيه الأعمال الثلاثة قبله، والمراد بالصلاة: المكتوبة. (فاختلفنا) أي: أنا، ومن حضرني، هل كل الثلاثة ثلاثًا وثلاثين؟ أو كل من الأوليين ثلاثًا وثلاثين، والأخير أربعًا وثلاثين؟ الدال عليه قوله: (فقال بعضنا .. إلخ). (فرجعت) أي: قال سُمي: فرجعت إليه أي: إلى أبي صالح، فالضمير في قوله: (فاختلفنا) لسمي أيضًا، ومن حضره، ويحتمل أن يكون لأبي

هريرة، ومن حضره من الصحابة، وعليه فيكون الضمير في (فرجعت) له أيضًا، وفي (إليه) للنبي - صلى الله عليه وسلم - فالقائل: (ويكبر أربعًا وثلاثين) على الأول: بعض من حضر سميًّا، وعلى الثاني: بعض الصحابة، والأول أقرب؛ لوروده في مسلم (¬1) (فقال) أي: أبو صالح على الأول، أو النبي على الثاني. (حتى يكون منهن كلهن ثلاثًا وثلاثين) أي: مع زيادة (الله أكبر) مرة، فليجامع الرواية السابقة، والعدد فيما ذكر للجميع، لا للمجموع على الراجح وإفراد كل من الثلاثة أولى من جمعها، وثواب العدد المذكور يحصل وإن زاد عليه؛ لأنه أتى بالمنصوص عليه، فلا تضره الزيادة المستقلة، وقد اختلفت الروايات في عدد الأذكار الثلاثة، ففي رواية ما مرن وفي أخرى: "إحدى عشر" (¬2)، [وفي أخرى: "عشرًا"] (¬3) وفي أخرى: "ستًّا" وفي أخرى: "مرة واحدة" (¬4) وهذا الاختلاف يجوز أن يكون بسبب أن ما ذكر صدر في أوقات متعددة، أو أنه ورد على سبيل التخيير، أو أنه يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص. 844 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتِبِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَال: أَمْلَى عَلَيَّ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي كِتَابٍ إِلَى مُعَاويَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (595) كتاب: المساجد، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته. (¬2) رواه البزار كما في "كشف الأستار" 4/ 19 - 20 (3094) من حديث ابن عمر. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 101: فيه موسى بن عبيدة الزبيدي وهو ضعيف. (¬3) من (م). (¬4) رواه البزار في "مسنده" 9/ 353 (3917).

لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ" وَقَال شُعْبَةُ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، بِهَذَا، وَعَنِ الحَكَمِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ وَرَّادٍ، بِهَذَا، وَقَال الحَسَنُ: "الجَدُّ: غِنًى". [1477، 2408, 5975، 6330 , 6473، 6615، 7292 - مسلم: 593 - فتح: 2/ 325] (سفيان) أي: الثَّوريُّ (كاتب المغيرة) بالإضافة، وفي نسخة: "كاتب للمغيرة". (أملى علي المغيرة بن شعبة) لفظ: (ابن شعبة) ساقط من نسخةٍ. (دبر) بضم الدال، والموحدة، وقد تسكن، أي: عقب. (لا إله إلا الله) بالرفع خبر لا، أو بدل الضمير المستتر في خبرها المقدر، أو من اسم لا باعتبار محله. (وحده) حال، أي: منفردًا. (لا شريك له) تأكيد لـ (وحده). (له الملك) أي: التصرف في الأمور كلها. (ولا معطي لما منعت) حذفه عبد بن حميد من "مسنده"، وذكر بدل "ولا راد لما قضيت" (¬1)، (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم فيهما أي: ولا ينفع في الآخرة صاحب الغنى بدل غناك، غناه فمن للبدل، كقوله تعالى {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} [التوبة: 38] أي: بدلها، والجد بمعنى: الغنى، أو الحظ. (عن عبد الملك) أي: "ابن عمير"، كما في نسخةٍ. (بهذا) أي: بالحديث السابق، و (عن الحكم) عطف على (عن عبد الملك). (مخيمرة) بضم الميم، وفتح المعجمة (وقال الحسن) أي: ¬

_ (¬1) "مسند عبد بن حميد" 1/ 355 (391).

156 - باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم

البصري (جدُّ: غني) مبتدأ وخبره، وترك تنوين (جدُّ) على الحكاية من قوله تعالى {وَأَنَّهُ تَعَالى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن: 3] وفي نسخةٍ: "الجدُّ: غني" وبالجملة فالغنى تفسير للجدِّ، وعادة البخاري إذا وقع في الحديث لفظة غريبة ووقع مثلها في القرآن، يحكي قول أهل التفسير فيها وهذا منها، والتعليق المذكور ساقط من نسخة. ومقدم على تعليق الحكم في أخرى، وكل جائز لكن الأولى تأخيره، كما ذكر بسلامته من جعله اعتراضًا بين المتعاطفين وإن كان جائزًا. 156 - بَابُ يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ النَّاسَ إِذَا سَلَّمَ (باب: يستقبل الإمام الناس) أَي: بوجهه (إذا سلم) أي: من الصلاة. 845 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ". [1143، 1386، 2085، 2791، 3236، 3354، 4674، 6096، 7074 - مسلم: 2275 - فتح: 2/ 333] (أبو رجاء) بالمد هو عمران بن عمير العطاردي (سمرة بن جندب) بضم الميم والجيم، مع ضم الدال وفتحها. (أقبل علينا بوجهه) حكمته: تعريف الداخل أن الصلاة انقضت؛ إذ لو استمر الإمام على حاله؛ لأوهم أنه فيها. 846 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَال: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَال: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَال رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ

أَعْلَمُ، قَال: "أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَال: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَال: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ ". [1038، 4147، 7503 - مسلم: 71 - فتح: 2/ 333] (حدثنا) في نسخةٍ: بدله: "قال". (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم، أي: القعنبي. (صلى لنا) أي: لأجلنا. (رسول الله) في نسخةٍ: "النبي". (بالحديبية) بتخفيف التحتية الثانية عند بعض المحققين، وبتشديدها عند أكثر المحدثين سميت ببئر هناك على نحو مرحلة من مكة أو أكثر. (أثر) بفتح الهمزة والمثلثة، أو بالكسر فالسكون. (سماء كانت) أي: السماء، والمراد بها: المطر (من الليلة) في نسخةٍ: "من الليل" ومن ابتدئية، أو بمعنى: في. (هل تدرون .. إلخ) الاستفهام فيه استفهام تنبيه (قال) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (قال الله تعالى: أصبح من عبادي) الإضافة للملك فتفيد العموم؛ بدليل التقسيم في قوله: (مؤمن بي وكافر) والمراد: الكفر الحقيقي؛ لمقابلته بالإيمان إذا اعتقد أن الفعل للكوكب، أو كفر النعمة: إذا اعتقد أن الله خالقه، وظهور الكوكب وقته وعلامته. (مطرنا بنوء كذا وكذا) أي: بطلوع الكوكب أو بمغيبه، أو بالكوكب نفسه، فالإضافة في الأوليين على أصلها، وعلى الثالث من إضافة العام إلى الخاص، يقال: ناء الكوكب نوءًا إذا طلع، أو غاب، فالنوء مصدر لا كوكب، فتسمية الكوكب به من تسمية الفاعل بالمصدر. (وكذا) كلمة مركبة من كلمتين يُكْنَى بها عن العدد فقوله: (بنوء كذا) معناه على الأولين ظاهر، وعلى الثالث معناه: بكوكب الدبران مثلًا، وبيان أصل

ذلك أن ثمانية وعشرين نجمًا معروفة المطالع في أزمنة السنة، وهي المعروفة بمنازل القمر، يسقط في كل ثلاث عشرة ليلة نجم منها في المغرب مع طلوع مقابله في المشرق، فكانوا ينسبون المطر للغارب، وقال الأصمعي (¬1): للطالع. (ومؤمن بالكوكب) الواو ساقط من نسخةٍ. 847 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَال: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَال: "إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَرَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاةَ". [انظر: 572 - مسلم: 640 - فتح: 2/ 334] (عبد الله) أي: "ابن منير" كما في نسخةٍ، ومنير بضم الميم من أنار، وفي أخرى: "ابن المنير" بالألف واللام (يزيد). أي: "ابن ¬

_ (¬1) هو عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع بن مظهر بن رباح بن عمرو بن عبد شمس أبو سعيد الأصمعي، صاحب اللغة والنحو والغريب والأخبار والمُلَح. سمع شعبة بن الحجاج، والحمادين، ومسعر بن كدام وغيرهم. روى عنه: ابن أخيه عبد الرحمن بن عبد الله، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو حاتم السجستاني وغيرهم كثير. قدم بغداد في أيام هارون الرشيد، قال الشافعي فيه: ما عبَّر أحد من العرب بمثل عبارة الأصمعي، وقال ابن معين: ولم يكن ممكن يكذب، وكان من أعلم الناس في فنه، وقال أبو داود: صدوق؛ وكان يتقي أن يفسر الحديث، كما يتقى أن يفسر القرآن، توفي -رحمه الله- بالبصرة سنة ست عشرة، وقيل: خمس عشرة ومائتين عن ثمان وثمانين، ومن تصانيفه: نوادر الأعراب، الأجناس في أصول الفقه، المذكر والمؤنث، كتاب اللغات، كتاب الخراج، كتاب الخيل وغير ذلك الكثير. انظر: "اللباب " 1/ 70، "إنباه الرواة" 2/ 197، "بغية الوعاة" 2/ 112" النجوم الزاهرة" 2/ 190.

157 - باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام

هارون" كما في نسخةٍ. (حميد) بضم المهملة (عن أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخةٍ. (أخر رسول الله) في نسخةٍ: "أخر النبي". والحديث مرَّ في باب: وقت العشاء إلى نصف الليل (¬1). 157 - بَابُ مُكْثِ الإِمَامِ فِي مُصَلَّاهُ بَعْدَ السَّلامِ (باب: مكث الإمام في مصلاه بعد السلام) أي: كان الصلاة. 848 - وَقَال لَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ: "يُصَلِّي فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الفَرِيضَةَ وَفَعَلَهُ القَاسِمُ" وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ "لَا يَتَطَوَّعُ الإِمَامُ فِي مَكَانِهِ وَلَمْ يَصِحَّ". [فتح: 2/ 334] (وقال لنا آدم) لم يقل: حدثنا؛ لأنه ذكر ما قاله له مذاكرة، لا تحميلًا، فهو أحط رتبة وكثيرًا ما يفعل ذلك. (حدثنا) في نسخةٍ: "أخبرنا". (كان ابن عمر يصلي) أي: النفل. (الفريضة) في نسخةٍ: "فريضة". (وفعله) أي: ما ذكر عن صلاة النفل في موضع الفرض. (القاسم) أي: ابن محمد بن أبي بكر الصديق. (ويذكر) بالبناء للمفعول وهو (رفعه) هو مصدر مضاف للفاعل، وهو ضمير أبي هريرة، ومقول المصدر: (لا يتطوع الإمام في مكانه) أي: الذي صلى فيه الفرض، وفي نسخة: "رفعه" بفتحات، فهو جملة في محل الحال من أبي هريرة، والضمير فيه للحديث، ونائب الفاعل في يذكر (لا يتطوع .. إلخ) إلى حالة كون أبي ¬

_ (¬1) سبق برقم (572) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت العشاء إلى نصف الليل.

هريرة رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويجوز على هذه النسخة أن يكون نائب الفاعل (عن أبي هريرة). (ولا يتطوع .. إلخ) بدل من ضمير (رفعه)، ولم يصح هذا أي: الحديث؛ لضعف إسناده؛ إذ فيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، وقائل ذلك البخاري. 849 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا" قَال ابْنُ شِهَابٍ: "فَنُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ النِّسَاءِ". [انظر: 837 - فتح: 2/ 334] (أبو الوليد) أي: "هشام بن عبد الملك" كما في نسخةٍ. (هند) بالصرف وعدمه، وهو أولى. (قال ابن شهاب) أي: الزهريّ. (فنُرى) بضم النون أي: فنظن. (والله أعلم) أن مكثه كان (لكي ينفذ) بمعجمة، أي: يخرج. (من ينصرف من النساء) ومر شرح الحديث (¬1). 850 - وَقَال ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، قَال: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ: أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ، قَال: حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الحَارِثِ الفِرَاسِيَّةُ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا - قَالتْ: "كَانَ يُسَلِّمُ، فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ، فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَقَال ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَتْنِي هِنْدُ الفِرَاسِيَّةُ، وَقَال عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَتْنِي هِنْدُ الفِرَاسِيَّةُ، وَقَال الزُّبَيْدِيُّ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ: أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ الحَارِثِ القُرَشِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ - وَكَانَتْ تَحْتَ مَعْبَدِ بْنِ المِقْدَادِ، وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَال شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَتْنِي هِنْدُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (540) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت الظهر عند الزوال.

158 - باب من صلى بالناس، فذكر حاجة فتخطاهم

القُرَشِيَّةُ، وَقَال ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ الفِرَاسِيَّةِ، وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، حَدَّثَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 837 - فتح: 2/ 344] (قال: أخبرني) في نسخةٍ: "قال: حدثني". (بنت الحارث) في نسخةٍ: "ابنة الحارث". (الفراسية) بكسر الفاء، وخفة الراء، وإهمال السين، وتشديد التحتية: نسبة إلى بني فراس بطن من كنانة. (وكانت من صواحباتها) أي: صواحبات هند، وهو جمع صواحب، فهو جمع الجمع، لا جمع المفرد، وهو صاحبة كما زعمه بعضُهم. (وقال ابن وهب) أي: عبد الله (عن يونس) أي: ابن يزيد. (الفراسية) في نسخةٍ هنا. وفيما يأتي: "القرشية" نسبة إلى قريش، ولا منافاة بينهما؛ لأن كنانة جماع بني فراس وقريش. (وقال الزبيدي) بضم الزاي، وفتح الموحدة: محمد بين الوليد. (أن هند) في نسخةٍ: "أن هندًا" بالصرف. (معبد بن المقداد) أي: ابن الأسود الكندي الصحابي. (وهو) أي: معبد. (ابن أبي عتيق) هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. (حدثه عن ابن شهاب) في نسخةٍ: "حدثه ابن شهاب". (أن آمرأة) هي هند المذكورة، وفي نسخةٍ: "أن امرأة". 158 - بَابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ، فَذَكَرَ حَاجَةً فَتَخَطَّاهُمْ (باب: من صلَّى بالناس، فذكر حاجة فتخطاهم) أي: عقب سلامه من غير مكث. 851 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، قَال: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ، قَال: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ

159 - باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال

العَصْرَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَال: "ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ". (محمد بن عبيد) أي: "ابن ميمون"، كما في نسخةٍ. (ابن أبي مُلَيْكَة) اسمه: عبد الله [(عن عقبة)] (¬1) أي: ابن الحارث النوفلي. (ثم قام) في نسخةٍ: "قام" (فتخطى) بغير همز (ففزع الناس) بكسر الزاي، أي: خافوا. (عليهم) في نسخةٍ: "إليهم". (أنهم أعجبوا). في نسخةٍ: "أنهم قد عجبوا". (ذكرت شيئًا من تبر) روي: "ذكرت تبرًا من الصدقة" (¬2) والتبر بكسر المثناة هو: الذهب غير المضروب. (بقسمته) بكسر القاف، والمثناة الفوقية، وفي نسخةٍ: "بقسمه" بفتح القاف من غير فوقية. وفي الحديث: أن للإمام أن ينصرف متى شاء قبل انصراف الناس، وأن التخطي لما لا غنى عنه مباحٌ، وأن من وجب عليه فرضًا، فالأفضل مبادرته إليه. 159 - بَابُ الانْفِتَالِ وَالانْصِرَافِ عَنِ اليَمِينِ وَالشِّمَالِ وَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "يَنْفَتِلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ، وَيَعِيبُ عَلَى مَنْ يَتَوَخَّى - أَوْ مَنْ يَعْمِدُ - الانْفِتَال عَنْ يَمِينِهِ". ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سيأتي برقم (1430) كتاب: الزكاة، باب: من أحب تعجيل الصدقة من يومها.

(باب: الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال) أي: انفتال الإمام، وانصرافه عن يمينه وشماله. (وكان أنس) زاد في نسخةٍ: "أنس بن مالك". (يتوخى) أي: يقصد ويتحرى. (أو من تعمد) شك من الراوي. (تعمد) بتفح الفوقية، الميم المشددة، وفي نسخة: "يعمد" بفتح التحتية، وكسر الميم، وكذا في أخرى لكن بحذف (من)، ولا ينافي ما عابه أنس ما حكاه عن السدي في مسلم (¬1) لما سأله: كيف أنصرف إذا صليت عن يميني أو عن يساري؟ من قوله: (أكثر ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن يمينه)؛ لأن أنسًا إنما عاب من يعتقد تحتم انصرافه عن يمينه، وإلا فالأمران جائزان، لكن الانصراف عن اليمين أفضل؛ لأنه الأكثر من فعله - صلى الله عليه وسلم -. 852 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: لَا يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلاتِهِ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إلا عَنْ يَمِينِهِ "لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ". [مسلم: 707 - فتح: 2/ 377] (قال: حدثنا) في نسخةٍ "قال: أخبرنا". (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (عن الأسود) أي: ابن يزيد النخعي. (عبد الله) أي: ابن مسعود. (لا يجعل) في نسخةٍ: "لا يجعلن". (يرى) بفتح أوله أي: يعتقد، ويجوز ضمه أي: يظن، وهو بيان لما قبله، أو استئناف بياني كأنه قيل: كيف يجعل للشيطان شيئًا من صلاته؟ (فقال: أن يرى .. إلخ). (أن حقًّا ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (707) كتاب: صلاة المسافرين، باب: جواز الإنصراف من الصلاة عن اليمين والشمال.

160 - باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث

عليه أن لا ينصرف) مفعول (يرى)، و (أن ينصرف) خبر (إن) (وحقًّا) اسمها، وفي نسخةٍ: "أن بالتخفيف على أنها مصدرية، أو مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن و (حقًّا): مفعول مطلق بفعل مقدر من جنسه، و (أن لا ينصرف) فاعلُ الفعلِ المقدر. 160 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النِّيِّ وَالبَصَلِ وَالكُرَّاثِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَكَلَ الثُّومَ أَو البَصَلَ مِنَ الجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا". (باب: ما جاء في الثوم) بمثلثة مضمومة. (النيئ) بنون مكسورة، فمثناة تحتية، فهمزةٍ ممدودًا، وقد تدغم. (والبصل والكراث) بمثلثة، والمراد: بيان ما جاء في أكل ما ذكر. (وقول) بالجر: عطف على (ما جاء) وهو مع ما بعده ذكره البخاري بمعنى الحديث لا بلفظه. 853 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ: "مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يَعْنِي الثُّومَ - فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا". [4215، 4217، 4218، 5521، 5522 - مسلم: 561 - فتح: 2/ 339] (يحيى) أي: القطان. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (من أكل من هذه الشجرة) مبتدأ، أو شرط خبره، أو جواب قوله بعد: (فلا يقربن مسجدنا) (يعني: الثوم) قال شيخنا: يحتمل أن يكون قائله عبيد الله، قال: وإطلاق الشجر على الثوم مجاز؛ لأن المعروف في اللغة أن الشجر ما كان له ساق، وما لا ساق له يقال له: نجم، ومن أهل اللغة من قال: كل ما ينبت له أرومة، أي: أصل في الأرض يخلف

ما قطع منه فهو شجر، وإلا فهو نجم. ومنهم من قال: بين الشجر والنجم عموم وخصوص، فكل نجم شجر من غير عكس، كالشجر والنخل: فكل نخل شجر من غير عكس (¬1). انتهى. (فلا يقربن) بفتح الراء، والموحدة، وتشديد النون. (مسجدنا) أي: المكان المعد للصلاة. 854 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يُرِيدُ الثُّومَ - فَلَا يَغْشَانَا فِي مَسَاجِدِنَا" قُلْتُ: مَا يَعْنِي بِهِ؟ قَال: مَا أُرَاهُ يَعْنِي إلا نِيئَهُ، وَقَال مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ: عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، "إلا نَتْنَهُ". وَقَال أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أُتِيَ بِبَدْرٍ - وَقَال ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي طَبَقًا فِيهِ خَضِرَاتٌ - وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ، وَأَبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُونُسَ، قِصَّةَ القِدْرِ فَلَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوْ فِي الحَدِيثِ. [855، 5452، 7359 - مسلم: 564 - فتح: 2/ 339] (أبو عاصم) أي: الضحاك بن مخلد شيخ البخاري، وقد روى عنه بواسطة، كما هنا. (ابن جريج) هو: عبد الملك (عطاء) هو ابن أبي رباح. (يريد الثوم) قال شيخنا: يحتمل أن قائله: ابن جريج (¬2). (فلا يغشانا) بألف؛ إجراء للمعتل مجرى الصحيح، أو هي ألف إشباع، أو لا نافية بمعنى: الناهية وفي نسخةٍ: "يغشنا" بحذف الألف على الأصل. (في مساجدنا) في نسخةٍ: "في مسجدنا". (قال) مقول عطاء والمقول له جابر، قاله الكرماني، وغيره (¬3)، وقال شيخنا مع ذكره ذلك: أظن القائل ابن جريج، والمقول له عطاء، وفي "مصنف عبد ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 340. (¬2) "الفتح" 2/ 340. (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 5/ 200.

الرزاق" (¬1) ما يرشد إلى ذلك (¬2) (ما يعني) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: يقصد. (به) أي: بالثوم، أنيأ أم نضيجًا (فقال) أي: جابر. (ما أراه) بضم الهمزة، أي: ما أظنه (يعني) يقصد (إلا نيئه) بكسر النون، وبالمد، والهمز (مخلد) بفتح الميم، وسكون المعجمة، وفتح اللام. (عن ابن جريج) هو عبد الملك (نتنه) بفتح النونين، وسكون الفوفية بينهما: الرائحة الكريهة. 855 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، زَعَمَ عَطَاءٌ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا - أَوْ قَال: فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا - وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ " وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ البُقُولِ، فَقَال: "قَرِّبُوهَا". إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا، قَال: "كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي". وَقَال أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ بَعْدَ حَدِيثِ يُونُسَ، عَنِ ابن شِهَابِ، وَهْوَ يُثبِتُ قَوْلَ يونُسَ. [انظر: 854 - مسلم: 564 - فتح: 2/ 339] (سعيد بن عفير) نسبة إلى جده؛ لشهرته به، وإلا فهو سعيد بن كثير بن عفير. (ابن وهب) هو عبد الله المصري. (عن يونس) أي: ابن يزيد. (زعم عطاء) أي: قال؛ لأنه المراد هنا بزعم، كما في قوله بعد: (أن جابر بن عبد الله زعم) وفي نسخة بدل: (زعم عطاء)، "عن عطاء". (أو قال فليعتزل) شك من الزهريّ وفي نسخة: "أو فليعتزل". (وليقعد) في نسخةٍ: "أو ليقعد". (وأن النبي) عطف على (أن النبي أتي ¬

_ (¬1) "مصنف عبد الرزاق " 1/ 441 (1736) كتاب: الصلاة، باب: أكل الثوم والبصل ثم يدخل المسجد. (¬2) "فتح الباري" 2/ 341.

بقدرٍ) بضم الهمزة، وكسر القاف، والقدر: ما يطبخ فيه، يذكر ويؤنث، والتأنيث أشهر. (خضرات) بفتح الخاء، وكسر الضاد المعجمتين، وفي نسخة: "خضرات" بضم الخاء، وفتح الضاد: جمع خضرة، ويجوز مع ضم الخاء ضم الضاد، وتسكينها. (من بقول) أي: مطبوخة. (فوجد لها ريحًا) أي: لكون رائحتها لم تزل بالطبخ. (فسأل) أي: عن سبب الريح (فأخبر) بالبناء للمفعول. (بما فيها) أي: في القدر من البقول. (قال) في نسخةٍ: "فقال". (قربوها) أي: القدر، أو الحضرات، أو البقول (إلى بعض أصحابه) [رواية بالمعنى وإلا لقال: بعض أصحابي، فلعله قال لفلان وفلان من بعض أصحابه] (¬1) أو أن فيه محذوفًا، أو مشيرًا إلى بعض أصحابه. قال شيخنا: والمراد بالبعض: أبو أيوب الأنصاري (¬2)، ففي صحيح مسلم، من حديث أبي أيوب في قصة نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه: فكان يصنع للنبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا فإذا جيئ به إليه أي: بعد أن يأكل النبي - صلى الله عليه وسلم - منه، سأل عن موضع أصابع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصنع ذلك مرة فقيل له: لم يأكل وكان الطعام فيه ثوم فقال: أحرام هو يا سول الله؟ قال: "لا ولكن أكرهه" (¬3). (قال) في نسخةٍ: "فقال". (من لا تناجي) أي: من الملائكة. ففيه: أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وأن النهي؛ للتنزيه لا ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "فتح الباري" 2/ 342. (¬3) "صحيح مسلم" (2053) كتاب: الأشربة، باب: إباحة أكل الثوم وأنه ينبغي لمن أراد خطاب الكبار تركه.

للتحريم؛ لأنه قال له: (كُل). (وقال أحمد بن صالح) هو شيخ البخاري. (عن ابن وهب) هو عبد الله (أتي) بضم الهمزة (ببدر) بفتح الموحدة، وسكون الدال، والمراد: أن أبا صالح خالف سعيدًا في إبداله القدر بالبدر، ووافقه في باقي الحديث. (يعني) أي: جابر. (طبقا) شبهه بالبدر، وهو القمر عند كماله؛ لاستدارته، ورجح بعضهم هذه الرواية على رواية قدر (¬1)؛ لتفسير ابن وهب البدر بالطبق، فدلَّ على أنه حدَّث به كذلك. (ولم يذكر الليث) أي: ابن سعد. (وأبو صفوان) أي: عبد الله بن سعيد. (عن يونس) أي: ابن يزيد. (فلا أدري) قائله البخاري. (هو من قول الزهريّ) أي: مدرجا. (أو في الحديث) أي: أو هو مروي في الحديث. 856 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، قَال: سَأَلَ رَجُلٌ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: مَا سَمِعْتَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الثُّومِ؟ فَقَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبْنَا - أَوْ: لَا يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا -". [5451 - مسلم: 562 - فتح: 2 / 339] (أبو معمر) هو: عبد الله المقعد. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد العنبري. (عن عبد العزيز) أي: ابن صهيب البناني. (قال سأل رجل) لم يسم (أنسًا) في نسخةٍ: "أنس بن مالك" (ما سمعت) بفتح التاء (في الثوم) في نسخةٍ قبله: "يذكر" وفي أخرى: "يقول". ¬

_ (¬1) رواه مسلم (564) كتاب: المساجد، باب: كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال.

161 - باب وضوء الصبيان، ومتى يجب عليهم الغسل والطهور، وحضورهم الجماعة والعيدين والجنائز، وصفوفهم؟

161 - بَابُ وُضُوءِ الصِّبْيَانِ، وَمَتَى يَجِبُ عَلَيْهِمُ الغُسْلُ وَالطُّهُورُ، وَحُضُورِهِمُ الجَمَاعَةَ وَالعِيدَيْنِ وَالجَنَائِزَ، وَصُفُوفِهِمْ؟ (باب: وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغسل) بضم الغين عليه الأشهر. (والطهور) بضم الطاء كذلك، وهو من عطف العام عليه الخاص. (وحضورهم) بالجر؛ عطف على (وضوء). (الجماعة) بالنصب بحضور (والعيدين والجنائز) عطفٌ على (الجماعة) (وصفوفهم) بالجر عطف على (وضوء). 857 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي غُنْدَرٌ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيَّ، قَال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، قَال: أَخْبَرَنِي مَنْ "مَرَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَأَمَّهُمْ وَصَفُّوا عَلَيْهِ"، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرٍو مَنْ حَدَّثَكَ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ. (ابن المثنى) في نسخةٍ: "محمد بن المثنى". (حدثني غندر) هو محمد بن جعفر البصري وفي نسخةٍ: "حدثنا غندر". (شعبة) أي: ابن الحجاج. (سليمان) أي: ابن أبي سليمان فيروز. (سمعت الشعبي) اسمه: عامر. (من مَرَّ مع النبي؟) أي: من الصحابة، وهو: ابن عباس، كما سماه الشعبي بعد. (على قبرٍ) بالتنوين. (منبوذ) بمعجمة: لقب لـ (قبر) أي: قبر منفرد عن القبور، وفي نسخة: "قبر منبوذ" بالإضافة، أي: قبر لقيط. (وصفوا عليه) أي: على القبر، وفي نسخة: "وصفوا خلفه" أي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ". ففيه: الصلاة على الميت بعد دفنه، وفيه على رواية الإضافة: أن اللقيط في بلاد الإسلام له حكمُ المسلمين في الصلاة عليه وغيرها. (يا أبا عمرو) وهو كنية الشعبي (فقال) في نسخةٍ: "قال".

وفي الحديث مع ما مرَّ: أن ابن عباس حضر صلاة الجماعة على الجنازة وصف معهم، ولا يكون إلا بطهرٍ، ولم يكن إذ ذاك بالغًا، فهو مطابق لغالب الترجمة. 858 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ". [879، 880، 895، 2665 - مسلم: 846 - فتح: 2/ 344] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابن سليم) بضم المهملة، وفتح اللام. (واجب) أي: كالواجب في التأكيد. (محتلم) أي: بالغٌ، فوقت إيجاب الغسل على الصبي بلوغه. وهو مطابق لقوله في الترجمة، ومتى يجب عليهم الغسل والطهور. 859 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال: أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بِتُّ عِنْدَ خَالتِي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، "قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا - يُخَفِّفُهُ عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ جِدًّا -، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ، فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَحَوَّلَنِي، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، فَأَتَاهُ المُنَادِي يَأْذَنُهُ بِالصَّلاةِ، فَقَامَ مَعَهُ إِلَى الصَّلاةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ" قُلْنَا لِعَمْرٍو: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ" قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: "إِنَّ رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ ثُمَّ قَرَأَ: {إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102] ". [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 2/ 344] (أخبرنا) في نسخةٍ: "حدثنا". (سفيان) أي: ابن عيينة (عن عمرو) هو ابن دينار.

(من شن) بفتح المعجمة، أي: قربةٍ خلقة. (معلق) ذكره باعتبار الجلد، أو السقاء. (يخففه عمرو، ويقلله جدًّا) الأول من باب الكيف، والثاني من باب الكم، كما مر بسطه في باب: التخفيف في الوضوء (¬1). (فتوضأت نحوًا مما توضأ فيه) مطابقة لأول الترجمة؛ لأن ابن عباس حين وضوئه هذا كان صغيرًا. (المنادي) في نسخةٍ: "المؤذن". (يأذنه) بفتح لياء، فهمزة ساكنة، فمعجمة مكسورة، أو مفتوحة، وفي نسخةٍ: "يؤذنه" بضم الياء، فهمزة ساكنة أي: يعلمه، وفي أخرى: "فآذنه" بفاء، فهمزة مفتوحة ممدودة، مضمومة فذال معجمة مفتوحة أي: أعلمه. (قلنا) في نسخة: "فقلنا". (إن رؤيا الأنبياء وهي) لفظ: (إن) ساقط، ومرَّ شرح الحديث في باب: التخفيف في الوضوء (¬2). 860 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ فَقَال: "قُومُوا فَلِأُصَلِّيَ بِكُمْ"، فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لَبِثَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاليَتِيمُ مَعِي وَالعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ. [انظر: 380، مسلم: 658، فتح: 2/ 345] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أن جدته) أي: جدة إسحاق لأبيه، وقيل: جدة أنس كما مرَّ في باب: الصلاة على الحصير (¬3). (واليتيم معي) اسمه: ضميرة بن سعيد الحميري. ¬

_ (¬1) سبق برقم (338) كتاب: الوضوء، باب: التخفيف في الوضوء. (¬2) التخريج السابق. (¬3) سبق برقم (380) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على الحصير.

861 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَال: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ، "وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ". [انظر: 76 - مسلم: 504 - فتح: 2/ 345] (حمار أتان .. إلخ) مرَّ شرحه في باب: متى يصح سماع الصغير؟ (¬1) 862 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالتْ: أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي العِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ: قَدْ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلاةَ غَيْرُكُمْ"، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ يُصَلِّي غَيْرَ أَهْلِ المَدِينَةِ. [انظر: 566 - مسلم: 638 - فتح: 2/ 345] (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أعتم النبي) في نسخةٍ: "أعتم رسول الله"، أي: أخر العشاء حتى اشتدت، (عتمة الليل) أي: ظلمته. (حدثنا معمر) في نسخةٍ: "أخبرنا معمر". (ناداه) في نسخةٍ: "حتى نادى". (غيركم) بالرفع والنصب. (ولم يكن أحد) لفظ: (أحد) ساقط من نسخةٍ، ومطابقته للترجمة في قوله: (والصبيان) لأن المراد: الصبيان الحاضرون للصلاة مع الجماعة. 863 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال لَهُ رَجُلٌ: شَهِدْتَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (76) كتاب: العلم، باب: متى يصح سماع الصغير.

162 - باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس

الخُرُوجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: نَعَمْ، وَلَوْلا مَكَانِي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ - يَعْنِي مِنْ صِغَرِهِ - "أَتَى العَلَمَ الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ، وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُهْوي بِيَدِهَا إِلَى حَلْقِهَا، تُلْقِي فِي ثَوْبِ بِلالٍ، ثُمَّ أَتَى هُوَ وَبِلالٌ البَيْتَ". [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح: 2/ 345] (يحيى) أي: القطان. (سفيان) أي: الثَّوريُّ. (سمعت) في نسخةٍ: "قال: سمعت". (قال له رجل) لم يسمَّ، وفي نسخة: "وقال له رجل" بالواو. (شهدت) بفتح التاء، والاستفهام مقدر أي: أحضرت (الخروج) لصلاة العيد، ومصلاه؟ (ولولا مكاني) أي: قربي. (منه) أي: من النبي - صلى الله عليه وسلم - (أتى) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - (العلم) بفتح العين، واللام، أي: الراية، أو العلامة. (وذكَّرهنَّ) بتشديد الكاف. (تُهْوي بيدها) بضم أوله من الرباعي، وبفتحه من الثلاثي، أي: تميلها، أو تمدها. (في حلقها) بفتح الحاء، وكسرها، مع فتح اللام فيهما جمع حلقة: وهي الخاتم لا فصَّ له، أو القرط، وفي نسخة: "إلى حلقها" بفتح الحاء، وسكون اللام: [المحل] (¬1) الذي يعلق فيه ذلك. (تُلقي) أي: ترمي (البيت) في نسخةٍ: "إلى البيت". ومطابقة لبعض الترجمة في قوله: (ما شهدته) يعني: من صغره، ومرَّ شرح الحديث في باب: عظة الإمام (¬2). 162 - بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى المَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ وَالغَلَسِ (باب: خروج النساء إلى المساجد) أي: لصلاة. (بالليل ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (98) كتاب: العلم، باب: عظة الإمام.

والغلس) متعلق بالخروج. (والغلس) بفتح الغين، واللام: ظلمة آخر الليل. 864 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعَتَمَةِ، حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ غَيْرُكُمْ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ" وَلَا يُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إلا بِالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يُصَلُّونَ العَتَمَةَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ. [انظر: 566 - مسلم: 638 - فتح: 2/ 347] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (أعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: أبطأ. (بالعتمة) بفتحات أي: بالعشاء، ومرَّ شرح لحديث (¬1). 865 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَى المَسْجِدِ، فَأْذَنُوا لَهُنَّ" تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [873، 899، 900، 5238 - مسلم: 442 - فتح: 2/ 347] (عن حنظلة) أي: ابن أبي سفيان الأسود الجمحي. (بالليل) أي: لا بالنهار، وعليه يحمل خبر: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) (¬2) ففيه: أنهن لا يمنعن مما فيه مصلحتهن، لكن إذا لم يخف فتنة لا عليهن، ولا بهن، وذلك هو الأغلب في ذلك الزمان. ¬

_ (¬1) سبق برقم (566) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل العشاء. (¬2) سيأتي برقم (900) كتاب: الجمعة، باب: بعد: هل على من لم يشهد الجمعة غسل.

163 - باب انتظار الناس قيام الإمام العالم

163 - باب انتِظَارِ الناسِ قِيَامَ الإِمَامِ العَالِم. (باب: انتظار الناس قيام الإمام العالم) ساقطٌ من أَكثر النسخ. 866 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الحَارِثِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهَا: "أَنَّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ إِذَا سَلَّمْنَ مِنَ المَكْتُوبَةِ، قُمْنَ وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ صَلَّى مِنَ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَامَ الرِّجَالُ". [فتح: 2/ -349] (يونس) أي: ابن يزيد. (من صلى) أي: وثبت من صلى معه (من الرجال ما شاء الله) أي: لينتظروا قيامه، وبهذا طابق الحديث الترجمة. 867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ، فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ". [انظر: 372 - مسلم: 645 - فتح: 2/ 349] (إن كان) إن: هي المخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن (فينصرف النساء) أي: ويثبت الرجال؛ لينتظروا قيامه - صلى الله عليه وسلم -؛ للانصراف وبه طابق الحديث الترجمة أيضًا. (متلفعات) التلفع: مثل اللفاع: وهو ما يغطي الوجه، ويلتحف به. (بمروطهن) بضم الميم جمع مرط بكسرها: وهو كساء يؤتزر به. 868 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ، قَال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَقُومُ إِلَى الصَّلاةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ". [انظر: 707 - فتح: 2/ 349]

164 - باب صلاة النساء خلف الرجال

(محمد بن مسكين) زاد في نسخة: (يعني: ابن تميلة" (بشر) أي: ابن أبي بكر، كما في نسخةٍ (أخبرنا الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو، وفي نسخة: "حدثنا الأوزاعي". (كراهية) في نسخةٍ: "مخافة". ولا مطابقة في هذا الحديث، والحديث الآتي لترجمة الباب، بل لترجمة ما قبله. 869 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ" قُلْتُ لِعَمْرَةَ: أَوَمُنِعْنَ؟ قَالتْ: نَعَمْ. [مسلم: 445 - فتح: 2/ 349] (ما أحدث النساء) أي: من قلة مبالاتهن بما يجب من الحياء ونحوه. (لمنعهن) أي: "المسجد" كما في نسخةٍ، أو "المساجد" كما في أخرى. (قلت لعمرة) قائله: يحيى بن سعيد (أو منعن؟) بهمزة الاستفهام وواو العطف، وبناء الفعل للمفعول، والضمير فيه لنساء بني إسرائيل. 164 - بَابُ صَلاةِ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ (باب: صلاة النساء خلف الرجال) أي: جوازها. 870 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، قَال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، وَيَمْكُثُ هُوَ فِي مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ"، قَال: نَرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ، قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ. [875 - فتح: 2/ 350] (قزعة) بقاف، وزاي ومهملة، مفتوحات. (قال) أي: الزهريّ

165 - باب سرعة انصراف النساء من الصبح وقلة مقامهن في المسجد

(نرى) بفتح النون أي: نعتقد، وبضمها أي: نظن (أن ذلك) أي: المكث. (أن يدركهن الرجال) في نسخةٍ: "أن يدركهن أحد من الرجال". 871 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ وَأُمّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا". [انظر: 380 - مسلم: 658 - فتح: 2/ 351] (ابن عيينة) في نسخةٍ: "سفيان بن عيينة". (عن إسحاق) أي: "ابن عبد الله" كما في نسخةٍ (عن أنس) في نسخةٍ: "ابن مالك". (أم سليم) في نسخةٍ: "أم سلمة". (ويتيم) عطف على الضمير المرفوع المتصل في (قمت) بلا تأكيد على مذهب الكوفيين، واسمه: ضميره كما مرَّ. 165 - بَابُ سُرْعَةِ انْصِرَافِ النِّسَاءِ مِنَ الصُّبْحِ وَقِلَّةِ مَقَامِهِنَّ فِي المَسْجِدِ (باب: سرعة انصراف النساء من الصبح، وقلة مقامهن في المسجد) أي: خوفًا من أن يعرفن؛ بسبب انتشار الضوء إذا مكثن. (مقام) بضم الميم من أقام، وبفتحها من قام. 873 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ المُؤْمِنِينَ لَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ - أَوْ لَا يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا -". [انظر: 372 - مسلم 645 - فتح: 2/ 351] (فليح) أي: ابن سليمان المدني. (فينصرفن نساء المؤمنين) بإثبات نون الإناث على لغة أكلوني البراغيث، أو بجعل (نساء) بدل من النون،

166 - باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد

وفي نسخة: "نساء المؤمنات" أي: نساء الأنفس المؤمنات، أو هو من إضافة العام إلى الخاص كشجر أراك، أو المراد: نساء فاضلات. (أو لا يعرف) في نسخةٍ: "أو لا يعرفن" بإثبات نون الإناث على اللغة السابقة. 166 - بَابُ اسْتِئْذَانِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا بِالخُرُوجِ إِلَى المَسْجِدِ (باب: استئذان المرأة) زوجها (بالخروج إلى المسجد) أي: في الخروج إليه للصلاة فيه. 875 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْنَعْهَا". [انظر: 865 - مسلم: 442 - فتح: 2/ 351] (عن معمر) أي: ابن راشد. (إذا استأذنت امرأة أحدكم) أي: في أن تخرج إلى الصلاة في المسجد، أو نحوه. - باب صَلَاةِ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ. 874 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَال: حَدثَنَا ابن عُيَيْنَةَ، عَن إسحاق، عَنْ أَنَسٍ قَال: صَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - في بَيتِ أُمِّ سُلَيمٍ، فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. [انظر: 380 - مسلم: 658 - فتح 2/ 352] 875 - حَدثَنَا يحيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدَ بِنْتِ الحارِثِ، عَن أُمِّ سَلَمَةَ قَالت: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقضِي تَسْلِيمَهُ، وَهُوَ يَمْكُثُ فِي مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ. قَالتْ: نُرى -والله أَعْلَمُ- أَن ذَلِكَ كَانَ لِكَي يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدرِكَهُنَّ الرِّجَالُ. [فتح: 352]

11 - كتاب الجمعة

11 - كتاب الجمعة

1 - باب فرض الجمعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب الجمعة 1 - باب فَرْضِ الجُمُعَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ، فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ، ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9]. (كتاب الجمعة) ساقط من نسخةٍ، والجمعة: بضم الميم مخففة أشهر من فتحها وسكونها وكسرها وتشديدها، وتاؤه ليست للتأنيث؛ لأن اليوم مذكر، بل للمبالغة، كما في علَّامة. {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ساقط من نسخة، وفي أخرى: "فَاسْعَوْا" إلى قوله: "تعلمون". ({فَاسْعَوْا} فامضوا)، ساقط من نسخة. واعلم أن الجمعة فرض الوقت، والظهر بدل عنها، وقيل: عكسه، وقيل: الفرض أحدهما. 876 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ، مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الحَارِثِ، حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ اليَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ". [انظر: 238 - مسلم: 855 - فتح: 2/ 354]

(أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (الآخرون) أي: في الزمان في الدنيا. (السابقون) أي: أهل الكتاب، وغيرهم منزلة. (بيد) بفتح الموحدة، وسكون التحتية، وفتح المهملة قال أبو عبيد: بمعنى: غير، وبمعنى: على، وبمعنى: من أجل (¬1). قال الكرماني: وكله صحيح هنا (¬2). انتهى. وكون (بيد) بمعنى: غير، أي: في الاستثناء، وإن كانت لا تستعمل إلا منصوبة على الاستثناء المنقطع، وهو من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم. (أوتوا الكتاب) أي: التوراة والإنجيل. (ثم هذا) أي: يوم الجمعة. (يومهم الذي فرض) أي: تعظيمه بالإجتماع فيه، وفي نسخة: "الذي فرض الله". (عليهم) أي: وعلينا. (فاختلفوا فيه) أي: هل يتعين، أو يسوغ إبداله بغيره؟ فاجتهدوا في ذلك فأخطأوا. (فهدانا الله له) إما بنصه عليه؛ لاحتمال أنه - صلى الله عليه وسلم - علمه بالوحي بمكة، ولم يتمكن من إقامتها بها؛ ولذلك جمع بهم أول ما قدم المدينة، أو بالاجتهاد، كما يدل له ما رواه عبد الرزاق مرسلًا بإسناد صحيح، عن ابن سيرين قال: جمع أهل المدينة قبل أن يقدمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبل أن تترك الجمعة، فقالت الأنصار: إن لليهود يومًا يجتمعون فيه كل سبعة أيام، وللنصارى مثل ذلك [فهلم] (¬3) فلنجعل يومًا نجتمع فيه، فنذكر الله تعالى، ونصلي، ونشكره فجعلوه يوم العروبة، واجتمعوا إلى أسعد بن زرارة، فصلى بهم [يومئذٍ] (¬4)، وأنزل الله تعالى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] ¬

_ (¬1) انظر: "غريب الحديث" 1/ 89. (¬2) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 6/ 2. (¬3) من (م). (¬4) من (م).

2 - باب فضل الغسل يوم الجمعة، وهل على الصبي شهود يوم الجمعة، أو على النساء؟

الآية (¬1). والحكمة في اختيارهم يوم الجمعة: وقوع خلق آدم وسائر الموجودات فيه، والإنسان إنما خلق للعبادة، فناسب أن يشتغل بها فيه. (فالناس لنا فيه) لفظ: (فيه) ساقط من نسخة. (تبع) جمع: تابع، كخدم وخادم. (اليهود) أي: تعبدهم. (غدًا) أي: يوم السبت. (والنصارى) أي تعبدهم. (بعد غدٍ) أي: يوم الأحد، وإنما قدر تعبدهم؛ ليصح الإخبار عنهم بالزمان؛ إذ لا يصح أن يخبر به عن الجثة، واختارت اليهود السبت؛ لزعمهم أنه يوم فرغ الله فيه من خلق الخلق، قالوا: فنحن نستريح فيه من العمل، ونشغله بالعبادة والشكر، والنصارى الأحد؛ لأنه أول يوم بدأ الله فيه يخلق الخلق فاستحق التعظيم (¬2). 2 - بَابُ فَضْلِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهَلْ عَلَى الصَّبِيِّ شُهُودُ يَوْمِ الجُمُعَةِ، أَوْ عَلَى النِّسَاءِ؟ 877 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ". [894، 919 - مسلم: 844 - فتح: 2/ 356] (عن نافع) أي: مولى ابن عمر. (عن عبد الله بن عمر) في نسخة: "عن ابن عمر". (إذا جاء أحدكم الجمعة) أي: أراد المجيء إليها رجلًا كان، أو امرأة، وذكر المجيء جري على الغالب، وإلا فالحكم شامل للمقيم بالجامع. ¬

_ (¬1) انظر: "المصنف" 3/ 159 (5144). (¬2) رواه أبو الشيخ في "العظمة" ص 358 - 359.

878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَال: أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ قَال: إِنِّي شُغِلْتُ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ، فَقَال: وَالوُضُوءُ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْتَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ"؟! [882 - مسلم: 845 - فتح: 2/ 356] (محمد بن أسماء) [لفظ: (ابن أسماء)] (¬1) ساقط من نسخة. (حدثنا جويرية) أي: "ابن أسماء" كما في نسخة، وفي أخرى: "أخبرنا جويرية". (إذ دخل رجلٌ) جواب (بينما) والرجل هو عثمان بن عفان (¬2)، وفي أخرى: "إذ جاء رجل". (أية ساعة) هو كأي ساعة بلا تاء، يقال: أي امرأة، وأية امرأة جاءتك؛ والاستفهام للإنكار ذكره؛ لينبه به على ساعة التبكير التي رغب فيها، وليرتدع مَنْ هو دونه أي: لم تأخرت عن هذه الساعة؟! (قال: إني شغلت) بالبناء للمفعول، قال الجوهري: يقال: شغلت عنك واشتغلت (¬3). (فلم أنقلب) أي: فلم أرجع. (فلم أزد أن توضأت) في نسخة: "على أن توضأت" أي: فلم أشتغل بشيء بعد أن سمعت النداء إلا ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) دل على هذا حديث رواه الإمام مسلم (845) (4). في أول كتاب: الجمعة. (¬3) انظر: "الصحاح" 5/ 1735.

3 - باب الطيب للجمعة

بالوضوء. (فقال: والوضوء أيضًا؟!) إنكار آخر، بهمزة مقدرة، وهو بالنصب أي: أتتوضأ الوضوء فقط، وبالرفع مبتدأ خبره محذوف، أي: والوضوء تقتصر عليه. (وأيضًا) مصدر آض يئيض أي: رجع، والمعنى: ألم يكفك أن أخرت الوقت، وفوت فضيلة السبق حتى أتبعته بترك الغسل والقناعة بالوضوء. 879 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ". [انظر: 858 - مسلم: 846 - فتح: 2/ 357] (غسل يوم الجمعة واجب) أي: كالواجب في تأكيد الندبية، أو واجب في الاختيار، ومكارم الأخلاق، والنظافة، لا في الحكم؛ لخبر الترمذي وحسنه: "من توضأ يوم الجمعة، فيها ونعمت، ومن اغتسل، فالغسل أفضل" (¬1)؛ ولأن الغسل لو كان واجبًا لما تركه عثمان، ولرده عمر ليغتسل. (على كل محتلم) أي: بالغ. وفي أحاديث هذا الباب: أن الخطيب يخطب قائمًا، وجواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الخطبة، والإنكار على مخالف السنة، وإن كان كبير القدر، والاعتذار إلى ولاة الأمور. 3 - بَابُ الطِّيبِ لِلْجُمُعَةِ (باب: الطيب يوم الجمعة) أَي: التطيب فيه، وفي نسخة: ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (497) كتاب: الجمعة، باب: ما جاء في الوضوء يوم الجمعة. وقال أبو عيسى: حديث سمرة: حديث حسن. والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".

"الطيب للجمعة". 880 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَال: حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكرِ بْنِ المُنكَدِرِ، قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ، قَال: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ قَال: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ، وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ" قَال عَمْرٌو: "أَمَّا الغُسْلُ، فَأَشْهَدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الاسْتِنَانُ وَالطِّيبُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَوَاجِبٌ هُوَ أَمْ لَا، وَلَكِنْ هَكَذَا فِي الحَدِيثِ" [انظر: 858 - مسلم: 846 - فتح: 2/ 364] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "هُوَ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، وَلَمْ يُسَمَّ أَبُو بَكْرٍ هَذَا" رَوَاهُ عَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ وَعِدَّةٌ، "وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ يُكْنَى بِأَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ". (علي) أي: ابن المديني، وفي نسخة: "علي بن عبد الله بن جعفر". (حدثنا حرمي) في نسخة: "أخبرنا حرمي". (قال: أشهد) عبر به للتأكيد. (محتلم) أي: بالغ؛ لأن المراد حقيقته، وهو نزول المني، فإن ذاك موجب للغسل في يوم الجمعة وغيرها، وخص الاحتلام بالذكر؛ لأنه أكثر ما يبلغ به الذكور، كما خص بها الحيض في خبر: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" (¬1) ¬

_ (¬1) هذا الحديث: أخرجه أبو داود (641) كتاب: الصلاة، باب: المرأة تصلي بغير خمار. والترمذي (377) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء: لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار. وقال: حديث عائشة: حديث حسن. وابن خزيمة 1/ 380 (775) كتاب: الصلاة، باب: نفي قبلول صلاة الحرة المدركة بغير خمار. وابن حبان 4/ 612 (1712) كتاب: الصلاة، باب: شروط الصلاة. والحاكم في "مستدركه" 1/ 251 كتاب: الصلوات، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود " (648).

4 - باب فضل الجمعة

لأن الحيض أكثر ما يبلغ به الإناث. (وأن يستن) عطف على الجملة السابقة، والمراد: دلك الأسنان بالسواك. (إن وجد) راجع إلى الأمر قبله. (فأشهد أنه واجب) أي: كالواجب كما مرَّ، وهو مقيد بمن يريد حضور الجمعة كما مرَّ (¬1)، وقيل: لا يتقيد بذلك، وقيل: مقيد بمن تلزمه الجمعة. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (هو) أي: أبو بكر بن المنكدر. (أخو محمد بن المنكدر) لكنه أصغر منه. (ولم يسم أبو بكر هذا) أي: بغير كنيته؛ بخلاف أخيه الأكبر، فإنه وإن كني بأبي بكر، لكن سمي محمدًا، واشتهر به. (رواه) أي: الحديث المذكور عنه أي: عن أبي بكر بن المنكدر (بكير بن الأشج، وسعيد بن أبي هلال، وعدة، وكان محمد بن المنكدر يكنى بأبي بكر، وأبي عبد الله) بخلاف أخيه لم يكنَّ إلَّا بأبي بكر. وقوله: (قال أبو عبد الله إلى هنا) ساقط من نسخة. 4 - بَابُ فَضْلِ الجُمُعَةِ (باب: فضل الجمعة) أي: فضل يومها وصلاتهما. 881 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلائِكَةُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (877) كتاب: الجمعة، باب: فضل الغسل يوم الجمعة.

يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ". [مسلم: 850 - فتح: 2/ 366] (غسل الجنابة) بالنصب صفة لمصدر محذوف أي: غسلًا، كغسل الجنابة في الكيفية، لا في الحكم. (ثم راح) أي: ذهب في (الساعة الأولى) وهي على الأصح: من طلوع الفجر. (فكأنما قرب بدنة) أي: ذكرًا أو أنثى، فالتاء للوحدة. (كبشًا أقرن) وصفه بالأقرن؛ لأنه أكمل وأحسن صورة؛ ولأن قرنه ينتفع به. (دجاجة) بفتح الدال أفصح من كسرها وضمها؛ والمراد بالساعات: من أول النهار، لا الساعات الفلكية الأربعة والعشرون، وهو قول الشافعي، وعليه جرى النووي في "الروضة" كأصلها حيث قال: وليس المراد بالساعات الفلكية، بل ترتيب الدرجات، وفصل السابق على من يليه؛ لئلا يستوي في الفضيلة رجلان جاءا في طرفي ساعة (¬1). لكن قال في "شرحي المهذب" و "مسلم" بل المراد: الفلكية، لكن بدنة الأول أكمل من بدنة الأخير، وبدنة المتوسط متوسطة، كما في درجات صلاة الجمع الكثير والقليل، ثم ندب التبكير محله: في المأموم (¬2). أما الإمام فيندب له التأخير إلا وقت الخطبة؛ اتباعًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه. قاله الماوردي، ونقله في "شرح المهذب" عن المتولي، وأقره. (حضرت الملائكة) أي: الذين وظيفتهم كتابة حاضري الجمعة، وما تشمل عليه من ذكر وغيره، وهم غير الحفظة. (يستمعون الذكر) أي: الخطبة. وفي الحديث: فضل الاغتسال، وفضل التبكير، وأن الفضل المذكور إنما يحصل لمن جمعهما، ولو تعارض الغسل والتبكير، ¬

_ (¬1) "روضة الطالبين" 2/ 45. (¬2) "المجموع" 4/ 461، "صحيح مسلم بشرح النووي" 6/ 136.

5 - باب

فمراعاة الغسل، كما قاله الزركشي أولى؛ لأنه مختلف في وجوبه، ولأن نفعه متعدٍّ إلا غيره، بخلاف التبكير. 5 - باب. (باب) لم يذكر ترجمة؛ فهو كالفصل من سابقه. 882 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ، فَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلاةِ؟ فَقَال الرَّجُلُ: مَا هُوَ إلا أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ تَوَضَّأْتُ، فَقَال: أَلَمْ تَسْمَعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ"؟! [انظر: 878 - مسلم: 845 - فتح: 2/ 370] (عن يحيى) أي: "ابن أبي كثير" كما في نسخة. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، واسمه: عبد الله، أو إسماعيل. (إذ دخل رجل) هو: عثمان بن عفان. (فقال عمر) أي: "ابن الخطاب - رضي الله عنه - "كما في نسخة. (ما هو) أي: الاحتباس. (إلا إن سمعت النداء) لفظ: (إن) ساقط من نسخة. (يقول) في نسخة: "قال"، ومرَّ شرح الحديث (¬1). 6 - بَابُ الدُّهْنِ لِلْجُمُعَةِ (باب: الدهن للجمعة) بفتح الدال: مصدر، وبضمها: اسم بتقدير، باب: استعمال الدهن. 883 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (878) كتاب: الجمعة، باب: فضل الغسل يوم الجمعة.

أَبِي، عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ، عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إلا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى". [910 - فتح: 2/ 370] 884 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال طَاوُسٌ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: ذَكَرُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اغْتَسِلُوا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا جُنُبًا وَأَصِيبُوا مِنَ الطِّيبِ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا الغُسْلُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الطِّيبُ فَلَا أَدْرِي. [885 - مسلم: 848 - فتح: 2/ 370] (حدثنا أبن أبي ذئب) نسبة لجده الأعلى، وإلا فهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، واسم أبي ذئب: هشام القرشي. (قال: أخبرني) هو كيسان المقبري. (ابن وديعة) اسمه: عبد الله الأنصاري. (من طهر) نكره للمبالغة في التنظيف، فيشمل قصَّ الشارب، وقلم الظفر، وحلق العانة، وتنظيف الثياب، وفي نسخة: "من الطهر" بالتعريف. و (من) بيانية. (ويدهن) بتشديد الدال أي: يطلي بالدهن رأسه ولحيته؛ ليزيل شعثهما به. (أو يمس من طيب بيته) أي: إن لم يجد دهنًا، أو (أو) بمعن: الواو، وبها عبر في نسخة، فهي للتفصيل، وأضاف الدهن في الأول، والطيب في الثاني إلى ما ذكره إشارة إلى أن السنة [إتخاذهما] (¬1) في البيت، ويجعل استعماله لهما عادة. (ثم يخرج) أي: إلى المسجد. (فلا يفرق بين اثنين) كناية عن التبكير؛ لأنه يكون إذا بكر لا يتخطى رقاب الناس. (ما كتب له) أي: فرض له من ¬

_ (¬1) بياض بالأصل وهي من (م).

صلاة الجمعة. (أو ما قدر له) فرضًا أو نفلا. (ثم ينصت) بضم أوله من أنصت أي: سكت، وبفتحه من نصت بمعناه، ويجيء أنصت أيضًا متعديًا فيقال: أنصته. (إذا تكلم الإمام) شرع في الخطبة. (ما بينه) أي: بين يوم الجمعة الحاضرة. (وبين الجمعة الأخرى) أي: الماضية أو المستقبلة، فـ (الأخرى) تأنيث الآخر بفتح الخاء لا بكسرها، والمغفرة كما تكون للماضي تكون للمستقبل، بأن يعفى عنه إذا وقع، قال تعالى {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] لكن في رواية عن ابن خزيمة "ما بينه وبين الجمعة التي قبلها" (¬1) وجرى عليه شيخنا (¬2)، وعلى الأول الكرماني وهو أقعد (¬3)، وما وقع في هذه الرواية خرج مخرج الغالب من استعمال (غفر) في الماضي، والمراد: غفران الصغائر لما في رواية لابن ماجه: "ما لم تغش الكبائر" (¬4) أي: فإنها إذا غشيت لا تكفر، فغشيانها مانع من التكفير لها، وذلك جار على قاعدة: إنه إذا اجتمع المانع والمقتضي قدم المانع، وليس المراد: أن تكفير الصغائر بالمذكورات متوقف على اجتناب الكبائر إذ اجتنابها بمجرده يكفر به الصغائر، كما نطق به القرآن في قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] أي: صغائركم، ولا يلزم من ذلك أن لا يكفرها إلا اجتناب الكبائر، فإن لم ¬

_ (¬1) لم أقف عليه بهذا اللفظ عند ابن خزيمة في "صحيحه" وإنما ورد بلفظ عنده: " ... فهو كفارة له إلى الجمعة التي تليها ... ". (¬2) "الفتح" 2/ 372. (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 6/ 9 - 10. (¬4) "سنن ابن ماجه" (1086) كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الغسل يوم الجمعة. وصححه الألباني. انظر: "السلسلة الصحيحة" 7/ 1639 (3623).

يكن للمرء صغائر كفر عنه بمقدار ذلك [من الكبائر، فإن لم يكن له كبائر أعطى من الثواب بمقدار ذلك] (¬1)، وهو جار في جميع ما ورد في نظائر ذلك، فإن قلت: لزم من جعل الصغائر مُكَفَّرة بالمذكورات عند اجتناب الكبائر اجتماع سببين على مسبب واحد وهو ممتنع، قلت: لا مانع من ذلك في الأسباب المفرقة؛ لأنها علامات لا مؤثرات، كما في اجتماع أسباب الحدث، وما هنا كذلك. [(قال طاوس) هو ابن كيسان الحميريُّ، واسمه: ذكوان وطاوس لقبه] (¬2). (اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم) ذكر الثاني من عطف الخاص على العام، أو المراد به: التنظيف من الأذى. (والدهن) المستعمل في الرأس (من الطيب) (من): للتبعيض، وهي مع مجرورها قائمة مقام المفعول أي: استعملوا بعض الطيب. (قال ابن عباس) أي: في جوابه عن قول طاوس (ذكروا ... إلخ). (أما الغسل فنعم) أي: قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - (وأما الطيب فلا أدري) أي: فلا أعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - قاله، أو لا. 885 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَال: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ"، فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَيَمَسُّ طِيبًا أَوْ دُهْنًا إِنْ كَانَ عِنْدَ أَهْلِهِ؟ فَقَال: لَا أَعْلَمُهُ. [انظر: 884 - مسلم: 848 - فتح: 2/ 371] (إبراهيم بن موسى) أي: ابن يزيد التميمي. (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (أن ابن جريج) اسمه: عبد الملك. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

7 - باب يلبس أحسن ما يجد

7 - بَابُ يَلْبَسُ أَحْسَنَ مَا يَجِدُ (باب: يلبس) أي: منْ يريدُ المجيءَ إلى الجمعة. (أحسن ما يجد) أي: ما يجده مما يلبس. 886 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَو اشْتَرَيْتَ هَذِهِ، فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ" ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ، فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مِنْهَا حُلَّةً، فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا" فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا. [948، 2104، 2612، 2619، 373] (قال: أخبرنا مالك) في نسخة: "عن مالك". (حلَّة سيراء) بكسر السين المهملة، وفتح التحتية والمدِّ، أي: بردٌ من حريرٍ، وسميت: سيراء؛ لما فيها من الخطوطِ التي تشبه السيورَ، وأهلُ العربيةِ على إضافةِ حلةٍ لسيراء، وأكثرُ المحدِّثين على تنوينه، بجعلِ سيراءَ صفةً أو بدلًا، والحلةُ لا تكون إلا منْ ثوبين. (لو اشتريت) جوابُ (لو) محذوفٌ أي: لكان حسنًا، أو هي للتمني، فلا جواب لها. (من لا خلاق له) أي: من لا حظَّ، ولا نصيبَ له من الخير. (فقال عمر) أي: (ابن الخطاب له) كما في نسخةِ. "عُطارِد" بضم المهملة، وكسر الراء وهو ابن حاجبٍ التميميُّ، قَدَمَ في وفد بني تميم، وأسلم وله صحبة، وكان يعِرضُ الحللَ بالسوق؛ للبيع، فأضيفتْ إليه الحلةُ لذلك. (ما قلت؟) أي: من قوله: (إنما يلبس هذه من لا خلاقَ له). (لم أكسكها لتلبسها) أي: بل لتنتفعَ بها. (أخًا له)

8 - باب السواك يوم الجمعة

أي: من أمِّه، واسمه: عثمانُ بنُ حكيمٍ، قاله المنذريُّ، وقيل: هو أخو أخيه: زيدُ بنُ الخطَّابِ لأمِّه أسماءً بنتِ وهبٍ، وقيل: أخوه من الرِّضاع، وقوله: (له): صفة لـ (أخا) أي: أخا كائنًا له بمكةَ (مشركًا) بنصبه صفة ثانية لـ (أخًا) فإن قلت: كيف كساها عُمر له مع أنه مكلفٌ بفروع الشريعة، قلت: لا يلزمُ من كسوتها له لبسه لها، كما مرَّت الإشارة إليه. وفي الحديث: تحريمُ الحرير، وهو محمولٌ على الرجال دونَ النساء؛ لأخبارٍ وردت في إباحته لهن (¬1)، وفيه إباحةُ هديته، واستحبابُ لبس أحسن الثياب يوم الجمعة، وعند لقاءِ الوفود وصلةُ الأقارب، وإن كانوا كفارًا. 8 - بَابُ السِّوَاكِ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَقَال أَبُو سَعِيدٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَسْتَنُّ". [انظر: 858] (باب: السواكِ يوم الجمعةِ) أي: استعماله فيه، والسواكُ مذكَّرٌ، وحُكيَ تأنيثُه، لكن أنكره الأزهريُّ (¬2). (يستن) مشتقٌّ من الاستنان، وهو دلكُ الأسنان بالسواك. ¬

_ (¬1) من هذه الأخبار قوله (- صلى الله عليه وسلم -): "حُرِّمَ لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم". رواه الترمذي (1720) كتاب: اللباس، باب: ما جاء في الحرير والذهب. وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي 8/ 161، كتاب: الزينة، تحريم الذهب على الرجال. والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬2) انظر: "تهذيب اللغة" 10/ 316.

887 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ". [7240 - مسلم: 252 - فتح: 2/ 374] (لولا أن أشقَّ) محل: (أنْ أشقَّ) رفعٌ بالابتداء، والخبر محذوف وجوبًا أي: لولا المشقةُ موجودةٌ أي: لولا مخافة وجودها، أو (على الناس) شكٌّ من الراوي وفي نسخة: "لولا أن أشق على الناس لأمرتهم بالسواك" أي: أمرُ إيجاب مع كلِّ صلاةٍ, فرضًا أو نفلًا، جمعةً أو غيرها. 888 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الحَبْحَابِ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ". [فتح: 2/ 374] (أبو معمر) هو عبدُ الله بنُ عمرو بن أبي الحجاج، واسمه: ميسرة. (عبد الوارث) أي: ابن سعيدٍ. (ابن الحبحاب) أي: سعيدُ بن الحبحاب، بفتح المهملتين بينهم موحدة ساكنة، وهو ساقط من نسخة. (أكثرت عليكم) أي: بالغت معكم في استعمال السواك، وفي نسخة: "أُكْثِرتْ عليكم" بالبناء للمفعول، أي: بولغت من عند الله في ذلك. 889 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَال: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ". [انظر: 245 - مسلم: 255 - فتح: 2/ 375] (سفيان) أي: الثوريُّ. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (وحصين) بضم المهملة، أي: ابن عبدِ الرحمنِ. (عن أبي وائل) هو شقيقُ بن سلمةَ. (عن حذيفة) أي: ابن اليمان.

9 - باب من تسوك بسواك غيره

(يشوص فاه) أي: يغسله ويدلكه. ووجه دلالته على الترجمة: أنه إذا شرع السواك ليلًا لتجمُّل الباطن فللجمعةِ أحرى؛ لمشروعيةِ التجمل لها ظاهرًا وباطنًا. 9 - بَابُ مَنْ تَسَوَّكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ (باب: من تسوك بسواك غيره) أي: بيان مشروعيةِ تسوكِ الشخص بسواك غيرهِ برضاه. 890 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَال: قَال هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَصَمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ "فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَنَّ بِهِ وَهُوَ مُسْتَسْنِدٌ إِلَى صَدْرِي". [1389، 3100، 3774، 4438، 4446، 4449، 4450، 4451، 5217، 6510 - مسلم: 2443 - فتح: 2/ 377] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (دخل) أي: إلى حجرتي في مرض النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (فَقَصَمْتُهُ) بقاف فمهملة أي: كسرته وأبنت منه الموضع الذي كان يستنَّ به، وما يلقى منه يسمى: قصامة، يقال: لو سألني قصامةَ سواكٍ ما أعطيته، وفي نسخة: بفاء بدل القاف، والفصم: الكسرُ من غير إبانةٍ، وفي أخرى: بقاف فمعجمةٍ، أي: مضغته بأسناني، ولينتُه، والقضم: الأكلُ بأطراف الأسنان. (مستندًا) أي: معتمدًا، وفي نسخةٍ: "مستسند". وفي الحديث: طهارة ريق ابن آدم، وجوازُ الدخول في بيت المحارم.

10 - باب ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة

10 - بَابُ مَا يُقْرَأُ فِي صَلاةِ الفَجْرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ (باب: ما يُقرأ في صلاةِ الفجر) ببناء (يقرأ) للمفعول، وللفاعل. (يوم الجمعة) ساقط من نسخة. 891 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ هُرْمُزَ الأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ". [1068 - مسلم: 880 - فتح: 2/ 377] (أبو نعيم) في نسخةٍ: "محمد بن يوسف أي: الفريابي" وفي أخرى: "محمد بن يوسف وأبو نعيم كلاهما عن سفيان" أي: الثوري. (هو ابن هرمز) لفظ: (هو) ساقطٌ من نسخةٍ. (الأعرج) ساقطٌ من نسخةٍ. (في الفجر يوم الجمعة) في نسخةٍ: "في الجمعة في صلاة الفجر". ({الم (1) تَنْزِيلُ}) بضم (تنزيل) على الحكاية، ومحلُّه: نصبٌ على أنه عطفُ بيانٍ مفعول. (السجدة) بنصبها، عطفُ بيانٍ و (تنزيل) باعتبار محله. و ({هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}) زاد في نسخةٍ: " {حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1] " أي: يقرأ السورةَ الأولى في الركعةِ الأولى، والثانيةَ في الثانيةِ، ولفظ: (السجدة) ساقطة من نسخةٍ. والحكمةُ في قراءتهما يومَ الجمعةِ: الإشارةُ إلى ما فيها من ذكرِ آدمَ، وأحوالِ يوم القيامةِ؛ لأنَّ الأول: كان يومَ الجمعةِ، والثاني: يكون كذلك.

11 - باب الجمعة في القرى والمدن

11 - بَابُ الجُمُعَةِ فِي القُرَى وَالمُدُنِ (باب: الجمعةِ) أي: حكم صلاتها. (في القرى، والمدن) بسكون الدال وضمها: جمعُ مدينةٍ، وفي نسخةٍ: "والمدائن" قيل: بالهمز إنْ كان من: مَدَنَ بالمكان أي: أقام به، وبدونه إذا كان من: دَيَنَ أي: ملك. 892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَال: "إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَسْجِدِ عَبْدِ القَيْسِ بِجُوَاثَى مِنَ البَحْرَيْنِ". [4371 - فتح: 2/ 379] (حدثنا محمد) في نسخةٍ: "حدثني محمد". (العقدي)، بفتح العين والقاف؛ نسبةً إلى العقد: قومٌ من قيسٍ. (عن أبي جمرة) بالجيم هو: نصرُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنُ عصام. (الضبعي) بمعجمةٍ مضمومةٍ، فموحدةٍ مفتوحةٍ، فعينٍ مهملةٍ؛ نسبةً إلى ضُبيعة: حيٌ من بكر بنِ وائلٍ. (جمعت) بضم الجيم، وتشديد الميم المكسورة. (عبد القيس) قبيلةٌ كانوا ينزلون (البحرين) موضعٌ قريبٌ من عمان بقربِ القطيف والأحساء (¬1). (بجواثى) بجيم مضمومة، وواو مخففة، وقد تهمز، ومثلثةٍ مفتوحةٍ: قريةٌ من قُرى عبدِ القيسِ (¬2). 893 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 347. (¬2) وهي على وزن: فُعَالى: مدينة بالبحرين لعبد القيس. انظر: "معجم ما استعجم" 2/ 401.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ" وَزَادَ اللَّيْثُ، قَال يُونُسُ: كَتَبَ رُزَيْقُ بْنُ حُكَيْمٍ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ، وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِوَادِي القُرَى: هَلْ تَرَى أَنْ أُجَمِّعَ وَرُزَيْقٌ عَامِلٌ عَلَى أَرْضٍ يَعْمَلُهَا، وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ السُّودَانِ وَغَيْرِهِمْ؟ - وَرُزَيْقٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَيْلَةَ - فَكَتَبَ ابْنُ شِهَابٍ، وَأَنَا أَسْمَعُ: يَأْمُرُهُ أَنْ يُجَمِّعَ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" قَال: - وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَال - "وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". [2409، 2554، 2558، 2751، 5188، 5200، 7138 - مسلم: 1829 - فتح: 2/ 380] (المروزي) ساقط من نسخة. (عبد الله) أي: ابن المبارك (يونس) أي: ابن يزيدٍ الأَيْلِيُّ. (قال: أخبرنا) في نسخةٍ: "قال: أخبرني". (قال: سمعت رسول الله) في نسخةٍ: "قال: إنَّ رسولَ الله". (كلُّكم راعٍ) أي: حافظٌ يُصلحُ ما هو تحت نظرِه. (قال يونسُ) أي: ابن يزيدٍ. (رزيق) بتقديم الراء المضمومةِ على الزاي المفتوحة. (ابن حُكيم) بالتصغير. (بوادي القُرى) هو من أعمال المدينة. (يعملها) أي: يزرعها. (على أَيْلَة) بفتح الهمزة، وسكون التحتية، وفتح اللام كانت مدينة ذات قلعةٍ، وهي الآنَ خرابٌ، ينزلُ بها حجاج مصرَ (¬1). والمراد، كما قال الكرمانيُّ: أن رزيقًا سأل ابن شهابٍ عن إقامةِ الجمعة في الأرض التي كان مشغولًا بزراعتها، والعملِ فيها، لا في أيلة؛ لأنها بلدٌ لا يسأل [عنها]. (فكتب ابن شهابٍ) أي: بخطِّهِ. (وأنا أسمع) حال. (يأمره) حال أيضًا، فهما حالان مترادفتان. (يخبره) حال ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان"1/ 292 - 293.

من فاعل (يأمره) فهي و (يأمر) حالان متداخلتان، نعم المكتوبُ هو الحديثُ، والمسموعُ هو المأمورُ به، قاله الكرمانيُّ (¬1)، وقال شيخنا بعد ذكره ذلك: والذي يظهر أنَّ المكتوبَ عينُ المسموعِ، وهو الأمرُ والحديثُ معًا (¬2). (يقول: سمعت) في نسخةٍ: "قال: سمعت". (وكلكم مسئول عن رعيته) أي: في الآخرة، ولفظ: (كلكم) ساقط من نسخةٍ. (الإمام راعٍ) أي: فيمن وُلِّي عليهم، يقيم فيهم الأحكامَ على سننِ الشرع، وهذا موضعُ الترجمة؛ لأنَّه لما كان رزيق عاملًا من جهة الإمام على الطائفةِ التي ذكرها فكان عليه أنْ يراعيَ حقوقهم، ومنها إقامة الجمعةِ، فيجب عليهم إقامتها، وإنْ كان في قريةٍ. (والرجل راعٍ في أهله) يوفِّيهم حقهم من النفقةِ، والكسوةِ، والعشرةِ. (وهو مسؤلٌ عن رعيته) لفظ: (هو) ساقط من نسخة. (والمرأةُ راعية في بيت زوجها) بحسن تدبيرها في المعيشة، والنصحِ له، والأمانةِ في ماله، وحفظِ عياله، وأضيافه، ونفسها. (والخادمُ راعٍ في مال سيده) يحفظه، ويقوم بما يستحقه من خدمته. (قال) أي: ابن عمر، أو سالم، أو يونس. (أن قد قال) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، و (أنْ) مخففة من الثقيلة، وفي نسخة: "أنه قال". (والرجلُ راعٍ في مالِ أبيه) يحفظه، ويدبر مصلحته. (ومسئول عن رعيته)، في نسخةٍ: "وهو مسئول". (فكلكم راعٍ، ومسئول عن رعيته) في نسخة: "وكلكم راعٍ، ومسؤول عن رعيته" وفي أخرى: "فكلكم راعٍ، فكلُّكم مسئولٌ عن رعيته". ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 6/ 15. (¬2) " الفتح" 2/ 381.

12 - باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم؟

وفي الحديث نكتة: وهي أنه عمَّم أولًا، ثم خصَّ ثانيًا، قسَّم الخصوصيةَ إلا جهة الرجل، وجهة المرأة، وجهة الخادم، وجهة النسب، ثم عمَّم آخرًا بقوله: (وكلُّكم راعٍ ... إلخ) تأكيدًا لبيان الحكم أولًا، وآخرًا، وفيه: رد العجزِ على الصدرِ. 12 - بَابُ هَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الجُمُعَةَ غُسْلٌ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ؟ وَقَال ابْنُ عُمَرَ: "إِنَّمَا الغُسْلُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الجُمُعَةُ". [فتح: 2/ 381] (باب: هل) في نسخة: "وهل"، (على من لم) في نسخة: "على من لا". (يشهد الجمعة) بكسر الدال على النسخة الأولى، وبضمها على الثانية، أي: هل على من لم يشهدها (غسل) كما هو على من يحضرها، وبين من لم يشهدها بقوله: (من النساء والصبيان وغيرهم) أي: كالعبد، والمسافر، والمسجون، والمريض، والأعمى. 894 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ". [انظر: 877 - مسلم: 844 - فتح: 2/ 382] (قال أخبرنا) في نسخةٍ: "قال حدثنا". (شعيب) أي ابن أبي حمزة. (من جاء منكم الجمعة فليغتسل) خرج به من لم يجئها، فلا يسنُ له الغسلُ بناءً على الأصحِّ من أنَّ الغسلَ للصلاة لا لليوم. 895 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ". [انظر: 858 - مسلم: 846 - فتح: 2/ 382]

(غسل [يوم] (¬1) الجمعة واجبٌ على كلِّ محتلم) (¬2). مَرَّ شرحه (¬3). ¬

_ (¬1) زيادة عن الأصل. (¬2) قال ابن عثيمين -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": لا يعارض هذا خبر مسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسَّ الحصا فقد لغا" رواه مسلم (857) لأن حديث الباب فيه زيادة على الحديث الأول فيؤخذ بها، كما أنه أيضًا أصح منه؛ فإنه أخرجه الأئمة السبعة، وهذا لم يخرجه إلا مسلم، فيجب أولًا على من أراد حضور الجمعة أن يغتسل وجوبًا، فإن لم يفعل كان آثمًا، ولكن الجمعة تصح؛ لأن هذا الغسل ليس عن جنابة حتى نقول: إن الجمعة لا تصح، بل هو غسل واجب، كغيره من الواجبات، إذا تركه الإنسان أثم، وإن فعله أثيب، ويدل على أنه ليس شرطًا لصحة الصلاة، وإنما هو واجب حديث: أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان دخل ذات يوم وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة فسأله أمير المؤمنين عثمان بن عفان دخل ذات يوم وأمير المؤمنين، ما زدت على أن توضأت ثم أتيت -يعني: كأنه شغل - رضي الله عنه - ولم يتمكن من الحضور مبكرًا- فقال عمر وهو على المنبر والناس يسمعون: والوضوء أيضًا وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل"! يعني: كيف تقتصر على الوضوء وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك. فأمر من أتى الجمعة بالاغتسال ولكن لم يقل له: اذهب فاغتسل؛ لأنه لو ذهب واغتسل، فربما تفوته الجمعة التي من أجلها وجب الغسل فيضيع الأصل إلى الفرع. قلت: قال أكثر أهل العلم: بأن الغسل يوم الجمعة ليس واجبًا وهو قول الحنفية والشافعية والحنابلة والمالكية، وقال به الثوري والأوزاعي وابن المنذر، قال ابن عبد البر: أجمع علماء المسلمين قديمًا وحديثًا على أن غسل الجمعة ليس بفرض، وحكي رواية عن أحمد: أنه واجب، وروي ذلك عن أبي هريرة، وبه قال أهل الظاهر. (¬3) سبق برقم (877) كتاب: الجمعة، باب: فضل الغسل يوم الجمعة.

896 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا اليَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ فَغَدًا لِلْيَهُودِ، وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى فَسَكَتَ. [انظر: 238 - مسلم: 855 - فتح: 2/ 382] (قال: حدثنا ابن طاوس) اسمه: عبد الله، وفي نسخة: "حدثني ابن طاوس" وفي أخرى: "عن ابن طاوس". (وأوتيناه) في نسخة: "وأوتينا" بلا ضمير. (فغدًا) سبق إعرابه، وشرح الحديث (¬1)، وفي نسخة: "فغد" بالرفع مبتدأ، والمسوغُ له تقدير إضافته أي: غد يومَ الجمعةِ. 897 - ثُمَّ قَال: "حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ". [898 ,3487 - مسلم: 849 - فتح: 2/ 382] (حق) في نسخة: "فحق". 898 - رَوَاهُ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِلَّهِ تَعَالى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَقٌّ، أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا". [انظر: 897 - مسلم: 849 - فتح: 2/ 382] (رواه) أي: الحديث المذكور (قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -) في نسخة: "قال رسولُ الله". ¬

_ (¬1) سبق برقم (238) كتاب: الوضوء، باب: البول في الماء الدائم.

13 - باب

[13 - باب] 899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ بِاللَّيْلِ إِلَى المَسَاجِدِ". [انظر: 865 - مسلم: 442 - فتح 2/ 382] (شبابة) أي: الفزاريُّ. (ورقاء) بالمدِّ أي: ابن عمرَ المدائنيُّ. (ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد) عُلِم منه بمفهوم الموافقةِ أنهم يأذنون لهن بالموافقة بالنهار أيضًا؛ لأن الليل مظنةُ الفتنةِ تقديمًا لمفهوم الموافقةِ على مفهومِ المخالفةِ بل (الليل) لقبٌ فلا مفهومَ له أصلًا. 900 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلاةَ الصُّبْحِ وَالعِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ فِي المَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهَا: لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ؟ قَالتْ: وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي؟ قَال: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ". [انظر: 865 - مسلم: 442 - فتح: 2/ 382] (عن نافع) في نسخةٍ: "أخبرنا نافع". (كانت امرأة لعمرَ) هي عاتكةُ بنتُ زيدِ بنُ عمرو بن نفيلٍ. (فقيل لها ... إلخ) قائل ذلك لها -كما قاله الإمامُ أحمدُ وغيُره- عمرُ نفسُه، فهو من باب التجريد، وعليه فيكون الحديثُ من مسندِ عمر (¬1). (وما يمنعه) في نسخةٍ: "فما يمنعه". ووجهُ مطابقةِ الحديثِ للترجمة: أنَّ النساءَ لهنّ شهودُ الجمعةِ وأنَّ من شهدها يغتسل، وامرأة عمر كانت تشهدها. ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 1/ 40، و"المصنف" لعبد الرزاق 3/ 148 (5111) كتاب: الصلاة، باب: شهود النساء الجماعة.

14 - باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر

14 - بَابُ الرُّخْصَةِ إِنْ لَمْ يَحْضُرِ الجُمُعَةَ فِي المَطَرِ (باب: الرخصة إن لم يحضر) بتحتية، وبالبناء للفاعل، أو بفوقية وبالبناء للمفعول، و (إنْ) بالكسر: شرطية، وبالفتح بتقدير في أي: الرخصةُ في إن لم يحضرْ. (الجمعة) بالنصب على النسخةِ الأولى، وبالرفع على الثانية. (في المطر) متعلق بالرخصة إنْ كسرت (إنْ) وبدلٌ من (مالها) إنْ فتحتْ، وفي نسخة: "لمن" بدل (إن). 901 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الحَمِيدِ، صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحَارِثِ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَال: ابْنُ عَبَّاسٍ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إِذَا قُلْتَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، قُلْ: "صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ"، فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا، قَال: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الجُمْعَةَ عَزْمَةٌ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالدَّحَضِ. [انظر: 616 - مسلم: 699 - فتح: 2/ 384] (إسماعيل) أي: ابن عُلَّية. (عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين) قيل: ليسِ ابن عمِّه، وإنما كان زوجَ بنتِ سيرينَ، فهو صهرُه لا ابن عمه، وأجاب عنه شيخُنا بأنَّه لا مانع أن يكون بين سيرين والحارث أخوة من الرِّضاع، ونحوهِ (¬1)، وأنت خبير بأنَّ هذا إنما يجدي لو تركت لفظة (ابن). (صلُّوا في رحالِكم) أي: بدل الحيعلتين مع إتمام الأذان. (قال: فعله) في نسخةٍ: "فقال: فعله". (أنَّ الجمعةَ عزمةٌ). بفتح العين، وسكون الزاي، أي: واجبةٌ، فلو أتى المؤذنُ بالحيعلتين لأتى من سمع إلى الجمعةِ فيتأذى بالمطرِ. (أُحرجكم) بضم الهمزة، وسكون الحاء المهملة من الحرجِ، وهو الإثمُ، وفي نسخةٍ: "أخرجكم" من الخروج. ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 2/ 385.

15 - باب من أين تؤتى الجمعة، وعلى من تجب؟

(والدحض) بفتح الدال، وسكون الحاء المهملتين، وضاد معجمةٍ، وقد تفتح الحاء أي: الزلق، ومرَّ شرحُ الحديثِ في باب: الكلامِ في الأذان (¬1). 15 - بَابُ مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الجُمُعَةُ، وَعَلَى مَنْ تَجِبُ؟ لِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَقَال عَطَاءٌ: "إِذَا كُنْتَ فِي قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ فَنُودِيَ بِالصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ، فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تَشْهَدَهَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ أَوْ لَمْ تَسْمَعْهُ" وَكَانَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "فِي قَصْرِهِ أَحْيَانًا يُجَمِّعُ وَأَحْيَانًا لَا يُجَمِّعُ وَهُوَ بِالزَّاويَةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ". وَكَانَ أَنَسٌ - رضي الله عنه - فِي قَصْرِهِ أَحْيَانًا يُجَمِّعُ وَأَحْيَانًا لَا يُجَمِّعُ، وَهْوَ بِالزَّاويةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ. (باب: من أين تؤتى الجمعة، وعلى من تجب). (أين) استفهامٌ عن المكان الذي يؤتى منه إلى الجمعةِ. (لقول الله .. إلخ) استدل به على وجوبِ الإتيانِ إلى الجمعةِ على من علم الأذانَ لها. (عطاء) أي: ابن رباح. (فنودي) في نسخةٍ: "نودي" بلا فاء (أو لم تسمعه) أي: لا يُشْترطُ سماعُك له بل يكفي علمك به. (وهو) أي: القصر. (بالزاوية) موضعٌ بظاهرِ البصرة (¬2). (على فرسخين) أي منها، فكان أنسُ يرى أنَّ التجميع ليس بواجبٍ لبعد المسافةِ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (616) كتاب: الأذان، باب: الكلام في الأذان. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 3/ 128.

902 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالعَوَالِيِّ، فَيَأْتُونَ فِي الغُبَارِ يُصِيبُهُمُ الغُبَارُ وَالعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ العَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا". [903، 2071 - مسلم: 847 - فتح: 2/ 385] (أحمد) أي: "ابن صالح" كما في نسخةٍ. (قال أخبرني) في نسخة: "قال أخبرنا". (ينتابون الجمعة) بتحتية مفتوحة، فنون ساكنة أي: يحضرونها. (نوبًا) وفي نسخة: "يتناوبون" بتحتيةٍ، ففوقيةٍ، فنونٍ مفتوحات، وفي أخرى: "يوم الجمعة" بزيادة "يوم". (والعوالي) جمعُ عالية: مواضع وقرى قربَ المدينةِ من جهةِ المشرقِ، وأدناها ثلاثةُ أميالٍ، أو أربعةُ، وأبعدها ثمانية (¬1). (في الغبار) في نسخة: "في العباء" بمهملةٍ مفتوحةٍ وبالمدِّ: جمعُ عباءةٍ وعباية. (يصيبهم الغبار والعرق) حال. (إنسان) في نسخة: "أناس". (لو أنكم) أي: لو ثبت أنكم، وجواب (لو) محذوف، أي: لكان حسنًا، أو هي للتمني، فلا جواب لها. (ليومَّكم) أي: فيه. وفي الحديث: رفقُ العالمِ بالمتعلم، واستحبابُ التنظيف، لمجالسة أهل الخير، واجتنابُ أذى المسلم، وحرصُ الصحابة على امتثال الأمرِ، ولو شق عليهم. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 166.

16 - باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس

16 - بَابُ وَقْتُ الجُمُعَةِ إِذَا زَالتِ الشَّمْسُ وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. (باب: وقت الجمعة) يدخل إذا زالت الشمسُ من كبدِ السماء. (وكذلك يروى) في نسخةٍ: "ويذكر عن عمر إلخ" قال بما قاله هؤلاء أكثر الصحابة، وإنما اقتصر على هؤلاء؛ لما قيل: إنه نقل عنهم خلاف ذلك. 903 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: أَنَّهُ سَأَلَ عَمْرَةَ عَنِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالتْ: قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "كَانَ النَّاسُ مَهَنَةَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانُوا إِذَا رَاحُوا إِلَى الجُمُعَةِ، رَاحُوا فِي هَيْئَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ: لَو اغْتَسَلْتُمْ". [انظر: 902 - مسلم: 847 - فتح: 2/ 386] (عبدان) هو عبدُ الله بنُ عثمان بن جبلةَ. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أخبرنا يحيى) في نسخةٍ: "حدثنا يحيى". (عمرة) أي: بنت عبدِ الرحمنِ الأنصاريَّةُ. (مهنة أنفسهم) بفتح حروف (مهنة) جمعُ ماهنٍ، ككتبة وكاتب أي: خدمة أنفسهم [وفي نسخة: "مِهنه " بكسر الميم وسكون الهاء مصدر، أي: ذوي] (¬1). (في هيئتهم) أي: من العرقِ المتغير بسبب جَهْدِ أنفسِهم في المهنةِ. (لو اغتسلتم) جواب (لو) محذوف، أي: لكان حسنًا، أو هي للتمني، فلا جواب لها. 904 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَال: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) من (م).

17 - باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة

كَانَ يُصَلِّي الجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ". [فتح: 2/ 386] (سُريج) بمهملة مضمومة وجيم. (تميل) أي: تزول، فأولُ وقتِ الجمعة الزوالُ، وخالف الإمامُ أحمدُ، فجوزها قبلَه. (عن أنس) في نسخة: "عن أنس بن مالك". (يبكر بالجمعة) أي: بصلاتها مع خطبتها، تعلق به أحمدُ، لكن التبكيرَ شاملٌ لما قبل طلوع الشمسِ مع إنه لا يقولُ به، بل يجوِّزُها قبيلَ الزوالِ، فالمنعُ في أول النهار اتفاقٌ. فإذا تعذَّر أنْ يكون التبكيرُ بكرة، دلَّ على أنَّ المرادَ به المبادرةُ من الزوالِ. قال الجوهري: كل من بادر إلى شيءٍ، فقد بكر إليه (¬1) أي وقتٍ كان كأنْ يقال: بكروا بصلاةِ المغرب. 905 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "كُنَّا نُبَكِّرُ بِالْجُمُعَةِ وَنَقِيلُ بَعْدَ الجُمُعَةِ". [940 - فتح: 2/ 387] (ونقيل) بفتح أوله: مضارعُ قال قيلولةً، أي: ننام بعد الجمعة؛ عوضًا عن القيلولة عقبَ الزوالِ الذي صليت فيه الجمعة؛ إذ من عادتهم في الحرِّ أنهم يقيلون ثم يصلوُّن الظهرَ؛ لندب الإبراد. 17 - بَابُ إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ يَوْمَ الجُمُعَةِ (باب: إذا اشتد الحرُّ يوم الجمعة) أي: هل يُبردُ بصلاتها، كصلاةِ الظهر، أولًا. 906 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَال: ¬

_ (¬1) "الصحاح" 2/ 596.

حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ هُوَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَدَّ البَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلاةِ"، يَعْنِي الجُمُعَةَ، قَال يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو خَلْدَةَ، فَقَال: بِالصَّلاةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الجُمُعَةَ، وَقَال بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، قَال: صَلَّى بِنَا أَمِيرٌ الجُمُعَةَ، ثُمَّ قَال لِأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ؟ [فتح: 2/ 388] (أبو خلدةَ) بفتح الخاء المعجمة، وسكون اللام وفتحها (هو) في نسخةٍ: "وهو خالدُ بنُ دينار" وقال الغسَّاني: لم يروي له البخاريُّ غيرَ هذا الحديث. (بكّر بالصلاة) يعني: الجمعة أي: في الحرِّ يبرد، كما في الظهر، لكن الأحاديثَ تدلُّ على أنَّ التفرقةَ في الظهر، وأنَّ التبكيرَ مطلقًا في الجمعة؛ لشدةِ الخطر في فواتها ولأنَّ الناسَ مأمورون بالتبكير فيها قبلَ شدةِ الحرِّ، وهذا ما عليه الشافعيُّ، وكثير. (قال يونس) في نسخةٍ: "وقال يونس". (وقال) في نسخة: "فقال". (بالصلاة) أي: من غير تقييدها بالجمعة، وهو الأوفقُ بما مرَّ من أنَّه لا إبرادَ في الجمعة. (صلى بنا أميرٌ) هو: الحكمُ بنُ أبي عقيل الثقفيُّ. (باب: المشي إلى الجمعة) أي: إلى صلاتها. (وقول الله) بالجر عطفٌ على المشي ({فَاسْعَوا}) المراد بالسعيِّ هنا: المضى لا العدو، كما يعلم مما يأتي. نعم إنْ ضاق الوقتُ ندب العدو، بل قال المحبُّ الطبريُّ: أنه يجب إذا لم يدرك الجمعةَ إلا به. (ومن قال .. إلخ) [محل جر] (¬1) عطف على المشي، والمعنى: بيانُ تفسير من فسَّر السعيَ إلى ¬

_ (¬1) من (م).

18 - باب المشي إلى الجمعة

الجمعة بالعمل لها (¬1)، والذهاب إليها (¬2) لقوله تعالى: {وَسَعَىَ لَهَا} أي: للآخرة {سَعْيَهَا} أي: عملها من الإتيان بالأوامرِ، والانتهاءِ عن النواهي (يحرم البيع) أي: ونحوه من العقود التي فيها تشاغلٌ عن السعي إلى الجمعة. (حينئذ) أي: حين نُودي لها، فالبيعُ حينئذ حرام، لكن لا يمنع انعقادَ الصلاةِ؛ لأنَّ النهيَ لا يختصُّ به، كالصلاة في مغصوب. (وقال عطاء) أي: ابن أبي رباح. (إذا أذَّنَ المؤذنُ يومَ الجمعة وهو مسافرٌ، فعليه أنْ يشهد) أي: الجمعة، وهذا على سبيل الندب، أو محمول على ما إذا اتفق حضور المسافر في محلٍّ تُقام فيه الجمعةُ وسمع فيه النداءَ. 18 - بَابُ المَشْيِ إِلَى الجُمُعَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَمَنْ قَال: السَّعْيُ العَمَلُ وَالذَّهَابُ، لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: 19] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "يَحْرُمُ البَيْعُ حِينَئِذٍ" وَقَال عَطَاءٌ: "تَحْرُمُ الصِّنَاعَاتُ كُلُّهَا" وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: "إِذَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ". ¬

_ (¬1) دل على ذلك حديث رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 482. (¬2) دل على ذلك حديث رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 3/ 207 (5347).

907 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ، قَال: أَدْرَكَنِي أَبُو عَبْسٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى الجُمُعَةِ، فَقَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ". [2811 - فتح: 2/ 390] (يزيد بن أبي مريم) أي: "الأنصاري" كما في نسخةٍ. (أبو عبسٍ) بفتح المهملة وسكون الموحدة هو عبدُ الرحمنِ بنُ جَبْر بفتح الجيم، وسكون الموحدة. (سمعتُ النبيَّ) في نسخةٍ: "سمعت رسولَ الله". (سبيل الله) اسمُ جنسٍ مضافٌ يفيد العمومَ، فيشمل الجمعةَ. 908 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَال: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ، عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا". [انظر: 636 - مسلم: 602 - فتح: 2/ 390] (ابن أبي ذئب) اسمه: محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ. (عن سعيد) أي: ابن المسيَّب. (وأبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (تسعون) حالٌ، والمرادُ بالسعي هنا: الإسراعُ، أي: لا تأتوا الصلاةَ وأنتم مسروعون لما يلحقُ الساعي من التعبِ المنافي للخشوع المطلوب فيها. (عليكم) في نسخة: "وعليكم". (السكينة) بالرفع مبتدأَ خبره ما قبله، بالنصب على الإغراء أي: الزموا السكينة، أي: التأنِّي. (فما أدركتم) أي: مع الإمام. (فصلُّوا وما فاتكم فأتموا). فيه: أنَّ ما يدركه المرءُ من باقي صلاةِ الإمام وهو أولُ صلاته؛

19 - باب: لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة

لأنَّ إتمام الشيءِ إنما يكون بناء على ما سبقه، ومرَّ شرحُ الحديث في باب: قولِ الرجل: فاتتنا الصلاة (¬1). 909 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو قُتَيْبَةَ، قَال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ - لَا أَعْلَمُهُ إلا - عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ". [انظر: 637 - مسلم: 604 - فتح: 2/ 390] (قال: حدثني) في نسخةٍ: "قال: حدثنا". (أبو قتيبة) اسمه: مسلم، بفتح أوله، وسكون ثانيه ابن قتيبة. (عليّ بن المبارك) أي: الهنائي، بضم المهملة، وتخفيف النون، والمدِّ. (قال أبو عبد الله) أي: البخاريُّ. (لا أعلمه) أي: نقل عبدُ الله بنُ أبي قتادة هذا الحديثَ (إلا عن أبيه) أي: أبي عبد الله وهو أبو قتادة. وقوله: (قال: أبو عبد الله .. إلخ) ساقطُ من نسخةٍ ([عن النبي] (¬2) إلى آخره .. إلخ) مرَّ شرحه (¬3). 19 - بَابٌ: لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَوْمَ الجُمُعَةِ (باب: لا) ناهية، أو نافية بمعنى الناهية (يفرق) بالجزم على الأول، وبالرفع على الثاني أي: لا يفرق داخل المسجد (بين اثنين يوم الجمعة) خصَّ يومها تبعًا للحديث، وإلا فلا فرق بينه وبين غيره. 910 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ، حَدَّثَنَا سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (635) كتاب: الأذان، باب: قول الرجل: فاتتنا الصلاة. (¬2) من (م). (¬3) سبق برقم (637) كتاب: الأذان، باب: متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة؟

20 - باب: لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد في مكانه

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى". [انظر: 883 - فتح: 2/ 392] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (قال: أخبرنا) في نسخةٍ: "قال: حدثنا". (ابن أبي ذئب) هو محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ. (عن أبيه) هو أبو سعيد كيسان. (عن ابن وديعة) اسمه: عبدُ الله. (عن سلمان) في نسخةٍ: "حدثنا سلمان". (فلم يفرق) في نسخةٍ: "ولم يفرق" بالواو، مرَّ شرحُ الحديثِ في باب: الدُّهنِ للجمعة (¬1). 20 - بَابٌ: لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ أَخَاهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَيَقْعُدُ فِي مَكَانِهِ (باب: لا يقيم الرجلُ أخاه يومَ الجمعةِ ويقعدُ في مكانه). (لا) نافية بمعنى الناهية، و (يقعد) بالرفع عطف على (يقيم)، أو هو حالٌ، والتقدير: وهو يقعد، فعلى الأول: كل من الإقامةِ والقعودِ منهيٌ عنه، وعلى الثاني: النهيُ عن الجمع بينهما حتى لو أقامه ولم يقعد لم يرتكب النهي. 911 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ قَال: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، قَال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: سَمِعْتُ نَافِعًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ أَخَاهُ مِنْ مَقْعَدِهِ، وَيَجْلِسَ فِيهِ"، قُلْتُ لِنَافِعٍ: الجُمُعَةَ؟ قَال: الجُمُعَةَ وَغَيْرَهَا. [6269، 6270 - مسلم: 2177 - فتح: 2/ 393] ¬

_ (¬1) سبق برقم (883) كتاب: الجمعة، باب: الدهن للجمعة.

21 - باب الأذان يوم الجمعة

(محمد) زاد في نسخةٍ: "هو ابن سلام البيكندي" بتخفيف اللام على الأصحِّ. (أنْ يقيمَ الرجلُ أخاه) في نسخةٍ: "أنْ يقيمَ الرجلُ الرجلَ". (قلت لنافع: الجمعةَ؛ قال الجمعةَ وغيرَها) بنصب الثلاثة بنزع الخافض، وبرفعها: الأول: خبر مبتدأ محذوف، والثاني: بأنه مبتدأ، والثالث: بالعطف عليه، والخبر محذوف، أي: الجمعةُ وغيرُها متساويان في النهي، وجوز بعضُهم الجرُّ بفي مقدرة، والنهيُ فيما ذُكر للتحريم. 21 - بَابُ الأَذَانِ يَوْمَ الجُمُعَةِ (باب: الأذانِ يوم الجمعة) أي: وقت مشروعيته فيه. 912 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: "كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى المِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "الزَّوْرَاءُ: مَوْضِعٌ بِالسُّوقِ بِالْمَدِينَةِ". [913، 915، 916 - فتح: 2/ 393] (كان النداء) أي: المذكور في القرآن. (أوله) بالرفع بدلٌ من اسم (كان) وخبرُها: (إذا جلس .. إلخ). (فلما كان عثمان) كان تامة، وفا علها: (عثمان)، أو ناقصة، واسمها: (عثمان) وخبرها محذوفٌ أي خليفة. (وكثر الناسُ) أي: المسلمون بالمدينة. (زاد النداء الثالث) عند دخولِ الوقتِ، وسمَّاه ابن خزيمةَ في روايته الأَولَ (¬1)، ولا منافاةَ؛ لأنهَّ ¬

_ (¬1) "صحيح ابن خزيمة" 3/ 25 (554) كتاب: الإمامة في الصلاة، باب: ذكر الاستهام على الصف الأول.

22 - باب المؤذن الواحد يوم الجمعة

أولٌ باعتبار الوجود , ثالثٌ باعتبار زيادته على الثاني، والثالثُ هو المسمى بالإقامةِ، فتسميتها بالأذان تغليبٌ. (على الزوراء) بفتح الزاي، وسكون الواو، وبالراء، وبالمدِّ. (قال أبو عبد الله) أي: البخاريُّ: الزوراء: موضعٌ بالسوق بالمدينة (¬1). وقيل: مرتفعٌ كالمنارة، وقيل: حجرٌ كبير عند باب المسجد، وقوله (قال أبو عبد الله ... إلخ) ساقط من نسخةٍ. 22 - بَابُ المُؤَذِّنِ الوَاحِدِ يَوْمَ الجُمُعَةِ (باب: المؤذن الواحد يوم الجمعة) أي: بيان مشروعية كون المؤذن فيه واحدًا. 913 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ المَاجِشُونُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، "أَنَّ الَّذِي زَادَ التَّأْذِينَ الثَّالِثَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ كَثُرَ أَهْلُ المَدِينَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَذِّنٌ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَكَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ" يَعْنِي عَلَى المِنْبَرِ. [انظر: 912 - فتح: 2/ 395] (عبد العزيز بن أبي سلمة) نسبةً لجده؛ لشهرته به، وإلا فهو عبدُ العزيز بنُ عبد الله بنُ أبي سلَمةَ، بفتح اللام. (الماجشون) بكسر الجيم وفتحها فمعجمةٍ مضمومةٍ. (ولم يكن للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مؤذن غيرَ واحدٍ) أي: يؤذن يوم الجمعةِ، وإلا فله بلالٌ، وابنُ أم مكتوم، وسعدُ القرظ (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 156. (¬2) هو سعد بن عائذ، ويقال: ابن عبد الرحمن، المؤذن، المعروف بسعد القرظ مولى الأنصار، وقيل: مولى عمَّار بن ياسر، له صحبة وإنما قيل له: سعد =

23 - باب: يجيب الإمام على المنبر إذا سمع النداء

و (غير) بالنصب؛ خبر (يكن) وبالرفع صفة لـ (مؤذن)، وبما ذكر علم أنَّ أذانَ الجماعةِ معًا غيرُ مندوب، بل نصَّ الشافعيُّ على كراهته. (يعني على المنبر) لفظ: (يعني) ساقطٌ من نسخة. 23 - بَابٌ: يُجِيبُ الإِمَامُ عَلَى المِنْبَرِ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ (باب يجيب الإمام المؤذنَ وهو على المنبرِ إذا سمع النداءَ) أي: الأذان، وفي نسخةٍ: بدل (يجيب) "يؤذن" سماه أذانا؛ لكونه بلفظه. 914 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَال: سَمِعْتُ مُعَاويَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى المِنْبَرِ، أَذَّنَ المُؤَذِّنُ، قَال: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قَال مُعَاويَةُ: "اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ"، قَال: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَقَال مُعَاويَةُ: "وَأَنَا"، فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَال مُعَاويَةُ: "وَأَنَا"، فَلَمَّا أَنْ قَضَى التَّأْذِينَ، قَال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا المَجْلِسِ، "حِينَ أَذَّنَ المُؤَذِّنُ، يَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ مِنِّي مِنْ مَقَالتِي". [انظر: 612 - فتح: 2/ 396] (حدثنا ابن مقاتل) في نسخة: "أخبرنا محمدُ بنُ مقاتلٍ". (عبد الله) أي: ابن المبارك. (حنيف) بالتصغير. (عن أبي أمامة) بضم الهمزة: أسعد. (قال: الله أكبر الله أكبر) في نسخةٍ: "فقال: الله أكبر الله أكبر". (قال معاوية) في نسخةٍ: "فقال معاوية". (قال: أشهدُ) في نسخةٍ: ¬

_ = القرظ؛ لأنه كان كلما تجر في شيء وضع له فيه فتجر في القرظ فربح، فلزم التجارة فيه. انظر: "الاستيعاب" 2/ 160 (948). و"أسد الغابة" 2/ 355 (2011). و"الإصابة" 2/ 29 (3171).

24 - باب الجلوس على المنبر عند التأذين

"فقال: أشهد". (فقال معاويةُ) في نسخةٍ: "قال معاويةُ". (وأنا) أي: أشهدُ به، أو أقولُ مثله فيه أنَّ مثل ذلك إجابة. (قال: أشهدُ أنَّ محمدًا) في نسخةٍ: "فقال: أشهدُ أنَّ محمدًا". (فقال معاويةُ) في نسخةٍ: "قال معاويةُ". (فلما أنْ قضى) أي: فرغ، و (أنْ) زائدة، وفي نسخةٍ: "فلما قضى"، وفي أخرى: "فلما أنْ أنقضى" فقوله: (التأذين) مرفوعٌ على هذه ومنصوبٌ على الأوّلين. 24 - بَابُ الجُلُوسِ عَلَى المِنْبَرِ عِنْدَ التَّأْذِينِ (باب: الجلوس على المنبر عند التأذين) أي: مشروعية جلوسِ الخطيبِ على المنبرِ قبلَ الخطبةِ عند التأذين. 915 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ "التَّأْذِينَ الثَّانِيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، أَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ كَثُرَ أَهْلُ المَسْجِدِ، وَكَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ". [انظر: 912 - فتح: 2/ 396] (عن عقيل) بالتصغير أي: ابن خالد. (أنَّ التأذين الثاني) هو ثانٍ بالنظر إلى الأذان المشروع في زمن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثالث بالنظر إليه وإلى الإقامة كما مرَّ. (عثمان) أي: "ابن عفان" كما في نسخة. 25 - بَابُ التَّأْذِينِ عِنْدَ الخُطْبَةِ (باب: التأذين عند الخطبة) أي: عند إرادتها. 916 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: "إِنَّ الأَذَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ، يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ

26 - باب الخطبة على المنبر

عَنْهُمَا، فَلَمَّا كَانَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَثُرُوا، أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الجُمُعَةِ بِالأَذَانِ الثَّالِثِ، فَأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَثَبَتَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ". [انظر: 912 - فتح 2/ 396] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. (عثمان) أي: "ابن عفان"، كما في نسخة. (فثبت الأمرُ) أي: الأذان والإقامة في سائرِ الأمصارِ. 26 - بَابُ الخُطْبَةِ عَلَى المِنْبَرِ وَقَال أَنَسٌ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ". [انظر: 93] (باب: الخطبة) أي: مشروعيتها (على المنبر) بكسر الميم، فيندب فعلها عليه، فإن لم يكن منبر، فعلى مرتفع؛ فإنه أبلغ في الإعلام، فإن تعذر استند إلى خشبة، أو نحوها. 917 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيُّ القُرَشِيُّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ رِجَالًا أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَقَدْ امْتَرَوْا فِي المِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ، فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مِمَّا هُوَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ، وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فُلانَةَ - امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ - "مُرِي غُلامَكِ النَّجَّارَ، أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ" فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هَا هُنَا، ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهَا وَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ نَزَلَ القَهْقَرَى، فَسَجَدَ فِي أَصْلِ المِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَال: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلاتِي". [انظر: 377 - مسلم: 544 - فتح: 2/ 397] (قتيبة بن سعيد) لفظ: (ابن سعيد) ساقطٌ من نسخةٍ. (القاري)

بقاف، مشددة في آخره نسبةً إلى القارة قبيلة. (أبو حازم) بمهملة وزاي، اسمه: سملةُ الأعرجُ. (أن رجالًا) لم يسموا. (امتروا) أي: تجادلوا، أو شكوا من المماراة: وهي المجادلةُ، أو من المرية، وهي: الشكُّ. (عن ذلك) أي: عن الممترى فيه. (مما هو) بثبوت ألف ما الاستفهامية المجرورة على قلة، والكثير حذفها. (ولقد رأيته .. إلخ) فائدةُ زيادته على السؤالِ مع التأكيد باللام وقد إعلامُهم بقوة معرفتِه لما سألوه عنه. (فلانة امرأة) زاد في نسخةٍ: "من الأنصار". (قد سمَّاها سهلٌ) لم أقف على تسميته لها، وفي اسمها خلاف (¬1) مرَّ بيانه مع زيادة في باب: الصلاةِ في السطوح والمنبر. (من ¬

_ (¬1) قال ابن حجر في "الفتح" 1/ 486 - 487: وأما المرأة فلا يعرف اسمها لكنها أنصارية. ونقل ابن التين عن مالك: أن النجار كان مولى له ابن عبادة، فيحتمل أن يكون في الأصل مولى امرأته ونسب إليه مجازا، واسم امرأته فكيهة بنت عبيد بن دليم وهي ابنة عمه، أسلمت وبايعت، فيحتمل أن تكون هي المرادة. لكن رواه إسحق بن راهويه في مسنده عن ابن عيينة فقال: مولى لبني بياضة. وأما ما وقع في "الدلائل" لأبي موسى المديني نقلا عن جعفر المستغفري أنه قال: في أسماء النساء من الصحابة علاثة بالعين المهملة وبالمثلثة. ثم ساق هذا الحديث من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال: وفيه أرسل إلى علائة امرأة قد سماها سهل، فقد قال أبو موسى: صحف فيه جعفر، أو شيخه، وإنما أبو "فلانة" انتهى. ووقع عند الكرماني قيل: اسمها عائشة، وأظنه صحف المصحف، ولو ذكر مستنده في ذلك المكان أولى. ثم وجدت في "الأوسط" للطبراني من حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إلى سارية في المسجد ويخطب إليها ويعتمد عليها، فأمرت عائشة فصنعت له منبره هذا، فذكر الحديث وإسناده ضعيف. ولو صح لما دل على أن عائشة هي المرادة في حديث سهل هذا إلا بتعسف. والله أعلم.

طرفاء) بفتح المهملة، والمدِّ: شجرٌ، قال سيبوية: واحدٌ وجمعٌ. (الغابة) موضعٌ من عوالي المدينة من جهةِ الشام (¬1). (فأرسلتْ إلى رسولِ الله) أي: تعلمه أنَّ غلامَها فرغ من عملِ الأعواد. (صلى عليها) أي: على الأعوادِ بعد الخطبة. (وكبَّر) أي: للإحرِام. (وهو عليها) ذكر التكبير؛ تأكيدًا لدخوله في إطلاق: (صلَّى) وزاد في نسخةٍ: "فقرأ". (ثم نزل القَهْقَرى) أي: رجع على خلفه بعد اعتداله محافظةً على التوجه للقبلةِ. (فسجد في أصل المنبر) أي: على الأرض، إلى جنب الدرجة السفلى. (فلما فرغ) أي: من الصلاة. (إنما صنعت هذا) أي: الإتيانَ بصلاتي على الوجه المذكور. (لتأتموا) أي: بي (ولتعلموا صلاتي) بكسر اللام، وفتح الفوقية والعين أي: لتتعلموها، فحُذفتْ إحدى التاءين تخفيفًا. وفي الحديث: جوازُ العملِ في الصلاة، ومحلُّه في اليسيرِ والكثيرِ المتفرق. وفيه: جوازُ تعليم المأمومين أفعال الصلاة بالفعل، وارتفاعُ الإمام على المأمومين. ومشروعيةُ الخطبة على المنبر، واتخاذُ المنبر لكونه أبلغ في مشاهدةِ الخطيب وسماعِ كلامه. 918 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَنَسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "كَانَ جِذْعٌ يَقُومُ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وُضِعَ لَهُ المِنْبَرُ سَمِعْنَا لِلْجِذْعِ مِثْلَ أَصْوَاتِ العِشَارِ حَتَّى نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ" قَال سُلَيْمَانُ: عَنْ يَحْيَى، أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. [انظر: 449 - فتح: 2/ 397] ¬

_ (¬1) وبينه وبين سلع ثمانية أميال، وهي أيضًا قرية بالبحرين، وقد صحفه بعضهم فقال: الغاية. انظر: "معجم البلدان" 4/ 182.

27 - باب الخطبة قائما

(سعيد بن أبي مريم) نسبةً إلى [جده أعلى] (¬1)؛ لشهرته به، وإلا فهو سعيدُ بنُ الحكمِ بنُ محمدِ بنُ سالمِ بنُ أبي مريمَ الجمحيُّ. (ابن أنس) نسبةً إلى جده؛ لشهرته به، وإلا فهو حفصُ بنُ عبدِ الله بنُ أنسٍ. (كان جذع) أي: من جذوع النخلِ. (يقوم إليه) في نسخةٍ: "يقوم عليه". (النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -) في نسخة: "رسول الله". (فلما وضع المنبر) أي: لأجل الخطبةِ، وهو موضعُ الترجمةِ. (العِشار) بكسر العين: جمع عشراء كنفساء: وهي الناقةُ التي أَتتْ عليها من حينِ حملت عشرةُ أشهرٍ، وفيه: معجزةٌ عظيمةٌ، وهي حنينُ الجذعِ. (قال سليمان) هو ابن بلال، وفي نسخةٍ: "وقال سليمان" بالواو. (عن يحيى) أي: ابن سعيد. (جابرًا) في نسخةٍ: "جابر بن عبد الله". 919 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَال: "مَنْ جَاءَ إِلَى الجُمُعَةِ، فَلْيَغْتَسِلْ". [انظر: 877 - مسلم: 844 - فتح: 2/ 397] (آدم بن أبي إياس) لفظُ: (ابن أبي إياس) ساقطٌ من نسخةٍ. (ابن أبي ذئب) هو محمدُ بنُ عبدِ الرحمن. (عن سالم) هو ابن عبد الله بن عمرَ بنُ الخطاب. (من جاء إلى الجمعة فليغتسل) مرَّ شرحُه. 27 - بَابُ الخُطْبَةِ قَائِمًا وَقَال أَنَسٌ: "بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا". [انظر: 932] (باب: الخطبة قائمًا) أي: مشروعية إتيان الخطيبِ بها قائمًا. (يخطب قائمًا) فيه: مطابقةُ الترجمةِ. ¬

_ (¬1) من (م).

28 - باب: يستقبل الإمام القوم، واستقبال الناس الإمام إذا خطب

920 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، قَال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَقُومُ كَمَا تَفْعَلُونَ الآنَ". [928 - مسلم: 861 - فتح: 2/ 401] (القواريري) نسبةً إلى عملها. (عبد الله بن عمر) لفظُ: (ابن عمر) ساقطٌ من نسخة. (ثم يقعد) أي: بعد الخطبةِ الأولى. (ثم يقوم) أي: للثانية، وواظب على ذلك. وفيه: مع خبر "صلوا كما رأيتموني أصلي" (¬1): وجوبُ الجلسةِ بين الخطبتين، والقيامِ فيهما، أما الجلسة قبلهما فلم تثبت مواظبته عليها. 28 - بَابٌ: يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ القَوْمَ، وَاسْتِقْبَالِ النَّاسِ الإِمَامَ إِذَا خَطَبَ وَاسْتَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الإِمَامَ. (باب: يستقبل الإمام القوم واستقبال الناس الإمام إذا خطب) الظرفُ تنازع فيه العاملان قبله، وفي نسخةٍ: "باب: استقبال الناس الإمام إذا خطب". وحكمةُ استقباله لهم: أنَّه المعروفُ في التخاطب، وأنَّ خلافه قبيحٌ، وحكمةُ استقبالهم له: أنهم يتفرغون لسماع وعظه، وتدبرِ كلامه، والاستقبالان مستحبان، لا واجبان كما في الأذان. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

29 - باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد

921 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، قَال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، قَال: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ". [1465، 2842، 6427 - مسلم: 1052 - فتح: 2/ 402] (هشام) أي: الدستوائي. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (هلال) ابن أبي ميمونه؛ نسبة إلى جدٍّ له أعلى؛ لشهرته به، وإلا فهو هلال بن علي بن أسامة. 29 - بَابُ مَنْ قَال فِي الخُطْبَةِ بَعْدَ الثَّنَاءِ: أَمَّا بَعْدُ رَوَاهُ عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: من قال في الخطبة بعد الثناء) أي: على الله تعالى. (أما بعد) أي: فقد أتى بالسنة، والمراد من قال ذلك: النبي - صلى الله عليه وسلم -. 922 - وَقَال مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَال: أَخْبَرَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ، قُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ، قَالتْ: فَأَطَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِدًّا حَتَّى تَجَلَّانِي الغَشْيُ، وَإِلَى جَنْبِي قِرْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَفَتَحْتُهَا، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ مِنْهَا عَلَى رَأْسِي، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَحَمِدَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ" قَالتْ: - وَلَغَطَ نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْكَفَأْتُ إِلَيْهِنَّ لِأُسَكِّتَهُنَّ، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا قَال؟ قَالتْ: قَال -: "مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إلا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ، مِثْلَ - أَوْ قَرِيبَ مِنْ - فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا المُؤْمِنُ - أَوْ قَال: المُوقِنُ شَكَّ هِشَامٌ - فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ،

هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى، فَآمَنَّا وَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا وَصَدَّقْنَا، فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ صَالِحًا قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ إِنْ كُنْتَ لَتُؤْمِنُ بِهِ، وَأَمَّا المُنَافِقُ - أَوْ قَال: المُرْتَابُ، شَكَّ هِشَامٌ - فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُ " قَال هِشَامٌ: فَلَقَدْ قَالتْ لِي فَاطِمَةُ فَأَوْعَيْتُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ مَا يُغَلِّظُ عَلَيْهِ. [انظر: 86 - مسلم: 905 - فتح: 2/ 402] (وقال محمود) هو ابن غيلان شيخُ البخاري. (أبو أسامة) هو حمادُ بن أسامة الليثيُّ. (بنت أبي بكر) أي: "الصديق" كما في نسخةٍ. (قلت) في نسخة: "فقلت". (ما شأنُ الناسِ) أي: فزعين. (فأشارت برأسها إلى السماء) أي: إلى أنَّ الشمسَ فيها انكسفت. (والناس يصلون) لذلك. (فقلت: آية؟) أي: أهذه علامة لتخويف الناس؟ (فأطال) أي: صلاة الكسوف. (حتى تجلَّاني) أي: علاني. (الغشي) بفتح الغين، وسكون الشين المعجمتين، وياءٍ مخففة. (وقد تجلَّتْ الشمس) أي: انكشفت. (وحمد الله) في نسخةٍ: "فحمد الله". (ولغط) بفتح الغين أكثر من كسرها من اللغط، وهو الأصواتُ المختلفةُ، كما مرَّ. (فانكفأتُ) أي: ملت بوجهي ورجعتُ. (ما من شيء) (ما) نافية و (من) زائدة و (شيء) أسم (ما). (أُريته) بضمِّ الهمزة، وكسر الراءِ. (إلا قد) في نسخةٍ: "إلا وقد رأيته لا رؤيته يحتمل أن تكون بصرية، وأنْ تكون علميَّةً. (حتى) ابتدائية، أو جارة، أو عاطفة على هاء (رأيته) فقوله: (الجنة) مرفوع بالابتداء، أو مجرور، أو منصوب. (والنار) عطف على (الجنة) والتقديرُ في الأول: الجنةُ والنارُ مرئيتان؛ إذ لو جعلت فيه مبتدأ ثانيا كانت مع ما قبلها جملتين، والتقدير: الجنة مرئية، والنار كذلك. (وإنه قد أوحي إلى) بكسر الهمزة الأولى، وضمِّ الثانية، والجملةُ معطوفة على جملة: (ما من شيءٍ). (تفتنون) أي: تمتحنون.

(مثل أو قريب) بلا تنوين فيهما، ولا ألف، وفي نسخةٍ: "أو قريبًا" بتنوين وألف. (يؤتى أحدُكم) بيان لـ (تفتنون). (فيقال له) أي: للمفتون. (ما علمك بهذا الرجل؟) يعني: النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (شكَّ هشام) أي: ابن عروة. (بالبينات) أي: المعجزات. (نعلم إن كنت لتؤمن به) بكسر همزة (إن) وهي مخففةٌ من الثقيلةِ، واسمها ضميرُ الشأنِ أي: إنَّ الشأنَ كنت، واللام فارقة بين المخففةِ والنافيةِ، وفي نسخةٍ: "لمؤمنًا به". (فقلت) في نسخة: "فقلته". (فاطمة) أي: بنت المنذر. (فأوعيته) أي: أدخلته وعاء قلبي، وفي نسخة: "وعيته". 923 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَال: سَمِعْتُ الحَسَنَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمَالٍ - أَوْ سَبْيٍ - فَقَسَمَهُ، فَأَعْطَى رِجَالًا وَتَرَكَ رِجَالًا، فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنْ أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الجَزَعِ وَالهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الغِنَى وَالخَيْرِ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ" فَوَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْرَ النَّعَمِ، تَابَعَهُ يُونُسُ. [3145، 7535 - فتح: 2/ 403] (الحسن) أي: البصري. (عمرو بن تغلب) بفوقيةٍ مفتوحة فمعجمةٍ ساكنة فلامٍ مكسورة غيرُ مصروفٍ. (أو سبي) في نسخة: "أو بسبي" بزيادة موحدةٍ، وفي أخرى: "أو بشيء" بموحدة فمعجمة فهمزة. (ثم أثنى) في نسخةٍ: "وأثنى". (أدع) أي: اترك. (ولكن) في نسخة: "ولكني". (من الجزع) بالتحريك ضدُّ الصبرِ. (والهلع) بالتحريك أيضًا أشد الجزع. (فوالله ... إلخ) مقول عمرو بن تغلب. وباء (بكلمة رسول الله) للبدل. (تابعه يونس) ساقط من نسخةٍ.

924 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى فِي المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّوْا بِصَلاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: تَابَعَهُ يُونُسُ. [انظر: 729 - مسلم: 761، 782 - فتح: 2/ 403] (خرج ذات ليلة) في نسخة: "خرج ليلة". (فأصبح الناس) أي: دخلوا في الصباح، [فأصبح تامة] (¬1) لا تحتاج إلى خبر. (فاجتمع) أي: في الليلة الثانية. (أنْ تفرض عليكم) أي: صلاةُ الليلِ. (فتعجزوا) بكسر الجيم. [(تابعه) أي: عقيلًا (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي، وزاد في نسخة قبل تابعه "قال أبو عبد الله" أي: البخاري. 925 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاةِ، فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ" تَابَعَهُ أَبُو مُعَاويَةَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَمَّا بَعْدُ"، تَابَعَهُ العَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ فِي "أَمَّا بَعْدُ". [1500، 2597، 6636، 6979، 7174، 7197 - مسلم: 1832 - فتح: 2/ 404] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عن أبي حميد) هو عبد الرحمن. (أما بعدُ) أي: فإني استعمل الرجل منكم إلى آخره، كما سيأتي في الزكاة وغيرها] (¬2). ¬

_ (¬1) و (¬2) من (م).

(تابعه) أي: الزهري. (أبو معاوية) هو محمدُ بنُ خازم، بمعجمة وزاي. (وأبو أسامة) هو حمادُ بنُ أسامة. (عن هشام) هو ابن عروة. (عن أبي حميد) أي: "الساعدي" كما في نسخة. (تابعه العدني) هو محمد بن يحيى (عن سفيان) أي: ابن عينه. (في "أما بعد") أي: فقط لا في تمام الحديث وهذا ساقط من نسخة. 926 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَال: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ: "أَمَّا بَعْدُ" تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [3110، 3714، 3729، 3767، 5230، 5278 - مسلم: 2449 - فتح: 2/ 404] (ابن حسين) في نسخة: "ابن الحسين" أي: ابن علي بن أبي طالب. (يقول: أما بعد) هو طرف من حديث المسور الآتي في المناقب. (الزبيدي) بالتصغير، هو محمد بن الوليد. 927 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ الغَسِيلِ، قَال: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِنْبَرَ، وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً عَلَى مَنْكِبَيْهِ، قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "أَيُّهَا النَّاسُ إِلَيَّ"، فَثَابُوا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ هَذَا الحَيَّ مِنَ الأَنْصَارِ، يَقِلُّونَ وَيَكْثُرُ النَّاسُ، فَمَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَضُرَّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعَ فِيهِ أَحَدًا، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيِّهِمْ". [3628، 3800 - فتح: 2/ 404] (ابن الغسيل) هو عبدُ الرحمنِ بنُ عبد الله بنُ حنظلةَ، غسيل الملائكة؛ لما استشهد بأحد جنبًا. (متعطفًا) أي: مرتديًا، يقال: تعطَّفَ

30 - باب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة

بالعِطاف أي: ارتدى بالرداء. (ملحفة) بكسر الميم، أي: إزارًا كبيرًا. (منكبيه) بالتثنية، وفتح الميم، وفي نسخةٍ: "منكبه" بالإفراد. (دسمة) بفتح أوله، أي: سوداء، وقيل: غبرة فيها سوادٌ. (إليَّ) أي: تقربوا إليَّ. (فثابوا) بمثلثة، أي: اجتمعوا. (يقلون ويكثر الناس) هو من إخباره - صلى الله عليه وسلم - بالمغيبات، فقد قلت الأنصارُ، وكثر الناسُ، كما قال: (فليقبل) أي: الحسنة. (ويتجاوز) بالجزم عطفٌ على (فليقبل). (عن مسيئهم) بالهمزِ، وقد تبدلُ ياءً مشددةً، والمعنى: وليعف عنهم السيئةَ في غيرِ الحدودِ. 30 - بَابُ القَعْدَةِ بَيْنَ الخُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الجُمُعَةِ (باب: القعدة بين الخطبتين) أي: بيان حكمها. 928 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، قَال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا". [انظر: 920 - مسلم: 861 - فتح: 2/ 406] (عبيد الله بن عمر) لفظ: (ابن عمر) ساقطٌ من نسخةٍ. (عبد الله بن عمر) لفظ: (ابن عمر) ساقطٌ من نسخة أيضًا. (كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - .. إلخ) مرَّ شرحُه. 31 - بَابُ الاسْتِمَاعِ إِلَى الخُطْبَةِ (باب: الاستماع) أي: الإصغاء. (إلى الخطبة) أي: خطبتي يوم الجمعة. 929 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ وَقَفَتِ المَلائِكَةُ

32 - باب: إذا رأى الإمام رجلا جاء وهو يخطب، أمره أن يصلي ركعتين

عَلَى بَابِ المَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، وَمَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ". [3211 - مسلم: 850 - فتح: 2/ 407] (ابن أبي ذئب) هو محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ. (عن أبي عبد الله) هو سلمانُ الجهنيُّ. (الأغر) لقبه. (ومثل) مبتدأ أي: وصفة. (المهجر) بضم الميم، وتشديد الجيم المكسورة أي: المبكر، وخبر المبتدإِ: (كمثل الذي يهدي) بضم الياء، أي: يقربُ. (ثمَّ كالذي يهدي بقرة) خبرُ مبتدأ محذوفٍ، والتقديرُ: ثمَّ الثاني كـ (الذي يهدي بقرة) وليس معطوفًا على الخبر الأول؛ لئلا يقعا معًا مع عدم اجتماعهما خبرا عن واحد، وهو ممتنعٌ، وكذا يقدَّر في الثلاثة الآتية، بأنْ يقال في أولها: ثمَّ الثالث، وفي ثانيها: ثمَّ الرابع، وفي ثالثها: ثم الخامس. (طووا) أي: الملائكة. (ويستمعون الذكر) أي: الخطبة، وفي استماع الملائكةِ للخطبةِ حضٌّ على استماعها، وهو سنةٌ، وإنْ كان سماعُها واجبا، كما بينت ذلك في: "شرح البهجة" وغيره (¬1). 32 - بَابٌ: إِذَا رَأَى الإِمَامُ رَجُلًا جَاءَ وَهُوَ يَخْطُبُ، أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ (باب: إذا رأى الإمامُ رجلا جاء وهو يخطب) أي: للجمعة. (أمره أن يصلي ركعتين) جواب (إذا). ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب" 1/ 258، و"فتح الوهاب" 1/ 76.

33 - باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين

930 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَال: "أَصَلَّيْتَ يَا فُلانُ؟ " قَال: لَا، قَال: "قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ". [931، 1166 - مسلم: 875 - فتح: 2/ 407] (جابر بن عبد الله) لفظُ: (ابن عبد الله) ساقط من نسخة. (جاء رجل) هو سليكُ الغطفاني. (يخطب الناس) لفظُ: (الناس) ساقطٌ من نسخةٍ. (أصليت) بهمزة الاستفهام، وفي نسخة: "صليت" بحذفها. (قال: لا) في نسخةٍ: "فقال: لا". (فاركع ركعتين) لفظُ: (ركعتين) ساقطٌ من نسخةٍ، وفي أخرى: "فصل ركعتين". وفي الحديث: ندبُ تحيةِ المسجدِ للداخل -حال الخطبةِ- وجوازُ الكلامِ فيها. 33 - بَابُ مَنْ جَاءَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ (باب: من جاء والإمام يخطب يصلِّي ركعتين خفيفتين) أي: تحيةَ المسجد. 931 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرًا، قَال: دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَال: "أَصَلَّيْتَ؟ " قَال: لَا، قَال: "قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ". [انظر: 930 - مسلم: 875 - فتح: 2/ 412] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (أصليت) بهمزة الاستفهام، وفي نسخةٍ: "صليت" بدونها. (قال: فصلِّ) في نسخةٍ: "قال: قم فصل"، ومرَّ شرحُ الحديث.

34 - باب رفع اليدين في الخطبة

34 - بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الخُطْبَةِ (باب: رفعِ اليدين في الخطبة) أي: في الدعاءِ فيها. 932 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ يُونُسَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ، فَقَال يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَ الكُرَاعُ، وَهَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا". [933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 412] (عن عبد العزيز) أي: "ابن صهيب" كما في نسخةٍ. (وعن يونس) أي: ابن عبيد. (عن ثابت عن أنس). الواو في (وعن) عاطفةٌ لما بعدها على (عن عبد العزيز) والتقديرُ: وحدثنا مسددٌ قال: حدثنا حمادُ، عن يونسَ، عن ثابت، عن أنس. (يومَ الجمعة) في نسخةٍ: "يوم جمعة". (قام رجل) قيل: هو مرة بنُ كعبٍ، وقيل: العباسُ، وقيل: أبو سفيانَ، وردت الثلاثةُ بخبر أنس الآتي: إنه (أعرابي) ولا يُقال لأحدٍ من الثلاثة أعرابي. (الكُراع) بالضم: اسم لما يجمع من الخيل. (وهلك الشاء) في نسخة: "هلكت الشاء" بلا واو، أي: الغنم، و (الشاء) جمعُ شاةٍ، وأصلُها: شاهةُ؛ لأن تصغيرها: شويهة، جمعُها في القلة: شياهٌ. (فمد يديه) بالتثنية، وفي نسخةٍ: "فمد يده" بالإفراد، وبين بمدهما هنا أنَّه المرادُ برفعهما في الباب الآتي، لا رفعهما كما في تكبير الصلاة. 35 - بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ (باب: الاستسقاءِ في الخطبة يوم الجمعة) أي طلب السقيا فيها أي: المطر.

933 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَال: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَال يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَ المَالُ وَجَاعَ العِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَال الجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الغَدِ وَبَعْدَ الغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ، حَتَّى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ - أَوْ قَال: غَيْرُهُ - فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ البِنَاءُ وَغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَال: "اللَّهُمَّ حَوَاليْنَا وَلَا عَلَيْنَا" فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إلا انْفَرَجَتْ، وَصَارَتِ المَدِينَةُ مِثْلَ الجَوْبَةِ، وَسَال الوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إلا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 413] (الوليد) أي: "ابن مسلم"، كما في نسخةٍ. (أبو عمرو) اسمه: عبدُ الرحمن، وفي نسخةٍ: "أبو عمرو الأوزاعي"؛ نسبةً إلى الأوزاع: قبائلُ شتى، أو بطن من ذي الكلاع من اليمن. (سنة) أي: شدة وجدب. (على عهدِ النبي) في نسخةٍ: "على عهد رسولِ الله" أي: زمنه. (أعرابي) لا يُعرف اسمُه، كما عُلم مما مرَّ. (هلك المال) أي: الحيوانُ؛ لفقد ما يرعاه. (وجاع العيالُ) أي: لعدم وجود ما يقتاتون به من الأقوات المفقودةِ بحبسِ المطرِ. (قزعة) بفتحات، أي: قطعة من سحاب. (ما وضعهما) أي: يديه، وفي نسخةٍ: "ما وضعها" أي: يده. (ثار السحاب) بمثلثة أي: هاج وانتشر. (يتحادر) أي: ينزلُ ويقطر. (ومن الغد) (من) للتبعيض، أو بمعنى: في. (وبعد الغد) في نسخةٍ: "ومن بعد الغد". (حتى الجمعة) بالجرِّ، والنصبِ، والرفع، كما مرَّ نظيرُه في باب: من قال في الخطبةِ بعد

36 - باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب

الثناءِ: أمَّا بعدُ. (قام) في نسخة: "فقام". (فقال: اللهم) لفظ: (فقال) ساقط من نسخة. (حوالينا) بفتح اللام أي: أنزل المطرَ [أو أمطر] (¬1) حوالينا. (ولا علينا) أراد بذلك: ما عدا الأبنية. (إلا انفرجت) أي: انكشفت، أو تدورتْ، كما يدور جيب القميص. (مثل الجوبة) بفتح الجيمِ، وسكونِ الواو، وفتحِ الموحدةِ أي: مثل الفرجةِ في السحاب، أو مثل الترسِ أي: خرجنا والغيمُ والسحابُ محيطان بأكنافِ المدينةِ. (وسال الوادي) أي: سال المطرُ فيه. (قناة) بالرفع بدل من الوادي غيرُ منصرف للتأنيثِ والعلمية؛ لأنه اسمٌ لوادٍ معين من أوديةِ المدينةِ (¬2). (بالجود) بفتح الجيم، وسكون الواو أي: بالمطر الغزيرِ. وفي الحديث: الضراعةُ برفع اليدين، ومعجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بإجابة دعائه متصلا به، والأدبُ في الدعاء؛ حيث سأل رفعَ ضررهِ، ولم يسأل رفعه بالكليةِ، وسؤالُ بقائه في مواضع الحاجةِ، وطلبُ انقطاع المطر عن المنازل إذا تضررت به. 36 - بَابُ الإِنْصَاتِ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ وَإِذَا قَال لِصَاحِبِهِ: أَنْصِتْ، فَقَدْ لَغَا وَقَال سَلْمَانُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ". [فتح: 2/ 413] (باب: الإنصات يوم الجمعة، والإمام يخطب وإذا قال لصاحبه) أي: وهو يتكلمُ. (أنصت فقد لغى) أي: قال اللغو: وهو الكلامُ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) قيل: هي أحد أودية المدينة الثلاثة، عليه حرث ومال. انظر: "معجم البلدان" 4/ 401.

الساقطُ الباطلُ. وقولُه: (وإذا قال لصاحبه .. إلخ) من جملةِ الترجمة. وقولُه: (لصاحبه) أي: لجليسه، وإنما سماه صاحبَا له؛ لا لأنه صاحبهُ في الخطابِ، والجلوسِ. والإنصات: السكوتُ؛ للاستماع. والاستماعُ: الإصغاءُ إلى المسموع، فهما وإنْ تلازما فمختلفان مفهومًا؛ ولهذا أفرد البخاريُّ لكل منهما ترجمة. (ينصت) بضمِّ أوله من أنصتَ، وبفتحه من نصتَ أي: سكتَ، والأفصحُ الضمُّ، وفي نسخةٍ: "وينصت" بواو. 934 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ". [مسلم: 851 - فتح: 2/ 414] (عن عقيل) بضم العين، أي: ابن خالد الأَيلْي. (لغوت) من لغى، يلغو، لغوا، ومثله: لغي بالكسر يلغي لغى، ويروى: "لغيت"، قال النووي: وهي ظاهر القرآن في {وَالْغَوْا فِيهِ} إذا لو كان من: لغى يلغو لقال: والغُو، بضم الغين (¬1). وفي الحديث: النهيُ عن جميع الكلامِ حال الخطبة، والتنبيه بهذا على ما سواه؛ لأنَّ الأمرَ بالمعروفِ إذا كان لغوا، فغيرُه أولى، وبكل حال جمعته صحيحة، وأما خبرُ الإمامِ أحمدَ "ومن قال: صهٍ، فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له" (¬2) فمحمولٌ على نفيِ الكمالِ، جمعًا بين الأدلة. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 6/ 138. (¬2) "مسند أحمد" 1/ 93 من طريق علي بن إسحاق، وإسناده ضعيف لجهالة مولى امرأة عطاء. وأخرجه أبو داود (1051) كتاب: الصلاة، باب: فضل الجمعة. =

37 - باب الساعة التي في يوم الجمعة

37 - بَابُ السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ (باب: الساعةِ في يومِ الجمعةِ) أي: التي يستجاب فيها الدعاءُ يوم الجمعة. 935 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَال: "فِيهِ سَاعَةٌ، لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى شَيْئًا، إلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ" وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. [5294، 6400 - مسلم: 852 - فتح: 2/ 415] (فيه ساعة) أبهمها هنا كليلة القدر، والاسمُ الأعظمُ؛ حتى تتوفر الدواعي على مراقبة ساعةِ ذلك اليوم، لكنها ثبتتْ في أخبارٍ أُخر أرجحها: خبرُ مسلمٍ: أنها ما بين أنْ يجلسَ الإمامُ على المنبرِ إلى أنْ تُقضى الصلاةَ (¬1). وقيل: هي آخرُ ساعةٍ من يوم الجمعةِ. وقيل: عندَ الزوال. وقيل: من العصرِ إلى المغربِ، وقيل: غيرُ ذلك، والصحيحُ الأول وبه جُزم النووي. (وهو قائم) حال. (يصلي) حال ثانية. (يسأل الله) حال ثالثة، والثلاثةُ متداخلة أو مترادفة، وذكر (قائم) جريٌ على الغالب، إذ غيره مثله، أو (قائم) معناه: ملازم، فلا حاجةَ ¬

_ = والبيهقي 3/ 220 كتاب: الجمعة، باب: الإنصات للخطبة. كلاهما من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عطاء الخراساني بهذا الإسناد وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (929)، (934) كتاب: الجمعة بلفظ مختلف. وأما في قوله: فلا جمعة له قال السندي: أي: ليس له الفضل الزائد للجمعة، لا أنه لا تصح صلاته، ولا يسقط عنه التكليف والله أعلم. (¬1) "صحيح مسلم" (853) كتاب: الجمعة، باب: في الساعة التي في يوم الجمعة.

38 - باب: إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة، فصلاة الإمام ومن بقي جائزة

إلى ذلك. (يقللها) أي: يخفها، فهي لحظة لطيفة بين جلوس الإمامِ على المنبر، وانقضاءِ الصلاة. قال شيخُنا: فإن قيل: ظاهرُ الحديثِ حصولُ الإجابة لكل داع بالشرط المتقدم، مع أنَّ الزمانَ يختلف باختلافِ البلاد، والمصلي، وساعةُ الإجابة متعلقة بالوقت، فكيف يتفقُ مع الاختلاف؟. أجيب: باحتمال أنْ تكون ساعة متعلقةٌ بفعل كلِّ مصلٍّ، كما قيل نظيره في ساعةِ الكراهة، ولعل هذا فائدةُ جعل الوقت الممتد مظنةً لها، وإن كانت خفيفةً. انتهى (¬1). 38 - بَابٌ: إِذَا نَفَرَ النَّاسُ عَنِ الإِمَامِ فِي صَلاةِ الجُمُعَةِ، فَصَلاةُ الإِمَامِ وَمَنْ بَقِيَ جَائِزَةٌ (باب: إذا نفر الناسُ عن الإمامِ فصلاةُ الإمام ومن بقي) معه (جائزة) في نسخةٍ بدل (جائزة): "تامة". وشرطُ ذلك عند الشافعي: وجودُ من تنعقد بهم الجمعةُ، ولو برجوعِ بعضِ النافرين قبلَ طولِ الفصل، وهم أربعون بالإمام، كما يُعلم ذلك من أخبارٍ أُخر؛ ولأنَّ الأمةَ أجمعت على اشتراط العدد؛ فلا تصحُّ الجمعةُ إلا بعدد ثبتَ به توقيف، وقد ثبت جوازُها بأربعين، وثبت: "صلوا كما رأيتموني أُصلي" (¬2)، ولم يثبت صلاتُه لها بأقلِّ من ذلك فلا يصحُّ بأقل منه. والمرادُ بالصلاةِ هنا: الخطبةُ أخذًا مما يأتي. 936 - حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، قَال: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 2/ 422. (¬2) سبق تخريجه.

أَبِي الجَعْدِ، قَال: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَتْ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا حَتَّى مَا بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] ". (زائدة) أي: ابن قدامة. (حصين) بالتصغير أي: ابن عبد الرحمن الواسطيُّ. (بينما) بميم، وفي نسخةٍ: "بينا" بحذفها. (نحن نصلّي) أي: الجمعة أي: ننتظرها، جمعًا بينه وبين خبر مسلمٍ: ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب (¬1) وهو من تسمية الشيء بما قاربه. قال شيخُنا: ويؤيده استدلال ابن مسعودٍ على القيام في الخطبة بالآية المذكورة (¬2). (إذ أقبلت عير) جواب (بينما). (والعير) بكسر العين: الإبل؛ لأنها تعير أي: تذهب وتجيء. (تحمل طعامًا) أي: من الشام، لدحيةَ الكلبيّ، أو لعبدِ الرحمن بنِ عوفٍ، كما جاء كل منهما في رواية، وجمع بينهما بأنَّ التجارةَ كانت لعبد الرحمن بن عوفٍ، وكان دحيةُ سفيرًا فيها، أو بأنهما كانا مشتركين. (فالتفتوا) أي: انصرفوا، وكان ذلك قبل نزولِ آية {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ} [النور: 37]. (إلا اثنا عشر) بالألف على أنه استثناءٌ مفرغٌ، وفي نسخة: "إلا اثني عشر" بالياء، قيل: على أنْ يكون الاستثناءُ من الضمير في (بَقيَ) العائدُ إلى المصلّي، أو على أنه بني كثلاثةَ عشَر إلى أو أجراها على ما ينصب به وهو الياء، وقد احتج به مالكٌ على انعقاد الجمعةِ باثني عشر، وأجيب: باحتمال أنهم رجعوا، ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (863) كتاب: الجمعة، باب: في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} من حديث جابر بن عبد الله. (¬2) "الفتح" 2/ 423.

39 - باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها

أو رجع منهم تمامُ أربعين قبل طولَ الفصل، فأتم بهم الجمعةَ. (أو لهوًا) هو: الطبلُ الذي كان يُضربُ به؛ لقدوم التجارة فرحا؛ بقدومها وإعلامًا به. ({انْفَضُّوا إِلَيْهَا}) أي: إلى رؤية التجارة، أو اللهو، أو إلى التجارة، وحذفه (من اللهو) اكتفاءً بذكره في التجارة، أو لأنَّ اللهوَ لم يكن مقصودًا لذاته، بل تبعا للتجارة. 39 - بَابُ الصَّلاةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ وَقَبْلَهَا (باب: الصلاةِ بعد الجمعةِ وقبلها) قدم بعدها على (قبلها) مع أن (قبلها) مقدَّم؛ لتصريح الحديث بعدها دون (قبلها). 937 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ العِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ". [1165، 1172، 1180 - مسلم: 729، 882 - فتح: 2/ 425] (عن عبد (¬1) الله بن عمر) لفظُ: (ابن عمر) ساقطٌ من نسخةٍ. (حتى ينصرفَ) أي: إلى بيته. ففيه: أنَّ صلاة النفل في الخلوة أولى، ولم يذكر في الحديث صلاةً قبل الجمعة؛ ولأنه قاسها على الظهر، ويستدلُّ له بعموم خبر ابن حبان في "صحيحه": "ما من صلاةٍ مفروضةٍ إلا وبين يديها ركعتان" (¬2). 40 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] ¬

_ (¬1) في الأصل: [عبيد الله]. (¬2) "صحيح ابن حبان" 6/ 208 (2455) كتاب: الصلاة، باب: النوافل.

(باب: قول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ}) أي: صلاةُ الجمعةِ، أي: أديتموها. ({فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}) أي: للتصرف في حوائجكم. (وابتغوا) أي: اطلبوا الرزقَ. (من فضلِ الله) أي: رزقه. والأمرُ في الموضعين للإباحة بعد الحظر. 938 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: "كَانَتْ فِينَا امْرَأَةٌ تَجْعَلُ عَلَى أَرْبِعَاءَ فِي مَزْرَعَةٍ لَهَا سِلْقًا، فَكَانَتْ إِذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ تَنْزِعُ أُصُولَ السِّلْقِ، فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ، ثُمَّ تَجْعَلُ عَلَيْهِ قَبْضَةً مِنْ شَعِيرٍ تَطْحَنُهَا، فَتَكُونُ أُصُولُ السِّلْقِ عَرْقَهُ، وَكُنَّا نَنْصَرِفُ مِنْ صَلاةِ الجُمُعَةِ، فَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَتُقَرِّبُ ذَلِكَ الطَّعَامَ إِلَيْنَا، فَنَلْعَقُهُ وَكُنَّا نَتَمَنَّى يَوْمَ الجُمُعَةِ لِطَعَامِهَا ذَلِكَ". [939، 941، 2349، 5403، 6248، 6279 - مسلم: 859 - فتح: 2/ 427] (حدثنا سعيد) في نسخةٍ: "حدثني سعيد". (أبو غسان) هو محمدُ بنُ مطرٍ. (أبو حازم) هو سلمةُ بنُ دينار. (عن سهل بن سعد) لفظُ: (ابن سعد) ساقطٌ من نسخةٍ. (امرأة) لم تسم. (تجعل) بجيم وعين، وفي نسخةٍ: "تحقل" بحاء وقاف أي: تزرع. (أربعاء) بكسر الموحدة والمدّ جمع ربيع: وهو النهرُ الصغيرُ الذي يسقي المزارعَ، وقيل: حافتُه. (مزرعة) بفتح الراء، أفصحُ من ضمّها وكسرها. (سلقا) بكسر السين، وبالنصب مفعول (تجعل)، أو (تحقل) على النسختين، وفي نسخة: "سلق" بالرفع على أنه مفعول ما لم يسم فاعلُه بجعل الفعلين المذكورين مبنيين للمفعول. (قبضة) بضم القاف، وفتحها، وكلامُ الجوهري صريح في أن الضم أكثر (¬1). (تطحنها) حال من (قبضة) وفي نسخةٍ: "تطبخها" ¬

_ (¬1) انظر: "الصحاح" 3/ 1100.

بموحدةٍ وخاء معجمة من الطبخ. (عرقه) بفتح العين وسكون الراء المهملتين فقاف فهاء ضمير اللحمُ الذي عليه العظم أي: كانت أصولُ السلق عوضَ اللحمِ، يقال: عرقت العظمَ عرقًا: إذا أكلتُ ما عليه من اللحم، وفي نسخة: "غرقهَ" بفتح المعجمة وكسر الراء، وبعد القاف هاء تأنيث، يعني: أنَّ لسلق يغرق في المرقةِ؛ لشدة نضجه، وفي أخرى: "غرفه" بغين معجمةٍ مفتوحة، فراءٍ ساكنة، ففاءٍ فهاء ضمير، أي: مرقُه الذي يُغرف، وقال الزركشيُّ: وليس بشيءٍ. (فنلعقه) بفتح العين: من لَعِقَ يلعق، من باب: علم يعلم. (وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك) أي: نلعق ما هيأته لنا. ومطابقته للترجمةِ من حيث: إنهم كانوا بعد انصرافهم من الجمعة يبتغون ما كانت تلك المرأة تهيئه من أصول السلق. 939 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، بِهَذَا، وَقَال: "مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إلا بَعْدَ الجُمُعَةِ". [انظر: 938 - مسلم: 859 - فتح: 2/ 427] (ابن أبي حازم) اسمه: عبد العزيز. (بهذا) أي: بهذا الحديث. (نقيل) أي: نستريح نصف النهار. (ولا نتغدى) بدال مهملة، وتمسك الإمامُ أحمدُ بالحديث لجوازِ صلاةِ الجمعة قبلَ الزوال، وأجيب: بأن المرادَ بأنَّ قيلولتهم، وغداءَهم عوضٌ عما فاتهم، فالغداء عمَّا فات من أولِ النهار، والقيلولةُ عما فات من وقتِ المبادرة بالجمعة عقبَ الزوالِ.

41 - باب القائلة بعد الجمعة

41 - بَابُ القَائِلَةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ (باب: القائلة بعد الجمعة) أي: الاستراحة بعدها، وإنْ لم يكن معها نوم. 940 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيُّ الكُوفِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: "كُنَّا نُبَكِّرُ إِلَى الجُمُعَةِ، ثُمَّ نَقِيلُ". [انظر: 905 - فتح: 2/ 428] (الشيباني) في نسخةٍ: "الكوفي ". (عن حُميد) أي: ابن أبي حُميد الطويلُ. (قال: سمعت أنسًا يقول) في نسخةٍ: "عن أنس قال". (إلى الجمعة) في نسخةٍ: "يوم الجمعة" وكل منهما متعلق بـ (نبكر). 941 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجُمُعَةَ، ثُمَّ تَكُونُ القَائِلَةُ". [انظر: 938 - مسلم: 859 - فتح: 2/ 428] (عن سهل) أي: "ابن سعد"، كما في نسخة. (ثم تكون القائلة) أي: توجد، ومرَّ شرحُ الحديث.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «لَا يشْكر الله مَنْ لَا يشْكر النَّاسَ» الحمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِه تتمُ الصالحاتُ فإنَّ إِخْرَاج هَذَا الْكتاب بِهَذِهِ الصُّورَة فِي فَتْرَة وجيزة كَانَ ثمرةَ تعاونٍ مَعَ: "مَرْكَز الْفَلاح للبحوث العلمية" لصَاحبه الشَّيْخ خَالِد الرِّبَاط وَالَّذِي عاون فِي الإشراف على هَذَا الْكتاب، بمشاركة الْأُخوة: خَالِد بُكير، وعصام حمدي (فِي الْمُقَابلَة وَالتَّعْلِيق والمراجعات) نَادِي فكري، وَمُحَمّد رَمَضَان (فِي التَّخْرِيج وَالتَّعْلِيق) كَمَا قَامَ بمراجعة متن البُخَارِيّ وَضَبطه: الدكتور جُمُعَة فتحي، وَالْأَخ أَحْمد روبي فجزاهم الله خيرًا وكل من شَارك مَعَهم على مَا بذلوه من جهد وَعون، أسأَل الله أَن يَجْعله فِي ميزَان حسناتهم، إنَّهُ سميع مُجيب. سُلَيْمَان بن دريع العازمي الكويت هَاتِف: 009659532016

منْحَةُ البَارِي بِشَرْح صَحِيح البُخَارِي [3]

جَمِيع الحقُوق مَحفُوظَة الطَّبعَة الأولى 1426 - هـ - 2005 م مكتبة الرشد ناشرون المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض - شَارِع الْأَمِير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن (طَرِيق الْحجاز) ص. ب: 17522 - الرياض: 11494 - هَاتِف: 4593451 - فاكس: 4573381 Email : [email protected] Website : www.rushd.com * فرع طَرِيق الْملك فَهد: الرياض - هَاتِف: 2051500 - فاكس: 2052301 * فرع مَكَّة المكرمة: هَاتِف: 5585401 - فاكس: 5583506 * فرع الْمَدِينَة المنورة: شَارِع أبي ذَر الْغِفَارِيّ - هَاتِف: 8340600 - فاكس: 8383427 * فرع جدة: ميدان الطائرة - هَاتِف: 6776331 - فاكس: 6776354 * فرع القصيم: بُرَيْدَة - طَرِيق الْمَدِينَة - هَاتِف: 3242214 - فاكس: 3241358 * فرع أَبِهَا: شَارِع الْملك فيصل - تلفاكس: 2317307 * فرع الدمام: شَارِع الْخزَّان - هَاتِف: 8150566 - فاكس: 8418473 وكلاؤنا فِي الْخَارِج * الْقَاهِرَة: مكتبة الرشد - هَاتِف: 2744605 * بيروت: دَار ابْن حزم هَاتِف: 701974 * الْمغرب: الدَّار الْبَيْضَاء - وراقة التَّوْفِيق - هَاتِف: 303162 - فاكس: 303167 * الْيمن: صنعاء - دَار الْآثَار - هَاتِف: 603756 * الْأُرْدُن: عمان - الدَّار الأثرية: 6584092 - جوال: 796841221 * الْبَحْرين: مكتبة الغرباء - هَاتِف: 957833 - 945733 * الإمارات: مكتبة دبي للتوزيع - هَاتِف: 43339998 - فاكس: 43337800 * سوريا: دَار البشائر: 231668 * قطر: مكتبة ابْن الْقيم - هَاتِف: 4863533

12 - كتاب صلاة الخوف

12 - كتاب صلاة الخوف

1 - باب صلاة الخوف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 12 - كتَابُ صَلَاةِ الخَوْفِ 1 - باب صَلَاةِ الخَوْفِ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ، إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، إِنَّ الكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا، وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ، وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ، فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ، وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ، وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ، وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً، وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ، وَخُذُوا حِذْرَكُمْ، إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 102] (باب: صلاة الخوف) في نسخةٍ: "أبواب صلاة الخوف" وفي أخرى: "كتاب: صلاة الخوف" وهي أحسن. (وقولِ الله) بالجر عطف على (صلاة الخوف) وفي نسخةٍ: "قال الله" وذكر كل منهما الآيتان بلفظيهما، وفي نسخة: "وقول الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} إلى قوله: {عَذَابًا مُهِينًا} " وسقط منها في أخرى " {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} " وذكر في أخرى الآية الأولى، ومن الثانية إلى قوله: "معك" ثمَّ قال: "إلى قوله: {عَذَابًا مُهِينًا} " وتفسيرُ الآيتين، وفقههما يُطلب من كتبِ التفسير والفقه. 942 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: سَأَلْتُهُ هَلْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ - يَعْنِي صَلاةَ الخَوْفِ - قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ

اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا العَدُوَّ، فَصَافَفْنَا لَهُمْ، "فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي لَنَا، فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ تُصَلِّي وَأَقْبَلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى العَدُوِّ، وَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ مَعَهُ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَكَانَ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ، فَجَاءُوا، فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ". [943، 4132، 4133، 4535 - مسلم: 839 - فتح: 2/ 429] (أبو اليمان) هو الحكمُ بنُ نافع. (شعيب) هو ابن أبي حمزةَ. (قال) أي: شعيب. (سألته) أي: الزهري. (قال) أي: الزهري، وفي نسخةٍ: "فقال". (سالم) هو ابن عبد الله بنُ عمر. (مع رسول الله) في نسخةٍ: "مع النبي". (قِبل نجد) بكسر القاف، أي: جهة، وكانت هذه الغزوةُ، غزوةُ ذات الرقاع (¬1). (فوازينا) بالزاي، ¬

_ (¬1) أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد إجلاء بني النصير بالمدينة شهر ربيع الآخر وبعض جمادي الأولى صدر السنة الرابعة بعد الهجرة. ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة بن سعد بن غطفان. واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري، وقيل: بل استعمل يومئذ عليها عثمان بن عفان. والأول أكثر. ونهض لله حتى نزل نخلا وإنما سميت هذه الغزوة ذات الرقاع؛ لأن أقدامهم نقبت فكانوا يلفون عليها الخِرَق. وقيل: بل قيل لها ذات الرقاع؛ لأنهم رقعوا راياتهم فيها. ويقال: ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع تُدْعى ذات الرقاع. وقيل: بل الجبل الذي نزلوا عليه كانت أرضه ذات ألوان من حمرة وصفرة وسواد، فسموا غزوتهم تلك ذات الرقاع. والله أعلم. ولقي النبي - صلى الله عليه وسلم - بنخل جَمْعان من غطفان، فتواقفوا، إلا إنه لم يكن بينهم قتال. وصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ صلاة الخوف. انظر: "غزوات الرسول وسراياه" لابن سعد ص 61. و"الدر في اختصار المغازي والسير" لابن عبد البر ص 167.

2 - باب صلاة الخوف رجالا وركبانا راجل قائم

أي: قابلنا وحاذينا. (فصففنا لهم) في نسخةٍ: "فصاففناهم". (فقامت طائفةٌ معه) أي: "تصلي" كما في نسخة. (فركع) ولصلاة الخوفِ أنواع، وتفصيلاتٌ ذكرتها مع المختار منها في "شرح البهجة" وغيرهِ (¬1). 2 - بَابُ صَلاةِ الخَوْفِ رِجَالًا وَرُكْبَانًا رَاجِلٌ قَائِمٌ (باب: صلاةِ الخوف رجالا وركبانا) أي: عند الاختلاط، وشدةِ الخوف. (راجل: قائم) بيَّن به أن راجلا مفرد رجال، وأنَّ المرادَ به: القائمُ؛ أخذًا من قوله في الحديث: (فليصلوا قيامًا وركبانًا). لكن المرادَ بالقائم الماشي، فلو أُبدل (قائم) بماشٍ لكان أولى بقوله: (وركبانا) وتفسير الرجال بالمشاة في نحو قوله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا}. 943 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القُرَشِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ: إِذَا اخْتَلَطُوا قِيَامًا، وَزَادَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَلْيُصَلُّوا قِيَامًا وَرُكْبَانًا". [انظر: 942 - مسلم: 839 - فتح: 2/ 431] (حدثني) في نسخةٍ: "حدثنا أبي". (ابن جريج) هو عبدُ الملكِ بنُ عبد العزيز. (نحوًا من قول مجاهد .. إلخ) قال الكرماني: معناه: أنَّ نافعًا روى عن ابن عمر نحوًا مما روى مجاهد أيضًا عن ابن عمر، والمرويُّ المشتركُ بينهما هو: (إذا اختلطوا قيامًا)، أو هو مع لفظ: (وإنْ كانوا .. إلخ) ثم قال: ومفهوم كلامِ ابن بطال: أنَّ ابن عمر قال مثل قول ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب" 1/ 270، و"فتح الوهاب" 1/ 80.

3 - باب يحرس بعضهم بعضا في صلاة الخوف

مجاهد، وأن قولهما مثلان في الصورتين أي: في الاختلاط، وفي الأكثرية، وأنَّ الذي زاد هو ابن عمر لا نافع (¬1)، ونقل شيخنا ذلك، وصوَّب قولَ ابن بطال، ثم قال: والحاصلُ: ما رواه ابن عمرَ ومجاهد حديثان: مرفوع، وموقوف، وقد يروى كله أو بعضُه موقوفًا عليه أيضًا، والموقوفُ من قول مجاهد لم يروه عن أحد، ولم أعرف من أين وقع للكرماني أنَّ مجاهدا روى هذا الحديث عن ابن عمر (¬2)، وأطال في ذلك مع زيادةٍ، وقوله: (إذا اختلطوا) مقولُ قول مجاهد. و (قيامًا) حال من فاعل (اختلطوا) وجواب (إذا) محذوف أي: فصلاتُهم بالإيماء، كما دلَّ عليه رواية الإسماعيلي عن مجاهد (¬3) (إذا اختلطوا) فإنما هو الإشارة بالرأس. 3 - بَابُ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي صَلاةِ الخَوْفِ (باب: يحرس بعضهم بعضا في صلاة الخوف) أي: إذا كان العدو في جهة القبلة. 944 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا مَعَهُ وَرَكَعَ وَرَكَعَ نَاسٌ مِنْهُمْ مَعَهُ، ثُمَّ سَجَدَ ¬

_ (¬1) "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 2/ 537. (¬2) "الفتح" 2/ 432. (¬3) عزاه ابن حجر للإسماعيلي في "مستخرجه" عن الهيثم بن خلف عن سعد. وقال: ساقه الإسماعيلي من طريق أخرى بين لفظ مجاهد وبين فيها الواسطة بين ابن جريج وبينه، فأخرجه من رواية حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد وذكره انتهى. انظر: "الفتح" 2/ 432.

4 - باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو

وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ لِلثَّانِيَةِ، فَقَامَ الَّذِينَ سَجَدُوا وَحَرَسُوا إِخْوَانَهُمْ وَأَتَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى، فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا مَعَهُ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ فِي صَلاةٍ، وَلَكِنْ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا". [فتح: 2/ 433] (حيوة) بفتح المهملة وسكون التحتية وفتح الواو. (ابن شريح) بضم المعجمة، وفتح الراء، وبحاء مهملة. (عن الزبيدي) هو محمدُ بن الوليد، وفي نسخةٍ: "حدثنا الزبيدي". (وقام) في نسخة: "فقام". (وركع ناسٌ منهم) أي: "معه" كما في نسخةٍ. (ثم قام للثانية) في نسخة: "ثم قام الثانية" أي: إليها. (وأتت الطائفةُ الأخرى) أي: التي لم تركعُ ولم تسجدْ معه في الركعةِ الأولى، وهذا فيما إذا كان العدو في جهة القبلة، كما مرَّ وهذه صلاتهُ - صلى الله عليه وسلم -[بعسفان] (¬1) (في صلاة) في نسخة: "في الصلاة" والحديث صادق بأنْ تركعَ وتسجدَ الطائفةُ التي تليه - صلى الله عليه وسلم - معه في الركعة الأولى، والثانيةُ في الثانية، وبالعكس مع تحول كلٌّ منهما إلى مكان الأخرى، وقد بسطتُ الكلام على ذلك في "شرح البهجة" وغيره (¬2). 4 - بَابُ الصَّلاةِ عِنْدَ مُنَاهَضَةِ الحُصُونِ وَلِقَاءِ العَدُوِّ وَقَال الأَوْزَاعِيُّ: "إِنْ كَانَ تَهَيَّأَ الفَتْحُ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلاةِ صَلَّوْا إِيمَاءً كُلُّ امْرِئٍ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الإِيمَاءِ أَخَّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى يَنْكَشِفَ القِتَالُ أَوْ يَأْمَنُوا، فَيُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا صَلَّوْا رَكْعَةً ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) انظر: "أسنى المطالب" 1/ 270، و"فتح الوهاب" 1/ 80.

وَسَجْدَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا لَا يُجْزِئُهُمُ التَّكْبِيرُ، وَيُؤَخِّرُوهَا حَتَّى يَأْمَنُوا" وَبِهِ قَال مَكْحُولٌ " وَقَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "حَضَرْتُ عِنْدَ مُنَاهَضَةِ حِصْنِ تُسْتَرَ عِنْدَ إِضَاءَةِ الفَجْرِ، وَاشْتَدَّ اشْتِعَالُ القِتَالِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلاةِ، فَلَمْ نُصَلِّ إلا بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، فَصَلَّيْنَاهَا وَنَحْنُ مَعَ أَبِي مُوسَى فَفُتِحَ لَنَا، وَقَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَمَا يَسُرُّنِي بِتِلْكَ الصَّلاةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". (باب: الصلاة عند مناهضة الحصون) أي: مقاومة من فيها، يقال: ناهضَّتُه، أي: قاومتُه، وتناهض القومُ في الحرب: إذا نهض كلُّ فريقٍ إلى صاحبه. (ولقاء العدو) بالجر عطف على (مناهضة) من عطفِ العامِّ على الخاصِّ. (وقال الأوزاعي) اسمه: عبدُ الرحمن. (تهيأ الفتح) أي: قَرُبَ وقوعُه. (ولم يقدروا على الصلاة) أي: على إتمامها أفعالا. (صلوا إيماء) أي: مومئين. (كل امرئ لنفسه) أي: بالإيماء منفردا. (حتى ينكشفَ القتالُ) أي: وإنْ لم يأمنوا. (أو يأمنوا) أي: وإن لم ينكشفَ القتالُ بأنْ زادت قوتهم، أو مُدُّوا بعددٍ وبذلك صحَّ كون الأمن قسيم الانكشاف. (فإن لم يقدروا) أي: على صلاةِ ركعتين بالفعل، أو بالإيماء. (صلوا ركعة أو سجدتين) أي: بالفعل إنْ قدروا، وإلا فبالإيماء، وهذا مذهبُ الأوزاعي. والجمهور: على أنَّه لا بد من ركعتين بالفعل، أو بالإيماء. (فإن لم يقدروا) أي: على صلاةِ ركعتين وسجدتين بالفعل، أو بالإيماء، وهذا ساقطٌ من نسخةٍ. (لا يجزيهم التكبير) خلافًا لمن قال: بأنه يجزئ. (ويؤخرونها) أي: الصلاة. (حتى يأمنوا) أي: الأمان التام. (وبه) أي: وبقول الأوزاعي. (قال مكحول) أي: الدمشقيُّ

التابعيُّ. (وقال أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخةٍ. (حضرت عند مناهضة) في نسخةٍ: "حضرت مناهضة" (حصن تستر) بفوقيتين أولاهما: مضمومة، والثانية: مفتوحة بينهما مهملة ساكنة: مدينةٌ مشهورةٌ من كور الأهواز بخورستان (¬1). (واشتد اشتعال القتال) شبه القتال بالنارِ، وهو استعارةٌ بالكناية. (فلم يقدروا على الصلاة) أي: لعجزهم عن الوضوء من شدةِ القتال، أو من النزول، أو الإيماء. (وقال أنس) في نسخةٍ: "فقال أنس"، وفي أخرى: "قال أنس". (بتلك) الباء للبدليَّة، وفي نسخةٍ: "من تلك" فمن بمعنى الباء، كعكسه في قوله تعالى: {يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}. (الدنيا ومن فيها) أي: مما يتعلقُ بها، كالمعاملات. (لا بالآخرة) كالصلوات. 945 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ البُخَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُبَارَكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: جَاءَ عُمَرُ يَوْمَ الخَنْدَقِ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا صَلَّيْتُ العَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَنَا وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا بَعْدُ" قَال: فَنَزَلَ إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ بَعْدَهَا. [انظر: 596 - مسلم: 631 - فتح: 2/ 434] (يحيى) أي: "ابن جعفر البخاري"، كما في نسخة. (وكيع) بفتح الواو، وكسر الكاف. (علي بن مبارك) في نسخةٍ: "علي بن المبارك". (عن أبي سلمة) بفتح اللام: ابن عبد الرحمن. (يوم الخندق) أي: يومَ وقعته لما تحزبت الأحزابُ، وذلك سنةُ أربعٍ. (فجعل يسب كفارَ قريش)؛ لتسببهم في اشتغال المؤمنين عن ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 29.

5 - باب صلاة الطالب والمطلوب راكبا وإيماء

الصلاة حتى فاتت. (حتى كادت الشمسُ أنْ تغيبَ) لفظة: (أنْ) ساقطة من نسخةٍ، وهي جارية على الأكثر من تجريد خبر كاد من أنْ، وظاهرُ قول عمرِ ذلك: أنه صلَّى العصرَ قبل الغروب، والذي صرح به في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما صلاها أي: مع بقيةَ أصحابهِ بعد الغروبِ، وتأخيرها كان قبل صلاةِ الخوف، ثم نسخِ، أو نسيانا، أو عمدا؛ لتعذر الطهارة، أو الإيماء للشغلِ بالقتال. (بطحان) بضم الموحدة، وقد سبق استيفاء شرح الحديث في باب: من صلى بالناسِ جماعة بعد ذهاب الوقت. 5 - بَابُ صَلاةِ الطَّالِبِ وَالمَطْلُوبِ رَاكِبًا وَإِيمَاءً وَقَال الوَلِيدُ: ذَكَرْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ صَلاةَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ وَأَصْحَابِهِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ، فَقَال: "كَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا إِذَا تُخُوِّفَ الفَوْتُ" وَاحْتَجَّ الوَلِيدُ: بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ". (باب: صلاةِ الطالب) أي: للعدو. (والمطلوب) أي: منه. (راكبًا أو إيماءً) أي: مومئًا، وفي نسخةٍ: "قائما" وفي أخرى: "أو قائما" والبخاريُّ أطلق حكم صلاة الطالب. وفيه خلاف وتفصيل، فقد قال ابن بطال: اتفقوا على صلاة المطلوب راكبًا، فاختلفوا في الطالب: فمنعه الشافعي، وأحمدَ (¬1)، وقال مالك: يصلي راكبًا حيث توجه إذا خاف فوتَ العدو إنْ نزل. (وقال الوليد) أي: ابن مسلم. (ذكرت للأوزاعي) أي: عبد الرحمن بن عمرو. بضم المعجمة، وفتح الراء وإسكان المهملة وكسر الموحدة. (ابن السمط) بكسر المهملة، وسكونِ الميم، ¬

_ (¬1) "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 2/ 543.

وضبطه ابن الأثير بفتحِ فكسر (¬1). (فقال) في نسخةٍ: "قال". (كذلك الأمرِ) أي: الشأن، والكاف زائدة، أو للتشبيه، فالأمرُ على الثاني مبتدأ، وما قبله خبره، وعلى الأولِ بالعكس أي: أداءُ الصلاةِ من الراكبِ مومئًا هو الشأنُ. (إذا تخوَّف الفوتَ) أي: فوت الوقت، أو العدو، أو النفس، وهو بالنصبِ إنْ بُني (تخوف) للفاعل وبالرفع إنْ بُني للمفعول، وزاد في نسخةٍ: "في الوقت". (واحتج الوليد) أي: لمذهب الأوزاعي في صورة الطالب. (بقول النبي .. إلخ) أي: لأنه (- صلى الله عليه وسلم -) لم يُعنِّف مَنْ صلاها راكبًا بالإيماء أو لأنه لم يعنِّف على تأخيرها عن وقتها، فصلاةُ الطالب في الوقتِ بالإيماء راكبًا أولى من تأخيرها عنه. والحاصلُ: أنَّ وجهَ الاستدلال من الحديث: صريح على الأولِ. وبمفهوم الأول على الثاني. - باب 946 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَال: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: "لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ" فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَال بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ. [4119 - مسلم: 1770 - فتح: 2/ 436] (باب) ساقط من نسخة. (جويرية) مصغر جارية أي: ابن أسماء، وهو عم عبدُ الله الراوي عنه. ¬

_ (¬1) انظر: "اللباب في تهذيب الأنساب" 2/ 138.

(من الأحزاب) أي: في غزوة الخندق. (لا يصلين) بنون التوكيدِ الثقيلةِ. (أحد العصر) استشكل بقول مسلمٍ: "أحد الظهر" (¬1) وأجيب: بأنَّ ذلك كان بعد دخولِ وقتِ الظهر، فقيل لمن صلاها بالمدينة: لا تصليَ العصر، ولمن لم يصلها: لا تصلي الظهرَ. (إلا في بني قريظة) بضم القاف. وفتح الراء والظاء المعجمة: فرقة من اليهود. (بعضهم العصر) بنصب الأول ورفع الثاني، وضمير (بعضهم) راجع لـ (أحد) وأما ضميرُ (بعضهم) في الثاني، والثالث فراجع إلى (بعضهم) الأول. (فقال) في نسخةٍ: "وقال". (لا نصلي حتى نأتيها) أي: عملًا بظاهر قوله: (لا يُصلينَّ .. إلخ). (وقال بعضهم: بل نصلي) أي: نظرًا إلى المعنى لا إلى ظاهر اللفظ، وفي نسخة: "بل نصل" بحذف الياء؛ تخفيفًا، نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4]. (لم يرد منا ذلك) ببناء (يرد) للمفعول، أو للفاعل، والمعنى أن المرادَ من قوله: (لا يصلينَّ أحد .. إلخ) لازمه: هو الاستعجالُ في الذهاب لبني قريظةَ، لا حقيقة ترك الصلاةِ، كأنه قال: أدُّوا الصلاة في بني قريظةَ إلا أنْ يدركَكُم وقتُها قبل أنْ تصلوا إليهم. فجمعوا بين دليلي وجوب الصلاة في الوقت، ووجوب الإسراع فصلوا ركبانًا بالإيماء. (فلم يعنف) أي: فلم يعير. (واحدًا) في نسخة: "أحدًا". قال النووي: لا احتجاج بذلك على إصابة كل مجتهد؛ لأنه لم يصرح بإصابتهما، بل ترك التعنيف، ولا خلاف أن المجتهد لا يعنف، ولو أخطأ، إذا بذل وسعه (¬2)، وأما اختلافهما فسببه تعارض الأدلة عندهما، فالصلاة مأمور بها في الوقت، والمفهوم من (لا يصلين .. إلخ) المبادرة إلى بني قريظة، فأخذ بالأول: من صلى لخوف فوات الوقت، وبالثاني: مَنْ أخَّر. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1770). (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 98.

6 - باب التكبير والغلس بالصبح، والصلاة عند الإغارة والحرب

6 - بَابُ التَّكْبِيرِ وَالغَلَسِ بِالصُّبْحِ، وَالصَّلاةِ عِنْدَ الإِغَارَةِ وَالحَرْبِ (باب: التبكير) بموحدة قبل الكاف، من بكر إذا بادر، وفي نسخة: "التكبير" بموحدة بعد الكاف، أي: قول: الله أكبر. (الغلس) هو ظلمة آخر الليل كما مرَّ. (التغليس بالصبح والصلاة) العطف فيه وفيما قبله: للتفسير. (عند الإغارة) أي: الهجوم على العدو غفلة. (والحرب) أي: قتال الكفار، ولو بلا إغارة. 947 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ رَكِبَ فَقَال: "اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ: {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ} [الصافات: 177] " فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ وَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ - قَال: وَالخَمِيسُ الجَيْشُ - فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَتَلَ المُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذَّرَارِيَّ، فَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الكَلْبِيِّ، وَصَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا " فَقَال عَبْدُ العَزِيزِ، لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: مَا أَمْهَرَهَا؟ قَال: أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا، فَتَبَسَّمَ. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 2/ 438] (حماد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة. (عن أنس بن مالك) لفظ: (مالك) ساقط من نسخة. (صلى الصبح) أي: بخيبر (بغلس) أي: في أول وقتها على عادته أي: لأجل مبادرته إلى ركوبه للقتال. (خربت خيبر) قاله ثقة بوعد الله تعالى له بقوله: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)} [الصافات: 171] الآيات. (بساحة قوم) أي: بفنائهم. ({فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ}) أي: فبئس صباح المنذرين صباحهم. (في السكك) بكسر السين: جمع سكة أي: في أزقة خيبر. (محمد) أي: جاء، أو هذا محمد (والخميس) بالرفع عطف على (محمد) وبالنصب على أنه مفعول معه. (قال) أي:

أنس. (والخميس الجيش) سمي خميسًا؛ لانقسامه كما مرَّ إلى خمسة: ميمنة، وميسرة، وقلب، ومقدمة، وساقة. (فقتل المقاتلة) أي: النفوس. (المقاتلة) بكسر الفوقية. (سبى الذراري) بذال معجمة، وياء مشددة، وقد تخفف جمع ذرية: وهي الولد، والمراد بـ (الذراري): غير المقاتلة، ولو نساء بدليل قوله: (فصارت صفية لدحية الكلبي) حيث أعطاها له النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل القسمة؛ لأن له صفي المغنم يعطيه لمن شاء. (وصارت) أي: فصارت، أو ثم صارت. (لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) استرجعها من دحية برضاه، أو اشتراها منه، أو إنه إنما كان أذن له في جارية من حشو السبي لا من أفضلهن، فلما رآه أخذ أنفسهن نسبًا، وشرفًا، وجمالا استرجعها؛ لأنه لم يأذن له فيها، ورأى أن في إبقائها مفسدة؛ لتميزه بها عن بقية الجيش؛ ولما فيه من انتهاكها مع مرتبتها، وربما ترتب على ذلك شقاق، فكان أخذها لنفسه - صلى الله عليه وسلم - قاطعًا لهذه المفاسد. (عتقها) في نسخة: "عتقتها" بزيادة فوقية بعد القاف المفتوحة. (أنت) في نسخة: "أأنت" بذكر همزة الاستفهام. (أنسًا) في نسخة: "أنس بن مالك". (ما أمهرها) في نسخة: "ما مهرها" وهي لغتان، وفائدة سؤاله عن ذلك مع علمه به من قوله: (جعل عتقها صداقها): التأكيد، أو التثبيت في الرواية، وغاير بينهما لفظًا للتوسعة في التعبير. (قال: أمهرها نفسها) أي: أعتقها وتزوجها بلا مهر، وهو من خصائصه. وفي الحديث: ندب التكبير عند الإشراف على المدن والقرى؛ إظهارًا لدين الله تعالى، وتنزيهًا له عن كل ما نسبه إليه أعداؤه. والتفاؤل بخراب خيبر؛ لسعادة المسلمين، وقد مرَّ ذلك في باب: ما يذكر في الفخذ.

13 - كتاب العيدين

13 - كتاب العيدين

1 - باب: في العيدين والتجمل فيه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [13 - كِتابُ العِيدَيْنِ] 1 - بَابٌ: فِي العِيدَيْنِ وَالتَّجَمُّلِ فِيهِ (كتاب: العيدين) أي: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وهذا ساقط من نسخة، وفي أخرى بدله: "أبواب العيدين" واقتصر في أخرى على قوله: "باب: في العيدين"، وفي أخرى: تقديم هذا على البسملة، وفي أخرى: "باب: ما جاء في العيدين والتجمل فيه" أي: في كل من العيدين، وفي نسخة: "والتجمل فيهما". 948 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَال: أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالوُفُودِ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ" فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّكَ قُلْتَ: "إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ" وَأَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ الجُبَّةِ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ". [انظر: 886 - مسلم: 2068 - فتح: 2/ 439] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) هو ابن أبي حمزة. (أخذ عمر) وفي نسخة: "وجد عمر". قال شيخنا: وهو أوجه. قال الكرماني: الأول بأنه أراد ملزوم الأخذ -وهو الشراء- وفيه نظر؛

2 - باب الحراب والدرق يوم العيد

لأنه لم يقع منه ذلك فلعله أراد السوم (¬1). (من إستبرق) هو غليظ الديباج، وهو المتخذ من الإبريسم. (تباع) في محل نصب صفة لـ (جبة). (فأتى رسول الله) في نسخة: "فأتى بها رسول الله". (ابتع هذه تجمل بها) بجزم الفعلين، ثانيهما جواب الأول، وفي نسخة: "ابتاع .. إلخ" بإشباع فتحة التاء فصار بعدها ألف، وفي أخرى: "أبتاع .. إلخ" بهمزة الاستفهام ممدودة ومقصورة، برفع الفعلين، أو جزم الثاني؛ جوابًا للاستفهام بمعنى: إن عمر استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبتاعها؛ ليتجمل النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأصل (تجمل) تتجمل فحذفت إحدى التاءين. (للعيد) سبق في الجمعة، في رواية نافع (للجمعة) ولعل ابن عمر ذكرهما معا، فأخذ كل راوٍ عنه واحدًا منهما. (من لا خلاق له) أي: من لا نصيب له في الجنة، وهذا خرج مخرج التغليظ، وإلا فالمؤمن العاصي لا بد من دخوله الجنة، فله نصيب منها. والحديث وإن شمل النساء لكنهنَّ خرجن بدليل. (تبيعها وتصيب بها) أي: بثمنها، وفي نسخة: "تصيب بها" وفي أخرى: "أو تصيب بها" فـ (أو) بمعنى الواو، أو للتقسيم، وعليه فمعنى المتعاطفين: تبيعها؛ لتنتفع بثمنها، أو تجعلها لبعض نسائك مثلًا. 2 - بَابُ الحِرَابِ وَالدَّرَقِ يَوْمَ العِيدِ (باب: الحراب والدَّرَق) أَي: إباحتها (يوم العيد) للسرور به. 949 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَسَدِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 439.

أَبُو بَكْرٍ، فَانْتَهَرَنِي وَقَال: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَال: "دَعْهُمَا"، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا. [انظر: 952، 987، 2906، 3529، 3931 - مسلم: 892 - فتح: 2/ 440] (أحمد) أي: "ابن عيسى" كما في نسخة. واسم أبي عيسى: حسان التستري، وفي نسخة: "أحمد بن صالح". (ابن وهب) هو عبد الله المصري. (عمرو) أي: ابن الحارث. (علي رسول الله) في نسخة: "علي النبي". (بغناء) بكسر الغين، وبالمد. (بعاث) بضم الموحدة، وخفة المهملة، والمثلثة، غير مصروف على الأشهر، قيل: موضع من المدينة على ليلتين، وقيل: هو حصن للأوس [وقيل: هو موضع] (¬1) في ديار بني قريظة، فيه أموال لهم، قال شيخنا: ولا منافاة بين القولين (¬2). (وحول وجهه) أي: إعراضًا عن ذلك، لأن مقامه يقتضي أن يرتفع عن الإصغاء إليه، لكن عدم إنكاره يدل على جواز مثله؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يقر على باطل فيقتصر على ما ورد فيه. (فانتهرني) أي: زجرني؛ لتقريري الجاريتين على فعلهما وروي: (فانتهرهما) أي: الجاريتين. (مزمارة الشيطان) بكسر الميم وتاء التأنيث: صوت فيه صفير، وفيه: استفهام مقدر، وإنما أنكر أبو بكر لما تقرر عنده من تحريم اللهو والغناء مطلقًا، ولم يعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - أقرهن على هذا القدر اليسير، لكونه دخل فوجده مضطجعًا، فظنه نائمًا. (دعهما) أي: الجاريتين، وفي نسخة: "دعها" أي: عائشة، وعلل ذلك في رواية: بأنه يوم عيد (¬3) أي: يوم سرور، وفرح شرعي، فلا ينكر فيه مثل هذا، كما لا ينكر في ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "الفتح" 2/ 441. (¬3) حديث الباب سيأتي برقم (952).

الأعراس. (فلما غفل) بفتح الفاء على الأكثر أي: ترك أبو بكر الانتهار وسهى عنه. (فخرجنا) في نسخة: "خرجنا" بلا فاء بدل مما قبله، أو استئناف. 950 - وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا قَال: "تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ: "دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ" حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَال: "حَسْبُكِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "فَاذْهَبِي". [انظر: 454 - مسلم: 892 - فتح: 2/ 440] (وكان) أي: اليوم. (يوم عيد) هو من مقول عائشة. قال شيخنا، وهذا حديث آخر، وقد جمعهما بعض الرواة، وأفردهما بعضهم (¬1). (يلعب السودان) في نسخة: "يلعب فيه السودان". (سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -) في نسخة: "سألت رسول الله" أي: التمست منه النظر إلى اللعب. (خدي على خده) جملة اسمية حالية، لكن الزمخشري مرة يقول: إنها بلا واو فصيح، ومرة يضعفه. وتحقيقه، كما قال الكرماني: إن صلح موضعها مفرد ففصيح نحو: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36] أي: معادين، وإلا فلا، وهذا مقدر متلاصقين (وهو يقول) أي: للسودان، منشطًا لهم. (دونكم) إغراء والمغرى به محذوف دلَّ عليه الحال أي: دونكم اللعب أي: الزموا ما أنتم فيه. (يا بني أرفدة) بفتح الهمزة، وسكون الراء وكسر الفاء، وقد تفتح، قال شيخنا: قيل هو لقب للحبشة، وقيل: اسم جنس، وقيل: اسم جدهم الأكبر، وقيل: المعنى يا بني الإماء. (مللت) بكسر اللام أي: سئمت. (حسبك) أي: أحسبك؟ والاستفهام ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 443.

3 - باب سنة العيدين لأهل الإسلام

مقدر أي: كافيك هذا القدر. وفي الحديث: جواز اللعب بالسلاح على طريق التدريب للحرب والتنشيط له، وما كان له - صلى الله عليه وسلم - من حسن الخلق ومعاشرة الأهل، والتمكين مما لا حرج فيه كالغناء، واستماعه وإن كان مكروهين لنا -عند الشافعي وكثير- وجواز نظر النساء إلى لعب الرجال من غير نظر إلى أبدانهم، أو نظر المرأة لوجه الأجنبي حرام باتفاق -إن كان بشهوة- وعلى الأصح إن كان بدونها، وقيل: غير ذلك قبل نزول آية: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ} وقيل: قبل بلوغها. 3 - بَابُ سُنَّةِ العِيدَيْنِ لِأَهْلِ الإِسْلامِ (باب: الدعاء في العيدين) في نسخة: "باب: سنة العيدين لأهل الإسلام" وفي أخرى: "باب: في العيد". 951 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي زُبَيْدٌ، قَال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَال: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا". [955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673 - مسلم: 1961 - فتح: 2/ 445] (حجاج) أي: ابن منهال السلمي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (زبيد) بضم الزاي، هو ابن الحارث اليامي. (الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (من يومنا) في نسخة: "في يومنا". (أن نصلي) أي: أول ما نبدأ به في هذا اليوم الصلاة التي بدأنا بها. (ثم نرجع) بالنصب عطف على (نصلي)، وبالرفع؛ خبر مبتدإِ محذوف أي: نحن. (فننحر) بالنصب،

4 - باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج

والرفع. (فمن فعل) أي: بدأ بالصلاة، ثم رجع، فنحر. 952 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ، قَالتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا". [انظر: 949 - مسلم: 892 - فتح: 2/ 445] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن هشام) هو ابن عروة بن الزبير. (بما) في نسخة: "مما". (تقاولت الأنصار) أي: قاله بعضهم لبعض من فخر، أو هجاء. (يوم بعاث) مر بيانه في الباب السابق. (وليستا بمغنيتين) أي بغناء محرم من تكسر، وتهيج، وتشويق بما فيه تصريح، أو تعريض بالفواحش، فعائشة نفت عنهما الغناء بمعناه المحرم، وأثبتته لهما بمعناه الجائز من رفع الصوت، والترنم، والحداء. (مزامير الشيطان) بالرفع بالإبتداء، وفي نسخة: "بمزامير الشيطان" أي: أتشتغلون بها. (وهذا عيدنا) أي: وإظهار السرور فيه من شعائر الإسلام، واستدل به على جواز سماع صوت الجارية بالغناء، وإن لم تكن مملوكة، وظاهره: أن محله إذا لم يقترن بمحرم. 4 - بَابُ الأَكْلِ يَوْمَ الفِطْرِ قَبْلَ الخُرُوجِ (باب: الأكل يوم) عيد (الفطر قبل الخروج) أي: إلى المصلى لصلاة العيد. 953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَال: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

5 - باب الأكل يوم النحر

لَا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ" وَقَال مُرَجَّأُ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "وَيَأْكُلُهُنَّ وتْرًا". (حدثنا سعيد) في نسخة: "أخبرنا سعيد". (هشيم) هو ابن بشير، بالتصغير فيهما. (عن أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. (حتى يأكل تمرات) الشرب، كالأكل، وترك ذلك مكره، كما نص عليه الشافعي، ونقله عنه النووي في "مجموعه" وخص التمر؛ لما فيه من تقوية النظر الذي يضعفه الصوم، ويرق القلب، وإنما سن الأكل قبل الصلاة في عيد الفطر، وبعدها في عيد الأضحى؛ ليتميز وقت الصوم عن الفطر، وليس قبل النحر صيام يحتاج لتمييزه (¬1). (مرجى) بضم الميم، وتشديد الجيم مفتوحة بوزن معلى، وفي نسخة: "مرجأ" (¬2) بهمزة في آخره. (ابن رجاء) بالمد. (عبيد الله) أي: "ابن أبي بكر" كما في نسخة. (قال حدثني أنس .. إلخ) أشار بقوله: (وترًا) إلى الوحدانية، وزاد ابن حبان: ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا (¬3)، وفائدة ذكر البخاري لهذا التعليق: تصريح عبيد الله فيه بالتحديث عن أنس. 5 - بَابُ الأَكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ (باب: الأكل يوم عيد النحر) أي: بعد الصلاة. 954 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ، فَلْيُعِدْ"، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: هَذَا يَوْمٌ ¬

_ (¬1) "المجموع" 5/ 7 - 8. (¬2) هو هكذا في اليونينية مهموزًا، وكذا ضبطه القسطلاني، وضبطه في "الفتح" بغير همز، مقصورا بوزن معَلَّى. انظر: "الفتح" 2/ 447. (¬3) "صحيح ابن حبان" 7/ 53 (2814) كتاب: الصلاة، باب: العيدين.

يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ، وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ، فَكَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَّقَهُ، قَال: وَعِنْدِي جَذَعَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ، فَرَخَّصَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا أَدْرِي أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لَا. [984، 5546، 5549، 5561 - مسلم: 1962 - فتح: 2/ 447] (إسماعيل) أي: ابن علية. (أيوب) أي: السختياني [(عن محمد) أي: "ابن سيرين" كما في نسخة. (قبل الصلاة) أي: صلاة العيد] (¬1). (من جيرانه) بكسر الجيم: جمع جار (وعندي جذعة) أي: من المعز، وهي بفتح الجيم والذال المعجمة، التي طعنت في السنة الثانية. (وهي أحب إلي من شاتي لحم) أي: بطيب لحمها، أو سمنها، أو لزيادة ثمنها. (فلا) أي: قال أنس: فلا (أدري أبلغت الرخصة) أي: في تضحية الجذعة. (من سواه) أي: الرجل، فيعم الحكم جميع المكلفين. (أم لا) فيختص به، وكأن أنسًا لم يبلغه خبر "الصحيحين": "لا تذبحوا إلا مُسنَّةً" (¬2) أي: وهي التي لها سنان. 955 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاةِ، فَقَال: "مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاةِ، فَإِنَّهُ قَبْلَ الصَّلاةِ وَلَا نُسُكَ لَهُ"، فَقَال أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ خَالُ البَرَاءِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّي نَسَكْتُ شَاتِي قَبْلَ الصَّلاةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ اليَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي، فَذَبَحْتُ شَاتِي وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلاةَ، قَال: "شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) رواه مسلم (1963) كتاب: الأضاحي، باب: سنّ الأضحية.

مِنْ شَاتَيْنِ، أَفَتَجْزِي عَنِّي؟ قَال: "نَعَمْ وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ". [انظر: 951 - مسلم: 1961 - فتح: 2/ 447] (عثمان) أي: ابن أبي شيبة: إبراهيم بن عثمان العبسي. (جرير) أي: ابن عبد الحميد الضبي. (عن منصور) هو ابن المعتمر. (ونسك) بفتح النون والسين. (نسكنا) بضمهما أي: وضحى مثل ضحيتنا، والنسك في الأصل: يقال لكل طاعة، وقيل لثعلب: هل الصوم نسك؟ قال: كل حق لله نسك. (فإنه) أي: النسك. (قبل الصلاة) ظاهر ذلك اتحاد الجزاء والشرط، فيؤول الجزاء: بأن المراد لازمه، أي: فهي غير مجزئة، أو فلا نسك له، ويكون قوله: (ولا نسك له) كالبيان له، ثم قال شيخنا عقب هذا: كذا في الأصول بإثبات الواو، وحذفها النسفي وهو أوجه (¬1) قال: ويمكن توجيه إثباتها بتقدير لا تجزئ، ولا نسك، وهو قريب من حديث: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله" انتهى (¬2). (أبو بردة) اسمه: هانئ بنون فهمزة. (ابن نيار) بكسر النون. (أن تكون شاتي أول ما يذبح) بنصب (أول) خبر كان، واسمها: (شاتي) وبرفعه على عكس ذلك، وفي نسخة بدل (ما): "شاة" وكلاهما ساقط من أخرى وعليها، فـ (أول) بالرفع، أو بالنصب على ما مرَّ، أو بالضم، أو بالفتح على البناء، أما ما في الضم: فعلى قاعدة الظروف المقطوعة، كقبل، وبعد، وأما في الفتح: فعلى إضافة (أول) إلى الجملة بعده. (شاة لحم) أي: لا أضحية. (قال: يا رسول الله). في نسخة: "فقال: يا رسول الله". (عناقًا) بفتح العين: الأنثى من المعز. (فتجزيء) بفتح الفوقية، وبغير همز كما ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 448. (¬2) سبق تخريجه.

6 - باب الخروج إلى المصلى بغير منبر

في قوله: {لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ} [لقمان: 33] وجوز بعضهم ضم الفوقية، والهمز من: أجزأ. وفي الحديث: أن جذعة المعز لا تجزئ وهو اتفاق، فإجزاؤها عن أبي بردة من خصائصه، كما خص خزيمة بقيام شهادته مقام شهادة شاهدين، وغير ذلك. 6 - بَابُ الخُرُوجِ إِلَى المُصَلَّى بِغَيْرِ مِنْبَرٍ (باب: الخروج إلى المصلى) بالصحراء لصلاة العيدين. (بغير منبر) أي: بغير نصب منبر للخطبة. 956 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ، وَيُوصِيهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ" قَال أَبُو سَعِيدٍ: "فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ - وَهُوَ أَمِيرُ المَدِينَةِ - فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا المُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ، فَجَبَذَنِي، فَارْتَفَعَ، فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاةِ"، فَقُلْتُ لَهُ: غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ، فَقَال أَبَا سَعِيدٍ: "قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ"، فَقُلْتُ: مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لَا أَعْلَمُ، فَقَال: "إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاةِ، فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاةِ". [مسلم: 889 - فتح 2/ 448] (زيد) أي: "ابن أسلم" كما في نسخة. (كان رسول الله) في نسخة: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم -". (يخرج يوم) عيد (الفطر ويوم) عيد (الأضحى إلى المصلى) أي: في الصحراء. فصلاة

العيدين فيه أفضل منها في المسجد لا المسجد الحرام، وبيت المقدس فهي فيهما عند الشافعي أفضل؛ لشرفهما واتساعهما، وكذا لو اتسع في محل مسجد، أو حصل عذر كمطر، وثلج. (فأول شيء يبدأ به) برفع (أول) مبتدأ خبره (الصلاة)، ويجوز عكسه، بل هو أولى؛ لأن الصلاة معرفة و (أول) نكرة وإن تخصص بما بعده. (فيقوم مقابل الناس) أي: مواجها لهم (فيعظهم) أي: يخوفهم. (ويوصيهم) أي: بم ينبغي الوصية به. (فإن) في نسخة: "وإن". (كان يريد أن يقطع بعثًا) بمثلثة أي: أن يخرج مبعوثًا من الجيش وغيره. (ثم ينصرف) أي: إلى المدينة. (قال) في نسخة: "فقال". (على ذلك) أي: على الابتداء بالصلاة قبل الخطبة. (مع مروان) أي: ابن الحكم. (إذا منبر بناه كثير بن الصلت) (منبر) مبتدأ خبره (بناه)، أو مقدر أي: هناك، و (بناه) حال، والعامل في (لمَّا) و (إذا)، كما قال الكرماني: معنى المفاجأة التي في (إذا) أي: فاجأنا مكان المنبر زمان الإتيان، وقيل: (إذا) حرف لا يحتاج على عامل. (فجبذت) بذال معجمة وفي نسخة: "فجبذته". (ثبوبه) أي: ليبدأ بالصلاة على العادة. قال الجوهري: جبذت الشيء مثل جذبته مقلوب منه (¬1). (غيرتم) أي: سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تقديم الصلاة على الخطبة. (ما أعلم) أي: الذي أعلمه. (والله خير مما لا أعلم) أي: لأن الذي أعلمه طريق الرسول وخلفائه، فـ (خير) خبر (ما أعلم) والقسم معترض بينهما. (فقال) أي: مروان معتذرا عما فعله. (إن الناس .. إلخ). وفي الحديث: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإن كان المنكر عليه واليًا، والإنكار باليد حيث أمكن، فلا يكفي اللسان، ¬

_ (¬1) "الصحاح" 2/ 561.

7 - باب المشي والركوب إلى العيد، والصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة

وصحة الصلاة بعد الخطبة، وإن لم يعتد بالخطبة حينئذٍ عند الشافعي، وأن المغير لما ذكر مروان، وقيل: زياد، وقيل: معاوية المستخلف لهما، وقيل: عثمان بن عفان، والفرق بين خطبتي العيد والجمعة: أن خطبة الجمعة واجبة، فلو أخرت لكانت ربما انتشروا قبل سماعها، فيقدح في الصلاة، وأيضًا الجمعة لا تؤدى إلا جماعة، فقدمت الخطبة ليتلاحق الناس. 7 - بَابُ المَشْيِ وَالرُّكُوبِ إِلَى العِيدِ، وَالصَّلاةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ (باب: المشي والركوب إلى العيد) أي: لصلاته، وفي نسخة: "إلى العيدين". (الصلاة قبل الخطبة) ساقط من نسخة. (بغير أذان) أي: قبل الخطبة. (ولا إقامة) أي: للصلاة. 957 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي الأَضْحَى وَالفِطْرِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلاةِ". [963 - مسلم: 888 - فتح 2/ 451] (أنس) أي: "ابن عياض" كما في نسخة. (عن عبيد الله) أي: ابن حفص بن عاصم بن عمر. 958 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَال: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الفِطْرِ، فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ". [961، 978 - مسلم: 885 - فتح: 2/ 451] (هشام) هو ابن يوسف الصنعاني. (أن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (أنه) الضمير للشأن. (لم يكن) اسم (يكن) ضمير الشأن مقدر، أو

خبرها (يؤذن) بالبناء للمفعول، وفي خبر لمسلم، عن جابر قال: لا أذان للصلاة يوم العيد، ولا إقامة، ولا شيء (¬1). واحتج به جماعة على أنه لا يسن أن يقال قبلها: الصلاة جامعة. واحتج الشافعي على سن ذلك بما رواه عن الزهري، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر المؤذن، فيقول: الصلاة جامعة. وهو وإن كان مرسلًا، فقد اعتضد بالقياس على صلاة الكسوف (¬2)؛ لثبوته فيها كما سيأتي. وفي الحديث: أن السنة في صلاة العيدين أن لا يؤذن لها ولا يقام، وبعضهم أحدث الأذان، فقيل: أول من أحدثه معاوية، وقيل: زياد. (وإنَّما) في نسخة: بلا واو، وفي أخرى: "وأما" و (عن جابر بن عبد الله قال) أي: عطاء. (سمعته) أي: جابرًا. (يقول .. إلخ) وقوله: (قال: سمعته يقول) ساقط من نسخة. 959 - قَال: وَأَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَوَّلِ مَا بُويِعَ لَهُ "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ بِالصَّلاةِ يَوْمَ الفِطْرِ، إِنَّمَا الخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلاةِ". [960 - مسلم: 886 - فتح: 2/ 23] 960 - وأَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالا: "لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الفِطْرِ وَلَا يَوْمَ الأَضْحَى". [انظر: 959 - مسلم: 886 - فتح: 2/ 451] 961 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ بَعْدُ، فَلَمَّا فَرَغَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ، فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلالٍ، وَبِلالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ صَدَقَةً" قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَتَرَى حَقًّا عَلَى الإِمَامِ الآنَ: أَنْ يَأْتِيَ النِّسَاءَ فَيُذَكِّرَهُنَّ حِينَ يَفْرُغُ؟ قَال: "إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم" (885)، كتاب: صلاة العيدين. (¬2) انظر: "الأم" 1/ 82.

8 - باب الخطبة بعد العيد

عَلَيْهِمْ وَمَا لَهُمْ أَنْ لَا يَفْعَلُوا". [انظر: 958 - مسلم: 885 - فتح: 2/ 451] (نزل) ضمنه معنى: انتقل، أو انصرف، وإلا فقد مر أنه لم يخطب للعيد على مرتفع حتى ينزل عنه. (يتوكأ على يد بلال) أي: يعتمد عليها، وفيه: إشارة على مشروعية المشي والركوب لمن احتاج إليه. وفي الاتكاء على اليد تخفيف عن مشقة المشي، كما في الركوب، فتحصل بذلك مطابقة الحديث لأول الترجمة. (أترى) بفتح التاء. (حقًّا) مفعوله للثاني، قدم على الأول، وهو (أن يأتي .. إلخ) للاهتمام (وما) نافية، أو استفهامية. 8 - بَابُ الخُطْبَةِ بَعْدَ العِيدِ (باب: الخطبة بعد العيد) أي: بعد صلاته، وهذه ترجمة تقدمت في نسخة، لكن أعادها؛ لمزيد الاعتناء بها. 962 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الخُطْبَةِ". [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح 2/ 453] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد. (عن طاوس) هو ابن كيسان. 963 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُصَلُّونَ العِيدَيْنِ قَبْلَ الخُطْبَةِ". [انظر: 957 - مسلم: 888 - فتح: 2/ 453] 964 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلالٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ تُلْقِي

المَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا". [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح: 2/ 453] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (كان رسول الله) في نسخة: "كان النبي". (خرصها) بضم المعجمة، وقد تكسر: الحلقة من ذهب، أو فضة. (وسخابها) بمهملة مكسورة، ثم معجمة، وقد تبدل السين صادًا: قلادة تتخذ من مسك وغيره، ليس فيها من الجوهر شيء، وقيل: هو خيط فهي خرزن وجمعه: سخب، ككتاب، وكتب، وسمي بذلك؛ لتصوت خرزه عند الحركة من السخب: وهو اختلاط الأصوات. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن أمر الناس بذلك كأنه من تتمة الخطبة. 965 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ، قَال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ" فَقَال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَبَحْتُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، فَقَال: "اجْعَلْهُ مَكَانَهُ وَلَنْ تُوفِيَ أَوْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ". [انظر: 951 - مسلم: 1961 - فتح: 2/ 453] (زبيد) بضم الزاي أي: ابن الحارث اليامي. (الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (ومن نحر) استعمل النحر فيما يشمل الذبح، وإلَّا فالمشهور أن النحر في الإبل، والذبح في غيرها. (فقال) في نسخة: "قال". (اجعله مكانه) ذكر الضميرين مع عودهما لمؤنثين بتأويلهما بذي سنة،

9 - باب ما يكره من حمل السلاح في العيد والحرم

وذي سنتين أي: باعتبار المذبوح. (توفي) بضم الفوقية، وسكون الواو، وكسر الفاء مخففة، وفي نسخة: "توفِّي" بضم الفوقية وفتح الواو وكسر الفاء مشددة. (أو تجزي) بفتح الفوقية، وترك الهمز، أي: تقضي، أو بالضم والهمز أي: تكفي، ومرَّ شرح أحاديث الباب. 9 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ حَمْلِ السِّلاحِ فِي العِيدِ وَالحَرَمِ وَقَال الحَسَنُ: "نُهُوا أَنْ يَحْمِلُوا السِّلاحَ يَوْمَ عِيدٍ إلا أَنْ يَخَافُوا عَدُوًّا". (باب: ما يكره من حمل السلاح في العيد والحرم) هذا، كما قال شيخنا: فيمن حمله بطرًا، أو أشرًا، ولم يأمن من إيذاء الناس به (¬1)، فلا ينافي ما مرَّ في باب الحراب والدرق يوم العيد (¬2)؛ لأن ذلك فيمن حمله للتدريب، والإدمان لأجل الجهاد، وأمن من إيذاء الناس به. (نهوا) بضم النون والهاء، وأصله: نهيوا، استثقلت الضمة على الياء، فنقلت إلى ما قبلها بعد سلب حركتها، ثم حذفت الياء؛ لالتقاء الساكنين. (يوم عيد) وفي نسخة: "يوم العيد". 966 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى أَبُو السُّكَيْنِ، قَال: حَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ حِينَ أَصَابَهُ سِنَانُ الرُّمْحِ فِي أَخْمَصِ قَدَمِهِ، فَلَزِقَتْ قَدَمُهُ بِالرِّكَابِ، فَنَزَلْتُ، فَنَزَعْتُهَا وَذَلِكَ بِمِنًى، فَبَلَغَ الحَجَّاجَ فَجَعَلَ يَعُودُهُ، فَقَال الحَجَّاجُ: لَوْ نَعْلَمُ مَنْ أَصَابَكَ، فَقَال ابْنُ عُمَرَ: ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 455. (¬2) سبق برقم (950) كتاب: العيدين، باب: الحراب والدرق يوم العيد.

"أَنْتَ أَصَبْتَنِي" قَال: وَكَيْفَ؟ قَال: "حَمَلْتَ السِّلاحَ فِي يَوْمٍ لَمْ يَكُنْ يُحْمَلُ فِيهِ، وَأَدْخَلْتَ السِّلاحَ الحَرَمَ وَلَمْ يَكُنِ السِّلاحُ يُدْخَلُ الحَرَمَ". [967 - فتح: 2/ 454] (المحاربي) بضم الميم: عبد الرحمن بن محمد. (ابن سُوقة) بضم السين، وسكون الواو، وفتح القاف. (أخمص) بإسكان المعجمة، وفتح الميم: ما دخل في باطن القدم فلم يصب الأرض عند المشي. (فلزقت) بكسر الزاي. (فنزعتها) أنث الضمير مع عوده إلى السنان، وهو مذكر باعتبار إرادة الحديدة، أو السلاح؛ لأنه مؤنث، أو هو راجع إلى القدم، فيكون من باب القلب، كما في: أدخلت الخف في الرجل. (وذلك) أي: وقوع الإصابة. (فجاء) في نسخة: "فجعل" وهو من أفعال المقاربة، وخبره (يعوده) أي: ابن عمر. (لو نعلم) جواب (لو) محذوف أي: لجازيناه، أو هي للتمني فلا جواب لها. (من أصابك) في نسخة: "ما أصابك". (أصبتني) نسب الفعل إليه؛ لأنه أمر به رجلا معه حربة يقال: أنها مسمومة، فلصق الرجل به، فأمر الحربة على قدمه، فمرض فيها أيامًا، ثم مات. (حملت السلاح) أي: أمرت بحمله (في يوم) أي: في يوم عيد. (وأدخلت السلاح الحرم) في نسخة: "وأدخلت السلاح في الحرم" أي: فخالفت السنة في الزمان والمكان. وفيه: أن منى من الحرم. 967 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: دَخَلَ الحَجَّاجُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَنَا عِنْدَهُ، فَقَال: كَيْفَ هُوَ؟ فَقَال: صَالِحٌ، فَقَال: مَنْ أَصَابَكَ؟ قَال: "أَصَابَنِي مَنْ أَمَرَ بِحَمْلِ السِّلاحِ فِي يَوْمٍ لَا يَحِلُّ فِيهِ حَمْلُهُ" يَعْنِي الحَجَّاجَ. [انظر: 966 - فتح: 2/ 455] (فقال) في نسخة: "قال".

10 - باب التبكير إلى العيد

10 - بَابُ التَّبْكِيرِ إِلَى العِيدِ وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ: "إِنْ كُنَّا فَرَغْنَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ". (باب: التبكير) بتقديم الباء على الكاف، وفي نسخة: "باب التكبير" بتقديم الكاف عليها. (للعيد) أي: لصلاته. (إن) هي المخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن. (كنا فرغنا) خبرها، قيل: صوابه: لقد فرغنا. (وذلك) أي: وقت الفراغ. (حين التسبيح) أي: حين صلاة الضحى، أو حين صلاة العيد؛ لأنها سبحة وقته، أي: نافلته. 968 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ، قَال: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ"، فَقَامَ خَالِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ قَال: "اجْعَلْهَا مَكَانَهَا - أَوْ قَال: اذْبَحْهَا - وَلَنْ تَجْزِيَ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ". [انظر: 951 - مسلم 1961 - فتح: 2/ 456] (فإنما هو .. إلخ) في نسخة: "فإنها لحم". (أنا ذبحت) في نسخة: "إني ذبحت". (قال) في نسخة: "فقال". (أو قال: اذبحها) شك من الراوي. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث أن الابتداء بالصلاة يوم العيد، والمبادرة إليها قبل الاشتغال بكل شيء غير التأهب لها، ومن لوازم ذلك التبكير إليها. ومرَّ شرح الحديث في باب: الأكل يوم النحر.

11 - باب فضل العمل في أيام التشريق

11 - بَابُ فَضْلِ العَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ: أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: "يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا" وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ. (باب: فضل العمل في أيام التشريق) وهي الثلاثة بعد يوم العيد، سميت بذلك؛ لأن لحوم الأضاحي كانت تشرق فيها بمنى أي: تقدَّد، ويبرز بها للشمس، وقيل: يوم العيد من أيام التشريق، فتكون أيامه أربعة، وعلى الأول إنَّما لم يسم يوم النحر منها؛ لأن له اسمًا خاصًّا وهو يوم النحر، وإلا فالمعنى السابق لها يشمله. ({واذكرو الله في أيام معلومات}) في نسخة: " {ويذكروا الله في أيام معدودات} " وفي أخرى: "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" وهذه موافقة لما في الحج، واللاتي قبلها لا يوافق شيء منها التلاوة؛ إذ الأولى في البقرة بلفظ: معدودات، لا معلومات، لكن ابن عباس لم يرد التلاوة، وإنما مراده تفسير المعلومات، والمعدودات، فقال: الأيام المعلومات: أيام عشر ذي الحجة. (والأيام المعدودات أيام التشريق) هي الحادي عشر: المسمى بيوم القر بفتح القاف؛ لأن الحجاج يقرون فيه بمنى، والثاني عشر المسمى بيوم النفر الأول؛ لأن من تعجل ينفر فيه، والثالث عشر المسمى بيوم النفر الثاني، ويقال للثلاثة: أيام منى؛ لأن غالب الحجاج يقيمون فيها بمنى. (وكان ابن عمر، وأبو هريرة .. إلخ) اعترض بأن هذا لا يناسب

الترجمة بالعمل في أيام التشريق، وأجاب الكرماني: بأن عادة البخاري أن يضيف إلى الترجمة ما له أدنى ملابسة استطرادًا أي: وهي مساواة أيام العشر لأيام التشريق فيما يقع فيهما من أعمال الحج. (وكبر محمَّد بن علي) أي: ابن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بالباقر. (خلف النافلة) أي: الواقعة في يوم عرفة، وما بعده إلى عصر آخر أيام التشريق على ما يأتي بيانه، مع بيان أن الفريضة، كالنافلة في الباب الآتي. 969 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: "مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟ " قَالُوا: وَلَا الجِهَادُ؟ قَال: "وَلَا الجِهَادُ، إلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ". [فتح: 2/ 457] (عن سليمان) أي: الأعمش. (ما العمل) أي: التكبير، وغيره من أعمال الحج. (في أيام) في نسخة: "في أيام العشر". (أفضل منها) أي: من الأعمال المفهومة من العمل. (في هذه) أي: أيام التشريق، فالعمل مبتدأ. (وفي أيام) متعلق به و (أفضل) خبر المبتدإِ، و (منها) تتعلق بـ (أفضل)، والضمير للعمل بتقدير الأعمال، كما في: {أَو الطِّفْلِ الَّذِينَ}، وقضية ذلك: نفي أفضلية العمل في أيام العشر على العمل في أيام التشريق أفضل منه في غيرها، وإن صدق لغة بتساويهما، وسر ذلك: أن العبادة في أوقات الغفلة أفضل من غيرها، وأيام التشريق أيام غفلة غالبًا، فصار للعابد فيها مزيد فضل على العابد في غيرها، كمن قام في جوف الليل، وأكثر الناس نيام، كذا قيل أخذًا من الرواية المذكورة، لكنها شاذة كما قال شيخنا، قال: هو معارض بالمنقول، فقد رواه الحافظ أبو ذر في نسخة من

البخاري بلفظ: "ما العمل في أيام أفضل منها في هذا العشر" (¬1) وكذا رواه جمع منهم أبو داود الطيالسي، والدرامي، وابن ماجه (¬2)؛ بهذا ظهر أن المراد بالأيام في حديث الباب: أيام عشر ذي الحجة، لكنه استشكل على ترجمة البخاري بأيام التشريق، وأجيب: بأن الشيء يشرف بمجاورته للشريف وأيام التشريق تلي أيام العشر، وقد ثبت بذلك فضل أيام العشر فثبت به فضل أيام التشريق، وبأن عشر ذي الحجة إنما شرف؛ لوقوع أعمال الحج فيه، وبقية أعمال الحج تقع في أيام التشريق، فصارت مشتركة معها في أصل الفضل، وأنت خبير بأن الجواب بذلك إنما يقتضي إلحاق أيام التشريق بأيام العشر في الفضل، لكن الترجمة تقتضي تفضيل أيام التشريق على أيام العشر، والمنقول يقتضي العكس، وعليه: فإذا كان العمل في أيام العشر أفضل منه في أيام غيره، لزم منه أن تكون أيام العشر أفضل من غيرها من أيام السنة وأيد ذلك بما رواه البزار وغيره مرفوعًا: "أفضل الدينا أيام العشر" وبأن أيام العشر تشتمل على يوم عرفة، وقد روي أنه أفضل أيام الدنيا. والأيام يتبعها الليالي، وزعم بعضهم: أن ليالي عشر رمضان أفضل من ليالي العشر؛ لاشتمالها على ليلة القدر، واستبعده الحافظ ¬

_ (¬1) "مسند الطيالسي" 1/ 342 ورواه الدارمي 2/ 19 (1773) كتاب: الصوم، باب: في فضل العمل في العشر، وابن ماجه (1728)، كتاب: بالصيام، باب: صيام العشر. والبيهقي 4/ 284 كتاب: الصيام، باب: العمل الصالح في العشر. (¬2) "الفتح" 2/ 459.

ابن رجب بخبر: "قيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر" (¬1) وبأن عشر رمضان أفضل بليلة واحدة، وهذا جميع لياليه متساوية في الفضل. هذا والتحقيق ما قيل: أن العشر أفضل من مجموع عشر رمضان، وإن كان في عشره ليلة لا يفضل عليها غيرها, لقوله تعالى {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} [القدر: 3]. (ولا الجهاد) زاد في نسخة: "في سبيل الله". (إلا رجل) في نسخة: "إلا من" وكل منهما على حذف مضاف أي: إلا جهاد رجل، أو من (خرج يخاطر .. إلى آخره) فهو أفضل من غيره، أو مساوٍ له، و (يخاطر) من المخاطرة، وهي ارتكاب ما فيه خطر. (بنفسه وماله فلم يرجع بشيء) أي: منهما إن قتل شهيدًا، أو من ماله إن رجع سالمًا، فعلى الأول النفي راجع إلى القيد والمقيد معًا، وعلى الثاني إلى القيد فقط. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (758) كتاب: الصوم، باب: ما جاء في العمل في أيام العشر، وابن ماجه (1728) كتاب: الصيام، باب: صيام العشر. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس، وقال: وسألت محمدًا عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا، وقد روي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا شيء من هذا وقد تكلم يحيى بن سعيد في نهاس بن قهم، من قبل حفظه. ورواه ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/ 72 (925) كتاب: الصوم. وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفرد به مسعود به ابن واصل عن النهاس فأما مسعود فضعفه الطيالسي، وأما النهاس فيضرب الحديث، تركه يحيى القطان، وقال يحيى ابن معين: ليس بشيء ضعيف وقال ابن عدي: لا يساوي شيئًا، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.

12 - باب التكبير أيام منى، وإذا غدا إلى عرفة

12 - بَابُ التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى، وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ المَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ "يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعًا" وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ: "تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ" وَكُنَّ "النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي المَسْجِدِ". (باب: التكبير أيام منى) وهو يوم العيد، والثلاثة بعده. (وإذا غدا إلى عرفة) أي: للوقوف بها، والمعنى: باب بيان حكم الأمرين. (وكان عمر) في نسخة: "وكان ابن عمر". (في قبته) هي بيت صغير من الخيام مستدير، وهي من بيوت العرب. (حتى ترتج منى) بتشديد الجيم، أي: تضطرب، وتتحرك؛ مبالغة في رفع الأصوات. (تكبيرًا) [بالنصب] (¬1) على التعليل أي: لأجل التكبير. (وعلى فراشه) في نسخة: "وعلى فرشه" بالجمع. (وفي فسطاطه) هو بيت من شعر، ويقال فيه: فستاط، وفساط بقلب التاء سينًا، وإدغامها مع ضم الفاء وكسرها، فهذه لست لغات. (تلك الأيام) وفي نسخة: "وتلك الأيام" وكررها؛ للتوكيد والمبالغة. (وكن النساء) جاء على لغة: أكلوني البراغيث، وفي نسخة: ¬

_ (¬1) من (م).

"وكان النساء". (يكبرن .. إلخ) أي: (خلف الصلوات) فريضة كانت أو نافلة، مؤداة، أو مقضية، ولو منذورة، والصحيح عند الشافعية: أن الحاج يكبر من ظهر يوم النحر، وغيره، ومن صبح عرفة إلى عقب عصر أيام التشريق، وعليه العمل كما قاله النووي، قال في "الروضة": وهو الأظهر عند المحققين (¬1) لكن صحح في "المنهاج" كأصله: أن غير الحاج، كالحاج، فيكبر من ظهر يوم يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق. 970 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ عَنِ التَّلْبِيَةِ، كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "كَانَ يُلَبِّي المُلَبِّي، لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ المُكَبِّرُ، فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ". [1659 - مسلم: 1285 - فتح: 2/ 461] (أنسًا) في نسخة: "أنس بن مالك". (غاديان) أي: سائران. (كان) اسمها: ضمير الشأن. (لا ينكر عليه) بالبناء للمفعول، أو للفاعل في الموضعين، وعلى الثاني: وضمير (ينكر) فيهما للنبي - صلى الله عليه وسلم -. 971 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالتْ: "كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ العِيدِ حَتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ اليَوْمِ وَطُهْرَتَهُ". [انظر: 324 - مسلم: 890 - فتح: 2/ 461] (حدثنا محمَّد) أي: ابن يحيى الذهلي بضم المهملة، وسكون الهاء، قاله الكرماني، وفي نسخة: "حدثنا عمر بن حفص" بإسقاط ¬

_ (¬1) "روضة الطالبين" 2/ 80.

13 - باب الصلاة إلى الحربة يوم العيد

(محمَّد) قال شيخنا: وقد حدَّث البخاري عن عمر بالكثير بلا واسطة، وربما أدخلها أحيانًا، والراجح سقوطها في هذا الإسناد؛ وبذلك جزم أبو نعيم في "المستخرج" (¬1). (عن عاصم) هو ابن سليمان الأحول. (عن حفصة) أي: بنت سيرين. (أن نخرج) بنون مضمومة، وراء مكسورة، أو بفوقية مفتوحة، وراء مضمومة. (البكر) بالنصب بالمفعولية على الأول، وبالرفع بالفاعلية على الثاني. (من خدرها) بكسر المعجمة، وسكون المهملة أي: سترها، وفي نسخة: "من خدرتها" بتاء التأنيث. (حتى يخرج الحيض) في ضبطهما ما مرَّ في ضبط اللذين قبلهما. و (حتى) غاية للغاية قبلها، أو معطوفة عليها بواو مقدرة. (طهرته) بضم الطاء أي: طهارته من الذنوب. وفي الحديث: ندب التكبير في عيدي الفطر والأضحى، والأضحى وجه مطابقته لترجمة: أما للعيد فظاهر، وأما لأيام التشريق فبقياسها على العيد بجامع أن كلًّا منهما من الأيام المشهورة، وحكمة التكبير فيها: الإشارة إلى رفع ما كان عليه الجاهلية من الذبح لطواغيتهم، وأن الذبح إنما هو لله تعالى وحده. 13 - بَابُ الصَّلاَةِ إِلَى الحَرْبَةِ يَوْمَ العِيدِ (باب: الصلاة إلى الحربة) زاد في نسخة: "يوم العيد". (والحربة) دون الرمح العريض: النصل. ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 462 - 463.

14 - باب حمل العنزة أو الحربة بين يدي الإمام يوم العيد

972 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تُرْكَزُ الحَرْبَةُ قُدَّامَهُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالنَّحْرِ، ثُمَّ يُصَلِّي". [انظر: 494 - مسلم: 501 - فتح: 2/ 463] (حدثنا محمَّد) في نسخة: "حدثني محمَّد". (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (تركز) أي: تغرز، وزاد في نسخة: "له" ومرَّ شرح الحديث في باب: سترة الإِمام سترة لمن خلفه. 14 - بَابُ حَمْلِ العَنَزَةِ أَو الحَرْبَةِ بَيْنَ يَدَيِ الإِمَامِ يَوْمَ العِيدِ (باب: حمل العنزة أو الحربة بين يدي الإمام يوم العيد) والعنزة بفتحات: أقصر من الرمح في طرفها زج كما مرَّ. وقوله: (أو الحربة) زائد على الحديث الآتي، وهي مقيسة على العنزة. 973 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْدُو إِلَى المُصَلَّى وَالعَنَزَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ تُحْمَلُ، وَتُنْصَبُ بِالْمُصَلَّى بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا". [انظر: 494 - مسلم: 501 - فتح: 2/ 463] (إبراهيم بن المنذر) في نسخة: "الحزامي" بمهملة مكسورة وزاي. (الوليد) أي: ابن مسلم. (أبو عمرو) زاد في نسخة: "الأوزاعي"، واسمه: عبد الرحمن. (قال: أخبرني) في نسخة: "قال: حدثني". (بالمصلى بين يديه) لفظ: (بين يديه) ساقط من نسخة. (فيصلي إليها) ساقط من نسخة، و (يصلي) بتحتية، وفي نسخة: بنون، وفي أخرى: "فصلى" بصيغة الماضي.

15 - باب خروج النساء والحيض إلى المصلى

15 - بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ وَالحُيَّضِ إِلَى المُصَلَّى (باب: خروج النساء والحيض إلى المصلى) أي: يوم العيد. (والحيض) بواو العطف، من عطف الخاص على العام، وفي نسخة: بحذفها، وفي نسخة: "باب: خروج الحيض". 974 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالتْ: "أَمَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ نُخْرِجَ العَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ" وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنَحْوهِ - وَزَادَ فِي حَدِيثِ - حَفْصَةَ، قَال: أَوْ قَالتْ: "العَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، وَيَعْتَزِلْنَ الحُيَّضُ المُصَلَّى". [انظر: 324 - مسلم: 890 - فتح: 2/ 463] (حماد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمَّد) وابن سيرين. (عن أم عطية) هي نسيبة بنت كعب. (أمرنا) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "أمرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم -". (العواتق) جمع عاتق، سميت به؛ لأنها عتقت عن الخدمة، أو عن قهر أبويها. (ذوات) بكسر التاء علامة النصب، وفي نسخة: "وذوات" بواو. (الخدور) [أي: الستور. (قال) أي: أيوب. (أو قالت) أي: حفصة. (العواتق وذوات الخدور)] (¬1) الشك من أيوب في أنها قالت: (ذوات) بدون واو العطف، و (أذوات) بها. (ويعتزلن الحيض) بإثبات النون على لغة: أكلوني البراغيث، وفي نسخة: بحذفها على الأصل. (واعتزالهن المصلى) واجب إن كان مسجدًا، ومندوب إن كان غيره، وإنما أمر باعتزالهن؛ لئلا يلزم الاختلاف بين الناس عن صلاة بعضهم، وترك الصلاة لبعضهم؛ أو لئلا يتنجس الموضع بدمهن أو يتأذوى به غيرهن. ¬

_ (¬1) من (م).

16 - باب خروج الصبيان إلى المصلى

16 - بَابُ خُرُوجِ الصِّبْيَانِ إِلَى المُصَلَّى (باب: خروج الصبيان إلى المصلى) أي: في العيد مع الناس، وإن لم يصلوا. 975 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَال: "خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ، وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ". [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح: 2/ 464] (عمرو بن عباس) في نسخة: "عمرو بن العباس". (عن عبد الرحمن) أي: ابن مهدي بن هشام الأزدي. (سفيان) أي: الثوري. (عن عبد الرحمن) أي: "ابن عابس"، كما في نسخة. (أو أضحى) الشك من ابن عباس، أو من عبد الرحمن بن عابس. (فوعظهن وذكرهن) العطف للتفسير، أو للتوكيد، وفي نسخة: "فذكرهن" بالفاء. وفي الحديث: الصلاة قبل الخطبة. ووجه مطابقتة للترجمة: أن ابن عباس كان صغيرًا؛ لأنه عند وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ابن ثلاث عشر سنة. 17 - بَابُ اسْتِقْبَالِ الإِمَامِ النَّاسَ فِي خُطْبَةِ العِيدِ قَال أَبُو سَعِيدٍ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَابِلَ النَّاسِ. [انظر: 304] (باب: استقبال الإِمام الناس في خطبة العيد) أي: عيد النحر والفطر، وإن اقتصر في الحديث على النحر. (قال أبو سعيد) في نسخة: "وقال أبو سعيد". 976 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أَضْحًى إِلَى البَقِيعِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ

18 - باب العلم الذي بالمصلى

عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، وَقَال: "إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا، أَنْ نَبْدَأَ بِالصَّلاةِ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَافَقَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ" فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي ذَبَحْتُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ؟ قَال: "اذْبَحْهَا، وَلَا تَفِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ". [انظر: 951 - مسلم: 1961 - فتح: 2/ 465] (يوم أضحى) في نسخة: "يوم الأضحى". (فإنما هو) في نسخة: "فإنه". (فقام رجل) هو أبو برزة بن نيار كما مرَّ. (ولا تفي) في نسخة: "ولا تغني" وسبق شرح الحديث. 18 - بَابُ العَلَمِ الَّذِي بِالْمُصَلَّى (باب: العلم الذي بالمصلى). لفظ: (الذي) ساقط من نسخة، و (العلم) بفتح العين واللام: ما يجعل علامة بالمصلى؛ ليعرف بها. 977 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قِيلَ لَهُ: أَشَهِدْتَ العِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "نَعَمْ، وَلَوْلا مَكَانِي مِنَ الصِّغَرِ مَا شَهِدْتُهُ حَتَّى أَتَى العَلَمَ الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلالٌ، فَوَعَظَهُنَّ، وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوينَ بِأَيْدِيهِنَّ يَقْذِفْنَهُ فِي ثَوْبِ بِلالٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَبِلالٌ إِلَى بَيْتِهِ". [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح: 2/ 465] (يحيى) أي: القطان، وفي نسخة: "يحيى بن سعيد". (عن سفيان) أي: الثوري، وفي نسخة: "حدثنا سفيان". (قيل له) في نسخة: "وقيل له" بواو الحال. (أشهدت العيد؟) أي: صلاته. (ولولا مكاني من الصغر ما شهدته) فيه: تقديم وتأخير وحذف، أي: ولولا منزلتي منه - صلى الله عليه وسلم - لم أحضر العيد؛ لأجل صغري، فالصغر علة

19 - باب موعظة الإمام النساء يوم العيد

لعدم الحضور. وقال شيخنا بعد ذكره ذلك: ويمكن حمله على ظاهره بأن يريد بشهوده: ما وقع من وعظ النبي - صلى الله عليه وسلم - للنساء؛ لأن الصغر يقتضي أن يغتفر له الحضور معهن، بخلاف الكبير (¬1). (يهوين) بضم أوله أي: يومين، وفي نسخة: "يهوين" بفتحها. (يقذفنه) حال أي: يرمين ما تصدقن به. ومرّ شرح الحديث في آخر كتاب: الصلاة (¬2). 19 - بَابُ مَوْعِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ يَوْمَ العِيدِ (باب: موعظة الإِمام النساء يوم العيد) أي: بعد فراغ خطبته. 978 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفِطْرِ فَصَلَّى، فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ، ثُمَّ خَطَبَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ، فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلالٍ، وَبِلالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ" قُلْتُ لِعَطَاءٍ: زَكَاةَ يَوْمِ الفِطْرِ، قَال: لَا، وَلَكِنْ صَدَقَةً يَتَصَدَّقْنَ حِينَئِذٍ، تُلْقِي فَتَخَهَا، وَيُلْقِينَ، قُلْتُ: أَتُرَى حَقًّا عَلَى الإِمَامِ ذَلِكَ، وَيُذَكِّرُهُنَّ؟ قَال: إِنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ، وَمَا لَهُمْ لَا يَفْعَلُونَهُ؟. [انظر: 958 - مسلم: 885 - فتح: 2/ 466] (حدثنا إسحاق) في نسخة: "حدثني إسحاق". (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (قال: حدثنا) في نسخة: "قال: أخبرنا". (ابن جريج) أي: ابن عبد الملك بن عبد العزيز. (الصدقة) في نسخة: "صدقة". (زكاة يوم الفطر؟) أي: أكانت زكاة يوم الفطر؟ وفي نسخة: بالرفع أي: أهي زكاة الفطر؟ (ولكن صدقة) بالنصب أي: ولكن كانت صدقة، ويجوز الرفع أي: ولكن هي ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 466. (¬2) سبق برقم (863) كتاب: الأذان، باب: وضوء الصبيان.

صدقة. (تلقي) أي: النساء، أو المرأة. (فتخها) بفتحات، وفي نسخة: "فتختها" بزيادة تاء التأنيث، وسيأتي في كلامه تفسير الفتح. (ويلقين) أي: كل نوع من حليهن، وكرر الإلقاء، لإفادة العموم. (أترى؟) بضم التاء: أتظن؟ (ويذكرهن) في نسخة: "يذكرهن" بلا واو، وفي أخرى: "يأتيهن ويذكرهن". 979 - قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: شَهِدْتُ الفِطْرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُصَلُّونَهَا قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ يُخْطَبُ بَعْدُ، خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ مَعَهُ بِلالٌ، فَقَال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12] الآيَةَ، ثُمَّ قَال حِينَ فَرَغَ مِنْهَا: "آنْتُنَّ عَلَى ذَلِكِ؟ " قَالتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا: نَعَمْ، - لَا يَدْرِي حَسَنٌ مَنْ هِيَ - قَال: "فَتَصَدَّقْنَ" فَبَسَطَ بِلالٌ ثَوْبَهُ، ثُمَّ قَال: "هَلُمَّ، لَكُنَّ فِدَاءٌ أَبِي وَأُمِّي" فَيُلْقِينَ الفَتَخَ وَالخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ قَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ: "الفَتَخُ: الخَوَاتِيمُ العِظَامُ كَانَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ". (قال ابن جريج). (الحسن) في نسخة: "حسن". (طاوس) وابن كيسان. (شهدت الفطر) أي: صلاته. (يصلونها) أي: صلاة الفطر. (يخطب) بالبناء للفاعل أي: كل منهم، وبالبناء للمفعول. (بعد) بالضم أي: بعد الصلاة. (خرج النبي) قيل: أصله: وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي نسخة: "بعد خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - " أي: بعد الوقت الذي كان يخرج فيه. (يجلس) بضم أوله، وإسكان ثانيه: من الإجلاس، وفي نسخة: بالضم، والفتح، وكسر ثالثه مشددًا: من التجليس. (بيده) أي: يشير بها إلى أمرهم بالجلوس؛ لينتظروه حتى يفرغ من وعظه، ثم ينصروفوا جميعًا.

20 - باب إذا لم يكن لها جلباب في العيد

(فقال) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني: تلا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} إلخ وفي مسلم: فتلى هذه حتى فرغ منها. (منها) أي: من قراءة الآية. (وذلك) بكسر الكاف، وهي واقعة موقع كن، إذ الأصل: ذلكن. (قالت) في نسخة: "فقالت". (لا يدري حسن) أي: ابن مسلم راوي الحديث. (من هي) قيل: أسماء بنت يزيد. (فتصدقن) الفاء سببية، أو واقعة في جواب شرط محذوف أي: إن كنتن على ذلك فتصدقن. (ثم قال) أي: بلال. (هلم) أي: يا نسوة والمعنى: تعالين وتقربن، وهو لازم، كما هنا وكما في قوله تعالى: {هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18]، ومتعد نحو: هلم الثوب أي: قربه، وهو عند الحجازيين بلفظ واحد، يستوي فيه المفرد والمذكر، وغيرهما، وبنو تميم يقولون: هلم، هلما، هلموا، إلخ. (لكن) متعلق بقوله: (فداء) بكسر الفاء مع المدِّ، والكسر، وبفتحها مع القصر فقط، وهو مرفوع خبر لقوله: (أبي وأمي) أي: أبي وأمي مفديان (لكن). (كانت في الجاهلية) قال ثعلب: إنهن كن يلبسنها في أصابع أرجلهن. 20 - بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ فِي العِيدِ (باب: إذا لم يكن لها جلباب في العيد) أي: فتلبسها صاحبتها من جلبابها، وهو ثوب أقصر وأعرض من الخمار، وقيل: المقنعة، وقيل: ثوب واسع يغطي صدرها وظهرها، وقيل: الإزار والخمار، وقيل: غير ذلك. 980 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، قَالتْ: كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ العِيدِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فَأَتَيْتُهَا، فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، فَكَانَتْ أُخْتُهَا مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ، فَقَالتْ: فَكُنَّا نَقُومُ عَلَى المَرْضَى،

وَنُدَاوي الكَلْمَى، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لَا تَخْرُجَ؟ فَقَال: "لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، فَلْيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ" قَالتْ حَفْصَةُ: فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ أَتَيْتُهَا فَسَأَلْتُهَا: أَسَمِعْتِ فِي كَذَا وَكَذَا؟ قَالتْ: نَعَمْ بِأَبِي، وَقَلَّمَا ذَكَرَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا قَالتْ: بِأَبِي قَال: "لِيَخْرُجِ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ - أَوْ قَال: العَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الخُدُورِ، شَكَّ أَيُّوبُ - وَالحُيَّضُ، وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى، وَلْيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ " قَالتْ: فَقُلْتُ لَهَا: الحُيَّضُ؟ قَالتْ: نَعَمْ، أَلَيْسَ الحَائِضُ تَشْهَدُ عَرَفَاتٍ، وَتَشْهَدُ كَذَا، وَتَشْهَدُ كَذَا؟ [انظر: 324 - مسلم: 890 - فتح: 2/ 469] (أبو معمر) هو عبد الله. (عبد الوارث) وابن سعيد التميمي. (أيوب) أي: السختياني. (أن يخرجن يوم العيد) أي: للمصلى. (امرأة) لم تسم. (أن زوج أختها) لم يعرف اسمه. (فكانت أختها معه) أي: مع زوجها، أو مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. (فقالت) أي: الأخت، وفي نسخة: "قالت". (الكلمى) بفتح الكاف، وسكون اللام، جمع كليم أي: جريح. (على إحدانا) في نسخة: "أعلى إحدانا؟ بهمزة الاستفهام. (بأس) أي: حرج. (لتلبسها) بالجزم أي: عارية من جلبابها، أي: من جنسه، أو هو من باب المبالغة أي: يخرجن ولو اثنتان في جلباب. وفيه: تأكيد خروجهن للعيد؛ لأنه إذا أمر من لا جلباب لها، فمن لها جلباب أولى. (أسمعت) أي من النبي - صلى الله عليه وسلم -. (في كذا) زاد في نسخة: "وكذا". (قالت) في نسخة: "فقالت". (بأبي) أي: أفديه - صلى الله عليه وسلم - بأبي، وفي نسخة: في الموضعين "بأبا" بإبدال الياء ألفًا (ليخرج) بالجزم، وفي نسخة: "ليخرجن" على لغة: أكلوني البراغيث، وفاعل (يخرج). (العواتق) مرَّ بيانه. (ذوات الخدور) أي: الستور، وفي نسخة: "وذوات الخدور" بواو. (أو قال: العواتق وذوات) في نسخة: "العواتق

21 - باب اعتزال الحيض المصلى

وذات" بالإفراد. (شك أيوب) أي: هل هو بواو العطف، أو لا. (قالت: نعم) في نسخة: "فقالت: نعم" ومرَّ شرح الحديث في باب: خروج النساء إلى العيدين. 21 - بَابُ اعْتِزَالِ الحُيَّضِ المُصَلَّى (باب: اعتزال الحيض المصلى) هذا بعض ما تضمنه الحديث في الباب السابق وكأنه أعاده؛ للاهتمام به. 981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَال: قَالتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: "أُمِرْنَا أَنْ نَخْرُجَ فَنُخْرِجَ الحُيَّضَ، وَالعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ - قَال ابْنُ عَوْنٍ: أَو العَوَاتِقَ ذَوَاتِ الخُدُورِ - فَأَمَّا الحُيَّضُ: فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلْنَ مُصَلَّاهُمْ". [انظر: 324 - مسلم: 890 - فتح: 2/ 470] (ابن أبي عدي) هو محمَّد بن إبراهيم. (عن ابن عون) هو عبد الله. (عن محمَّد) هو ابن سيرين. (أن نخرج) بفتح النون، وضم الراء. (فنخرج) بضم النون، وكسر الراء من الإخراج. (قال) في نسخة: "وقال". (أو العواتق ذوات الخدور" شك (ابن عون)، هل هو بواو العطف، أو لا كما شك أيوب في الباب السابق. 22 - بَابُ النَّحْرِ وَالذَّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمُصَلَّى (باب: النحر والذبح بالمصلى يوم العيد) النحر: للإبل في اللبة والذبح لغيرها في الحلق، وجمع بينهما بواو العطف وإن عبر في الحديث الآتي بأو المقتضية للترددة ليفيد اشتراكهما في الحكم، وأنه لا يمتنع أن يجمع يوم النحر بين النسكين: أحدهما: مما ينحر، والآخر: ما يذبح.

23 - باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد، وإذا سئل الإمام عن شيء وهو يخطب

982 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْحَرُ، أَوْ يَذْبَحُ بِالْمُصَلَّى". [1710، 1711، 5551، 5552 - فتح: 2/ 471] (كان ينحر أو يذبح بالمصلى) أي: للإعلام بذبح الإِمام، ليترتب عليه ذبح الناس؛ ولأن الأضحية من القرب العامة فإظهارها أفضل؛ لأن فيه إحياء لسنتها. 23 - بَابُ كَلامِ الإِمَامِ وَالنَّاسِ فِي خُطْبَةِ العِيدِ، وَإِذَا سُئِلَ الإِمَامُ عَنْ شَيْءٍ وَهُوَ يَخْطُبُ (باب: كلام الإِمام، والناس) بالجر عطف على الإِمام (في خطبة العيد، وإذا سئل الإِمام عن شيء) أي: من أمر الدين (وهو يخطب) أي: يجيب السائل، والمعنى: باب بيان حكم ذلك. 983 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، قَال: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ المُعْتَمِرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَقَال: "مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا، وَنَسَكَ نُسْكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاةِ، فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ"، فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الصَّلاةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ اليَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، فَتَعَجَّلْتُ، وَأَكَلْتُ، وَأَطْعَمْتُ أَهْلِي، وَجِيرَانِي فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ" قَال: فَإِنَّ عِنْدِي عَنَاقَ جَذَعَةٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ، فَهَلْ تَجْزِي عَنِّي؟ قَال: "نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ". [انظر: 951 - مسلم: 1961 - فتح: 2/ 471] (أبو الأحوص) هو سلام بن سليم. (فقال) في نسخة: "قال". (ونسك نسكنا) أي: قرب قرباننا (عناق جذعة) بالإضافة وفي نسخة: "عناقًا جذعة". (هي) في نسخة: "لهي".

(ولن تجزي عن أحد بعدك) مرَّ شرحه (¬1). 984 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَال: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ خَطَبَ، فَأَمَرَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ أَنْ يُعِيدَ ذَبْحَهُ"، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِيرَانٌ لِي - إِمَّا قَال: بِهِمْ خَصَاصَةٌ، وَإِمَّا قَال: بِهِمْ فَقْرٌ - وَإِنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ الصَّلاةِ، وَعِنْدِي عَنَاقٌ لِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ، "فَرَخَّصَ لَهُ فِيهَا". [انظر: 954 - مسلم: 1962 - فتح: 2/ 471] (عن حماد بن زيد) في نسخة: "عن حماد وابن زيد". (أيوب) أي: السختياني. (عن محمَّد) وابن سيرين (أن أنس بن مالك قال: إن رسول الله) في نسخة: "عن أنس بن مالك أن رسول الله". (ذبحة) بكسر المعجمة أي: مذبوحة، وبفتحها مصدر. (فقام رجل) هو أبو بردة (جيران) بكسر الجيم مبتدأ (لي) صفته، وخبره. (إما قال: بهم خصاصة) أي؛ جوع (وإما قال: فقر). في نسخة: "وإما قال: بهم فقر". 985 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ جُنْدَبٍ، قَال: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ، فَقَال: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ، فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ". [5500، 5562، 6674، 7400 - مسلم: 1960 - فتح: 2/ 472] (مسلم) هو ابن إبراهيم. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الأسود) أي ابن قيس العبدي. (عن جندب) بفتح الدال، وضمها، ابن عبد الله البجلي. (فقال) في نسخة: "وقال". (بسم الله) الباء بمعنى اللام، ¬

_ (¬1) سبق برقم (951) كتاب: العيدين، باب: سنة العيدين لأهل الإِسلام.

24 - باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد

والاسم مقحم أي: لله، أو فيه تأويل، أو إضمار أي: بسنة الله، أو متبركًا باسمه، والجمهور على أن الأضحية سنة؛ لخبر مسلم: "من رأى هلال ذي الحجة فأراد أن يضحي؛ فليمسك من شعره، وأظفاره" (¬1) وأوجبها أبو حنيفة على المقيم بالمصر المالك للنصاب. 24 - بَابُ مَنْ خَالفَ الطَّرِيقَ إِذَا رَجَعَ يَوْمَ العِيدِ (باب: من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد) أي: باب بيان حكم من خالف الطريق التي توجه منها يوم العيد إلى المصلى إذا رجع. 986 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلامٍ، قَال: أَخْبَرَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالفَ الطَّرِيقَ" تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ فُلَيْحٍ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ: عَنْ فُلَيْحٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ. [فتح: 2/ 472] (محمَّد) "هو ابن سهل" كما في نسخة (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا". (تميلة) بمثناة فوقية مضمومة (عن جابر قال) في نسخة: "عن جابر بن عبد الله قال". (إذا كان ... إلخ) كان تامة تكتفي بمرفوعها، وفي نسخة: "إذا خرج إلى العيد رجع من غير الطريق الذي ذهب فيه". وحكمة مخالفته الطريق: شمول بركته أهل الطريقين، أو أنه يستفتى فيهما، أو أن يدعو لأهل ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1977) كتاب: الأضاحي، باب: نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية، أن يأخذ من شعره، أو أظفاره شيئًا، ورواه أبو عوانة في "مسنده" 5/ 59 (7781) كتاب: الأضاحي، باب: وجوب من أراد أن يضحي الإمساك من أخذ الشعر. وابن حبان 13/ 239 (5917) كتاب: الأضحية، باب: ذكر البيان بأن هذا الفعل إنما زجر عنه لمن عنده أضحية. والبيهقي في "شعب الإيمان" (7331)، باب: في القرابين والأمانة.

قبورهما، أو أن تشهد له الطريقان، وأهلهما، أو أن يتصدق على فقرائهما، أو أن يزداد غيظ المنافقين، أو أن لا تكثر الرحمة، أو أن يشاع ذكر الله، أو أنه يتحر عن كيد الكفار، أو أن يقصد أطولهما لتكثير الخطى، فيزيد الثواب، وأقصرهما رجوعًا؛ لأن الذهاب أفضل منه، ويندب لمن شاركه - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر ذلك، وكذا لمن لم يشاركه في الأظهر تأسيًا به - صلى الله عليه وسلم -. (تابعه) أي: أبا تميلة: يونس بن محمَّد (عن فليح، عن سعيد) في نسخة: "وقال محمَّد بن الصلت، عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة"، وبهذه النسخة ظهر مخالفة حديث أبي هريرة لرواية جابر في السند (¬1) وحديث جابر أصح أي من حديث أبي هريرة، وإن اشتركا في الصحة، قال شيخنا بعد ذكره ذلك: والذي يغلب على الظن أن الاختلاف فيه من فليح، فلعل شيخه سمعه من جابر، وعن أبي هريرة ويقوي ذلك اختلاف اللفظين (¬2)، وقد رجح عند البخاري أنه عن جابر، وخالفه أبو مسعود والبيهقي (¬3)، فرجحا أنه عن أبي هريرة، ولم يظهر ¬

_ (¬1) أخرجها الحاكم في "مستدركه" 1/ 296 كتاب: العيدين، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/ 473: في هذا توجيه في قوله: "أصح" لا إشكال فيه، ويبقى الإشكال في قوله "تابعه" فإنه لم يتابعه بل خالفه، وقد أزال هذا الإشكال أبي نعيم في "المستخرج" فقال: أخرجه البخاري عن محمَّد عن أبي تميلة وقال: تابعه يونس بن محمَّد عن فليح، وقال محمَّد بن الصلت: عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة. ا. هـ (¬2) انظر: "الفتح" 2/ 474. (¬3) انظر: "سنن البيهقي" 3/ 308 (6250) كتاب: صلاة العيدين، باب: الإتيان من طريق غير الطريق الذي غدا منها.

لي في ذلك ترجيح. انتهى (¬1). ¬

_ (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين" بعد أن ذكر أقوال العلماء على اختلاف الطريقين ولكن الأقرب -والله أعلم-، أنه من أجل إظهار تلك الشعيرة حتى تظهر شعيرة صلاة العيد بالخروج إليها من جمعي سكك البلد. ثم اختلف العلماء -رحمهم الله- هل يلحق في ذلك صلاة الجمعة؛ لأن صلاة الجمعة صلاة عيد. قالوا: تلحق بصلاة العيدين، فيأتي إلى الجمعة من طريق ويرجع من طريق آخر. ثم توسع بعض العلماء وقالوا: يُشرع ذلك أيضًا في الصلوات الخمس، فيأتي مثلًا في صلاة الظهر من طريق ويرجع من طريق آخر، وهكذا في صلاة العصر وبقية الصلوات، قالوا: لأن ذلك حضور إلى الصلاة فيقاس على صلاة العيد. توسع آخرون فقالوا: تُشرع مخالفة الطريق في كل تعبد، كل عبادة تذهب إليها فاذهب إليها (طريق وارجع منها من طريق آخر، حتى عيادة المريض، فإذا عدت مريضًا فاذهب إليه من طريق وارجع من طريق آخر، وكذلك إذا شيعت جنازة، فاذهب من طريق وارجع من طريق آخر. وكل هذه الأقيسة الثلاثة كلها ضعيفة؛ لا قياس لصلاة الجمعة على العيدين، ولا بقية الصلوات على العيدين ولا المشي في العبادة على العيدين؛ وذلك لأن العبادات ليس فيها قياس، ولأن هذه الأشياء كانت في عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام -، كان في عهده الجمعة، والصلوات الخمس، وعيادة المريض، وتشييع الجنائز، ولم يحفظ عنه أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يخالف الطريق في هذا. والشيء إذا وجد في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يسن فيه شيئًا، فالسنة ترك ذلك. أما في الحج: فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خالف الطريق في دخوله إلى مكة؛ دخل من أعلاها، وخرج من أسفلها، وكذلك في ذهابه إلى عرفة، ذهب من =

25 - باب: إذا فاته العيد يصلي ركعتين

25 - بَابٌ: إِذَا فَاتَهُ العِيدُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ، وَمَنْ كَانَ فِي البُيُوتِ وَالقُرَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلامِ" وَأَمَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَوْلاهُمْ ابْنَ أَبِي عُتْبَةَ بِالزَّاويَةِ فَجَمَعَ أَهْلَهُ وَبَنِيهِ، وَصَلَّى كَصَلاةِ أَهْلِ المِصْرِ وَتَكْبِيرِهِمْ وَقَال عِكْرِمَةُ: "أَهْلُ السَّوَادِ يَجْتَمِعُونَ فِي العِيدِ، يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يَصْنَعُ الإِمَامُ" وَقَال عَطَاءٌ: "إِذَا فَاتَهُ العِيدُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ". (باب: إذا فاته العيد) أي: صلاته (يصلي ركعتين) أي: كهيئتهما مع الإِمام، وخالفت الحنفية، فخيرته بين ركعتين على الأصل، وبين أربعٍ؛ لخبر ابن مسعود بإسناد صحيح: "من فاته العيد مع الإِمام، ¬

_ = طريق ورجع من طريق آخر. واختلف العلماء أيضًا في هذه المسألة: هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك على سبيل التعبد، أو لأنه أسهل لدخوله وخروجه؛ لأنه كان الأسهل لدخوله أن يدخل من الأعلى ولخروجه أن يخرج من الأسفل. وسنة أن تأتي عرفة من طريق، وترجع من طريق آخر. ومنهم من قال: إن هذا حسب تيسر الطريق، فاسلك المتيسر سواء من الأعلى، أو من الأسفل. وعلى كل حال إن تيسر لك أن تدخل من أعلاها وتخرج من أسفلها فهذا طيب، فإن كان ذلك عبادة فقد أدركته، وإن لم يكن عبادة لم يكن عليك ضرر فيه، وإن لم يتيسر، كما هو الواقع في وقتنا الحاضر، حيث إن الطريق قد وجهت توجيهًا واحدًا، ولا يمكن للإنسان أن يخالف، فالأمر -والحمد لله- واسع.

فليصل أربعًا" (¬1) لكن الجمهور على خلافه. (وكذلك النساء) أي: اللاتي لم يحضرن المصلى مع الإِمام. (ومن كان في البيوت) أي: ممن لم يحضرها معه من غير النساء. (والقرى) أي: وكذلك من كان في القرى, ولم يحضر، وأشار بقوله: (ومن كان في البيوت والقرى) إلى مخالفة ما روي عن علي: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصرٍ جامع (¬2). (هذا) أي: ما ذكر من ركعتي العيد عندنا. (أهل الإِسلام) بنصب أهل على الاختصاص، أو على النداء بـ "يا"، وبها صرح، كما في نسخة. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: ما في هذا من الإشارة إلى الركعتين، وعمم بقوله: (أهل الإِسلام) من كان مع الإِمام ممن لم يكن معه من النساء، وأهل القرى، وغيرهم. (مولاهم) أي: مولى أنس، وأصحابه، وفي نسخة: "مولاه" أي: مولى أنس. (ابن أبي عتبة) بنصب (ابن) بدل من مولى، أو عطف بيان و (عتبة) بضم العين، وسكون الفوقية، وفتح الموحدة، وفي نسخة: "غنية" بمعجمة مفتوحة، ونون مكسورة، وتحتية مشددة. (بالزاوية) موضع على فرسخين من البصرة (¬3)، كان بها قصرٌ، ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 3/ 300 (5713) كتاب: العيدين، باب: من صلاها غير متوضيء ومن فاته العيدان. (¬2) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 3/ 301 (5719) كتاب: العيدين، باب: صلاة العيدين في القرى الصغار. والبيهقي 3/ 179 (5615) كتاب: الجمعة، باب: العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت. (¬3) انظر: "معجم البلدان" 3/ 128.

وأرضٌ لأنس. (فجمع) بتخفيف الميم. (وقال عطاء) في نسخة: "وكان عطاء" (إذا فاته) أي: المصلى على النسخة الأولى، وعطاء على الثانية. (العيد) أي: صلاته. 987 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنَى تُدَفِّفَانِ، وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَال: "دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ، وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى"،. [انظر: 949 - مسلم: 892 - فتح: 2/ 47] (عُقيل) بالتصغير: وابن خالد الأيلي. (متغشٍ) أي: مستتر، وفي نسخة: "متغشي" بياء (فانتهرهما) أي: زجرهما (فإنها) أي: هذه أيام. (أيام عيد وتلك الأيام، أيام منى) أضاف الأيام إلى زمانها أولًا، ثم إلى مكانها ثانيًا. 988 - وَقَالتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُمْ أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ" يَعْنِي مِنَ الأَمْنِ. [انظر: 454 - مسلم: 892 - فتح: 2/ 474] (فزجرهم) قال الكرماني: أي: أبو بكر (¬1)، قلت: وفي نسخة: "فزجرهم عمر". قال شيخنا: وقد ثبت بلفظ عمر في طرق أخرى (¬2). (أمنًا) بسكون الميم والنصب على المصدر أي: ائتمنوا أمنا، أو بنزع الخافض، أي: اتركهم للأمن أي: لأنا أمناهم أو على الحال أي: آمنين. ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 6/ 88. (¬2) "الفتح" 2/ 476.

26 - باب الصلاة قبل العيد وبعدها

(بني أرفدة) بالنصب بنداء محذوف، أو على الاختصاص، ثم فسر الأمن بقوله: (يعني من الأمن) ضد الخوف، لا الأمان الذي هو للكفار. 26 - بَابُ الصَّلاةِ قَبْلَ العِيدِ وَبَعْدَهَا وَقَال أَبُو المُعَلَّى: سَمِعْتُ سَعِيدًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "كَرِهَ الصَّلاةَ قَبْلَ العِيدِ". (باب: الصلاة قبل العيد) أي: صلاته. (وبعدها) أي: هل يجوز قبلها، أو بعدها، أولًا. (أبو المعلى) أي: يحيى بن ميمون العطار، أو يحيى بن دينار. (سعيدًا) وابن جبير. 989 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا وَمَعَهُ بِلالٌ". [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح: 2/ 476] (فصلى ركعتين) أي: صلاة العيد. (لم يصل قبلها ولا بعدها) أي: صلاة الركعتين، وفي نسخة: "لم يصل قبلهما ولا بعدهما" أي: الركعتين. وعند الشافعية: يكره للإمام بعد الحضور التنفل قبلها وبعدها؛ لما فيه من اشتغاله بغير الأهم، ولمخالفته فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه صلى عقب حضوره، وخطب عقب صلاته، وأما المأموم فلا يكره له ذلك قبلها مطلقًا, ولا بعدها إن لم يسمع الخطبة، بخلاف من يسمعها لإعراضه عن الخطيب بالكلية.

14 - كتاب الوتر

14 - كتاب الوتر

1 - باب ما جاء في الوتر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 14 - كتاب الوِتْرِ 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوِتْرِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطٌ من نسخة، وموجودة ومؤخرة في أخرى عن قوله: (باب: ما جاء في الوتر) بفتح الواو وكسرها، وفي أخرى بدل هذا: "أبواب الوتر" مع تأخير البسملة في نسخة، وتقديمهما في أخرى، وفي أخرى: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، باب الوتر" وهو عند الشافعية سنة؛ لخبر: هل عليَّ غيرها، قال: "لا إلا أن تطوع" (¬1) واجبٌ عند الحنفية؛ لخبر أبي داود "الوتر حق على كل مسلم" (¬2). وأجيب: بأن قوله حقٌّ ليس بمعنى: الواجب في عرف الشارع، ولو بمعناه، فالصارف عن ظاهره خبر: هل عليَّ السابق، وقوله تعالى: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} إذا لو وجب لم يكن للصلوات وسطى، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: "إن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة" (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (46) كتاب: الإيمان, باب: زيادة الإيمان ونقصانه. (¬2) "سنن أبي داود" (1422) كتاب: الوتر، باب: استحباب الوتر. وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (1208): إسناده صحيح. (¬3) سيأتي برقم (1395) كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة.

990 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلاةِ اللَّيْلِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: "صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى". [انظر: 472 - مسلم: 749 - فتح: 2/ 477] (أخبرنا) مالك) في نسخة: "حدثنا مالك". (أن رجلًا) قيل: وابن عمر، وقيل: هو من أهل البادية (¬1)، ولا تنافي؛ لاحتمال تعدد السائل. (سأل رسول الله) في نسخة: "سأل النبي". (عن صلاة الليل) أي: عن كيفيتها. (صلاة الليل) أي: نافلته (مثنى، مثنى) بلا تنوين؛ لأنه غير مصروف؛ للعدل والوصف، وتكريره؛ للتأكيد، ونافلة النهار عند الشافعية، كنافلة الليل في أنها مثنى، وذكر الليل لا مفهوم له؛ لأنه لقبٌ. (فإذا خشي أحدكم الصبح) أي: ذوات صلاة الصبح. (توتر له ما قد صلى فيه) لأن أقل الوتر ركعة، وأنها تكون مفصولة بالتسليم مما قبلها، وبه قال الأئمة الثلاثة، خلافًا لأبي حنفية فيهما. وفيه: التسليم من كل ركعتين. 991 - وَعَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ: "كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ فِي الوتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ". [فتح: 2/ 477] (كان يسلم ... إلخ) ظاهره: أنه كان يصلي الوتر موصولًا، وإلا فإن عرضت له حاجة فصل، ثم أتى بما بقي. 992 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ ¬

_ (¬1) رواها الإِمام أحمد في "مسنده" 2/ 100. والطبراني في "الأوسط" 3/ 100 (2614).

كُرَيْبٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَهِيَ خَالتُهُ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ وسَادَةٍ "وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ - أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ - فَاسْتَيْقَظَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي"، فَصَنَعْتُ مِثْلَهُ، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبهِ، "فَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي يَفْتِلُهَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ". [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 2/ 477] (عن مالك) أي: "ابن أنس" كما في نسخة. (عن كريب) أي: ابن أبي مسلم الهاشمي. (في عرض وسادة) بفتح العين، وقد تضم. (أو قريبًا) أي: صار الليل قريبًا. (منه) أي: من الانتصاف. (يمسح النوم) أي: أثره. (عشر آيات من آل عمران) أي: من {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ} إلى آخرها (شن معلقة) أنث وصف الشن بتأويله بالقربة. (قمت) في نسخة: "وقمت" بالواو. (يفتلها) أي: يدلكها؛ ليوقظه ويؤنسه، ومرَّ شرح الحديث في باب: السمر بالعلم (¬1). 993 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ، فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ" قَال القَاسِمُ: "وَرَأَيْنَا أُنَاسًا مُنْذُ أَدْرَكْنَا يُوتِرُونَ بِثَلاثٍ، وَإِنَّ كُلًّا لَوَاسِعٌ أَرْجُو أَنْ لَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (117) كتاب: العلم، باب: السمر في العلم.

يَكُونَ بِشَيْءٍ مِنْهُ بَأْسٌ". [انظر: 472 - مسلم: 741 - فتح: 2/ 477] (ابن وهب) في نسخة: "عبد الله بن وهب". (عمرو) أي: "ابن الحارث" كما في نسخة. (قال: قال النبي) في نسخة: "قال: قال رسول الله". (أرجو) في نسخة: "وأرجو" بواو. 994 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلاتَهُ - تَعْنِي بِاللَّيْلِ - فَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ المُؤَذِّنُ لِلصَّلاةِ". [انظر: 619 - مسلم: 736 - فتح: 2/ 478] (عن عروة) في نسخة: "قال: حدثني عروة". (كان يصلي إحدى عشرة ركعة) وهي أكثر الوتر عند الشافعي؛ لهذا الحديث، ولقول عائشة: ما كان - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان، ولا غيره على إحدى عشرة ركعة (¬1) فلا تصح الزيادة عليها. قال الأكثرون: ولا ينافي ذلك ما علم من خبر ابن عباس السابق أنها ثلاثة عشرة؛ لأنه مؤول أن فيه ركعتي سنة العشاء. قال النووي: وهو تأويل ضعيف مباعد للأخبار (¬2). قال السبكي: وأنا أقطع بحل الإيتار بذلك، وصحته، لكني أحب الاقتصار على إحدى عشرة فأقل؛ لأنه غالب أحواله - صلى الله عليه وسلم -. (ثم يضطجع على شقه الأيمن) أي: لأنه كان يحب التيمن، وقيل: لئلا ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1147) كتاب: التهجد، قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل في رمضان وغيره. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 6/ 47.

2 - باب ساعات الوتر

يستغرق في النوم؛ لأن القلب في اليسار، ففي النوم عليه راحة له، فيستغرق فيه، وقضية الحديث: تأخير الاضطجاع عن سنة الفجر، ولا ينافيه ما في خبر ابن عباس السابق من أنه قبلها؛ لجواز فعل الأمرين جميعًا في يوم، ومتفرقين في يومين (للصلاة) في نسخة: "بالصلاة". 2 - بَابُ سَاعَاتِ الوتْرِ قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "أَوْصَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالوتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ". (باب: ساعات الوتر) أي: أوقاته. (أوصاني النبي) في نسخة: "أوصاني رسول الله". (بالوتر قبل النوم) محمول على من لم يشق بتيقظه آخر الليل؛ جمعًا بينه وبين خبر: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا" (¬1). 995 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَرَأَيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ الغَدَاةِ أُطِيلُ فِيهِمَا القِرَاءَةَ، فَقَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ، وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ الغَدَاةِ، وَكَأَنَّ الأَذَانَ بِأُذُنَيْهِ" قَال حَمَّادٌ: أَيْ سُرْعَةً. [انظر: 472 - مسلم: 749 - فتح: 2/ 486] (أبو النعمان) هو محمَّد بن الفضل السدوسي. (أرأيت؟) بهمزة الاستفهام أي: أخبرني. (قبل صلاة الغداة) أي: الصبح. (أطيل) بهمزة الاستفهام مقدرة، وفي نسخة: "نطيل" بنون، وفي أخرى: "أطيل" بالبناء للمفعول، وفي أخرى: "يطيل" بتحتية أي: المصلي. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (998) كتاب: الوتر، باب: ليجعل آخر صلاته وترًا.

3 - باب إيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم أهله بالوتر

(فقال) في نسخة: "قال". (من الليل) في نسخة: "بالليل". (ويصلي الركعتين) في نسخة: "ويصلي ركعتين". (وكأن) بالتشديد (الأذان) أي: الإقامة (بأذنيه) بضم الذال، وإسكانها، والجملة حال من فاعل يصلي، والمعنى: أنه كان يسرع بالقراءة في الركعتين، وهو معنى قوله: قال حماد (أي: سرعة) في نسخة: "أي: بسرعة". 996 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَبِي، قَال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "كُلَّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَانْتَهَى وتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ". [مسلم: 745 - فتح: 2/ 486] (سليمان) أي: ابن مهران، وفي نسخة: بدل سليمان: "الأعمش". (مسلم) هو أبو الضحى الكوفي (عن مسروق) أي: ابن عبد الرحمن الكوفي. (كل الليل) بالنصب بالظرفية لقوله: (أوتر) بالرفع مبتدأ خبره جملة: أوتر بتقدير كل الليل أوتر فيه رسول الله، ثم المراد منه: أنه أوتر جميع الليالي، أو في جميع ساعات الليل أي: إما أن يراد به جزئيات الليل، أو أجزاؤه، ووقته: بين صلاة العشاء، وطلوع الفجر. 3 - بَابُ إِيقَاظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَهُ بِالوتْرِ (باب: إيقاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - أهله بالوتر) في نسخة: "للوتر". 997 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا رَاقِدَةٌ مُعْتَرِضَةً عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي، فَأَوْتَرْتُ". [انظر: 382 - مسلم: 512، 744 - فتح: 2/ 487] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (هشام) أي: ابن عروة.

4 - باب: ليجعل آخر صلاته وترا

(معترضة) بالنصب حال، وبالرفع صفة. (فأوترت) الفاء فصيحة فقمت وتوضأت وأوترت. وفي الحديث: امتثال قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} وأن الوتر بعد النوم، وتأكيد أمر الوتر. 4 - بَابٌ: لِيَجْعَلْ آخِرَ صَلاتِهِ وتْرًا (باب: ليجعل آخر صلاته وترًا) للحديث الآتي. 998 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اجْعَلُوا آخِرَ صَلاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وتْرًا" [انظر: 472 - مسلم: 751 - فتح: 2/ 488] (عبيد الله) أي: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر (عن عبد الله) في نسخة: "عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما". (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا) حكمته: أن أول صلاة الليل المغرب، وهي وتر، فناسب أن يكون آخرها وترًا، والأمر؛ للندب بقرينة صلاة الليل تهجدًا، فإنها غير واجبة اتفاقًا، فكذا آخرها، وأما خبر أبي داود "من لم يوتر فليس منا" (¬1) فمعناه: ليس على سنتنا. 5 - بَابُ الوتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ (باب: الوتر على الدابة) أي: صلاته عليها. 999 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (1419) كتاب: الوتر، باب: فيمن لم يوتر. وقال الألباني في "ضعيف أبي داود": إسناده ضعيف؛ العتكي فيه ضعف (256).

6 - باب الوتر في السفر

الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ قَال: كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَقَال سَعِيدٌ: فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ، فَأَوْتَرْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُهُ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْتُ: خَشِيتُ الصُّبْحَ، فَنَزَلْتُ، فَأَوْتَرْتُ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ: أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟ فَقُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ، قَال: "فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ عَلَى البَعِيرِ". [1000، 1095، 1096، 1098، 1105 - مسلم: 700 - فتح: 2/ 488] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (خشيت الصبح) أي: دخول وقته. (إسوة) بكسر الهمزة، وضمها أي: قدوة. (كان يوتر على البعير) احتج به على أبي حنيفة في إيجابه الوتر، إذا لو كان واجبًا لما صلاه راكبًا [واستشكل بأن الوتر كان واجبًا عليه - صلى الله عليه وسلم - فكيف صلاه راكبًا] (¬1). وأجيب: باحتمال الخصوصية؛ كخصوصية وجوبه عليه، وبأنه يشرع للأمة بما يليق بالسنة في حقهم: يصلي على الراحلة كذلك، وهو في نفسه واجب عليه، فاحتمل الركوب فيه؛ لمصلحة التشريع. 6 - بَابُ الوتْرِ فِي السَّفَرِ (باب: الوتر في السفر) أي: على راحتله. 1000 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلاةَ اللَّيْلِ، إلا الفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ". [انظر: 999 - مسلم: 700 - فتح: 2/ 489] ¬

_ (¬1) من (م).

7 - باب القنوت قبل الركوع وبعده

(حيث توجهت به) أي: فيصير صوب سفره قبلته (صلاة الليل) مفعول يصلي (إلا الفرائض) استثناء منقطع بمعنى: لكن، أي: [لكن الفرائض] (¬1) لم يكن يصليها على الراحلة، وتعبيره بالفرائض جرى على غير المشهور من أن أقل الجمع اثنان، إذ الواجب في صلاة الليل المغرب والعشاء فقط، وقيل المراد بالفراض: ما يعم الليلية والنهارية أي: فيكون جمعها على المشهور. 7 - بَابُ القُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ (باب: القنوت قبل الركوع وبعده) أي: في الصلوات كلها لنازلة. 1001 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَال: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَقَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصُّبْحِ؟ قَال: نَعَمْ، فَقِيلَ لَهُ: أَوَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ؟ قَال: "بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا". [1002، 1003، 1300، 2801، 2814، 3064، 3170، 4088، 4089، 4090، 4092، 4094، 4095، 4096، 6394، 7341 - مسلم: 677 - فتح: 2/ 489] (عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمَّد) أي: "ابن سيرين" كما في نسخة، وفي أخرى: "عن ابن سيرين". (أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. (فقيل: أوقنت) في نسخة: "فقيل له: أوقنت" وفي أخرى: "فقيل: أقنت" وفي أخرى: "أوقلت له: أوقنت". (يسيرًا) أي: شهرًا، كما في الرواية الآتية. 1002 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ القُنُوتِ، فَقَال: قَدْ كَانَ القُنُوتُ قُلْتُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ ¬

_ (¬1) من (م).

بَعْدَهُ؟ قَال: قَبْلَهُ، قَال: فَإِنَّ فُلانًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقَال: "كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا، أُرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمْ القُرَّاءُ، زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا، إِلَى قَوْمٍ مِنَ المُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 2/ 489] (عبد الواحد) أي: "ابن زياد" كما في نسخة. (قد كان القنوت) أي: مشروعًا. (قال: فإن فلانًا) في نسخة: "قال: قلت: فإن فلانًا". قال شيخنا: لم أقف على اسمه، ويحتمل أنه محمَّد بن سيرين (¬1) (أخبرني عنك، قلت) في نسخة: "أخبرني عنك أنك قلت". (فقال: كذب) إن قيل: كيف احتج الشافعية على أن القنوت بعد الركوع بحديث أنس المذكور، وقد قال الأصوليون: إذا كذَّب الأصلُ الفرعَ لا يعمل به. قلنا: لم يُكذِّب أنسٌ محمدَ بن سيرين، بل كَذَّب فلانًا الذي ذكره عاصم، ولعله غيرُ محمَّد، قاله الكرماني (¬2)، وفيه: إبعاد كذا قاله شيخنا آنفًا (¬3). (إنما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الركوع شهرًا) أي: في الصلوات كلها، وإلا فقنوت الصبح بعد الركوع مستمر عند الشافعي، فمعنى الحصر المذكور: أنه لم يقنت إلَّا شهرًا في جميع الصلوات بعد الركوع، بل في الصبح فقط، فلا تنافي بين كلامي الشافعي. وقنوته في - صلى الله عليه وسلم - شهرًا كان على قتلة القراء؛ لكونها نازلة (أراه) أي: [بضم الهمزة] (¬4) ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 490. (¬2) "صحيح البخاري بشرح الكرمان" 6/ 97. (¬3) "الفتح" 2/ 490 - 491. (¬4) من (م).

أظنه وهو مقول أنس (يقال لهم) في نسخة: "يقال لها" بتأنيث ضمير القوم؛ باعتبار أنهم طائفة. (القراء) هم طائفة كانوا من أورع الناس، نزلوا الصفة؛ يتعلمون القرآن، فبعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل نجد؛ ليدعوهم إلى الإِسلام، ويقرؤا عليهم القرآن، فلما نزلوا بئر معونة قصدهم عامر بن الطفيل في أحياء وهم رعلٌ وذكران وعصية، فقاتلوهم، فقتلوهم، ولم ينج منهم إلا كعب بن زيد الأنصاري (¬1). (زهاء) بضم الزاي، وخفة الهاء، والمدِّ، أي: مقدار. (دون) أي: غير (أولئك) أي: المبعوث إليهم. 1003 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَال: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "قَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 2/ 409] (أخبرنا أحمد) في نسخة: "حدثنا أحمد" (ابن يونس) نسبة إلى جده؛ لشهرته به، وإلا فهو عبد الله بن يونس. (زائدة) أي: ابن قدامة. (عن التيمي) هو سليمان بن طرخان (عن أبي مجلز) بكسر الميم، وقد تفتح، هو لاحق بن حميد السدوسي. (عن أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. (على رعل) بكسر الراء وسكون العين المهملتين. (ذكوان) بفتح الذال المعجمة، وسكون الكاف آخره نون، غير منصرف: قبيلتان من سليم. 1004 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "كَانَ القُنُوتُ فِي المَغْرِبِ وَالفَجْرِ". [فتح: 2/ 490] ¬

_ (¬1) انظر: "الثقات" 1/ 237، 238، و"الدرر" لابن عبد البر 161 - 162.

(إسماعيل) أي: ابن عليه. (قال: حدثنا) في نسخة: "قال: أخبرنا" (خالد) أي: الحذاء. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي (عن أنس) أي: "ابن مالك"، كما في نسخة. (في المغرب والفجر) أي: لأنهما في طرفي النهار؛ لزيادة شرف وقتيهما، فكان تارة يقنت فيهما، وتارة في جميع الصلوات؛ حرصًا على إجابة الدعاء حتى نزل {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} فتركه إلا في الصبح؛ لخبر أنس: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا (¬1)، وقد يقال: أن أحاديث هذا الباب ليس فيها ذكر الوتر، فما وجه ذكرها في باب الوتر؟، ووجه شيخنا بأنه ثبت أن المغرب وتر النهار (¬2)، فإذا ثبت فيها ثبت في وتر الليل؛ بجامع ما بينهما من الوترية (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق 3/ 110 (4964) كتاب: الصلاة، باب: القنوت. وأحمد 3/ 162. والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 243. والدارقطني في: "سننه" 2/ 39 كتاب: الجمعه، باب: صفة القنوت. والضياء في: "المختارة" 6/ 129 (2127). وقال الألباني في: "الضعيفة" (1238): منكر، وقد أسهب القول فيه فليراجع. (¬2) رواه عبد الرزاق 3/ 28 (4676) كتاب: الصلاة، باب: آخر صلاة الليل. وابن أبي شيبة 2/ 81 (6708) كتاب: الصلاة، باب: من قال: وتر النهار المغرب. وأحمد 2/ 30. والنسائي في "الكبرى" 1/ 435 كتاب: الوتر، باب: الأمر بالوتر. والطبراني في "الصغير" 2/ 231 (1081). وابن عدي في "الكامل " 6/ 329 (1348) ترجمة: علي بن عاصم بن صهيب. وقال الألباني: صحيح انظر: "صحيح الجامع الصغير" (6720). (¬3) "الفتح" 2/ 490.

15 - كتاب الاستسقاء

15 - كتاب الاستسقاء

1 - باب الاستسقاء وخروج النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [15 - أَبْوَابُ الاسْتِسْقَاءِ] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة (أبواب الاستسقاء) كذلك، وفي نسخة بدله: "كتاب الاستسقاء" وفي نسخة تأخير البسملة عن (أبواب الاستسقاء). 1 - بَابُ الاسْتِسْقَاءِ وَخُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الاسْتِسْقَاءِ (باب: الاستسقاء) ساقط من نسخة، والاستقاء: طلب إنزال المطر من الله تعالى بالتضرع، وهو ثلاثة أنواع: أدناها: الاستقاء بالدعاء خاليا عما يأتي. وأوسطها: الاستقاء بالدعاء بعد صلاة، أو في خطبة جمعة، أو نحوها. وأفضلها: الاستقاء بصلاة وخطبة. 1005 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَال: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ". [1001، 1012، 1023، 1024، 1025، 1026، 1027، 1028، 6343 - مسلم: 894 - فتح: 2/ 492] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (عبد الله بن أبي بكر) أي: ابن محمَّد بن عمرو بن حزم. (عن عمه) هو عبد الله بن زيد بن عاصم. (خرج النبي) أي: إلى الصحراء. (وحوَّل ردءاه) أي: عند استقباله في أثناء الاستسقاء.

2 - باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلها عليهم سنين كسني يوسف"

2 - بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ" (باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) لفظ: (عليهم) ساقط من نسخة، وهو مع (سنين) ساقط من أخرى، و (سنين) جمع سنة شذوذًا بتغيير مفرده من الفتح إلى الكسر، وكونه غير علم عاقل ومخالفته مجموع السلامة في جواز إعرابه بثلاثة أوجه: بالحروف، وبالحركات على النون منونًا، وغير منون منصرفًا، وغير منصرف، وسني يوسف هي: السبع المجدبة، وأضيفت إليه؛ لأنه الذي قام بأمور الناس فيها. 1006 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ، يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ: وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالمَهَا اللَّهُ " قَال ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيهِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الصُّبْحِ. [انظر: 804 - مسلم: 675، 2515 - فتح: 2/ 492] (قتيبة وابن سعيد (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (أنج) بكسر الجيم بعد همزة القطع، وهو للتعدية، يقال: نجا فلان، وأنجيته. (أنج المستضعفين من المؤمنين) من ذكر العام بعد الخاص. (وطأتك) بفتح الواو أي: شدة عقوبتك، ومعناها لغة: الدوس بالقدم. (على مضر) أي: على كفار قريش أولاد مضر. (اجعلها) أي: الوطأة، أو السنين، أو الأيام. (كسني يوسف) أي: في بلوغ غاية الشدة (غفار) بكسر الغين، وخفة الفاء، أبو قبيلة من كنانة. (وأسلم) بالهمز واللام: قبيلة من خزاعة. (سالمها الله) من المسالمة:

وهي ترك الحرب، أو بمعنى: سلمها، وإنما خصَّ هاتين القبيلتين بالدعاء؛ لأن غفارًا أسلموا قديمًا، وأسلم سالموه - صلى الله عليه وسلم -. (ابن أبي الزناد) اسمه: عبد الرحمن (هذا) أي: الدعاء المذكور. (كله) كان (في الصبح) أي: قنوته، ومرَّ شرح الحديث في باب: يهوي بالتكبير حين يسجد (¬1). 1007 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَال حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَال: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا، قَال: "اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ"، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا الجُلُودَ وَالمَيْتَةَ وَالجِيَفَ، وَيَنْظُرَ أَحَدُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَرَى الدُّخَانَ مِنَ الجُوعِ، فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ تَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَبِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ، قَال اللَّهُ تَعَالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] إِلَى قَوْلِهِ {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى، إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 16] " فَالْبَطْشَةُ: يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ مَضَتِ الدُّخَانُ وَالبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَآيَةُ الرُّومِ". [1020، 4693، 4767، 4774، 4809، 4820، 4821، 4822، 4823، 4824، 4825 - مسلم: 2798 - فتح: 2/ 492] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح العطار. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع الهمذاني. (عبد الله) أي: ابن مسعود. (إدبارًا) أي: عن الإِسلام. (اللهم سبعًا) أي: ابعث، أو سلط عليهم سبعًا، وفي نسخة: "سبع" بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف أي: مطلوبي فيهم سبعٌ. (سنة) أي: قحط. (حصَّت) بحاء وصاد مشددة مهملتين أي: استأصلت وأذهبت. (كل شيء) أي: من النبات. (أكلوا) ¬

_ (¬1) سبق برقم (804) كتاب: الأذان، باب: يهوي بالتكبير حين يسجد.

في نسخة: "أكلنا". (والجيف) جمع جيفة: وهي جثة ما خرجت روحه بغير ذكاة، وأرواح فبينها وبين الميتة عموم وخصوص من وجه. (وينظر) بالنصب بحتى، وبالرفع استئناف. (أحدهم) في نسخة: "أحدكم". (فيرى الدخان من الجوع) أي: من أجله؛ إذ الجائع يرى بينه وبين السماء، كهيئة الدخان من ضعف بصره. (قد هلكوا) أي: من الجدب والجوع. (فادع الله لهم) فدعا لهم حيث صرَّح البخاري في سورة الدخان بقوله: فاستسقى لهم فسقوا ({فَارْتَقِبْ}) أي: انتظر يا محمَّد عذابهم إلى قوله ({عَائِدُونَ}) في نسخة: إلى قوله: ({إِنَّكُمْ عَائِدُونَ}) أي: إلى الكفر ({يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى}) زاد في نسخة: " {إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} " (فالبطشة) في نسخة: "والبطشة" بالواو. (يوم بدر) أي: وقعة البطشة فيه، وفسرت بالقتل؛ لأنهم لما التجئوا إليه - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: ادع الله أن يكشف عنا، فنؤمن لك، فدعا وكشف، فلم يؤمنوا، انتقم الله منهم يوم بدر، وعن الحسن: البطشة الكبرى يوم بدر (¬1). (وقد) في نسخة: "فقد" بالفاء. (مضت الدخان) هو الجوع (والبطشة واللزام) هما: القتل (وآية الروم) هي أول السورة، ووجه إدخال هذا الباب في باب الاستسقاء: التنبيه على أنه كما شرع الدعاء بالاستسقاء للمؤمنين، كذلك شرع الدعاء بالقحط على الكافرين؛ لأن فيه إضعافهم، وهو نفعٌ للمسلمين. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن جرير في "التفسير" 1/ 226 (31048).

3 - باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا

3 - بَابُ سُؤَالِ النَّاسِ الإِمَامَ الاسْتِسْقَاءَ إِذَا قَحَطُوا (باب: سؤال الناس الإِمام الاستسقاء إذا قحطوا) بفتح القاف، مع فتح الحاء، وكسرها بالبناء للفاعل، يقال: قحط المطر قحوطًا إذا احتبس، فيكون ذلك من باب القلب؛ لأن المحتبس المطر، لا الناس، أو يقال: إذا كان محتبسًا عنهم فهم محتبسون عنه، وفي نسخة: "قحطوا" بالبناء للمفعول. (والاستسقاء) بالنصب مفعول ثان لسؤال، وإن لم يكن من أفعال القلوب، فإن ذلك جائز، وإن كان قليلًا، أو هو منصوبٌ بنزع الخافض أي: عن الاستسقاء، يقال: سألته الشيء، وسألته عن الشيء. 1008 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ أَبِي طَالِبٍ: [البحر الطويل] وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ [1009 - فتح: 2/ 494] (عمرو بن علي) أي: ابن بحر الباهلي (يتمثل بشعر أبي طالب) زاد في نسخة: "فقال". (وأبيض) بجره بالفتحة بربّ مقدرة، ونصبه، عطفٌ على (سيدًا) في بيت قبله وهو: وما نزل قوم لا أبا لك سيدًا ... يحوط الزمار غير ذرب مواكل وبرفعه خبر مبتدإِ محذوف أي: هو أبيض. (يستسقى) بالبناء للمفعول. (بوجهه) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - (ثمال اليتامى) وهو الذي يثمل القوم أي: يكفيهم بأفضاله وهو مع قوله: (عصمة للأرامل) مجرور، أو منصوب، أو مرفوع، صفة و (أبيض) بأوجهه السابقة، والعصمة: ما يعتصم ويمتنع به، والأرامل جمع أرمل وأرملة، وهما: الفقيران اللذان لا زوج لهما، وإنما كان استعماله في الرجل مجازًا عرفيًّا؛ إذ لو أوصى

للأرامل اختصت الوصية بالنساء. قيل: ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن ما فيه مفهوم منها بالأولى؛ لأنهم إذا سقوا بسؤالهم الله به - صلى الله عليه وسلم - فأحرى أن يسقوا بتقديمهمِ له. 1009 - وَقَال عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، رُبَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّاعِرِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي، فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ " وَهُوَ قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ". [انظر: 1008 - فتح: 2/ 494] (وقال عمر بن حمزة) أي: ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب. (سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر. (وأنا أنظر ... إلخ) حال من ضمير: (ذكرت). (يستقي) حال من النبي - صلى الله عليه وسلم - , وفي نسخة: "يستسقي على المنبر". (يجيش) أي: يهيج من جاش البحر إذا هاج، وهو كناية عن كثرة المطر. (وأبيض ... إلخ) مقول قول الشاعر، وقوله: (ثمال اليتامى عصمة للأرامل) ساقط من نسخة. 1010 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَال: "اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا"، قَال: فَيُسْقَوْنَ. [3710 - فتح: 2/ 494] (حدثنا عبد الله بن محمَّد الأنصاري) في نسخة: "حدثنا الأنصاري". (عن أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. (قحطوا) بالبناء للفاعل وللمفعول، كما مر. وفي الحديث: الاستسقاء بأهل الصلاح لا سيما أقارب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن الاجتماع إنما يكون بإذن الإِمام؛ لما فيه من الاقتيات عليه.

4 - باب تحويل الرداء في الاستسقاء

4 - بَابُ تَحْويلِ الرِّدَاءِ فِي الاسْتِسْقَاءِ (باب: تحويل الرداء في الاستسقاء) تفاؤلًا بتحول القحط إلى الخصب. 1011 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَال: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى فَقَلَبَ رِدَاءَهُ". [انظر: 1005 - مسلم: 894 - فتح: 2/ 497] (إسحاق) أي: ابن (¬1) [إبراهيم الحنظلي، صفة مشهبة، وبفتحها مصدر بمعنى الصفة، أو مفعول مطلق لمقدر. (يخشى) أي: يخاف. (أن تكون الساعة) مفعول يخشى، و (الساعة) بالرفع فاعل و (تكون) على أنها تامة، واسم لها على أنها ناقصة، وخبرها محذوف أي: حضرت، أو بالنصب خبر كان، واسمها محذوف، أي: هذه الآية، وهذا تمثيل، من الراوي، فإنه قال: فزعًا، كالخاشي أن تكون القيامة، وإلا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - عالم بأن الساعة لا تقوم وهو بين أظهرهم. قال النووي: قد يستشكل الحديث بأن الساعة لها مقدمات، كالطلوع من المغرب، وخروج الدابة والدجال وغيرها، فكيف يخشى؟ ويجاب: بأن هذا لعلة قبل إعلامه هذه العلامات، أو خشي أن يكون هذا الكسوف بعض مقدماتها، أو الراوي هو الذي ظن، ولا يلزم من ظنه أنه - صلى الله عليه وسلم - خشي ذلك حقيقة، بل ربما خشي أن يكون نوع عذاب للأمة، فظن ذلك (¬2) انتهى. ¬

_ (¬1) يوجد سقط كبير بالأصل حوالي خمسين حديثًا يبدأ من هنا وينتهي في باب الذكر في الكسوف، وأثبتناه من (م). (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 6/ 215.

وعورض الأول بأن قصة الكسوف متأخرة؛ لأن موت إبراهيم كان في العاشرة، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكثير من الأشراط والحوادث قبل ذلك. (رأيته قط) بضم الطاء مشددة ومخففة، ولفظة (ما) ساقطة من نسخة، وهي مرادة، أو في (أطول) معنى: عدم المساواة، أي: فصلى بما لم يساو قط قيامًا رأيته يفعله، أو (قط) بمعنى: حسب إن سكنت الطاء، أي: صلى في ذلك اليوم فحسب بأطول قيام رأيته يفعله. (وهذه الآيات التي يرسل الله) أي: من كسوف النيرين والزلزلة، وهبوب الريح الشديدة، وغيرها (يخوف الله به) أي: بما ذكر من الآيات، وفي نسخة: "يخوف الله بها". إلى ذكره في نسخة: "إلى ذكر الله". (وهب) أي: ابن "جرير" كما في نسخة. (أخبرنا) في نسخة "حدثنا". (شعبة) أي: ابن حجاج. (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال عبد الله) في نسخة: "عن عبد الله". (يحدث أباه) أي: أبا عبد الله لا أبا عباد. 1012 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، يُحَدِّثُ أَبَاهُ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: هُوَ صَاحِبُ الأَذَانِ، وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ لِأَنَّ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ المَازِنِيُّ مَازِنُ الأَنْصَارِ". (وقلب) وفي نسخة: "وحول". (وصلى ركعتين) أي: كركعتي العيد حتى في التكبير والقراءة والجهر بهما. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (كان ابن عيينة يقول: هو) أي: راوي حديث الاستسقاء، وهو عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة الخزرجي. (صاحب الأذان)

[5 - باب انتقام الرب جل وعز من خلقه بالقحط إذا انتهك محارم الله]

أي: صاحب رؤياه. (ولكنه) أي: ابن عيينة. (وهم) بكسر الهاء، وفي نسخة: بسكونها بضمير لك لمروي بن عيينة لا له، (لأن هذا) أي: راوي حديث الاستسقاء (عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، مازن الأنصار) أي: لا مازن بني تميم، أو غيره، وفي نسخة بدل (مازن) "الأنصاري" وزاد في أخرى بعد (عاصم بن مازن): "الأنصاري". وفي الحديث: استعمال الفأل. [5 - باب انتِقَامِ الرَّبِّ جَلَّ وَعَزَّ مِنْ خَلْقِهِ بِالْقَحْطِ إِذَا انتُهِكَ مَحَارِمُ الله.] [فتح: 2/ 501] (باب: انتقام الرب سبحانه من خلقه بالقحط إذا انتهكت محارمه) كذا في نسخة خالية من حديث وأثر، وكأنه ذكر ذلك ليضع له حديثًا أو أثرًا مطابقًا له فلم يتفق له ذلك. 6 - بَابُ الاسْتِسْقَاءِ فِي المَسْجِدِ الجَامِعِ (باب: الاستسقاء في المسجد الجامع) أَي: جواز ذلك فيه. 1013 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَال: أَخْبَرَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَال: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وجَاهَ المِنْبَرِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَتِ المَوَاشِي، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، قَال: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، فَقَال: "اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا" قَال أَنَسُ: وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ، وَلَا قَزَعَةً وَلَا شَيْئًا وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ، وَلَا دَارٍ قَال: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ، انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، قَال: وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ

رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ البَابِ فِي الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، قَال: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ حَوَاليْنَا، وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ" قَال: فَانْقَطَعَتْ، وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ قَال شَرِيكٌ: فَسَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ قَال: "لَا أَدْرِي". [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 150] (محمد) أي: "ابن سلام" كما في نسخة. وهو بتشديد اللام البيكندي. (قال أخبرنا) في نسخة: "قال حدثنا" (أبو ضمرة) هو أنس بن عياض. (أن رجلًا) قيل: هو كعب بن مرة، وقيل: أبو سفيان بن حرب. قال شيخنا: والظاهر: أنه خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري (¬1). (كان وجاه المنبر) بكسر الواو وضمها أي: مواجهه. (رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم) حال. (يخطب) حال ثانية، وهما حالان متداخلتان (هلكت المواشي) أي: أشرفت على هلاكها من عدم وجود ما يعشيون به من الأقوات المفقود. بحبس المطر، وفي نسخة: "هلكت الأموال" والمراد بها: المواشي وهلك بفتح اللام يهلك بكسرها أشهر من العكس. (وانقطعت السبل) في نسخة: "وتقطعت السبل" أي: الطرق، وانقطاعها لهلاك الإبل، أو ضعفهاة لقلة الكلإ. (يغيثنا) بفتح أوله وضمه من غاث وأغاث، يقال: غاث الغيث الأرض أي: أصابها وأغاثه الله أي: أجابه، وهو بالجزم جواب الأمر، وفي نسخة: "أن يغيثنا" بالفتح والضم أيضًا، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، وجواب الأمر محذوف، أي: يجبك. (اللهم اسقنا) الهمزة همزة ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 501.

وصلٍ، ويجوز قطعها، يقال: سقاه، وأسقاه. (ولا والله) في نسخةٍ: "فلا والله". (من سحاب ولا قزعة) بنصب قزعة تبعًا لمحل الجار والمجرور، وبجرها تبعًا للفظ المجرور: وهي قطعة سحاب رقيقة. (ولا شيئًا) أي: مما هو مظنة للمطر، وهو بالنصب، ويجوز جره كالذي قبله (وما بيننا) في نسخة: "ولا بيننا". (سلع) بفتح السين، وسكون اللام: جبل بالحديبية (¬1) (من ورائه) أي: وراء سلع. (مثل الترس) أي: في كثافتها واستدارتها. (قال) أي: أنس، وفي نسخة: "فقال " (والله) في نسخةٍ: "فوالله". (ستًّا) أي: ستة أيام، وفي نسخةٍ: "سبتًا" بفتح أوله، وسكون الموحدة أي: أسبوعًا، وعبَّر به عنه؛ لأنه أول الأسبوع من باب تسمية الشيء باسم بعضه. قال شيخنا: ولا تنافي بين الروايتين؛ لأن من قال: ستًّا أراد ستة أيام، ومن قال سبتًا أضاف إليها يومًا ملفقًا من الجمعتين (¬2). (ثم دخل رجلٌ) ظاهره: أنه غير الأول؛ لأن النكرة إذا تكررت دلت على التعدد، وهذا جري على الغالب؛ لقول أنس بعدُ جوابًا لمن سأل أهو الرجل الأول؟ لا أدري، لقول مسلم حتى جاء ذلك الأعرابي (¬3) إذ الأول: يقتضي الشك، والثاني: -كصنع البخاري بعد في باب من اكتفى بصلاة الجمعة في الاستسقاء- يقتضي الجزم؛ لأنهما واحد، وجمع شيخنا بينهما، بقوله: لعل أنسًا تذكره بعد أن نسيه أو نسيه بعد أن كان تذكره (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم ما استعجم" 3/ 747، "معجم البلدان" 3/ 236. (¬2) "الفتح" 2/ 504. (¬3) "مسلم" (897) كتاب: صلاة الاستسقاء، باب: الدعاء في الاستسقاء. (¬4) "الفتح" 2/ 504.

(ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم) حال (يخطب) حال ثانية، وفي نسخة: "قائمًا" بالنصب، حال من ضمير يخطب. (فاستقبله قائمًا) بنصب قائمًا على الحال عن فاعل استقبله لا من مفعوله. (فادع الله يمسكها) بالجزم جواب الأمر، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدإٍ محذوف وجواب الأمر محذوف أي: يجبك. وفي نسخة: "فادع الله أن يمسكها" فجواب الأمر أيضًا محذوف، والضمير للأمطار المفهومة من (أمطرت)، أو (للسحابة)، أو (السماء). (حوالينا) أي: أنزل المطر حوالينا، ويقال فيه: حولنا وحوالنا. (ولا علينا). (لا) دعائية، كما في قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: 286] والكلام وإن صح بدون واو العطف؛ لكنها زيدت؛ لتفيد الاتصال بين الجملتين إذ كل منهما طلبته وغايته، إذ المقصود بالأول: طلب النفع، وبالثانية: طلب رفع الضرر. (الآكام) بكسر الهمزة وبفتحها ممدودة جمع أكمة بوسائط، إذ الأكمة وهي: ما دون الجبل وأعلى من الرابية، جمعها حقيقة أكم بفتحتين وجمعه آكام كجبال وجمعه أكم بضمتين، وجمع على آكام بهمزة ممدودة كأعناق، قاله الجوهري، وزاد لجمع أكم بفتحتين أكمات. (والظراب) بكسر المعجمة، جمع ظرب بفتحها وكسر الراء أكثر من سكونها، وهي: الرابية الصغيرة. (والأودية) المراد منها ومن الثلاثة قبلها: بطونها. (ومنابت الشجر) أي: وغيرها، وخصت المذكورات بالذكر؛ لأنها بالمعنى المذكور أوفق للزراعة من غيرها. (فانقطعت) أي: الأمطار عن المدينة. (أهو) أي: السائل الثاني. (باب: الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة) أي: باب بيان حكم ذلك حالة كون الخطيب غير مستقبل القبلة.

7 - باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة

7 - بَابُ الاسْتِسْقَاءِ فِي خُطْبَةِ الجُمُعَةِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ القِبْلَةِ 1014 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا، دَخَلَ المَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ القَضَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا، ثُمَّ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا" قَال أَنَسٌ: وَلَا وَاللَّهِ، مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ، وَلَا قَزَعَةً وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ، قَال: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلَا وَاللَّهِ، مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ البَابِ فِي الجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا، قَال: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ حَوَاليْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ" قَال: فَأَقْلَعَتْ، وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ قَال شَرِيكٌ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ فَقَال: "مَا أَدْرِي". [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 507] (شريك) أي: ابن عبد الله بن أبي بكر. (يوم جمعة) في نسخة: "يوم الجمعة". (دار القضاء) أي: التي بيعت في قضاء دين عمر بن الخطاب الذي كان أنفقه من بيت المال، وكتبه على نفسه، وأوصى ابنه عبد الله أن يباع فيه ماله، فباع هذه الدار من معاوية، وكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، ثم اختصر فقيل لها: (دار القضاء). (يغيثنا) فيه ما مرَّ في الباب السابق. (ولا والله) في نسخة: "فلا والله" (ستًّا) وفي نسخة: بباء، وفي أخرى: "سبعًا". (يمسكها) بالجزم والرفع نظيرها مرَّ في (يغيثنا). (سألت أنس بن مالك)

8 - باب الاستسقاء على المنبر

في نسخة: "فسألت أنس ابن مالك" وفي أخرى: "فسألت أنسًا". (باب: الاستسقاء على المنبر) أي: في الخطبة. 8 - بَابُ الاسْتِسْقَاءِ عَلَى المِنْبَرِ 1015 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَحَطَ المَطَرُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَدَعَا فَمُطِرْنَا، فَمَا كِدْنَا أَنْ نَصِلَ إِلَى مَنَازِلِنَا فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ إِلَى الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، قَال: فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ حَوَاليْنَا وَلَا عَلَيْنَا" قَال: فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَابَ يَتَقَطَّعُ يَمِينًا وَشِمَالًا، يُمْطَرُونَ وَلَا يُمْطَرُ أَهْلُ المَدِينَةِ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 508] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (يوم الجمعة) في نسخة: "يوم جمعة". (قحط) بالبناء للفاعل والمفعول أي: احتبس. (فمُطِرنا) بالبناء للمفعول من مطر ثلاثيًّا لغة في أمطر رباعيًّا. (فما كدنا أن نصل) لفظة (أن) ساقطة من نسخة. (أن يصرفه) أي: المطر. (يمطرون) أي: أهل اليمين والشمال. 9 - بَابُ مَنِ اكْتَفَى بِصَلاَةِ الجُمُعَةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ (باب: من اكتفى) أي: عن صلاة الاستسقاء. (بصلاة الجمعة في الاستسقاء) كغيرها من المكتوبات والنوافل، وهي إحدى صوره الثلاث السابقة أول كتاب الاستسقاء.

10 - باب الدعاء إذا تقطعت السبل من كثرة المطر

1016 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: هَلَكَتِ المَوَاشِي، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، فَدَعَا، فَمُطِرْنَا مِنَ الجُمُعَةِ إِلَى الجُمُعَةِ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَال: تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَهَلَكَتِ المَوَاشِي، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، فَقَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَالأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ" فَانْجَابَتْ عَنِ المَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 508] (عن أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. (إلى النبي) في نسخة: "إلى رسول الله". (وتقطعت) بفوقية وطاء مشددة. (فدعا) في نسخة: "فادع الله". (فمُطرْنا) بالبناء للمفعول وفي كل من النسختين حذف والتقدير على الأولى: فادع الله فدعا فمطرنا، وعلى الثانية: فدعا فمطرنا. (فقال) في نسخة: "فقام فقال". (فانجابت) بجيم وموحدة أي: انكشفت السحب الممطرة المفهومة من (مطرنا). والجوبة: الفرجة في السحاب، وجيبتُ القميص: قورت جيبه. (انجياب الثوب) شبه انقطاع السحاب عن المدينة بتدوير انجياب الثوب. 10 - بَابُ الدُّعَاءِ إِذَا تَقَطَّعَتِ السُّبُلُ مِنْ كَثْرَةِ المَطَرِ (باب: الدعاء) أي: برفع المطر عن البيوت (إذا انقطعت) في نسخة: "تقطعت". (السبل من كثرة المطر) أي: على البيوت. 1017 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ المَوَاشِي، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمُطِرُوا مِنْ جُمُعَةٍ إِلَى جُمُعَةٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ

11 - باب ما قيل: «إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحول رداءه في الاستسقاء يوم الجمعة»

وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَهَلَكَتِ المَوَاشِي، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ عَلَى رُءُوسِ الجِبَالِ وَالآكَامِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ"، فَانْجَابَتْ عَنِ المَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 509] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (إلى رسول الله) في نسخة: "إلى النبي". (انقطعت) في نسخة: "تقطعت". (اللهم على رءوس الجبال والآكام) المراد: بطونها؛ لأنها محل النبات، وإنما خصَّ رءوسها بالذكر؛ لأن المطر ينزل عليها قبل نزوله على بطونها، والحديث تكرر في هذه الأبواب، وإن اختلف بعض ألفاظه، وقد مرَّ شرحه في باب: الاستسقاء في المسجد الجامع (¬1). 11 - بَابُ مَا قِيلَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَوِّلْ رِدَاءَهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ يَوْمَ الجُمُعَةِ» (باب: ما قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحول رداءه في الاستسقاء يوم الجمعة) عبر عنه بـ (قيل) مع صحة الخبر بأنه حوَّل رداءه؛ لأن قائل ولم يذكر أنه حول رداءه يحتمل أنه: الراوي عن أنس، أو من دونه، فلهذا التردد لم يجزم بالحكم، مع أن سكوت الراوي عن ذلك لا يقتضي نفي وقوعه، وأما تقييده بيوم الجمعة؛ فليبين أن قوله فيما مرَّ في باب: تحويل الرداء في الاستسقاء خاص بالمصلي الخارج عن محل الجمعة، والخبر المذكور مختصر من مطول سيأتي، وفيه: يخطب على المنبر يوم الجمعة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1013) كتاب: الاستسقاء، باب: الاستسقاء في المسجد الجامع. (¬2) سيأتي برقم (1033) كتاب: الاستسقاء، باب: من تمطر في المطر.

12 - باب إذا استشفعوا إلى الإمام ليستسقي لهم لم يردهم

1018 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلاكَ المَالِ وَجَهْدَ العِيَالِ "فَدَعَا اللَّهَ يَسْتَسْقِي" وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَلَا اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 509] (عن الأوزاعي) هو عبد الرحمن (عن إسحاق بن عبد الله) أي: "ابن أبي طلحة" كما في نسخة. (وجَهد العيال) -بفتح الجيم أي: مشقتهم بسبب ما ذكر، وفتحها هو الرواية والمناسب لما هنا، أما بضمها فهو الطاقة، وقيل: بفتحها وضمها الطاقة، وبه مع ما قبله يعلم أنه بفتحها مشترك بين المشقة والطاقة وإن كان المراد هنا المشقة، كما مرَّ. (يستسقي) حال. 12 - بَابُ إِذَا اسْتَشْفَعُوا إِلَى الإِمَامِ لِيَسْتَسْقِيَ لَهُمْ لَمْ يَرُدَّهُمْ (باب: إذا استشفعوا إلى الإمامَ ليستسقي لهم لم يردهم) أي: بل يجبيهم إلى سؤالهم، وفي نسخة: "يستسقي" بحذف اللام. 1019 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ المَوَاشِي، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ، فَدَعَا اللَّهَ، فَمُطِرْنَا مِنَ الجُمُعَةِ إِلَى الجُمُعَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَهَلَكَتِ المَوَاشِي، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ عَلَى ظُهُورِ الجِبَالِ وَالآكَامِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ" فَانْجَابَتْ عَنِ المَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ. [انظر: 1007 - مسلم: 2798 - فتح: 2/ 510] (فانجابت عن المدينة. انجياب الثوب): مرَّ شرحه.

13 - باب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط

13 - بَابُ إِذَا اسْتَشْفَعَ المُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ عِنْدَ القَحْطِ (باب: إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط) أي: فليجيبوهم عند وجود المصلحة. 1020 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَال: إِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلامِ، "فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وَأَكَلُوا المَيْتَةَ وَالعِظَامَ"، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِنَّ قَوْمَكَ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ، فَقَرَأَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 16] يَوْمَ بَدْرٍ قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَزَادَ أَسْبَاطٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسُقُوا الغَيْثَ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعًا، وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ المَطَرِ، قَال: "اللَّهُمَّ حَوَاليْنَا وَلَا عَلَيْنَا" فَانْحَدَرَتِ السَّحَابَةُ عَنْ رَأْسِهِ، فَسُقُوا النَّاسُ حَوْلَهُمْ. [انظر: 1007 - مسلم: 2798 - فتح 2/ 510] (عن سفيان) أي: الثوري. (والأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح بالتصغير، (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (فدعا عليهم النبي) - صلى الله عليه وسلم - أي بقوله: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف. (فأخذتهم سنة) أي: جدب وقحط. (فجاء أبو سفيان) هو صخر بن حرب. (هلكوا) في نسخة: "قد هلكوا". {بدخان مبين} زاد في نسخة: "الآية". (ثم عادوا إلى كفرهم) فابتلاهم الله تعالى بيوم البطشة. (فذلك قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى} زاد في نسخة: {إِنَّا مُننَقِمُونَ} "، و (يوم) بدل من {يَوْمَ تَأْتِي} أو معمول لفعل دل عليه: {إِنَّا مُننَقِمُونَ} لا منتقمون؛ لأن إن مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها. (قال)

في نسخة: "قال أبو عبد الله" أي: البخاري. (وزاد أسباط) بفتح الهمزة أي: ابن نصر. قال العلامة البرماوي: واعلم أن هذا مما وهّموا فيه البخاري في وصله حديثًا بحديث، فإن دوام المطر والدعاء يكشفه إذا كان لأهل المدينة ومن حولهم من المسلمين، كما رواه أنس في يوم الجمعة لا علاقة له بدعائه لأهل مكة بالمطر حتى يسأل أهل المدينة كشفه، قيل: فتكون الترجمة أيضًا وهمًا لبنائها على وهم. قلت: يمكن أن يجاب بأن معنى (وزاد) أي: في الحديث بواقعة أخرى فيكون (سفيان) يروي عن (منصور) واقعة مكة، وسؤال أهل مكة له وهو بمكة قبل الهجرة. كما قاله ابن بطال (¬1). (وزاد) علهي (أسباط عن منصور) فذكر الواقعتين، لا أن الثانية مسببة عن الأولى، ولا أن السؤال فيهما معًا كان بالمدينة، وبالجملة فهذه الزيادة وصلها البيهقي في "السنن" وفي "الدلائل" (¬2) انتهى. (قال: اللهم) في نسخة: "فقال: اللهم". (فسقوا) بالبناء للمفعول: (الناس) بنصبه على الاختصاص أي: أعني الناس، وبرفعه على أنه: بدل من الضمير أو نائب الفاعل على لغة: أكلوني البراغيث. وفي نسخة: "فسقى الناس". وفي الحديث: إجابة المسلمين المشركين في شفاعتهم إذا رجي رجوعهم للحق، وأن الإمام إذا طمع بإسلامهم يوقرهم ويدعو لهم، ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح ابن بطال" 3/ 15. (¬2) "السنن الكبرى" 3/ 352 - 353 كتاب: صلاة الاستسقاء، باب: الإمام يستسقي للناس، "الدلائل" 2/ 326 - 327.

14 - باب الدعاء إذا كثر المطر حوالينا ولا علينا

وإقرارهم بفضله - صلى الله عليه وسلم - وقربه من الله وإجابته له، وإلا لما لجأوا إليه في كشف ضرهم وهو أول دليل على تعرفهم بصدقة، ولكن حملهم الحسد على معاداته. 14 - بَابُ الدُّعَاءِ إِذَا كَثُرَ المَطَرُ حَوَاليْنَا وَلَا عَلَيْنَا (باب: الدعاء إذا كثر المطر حوالينا ولا علينا). بإضافة (باب) إلى ما بعده، والتقدير: (باب: الدعاء إذا كثر المطر) فيكون بلفظ: (اللهم حوالينا ولا علينا). ويجوز تنوينه، فيكون (الدعاء): مبتدأ خبره: (حوالينا). والتقدير: (الدعاء) كائن بلفظ: (اللهم حوالينا ولا علينا). 1021 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَقَامَ النَّاسُ، فَصَاحُوا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَحَطَ المَطَرُ، وَاحْمَرَّتِ الشَّجَرُ، وَهَلَكَتِ البَهَائِمُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا، فَقَال: "اللَّهُمَّ اسْقِنَا" مَرَّتَيْنِ، وَايْمُ اللَّهِ، مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً مِنْ سَحَابٍ، فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ وَأَمْطَرَتْ، وَنَزَلَ عَنِ المِنْبَرِ فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ، لَمْ تَزَلْ تُمْطِرُ إِلَى الجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، صَاحُوا إِلَيْهِ تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهَا عَنَّا، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ حَوَاليْنَا وَلَا عَلَيْنَا" فَكَشَطَتْ المَدِينَةُ، فَجَعَلَتْ تَمْطُرُ حَوْلَهَا وَلَا تَمْطُرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةٌ، فَنَظَرْتُ إِلَى المَدِينَةِ وَإِنَّهَا لَفِي مِثْلِ الإِكْلِيلِ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 512] (معتمر) أي: ابن سليمان التيمي. (عن ثابت) أي: البناني. (عن أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. (كان النبي) في نسخة: "كان رسول الله". (يوم جمعة) في نسخة: "يوم الجمعة". (قحط المطر) بالبناء للفاعل أي: انحبس. (واحمرَّت الشجر) أي: تغير لونها من الخضرة إلى الحمرة،

15 - باب الدعاء في الاستسقاء قائما

(يسقينا) في نسخة: "أن يسقينا". (مرتين) ظرف للقول لا للسقي. أي: قال: اللهم اسقنا مرتين. (وايم الله) بهمزة وصل. (وأمطرت) في نسخة: "فأمطرت". (لم تزل تمطر) بضم الفوقية وكسر الطاء. وفي نسخة: "لم يزل المطر". (يحبسها) بالجزم جواب الأمر، وبالرفع على الاستئناف. (ثم قال) في نسخة: "فقال". (اللهم حوالينا ولا علينا) قال الشافعي في "الأم": وإذا كثرت الأمطار، وتضرر الناس، فالسنة أن يدعى برفعها اللهم حوالينا ولا علينا، ولا يشرع لذلك صلاة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل لذلك (¬1). (وتكشطت) أي: انكشفت من كشطت الجل (¬2) عن الفرس كشفته، وفي نسخة "فكُشِطَت" بفاء وبالبناء للمفعول. (تمطر) بفتح أوله وضم ثالثه من مطر، ويجوز الضم والكسر من أمطر. و (لا) في نسخة: "وما". (الإكليل) بكسر الهمزة: ما أحاط بالشيء، ويسمى التاجُ: إكليلًا. 15 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي الاسْتِسْقَاءِ قَائِمًا (باب: الدعاء في الاستسقاء قائمًا) أي: في الخطبة وغيرها؛ ليراه الناس فيقتدون به. 1022 - وَقَال لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الأَنْصَارِيُّ وَخَرَجَ مَعَهُ البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ "فَاسْتَسْقَى، فَقَامَ بِهِمْ عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مِنْبَرٍ، فَاسْتَغْفَرَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ بِالقِرَاءَةِ، وَلَمْ يُؤَذِّنْ وَلَمْ يُقِمْ" قَال أَبُو إِسْحَاقَ: وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الأَنْصَارِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فتح: 2/ 513] ¬

_ (¬1) انظر: "الأم" 1/ 219. (¬2) وبالضم وبالفتح: ما تلبسه الدابة لتصان به. انظر مادة: "جلل" في "القاموس" ص 978.

16 - باب الجهر بالقراءة في الاستسقاء؟

(أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (عن زهير) أي: ابن معاوية الكوفي. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (ابن يزيد) بتحتية وزاي. (بهم) في نسخة: "لهم". (فاستغفر) في نسخة: "فاستسقى". (ثم صلى ركعتين) ظاهره: أنه أخر الصلاة عن الخطبة، والجمهور: على تقديمها، فـ (ثم) للترتيب الإخباري. (يجهر) حال. (ورأى عبد الله بن يزيد النبي) بهمز (رأى) من الرؤية، وفي نسخة: "وروى عبد الله بن يزيد عن النبي" بالواو من الرواية، وبزيادة عن. فالأولى: تفيد أن عبد الله صحابي صريحًا، والثانية: تفيده ظاهرًا، والمعروف أنه صحابي (¬1). 1023 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، أَنَّ عَمَّهُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي لَهُمْ، فَقَامَ فَدَعَا اللَّهَ قَائِمًا، ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَ القِبْلَةِ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَأُسْقُوا". [انظر: 1005 - مسلم: 894 - فتح: 2/ 513] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) هو ابن أبي حمزة الحمصي. (فاسقوا) في نسخة: "فسقوا". 16 - بَابُ الجَهْرِ بِالقِرَاءَةِ فِي الاسْتِسْقَاءِ؟ (باب: الجهر بالقراءة في الاستسقاء) أي: في صلاته. 1024 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ ¬

_ (¬1) انظر: "معرفة الصحابة لأبي نعيم 4/ 1803 (1893)، "الاستيعاب" 3/ 123 (1703)، "أسد الغابة" 3/ 416 (3245).

17 - باب: كيف حول النبي صلى الله عليه وسلم ظهره إلى الناس؟

تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَال: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إِلَى القِبْلَةِ يَدْعُو وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالقِرَاءَةِ". [انظر: 1005 - مسلم: 894 - فتح: 2/ 514] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (فتوجه إلى القبلة) أي: في أثناء الخطبة الثانية. (ثم صلى ركعتين) (ثم) للترتيب الإخباري كما مرَّ. (جهر) حال، وفي نسخة "يجهر". 17 - بَابٌ: كَيْفَ حَوَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ إِلَى النَّاسِ؟ (باب: كيف حول النبي لصلى الله عليه وسلم ظهره إلى الناس) أي: باب كيفية ذلك. 1025 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، قَال: فَحَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالقِرَاءَةِ". [انظر: 1005 - مسلم: 894 - فتح: 2/ 514] (فحول) لم يصرح بكيفية التحويل المترجم لها اكتفاء بمفهوميتها من كيفية الدعاء مقدمًا على التحويل؛ لأنه كيفيته. (واستقبل القبلة) عطف على (حوَّل إلى الناس ظهره) والفرق بينهما أن فاعل ذلك يكون في ابتداء التحويل وأوسطه منحرفًا حتى يبلغ غاية الانحراف فيصير مستقبلًا. ومرَّ شرح الحديث. 18 - بَابُ صَلاَةِ الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ (باب: صلاة الاستسقاء ركعتين) بين به كيفية صلاة الاستسقاء، وإن علمت مما مرَّ فقوله: (ركعتين) بالجر عطف بيان لصلاة الاستسقاء.

19 - باب الاستسقاء في المصلى

1026 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ". [انظر: 1005 - مسلم: 894 - فتح: 2/ 514] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عبد الله بن أبي بكر) أي: ابن محمد بن عمرو بن حزم. (عن عمه) هو عبد الله بن زيد. (فصلى ركعتين) أي: كركعتي العيد فهما كهما في التكبير في أول الأولى سبعًا وفي أول الثانية خمسًا، ورفع يديه وغير ذلك. 19 - بَابُ الاسْتِسْقَاءِ فِي المُصَلَّى (باب: الاستسقاء في المصلى) هذه الترجمة علمت من الترجمة المتقدمة أول الأبواب، وهي باب: الخروج إلى الاستسقاء. 1027 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَال: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المُصَلَّى يَسْتَسْقِي وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ" قَال سُفْيَانُ: فَأَخْبَرَنِي المَسْعُودِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَال: "جَعَلَ اليَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ". [انظر: 1005 - مسلم: 894 - فتح: 2/ 515] (عبد الله بن محمد) أي: السدوسي. (سفيان) أي: ابن عيينة (عن عمه) هو عبد الله بن زيد. (إلى المصلى) أي: بالصحراء. (المسعودي) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود. (عن أبي بكر) هو والد عبد الله المذكور في السند. (جعل اليمين على شمال): تفسير لقلب الرداء. قال شيخنا: وليس قوله: (قال سفيان) تعليقًا، كما زعمه المزي، بل هو موصول عند البخاري معطوف على حديث (عبد الله بن محمد) عن (سفيان) (¬1). ¬

_ (¬1) "الفتح" 2/ 515.

20 - باب استقبال القبلة في الاستسقاء

20 - بَابُ اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ فِي الاسْتِسْقَاءِ (باب: استقبال القبلة في الاستسقاء) أي: في الدعاء في أثناء خطبته الثانية. 1028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى يُصَلِّي، وَأَنَّهُ لَمَّا دَعَا - أَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ - اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ هَذَا مَازِنِيٌّ، وَالأَوَّلُ كُوفِيٌّ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ". [انظر: 1005 - مسلم: 894 - فتح: 2/ 515] (محمد) أي: "ابن سلام" كما في نسخة. (أخبرنا) في نسخة: "حدثنا". (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (أبو بكر بن محمد) أي: ابن عمرو بن حزم. (يصلي) مضارع صلى، وفي نسخة: "فصلى"، وفي أخرى: "يدعو". (لما دعا) أي: في خطبته الثانية. (أو أراد أن يدعو) شك من الراوي. (ابن زيد) في نسخة: "عبد الله بن زيد". (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (هذا) أي: عبد الله بن زيد الأنصاري (مازِني، والأول) أي: وهو المذكور في باب: الدعاء في الاستسقاء قائمًا. (كوفي هو: ابن يزيد) بلفظ المضارع، بخلاف المذكور هنا، فإنه بلا ياء في أوله، وهما معًا غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه. 21 - بَابُ رَفْعِ النَّاسِ أَيْدِيَهُمْ مَعَ الإِمَامِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ (باب: رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء) أي: في الدعاء فيه.

1029 - قَال أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، قَال يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَال: أَتَى رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ البَدْو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ المَاشِيَةُ، هَلَكَ العِيَالُ هَلَكَ النَّاسُ، "فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، يَدْعُو، وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مَعَهُ يَدْعُونَ"، قَال: فَمَا خَرَجْنَا مِنَ المَسْجِدِ حَتَّى مُطِرْنَا، فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ حَتَّى كَانَتِ الجُمُعَةُ الأُخْرَى، فَأَتَى الرَّجُلُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَشِقَ المُسَافِرُ وَمُنِعَ الطَّرِيقُ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 516] (وقال أيوب) في نسخة: "قال أيوب". (بن سليمان) أي: ابن بلال. (قال يحيى) في نسخة: "عن يحيى". (أتى رجل أعرابي) في نسخة: "أتى أعرابي". (فقال) في نسخة: "قال". (هلك العيال) في نسخة: "هلكت العيال". (فأتى الرجل) يقتضي أنه الأوَّل، ومرّ ما يتعلق به. (بشق) بفتح الموحدة والمعجمة، وقيل: بكسر المعجمة، أي: ملأ واشتد ضرره. 1030 - وَقَال الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَشَرِيكٍ، سَمِعَا أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ". [1031، 3565، 6341 - مسلم: 895 - فتح: 2/ 516] (وقال الأويسي) هو عبد العزيز بن عبد الله. (وشريك) هو ابن عبد الله بن أبي نمر. (رفع) في نسخةٍ: "أنه رفع". (رأيت بياض إبطيه) في نسخة: "يرى بياض إبطيه". وقوله: (وقال الأويسي ... إلى آخره) ساقط هنا من نسخةٍ، ومذكور في الباب بعده في أخرى، وساقط منهما معًا في أخرى اكتفاءً بذكره بعد في: كتاب الدعوات.

22 - باب رفع الإمام يده في الاستسقاء

وفي الحديث: سن رفع اليدين في الدعاء في الاستسقاء، كما يُسنُّ في الدعاء في غيره. وأما خبر البخاري في الباب الآتي: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه، فمحمول على أنه لا يرفعهما في غير الاستسقاء رفعًا بليغًا بقرينة آخر الخبر، أو على أنه لا يرفع ظهورهما في غير الاستسقاء أو نحوه، إذ السنة في الدعاء لدفع البلاء جعل ظهورهما إلى السماء، وفي طلب النفع رفع بطونها إليها. 22 - بَابُ رَفْعِ الإِمَامِ يَدَهُ فِي الاسْتِسْقَاءِ (باب: رفع الإمام يده في الاستسقاء) هذه الترجمة ساقطة من نسخةٍ للعلم بها من ترجمة الباب السابق، وفي أخرى قبل الباب: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". 1031 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إلا فِي الاسْتِسْقَاءِ، وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ". [انظر: 1030 - مسلم: 895 - فتح 2/ 517] (حدثنا محمد) في نسخة "أخبرنا محمد". (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (وابن أبي عدي) هو محمد بن إبراهيم (عن سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن أنس بن مالك) في نسخة: "عن أنس".

23 - باب ما يقال إذا مطرت

23 - بَابُ مَا يُقَالُ إِذَا مَطَرَتْ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَصَيِّبٍ} [البقرة: 19]: المَطَرُ" وَقَال غَيْرُهُ: صَابَ وَأَصَابَ يَصُوبُ". (باب: ما يقال إذا أمطرت) بفتح الهمزة، أي: السماء، وفي نسخة: "مطرت السماء" بفتحات وزيادة السماء. (وقال ابن عباس) في تفسير قوله تعالى: (كَصَيِّبٍ) أنه (المطر) وهو قول الجمهور. (وقال غيره) أي: غير ابن عباس في بيان أن فعل صيب ثلاثي مجرد أو مزيد فيه. (صاب وأصاب). مضارع صاب (يصوب) ومضارع أصاب يصيب فلو قدم بصوب على أصاب كان أوضح. 1032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ، قَال: "اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا" تَابَعَهُ القَاسِمُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِيُّ، وَعُقَيْلٌ، عَنْ نَافِعٍ. [فتح: 2/ 518] (عبد الله) أي: "ابن المبارك" كما في نسخة (عن القاسم بن محمد) أي: ابن أبي بكر الصديق. (اللهم) ساقط من نسخة. (صيبًا) بالنصب بمقدر أي: اجعله، والصيب: المطر الذي يصوب، أي: ينزل ويقع، وفي نسخةٍ: "صبًّا" بموحدة مشددة من الصب، أي: اصببه صبًّا. (ورواه) أي: الحديث المذكور. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو (وعقيل) بالتصغير، أي: ورواه عقيل، وهو ابن خالد الأيلي، وغاير بين تابعه ورواه تفننًا، أو إرادة للتعميم في رواه؛ لأن الرواية تعم المتابعة.

24 - باب من تمطر في المطر حتى يتحادر على لحيته

24 - بَابُ مَنْ تَمَطَّرَ فِي المَطَرِ حَتَّى يَتَحَادَرَ عَلَى لِحْيَتِهِ (باب: من تمطر في المطر حتى يتحادر على لحيته) (تمطر) بتشديد الطاء، كتفعل، أي: تعرض للمطر، وتطلب نزوله عليه؛ لأنه حديث عهد بربه، أي: قريب العهد بتكوين ربه ولم تمسه يد خاطئة، ولم تكدره ملاقاة أرض عُبدِ بها غير الله تعالى، وفي نسخةٍ بدل (تمطر) "تحطب". 1033 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ، قَال: أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَال: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ المَالُ، وَجَاعَ العِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يَسْقِيَنَا، قَال: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، قَال: فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، قَال: فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَفِي الغَدِ، وَمِنْ بَعْدِ الغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ إِلَى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ - أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ - فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ البِنَاءُ وَغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، وَقَال: "اللَّهُمَّ حَوَاليْنَا، وَلَا عَلَيْنَا" قَال: فَمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إلا تَفَرَّجَتْ، حَتَّى صَارَتِ المَدِينَةُ فِي مِثْلِ الجَوْبَةِ حَتَّى سَال الوَادِي، وَادِي قَنَاةَ شَهْرًا، قَال: فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إلا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2/ 519] (محمد) أي: "ابن مقاتل" كما في نسخة. (عبد الله) أي: "ابن المبارك" كما في نسخة. (الأوزاعي) هو أبو عمرو عبد الرحمن. (فبينا رسول الله) في نسخةٍ: "فبينا النبي". (فثار) بمثلثة (وفي الغد) في نسخةٍ: "ومن الغد". (فادع الله لنا) أي: أن يمسك المطر عنا. (يشير بيده) في نسخةٍ: "يشير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده". (تفرجت). أي:

25 - باب إذا هبت الريح

الناحية، أي: تقطعت (في مثل الجوبة) بفتح الجيم ولفظ: (في) ساقط من نسخةٍ. (بالجود) بفتح الجيم، أي: بالمطر الكثير، ومرَّ الحديث في كتاب: الجمعة، وكتاب: الاستسقاء (¬1). 25 - بَابُ إِذَا هَبَّتِ الرِّيحُ (باب: إذا هبت الريح) أي: ماذا يعتري الإنسان. 1034 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: "كَانَتِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ إِذَا هَبَّتْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [فتح: 2/ 520] (حميد) أي: الطويل. (أنسًا) أي: "ابن مالك" كما في نسخةٍ. (عرف ذلك) أي: هبوبها، أي: أثره من التغير وظهور الخوف من إطلاق السبب وإرادة المسبب، ووجه الخوف: أنه قد يكون عذابًا ينزل بأمته. وفي الحديث: التحذير من عمل الأمم الخالية، وعصيانهم مخافة أن يحل بهم ما حل بأولئك. 26 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُصِرْتُ بِالصَّبَا (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - نصرت بالصبا) بالقصر، أي: بالريح الشرقية. (مسلم) أي: ابن إبراهيم. (شعبة) أي: ابن الحجاج. ¬

_ (¬1) سبق برقم (933) كتاب: الجمعة، باب: الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة وبرقم (1013) كتاب: الاستسقاء، باب: الاستسقاء في المسجد الجامع.

27 - باب ما قيل في الزلازل والآيات

1035 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ". [3205، 3343، 4105 - مسلم: 900 - فتح: 2/ 520] (الصبا) يقال لها القبول؛ لأنها تقابل باب الكعبة. (وأهلكت) بالبناء للمفعول. (بالدبور) بفتح الدال: الريح الغربية المقابلة للصبا، وهي الريح العقيم؛ سميت بذلك لأنها أهلكت قوم هود، وقطعت دابرهم. وفي الحديث: تفضيل المخلوقات بعضها على بعض، والأخبار عن أحوال الأمم الماضية، وإخبار المرء عن نفسه بما فضله الله به على جهة التحدث بنعمة الله والشكر له لا على الفخر. 27 - بَابُ مَا قِيلَ فِي الزَّلازِلِ وَالآيَاتِ (باب: ما قيل في الزلازل) جمع زلزلة، وهي بفتح الزاي: حركة الأرض واضطرابها. (والآيات) أي: علامات القيامة. 1036 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَال: أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ - وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ - حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ". [انظر: 85 - مسلم: 157 - فتح: 2/ 521] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أخبرنا) في نسخة: "حدثنا". (عن عبد الرحمن) أي: ابن هرمز. (حتى يقبض العلم) أي: بموت العلماء وكثرة الجهلاء (ويتقارب الزمان) فسر بخبر الترمذيِّ: "فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة،

والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كالضرمة بالنار) (¬1) أي: كزمان إيقادها، وهي: ما يوقد به النار أولًا كالقصب والكبريت، وقيل: المراد: قصر الأعمار بقلة البركة. (وتظهر الفتن) أي: تكثر وتشتهر. (الهرج) بفتح الهاء وسكون الراء وبالجيم. (حتى يكثر فيكم المال) غاية لكثرة الهرج؛ لقلة الرجال، وقلة الرغبات في المال، وقصر الآمال؛ لعلمهم بقرب الساعة، أو عطف على يكثر الهرجُ، لكن حذف العاطف كما في التحيات المباركات. (فيفيضُ) بفتح التحتيةِ، أي: يكثُر، وهو بالرفع خبر مبتدإٍ محذوفٍ، وفي نسخةٍ: "فيفيضَ" بالنصب عطف على يكثر. 1037 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الحَسَنِ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: قَال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا، وَفِي يَمَنِنَا" قَال: قَالُوا: وَفِي نَجْدِنَا؟ قَال: قَال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا" قَال: قَالُوا: وَفِي نَجْدِنَا؟ قَال: قَال: "هُنَاكَ الزَّلازِلُ وَالفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ". [7094 - فتح: 2/ 521] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (ابن عون) هو عبد الله بن أرطبان. (قال: اللهم) في نسخةٍ: "قال: قال اللهم". (في شامنا وفي يمننا) والمراد بهما: الإقليمان المعروفان أو الذي عن يمييننا. وشمالنا. (قال: قالوا) أي: قومٌ من الصحابة. (وفي نجدنا) هو خلافُ الغورِ: وهو ¬

_ (¬1) رواه "الترمذي" (2332) كتاب: الزهد، باب: ما جاء في تقارب الزمان وقصر الأمل من حديث أنس، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وله شاهدٌ من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح، رواه أحمد 2/ 537 - 538، وأبو يعلى (6680).

28 - باب قول الله تعالى: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} [الواقعة: 82]

تهامة، وكل ما ارتفع فيها إلى أرض العراق، فهو نجد. (قال: قال) في نسخة: "فقال: قال". (هناك) في نسخةٍ: "هنالك". (وبها) أي: بنجد. (قرن الشيطان) أي: أُمَّته وحزبه. 28 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "شُكْرَكُمْ". (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}) أي: بسقيا الله، حيث قلتم: مطرنا بنوء كذا. (قال ابن عباس) في تفسير (رِزْقَكُمْ) (شكركم) أطلق الرزق على لازمه وهو الشكرُ مجازًا، أو أراد شكر رزقكم، ففيه: إضمارٌ، أو الرزق من أسماء الشكر. 1038 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَال: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَال: "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَال رَبُّكُمْ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَال: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَال: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ". (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (بالحديبية) بتخفيف التحتية عند المحققين وبتشديدها عند أكثر المحدثين، سُمِّيت بشجرةٍ حدباءَ كانت بيعةُ الرضوان تحتها. (من الليلة) في نسخةٍ: "من الليل" (كافر بالكوكب) في نسخةٍ: "وكافر بالكوكب". ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أنهم كانوا ينسبون الأفعال لغيرِ

29 - باب: لا يدري متى يجيء المطر إلا الله

الله فيظنون أنَّ النوءَ يمطرهم ويرزقهم، فهذا تكذيبهم، فنهوا عن نسبة الغيث إلا لله، لا للنوء وهو الوقتُ، لأنَّه مخلوقٌ ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئًا، ومرَّ شرحُ الحديث في باب: يستقبل الإمامُ الناسَ إذا سلَّم (¬1). 29 - بَابُ: لَا يَدْرِي مَتَى يَجِيءُ المَطَرُ إلا اللَّهُ وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إلا اللَّهُ". [انظر: 50] (بابُ: لا يدري متى يجيءُ المطرُ إلا الله) أي: لا يعلمه أحدٌ إلا الله. 1039 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِفْتَاحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إلا اللَّهُ: لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي غَدٍ، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي الأَرْحَامِ، وَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَمَا يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ المَطَرُ". [4627، 4697، 4778، 7379 - فتح: 2/ 524] (محمد بن يوسف) أي: الفريابي. (سفيان) أي: الثوري. (قال رسولُ الله) في نسخةٍ: "قال النبيُّ" (مفتاحُ الغيب) في نسخةٍ: "مفاتيح الغيب"، وفيه على التقديرين: استعارةٌ مكنيةٌ بأنْ يجعلَ الغيبَ مخزنًا مغلقًا، وذكر ما هو من خواص المخزن وهو المفتاح، أو استعارة مصرحةٌ بأنْ يجعلَ ما يتوصلُ به إلى معرفة الغيبِ المخزن ¬

_ (¬1) سبق برقم (846) كتاب: الأذان، باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلم.

مفتاحًا، ولفظُ (الغيب) قرينة (خمس) اقتصر عليها وإنْ كان الغيبُ لا يتناهى، قال تعالى {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلا هُوَ} إما لأنَّ العددَ لا ينفي زائدًا عليه، أو لأنَّ الخمسَ هي التي كان القومُ يدَّعون علمها، أو لأنَّها التي كانوا يسألونه عنها، أو لأنَّها أمهات الأمور، لأنَّها إما أنْ تتعلقَ بالآخرة: وهو علم الساعة، أو بالدنيا وذلك إما متعلِّقٌ بالجماد المأخوذِ من الغيثِ، أو بالحيوانِ في مبدئه: وهو ما في الأرحام، أو معاشِه: وهو الكسبُ، أو معادِه: وهو الموتُ، ولم يصرح في الحديث بعلم الساعةِ، كما صرَّح به في الآية؛ لشمول علم ما في الغد له. (مَا في الأرحَاِم) أي: أهو ذكرٌ أم أنثى، أشقى أم سعيد (ولا تَعلَمُ نَفسٌ) عبر فيه وفيما بعده بنفس، وفي الثلاثة الأخرى بأحد؛ لأنَّ النفسَ هي التي تكسب وتموت قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر -38] وقال {اللهُ يَتَوَفىَ الأَنفُسَ} [الزمر - 43] فلو عبَّر بأحد فيهما لاحتمل أن يفهم منه لا يعلم أحد ماذا تكسب نفسُه، أو بأي أرضٍ تموت نفسه، فتفوت المبالغة المقصودة، وهي أن النفس لا تعرف حال نفسها حالًا ولا مآلًا، وإذا لم يكن لها طريق إلى معرفتهما كانت إلى معرفة ما عداهما أبعد.

16 - كتاب الكسوف

16 - كتاب الكسوف

1 - باب الصلاة في كسوف الشمس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 16 - أَبْوَابُ الكُسُوفِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخةٍ (كتاب الكسوف) في نسخةٍ: "أبواب الكسوف" والكسوف: التغير إلى السواد، يقال: كسفت الشمسُ والقمر. بفتح الكاف، وكسفا بضمها، وانكسفا وخسفا بفتح الخاء وضمهما، وانخسفا كلها بمعنى واحد، وقيل: بالكاف للشمس، وبالخاء للقمر، وقيل: بالخاء للكلِّ وبالكاف للبعض، وقيل: بالخاء لذهاب اللون وبالكاف للتغيير، ثم الجمهور على أنهما يكونان لذهاب كل الضوء ولبعضه. 1 - بَابُ الصَّلاةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ (بابُ: الصلاةِ في كسوف الشمس) اقتصر عليه بعد البسملة في نسخة، وصلاةُ الكسوف سنةٌ مؤكدة، وقول الشافعيِّ في "الأم": لا يجوز تركُها (¬1). حملوه على الكراهة ليوافق كلامَه في محالٍ أُخر، والمكروهُ قد يوصف بعدم الجواز من جهة إطلاق الجائز على مستوى الطرفين. 1040 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ ¬

_ (¬1) الأم: 1/ 218.

رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَصَلُّوا، وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ". [1048، 1062، 1063، 5785 - فتح: 2/ 526] (خالد) أي: ابن عبدِ الله الواسطيُّ. (عن يونس) أي: ابن عبيد. (عن الحسن) أي: البصري. (عن أبي بكرة) هو نفيعٌ بنُ الحارث. (عند رسول الله) في نسخةٍ: "عند النبيِّ". (فقام النبيُّ) في نسخةٍ: "فقام رسولُ الله". (يجرُّ رداءَه) حالٌ. (فصلى بنا ركعتين) يحتمل أنهما كركعتي سنة الظهر مثلًا، أو أن كلًّا منهما بزيادة ركوع، وكل منهما ثابت عنه لصلى الله عليه وسلم بناءً على تعدد الواقعة، وهو ما اعتمده النوويُّ وغيرهُ. (لا ينكسفان لموت أحد) قاله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات ولدة إبراهيم، كما سيأتي مع زيادة. (رأيتموها) أي: الشمس والقمر، أي: انكسافهما، وفي نسخةٍ: "رأيتموها" أي: الكسفة المأخوذة من قوله: (لا ينكسفان) أو الآية؛ لأنَّ الكسفةَ آيةٌ، وبكل حالٍ فالمراد: إن رأيتم أحدهما. 1041 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، قَال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَقُومُوا، فَصَلُّوا". [1057، 3204 - مسلم: 911 - فتح: 2/ 526] (قال: حدثنا) في نسخةٍ: "قال: أخبرنا". (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (ولكنهما) أي: انكسافي الشمس والقمر. (فإذا رأيتموهما) في نسخةٍ: "فإذا رأيتموها" ومرَّ بيانهما. 1042 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنِ

2 - باب الصدقة في الكسوف

النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا". [3201 - مسلم: 914 - فتح: 2/ 526] (أصبغ) أي: ابن الفرج. (ابن وهب) هو عبد الله (عمرو) أي: ابن الحارث. (لا يخسفان لموت أحدٍ) قاله - صلى الله عليه وسلم - إبطالًا لما كان أهل الجاهليةِ يعتقدونه من تأثير الكواكب في الأرض. (ولا لحياته) ذكره تتميمًا للتعميم، وإلا فلم يقل أحد أن الانكساف يكون لحياة أحد، أو لتوهم أنه إذا لم يكن لموت أحد فيكون لحياته. (فإذا رأيتموهما) في نسخةٍ: "فإذا رأيتموها" كما مرَّ نظيره. 1043 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ القَاسِمِ، قَال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاويَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَال: كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَال النَّاسُ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا، وَادْعُوا اللَّهَ". [1060، 6199 - مسلم: 915 - فتح: 2/ 526] (يوم مات إبراهيم) أي: ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - من مارية القبطية. (فإذا رأيتم) أي: "ذلك" كما في نسخةٍ. 2 - بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الكُسُوفِ (باب: الصدقة في الكسوف) أي: استحبابها فيه. 1044 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ، فَقَامَ، فَأَطَال القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَال الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَال القِيَامَ وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَال الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَال

السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا" ثُمَّ قَال: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". [1046، 1047، 1050، 1058، 1064، 1065، 1066، 1212، 3203، 4624، 5221، 6631 - مسلم: 901 - فتح: 2/ 521] (عبد الله بن مسلمة) أي: القعنبي. (فأطال القيام) أي: الطول القراءة فيه، وقدر طوله سورة البقرة. (فأطال الركوع) أي: بالتسبيح فيه، وقدر طوله بمائة آية من البقرة. (وهو دون القيام الأول) وقدر طوله بسورة آل عمران (وهو دون الركوع الأول) وقدر طوله بثمانين آية منها (في الركعة الثانية) في نسخةٍ: "في الركعة الأخرى". (مثلَ ما فعل في الأولى) لكن قدر طول الركوع الثالث بسبعين آية، والرابع بخمسين. (انجلت) في نسخةٍ: "تجلت". (فخطب الناسَ) أي: خطبتين كالجمعة. (لا ينخسفان) في نسخةٍ: "لا يخسفان". (فادعوا الله) في نسخةٍ: "فاذكروا الله". (ما) نافية. (من) زائدة. (أحد) مجروز لفظًا، مرفوع محلًّا على أنه اسم (ما) إن جعلت حجازية، وعلى الابتداء إن جعلت تميمية. (أغير) بنصبه بالفتحة أصالة خبر (ما) إن جعلت حجازية، ونيابةً عن الجر صفة لأحد باعتبار لفظه، وبرفعه صفةً لأحد باعتبار محله، أو خبر له كذلك إن جعلت (ما) تميمية، وعلى جعله في النصب النائب عنه الفتحة، وفي الرفع صفة خبر (ما) محذوف منصوب على الأول، مرفوع على الثاني، أي: موجودًا، أو موجود. (من الله) متعلق بـ (أغير) من الغيرة وهي مستحيلة

3 - باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف

على الله تعالى؛ لأنها هيجان الغضب بسبب ارتكاب ما نهي عنه، فالمرادُ: لازمُها، وهو المنع والزجر. فالمعنى: ما أحد أزيد منعًا وزجرًا من الله تعالى. (أن يزني عبده أو تزني أمته) متعلق بـ (أغير) أي: من أن يزني فحذف الجار، وخصَّ الزنا بالذكر؛ لأن ميل النفس إليه أكثر، ولأنه أفظع، وخصَّ العبدَ والأمة بالذكر؛ لمراعاة الأدب مع الله تعالى لتنزهه عن الزوجة والأهل ممن يتعلق بهم الغيرة غالبًا، ووجهُ تعلق قوله: (ما من أحدٍ) إلى آخره بما قبله أنه لما خوف أمَّته من الكسوف وحرضهم على الالتجاء إلى الله بالخيرات عقبه بردعهم عن المعاصي. (لو تعلمون ما أعلم) أي: من عظم انتقام الله تعالى من أهل الجرائم، وشدة عقابه، وأهوال القيامة وأحوالها كما علمته لما ضحكتم أصلًا المعبَّر عنه بقوله: (لضحكتم قليلًا) إذ القيل بمعنى: العدم على ما يقتضيه السياق. وفي الحديث: أنَّ صلاةَ الكسوف ركعتان في كلِّ ركعةٍ ركوعان، وقيامان كما مرَّ مع زيادة، وأنَّ حكم انكسافي الشمس والقمر واحدٌ فيها، وأن لها خطبة بعدها، وأنَّ الإمام عند الآيات يعظ الناس، ويأمرهم بأعمال البر وينهاهم عن المعاصي، ويذكرهم نعمةَ الله، وأن الصدقة والصلاة والاستغفار تكشف النقمة. 3 - بَابُ النِّدَاءِ بِالصَّلاَةُ جَامِعَةٌ فِي الكُسُوفِ (باب: النداء بالصلاة جامعةٍ في الكسوف) بنصب الجزأين على الحكاية، والمراد: النداء بقوله: الصلاة جامعة بنصبهما الأول على الإغراء، أي: الزموها، والثاني: على الحال، ويجوز رفعهما على

4 - باب خطبة الإمام في الكسوف

الابتداء والخبر، ورفع الأول ونصب الثاني وعكسه. 1045 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَال: حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ سَلَّامِ بْنِ أَبِي سَلَّامٍ الحَبَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُودِيَ إِنَّ الصَّلاةَ جَامِعَةٌ". [1051 - مسلم: 910 - فتح: 2/ 533]. (إسحاق) هو ابن منصور الكوسج، أو ابن راهويه (يحيى بن صالح) أي: الوحاظي -بضم الواو وبحاء مهملة وظاء معجمة- نسبة إلى وحاظ بطن من حمير، وهو من شيوخ البخاري، وقد يروي عنه بواسطة، كما هنا (معاوية بن سلَّام بن أبي سلَّام) بتشديد اللام فيهما (عبد الله بن عمرو) أي: ابن العاصي. (نودي) بالبناء للمفعول (أن الصلاة جامعة) بفتح الهمزة، وتخفيف النون مفسرة ورفع الصلاة، وفي نسخة بتشديدها ونصب الصلاة، وفي أخرى: "نودي بالصلاة جامعة"، فالخبر جامعة إن رفع، ومحذوف إن نصب، أي: إن الصلاة حالة كونها جامعة ذات جماعة حاضرة، ويجوز كسر (أن) بتنزل النداء منزلة القول. 4 - بَابُ خُطْبَةِ الإِمَامِ فِي الكُسُوفِ وَقَالتْ عَائِشَةُ، وَأَسْمَاءُ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 86، 1044] (باب: خطبة الإمام في الكسوف) أي: بيان مشروعيتها فيه. (خطب النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: في الكسوف.

1046 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ح وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، قَال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَكَبَّرَ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَويلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، ثُمَّ قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقَامَ وَلَمْ يَسْجُدْ، وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَويلَةً هِيَ أَدْنَى مِنَ القِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهُوَ أَدْنَى مِنَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَال فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَال: "هُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاةِ" وَكَانَ يُحَدِّثُ كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يُحَدِّثُ يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، بِمِثْلِ حَدِيثِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: "إِنَّ أَخَاكَ يَوْمَ خَسَفَتْ بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ؟ قَال: أَجَلْ، لِأَنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ". [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح: 2/ 533]. (حدثني يحيى بن بكير) في نسخةٍ: "حدثنا ابن بكير" (عن عقيل) أي: الأيلي. (عنبسة) أي: ابن خالد بن يزيد الأيلي. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (فخرج) أي: من الحجرة. (إلى المسجد) أي: لا إلى الصحراءِ لخوف فوت الصلاة بالانجلاء. (فصف) في نسخةٍ: "وصف". (الناس) بالرفع فاعل (صف) ويجوز نصبُه على المفعولية، والفاعلُ ضميرُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قراءة طويلة) أي: نحو سورةِ البقرة بعد الفاتحةِ، كما مرَّ بيانه مع ما بعده، وبسط الكلام على ذلك يطلب من كتب الفقه. (وهو أدنى) في نسخةٍ: "هو أدنى". (ثُمَّ قال) أي: فعل. (في الركعة الأخيرة مثل ذلك)

5 - باب: هل يقول كسفت الشمس أو خسفت؟

لكن طوّل القراءة في قيامها الأول: كالنساء، وفي الثاني: كالمائدة. (فاستكمل أربع ركعات) الأولى ركوعات إذ المعنى: أربع ركوعات في ركعتين. (ثم قام) أي: ليخطب. (هما) أي: الشمس والقمر. (فإذا رأيتموهما) في نسخةٍ: "فإذا رأيتموها"، ومرَّ نظيرهما. (فافزعوا) أي: التجئوا، والفزع مشترك بين الخوف والالتجاء. (وكان يحدّث كثير بن عباس) أي: ابن عبد المطلب، و (كثير) بمثلثة، وبالرفع اسم كان، وخبرها (يحدث). (أن عبد الله بن عباس) هو أخو كثير لأبيه. (أن أخاك) أي: عبد الله بن الزبير بن العوام. (مثل الصبح) أي: في العدد والهيئة. (قال: أجل) أي: نعم صلى كذلك، وهو وإن كان جائزًا يؤدي به أصل السنة، فهو خلافُ الأكمل الذي مرَّ بيانُه، فكان الأولى به عدم ارتكابه. (لأنَّه) في نسخةٍ: "أنه". (أخطأ) بما فعله. (السنة) أي: جاوزها سهوًا، أو عمدًا بأن أدى أجتهاده إلى ذلك. قال شيخنا: وتعقب بأن عروة تابعي، وعبد الله صحابي، فالأخذ بفعله أولى، وأجيب: بأنَّ قولَ عروة: السنةُ كذا، وإنْ قلنا أنَّه مرسل على الصحيح لكنَّه قد ذكر مستنده في ذلك، وهو خبر عائشة المرفوع، فانتفى عنه احتمال كونه موقوفًا أو منقطعًا، فترجح المرفوعُ على الموقوفِ؛ فلذلك حكم على صنيع أخيه بالخطأ بالنسبةِ إلى الكمال. 5 - بَابٌ: هَلْ يَقُولُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ أَوْ خَسَفَتْ؟ وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {وَخَسَفَ القَمَرُ} [القيامة: 8]. (باب: هل يقول كسفتْ الشمسُ أو خسفتْ) مر مع زيادة أن الصحيح أنهما يقالان للشمس والقمر، وأن المشهور عند الفقهاء أن خسف للقمر، وكسف للشمس.

6 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يخوف الله عباده بالكسوف"

1047 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ، فَكَبَّرَ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَويلَةً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَقَامَ كَمَا هُوَ، ثُمَّ قَرَأَ قِرَاءَةً طَويلَةً وَهِيَ أَدْنَى مِنَ القِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهِيَ أَدْنَى مِنَ الرَّكْعَةِ الأُولَى، ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَويلًا، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَال: فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ: "إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاةِ". [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح: 2/ 535] (سعيد بن عفير) نسبه لجدِّه لشهرته به، وإلا فهو سعيد بن كثير بن (أن رسول الله) في نسخةٍ: "أنَّ النبيَّ". (وقام) في نسخة: "فقام". (كما هو) أي: كقيامه الأول فـ (ما) مصدرية، وهو مبتدأ حذف خبره، أي: قائم قبل ركوعه ومرَّ شرح الحديث. (فإذا رأيتموهما) في نسخةٍ: "فإذا رأيتموها". ومرَّ نظيرهما مع زيادة. 6 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُخَوِّفُ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالكُسُوفِ" وَقَال أَبُو مُوسَى: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -) "يخوف الله عباده بالكسوف" أي: للشمس أو للقمر. (قاله) في نسخةٍ: "وقال". (عن يونس) أي: ابن عبيد. (عن الحسن) أي: البصري. 1048 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ

7 - باب التعوذ من عذاب القبر في الكسوف

آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ" وَقَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الوَارِثِ، وَشُعْبَةُ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ: "يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ"، وَتَابَعَهُ أَشْعَثُ، عَنِ الحَسَنِ، وَتَابَعَهُ مُوسَى، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالى يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ". [انظر: 1040 - فتح: 2/ 535] (لموت أحد) زاد في نسخةٍ: "ولا لحياته"، وفي أخرى: "ولا حياته". (يخوِّف بها) أي: بكسفتها، وفي نسخةٍ: "بهما" أي: بكسفتهما؛ إذ التخويفُ إنما هو بكسفِهما لا بهما. (وقال أبو عبد الله) إلى آخره ساقطٌ من نسخةِ (لم يذكر) في نسخةٍ: "ولم يذكر". (عبد الوارث) أي: ابن سعيد التنُّوري. (ولكن الله يخوِّف) في نسخةٍ: "ولكن يخوف الله". (بها) في نسخةٍ: "بهما"، ومرَّ نظيرهما. (وتابعه) أي: يونس. (أشعث) أي: ابن عبد الملك. (وتابعه) أي: يونس أيضًا. (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي (عن مبارك) أي: ابن فضالة بن أبي أمية. (إن الله تعالى) ساقط من نسخةٍ. (بهما) في نسخةٍ: "بها". 7 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ فِي الكُسُوفِ (باب: التعوذِ من عذاب القبر في الكسوفِ) أي: للشمس والقمر. 1049 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ تَسْأَلُهَا، فَقَالتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِي قُبُورِهِمْ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ"،. [1055، 1372، 6366 - مسلم: 903 فتح: 2/ 538]

(أن يهودية) لم تسمَّ. (عائذًا) مصدر بوزن فاعل كقولهم: عافاه الله عافية، وناصبه محذوف، أي: أعوذ عياذًا بك، أو حال مؤكدة نائبة مناب المصدر وعامله محذوف مثل ما مرَّ. 1050 - ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا، فَخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَرَجَعَ ضُحًى، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الحُجَرِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، فَسَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، فَسَجَدَ وَانْصَرَفَ، فَقَال مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ القَبْرِ. [انظر: 1044 - مسلم: 901، 903 - فتح: 2/ 538] (ذات غداة) من إضافة المسمى إلى اسمه، أو ذات زائدة. (ضحى) قال الجوهري: ضحوة النهار بعد طلوع الشمس، ثم بعده الضحى، وهو حين تشرقُ الشمسُ مقصورًا، يذكَّرُ ويؤنَّثُ، فمن أنَّثَ ذهب إلى أنه جمع ضحوة، ومن ذكّر ذهب إلى أنه اسم جمع مثل صرد ونغر، وهو ظرف غير متمكن مثل سحر تقول: لقيته ضحى وضحًى إذا أردت به ضحى يومك لم تنونه ثم بعده الضحاء ممدود مذكر، وهو عند ارتفاع النهار الأعلى. انتهى (¬1). (ظهراني الحُجر) بزيادة (ظهراني) أو ألفه ونون، و (الحُجر) بضم المهملة، وفتح الجيم: بيوت أزواجه صلى الله عليه وسلم (يصلي) أي: صلاة الكسوف. (ثم رفع) ساقط من نسخة. (فقام) في نسخةٍ: "قام". (دون القيام الأول) في نسخةٍ: "دون قيام الأول". ¬

_ (¬1) الأم: 1/ 214.

8 - باب طول السجود في الكسوف

(ما شاء الله أنْ يقول) أي: من أمره صلى الله عليه وسلم لهم في خبر عروة: بالصلاة والصدقة والذكر، وغير ذلك. وفي الحديث: أن اليهودية كانت عارفةً بعذاب القبر، وأن عذابَ القبر حق يجب الإيمان به. 8 - بَابُ طُولِ السُّجُودِ فِي الكُسُوفِ (باب: طول السجود في الكسوف) أي: في صلاته، وأشار بهذا إلى الردّ على من أنكر تطويل السجود فيه. 1051 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَال: لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُودِيَ: "إِنَّ الصَّلاةَ جَامِعَةٌ، فَرَكَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ قَامَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ جُلِّيَ عَنِ الشَّمْسِ"، قَال: وَقَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهَا. [انظر: 1045 - مسلم: 910 - فتح: 2/ 538] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن التميمي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (عبد الله بن عمرو) بفتح العين، أي: ابن العاصي، وفي نسخةٍ: بضمها، أي: ابن الخطاب. قال شيخنا: وهو وهمٌ. (إنَّ الصلاة) بتشديد (إن) ونصب (الصلاة)، وفي نسخةٍ: بضمها، وبالتخفيف والرفع، ومر نظيرهما مع زيادة. (ركعتين في سجدة) أي: ركوعين في ركعةٍ، ففي كلامه مجازان: إطلاق الركعة على الركوع، والسجدة على الركعة. (ثم جُلِّي) بضم الجيم، وتشديد اللام مكسورة، وفي نسخةٍ: "حتى جلى" أي: إلى الانجلاء. (قال) أي: أبو سلمة، أو عبد الله بن عمرو. (ما سجدت سجودًا قط كان أطول منها) أي: من

9 - باب صلاة الكسوف جماعة

سجدة صلاة الكسوف، ورواه غيره بلفظ منه، أي: من السجود المذكور، ولا تحمل السجدة هنا، كما قال الكرماني على إرادة الركعة؛ لانتفاء القرينة بخلاف ما مرَّ لوجودها فيه؛ إذ لا يتصوَّرُ ركعتان في سجدة، والجمهور من الشافعية قالوا: لا يطوِّل سجود الكسوف، والمحققون منهم قالوا: يستحب تطويله، وصححه النووي، وقال: إنه الصواب للأحاديثِ الصحيحةِ الصريحةِ، وقد نصَّ عليه الشافعيُّ في مواضعَ (¬1)، وعليه فالمختار ما قاله البغويُّ: أنَّ السجدة الأولى كالركوع الأول، والثانية كالثاني. 9 - بَابُ صَلاةِ الكُسُوفِ جَمَاعَةً وَصَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ فِي صُفَّةِ زَمْزَمَ وَجَمَعَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ. [فتح: 2/ 539] (باب: صلاة الكسوف جماعة) أي: في جماعة (وصلى ابن عباس لهم) أي: للقوم، وفي نسخةٍ: "وصلى لهم ابن عباس". (صفة) بضم المهملة وتشديد الفاء: موضع مظلل في دار أو حوش، وفي نسخةٍ: "ضفة" بفتح المعجمة وكسرها، وتشديد الفاء: جانب النهر، قال شيخنا: ولا معنى لها هنا إلا بتجوِّز. (وجمَّع) بالتشديد، أي: جمع القوم لصلاة الكسوف. 1052 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَال: انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ البَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 6/ 199.

طَويلًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَاذْكُرُوا اللَّهَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَعْكَعْتَ؟ قَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي رَأَيْتُ الجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، وَلَوْ أَصَبْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَأُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَاليَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ" قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "بِكُفْرِهِنَّ" قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَال: "يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ". [انظر: 29 - مسلم: 907 - فتح: 2/ 540] (على عهد رسول الله) في نسخةٍ: "على عهد النبي". (فصلى رسول الله) أي: بالجماعة، وبهذا تحصل مطابقة الحديث للترجمة. (فقال) في نسخةٍ: "وقال". (تناولت) بصيغة الماضي، وفي نسخةٍ: "تناول" بصيغة المضارع بحذف إحدى التاءين، وفي أخرى: "تتناول" بإثباتها. (تكعكعتُ) أي: تأخرتُ، وفي نسخةٍ: "كعكعت" أيا: نفسك، أي: أخرتها. (قال) في نسخةٍ: "فقال". (وأريت) بالبناء للمفعول، وفي نسخةٍ: "ورأيت". (فلم أر منظرًا) أي: منظورًا. (كاليوم قط) اعتراض بين الموصوف، وهو منظر وصفته، وهي (أفظع) أي: أقبح، وأشنع، وفي (كاليوم) حذف، والتقدير: كمنظر اليوم، وفي نسخةٍ: "فلم أنظر كاليوم قط أفظع".

10 - باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف

(ورأيت أكثر أهلها النساء) لا يعارضه خبرُ أبي هريرة: "إنَّ أدنى أهلِ الجنةِ منزلةً مَنْ له زوجتان من الدنيا" لأنَّ رؤيته أكثرية نساء أهل النار لا تنافي أكثرية نساء أهلِ الجنةِ أيضًا، وبتقدير معارضته له، فهو محمولٌ على ما بعد خروجهن من النار. (يكفرن بالله) في نسخة: "أيكفرن بالله". (قال: يكفرن العشير) أي: الزوج، أي: إحسانه، وأشار إلى تفسير هذه الجملة بقوله: (ويكفرن الإحسان). على طريقة: أعجبني زيد وكرمه. (شيئًا) أي: قليلًا لا يوافق غرضها، ومرَّ شرحُ غالب الحديث في كتاب: الإيمان في باب: كفران العشير. 10 - بَابُ صَلاةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الكُسُوفِ (باب: صلاة النساء مع الرجال في الكسوف) أي: في صلاته. 1053 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهَا قَالتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا لِلنَّاسِ، فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ: أَيْ نَعَمْ، قَالتْ: فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الغَشْيُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي المَاءَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إلا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ مِثْلَ - أَوْ قَرِيبًا مِنْ - فِتْنَةِ الدَّجَّالِ - لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالتْ أَسْمَاءُ - يُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا المُؤْمِنُ - أَو المُوقِنُ، لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ

11 - باب من أحب العتاقة في كسوف الشمس

وَالهُدَى، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا، فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ صَالِحًا، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا، وَأَمَّا المُنَافِقُ - أَو المُرْتَابُ لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ". [انظر: 86 - مسلم: 905 - فتح: 2/ 543] (وإذا هي) في نسخةٍ: "فإذا هي". (فأشارت بيدها إلى السماء) تعني انكسفت الشمس. (أي: نعم) في نسخةٍ: "إن نعم". (الغشي) بسكون الشين، وتخفيف الياء، وبكسر الشين، وتشديد الياء: مرضٌ قريبٌ من الإغماء (إلا قد) في نسخةٍ: "إلا وقد". (تفتنون) أي: تمتحنون. (أو الموقن) في نسخةٍ: "أو قال: الموقن". (أن كنت) بفتح الهمزة (لموقنًا) في نسخةٍ: "لمؤمنًا"، مرَّ شرح الحديث في باب: من أجاب الفتيا بالإشارة. 11 - بَابُ مَنْ أَحَبَّ العَتَاقَةَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ (باب: من أحب العتاقة في كسوف الشمس) أي: في حال كسوفها، والعتاقة بالفتح مصدر، يقال: عتق العبد عتقًا، وعتاقًا، وعتاقة. 1054 - حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالتْ: لَقَدْ "أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ". [انظر: 86 - مسلم: 905 - فتح: 2/ 543] (حدثنا) في نسخةٍ: "حدثني". (زائدة) أي: ابن قدامة. (عن هشام) أي: ابن عروة بن الزبير بن العوام.

12 - باب صلاة الكسوف في المسجد

12 - بَابُ صَلاةِ الكُسُوفِ فِي المَسْجِدِ (باب: صلاة الكسوف في المسجد) لم يذكر في الحديث في المسجد، نعم ذكره فيه مسلم. 1055 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ تَسْأَلُهَا، فَقَالتْ: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِي قُبُورِهِمْ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ". [انظر: 1049 - مسلم: 903 - فتح: 2/ 544] (بنت عبد الرحمن) في نسخةٍ: "ابنة عبد الرحمن". (تسألها) أي: عطية. (عائذًا) في نسخةٍ: "عائذٌ". 1056 - ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا، فَكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَرَجَعَ ضُحًى، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الحُجَرِ، ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، فَسَجَدَ سُجُودًا طَويلًا، ثُمَّ قَامَ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ وَهُوَ دُونَ السُّجُودِ الأَوَّلِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ "أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ القَبْرِ". [انظر: 1044 - مسلم: 901، 903 - فتح: 2/ 544] (قام) في نسخةٍ: "وقام". (فسجد) في نسخةٍ: "ثم سجد"، وقوله في الرابعة: (ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول) ساقطٌ من نسخة، ومرَّ شرح الحديث في باب: التعوذ من عذاب القبر في الكسوف.

13 - باب: لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته

13 - بَابٌ: لَا تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ، وَالمُغِيرَةُ، وَأَبُو مُوسَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. [انظر: 1040، 1042، 1043، 1059 - فتح: 2/ 544] (باب: لا تنكسف الشمس لموت أحدٍ ولا لحياته) ذكرُ انكساف الشمس مثالٌ؛ إذ مثله انكساف القمر، كما صُرِّح به في الحديث. 1057 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشَّمْسُ وَالقَمَرُ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا". [انظر: 1041 - مسلم: 111 - فتح: 2/ 545] (أبو بكرة) هو نفيع بن الحارث. (والمغيرة) أي: ابن شعبة. (وأبو موسى) هو عبد الله بن قيس الأشعريُّ (يحيى) أي: "ابن سعيد" كما في نسخةٍ. (عن إسماعيل) أي ابن أبي خالد الأحمسي. (عن أبي مسعود) هو عقبة بن عامر الأنصاريُّ. (رأيتموهما) في نسخةٍ: "رأيتموها". 1058 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَأَطَال القِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَال الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَأَطَال القِرَاءَةَ وَهِيَ دُونَ قِرَاءَتِهِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَال الرُّكُوعَ دُونَ رُكُوعِهِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ، فَصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ فَقَال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاةِ". [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح: 2/ 545]

14 - باب الذكر في الكسوف

(هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (على عهد رسول الله) في نسخةٍ: "على عهد النبيِّ". (وهي) أي: القراءة، وفي نسخةٍ: "وهو" أي: القيام. (ثم قام) أي: للخطبة. (فقال) أي: بعد الحمد وتوابعه، ومرَّ شرح حديثي الباب. 14 - بَابُ الذِّكْرِ فِي الكُسُوفِ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. [انظر: 29] (باب: الذكر في الكسوف) زاد في الحديث على الترجمة الدعاء والاستغفار. 1059 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا، يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فَأَتَى المَسْجِدَ، فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ، وَقَال: "هَذِهِ الآيَاتُ الَّتِي يُرْسِلُ اللَّهُ، لَا تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ". [مسلم: 912 - فتح: 2/ 545] (أبو أسامة) هو حماد بن زيد الكوفي (فزعًا) بكسر الزاي] (¬1) سقط بالأصل من حديث (1011) إلى حديث رقم (1059). 15 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي الخُسُوفِ قَالهُ أَبُو مُوسَى، وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1044، 1059] ¬

_ (¬1) إلى هنا نهاية السقط السابق الإشارة إليه في باب: الاستسقاء. تحويل الرداء في الاستسقاء.

16 - باب قول الإمام في خطبة الكسوف: أما بعد

(باب: الدعاء في الخسوف) في نسخة: "في الكسوف"، وهي أوفق بحديث الباب. 1060 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَال: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، قَال: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاقَةَ، قَال: سَمِعْتُ المُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، يَقُولُ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَال النَّاسُ: انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ". [انظر: 1043 - مسلم: 915 - فتح: 2/ 546] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (قال: حدثنا زياد) في نسخة: "عن زياد". (رأيتموهما) أي: انكسافي الشمس والقمر، والمراد: أحدهما، وفي نسخة: "رأيتموها" أي: الآية، ومرَّ شرح الحديث (¬1). 16 - بَابُ قَوْلِ الإِمَامِ فِي خُطْبَةِ الكُسُوفِ: أَمَّا بَعْدُ (باب: قول الإمام في خطبة الكسوف: أما بعد) بضم الدال. 1061 - وَقَال أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: أَخْبَرَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالتْ: "فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ". [انظر: 86 - مسلم: 905 - فتح: 2/ 547] (هشام) أي: ابن عروة، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الجمعة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1043) كتاب: الكسوف، باب: الصلاة في كسوف الشمس. (¬2) سبق برقم (922) كتاب: الجمعة، باب: من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد.

17 - باب الصلاة في كسوف القمر

17 - بَابُ الصَّلاةِ فِي كُسُوفِ القَمَرِ (باب: الصلاة في كسوف القمر) أي: والشمس. 1062 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ". [انظر: 1040 - فتح: 2/ 547] (محمود) أي: ابن غيلان. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن يونس) أي: ابن عبيد. (على عهد رسول اللَّه) في نسخة: "على عهد النبي". (فصلى ركعتين) أي: بزيادة ركوع في كل ركعة منهما، كما مرَّ (¬1)، ويقدر مثله في الحديث الآتي. 1063 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَال: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى المَسْجِدِ وَثَابَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، فَانْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَقَال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَإِنَّهُمَا لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَإِذَا كَانَ ذَاكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ" وَذَاكَ أَنَّ ابْنًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ فَقَال النَّاسُ فِي ذَاكَ. [انظر: 1040 - فتح: 2/ 547] (أبو معمر) هو: عبد اللَّه بن عمرو. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد التنوري. (على عهد رسول اللَّه) في نسخة: "على عهد النبي". (وثاب إليه الناس) بمثلثة: أي: اجتمعوا، وفي نسخة: "فثاب" بالفاء. الموت أحد) زاد في نسخة: "ولا لحياته" (وإذا) في نسخة: "فإذا". (ذاك) في ¬

_ (¬1) سبق برقم (1040) كتاب: الكسوف، باب: كسوف الشمس.

18 - باب: الركعة الأولى في الكسوف أطول

نسخة: "ذلك" أي: الكسوف. (وذاك) في نسخة: "وذلك". (في ذاك) في نسخة: "في ذلك". ومرَّ شرح حديثي الباب. (باب: صبِّ المرأة على رأسها الماء إذا أطال الإمام القيام في الركعة الأولى) لم يذكر فيه حديثًا يطابقه، وكأنه كما قيل ترجم به وأخلى بياضًا ليذكر له حديثًا كعادته، فلم يتفق له ذلك، والأليق به حديث أسماء السابق في باب: صلاة النساء مع الرجال في الكسوف (¬1) فهو نص فيه. 18 - بَابٌ: الرَّكْعَةُ الأُولَى فِي الكُسُوفِ أَطْوَلُ (باب: الركعة الأولى في الكسوف أطول) المراد: بالركعة الأولى: الركوع الأول، أي: هو أطول من الركوع الثاني، كما أن الثاني أطول من الثالث، والثالث أطول من الرابع، كما مر وفي نسخة: "باب: الركعة في الكسوف تطول". 1064 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي سَجْدَتَيْنِ الأَوَّلُ الأَوَّلُ أَطْوَلُ". [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح: 2/ 548] (حدثنا) في نسخة: "أخبرنا". (محمود) أي: "ابن غيلان"، كما في نسخة (أبو أحمد) هو محمد بن عبد الله الزبيري. (سفيان) أي: الثوري. (عن يحيى) أي: ابن سعيد. (الأول الأول) في نسخة: "الأول فالأول" وفي أخرى: "الأولى فالأولى" ومرَّ شرح الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1043) كتاب: الكسوف، باب: صلاة النساء مع الرجال في الكسوف. (¬2) سبق برقم (1044) كتاب: الكسوف، باب: الصدقة في الكسوف.

19 - باب الجهر بالقراءة في الكسوف

19 - بَابُ الجَهْرِ بِالقِرَاءَةِ فِي الكُسُوفِ (باب: الجهر بالقراءة في الكسوف) أي: في صلاة كسوف القمر على ما جرى عليه الشافعي، وجمهور الفقهاء؛ لأنها ليلية. 1065 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ، قَال: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَال: أَخْبَرَنَا ابْنُ نَمِرٍ، سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، " جَهَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلاةِ الخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ كَبَّرَ، فَرَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرَّكْعَةِ قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، ثُمَّ يُعَاودُ القِرَاءَةَ فِي صَلاةِ الكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ". [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح: 2/ 549] (الوليد) أي: "ابن مسلم"، كما في نسخة. (قال أخبرنا) في نسخة: "قال حدثنا". (ابن نمر) هو عبد الرحمن. 1066 - وَقَال الأَوْزَاعِيُّ، وَغَيْرُهُ، سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ مُنَادِيًا: بالصَّلاةُ جَامِعَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ، سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ مِثْلَهُ قَال الزُّهْرِيُّ: فَقُلْتُ: "مَا صَنَعَ أَخُوكَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَا صَلَّى إلا رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ، إِذْ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ، قَال: أَجَلْ إِنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ " تَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الجَهْرِ. [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح: 2/ 549] (وقال الأوزاعي) عطف على (قال: أخبرنا ابن نمر) لأنه مقول ابن الوليد. (فبعث مناديًا: الصلاة جامعة) في نسخة: "بالصلاة جامعة". (ما صنع أخوك ذلك) وصف الأخ بما يشار به إلى البعيد؛ لاستبعاده صنعه. (عبد اللَّه) عطفُ بيان للأخ. (ما صلى إلا ركعتين مثل الصبح) بيان

لصنيع الأخ. (قال: أجل) بفتح الجيم وسكون اللام، أي: نعم. (إنه) بكسر الهمزة، استئناف بياني، وفي نسخة: "من أجل أنه" بزيادة (من) وبسكون الجيم وكسر اللام وفتح الهمزة. (تابعه) أي: ابن نمر، ومرَّ شرح الحديث في باب: الخطبة في الكسوف (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1046) كتاب: الكسوف، باب: خطبة الإمام في الكسوف.

17 - سجود القرآن

17 - سجود القرآن

1 - ما جاء في سجود القرآن وسنتها

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 17 - أَبْوَابُ سُجُودِ القُرْآنِ 1 - مَا جَاءَ فِي سُجُودِ القُرْآنِ وَسُنَّتِهَا (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطٌ من نسخة. (أبواب سجود القرآن) في نسخة: "باب: ما جاء [في سجود القرآن وسنتها" أي: السجدة، وفي نسخةٍ: "وسنته" أي: السجود، وهو] (¬1) من السنن المؤكدة عند الشافعي والمراد من الترجمة: بيان أن السجود سنة. 1067 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ الأَسْوَدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجْمَ بِمَكَّةَ فَسَجَدَ فِيهَا وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ غَيْرَ شَيْخٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى - أَوْ تُرَابٍ - فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ، وَقَال: يَكْفِينِي هَذَا"، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا. [1070، 3853، 3172، 4863 - مسلم: 576 - فتح: 2/ 551] (غندر) وهو محمد بن جعفر (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحق) هو: عمرو بن عبد اللَّه. (الأسود) أي: ابن يزيد النخعي (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (غير شيخ) هو ابن خلف، كما سيأتي في سورة النجم (¬2)، وقيل: الوليد بن المغيرة (¬3)، وقيل: عتبة بن ربيعة، وقيل: غير ذلك (ذلك) ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سيأتي برقم (4863) كتاب: التفسير، باب: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)}. (¬3) رواه الطبراني 20/ 5.

2 - باب سجدة تنزيل السجدة

ساقط من نسخة. وبدأ بالنجم؛ لأنها أول سورة نزلت فيها سجدة، ولا يعارضه أن سورة (اقرأ) أول ما نزل (¬1)؛ لأن السابق في النزول أول اقرأ دون باقيها. 2 - بَابُ سَجْدَةِ تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ (باب: سجدة {تَنْزِيلٌ} السجدة) بجر (تنزيل) على الإضافة، وبرفعه على الحكاية، وبجر (السجدة) عطف بيان لتنزيل. 1068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ". [انظر: 891 - مسلم: 880 - فتح: 2/ 552] (سفيان) أي: الثوري. (عن سعيد بن إبراهيم) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (عن عبد الرحمن) أي: ابن هرمز الأعرج. ({الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة) برفع (تنزيل) على الحكاية وبنصب (السجدة) عطف بيان، ولم يصرح بالسجود هنا لشهرته. 3 - باب سَجْدَةِ {ص}. (باب: سجدة ص) أي: بيانها. 1069 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: ص لَيْسَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا". [3422 - فتح: 2/ 552] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف بدء الوحي إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، من حديث عائشة.

4 - باب سجدة النجم

(حماد) أي: "ابن زيد"، كما في نسخة، وفي أخرى: "حماد هو ابن زيد". (عن أيوب) أي: السختياني (عن عكرمة) أي: مولى ابن عباس. (ليست من عزائم السجود) أي: من واجباته، بل من مسنوناته، كسائر سجدات التلاوة، لكنها لا تفعل في الصلاة؛ لأنها في الأصل سجدة شكر؛ لقبول توبة داود - عليه السلام -، ففي النسائي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في {ص} وقال: (سجدها داود توبة، ونسجدها شكرًا) (¬1) وبسط الكلام على سجدة: {ص} في كتب الفقه. 4 - باب سَجْدَةِ النَّجْمِ. قَالهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: سجدة النجم) أي: بيانها. 1070 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ، فَسَجَدَ بِهَا فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ القَوْمِ إلا سَجَدَ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ كَفًّا مِنْ حَصًى - أَوْ تُرَابٍ - فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهِهِ، وَقَال: يَكْفِينِي هَذَا"، قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا. [انظر: 1067 - مسلم: 576 - فتح: 2/ 553] (شعبة) أي: ابن الحجاج (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (فسجد بها) في نسخة: "فسجد فيها" فالباء بمعنى فيظ. (رجل) هو: أمية بن خلف على الصحيح، كما مرَّ (¬2) (من حصى أو تراب) شك من الراوي (فلقد) زاد في نسخة: "قال عبد اللَّه". ¬

_ (¬1) انظر: "سنن النسائي" 2/ 159 كتاب: الافتتاح، باب: سجود القرآن، وقال الألباني في "صحيح النسائي": صحيح. (¬2) سبق برقم (1067) كتاب: سجود القرآن، باب: ما جاء في سجود القرآن وسننها.

5 - باب سجود المسلمين مع المشركين والمشرك نجس ليس له وضوء

5 - بَابُ سُجُودِ المُسْلِمِينَ مَعَ المُشْرِكِينَ وَالمُشْرِكُ نَجَسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ". (باب: سجود المسلمين مع المشركين) وإن لم يصح سجودهم (والمشرك نجس ليس له وضوء) حال، وإنما لم يصح سجودهُ ووضوؤه، لأنه ليس أهلًا للعبادة (وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء) لفظ (غير) ساقط من نسخة والصواب كما قال الكرماني (¬1): إثباته، فقد أسنده ابن شيبة في "مصنفه" كذلك (¬2) وتبويب البخاري واستدلاله منطبقان عليه، فهو المعروف عن ابن عمر، ووجه فعله: بأن مقصود البخاري تأكيد مشروعية السجود بأن المشرك قد أقر في الحديث على السجود وسمى الصحابي فعله سجودًا مع عدم أهليته له، فالمتأهل له أحرى بأن يسجد بلا وضوء، هذا وفقهاء الأمصار على اشتراط الوضوء في سجود التلاوة. 1071 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَالجِنُّ وَالإِنْسُ" وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ. [4862 - فتح: 2/ 553] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (أيوب) أي: السختياني. (والمشركون) أي: سجدوا معه لما سمعوا ذكر طواغيتهم ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 6/ 152. (¬2) "المصنف" لابن شيبة 1/ 367 كتاب: الصلوات، باب: من قال: السجدة على من جلس لها ومن سمعها.

6 - باب من قرأ السجدة ولم يسجد

{اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى}. (والجن والإنس) إيضاح للمسلمين والمشركين؛ لأن كلًّا من القبيلين شامل للأخر، لكن الثاني أوضح دلالة من الأول، وعلم ابن عباس بسجود الجن لها إما بإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - له، أو كشف له فرآهم ساجدين. (ابن طهمان) [بفتح الطاء] (¬1) في نسخة: "إبراهيم بن طهمان". 6 - بَابُ مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَسْجُدْ (باب: من قرأ السجدة) أي: آيتها (ولم يسجد) أي: لها. 1072 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَزَعَمَ "أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا". [1073 - مسلم: 577 - فتح: 2/ 554] (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا". (خصيفة) بالتصغير. (عن ابن قسيط) نسبة إلى جدِّه لشهرته به، وإلا فهو يزيد بن عبد اللَّه بن قسيط، بالتصغير. (فزعم) أي: فأخبر. (فلم يسجد فيها) أي: زيد، وبه تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة، أو النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما هو ظاهر الحديث الثاني، فتفوت المطابقة، وعليه فلا ينافي ما مرَّ من سجوده - صلى الله عليه وسلم - فيها (¬2)، إما لأنه كان على غير طهارة، أو لبيان جواز تركه، أو لأن المستمع لا يسجد عند عدم سجود القارئ على قول. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) انظر الحديث السابق.

7 - باب سجدة إذا السماء انشقت [84 الانشقاق: 1]

1073 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَال: "قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا". [انظر: 1072 - مسلم: 577 - فتح: 2/ 544] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة القرشي (قال: قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - و {وَالنَّجْمِ} فلم يسجد فيها) ظاهره: أن الذي لم يسجد فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتفوت المطابقة، ويحتمل أنه زيد، وفي الكلام التفات، فتحصل المطابقة. 7 - بَابُ سَجْدَةِ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ [84 الانشقاق: 1]. (باب: سجدة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)}) أي: بيانها. 1074 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، قَالا: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَال: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَرَأَ: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، فَسَجَدَ بِهَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَلَمْ أَرَكَ تَسْجُدُ؟ قَال: "لَوْ لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ لَمْ أَسْجُدْ". [انظر: 766 - مسلم: 578 - فتح: 2/ 566] (مسلم) أي: ابن إبراهيم. (هشام) أي: ابن أبي عبد اللَّه الدستوائي. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (فسجد بها) في نسخة: "فسجد فيها". (فقلت) في نسخة: "قال أبو سلمة: فقلت" (يسجد) في نسخة: "سجد". وفي الحديث: حجة للسجود في المفصل ردًّا على من روى أنه لم يسجد فيه منذ تحول إلى المدينة (¬1)، لأن إسلام أبي هريرة كان ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (1403) كتاب: سجود القرآن، باب: من لم ير السجود في المفصل. والطبراني 11/ 334. =

8 - باب من سجد لسجود القارئ

بالمدينة. وعلى الكوفيين في أن النظر أن لا يسجد فيها؛ لأنه إخبار بأنه إذا قريء عليهم القرآن لا يسجدون. 8 - بَابُ مَنْ سَجَدَ لِسُجُودِ القَارِئِ وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ لِتَمِيمِ بْنِ حَذْلَمٍ - وَهُوَ غُلامٌ - فَقَرَأَ عَلَيْهِ سَجْدَةً، فَقَال: "اسْجُدْ فَإِنَّكَ إِمَامُنَا فِيهَا". (باب: من سجد لسجود القاريء) أي: بيان سجود من سجد للتلاوة لأجل سجود القاريء. (حَذْلم) بفتح المهملة، وسكون المعجمة. (فإنك إمامنا) أي: متبوعنا؛ لتعلق السجدة بنا من جهتك، وليس المراد: إنك إن لم تسجد، لا نسجد؛ لأن السجدة، كما تتعلق بالقاريء تتعلق بالسامع، وهو من لا يقصد السماع، وبالمستمع وهو ¬

_ = والبيهقي 2/ 311 كتاب: الصلاة، باب: من قال في القرآن إحدى عشرة سجدة. من حديث ابن عباس. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (251)، وقال: وقال ابن خزيمة في هذه المسألة: وتوهم بعض من لم يتبحر في العلم أن خبر الحارث بن عبيد عن مطر عن ابن عباس أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة، حجة من زعم أن لا سجود في المفصل. وهذا من الجنس الذي أعلمت أن الشاهد من يشهد برؤية الشيء أو سماعه، لا من ينكره ويدفعه. وأبو هريرة قد أعلم أنه قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)}، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} بعد تحوله إلى المدينة، إذ كانت صحبته إياه إنما كانت بعد تحول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة لا قبل.

9 - باب ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة

قاصده، ولو لقراءة حدث وكافر أو امرأة أو تارك للسجود، لكنه من المستمع والسامع عند سجود القاريء آكد منه عند عدم سجوده؛ لما قيل: إن سجودهما متوقفٌ على سجوده، وبسط الكلام على ذلك يطلب من كتب الفقه. 1075 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ، فِيهَا السَّجْدَةُ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَوْضِعَ جَبْهَتِهِ". [1076، 1079 - مسلم: 575 - فتح: 2/ 556] (فيها) أي: في السجدة، وهو ساقطٌ من نسخة، وسقط من أخرى قوله: (وقال ابن مسعود ... إلخ). (يحيى) أي: ابن القطان (عن عبيد اللَّه) في نسخة: "حدثنا عبيد اللَّه" هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن [عمر] (¬1) بن الخطاب. (أحدنا) أي: بعضنا. 9 - بَابُ ازْدِحَامِ النَّاسِ إِذَا قَرَأَ الإِمَامُ السَّجْدَةَ (باب: ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة) أي: آياتها. 1076 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ، قَال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، قَال: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ، فَنَزْدَحِمُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا لِجَبْهَتِهِ مَوْضِعًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ". [انظر: 1075 - مسلم: 575 - فتح: 2/ 557] (أحدنا) أي: بعضنا. ¬

_ (¬1) من (م).

10 - باب من رأى أن الله عز وجل لم يوجب السجود

10 - بَابُ مَنْ رَأَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُوجِبِ السُّجُودَ وَقِيلَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: "الرَّجُلُ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا"، قَال: "أَرَأَيْتَ لَوْ قَعَدَ لَهَا كَأَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ" وَقَال سَلْمَانُ: "مَا لِهَذَا غَدَوْنَا" وَقَال عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَهَا" وَقَال الزُّهْرِيُّ: "لَا يَسْجُدُ إلا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا، فَإِذَا سَجَدْتَ وَأَنْتَ فِي حَضَرٍ، فَاسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ، فَإِنْ كُنْتَ رَاكِبًا فَلَا عَلَيْكَ حَيْثُ كَانَ وَجْهُكَ" وَكَانَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ: "لَا يَسْجُدُ لِسُجُودِ القَاصِّ". (باب: من رأى أن اللَّه عزَّ وجلَّ لم يوجب السجود) لما سيأتي، وأما الأمرُ في قوله {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)} وقوله: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} فمحمولٌ على الندب، أو على أن المراد به: سجود الصلاة. (ولم يجلس لها) أي: لقراءة السجدة، أي: إن لم يقصد سماعها. (أرأيت) الاستفهام للإنكار، أي: أخبرني لو قعد لها، أكانت تجب على سامعها، أي: فلا وجوب ولو كان مستمعًا. (كأنه) من كلام البخاري (لا يوجبه) أي: السجود. (عليه) أي: على من قعد لها للاستماع، فعلى السامع أولى. (وقال سلمان) أي: الفارسي (ما لهذا) أي: للسماع، أي: لأجله (غدونا) أي: لم نقصده فلا نسجد (لا يسجد إلا أن يكون طاهرًا) بتحتية فيهما ورفع الدال، وفي نسخة: بفوقية فيهما وسكون الدال. (فإن كنت راكبًا) أي: في سفر (فلا عليك حيث كان وجهك) أي: فلا بأس عليك أن تتوجه جهة وجهك وإن كانت لغير القبلة. (لا يسجد لسجود القاصِّ) بتشديد المهملة أي: الذي يقرأ القصص والمواعظ؛ لكونه

ليس قاصدًا لتلاوة القرآن، والجمهور على خلافه. 1077 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ، قَال أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ رَبِيعَةُ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، عَمَّا حَضَرَ رَبِيعَةُ مِنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَرَأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ، فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الجُمُعَةُ القَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ، قَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ، فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ" وَزَادَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إلا أَنْ نَشَاءَ". [فتح: 2/ 557] (أن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (ابن الهدير) بضم الهاء وفتح الدال وسكون التحتية وبراء. (عمَّا) متعلق بـ (أخبرني)، ولا يتعلق به (عن عثمان)؛ لأنهما حرفا جر بمعنى لا يتعلقان بفعل واحد، فيقدر تعلقه بمحذوف، أي: راويًا عن عثمان. (جاء السجدة) في نسخة: "جاءت السجدة" فيتعين رفع السجدة، وعلى الأول يجوز رفعها ونصبها. (إنا) وفي نسخة: "إنما" بزيادة ميم بعد النون (نمرُّ بالسجود) أي: بآيته. (أصاب) أي: السنة. (ومن لم يسجد فلا إثم عليه) صريح في عدم وجوبه؛ لأن عمر رضي اللَّه عنه قاله بمحضر من الصحابة، ولم ينكره عليه أحد، فكان إجماعًا سكوتيًّا (¬1) (لم يفرض ¬

_ (¬1) الإجماع السكوتي: وهو أن يقول بعض المجتهدين قولًا، أو يفعل فعلًا مع انتشار ذلك في الباقين وسكوتهم، وهذا فيه خلاف، فأكثر الشافعية والمالكية ورواية عن أحمد أنه إجماع. تنزيلًا للسكوت منزلة الرضا والموافقة إذا مضت مدة كافية للنظر في ذلك القول بعد سماعه، وكان قادرًا على إظهار رأيه، =

11 - باب من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها

السجود) في نسخة: "لم يفرض علينا السجود". [(وزاد نافع) عطفٌ على (أخبرني ابن أبي مليكة)، فهو من رواية ابن جريج عنه] (¬1). 11 - بَابُ مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ فِي الصَّلاةِ فَسَجَدَ بِهَا (باب: من قرأ السجدة) أي: آيتها. (في الصلاة فسجد بها) أي: فيها. 1078 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي بَكْرٌ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَال: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ العَتَمَةَ، فَقَرَأَ: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَال: "سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ". [انظر: 766 - مسلم: 578 - فتح: 2/ 559] (معتمر) أي: ابن سليمان التيمي. (سمعت أبي) في نسخة: "حدثني أبي". (بكر) أي: ابن عبد اللَّه المزني. (ما هذه) أي: السجدة التي سجدتها في الصلاة. (حتى ألقاه) أي: أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - والمراد: حتى أموت. ¬

_ = قيل: يكون حجةً لا إجماعًا؛ لرجحان الموافقة بالسكوت على المخالفة، وليس إجماعًا؛ لأن حقيقة الإجماع لم تتحقق فيه، وقيل: ليس بحجة ولا إجماع؛ لأن حقيقة الإجماع لم تتحقق فيه، وقيل: ليس بحجة ولا إجماع؛ لأنه لا ينسب لساكت قول وقيل غير ذلك. انظر: "شرح الورقاق" ص 200. (¬1) من (م).

12 - باب من لم يجد موضعا للسجود مع الإمام من الزحام

12 - بَابُ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا لِلسُّجُودِ مَعَ الإِمَامِ مِنَ الزِّحَامِ (باب: من لم يجد موضعًا للسجود من الزحام) في نسخة: "للسجود مع الإمام من الزحام". 1079 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، قَال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ السُّورَةَ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ فَيَسْجُدُ، وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ". [انظر: 1075 - مسلم: 575 - فتح: 2/ 560] (صدقة) أي: "ابن الفضل"، كما في نسخة. (يحيى) أي: "ابن سعيد"، كما في نسخة. (ونسجد حتى) في نسخة: "ونسجد معه حتى" ومر الحديث في باب: ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1076) كتاب: سجود القرآن، باب: ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة.

18 - تقصير الصلاة

18 - تقصير الصلاة

1 - باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر؟

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 18 - أَبْوَابُ تَقْصِيرِ الصَّلاةِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (أبواب التقصير) في نسخة: "أبواب تقصير الصلاة" وفي أخرى: "كتاب: القصر". 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّقْصِيرِ وَكَمْ يُقِيمُ حَتَّى يَقْصُرَ؟ (باب: ما جاء في التقصير) هو رد الرباعية إلى اثنتين في سفر طويل مباح، يقال: قصر الصلاة، بالتخفيف، وقصرها بالتشديد، وحكى الواحدي: أقصرها، فمصدر الأول: قصر، والثاني: تقصير، والثالث: إقصار. (وكم يقيم؟) أي: وكم يمكث يومًا المسافر؛ لأجل القصر فيما إذا تردد في مدة قضاء حاجته؟ فكم: استفهامية، وجوابها محذوف، وتقديره: تسعة عشر يومًا، كما سيأتي بما فيه (¬1). (حتى يقصر الصلاة) أي: لكي يقصر، فحتى: للتعليل. 1080 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، وَحُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا". [4298، 4299 - فتح: 2/ 561] ¬

_ (¬1) انظر: الحديث الآتي ذكره.

(عن عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (وحصين) بالتصغير، أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (أقام النبي) في نسخة: "أقام رسول اللَّه" أي: في فتح مكة. (تسعة عشر) أي: يومًا بليلته يقصر؛ لأنه كان مترددًا في مدة انقضاء حاجته، وهي انقضاء الحرب، والتقييد بالتسعة عشر يشكل بترجيح الشافعية ثمانية عشر، إلا أن يكون لوحظ فيها يوما الدخول والخروج، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح البهجة" وغيره. 1081 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ، قُلْتُ: أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا؟ قَال: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا". [4297 - مسلم: 693 - فتح: 2/ 561] (أبو معمر) هو عبد اللَّه بن عمرو المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد التنوري. (يحيى بن أبي إسحق) أي: الحضرمي. (إلى مكة) أي: حاجين. (يصلي ركعتين ركعتين) أي: قصرًا. (قلت) أي: قال يحيى: قلت لأنس. (أقمتم؟) أي: أأقمتم بحذف همزة الاستفهام. (أقمنا بها عشرًا) أي: عشرة أيام، وإنما حذفت التاء مع أن اليوم مذكر؛ لأن المعدود إذا لم يذكر، يجوز في العدد التذكير والتأنيث، وإقامته العشر وهو يقصر ليس في مكة فقط، حتى يشكل بأن من نوى إقامة أربعة، أيام بموضع انقطع سفره، بل بعضها بمكة وبعضها بغيرها؛ لأنه قدم مكة في رابع ذي الحجة، وخرج في الثامن إلى منى فبات بها، ثم سار إلى عرفات، ورجع فبات بمزدلفة، ثم صار إلى منى، فقضى نسكه، ثم إلى مكة فطاف، ثم رجع إلى منى فأقام بها ثلاثا، ثم سافر إلى المدينة وكان يقصر الصلاة فيها كلها.

2 - باب الصلاة بمنى

2 - بَابُ الصَّلاةِ بِمِنًى (باب: الصلاة بمنى) بصرفه؛ مراعاة للمكان، وبمنع صرفه؛ مراعاة للبقعة، قيل: وعلى الأول: يكتب بالألف، وعلى الثاني: بالياء. 1082 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا". [1655 - مسلم: 694 - فتح: 2/ 563] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عبد اللَّه) في نسخة: "عن عبد اللَّه بن عمر - رضي الله عنه - ". (وأبي بكر) أي: وصليت مع أبي بكر (وعمر) ركعتين، (ومع عثمان) ركعتين. (صدرًا) أي: أول (من إمارته) بكسر الهمزة أي: من خلافته، وكانت ستَّ سنين، أو ثمانيًا. (ثم أتمها) أي: الصلاة، صانما أتمها، وإن كان القصر جائزًا؛ لأن الإتمام أشق، فيزيد أجره. 1083 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، قَال: "صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنَ مَا كَانَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ". [1656 - مسلم: 696 - فتح: 2/ 563] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (حدثنا شعبة) أي: ابن الحجاج، وفي نسخة: "وأخبرنا شعبة". (أنبانا أبو إسحق) هو عمرو بن عبد اللَّه السبيعي. (آمن) بالمد، أفعل تفضيل من الأمن: ضد الخوف. (ما كان) أي: النبي، وفي نسخة: "ما كانت" أي: الصلاة، و (ما) مصدرية، ومعناها: الجمع؛ لأن ما أضيف إليه أفعل، يكون

جمعًا، والمعنى: صلى بها، والحال: أن أكثر أكوانه أمنًا، وأما الشرط في قول اللَّه تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ} فخرج مخرج الغالب؛ لئلا يعمل بمفهومه، وفيه: عظم شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث أطلق ما قيده اللَّه، ووسع على عباده. 1084 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقِيلَ: ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَال: "صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ"، فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ. [1657 - مسلم: 695 - فتح: 2/ 563] (قتيبة) أي: "ابن سعيد" كما في نسخة. (عبد الواحد) أي: "ابن زياد" كما في نسخة. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (حدثنا إبراهيم) في نسخة: "حدثني إبراهيم" أي: النخعي. (فقيل ذلك) [في نسخة: "فقيل في ذلك"] (¬1). (فاسترجع) أي: قال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون؛ كراهة مخالفته الأفضل؛ لا لكون الإتمام لا يجزي. (مع أبي بكر) في نسخة: "مع أبي بكر الصديق". (مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بمنى) لفظ: (بمنى): ساقط من نسخة. [(حظي) أي: نصيبي] (¬2) (من أربع ركعات) في نسخة: "من أربع". ومن: بدلية، نحو: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ}. ¬

_ (¬1) و (¬2) من (م).

3 - باب: كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم في حجته؟

3 - بَابٌ: كَمْ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ؟ (باب: كم أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته؟) أي: كم أقام يومًا في حجة الوداع؟ 1085 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ البَرَّاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ يُلَبُّونَ بِالحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ مَعَهُ الهَدْيُ» تَابَعَهُ عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ. [1564، 3832 - مسلم: 1240 - فتح: 2/ 565] (وهيب) أي: ابن خالد. (أيوب) أي: السختياني. (البراء) بالتشديد والمد، قيل له ذلك؛ لأنه كان يبري النشاب. (رابعة) أي: من ذي الحجة، وخرج إلى منى في الثامن، فهي أربعة أيام ملفقة، وهذا موضع الترجمة، أو المراد: إقامته وهي عشرة أيام، كما مر في حديث أنس (¬1). (يلبون بالحج) حال وكني به عن الإحرام بالحج. (إلا من معه) في نسخة: "إلا من كان معه". (الهدي) في نسخة: "هدي" وهو بفتح الهاء وسكون الدال أو بكسر الدال وتشديد الياء: ما يهدى [إلى الحرم من النعم قربة، ووجه استثناء صاحب الهدي: أنه لا يجوز له التحلل حتى يبلغ الهدي] (¬2) محله، وفسخ الحج خاص بالصحابة الذين حجوا معه - صلى الله عليه وسلم -. (تابعه) أي: أبا العالية. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1081) كتاب: قصر الصلاة، باب: ما جاء في التقصير. (¬2) من (م).

4 - باب: في كم يقصر الصلاة؟

4 - بَابٌ: فِي كَمْ يَقْصُرُ الصَّلاةَ؟ وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَوْمًا وَلَيْلَةً سَفَرًا" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، يَقْصُرَانِ، وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا. (باب: في كم يقصر الصلاة؟) بفتح التحتية وسكون القاف وضم الصاد أي: المصلي، وفي نسخة: بضم الفوقية وفتح القاف والصاد المشددة، وفي أخرى: بضم الفوقية وسكون القاف وفتح الصاد، فالصلاة بالنصب على الأولى، وبالرفع على الأخيرتين. (وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: في الحديث الآتي. (يومًا وليلة سفرًا) في نسخة: "السفر يومًا وليلة" أي: وسمى مدة اليوم والليلة سفرًا. (في أربعة برد) البرد: جمع بريد، وهو: اثني عشر ميلًا، وهو منتهى مد البصر؛ لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إداركه، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح البهجة" وغيره. (وهي ست عشر) في نسخة: "وهي ستة عشر". 1086 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، قَال: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ". [1087 - مسلم: 1338 - فتح: 2/ 565] (إسحق بن إبراهيم الحنظلي) وهو المعروف بابن راهويه. (لأبي أسامة) هو حماد بن أسامة. (حدثكم عبيد اللَّه) فيه: أنه إذا قيل للشيخ حدثكم فلان، فسكت مع قرينة الإخبار يكفي. (لا تسافر المرأة) مجزوم بلا الناهية، وكسرت الراء؛ لالتقاء الساكنين. (ثلاثة أيام) في نسخة: "فوق ثلاثة أيام" وفي أخرى: "ثلاثًا".

1087 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ ثَلاثًا إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ" تَابَعَهُ أَحْمَدُ، عَنْ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1086 - مسلم: 1338 - فتح: 2/ 566] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن نافع) في نسخة: "أخبرني نافع". (إلا مع ذي محرم) في نسخة: "لا ومعها ذو محرم لا وفي أخرى: "إلا معها ذو محرم". (تابعه) أي: عبيد اللَّه. (أحمد) أي: ابن محمد المروزي: أحد شيوخ البخاري. 1088 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ" تَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَسُهَيْلٌ، وَمَالِكٌ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [مسلم: 1339 - فتح: 2/ 566] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (ابن أبي ذئب) نسبة لجدٍ له؛ لشهرته به، وإلا فهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، واسم أبي ذئب: هشام العامري. (حدثنا سعيد) في نسخة: "أخبرنا سعيد". (عن أبيه) هو أبو سعيد كيسان. (قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -) في نسخة: "عن النبي". (تؤمن باللَّه واليوم الآخر) خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له. (ليس معها حرمة) أي: رجل ذو حرمة منها. والمراد من الأحاديث الثلاثة: أن المرأة لا تسافر إلا مع ذي

5 - باب يقصر إذا خرج من موضعه

محرم أي: أو نحوه كزوج، وإن اختلفت ألفاظها، واختلاف العدد فيها وقع من اختلاف جواب السائلين بحسب ما سأله كل واحد، فلا تنافي بينهما، كما لا ينافي ثالثها حرمة مسيرة ما دون يوم بدون محرم؛ لأن مفهوم العدد لا اعتبار به على ما قاله الكرماني (¬1) وغيره. (تابعه) أي: ابن أبي ذئب. (وسهيل) أي: ابن أبي صالح. 5 - بَابُ يَقْصُرُ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ: فَقَصَرَ وَهُوَ يَرَى البُيُوتَ، فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ هَذِهِ الكُوفَةُ قَال: "لَا حَتَّى نَدْخُلَهَا". (باب: يقصر إذا خرج من موضعه) أي: محل وطنه قاصدًا سفرًا طويلًا مباحًا. (علي) أي: "ابن أبي طالب" كما في نسخة. (يرى البيوت) أي: بيوت الكوفة. (فقيل له) لفظة: (له) ساقطة من نسخة. (قال: لا) أي: لا نُتِمُّ (حتى ندخلها) أي: الكوفة. 1089 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "صَلَّيْتُ الظُّهْرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ". [1546، 1547، 1551، 1712، 1714، 1715، 2951، 2986 - مسلم: 690 - فتح: 2/ 569] (سفيان) أي: الثوري. (عن أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 6/ 164.

(مع النبي) في نسخة: "مع رسول اللَّه". (وبذي الحليفة ركعتين) في نسخة: "والعصر وبذي الحليفة ركعتين" وهو المراد من الأولى، ولا حجة فيه للظاهرية في القصر في السفر القصير، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان قاصدًا مكة؛ لأن ذا الحليفة غاية سفره. 1090 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "الصَّلاةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلاةُ الحَضَرِ" قَال الزُّهْرِيُّ: فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ؟ قَال: "تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ". [انظر: 350 - مسلم: 685 - فتح: 2/ 569] (سفيان) أي: ابن عيينة. (الصلاة) مبتدأ. (أول) بالرفع مبتدأ ثان، أو بدل من الصلاة، وبالنصب على الظرفية. (ما فرضت) ما مصدرية أي: الصلاة فرضت ركعتين ركعتين في أول أزمنة فرضها لمن أراد الإتمام عليهما في السفر. (ركعتان) خبر المبتدأ الأول، أو خبر المبتدأ الثاني، والجملة: خبر الأول، وفي نسخة: "ركعتين" بالنصب على الحال السادة مسد الخبر، كقول الشاعر: الحرب أول ما تكون فتية ... تسعى بزينتها لكل جهول وفي نسخة: بدل (الصلاة): "الصلوات" فعليها المراد: ركعتان ركعتان بالتكرار، كما ورد في رواية (¬1). (فأقرت صلاة السفر) لا حجة فيه لمن أوجب القصر؛ إذ لو وجب لما أتمت عائشة الرواية للحديث. ¬

_ (¬1) أخرجها ابن خزيمة 1/ 157 (305) كتاب: الصلاة، باب: ذكر الخبر المفسر للفظة المجملة ركعتان. وابن حبان 6/ 447 (2738) كتاب: الصلاة، باب: في صلاة السفر.

6 - باب يصلي المغرب ثلاثا في السفر

قال النووي: المعنى: فرضت ركعتين لمن أراد الاقتصار عليهما، فزيد في الحضر ركعتان تحتمًا، وأقرت صلاة السفر على جواز الإتمام، وقد ثبت دلائل ذلك فوجب المصير إليه جمعا بين الأدلة (¬1). (ما بال) في نسخة: "فما بال". [(تتم) بضم التاء] (¬2) (تأولت ما تأول عثمان) أي: من أنه رأى القصر والإتمام جائزين، فأخذ بأحدهما وهو الإتمام، وقيل في تاويله: إنه كان يرى اختصاص القصر بالمسافر دون المقيم بمكانه في أثناء سفره، وقيل فيه غير ذلك. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن السفر صادق بمجرد خروجه من موضعه. 6 - بَابُ يُصَلِّي المَغْرِبَ ثَلاثًا فِي السَّفَرِ (باب: يصلي المغرب ثلاثًا في السفر) أي: فلا يجوز قصرها بالإجماع، كما نقله ابن المنذر وغيره (¬3)، وإنما لم تقصر؛ لأنها وتر لقربها منه. 1091 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ المَغْرِبَ، حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ العِشَاءِ" قَال سَالِمٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ". [1092، 1106، 1109، 1668، 1673، 1805، 3000 - مسلم: 703 - فتح: 2/ 572] ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 5/ 195. (¬2) من (م). (¬3) "الإجماع" لابن المنذر ص 39.

(أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (ما رأيت رسول اللَّه) في نسخة: "رأيت النبي". (وكان عبد اللَّه) في نسخة: "وكان عبد اللَّه بن عمر". (يفعله) أي: التأخير. (إذا أعجله السير). 1092 - وَزَادَ اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال سَالِمٌ: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ " قَال سَالِمٌ: وَأَخَّرَ ابْنُ عُمَرَ المَغْرِبَ، وَكَانَ اسْتُصْرِخَ عَلَى امْرَأَتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، فَقُلْتُ لَهُ: الصَّلاةَ، فَقَال: سِرْ، فَقُلْتُ: الصَّلاةَ، فَقَال: سِرْ، حَتَّى سَارَ مِيلَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ قَال: "هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ" وَقَال عَبْدُ اللَّهِ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ المَغْرِبَ، فَيُصَلِّيهَا ثَلاثًا، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ العِشَاءَ، فَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلَا يُسَبِّحُ بَعْدَ العِشَاءِ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ". [انظر: 1091 - مسلم: 703 - فتح: 2/ 572] (وكان) أي: ابن عمر. (استصرخ) بالبناء للمفعول، من الصراخ: وهو الاستغاثة بصوت مرتفع. (على امرأته) أي: أخبر بموتها بطريق مكة. (الصلاة) بالنصب على الإغراء؛ وبالرفع مبتدأ حذف خبره، أو حضرت، أو بالعكس. (فقلت: الصلاة) في نسخة: "فقلت له: الصلاة". (ميلين) الميل: أربعة آلاف خطوة، وهو ثلث فرسخ. (ثم نزل فصلى) المغرب والعشاء جمعًا. (رأيت النبي) في نسخة: "رأيت رسول اللَّه". (يؤخر المغرب) في نسخة: "يعتم المغرب" بعين مهملة وتاء فوقية وميم أي: يدخل في العتمة، وفي أخرى: "يقيم المغرب" بقاف مهملة مكسورة بدل العين، من الإقامة. (قلما يلبث) بفتح أول يلبث وثالثه، أي: قبل لبثه، فما مصدرية. (ولا يسبح) أي: لا ينتفل بالصلاة. (حتى يقوم من جوف الليل) من ابتدائية، أو تبعيضية، أو بمعنى: في.

7 - باب صلاة التطوع على الدابة وحيثما توجهت به

وفي الحديث: أنه لا يفصل بين صلاتي الجمع إلا قليلًا، وبيان القصر والجمع، وتأكيد قيام الليل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتركه سفرًا، فالحضر أولى. 7 - بَابُ صَلاةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّابَّةِ وَحَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ (باب: صلاة التطوع على الدواب) في نسخة: "على الدابة". (وحيث ما توجهت به) لفظ: (به) ساقط من نسخة. والمراد: توجهت به في جهة مقصده. 1093 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، قَال: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ". [1097، 1104 - مسلم: 701 - فتح: 2/ 572] (معمر) أي: ابن راشد. (عن عبد اللَّه بن عامر) زاد في نسخة: "ابن ربيعة العنبري". (حيث توجهت) في نسخة: "حيثما توجهت" أي: "به". 1094 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ وَهُوَ رَاكِبٌ فِي غَيْرِ القِبْلَةِ". [انظر: 400 - مسلم: - فتح: 2/ 573] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. 1095 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا"، وَيُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ. [انظر: 999 - مسلم: 700 - فتح: 2/ 537] (وهيب) هو ابن خالد.

8 - باب الإيماء على الدابة

8 - بَابُ الإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ [(باب: الإيماء على الدابة) في السفر. 1096 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ يُومِئُ" وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ. [انظر: 999 - مسلم: 700 - فتح: 2/ 574] (موسى) أي: "ابن إسماعيل" كما في نسخة. (أينما توجهت) أي: "به" كما في نسخة. (يُومئ) بالهمز أي: برأسه في الركوع والسجود. ومرَّ الحديث في باب: الوتر في السفر.] (¬1) 9 - بَابُ يَنْزِلُ لِلْمَكْتُوبَةِ (باب: ينزل للمكتوبة) أي: ينزل الراكب؛ لصلاة المكتوبة. 1097 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ أَخْبَرَهُ، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الرَّاحِلَةِ يُسَبِّحُ، يُومِئُ بِرَأْسِهِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ". [انظر: 1093 - مسلم: 701 - فتح 2/ 574] (عن عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (رأيت رسول اللَّه) في نسخة: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -". (يسبح) أي: يصلي النافلة. (يومئ برأسه) حال. (قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي: مقابل (أي وجهة توجهت) أي: في جهة مقصده، وفي نسخة: "أي وَجْهٍ تَوَجَّه". ¬

_ (¬1) من (م).

1098 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: قَال سَالِمٌ: "كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ مِنَ اللَّيْلِ، وَهُوَ مُسَافِرٌ مَا يُبَالِي حَيْثُ مَا كَانَ وَجْهُهُ" قَال ابْنُ عُمَرَ: "وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا المَكْتُوبَةَ". [انظر: 999 - مسلم: 700 - فتح: 2/ 575] (يونس) أي: ابن يزيد. (كان عبد اللَّه) في نسخة: "كان عبد اللَّه بن عمر" (حيث كان) في نسخة: "حيث ما كان". (ويوتر عليها) أي: وإن كان الوتر واجبًا عليه - صلى الله عليه وسلم - (¬1)؛ إذ الممتنع فعله على الراحلة ما كان وجوبه عليه وعلى الأمة، كالظهر ففعله عليها؛ لبيان أنه تطوع لنا. 1099 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، قَال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبانَ، قَال: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ المَشْرِقِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ المَكْتُوبَةَ نَزَلَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ". [انظر: 400 - مسلم: 540 - فتح: 2/ 575] (هشام) أي: الدستوائي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير، ومرت أحاديث الباب آنفًا. ¬

_ (¬1) روى ذلك الدارقطني 2/ 21 كتاب: الوتر، باب: صفة الوتر وأنه ليس بفرض. والحاكم 1/ 300 كتاب: الوتر. وقال الحاكم: الأصل في هذا الحديث الإيمان وسؤال الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلوات الخمس، وحديث سعيد بن يسار عن ابن عمر في الوتر على الراحة، وقد اتفق الشيخان على إخراجها في الصحيح. وقال الذهبي: ما تكلم الحاكم عليه هو غريب منكر ويحيى ضعفه النسائي والدارقطني ورواه البيهقي 9/ 264، كتاب: الضحايا، باب: الأضحية سنة نحب لزومها ونكره تركها. وقال الألباني في "ضعيف الجامع الصغير": حديث موضوع.

10 - باب صلاة التطوع على الحمار

10 - بَابُ صَلاةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الحِمَارِ (باب: صلاة التطوع على الحمار) أفرده بالذكر تبعًا للحديث الآتي، وإلا فهو داخل فيما مرَّ. 1100 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا حَبَّانُ، قَال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، قَال: اسْتَقْبَلْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ قَدِمَ مِنَ الشَّأْمِ، فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ فَرَأَيْتُهُ "يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَوَجْهُهُ مِنْ ذَا الجَانِبِ" - يَعْنِي عَنْ يَسَارِ القِبْلَةِ - فَقُلْتُ: رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ القِبْلَةِ، فَقَال: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لَمْ أَفْعَلْهُ " رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 702 - فتح: 2/ 576] (حبان) بفتح المهملة أي: ابن هلال البصري. (همام) أي: ابن يحيى. (استقبلنا أنسًا) في نسخة: "استقبلنا أنس بن مالك رضي اللَّه عنهما اللَّه عنه". (بعين التمر) بمثناة وسكون الميم: موضع بطرق العراق مما يلي الشام (¬1). (على حمار) في نسخة: "على الحمار". (فعله) في نسخة: "يفعله". (ابن طهمان) في نسخة: "إبراهيم بن طهمان". (عن حجاج) هو ابن حجاج الباهلي. (عن أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. 11 - بَابُ مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ فِي السَّفَرِ دُبُرَ الصَّلاَةِ وَقَبْلَهَا (باب: من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة) في نسخة: "دبر الصلوات" وزاد في نسخة: "وقبلها" ولفظ: (دبر الصلاة) ساقط من أخرى. ¬

_ (¬1) عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار غربي الكوفة. انظر: "معجم البلدان" 4/ 176.

12 - باب من تطوع في السفر، في غير دبر الصلوات وقبلها

1101 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ حَدَّثَهُ، قَال: سَافَرَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَال: "صَحِبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَرَهُ يُسَبِّحُ فِي السَّفَرِ، وَقَال اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ) " [الأحزاب: 21]. (حدثني ابن وهب) في نسخة: "حدثنا ابن وهب" أي: عبد اللَّه (عمر بن محمد) أي: ابن زيد بن عبد اللَّه بن عمر. (سافر ابن عمر) في نسخة: "سألت ابن عمر". (فلم أره يسبح) أي: يصلي الرواتب التي قبل الفرائض وبعدها. 1102 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عِيسَى بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: "صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ". [انظر: 1101 - مسلم: 689 - فتح: 2/ 577] (يحيى) أي: القطان. (وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك) عطف على رسول اللَّه أي: وصحبتهم كما صحبته - صلى الله عليه وسلم - في السفر، وكان لا يزيدون فيه على ركعتين، لكن قوله: (وعثمان) أراد به أن ذلك كان في صدر خلافته، كما في مسلم (¬1). 12 - بَابُ مَنْ تَطَوَّعَ فِي السَّفَرِ، فِي غَيْرِ دُبُرِ الصَّلَوَاتِ وَقَبْلَهَا وَرَكَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَكْعَتَيِ الفَجْرِ فِي السَّفَرِ". (باب: من تطوع في السفر في غير دبر الصلاة وقبلها) لفظ: (في غير ...) إلى آخره: ساقط من نسخة. (ركعتي الفجر) أي: سنته. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (694) كتاب ق صلاة المسافرين، باب: قصر الصلاة بمنى.

1103 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَال: مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ ذَكَرَتْ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا، فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ صَلَّى صَلاةً أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ". [1176، 4292 - مسلم: 336 - فتح: 2/ 578] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عمرو) أي: "ابن مرة" كما في نسخة. (عن ابن أبي ليلى) هو عبد الرحمن الأنصاري. (ما أنبأنا) في نسخة: "ما أخبرنا". (فصلى ثمان ركعات) بحذف ياء ثماني؛ اكتفاءً بكسرة نونه، وفي نسخة: "ثماني" بإثباتها. (غير أنه يتم الركوع والسجود) قالته؛ دفعًا لتوهم من يفهم أنه نقص منها، حيث عبرت بـ (أخف). وموضع الترجمة: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى في السفر، ولم يكن في دبر صلاة من الصلوات. 1104 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ "رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى السُّبْحَةَ بِاللَّيْلِ فِي السَّفَرِ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ". [انظر: 1093 - مسلم: 701 - فتح: 2/ 578] (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (عبد اللَّه بن عامر) أي: "ابن ربيعة" كما في نسخة. (به) ساقط في نسخة. 1105 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. [انظر: 999 - مسلم: 700 - فتح: 2/ 578]

13 - باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء

(أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أخبرني سالم) في نسخة: "أخبرنا سالم". (كان يسبح) أي: يتنفل، وهو لا ينافي ما مرَّ من قوله: "لم أره يسبح" (¬1) إذ معناه: لم أره يصلي النافلة على الأرض في السفر، فقد روي أنه كان يقوم جوف الليل في السفر ويتهجد فيه، فغير ابن عمر رواه، ويقدم المثبت على النافي، أو يحمل أنه تركه (- صلى الله عليه وسلم -)؛ لبيان التخيير في نفل السفر. 13 - بَابُ الجَمْعِ فِي السَّفَرِ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ (باب: الجمع في السفر) أي: الطويل المباح. (بين المغرب والعشاء) أي: وبين الظهر والعصر. 1106 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ". [انظر: 1091 - مسلم: 703 - فتح: 2/ 579] (سفيان) أي: ابن عيينة. (إذا جد به السير) أي: اشتد فيه، ونسبة الفعل للسير مجاز، وإنَّما اقتصر ابن عمر على جمع المغرب والعشاء دون جمع الظهر والعصر؛ لأن الواقع له جمع المغرب والعشاء، وهو ما سأل عنه نافع فأجابه حين استصرخ على امرأته، فاستعجل فجمع بينهما جمع تأخير، كما مر في باب: يصلي المغرب ثلاثًا (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1101) كتاب: قصر الصلاة، باب: من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة وقبلها. (¬2) سبق برقم (1091) كتاب: قصر الصلاة، باب: يصلي المغرب ثلاثًا في السفر.

14 - باب: هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء؟

1107 - وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الحُسَيْنِ المُعَلِّمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاةِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ". [فتح: 2/ 579] (عن الحسين) في نسخة: "عن حسين". (على ظهر سير) بالإضافة، وظهر مقحم؛ للتأكيد، لأن السير كان مستندًا إلى ظهر قوي، إلى المطي السائره، وفي نسخة: "على ظهر يسير" بالتنوين وبلفظ المضارع، أي: حالة كونه يسير. 1108 - وَعَنْ حُسَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاةِ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ فِي السَّفَرِ" وَتَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، وَحَرْبٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ أَنَسٍ جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [1110 - فتح: 2/ 579] (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين المغرب والعشاء في السفر) لم يقيده بجد السير، ويحتمل حمله على القيد به، ويحتمل بقاؤه على عمومه، وذكر فرد من أفراده لا يخصصه، وهو الأولى، فله الجمع تأخيرًا جد به السير أَوْ لا. (وتابعه) أي: حسينًا، في نسخة: "تابعه" بلا واو. (وحرب) وهو ابن شداد اليشكري. (عن يحيى) أي: القطان. (عن حفص) هو ابن عبيد. 14 - بَابٌ: هَلْ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ إِذَا جَمَعَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ؟ (باب: هو يؤذن) أي: للثانية. (أو يقيم) لها أو يجمع بينهما. (إذا جمع بين المغرب والعشاء) ويأتي مثل ذلك إذا جمع بين الظهر والعصر.

1109 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ، يُؤَخِّرُ صَلاةَ المَغْرِبِ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ العِشَاءِ" قَال سَالِمٌ: "وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ وَيُقِيمُ المَغْرِبَ، فَيُصَلِّيهَا ثَلاثًا، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ العِشَاءَ، فَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، وَلَا يُسَبِّحُ بَيْنَهُمَا بِرَكْعَةٍ، وَلَا بَعْدَ العِشَاءِ بِسَجْدَةٍ، حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ". [انظر: 1091 - مسلم: 703 - فتح: 2/ 581] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (إذا أعجله) أي: استحثه. (وكان عبد اللَّه) في نسخة: "وكان عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما". (ويقيم المغرب) أي: يقيم لها، يحتمل الإقامة وحدها وأن يريد ما يقام به الصلاة من أذان وإقامة. (ثم قلما يلبث) أي: ثم قل مدة لبثه، وذلك اللبث؛ لقضاء بعض حوائجه. (ولا يسبح بينهما بركعة) يعني: بركعتين. (ولا بعد العشاء بسجدة) يعني: بركعتين، وهو مع ما قبله من إطلاق الجزء على الكل. (حيث يقوم من جوف الليل) أي: يتهجده. 1110 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا حَرْبٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ"، يَعْنِي المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ. [انظر: 1108 - فتح: 2/ -581] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (إسحق) أي: ابن راهويه، أو ابن منصور الكوسج. (حدثنا) في نسخة: "أخبرنا". (عبد الصمد) أي: "ابن عبد الوارث" كما في نسخة. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (يعني: المغرب والعشاء) يحتمل جمع التقديم والتأخير.

15 - باب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس

قال الكرماني: ووجه مطابقة الحديثين للترجمة: أن الراوي لما لم يتعرض لترك الأذان والإقامة [كأنه أراد الصلاتين بأركانهما، وشروطهما، وسننهما من الأذان والإقامة] (¬1) وغيرهما (¬2)، ومرَّ الحديث آنفًا (¬3). 15 - بَابُ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إِلَى العَصْرِ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1107] (باب: يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس) أي: تميل، وذلك إذا فاء الفيء (فيه) أي: في تأخير الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس. 1111 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ الوَاسِطِيُّ، قَال: حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بْنُ فَضَالةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا زَاغَتْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ". [1112 - مسلم: 704 - فتح: 2/ 582] (حسان) أي: ابن عبد اللَّه بن سهل الكندي. (عن عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس) وإلى .. إلى آخره بقي ما إذا كان مرتحلًا في الوقتين، وحكمه: أن له أن يجمع على ما يراه من التقديم، ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 6/ 175. (¬3) سبق برقم (1108) كتاب: قصر الصلاة، باب: الجمع في السفر بين المغرب والعشاء.

16 - باب إذا ارتحل بعد ما زاغت الشمس صلى الظهر ثم ركب

أو التأخير، لكن الأفضل التأخير، للخروج من خلاف من خالف في التقديم. (وإذا زاغت) أي: قبل أن يرتحل. (صلى الظهر) أي: والعصر جمعًا. 16 - بَابُ إِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ مَا زَاغَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ (باب: إذا ارتحل بعدما زاغت الشمس صلى الظهر) أي: والعصر جمعًا، كما مرَّ (¬1) (ثم ركب) أي: ارتحل. 1112 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بْنُ فَضَالةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ". [انظر: 1111 - مسلم: 704 - فتح: 2/ 582] (كان رسول اللَّه) في نسخة: "كان النبي". (فإن زاغت) في نسخة: "وإذا زاغت". (صلى الظهر) أي: والعصر جمعًا، كما مرَّ. 17 - بَابُ صَلاةِ القَاعِدِ (باب: صلاة القاعد) متنفلًا ولو قادرًا ومفترضا عند العجز. 1113 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: "إِنَّمَا ¬

_ (¬1) انظر الحديث السابق.

جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا". [انظر: 688 - مسلم: 412 - فتح: 2/ 584] (قتيبة بن سعيد) لفظة: (ابن سعيد) ساقطة من نسخة. (شاك) بالتخفيف والتنوين أي: مريض يشكو انحراف مزاجه عن الاعتدال، وفي نسخة: "شاكي" بياء على غير الأصل. (فأشار إليهم أن اجلسوا) [منسوخ مع الحديث بصلاته في مرض موته جالسًا والناس خلفه قيامًا كما مرَّ في إنما] (¬1). جعل الإمام ليؤتم به. 1114 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَرَسٍ فَخُدِشَ - أَوْ فَجُحِشَ - شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى قَاعِدًا، فَصَلَّيْنَا قُعُودًا، وَقَال: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ". [انظر: 378 - مسلم: 411 - فتح: 2/ 584] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (ابن عيينة) هو سفيان. (عن أنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. (من فرس) في نسخة: "عن فرس". (فخدش أو فجحش شقه) أي: قشر جلد شقه، فمعنى اللفظين واحد، والشك من الراوي، (فقولوا: ربنا) في نسخة: "فقولوا: اللهم ربنا" (¬2). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) قال ابن عيثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": فيه دليل لفريق من العلماء بوجوب اتفاق صلاتي الإمام والماموم، فيصلي الظهر خلف من يصلي الظهر، ويصلي العصر خلف من يصلي العصر، =

1115 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَال: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَأَلَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، قَال: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ - وَكَانَ مَبْسُورًا - قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلاةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا، فَقَال: "إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَاعِدِ". [1116، 1117 - فتح: 2/ 584] (سألت نبي اللَّه - صلى الله عليه وسلم -) أي: عن صلاة الرجل قاعدًا، كما ذكره فيما بعده. (قال) أي: البخاري، وهو: ساقط من نسخة. (أخبرنا) في نسخة: "وحدثنا"، وفي أخرى: "وحدثني" وفي أخرى وزاد: "إسحق" أي: ابن راهويه، أو ابن منصور الكوسج. (عبد الصمد) هو ابن عبد الوارث بن سعيد. (ابن حصين) في نسخة: "الحصين". (وكان مبسورًا) أي: كان به بواسير، وهي عند الأطباء: نفاطات تحدث في المقعدة ينزل منها مادة. (قال: سألت) في نسخة: "أنه سأل". (ومن صلى) أي: نفلًا. (قاعدًا فله نصف أجر القائم). (ومن ¬

_ = ويصلي المغرب خلف من يصلي المغرب وهكذا. وخالف فريق فقال: لا يشترط فيجوز أن تصلي العصر خلف من يصلي الظهر أو الظهر خلف من يصلي العصر أو العصر خلف من يصلي العشاء؛ لأن الائتمام في هذه الحال لا يتأثر، وإذا جاز أن يصلي الفريضة خلف النافلة مع اختلاف الحكم، فكذلك اختلاف الاسم لا يضر، وهذا القول أصح.

18 - باب صلاة القاعد بالإيماء

صلى) أي: نفلًا مضطجعًا. (فله نصف أجر القاعد) محل كل من الأمرين في القادر، أما العاجز فلا ينقص ثوابه عن ثواب القائم والقاعد، ومحله أيضًا في غير النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن صلاته قاعدًا، أو مضجعًا لا ينقص أجرها عن صلاته قائما، أو قاعدًا مطلقًا، لخبر ورد فيه في مسلم وغيره (¬1) وقد عدَّ الشافعي ذلك من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -. 18 - بَابُ صَلاةِ القَاعِدِ بِالإِيمَاءِ (باب: صلاة القاعد بالإيماء) أي: عند العجز. 1116 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَال: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - وَكَانَ رَجُلًا مَبْسُورًا - وَقَال أَبُو مَعْمَرٍ مَرَّةً: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلاةِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَقَال: "مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَاعِدِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "نَائِمًا عِنْدِي مُضْطَجِعًا هَا هُنَا". [انظر: 1115 - فتح: 2/ 586] (وقال أبو معمر مرة عن عمران) بدل قوله: (أن عمران) وزاد في نسخة: "ابن حصين". و (من صلى قائمًا) أي: مضطجعا، كما مرَّ مع زيادة في الباب ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (735) كتاب: صلاة المسافرين، باب: جواز النافلة قائمًا أو قاعدًا. ورواه أبو داود (950) كتاب: الصلاة، باب: في صلاة القاعد. والنسائي 3/ 223 كتاب: قيام الليل وتطوع النهار، باب: فضل صلاة القائم على صلاة القاعد. وابن خزيمة 2/ 236 (1237) كتاب: الصلاة، باب: ذكر ما كان اللَّه عزَّ وجلَّ خص به نبيه.

19 - باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب

السابق أن مضطجعًا ذكر هنا في نسخة بلفظ: "قال أبو عبد اللَّه: قوله: نائمًا عندي" أي: مضطجعًا، وفي أخرى بلفظ: "قال أبو عبد اللَّه: نائما عندي مضطجعًا ها هنا" ومعناه: أن البخاري فسر نائمًا هنا بـ (مضطجعًا). ووجه مطابقته للترجمة: أن النائم لا يقدر على الإتيان بالأفعال، فلا بد فيه من الإشارة إليها، فالنوم بمعنًى: الاضطجاع كناية عن الإيماء إليها. 19 - بَابُ إِذَا لَمْ يُطِقْ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبٍ وَقَال عَطَاءٌ: "إِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى القِبْلَةِ، صَلَّى حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ". (باب: إذا لم يطق) أي: الصلاة (قاعدًا صلى على جنب) بحسب قدرته، والجنب الأيمن أفضل، ويكره على الأيسر بلا عذر. (عطاء) أي: ابن زياد. (إن لم يقدر) في نسخة: "إذا لم يقدر". ومطابقة الأثر للترجمة: من حيث أن العاجز عن أداء فرض ينتقل إلى فرض دونه، ولا يتركه، فدلالته على الترجمة قياسية، لا لفظية. 1117 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي الحُسَيْنُ المُكْتِبُ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاةِ، فَقَال: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ". [انظر: 1115 - فتح: 2/ 587] (عبدان) لقب له، واسمه: عبد اللَّه. (عن عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (الحسين) هو ابن ذكوان. (المكتب) بسكون الكاف وكسر الفوقية مخففة. وقيل: بفتح الكاف، وكسر الفوقية مشددة: من معلم

20 - باب إذا صلى قاعدا، ثم صح، أو وجد خفة، تمم ما بقي

الصبيان الكتابة. (عن الصلاة) أي: عن صلاة من به علة. (فإن لم تستطع فعلى جنب) زاد النسائي: "فإن لم يستطع فمستلقيا" وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح الروض" وغيره. 20 - بَابُ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا، ثُمَّ صَحَّ، أَوْ وَجَدَ خِفَّةً، تَمَّمَ مَا بَقِيَ وَقَال الحَسَنُ: "إِنْ شَاءَ المَرِيضُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا وَرَكْعَتَيْنِ قَاعِدًا". [فتح: 2/ 588] (باب: إذا صلى قاعدًا) أي: لمرض ثم صح (أو جد خفة) أي: في أثناء صلاته. (تمم) في نسخة: "يتم" وفي أخرى: "يتمم". (ما بقي) أي: بنى، ولم يستأنف، والمراد: تمم قائمًا وجوبًا في الفرض، وندبًا في النفل. (وقال الحسن) أي: البصري. (إن شاء المريض صلى ركعتين قائمًا، وركعتين قاعدًا) أي: وإن شاء صلى الأربع قاعدًا، أو قائمًا بتجشمه للمشقة، أو واحد قائمًا وثلاثًا قاعدًا، أو بالعكس؛ إذا الفرض أنه مريض في الأربع. 1118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا "لَمْ تَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلاةَ اللَّيْلِ قَاعِدًا قَطُّ حَتَّى أَسَنَّ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا، حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ، فَقَرَأَ نَحْوًا مِنْ ثَلاثِينَ آيَةً - أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً - ثُمَّ رَكَعَ". [1119، 1148، 4837 - مسلم: 731 - فتح: 2/ 589] (حتى أسن) أي: كبر سنه. (نحوًا من ثلاثين آية) لفظ: (آية) ساقطة من نسخة. (ثم يركع) في نسخة: "ثم ركع".

1119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، وَأَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا، فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ - أَوْ أَرْبَعِينَ - آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ يَرْكَعُ، ثُمَّ سَجَدَ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَضَى صَلاتَهُ نَظَرَ: فَإِنْ كُنْتُ يَقْظَى تَحَدَّثَ مَعِي، وَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعَ". [انظر: 1118 - مسلم: 731 - فتح: 2/ 589] (ابن يزيد) من الزيادة. (وأبي النضر) هو سالم بن أبي أمية. (فإذا بقى من قراءته نحو) برفع (نحو) على الفاعلية، وبنصبه حالًا من فاعل (بقي) الآتي بيانه، أو مفعولًا (بقراءته) على زيادته (من)، أو على أصالتها بجعل (من قراءته) صفة لفاعل (بقي) أي: بقي شيءٌ من قراءته نحوًا (من ثلاثين) زاد في نسخة: "آية". (ثم يركع) في نسخة: "ثم ركع". وفي الحديث: جواز القعود أثناء صلاة النافلة لمن افتتحها قائمًا، ومن افتتح صلاته مضطجعًا ثم استطاع الجلوس، أو القيام أتمها على ما أدت إليه حاله.

19 - كتاب التهجد

19 - كتاب التهجد

1 - باب التهجد بالليل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 19 - كِتَابُ التَّهَجُّدِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. 1 - باب التَّهَجُّدِ بِاللَّيلِ. بَابُ التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79]. (باب: التهجد بالليل) [في نسخة: "من الليل"، وفي أخرى: "كتاب: التهجد بالليل"] (¬1) والتهجد: التيقظ من النوم بالليل أي: ترك الهجود: وهو النوم، والمراد: التنفل بالصلاة في الليل بعد النوم. (وقوله) بالجر عطفٌ على التهجد، وبالرفع استئناف ({فَتَهَجَّدْ بِهِ}) أي: فأترك الهجود بالصلاة، والمراد: فصلِ بالليل ({نَافِلَةً}) بالقرآن، وإليه أشار في نسخة بقوله: "أي أسهر به" أي: بالقرآن في صلاتك. 1120 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَال: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ ¬

_ (¬1) من (م).

لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ - أَوْ: لَا إِلَهَ غَيْرُكَ - " قَال سُفْيَانُ: وَزَادَ عَبْدُ الكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ: "وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ"، قَال سُفْيَانُ: قَال سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ: سَمِعَهُ مِنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [6317، 6385، 7442، 7499 - مسلم: 769 - فتح: 3/ 3] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن طاوس) أي: ابن كيسان. (إذا قام من الليل يتهجد) أي: ليتهجد. (قال: اللهم لك الحمد) جواب إذا، والجملة الشرطية خبر كان، وفي تقديم لك الحمد هنا، وفيما يأتي إفادة التخصيص. (أنت) ساقط من نسخة. (قيم) القيم والقيام والقيوم معناها: وهو القائم بتدبير الخلق. (أنت نور) في نسخة: "أنت نور السموات والأرض" منورهما بالشمس والقمر (¬1)، أو ¬

_ (¬1) للعلماء في تفسير اسمه سبحانه وتعالى (النور) أقوال كثيرة، وغالبها صحيح إذا لم يُنْكر المعنى الأصلي وهو أن اللَّه نور، فلا شك فأنه سبحانه وتعالى منور السموات والأرض بالشمس والقمر كما ذكر المصنف، وكذا من قال معناه أن اللَّه هادي أهل السموات والأرض، أما القول بعدم جواز ذلك على اللَّه تعالى فهذا من التأويل المذموم، فهو سبحانه {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} ... الآية، وقوله تعالى {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} وفي الحديث "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما أدركه بَصَره من خلقه" رواه مسلم (179). =

منزه في السموات والأرض عن كلِّ عيب من قول العرب: امرأة منورة، أي: مبرأة من كل ريبة، وزاد في نسخة: "ومن فيهن". (ولك الحمد) ذكر الحمد؛ اهتمامًا بشأنه، وليناط به كل مرة معنى آخر (أنت ملك) بفتح الميم، وكسر اللام، وفي نسخة: "لك ملك" بضم الميم، وسكون اللام، والأول أنسب بالسياق. (أنت الحق) أي: واجب الوجود من حق الشيء: ثبت ووجب، وهذا الوصف لله بالحقيقة، لا ينبغي لغيره؛ إذ وجوده بذاته لم يسبقه عدم، ولا يلحقه عدم، وما عداه بخلاف ذلك، وأما إطلاقه على ما ذكره بقوله: "ووعدك الحق ... إلخ" فلأنه كائن بإخباره تعالى فيجب أن يصدق به، وحكمة التعبير به في ذلك: التأكيد والتفخيم له، والمعطوفات على (أنت الحق) مغايرة له، وإمَّا هي بنسبة بعضها إلى بعض، فبعضها من ذكر الخاص بعد العام، وبعضها بالعكس. واستشكل في تعريف الحق في (أنت الحق ووعدك الحق) مع تنكيره في البقية. وأجيب: بأنه عرف الأولان للحصر أنه مختص بالله بالحق حقيقة وبإنجاز الوعد، بخلاف غيرهما، وأورد عليه أن قوله: (وقولك حق) مُنكَّر مع أن قوله تعالى، كوعده فيما ذكر فيه، ويجاب: بأن المراد بالوعد: مدلوله، وهو لا يتغير بنَسْخ، أو غيره، وبالقول: الأخبار وهو يتغير بالنسخ؛ ولهذا قال الأصوليون: يجوز نسخ الأخبار بشيء بالأخبار بنقيضه، لا نسخ مدلول الخبر. (أسلمت) أي: انقدت ¬

_ = وانظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 6/ 374 - 396 وفيه كلام نفيس.

2 - باب فضل قيام الليل

لأمرك ونهيك. (وعليك توكلت) أي: فوضت أمري إليك قاطعًا من نظري عن الأسباب العادية. (وإليك أنبت) أي: رجعت إليك مقبلا بقلبي عليك. (وبك خاصمت) أي: وبما آتيتني من البراهين والحجج خاصمت من خاصمني من المعاندين (وإليك حاكمت) أي: رفعت إليك من يجحد الحق، وجعلتك الحاكم بيني وبينه. وقدم صلات الأفعال المذكورة عليها؛ لإفادة الحصر. (فاغفر لي ما قدمت ... إلخ) قاله؛ تواضعًا، وإجلالًا للَّه تعالى، وتعليمًا للأمة، وإلا فهو معصوم مما يغفر. (أنت المقدم) أي: لي في البعث في الآخرة (وأنت المؤخر) أي: لي في البعث في الدنيا. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عبد الكريم أبو أمية) هو ابن أبي المخارق البصري. (قال سليمان) في نسخة: "قال علي بن خشرم". (قال سفيان: سمعه) في نسخة: "سمعته". ولا يخفى ما اشتمل عليه الحديث من جوامع الكلم، إذ لفظ: (القيوم) إشارة إلى أن وجود الجواهر وقوامها منه، و (النور) إلى أن الأعراض منه، و (الملك) على أنه حاكم فيها إيجادًا وإعدامًا. 2 - بَابُ فَضْلِ قِيَامِ اللَّيْلِ (باب: فضل قيام الليل) أي: فضل صلاة النفل المطلق فيه على النفل المطلق في النهار، وعلى ذلك حمل خبر مسلم (¬1): "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" وإلا فأفضل النفل عند الشافعية صلاة ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1163) كتاب: الصيام، باب: فضل صوم المحرم.

العيد، ثم الكسوف، ثم الخسوف، ثم الوتر، ثم ركعتي الوتر، ثم بقية الرواتب: وهي ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، ثم التراويح، ثم الضحى، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح البهجة" وغيره. 1121 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، ح وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا، فَأَقُصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ غُلامًا شَابًّا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي المَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي، فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْويَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ وَإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، قَال: فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ فَقَال لِي: لَمْ تُرَعْ،. [انظر: 440 - مسلم: 2479 - فتح: 3/ 6] (هشام) هو ابن يوسف الصنعاني. (محمود) ابن غيلان. (عبد الرازق) أي: ابن همام. (أن سالم) أي: ابن عبد اللَّه بن عمر. (رؤيا) بلا تنوين، وهي غالبًا تختص بالمنام، كما أن الرائي يختص بالقلب، والرؤية بالعين. (أن أرى) في نسخة: "أني أُرى". (فأقصها) أي: فأخبر بها، وفي نسخة: "أقصها" بلا فاء. (على عهد رسول اللَّه) في نسخة: "على عهد النبي". (مطوية) أي: مبنية الجوانب، فإن لم تطو، فهي القليب. (قرنان) أي: جانبان. (لم ترع) بالبناء للمفعول أي: لم تخف، والمعنى: لا خوف عليك بعد هذا. 1122 - فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ" فَكَانَ بَعْدُ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إلا

3 - باب طول السجود في قيام الليل

قَلِيلًا. [1157، 3739، 3741، 7016، 7031 - مسلم: 2479 - فتح: 3/ 6] (لو كان يصلي من الليل) لو: للشرط، وجوابها محذوف أي: لكان خيرًا له، أو للتمني، فلا جواب لها. (فكان) في نسخة: "وكان" بالواو، وإنما فسر - صلى الله عليه وسلم - رؤيا ابن عمر - رضي الله عنه -؛ لأنه لم ير شيئًا يغفل عنه من الفرائض فيذكر بالنار، وعلم مكثه في المسجد فعبر عن ذلك؛ لأنه منبه [على قيام الليل فيه. وفي الحديث: إن قيام الليل ينجي من] النار (¬1)، وتمني الخير؛ لأن الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة. 3 - بَابُ طُولِ السُّجُودِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ (باب: طول السجود في قيام الليل) أي: بالدعاء والتضرع إلى اللَّه تعالى فيه. 1123 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلاتَهُ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً، قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ المُنَادِي لِلصَّلاةِ". [انظر: 619 - مسلم: 736 - فتح: 3/ 7] (أخبرنا شعيب) أي: ابن أبي حمزة وفي نسخة: "حدثنا شعيب". (قال: أخبرني) في نسخة: "قال حدثني". (كانت تلك) أي: الإحدى عشرة. (صلاته) أي: بالليل بعد راحة العشاء، فأكثر الوتر: إحدى عشرة. (يسجد السجدة) (ال) فيها للجنس، فيشمل الإحدى عشرة، ¬

_ (¬1) من (م).

4 - باب ترك القيام للمريض

والتاء فيها لا تنافي ذلك، والمعنى: فيسجد سجدات تلك الركعات طويلة. (قدر) بنصبه بنزع الخافض أي: بقدر، أو بجعله وصفًا لمصدر محذوف أي: سجودًا قدر. (ثم يضطجع على شقه الأيمن) للاستراحة من مجاهدة التهجد. 4 - بَابُ تَرْكِ القِيَامِ لِلْمَرِيضِ (باب: ترك القيام للمريض) [أي: قيام الليلِ] (¬1). 1124 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال: سَمِعْتُ جُنْدَبًا، يَقُولُ: "اشْتَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ". [1125، 4950، 4951، 4983 - مسلم: 1797 - فتح: 3/ 8] (سفيان) أي: الثوري. (جندبًا) بفتح الدال وضمها أي: ابن عبد اللَّه البجلي. (اشتكى النبي) أي: في مرض. (فلم يقم) أي: للصلاة. 1125 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَال: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "احْتَبَسَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فَقَالتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ: أَبْطَأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ، فَنَزَلَتْ: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 2]. [انظر: 1124 - مسلم: 1797 - فتح: 3/ 8] (سفيان) أي: الثوري. (على النبي) في نسخة: "عن النبي". (فقالت امرأة) هي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان، امرأة أبي لهب حمالة الحطب، -كما رواه الحاكم عن زيد بن أرقم (¬2) -. ({وَاللَّيْلِ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "المستدرك" 2/ 526، كتاب: التفسير، تفسير سورة الضحى.

5 - باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب

{إِذَا سَجَى (2)}) أي: أقبل بظلامه. ({مَا وَدَّعَكَ}) جواب القسم، أي: ما قطعك. ({وَمَا قَلَى}) أي: وما قلاك: أبغضك. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أنه تتمة الحديث الأول وسيأتي في التفسير، في سورة الضحى في جمعهما في حديث واحد. 5 - بَابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَلاةِ اللَّيْلِ وَالنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ وَطَرَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا عَلَيْهِمَا السَّلامُ لَيْلَةً لِلصَّلاةِ. (باب: تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل) في نسخة: "على قيام الليل". (والنوافل) أي: وعلى الإتيان بها ليلا. (من غير إيجاب) أي: إيضاح لما قبله، وعطف النوافل على ما قبلها عطف تفسير على النسخة الأولى، ومن عطف الخاص على العام على الثانية؛ [لأن قيام الليل يشمل الصلاة، والقراءة والذكر وغيرها] (¬1). (وطرق النبي) أي: أتى ليلًا، فقوله: (ليلة) تأكيد للصلاة أي: للتحريض على القيام لها. 1126 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً، فَقَال: "سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتْنَةِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الخَزَائِنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ؟ يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ". [انظر: 115 - فتح: 3/ 10] (ابن مقاتل) في نسخة: "محمد بن مقاتل". (حدثنا عبد اللَّه) أي: ¬

_ (¬1) من (م).

ابن المبارك، وفي نسخة: "أخبرنا عبد اللَّه". (معمر) أي: ابن راشد. (فقال: سبحان اللَّه) قاله تعجبًا. (ماذا أنزل ... إلخ). [كالبيان لسابقه؛ لأن ما استفهامية متضمنة للتعجب. (من الفتن) في نسخة: "من الفتنة" أي الجزئية، كفتنة الرجل في أهله وماله، المأخوذ ذلك من خبر: "فتنة الرجل في أهله وماله تكفرها الصلاة والصيام والصدقة"] (¬1) (ماذا أنزل) في نسخة: "ماذا نزل". (من الخزائن) أي: خزائن الأعطية، والمراد بها: الرحمة، وعبَّر عنها بالخزائن؛ لكثرتها، وبالفتن: العذاب، وعبر عنه بالفتن؛ لأنها أسبابه. (يا رُب) المنادى محذوف، أي: يا قوم رب (كاسية) من أنواع ثياب الدنيا. (عارية) بالجر؛ صفة لكاسية، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف أي: هي عارية من أنواع ثياب الآخرة، وهو وإن ورد على أزواجه - صلى الله عليه وسلم - فالعبرة بعموم اللفظ. وفي الحديث: إعلامه - صلى الله عليه وسلم - أنه يفتح من الخزائن لأمته، وأن الفتن مقرونة بها، وأن الصلاة تنجي من شر الفتن، وتعصم من المحن. 1127 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ لَيْلَةً، فَقَال: "أَلا تُصَلِّيَانِ؟ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]. (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة ¬

_ (¬1) من (م).

[(علي بن حسين) هو المشهور بزين العابدين. (بيد اللَّه) أي: بقدرته] (¬1). (أن يبعثنا) أي: يوقظنا. (حين قلنا) في نسخة: "حين قلت". (ولم يرجع) بفتح الياء. (إلى شيئًا) أي: ولم يجبني بشيء (يضرب فخذه) أي: تعجبًا من سرعة جواب عليّ، وعدم موافقته له على الاعتذار. 1128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ العَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا". [1177 - مسلم: 718 - فتح: 3/ 10] (إن كان) أن: مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن محذوف. (ليدع العمل) أي: ليتركه. (خشية) تعليل ليدع العمل (فيفرض) بالنصب عطفٌ على. (يعمل) (ما سبح رسول اللَّه ... إلخ) هذا من عائشة إخبار بما رأت، ورتبت عليه قولها. (وإني لأسبحها) في نسخة: "وإني لأستحبها" لكن قد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى يوم الفتح (¬2)، وأوصى بها أبوي ذر وهريرة (¬3)، بل عدَّها العلماء من الواجبات الخاصة به. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) رواه مسلم (336) كتاب: الحيض، باب: تستر المغتسل بثوب ونحوه. وعبد الرزاق 3/ 75 (4857) كتاب: الصلاة، باب: الضحى. وأبو نعيم في "المستخرج" 1/ 384 (760) كتاب: الطهارة، باب: ما ذكر في التعري والتجرد. (¬3) رواه مسلم (720) كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى. وأبو داود (1285) كتاب: الصلاة، باب: صلاة الضحى. والنسائي في "الكبرى" 2/ 133 (2715) كتاب: الصيام، باب: صوم ثلاثة أيام من الشهر.

1129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَو الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَال: "قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ". [انظر: 729 - مسلم: 761، 782 - فتح: 3/ 10] (من القابلة) في نسخة: "من القابل". (من الليلة الثالثة أو الرابعة) الشك وقع في رواية مالك عن ابن شهاب، ورواه مسلم من رواية يونس عن ابن شهاب بلا شك، بلفظ: كثر أهل المسجد في الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله (¬1). (قد رأيت الذين صنعتم) أي: من حرصكم على الصلاة التراويح. (وذلك) أي ما ذكر في رمضان أي: كان فيه، واستشكل قوله: (إني خشيت أن تفرض عليكم) مع قوله في خبر الإسراء: (هن خمس وهن خمسون) (¬2). ({مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ}) إذ كيف يخاف الزيادة مع هذا الخبر؟ وأجيب: باحتمال أن يكون المخوف افتراض قيام الليل جماعة في المسجد، أو يكون المخوف افتراض قيام [الليل على الكفاية لا على الأعيان، فلا يكون ذلك زائدًا على الخمس] (¬3)، أو يكون ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (761) كتاب: صلاة المسافرين، باب: الترغيب في قيام رمضان. (¬2) رواه مسلم (163) كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) من (م).

6 - باب: قيام النبي صلى الله عليه وسلم الليل حتى ترم قدماه

المخوف افتراض قيام رمضان خاصَّة، كما مرَّ أن ذلك كان في رمضان. 6 - بَابُ: قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّيْلَ حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ وَقَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "كَانَ يَقُومُ حَتَّى تَفَطَّرَ قَدَمَاهُ" وَالفُطُورُ: الشُّقُوقُ {انْفَطَرَتْ} [الانفطار: 1]: انْشَقَّتْ". (باب: قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ترم قدماه) في نسخة: بفتح تاء (ترم) وكسر رائه من الورم، فالتاء بدل من الواو وهو منصوب، ويجوز رفعه وزاد في نسخة قبل حتى: "الليل" ولفظ: (حتى ترم) ساقط من نسخة. (حتى تفطر) في نسخة: "قام حتى تفطر" وفي أخرى: "قام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تتفطر". 1130 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ المُغِيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ - أَوْ سَاقَاهُ - فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ: "أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا". [4836، 6471 - مسلم: 2819 - فتح: 3/ 14] (مسعر) بكسر الميم أي: ابن كدام العامري. (عن زياد) أي: ابن علاقة الثعلبي. (أن كان) أن مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن. (ليصلي) بكسر اللام، وفي نسخة: "يصلي" وفي أخرى: "أو ليصلي" بفتح اللام على الشك فيصلي على الأولى؛ منصوب، وعلى الأخيرين؛ مرفوع تقديرًا. (أو ساقاه) شك من الراوي (فيقال له) أي: غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. (أفلا أكون عبدًا شكورًا) سبب عن محذوف أي: أأترك تهجدي بما غفر لي، فلا أكون عبدًا شكورًا. يعني: المغفرة سبب للتهجد شكرًا، فكيف أتركه؟ وتخصيص العبد بالذكر مشعر بغاية الإكرام والقرب من اللَّه تعالى، ومن ثم وصفه به في مقام الإسراء.

7 - باب من نام عند السحر

7 - بَابُ مَنْ نَامَ عِنْدَ السَّحَرِ (باب: من نام عند السحر) هو قبيل الصبح، وفي نسخة: "عند السحور" بفتح السين على المشهور، وهو ما يتسحر به، ولا يكون غالبا إلا قبيل الصبح أيضًا. 1131 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَهُ: "أَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا". [1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277 - مسلم: 1159 - فتح: 3/ 16] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أحب الصلاة) أي: أكثر ما يكون محبوبًا، واستعمال أحب بمعنى: محبوب قليل؛ لأن الأكثر في أفعل التفضيل أن يكون من فعل الفاعل، ونسبة المحبة في الصلاة والصيام إلى اللَّه تعالى على معنى إرادة الخير لفاعلها. (ويقوم ثلثه) هو الوقت الذي ينادي فيه الرب هل من سائل، هل من مستغفر. (وينام سدسه) أي: يستريح من نصب القيام، وإنما كان ما ذكر أحب إلى اللَّه تعالى؛ لأنه أخذ بالرفق على النفوس التي يخشى منها السآمة، التي هي سبب ترك العبادة، والله يحب أن يوالي فضله ويديم إحسانه. 1132 - حَدَّثَنِي عَبْدَانُ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَشْعَثَ، سَمِعْتُ أَبِي، قَال: سَمِعْتُ مَسْرُوقًا، قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَيُّ العَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالتْ: "الدَّائِمُ"، قُلْتُ: مَتَى كَانَ يَقُومُ؟ قَالتْ: "كَانَ يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ".

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَال: أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَشْعَثِ، قَال: "إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ قَامَ فَصَلَّى". [6461، 6462 - مسلم: 741 - فتح: 3/ 16] (حدثني عبدان) في نسخة: "حدثنا عبدان" وهو لقب له، واسمه: عبد اللَّه كما مرَّ. (أبي) هو عثمان بن جبلة. (شعبة) أي ابن الحجاج. (أشعث) بمثلثة. (سمعت أبي) هو أبو الشعثاء سليم بن أسود المحاربي. (مسروقًا) أي: ابن الأجدع. (إلى النبي) في نسخة: "إلى رسول اللَّه". (الدائم) أي: الدوام العرْفي، لا شمول الأزمنة؛ لأنه لا يطاق. (قالت: يقوم) في نسخة: (قالت: كان يقوم). (الصارخ) هو الديك؛ لأنه يكثر الصياح بالليل، قيل: وأول ما يصيح نصف الليل. وفيه: أن الاقتصاد على العبادة خير من التعمق فيها؛ لأنه لا يؤدي إلى الترك. (محمد بن سلام) بتخفيف اللام، ولفظ: (ابن سلام) ساقط من نسخة. (أبو الأحوص) هو سلام بن سليم الكوفي. (قام صلى) أفادت هذه الرواية ما كان يصنع إذا قام وهو قوله: (قام فصلى) بخلاف الرواية السابقة. 1133 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَال: ذَكَرَ أَبِي، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إلا نَائِمًا" تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 742 - فتح: 3/ 16] (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (ما ألفاه) بالفاء أي: وجده. (السحر) بالرفع فاعل ألفاه. (إلا نائمًا) أي: بعد القيام الذي أوله عند سماع الصارخ، والظاهر أن المراد

8 - باب من تسحر فلم ينم حتى صلى الصبح

بالنوم: حقيقته، وهو نوم داود، وقيل: المراد به: الاضطجاع؛ لقول عائشة في حديث آخر: فإن كنت يقظانة حدثني، وإلا اضطجع (¬1) وقيل: كان نومه حقيقة في الليالي الطوال وفي غير رمضان، دون القصار ورمضان. (تعني: النبي) فسرت به عائشة الضمير المنصوب في الفاء، وقد جاء ظاهرًا في رواية بلفظ: ألفي النبي (¬2) وفي أخرى: ألفي رسول اللَّه (¬3). 8 - بَابُ مَنْ تَسَحَّرَ فَلَمْ يَنَمْ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ (باب: من تسحر فلم ينم حتى صلَّى الصبح) في نسخة: "ولم ينم" بواو، وفي أخرى: "من تسحر ثم قام إلى الصلاة". 1134 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَسَحَّرَا، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا، قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلاةِ، فَصَلَّى"، فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلاةِ؟ قَال: كَقَدْرِ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً. [انظر: 576 - فتح: 3/ 18] (روح) بفتح الراء أي: ابن عبادة. (سعيد) أي: "ابن أبي عروبة" كما في نسخة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (626) كتاب: الأذان، باب: من انتظر الإقامة. (¬2) رواه الحميدي في "مسنده" 1/ 252 (189). وأبو يعلى 8/ 251 (479) والبيهقي 3/ 3 (4657) كتاب: الصلاة، باب: الترغيب في قيام جوف الليل الآخر. (¬3) رواه مسلم (742) كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم -.

9 - باب طول القيام في صلاة الليل

(من سحورهما) [بفتح السين على المشهور ما يتسحر به كما مرَّ. (إلى الصلاة) أي: صلاة الصبح. (قلنا) في نسخة: فقلنا. (بين فراغهما من سحورهما] (¬1) بضم السين هنا على المشهور؛ لأن المراد الفعل، ومرَّ شرح الحديث في باب: وقت الفجر (¬2). 9 - بَابُ طُولِ القِيَامِ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ (باب: طول القيام في صلاة الليل) لفظ: (طول): ساقط من نسخة، وفي أخرى: "باب: طول الصلاة في قيام الليل". 1135 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ"، قُلْنَا: وَمَا هَمَمْتَ؟ قَال: هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 773 - فتح: 3/ 19] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (هممت) أي: قصدت. (بأمر سوء) بفتح السين ومع الإضافة، أو مع التنوين بجعل (سوء) صفة. (وما هممت) في نسخة: "ما هممت" بلا واو. (هممت أن أقعد) أي: طول قيامه. (وأذر النبي) أي: وأتركه، لعجزي عن القيام، وإنما جعله سوء مع أن القعود في النفل جائز؛ لأن فيه ترك الأدب معه - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (576) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت الفجر.

10 - باب: كيف كان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ وكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل؟

1136 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ". [انظر: 245 - مسلم: 255 - فتح: 3/ 19] (حصين) بالتصغير أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (يشوص فاه) أي: يدلكه كما مرَّ (¬1)، ووجه ذكر هذا في الباب أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا كان لا يخل بالسواك الذي هو سنة، فلا يخل بطول القيام الذي هو آكد منه. 10 - بَابٌ: كَيْفَ كَانَ صَلاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَكَمْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ؟ (باب: كيف كان صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكم كان النبي يصلي من الليل) في نسخة: "بالليل"، و (كان) الأولى ساقطة، وفي أخرى: "باب: كيف صلاة الليل، وكيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل". 1137 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: إِنَّ رَجُلًا قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ صَلاةُ اللَّيْلِ؟ قَال: "مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ، فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ". [انظر: 472 - مسلم: 749 - فتح: 3/ 20] (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أن رجلا) زاد أبو داود: "من أهل البادية". (مثنى مثنى) أي: اثنين اثنين، ففيه: تكرير وتأكيد. (فأوتر ¬

_ (¬1) سبق برقم (245) كتاب: الوضوء، باب: السواك.

بواحدة) فيه: الاكتفاء في الوتر بركعة، قال النووي: وهو مذهب الجمهور (¬1). 1138 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَتْ صَلاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً" يَعْنِي بِاللَّيْلِ. [مسلم: 764 - فتح: 3/ 20] (يحيى) أي: القطان. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (أبو جمرة) بجيم: هو نصر بن عمران الضبعي. (كان صلاة النبي) في نسخة: "كانت صلاة النبي". (ثلاث عشرة ركعة) أي: يسلم بين كل ركعتين، ومرَّ شرح الحديث في أول أبواب: الوتر (¬2). 1139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَال: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ؟ فَقَالتْ: "سَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، سِوَى رَكْعَتِي الفَجْرِ". [فتح: 3/ 20] (حدثنا إسحق) في نسخة: "حدثني إسحق بن راهويه". (حدثنا عبيد اللَّه) أي: "ابن موسى"، كما في نسخة، وفي أخرى: "أخبرني عبيد اللَّه" (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحق السبيعي. (أبي حصين) بفتح الحاء أي: ابن عثمان بن عاصم الأسدي. (عن يحيى بن وثاب) بمثلثة مشددة. (فقالت سبع وتسع وإحدى عشرة) أي: وقعت منه متفرقة في أوقات ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 6/ 19. (¬2) سبق برقم (992) كتاب: الوتر، باب: ما جاء في الوتر.

11 - باب قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل ونومه، وما نسخ من قيام الليل

مختلفة بحسب اتساع الوقت وضيقه، أو عذر من مرضٍ وغيره. 1140 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الفَجْرِ» [1147 - مسلم: 738 - فتح: 3/ 20] (حنظلة) أي ابن أبي سفيات الأسود بن عبد الرحمن. (عن القاسم بن محمد) أي: ابن أبي بكر الصديق. (وركعتا الفجر) في نسخة: "وركعتي الفجر" بالنصب على أنه مفعول معه 11 - باب قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل ونومه، وما نسخ من قيام الليل وَقَوْلُهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إلا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ، وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا، إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 2]. (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وطَاءً وَأَقْوَمُ قِيلًا) {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَويلًا} [المزمل: 7] وَقَوْلُهُ: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ، عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا، وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "نَشَأَ: قَامَ بِالحَبَشِيَّةِ {(وطَاءً)} قَال: مُوَاطَأَةَ القُرْآنِ، أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَقَلْبِهِ،

{لِيُوَاطِئُوا}: لِيُوَافِقُوا". [فتح: 3/ 21] (باب: قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - ونومه) في نسخة: "من نومه". (وما نسخ من قيام الليل) هو مع ما بعده عطف على (قيام النبي). ({الْمُزَّمِّلُ}) الملتف في ثيابه، وأصله: المتزمل، قلبت التاء زايًا، وأدغمت في الأخرى. ({إلا قَلِيلًا}) أي: من الليل. ({نِصْفَهُ}) بدل من ({قَلِيلًا}) وقلته بالنظر إلى الكل. ({انْقُصْ مِنْهُ}) أي: من النصف. ({قَلِيلًا}) إلى الثلث. ({أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}) إلى الثلثين. و (أو) فيما ذكر للتخيير أي: بين النصف وبين كلٍّ من تاليه. ({إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}) هي القيام بعد النوم. (وطاء) بكسر الواو وفتح الطاء والمد، في قراءة، وبفتح الواو وسكون الطاء بلا مد في أخرى أي: قيامًا. {وَأَقْوَمُ قِيلًا} أي: أبين قولًا، وقوله: بالجر عطف على قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا. ({عَلِمَ أَنْ}) هي مخففة من الثقيلة أي: أنه. ({لَنْ تُحْصُوهُ}) أي: الليل؛ لتقوموا فيما يجب القيام فيه، إلا بقيام جميعه، وذلك مشق عليكم. ({فَتَابَ عَلَيْكُمْ}) أي: رجع إلى التخفيف. ({مِنَ الْقُرْآنِ}) أي: في الصلاة بأن تصلوا بما تيسر. ({وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ}) أي: يسافرون فيها. ({وَأَعْظَمَ أَجْرًا}) زاد في نسخة: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ". (قال ابن عباس) زاد قبله في نسخة: "قال أبو عبد اللَّه" أي: البخاري. (نشأ) مهموز، ومعناه (قام بالحبشية) أي: بلسان الحبشة، وإنما دخل في القرآن مع أنه عربي؛ لأنه صار بالتعريف عربيًّا، أو أن القليل لا يخرج القرآن عن أن يكون عربيًّا، ومن يمنع من وقوع غير

العربي يقول أنه من توافق الوضعين. (وطاءً قال:) يعني البخاري: أي: (مواطأة القرآن) في نسخة: "مواطأة للقرآن". (أشد) بالنصب؛ حال أو صفة، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هي أشد (موافقة لسمعه) أي: لسمع النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ولبصره وقلبه) أيضًا ثم ذكر ما يؤيد هذا التفسير فقال: في قوله تعالى في سورة براءة ({لِيُوَاطِئُوا}) معناه: (ليوافقوا) أي: بتحليل شهر وتحريم آخر بدله. {عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} من الأشهر. 1141 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لَا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إلا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إلا رَأَيْتَهُ" تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ، وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ حُمَيْدٍ. [1972، 1973، 3561 - فتح: 3/ 22] (أنسًا) في نسخة: "أنس بن مالك". (أن لا يصوم منه) أي: "شيئًا" كما في نسخة. (لا تشاء أن تراه ... إلخ) أي: ما أردنا منه شيئًا، إلا وجدناه عليه. وفيه: أن صلاته ونومه كانا مختلفين بالليل، ولا يؤقت لهما وقتًا معينًا، بل يكونان بحسب ما تيسر له من القيام، ولا ينافيه قول عائشة: كان إذا سمع الصارخ قام لأن قولها لا يدل على الحصر، ولو سلم فكل من أنس وعائشة أخبر بما اطلع عليه. (تابعه) أي: محمد بن جعفر. (سليمان) هو ابن بلال. (وأبو خالد) هو سليمان بن حيان بمثناة تحتية. (عن حميد) أي: الطويل.

12 - باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل

12 - بَابُ عَقْدِ الشَّيْطَانِ عَلَى قَافِيَةِ الرَّأْسِ إِذَا لَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ (باب: عقد الشيطان على قافية الرأس إن لم يصل بالليل) قافية الرأس: قفاه: وهو مؤخر العنق، وقافية كل شيء: مؤخره، وخصَّ القفا بذلك؛ لكونه عند الحكماء محل الوهامة ومحل تصرفها، وهو أطوع القوى للشيطان وأسرعها إجابة لدعوته. 1142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ". (يعقد الشيطان) أي: إبليس، أو أحد أعوانه. (على قافية رأس أحدكم ... إلخ) قال شيخنا: ظاهره: العموم في المخاطبين ومن في معناهم قال: ويمكن أن يخص منه من صلى العشاء في جماعة، ومن ورد في حقه أنه يحفظ من الشيطان، كالأنبياء ومن يشمله قوله تعالى {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} ومن قرأ آية الكرسي عند نومه، فقد ثبت أنه يحفظ من الشيطان حتى يصبح (¬1). ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 24، 25. وهنا رواه الترمذي (2879) كتاب: فضائل القرآن، باب: ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي. وقال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل العلم في عبد الرحمن بن أبي مليكة المليكي من قبل حفظه. وقال الألباني في "ضعيف الترمذي": ضعيف.

(نام) في نسخة: "نائم" (ثلاث عقد). العقد: قيل: حقيقة، فيكون من باب: عقد السواحر النفاثات في العقد، وذلك بأن يأخذن خيطًا، فيعقدن عليه عقدًا منه، ويتكلمن عليها بالسحر حينئذ، لمرضٍ، أو تحريك قلب، أو نحوه، وقيل: مجاز كأنه شبه فعل الشيطان في النائم بفعل الساحر في المسحور، بجامع أن فعل كل منهما يترتب عليه محذور، وخصص العقد بالثلاث؛ للتأكيد، أو لأنه يريد أن يقطعه عن ثلاثة أشياء: الذكر، والوضوء، والصلاة. (يضرب) أي: بيده. (على كل عقدة) في نسخة: "على مكان كل عقدة". (عليك ليل طويل) تفسير لمعنى العقد، ومقول لقول محذوف، أي: قائلا ذلك، كأنه يقوله للنائم إذا أراد الاستيقاظ. (فإن توضأ) ذكر الوضوء جري على الغالب، ومثله التيمم عند جوازه (فإن صلى انحلت عقدة) بالإفراد، وفي نسخة: "عقده" بالجمع والإضافة. (فأصبح نشيطًا) أي: لسروره؛ لما وفقه اللَّه له من الطاعة، وما زال عنه من عقد الشيطان. (طيب النفس) أي: لما بارك اللَّه في نفسه من هذا التصرف الحسن، ولما زال عنه من عقد الشيطان. (وإلا أصبح خبيث النفس) أي: بتركه ما كان اعتاده، أو نواه من فعل الخير، ولا ينافي هذا خبر: "لا يقولن أحدٌ خبثت نفسي" لأن النهي إنما هو لمن يضيف ذلك إيا نفسه، و (ما) هنا ذم لفعله. (كسلان) أي: لبقاء أثر تثبيط الشيطان عليه ولشؤم تفريطه بتبعته له، وظاهر قوله: (وإلا أصبح ... إلخ) أنه إن لم يجمع الأمور الثلاثة دخل تحت من يصبح خبيثًا كسلان، وإن أتى ببعضها، وهو كذلك، لكن يختلف ذلك بالقوة، والخفة فمن ذكر اللَّه تعالى مثلًا، كان ذلك أخف ممن لم يذكره أصلًا. قال شيخنا: وذكر

13 - باب إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه

الليل في قوله: (عليك ليل) ظاهره: اختصاص ذلك بنوم الليل، ولا يبعد أن يجيء مثله في نوم النهار، كالنوم حالة الإبراد. 1143 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، قَال: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، قَال: حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّؤْيَا، قَال: "أَمَّا الَّذِي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ القُرْآنَ، فَيَرْفِضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ". [انظر: 845 - مسلم: 2275 - فتح: 3/ 24] (إسماعيل) أي: "ابن علية" كما في نسخة. (عوف) أي: الأعرابي كما مرَّ. (أبو رجاء) هو عمران بن ملحان العطاردي. (الذي يثلغ رأسه) بالبناء للمفعول، أي: يكسر، والجملة: قطعة من حديث يأتي في الجنائز (¬1). (فيرفضه) أي: يترك حفظه، والعمل به. (وينام عن الصلاة المكتوبة) هي الصبح؛ لأنها التي تفوت بالنوم غالبًا، وقيل: العشاء. 13 - بَابُ إِذَا نَامَ وَلَمْ يُصَلِّ بَال الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ (باب: إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنيه). قوله (إذا نام ... إلخ) ساقط من نسخة. 1144 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، قَال: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقِيلَ: مَا زَال نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ، فَقَال: "بَال الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ". [3270 - مسلم: 774 - فتح: 3/ 28] (أبو الأحوص) هو سلام بن سليم. (حدثنا منصور) أي: ابن المعتمر، وفي نسخة: "أخبرنا منصور" (عن أبي وائل) هو شقيق بن ¬

_ (¬1) سيأتي (1386) كتاب: الجنائز، باب: بعد باب: ما قيل في أولاد المشركين.

14 - باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل

سلمة. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (إلى الصلاة) (ال) فيها للجنس، فيشمل النافلة والفريضة، أو للعهد، فيختص بالفريضة. (بال الشيطان في أذنيه) يحتمل: أنه بال في حقيقة، أو أنه تمثيل، شبه تثاقل نومه، وإغفاله عن الصلاة بمن يبال في أذنه، فيثقل سمعه ويفسد حسه، وخصت الأذن بالذكر مع أن العين في النوم أنسب إشارة إلى ثقل النوم، فإن المسامع هي موارد الانتباه، وخص البول في الذكر؛ لأنه أسهل في الدخول في التجاويف، وأسرع نفوذًا في العروق، فيورث الكسل في جميع الأعضاء. 14 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلاةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَقَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]: أَيْ مَا يَنَامُونَ {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18]. (باب: الدعاء والصلاة) في نسخة: "في الصلاة". (من آخر الليل) هي الثلث الأخير منه. (من) ابتدائية بتقدير مضاف أي: ما ذكر مبتدءًا من أول آخر الليل، أو بمعنى: في (وقال اللَّه) في نسخة: "وقول اللَّه" بالجر عطفٌ على الدعاء ({كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)}) أي: ما ينامون، لفظ: (أي: ما ينامون) ساقط من نسخة، وفي نسخة: " {مَا يَهْجَعُونَ}: ينامون"، وفي أخرى بعد يهجعون: "الآية" واكتفى بها عن ذكر أي: ينامون إلخ، فـ (ما) على الأولى إمَّا زائدة و (قليلًا) ظرف، أو صفة لمصدر أي: هجوعًا قليلًا و (يهجعون) خبر كان، أو مصدرية، أو موصولة، وخبر كان (قليلًا ما يهجعون) أي: كانوا قليلًا من الليل هجوعهم، أو ما يهجعون فيه، فما مع ما بعدها مرفوعة بقليلًا على الفاعلية.

1145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ". [6321، 7494 - مسلم: 758 - فتح: 3/ 29] (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن (وأبي عبد اللَّه) هو سلمان. (ينزل ربنا) أي: رحمته، أو ملائكته، لا هو؛ لاستلزامه الحركة المستحيلة عليه تعالى (¬1). (فينزل) بفتح الياء مضارع نزل، وحُكي ضمها، مضارع أنزل (حين يبقى ثلث الليل الآخر) بالرفع صفة لثلث، وخُصَّ بالذكر؛ لأنه وقت التعرض لنفحات رحمة اللَّه تعالى، وزمان عبادة المخلصين. ففيه: أن آخر الليل أفضل للدعاء والاستغفار قال اللَّه تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} قال شيخنا: وقد اختلفت الروايات في تعيين الوقت، عن أبي هريرة، وغيره (¬2)، قال الترمذي: رواية أبي هريرة أصح الروايات (¬3)، وجمع غيره بينها وذلك أن الروايات انحصرت في ¬

_ (¬1) بل معناه ينزل سبحانه وتعالى نزولًا يليق بجلاله دون تشبيه أو تعطيل أو تأويل. (¬2) "الفتح" 3/ 31. (¬3) "سنن الترمذي" (446) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في نزول الرب عزَّ وجلَّ. قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وقد روي هذا الحديث من أوجه كثيرة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وروي أنه قال: "ينزل اللَّه عزَّ وجلَّ حيث يبقى ثلث الليل الآخر" وهو أصح الروايات. قال الألباني في "صحيح الترمذي": حديث صحيح.

ستة هذه، وإذا مضى الثلث الأول، وإذا مضى الثلث الأخير (¬1)، أو النصف، وإذا مضى النصف، وإذا مضى النصف أو الثلث الأخير (¬2)، ورواية مطلقة (¬3)، فتحمل المطلقة على المقيدة، والتي بـ (أو) إن كانت (أو) للشك فالمجزوم به مقدم على المشكوك فيه، أو للتردد، فيجمع بين الروايات بأن ذلك يقع بحسب اختلاف الأحوال؛ لكون أوقات الليل تختلف في الزمان، وفي الآفاق باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم وتأخره عند قوم، وقيل: يحتمل أن يكون النزول يقع في الثلث الأول، والقول يقع في النصف، وفي الثلث الثاني، وقيل: يحمل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم بأحد الأمور في وقت، فأخبر به، ثم أعلم بالآخر في آخر، فأخبر به، فنقل الصحابة عنه ذلك (من يدعوني) إلى آخر الثلاثة جمع بينها للتأكيد إن كانت بمعنى واحد، وإلا فلأن المطلوب دفع ما لا يلائم، أو جلب الملائم، وهو إما دنيوي، أو ديني، فأشير بالاستغفار للأول، وبالسؤال للثاني، وبالدعاء للثالث، والأفعال الثلاثة منصوبة في جواب الاستفهام نحو: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا} ويجوز رفعها بتقدير مبتدأ أي: فأنا. ¬

_ (¬1) انظر: الحديث التالي. (¬2) رواه عبد الرزاق 1/ 555 (2106) كتاب: الصلاة، باب: وقت العشاء الآخرة. والنسائي في "الكبرى" 6/ 124 (10317) كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: ما يستحب من الاستغفار. (¬3) رواه أحمد 4/ 81، وابن أبي عاصم في "السنة" 1/ 222 (507) والآجري في "الشريعة" 3/ 1141 (714). وقال الألباني في "ظلال الجنة في تخريج السنة": إسناده صحيح على شرط مسلم.

15 - باب من نام أول الليل وأحيا آخره

والسين في (فأستجيب) ليست للطلب، بل معناه: فأجيب، فإن قلت: ليس في وعد اللَّه خلف، وكثير من الداعين لا يستجاب لهم، قلت: إنما ذاك لفقد شرط من شروط الدعاء به، كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس، أو الإجابة حاصلة لكن يتأخر بتأخر المطلوب إلى وقت آخر يريد اللَّه وقوعه فيه، إما في الدنيا، وإما في الآخرة. 15 - بَابُ مَنْ نَامَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَحْيَا آخِرَهُ وَقَال سَلْمَانُ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نَمْ فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قَال: قُمْ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ سَلْمَانُ". [انظر: 1968] (باب: من نام أول الليل وأحيا آخره). أي: بالصلاة أو القراءة، أو الذكر أو نحوها فله ثواب ذلك. 1146 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، قَال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَيْفَ كَانَتْ صَلاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ؟ قَالتْ: "كَانَ يَنَامُ أَوَّلَهُ وَيَقُومُ آخِرَهُ، فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ وَثَبَ، فَإِنْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ، اغْتَسَلَ وَإِلَّا تَوَضَّأَ وَخَرَجَ". [مسلم: 937 - فتح: 3/ 32] (سلمان) أي: الفارسي. (حدثنا أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وفي نسخة: "قال: أبو الوليد" أي: قال البخاري. (وحدثني سليمان) أي: ابن حرب. [(عن أبي إسحق) أي: السبيعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (كيف صلاة) في نسخة: "كيف كانت صلاة"، وفي أخرى: "كيف كان صلاة". (النبي) في نسخة: "رسول اللَّه". (وثب) بمثلثه أي:

16 - باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره

نهض] (¬1). (فإن كان) في نسخة: "فإن كانت". (به حاجة) أي: للجماع. (قضاها ثم اغتسل) فجواب الشرط محذوف دل عليه (اغتسل). 16 - بَابُ قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ (باب: قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل في رمضان وغيره) لفظ: (بالليل) ساقط من نسخة. (في رمضان) أي: في لياليه. 1147 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَيْفَ كَانَتْ صَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالتْ: "مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا" قَالتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَال: "يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي". [2013، 3569، 1140 - مسلم: 738 - فتح: 3/ 33] (يصلي أربعًا) أي: بتسليم واحد، ولا ينافيه ما مرَّ أنه كان يصلي مثنى، مثنى، ثم واحدة (¬2)؛ لأن ذلك في وقت آخر، فالأمران جائزان. (فقلت) في نسخة: "قلت". (أتنام قبل أن توتر) لما تقرر عندها من أن الوتر يفعل قبل النوم، لا بعده، سألته عن ذلك فأجابها بقوله: (إن عيني ... إلخ) ولا ينافي ذلك خبر: أنه - صلى الله عليه وسلم - نام حتى فاتت صلاة الصبح وطلعت الشمس (¬3)؛ لأن طلوعها متعلق بالعين، لا بالقلب؛ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (1137) كتاب: التهجد، كيف كان صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) سبق برقم (344) كتاب: التيمم، باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم.

17 - باب فضل الطهور بالليل والنهار، وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار

لأنه من المحسوسات، لا من المعقولات. 1148 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلاةِ اللَّيْلِ جَالِسًا، حَتَّى إِذَا كَبِرَ قَرَأَ جَالِسًا، فَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ السُّورَةِ ثَلاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَهُنَّ، ثُمَّ رَكَعَ". [انظر: 1118 - مسلم: 731 - فتح: 3/ 33] (هشام) أي: ابن عروة. (حتى إذا كبر) بكسر الباء أي: أسن. (ثلاثون) زاد في نسخة: "آية". (أو أربعون) شك، من الراوي (قام فقرأهن ثم ركع) فيه ردٌّ على من اشترط على من افتتح النافلة قاعدًا أن يركع قاعدًا، أو قائمًا أن يركع قائمًا. 17 - بَابُ فَضْلِ الطُّهُورِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَفَضْلِ الصَّلاةِ بَعْدَ الوُضُوءِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (باب: فضل الطهور) بضم الطاء على المشهور. (من الليل والنهار) زاد في نسخة: "وفضل الصلاة عند الوضوء بالليل والنهار" وفي أخرى: بدل (عند) "بعد". 1149 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِبِلالٍ: "عِنْدَ صَلاةِ الفَجْرِ يَا بِلالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ" قَال: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إلا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ " قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "دَفَّ نَعْلَيْكَ يَعْنِي تَحْرِيكَ". [مسلم: 2458 - فتح: 3/ 34] (إسحق بن نصر) نسبة إلى جده، وإلا فهو إسحق بن إبراهيم بن

18 - باب ما يكره من التشديد في العبادة

نصر السعدي. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن أبي حيان) بمهملة مفتوحة، وتحتية مشددة: يحيى بن سعيد. (عن أبي زرعة) هو هرم بن جرير البجلي. (بأرجى عمل) أرجى أفعل تفضيل بمعنى: المفعول، لا بمعنى: الفاعل أي: أكثر مرجوًا، فالعمل المضاف إليه أرجى ليس براج للثواب، بل هو مرجو الثواب، وإنما أضيف إليه؛ لأنه سببه، والمعنى: حدثني بما أنت أرجى من نفسك به من أعمالك (فإني سمعت) أي: الليلة في النوم؛ إذ لا يدخل أحد الجنة وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخلها على المشهور يقظة، كما دخلها ليلة المعراج، إلا أن بلالًا لم يدخلها. (دف نعليك) بفتح المهملة على المشهور أي: صوت مشيك فيها وفي نسخة: "حفيف نعليك" (في الجنة) ظرف للسماع، والدف بين يديه خارج عنها. (أني) بفتح الهمزة بتقدير من قبلها صلة لأرجى، وفي نسخة: "أن" بالتخفيف بدل (أني). (في ساعة ليل) بالإضافة، وبالتنوين بجعل (ليل) بدلا من (ساعة) أو عطف بيان لها. (إلا صليت) زاد في نسخة: "لربي". (ما كتب لي أن أصلي) أي: ما قدر لي من الصلوات. (قال أبو عبد اللَّه) أي: البخاري (دف نعليك يعني: تحريك) أي: تحريكهما، وقوله: (قال ... إلخ) ساقطة عن نسخة. 18 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّشْدِيدِ فِي العِبَادَةِ (باب: ما يكره من التشديد في العبادة) أي: خشية الملال المفضي إلى تركها.

1150 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَال: "مَا هَذَا الحَبْلُ؟ " قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ". [مسلم: 784 - فتح: 3/ 36] (أبو معمر) هو عبد اللَّه بن عمرو المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد التنوري. (عن عبد العزيز) في نسخة: "حدثنا عبد العزيز". (دخل النبي) أي: المسجد. (الساريتين) أي: الأسطوانتين. (قالوا) في نسخة: "فقالوا" أي: الحاضرون. (فإذا فترت) أي: كسلت عن القيام. (لا) نفي أي: لا يكون. (هذا الحبل) أو لا يمتد، أو نهي، لا تفعلوه. (نشاطه) بفتح النون أي: حين طابت نفسه للعمل. قال في "القاموس " نشط، كسمع، نشاطًا بالفتح، فهو ناشط، ونشط: طابت نفسه للعمل، وفي نسخة: "بنشاطه" أي: ملتبسًا به. (فإذا فتر فليقعد) أي: فإذا فتر في أثناء قيامه، فديتم صلاته قاعدًا، أو إذا فتر بعد فراغ بعض تسليماته فليأت بما بقي من نوافله قاعدًا، أو فليترك حتى يحدث له نشاط، أخذًا من خبر أنس السابق، في باب: الوضوء من النوم (¬1) "إذا نعس أحدكم في الصلاة فليتم حتى يعلم ما يقرأ" (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (212) كتاب: الوضوء، باب: الوضوء من النوم. (¬2) قال ابن عثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": وفي هذا الحديث: دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يتعمق وأن يتنطع في العبادة، وأن يكلف نفسه ما لا يطيق، وأن يصلي ما دام نشيطًا، فإذا تعب =

1151 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَنْ هَذِهِ؟ " قُلْتُ: فُلانَةُ لَا تَنَامُ بِاللَّيْلِ، فَذُكِرَ مِنْ صَلاتِهَا، فَقَال: "مَهْ عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنَ الأَعْمَالِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا". [انظر: 43 - مسلم: 785 - فتح: 3/ 36] (قلت) في نسخة: "فقلت". (فلانة) غير منصرف، وهي: الحولاء، بالمهملة والمد: بنت تويت. (بالليل) في نسخة: "الليل". (فذكر من صلاتها) تفسير لما قبله، وقوله: (فذكر) مبني للمفعول، وفي نسخة: "تذكر" بفوقية مفتوحة، مبنيًّا للفاعل، وفي أخرى: بتحتية مضمومة مبنيًّا للمفعول. (مه) أي: اكفف أيها الذاكر. (ما تطيقون) مرفوع مبتدأ خبره: (عليكم)، أو منصوب بـ (عليكم). أي: الزموه، وفي نسخة: "بما تطيقون". (فإن اللَّه لا يمل حتى تملوا) بفتح الميم فيهما، والملال: فتور يعرض للنفس من كثرة مداولة شيء، فيورث الكلال في الفعل ¬

_ = فليرقد ولينم؛ لأنه إذا صلى مع التعب تشوش فكره وسئم ومل وربما كره العبادة، وربما ذهب؛ ليدعو لنفسه فإذا به يدعو عليها، فلو سجد وأصابه النعاس ربما أراد أن يقول رب اغفر لي، قال: رب لا تغفر لي؛ لأنه نائم؛ فلهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بحل هذا الحبل، وأمرنا أن يصلي الإنسان نشاطه، فإذا تعب فليرقد. وهذا وإن ورد في الصلاة فإنه يشمل جميع الأعمال، فلا تكلف نفسك ما لا تطيق، بل عامل نفسك بالرفق واللين، ولا تتعجل في الأمور، فالأمور ربما تتأخر؛ لحكمة يريدها اللَّه عزَّ وجلَّ، ولا تقل: إني أريد أن أتعب نفسي، بل انتظر وأعط نفسك حقها، ثم بعد ذلك يحصل لك المقصود.

19 - باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه

والإعراض عنه، وهو مستحيل في حقه تعالى، فإسناد الملال إليه تعالى على طريق المشاكلة، كما في قوله {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} وإلا فهو محمول على غايته: وهي الإعراض، فالمعنى: اعملوا حسب وضعكم وطاقتكم، فإن اللَّه لا يعرض عنكم إعراض الملول، ولا ينقص ثواب أعمالكم ما بقي لكم نشاط، ومرَّ شرح الحديث في باب: أحب الدين إلى اللَّه أدومه (¬1). 19 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ تَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ لِمَنْ كَانَ يَقُومُهُ (باب: ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه). (ما) مصدرية أي: باب: كراهة ذلك؛ لإشعاره بالإعراض عن العبادة. 1152 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ" وَقَال هِشَامٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي العِشْرِينَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ الحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ. [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 3/ 37] ¬

_ (¬1) سبق برقم (43) كتاب: الإيمان، باب: أحب الدين إلى اللَّه أدومه.

(عباس بن الحسين) بموحدة وسين مهملة. (مبشر) أي: "ابن إسماعيل" كما في نسخة. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (وحدثني محمد) أي: قال البخاري وحدثني محمد. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك (حدثني يحيى) في نسخة: "حدثنا يحيى" وفي أخرى: "أخبرنا يحيى" (لا تكن مثل فلان) لم يسم. (كان يقوم الليل) أي: بعضه بقرينة قوله في نسخة: "من الليل". (هشام) أي: ابن عمَّار الدمشقي. (ابن أبي العشرين) هو عبد الحميد بن حبيب الدمشقي. (حدثني يحيى) أي: ابن أبي كثير، وفي نسخة: "حدثنا يحيى". (أبو سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (مثله) في نسخة: "بهذا مثله". (وتابعه) أي: ابن أبي العشرين، وفي نسخة: "تابعه" بلا واو (¬1). ¬

_ (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": وقوله: "مثل فلان" ترك التسمية فيه، واعلم أن ترك اسم الشخص به فائدتان عظيمتان: الفائدة الأولى: الستر على هذا الشخص، والثانية: أن هذا الشخص ربما تتغير حاله فلا يستحق الحكم الذي يحكم عليه في الوقت الحاضر؛ لأن القلوب بيد اللَّه، فمثلا هب أنني رأيت رجلًا على فسق فإذا ذكرت اسمه فقلت لشخص: لا تكن مثل فلان يسرق، أو يزني، أو يشرب الخمر، فربما تتغير حال هذا الرجل ويستقيم ويعبد اللَّه فلا يستحق الحكم الذي ذكرته من قبل؛ فلهذا كان الإبهام في هذه الأمور أولى وأحسن؛ لما فيه من الستر ولما فيه من الاحتياط إذا تغيرت حال الشخص.

20 - باب

20 - باب. (باب:) لم يذكر له ترجمة، فهو كالفصل من سابقه. 1153 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ؟ " قُلْتُ: إِنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ، قَال: "فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ، وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ حَقًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 3/ 38] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي العباس) هو السائب بن فروخ، بتشديد الراء وبخاء معجمة. (قال لي النبي) في نسخة: "قال لي رسول اللَّه". (ألم أخبر؟) بالبناء للمفعول، والهمزة للاستفهام التقريري. (هجمت عينك) أي: دخلت في موضعها، وضعف بصرها؛ لكثرة السهر. (ونفهت) بكسر الفاء، أي: أعيت. (وكلت نفسك) أي: من شدة التعب. (وإن لنفسك حقًّا) في نسخة: "حق" بالرفع مبتدأ خبره: (لنفسك) والجملة خبر إن، واسمها: ضمير الشأن. (ولأهلك حقًّا) في نسخة: "حق" بالرفع نظير ما مرَّ آنفًا. (فصم) الأمر فيه، وفيما بعده للندب. 21 - بَابُ فَضْلِ مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى (باب: من تعارَّ من الليل) بتشديد الراء. أي: انتبه، مع صوت من استغفار، أو تسبيح، أو نحوه. وهذا حكمة العدول إليه عن التعبير بالانتباه، فإن من هبَّ من نومه، ذاكرًا لله تعالى وسأله خيرًا، أعطاه، وإنما يكون ذلك لمن تعود الذكر واستئناس به، وغلب عليه حتى صار

حديث نفسه في نومه ويقظته، قالوا: وأصل التعار: السهر والتقلب على الفراش. 1154 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا الوَلِيدُ هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، قَال: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَال: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ". [فتح: 3/ 39] (صدقة بن الفضل) لفظ: (ابن الفضل): ساقط من نسخة. (الوليد) أي: "ابن مسلم" كما في نسخة. (عن الأوزاعي) في نسخة: "أخبرنا الأوزاعي" وفي أخرى: "حدثنا الأوزاعي". (حدثني عمير) في نسخة: "حدثنا عمير". (ولا إله إلا اللَّه) ساقط من نسخة. (ثم قال اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب) زاد في نسخة: "استجيب له" شك من الوليد وفي أخرى: بدل ما ذكر "ثم قال رب اغفر لي غفر له، أو قال فدعا استجيب له" شك من الوليد. (فإن توضأ قبلت) في نسخة: "فإن توضأ وصلى قبلت". (صلاته) ساقط من نسخة. 1155 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي الهَيْثَمُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ يَقُصُّ فِي قَصَصِهِ، وَهُوَ يَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَخًا لَكُمْ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ" يَعْنِي بِذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ [البحر الطويل] وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الفَجْرِ سَاطِعُ أَرَانَا الهُدَى بَعْدَ العَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَال وَاقِعُ يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ المَضَاجِعُ"

تَابَعَهُ عُقَيْلٌ، وَقَال الزُّبَيْدِيُّ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَالأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [6151 - فتح: 3/ 39] (يحيى بن بكير) نسبه لجده، وإلا فهو يحيى بن عبد اللَّه بن بكير. (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (الهيثم) بمثلثة. (وهو) أي: وأبو هريرة. (يقصص) بسكون القاف، وفي نسخة: "يقص" بضمها وتشديد الصاد. (في قصصه) بكسر القاف وفتحها أي: مواعظه التي كان يذكر أصحابه بها، وهو متعلق بـ (سمع). (وهو يذكر رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -) هذه الجملة والتي قبلها: حالا معترضتان بين العامل، وهو (سمع)، ومعموله، وهو (أن أخًا ... إلخ) وجوز الكرماني (¬1) أن يكون (أخًا) معمولًا ليقص. إلا يقول: الرفث) أي: الباطل والفحش من القول. (يعني بذلك: عبد اللَّه بن رواحة) مقول هشيم، قاله شيخنا (¬2)، قال: ويحتمل أن يكون الزهري. (وفينا رسول اللَّه يتلو كتابه) حال. (إذا) في نسخة: "كما". (من الفجر) بيان لمعروف. (ساطع) صفة له. (أرانا) في نسخة: "أنار". (بعد العمى) أي: الضلالة. (يجافي) يتلو كتابه، حال من فاعل (يبيت) ومعناه: يرفع جنبه عن فراشه، وهو كناية عن صلاته بالليل. والأبيات التي ذكرها من الطويل، وصدر الآخر منها وهو بيت (يجافي جنبه عن فراشه)، يشير إلى الترجمة؛ لأن التعار هو السهر والتقلب على الفراش، كما مرَّ، وكان للصلاة، أو للذكر، والقراءة. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 6/ 206. (¬2) "الفتح" 3/ 41.

(تابعه) أي: يونس بن يزيد. (وقال الزبيدي) بضم الزاي، وهو محمد بن الوليد الحمصي. (عن سعيد) أي: ابن المسيب. (والأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (عن أبي هريرة) نبه بذلك على أنه اختلف الزهري في هذا الإسناد، فاتفق يونس وعقيل على أن شيخه فيه الهيثم، وخالفهما الزبيدي، فأبدله بسعيد بن المسيب والأعرج. 1156 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّ بِيَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ، فَكَأَنِّي لَا أُرِيدُ مَكَانًا مِنَ الجَنَّةِ إلا طَارَتْ إِلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ، فَقَال: لَمْ تُرَعْ خَلِّيَا عَنْهُ. [انظر: 440 - مسلم: 2479 - فتح: 3/ 39] 1157 - فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى رُؤْيَايَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ" فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ. [انظر: 1122 - مسلم: 2479 - فتح: 3/ 40] (عن أيوب) أي: السختياني. (قطعة إستبرق) هو بهمزة قطع: ديباج غليظ. (كأن اثنين) في نسخة: "كأن آتيين" بصيغة اسم الفاعل من الإتيان. (يذهباني) بنون الوقاية وفي نسخة: "يذهبا بي" من الإذهاب، والفرق أنه لا بد في الثاني من المصاحبة. (لم ترع) بالبناء للمفعول (¬1). 1158 - وَكَانُوا لَا يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ". [2015، 6911 - مسلم: 1165 - فتح: 3/ 40] ¬

_ (¬1) بداية الحديث رقم (1158) أما الحديث رقم (1157) فلا تعليق عليه.

22 - باب المداومة على ركعتي الفجر

(أنها) أي: ليلة القدر. (قد تواطأت) بهمزة وفي نسخة: "تواطت" بدونها. (من العشر) في نسخة: "في العشر" ومرَّ شرح الحديث في باب: فضل قيام الليل (¬1). 22 - بَابُ المُدَاوَمَةِ عَلَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ (باب: المداومة على ركعتي الفجر) أي: اللتين قبل فرض الصبح. 1159 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَال: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا، وَرَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ يَدَعْهُمَا أَبَدًا". [انظر: 619 - مسلم: 724 - فتح: 3/ 42] (جعفر بن أبي ربيعة) نسبة لجده، وإلا فهو جعفر بن شرحبيل بن أبي ربيعة. (عن أبي سلمة) أي: [ابن عبد الرحمن] (¬2) بن عوف. [(صلى النبي) في نسخة:] (¬3) "صلى رسول اللَّه" (ثم صلى) في نسخة: "وصلى" بواو العطف. (ثمان) بفتح النون، وهو شاذ، وفي نسخة: "ثماني" بكسرها، ثم ياء مفتوحة على الأصل. (بين الندائين) الأذان والإقامة. (لم يدعهما) أي: لم يتركهما. (أبدًا) ظرف، واستعمله للماضي مجازًا، وإن كان وضعه للمستقبل إجراءً للماضي مجرى المستقبل ففيه: مبالغة، كأن ذلك دأبه، وفيه: بيان شرف سنة الصبح، بل قيل: بوجوبها، وهو مردود بخبر: (هل عليَّ غيرها، قال: "لا إلا أن تَطوَّع" (¬4). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1121، 1122) كتاب: التهجد، باب: فضل قيام الليل. (¬2) من (م). (¬3) من (م). (¬4) سبق برقم (46) كتاب: الإيمان، باب: الزكاة من الإسلام.

23 - باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر

23 - بَابُ الضِّجْعَةِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ (باب: الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر) بكسر الضاد على إرادة الهيئة، وبفتحها على إرادة المرة. 1160 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ". [انظر: 619 - مسلم: 724 - فتح: 3/ 43] (حدثنا عبد اللَّه) في نسخة: "حدثني عبد اللَّه". (أبو الأسود) هو محمد بن عبد الرحمن النوفلي. (اضطجع على شقه الأيمن) أي: من تعب القيام، وليفصل بين الفرض والنفل، وهذا على سبيل الندب، وعليه حمل الأمر به في خبر أبي داود: "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح، فليضطجع على يمينه" (¬1) فإن لم يفصل باضطجاع فصل بحديث، أو تحول من مكانه، أو نحوها، وعن البغوي في "شرح السنة" في الاضطجاع، واختاره النووي في "مجموعه" للحديث السابق، وقال: فإن تعذر فُصل بكلام. وفي الحديث: أن اضطجاعه كان بعد ركعتي الفجر، وفي أخرى: كان قبلهما (¬2)، وفي أخرى: ما يدل على أنه لا يضطجع (¬3)، ولا ¬

_ (¬1) انظر: "سنن أبي داود" (1261) كتاب: التطوع، باب: الاضطجاع بعدها. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" 4/ 429 (1146): إسناده صحيح على شرط الشيخين. (¬2) سبق برقم (626) كتاب: الأذان، باب: من انتظر الإقامة. (¬3) انظر: الحديث الآتي.

24 - باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع

منافاة؛ إذ تَرْكُه له بيان للجواز، وفعله قبلهما لا يستلزم تركه بعدهما، هو الأكثر والإنسب. 24 - بَابُ مَنْ تَحَدَّثَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَضْطَجِعْ (باب: من تحدث بعد الركعتين) أي: سنة الفجر. (ولم يضطجع) أي: فيما إذا كان للحديث فائدة. 1161 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الحكَمِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَال: حَدثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَن أَبي سَلَمَةَ، عَن عَائِشَةَ رضيَ اللَّه عنها أَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا صَلَّى فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيقِظَةً حَدَّثَنِي، وَإِلَّا اضْطَجَعَ حَتَّى يُؤْذَنَ بِالصَّلَاةِ. [انظر: 619 - مسلم: 743 - فتح: 3/ 43] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أبو النضر) بمعجمة. (كان إذا صلى) أي: سنة الفجر. (حتى يؤذن بالصلاة؟) بالبناء للمفعول مع سكون الهمزة، وتخفيف الدال، والفتح، والتشديد، وفي نسخة: "متى يؤذن للصلاة من النداء" والمراد بالجميع: إقامة الصلاة، وأشار بذلك إلى الاضطجاع بين ركعتي الفجر والفرض لم يكن إلا للفصل، وأن الفصل يحصل بالاضطجاع والحديث والتحول من المكان. 25 - باب مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ مَثْنَى مَثْنَى. وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عَمَّارٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَنَسٍ [انظر: 380] وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالزُّهْرِيِّ - رضي الله عنهم -. وَقَال يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ: مَا أَدْرَكْتُ فُقَهَاءَ أَرْضِنَا إلا يُسَلِّمُونَ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ مِنَ النَّهَارِ.

(باب: ما جاء في التطوع مثنى مثنى) أي: ركعتين ركعتين يسلم من كل ثنتين. وهذا الباب بترجمته مذكور في نسخة، بعد باب: ما يقرأ في ركعتي الفجر. (ويذكر ذلك) أي: ما ذكر من التطوع مثنى مثنى، ولفظ: (ذلك) ساقط من نسخة، وفي أخرى: "قال محمد" أي: البخاري، ويذكر ذلك، وفي أخرى: "قال: ويذكر فيها ذلك". (أرضنا) هي المدينة. (في كل اثنين) بحذف الفوقية. 1162 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي المَوَالِي، عَن مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَن جَابرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه رضي اللَّه عنهما قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ يَقُولُ: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضلِكَ العَظِيمِ، فَإنَّكَ تَقدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوب، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَن هذا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَال: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هذا الأَمْرَ شَرٍّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَال: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي -قَال: - وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ". [6382، 7390 - فتح: 3/ 48] (¬1). (قتيبة) أي: ابن سعيد. ¬

_ (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحدث في "شرح رياض الصالحين": اختلف العلماء: هل المقدم المشورة، أو الاستخارة؟ والصحيح: أن المقدم الاستخارة: لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا هم أحدكم بالأمر فليصل ركعتين ... إلى آخره"، ثم إذا كررتها ثلاث مرات ولم يتبين لك =

(كان رسول اللَّه) في نسخة: "كان النبي". (يعلمنا الاستخارة) أي: صلاتها ودعاءها، وهي طلب الخيرة. (في الأمور) زاد في نسخة: "كلها" جليلها وحقيقتها، كثيرها وقليلها يسأل أحدكم حتى شسع نعله. (إذا هم) أي: قصد. (أحدكم بالأمر) أي: مما لا يعلم فيه وجه الصواب، أما ما يعلم فيه ذلك، كالعبادات، فلا استخارة فيه. (فليركع) أي: فليصل ندبًا. (ركعتين) فإن زاد عليهما كان صلى أربعًا لم يضر؛ لخبر ابن حبان (¬1)، وغيره: "ثم صل ما كتب اللَّه لك" (من غير الفريضة) في نسخة: "من غير فريضة"، ويندب أن يقرأ في الركعة الأولى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}. (أستخيرك) أي: أطلب منك بيان ما هو خير لي. (وأستقدرك) أي: وأطلب منك أن تقدرني عليه، والباء في: (بعلمك) و (بقدرتك) للتعليل أي: بأنك أعلم، وأقْدَر، أو للاستعانة، أو للاستعطاف كما في قوله تعالى: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ}. (ومعاشي) أي: حياتي. (أو قال) الشك من الراوي. (فاقدره لي وشره) بضم الدال وكسرها. قال ابن الأثير: ¬

_ = الأمر، فاستشر؛ ثم ما أشير عليك به فخذ به، وإنما قلنا: إنه يستخير ثلاث مرات، لأن من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا دعا دعا ثلاثًا، والاستخارة دعاء، وقد لا يتبين للإنسان خير الأمرين من أول مرة، بل قد يتبين في أول مرة، أو في الثانية، أو في الثالثة، وإذا لم يتبين فليستشر. (¬1) "صحيح ابن حبان" 9/ 348 (4040) كتاب: النكاح، ذكر: الأمر بكتمان الخطبة، واستعمال دعاء الاستخارة. والحديث رواه البيهقي 7/ 147 - 148 كتاب: النكاح، باب: الاستخارة في الخطبة وغيرها. والطبراني 4/ 133 (3901). وابن خزيمة 2/ 226 (1220) كتاب: الصلاة، باب: صلاة الاستخارة.

أي:، فاقض لي به وهيئه (¬1). (ثم أرضني) بهمزة قطع أي: اجعلني راضيًا به. (قال) أي: النبي، أو جابر. 1163 - حَدَّثَنَا المكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبدِ اللَّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَن عَمْرو بْنِ سُلَيمٍ الزُّرَقِيِّ، سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ الأنصَارِيَّ - رضي الله عنه - قَال: قَال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَينِ". [444 - مسلم: 714 - فتح: 3/ 48] (المسجد) في نسخة: "المجلس". 1164 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بْنُ يُوسُفَ قَال: أَخَبرَنَا مَالِكٌ، عَن إسحق بْنِ عَبْدِ اللَّه ابْنِ أَبي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ - رضي الله عنه - قَال: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَينِ ثُمَّ انْصَرَفَ. [انظر: 380 - مسلم: 658 - فتح: 3/ 48] 1165 - حَدَّثَنَا [يَحْيَى] بْنُ بُكَيرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيثُ، عَن عُقَيْلٍ، عَنِ ابن شِهَابٍ قَال: أَخْبَرَنِي سَالمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما قَال: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَينِ بَعْدَ الجُمُعَةِ، وَرَكْعَتَينِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَينِ بَعْدَ العِشَاءِ. [انظر: 937 - مسلم: 729، 882 - فتح: 3/ 48] (ابن بكير) في نسخة: "يحيى بن بكير". 1166 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَال: أَخَبرَنَا شُعْبَةُ أَخَبرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّه رضي الله عنهما قَال: قَال رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَخْطُبُ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُم وَالإِمَامُ يَخْطُبُ -أَوْ قَدْ خَرَجَ- فَلْيُصَلِّ رَكعَتَيْنِ". [انظر: 930 - مسلم: 875 - فتح: 3/ 49] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (قال: أخبرنا) في نسخة: "قال: حدثنا". (شعبة) أي: ابن الحجاج. (أخبرنا عمرو) في نسخة: "حدثنا عمرو". (أو قد) شك من الراوي. ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 4/ 22.

1167 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَال: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي مَنْزِلِهِ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَخَلَ الكَعْبَةَ، قَال: فَأَقْبَلْتُ فَأَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ، وَأَجِدُ بِلالًا عِنْدَ البَابِ قَائِمًا، فَقُلْتُ: يَا بِلالُ أَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الكَعْبَةِ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْتُ: فَأَيْنَ؟ قَال: "بَيْنَ هَاتَيْنِ الأُسْطُوَانَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي وَجْهِ الكَعْبَةِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَوْصَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى" وَقَال عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ: "غَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ مَا امْتَدَّ النَّهَارُ، وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ". [انظر: 397 - مسلم: 1329 - فتح: 3/ 49] (سيف) هو "ابن سليمان المكي" كما في نسخة. (أتي) بالبناء للمفعول. (فأجد) أي: وجدت، وهو المناسب لـ (أقبلت) لكن ذكره مضارعًا؛ لاستحضار صورة الوجدان، وحكايته عنها. (عند الباب) في نسخة: "على الباب". (صلى) في نسخة: "أصلي؟ " بهمزة الاستفهام، وهي مرادة في الأولى. (قال أبو عبد اللَّه) أي: البخاري، وهو ساقط من نسخة. (قال أبو هريرة) في نسخة: "وقال أبو هريرة". (عتبان) بكسر العين أي: "ابن مالك" كما في نسخة (غدا على رسول الله) في نسخة: "غدا على النبي" ومرَّ شرح هذه الأحاديث (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (397) كتاب: الصلاة، باب: قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}.

26 - باب الحديث يعني بعد ركعتي الفجر

26 - بَابُ الحَدِيثِ يَعْنِي بَعْدَ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ (باب: الحديث بعد ركعتي الفجر) في نسخة: "يعني: بعد ركعتي الفجر". 1168 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال أَبُو النَّضْرِ: حَدَّثَنِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي، وَإِلَّا اضْطَجَعَ" قُلْتُ لِسُفْيَانَ: فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَرْويهِ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، قَال سُفْيَانُ: هُوَ ذَاكَ. [انظر: 619 - مسلم: 724، 743 - فتح: 3/ 44] (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال أبو النضر) هو سالم. (أبي سلمة) هو أبو أمية، وهو ساقط من نسخة. (قلت) أي: قال المديني: قلت. (فإن بعضهم) هو مالك بن أنس. (هو ذاك) أي: الأمر، ومرَّ الحديث آنفًا (¬1). 27 - بَابُ تَعَاهُدِ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ وَمَنْ سَمَّاهُمَا تَطَوُّعًا (باب: تعاهد ركعتي الفجر ومن سماهما) في نسخة: "ومن سماها" أي: سنة الفجر. (تطوعًا) مفعول ثاني في لسمى. 1169 - حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ". [انظر: 619 - مسلم: 724 - فتح: 3/ 45] (¬2) ¬

_ (¬1) سبق برقم (1161) أبواب التهجد، باب: من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع. (¬2) قال ابن عثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض =

28 - باب ما يقرأ في ركعتي الفجر

(عن عطاء) أي: ابن رباح. (منه تعاهدا) أي: تفقدًا وتحفظًا، وفي نسخة: "تعاهدًا منه"، وفي أخرى: "منه تعاهدًا منه" بالجمع بينهما. 28 - بَابُ مَا يُقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ (باب: ما يقرأ في ركعتي الفجر) أي: السنة. ¬

_ = الصالحين": واعلم أنه تمتاز سنة الفجر وهي ركعتان قبل الصلاة بأمور: 1 - أنه يُسن تخفيفهما، فلو أطالهما الإنسان لكان مخالفًا للسُّنة، بل يخفف حتى كانت عائشة تقول: إنه يخفف فيهما حتى أقول: أقرأَ بأم القرآن؟! من شدة التخفيف. 2 - أنه يُسنُّ فيهما قراءة معينة: إما: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} [الكافرون: 1] في الأولى و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] في الثانية، وإما {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] و {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] يعني: مرة هذا ومرة هذا. 3 - ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن على شيء من النوافل -يعني رواتب الصلوات- أشد تعاهدًا منه على ركعتي الفجر، يتعاهدهما - صلى الله عليه وسلم -. 4 - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنهما خير من الدنيا وما فيهما. وأحب إليه من الدنيا وما فيها. 5 - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يَدَعَهُما حضرًا ولا سفرًا. كل هذا تتميز به سنة الفجر، فينبغي للإنسان أن يحافظ عليها، وأن يحرص عليها حضرًا وسفرًا، وإذا فاتته قبل الصلاة فليصلهما بعدها، إما في نفس الوقت وإما بعد ارتفاع الشمس قيد رمح.

1170 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ". [انظر: 619 - مسلم: 724، 736 - فتح: 3/ 45] (ثلاث عشرة ركعة) منها: سنة العشاء. (ركعتين خفيفتين) أي: لخفة القراءة فيهما؛ إذ قيل: أنه اقتصر على قراءة الفاتحة (¬1)، أو لأنه قرأ في الأولى: بـ " {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} " وفي الثانية: بـ " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} "، كما في مسلم، أو في الأولى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} التي في البقرة، وفي الثانية: التي في آل عمران، كما فيه أيضًا في رواية (¬2)، وفي أخرى: له وفي الثانية: " {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالوْا} " (¬3) لكن في أبي داود: وفي الثانية: " {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ} " (¬4). 1171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمَّتِهِ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ الصُّبْحِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: هَلْ قَرَأَ بِأُمِّ الكِتَابِ؟!. [انظر: 619 - مسلم: 724 - فتح: 3/ 46] ¬

_ (¬1) انظر: الحديث التالي. (¬2) رواه ابن خزيمة 2/ 163 - 164 (115) كتاب: الصلاة، باب: إباحة القراءة في ركعتي الفجر في كل ركعة منهما بآية واحدة سوى فاتحة الكتاب. (¬3) رواه البيهقي 3/ 42 كتاب: الصلاة، باب: ما يستحب قراءته في ركعتي الفجر بعد الفاتحة. (¬4) "سنن أبي داود" (1260) كتاب: التطوع، باب: في تخفيفها. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" 4/ 428 (1145): حسن.

(شعبة) أي: ابن الحجاج. (ح) للتحويل من سند إلى آخر. (وحدثني) في نسخة: "قال: وحدثني". (أحمد بن يونس) نسبة إلى جده، وإلا فهو أحمد بن عبد الله بن يونس. (زهير) أي: ابن معاوية الجعفي. (حتى إني) بكسر إن، وحتى للابتداء. (هل قرأ بام الكتاب؟) لم تقله شكًّا في قراءته بالفاتحة بل لما خفف القراءة فيها جدًّا، وعادته في النفل بالليل التطويل وجعلته مبالغةً، كأنه لم يقرأ، وفي نسخة: "بأم القرآن" وسميت الفاتحة بذلك؛ لأن أم الشيء أصله، وهي مشتملة على كليات معاني القرآن: المبدأ: وهو الثناء على الله، والمعاش: وهو العبادة، والمعاد: وهو الجزاء، قيل: ولا مطابقة بين الحديث والترجمة، وقيل: وجهها: أنه أشار إلى خلاف من زعم أنه لا يقرأ في ركعتي الفجر، فنبه على أنه لا بد من القراءة، وإن [خفت و] (¬1) لم يثبت عنده على شرطه نفس ما يقرأ به، وأنت خبير بأن التعين هو المراد من الترجمة، فلا يتم التوجيه المذكور. فالحديث إنما يدل على القراءة، لا على التعين كما اقتضاه التوجيه، نعم ثبت التعين في حديث الترمذي عن ابن عمر: وقنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا فكان يقرأ في ركعتي الفجر {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} (¬2) مع أن في القراءة فيهما خلافًا، ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) رواه الترمذي (417) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في تخفيف ركعتي الفجر وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ فيهما. وقال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن ولا نعرفه من حديث الثوري عن أبي إسحق إلا من حديث أبي أحمد والمعروف عند الناس حديث إسرائيل أبي إسحق. وصححه الألباني في "سنن الترمذي".

29 - باب التطوع بعد المكتوبة

حكاه الطحاوي (¬1) فقيل: لا قراءة فيهما، وعليه الظاهرية، وقيل: لا يزاد فيهما على الفاتحة، وقيل: يزاد عليهما مع التخفيف فيهما، وعليه الجمهور، وقيل: لا بأس بتطويل القراءة فيهما. (أبواب: التطوع) أي: بالصلاة، وهذا ساقط من نسخة. 29 - بَابُ التَّطَوُّعِ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ (باب: التطوع بعد المكتوبة) أي المفروضة، وقيل: بالبعدية، تبعًا للحديث في غير الظهر؛ نظرًا إلى احتياج شدة الاهتمام في أداء التطوعات بعد الفرائض، أو هو من باب الاكتفاء، كما في قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81]. 1172 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ، فَأَمَّا المَغْرِبُ وَالعِشَاءُ فَفِي بَيْتِهِ" وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، بَعْدَ العِشَاءِ فِي أَهْلِهِ، تَابَعَهُ كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ، وَأَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ. [انظر: 937 - مسلم: 729, 882 - فتح: 3/ 50] (عن عبيد الله) أي: ابن عمر بن حفص بن عمر بن الخطاب. (أخبرني نافع) في نسخة: "أخبرنا نافع". (صليت مع النبي" أي: شاركتُه في ذلك لا أني اقتديت به فيه. (سجدتين قبل الظهر) أي: ركعتين، وكذا فيما بعد، ولا يعارض ذلك ¬

_ (¬1) "شرح معاني الآثار" 1/ 296 - 297 - 298.

خبر عائشة الآتي في باب: الركعتين (¬1) [قبل الظهر]. فقوله: (كان لا يدع أربعًا قبل الظهر) [لأنه كان يصلي تارة أربعًا، وتارة ركعتين، فقول: (كان لا يدع أربعًا قبل الظهر)] (¬2) محمول على الغالب. (فأما لا مغرب والعشاء) أي: سنتاهما. (ففي بيته) أي: وأما سنة البقية ففي المسجد، ولا ينافيه خبر ابن عمر: كان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف (¬3). لاحتمال إرادة انصرافه من الصلاة؛ أو أن ذلك لبيان جواز الأمرين. قال ابن بطال: كراهية صلاة النفل في المسجد؛ لخوف أن يظنها جاهلٌ فرضًا؛ أو لئلا يخلى منزله من الصلاة فيه، أو خوف الرياء، فإذا سلم من ذلك فالصلاة في المسجد حسنة. 1173 - وَحَدَّثَتْنِي أُخْتِي حَفْصَةُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَ مَا يَطْلُعُ الفَجْرُ"، وَكَانَتْ سَاعَةً لَا أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا وَقَال ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، بَعْدَ العِشَاءِ فِي أَهْلِهِ. [انظر: 618 - مسلم: 723 - فتح: 3/ 50] (كان يصلي سجدتين) أي: "ركعتين"، كما في نسخة. (وكانت) أي: الساعة التي بعد طلوع الفجر. (ساعة لا أدخل) أي: أنا، بل ولا غير. (على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها) أي: لعدم اشتغاله فيها بالخلْق. (قال ابن أبي الزناد) هو عبد الرحمن بن عبد الله. بن أبي الزناد بن ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1180) أبواب التهجد، باب: الركعتين قبل الظهر. (¬2) من (م). (¬3) رواه النسائي 3/ 113 كتاب: الجمعة، صلاة الإمام بعد الجمعة. والبيهقي 3/ 240 كتاب: الجمعة، باب: الصلاة بعد الجمعة. وصححه الألباني في "صحيح النسائي".

30 - باب من لم يتطوع بعد المكتوبة

ذكوان. (تابعه) أي: عبيد الله، وفي نسخة: تقديم (تابعه) على (قال ابن أبي الزناد) وفي أخرى: تقديم (قال ابن أبي الزناد) على (وحدثتني أختي). 30 - بَابُ مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ (باب: من لم يتطوع بعد المكتوبة) أي: المفروضة. 1174 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال: سَمِعْتُ أبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرًا، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا"، قُلْتُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ، أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ، وَعَجَّلَ العَصْرَ، وَعَجَّلَ العِشَاءَ، وَأَخَّرَ المَغْرِبَ، قَال: وَأَنَا أَظُنُّهُ. [انظر: 543 - مسلم: 705 - فتح: 3/ 51] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (أبا الشعثاء) بالمثلثة والمد. (جابر) أي: ابن يزيد. (مع رسول الله) في نسخة: "مع النبي". (ثمانيًا) أي: الظهر والعصر جمعًا، ولم يفصل بينهما بتطوع، إذ لو فصل به لزم عدم الجمع. (وسبعًا) أي: المغرب والعشاء جمعًا، كنظيره السابق (أظنه) أي: النبي (أخر .. إلخ) أشار أنه جمع بين الصلاتين في العتمتين جمع تأخير. 31 - بَابُ صَلاَةِ الضُّحَى فِي السَّفَرِ (باب: صلاة الضحى في السفر) أي: هل تصلى فيه، أم لا، بدل للنفي حديث ابن عمر، وللإثبات حديث أم هانيء الآتي كلٌّ منهما في الباب وجمع بينهما؛ لأن نفي ابن عمر رؤيته صلاة الضحى من النبي وأبي بكر وعمر، لا يستلزم عدم وقوعها منهم في الواقع، أو المراد من

نفيه لها نفي المداومة لا نفي الوقوع أصلًا، وما روي من أن صلاة الضحى بدعة حمل على ملازمتها وإظهارها في [المساجد] (¬1) لا أنها بدعة مخالفة للسنة. 1175 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ تَوْبَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَتُصَلِّي الضُّحَى؟ قَال: لَا، قُلْتُ: فَعُمَرُ؟ قَال: لَا، قُلْتُ: فَأَبُو بَكْرٍ؟ قَال: لَا، قُلْتُ: فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: لَا إِخَالُهُ. [انظر: 77 - فتح: 3/ 51] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (توبة) بفتح الفوقية: ابن كيسان. (عن مُوَرِّق) بضم الميم وفتح الواو وتشديد الراء المكسورة: هو أبو المعتمر العجلي. (لا إخاله) بكسر الهمزة، أشهر من فتحها أي: لا أظنه. 1176 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، يَقُولُ: مَا حَدَّثَنَا أَحَدٌ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ فَإِنَّهَا قَالتْ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَلَمْ أَرَ صَلاةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ". [انظر: 1103 - مسلم: 336 - فتح: 3/ 51] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (أم هانئ) هي أخته شقيقة علي بن أبي طالب. (فاغتسل) ظاهره: أنه اغتسل في بيت أم هانئ، لكن في مسلم: أنها ذهبت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بأعلى مكة، فوجدته يغتسل (¬2). فلعل ذلك متكرر منه. (وصلى ثماني ركعات) أي: سبحة الضحى، -كما رواه ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم" (336) كتاب: الحيض، باب: تستر المغتسل بثوب ونحوه.

مسلم (¬1) - وقد ورد في عددها: ركعتان (¬2)، وأربع (¬3)، وست (¬4)، وثمان (¬5)، وعشرة (¬6)، وثنتا عشرة، وهي أكثرها، وأقلها: ركعتان، وأفضلها: ثمان كذا قال في "الروضة" لكن صحح في التحقيق أن أكثرها ثمان، قال في "المجموع": وعليه الأكثرون (¬7)، واستدل له بهذا الحديث وغيره، ثم قال: وما قيل من أن هذا لا يدل على أن ذلك ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (718) كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى. (¬2) رواه مسلم (720، 721) كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى. وابن حبان 6/ 277 (2536) كتاب: الصلاة، فصل: في صلاة الضحى. والبيهقي 3/ 47 كتاب: الصلاة، باب: ذكر من رواها ركعتين. (¬3) رواه مسلم (719) كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى، والبيهقي 3/ 47 كتاب: الصلاة، باب: ذكر من رواها أربع ركعات. (¬4) رواه عبد الرزاق 3/ 74 (4852) كتاب: الصلاة، باب: صلاة الضحى. وابن أبي شيبة 2/ 177 كتاب: الصلاة، باب: كم يصلي من ركعة. والطبراني في "الأوسط" 2/ 68 (1276) من حديث أنس. والبيهقي 3/ 48 - 49 كتاب: الصلاة، باب: ذكر خبر جامع لأعدادها. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 237: فيه سعيد بن مسلمة الأموي ضعفه البخاري وابن معين وجماعة وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطئ. (¬5) وهو حديث الباب. (¬6) رواه البيهقي 3/ 48 - 49 (4906) كتاب: الصلاة، باب: ذكر خبر جامع لأعدادها. وعزاه الهيثمي في "المجمع" 2/ 237 إلى الطبراني في "المعجم الكبير" من حديث أبي الدرداء، ولم أقف عليه في المطبوع منه. وقال: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه: موسى بن يعقوب الزمعي، وثقه ابن معين وابن حبان وضعفه ابن المديني وغيره، وبقية رجاله ثقات. (¬7) انظر: "روضة الطالبين" 1/ 332، "المجموع" 3/ 529.

32 - باب من لم يصل الضحى ورآه واسعا

أكثر، ورد بأن الأصل في العبادات التوقيف، ويسن أن يقرأ في الضحى بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)}، والضحى، للأمر بذلك في خبر الحاكم. 32 - بَابُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الضُّحَى وَرَآهُ وَاسِعًا (باب: من لم يصل الضحى ورآه) أي: رأى ترك صلاة الضحى. (واسعًا) أي: مباحًا. 1177 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى"، وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا. [انظر: 1128 - مسلم: 718 - فتح: 3/ 55] (حدثنا ابن أبي ذئب) هو عبد الرحمن، وفي نسخة: "أخبرنا ابن أبي ذئب". (عن الزهري) هو محمد بن مسلم ابن شهاب. (سبحة الضحى) أي: صلاتها، وأصلها: من التسبيح، وخصت النافلة بذلك؛ لأن التسبيح الذي هو في الفريضة نافلة فقيل لصلاة النافلة: سبحة؛ لأنها، كالتسبيح في الفريضة. (وإني لأسبحها) أي: [فيه: إيماء إلى] (¬1) أنها علمت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلاها، كما رواه غيرها، بل هي روتة لها، كما في مسلم بلفظ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربع ركعات، ويزيد ما شاء (¬2). فنفي رؤيتها محمول على المداومة عليها، ولو سلم إذًا لم تعلم أنه صلاها أصلًا، فالمثبت مقدم على النافي، وصلاتها حينئذٍ لها كان تبعًا لصلاة غيرها ممن أخذ بحديث أم هانئ، كابي هريرة وأبي ذر وأبي أمامة. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم" (719) كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى.

33 - باب صلاة الضحى في الحضر

33 - بَابُ صَلاةِ الضُّحَى فِي الحَضَرِ قَالهُ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر 424] (باب: صلاة الضحى في الحضر) أما في السفر فتقدم. 1178 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الجُرَيْرِيُّ هُوَ ابْنُ فَرُّوخَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: "صَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وتْرٍ". [1981 - مسلم: 721 - فتح: 3/ 56] (أخبرنا شعبة) أي: ابن الحجاج، وفي نسخة: "حدثنا شعبة". (عباس) بموحدة وسين مهملة. (الجريري) بالتصغيرة نسبة إلى جرير بن عُباد، بضم المهملة وتخفيف الموحدة. (هو ابن فرَّوخ) براء مشددة مضمومة وخاء معجمة، وهو ساقط من نسخة. (أوصاني خليلي) لا ينافي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر" (¬1) لأن الممتنع أنه هو يتخذ، لا أن غيره يتخذ. (حتى أموت) أي: إلى أن أموت. (صوم ثلاثة أيام) بالجر؛ بدل من ثلاث، وبالرفع؛ خبر مبتدأ محذوف، أي: هي. (من كل شهر) أي: ليثاب ثواب صوم الدهر؛ بانضمام ذلك لصوم رمضان؛ إذ الحسنة بعشر أمثالها. (وصلاة الضحى ونوم على وتر) بجرهما ورفعهما، نظير ممّا مرَّ آنفًا، وأشار بالثاني إلى أن السنة في الوتر تقديمه على النوم، وهو لمن لا يثق باستيقاظه، أما من يثق به فالتأخير أفضل؛ لخبر مسلم: "من خاف أن لا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، ¬

_ (¬1) سيأتيِ برقم (3656) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذًا خليلًا".

34 - باب الركعتين قبل الظهر

فليوتر آخر الليل) (¬1) .. 1179 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ، قَال: قَال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ - وَكَانَ ضَخْمًا - لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ الصَّلاةَ مَعَكَ، فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا، فَدَعَاهُ إِلَى بَيْتِهِ وَنَضَحَ لَهُ طَرَفَ حَصِيرٍ بِمَاءٍ، "فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ" وَقَال فُلانُ بْنُ فُلانِ بْنِ جَارُودٍ لِأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ فَقَال: "مَا رَأَيْتُهُ صَلَّى غَيْرَ ذَلِكَ اليَوْمِ". [انظر: 670 - فتح: 3/ 57] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أنس بن سيرين) زاد في نسخة: "الأنصاري". (قال رجل من الأنصار) هو عتبان بن مالك. (ضخمًا) أي: سمينًا. (فلان بن فلان بن [الجارود] (¬2) هو عبد الحميد بن المنذر بن جارود. (ما رأيته صلى غير ذلك اليوم) نفي أنس [ذلك رؤية قبل] (¬3) ذلك اليوم لا يستلزم نفي فعلها قبل، فهو كنفي عائشة ذلك مطلقًا، ومرَّ شرح الحديث في باب: هل يصلي الإمام بمن حضر (¬4). 34 - بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ (باب: الركعتين) بل والأربع. (قبل الظهر) في نسخة: "باب: الركعتان قبل الظهر" أي: هذا باب يذكر فيه الركعتان. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (755) كتاب: صلاة المسافرين، باب: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله. (¬2) من (م). (¬3) من (م). (¬4) سبق برقم (670) كتاب: الأذان، باب: هل يصلي الإمام بمن حضر وهل يخطب يوم الجمعة في المطر؟

1180 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ الصُّبْحِ"، وَكَانَتْ سَاعَةً لَا يُدْخَلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا. [انظر: 937 - مسلم: 729، 882 - فتح: 3/ 58] (حماد بن زيد) في نسخة: "حماد هو ابن زيد". (عن أيوب) أي: السختياني. (في عشر ركعات) أي: رواتب الفرائض. (كانت) في نسخة: "وكانت" بواو. 1181 - حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ: "أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ وَطَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ". [انظر: 618 - مسلم: 723 - فتح: 3/ 58] (حدثتني حفصة) أي: قال ابن عمر: "وحدثتني حفصة" بواو، كما في نسخة. 1182 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الغَدَاةِ" تَابَعَهُ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَمْرٌو، عَنْ شُعْبَةَ. [مسلم: 730 - فتح: 3/ 58] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (كان لا يدع أربعًا قبل الظهر) لا يعارضه حديث ابن عمر السابق (¬1)؛ لاحتمال أنه كان إذا صلى في بيته صلى أربعًا، وإذا صلى ¬

_ (¬1) سبق برقم (1180) كتاب: أبواب التهجد، باب: الركعتين قبل الظهر.

35 - باب الصلاة قبل المغرب

في المسجد صلى ركعتين أو كان يفعل هذا وذاك، فحكى كل من ابن عمر وعائشة ما رأى، أو المؤكد هو الركعتان، والأخيرتان سنتان غير مؤكدة. (تابعه) أي: يحيى بن سعيد. (ابن أبي عدي) هو محمد بن إبراهيم البصري. (وعمر) أي: ابن مرزوق. 35 - بَابُ الصَّلاةِ قَبْلَ المَغْرِبِ (باب: الصلاة قبل المغرب) أي: قبل صلاته. 1183 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنِ الحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ المُزَنِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "صَلُّوا قَبْلَ صَلاةِ المَغْرِبِ"، قَال: "فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً". [7368 - فتح: 3/ 59] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن الحسين) أي: ابن ذكوان المعلم. (عن ابن بريدة) في نسخة: "عن عبد الله بن بريدة". (صلوا) أي: ركعتين. (قال في الثالثة) أي: في المرة الثالثة. (لمن شاء) أي: صلاة ركعتين. (كراهية أن يتخذها الناس سنَّة) أي: طريقة لازمة، وإلا فهي سنة للفريضة، لكنها غير مؤكدة؛ ولهذا لم يذكرها ابن عمر مع الرواتب في الباب السابق. 1184 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هُوَ المُقْرِئُ، قَال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَال: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، قَال: سَمِعْتُ مَرْثَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اليَزَنِيَّ، قَال: أَتَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الجُهَنِيَّ، فَقُلْتُ: أَلا أُعْجِبُكَ مِنْ أَبِي تَمِيمٍ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاةِ المَغْرِبِ؟ فَقَال عُقْبَةُ: "إِنَّا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، قُلْتُ: فَمَا يَمْنَعُكَ الآنَ؟ قَال: "الشُّغْلُ". [فتح: 3/ 59]

36 - باب صلاة النوافل جماعة

(عبد الله بن يزيد) زاد في نسخة: "هو المقرئ". (مرثد) بفتح الميم والمثلثة. (اليزني) بفتح التحتية والزاي؛ نسبة إلى يزن: بطن من حمير (¬1). (أعجبك) بضم الهمزة وسكون المهملة، وفي نسخة: بفتح المهملة وتشديد الجيم. (من أبي تميم) هو عبد الله بن مالك الجيشاني. (قبل صلاة المغرب) زاد في نسخة: "حتى يسمع أذان المغرب". (قلت) في نسخة: "فقلت". (الشغل) بسكون الغين وضمها. 36 - بَابُ صَلاةِ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً ذَكَرَهُ أَنَسٌ، وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 380، 1044] (باب: صلاة النوافل جماعة) أي: في جماعة. [(ذكره) أي: حكم صلاتها جماعة] (¬2). 1185 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ: أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِهِ مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ. [انظر: 77 - فتح 3/ 60] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (إسحق) ابن راهويه، أو ابن منصور. (أخبرنا يعقوب) في نسخة: "حدثنا يعقوب". (عقل) بفتح القاف أي: عرف. (مجها) أي: رمى بها في وجهه، داعبه بذلك؛ استئلافًا لأبويه، وإكرامًا لهما. (كانت) أي: البئر، وفي ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 436. (¬2) من (م).

نسخة: "أي: الدلو". 1186 - فَزَعَمَ مَحْمُودٌ، أَنَّهُ سَمِعَ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي بِبَنِي سَالِمٍ وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مَسْجِدِهِمْ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَإِنَّ الوَادِيَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي يَسِيلُ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي مِنْ بَيْتِي مَكَانًا، أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَأَفْعَلُ" فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَال: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ " فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ، وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ، فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ، فَسَمِعَ أَهْلُ الدَّارِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، فَثَابَ رِجَالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ فِي البَيْتِ، فَقَال رَجُلٌ مِنْهُمْ: مَا فَعَلَ مَالِكٌ؟ لَا أَرَاهُ. فَقَال رَجُلٌ مِنْهُمْ: ذَاكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُلْ ذَاكَ أَلا تَرَاهُ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ"، فَقَال اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، أَمَّا نَحْنُ، فَوَ اللَّهِ لَا نَرَى وُدَّهُ وَلَا حَدِيثَهُ إلا إِلَى المُنَافِقِينَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ " قَال مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ: فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاويَةَ عَلَيْهِمْ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَأَنْكَرَهَا عَلَيَّ أَبُو أَيُّوبَ، قَال: وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: مَا قُلْتَ قَطُّ، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيَّ، فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ سَلَّمَنِي حَتَّى أَقْفُلَ مِنْ غَزْوَتِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا فِي مَسْجِدِ قَوْمِهِ، فَقَفَلْتُ، فَأَهْلَلْتُ بِحَجَّةٍ أَوْ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ سِرْتُ حَتَّى قَدِمْتُ المَدِينَةَ، فَأَتَيْتُ بَنِي سَالِمٍ، فَإِذَا عِتْبَانُ شَيْخٌ أَعْمَى يُصَلِّي لِقَوْمِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاةِ

سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرْتُهُ مَنْ أَنَا، ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الحَدِيثِ، فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثَنِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ. [انظر: 424 - مسلم: 263 - فتح: 3/ 60] (فزعم) أطلق الزعم على القول والإخبار أي: فأخبر. (مع رسول الله) في نسخة: "مع النبي". (كنت) في نسخة: "إني كنت". (ببني سالم) بباءين، وفي نسخة: "بني سالم" بحذف الأولى، وهي أقعد. (فيشق) في نسخة: "شق" بصيغة الماضي، وفي أخرى: "يشق" بحذف الفاء. (فقلت له) لفظ: (له): ساقط من نسخة، (من بيتي) بيان لقوله: (مكانًا) أي: في مكان من بيتي. (أتخذه مصلى) صفة لـ (مكانًا). (فقال رسول الله) في نسخة: "فقال النبي". (أن أصلي) في نسخة: "أن نصلي" بنون بدل الهمزة. (أن أصلي فيه) ["أن يصلي فيه"] (¬1) بتحتية بدل الهمزة. (وسلمنا) في نسخة: "فسلمنا". (على خزير) بفتح المعجمة وكسر الزاي: طعام من لحم ودقيق غليظ. (أهل الدار) أي: أهل المحلة. (رسول الله) في نسخة: "أن رسول الله". (فثاب) بمثلثة، أي: فجاء. (مالك) أي: ابن الدخشن. (لا أراه) بفتح الهمزة أي: لا أبصره. (فقال) أي: قائل، وفي نسخة: "فقالوا" أي: الحاضرون، أو بعضهم. (أمَّا) بفتح الهمزة وتشديد، وفي نسخة: "إنما". (لا نرى) في نسخة: "ما نرى". (قال) في نسخة: "فقال". (من قال: لا إله إلا الله) أي: مع محمد رسول الله. (محمود) أي: "ابن الربيع" كما في نسخة. (وحدثتها) أي: الحكاية، أو القصة. (أبو أيوب) هو خالد بن زيد الأنصاري. (فأنكرها) أي: الحكاية أو القصة. (قال: والله) في نسخة: "وقال: والله". (ما أظن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما قلت ¬

_ (¬1) من (م).

37 - باب التطوع في البيت

قط) قيل: وسبب إنكاره ذلك؛ استبعاده عدم دخول أحد من عصاة الأمة النار؛ لخبر: "إن الله قد حرم على النار من قال: لا إلله إلا الله" وأجيب: بحمل التحريم على الخلود. (فكبر) بضم الموحدة أي: عظم. (ذلك) أي: الإنكار من أبي أيوب عليَّ. (أقفل) بضم الفاء أي: أرجع (من غزوتي) في نسخة: "عن غزوتي". (أن أسأل عنها عتبان ... إلى آخره) كان الباعث لمحمود على الرجوع إلى عتبان؛ ليسمع الحديث منه ثانيًا، أن أبا أيوب لما أنكر عليه اتهم نفسه بأنه لم يضبط القدر الذي أنكر عليه. (فقفلت) أي: رجعت. (فأهللت) أي: أحرمت. (من الصلاة) في نسخة: "من صلاته". ومطابقة الحديث للترجمة: من قوله: (فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصففنا وراءه ثم سلم وسلمنا حين سلم) ومرَّ شرح الحديث في باب: المساجد في البيوت (¬1). 37 - بَابُ التَّطَوُّعِ فِي البَيْتِ (باب: التطوع في البيت) أي: سن فعله. 1187 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا" تَابَعَهُ عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ. [انظر: 432 - مسلم: 777 - فتح: 3/ 62). (وهيب) أي: ابن خالد. (عن أيوب) أي: السختياني. (وعبيد الله) أي: ابن عمر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (425) كتاب: الصلاة، باب: المساجد في البيوت.

(من صلاتكم) من: للتبعيض أي: شيئًا منها، والمراد من الصلاة: النافلة، وإنما شرع فعلها في البيوت؛ لأنه أبعد عن الرياء، ولتنزل الرحمة فيها والملائكة، واستثني منه نفل يوم الجمعة وركعتا الطواف والإحرام والتراويح للجماعة. (قبورًا) أي: مثلها، في أنه لا يصلي فيها. (تابعه) أي: وهيبًا. (عبد الوهاب) أي: الثقفي. ومرَّ الحديث في باب: كراهة الصلاة في المقابر (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (432) كتاب: الصلاة، باب: كراهية الصلاة في المقابر.

20 - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة

20 - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة

1 - باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 20 - كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة 1 - بَابُ فَضْلِ الصَّلاةِ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ (باب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة) أي: والأقصى على غيرها من المساجد. 1188 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ قَزَعَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَرْبَعًا، قَال: سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً - ح [انظر: 586 - مسلم: 827، 415 - فتح: 3/ 63] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عبد الملك) أي: "ابن عمير"، كما في نسخة. (قزعة) بفتح الزاي، وقد تسكن. (سمعت أبا سعيد - رضي الله عنه - أربعًا) أي: أربع كلمات، أو أحاديث، أي: سمعت منه، أو سمعته يحدث أربعًا، وسيأتي الأربعة مفصلة في باب: مسجد بيت المقدس (¬1). (وكان غزا مع النبي) أي: قال قزعة: وكان أبو سعيد غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ح) للتحويل من سند إلى آخر. ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (1197) كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: مسجد بيت المقدس.

1189 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى". [مسلم: 1397 - فتح: 3/ 63] (حدثنا) في نسخة: "وحدثنا". (علي) أي: ابن المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن سعيد) أي: ابن المسيب. (لا تشدُّ) نفي بمعنى النهي، لكنه أبلغ منه؛ لأنه كالواقع بالامتثال له محالة. (الرحال) جمع رحل: وهو للبعير، أصغر من القتب كنى بشدها عن السفر؛ إذ لا فرق بين أن يكون براحلة أو بدونها، فذكر شدها جري على الغالب. (إلا لثلاثة مساجد) الاستثناء مفرغ، والمراد: لا يسافر لمسجد للصلاة فيه إلا لهذه الثلاثة، لا أنه لا يسافر أصلًا إلا لها. (المسجد الحرام) بالجر؛ بدل من (ثلاثة)، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، وتالياه الآتيان معطوفان عليه، والمراد به هنا: نفس المسجد لا الكعبة، ولا مكة، ولا الحرم كله، وإن كان يطلق على الجميع. (ومسجد الرسول) عبر به دون مسجدي للتعظيم، أو هو من تصرف الرواة. (ومسحد الأقصى) هو بيت المقدس، وهو عند الكوفيين من إضافة الموصوف إلى الصفة، وعند البصريين مؤول بإضمار المكان، أي: ومسجد المكان. (الأقصى)، وسمي بذلك؛ لبعده عن مسجد مكة مسافة، أو لأنه لم يكن وراءه مسجد، أو لأنه أقصى موضع من الأرض ارتفاعًا وقربًا إلى السماء، وخصت الثلاثة بما ذُكر؛ لأن أولها إليه حَجُّ الناس وقبلتهم، وثانيها أسس على التقوى، وثالثها قبلة الأمم السابقة.

وأستدل بالحديث على أن من نذر إتيان أحد هذه المساجد لزمه؛ لاشتراك الثلاثة في عظم الفضيلة، وهو قول، والمعتمد ما نصَّ عليه الشافعي في "الأم" وجرى عليه الجمهور، أن ذلك إنما يلزم في المسجد الحرام؛ لتعلق النسك به بخلاف الآخرين. 1190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إلا المَسْجِدَ الحَرَامَ". [مسلم: 1394 - فتح: 3/ 63] (أن النبي) في نسخة: "أن رسول الله". (إلا المسجد الحرام) أي: فإن الصلاة فيه خير من الصلاة (في مسجدي هذا) بقرينة خبر ابن حبان. "صلاة في مسجدي هذا أفضل من الصلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة" (¬1) (في هذا) أي: في مسجدي، وفي ابن ماجه: "صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه) (¬2) [وفي بعض نسخه: "من مائة صلاة فيما سواه" قال شيخنا: فعلى الأول معناه: فيما سواه] (¬3) إلا مسجد ¬

_ (¬1) "صحيح ابن حبان"4/ 499 (1620) كتاب: الصلاة، باب: المساجد. وقال الألباني في "صحيح الجامع الصغير" (3841): صحيح. من حديث عبد الله بن الزبير. (¬2) من (م). (¬3) "سنن ابن ماجه" (1406) كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي. وصححه الألباني في: "صحيح ابن ماجه". من حديث جابر.

2 - باب مسجد قباء

المدينة وعلى الثاني معناه: من مائة صلاة في مسجد المدنية. انتهى (¬1). ولا يخفى أن المسجد الأقصى، ومسجد قباء أفضل من سائر المساجد غير المسجد الحرام، ومسجد المدينة، فعند الطبراني بإسناد صحيح: "الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في البيت المقدس بخمسمائة صلاة) (¬2) وعند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح: "لأن أصلي في قباء ركعتين أحب إليَّ من آتي بيت المقدس مرتين، لو تعلمون ما في قباء لصرفوا إليه الجياد" (¬3). 2 - بَابُ مَسْجِدِ قُبَاءٍ (باب: مسجد قباء) هو من عَوالي المدينة، والأشهر مده، وصرفه، وتذكيره، وجاء فيه ضد الثلاثة. 1191 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ لَا يُصَلِّي مِنَ الضُّحَى إلا فِي يَوْمَيْنِ: يَوْمَ يَقْدَمُ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقْدَمُهَا ضُحًى فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ المَقَامِ، وَيَوْمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ، فَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كَرِهَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ، قَال: وَكَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَزُورُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا،. [1193، 1194، 7326 - مسلم: 1399 - فتح: 3/ 68] ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 67. (¬2) ذكره الهيثمي في "معجمه" 4/ 7 كتاب: الحج، باب: الصلاة في المسجد الحرام وعزاه للطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام وهو حديث حسن من حديث أبي الدرداء. (¬3) "مصنف ابن أبي شيبة" 2/ 51، كتاب: الصلاة، في الصلاة في مسجد قباء، من حدث عائشة بنت سعد عن أبيها عن سعيد.

3 - باب من أتى مسجد قباء كل سبت

(يعقوب بن إبراهيم) أي: "الدورقي"، كما في نسخة، نسبة إلى لبس القلانس الدورقية. (ابن علية) هو إسماعيل بن إبراهيم بن سهم. (وعلية) أمه. (أيوب) أي: السختياني. (من الضحى) أي: في الضحى، أو من جهة الضحى، قاله الكرماني (¬1). (يوم يقدم) بفتح الدال، وبجر (يوم) بدل مما قبله، وبرفعه خبر مبتدإٍ محذوف، وبنصبه على الظرفية. (مكة) في نسخة: "بمكة" بموحدة. (قال) أي: نافع. (وكان ابن عمر يزوره) أي: مسجد قباء. 1192 - قَال: وَكَانَ يَقُولُ: "إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يَصْنَعُونَ، وَلَا أَمْنَعُ أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَيِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، غَيْرَ أَنْ لَا تَتَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا". [انظر: 582 - مسلم: 828 - فتح: 3/ 68] (قال: وكان) لفظ: (قال) ساقط من نسخة. (يقول له) أي: لنافع. (أن صلى) بفتح الهمزة، وفي نسخة: "أن يصلي"، وفي نسخة: "إن صلى" بالكسر. 3 - بَابُ مَنْ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ (باب: من أتى مسجد قباء كل سبتٍ) أراد بذكر (السبت) في هذه الترجمة تقييد ما أطلقه في الترجمة السابقة. 1193 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ، مَاشِيًا وَرَاكِبًا" وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "يَفْعَلُهُ". [انظر: 1191 - مسلم: 1399 - فتح: 3/ -69] ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 7/ 14.

4 - باب إتيان مسجد قباء ماشيا وراكبا

(حدثنا موسى) في نسخة: "حدثني موسى". (ماشيًا) أي: تارة. (وراكبًا) أي: أخرى بحسب ما تيسر له، وخصَّ السبت بالذكر، لأجل مواصلته لأهل قباء وتفقد حال من تأخر منهم عن حضور الجمعة معه في مسجده بالمدينة. (وكان عبد الله) في نسخة: "وكان ابن عمر - رضي الله عنه - ". (يفعله) أي: إتيانه مسجد قباء. 4 - بَابُ إِتْيَانِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا (باب: إتيان مسجد قباء ماشيًا وراكبًا) زاد في ترجمته على ترجمة الباب السابق (ماشيًا وراكبًا) مع أنهما مذكوران في حديثي البابين. 1194 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا" زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، "فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ". [انظر: 1191 - مسلم: 1399 - فتح: 3/ 69] (يحيى) أي: "ابن سعيد"، كما في نسخة. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر. (يأتي قباء) في نسخة: "يأتي مسجد قباء". (ابن نمير) اسمه: عبد الله. (عن نافع) بروايته عن ابن عمر. 5 - بَابُ فَضْلِ مَا بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ (باب: فضل ما بين القبر والمنبر) أي: قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنبره. 1195 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ المَازِنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ". [مسلم: 1390 - فتح: 3/ 70] (بيتي) المراد به قبره؛ لأن قبره في بيته، وفي نسخة بدل (بيتي): "قبري". (روضة من رياض الجنة) أي: منقولة منها، كالحجر الأسود، أو ينقل إليها، كالجذع الذي حنَّ إليه، أو توصل المتعبد فيها إليها مجازًا باعتبار المآل، كقوله: "الجنة تحت ظلال السيوف" أي: الجهاد مآله الجنة، أو تشبيه بليغ كزبد بحر؛ لأن زوار قبره من الملائكة والإنس والجن لا يزالون في تلك البقعة مكبين على ذكر الله وعبادته، فهذه البقعة روضة من رياض الجنة [الآن، وتعود إليها ويكون للتعبد فيها روضة من الجنة] (¬1). 1196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي". [1888، 6588، 7335 - مسلم: 1391 - فتح: 3/ 70] (عن يحيى) أي: سعيد القطان. (عبيد الله) أي: "ابن عمر", كما في نسخة. (عن النبي) في نسخة: "أن النبي". (ومنبري على حوضي) ساقط من نسخة، وحوضه الكوثر الكائن داخل الجنة، لا حوضه الذي هو خارجها بجانبها المستمد من الكوثر، والمعنى: أن الله يعيد منبره بعينه، فيضعه على حوضه، أو أن له ثم منبرًا على حوضه يدعو الناس عليه إليه. ¬

_ (¬1) من (م).

6 - باب مسجد بيت المقدس

6 - بَابُ مَسْجِدِ بَيْتِ المَقْدِسِ (باب: مسجد بيت المقدس) أي: بيان فضله. 1197 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، سَمِعْتُ قَزَعَةَ، مَوْلَى زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُحَدِّثُ بِأَرْبَعٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي قَال: "لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلا مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ الفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلَا صَلاةَ بَعْدَ صَلاتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ، إلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى وَمَسْجِدِي". [انظر: 586 - مسلم: 827 - فتح: 3/ 70] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عبد الملك) أي: ابن عمير. (فأعجبنني) بنونين، وفي نسخة: "أعجبني" بنون واحدة. (وآنقنني) بمد الهمزة، بعدها نون، وقاف ساكنة، أي: أعجبني، فعطفه على ما قبله تأكيد. (إلا معها) في نسخة: "إلا ومعها" بواو. (ذو محرم) أي: محرمية ولذا ذكر (ذو)، وإلا فالمحرم مغني عنه، وهي مَنْ حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فخرج بالتأبيد نحو: أخت المرأة، ومباح نحو: أم الموطوءة بشبهة؛ لأن وطء الشبهة لا يوصف بإباحة؛ لأنه فعل غير مكلف، وبحرمتها الملاعنة؛ لأن تحريمها ليس لحرمتها، بل للتغليظ عليها. (ولا تشد الرحال ... إلى آخره) مرَّ شرحه في باب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1188) كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة.

21 - كتاب العمل في الصلاة

21 - كتاب العمل في الصلاة

1 - باب استعانة اليد في الصلاة، إذا كان من أمر الصلاة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 21 - كتاب، العَملِ فِي الصلاة 1 - بَابُ اسْتِعَانَةِ اليَدِ فِي الصَّلاةِ، إِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الصَّلاةِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "يَسْتَعِينُ الرَّجُلُ فِي صَلاتِهِ مِنْ جَسَدِهِ بِمَا شَاءَ" وَوَضَعَ أَبُو إِسْحَاقَ: "قَلَنْسُوَتَهُ فِي الصَّلاةِ وَرَفَعَهَا" وَوَضَعَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَفَّهُ عَلَى رُسْغِهِ الأَيْسَرِ، إلا أَنْ يَحُكَّ جِلْدًا أَوْ يُصْلِحَ ثَوْبًا. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (أبواب العمل في الصلاة) في نسخة بدل هذا: "باب: استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة". (يستعين الرجل في صلاته من جسده بما شاء) (من جسده) بيان لما شاء، أي: يستعين وهو في صلاته بما شاء من جسده، كيده إذا كانت استعانته في أمر الصلاة، كتحويله - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس إلى جهة يمينه في الصلاة (¬1). (إلا أن يحك جلدًا، أو يصلح ثوبًا) الاستثناء، كما قال شيخنا من بقية أثر علي، وقيل: هو من قوله في الترجمة (¬2). (إذا كان من أمر الصلاة) أي: من مفهومه، بمعنى أنه استثنى منه جواز ما تدعو إليه الضرورة من حال المرء. (أبو إسحق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (ورفعها)، في نسخة: "أو رفعها" على الشك. (رصغه) بالصاد لغة في ¬

_ (¬1) سبق برقم (383) كتاب: الوضوء، قراءة القرآن بعد المحدث وغيره. (¬2) انظر: "فتح الباري" 3/ 71.

الرسغ, وهي أفصح من الصاد: وهو المفصل بين الساعد والكف. 1198 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَهِيَ خَالتُهُ - قَال: فَاضْطَجَعْتُ عَلَى عَرْضِ الوسَادَةِ، "وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ - أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسَ، فَمَسَحَ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ آيَاتٍ خَوَاتِيمَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي" قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، "فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ بِأُذُنِي اليُمْنَى يَفْتِلُهَا بِيَدِهِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ". [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 3/ 71] (عرض الوسادة) بفتح العين على المشهور. (فمسح النوم) أي: محله وهو العين؛ إذ النوم لا يمسح. (بيده) في نسخة: "بيديه". (العشر آيات) في نسخة: "العشر الآيات" بالتعريف. (خواتيم) في نسخة: "خواتم" بحذف التحتية. (إلى شنٍّ) بفتح الشين، أي: قربة خلقه معلقة. (يفتلها) بكسر الفوقية، أي: يدلكها، ومرَّ شرح الحديث في باب: قراءة القرآن بعد الحدث (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (183) كتاب: الوضوء، باب: قراءة القرآن بعد الحدث.

2 - باب ما ينهى عنه من الكلام في الصلاة

2 - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الكَلامِ فِي الصَّلاةِ (باب: ما ينهى) أي: "عنه"، كما في نسخة. (من الكلام في الصلاة) فرضًا كانت، أو نفلًا. 1199 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، وَقَال: "إِنَّ فِي الصَّلاةِ شُغْلًا" حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [1216، 3875 - مسلم: 538 - فتح: 3/ 72] (ابن نمير) نسبة إلى جده، وإلا فهو محمد بن عبد الله بن نمير. (ابن فضيل) هو محمد الضبعي. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد النخعي. (عن علقمة) أي: "ابن قيس"، كما في نسخة. (عبد الله) ابن مسعود. (النجاشي) بفتح النون أكثر من كسرها. (شغلًا) بضم الشين والغين وسكونها، وتنوينه للتنويع، أي: نوعًا من الشغل لا يليق معه الاشتغال بغيره، وفي نسخة: "لشغلًا". (إسحق بن منصور) زاد في نسخة: "السلولي" نسبة إلى سلول: قبيلة من هوازن. (هريم) بالتصغير. 1200 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى هُوَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، قَال: قَال لِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ، حَتَّى نَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَالصَّلاةِ الوُسْطَى، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] "فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ". [4534 - مسلم: 539 - فتح: 3/ 72]

3 - باب ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة للرجال

(عيسى) زاد في نسخة: هو: ابن يونس". (عن إسماعيل) أي: ابن خالد بن سعيد البجلي. (شبيل) بضم المعجمة، وفتح الموحدة. (عن أبي عمرو) هو سعيد بن إياس. (إن كنا) بكسر همزة (إن) مخففة من الثقيلة، والأصل: إنَّا كنا. (يكلم) استئناف، وفي نسخة: "ويكلم" بواو العطف على (نتكلم). ({حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ}) الآية [البقرة: 238] أي: داوموا عليها، وفي نسخة: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: من الآية 238] "، وزاد في أخرى: " {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} "أي: ساكتين عن التكلم بكلام الناس، فهو مبطلٌ للصلاة عند الشافعية، إلا في قليل سبق لسانُه إليه، أو نسي الصلاة، أو جهل تحريمه فيها إن قرب عهده بالإسلام، والصلاة الوسطى هي العصر عند الأكثرين. 3 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالحَمْدِ فِي الصَّلاةِ لِلرِّجَالِ (باب: ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة للرجال) أي: إذا نابهم فيها شيء، كتنبيه إمام عليه سهو، وإذن لمستأذن في الدخول، وإنذار أعمى أن يقع في بئر، وخرج بالرجال النساءُ، فإنهن يصفقن بدل التسبيح، وذكر التحميد مع التسبيح يليه على أنه يقوم مقامه؛ لأن الغرض التنبيه على عروض أمر، لا مجرد التسبيح والتحميد. 1201 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْلِحُ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الحَارِثِ"، وَحَانَتِ الصَّلاةُ، فَجَاءَ بِلالٌ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَال: حُبِسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَؤُمُّ النَّاسَ؟ قَال: نَعَمْ، إِنْ شِئْتُمْ، فَأَقَامَ بِلالٌ الصَّلاةَ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَصَلَّى "فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ"، فَأَخَذَ النَّاسُ

بِالتَّصْفِيحِ - قَال سَهْلٌ: هَلْ تَدْرُونَ مَا التَّصْفِيحُ؟ هُوَ التَّصْفِيقُ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلاتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا التَفَتَ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّفِّ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ مَكَانَكَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ القَهْقَرَى وَرَاءَهُ، "وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى". [انظر: 684 - مسلم: 421 - فتح: 3/ 75] (عن عبد العزيز بن أبي حازم) اسم أبي حازم: سلمة بن دينار. (عن سهل) أي: "ابن سعد"، كما في نسخة. (عمرو بن عوف) أي "ابن الحارث"، كما في نسخة. (وحانت الصلاة) أي: حضرت. (حبس النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: تأخر في بني عمرو. (فتؤم الناس) بحذف همزة الاستفهام، أي: أفتؤمهم؟ (فصلى) أي: شرع في الصلاة بالناس. (بالتصفيح) في نسخة: "في التصفيح" وهو مأخوذ من صفحتي الكف، وضرب إحداهما على الأخرى، لكن قال الفقهاء: السنة فيه للمرأة أن تضرب بطن كفها الأيمن على ظهر الأيسر. (قال سهل) في نسخة: "فقال سهل". (هو التصفيق) يؤيد قول الجمهور: أنهما بمعنى واحد، وقيل: هما غيران، وقيل: هو بالحاء: [الضرب] (¬1) بظاهر إحدى اليدين على الأخرى، وبالقاف: بباطنها على باطن الأخرى، وقيل: بالحاء: الضرب بإصبعين للإنذار والتنبيه، وبالقاف: بجميعها: للهو واللعب. قال شيخنا: يعني: وبعد حكايته ذلك -وأغرب الداودي، فزعم أن الصحابة ضربوا بأكفهم على أفخاذهم (¬2). (فلما أكثروا) أي: من التصفيح. (مكانك) أي: الزمه. (فرفع يديه) أي: للدعاء. (فحمد الله) أي: شكره، حيث رفع مرتبته بتفويض النبي - صلى الله عليه وسلم - الإمامة إليه. (وتقدم) في نسخة: "فتقدم". ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) انظر: "فتح الباري" 3/ 76.

4 - باب من سمى قوما، أو سلم في الصلاة على غيره مواجهة، وهو لا يعلم

ووجه مطابقة الحديث للترجمة، كما قال شيخنا: إنه مشتمل عليها، لكنه مختصر من حديث مر في باب: من دخل ليؤم الناس (¬1) (¬2)، وفيه: (رفَعَ أبو بكر يديه فحمد الله) وفي آخره: (من نابه شيء فليسبح). وفي الحديث: اعتبار رضا الجماعة في إمامتهم؛ لقول أبي بكر: إن شئتم، وأن الإقامة إلى المؤذن، وأن الالتفات بالوجه لا يقطع الصلاة، وأنه لا بأس بالمشي للصف الأول لمن يصلح أن يلقن، أو يصلح للاستخلاف. 4 - بَابُ مَنْ سَمَّى قَوْمًا، أَوْ سَلَّمَ فِي الصَّلاةِ عَلَى غَيْرِهِ مُوَاجَهَةً، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ (باب: من سمى قومًا أو سلم في الصلاة) على غيره مواجهة. (وهو) أي: المسمي، أو المسلم. (لا يعلم) أي أن ذلك مبطل أو لا. (ومواجهة) بفتح الجيم، وبالنصب على المصدرية، وهي ساقطة من نسخة، وفي أخرى: "غير مواجهة" بالإضافة، وفي أخرى: كذلك، لكن بكسر جيم (مواجهة) بجعلها اسم فاعل مضافًا للضمير، وخرج بغير مواجهة ما إذا كان ذلك بمواجهة، فإنه يبطل إن كان بخطاب. 1202 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا نَقُولُ: التَّحِيَّةُ فِي الصَّلاةِ، وَنُسَمِّي، وَيُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، فَسَمِعَهُ ¬

_ (¬1) انظر: "فتح الباري" 3/ 75. (¬2) سبق برقم (684) كتاب: الأذان، باب: من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول.

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ". [انظر: 831 - مسلم: 402 - فتح: 3/ 76] (عمرو بن عيسى الضبعي) بضم المعجمة، وفتح الموحدة. (أبو عبد الصمد) زاد في نسخة: "العمي" بفتح العين، وتشديد الميم. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (التحية) برفعها مبتدأ. (في الصلاة) في خبره، وفي نسخة: بنصبها؛ مفعول (يقول)، وهي أن كانت مفردة، لكنها في معنى الجملة من قولهم: السلام على فلان، فكان ذلك كقولهم: قلت: قصة، وقلت: خبرًا. (ونسمي) أي: نقول: السلام على جبرائيل وميكائيل. (ويسلم بعضنا على بعض) لما مرَّ في باب: ما ينهى من الكلام من حديث (كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علينا وهو في الصلاة) (¬1) (فسمعه) أي: ما ذكر من تسميتهم، وتسليمهم. (التحيات) أي: أنواع التعظيم مستحقة (لله) أي: لا لغيره. (السلام) أي: الذي يسلم به على الأنبياء المتقدمة نسلم به عليك أيها النبي - صلى الله عليه وسلم -. (السلام) أي: الذي يسلم به على الأمم السابقة، نسلم به علينا، فالتعريف في السلامين؛ للعهد. (وعلى عباد الله الصالحين) من عطف العام على الخاص. (إذا فعلتم ذلك) أي: قلتموه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1199) كتاب: العمل في الصلاة، باب: ما ينهى من الكلام في الصلاة.

5 - باب التصفيق للنساء

5 - بَابُ التَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ (باب: التصفيق للنساء) مثلهن الخناثى. 1203 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ". [مسلم: 422 - فتح: 3/ 77] (سفيان) أي: ابن عيينة. (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء) أي: إذا نابهم شيء في صلاتهم. (والتصفيق للنساء) أي: يضربن بطن اليمنى على ظهر اليسار، كما مرَّ. 1204 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "التَّسْبِيحُ للرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ". [انظر: 684 - مسلم: 421 - فتح: 77] (يحيى) أي: ابن جعفر البلخي. (أخبرنا وكيع) في نسخة: "حدثنا وكيع". (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي حازم) بمهملة وزاي: سلمة بن دينار. (والتصفيح) في نسخة: "والتصفيق" بالقاف. 6 - بَابُ مَنْ رَجَعَ القَهْقَرَى فِي صَلاتِهِ، أَوْ تَقَدَّمَ بِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 684] (باب: من رجع القهقرى في صلاته، أو تقدم لأمر) في نسخة: "بأمر ينزل به" في نسخة بدل (في صلاته)، "في الصلاة". (رواه) أي: كلًّا من رجوع المصلي القهقرى وتقدمه لأمر. 1205 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال يُونُسُ: قَال الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ المُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي الفَجْرِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي بِهِمْ، "فَفَجِئَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَنَظَرَ

7 - باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة

إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ" فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاةِ، وَهَمَّ المُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاتِهِمْ، فَرَحًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ: "أَنْ أَتِمُّوا، ثُمَّ دَخَلَ الحُجْرَةَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ"، وَتُوُفِّيَ ذَلِكَ اليَوْمَ. [انظر: 680 - مسلم: 419 - فتح: 3/ 77] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. [(في الفجر)] (¬1) أي: في صلاته. (ففجأهم) بفتح الجيم، وكسرها، أي فاجأهم. (قد كشف حجرة عائشة) حال من النبي - صلى الله عليه وسلم - (فنكص) بالصاد، وفي نسخة: "فنكس" بالسين، أي: رجع القهقرى. (أن يفتتنوا في صلاتهم) أي: أن يخرجوا [منها] (¬2). (فرحًا) أي: فرحين. (أن أتموا) أن: تفسيرية أو مصدرية. (ذلك اليوم) في نسخة: "في ذلك اليوم". ومرَّ شرح الحديث في باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة (¬3). 7 - بَابُ إِذَا دَعَتِ الأُمُّ وَلَدَهَا فِي الصَّلاةِ (باب: إذا دعت الأم ولدها في الصلاة) أي: هل تجب إجابتها أو لا، داذا وجبت هل تبطل الصلاة، أو لا، والأصح: أنه لا يجب إجابتها، وإذا أجابها بطلت صلاته، وقيل: إن كانت فرضًا وضاق وقتها لا يجيب، وإلا أجاب. 1206 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَادَتِ امْرَأَةٌ ابْنَهَا وَهُوَ فِي صَوْمَعَةٍ، قَالتْ: يَا ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م). (¬3) سبق برقم (680) كتاب: الأذان، باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة.

جُرَيْجُ، قَال: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلاتِي، قَالتْ: يَا جُرَيْجُ، قَال: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلاتِي، قَالتْ: يَا جُرَيْجُ، قَال: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلاتِي، قَالتْ: اللَّهُمَّ لَا يَمُوتُ جُرَيْجٌ حَتَّى يَنْظُرَ فِي وُجُوهِ المَيَامِيسِ، وَكَانَتْ تَأْوي إِلَى صَوْمَعَتِهِ رَاعِيَةٌ تَرْعَى الغَنَمَ، فَوَلَدَتْ، فَقِيلَ لَهَا: مِمَّنْ هَذَا الوَلَدُ؟ قَالتْ: مِنْ جُرَيْجٍ، نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ، قَال جُرَيْجٌ: أَيْنَ هَذِهِ الَّتِي تَزْعُمُ أَنَّ وَلَدَهَا لِي؟ قَال: يَا بَابُوسُ، مَنْ أَبُوكَ؟ قَال: رَاعِي الغَنَمِ ". [2482، 3436، 3466 - مسلم: 2550 - فتح: 3/ 78] (جعفر) أي: "ابن ربيعة"، كما في نسخة. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) في نسخة: "قال النبي". (في صومعة) في نسخة: "صومعته" وهي بوزن: فوعلة من صمعت إذا دققت؛ لأنها دقيقة الرأس. (قال) في نسخة: "فقال". (اللهم أمي وصلاتي) أي: اللهم قد اجتمع حق إجابة أمي وإتمامي فوفقني لأفضلهما، قيل: وكان الكلام في الصلاة مباحًا في شريعتهم، كما كان مباحًا في شريعتنا أولًا؛ فلهذا استجيب دعوة أمه فيه. (في وجه) في نسخة: "في وجوه". (المياميس) في نسخة: "المواميس" وهما جمع مومسة: وهي الزانية، وكثير من المحدثين يقولون: ميامس بحذف الياء قبل السين. (يا بابوس) بموحدتين بينهما ألف، وثانيتهما: مضمومة بوزن فاعول: اسم للولد الرضيع. (من أبوك؟) سماه أبًا؛ مجازًا، أو أن المخلوق من ماء في زنى في شرعهم يلحق الزاني، قال النووي: وفي الحديث أن جريجًا آثر الصلاة على إجابة الأم، فاستجاب الله لها، فدل على أن الأفضل إجابتها؛ لأن الاستمرار في صلاة النفل تطوع، وإجابة الأم من البر الواجب، وكان يمكنه أن يخفف ويجيبها، ولعله يخشى أن تدعوه إلى

8 - باب مسح الحصى في الصلاة

مفارقة صومعته (¬1). والعود إلى الدنيا وتعلقاتها، وفيه: عظم بر الوالدين، وأن دعاءهما مجاب، والبداءة بالأهم في الأمور إذا تعارضت، وإثبات كرامات الأولياء، وأن الله يجعل لهم مخارج عند ابتلائهم غالبًا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (الطلاق: من الآية 2) وقد لا يجعل لهم ذلك؛ تهذيبا لهم ولطفًا، وما أقره من أن إجابة أمه أفضل من استمراره في صلاته المقتضي لتقدم حق الآدمي على حق الله تعالى، لا ينافي ما ذكره، كغيره من تقديم حق الله تعالى على حق غيره؛ لأن ذاك محله في الواجبات المالية، كما في تعلق الزكاة، وحق الآدمي بالتركة، وكما في الكفارات، ولو سلم عموم ذاك، فلا تنافي أيضًا؛ لأن دعوة أم جريج إنما أجيبت فيه، مع أنه قدم مصلحة الصلاة التي هي راجحة على هذا الفرض على مصلحة أمه؛ لئلا يذهب مصلحتها هدرًا، فليس تنافيًا، بل هو من بعض قوله - صلى الله عليه وسلم -. "واحتجبي منه يا سودة" (¬2) اعتبارًا للشبه المرجوح. 8 - باب مَسْحِ الحَصَى فِي الصلاة. (باب: مسح الحصا في الصلاة) في نسخة: "الحصاة" ولا يختص الحكم بالحصا، بل كل ما يصلى عليه من تراب، أو غيره مثله، كما يشير إليه الحديث الآتي. 1207 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَال: حَدَّثَنِي مُعَيْقِيبٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ، قَال: "إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً". [مسلم: 546 - فتح: 3/ 79] ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 16/ 105. (¬2) رواه الشافعي في "مسنده" 1/ 188، وابن الجارود في "المنتقى"1/ 182.

9 - باب بسط الثوب في الصلاة للسجود

(شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (معيقيب) أي: ابن أبي طلحة الدوسي. (في الرجل) أي: في شأنه، وذكر الرجل جري على الغالب، وإلا فغيره مثله. (فإن كنت فاعلًا) أي: في الصلاة (فواحدة) بالنصب؛ نعت لمصدر محذوف مع عامله، أي: فامسح مسحة واحدة، وبالرفع مبتدأ حذف خبره، أي: فواحدة كافية، أو خبر مبتدأ محذوف، أي: فالمشروع واحدة. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن التراب شامل لما فيه حصا، فيلزم من تسوية التراب مسح الحصا. 9 - بَابُ بَسْطِ الثَّوْبِ فِي الصَّلاةِ لِلسُّجُودِ (باب: بسط الثوب في الصلَاة للسجود) أي: باب جواز ذلك؛ لأنه عمل يسير. 1208 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا غَالِبٌ القَطَّانُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجْهَهُ مِنَ الأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ". [انظر: 385 - مسلم: 620 - فتح 3/ 80] (بشر) أي: ابن المفضل. (غالب) أي: "القطان"، كما في نسخة. (بسط ثوبه) أي: المنفصل عنه، أو المتصل، ولم يتحرك بحركته. ومرَّ شرح الحديث في الصلاة، باب: السجود على الثوب في شدة الحر (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (385) كتاب: الصلاة، باب: السجود على الثوب في شدة الحر.

10 - باب ما يجوز من العمل في الصلاة

10 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ العَمَلِ فِي الصَّلاةِ (باب: ما يجوز من العمل في الصلاة) أي: بيانه. 1209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كُنْتُ أَمُدُّ رِجْلِي فِي قِبْلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَرَفَعْتُهَا، فَإِذَا قَامَ مَدَدْتُهَا". [انظر: 382 - مسلم: 512، 744 - فتح: 3/ 80] (عن أبي النضر) هو سالم بن أبي أمية. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (أمدُّ رجلي) في نسخة: "أمدُّ رجليَّ". (فرفعتها فإذا قام مددتها) بإفراد الضمير فيهما، وفي نسخة: بتثنيته. 1210 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى صَلاةً، قَال: "إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي فَشَدَّ عَلَيَّ لِيَقْطَعَ الصَّلاةَ عَلَيَّ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَذَعَتُّهُ وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا، فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ: رَبِّ {هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِيًا " ثُمَّ قَال النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: "فَذَعَتُّهُ: بِالذَّالِ أَيْ خَنَقْتُهُ، وَفَدَعَّتُّهُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ: {يَوْمَ يُدَعُّونَ} [الطور: 13]: أَيْ يُدْفَعُونَ، وَالصَّوَابُ: فَدَعَتُّهُ، إلا أَنَّهُ كَذَا قَال، بِتَشْدِيدِ العَيْنِ وَالتَّاءِ". [انظر: 461 - مسلم: 541 - فتح: 3/ 80] (محمود) أي: ابن غيلان. (شُبابة) بضم المعجمة: ابن سوار المدني. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (قال: إن الشيطان) في نسخة: "فقال: إن الشيطان". (عرض لي) أي: في صورة هر. (فشدَّ) أي: حمل. (يقطع) في نسخة: "ليقطع". (فذعته) بذال معجمة وعين مهملة وفوقية مشددة، أي: خنقته خنقًا شديدًا، وقد ذكره بعد مع زيادة. (فتنظروا إليه) في نسخة: "وتنظرا إليه" على الشك.

11 - باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة

(خاسئًا) أي: مطرودًا مبعدًا. (ثم قال النضر بن شميل: فذعتّه) بالذال المعجمة، (وفدعته)، بالدال والعين المهملتين، مع تشديد المثناة، والصواب: فدعته بالمهملة وتخفيف العين. (إلا أن) يعني: شعبة. (كذا قال بتشديد العين والتاء) انتهى كلام ابن شميل، وهو ساقط من نسخة. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: في (فذعته) من حيث إنه عمل يسير. 11 - بَابُ إِذَا انْفَلَتَتْ الدَّابَّةُ فِي الصَّلاةِ وَقَال قَتَادَةُ: "إِنْ أُخِذَ ثَوْبُهُ يَتْبَعُ السَّارِقَ وَيَدَعُ الصَّلاةَ". (باب: إذا انفلتت الدابة في الصلاة) أي: ماذا يفعل المصلي. (إن أخذ) بالبناء للمفعول. (ثوبه) أي: ثوب المصلي. (يتبع السارق ويدع الصلاة) بضم العين، أو كسرها فيهما. 1211 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ، قَال: كُنَّا بِالأَهْوَازِ نُقَاتِلُ الحَرُورِيَّةَ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى جُرُفِ نَهَرٍ إِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، وَإِذَا لِجَامُ دَابَّتِهِ بِيَدِهِ، فَجَعَلَتِ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا - قَال شُعْبَةُ: هُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ - فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الخَوَارِجِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ، قَال: إِنِّي سَمِعْتُ قَوْلَكُمْ "وَإِنِّي غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّ غَزَوَاتٍ - أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ - وَثَمَانِيَ وَشَهِدْتُ تَيْسِيرَهُ"، وَإِنِّي إِنْ كُنْتُ أَنْ أُرَاجِعَ مَعَ دَابَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إِلَى مَأْلَفِهَا فَيَشُقُّ عَلَيَّ. [6127 - فتح: 3/ 81] (بالأهواز) بفتح الهمزة وسكون الهاء وبالزاي من أرض خورستان، وهي تشتمل على سبع كور، بين البصرة وفارس (¬1). ¬

_ (¬1) الأهواز: جمع هوز، وأصله حوز فلما كثر استعمال الفرس لهذه اللفظة غيرتها؛ لأنهم يقلبون الحاء هاء، والأهواز اسم عربي سُمّي به في الإسلام. انظر: "معجم البلدان" 1/ 285.

(الحرورية) أي: الخوارج؛ نسبة إلى حروراء بالمد والقصر، وبها كان أول اجتماع الخوارج، وتحكيمهم (¬1). (جرف النهر) بضم الجيم والراء، وقد تسكن: كل مكان أكله السيل، وفي نسخة: "حرف" بحاء مفتوحة وراء ساكنة، أي: جانب، واسم النهر: دجيل بجيم مصغرًا. (إذا رجل) في نسخة: "إذ جاء رجل". (يصلي) أي: العصر. (وجعل يتبعها) أي: وإن كثر فعله في الصلاة؛ لأن ذلك مغتفر فيها إذا خاف على ماله، كما يغتفر في الخوف من العدو. (وهو) أي: الرجل المتنازع لدابته. (أبو برزة) هو: فضلة بن عبيد. (افعل بهذا الشيخ) دعاء عليه وسبه؛ لكونه تبع فرسه وهو يصلي. (أو ثمان) بالفتح بغير ياء ولا تنوين، على قصد الإضافة، وفي نسخة: "أو ثمانيًا"، بالنصب والتنوين، وفي أخرى: "أو ثماني" بياء مفتوحة، وترك تنوينه؛ لقصد الإضافة، أي: ثماني غزوات؛ أو لمشابهته (جواري) لفظًا وكذا معنى؛ لدلالته على جمع. (تيسيره) أي: تسهيله عن الناس في الصلاة وغيرها، وفي نسخة: "سيْره" أي: سفره، وفي أخرى: "سيَره"، جمع سيرة، وفي رواية: "تستر" (¬2)، أي: فتحها، وهي بضم الفوقيتين، وسكون المهملة: مدينة بخورستان. (وإني) عطف على قوله: (إني سمعت). (أن كنت) بفتح (أن) مصدرية ¬

_ (¬1) حروراء: بفتحتين وسكون الواو وراء أخرى وألف، يجوز أن يكون مشتقًا من الريح الحرور وهي الحارة، قيل: هي قرية بظاهر الكوفة، وقيل: موضع على ميلين منها نزل به الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب فنسبوا إليها. انظر: "معجم البلدان" 2/ 245. (¬2) قال ابن حجر في "فتح الباري" 3/ 82: وحكى ابن التين عن الداودي أنه وقع عنده: (وشهدت تيسيره) .. ولم أر ذلك في شيء من الأصول.

بتقدير اللام، أي: كوني، وبكسرها: شرطية. (أن أراجع) بألف قبل الراء، وفي نسخة: "أن أرجع" بحذفها، وفي أخرى: "أرجع" بحذف (أن) وهي في الأوليين بالفتح زائدة في خبر كان، أو مصدرية على تقدير لام قبلها، وعلى أن تكون مع ما بعدها: بدلا من ياء (إني) أي إني كوني أرجع، أو مبتدأ، و (أحب) خبر (أن أرجع) وخبر (إن) المشددة الجملة الشرطية إن جعلت (إن) في (إن كنت) شرطية، وإلا فخبرها محذوف، بعضه دل عليه الكلام، وهو أيضًا جملة شرطية، أي: وإني إن تبعت الدابة لأجل رجوعها، فهو أحب إليَّ من تركها. (من أن أدعها) أي: أتركها. (مألفها) المكان الذي الفته واعتادته، وهو معلفها. (فيشق) بضم القاف وفتحها، قاله الكرماني وغيره (¬1). 1212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَال: قَالتْ عَائِشَةُ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ سُورَةً طَويلَةً، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَال، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ بِسُورَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ رَكَعَ حَتَّى قَضَاهَا وَسَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ قَال: "إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا، حَتَّى يُفْرَجَ عَنْكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَقَامِي هَذَا كُلَّ شَيْءٍ وُعِدْتُهُ، حَتَّى لَقَدْ رَأَيْتُ أُرِيدُ أَنْ آخُذَ قِطْفًا مِنَ الجَنَّةِ، حِينَ رَأَيْتُمُونِي جَعَلْتُ أَتَقَدَّمُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ وَهُوَ الَّذِي سَيَّبَ السَّوَائِبَ". [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح: 3/ 81] ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 7/ 29.

(عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. (فقام النبي) في نسخة: "فقام رسول الله". (بسورة) في نسخة: "سورة" بحذف الباء. (حتى) في نسخة: "حين". (قضاها) أي: أداها. (ذلك) أي: ما ذكره من القيامين والركوعين. (أنهما) أي: خسوفي الشمس والقمر. (فإذا رأيتم ذلك) أي: الخسوف. (يفرج) بالبناء للمفعول. (وعدته) بضم الواو. (لقد رأيت) في نسخة: "لقد رأيته". (قطفًا) بكسر القاف وسكون الطاء: ما يقطف، أي: يقطع ويجتنى، والمراد: عنقود عنب -كما في مسلم (¬1) - (جعلت) أي: طفقت. (يحطم) بكسر الطاء. (لحي) بضم اللام وفتح المهملة وتشديد الياء. (السوائب) جمع سائبة، وهي التي كانوا يسيبونها لآلهتهم فلا يحمل عليها شيء، فإن قلت: السوائب هي المسيبة، فكيف يقال: سيب السوائب؟ قلت: معناه: سيب النوق التي تسمى بالسوائب، كان الرجل يقول: إذا قدمت من سفري، أو برئت من مرضي، فناقتي سائبة، أي: لا تركب ولا تطرد عن ماء ولا مرعى، ومرَّ شرح الحديث في الكسوف (¬2). ووجه تعلقه بالترجمة: أن فيه: ذم تسييب الدواب مطلقًا في صلاة وغيرها. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (901) كتاب: الكسوف، باب: صلاة الكسوف. (¬2) سبق برقم (1044) كتاب: الكسوف، باب: الصدقة في الكسوف.

12 - باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة

12 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ البُصَاقِ وَالنَّفْخِ فِي الصَّلاةِ وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: "نَفَخَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُجُودِهِ فِي كُسُوفٍ". [فتح: 3/ 83] (باب: ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة) أي: بيان جواز ذلك فيها البصاق بالصاد، والسين، والزاي: ما يخرج من الصدر. (عن عبد الله بن عمرو) أي: ابن العاص. (في كسوف) في نسخة: "في الكسوف". 1213 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ، فَتَغَيَّظَ عَلَى أَهْلِ المَسْجِدِ، وَقَال: "إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ أَحَدِكُمْ، فَإِذَا كَانَ فِي صَلاتِهِ فَلَا يَبْزُقَنَّ - أَوْ قَال: لَا يَتَنَخَّمَنَّ - " ثُمَّ نَزَلَ فَحَتَّهَا بِيَدِهِ وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "إِذَا بَزَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْزُقْ عَلَى يَسَارِهِ". [انظر: 406 - مسلم: 547 - فتح: 3/ 84] (حماد) أي: ابن زيد بن درهم الجهضمي. (عن أيوب) أي: السختياني. (نخامة) بضم النون: ما يخرج من الصدر. (إن الله) أي: ثوابه، أو عظمته. (قبل أحدكم) بكسر القاف، وفتح الموحدة، أي: جهته. (فإذا) في نسخة: "إذا". (أو قال) شكٌّ من الراوي. (لا) في نسخة: "فلا". (يتنخمن) في نسخة: "يتنخعن" بالعين بدل الميم، ومعناهما واحد. (ثم نزل) أي: من قيامه. (فحتها) بمثناة فوقية، وفي نسخة: "فحكها" بالكاف. (بيده) أي: بحصاة في يده، كما مرَّ في باب: حك المخاط بالحصا (¬1). (على يساره) في نسخة: "عن يساره". ¬

_ (¬1) سبق برقم (408، 409) كتاب: الصلاة، باب: حك المخاط بالحصا من المسجد.

13 - باب من صفق جاهلا من الرجال في صلاته لم تفسد صلاته

1214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا كَانَ فِي الصَّلاةِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى". [انظر: 241 - مسلم: 493، 551 - فتح: 3/ 54] (محمد) هو ابن بشار. (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن أنس) أي: "ابن مالك"، كما في نسخة. (فإنه يناجي ربه) مناجاته لربه: مساررته له بالقرآن والذكر ومناجات ربه له لازم ذلك، وهو إرادة الخير له. (ولكن عن شماله تحت قدمه اليسرى)، أي: في غير المسجد، أما فيه فلا يبزقن إلا في ثوبه، ومرَّ شرح الحديث في الباب المذكور آنفا. 13 - بَابُ مَنْ صَفَّقَ جَاهِلًا مِنَ الرِّجَالِ فِي صَلاتِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلاتُهُ فِيهِ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح: 3/ 85] (باب: من صفق جاهلًا من الرجال في صلاته لم تفسد صلاته) المراد من (صفق في صلاته) لتنبيه إمام، أو غيره، وليس للتقييد بالرجال كبير معنى، وإن تقدم حكم تصفيق النساء (فيه) أي: فيما ترجم له. (سهل بن سعد) ساقط من نسخة، ومر حديثه في باب: التصفيق للنساء (¬1). (عن النبي) حيث قال لما أخذ الناس في التصفيق لتنبيه أبي بكر على مجيئه - صلى الله عليه وسلم -: "التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء" كما مرَّ، ولم يأمرهم بالإعادة؛ لجهلهم بالحكم؛ أو لأن تصفيقهم لم يكن لعبًا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1203) كتاب: العمل في الصلاة، باب: التصفيق للنساء.

14 - باب إذا قيل للمصلي تقدم، أو انتظر، فانتظر، فلا بأس

14 - بَابُ إِذَا قِيلَ لِلْمُصَلِّي تَقَدَّمْ، أَو انْتَظِرْ، فَانْتَظَرَ، فَلَا بَأْسَ (باب: إذا قيل للمصلي تقدم، أو انتظر فانتظر فلا بأس) أي: به. 1215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ عَاقِدُو أُزْرِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ عَلَى رِقَابِهِمْ، فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ: "لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ، حَتَّى يَسْتَويَ الرِّجَالُ جُلُوسًا". [انظر: 362 - مسلم: 441 - فتح: 3/ 86] (سفيان) أي: الثوري. (عن [أبي] (¬1) حازم) بمهملة وزاي: سلمة بن دينار. (عاقدوا) في نسخة "عاقدي" أي: وهم كانوا عاقدي (أزرهم) بضمتين جمع إزار: وهو الملحفة. ومرَّ شرح الحديث في باب: عقد الثياب (¬2). 15 - بَابُ لَا يَرُدُّ السَّلامَ فِي الصَّلاةِ (باب: لا يرد السلام في الصلاة) على من سلم عليه، وهو فيها. 1216 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنْتُ أُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَيَرُدُّ عَلَيَّ، فَلَمَّا رَجَعْنَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ وَقَال: "إِنَّ فِي الصَّلاةِ لَشُغْلًا". [انظر: 1199 - مسلم: 538 - فتح: 3/ 86] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس النخعي. (فلمَّا رجعنا) أي: من عند النجاشي ملك الحبشة إلى المدينة. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (814) كتاب: الأذان، باب: عقد الثياب وشدها.

(وقال) في نسخة: "قال". (شغلا) في نسخة "لشغلًا" بلام التأكيد. 1217 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَانْطَلَقْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَقَدْ قَضَيْتُهَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ عَلَيَّ أَنِّي أَبْطَأْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَشَدُّ مِنَ المَرَّةِ الأُولَى، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ، فَقَال: "إِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي"، وَكَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُتَوَجِّهًا إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ. [انظر 400 - مسلم: 540 - فتح: 3/ 86] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو التميمي. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد التنوري. (شنظير) بمعجمة مكسورة ونون ساكنة، ومعجمة مكسورة: علم على أبي كثير، ومعناه لغة: السيئ الخلق. (ولم يرد عليَّ) أي: السلام باللفظ، وإلا فقد رده عليه بالإشارة باليد -كما في مسلم (¬1) - (ما الله أعلم به) أي: من الحزن العظيم الذي لا يدخل تحت التعبير عن قدره. (وجد عليَّ) أي: غضب عليَّ. (أني) في نسخة: "أن". (فردَّ علي) أي: بعد فراغه من صلاته. (فقال) في نسخة: "وقال". وفي الحديث: أن الكبير إذا وقع منه ما يوجب حزنًا يظهر سببه ليندفع ذلك، وجواز التنفل على الراحلة لغير القبلة. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (540) كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحته.

16 - باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به

16 - بَابُ رَفْعِ الأَيْدِي فِي الصَّلاةِ لِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ (باب: رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به) أي: بالمصلي. 1218 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتِ الصَّلاةُ، فَجَاءَ بِلالٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَال: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حُبِسَ، وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَال: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، فَأَقَامَ بِلالٌ الصَّلاةَ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيحِ - قَال سَهْلٌ: التَّصْفِيحُ: هُوَ التَّصْفِيقُ - قَال: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلاتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَفَتَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ: "أَنْ يُصَلِّيَ"، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَدَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ القَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلاةِ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ؟ إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاتِهِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ " ثُمَّ التَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ؟ " قَال أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 684 - مسلم: 421 - فتح: 3/ 87] (قتيبة) أي: ابن سعيد بن جميل، بفتح الجيم. (عبد العزيز) أي: ابن أبي حازم. (عن أبي حازم) هو المذكور، واسمه: سلمة بن دينار.

17 - باب الخصر في الصلاة

(شيء) أي: خصومة. (فحُبس) بالبناء للمفعول، أي: تعوق ثم ليزيل الخصومة. (وحانت) أي: حضرت. (إن شئت) في نسخة: "إن شئتم". (فكبر للناس) أي: تكبيرة الإحرام، وفي نسخة: "وكبر الناس". (في الصف) في نسخة: "من الصف". (يده) في نسخة: "يديه". (فصلى) في نسخة: "وصلى". (شيء) ساقط من نسخة. (للناس) ساقط من نسخة. (إليك) في نسخة: "عليك" ومرَّ شرح الحديث في باب: من دخل ليؤم الناس، وفي غيره (¬1). 17 - بَابُ الخَصْرِ فِي الصَّلاةِ (باب: الخصرة في الصلاة) أي: النهي عنها وهي بفتح المعجمة وسكون المهملة: وسط الإنسان، مأخوذ من الخاصرة بأن يضع اليد عليها، أو من المخصرة: وهي العصا، بأن يأخذها ويتوكأ عليها، أو من الاختصار ضد التطويل، بأن يختصر السورة، أو يخفف الصلاة بترك الطمأنينة. 1219 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نُهِيَ عَنِ الخَصْرِ فِي الصَّلاةِ" وَقَال هِشَامٌ، وَأَبُو هِلالٍ: عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [1220 - مسلم 545 - فتح: 3/ 88] ¬

_ (¬1) سبق برقم (684) كتاب: الأذان، باب: من دخل ليؤم الناس، فجاء الإمام الأول. و (1201) كتاب: العمل في الصلاة، باب: ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة للرجال.

18 - باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة

(أبو النعمان) هو: محمد بن فضل السدوسي. (حمَّاد) أي: ابن زيد. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (نهي) بالبناء للمفعول، أي: نهى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (عن الخصر في الصلاة) أي: لأن إبليس أُهبط مختصرًا؛ أو لأن فيه تشبهًا باليهود؛ فإنهم يكثرون منه، أو لأنه راحة أهل النار، أو لأنه فعل المختالين والمتكبرين، والكراهة فيه للتنزيه. (هشام) هو ابن حسان القردوسي، بضم القاف. (عن النبي) في نسخة: "نهي النبي". 1220 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا". [انظر: 1219 - مسلم: 545 - فتح: 3/ 88] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان (هشام) أي: القردوسي (محمد) أي: ابن سيرين. (نهي) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - ". (مختصرًا) في نسخة: "مخصَّرًا" بتشديد الصاد. 18 - بَابُ يُفْكِرُ الرَّجُلُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاةِ وَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "إِنِّي لَأُجَهِّزُ جَيْشِي وَأَنَا فِي الصَّلاةِ". (باب: يُفكر [الرجل] (¬1) الشيء في الصلاة) بضم التحتية، وسكون الكاف، وفي نسخة: "تفكر" بفتح الفوقية والفاء، وضم الكاف مشددة و (الشيء) بالنصب بما قبله، أو بنزع الخافض، وفي نسخة: ¬

_ (¬1) من (م).

"في الشيء" وذكر الرجل جرفي على الغالب، فغيره مثله. (لأجهز جيشي) أي: للجهاد. 1221 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا عُمَرُ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَصْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ سَرِيعًا دَخَلَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَرَأَى مَا فِي وُجُوهِ القَوْمِ مِنْ تَعَجُّبِهِمْ لِسُرْعَتِهِ، فَقَال: "ذَكَرْتُ وَأَنَا فِي الصَّلاةِ تِبْرًا عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يُمْسِيَ - أَوْ يَبِيتَ عِنْدَنَا - فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ". [انظر: 851 - فتح: 3/ 89] (روح) بفتح الراء: ابن عباد بن العلاء بن حسان القيسي. (ذكرت) أي: تفكرت. (تبرًا) بكسر التاء: ذهبٌ غير مضروب. وفي الحديث: المسارعة للخير، وغاية زهده - صلى الله عليه وسلم -، ومرَّ شرح الحديث في باب: من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم (¬1). 1222 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أُذِّنَ بِالصَّلاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا سَكَتَ المُؤَذِّنُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ أَدْبَرَ، فَإِذَا سَكَتَ أَقْبَلَ، فَلَا يَزَالُ، بِالْمَرْءِ يَقُولُ لَهُ: اذْكُرْ مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى " قَال أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: "إِذَا فَعَلَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ"، وَسَمِعَهُ أَبُو سَلَمَةَ، مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [انظر: 608 - مسلم: 389 - فتح: 3/ 89] (جعفر) أي: ابن أبي ربيعة. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (قال: قال أبو هريرة) في نسخة: "عن أبي هريرة". (أذن) بضم الهمزة، وتشديد المعجمة المكسورة. (له ضراط) ¬

_ (¬1) سبق برقم (851) كتاب: الأذان، باب: من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم.

حقيقة، أو مجازًا عن شغل نفسه بصوت يمنعه عن سماع الأذان، وصرح به؛ تقبيحًا. (فإذا ثُوِّب) بالبناء للمفعول، أي: أقيمت الصلاة. ومرَّ شرح الحديث في باب: فضل التأذين (¬1). 1223 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَقُولُ النَّاسُ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَلَقِيتُ رَجُلًا، فَقُلْتُ: بِمَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَارِحَةَ فِي العَتَمَةِ؟ فَقَال: لَا أَدْرِي؟ فَقُلْتُ: لَمْ تَشْهَدْهَا؟ قَال: بَلَى، قُلْتُ: لَكِنْ أَنَا أَدْرِي "قَرَأَ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا". [فتح: 3/ 90] (قال: أخبرني) في نسخة: "قال: أخبرنا". (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (أكثر أبو هريرة) أي: في الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (فلقيت رجلًا) لم يسمَّ. (بما) بإثبات ألف ما الاستفهامية، وفي نسخة: "بم" بحذفها وهو الكثير. (في العتمة) أي: صلاة العشاء. (لكن أنا أدري قرأ سورة كذا وكذا) فيه الإشارة من أبي هريرة إلى سبب إكثاره؛ أنه كان يضبط أقواله - صلى الله عليه وسلم -، وأفعاله، بخلاف غيره. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: إما لضبط أبي هريرة بتفكره في أمر الصلاة حتى حفظ ما رواه عنه - صلى الله عليه وسلم - فيها، أو لعدم ضبط الرجل بتفكره فيما لا يتعلق لها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (608) كتاب: الأذان، باب: فضل التأذين.

22 - كتاب السهو

22 - كتاب السهو

1 - باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 22 - كتاب السهو 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّهْو إِذَا قَامَ مِنْ رَكْعَتَيِ الفَرِيضَةِ (باب) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. (ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة) في نسخة: "من ركعتي الفرض". 1224 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: "صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ قَامَ، فَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ سَلَّمَ". [انظر: 829 - مسلم: 570 - فتح: 3/ 92] (عبد الرحمن الأعرج) ساقط من نسخة. (عن عبد اللَّه ابن بحينة) بإثبات الألف؛ لأن (بحينة) أمه، أو أم أبيه، كما مرَّ (ركعتين) أي: من الظهر، على ما صرح به في الرواية الآتية (¬1)، أو من العصر على ما يأتي في باب يلي الباب الآتي (¬2). (ونظرن) أي انتظرنا. (ثم سلم) إنما كان سجود السهو قبل السلام؛ لأنه آخر الأمرين من فعله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأنه لمصلحة الصلاة، فكان ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1225) كتاب: السهو، باب: ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة. (¬2) سيأتي برقم (1127) كتاب: السهو، باب: إذا صلى خمسًا.

2 - باب إذا صلى خمسا

قبل الصلاة، كما لو نسي سجدة فيها. وأجيب عن سجوده بعده في الخبرين الآتيين في البابين الآتيين: بأنه لم يكن قصد، وكذا يجاب به عن قوله هنا. 1225 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ". [انظر: 829 - مسلم: 570 - فتح: 3/ 92] (بينهما) أي: بين الركعتين اللتين أتى بهما وبين الأخريين. (فلما قضى صلاته سجد سجدتين) أي: عمل بظاهره، وإن حمل قضاء صلاته على غير السلام، فلا إشكال. 2 - بَابُ إِذَا صَلَّى خَمْسًا (باب: إذا صلى) أي رباعية. (خمسًا) أي: سهوًا يسجد للسهو. 1226 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ لَهُ: أَزِيدَ فِي الصَّلاةِ؟ فَقَال: "وَمَا ذَاكَ؟ " قَال: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ. [انظر: 401 - مسلم: 572 - فتح: 3/ 93] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الحكم) أي: مولى ابن عدي. (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس. (فقال) في نسخة: "قال". (وما ذاك؟) أي: وما سبب سؤالكم؟ ومر الحديث في باب: ما جاء في القبلة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (404) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القبلة.

3 - باب إذا سلم في ركعتين، أو في ثلاث، فسجد سجدتين، مثل سجود الصلاة أو أطول

3 - بَابُ إِذَا سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، أَوْ فِي ثَلاثٍ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، مِثْلَ سُجُودِ الصَّلاةِ أَوْ أَطْوَلَ (باب: إذا سلم في ركعتين، أو في ثلاث، فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة، أو أطول) تصح صلاته، فجواب (إذا) محذوف، وفي نسخة: "سجد" بلا فاء فيكون جواب (إذا) [و (في) بمعنى: من] (¬1) أو مقدر بعدها آخر. 1227 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ - أَو العَصْرَ - فَسَلَّمَ، فَقَال لَهُ ذُو اليَدَيْنِ: الصَّلاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَقَصَتْ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "أَحَقٌّ مَا يَقُولُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَال سَعْدٌ: وَرَأَيْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ صَلَّى مِنَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، فَسَلَّمَ وَتَكَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى مَا بَقِيَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَقَال: "هَكَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 482 - مسلم: 573 - فتح: 3/ 96] (صلى بنا النبي) في نسخة: "صلى بنا رسول اللَّه". (الظهر أو العصر) بالشك، لكن من الجزم بأنها الظهر، وكذا في رواية كمسلم (¬2)، وله في أخرى: بالجزم بأنها العصر (¬3). قال شيخنا: والشك من أبي هريرة، فالظاهر: أنه رواه كثيرًا بالشك، وربما غلب على ظنه تارة أنها الظهر، فجزم بها، وأخرى: أنها العصر، فجزم بها، فإن تعددت القصة فذاك، أو اتحدت ترجح ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم" (573) كتاب: المساجد، باب: السهو في الصلاة والسجود له. (¬3) "صحيح مسلم" (573) (99) كتاب: المساجد، باب: السهو في الصلاة والسجود له.

4 - باب من لم يتشهد في سجدتي السهو

على أنها العصر؛ لاتفاق الرواة في خبر عمران في قصة الخرباق: أنها العصر، ولما سيأتي بعد باب للبخاري من أن ابن سيرين قال: وأكثر ظني أنها العصر (¬1). (ذو اليدين) اسمه: الخرباق. (أنقصت؟) بهمزة الاستفهام وفتح النون، فالفعل لازم، وبضمها فهو متعد مبني للمفعول، وفي نسخة: بدون همزة، والجملة خبر (الصلاة) وما بينهما أعتراض. (أحق) مبتدأ. (ما يقول) ساد مسد الخبر و (هو) مبتدأ، و (أحق) خبره. (أخريين) بتحتيتين، وفي نسخة: "أخراوين" على غير القياس، وإنما لم تبطل صلاته - صلى الله عليه وسلم - بكلامه؛ لأنه كان سهوًا؛ لأنه على ظنٍ أنه خارج الصلاة ولا صلاة المسلمين معه بكلامهم، لاعتقادهم جواز نسخها من أربع إلى ركعتين؛ ولأن كلامهم كان جوابًا له - صلى الله عليه وسلم - وهو لوجوبه لا يبطله. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: في القيام من الثالثة قياسه على القيام من الركعتين، أو الإشارة إلى روايته في مسلم، ومرَّ شرح الحديث في باب: تشبيك الأصابع في المسجد (¬2). 4 - باب من لم يتشهد في سجدتي السهو وَسَلَّمَ أَنَسٌ، وَالحَسَنُ وَلَمْ يَتَشَهَّدَا وَقَال قَتَادَةُ: "لَا يَتَشَهَّدُ". [فتح: 3/ 97] (باب: من لم يتشهد في سجدتي السهو) أو بعدهما. (وقال قتادة: ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 3/ 97. (¬2) سبق برقم (482) كتاب: الصلاة، باب: تشبيك الأصابع في المسجد وغيره ..

لا يتشهد) روي عنه أنه قال: يتشهد (¬1)، بحذف (لا) فيجوز أن يكون عنه، روايتان، وأن تكون (لا) محذوف في تلك الرواية، أو زائدة في رواية البخاري، وعليه جرى شيخنا (¬2). 1228 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَال لَهُ ذُو اليَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلاةُ، أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ " فَقَال النَّاسُ: نَعَمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ". [انظر: 482 - مسلم: 573 - فتح: 3/ 98] حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ، قَال: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْو تَشَهُّدٌ؟ قَال: لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. (أنس بن مالك) لَفظ: (ابن مالك). ساقط من نسخة. (أقصرت) بفتح القاف وضم الصاد. (فقال رسول اللَّه) في نسخة: "وقال رسول اللَّه". (وقام رسول اللَّه) استشكل بأنه كان قائمًا؛ لقوله في حديث الباب الآتي: (ثم قام إلى خشبة). وأجيب: بأن المراد بقوله: (فقام) أي: اعتدل، وقيل: هو كناية عن الدخول في الصلاة. (حماد) أي: ابن زيد. (قلت لمحمد) أي: ابن سيرين. (قال) في نسخة: "فقال". (ليس في حديث أبي هريرة) أي: ليس فيه تشهد. ¬

_ (¬1) "مصنف عبد الرزاق" 2/ 314 (3501) باب: هل في سجدتي السهو تشهد وتسليم. (¬2) "فتح الباري" 3/ 98.

5 - باب من يكبر في سجدتي السهو

5 - بَابُ مَنْ يُكَبِّرُ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْو (باب: من يكبر) لفظ: (من) ساقط من نسخة. (في سجدتي السهو) ساقط من أخرى. 1229 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلاتَيِ العَشِيِّ - قَال مُحَمَّدٌ: وَأَكْثَرُ ظَنِّي العَصْرَ - رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ المَسْجِدِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَقَالُوا: أَقَصُرَتِ الصَّلاةُ؟ وَرَجُلٌ يَدْعُوهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُو اليَدَيْنِ، فَقَال: أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ؟ فَقَال: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ، قَال: "بَلَى قَدْ نَسِيتَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ، فَكَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ". [انظر: 482 - مسلم: 573 - فتح: 3/ 99] (صلاتي العشي) أي: الظهر، والعصر. (قال محمد) أي: ابن سيرين. (وأكثر) بمثلثة، أو بموحدة. (ظني العصر) بنصب العصر بظن، وبرفعه خبر محذوف، أي: أنها العصر. (ركعتين) لا ينافي ما في مسلم: أنه سلم في ثلاث ركعات (¬1) لأنهما قضيتان. (مقدم المسجد) أي: جهة قبلته. (سرعان) بفتح السين والراء، وبضم السين وسكون الراء، أي: الذين يسارعون إلى الخروج من المسجد. (ذو اليدين) بالرفع على الحكاية، أو بمحذوف، أي يقال له: ذو اليدين، وبالنصب بيدعو قبله على أنه مفعول ثان، أي: يسميه: ذا اليدين. (أم قصرت) بالبناء للفاعل وللمفعول، وفي نسخة: "أو قصرت". ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (574) كتاب: المساجد، باب: السهو في الصلاة والسجود له.

6 - باب إذا لم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا، سجد سجدتين وهو جالس

1230 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَسْدِيِّ، حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي صَلاةِ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا أَتَمَّ صَلاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، فَكَبَّرَ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ مَكَانَ مَا نَسِيَ مِنَ الجُلُوسِ" تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ فِي التَّكْبِيرِ. [انظر: 829 - مسلم: 570 - فتح: 3/ 99] (ليث) في نسخة: "الليث". (الأسدي) بسكون السين، وأصله: الأزدي، فأبدلت الزاي: سينًا. (حليف بني عبد المطلب) قال شيخنا: الصواب: حذف عبد (¬1). (كبر) في نسخة: "يكبر". (تابعه) أي: الليث، ومر شرح الحديث في باب: ما جاء من السهو إذا قام من ركعتي الفريضة (¬2). 6 - بَابُ إِذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا، سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ (باب: إذا لم يَدْرِ كَمْ صلى: ثلاثًا، أو أربعًا، سجد سجدتين وهو جالس) أي: قبل سلامه من صلاته. 1231 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الأَذَانَ، فَإِذَا قُضِيَ ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 3/ 103. (¬2) سبق برقم (1224) كتاب: السهو، باب: ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة.

7 - باب السهو في الفرض والتطوع

الأَذَانُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْويبُ، أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا، مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ". [انظر: 608 - مسلم: 389 - فتح: 3/ 103] (وله) في نسخة: "له". (قضي) بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل. (ثوب) بضم المثلثة. (يخطر) بضم الطاء وكسرها، أي: يوسوس. (يظل) أي: بفتح الظاء، أي: يصير. (أن يدري) أي: ما يدري، ومرَّ شرح الحديث في باب: تفكر الرجل الشيء في الصلاة، وباب: فضل التأذين (¬1). 7 - بَابُ السَّهْو فِي الفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ وَسَجَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ وتْرِهِ". (باب: السهو في الفرض والتطوع) أي: بيان السجود له فيهما. 1232 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيْطَانُ، فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ". [انظر: 608 - مسلم: 389 - فتح: 3/ 104] (فلبس) بتخفيف الموحدة مفتوحة، أي: خلط عليه أمر صلاته، وحكي تشديدها. ومرَّ شرح الحديث آنفًا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (608) كتاب: الأذان، باب: فضل التأذين.

8 - باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع

8 - باب إِذَا كُلِّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَاسْتَمَعَ (باب: إذا كُلِّم) بضم الكاف وكسر اللام المشددة. (وهو يصلي فأشار بيده) أي: إلى المتكلم. (واستمع) أي: لكلامه، وجواب (إذا) محذوف، أي: لم تفسد صلاته. 1233 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالُوا: اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلامَ مِنَّا جَمِيعًا، وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلاةِ العَصْرِ، وَقُلْ لَهَا: إِنَّا أُخْبِرْنَا عَنْكِ أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ عَنْهَا، فَقَال كُرَيْبٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي، فَقَالتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ، فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا، فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي بِهِ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الجَارِيَةَ، فَقُلْتُ: قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ: تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ، وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ، فَفَعَلَتِ الجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: "يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ القَيْسِ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ". [4370 - مسلم: 834 - فتح: 3/ 105] (ابن وهب) اسمه: عبد اللَّه. (عمرو) أي: ابن الحارث. (عن بكير) أي: ابن عبد اللَّه بن الأشج. (أرسلوا) في نسخة: "أرسلوه" أي: كريبًا. (وسلْها) أصله: واسألها. (أخبرنا أنك) في نسخة: "أخبرنا عنك أنك". (تصلينهما) في

9 - باب الإشارة في الصلاة

نسخة: "أنك تصليهما" بحذف النون، وفي أخرى: "تصليها" بحذف النون والميم، وفي أخرى: بإثباتها مع الإفراد فيهما، أي: الصلاة. (عنها) أي: عن الصلاة، أي: لأجلها، وفي نسخة: "عنهما" أي: الركعتين، وفي اخرى: "عنه" أي: عن فعلهما، وفي أخرى: "عليها". (فقال) في نسخة: "قال". (قولي) في نسخة: "فقولي". (عن هاتين) في نسخة: "عن هاتين الركعتين". (يا بنت أبي أمية) هي: أم سلمة، واسمها: هند، واسم أبي أمية: سهيل، على الصحيح. (ناس) في نسخة: "أناس". ومرَّ شرح الحديث في المواقيت (¬1). 9 - بَابُ الإِشَارَةِ فِي الصَّلاةِ قَالهُ كُرَيْبٌ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1233] (باب: الإشارة في الصلاة) أي: بيان حكمها. 1234 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَهُ أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَانَتِ الصَّلاةُ، فَجَاءَ بِلالٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حُبِسَ، وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَال: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، فَأَقَامَ بِلالٌ، وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيقِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَلْتَفِتُ فِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (590) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: ما يصلي بعد العصر من الفوائت ونحوها.

صَلاتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَفَتَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْمُرُهُ: "أَنْ يُصَلِّيَ" فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَرَجَعَ القَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلاةِ، أَخَذْتُمْ فِي التَّصْفِيقِ إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاتِهِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ حِينَ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ إلا التَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ " فَقَال أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 684 - مسلم: 421 - فتح: 3/ 107] (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (وحانت الصلاة) هي صلاة العصر. (فصلى للناس) في نسخة: "فصلى بالناس". (فأخذ الناس في التصفيق) فيه: مطابقة الحديث للترجمة؛ لأن التصفيق يكون باليد، وحركتها به كحركتها بالإشارة. (يا أيها الناس) في نسخة: "أيها الناس". 1235 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَهِيَ "تُصَلِّي قَائِمَةً وَالنَّاسُ قِيَامٌ"، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ "فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ"، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَقَالتْ بِرَأْسِهَا: "أَيْ نَعَمْ". [انظر: 86 - مسلم: 905 - فتح: 3/ 107] (عن هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (فقلت) في نسخة: "قلت". (فقالت) في نسخة: "فأشارت". 1236 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا".

[انظر: 688 - مسلم: 412 - فتح: 3/ 108] (إسماعيل) أي: "ابن أبي أويس"، كما في نسخة. (شاك) في نسخة: "شاكي" ومرَّ شرح هذه الأحاديث (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (86) كتاب: العلم، باب: من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس. و (684) كتاب: الأذان، باب: من دخل ليؤم الناس، فجاء الإمام الأول. و (688) كتاب: الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به.

23 - كتاب الجنائز

23 - كتاب الجنائز

1 - باب ما جاء في الجنائز، ومن كان آخر كلامه: لا إله إلا الله

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 23 - كِتَابُ الجَنَائِزِ 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الجَنَائِزِ، وَمَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَقِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَلَيْسَ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ مِفْتَاحُ الجَنَّةِ؟ قَال: "بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إلا لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَكَ". [فتح: 3/ 109] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (كتاب: الجنائز) في نسخة: "باب: في الجنائز" وفي أخرى: "كتاب: الجنائز، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، باب: ما جاء في الجنائز" وهي جمع جنازة، من جنز، أي: ستر، وهي بالفتح والكسر: اسم للميت في النعش، وقيل: بالفتح: اسم لذلك، وبالكسر: النعش وعليه الميت، وقيل: عكسه، فإن لم يكن عليه ميت، فهو سرير ونعش. (ومن كان آخر كلامه: لا إله إلا اللَّه) عطف على (الجنائز) والمعنى: بيان حكمها. (مفتاح الجنة) بالرفع، أو بالنصب: اسم (ليس) أو خبرها. (إلا له أسنان) أسنانه هنا: بقية قواعد الإسلام التي بني عليها. (وإلا) أي: وإن لم تأت بمفتاح أو جئت بمفتاح لا أسنان له (لم يفتح لك) أي: لعدم المفتاح؛ أو لعدم أسنانه، وعلى هذا فتسميته مفتاحًا مع كون الأسنان معتبرة فيه مجاز، باعتبار أن شأنه الفتح إذا وجد له أسنان، فتسميته مفتاحًا بالقوة لا بالفعل. وقوله: (لم يفتح لك) أي: أولًا، وإلا فمرتكب الكبيرة لا بد أن يدخل الجنة.

1237 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ، عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي، فَأَخْبَرَنِي - أَوْ قَال: بَشَّرَنِي - أَنَّهُ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ " قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَال: "وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ". [1408، 2388، 3222، 5827، 6268، 6443، 6444، 7487 - مسلم: 94 وسيأتي بعد الحديث 991 في كتاب الزكاة (32) - فتح: 3/ 110] (آت) هو جبريل. (قلت) في نسخة: "فقلت". (وإن زنى وإن سرق) فيه استفهام مقدر، أي: يدخل الجنة وإن زنى وإن سرق؟ (قال وإن زنى وإن سرق) أي: فيدخلها، وفيه: أن الكبيرة لا تسلب اسم الإيمان، فإن غير المؤمن لا يدخلها، وأربابها لا يخلدون في النار، واقتصر من الكبائر على الزنا والسرقة؛ لأن الحق إما لله، أو للعباد فأشار بالزنا إلى الأول، وبالسرقة إلى الثاني. 1238 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ" وَقُلْتُ أَنَا: "مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ". [4497، 6683 - مسلم: 92 - فتح: 3/ 110] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (شقيق) هو أبو وائل بن سلمة. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود - رضي الله عنه -. (يشرك باللَّه شيئًا) لفظ: (شيئًا) ساقط من نسخة. (وقلت أنا ... إلخ) أخذ ذلك ابن مسعود من أن نفي السبب يلزم منه انتفاء المسبب، فإذا انتفى الشرك، لم يدخل النار فيلزم دخول الجنة؛ إذ لا ثالث لهما، أو من قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] ونحوه، وما ذكره من أن المرفوع الوعيد، والموقوف الوعد، مخالف

2 - باب الأمر باتباع الجنائز

لما في مسلم من عكس ذلك (¬1) ولما فيه أيضًا من أنهما مرفوعان، وجمع النووي بينهما: بأن ابن مسعود سمع اللفظتين من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لكنه في وقت حفظ إحداهما، ولم يحفظ الأخرى، فرفع المحفوظة، وضم الأخرى إليها، وفي وقت بالعكس، قال: فهذا جمع من روايتي ابن مسعود، وموافقة لرواية غيره في رفع اللفظين (¬2). 2 - بَابُ الأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ (باب: الأمر باتباع الجنائز) أي: بيان الأمر بذلك. 1239 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَشْعَثِ، قَال: سَمِعْتُ مُعَاويَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ القَسَمِ، وَرَدِّ السَّلامِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ: آنِيَةِ الفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالقَسِّيِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ". [2445، 5175، 5635، 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6235، 6654 - مسلم: 2066 - فتح: 3/ 121] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الأشعث) بمثلثة، أي: ابن أبي الشعثاء المحاربي. (عن البراء) أي: "ابن عازب"، كما في نسخة. (أمرنا النبي) في نسخة: "أمرنا رسول اللَّه". (أمرنا باتباع الجنائز) ظاهره: المشي خلفها، وهو أفضل عند الحنفية، والأفضل عند الشافعية: المشي أمامها؛ لخبر أبي داود وغيره؛ بإسناد حسن عن ابن ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (93) كتاب: الإيمان، باب: تحريم الكبر وبيانه. (¬2) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 97.

عمر قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة (¬1)؛ ولأنه شفيع وحق الشفيع أن يتقدم، وأما حديث: "امشوا خلف الجنائز" (¬2) فضعيف، فأجابوا عن حديث الباب: بأن الاتباع محمول على الأخذ في طريقها، كما يقال: الجيش يتبع السلطان، أي: يتوخى موافقته وإن تقدم كثير منهم في المشي والركوب. (وتشميت العاطس) بشين معجمة ومهملة: الدعاء بأن يقوله له هنا السامع يرحمك اللَّه، وهو سنة كفاية. (والديباج) هو الثياب المتخذة من الإبرسيم. (والقسي) بفتح القاف وتشديد المهملة؛ نسبة للقس: بلدة بناحية مصر على ساحل البحر (¬3)، وقيل: كتان مخلوط بالحرير. (والإستبرق) هو غليظ الديباج، وقيل: رقيقه، وذكر هذه الثلاثة بعد الحرير، من ذكر الخاص بعد العام؛ اهتمامًا بذكرها؛ أو دفعًا لتوهم أن اختصاصها باسم يخرجها من حكم العام، وسقط من الحديث الخصلة السابعة من ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (3179) كتاب: الجنائز، باب: المشي أمام الجنازة. ورواه والترمذي (1007) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في المشي أمام الجنازة. والنسائي (1944) كتاب: الجنائز، مكان الماشي من الجنازة. وابن ماجه (1482) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في المشي أمام الجنازة. قال أبو عيسى: حديث ابن عمر هكذا رواه ابن جريج وزياد بن سعد وغير واحد عن الزهري عن سالم عن أبيه نحو حديث ابن عيينة. وقال الألباني في "الإرواء" (739): صحيح. (¬2) رواه أبو نعيم "حلية الأولياء" 4/ 143. وابن سعد في "الطبقات" 6/ 109. (¬3) قسا: بالفتح، والقصر، منقول عن الفعل الماضي من قسا يقسو قسوة. وهي: قرية بمصر تنسب إليها الثياب القشية التي جاء فيها النهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: "معجم البلدان" 4/ 344.

المنهيات، وهي ركوب المياثر، بالمثلثة، وقد ذكرها في: الأشربة واللباس، وهي الوطاء يكون على السرج في حرير، أو صوف، أو نحوه، لكنه إذا كان من غير الحرير، النهي فيه للكراهة، كما أن المأمورات بعضها للوجوب، وبعضها للندب، فإطلاق الأمر فيها، أو النهي استعمال للفظ في حقيقته ومجازه، وهو جائز عند الشافعي، ومن يمنعه يجعل ذلك لقدر مشترك بينهما مجازًا، ويسمى: بعموم المجاز. 1240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلامِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ " تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ (¬1)، وَرَوَاهُ سَلامَةُ بْنُ رَوْحٍ، عَنْ عُقَيْلٍ. [مسلم: 2612 - فتح: 3/ 112] (محمد) هو: الذهلي. (عن عمرو بن سلمة) بفتح اللام. ¬

_ (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين". واعلم أن لعيادة المريض آداب منها: 1 - أن ينوي الإنسان بها امتثال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بها. 2 - أن ينوي الإحسان على أخيه بعيادته، فإن المريض إذا عاده أخوه؛ وجد في ذلك راحة عظيمة وانشراح صدر. 3 - أن يستغل الفرصة في توجيه المريض إلى ما ينفعه؛ فيأمره بالتوبة والاستغفار والخروج من حقوق الناس. 4 - أنه ربما يكون على المريض إشكالات في طهارته، أو صلاته، أو ما أشبه ذلك، فإذا كان العائد طالب علم انتفع به المريض؛ لأنه لا بد أن يخبره عمَّا ينبغي أن يقوم به من طهارة وصلاة، أو يسأله المريض. 5 - أن الإنسان ينظر للمصلحة في إطالة البقاء عند المريض أو عدمها. =

(الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (حق المسلم على المسلم خمس) يعم وجوب العين، والكفاية، والندب. (ردُّ السلام ... إلخ) زاد مسلم سادسه، وهي: "وإن استنصحك فانصح له" (¬1). (تابعه) أي: عمرو بن أبي سلمة. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (ورواه سلامة) أي: "ابن روح"، كما في نسخة. (عقيل) بضم العين، أي: ابن خالد. ¬

_ = (وهذا القول هو القول الصحيح، وذهب بعض العلماء إلى أنه ينبغي تخفيف العيادة، وألا يثقل على المريض، لكن الصحيح أن الإنسان ينظر للمصلحة: إذا رأى أن المريض مستأنس مبنسط منشرح الصدر، وأنه يحب بقاءه فليتأن؛ لما في ذلك من إدخال السرور عليه، وإن رأى خلاف ذلك؛ فإنه يقوم ولا يتأخر. 6 - أن يتذكر الإنسان نعمة اللَّه عليه بالعافية، فإن الإنسان لا يعرف قدر نعمة اللَّه عليه إلا إذا رأى من ابتلي بفقدها، كما قيل: وبضدها تتميز الأشياء. فتحمد اللَّه على العافية وتسأله أن يديم عليك النعمة. 7 - ومنها ما يرجى من دعاء المريض للعائد، ودعاء المريض حري بالإجابة؛ لأن اللَّه سبحانه وتعالى عند المنكسرة قلوبهم، والمريض من أشد الناس ضعفًا في النفس، ولا سيما إذا طال به المرض وثقل فيرجى إجابة دعوة هذا المريض. وهناك فوائد أكثر مما ذكرنا؛ لذلك ينبغي للإنسان أن يحرص على عيادة المرضى؛ لما في ذلك من الأجر الكثير والثواب العظيم. (¬1) "صحيح مسلم" (2162) كتاب: السلام، باب: من حق المسلم للمسلم رد السلام.

3 - باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه

3 - بَابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إِذَا أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ (باب: الدخول على الميت إذا أدرج في أكفانه) في نسخة: "في كفنه" والترجمة أخص ممَّا في أحاديث الباب. 1241، 1442 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ، قَالتْ: أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ، فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ بَكَى، فَقَال: "بِأَبِي أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا المَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا". قَال أَبُو سَلَمَةَ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَال: "اجْلِسْ"، فَأَبَى، فَقَال: "اجْلِسْ"، فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَال إِلَيْهِ النَّاسُ، وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَال اللَّهُ تَعَالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] إِلَى {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] " وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ، فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إلا يَتْلُوهَا. الحديث 1241 [3667، 3669، 4452، 4455، 4456، 5709، 5710 - فتح: 3/ 13] الحديث 1241 [4454، 4457، 5711 - فتح: 3/ 113] (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (ويونس) أي: ابن يزيد. (أبو سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -) ساقط من نسخة. (بالسنح) بضم السين والنون،

وقد تسكن، وبالمهملة: منازل بني الحارث بن الخزرج بالعوالي. (حتى نزل) أي: عن فرسه. (فتيمم) أي: قصد. (مسجَّي) أي: مغطى ببرد. (حبرة) بحاء مهملة مكسورة، وموحدة مفتوحة: نوع من برود اليمن، أشرف الثياب عندهم، وهو بإضافة (برد) وهو الأكثر، وبوصفه بـ (حبرة). (أكبَّ) لازم، مع أن كب الثاني المجرد متعد، فهو من النوادر. (فقبله) أي: بين عينيه، كما رواه النسائي (¬1). (بأبي) متعلق بمحذوف، أي: أنت مفدى بأبي. (لا يجمع) بالرفع. (موتتين) قال ذلك؛ ردًّا لقول عمر: إن اللَّه سيبعث نبيه فيقطع أيدي رجال وأرجلهم. أي: لا يكون لك في الدنيا إلا موتة واحدة. (كتبت عليك) أي: قدرت، وفي نسخة: "كتب اللَّه عليك". (فابى) أي: امتنع؛ لما حصل له من الحزن. ({وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ}) إلى {الشَّاكِرِينَ}) تلاها؛ تعزيًا وتصبرًا، وفي نسخة: " {وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} ". (أنزل) أي: الآية، وفي نسخة: "أنزلها". وفي الحديث: تقبيل الميت، وأن أبا بكر أعلى من عمر، وعظم منزلته عند الصحابة، حيث مالوا إليه، وندب تسجية الميت، وحكمته: صيانته عن الانكشاف، وستر عورته عن الأعين. 1243 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ أُمَّ العَلاءِ، امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُ اقْتُسِمَ المُهَاجِرُونَ قُرْعَةً فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ، ¬

_ (¬1) "سنن النسائي" 4/ 11 كتاب: الجنائز، باب: تقبيل الميت، وصححه الألباني في "صحيح النسائي".

دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ: لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ؟ " فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ؟ فَقَال: "أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ اليَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي، وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ، مَا يُفْعَلُ بِي" قَالتْ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ مِثْلَهُ. وَقَال نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عُقَيْلٍ مَا يُفْعَلُ بِهِ. وَتَابَعَهُ شُعَيْبٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمَعْمَرٌ. [2687، 3929، 7003، 7004، 7018 - فتح 3/ 114] (أن أم العلاء) هي بنت الحارث بن ثابت. (امرأة من الأنصار) عطف بيان لأم العلاء. (بايعت النبي) نعت لـ (امرأة). (أخبرته) خبر (إنه) الهاء: ضمير الشأن. (اقتسم) بالبناء للمفعول. (المهاجرون) نائب الفاعل. (قرعة) بالنصب بنزع الخافض، والمعنى: اقتسم الأنصار المهاجرين بالقرعة في نزولهم عليهم، وسكناهم في منازلهم؛ لما دخلوا عليهم المدينة. (فطار لنا) أي: وقع لنا في سهمنا. (فوجع) بفتح الواو وكسر الجيم، يقال: فلان وَجِعَ، فلان يَوْجَعُ ويجع وياجع فهو: وَجِعٌ قاله الجوهري (¬1). (أبا السائب) أي: يا أبا السائب، وهي كنية عثمان. (فشهادتي) مبتدأ. (عليك) أي: لك. (لقد أكرمك اللَّه) خبر المبتدأ، ومثل هذا التركيب يستعمل عرفًا، ويراد به بمعنى القسم، كأنها قالت: أقسم بالله لقد أكرمك اللَّه (أكرمه) في نسخة: "قد أكرمه" (فمن يكرمه) أي: إذا كان مؤمنا خالصًا مطيعًا، ولم يكرمه اللَّه، فمن يكرمه. (أما هو فقد جاءه اليقين) أي: وأما غيره فخاتمة أمره غير ¬

_ (¬1) انظر: مادة (وجع) في "الصحاح" 3/ 1294.

معلومة، هل يرجى له الخير عند اليقين، وهو الموت، أو لا. ففيه: أنه لا يجزم في أحد بأنه من أهل الجنة، إلا إن نصَّ عليه الشارع، كالعشرة. (والله ما أدري ... إلخ) قال ذلك قبل نزول قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] أو المراد: ما أدري ما يفعل بي في الدنيا من نفع وضرٍّ، بل قيل: في الدنيا والآخرة؛ إذ لا علم بالغيب. و (ما) الثانية إما موصولة، أو استفهامية مرفوعة. (سعيد بن عفير) نسبة لجده، وإلَّا فهو سعيد بن كثير بن عفير. (وقال نافع بن يزيد عن عقيل ما يفعل به) بالهاء بدل الياء، أي: بعثمان. 1244 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ المُنْكَدِرِ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِي، وَيَنْهَوْنِي عَنْهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْهَانِي، فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ تَبْكِي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَبْكِينَ أَوْ لَا تَبْكِينَ مَا زَالتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ" تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [1293، 2816، 4080 - مسلم: 2471 - فتح: 3/ 114] (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (ونهوني) في نسخة: "وينهونني" بزيادة نون بعد الواو على الأصل. (عنه) أي: عن البكاء، وهو ساقط من نسخة. (أو لا تبكين) (أو) ليست للشك، بل للتسوية. (ما زالت) في نسخة: "فما زالت". (الملائكة تظله بأجنحتها) [أي: تتزاحم عليه؛ لتصعد بروحه وتبشره بما أعده اللَّه له من الكرامة، أو تظله] (¬1) من الحرِّ؛ لئلا يتغير، والمعنى: ما زالت الملائكة تظله سواء بكت أم لا. (حتى رفعتموه) أي: من غسله. ¬

_ (¬1) من (م).

4 - باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه

(تابعه) أي: شعبة. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (ابن المنكدر) في نسخة: "محمد بن المنكدر". 4 - بَابُ الرَّجُلِ يَنْعَى إِلَى أَهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ (باب: الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه). النعي: الإعلام بموت الشخص، والمراد بأهله: أقاربه، وإخوانه في الدين، ومفعول (ينعى) محذوف، وضمير (بنفسه) للرجل، وقيل: للميت. قال شيخنا: والأول أولى (¬1)، وفي نسخة: "نفسه" بالنصب وحذف الباء، وفي أخرى: حذف (أهل) لكنه مراد معنًى، كما في {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} وهذا النعي مندوب للحديث الآتي؛ ولما يترتب عليه من المبادرة لشهود الجنازة، وللصلاة عليه والدعاء له وغيرها، بخلاف نعي الجاهلية، وهو عد مآثره، ومفاخرة، فإنه مذموم. 1245 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا". [1318، 1327، 1328، 1333، 3880، 3881 - مسلم: 951 - فتح: 3/ 116] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (النجاشي) بفتح النون وكسرها، وتخفيف الياء فيهما وتشديدها في الفتح: لقب ملك الحبشة، واسمه: أصحمة بفتح الهمزة وسكون الصاد، وفتح الحاء المهملتين. (فصف بهم) الباء زائدة للتوكيد. (وكبر أربعًا) منها تكبيرة الإحرام. ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 3/ 116.

5 - باب الإذن بالجنازة

وفي الحديث: الصلاة على الغائب عن البلد، وقول من يمنع الصلاة على الغائب محتجًا بأنه كشف له عنه فليس غائبًا لو سلمت صحته، فهو غائب عن الصحابة. وفيه: معجزة، وهي الإخبار عن موته بالغيب، وأن تكبيرات صلاة الجنائز أربعة. 1246 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ - وَإِنَّ عَيْنَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتَذْرِفَانِ - ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ". [2798، 3063، 3630، 3757، 4262 - فتح: 3/ 116] (أبو معمر) هو عبد اللَّه بن عمرو. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (حدثنا أيوب) في نسخة: "أخبرنا أيوب". (أخذ الراية) هي العلم. (زيد) هو ابن حارثة. (فاصيب) أي: قتل. (جعفر) ابن أبي طالب الطيار، ويقال له: ذو الجناحين؛ لأنه لما قطعت يداه بموته، جعل اللَّه له جناحين يطير بهما، وإخباره - صلى الله عليه وسلم - بموت المذكورين نعي فهو موضع الترجمة، وقد وقع في: علامات النبوة التصريح به؛ حيث قال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى زيدًا وجعفرًا (¬1). الحديث. (لتذرفان) بذال معجمة، وراء مكسورة، أي: لتسيلان. 5 - بَابُ الإِذْنِ بِالْجَنَازَةِ وَقَال أَبُو رَافِعٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا آذَنْتُمُونِي". [انظر: 458] ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3630) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

(باب: الإذن بالجنازة) هذه الترجمة مرتبة على الترجمة السابقة، لأن النعي: إعلام من لم يتقدم له علم بموت الشخص، والإذن: إعلام من علم بموته. (أبو رافع) هو نفيع. (قال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي: في رجل أسود، أو امرأة سوداء كان يقمّ المسجد، فمات، فسأل عنه، فقالوا: مات، فقال: (أفلا آذنتموني) أي: أعلمتموني بموته؛ لأصلي عليه. 1247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: مَاتَ إِنْسَانٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَمَاتَ بِاللَّيْلِ، فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ، فَقَال: "مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي؟ " قَالُوا: كَانَ اللَّيْلُ فَكَرِهْنَا، وَكَانَتْ ظُلْمَةٌ أَنْ نَشُقَّ عَلَيْكَ فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. [انظر: 857 - مسلم: 954 - فتح: 3/ 117] (محمد) أي: ابن سلام. (أبو معاوية) هو محمد بن خازم بمعجمة وزاي. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (مات إنسان) هو طلحة بن البراء بن عمير البلوي. (فلما أصبح) أي: دخل في الصباح. (كان الليل) بالرفع، فـ (كان) تامة، وكذا القول في (وكانت ظلمة) وهذ الجملة اعتراضية. (فأتى قبره فصلى عليه) فيه: جواز الدفن ليلًا، والإعلام بالموت، وندب عيادة المريض، وجواز الصلاة على القبور، ومحله في قبور غير الأنبياء، بخلاف قبورهم؛ لخبر "الصحيحين": "لعن اللَّه اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (435، 446) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في البيعة. ومسلم (529) كتاب: المساجد، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد.

6 - باب فضل من مات له ولد فاحتسب

6 - بَابُ فَضْلِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَاحْتَسَبَ وَقَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155]. (باب: فضل من مات له ولد فاحتسب) أي: صبر راضيًا بقضاء اللَّه، وفي نسخة: ["فاحتسبه" ولم يصرح في أحاديث الباب بالاحتساب، لكنه معلوم من أحاديث أخر. (وقال اللَّه) في نسخة:] (¬1) "وقول اللَّه عزَّ وجلَّ" عطف على (فضل)، وذكر الآية لمناسبة الصبر للاحتساب، والمصيبة للموت وإن كانت أعم منه. 1248 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنَ النَّاسِ مِنْ مُسْلِمٍ، يُتَوَفَّى لَهُ ثَلاثٌ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، إلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ". [1381 - فتح: 3 - 118] (عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (ما من الناس من مسلم) (من) الأولى بيانية، والثانية زائدة، ومن ثمَّ سقطت من رواية في أواخر الجنائز (¬2). (يتوفى) بالبناء للمفعول. (ثلاث) في نسخة: "ثلاثة". (لم يبلغوا الحنث) أي: من التكليف الذي يكتب فيه الإثم، وفسر (الحنث) بعد بالذنب، وهو مجاز من باب: تسمية المحل بالحال، ومقتضى الحديث: أن من بلغ الحنث لا يحصل لمن فقده ما ذكره من الثواب، وبه صرَّح جماعة فارقين بأن حب الصغير أشد منه على الكبير، فالشفقة عليه أعظم، وصرَّح الآخرون بحصول ذلك في البالغ بطريق الأولى؛ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سيأتي برقم (1381) كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المسلمين.

لأنه إذا ثبت ذلك في الصغير مع أنه كَلٌّ على أبويه، فكيف لا يثبت في الكبير الذي بلغ معه السعي، وصار التفجع عليه أشد؟! (إياهم) راجع، كما قال شيخنا إلى الأولاد بدليل أخبار أُخر (¬1)، لا إلى الرجل على ما قاله الكرماني (¬2). 1249 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْعَلْ لَنَا يَوْمًا فَوَعَظَهُنَّ، وَقَال: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ، كَانُوا حِجَابًا مِنَ النَّارِ"، قَالتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَانِ؟ قَال: "وَاثْنَانِ". [انظر: 101 - مسلم: 2633 - فتح: 3/ 118] (مسلم) هو ابن إبراهيم الأزدي. (حدثنا عبد الرحمن) في نسخة: "أخبرنا عبد الرحمن". (عن ذكوان) هو أبو صالح السمان. (وقال) في نسخة: "فقال". (ثلاثة) في نسخة: "ثلاث". (كانوا) أي: الثلاثة. (لها) في نسخة: "كن لها" أنث باعتبار النفس، أو النسمة. (قالت امرأة) هي أم سليم والدة أنس، أو أم مبشر، أو أم هانئ، ولعل القصة تعددت. (واثنان) سكت عن الواحد، وقد وقع التصريح به في بعض طرق الحديث، كما رواه الطبراني في "الأوسط" (¬3). 1250 - وَقَال شَرِيكٌ: عَنْ ابْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ". [انظر: 102 - مسلم: 2634 - فتح: 3/ 118] ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 3/ 120. (¬2) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 7/ 58 - 59. (¬3) "المعجم الأوسط" 3/ 63 (2489). وذكره الهيثمي في "المجمع" 3/ 10 وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" وفيه: ناصح بن عبد اللَّه أبو عبد اللَّه، وهو ضعيف متروك.

7 - باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري

1251 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ، فَيَلِجَ النَّارَ، إلا تَحِلَّةَ القَسَمِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا} [مريم: 71]. [6656 - مسلم: 2632 - فتح: 3/ 118] (علي) أي: ابن المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (فيلج النار) أي: فيدخلها، وهو منصوب بأن مقدرة جوابًا للنفي. (إلا: تحلة القسم) أي: إلا قدر ما تحل به اليمين، تقول: فعلته تحلة القسم أي: قدر ما حللت به يميني، ولم أبالغ، والمعنى: قدر ما يبر اللَّه قسمه فيه بقوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا} [مريم: 71] وتحلة مصدر حلل اليمين، أي: كفرها، ويقال: حللته تحليلًا وتحلة، وتحلًا بلا هاء، وهو شاذ. (قال أبو عبد اللَّه) أي: البخاري؛ استشهادًا لتقليل مدة الولوج {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا} أي: داخلها دخول مرور، لا دخول عقاب. وقوله: (قال أبو عبد اللَّه ... إلخ) ساقط من نسخة. 7 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ القَبْرِ: اصْبِرِي (باب: قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري) أي: من الجزع. 1252 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَال: "اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي". [1283، 1302، 7154 - مسلم: 926 - فتح: 3/ 125] (ثابت) أي: البناني. (اتقِ اللَّه) بأن لا تجزعي، فإن الجزع يحبط الأجر. (واصبري) فإن الصبر يجزل الأجر.

8 - باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر

8 - بَابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوُضُوئِهِ بِالْمَاءِ وَالسَّدْرِ وَحَنَّطَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَحَمَلَهُ، وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "المُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا" وَقَال سَعِيدٌ: "لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسِسْتُهُ" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ". [انظر 283] (باب: غسل الميت ووضوئه) غسله: فرض كفاية، ووضوؤه: سنة، وقيل: الضمير للغاسل لا للميت؛ لما ذكره بعد من الترجمة، ولعدم ذكر الوضوء في الحديث مع ما أمر به - صلى اللَّه عليه وسلم -. (بالماء والسّدر) متعلق بالغسل. (وصلى) أي: عليه. (لا ينجس) بضم الجيم وفتحها. (قال سعد) أي: ابن أبي وقاص، وفي نسخة: "وقال سعيد". 1253 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ، فَقَال: "اغْسِلْنَهَا ثَلاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا - أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ - فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي"، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ، فَقَال: "أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ" تَعْنِي إِزَارَهُ. [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 125] (عن أم عطية) نسيبة بنت كعب. (ابنته) هي زينب زوج أبي العاص بن الربيع، كما في مسلم (¬1)، أو أم كلثوم، كما في أبي داود (¬2). (اغسلنها ثلاثًا) الأمر بالغسل ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (939) كتاب: الجنائز، باب: في غسل الميت. (¬2) "سنن أبي داود" (3157) كتاب: الجنائز، باب: في كفن المرأة. وقال الألباني في "الإرواء" (723): ضعيف.

للوجوب، وكونه ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر؛ للندب. (إن رأيتن ذلك) بكسر الكاف؛ لأنه خطابٌ لمؤنث، وكان القياس: ذلكن أي: رأيتن ذلك بحسب الحاجة إلى كمال الإنقاء، لا بحسب التشهي. (بماءٍ وسدر) بأن يكون الغسلات بالماء والسدر إلى أن يحصل الإنقاء، فإذا حصل وجب الغسل بماء خالص. (أو شيئًا من كافور) شكٌّ من الراوي، ومحل استعماله في غير المحرم، وحكمة استعماله: تطييب البدن وتقويته. (فآذنني) بمدِّ الهمزة، وكسر المعجمة، وتشديد النون الأولى المفتوحة، أي: أعلمنني، واجتمع فيه ثلاث نونات نون الفعل، ونون النسوة، ونون الوقاية، فأدغمت الأولى في الثانية. (فرغنا) بضمير جماعة المتكلمين، وفي نسخة: "فرغن" بضمير النسوة. (آذناه) بالمدِّ، أي: أعلمناه، وقياس النسخة الثانية السابقة أن يقال: آذنه. (حقوه) بفتح المهملة، وقد تكسر أي: إزاره، وهو هنا مجازة إذ الحقو حقيقة الخصر ومعقد الإزار كما سيأتي، فمن زعم عكس ذلك لعله أراد الحقيقة والمجاز العرفيين. (أشعرنها إياها) بقطع همزة (أشعرنها) أي: اجعلنه شعارها: وهو ما يلي الجسد، بخلاف الدثار، فإنه الذي يلي الشعار، وإنما فعل ذلك؛ لينالها بركة ثوبه - صلى الله عليه وسلم -، ومن ثم لم يعطه لهن أولًا؛ ليكون قريب العهد من جسده المكرم؛ حتى لا يطول الفصل بين انتقاله من جسده ووصوله إلى جسدها. وفي الحديث: ندب إيتار الغسل، واستعمال السدر مطلقًا، والكافور في الأخيرة، والمعنى فيه: طرد الهوام، وتقوية البدن مع تطييبه، كما مرَّ.

9 - باب ما يستحب أن يغسل وترا

9 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ وتْرًا (باب: ما يستحب أن يغسل وترًا) أي: استحباب غسل الميت وترًا. 1254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ، فَقَال: "اغْسِلْنَهَا ثَلاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي"، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَقَال: "أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ" فَقَال أَيُّوبُ، وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ: "اغْسِلْنَهَا وتْرًا"، وَكَانَ فِيهِ: "ثَلاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا" وَكَانَ فِيهِ أَنَّهُ قَال: "ابْدَءُوا بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا"، وَكَانَ فِيهِ: أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالتْ: وَمَشَطْنَاهَا ثَلاثَةَ قُرُونٍ. [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 130] (محمد) أي: ابن المثنى (¬1)، كما في [مسلم] (¬2). (عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) ابن سيرين. (فإذا فرغتن ... إلخ) مرَّ شرحه مع ما قبله في الباب السابق. (فقال أيوب) في نسخة: "وقال أيوب". (حفصة) أي: بنت سيرين. (ابدأوا) بجمع المذكر تغليبًا للذكور؛ لأنهن كن محتاجات إلى معاونتهن في حمل الماء إليهن وغيره، أو باعتبار الأشخاص، وفي نسخة: "ابدأن" بضمير النسوة. (وبمواضع الوضوء) زاد في نسخة: "منها". (مشطناها) ¬

_ (¬1) محمد ذكر بلا نسبة في أكثر الروايات. قال ابن السكن: هو محمد بن سلام. ووقع عند الأصيلي: حدثنا محمد بن المثنى، وأخرجه الإسماعيلي من رواية محمد بن الولي وهو التستري، ولقبه: حمدان وهو من شيوخ البخاري أيضًا. انظر: "الفتح" 3/ 130، "عمدة القاري" 6/ 400. (¬2) من (م).

10 - باب يبدأ بميامن الميت

بتخفيف الشين، أي: سرحناها. (ثلاثة قرون) أي: ضفائر، وتسمى: ذوائب. 10 - بَابُ يُبْدَأُ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ (باب: يبدأ بميامن الميت) أي: عند غسله. 1255 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ: "ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا". [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 130] (خالد) أي: الحذاء. (بميامنها ... إلى آخره) مرَّ شرحه (¬1). 11 - بَابُ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ (باب: مواضع الوضوء من الميت) أي: استحباب البدأة بغسلها. 1256 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَمَّا غَسَّلْنَا بِنْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لَنَا وَنَحْنُ نَغْسِلُهَا: "ابْدَءُوا بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا". [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 131] (عن سفيان) أي: الثوري. (ابدأوا) ذكر الضمير باعتبار ما مرَّ في نظيره، وفي نسخة: "ابدأن". (ومواضع الوضوء) زاد في نسخة: "منها". ¬

_ (¬1) سبق برقم (167) كتاب: الوضوء، باب: التيمن في الوضوء والغسل.

12 - باب هل تكفن المرأة في إزار الرجل

12 - بَابُ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأَةُ فِي إِزَارِ الرَّجُلِ (باب: هل تكفن المرأة في إزار الرجل؟) جواب (هل) محذوف، أي: نعم. 1257 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالتْ: تُوُفِّيَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَنَا: "اغْسِلْنَهَا ثَلاثًا، أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي"، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَنَزَعَ مِنْ حِقْوهِ إِزَارَهُ، وَقَال: "أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ". [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 131] (ابن عون) هو عبد اللَّه. (عن محمد) هو ابن سيرين. (بنت النبي) في نسخة: "ابنة النبي" وفي أخرى: "بنت رسول اللَّه". (من حقوه) مرَّ أن الحقوه حقيقة: الخصر ومعقد الإزار [ومجازًا] الإزار] (¬1)، والمراد ثمَّ: المجاز، وهنا الحقيقة. 13 - بَابُ يُجْعَلُ الكَافُورُ فِي آخِرِهِ (باب: يجعل الكافور في آخره) أي: آخر غسل الميت. 1258 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالتْ: تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "اغْسِلْنَهَا ثَلاثًا، أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا - أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ - فَإِذَا فَرَغْتُنَّ، فَآذِنَّنِي" قَالتْ: فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَقَال: "أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ" وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بِنَحْوهِ،. [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 131] ¬

_ (¬1) من (م).

14 - باب نقض شعر المرأة

(عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (فخرج) أي: "النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -". كما في نسخة. (بنحوه) أي: بنحو الحديث. 1259 - وَقَالتْ: إِنَّهُ قَال: "اغْسِلْنَهَا ثَلاثًا، أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ" قَالتْ حَفْصَةُ: قَالتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلاثَةَ قُرُونٍ. [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 132] (وقالت) في نسخة: "قالت". (وجعلنا رأسها) أي: شعره، ومرَّ شرح الحديث (¬1). 14 - بَابُ نَقْضِ شَعَرِ المَرْأَةِ وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: "لَا بَأْسَ أَنْ يُنْقَضَ شَعَرُ المَيِّتِ". (باب: [نقض] (¬2) شعر المرأة) أي: شعر رأسها، والتقييد بالمرأة جرى على الغالب، وإلا فغيرها كذلك إذا كان له شعر طويل. (أن ينقض) في نسخة: "بأن ينقض". (شعر الميت) في نسخة: "شعر المرأة". 1260 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال أَيُّوبُ: وَسَمِعْتُ حَفْصَةَ بِنْتَ سِيرِينَ، قَالتْ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَلاثَةَ قُرُونٍ نَقَضْنَهُ، ثُمَّ غَسَلْنَهُ، ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلاثَةَ قُرُونٍ". [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 132] (أحمد) أي: ابن صالح. (ابن جريج) هو: عبد الملك ¬

_ (¬1) سبق برقم (167) كتاب: الوضوء، باب: التيمن في الوضوء والغسل. (¬2) من (م).

15 - باب: كيف الإشعار للميت؟

بن عبد العزيز. (أيوب) أي: السختياني. (وسمعت) عطفٌ على مقدر، أي: قال أيوب: وسمعت كذا. وسمعت حفصة. (جعلن رأس بنت رسول اللَّه) أي: شعر رأسها، وفي نسخة: "ابنة رسول اللَّه" وفي أخرى: "بنت النبي" ومرَّ شرح الحديث (¬1). 15 - بَابٌ: كَيْفَ الإِشْعَارُ لِلْمَيِّتِ؟ وَقَال الحَسَنُ: "الخِرْقَةُ الخَامِسَةُ تَشُدُّ بِهَا الفَخِذَيْنِ، وَالوَرِكَيْنِ تَحْتَ الدِّرْعِ". (باب: كيف الإشعار للميت) أي: كيف يكون الإشعار له، ومرَّ أنه ما يلي الجسد، والمراد هنا بقرينة ما يأتي. (ما يلي الجسد) مع لف ما زاد عليه على المرأة زيادة في الستر. (وقال الحسن) أي: البصري. (الخرقة الخامسة) أي: من أكفان الميت إذا كفن في خمسة أثواب. (يشد) أي: الغاسل. (بها الفخذين والوركين) وفي نسخة: "يشد بها الفخذان والوركان" بالبناء للمفعول. قال الجوهري وغيره: والورك ما فوق الفخذ. (الدرع) بكسر المهملة: القميص. 1261 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّ أَيُّوبَ، أَخْبَرَهُ قَال: سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ، يَقُولُ: جَاءَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ اللَّاتِي بَايَعْنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدِمَتِ البَصْرَةَ تُبَادِرُ ابْنًا لَهَا، فَلَمْ تُدْرِكْهُ، فَحَدَّثَتْنَا، قَالتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ، فَقَال: "اغْسِلْنَهَا ثَلاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي" قَالتْ: فَلَمَّا فَرَغْنَا أَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَقَال: "أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ" وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ¬

_ (¬1) سلف برقم (167) كتاب: الوضوء، باب: التيمن في الوضوء والغسل.

ذَلِكَ، وَلَا أَدْرِي أَيُّ بَنَاتِهِ، وَزَعَمَ أَنَّ الإِشْعَارَ: الفُفْنَهَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَأْمُرُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُشْعَرَ، وَلَا تُؤْزَرَ. [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 133] (أحمد) أي: "ابن صالح"، كما في نسخة. (عبد اللَّه بن وهب) لفظ: (عبد اللَّه) ساقط من نسخة. (امرأة) بالرفع؛ عطف بيان لـ (أم عطية). (من الأنصار من اللاتي بايعن) أي: "النبي - صلى الله عليه وسلم -"، كما في نسخة و (من) في الموضعين بيانية، ويجوز أن تكون الثانية تبعيضية، (قدمت البصرة) بدل من (جاءت أم عطية). (تبادر ابنًا لها) أي: تسرع المجيء؛ لأجله. (فلم تدركه) أي: لأنه إما مات؛ أو خرج من البصرة. (دخل علينا النبي) في نسخة: "دخل علينا رسول اللَّه". (ولم يزد) أي: قال أيوب: ولم يزد أي: ابن سيرين على ما ذكره في نسخة: "ولم تزد" بفوقية، أي: أم عطية، بخلاف حفصة فإنها زادت أشياء منها: ابدأوا بيمامنها، ومواضع الوضوء. (ولا أدري) أي: قال أيوب: ولا أعلم. (أي: بناته) أي: المغسولة فـ (أي) مبتدأ حذف خبره، ولا ينافي هذا قول من سمَّاها: زينب (¬1)، لأن من سمَّاها علم ما لم يعلمه أيوب. (وزعم) أي: أيوب أن الإشعار في قوله: (أشعرنها) معناه: (ألففنها فيه)، قال أيوب: (وكذلك كان ابن سيرين يأمر بالمرأة أن تشعر) بضم الفوقية، وسكون الشين وفتح العين، أي: تلف. (ولا تُؤْزَرَ) بضم الفوقية وسكون الهمزة وفتح الزاي. وفي نسخة: "ولا تُؤَزَّرَ" بفتح الهمزة والزاي مشددة، والمعنى: لا يجعل الشعار عليها مثل الإزار؛ لأن الإزار لا يعم البدن، بخلاف الشعار. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (939) كتاب: الجنائز، باب: في غسل البيت.

16 - باب: هل يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون؟

16 - بَابٌ: هَلْ يُجْعَلُ شَعَرُ المَرْأَةِ ثَلاثَةَ قُرُونٍ؟ (باب: يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون) في نسخة: "هل يجعل إلى آخره" وعليها فجواب الاستفهام محذوف، أي: نعم. 1262 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أُمِّ الهُذَيْلِ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "ضَفَرْنَا شَعَرَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" تَعْنِي ثَلاثَةَ قُرُونٍ، وَقَال وَكِيعٌ: قَال سُفْيَانُ: نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا. [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 133] (قبيصة) أي: ابن عقبة السوائي. (سفيان) أي: الثوري. (عن هشام) أي: ابن حسان (عن أم الهذيل) بضم الهاء، وفتح المعجمة: حفصة بنت سيرين. (وقال وكيع) في نسخة: "قال وكيع". (قال سفيان) أي: الثوري، وفي نسخة: "عن سفيان". (ناصيتها وقرنيها) معناه: أن تجعل ناصيتها ضفيرة وقرنيها ضفيرتين، ولا منافاة بين هذه وبين ما مرَّ من ثلاثة قرون (¬1)؛ لأن المراد بالقرنين: جانبا الرأس، وبالقرون، الذوائب. 17 - بَابُ يُلْقَى شَعَرُ المَرْأَةِ خَلْفَهَا (باب: يلقى) في نسخة: "يجعل". (شعر المرأة خلفها) أي: بعد غسلها، وزاد في نسخة: "ثلاثة قرون". 1263 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، قَال: حَدَّثَتْنَا حَفْصَةُ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وتْرًا ثَلاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (167) كتاب: الوضوء، باب: التيمن في الوضوء وغيره.

18 - باب الثياب البيض للكفن

إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا - أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ - فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي"، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلاثَةَ قُرُونٍ، وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا. [انظر: 167 - مسلم: 939 - فتح: 3/ 134] (وألقيناها) في نسخة: "فألقيناها". ومرَّ شرح الحديث. 18 - بَابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ (باب: الثياب البيض للكفن) أي: استحبابها. 1264 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ، سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ". [1271، 1272، 1273، 1387 - مسلم: 941 - فتح: 3/ 135] (عبد اللَّه) أي: "ابن المبارك" كما في نسخة. (يمانية) بتخفيف الياء؛ لأن الألف بدل من إحدى ياءي النسب. (سحولية) بفتح المهملة، وضمها، وبحاء مهملة؛ نسبة إلى سحول بالفتح والضم: قرية باليمن (¬1). (من كرسف) بضم أوله وثالثه، أي: قطن. (ليس فيها قميص ولا عمامة) أي: بل كفن في الثلاثة فقط، وهو أكمل الكفن للذكر، ويجوز فيها بلا ندب زيادة القميص والعمامة. ¬

_ (¬1) وهي قرية من قرى اليمن يحمل منها ثياب قطن بيض تدعى السحولية. انظر: "معجم البلدان" 3/ 195.

19 - باب الكفن في ثوبين

19 - بَابُ الكَفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ (باب: الكفن في ثوبين) أي: جوازه فيهما. فلا يجب عند الشافعية ثلاثة بل ولا اثنان فالواجب في غير المحرم واحد، والمراد به على الراجح: ما يستر العورة، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح الروض" وغيره (¬1). 1265 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَال: فَأَوْقَصَتْهُ - قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا". [1266، 1267، 1268، 1839، 1849، 1850، 1851 - مسلم: 1206 - فتح: 3/ 135] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (حماد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة. (عن أيوب) أي: السختياني. (بينما رجل) لم يسم، وهو مبتدأ، خبره: (واقف بعرفة) و (بينما) ظرف زمان مضاف إلى الجملة، وليس المراد بوقوفه بعرفه قيامه لها؛ لأنه كان راكبًا ناقته، فالوقوف بها يشمل الراكب وغيره. (فوقصته) أي: كسرت عنقه. (أو قال: فأوقصته) شك من الراوي. (قال النبي) في نسخة: "فقال النبي". (في ثوبين) سيأتي في: الحج (¬2). "في ثوبيه" أي: اللذين أحرم فيهما، كما رواه النسائي (¬3)، وإنما لم يزده ثالثًا. قال ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 1/ 306، "وفتح الوهاب" 1/ 90. (¬2) سيأتي برقم (1851) كتاب: جزاء الصيد، باب: سنة المحرم إذا مات. (¬3) انظر: "سنن النسائي" (1904) كتاب: الجنائز، كيف يكفن المحرم إذا مات؟ والحديث صححه الألباني في "صحيح النسائي".

20 - باب الحنوط للميت

النووي في "مجموعه": لأنه لم يكن (¬1) له مال غيرهما، وقال المحب الطبري: تكرمة له، كما في الشهيد. (ولا تخمروا) بمعجمة، أي: ولا تغطوا رأسه، بل أبقوا له أثر إحرامه من منع المخيط وأخذ ظفره وشعره، ومن منع ستر رأسه إن كان رجلًا، ووجه وكفيه إن كان غيره. (فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا) أي: بصفة الملبين بنسكه الذي مات فيه قائلا: اللهم لبيك ... إلخ، وإنما بعث بتلك الصفة؛ لتكون علامة لنسكه، كالشهيد يأتي وأوداجه تشخب دمًا. 20 - بَابُ الحَنُوطِ لِلْمَيِّتِ (باب: الحنوط للميت) بفتح الحاء، ويقال له: الحناط بكسرها، قال الأزهري: يدخل فيه الكافور وذريرة القصب، والصندل الأحمر والأبيض (¬2) وقال غيره: هو ما يخلط من الطيب للموتى خاصة. 1266 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَأَقْصَعَتْهُ - أَوْ قَال: فَأَقْعَصَتْهُ - فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا". [انظر: 1265 - مسلم: 1206 - فتح: 3/ 136] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (حماد) أي: ابن زيد. (فأقصعته) أي: فقتلته سريعًا. (أو قال: فأقعصته) شك من الراوي، والثاني: بتقديم العين على الصاد، والأول: بالعكس. ومطابقة الحديث للترجمة: بطريق المفهوم من منع الحنوط للمحرم. ¬

_ (¬1) انظر: "المجموع" 5/ 147. (¬2) انظر: "تهذيب اللغة" 4/ 390.

21 - باب: كيف يكفن المحرم؟

21 - بَابٌ: كَيْفَ يُكَفَّنُ المُحْرِمُ؟ (باب: كيف يكفن المحرم) إذ لكفنه كيفية تخالف كيفية كفن غيره، كما يعرف من الحديث، والترجمة: ساقطة من نسخة. 1267 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: أَنَّ رَجُلًا وَقَصَهُ بَعِيرُهُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا". [انظر: 1265 - مسلم: 1206 - فتح: 3/ 137] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد اللَّه. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (وهو) أي: الرجل الموقوص. (وكفنوه في ثوبين) مرَّ شرحه (¬1). (ولا تمسوه) بضم التاء. (ملبدًا) بدال مهملة بدل التحتية في (ملبيًا) الموجودة في نسخة، والتلبيد: جمع شعر الرأس بصمغ أو غيره؛ ليلتصق ولا يتشعث في الإحرام، لكن أنكر القاضي عياض هذه الرواية، وقال: الصواب: ملبيًا بدليل؛ رواية: (يلبي). قال الزركشي: وكذا رواه البخاري، في كتاب: الحج (¬2)؛ "فإنه يبعث يهل"، قال البرماوي: وكل هذا لا ينافي رواية: (ملبدًا) إن صحت؛ لأنه حكاية حاله عند موته، يعني: أن اللَّه يبعثه على هيئته التي مات عليها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1265) كتاب: الجنائز، باب: الكفن في ثوبين. (¬2) سيأتي برقم (1839) كتاب: جزاء الصيد، باب: ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة.

22 - باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف، ومن كفن بغير قميص

1268 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، وَأَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: كَانَ رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، فَوَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ - قَال أَيُّوبُ: فَوَقَصَتْهُ، وَقَال عَمْرٌو: فَأَقْصَعَتْهُ - فَمَاتَ فَقَال: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ، قَال أَيُّوبُ: يُلَبِّي، وَقَال عَمْرٌو: مُلَبِّيًا". [انظر: 1265 - مسلم: 1206 - فتح: 3/ 137] (عن عمرو) هو ابن دينار. (وأيوب) أي: السختياني. (كان رجل واقف) بالرفع؛ لأن كان تامة، وفي نسخة: "واقفًا" بالنصب على أنها ناقصة. (فوقصته) مرَّ تفسيره. (وقال عمرو: فأقصعته) بتقديم الصاد على العين، عكس ما مرَّ في نظيره. (يلبي) الفرق بينه وبين ملبيًا: أن الفعل يدل على التجدد، والاسم على الثبوت. 22 - بَابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أَوْ لاَ يُكَفُّ، وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ (باب: الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف) بضم الياء وفتح الكاف، وتشديد الفاء فيهما، وزاد في نسخة: "ومن كفن بغير قميص" بعطفه على (الكفن)، ومعنى: (يكف، أو لا يكف) بضبطه السابق: خيطت حاشيته، أو لم تخط؛ لأن الكف خياط الحاشية، وضبطه بعضهم بفتح الياء وضم الكاف وتشديد الفاء، ومعناه: يتبرك بإلباس قميص الصالح للميت، كف عنه العذاب أو لا يكف، وبعضهم بفتح الياء وسكون الكاف، لكن سقطت الياء من الكاتب، ومعناه: كفى الكفن؛ لطوله، أو لم يكف؛ لقصره.

1269 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ، جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ، فَقَال: "آذِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ"، فَآذَنَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: أَلَيْسَ اللَّهُ نَهَاكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى المُنَافِقِينَ؟ فَقَال: "أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ، قَال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً، فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] " فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا، وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84]. [4670، 4672، 5796 - مسلم: 2400 - فتح: 3/ 138] (عن عبيد اللَّه) أي: ابن عمر. (ابنه) كان اسمه: الحباب، بضم المهملة، وخفة الموحدة الأولى، وهو شيطان، فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم -. [باسم أبيه] (¬1). (يا رسول اللَّه) ساقطة من نسخة. (أكفنه) بالجزم؛ جواب الأمر. (وصل عليه واستغفر له) كأنه كان يحمل أمر أبيه على ظاهر الإسلام؛ فلهذا التمس من النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه؛ إكرامًا للولد، أو مكافأة لأبيه؛ لأنه لما أُسر العباس ببدر، ولم يجدوا له قميصًا يصلح له، وكان رجلًا طويلًا، فألبسه قميصه، فكافأه النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك؛ كي لا تكون لمنافق عليه يد لم يكافئه عليها. (آذني) بالمدِّ، وكسر المعجمة، أي: أعلمني. (أصلي عليه) بغير جزم على الاستئناف، وبه جواب الأمر، ولم يكتف بذلك بإذنه الأول بقوله: (وصلى عليه) إظهارًا للصحابة أن الإذن في ذلك معتبرٌ. (أليس اللَّه نهاك أن تصلي على المنافقين) فهم عمر، ذلك من قوله ¬

_ (¬1) من (م).

تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113]؛ إذ النهي عن ذلك لم يكن مصرحًا به. (خيرتين) بكسر المعجمة: تثنية خيرة بوزن عنبة، أي: لنا مخير بين الاستغفار وعدمه. قال الزركشي: استشكل التخيير مع قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} فإن هذه الآية نزلت عقب موت أبي طالب حيث قال: "والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" (¬1) وهو متقدم على الآية التي فهم منها التخيير، وأجيب: بأن المنهي عنه في هذه الآية استغفار مرجو الإجابة حتى يكون مقصوده تحصيل المغفرة، كما في أبي طالب، بخلاف استغفاره للمنافقين، فإنه استغفار لسان قصد به تطييب قلوبهم. ({وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}) زاد في نسخة: " {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} " أي: ولا تقف عليه للدفن؛ أو للزيارة، وإنما لم ينه عن التكفين في قميصه أيضًا؛ لأن النهي عن التكفين بالقميص كان مخلًا بالكرم؛ ولأنه كان مكافاة لإلباسه العباس قميصه، كما مرَّ. 1270 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا دُفِنَ، فَأَخْرَجَهُ، فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ". (عن عمرو) أي: ابن دينار. (بعد ما دفن) أي: دُلي في حفرته، ففي التعبير بالدفن تجوز، وجمع بين هذا، وبين ما مرَّ من أنه [أعطى قميصه لابنه بأن معنى أعطاه: أنعم له به، فأطلق على العدة إعطاء مجازًا لتحقق وقوعها، أو ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1360) كتاب: الجنائز، باب: إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا اللَّه.

23 - باب الكفن بغير قميص

أنه] (¬1) أعطاه أحد قميصيه، ثم لما حضر إلى القبر أعطاه الآخر. 23 - بَابُ الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ (باب: الكفن بغير قميص) ساقط من نسخة، وهي التي زيد فيها قوله في الترجمة السابقة: (ومن كفن بغير قميص) كما ذكرته ثَمَّ. 1271 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كُفِّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابِ سُحُولٍ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ". [انظر: 1264 - مسلم: 941 - فتح: 3/ 140] (سفيان) أي: الثوري (عن هشام) أي: ابن عروة. (ثلاثة أثواب سحول) بضم السين: جمع سحل بمعنى: الغسيل، أو أثواب القطن، فالمعنى: أثواب مغسولة، أو منسوجة من قطن. قال الكرماني: وإنما لم يجعل اسم القرية؛ لأن التقدير من سحول، وحذف حرف الجر من الاسم الصريح غير فصيح (¬2). (كرسف) عطف بيان. (سحول ليس فيها قميص ولا عمامة) مرَّ شرحه (¬3). 1272 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ". [انظر: 1264 - مسلم: 941 - فتح: 3/ 140] 1273 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ". [انظر: 1264 - مسلم: 941 - فتح: 3/ 140] ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 7/ 72. (¬3) سبق برقم (1264) كتاب: الجنائز، باب: الثياب البيض للكفن.

24 - باب الكفن ولا عمامة

24 - بَابُ الكَفَنِ ولا عِمَامَةٌ (باب: الكفن ولا عمامة) في نسخة: "بلا عمامة" وفي أخرى: "الكفن في الثياب البيض". (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس عبد اللَّه الأصبحي. (كفن في ثلاثة أثواب) مرَّ شرحه. 25 - بَابٌ: الكَفَنُ مِنْ جَمِيعِ المَالِ وَبِهِ قَال: عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَقَتَادَةُ وَقَال عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: "الحَنُوطُ مِنْ جَمِيعِ المَالِ" وَقَال إِبْرَاهِيمُ: "يُبْدَأُ بِالكَفَنِ، ثُمَّ بِالدَّيْنِ، ثُمَّ بِالوَصِيَّةِ" وَقَال سُفْيَانُ: "أَجْرُ القَبْرِ وَالغَسْلِ هُوَ مِنَ الكَفَنِ". (باب: الكفن من جميع المال) أي: من رأسه لا من الثلث. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (وقتادة) أي: ابن دعامة. (إبراهيم) أي: النخعي. (يبدأ بالكفن) أي: وبقية مؤن التجهيز. (ثُمَّ بالدَّين ثُم بالوصية) لأن ذلك أحوط للميت، ثم ما بقي للورثة، وأما تقديم الوصية على الدين ذكرا في قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] فلكونها قربة، والدين [مذموم غالبًا، ولكونها متشابهة للإرث من جهة أخذها بلا عوض وشاقة على الورثة، والدين] (¬1) نفوسهم مطمئنة إلى أدائه فقدمت عليه حثًّا على وجوب إخراجها، والمسارعة ¬

_ (¬1) من (م).

إليها، وقد أوضحت ذلك مع زيادة في "شرح البهجة" وغيره. (وقال سفيان) أي: الثوري. (أجر القبر) أي: حفره، [(والغسل)] (¬1) أي: وأجره. (هو من الكفن) أي: مما حكمه حكم الكفن في أنه من رأس المال، لا من الثلث. 1274 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أُتِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا بِطَعَامِهِ، فَقَال: "قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَكَانَ خَيْرًا مِنِّي، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إلا بُرْدَةٌ، وَقُتِلَ حَمْزَةُ - أَوْ رَجُلٌ آخَرُ - خَيْرٌ مِنِّي، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إلا بُرْدَةٌ، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي". [1275، 4045 - فتح: 3/ 140] (عن أبيه) هو إبراهيم بن عبد الرحمن. (قتل مصعب) قتله عبد اللَّه بن (¬2) [قمئة] (¬3). (وكان خيرًا مني) قاله عبد الرحمن تواضعًا، وإلا فهو: أحد العشرة المفضلين على من سواهم. (إلا برده) بالإضافة إلى الضمير، وفي نسخة: "إلا بردة" بتاء ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) وعبد اللَّه بن قمئة: هو الذي جرح النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، وفي "معجم الطبراني" من حديث أبي أمامة أن رسول اللَّه رماه عبد اللَّه بن قمئة بحر يوم أحد فشجه في وجهه وكسر رباعيته وقال خذها وأنا ابن قمئة فقال له رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وهو يمسح الدم عن وجهه: "مالك أقمأك اللَّه" فسلط اللَّه عليه تيس جبل لا يسر فلم يزل وهو يظنه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فرجع إلى قريش فقال قتلت محمدًا. انظر: "المعجم الكبير" 8/ 154، "الفتح" 7/ 366، "سير أعلام النبلاء" 1/ 148، "السيره النبوية" 4/ 21، "أسد الغابة" 5/ 182. (¬3) بياض بالأصل والمثبت من المصادر السابقة.

26 - باب إذا لم يوجد إلا ثوب واحد

التأنيث، والبرد: نمرة كالمئزر، وهذا موضع الترجمة. (وقتل حمزة) هو عم النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - وأخوه من الرضاعة، أو رجل آخر لم يسم. 26 - بَابُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ إلا ثَوْبٌ وَاحِدٌ (باب: إذا لم يوجد) أي: للميت. (إلا ثوب واحد) جواب (إذا) محذوف، أي: كفن فيه. 1275 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أُتِيَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا، فَقَال: "قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ، إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ، بَدَتْ رِجْلاهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلاهُ بَدَا رَأْسُهُ - وَأُرَاهُ قَال: وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي - ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ - أَوْ قَال: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا - وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ". [انظر: 1274 - فتح: 3/ 142] (ابن مقاتل) هو: محمد المروزي. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (في بردة) بتاء التأنيث، وفي نسخة: "في برده" بالإضافة إلى الضمير. (بدت رجلاه) أي: ظهرتا. (وأراه) بضم الهمزة، أي: أظنه. (أو قال: أعطينا) شك من الراوي. (وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ... إلخ). فيه: أن العالم ينبغي له أن يذكر سير الصالحين في تقللهم من الدنيا، فتقل رغبته فيها، وأنه ينبغي للمرء أن يتذكر نعم اللَّه ويعترف بالتقصير عن أداء شكرها، ويتخوف أن يقاص بها في الآخرة، وإنما بكى؛ شفقةً أن لا يلحق بمن تقدمه، وحزنًا على تأخره عنهم.

27 - باب إذا لم يجد كفنا إلا ما يواري رأسه، أو قدميه غطى رأسه

27 - بَابُ إِذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنًا إلا مَا يُوَارِي رَأْسَهُ، أَوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى رَأْسَهُ (باب: إذا لم يجد) أي: من يتولى أمر الميت. (كفنًا إلا ما يواري) أي: يستر. (رأسه أو قدميه غطى رأسه) في نسخة: "غطى به رأسه" أي: لأنه أستر للميت. 1276 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، حَدَّثَنَا خَبَّابٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهُوَ يَهْدِبُهَا، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إلا بُرْدَةً إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، "فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ". [3897، 3913، 3914، 4047، 4082، 6432، 6448 - مسلم: 140 - فتح: 3/ 142] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (شقيق) هو أبو وائل بن سلمة. (خباب) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة الأولى، أي: ابن الأرت. (فوقع أجرنا على اللَّه) أي: وجب، كما في رواية (¬1)، أي: وجوبًا شرعيًّا بوعده الصادق، لا عقليًّا ولا عرفيًّا، إذ لا يجب على اللَّه شيء، (أينعت) بتحتية [ساكنه فنون مفتوحة أي: أدركت ونضجت. (يَهدبُها) بفتح أوله وتثليث الدال المهملة أي: يجنيها] (¬2) ويقطعها. (ما نُكَفِّنُهُ) أي: "به"، كما في نسخة. (من الإذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال وكسر الخاء المعجمتين: نبت بالحجاز طيب الرائحة. ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (3914)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة. (¬2) من (م).

28 - باب من استعد الكفن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه

28 - بَابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ (باب: من استعد الكفن) أي: أعده. (في زمنه - صلى اللَّه عليه وسلم - فلم ينكر) بفتح الكاف مبنيًّا للمفعول، وبكسرها مبنيًّا للفاعل، وهو: ضمير النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. (عليه) أي: على المعدِّ. 1277 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فِيهَا حَاشِيَتُهَا"، أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ قَالُوا: الشَّمْلَةُ، قَال: نَعَمْ، قَالتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا، "فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ"، فَحَسَّنَهَا فُلانٌ، فَقَال: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا، قَال القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ، قَال: إِنِّي وَاللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهُ، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قَال سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ. [2093، 5810، 603 - فتح: 3/ 143] (ابن أبي حازم) هو عبد العزيز. (عن سهل) هو ابن سعد الساعدي. (أن امرأة) لم تسم. (ببردة) كساء أبيض تلبسه العرب. (منسوجة) صفة لبردة. (فيها حاشيتها) جملة صفة ثانية. (أتدرون) في نسخة: "تدرون" بغير همزة، والجملة: مقول سهل. (قالوا: الشملة) هي: كساء يشتمل به، فهي: أعم من البردة، ففي تفسيرها بها تجوز. (فحسَّنها) أي: قال: ما أحسنها. (فلان) هو عبد الرحمن بن عوف، على ما نقل عن الطبراني (¬1). (ما أحسنت) ما: نافية. ¬

_ (¬1) قال ابن حجر في "الفتح" 3/ 143 - 144: لم أره في "المعجم الكبير" لا في مسند سهل ولا عبد الرحمن ونقله شيخنا ابن الملقن عن المحب في "شرح العمدة". وكذا قال لنا شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيتمي إنه وقف عليه لكن =

29 - باب اتباع النساء الجنائز

(محتاجًا) بالنصب: حال، وفي نسخة: "محتاج" بالرفع: خبر لمحذوف. (لألبسها) في نسخة: "لألبسه". وفي الحديث: التبرك بآثار الصالحين. وجواز إعداد الشيء قبل وقت الحاجة إليه، لكن لا يندب عند الشافعية أن يعد لنفسه كفنًا؛ لئلا يحاسب على اتخاذه، كما يحاسب على اكتسابه، إلا أن يقطع بحله، أو يكون من أثر ذي صلاح فيحسن إعداده، كما هنا. 29 - بَابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزَ (باب: اتباع النساء الجنائز) في نسخة: "الجنازة" 1278 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أُمِّ الهُذَيْلِ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا". [انظر: 313 - مسلم: 938 - فتح: 3/ 144] (سفيان) أي: الثوري. (عن خالد) أي: "الحذاء"، كما في نسخة. (عن أم الهذيل) بضم الهاء وفتح المعجمة: حفصة بنت سيرين. (قالت) في نسخة: "أنها قالت". (ولم يعزم علينا) بالبناء للمفعول، أي: نهينا عن ذلك نهيًا غير جازم، أي: مكروهًا، لا محرمًا (¬1). ¬

_ = لم يستحضر مكانه، ووقع الشيخنا بن الملقن في "شرح التنبيه" أنه سهل بن سعد وهو غلط فكأنه التبس على شيخنا اسم القائل باسم الراوي. قلت: نعم رواه الطبراني عن أحمد بن عبد الرحمن بن يسار عن قتيبة بن سعد عن يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل وقال في آخره قال قتيبة هو سعد بن أبي وقاص. انظر: "المعجم الكبير" 6/ 200. (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": =

30 - باب إحداد المرأة على غير زوجها

30 - بَابُ إِحْدَادِ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا (باب: إحداد المرأة على غير زوجها) في نسخة: "حداد المرأة" يقال: أحدت المرأة إحدادًا وحدت حدادًا، أي: إذا امتنعت من الزينة بعد وفاة زوجها، أو غيره. 1279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَال: تُوُفِّيَ ابْنٌ لِأُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الثَّالِثُ دَعَتْ بِصُفْرَةٍ، فَتَمَسَّحَتْ بِهِ، وَقَالتْ: "نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثٍ إلا بِزَوْجٍ". [انظر: 313 - مسلم: 938 - فتح: 3/ 145] ¬

_ = حديث أم عطية: وقد أخذ بعض العلماء من هذا الحديث: أن اتباع النساء للجنائز مكروه؛ لأنها قالت: نهينا ولم يُعزم علينا. وقال بعض العلماء، بل اتباع النساء للجنائز محرم، لثبوت النهي، وقول أم عطية: ولم يعزم علينا. هذا تفقه منها رضي اللَّه عنها ولا ندري هل الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي نهاهن ولم يعزم عليهن، أم هي التي فهمت أنه لم يعزم على النساء بترك اتباع الجنائز؟ والصحيح: أن اتباع المرأة للجنازة حرام، وأنه لا يجوز للمرأة أن تتبع الجنازة؛ لأنها إذا تبعتها فهي -لا شك- ضعيفة فربما تصيح وتولول وتضرب الخد وتنتف الشعر وتمزق الثوب، وأيضًا ربما يحدث اختلاط بين الرجال والنساء في تشييع الجنازة فيحصل بذلك فتنة وتزول الحكمة من اتباع الجنائز بحيث يكون الرجال، أو الأراذل من الرجال لا يكون لهم هَمٌّ إلا ملاحقة هؤلاء النساء، أو التمتع بالنظر إليهن، فالواجب منع النساء من اتباع الجنائزة فهو حرام ولا يجوز، كما أن زيارة المرأة للمقابر حرام. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن اللَّه زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج".

(في اليوم الثالث) [في نسخة: "في يوم الثالث"] (¬1) بإضافة الموصوف إلى الصفة. (بصفرة) أي: بطيب فيه صفرة. (أن نُحِدَّ) بضم النون، وكسر الحاء من أحدَّ، وفي نسخة: بفتح النون وضم الحاء من حد. (إلا بزوج) بموحدة، وفي نسخة: "لزوج" باللام، وفي رواية: "على زوج" بعلى، وكلها بمعنى: السببية. 1280 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، قَال: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالتْ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الشَّأْمِ، دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِصُفْرَةٍ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، فَمَسَحَتْ عَارِضَيْهَا، وَذِرَاعَيْهَا، وَقَالتْ: إِنِّي كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً، لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا". [1281، 5334، 5339، 5345 - مسلم: 1486 (62) - فتح: 3/ 146] (الحميدي) هو عبد اللَّه بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابنة أبي سلمة) في نسخة: "بنت أبي سلمة" واسمه: عبد الله. (نعي أبي سفيان) بسكون العين وتخفيف الياء، أو بالكسر والتشديد، أي: خبر موته. (من الشام) قال شيخنا: فيه نظر؛ لأن أبا سفيان مات بالمدينة، فلا خلاف بين أهل العلم بالأخبار، ولم أر في شيء من طرق هذا الحديث تقييده بذلك، إلا في رواية سفيان بن عيينة هذه، وأظنها وهمًا (¬2). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "فتح الباري" 3/ 147.

(أم حبيبة) هي رملة أم المؤمنين. (لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر ... إلخ) التقييد بالإيمان وبالأربعة أشهر وعشر: جري على الغالب، وإلا فالذمية ونحوها كذلك، والحامل تحد مدة بقاء حملها، ساوت أربعة أشهر وعشرًا أو لا، وقوله: (فإنما تحد عليه) وجوبًا بقرينة خبر النسائي، وأبي داود (¬1): "لا تلبس المتوفى عنها زوجها المعصفر من الثياب". 1281 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ، قَالتْ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا". [انظر: 1280 - مسلم: 1486 - فتح: 3/ 146] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (تحد) برفع تحد، وحذف أن الناصبة هنا، وفيما بعد، -كما- تسمع بالمعيدي خير من أن تراه (¬2) - (ثم دخلت) أي: قالت زينب بنت ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (2304) كتاب: الطلاق، باب: فيما تجتنبه المعتدة في عدتها. و"سنن النسائي" 6/ 203 - 204 كتاب: الطلاق، باب: ما تجتنب الحادة من الثياب. وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (1995): إسناده صحيح على شرط مسلم. (¬2) هذا مثل من أمثال العرب يضرب لمن يكون خبره والحديث عنه أفضل من مرآه ونظره، قال المفضل: أول من قاله هو المنذر بن ماء السماء، ويروى على ثلاثة أوجه: بإثبات أن المصدرية مع دخول لام الإبتداء عليها، وهذه الرواية لا إشكال فيها؛ لأن المبتدأ فيها مصدر منسبك بواسطة حرف موجود في الكلام، تقول: "لأن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه". ثانيًا: بنصب الفعل المضارع مع حذف (أن)، وفي هذه الرواية شذوذ من =

أبي سلمة، ثم دخلت على زينب بنت جحش، استشكل بأن قضية (¬1)، ثم إن قصة زينب بنت جحش متأخرة عن قصة أم حبيبة، وليس بصحيح؛ لأن زينب بنت جحش ماتت قبل أبي سفيان بأكثر من عشر سنين على الصحيح، وأجيب: بأن ثمَّ هنا للترتيب الإخباري، لا الوجودي. (فمست به) أي: شيئًا من جسدها، ولفظ: (به) ساقط من نسخة. 1282 - ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ، فَمَسَّتْ بِهِ، ثُمَّ قَالتْ: مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا". [5335 - مسلم: 1487 - فتح: 3/ 146] (سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - على المنبر) زاد في نسخة: "يقول". ¬

_ = جهة حذف الحرف المصدري الضعيف وبقاء علمه. ثالثها: برفع المضارع في قوله: "تسمعُ" بعد حذف (أن)، وقد جاءت هذه الرواية على الأصل في حذف الحرف المصدري مع زوال عمله. وقد اختلفت كلمة العلماء في توجيهها، فذهب أكثرهم إلى أن الحرف المصدري مقدر لسبك الفعل بالمصدر حتى يقع المبتدأ؛ لأن المبتدأ لا يكون إلا اسمًا، وذهب قوم إلى أن الفعل إذا أريد به مجرد الحدث صح أن يسند إليه ويضاف إليه، ولا حاجة عند هؤلاء إلى تقدير الحرف المصدري، ويكون من باب استعمال اللفظ في جزء معناه، لأن الفعل يدل على الحدث الذي هو مدلول المصدر وعلى الزمان، وقد جرد ها هنا من الدلالة على الزمان واقتصر فيه على الجزء الأول. انظر: "مجمع الأمثال" للميداني 1/ 277 (655). "عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك" 1/ 185. (¬1) هكذا هي في (أ)، (م).

31 - باب زيارة القبور

31 - بَابُ زِيَارَةِ القُبُورِ (باب: زيارة القبور) أي: مشروعيتها، وهي مندوبة للرجال؛ لخبر مسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" (¬1)، وأما النساء والخناثي، فمكروهة في حقهم، وهذا في زيارة قبر غير النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، أما زيارة قبره فتندب لهما، كالرجال، ومثله قبور سائر الأنبياء والعلماء، والأولياء، وهذا كله في زيارة قبور المسلمين، وأما زيارة قبور الكفار فمباحة، وقيل: محرمة. 1283 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَال: "اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي" قَالتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَال: "إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى". (¬2). [انظر: 1252 - مسلم: 926 - فتح: 3/ 148] ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم" (976) كتاب: الجنائز، باب: استئنذان النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه عزَّ وجلَّ في زيارة قبر أمه. (¬2) قال ابن عثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": وفي هذا الحديث: أن الإنسان يعذر بالجهل سواء أكانت جهلًا بالحكم الشرعي أم جهلًا بالحال، فإن هذه المرأة قالت للرسول - صلى الله عليه وسلم -: إليك عني. وقد أمرها بالخير والتقوى والصبر. ولكنها لم تعرف أنه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فلهذا عذرها الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وفيه: أن الصبر الذي يحمد فاعله هو الصبر عند الصدمة الأولى، يصبر الإنسان ويحتسب ويعلم أن لله ما أخذ وله ما أعطى وأن كل شيء عنده بأجل مسمى.

32 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه" إذا كان النوح من سنته"

(آدم) أي: ابن [أبي إياس. (شعبة) أي ابن الحجاج. (ثابت) أي: البناني. (عند قبر) أي: قبر صبي لها كما في مسلم. (إليك عني) أي: تنح] (¬1). (عني، ولم تعرفه) ساقط من نسخة. (إنما الصبر) أي: الكامل. (عند الصدمة الأولى) أي: الواردة على القلب، إذ مفاجأة المصيبة بغتةً لها روعة تروع القلب وتزعجه بصدمتها، فإن صبر للصدمة الأولى انكسرت حدتها، وضعفت قوتها، فهان عليه استدامة الصبر، فأما إذا طالت الأيام على المصاب، وقع السلو، وصار الصبر حينئذٍ طبعًا، فلا يؤجر عليه مثل ذلك. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: إقراره - صلى الله عليه وسلم - المرأة على زيارة القبور. 32 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ" لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ، فَهُوَ كَمَا قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] " وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} [فاطر: 18] ذُنُوبًا {إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} [فاطر: 18] " وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ البُكَاءِ فِي غَيْرِ نَوْحٍ. وَقَالَ ¬

_ = وفيه: أن البكاء عند القبر ينافي الصبر؛ ولهذا قال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اتقي اللَّه واصبري". (¬1) من (م).

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا". [انظر: 3335 - فتح: 3/ 150] وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ. (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -) يعذب الميت ببعض بكاء أهله، أي: ببكائهم المقترن بالنوح ونحوه، وإليه الإشارة بقوله: (ببعض)، وبقوله: (إذا كان النوح من سنته)، أي: الميت، أي: من طريقته وعادته. (لقول اللَّه تعالى ({قُوا أَنْفُسَكُمْ}) أي: بترك المعاصي الشاملة للنوح ونحوه. ({وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}) أي: بنصحهم وتأديبهم، وتعريفهم أن النوح ونحوه حرام، فمن علم أن لأهله عادة بفعل شيء من ذلك ولم ينههم عنه، فلم يقهم ولا نفسه من النار. (ومسئول عن رعيته) أي: عن فعلهم، فإذا فعلوا منكرًا من نوح أو غيره ولم ينههم عنه، فهو مسئول عن ذلك. (فأما إذا لم يكن) أي: النوح. (من سنته) بأن لم يشعر بأن رعيته يفعلونه، أو نهاهم عنه فلم ينتهوا (فهو كما قالت عائشة) أي: كما استدلت بقوله تعالى: ({وَلَا تَزِرُ}) أي: تحمل. ({وَازِرَةٌ}) أي: نفس آثمة. ({وزْرَ أُخْرَى} أي: إثم نفس أخرى. (وهو) أي: ما استدلت به عائشة، كقوله تعالى: ({وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ}) زاد في نسخة: "ذنوبًا" وليست من القرآن. ({إِلَى حِمْلِهَا}) أي: من الوزر. ({لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ}) وأما قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13] فهو في الضالين لأنفسهم، المضلين لغيرهم؛ لأنهم يحملون أثقال إضلالهم مع أثقال ضلالهم؛ لأن كلًّا

منها من أوزارهم خاصة، وقوله: (وهو ... إلخ) ساقط من نسخة. (وما يرخص في البكاء في غير نوح) عطف على أول الترجمة، وهو حديث رواه الطبراني، وصححه الحاكم (¬1)، أو على ما في قوله: (كما قالت) و (ما) في الموضعين: موصولة، أو مصدرية. إلا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم) أي: وهو قابيل، الذي قتل هابيل ظلمًا وحسدًا. (كفل) أي: نصيب .. (من دمها) أي: دم النفس. 1284 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، وَمُحَمَّدٌ، قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ، فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلامَ، وَيَقُولُ: "إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ"، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ - قَال: حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَال كَأَنَّهَا شَنٌّ - فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَال سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ فَقَال: "هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ". (¬2). [5655، 6602، 6655، 7377، 7448 - مسلم: 923 - فتح: 3/ 151] ¬

_ (¬1) انظر: "المعجم الكبير" 19/ 39. و "المستدرك" 1/ 102، 2/ 184. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال الألباني في "مشكاة المصابيح" (3159): صحيح. (¬2) قال ابن عثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": وفي هذا الحديث: دليل على وجوب الصبر؛ لأن الرسول قال: "مرها فلتصبر ولتحتسب" وفيه: دليل على أن هذه الصيغة من العزاء أفضل صيغة. أفضل من قولنا: "أعظم اللَّه أجرك، وأحسن عزاءك وغفر لميتك" اختارها =

(عبدان) هو عبد اللَّه بن عثمان. (ومحمد) أي: ابن مقاتل. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن النهدي. (ابنة النبي) في نسخة: "بنت النبي" واسمها: زيبب. (أن ابنا لي قبض) أي: قارب القبض، ففيه: تجوز، وفي نسخة: "أن ابنتي قد حضرت" وصوبها شيخنا، وعليها فاسم الأبنة: أمامة، وعلى الأولى فاسم الابن: قيل: علي بن أبي العاص بن الربيع، وقيل: عبد اللَّه بن عثمان بن عفان، وقيل: محسن بن علي، قال شيخنا: وهو أولى (¬1). (يقرئ السلام) بضم الياء من أقرئ (¬2). (وله ما أعطى) قدم عليه ما قبله، مع أنه متأخر عنه في الواقع؛ لاقتضاء المقام له. (فقام ومعه) في نسخة: "معه" بلا واو، وإنما لم يقم إليها أول إرسالها له؛ لاحتمال أنه كان في شغل حينئذٍ، أو كان امتناعه مبالغة في إظهار التسليم لربه، أو بيانًا للجواز في أن من دُعي لمثل ذلك، لم تلزمه الإجابة، لكنها لما أقسمت عليه أجابهاة إبرارًا لقسمها المقتضي لزيادة تضجرها. (ولتحتسب) أي: بالولد أجرًا عند اللَّه. (تتقعقع) أي: تضطرب وتتحرك. (شن) بفتح المعجمة أي: قربة يابسة، وجمعها: شنان. ¬

_ = بعض العلماء، لكن الصيغة التي اختارها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أفضل. (¬1) "فتح الباري" 3/ 156. (¬2) بضم الياء، وروي بفتحها. قال ابن التين: ولا وجه له إلا أن يريد يقرأ عليك، وذكر الزمخشري عن الفراء يقال: قرأت عليك السلام وأقرأته السلام. وقال الأصمعي: يقال أقرأته السلام. وقال الزمخشري: والعامة تقول قريت السلام بغير همز وهو خطأ. انظر: "عمدة القاري" 6/ 439.

(ففاضت) في نسخة: "وفاضت" بالواو. (سعد) أي: ابن عبادة. (ما هذا؟) أي: فيض الدمع، استبعده منه لما علم أنه من عادته - صلى اللَّه عليه وسلم - مقاومة المصيبة، وشدة الصبر عليها. (وقال: هذه) أي: الدمعة، وفي نسخة: "قال: إنه" أي: فيضان الدمع. (رحمة) أي: أثر رحمة. (وإنما) في نسخة: "فإنما". (يرحم اللَّه من عباده الرحماء). بالنصب على أن (ما) في (إنما): كافة، وبالرفع على أنها: موصولة. (والرحماء): جمع رحيم، وهو من صيغ المبالغة. وقضيته: أن رحمته تعالى تختص بمن اتصف بالرحمة الكاملة، بخلاف من فيه رحمة ما، لكن قضيته خبر أبي داود وغيره: "الراحمون يرحمهم الرحمن" (¬1) أنه يشمل كل من فيه رحمة ما؛ لأن الراحمين جمع راحم، وهذا هو الأوجه، وإنما بولغ في الأول؛ لأن القصد به الرد على من استبعد فيض الدمع، ولأن ذكر لفظ الجلالة فيه دال على العظمة، فناسبت فيه التعظيم والمبالغة. 1285 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ عَلَى القَبْرِ، قَال: فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ، قَال: فَقَال: "هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟ " فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قَال: "فَانْزِلْ" قَال: فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا. [1342 - فتح: 3/ 151] (شهدنا بنتًا لرسول اللَّه) أي: حضرنا جنازتها، وفي نسخة: ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (4941) كتاب: الأدب، باب: في الرحمة. والترمذي (1924) كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في رحمة الناس. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح.

"شهدنا بنتًا للنبي" وهي أم كلثوم، زوج عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه-. (لم يقارف) أي: لم يذنب، وقيل: لم يجامع أهله، وحكمة ترك الجماع: أن نزول القبر لمعالجة النساء، لا ينبغي لمن كان قريب عهد بمخالطتهن، بل تكون نفسه كالناسية لذلك، وقيل: إن عثمان باشر جارية له، وعلم النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك، فعرض به أن لا ينزل في قبر زوجته، حيث لم يعجبه أنه اشتغل، وهي محتضرة. (فقال أبو طلحة) هو: زيد بن سهل الأنصاري. وفي الحديث: الجلوس على القبر، ونزول الأجنبي قبر النساء بإذن الولي، والتوسل بالصالحين في تولي شأن دفن الميت، وجواز البكاء حيث لا صياح ولا منكر. 1286 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: تُوُفِّيَتْ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَكَّةَ، وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا - أَوْ قَال: جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا، ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي - فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ: أَلا تَنْهَى عَنِ البُكَاءِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ". [مسلم: 928 - فتح: 3/ 151] (عبدان) هو عبد اللَّه بن عثمان. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (أو قال) شك من ابن جريج. (إن الميت يعذب ببكاء أهله) تقييده بالأهل جري على الغالب، وإلا فالأجنبي، كالأهل. ومعنى الحديث: أن الميت يعذب بالبكاء عليه المقترن بمنكر كما مرَّ، وقيل معناه: سماعه للبكاء تعذيب له، كما أنا معذبون ببكاء الأطفال، فيبقى الحديث على ظاهره.

1287 - فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ، قَال: صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ، فَقَال: اذْهَبْ، فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلاءِ الرَّكْبُ، قَال: فَنَظَرْتُ فَإِذَا صُهَيْبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَال: ادْعُهُ لِي، فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ فَالحَقْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي يَقُولُ: وَا أَخَاهُ وَا صَاحِبَاهُ، فَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا صُهَيْبُ، أَتَبْكِي عَلَيَّ، وَقَدْ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"؟! [1290، 1292 - مسلم: 927 - فتح: 3/ 151] (بالبيداء) بالمد: مفازة بين مكة والمدينة. (بركب) أي: أصحاب إبل عشرة فأكثر. (سمرة) بفتح المهملة وضم الميم: شجرة عظيمة من شجر العضاة. (صهيب) أي: ابن سنان بن قاسط. (فأخبرته) أي: أخبرت عمر بذلك. (فألحق) بفتح الحاء. (بأمير المؤمنين) في نسخة: "أمير المؤمنين" بلا باء. (واأخاه، واصاحباه) بالمد بعد الواو، بألف الندبة قبل هاء السكت. (يعذب ببعض ببكاء أهله عليه) مرَّ شرحه. 1288 - قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالتْ: رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ المُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"، وَقَالتْ: حَسْبُكُمُ القُرْآنُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "عِنْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى" قَال ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: "وَاللَّهِ مَا قَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا شَيْئًا". [1289، 3978 - مسلم: 929 - فتح: 3/ 151] (يرحم اللَّه عمر) هو من حسن الأدب، نحو: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} [التوبة: 43]؛ تمهيدًا لدفع ما يوحش من نسبته إلى الخطأ. (والله ما حدث ... إلخ) جزمت بذلك، وحلفت عليه؛ إما لأنها سمعت من النبي

- صلى اللَّه عليه وسلم - اختصاص العذاب بالكافر، أو فهمته بالقرائن. (لكن) في نسخة: "ولكن" ونونها ساكنة، فما بعدها مرفوع، أو مشددة فما بعدها منصوب. (حسبكم القرآن) أي: كافيكم منه قوله تعالى: ({وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى}) أي: لا تؤاخذ نفس بغير ذنبها، كما مرَّ. (والله {هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}) غرضه بذلك: أن الكل بإرادة اللَّه، فيعمل بظاهر الحديث فإن له أن يعذب بلا ذنب، ويكون البكاء عليه علامة له، أو يعذبه بذنب غيره، لا سيما وهو السبب في وقوع غيره فيه، وتخصص آية الوازرة يوم القيامة، وقيل: غرضه تقرير قول عائشة، أي: أن بكاء الإنساء وضحكه من اللَّه، فلا أثر للعبد فيه، فعند ذلك سكت ابن عمر وأذعن، وقيل: سكوته لا يدل على الإذعان، فلعله كره المجادلة، أولم يحضره تأويل الحديث إذ ذاك. 1289 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا: سَمِعَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا، فَقَال: "إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا". [انظر: 1288 - مسلم: 132 - فتح: 3/ 152] (عن عبد اللَّه بن أبي بكر) أي: ابن محمد بن عمرو بن حزم. (وإنها لتعذب في قبرها) أي: لكفرها في حال بكاء أهلها، لا بسبب البكاء. 1290 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ وَهْوَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَ صُهَيْبٌ يَقُولُ: وَا أَخَاهُ، فَقَال عُمَرُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ

33 - باب ما يكره من النياحة على الميت

الحَيِّ"؟ [انظر: 1287 - مسلم: 927 - فتح: 3/ 152] (أبو إسحق) هو سليمان. (أبي أبردة،) (¬1) هو الحارث. (عن أبيه) هو أبو موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري. 33 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ وَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ أَوْ لَقْلَقَةٌ" وَالنَّقْعُ: التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ، وَاللَّقْلَقَةُ: الصَّوْتُ". (باب: ما يكره من النياحة على الميت) هو رفع الصوت بالندب، و (ما) موصولة، و (من) بيانية، وما قيل: من (ما) مصدرية، و (من) تبعيضية، أي: كراهة بعض النياحة؛ لحديث الإمام أحمد: (إنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم ينه عمة جابر لما ناحت (¬2) رُدَّ بأن حديث النهي متأخر عن هذا الحديث. (وقال عمر) أي: ابن الخطاب. (يبكين على أبي سليمان) هو خالد بن الوليد. (والنقع: التراب) أي: وضعه على الرأس، وتفسير النقع بالتراب، هو من قول: الفراء وقال غيره: هو رفع الصوت بالبكاء، والتحقيق أنه مشترك بينهما، وأن المراد به هنا: الأول؛ لئلا يتكرر مع قوله (واللقلقة: الصوت) أي: رفعه بالبكاء. 1291 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ المُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) انظر: "مسند أحمد" 3/ 289.

34 - باب

أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ". [مسلم: 4، 933 - فتح: 3/ 160] (على أحد) أي: غيري. (فليتبوأ) أي: فليتخذ. (مقعده) أي: مسكنه. (من نيح) في نسخة: "من ينح" بمضارع مبني للمفعول، وفي أخرى: "من يناح" بألف مرفوعًا على أن (من) موصولة، لا شرطية. (يعذب) بالجزم على أن (من) شرطية، وفي نسخة: بالرفع على أنها موصولة، أو شرطية بتقدير: فإنه يعذب. (بما نيح) في نسخة: "بما ينح". (فما) على الأولى مصدرية، أو موصولة، وعلى الثانية ظرفية. 1292 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ" تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، وَقَال آدَمُ: عَنْ شُعْبَةَ: "المَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الحَيِّ عَلَيْهِ". [انظر: 1287 - مسلم: 927 - فتح: 3/ 161] (عبدان) أي: ابن عثمان بن جبلة. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (تابعه) أي: عبدان. (عبد الأعلى) أي: ابن حماد. (سعيد) ابن عروبه. (حدثنا قتادة) يعني: عن سعيد بن المسيب. 34 - باب. (باب:) ساقط من نسخة، فهو على ثبوته، كالفصل من الباب السابق. 1293 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُنْكَدِرِ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: جِيءَ بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ قَدْ مُثِّلَ بِهِ، حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سُجِّيَ ثَوْبًا، فَذَهَبْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عَنْهُ،

35 - باب: ليس منا من شق الجيوب

فَنَهَانِي قَوْمِي، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْهُ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقَال: "مَنْ هَذِهِ؟ " فَقَالُوا: ابْنَةُ عَمْرٍو - أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو - قَال: "فَلِمَ تَبْكِي؟ أَوْ لَا تَبْكِي، فَمَا زَالتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ". [انظر: 1244 - مسلم: 2471 - فتح: 3/ 163] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابن المنكدر) هو محمد. (مثل به) بضم الميم، وتخفيف المثلثة، أي: قطع، قاله الكرماني (¬1)، وكلام الجوهري يدل له، وقال شيخنا: بتشديد المثلثة، يقال: مثل بالقتيل، إذا جدع أنفه وأذنه أو مذاكيره، أو شيء من أطرافه (¬2). (سجي ثوبًا) أي: غطي به. (فأمر رسول اللَّه) في نسخة: "فأمر به رسول اللَّه". (ابنة عمرو) واسمها: فاطمة، وقيل: هند. (أو أخت عمرو) شك من سفيان، وعمرو هو والد عبد اللَّه الممثل به. (فلِمَ تبكي؟) بكسر اللام وفتح الميم: استفهام عن غائبه. (أو لا تبكي) شك من الراوي هل استفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو نهى. (تُظِلُّ) في نسخة: "تظله" بهاء. ومطابقة الحديث للترجمة السابقة: في قوله - صلى الله عليه وسلم - لما سمع صوت النائحة (من هذه؟) لأنه إنكار يفيد الكراهة، وإن لم يصرح به. 35 - بَابٌ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ (باب: ليس منا من شق الجيوب) جمع جيب، من جابه، أي: قطعه، قال اللَّه تعالى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9)} [الفجر: 9] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 3/ 41. (¬2) "فتح الباري" 3/ 163.

وهو ما يفتح من الثوب، ليدخل فيه الرأس للبسه. 1294 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ اليَامِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ". [1297، 1298، 3519 - مسلم: 103 - فتح: 3/ 163] (سفيان) أي: الثوري. (زبيد) بالموحدة، وبالتصغير: هو ابن الحارث بن عبد الكريم. (اليامي) في نسخة: "الأيامي". (ليس منا) أي: من أهل سنتنا، والنهي للتغليظ، أو مختص بمن اعتقد حل ما ذكر. (من لطم الخدود) جمعها، كالجيوب، وإن لم يكن للإنسان إلا خدان، وجيب واحد، باعتبار إرادة الجمع، وذِكْرُ الخدود جَرْيٌ على الغالب، وإلَّا فَضَرْبُ غيرِها من بقية البدن، كضربها. (بدعوى الجاهلية) أي: أهلها: وهي زمن الفترة قبل الإسلام، بأن قال في بكائه، ما كان يقال في الجاهلية مما يحرم شرعًا، نحو: واجبلاه، واعضداه (¬1). ¬

_ (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": واعلم أن البكاء على الميت تارةً يكون بمقتضى الطبيعة، يعني: يأتي للإنسان دون أن يقصده، فهذا لا حرج بينهم ولا إثم فيه، بل هو من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو دليل على رحمة الإنسان ورقة قلبه، وتارةً يكون بتكلف ومعه ندب أو نياحة؛ فهذا هو الذي يأثم به الإنسان؛ فالندب هو أن يقوم بتعداد محاسن الميت إذا بكى، يبكي ويقول: هذا فلان الذي يأتي لنا بكذا وكذا، ويدافع عنا، وما أشبه ذلك، أو يقوله وا أبتاه. وأما النياحة: فهي البكاء برنة، كنوح الحمام، فهذا هو المحرم، وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - النائحة المستمعة. أما البكاء الذي يأتي طبيعيًّا دون أن يقتصده =

36 - باب رثاء النبي صلى الله عليه وسلم سعد ابن خولة

36 - بَابُ رِثَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ ابْنَ خَوْلَةَ (باب:) بالتنوين. (رثى النبي) جملة من فعل وفاعل، وفي نسخة: "باب: رثاء النبي" بإضافة (باب)، وكسر الراء والمد والقصر، وجر النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. (سعد بن خولة) بنصب سعد، مفعولًا، والمراد بالرثاء هنا: توجعه - صلى اللَّه عليه وسلم - وتحزنه على سعد؛ لكونه مات بمكة بعد الهجرة، لا ذكر الميت بتعديد محاسنه، الباعث على تهييج الحزن؛ لأنه منهي عنه. 1295 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إلا ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَال: "لَا" فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ فَقَال: "لَا" ثُمَّ قَال: "الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ - أَوْ كَثِيرٌ - إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ ¬

_ = الإنسان، ولكنه حزن ورحمة فهو لا بأس به، كما في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد سعد بن عبادة -رضي اللَّه عنه- من مرض ألم به فبكى عليه الصلاة والسلام فبكى معه: سعد بن أبي وقاص وعبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- ثم قال: "ألا تسمعون" يعني: اسمعوا "إن اللَّه تعالى لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب" لا يعذب الباكي والحزين الميت "وإنما يعذب بهذا أو يرحم" وأشار إلى لسانه يعني: أن يقول الإنسان قولًا محرمًا فهذا الذي يعذب به الإنسان، فدل ذلك على جواز البكاء على الميت بشرط ألا يكون ندب ولا نياحة، وإنما تأتي به الطبيعة والجبلة، فهذا لا بأس وهو من خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم.

أَصْحَابِي؟ قَال: "إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا إلا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ" يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ (¬1). [انظر: 56 - مسلم: 1628 - فتح: 3/ 164] (عام حجة الوداع) سميت بذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ودعهم فيها، وسميت أيضًا بالبلاغ؛ لأنه قال لهم: هل بلغت، وبحجة الإسلام؛ لأنها الحجة التي فيها حج المسلمون، ليس فيها مشرك. (بلغ بي من الوجع) أي: غايته. (ولا يرثني) أي: من الورثة الخاصة. (إلا ابنة) اسمها: عائشة، ولم يكن له إذ ذاك سواها، ثم جاء له بعد ذلك أولاد. (بالشطر) أي: بالنصف، وفي نسخة: "فالشطر" بالفاء، والرفع بالابتداء، أي: فالشطر أتصدق به. (ثم قال: الثلث) بالرفع بفعل محذوف، أي: يكفيك الثلث، أو خبر مبتدأ محذوف، أي: المشروع الثلث، أو مبتدأ حذف ¬

_ (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه اللَّه- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": وفي هذا الحديث: مشاورة الإنسان لأهل العلم في شئونه؛ لأن سعدًا استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما أراد أن يتصرف بشيء من ماله. وفيه: أنه ينبغي للمستشير أن يذكر الأمر على ما هو عليه حقيقة ولا يلوذ يمينًا وشمالًا: بل يذكر الأمر حقًّا على ما هو عليه حتى يتبين للمستشار حقيقة الأمر. وفيه: أنه لا يجوز للإنسان إذا كان مريضًا مرضًا يخشى منه الموت أن يتبرع بأكثر من الثلث من ماله. وفيه: إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يستحضر نية التقرب إلى اللَّه في كل ما ينفق حتى يكون له في ذلك أجر.

خبره، أي: الثلث كافيك، وبالنصب على الإغراء، أو بفعل مضمر، أي: اعط الثلث. (والثلث كبير) بموحدف (أو كثير) بمثلثة. (أن تذر) بفتح الهمزة، أي: لأن تذر، فمحله: جر، أو هو مبتدأ، فمحله: رفع، وخبره: خير، وبكسرها بجعل (أن) شرطية، وجوابها جملة صدرها مع فاء الجواب محذوف، أي: فهو خير. (وجه اللَّه) أي: ذاته. (حتى ما تجعل في في امرأتك) (ما): اسم موصول، و (حتى). عاطفة، أي: إلا أجرت بالنفقة التي تبتغي بها وجه اللَّه، حتى بالشيء الذي تجعله في فم امرأتك. (فقلت) في نسخة: "قلت". (أخلف) بضم الهمزة، وفتح اللام المشددة، في نسخة: "أأخلف؟ " بهمزة الاستفهام، أي: أأخلف في مكة؟! (بعد أصحابي) أي: بعد انصرافهم معك. (إنك لن) في نسخة: "إنك أن". (لعلك أن تخلف) أي: بأن يطول عمرك، وهذا من إخباره - صلى الله عليه وسلم - بالمغيبات، فإنه عاش حتى فتح العراق. (اللهم أمض) بفتح الهمزة، أي: أتمم. (لكن البائس) بموحدة وبالمد أي: الذي عليه أثر البؤس، أي: شدة الفقر والحاجة. (يرثي له) أي: يرق له، ويترحم عليه. (أن مات) بفتح الهمزة، أي: لأن مات بأرض هاجر منها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوله: (لكن البائس ... إلى هنا) مدرج من قول سعد بن أبي وقاص، أو من قول الزهري. وفي الحديث: استحباب عيادة المريض للإمام وغيره، وإباحة جمع المال، والحث على صلة الرحم، واستحباب الإنفاق في وجوه الخير، وأن المباح إذا قصد به طاعة اللَّه صار طاعة، وإليه أشار بقوله: (حتى ما تجعل في امرأتك) وفيه: كراهة نقل الموتى من بلد إلى بلد، وإلا لأمر بنقل سعد إلى دار الهجرة.

37 - باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة

37 - بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ (باب: ما ينهى) أي: عنه. (من الحلق عند المصيبة) أي: حلق شعر المرأة. خصَّ الحلق بالذكر، لأنه أشنع في حق النساء، من بقية ما ذكر من الحديث الآتي، و (ما) موصولة، أو مصدرية. 1296 - وَقَال الحَكَمُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ: أَنَّ القَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ حَدَّثَهُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا شَدِيدًا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَال: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ". [مسلم: 104 - فتح: 3/ 165] (عن عبد الرحمن بن جابر) نسبة إلى جده، وإلا فهو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. (مخيمرة) بضم الميم الأولى، وكسر الثانية. (أبو بردة) هو عامر، أو الحارث. (وجع) بكسر الجيم، أي: مرض (وجعًا) زاد في نسخة: "شديدًا". (في حجر امرأةٍ) بتثليث الحاء، كما مرَّ (أنا بريء ممن بريء منه رسول اللَّه) في نسخة: "ممن برئ منه محمد". (من الصالقة) بقاف، أي: الرافعة صوتها في المصيبة. (والحالقة) أي: التي تحلق شعر رأسها. (والشاقة) أي: التي تشق ثوبها. 38 - بَابٌ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب: ليس منَّا من ضرب الخدود) أي: ليس من أهل سنتنا. 1297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:

39 - باب ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة

"لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ". [انظر: 1294 - مسلم: 103 - فتح: 3/ 166] (عبد الرحمن) أي: ابن مهدي. (سفيان) أي: الثوري. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (ليس منَّا ... إلخ) مرَّ شرحه في باب: ليس منَّا من شقَّ الجيوب (¬1). (قال: أبو عبد اللَّه) أي: البخاري: معنى (ليس منا): من سنتنا، أي: من أهلها. (قال ... إلخ) ساقط من نسخة. 39 - بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ (باب: ما يُنهى) أي: عنه. (من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة) الويل: أن يقال عند المصيبة: واويلاه، وعطف ما بعده عليه من عطف العام على الخاص. 1298 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ". [انظر: 1294 - مسلم: 103 - فتح: 3/ 166] (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (ليس منا ... إلخ) مرَّ شرحه، وآخره مستلزم للويل المذكور في الترجمة، وهذا الباب ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) سبق برقم 1294 كتاب: الجنائز، باب: ليس منا من شق الجيوب.

40 - باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن

40 - بَابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ (باب: من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن) أي: من أجلها. 1299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرٍ، وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ البَابِ شَقِّ البَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، لَمْ يُطِعْنَهُ، فَقَالَ: «انْهَهُنَّ» فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ، قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ: «فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ» فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ العَنَاءِ. [1305، 4263 - مسلم: 935 - فتح: 3/ 166] (عبد الوهاب) أي ابن عبد المجيد. (يحيى) أي: ابن سعيد. (عمرة) أي: بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة. (قتل) بالرفع: فاعل (جاء). (ابن حارثة) اسمه: زيد. (وجعفر) أي: ابن أبي طالب. (وابن رواحة) اسمه: عبد اللَّه. (من صائر الباب) بهمزة بعد الألف كذا الرواة، قال المازري: والصواب: صير، أي: بكسر الصاد وسكون التحتية، قلت: وهذا ما قاله الجوهري وغيره، حيث قالوا: الصير: شق الباب. وفي الحديث: "من نظر من صير باب ففقئت عينه، فهي هدر" (¬1) لكن قال شيخنا بعد ذكر نحو ذلك، وقال ¬

_ (¬1) رواه مسلم (2158) كتاب: الآداب، باب: تحريم النظر في بيت غيره. وأحمد 2/ 266. وعبد الرزاق 10/ 384 (19433) باب: الرجل يطلع في بيت الرجل. والبيهقي 8/ 338 (17655) جماع أبواب صفة السوط، باب: التعدي والإطلاع. من حديث أبي هريرة بلفظ: "من أطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقئت عينه هدرت".

ابن الجوزي: صائر، وصير بمعنى واحد (¬1)، وكلام الخطابي نحوه (¬2). (شق الباب) بفتح الشين. والجر على البدل، أو التفسير، أي: الموضع الذي ينظر منه، والشق بالكسر: ليس مرادًا هنا، وإن قيل به؛ لأن معناه: الناحية، وليست مرادة. (رجل) لم يسم. (أن نساء جعفر) لم يكن لجعفر نساء، فالمراد: زوجته أسماء بنت عميس الخثعمية، ومن حضر عندها من النساء من أقارب جعفر، ومن في معناهن، وخبر (أن) محذوف؛ لدلالة السياق عليه، أي: يبكين مع النياحة، أو ينحن، إذ لو كان مجرد بكاء، لم ينه عنه؛ لأنه أباحه، وذكر بكائهن حال من فاعل (قال). (فذهب) أي: إليهن فنهاهن. (فلم يطعنه) إما لكونه لم يسند النهي للنبي - صلى الله عليه وسلم - فحملهن ذلك على أنه مرشد إلى المصلحة من قبل نفسه، أو لكونهن كن يبكين بلا نياحة، والنهي عنه للتنزيه، لا للتحريم. (ثم أتاه الثانية) أي: المرة الثانية، وذكر أنهن لم يطعنه، بل استمررن إلى ما هن عليه. (غلبنا) بلفظ جمع المؤنثة الغائبة، وفي نسخة: "لقد غلبنا" بزيادة "لقد"، وفي أخرى: "غلبتنا" بلفظ المفردة المؤنثة الغائبة. (فزعمت) أي: فقالت. (فاحث) بضم المثلثة من حثا يحثو، أو بكسرها من حثى يحثي. (في أفواههن التراب) أي: يسدُّ محل النوح، والمراد به: المبالغة في الزجر من فعلهن. (فقلت) أي: للرجل. (أرغم اللَّه أنفك) أي: ألصقه بالرغام: وهو التراب، إهانة وذلًا، ودعت عليه من جنس ما أمر أن يفعله بالنسوة ة لفهمها من قرائن الحال أن أحرج النبي ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 3/ 167. (¬2) "أعلام الحديث" 1/ 689.

41 - باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة

- صلى اللَّه عليه وسلم - بكثرة تردده إليه في ذلك. (لم تفعل ما أمرك به رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي: من نهيهن، وإن كان نهاهن؛ لأنه لم يترتب على نهيه الامتثال، فكأنه لم ينه. (من العناء) بفتح المهملة، والمد: المشقة والتعب. 1300 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا حِينَ قُتِلَ القُرَّاءُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 3/ 167] (حين قتل القراء) كانوا ينزلون الصفة يتعلمون القرآن، بعثهم رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل نجد ليقرءوا عليهم القرآن، ويدعوهم إلى الإسلام، فلما نزلوا بئر معونة، قصدهم عامر بن الطفيل في أحياء من رعل وذكوان وعصية فقاتلوهم، فقتلوا أكثرهم. 41 - بَابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ: " الجَزَعُ: القَوْلُ السَّيِّئُ وَالظَّنُّ السَّيِّئُ "، وَقَالَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]. (باب: من لم يظهر حزنه عند المصيبة) إنما لم يظهر مع أنه مباح، قهرًا للنفس بالصبر الذي هو خير، قال تعالى: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [تلنحل: 126]. (الجزع: القول السيء) هو الذي يبعث الحزن غالبًا. (والظن السيء) هو اليأس من تعويض اللَّه المصاب في العاجل، ما هو أنفع له من الفائت، أو استبعاد حصول ما وعد به من الثواب على الصبر. ({بَثِّي}) البث: عظيم الحزن الذي لا يصير عليه، حتى يثب، وينشر إلى الرأس.

1301 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الحَكَمِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: اشْتَكَى ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ، قَال: فَمَاتَ، وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ، فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شَيْئًا، وَنَحَّتْهُ فِي جَانِبِ البَيْتِ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَال: كَيْفَ الغُلامُ، قَالتْ: قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ، وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ، قَال: فَبَاتَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا كَانَ مِنْهُمَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا" قَال سُفْيَانُ: فَقَال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ. [5470 - مسلم: 2144 (23) - فتح: 3/ 169] (اشتكى ابن) أي: مرض، وهو أبو عمير، صاحب النغير. (لأبي طلحة) هو زيد بن سهل الأنصاري. (امرأته) هي أم سليم، وهي أم أنس بن مالك. (هيأت شيئًا) أي: أعددت طعامًا وأصلحته، أو هيأت حالها بالتزين لزوجها؛ تعريضًا للجماع. (ونحَّته) أي: أبعدته. (هدأت نفسه) بسكون الفاء، أي: سكنت، وفي نسخة: "هدأ نفسه" بفتح الفاء وحذف التاء. (وأرجو أن يكون قد استراح) أي: من نكد الدنيا وتعبها. (وظن أبو طلحة أنها صادقة) أي: بالنسبة إلى ما فهمه من كلامها، وإلا فهي صادقة فيما أرادته. (فبات) معها. وفيه مع ما بعده: إشارة إلى أنه جامعها، وصرَّح به في رواية بلفظ (فقربت العشاء فتعشى، ثم أصاب منها) (¬1). (فلما أراد أن يخرج أعلمته أنه قد مات) بسطه في مسلم حيث قال: فقالت: يا أبا طلحة، لو أن قومًا أعاروا أهل بيت عارية، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ فقال: لا، قالت: فاحتسب ابنك، فغضب وقال: تركتني حتى ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5418) كتاب: العقيقة، باب: تسمية المولود.

42 - باب الصبر عند الصدمة الأولى

تلطخت، ثم أخبرتني بابني (¬1). (منهما) أي: من أبي طلحة وزوجته، وفي نسخة: "منها" أي من زوجته. (لعل) بمعنى: عسى؛ بدليل دخول (أن) في خبرها. (لكما في ليلتكما) في نسخة: "لهما في ليلتهما". (قال سفيان) أي: ابن عيينة. (فقال رجل من الأنصار) هو عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج. (فرأيت لهما تسعة أولاد) أي: من ولد عبد اللَّه التي حملت به في تلك الليلة من أبي طلحة. وهم إسحق، وإسماعيل، ويعقوب، وعمير، وعمرو، ومحمد، وعبد الله، وزيد، والقاسم وعبارته توهم أنهم أولاد أبي طلحة، بلا واسطة، وليس مرادًا، كما نبه عليه شيخنا (¬2). 42 - بَابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى وَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نِعْمَ العِدْلانِ، وَنِعْمَ العِلاوَةُ: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ، وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} [البقرة: 157] وَقَوْلُهُ تَعَالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ، وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلا عَلَى الخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]. (باب: الصبر عند الصدمة الأولى) الواردة على القلب. (نعم) كلمة مدح. (العدلان) فاعل نعم. والعدل بكسر العين: المثل، وهو المراد هنا، وبفتحها: ما عدل الشيء ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم" (2144) كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي طلحة الأنصاري. (¬2) "فتح الباري" 3/ 171.

43 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا بك لمحزونون"

من غير جنسه، وأصله بالكسر: نصف الحمل، والعدلان: الحمل، (ونعم العلاوة) هي ما يعلق على العير بعد تحميله العدلين، من سقاء ونحوه. ({الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ}) إلخ هو المخصوص بالمدح، وفيه مع ما قبله: لف ونشر مرتب، إذ المراد بالعدلين: الصلاة والرحمة، وبالعلاوة: الاهتداء (وقوله تعالى) بالجر عطف على الصبر. 1302 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى". [انظر: 1252 - مسلم: 926 - فتح: 3/ 171] (غندر) اسمه: محمد بن جعفر، وغندر لقبه. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن ثابت) أي: البناني. 43 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ" وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَدْمَعُ العَيْنُ، وَيَحْزَنُ القَلْبُ". (الصبر عند الصدمة الأولى) مرَّ شرحه في باب: زيارة القبور (¬1). (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: إنا بك لمحزونون) هو طرف من حديث إبراهيم الآتي في الباب، وقوله: (باب: قول النبي) إلى قوله: (ويحزن القلب) ساقط من نسخة. 1303 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا قُرَيْشٌ هُوَ ابْنُ حَيَّانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1283) كتاب: الجنائز، باب: زيارة القبور.

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ، فَقَال لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَال: "يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ"، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إلا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ" رَوَاهُ مُوسَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 2315 - فتح: 3/ 172] (حدثنا الحسن) في نسخة: "حدثني الحسن". (القين) بفتح القاف، وسكون التحتية، أي الحداد وهو صفة لأبي سيف، واسمه: البراء بن أوس، وقيل: غيره. (وكان ظئرًا) بكسر المعجمة، وسكون الهمزة، أي: مرضعًا بمعنى: زوج المرضعة غير ولدها، [فأطلق ذلك على زوجها لأنه يشاركها في تربيته غالبًا، وأصل الظئر: من ظأرت الناقة؛ إذا عطفت على غير ولدها، فقيل ذلك للتي ترضع غير ولدها] (¬1) وزوجته: هي أم بردة، واسمها: خولة بنت المنذر بن زيد الأنصارية، وقيل: هي أم سيف (¬2)، قيل: ولعلمها أرضعتاه، وقال النووي: خولة لها كنيتان (¬3)؛ فعليه المرضعة واحدة. (عليه) أي: على أبي سيف. (وإبراهيم يجود بنفسه) بسكون الفاء، أي: يخرجها ويدفعه، كما يخرج الإنسان ماله ويجود به، وأولاده - صلى الله عليه وسلم - ثمانية: القاسم، وبه يكنى، والطاهر، والطيب، وقيل: هما اسمان لواحد، ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (1283) كتاب: الجنائز، باب: زيارة القبور. (¬3) "صحيح مسلم بشرح النووي" 15/ 76 - 77.

44 - باب البكاء عند المريض

وإبراهيم، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وكلهم من خديجة، إلا إبراهيم فمن مارية القبطية. (تذرفان) بذال معجمة وراء مكسورة، أي: يجري دمعهما. (وأنت يا رسول اللَّه!) تعجب، أي: الناس لا يصبرون عند المصائب، وأنت تفعل، كفعلهم! مع حثك على الصبر، ونهيك عن الجزع، استغربه من مخالفة عادته. (إنها) أي: الحالة التي شاهدتها مني. (رحمة) أي: شفقة على الولد تنبعث عن الفاعل فيما هو عليه، لا جزع وقلة صبر كما توهمت. (ثم أتبعها بأخرى) أي: أتبع الدمعة الأولى بدمعة أخرى، أو أتبع الكلمة الأولى المجملة، وهي قوله: (إنها رحمة) بكلمة أخرى مفصلة، وهي قوله: (إن العين تدمع ... إلخ). وفي الحديث: استحباب تقبيل الولد، والترحم على العيال، والرخصة في البكاء، واستفسار المفضول فيما يستغربه من الفاضل، والإخبار عما في القلب من الحزن، وإن كان كتمه أولى، وجواز البكاء على الميت قبل موته. (رواه) أي: أصل الحديث. (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. 44 - بَابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ (باب: البكاء عند المريض) ساقط من نسخة، ولفظ: (باب): ساقط من أخرى. "على" بدل (عنه). 1304 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ، فَقَال:

"قَدْ قَضَى" قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى القَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَوْا، فَقَال: "أَلا تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "يَضْرِبُ فِيهِ بِالعَصَا، وَيَرْمِي بِالحِجَارَةِ، وَيَحْثِي بِالتُّرَابِ". [مسلم: 924 - فتح: 3/ 175] (أصبغ) أي: ابن الفرج. (عن ابن وهب) اسمه: عبد اللَّه. (عمرو) أي: ابن الحارث. (اشتكى) أي: مرض. (في غاشية أهله) قال شيخنا: أي الذين يغشونه للخدمة ونحوها (¬1)، قال: ولفظ: (أهله) ساقط من أكثر النسخ، وعليه شرح الخطابي (¬2)، فيجوز أن يكون المراد بالغاشية: الغشية من الكرب، ويؤيده ما وقع في رواية مسلم "في غشية" (¬3) قال: وقال النووي: ليس الغاشية هي الداهية من شر، أو مرض أو مكروه، والمراد: ما يغشاه من كرب الوجع الذي فيه، لا الموت؛ لأنه أفاق من تلك المرضة، وعاش بعدها زمانًا (¬4). (قد قضى) بحذف همزة الاستفهام، أي: قد مات. (قالوا) في نسخة: "فقالوا". (إن اللَّه) بكسر الهمزة استئناف بجعل تسمعون لازمًا، أي: ألا توجدون السماع، وبفتحها: مفعول لتسمعون. (ولكن يعذب بهذا ... إلخ) أي: يعذب بلسانه، إن قال شرًّا، أو يرحم به إن قال خيرًا، (فأو): للتنويع، ويرحم بالرفع، قال الكرماني: ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 3/ 175. (¬2) "أعلام الحديث" 1/ 691 - 692. (¬3) "صحيح مسلم" (924) كتاب: الجنائز، باب: البكاء على الميت. (¬4) "صحيح مسلم بشرح النووي" 6/ 226.

45 - باب ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك

وإن صحت الرواية بالنصب، (فأو) بمعنى: إلى، أي: إلى أن يرحمه اللَّه بإدخاله الجنة؛ لأن المؤمن لا بد له من دخولها (¬1). (يضرب فيه) أي: في البكاء بالصفة المنهي عنها. [وفي الحديث: ندب عيادة الفاضل المفضول، والنهي عن المذكر] (¬2) وبيان الوعيد عليه، وجواز البكاء عند المريض، وأن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، ومرَّ الكلام فيه (¬3). 45 - بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ النَّوْحِ وَالبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ (باب: ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن ذلك). (ما) مصدرية، وفي نسخة: "من النوح" فمن بيانية، وما موصولة. (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد (عمرة) أي: بنت عبد الرحمن. 1305 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ، قَالتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ، وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ البَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ، ثُمَّ أَتَى، فَقَال: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى، فَقَال: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي - أَوْ غَلَبْنَنَا، الشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ - فَزَعَمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "فَاحْثُ فِي ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 7/ 99. (¬2) من (م). (¬3) سبق برقم (1286) كتاب: الجنائز، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه".

أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ" فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ العَنَاءِ. [انظر: 1299 - مسلم: 935 - فتح: 3/ 176] (يا رسول اللَّه) في نسخة: "أي رسول اللَّه" (بأن) في نسخة: "أن". (إن هو) في نسخة: "إنه". (من محمد بن حوشب) في نسخة: "من محمد بن عبد اللَّه بن حوشب". (التراب) في نسخة: "من التراب" ومرَّ شرح الحديث في باب: من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن (¬1). 1306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ البَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ"، فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ: أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأُمِّ العَلاءِ، وَابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ، وَامْرَأَتَيْنِ - أَو ابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ، وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٍ أُخْرَى. [4892، 7215 - مسلم: 936 - فتح: 3/ 176] (حماد بن زيد) لفظ: (ابن زيد) ساقط من نسخة. (قال: حدثنا أيوب) في نسخة: "عن أيوب" أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (عند البيعة) بفتح الباء، أي: بيعته لهن على الإسلام. (أم سليم) بالجر بدل، بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، وكذا ما عطف عليها، واسمها: سهلة. (وأم العلاء) بالمدِّ [(وابنة أبي سبرة) بفتح المهملة، وسكون الموحدة: وهي (امرأة معاذ) أي: ابن جبل] (¬2) (وامرأتين) في نسخة: "وامرأتان" وهما بحسب إعراب ما مرَّ. (أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1299) كتاب: الجنائز، باب: من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن. (¬2) من (م).

46 - باب القيام للجنازة

وامرأة أخرى) شك من الراوي هل ابنة أبي سبرة هي امرأة معاذ كما في الأول، أو غيرها كما في الثاني، فالخمسة على الأول: أم سليم، وأم العلاء وابنة أبي سبرة التي هي امرأة معاذ، وامرأتان وعلى الثاني: أم سليم، وأم العلاء وابنة أبي سبرة امرأة معاذ، وامرأة أخرى. 46 - بَابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ (باب: القيام للجنازة) أي: إذا مرت على جالس. 1307 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ، فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ" قَال سُفْيَانُ: قَال الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ الحُمَيْدِيُّ: "حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ". [1308 - مسلم: 958 - فتح: 3/ 177] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن سالم) أي: ابن عبد اللَّه بن عمر. (فقوموا) أي: لها سواء كانت مسلمةً، أو ذميةً؛ إكرامًا لقابض روحِها مع احترامها. (تخلفكم) بضم الفوقية، وفتح المعجمةِ، وكسر اللامِ المشددةِ، أي: تترككم خلفها، وفي نسبة ذلك إليها تجوز؛ لأن المخلف حاملها، لا هي. (قال سفيان) أي: ابن عيينة (قال الزهري: أخبرني سالم ... إلخ) ذكر هذه الطريقِ؛ لبيان أن الأولى بالعنعنةِ، وهذه بالإخبار؛ ليفيد التقوية. (زاد الحميدي) هو أبو بكر بنُ عبد اللَّه المكيُّ. (حتى تخلفكم أو توضع) الزائدُ لفظ: (أو توضع) فقط، واختلفوا في القيام لها، فذهب الشافعيُّ إلى عدمِ وجوبهِ، وأن القيام لها منسوخٌ وكان لعلة، وقد

47 - باب: متى يقعد إذا قام للجنازة؟

ثبت أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - تركه بعد فعله، قال: والتركُ أحبُ إليَّ، فعليه القيامُ لها خلاف الأولى، أو مكروهٌ، وبكراهته صرَّح النوويُّ في "الروضة" (¬1) لكن صرَّح المتوليُ باستحبابه، وقال النوويُّ في "المجموع" وغيره: إنه المختار (¬2)، وقد صحت الأحاديثُ بالأمر بالقيامُ، ولم يثبت في القعود شيءٌ، إلا حديثَ علي (¬3)، وليس صريحًا في النسخ؛ لاحتمال أنَّ القعودَ فيه؛ لبيان الجواز. قال الأزرعيُّ: وفيما اختاره النوويُّ نظرٌ؛ لأن الذي فهمه عليُّ -رضي اللَّه عنه- التركُ مطلقًا، وهو الظاهرُ، ولهذا أمر بالقعود من رآه قائمًا، ولفظُ حديث عليٍّ في مسلم: أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قام للجنازة، ثم قعد، وفي روايةٍ: أن عليًّا رأى ناسًا قيامًا ينتظرون الجنازة، فأشار إليه بدِّرةٍ معه، أو سوط أن اجلسوا، فإن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد جلس بعد ما كان يقوم (¬4). 47 - بَابٌ: مَتَى يَقْعُدُ إِذَا قَامَ لِلْجَنَازَةِ؟ (باب: متى يقعد إذا قام للجنازة) ساقطٌ من نسخة، وساقط من أخرى لفظ: (باب). 1308 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جِنَازَةً، ¬

_ (¬1) انظر: "روضة الطالبين" 2/ 116. (¬2) انظر: "المجموع" 5/ 236. (¬3) رواه مسلم (962) كتاب: الجنائز، باب: نسخ القيام للجنازة. (¬4) رواه عبد الرزاق 3/ 460 (6312) كتاب: الجنائز، باب: القيام حين ترى الجنازة، والبيهقي 4/ 28 (6888) كتاب: الجنائز، باب: حجة من زعم أن القيام للجنازة منسوخ.

48 - باب: من تبع جنازة، فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال، فإن قعد أمر بالقيام

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا، فَلْيَقُمْ حَتَّى يَخْلُفَهَا أَوْ تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَعَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخَلِّفَهُ". [انظر: 1307 - مسلم: 958 - فتح: 3/ 178] (جنازة) في نسخةٍ: "الجنازة". (أو تخلفه) شكٌّ من البخاري، أو من قتيبة. (أو توضع) أي: على الأرض، كأن يقوم القائمُ بالمصلى، و (أو) للتنويع. (من قبل أن تخلفه) فيه: بيان للمراد من رواية سالم السابقة. 1309 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ، فَأَخَذَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِيَدِ مَرْوَانَ فَجَلَسَا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخَذَ بِيَدِ مَرْوَانَ، فَقَال: قُمْ فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ هَذَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ" فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ صَدَقَ. [1310 - مسلم: 959 - فتح: 3/ 178] (أحمد بن يونس) نسبة إلى جده، وإلا فهو أحمد بن عبد اللَّه بن يونس. (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (عن أبيه) هو كيسان. (مروان) هو الحكم بن أبي العاص. (هذا) أي: أبو هريرة. (عن ذلك) أي: عن الجلوس قبل وضع الجنازة. (صدق) أي: أبو سعيد. 48 - بَابٌ: مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً، فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ، فَإِنْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيَامِ (باب: من تبع جنازةَ فلا يقعد حتى توضع عن مناكبِ الرجالِ، فإن قعد أُمر بالقيامِ) أي: لأمره - صلى اللَّه عليه وسلم - بالقيام لها، كما مرَّ. 1310 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ،

49 - باب من قام لجنازة يهودي

فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ". [انظر: 1309 - مسلم: 959 - فتح: 3/ 178] (حدثنا مسلم، يعني: ابن إبراهيم) أي: ابن راهويه، ولفظ: (يعني: ابن إبراهيم) ساقط من نسخةٍ. (هشام) أي: الدستوائيُّ. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (إذا رأيتم الجنازة فقوموا) أمر بالقيام من كان قاعدًا، أما الراكبُ فيقف. 49 - بَابُ مَنْ قَامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ (باب: من قام لجنازة يهودي) اقتصر على اليهوديِّ، تبعًا للحديث الآتي، وإلا فالنصرانيُّ مثله، وكذا من له أمانٌ فيما يظهر. 1311 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: مَرَّ بِنَا جَنَازَةٌ، فَقَامَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْنَا بِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، قَال: "إِذَا رَأَيْتُمُ الجِنَازَةَ، فَقُومُوا". [مسلم: 960 - فتح: 3/ 179] (مرَّ) في نسخة: "مرت". (وقمنا) في نسخة: "فقمنا" وفي أخرى: "وقمنا به" أي: بقيامه أي: لأجله. 1312 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، قَال: كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالقَادِسِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ، فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَالا: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ.

فَقَال: "أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟ ". [1313 معلقًا - مسلم: 961 - فتح: 3/ 179] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (بالقادسية) هي مدينةٌ صغيرة على مرحلتين، أو خمسةَ عشرَ فرسخًا من الكوفة (¬1). (عليهما) أي: على سهلٍ وقيسٍ، وفي نسخةٍ: "عليهم" أي: عليهما ومن حضرهما. (أي: من أهل الذمة) هم اليهود والنصارى. (أليست نفسًا؟) أي: نفسًا ماتت، فالقيام لها؛ لأجل من معها من الملائكةِ، كما مرَّ، والمراد هنا: ملائكة العذابِ؛ أو لأجل صعوبةِ الموت وتذكُّره، لا لذات الميتِ. 1313 - وَقَال أَبُو حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَال: كُنْتُ مَعَ قَيْسٍ، وَسَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالا: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1312] وَقَال زَكَرِيَّاءُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ، وَقَيْسٌ: "يَقُومَانِ لِلْجَنَازَةِ". [فتح: 3/ 180] (أبو حمزة) بمهملة وزاي: محمدُ بنُ ميمونٍ. (عن الأعمش) هو سليمانُ بنُ مهرانَ. (عن عمرو) أي: ابن مُرَّةٍ (عن ابن أبي ليلى) اسمه: عبد الرحمن. (مع قيس) أي: ابن سعد. (وسهل) أي: ابن حنيفٍ. وفائدةُ ذكرِ هذه الطريق: التقويةُ لأنها بلفظ: (كنا)، بخلاف الأولى، فإنها تحتمل الإرسال. ¬

_ (¬1) القادسية: قيل سُميت بقادس هراة وقيل غير ذلك، وبهذا الموضع وقعت الموقعة الشهيرة بين المسلمين وبين الفرس في السنة السادسة بعد العشرة من الهجرة. انظر: "معجم البلدان" 4/ 291.

50 - باب حمل الرجال الجنازة دون النساء

(وقال زكرياء) أي: ابن زائدة. (عن الشعبيِّ) هو عامرُ بنُ شراحيل. (أبو مسعود) هو عقبةُ بنُ عمرو الأنصاريُّ. (يقومان للجنازة) فائدة ذكر هذه الطريق: أن أبا مسعود أيضًا كان يقوم للجنازة. 50 - بَابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ (باب: حمل الرجال الجنازة دون النساء) أي: لضعفهنَّ، مع أنه قد ينكشف منهن شيءٌ، ومثلهن الخناثى. 1314 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً، قَالتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قَالتْ: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إلا الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ". [1316، 1380 - فتح: 3/ 181] (عن أبيه) هو كيسان. (قالت) أي: الجنازة، أي: روحها؛ لأَنَّ الجسدَ لا يتكلمُ بعد خروج الروح منه، إلا أن يردها اللَّه إليه، قاله ابن بطال. (قدِّموني) زاد في نسخةٍ: "قدِّموني" مرةً ثانية. (يا ويلها) أي: يا حزنها، احضر، هذا أوانك. (أين تذهبون بها؟) وكان القياسُ أن يقول: يا ويلي، أين تذهبوا بي؟ لكن أُضيفَ إلى الغائب؛ حملًا على المعنى، كأنه لما رأى نفسهَ غيرَ صالحةٍ نفر عنها وجعلها كأنه غيرُه، أو كره أن يضيف الويل إلى نفِسه، وإنما قالت غير الصالحةِ ذلك؛ تحسرًا لعلمها بأنها لم تقدِّمْ خيرًا، وإنما تقدمُ على شرها، فتكره القدوم. (صعق) في نسخة: "لصعق" أي: مات، أو غشي عليه؛ من شدة هولِ ذلك.

51 - باب السرعة بالجنازة

51 - بَابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ وَقَال أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنْتُمْ مُشَيِّعُونَ وَامْشِ بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ شِمَالِهَا" وَقَال غَيْرُهُ: "قَرِيبًا مِنْهَا". (باب: السرعة بالجنازة) أي: بتهيئةِ أمرها من حملِ وغيرهِ. (فامش) في نسخة: "وامش" بالإفراد فيهما، وفي نسخةٍ: "فامشوا" بالجمع، وهو أنسب بما قبله. (بين يديها إلخ). وجهُ مطابقةِ هذا الأثر للترجمة: أنه يتضمنُ التوسعةَ على المشيعين، من حيث إنهم لم يلزموا بجهةٍ واحدة في مشيهم، وذلك يتضمنُ الإسراع، (وقال غيره) قال شيخنا: أظنه عبد الرحمن بن قرطٍ، وهو صحابي (¬1). (قريبًا منها) أي: امشوا قريبًا منها من أي جهة كانت، وأمامها أفضل. 1315 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ". [مسلم: 994 - فتح: 3/ 182] (سفيان) أي: ابن عيينة. (حفظناه) أي: الحديث الآتي. (من الزهري) في نسخةٍ: "عن الزهري". (أسرعوا بالجنازة) أي: إسراعًا خفيفًا بين المشيِّ المعتاد ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 3/ 183.

52 - باب قول الميت وهو على الجنازة: قدموني

والخببِ، الذي هو العدوُ، وهو شدةُ الإسراعِ؛ لأن ما فوق ذلك يؤدي إلى انقطاع الضعفاءِ، أو مشقةِ الحامل، وهذا إذا لم يضرّه الإسراعُ، فإنَ ضرَّه فالثاني أفضل، فإنْ خِيف عليه تغيرٌ، أو انفجار، أو انتفاخ، زِيدَ في الإسراع. (فخيرٌ تقدمونها) زاد في نسخة: "إليه" أي: إلى الخير. 52 - بَابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهُوَ عَلَى الجِنَازَةِ: قَدِّمُونِي (باب: قولِ الميت، وهو على الجنازة) أي: النعش. (قدِّموني) قائله: الميتُ الصالحُ. 1316 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالتْ لِأَهْلِهَا: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إلا الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإِنْسَانُ لَصَعِقَ". [انظر: 1314 - فتح: 3/ 184] (سعيد) أي: المقبري. (عن أبيه) هو كيسان، كما مرَّ. (إذا وضعت الجنازةُ) أي: الميت على النعش. (غير صالحة) في نسخةٍ: "غير ذلك". (ولو سمع الإنسان) أي: صوتها. (لصعق) مرَّ شرحُه آنفًا. 53 - بَابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً عَلَى الجِنَازَةِ خَلْفَ الإِمَامِ (باب: من صف) أي: اصطفَّ من الناس. (صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام) قيد بالصفين والثلاثة، تبعًا للحديث الآتي، وإلا فالحكمُ لا يختصُّ بهما، لكن جعلهم ثلاثًا فأكثر أفضل؛ لخبر الترمذيِّ وحسَّنه: "ما مِنْ مسلمِ يموتُ، فَيْصلِّي عليه ثلاثةُ صفوفٍ من المسلمين،

54 - باب الصفوف على الجنازة

إلَّا أُوجِرَ" (¬1) أي: غفر له، كما رواه الحاكم، قال الزركشيُّ قال بعضُهم: والثلاثةُ بمنزلةِ الواحدِ في الأفضلية، وإنما لم يجعل الأول أفضل؛ محافظةً علي مقصودِ الشارع من الثلاثةِ. 1317 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي أَو الثَّالِثِ". [1320، 1334، 3877، 3878، 3879 - مسلم: 952 - فتح: 3/ 186] (عن أبي عوانة) أي: الوضاح بن عبد الله اليشكري. (على النجاشيِّ) سبق بيانه في باب: الرجل يَنْعى إلى أهلِ الميتِ نفسهِ. (أو الثالث) شكٌّ من الراوي. 54 - بَابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ (باب: الصفوف على الجنازة) هذه الترجمة علي أصل الصفوفِ، والسابقةُ على عددها، وأيضًا هذه جزم فيها بذكر الصفوف، بخلاف السابقة. ¬

_ (¬1) انظر: "سنن الترمذي" (1028) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على الجنازة والشفاعة للميت، و "المستدرك" 1/ 62 كتاب: الجنائز، فضيلة ثلاثة صفوف في صلاة الجنازة. وقال: في الباب عن عائشة وأم حبيبة، وأبي هريرة وميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحديث مالك بن هبيرة حديث حسن، هكذا رواه غير واحد عن محمد بن إسحق، وروى إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحق هذا الحديث وأدخل بين مرثد ومالك بن هبيرة رجلًا ورواية هؤلاء أصح عندنا، وقال الحاكم: حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي": ضعيف.

1318 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِيَّ، ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَصَفُّوا خَلْفَهُ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا". [انظر: 1242 - مسلم: 951 - فتح: 3/ 186] (معمر) أي: ابن راشد. (سعيد) أي: ابن المسيب. (نعى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلخ) مرَّ شرحه. 1319 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَتَى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَصَفَّهُمْ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا" قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكَ، قَال: ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. [انظر: 857 - مسلم: 954 - فتح: 3/ 186] (مسلم) أي: ابن إبراهيم الفراهيدي. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (الشيباني) هو سليمان بن أبي سليمان فيروز (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (أتى) في نسخة: "أنه أتى". (على قبر منبوذ) بذالٍ معجمة، وبتنوين قبر، وعلى أنَّه موصوفٌ بـ (منبوذ)، أي: منفردٌ [عن القبور] (¬1)، وفي نسخةٍ: بإضافته إلى منبوذ، أي: على قبرِ ميتٍ منبوذٍ، أو لقيط. (قلت) مقول الشيبانيِّ، أي: قلت للشعبيِّ. (من حدثك) بهذا، ومرَّ الحديثُ في باب: وضوء الصبيان (¬2). 1320 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ تُوُفِّيَ اليَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الحَبَشِ، فَهَلُمَّ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ"، قَال: ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (857) كتاب: الأذان، باب: وضوء الصبيان.

55 - باب صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز

فَصَفَفْنَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَنَحْنُ مَعَهُ صُفُوفٌ قَال أَبُو الزُّبَيْرِ: عَنْ جَابِرٍ "كُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي". [انظر: 1317 - مسلم: 952 - فتح: 3/ 186] (أن ابن جريج) هو عبدُ الملكِ بنُ عبدِ العزيزِ. (من الحبشة) بفتح المهملة والموحدة، وفي نسخةٍ: "من الحبش" بضم المهملة وسكون الموحدة، وهم -كما في القاموس- جنس من السودان (¬1). (فهلم) بفتح الميم: اسمُ فعلٍ يستوي فيه على لغةِ الحجازيين الواحدُ والمثنى والجمعُ، وهو المراد هنا، أي: تعالوا، وتميم تقول: هلمَّ، وهلمَّا، وهلمُّوا، وهلمِّي، وهلمْن. (عليه ونحن صفوف) ساقطٌ من نسخةٍ، وفي أخرى: زيادة "معه" بعد (ونحن). (أبو الزبير) بالتصغير. هو محمدُ بنُ مسلمٍ بنُ تدرس، بفتح الفوقية وضم الراء. 55 - بَابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الجَنَائِزِ (باب: صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز) في نسخةٍ: "في الجنائز". 1321 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلًا، فَقَال: "مَتَى دُفِنَ هَذَا؟ " قَالُوا: البَارِحَةَ، قَال: "أَفَلا آذَنْتُمُونِي؟ " قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ، فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ. [انظر: 857 - مسلم: 954 - فتح: 3/ 189] (عبد الواحد) أي: ابن زياد العبدي. (الشيباني) اسمه: سليمان، ¬

_ (¬1) انظر: مادة (حبش) في "القاموس المحيط" ص 588.

56 - باب سنة الصلاة على الجنازة

كما مرَّ. (عن عامر) هو الشعبي. (بقبر دفن) في نسخةٍ: "بقبر قد دفن" أي: دفن فيه صاحبُه، فهو من ذكر المحلِّ، وإرادة الحال. (قالوا) في نسخةٍ: "فقالوا". (البارحة) أي: الليلة. وفيه: جوازُ الدفنِ بالليلِ، وما روي عن النهي (¬1) فمحمولٌ على أنَّه كان أولًا، ثم رُخِّص فيه، أو على أن النهيَ إنما هو عن دفنه قبل الصلاةِ عليه، وفيه الصلاة على الغائب، وأنَّ الصلاةَ على الجنازةِ بالصفوف، وجوازُ الصلاةِ على القبر، وإعلامُ الناسِ بموت المسلمِ؛ لينهضوا إلى الصلاةِ عليه، ومرَّ شرح الحديثِ في باب: الإذن بالجنازة (¬2). 56 - بَابُ سُنَّةِ الصَّلاةِ عَلَى الجَنَازَةِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى عَلَى الجَنَازَةِ". [انظر: 47] وَقَال: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ". [2289]، وَقَال: "صَلُّوا ¬

_ (¬1) رواه مسلم (943) كتاب: الجنائز، باب: في تحسين كفن الميت وأبو داود (3148) كتاب: الجنائز، باب: في الكفن. والنسائي 4/ 33 كتاب: الجنائز، باب: الأمر بتحسين الكفن. وابن ماجة (1521) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الأوقات التي لا يصلى فيها على الميت ولا يدفن. من حديث جابر بن عبد الله بلفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب يومًا فذكر رجلًا من أصحابه قُبِضَ فكْفِّن في كفن غير طائل، وقُبِّر ليلًا، فزجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبر الرجل ليلًا. (¬2) سبق برقم (1247) كتاب: الجنائز، باب: الإذن بالجنازة.

عَلَى النَّجَاشِيِّ". [انظر: 1317] سَمَّاهَا صَلاةً لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ، وَلَا سُجُودٌ، وَلَا يُتَكَلَّمُ فِيهَا وَفِيهَا تَكْبِيرٌ وَتَسْلِيمٌ " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: "لَا يُصَلِّي إلا طَاهِرًا، وَلَا يُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا غُرُوبِهَا، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ" وَقَال الحَسَنُ: "أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَأَحَقُّهُمْ بِالصَّلاةِ عَلَى جَنَائِزِهِمْ مَنْ رَضُوهُمْ لِفَرَائِضِهِمْ، وَإِذَا أَحْدَثَ يَوْمَ العِيدِ أَوْ عِنْدَ الجَنَازَةِ يَطْلُبُ المَاءَ وَلَا يَتَيَمَّمُ، وَإِذَا انْتَهَى إِلَى الجَنَازَةِ وَهُمْ يُصَلُّونَ يَدْخُلُ مَعَهمْ بِتَكْبِيرَةٍ" وَقَال ابْنُ المُسَيِّبِ: "يُكَبِّرُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالسَّفَرِ وَالحَضَرِ أَرْبَعًا" وَقَال أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "التَّكْبِيرَةُ الوَاحِدَةُ اسْتِفْتَاحُ الصَّلاةِ" وَقَال: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] وَفِيهِ صُفُوفٌ وَإِمَامٌ. [فتح: 3/ 189] (باب: سنة الصلاة على الجنائز) في نسخة: "على الجنازة" وأراد بالسنةِ: ما يشمل الواجب والمندوب. (من صلى على الجنازة) أي: فله قيراطٌ، كما يعلم من باب: من انتظر حتى تدفن (¬1) (على صاحبكم) الميت الذي كان عليه دينٌ، لا يفي به مالهُ. (سمَّاها) أي: الهيئةُ الخاصةُ التي يدعى فيها للميت. (لا يصلي) أي: لخبر مسلم. (إلا طاهرًا) لخبر مسلمٍ: "لا يقبلُ الله صلاةَ بغيرِ طَهُورٍ" (¬2) وكأن البخاريَّ أراد بذلك: الرد على الشعبيِّ، حيث أجاز الصلاةَ على الجنازةِ بغير طهارةٍ. (ولا يُصلي) بضم التحتية وكسر اللام، ¬

_ (¬1) سيأتي بعد الباب. (¬2) "صحيح مسلم" (224) كتاب: الطهارة، باب: وجوب الطهارة للصلاة.

أي: وكان ابن عمرٍ لا يصلي، وفي نسخةٍ: "ولا تصلى" بضم الفوقية وفتح اللام، أي: وكان يقول: لا تُصلَّى صلاةُ الجنازةِ. (عند طلوع الشمس، ولا غروبها) أي: فهي مكروهةٌ حينئذٍ، وتبعه في ذلك مالكٌ وغيُره، ومذهبُ الشافعيِّ عدم كراهتها؛ لخبر "أسرعوا بالجنازة" (¬1)؛ ولأن سَببها مقدَّمٌ. (ويرفع يديه) أي: ندبًا في كلِّ تكبيرة. (وقال الحسن) أي: البصريُّ. (وأحقهم) أي: "بالصلاة". [كما في نسخة] (¬2) (من رضوهم) في نسخةٍ: "رضوه". (لفرائضهم) فيقدَّمُ الأفضلُ، والأَولى عند الشافعيِّ هنا بالصلاة الأب، ثم أبوه وإنْ علا، ثم الابن، ثم ابنه وإنْ سفل، وخالف ترتيبَ الإرثِ؛ لأنَّ معظمَ الغرضِ الدعاءُ للميت، فقدمَّ الأشفقَ؛ لأنَّ دعاءَه أقربُ إلى الإجابة، ثمَّ العصبات النسبية على ترتيبِ الإرث، كما هو مبسوط في كتب الفقه. (وإذا أحدث يوم العيد إلخ) هو من تمام كلام الحسن. (يدخل معهم بتكبيرة) أي: ثم يأتي بما فاته من التكبيرات، وغيرِها. واعلم أنَّ البخاريَّ استدلَّ على غرضه من بيان جواز إطلاق الصلاة على صلاة الجنازة ومشروعيتها، وإنْ لم تكن ذات ركوعٍ وسجودٍ، وتسميتهُا صلاةً،. كما في ({وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}) وبإثبات خاصة الصلاة فيها من افتتاحها بالتكبير، وختمها بالتسليم، وعدمِ التكلم فيها، وذات صفوفٍ وإمام، فالصلاةُ مشتركةُ بين الصلاةِ المعهودةِ وصلاةِ الجنازةِ فهي حقيقةٌ شرعيةٌ فيهما. (تكبيرة الواحدة) من إضافة الموصوف إلى الصفة، أي: التكبيرة الواحدة [وفي نسخة: ¬

_ (¬1) سبق برقم (1315) كتاب: الجنائز، باب: السرعة بالجنازة. (¬2) من (م).

57 - باب فضل اتباع الجنائز

"والتكبيرة الواحدة "] (¬1) (استفتاح الصلاة) أي: صلاةُ الجنازةِ، كما في افتتاح غيرِها من الصلوات (وقال عزَّ وجلَّ) عطفٌ علي الترجمة. ({مَاتَ أَبَدًا}) ساقطٌ من نسخةٍ. (وفيه) أي: فيما ذكر من حكم صلاة الجنازةِ. (صفوف وإمام) هو مما يدلُّ علي إطلاق الصلاة على صلاة الجنازة أيضًا. 1322 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي مَنْ مَرَّ مَعَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ "فَأَمَّنَا، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ"، فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَمْرٍو، مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَال: ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. [انظر: 857 - مسلم: 954 - فتح: 3/ 190] (من حدثك) في نسخةٍ: "ومن حدثك" بواو. وفي الحديث: أن السنةَ أنْ يُصلَّى على الجنازة جماعة، وجواز، الصلاةِ على القبرِ. 57 - بَابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ وَقَال زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "إِذَا صَلَّيْتَ فَقَدْ قَضَيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ" وَقَال حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ: "مَا عَلِمْنَا عَلَى الجَنَازَةِ إِذْنًا وَلَكِنْ مَنْ صَلَّى، ثُمَّ رَجَعَ فَلَهُ قِيرَاطٌ". (باب: فضل اتباع الجنائز) أي: إلى المصلَّى، وإلى المقبرة. (إذا صليت) أي: على الجنازة. (فقد قضَّيتَ الذي عليك) أي: في الاتباع، أي: أديته. (ما علمنا على الجنازة إذنًا) أي: يُطلبُ من أوليائها للانصرافِ بعد الصلاة، فلا يفتقر إلى الإذن فيه، خلافًا لبعضهم. ¬

_ (¬1) من (م).

1323 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَال: سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ: حُدِّثَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَقُولُ: "مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ" فَقَال: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَيْنَا،. [انظر: 47 - مسلم: 945 - فتح: 3/ 192] (أبو النعمان) هو محمدُ بنُ الفضلِ السَّدوسيُّ (حُدِّث) بالبناء للمفعول. (من تبع جنازةً فله قيراطٌ) أي: من الأجر، وكذا كلُّ عمل من أعمالها، فقد روى البزار عن أبي هريرةَ مرفوعًا: "مَنْ أَتَى جنازة في أهلها فله قيراط، فإنْ تبعها فله قيراطٌ، فإنْ صلَّى عليها فله قيراط، فإنْ انتظرها حتى تُدفنَ فله قيراطٌ" (¬1) والقيراطُ قال الجوهري: نصفُ دانق، والدانقُ: سدسُ الدرهمِ، فعليه يكون القيراطُ نصفُ سدسِ الدرهمِ، وقال ابن الأثيرِ: القيراطُ: نصفُ عشرِ الدينارِ في أكثر البلاد، وربعُ سدسهِ في الشامِ (¬2). والمراد به في الحديث: نصيبٌ من الأجرِ، وخُصَّ القيراط بالذكر؛ لأنَّ غالبَ ما تقع به المعاملة إذ ذاك كان به. (قال) أي: ابن عمر. (أكثر أبو هريرة) أي: من الأحاديث، لم يقل ذلك اتهامًا بأنه روى ما لم يسمع، بل جوز عليه السهو والاشتباه، أو أنه قال برأيه واجتهاده. 1324 - فَصَدَّقَتْ يَعْنِي عَائِشَةَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَقَالتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ فَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ" فَرَّطْتُ: ضَيَّعْتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ". ¬

_ (¬1) انظر: "كشف الأستار في زائد البزار" 1/ 389 (823). وقال الهيثمي في "المجمع" 3/ 30: رواه البزار، وفيه معدي بن سليمان صحح له الترمذي ووثقه أبو حاتم وغيره وضعفه أبو زرعة والنسائي وبقية رجاله رجال الصحيح. (¬2) انظر: "النهاية في غريب الحديث" 4/ 42.

58 - باب من انتظر حتى تدفن

(فصدقت يعني: عائشة. أبا هريرة) في نسخة: "بقول أبي هريرة" ولفظ: (يعني: عائشة) من كلام البخاريِّ. (فرطنا) أي: ضيعنا، حيث قصَّرنا في اتباع الجنائز. (فرطت) أي: (ضيعت من أمر الله) وفي نسخةٍ: "فرطت من أمر الله" أي: (ضيَّعت) ودأبُ البخاريِّ أنْ يفسر الكلمةَ الغريبةَ من الحديث، إذا وافقت كلمةٌ كلمةً من القرآن، وهي هاهنا في قوله تعالى: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56]. 58 - بَابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى تُدْفَنَ (باب: من انتظر حتى تدفن) أي: فله قيراط آخر. 1325 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَال: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ، فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ"، قِيلَ: وَمَا القِيرَاطَانِ؟ قَال: "مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ". [انظر: 47 - مسلم: 945 - فتح: 3/ 196] (فقال) في نسخةٍ: "قال". (سمعت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -) في نسخةٍ عقب هذا: (ح وحدثني عبدُ الله بنُ محمدٍ، حدثنا هشامُ، أخبرنا معمرُ، عن الزهريِّ، عن سعيدِ بن المسيب، عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه -، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ". (يونس) أي: ابن يزيدِ الأَيْلي. (وحدثني عبدُ الرحمنِ) عطفٌ علي مقدر، أي: قال ابن شهاب: حدثني فلانٌ به، وحدثني عبدُ الرحمن أيضًا به. (من شهد الجنازة) في روايةِ مسلم: "مَن خَرَجَ مع جنازةٍ من بيِتهَا

59 - باب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز

حتى يُصلِّي، (¬1) أي: "عليها" كما في نسخة، أي: على الجنازة، وفي أخرى: "عليه" أي: على الميت. (ويصلي) بفتح اللام وكسرها، وهو المراد هنا. (فله قيراط إلخ) تقدَّم أنَّ قراريطَ أحوالِ الجنازة متعددةً، وإنما خَصَّ قيراطَي الصلاةِ والدفنِ بالذكرة لكونهما المقصودين أصالةً، بخلاف البقية، وقوله: (حتى تُدفنَ) أي: يفرغ من دفنها، كما هو ظاهر الحديث، وخرج به ما قيل: أنَّ المعنى: حتى توضع في اللحد (¬2)، أو حتى توارى قبل إهالةِ التراب، وإنْ ورد في كلٍّ منهما رواية. (مثل الجبلين العظيمين) زاد في مسلم "أصغرها مثل أحد" (¬3) فالمراد: تعظيمُ الثواب، فمثله بالعيان بأعظم الجبالِ خلقًا وأكثرها إلى النفوس المؤمنة حبًّا، ويجوز أنْ يكون علي حقيقته بأنْ يجعلَ الله تعالى عمله يوم القيامة جسمًا قدر أحدٍ ويوزن، ومرَّ شرح الحديث في باب: اتباع الجنائز من الإيمان (¬4). 59 - بَابُ صَلاَةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ (باب: صلاة الصبيان مع الناس علي الجنائز) أي: مشروعيتها لهم، وإن عُلِمت ضمنًا من باب: صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز (¬5). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (945) كتاب: الجنائز، باب: فضل الصلاة على الجنازة. (¬2) انظر: التخريج السابق. (¬3) انظر تخريج حديث مسلم السابق. (¬4) سبق برقم (47) كتاب: الإيمان، باب: اتباع الجنائز من الإيمان. (¬5) سبق برقم (1321) كتاب: الجنائز، باب: صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز.

60 - باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد

1326 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرًا، فَقَالُوا: هَذَا دُفِنَ - أَوْ دُفِنَتْ - البَارِحَةَ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "فَصَفَّنَا خَلْفَهُ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا". [انظر: 857 - مسلم: 954 - فتح: 3/ 198] (يحيى ابن أبي بكير) هو العبديُّ الكوفيُّ، قاضي كرمان. (أو دفنت البارحة) شكٌّ من ابن عباس (فصفنا) في نسخةٍ: "فصففنا) بفاءين. 60 - بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالْمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ (باب: الصلاةِ علي الجنائز بالمصلَّى) أي: بالمكان المتخذ للصلاة عليها فيه. (والمسجد) أي: وفي المسجد، لكنه لم يذكر للصلاةِ عليها فيه حديثًا كما يأتي بيانه، وإنَّما ذُكر في الترجمة، لاتصاله بمصلى الجنازة، كما يُعلم من حديث الباب. 1327 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: نَعَى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الحَبَشَةِ، يَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَال: "اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ". [انظر: 1245 - مسلم: 951 - فتح: 3/ 199] (يحيى بن بكير) أي: المصريُّ. (عن عقيل) بالتصغير، أي: ابن خالد. (نعى لنا) وفي نسخة: "نعانا". (يوم الذي مات فيه) بإضافة (يوم) وهي من إضافة الموصوف إلى الصفة، وفي نسخة: "اليوم الذي مات فيه". (استغفروا لأخيكم) أي: في الإسلام.

1328 - وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفَّ بِهِمْ بِالْمُصَلَّى فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا". [انظر: 1245 - مسلم: 951 - فتح: 3/ 199] 1329 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ اليَهُودَ، جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا "فَأَمَرَ بِهِمَا، فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الجَنَائِزِ عِنْدَ المَسْجِدِ". [3635، 4556، 6819، 6841، 7332، 7543 - مسلم: 1699 - فتح: 3/ 199]. (أبو ضمرة) هو أنسُ بنُ عياضٍ. (أن اليهود) أي: من أهلِ خيبرَ. (برجلٍ منهم وامرأة) قيل: اسمها: بسرة، والرجلُ لم يسمَّ. (عند المسجد) لا دلالةَ فيه على الصلاةِ في المسجد، إنما الدليلُ خبرُ مسلم: إنه صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على سهيلٍ بن بيضاء في المسجد، وكأنَّ البخاريَّ تركه؛ لأنه ليس علي شرطه، وأشار في الترجمةِ إلى أنَّه يضع له حديثًا على شرطه، فلم يتفق له ذلك وأما خبر: "منْ صلَّى على جنازة في المسجدِ، فلا شيءَ له" (¬1) ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3191) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنازة في المسجد. وابن ماجه (1517) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الصلاة على الجنائز في المسجد. وأحمد 2/ 444. من حديث أبي هريرة. وحسنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2351). ومدار الحديث على صالح بن نبهان مولى التوأمه وهو مختلف فيه. قال أبو زرعة: ضعيف، وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال النسائي ضعيف وقال يحيى ابن معين: ثقة. وقال أحمد بن حنبل: من سمع منه قديمًا فذاك، وقد روى عنه أكابر أهل المدينة وهو صالح الحديث، ما أعلم به =

61 - باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور

فضعيفٌ، مع أنَّ الذي في الأصول المعتمدة فلا شيءَ عليه، ولو صحَّ وجب حملُه على هذا جمعًا بين الروايات. 61 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ وَلَمَّا "مَاتَ الحَسَنُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ" ضَرَبَتِ امْرَأَتُهُ القُبَّةَ عَلَى قَبْرِهِ سَنَةً، ثُمَّ رُفِعَتْ، فَسَمِعُوا صَائِحًا يَقُولُ: أَلا هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا، فَأَجَابَهُ الآخَرُ: بَلْ يَئِسُوا فَانْقَلَبُوا". (باب: ما يكرهُ من اتخاذ المساجدِ على القبور) أي: قبور المسلمين، و (ما) مصدرية، وسيأتي بعد ثمانية أبواب ما له بما هنا تعلق. (ضربت امرأة) اسمها: فاطمةُ بنتُ الحسينِ بنِ علي، وهي ابنةُ عمِّه. (القبَّة) أي: الخيمةُ، المعبر عنها في رواية: بالفسطاط. (ثم رُفعتْ) بالبناء للمفعول والفاعل. (فسمعوا) أي: المرأة ومن معها، وفي نسخةٍ: "فسمعت". (صائحًا) أي: من مؤمني الجنِّ، أو الملائكة. (ما فقدوا) بفتح القاف، وفي نسخة: "ما طلبوا". ¬

_ = بأسًا. وقال الجوزجاني: تغير أخيرًا فحديث ابن أبي ذئب عنه مقبول؛ لسنِّه وسماعه القديم عنه، وأما الثوري فجالسه بعد التغير. وقال ابن حجر: صدوق اختلط. قلت: فمن أخذ عنه قبل الاختلاط فمقبول، ومن سمع منه بعد الاختلاط فلا ولذا اختلفوا فيه. انظر: "الجرح والتعديل" 4/ 416 (1380)، "تهذيب الكمال" 13/ 99، "تقريب التهذيب" (2892).

قال شيخُنا: ووجهُ مناسبةِ هذا الأثرِ لحديث الباب: أنَّ المقيم في الفسطاط لا يخلو من الصلاةِ هناك، فيستلزم اتخاذ المسجد عند القبر (¬1). 1330 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ هِلالٍ هُوَ الوَزَّانُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: "لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِدًا"، قَالتْ: وَلَوْلا ذَلِكَ لَأَبْرَزُوا قَبْرَهُ غَيْرَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. [انظر: 435 - مسلم: 529 - فتح: 3/ 200] (عن شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحويُّ. (اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا) وفي نسخة: "مساجد" وذلك بأن جعلوا قبورَ أنبيائهم جهةَ قبلتهم، والتعليلُ بذلك قاصرٌ؛ لاختصاصه باليهودِ، الموافق لرواية الاقتصار على لعنِ الله اليهود (¬2)، إذ النصارى لا يدَّعون نبوتَه، أي: وإلاهيته، أو غير ذلك علي اختلافِ مللهم الباطلةِ، بل ولا يدَّعون موتَه حتى يكونَ له قبرٌ، فإن جُعل ضميرُ (اتخذوا) لليهود خاصةً، فلا إشكال. (لأبرزوا قبره) في نسخة: "لأبرز قبره". (غير أني أخشى) في نسخةٍ: "غير أنه خُشِي" بالبناء للمفعول، وفي إحدى نسخه: بالبناء للفاعل، فالضميرُ على الأوَّل لعائشةَ، وعلى الثاني للشأن، وعلى الثالث للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 200. (¬2) سبق برقم (437) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في البيعة. من حديث أبي هريرة.

62 - باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها

ومطابقةُ الحديثِ في الترجمة في قولهِ: (اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدًا) إذ اتخاذُ القبورِ مساجدًا لازمٌ لاتخاذ المساجد عليها، كعكسه. 62 - بَابُ الصَّلاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إِذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا (باب: الصلاةِ علي النفساء) بالمد، وبضم النون أشهر من فتحها وكسرها. (إذا ماتت في نفاسها) أي: في مدته. 1331 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا". (حُسَيْن) أي: المعلم. (عن سَمُرَة) بفتح المهملة، وضم الميم، أي: "ابن جُنْدُب" كما في نسخة. (على امرأة) هي أم كعب الأنصارية. (فقام عليها وسطها) بفتح السين على المشهور، أي: محاذيًا لوسطها، والمراد: عجيزتها، وفي نسخة: "على وسطها" ومرَّ الحديثُ في باب: الصلاة على النفساء وسنتها (¬1)، وذِكْرُ النِّفاسِ ليس بقيد، بل هو حكايةٌ على الواقع. 63 - بَابٌ: أَيْنَ يَقُومُ مِنَ المَرْأَةِ وَالرَّجُلِ؟ (باب: أين يقوم من المرأة والرجل) أي: إذا صلى عليهما بعد موتهما، وذِكْرُ الرجلِ زائد على ما في الحديث الآتي، واحتج له بخبر أبي داود والترمذي عن أنس: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى علي رجل، فقام عند ¬

_ (¬1) سبق برقم (332) كتاب: الحيض، باب: الصلاة على الحائض النفساء وسنتها.

64 - باب التكبير على الجنازة أربعا

رأسه، وصلى على امرأة، فقام عند عجيزتها (¬1) وكأنَّ البخاريَّ تركه، وأشار في الترجمة، كما مرَّ في الباب السابق، وحكمةُ المخالفة بين الرجل والمرأة: المبالغةُ في سترها، ومثلها الخنثى. 1332 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا". [انظر: 332 - مسلم: 964 - فتح: 3/ 201] ومر شرح حديث الباب آنفًا (¬2). 64 - بَابُ التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أَرْبَعًا وَقَال حُمَيْدٌ: "صَلَّى بِنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكَبَّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ سَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، ثُمَّ كَبَّرَ الرَّابِعَةَ، ثُمَّ سَلَّمَ". (باب: التكبير علي الجنائز) في نسخة: "على الجنازة". (أربعًا) منها تكبيرة الإحرام. 1333 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى المُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ". [انظر: 1245 - مسلم: 951 - فتح: 3/ 202] (وقال حميد) أي: الطويل. (صلى بنا أنس) أي: على جنازةٍ. (فقيل له) أي: إنك كبرت ثلاثًا، وكبر عليه أربع تكبيرات كلهن أركان، ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (3194) كتاب: الجنائز، باب: أين يقوم الإمام من الميت. و"سنن الترمذي" (1034) كتاب: الجنائز، باب ما جاء أين يقوم الإمام من الرجل والمرأة؟ وقال الألباني في "صحيح الترمذي": صحيح. (¬2) الحديث السابق.

65 - باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة

فلو زاد عليها بتكبيرة، أو أكثر ولو عمدًا لم تبطل صلاته؛ لثبوتها في خبر البيهقي وغيره (¬1)، ولأنها لا تخل بالصلاة. 1334 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا" وَقَال يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: عَنْ سَلِيمٍ: أَصْحَمَةَ، وَتَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ. [انظر: 1317 - مسلم: 952 - فتح: 3/ 202] (سليم) بفتح المهملة، وليس في "الصحيحين" سليم غيره. (ابن حيان) بفتح المهملة وتشديد التحتية، منصرف وغير منصرف. (ميناء) بالمدِّ والقصر. (أصحمةَ) بفتحِ الهمزة وسكونِ الصاد وفتح المهملة، معناه بالعربية: عطية، وهو هنا اسم النجاشي، وقيل: اسمه: مكحول بن صعصعة، وعلى الأول اسم، أبيه: بحر. (وعبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (عن سليم) هو المذكور آنفًا. (أصمحة) أي: بتقديم الميم، وفي نسخة: "صحمة" بحذف الهمزة، وفي نسخة أخرى: "أصحبة" بموحدة. 65 - بَابُ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ وَقَال الحَسَنُ: "يَقْرَأُ عَلَى الطِّفْلِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَسَلَفًا وَأَجْرًا". ¬

_ (¬1) انظر: "سنن البيهقي" 4/ 36 (6941) كتاب: الجنائز، باب: من روى أنه كبر على جنازة خمسًا. رواه مسلم (957) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على القبر.

(باب: قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة) وهي واجبة عند الشافعي؛ لعموم خبر: "لا صلاةَ لمنْ لَمْ يَقرأْ بفَاتحةِ الكتابِ" (¬1). (الحسن) أي: البصري. (يقرأ) أي: المصلي. (فرطًا) بالتحريك، وهو الذي يتقدم الواردة، فيهيئ لهم المنزلَ. (وسلفًا) بالفتح، أي: متقدمًا إلى الجنة؛ لأجلنا. 1335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ طَلْحَةَ، قَال: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ح حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، قَال: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ قَال: "لِيَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ". [فتح: 3/ 203] (عن سعد) أي: ابن إبراهيم. (عن طلحةَ) أي: ابن عبيدِ الله. (حدثنا محمد) في نسخةٍ: "ح، وحدثنا محمد". (سفيان) أي: الثوريُّ. (بفاتحة الكتاب) في نسخةٍ: "فاتحة الكتاب". بحذف الباء. (قال: ليعلموا) بتحتية، وفي نسخةٍ: "فقال: فتعلموا" بفاء وفوقية. (أنها) أي: قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة. (سُنَّة) أي: طريقةٌ، فلا ينافي وجوبها، ومحلها: بعد التكبيرة الأولى، كما هو ظاهر نصوص الشافعيِّ، وبه جزم النوويُّ في "التبيان" لكنه قال في غيره: إنها تجزئ بعد غير الأولى، وقد بسطتُ الكلامَ على ذلك في "شرح البهجة" وغيره ¬

_ (¬1) سبق برقم (756) كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم.

66 - باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن

66 - بَابُ الصَّلاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَ مَا يُدْفَنُ (باب: الصلاةِ علي القبر بعد ما يُدفنُ فيه الميتُ) وما مصدرية. 1336 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، قَال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، قَال: أَخْبَرَنِي مَنْ مَرَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ "فَأَمَّهُمْ وَصَلَّوْا خَلْفَهُ"، قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا يَا أَبَا عَمْرٍو؟ قَال: ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. [انظر: 857 - مسلم: 954 - فتح: 3/ 204] (حدثني سليمان) في نسخةٍ: "أخبرني سليمان" وفي أخرى: "أخبرنا سليمان". (الشعبي) هو عامرُ بنُ شراحيل. (علي قبرٍ منبوذ) بضبطه السابق في باب: الصفوف على الجنازة. 1337 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَسْوَدَ رَجُلًا - أَو امْرَأَةً - كَانَ يَكُونُ فِي المَسْجِدِ يَقُمُّ المَسْجِدَ، فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَال: "مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَانُ؟ " قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "أَفَلا آذَنْتُمُونِي؟ " فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا - قِصَّتُهُ - قَال: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ، قَال: "فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ" فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. [انظر: 458 - مسلم: 956 - فتح: 3/ 204] (رجلًا أو امرأة) بالنصب بدلٌ من أسود، وفي نسخةٍ: "رجل أو امرأة" بالرفع خبرُ مبتدإِ محذوف، والشك من الراوي. (كان يقمُّ المسجد" أي: يكنسه، وفي نسخةٍ: "كان يقمُّ في المسجد، وفي أخرى: "كان يكون في المسجد يقمُّ المسجد". (ذات يومٍ) من إضافة المسمى إلى اسمه، أو (ذات) مقحمةٌ. (قالوا) في نسخةٍ: "فقالوا". (آذنتموني) بالمدِّ، أي: أعلمتموني. (قصته) بالنصب بمقدر، أي. ذكروا، ويجوز الرفعُ خبر مبتدإٍ محذوف. (فحقروا شأنه) ظاهرُه: أنه تعليلٌ؛ لكراهةِ إيقاظه - صلى الله عليه وسلم - في ظلمةِ الليل، وهو لا ينافي ما مرَّ من أنهم

كرهوا ذلك؛ خوف المشقة عليه (¬1)، إذ لا تنافي بين التعليلين. (فدلوني) بضم الدال. (فصلى عليه). فيه: جوازُ الصلاة علي القبرِ بعد الدفنِ نعم، لا يجوز لنا الصلاةُ على قبور الأنبياء صلَّى الله عليهم وسلَّم لأنَّا لم نكن أهلًا للفرض وقت موتهم (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1321) كتاب: الجنائز، باب: صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز. (¬2) قال ابن عثيمين في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": ففي هذا الحديث عدة فوائد: منها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما يعظم الناس بحسب أعمالهم، وما قدموا به من طاعة الله وعبادته. ومن الفوائد: جواز تولي المرأة تنظيف المسجد، وأنه لا يحجر ذلك على الرجال فقط، بل كل من احتسب ونظف المسجد فله أجره سواء باشرته المرأة، أو استأجرت من يقم المسجد على حسابها. ومنها: مشروعية تنظيف المساجد، وإزالة القمامة عنها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عرضت عليّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد"، والقذاة: الشيء الصغير، يخرجه من المسجد فإنه يؤجر عليه ومنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب، ولهذا قال "دلوني على قبرها"، فإذا كان لا يعلم الشيء المحسوس فالغائب من باب أولى، فهو - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب، وقد قال الله له: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إلا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام: 50] وقال له: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188]. ومنها: جواز سؤال المرء ما لا تكون به منَّة في الغالب؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "دلوني على قبرها" وهذا سؤال ليس فيه منَّة، بخلاف سؤال المال، =

67 - باب: الميت يسمع خفق النعال

67 - بَابٌ: المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ (باب: الميت يسمعُ خفقَ النعال) أي: صوتيها عند الدَّوسِ. 1338 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَال: وَقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ، فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ ¬

_ = فإن سؤال المال محرم، يعني: لا يجوز أن تسأل شخصًا مالًا وتقول: أعطني عشرة ريالات أو مائة ريال، إلا عند الضرورة، أما سؤال غير المال مما لا يكون فيه منَّة في الغالب فإن هذا لا بأس به، ولعل هذا مخصص لما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يبايع أصحابه عليه حيث كان يبايعهم ألا يسألوا الناس شيئًا. وربما يؤخذ من هذا الحديث: جواز إعادة الصلاة على الجنازة، لمن صلى عليها من قبل إذا وجد جماعة؛ لأن الظاهر أن الذين خرجوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلوا معه، وعلى هذا فتشرع إعادة صلاة الجماعة إذا صلى عليها جماعة آخرون مرة ثانية. وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم، وقالوا: إنه كما أن صلاة الفريضة تعاد إذا صليتها ثم أدركتها مع جماعة أخرى، فكذلك صلاة الجنازة، وبناء على ذلك لو أن أحدا صلى على جنازة في المسجد، ثم خرجوا بها للمقبرة، ثم أقام أناس يصلون عليها جماعة، فإنه لا حرج ولا كراهة في أن تدخل في الجماعة الآخرين فتعيد الصلاة؛ لأن إعادة الصلاة هنا لها سبب، ليست مجرد تكرارًا لها سبب، وهو وجود الجماعة الأخرى. فإذا قال قائل: إذا صليتُ على القبر فاين أقف؟ فأقول أنك تقف وراءه تجعله بينك وبين القبلة، كما هو الشان فيما إذا صليت عليه قبل الدفن.

أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا الكَافِرُ - أَو المُنَافِقُ - فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إلا الثَّقَلَيْنِ". [1374 - مسلم: 2870 - فتح: 3/ 205] (عيَّاش) بتحتية، أي: الوليدُ الرقامُ. (عبد الأعلى) ابن عبدِ الأعلَى الساميُّ، بمهملة. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (قال) أي: البخاري. (خليفة) ابن خياط (ابن زريع) في نسخةٍ: "يزيد بن زريع". (العبدُ) أي: المؤمنُ. (وضع في القبر) بالبناء للمفعول. (وتُولِّي) كذلك، أي: وتولى عنه، وفي أكثر النسخ: ببنائه للفاعل، وعليه (فتولى، وذهب) تنازعا في الفاعل وهو أصحابه، أي: الميت. (حتى إنَّه) بكسر همزة إنَّ؛ لوقوعها بعد حتى الابتدائية، كمرض حتى إنَّهم لا يرجونه. (قرعَ نعالِهم) هو موضعُ الترجمة، إذ القرعُ بمعنى: الخفق. (ملكان) بفتح اللام، أي: منكرٌ ونكيرٌ، بفتح الكاف الأول، وكلاهما ضدُّ المعروفِ سُمي بذلك؛ لأنهما لا يشبه خلقُهما خلقَ الآدميين، ولا الملائكةِ، ولا غيرِهما أسودان أزرقان جعلهما الله تعالى؛ تكرمةً للمؤمن؛ ليثبته، ويصبِّره؛ وهتكًا لسر المنافق في البرزخ من قبل أن يبعث، حتى يحلَّ عليه العذابُ الأليمُ. (فأقعداه) بأن يوسع القبر. (في هذا الرجل) عبَّر به لا بنحو: هذا النبيّ، امتحانًا للمسئول، إذ لو عبَّر به لربما تلقن منه تعظيمه. (فيقال) أي: فيقول له الملكان المذكوران، أو غيرهما. (وأمَّا الكافرُ أو المنافقُ) شكٌّ من الراوي، و (أو) بمعنى: الواو؛ ليوافق قولَه في باب:

ما جاء في عذاب القبر (¬1). (وأما المنافقُ والكافرُ) أو يقال: الواو ثَمَّ بمعنى: أو هنا. (لا داريت) بفتح الراء. (ولا تليت) أصلُه: تلوتَ، أُبدلت الواو ياء لمزاوجة. (داريت) وفي نسخةٍ: "أتلبت" ومجموعُ ذلك دعاءٌ عليه، أي: لا كنتَ داريًا، ولا تاليًا، أو: إخبارٌ له، أي: لا علمتَ بنفسِك بالاستدلال، ولا اتبعتَ العلماءَ بالتقليد فيما يقولون. (بمطرقة) بكسر الميم، أي: بمرزبَّةٍ، كما عبرَّ بها في "سنن أبي داود" (¬2). (يسمعها من يليه) ظاهرهُ الملكان فقط، دليس مرادًا؛ بقرينةِ استثنائه الآتي، وبقرينة خبرِ الإمامِ أحمد: "يسمعه خلقُ الله كلُّهن غيرَ الثقلين" (¬3) إذ المنطوقُ مقَّدمٌ على المفهوم، لكن يستثنى من الإخبار الجهات؛ بقرينة خبر البزار: "يسمعه كُّل دابةً إلا الثقلين" (¬4) أي: الإنس والجن، وسميا بذلك؛ لثقلهما على الأرض، والحكمةُ في عدمِ سماعهما: الابتلاءُ، فلو سمعا لكان الإيمانُ منها ضروريًّا، ولأعرضوا عن التدبير والصنائع ونحوهما مما يتوقف عليه بقاؤهما، فإن قلتَ: لم مُنعتْ الجنُّ سماعَ هذه الصيحةَ، دون سماعهم قولَ الميت: إذا حمل قدِّموني قدِّموني؟ قلتُ: لأنَّ قوله إذ ذاك: في حكم الدنيا، وهو اعتبار وعظه لسامعه، وخصَّ ذلك بالجنِّ؛ لما فيهم من قوةٍ، يثبتون بها عند ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1374) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في عذاب القبر. (¬2) "سنن أبي داود" (4753) كتاب: السنة، باب: في المسألة في القبر وعذاب القبر من حديث البراء بن عازب. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح. (¬3) "مسند أحمد" (3/ 34). (¬4) "كشف الأستار عن زوائد البزار" 1/ 414 (874) كتاب: الجنائز، باب: السؤال في القبر.

68 - باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها

سماعه، ولا يُصعقون، بخلاف الإنس. وصيحةُ الميت في القبر عقوبة، فدخلت في حكم الآخرة. وفي الحديث: جوازُ المشي بين القبور بالنعال، وهو كذلك، لكنَّه مكروهٌ؛ لخبر أبي داود والحاكم، وصححه: أن "النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يمشي بين القبور عليه نعلان سبتيتان، فقال: يا صاحب السبتيين ألق نعليك" (¬1) وكذا يُكره الجلوسُ علي القبر، والاستناد إليه، والوطءِ عليه؛ توقيرًا للميت إلا لحاجةٍ، كأن لا يصل إليه، إلا بوطئه، وأما حديثُ مسلم: "لأنْ يجلسِ أحدُكم علي جمرةٍ فتحرقُ ثيابَه فتخلص إلى جلده خيرٌ له من أنْ يجلسَ على قبرِ" (¬2) ففسر بالجلوس؛ للبول والغائط، كما في رواية أبي هريرة. 68 - بَابُ مَنْ أَحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ أَوْ نَحْوِهَا (باب: من أحبَّ الدفنَ في الأرض المقدسة) أي: في بيت المقدس، إما طلبًا للقرب من الأنبياء الذين دفنوا به؛ تيمنًا بجوارهم، واقتداءً بموسى عليه الصلاة والسلام، أو ليقرب عليه المشيُ إلى المحشر. (أو نحوه) أي: نحو الأرض المقدسة، أي: المطهَّرة، كالحرمين الشريفين. ¬

_ (¬1) انظر: "سنن أبي داود" (3230) كتاب: الجنائز، باب: المشي في النعل بين القبور. "المستدرك" 1/ 373 كتاب: الجنائز، الأمر بخلع النعال في القبور. وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. (¬2) "صحيح مسلم" (971) كتاب: الجنائز، باب: النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه.

1339 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أُرْسِلَ مَلَكُ المَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَال: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَال: ارْجِعْ، فَقُلْ لَهُ: يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَال: أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَال: ثُمَّ المَوْتُ، قَال: فَالْآنَ، فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ"، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الكَثِيبِ الأَحْمَرِ". [3407 - مسلم: 2372 - فتح: 3/ 206] (معمر) أي: ابن راشد. (عن أبن طاوس) هو عبدُ الله. (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزاق) أي: ابن همَّام. (أُرسل) بالبناء للمفعول. (ملكُ الموتِ إلى موسى) أي: في صورة آدمي؛ ابتلاءً كابتلاء الخليل بالأمر بذبح ولده، فلما جاءه فظنه آدميًّا يوقع به مكروهًا. (صكَّه) أي: لطمه على عينه المصورة بصورةِ البشرية، لا بصورة الملكية ففقأها. (فردَّ الله إليه عينه) في نسخة: "عليه" بدل (إليه). (على متن) بمثناة، أي: على ظهر. (ثور) بمثلثة. (فله بكل ما غطت به يده بكل شعرة سنة) الباء الأولى: سببية، أو بدلية، والثانية: زائدة، والثالثة: مع مجرورها بدل من الأولى مع مجرورها. (ثم ماذا) أي: ما يكون بعد هذه السنين. (قال: فالآن) أي: يكون الموت، والآن: اسم لزمن بين الماضي والمستقبل، واختار موسى الموت لما خير؛ شوقًا إلى لقاء ربه، كما اختاره نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "اللهم الرفيق الأعلى" (¬1). (رمية بحجر) أي: بحيث لو رمى ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4436) كتاب: المغازي، باب: نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته.

69 - باب الدفن بالليل

واحد من موضع قبره البيت المقدس لوصل إليه، وإنما لم يسأل أن يكون قبره بنفس بيت المقدس؛ ليعمى؛ خوفًا من أن يعبده جهال ملته. قال ابن عباس: لو علمت اليهود قبر موسى وهارون. لاتخذوهما إلهين من دون الله، وكان عُمْرُ موسى إذ ذاك مائة وعشرين سنة. (عند الكثيب) بمثلثة، أي: الرمل المجتمع؛ لانصبابه واجتماعه في مكان. من انكثب الشيء، أي: الصب. وفي الحديث: بيان موضع قبر موسى، وأن الملك يتشكل بصورة الإنسان، وجواز دفع من يقصده، ولو انتهى إلى فقء عين السائل وطلب القرب من مدافن الصالحين. 69 - بَابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَدُفِنَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلًا. (باب: الدفن بالليل) أي: جوازه. 1340 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ بِلَيْلَةٍ، قَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَكَانَ سَأَلَ عَنْهُ، فَقَال: "مَنْ هَذَا؟ " فَقَالُوا: فُلانٌ دُفِنَ البَارِحَةَ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ. [انظر: 857 - مسلم: 954 - فتح: 3/ 207] (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (قام) في نسخة: "فقام". (فقالوا) في نسخة: "قالوا". (فصلوا عليه) هو تفصيل لقوله أوّلًا: صلى ومرَّ شرح الحديث في باب: صفوف الصبيان مع الرجال على الجنازة، وفي غيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (857) كتاب: الآذان، باب: وضوء الصبيان، وبرقم (1247) كتاب: الجنائز، باب الأمر بالجنازة، وبرقم (1321) كتاب: الجنائز، باب: صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز.

70 - باب بناء المسجد على القبر

70 - بَابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ (باب: بناء المساجد على القبر) أي: كراهتة بنائها عليه، وفي نسخة: "بناء المسجد" وفرق بين هذه الترجمة، وبتقدير ما قدرته من الإضافة، وبين الترجمة فيما مرَّ في باب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، بأن الاتخاذ أعم من البناء، وبتقدير عدم الإضافة فرق بينهما بأن الجواز لا ينافي الكراهة، فذكر هنا الجواز، وثم الكراهة. 1341 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَمَّا اشْتَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَتْ بَعْضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا: مَارِيَةُ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، وَأُمّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتَتَا أَرْضَ الحَبَشَةِ، فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاويرَ فِيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَال: "أُولَئِكِ إِذَا مَاتَ مِنْهُمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّورَةَ أُولَئِكِ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ". [انظر: 427 - مسلم: 528 - فتح: 3/ 208] (إسماعيل) هو ابن أبي أويس الأصبحي. (هشام) أي: ابن عروة. (ذكرت بعض نسائه) في نسخة: "ذكر بعض نسائه" وهي أم حبيبة، وأم سلمة. (رأينها) جمع بناءً على أن أقل الجمع اثنان، وعلى أن أم سلمة، وأم حبيبة، ومن حضرهما رأينها. (بنوا على قبره مسجدًا) قضيته: النهي عن ذلك، وهو عند الشافعي مكروه. (تلك الصورة) في نسخة: "تلك الصور". (أولئك) بكسر الكاف، وفي نسخة: "وأولئك" ومر الحديث في باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية؟ (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (427) كتاب: الصلاة، باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية؟

71 - باب من يدخل قبر المرأة

71 - بَابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأَةِ (باب: من يدخل قبر المرأة) أي: ليلحدها فيه. 1342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ عَلَى القَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ، فَقَال: "هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟ " فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قَال: "فَانْزِلْ فِي قَبْرِهَا"، فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا فَقَبَرَهَا قَال ابْنُ مُبَارَكٍ: قَال فُلَيْحٌ: "أُرَاهُ يَعْنِي الذَّنْبَ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {لِيَقْتَرِفُوا} [الأنعام: 113]: أَيْ لِيَكْتَسِبُوا. [انظر: 1285 - فتح: 3/ 208] (فليح) اسمه: عبد الملك، وفليح لقبه. (ابن سليمان) ساقط من نسخة. (هلال بن علي) أي: ابن أسامة العامري. (لم يقارف الليلة) أي: لم يجامع أهله فيها. (فقبرها) أي: لحدها، وهو ساقط من نسخة. (ابن مبارك) اسمه: عبد الله، وفي نسخة: "ابن المبارك". (أراه) بضم الهمزة، أي: أظنه. (يعني) أي: بقوله: (لم يقارف) الذنب، لكن الراجح التفسير الأول. (قال أبو عبد الله إلخ) أيد به قول ابن المبارك، وهو ساقط من نسخة، ومرَّ شرح الحديث في باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "يعذب الميت ببكاء أهله عليه" (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1285) كتاب: الجنائز، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يعذب الميت بكاء أهله عليها".

72 - باب الصلاة على الشهيد

72 - بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الشَّهِيدِ (باب: الصلاة على الشهيد) أي: المقتول في معركة الكفار. 1343 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ"، فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَال: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ"، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ. [1345، 1346، 1347، 1348، 1353، 4079 - فتح: 3/ 209] (الليث) أي: ابن سعد. (في ثوب واحد) بأن يجعل على ثيابهما الملطخة بالدم، إذ لا يجوز تجريدهما فيه؛ ولذلك فسر بعضهم الثوب الواحد بقبر واحد. (أيهما) أي: الرجلين، وفي نسخة: ["أيهم"]، (¬1) أي: القتلى. (أنا شهيد على هؤلاء) ضمن شهيدًا معنى: رقيبًا، فعداه بعلى، أي: أنا أراقبهم وأصرفهم يوم القيامة عن المكاره، وأشفع لهم فيه. (ولم يغسلوا، ولم يصل عليهم) إيضاحه خبر الإمام أحمد: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تغسلوهم فإن كل جرح، أو كلم، أو دم يفوح مسكًا يوم القيامة، ولم يصل عليهم" (¬2). وحكمته: إبقاء أثر الشهادة عليهم، والتعظيم لهم باستغنائهم عن دعاء القوم، واختلف في الصلاة عليهم، قال في مذهب الشافعي: إنها لا تجوز. 1344 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "مسند أحمد" 3/ 299. من حديث جابر بن عبد الله.

أُحُدٍ صَلاتَهُ عَلَى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المِنْبَرِ، فَقَال: "إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا". [3596 - 4042، 4085، 6426، 6590 - مسلم: 2296 - فتح: 3/ 209] (يزيد بن أبي حبيب) اسم أبي حبيب: سويد. (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله اليزني. (فصلى على أهل أحد صلاته على الميت) أي: دعا لهم بدعاء صلاة الميت، وليس المراد أنه صلى عليهم، كصلاة الميت المعهودة، كما مرَّ آنفًا. فإن قلت: هذا الحديث مثبت، وحديث جابر السابق نافٍ، والمثبت مقدم على النافي، قلت: ذاك محله: إذا لم يحط علم النافي بما نفاه، بأن لم يكن محصورًا [وجابر قد أحاط علمه به، لكونه محصورًا] (¬1). (إني فرط لكم) بفتح الراء: هو الذي يتقدم الواردة؛ ليصلح لهم الحياض والدلاء ونحوها، أي: أنا سابقكم إلى الحوض أهيئه لكم. وفيه: إشارة إلى قرب وفاته - صلى الله عليه وسلم -، وتقدمها على وفاة أصحابه. (لأنظر إلى حوضي الآن) هو على ظاهره، فكأنه كشف له عن تلك الحالة. (خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض) فيه: إشارة إلى ما فتح لأمته من الملك والخزائن من بعده، والشك فيما قاله من الراوي. (ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي) أي: أخاف على جميعكم الإشراك، وإلا فقد وقع من بعضهم. (أن تنافسوا) بحذف إحدى التاءين، أي: تتنافسوا (فيها) أي: في خزائن الأرض؛ وفي الدنيا، كما ¬

_ (¬1) من (م).

73 - باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر [واحد]

صرح به مسلم بلفظ: "ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوا فيها" (¬1) والتنافس في الشيء: الرغبة فيه، والانفراد به، ومنه قوله تعالى: {فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]. 73 - بَابُ دَفْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاثَةِ فِي قَبْرٍ [وَاحِدٍ] (باب: دفن الرجلين والثلاثة في قبرٍ) زاد في نسخةٍ: "واحد" أي: جواز ذلك عند الضرورة بأن كثر الموتى، وعسر إفراد كل بيت بقبر، وكالرجل فيما ذكر، النساء. 1345 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ". [انظر: 1343 - فتح: 3/ 211] (كان يجمع بين الرجلين إلخ) لم يصرح فيه بالثلاث مع أنها في الترجمة اكتفاءً بالقياس على الرجلين، وقد صرَّح بهما أبو داود وغيره (¬2). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2296) كتاب: الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا - صلى الله عليه وسلم - وصفاته. (¬2) "سنن أبي داود" (3136) كتاب: الجنائز، باب: باب في الشهيد يغسل. ورواه الترمذي (1016) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قتلى أحد. من حديث أنس وعبد الرزاق 3/ 474 (6379) كتاب: الجنائز، باب: دفن الرجل والمرأة من حديث جابر. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": حسن.

74 - باب من لم ير غسل الشهداء

74 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ (باب: من لم ير غسل الشهداء) ولو كان بهم حدثٌ أكبر. 1346 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادْفِنُوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ" - يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ - وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ. [انظر: 1343 - فتح: 3/ 212] (عبد الرحمن بن كعب) زاد في نسخةٍ: "ابن مالك". (ادفنوهم) أي: الشهداء. (ولم يغسلهم) بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد ثالثه، وفي نسخة: "ولم يغسلهم" بفتح أوله، وسكون ثانيه، ومرَّ الحديث في باب: الصلاة على الشهيد (¬1). 75 - بَابُ مَنْ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ وَسُمِّيَ اللَّحْدَ لِأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ، وَكُلُّ جَائِرٍ مُلْحِدٌ {مُلْتَحَدًا} [الكهف: 27]: مَعْدِلًا، وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِيمًا كَانَ ضَرِيحًا. (باب: من يُقدَّم في اللحد) أي: من الموتى، واللحد بفتح اللام وضمها: جانب القبر، يقال: لحدت الميت، وألحدت له، وأصله: الميل لأحد الجانبين، ويسمى أي: جانب القبر (اللحد لأنه) شق يعمل (في ناحية) من القبر، مائلًا عن استوائه. (وكل جائر) في شيء. (ملحد) لأنه مال وعدل، ثم ذكر على عادته تفسير ما يناسب المقام من القرآن، فقال ({مُلْتَحَدًا} معدلًا) أي: معنى (ملتحدًا) في قوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الكهف: 27] معدل. (ولو كان) أي: القبر ذا شق. (كان) في نسخة: "لكان". (ضريحًا) أي: لا لحدًا؛ لأن الضريح شق في الأرض مستويًا. ¬

_ (¬1) سبق قبل حديثين.

1347 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ "، فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَال: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاءِ" وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ،. [انظر: 1343 - فتح: 3/ 212] (ابن مقاتل) في نسخة: "محمد بن مقاتل". (عبد الله) أي: ابن المبارك. (ليث) في نسخة: "الليث". (فإذا أشير إلى أحدهما، قدَّمه في اللحد) فيه: تقديم الأفضل. (ولم يغسلهم) بضبطه السابق في الباب قبله. 1348 - وَأَخْبَرَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ: "أَيُّ هَؤُلاءِ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ " فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ، وَقَال جَابِرٌ: فَكُفِّنَ أَبِي وَعَمِّي فِي نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ. [فتح: 3/ 212] وَقَال سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (وأخبرنا) أي: قال عبد الله بن المبارك: وأخبرنا. (الأوزاعي) اسمه: عبد الرحمن. (قال لقتلى أحد) أي: فيهم، وما رواه عن الأوزاعي منقطع؛ لأن ابن شهاب لم يسمع من جابر، -قاله شيخنا (¬1) - (وعمي) سماه ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 213.

76 - باب الإذخر والحشيش في القبر

عمًّا؛ تعظيمًا، وإلا فهو ابن عمه، لا عمه. (نمرة) بفتح النون، مع كسر الميم وسكونها، وبالكسر مع السكون: بردة من صوف وغيره مخططة، وما روي من أنهما كفنا في نمرتين (¬1) إن ثبت، حمل على أن النمرة شقت بينهما نصفين. 76 - بَابُ الإِذْخِرِ وَالحَشِيشِ فِي القَبْرِ (باب: الإذخر والحشيش في القبر) أي: استعمالهما في فُرج لبناته. 1349 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "حَرَّمَ اللَّهُ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلاهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلا لِمُعَرِّفٍ" فَقَال العَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إلا الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَال: إلا الإِذْخِرَ وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا". [انظر: 112 - مسلم: 1355] وَقَال أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَقَال مُجَاهِدٌ: عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ". [1587، 1833، 1834، 2090، 2433، 2783، 2825، 3077، 3189، 4313 - مسلم: 1353 - فتح: 3/ 213] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (خالد) أي: الحذاء. ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 562.

77 - باب: هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟

(عن عكرمة) هو مولى ابن عباس. (حرَّم الله مكة) أي: جعلها حرامًا. (ولا لأحدٍ) في نسخة: "ولا تحل لأحد". (أحلت لي) أي: مكة القتال فيها، وفي نسخة: "أحلت له" (ساعة من نهار). وهي: من ضحوة النهار، إلى بعض العصر. (لا يختلى) بالبناء للمفعول، أي: لا يجز ولا يقطع (خلاها) بالقصر أي: الرطب من الكلإِ واحدة خلاة (ولا يعضد) أي: لا يقطع. (لقطتها) بفتح القاف، وسكونها (إلا الإذخر) بالنصب على الاستثناء، وبالرفع على البدل. (لصاغتنا وقبورنا) والصاغة جمع صائغ، وأصلها: صوغة، قلبت الواو ألفًا. (فقال: إلا الإذخر) قاله باجتهاد، أو وحي، وقيس بالإذخر الحشيش. (سمعت النبي) بسكون العين، وبالضمير مضمومًا، وفي نسخةٍ: بفتح العين، وبتاء التأنيث مكسورة؛ لالتقاء الساكنين (لقينهم) أي: حدادهم، أي: لحاجته، ومرَّ شرح الحديث في باب: كتابة العلم (¬1). 77 - بَابٌ: هَلْ يُخْرَجُ المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ وَاللَّحْدِ لِعِلَّةٍ؟ (باب: هل يُخرج الميت من القبر، أو اللحد لعلة؟) جواب (هل) محذوف، أي: نعم. 1350 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ "فَأَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ"، فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا قَال سُفْيَانُ: وَقَال أَبُو هَريرة: وَكَانَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (112) كتاب: العلم، باب: كتابه العلم من حديث أبي هريرة.

عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَانِ، فَقَال لَهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْبِسْ أَبِي قَمِيصَكَ الَّذِي يَلِي جِلْدَكَ، قَال سُفْيَانُ: "فَيُرَوْنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً لِمَا صَنَعَ". [انظر: 1270 - مسلم: 2733 - فتح: 3/ 214] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (فأُخرِجَ فوَضَعَهُ علي رُكبتَيهِ إلى آخره) في نسخةٍ: "ونفث فيه" بدل (ونفث عليه) والنفث: نفخ لطيف لا ريق معه. قال النووي: وقد كان - صلى الله عليه وسلم - عاده في مرضه، فقال: يا رسول الله، إن مت فاحضر غسلي، وأعطني قميصك الذي يلي جسدك فكفني فيه، وصلِّ على واستغفر لي. (فالله أعلم) جملة معترضة، أي: أعلم بسبب إلباسه قميصه؛ لأن مثل هذا لا يفعل إلا مع مسلم، وقد كان يظهر من عبد الله هذا ما يقتضي خلاف ذلك، لكنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمد ما كان يظهر منه من الإسلام، وكأفاه؛ لما صنع مع عمِّه. (قميصًا) في نسخةٍ: "قميصه". (قال سفيان) أي: ابن عيينة. (وقال أبو هريرة) كذا وقع في كثير من النسخ. وقال شيخنا: وهو تصحيف، والمعتمد ما في بعض النسخ: (وقال أبو هارون) اسمه: موسى بن أبي عيسى الحناط، وقيل: إبراهيم بن العلاء الغنوي، وكلاهما من أتباع التابعين، فالحديث معضل (¬1) (ابن عبد الله) اسمه: عبد الله أيضًا، سماه به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان اسمه: الحباب. (فيرون) بضم التحتية. 1351 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ، فَقَال: مَا أُرَانِي إلا مَقْتُولًا فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنِّي لَا أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ، ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 3/ 215.

غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا، "فَأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ". [1352 - فتح: 3/ 214] (أخبرنا بشر) في نسخةٍ: "حدثنا بشر". (لما حضر أُحد) أي: وقعته، وإسناد الحضور إليه مجازي. (ما أراني) بضم الهمزة أي: ما أظنني (إلا مقتولًا .. إلخ). سبب ظنه ذلك: رؤيا رأها فقصها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هذه شهادة. (فإن عليَّ) في نسخةٍ: "وإن عليَّ" (ودفن معه آخر) هو عمرو بن الجموح بن زيد الأنصاري، وفي نسخةٍ: "ودفن معه آخر" فالواو عاطفة على مقدر، أي: فدفنته في قبر واحد، في نسخة: "في قبره مع آخر"، في نسخة: "مع الآخر". (هنية) بضم الهاء، وفتح النون، وتشديد التحتية قال في القاموس: تصغير هنة، أصلها: هنوة، أي: شيء يسير (¬1). (غير إذنه) أخَّر غير (عن هنية) ورواه ابن السكن والنسفي بتقديمها عليها وزيادة في فقال: "غير هُنَيهَّة في أذنه" قال القاضي عياض: وهو الصواب، نبه على ذلك شيخنا (¬2). 1352 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ". [انظر: 1351 - فتح: 3/ 215]. (ابن أبي نجيح) اسمه: عبد الله، واسم أبي نجيح: يسار. ¬

_ (¬1) انظر مادة: هنو في "القاموس" ص 1346. (¬2) انظر: "الفتح" 3/ 216.

78 - باب اللحد والشق في القبر

(رجل) هو عمرو بن الجموح، لا عم جابر كما وقع لبعضهم. (على حدة) أي: على حياله منفردًا. وفي أحاديث الباب: جواز إخراج الميت لعلة، وهي في الأول: إلباس النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه عبد الله بن أُبَي، وفي الثاني والثالث: تطييب قلب جابر، ومنها دفنه بلا غسل، أو في أرض مغصوبة، أو لحقها سيل أو نداوة، وبسط ذلك يطلب من كتب الفقه. 78 - بَابُ اللَّحْدِ وَالشَّقِّ فِي القَبْرِ (باب: اللحد والشق في القبر) عطف الشق على اللحد من عطف العام على الخاص، فإن أريد به اللحد، فهو عطف تفسير. 1353 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ " فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا، قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، فَقَال: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ" فَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ. [انظر: 1343 - فتح: 3/ 217] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرجلين إلخ) مرَّ شرحه في باب: الصلاة على الشهيد (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1343) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد.

79 - باب إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه، وهل يعرض على الصبي الإسلام؟

79 - بَابُ إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ، هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإِسْلامُ؟ وَقَال الحَسَنُ، وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَتَادَةُ: "إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالوَلَدُ مَعَ المُسْلِمِ" وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَعَ أُمِّهِ مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَبِيهِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، وَقَال: "الإِسْلامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى". (باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلَّى عليه؟) أو لا (وهل يعرض على الصبي الإسلام؟) أو لا، وجواب (هل) في الموضعين محذوف، أي: نعم على مقتضى الحديث الآتي. (الحسن) أي: البصري. (إذا أسلم أحدهما) أي: أحد الوالدين. (مع أمه) هي: لبابة بنت الحارث الهلالية. (ولم يكن) أي: ابن عباس. (مع أبيه علي دين قومه) أي: المشركين، قال شيخنا: قاله المصنف تفقهًا، قال: وهو مبني على أن إسلام العباس كان بعد وقعة بدر، والمشهور: أنه أسلم قبل فتح خيبر، وقدم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فشهد الفتح (¬1)، وأطال بيان ذلك. (وقال: الإسلام يعلو ولا يعلى) يقتضي أن مقول (قال) لابن عباس، وهو ما رواه ابن حزم، لكن روى الدارقطني في سننه من كتاب: النكاح أنه مقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الأوجه (¬2). 1354 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 220. (¬2) "سنن الدارقطني" 3/ 352. كتاب: النكاح، باب:

فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَال لِابْنِ صَيَّادٍ: "تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ "، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ، فَقَال ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَرَفَضَهُ وَقَال: "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ" فَقَال لَهُ: "مَاذَا تَرَى؟ " قَال ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ" ثُمَّ قَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا" فَقَال ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، فَقَال: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" فَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ". [3055، 6173، 6618 - مسلم: 2930 - فتح: 3/ 218] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (ابن صياد) اسمه: صافي كما سيأتي، وقيل: عبد الله. (حتى وجدوه) أي: وجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ابن صياد، وفي نسخة: "حتى وجده" أي: وجد النبي ابن صياد. (أطم) بضمتين: بناءٌ كالحصن. (بني مغالة) بفتح الميم والمعجمة: قبيلة من الأنصار. (الحلم) بضمتين، أي: البلوغ. (تشهد) بحذف همزة الاستفهام، أي: أتشهد. (أني رسول الله) ليس صريحًا في صحة إسلام الصبي، لكنه ظاهر فيها، وإلا لما عرض - صلى الله عليه وسلم - الإسلام على ابن صياد. (رسول الأميين) أي: مشركي العرب. (فرفضه) (¬1) بضاد معجمة، أي: تركه؛ ليأسه من إسلامه، وفي نسخة: بصاد مهملة، أي: ضربه برجله. (آمنت بالله وبرسله) قال ¬

_ (¬1) في الأصل: (فرضه).

الكرماني: مناسبة هذا الجواب لقول ابن صياد (أتشهد أني رسول الله): أنه لما أراد أن يظهر للقوم كذبه في دعواه الرسالة، أخرج الكلام مخرج الإنصاف، أي: آمنت بالله وبرسله، فإن كنت رسولًا صادقًا غير ملبس عليك الأمر، آمنت بك، وإن كنت كاذبًا وخلط عليه الأمر فلا، ولكنك خُلِّط عليك فاخسأ (¬1). (فقال له: ماذا ترى؟) أراد به إظهار كذبه المنافي لدعواه بالرسالة. (يأتيني صادق وكاذب) أي: أرى الرؤيا ربما تصدق وربما تكذب. (خلط) بضم أوله، وتشديد ثانية وتخفينه. (خبأت) أي: أضمرت. (خبيئًا) بوزن: فَعيل، وفي نسخة: "خبْء" بوزن: فعل، أي: شيئًا، وهو {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]. كما رواه الإمام أحمد (¬2). (فقال ابن صياد: هو الدخ) بضم الدال أكثر من فتحها، روى البزار أنه أراد أن يقول الدخان، فلم يستطع، فقال: الدخ (¬3)، أي: لم يستطع أن يتم الكلمة، ولم يهتد من الآية إلا هذين الحرفين على عادة الكهان من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم، أو من هواجس النفس، وإنما قال كذلك من شيء ألقاه إليه الشيطان: إما لكون النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم به في نفسه، فسمعه الشيطان، أو حدث به - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه. (فقال: اخسأ) هو لفظ يزجر به الكلب ويطرد، أي: اسقط صاغرًا مطرودًا. (فلن تعدو) بالنصب بلن، وفي نسخة: "فلن تعد" بحذف الواو تخفيفًا، أو جزمًا بلن على لغة من يجزم بها، أو أن لن ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 7/ 129. (¬2) "مسند أحمد" 2/ 148. (¬3) "مسند البزار" 4/ 169 (1634).

بمعنى: لا، وتعدو: بفوقية، وفي نسخة: بتحتية. (قدرك) بالنصب على النسخة الأولى، وبالرفع على الثانية، أي: لا يبلغ قدرك أن تطالع بالغيب من قبل الوحي المخصوص بالأنبياء، ولا من قبل الإلهام الذي يدركه الصالحون. (إن يكنه) بوصل الضمير على لغة، وهو خبر كان، واسمها: مستتر، وفي نسخة: "إن يكن" هو بفصله، فهو إما؛ لتاكيد المستتر وكان تامة، أو موضوع، موضع: إياه، وهو خبر كان، واسمها: مستتر، أي: إن يكن هو إياه، أي: الدجال. (فلن تسلط عليه) بالجزم بلن على لغة من يجزم، وبالنصب على الأصل، وإنما لم يأذن - صلى الله عليه وسلم - في قتله مع أدعائه الرسالة بحضرته؛ لأنه كان غير بالغ، وقوله: (إن يكنه) يقتضي أنه شاك في أنه الدجال، وقد اختلف فيه فقيل: إنه الدجال، وقيل: لا، لكنه دجال من الدجاجلة، والظاهر: الثاني، كما دلت عليه الأحاديث. 1355 - وَقَال سَالِمٌ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ - يَعْنِي فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ أَوْ زَمْرَةٌ - فَرَأَتْ أمُّ ابْنِ صَيّادٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: يَا صَافِ - وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ - هَذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ"، وَقَال شُعَيْبٌ فِي حَدِيثِهِ: فَرَفَصَهُ رَمْرَمَةٌ - أَوْ زَمْزَمَةٌ - وَقَال إِسْحَاقُ الكَلْبِيُّ، وَعُقَيْلٌ: رَمْرَمَةٌ، وَقَال مَعْمَرٌ: رَمْزَةٌ. [2638، 3033، 3056، 6174 - مسلم: 2931 - فتح: 3/ 218] (يختل) بسكون المعجمة، وكسر الفوقية، أي: يجدع، ومعناه: يستغفل ابن صياد؛ ليسمع شيئًا من كلامه الذي يقوله في خلواته، ويعلم

هو والصحابة حاله في أنه كاهن ونحوه. (في قطيفة) أي: كساء له خمل أي: هدب (رمزة) براء مفتوحة، وميم ساكنة، فزاى من الرمز، وهو الإشارة، (أو زمرة) بتقديم الزاي من المزمار، والشك من الراوي، وفي ذلك زيادة تأتي (وهو يتقي) أي: يخفي نفسه: لئلا تراه أم ابن صياد. (بجذوع) بذال معجمة. (يا صاف) بصاد مهملة وفاء مضمومة أو مكسورة: لأنه مرخَّم صافي. [(فثار) بمثلثة، أي: نهض من مضجعه، وفي نسخة: "فثاب" بموحدة بدل الراء، أي: رجع عن حالته التي كان عليها. (بين) أي: أظهر لنا ما عنده أو ما في نفسه. (وقال شعيب) أي: ابن أبي حمزة الحمصي] (¬1). (فرفضه) ساقط من نسخة، وهو بضادٍ معجمة، أي: تركه كما مرَّ، وفي نسخةٍ: "فرضه" بحذف الفاء، وتشديد الضاد، أي: ضغطه، وضمَّ بعضه إلى بعض، وقال شعيب أيضًا في حديثه: (رمرمة) براءين مهملتين وميمين (زمزمة) بزايين وميمين، ومعناهما: الصوت الخفي، والشك من الراوي. (وقال عقيل) أي: ابن خالد الأيلي، وفي نسخةٍ: "وقال إسحق الكلبي وعقيل" [(رمرمة) برائين مهملتين وميمين، وفي نسخة:] (¬2). (رمزة) بمهملة، فميم ساكنة فزاي. (معمر) أي: ابن راشد. (رمزة) بمهملة، فميم، فزاي، وفي نسخة: "زمرة" بتقديم الزاي على الراء. 1356 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَال لَهُ: "أَسْلِمْ"، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَال لَهُ: أَطِعْ أَبَا ¬

_ (¬1) و (¬2) من (م).

القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ". [5657 - فتح: 3/ 219] (كان غلام يهودي) قيل: اسمه: عبد القدوس. (فقال له) لفظه: (له): ساقطة من نسخة. (أنقذه من النار) بذال معجمة، أي: خلصه ونجاه منها. وفي الحديث: جواز استخدام المشرك، وعيادته إذا مرض، واستخدام الصبي، وعرض الإسلام عليه، وصحته منه، ودلالة على أن الصبي إذا عَقِد الكفر ومات عليه يعذب، وسيأتي البحث في ذلك. 1357 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: قَال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ أَنَا مِنَ الولْدَانِ وَأُمِّي مِنَ النِّسَاءِ". [4587، 4588، 4597 - فتح: 3/ 219] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عبيد الله) أي: "ابن أبي يزيد" كما في نسخه. (من المستضعفين) أي: الذين أسلموا بمكة، وصدهم المشركون عن الهجرة، فصاروا بين أيديهم مستضعفين يلقون منهم الأذى الشديد. (أنا من الولدان) أي: الصبيان. 1358 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: "يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَوْلُودٍ مُتَوَفًّى، وَإِنْ كَانَ لِغَيَّةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلامِ، يَدَّعِي أَبَوَاهُ الإِسْلامَ، أَوْ أَبُوهُ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَلَى غَيْرِ الإِسْلامِ، إِذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ لَا يَسْتَهِلُّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سِقْطٌ" فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ يُحَدِّثُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ"، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:

30] الآيَةَ. [1359، 1385، 4775، 6599 - مسلم: 2658 - فتح: 3/ 219] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (وإن كان) أي: المولود. (لغيَّة) بكسر اللام، وفتح الغين وكسرها، وتشديد الياء، والغية: مفرد الغي، ضد الرشد، وهو يعم الكفر وغيره، يقال لولد الزنا والكفر: ولد الغية، ولغيره: ولد الرشدة. فالمراد من الحديث: يصلى على المولود، وإن كان من كافرة، أو زانية؛ من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام، أي: ملته. (يدعي أبواه الإسلام) حال. (أو أبوه) أي: يدعي وحده الإسلام. (وإن كانت أمه على غير الإسلام) أي: كافرة؛ لأنه محكوم بإسلامه؛ تبعًا لأبيه، وهذا مصير من الزهري، إلى تسمية الزاني أبًا لمن زنى بأمه، ولأنه يتبعه في الإسلام، وهو قول الإمام مالك، ودعوى الأم الإسلام، كدعوى الأب؛ لاقتضاء الأدلة ذلك عندنا، ودخل في المولود السقط؛ ولهذا قيد بقوله: (إذا استهل) أي: صاح عند الولادة. (صارخًا) حال مؤكدة من فاعل استهل، والمراد: العلم بحياته، ولو بلا صراخ. (صلي عليه) هذا، أي: علم مما مرَّ، فهو تأكيد. (ولا يصلى على من لا يستهل) أي: على من لا تعلم حياته. (من أجل أنه سقط) بتثليث السين، أي: أنه سقط قبل تمامه. (ما من مولود) أي: من بني آدم. (إلا يولد على الفطرة) أي: الخلقة، والمراد: الدين، قال تعالى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} الآية [الروم: 30]. و (من) زائدة (ومولود) مبتدأ خبره (يولد). (فأبواه يهودانه إلخ) أي: بترغيبهما له في ذلك، أو بتبعيته لهما في حكم الدنيا، فإن سبقت له السعادة أسلم، وإلا مات كافرًا، فإن مات قبل بلوغه الحلم، فالصحيح: أنه من أهل الجنة، والمراد من

قوله: (ما من مولود إلخ): أن الضلال ليس من ذات المولود، بل من خارج عنه يوجد إن لم يسلم، وينتفي إن أسلم. (كما تنتج البهيمة) بالبناء للمفعول، أي: تلد البهيمة. (بهيمة) مفعول لتنتج. (جمعاء) بالمد صفة لبهيمة: تامة الأعضاء، سميت بذلك: لاجتماع أعضائها. (هل تحسون) بضم أوله، وكسر ثانيه من أحس، وهو الأكثر، وقد يقال: حسنٌ بمعناه، أي: مقولًا فيها كذلك، فهو صفة ثانية لبهيمة، أو حال منها. (من جدعاء) بالمد، أي: مقطوعة الأذن والأنف والأطراف، وقوله: (كما تنتج البهيمة) حال من الضمير المنصوب قبله، أي: حال كونه مشبهًا بالبهيمة التي جدعت بعد سلامتها، أو صفة لمصدر محذوف، أي: يغيرانه تغييرًا مثل تغيير البهيمة السليمة، والأفعال الثلاثة قبله تنازعت فيه على التقديرين، ثم أدرج في الحديث قوله: (ثم يقول أبو هريرة - رضي الله عنه - {فِطْرَتَ اللهِ} أي: اقرءوا إن شئتم فطرة الله، أي: خلقته، وهي بالنصب على الإغراء، أو مصدر لما دل عليه ما بعدها، وهو فطر. 1359 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ" ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ} [الروم: 30]. [انظر: 1358 - مسلم: 2658 - فتح: 3/ 219] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن، يزيد الأيلي. (وينصرانه) في نسخة: "أو ينصرانه". {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} لا ينافي قوله: (فأبواه يهودانه إلى آخره) لأن المراد به: لا ينبغي أن تبدل

80 - باب إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا الله

تلك الفطرة، أو من شأنها أن لا تبدل، أو الخبر بمعنى: النهي. ({ذَلِكَ}) إشارة إلا الدين المأمور بإقامة الوجه إليه، في قوله: ({فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ}). ({الدِّينُ الْقَيِّمُ}) أي: المستوي الذي لا عوج فيه. 80 - بَابُ إِذَا قَال المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ (باب: إذا قال المشرك عند الموت) أي: قبل، النزع (لا إله إلا الله) ينفعه إن قرنه بقوله: (محمد رسول الله). 1360 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ: "يَا عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ " فَقَال أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ المَقَالةِ حَتَّى قَال أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى فِيهِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ} [التوبة: 113] الآيَةَ. [3884، 4675، 4772، 6681 - مسلم: 24 - فتح: 3/ 222] (إسحق) أي: ابن راهويه، أو ابن منصور. (حدثني أبي) أي: إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. (عن صالح) أي: ابن كيسان. (حضرت أبا طالب الوفاة) أي: علامتها قبل النزع، وإلا لما كان ينفعه الإيمان لو آمن، قال شيخنا: ويحتمل أنه انتهى إلى النزع، لكن رجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا أقر بالتوحيد، ولو بتلك الحالة أن ذلك ينفعه

بخصوصه، كما خص مع امتناعه بتخفيف العذاب عنه: بشفاعته - صلى الله عليه وسلم - (¬1) واسم أبي طالب: عبد مناف، وقيل: عمران، وقيل: اسمه كنيته. (فوجد عنده أبا جهل إلخ) أبو جهل مات كافرًا، وعبد الله أسلم عام الفتح، واسم أبي جهل: عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي، ويكنى أيضًا: بأبي الحكم. (يا عم) في نسخة: "أي عم". (كلمة) بالنصب على البدل، أو الاختصاص. (أشهد) بالرفع صفة لـ (كلمة) ويجوز الجزمُ؛ جوابًا للأمر في (قل: لا إلله إلا الله) ويؤخذُ من قوله: (قل: لا إله إلا الله إلى آخره) مطابقة الحديث للترجمة من حيث الغرض، وإلا من حيث اللفظ لا مطابقة بينهما. (أترغب) بهمزة الإنكار، أي: أتعرض. (يعرضها) بفتح الياء، وكسر الراء: آخر ما كلمهم، بنصبه علي الظرفية، أي: في آخر أزمنة تكليمه إياهم. (هو على ملة عبد المطلب) مقول (قال أبو طالب) وأراد بـ (هو): نفسه، أو غيَّره الراوي؛ لقبحه، وهو من التصرف الحسن. (أما) بتخفيف الميم، والألف بعدها حرف تنبيه بمعنى: حقًّا، وفي نسخة: "أم" بلا ألف. (لأستغفرن لك) أي: كما استغفر إبراهيم لأبيه". (ما لم أنه عنك) أي: عن استغفاري لك، وفي نسخة: "ما لم أنه عنه" أي: عن الاستغفار. (فأنزل الله تعالى فيه) أي: في أبي طالب. {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] خبر بمعنى: النهي، وفي نسخة: "فأنزل الله تعالى فيه". ¬

_ (¬1) "الفتح" 8/ 506.

81 - باب الجريد على القبر

81 - بَابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ: "أَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَانِ" وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَال: "انْزِعْهُ يَا غُلامُ، فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ" وَقَال خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ: "رَأَيْتُنِي وَنَحْنُ شُبَّانٌ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِنَّ أَشَدَّنَا وَثْبَةً الَّذِي يَثِبُ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حَتَّى يُجَاوزَهُ" وَقَال عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ: أَخَذَ بِيَدِي خَارِجَةُ فَأَجْلَسَنِي عَلَى قَبْرٍ، وَأَخْبَرَنِي عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ قَال: "إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ" وَقَال نَافِعٌ: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَجْلِسُ عَلَى القُبُورِ". (باب: الجريد على القبر) أي: غرزه عليه، وفي نسخة: "الجريدة" وهي واحدة الجريد، وهو ما جرد عنه الخوص، فإن لم يجرد عنه، سمي سعفًا، قاله الجوهري. (بريدة) بالتصغير، هو: ابن الحصيب، بضم الحاء، وفتح الصاد المهملتين. (في قبره) في نسخة: "على قبرد" وظاهر الأولى: أن بريدة أوصى بجعل الجريدتين داخل قبره، وظاهر الثانية: أنه أوصى بجعلهما على ظاهره، والظاهر: الثانية، وحمل الأولى على الثانية، وإن كان كل من الأمرين صحيحًا، والحكمة في ذلك: التفاؤل ببركة النخلة؛ لقوله تعالى: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24]. (جريدان) في نسخة: "جريدتان" بتاء بعد الدال. (فسطاطًا) بتثليث الفاء، وبطاءين مهملتين، وبإبدالهما بتائين، أي: فوقيتين، وبإبدال الأولى فوقية، ثم إبدالها بسين، وإدغام ما قبلها فيها،

أي: خباء من شعر ونحوه، وأصله: عمود الخباء الّذي يقوم عليه. (على قبر عبد الرّحمن) أي: ابن أبي بكر الصديق. (شبان) بفتح المعجمة، وتشديد الموحدة: جمع شباب. (في زمن عثمان) أي: ابن عفان. (وثبة) بمثلثة، أي: طفرة. (الّذي يثبُ قبر عثمان بن مظعون) بإعجام الظاء، وإهمال العين. (حتّى يجاوزه) أي: من علوه، وفي ذلك، كما قال شيخنا: جواز تعلية القبر ورفعه عن وجه الأرض، قال: ومناسبته للترجمة من جهة أن وضع الجريد على القبر، يرشد إلى جواز وضع ما يرتفع به ظهر القبر عن الأرض (¬1). (قال) أي: يزيد (إنّما كره ذلك) أي: الجلوس على القبر. (لمن أحدث عليه) أي: فعل عليه ما لا يليق من الفحش، أو تغوط، أو بال عليه؛ لتأذى الميِّت بذلك، والتقيد بذلك كما قال ابن بطّال بعيد؛ لأن ذلك أقبح من أن يكره، وإنّما يكره الجلوس المتعارف، وهو ما عليه الجمهور، ويدلُّ له خبر الإمام أحمد "لا تقعدوا على القبور" (¬2) نعم هو ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 223. (¬2) "مسند أحمد" 39/ 479 (24009/ 24) طبعة مؤسسة الرسالة، وإسناده ضعيف لجهالة النصر بن عبد الله، قال عنه الذهبي في "الميزان" (9073): لا يعرف تفرد عنه أبو بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم، وقال ابن عبد البرّ: لا أعرف في رواة "الموطأ" مجهولًا غيره 10/ 439 - 440، وقال ابن حجر في "التقريب" 2/ 302: مجهول. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، وأخرجه المزي في ترجمة: النضر بن عبد الله السلمي من "تهذيب الكمال" 9/ 388 - 389 من طريق عبد الله بن أحمد عن أبيه بي بهذا الإسناد، وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13 / ورقه 422 من طريق حرملة بن يحيى، وأحمد بن عيسى، عن عبد الله بن وهب، به وأخرجه النَّسائيُّ 4/ 95 كتاب: الجنائز، باب: التشديد في الجلوس على القبور من طريق خالد بن يزيد عن =

قريب، إن أريد كراهة التّحريم، وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - (يجلس على القبور) هذا وما قبله لا يناسبان الترجمة، حتّى قيل: كأن بعض الرواة كتبهما في غير موضعهما، إذ الظّاهر أنهما من الباب الآتي. 1361 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَقَال: "إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ"، ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ فَقَال: "لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا". [انظر: 216 - مسلم: 292 - فتح: 3/ 222] (يحيى) أي: ابن موسى، وقيل: ابن جعفر البَّيْكَندي، وقيل: ابن يحيى. (أبو معاوية) هو محمّد بن خازن، بخاء وزاي معجمتين. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (عن طاوس) أي: ابن كيسان. (عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه مرَّ) في نسخة: "قال: مر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (بقبرين) أي: بصاحبيهما. (وما يعذبان في كبير إلى آخره) مرَّ شرحه في كتاب: الوضوء (¬1). ¬

_ = سعيد بن أبي هلال به. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 515 كتاب: الجنائز، باب: الجلوس على القبور، من طريق ابن لهيعه - صلى الله عليه وسلم -، يزيد بن أبي حبيب عن بكر بن محمّد بن عمر بن حزم بلفظ: رآني رسول الله على قبر، فقال: "انزل عن القبر لا تؤذي صاحب القبر ولا يؤذيك". قلت: هذا اللّفظ غير محفوظ من هذا الوجه، وابن لهيعة سيء الحفظ وقال الألباني في "صحيح النَّسائيّ" صحيح بما قبله. (¬1) سبق برقم (216) كتاب: الوضوء، باب: من الكبائر ألا يستتر من بوله.

82 - باب موعظة المحدث عند القبر، وقعود أصحابه حوله

82 - بَابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ، وَقُعُودِ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ {يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ} [القمر: 7] الأَجْدَاثُ: القُبُورُ، {بُعْثِرَتْ} [الانفطار: 4]: أُثِيرَتْ، بَعْثَرْتُ حَوْضِي: أَيْ جَعَلْتُ أَسْفَلَهُ أَعْلاهُ، الإِيفَاضُ: الإِسْرَاعُ وَقَرَأَ الأَعْمَشُ: (إِلَى نَصْبٍ): إِلَى شَيْءٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ " وَالنُّصْبُ وَاحِدٌ، وَالنَّصْبُ مَصْدَرٌ {يَوْمُ الخُرُوجِ} [ق: 42]: مِنَ القُبُورِ {يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]: يَخْرُجُونَ". (باب: موعظة المحدِّث عند القبر وقعود أصحابه حوله) الموعظة مصدر ميمي، يقال: وعظ موعظة، وعظة ووعظاء: وهو النصح والإنذار بالعواقب، و (المحدِّث) بفتح الحاء، وتشديد الدال: الواعظ، وفائدة قعود أصحابه حوله: سماع الموعظة، والتذكير بالموت، وأحوال الآخرة، وهذا مع ما انضم إليه من مشاهدة القبور، وتذكر أصحابها، وما كانوا عليه، وما صاروا إليه من أنفع الأشياء؛ لجلاء القلوب. وينفع الميِّت أيضًا؛ لما فيه من نزول الرّحمة عند قراءة القرآن والذكر، ثمّ استطرد البخاريّ بذكر تفسير بعض ألفاظ من القرآن على عادته مناسبة لما ترجم له؛ تكبيرًا للفائدة فقال في قوله تعالى: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} [القمر: 7]، معنى (الأجداث: القبور) في قوله تعالى: {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} [الانفطار: 4]، معنى: ({بُعْثِرَتْ}: أثيرت) بمثلثة، ومن الإثارة من قول جمهور أهل اللُّغة (بعثرت حوضي، أي: جعلت أسفله أعلاه)، وقيل: معناه حُركت فخرج ما فيه من الأموات وقيل: نحيتُ.

وفي قوله: {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج: 43]، بالإيفاض الّذي هو مصدر أوفض يوفض إيفاضًا معناه: الإسراع، فمعنى {يُوفِضُونَ}: يسرعون، وقرأ الأعمش وفاقًا للقراء إلا ابن عامر وحفصًا ({إِلَى نُصُبٍ}) بفتح النون، وسكون الصاد، وفي نسخةٍ: بضم النون، وسكون الصاد، وزاد في أخرى: "يوفضون" ثمّ فسر ({إِلَى نُصُبٍ}) بقوله: (إلى شيء منصوب يستبقون إليه)، أي: إلى علم نصبوه؛ ليعبدوه حال كون كلٍ منهم طالبًا أن يسلمه أولًا، والنصب بضم النون وسكون الصاد، وفي نسخةٍ: بضمها، وهو قراءة ابن عامر وحفص. (واحد) أي: مفرد، كما يكون جمعًا، وإن كان الوزن واحدًا، كما في قفل، و (النصب) بالفتح فالسكون مصدر، يقال: نصبت الشيء نصبًا أقمته، وقال في قوله تعالى: {يَوْمُ الْخُرُوجِ} في قوله: {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} معناه: يوم الخروج (من قبورهم)، وفي قوله تعالى: {يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]، في قوله: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]، معناه: (يخرجون)، أي: بسرعة. 1362 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَال: حَدَّثَنِي جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَال: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلَّا قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً" فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ العَمَلَ؟ فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، قَال: "أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ" ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} [الليل: 6] الآيَةَ. [4945، 4946، 4947، 4948، 4949،

6217، 6605، 7552 - مسلم: 2674 - فتح: 3/ 225] (حَدَّثَنَا) في نسخة: "حدثني". (عثمان) أي: ابن محمّد بن أبي شيبة. (حدثني) في نسخةٍ: "حَدَّثَنَا". (جرير) أي: ابن عبد الحميد الضبي. (عن منصور) أي: ابن المعتمر (عن أبي عبد الرّحمن) هو عبد الله بن حبيب. (بقيع) بفتح الموحدة (الغرقد) بفتح المعجمة، وسكون الراء: ما عظم من شجر العوسج كان في البقيع، وهو مدفن أهل المدينة. (مخصرة) بكسر الميم، وسكون الخاء المعجمة، وبالصاد المهملة: ما يتوكأ عليه، كالعصى، وسميت بذلك؛ لأنها تحمل تحت الخصر غالبًا؛ للاتكاء عليها. (فنكس) بتخفيف الكاف، وتشديدها، أي: خفض رأسه وطأطأه إلى الأرض على هيئة المهموم المفكر. (ينكت) بمثناة فوقية. (بمخصرته) أي: يضرب بها في الأرض، فيؤثر فيها. (ما منكم من أحدٍ، ما من نفس منفوسة) أي: مخلوقة، والثّاني بدل من الأوّل، أو عطف بيان له. (إلا كتب) بالبناء للمفعول. (مكانها) بالرفع [نائب الفاعل. (من الجنَّة والنار) من بيانية، والواو بمعنى: أو وهي للتنويع (وإلَّا) في نسخة: "إلا"] (¬1) بحذف الواو. (قد كتبت شقية، أو سعيدة) بنَصبهما على الحال، وبرفعهما على الخبرية بمبتدإٍ محذوف. (وإلا) عطف على (إلا) الأولى. فتكون مع الّتي قبلها من باب اللف والنشر المرتب، بأن تكون (إلا) الأولى راجعة إلى (ما من أحد) والثّانية: إلى (ما من نفس) وإنّما قدم الجنَّة على النّار في الأولى، وأخر السعيد عن الشقي في الثّانية، مع أن مناسبة التركيب تقديم السعيد ¬

_ (¬1) من (م).

في الثّانية؛ لأنه قصد أن يكون مطلع الكلام ومقطعه متفقين معنًى فيما يخص المؤمنين. (فقال رجل) هو علي كما ذكره البخاريّ في التفسير، أو سراقة بن مالك، كما في مسلم (¬1)، أو عمر، كما في التّرمذيّ (¬2). (نتكل) أي: نعتمد. (على كتابنا) ما كتب علينا وقدر. (فقال: أما أهل الشقاوة إلى آخره) حاصل السؤال: ألا نترك مشقة العمل فإنا سنصير إلى ما قدر علينا، فلا فائدة في العمل، وحاصل الجواب: لأن مشقة، لأن كلّ أحدٍ ميسر لما خلق له، وهو يسير على من يسره الله عليه. قال الطيبي: الجواب من أسلوب الحكيم، فإنّه منعهم من الاتكال، وترك العمل، وأمرهم بالتزام ما يجب على العبد من العبودية، أي: إياكم والتصرف في الأمور الإلهية، فلا تجعلوا العبادة وتركها سببًا لدخول الجنَّة والنار، بل إنهما علامات لهما فقط {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} الآية [الليل: 5]، أي: فأمَّا من أعطى الطّاعة، واتقى المعصية، وصدق بالكلمة الحسني، وهي ما دلت على حق، ككلمة التّوحيد، فسنهيئه للخلة الّتي تؤدي إلى يسر وراحة، كدخول الجنَّة، وأما من بخل بما أمر به، واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم العقبى، فسنهيئه للخلة المؤدية إلى العسر والشدة، كدخول النّار، وزاد في نسخةٍ بعد واتقى: "وصدق بالحسني". ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2648) كتاب: القدر، باب: كيفية الخلق الآدمي. (¬2) "سنن التّرمذيّ" (2135) كتاب: القدر، باب: ما جاء في السعادة والشقاوة. قال التّرمذيّ: هذا حديث حسن صحيح. وقال الألباني في "صحيح سنن التّرمذيّ" صحيح.

83 - باب ما جاء في قاتل النفس

83 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَاتِلِ النَّفْسِ (باب: ما جاء في قاتل النفس) أي: ما جاء في قاتل نفسه من الأحاديث. 1363 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كَمَا قَال، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ". [4171، 4843، 6047، 6105، 6652 - مسلم: 110 - فتح: 3/ 226] (خالد) أي: الحذاء (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد. (بملة) بالتنوين (غير الإسلام) أي: كاليهودية والنصرانية، كان قال: وحق اليهودية ما فعلت كذا، أو إن فعلت كذا فأنا يهودي كاذبًا، أي: في المحلوف عليه. (فهو كما قال) أي: يكون على غير ملة الإسلام، ومحله: إذا قصد تعظيم المحلوف عليه، وعليه يحمل خبر الحاكم: "من حلف بغير الله كفر" (¬1) وإلا بأن قصد البعد عن المحلوف عليه، أو أطلق لم يخرج عن ملة الإسلام، فيكون ما ذكر؛ تغليظًا على من يتلفظ به، فهو مكروه، وقيل حرام، ولا ينعقد به يمين، لكن يندب له، بل يلزمه على القول بأنه حرام أن يقول: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، وتقييده كاذبًا جريٌ على الغالب، وإلا فالصادق، كالكاذب فيما ذكر، لكنه أخفُّ كراهة، من المكروه والكاذب زاد بحرمة الكذب. (ومن قتل نفسه بحديدة) أو بغيرها، كما فهم بالأَوْلى، فالمراد: من قتل ¬

_ (¬1) "المستدرك" 1/ 18 كتاب: الإيمان، باب: من حلف بغير فقد كفر. من حديث ابن عمر. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.

نفسه بشيء، كما عبر به في الإيمان. (عذب به) أي: بما ذكر، وفي نسخةٍ: "عذب بها" أي: بالحديدة. وفيه: أن الجزاء من جنس العمل، وأن جنايته على نفسه، كجنايته على غيره في الإثم؛ لأن نفسه في الحقيقة ليست ملكه بل هي لله، فلا يتصرف فيها إلا بما أذن له فيه. 1364 - وَقَال حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا جُنْدَبٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذَا المَسْجِدِ فَمَا نَسِينَا وَمَا نَخَافُ أَنْ يَكْذِبَ جُنْدَبٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَال: "كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَال اللَّهُ: بَدَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ". [3463 - مسلم: 113 - فتح: 3/ 226] (جندب) أي: ابن عبد الله بن يوسف البجلي. (في هذا المسجد) أي: مسجد البصرة، وذكره مع تالييه؛ للتحقيق والتأكيد. (عن النَّبيّ) في نسخةٍ: "على النَّبيّ". (كان برجل) لم يسمَّ. (جِرَاح) بكسر الجيم. (قتل) في نسخة: "فقتل". (حرمت عليه الجنَّة) أي: لكونه مستحلًا لقتل نفسه، أو حرمتها عليه في وقت ما، كالوقت الّذي يدخل فيه السابقون، أو حرمت عليه جنة معينة، كجنة عدن، أو ورد على سبيل التغليظ والتخويف، أو أن هذا جزاؤه، وقد يُعْفَى عنه، أو كان ذلك شرع من مضى أن أصحاب الكبائر يكفرون بها. 1365 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ، وَالَّذِي يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِي النَّارِ". [5778 - مسلم: 109 - فتح: 3/ 227] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزِّناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرّحمن بن هرمز. (يخنُق) بضم النون. (يطعنها) بضم العين.

84 - باب ما يكره من الصلاة على المنافقين، والاستغفار للمشركين

84 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلَى المُنَافِقِينَ، وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1269] (باب: ما يكره من الصّلاة على المنافقين، والاستغفار للمشركين) ما: مصدرية، ومن: بيانيّة. 1366 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّهُ قَال: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَال يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟ أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال: "أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ" فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ، قَال: "إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا" قَال: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إلا يَسِيرًا، حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] إِلَى قَوْلِهِ {وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84] قَال: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. [4671 - فتح: 3/ 228] (عبد الله بن أبي) بضم الهمزة والتّنوين. (ابن سلول) بضم نونه، وإثبات ألفه؛ صفة لعبد الله؛ لأن سلول: أمه، وهي بفتح السين غير منصرف؛ للعلمية والتأنيث. (دعي) بالبناء للمفعول. (أعدد عليه قوله) أي: القبيح في حق النّبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين. (خيرت) في نسخة: "قد خيرت" (إن زدت) في نسخة: "لو زدت". (فغفر له) في نسخة: "يغفر له". (إلى {وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84]، في نسخة: "إلى قوله: {وَهُمْ فَاسِقُونَ} ومرَّ

85 - باب ثناء الناس على الميت

شرح الحديث في باب: الكفن في [القميص] (¬1) الّذي يكف (¬2). 85 - بَابُ ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى المَيِّتِ (باب: ثناء النَّاس على الميِّت) أي: بيان حكم الثّناء عليه بخير، أو شر. 1367 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَجَبَتْ" ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَال: "وَجَبَتْ" فَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَال: "هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ". [2642 - مسلم: 949 - فتح: 3/ 228] (مرّوا) في نسخة: بالبناء للمفعول. (فأثنوا عليه شرًّا) استعمل الثّناء في الشر، مع أن الجمهور على خلافه؛ لمشاكلته لما قبله، كما في قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116]. (وجبت) المراد بالوجوب هنا: الثبوت، لا الوجوب الاصطلاحي؛ إذ لا يجب على الله شيء، بل الثواب فضله، والعقاب عدله. (أنتم شهداء الله في الأرض) لفظه في الشهادات: "المؤمنون شهداء الله في الأرض" فالمراد: شهادة الصّحابة وغيرهم ممّن كان بصفتهم، لا شهادة الفسقة؛ لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم، ولا شهادة من بينه وبين الميِّت عداوة؛ لأن شهادة العدو لا تقبل، وقال ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (1269) كتاب: الجنائز، باب: الكفن في القميص الّذي يكف أو لا يكف.

بعضهم: معنى الحديث: أن الثّناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل، وكان ذلك مطابقًا للواقع، فهو من أهل الجنَّة، فإن، كان غير مطابق، فلا، وكذا عكسه، قال النووي بعد نقله هذا: والصّحيح أنه على عمومه، وأن من مات فألهم الله النَّاس الثّناء عليه بخير، كان دليلًا على أنه من أهل الجنَّة، سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك، أم لا، فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة، وهذا الإلهام يستدل به على تعيينها (¬1). وبهذا تظهر فائدة الثّناء وما قاله عن قريب ممّا قلناه أولًا. 1368 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ هُوَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَال: قَدِمْتُ المَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَال: وَجَبَتْ، فَقَال أَبُو الأَسْوَدِ: فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ قَال: قُلْتُ كَمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا مُسْلِمٍ، شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ" فَقُلْنَا: وَثَلاثَةٌ، قَال: "وَثَلاثَةٌ" فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ، قَال: "وَاثْنَانِ" ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الوَاحِدِ. [2643 - فتح: 3/ 229] (عفان (¬2) بن مسلم) (¬3) زاد في نسخة: "هو: الصفار". (عن أبي الفرات) اسم أبي الفرات: عمرو الكندي. (عن أبي الأسود) هو ظالم بن عمرو بن سفيان. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 7/ 19 - 20. (¬2) في صحيح البخاريّ، وفي المخطوط (عثمان). (¬3) كذا للأكثر، وذكر أصحاب الأطراف أنه أخرجه قائلًا فيه "قال عفان" وبذلك جزم البيهقي، وقد وصله أبو بكر بن أبين شيبه في "مسنده" عن عفان به، ومن طريقه أخرجه الاسماعيلي وأبو نعيم. انظر: "الفتح" 3/ 230.

86 - باب ما جاء في عذاب القبر

(فأثني) بالبناء للمفعول. (على صاحبها) نائب الفاعل. (خيرًا) بالنصب مفعول ثان، أو صفة لمصدر محذوف، أَوْ بنزع الخافض، أي: بخير، وبالرفع نائب الفاعل. (فقلت: وما وجبت؟) أي: ما معنى قولك: وجبت؟ (أيما مسلم شهد له أربعة بخير إلى آخره) ترك الشق الثّاني، وهو الشّهادة بالشر؛ قياسًا على الشّهادة بالخير، أو اختصارًا. 86 - بَابُ مَا جَاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ، وَالمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ، أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ} قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الهُونُ: هُوَ الهَوَانُ، وَالهَوْنُ: الرِّفْقُ وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة: 101]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذَابِ. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ، أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ} [غافر: 45، 46]. (باب: ما جاء في عذاب القبر) أي: من الآيات والأحاديث، ولا مانع من أن يعيد الله الحياة في جزء من الجسد، أو في جمعيه فيثيبه، أو يعذبه، ولا يمنع من ذلك كون الميِّت قد تفرقت أجزاؤه، أو أكلته السِّباع والطيور وحيتان البحر، كما أنه يعيده للحشر، وهو تعالى قادر على ذلك، فلا يستبعد تعلّق روح الشخص الواحد في آنٍ واحد بكل واحد من أجزائه المتفرقة في المشارق والمغارب، فإن تعلّقه ليس على سبيل الحلول حتّى يمنعه الحلول في جزء آخر، بل هو

على سبيل التّدبير. (وقوله تعالى) بالجر عطف على عذاب؛ أو بالرفع على الاستئناف. ({إِذِ الظَّالِمُونَ}) في نسخة: " {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ})، أي: شدائده. ({وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ}) [الأنعام: 93]) أي: لقبض أرواحهم، أو للعذاب، يقولون تعنيفًا ({أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ}) إلينا لنقبضها، أو لنعذبها ({عَذَابَ الْهُونِ}) زاد في نسخة قبله: "أو الهون" والمعني: يزيد العذاب المتضمن لشدة وإهانة، والهون بالفتح: الرفق، ذكره؛ لمناسبة الهون بالضم لفظًا. ({سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ}) أي: بالفضيحة، أو القتل في الدنيا، وعذاب القبر. ({ثُمَّ يُرَدُّونَ}) أي: في الآخرة. ({إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}}) أي: بالنار. ({وَحَاقَ}) أي: نزل. ({سُوءُ الْعَذَابِ}) أي: الغرق في الدنيا، ثمّ النّار في الآخرة. ({يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا}) أي: يحرقون بها. ({غُدُوًّا وَعَشِيًّا}) أي: صباحًا ومساءً. ({وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}) يقال: ادخلوا يا آل فرعون. ({أَشَدَّ الْعَذَابِ}) أي: عذاب جهنم. 1369 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أُقْعِدَ المُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ أُتِيَ، ثُمَّ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27] " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا - وَزَادَ - {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [إبراهيم: 27] نَزَلَتْ فِي عَذَابِ القَبْرِ. [4699 - مسلم: 2871 - فتح: 231] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (أتي) بالبناء للمفعول حال، أي: حالة كونك مأتيًا إليه، والآتي:

الملكان منكر ونكير. (ثمّ شهد) في نسخة: "يشهد". (فذلك قوله ... إلى آخره) جواب إذا. (غندر) اسمه: محمّد بن جعفر. 1370 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ، قَال: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ القَلِيبِ، فَقَال: "وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ " فَقِيلَ لَهُ: تَدْعُو أَمْوَاتًا؟ فَقَال: "مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ لَا يُجِيبُونَ". [3980 - 4026 - فتح: 3/ 232] (حدثني أبي) في نسخة: "حَدَّثَنَا أبي". (عن صالح) هو ابن كيسان. (ما وعد) في نسخة: "ما وعدكم". (فقيل له) القائل هو عمر بن الخطّاب، كما في مسلم. (ما أنتم باسمع منهم) أي: لما أقول. 1371 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: إِنَّمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الآنَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ" وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ المَوْتَى} [النمل: 80]. [3978، 3979، 3981 - مسلم: 932 - فتح: 3/ 232] (عبد الله بن محمّد) هو: ابن شيبة. (سفيان) أي: ابن عيينة. (أقول) زاد في نسخة: "لهم". (وقد قال الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]، استدلت به عائشة على مانفته أن الموتى لا يسمعون، وخالفها الجمهور فيه، وقالوا: لا دلالة في الآية على ذلك، بل لا منافاة بين الآية وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنهم الآن يسمعون" لأن الإسماع إبلاغ الصوت إلى أذن السامع، فالله تعالى هو الذاي يسمعهم صوت نبيه، ولا مانع أنه على قال اللفظين الواقعين، وحفظ غيرهما في روايتي

ابن عمر وعائشة، ولم تحفظ عائشة إلا أحدهما، وحفظ غيرها سماعهم بعد إحيائهم، وفائدة إسماعهم: توبيخهم. 1372 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، سَمِعْتُ الأَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ القَبْرِ، فَقَالتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَذَابِ القَبْرِ، فَقَال: "نَعَمْ، عَذَابُ القَبْرِ" قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ صَلَّى صَلاةً إلا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ زَادَ غُنْدَرٌ: "عَذَابُ القَبْرِ حَقٌّ". [انظر: 1049 - مسلم: 586، 903 - فتح: 3/ 232] (أبي) هو عثمان بن جبلة. (عن أبيه) هو أبو الشعثاء سليم بن أسود المحاربي. (أن يهودية) لم تسم. (نعم عذاب القبر) "حق" كما في نسخة. (بعد) أي: بعد سؤاله إياه. (زاد غندر: عذاب القبر حق) ساقط من نسخة، والزائدة في الحقيقة (حق) فقط، أو زيادته إنّما تليق بحذفه في النسخة الأوّل، لا بذكره فيها. 1373 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تَقُولُ: "قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فَذَكَرَ فِتْنَةَ القَبْرِ الَّتِي يَفْتَتِنُ فِيهَا المَرْءُ، فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ ضَجَّ المُسْلِمُونَ ضَجَّةً" [انظر: 86 - مسلم: 905 - فتح: 3/ 232] (ابْن وهب) هو عبد الله المصري. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (يفتتن) بوزن: يقتتل، [وفي نسخة: "يفتن" بوزن يقتل] (¬1) مبنيًّا ¬

_ (¬1) من (م).

للمفعول. (ضخة) نكّرها للتعظيم، ومرَّ شرح الحديث في: العلم وغيره (¬1). 1374 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا المُؤْمِنُ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا - قَال قَتَادَةُ: وَذُكِرَ لَنَا: أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ - قَال: وَأَمَّا المُنَافِقُ وَالكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ " [انظر: 1338 - مسلم: 2870 - فتح: 3/ 232] (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (عن أنس بن مالك) لفظ: (ابْن مالك) ساقط من نسخة. (وإنه) أي: الميِّت، وفي نسخة: "إنّه" بلا واو. (فيقعدانه) معادًا إليه روحه. (لمحمد - صلى الله عليه وسلم -) أي: لأجله، وهو: بيان من الراوي، لا من الملكين، (وذكر) بالبناء للمفعول. (في قبره) في نسخة: "له في قبره" وفي: زائدة، وزاد ابن حبّان: ¬

_ (¬1) سبق برقم (86) كتاب: العلم، باب: من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس. و (184) كتاب: للوضوء، باب: من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل، و (922) كتاب: الجمعة، باب: من قال في الخطبة بعد الثّناء: أما بعد.

87 - باب التعوذ من عذاب القبر

"سبعين ذراعًا في سبعين ذراعًا" (¬1). (ثمّ رجع) أي: قتادة. (وأما الكافر المنافق) مرَّ ما فيه مع شرح الحديث في باب: الميِّت يسمع خفق النعال (¬2). 87 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ (باب: التعوذ من عذاب القبر) أي: بالله. 1375 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، فَسَمِعَ صَوْتًا فَقَال: "يَهُودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا" وَقَال النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَوْنٌ، سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ البَرَاءَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 2869 - فتح: 3/ 341] (حَدَّثَنَا محمّد) في نسخة: "حدثني محمّد". (حَدَّثَنَا يحيى) في نسخة: "أَخْبَرَنَا يحيى" أي: ابن سعيد القطان. (حَدَّثَنَا شعبة) في نسخة: "أَخْبَرَنَا شعبة" أي: ابن الحجاج. (خرج النَّبيّ) أي: من المدينة إلى خارجها. (وجبت الشّمس) سقطت بمعنى: غربت. (فسمع صوتًا) هو صوت اليهودي، -كما في الطَّبرانيِّ (¬3) -. (يهود تعذب في قبورها) مبتدأ وخبر؛ إذ (يهود) علم قبيلة، فهو غير منصرف، وقد تدخله (ال) وسماعه - صلى الله عليه وسلم - صوت الميِّت لا ينافي ما مرَّ أن صوت الميِّت يسمعه غير الثقلين؛ لأن ذلك في الصيحة ¬

_ (¬1) "صحيح ابن حبّان " 7/ 390 (3120) كتاب: الجنائز، فصل في أحوال الميِّت في قبره. (¬2) سبق برقم (1338) كتاب: الجنائز، باب: الميِّت يسمع خفق النعال. (¬3) "المعجم الكبير" 4/ 120.

المخصوصة، وهذا في غيرها، أو هذا معجزة له - صلى الله عليه وسلم - (وقال النضر) بمعجمة، أي: ابن شميل. (أَخْبَرَنَا شعبة إلى آخره) فائدة ذكره بعد ما مَرَّ تصريح عون فيه بالسماع له من أبيه، وسماع أبيه له من البراء. 1376 - حَدَّثَنَا مُعَلًّى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَال: حَدَّثَتْنِي ابْنَةُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَهُوَ "يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ". [6364 - فتح: 3/ 241] (معلَّى) بتشديد اللام مفتوحة، أي: ابن أسد. (وهيب) أي: ابن خالد. (ابنة خالد) واسمها: أمة، وكنيتها: أم خالد. (وهو يتعوذ من عذاب القبر) تعوذ منه ومما يأتي في الحديث الآتي؛ تعبدًا وإرشادًا لأمته؛ ليقتدوا به في ذلك. 1377 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ". [مسلم: 588 (131) - فتح: 3/ 241] (هشام) أي: الدستوائي. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرّحمن بن عوف. (يدعو: اللَّهُمَّ) أي: قائلًا ذلك، وفي نسخة: "يدعو، ويقول: اللَّهُمَّ". [(ومن فتنة المحيا والممات) كلّ منهما مصدر ميمي، واسم زمان، ومرَّ شرح الحديث في باب: الدُّعاء بعد السّلام] (¬1). ¬

_ (¬1) من (م).

88 - باب عذاب القبر من الغيبة والبول

88 - بَابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ (باب: عذاب القبر من الغيبة والبول) من تعليلية، والغيبة: بكسر الغين: ذكر الإنسان في غيبته بسوء وإن كان فيه، وعطف عليها البول بتقدير متضايفين، أي: ومن عدم استنزاهه من البول، وخصهما بالذكر؛ لتعظيم أمرهما ولغلبتهما، وإلا فغيرهما مثلهما. 1378 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَال: "إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ" ثُمَّ قَال: "بَلَى أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ" قَال: ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطْبًا، فَكَسَرَهُ بِاثْنَتَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ، ثُمَّ قَال: "لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا". [انظر: 216 - مسلم: 292 - فتح: 3/ 242] (قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد. (جرير) أي: ابن أبي حازم. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (عن طاوس) هو ابن كيسان. (قال ابن عبّاس) في نسخة: "عن ابن عبّاس". (فكان يسعى بالنميمة) لم يذكر الغيبة الّتي هي في التّرجمة؛ اكتفاءً بذكر النميمة؛ لتقاربهما، وإن لم يتساويا في المفسدة، إذ مفسدة النميمة أعظم، أو إشارة إلى ورودها في بعض طرق الحديث. (لا يستتر) من الاستتار، وهو مجاز عن التنزه. (باثنتين) في نسخة: "باثنين" بحذف التاء الفوقية، ومر شرح الحديث في باب: من الكبائر أن لا يستتر من بوله (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (216) كتاب الوضوء، باب: من الكبائر أن لا يستتر من بوله.

89 - باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي

89 - بَابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ (باب: الميِّت يعرض عليه بالغداة والعشي) أي: المساء، وفي نسخة: "يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي" وهو مراد من الأولى، والمراد بالغداة والعشي: وقتهما، وإلَّا فالموتى لا صباح عندهم ولا مساء. 1379 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ". [3240، 6515 - مسلم: 2866 - فتح: 3/ 243] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (من أهل الجنَّة، فمن أهل الجنَّة، كان كان من أهل النّار، فمن أهل النّار) ظاهره: اتحاد الشرط والجزاء في الشقين، وهو مؤول وتقديرهما في الأوّل مثلًا إن كان من أهل الجنَّة، فمقعده من مقاعد الجنَّة يعرض عليه، وقوله: (فمن أهل النّار) ساقط من نسخة. (هذا مقعدك حتّى يبعثك الله) أي: لا يصل إليه إلى يوم القيامة لبعث، ومرَّ شرح الحديث (¬1). 90 - بَابُ كَلامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ (باب: كلام الميِّت على الجنازة) أي: النعش. 1380 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ ¬

_ (¬1) سبق شرحه برقم (1374) كتاب الجنائز، باب: ما جاء في عذاب القبر.

91 - باب ما قيل في أولاد المسلمين

سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالتْ: قَدِّمُونِي، قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالتْ: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إلا الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ لَصَعِقَ". [انظر: 1314 - فتح: 3/ 244] (إذا وضعت الجنازة) أي: على النعش، ومرَّ شرح الحديث في باب: حمل الرجال الجنازة (¬1)، بل ومرت التّرجمة أيضًا مع حديثها في باب: قول الميِّت وهو على الجنازة قدموني (¬2). 91 - بَابُ مَا قِيلَ فِي أَوْلادِ المُسْلِمِينَ قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ، لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ أَوْ دَخَلَ الجَنَّةَ". (باب: ما قيل في أولاد المسلمين) أي: الصغار. (قال) في نسخة: "وقال". (كان) أي: موتهم، وفي نسخة: "كانوا" أي: الثّلاثة. (أو دخل الجنَّة) شك من الراوي. 1381 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ، يَمُوتُ لَهُ ثَلاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، إلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ" [انظر: 1248 - فتح: 3/ 244] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1314) كتاب الجنائز، باب: حمل الرجال الجنازة دون النِّساء. (¬2) سبق برقم (1316) كتاب الجنائز، باب: قول الميِّت وهو على الجنازة: قدموني.

92 - باب ما قيل في أولاد المشركين

(ابن علية) اسمه: إسماعيل بن إبراهيم. (يموت له ثلاثة) أي: "من الولد"، كما في نسخة، ومرَّ شرح الحديث في باب: هل يجعل للنساء يومًا (¬1)، وباب: فضل من مات له ولد (¬2). 1382 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ سَمِعَ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الجَنَّةِ". [3255، 6195 - فتح: 3/ 244] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (إبراهيم) أي: ابن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (إن له مرضعًا في الجنَّة) بضم الميم، أي: من يتم رضاعه، وروي: "مرضعًا ترضعه في الجنَّة" (¬3)، وروي بفتح الميم مصدر، أي: رضاعًا، وبحذف التاء من مرضع، إذا كان من شأنها ذلك، وتثبت فيه إذا كان بمعنى: تجدد فعلها، كما قال: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ} [الحج: 2]، وكذا يقال في حائض وحائضة. 92 - بَابُ مَا قِيلَ فِي أَوْلادِ المُشْرِكِينَ (باب: ما قيل في أولاد المشركين) أي: الصغار. 1383 - حَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلادِ المُشْرِكِينَ، ¬

_ (¬1) سبق من رواية أبي سعيد الخدري رقم (101) كتاب: العلم، باب: هل يجعل للنساء يوم على حده في العلم. وليس من رواية أنس. (¬2) سبق برقم (1248) كتاب الجنائز، باب: فضل من مات له ولد محتسب. (¬3) هي رواية الإسماعيلي من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة. انظر: "التفح" 3/ 245.

فَقَال: "اللَّهُ إِذْ خَلَقَهُمْ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ". [6597 - مسلم: 2660 - فتح: 3/ 245] (حَدَّثَنَا حبَّان) بكسر الحاء وتشديد الموحدة، وفي نسخة: "حدثني حبّان بن موسى". (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (إذ خلقهم) إذ: متعلّقة بمحذوف، أي: علم ذلك حين خلقهم، أو بقوله: (أعلم)، وإن تقدمت عليه، إذ يتوسع في الظرف ما لا يتوسع في غيره، والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر وهما: الله أعلم. 1384 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَرَارِيِّ المُشْرِكِينَ، فَقَال: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ". [6598، 6600 - مسلم: 2659 - فتح: 3/ 245] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عن ذراري المشركين) بذال معجمة، ومثناة تحتية: جمع ذرية، أي: عن أولادهم الصغار. 1385 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ؟ ". [انظر: 1358 - مسلم: 2658 - فتح: 3/ 245] (ابْن أبي ذئب) اسمه: محمّد بن عبد الرّحمن. (كمثل) بفتح الميم والمثلثة، وفي نسخة: بكسرها، وسكون المثلثة. (تنتج البهيمة) بالنصب، واختلف في أولاد المشركين، فقيل: إنهم في مشيئة الله تعالى، وقيل: في النّار تبعًا لآبائهم، وقيل: في

برزخ بين الجنَّة والنار؛ لأنهم لم يعملوا حسنات يدخلون بها الجنَّة، ولا سيئات يدخلون بها النّار، والصّحيح المختار: ما عليه المحققون، كما قال النووي: إنهم في الجنَّة، لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، وإذا لم يعذب العاقل؛ لكونه لم تبلغه الدّعوة، فكان لا يعذب غير العاقل من باب أولى، وجواب خبر (الله أعلم) بما كانوا عاملين أنه ليس فيه تصريح أنهم ليسوا في غير الجنَّة (¬1)، وأما خبر الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ولدان المسلمين، قال: "في الجنَّة"، وعن أولاد المشركين، قال: "في النار" (¬2) فضعيف، ومرَّ شرح الحديث في باب: ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 16/ 207 - 208. (¬2) "مسند أحمد" 6/ 208. عن طريق وكيع عن أبي عقيل. يحيى بن المتوكل عن بُهيه وهو ضعيف لضعف أبي عقيل يحيى بن المتوكل، ولجهالة بُهيَّة: وهي مولاة عائشة، فقد انفرد بالرواية عنها أبو عقيل. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" 3/ 153 (1685). وابن عدي في "الكامل" 9/ 39 - 43. وابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 441 (1541). من طرق عن أبي عقيل بهذا الإسناد. وقال ابن عدي: هذه الأحاديث لأبي عقيل عن بُهيَّة عن عائشة غير محفوظة، ولا يروي عن بُهيَّة غير أبي عقيل هذا. وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، قال أحمد، بن حنبل: يحيى بن المتوكل يروي من بُهيَّة أحاديث منكرة، وهو واهي الحديث. وذكره الهيثمي في "المجمع" 7/ 217، وقال: رواه أحمد وفيه: أبو عقيل يحيى بن المتوكل، ضعفه جمهور الأئمة، وغيرهم، ويحيى بن معين نقل عنه توثيقه في رواية من ثلاثة. قلت: ومما يدلُّ على نكارة هذا الحديث، حديث سمرة بن جندب عند =

93 - باب

إذا أسلم الصبي فمات (¬1). 93 - باب. (باب) ساقط من نسخة، وهو بمنزلة الفصل فيما قبله؛ ولهذا لم يذكر له ترجمة. 1386 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَال: "مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا؟ " قَال: فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا، فَيَقُولُ: "مَا شَاءَ اللَّهُ" فَسَأَلَنَا يَوْمًا فَقَال: "هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا؟ " قُلْنَا: لَا، قَال: "لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ، بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ" قَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى: "إِنَّهُ يُدْخِلُ ذَلِكَ الكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ - أَوْ صَخْرَةٍ - فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الحَجَرُ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ، فَعَادَ إِلَيْهِ، فَضَرَبَهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالا: انْطَلِقْ. ¬

_ = البخاريّ برقم (7047) كتاب: التعبير، باب: تعبير الرؤيا بعد صلاة الصُّبح، ففي هذا الحديث ألحق النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أولاد المشركين بأولاد المسلمين في حكم الآخرة وإلى هذا ذهب النووي وغيره. والله أعلم. (¬1) سبق برقم (1358)، (1359) كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟

فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ، أَعْلاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ - قَال يَزِيدُ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ - وَعَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالا: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ، وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا، فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ، وَأَدْخَلانِي دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ، وَنِسَاءٌ، وَصِبْيَانٌ، ثُمَّ أَخْرَجَانِي مِنْهَا فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ، فَأَدْخَلانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ فِيهَا شُيُوخٌ، وَشَبَابٌ، قُلْتُ: طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ، فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ، قَالا: نَعَمْ، أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ، فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالكَذْبَةِ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ، فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ، وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُوا الرِّبَا، وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَالصِّبْيَانُ، حَوْلَهُ، فَأَوْلادُ النَّاسِ وَالَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَالدَّارُ الأُولَى الَّتِي دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ المُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحَابِ، قَالا: ذَاكَ مَنْزِلُكَ، قُلْتُ: دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي، قَالا: إِنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ فَلَو اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ". [انظر: 845 - مسلم: 2275 - فتح: 3/ 251] (جرير) أي: ابن حازم. (أبو رجاء) هو: عمران بن تميم العطاردي.

(صلاة) في نسخة: "صلاته". (رؤيا) مقصور وغير منصرف. (فسألنا) بفتح اللام. (رجلين) هما: جبرائيل وميكائيل، كما ذكرهما بعد. (الأرض المقدسة) في نسخة: "أرض مقدسة". (جالس) بالرفع، وفي نسخة: "جالسًا" بالنصب. (بيده) أي: كلوب، كما أشار إليه بقوله: (قال بعض أصحابنا عن موسى: كلوب من حديد يدخله في شدقه)، وفي نسخة: "بيده كلوب من حديد، قال بعض أصحابنا عن موسى: إنّه يدخل ذلك الكلوب في شدقه" وأبهم البخاريّ البعض لنسيان أو غيره، وليس بقادح؛ لأنه لا يروي إلا عن ثقة، قال شيخنا: لم أعرف هذا البعض، إلا أن الطَّبرانيَّ أخرجه في "المعجم الكبير" عن العباس بن الفضل الإسقاطي (¬1). (ما هذا؟) أي: ما حال هذا الرَّجل؟ وفي نسخة: "من هذا؟ " أي: من هذا الرَّجل؟ (بفهر) بكسر الفاء، وسكون الهاء، أي: بحجر [يملأ الكف] (¬2). (أو صخرة) على الشك هنا، واقتصر على التعبير عليها من غير شك. (فيشدخ) أي: يكسر به، أي: بالحجر، أو الصخرة، وفي نسخة: "بها" أي: بالصخرة. (تدهده) أي: تدحرج. (ثقب) بمثلثة مفتوحة، وفي نسخة: بنون مفتوحة. (التنور) بفتح الفوقية، وتشديد النون: ما يخبز فيه. (يتوقد) بفتح أوله. (نارًا) تمييز. (فإذا اقترب) أي: الوقود والحر، أي: قرب من النَّاس المعلومين من السياق، وفي نسخة: "أقترت" بهمزة قطع فقاف ¬

_ (¬1) فتح الباري 3/ 252 والحديث المشار إليه رواه الطَّبرانيُّ في الكبير 7/ 242. (¬2) من (م).

ففوقيتين بينهما راء، من القترة، أي: التهبت النّار وارتفع لهبها؛ لأن القترة: الغبار الّذي يرتفع. (ارتفعوا) أي: النَّاس. (كاد أن يخرجوا) أن: مصدرية، وهي مع مدخولها: اسم كاد، وخبرها محذوف، أي: يكاد خروجهم يتحقق، وفي نسخة: "كادوا يخرجوا". (خمدت) بفتح الخاء والميم، أي: سكنت: بأن سكن لهبها. (من هذا؟) في نسخة: ["ما هذا". (نهر) بفتع الهاء وسكونها. (على وسط النهر رجل) في نسخة:، (¬1) "قال يزيد بن هارون، ووهب بن جرير عن جرير بن حازم وعلى شط النهر رجل" (رمى) في نسخة: "رمى له الرَّجل الّذي بين يديه الحجارة". (فانطلقنا) ساقط من نسخة. (فصعد) بكسر العين. (وشباب) في نسخة: "هنا" وفيما يأتي: "وشبان" بضم أوله وتشديد ثانيه ونون في آخره. (فأخبراني) بسكون الموحدة. (بالكذبة) بفتع الكاف، وكسر الذال، وبالكسر والسكون. (فيصنع به) أي: ما رأيت من شق شدقه، وأما هذه فدار الشهداء، واكتفى فيها بما مرَّ من الشيوخ والشباب دون النِّساء والصبيان، جريًا على الغالب، إذ الغالب أن الشهيد لا يكون امرأة، ولا صبيًّا. (دعاني) أي: اتركاني، قال الكرماني: ومناسبة التعبير للرؤيا ظاهرة إلا في الزناة، ومناسبته لها من جهة أن العري فضيحة، كالزنا، ثمّ إن الزاني يطلب الخلوة، كالتنور، ولا شك أنه خائف حذر وقت الزِّنا، كأنها تحته النّار (¬2). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "الفتح" 3/ 252، والحديث المشار إليه ذكره الحافظ في "تغليق التعليق" 2/ 500 وعزاه للطبراني في "الكبير".

94 - باب موت يوم الاثنين

وفي الحديث: الاهتمام بأمر الرؤيا، واستحباب السؤال عنه، وذكرها بعد الصّلاة، والتحذير عن الكذب، وعن ترك قراءة القرآن والعمل به، والتغليظ على الزاني، وآكل الرِّبَا، وسعادة صبيان الخلائق كلهم، وتفضيل الشهداء على غيرهم، وهذه الرؤيا مشتملة على حكم عظيمة. ووجه الضبط في هذه الأمور: أن الحال لا يخلو من الثّواب والعذاب، فالثواب: إمَّا لرسول الله، ودرجته فوق الكل مثل السحابة، وإمَّا للأمة وهي ثلاث درجات، أدناها للصبيان، والأوسط للعامة، وأعلاها للشهداء وإبراهيم علييه السّلام، وإن كان رفيع الدرجة على الشهداء فوجه كونه تحت الشجرة، وهو خليل الله أبو الأنبياء الإشارة إلى أنه الأصل في الملة، وكل من بعده من الموحدين تابع له، بأمره يصعدون شجرة الإسلام ويدخلون الجنَّة. والعقاب: إمّا على قول لا ينبغي، أو عدم قيل ينبغي، أو فعل بدني، كالزنا أو مالي، كالرِّبَا. 94 - بَابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ (باب: موت يوم الاثنين) أي: بيان الموت فيه. 1387 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: فِي كَمْ كَفَّنْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالتْ: "فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ" وَقَال لَهَا: فِي أَيِّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالتْ: "يَوْمَ الاثْنَيْنِ" قَال: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالتْ: "يَوْمُ الاثْنَيْنِ" قَال: أَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ، فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ، كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ بِهِ

رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ، فَقَال: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ، فَكَفِّنُونِي فِيهَا، قُلْتُ: إِنَّ هَذَا خَلَقٌ، قَال: إِنَّ الحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ المَيِّتِ، إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلاثَاءِ، وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ. [انظر: 1264 - مسلم: 941 - فتح: 3/ 252] (وهيب) أي: ابن خالد البصري. (هشام) أي: ابن عروة بن الزُّبير. (قال) في نسخةٍ: "فقال". (في كم) هي استفهامية، كان كان لها صدر الكلام، لكن الجار كالجزء منها، فلا يخرجها عن تصديرها. (سحولية) بفتح السين، وضمها كما مرَّ. (قالت يوم الاثنين) بنصب (يوم) على الظرفية في الأول، وبرفعه على الخبرية لمقدر في الثّاني. (أرجو فيما بيني وبين اللّيل) أي: أتوقع الوفاة فيما بين ساعتي هذه، وبين اللّيل، أو فيما بين آخر يومي وآخر اللّيل، وإنّما رجى ذلك؛ لقصد التبرك؛ لكون النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - توفي فيه، وله مزية على سائر الأيَّام بهذا الاعتبار. (ثمّ نظر) في نسخةٍ: "فنظر". (ردع) بفتح الراء، وسكون الدال والعين المهملتين، أي: لطخ وأثر، وفي نسخةٍ: "ردغ" بغين معجمة. (ثوبي هذا) لفظ: (هذا) ساقط من نسخةٍ (فيها) أي: في الأثواب الثّلاثة، وفي نسخةٍ: "فيهما" أي: في المزيد والمزيد عليه. (خلق) بفتح المعجمة واللام، أي: بالٍ عتيق. (إنّما هو) أي: للدفن. (للمُهْلَة) بتثليث الميم، أي: القيح والصديد. (من ليلة الثلاثاء) بالمد. وفي الحديث: التكفين في الثِّياب البيض والمغسولة، وطلب المرافقة فيما وقع للأكابر، والدفن باللّيل، وإيثار الحي في الجديد، وفضل الصديق، ودلالة فراسته، وتيسير الله ما يتمناه له.

95 - باب موت الفجأة البغتة

95 - بَابُ مَوْتِ الفَجْأَةِ البَغْتَةِ (باب: موت الفجأة) بفتح الفاء، وسكون الجيم، أو بضم الفاء وفتح الجيم والمد. (بغتة) بالجر بدل، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، وعلى التقديرين هي تفسير للفجأة، وفي نسخةٍ: "بغتة" بالتكبير. 1388 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَجُلًا قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَال: "نَعَمْ". [2760 - مسلم: 1004 - فتح: 3/ 254] (سعيد ابن أبي مريم) نسبة لجده، وإلا فهو سعيد بن محمّد بن الحكم ابن أبي مريم (هشام) في نسخةٍ: "هشام بن عروة". [عن أبيه) في نسخة: عن عروة] (¬1). (أن رجلًا) هو سعد بن عبادة. (أن أمي) اسمها: عمرة. (افتلتت) بالبناء للمفعول، أي: ماتت. (فلتة) أي: بغتة. (نفسها) بالرفع؛ نائب فاعل، وبالنصب على التمييز، أو على أنه المفعول الثّاني بإسقاط حرف الجر، أي: من نفسها، والأول ضمير نائب الفاعل. وأشار بالحديث إلى أن موت الفجأة ليس بمكروه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يظهر منه كراهة حين أخبره الرَّجل بانفلات نفس أمه، وهو محمول على المتهيء للموت، والمراقب له دون غيره، وعلى ذلك يحمل خبر ابن أبي شيبة، عن عائشة، وابن مسعود: "موت الفجأة راحة المؤمن وأسفٌ ¬

_ (¬1) من (م).

96 - باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما

على الفاجر" (¬1)، وخبر أبي داود: "موت الفجأة أخذه آسف" (¬2) بمدِّ الهمزة، وكسر السين، أي: غضبان، وبقصرها وفتح السين أي: غضب أخذة غضبان، أو غضب من حيث إنّه فعل ما أوجب الغضب عليه، والانتقام منه بأن أماته بغتة من غير تَهيّئ للموت. 96 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]: أَقْبَرْتُ الرَّجُلَ أُقْبِرُهُ إِذَا جَعَلْتَ لَهُ قَبْرًا، وَقَبَرْتُهُ: دَفَنْتُهُ {كِفَاتًا} [المرسلات: 25]: يَكُونُونَ فِيهَا أَحْيَاءً، وَيُدْفَنُونَ فِيهَا أَمْوَاتًاا. (باب: ما جاء في قبر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما) أي: في صفة قبورهم من التسنيم، وغيره. " {فَأَقْبَرَهُ}) أي: من قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]، معناه: أقبرت الرَّجل، إذا: جعلت له قبرًا، في، نسخةٍ: "قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَأَقْبَرَهُ} إلخ"، وزاد في أخرى: "أقبره" بعد قوله: أقبرت الرَّجل (قبرته) معناه: دفنته بأن واريته في التراب. ({كِفَاتًا} أي: من قوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25)} [المرسلات: 25]، معناه: (يكونون فيها أحياء ويدفنون فيها أمواتًا) ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 51 كتاب الجنائز، باب: في موت الفجاءة، وما ذكر فيه من رواية عائشة مرفوعًا. (¬2) "سنن أبي داود" (3110) كتاب الجنائز، باب: موات الفجأة، وصححه الألباني في صحيح "أبي داود" (2722).

و {كِفَاتًا} بمعنى: كافتة، أي: جامعة وضامة. 1389 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ هِشَامٍ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ: "أَيْنَ أَنَا اليَوْمَ، أَيْنَ أَنَا غَدًا" اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي، قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَدُفِنَ فِي بَيْتِي. [انظر: 890 - مسلم: 2443 - فتح: 3/ 255] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (سليمان) أي: ابن بلال. (وحدثني) في نسخةٍ: " ح وحدثني". (ليتعذر) بعين مهملة، وذالٍ معجمة، أي: يطلب العذر فيما يحاوله من الانتقال إلى بيت عائشة، وفي نسخةٍ: "ينقدر" بقاف، ودال مهملة، أي: يسأل عن قدر ما بقي إلى يومها؛ ليهون عليه بعض ما يجد [لأن المريض يجد] (¬1) عند بعض أهله (أين أنا اليوم؟) أي: لمن النوبة اليوم (أين أنا غدًا؟) أي: لمن هي غدًا. (استبطاءً ليوم عائشة) قاله اشتياقًا إليها، وإلي يومها. (سحري ونحري) بفتع أولهما، وسكون ثانيهما، أي: بين جنبي وصدري، والسحر: الرئة أُطلقت على الجنب مجازًا، من باب تسمية المحل باسم الحال. 1390 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلالٍ هُوَ الوَزَّانُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: "لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، لَوْلَا ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ - أَوْ خُشِيَ - أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَعَنْ هِلالٍ، قَال: "كَنَّانِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُولَدْ لِي". [انظر: 435 - مسلم: 529 - فتح 3/ 255] ¬

_ (¬1) من (م).

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: "أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَنَّمًا" حَدَّثَنَا فَرْوَةُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الحَائِطُ فِي زَمَانِ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ، فَفَزِعُوا وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ حَتَّى قَال لَهُمْ عُرْوَةُ: "لَا وَاللَّهِ مَا هِيَ قَدَمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا هِيَ إلا قَدَمُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ". (أبو عوانة) هو الوضاح. (عن هلال) أي: ابن حميد الجهني، وفي نسخةٍ: "هلال هو الوزان". (لم يقم منه) في نسخةٍ: "لم يقم فيه". (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) مرَّ شرحه في باب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور (¬1). (أُبرز) بالبناء للمفعول. (قبره) بالرفع نائب [الفاعل] (¬2)، وفي نسخةٍ: (أبرز قبره) بالبناء للفاعل والنصب. (خشي) بفتح الخاء، أو (خُشي) بضمها، فالخاشي على الأوّل: النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعلى الثّاني: هو، أو عائشة أو الصّحابة. (وعن هلال) أي: الوزان. (كنَّاني) أي: بأبي عمرة، أو بأبي الجهم، أو بأبي أمية. (حَدَّثَنَا) في نسخةٍ: "حدثني". (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن سفيان) أي: ابن دينار، وهو من كبار التابعين لكنه لم تعرف له رواية عن صحابي. (مسنمًا) بتشديد النون، أي: مرتفعًا، واستدل به على أن ¬

_ (¬1) سبق برقم (1330) كتاب: الجنائز، باب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور. (¬2) من (م).

المستحب تسنيم القبور، وهو قول بعض الشّافعيّة كغيرهم، والذي عليه أكثر الشّافعيّة، ونصَّ عليه الشّافعيّ أن تسطيحها أفضل من تسنيمها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - سطح قبر إبراهيم، وفعله حجة، لا فعل غيره، ولا حجة فيما قاله سفيان، كما قال البيهقي (¬1)، لأنه معارض بخير أبي داود بإسناد صحيح: أن القاسم ابن أبي بكرٍ قال: دخلت على. عائشة، فقلت لها: اكشفي لي عن قبر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه، فكشفت عن ثلاثة قبور لا مشرفة، ولا لاطئه مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء (¬2)، أي: لا مرتفعة كثيرًا، ولا لاصقة بالأرض، يقال: لطي -بكسر الطاء-، ولطا بفتحها، أي: لصق، ولا يؤثر في أفضلية التسطيح كونه صار من شعار الروافض؛ لأن السنة لا تترك بموافقة أهل البدع فيها. (حَدَّثَنَا) في نسخةٍ: "حدثني". (فروة) أي: ابْن المغراء. (علي) في نسخةٍ: "علي بن مسهر". (لما سقط عليهم) أي: على قبور النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -[وصاحبيه الحائط، أي حائط حجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] (¬3) (في زمان الوليد بن عبد الملك) حين أمر عمر بن عبد العزيز برفع القبر الشريف؛ حتّى لا يصل إليه أحد؛ إذ كان النَّاس يصلون إليه، -قاله شيخنا (¬4) - (فبدت) أي: ظهرت في القبر لا خارجه. (لهم قدم) أي: مع ساق وركبة، كما رواه أبو بكر الآجري ¬

_ (¬1) "سنن البيهقي" 4/ 3 - 4. (¬2) "سنن أبي داود" (3220) كتاب: الجنائز، باب: في تسوية القبر. ورواه الحاكم في "المستدرك" 1/ 369 - 370 وقال: صحيح الإسناد وأقره الذهبي وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود". (¬3) من (م). (¬4) "فتح الباري" 3/ 357.

(ما هي إلا قدم عمر) وعند الآجري: "هذا ساق عمر وركبته" (¬1). 1391 - وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "لَا تَدْفِنِّي مَعَهُمْ وَادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي بِالْبَقِيعِ لَا أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا". [7337 - فتح: 3/ 255] (لا أُزَكَّى) بالبناء للمفعول، أي: لا يثنى على به، أي: بسبب الدفن معهم؛ حتى يكون لي بذلك مزية، وفضل وأنا في نفسٍ تجوز أن لا أكون كذلك. 1392 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، قَال: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقُلْ: يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلامَ، ثُمَّ سَلْهَا، أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ، قَالتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي فَلَأُوثِرَنَّهُ اليَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ، قَال: لَهُ مَا لَدَيْكَ؟ قَال: أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَال: "مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ المَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمُوا، ثُمَّ قُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي، فَادْفِنُونِي، وَإِلَّا فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ، إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي فَهُوَ الخَلِيفَةُ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، فَسَمَّى عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ، كَانَ لَكَ مِنَ القَدَمِ فِي الإِسْلامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ. ¬

_ (¬1) "كتاب الشّريعة" للآجري 5/ 2389 (1871).

فَقَال: لَيْتَنِي يَا ابْنَ أَخِي وَذَلِكَ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، أُوصِي الخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ خَيْرًا، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ ". [3052، 3162، 3700، 4888، 7207 - فتح: 3/ 256] (قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد. (صاحبيَّ) بفتح الموحدة وتشديد الياء، وإنما استأذنها؛ لأن منفعة الحجرة لها (كنت أريده) أي: في الدفن معهما لنفسي فإن قلت هذا يدلُّ على أنه لم يبق إلا ما يسع إلا موضع قبر واحد، فيغاير قولها السابق لابن الزُّبير: لا تدفني معهم. فإنّه يشعر بأنه يبقي من الحجرة موضع آخر. قلت: أجيب: بأنها كانت أوَّلًا تظن إنها كانت لا تسع إلا قبرًا واحدًا، فلما دفن عمر ظهر لها أن هناك وسعًا لقبر. (فلأوثرنه اليوم على نفسي) آثرته على نفسها مع أن الحظوظ الدينية لا إيثار فيها؛ لأن الحظوظ المستحقة بالفضل ينبغي فيها إيثار أهله، فلمَّا علمت عائشة فضل عمر آثرته. كما ينبغي لصاحب المنزل إن كان مفضولًا أن يؤثر الإمامة إلى من هو أفضل منه، وإن كان الحق له (ما لديك) أي: عندك من الخير (من ذلك المضجع) بفتح الجيم. (ثمّ قل) أي: يا ابن عمر (يستأذن عمر) إنّما استأذنها ثانيّا؛ احتياطًا وورعًا، أو لأنه جوز أن تكون رجعت عن إذنها الأوّل، وهذا بناءً على القول بأن عائشة كانت تملك رقبة البيت، أو منفعته مطلقًا، والواقع أما إنّما كانت تملك منفعته بالسكني، والإسكان فيه ولا يورث

عنها، وحكم أزواجه - صلى الله عليه وسلم -، كالمعتدات؛ لأنهن لا يتزوجن بعده. (بهذا الأمر) أي: أمر الخلافة. (فمن استخلفوا) أي: استخلفوه. (وولج عليه) أي: دخل على عمر. (من القدم في الإسلام) بفتح القاف، أي: سابقة خير، ومنزلة رفيعة، وسميت قدمًا؛ لأن السبق بها، كما سميت النعمة يدًا؛ لأنها تعطى باليد، وفي نسخة: "القدم" بالكسر، وهو هنا بمعنى: الفتوح، وقال شيخنا: بالفتح: الفضل، وبالكسر: السبق، وهو قريب من الأوّل (¬1) (ليتني يا ابن أخي وذلك كفافًا لا على ولا إليَّ) أي: لا عقاب عليَّ ولا ثواب لي، وهذا خبر ليت، وجملة: (وذلك كفافًا) معترضة بينهما. (كفافًا) بالنصب حال من ضمير خبر (ذلك) محذوفًا، أي: حاصل كفافًا، وبالرفع خبر، وهو بفتح الكاف، قال ابن الأثير: لا يفضل عن شيء ويكون بقدر الحاجة إليه (¬2)، وقيه،: أراد مكفوفًا عن شرها، وقيل معناه: أن لا تنال مني، ولا أنال منها، أن تكف عني وأكف عنها. انتهى. (أوصي) بضم الهمزة، وكسر الصاد، مضارع أوصى بفتحهما (بالمهاجرين الأولين) أي: الذين هاجروا قبل بيعة الرضوان، أو صلوا إلى القبلتين، أو شهدوا بدرًا. (أن يعرف إلى آخره) انجفتع همزة (أن) في الموضعين، بيان لقوله: (خيرًا) {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9]، أي: لزموها، وهو صفة للأنصار، ولا يضر فصله بـ (خيرًا) لأنه ليس أجنبيًّا من الكلام. (أن يقبل من محسنهم ويعفى عن مسيئهم) ببناء الفعلين للمفعول، وهما مع (أن) بالفتح بيان لقوله: ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 65. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 4/ 191.

97 - باب ما ينهى من سب الأموات

(خيرًا) والعفو عن مسيئهم محله، في غير الحدود، وحقوق العباد. (وأوصيه بذمة الله ورسوله) أي: أهل ذمتهما، أي: عهدهما، فهو من عطف العام على الخاص. (أن يوفي إلخ) بفتح (أن) في المواضع الثّلاثة، وبناء الأفعال الثّلاثة للمفعول، والمجوع بيان لذمة الله ورسوله. و (من) في (من ورائهم) بكسر الميم، أي: من خلفهم. وفي الحديث: أن الخلافة بعد عمر شورى، وأن الدفن يندب في أفضل المقابر، وأن مجاورة الصالحين مندوبة. 97 - بَابُ مَا يُنْهَى مِنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ (باب: ما ينهى) أي: عنه. (مَنْ سبَّ الأموات) أي: بيان ما يدلُّ على النّهي عنه من الأحاديث، و (ما) مصدرية. 1393 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا" وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ القُدُّوسِ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، وَابْنُ عَرْعَرَةَ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ. [6516 - فتح: 3/ 2587] (لا تسبوا الأموات) أي: غير الأشرار من الكفار بقرينة ما يأتي في الباب الآتي (أفضوا إلى ما قدموا) أي: وصلوا إِلى جزاء أعمالهم. (تابعه) أي: آدم. 98 - بَابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى (باب: ذكر شرار الموتى) أي: بسوء. 1394 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "قَال أَبُو لَهَبٍ

عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] ". (أبو لهب) هو عبد العزة بن عبد المطلب (عليه لعنة الله) في نسخة: "لعنه الله" (تبًّا) مفعول مطلق، أي: هلاكًا حذف عامله وجوبًا. (سائر اليوم) بالنصب على الظرفية، أي: باقي اليوم. {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} [المسد: 1]، أي: خسر، وعبَّر باليدين عن النفس؛ لأن أكثر الأعمال بهما، أو لأن الأقربين لما جمعهم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214] ليخبرهم بذلك أخذ أبو لهب حجرًا يرميه به، وهذا الحديث من مراسيل الصّحابة؛ لأن الآية نزلت بمكة، وكان ابن عبّاس إذ ذاك صغيرًا، أو لم يولد.

24 - كتاب الزكاة

24 - كتاب الزكاة

1 - باب وجوب الزكاة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 24 - كِتَابُ الزَّكَاةِ 1 - بَابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "يَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّلَةِ، وَالعَفَافِ". [انظر: 7] (باب: وجوب الزَّكاة) في نسخةٍ بدل باب: "كتاب" وفي أخرى: "كتاب الزَّكاة، باب: وجوب الزَّكاة" وسقط من نسخة من أخرى لفظا (باب) و (كتاب). والزكاة لغة: التطهير والنماء، وغيرهما، وشرعًا: ما يخرج من مال، أو بدن على وجه مخصوص. (وقول الله) بالجر عطف على وجوب الزَّكاة، وبالرفع مبتدأ حذف خبره، أي: دليل على وجوب ذلك. (أبو سفيان) هو صخر بن حرب. (والصلة) أي: صلة الأرحام، وكل ما أمر الله به أن يوصل من البرّ والإكرام وغيرهما. 1395 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى اليَمَنِ، فَقَال: "ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ

خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ". [1458، 1496، 2448، 4347، 7371، 7372، مسلم: 19 - فتح: 3/ 261] (عن أبي معبد) هو نافذ مولى ابن عبّاس. (افترض عليهم صدقة) في نسخةٍ: "قد افترض عليهم صدقة" أي: زكاة. (على فقرائهم) في نسخةٍ: "في فقرائهم" واقتصر من الأصناف على الفقراء؛ لمقابلتهم الأغنياء، ولأنهم الأغلب، وبدأ في المتعاطفات بالأهم فالأهم؛ تلطفًا في الخطّاب لأنه لو طالبهم بالجميع في أول الأمر؛ لنفرت نفوسهم من كثرتها. 1396 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، قَال: مَا لَهُ مَا لَهُ. وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَبٌ مَا لَهُ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ" وَقَال بَهْزٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُوهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُمَا سَمِعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَحْفُوظٍ إِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو". [5982، 5983 - مسلم: 13 - فتح: 1/ 263] (عن ابن عثمان) (¬1) في نسخةٍ: "عن محمّد بن عثمان بن عبد الله بن موهب" بفتح الميم، والهاء. (عن أبي أَيّوب) هو خالد بن زيد. (أن رجلًا) هو أبو أَيّوب الراوي، -كما قاله ابن قُتَيْبَةُ- ولا مانع من أن يبهم نفسه لغرض له، وأما تسميته في حديث أبي هريرة الآتي ¬

_ (¬1) في الأصل: [عن ابن عبّاس] ولعلّه تصحيف من النسخة.

بأعرابي، فلا ينافي ذلك؛ لجواز تعدد القصة، وهذا الأعرابي، كما حكاه شيخنا عن رواية البغوي وغيره، هو ابن المنتفق، قيل: واسمه لقيط بن صبرة (¬1). (أخبرني بعمل يدخلني الجنَّة) برفع يدخلني، والجملة صفة لعمل، وجواب الأمر محذوف، أي: يثيبك الله، ويجوز جزمه جوابًا للأمر، وعليه فتنوين عمل؛ للتفخيم والتعظيم ليكون بالوصف مقيدًا. (قال) أي: من حضر (ما له، ما له) استفهامًا أيُّ شيءٍ جرى له، وكررة للتأكيد (أَرَبٌ ماله) بفتح الهمزة والراء، وتنوين الموحدة مع الضم، أي حاجةٍ يطلبها، وهو إمّا خبر مبتدأ محذوف بتقدير مضاف، أي: هو ذو حاجة ثُمَّ تعجب - صلى الله عليه وسلم - من حرصه في سؤاله، فاستفهم على سبيل التعجب بقوله: (ما له) إما مبتدأ خبره (ماله) وما زائدة؛ للتعظيم، وقيل: للتقليل أي: له حاجة عظيمة، أو يسيرة، وروي: (أرب) بوزن ضرب، أي: حاجة له، وما زائدة نظير ما مرَّ. (وأرب) بوزن علم، ومعناه: الدُّعاء عليه، أي: أصيبت أرابه، وهي كلمة لا يراد بها وقوع الأمر، كما في تربت يداك، وإنّما تذكر في معرض التعجب. (وأربٌ) بالتنوين بوزن حذر. أي: حاذق يسأل عما [يعينه] (¬2) أي: هو أرب، فحذف المبتدأ. (ثُمَّ قال ماله) أي: شأنه (وتصل الرّحم) أي: تحسن لقرابتك، وخصَّ الرّحم بالذكر؛ لقربها من السائل، أو نظرًا لحاله كأنه كان قطَّاعًا لها، فأمره بصلتها؛ لأنها المهم بالنسبة إليه، وعطف الصّلاة وما بعدها ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 263 - 264. (¬2) من (م).

على العبادة من عطف الخاص على العام. (بهز) أي: ابن أسد. (عن أبي أَيّوب) زاد في نسخةٍ: "عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ". (قال أبو عبد الله) أي: البخاريّ (إنّما هو عمرو) أي: ابن عثمان؛ إذ الحديث محفوظ عنه، لا عن محمّد، كما وهم فيه شعبة. 1397 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الجَنَّةَ، قَال: "تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ" قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا، فَلَمَّا وَلَّى، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا" حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو زُرْعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. [مسلم: 14 - فتح: 3/ 261] (وهيب) أي: ابن خالد بن عجلان (عن أبي زرعة) هو هرم بن عمرو بن جرير البجلي. (أن أعرابيًّا) هو من سكن البادية، ومرَّ بيان اسمه آنفًا. (دُلَّني) بضم الدال، وفتح اللام مشددة. (المكتوبة) مقتبس، من قوله تعالى: {كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، وغاير بينه وبين المفروضة في قوله بعد: "الزَّكاة المفروضة" تفننًا وكراهة توالي اللفظين. (وتصوم رمضان) أي: لم يذكر مع المذكورات الحجِّ؛ اختصارًا أو نسيانًا من الراوي. (لا أزيد على هذا) أي: على المفروض، زاد في مسلم: وله أنقص منه (ولَّى) أي: أدبر. (من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنَّة فلينظر إلى هذا) فيه: أن المبشر بالجنة أكثر من العشرة، كما ورد النصُّ في الحسن

والحسين (¬1)، وأمهما، وأزواج الرسول (¬2)، فيحمل بشارة العشرة على أنهم بشروا دفعة واحدة، أو بلفظ: (بشره). (يحيى) أي: القطان. (عن أبي حيان) هو يحيى بن سعيد بن حيان. 1398 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا الحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إلا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَيْءٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، قَال: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ - وَعَقَدَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ: الدُّبَّاءِ، وَالحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالمُزَفَّتِ " وَقَال سُلَيْمَانُ، وَأَبُو النُّعْمَانِ: عَنْ حَمَّادٍ: "الإِيمَانِ بِاللَّهِ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ". [انظر: 53 - مسلم: 17 - فتح: 3/ 261] (حجاج) أي: ابن منهال السلمي. (أبو جمرة) بجيم: هو نصر بن عمران الضُّبَعيُّ. (وفد عبد القيس) هو أبو قبيلة، وكانوا أربعة عشر رجلًا، ويُروى: أربعون، وجمع بينهما بأن لهم وفادتين، أو الأربعة عشر ¬

_ (¬1) دل ذلك حديث رواه التّرمذيّ (3781) كتاب: المناقب باب: مناقب الحسن والحسين، وأحمد 5/ 391. والنَّسائيّ في "الكبرى" 5/ 80 (8298) كتاب: المناقب وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل، وقال الألباني في "صحيح التّرمذيّ": حديث صحيح. (¬2) والطبراني 3/ 66 (2682). وفي "الأوسط" 6/ 298 (6462).

أشرافهم. (إن هذا الحيَّ) بنصب الحي وصف لاسم (إن) وهو (هذا) وفي نسخةٍ: (إنا هذا الحيَّ) فاسم (إن) الضمير، وما بعده منصوب في نسخةٍ على الاختصاص، ومرفوع في أخرى خبر (إن)، وخبرها على النسخ الثلاث قوله: (من ربيعة) أي: ابن نزار بن معد بن عدنان، وقوله: (قد حالت بيننا وبينك كفار مضر) لكن أولهما: خبر أول، وثانيهما خبر ثان على النسختين الأوليين، وأولهما: خبر ثان، وثانيهما: خبر ثالث على الثّالثة. (إلا في الشهر الحرام) هو في ذاته يشمل الأربعة الحرم، لكن المراد هنا: رجب، كما رواه البيهقي (¬1). (من ورائنا) الذين استقروا خلفنا الآن، وأمامنا إذا رجعنا. (الإيمان) بالجر بدل من (أربع)، وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف. (وشهادة أن لا إله إلا الله) العطف فيه للتفسير. (وعن الدباء) بضم الدال، وتشديد الموحدة، والمد: القرع اليابس (والحنتم) بفتح الحاء المهملة، وسكون النون، وفتح الفوقية: الجرار الخضر (والنقير) بفتح النون، وكسر القاف: جذع ينقر وسطه. (والمزفت) أي: المطلي بالزفت، والمراد: النّهي عن الانتباذ في شيء من المذكورات؛ لأنها تسرع الإسكار، وهذا منسوخ بخبر مسلم "كنت نهيتكم عن الانتباذ في الأسقية فانتبذوا في كلِّ وعاءٍ ولا تشربوا مسكرًا" (¬2) ومرَّ شرح الحديث في باب: أداء الخمس من الإيمان (¬3). (وقال سليمان) أي: ابن حرب. (وأبو النعمان) هو محمّد بن الفضل السدوسي (عن حماد) أي: ابن زيد (الإيمان بالله: شهادة أن لا ¬

_ (¬1) "سنن البيهقي" 6/ 303 كتاب: قسم الفيء والغنيمة، باب: سهم الصفي. (¬2) "صحيح مسلم" (63) (977) كتاب: الأشربة، باب: النّهي عن الانتباذ. (¬3) سبق برقم (53) كتاب: الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان.

إله إلا الله) بحذف الواو وبجر (الإيمان)، و (شهادة) بدل من (أربع) وفي نسخةٍ: برفعهما مبتدأ وخبر. 1399 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، فَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وَقَدْ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَمَنْ قَالهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالهُ وَنَفْسَهُ إلا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ". [6924، 7284 - مسلم: 20 - فتح: 3/ 262] (ابن أبي حمزة) بحاء مهملة، وزاي. (وكان أبو بكر - رضي الله عنه -) أي: خليفة. (وكفر من كفر من العرب) أي: ومنع من بقي على الإيمان الزَّكاة، فأراد أبو بكر أن يقاتل مانعيها. (فمن قالها) أي: كلمة التّوحيد، أخذ عمر بظاهره، فقال ما قال، وأخذ أبو بكر بالمعني المراد منه؛ إذ المراد: فمن قالها مع توابعها؛ لخبر ابن عمر: "أمرت أن أقاتل النَّاس حتّى يقولوا: لا إلة إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصّلاة، ويؤتوا الزَّكاة" (¬1) فكأن عمر لم يستحضر هذا الخبر، ولا قول الراوي هنا (إلا بحقه). 1400 - فَقَال: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا " قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إلا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ". [1456، 1457، 6925، 7285 - مسلم: 20 - فتح: 3/ 262] (عناقًا) بفتح العين المهملة: الأنثى من المعز. (أن قد) لفظ: (قد) ¬

_ (¬1) سبق برقم (25) كتاب: الإيمان، باب: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 5].

2 - باب البيعة على إيتاء الزكاة

ساقط من نسخة (فعرفت أنه الحق) أي: للدليل الّذي أقامه أبو بكر، لا أنه قلده؛ لأن المجتهد لا يقلد مجتهدًا. وفي الحديث: فضل أبي بكر، وجواز القياس والعمل به، والحلف وإن كان في غير مجلس الحكم، واجتهاد الأئمة في النوازل، والمناظرة، والرجوع لقائل الحق، والزكاة في السخال، وأن حول النتاج حول الأمهات، وإلا لم يجز أخذ العناق. 2 - بَابُ البَيْعَةِ عَلَى إِيتَاءِ الزَّكَاةِ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]. (باب: البيعة على إيتاء الزَّكاة) بفتح أول البيعة وهي: عقد العهد على الإسلام وفروعه. ({فَإِنْ تَابُوا}) أي: من الكفر ({فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}) أي: لهم ما لكم، وعليهم ما عليكم، ومنه إيجاب إيتاء الزكاة. 1401 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: قَال جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: "بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [انظر: 58 - مسلم: 56 - فتح: 3/ 267] (ابْن نمير) هو محمّد بن عبد الله بن نمير (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد الأحمسي (عن قيس) أي: ابن أبي حازم، واسم أبي حازم: عوف. (والنصح لكل مسلم) خصَّ المسلم بالذكر؛ لأنه الغالب، وإلا فالكافر مثل في ذلك، ومرَّ شرح الحديث في آخر كتاب: الإيمان (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (57) كتاب: الإيمان، باب: قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الدين النصيحة".

3 - باب إثم مانع الزكاة

3 - بَابُ إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ، هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34، 35] (باب: إثم مانع الزَّكاة) أي: مانع أدائها. (وقول الله) بالجر عطفٌ على (إثم مانع الزَّكاة) ({وَلَا يُنْفِقُونَهَا}) أي: المكنوزة الدال عليها ({يَكْنِزُونَ}) ({وَالْفِضَّةَ}) لأنها أقرب، والذهب داخل بالأولى، أو الأموال؛ لأن الحكم عام وتخصيصهما بالذكر؛ لأنهما قانون التمول. ({يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا}) أتى بضمير ({عَلَيْهَا}) و ({بها}) جمعًا مع أن المذكور شيئان، لأن المراد: دنانير ودراهم كثيرة؛ لما روي عن على أنه قال: أربعة آلاف وما دونها نفقة، وما فوقها كنز، وذكر الآية تامة (¬1)، هو ما في أكثر النسخ، وفي نسخةٍ ذكرها بلفظ: "وقول الله تعالى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} إلى قوله: {فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} ". ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزّاق 4/ 109 (7150) كتاب: الزَّكاة، باب: كم الكنز؟ ولمن الزَّكاة؟ والدارقطني في "العلل" 4/ 152 (480) وقال: كذا قال علي بن حكيم عن شريك عن أبي حصين عن يحيى بن جعد عن علي، ووهم فيه، والصواب عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن جعدة بن هبيرة، عن علي. ا. هـ.

1402 - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَأْتِي الإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، إِذَا هُوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَأْتِي الغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَظْلافِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا"، وَقَال: "وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى المَاءِ" قَال: "وَلَا يَأْتِي أَحَدُكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ بِشَاةٍ يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ لَهَا يُعَارٌ، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُ، وَلَا يَأْتِي بِبَعِيرٍ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَهُ رُغَاءٌ فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُ". [2371، 2378، 3073، 6958 - مسلم: 987 - فتح: 3/ 267] (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزِّناد) وهو عبد الله بن ذكوان. (عبد الرّحمن) هو (ابْن هرمز)، لفظ: (ابْن هرمز) ساقطٌ من نسخة. (تأتي الإبل على صاحبها) أي: يوم القيامة، وضمن أتى معنى: الاستعلاء، فعداه بعلى (على خير ما كانت) أي: عنده في القوة والسمن ليزيد ثقل وطئها (حقها) أي: زكاتها (تطؤه) أصله: توطئ، حذفت الواو شذوذًا على القول بأن الطاء مفتوحة، وقياسًا على القول بأنها مكسورة؛ لوقوع الواو بين ياءٍ وكسرة، لكن فتحت الطاء؛ لأجل الهمزة. (بأخفافها) جمع خف، وهو من الإبل كالظلف من الغنم، ونحوها، والقدم من الآدمي، والحافر من الحمار، ونحوه. (وتنطحه) بكسر الطاء أشهر من فتحها. وفيه: أن الله يحيي البهائم؛ ليعاقب بها مانع الزَّكاة، والحكمة في كونها تعاد كلها مع أن حق الله فيها إنّما هو في بعضها؛ لأن الحق في جميع المال غير متعين. (ومن حقها أن تحلب على الماء) أي: ألبانها ليشرب من يحضرها من أبناء السبيل،

والمساكين، وإنّما خصَّ الحلب بالماء؛ ليكون أسهل على المحتاج من قصده المبارك، وأرفق بالماشية، وقال ابن بطّال: يريد بذلك حق الكرم والمواساة، وشرف الأخلاق، لا أن ذلك فرض (¬1). ومناسبة هذا مع ما قبله للترجمة: أن الغرض أداء الحقوق واجبة كانت كالزكاة، أو مندوبة كمكارم الأخلاق المرادة ممّا ذكر، (ولا يأتى) خبر بمعنى النّهي عن منع أداء الزَّكاة المقتضي لأن يأتي بشاة تحملها على رقبتك. (يعار) بتحتية مضمومة، وعين مهملة، أي: صوت الشاة، وفي نسخة: "ثغاء" بمثلثة مضمومة، وغين معجمة، وبالمد، والغالب في الأصوات فعال، كبكاء، وقد يجيء على فعيل كصهيل، وعلى فعللة كحمحمة. (ببعير) هو ذكر الإبل وأنثاه. (رغاء) براء مضمومة، وغين معجمة، وبالمد: صوت الإبل. (لا أملك لك شيئًا) في نسخة: "لا أملك من الله شيئًا". 1403 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلا: (لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) " الآيَةَ. [2371، 4565، 4659، 6957 - مسلم: 987 - فتح: 3/ 268] (عن أبي صالح) هو ذكوان. (مثِّل) بضم الميم، أي: صور. (له يوم القيامة) في نسخة: "له ما له يوم القيامة". (شجاعًا) بضم المعجمة: الحية الذكر، وقيل: الّذي يقوم على ¬

_ (¬1) "شرح صحيح البخاريّ" لابن بطّال 3/ 402.

4 - باب: ما أدي زكاته فليس بكنز

ذنبه، ويواثب الراجل والفارس، وهو مفعول ثان لـ (مثل) وفي نسخة: "شجاع" بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، أي: والمصور شجاع. (أقرع) أي: معط رأسه من كثرة سمه. (له زبيبتان) بفتح الزاي، وكسر الموحدة الأولى، أي: نابان يخرجان من فيه، وقيل الزبيبة: نكتةٌ سوداء فوق عين الحية من السم، وقيل: زبد في الشدقين، يقال: تكلم فلان حتّى زبد شدقاه، أي: خرج الزبد عليهما، والجملة حال. من ضمير (مُثِّل)، أو صفة ثانية لـ (شجاعًا). (يطوقه) بفتح الواو مشددة، أي: يجعل طوقًا في عنقه. (بلهزمتيه) بكسر اللام والزاي بينهما هاء ساكنة، تثنية لهزمة. (يعني: شدقيه) تفسير المراد للهزمتيه، وإلا فحقيقتهما العظمان في اللحيين تحت الأُذُنَين، قاله الجوهري (¬1)، وفي نسخة: "يعني: بشدقيه". (أنا مالك، أنا كنزك) يخاطبه الشجاع بذلك؛ ليزداد غصة وتهكمًا عليه. (لا تحسبن) في نسخة: "ولا يحسبن" وهي أنسب بالآية، ووجه مناسبتها: أن فيها ({سَيُطَوَّقوُنَ}). 4 - بَابٌ: مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ". (باب: ما أدي زكاته فليس بكنز) أي: مذموم. (خمسة أواق) في نسخة: "خمس أواق". وفي أخرى: "أواقي" بإثبات الياء. 1404 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَال ¬

_ (¬1) "الصحاح" 5/ 2038، مادة: لهزم.

أَعْرَابِيٌّ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ، وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] قَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "مَنْ كَنَزَهَا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا، فَوَيْلٌ لَهُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلْأَمْوَالِ". [4661 - فتح: 3/ 271] (وقال أحمد) في نسخة: "حَدَّثَنَا أحمد". (عم يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (أخبرني قول الله) في نسخة: "أخبرني عن قول الله". (فويل له) أي: حزن وهلاك. (جعلها الله طهرًا) أي: مطهرة. 1405 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي الحَسَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ". [1447، 1459، 1484 - مسلم: 979 - فتح: 3/ 271] (إسحاق بن يزيد) نسبة إلى جده، وإلا فهو إسحاق بن إبراهيم بن يزيد. (قال الأوزاعي) في نسخة: "أَخْبَرَنَا الأوزاعي". (ليس فيما دون خمس أواق صدقة) أي: زكاة، والأوقية بضم الهمزة وتشديد الياء: أربعون درهمًا. (وليس) في نسخة: "ولا". (فيما دون خمس زود) أي: من الإبل، والزود بفتح المعجمة من الثّلاثة إلى العشرة لا واحد له من لفظه (خمس) في نسخة: "خمسة". (أوسق) أي: من تمر أو حبٍ (صدقة) أي: زكاة. (والأوسق) بفتح الهمزة: جمع وسق بفتح الواو وكسرها: وهي ستون صاعًا، والصاع: أربعة أمداد، والمدُّ: رطل وثلث بالبغدادي، فالأوسق الخمسة: ألف وستمائة رطل بالبغدادي، ورطل بغداد على الأصح: مائة وثمانبة وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم.

1406 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ، سَمِعَ هُشَيْمًا، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَال: مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا؟ قَال: "كُنْتُ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاويَةُ فِي: {الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] " قَال مُعَاويَةُ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الكِتَابِ، فَقُلْتُ: "نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْكُونِي، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ: أَنِ اقْدَمِ المَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ " فَقَال لِي: إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ، فَكُنْتَ قَرِيبًا، "فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا المَنْزِلَ، وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ". [4660 - فتح: 3/ 271] (علي) في نسخة: "علي بن أبي هاشم"، واسم أبي هاشم: عبيد الله الليثيُّ. (سمع هشيمًا) أي: ابن بشير، بضم الموحدة: ابن القاسم بن دينار. (بالربذة) بفتح الراء والموحدة، والذال المعجمة: موضع على ثلاث مراحل من المدينة، وبه قبر أبي ذر (¬1). (بابي ذر) هو جندب بن جنادة. (في ذلك) في نسخة: "في ذاك" أي: نزاع. (أن أقدم) بفتح الدال، إمّا مضارع فتقطع همزته، أو أمر فتحذف وصلًا. (فكثر عَلَيّ النَّاس) أن يسألوني عن سبب خروجي من دمشق، وعن ما جرى بيني وبين معاوية. 1407 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي العَلاءِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَال: جَلَسْتُ ح وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَلاءِ بْنُ الشِّخِّيرِ، أَنَّ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ، حَدَّثَهُمْ قَال: جَلَسْتُ إِلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ ¬

_ (¬1) الربذة: أحد قرى المدينة، قريبة من ذات عرق. انظر: "معجم البلدان" 3/ 24.

وَالثِّيَابِ وَالهَيْئَةِ، حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: بَشِّرِ الكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ، يَتَزَلْزَلُ، ثُمَّ وَلَّى، فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا أُرَى القَوْمَ إلا قَدْ كَرِهُوا الَّذِي قُلْتَ، قَال: إِنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا،. [مسلم: 992 - فتح: 3/ 271] (عياش) بتحتية مشددة، أي: ابْن الوليد الرقام. (الجريري) بضم الجيم، أي: سعيد بن أبياس. (عن أبي العلاء) بالمد: هو يزيد بن الشخير. (وحدثني) في نسخة: " ح وحدثني" (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث، وأردف البخاريّ هذا الإسناد بسابقه؛ لتصريح عبد الصمد بتحديث أبي العلاء للجريري، والأحنف لأبي العلاء. (فجاء رجل) هو أبو ذر - رضي الله عنه -. (خشن الشعر) بفتح الخاء وكسر الشين المعجمتين. (برضف) بفتح الراء، وسكون المعجمة، وبالفاء: الحجارة المحماة، واحده: رضفة. (عليه) أي: على الرضف، وفي نسخة: "عليهم" أي: على الكانزين. (جهنم) ممنوع من الصّرف؛ للعلمية والتأنيث. (حلمة) بفتح الحاء وتالييها: ما برز من الثدي وطال. (نُغْضِ كِتَفِه) بضم النون، وسكون المعجمة، ويقال له: الناغض، ويسمى الغضروف: وهو العظم الرّقيق على طرف الكتف، أو أعلاه. (ثديه) في نسخة: "ثدييه" بالتثنية. (يتزلزل) أي: الرضف، أي: يتحرك، ولذا يضطرب من نغض كتفه حتّى يخرج من حلمة ثديه. (لا أرى) بضم الهمزة، أي: أظن. 1408 - قَال لِي خَلِيلِي، قَال: قُلْتُ: مَنْ خَلِيلُكَ؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا؟ " قَال: فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ، وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا،

أُنْفِقُهُ كُلَّهُ، إلا ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ" وَإِنَّ هَؤُلاءِ لَا يَعْقِلُونَ، إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا، لَا وَاللَّهِ، لَا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا، وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ، حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ. [انظر: 1237 - مسلم: 94، 992 - فتح: 3/ 272]. (من خليلك) في نسخة: "ومن خليلك" وزاد في أخرى: "يا أبا ذر". (يا أبا ذر أتبصر أُحدًا) متعلّق بـ (قال لي خليلي)، وما بينهما اعتراض. و (أحدًا) بضم الهمزة: الجبل المشهور. (فنظرت إلى الشّمس ما) هي موصولة، والمعني: أتعرف القدر الّذي (بقي من النهار؟) أو استفهامية، والمعني: أتعرف أي شيء بقي من النهار؟ (وأنا أرى) بضم الهمزة، أي: أنا أظن. (قلت نعم) جواب (أتبصر أحدًا). (إن لي مثل أحدٍ ذهبًا) اسم إن إمّا (مثل) و (ذهبًا): تمييز، أو (ذهبا) و (مثل) حال مقدمة. (أنفقه) أي: لخاصة نفسي. (إلا ثلاث دنانير) يحتمل، كما قال الكرماني: إن هذا المقدار كان دينًا، أو مقدار إخراجات تلك اللَّيلة له - صلى الله عليه وسلم - (¬1) (لا يعقلون) كرره أبو ذر للتأكيد، أو ليربط به قوله: (إنّما يجمعون الدنيا) فإنّه بيان له. (لا والله) في نسخة: "ولا والله". (لا أسالهم دينًا) أي: لا أسألهم شيئًا من متاعها. (ولا أستفتيهم عن دين) اكتفاءً بما سمعته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي الحديث: زهد أبي ذر، وكان يذهب إلى أنه يحرم على الإنسان ادخار ما زاد على حاجته، أخذًا بظاهر الآية، وفيه: نفي العقل عن العقلاء عن مخالفتهم ما يراه الباقون. ¬

_ (¬1) "البخاريّ بشرح الكرماني" 7/ 180.

5 - باب إنفاق المال في حقه

5 - بَابُ إِنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ (باب: إنفاق المال في حقه) أي: مصرفه الشرعي. 1409 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا". [انظر: 73 - مسلم: 816 - فتح: 3/ 276] (يحيى) أي: القطان. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي [خالد] (¬1)، واسمه: سعد. (قيس) أي: ابن أبي حازم، واسمها عوف. (لا حسد) أي: لا غبطة. (رجل) بالجر بدل من اثنتين، وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف. (ورجل) بالجر، وفي نسخة: بالرفع. (حكمة) أي: القرآن والسُّنَّة، ومرَّ الحديث في باب: الاغتباط في العلم (¬2). 6 - بَابُ الرِّيَاءِ فِي الصَّدَقَةِ لِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة: 264] إِلَى قَوْلِهِ {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ} [البقرة: 264] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "صَلْدًا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ" وَقَال عِكْرِمَةُ: " {وَابِلٌ} [البقرة: 264]: مَطَرٌ شَدِيدٌ، وَالطَّلُّ: النَّدَى". [فتح: 3/ 277] (باب: الرِّبَا في الصَّدقة) أي: بيانه فيها، واقتصر عليها تبعًا لما استدل به، وإلا فغيرها كهي. ({لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ}) أي: ثوابها (إلى ¬

_ (¬1) من (أ). (¬2) سبق برقم (73) كتاب: العلم، باب: الاغتباط في العلم والحكمة.

7 - باب: لا يقبل الله صدقة من غلول، ولا يقبل إلا من كسب

قوله: {الْكَافِرِينَ}) في نسخةٍ: "إلى قوله: (والله لا يهدي القوم الكافرين} ". 7 - بَابٌ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ، وَلَا يَقْبَلُ إلا مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ لِقَوْلِهِ: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]. (باب: لا يقبل الله صدقة) في نسخةٍ: "الصداقة"، وفي أخرى: "لا تقبل الصَّدقة" (¬1) "إلى قوله: الصَّدقة". (من غلول) بضم الغين: الخيانة في المغنم، والسّرقة منه قبل القسمة. (ولا يقبل إلا من كسب طيب) ساقط من نسخة، والطيب: الحلال. 8 - بَابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ لِقَوْلِهِ: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ، لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 276، 277]. (باب: الصَّدقة من كسب طيب) ساقط من نسخةِ، ووجه ثبوته: أنه لمَّا ذكر في الباب السابق في التّرجمة في نسخةٍ قوله: (ولا يقبل إلا من كسب طيب) تعرض في هذه التّرجمة إلى بيان الكسب الطيب ({وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}) بسكون الراء وتخفيف الموحدة، أي: يكثرها ¬

_ (¬1) ساقط من (أ)، من (ج).

ويتمها، وفي نسخةٍ: " {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} بفتح الياء، وتشديد الموحدة، وهي قراءة شاذة ({وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} إلى آخره في نسخةٍ: " {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} " إلى قوله: " {وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} ". 1410 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ" تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ، عَنْ ابْنِ دِينَارٍ، وَقَال وَرْقَاءُ: عَنْ ابْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَسُهَيْلٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [7430 - مسلم: 1014 - فتح: 3/ 278] (عبد الله بن منير) بضم الميم، وكسر النون. (أبا النضر) هو سالم بن أبي أمية (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان. (بعدل تمرة) بفتح العين: ما عادل الشيء من جنسه، وبكسرها: ما عادله من غير جنسه، وقال البصريون: العدل، والعدل لغتان. (وإن الله) في نسخةٍ: "فإن الله". (لصاحبه) أي: لصاحب المال، وفي نسخةٍ: "لصاحبها" أي: الصَّدقة، وهي أنسب بما قبلها. (فلوه) بفتح الفاء، وضم اللام، وتشديد الواو، وبكسر الفاء، وسكون اللام، وتخفيف الواو: المُهر حين الفطام، يقال: فلوته عن أمه، أبي: فطمته، وهو حينئذٍ يحتاج إلى تربية غير الأم، وضرب المثل بالمهر؛ لأنه يزيد زيادة بينة. (حتّى تكون) أي: التّمرة. (تابعه) أي: عبد الرّحمن. (سليمان) أي: ابن بلال. (عن ابن دينار) هو عبد الله. (وقال ورقاء) أي: ابن عمر.

9 - باب الصدقة قبل الرد

9 - بَابُ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الرَّدِّ (باب: الصَّدقة قبل الرَّدِّ) أي: بذلها قبل الزمن قال في ترد هي فيه على باذلها. 1411 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَال: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تَصَدَّقُوا، فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ، فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا، يَقُولُ الرَّجُلُ: لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالأَمْسِ لَقَبِلْتُهَا، فَأَمَّا اليَوْمَ، فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا". [1424، 7120 - مسلم: 1011 - فتح: 3/ 281] (بها) في نسخة: "فيها". وفي الحديث: الحث على الصَّدقة، والإسراع بها. 1412 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ، فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ المَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ، فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ لِي". [انظر: 85 - مسلم: 157 - فتح: 3/ 281] (أبو الزِّناد) اسمه: ذكوان. (عن عبد الرّحمن) هو ابن هرمز الأعرج. (فيفيض) بفتح أوله من فاض الإناء، إذا امتلأ. (حتّى يهم) بضم الياء، وكسر الهاء، من أهمه الأمر: إذا أقلقه، بفتح الياء، وضم الهاء، من همه الشيء: أحزنه. (رب المال) بالنصب، مفعول الفعل على الضبطين. (من يقبل صدقته) فاعله كذلك، وقيل: على الثّاني: المال فاعله، و (من يقبل صدقته) مفعوله بجعل (يهم) بمعنى: يقصد، وفي نسخة: "من يقبله صدقة". (يعرضه) بفتح أوله. (لا أرب لي) أي: فيه، أي: لا حاجة لي فيه.

1413 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ، حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِيُّ، قَال: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَهُ رَجُلانِ أَحَدُهُمَا يَشْكُو العَيْلَةَ، وَالآخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا قَطْعُ السَّبِيلِ: فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكَ إلا قَلِيلٌ، حَتَّى تَخْرُجَ العِيرُ إِلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ خَفِيرٍ، وَأَمَّا العَيْلَةُ: فَإِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ، حَتَّى يَطُوفَ أَحَدُكُمْ بِصَدَقَتِهِ، لَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا مِنْهُ، ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ وَلَا تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ: أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إلا النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَرَى إلا النَّارَ، فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ". [1417، 3595، 6023، 6539، 6540، 6563، 7443، 7512 - مسلم: 1016 - فتح: 3/ 281] (أبو مجاهد) هو سعد الطائي. (فجاءه رجلان) لم يسميا. (العيلة) بفتح المهملة، أي: الفقر. (قطع السبيل) أي: الطريق، وهو من فساد قطاعها. (إلا قليل) بالرفع بدل من الضمير المستتر في (يأتي). (العير) بفتح العين، أي: الإبل الّتي تحمل الميرة. (بغير خفير) بفتح الخاء المعجمة: المجير الّذي يكون القوم في خفارته وذمته. (لا يجد من يقبلها منه) أي: لاستغنائه عنها. (بين يدي الله) أي: من المتشابه. (ولا ترجمان) بفتح التاء، وضم الجيم. (ألم أؤتك مالًا) زاد في نسخة: "وولدًا". (فليتقين أحدكم) زاد في نسخة: "النّار".

10 - باب: اتقوا النار ولو بشق تمرة

1414 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ، بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ، ثُمَّ لَا يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ، مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ". [مسلم: 1012 - فتح: 3/ 281] (حَدَّثَنَا محمّد) في نسخة: "حدثني محمّد". (أبو أُسامة) اسمه: حماد. (عن بريد) أي: ابن عبد الله. (عن أبي بردة) اسمه: عامر، أو الحارث. (ابْن أبي موسى) أبي موسى اسمه: عبد الله بن قيس الأشعري. (لياتين على النَّاس زمان) قيل: هو زمان عيسى عليه السلام. (يلذن) أي: يلتجئن. 10 - بَابٌ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ وَالقَلِيلِ مِنَ الصَّدَقَةِ {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآيَةَ وَإِلَى قَوْلِهِ {مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [البقرة: 265، 266] (باب: اتقوا النّار ولو بشق تمرة) بكسر الشين، أي: اتقوها بالصدقة، ولو كانت بشق تمرة. (والقليل من الصَّدقة) بالجر؛ عطف على شق تمرة، من عطف العام على الخاص. ({وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}) الآية أي: إلى قوله: [البقرة: 265] ذكر هذه الآية؛ لمناسبتها لاشتمالها على قليل الصَّدقة وكثيرها، وعلى الحث على الصَّدقة مطلقًا.

وإلى قوله: ({مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ}) هي قوله: ({أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [البقرة: 266] وهمزة ({أَيَوَدُّ}) للإنكار، في نسخة: " {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهُمُ} إِلَى قَوْلِهِ {مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} ". وكأن البخاريّ اتبع الآية الأولى الّتي ضربت مثلًا بالربوة، بالآية الثّانية، الّتي تضمنت ضرب المثل لمن عمل عملًا يفقده أحوج ما كان إليه؛ للإشارة إلى اجتناب الرياء في الصَّدقة؛ ولأن قوله تعالى: ({وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}) يشعر بالوعيد بعد الوعد، فأوضحه بذكر الآية الثّانية، ولعلّ هذا هو السر في اقتصاره على بعضها اختصارًا، والربوة: المكان المرتفع على المستوي من الأرض. 1415 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ الحَكَمُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ، كُنَّا نُحَامِلُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ، فَقَالُوا: مُرَائِي، وَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ، فَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا، فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إلا جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79] " الآيَةَ. [1416، 2273، 4668، 4669 - مسلم: 1018 - فتح: 3/ 282] (الحكم بن عبد الله) في نسخة: "هو الحكم بن عبد الله" وفي أخرى: "الحكم هو عبد الله". (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن أبي مسعود) هو عقبة الأنصاري. (لما نزلت آية الصَّدقة) هي: قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)}

[التوبة: 103]، (كنا نحامل) أي: نحمل على ظهورنا الأجرة. (فجاء رجل) هو عبد الرّحمن بن عوف، وقيل: هو عاصم بن عدي. (فقالوا) أي: المنافقون. (وجاء رجل) هو عقيل، بفتح العين: الأنصاري. ({يَلْمِزُونَ}) أي: يعيبون. ({الْمُطَّوِّعِينَ}) أصله: المتطوعين، فأبدلت التاء طاءً، وأدغمت الطاء في الطاء. 1416 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ، فَيُحَامِلُ، فَيُصِيبُ المُدَّ وَإِنَّ لِبَعْضِهِمُ اليَوْمَ لَمِائَةَ أَلْفٍ". [انظر: 1415 - مسلم: 1018 - فتح: 3/ 283] (وإن لبعضهم اليوم لمائة ألف) بنصب مائة اسم (إن)، وخبرها لبعضهم. (اليوم) ظرف متعلّق به، أو بالعامل فيه، على الخلاف فيه، وروي برفع (مائة)، ووجه: بأنه مبتدأ خبره (لبعضهم) والجملة خبر (إن)، واسمها ضمير الشأن، ومميز الألف مقدر، أي: درهم، أو دينار، أو مُد. 1417 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ، قَال: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ". [انظر: 1413 - مسلم: 1016 - فتح: 3/ 283] (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (رسول الله) في نسخة: "النَّبيّ". 1418 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ، فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ

11 - باب أي الصدقة أفضل؟

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَال: "مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ". [5995 - مسلم: 2629 - فتح: 3/ 283] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (دخلت امرأة معها ابنتان) لم يعرف أسماؤهن. (فقال: من ابتلي) في نسخة: "فقال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: من ابتلي". (بشيء) مبين بقوله. (من هذه البنات) أي: من أنفسهن، وأحوالهن. (كن له سترًا) لم يقل: أستارًا؛ لأن المراد: الجنس المتناول للقليل والكثير. 11 - باب أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ وَصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ؛ لقَوْلِهِ: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المنافقون: 10] الآيَةَ. وَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ} [البقرة: 254] الآيَةَ. (باب: أي: الصَّدقة أفضل، وصدقة الشحيح الصّحيح) في نسخة: "باب: فضل صدقة الشحيح الصّحيح" [أي: الّذي لم يعتره مرض، والشحيح، (¬1) من الشح: وهو البخل مع حرص. (الآية) في نسخة بدل الآية "إلى خاتمتها" أي: خاتمة السورة. (أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} أي: أدوا زكاته. ومناسبة الآية للترجمة: من حيث أن معناه: الترغيب في المبادرة بالصدقة قبل هجوم الموت، والتحذير من التسويف بها؛ استبعادًا ¬

_ (¬1) من (أ).

لحلول الأجل، واشتغالًا بطول الأمل، وفي نسخة: تقديم الآية الثّانية على الأولى. 1419 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ القَعْقَاعِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَال: "أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الغِنَى، وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلانٍ كَذَا، وَلِفُلانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ". [2748 - مسلم: 1032 - فتح: 3/ 284] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (أبو زرعة) اسمه: هرم. (جاء رجل) قيل [يحتمل:] (¬1) أنه: أبو ذر؛ لما في "مسند أحمد" (¬2). أنه سأل أيُّ الصَّدقة أفضل؟ (أن تصدق) خبر مبتدإٍ محذوف، أي: أعظم الصَّدقة أجرًا، و (تصدق) بتخفيف الصاد، وحذف إحدى التاءين، أو بإبدال أحدهما صادًا وإدغامها في الصاد. (وتأمل الغنى) أي: تطمع بالغنى. (ولا تمهل) بكسر الهاء، وبالجزم على النّهي، وبالنصب عطف على (تصدق)، وبالرفع على الاستئناف. (حتّى إذا بلغت) أي: الرُّوح، أي: قاربت. (الحلقوم) هو مجرى النفس. (لفلان كذا، ولفلان كذا) كناية عن الموصل له، والموصي به فيهما. (وقد كان لفلان) كناية عن الوارث، أي: وقد صار ما أوصى به للوارث، فيبطله إن شاء، إذا زاد عن الثلث، والمعنى: تصدق في حال صحتك، وشحك، واختصاص المال بك، لا في حال سقمك، وسياق موتك؛ لأن المال حينئذ خرج منك، وتعلّق بغيرك. ¬

_ (¬1) من (أ). (¬2) "مسند أحمد" 5/ 265.

- باب. (باب:) ساقط من نسخة، فثبوته، كالفصل من سابقه. 1420 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّنَا أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا؟ قَال: "أَطْوَلُكُنَّ يَدًا"، فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا، فَعَلِمْنَا بَعْدُ أَنَّمَا كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ، وَكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا بِهِ وَكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ. [مسلم: 2452 - فتح: 3/ 285] (أبو عوانة) هو: الوضاح (¬1) بن عبد الله اليشكري. (عن فراس) بفاء مكسورة، وسين مهملة، أي: ابن يحيى الخارفي، بخاء معجمة وفاء. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (قلنا للنبي) الضمير للبعض المبهم، لكن روى ابن حبّان عن عائشة قالت: فقلت للنبي أيُّنا؟ الفصيح: أيتنا (¬2). (لحوقًا) تمييز. (فأخذوا قصبة يزرعونها) عدل عن ضمير جمع المؤنث إلى ضمير جمع المذكر؛ تعظيمًا لشأن جمع السائلات، كما في قوله {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12]. (فكانت سودة) أي: بنت زمعة. (أطولهن يدًا) ولم تكن أسرع لحوقًا به، بل الأسرع إنّما هي: زينب بنت جحش، وكانت أقصرهن يدًا، وأكثرهن صدقة. ¬

_ (¬1) في (أ) [الضحاك]. (¬2) "صحيح ابن حبّان" 11/ 517 (5115) كتاب: الهِبَة، ذكر الأخبار عن إباحة أكل المرء الهدية.

12 - باب صدقة العلانية

(فعلمنا بعد) أي: بعد سبق موت زينب موت سودة. (أنما كان طول يدها الصَّدقة) بفتح همزة (أن) لأنها مع مدخولها في موضع مفعول علم، و (الصَّدقة) اسم كان، و (طول يدها) خبر مقدم. (وكانت) أي: سودة، والوجه أي: زينب. (أسرعنا لحوقًا به، وكانت تحب الصَّدقة). فعلم أن في الحديث إجحافًا وتعسفًا، حتّى قيل إنّه: وهم؛ لاتفاق أهل السير على أن زينب كانت أسبقهن موتًا، وهو مقدم على ما وقع للبخاري في "تاريخه الصغير" من أن سودة كانت أسبقهن موتًا. 12 - بَابُ صَدَقَةِ العَلاَنِيَةِ (¬1). وَقَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً} [البقرة: 274] الآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ: {وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 38]. [فتح: 3/ 288] 13 - بَابُ صَدَقَةِ السِّرِّ (باب: صدقةِ السِّر) هي أفضلُ من صدقةِ العلانيةِ. (ورجل) ذكر الواو حكايةً؛ لعطفه على ما ذُكر قبلُ في الحديث. (حتّى لا تعلم شمَاله ما صنعتْ يمينُه) في نسخةٍ: "ما تنفق يمينُه". وهذا مثالٌ ضربه - صلى الله عليه وسلم - في المبالغة في الاستتار بالصدقة؛ لقرب الشمالِ من اليمينِ، والمعني: لو قُدِّرتْ الشمالُ إنسانًا متيقظًا، لما علم صدقةَ اليمين؛ للمبالغة في الإخفاءة لأن الشمال لا توصف بالعلم، فهو مجازٌ. ¬

_ (¬1) هذا الباب في صحيح البخاريّ وليس هناك تعليق عليه في الأصول الّتي معنا، ولم يُشر إليه كأنه ساقط من نسخ المؤلِّف.

14 - باب إذا تصدق على غني وهو لا يعلم

(وقوله: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} الآية [البقرة: 271] في نسخة: "وقال الله تعالى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}. 14 - بَابُ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ (باب) ساقط من نسخة. (إذا) في النسخةِ المذكورة: "وإذا" بواو العطفِ. (تصدق على غني، وهو لا يعلم) أنه غنيٌ، فصدقته مقبولةٌ. 1421 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ فَقَال: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَال: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، عَلَى زَانِيَةٍ؟ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقَال: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ". [مسلم: 1022 - فتح: 3/ 290] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (رجل) لم يُعرف اسمُه. (لأتصدقنَّ) جوابُ قسمٍ محذوف، أي: والله لأتصدقنَّ على مستحقٍ. (تُصدِّق) بالبناء للمفعول في المواضع الثّلاثة، وفيه: تعجب، أو إنكار. (فقال) أي: المتصدقُ. (اللَّهُمَّ لك الحمدُ) أي: على تصدقي على سارق؛ لكونه بإرادتك لا بإرادتي. (فأُتي) بالبناء للمفعول، أي: رأى في منامه، أو سمع هاتفًا ملكًا، أو غيَره، أو أفتاه عالمٌ نبي أو غيرُه.

15 - باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر

(زناها) بالقصر لأهل الحجاز، وبالمدِّ لأهل نجد. (فلعلّه يعتبر فينفق) في نسخة: "فلعلّه أن يعتبر فينفق". وفي الحديث: أن الصدقةَ كانت عندهم مختصةً بأهل الحاجات من أهلِ الخير؛ ولهذا تعجبوا من الصَّدقة على هؤلاء؛ ولأنَّ نَّية المتصدِّق إذا كانت صالحةً قبلتْ صدقته وإن لم يوافق مراده. وفيه: اعتبار لمن تصدَّق عليه أن يتحول من الحالةِ المذمومة إلى الحالة المحمودةِ. 15 - بَابُ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ (باب: إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر) أي: بأنه ابنه جاز. 1422 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا أَبُو الجُوَيْرِيَةِ، أَنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ، قَال: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي، وَخَطَبَ عَلَيَّ، فَأَنْكَحَنِي وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبِي يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا، فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي المَسْجِدِ، فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَال: وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ، فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ". [فتح: 3/ 291] (إسرائيل) أي: ابن يونس ابن أبي إسحق. (أبو الجويرية) اسمه: حطان بكسر الحاء، وتشديد الطاء المهملتين، آخره نون: ابن جفاف، بضم الجيم، وتخفيف الفاء الأولى. (وخطب عَلَيَّ) من الخطبة، بكسر الخاء، وهو: طلب النِّكاح أي: طلب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من وليِّ المرأة أن يزوجها منيِّ، ثمّ طلب لي النِّكاح، فأجبته، فانكحني، و (عليَّ) متعلّقٌ بـ (خطب)، يقال: خطب المرأةَ إلى وليِّها، إذا أرادها الخاطبُ لنفسه، وعلى فلان إذا أرادها لغيرهِ.

16 - باب الصدقة باليمين

(وخاصمت إليه) سقط منه ما ثبت في غيره، وهو (فأفلجني) بالجيم، أي: حكم لي، وأظفرني بمرادي، يقال "فلج الرَّجل على خصمه إذا ظفر به. (وكان أبي يزيد)، برفع يزيد عطف بيان لـ (أبي). (فوضعها عند رجل) أي: وأذن له أن يتصدقَ بها على المحتاج إليها. (فأخذتها) أي: منه باختياره. (فأتيته) أي: أبي. (لك ما نويت يا يزيد) لأنك نويت الصدقةَ على محتاج، وابُنك محتاج وإنْ لم تنوه. 16 - بَابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ (باب: الصَّدقة باليمين) أي: ندب إعطائها باليد اليمنى. 1423 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَال: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ". [انظر: 660 - مسلم: 1031 - فتح: 3/ 292] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سبعةٌ يظلُّهم الله في ظلِّه إلخ) مرَّ شرحه في باب: من جلس في المجلس ينتظر الصّلاة (¬1). 1424 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَال: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الخُزَاعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تَصَدَّقُوا، ¬

_ (¬1) سبق برقم (660) كتاب: الأذان، باب: من صلى في المسجد ينتظر الصّلاة.

17 - باب من أمر خادمه بالصدقة ولم يناول بنفسه

فَسَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالأَمْسِ لقَبِلْتُهَا مِنْكَ، فَأَمَّا اليَوْمَ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا". [انظر: 1411 - مسلم: 1011 - فتح: 3/ 293] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (تصدَّقوا فسيأتي عليكم زمانٌ) هو وقتٌ ظهور أشراط السّاعة، أو وقتٌ ظهور كنوز الأرض، وقلةِ النَّاس، وقصرِ آمالهم، والخطاب لجنس الأمة، والمراد: بعضهم. ومرَّ الحديث في باب: الصَّدقة قبل الرَّدِّ (¬1). 17 - بَابُ مَنْ أَمَرَ خَادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ وَلَمْ يُنَاولْ بِنَفْسِهِ وَقَال أَبُو مُوسَى: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هُوَ أَحَدُ المُتَصَدِّقِينَ". [1483] (باب: من أمر خادمه بالصدقة، ولم يناولها بنفسه) للمتصدق عليه، فلكل منهما أجرٌ. (قال أبو موسى) هو عبدُ الله بُن قيس الأشعري. (هو) أي: خادم المتصدق. (أحد المتصدقين) بفتح القاف، أي: هو والمتصدق في أصلِ الأجر سواء، وإنْ اختلف مقدارُه فيهما، فلو أعطى المتصدقُ خادمَه مائةَ دينارٍ؛ ليدفعها الفقيرُ على باب داره، فأجرُ المتصدق أكثر، ولو أعطاه رغيفًا [ليدفعه] (¬2) إلى فقير في مكان بعيدٍ، فإنَّ كان أجرةُ مشي الخادم تزيد على قيمة الرغيف، فأجُر الخادم أكثر وإن كانت تساويها، فمقدار أجرهما سواء. 1425 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا أَنْفَقَتِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1411) كتاب: الزَّكاة، باب: الصَّدقة قبل الرَّدِّ. (¬2) من (ج).

18 - باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى

المَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا". [1437، 1439، 1440، 1441، 2065 - مسلم: 1024 - فتح: 3/ 293] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن سقيق) أي: ابن سلمة. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (إذا أنفقتْ المرأةُ من طعامِ بيتها) أي: وأذن لها زوجُها في ذلك صريحًا، أو مفهومًا من اطراد العرف، وعلمتْ رضاه بذلك غيرَ مفسدةٍ له بأنْ لم تتجاوز العادة، كان لها أجرُها بما أنفقت) أي: بسببه، وخصَّ العام بالذكر؛ لغلبة المسامحة به عادةً، وإلا فغيرهُ مثلُه؛ إذ الفرض أنَّ المالك أذن في ذلك. (ولزوجها) عبَّر به؛ لأنه الغالبُ، وإلا فالمراد: المالك زوجًا كان، أو غيره. (وللخازن) أي: الحافظ للطعام المتصدق منه. 18 - بَابُ لَا صَدَقَةَ إلا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَمَنْ تَصَدَّقَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ، أَوْ أَهْلُهُ مُحْتَاجٌ، أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَالدَّيْنُ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالعِتْقِ وَالهِبَةِ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُتْلِفَ أَمْوَال النَّاسِ" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَخَذَ أَمْوَال النَّاسِ يُرِيدُ إِتْلافَهَا، أَتْلَفَهُ اللَّهُ". [2370]، إلا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالصَّبْرِ، فَيُؤْثِرَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ "كَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " حِينَ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ "وَكَذَلِكَ آثَرَ الأَنْصَارُ المُهَاجِرِينَ وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِضَاعَةِ المَالِ" فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَيِّعَ أَمْوَال النَّاسِ بِعِلَّةِ الصَّدَقَةِ. [انظر 8844]، وَقَال كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ

مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ. [2757] (باب: لا صدقة إلا عن ظهر غني) أي: لا صدقةً كاملةً، إلا عن غني يستظهر به على النوائب الّتي تنوبه، والتنكيرُ في (غنى)؛ للتفخيم. (ومن تصدَّق) عطفٌ على (لا صدقة). (وعليه دين) أي: مستغرقٌ، وحجر عليه الحاكمُ بالفلس. (فالدين أحق) جواب الشرط، لكن للدين خاصّة، وإلا فجوابه مع ما قبله أن يُقال: فهو وأهلُه والدين، أحق. (هو) أي: المتصدق به. (ردّ عليه) أي: مردود على المتصدق؛ لأنَّ مؤونةَ المحتاج هو أو أهله، وقضاء الدين واجبان، والصدقةُ تطوع. (ليس له أن يتلف أموال النَّاس) أي: بالصدقة، كغيرها. (قال) في نسخة: "وقال". (من أخذ أموال النَّاس إلخ) وعيدٌ، فيدخل فيه من أخذ دينًا وتصدَّق به، ولا يجد من يقضي به الدينَ. (إلا أن يكين الدين إلى آخره) استثناه البخاريُّ من التّرجمة، أو من (يتصدق) أي: (إلا أن يكون معروفًا بالصبر) فيتصدق مع عدمِ الغني، أو مع الحاجةِ، كما ذكره بقوله: (فيُوثِر) أي: يقدِّم غيِره على نفسه. (خصاصة) أي: حاجة. (وكذلك آثر الأنصار المهاجرين) أي: حين قدَمِوا عليهم المدينة، وليس بأيديهم شيءٌ، حتّى أن من كان عنده امرأتان نزل عن واحدةٍ، وزوجها من أحدهم. (ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال) استدل به البخاريُّ على ردِّ صدقةِ المديان، ولا يقال: إنَّ الصدقة ليست إضاعةَ مالٍ؛ لأنا نقول إذا عُورضت بحق الدين، لم يبق فيها ثواب، فبطل كونها صدقة، وبقيت إضاعة. (وقال كعب) زاد في نسخة: "ابن مالك".

(أمسك عليك بعضَ مالك) منعه من التصدق بجميع ماله، ولم يمنع أبا بكر منه؛ لقوة يقين أبي بكر، وشدَّة صبره، بخلاف كعب. (قلت: فإنِّي) في نسخةٍ: "قلت إنِّي". 1426 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ". [1428، 5355، 5356 - فتح: 3/ 294] (عبدان) هو لقبُ عبدِ الله بنِ عثمان المروزي كما مَرَّ. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن يونس) أي: ابن يزيد. (وابدَأ بمن تعول) أي: بمن تلزمك مؤنته، من: عال أهله إذا قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة. 1427 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ". [مسلم: 1034 - فتح: 3/ 294] (وهيب) أي: ابن خالد. (هشام) أي: ابن عروة بن الزُّبير. (ومن يستعفف) أي: يطلبُ العفةَ، وهي الكفُّ عن الحرام. (يعفه الله) أي: يُصيِّره عفيفًا. 1428 - وَعَنْ وُهَيْبٍ، قَال: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. [انظر: 1426 - فتح 3/ 294] (وعن وهيب) عطفٌ في المعنى على: (حَدَّثَنَا وهيب) أي: حَدَّثَنَا موسى بنُ إسماعيل حَدَّثَنَا وهيب إلى آخره، وعن وهيب (بهذا) أي: بحديث حكيم.

19 - باب المنان بما أعطى

1429 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ، وَالتَّعَفُّفَ، وَالمَسْأَلَةَ: "اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، فَاليَدُ العُلْيَا: هِيَ المُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى: هِيَ السَّائِلَةُ". [مسلم: 1033 - فتح: 3/ 294] (ح) للتحويل. (وهو على المنبر، وذكر الصَّدقة) كلٌّ من الجملتين حالٌ، ومعنى الثّانية: وقد حثَّ الغني على الصَّدقة. (والتعفف) أي: وحثَّ الفقيرَ عليه. (والمسالة) أي: وذمَّ المسألةُ، وعبَّر مسلم بقوله: والتعفف عن المسألة (¬1). (اليدُ العليا إلى آخره) مقول: قال. 19 - بَابُ المَنَّانِ بِمَا أَعْطَى لِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى} [البقرة: 262] الآيَةَ. [فتح: 3/ 298] (باب: المنان بما أعطى) أي: ذمه، والباءُ متعلّقةٌ بـ (المنان)، وهو من يعدّد نعمَه على من أنعم عليه، فالمنُّ بهذا المعني: صفةُ ذمٍّ في حقِّ العبد؛ لأنه لا يكون غالبَا إلا عن البخل، والكبر، والعجبِ، ونسيان منَّةِ الله تعالى بما أنعم به عليه، أما المنُّ في حق الله تعالى، فصفةُ مدحٍ، ومن أسمائه تعالى: المنان، أي: المنعمُ، المعطي. (ولا ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1033) كتاب: الزَّكاة، باب: بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى.

20 - باب من أحب تعجيل الصدقة من يومها

أذى) ساقطٌ من نسخةٍ، ودليلُ الذَّمِ على المنِّ في حقِّنا من السُّنَّة، خبُر مسلم "ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يومَ القيامةِ: المنَّانُ الّذي لا يُعطي شيئًا إلا مَنَّ به، والمنفقُ سلعتَه بالحلف، والمسبل إزارهَ" (¬1) واكتفى البخاريُّ فيه بالآية، ولم يذكر حديثًا، وكأنه لم يتفق له حديث على شرطه. 20 - بَابُ مَنْ أَحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا (باب: من أحب تعجيل الصدقة في يومها) أي: بيان أمرِ من أحبَّ تعجيلها في وقتها فرضًا كانت، أو نفلًا، و (مَن) بمعنى في متعلّقةٌ بـ (تعجيل). 1430 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ، قَال: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَصْرَ، فَأَسْرَعَ، ثُمَّ دَخَلَ البَيْتَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ، فَقُلْتُ أَوْ قِيلَ لَهُ، فَقَال: "كُنْتُ خَلَّفْتُ فِي البَيْتِ تِبْرًا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُبَيِّتَهُ، فَقَسَمْتُهُ". [انظر: 851 - فتح، 3/ 299] (ابْن أبي مليكة) اسمه: عبد الله. (صلى بنا) لفظ: (بنا) ساقطٌ من نسخةٍ. (فقلت) في نسخةٍ: "فقلنا". (أو قيل له) ما سببُ سرعتك؟، و (له) تنازعه الفعلان قبله (تبرًا) أي: ذهبًا غير مضروبٍ، و (أنْ أبيته) أي: أن أتركه حتّى يدخل، ومرَّ شرح الحديث في آخر كتاب: الصّلاة (¬2). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (106) كتاب: الإيمان، باب: بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية ... (¬2) سبق برقم (1221) كتاب: العمل في الصّلاة، باب: يفكر الرَّجل الشيء في الصّلاة.

21 - باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها

21 - بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِيهَا (باب: التحريضِ على الصدقةِ، والشفاعةِ فيها) بأنْ يذكر ما فيها من الأجرِ، ومن الثّواب الشفاعة فيها. 1431 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَدِيٌّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، ثُمَّ مَال عَلَى النِّسَاءِ، وَمَعَهُ بِلالٌ فَوَعَظَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ"، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي القُلْبَ وَالخُرْصَ. [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح: 3/ 299] (عدي) أي: ابن ثابت. (يومُ عيد) هو عيدُ الفطر. (القُلب) بضم القاف، أي: السوار. (والخرص) بضم الخاء، أي: الحلقة، ومرَّ شرحُ الحديث في باب: الخطبةِ بعد العيد (¬1). 1432 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَال: "اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ". [6027، 6028، 7476 - مسلم: 2627 - فتح: 3/ 299] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عن أبيه) هو عبدُ الله بن قيسٍ. (ويقضي) في نسخةٍ: "ليقض". 1432 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَال: "اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ". [1434، 2590، 2591 - مسلم: 1029 - فتح: 3/ 299] ¬

_ (¬1) سبق برقم (964) كتاب: العيدين، باب: الخطبة قبل العيد.

22 - باب الصدقة فيما استطاع

(لا تُوكِي) أي: لا تربطي على ما عندك وتمنعيه. (فيوكى) بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل، فينصب جواب النّهي. (فيُحصي) بالنصب جوابُ النّهي قبلَه، وحاصلُه مع سابقه: أنَّ عبدةَ رواه عن هشامٍ باللفظين معًا، فحدَّثَ به تارةً كذا، وتارةً كذا، والإحصاءُ: معرفةُ قدر الشيء وزنًا، أو عدًّا، أو كيلًا، والمرادُ بإحصاء الله تعالى هنا: قطعُ البركة، أو حبسُ مادة الرزق، أو المحاسبةُ عليه في الآخرَة. 22 - بَابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ (باب: الصَّدقة فيما استطاع) أي: بما استطاعه المتصدق. 1434 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ، ارْضَخِي مَا اسْتَطَعْتِ". [انظر: 1433 - مسلم: 1029 - فتح: 3/ 301] (عاصم) هو الضحاك بن مخلد. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (جاءتْ إلى النَّبيِّ) في نسخةٍ: (جاءت النبيَّ). (لا توعي) من: أوعيتُ المتاعَ في الإناء، إذا جعلته فيه، والمرادُ: لازمُ الإيعاء، وهو الإمساكُ. (فيوعي) بالنصب جوابُ النّهي، وفي نسخة: "لا توكي فيوكى". (ارضخي) بهمزة مكسورة، إذا لم توصل، وبراء ومعجمتين من الرضخ: وهو العطاءُ اليسيرُ. (ما) مصدرية ظرفية، أو موصولة، أو نكرة موصوفة، أي: مدة استطاعتك، أو الّذي أستطعته، أو شيئًا استطعته

23 - باب الصدقة تكفر الخطيئة

23 - بَابُ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ (باب: الصدقةِ تكفر الخطيئة) من الصغائر. 1435 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الفِتْنَةِ؟ قَال: قُلْتُ: أَنَا أَحْفَظُهُ كَمَا قَال، قَال: إِنَّكَ عَلَيْهِ لَجَرِيءٌ، فَكَيْفَ؟ قَال: قُلْتُ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ، وَوَلَدِهِ، وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ، وَالصَّدَقَةُ وَالمَعْرُوفُ - قَال سُلَيْمَانُ: قَدْ كَانَ يَقُولُ: الصَّلاةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ - وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ"، قَال: لَيْسَ هَذِهِ أُرِيدُ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ، قَال: قُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بِهَا يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ بَأْسٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابٌ مُغْلَقٌ، قَال: فَيُكْسَرُ البَابُ أَوْ يُفْتَحُ، قَال: قُلْتُ: لَا بَلْ يُكْسَرُ، قَال: فَإِنَّهُ إِذَا كُسِرَ لَمْ يُغْلَقْ أَبَدًا، قَال: قُلْتُ: أَجَلْ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنِ البَابُ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ، قَال: فَسَأَلَهُ، فَقَال: عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْنَا، فَعَلِمَ عُمَرُ مَنْ تَعْنِي؟ قَال: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً وَذَلِكَ أَنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. [انظر: 525 - مسلم: 144 - فتح: 1/ 303] (قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (الأعمش) هو سليمانُ بن مِهران. (أبي وائل) هو شقيقُ بن سلمة. (حذيفة) أي: ابن اليمان. (لجرئ) من الجرأةِ، وهو: الإقدامُ على الشيء، والمرادُ: عالمُ بذلك، قال ابن بطّال: إنك كنت كثيرَ السؤال عن الفتنةِ في أيامه - صلى الله عليه وسلم -، فأنت اليومِ جريءٌ على ذكره عالمٌ به. (في أهله) أي: بما يعرض له معهم من سوء، أو حزن، أو غير ذلك. (وولده) أي: بالاشتغال به من فَرطِ المحبةِ عن كثير من الخيرات [(وجاره) أي: بما يعرض له من سوء، أو حزن، أو غيره. (والمعروف) أي: الخير] (¬1)، فهو عامٌّ بعد خاصٍّ. ¬

_ (¬1) من (ج).

24 - باب من تصدق في الشرك ثم أسلم

(قال سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (قد كان) أي: أبو وائل. (يقولُ: الصلاةُ، والصدقةُ، والأمرُ بالمعروفِ، والنهيُ عن المنكرِ) بدل قوله: الصلاةُ، والصدقةُ، والمعروفُ والمراد: أنه أبدل قوله: (والمعروف) بقوله: (والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر). (قال) أي: عمرُ لحذيفةَ. (ليس هذه) أي: الفتنة. (ليس عليك بها) في نسخةٍ: "ليس لك منها". (بأس) أي: شدَّة. (أو يفتح) في نسخةٍ: "لم يفتح". (لم يغلق أبدًا) أشار به عمرُ إلى أنه إذا قُتِلَ ظهرت الفتنُ. (قلت: أجل) أي: نعم. (قال) أي: شقيق. (فهبنا) بكسر الهاء، أي: خفنا. (أن نسأله) أي: حذيفة، وكان مهيبًا. (من الباب) أي: من المراد به. (وقلنا لمسروقٍ: سله) أي: لأنه كان أجرًا على سؤاله؛ لكثرة علمه، وعلو منزلته. (فعلم) أي: أفعلم. (كما أنَّ دون غد ليلةً) بالنصب؛ اسم (أن)، و (دون) خبرها، أي كما يعلم أنَّ اللّيلةَ أقربُ من الغد. (ليس بالأغاليط) أي: لا شبهةَ فيه، ومرَّ شرحُه في باب: الصّلاةِ كفارة، من كتاب: المواقيت (¬1). 24 - بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ (باب: من تصدق في الشرك ثمّ أسلم) يعتد له بثواب ذلك. 1436 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ، وَصِلَةِ رَحِمٍ، فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ". [2220، 2538، 5992 - مسلم: 123 - فتح: 3/ 301] ¬

_ (¬1) سبق (525) كتاب: مواقيت الصّلاة، باب: الصّلاة كفارة.

25 - باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صاحبه غير مفسد

(هشام) أي: ابن يوسف. (معمر) أي: ابن راشد. (أرأيت؟) أي: أخبرني. (عن حكم أشياء كت أتحنَّثُ) بمثلثة على الأصح رواية، أي: أتعبد. (بها في الجاهلية) أي: قبل الإسلام. (على ما سلف من خيرٍ) أي: على قبوله، ويؤيده خبرُ الدارقطني: "إذا أسلم الكافرُ، فَحَسُنَ إسلامُه، كتب الله له كلّ حسنةٍ كان زلفها، ومحى عنه كلّ سيئةٍ كان زلفها، وكان عملُه بعد ذلك الحسنةُ بعشر أمثالها إلى سبعمائةِ ضعفٍ، والسيئةُ بمثلها، إلا أن يتجاوز الله عنها" (¬1) ومن قال: إنَّ الكافرَ لا يُثاب، محلُّه: إذا لم يسلم، [بل قد يثاب وإن لم يسلم] (¬2) لكن في الدنيا خاصةً؛ لخبر مسلم: "إنَّ الكافرَ يُثابُ في الدنيا بالرزقِ على ما يفعله من حسنة" (¬3). 25 - بَابُ أَجْرِ الخَادِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ (باب: الخادمِ إذا تصدَّق بأمر صاحبه غيرَ مفسدٍ) المرادُ بصاحبه: مالكُ أمره. 1437 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا تَصَدَّقَتِ المَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ". [انظر: 1425 - مسلم: 1024 - فتح: 3/ 302] ¬

_ (¬1) سبق برقم (41)، وقال ابن حجر في "الفتح" 1/ 99: أخرجه الدارقطني من طرق أخرى عن مالك. (¬2) من (ج). (¬3) "صحيح مسلم" (2808) كتاب: صفة الجنَّة والنار، باب: جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة.

26 - باب أجر المرأة إذا تصدقت، أو أطعمت، من بيت زوجها، غير مفسدة

(جرير) أي: ابن عبد الحميد (¬1). (ولزوجها) أي: أجره، وسبق شرح الحديث (¬2). 1438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الخَازِنُ المُسْلِمُ الأَمِينُ، الَّذِي يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَال: يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ المُتَصَدِّقَيْنِ". [2260، 2319 - مسلم: 1023 - فتح: 3/ 302] (أبو أُسامة) هو حمادُ بنُ أسامةَ. (عن أبي بردة) اسمه: عامرُ بنُ أبي موسى. (الّذي ينفذ) بضم أول (ينفذ) وسكون ثانية، وكسر ثالثه، آخره ذال معجمة، أي: يمضي، ويجوز فتحُ النون، وتشديدُ الفاء، وفي نسخةٍ: "ينفق" بقاف بدل الذال. (طيبٌ به نفسه) برفع (طيب) خبر لـ (نفسه)، والجملةُ: حالٌ، وبنصبه حال، و (نفسه) مرفوع به على الفاعلية. (إلى الّذي أمر له) بالبناء للمفعول، أي: الّذي أمر الآمر له. (به) أي: بالدفع. (أحد المتصدقين) خبر الخازن. 26 - بَابُ أَجْرِ المَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ، أَوْ أَطْعَمَتْ، مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ (باب: أجرِ المرأة إذا تصدَّقتْ، أو أطعمتْ من بيت زوجها غير مفسدةٍ) أي: في صدقتها المأذون فيها، بأنْ لا تزيد عَلى العُرفِ المعتادِ. ¬

_ (¬1) من (ج). (¬2) سبق برقم (1425) كتاب: الزَّكاة، باب: من أمر خادمه بالصدقة

27 - (باب قول الله تعالى: {فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى، فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى، وكذب بالحسنى، فسنيسره للعسرى} [الليل: 6] "اللهم أعط منفق مال خلفا"

1439 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَعْنِي إِذَا تَصَدَّقَتِ المَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا. [انظر: 1425 - مسلم: 1024 - فتح: 3/ 303] (تعي) أي: عائشة. (لها أجرُها) في نسخةٍ: "كان لها أجرُها". (وله) أي: ولزوجها. (ولها بما أنفقت) في نسخةٍ: "ولها مثلُ ما أنفقت". 1440 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَطْعَمَتِ المَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مِثْلُهُ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَهُ بِمَا اكْتَسَبَ وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ". [انظر: 1425 - مسلم: 1034 - فتح: 3/ 303] 1441 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، فَلَهَا أَجْرُهَا، وَلِلزَّوْجِ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ". [انظر: 1425 - مسلم: 1024 - فتح: 3/ 303] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (إذا أنفقتْ المرأةُ .. إلى آخره) مر شرحه (¬1). 27 - (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 6] "اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقَ مَالٍ خَلَفًا". (باب: قولِ الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى}) أي: حق الله. ¬

_ (¬1) انظر التخريج السابق.

28 - باب مثل المتصدق والبخيل

({وَاتَّقَى}) الله. ({بِالْحُسْنَى}) أي: بلا إله إلا الله في الموضعين. ({لِلْيُسْرَى}) أي: نهيئه. ({فَسَنُيَسِّرُهُ}) أي: للجنة. ({وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ}) أي: بحق الله. ({وَاسْتَغْنَى}) بماله عن ثوابه تعالى، فلم يرغب فيه. ({فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)}) أي: للنار، وعطف على قول الله تعالى بحذف حرف العطف. (اللَّهُمَّ أعطْ منفقَ مالٍ) في نسخةٍ: "منفقًا مالًا". (خلفًا) أي: عوضًا مالًا كان أو ثوابًا. 1442 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ أَبِي الحُبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إلا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا". [مسلم: 1010 - فتح: 3/ 304] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو أبو بكر، واسمُه: عبدُ الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (عن أبي الجباب) اسمه: سعيدُ بن يسار. (ما من يومٍ يُصبحُ العبادُ فيه) ينزل فيه أحد (إلَّا ملكان إلى آخره) فالملكان مستثنيان من محذوف، و (ما) نافية، واسمها: (يوم)، وخبرها محذوف، وهو (ينزل .. إلى آخره)، كما تقرر، و (من) زائدة. (اعط ممسكًا تلفًا) أعط فيه للمشاكلة، وإلا فالتلف لا يعطى. 28 - بَابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ (باب: مثل المتصدق والبخيل) أي: بيان مثليهما. 1443 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ البَخِيلِ وَالمُتَصَدِّقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ".

وحَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَثَلُ البَخِيلِ وَالمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا المُنْفِقُ فَلَا يُنْفِقُ إلا سَبَغَتْ أَوْ وَفَرَتْ عَلَى جِلْدِهِ، حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا البَخِيلُ فَلَا يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إلا لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَّسِعُ" تَابَعَهُ الحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، فِي الجُبَّتَيْنِ. [1444، 2917، 5299، 5797 - مسلم: 1021 - فتح: 3/ 305] (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (وهيب) أي: ابن خالد. (ابْن طاوس) اسمه: عبد الله. (والمتصدق) في نسخةٍ: "والمصَّدِّق" بقلب التاء صادًا، وإدغامها في الصاد. (جبتان) بجيم مضمومة، وموحدة في الروايتين، وفي نسخة: بالنون بدل الموحدة فيهما، وسيأتي بعد ترجيح الثّانية على الأولى. (من ثُديهما) بضم المثلثة، وكسر الدال المهملة، وتشديد التحتية، جمعُ ثديٍ، وفي روايةٍ: "من ثدييهما" (¬1) بفتح المثلثة، وسكون المهملة، وبياءين أولاهما مفتوحة تثنية ثدي. (إلى تراقيهما) جمع ترقوة، وهي: العظمان المشرفان في أعلى الصدر من رأس المنكبين إلى طرف ثغرةٍ النحر. (وسبغت) أي: امتدت، وعلمت. (أو وفرت) بتخفيف الفاء، أي: كملت، وهو شكٌّ من الراوي. (حتى تخفي) بضم الفوقية، وسكون الخاء المعجمة، وكسر الفاء، أي: تستر. (بنانه) بفتح الموحدة، ونونين بينهما ألف، أي: أنامله. ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (5299) كتاب: الطّلاق، باب: الإشارة في الطّلاق.

29 - باب صدقة الكسب والتجارة

(وتعفو) أي: تمحو. (أثره) بفتح الهمزة، والمثلثة، وبالكسر والسكون. (وعفى) جاء لازمًا، ومتعديًا، تقول: عفت الدارُ، إذا درست، وعفاها الريحُ، إذا طمسها، وهو في الحديث متعدٍ، والمعني: أنَّ الصَّدقة تستر خطايا المتصدق، كما يستُر الثوبُ جميعَ بدنه. (إلَّا لزقت) بكسر الزاي، أي: التصقت. (ولا تتسع) في نسخةٍ: "فلا تتسع". (تابعه) أي: عن طاوس. (في الجبتين) أي: بالموحدة. 1444 - وَقَال حَنْظَلَةُ: عَنْ طَاوُسٍ، جُنَّتَانِ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ، عَنْ ابْنِ هُرْمُزَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُنَّتَانِ. [انظر: 1443 - مسلم: 1021 - فتح: 3/ 305] (جنتان) أي: بالنون بدل الموحدة. (جعفر) أي: ابن ربيعة. (عن ابن هرمز) هو عبد الرّحمن. (جنتان) أي: بالنون أيضًا، ورجحت رواية النون على روايةِ الموحدة؛ لقوله: (من حديد) ولقوله: (لزقت كلّ حلقةٍ مكانها) والجنةُ في الأصل: الحصن سميت بها الدرعُ؛ لأنها تجن صاحبَها، أي: تحصِّنه. 29 - بَابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ، وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] إِلَى قَوْلِهِ {أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267] [فتح 3/ 307] (باب: صدقة الكسب والتجارة) العطفُ فيه من عطف الخاصِّ على العامِّ. ({وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}) ساقطٌ من نسخةٍ، ولم يذكر في الباب حديثًا؛ اكتفاءً بالآية، وجريًا على عادته، فيما لم يجد فيه حديثًا على شرطه.

30 - باب: على كل مسلم صدقة، فمن لم يجد فليعمل بالمعروف

30 - بَابٌ: عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ (باب: على كلّ مسلم صدقة) أي: باب في بيان ذلك. (فمن لم يجد) أي: ما يتصدق به. (فليعمل بالمعروف) هو اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما عرف من طاعة الله تعالى. 1445 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ"، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَال: "يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ" قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَال: "يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ" قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَال: "فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ". [6022 - مسلم: 1008 - فتح: 3/ 307] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبيه) هو أبو بردة، واسمه: عامر. (عن جده) هو أبو موسى الأشعري. (على كلِّ مسلمٍ صدقة) أي: على سبيل الندب المتأكد، لا على سبيلِ الوجوب، لكنَّ في حقِّ من رأى عاجزًا عن الكسب، وقد قارب الهلاكَ، أو على الأمرين معًا؛ إعمالًا للفظ في حقيقته ومجازه. (الملهوف) صادقٌ بالمظلوم والعاجز. (فإنْ لم يجد) أي: يقدر. (فإنها) أنث الضميرَ باعتبار الفعلة، أو الخصلة الحاصلة من العمل والإمساك. (له) أي: لكل من العامل بالمعروف، والممسكِ عن الشرِّ. (صدقة) أي: على نفسه وغيرها، وحاصلُ الحديث: أنَّ الشفقةَ على خلق الله متأكدةٌ، وهي إمّا بمالٍ حاصلٍ، وهو الشقُّ الأوّل، أو بمقدار التحصيل، وهو الثّاني، أو بغير مالٍ، وهو إمّا فعلٌ: وهو الإعانة، أو ترك: وهو الإمساك. وقضيةُ الحديثِ: ترتيبُ الأمورِ الأربعة، وليس مرادًا، وإنّما هو للتسهيلُ على من عجز عن واحدٍ منها، وإلا فمن أمكنه فعل جميعها أو عدد منها معًا، فليفعل.

31 - باب: قدر كم يعطى من الزكاة والصدقة، ومن أعطى شاة

31 - بَابٌ: قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ، وَمَنْ أَعْطَى شَاةً (باب: قدر كم يعطى) أي: المزكي. (من الزكاةِ والصدقةِ) أي: وكم يُعِطي المتصدقُ من الصَّدقة، أي: المندوبة، ويجوز قراءةُ (يعطى) بالبناء للمفعول، وإنَّما لم يبين الكميةَ في الشقين؛ اعتمادًا على سبق الاستفهامِ إليها على أنَّ كمية قدر ما يُعطى من الزكاةِ معلومةٌ من أبوابها، وكمية قدر ما يعطى من الصَّدقة موكولة إلى ما يسمح به المتصدق، لأنه محسن، والله يحب المحسنين، وما على المحسنين من سبيل. (ومن أعطى شاة) أي: من الزَّكاة، وهو عطف على (قدر كم) أي: باب: بيان قدر كم، وبيان حكم من أعطى شاة من أنه إنّما يعطيها مفردة سليمة، لا مجزأة، ولا معيبة على ما ذكر في محله. 1446 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: بُعِثَ إِلَى نُسَيْبَةَ الأَنْصَارِيَّةِ بِشَاةٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِنْهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ " فَقُلْتُ: لَا، إلا مَا أَرْسَلَتْ بِهِ نُسَيْبَةُ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ، فَقَال: "هَاتِ، فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا". [1494، 2579 - مسلم: 1076 - فتح: 3/ 309] (أبو شهاب) اسمه: عبد ربه بن نافع الحناط. (بعث) بالبناء للمفعول. (نسيبة) بالتصغير، والأصل: بعث إليَّ، بياء المتكلم، لكن عبرت عن نفسها بالظاهر، إمّا التفاتًا، أو تجريدًا، بأن جردت من نفسها شخصًا يسمى: (نسيبة) وهي: أم عطية، لا غيرها. (فقلت) في نسخة: "فقالت". (من تلك الشاة) في نسخة: "من ذلك الشاة). (هات) أي: "هاتي" كما في نسخة، حذفت الياء تخفيفًا، قال الخليل: وأصله آتي، قلبت الهمزة هاء (بلغت محلها) بكسر الحاء، أي: موضعها الّتي تحل فيه بصيرورتها ملكًا للمتصدق بها عليها،

32 - باب زكاة الورق

فصحت منها هديتها، وإنما قال ذلك؛ لأنه كان يحرم عليه أكل الصَّدقة. ومطابقة الحديث للجزء الأوّل والثّاني للترجمة: من حيث مطلق المقدار، لا كمية إرسال نُسيبة إلى عائشة قدرًا من تلك الشاة الّتي أرسلها النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الزَّكاة لنسيبة، وللثالث منها: إرسال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إليها بشاة كاملة. 32 - بَابُ زَكَاةِ الوَرِقِ (باب: زكاة الورق) بفتح الواو، وكسر الراء، أي: الفضة. 1447 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ مِنَ الإِبِلِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ". - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، سَمِعَ أَبَاهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. [1405 - مسلم: 979 - فتح: 3/ 310] (من الإبل) بيان للزود، ومرَّ شرح الحديث في باب: ما أدي زكاته فليس بكنز (¬1). (خمسة أوسق) الوسق: ستون صاعًا، كما مرَّ. (عبد الوهّاب) أي: ابن عبد المجيد. (حدثني يحيى) في نسخةٍ: "حَدَّثَنَا يحيى". (عمرو) أي: ابْن يحيى المازني. (بهذا) أي: الحديث، وفائدة إيراد هذه الطريق: التصريح بسماع عمرو من أبيه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1405) كتاب: الزَّكاة، باب: ما أُدِّي زكاته فليس بكنز.

33 - باب العرض في الزكاة

33 - بَابُ العَرْضِ فِي الزَّكَاةِ وَقَال طَاوُسٌ: قَال مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَهْلِ اليَمَنِ: "ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ - أَوْ لَبِيسٍ - فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَمَّا خَالِدٌ فَقَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. [انظر: 1468] وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ". [انظر: 98] فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الفَرْضِ مِنْ غَيْرِهَا، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا، وَلَمْ يَخُصَّ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ مِنَ العُرُوضِ". (باب: العرض في الزَّكاة) أي: جواز أخذه فيها، و (العرض) بالسكون خلاف الدنانير والدراهم الّتي قيم الأَشياء، وبالفتح: ما عرض من مال قل، أو أكثر، فكل عرض بالفتح، ولا عكس، وأصله: بالسكون مصدر. (طاوس) ابن ذكوان. (معاذ) أي: ابن جبل. (بعرضٍ) بالتنوين. (ثياب) بدل من عرض، أو عطف بيان له، وفي نسخةٍ: ترك تنوين (عرض) بإضافته، كشجر أراك، فالإضافة بيانية (خميص) بخاء معجمة مفتوحة، وصادٍ مهملة، بدل من ثياب، أو عطف بيان له، والمراد به: خميصة. وذكره على إرادة الثّوب، والخميص: كساءٌ أسودٌ مربع له علمان، وقال ابن بطّال: والمشهور خميس بالسين، وهو: الثّوب الذي طوله خمسة أذرع، (لبيس) بوزن فعيل بمعنى: مفعول. (مكان الشعير والذرة) بضم الذال المعجمة، وتخفيف الراء، ولا حجة في هذا على أخذ القيمة في الزَّكاة مطلقًا؛ لاحتمال أن معاذًا إنّما

أخذها لحاجة، أو مصلحة علمها بالمدينة، أو أنه أخذ منهم شعيرًا وذرة ثمّ اشترى بها ثيابًا، ورأى أن ذلك أرفق للصحابة، وأن مؤنة النقل ثقيلة، فرأى التخفيف في ذلك، وإليه أشار بقوله (أهون عليكم إلى آخره) وهو خبر محذوف، أي: فإنّه أهون وعبر بـ (على)؛ دون اللام؛ لإرادة تسلط السهولة عليهم. (وأما خالد) أي: ابن الوليد. (احتبس) في نسخةٍ: "فقد احتبس" أي: وقف. (أدراعه) جمع درع، بدال مهملة، وهي: الزردية. (وأعتده) بضم الفوقية جمع عتاد، كأعنق وعناق، وفي نسخةٍ: بكسرها جمع عتد بفتحتين، كأزمنة وزمن: وهو المعد من السلاح والدواب للحرب، فعطف الأعتد على ما قبله من عطف العام على الخاص. (في سبيل الله) قال النووي: إنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده ظنًّا أنها للتجارة، فقال لهم: لا زكاة عليَّ، فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن خالدًا منع، فقال: إنكم تظلمونه؛ لأنه حبسها ووقفها في سبيل الله قبل الحول، فلا زكاة فيها (¬1). وفيه: دليل على وقف المنقول. (فلم) أي: قال البخاريّ: فلم (يستثن) النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (صدقة العرض من غيرها) في نسخةٍ: "صدقة الفرض" بالفاء بدل العين، أي: فلم يفرق في إعطاء العرض بين صدقة الفرض، وصدقة النفل. (خرصها) بضم الخاء، وكسرها، أي: حلقها. (وسخابها) بكسر السين، أي: قلادتها (ولم) أي: قال البخاريّ ولم: (يخص) أي: النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (الذهب والفضة من العروض) بل سوى بينهما في صحة التصدق بها. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 7/ 56.

1448 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ" [1450، 1451، 1453، 1454، 1455، 2487، 5878، 6955 - فتح: 3/ 312] (محمّد بن عبد الله) أي: ابن المثني. (ثمامة) بضم المثلثة، أي: ابن عبد الله بن أنس. (كتب له) أي: لأنس. (الّتي) أي: الفريضة الّتي. (أمر الله رسوله بها) وفي نسخةٍ: "ورسوله" بواو العطف. (بنت مخاضٍ): هي الأنثى من الإبل، وهي الّتي تمَّ لها عامٌ، وسميت به؛ لأن أمها آن بها أن تلحق بالمخاض، وهو وجع الولادة، وإن لم تحمل (بنت لبون): هي الأنثى من الإبل، وهي الّتي آن لأمها أن تلد غيرها، فتصير لبون. (المصدق) بتخفيف الصاد وتشديد الدال المهملتين: الساعي الّذي يأخذ الزَّكاة (عشرين درهمًا) أي: فضة من النقرة الخالصة، وهي المرادة بالدراهم حيث أطلقت. 1449 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَال: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ، فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَأَتَاهُنَّ وَمَعَهُ بِلالٌ نَاشِرَ ثَوْبِهِ، فَوَعَظَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ"، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي وَأَشَارَ أَيُّوبُ إِلَى أُذُنِهِ وَإِلَى حَلْقِهِ. [انظر: 98 - مسلم: 844 - فتح: 3/ 312]. (مؤمل) أي: ابن هشام. (إسماعيل) أي: ابن عليَّة. (أَيّوب) أي: السختياني. (لصلَّى) جواب قسم تضمنه (أشهد). (ناشر ثوبه) بالإضافة مع

34 - باب: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع

النصب حال، وفي نسخةٍ: "ناشرٌ ثوبه" بغير إضافة مع الرفع، خبر مبتدإٍ محذوف وهو ناشرٌ ثوبه، والجملة حال. (وأشار أَيّوب إلى أذنه وإلى حلقه) أي: إلى ما فيها عن حلق وقلادة. 34 - بَابٌ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَيُذْكَرُ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. (باب: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع) في نسخةٍ: "مفترق" بدل (متفرق) والفعلان مبنيان للمفعول. (ويذكر عن سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر (مثله) أي: مثل لفظ التّرجمة. 1450 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ". [انظر: 1448 - فتح: 3/ 314] (محمّد بن عبد الله) أي: ابن المثنى. (كتب له الّتي فرض رسول الله) أي: الفريضة الّتي فرضها رسول الله (خشية الصَّدقة) تنازعه (يجمع)، و (يفرق)، والمعني: لا يجمع المالك بين متفرق خشية كثرة الصَّدقة، ولا يفرق المصدق بين مجتمع خشية قلة الصَّدقة. 35 - بَابٌ: مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّويَّةِ وَقَال طَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ: "إِذَا عَلِمَ الخَلِيطَانِ أَمْوَالهُمَا فَلَا يُجْمَعُ مَالُهُمَا" وَقَال سُفْيَانُ: "لَا يَجِبُ حَتَّى يَتِمَّ لِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً، وَلِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً".

(باب: ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية) (ما) متضمنة معنى الشرط، أي: مهما كان (من خليطين) أي: مخلوطين، أو خالطين. (فإنهما) أي: الخليطين بالمعنى الثّاني، أو مالكيهما بالمعنى الأوّل، ولا مانع من ذلك؛ إذ فعيل يأتي بمعنى المفعول، وبمعنى الفاعل، ويجوز جمعها باعتبارين، فيكون خليط بمعنى المخلوط بالنسبة إلى المال، وبمعنى الخالط بالنسبة إلى المالك. وقوله: (يتراجعان) يعني: أن من أخرج منهما زكاتهما من ماله رجع على الآخر [بقدر نسبة ماله إلى جملة المال حتّى لو كان لكل منهما عشرون شاة، وأخرج أحدهما شاة من ماله رجع على الآخر] (¬1) بقيمة نصف الشاة، ولو كان لأحدهما ثلاثون، وللآخر عشرة، فأخرج مالك الثلاثين شاة من ماله رجع على الآخر بقيمة ربعها، فقوله: (بالسوية) أراد به النسبة. (طاوس) أي: ابن كيسان (وعطاء) أي: ابن أبي رباح (إذا علم) بكسر اللام مخففة، وفي نسخةٍ: "علم" بفتحها مشددة. (فلا يجمع مالهما) أي: في الصَّدقة، فلو كان لكل واحد منهما عشرون شاة مميزة بعلامة، فلا زكاة فيهما عند هذا القائل، أو هو محمول على ما إذا لم تكمل شروط خلطة الجوار. (وقال سفيان) أي: الثّوريّ. (لا تجب) أي: الزَّكاة في الخليطين. (حتّى يتم لهذا أربعون شاة ولهذا أربعون شاة) أي: فيجب حينئذٍ على كلّ واحدٍ شاة. فلم يعتبر سفيان خلطة الجوار، واعتبرها الشّافعيّ، كخلطة الشيوع. ¬

_ (¬1) من (ج).

36 - باب زكاة الإبل

36 - بَابُ زَكَاةِ الإِبِلِ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [1448، 1460] 1451 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَتَبَ لَهُ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّويَّةِ". [انظر: 1448 - فتح: 3/ 315] (باب: زكاة الإبل) بكسر الباء أكثر من سكونها، ولفظ: (باب) ساقط من نسخةٍ. (ذكره) أي: حكم زكاة الإبل. 1452 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الهِجْرَةِ، فَقَال: "وَيْحَكَ، إِنَّ شَأْنَهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ تُؤَدِّي صَدَقَتَهَا؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ البِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا". [2632، 3923، 6165 - مسلم: 1865 - فتح: 3/ 316] (الأوزاعي) هو عبد الرّحمن بن عمرو. (عن الهجرة) أي: أن يبايعه على الإقامة بالمدينة. (ويحك) كلمة رحمة وتوجع لمن وقع في هلكة لا يستحقها. (إن شأنها) أي: الهجرة، أي: القيام بحقها (شديد) لا يستطيع القيام بها إلا القليل، ولعلّها كانت متعذرة على السائل، أو شاقةٌ عليه، فلم يجبه إليها. (تؤدي صدقتها) أي: زكاتها. (من وراء البحار) أي: من وراء القرى، والمدن، وإلا فليس وراء البحار مساكن، والمقصود: اعمل الخير حيثما كنت، ولو كنت في أبعد مكان، فإن الله لا يضيع أجر احسانك (لن يترك) بكسر الفوقية، أي: لن ينقصك، وفي نسخةٍ: "لم يترك" بلم بدل (لن) وفي أخرى: "لن يترك" بسكون الفوقية، وضمِّ الراء، من الترك. (من عملك) أي: من ثوابه.

37 - باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده

37 - بَابُ مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ (باب: من بلغت عنده صدقة بنت مخاضٍ وليست عنده) برفع (صدقة)؛ فاعل (بَلَغَت) وهي مضافة إلرل ما بعدها، وفي نسخةٍ: "صدقةٌ" بالتنوين، فما بعدها منصوب، و (من) مبتدأ وخبره محذوف، أي: فليصعد أو فلينزل، كما يعلم ممّا يأتي. 1453 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةُ الجَذَعَةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ، وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الحِقَّةُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الحِقَّةُ، وَعِنْدَهُ الجَذَعَةُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الجَذَعَةُ، وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إلا بِنْتُ لَبُونٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ وَيُعْطِي شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الحِقَّةُ وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَيُعْطِي مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ". [انظر: 1448 - فتح: 3/ 316] (أمر الله رسوله) أي: بها. (من بلغت) مبتدأ خبره (فأنها) بالفتح، ودخلت الفاء فيه؛ لتضمن (من) معنى الشرط، وضمير (فأنها) للقصة. (والجذعة) هي الّتي لها أربع سنين؛ لأنها جذعت، أي: سقط مقدم أسنانها، و (الحِقة) [هي الّتي لها ثلاث سنين] (¬1). (وعنده بنت مخاض) ¬

_ (¬1) من (ج).

38 - باب زكاة الغنم

هي: الّتي لها سنة كما مَرَّ. وفي الحديث: خبر أن كلّ مرتبة بشاتين، أو عشرين درهمًا، وجواز النزول والصعود عند فقد الواجب إلى سن آخر يليه، وأن الخيار في الشاتين والعشرين للمعطي، سواء كان المالك، أم الساعي، أما في الصعود والنزول فللمالك في الأصح، وأن كلًّا من الشاتين والعشرين درهمًا أصل في نفسه، لا بدل؛ لأنه قد خير فيهما، وكان ذلك معلومًا لا يجري مجرى تعديل القيمة، لاختلاف ذلك في الأزمنة والأمكنة، فهو تعويض قدره الشارع [كالصاع] (¬1) في المصرَّاة والغرة في الجنين في تعذر الوقوف في مثل ذلك على مبلغ الاستحقاق، وليس فيه ما ترجم له، اكتفاءً بذكره له صريحًا فيما مَرَّ في باب: العرض في الزَّكاة، وقياسًا على ما ذكره هنا. 38 - بَابُ زَكَاةِ الغَنَمِ (باب: زكاة الغنم) الشاملة للضأن والمعز. [وحديث الباب مشتمل على بيان زكاة الإبل والورق أيضًا] (¬2). 1454 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المُثَنَّى الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَتَبَ لَهُ هَذَا الكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى البَحْرَيْنِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، "فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا، فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ، فَمَا دُونَهَا مِنَ الغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ ¬

_ (¬1) و (¬2) من (ج).

وَثَلاثِينَ، فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الجَمَلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَفِيهَا جَذَعَةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ يَعْنِي سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ، فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الجَمَلِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلا أَرْبَعٌ مِنَ الإِبِلِ، فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنَ الإِبِلِ، فَفِيهَا شَاةٌ وَفِي صَدَقَةِ الغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلاثِ مِائَةٍ، فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلاثِ مِائَةٍ، فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً، فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ العُشْرِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إلا تِسْعِينَ وَمِائَةً، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا". [انظر: 1448 - فتح: 3/ 317] (لما وجَّهَه إلى البحرين) أي: عاملًا عليهما، وهي: اسم لإقليم مشهور يشتمل على مدن معروفة قاعدتها هجر (¬1). (هذه فريضة) أي: نسختها، فحذف المضاف؛ للعلم به. (الّتي فرض) أي: فرضها (والتي أمر الله بها) في نسخة: "به" وعطف الجملة على ما قبلها عطف تفسير، وحذف في نسخة العاطف، والفارض والآمر هو الله حقيقة، لكن عبر في الثّاني بالآمر إشارة إلى الإيجاب، وهو ثابت بنص القرآن إجمالًا، وفي الأوّل بالفرض؛ لأنه التقدير وهو - صلى الله عليه وسلم - بين الإجمال، بتقدير، ¬

_ (¬1) البحرين: هكذا يتلفظ بها في حالة الرفع والنصب والجر ولم يسمع غيره إلا ما ورد عن الزمخشري تقول: هذه البحران، وانتهينا إلى البحرين. انظر معجم البلدان 1/ 346.

والأنواع، والأجناس. (فلا يعط) أي: فلا يعط الزائد على الواجب، وقيل: لا يعط شيئًا؛ لأنه خان بطلبه فوق الواجب. (في أربع وعشرين إلى آخره) بيان لقوله: (هذه فريضة الصَّدقة) والجار والمجرور خبر مبتدإِ محذوف، أي: زكاة، و (من) الأولى: بيانية لما قبلها، والثّانية: متعلّقة بالمبتدأَ المحذوف، والثالثة: تعليلية، وهي مع ما بعدها خبر و (شاة)، والثّانية ساقطة من نسخةٍ، فعليها (الغنم) مرفوع بالابتداء، وخبره (في أربع وعشرين) والثالثة مع مدخولها بيان. (إذا) في نسخةٍ: "فإذا" (بنت مخاض أنثى) ذكر (أنثى) هنا وفيما بعد تأكيد، كما تقول: رأيت بعيني، وسمعت بأذني. (طروقة الجمل) أي: يعلو على مثلها الفحل، يقال: طرقها الجمل، أي: ضربها، وفي نسخة: "الفحل" بدل الجمل، يعني: زاده هنا، إمّا لأن المكتوب لم يكن فيه العدد، أو أن الراوي الأوّل ترك ذكره، وفسره الراوي عنه توضيحًا. (إلا أن يشاء ربها) أي: أن يتطوع، كما هو بهذا اللّفظ في حديث الأعرابي (¬1). (وفي صدقة الغنم) خبر لقوله: بعد: (شاة). (في سلامتها) بدل ممّا قبله. (إذا كانت) في نسخة: "إذا بلغت". (شاتان) خبر مبتدإِ محذوف. أي: فزكاتها شاتان. (ثلاث) في نسخة: "ثلاث شياه". (فإذا زادت على ثلاثمائة) أي: مائة أخرى، فلا تجب الشياه الأربع إلا في أربعمائة شاة، وعن بعضهم إذا زادت على الثلاثمائة ¬

_ (¬1) انظر: الحديث قبل السابق.

39 - باب: لا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار، ولا تيس، إلا ما شاء المصدق

واحدة وجبت الأربع. (ناقصة) خبر كان. (شاة) تمييز. (واحدة) صفة لها، أو مفعول بـ (ناقصة)، قيل: ويحتمل أن تكون شاة مفعول بـ (ناقصة)، و (واحدة) وصف لها، والتمييز محذوف؛ للدلالة عليه. (وفي الرقة) بكسر الراء، وتخفيف القاف، أي: وفي مائتي درهم فأكثر من الرقة: هي الفضة مضروبة كانت أو لا، وأصله: ورق، حذفت الواو، وعوض عنها بالهاء. (فإن لم تكن) أي: الرقة. 39 - بَابٌ: لاَ تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلاَ ذَاتُ عَوَارٍ، وَلاَ تَيْسٌ، إِلَّا مَا شَاءَ المُصَدِّقُ (باب: لا تؤخذ في الصَّدقة) أي: الزَّكاة. (هرمة) بكسر الراء، أي: كبيرة السن. (ولا ذات عوار) بفتح العين: المعيبة بما يردّ به في البيع، وبضمها: العور في العين. (ولا تيس) هو فحل المعز. (إلا ما شاء المصدق) بتخفيف الصاد، أي: الساعي، وبتشديدها، أي: المالك، والاستثناء. (إلا من التيس) لأنه قد يزيد على خيار الغنم في القيمة؛ لطلب الفحولة، أو من الكل إذا رآه أنفع المستحقين، فالمنع في المذكورات محله: إذا كانت ماشيته كلها كذلك، والغرض، كما قال الخطابي: أن لا يأخذ الساعي شرار الأموال، كما لا يأخذ كرائمها، فلا يجحف بالمالك، ولا يزري بالمستحقين، وكذلك المالك لا يعطي الشرار، وإن جاز، بل يندب له إعطاء الكرائم (¬1)، وبسط الكلام على ذلك يطلب من كتب الفقه. ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 2/ 782.

40 - باب أخذ العناق في الصدقة

1455 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَتَبَ لَهُ [الصَّدَقَةَ] الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسٌ إلا مَا شَاءَ المُصَدِّقُ". [انظر: 1448 - فتح 3/ 321] (أمر الله ورسوله) أي: بها. 40 - بَابُ أَخْذِ العَنَاقِ فِي الصَّدَقَةِ (باب: أخذ العناق في الصَّدقة) أي: الزَّكاة، والعناق بفتح العين: الأنثى من المعز كما مر. 1456 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا". [انظر 14004 - مسلم: 20 - فتح: 3/ 322] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (ح) للتحويل. (والله لو منعوني عناقًا إلى آخره) مرَّ شرحه في باب: وجوب الزكاة (¬1). 41 - بَابُ لَا تُؤْخَذُ كَرَائِمُ أَمْوَالِ النَّاسِ فِي الصَّدَقَةِ 1457 - قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "فَمَا هُوَ إلا أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ". [انظر: 1400 - مسلم: 20 - فتح: 3/ 322] (باب: لا تؤاخذ كرائم أموال النَّاس) أي: نفائسها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (140) كتاب: الزَّكاة، باب: وجوب الزَّكاة.

42 - باب: ليس فيما دون خمس ذود صدقة

(في الصَّدقة) أي: في الزَّكاة. 1458 - حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ القَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى اليَمَنِ، قَال: "إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً [تؤخذ] مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ". [انظر: 1395 - مسلم: 19 - فتح: 3/ 322] (أمية بن بسطام) بكسر الموحدة. (عن أبي معبد) هو نافذ، بنون، وفاء، وذال معجمة. (على اليمن) في نسخة: "إلى اليمن". (تقدّم) بفتح الدال مضارع قدم بكسرها، أي: جاء. (فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله) أي: معرفته، كما في {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 56]، أي: يوحدون، و (أول) بالنصب خبر (يكن)، و (عبادة) بالرفع اسمها، ويجوز عكسه. (تؤخذ من أموالهم) (تؤخذ) ساقطة من نسخة. (فخذ) في نسخة: "خذ". (وتوق) أي: احذر، ومرَّ الحديث في أول الزَّكاة (¬1). 42 - بَابٌ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ (باب: ليس فيما دون خمس ذود صدقة) أي: زكاة. 1459 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1395) كتاب: الزَّكاة، باب: وجوب الزَّكاة.

43 - باب زكاة البقر

بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ". [انظر: 1405 - مسلم: 979 - فتح: 3/ 322] (عن محمّد بن عبد الرّحمن بن صعصعة) نسبة إلى جده، ونسب جده إلى جده، وإلا فهو محمّد بن عبد الله بن أبي صعصعة. (ليس فيما دون خمسة أوسق من التّمر صدقة إلخ) مرَّ شرحه (¬1). 43 - بَابُ زَكَاةِ البَقَرِ وَقَال أَبُو حُمَيْدٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ" وَيُقَالُ جُؤَارٌ: {تَجْأَرُونَ} [النحل: 53] "تَرْفَعُونَ أَصْوَاتَكُمْ كَمَا تَجْأَرُ البَقَرَةُ". (باب: زكاة البقر) أي: بيان وجوبها، والبقر: اسم جنس يكون للمذكر والمؤنث من بقرت الشيء إذا شققته؛ لأن البقر يبقر الأرض بالحراثة. (أبو حميد) اسمه: عبد الرّحمن [الساعدي] (¬2) (لأعرفن) في نسخة: "لا أعرفن" وهي المرادة من الأولى. (ما جاء الله رجل) (ما): مصدرية، أي: مجيء رجل الله. (ببقرة إلى آخره) ومعنى الجملتين: لا ينبغي أن تكونوا على هذه الحالة فأعرفكم بها غدًا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1405) كتاب: الزَّكاة، باب: ما أُدّي زكاته فليس بكنز. (¬2) في (أ): السوادي وما أثبتناه من (م).

(لها خوار) بخاء معجمة مضمومة: صوت، ويقال: جؤار، بجيم وهمزة: رفع الصوت، ومنه قوله تعالى في سورة المؤمنون: {يَجْأَرُونَ} [المؤمنون: 64]، (معناه): ترفعون أصواتكم، ذكر هذا على عادته عند وقوفه على غريب يقع مثله في القرآن أن يذكر تفسيره؛ تكثيرًا للفائدة. 1460 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ - أَوْ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، أَوْ كَمَا حَلَفَ - مَا مِنْ رَجُلٍ تَكُونُ لَهُ إِبِلٌ، أَوْ بَقَرٌ، أَوْ غَنَمٌ، لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا، إلا أُتِيَ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ، أَعْظَمَ مَا تَكُونُ وَأَسْمَنَهُ تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، كُلَّمَا جَازَتْ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولاهَا، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ " رَوَاهُ بُكَيْرٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [6638 - مسلم: 990 - فتح: 3/ 323] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (انتهيت) أي: قال أبو ذر: انتهيت. (إلى النَّبيّ) في نسخة: "انتهيت إليه، يعني: النَّبيّ" وفسر فيها ضمير (إليه) بالنبي، خلافًا لما وقع لشيخنا من أن الضمير لأبي ذر (¬1). (والذي نفسي بيده إلى آخره) فيه: تنبيه على أن أبا ذر لم يضبط ما حلف به النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (أعظم) بالنصب حال. (تطؤه بأخفافها، وتنطحه بقرونها) بكسر الطاء، والخف للإبل، والقرن للبقر والغنم، ففي ذلك مع ما قبله لف ونشر مرتب، ومرَّ في إثم مانع الزَّكاة (¬2) أن الغنم تأتي على صاحبها تطؤه، وتنطحه بقرونها، فزاد فيه الوطء بأظلافها على ما هنا. (ردت) بضم الراء، وفي ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 324. (¬2) سبق برقم (1402) كتاب: الزَّكاة، باب: إثم مانع الزَّكاة من حديث أبي هريرة.

44 - باب الزكاة على الأقارب

نسخة: بفتحها. (حتّى يقضي بين النَّاس) أي: يفرغ من حسابهم. (بكير) أي: ابن عبد الله بن الأشج. (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان. (عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) مراد البخاريّ بهذا: قال شيخنا: موافقة هذه الرِّواية لحديث أبي ذر في ذكر البقر؛ لأن الحديثين مستويان في جميع ما وردا فيه (¬1)، ومرَّ شرح الحديث في أول الزَّكاة (¬2). 44 - بَابُ الزَّكَاةِ عَلَى الأَقَارِبِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ القَرَابَةِ وَالصَّدَقَةِ". [انظر: 1466] (باب: الزَّكاة على الأقارب) أي: بيان استحبابها. (له) أي: المتصدق على أقاربه. 1461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَال أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَال: فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ" فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 324. (¬2) انظر: تخريج الحديث السابق.

تَابَعَهُ رَوْحٌ، وَقَال يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَإِسْمَاعِيلُ: عَنْ مَالِكٍ "رَايِحٌ". [2318، 2752، 2758، 2769، 4554، 4555، 5611 - مسلم: 998 - فتح: 3/ 325] (أبو طلحة) هو زيد الأنصاري. (من نخل) (من) بيانية. (أحب) بالنصب خبر (كان) (بيرحاء) اسمها، ويجوز العكس، وهو: اسم قبيلة، أو بستان، أو امرأة أو أرض، وفي ضبطها اضطراب، والذي في "نهاية ابن الأثير"، أما بفتح الباء وكسرها، وفتح الراء وضمها، والمدّ فيهما، وبفتحهما والقصر (¬1)، فجملتهما خمسة لا ثمانية، كما وقع لبعض الشراح، وكأنه تصرف في عبارة "النهاية"، وزاد بعضهم في ضبطها أكثر من ذلك. (أرجو برها) أي: خيرها (وذُخْرَهَا) بضم الذال المعجمة، أي: أجرها (فضعها يا رسول الله بها أراك الله) فوض تعيين مصرفها إليه لا وقفيتها (بخ) بفتح الموحدة، وسكون المعجمة، وكسرها بتنوين وضمها كذلك: كلمة تقال لتفخيم الأمر، والتعجب من حسنه، ومدحه، والرضى به؛ ولذا كررت (بخ) فهي للمبالغة فينون الأوّل، ويسكن الثّاني، وهو الاختيار، ويسكنان وينونان بكسر أو ضم، أو يشدد كذلك، فمن نونه شبهه بأسماء الأصوات، كصهٍ ومهٍ (مال ربح) بموحدة، أي: ذو ربح، وكلابن، وتامر، أي: يربح صاحبه في الآخرَة، أو مال مربوح، فاعل بمعنى مفعول (وبني عمه) من عطف الخاص على العام. وفي الحديث: إنفاق ما يحب، ومشاورة أهل الفضل في كيفية الصَّدقة والطاعة. ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 114.

ووجه مطابقته للترجمة، كما قال الكرماني: قياس الزَّكاة على صدقة التطوع (¬1). (تابعه) أي: عبد الله (روح) أي: ابن عبادة في قوله: (رابح) بالموحدة. (وإسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (رايح) بتحتية تقلب همزة، من الرواح، ضد الغدو، ومعناه كما قال النووي: رائح عليك منفعته وأجره في الآخرَة (¬2). واكتفى بالرواح عن الغدو؛ لعلم المضاف به، أو لأن المراد: مال من شأنه الرواح وهو الذهاب، فإذا ذهب في الخير فهو أولى. 1462 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَقَال: "أَيُّهَا النَّاسُ، تَصَدَّقُوا"، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَال: "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ" فَقُلْنَ: وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ، أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ، مِنْ إِحْدَاكُنَّ، يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ" ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ، جَاءَتْ زَيْنَبُ، امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ زَيْنَبُ، فَقَال: "أَيُّ الزَّيَانِبِ؟ " فَقِيلَ: امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَال: "نَعَمْ، ائْذَنُوا لَهَا" فَأُذِنَ لَهَا، قَالتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَ اليَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ". [انظر: 304 - مسلم: 80 - فتح: 3/ 325] ¬

_ (¬1) "البخاريّ بشرح الكرماني" 8/ 6. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 7/ 86.

45 - باب: ليس على المسلم في فرسه صدقة

(ابْن أبي مريم) هو: سعيد بن محمّد بن الحكم بن أبي مريم. (زيد) زاد في نسخة: "هو ابن أسلم". (في أضحى) أي: في عيد الأَضحى. (أو فطر) شك من الرواي (رأيتكن) في نسخة] (¬1): (أريتكن) بهمزة مضمومة. (وبما ذلك) في نسخة: "وبما ذاك". (اللعنة) أي: الشتم. (للب الرَّجل) في نسخة: "بلب الرَّجل". (الحازم) أي: الضابط لأمره. (زينب) أي: بنت معاوية، أو بنت عبد الله بن معاوية بن غياث. (فقيل) القائل هو: بلال، ومر شرح الحديث في باب: ترك الحائض الصوم (¬2). ووجه مطابقته للترجمة: شمول الصَّدقة للفرض والنفل، واحتج به على جواز دفع زكاة المرأة لزوجها الفقير، وهو مذهب الشّافعيّة، لكنه استشكل بأن إعطاءها ولدها يقتضي أن ذلك صدقة تطوع؛ لأن الزَّكاة لا تعطى لمن تلزم مؤنته، وأجيب: بأن الإضافة للتربية لا للولادة، فهو ولد زوجها دونها. 45 - بَابٌ: لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ (باب: ليس على المسلم في فرسه صدقة) أي: زكاة. 1463 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَغُلامِهِ صَدَقَةٌ". [1464 - مسلم: 982 - فتح: 3/ 326] (وغلامه) أي: عبده، والمراد بالفرس والغلام: الجنس، ¬

_ (¬1) من (ج). (¬2) سبق برقم (304) كتاب: الحيض، باب: ترك الحائض الصوم.

46 - باب: ليس على المسلم في عبده صدقة

فيشملان الواحد والمتعدد، نعم إذا كان للتجارة فيجب فيهما الزَّكاة قطعًا، كما هو مبين في محل آخر. 46 - بَابٌ: لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ صَدَقَةٌ (باب: ليس على المسلم في عبده صدقة) أي: زكاة، فهو مقيد بما مر آنفًا، وبغير زكاة الفطر. 1464 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ". [انظر: 1463 - مسلم: 982 - فتح: 3/ 327] (عن خثيم) بضم المعجمة، وفتح المثلثة. (ولا فرسه) في نسخة: [ولا أن فرسه]) (¬1). 47 - بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى اليَتَامَى (باب: الصدقةِ على اليتامى) الصادقة بالفرض والنفل. 1465 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُحَدِّثُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، فَقَال: "إِنِّي مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي، مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا". ¬

_ (¬1) من (ج).

فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ تُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُكَلِّمُكَ؟ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ؟ قَال: فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ، فَقَال: "أَيْنَ السَّائِلُ؟ " وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ، فَقَال: "إِنَّهُ لَا يَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ، إلا آكِلَةَ الخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وَبَالتْ، وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا المَال خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ المُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ المِسْكِينَ وَاليَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ - أَوْ كَمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ". [انظر: 921 - مسلم: 1052 - فتح: 3/ 327] (هشام) أي: الدستوائيُّ. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (ذاتَ يومٍ) الإضافةُ فيه من إضافة المسمَّى إلى اسمه، والمرادُ: قطعةٌ من الزّمان. (إنِّي ممّا) في نسخةٍ: "إنَّ مما" وما: موصولة، أو مصدرية. (ما يفتح) في محل نصب اسم (إن)، والجارُّ والمجرور قبله خبُرها. (من زهرةِ الدنيا وزينتها) أي: حسنِها وبهجتهِا، كمالِ الغنائمِ. (فقال رجلٌ) لم يسمَّ. (أَوَ يأتي الخيرُ بالشرِّ؟) الهمزة للاستفهام، والواو مفتوحةٌ للعطف على مقدَّرٍ، أي: يخاف علينا من الخير، ويأتي الخيرُ بالشرِّ، والمعني: أتصيرُ نعمةَ الله الّتي هي زهرة للدنيا عقوبةً ووبالًا؟، فأجاب - صلى الله عليه وسلم - بعدُ بما حاصله: أنَّ الخير الحقيقيَّ لا يأتي إلا بالخير، وهذه الزهرة ليست خيرًا حقيقيًّا؛ لما فيها من الفتنة، والمنافسة، والاشتغال عن كمال الإقبال على الآخرة، بل خيرٌ عَرَضِيٌّ، فإنها خيرٌ لمن أخذ منها يسيرًا، أو كثيرًا، لكن صرفه في مصارفه كما تتسلط، وشرٌّ لمن أخذها كثيرًا ولم يصرفه في مصارفه. (فسكت) أي: انتظارًا للوحي. (فرأينا) بفتح الراء والهمزة، أي:

فظننا، وفي نسخةٍ: (فرئينا) بضم الراء، وكسر الهمزة، وفي أخرى: "فأرينا" بتقديم همزة مضمومة على الراء. (الرحضاء) بضم الراء، وفتح المهملة، والضاد المعجمة، والمد: العرق الكثير. (أين السائلُ؟ وكأنه حمده) أي: وكأنه - صلى الله عليه وسلم - حمد السائل، فهم الحاضرون من سكوته عند سؤاله إنكاره - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ومن قوله: (أين السائلُ) حمده لما رأوا فيه من البشرى؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سُرَّ استنار وجهُه. إلَّا يأتي الخيرُ بالشرِّ) أي: إنْ ما قدَّر الله أن يكون خيرًا خيرٌ، وما قدَّر أن يكون شرًّا شرٌّ، وإنَّ الّذي أخافُ عليكم [ضره] (¬1) تضييعكم نعمةَ الله، وصرفكم إياها في غير ما أمر الله به، ولا يتعلّق ذلك بنفس النعمة، ثمّ ضرب لكلٍّ من شقِّي الخيرِ والشرِ مثلًا، وبدأ بمثل شقِّ الخير، فقال: (وإنَّ ممّا ينبتُ الرَبيعُ) إسناد الإنبات إلى الربيع مجازٌ، والفاعل الحقيقي هو الله، والمراد بالربيع: الجدولُ الّذي يسقى به، وجمعه: أربعاء. (يقتل) صلة لـ (ما) محذوفة، ومجموعه اسم (إن)، وزاد في نسخةٍ: "حبطًا" بفتح المهملة والموحدة، وبالنصب على التمييز: وهو داءٌ يصيب الإبل. (أو يُلم) بضم الياء، أي: يقرب من القتل. (إلا) بالتشديد استثنائية، وفي نسخةٍ: بالتخفيف استفتاحية، أي: ألا انظروا. (آكلة) بالمدِّ. (الخضراء) بفتح الخاء، وسكون الضاد. [المعجمتين، وبالمد: ضرب من الكلإِ أفضل المراعي، وفي نسخة: "الخضر" بكسر الضاد، وفي أخرى: "الخضر" بضم الخاء وفتح الضاد] (¬2) جمعُ خضرة، والاستثناءُ متصل، وهو من محذوف تقديره: ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (ج).

إنَّ ممّا ينبتُ الربيعُ ما يقتل آكله إلا أكلة الخضرِاء (أكلت) في نسخةٍ: "إنها أكلت". (خاصرتاها) أي: جنباها، أي: امتلأتْ شبعًا، وعظم جنباها (استقبلت عينَ الشمس) أي: لأن زمن شبعها هو الزمنُ الّذي يشتهى فيه استقبال الشّمسِ. (فثلطت) بمثلثة، وفتح اللام وكسرها، أي: ألقتْ السرقين سهلًا رقيقًا. (ورتعت) أي: اتسعتْ بأكلها في المرعى (وإنَّ هذا المال خضرةٌ) بتاء، كبقلة خضرة، وفي نسخةٍ: "خضر" بحذفها، سُمِّي بذلك؛ لحسنه، إذ الخضرة من أحسن الأنواع. (فنعم صاحبُ المسلم) أي: المال المصاحب. (له ما أعطى إلى آخره) هو المخصوصُ بالمدح، وفاعلُ نعم: (صاحبُ)، وفاعل أعطى: ضميرُ المسلم. (أو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -) شكٌّ من يحيى ثمّ ثنَّى بمثل شِقِّ الشرِّ فقال: (وإنه من يأخذه) أي: المال. (بغير حقه) بأنْ يجمعه من الحرام، ومن غير احتياج إليه، ولم يصرفه في مصارفه. (كالذي يأكل ولا يشبع) لأنَّه كلما نال منه شيئًا، ازداد فيه رغبةً، واستقل ما عنده، وطلب ما فوقه (ويكون شهيدًا عليه يوم القيامة) بأنْ ينطقه الله بما فعل فيه. وفي الحديثِ: الحثُّ على الاقتصاد في المال، وعلى الصدقةِ، وتركِ الإمساك، وجوازُ ضرب الأمثال، وسؤالُ التلميذ العالمَ عن المجملِ؛ ليبينه له، وأن السؤال إذا لم يكن في موضعه يُنكر على السائلِ، وأنَّ العالمَ يؤخر الجوابَ حتى ينكشف له بيانه، وأنَّ كسبَ المال من غير حلِّه غيُر مباركٍ فيه، وأنَّ للعالم أن يحذر مجالسه من فتنةِ المال، وينبه على مواضع الخوف، وبيان ما به الأمان.

48 - باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر

48 - بَابُ الزَّكَاةِ عَلَى الزَّوْجِ وَالأَيْتَامِ فِي الحَجْرِ قَالهُ أَبُو سَعِيدٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 304] (باب: الزَّكاة على الزوج والأيتام في الحجر) بفتح الحاء وكسرها. (قاله) أي: ما ذكر. 1466 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ زَيْنَبَ - امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَال: فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ، ح فَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ - بِمِثْلِهِ سَوَاءً - قَالتْ: كُنْتُ فِي المَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ" وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْتَامٍ فِي حَجْرِهَا، قَال: فَقَالتْ لِعَبْدِ اللَّهِ: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حَجْرِي مِنَ الصَّدَقَةِ؟ فَقَال: سَلِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى البَابِ، حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي، فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلالٌ، فَقُلْنَا: سَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي، وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي؟ وَقُلْنَا: لَا تُخْبِرْ بِنَا، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ، فَقَال: "مَنْ هُمَا؟ " قَال: زَيْنَبُ، قَال: "أَيُّ الزَّيَانِبِ؟ " قَال: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "نَعَمْ، لَهَا أَجْرَانِ، أَجْرُ القَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ". [مسلم: 1000 - فتح: 3/ 328] (زينب) بنت معاوية، أو بنت عبد الله بن معاوية. (قال) أي: الأعمش. (فذكرته) أي: الحديث. (لإبراهيم) أي: ابن يزيد النخعي. (عن أبي عبيدة) هو عامر بن عبد الله بن مسعود (بمثله) أي: بمثل الحديث. (سواء) بالنصب حال. (حليكن) بضم الحاء، وكسر اللام، وتشديد التحتية جمعًا، وبفتح الحاء، وسكون اللام مفردًا. (فقالت) في نسخةٍ: "قال: فقالت" (أيجزئ) بضم الياء، وهمزة آخره، وفي نسخةٍ:

بفتح الياء بغير همزة، أي: يكفي. (أيتامي) في نسخةٍ: "أيتام" (إلى النَّبيّ) في نسخةٍ: "إلى رسول الله" (فوجدت امرأة من الأنصار) اسمها أيضًا زينب (أيجزئ عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري) كان الظّاهر أن تقول: أيجزئ عنا أن ننفق على أزواجنا وأيتام لنا في حجورنا، لكنها أفردت الضمير مشاكلة لإفرادها له في قولها لزوجها: (سل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيجزئ عني أن أنفق). (وقلنا) في نسخة: "فقلنا". (لا تخبر بنا) بالجزم أي: تعين واحدة منا. (من هما؟) هذا السؤال منه - صلى الله عليه وسلم -هو المقتضي لبلال أن يعين إحدى المرأتين، وإن أمرتاه بأن لا يعين واحدة. "قال: زينب امرأة عبد الله) لم يذكر معها الأخرى؛ اكتفاءً باسم من هي أكبر وأعظم. (قال: نعم) في نسخة: "فقال: نعم". وجه مطابقة الحديث للترجمة: شمول الصَّدقة للفرض والنفل، كما مرَّ نظيره، مع فوائد في باب: الزَّكاة على الأقارب (¬1). 1467 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِيَ أَجْرٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى بَنِي أَبِي سَلَمَةَ، إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ؟ فَقَال: "أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ، فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ". [5369 - مسلم: 1001 - فتح: 3/ 328] (عثمان بن أبي شيبة) نسبة لجده، وإلا فهو عثمان بن محمّد بن أبي شيبة، واسمه: إبراهيم. (عبدة) أي: ابن سليمان. (هشام) أي: ابْن عروة. (وابنة) في نسخة: "بنت". (أم سلمة) بفتح السين واللام. (قالت) أي: زينب. (لكن) في نسخة: "عن أم سلمة قالت" وهو ¬

_ (¬1) مر معلقًا قبل الرِّواية (1461) كتاب: الزَّكاة، باب: الزَّكاة على الأقارب.

49 - باب قول الله تعالى: {وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله} [التوبة: 60]

الصواب، فالقائل: أم سلمة؛ لأن زينب ابنتها. (إنّما هم بني) أي: من أبي سلمة، الّذي كان زوجها قبل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصله: بنون، فلما أضيف إلى ياء المتكلم، سقطت نون الجمع، فصار بنوي، فاجمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياءً ثمّ أدغمت في الياء، فصار (بنيَّ) بضم النون، وتشديد الياء، ثمّ أبدلت الضمة كسرة، فصار (بني). (فلك أجر ما أنفقت عليهم) بإضافة) أجر) لتاليه، فـ (ما): موصولة، ويجوز تنوينه فـ (ما) ظرفية. 49 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "يُعْتِقُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَيُعْطِي فِي الحَجِّ" وَقَال الحَسَنُ: "إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ جَازَ وَيُعْطِي فِي المُجَاهِدِينَ وَالَّذِي لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ تَلا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] الآيَةَ فِي أَيِّهَا أَعْطَيْتَ أَجْزَأَتْ " وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ خَالِدًا احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي لاسٍ، "حَمَلَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِلْحَجِّ". (باب: قول الله تعالى {وَفِي الرِّقَابِ}) أي: وللصرف في فك الرقاب، بأن يعان المزكى المكاتب الّذي ليس له ما يفي النجوم بشيء من الزَّكاة على وفاء النجوم، وقيل: بأن يبتاع الرقاب بشيء من الزَّكاة فيعتقها، وإليه ميل البخاريّ. ({وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}) أي: وللصرف في الجهاد بالإنفاق على المتطوعة به، ولو كانوا أغنياء؛ لخبر ابن ماجة

وغيره: "لا تحل الصَّدقة لغني إلا لخمس: لعامل عليها، أو لغازٍ في سبيل الله، أو غني اشتراها بماله، أو فقير تصدق عليه، فأهدى لغني أو غارم" (¬1). (يعتق) أي: المزكى. (من زكاة ماله) بأن يبتاع ببعضها رقابًا ويعتقها. (في الحجِّ) أي: ويعطي للحاج من زكاته في الحجِّ المفروض، وقياس ما مرَّ آنفًا أن يقال: ولو كان غنيًّا، لكنه مخالف للخبر السابق، ولما عليه الأكثر. (قال الحسن) أي: البصري. (إن اشترى أباه من الزَّكاة) فأعتقه جاز. (ويعطي) أي: منها. (في المجاهدين) أي: المتطوعين بجهادهم. (والذي) أي: ويعطي الّذي لم يحج إن كان فقيرًا. (ثمّ تلا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية [التوبة: 60]) ليأخذ منها إن كان فقيرًا. (في أيها أعطيت أجزأت) أي: قضت، وهذا مصير منه إلى أن اللام في الفقراء؛ لبيان المصرف لا للتمليك، فلو صرف الزَّكاة في صنف واحد كفى، والجمهور على خلافه. (وأجزأت) بسكون الهمزة، وفتح التاء، وفي نسخة: بفتح الهمزة وسكون التاء، وفي أخرى: بغير همز، مع تسكين التاء، وفي أخرى: "أجرت" بضم الهمزة، وكسر الجيم، وسكون الراء: من الأجر. (أدراعه) في نسخة: "أدرعه". ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (16306) كتاب: الزَّكاة، باب: من يجوز له أخذ الصَّدقة وهو غني. "سنن ابن ماجة" (1841) كتاب: الزَّكاة، باب: من تحل له الصَّدقة. وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود" 5/ 337 (1445): إسناده صحيح مرسلًا ومسندًا ورجح طائفة من الأئمة المسند وصححه جماعة منهم ابن خزيمة وابن الجارود والحاكم والذهبي.

(عن أبي لاس) زاد في نسخة: "الخزاعي" واسمه: عبد الله، وقيل: زياد بن عنمة. 1468 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ، فَقِيلَ مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إلا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا، فَأَغْنَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ: فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَعَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا " تَابَعَهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَال ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، "هِيَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهَا مَعَهَا" وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ: حُدِّثْتُ عَنِ الأَعْرَجِ بِمِثْلِهِ. [مسلم: 983 - فتح: 3/ 331] (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزِّناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو [عبد الرّحمن] (¬1) بن هرمز. (بالصدقة) في نسخة: "بصدقة" والمراد بها: صدقة الفرض، كما يشعر به خبر مسلم: بعث رسول الله عمر ساعيًا على الصَّدقة (¬2). لأن صدقة التطوع لا يبعث عليها السعاة. (فقيل) القائل: عمر؛ لأنه المرسل. (منع) أي: الزكاة. (ابْن جميل) بفتح الجيم، قيل: اسمه: حميد، وقيل: عبد الله. (ينقم) بكسر القاف مضارع نقم بفتحها، يقال: نقم بالكسر ينقم بالفتح، ¬

_ (¬1) في (أ): [عبد الله] وما أثبتناه من (م). (¬2) "صحيح مسلم" (983) كتاب: الزَّكاة، باب: في تقديم الزَّكاة ومنعها.

أي: ينكر (إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله ورسوله) أي: لا ينبغي له أن يمنع الزَّكاة، وقد كان فقيرًا فأغناه الله إذ هذا ليس جزاء النعمة، والاستثناء مفرغ، ومحل المستثني نصب بالمفعولية، أي: لا ينقم شيئًا من أمر الزَّكاة (¬1) إلا أن يكفر النعمة، فكأن غناه أداه لذلك. (وأما خالد، فإنكم تظلمون خالدًا) عبر في الثّاني بالظاهر بعد أن يقول (تظلمونه) بالضمير على الأصل؛ تفخيمًا لشأنه نحو {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)} [القارعة: 3]. (قد احتبس) أي: فإنّه وقف قبل الحول. (أدراعه) جمع درع: وهو الزردية، كما مرَّ. (وأعتده) مر بيانه في باب: العرض في الزَّكاة. (وأما العباس) دخلت (ال) عليه مع أنه علم؛ للمح الصِّفَة. (فعم) في نسخة: بلا فاء، وهي أحسن، وجواب (أما) قوله بعد: (فهي ... إلى آخره)، وفي وصفه بأنه عمه: تنبيه على تفخيمه واستحقاق إكرامه. (فهي) أي: الصَّدقة المطلوبة عليه. (صدقة) أي: ثابتة عليه سيتصدق بها. (ومثلها معها) أي: ويضم إليها مثلها كرمًا منه، فيكون - صلى الله عليه وسلم - ألزمه بتضعيف صدقته؛ ليكون ذلك أرفع لقدره، وأنفى للكذب عنه وبهذا والذي في مسلم: "فهي علي ومثلها" (¬2) وهو يدلُّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - التزم بإخراج ذلك عنه؛ لأنه كان قد استسلف منه صدقة عامين. (تابعه) أي: تابع الأعرج على ثبوت لفظ: (الصَّدقة). (ابْن أبي الزِّناد) هو عبد الرّحمن. (وقال ابن إسحاق) اسمه: محمّد. ¬

_ (¬1) سبق قبل الحديث رقم (1448) كتاب: الزَّكاة، باب: العرض في الزَّكاة. (¬2) "صحيح مسلم" (983) كتاب: الزَّكاة، باب: في تقديم الزَّكاة ومنعها.

50 - باب الاستعفاف عن المسألة

(هي عليه، ومثلها معها) أي: بدون ذكر الصَّدقة. (ابْن جريج) هو عبد الملك. (حدثت) بالبناء للمفعول. (بمثله) في نسخة: "مثله" أي: مثل ما رواه ابن إسحق بدون لفظ: (الصدقة). 50 - بَابُ الاسْتِعْفَافِ عَنِ المَسْأَلَةِ (باب: الاستعفاف عن المسألة) أي: في غير المصالح الدينية، وفي نسخة: "في " بدل (عن). 1469 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَال: "مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ". [6470 - مسلم: 1053 - فتح: 3/ 335] (ثمّ سألوه فأعطاهم) زاد في نسخة: "ثمّ سألوه فأعطاهم ثمّ سألوه فأعطاهم". (نفد) بكسر الفاء، وبدال مهملة، أي: فرغ وفني (ما يكون عندي من خير) ما: موصولة متضمنة معنى الشرط، وجوابه: (فأدَّخره عنكم) بتشديد الدال المهملة، وجاء أيضًا بإعجامها مدغمًا وغير مدغم، وأصله في الإدغام: الادتخار، قلبت التاء دالًا مهملة على اللُّغة الأولى، ومعجمة على الثّانية، والمعنى: فلا أجعله ذخيرة لغيركم، أو فلا أحتازه وأمنعكم إياه. (ومن يستعفف) في نسخة: "ومن يستعف" بفاء واحدة مشددة، أي: من يطلب العفة: وهو الكف عن ما لا ينبغي. (يعفه الله) أي: يرزقه العفة عن ذلك. (ومن يستغن) أي: يظهر الغني. (ومن يتصبر)

أي: يتكلف الصبر على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا. (عطاءً) مفعول ثانٍ لأعطي. (خيرًا) بالنصب: صفة عطاء، وبالرفع؛ خبر مبتدإٍ. (وأوسع) عطف على (خيرًا). (من الصبر) أي: لأنه جامع لمكارم الأخلاق، وهذا اللّفظ تنازع فيه العاملان قبله. 1470 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا، فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ". [1480، 2074، 2374 - مسلم 1042 - فتح: 3/ 335] (والذي نفسي بيده) قسم، وإنّما أقسم؛ لتقوية الأمر، وتأكيده. 1471 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ". [2075 - 2373 - فتح: 3/ 335] (حبله) في نسخة: "أحبله" بالجمع. (خير له. إلى آخره) وليس (خير) هنا أفعل تفضيل، بل هو كقوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} [الفرقان: 24]. (أعطاه أو منعه) لأنه في الأوّل: حمله ثقل المنة مع ذل السؤال، وفي الثّاني: اكتسب الذل والحرمان. (حَدَّثَنَا موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (وهيب) أي: ابن خالد. (هشام) أي: ابن عروة. (بحزمة الحطب) في نسخة: "بحزمة حطب". (فيبيعها فيكفَّ)

بنصبهما عطف على (يأخذ). (الله) فاعل يكف، أي: فيمنع الله. (بها) بالحزمه. (وجهه) أي: من أن يريق ماءه بالسؤال من النَّاس، فهو إن لم يجد من الحرف إلا الاحتطاب، فهو خير له من أن يسال النَّاس أمرًا دنيويًّا. وفي الحديث: فضيلة الاكتساب بعمل اليد، حتّى قيل: إنّه أفضل المكاسب، وقال الماوردي: أصول المكاسب: الزراعة والتجارة والصناعة، ومذهب الشّافعيّ: أما التجارة، والأشبه عندي: أن الزراعة أطيب؛ لأنها أقرب إلى التوكل انتهى. قال النووي في "مجموعه": في صحيح البخاريّ عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يكل من عمل يده ... " الحديث، فالصواب: ما نصّ عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو عمل اليد، فإن كان زراعًا، وإن كان متمكنًا لا يعمل بيده، بل بغلمانه وأجرائه، فهو أطيب المكاسب وأفضلها؛ لأنه عمل يده؛ ولأن فيه توكلًا كما ذكره الماوردي؛ ولأن فيه نفعًا عامًّا للمسلمين والدواب؛ ولأنه لا بد في العادة أن يؤكل منه بغير عوض فيحصل له أجره (¬1). 1472 - وحَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَال: "يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَال خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى"، قَال حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ ¬

_ (¬1) انظر: "المجموع" 9/ 54.

شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى العَطَاءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَال عُمَرُ: إِنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ. [2750، 3143، 6441 - مسلم: 1035 - فتح: 3/ 335] (عبدان) أي: ابن عثمان بن جبلة. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (إن هذا المال) أي: في الميل إليه، وحرص النفوس عليه، كفاكهة متصفة بأنها خضرة في المنظر، حلوة في الذوق، وكلٌّ منهما يمال إليه على انفراده، فكيف إذا اجتمعا. (فمن أخذه) في نسخة: "فمن أخذ" أي: المال. (بسخاوة نفس) أي: بطيبها من غير حرص عليه. (بإشراف نفس) أي: بتعرضها له، وإطلاعها عليه. (كالذي يأكل ولا يشبع) أي: كذي الجوع الكاذب، ويسمى: جوع الكلب، كلما ازداد أكلًا. ازداد جوعًا. (اليد العليا) أي: المنفقة. (خير من اليد السفلى) أي: السائلة. (لا أرزأ) براء فزاي، أي: لا أنقص، وقيل: لا أصيب، يقال: أرزأته خيرًا، أي: أصبته منه. (بعدك) أي: بعد سؤالك. (من هذا الفيء) أصله: الخراج والغنيمة، ثمّ صار عرفًا للفقهاء فيما حصل من الكفار بغير قهر وقتال. وفي الحديث: جواز إعطاء السائل من مال واحد مرتين، وموعظته، والحث على الاستغناء عن النَّاس بالصبر والتوكل على الله، وأنه لا يجبر أحد على الأخذ، وإنَّما أشهد عمر على حكيم؛ خشية سوء تأويله، فبرأ ساحته بالإشهاد. وفيه: ذم السؤال، قال النووي: اتفق العلماء على النّهي عن السؤال من غير ضرورة، واختلف أصحابنا في

51 - باب من أعطاه الله شيئا من غير مسألة ولا إشراف نفس

مسألة القادر على الكسب على وجهين أصحهما: إنّه حرام؛ لظاهر الأحاديث، والثّاني: حلال مع الكراهة بثلاثة شروط: أن لا يذل نفسه، ولا يلح في السؤال، ولا يؤذي المسئول، فإن فقد أحد هذه الشروط، فحرام بالاتفاق (¬1). 51 - بَابُ مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ (باب: من أعطاه الله) أي: شيئًا. (من غير مسألة ولا إشراف نفس) فليقبله، وزاد في نسخة بعد التّرجمة: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)}. [أي: المتعفف الّذي لا يسأل، وزاده في أخرى قبلها، وفي أخرى: "باب: في قوله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)}] (¬2). 1473 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي العَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَال: "خُذْهُ إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ شَيْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ، فَخُذْهُ وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ". [7163، 7164 - مسلم: 1045 - فتح: 3/ 337] (غير مشرف) أي: غير متطلع إليه، حريص عليه. (فلا تتبعه نفسك) أي: في طلبه، واتركه. وفي الحديث: منقبة لعمر، وبيان زهده في الدنيا، وأن للإمام أن يعطي الرَّجل وغيره أحوج منه، وإن أخذ ما جاء من الحلال بلا سؤال خير من تركه، وأن رد عطاء الإمام ليس من الأدب. ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 7/ 127. (¬2) من (ج).

52 - باب من سأل الناس تكثرا

52 - بَابُ مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا (باب: من سأل النَّاس تكثرًا) أي: من أجل تكثير ماله [لا لحاجة فهو مذموم. (ما يزال الرَّجل يسأل النَّاس) أي: تكثرًا وهو غني] (¬1). 1474 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، قَال: سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ". [1475 - مسلم: 1040 - فتح: 3/ 338] (ليس في وجهه مزعة لحم) بضم الميم، وحكي كسرها وفتحها، أي: قطعة من اللّحم، وخص الوجه بهذا؛ لأن الجناية به وقعت؛ لأنه بذل من وجهه ما أمر بصونه، وقال الخطابي: يحتمل أن يأتي يوم القيامة ذليلًا ساقطًا، لا قدر له، فهو: كناية عن ذلك، كما يقال: فلان ليس له وجه عند النَّاس (¬2). 1475 - وَقَال: "إِنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ القِيَامَةِ، حَتَّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَزَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ: "فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بَيْنَ الخَلْقِ، فَيَمْشِي حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقَةِ البَابِ، فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا، يَحْمَدُهُ أَهْلُ الجَمْعِ كُلُّهُمْ". [4718] وَقَال مُعَلًّى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْأَلَةِ. [انظر: 1474 - مسلم: 1040 - فتح: 3/ 388] ¬

_ (¬1) من (ج). (¬2) "أعلام الحديث" 2/ 802.

53 - باب قول الله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا} [البقرة: 273] وكم الغنى

(إن الشّمس تدنو إلى آخره) وجه اتصاله بما قبله: أن الشّمس إذا دنت، يكون أذاها لمن لا لحم له في وجهه أكثر وأشد من غيره. (وزاد عبد الله بن صالح) وقيل: عبد الله بن وهب، ولفظ: (ابْن صالح) ساقط من نسخة، بل ولفظ: (زاد إلى آخره) ساقط من أخرى. (ابْن أبي جعفر) هو عبيد الله. (بحلقة الباب) أي: باب الجنَّة، وهو مجاز عن القرب من الله تعالى. (مقامًا محمودًا) هو مقام الشفاعة العظمى (أهل الجمع) أي: أهل المحشر، الّذي يجمع فيه الأولون والآخرون. (عن حمزة) أي: ابن عبد الله بن عمر. 53 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] وَكَمُ الغِنَى وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ" لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ} [البقرة: 273] إِلَى قَوْلِهِ {فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215]. (باب: قول الله تعالى {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}) أي: إلحاحًا، بأن يلازم المسئول حتّى يعطيه، ومعناه: أنهم يسألون، ولا يلحون في المسألة أو لا يسالون أصلًا، كقولهم: لا ضب بها ينجحر أي: لا ضب ولا انجحار، أي: لا يكون منهم سؤال، حتّى يكون فيه إلحاف. (وكم الغنى) أي: مقداره المانع من السؤال، ولم يصرح به في الحديث، فقيل: هو قدر ما يغديه ويعشيه، وقيل: ما يكفي غداءً وعشاءً دائمًا. (وقول النَّبيّ) بالجر عطف على قول الله، ومقوله قوله: (ولا يجد غنى) بكسر الغين، والقصر: اليسار (يغنيه) أي: السائل جوازًا هو من

لا يجد ذلك ({لِلْفُقَرَاءِ}) في نسخةٍ: "لقول الله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ} متعلّقٌ بمحذوف، أي: اجعلوا صدقاتكم للفقراء المذكورين ({أُحْصِرُوا}) أي: حصرهم الجهاد ({لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ}) ساقط من نسخة. 1476 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الأُكْلَةَ وَالأُكْلَتَانِ، وَلَكِنِ المِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى، وَيَسْتَحْيِي أَوْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا". [1479، 4539 - مسلم: 1039 - فتح: 3/ 340] (ليس المسكين) بكسر الميم أكثر من فتحها، أي: الكامل في المسكنة. (الأكلة والأكلتان) بضم الهمزة فيهما، أي: اللقمة واللقمتان. (ولكن المسكين) بتخفيف نون (ولكن) مرفوع، وبتشديدها فهو منصوب. (الّذي له غنى إلى آخره) فسر المسكين بما ذكره، وفسره فقهاؤنا بمن يقدر على مال، أو كسب يقع موقعًا من حاجته، ولا يكفيه، وقوله: (ويستحيى) بياءين، وبياء واحدة. 1477 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنِي كَاتِبُ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَال: كَتَبَ مُعَاويَةُ إِلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا: قِيلَ وَقَال، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ". [انظر: 844 - مسلم: 593 سيأتي بعد الحديث 1715 - فتح: 3/ 340] (عن ابن أشوع) بفتح الهمزة، وسكون المعجمة، وفتح الواو، وآخره عين مهملة نسبة لجده، وإلا فهو سعيد بن عمرو بن أشوع. (عن الشّعبيّ) هو عامر بن شراحيل.

(كاتب المغيرة) اسمه: وراد بتشديد الراء، وبدال مهملة. (من رسول الله) في نسخةٍ: "من النبي". (قيل، وقال) فعلان، أو مصدران، لكن كتبا بغير ألف على لغة ربيعة، والمراد: المقاولة بلا ضرورة؛ فإنها تقسي القلوب، أو المراد: ذكر الأقوال الواقعة في الدين، كأن يقول: قال الحكماء: كذا، وقال أهل السنة: كذا من غير بيان، ما هو إلا الأقوى، ويقلد ما سمعه من غير أن يحتاط، قال صاحب "المحكم": القول في الخير، والقيل والقال في الشر خاصّة. (وإضاعة المال) في نسخة: "وإضاعة الأموال" وذلك بصرف المال في المعاصي، والإسراف فيه كدفعه لسفيه، أو تركه من غير حافظ له، أو بتركه حتّى يفسد. (وكثرة السؤال) أي: للناس في أخذ أموالهم صدقة، أو في المشكلات الّتي تعبدنا بظاهرها، أو عن ما لا حاجة للسائل به، كما في {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85]؛ ولهذا قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [المائدة: 101]، فهذا مذموم، بخلاف السؤال عن ما يحتاج إلى معرفته في الدين نحو: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} [البقرة: 215]. 1478 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ، قَال: فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ رَجُلًا لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا؟ قَال: "أَوْ مُسْلِمًا" قَال: فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا؟ قَال: "أَوْ مُسْلِمًا". قَال: فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ عَنْ

فُلانٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، قَال: "أَوْ مُسْلِمًا" يَعْنِي: فَقَال: "إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ" وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ بِهَذَا، فَقَال: فِي حَدِيثِهِ، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، فَجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِي وَكَتِفِي، ثُمَّ قَال: "أَقْبِلْ أَيْ سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ". [انظر: 27 - مسلم: 150 - فتح: 3/ 340] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {فَكُبْكِبُوا} [الشعراء: 94]: قُلِبُوا، فَكُبُّوا {مُكِبًّا} [الملك: 22]: أَكَبَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أَحَدٍ، فَإِذَا وَقَعَ الفِعْلُ، قُلْتَ: كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ، وَكَبَبْتُهُ أَنَا. (محمّد بن غرير) بضم الغين، وفتح الراء الأولى: هو ابن الوليد. (رهطًا) هو ما دون العشرة من الرجال. (منهم) أي: من الرهط، وفي نسخة: "فيهم". (رجلًا) هو جعيل بن سراقة. (أعجبهم) أي: أفضل الرهط الحاضرين وأصلحهم. (لأراه) أي: لأظنه، وبفتحها أي: لأعلمه. (أو مسلمًا) بسكون الواو، وعلى الإضراب، أي: بل مسلمًا، فاحكم بالظاهر، ولا تقطع بإيمانه، إذ الباطل لا يعلمه إلا الله، وليس ذلك حكمًا بعدم إيمانه، بل نهي عن الحكم بالقطع به. (قال: أو مسلمًا) في نسخة، وفيما يأتي: "أو قال: مسلمًا". (ما أعلم فيه) في نسخة: "ما أعلم منه". (يعني: فقال) ساقط من نسخة، ومرَّ شرح الحديث في باب: إذا لم يكن الإسلام على الحقيقية (¬1). (وعن أبيه) عطف على (عن أبيه) السابق، أي: وقال يعقوب بن إبراهيم عن أبيه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (27) كتاب: الإيمان، باب: إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة.

(هذا) في نسخة: "بهذا" أي: الحديث. (في حديثه) أي: في جملة حديثه. (فجمع بين عنقي وكتفي) في نسخة: "جمع" بلا فاء، وفي أخرى: "بجمع" بموحدة، وجيم مضمومة في محل نصب على الحال، أي: ضرب بيده حالة كونها مجموعة، وفي أخرى: "مجمع" بوزن: مفعل، وعليها فيكون مضافًا إلى (بين) اسمًا لا ظرفًا، كقوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94]، على قراءة الرفع. (أقبل) بهمزة مفتوحة، وبكسر الموحدة: من الإقبال، كأنه لما قال له، تولى ليذهب، فأمره بالإقبال؛ ليبين له وجه الإعطاء والمنع، وفي نسخة: "اقبل" بهمزة وصل تكسر في الابتداء، وبفتح الموحدة من القبول، أي: لا تعترض. (أي سعد) منادى بأي. (قال: أبو عبد الله) أي: البخاريّ، جريًا على عادته في إيراد تفسير اللفظة العربيّة الواقعة في القرآن، إذا وافقها ما في الحديث. ({فَكُبْكِبُوا}) في سورة الشعراء، أي: (فكبوا) بضم الكاف من الكب: وهي الإلقاء على الوجه، وفي نسخة: "قلبوا" بقاف مضمومة، ولام مكسورة. ({مِكِبًّا}) في سورة الملك، أي: منقلبًا على وجهه، يقال: (أكب الرَّجل إذا لم يكن فعله غير واقع على أحد) فيكون لازمًا. (فإذا وقع الفعل) على أحد. (قلت: كبه الله لوجهه، وكببته أنا) فيكون متعديًا، والحاصل: أن كب متعدٍ، وأكب: لازم، وهو غريب أن يكون القاصر بالهمز، والمتعدي بحذفه، ويجوز أن تكون همزة أكب: للصيرورة. 1479 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنِ المِسْكِينُ الَّذِي

54 - باب خرص الثمر

لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ بِهِ، فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ". [انظر: 1476 - مسلم: 1039 - فتح 3/ 341] (ولا يفطن به) بضم الياء، وفتح الطاء، أي: لا يعلم بحاله، وفي نسخة: "ولا يفطن له" ومرَّ شرح الحديث آنفًا (¬1). 1480 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ ثُمَّ يَغْدُوَ - أَحْسِبُهُ قَال: إِلَى الجَبَلِ - فَيَحْتَطِبَ، فَيَبِيعَ، فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ " قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ قَدْ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ". [انظر: 1470 - مسلم: 1042 - فتح: 3/ 341] (أبو صالح) هو ذكوان الزيات. (إلى الجبل) هو موضع الحطب، و (إلى) متعلّق بـ (يغدو). (صالح بن كيسان أكبر) أي: سنًّا. (من الزّهريِّ) لأنه عاش مائة وستين سنة، وأراد البخاريّ بذلك أن الحديث من رواية الأكابر عن الأصاغر. 54 - بَابُ خَرْصِ الثَّمَرِ (باب: خرص التّمر) بمثناة، وميم ساكنة، وفي نسخة: بمثلثة، وميم مفتوحة، والخرص: بفتح المعجمة، وقد تكسر: حرز ما على النخل من الرطب تمرًا، وأصل الخرص: الظن؛ لأنه تقدير بظن. 1481 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ القُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "اخْرُصُوا". ¬

_ (¬1) سبق قبل حديثين.

وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، فَقَال لَهَا: "أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا" فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَال: "أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُومَنَّ أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ" فَعَقَلْنَاهَا، وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ، وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ، فَلَمَّا أَتَى وَادِيَ القُرَى قَال لِلْمَرْأَةِ: "كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ" قَالتْ: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى المَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي، فَلْيَتَعَجَّلْ" فَلَمَّا قَال ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا: أَشْرَفَ عَلَى المَدِينَةِ قَال: "هَذِهِ طَابَةُ" فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَال: "هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ" قَالُوا: بَلَى، قَال: "دُورُ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ دُورُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دُورُ بَنِي سَاعِدَةَ - أَوْ دُورُ بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ - وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ - يَعْنِي - خَيْرًا". [1872، 3161، 3791، 4422 - مسلم: 1392 (كتاب الفضائل - باب (3) بعد حديث 706 - فتح: 3/ 343] عن عبّاس بموحدة، ومشددة، وسين مهملة، أي: ابن سهل. (عن أبي حميد) اسمه: المنذر، أو: عبد الرّحمن. (وادي القرى) بضم القاف: مدينة بين المدينة والشام (¬1). (إذا امرأة) صوغ الابتداء بالنكرة؛ الاعتماد على (إذا) الفجائية. (في حديقة) سيأتي تفسيرها. (اخرصوا) بضم الراء. (أحصي) بفتح الهمزة: من الإحصاء: وهو العد، أي: احفظي. (ما يخرج منها) أي: قدره. (أما) بتخفيف الميم. (إنها) بكسر الهمزة، إن جعلت (أما) بمعنى حقًّا، وبفتحها إن جعلت استفتاحية. (فليعقله) أي: يشده. (بالعقال) أي: الحبل. ¬

_ (¬1) وادي القرى: هو من أعمال المدينة والنسبة إليه واديّ، وفتحها النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سنة سبعٍ عنوة ثمّ صولحوا على الجزية. انظر: "معجم البلدان" 5/ 345.

(فعقلناها) في نسخة: "ففعلنا". (بجبل طيءٍ) في نسخة: "بجبلي طيءٍ" واسمها: أجأ، بهمزتين بينهما جيم مفتوحة، بوزن فعل، وسلمى، بسكون اللام، بوزن فعلى. (ملك أيلة) اسمه: يُوحنا، بضم التحتية، وفتح المهملة، وتشديد النون، واسم أبيه: روبة، واسم أمه: العلماء. (وأيلة) بفتح الهمزة وسكون التحتية: بلدة بساحل [البحر] (¬1). (بغلة بيضاء) اسمها: دلدل، أما البغلة الّتي كان عليها في حنين وتسمى الندا فأهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، كما في مسلم (¬2) واحدة له غير هاتين: بغلة من النجاشي، وبغلة من كسرى، وبغلة من صاحب دومة الجندل. (وكساه) أي: كسى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ملك أيلة (¬3) (بردًا وكتب له ببحرهم) في نسخة: "ببحرتهم" أي: بأرضهم وبلدهم، قال الكرماني: كأنه - صلى الله عليه وسلم - أقطع هذا الملك من بلاده قطائع، وفوض إليه حكومتها (¬4). (كم جاءت) في نسخة: "كم جاء". (حديقتك) أي: ثمرها. (عشرة أوسق) بنصبه بنزع الخافض، أي: بمقدار ذلك، أو بأنه خبر (جاء)، بإجرائه مجرى كان. (خرص رسول الله) بنصبه بدل من (عشرة)، أو بيان لها، وبرفعهما الأوّل بالخبرية، والثّاني بالبدلية أو البيان، أو بالخبرية، ¬

_ (¬1) من (ج). (¬2) "صحيح مسلم" (1775) كتاب: الجهاد والسير، باب: في غزوة حنين. (¬3) أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم ممّا يلي الشّام، وكانت مدينة لليهود والذين حرم الله عليهم صيد السمك يوم السبت فعصوا. انظر "معجم البلدان" 1/ 292. (¬4) "البخاريّ بشرح الكرماني" 8/ 27.

لمحذوف، أي: الحاصل عشرة أوسق إلى آخره، أو: عشرة أوسق خرص رسول الله. (فلما) مقول ابن بكار. (قال: ابن بكار) مقول البخاريّ. (كلمة) بالنصب: مقول ابن بكار. (معناها) في نسخة: "معناه". (طابة) أي: المدينة، فهو من أسمائها، كطيبة، وكان أسمها يثرب، فسماها النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (جبيل) بالتصغير، وفي نسخة: "جبل" بالتكبير. (يحبنا) حقيقة، بأن جعل الله فيه إدراكًا ومحبة، كما في تسبيح الحصا، وحنين الجذع (¬1)، وقيل: مجازًا، والمراد: أهله، وهم أهل المدينة، كما في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]، أي: أهلها. (ألا) للتنبيه. (دور الأنصار) أي: القبائل الّتي يسكنون الدور، أي: المحال. (وفي كلّ دور الأنصار) أي: خير كما بينه بقوله: (يعني: خيرًا) بنصب (خيرًا): مفعول (يعني)، وبرفعه على الحكاية، وهو في محل مفعول (يعني) أيضًا. 1482 - وَقَال سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو، "ثُمَّ دَارُ بَنِي الحَارِثِ، ثُمَّ بَنِي سَاعِدَةَ" وَقَال سُلَيْمَانُ: عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "كُلُّ بُسْتَانٍ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَهُوَ حَدِيقَةٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِطٌ لَمْ يُقَلْ حَدِيقَةٌ" [فتح: 3/ 344] (وقال سليمان بن بلال، حدثني عمرو) أي: ابن يحيى المازني، بالسند المذكور. (ثمّ دار بني الحارث، ثمّ دار بني ساعدة) وغرضه: أنه قدم فيه ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2095) كتاب: البيوع، باب: النجار.

55 - باب العشر فيما يسقى من ماء السماء، وبالماء الجاري

الحارث علي بني ساعدة. (عن عُمارة) بضم العين. (ابْن غزية) بفتح الغين المعجمة، وكسر الزاي. (عن عبّاس) بموحدة، وسين مهملة، أي: ابن سهل بن سعد. (عن أبيه إلى آخره) غرضه: أن عمارة خالف عمرو بن يحيى في إسناد الحديث، حيث قال عمرو: عن عبّاس عن ابن أبي حميد كما مر، وقال عمارة: عن عبّاس عن أبيه، قال شيخنا: يحتمل الجمع بينهما، بأن يكون عبّاس أخذ لفظ: "أحد جبل يحبنا ونحبه"؟ أو الحديث كله عن أبيه، وعن أبي حميد معًا، وكان يحدث به تارة عن هذا، وتارة عن هذا؛ ولذلك كان لا يجمعهما (¬1). (وقال أبو عبد الله) أي: البخاريّ، وفي نسخة: "وقال أبو عبيد" أي: القاسم بن سلام صاحب "الغريب" في تفسير الحديقة. (كلّ بستان إلى آخره) قال الجوهري مع تفسيرها لذلك: إنها الروضة ذات الشجر. وفي الحديث: مشروعية الخرص، والجمهور على أنه في النخل، والعنب خاصّة، وقيل: في كلّ ما ينتفع به، وإليه نحا البخاريّ، وفيه: قبول هدايا المشركين، وأن الإمام يعلم أصحابه أمور الدنيا، كما يعلمهم أمور الآخرَة، وفيه: مدح الأنصار، ومعجزات للنبي - صلى الله عليه وسلم -. 55 - بَابُ العُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ، وَبِالْمَاءِ الجَارِي وَلَمْ يَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: "فِي العَسَلِ شَيْئًا". (باب: ما يسقى من ماء السَّماء) أي: المطر. (وبالماء الجاري) كماء العيون والأنهار، وفي نسخة: "والماء الجاري" بحذف الباء، فيكون المعني: ومن الماء الجاري. (ولم ير ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 346.

عمر بن عبد العزيز في العسل شيئًا) أي: من الزَّكاة شيئًا، ذكره في الباب مع أنه لم يسق لما قيل بوجوب الزَّكاة فيه، فنبه على أن المشهور خلافه، وأما حديث: "إن في العسل العشر" (¬1) فضعفه الشّافعيّ. 1483 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "هَذَا تَفْسِيرُ الأَوَّلِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوَقِّتْ فِي الأَوَّلِ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ، وَبَيَّنَ فِي هَذَا، وَوَقَّتَ وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَالمُفَسَّرُ يَقْضِي عَلَى المُبْهَمِ، إِذَا رَوَاهُ أَهْلُ الثَّبَتِ" كَمَا رَوَى الفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ فِي الكَعْبَةِ" وَقَال بِلالٌ: "قَدْ صَلَّى" [1599] فَأُخِذَ بِقَوْلِ بِلالٍ وَتُرِكَ قَوْلُ الفَضْلِ. [فتح: 3/ 347] (عن الزّهريِّ) في نسخة: "عن ابن شهاب الزّهري". (سقت السَّماء) أي: ماؤها، فهو مع ما بعده: من مجاز الحذف، أو من ذكر المحل، وإرادة الحال. (أو كان) أي: ما يسقى. (عثريًّا) بمهملة، ومثلثة مفتوحتين، وراء، وتحتية مشددة: ما يسقى بالسيل ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزّاق 4/ 63 (6972، 6973) كتاب: الزَّكاة، باب: صدقة العسل. وآفته عبد الله بن محرر قال البخاريّ: منكر الحديث، وقال أحمد بن حنبل: ترك النَّاس حديثه. وقال يحيى بن معين: ضعيف. وقال الدارقطني: متروك الحديث. وقال الجوزجاني: هالك. وقال النَّسائيُّ: متروك الحديث. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. "سنن الدارقطني" 1/ 76، و"الجرح والتعديل" 5/ 176 (824)، و"تهذيب الكمال" 16/ 29 - 32 (3523)، و"تهذيب التهذيب" 2/ 418.

الجاري في حفر، وهو المسمى بالبعل في رواية (¬1)، وتسمى الحفر عاثوراء؛ لتعثر المار بها إذا لم يشعر بها. (وما) أي: وفيما. (سقي بالنضح) بفتح النون، وسكون المعجمة، ثمّ مهملة: بأن سقي من ماء بئر أو نهر باغتراف، أو بنحو بعير أو بقرة، ويسمى الذكر ناضحًا، والأنثى ناضحة. (نصف العشر) والفرق بين الأمرين: ثقل المؤنة في هذا، وخفتها في الأوّل. (قال أبو عبد الله) أي: البخاريّ. (هذا) أي: حديث الباب. (تفسير الأوّل) أي: الحديث الأوّل، وهو حديث أبي سعيد في باب: ليس فيما دون خمس زود صدقة. ولفظه: "ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر صدقة". (لم يوقت) بكسر القاف وبفتحها: لم يقيد بالعشر ونصفه. (في الأوّل) أي: في الحديث السابق. (يعني) أي: البخاريّ بقوله هذا حديث ابن عمر المذكور هنا. (وفيما سقت السَّماء العشر) اعتراض من كلام الراوي بين قول البخاريّ. (لم يوقت في الأوّل)، وقوله (وبيَّن) أي: قيد (في ¬

_ (¬1) رواها أبو داود (1596) كتاب: الزكاة، باب: صدقة الزّرع. وعبد الرزّاق 4/ 133 (7232) كتاب: الزَّكاة، باب: ما تسقي السَّماء. والطبراني 12/ 278. وفي "الأوسط" 1/ 101. والدارقطني 2/ 130 كتاب: الزَّكاة، باب: في قدر الصَّدقة فيما أخرجت الأرض. والبيهقي 4/ 131 (7494) كتاب: الزَّكاة، باب: قدر الصَّدقة فيما أخرجت الأرض. وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (1421): إسناده على شرط مسلم.

56 - باب: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة

هذا) أي: في حديث ابن عمر وبما قررته. سقط ما قيل محل قوله: (وقال أبو عبد الله إلى آخره) الباب الثّاني عقب حديث أبي سعيد، والحامل له على ذلك فهمه أن المراد بالتقييد: التقييد بكمية النصاب، وهو خمسة أوسق، لا بالعشر ونصفه، وما فهمه وإن كان صحيحًا -كما سلكه المصنِّف في الباب الآتي في نسخة- لكن ما قررته أولى؛ لدفع الاعتراض عن المصنِّف (والمفسر يقضي على المبهم) بفتح السين والهاء. (إذا رواه أهل الثبت) بسكون الموحدة وفتحها، وإذا متعلّق بـ (مقبولة). (كما روى الفضل إلى آخره) مراده: أن زيادة بلال عمل بها، كما عمل بالزيادة فيما سقي بالماء، أن أحدهما مبهم، والآخر مفسر له، ولا يقال: إن زيادة بلال منافية لقول الفضل (لم يصل) فليمس من باب زيادة الثقة؛ لأنا نقول: مراده بأنه لم يصل: لم أره صلَّى؛ لاشتغالي بالدعاء ونحوه في ناحية من نواحي غير الّتي صلى فيها النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. 56 - بَابٌ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ (باب: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) أي: زكاة، ومر بيان ذلك. 1484 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيْسَ فِيمَا أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الإِبِلِ الذَّوْدِ صَدَقَةٌ، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الوَرِقِ صَدَقَةٌ". [انظر: 1405 - مسلم: 979 - فتح: 3/ 350]

57 - باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل

قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا تَفْسِيرُ الأَوَّلِ إِذَا قَال: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ" وَيُؤْخَذُ أَبَدًا فِي العِلْمِ بِمَا زَادَ أَهْلُ الثَّبَتِ أَوْ بَيَّنُوا. (يحيى) أي: القطان. (ليس فيما أقل) بجر (أقل) بفي بالفتحة؛ لأنه غير منصرف، فـ (ما) زائدة؛ بدليل حذفها بعد، وبرفعه خبر مبتدإٍ محذوف، فـ (ما): موصولة حذف صدر صلتها. (خمس أواق) في نسخة: "خمسة أواقي" بتاء التأنيث، وبياء، ومرَّ شرح الحديث (¬1). (قال أبو عبد الله) أي: البخاريّ (هذا) أي: الحديث المقيد بكمية النصاب. (تفسير الأوّل) أي: حديث ابن عمر المذكور في الباب السابق. (إذا) بمعنى: إذ. (قال) أي: في الحديث هنا. (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة لكونه لم يبين) أي: في حديث ابن عمر السابق كمية النصاب. (ويؤخذ أبدًا في العلم بما زاد أهل الثبت أو بينوا) كما مرَّ بيانه، وقوله: (قال أبو عبد الله إلى آخره) ساقط من نسخة. 57 - بَابُ أَخْذِ صَدَقَةِ التَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ وَهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِيُّ فَيَمَسُّ تَمْرَ الصَّدَقَةِ؟ (باب: أخذ صدقة التّمر) أي: زكاته. (عند صرام النخل) بكسر الصاد، قال الكرماني: وفتحها أي: جذاذه، أي: قطع ثمره (¬2) عند أوان إدراكه، بل وبعد جفافه ويباسه وتنقيته. (وهل يترك الصبي فيمس تمر الصَّدقة) بنصب يمس جواب الاستفهام، والجملة الاستفهامية معطوفة على أخذ الصَّدقة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1405) كتاب: الزَّكاة، باب: ما أدي زكاته فليس بكنز. (¬2) "البخاريّ بشرح الكرماني" 8/ 31.

1485 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ، فَيَجِيءُ هَذَا بِتَمْرِهِ، وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ، فَقَال: "أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ". [1491، 3072 - مسلم: 1069 - فتح: 3/ 350] (فيجيء هذا بتمرة، وهذا من تمره) في نسخة: "وهذا بتمره) وعلى الأولى فمن تبعيضية، وعبر في الأوّل [بالباء، وفي الثّاني: بمن، قال الكرماني: لأنه ذكر في الأوّل] (¬1): المجيء به، وفي الثّاني: المجيء منه، وهما متلازمان، وإن تغايرا مفهومًا. (حتّى يصير عنده كومًا من تمر) بفتح كاف (كومًا) ما اجتمع الصبرة، وبضمها: القطعة العظيمة من الشيء، وهو بالنصب خبر (يصير)، واسمها ضمير يعود على التّمر، وفي نسخة: بالرفع اسم (يصير) بجعلها تامة، أو بجعل (عنده) خبرها، ومن: بيانيّة. (فجعله) أي: المأخوذ، وفي نسخة: "فجعلها" أي: التّمرة (في فيه) أي: فمه، وفي الفم تسع لغات أخر بتثليث فائه، مع تخفيف ميمه [منقوصًا، وفتحها وضمها مع تشديد ميمه كذلك، وتثليثها مع تخفيف ميمه مقصورًا، واتباع فائه ميمه] (¬2) في الحركات الإعرابية منقوصًا، تقول: هذا فمه، رأيت فمه، ونظرت إلى فمه. (أما علمت) في نسخة: "ما علمت" بدون همزة الاستفهام، وهي ¬

_ (¬1) من (ج). (¬2) من (ج).

58 - باب من باع ثماره، أو نخله، أو أرضه، أو زرعه، وقد وجب فيه العشر أو الصدقة، فأدى الزكاة من غيره، أو باع ثماره ولم تجب فيه الصدقة

مرادة. (أن آل محمّد) زاد في نسخة: "صلى الله عليه وسلم" وآله: بنو هاشم، وبنو عبد المطلب عند الشّافعيّة والجمهور، وبنو هاشم فقط عند أبي حنيفة ومالك، وقيل: قريش كلها. (لا يأكلون الصَّدقة) أي: الزَّكاة، وفي نسخة: "لا يأكلون صدقة". وفي الحديث: تمكين الصبيان من اللعب بما لا يملكونه حالة الفرح بالأحوال المتجددة، إذا لم يكن فيه ضرر، ودفع الصدقات للسلطان، وأن المسجد ينتفع به في أمر جماعة المسلمين، كجمع الصَّدقة فيه؛ ولذلك كان يقعد فيه للوفود، ولعب الحبشة بالحراب، وتعلم المثاقفة. وفيه: إدخال أطفال المسلمين، وإنهم يجتنبون الحرام كالكبير، وأنهم يعرفون سبب النّهي؛ ليبلغوا وَهُمْ على علم منه. 58 - بَابُ مَنْ بَاعَ ثِمَارَهُ، أَوْ نَخْلَهُ، أَوْ أَرْضَهُ، أَوْ زَرْعَهُ، وَقَدْ وَجَبَ فِيهِ العُشْرُ أَو الصَّدَقَةُ، فَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ بَاعَ ثِمَارَهُ وَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَةَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا" فَلَمْ يَحْظُرِ البَيْعَ بَعْدَ الصَّلاحِ عَلَى أَحَدٍ، وَلَمْ يَخُصَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ". (باب: من باع ثماره أو نخله) أي: الثمر. (وأرضه) أي: المزروعة. (أو زرعه وقد وجب فيه العشر أو الصَّدقة) أي: الزَّكاة الشاملة للعشر ونصفه، فذكر الصَّدقة بعد العشر تعميم بعد تخصيص. (فأدى الزَّكاة من غيره) أي: من غير ما ذكر.

(أو باع ثماره ولم تجب فيه) الأولى فيها. (الصَّدقة) أي: الزَّكاة، وهذا مفهوم ممّا قبله؛ لأنه مقيد بما بعد وجوب الزَّكاة المفهوم من قوله: (فأدى الزَّكاة من غيره) وجواب (من) محذوف، أي: من باع ثمار ... إلى آخره، جاز بيعه لها، ودلت التّرجمة على أن البخاريّ يرى جواز بيع الثمرة بعد بدو صلاحها، سواء وجبت الزَّكاة فيها، أم لا، ومن ثمّ قال ابن بطّال: غرض البخاريّ بذلك: الرَّدِّ على الشّافعيّ حيث قال: بمنع البيع بعد الصلاح حتّى يؤدِّي الزَّكاة منها، فخالف إباحة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - له، وسيأتي ما يوضح ذلك. (وقول النَّبيّ) بالجر: عطف على (من باع). (حتّى يبدو صلاحها) أي: يظهر. (فلم يحظر) بضم المعجمة، أي: فلم يمنع النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (البيع ... إلى آخره) وحاصله: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقيد جواز بيعها المفهوم من (حتّى يبدو صلاحها) بإخراج زكاتها بل عمم، وهو أحد القولين، والقول الثّاني وهو مذهب الشّافعيّ لا يجوزة لأنه باع ما يملك، وما لا يملك، فيصح البيع فيما يملك فقط، ويجاب: بأن المفهوم لا عموم له، فيلزم كون كلّ ثمرة بدا صلاحها يجوز بيعها؛ لجواز مانع آخر، ثمّ محل المنع: إذا لم يضمن الخارص المالك التّمر، فلو ضمنه بصريح اللّفظ، كأن يقول: ضمنتك نصيب المستحقين بكذا تمرًا، وقبل المالك التضمين، جاز البيع وغيره، وإذا بأن التضمين انتقل الحق إلى ذمته. 1486 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا، وَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاحِهَا قَال: "حَتَّى تَذْهَبَ عَاهَتُهُ". [2183، 2194، 2199، 2247، 2249 - مسلم: 1534 - فتح: 3/ 351] (حجاج) أي: ابن منهال. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (وكان) أي: ابن عمر.

59 - باب: هل يشتري الرجل صدقته؟

(عاهته) أي: آفته، والتذكير باعتبار الثمر، وفي نسخة: "عاهتها" أي: الثمرة، والمراد: حتّى يصير على الصِّفَة المطلوبة منه، كظهور النضج، ومبادئ الحلاوة بأن يتلون ويلين، أو يتلون بحمرة، أو صفرة، أو سواد، أو نحوه؛ لأنه حينئذ يأمن من العاهة. 1487 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا" [2189، 2196، 2381، 2340، 2632 - مسلم: 1536 - فتح: 3/ 351] 1488 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ" قَال: حَتَّى تَحْمَارَّ. [2195، 2197، 2198، 2208 - مسلم: 1555 - فتح: 3/ 352] (قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد الثقفي. (عن حميد) أي: الطَّويل. (حتّى تزهي) بضم التاء من أزهت الثمرة: احمرت واصفرت، والأكثر في اللُّغة زهت تزهو. (قال) أي: أنس. 59 - بَابٌ: هَلْ يَشْتَرِي الرَّجُلُ صَدَقَتَهُ؟ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ غَيْرُهُ" لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا "نَهَى المُتَصَدِّقَ خَاصَّةً عَنِ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَنْهَ غَيْرَهُ". (باب: هل يشتري) أي: المتصدق. (صدقته) أو لا، فيه خلاف. (ولا بأس أن يشتري صدقته غيره) في نسخة: "ولا بأس أن يشتري صدقة غيره". 1489 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ

سَالِمٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْمَرَهُ فَقَال: "لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ" فَبِذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "لَا يَتْرُكُ أَنْ يَبْتَاعَ شَيْئًا تَصَدَّقَ بِهِ، إلا جَعَلَهُ صَدَقَةً". [2775، 2971، 3002 - مسلم: 1621 - فتح: 3/ 352] (فاستأمره) أي: فاستشاره. (فبذلك كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يترك أن يبتاع شيئًا تصدق به، إلا جعله صدقة) لفظ: (لا) ساقط من نسخة، وهي: مرادة، أي: كان ابن عمر إذا اتفق له أن يشتري شيئًا ممّا تصدق به، لا يتركه في ملكه حتّى يتصدق به ثانيًا، فكأنه فهم أن النّهي عن العود في الصَّدقة إنّما هولمن أراد تملكها، لا لمن أراد التصدق بها. 1490 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَا تَشْتَرِي، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ العَائِدَ فِي صَدَقَتهِ كَالعَائِدِ فِي قَيْئِهِ". [2623، 2636، 2970، 3003 - مسلم: 1620 - فتح: 3/ 253] (مالك بن أنس) لفظ: (ابْن أنس): ساقط من نسخة. (حملت) أي: رجلًا. (على فرس) أي: وهبته له، أو تصدقت به عليه حال كونه قاصدًا؛ للغزو به في سبيل الله. (فأضاعه الّذي كان عنده) بتقصيره في القيام به. (فأردت أن أشتريه) لرخصه ولأقوم بمصلحته. (فظننت) في نسخة: "وظننت". (أنه يبيعه برخص) في رواية: تقديم هذا على قوله:

60 - باب ما يذكر في الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم

فأردت أن أشتريه، وهو أولى. (فسألت النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: عن جواز ابتياعي له. (لا تشتر) في نسخة: "لا تشتره"، وفي أخرى: "لا تشتره" بإشباع كسرة الراء، والنهي للتنزيه، وقيل: للتحريم. (ولا تعد في صدقتك) من عطف العام على الخاص، أي: لا تعد فيها بشراء، ولا بغيره من سائر التملكات كالهِبَة، فالمكروه تملكه له كإرثه، وكذا بتملك من انتقل إليه من المتصدق عليه. (فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه) الغرض من التشبيه بذلك: تقبيح هذا الفعل، كما يقبح أن يقيء شيئًا ثمّ يأكله، فلا يقتضي التّحريم بقرينة رواية "فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئة" (¬1) لأن عود الكلب في قيئه لا يوصف بالحرمة؛ لأنه غير مكلف، ويؤخذ من هذه الرِّواية أن الحكم لا يختص بالصدقة، بل يجري في الهِبَة وغيرها من التبرعات، وهو ظاهر. 60 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الصَّدَقَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: ما يذكر) أي: من الحرمة. (في الصَّدقة للنبي - صلى الله عليه وسلم -) زاد في نسخة: "وآله" وإنما حرمت عليه وعليهم؛ لأنها مطهرة، كما قال تعالى {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] فهي كغسالة الأوساخ، والمذكورون منزهون عن أوساخ النَّاس، ولأنها تنبئ عن ذل الآخذ من المأخوذ منه؛ لخبر: "اليد العليا خير من اليد السفلى" (¬2) وفي ¬

_ (¬1) "رواه مسلم" (1620) كتاب: الهبات، باب: كراهة شراء الإنسان ما تصدق به. (¬2) سبق برقم (1429) كتاب: الزَّكاة، باب: لا صدقة إلا عن ظهر عنى.

61 - باب الصدقة على موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

مسلم: "إن هذه الصدقات إنّما هي أوساخ النَّاس، وأنها لا تحل لمحمد، ولا لآل محمّد" (¬1) والحرمة في حقه عامة في صدقة الفرض والتطوع، وفي حقهم خاصّة بالفرض على الأصح عند الشّافعيّة؛ لخبر رواه الشّافعيّ والبيهقي (¬2). 1491 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَخَذَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كِخْ كِخْ" لِيَطْرَحَهَا، ثُمَّ قَال: "أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ". [انظر: 1485 - مسلم: 1069 - فتح: 3/ 354] (كخ، كخ) بفتح الكاف وكسرها، وسكون المعجمة مثقلة ومخففة، وبكسرها منونة، وغير منونة، وفي نسخة: بكسر الكاف، وسكون الخاء مخففة، وهي من أسماء الأصوات، وقيل: من أسماء الأفعال، وأشار البخاريّ في باب: من تكلم بالفارسية (¬3) إلى أنها عجمية معربة، وهي كلمة تزجر بها الصبيان عن المستقذرات، والثّانية تأكيد للأولى. 61 - بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى مَوَالِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باب: الصَّدقة على موالي أزواج النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: عتقائهن. 1492 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم"، (1072) كتاب: الزَّكاة، باب: ترك استعمال آل النَّبيّ على الصَّدقة. (¬2) "الأم" 2/ 81، "سنن البيهقي" 7/ 32 - 33 (13247 - 13249) كتاب: الصدقات، باب: لا تحرم صدقة التطوع، رواه معلقًا بصيغة التّمريض. (¬3) سيأتي برقم (3072) كتاب: الجهاد والسير، باب: من تكلم بالفارسية.

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "وَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً مَيِّتَةً، أُعْطِيَتْهَا مَوْلاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟ " قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ: قَال: "إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا". [2221، 5531، 5532 - مسلم: 363 - فتح: 3/ 355] (أعطيتها) بالبناء للمفعول. (من الصَّدقة) متعلّق بأعطيت، أو صفة لشاة، وهذه موضع التّرجمة؛ لأن مولاة ميمونة أعطيت صدقة، فلم ينكر عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فدل على أن موالي أزواجه - صلى الله عليه وسلم - تحل لهم الصَّدقة كهن؛ لأنهن ومواليهن ليسوا من جملة الآل، نعم هي حرام على مواليه، وموالي آله بقيده السابق؛ لخبر: "إن الصَّدقة لا تحل لنا، وإن موالي القوم من أنفسهم" رواه التّرمذيّ، وقال: حسن صحيح (¬1). (قال) في نسخة: "فقال". 1493 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ، وَأَرَادَ مَوَالِيهَا أَنْ يَشْتَرِطُوا وَلاءَهَا، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَرِيهَا فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" قَالتْ: وَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ، فَقُلْتُ: هَذَا مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَال: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ". [انظر: 456 - مسلم: 1075، 1504 - فتح: 3/ 355] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (الحكم) أي: ابن عتبة. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (وأراد مواليها) أي: ساداتها، وهم بنو هلال. (أن يشترطوا ¬

_ (¬1) "سنن التّرمذيّ" (657) كتاب: الزَّكاة، باب: ما جاء في كراهية الصَّدقة للنبي وأهل بيته ومواليه، وقال التّرمذيّ: حسن صحيح، وقال الألباني في "صحيح سنن التّرمذيّ": صحيح.

62 - باب إذا تحولت الصدقة

ولاءها) أي: أن يكون ولاؤها لهم. (فذكرت عائشة) أي: ذلك. (اشتريها) أي: على ما يريدون من اشتراط كون الولاء لهم، أمرها بذلك مع أن شرط ذلك يفسد العقد؛ لأن الشرط لم يقع في العقد، أو وقع فيه، لكنه خاص بعائشة؛ لمصلحة قطع عادتهم، كما خص فسخ الحجِّ إلى العمرة بالصحابة؛ لمصلحة بيان جوازها في أشهره، أو لأن المراد: الزجر والتوبيخ؛ لأنه كان بين لهم حكم الولاء، وأن هذا الشرط لا يحل، فلما ألحوا فيه، وخالفوا الأمر قال لعائشة: "لا تبالي سواء أشرطته أم لا" (هذا ما) في نسخة. "هذا لحم شاة" وفي أخرى: "هذا ممّا" (تصدق به) بالبناء للمفعول. (هو لها صدقة ولنا هدية) الصَّدقة: ما يعطى لثواب الآخرة، والهدية: ما ينقل لبيت المتهب؛ إكرامًا له، ومر شرح الحديث في باب: ذكر البيع والشراء على المنبر (¬1). 62 - بَابُ إِذَا تَحَوَّلَتِ الصَّدَقَةُ (باب: إذا تحولت الصَّدقة) في نسخة: "إذا حولت الصَّدقة" أي: عن ملك المتصدق إلى ملك المتصدق عليه جاز للهاشمي والمطلبي تناولها. 1494 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَال: "هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ " فَقَالتْ: لَا إلا شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ إِلَيْنَا نُسَيْبَةُ مِنَ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثَتْ بِهَا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَال: "إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا". [انظر: 1446 - مسلم: 1076 - فتح: 3/ 356] ¬

_ (¬1) سبق برقم (456) كتاب: الصّلاة، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر.

63 - باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا

(خالد) أي: الحذاء. (إلا شيء) استثناء من محذوف، أي: لا شيء إلا شيء. (نسيبة) بضم النون: اسم أم عطية. (من الشاة) (من): للبيان مع الدلالة على التبعيض. (بعثت) بالخطاب. (محلها) بكسر الحاء، أي: وصلت إلى الموضع الّذي يحل للهاشمي والمطلبي تناولها منه، [لأنه - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى أمِّ عطية بشاة من الصَّدقة صارت ملكًا لها، فلما أهدتها للنبي - صلى الله عليه وسلم -] (¬1) انتقلت عن حكم الصَّدقة فجاز له القبول والأكل. 1495 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَحْمٍ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَال: "هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ" وَقَال أَبُو دَاوُدَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعَ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [2577 - مسلم: 1074 - فتح: 3/ 356] (وكيع) أي: ابن الجراح. (عليها صدقة قدم الخبر على المبتدأ؛ لإفادة الحصر أي: لا علينا، وقدمه عليه في قوله: (لنا هدية) أي: مشاكلة لذلك، (وقال أبو داود) هو سليمان الطيالسي. (سمع أنسًا) بين به أن قتادة صرح بالسماع؛ ليزيل به توهم تدليسه في السند السابق بقوله: (عن)، ولهذا اقتصر هنا على السند. 63 - بَابُ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنَ الأَغْنِيَاءِ وَتُرَدَّ فِي الفُقَرَاءِ حَيْثُ كَانُوا (باب: أخذ الصَّدقة) أي: الزكاة. (من الأغنياء وترد في الفقراء) ¬

_ (¬1) من (ج).

برفع (ترد)، وبنصبه بتقدير أن مؤولًا بمصدر معطوف على (أخذ)، أي: باب: أخذ الزَّكاة من الأغنياء وردها على الفقراء. (حيث كانوا) ظاهره: أنه يختار جواز نقلها من بلد المزكي، وهو مذهب الحنفية، والأصح عند الشّافعيّة عدم جوازه لغير الإمام عند وجود المستحقين. 1496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: "إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ". [انظر: 1395 - مسلم: 19 - فتح: 7/ 353] (محمّد) في نسخة: "محمد بن مقاتل المروزي". (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أهل الكتاب) بدل ممّا قبله، وخصهم بالذكر مع أن في اليمن غيرهم من المشركين؛ تغليبًا وإشارة إلى أنهم المقصودون بالبعث، وتوطئة لبعثه - صلى الله عليه وسلم - معاذًا؛ لتقوى همته عليه؛ لكونهم أهل علم في الجملة. (فإذا جئتهم) عبر بإذا دون إن؛ تفاؤلًا بالوصول إليهم. (أطاعوا لك) عداه باللام، مع أنه يتعدى بنفسه؛ لتضمينه معنى انقادوا، ومرَّ شرح الحديث في باب: وجوب الزَّكاة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1395) كتاب: الزَّكاة، باب: وجوب الزَّكاة.

64 - باب صلاة الإمام، ودعائه لصاحب الصدقة

64 - بَابُ صَلاةِ الإِمَامِ، وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ وَقَوْلِهِ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]. (باب: صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصَّدقة). كأن يقول: آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبيقت، والمراد من الصّلاة: معناها اللغوي: وهو الدُّعاء فعطف الدُّعاء عليها عطف تفسير. (وقوله) بالجر عطف على صلاة الإمام ({إِنَّ صَلَاتَكَ}) في نسخة: " {إِنَّ صَلَاتَكَ} " وهي قراءة حمزة والكسائي وحفص ({سَكَنٌ}) أي: تسكن إليها نفوسهم وتطمئن بها قلوبهم، وجمعها؛ لتعدد المدعو لهم، وفي نسخة "وقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} إلى قوله {سَكَنٌ لَهُمْ} ". 1497 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ، قَال: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلانٍ"، فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَال: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى". [4166، 6332، 6359 - مسلم: 1078 - فتح: 3/ 361] (عن عمرو) أي: ابن مُرَّة بن عبد الله بن طارق. (اللَّهُمَّ صل على فلان) أي: اغفر له وارحمه، وفي نسخة: "على آل فلان" وإفراد الصّلاة على غير الأنبياء، كما هنا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - لأنه حقه، فله أن يعطيه لمن شاء؛ ولأن الصّلاة على الأنبياء شعارٌ لهم، فلا يلحق غيرهم بهم إلا بحق، فلا يحسن هنا أن نقول: أبو بكر - رضي الله عنه - وإن كان المعني صحيحًا، كما لا يقال: محمّد -عَزَّ وَجَلَّ- وإن كان عزيزًا جليلًا؛ لأنه مختص بالله تعالى. [(اللَّهُمَّ صلِّ على آل أبي أوفى) يريد به أبا أوفى نفسه؛ لأن الآل يطلق على ذات الشيء، كما قال - صلى الله عليه وسلم - عن أبي

65 - باب ما يستخرج من البحر

موسى الأشعري: "لقد أوتى مزمارًا من مزامير آل داود" يريد به داود نفسه] (¬1). 65 - بَابُ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ البَحْرِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "لَيْسَ العَنْبَرُ بِرِكَازٍ هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ البَحْرُ" وَقَال الحَسَنُ فِي العَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ: "الخُمُسُ" فَإِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فِي الرِّكَازِ الخُمُسَ" لَيْسَ فِي الَّذِي يُصَابُ فِي المَاءِ". (باب: ما يستخرج من البحر) أي: من الجواهر، هل تجب فيه زكاة، أو لا؟ (ليس العنبر بركاز) فلا شيء فيه. (هو) أي: العنبر. (شيء دسره البحر) بفتح المهملتين، أي: دفعه، ورمى به الساحل، وهو نوع من الطيب، وهو: زبد البحر، أو نبات يخلقه الله في قعر البحر، أو نبع عين فيه، أو روث دابة بحرية. (وقال الحسن) أي: البصري. (في العنبر واللؤلؤ الخمس) بضم الميم، وقد تسكن، وهذا أخذه ممّا فهمه من خبر: "وفي الركاز الخمس" ورده عليه البخاريّ بقوله. (وإنّما) في نسخة: "فإنّما" بالفاء (جعل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الركاز الخمس ليس الّذي يصاب في الماء) أي: إنّما جعل الخمس في الركاز، لا فيما يوجد في الماء قال ابن بطّال: اللؤلؤ أو العنبر متولدان من حيوان البحر فأشبها السمك، فلا يكونان ركازًا، أي: لأنه من دفين الجاهلية، كما سيأتي. ¬

_ (¬1) من (م).

66 - باب: في الركاز الخمس

1498 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِأَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ فَخَرَجَ فِي البَحْرِ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً، فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، فَرَمَى بِهَا فِي البَحْرِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَإِذَا بِالخَشَبَةِ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا"، فَذَكَرَ الحَدِيثَ فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ المَال. [2063، 2291، 2404، 2430، 2743، 6261 - فتح: 3/ 362] (عن النَّبيّ) في نسخة: "عن رسول الله" (بأن يسلفه) في نسخة: "أن يسلفه" بحذف الباء (فرمى بها في البحر) أن بقصد أن الله يوصلها إلى صاحب المال (فإذا بالخشبة) أي: فإذا هو مفاجئ بها (فأخذها لأهله حطبًا) بنصبه بمقدار أي: فأخذها تجعل حطبًا، وهذا موضع التّرجمة فذكر الحديث، سيأتي بكماله في باب: الكفالة في القرض. 66 - بَابٌ: فِي الرِّكَازِ الخُمُسُ وَقَال مَالِكٌ، وَابْنُ إِدْرِيسَ: "الرِّكَازُ: دِفْنُ الجَاهِلِيَّةِ، فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الخُمُسُ وَلَيْسَ المَعْدِنُ بِرِكَازٍ " وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَعْدِنِ: "جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ" وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: "مِنَ المَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً" وَقَال الحَسَنُ: "مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الحَرْبِ فَفِيهِ الخُمُسُ، وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ وَجَدْتَ اللُّقَطَةَ فِي أَرْضِ العَدُوِّ فَعَرِّفْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ العَدُوِّ فَفِيهَا الخُمُسُ" وَقَال بَعْضُ

النَّاسِ: "المَعْدِنُ رِكَازٌ، مِثْلُ دِفْنِ الجَاهِلِيَّةِ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: أَرْكَزَ المَعْدِنُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ قِيلَ لَهُ، قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ رَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا أَوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ: أَرْكَزْتَ، ثُمَّ نَاقَضَ، وَقَال: لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتُمَهُ فَلَا يُؤَدِّيَ الخُمُسَ". [فتح: 3/ 363] (باب: في الركاز الخمس) جعل فيه الخمس لا نصف العشر؛ لسهولة أخذه، ولأنه مال كافر فنزل واجده منزلة الغانم، فله أربعة أخماسه. (وابن إدريس) هو الإمام الشّافعيّ صاحب المذهب، وقيل: عبد الله بن إدريس الأودي الكُوفيُّ. (دفن الجاهلية) بكسر الدال وسكون الفاء، أي: مدفونها، كذبح بمعنى: مذبوح، وبالفتح: مصدر بمعنى المفعول مثل: الدرهم ضرب الأمير، وهذا الثّوب نسج اليمن. (في قليله وكثيره الخمس) هو قول قديم عند الشّافعيّ، وعليه الأئمة الثّلاثة، والجديد: اشتراط النصاب، إمّا منه فقط، أو منه مع ما عند واجده من جنسه. (وليس المعدن بركاز) وهو بكسر الدال: مكان من الأرض يخرج منه شيء من الجواهر، ويقال أيضًا لما يخرج منه، وهو المراد هنا، أي: ليس بركاز حتّى يجب فيه الخمس؛ لاحتياج استخراجه إلى مؤنة بل يجب فيه ربع العشر، كما في المال الحاصل عنده. (في المعدن جبار) بضم الجيم، وتخفيف الموحدة، أي: إذا حفر معدنًا في ملكه، أو في موات فوقع فيه غيره، أو اكتراه لعمل فيه فمات، فموته بذلك هدر غير مضمون، وليس المراد أنه لا زكاة فيه. (ما كان من ركاز ... إلخ) ما ذكره الحسن من التفرقة الّتي ذكرها غريب، وقوله (من أرض السلم) بكسر السين وسكون اللام، أي: من دار الإسلام ودار

العهد والأمان، وفي نسخة: "من أرض المسلم". (وإن وجدت اللقطة ... إلخ) من كلام الحسن، وفي نسخة: "وإن وجدت لقطة" بالتنكير، وقوله: (وإن كانت من العدو) أي: من ماله، وفيه: ما قدمته. (وقال بعض النَّاس) هو الإمام أبو حنيفة، ويحتمل أن يكون غيره. (المعدن ركاز مثل دفن الجاهلية) أي: فيجب فيه الخمس عنده، وعلله بقوله (لأنه) أي: الشأن. (يقال أركز) بالبناء للفاعل، وهو: المعدن، وفسر إركازه بقوله: (إذا خرج منه شيء) في نسخة: "أُخرج" بالبناء للمفعول بدل (خرج). (قيل له) أي. لبعض النَّاس إلزامًا له. (قد يقال لمن وهب له شيء، أو ربح ربحًا كثيرًا، أو أكثر ثمره: أركزت) بتاء الخطاب، أي: فيلزم أن يقال كلّ واحد من الموهوب والربح والثمر ركاز، ويقال لصحابه أركزت، ويجب فيه الخمس، لكن الإجماع على خلافه، وإنه ليس فيه إلا ربع العشر، وإن كان يقال فيه: أركز، فالحكم مختلف، وإن اتفقت التّسمية ثمّ ألزمه ثانيًا بقوله (ثمّ ناقض) نفسه، حيث قال أولًا: المعدن ركاز، ففيه: الخمس، وقال ثانيا: لا بأس أن يكتمه، أي: عن الساعي. (فلا يؤدِّي الخمس) أي: في الركاز، وهو عنده شامل للمعدن، واعترض ابن بطّال هذه المناقضة بأن الّذي أجاز أبو حنيفة كتمانه، إنّما هو إذا كان محتاجًا إليه، بمعنى: أنه تأول: إن له حقًّا في بيت المال، ونصيبًا في الفيء، فأجاز له أن يأخذ الخمس لنفسه؛ عوضًا عن ذلك، لا أنه أسقط الخمس عن المعدن بعد ما أوجبه فيه. 1499 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

67 - باب قول الله تعالى: {والعاملين عليها} [التوبة: 60] ومحاسبة المصدقين مع الإمام

قَال: "العَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ، وَالمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ". [2355، 6912، 6913 - مسلم: 171 - فتح: 3/ 364] (العجماء) بالمد، أي: البهيمة؛ لأنها لا تتكلم، والمراد: فعلها. (جبار) أي: هدر غير مضمون، والمراد: أما إذا انفلتت فصدمت إنسانًا فأتلفته، أو أتلفت مالًا، فلا ضمان على مالكها، أما إذا كان معها فعليه الضمان، لكن هذا لا يختص بالمالك؛ بل يعم كلّ من صحبها من مالك وغيره، كأجير ومستعير وغاصب. (والبئر) أي: وتلف الواقع فيها. (جبار) وذلك بأن يحفر بئرًا في ملكه، أو في موات فيسقط فيها رجل أو تنهار على من استأجره لحفرها فيهلك، فلا ضمان على حافرها. (والمعدن) أي: وتلف المكترى لحفره، بإنهياره عليه. (جبار) أي: فلا ضمان على مكتريه. (وفي الركاز الخمس) عطف الركاز على المعدن يدلُّ على تغاريهما، وشرط وجوب الخمس النصاب، والنقدان لا الحول، وخالفه الإمام أحمد، فلم يخصه بالنقدين. 67 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] وَمُحَاسَبَةِ المُصَدِّقِينَ مَعَ الإِمَامِ (باب: قول الله تعالى: ({وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا}) أي: على الصدقات، والعاملون عليها: هم السعاة الذين يبعثهم الإمام؛ لقبضها. (ومحاسبة المصدقين) بتخفيف الصاد، وتشديد الدال، أي: الآخذين للزكاة، وهم: السعاة المذكورون (مع الإمام) بأن يحاسبهم على ما قبضوه وصرفوه لمستحقيه إن صرفوا شيئًا. 1500 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنَ الأَسْدِ

68 - باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل

عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ". [انظر: 925 - مسلم: 1832 - فتح: 3/ 365] (أبو أُسامة) هو حماد بن زيد. (من الأسد) بسكون السين، ويقال: الأزد بزاي. (بني سليم) بضم السين، وفتح اللام. (ابْن اللتبية) بضم اللام، وحكي فتحها، وبسكون الفوقية، وحكي فتحها، وفتحهما معَا، ويقال: الأتبية بهمزة مضمومة، قيل: وهو اسم أمه، واسمه: عبد الله. 68 - بَابُ اسْتِعْمَالِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَأَلْبَانِهَا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ (باب: استعمال إبل الصَّدقة وألبانها لأبناء السبيل) أي: أو لغيرهم من الأصناف الثمانية؛ لقول ابن بطّال: غرض البخاريّ: إثبات وضع الصَّدقة في صنف واحد من الأصناف الثمانية، خلافًا للشافعي، حيث قال: يجب استيعاب الأصناف الثمانية، وهذا بحسب ما فهمه من أن المراد: باستعمال المذكورات صرفها لمستحقيها، وظاهر أنه ليس كذلك بل المراد: الانتفاع بها لشرب لبنها لأبناء السيل المحتاجين للتداوي به، فيكون خاصًّا بهم، كما سيأتي الإشارة إلى ذلك في الحديث. 1501 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوْا المَدِينَةَ "فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا، وَأَبْوَالِهَا"، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ بِالحَرَّةِ يَعَضُّونَ الحِجَارَةَ تَابَعَهُ أَبُو قِلابَةَ، وَحُمَيْدٌ، وَثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ. [انظر: 233 - فتح: 3/ 366] (عرينة) بضم المهملة، وفتح الراء، وسكون التحتية ونون: قبيلة،

وسيأتي في المغازي "من عكل وعرينة" بواو العطف (¬1)، مرَّ في باب: أبوال الإبل. "من عكل أو عرينة" بالشك (¬2) (اجتووا المدينة) بسكون الجيم، وفتح الفوقية، الواو الأولى، أي: كرهوا المقام بها؛ لما فيها من الوخم، أو أصابهم الجواء: وهو داء الجرب إذا تطاول. (فشربوا من ألبانها وأبوالها) لا حجة فيه لمن احتج به على طهارة بول من يؤكل لحمه؛ لأن شربه إنّما كان للتداوي، وهو جائز لذلك (فقتلوا الراعي) اسمه: يسار النوبي. (واستاقوا الذود) في نسخة: "واستاقوا الإبل". (فأرسل إليهم (النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) سرية (فأتى بهم فقطع) بالتشديد والتخفيف، أي: فأمر غيره أن يقطع أيديهم وأرجلهم. (وسمر) بالتخفيف والتشديد. (أعينهم) بأن كحلها بمسامير محمية، فعل بهم ذلك؛ لأنهم فعلوا بالراعي، وأراد بما ذكره أقل الجمع، وهو اثنان على قول؛ لأن لكل منهم يدين ورجلين وعينين، أو أراد التوزيع عليهم بأن يقطع من كلّ منهم يدًا ورجلًا، ويسمر منه عينًا، إذا الجمع في مقابلة الجمع يفيد: التوزيع. (في الحرة) بفتح الحاء: أرض ذات حجارة سود، ومر شرح الحديث في باب: أبوال الإبل (¬3). (يعضون) بفتح الياء والمهملة. (تابعه) أي: قتادة. (أبو قلابة) هو: عبد الله بن زيد الجرمي. (وحميد) أي: الطويل. (وثابت) أي: البناني. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4192) كتاب: المغازي، باب: قصة عكل وعرينة. (¬2) سبق برقم (233) كتاب: الوضوء، باب: أبوال الإبل. (¬3) انظر: التخريج السابق.

69 - باب وسم الإمام إبل الصدقة بيده

69 - بَابُ وَسْمِ الإِمَامِ إِبِلَ الصَّدَقَةِ بِيَدِهِ (باب: وسم الإمام إبل الصَّدقة بيده) أي: تأثيره فيها بعلامة، قال الجوهري: وسمه وسمًا، ويسمه وسمًا، وسمة، إذا أثر فيه بسمة وكي، والهاء عوض عن الواو. 1502 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْتُهُ فِي يَدِهِ المِيسَمُ يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ". [5470، 5842، 5824 - مسلم 2119 (112) - فتح: 3/ 366] (الوليد) أي: ابن مسلم القُرَشيُّ. (أبو عمرو) واسمه: عبد الرّحمن. (بعبد الله) أي: أخ لأنس لأمه، وهو صحابي لا تابعي، كما وقع للنووي. (المِيسم) بكسر الميم، وفتح المهملة: حديدة يكوى بها. (يسم إبل الصَّدقة) لتتميز عن الأموال الباقية؛ وليردها من أخذها، وليعرفها صاحبها، فلا يتملكها بعد التصدق بها؛ لئلا يكون عائدًا في صدقته، وهو مخصوص من عموم النّهي عن تعذيب الحيوان، ولا يسم في الوجه؛ لورود النّهي عنه، ويندب أن يكتب في ماشية الزَّكاة زكاة، أو صدقة، وليكن وسم الإبل والبقر في أصول أفخاذها، والغنم في آذانها. وفي الحديث: مع ذلك أن يقصد بالطفل أهل الفضل والصلاح؛ ليحنكوه ويدعو له.

70 - أبواب صدقة الفطر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 70 - أَبْوَابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ وَرَأَى أَبُو العَالِيَةِ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ سِيرِينَ "صَدَقَةَ الفِطْرِ فَرِيضَةً". (باب: فرض صدقة الفطر) لفظ: (باب): ساقط من نسخة، وزاد في أخرى قبله: "أبواب: صدقة الفطر" أي: من رمضان، ويقال للمخرج في زكاة الفطر: فطرة، بكسر الفاء، لا بضمها، كما وقع في "الكفاية" وصدقة الفطر، وزكاة الفطر، وزكاة رمضان، وزكاة الصوم، وصدقة الرءوس، وزكاة الأبدان. (ورأى أبو العالية وعطاء وابن سيرين: صدقة الفطر: فريضة) هو مذهب الشّافعيّ وكثير، وما قيل من أن فرضها منسوخ بخبر النَّسائيِّ عن قيس بن سعد قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزَّكاة فلما نزلت الزَّكاة، لم يأمرنا، ولم ينهنا ونحن نفعلها (¬1) مردود بأن الخبر ضعيف، ولو سلم صحته فلا يدلُّ على النسخ؛ لأن الزيادة في جنس العبادة لا توجب نسخ الأصل المزيد عليه. (فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر) وقت وجوبها غروب الشّمس ليلة العيد وقبل طلوع الفجر يوم العيد. 1503 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: ¬

_ (¬1) "سنن النَّسائيِّ" 5/ 49 كتاب: الجنائز، باب: فرض صدقة الفطر قبل نزول الزَّكاة. وصححه الألباني في "صحيح سنن النَّسائيِّ".

71 - باب: صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين

"فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ". [1504، 1507، 1509، 1511، 1512 - مسلم: 984، 986 - فتح: 3/ 367] (صاعًا) هو: أربعة أمداد، والمد: رطل وثلث بالعراقي. (من تمر أو صاعًا من شعير) سيأتي في روايات زيادات عليها. (على العبد) أن يخرج عنه سيده، ويستثنى عبد بيت المال، والعبد الموقوف، فلا تجب فطرتهما، إذ ليس لهما مالك معين يلزم بهما، وكذا المكاتب لا تجب فطرته عليه؛ لضعف ملكه، ولا على سيده؛ لأنه معه كالأجنبي، وأما المبعض فيخرج من الصاع بقدر حريته، وسيده بقدر رقه (من المسلمين)، خرج به الكافر فلا تطلب منه الزَّكاة. (إلى الصّلاة) أي: صلاة العيد. 71 - بَابٌ: صَدَقَةُ الفِطْرِ عَلَى العَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنَ المُسْلِمِينَ (باب: صدقة الفطر) أي: وجوبها. (على العبد وغيره من المسلمين) لفظ: (من المسلمين): ساقط من نسخة. 1504 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ المُسْلِمِينَ". [انظر: 1503 - مسلم: 984، 986 - فتح: 3/ 369] (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر ... إلى آخره) مرَّ شرحه.

72 - باب: صدقة الفطر صاع من شعير

72 - بَابٌ: صَدَقَةُ الفِطْرِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ (باب: صدقة الفطر صاع من شعير) برفع (صاع): خبر صدقة الفطر، إن نون (باب)، أو سكن، وإلا فخبر مبتدأ محذوف، وفي نسخة: بنصبه حكاية لما في الحديث، أو خبر كان محذوفة، أو باب: صدقة الفطر يكون صاعًا، وفي أخرى: "باب: صاع من شعير". 1505 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا نُطْعِمُ الصَّدَقَةَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ". [1506، 1508، 1510 - مسلم: 985 - فتح: 3/ 371] (قبيصة) أي: "ابن عقبة"، كما في نسخة. (سفيان) أي: الثّوريّ. (نطعم الصَّدقة) أي: زكاة الفطر. 73 - بَابٌ: صَدَقَةُ الفِطْرِ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ (باب: صدقة الفطر صاع من الطّعام) في إعراب (صاع) ما مَرَّ آنفًا. (من طعام) هو: البرّ بقرينة عطف الشعير عليه. 1506 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ العَامِرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ". [انظر: 1505 - مسلم: 985 - فتح: 3/ 371] (من أقط) هو لبن جامد في زبدة، وفي معناه: اللبن المائع والجبن اللذان فيهما الزبد.

74 - باب صدقة الفطر صاعا من تمر

74 - بَابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ (باب: صدقة الفطر صاعًا من تمر) في نسخة: "صاع من تمر" وقد سبق توجيه النصب والرفع. 1507 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ" قَال عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ". [انظر: 1503 - مسلم: 984 - فتح: 3/ 371] (أحمد بن يونس) نسبة إِلى جده، وإلا فهو أحمد بن عبد الله بن يونس. (أن عبد الله) أي: "ابن عمر رضي الله عنهما"، كما في نسخة. (فجعل النَّاس أي: معاوية ومن معه. (عدله) بفتح العين وكسرها: المثل والنظير، كما في القاموس، وقال الأخفش: بالكسر: المثل، وبالفتح: مصدر، وقال الفراء: بالفتح: ما عادل الشيء من غير جنسه، وبالكسر: المثل. 75 - بَابُ صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ (باب: صاع من زبيب) تجزئ في صدقة الفطر. 1508 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَكِيمٍ العَدَنِيَّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَال: حَدَّثَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ"، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاويَةُ وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ، قَال: "أُرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ". [انظر: 1505 - مسلم 985 - فتح: [3/ 372] (عبد الله) أي: ابن منير، بضم الميم وسكون النون. (يزيد) أي: "ابن أبي حكيم"، كما في نسخة. (سفيان) أي: الثّوريّ. (ابْن أبي سرح) بفتح المهملة، وسكون الراء، وبحاء مهملة.

76 - باب الصدقة قبل العيد

(كنا نعطيها) أي: زكاة الفطر. (معاوية) أي: ابن أبي سفيان. (وجاءت السمراء) أي: الحنطة، ومجيئوها كناية عن رخصها وكثرتها. (أرى) بضم الهمزة، وفي نسخة: بفتحها، أي: أظن. (مدًّا من هذا) أي: من الحب، أو البرّ. (يعدل مدين) أي: من غير الحب، أو البرّ. 76 - بَابُ الصَّدَقَةِ قَبْلَ العِيدِ (باب: الصَّدقة) أي: ندب إخراجها. (قبل العيد) أي: قبل صلاته. 1509 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ". [انظر: 1503 - مسلم: 986 - فتح: 3/ 375] (حَدَّثَنَا موسى) في نسخة: "حدثني موسى". (أمر) أي: ندبًا. (بزكاة الفطر) أي: بإخراجها. (قبل خروج النَّاس إلى الصّلاة) أي: صلاة العيد، أما جواز إخراجها فممتد إلى آخر النهار، وإليه أشار في الحديث الآتي بقوله: (كنا نخرج في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر). 1510 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ"، وَقَال أَبُو سَعِيدٍ: "وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ". [انظر: 1505 - مسلم: 985 - فتح: 3/ 375] (أبو عمرو) في نسخة: "أبو عمرو حفص بن ميسرة". (عن زيد) أي: "ابن أسلم"، كما في نسخة. (وكان طعامنا الشعير) برفع (طعامنا)، وبنصب (الشعير) [وفي نسخة بالعكس، فالمرفوع اسم (كان) والمنصوب خبرها وعطف

77 - باب: صدقة الفطر على الحر والمملوك

على (الشعير)] (¬1) بضبطه السابق. قوله: (والزبيب والأقط والتّمر) الطّعام هنا مستعمل في معناه اللغوي الشامل لكل مطعوم، فلا ينافي تخصيصه بالبر فيما مر، وإطلاق لفظ (الشعير) وغيره عليه ثمّ. 77 - بَابٌ: صَدَقَةُ الفِطْرِ عَلَى الحُرِّ وَالمَمْلُوكِ وَقَال الزُّهْرِيُّ: "فِي المَمْلُوكِينَ لِلتِّجَارَةِ يُزَكَّى فِي التِّجَارَةِ، وَيُزَكَّى فِي الفِطْرِ". (باب: صدقة الفطر) أي: وجوبها. (على الحر والمملوك) هذه التّرجمة سبقت لكن بزيادة (من المسلمين) ثمّ وأسقطه هنا؛ للعلم به من تلك، قيل: وغرض البخاريّ منها: أن الصَّدقة لا تخرج عن الكافر، فقيد بذلك، و (من) هذه تمييز من تجب عليه، أو عنه بعد وجود القيد المذكور. (وقال الزّهريُّ في المملوكين) بكسر الكاف. (للتجارة) أي: لأجلها. (يزكي) بفتح الكاف وكسرها، أي: عن قيمتهم آخر الحول في التجارة. (ويزكي) بضبطه السابق، أي: عن أبدانهم. (في الفطر) أي: من صوم رمضان، وما قاله هو قول الجمهور، وقال بعضهم: لا تجب زكاة الفطر، إذ لا يلزم في مال واحد زكاتان ورد بأن الأولى: إنّما هي زكاة عن قيمتهم والثّانية: عن أبدانهم. 1511 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "فَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الفِطْرِ - أَوْ قَال: رَمَضَانَ - عَلَى الذَّكَرِ، وَالأُنْثَى، وَالحُرِّ، وَالمَمْلُوكِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ "فَعَدَلَ النَّاسُ ¬

_ (¬1) من (م).

بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، " يُعْطِي التَّمْرَ "، فَأَعْوَزَ أَهْلُ المَدِينَةِ مِنَ التَّمْرِ، فَأَعْطَى شَعِيرًا"، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ "يُعْطِي عَنِ الصَّغِيرِ، وَالكَبِيرِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لِيُعْطِي عَنْ بَنِيَّ"، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ". [انظر: 1503 - مسلم: 984 - فتح: 3/ 375] (أَيّوب) أي: السختياني. (أو قال: رمضان) شك من الراوي. (فعدل النَّاس) أي: معاوية ومن معه كما مرَّ. (به) أي: بصاع التّمر. (نصف صاع من بر) أي: عدلوا إليه عن صاع التّمر لما قام عندهم من تساويهما قيمة. (فأعوز أهل المدينة) بالبناء للفاعل، وللمفعول، أي: احتاجوا، أو احتيجوا، بمعنى: أنهم فقدوا التّمر، فـ (من) في قوله: (من التّمر) زائدة، كما قاله التيمي. (فأعطى) أي: ابن عمر، والمذكور (من البرّ والشعير) وغيرهما محمول على أنها غالب أقوات المخاطبين بها، ويجزئ الأعلى عن الأدنى، ولا عكس، والاعتبار بزيادة الاقتيات، فالبر خير من التّمر، والأرز والشعير خير من التّمرة لأنه أبلغ في الاقتيات، والتّمر خير من الزبيب. (حتّى إن كان يعطى) بكسر همزة (إن) وفتحها، لكن شرط المكسورة وجود اللام في الخبر، والمفتوحة وجود (قد) فيه، فأجاب الكرماني: بأنهما مقدران (¬1). (عن بنيِّ) بفتح الموحدة، وكسر النون، وتشديد التحتية، وهو من قول نافع، أي: أن ابن عمر كان يعطي فطرة أولادي تبرعًا عنهم، وهم ¬

_ (¬1) "صحيح البخاريّ بشرح الكرماني" 8/ 54.

78 - باب: صدقة الفطر على الصغير والكبير

مواليه، وفي نفقته. (يقبلونها) أي: زكاة الفطر، وفي نسخة: "يقبلون". (وكانوا) أي: الناس. (يعطون) بضم أوله وثالثه، أي: زكاة الفطر، قبل الفطر (بيوم أو يومين) لا يتقيد باليوم واليومين، بل يجوز تقديمها في جميع رمضان، ولا يجوز قبله، لأنه تقديم على سببيها. 78 - بَابٌ: صَدَقَةُ الفِطْرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ (باب: صدقة الفطر) أي: وجوبها. (على الصغير والكبير) لكن المخاطب بها في الصغير وليه. 1512 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَلَى الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ، وَالحُرِّ وَالمَمْلُوكِ". [انظر: 1503 - مسلم: 984 - فتح: 3/ 377]، (يحيى) أي: القطان. (فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ) مرَّ شرحه.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «لَا يشْكر الله مَنْ لَا يشْكر النَّاسَ» الحمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِه تتمُ الصالحاتُ فإنَّ إِخْرَاج هَذَا الْكتاب بِهَذِهِ الصُّورَة فِي فَتْرَة وجيزة كَانَ ثمرةَ تعاونٍ مَعَ: "مَرْكَز الْفَلاح للبحوث العلمية" لصَاحبه الشَّيْخ خَالِد الرِّبَاط وَالَّذِي عاون فِي الإشراف على هَذَا الْكتاب، بمشاركة الْأُخوة: خَالِد بُكير، وعصام حمدي (فِي الْمُقَابلَة وَالتَّعْلِيق والمراجعات) نَادِي فكري، وَمُحَمّد رَمَضَان (فِي التَّخْرِيج وَالتَّعْلِيق) كَمَا قَامَ بمراجعة متن البُخَارِيّ وَضَبطه: الدكتور جُمُعَة فتحي، وَالْأَخ أَحْمد روبي فجزاهم الله خيرًا وكل من شَارك مَعَهم على مَا بذلوه من جهد وَعون، أسأَل الله أَن يَجْعله فِي ميزَان حسناتهم، إنَّهُ سميع مُجيب. سُلَيْمَان بن دريع العازمي الكويت هَاتِف: 009659532016

منْحَةُ البَارِي بِشَرْح صَحِيح البُخَارِي [4]

جَمِيع الحقُوق مَحفُوظَة الطَّبعَة الأولى 1426 - هـ - 2005 م مكتبة الرشد ناشرون المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض - شَارِع الْأَمِير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن (طَرِيق الْحجاز) ص. ب: 17522 - الرياض: 11494 - هَاتِف: 4593451 - فاكس: 4573381 Email : [email protected] Website : www.rushd.com * فرع طَرِيق الْملك فَهد: الرياض - هَاتِف: 2051500 - فاكس: 2052301 * فرع مَكَّة المكرمة: هَاتِف: 5585401 - فاكس: 5583506 * فرع الْمَدِينَة المنورة: شَارِع أبي ذَر الْغِفَارِيّ - هَاتِف: 8340600 - فاكس: 8383427 * فرع جدة: ميدان الطائرة - هَاتِف: 6776331 - فاكس: 6776354 * فرع القصيم: بُرَيْدَة - طَرِيق الْمَدِينَة - هَاتِف: 3242214 - فاكس: 3241358 * فرع أَبِهَا: شَارِع الْملك فيصل - تلفاكس: 2317307 * فرع الدمام: شَارِع الْخزَّان - هَاتِف: 8150566 - فاكس: 8418473 وكلاؤنا فِي الْخَارِج * الْقَاهِرَة: مكتبة الرشد - هَاتِف: 2744605 * بيروت: دَار ابْن حزم هَاتِف: 701974 * الْمغرب: الدَّار الْبَيْضَاء - وراقة التَّوْفِيق - هَاتِف: 303162 - فاكس: 303167 * الْيمن: صنعاء - دَار الْآثَار - هَاتِف: 603756 * الْأُرْدُن: عمان - الدَّار الأثرية: 6584092 - جوال: 796841221 * الْبَحْرين: مكتبة الغرباء - هَاتِف: 957833 - 945733 * الإمارات: مكتبة دبي للتوزيع - هَاتِف: 43339998 - فاكس: 43337800 * سوريا: دَار البشائر: 231668 * قطر: مكتبة ابْن الْقيم - هَاتِف: 4863533

25 - كتاب الحج

25 - كتاب الحج

1 - باب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 25 - كتاب الحج {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالمِينَ} [آل عمران: 97]. بسمِ الله الرّحمنِ الرحيمِ كتاب الحجِّ) هو بفتح الحاء وكسرها لغةً: القصدُ، وشرعًا: قصدُ الكعبةِ بعبادةٍ فيها وقوفٌ بعرفةَ، وقيل بالفتح: القصد، وبالكسر: الحجاج، وفي نسخةٍ: "كتاب المناسك" والمناسكُ: جمعُ منسكٍ بفتح السين وكسرها، و (النسك): العبادة. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطٌ من نسخةٍ. وفي أخرى: تقديمها على (كتاب الحجِّ). 1 - باب: (باب: وجوبِ الحجِّ وفضلِه) لفظُ: (باب) ساقطٌ من نسخةٍ. (وقول الله تعالى) ساقطٌ من نسخةٍ أيضًا، وهو عطفٌ على وجوب الحجِّ ({مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}) بدل (¬1) من النَّاس. ¬

_ (¬1) بدل بعض من كلّ، أو بدل اشتمال والضمير محذوف، أي: منهم وقال بعض النحاة: (من) فاعل حج؛ لأنه مصدر يعمل عمل فعله ولا مصدر مضاف إلى مفعوله: ورد عليه بأن المعنى على هذا: يجب على النَّاس أن يحج مستطعيهم، وهذا باطل. =

1513 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَال: "نَعَمْ"، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ. [1854، 1855، 4399، 6228 - مسلم: 1334 - فتح: 3/ 378] (كان الفضل) هو شقيقُ عبدِ الله بنِ عباسٍ (رديف رسولِ الله) أي: راكبًا خلفَه على الدابة. (من خثعم) قبيلةٌ من قبائلِ اليمن وهو غيرُ منصرفٍ؛ للعلمية والتأنيث. (فقالت: يا رسول الله) إلى آخره اختلفت طرق الأحاديث في السائلِ عن ذلك، هل هو امرأةٌ أو رجلُ؟ وفي المسئول عنه أن يحجَّ عنه هل هو أبٌ أو أمٌّ؟ فأكثر طرقها دالة على أنَّ السائل أمرأةٌ سألت عن أبيها كما هنا، وفي النَّسائيِّ رواية: أنَّ السائلَ رجلٌ سأل عن أمه (¬1) وفي "صحيح ابن حبّان": أن السائلَ رجل سأل عن أبيه (¬2)، وفي "التّرمذيّ" أنَّ السائلَ امرأةٌ سألت عن أمِّها (¬3)، وهذا محمولٌ على تعدد الواقعة: ¬

_ = وأعرب الكسائيُّ (من) شرطية في محل رفع مبتدأ، وجوابها محذوف، والتقدير: من استطاع فليحج أبي: فعليه أن يباشر الحجِّ بنفسه. (¬1) "سنن النَّسائيِّ" (2643) كتاب: مناسك الحجِّ، باب: حج الرَّجل عن المرأة. (¬2) "صحيح ابن حبّان" 9/ 302 (3990) كتاب: الحجِّ، باب: الحجِّ والاعتمار. (¬3) "سنن التّرمذيّ" (929) كتاب: الحجِّ، باب: ما جاء في الحجِّ عن الشّيخ الكبير والميِّت، وقال التّرمذيّ: حسن صحيح.

2 - باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم} [الحج: 27، 28]

(أفأحج) العطفُ على مقدرٍ بعد الهمزة: أي: أأنوبُ عنه فأحجّ له، وهذا مخصوصٌ بمن حجَّ عن نفسهِ؛ لخبر أبي داود وابن خزيمة وغيرهما (¬1) أنَّه - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يلبي عن شبرمة فقال: ""أحججتَ عن نفسِك؟ " فقال: لا. قال: "هذه عن نفسك ثمّ احجج عن شبرمة". 2 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 27، 28] {فِجَاجًا} [نوح: 20]: الطُّرُقُ الوَاسِعَةُ. (باب: قولِ الله تعالى {يَأْتُوكَ رِجَالًا} [الحج: 27]) أي: ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (1811) كتاب: المناسك، باب: الرَّجل يحج عن غيره وابن خزيمة (3039) 4/ 345 كتاب: المناسك، باب: النّهي عن أن يحج عن الميِّت من لم يحج عن نفسه. ورواه الدارقطني 2/ 267 كتاب: الحجِّ، باب: المواقيت. وأبو يعلى في "مسنده" 4/ 329 (2440). وذكره ابن حجر في "التلخيص" وقال: رواه أبو داود، وابن ماجة من حديث عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، والدارقطني وابن حبّان والبيهقي وقال: إسناده صحيح وليس في هذا الباب أصح منه، وروي موقوفًا رواه غندر عن سعيد كذلك وعبدة يحتج به في "الصحيحين" وقد تابعه على رفعه: محمّد بن بشر ومحمد بن عبد الله الأنصاري. وقال ابن معين: أثبت النَّاس في سعيد عبدة وكذا رجح عبد الحق وابن القطان رفعه، وقال الطحاوي: والصّحيح أنه موقوف. وقال أحمد بن حنبل: رفعه خطأ. وقال ابن المنذر: لا يثبت رفعه. قلت: لكنه يقوي المرفوع؛ لأنه عن رجاله. أهـ بتصرُّف. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح (1589).

مشاةً (¬1) وركبانًا {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} أي: مهزولٍ من بُعدِ سفره {يَأْتِينَ} صفة لـ (كلِّ ضامرٍ)؛ لأنَّه في معنى الجمع. {مِنْ كُلِّ فَجٍّ} أي: طريق. (عميقٍ): أي: بعيد {لِيَشْهَدُوا} أي: ليحضرواه {مَنَافِعَ لَهُمْ} دينية ودنيوية. وقال البخاريُّ في تفسير قوله تعالى في سورةِ نوحٍ: (فجاجًا) جمعُ فجٍّ معناه: (الطرق الواسعةُ) وتُجمع فَجٌّ على أفجًةٍ أيضًا لكنه قليل. 1514 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ بِذِي الحُلَيْفَةِ، ثُمَّ يُهِلُّ حَتَّى تَسْتَويَ بِهِ قَائِمَةً". [انظر: 166 - مسلم: 1187 - فتح: 3/ 379] (ابنُ وهب) اسمهُ: عبدُ الله. (عن يونس) أي: ابن يزيدٍ الأيْليِّ. (أنَّ سالمَ بنَ عبدِ الله) زاد في نسخةٍ: "ابن عمر". (بذي الحليفة) بضم المهملة وفتح اللام: موضعٌ على ستةِ أميالٍ من المدينةِ -على ما صححه في "المجموع" وغيره- وهي أبعدُ المواقيتِ من مكةَ. (يهل) من الإهلال: وهو رفعُ الصوت (بالتلبية) أي: مع الإحرام هنا. حتّى (تستوي) أي: راحلتُه وفي نسخةٍ: "حين يستوي". 1515 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، سَمِعَ عَطَاءً، يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ إِهْلال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ" رَوَاهُ أَنَسٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. [فتح: 3/ 379] ¬

_ (¬1) ورجالًا، جمع راجل، كقائم وقيام، يقال: رجل يرجل، بفتح الجيم، رجلًا، بفتحتين: سار على رجليه لا راكبًا.

3 - باب الحج على الرحل

(إبراهيم) أي: "ابن موسى الرَّازيُّ" كما في نسخةٍ. (الوليد) أي: ابن مسلمٍ القرشيُّ. (الأوزاعيُّ) اسمه عُبدُ الرّحمن. 3 - بَابُ الحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ (باب) بيان فضل (الحجِّ على الرحل) وهو بالحاء للبعير، كالسرج للفرس. 1516 - وَقَال أَبَانُ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، وَحَمَلَهَا عَلَى قَتَبٍ" وَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "شُدُّوا الرِّحَال فِي الحَجِّ فَإِنَّهُ أَحَدُ الجِهَادَيْنِ". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 380] (وقال أبان) بالصرف وعدمهِ -وهو الأكثر- أي: ابن يزيدَ العَطَّارُ. (من التنعيم) هو موضعٌ عند طرفِ حرم مكةَ من جهة المدينة على ثلاثةِ أميالٍ من مكةَ (¬1). (وحملها على قتبٍ) أي: على مؤخره؛ لأنه كان على القتب وأردفها خلفه؛ لقوله آخر الباب. (فأحقبها) أي: أردفها على الحقيبة وهي الزيادةُ الّتي تُجعلُ في مؤخرِ القتبِ، والقتبُ: خشبُ الرحل. (شُدُّوا الرحال في الحَجِّ فإنَّه أحدُ الجهادين) أي: جهادِ الكفار، وجهادِ النفس بالصبرِ على [مشقة] (¬2) ترك الملاذ. ¬

_ (¬1) سميت بذلك؛ لأنَّ جبلا عن يمينه يقال له: نعيم، وآخر عن شماله يقال له: ناعم، والوادي: نعمان. انظر: "معجم البلدان" 2/ 49. (¬2) من (ب).

4 - باب فضل الحج المبرور

1517 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، قَال: "حَجَّ أَنَسٌ عَلَى رَحْلٍ وَلَمْ يَكُنْ شَحِيحًا" وَحَدَّثَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ". [فتح: 3/ 1380] (وقال محمدٌ) في نسخة: (حَدَّثَنَا محمدٌ). (عزرة) بفتح المهملة وسكون الزاي قبل راء. (عن ثُمامةَ) بضم المثلثة وتخفيف الميم. (ولم يكن) في نسخةٍ: "فلم يكن". (شحيحًا) أي: بخيلًا. (وكانت) أي: الراحلة الّتي ركبها. (زاملته) بالزاي: أي: حاملته مع أمتعته، و (الزاملةُ) البعيرُ الّذي يستظهر به الرَّجل في حمل متاعه وطعامه. وفي الحديث: تركُ الترفهِ حيث جعل أنسُ متاعَه تحته وركب فوقه اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. 1518 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ، فَقَال: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، اذْهَبْ بِأُخْتِكَ، فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ" فَاعْتَمَرَتْ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 380] (أبو عاصم) هو الضحاكُ بنُ مخلد شيخُ البخاريِّ، روى عنه هنا بواسطة. (ابْن نابل) بنونٍ وموحدةٍ بينهما ألف. (القاسم بن محمّد) أي: ابن أبي بكر الصديق. (فأحقبها) مرَّ تفسيره. (على ناقة) في نسخةٍ: "على ناقته". 4 - بَابُ فَضْلِ الحَجِّ المَبْرُورِ (باب: فضلِ الحَجِّ المبرورِ) أي: المقبول، أو الّذي لم يخالطه إثمٌ، وهو اسمُ مفعولٍ من برَّ المتعدي، يقال: برَّ الله حَجك، ويبنى

للمفعول فيقال: بُرَّ حجُك فهو مبرورٌ، فسقط ما قيل: أنَّ بَّر لا يتعدى إلا بحرف الجر (¬1). 1519 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَال: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ" قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَال: "جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَال: "حَجٌّ مَبْرُورٌ". [انظر: 26 - مسلم: 83 - فتح: 3/ 381] (سئل النبيُّ) السائلُ أبو ذر. (أيُّ الأعمال أفضل؟) أي: أكثرُ ثوابًا. (قال: إيمانٌ بالله) في حديث آخر للشيخين أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله تعالى؟ قال: (الصلاةُ لوقتها) (¬2) وفي أخرى: "أيُّ الناسِ أفضلُ؟ قال: رجلٌ يُجاهد في سبيلِ الله" (¬3) فقيل: إنها متعارضةٌ، وأجيب: بأنه - صلى الله عليه وسلم - أجاب كلًّا بما يوافق حاله ويليق به. 1520 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلا نُجَاهِدُ؟ قَال: "لَا، لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ". [1861، 2784، 2875، 2876 - فتح: 3/ 381] (خالد) أي: ابن عبد الله الطحان. (نرى) بفتح النون أي: نعتقد. (قال: لا)، لفظُ: (لا) ساقطٌ من نسخةٍ. (لكن) بلام الجر الداخلة على كنَّ وتشديد النون ضمير ¬

_ (¬1) قال الفراء بر حجه، فإذا قالوا: أبر الله حجك، قالوه بألف. وقال الجوهري: وأبر الله حجك لغة في بر الله حجك. ويقال: بر الله حجه وأبره برًّا. وإبرارًا. (¬2) سبق برقم (527) كتاب: مواقيت الصّلاة، باب: فضل الصّلاة لوقتها. (¬3) سبق برقم (2786) كتاب: الجهاد والسير، بالب: أفضل النَّاس مؤمن مجاهد بنفسه.

5 - باب فرض مواقيت الحج والعمرة

المخاطبات وبكسر الكاف وألفٍ قبلها ونونٍ مخففةٍ أو مشددةٍ: حرفُ استدراكٍ فعلى الأوّل: (لكن): خبر لقوله: (أفضلُ الجهاد) فهو مرفوعٌ بالابتداء وقوله: (حجٌ مبرور) خبرُ مبتدإ محذوفٍ، وعلى الثّاني: -وهو الاستدراك- مع تخفيف النون يكون (أفضلُ الجهاد) مبتدأ أيضًا وخبره ما بعده ومع تشديدها (أفضل الجهاد) منصوب اسمها وما بعده خبرها. 1521 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الحَكَمِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ". [1819، 1820 - مسلم: 1350 - فتح: 3/ 382] (أبا حازم) اسمُه: سَلْمَان بفتح السين وسكون اللام. (فلم يرفث) بتثليث الفاء فيه وفي ماضيه، لكن الأفصحَ فيه الضمُّ، وفي ماضيه الفتح (¬1)؛ أي: الجماع والتفحش في القول. (ولم يفسق) أي: لم يأت بمعصية. (رجع) أي: من ذنوبه. (كيوم ولدته أُمهُّ) بجر يوم على الإعراب، وبفتحه على البناء وهو الراجحُ في مثله. 5 - بَابُ فَرْضِ مَوَاقِيتِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ (باب: فرض مواقيت الحجِّ والعمرة) أي: مواقيتها المكانية. 1522 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَال: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ، ¬

_ (¬1) رفث في كلامه يرفث رفثًا، ورفث رفثًا، ورفث، بالضم عن اللحياني، وأرفث، كله: أفحش، وقيل: أفحش في شأن النِّساء. انظر: "اللسان" 3/ 1686.

أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي مَنْزِلِهِ، وَلَهُ فُسْطَاطٌ وَسُرَادِقٌ، فَسَأَلْتُهُ مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِرَ؟ قَال: "فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ". [انظر: 133 - مسلم: 1182 - فتح: 3/ 383] (زهير) أي: ابن معاوية الجعفي. (وله فُسطاطٌ) بضم الفاء وفتحها: بيتٌ من شعرٍ ونحوه. (وسرادق) بضم السين وكسر الدال: ما أحاط بالخيمةِ أو نحوها. (فسألته) فيه التفاتٌ إذ القياسُ: فسأله، وفي نسخة: "فدخلتُ عليه فسألته". (قال: فرضها) أي: المواقيت أي قدرها. (نجد) هو ما ارتفع من أرضِ تهامة على أرض العراق (¬1). (قرنًا) بسكون الراءِ: بقعة على نحو مرحلتين من مكةَ، وتكتب في بعض النسخ بلا ألف على لغة ربيعة، لكن إذا وُصِلَ في القراءةِ ينون، أو على أنه غيرُ منصرفٍ؛ للعلميةِ والتأنيثِ. (ذا الحليفة) تقَدَّم ضبطها. (الجُحفة) بضم الجيم وسكون المهملة: قريةٌ بطريق المدينةِ، على ثمانِ مراحلٍ من المدينةِ، وعلى ستةِ أميالٍ من البحرِ، وكان اسمها: مهيعة فأجحفها السيلُ، فسميتْ بذلك (¬2). وهذه المواقيت لمن لم يكن بمكةَ، أما من كان بها فميقاتُ حجه نفسُ مكةَ، وميقاتُ عمرته أدنى الحلِّ. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 261. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 111.

6 - باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة: 197]

6 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] (باب: قولِ الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا} أي: تزودوا ما يكفُّ وجوهَكُم عن الناسِ، ولمَّا أمرهم بزاد الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة فقال: ({فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}) [البقرة: 197]؛ لأنها سببٌ للخير الدائم، بخلاف زاد الدنيا. 1523 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ أَهْلُ اليَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ المُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا. [فتح: 3/ 383] (شبابة) بفتح الشين والموحدة المخففة، أي: ابن سوار (عن ورقاء) بالمدِّ، أي: ابن عمرو بنِ كُليبٍ اليشكريِّ (ويقولون: نحن المتوكلون) أي: على الله. (فإذا قدموا مكةَ) في نسخةٍ. "وإذا قدموا المدينة" والأولى أصوبُ (سألوا الناسَ) أي: الزادَ. وفي الحديث: الزجرُ عن التكففِ وكثرةِ السؤال، والترغيبُ في التعفُّفِ، وليس فيه ذمُّ التوكل؛ لأن ما فعلوه تأكُّل لا توكل إذ التوكُّلُ قطعُ النظر عن الأسباب مع تهيئتها لا تركها بالكلية؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "قيدها وتوكل" (¬1) وعُرف التوكل بغير ذلك، كما بينته في "شرح الرسالة" (عن عمرو) أي: ابن دينار. ¬

_ (¬1) رواه التّرمذيّ بلفظ: "اعقلها وتوكل" (2517) كتاب: صفة القيامة، باب: ما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = جاء في صفة أواني الحوض (60)، وقال عمرو بن عليّ قال يحيى: وهذا عندي حديث منكر، وقال التّرمذيّ: حديث غريب من حديث أنس لا نعرفه إلا من هذا الوجه وقد روي عن عمرو أمية الضمري. وابن حبّان 2/ 510 (731) كتاب: الرقائق، باب: الورع والتوكل، بلفظ: "اعقلها وتوكل"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 2/ 214 في ترجمة عمرو بن أمية الضمري. وفي إسناده يعقوب بن عمرو بن عبد الله: قال أبو حاتم عنه: يعقوب هذا من أهل الحجاز مشهور مأمون. وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 210 في ترجمة عمرو بن أمية الضمري والحاكم في "المستدرك" 3/ 623 كتابِ: معرفة الصّحابة وسكت عنه. وقال الذهبي: سنده جيد. والقضاعي في "مسند الشهاب" 1/ 368 (633)، والبيهقي في "الشعب" وفي إسناده عمرو بن عبد الله بن أمية الضمري، وذكره الهيثمي في "مجمعه" 10/ 546 (18187) كتاب: الزهد، باب: التوكل وقيدها وتوكل، وقال: رواه الطَّبرانيُّ من طرق ورجال أحدها رجال الصّحيح غير يعقوب بن عبد الله بن عمرو بن أمية وهو ثقة. قلت: وضعفه السيوطيّ في "الجامع الصغير" وعزاه للترمذي، وقال المناوي في شرحه على "الجامع الصغير": رواه التّرمذيّ واستغربه، ثمّ حكى عن الفلاس أنه منكر. وقال يحيى القطان: حديث منكر. وقال غيره: فيه المغيرة بن أبي قرة السدوسي مجهول فهو معلول. لكن قال الزركشي: إنّما أنكره القطان من حديث أنس وقد أخرجه ابن حبّان في "صحيحه" من حديث عمرو بن أمية الضمري: قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أرسل ناقتي وأتوكل .. وذكر الحديث، وإسناده صحيح. وقال الزين العراقي: رواه ابن خزيمة والطبراني من حديث عمرو بن أمية الضمري، بإسناد جيد بلفظ: "قيدها وتوكل" وبه يتقوى أ. هـ وحسنه الألباني في "صحيح التّرمذيّ".

7 - باب مهل أهل مكة للحج والعمرة

7 - بَابُ مُهَلِّ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالعُمْرَةِ (باب: مُهلِّ أهل مكةَ للحجِّ والعمرة) أي: بيان إهلالهم بهما، والإهلالُ - في الأصل: رفعُ الصوتِ بالتلبيةِ، ثمَّ أُطلق على الإحرامِ بالحج والعمرة توسعًا. 1524 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ". [1526، 1529، 1530، 1845 - مسلم: 1181 - فتح: 3/ 384] (وهيب) أي: ابن خالد. (ابْن طاوس) اسمهُ: عبدُ الله. (وقت) أي: حَدَّدَ للإحرام ما ذكر وإن كان مأخوذًا من الوقت؛ لأن العرفَ يستعمله في مطلق التحديد اتساعًا. (قرن المنازل) جمعُ منزلِ، فالعلمُ مركبٌ من مضاف ومضاف إليه وربما اقتصر على المضاف -كما مرَّ- ويُسمى قرنُ. الثعالب؛ لكثرة ما كان يهوى إليه منها. (ولأهل اليمن يلملمَ) يقالُ له أيضًا: أَلملم بهمزة بدل الياء، ويرمرم براءين: وهو جبلٌ من جبالِ تهامةَ على مرحلتين من مكّة (¬1) (هُنَّ) أي: هذة المواقيت، (لهن): عدل عن ضمير المذكرين إلى ضمير المؤنثات؛ ليشاكلَ ما قبله، أو لإرادة مضافٍ محذوفٍ أي: لأهلهن وإلا فالقياسُ "لهم" كما في نسخةٍ. (ولمن أتي عليهنَّ من غيرهنَّ) أي: من غيرِ ¬

_ (¬1) والململم: المجموع: موضع على ليلتين من مكّة، وفيه مسجد معاذ بن جبل، وقال المرزوقي: هو جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث، وقيل: هو واد هناك. انظر: "معجم البلدان" 5/ 441.

8 - باب ميقات أهل المدينة، ولا يهلوا قبل ذي الحليفة

أهلهنَّ، وهذا شاملٌ للشاميِّ المارِّ بذي الحليفة ولغيره، كما أن قوله: (ولأهل الشّام الجحِفة) شاملٌ للمارِّ من أهل الشّام بذي الحليفة ولغيرهِ، وهما متنافيان ظاهرًا، وأجيب: بأن المرادَ بأهل من ذكر: من سلك طريقَ سفرهم ومَن مَرَّ على ميقاتِهم. (ممّن أراد الحَجَّ والعمرةَ) أي: الإحرام بأن قرن بينهما، أو الواو بمعنى: أو (¬1). (فمن حيثُ أنشأ) أي: فميقاتُه من حيثُ أنشأ إحرامَه. (حتّى أهل مكّة) أي: من هم بها يهلُّون بالحجِّ. (من مكّة) كما أنَّ مَنْ بين مكةَ والميقاتِ يُحرِمُ من مكانه، أما العمرة فيحرمون بها من أدنى الحلِّ، كما مرَّ؛ ليجمع فيها بين الحل والحرم، كالجمع في الحجِّ بينهما بوقوفه بعرفة؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر عائشة بالخروج إلى الحلِّ للإحرام بالعمرة كما مَرَّ (¬2). 8 - بَابُ مِيقَاتِ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَلَا يُهِلُّوا قَبْلَ ذِي الحُلَيْفَةِ (باب: ميقاتِ أهلِ المدينة) أي: بيانه (ولا يُهلوا) نهيٌ. (قبل ذي الحُليفة) أي: قبل وصولِهم إليها، وظاهرُه أنَّ البخاريَّ يرى المنعَ من الإحرام قبل الميقاتِ، والجمهورُ على خلافه. 1525 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يُهِلُّ أَهْلُ المَدِينَةِ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّأْمِ مِنَ الجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ"، قَال عَبْدُ اللَّهِ وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَيُهِلُّ أَهْلُ اليَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ". [انظر: 133 - مسلم: 1182 - فتح: 3/ 387] ¬

_ (¬1) مجيء الواو بمعنى: (أو) مذهب بعض النحاة، وسبقت الإشارة إليه. (¬2) سبق برقم (1518) كتاب: الحجِّ، باب: الحجِّ على الرحل.

9 - باب مهل أهل الشأم

(يهل أهل المدينة) أي ومن سلك طريقَهم في سفرة ويقدَّر مثلُه فيما يأتي، كما مَرَّ بيانُه في الباب السابق (¬1). (وأهل الشّام) في نسخةٍ: "ويهلُّ أهلُ الشام". (قال عبدُ الله) أي: ابن عمرَ (وبلغني) إلى آخره يحتجُّ بمثله؛ لأنَّه مرسلُ صحابي (¬2)، ولأنَّ الظاهرَ أنَّه لا يرويه إلا عن صحابي، وكلُّ الصّحابة عدولٌ، على أنَّه روي مرفوعًا من حديث ابن عبّاس في "الصحيحين" وغيرهما (¬3). 9 - بَابُ مُهَلِّ أَهْلِ الشَّأْمِ (بابُ: مُهَلِ أهلِ الشّام) أي: بيان موضع إهلالهم. 1526 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ، فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا". [انظر: 1524 - مسلم: 1811 - فتح: 3/ 387] (لهن) في نسخة: "لهم" كما مَرَّ نظيره. (فمن كان دونهن) أي: أقرب إلى مكّة. (فمهلُه) بضم الميم وفتح الهاء أي: مكان إهلالهِ بالإحرام. (من أهله) أي: من دويرتهم. (وكذاك) زاد في نسخةٍ "وكذاك" (¬4) فيصير مرتين، أي: وكذا من كان أقرب من هذا الأقرب، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1524) كتاب: الحجِّ، باب: مهل أهل مكّة للحج والعمرة. (¬2) مرَّ الحديث عليه. (¬3) سبق برقم (1524) كتاب: الحجِّ، باب: مهل أهل مكّة للحج والعمرة. "صحيح مسلم" (1181) كتاب: الحجِّ، باب: مواقيت الحجِّ والعمرة. (¬4) أي: بتكرير (وكذاك) مرتين، كما في هامش اليونينية، ونبه عليه القسطلاني.

10 - باب مهل أهل نجد

وكأنَّه منزلٌ منزلةَ قولك: وهكذا؛ أي: الأقربُ فالأقرب، ومرَّ شرحُ الحديث (¬1). 10 - بَابُ مُهَلِّ أَهْلِ نَجْدٍ (بابُ: مُهلِ أهلِ نجد) أي: بيانه. 1527 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَّتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر 133 - مسلم 1182 - فتح 3/ 388] (علي) أي: ابن المديني (سفيان) أي: ابن عُيينة. (عن سالم) أي: ابن عبدِ الله بنِ عمرَ. (وقَّت النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: لأهل المدينةِ (ذا الحليفة إلى آخره). 1528 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مُهَلُّ أَهْلِ المَدِينَةِ ذُو الحُلَيْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الشَّأْمِ مَهْيَعَةُ - وَهِيَ الجُحْفَةُ - وَأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ" قَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال وَلَمْ أَسْمَعْهُ: "وَمُهَلُّ أَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمُ". [انظر: 133 - مسلم: 1182 - فتح: 3/ 388] (أحمد) أي: "ابن عيسى" كما في نسخةٍ. (ابْن وهب) اسمُه: عبدُ الله. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (مهيعة) بفتح الميم، وسكون الهاء، وفتح الياء، وإهمال العين، وقيل: بكسر الهاء بوزن: جميلة وفسَّرَها بقوله: (وهي الجحفة) وفسرها غيرُه: بأنَّها قرية قريبة من الجحفة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1525) كتاب: الحجِّ، باب: ميقات أهل المدينة.

11 - باب مهل من كان دون المواقيت

(زعموا) أي: قالوا؛ لأن الزعم يُستعمل بمعنى القولِ المحققِ. (ولم أسمعه) اعتراضٌ بين القولِ ومقوله. ومرَّ شرحُ الحديث (¬1). 11 - بَابُ مُهَلِّ مَنْ كَانَ دُونَ المَوَاقِيتِ (بابُ: مهلِ من كان دون المواقيت) أي: بينها وبين مكّة. 1529 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ، مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ، فَمِنْ أَهْلِهِ حَتَّى إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا". [انظر: 1524 - مسلم: 1181 - فتح: 3/ 388] (قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد. (حمَّاد) أي: ابن زيد. (عن عمروٍ) أي: ابن دينار. (وَقَّتَ لأهلِ المدينة) مرَّ شرُحه (¬2). 12 - بَابُ مُهَلِّ أَهْلِ اليَمَنِ (بابُ: مُهلِ أهل اليمن) أي: بيانه. 1530 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لِأَهْلِهِنَّ، وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1525) كتاب: الحجِّ، باب: ميقات أهل المدينة. (¬2) سبق برقم (1525) كتاب: الحجِّ، باب: ميقات أهل المدينة.

13 - باب: ذات عرق لأهل العراق

حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ". [انظر: 1524 - مسلم: 1181 - فتح: 3/ 388] (من غيرهم): في نسخةٍ: "من غيرهنَّ"، ومرَّ شرحُ الحديث (¬1). 13 - بَابٌ: ذَاتُ عِرْقٍ لِأهْلِ العِرَاقِ (باب: ذاتُ عرقٍ لأهلِ العراق) أي: ميقات لهم. 1531 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ المِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا"، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا، قَال: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ. [فتح: 3/ 389] (عبيد الله) أي: ابن عمرِ بنُ حفص بن عاصمِ بنُ عمر بنُ الخطّاب. (فتح هذان المصران) بالبناء للمفعول وفي نسخةٍ: "فتح هذين المصرين" بالبناء للفاعل أي: الله ورسولُه، والمصران: البصرةُ والكوفة. (جور) بفتح الجيم وسكون الواو أي: ميلٌ. (قال) أي: عمر (حذوها) بذال معجمة أي: ما يُحاذيها. (فحد) أي: عمر باجتهاده. (لهم) أي: لأهل المصرين من العراق، فقوله في (حدِّ لأهل العراق) أي: لبعضهم. (ذاتُ عرقٍ) بكسر العين وسكون الراء: جبلٌ صغيرٌ على مرحلتين من مكّة (¬2)، وهذا ميقاتُ أهلِ العراق الذي حدَّه لهم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كما رواه النسائيُّ وأبو داود (¬3) - فمن حدَّد له عمر بعض ¬

_ (¬1) سبق برقم (1528) كتاب: الحجِّ، باب: مهل أهل نجد. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 107. (¬3) "سنن النَّسائيِّ" 5/ 125 كتاب: مناسك الحجِّ، باب: ميقات أهل العراق، وأبو داود (1739) كتاب: المناسك، باب: في المواقيت، وصححه الألباني.

14 - باب

من حدد له النبيُّ، وإنّما حدَّد عمرُ لمن أتاه مع وجود الحديث؛ إمَّا لأنَّه لم يطَّلع عليه، أو على أن من أتاه من أهلِ العراقِ فسقط ما قيل: أنَّ المحدِّد هو النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لا عمر - رضي الله عنه -، إذ لا مُنافاةَ بينهما في المعني، هذا وقد رجَّح بعضُهم القولَ بتحديد عمر على القول الآخر بناءً على ضعف الحديث عنده. 14 - باب. (باب) بلا ترجمة، فهو كالفصلِ من سابقه، وفي نسخةٍ: "بابُ الصّلاةِ بذي الحُليفة". 1532 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى بِهَا" وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ". [انظر: 484 - مسلم: 1257 - فتح: 3/ 391] (أناخ) أي: راحلته فصلَّى بها، أي: ركعتي الإحرام، أو العصرَ ركعتين قصرًا. 15 - بَابُ "خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ" (بابُ: خروجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على طريقِ الشجرةِ) أي: الّتي عندَ مسجدِ ذي الحليفة. 1533 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ الشَّجَرَةِ، وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ المُعَرَّسِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّي فِي مسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِي الحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الوَادِي، وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ". [انظر: 484 - مسلم: 1257 - فتح: 3/ 391]

16 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "العقيق واد مبارك"

(كان يخرجُ) أي: من المدينة. (من طريق المُعرس) بفتح الراء المشددة: موضعُ النزولِ مطلقًا، وقيل: آخر اللّيل: وهو أسفلُ من مسجد ذي الحليفة. قال النوويُّ: وهو موضعٌ معروفٌ على ستةِ أميالٍ من المدينة (¬1)، (يصلِّي): في نسخةٍ: "صلَّى". (وبات) أي: بذي الحليفة. (حتّى يُصبحَ) أي: لئلا يفجأ النّاسُ أهاليهم ليلًا. 16 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ" (باب: قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "العقيق وادٍ مبارك") في نسخةٍ: "وادي المبارك" أي: وادي الموضعِ المبارك. 1534 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَادِي العَقِيقِ يَقُولُ: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَال: صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ". [2337، 4373 - فتح: 3/ 392] (الحميدي) هو أبو بكر عبد الله بن الزُّبير. (الوليد) أي: ابن مسلم. (الأوزاعي) هو عبدُ الرّحمنِ بنُ عمروٍ. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عكرمة) هو مولى ابن عباسٍ. (بوادي العقيق) أي: فيه، وهو بقرب البقيع بينه وبين المدينةِ أربعةُ أميالٍ (¬2). (أتاني اللَّيلةَ آتٍ) هو جبريل. (فقال: صل في هذا الوادي المبارك) هو موضعُ الترجمةِ؛ لأنَّه وإنْ كان حكايةً عن جبريلَ فهو قولُ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 81. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 139.

النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الجملة (وقل: عمرة) بالنصب على الحكاية، أي: قل: جعلتُها عمرةً، وفي نسخةٍ: بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف أي: قل: هذه عمرة. (في حجةٍ) أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأنْ يقولَ ذلك لأصحابه؛ ليعلمهم مشروعية القرآن. 1535 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ " رُئِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ بِذِي الحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الوَادِي، قِيلَ لَهُ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ " وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ المَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الوَادِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ. [انظر: 483 - مسلم: 1346 - فتح: 3/ 392] (محمّد بن أبي بكر) أي: المقدمي. (رُؤيَ) بتقديم الراء مبنيًّا للمفعول أي: رآه غيره، وفي نسخةٍ: "أري" بتقديم الهمزة. (كذلك) أي: في المنام، و (هو معرِّس) بكسر الراء مشددة، وفي نسخةٍ: "وهو في معرس" بزيادة: "في" وفتح الراء مشددة. والتعريسُ: النزولُ في السَّفر آخر اللّيل للاستراحة. (ببطن الوادي) أي: وادي العقيق. (وقد أناخ) هو قول موسى بن عقبةَ (يتوخى) أي: يتحرى أو يقصد. (بالمناخ) بضم الميم أي: المبرك. (وهو أسفل) بالرفع والنصب بنزع الخافض. (بينهم) أي: المعرِّسين وفي نسخةٍ: "بينه" أي: المعرِّس. (وسط) بفتح السين أي: متوسط بين بطنِ الوادي وبين الطريق، وفي نسخةٍ: "وسطًا" بالنصب: حال. وذكره بعد (بين)، وإنْ علم منه؛ ليبين أنَّه في حاق الوسطِ من غير ميلٍ لأحدٍ الجانبين فـ (أسفل): خبرُ هو

17 - باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب

(وبينهم وبين الطريق) خبرٌ ثانٍ، و (وسط) على نسخةٍ الرفع: خبرٌ ثالثٌ، ويجوز أن يكون بدلًا من (أسفل). 17 - بَابُ غَسْلِ الخَلُوقِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنَ الثِّيَابِ (باب: غسلِ الخلوقِ ثلاثَ مراتٍ من الثِّياب) الخلوقَ: بفتح الخاء، وضمِّ اللام وبقاف: ضربٌ من الطيب يُخلطُ بزعفران. 1536 - قَال أَبُو عَاصِمٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ، أَنَّ يَعْلَى قَال لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَرِنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ، قَال: "فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ، فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً، فَجَاءَهُ الوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى يَعْلَى، فَجَاءَ يَعْلَى وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ، فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْمَرُّ الوَجْهِ، وَهُوَ يَغِطُّ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَال: "أَيْنَ الَّذِي سَأَلَ عَنِ العُمْرَةِ؟ " فَأُتِيَ بِرَجُلٍ، فَقَال: "اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَانْزِعْ عَنْكَ الجُبَّةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ" قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَادَ الإِنْقَاءَ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ؟ قَال: "نَعَمْ". [1789، 1847، 4329، 4985 - مسلم: 1180 - فتح: 3/ 393] (قال) في نسخةٍ: "حَدَّثَنَا". (أبو عاصم) هو الضحاكُ بنُ مخلدِ النبيل. (ابْن جريج) اسمه: عبدُ الملك. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (بالجعرانة) بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء، وبكسر الجيم والعين وتشديد الراء: وهي في طريق الطائف على ستة فراسخ من مكّة (¬1). (جاءه رجل) قيل اسمُه: ابن منية. (متضمخ) بضاد معجمة ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 142.

أي: متلطخٌ. (أظل به) بالبناء للمفعول أي: جُعل له كالظلَّةِ يستظلُّ به. (فأدخل رأسَه) أي: ليرى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حال نزولِ الوحي وهو محمولٌ على أنَّ عمرَ ويعلى علما أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يكره الإطلاع عليه حينئذٍ؛ لأنّه فيه تقويةُ الإيمان بمشاهدةِ حال الوحي الكريم. (وهو يغطُّ) بغين معجمة مكسورة، وطاءٍ مهملة مشددة من الغطيط: وهو صوتٌ معه بحوحة، كغطيط النائم، أي: شخيره، وسببُ ذلك شدةُ الوحي، قال تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)} [المزمل: 5]، (ثمّ سري عنه) بضم السين وكسر الراء مشددة ومخففة أي كُشفَ عنه ما يتغشَّاه من ثقل الوحي شيئًا فشيئًا يقال: سروت الثّوب وسريته أي: نزعته، والتشديد في الحديث أكثر؛ لإفادته التدريج. (اغسل الطيبَ الّذي بك) إلى آخره. استدلَّ به على منع استدامة الطيب بعد الإحرام، وهو قولُ مالك ومحمد ابن الحسن، لكن الشافعئ والجمهورَ على خلافه لخبر الشيخين، عن عائشةَ قالت: كأني أنظر إلى وبيص الطيب (¬1) أي: بريقه في مفرق رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرمٌ فهو لكونه كان سنةَ عشرٍ ناسخٌ لقصة يعلى؛ لكونها كانت سنةَ ثمانٍ، والأمرُ بغسله ثلاث؛ للمبالغة في إزالة أثر الطيب. (واصنع في عمرتك كما تصنع في حجَّتك) أي: ممّا يشتركان فيه، وفي نسخةٍ: "ما تصنع في حجِّك" بإسقاط التاء. (قلت لعطاء) قائلُه ابن جريحٍ. (أراد) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (الإنقاء حين أمره) أي: السائل. (أنْ ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1538) كتاب: الحجِّ، باب: الطيب عند الاحرام، "صحيح مسلم" (1190) كتاب: الحجِّ، باب: الطيب للمحرم عند الإحرام.

18 - باب الطيب عند الإحرام، وما يلبس إذا أراد أن يحرم، ويترجل ويدهن

يغسلِ) أي: الخلوق. (ثلاث مرات. قال: نعم) أي: أراد الإنقاءَ. وفي الحديث: أنَّ تحريمَ الطيبِ على المحرم دوامًا كما يُحرم ابتداءً وتقدَّم ما فيه، قيل: ولا مناسبةَ بين الحديثِ والترجمة؛ لأنَّ فيها أنَّ الطيبَ في الثِّياب، وفيه أن الرجلَ متضمخ به، ولا يقال لمن طيَّب ثوبه تضمخ. وأجيب: بأنَّ التضمخ يشمل الثوبَ والبدنَ، وبأنَّ البخاريَّ جرى على عادته أنْ يشير إلى ما وقع في بعض طرق الحديث الّذي يورده، وقد أورده في محرمات الإحرام من وجه آخر بلفظ: عليه قميصٌ فيه أثرُ صفرةٍ (¬1). 18 - بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ، وَمَا يَلْبَسُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَتَرَجَّلَ وَيَدَّهِنَ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "يَشَمُّ المُحْرِمُ الرَّيْحَانَ، وَيَنْظُرُ فِي المِرْآةِ، وَيَتَدَاوَى بِمَا يَأْكُلُ الزَّيْتِ، وَالسَّمْنِ" وَقَال عَطَاءٌ: "يَتَخَتَّمُ وَيَلْبَسُ الهِمْيَانَ" وَطَافَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ مُحْرِمٌ وَقَدْ حَزَمَ عَلَى بَطْنِهِ بِثَوْبٍ " وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِالتُّبَّانِ بَأْسًا، لِلَّذِينَ يَرْحَلُونَ هَوْدَجَهَا. (بابُ: الطيبِ) أَي: استحباب استعماله (عند الإحرام) في الثّوب والبدن. (وما يلبسُ) أي: الشخص. (إذا أراد أن يُحرمَ ويترجل) أي: يسرحُ شعرَ رأسهِ بالمشط [(ويدهن) بضم الهاء على أنه ثلاثي، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1847) كتاب: جزاء الصَّيد، باب: إذا أحرم جاهلًا وعليه قميص.

وبكسرها مع تشديد الدال أي: يطلي رأسه بالدهن] (¬1). وهو مع (يترجل) مرفوع بالعطف على (يلبس) و (ما) مصدرية أو منصوب بأن مقدرة عطف على (ما يلبس)؛ لأنه بمعنى المصدر فهو كما في قول ميسون بنت بجدل: ولُبْسُ عَبَاءَة وَتَقَرَّ عَيْني ... أَحَبُّ إِليَّ مِنْ لُبسِ الشُّفُوفِ (¬2). بضم المعجمة أي: الثِّياب الرقاق. (يشمُّ المحرمُ الريحانَ) بضم الشين وبفتحها ماضي الأوّل: شمم، بفتح الميم وماضي الثّاني: شمم، بكسرها. نعم يحرم عليه عند الشّافعيّة شمُّ الريحان الفارسي: وهو الضُمَيْران بضم الميم قياسًا على تحريم شمه الطيب؛ لأنَّ معظم الغرض منه رائحته الطيبة. (وينظر في المرآة) بكسر الميم وسكون الراء بوزن مفعال. (ويتداوى بما يأكل الزيت) بجر الزيت بدلٌ من (ما يأكل) وبنصبه بدلٌ من العائد على ما، وإن كان محذوفًا أي: بما يأكله الزيت، وهو جائزٌ كما قيل به في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} [النحل: 116]، إذ قيل: إنَّ {الْكَذِبَ} بدلٌ من مفعول {تَصِفُ} المحذوف أي: تصفه. (يتختم) أي: يلبسُ الخاتمَ. (ويلبس الهميان) هو بكسر الهاء: فارسيٌّ معربٌ يشبه تكة السراويل تجعل فيه الدراهم، ويشد على ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) هو لميسون بنت بحدل كما قال المصنِّف، وهي زوج معاوية - رضي الله عنه - ويستشهد النحاة بهذا البيت على نصب (تقر) بأن محذوفة؛ ليكون معطوفًا على المصدر (لبس) وسبق ذكر هذا البيت ومناسبته. أ. هـ بتصرُّف. انظر: "شرح ابن عقيل" 4/ 20.

الوسط. (حزم) بفتح الزاي أي شد (بالتبان) بضم الفوقية وتشديد الموحدة: سروال قصير يستر العورة المغلظة فقط، يلبسه الملاحون والمسارعون. (للذين يرحلون هودجها) ساقط من نسخة، ومعناه: يشدون هودجها. وهو مركب من مراكب النِّساء مقتبًا وغير مقتب وضبط (يرحلون) بضم الياء وفتح الراء وتشديد المهملة المكسورة، وبفتح الياء وسكون الراء وفتح المهملة. 1537 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَدَّهِنُ بِالزَّيْتِ، فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ، قَال: مَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ. [فتح 3/ 396] (سفيان) أي: الثّوريّ. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (يدهن بالزيت) أي: غيرِ المطيِّب -كما رواه عنه التّرمذيّ (¬1) - (فذكرته) أي: قال ابن منصورٍ فذكرت امتناعَ ابن عمرَ عن الطيب (لإبراهيم) أي: النخعيِّ. (ما تصنعُ بقوله) أي: ما يصنعُ ابن عمرَ بقوله ذلك حيث ثبت ما ينافيه من فعلِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو الضمير في (بقوله) للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وسُمِّي فعلُه وتقريرُه قولًا؛ لأنهما في بيانِ الجواز كقوله. 1538 - حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ". [انظر: 271 - مسلم: 1190 - فتح: 3/ 396] (الأسود) أي: ابن يزيد. ¬

_ (¬1) "سنن التّرمذيّ" (962) كتاب: الحجِّ، باب (144)، وقال التّرمذيّ: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث فرقد السبخي عن سعيد بن جبير وقد تكلم يحيى بن سعيد في فرقد السبخي وروى عنه النَّاس. وضعف إسناده الألباني.

19 - باب من أهل ملبدا

(قالت كأني أنظر إلى وَبيصِ الطِّيْبِ) أي: بريقه، وأشارتْ بما قالته إلى قوةِ تحققها له، بحيث أما لكثرة استحضارها له كأنَّها ناظرةٌ إليه. (في مفارق) جمعُ مفرق وهو وسطُ الرأسِ وجمعه؛ تعميمًا لجوانبِ الرأس الّتي يفرق فيها. 1539 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: "كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ". [1754، 5922، 5928، 5930 - مسلم: 1189 - فتح: 3/ 396] (لإحرامه) أي: لإرادةِ إحرامِه (ولحلِّه) أي: تحلله من محظورات الإحرام بعد رميهِ وحلقهِ. 19 - بَابُ مَنْ أَهَلَّ مُلَبِّدًا (باب: مَنْ أهلَّ مُلبدًا) أي: شعرَ رأسهِ، والتلبيدُ: جعلُ شيءٍ من نحو الصمغِ في شعر الرّأس ليجتمعَ ولا يتمعَّط ولا يتقمَّل. 1540 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا". [1549، 5114، 5915 - مسلم: 1184 - فتح: 3/ 400] (أصبغ) أي ابن الفرج. (ابْن وهب): اسمهُ: عبدُ الله. (عن يونس). أي: ابن يزيدٍ. (عن سالمِ) أي: ابن عبدِ الله بن عمرَ. (يهلُّ ملبدًا) فيه: استحباب التلبيد، وقد نصّ عليه الشّافعيّ.

20 - باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة

20 - بَابُ الإِهْلالِ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الحُلَيْفَةِ (باب: الإهلال عند مسجد ذي الحليفة) أي: لمن أراد النسك من جهة المدينة. 1541 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يَقُولُ: "مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ" يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيْفَةِ. [مسلم: 1186 - فتح: 3/ 400] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى آخره) مرَّ شرحه (¬1). 21 - بَابُ مَا لَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ (باب: ما لا يلبس المحرم من الثِّياب) أي: ونحوهَا. 1542 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاويلاتِ، وَلَا البَرَانِسَ، وَلَا الخِفَافَ إلا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ". [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح: 3/ 401] (ما يلبس المحرم من الثِّياب) وقع ذلك في رواية: وهو يخطب في ¬

_ (¬1) سبق برقم (1515) كتاب: الحجِّ، باب: قول الله تعالى {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} الآية.

22 - باب الركوب والارتداف في الحج

مقدم مسجد المدينة (¬1)، وفي أخرى: وهو يخطب في بعرفات (¬2) فيحمل على التعدد (لا يلبس القُمُص) بضم القاف والميم جمع قميص، وفي نسخة: بدل (القمص) "القميص"، و (يلبس) بالرفع على الخبر عن حكم الله وهو بمعنى النّهي، وبالجزم على النّهي وكُسِر؛ لالتقاء الساكنين، وأجاب: (بما لا يلبس) مع أن السؤال إنّما هو عن جواز ما يلبسه؛ لأنه أحصر وأخصر؛ إذ ما لا يلبس منحصر، بخلاف ما لا يلبس، ولأنَّ المفهوم يقوم مقام المنطوق، (والزعفران) في نسخة: "زعفران" بالتنكير والتّنوين، ومز شرح الحديث في باب: من أجاب السائل بأكثر ممّا سأله (¬3). 22 - بَابُ الرُّكُوبِ وَالارْتِدَافِ فِي الحَجِّ 1543، 1544 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ الأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الفَضْلَ مِنَ المزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قَال: فَكِلاهُمَا قَال: "لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ". الحديث 1543 - [1686، وانظر: 139 - مسلم: 1280 - فتح 3/ 404] ¬

_ (¬1) رواه البيهقي 5/ 49 كتاب: الحجِّ، باب: ما يلبس المحرم من الثِّياب. والدراقطني 2/ 230. (¬2) سيأتي برقم (1841) كتاب: جزاء الصَّيد، باب: لبس الخفَّين للمحرم، ومسلم (1178) في أول كتاب: الحجِّ، وأحمد 1/ 279 (2526)، وابن حبّان (9/ 96) (3786) كتاب: الحجِّ، باب: الإحرام. (¬3) سبق برقم (134) كتاب: العلم، باب: من أجاب السائل بأكثر ممّا سأله.

23 - باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر

الحديث 1544 - [1670، 1685، 1687 - مسلم: 1281 - فتح: 3/ 404] (باب: الرُّكوب والارتداف في الحجِّ) أي: في سفره له. (ردف النَّبيّ) بكسر الراء وسكون الدال أي: رديف معه وفي نسخة: "ردف رسول الله". (إلى المزدلفة) سميت بذلك؛ لأنَّ الحاج إذا أفاضوا من عرفات يزدلفون إليها أي: يقربون منها ويتقدمون إليها. وقيل: لمجيئهم إليها في زلف من اللّيل بضم الزاي أي: طائفة منه. (حتّى رمى جمرة العقبة) أي: إلى أن رمى جمرة العقبة، ويقال لها: الجمرة الكبرى، والجمرة: الحصباة. وفي الحديث: جواز الإرداف إذا أطاقته الدابة، وأنَّ الرُّكوب في الحجِّ أفضل من المشي. 23 - بَابُ مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ وَالأَرْدِيَةِ وَالأُزُرِ وَلَبِسَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " الثِّيَابَ المُعَصْفَرَةَ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، وَقَالتْ: لَا تَلَثَّمْ وَلَا تَتَبَرْقَعْ، وَلَا تَلْبَسْ ثَوْبًا بِوَرْسٍ وَلَا زَعْفَرَانٍ " وَقَال جَابِرٌ: "لَا أَرَى المُعَصْفَرَ طِيبًا" وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ بَأْسًا بِالحُلِيِّ، وَالثَّوْبِ الأَسْوَدِ، وَالمُوَرَّدِ، وَالخُفِّ لِلْمَرْأَةِ " وَقَال إِبْرَاهِيمُ: "لَا بَأْسَ أَنْ يُبْدِلَ ثِيَابَهُ". (باب: ما يلبس المحرم من الثِّياب والأردية والأزر) بضم الزاي وسكونها (الأردية) [للنصف الأعلى] (¬1) و (الأزر) للنصف الأسفل، وعطفها على الثِّياب من عطف الخاص على العام. (لا تلثمْ) بالجزم على النّهي، وبالرفع على الإخبار، وبمثناة ¬

_ (¬1) من (ب).

واحدة مع تشديد المثلثة. وأصله: تتلثم حذفت إحدى التاءين تخفيفًا، واللثام: ما يغطي الشفة، وفي نسخة: "لا تلتثم" بسكون اللام وزيادة مثناة بعدها. (ولا تبرقع) بالجزم والرفع، وبحذف إحدى التاءين، [تخفيفًا] (¬1) وفي نسخة: بإثباتها، أي: لا تلبس البرقع، وهو بضم القاف وفتحها: ما يغطي الوجه (ثوبًا بورس) أي: مصبوغًا به والراء ساكنة، وفي نسخة مكسورة. (ولا زعفران) معطوف على (ورس). وقوله: (وقالت) إلى هنا ساقط من نسخة. (طيبًا) أي: مطيبًا؛ لأنه خبر في الأصل عن معصفر، ولا يخبر بالمعنى عن اسم عين. (بالحلي) بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء جمع حَلي بفتح الحاء وسكون اللام. (والمورد) أي: المصبوغ على لون الورد. (لا بأس أن يُبدل ثيابه) بضم الياء، وسكون الموحدة، وكسر الدال من الإبدال، وبضم الياء، وفتح الموحدة، وكسر الدال مشددة من التبديل. 1545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المَدِينَةِ بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ، وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الأَرْدِيَةِ وَالأُزُرِ تُلْبَسُ إلا المُزَعْفَرَةَ الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الجِلْدِ، فَأَصْبَحَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى البَيْدَاءِ، أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَقَلَّدَ بَدَنَتَهُ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، فَقَدِمَ مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الحَجَّةِ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ أَجْلِ بُدْنِهِ لِأَنَّهُ قَلَّدَهَا، ثُمَّ نَزَلَ بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الحَجُونِ وَهُوَ مُهِلٌّ بِالحَجِّ، وَلَمْ يَقْرَبِ الكَعْبَةَ بَعْدَ ¬

_ (¬1) من (م).

طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا مِنْ رُءُوسِهِمْ، ثُمَّ يَحِلُّوا وَذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَدَنَةٌ قَلَّدَهَا وَمَنْ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ فَهِيَ لَهُ حَلالٌ وَالطِّيبُ وَالثِّيَابُ". [1625، 1731 - فتح: 3/ 405] (كريب) هو مولى ابن عبّاس (بعد ما ترجل) بجيم مشددة أي: سرَّح شعره. (وادهن) أي: استعمل الدهن وأصله: اتدهن قلبت التاء دالًا، وأدغمت في الأخرى (¬1). (إلا المزعفرة) بالنصب على الاستثناء، وبالجر على حذف الجار أي: إلا عن المزعفرة. (الّتي تردع) بفتح الفوقية، والدال المهملة، وضم الفوقية، وكسر الدال، والعين فيهما مهملة ومعجمة أي: الّتي أكثر فيها الزعفران حتى تنفضه على لابسها، وضمن (تردع) معنى تنفض فعداه بعلي (¬2) في قوله. (على الجلد) أي: تنفض أثرها عليه. (وقلَّد بدنته) أي بنعلين؛ للإشعار بأنها هدي، قال الأزهري: البدنة تكون من الإبل والبقر والغنم (¬3). وقال النووي (¬4): هو البعير ذكرًا كان، أو أنثى بشرط أن يكون في سن الأضحية، وهي الّتي استكملت خمس سنين وفي نسخة: "بُدنة" بضم الموحدة وسكون الدال بلفظ الجمع (وذلك) أي: ما ذكر من الرُّكوب والاستواء على البيداء والإهلال والتقليد. الخمس بقين من ذي القعدة) بفتح قاف القعدة ¬

_ (¬1) أصله: ادتهن؛ لأنه من باب الافتعال، فأبدلت الدال من التاء، وأدغمت الدال في الدال. (¬2) يلاحظ أن المصنِّف مرّة يقول بنيابة بعض حروف الجر عن بعض، وهو قول الكوفيين، ومرة يقول بالتضمين كما هنا وهو قول البصريين. (¬3) "تهذيب اللُّغة" 14/ 144. (¬4) "صحيح مسلم بشرح النووي".

24 - باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح

وكسرها وإنما لم يقل: (إن بقين) بحرف الشرط؛ لأن الغالب تمام الشهر وبه احتج من قال: لا حاجة إليه، ومن قال بالاحتياج إليه راعى احتمال النقص فقال: يحتاج إليه للاحتياط. (ولم يحل) بفتح الياء وكسر الحاء أي: لم يصر حلالا. (عند الحجون) بفتح الحاء المهملة، وضم الجيم مخففة: جبل بأعلى مكّة بحذاء المسجد الّذي يلي شعب الجزارين، وهناك مقبرة أهل مكّة على يمينك وأنت تصعد. (أن يطَّوفوا) بتشديد الطاء مفتوحة، وفي نسخة: بضمها وسكون الواو (ثمّ يقصروا) أمرهم بالتقصير؛ ليحلقوا بمنى. (ثمّ يحلوا) بفتح الياء وكسر الحاء، أمرهم بالتحلل؛ لأنَّهم متمتعون ولا هدي معهم، كما أشار بقوله: (وذلك) إلى آخره. (ومن كانت) في نسخة: "ومن كان". (والطيب والثياب) أي: وسائل محرمات الإحرام حلال له، فالطيب مبتدأ حذف خبره، والجملة عطف على الجملة قبلها. 24 - بَابُ مَنْ بَاتَ بِذِي الحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ قَالهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1533] (باب: من بات بذي الحليفة حتّى أصبح) أي: ممّن حجَّه من المدينة قال شيخنا: والمراد من هذه التّرجمة مشروعية المبيت بالقرب من البلد الّذي يسافر منه؛ ليكون أمكن من التوصل إلى مهماته الّتي ينساها مثلًا (¬1). قال ابن بطّال: ليس ذلك من سنن الحجِّ، وإنَّما هو من جهة ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 407.

25 - باب رفع الصوت بالإهلال

الرفق؛ ليلحق به من تأخر عنه (قاله) أي: ما ذكر من المبيت بذي الحليفة (¬1). 1546 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ". [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 3/ 407] (ابْن جريج) نسبة إلى جده، وإلا فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. (محمّد بن المنكدر) في نسخة: "ابن المنكدر" بدون (محمّد). (صلى النّبيُّ بالمدينة) أي الظهر أربعًا؛ لأنَّه مقيم (و) صلى (بذي الحليفة) أي: العصر ركعتين قصرًا؛ لأنه صار مسافرًا. 1547 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى العَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ - قَال: وَأَحْسِبُهُ - بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ". [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 3/ 407] (قتبية) أي: ابن سعيد. (عبد الوهّاب) أي: ابن عبد الحميد الثقفي. (أَيّوب) أي: السختياني (أبي قلابة) هو عبد الله الجرمي. 25 - بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالإِهْلالِ (باب: رفعه الصوت بالإهلال) أي: بالتلبية. 1548 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا". [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 3/ 408] ¬

_ (¬1) "شرح صحيح البخاري" لابن بطّال 4/ 219.

26 - باب التلبية

(يصرخون) بضم الراء أي: يرفعون أصواتهم بالتلبية وفيه: استحباب رفع الصوت بالتلبية للرجال نعم لا يستحب رفعه في ابتداء الإحرام، بل يسمع نفسه فقط، كما قاله النووي في "مجموعه" (¬1)، وأما نفس التَّلبية فمستحبة عند الشّافعيّ وأحمد، وقيل: واجبة يجب بتركها دم. (بهما جميعًا) أي: بالحج والعمرة، وسيأتي ما له بذلك تعلّق. 26 - بَابُ التَّلْبِيَةِ (باب: التَّلبية) هي مصدر لبى كزكى تزكية، أي: قال: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، قال سيبويه وغيره: ثنَّى؛ للتكثير كقوله تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] أي كرات كثيرة، وقيل: هو مفرد لا مثنى، وهو منصوب على المصدر بعامل مضمر، أي: أجيب إجابة بعد إجابة، وأنا مقيم على طاعتك إلبابًا بعد إلباب إلى ما لا نهاية له، وكأنه من ألبَّ بالمكان إذا أقام به، وكافه: اسم مضاف إليه، وقيل: حرف خطاب، ككاف ذلك. 1549 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ". [انظر: 1540 - مسلم: 1184 - فتح: 3/ 408] (إن الحمد) بكسر الهمزة على الاستئناف، وفتحها على التعليل كأنه قال: أجبتك؛ لأنَّ (الحمد والنعمة لك) (والنعمة) بالنصب عطف على الحمد، ويجوز رفعها على الابتداء، والخبر محذوف. (والملك) ¬

_ (¬1) "المجموع" 7/ 204.

27 - باب التحميد والتسبيح والتكبير، قبل الإهلال، عند الركوب على الدابة

بضم الميم، وبالنصب عطف على الحمد، ويجوز رفعه كما مرَّ في (النعمة). 1550 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: إِنِّي لَأَعْلَمُ كَيْفَ " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ " تَابَعَهُ أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَقَال شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. [فتح: 3/ 408] (سفيان) أي: الثّوريّ. (عن عمارة) أي: ابن عمير. (عن أبي عطية) هو مالك بن عامر الهمداني. (تابعه) أي: سفيان. (أبو معاوية) هو محمّد بن خازم بمعجمتين. (وقال شعبة) أي: ابن الحجاج. (أَخْبَرَنَا سليمان) هو الأعمش. (خيثمة) بفتح المعجمة والمثلثة بينهما تحتية ساكنة: ابن عبد الرّحمن الجعفي. (سمعت عائشة) فائدة هذه الطريق: بيان سماع أبي عطية للحديث من عائشة، لكنّه أسقط منه قوله في الأوّل: (لا شريك له). 27 - بَابُ التَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، قَبْلَ الإِهْلالِ، عِنْدَ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ (باب: التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال) أي: قبل التَّلبية (عند الرُّكوب على الدابة) أي: بعد استوائها، وفي نسخة: "باب التسبيح" إلى آخره بحذف ما قبله. 1551 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا،

وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى البَيْدَاءِ، حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ، فَحَلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْويَةِ أَهَلُّوا بِالحَجِّ، قَال: وَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا، وَذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ " قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَال بَعْضُهُمْ: هَذَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ. [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 3/ 411] (أَيّوب) أي: السختياني. (أبي قلابة) هو عبد الله الجرمي. (ثمّ أهل بحج وعمرة وأهل النَّاس بهما) ظاهره: أنه كان قارنًا وتبعه أصحابه، لكن في "الصحيحين" عن جابر: أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو وأصحابه بالحج. وفيهما أنه لبى بالحج وحده (¬1) وفيهما عن ابن عمر أنه كان متمتعًا (¬2)، وفيهما عن عائشة قالت: تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة، إلى الحجِّ وتمتع النَّاس معه (¬3). قال النووي في "مجموعه": والصواب الّذي نعتقده: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أحرم أوَّلًا بالحج مفردًا ثمّ أدخل عليه العمرة فصار قارنًا (¬4) [فمن روى أنه كان مفردًا -وهم الأكثرون- اعتمد أول الإحرام، ومن روى أنه كان قارنًا اعتمد آخره] (¬5). ومن روى أنه كان متمتعًا أراد التمتع اللغوي: وهو الانتفاع والالتذاذ، وقد انتفع بأن كفاه عن النسكين فعل واحد، ولم يحتج إلى ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1568) كتاب: الحجِّ، باب: من لبى بالحج وسماه، ومسلم (1218) كتاب: الحجِّ، باب: حجة النَّبيّ. (¬2) سيأتي برقم (1566) كتاب: الحجِّ، باب: التمتع والإفراد بالحج، ومسلم (1227) كتاب: الحجِّ، باب: وجوب الدِّم على المتمتع. (¬3) سيأتي برقم (1691) كتاب: الحجِّ، باب: من ساق البدن معه ومسلم (1228) كتاب: الحجِّ، باب: وجوب الدّم على المتمتع. (¬4) "المجموع" 7/ 209. (¬5) من (م).

28 - باب من أهل حين استوت به راحلته [قائمة]

إفراد كلّ واحد بعمل. (أمر النَّاس) أي: بالتحلل الّذي هو هنا فسخ. (فحلوا) أي: من إحرامهم، وإنّما أمرهم بالفسخ وهم قارنون؛ لأنهم كانوا ينكرون العمرة في أشهر الحجِّ، كما هو رسم الجاهلية، فأمرهم بالتحلل من حجهم والفسخ إلى العمرة؛ تحقيقًا لمخالفتهم، وتصريحًا بجواز الاعتمار في تلك الأشهر، وهذا خاص بتلك السنة عند الجمهور، خلافًا للإمام أحمد. (حتى كان يوم التروية) برفع يوم؛ لأن كان تامة وهو ثامن ذي الحجة سمي بذلك؛ لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء ويحملونه إلى عرفات. (أملحين) تثنية أملح: وهو الأبيض الّذي يُخالطه سواد. (قال أبو عبد الله) أي: البخاريّ. (عن رجل) قيل: هو أبو قلابة، وقيل: حماد بن سلمة، وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة. 28 - بَابُ مَنْ أَهَلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ [قَائِمَةً]. (باب: من أهل حين استوت به راحلته) أي: قائمة متوجهة إلى القبلة. 1552 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً". [انظر: 166 - مسلم: 1187 - فتح: 3/ 412] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد النبيل (بن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (حين استوت به راحلته قائمة) أي: استوت راحلته حال كونها قائمة ملتبسة به، فكل من (ربه) و (قائمة) حال.

29 - باب الإهلال مستقبل القبلة

29 - بَابُ الإِهْلالِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ (باب: الإهلال مستقبل القبلة) زاد في نسخة: "الغداة بذي الحليفة". 1553 - وَقَال أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "إِذَا صَلَّى بِالْغَدَاةِ بِذِي الحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ رَكِبَ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ قَائِمًا، ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَبْلُغَ الحَرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الغَدَاةَ اغْتَسَلَ"، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ، تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ فِي الغَسْلِ. [انظر: 491 - مسلم: 1259 - فتح: 3/ 412] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمر المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (أَيّوب) أي: السختياني. (إذا صلَّى بالغداة) أي: صلَّى الصُّبح بها أي: بوقتها، وفي نسخة: "إذا صلَّى الغداة" أي: صلاة الغداة، وهي الصُّبح (فرُحلت) بضم الراء، وكسر الحاء مخففة. (حتّى يبلغ الحرم) في نسخة: "المحرم" بميمٍ مفتوحةٍ، وحاء ساكنة: اسم مكان الحرم أي: أرضه بجعل الإضافة بيانية (ثمّ يمسك) أي: عن التَّلبية، وهو تصريح بما علم التزامًا من الغاية قبله (حتّى إذا جاء ذا طُوى) بتثليث الطاء منونًا بصرفه مقصورًا، وقد يُمدُّ: وهو وادٍ معروف بقرب مكّة، ويعرف اليوم ببئر الزاهر (¬1)، وفي نسخة: "ذا طِوى" بكسر الطاء غير مصروف، وفي أخرى: "حتّى إذا حاذى طوى" بحاء مهملة من المحاذاة، وجعل في الحديث غاية الإمساك الوصول إلى ذي طوى، لكن مذهب الشّافعيّة، ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 45.

30 - باب التلبية إذا انحدر في الوادي

والحنفية أنه لا يمسك عن التَّلبية بل يمتد وقتها إلى شروعه في التحلل؛ لخبر "الصحيحين" عن الفضل بن عبّاس قال: كنت رديف النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتّى رمى جمرة العقبة (¬1). (وزعم) أي: قال. (فعل ذلك) أي: ما ذكر من البيتوتة والصلاة والغسل. (تابعه) أي: عبد الوارث في الغسل بفتح العين وضمها. 1554 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "إِذَا أَرَادَ الخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْكَبُ، وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ"، ثُمَّ قَال: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ. [انظر: 491 - مسلم: 1187 - فتح: 3/ 413] (فليح) أي: ابن سليمان الخزاعي، ويقال: فليح لقب له واسمه: عبد الملك. (ادهن بدهن ليس له رائحة طيبة) إنّما ادهن به؛ ليمنع به القمل وغيره، واجتنب الرائحة الطيبة؛ صيانة للإحرام. (مسجد الحليفة) في نسخة: "مسجد ذي الحليفة". (إذا) في نسخة: "فإذا". 30 - بَابُ التَّلْبِيَةِ إِذَا انْحَدَرَ فِي الوَادِي (باب: التَّلبية إذا انحدر في الوادي) أي: انحدر المحرم فيه. 1555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَذَكَرُوا الدَّجَّال أَنَّهُ قَال: مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَال: "أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذْ انْحَدَرَ فِي الوَادِي يُلَبِّي". [3355، 5913 - فتح: 3/ 414] ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1685) كتاب: الحجِّ، باب: التَّلبية والتكبير غداة النَّحر. ومسلم (1281) كتاب: الحجِّ، باب: استحباب إدامة الحاج التَّلبية.

(ابْن أبي عدي) اسمه: محمّد بن إبراهيم. (عن ابن عون) هو عبد الله. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (فذكروا الدجال أنه) بفتح همزة (أنه) بدل من (الدجال) وزاد في نسخة: "قال" بعد (أنه) وزادها في أخرى قبله، وضمير (قال) لابن عبّاس، وهمزة (أنه) على الأخرى مكسورة؛ لأَنَّها مقول قال، والضمير في (أنه) للدجال وهو اسمها وخبرها. (مكتوب بني عينيه كافر) برفع (كافر) بـ (مكتوب). (ولكنه قال) أي: النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (أمَّا موسى كأنَّي أنظر إليه) (كأني) إلى آخره: جواب (أمَّا) بحذف الفاء منه فلزوم ذكرها فيه غالب لا مطرد (¬1). (إذ انحدر) في نسخة: "إذا انحدر" (في الوادي). أي: وادي الأزرق. ¬

_ (¬1) النحاة في حذف الفاء في جواب (أما) على قولين: أحدهما: أما لا تحذف إلا في ضرورة، أو ندور، أو مع قولٍ أغنى عنه المحكى به فللأول نحو قول الشاعر: فأمَّا القتال لا قتل لديكمو ... ولكن سيرا في عراض المواكب والثّاني: نحو قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله. والثّالث: نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} أي فيقال لهم. هذا كله مذهب الجمهور. الثّاني: أنها قد تحذف اختيارًا، وهو مذهب ابن مالك، واستدل عليه بأحاديث كثيرة. منها هذا الحديث. وقال ابن مالك: وقد خولفت القاعدةُ في هذه الأحاديث فعلم تحقيق عبد التضييق، وإن من خصه بالشعر، أو بالصورة المعينة من النثر مقصرُ في فتواه، عاجز عن نصرة دعواه.

31 - باب: كيف تهل الحائض والنفساء

31 - بَابٌ: كَيْفَ تُهِلُّ الحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ أَهَلَّ: تَكَلَّمَ بِهِ، وَاسْتَهْلَلْنَا وَأَهْلَلْنَا الهِلال، كُلُّهُ مِنَ الظُّهُورِ، وَاسْتَهَلَّ المَطَرُ خَرَجَ مِنَ السَّحَابِ، {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] وَهُوَ مِنَ اسْتِهْلالِ الصَّبِيِّ. (باب: كيف تهل الحائض والنفساء؟) أي: كيف تحرم؟ (أهل) أي: الرَّجل بما في قلبه: أي (تكلم به واستهللنا وأهللنا الهلال) بالبناء للفاعل ونصب الهلال، أي: طلبنا ظهوره، وبالبناء للمفعول ورفع الهلال أي: طلب منا ذلك. (كله) أي: ما ذكر من هذه الألفاظ مأخوذ (من الظهور) ومنه أيضًا (واستهل المطر: خرج من السحاب) إذ خروج الشيء يستلزم ظهوره أومنه قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3]، أي: رفع الصوت عند ذبحه باسم غير الله؛ إذ رفع الصوت يستلزم ظهوره.] (¬1) (وهو) أي: رفع الصوت المستلزم للظهور، وماخوذ من (استهلال الصبي) أي: رفع صوته عند الولادة. 1556 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا" فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالحَجِّ، وَدَعِي العُمْرَةَ"، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الحَجَّ أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَال: "هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ"، قَالتْ: فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا ¬

_ (¬1) من (ب).

أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 415] (فأهللنا بعمرة) أي: أدخلناها على الحجِّ بعد أن أهللنا به، كما مرَّ. ولا يُنافي ذلك ما مرَّ في باب الحيض (¬1) وما يأتي في التمتع (¬2) من أنهم كانوا لا يرون إلا الحجَّ؛ لأن ذلك كان عند الخروج قبل أن يحرموا، ثمّ أمرهم - صلى الله عليه وسلم - بالاعتمار؛ دفعًا لما اعتقدوه من حرمة العمرة في أشهر الحجِّ. (هدي) بسكون الدال وتخفيف الياء، وبكسرها وتشديد الياء: ما يهدى للحرم من النعم. (انقضي رأسك) بقاف مضمومة، وضاد معجمة أي: حلي ضفر شعر رأسك. (وامتشطي) أي: سرحيه بحيث لا ينتف منه شيء. (ودعي العمرة) أي: عملها لا نفسها، وحينيذ فتكون قارنة، والمعني: أما أحرمت بالحج، ثمّ فسخته إلى العمرة حين أمر النَّاس بذلك، فلما حاضت وتعذر عليها إتمام العمرة أمرها - صلى الله عليه وسلم - بالإحرام بالحج، فأحرمت به فصارت مُدْخلةَ للحج على العمرة وقارنة. (ففعلت) بسكون اللام أي: ما ذكر من النقض والامتشاط والإهلال بالحج، وترك عمل العمرة، وهذا موضع التّرجمة. (هذه مكان عمرتك) برفع (مكان) خبرًا لـ (هذه) وبنصبه على الظرفية، أي: هذه كائنة مكان عمرتك، والمراد: مكان عمرتك الّتي أردت أن تأتي بها مفردة، فتكون عمرتها من التنعيم تطوعًا، لكنه أراد تطييب نفسها بذلك (طوافًا واحدًا) في نسخة: (طوافًا آخرًا). ¬

_ (¬1) سبق برقم (294) كتاب: الحيض، باب: الأمر بالنفساء إذا نفسن. (¬2) سيأتي برقم (1561) كتاب: الحجِّ، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج.

32 - باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم

32 - بَابُ مَنْ أَهَلَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَإِهْلالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [4353، 4354] (باب: من أهل)، أي: أحرم مطلقًا من غير تعيين نسك. (في زمن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) فأقره النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وتقييده بزمنه - صلى الله عليه وسلم - يوهم أنه لا يجوز بعده، والمشهور خلافه؛ لأن الأصل عدم الخصوصية. 1557 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: عَطَاءٌ، قَال جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ" وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ. [1568، 1570، 1651، 1785، 2505، 4352، 7230، 7367 - مسلم: 1216 - فتح: 3/ 416] (المكي بن إبراهيم) أي: ابن بشير [بن] (¬1) فرقد الحنظلي. (وذكر) أي: مكي فهو من مقول البخاريّ، أو جابر فهو من مقول عطاء. (قول سراقة) أي: ابن مالك بن جعشم، أي: قوله بعد قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة" ألعامنا هذا أم للأبد؟ فقال له - صلى الله عليه وسلم -: (لا بل للأبد) أي: أن أفعال العمرة تدخل في أفعال الحجِّ للقارن دائمًا لا في خصوص ذلك العام. 1558 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الخَلَّالُ الهُذَلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، قَال: سَمِعْتُ مَرْوَانَ الأَصْفَرَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اليَمَنِ، فَقَال: "بِمَا أَهْلَلْتَ؟ " قَال: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَوْلَا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ" وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ " قَال: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ". [مسلم: 1250 - فتح: 3/ 416] ¬

_ (¬1) من (ب).

(عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث بن سعيد. (سليم بن حيان) بفتح سين سليم، وحاء حيان، وتشديد التحتية بعدها. (مروان الأصفر) قيل: اسم أبيه: خاقان. وقيل: سالم. (بما أهللت) بألف هنا، وفيما يأتي وفي نسخة: "بم أهللت" بحذفها وهو الأكثر. (فأهد) بهمزة قطع. (كما أنت) أي: على ما أنت عليه من الإحرام إلى الفراغ من الحجِّ، و (ما) موصولة و (أنت): مبتدأ حذف خبره، أو خبر محذوف مبتدؤه، أي: كالذي هو أنت، أو زائدة مُلغاة، والكاف: جارة، و (أنت): ضمير مرفوع أنيب عن المجرور، كقولهم: ما أنا كأنت أي: كن فيما يستقبل، كنفسك فيما مضى. 1559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمٍ بِاليَمَنِ، فَجِئْتُ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَال: "بِمَا أَهْلَلْتَ؟ " قُلْتُ: أَهْلَلْتُ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْيٍ؟ " قُلْتُ: لَا، فَأَمَرَنِي، فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ أَمَرَنِي، فَأَحْلَلْتُ، فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي، فَمَشَطَتْنِي - أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِي - فَقَدِمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَال: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، قَال اللَّهُ: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ "لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الهَدْيَ". [1565، 1724، 1795، 4346، 4397 - مسلم: 1221 - فتح: 3/ 416] (سفيان) أي: الثوري. (إلى قوم) في نسخة: "إلى قومي" بياء الإضافة. (بالبطحاء) أي: بطحاء مكّة. (قلت): مقول أبي موسى. (امرأة) محمول على أنها كانت

محرمًا له وسيأتي في أبواب العمرة أما من قيس (¬1) (فمشطتني) بتخفيف الشين المعجمة أي: سرحتني بالمشط، (أو غسلت رأسي) بالشك، لكن في مسلم: وغسلت رأسي بواو العطف. (فقدم عمر) أي: زمن خلافته لا في حجة الوداع، كما بُين في مسلم (¬2). (فقال) أي: عمر (إن نأخذ بكتاب الله) إلى آخره، قال شيخنا: حاصل جواب عمر في منع النَّاس من التحلل بالعمرة أن كتاب الله دال على منع التحلل قبل الإتمام، وأن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دالة أيضًا على ذلك؛ لأنَّه لم يحل حتّى بلغ الهدي محله، لكن الجواب عن ذلك ما أجاب به هو - صلى الله عليه وسلم - حيثُ قال: "ولولا أن معي الهدي لأحللت" أي: وفسخت الحجِّ إلى العمرة، فإنّه يدلُّ على جواز التحلل لمن لم يكن معه هدي، وتبين من مجموع ما جاء [عن عمر] (¬3) في ذلك أنه منع منه سدًّا للذريعة، ومن هنا قيل: إن المتعة الّتي نَهَى عنها عمر: فسخ الحجِّ إلى العمرة. وقال النووي: المختار أنه نَهَى عن المتعة الّتي هي الاعتمار في أشهر الحجِّ، ثمّ الحجّ من عامه، وهو على التنزيه؛ للترغيب في الإفراد، كما يظهر من كلامه، ثمّ انعقد الإجماع على جواز التمتع من غير كراهة، وبقي الخلاف في الأفضل (¬4). انتهى كلام شيخنا ملخصًا. وإنما أمر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أبا موسى بإلاحلال، ولم يأمر عليا به مع أن ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1795) كتاب: العمرة، باب: متى يحل المعتمر. (¬2) "صحيح مسلم" (1221) كتاب: الحجِّ، باب: في نسخ التحلل من الإحرام. (¬3) من (ب). (¬4) "فتح الباري" 3/ 418. و"صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 169.

33 - باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث، ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: 197] وقوله {يسألونك عن الأهلة، قل: هي مواقيت للناس والحج} [البقرة: 189]

كلًّا منهما أهل كإهلال النَّبيّ؛ لاحتمال أن أبا موسى لم يكن معه هدي، بخلاف علي. 33 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ، فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ، وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الحَجِّ} [البقرة: 197] وَقَوْلِهِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ، قُلْ: هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ} [البقرة: 189] وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَشْهُرُ الحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو القَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحَجَّةِ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "مِنَ السُّنَّةِ: أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالحَجِّ إلا فِي أَشْهُرِ الحَجِّ " وَكَرِهَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ، أَوْ كَرْمَانَ". (باب: قول الله تعالى: ({الْحَجَّ}) أي: وقته ({أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}) شوال، وذو القعدة، وعشر ليالٍ من ذي الحجة، وأطلق الأشهر على شهرين وبعض شهرة تنزيلًا للبعض منزلة الكل، أو إطلاقًا [للجمع] (¬1) على ما فوق الواحد، كما في قوله تعالى: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} [النور: 26]، أي: عائشة، وصفوان. (فمن فرض) على نفسه. (فيهن الحجّ) بالإحرام به. (فلا رفث) أي: جماع. (ولا فسوق) أي: معاصي. (ولا جدال) أي: خصام في الحجِّ، والمراد في الثّلاثة: النّهي. (يسألونك): في نسخة: "وقوله: يسألونك". (هي مواقيت) جمع ميقات من الوقت، وفارق المدة والزمان، بأن المدة: امتداد حركة الفلك من مبتداها إلى منتهاها، والزمان: مدة مقسومة، والوقت: الزّمان المفروض لآخر. (وعشر من ذي الحجة) أي: عشر ليالٍ منه فيخرج يوم العيد، وهو مذهب الشّافعيّ. (من السنة) أي: من الشّريعة. (أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحجِّ) فلو أحرم به قبلها لم ينعقد حجًّا، بل عمرة؛ ¬

_ (¬1) من (ب).

لأنَّ الإحرام شديد التعلّق واللزوم، فإذا لم يقبل الوقت ما أحرم به انصرف إلى ما يقبله وهو العمرة. (أو كِرمان) بكسر الكاف وفتحها. 1560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ، وَلَيَالِي الحَجِّ، وَحُرُمِ الحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ، قَالتْ: فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَال: "مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الهَدْيُ فَلَا" قَالتْ: فَالْآخِذُ بِهَا، وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالتْ: فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ وَكَانَ مَعَهُمُ الهَدْيُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى العُمْرَةِ، قَالتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَال: "مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهُ؟ " قُلْتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لِأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ العُمْرَةَ، قَال: "وَمَا شَأْنُكِ؟ " قُلْتُ: لَا أُصَلِّي، قَال: "فَلَا يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا" قَالتْ: فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى، فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى، فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ، قَالتْ: ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الآخِرِ، حَتَّى نَزَلَ المُحَصَّبَ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَال: "اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَا هُنَا، فَإِنِّي أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِي" قَالتْ: فَخَرَجْنَا، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ، وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ، فَقَال: "هَلْ فَرَغْتُمْ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى المَدِينَةِ " ضَيْرِ: مِنْ ضَارَ يَضِيرُ ضَيْرًا، وَيُقَالُ: ضَارَ يَضُورُ ضَوْرًا، وَضَرَّ يَضُرُّ ضَرًّا". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 418] (أبو بكر) هو عبد الكبير بن عبد المجيد. (القاسم بن محمّد) أي: ابن أبي بكر الصديق.

(وحرم الحجّ) بضم الحاء والراء أي: أزمنته وأمكنته وحالاته، وفي نسخة: بفتح الراء جمع حرمة، أي: ممنوعات الشّرع ومحرماته. (بسرف) ممنوع من الصّرف (¬1) [للعلمية والتأنيث: وهو اسم بقعة على عشرة أميال من مكّة. (فأحب أن يجعلها) أي: حجته] (¬2) (فالأخذ بها) أي: بالعمرة (يا هنتاه) أي: يا هذه، أو يا بلهاء عن مكايدة النَّاس، وهو بفتح النون وتسكن، وتضم الهاء الأخيرة [وتسكن] (¬3) وأصله: هن كناية عن شيء لا يذكر باسمه، والأنثى: هنة فإن ناديت به مذكرًا قلت: يا هن، ولك أن تدخل فيه هاء السكت؛ لبيان الحركة، وتشبع فتحة النون ألفًا فيصير: يا هناه، أو مؤنثًا، قلت: يا هنت بسكون النون وفتحها، أو يا هنتاه كذلك، ولا يستعملان إلا في النِّداء. (لا أصلّي) كناية عن الحيض، وفيه: رعاية الأدب وحسن المعاشرة. (فلا يضيرك) بكسر الضاد، وبتحتية مخففة من الضير، وفي نسخة: بضم الضاد وتشديد الراء من الضرر، ويقال: يضور بالواو. والثلاثة بمعنى. (أن يرزقكيها) بياء متولدة من إشباع كسرة الكاف، وفي نسخة: بغير ياء، والضمير للعمرة. (في النفر) بإسكان الفاء: القوم الذين ينفرون من منى. (الآخر) بكسر الخاء. (المحصب) بميم مضمومة، وحاء وصادٍ مهلمتين مفتوحتين: موضع متسع بين مكّة ومنى سمي بذلك؛ لاجتماع الحصباء فيه، ويسمى الأبطح والبطحاء، وحدوده ما بين الجبلين إلى ¬

_ (¬1) سرف: موضع على ستة أميال من مكّة، وقيل: سبعة، وتسعة واثني عشر، تزوج به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ميمونة بنت الحارث، وهناك بنى بها وهناك توفيت. انظر: "معجم البلدان" 3/ 212. (¬2) من (ب). (¬3) من (ب).

34 - باب التمتع والإقران والإفراد بالحج، وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي

المقابر، ويسمى أيضًا موضع الجمار من منى: المحصب، وليس مرادًا هنا (¬1). (ثمّ أفرغا) أي: من العمرة، وظاهره: أنَّ عبد الرّحمن اعتمر مع أخته. (انظركما) بضم المعجمة. أي: "انتظركما" كما في نسخة. (حتّى تأتياني)، في نسخة: ["حتّى تأتيان"] (¬2) بحذف الياء تخفيفًا. (حتى إذا فرغت) أي: من العمرة. (بسحر) بفتح الراء غير منصرف؛ للعملية والعدل إن أردت سحر ليلتك، وبكسرها منونة إن لم ترد ليلة معينة. (هل فرغتم) جمع على إرادة أنتما ومن معكما، أو على أن أقل الجمع اثنان. (فقلت) في نسخة: "قلت". (فآذن) بالمدِّ، وفتح المعجمة، أي: أعلم، ولما كان في (يضيرك) لغات -كما مرَّ- أشار إلى بيان مصادرها في نسخة فقال: "ضير من ضار يضير ضيرًا". إلى آخره. 34 - بَابُ التَّمَتُّعِ وَالإِقْرَانِ وَالإِفْرَادِ بِالحَجِّ، وَفَسْخِ الحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ (باب: التمتع) هو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحجِّ، ثمّ بعد فراغه منها يحرم بالحج. و (الإقران) في نسخة: "والقران" وهو المعروف، [عرفوه] (¬3) بأن يحرم بالحج والعمرة معًا، أو بالعمرة ثمّ يدخل الحجّ قبن فعل شيء منها. (والإفراد بالحج) هو أن يفرغ منه ثمّ يعتمر. (وفسخ الحجِّ) أي: ¬

_ (¬1) المحصب: هو موضع فيما بين مكّة ومنى، وهو إلى منى أقرب، وهو بطحاء مكّة وهو خيف بني كنانة، وحدُّه من الحجون ذاهبًا إلى منى. انظر: "معجم البلدان" 5/ 62. (¬2) من (ب). (¬3) من (ب).

إلى العمرة بأن يحرم به، ثمّ يتحلل منه بعملها فيصير متمتعًا، وهذا (لمن لم يكن معه هدي) أما من معه هدي، فيتحلل بذبحه لا يعمل عمرة. 1561 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نُرَى إلا أَنَّهُ الحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الهَدْيَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ، قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَحِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ، قَال: "وَمَا طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا مَكَّةَ؟ " قُلْتُ: لَا، قَال: "فَاذْهَبِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ ثُمَّ مَوْعِدُكِ كَذَا وَكَذَا" قَالتْ صَفِيَّةُ: مَا أُرَانِي إلا حَابِسَتَهُمْ، قَال: "عَقْرَى حَلْقَى، أَوَمَا طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ" قَالتْ: قُلْتُ: بَلَى، قَال: "لَا بَأْسَ انْفِرِي" قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 421] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (ولا نرى) بضم النون، أي: نظن (إلا أنه الحجَّ) مَرَّ الجمع بينه وبين: فأهللنا بعمرة في باب: كيف تهل الحائض (¬1). (تطوفنا بالبيت) عنت به النَّبيّ وأصحابه دونها؛ لقولها بعد: (فلم أطف بالبيت). (فأمر النَّبيّ) إلى آخره قضيته أن أمره بما ذكر كان بعد الطّواف، ولا ينافي ما ¬

_ (¬1) سبق برقم (1556) كتاب: الحجِّ، باب: كيف تهل الحائض والنفساء؟

مرَّ أنه أمرهم به بسرف، وكان قبل الطّواف؛ لأنَّ ذلك وقع مرتين قاله الكرماني (¬1) وبتقدير أنه لم يقع مرتين يجاب: بأن الفاء هنا ليست للتعقيب، بل بمعنى الواو (¬2) كقوله: بين الدخول فحومل (¬3). فحل (من لم يكن ساق الهدي) هذا موضع الجزء الأخير من التّرجمة، وهو فسخ الحجِّ لمن لم يكن معه هدى. (فلم أطف بالبيت) أي: طواف العمرة؛ لمانع الحيض، وأما طواف الحجِّ فقد قالت فيه فيما مرَّ: خرجت من منى، فأفضت بالبيت. (ليلة الحصبة) بسكون الصاد، وحكى كسرها وفتحها، أي: اللَّيلة الّتي بعد ليالي التّشريق الّتي ينزلون فيها بالمحصب. (قالت) فيه: التفات إذ الأصل: قلت. (وأرجع أنا بحجة) أي: بلا عمرة مفردة، كما رجع النَّاس بها. (فأهلي بعمرة) أمرها بها؛ تطييبًا لقلبها، كما مرَّ (¬4) (موعدك كذا وكذا) أي: المحصب، كما مرَّ في الباب السابق. (صفية) أي: أم المؤمنين. (أُراني) بضم الهمزة أي: أظن نفسي. (حابستهم) أي: القوم عن التوجه للمدينة؛ لأني حضت وما طفت، فيتوقفون بسببي حتّى أطوف، وفي نسخة: "حابستكم" بكاف الخطّاب. (عَقْرَي حلقيِ) فيهما أوجه: أحدها: أنهما وصفان لمؤنث بوزن فعلى بمعنى: مفعولة أي: عقرها الله في جسدها وحلقى: أصابها بوجع في حلقها، أو حلق ¬

_ (¬1) "البخاريّ بشرح الكرماني" 8/ 89. (¬2) كون الفاء بمعنى: الواو قال به بعض النحاة، حيث أجازوا فيها أن تكون للجمع فقط كالواو، وذلك إذا فقدت التّرتيب. (¬3) هذا عجز بيت من معلقة أمرئ القيس، وصدره: قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل (¬4) سبق برقم (1561) كتاب: الحجِّ، باب: التمتع والقران والإفراد بالحج.

شعرها، وهما مرفوعان خبر مبتدأ محذوف. ثانيها: كذلك إلا أنه بمعنى: فاعل، أي: أنها تعقر قومها وتحلقهم بشؤمها، أي: تستأصلهم، ثالثها: كذلك إلا أنه جمع كجريح، وجرحى، ويكون وصف المفرد بذلك مبالغة. رابعها: أنه وصف فاعل، لكن عقرى هذا بمعنى: لا تلد كعاقر، وحلقى أي: مشئومة، وهذه الأربعة لا تنوين فيها؛ لأنَّ الألف فيها للتأنيث. خامسها قال أبو عبيدة: أن صوابه خلافًا للمحدثين (عقرًا حلقًا) بالتنوين أي: مصدرين. قال: لأن فعلى يجيء نعتًا ولم يجيء في الدُّعاء وهذا دعاء (¬1). سادسها قال صاحب "المحكم": أن معناه: عقرها الله وحلقها -كما مَرَّ في الأوّل- لكنه مصدر كدعوى، أي: فيكون منصوبًا مفعولًا مطلقًا بحركة مقدرة على قاعدة المقصور، وليس بوصف. قال النووي: وعلى الأقوال كلها، هي كلمة اتسعت فيها العرب فتطلقها، ولا تريد حقيقة معناها، لا في الوصف، ولا في الدُّعاء، بل كتربت يداه، وقاتله الله (¬2). (انفري) بكسر الفاء أي: اذهبي لا حاجة لك إلى طواف الوداع؛ لسقوطه عن الحائض. 1562 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: ¬

_ (¬1) "غريب الحديث" للهروي 1/ 258. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 154.

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالحَجِّ "وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَجِّ"، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالحَجِّ، أَوْ جَمَعَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، لَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 421] (بحجة) في نسخة: "بحج" (أو جمع الحجِّ والعمرة) لفظ (أو) ساقطٌ من نسخة. (لم يحلوا) في نسخة: "فلم يحلوا". 1563 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ، قَال: شَهِدْتُ عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعُثْمَانُ "يَنْهَى عَنِ المُتْعَةِ، وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا"، فَلَمَّا "رَأَى عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا، لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ"، قَال: "مَا كُنْتُ لِأَدَعَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَدٍ". [1569 - مسلم: 1223 - فتح: 3/ 421] (حَدَّثَنَا محمّد) في نسخة: "حدثني محمّد". (غندر) محمّد بن جعفر. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (وعثمان ينهى عن المتعة) أي: عن فسخ الحجِّ إلى العمرة؛ لأَنَّه كان مخصوصًا بتلك السنة الّتي حج فيها النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، كما مرَّ (¬1)، أو عن التمتع المشهور والنهي للتنزيه؛ ترغيبًا في الإفراد [(وأن يجمع بينهما) بضم الياء، وفتح الميم: القرآن أي: ونهى عنه عثمان، والنهي للتنزيه؛ ترعيبًا في الإفراد] (¬2). (فلما رأى على) نَهَى عثمان عن التمتع والقران. (أهل بهما: لَبَّيْكَ) أي: قائلًا: لَبَّيْكَ. (بعمرة وحجة) فعل ذلك؛ خشية أن يحمل ¬

_ (¬1) سبق برقم (1560) كتاب: الحجِّ، باب: قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}. (¬2) من (ب).

غيره النّهي على التّحريم. 1564 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ العُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الفُجُورِ فِي الأَرْضِ، وَيَجْعَلُونَ المُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ، قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الحِلِّ؟ قَال: "حِلٌّ كُلُّهُ". [انظر: 1085 - مسلم: 1240 - فتح: 3/ 422] (وهيب) أي: ابن خالد. (ابْن طاوس) اسمه: عبد الله. (كانوا) أي: أهل الجاهلية. (يرون) أي: يعتقدون. (من أفجر الفجور) أي: من أعظم الذنوب، و (من) ساقطة من نسخة. فـ (أفجر) منصوب على المفعولية. (ويجعلون المحرم) أي: يسمونه صفرًا، بالتنوين والألف؛ لأنه مصروف، وفي نسخة: "صفر" بلا ألف بالوقف على لغة ربيعة في الوقف على المنصوب المنون، فإن وصل قرئ منونًا، لكن حكي أنه غير منصرف، فيقرأ غير منون، والمعنى: أنهم يجعلون صفرًا من الأشهر الحرم، ولا يجعلون المحرم منها؛ لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرّمة، فيضيق عليهم ما اعتادوه من إغارة بعضهم على بعض، فأضلهم الله بقوله: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37]، والنسيء: كما قال الزمخشري: تأخير حرمة الشهر إلى شهر أخر، وربما زادوا في عدد الشهور فيجعلونها ثلاثة عشر، أو أربعة عشر، فيتسع لهم الوقت؛ لأنَّهم إذا توالت عليهم ثلاثة أشهر حرم ضاق الوقت على أحوالهم، وقيل: كانوا يزيدون في

كلّ أربع سنين شهرًا يسمونه صفر الثّاني، فتكون [السنة] (¬1) ثلاثة عشر شهرًا. ولإبطال ذلك قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} (¬2). (إذا برأ) بفتح الراء مع الهمز ودونه (الدبر) بفتح المهملة والموحدة: الجرح الّذي يكون في ظهر الإبل من اصطكاك الأقتاب. (وعفا الأثر) أي: ذهب أثر ذلك الدبر، أو ذهب أثر الحجاج من الطريق وانمحى بعد رجوعهم بوقوع الأمطار وغيرها؛ لطول الأيَّام، لكن قال الخطابي: المعروف في عامة الروايات: عفا الوبر أي: أكثر، كقوله تعالى: {حَتَّى عَفَوا} أي: كثروا (¬3). (وانسلخ) أي: انقضى صفر الّذي هو في الواقع محرم. (حَلَّت: العمرة لمن اعتمر) أي: لمن أراد الاعتمار، وهذه الألفاظ تقرأ ساكنة الراء؛ لإرادة السجع، قال الكرماني (¬4): وجه تعلق انسلاخ صفر بالاعتمار في أشهر الحجِّ الّذي هو المقصود من الحديث مع أنَّ المحرم وصفر ليسا من أشهر الحجِّ، أنهم لمَّا سموا المحرم صفرًا، وكان من جملة تصرفهم جعل السنة ثلاثة عشر شهرًا، صار المحرم الّذي سموه صفرًا آخر السنة، أو يقال: برئ الدبر إنّما هو بمضي شهر ذي الحجة والمحرم؛ إذ لا برء بأقل من هذه المدة غالبًا، وأما ذكر انسلاخ صفر -الّذي هو من الأشهر الحرم بزعمهم- فلأنه لو وقع قتال في طريق مكّة لقدروا على المقاتلة، فكأنه قال: إذا انقضى شهر الحجِّ وأثره والشهر الحرام جاز الاعتمار، أو يقال: المراد بصفر: المحرم، ويكون قوله: إذا انسلخ صفر، كالبيان لقوله: (إذا برأ ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) "الكشاف" 2/ 298. (¬3) "اعلام الحديث" 2/ 857 - 858. (¬4) "البخاريّ بشرح الكرماني" 8/ 93.

الدبر) أو بدل منه، فإنَّ الغالب أن البرء ممّا ذكر لا يحصل إلا في هذه المدة، وهي ما بين أربعين يومًا، إلى خمسين يومًا وهذا أظهر، لكن بشرط أن يكون مرادهم بكراهة العمرة في أشهر الحجِّ هي والزمان الّذي فيه الأثر بعد [انتهى ملخصًا] (¬1). (قدم النَّبيّ) أي: فقدم، كما هو كذلك في سائر الروايات. (رابعة) أي: ليلة رابعة من ذي الحجة. (فأمرهم أن يجعلوها) أي: الحجة، أي: يقلبوها. (عمرة) ويتحللوا بعملها فيصيروا متمتعين، وهذا الفسخ خاص بتلك السنة كما مرَّ (¬2). (فتعاظم ذلك) أي: الاعتمار في أشهر الحجِّ عندهم، كما كانوا يعتقدونه أولًا من أن العمرة فيها من أفجر الفجور. (فقالوا) أي: بعد رجوعهم عن اعتقادهم. (أي الحل؟) أي: هو الحل العام لكل ما حرم بالإحرام حتّى الجماع، أو حل خاص. (قال: حل كله) أي: حل يحل فهي كلّ ما يحرم على المحرم؛ لأنَّ العمرة ليس لها إلا تحلل واحد. 1565 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ بِالحِلِّ". [انظر: 1559 - مسلم: 1221 - فتح: 3/ 422] (فأمره بالحل) فيه: التفات إذ الأصل. "فأمرني بالحل" كما في نسخة. 1566 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) سبق برقم (1563) كتاب: الحجِّ، باب: التمتع والقران والإفراد بالحج.

قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قَال: "إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ". [1697، 1725، 4398، 5916 - مسلم: 1229 - فتح: 3/ 422] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس الأصبحي. (ولم تحل) بفتح أوله، وكسر ثانيه. (أنت من عمرتك) أي: المضمومة إلى الحجِّ، فيكون قارنًا باعتبار الأخيرة، كما مرَّ (¬1). (لبدت رأسي وقلدت هديي) ذكرا وإن كانا أجنببين من الحل وعدمه؛ لبيان أنه من أول الأمر مستعد لدوام إحرامه حتّى يبلغ الهدي محله، والتلبيد مشعرة بمدة [طويلة] (¬2). 1567 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ، قَال: "تَمَتَّعْتُ"، فَنَهَانِي نَاسٌ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَأَمَرَنِي، فَرَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنَّ رَجُلًا يَقُولُ لِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَعُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَال: "سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فَقَال لِي: أَقِمْ عِنْدِي، فَأَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي، قَال شُعْبَةُ: فَقُلْتُ: لِمَ؟ فَقَال: لِلرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ. [1688 - مسلم: 1242 - فتح: 3/ 422] (أبو جمرة) بجيم وراء. (فأمرني) أي: أن استمر على التمتع. (حج مبرور) أي: مقبول، وفي نسخة: "حجة مبرورة". (سنة النَّبيّ) بالرفع: خبر مبتدإ محذوف، وبالنصب: بتقدير وافقت (أقم عندي فأجعل) بالرفع، أي: فأنا أجعل، وبالجزم جواب الأمر، وفي نسخة: "وأجعل" بالواو الدالة على الحالية، وفي أخرى: "أجعل" بالنصب بأن أي: بأن ¬

_ (¬1) سبق برقم (1562) كتاب: الحجِّ، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج. (¬2) من (ب).

أجعل، وبالجزم جواب الأمر. (سهما) أي: نصيبًا. (فقلت) لأبي جمرة. (قال) أي: أبو جمرة. (للرؤيا) أي: لأجل الرؤيا. (الّتي رأيت) بتاء المتكلم، أي: لنقص على النَّاس رؤياك المبينة لجواز التمتع. 1568 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، قَال: قَدِمْتُ مُتَمَتِّعًا مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ، فَدَخَلْنَا قَبْلَ التَّرْويَةِ بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ، فَقَال لِي أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: تَصِيرُ الآنَ حَجَّتُكَ مَكِّيَّةً، فَدَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ أَسْتَفْتِيهِ، فَقَال: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَاقَ البُدْنَ مَعَهُ، وَقَدْ أَهَلُّوا بِالحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَال لَهُمْ: "أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ البَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَلالًا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْويَةِ فَأَهِلُّوا بِالحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً"، فَقَالُوا: كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً، وَقَدْ سَمَّيْنَا الحَجَّ؟ فَقَال: "افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ، فَلَوْلا أَنِّي سُقْتُ الهَدْيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ، وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ" فَفَعَلُوا قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "أَبُو شِهَابٍ لَيْسَ لَهُ مُسْنَدٌ إلا هَذَا". [انظر: 1557 - مسلم: 1216 - فتح: 3/ 422] (أبو شهاب) أي: الأكبر، وهو موسى بن نافع. (تصير الآن حجتك مكية) أي: قليلة الثّواب؛ لقلة مشقتها؛ لأنه ينشئها من مكّة فيفوته فضيلة الإحرام من الميقات، وفي نسخة: "يصير الآن حجك مكيًّا" بالتذكير (ساق البدن) بضم الدال وسكونها. (مفردًا) بفتح الراء وبكسرها باعتبار كلّ واحد. (أحلوا) فيه حذف أي: اجعلوا إحرامكم عمرة، ثمّ أحلوا. (بين الصفا) أي: وبالسعي بين الصفا. (متعة) أي: عمرة، فأطلق على العمرة متعة مجازًا. (قال أبو عبد الله: أبو شهاب ليس [له] (¬1) مسند إلا هذا) ساقط من ¬

_ (¬1) من (ب).

35 - باب من لبى بالحج وسماه

نسخة، والمراد: ليس له مسند مرفوع، أو عن عطاء إلا هذا الحديث. 1569 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، قَال: اخْتَلَفَ عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُمَا بِعُسْفَانَ، فِي المُتْعَةِ، فَقَال عَلِيٌّ: "مَا تُرِيدُ إلا أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا. [انظر: 1563 - مسلم: 1223 - فتح: 3/ 423] (بعسفان) بضم المهملة الأولى، وسكون الثّانية: قرية بين مكّة والمدينة على نحو مرحلتين من مكّة. (ما تريد إلى أن تنهي) أي: ما تريد إرادة منتهية إلا ذلك، أو ضمن الإرادة معنى الميل (¬1)، وفي نسخة: "ما تريد إلا أن تنهى". (بهما) أي: بالحج والعمرة قرانًا، ويحتمل أن القرآن عند عثمان التمتع، كما مَرَّ آنفًا (¬2) في قوله: وأن تجمع، أو المراد بالمتعة: العمرة في أشهر الحجِّ ولو في ضمن قران. 35 - بَابُ مَنْ لَبَّى بِالحَجِّ وَسَمَّاهُ (باب: من لبى بالحج وسماه) أي: عينه، فهو تأكيد لما قبله. 1570 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَال: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِالحَجِّ، "فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً". [انظر: 1557 - مسلم: 1216 - فتح: 3/ 432] (عن أَيُّوب) أي: السختياني (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ) ساقط من نسخة. (فأمرنا رسول الله) أن نفسخ الحجَّ إلى العمرة. (فجعلناها عمرة) مَرَّ أن هذا خاص بتلك السنة. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 122. (¬2) سبق برقم (1563) كتاب: الحجِّ، باب: التمتع والقران والإفراد في الحجِّ.

36 - باب التمتع

36 - بَابُ التَّمَتُّعِ (باب التمتع) ساقط من نسخة، وزاد في نسخةٍ: "على عهد النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - " وفي أخرى: "باب" فهو بمنزلة الفصل من سابقه. 1571 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ، عَنْ عِمْرَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ القُرْآنُ"، قَال رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. [4518 - مسلم: 1226 - فتح: 3/ 432] (همام) ابن يحيى بن دينار. (مطرف) أي: ابن الشخير. (عن عمران) أي: ابْن الحصين. (ونزل) في نسخة: "فنزل". (قال رجل) هو عمر بن الخطّاب؛ لأنه أول من نَهَى عن المتعة، فكان من بعده عثمان، وغيره تابعًا له في ذلك. 37 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ} [البقرة: 196] (باب: قول الله تعالى: {لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الإشارة بذلك إلى الحكم الّذي هو وجوب الهدي، أو الصِّيام عندنا، وإلى التمتع عند الحنفية، وحاضروا المسجد الحرام عندنا أهل الحرم، ومن كان منه على ما دون مسافة القصر. 1572 - وَقَال أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ البَصْرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ البَرَّاءُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الحَجِّ، فَقَال: أَهَلَّ المُهَاجِرُونَ، وَالأَنْصَارُ، وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْعَلُوا إِهْلالكُمْ بِالحَجِّ عُمْرَةً، إلا مَنْ قَلَّدَ الهَدْيَ" فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَال: "مَنْ قَلَّدَ الهَدْيَ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ".

ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْويَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالحَجِّ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ المَنَاسِكِ، جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الهَدْيُ، كَمَا قَال اللَّهُ تَعَالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ، وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196]: إِلَى أَمْصَارِكُمْ، الشَّاةُ تَجْزِي، فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ فِي عَامٍ، بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالى أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ، وَسَنَّهُ نَبِيُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ قَال اللَّهُ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ} [البقرة: 196] وَأَشْهُرُ الحَجِّ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالى فِي كِتَابهِ: شَوَّالٌ وَذُو القَعْدَةِ وَذُو الحَجَّةِ، فَمَنْ تَمَتَّعَ فِي هَذِهِ الأَشْهُرِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ صَوْمٌ " وَالرَّفَثُ: الجِمَاعُ، وَالفُسُوقُ: المَعَاصِي، وَالجِدَالُ: المِرَاءُ" .. [فتح: 3/ 433] (أبو معشر) هو يوسف بن يزيد، وفي نسخة: "أبو معشر البراء" بفتح الموحدة، وتشديد الراء نسبة إلى بري السهام. (فلما قدمنا مكّة) أي: قربنا منها؛ لأَنَّهم كانوا بسرف. (اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة) أي: افسخوه إليها، وهذا خاص بتلك السنة، كما مرَّ (¬1). (طفنا) استئناف، أو جواب لمَّا، أو حال بتقدير قد (¬2)، وفي نسخة: "فطفنا". (وقال) أي: النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (من قلد الهدي فإنّه لا يحل) له أي شيء من محظورات الإحرام. (عشية التروية) أي: بعد الظهر ثامن ذي الحجة (فإذا فرغنا من المناسك) أي: من وقوف عرفة، ومبيت مزدلفة، ورمي يوم العيد، والحلق. (فقد تم حجنا) في نسخة: "وقد تم حجنا" وهذا إلى آخر الحديث موقوف على ابن عبّاس. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1570) كتاب: الحجِّ، باب: من لبى بالحج وسماه. (¬2) تقدير (قد) مع الفعل الماضي الواقع حالًا مذهب لبعض النجاة أكثرهم البصريون، وعليه المصنِّف، وغيرهم لا يقدر (قد) مع الماضي، وسبق شرح ذلك.

38 - باب الاغتسال عند دخول مكة

(الشاة تجزي) حال بدون واو كما في قوله تعالى: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36]، وتجزي بفتح أوله بلا همز، وضمه بهمز (أنزله) أي: الجمع بين الحجِّ والعمرة في آية {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}. (وسنة نبيه) أي: شرعه حيث أمر الصّحابة بالتمتع. (غير أهل مكّة) بنصب (غير) على الاستثناء، وبجره صفة للناس وقد يتعلّق بذلك الحنفية في أن ذلك إشارة إلى التمتع لا إلى حكمه، لكن مذهب الصحابي ليس بحجة عند الشّافعيّ؛ إذ لا يقلد المجتهد مجتهدًا. (الّتي ذكر الله) زاد في نسخة في: "كتابه" (فمن تمتع في هذه الأشهر) إلى آخره أفهم أن من تمتع قبلها لا شيء عليه، وإن صح تمتعه. 38 - بَابُ الاغْتِسَالِ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ (باب: الاغتسال عند دخول مكّة) أي: سنة لداخلها، ولو لحائض ونفساء، نعم من مكان قريب، كالتنعيم واغتسل للإحرام فلا يسن له الغسل لدخولها، اكتفاءًا بالغسل السابق. 1573 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ، ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طِوًى، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ، وَيَغْتَسِلُ"، وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. [انظر: 491 - مسلم: 1259 - فتح 3/ 435] (ابْن علية) هو إسماعيل بن إبراهيم بن سهم، و (علية) أمه. (أَيّوب) أي: السختياني. (أمسك عن التَّلبية) أي: تركها عند دخوله الحرم؛ ليشتغل بالذكر والتسبيح حينئذ ثمّ يعود إليها. (كان يفعل ذلك) أي: الغسل. (بذي طوى) أو ما ذكر من الإمساك عن التَّلبية والبيتوتة، والاغتسال بذي

39 - باب دخول مكة نهارا أو ليلا

طوى قال شيخنا: والثّاني أظهر (¬1)، ومرَّ شرح الحديث في باب الإهلال مستقبل القبلة (¬2). 39 - بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا بَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي طِوًى حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُهُ. (باب: دخول مكّة نهارًا أو ليلًا) في نسخة: "وليلًا" بالواو. (بات النَّبيّ) إلى آخره ساقط من نسخة. 1574 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "بَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُهُ. [انظر: 491 - مسلم: 1259 - فتح: 3/ 436] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عبيد الله) أي: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب. (ثمّ دخل مكّة) أي: نهارًا -كما في مسلم (¬3) - نعم دخل ليلة في عمرة الجعرانة -كما رواه أبو داود وغيره (¬4) - وظاهر التّرجمة: أنهما سواء، والأكثر على أن دخولها في النهار أفضل. ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 435. (¬2) سبق برقم (1553) كتاب: الحجِّ، باب: الإهلال مستقبل القبلة. (¬3) "صحيح مسلم" (1259) كتاب: الحجِّ، باب: استحباب المبيت بذي طوى عند إدارة دخول مكة. (¬4) "سنن أبي داود" (1996) كتاب: المناسك، باب: المهلة بالعمرة. و"السنن الكبرى" للبيهقي 5/ 72 كتاب: الحجِّ، باب: دخول مكّة ليلًا أو نهارًا.

40 - باب: من أين يدخل مكة؟

40 - بَابٌ: مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ مَكَّةَ؟ (باب: من أين يدخل مكّة؟) أي: جواب السؤال عن مكان دخول مكّة إذ كلمة: (أين) للاستفهام عن المكان. 1575 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَال: حَدَّثَنِي مَعْنٌ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ العُلْيَا، وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى". [انظر: 484 - مسلم: 1257 - فتح: 3/ 436] (معن) أي: ابن عيسى بن يحيى القزاز. (يدخل من الثنية العليا) أي: الّتي ينزل منها إلى المعلى، ومقابر مكّة بجنب المحصب، و (الثنية): كلّ عقبة في جبل، أو طريق عالية فيه. (ويخرج من الثنية السفلي) أي: الّتي في أسفل مكّة، والمعنى في ذلك: الذهاب في طريق، والإياب في أخرى كالعيدة ليشهد له الطريقان، وخصت العليا بالدخول؛ مناسبة للمكان [العالي الّذي قصده، والسفلي: الخروج مناسبة للمكان، (¬1) الّذي يذهب إليه وتسمى العليا: بكداء بفتح الكاف والمد، والسفلى: بكدى بالضم والقصر، وسيأتي بسط الكلام عليهما قريبًا. 41 - بَابٌ: مِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ؟ (باب: من أين يخرج من مكّة؟) علم تقريره ممّا مَرَّ في سابقه (¬2). 1576 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ مِنَ ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) سبق برقم (1575) كتاب: الحجِّ، باب: من أين يدخل مكّة.

الثَّنِيَّةِ العُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ، وَخَرَجَ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى .. [انظر: 484 - مسلم: 1257 - فتح: 3/ 436] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "كَانَ يُقَالُ هُوَ مُسَدَّدٌ كَاسْمِهِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: "لَوْ أَنَّ مُسَدَّدًا أَتَيْتُهُ فِي بَيْتِهِ، فَحَدَّثْتُهُ لاسْتَحَقَّ ذَلِكَ، وَمَا أُبَالِي كُتُبِي كَانَتْ عِنْدِي أَوْ عِنْدَ مُسَدَّدٍ". (مسدد) أي: "ابن مسرهد المصري" كما في نسخة. (يحيى) بن سعيد القطان. (من كداء) بفتح الكاف والدال المهملة ممدودًا، ومصروفًا على إرادة الموضع، وغير مصروف على إرادة البقعة. (وخرج) في نسخة: "يخرج". (قال أبو عبد الله: كان يقال: هو مسدد كاسمه) أي: مسدد في أقواله من التسديد: وهو الإحكام، وهذا مع قوله: (قل أبو عبد الله: سمعت يحيى) إلى آخره ساقط من نسخة. 1577 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ أَعْلاهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا". [1578، 1579، 1580، 1581، 4290، 4291 - مسلم: 1258 - فتح: 3/ 437] (الحميدي) هو أبو بكر عبد الله بن الزُّبير. (دخل) في نسخة: "دخلها". 1578 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَامَ الفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ، وَخَرَجَ مِنْ كُدًا مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ". [انظر: 1577 - مسلم: 1258 - فتح: 3/ 437] (حَدَّثَنَا محمود) في نسخة: "حدثني محمود". (بن غيلان) ساقط

من نسخة. (أبو أُسامة) هو حماد بن زيد. (من كداء) بفتح الكاف والمد كما مرَّ (¬1). (وخرج من كدًا) بالضم مقصورًا منونًا هذا هو المشهور في ضبطهما، وقيل: بعكس ذلك، وقيل: بالفتح والمد فيهما. (من أعلى مكّة) أستشكل هذا من جهة أن مفهومه أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج من أعلى مكّة، والأحاديث السابقة أنه خرج من أسفلها، وأجاب الكرماني: بأن الدخول والخروج من أعلاها (¬2)، لعلّه كان في عام الفتح، والخروج من أسفلها في الحجِّ، ثمّ قال: هذا إذا كان كداء بالفتح أوَّلًا، وثانيًا: أما إذا كان الثّاني بالضم فوجَّه أنَّ (من أعلى) متعلّق بدخل (وخرج من كدى) حال مقدرة بينهما، فلا تحتاج للتخصيص بغير عام الفتح، وأجاب شيخنا (¬3): بأن ذلك مقلوب في رواية أبي أُسامة، وأن الصواب ما رواه غيره، وأن الوهم فيه ممّن دون أبي أُسامة؛ لأنَّ أحمد رواه عن أبي أُسامة على الصواب (¬4). 1579 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَامَ الفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ أَعْلَى مَكَّةَ" قَال هِشَامٌ: وَكَانَ عُرْوَةُ: "يَدْخُلُ عَلَى كِلْتَيْهِمَا مِنْ كَدَاءٍ، وَكُدًا، وَأَكْثَرُ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ، وَكَانَتْ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ". [انظر: 1577 - مسلم: 1258 - فتح: 3/ 437] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1576) كتاب: الحجِّ، باب: من أين يخرج من مكّة. (¬2) انظر: "البخاريّ بشرح الكرماني" 8/ 101. (¬3) انظر: "الفتح 3/ 437. (¬4) انظر: "مسند أحمد" 6/ 58، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 3/ 437 كذا رواه أبو أُسامة، والصواب ما رواه عمرو وحاتم عن هشام "دخل كداء من أعلى مكة" ثمّ ظهر لي أن الوهم فيه ممّن دون أبي أُسامة فقد رواه أحمد عن أبي أُسامة على الصواب.

(أحمد) قيل: هو ابن عيسى التستري، لكن قال ابن منده كلما قال البخاريّ: أحمد عن ابن وهب فهو ابن صالح المصري. (على كلتيهما) في نسخة: "من كلتيهما" أي: العليا والسفلى، وفي أخرى: "كلتاهما" على لغة، وبين ذلك بقوله: (من كداء وكدى) بالفتح والمد والتّنوين في الأوّل، وبالضم والقصر والتّنوين في الثّاني، والمراد: أن عروة كان يدخل تارة من هذه، وتارة من هذه، وأكثر ما يدخل من كداء بالفتح والمد، وفي نسخة: بالضم والقصر. (وكانت) في نسخة: "وكان". (أقربهما) أي: الثنيتين، وفي نسخة: "أقرب". 1580 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، "دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ" وَكَانَ عُرْوَةُ: "أَكْثَرَ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ، وَكَانَ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ". [انظر: 1577 - مسلم: 1258 - فتح: 3/ 437] (حاتم) أي: ابن إسماعيل الكُوفيُّ. (عن هشام) أي: ابن عروة. 1581 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، "دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ" وَكَانَ عُرْوَةُ: "يَدْخُلُ مِنْهُمَا كِلَيْهِمَا، وَكَانَ أَكْثَرَ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ أَقْرَبِهِمَا إِلَى مَنْزِلِهِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "كَدَاءٌ، وَكُدًا مَوْضِعَانِ". [انظر: 1577 - مسلم: 1258 - فتح: 3/ 437] (وهيب) أي: ابن خالد. (وأكثر) في نسخة: "وكان أكثر". وفي أخرى: "وأكثر ما كان". (أقربهما إلى منزله) بجر أقرب بيان لـ (كداء)، أو بدل منه. (قال أبو عبد الله: كداء وكدى) بالفتح والمد والتّنوين في الأوّل والضم والقصر والتّنوين في الثّاني. (موضعان) معروفان، وقوله: (قال أبو عبد الله: إلى آخره) ساقط من نسخة.

42 - باب فضل مكة وبنيانها

42 - بَابُ فَضْلِ مَكَّةَ وَبُنْيَانِهَا وَقَوْلِهِ تَعَالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَال وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)} (¬1) [البقرة: 126 - 128]. [فتح 3/ 438]. (باب: فضل مكّة وبنيانها) أي: وفضل بنيان الكعبة فيها. (وقوله) بالجر على (فضل مكّة). ({وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ}) أي: الكعبة. ({مَثَابَةً لِلنَّاسِ}) أي: مرجعًا لهم يأتون إليه من كلّ جانب وتاؤه ليست للتأنيث بل للمبالغة -كما في علامة- فصح لوقوعه خبرًا للبيت في الأصل ({وَأَمْنًا}) أي: ومأمنًا لهم من الظلم الواقع في غيره ({مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ}) هو الحجر الّذي قام عليه عند بناء البيت. ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاريّ ص 59: وجه مناسبة حديث .. هذه الكعبة وحديث قتادة لآية التّرجمة التنبيه على أن الأمان لا يدلُّ على دوام ذلك في كلّ زمان، بل هو موقوف على المشية فيه.

({مُصَلًّى}): مكان صلاة بأن يصلوا خلفه ركعتي الطّواف. ({وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ}) أي: أمرناهما. ({أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ}) أي: بأن طهراه من الأوثان. ({وَالْعَاكِفِينَ}) أي: المقيمين فيه ({آمِنًا}) أي: ذا أمن، كما في: ({عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ})، أو آمنا من هو فيه، كقولك: ليل نائم. ({وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}) وقد فعل بنقل الطائف من الشّام إلى حرم مكّة، وكان أقفر لا زرع به ولا ماء. ({مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}) بدل من أهله، وخصهم بالدعاء لهم موافقة لقوله. ({لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}). ({وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ}) أي: الأسس أو الجدر. ({وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ}) أي: منقادين لك (أمة) أي: جماعة. ({وَأَرِنَا}) أي: عرفنا. ({وَتُبْ عَلَيْنَا}) سائلًا التوبة مع عصمتهما؛ تواضعًا وتعليمًا لذريتهما، أو عما فرط منهما سهوًا، والآيات الأربع ساقها البخاريّ بتمامها، وفي نسخة: بعض الآية الأولى فقط، وفي أخرى: كلها مع زيادة إلى قوله: "التواب الرحيم". 1582 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا بُنِيَتِ الكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبَّاسٌ يَنْقُلانِ الحِجَارَةَ، فَقَال العَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ، فَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَال: "أَرِنِي إِزَارِي" فَشَدَّهُ عَلَيْهِ. [انظر: 364 - مسلم: 340 - فتح: 3/ 431] (حَدَّثَنَا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله". (أبو عاصم) أي: النبيل. (ابْن جريح) هو عبد الملك ابن عبد العزيز. (يقول) في نسخة: "قال". (لما بنيت الكعبة) فيه: مطابقة الحديث

للترجمة من حيث: أن بناء الكعبة سبب لبناء مكّة، واختلف في عدد بناء الكعبة، وأكثر ما قيل فيه: عشر مرات: بناء الملائكة قبل خلق آدم، ثمّ بناء آدم لله، ثمّ [بناء] (¬1) بني آدم، ثمّ بناء إبراهيم عليه الصّلاة والسلام، ثمّ بناء العمالقة، ثمّ بناء جرهم، ثمّ بناء قصي بن كلاب، ثمّ بناء قريش وحضره النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ بناء عبد الله بن الزُّبير، ثمّ بناء الحجاج. (وطمحت عيناه) بفتح الميم أي: ارتفعتا وفي نسخة: "فطمحت" بالفاء. (أرني إزاري) بكسر الراء وسكونها، أي: أعطنيه. (فشده) أي: العباس، أو النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. ومر شرح الحديث في باب كراهة التعري (¬2). 1583 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَهَا: "أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوْا الكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَال: "لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ لَفَعَلْتُ" فَقَال عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الحِجْرَ، إلا أَنَّ البَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. [انظر: 126 - مسلم: 1333 - فتح: 3/ 439] (ألم ترى) أصله ترين حذفت النون؛ للجزم أي ألم تعرفي. (لما) في نسخة: "حين". (حدثان) بكسر الحاء، مصدر حدث يحدث، ومعناه: قرب عهدهم. (بالكفر) وهو مبتدأ حذف خبره وجوبًا أي: موجود. (لفعلت) ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) سبق برقم (364) كتاب: الصّلاة، باب: كراهية التعري.

أي: لرددتها على قواعد إبراهيم، وفيه: دليل على ارتكاب أيسر الضررين، دفعًا لأكبرهما؛ لأن قصر البيت أيسر من افتتان طائفة من المسلمين، ورجوعهم عن دينهم. (لئن كانت عائشة) إلى آخره ليس ذلك شكًّا في قولها ولا تضعيفًا لحديثها فإنها الحافظة المتقنة، بل جري على ما يعتاد في كلام العرب من الترديد؛ للتقرير واليقين، كما في {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} [الأنبياء: 111]، وفي: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} [سبأ: 50]، (استلام الركنين) أي: مسهما ومسحهما. (يليان الحجر) بكسر الحاء، وسكون الجيم: ما تحت الميزاب. 1584 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الجَدْرِ أَمِنَ البَيْتِ هُوَ؟ قَال: "نَعَمْ" قُلْتُ: فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي البَيْتِ؟ قَال: "إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ" قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَال: "فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُكِ، لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ، أَنْ أُدْخِلَ الجَدْرَ فِي البَيْتِ، وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ". [انظر: 126 - مسلم: 133 - فتح: 3/ 439] (أبو الأحوص) هو سلام بن سليم الجعفي. (أشعث) أي: ابن أبي الشعثاء. (عن الجدر) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة، وفي نسخة: "عن الجدار". (قال: نعم) أي: هو من البيت [وظاهرة: أن الحجر كله من البيت] (¬1) وبه أفتى ابن عبّاس، وصححه النووي في الرِّواية على ¬

_ (¬1) من (ب).

ستة أزرع (¬1)، ونسبه إلى جمهور الأصحاب، وقال: إنّه [الصواب] (¬2) أما الستة منه فهو من البيت بلا خلاف. (قصرت) بتشديد الصاد المفتوحة، وفي نسخة: بضمها مخففة. (ليدخلوا) في نسخة: "يدخلوها". (لولا أن قومك) (لو) لامتناع الشيء [لامتناع غيره] (¬3) فإذا دخلت على (لا) أفادت إثباتا وهو امتناع الشيء؛ لثبوت غيره، والاسم الواقع بعدها عند سيبويه مبتدأ خبره واجبُ الحذف؛ لدلالة الكلام عليه، وعند الكوفيين (¬4): فاعل فعل محذوف. (حديث عهدهم) برفع عهدهم على الفاعلية. (بالجاهلية) في نسخة: "بجاهلية" وجواب (لولا) محذوف أي: لفعلت. 1585 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ لَنَقَضْتُ البَيْتَ، ثُمَّ لَبَنَيْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ بِنَاءَهُ وَجَعَلْتُ لَهُ خَلْفًا" قَال أَبُو مُعَاويَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ "خَلْفًا" يَعْنِي بَابًا. [انظر: 126 - مسلم: 1333 - فتح: 3/ 439] (وجعلت) بتاء المتكلم. (خلفا) بسكون اللام. (قال أبو معاوية) هو محمّد بن خازم. (حَدَّثَنَا هشام: خلفا يعني: بابًا) أي: بابًا آخر من خلف البيت يقابل الباب المقدم؛ ليدخل النَّاس إليه منه ويخرجون من الآخر، والتفسير المذكور من قول هشام. (يزيد) أي: ابن هارون ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 91. (¬2) من (ب). (¬3) من (ب). (¬4) ما نسبه المصنِّف للكوفيين هو مذهب الكسائي وحده ومذهب بعضهم أن الاسم بعد لولا مرفوع بـ (لولا) لنيابتها مناب (لو لم يوجد) ومذهب الفراء أن الاسم بعد لولا مرفوع بـ (لولا) نفسها لا لنيابتها مناب (لو لم يوجد).

43 - باب فضل الحرم

(حديث عهد) بالإضافة. (ما أخرج منه) أي: من البيت. (ستة أذرع) في نسخة: (ست أذرع". 1586 - حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَهَا: "يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ، فَهُدِمَ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ، وَأَلْزَقْتُهُ بِالأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ، بَابًا شَرْقِيًّا، وَبَابًا غَرْبِيًّا، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ"، فَذَلِكَ الَّذِي حَمَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى هَدْمِهِ، قَال يَزِيدُ: وَشَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ هَدَمَهُ، وَبَنَاهُ، وَأَدْخَلَ فِيهِ مِنَ الحِجْرِ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ حِجَارَةً، كَأَسْنِمَةِ الإِبِلِ، قَال جَرِيرٌ: فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ مَوْضِعُهُ؟ قَال: أُرِيكَهُ الآنَ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ الحِجْرَ، فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ، فَقَال: هَا هُنَا، قَال جَرِيرٌ: فَحَزَرْتُ مِنَ الحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا (¬1). [انظر: 126 - مسلم: 133 - فتح: 3/ 439] 43 - بَابُ فَضْلِ الحَرَمِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ البَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا، وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ} [النمل: 91] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص: 57]. ¬

_ (¬1) هذا الحديث لم يعلق المصنِّف عليه.

(باب: فضل الحرم) أي: المكي وهو ما أحاط بمكة وسمي حرمًا؛ لتحريم الله تعالى فيه كثيرًا ممّا ليس بمحرم في غيره، وحدُّه: من طريق المدينة التنعيم على ثلاثة أميال من مكّة، وقيل: أربعة، ومن طريق اليمن ستة أميال من مكّة، وقيل: سبعة، ومن طريق الجعرانة تسعة أميال، ومن طريق الطائف سبعة أميال، وقيل: ثمانية، ومن طريق جدة عشرة أميال. (وقوله) بالجر هنا، وفيما يأتي، عطف على (فضل الحرم). ({رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ}) أي: مكّة. ({الَّذِي حَرَّمَهَا}) صفة (لرب) وتحريمها بأن لا يسفك فيها دم حرام، ولا ينفر صيدها، ولا يختلى خلاها، وهو وجه تعلّق الآية بالترجمة من حيث أن هذه البلدة اختصها الله من بين جميع البلاد بإضافة اسمه إليها؛ لأنها أحب بلاده إليه، وأكرمها عليه، وموطن نبيه، ومهبط وحيه ({أَوَلَمْ نُمَكِّنْ}) أي: نجعل. ({يُجْبَى إِلَيْهِ}) أي: يُحمل إليه ({رِزْقًا}) مصدر من معنى يجبي لأنه بمعنى: يرزق، أو مفعول له، أو حال من ({ثَمَرَاتُ}) بمعنى مرزوقًا. 1587 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلا مَنْ عَرَّفَهَا". [انظر: 1349 - مسلم: 1353 - فتح: 3/ 449] (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن طاوس) أي: ابن كيسان. (لا يُعضد) أي: لا يقطع. (لقطته) بفتح القاف وسكونها. (إلا من عرفها) مَرَّ شرحه (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1587) كتاب: الحجِّ، باب: فضل الحرم.

44 - باب توريث دور مكة، وبيعها وشرائها

44 - بَابُ تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ، وَبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا وَأَنَّ النَّاسَ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ سَوَاءٌ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ، وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]، البَادِي الطَّارِي، {مَعْكُوفًا} [الفتح: 25]: مَحْبُوسًا. (باب: توريث دور مكّة، وبيعها، وشرائها، وأن النَّاس في المسجد) في نسخة: "في مسجد" (الحرام سواء) برفعه خبر (أن) أي: متساوون في المسجد الحرام دون باقي الحرم. (خاصّة) بالنصب حال مؤكدة، ثمّ علل تساويهم في المسجد فقال: (لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}) أي: دين الإسلام، وأراد بـ (يصدون) الاستمرار على الصد لا تقييده بالحال، أو الاستقبال ولهذا عطفه على الماضي، وقيل: هو حال من فاعل (كفروا)، و ({وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}) عطف على ({سَبِيلِ اللَّهِ} {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}) برفع (سواء) خبر لما بعده، وإن كان مفردًا؛ لأنه في الأصل مصدر، وبنصبه مفعول ثان لجعلناه، وما بعده مرفوع به ({بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}) حالان مترادفان، والإلحاد: الميل عن القصد، وباؤه زائدة، وباء (بظلم) سببية (الباد) أي: الطارئ: وهو المسافر. (معكوفًا) أي: (محبوسًا) وهو المقيم. 1588 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ فَقَال: "وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟ ".

وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، شَيْئًا لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ، فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَا يَرِثُ المُؤْمِنُ الكَافِرَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانُوا يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72] الآيَةَ .. [3085، 4282، 6764 - مسلم: 1351 - فتح: 3/ 450] (أصبغ) أي: ابن الفرج. (ابْن وهب) اسمه عبد الله. (عن يونس) أي: ابن يزيد (ابْن حسين) في نسخة: "ابن الحسين". (عقيل) بفتح العين. (من رباع) بكسر الراء جمع ربع: وهو المحلة، أو المنزل المشتمل على أبيات، فيكون قوله: (أو دور) تأكيدًا أو شكًّا من الراوي و (من) للتبعيض. (أبا طالب) اسمه: عبد مناف. (هو) أي: عقيل أعاده بضمير؛ ليعطف عليه طالبًا، والمعني: أنهما ورثا أباهما أبا طالب، ويؤخذ من قوله: (وهل ترك؟ إلى آخره): جواز بيع دور مكّة، حيث باع عقيل بعد إسلامه دورًا بها، وأقره النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولا يعارضه حديث البيهقي وغيره: "لا يحل بيع بيوت مكّة ولا إجارتها" لأن في سنده ضعيفًا، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر (¬1). (ولم يرثه) أي: أبا طالب. ¬

_ (¬1) "سنن البيهقي" 6/ 35 كتاب: البيوع، باب: ما جاء في بيع دور مكّة وكرائها. وقال البيهقي: إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ضعيف، وأبوه غير قوي واختلف عليه، فروي عنه هكذا، أو روى عنه عن أبيه مهاجر عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا ببعض معناه. كذا رواه ابن أبي شيبة 3/ 314، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 48، والدارقطني في "السنن" 3/ 57 كتاب: البيوع، والحاكم في =

45 - باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم مكة

(وكان عقيل وطالب كافرين) أي: حين موت أبيهما، وإلا فقد أسلم عقيل بعد، وطالب أسن من عقيل، وهو من جعفر، وهو من على، والتفاوت بين كلّ واحد والآخر عشر سنين، وهو من النوادر. (وكانوا) أي: السلف. (يتأولون قول الله تعالى إلى آخره) أي: يفسرون الولاية فيه بولاية الميراث، حتّى لا يرث المؤمن الكافر (الآية) ساقط من نسخة. 45 - بَابُ نُزُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ (باب: نزول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مكّة) أي: بيان موضع نزوله فيها. 1589 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَادَ قُدُومَ مَكَّةَ: "مَنْزِلُنَا غَدًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ". [1590، 3882، 4284، 4285، 7479 - مسلم: 1314 - فتح: 3/ 452] (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (منزلنا) مبتدأ. (غدًا): ظرف. (إن شاء الله) اعتراض ذكر تبركًا وامتثالًا لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف: 23] (بخيف بني كنانة) (خبر المبتدإ) (¬1) والمراد به: المحصب -كما سيأتي- والخيف: ما انحدر من الجبل وارتفع عن المسيل. (حيث تقاسموا) أي: تحالفوا. (على الكفر) هو تبرؤهم من بني هاشم وبني المطلب أن لا يعاملوهم بما يأتي في الحديث الآتي. ¬

_ = "المستدرك" 2/ 53، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ولكن تتبعه الذهبي وقال: بل ضعيف، في إسناده إسماعيل بن مهاجر. (¬1) من (ب).

1590 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَهُوَ بِمِنًى: "نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ" يَعْنِي ذَلِكَ المُحَصَّبَ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ، تَحَالفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، أَوْ بَنِي المُطَّلِبِ: أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال سَلامَةُ، عَنْ عُقَيْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ الضَّحَّاكِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، وَقَالا: بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي المُطَّلِبِ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "بَنِي المُطَّلِبِ أَشْبَهُ". [انظر: 1589 - مسلم: 1314 - فتح: 3/ 453] (الحميدي) هو عبد الله بن الزُّبير. (الوليد) أي: ابن مسلم القُرَشيُّ. (الأوزاعي) هو عبد الرّحمن بن عمرو. (قال النَّبيّ) في نسخة: "قال رسول الله". (من الغد) أصله غدو حذفت لامه: وهو أول النهار (يوم النَّحر) بالنصب على الظرفية، والمراد بالغد هنا: ثالث عشر ذي الحجة؛ لأنَّه يوم النزول بالمحصب فهو مجاز في إطلاقه على المستقبل مطلقًا، كما يطلق أمس على الماضي مطلقًا، وإلَّا فثاني العيد هو الغد حقيقة، وليس مرادًا. (نحن نازلون) إلى آخره مقول (قال). أي: قال في غداة يوم النَّحر حال كونه بمنى ذلك (يعني: ذلك) في نسخة: "يعني بذلك" أي: بخيف بني كنانة. (وذلك) أي: (تقاسمهم على الكفر). (تحالفت) بحاء مهملة، أي: تقاسمت. (أو بني المطلب) شك من الراوي. (وقال سلامة) بتخفيف اللام: ابن روح بن خالد الأيلي. (عن عقيل) بضم العين: ابن خالد الأيلي. (ويحيى عن الضحاك) كذا وقع في رواية أبي ذر وكريمة وهو، كما قال شيخنا وهْمٌ والذي رواه

46 - باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا}

غيرهما (¬1) (ويحيى بن الضحاك) نسبة لجده، وإلا فهو يحيى بن عبد الله بن الضحاك. (عن الأوزاعي) هو عبد الرّحمن بن عمرو (قالا) أي: سلامة ويحيى. 46 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ، رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي، وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 36] [إبراهيم: 34 - 37] الآيَةَ. [فتح: 3/ 454] (باب: قول الله تعالى: {وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي})، [إبراهيم: 34] أي: أبعدني. ({رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ}) أي: أسكنتهم؛ ليقيموا الصّلاة عند بيتك. ({أفْئِدَةَ}) أي: قلوبًا خصَّها بالذكرة لأن الأجساد تبع لها، وإلا فالمراد: النَّاس. ({مِنَ النَّاسِ}) (من) للتبعيض. (تهوي) أي: تسرع. (الآية) بالنصب بنحو أعني، أو أقرأ، وفي نسخة: إلى قوله: " {لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} " وسقط في أخرى قوله: ({رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ}) إلى آخره، ولم يذكر البخاريّ في هذا الباب حديثًا؛ لكونه لم يجده على شرطه، أو أنه من التراجم الّذي ذكرها ليورد فيها حديثًا، فما اتفق له ذلك. ¬

_ (¬1) "الفتح" 3/ 453.

47 - باب قول الله تعالى: {*جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم (97)} [المائدة: 97]

47 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {* جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97)} [المائدة: 97] (باب: قول الله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ}) أي: ليقوم الله به أمر دينهم بالحج إليه ودنياهم بأمن داخله وعدم التعرض له. ({وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ}) المراد: الأشهر الحرم. {ذَلِكَ} أي: الجعل المذكور. ({لِتَعْلَمُوا}) إلى آخره بأن شرع الأحكام؛ لدفع المضار وجلب المنافع قبل وقوعها دليل على كمال علمه تعالى. ({وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}) تعميم بعد تخصيص. 1591 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ". [1596 - مسلم: 2909 - فتح: 3/ 454] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ذو السويقتين من الحبشة) (من) للتبعيض، والساق: مؤنثة؛ فلذلك أتى في تصغيره بتاء التأنيث، وإنّما صغر؛ لأن في سيقان الحبشة دقة، والمراد: يخربها ضعيف من هذه الطائفة ولا ينافي هذا قوله تعالى: ({حَرَمًا آمِنًا}) [لأن الأمن إلى قرب القيامة وخراب الدنيا وحينيذ يأتي ذو السويقتين، قيل: وتخريب الكعبة [يكون] (¬1) في زمن عيسى -عليه السّلام-، وقيل: بعد موته، وهو الصّحيح. ¬

_ (¬1) من (ب).

1592 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ المُبَارَكِ، قَال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الكَعْبَةُ، فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ". [1893، 2001، 2002، 3831، 4502، 4504 - مسلم: 1125 - فتح: 3/ 454] (أبي حفصة) اسمه: ميسرة. (عاشوراء) بالمد ومنع الصّرف. 1593 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الحَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيُحَجَّنَّ البَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ"، تَابَعَهُ أَبَانُ، وَعِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ شُعْبَةَ قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُحَجَّ البَيْتُ"، "وَالأَوَّلُ أَكْثَرُ، سَمِعَ قَتَادَةُ، عَبْدَ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ، أَبَا سَعِيدٍ". [فتح: 3/ 454] [(أحمد) أي: ابن حفص بن عبد الله بن راشد السلمي] (¬1). (إبراهيم) أي: ابن طهمان. (ليُحجن) بالبناء للمفعول. (وليعتمرن) كذلك. (يأجوج ومأجوج) اسمان أعجميان، وقرئ بالهمز فيهما وتقلب الياء همزة. قيل: إنهما صنفان مفرط الطول، ومفرط القصر. ¬

_ (¬1) من (ب).

48 - باب كسوة الكعبة

(تابعه) أي: عبد الله بن أبي عتبة (أبان) أي: ابن يزيد العطار. (وعمران) أي: القطان. (عبد الرّحمن) أي: ابن مهدي. (والأول أكثر) عددا وأصح معنى؛ لوقوع حج البيت قبل أشراط السّاعة قطعًا، وإنَّما قال ذلك؛ لأن ظاهرهما التعارض؛ إذ ظاهر الأوّل: أن البيت يحج بعد [أشرط السّاعة، وظاهر الثّاني: أنه لا يحج بعدها، وجمع الكرماني بينهما بأن البيت يحج بعد] (¬1) يأجوج مدة ثمّ يمتنع عند قرب ظهور السّاعة. 48 - باب كِسْوَةِ الكَعْبَةِ. (¬2). (باب: كسوة الكعبة) أي: بيان حكم التصرف فيها. 1594 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: جِئْتُ إِلَى شَيْبَةَ، ح وحَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الكُرْسِيِّ فِي الكَعْبَةِ، فَقَال: لَقَدْ جَلَسَ هَذَا المَجْلِسَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إلا قَسَمْتُهُ". قُلْتُ: إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلا، قَال: "هُمَا المَرْءَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا". [7275 - فتح: 3/ 456] ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاريّ" ص 60: وجه مناسبة حديث عمر للترجمة أن الكعبة لم يزل معظمة ومقصدًا بالهدايا والأموال تعظيمًا لها، فالكسوة من باب التعظيم لها أيضًا لما فيها من تعظيم ذلك في النفوس وتميزها به عما سواها، وحديث مشعر بجواز قسمتها، كغيرها من أموال المصالح.

49 - باب هدم الكعبة

(سفيان) أي: الثّوريّ. (وائل) هو شقيق بن سلمة. (أبي شيبة) أي: ابن عثمان الحجبي. (قبيصة) أي: ابن عقبة السوائي. (صفراء ولا بيضاء) ذهبًا ولا فضة. (إلا قسمته) ذكر الضمير باعتبار المال. (إن صاحبيك) أي: النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكرٍ. 49 - باب هَدْمِ الكَعْبَةِ. قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ فَيُخْسَفُ بِهِمْ". [انظر: 2118] (باب: هدم الكعبة) أي: بيان هدمها في آخر الزّمان. (قالت) في نسخة: "وقالت" (جيش) بجيم وتحتية، وفي نسخة: بحاء مهملة وموحدة مفتوحتين. 1595 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَخْنَسِ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ، يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا". [فتح: 3/ 460] (ابْن الأخنس) بهمزة مفتوحة، وخاء معجمة، ونون مفتوحة، ومهملة. (ابْن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي مليكة، واسم أبي مليكة: زهير. (كأني بي) أي: بقالع الحجر الآتي ذكره. (أسود) بالنصب على الذم أو الاختصاص، أو على الحال، وبالرفع: خبر مبتدإ محذوف أي: والقالع له أسود، أو مبتدأ خبره: (يقلعها) والجملة حال بلا واو. (أفحج) بالنصب أو الرفع كسابقه: وهو من يتقارب صدور قدمية ويتباعد فخذاه (يقلعها حجرًا حجرًا) بنصب (حجرًا) بدل، أو حال من الهاء قبله.

50 - باب ما ذكر في الحجر الأسود

1596 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ". [انظر: 1591 - مسلم: 2909 - فتح: 3/ 460] (يونس) أي: ابن يزيد. 50 - بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الحَجَرِ الأَسْوَدِ (باب: ما ذكر في الحجر الأسود) أي: أيُقبل أم لا؟ ويسمى: الركن الأسود، وارتفاعه من الأرض ذراعان وثلثا ذراع. قال - صلى الله عليه وسلم -: "نزل من الجنَّة أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم" رواه التّرمذيّ وصححه (¬1). 1597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الحَجَرِ الأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَال: "إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ". [1605، 1610 - مسلم: 1270 - فتح: 3/ 462] (سفيان) أي: الثّوريّ. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد النخعي. (فقبله) بأن وضع فمه عليه من غير صوت. (لا تضر ولا تنفع) أي: بذاتك، بل بإذن الله في إكرامه وتعظيمه لك، وإقداره لك على النطق بأن تشهد لمن وافاك بموافاته. (رسول الله) في نسخة: "النَّبيّ" وإنّما قال عمر ذلك؛ لدفع توهم قريب عهد بالإسلام ممّن كان يعتقد في حجارة أصنام الجاهلية أنها تضر وتنفع. (يقبلك) فيه: استحباب تقبيله في الطّواف، ويستحب أيضًا وضع الجبهة عليه، خلافًا لمالك. ¬

_ (¬1) "سنن التّرمذيّ" (887) كتاب: الحجِّ، باب: ما جاء في فضل الحجر الأسود وقال: حديث ابن عبّاس حديث حسن صحيح.

51 - باب إغلاق البيت، ويصلي في أي نواحي البيت شاء

51 - بَابُ إِغْلاقِ البَيْتِ، وَيُصَلِّي فِي أَيِّ نَوَاحِي البَيْتِ شَاءَ (¬1). (باب: إغلاق البيت) أي: إغلاق بابه. (ويصلّي) أي: الداخل وهو بالنصب بأن مقدرة (¬2) والواوة لعطفه على (إغلاق البيت) كما في قوله: للبس عباءة وتقر عيني (¬3) فهو مؤول بالمصدر، أي: باب بأن طلب إغلاق البيت، والصلاة (في أي) ناحية من (نواحي البيت شاء) لأن الصّلاة إلى ناحية من نواحيه الداخلة فيه مساوية لها في بقيتها، كما أنها إلى ناحية من نواحيه الخارجة عنها كذلك. 1598 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَال: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْتَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ فَلَقِيتُ بِلالًا فَسَأَلْتُهُ: هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "نَعَمْ بَيْنَ العَمُودَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ". [انظر: 397 - مسلم: 1329 - فتح: 3/ 463] (عن ابن شهاب) أي: الزّهريُّ. (عن سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر. (دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت) أي: عام الفتح. (وعثمان بن طلحة) زاد النَّسائيُّ: ومعه الفضل بن العباس (¬4) فيكون الداخل معه أربعة، ومرَّ ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاريّ" ص 59: قصده أن الصّلاة بين العمودين لم يكن قصدًا للموضع، بل وقع اتفاقًا، وكل نواحي البيت من داخله سواء، كما أن كلّ نواحيه من خارجه في الصّلاة إليه سواء. (¬2) ونصب الفعل (بأن) مضمرة مذهب لبعض النحاة وسبق بيانه. (¬3) هذا صدر بيت، وعجزه: أحب إلى من لبس الشفوف، وتكرر ذكره كثيرًا. (¬4) "السنن الكبرى" 2/ 392 (3899) كتاب الحجِّ، باب: الصّلاة فيه.

52 - باب الصلاة في الكعبة

شرح الحديث في باب: الأبواب والغلق من كتاب: الصّلاة (¬1). 52 - بَابُ الصَّلاةِ فِي الكَعْبَةِ (باب: الصّلاة في الكعبة) أي: بيان مشروعيتها فيها. 1599 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الكَعْبَةَ، مَشَى قِبَلَ الوَجْهِ حِينَ يَدْخُلُ، وَيَجْعَلُ البَابَ قِبَلَ الظَّهْرِ، يَمْشِي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلاثِ أَذْرُعٍ، فَيُصَلِّي، يَتَوَخَّى المَكَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِلالٌ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهِ، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَأْسٌ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَيِّ نَوَاحِي البَيْتِ شَاءَ". [انظر: 397 - مسلم: 1329 - فتح: 3/ 467] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (قبل الوجه) أي: مقابله. (حتّى يكون) أي: المقدار. (قريبًا) بالنصب: خبر (يكون)، وفي نسخة: "قريب" بالرفع: اسم يكون وهي تامة. (من ثلاث أذرع) في نسخة: "من ثلاثة أذرع". (يتوخى) أي: يقصد. (وليس على أحد) إلى آخره مقول ابن عمر، أو غيره، ومر شرح الحديث في باب: الصّلاة بين السواري (¬2). 53 - بَابُ مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الكَعْبَةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "يَحُجُّ كَثِيرًا وَلَا يَدْخُلُ". (باب: من لم يدخل الكعبة) أي: باب ذكر من لم يدخلها حين حج، وأشار بهذا إلى الرَّدِّ على من زعم أن دخولها من مناسك الحجِّ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (468) كتاب: الصّلاة، باب: الأبواب والغلق. (¬2) سبق برقم (504) كتاب: الصّلاة، باب: الصّلاة بين السواري.

54 - باب من كبر في نواحي الكعبة

احتج لذلك بقوله: (وكان ابن عمر) إلى آخره. 1600 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَال: "اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَهُ مَنْ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ"، فَقَال لَهُ رَجُلٌ: أَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكَعْبَةَ؟ قَال "لَا". [1791، 4188، 4255 - فتح: 3/ 467] (اعتمر رسول الله) أي: عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة قبل الفتح. (فقال له) أي؛ لابن أبي أوفى (رجل) لم يُسم (قال: لا) أي: لم يدخلها في هذه العمرة، وسبب عدم دخوله لها ما كان فيها حينئذ من الأصنام، ولم يكن المشركون يتركونه ليغيرها. 54 - بَابُ مَنْ كَبَّرَ فِي نَوَاحِي الكَعْبَةِ (باب: من كبر في نواحي الكعبة) أي: باب ذكر من كبر في نواحيها. 1601 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ البَيْتَ وَفِيهِ الآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ، فَأَخْرَجُوا صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا الأَزْلامُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ". فَدَخَلَ البَيْتَ، فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ. [انظر: 398 - مسلم: 1331 - فتح: 3/ 468] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (أَيُّوب) أي: السختياني. (وفيه الألهة) أي: الأصنام الّتي لأهل الجاهلية، والجملة حال. (الأزلام) جمع زلم بفتح الزاي واللام: وهي السهام أي: القداح الّتي

55 - باب: كيف كان بدء الرمل

كاوا يضربونها على الميسر، ويضعونها في وعاء لهم، ويكتبون في إحداها: افعل، وفي الآخر: لا تفعل، ولا شيء في الثّالث، فإذا أراد أحدهم فعل شيء أخرج منها قدحًا، فإن خرج افعل فعل، وإن خرج لا تفعل لم يفعل، وإن خرج الثّالث أعاد الضرب حتّى يخرج له افعل أو لا تفعل. (قاتلهم الله) أي: لعنهم على تصويرهم صورة إبراهيم وإسمعيل، ونسبتهم إليهما الضرب بالقداح، وهما بريئان منه. (أما) بالتخفيف: حرف افتتاح، وفي نسخة: "أم" بحذف ألفه، تخفيفًا. (قد) في نسخة: "لقد". (لم يستقسما) أي: لم يطلب القسم، أي: معرفة ما قسم لهما ولم يقسم، وفي نسخة: "لم يقسما". (بها) أي: بالأزلام، وفي نسخة: "بهما" بضمير التثنية باعتبار أن الأزلام نوعان: خير وشر. (قط) بفتح القاف وضم الطاء مشددة، وبضم القاف والطاء مخففة: ظرف للزمن الماضي. (ولم يصل فيه) مرَّ أن رواية: أنه صلَّى مقدمة؛ لأنها مثبتة، والمثبت مقدم على النافي؛ لزيادة علمه. 55 - بَابٌ: كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الرَّمَلِ (باب: كيف كان بدء الرمل؟) أي: ابتداء (مشروعيته) في الطّواف، و (الرمل) -بفتح الراء والميم: سرعة المشي مع تقارب الخطى، وقيل: الهرولة. 1602 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَقَال المُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَقَدْ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ

56 - باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف، ويرمل ثلاثا

يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إلا الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ". [4256، 1649، 4257 - مسلم: 1266 - فتح: 3/ 469] (عن أَيّوب) أي: السختياني. (يقدم) بفتح الدال مضارع. (قدم) بكسرها أي: يردّ، وقيل: بضم الدال بمعنى: يتقدم كما في {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [هود: 98] (وفد) بفاء ساكنة جمع وافد، وفي نسخة: "وقد" بقاف مفتوحة. "وهنهم" بفتح الهاء وقد يكسر يتعدى ولا يتعدى، وروي بتشديدها، أي: أضعفهم قال: الفراء يقال: وهنه الله وأوهنه، ففيه ثلاث لغات. (يثرب) غير منصرف: اسم المدينة في زمن الجاهلية. (أن يرملوا) بضم الميم مضارع رمل بفتحها. (الأشواط) بالنصب على الظرفية، وهو جمع شوط بفتح الشين، والمراد به هنا: الطوفة حول الكعبة، وحكمة أمره بذلك: أن يرى المشركين قوة الصّحابة بهذا الفعل؛ لأنه أقطع في تكذيبهم، وأبلغ في نكايتهم. (وأن يمشوا ما بين الركنين) أي: لأن المشركين لم يروهم حينئذ، وهذا منسوخ بما يأتي في الباب بعده. (الإبقاء) بكسر الهمزة، وسكون الموحدة، وبالقاف، والمد: الرفق والشفقة، أي: لم يمنعه من أمرهم بالرمل في الكل إلا الرفق بهم. 56 - بَابُ اسْتِلاَمِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ، وَيَرْمُلُ ثَلاَثًا (باب: استلام الحجر الأسود حين يقدم مكّة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا) بنصب (أول) و (ثلاثًا) على الظرفية (للاستلام) وهو مس الحجر الأسود، مشتق من السّلام بفتح السين: وهو التحية أو من السّلام بكسرها: وهو الحجارة.

57 - باب الرمل في الحج والعمرة

1603 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ، أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ " إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ، أَوَّلَ مَا يَطُوفُ: يَخُبُّ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ". [1604، 1616، 1617، 1644 - مسلم: 1261 - فتح: 3/ 475] (أخبرني) في نسخة: "أخبرنا". (ابْن وهب) هو عبد الله المصري. (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (عن سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر بن الخطّاب. (إذا) ظرف بدل من (حين). (ما يطوف) (ما) مصدرية. (يخب) بضم المعجمة، وتشديد الموحدة من الخبب: ضرب من العدو، والمراد به: الرمل. (ثلاثة أطواف من السبع) هي الثّلاثة الأوّل منها، وفي نسخة: "من السبعة" بزيادة تاء. وهذا الحديث الدال على استيعاب الطوفة بالرمل؛ لتأخره ناسخ لحديث ابن عبّاس السابق في الباب قبله (¬1). 57 - بَابُ الرَّمَلِ فِي الحَجِّ وَالعُمْرَةِ (باب: الرمل في الحجِّ والعمرة) أي: بقاء مشروعيته فيهما. 1604 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: سَعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةً فِي الحَجِّ وَالعُمْرَةِ"، تَابَعَهُ اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1603 - مسلم: 1261 - فتح: 3/ 470] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1602) كتب: الحجِّ، باب: كيف كان بدء الرمل.

(محمّد) أي: "ابن سلام" كما في نسخة، وقيل: ابن يحيى الذهلي، وقيل: ابن رافع النيسابوري، وقيل: هو البخاريّ نفسه؛ بدليل روايته عن الراوي التالي له، والثلاثة الأولى -كما قال الكرماني- على شرط البخاريّ فلا يقدح ذلك في الإسناد (¬1). (فليح) أي: ابن سليمان. (سعى النَّبيّ) أي: رمل في الحجِّ والعمرة. قال شيخنا: أي: في حجة الوداع وعمرة القضية؛ لأن الحديبية لم يمكن فيها من الطّواف، والجعرانة لم يكن معه ابن عمر فيها ولهذا أنكرها، والتي مع حجته اندرجت أفعالها فيها؛ فتعينت عمرة القضية (¬2)، نعم عند الحاكم من حديث أبي سعيد: رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته وفي عمره كلها وأبو بكر وعمر والخلفاء. (تابعه) أي: سريجا. 1605 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال لِلرُّكْنِ: "أَمَا وَاللَّهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ"، فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ قَال: "فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ المُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ"، ثُمَّ قَال: "شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ". [انظر: 1597 - مسلم: 1270 - فتح: 3/ 471] (محمّد بن جعفر) زاد في نسخة: "ابن أبي كثير". (للركن) أي: للحجر الأسود (فاستلمه) أي: تعبدًا. (فما) في ¬

_ (¬1) "البخاريّ بشرح الكرماني" 8/ 121. (¬2) "الفتح" 3/ 471.

نسخة: "ما" بلا فاء. (لنا والرمل) بالنصب مفعول معه وجوبًا عند البصريين نحو مالك وزيد، وبالجر بلام في نسخة، وبالعطف على الضمير في أخرى جوازًا عند الكوفيين. (إنّما كنا راءينا) بوزن: فاعلنا بالهمز من الرؤية، أي: أريناهم بذلك إنا أقوياء -قاله القاضي عياض- وفي نسخة: "رايينا" بيائين بلا همز من المرياة، أي: أظهرنا لهم القوة ونحن ضعفاء؛ لأن المرائي يظهر غير ما هو عليه. (ثمّ قال) أي: بعد أن رجع عما هم به (شيء) خبر مبتدإ محذوف. (صنعه النَّبيّ) في نسخة: "صنعه رسول الله". 1606 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "مَا تَرَكْتُ اسْتِلامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ، مُنْذُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُهُمَا"، قُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ؟ قَال: "إِنَّمَا كَانَ يَمْشِي لِيَكُونَ أَيْسَرَ لِاسْتِلامِهِ". [1611 - مسلم: 1268 - فتح: 3/ 471] (يحيى) أي: ابن القطان (عن عبيد الله) أي: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر. (الركنين) أي: اليمانيين (ليكون أيسر) أي: أرفق. (لاستلامه) أي: ليقوى عليه عند الازدحام، وهذا يدلُّ على أنه كان يرمل في الباقي من البيت، كما مَرَّ، وبه يجاب عما قيل من أنه لا مطابقة بين التّرجمة والحديث؛ إذ لا ذكر للرمل فيه.

58 - باب استلام الركن بالمحجن

58 - بَابُ اسْتِلامِ الرُّكْنِ بِالْمِحْجَنِ (باب: استلام الركن بالمحجن) بكسر الميم، وسكون المهملة: عصا محنية الرّأس. 1607 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ، يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ"، تَابَعَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمِّهِ. [1612، 1613، 1632، 5293 - مسلم: 1272 - فتح: 3/ 472] (ابْن وهب) اسمه: عبد الله. (يونس) أي: ابن يزيد (عن عبيد الله بن عبد الله) أي: ابن عتبة بن مسعود. (يستلم الركن بمحجن) أي: يومئ به إلى الركن حتّى يصيبه ثمّ يقبله، وهذا عند الشّافعيّ إذا عجز عن الاستلام باليد. (تابعه) أي: يونس عن ابن شهاب. (الدراوردي) هو عبد العزيز. (عن ابن أخي الزهري) هو محمّد بن عبد الله. (عن عمه) هو محمّد بن مسلم الزّهريُّ. 59 - بَابُ مَنْ لَمْ يَسْتَلِمْ إلا الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ (باب: من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين) بتخفيف ياء اليمانيين على المشهور؛ لأن الألف فيه عوض عن ياء النسب فلو شددت لزم الجمع بين العوض والمعوض. 1608 - وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ قَال: "وَمَنْ يَتَّقِي شَيْئًا مِنَ البَيْتِ؟ " وَكَانَ مُعَاويَةُ يَسْتَلِمُ الأَرْكَانَ، فَقَال لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّهُ لَا يُسْتَلَمُ هَذَانِ الرُّكْنَانِ، فَقَال: "لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ

البَيْتِ مَهْجُورًا" وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ". [فتح: 3/ 473] (ابْن جريج) نسبة لجده، وإلا فهو عبد الله بن عبد العزيز بن جريج. (عن ابن أبي الشعثاء) بالمد: هو جابر بن زيد. (ومن يتقي) (من) استفهامية استفهام إنكارٍ، ولذا لم تحذف الياء من (يتقي) (وكان) في نسخة: "فكان" بالفاء فتكون (من) شرطية ولم تحذف ياء (يتقي) جريًا على مذهب من لا يوجب الجزم بالشرط. (يستلم الأركان) أي: الأربعة. (إنّه) الضمير للشأن (لا يستلم) بتحتية وبالبناء للمفعول، وفي نسخة: بتحتية أيضًا، وفي أخرى: بنون المتكلم، وفي أخرى: بفوقية، وبالجزم على النّهي مع البناء للفاعل في الثّلاثة، فقوله: (هذان الركنان) هو على النسخة الأولى، وقوله في نسخة: "هذين الركنين" هو على الثّلاثة الأخر، والمراد بهما: الركنان الشاميان، وإنّما لم يستلما؛ لأنهما لم يتمما على قواعد إبراهيم، بخلاف اليمانيين فلهذا يستلمان، لكن يزيد ركن الحجر بالتقبيل؛ لفضيلة كون الحجر الأسود فيه، نعم يقبل يده فقط بعد استلامه بها في الركن الآخر، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح الروض" وغيره (¬1). (مهجورًا) بالنصب خبر ليس، وبالرفع صفة لشيء، وخبر (ليس) (من البيت) وفي نسخة: "بمهجور" بموحده، وأجاب الشّافعيّ عن ذلك: بأنا لم ندع استلامهما هجرًا للبيت، وكيف نهجره ونحن نطوف به، ولكنا نتبع السنة فعلا وتركا، ولو كان [ترك] (¬2) استلامها هجرًا ¬

_ (¬1) "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 1/ 480، "فتح الوهّاب" 1/ 141. (¬2) من (م).

60 - باب تقبيل الحجر

لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرًا له، ولا قائل به. انتهى، وأيضًا إنّما ترك استلامهما؛ لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، كما مَرَّ. (وكان ابن الزُّبير يستلمهن كلهن) أي: لأنه لما عمر الكعبة أتمها على قواعد إبراهيم، فلا يعارض ما مرَّ. 1609 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنَ البَيْتِ إلا الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ". [انظر: 166 - مسلم: 1187 - فتح: 3/ 473] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الله. 60 - بَابُ تَقْبِيلِ الحَجَرِ (باب: تقبيل الحجر) أي: مشروعيته. 1610 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَال: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبَّلَ الحَجَرَ، وَقَال: "لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ". [انظر: 1597 - مسلم: 1270 - فتح: 3/ 475] 1611 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَال: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ اسْتِلامِ الحَجَرِ، فَقَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ" قَال: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ، أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ، قَال: "اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِاليَمَنِ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ". [انظر: 1606 - مسلم: 1268 - فتح: 3/ 475] (حماد) أي: "ابن زيد" -كما في نسخة - (سأل رجل) هو الزُّبير المذكور في السند. (أرأيت) أي: أخبرني. (إن زحمت) بالبناء للمفعول وضم التاء، وفي نسخة: (زوحمت) بواو بعد الزاي. (إن غلبت) بالبناء للمفعول، وضم التاء، أي: أخبرني عن

حكم التقبيل عند الإزدحام والغلبة. (قال) أي: ابن عمر. (اجعل أرأيت باليمن) أي: اتبع السنة واترك الرأي، وخص اليمن بالذكر؛ لأن السائل كان يمنيًّا، وجواب ابن عمر محمول على زحام غير مؤذٍ، وإلا فالزحام المؤذي مكروه؛ كما رواه الشّافعيّ وغيره عن عبد الرّحمن بن الحارث: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر - رضي الله عنه -: "يا أبا حفص، إنك رجل قوي فلا تزاحم على الركن فإنك تؤذي الضعيف ولكن إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فكبر وامض" (¬1) قال الدارمي: ولو أزيل الحجر -والعياذ بالله- قبل موضعه واستلمه. (قال أبو عبد الله) أي: البخاريّ. (الزُّبير بن عدي إلى آخره) نبه بذلك على أن الزُّبير المذكور في السند بصري، وأن الزُّبير بن عدي كوفي. ¬

_ (¬1) "السنن" للشافعي 2/ 136 (492). ورواه عبد الرزّاق في "المصنف" 5/ 36 (8911)، كتاب: الحجِّ: باب: الزحام على الركن، وابن أبي شيبة في "المصنِّف" 3/ 166 كتاب: الحجِّ، باب من كان إذا حاذى بالحجر نظر إليه فكبر. وأحمد في "مسنده" 1/ 28 والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 178، والأزرقي في "أخبار مكّة" 2/ 333، والدارقطني في "العلل" 2/ 252، كتاب الحجِّ، وقال ذكره ابن عيينة وغيره عن أبي يعقور، فقال ابن عيينة: ذكروا أنه عبد الرّحمن بن نافع بن عبد الحارث، ورواه أيضًا عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن رجل لم يسمه عن عمر، وقيل عن عيسى بن طلحة عن عمر مرسلًا، والبيهقي 5/ 80 كتاب: الحجِّ، باب: الاستلام في الزحام وذكره من طريق أبو عوانة عن أبي يعفور، ومن طريق مفضل بن صالح عن محمّد بن المنكدر عن سعيد بن المسيَّب عن عمر بن الخطّاب، مفضل بن صالح ضعيف.

61 - باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه

61 - بَابُ مَنْ أَشَارَ إِلَى الرُّكْنِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ (باب: من أشار إلى الركن) أي: الأسود. (إذا أتى عليه) أي: مرَّ به في طوافه عند عجزه عن استلامه. 1612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ". [انظر: 1607 - مسلم: 1272 - فتح: 3/ 476] (عبد الوهّاب) أي: ابن عبد المجيد بن الصلت. (خالد) أي: ابن مهران الحذاء. (عن عكرمة) أي: ابن عبد الله مولى ابن عبّاس. (طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبيت على بعير) أي: لبيان الجواز، أو ليراه النَّاس فيسأل ويقتدى بفعله. (أتى على الركن) أي: محاذيًا له مستعليًا عليه. وفي الحديث: أن من عجز عن استلامه بيده استلم بعود ونحوه مشيرًا به إليه، وجواز دخول البعير في المسجد. 62 - بَابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الرُّكْنِ (باب: التكبير عند الركن) الأَسود أي: استحبابه عنده. 1613 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ"، تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ. [انظر: 1607 - مسلم: 1272 - فتح: 3/ 476] (خالد بن عبد الله) أي: الطحان. (أتى الركن) في نسخة: "أتى على الركن". (وكبر) أي: عند الركن في كلّ طوفة، واستحب الشّافعيّ

63 - باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة، قبل أن يرجع إلى بيته، ثم صلى ركعتين، ثم خرج إلى الصفا

أن يقول عند ابتداء الطّواف واستلام الحجر: بسم الله والله أكبر، اللَّهُمَّ إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتِّباعًا لسنة نبيك محمّد - صلى الله عليه وسلم -. (تابعه) أي: خالد الطحان. 63 - بَابُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ، قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا (باب: من طاف بالبيت إذا قدم مكّة قبل أن يرجع إلى بيته، ثمّ صلى ركعتين، ثمّ خرج إلى الصفا) أي: للسعي بينه وبين المروة. 1614، 1615 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ذَكَرْتُ لِعُرْوَةَ قَال: فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ - حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ"، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً. ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مِثْلَهُ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ، ثُمَّ رَأَيْتُ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ يَفْعَلُونَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي: أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ، وَأُخْتُهَا، وَالزُّبَيْرُ، وَفُلانٌ وَفُلانٌ، بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا. الحديث 1614 - [1641 - مسلم: 1235 - فتح: 3/ 477] الحديث 1615 - [1642، 1796 - مسلم: 1235 - فتح: 3/ 477] (أصبغ) أي: ابن الفرج. (عن ابن وهب) هو عبد الله. (عمرو) أي: ابن الحارث. (ذكرت) أي: ما قيل في حكم القادم إلى مكّة (النَّبيّ) تنازع فيه (بدأ) و (قدم). (أنه توضأ) خبر (أن) من قول عائشة. (أن أول شيء). (ثمّ لم تكن) أي: الفعلة الّتي فعلها - صلى الله عليه وسلم - من الطّواف وغيره حين قدم (عمرة) بالنصب خبر: (تكن) ويجوز الرفع على أن (تكن) تامة. (مع أبي الزُّبير) بجر (الزُّبير) بدل من (أبي) أو عطف بيان

عليه، وفي نسخة: "مع ابن الزبير" أي: مع أخي عبد الله بن الزُّبير. قال القاضي عياض: وهو تصحيف (¬1). (يفعلونه) أي: البدء بالطواف (أُمي) هي أسماء بنت أبي بكر. (وأختها) أي: عائشة. (فلما مسحوا الركن) أي: وأتموا طوافهم وسعيهم وحلقهم. (حلوا) أي: صاروا حلالًا، واستشكل طواف عائشة في تلك الحجة بأنَّها طافت حائضًا فيمتنع طوافها، وأجيب: بأنه محمول على أنّها كانت في حجة أخرى بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -. 1616 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ فِي الحَجِّ أَو العُمْرَةِ، أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ سَعَى ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةً، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ". [انظر: 1603 - مسلم: 1621 - فتح: 3/ 477] (أبو ضمرة أنس) هو ابن عياض (سعى) أي رمل. (ثمّ سجد سجدتين) أي: ركعتين للطواف، من باب إطلاق الجزء على الكل. 1617 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الأَوَّلَ، يَخُبُّ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ، وَيَمْشِي أَرْبَعَةً، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ المَسِيلِ، إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ". [انظر: 1603 - مسلم: 1261 - فتح 3/ 477] (عن عبيد الله) أي: ابن عمر [ابْن حفص] (¬2). (الطّواف الأوّل) أراد: الطّواف الّذي يعقبه سعي؛ ليخرج طواف الوداع. (يخب) بضم المعجمة، أي: يرمل (كان يسعى) أي: يعدو (بطن المسيل) بالنصب ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 4/ 314. (¬2) من (ب).

64 - باب طواف النساء مع الرجال

على الظرف أي: في أسفل الوادي الّذي بين الصفا والمروة، وهو قدر معروف قبل الوصول للميل الأخضر؛ المعلق بركن المسجد إلى أن يحاذي الميلين الأخضرين المتقابلين اللذين أحدهما بفناء المسجد، والآخر بدار العباس. (إذا طاف) أي: سعى. وفي الحديث: استحباب السعي في بطن الوادي، والمشي فيما قبله وبعده. 64 - بَابُ طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ (باب: طوافِ النِّساء مع الرجال) أي: جوازه معهم من غير اختلاطٍ بهم. 1618 - وقَال [لِي] عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَال: ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ، قَال: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ؟ وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الرِّجَالِ؟ قُلْتُ: أَبَعْدَ الحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟ قَال: إِي لَعَمْرِي، لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الحِجَابِ، قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَال؟ قَال: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ، لَا تُخَالِطُهُمْ، فَقَالتْ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، قَالتْ: " [انْطَلِقِي] عَنْكِ"، وَأَبَتْ، يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ، فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ البَيْتَ، قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ، وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ، وَكُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهِيَ مُجَاورَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ، قُلْتُ: وَمَا حِجَابُهَا؟ قَال: هِيَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، لَهَا غِشَاءٌ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا. [فتح: 3/ 479] (عمرو بن علي) أي: ابن بحرٍ الباهليُّ. (أبو عاصم) هو الضَّحاكُ بن مخلد. (بن جريج) هو عبدُ الملك (أخبرنا) أي: قال أبو عاصم:

أَخْبَرَنَا ابْن جريج. (قال) أي: ابْن جريج. (أخبرنا) في نسخةٍ: "أخبرني" (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (إذ منع ابن هشام) هو إبراهيمُ بنُ هشامٍ بنُ إسماعيل [ابْن هشام بن الوليد المخزومي، وكان أمير مكّة أيّام] (¬1) هشامٍ بنِ عبدِ الملكِ بنِ مروانَ، وهو خاله. (وإذ) مفعول ثان لـ (أخبرني) أي: قال ابن جريج: أخبرني عطاءُ بزمان منعِ ابن هشام في إمرته على الحَجِّ بالناس؛ من قبلِ ابن اخته هشامِ بن عِبد الملك النساءَ الطوافَ مع الرجالِ مع أنَّ غيرهَ يجوِّزه. (قال: كيف تمنعهن) بلفظ الخطاب، وبلفظ الغيبة، أي: كيف يمنعهن المانعُ؛ وجملةُ: (قال) حالٌ من عطاء أي: أخبرني عطاءُ بزمانِ منعِ ابن هشامٍ النساءَ الطوافَ مع الرجالِ، قائلًا فيه: (كيف يمنعهن وقد طاف نساءُ النَّبيِّ ... إلخ) (قلت): أي: قال ابن جريج: (أبعد الحجابِ؟) أي: أكان طوافُهنَّ معهم بعد نزولِ آية الحجاب؟ وهي: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31]. أو {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا} [الأحزاب: 53] وفي نسخةٍ: "بعد الحجابِ" بحذف همزةِ الاستفهام، وهي مرادةٌ. (أو قبل) بالضمِّ، أو بالتنوين. (قال) أي: عطاءٌ. (إي) بكسر الهمزةِ، وسكون الياءِ حرفُ جوابٍ بمعنى: نعم. بشرط أن يكون بعد استفهام، وقبل قسم بلفظ: لربِّي، أو لعمري، وهنا: (لعمري) بفتح اللام والعين لغة في العُمُرِ بضم العين، واختص بالفتح القسم؛ لخفته فيما أكثر الدورُ على الألسنةِ أي وبقاءِ الله (لقد أدركته) أي: طوافهنَّ معهم. (قلت) أي: قال ابن جريج: قلت لعطاءٍ ¬

_ (¬1) من (م).

(كيف يخالطن؟) في نسخة: "كيف يخالطهن". فقوله: (الرجال) منصوبٌ على الأولى بالمفعولية، مرفوع على الثّانية بالفاعلية. (لم يكن يخالطنَّ) في نسخة: "لم يكن يخالطهنَ". (حجرة) بالنصب ظرفٌ وهو بفتح الحاء وضمها، وسكون الجيم، وبراءٍ وتاءِ تأنيثٍ، أي: في ناحيةٍ محجورة، وفي نسخة: "حجزة" بزاي، أي: في ناحية محجوزة من الرجال كقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 22]، أي: عن ذكر الله. (فقالت امرأة) مع عائشة كانت تطوف معها باللّيل. (انطلقي نستلم) بالرَّفع والجزم، قيل: واسم المرأة: دقرة بكسر الدال المهملة، وسكون القاف. (قالت) أي: عائشةُ لها. (عنك). في نسخةٍ: "انطلقي عنك" أي: عن جهة نفسك (وأبت) أي: منعت عائشةَ الاستلام. (يخرجن) أي: وكنَّ يخرجن، كما في رواية (¬1). (متنكرات) أي: "مستترات" كما في نسخةٍ. (كن إذا دخلن البيتَ) أي: أردن دخولَه. (قمن حتّى يدخلن) في نسخةٍ: "قمن حين يدخلن" (وأخرج الرجال) بالبناء للمفعول أي إذا أردن دخول البيت، وقمن قائمات حتّى يدخلن حالة كون الرجال مخرجين منه. (وكنت آتي عائشةَ) مقول عطاءٍ. (مجاورة) أي: مقيمة. (في جوفِ ثبير) بفتح المثلثة، وكسر الموحدة: جبل عظيم على يسار الذَّاهب من منى إلى عرفات (¬2)، وللعرب جبال أخرى تسمى ثبيرًا أيضًا. (قلت) ¬

_ (¬1) رواها الفاكهي في "أخبار مكّة" 1/ 251 - 252 (483) ذكر أول من فرق بين الرجال والنساء في الطّواف. (¬2) سُمي: ثبيرًا برجل من هذيل مات في ذلك الجبل فعرف الجبل به، واسم الرَّجل: ثبير. انظر: "معجم البلدان" 2/ 73.

65 - باب الكلام في الطواف

أي: لعطاءٍ، وهو مقولُ ابن جريجٍ. (قبة) أي: خيمة. (تركيَّة) أي: صغيرة من لبود. (لها) أي: للقبةِ. (غشاء) أي: غطاء. (وما بيننا وبينها) أي: وبين عائشةَ. (غير ذلك) أي: حجاب غير القبة. (ورأيت عليها) أي: على عائشة. (درعًا) بكسر المهملة، أي: قميصًا. (مورَّدًا) أي: أحمر، لونهُ لونُ الوردِ، وليس المرادُ أنّه رآها، بل رأى ما عليها على سبيل الاتفاق، أو رآها وهو صغير؛ لقول ابن بطالٍ: ثبت في بعض الرّوايات أنه قال: وأنا صبيٌّ. 1619 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَال: "طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ" فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ البَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ: "وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطور: 1، 2]. [انظر: 464 - مسلم: 1276 - فتح: 3/ 480] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (حَدَّثَنَا مالك) في نسخةٍ: "حدثني مالك". (أنِّي أشتكي) أي: من مرضي (يصلّي) أي: الصُّبح، ومرَّ شرحُ الحديثِ في باب: إدخالِ البعيرِ في المسجد (¬1). 65 - بَابُ الكَلامِ فِي الطَّوَافِ (باب: الكلام في الطّواف) أي: إباحةِ الكلامِ فيه. 1620 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (464) كتاب؛ الصّلاة، باب: إدخال البعير في المسجد للعلّة.

66 - باب إذا رأى سيرا أو شيئا يكره في الطواف قطعه

قَال: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ رَبَطَ يَدَهُ إِلَى إِنْسَانٍ بِسَيْرٍ - أَوْ بِخَيْطٍ أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ -، فَقَطَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَال: "قُدْهُ بِيَدِهِ". [1621، 6702، 6703 - فتح: 3/ 482] (هشام) أي: الصنعائي. (أنَّ ابن جريج) هو عبدُ الملك (سليمان) أي: ابن أبي مسلم (أنَّ طاوسًا) أي: ابن كيسان. (فقطعه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيده) لأَنَّه لم يمكن إزالةُ هذا المنكر إلا بقطعه؛ ولأنَّ القودَ بما ذكر إنَّما يُفعلُ بالبهائم، والسَّيرِ بفتح السين: ما يقدُّ من الجلدِ، والقدُّ: الشَّقُّ طولا (قدَّ بيده) وهو موضعُ الدلالة على الترجمةِ؛ وسببُ قودِه لكونه ضريرًا، أو به معنى آخر. 66 - بَابُ إِذَا رَأَى سَيْرًا أَوْ شَيْئًا يُكْرَهُ فِي الطَّوَافِ قَطَعَهُ (باب: إذا رأى سيرًا) ربط به آخر وهو يُقادُ به (أو رأى شيئًا يكره) فعلهَ، وفي نسخةٍ: "يكريه" أي: الرآئيُّ في الطّواف. (قطعه) هو بلفظ الماضي جوابُ (إذا) والقطعُ في السير حقيقته، وفي المكروه فعله مجاز بمعنى: المنع، ففيه جمع بين الحقيقة والمجاز. 1621 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ بِزِمَامٍ - أَوْ غَيْرِهِ -، فَقَطَعَهُ". [انظر: 1620 - فتح: 3/ 483] (أبو عاصم) أي: الضحاك. (عن ابن جريج) هو عبدُ الملك. (عن سُليمان) أي: ابن أبي مسلمٍ. (عن طاوس) أي: ابن كيسان.

67 - باب لا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج مشرك

67 - بَابُ لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلَا يَحُجُّ مُشْرِكٌ (باب: لا يطوفُ بالبيتِ عريانٌ ولا يحجُّ مشركٌ) ما ذكر خبر بمعنى: النّهي. 1622 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال يُونُسُ: قَال ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَهُ فِي الحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ "أَلا لَا يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ". [انظر: 369 - مسلم: 1347 - فتح 3/ 483] (يحيى بن بكير) نسبةً لجدِّة، وإلا فهو: يحيى بنُ عبدِ الله بنُ بكيرٍ. (أمَّرَه عليها) أي: علي الحجة، وفي نسخةٍ: "أمره عليه" أي: على أبي هريرة. (يوم النَّحر) ظرف لـ (بعثه) (في رهط) أي: في جملةِ رهطٍ. (يؤذن) أي: يعلم الرهطَ، وأبو هريرة، وقولُ الكرمانِّي وغيرهِ في الثاني على الالتفات فيه نظر (¬1). (ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام؛ للتنبيه. (لا يحجُّ) بالرفع و (لا) نافية، (ولا يطوفُ بالبيت عريان) برفع يطوف عطف على يحجُّ، وفي نسخةٍ: "أن لا يحجَّ" بحذف (ألا) الأولى ونصب يحجَّ بأنْ و (يطوف) بالنصب عطفٌ على (يحجَّ)، ويجوزُ أنْ تكون (أن) مخففةً من الثقيلة، فـ (يحجُّ) و (يطوفُ) مرفوعان، وأنْ تكون تفسيريةً للفظة (لا) ويجوز أن تكون نافيةً وناهيةً، فعلى الأوّل: الفعلان مرفوعان وعلى الثّاني: مجزومان. فـ (يحجّ) مجزومٌ، ويجوز فتح آخره؛ تخفيفًا، ورفعه اتِّباعًا كنظائره، و (يطَّوَّف) حينئذٍ بتشديد الطاء والواو مجزومًا وجوبًا، ¬

_ (¬1) انظر: "شرح البخاريّ الكرماني" 8/ 131.

68 - باب إذا وقف في الطواف

والجملتان على النَّفي خبريتان لفظا إنشائيتان معنى -كما مرَّ- وفي الحديث: اشتراطُ ستر العورةِ في الطّواف، وهو مذهبُ الشافعيِّ. 68 - بَابُ إِذَا وَقَفَ فِي الطَّوَافِ وَقَال عَطَاءٌ، فِيمَنْ يَطُوفُ فَتُقَامُ الصَّلاةُ، أَوْ يُدْفَعُ عَنْ مَكَانِهِ: "إِذَا سَلَّمَ يَرْجِعُ إِلَى حَيْثُ قُطِعَ عَلَيْهِ. فَيَبْنِي" وَيُذْكَرُ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. [فتح: 3/ 484] (باب: إذا وقف) أي: الطائفُ. (في الطّواف) لا ينقطع طوافهُ. (فيمن يطوف فتقام الصّلاة) أي: ويشتغلُ بها (أو يُدفع عن مكانه) أي: الطائف فيه. (إذا سلَّم) أي: من صلاته في الأولى وتمكن من رجوعهِ إلى [مكانه في الثّانية. (يرجع إلى حيث) أي: إلى] (¬1) مكانه الّذي قطع عليه فيه. زاد في نسخةٍ "فيبني" أي: على ما مضى من طوافهِ ولا يستأنفُ، وهذا مذهبُ الجمهور، واكتفى البخاريُّ بما ذكره بذلك؛ إشارةً إلى أنَّه لم يجد في الباب حديثًا، مرفوعًا على شرطه، وإلى أنَّ الحكمَ لا يختص بما ذكره، بل يجري في غيره؛ كإنْ أحدثَ في طوافه فإنَّه إذا تطهر يبني على ما مضى من طوافه. 69 - بَابٌ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُبُوعِهِ رَكْعَتَيْنِ وَقَال نَافِعٌ، كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "يُصَلِّي لِكُلِّ سُبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ" وَقَال إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ: قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: إِنَّ عَطَاءً ¬

_ (¬1) من (م).

يَقُولُ: تُجْزِئُهُ المَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ. فَقَال: السُّنَّةُ أَفْضَلُ "لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبُوعًا قَطُّ إلا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ". (باب: صَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لسبوعه ركعتين) بضم السين، أي: لإسبوعه يقال في الطّواف سبع مراتٍ: أسبوعٌ وسبوعٌ، لكن الثّانيةَ لغةٌ قليلةٌ. (تجزيه) بفتح الفوقية وضمها أي: تكفيه. (المكتوبة من ركعتي الطّواف) أي: عنهما وهذا مذهب الشّافعيِّ. (فقال) أي: الزهريُّ. (السنة) أي: مراعاتها. (أفضل) أي: من الاكتفاء عنها بالمكتوبة. 1623 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَيَقَعُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي العُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ؟ قَال: "قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، ثُمَّ صَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ" وَقَال: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ. [الأحزاب: 21] [انظر: 395 - مسلم: 1234 - فتح: 3/ 484] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (قبل أن يطوفَ) أي: قبل أن يسعى. 1624 - قَال: وَسَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَال: "لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ". [انظر: 396 - فتح: 3/ 485] (لا يقرب امرأته) بضم الرَّاء وبكسر الباء، لالتقاء السَّاكنين، أي: لا يجامعها. (حتّى يطوف بين الصَّفا والمروة) أي: يسعى بينهما، والغرضُ من ذلك: أنَّه لا يجوزُ أن يجامعَ امرأتَه قبل السعي؛ عملا بالحديث، ومرَّ الحديثُ في باب: قولِ الله -عَزَّ وَجَلَّ- {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (396) كتاب: الصّلاة، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}.

70 - باب من لم يقرب الكعبة، ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة، ويرجع بعد الطواف الأول

70 - بَابُ مَنْ لَمْ يَقْرَبِ الكَعْبَةَ، وَلَمْ يَطُفْ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى عَرَفَةَ، وَيَرْجِعَ بَعْدَ الطَّوَافِ الأَوَّلِ (باب: من لم يقرب) أي: بيان شأن من أحرمَ بحجٍّ ولم يقرب الكعبةَ. (ولم يطف) أي: بها تطوعًا. (حتّى) إلى أن. (يخرج إلى عرفة ويرجع) أي: إلى الكعبة. (بعد الطّواف الأوّل) أي: طوافِ القدوم، وهو مستحبٌ لكلِّ قادمٍ محرمًا كان أم. لا. 1625 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَطَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا، وَالمَرْوَةِ وَلَمْ يَقْرَبِ الكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا، حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ". [انظر: 1545 - فتح: 3/ 485] (غريب) هو مولى ابن عبَّاسٍ. (فطاف) أي: للقدوم. وظاهرُ الحديث: أن لا طوافَ بعد طوافِ القدوم قبلَ الوقوفِ بعرفةَ، لكن لا يمنع منه تطوعًا، أو لعلّه - صلى الله عليه وسلم - إنّما تركه خشيةَ أنْ يظنَ أحدٌ وجوبه وكان يحبُّ التخفيفَ على أمته. 71 - بَابُ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ خَارِجًا مِنَ المَسْجِدِ وَصَلَّى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَارِجًا مِنَ الحَرَمِ. (باب: من صلى ركعتي الطّواف خارجًا من المسجد) أي: الحرام، والمرادُ: بيانُ من صلاهما ثَمَّ. (وصلى عمرُ - رضي الله عنه -) أي: ركعتي الطوافِ (خارجَ الحرم) بذي طوى، فيه: إشارةٌ إلى أنه لا يتعين

72 - باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام

لهما مكانٌ؛ لكن فِعلهما خلفَ المقامِ أفْضل كما سيأتي (¬1) وإنما فعل عمرُ ذلك؛ لكونه طاف بعد الصبحِ، وكان لا يرى النقلَ بعدها مطلقًا حتّى تطلع الشّمسُ. 1626 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ الغَسَّانِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - زَوْجِ النَّبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَأَرَادَ الخُرُوجَ، وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ سَلَمَةَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَأَرَادَتِ الخُرُوجَ، فَقَال لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أُقِيمَتْ صَلاةُ الصُّبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ". فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ. [انظر: 464 - مسلم: 1276 - فتح: 3/ 486] (عن عروةِ) أي: ابن الزُّبير. (عن زينبَ) أي: بنتِ أبي سلمة، وعروة تارةً يروي عن (أم سلمة) وتارةً عن بنتها بنتِ أبي سلمة -كما هنا- فلا مشاحة. (ح) للتحويل -كما مرَّ (الغساني) بمعجمة مفتوحة، ومهملة مشدة، ونون. (فلم تُصلِّ) أي: ركعتي الطّواف. (حتّى خرَجَتْ) أي: من المسجد، أو من مكةَ ثَّم صلت. 72 - بَابُ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ خَلْفَ المَقَامِ (باب: من صلَّى ركعتيِ الطوافِ خلفَ المقام) ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1627) كتاب: الحجِّ، باب: من صلى ركعتي الطّواف خلف المقام.

73 - باب الطواف بعد الصبح والعصر

أي: بيان من صلاهما ثمَّ. و (المقام) هو الحجرُ الّذي فيه أثر قدمي إبراهيمَ عليه الصلاةُ والسلامُ. 1627 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا" وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. [انظر: 395 - مسلم: 1234 - فتح: 3/ 487] (آدم) أي: ابن أبي أياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (قدم النبيُّ) أي: مكّة. (ثمّ خرج إلى الصفا) أي: للسعي، ومرَّ شرحُ الحديثِ في باب: قولِ الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (¬1) في أوائل كتاب: الصّلاة. 73 - بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالعَصْرِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ وَطَافَ عُمَرُ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ، فَرَكِبَ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذِي طُوًى. (باب: الطّواف) يعني: بيانِ حكمِ ركعتي الطوافِ الواقع. (بعد الصُّبح والعصر) أي: بعد صلاتيهما ما لم تطلع الشّمسُ. قيد به ابن عمر، جريًا على مذهبه من اختصاص كراهةِ صلاةِ النفل فيما بين صلاةِ الصبحِ، وطلوعِ الشّمس، وبما بين صلاةِ العصرِ وغروبِ الشّمسِ، ولو كانت تلك الصلاةُ بمكة، أو ذات سببٍ متقدم أو مقارن، والمشهورُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (395) كتاب: الصّلاة، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}.

خلافهُ، كما هو مقررٌ في كتب الفقه. (بعد الصُّبح) أي: صلاته، فلما قضى طوافه نظر فلم ير الشمسَ (فركب) إلى آخره. 1628 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عُمَرَ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نَاسًا طَافُوا بِالْبَيْتِ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ قَعَدُوا إِلَى المُذَكِّرِ، حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامُوا يُصَلُّونَ، فَقَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "قَعَدُوا، حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلاةُ، قَامُوا يُصَلُّونَ". [فتح: 3/ 488] (الحسن بن عمر) أي: ابن شقيق. (عن حبيب) هو المعلِّم. (إلى المذكِّر) بتشديد الكاف، أي: الواعظ. (يصلون) أي: سنةَ الطوافِ. (حتى إذا كانت الساعةُ .. إلخ) أي: عند طلوع الشّمس، لكن المكروهَ ما لا سببَ له متقدمٌ، وهذه لها سببٌ متقدمٌ وهو الطوافُ إلا أنهم كانوا يتحرَّونَ ذلك الوقتَ، ويؤخرون الصلاةَ قصدا إليه، فلذلك ذمته عائشةُ؛ لأنَّ التّحرِّي له وإن كانت الصّلاة لها سببٌ مكروه. 1629 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَنْهَى عِنِ الصَّلاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَعِنْدَ غُرُوبِهَا". [مسلم: 828 - فتح: 3/ 488] (أبو ضمرة) هو أنسٌ بنُ عياضٍ. (ينهى عن الصّلاة) أي: الّتي لا سببَ لها متقدمٌ. 1630 - حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ قَال: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَطُوفُ بَعْدَ الفَجْرِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. [فتح: 3/ 488] (عبيدة) بفتح العين، وكسر الموحدة. (بعد الفجر) أي: صلاته. (ركعتين) أي: سنة الطّواف.

74 - باب المريض يطوف راكبا

1631 - قَال عَبْدُ العَزِيزِ: وَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، - وَيُخْبِرُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدَّثَتْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهَا إلا صَلَّاهُمَا". [انظر: 590 - مسلم: 835 - فتح: 3/ 488] (عبد العزيز) أي: ابن رفيع بضم الراء، ومرَّ الحديثُ في باب: ما يصلى بعد العصر (¬1). 74 - بَابُ المَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا (باب: المريض يطوف راكبًا) أي: بيان حكم طواف من يطوف راكبًا لعذر. 1632 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ، وَكَبَّرَ". [انظر: 1607 - مسلم: 1272 - فتح: 3/ 490] (حَدَّثَنِي) في نسخةٍ: "حدَّثنا". (إسحق) أي: "ابن شاهين" كما في نسخةٍ. (خالد) أي: الطحان. (عن خالد) أي: الحذاء. (طاف بالبيت وهو على بعيرٍ) فيه: جوازُ الطوافِ راكبًا ولو بلا عذرٍ، ولا كراهةَ فيه حينئذٍ على المشهور عند الشّافعيّ، قال النوويُّ: لكنَّه خلافُ الأولى (¬2). (على الركن) أي: الحجر الأسود. واكتفى البخاريُّ في مطابقة [للترجمة بالحديث] (¬3) الآتي. فلا يضرُّ تركُ المطابقة في هذا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (590) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: ما يصلى بعد العصر. (¬2) "المجموع" للنووي 8/ 65، 8/ 79. (¬3) من (م).

75 - باب سقاية الحاج

1633 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَال: "طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ" فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ البَيْتِ، وَهُوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. [الطور 1، 2] [انظر: 464 - مسلم: 1276 - فتح: 3/ 490] (ابنة أم سلمة) في نسخةٍ: "بنت أم سلمة". (أني أشتكي) أي: مرضي (يصلّي) أي: الصُّبح. ومرَّ شرحُ الحديث الأوّل في باب: التكبيرِ عند الركنِ (¬1) وفي غيره، والثّاني في باب: طواف النِّساء مع الرجال (¬2). 75 - بَابُ سِقَايَةِ الحَاجِّ (بابُ: سقايةِ الحاجِّ) هي موضعُ السقي، والمرادُ: بيان من جاء إليها. 1634 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: اسْتَأْذَنَ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى، مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، "فَأَذِنَ لَهُ". [1743، 1744، 1745 - مسلم: 1315 - فتح: 3/ 410] (ليالي منى) هي ليلةُ الحادي عشر، والثّاني عشر، والثّالث عشر (من أجل سقايته) أي: سقايةَ العباسِ الّتي كان يليها بعد أبيه في الجاهلية فأقَّرها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - له في الإسلام، فهي حق لآل العباس أبدًا، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1613) كتاب: الحجِّ، باب: التكبير عند الركن. (¬2) سبق برقم (1619) كتاب: الحجِّ، باب: طواف النِّساء مع الرجال.

والحديثُ يدلُّ على أنَّ المبيتَ ليالي التّشريق مأمورٌ به، وأنَّ أهلَ السقايةِ يجوزُ لهم أنْ يتركوه ويذهبوا إلى مكةَ؛ ليستقوا باللّيل الماءَ من زمزمَ للحاجِّ؛ ولا يختصُ به جوازُ تركه عند الشّافعيّة بالعباس، بل كلُّ من ولي السقايةَ له ذلك، كما أنَّ لرعاء الإبل ذلك. 1635 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى، فَقَال العَبَّاسُ: يَا فَضْلُ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا، فَقَال: "اسْقِنِي"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، قَال: "اسْقِنِي"، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَال: "اعْمَلُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ" ثُمَّ قَال: "لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ، حَتَّى أَضَعَ الحَبْلَ عَلَى هَذِهِ" يَعْنِي: عَاتِقَهُ، وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ. [فتح: 3/ 491] (إسحق) أي: ابن شاهين. (حدَّثَنا خالد) أي: الطحان. (فاستسقى) أي: طلب الشربَ. (فقال العباس) أي: لولده. (فقال: اسقني) الفاءُ فيه فصيحةٌ، أي: فذهب فأتى بالشراب، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - اسقني. (ويعملون فيها) أي: ينزحون منها الماءَ. (لولا أن تغلبوا) أي: بإزدحام الناسِ عليكم إذا رأوني قد عملته؛ لرغبتهم في الاقتداءِ بي فيغلبوكم بالمكاثرة (لنزلت) أي: عن راحلتي. وفي الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لا تحرم عليه الصدقةُ الّتي سبيلُها النفعُ العامِ كالشرب، والسقايات المعدة للمارة.

76 - باب ما جاء في زمزم

76 - بَابُ مَا جَاءَ فِي زَمْزَمَ (باب: ما جاء في زمزم) بفتح الزايين، وسكون الميم بينهما، ويقال: بضم أوله وفتح ثانية مخففًا، وكسر ثالثه وضم أوله وفتح ثانيه مشددًا وكسر ثالثه، وبينها وبين الكعبة قريش من أربعين ذراعًا، وسُميتْ بذلك؛ لزِّمها بالتراب؛ لئلا يأخذ الماءُ يمينا وشمالًا، ولو تركت لساحت على وجه الأرض حتّى ملأت كلّ شيءٍ، أو لزمزمت الماء، أي: حركته، أو لزمزمت] (¬1) جبريل وكلامه، أو لكثرة مائها، والماءُ الزمزمُ: هو الكثيرُ، وتُسمَّي بأسماءٍ أُخَر منها: شُباعة، وبركة، ونافعة، وميمونة، وكافية، وعافية، ومغذية، ومروية. 1636 - وَقَال عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "فُرِجَ سَقْفِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَال جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا: افْتَحْ قَال: مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ". [انظر: 349 - مسلم: 163 - فتح: 3/ 492] (عبدان) اسمهُ: عبدُ الله بنُ عثمانَ المروزيُّ. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (فرج) ببنائه للمفعول مخففا. (سقفي) إضافةٌ إليه وإنْ كان سقف أمِّ هانيء؛ لأن الإضافةَ تصدق بأدنى ملابسة. (ممتليء حكمة وإيمانا) من باب التمثيل. (فأفرغها) أي: الطستَ أي: أفرغ ما فيها من الإيمان والحكمة. (قال) في نسخةٍ: "فقال" ومرَّ شرحُ الحديث في أول كتاب ¬

_ (¬1) من (م).

77 - باب طواف القارن

الصّلاة (¬1). ثمّ غسله بماء زمزم، قال الإمامُ البلقينيُّ: إنّه أفضلُ من الكوثرِ؛ لأنَّ به غُسل قلبُه الشريفُ، ولم يُغسلْ إلا بأفضلِ المياه. قيل: والحكمةُ في غسل قلبهِ به: أنَّ به يقوى القلبُ على رؤية ملكوتِ السماواتِ والأرضِ والجنةِ والنارِ؛ لأنَّ مِن خواصه أنه يقوي القلب، ويسكن الروع. 1637 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا الفَزَارِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَدَّثَهُ قَال: "سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ" قَال عَاصِمٌ: فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ مَا كَانَ يَوْمَئِذٍ إلا عَلَى بَعِيرٍ. [5617 - مسلم: 2027 - فتح: 3/ 492] (الفزاري) هو مروان بن معاوية. (عن عاصم) هو ابن سليمانَ الأحولِ. (عن الشّعبيّ) هو عامُر بنُ شراحيلٍ. (فشرب وهو قائمٌ) فيه: الرخصةُ في الشرب قائمًا واستحبابُ الشرب من ماءِ زمزم. (قال عاصم) أي: الأحول. (ما كان) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (يومئذٍ) أي: يوم سقى ابن العباس رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - من ماءِ زمزم. (إلا على بعير) أي: فلم يشرب قائمًا. 77 - بَابُ طَوَافِ القَارِنِ (باب: طوافِ القارن) أي: بين الحَجِّ والعمرة، والمرادُ: بيان الاكتفاء في القرآن بطوافٍ واحدٍ. 1638 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (349) كتاب: الصّلاة، باب: كيف فرضت الصّلاة في الإسراءِ.

بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَال: "مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا"، فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا، أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ"، فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 493] (فأهللنا) أي: أحرمنا (بعمرة) لا ينافي ذلك ما مرَّ من رواية: لا نريد إلا الحجَّ (¬1)، ورواية: فمنا من أهلَّ بعمرة، ومنا من أهلَّ بحج، ومنا من أهل بهما (¬2). لأنهم -كما مرَّ- أحرموا بالحجِّ، ثمّ أمروا بالفسخ إلى العمرة، ففسخ أكثرهم فصاروا متمتعين، وبعضهم بسبب الهدي بقي على ما كان عليه من الحجِّ، وبعضهم صار] (¬3) قارنًا. (ثمّ لا يحلَّ) بالنصب والرفع. (مكان عمرتك) بالنصب بالظرفية. (ثمّ حلوا) أي: سواء كان معهم هديٌ أم لا، وقال أبو حنيفة: من كان معه هديٌ لا يحل حتّى يحجَّ، وينحرَ هديه يوم النَّحر. (طوافًا آخر) أي: للحج إذ الأوّل كان طوافَ العمرة. (طافوا) جواب (إمّا) بلا فاء وهو جائزٌ، وفي نسخةٍ: "فإنّما طافوا" بزيادة الفاء وإنَّما. 1639 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا دَخَلَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ، فَقَال: إِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَكُونَ العَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ فَيَصُدُّوكَ عَنِ البَيْتِ فَلَوْ أَقَمْتَ، فَقَال: "قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَال كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنهُ وَبَيْنَ البَيْتِ، فَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (1556) كتاب: الحجِّ، باب: كيف تهل الحائض والنفساء. (¬3) من (م).

أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ) " ثُمَّ قَال: "أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِي حَجًّا"، قَال: ثُمَّ قَدِمَ، فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا. [1640، 1693، 1708، 1729، 1806، 1807، 1808، 1810، 1812، 1813، 4183، 4184، 4185 - مسلم: 1230 - فتح: 3/ 494] (عن أَيّوب) أي: السختياني. (وظهره) أي: مركوبه من الإبل، والضميرُ لابن عمرَ. (لا آمن) بالمدِّ، أي: أخاف، وفي نسخةٍ: "لا إيمن" بكسر الهمزةِ وفتحها، وكسرها لغة تميمٍ، فإنهم يكسرونها في مستقبلِ ماضيه على فعل بالكسر. (أن يكون العامَ بين النَّاس قتال) بنصب (العام) على الظرفية و (قتال) اسم كان، أو فاعلها، وكان على الأوّل ناقصة، وعلى الثّاني تامة. (فلو أقمت) أي: في هذا العام، وتركت الحجَّ فيه لكان خيرًا؛ لعدم الأمن؛ فجوابُ (لو) محذوفٌ، ويجوز أن تكون للتمني فلا جوابَ لها. (فقال) أي: عبدُ الله بنُ عمرَ لابنه عبيدِ الله. (قد خرج رسولُ الله) أي: للعمرةِ. (فإن حِيْلَ) في نسخةٍ: "فإن يحل" بالبناء للمفعول فيهمَا، لكن الأوّل ماضٍ والثّاني مضارعٌ. (أفعل) جواب الشرط مجزوم، أو مرفوعٌ على الأول، ومجزومٌ على الثّاني. (أشهدكم) إلى آخره مقولُ ابن عمرَ، ولم يكتف بالنية، بل أراد إعلامَ من يريد الاقتداءَ به. 1640 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَرَادَ الحَجَّ عَامَ نَزَلَ الحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ، فَقَال: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ) إِذًا " أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً، ثُمَّ خَرَجَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ البَيْدَاءِ، قَال: مَا شَأْنُ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ إلا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي، وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يَنْحَرْ،

78 - باب الطواف على وضوء

وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، فَنَحَرَ وَحَلَقَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الأَوَّلِ " وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 3/ 494] (قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد. (نزل الحجَّاجُ) أي: ابن يوسفَ الثَّقفيُّ بقتال ابن الزُّبير. (إِذًا أصنع) بنصب (أصنع) بـ (إِذًا)، وهي على الأصح حرفُ جزاءٍ، وجواب. (البيداء) بالنصب: موضعٌ بين مكةَ والمدينةِ أمام ذي الحليفة، وأصلُها: الأرضُ الملساءُ والمفازة. (إلا واحد) في نسخة: "إلا واحدًا" بالنصب، والمعنى: أنَّ حكم الحجَّ والعمرةِ في التحلل بسبب الإحصار واحد، وإذا جاز في العمرةِ مع أما غيرُ مؤقتةٍ بوقتٍ ففي الحجِّ أجوزُ، ففيه صحةُ القياس. (بقديد) بضم القاف وفتح المهملةِ الأولى: ماء، ويُسمَّى موضعه به وهو قريبٌ من الجحفة. (حتّى كان يوم النَّحر) غاية للأفعال الأربعة. (قضى) أي: أدى. (بطوافه الأوّل) أي: الّذي طافه يومَ النحرِ؛ للإفاضة لا طوافَ القدوم، إذ الغرضُ أنه لم يطف في قرانه إلا طوافًا واحدًا. 78 - بَابُ الطَّوَافِ عَلَى وُضُوءٍ (باب: الطّواف على وضوء) أي: على طهارةٍ، وهي شرطٌ لصحةِ الطّواف عند الجمهورة لخبر التِّرمذيِّ: "الطوافُ بالبيت صلاة" (¬1) أي: حكمه حكمها إلا ما استثني. ¬

_ (¬1) "سنن التّرمذيّ" (960) كتاب: الحجِّ، باب: ما جاء في الكلام في الطّواف وقال التّرمذيّ: قد روي هذا الحديث عن طاوس وغيره عن طاوس عن =

1641 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ القُرَشِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَال: قَدْ حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً" ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً ثُمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً ثُمَّ مُعَاويَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً ثُمَّ رَأَيْتُ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا عُمْرَةً، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَلَا يَسْأَلُونَهُ، وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى، مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَضَعُوا أَقْدَامَهُمْ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالتِي حِينَ تَقْدَمَانِ، لَا تَبْتَدِئَانِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنَ البَيْتِ، تَطُوفَانِ بِهِ، ثُمَّ إِنَّهُمَا لَا تَحِلَّانِ. [انظر: 1614 - مسلم: 1235 - فتح: 3/ 496] (ابْن وهب) هو عبدُ الله. (أنه سأل عروةَ ابن الزبيرِ) أي: عن كيفية حجِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (فأخبرتني عائشة) إلى آخره تفصيل لما قبله، ودلالتهُ على التّرجمة إنّما تحصل بواسطة خبر التِّرمذيِّ السابق، أو خبرِ مسلمٍ: "خذوا عني مناسككم" (¬1). (ثمّ لم تكن عمرة) برفع عمرة على أن كان تامةٌ، أي: لم يوجد بعد الطوافِ عمرةٌ، وفي نسخةٍ: بنصبها على أما ناقصة إن لم يكن طوفته مع ما معها من عمرةٍ مفردةٍ، بل مغمورةٍ في طوافٍ كان عنها وعن ¬

_ = ابن عبّاس موقوفًا ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عبد الله بن السائب. (¬1) "صحيح مسلم" (1297) كتاب: الحجِّ، باب: استحباب رمي جمرة العقبة يوم النَّحر.

الحجِّ، لأنه كان قارنًا. (فكان أولَ شيء بدأ به الطوافُ) بنصب (أول) [خبر كان، ورفع (الطّواف) اسمها. (ثمّ لم تكن عمرة) بالرفع والنصب كما مرَّ] (¬1). (فرأيته أوَّلُ شيءٍ بدأ [به] (¬2) الطوافُ) برفع (أول) و (الطّواف) مبتدأ وخبر، والجملةُ محلُّها النصبِ مفعولٌ ثانٍ لرأي بجعلها قلبية، أو حالٌ من مفعولها بجعلها بصرية، وبنصب (أول) بدل من الضمير و (الطّواف) مفعول ثانٍ لرأي بجعلها قلبية، أو ومفعولٌ لمقدرٍ بجعلها بصرية أي: رأيتُ أولَ شيءٍ بدأ به فعله الطوافَ. (ثمّ حججت مع [أبي الزُّبير) بجر (الزُّبير) بدل من (أبي) وفي نسخةٍ: "مع ابن الزبير"] (¬3) وهو كما قال القاضي عياض: تصحيفٌ (¬4). (ثمّ لم ينقضها) أي: حجته، أي: لم يفسخها. (فلا يسألونه؟) أي: أفلا يسألونه؟ بحذف الاستفهام. (ولا أحد) عطفٌ على فاعل (لم ينقضها) أي: لا ابن عمر. (ولا أَحد ممّن مضى) أي: من السلفِ ما كانوا يبدأون بشيء، لا يقال مفهومه أن السلف كانوا يبدأون بالشيء الآخر؛ إذ نفيُ النَّفْي إثبات، وهو نقيضُ المقصود؛ لأنا نقولُ هو تأكيدٌ للنفي السابقِ، أو هو ابتداءُ كلام، كذا قاله الكرماني (¬5). (حتّى يضعوا) في نسخةٍ: "حتى يضعون" بإهمال أن المقدرة بعد (حتى) وفي أخرى: "حين يضعون". (في الطّواف) في نسخةٍ: "من الطّواف" بجعل (من) للتعليل، والمعنى: ما كان أحدٌ منهم يبدأُ بشيءٍ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م). (¬3) من (م). (¬4) "إكمال المعلم" 4/ 314. (¬5) "البخاري بشرح الكرماني" 8/ 144.

79 - باب وجوب الصفا والمروة، وجعل من شعائر الله

آخرَ حتّى يضعَ قدمَه في المسجد. (لأجل الطّواف) أي: لا يصلُّون تحيةَ المسجدِ ولا يشتغلون بغير الطوافِ. (وقد رأيت أمي) أي: أسماء. (وخالتي) أي: عائشة بنتي أبي بكرٍ الصديقِ. (ثمّ لا تحلان) في نسخةٍ: "ثمّ أنهما لا تحلان". 1642 - وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي: أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلانٌ وَفُلانٌ، بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا. [انظر: 1615 - مسلم: 1235 - فتح: 3/ 497] (وفلان وفلان) هما عبدُ الرّحمن بنُ عوفٍ وعثمانُ بنُ عفانٍ. (فلما مسحوا الركنَ) أراد: فلمَّا طافوا وسعوا وحلقوا. (حلُّوا) أي: من العمرةِ، ولا ينافي هذا قولهَ فيما مَرَّ أنهما لا تحلان (¬1)؛ لأن ذاك في الحَجِّ وهذا في العمرةِ، وغرضهُ: أنهم كانوا إذا أحرموا بالعمرةِ يتحللون بعد الطوافِ؛ ليعلم أنهم إذا لم يتحللوا بعدَه لم يكونوا معتمرين، ولا فاسخين للحجِّ إلا العمرةِ؛ وذلك لأن الطَّوافَ في الحَجِّ للقدوم، وفي العمرةِ للركنِ. 79 - بَابُ وُجُوبِ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَجُعِلَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ (باب: وجوبِ الصَّفا والمروةِ) أي: وجوب السعي بينهما. (وجُعل) بالبناء للمفعول، أي: وجوب السعي بينهما، وفي نسخةٍ: "وجعلا" أي: الصفا والمروة، أي: وجوبهما. (من شعائر الله) جمع شعيرة وهي العلامةُ، أي: من أعلام مناسكه. (وجعل) مؤولٌ بمصدرِ معطوفٍ على (وجوب) أي: باب بيان وجوبِ السعي، وجعله من ¬

_ (¬1) جاء هذا في الحديث الآنف برقم (1641) كتاب: الحجِّ، باب: الطّواف على وضوء.

شعائر [الله] (¬1). 1643 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال عُرْوَةُ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَو اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]، فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، قَالتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي، إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ، كَانَتْ: لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَطَوَّفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ، الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ المُشَلَّلِ، فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا، سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]. الآيَةَ قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا"، ثُمَّ أَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَال: إِنَّ هَذَا لَعِلْمٌ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَذْكُرُونَ: أَنَّ النَّاسَ، - إلا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ - مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ بِمَنَاةَ، كَانُوا يَطُوفُونَ كُلُّهُمْ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالى الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ فِي القُرْآنِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نَطُوفُ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا، فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ أَنْ نَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] الآيَةَ قَال أَبُو بَكْرٍ: "فَأَسْمَعُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْجَاهِلِيَّةِ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَالَّذِينَ يَطُوفُونَ ثُمَّ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا ¬

_ (¬1) من (م).

بِهِمَا فِي الإِسْلامِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالى أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا، حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ، بَعْدَ مَا ذَكَرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ". [1790، 4495، 4861 - مسلم: 1277 - فتح: 3/ 497] (أبو اليمان) هو الحكمُ بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أرأيت قولَ الله تعالى .. إلخ) أي: أخبريني عن مفهوم هذه الآيةِ، إذ مفهومُها عدمُ وجوبِ السعي بين الصفا والمروة؛ لأنَّ فيها نفيَ الجناح، وهو الإثم في السعي بينهما، فمن أين الإثمُ في تركه، فأجابته بأنه (لو كانت، كما أولتها عليه كانت لا جناح عليه أنْ لا يتطوَّف) أي: فكانت تنتفي الإثمُ عمن لم يطف، فيعرف أنَّه غيرُ واجبٍ، والحاصلُ: أنَّ الآيةَ دلَّتْ على رفع الجناح عن الطائف، فلا دلالةَ فيها على الوجوبِ ولا على عدمهِ، وبينت السُّنَّةُ الوجوبَ، والمرادُ بالتطوف: السعيُ ثمّ بينت عائشةُ أنَّ الأَنْصارَ في الآية على نفي الإثم شيئًا خاصًّا، فقالت: (ولكنها) إلى آخره. (لمناة) بفتح الميم وتخفيف النون: اسمُ صنمٍ كان نصبه عمرو ابنُ لُحَي ممّا يلي قديدًا، وهو مجرورٌ بالفتح؛ لمنع صرفه للعملية والتأنيث. (الطاغية) صفة لمناة، وقد روي بكسر مناة وإضافته للطاغية مجازٌ وهو حينئذٍ من إضافة الموصوف إلى الصِّفَة، أو من حذف الموصوف والاكتفاء بصفته، أي: ومناة الفرقة الطاغية. (عند المشلَّل) بضمِّ الميم، وتشديد اللام الأولى مفتوحة: ثنيةٌ مشرفةٌ على قديد. (فكان من أهل) أي: من الأنصار (يتحرج) بحاء مهملة، ثمّ جيم، أي: يخاف الحرجَ، أي: الإثم أنْ يطَّوَّفَ بالصفا والمروة؛ لكراهتهم الصنمين اللذين كانا بهما لغيرهم، واسمُ الصنمِ الّذي كان بالصفا: إساف، بكسر الهمزة وتخفيف السين المهملة، واسم الّذي كان بالمروة: نائلة، بالنون

والهمز والمد، وقيل: إنهما كانا رجلا وامرأة فزنيا داخل الكعبةِ، فمسخهما الله حجرين، فنصبا علي الصفا والمروة. (فلما أسلموا) أي: الأنصار. (عن ذلك) أي: عن السعي (بين الصفا والمروة). [في نسخةٍ: "بالصفا والمروة"، (¬1) (وقد سَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: شرع وهو صادقٌ بالغرض، إذ السعيُ فرضٌ لا سنة. (ثم أخبرت) مقول الزهريِّ. (أن هذا لعلم) برفع (علم) خبر (أن) وفي نسخة: "إن هذا العلم" بنصب (العلم) صفة و (هذا). (ما كنت سمعته) خبر على النسختين، لكنه علي الأولى: خبرٌ ثانٍ أو بدلٌ من علم. (ولقد سمعتُ) مقولُ أبي بكر. (إلا من ذكرت عائشة) وهم الأنصار. (ممن كان يهل بمناة) بيان للناس. (كانوا) إلا آخره خبر (إن) وما بين اسمها وخبرها اعتراضٌ، كما أن ما بين البيان والمبين اعتراض، وحاصل خبر (إنَّ) مع اسمها: أن الرجال لم يخصوا الطواف بطائفة، بخلاف عائشة فإنها خصته بالأنصار. (وأن الله) في نسخة: "فإن الله عزَّ وجلَّ". (فلم يذكر الصفا) أي: والمروة. (فأسمع) بصيغة المضارع. (هذه الآية) أي: آية إن الصفا والمروة. (في الفريقين) أي: الآتيين (كليهما) تأكيدٌ لهما، وفي نسخةٍ: "كلاهما" وهو على لغة من يلزمها الألف دائما. (أن يطوفوا في الجاهلية) في نسخةٍ: "أن يتطوفوا بالجاهلية" و (الذين) أي: وفي الذين (ولم يذكر الصفا) أي: ولا المروة [(حتى ذكر ذلك) أي: السعي بين الصفا والمروة] (¬2). في قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ}. (بعد ما ذكر الطواف بالبيت) أي: في قوله تعالى: ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

80 - باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة

{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] فنزولُ الآية الأولى متأخرٌ عن نزولِ الآيةِ الثانيةِ، وفي نسخةٍ: تقديم "بعد" على قوله: (ذلك). 80 - بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "السَّعْيُ مِنْ دَارِ بَنِي عَبَّادٍ إِلَى زُقَاقِ بَنِي أَبِي حُسَيْنٍ". (باب: ما جاء في السعي بين الصفا والمروة) أي: في كيفيته. (من دار بني عباد) بفتح المهملةِ، وتشديد الموحدة: هي من طرف الصفا. (إلي زُقاق بني أبي حسين) هو من طرف المروة. 1644 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الأَوَّلَ خَبَّ ثَلاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، وَكَانَ يَسْعَى بَطْنَ المَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَقُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَمْشِي إِذَا بَلَغَ الرُّكْنَ اليَمَانِيَ؟ قَال: "لَا، إلا أَنْ يُزَاحَمَ عَلَى الرُّكْنِ، فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَدَعُهُ حَتَّى يَسْتَلِمَهُ". [انظر: 1603 - مسلم: 1261 - فتح: 3/ 502] (الطواف الأول) صادقٌ بطواف القدوم، وطوافِ الركنِ، وكلٌّ صحيحٌ. (خبَّ ثلاثا) أي: رمل في الأشواط الثلاثة الأول. (ومشى أربعًا) أي: من غيرِ رملٍ. (وكان يسعى) أي: يُسرعُ فوق الرمل. (بطنَ المسيل) بالنصب على الظرفية، أي: في المكان الذي يجتمع فيه السيل، فيسن للشخص في سعيه بين الصفا والمروة أن يسعى حين يدنو من الميل الأخضر المعلق بجدارِ المسجد قدر ستةِ أذرعٍ، حتى يقابل الميلين الأخضرين اللذين أحدهما بجدارِ المسجدِ، والآخر بدار العباس، ثم يمشي على هينته، يفعل ذلك في ذهابه وإيابه. (اليماني)

بتخفيف الياء على المشهورِ. (إلا أنْ يُزاحَمُ) بالبناء للمفعول. (لا يدعه) أي: الركنَ أي: لا يتركه، والغرضُ: أنه كان يمشي بين اليمانيين بلا رملٍ عند الازدحام؛ ليكون أيسرَ لاستلامه، ومرَّ بعضُ الحديثِ في باب: الرمل (¬1)، وبعضه في باب: من طاف بالبيت إذا قدم مكةَ (¬2). 1645 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَال: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فِي عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَال: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ سَبْعًا": {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. [انظر: 395 - مسلم: 1234 - فتح: 3/ 502] (سفيان) ابن عُيينة. (فقال) في نسخةٍ: "قال". (قدم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: مكة. ووجه مطابقته للسؤال: أنه يجبُ متابعته - صلى الله عليه وسلم -، وهو لم يتحلل من عمرته حتى سعي، فلا يحل للرجل المذكورِ أنْ يواقعَ امرأتَه حتى يسعا بينهما. ({لَقَدْ}) في نسخةٍ: "وقد". 1646 - وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَال: "لَا يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ". [انظر: 396 - فتح: 3/ 502] (وسألنا جابَر بنَ عبدِ الله) أي: عن ذلك. 1647 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ"، ثُمَّ تَلا: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1604) كتاب: الحج، باب: الرمل في الحج والعمرة. (¬2) سبق برقم (1617) كتاب: الحج، باب: من طاف بالبيت إذا قدم مكة.

إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب: 21]. [انظر: 395 - مسلم: 1234 - فتح: 3/ 503] (عن ابن جريج) هو عبدُ الملكِ بنُ عبد العزيز. (ثم تلا) أي: ابن عمر. 1648 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ قَال: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ قَال: "نَعَمْ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ شَعَائِرِ الجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ": {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَو اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] [4496 - مسلم: 1278 - فتح: 3/ 502] (أحمد بن محمد) أي: المعروف بابن شبويه. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (قال) في نسخةٍ: "فقال". (لأنها كانت) أنث الضميرَ مع عوده إلي السعي باعتبار أنه سبع مرات. (من شعائر الجاهلية) أي: من العلامات التي كانوا يتعبدون بهما. 1649 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "إِنَّمَا سَعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، لِيُرِيَ المُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ" زَادَ الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، سَمِعْتُ عَطَاءً، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. [انظر: 1602 - مسلم: 1266 - فتح: 3/ 502] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: "ابن دينار" كما في نسخةٍ. (ليُري) بضمِّ الياء وكسر الراء. (زاد الحميديُّ) هو أبو بكرٍ عبد الله بن الزبير شيخُ البخاري (حدَّثَنا) إلي آخره، أي: زاد (حدَّثَنا) و (سمعت) بدل العنعنة؛ ليفيد القوةَ وارتفاع الخلافِ في عنعنة سفيان؛ لأنه كان من المدلسين.

81 - باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، وإذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة

81 - بَابٌ: تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إلا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَإِذَا سَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ (باب: تقضي) أي: تؤدي. (الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت) فلا تقضيه؛ لأنه صلاةٌ حكما. (وإذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة) صحَّ سعيُه، قيل: لا والخلافُ مبنيٌّ على الخلاف في اشتراط الطهارة وعدم اشتراطها له، وهو ما عليه الجمهور. 1650 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالتْ: قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ قَالتْ: فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 504] (غير أن لا تطوفي) (لا) زائدة. (حتى تطهري) بسكون الطاء، وضمِّ الهاء، وتشديد الطاء والهاء، أي: حتى ينقطع دمُك وتغتسلي. 1651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَال: ح وَقَال لِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ المُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالحَجِّ، وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَلْحَةَ، وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَنِ وَمَعَهُ هَدْيٌ، فَقَال: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، وَيَطُوفُوا ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا إلا مَنْ كَانَ مَعَهُ الهَدْيُ، فَقَالُوا: نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ"، وَحَاضَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَنَسَكَتْ المَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ.

قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الحَجِّ. [انظر: 1557 - فتح: 3/ 504] (عبد الوهَّاب) أي: ابن عبد المجيد الثَّقفي. (قال) أي: البخاريُّ. (ح) للتحويل، وهي ساقطةٌ من نسخةٍ. (وقال لي) مقولُ البخاريِّ. (خليفة) أي: ابن خياط من خياطة الثوب، وعبَّر بـ (قال) لأنه أخذ ذلك علي سبيلِ المذاكرةِ، لا على سبيلِ التحمُّلِ وإلا لقال. (حدَّثَنا) أو نحوه. (عبد الوهاب) أي: الثقفي. (وأصحابه) أي: غالبهم (بالحج) أي: مفردًا (غيرَ النبيِّ) بالنصب على الاستثناء، وبالجرِّ صفةً لأحد. (فأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه) أي: ممن ليس معه هديٌ. (أنْ يجعلوها) أي: الحجة التي أهلوا بها (عمرة) وهو معنى فسخ الحجِّ إليها. (ويطوفوا ثم يقصروا) هو من عطفِ المفصَّلِ على المجملِ نحو: توضَّأ فغسل وجهه ثم يديه إلي آخره، والمرادُ بالطواف هنا: هو ما يعمُّ الطواف بالبيتَ والسعيَ بين الصفا والمروة. (إلا من كان معه الهدي) استثناء من قوله: (فأمر النبيُّ) إلى آخره. (فقالوا) في نسخةٍ: "قالوا". [(ننطلق) أي: أننطلق بتقدير همزة الاستفهام التعجبي] (¬1) (يقطر) أي: منيًّا؛ لقرب عهدنا بالجماع. (فبلغ النبي) بالنصب، أي: بلغه أنَّهم جامعوا وقلوبَهم لا تطيب به؛ لأنهم كانوا يحبُّون موافقته - صلى الله عليه وسلم - (لو اسقبلتُ من أمري) إلى آخره، أي: لو عرفتُ أولَ الحال ما عرفته آخرًا من جواز العمرةِ في أشهر الحجِّ، أو من مشقةِ انفرادِ أصحابي عنِّي ¬

_ (¬1) من (م).

بفسخ الحجِّ إلى العمرة لما أهديتُ وكنتُ متمتعًا؛ لمخالفة الجاهلية ولأحللت، لكن الإحلال ممتنع على المهدي وهو المفرد، أو القارن حتى يبلغ الهديُ محلَه، وذلك في أيام النحر لا قبلها. قال النوويُّ: احتجَّ به من قال: التمتعُ أفضلُ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يتمنى إلَّا الأفضلَ (¬1)، أجيب: بأنه إنما قال ذلك؛ لأجل فسخ الحج إلي العمرة الذي هو خاصٌ بهم في تلك السنةِ فقط، مخالفةً للجاهلية؛ وليطيِّب بذلك قلوبَ أصحابه؛ لأنَّ نفوسهم كانت لا تسمحُ بفسخِ الحجِّ أي: ما منعني من موافقتكم إلا الهدي. (غير أنها لم تطف بالبيت) أي: ولم تسع بين الصفا والمروة. (طهرت) بفتح الهاء وضمِّها. (طافتْ بالبيت) أي: وسَعَتْ بين الصفا والمروة. (تنطلقون؟) أي: أتنطلقون، بتقدير همزة الاستفهام. (بحجَّة وعمرة) المرادُ بالحجَّة: الحجة التي فُسِختْ، وبالعمرة (¬2) العمرة التي فسخت الحجة إليها. (وانطلق بحجِّ) أي: مفردٍ بلا عمرةٍ مفردةٍ، ومرَّ شرحُ الحديثِ في باب: امتشاطِ المرأةِ من كتاب الحيض (¬3). 1652 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ قَالتْ: كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فَحَدَّثَتْ أَنَّ أُخْتَهَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ، قَالتْ: كُنَّا نُدَاوي الكَلْمَى، وَنَقُومُ عَلَى المَرْضَى، فَسَأَلَتْ أُخْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: هَلْ عَلَى ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 144. (¬2) من (م). (¬3) سبق برقم (316) كتاب: الحيض، باب: امتشاط المرأة عند غسلها.

إِحْدَانَا بَأْسٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لَا تَخْرُجَ، قَال: "لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، وَلْتَشْهَدِ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ" فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَأَلْنَهَا، - أَوْ قَالتْ: سَأَلْنَاهَا -، فَقَالتْ: وَكَانَتْ لَا تَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَدًا إلا قَالتْ: بِأَبِي، فَقُلْنَا أَسَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، قَالتْ: نَعَمْ بِأَبِي فَقَال: "لِتَخْرُجِ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ - أَو العَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الخُدُورِ -، وَالحُيَّضُ فَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى" فَقُلْتُ: أَلْحَائِضُ؟ فَقَالتْ: أَوَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ، وَتَشْهَدُ كَذَا وَتَشْهَدُ كَذَا؟! (إسماعيل) أي: ابن علية. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن حفصة) أي: بنت سيرين. (أن أختها) فقيل: هي أم عطية، وقيل: غيرُها. (معه) أي: مع زوجها، أو مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (الكلْمَى) أي: الجرحي. (بأس) أي: إثم. (جلباب) أي: إزار. (أنْ لا تخرجَ) أي: إلى مصلَّى العيدِ. (فلمَّا قدمتْ أمُّ عطية) أي: البصرة. (سألنها) ضميرُ الفاعلِ لحفصةَ ومَنْ معها، أو (قالت سألناها) شكٌّ من الراوي وفي نسخةٍ: "فسألتها" بإفراد الضمير لحفصة وحدها. (فقالت) في نسخةٍ: "قالت". (إلَّا) في نسخةٍ: "أبدًا [إلا]) (¬1). (بأبي) أي: مفديٌ بأبي، وفي نسخةٍ: "بأبا" بفتح الموحدة الثانية، وقلب الياء ألفًا وفي أخرى: "بيبا" بإبدال الهمزة مع ذلك ياء (فقلنا) في نسخةٍ: "قلنا" و (كذا وكذا) كلٌّ منهما كنايةً عن الشيء، والكاف: حرفُ تشبيهٍ و (ذا) اسمُ إشارةٍ إلي ما ذكر. (بأبي) في نسخةٍ: ¬

_ (¬1) من (م).

82 - باب الإهلال من البطحاء وغيرها، للمكي وللحاج إذا خرج إلى منى

"بيبا". (لتخرج العواتقُ ذوات الخدور) في نسخةٍ: "وذوات الخدور" بالواو (أو العواتق وذوات الخدور). ساقطٌ من نسخةٍ، وعلى ثبوته فهو شكٌّ من الراوي. (فيشهدن) في نسخة: "وليشهدن". (فقلت: الْحَائض) بمد همزةِ الاستفهام التعجبي من إخبارها شهود الحائض (وتشهد كذا) أي: المزدلفةَ، ومنى، ورميَ الجمار. (وتشهد كذا) أي: كصلاةِ الاستسقاء, ومرَّ شرحُ الحديثِ في باب: شهود الحائض العيدين (¬1). 82 - بَابُ الإِهْلالِ مِنَ البَطْحَاءِ وَغَيْرِهَا، لِلْمَكِّيِّ وَلِلْحَاجِّ إِذَا خَرَجَ إِلَى مِنًى وَسُئِلَ عَطَاءٌ، عَنِ المُجَاورِ يُلَبِّي بِالحَجِّ؟ قَال: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُلَبِّي يَوْمَ التَّرْويَةِ، إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ وَاسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ وَقَال عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "قَدِمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْلَلْنَا، حَتَّى يَوْمِ التَّرْويَةِ، وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرٍ، لَبَّيْنَا بِالحَجِّ"، وَقَال أَبُو الزُّبَيْرِ: عَنْ جَابِرٍ: "أَهْلَلْنَا مِنَ البَطْحَاءِ" وَقَال عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ، لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: رَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلال، وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى يَوْمَ التَّرْويَةِ، فَقَال: "لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ". [انظر: 166 - فتح: 3/ 506] (باب: الإهلالِ من البطحاءِ) أي: الإحرام من وادي مكةَ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (324) كتاب: الحيض، باب: شهود الحائض العيدين.

(وغيرها) أي: غير بطحاءِ مكةَ من سائر أجزائها. (للمكي) أي: للمقيمِ بها ممن أراد الحجَّ؛ لأن من أراد العمرة إنَّما يحرم من أدنى الحلِّ. وللحاجِّ، أي: للآفاقي الذي دخل مكة. (إذا خرج) محرمًا بحجٍّ إلي منى، حاصلُ ذلك: أنَّ مكان الإحرامِ بالحجِّ للمقيم بمكة وإن لم يكن من أهلها، وللمتمتع بالحجِّ نفس مكة، وهو الصحيحُ عند الشافعي لخبر: "حتى أَهْلَ مكة من مكةَ) (¬1)، وقيس بأهلها غيرُهم ممن هو بها، فإنْ فارقَ بنيانها وأحرمَ خارجها، ولم يعد إليها قبل الوقوفِ أساء ولزمه دمٌ، والأفضلُ: أنْ يحرم من باب داره. (عن المجاور) أي: بمكة. (يلبي) في نسخةٍ: "أيلبي" بذكر همزة الاستفهام. (قال) في نسخةٍ: "فقال". و (كان) في نسخةٍ: "فكان" وفي أخرى: "كان". (يوم التروية) هو ثامنُ ذي الحجَّة، وسُمِّي به؛ لأنهم كانوا يروون إبلهم ويرتوون من الماء فيه. [عبد الملك] (¬2) هو ابن أبي سليمان، أو ابن عبدِ العزيزِ بنِ جريحِ، قال شيخُنا: والظاهرُ الأول (¬3). (قدِمنا) أي: مكةَ. (حتى يوم التروية) بالنصب على الظرفية، وبالجرِّ (حتى) بمعنى: إلى. (مكة بظهر) [أي: جعلناها وراء ظهورنا] (¬4) [(أبو الزبير) هو محمد بن مسلم] (¬5) (أهللنا) أي: بالحج. (فقال) أي: ابن عمر. (لم أر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُهلُّ وحتى تنبعثَ به راحلَتُه) استشكل بأن إهلاله - صلى الله عليه وسلم - حين انبعثتْ به راحلتُه إنَّما كان بذي الحليفة، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1524) كتاب: الحج، باب: مهل أهل مكة للحج والعمرة، ومسلم (1181) كتاب: الحج، باب: مواقيت الحج والعمرة. (¬2) من (م). (¬3) "الفتح" 3/ 506. (¬4) من (م). (¬5) من (م).

83 - باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟

وإهلال ابن عمرَ بمكة يومَ التروية، فكيف احتجَّ به لما ذهب إليه؟! وأجيبَ: بأنَّ ذلك من جهة أنه - صلى الله عليه وسلم - أهلَّ من ميقاته حين ابتدأ به في عمل حجَّته واتصل له عمله، فكذلك المكيُّ لا يُهل إلا يومَ التروية التي هو أولُ عمله؛ ليتصلَ له عملُه تأسيًا به - صلى الله عليه وسلم -، بخلاف ما لو أهلَّ من أوَّلِ الشَّهرِ. 83 - بَابٌ: أَيْنَ يُصَلِّي الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْويَةِ؟ (باب: أين يُصلّي الظُّهر يومَ التَّروية؟) أي: بيان مكان صلاته. 1653 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ يَوْمَ التَّرْويَةِ؟ قَال: بِمِنًى"، قُلْتُ: "فَأَيْنَ صَلَّى العَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَال: بِالأَبْطَحِ"، ثُمَّ قَال: افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ. [1654، 1763 - مسلم: 1309 - فتح: 3/ 507] (إسحق) أي: ابن يوسف. (سفيان) أي: الثوري. (عقلته) بفتح القاف أي: أدركته وفهمته. (يوم النفر) بفتح النون، وسكون الفاء، أي: الرّجوع من منى. 1654 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، لَقِيتُ أَنَسًا ح وحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ قَال: خَرَجْتُ إِلَى مِنًى يَوْمَ التَّرْويَةِ فَلَقِيتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَاهِبًا عَلَى حِمَارٍ، فَقُلْتُ: أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا اليَوْمَ الظُّهْرَ؟ فَقَال: "انْظُرْ حَيْثُ يُصَلِّي أُمَرَاؤُكَ فَصَلِّ". [انظر: 1653 - مسلم: 1309 - فتح: 3/ 507] (على) أي: ابن المديني. (عبد العزيز) أي: ابن رفيع. (أبو بكر) أي: ابن عياش. (ذاهبًا) في نسخة: "راكبًا". (انظر حيث يصلي أمراؤك

84 - باب الصلاة بمنى

فصلِّ) فيه: الإشارة إلى متابعة أولي الأمر، والاحتراز عن مخالفة الجماعة، وأن ذلك ليس بنسك واجب عليه، قاله الكرماني وغيره (¬1). 84 - بَابُ الصَّلاةِ بِمِنًى (باب: الصَّلاة) أي: كيفيَّةُ الصَّلاة (بمنى) أي: هل تقصر أو لا؟ 1655 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ" وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ خِلافَتِهِ. [انظر: 1082 - مسلم: 694 - فتح: 3/ 509] (ابن وهب) هو عبد الله. (يونس) ابن يزيد الأيلي. (ركعتين) أي: قصرًا. (وعثمان صدرًا من خلافته) أي: لأنه بعد ست سنين منها أتَمَّ. 1656 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيِّ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الخُزَاعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ أَكْثَرُ مَا كُنَّا قَطُّ وَآمَنُهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ". [انظر: 1083 - مسلم: 696 - فتح: 3/ 509] (الهمداني) بسكون الميم. (صلَّى بنا النبي) في نسخة: "صلي بنا رسول الله (ونحن أكثر ما كنا قط وآمنه) فيه أن (قط) تستعمل في غير المنفي -وهو كذلك- لكنه قليل فقولهم: إنَّها تختصُّ بالنفي محمولٌ على الغالب، والجملةُ حاليةٌ و (ما) مصدريةٌ ومعناها الجمعُ؛ لأن ما أُضيف إليه أَفعل يكونُ جمعًا. (وآمنه) بالمدِّ والرفع؛ عطفٌ على (أكثر)، والضميرُ فيه راجعٌ إلى (ما) ¬

_ (¬1) انظر: "شرح البخاري للكرماني" 8/ 154.

والمعنى: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بنا، والحال إنا أكثر أكواننا في سائرِ الأوقاتِ عددًا، وأكثر أكواننا في سائرِ الأوقاتِ أمنًا، ويجوزُ أنْ يكون (ما) نافية [والجملة] (¬1): خبرُ المبتدإ الذي هو نحن، و (أكثر) منصوبًا على أنه خبر كان و (آمنه) بالنصب عطفٌ عليه، والتقديرُ: ونحن ما كنَّا قط في وقتٍ أكثر منا في ذلك الوقت، ولا آمن منَّا فيه، وجاز إعمالُ ما بعد (ما) فيما قبلها إذا كانت بمعنى: ليس، كما جاز تقديمُ خبرِ ليس عليها. 1657 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ، فَيَا لَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ". [انظر: 1084 - مسلم: 695 - فتح: 3/ 509] (سفيان) أي: الثَّوري. (عن إبراهيم) أي: النخعيِّ. (عن عبد الله) أي: ابن مسعودٍ. (ثم تفرقت بكم الطرقُ) فمنكم من يَقصُرُ، ومنكم من يُتمُّ، أي: تفرقت بكم في قصرِ الصَّلاةِ وإتمامِها. (حظِّي) أي: نصيبي. (ركعتان) بالرَّفع خبرُ (ليت). (متقبلتان) صفة (ركعتان) وفي نسخةٍ: "ركعتين متقبلتين" بالنصب خبرُ كان مقدَّرة، أو على مذهب الفراء حيث جوَّز نصبَ خبر (ليت) كاسمها، والمعنى: ليت عثمانَ صلَّى ركعتين بدل الأربع، كما صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وصاحباه، ومرَّتْ هذه الأحاديثُ في أبواب: تقصير الصلاة (¬2) / ص 79 /. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (1084) كتاب: تقصير الصلاة، باب: الصلاة بمنى.

85 - باب صوم يوم عرفة

85 - بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ (باب: صومِ يوم عرفةَ) أي: بيان حكمه. 1658 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ قَال: سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى أُمِّ الفَضْلِ، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ، شَكَّ النَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "فَبَعَثْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ". [1661، 1988، 5604، 5618، 5636 - مسلم: 1123 - فتح: 3/ 510] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الزّهري) هو: محمدُ بنُ مسلمٍ بنُ شهابٍ، وهذا ساقطٌ من نسخةٍ. قال الكرمانيُّ: وكلاهما صحيحان؛ لأنَّ سفيان سمع منِ الزهريِّ وسالم كليهما؛ لكن بشرط أنَّ الزهريَّ سمع من سالم (¬1). (سالم) هو أبو النضر -بضادٍ معجمة- ابن أبي أميَّة (عُميرًا) بالتصغير. (عن أمِّ الفضل) هي لبابةُ أمُّ عبدِ الله بنِ عبَّاس. (شكَّ الناسُ) أي: اختلفوا (يوم عرفة) أي: وهم فيه (فبعثت) بسكون المثلثة وضم التاء، وفي نسخةٍ: بالفتح والسكون والفاعلُ فيهما ضميرُ أمِّ الفضل، وفي كتاب الصوم: فأرسلت (¬2) وفي حديثٍ آخر: أن المرسلةَ هي ميمونةُ بنتُ الحارث فيحتمل أنَّهما معًا أرسلتا فنسب ذلك إلى كل منهما (¬3). (فشربه) فيه: استحبابُ فطرِ يومِ عرفة للحاجِّ؛ ليقوى على الدُّعاء، فصومهُ خلافُ الأَوْلَى لا مكروه، وأما خبرُ أبي داود: أنَّه ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 8/ 156. (¬2) سيأتي برقم (1988، 1989) كتاب: الصوم، باب: صوم يوم عرفة. (¬3) رواه مسلم (1123) (111) كتاب: الصيام، باب: استحباب الفطر للحاجِّ بعرفات يوم عرفة.

86 - باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة

- صلى الله عليه وسلم - نهى عن صومِ يوم عرفة بعرفة- فَضُعِّفَ؛ بأنَّ في إسناده مجهولَا (¬1). 86 - بَابُ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ (باب: التَّلبيةِ والتَّكبيرِ إذا غدا من منى إلى عرفة) أي: مشروعيتهما حينئذٍ. 1659 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا اليَوْمِ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال: "كَانَ يُهِلُّ مِنَّا المُهِلُّ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ مِنَّا المُكَبِّرُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ". [انظر: 970 - مسلم: 1285 - فتح: 3/ 510] (يُهلُّ مِنَّا المهُلُّ) أي: يرفع صوتهَ بالتلبية. (فلا يُنكر عليه) بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل أي: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي الحديث: استحبابُ التلبيةِ في الذهابِ من منى إلى عرفاتٍ يومَ عرفة، والرَّدُّ علي من قال بقطع التلبيةِ بعد صبحِ يومَ عرفة. 87 - بَابُ التَّهْجِيرِ بِالرَّوَاحِ يَوْمَ عَرَفَةَ (باب: التَّهجيرِ بالرواحِ يومَ عرفة) أي: من نَمرةَ إلي موضعِ الوقوفِ بعرفةَ، ونمرةُ: موضعٌ خارجُ الحرمِ بين طرف الحرمِ وطرف عرفات (¬2)، والتهجيرُ: السَّيرُ في الهاجرةِ وهي عند نصف النهار واشتداد الحرِّ. ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (2440) كتاب: الصوم، باب: في صوم يوم عرفة بعرفه. (¬2) وهي أنثى النمر، ونمرة أيضًا: موضع بقديد. انظر: "معجم البلدان" 5/ 305.

1660 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، قَال: كَتَبَ عَبْدُ المَلِكِ إِلَى الحَجَّاجِ: أَنْ لَا يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِي الحَجِّ، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالتِ الشَّمْسُ، فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الحَجَّاجِ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَال: مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَال: "الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ"، قَال: هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَال: "نَعَمْ"، قَال: فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أَخْرُجُ، فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الحَجَّاجُ فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الوُقُوفَ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَال: "صَدَقَ". [1662، 1663 - فتح: 3/ 511] (عن سالم) أي: ابن عبدِ الله بنِ عمرَ. (عبد الملك) أي: ابن مروان الأموي. (إلى الحجَّاجِ) أي: ابن يوسفَ الثقفيِّ. (لا تخالف) لا: ناهيةٌ، أو نافيةٌ. (سرادق) هو الذي يحيطُ بالخيمةِ وله بابٌ يدخل منه إلى الخيمة. (فخرج) أي: من سرادقه. (ملحفة) بكسر الميم: إزارٌ كبير. (فقال: الرَّواح) بالنصب بفعلٍ مقدَّر، كعجل. (قال) أي: الحجَّاجُ. هذه السَّاعة أي: أتعجَّل هذه السَّاعةَ وهي وقتُ الهاجرةِ. (فأنظرني) بهمزةِ قطعٍ ومعجمةٍ مكسورةٍ من الإنظار وهو المهلةُ وفي نسخةٍ: "فانظرني" بهمزةِ وصلٍ وظاء مضمومة، أي: انتظرني (حتى أفيض) أي: أغتسل. (ثم أخرج) بالنصب، عطف علي (أفيض). (فنزل) أي: ابن عمرَ عن مركوبه فانتظر (حتى خرج الحجاج) أي: راح. (فسار) مقولُ سالمٍ. (بيني وبين أبي) أي: عبد الله بن عمر. (فأقصر) بهمزة قطع أو وصل وكسر الصَّاد، وكلامُ الجوهريِّ يقتضي أنَّه بهمزة وصل وضمِّ

88 - باب الوقوف على الدابة بعرفة

الصاد فقط. (وعجِّل الوقوف) رُوي: وعجَّل الصلاةَ (¬1) حتى قيل: إنَّ الأولى خطأ، ووجهتْ صحتُها بأنَّ تعجيلَ الوقوفِ يستلزمُ تعجيلَ الصلاةِ وموضعُ الترجمةِ من الحديث قوله: (هذه الساعة؟) لأنَّه إشارةٌ إلي وقتِ الهاجرةِ وهو وقتُ الرَّواح إلي الموقفِ. 88 - بَابُ الوُقُوفِ عَلَى الدَّابَّةِ بِعَرَفَةَ (باب: الوقوفِ علي الدابةِ بعرفة) أي: بيان ذلك. 1661 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العَبَّاسِ، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ، أَنَّ نَاسًا اخْتَلَفُوا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَال بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، "فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ". [انظر: 1658 - مسلم: 1123 - فتح: 3/ 513] (عن أبي النَّضر) بضادٍ معجمة [اسمه] (¬2) سالمُ بنُ أُميَّة. (فأرسلت) بلفظ المتكلم والغيبة. 89 - بَابُ الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاَةُ مَعَ الإِمَامِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا. (باب: الجمعِ بين الصَّلاتين بعرفة) أي: للمسافرين سفر القصر. (إذا فاتته الصلاة مع الإمام) أي: يومَ عرفة. (جمع بينهما) أي: بين صلاتي الظهرِ والعصرِ في منزله. ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "الكبير" 2/ 329 (2374). (¬2) من (م).

90 - باب قصر الخطبة بعرفة

1662 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ الحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ، عَامَ نَزَلَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَيْفَ تَصْنَعُ فِي المَوْقِفِ يَوْمَ عَرَفَةَ؟ فَقَال سَالِمٌ: "إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَهَجِّرْ بِالصَّلاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ"، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: "صَدَقَ، إِنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ فِي السُّنَّةِ"، فَقُلْتُ لِسَالِمٍ: أَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال سَالِمٌ: "وَهَلْ تَتَّبِعُونَ فِي ذَلِكَ إلا سُنَّتَهُ"؟! [انظر: 1660 - فتح: 3/ 513] (سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر. (عام نزل بابن الزُّبير) أي: لمحاربته. (فهجِّر) بتشديد الجيم المكسورة أي: صَلِّها وقتَ الهاجرةِ وهي شدَّةُ الحرِّ. (في السنة) بضم السين أي: في الشريعةِ النبويَّة، ومحلُه حالٌ من فاعل (يجمعون) أي: متمسكين بها. (فقال سالم) مقولُ ابن شهاب. (وهل تتَّبعون؟) بفوقيتين ثانيتهما مشدَّدة، وفي نسخةٍ: بتحتَّيةٍ ففوقيَّةٍ مشدَّدةٍ والعينُ فيهما مهملة، وفي أخرى: بتحتيَّة أو فوقيَّة فموحدة ساكنة ففوقية مفتوحة والغين فيهما معجمة من الابتغاء وهو الطلبُ (في ذلك) في نسخةٍ: "بذلك" وفي أخرى: "ذلك" بحذف الجار وهو مراد. 90 - بَابُ قَصْرِ الخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ (باب: قصرِ الخطبةِ يومَ عرفة) بفتح القاف وسكون الصاد، وفي نسخةٍ: "بعرفة" بدل (يوم عرفة). 1663 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، كَتَبَ إِلَى الحَجَّاجِ أَنْ يَأْتَمَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، جَاءَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَنَا مَعَهُ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ أَوْ زَالتْ، فَصَاحَ عِنْدَ فُسْطَاطِهِ أَيْنَ هَذَا؟ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَقَال ابْنُ عُمَرَ:

91 - باب الوقوف بعرفة

"الرَّوَاحَ" فَقَال: الآنَ، قَال: "نَعَمْ"، قَال: أَنْظِرْنِي أُفِيضُ عَلَيَّ مَاءً، فَنَزَلَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَتَّى خَرَجَ، فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ اليَوْمَ فَاقْصُرِ الخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الوُقُوفَ فَقَال ابْنُ عُمَرَ "صَدَقَ". [انظر: 1660 - فتح: 3/ 514] (أنْ يأتَّم) أي: يقتدي. (في الحجِّ) أي: في أحكامه. (زاغت الشَمسُ) أي: مالت. (أو زالت) شكٌّ من الراوي. (فسطاطه) هو بيتٌ من شَعرِ. (أين هذا؟) فيه: تحقيرٌ للحَجَّاج ولعلَّه؛ لتقصيره في تعجيلِ الرَّواحِ ونحوه. (أفيض) بضم الهمزة والرفع علي الاستئناف، وفي نسخةٍ: "أفض" بالجزم جوابُ الأمر. (إنْ كنتَ تريد أنْ تصيبَ السنة) في نسخةٍ: "لو كنت تريد السنة" فـ (لو) بمعنى: أنْ، فتكون لمجرد الشرط من غير ملاحظة الامتناع. - بَابُ التَّعْجِيلِ إِلَى المَوْقِفِ [3/ 514] (باب: التعجيل إلى الموقف) لم يذكر الأكثرون عقب هذا حديثًا ولا غيره، بل سقط من نسخة أصلا نعم ذكر عقبه في نسخةٍ عن البخاريِّ شيئًا يتعلق بمناسبة محلِّ الحديثِ الذي قبل الباب وبغيرها، وليس لذلك كبيرُ فائدةٍ فلذا تركتُ بيانَه وإن بيَّنه شيخُنا كغيره (¬1). 91 - بَابُ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ (باب: الوقوفِ بعرفه) أي: بيان أنَّ وقوفَ الحاجِّ لا يكونُ إلَّا بعرفة. ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 3/ 515.

1664 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، كُنْتُ أَطْلُبُ بَعِيرًا لِي ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَال: أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ، فَقُلْتُ: "هَذَا وَاللَّهِ مِنَ الحُمْسِ فَمَا شَأْنُهُ هَا هُنَا"؟ [مسلم: 1220 - فتح: 3/ 515] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (سمع محمدَ بنَ جبير) زاد في نسخةٍ: "ابن مطعم". (أضللتُ بعيرًا) أي: "لي" كما في نسخةٍ. (يوم عرفة) ظرف لـ (أضللت) (فقلت) مقول جبير (هذا) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - (والله من الحمس) بضم المهملة وسكون الميم جمعُ أحمس وهو من الحماسة وهي الشدةُ قال الجوهريُّ فسميتْ قريشٌ بذلك؛ لأنَّهم تحمسوا في دينهم أي: تشددوا فيه فكانوا لا يستظلون أيامَ منى، ولا يدخلون البيوتَ من أبوابها وغير ذلك. (فما شأنه ها هنا؟!) وجّه السؤالُ والتعجبُ من جبيرٍ مع أنه أسلم عامَ خيبر: إمَّا لأنَّه لم يبلغه قولَه تعالي: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199]، أو قصدَ السؤال عن حكمةِ المخالفةِ للحمسِ. 1665 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَال عُرْوَةُ: "كَانَ النَّاسُ يَطُوفُونَ فِي الجَاهِلِيَّةِ عُرَاةً إلا الحُمْسَ، وَالحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ، وَكَانَتِ الحُمْسُ يَحْتَسِبُونَ عَلَى النَّاسِ، يُعْطِي الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثِّيَابَ يَطُوفُ فِيهَا، وَتُعْطِي المَرْأَةُ المَرْأَةَ الثِّيَابَ تَطُوفُ فِيهَا، فَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ الحُمْسُ طَافَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا، وَكَانَ يُفِيضُ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَيُفِيضُ الحُمْسُ مِنْ جَمْعٍ"، قَال: وَأَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الحُمْسِ

: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199]، قَال: كَانُوا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ، فَدُفِعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ". [4520 - مسلم: 1219 - فتح: 3/ 515] (وما ولدت) أي: وأولادها، وعبَّر بـ (ما) دون (من)؛ لقصد التعميم (يحتسبون على الناس) أي: يعطون الناس حسبة لله تعالى (فمن لم يعطه الحمس) أي: ثيابًا. (وكان يفيضُ جماعة الناسِ من عرفات) أي: وكان غيرُ الحمس يدفعون منها، وهي علمٌ للموقف [منصرفة] (¬1) إذ لا تأنيثَ فيها وسُمِّي بها الموقف؛ لأنَّها وصفتْ لإبراهيمَ - عليه السلام - فلمَّا رآها عرفها، أو لأنَّ جبريلَ - عليه السلام - كان يعرِّفه المشاعر ويقولُ له: قد عرفت، أو لأنَّ الناس فيها يتعارفون، أو لأنَهم يعترفون فيها بذنوبهم، أو لغيرِ ذلك. (ويفيض الحمس من جمع) بفتح الجيم وسكون الميم أي: من المزدلفةِ وسُمِّيتْ به؛ لأنَّ آدمَ اجتمع فيها مع حواءَ وازدلف بها، أو لأنَّه يجمعُ فيها بين الصلاتين، وأهلُها يزدلفون أي: يتقربون إلى الله تعالى بالوقوف بها. (قال) أي: عروة، وفي نسخةٍ: "قالت" أي: عائشة. (كانوا) أي: الحمس (يفيضون من جمع) أي: من المزدلفة. (فدفعوا) بدال، وفي نسخةٍ: "فرفعوا" براء وبالبناء للمفعول فيهما أي: أُمِرُوا بالذهابِ (إلي عرفات) حيث قيل لهم: أفيضوا وذلك أنَّ الحمسَ كانوا يترفعون على الناس عن أنْ يساووهم في الموقف، ويقولون: نحن أهلُ الله وقطان حرمهِ فلا نخرج منه ولا نُخلي الحرمَ، ويقفون بجمعٍ وسائرِ الناسِ بعرفات، ويفيضون منها كسائرِ الناسِ ووقوفُهم بها هو المعتمدُ. وأما نحو: ما روي عن ابن عمرَ أنه قال: من ¬

_ (¬1) من (م).

92 - باب السير إذا دفع من عرفة

لم يقف بعرفة ليلةَ المزدلفةِ قبل أنْ يطلعَ الفجرِ فقد فاته الحجُّ (¬1) فضعيفٌ كما قاله ابن حزمٍ (¬2). 92 - بَابُ السَّيْرِ إِذَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ (باب: السيرِ إذا دفع من عرفة) في نسخةٍ: "من عرفات". وسُمِّي سيرُهم منها دفعًا؛ لازدحامهم إذا انصرفوا ودفع بعضُهم بعضَا. 1666 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَال: سُئِلَ أُسَامَةُ وَأَنَا جَالِسٌ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ؟ قَال: "كَانَ يَسِيرُ العَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ" قَال هِشَامٌ: وَالنَّصُّ: فَوْقَ العَنَقِ، [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ]: "فَجْوَةٌ: مُتَّسَعٌ، وَالجَمِيعُ فَجَوَاتٌ وَفِجَاءٌ، وَكَذَلِكَ رَكْوَةٌ وَرِكَاءٌ"، {مَنَاصٌ} [ص: 3]: "لَيْسَ حِينَ فِرَارٍ". [2999، 4413 - مسلم: 1286 - فتح: 3/ 518] (سئل أسامةُ) أي: ابن زيدِ بنُ حارثة. (وأنا جالسٌ) أي: معه. (قال) أي: أسامةُ. (كان) في نسخةٍ: "فكان" أي: النبيُّ. (يسير العنق) بفتح المهملة والنون وبالنصب على المصدر انتصاب القَهْقَرى في قولهم: ارجع القهقرى: وهو السيرُ بين الإبطاءِ والإسراعِ. (فجوة) بفتح الفاء وسكون الجيم أي: متسعا كما سيأتي. (نصَّ) بفتح النون والصاد المهملة المشددة أي سار سيرًا شديدًا يبلغ به الغاية، وهو المرادُ بقوله: (قال هشام: والنصُّ فوق العنقِ) أي: أرفع منه في السرعةِ. (فجوة) في نسخة: "قال أبو عبد الله: فجوة". (وفجاء) بكسر ¬

_ (¬1) رواه مالك في "الموطأ" (1343) كتاب: المناسك، باب: وقوف من فاته الحج بعرفة. (¬2) انظر: "المحلى" 7/ 122 - 123.

93 - باب النزول بين عرفة وجمع

الفاء والمدِّ وكذلك. (ركوة) بفتح الراء. و (ركاء) بكسرها والمدِّ. (مناص) بالرَّفع، ويجوز جَرُّه على الحكايةِ للفظ القرآن. (ليس حين فرار) بنصب (حين): خبر ليس واسُمها: محذوفٌ أي: ليس الحينُ حينَ هربٍ. 93 - بَابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَجَمْعٍ (باب: النزولِ بين عرفة وجمع) أي: لقضاءِ حاجة وليس من المناسك. 1667 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ مَال إِلَى الشِّعْبِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّي؟ فَقَال: "الصَّلاةُ أَمَامَكَ". [انظر: 139 - مسلم: 1280 - فتح: 3/ 519] (حيث أفاض) في نسخةٍ: "حين أفاض" وهو أولى؛ لأنَّه ظرفٌ وزمان و (حيث) ظرفُ مكانٍ (مال) أي: عدل. (إلى الشعب) بكسر المعجمة أي: الطريق بين الجبلين. (الصلاةُ أمامك) أي: مشروعةٌ فيما بين يديك أي: في المزدلفة فـ (الصلاةُ) بالرفع: مبتدأٌ خبرُه أمامك، أو محذوف أي: حاضرةً، ويجوز نصبها بمقدَّرٍ، ومرَّ الحديثُ في باب: إسباغ الوضوء (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (139) كتاب: الوضوء، باب: إسباغ الوضوء.

1668 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ قَال: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "يَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِجَمْعٍ، غَيْرَ أَنَّهُ يَمُرُّ بِالشِّعْبِ الَّذِي أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَدْخُلُ، فَيَنْتَفِضُ وَيَتَوَضَّأُ، وَلَا يُصَلِّي حَتَّى يُصَلِّيَ بِجَمْعٍ". (جويرية) أي: ابن أسماء الضبعي. (يجمع بين المغرب والعشاء) أي: جمعَ تأخيرٍ. (بجمع) أي: بالمزدلفة. (غير أنَّه) في معنى الاستثناءِ المنقطع أي: كان يجمعُ بينهما بمزدلفة لكنه (يمرُّ بالشعب الذي أخذه) أي: سلكه. (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيدخل) أي: فيه. (فينتفض) بفاء وضاد معجمة كناية عن قضاء الحاجة المتبوع بالاستنجاء. 1669 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَال: رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَاتٍ، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّعْبَ الأَيْسَرَ، الَّذِي دُونَ المُزْدَلِفَةِ، أَنَاخَ، فَبَال ثُمَّ جَاءَ، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الوَضُوءَ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا، فَقُلْتُ: الصَّلاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "الصَّلاةُ أَمَامَكَ"، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى المُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى، ثُمَّ رَدِفَ الفَضْلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ جَمْعٍ. [انظر: 139 - مسلم: 1280 - فتح: 3/ 519] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (ردفتُ رسولَ الله) بكسر الدال أي: ركبتُ وراءَه. (دون المزدلفةِ) أي قربها. (توضأ) في نسخةٍ: "فتوضأ" (خفيفا) بأنْ فعله مرةً مرة، أو خفَّف استعمال الماءِ على خلافِ عادته (فقلت: الصلاة) بالرفع بتقدير: حَضَرَتِ الصلاةُ، وبالنصب بمقدر (غداة جمعٍ) أي: غداة الليلة التي كان فيها بجمع. 1670 - قَال كُرَيْبٌ: فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ الفَضْلِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الجَمْرَةَ. [انظر: 1544 - مسلم: 1281 - فتح: 3/ 519]

94 - باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة عند الإفاضة، وإشارته إليهم بالسوط

(حتى بلغ الجمرةَ) أي: جمرةَ العقبةِ، وفيه: استحبابُ الرُّكوبِ. وجوازُ الإردافِ على الدَّابةِ المطيقةِ وإن قطع التلبية حين بلوغها لا الرمي إليها. 94 - بَابُ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّكِينَةِ عِنْدَ الإِفَاضَةِ، وَإِشَارَتِهِ إِلَيْهِمْ بِالسَّوْطِ (باب: أمرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: أصحابه. (بالسكينة عند الإفاضة) أي: من عرفة (وإشارته إليهم بالسَّوط) أي: ليفيضوا. 1671 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، مَوْلَى وَالِبَةَ الكُوفِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا، وَضَرْبًا وَصَوْتًا لِلْإِبِلِ، فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ، وَقَال: "أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ"، " أَوْضَعُوا: أَسْرَعُوا"، {خِلالكُمْ} [التوبة: 47]: "مِنَ التَّخَلُّلِ بَيْنَكُمْ"، {وَفَجَّرْنَا خِلالهُمَا} [الكهف: 33]: "بَيْنَهُمَا". [فتح: 3/ 522] (سعيد بن أبي مريم) نسبةً لجدٍّ له؛ لشهرته به وإلَّا فهو: سعيدُ بنُ محمد بنُ الحكمِ بنُ أبي مريمَ الجمحيُّ (مولى والبة) بلام مكسورة وموحدة مفتوحة غيرُ منصرفٍ؛ للعلمية والتأنيث. (زجرًا) بفتح الزاي وسكون الجيم أي: صياحًا. (فإنَّ البرَّ) بكسر الباء أي: الخير. (ليس بالإيضاع) بكسر الهمزة وبتحتية وبضاد معجمة وعين مهملة أي: ليس البرُّ بالسَّيرِ السَّريعِ يقال: وضع البعير: أسرع في سيره، وأوضعه راكبه أي: حَمَلَه على إسراعه في سيره وقد بيَّن البخاريُّ ذلك على عادته فقال في تفسير قوله تعالى في سورة براءة

95 - باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة

(أوضعوا) معناه: (أسرعوا) أي: ركائبهم ثمَّ استطرد معه تفسيرَ الخِلال في الآية. وفي قوله في سورة الكهف: ({وَفَجَّرْنَا خِلَالهُمَا}) فقال: ({خِلَالكُمْ}) معناه: (من التخلل بينكم) أي: وهو الإغراء بين القوم والمعنى: أسرعوا بينكم بالمشي بالنَّميمة. ({وَفَجَّرْنَا خِلَالهُمَا}) معناه: (بينهما) كلُّ ذلك؛ لتكثير الفوائد. 95 - بَابُ الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ (باب: الجمع بين الصَّلاتين بالمزدلفة) أي: صلاتي المغرب والعشاء في وقت الثَّانية، وذلك مستحبٌ، ومحلُه: إذا لم يخش فوتَ وقتِ الاختبار للعشاء فإن خشي جمع بينهما في الطريق كما قاله القاضيُّ أبو الطيب وغيُره نقلًا عن النصِّ- قال النووي: ولعلَّ إطلاقَ الأكثرين محمولٌ عليه (¬1). 1672 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ، فَنَزَلَ الشِّعْبَ، فَبَال ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الوُضُوءَ، فَقُلْتُ لَهُ: الصَّلاةُ؟، فَقَال: "الصَّلاةُ أَمَامَكَ"، فَجَاءَ المُزْدَلِفَةَ، فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى المَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا. [انظر: 139 - مسلم: 1280 - فتح: 3/ 523] [(فبال) في نسخةٍ: "بال"] (¬2) (ولم يسبغ الوضوءَ) هو بمعنى قولهِ فيما مرَّ: (توضأ خفيفًا). (فصلي المغرب) أي: قبل حطِّ الرحال، كما جاء مصرحًا به في روايةٍ أخرى (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: "المجموع" للنووي 8/ 121. (¬2) من (م). (¬3) سبق برقم (139) كتاب: الوضوء، باب: إسباغ الوضوء.

96 - باب من جمع بينهما ولم يتطوع

96 - بَابُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَتَطَوَّعْ (باب: من جمع بينهما) أي: بين المغرب والعشاء. (ولم يتطوع) أي: بينهما. 1673 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِجَمْعٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، وَلَا عَلَى إِثْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا". [انظر: 1091 - مسلم: 703 - فتح: 3/ 523] (آدمُ) أي: ابن أبي إياس. (ابن أبي ذئب) هو: محمدُ بنُ عبدِ الرَّحمن بنُ أبي ذئبٍ. (بين المغرب والعشاء) في نسخةٍ: "المغربَ والعشاءَ" بحذف (بين) وبالنَّصب على المفعولية. (ولم يُسبِّح) أي: ولم ينتقل. (ولا على إثر كلِّ واحدةٍ منهما) بكسرِ الهمزة وسكونِ المثلثة وبفتحها أي: عقبِ كل منهما. 1674 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَال: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الخَطْمِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "جَمَعَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ". [4414 - مسلم: 1287 - فتح: 3/ 523] (خَالد بن مخْلد) بفتح الميم وسكون الخاء. (سليمان بن بلال) هو: سليمانُ بنُ أيوبَ بنُ بلالٍ. (عدي بن ثابت) هو: عديٌّ بنُ أبان بنُ ثابتٍ الخطميُّ -بفتح المعجمة وسكون المهملة- نسبةً إلى خَطْمة: فخذ من الأوس. (أبو أيوب) اسمُه خالدٌ.

97 - باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما

97 - بَابُ مَنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (باب: من أذَّن وأقام لكلِّ واحدةٍ منهما) أي: من المغربِ والعشاءِ بمزدلفة. 1675 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَتَيْنَا المُزْدَلِفَةَ حِينَ الأَذَانِ بِالعَتَمَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ رَجُلًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ، وَصَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا بِعَشَائِهِ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَمَرَ أُرَى فَأَذَّنَ وَأَقَامَ - قَال عَمْرٌو: لَا أَعْلَمُ الشَّكَّ إلا مِنْ زُهَيْرٍ -، ثُمَّ صَلَّى العِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا طَلَعَ الفَجْرُ قَال: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ إلا هَذِهِ الصَّلاةَ، فِي هَذَا المَكَانِ مِنْ هَذَا اليَوْمِ" قَال عَبْدُ اللَّهِ: "هُمَا صَلاتَانِ تُحَوَّلانِ عَنْ وَقْتِهِمَا: صَلاةُ المَغْرِبِ بَعْدَ مَا يَأْتِي النَّاسُ المُزْدَلِفَةَ، وَالفَجْرُ حِينَ يَبْزُغُ الفَجْرُ، قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ". [1682، 1683 - مسلم: 1289 - فتح: 3/ 524] (أبو إسحاق) أي: السبيعي. (حجَّ عبدُ الله) أي: ابن مسعودٍ. (بالعتَمَةِ) أي: وقتِ العشاءِ الأخيرةِ. (فأمر رجلًا) قيل: هو عبدُ الرحمن بنُ يزيدَ. (ركعتين) هما سنةُ المغربِ؛ لأن هذا في جمع التأخير، والذي تقدَّمَ أنَّه لم يصلِّ بينهما في جمع التقديم، والموالاةُ إنَما تُشتَرطُ فيه لا في جمعِ التأخيرِ. (بعشائه) بفتح العين: ما يتعشى به من المأكول. (ثم أَمرَ -أُرى-) بضم الهمزة يعني: أنه أَمرَ فيما يظنّه لا فيما يعلمه بالتأذينِ والإقامةِ فقوله: (فأذَّن وأقام) في موضع جَرٍّ بباءٍ متعلقة بـ (أمر) والمراد: أنَّه يؤذن للأولى منهما ويقيم لكلٍّ منهما، على خلافٍ ذكرتُه في شرح "الروض" وغيره. (لا أعلم الشكَّ) أي: الظنَّ في قوله: (أرى) وفي إطلاق الشكِّ علي الظنِّ تجوِّزٌ. (فلمَّا طلعَ الفجرُ)

98 - باب من قدم ضعفة أهله بليل، فيقفون بالمزدلفة، ويدعون، ويقدم إذا غاب القمر

في نسخةٍ: "فلمَّا حين طلع الفجر" وفي أخرى: "فلما كان حين طلع الفجر" و (كان) في الثانية مرادة، وجوابُ (لما) في الكلِّ محذوفٌ أي: صلَّى صلاةَ الفجر، أو مذكورٌ على سبيل الكناية بقوله: (قال: إنَّ النَّبيَّ) إلي آخره؛ لأنه رديفُ فعلِ الصَّلاة. (هذه السَّاعة) بالنصب على الظَّرفيَّة. (إلَّا هذه الصلاة) بالنصب أيضًا. (تحولان) بفوقية، أو تحتية مع فتح الواو المشددة فيهما أي: المغرب والصبح (عن وقتهما) في نسخةٍ: "عن وقتها" [أي: صلاتهما، والمراد عن وقتهما] (¬1) المستحبِّ المعتادِ، أمَّا تحويلُ المغرب فبتأخيرِها إلي وقتِ العشاءِ، أمَّا تحويلُ الصبح فبتقديمها على الوقتِ الظَّاهرِ طلوعُه لكلِّ أحد كما هو العادةُ في أَداء الصبح فقدمت إلى وقت، منهم من يقول: طلع الفجرُ، ومنهم من يقول: لم يطلعْ، لكن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تحقق الطلوعَ [بوحيٍ أو بغيره، أو أنَّ المرادَ أنَّه في سائرِ البلادِ كان يصلِّي بعد الطلوع] (¬2) وفي ذلك اليوم صلَّى حال الطلوعِ، والغرضُ أنَّه بالغ في ذلك اليوم في التبكير؛ لإرادةِ الاشتغالِ بالمناسك (يبزغُ الفجرُ) بزاي مضمومة وغين معجمة أي: يطلع. (يفعله) أي: فعل الصلاتين، أو جميع ما ذكر. 98 - بَابُ مَنْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ بِلَيْلٍ، فَيَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَيَدْعُونَ، وَيُقَدِّمُ إِذَا غَابَ القَمَرُ (باب: من قدمَ ضعفةَ أهِلِه بليلٍ) بفتح الضاد المعجمة والعين المهملة أي: ضعفاءهم وهم النساءُ والصّبيانُ والعاجزون؛ ليرموا قبلَ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

الزَّحمةِ. (فيقفون بالمزدلفة) أي: عند المشعر، أو عند غيرهِ منها. (ويدعون) أي: بها. (ويقدّم) بالبناء للفاعل، أو للمفعول مع تشديد الدال فيهما. (إذا غاب القمرُ) أي: عند أوائلِ الثلثِ الأخيرِ من الليلِ فهو بيانٌ للمراد بقوله: (بليل). 1676 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال سَالِمٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ، فَيَقِفُونَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ مَا بَدَا لَهُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الإِمَامُ وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلاةِ الفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوْا الجَمْرَةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: "أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [مسلم: 1295 - فتح: 3/ 526] (عن يونس) أي: ابن يزيدَ الأيليِّ. (قال سالم) أي: ابن عبدِ الله بنُ عمرَ. (عند المشعرِ الحرامِ) بفتح الميم، ويجوز كسرُها، وهو كما قال النوويُّ كابن الصَّلاحِ: جبلٌ صغيرٌ بآخر المزدلفة يقال له قزح، وُسمي مشعرًا لأنه معلمٌ للعبادة، وحرامًا لأنَّه مما يحرم فيه الصيدُ وغيُره (¬1). (ما بدا) بلا همز أي: ما ظهر. (لهم) في خواطرهم وأرادوه. (ثم يرجعون) أي: إلى منى. (قبل أنْ يقفَ الإمامُ) أي: بالمشعر الحرام، أو بالمزدلفة، وفي نسخةٍ: "ثم يرجعون ما بدا لهم قبل أن يقف الإمام" (وقبل أنْ يدفعَ) أي: إلى منى. (من يقدم) بفتح التحتية والمهملة وسكون القاف بينهما. (رموا الجمرة) أي: الكبرى وهي جمرةُ العقبةِ. (أرخص) في ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 181.

نسخةٍ: "رخَّص" بفتح الرَّاء وتشديد الخاء. (في أولئك) أي: في الضعفة. 1677 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ". [1678، 1856 - مسلم: 1293، 1294 - فتح: 3/ 526] (عن أبيوبَ) أي: السختياني. (بعثني رسولُ الله) في نسخةٍ: "بعثني النبيُّ". (من جمع) أي: من المزدلفة. 1678 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: "أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ المُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ". [انظر: 1677 - مسلم: 1293، 1294 - فتح: 3/ 526] (علي) أي: ابن عبد الله المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. 1679 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ، مَوْلَى أَسْمَاءَ، عَنْ أَسْمَاءَ: أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ المُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالتْ: "يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ القَمَرُ؟ "، قُلْتُ: لَا، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالتْ: "يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ القَمَرُ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالتْ: "فَارْتَحِلُوا"، فَارْتَحَلْنَا وَمَضَيْنَا، حَتَّى رَمَتِ الجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ مَا أُرَانَا إلا قَدْ غَلَّسْنَا، قَالتْ: "يَا بُنَيَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظُّعُنِ". [مسلم: 1291 - فتح: 3/ 526] (عن يحيى) أي: القطَّان. (حدَّثني عبدُ الله) أي: ابن كيسان، وفي نسخةٍ: "حدَّثنا عبدُ الله". (ثم قالت) أي: أسماءُ لعبدِ الله بنِ كيسان. (يا بُني) بالتصغير. (ثم قالت: هل؟) في نسخةٍ: "ثم قالت: يا بني هل". (يا هنتاه) بفتح الهاء وسكون النون أشهرُ من فتحها وهاءٍ ساكنةٍ أو

مضمومةٍ بعد الألف أي: يا هذه. (ما أُرانا) بضم الهمزة أي: ما نظن. (غلَّسنا) بفتح المعجمة واللَّام المشدَّدة أي: تقدَّمنا على الوقت المشروع. (للظَّعن) بضمِّ المعجمةِ والمهملةِ وقد تسكَّن، أي: النساء، سُمِّين بذلك؛ يظعنَّ بارتحال أزواجهنَّ ويقمن بإقامتهم، وقال النوويُّ: أصلُ الظعنيةِ: الهودجُ الذي فيه المرأة علي البعير، سُمِّيتْ به المرأةُ مجازًا واشتهر حتى خفيت الحقيقة (¬1). 1680 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ القَاسِمِ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ جَمْعٍ، وَكَانَتْ ثَقِيلَةً ثَبْطَةً، فَأَذِنَ لَهَا". [1681 - مسلم: 1290 - فتح: 3/ 526] (سفيان) أي: الثوري. (عن القاسم) أي: ابن محمد بن أبي بكر الصدِّيق. (ثقيلة) أي: من عِظَمِ جسمِها. (ثبطة) بفتح المثلثة وكسر الموحدة أو سكونها وبمهملة أي: بطيئة من التثبيط: وهو التعويق. 1681 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "نَزَلْنَا المُزْدَلِفَةَ فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَةُ، أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً بَطِيئَةً، فَأَذِنَ لَهَا، فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَأَقَمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا نَحْنُ، ثُمَّ دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ، فَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ". [انظر: 1680 - مسلم: 1290 - فتح: 3/ 527] (أبو نعيم) أي: الفضلُ بنُ دكينٍ. (حَطْمَة النَّاسِ) بفتح الحاء وسكون الطَّاء المهملتين أي: زحمتهم؛ لأن بعضَهم يحطمُ بعضًا. (وكانت) أي: سودة. (فدفعت) أي: إلى منى. (بدفعه) أي: بدفع النَّبيِّ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 40.

99 - باب: متى يصلي الفجر بجمع؟

- صلى الله عليه وسلم -. (فلأن أكون) بفتح اللَّام مبتدأ (أحبَّ إليَّ) خبره. (من مفروح به) أي: مما يفرح به ويسر. 99 - بَابٌ: مَتَى يُصَلِّي الفَجْرَ بِجَمْعٍ؟ (باب: متى) في نسخةٍ: "من" (يصلي الصبح) الصبح؛ بالبناء للمفعول على الأولى، وللفاعل على الثَّانية، وفي نسخةٍ: "متى يطلعُ الفجرُ؟ ". (بجمع) أي: بمزدلفة. 1682 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَال: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلاةً بِغَيْرِ مِيقَاتِهَا، إلا صَلاتَيْنِ: جَمَعَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، وَصَلَّى الفَجْرَ قَبْلَ مِيقَاتِهَا". [انظر: 1675 - مسلم: 1289 - فتح: 3/ 530] (الأعمش) هو: سليمانُ بنُ مِهرانَ. (عمارة) أي: ابن عمير [(عن عبد الرحمن) أي: ابن يزيد النخعي. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود:] (¬1). (بغير ميقاتها) في نسخة: "لغير ميقاتها" أي: المعتاد. (قبل ميقاتها) أي: المعتاد. 1683 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ قَدِمْنَا جَمْعًا، فَصَلَّى الصَّلاتَيْنِ كُلَّ صَلاةٍ وَحْدَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالعَشَاءُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى الفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الفَجْرُ، قَائِلٌ يَقُولُ: طَلَعَ الفَجْرُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: لَمْ يَطْلُعِ الفَجْرُ، ثُمَّ قَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلاتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا، فِي هَذَا المَكَانِ، ¬

_ (¬1) من (م).

المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ، فَلَا يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا حَتَّى يُعْتِمُوا، وَصَلاةَ الفَجْرِ هَذِهِ السَّاعَةَ"، ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى أَسْفَرَ، ثُمَّ قَال: لَوْ أَنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَفَاضَ الآنَ أَصَابَ السُّنَّةَ، فَمَا أَدْرِي: أَقَوْلُهُ كَانَ أَسْرَعَ أَمْ دَفْعُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ. [انظر: 1675 - مسلم: 1289 - فتح: 3/ 530] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) هو: عمرو بنُ عبدِ الله السبيعيُّ. (خرجنا) في نسخةٍ: "خرجت". (مع عبدِ الله) أي: ابن مسعود. (ثمَّ قدمنا) أي: من عرفات. (جمعًا) أي: مزدلفة. (كلَّ صلاةٍ) بالنَّصب أي: صلَّى (كلَّ صلاة) منهما. (وحدها بأذان وإقامة) هو على أحد القولين، والمشهورُ أنه يؤذن للأولى فقط ويقيم لكلٍّ منهما -كما مرَّ- (والعشاءُ بينهما) بفتح العين، وفي نسخةٍ: بكسرها، وهو خلافُ الصَّواب. (قائل) في نسخةٍ: "وقائل" بواو. (حُولِتَا عن وقتهما) أي: المعتاد في هذا المكان أي: المزدلفة، وقوله: (حولتا) إلى آخره قيل: مدرجٌ من كلامِ ابن مسعود وبه جزم البيهقيُّ (¬1)، [وقيل مرفوع. قال بعضهم: ولا تنافي بينهما] (¬2) فمرة رفع، ومرة وقف (المغرب) بالنَّصب بدل من (هاتين) ويجوز الرَّفع على أنَّه خبرُ مبتدأ محذوف أي: إحدى الصلاتين. (المغرب والعشاء) بالنصب، أو بالرفع عطفٌ على (المغرب) هو ساقطٌ من نسخةٍ. (حتى يعتموا) من الإعتام: وهو دخولُ وقتِ العشاءِ الآخرة. ¬

_ (¬1) "سنن البيهقي" 5/ 121 كتاب: الحج، باب: من فصل بين الصلاتين بتطوع وأ كل. (¬2) من (م).

100 - باب متى يدفع من جمع؟

(وصلاةَ الفجرِ) بالنصب بدل من (هاتين)؛ أيضًا، وفي نسخة: بالرفع والتحقيق أن مجموع (المغرب) و (صلاة الفجر) بدل من (هاتين) لكون المبدل منه مثنى. (هذه السَّاعة) بالنصب أي: قبل ظهور الصبح للعامة، لكن بعد طلوعه كما مرَّ. (ثم وقف) أي: ابن مسعودٍ بمزدلفة، أو بالمشعر الحرام. (لو أنَّ أَميرَ المؤمنين) أي: عثمان - رضي الله عنه - (فما أدري) هو من قولِ عبد الرَّحمن لا من قولِ ابن مسعود، كما وقع لبعضهم (¬1) (أقوله) أي: قول ابن مسعود: (لو أنَّ أميرَ المؤمنين) إلى آخره (فلم يزل) أي: ابن مسعودٍ. 100 - بَابُ مَتَى يُدْفَعُ مِنْ جَمْعٍ؟ (بابُ: متى يدفع) بالبناء للمفعول وللفاعل أَي: الحاجُّ. (من جمعٍ) أي: من مزدلفة. 1684 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، يَقُولُ: شَهِدْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَال: "إِنَّ المُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالفَهُمْ ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ". [3838 - فتح 3/ 531] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحق) أي: السبيعيِّ. (ثم وقف) أي: بالمزدلفة. (أشرق) بلفظ الأمر أي: لتطلع عليك الشمسُ من أشرقَ الرجلُ إذا دخل في وقتِ الشروقِ. (ثبيرُ) بالضم حذفَ منه حرفُ النداء: وهو جبل عظيمٌ بالمزدلفة على يسار الذاهب ¬

_ (¬1) وقع هذا للكرماني في "شرحه" 8/ 172 وهو غلط. قال بدر الدين العيني في كتابه "عمدة القارئ" 8/ 183: والظاهر أنه قد وقع من الناسخ.

101 - باب التلبية والتكبير غداة النحر، حين يرمي الجمرة، والارتداف في السير

منها إلى منى هذا هو المرادُ وإنْ كان للعربِ ثبير غيره. وزاد في نسخةٍ: "كيما نغير" (¬1) أي: نذهب سريعًا من أغار إذا أسرعَ في العدو، وقيل: نغيرُ على لحمِ الأضاحي أي: ننهبها، وقيل: ندخلُ في الغورِ وهو المنخفضُ من الأرضِ من أغار أي: أتى الغور. (خالفهم) أي: حيث أفاض حين أسفر قبلَ طلوعِ الشمسِ. (ثم أفاض) أي: النبيُّ، وقيل: أي: ابن مسعود. 101 - بَابُ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ غَدَاةَ النَّحْرِ، حِينَ يَرْمِي الجَمْرَةَ، وَالارْتِدَافِ فِي السَّيْرِ (بابُ: التلبيةِ والتكبيرِ غداةَ النحرِ). (حين) في نسخة: "حتَّى" قال شيخُنا: وهو أصوبُ (¬2). (يرمي الجمرةَ) أي: الكبرى. (والارتداف) بالجرِّ عطفٌ على التلبية. (في السير) أي: من المزدلفة إلى مِنى. 1685 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْدَفَ الفَضْلَ، فَأَخْبَرَ الفَضْلُ: أَنَّهُ "لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الجَمْرَةَ". [انظر: 1544 - مسلم: 1280، 1281 - فتح: 3/ 532] (أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم -) في نسخةٍ: "أن رسول الله". (أردف الفضلَ) أي: من المزدلفة إلى منى. 1686 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، ¬

_ (¬1) قال ابن حجر: وهي رواية الإسماعيلي من طريق أبي الوليد عن شعبة، ومثله لابن ماجه من طريق حجاج بن أرطاة عن أبي إسحق، وللطبراني من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق. (¬2) انظر: "الفتح" 3/ 532.

102 - باب {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} [البقرة: 196]

عَنْ يُونُسَ الأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الفَضْلَ مِنَ المُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قَال: فَكِلاهُمَا قَالا: "لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ". [انظر: 1543، 1544 - مسلم: 1280، 1281 - فتح: 3/ 532] (بن جرير) بفتح الجيم واسمه: وهبٌ. (ردف النبيِّ) بكسر الراء وسكون الدال وفي نسخةٍ: "ردف رسولِ الله". (فكلاهما) أي: الفضلُ وأسامةُ. (حتى رمى) أي: شرع في الرَّمي. قال الكرمانيُّ: فإن قلتَ: كيف دلالتُه على التكبير؟ أي: المذكور في التَّرجمة قلتُ: المرادُ به: الذكرُ الذي في خلالِ التلبية، أو هو مختصرٌ من الحديث الذي فيه ذكر التَّكبير، أو غرضه: أن يستدلَّ بالحديثِ على أنَّ التكبير غيرُ مشروعٍ إذ لفظُ: (لم يزل) دليلٌ على إدامةِ التلبيةِ (¬1). 102 - بَابُ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ} [البقرة: 196] (باب: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ}) أي: بسبب فراغهِ منها بمحظورات الإحرام إلى الحجِّ أي الإحرام به (فَمَا اسْتَيْسَرَ) أي: تيسر ({مِنَ الْهَدْيِ}) وهو شاةٌ يذبحها بعد الإحرام بالحجِّ والأفضلُ يومَ النحرِ. ({فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ}) أي: فعليه صيامُ. ({ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}) أي: ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 8/ 174.

إلى وطنكم. ({تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}) تأكيدًا لما قبله ({ذَلِكَ}) أي: الحكمُ المذكور من وجوب الهدي، أو الصيامِ على من تمتع. {لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}) بأنْ لم يكونوا على مرحلتين من الحرم عند الشافعي، وألحق بالمتمتع فيم ذكر بالنسبة للقارن وفي نسخةٍ: بدل ما ذكر: " {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} إلى قوله: {حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} " [البقرة: 196]. 1688 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ المُتْعَةِ، فَأَمَرَنِي بِهَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الهَدْيِ، فَقَال: "فِيهَا جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ"، قَال: وَكَأَنَّ نَاسًا كَرِهُوهَا، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنَّ إِنْسَانًا يُنَادِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَحَدَّثْتُهُ، فَقَال: "اللَّهُ أَكْبَرُ، سُنَّةُ أَبِي القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، قَال: وَقَال آدَمُ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَغُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ: عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ وَحَجٌّ مَبْرُورٌ. [انظر: 1567 - مسلم: 1242 - فتح: 3/ 534] (حدَّثَنا) في نسخةٍ: "حدَّثني". (النَّضر) أي: ابن شميل. (أبو جمرة) بجيم هو نصرٌ بن عمرانَ (جزور) بوزن فعول من الجزر: وهو القطعُ من الإبل يقع على الذكر والأنثى (أو شرك) بكسر المعجمة وسكون الرَّاء أي: نصيبٌ حاصل للشريك من الشِركَةِ وهو سبعٌ أخذًا من حديث أبي داود: "البقرةٌ عن سبعةٍ، والجذورُ عن سبعةٍ" (¬1). (قال) أي: أبو جمرةَ. (وكأنَّ ناسًا) أي: ممن نقل عنه الخلاف في ذلك، كعمرَ بنِ الخطاب، وعثمانَ بنِ عفَّانَ. (كرهوها) أي: المتعة. ¬

_ (¬1) انظر: "سنن أبي داود" (2808) كتاب: الضحايا، باب: في البقر والجزور. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (2498) إسناده صحيح على شرط مسلم.

103 - باب ركوب البدن

(كأنَّ إنسانًا) في نسخةٍ: "كأنَّ المنادي" (فقال: الله أكبرُ) قاله متعجبًا من الرؤيا التي وافقت السُّنَّةَ. (سُنَّة أبي القاسم) أي: هذه طريقته (عمرة متقبلة، وحجٍّ مبرور) أي: قالوا هذا بدل قول النَّضر: متعة، ومرَّ تفسيرُ الحجِّ المبرور [في باب: أن الإيمان هو العمل] (¬1). 103 - بَابُ رُكُوبِ البُدْنِ لِقَوْلِهِ {وَالبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَال اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ} [الحج: 36، 37]. قَال مُجَاهِدٌ: "سُمِّيَتِ البُدْنَ: لِبُدْنِهَا، وَالقَانِعُ: السَّائِلُ، وَالمُعْتَرُّ: الَّذِي يَعْتَرُّ بِالْبُدْنِ مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ، وَشَعَائِرُ: اسْتِعْظَامُ البُدْنِ وَاسْتِحْسَانُهَا، وَالعَتِيقُ: عِتْقُهُ مِنَ الجَبَابِرَةِ، وَيُقَالُ: وَجَبَتْ سَقَطَتْ إِلَى الأَرْضِ، وَمِنْهُ وَجَبَتِ الشَّمْسُ. [فتح: 3/ 535] (بابُ: ركوبِ البُدْنِ) أي: جوازه، وهو بسكون الذال وضمها جمع بدنة: وهي الواحدةُ من الإبلِ والبقر، وهو المرادُ هنا وقيل: الإبلُ والبقرُ [وقيل: الإبل والبقر] (¬2) والغنمُ وهو غريبٌ (لقوله تعالى: ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: 36]، أي: من أعلام دينه. (لكم فيها خير) أي: نفع في الدنيا وأجر في العقبي] (¬1) {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا}) أي: عند نحرِها. ({صَوَافَّ}) أي: قائمةَ على ثلاثٍ معقولةَ اليدِ اليسرى. ({فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}) أي: سقطتْ على الأرضِ بعد النحرِ. ({فَكُلُوا مِنْهَا}) إنْ شئتُم. ({وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ}) الذي يقنعُ بما يُعطي ولا يسأل ولا يتعرض، أو السائلُ من قنع إذا سأل وهو المناسبُ لتفسير البخاريِّ الآتي. (والمعتر) أي السائلُ والمتعرضُ، وقيل: هو الذي لا يتعرض. ({كَذَلِكَ}) أي: مثل ذلك التَّسخيرُ المفهومُ مما مرَّ. ({سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ}) بأنْ تُنحرَ وتركبَ {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}) إنعامي عليكم {لَنْ يَنَال اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا}) أي: لا يرفعان إليه ({وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ}). كررَّه؛ تذكيرًا لنعمة التسخير؛ وتعليلًا له بقوله: {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}) أي: أرشدكم لمعالم دينهِ ومناسكِ حجِّه ({وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}) أي: الموحدين، وفي نسخةٍ قبل قولهِ: {فَكُلُوا مِنْهَا}) إلى آخره لقوله: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ}) إلى قوله: {وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}) (لبدنها) أي: لسمنها وهي بضم الموحدة وسكون المهملة، وفي نسخة: بفتحهما وفي أخرى: "لبدانتها" بفتحهما، وبألف ونون وفوقية (الذي يعتر بالبدنِ) أي: يطوف بها سبعًا متعرضًا لها. (وشعائر) المذكور [في الآية] (¬2) (استعظام البدنِ واستحسانهاِ) اللذان هما من أعلام دين الله. (والعتيق) أي: المذكور في قوله: ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

({وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}). (عتقه من الجبابرة) أي: سُمِّي بذلك؛ لأنه عُتِقَ منهم، وقيل: لعتقه من الغرقِ، وقيل لقدمه، وقيل: لأنَّه لا يُملك قط. 1689 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَال: "ارْكَبْهَا" فَقَال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ فَقَال: "ارْكَبْهَا" قَال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَال: "ارْكَبْهَا وَيْلَكَ" فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ. [1706، 2755، 6160 - مسلم: 1322 - فتح: 3/ 536] (عن أبي الزناد) هو: عبدُ الله بنِ ذكوانَ. (عن الأعرج) هو: عبدُ الرَّحمنِ بن هرمز. (فقال: اركبها) فيه: جوازُ ركوبِ الهدي، وهو محمولٌ عند الشافعيِّ على الحاجةِ. (أنّها بدنةٌ) أي: هدي. (ويلك) بالنصب بمقدر من معناه أي: ألزمه الله ويلا: وهي كلمةٌ تقال لمن وقع في مهلكةٍ كما هنا -فإنَّ المخاطبَ وقع في تعبٍ وجهدٍ. وقيل: هي تجري على الألسنة من غير قصدِ إلى ما وضعت له وقيل: تدعم العربُ بها الكلامَ، كقولهم: لا أبَ له ولا أمَ له، وإنما قالها له على الأول تأديبًا؛ لأجل مراجعته له، مع عدم خفاءٍ الحال عليه، أو في الثالثة شكٌّ من الراوي. 1690 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَشُعْبَةُ قَالا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَال: "ارْكَبْهَا"، قَال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَال: "ارْكَبْهَا" قَال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَال: "ارْكَبْهَا" ثَلاثًا. [2754، 6159 - مسلم: 1323 - فتح: 3/ 536] (هشام) أي: ابن أبي عبد الله سنبر بوزن جعفر، الدستوائي بفتح الدال والفوقية (وشعبة) أي: ابن الحجاج. (قتادة) أي: ابن دعامة السدوسي. (عن أنس) في نسخةٍ: "سمعتُ أنسَ بنَ مالكٍ".

104 - باب من ساق البدن معه

(فقال: اركبها) إلى آخره في نسخة: "قال: اركبها" ثلاثًا بحذف الفاء والتكرار. 104 - بَابُ مَنْ سَاقَ البُدْنَ مَعَهُ (بابُ: من ساق البدنَ) أي: التي للهدي معه أي: من الحلِّ إلى الحرمِ. 1691 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الهَدْيَ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى، فَسَاقَ الهَدْيَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَال: لِلنَّاسِ "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِشَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالحَجِّ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ". فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَى أَرْبَعًا، فَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا، فَطَافَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الهَدْيَ مِنَ النَّاسِ،. [مسلم: 1227 - فتح: 3/ 539] (عن عُقيل) بضم العين أي: ابن خالد بن عقيل بفتحها. (تمتَّع رسولُ الله) إن قلت: كيف تمتع ومعه الهديُ؟ قلتُ: قال

النوويُّ: معناه: أنَّه أحرمَ بالحجِّ ثم بالعمرةِ فصار قارنًا، والقارنُ متمتعٌ لغةً ومعنى؛ لأنَّه ترفه بإتحاد الميقات والإحرام والفعل جمعًا بين الأحاديث (¬1)، وأمَّا لفظُ: (فأهلَّ بالعمرةِ ثم أهل بالحجِّ) فقيل: محمولٌ على التلبية في أثناء الإحرام، لا أنه أحرم بالعمرة ثم أدخل الحجَّ عليها؛ لأنه يؤدي إلى مخالفةِ الأحاديث الأُخر ويؤيد هذا التأويل بتقدير صحة لفظ وتمتع الناس معه ومعلوم أن أكثرهم أحرموا بالحج وإنما فسخوا إلى العمرة آخرا، وصاروا متمتعين. فقوله: (وتمتع الناسُ) يعني: في آخر أمرِهم. (لشيء) في نسخةٍ: "من شيء" (منه) بمعنى: "عليه". كما في نسخةٍ: (حتى يقضي حجَّه) أي: إن كان حاجًّا، فإن كان معتمرا فحتى يقضي عمرتهَ. (وليقصِّر) في نسخةٍ: "ويقصر" بالجزم وبالرفع، وإنما لم يذكر الحلقَ وإنْ كان أفضل؛ ليبقى له شعرٌ يحلقة في الحجِّ، فإنَّ الحلق في تحلل الحجِّ أفضل منه في تحلل العمرة. (وليحلل) بفتح التحتية وكسر اللام التالية لتاليها، أي: يصير حلالًا فهو أمرٌ معناه الخبر، ويحتمل: أن يكونَ أمرًا على الإباحة لفعل ما كان حرامًا عليه، كقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، والمرادُ فسخُ الحجِّ إلى العمرة حتى يحلَّ منها بعد إتمامها. (ثم [ليهل] (¬2) بالحجِّ) أي: وقت خروجه على عرفات. (فمن لم يجد هديًا) أي: لفقده حسًّا أو شرعًا. (أربعًا) في نسخةٍ: "أربعة". (حين (¬3) قضي) أي: أدى (حتى قضى حجَّه) أي: أدَّاه ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 208. (¬2) في الأصل: [يهل]. (¬3) في الأصل: [حتى قضى].

105 - باب من اشترى الهدي من الطريق

بالوقوف بعرفاتٍ ورمي الجمرات ولم يقل: وعمرته؛ لدخولها في الحجّ (من أهدى) فاعل. (فَعل) وفي نسخةٍ: "باب من أهدى" ففاعلُ (فعل) ضميرٌ يعودُ على ابن عمرَ. (من الناس) من للتبعيض. 1692 - وَعَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَتُّعِهِ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 1228 - فتح: 3/ 539] (عن عروة) عطفٌ على (عن سالمٍ). 105 - بَابُ مَنِ اشْتَرَى الهَدْيَ مِنَ الطَّرِيقِ (بابُ: من اشترى الهديَ من الطريق) حلًّا كانت الطريق، أو حرمًا، وشراؤه من بلده أفضلُ، ثمَّ من طريقه، ثم من عرفاتٍ، فإنْ اشتراه من منى جاز وحصل أصلُ الهدي. 1693 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِأَبِيهِ: أَقِمْ، فَإِنِّي لَا آمَنُهَا أَنْ سَتُصَدُّ عَنِ البَيْتِ، قَال: "إِذًا أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ قَال اللَّهُ": {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، "فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عَلَى نَفْسِي العُمْرَةَ"، فَأَهَلَّ بِالعُمْرَةِ مِنَ الدَّارِ، قَال: ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ، وَقَال: "مَا شَأْنُ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ إلا وَاحِدٌ"، ثُمَّ اشْتَرَى الهَدْيَ مِنْ قُدَيْدٍ، ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، فَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 3/ 541] (حمادا) أي: ابن زيد. (عن أيوبَ) أي: السختيانيِّ. (أقم) أي: لا تحجَّ في هذا العام. (لا آمنها) أي: الفتنة -وهو بفتح الهمزة الممدودة- وفي نسخةٍ: (إيمنها) بكسر الهمزة وقلب الألف

106 - باب من أشعر وقلد بذي الحليفة، ثم أحرم

ياء على لغة من يكسر حرف المضارعة. (أنْ ستُصدَّ) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "أن تُصدَّ" بحذف السين والضمير فيه لابن عمرَ. (إذًا أفعلَ) بالنصب بإذًا. (كما فعل رسولُ الله) أي: من إحلاله حين صُدَّ بالحديبيةِ (فأهلَّ بالعمرةِ) زاد في نسخةٍ: "من الدار". (ما شأنُ الحجِّ والعمرةِ) أي: في العمل. (من قديد) بضم القاف وفتح الدال الأولى موضعٌ بالحلِّ. (فطاف لهما طوافًا واحدًا) أي: وسعى لهما سعيًا واحدًا. (حتى حلَّ) في نسخةٍ: "حتى أحلَّ" وهما لغتان، ومرَّ الحديثُ في باب: طواف القارن (¬1). 106 - بَابُ مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، ثُمَّ أَحْرَمَ وَقَال نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذَا أَهْدَى مِنَ المَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الحُلَيْفَةِ، يَطْعُنُ (¬2) فِي شِقِّ سَنَامِهِ الأَيْمَنِ بِالشَّفْرَةِ، وَوَجْهُهَا قِبَلَ القِبْلَةِ بَارِكَةً. (باب: (من أشعر وقلَّد) أي: هَدْيِهُ. (بذي الحليفة ثم أحرم) أي: بعد الإشعارِ والتقليدُ، والإشعارُ: الإعلامُ بأنْ يضربَ صفحةَ سنامهِ اليمنى بحديدة حتى يتلطَّخَ بالدمِ، وهو سنةٌ وإنْ كان فيه إيلامٌ، كالختان القصيدُ إذ لا منعَ إلَّا ما منعه الشرعُ، فإنْ لم يكن له سنامٌ أشعر بمحله. ومن فوائده: التمييزُ عند الاختلاط، وأنْ يعرف إذا ضلَّ ويتبعه المساكين للمنحر؛ حتى ينالوا منه. والتقليدُ: أنْ يعلق في عنقِ الهديِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1639) كتاب: الحج، باب: طواف القارن. (¬2) في السلطانية يطعُنَ -بفتح النون-.

107 - باب فتل القلائد للبدن والبقر

شيءٌ، ليعلم أنه هدي، (يطعن) بضم العين (بالشفرة) بفتح المعجمة: السكينِ العريضةِ. 1614، 1615 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ قَالا: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ مِنَ المَدِينَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الهَدْيَ، وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ بِالعُمْرَةِ". الحديث 1694 - [1811، 2712، 2731، 4158، 4178، 4181 - فتح: 3/ 542] الحديث 1695 - [2711، 2732، 4157، 4179، 4180 - مسلم: 1321 - فتح: 3/ 542] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (ومروان) أي: ابن الحكم. (من المدينةِ) وفي نسخةٍ: بدله "زمن الحديبية" (في بضعَ عشرةَ) بكسر الموحدة وقد تفتح ما بين الثلاثِ إلي التسعِ. 1696 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "فَتَلْتُ قَلائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ". [1698، 1699، 1700، 1701، 1702، 1703، 1704، 1705، 2317، 5566 - فتح: 3/ 542] (أفلح) أي: ابن حميد. (عن القاسم) أي: ابن محمدٍ بنِ أبي بكرٍ الصديق. (فما حرم) في نسخةٍ: "وما حرم" بالواو. 107 - بَابُ فَتْلِ القَلاَئِدِ لِلْبُدْنِ وَالبَقَرِ (بابُ: فتل القلائدَ للبدنِ والبقرِ) أي: وللغنم.

1697 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ؟ قَال: "إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الحَجِّ". [انظر: 1566 - مسلم: 1229 - فتح: 3/ 543] (ولم تحلل) بكسر اللام وفكِّ الإدغام، وفي نسخةٍ: "ولم تحل" بالإدغام. (لبَّدتُ رأسي) أي: شعره بأنْ يجعل نحوَ الصمغ في الشعرِ؛ ليجتمعَ ويلتصقَ بعضُه ببعضٍ، احترازًا عن تمعطِه وتقمُّلهِ. (وقلدتُ هديي) هو موضعُ الترجمة؛ إذ التقليدُ لا بدَّ له من الفتلِ غالبًا. (فلا أحلُّ) في نسخة: "ولا أحلُّ" بالواو، وليس العلَّةُ في بقائه على إحرامه حتى يحلَّ من الحجِّ سوق الهدي وتقليده، بل إدخالُ الحجِّ على العمرةِ، خلافا لمن عكس ذلك. 1698 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يُهْدِي مِنَ المَدِينَةِ، فَأَفْتِلُ قَلائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ المُحْرِمُ". [انظر: 1696 - مسلم: 1321 - فتح: 3/ 543] (حدَّثَنا ابن شهاب) في نسخةٍ: "حدثني ابن شهاب". (مما يجتنبه المحرمُ) في نسخة: "مما يجتنبُ المحرمُ" بحذف الضمير. وفيه: أنَّ من أرسل الهديَ إلى مكةَ لا يحرم بذلك ما يحرم على المحرم وهو مذهبُ جمهورِ العلماءِ، خلافًا لابن عباس كما سيأتي بيانُه في باب: من قلَّدَ القلائدَ بيده (¬1). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1700) كتاب: الحج، باب: من قلد القلائد بيده.

108 - باب إشعار البدن

108 - بَابُ إِشْعَارِ البُدْنِ وَقَال عُرْوَةُ، عَنِ المِسْوَرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَلَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالعُمْرَةِ. [انظر: 1694] (بابُ: إشعارِ البُدنِ) بإسكان الدَّال وضمها، وقد مرَّ بيانُ ذلك. وإنما ذكره لزيادةِ فوائدٍ في المتنِ والإسناد (أو قلدتها) شكٌّ من الراوي. 1699 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا، أَوْ قَلَّدْتُهَا ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى البَيْتِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلٌّ". [انظر: 1696 - مسلم: 1321 - فتح: 3/ 544] (وأقام بالمدينة) أي: حلالًا. (فما حُرمَ عليه شيءٌ) أي: من محظورات الإحرام. 109 - بَابُ مَنْ قَلَّدَ القَلائِدَ بِيَدِهِ (بابُ: من قَلَّدَ القلائدَ بيده) أي: من [غير نيابةٍ] (¬1). 1700 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الحَاجِّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ، قَالتْ عَمْرَةُ: فَقَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَيْسَ كَمَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ، "أَنَا فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الهَدْيُ". [انظر: 1696 - مسلم: 1321 - فتح: 3/ 545] ¬

_ (¬1) طمس في (أ) وما أثبتناه من (م).

110 - باب تقليد الغنم

(إنَّ عبدَ الله) بكسر الهمزة وفتحها (من أهدى هديًا) أي: بعثه إلى مكةَ. (على الحاجِّ) "من الحاجِّ". (حتِّى يُنْحرَ) بالبناء للمفعول. (قلائد هديِ رسولِ الله) في نسخةٍ: "قلائد هديِ النبيِّ". (بيدي) بفتح الدال، وتشديد الياء. (أحلَّه الله) زاد في نسخةٍ: "له". (حتَّى يُنحرَ الهديُ) بالبناء للمفعول، وفي نسخةٍ: بالبناء للفاعل، أي: أبو بكر. قال الكرماني: فإنْ قلت: عدم الحرمة ليس مغيًا بالنحر، بل هو يأتي بعده فلا مخالفةَ بين حكمِ ما بعد الغايةِ وما قبلها. قلتُ: هو غاية ليحرم لا لما يحرم أي: الحرمة المنتهية إلى النحر لم تكن وذلك؛ لأنَّه ردٌّ لكلامِ ابن عباسٍ المثبتِ للحرمةِ إلى النحر، ثمَّ ابن عباس قاله قياسًا فردته عائشةُ بأنَّه لا اعتبارَ للقياس مع مخالفته النصَّ (¬1). 110 - بَابُ تَقْلِيدِ الغَنَمِ (بابُ: تقليدِ الغنمِ) أي: والإبلِ والبقرِ، كما دلَّ له الحديثُ الثاني الآتي. 1701 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "أَهْدَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً غَنَمًا". [انظر: 1696 - مسلم: 1321 - فتح: 3/ 547] (أبو نعيم) هو الفضلُ بنُ دكين. (الأعمش) هو سليمانُ بنُ مهرانَ (عن إبراهيم) أي: النخعيِّ. (عن الأسود) أي: ابن يزيدَ. 1702 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "كُنْتُ أَفْتِلُ القَلائِدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 8/ 182 - 183.

111 - باب: القلائد من العهن

فَيُقَلِّدُ الغَنَمَ، وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ حَلالًا". [انظر: 1696 - مسلم: 1321 - فتح: 3/ 547] (أبو النعمان) هو محمدٌ بنُ الفضلِ السدوسيُّ. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. 1703 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ المُعْتَمِرِ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "كُنْتُ أَفْتِلُ قَلائِدَ الغَنَمِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَبْعَثُ بِهَا، ثُمَّ يَمْكُثُ حَلالًا". [انظر: 1696 - مسلم: 1321 - فتح: 3/ 547] (حمَّاد) أي: ابن زيد. (سفيان) أي: الثوري. (فبعث بها) أي: إلى مكةَ. 1704 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "فَتَلْتُ لِهَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْنِي القَلائِدَ - قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ". [انظر: 1696 - مسلم: 1321 - فتح: 3/ 547] (زكريا) أي: ابن أبي زائدة. (عن عامرٍ) هو الشعبيِّ. (عن مسروقٍ) أي: ابن الأجدع. (لهدي النبيِّ) صادقٌ بالغنمِ، والبقر، والإبلِ. 111 - بَابٌ: القَلائِدُ مِنَ العِهْنِ (بابُ: القلائدِ من العهن) أي: الصوفِ المصبوغِ ألوانًا غالبًا؛ ليكونَ أبلغَ في العلامةِ. 1705 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "فَتَلْتُ قَلائِدَهَا مِنْ عِهْنٍ كَانَ عِنْدِي". [1696 - مسلم: 1321 - فتح: 3/ 548] (معاذ بن معاذ) بضم الميم والذال المعجمة فيهما. (ابن عوف) هو

112 - باب تقليد النعل

عبدُ الله. (عن القاسمِ) أي: ابن محمد بنِ أبي بكر الصديق. (قلائدها) أي: الهدايا. 112 - بَابُ تَقْلِيدِ النَّعْلِ (بابُ: تقليدِ النعلِ) أي: تقليد الهدايا به. 1706 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، قَال: "ارْكَبْهَا" قَال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَال: "ارْكَبْهَا"، قَال: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ رَاكِبَهَا، يُسَايِرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّعْلُ فِي عُنُقِهَا، تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،. [انظر: 1689 - مسلم: 1322 - فتح: 3/ 548] (حدثنا محمد) في نسخةٍ: "حدثني محمد" وزاد في نسخةٍ: "هو ابن سلامٍ". (عبد الأعلى بن عبد الأعلى) أي: ابن محمد السامي. (عن معمرٍ) أي: ابن راشدِ. (راكبها) بدلٌ من ضمير (رأيته) أو حالٌ منه؛ لأن إضافتَه لفظية فهو نكرةٌ. (حدثنا عثمان) في نسخةٍ: "أخبرنا عثمان". (يحيي) أي: ابن أبي كثير. 113 - بَابٌ: الجِلالُ لِلْبُدْنِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَا يَشُقُّ مِنَ الجِلالِ إلا مَوْضِعَ السَّنَامِ، وَإِذَا نَحَرَهَا نَزَعَ جِلالهَا مَخَافَةَ أَنْ يُفْسِدَهَا الدَّمُ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا.

114 - باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها

(بابُ: الجلالِ للبدنِ) الجلال: أكسيةٌ تجعل على ظهورِ البُدن، واحده جَل. (لا يشقُّ من الجلالِ إلا موضعُ السنام) بفتح السين، أي: لئلا تسقط وليظهرَ الإشعارَ ومحلُّ شقها: إذا قلتْ قيمتُها، على ما نقله القاضي عياض (¬1) عن العلماءِ. (وإذا نحرها) أي: أراد نحرَها. (نزع جلالها) أي: عنها. 1707 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلالِ البُدْنِ الَّتِي نَحَرْتُ وَبِجُلُودِهَا". [1716، 1716 م، 1717، 1718، 2299 - مسلم: 1317 - فتح: 3/ 549] (قبيصة) بفتح القاف، أي: ابن عقبة بن عامر السوائي. (سفيان) أي: الثوري. (ابن أبي نَجيح) بفتح النون وكسر الجيم: هو عبدُ الله بنُ يسارٍ المكيُّ. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (التي) في نسخةٍ: "الذي". (نحرت) بفتح النون والحاء وسكون الراء وضم الفوقية، وفي نسخةٍ: "نُحرت" بضم النون وكسر الحاء وفتح الراء وسكون الفوقية. (وبجلودها) في نسخةٍ: "وجلودها" بحذف الجارِّ. 114 - بَابُ مَنِ اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنَ الطَّرِيقِ وَقَلَّدَهَا (باب: من اشترى هديَه من الطريق وقلَّدها) أنَّثَ الضمير باعتبار ما صدق عليه الهديُ من الهدايا، وفي نسخةٍ: "وقلَّده". 1708 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 48/ 398.

عَنْ نَافِعٍ قَال: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الحَجَّ عَامَ حَجَّةِ الحَرُورِيَّةِ فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ وَنَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ، فَقَال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] "إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَوْجَبْتُ عُمْرَةً" حَتَّى [إِذَا] كَانَ بِظَاهِرِ البَيْدَاءِ، قَال: "مَا شَأْنُ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ إلا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ جَمَعْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَةٍ"، وَأَهْدَى هَدْيًا مُقَلَّدًا اشْتَرَاهُ حَتَّى قَدِمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ، فَحَلَقَ وَنَحَرَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَهُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ بِطَوَافِهِ، الأَوَّلِ ثُمَّ قَال: "كَذَلِكَ صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 3/ 550] (أبو ضمرة) هو عياضُ الليثيُّ. (عامَ حَجةِ الحرورية) بنصب حجة، أي: عام أوقعوا فيها حجةَ الحروريةِ، وبرفعها، أي: عام وقعت فيها حجةُ الحروريةِ، وبجرها بالإضافة، في نسخةٍ: "حج" بدل (حجة). (والحرورية) أي: الخوارج نسبةً إلى حروراءَ من قُرى الكوفةِ (¬1) كما مرَّ بيانُه في باب: لا تقضي الحائضُ (¬2). (ابن الزبير): استُشكل بمغايرتهِ لقولِه في باب طوافِ القارنِ: (عامَ نزل الحجَّاجُ بابنِ الزبير) (¬3)؛ لأنَّ نزولَ الحجاجِ بابنِ الزبيرِ كان في سنة ثلاثِ وسبعين وذلك في آخر أيامِ ابن الزبير، وحجةُ الحروريةِ كانت في سنة أربعٍ وستين، وذلك قبل خلافته وأجيب: باحتمال أنَّ الراوي أطلق على الحجَّاجِ وأشياعه حروريَّةً؛ بجامع ما بينهم من الخروج على أئمة الحقِ، وباحتمال تعدد القصة. (قيل له) ¬

_ (¬1) حروراء: نزل به الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فنسبوا إليها انظر: "معجم البلدان"2/ 245. (¬2) سبق برقم (321) كتاب: الحيض، باب: لا تقضي الحائض الصلاة. (¬3) سلف برقم (1640) كتاب: الحج، باب: طواف القارن.

115 - باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن

أي: لابن عمر، وقائله: ابنه عبدُ الله، كما مرَّ في باب: من اشترى الهديَ من الطريق (¬1). (حتى كان) في نسخةٍ: "حتى إذا كان". (حتَّى قَدِمَ) في نسخةٍ: "حين قدم". (فطاف بالبيت) أي: للقدوم. (وبالصفا) أي: والمروةِ (حتى يومَ النحرِ) أي: إي يومه. (طوافه الحج) بنصب الحج، وفي نسخةٍ: "للحج". (بطوافه الأول) يعني: بطوافه الواحد كما مرَّ. (كذلك) في نسخةٍ: "هكذا". 115 - بَابُ ذَبْحِ الرَّجُلِ البَقَرَ عَنْ نِسَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِنَّ (بابُ: ذبح الرجلِ البقرَ عن نسائه من غير أمرهنَ) أي: إذنهن. 1709 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، لَا نُرَى إلا الحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ"، قَالتْ: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَال: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ، قَال: يَحْيَى، فَذَكَرْتُهُ لِلْقَاسِمِ، فَقَال: أَتَتْكَ بِالحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 551] (نُرى) بضم النون، أي: لا نظن، وكان ذلك ظنًّا من بعضهم لا من كلهم لخبر: فمنَّا من أهل بحجٍّ، ومنَّا من أهل بعمرةٍ، ومنَّا من أهلَّ بهما (¬2). (أنُ يَحِلَّ) بفتح أوله وكسر ثانية، أي: يصير حلالًا بأن يتمتعَ. (فدخل علينا) بالبناء للمفعول. (نحرَ رسولُ الله) أي: البقرَ، عبَّر ¬

_ (¬1) سبق برقم (1693) كتاب: الحج، باب: من اشترى الهدي من الطريق. (¬2) سلف برقم (294) كتاب: الحيض، باب: الأمر بالنفساء إذا نفسن.

116 - باب النحر في منحر النبي صلى الله عليه وسلم بمنى

هنا بالنحرِ وفي الترجمة بالذبحِ، كما عبَّرَ به فيما يأتي في باب: ما يؤكل من البُدْنِ وما يتصدق، إشارةً إلى جوازِ الأمرين وإن كان الذبحُ أولى. (قال يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاريُّ. 116 - بَابُ النَّحْرِ فِي مَنْحَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى (بابُ: النحرِ في منحرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى) هو بفتح الميم والحاء المهملة: الموضعُ الذي تُنحر فيه الإبلُ وهو عند الجمرةِ الأولى التي تلي مسجد الخيف. 1710 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ خَالِدَ بْنَ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "كَانَ يَنْحَرُ فِي المَنْحَرِ" قَال عُبَيْدُ اللَّهِ: "مَنْحَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 982 - فتح 2/ 552] (كان ينحر في المنحر .. إلخ) اقتصر على بيانِ الأفضلِ، وإلا فالنحرُ جائزٌ للحاج والمعتمر في جميع الحرم، لكن الأفضل للحاجِّ أن يكون بمنى، وأفضل منه أنْ يكون بمنحر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وللمعتمر أنْ يكون بالمروة؛ لأنها موضعُ تحليلهِ، كما أنَّ منى موضعُ تحليل الحاجِّ. 1711 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ مِنْ جَمْعٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، حَتَّى يُدْخَلَ بِهِ مَنْحَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ حُجَّاجٍ فِيهِمُ الحُرُّ، وَالمَمْلُوكُ". [انظر: 982 - فتح: 3/ 552] (حدثنا إبراهيُم) في نسخةٍ: "حدثني إبراهيُم". (من جمع) أي: من مزدلفة. (منحر النبيِّ) في نسخةٍ: "منحر رسول الله".

117 - باب من نحر هديه بيده

117 - بَابُ مَنْ نَحَرَ هَدْيَهُ بِيَدِهِ (باب: من نحر هديه بيده) هو أفضلُ إذا أحسن النحر من أنْ ينحرَ عنه غيرهُ بإذنه. 1712 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، - وَذَكَرَ الحَدِيثَ -، قَال: "وَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ" مُخْتَصَرًا.] [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 3/ 553] (عن أيوبَ) أي: السختيانيِّ. (سبع بدن) في نسخةٍ: "سبعة بدن". (كبشين) أي: بكبشين. (أملحين) أبيضين يخالطهما سوادٌ. (أقرنين) أي: كبيري القرنين. وهذا الباب مع حديثه ساقطٌ من نسخة. 118 - بَابُ نَحْرِ الإِبِلِ مُقَيَّدَةً (بابُ: نحرِ الإبل المقيدةِ) في نسخةٍ: "مقيدة" بالنصب حال. 1713 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قَال: "ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَقَال: شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ، أَخْبَرَنِي زِيَادٌ. [مسلم: 1320 - فتح: 3/ 553] (عن يونسَ) أي: ابن عبيد بنِ دينارِ العبديِّ. (ابعثها) أي: أقمها، أو أثرها (قيامًا) مصدرٌ على الأولِ، وحالٌ مقدرةٌ على الثاني، وعليه فقيامًا بمعنى: قائمة. (مقيدة) أي: معقولة، ويسنُّ كونُها معقولةَ اليدِ اليسرى (سنة) بالنصب مفعول لمحذوف، أي: اتبع، وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف.

119 - باب نحر البدن قائمة

119 - بَابُ نَحْرِ البُدْنِ قَائِمَةً وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1713] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {صَوَافَّ} [الحج: 36]: "قِيَامًا". (باب: نحر البدن قائمة) في نسخةٍ: "قيامًا". (سنة محمدٍ) في نسخةٍ: "من سنةِ محمدٍ" وفي أخرى: "قيامًا سنة محمد". [صَوَافَّ} يعني: في قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] أي: قيامًا، وحقيقة صواف: أنهن صففن أيديهن وأرجلهن قيامًا. 1714 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَبَاتَ بِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَجَعَلَ يُهَلِّلُ وَيُسَبِّحُ، فَلَمَّا عَلا عَلَى البَيْدَاءِ لَبَّى بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ". [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 3/ 554] (وهيب) أي: ابن خالد بن عجلان. (عن أيوبَ) أي: السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبدُ الله بنُ زيدٍ. (فلما أصبح) في نسخةٍ: "حتى أصبح". (أمرهم) أي: أمر من لم يكن معه هديٌ من أصحابه. (أنْ يحلوا) أي: بأعمال العمرةِ. (سبعةَ بُدْنِ) في نسخةٍ: "سبعَ بُدنٍ". (قيامًا) صفةٌ لسبع، أو حالٌ منها بمعنى: قائمة. 1715 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ"، وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ثُمَّ "بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ،

120 - باب: لا يعطى الجزار من الهدي شيئا

ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ البَيْدَاءَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ". [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 4/ 554] (إسماعيل) أي: ابن عُليَّة. (عن رجل) احتملت جهالته؛ لأنَّه في المتابعة، وقيل: هو أبو قلابة. (استوت به البيداء) بالنصب بنزع الخافض، أي: على البيداء. 120 - بَابٌ: لَا يُعْطَى الجَزَّارُ مِنَ الهَدْيِ شَيْئًا (باب: لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا) ببناء (يعطى) للفاعل، أي: صاحب الهدي، وببنائه للمفعول فالجزارُ منصوبٌ على الأول، مرفوعٌ على الثاني. 1716 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُمْتُ عَلَى البُدْنِ، فَأَمَرَنِي فَقَسَمْتُ لُحُومَهَا، ثُمَّ أَمَرَنِي فَقَسَمْتُ جِلالهَا وَجُلُودَهَا". [انظر: 1707 - مسلم: 1317 - فتح: 3/ 555] (سفيان) أي: الثوري. (أخبرني) في نسخةٍ: "حدثني". (ابن أبي نجيح) هو عبدُ الله بن يسارِ (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (فقمتُ على البدنِ) أي: التي أرصدها للهدي، وعددها على الأصحّ مائةٌ، كما بيَّنها بعدُ في باب: يتصدق بجلال البدنِ (¬1). 1716 - قَال سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنْ أَقُومَ عَلَى البُدْنِ، وَلَا أُعْطِيَ عَلَيْهَا شَيْئًا فِي جِزَارَتِهَا". [انظر: 1707 - مسلم: 1317 - فتح: 7/ 555] ¬

_ (¬1) سيأتي بعد حديثين.

121 - باب: يتصدق بجلود الهدي

(قال) في نسخةٍ: "وقال". (سفيان) أي: الثوريُّ. (عبد الكريم) أي: ابن مالك. (ولا أعطي) بضمِّ الهمزة، وكسر الطاء، وبالنصب عطفٌ على (أقوم). (في جزارتها) بكسر الجيم، أي: في أجرة جزارتها، فجزارتها: اسمٌ للفعل، وجوَّزَ بعضُهم ضمَّ جيمها فهي اسمٌ للسواقط، وبكلِّ حالٍ لا يُعْطَى الجزارُ منها شيئًا أجرةً، فيجوز إعطاؤه منها صدقةً إنْ كان فقيرًا. 121 - بَابٌ: يُتَصَدَّقُ بِجُلُودِ الهَدْيِ (باب: يتصدَّقُ بجلود الهدي). ببناء (يتصدقَ) للفاعل، أي: صاحب الهدي، وببنائه للمفعول. 1717 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَبْدُ الكَرِيمِ الجَزَرِيُّ، أَنَّ مُجَاهِدًا، أَخْبَرَهُمَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا، لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلالهَا، وَلَا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا". [انظر: 1707 - مسلم: 1317 - فتح: 3/ 556] (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن ابن جريج) هو عبدُ الملكِ بنُ عبدِ العزيز بنُ جريجٍ. 122 - بَابٌ: يُتَصَدَّقُ بِجِلالِ البُدْنِ (باب: يتصدَّقُ بجلال البدن) ببناء (يتصدق) للفاعل، وببنائه للمفعول. 1718 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ قَال: "أَهْدَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ بَدَنَةٍ،

123 - باب {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا}

فَأَمَرَنِي بِلُحُومِهَا، فَقَسَمْتُهَا ثُمَّ أَمَرَنِي بِجِلالِهَا فَقَسَمْتُهَا، ثُمَّ بِجُلُودِهَا فَقَسَمْتُهَا". [انظر: 1707 - مسلم: 1317 - فتح: 3/ 557] (أبو نعيم) هو الفضلُ بنُ دكينٍ. (فقسمتها) أي: على المساكين، ومرَّ شرحُ الحديث. 123 - بَابُ {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أَنْ لاَ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ. ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 26 - 30] [فتح: 3/ 577] (بابُ: {وَإِذ بَوأنَا} أي: بَيَّنا {لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ}) أي: ليبنيه، وكان قد رُفِعَ زمنَ الطوفان. {أَن لا} أي: وأمرناه {أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} أي: من الأوثان. {لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ} أي: المقيمين به. {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} أي: المصليَن. {وَأَذن} أي: ناد. {فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا} أي: مشاة. {وَعَلَى} أي: وركبانا على. {كُلِّ ضَامِرٍ} أي: بعيرٍ مهزولٍ. {يَأْتِينَ} أي: الضوامر. {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} أي: طريقٍ بعيدٍ. {لِيَشْهَدُوا} أي: يحضروا. {مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ

124 - باب وما يأكل من البدن وما يتصدق

{مَعْلُومَاتٍ} أي: عشرِ ذي الحجة، وقيل: تسعة منه، وقيل: يومُ الأضحى، وأيامُ التشريق، [وقيل: أيام التشريق] (¬1) وقيل: غير ذلك إلا آخر أيامِ التشريق أقوال. ({عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}) أي: الإبلِ، والبقرِ، والغنمِ التي تُنْحرُ يومَ العيدِ وما بعده من الهدايا والضحايا. ({فَكُلُوا مِنْهَا}) أي: إذا ما كانت مستحبةً، والأمرُ للندب. ({وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}) أي: الشديدَ الفقرِ. ({ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}) أي: يزيلوا أوساخَهم وشعثَهم، كطول الظفر. ({وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}) أي: الهدايا والضحايا. ({وَلْيَطَّوَّفُوا}) أي: طوافَ الإفاضةِ. ({بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}) أي: القديم: لأنَّه أولُ بيتِ وضع. ({ذَالِكَ}) خبرُ مبتدإٍ مقدَّرِ، أي: الأمرُ، أو الشانُ. ({وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ}) أي: فيما لا يحل انتهاكه. ({فَهُوَ}) أي: تعظيمُها. ({خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}) أي: في الآخرة، وفي نسخةٍ: "يأتوك رجالًا إلى قوله: عندَ ربِّه". 124 - بابُ وَمَا يَأْكُلُ مِنَ البُدْنِ وَمَا يَتَصَدَّقُ وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "لَا يُؤْكَلُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَالنَّذْرِ، وَيُؤْكَلُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ وَقَال عَطَاءٌ: "يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ مِنَ المُتْعَةِ". (باب: ما يأكل من البُدْنِ وما يتصدق به) ببناء (يأكل) و (يتصدق) للفاعل، وببناء (يتصدق) للمفعول. (لا يؤكل) أي: لا يأكلُ المالكُ من ¬

_ (¬1) من (م).

الذي جعله جزاءً للصيد ولا من النذور، بل يجبُ عليه التصدُّق بالكل. (من المتعة) أي: دمِ التمتع. 1719 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلاثِ مِنًى، فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "كُلُوا وَتَزَوَّدُوا"، فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَقَال: حَتَّى جِئْنَا المَدِينَةَ؟ قَال: لَا. [2980، 5424، 5567 - مسلم: 1972 فتح: 3/ 557] (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (نأكل من لحومِ بُدننا فوقَ ثلاثِ منى) بإقضاء حكم ثلاثٍ إلى منى: أي: الأيامِ الثلاثةِ التي يقام بها بمنى، وهي الأيام المعدودات، وظاهره: أنهم كانوا يأكلون منها في الثلاثةِ فما دونها، ولعله في الهدايا المستحبة لكن لا يتقيدُ النهي عن أكلها؛ بما فوق الثلاث ولهذا عقَّبه بقوله: (فرخَّص لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كلوا وتزودوا وهذا الأمرُ مخالفٌ لخبر مسلم: عن علي أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا أنْ نأكل من لحومِ نسكنا بعد ثلاثٍ (¬1)، وأجاب الجمهور: بأن هذا ناسخ لخبر مسلم فيجوزُ الأكلُ منها مطلقًا إذا كانت مستحبةً. 1720 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى، قَال: حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ، قَالتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، وَلَا نُرَى إلا الحَجَّ، حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يَحِلُّ" قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1969) كتاب: الأضاحي، باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام وبيان نسخه وإباحته إلى متى شاء.

125 - باب الذبح قبل الحلق

اللَّهُ عَنْهَا: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: ذَبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ قَال يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ، فَقَال: أَتَتْكَ بِالحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح 3/ 557] (سليمان) أي: "ابن بلال" كما في نسخةٍ. (يحيى) أي: ابن سعيد. (عمرة) أي: بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة. (إذا طاف بالبيتِ) جوابُ (إذا) محذوف، أي: تتم عمرتُه، أو وهي ظرفية لما قبلها، ولفظُها ساقطٌ من نسخةٍ. (ثم يحل) في نسخةٍ: "أنْ يحلَّ". (فدخل عدينا يوم النحرِ بلحمِ بقرٍ) ببناء (دخل) للمفعول، وفي نسخةٍ: "فدخل علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالبناء للفاعل. (فقال: أَتَتْكَ بالحديثِ على وجهه). مرَّ شرحُ الحديثِ في باب: ذبحِ الرجلِ البقرَ عن نسائهِ من غير أمرهنَّ. 125 - بَابُ الذَّبْحِ قَبْلَ الحَلْقِ (باب: الذبحِ) أي: بيان حكمِ ذبح الحافي هدَيه. (قبلَ الحلقِ) أي: حلق رأسه. 1721 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ وَنَحْوهِ فَقَال "لَا حَرَجَ، لَا حَرَجَ". [انظر 84 - مسلم: 1307 - فتح: 3/ 559] (هشيم) أي: ابن بشير. (منصور) أي: "ابن زاذان" كما في نسخةٍ. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (لا حرج لا حرج) كرَّره؛ إشارةً إلى تكرره في أجوبة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ما سُئل عنه، ونفي الحرج عن ما ذكر يقتضي أنَّ الأصل سبقُ الذبح على الحلق، فتحصلُ المطابقة بين الترجمة وهذا الحديثِ وتاليه.

1722 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَال "لَا حَرَجَ". قَال: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَال: "لَا حَرَجَ". قَال: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَال: "لَا حَرَجَ"، وَقَال عَبْدُ الرَّحِيمِ الرَّازِيُّ: عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال القَاسِمُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنِي ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. . [انظر: 84 - مسلم: 1307 - فتح: 3/ 559] وَقَال عَفَّانُ: أُرَاهُ عَنْ وُهَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال حَمَّادٌ: عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (أحمد بن يونس) نسبةً لجده، وإلا فهو أحمدُ بنُ عبدِ الله بنُ يونسَ. (أبو بكر) أي: ابن [عياش] (¬1). (زرتُ) أي: طفت طوافَ الزيارة. (عبد الرحيم) أي: ابن سليمان الأشل. (عن أبي خثيم) بضم المعجمة وفتح المثلثة: عبدِ الله بنِ عمرَ المكيِّ. (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: أنه قال: (ارم ولا حرج) في جواب من قال: يا رسولَ الله طفتُ بالبيت العتيق قبل أنْ أرمي. (حمَّاد) أي: ابن سلمة. (عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: أنَّه قال. (افعل ولا حرج) في جوابِ من قال: رميتُ قبل أنْ أحلق أوطفت قبل أن أرمي، وذبحت قبل أن أحلق] (¬2). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

1723 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ فَقَال: "لَا حَرَجَ"، قَال: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، قَال: "لَا حَرَجَ". [انظر: 84 - مسلم: 1307 - فتح: 3/ 559] (خالد) أي: الحذاء. (رميتُ بعد ما أمسيتُ. فقال: لا حرج) المساءُ من الزوال إلى الغروب، وقضيتهُ: أنه لا يكفي الرمي بعد الغروب، لكن صرَّح الشافعيةُ بأنه إذا أخَّر رمي يوم إلى ما بعده من أيام الرمي يقع أداءً، وقضيتهُ: أنَّ الرميَ يكفي بعد الغروب. وأجيب: بحمل (ما) هنا على وقت الاختيارِ، وهناك على وقتِ الجواز، وقد صرَّح الشيخان بان وقت الفضيلةِ لرمي يومَ النحر ينتهي بالزوال فلرميه ثلاثةُ أوقاتٍ: وقتِ فضيلة، ووقتِ اختيار، ووقتِ جواز. 1724 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَال: "أَحَجَجْتَ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "بِمَا أَهْلَلْتَ؟ "، قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلالٍ كَإِهْلالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَحْسَنْتَ، انْطَلِقْ، فَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ"، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ، فَفَلَتْ: رَأْسِي، ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالحَجِّ، فَكُنْتُ أُفْتِي بِهِ النَّاسَ، حَتَّى خِلافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرْتُهُ لَهُ، فَقَال: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ. [انظر: 1559 - مسلم: 1221 - فتح: 3/ 559] (عبدان) أي: عبد الله بن عثمان بن جبله. (عن شعبةَ) أي: ابن الحجَّاج. (بالبطحاء) أي: بطحاء مكة. (بما) في نسخةٍ: "بم" بحذف

126 - باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق

الألف. (ثم أهللتُ بالحجِّ) أي: بعد أنْ تحللتُ من العمرة فصار متمتعًا. (فكنت أفتي به) أي: بالتمتع المفهوم من السياق كما تقرَّر. (حتَّى) بمعنى: إلى. (حتَّى بلغَ الهديُ محِلَّه) هو موضعُ الترجمة؛ لأنَّ بلوغ الهدي محلَّه يدلُّ على ذبح الهدي، فلو تقدَّمَ الحلقُ عليه لصار متحللًا قبلَ بلوغِ الهدي محلَّه، وتقديمُ الذبح على الحلق هو الأصلُ، وتأخيُره إنَّما هو رخصةٌ. 126 - بَابُ مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ عِنْدَ الإِحْرَامِ وَحَلَقَ (باب: من لبَّد رأسَه) أي: شعره عند الإحَرام. (وحلق) أي: شعر رأسهِ عند إحلاله. (فلا أحلُّ) بفتح الهمزة وكسر الحاء، ومزَ شرحُ الحديث في باب: التمتعِ والإقرانِ والإفرادِ، ولم يذكر في الحديث هنا الحلق مع ذكرهِ له في الترجمة. 127 - بَابُ الحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ عِنْدَ الإِحْلالِ (بابُ: الحلقِ والتقصيرِ عندَ الإحلالِ) أي: من الإحرام. 1726 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، قَال: نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: "حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ". [1729، 4410، 4411 - مسلم: 1304 - فتح: 3/ 561] (أبو اليمان) هو الحكمُ بنُ نافع. 1727 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اللَّهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ" قَالُوا: وَالمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "اللَّهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ" قَالُوا: وَالمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ

اللَّهِ، قَال: "وَالمُقَصِّرِينَ"، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ: "رَحِمَ اللَّهُ المُحَلِّقِينَ" مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، قَال، وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، وَقَال فِي الرَّابِعَةِ: "وَالمُقَصِّرِينَ". [مسلم: 1301 - فتح: 3/ 561] (اللهمَّ ارحمِ المحلقين) قيل: كان الدعاءُ في حَجةِ الوداع. قال النوويُّ: وهو الصحيحُ المشهور، وقيل: في الحديبية. قال ابن عبدِ البر: وهو المحفوظُ (¬1). وقيل فيهما؛ لورود كلٍّ منهما في حديثٍ. (قال والمقصرين) أي: قل: وارحم المقصرين، ويسمى مثلُه بالعطف التلقيني، وفيه: تفضيلُ الحلقِ على التقصير؛ لأنَّه أبلغُ في العبادة، وأدلُّ على صدقِ النيةِ فإنَّ المقصرَ يبقى عليه الشعرُ وهو زينة والحاجُّ إنما هو أشعث أغبر، لكن محلَه في الرجل إذ الأفضلُ في حق غيره التقصير ثم المذهبُ أنَّ الحلق والتقصير نسكٌ وركنٌ في الحج والعمرة، خلافًا للحنفية، وأقلُّ ما يجزئ عندنا: ثلاثُ شعراتٍ وعند أبي حنيفة: ربعُ الرأسِ، وعند أبي يوسف: النصفُ، وعند أحمد أكثره، وفي رواية لمالك: الكلُّ. (قال) في نسخةٍ: "وقال". 1728 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ" قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ"، قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالهَا ثَلاثًا، قَال: "وَلِلْمُقَصِّرِينَ". [مسلم: 1302 - فتح: 3/ 561] (عن أبي زرعةَ) هو الهرُم، أو عبدُ الله، أو عبدُ الرحمن البجلي. 1729 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَال: "حَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ". [انظر: 1726 - مسلم: 1304 - فتح: 3/ 561] ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 50 - 51.

128 - باب تقصير المتمتع بعد العمرة

(أنَّ عبدَ الله) أي: "ابنَ عمرَ" كما في نسخة. 1730 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مُعَاويَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: "قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِشْقَصٍ". [مسلم: 1246 - فتح: 3/ 561] (أبو عاصم) هو الضَّحاكُ بنُ مخلدِ النبيل. (عن ابن جريج) هو: عبدُ الملكِ بنُ عبدِ العزيزِ. (عن طاوس) أي: ابن كيسان اليماني. (عن معاوية) أي: ابن أبي سفيانَ. (قَصَّرتُ) أي: شعر رأسي. (عن رسولِ الله) وكان في عمرة الجعرانة، أو عمرة القضية، ولعلَّ معاويةَ إنَّما فعل ذلك ظنًّا منه أنَّ ذلك جائزٌ، وإلَّا فمعلومٌ أنَّ الشخصَ لا ينوب في النسك عن غيرهِ، إلا أنْ يكون بالغير عضب، وهو مفقودٌ هنا. (بمشقصِ) بكسر الميم: سهمٌ فيه نصلٌ عريضٌ. 128 - بَابُ تَقْصِيرِ المُتَمَتِّعِ بَعْدَ العُمْرَةِ (باب: تقصيرِ المتمتعِ بعدَ العمرةِ) أي: عند الإحلال منها. 1731 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحِلُّوا وَيَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا". [انظر: 1545 - فتح: 3/ 567] (محمد بن أبي بكر) أي: المقدمي. (كريب) أي: ابن أبي مسلم الهاشمي. (قال: لمَّا قدم) لفظُ: (لما) ساقطٌ من نسخة. (أصحابه) أي: الذين لم يسوقوا الهديَ، ومرَّ شرحُ الحديث.

129 - باب الزيارة يوم النحر

129 - بَابُ الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَقَال أَبُو الزُّبَيْرِ: عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ،: "أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزِّيَارَةَ إِلَى اللَّيْلِ" وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَزُورُ البَيْتَ أَيَّامَ مِنًى". (بابُ: الزيارةِ يومَ النحرِ) أي: طواف الزيارة، وهو طواف الإفاضة، وسُمِّي طوافُ الركن والصدر بفتح الدال؛ لأنه يصدر عن البيت، أي: يرجع إليه. (أبو الزبير) هو محمد بنُ مسلم بنُ تدرسَ. (الزيارة) أي: طوافها. (عن أبي حسَّان) بالصرف وعدمه: مسلم بنِ عبدِ الله العدوي. (يزور البيت) أي: يطوف به طواف الإفاضة والزيارة. 1732 - وَقَال لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّهُ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا ثُمَّ يَقِيلُ، ثُمَّ يَأْتِي مِنًى، يَعْنِي يَوْمَ النَّحْرِ" وَرَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ. [مسلم: 1308 - فتح: 3/ 567] (سفيانِ) أبي: ابن عيينة. (عن عبيدِ الله) أي: ابن عمرَ بنِ حفصِ بنِ عاصم بنِ عمرَ بن الخطاب. (طوَافا واحدًا) أي: للإفاضة. (ثم يقيل) أي: بمكة. 1733 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا حَائِضٌ، قَال: "حَابِسَتُنَا هِيَ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، قَال: "اخْرُجُوا". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 567] وَيُذْكَرُ عَنِ القَاسِمِ، وَعُرْوَةَ، وَالأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَفَاضَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ النَّحْرِ.

130 - باب إذا رمى بعد ما أمسى، أو حلق قبل أن يذبح، ناسيا أو جاهلا

(فأفضنا) أي: طفنا طوافَ الإفاضة. (فحاضت صفيةُ) أي: بعد ما أفاضت. (حابستنا هي؟ إلخ) ظنَّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّها لم تطفْ طوافَ الزيادة فتحبسهم إلى أنْ تطهْرَ، فلمَّا قالوا له: إنَّها طافت يوم النحر قال: أخرجوا ورخَّصَ لها في ترك طواف الوادع؛ لأنه ليس بواجٍ عند الأكثر، أو لعذرِ الحيض ولو كان واجبًا. و (حابستنا) خبرٌ و (هي) مبتدأ، أو يجوزُ أنْ يكون (حابستنا) مبتدأ و (هي) فاعلٌ سدَّ مسدَ الخبرِ؛ لأنَّ همزة الاستفهام فيه مقدرةٌ. (عن القاسم) أي: ابن محمدٍ. 130 - بَابُ إِذَا رَمَى بَعْدَ مَا أَمْسَى، أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ، نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا (باب: إذا رمى بعد ما أمسى، أو حلق قبلَ أنْ يذبح ناسيًا أو جاهلًا) أي: لا حرجَ عليه في الذبحِ والحلق والرمي. 1734 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ فِي الذَّبْحِ، وَالحَلْقِ، وَالرَّمْيِ، وَالتَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ فَقَال: "لَا حَرَجَ". [انظر: 84 - مسلم: 1307 - فتح: 3/ 568] (والتقديم) أي: تقديم بعضِ هذه الثلاثة على بعضٍ. (والتأخير) أي: تأخير بعضها عن بعضٍ. (لا حرج) أي: لا إثم ولا فدية. 1735 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، فَيَقُولُ: "لَا حَرَجَ" فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَال: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَال: "اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ" وَقَال: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ، فَقَال: "لَا حَرَجَ". [انظر: 84 - فتح: 3/ 568] (خالد) أي: الحذاء. (قال رميتُ) وفي نسخةٍ: "وقال: رميت".

131 - باب الفتيا على الدابة عند الجمرة

131 - بَابُ الفُتْيَا عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ الجَمْرَةِ (بابُ: الفتيا على الدابةِ عندَ الجمرةِ) أي: الكبرى: وهي جمرة العقبةِ كما مرَّ. 1736 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، فَقَال رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَال: "اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ"، فَجَاءَ آخَرُ فَقَال: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَال: "ارْمِ وَلَا حَرَجَ"، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلا قَال: "افْعَلْ وَلَا حَرَجَ". [انظر: 83 - مسلم: 1306 - فتح: 3/ 569] (وقف) أي: على ناقته. (لم أشعر) أي: لم أفطن. (عن شيءٍ) أي: من هذه الأمور المذكورة. 1737 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ: أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَال: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَال: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "افْعَلْ وَلَا حَرَجَ" لَهُنَّ كُلِّهِنَّ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ إلا قَال: "افْعَلْ وَلَا حَرَجَ"،. [انظر: 83 - مسلم: 1306 - فتح: 3/ 561] (حدثني) في نسخةٍ: "أخبرني". (عن عبدِ الله) في نسخةٍ: "أنَّ عبدَ الله". (لهنَّ) متعلقٌ بـ (قال) أي: قال لأجلهنَّ كلهنَّ. (افعل ولا حرج). 1738 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَال: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ

132 - باب الخطبة أيام منى

بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 83 - مسلم: 1306 - فتح: 3/ 569] (إسحلق) أي: ابن منصور بن بهرام. (صالح) أي: ابن كيسان. (تابعه) أي: صالحًا. (معمر) أي: ابن راشد. 132 - بَابُ الخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى (بابُ: الخطبةِ أيامَ منى) أي: وبعرفات، وأيام منى هي: يوم النحر والثلاثة بعده. 1739 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ "، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَال: "فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ "، قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَال: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ "، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ"، قَال: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا"، فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَال: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ - قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ، فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [7079 - فتح: 3/ 573] (خطب الناس يوم النحر) هذه الخطبة هي الثالثة من خطب الحج الأربع، وكلها بعدَ الصلاةِ إلا عرفة فقبلها. (أي يومٍ هذا؟) استفهامٌ تقريري. (قالوا: يومٌ حرامٌ) ليس الحرامُ فيه وفي تالييه عينَ اليومِ والبلدِ والشهرِ، بل ما يقُع فيها من القتال، وأراد بذلك تذكارهم حرمةَ ما ذكر، وتقريرها في نفوسهم، ليبني عليها ما أراد تقريره، وهو قولُه: (قال: فإنَّ دماءَكم .. إلخ) والأعراض جمعُ عِرضٍ بكسر العين:

وهو ما يُمدحُ به الإنسانُ ويذمُّ، أو موضعُ المدح والذم، وقيل: الحسبُ، أو الأخلاقُ النفسانيةُ، ومعنى: (عليكم حرام) أنَّ انتهاك المذكورات عليكم حرام. (كحرمة يومكم هذا .. إلخ) شبَّه المذكورات في الحرمة بهذه الأشياء؛ لأنَّهم كانوا لا يرون استباحة الاعتداء وانتهاك حرمته فيها بحال. (لا ترجعوا) أي: لا تصيروا. (بعدي) أي: بعد فراقي من هذا الموقف، أو بعد حياتي. (كفَّارًا) أي: كالكفار، أو لا يكفِّرُ بعضُكم بعضًا فتستحلوا القتال. (يضرب بعضُكم رقاب بعضٍ) برفع (يضرب) جملة مستأنفة مبينة للجملة قبلها، ويجوزُ جزُمه بتقدير شرطٍ مقدرٍ، أي: إنْ ترجعوا بعدي. 1740 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ" تَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو. [1841، 1843، 5804، 5853 - مسلم: 1178 - فتح: 3/ 573] (شعبة) أي: ابن الحجاج (عمرو) أي: ابن دينار. (تابعه) أي: شعبة. (ابن عيينة) هو سفيانُ. 1741 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَرَجُلٌ - أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -، حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ، قَال: "أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ "، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال: "أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قُلْنَا: بَلَى، قَال: "أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ "، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَال "أَلَيْسَ ذُو الحَجَّةِ؟ "، قُلْنَا: بَلَى، قَال "أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال "أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ

الحَرَامِ؟ " قُلْنَا: بَلَى، قَال: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَال: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [انظر: 67 - مسلم: 1679 - فتح: 3/ 573] (أبو عامرٍ) هو عبدُ الملكِ بنُ عمروٍ العقديُّ. (قرَّة) بتشديد الراء ابن خالد السدوسي. (عن أبي بكرةَ) نفيعٍ بنِ الحارثِ. و (رجل) بالرفع عطف على (عبد الرحمن). (حميد) بدلق من رجلٍ، أو عطفُ بيان له. (قلنا: الله ورسولهُ أعلمُ) فيه: مراعاةُ الأدب، والتوقفُ فيما لا يعلمُ الغرض من السؤال عنه، واستشكل تركهم ما سئلوا عنه بذكرهم له في خبر ابن عباس السابق. وأجيب: بأنَّ المجيبَ بالتعيين بعضُهم دون بعضٍ، وبأن في حديث أبي بكرةَ فخامةً ليست في حديث ابن عباس لزيادة (أتدرون؟) فلم يجيبوا فيه بالتعيين بخلاف حديث ابن عباس. (يومَ النحر) بالنصب خبرُ ليس [أي: أليس اليوم يوم النحر] (¬1)، ويجوزُ الرفعُ على أنَّه اسمُها، والخبرُ محذوف، أي: أليس يومَ النحرِ هذا اليوم؟ (فقال: أليس) في نسخةٍ: "قال" بإسقاط الفاء. و (أليس ذا الحجَّةِ) بالنصب، وفي نسخةٍ: "ذو الحجةِ" بالرفع وتوجيهها يُعرفُ مما مر آنفًا. (أليست بالبلدةِ الحرامِ) بتأنيث (البلدة) وتذكير (الحرام) الذي هو صفتُها، واستشكل الجمع بينهما. وأجيب: بأنَّ الحرامَ اضمحل منه معنى الوصفية وصار اسمًا، ¬

_ (¬1) من (م).

ولفظُ: (الحرام) ساقط من نسخةٍ، وعليها فوجه تسميةِ مكة بالبلدة، وهي تقعُ على سائرِ البلاد أنها البلدةُ الجامعةُ للخير المستحقة أنْ تسمى بهذا الاسم؛ لتفوقها سائرَ البلاد، كما أنَّ الكعبة سُمِّيتْ بالبيت المطلق؛ لتفوقها سائر البيوت. (يومَ تلقون) بنصب يوم وجره مع التنوين وعدمه قاله الكرماني (¬1)، لكنَّه عمرَ بالفتح وبالكسر وما عبَّرْتُ به أولى. (اللهمَّ اشهد) أي: أنى أديتُ ما أوجبته عليَّ من التبليغ. (فربَّ مبلَّغٍ) بفتح اللام. (أوعى) أي: أحفظ وأفهم لمعنى كلامي. (من سامع) أي: سمعه مني، ومرَّ شرحُ الحديث في باب: قولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ربَّ مبلغِ أوعَى مِنْ سامعٍ" (¬2). (فلا ترجعوا) في نسخةٍ: "ولا ترجعوا". (فقال: فإن هذا) في نسخةٍ: "قال: فإنَّ هذا" بحذف الفاء. 1742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى: "أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ "، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَال: "فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ "، قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "بَلَدٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ "، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "شَهْرٌ حَرَامٌ، قَال: فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا"، وَقَال هِشَامُ بْنُ الغَازِ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الجَمَرَاتِ فِي الحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ بِهَذَا، وَقَال: "هَذَا يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ" فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ" وَوَدَّعَ النَّاسَ، ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 8/ 203. (¬2) سبق برقم (67) كتاب: العلم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رب مبلغ أوعى من سامع".

133 - باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟

فَقَالُوا: هَذِهِ حَجَّةُ الوَدَاعِ. [4403، 6043، 6166، 6785، 7077 - فتح: 3/ 574] (ابن الغاز) بمعجمة وزاي. (أخبرني) في نسخةٍ: "أخبرنا". (في الحجَّةِ) في نسخةٍ "في حجته". (بهذا) أي: ملتبسًا بهلذا الكلام المذكور. (الحجّ الأكبر) سُمي بذلك؛ قيل: لمقابلة العمرةِ التي هي الحجُّ الأصغرُ، وقيل: لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان واقفًا فيه وقيل: لاجتماع المسلمين والمشركين فيه وموافقته لأعياد أهل الكتاب. (وودّع) في نسخةٍ: "فودَّع" بالفاء. (الوداع) بفتح الواو وحكي كسرها. 133 - بَابٌ: هَلْ يَبِيتُ أَصْحَابُ السِّقَايَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى؟ (بابُ: هل يبيتُ أصحابُ السقاية، أو غيرهم بمكةَ ليالي منى) أو لا وقولُه: (أو غيرهم) أي: ممن له عذرٌ من مرضٍ أو شغلٍ، كالحطابين والرعاء. 1743 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1634 - مسلم: 1315 - فتح: 3/ 578] 1744 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ. [1634 - مسلم: 1315 - فتح: 3/ 578] 1745 - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ العَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، "فَأَذِنَ لَهُ" تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو ضَمْرَةَ. [انظر: 1634 - مسلم: 1315 - فتح: 3/ 578] (أبو ضمرةَ) هو أنسٌ بنُ عياضٍ.

134 - باب رمي الجمار

134 - بَابُ رَمْيِ الجِمَارِ وَقَال جَابِرٌ: رَمَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ. 1746 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ وَبَرَةَ، قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مَتَى أَرْمِي الجِمَارَ؟ قَال: "إِذَا رَمَى إِمَامُكَ، فَارْمِهْ" فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ المَسْأَلَةَ، قَال: "كُنَّا نَتَحَيَّنُ فَإِذَا زَالتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا". [فتح: 3/ 579] (بابُ: رمي الجمار) جمعُ جمرة، والمرادُ: الجمراتُ الثلاث: الجمرةُ الأولى، والوسطى، وجمرةُ العقبة. وأصلُ الجمرة: النارُ المتقدةُ (والحصاةُ) والمرادُ هنا: الحصاة أو المكانُ الذي يرمي بها إليه، ويشترطُ أنْ يبدأ بالجمرة الأولى، ثم الوسطى، ثم جمرةُ العقبة. (يومَ النحر ضحى) ويدخل وقتُ رميه بنصفِ ليلته، ومرَّ بيانُه مع بيان انتهائه. (فأعدتُ عليه) أي: على ابن عمرَ (كنا نتحينُ) أي: نراقبُ الحين، وهو الزمان. 135 - بَابُ رَمْيِ الجِمَارِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي (بابُ: رميِ الجمارِ من بَطن الوادي) من متعلقةٌ بـ (رمي). والمرادُ: رميُ جمار العقبة يومَ النحر، أمَّا رميُها أيامَ التشريق فمن فوقها، وامتازت جمرةُ العقبة عن الجمرتين الأُخْرَيين بأربعةِ أشياءَ: اختصاصُها بيوم النحر، وألا يقف عندها، وأنْ تُرمى ضحى، ومن أسفلها استحبابا، وقد اتفقوا على أنَّه من حيثُ رماها جاز سواء استقبلها أم جعلها عن يمينه، أو يساره، أو من فوقها، أو من أسفلها، أو وسطها.

136 - باب رمي الجمار بسبع حصيات

1747 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: رَمَى عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ نَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا؟ فَقَال: "وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الوَلِيدِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، بِهَذَا. [1748، 1749، 1750 - مسلم: 1296 - فتح: 3/ 580] (سفيان) أي: الثوري. (عن الأعمش) هو سليمانُ بنُ مهرانَ. (عن إبراهيم) أي: النخعيِّ. (يرمونها) أي: جمرةَ العقبةِ يومَ النحرِ. (سورة البقرة) خُصَّتْ بالذكر، لأنَّ معظم المناسبات فيها خصوصًا ما يتعلقُ بوقتِ الرمي، وهو قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203]. (عن الأعمشِ) في نسخةٍ: "حدثنا الأعمشُ". 136 - بَابُ رَمْيِ الجِمَارِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [نظر 1751] (بابُ: رمي الجمارِ بسبعِ حصيات) أي: بيانه. 1748 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى جَعَلَ البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى بِسَبْعٍ وَقَال: "هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1747 - مسلم: 1296 - فتح: 3/ 580] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الحكمِ) أي: ابن عتيبةَ. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن عبدِ الله) أي: ابن مسعودٍ. (بسبعِ) فلا يجزئ بستٍّ خلافًا لمجاهد، ولا بخمسٍ خلافًا لعطاء.

137 - باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره

137 - بَابُ مَنْ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ فَجَعَلَ البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ (بابُ: من رمي جمرةَ العقبةِ فجعلَ البيتَ عن يسارهِ) أي: بيان ذلك. 1749 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ حَجَّ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَرَآهُ يَرْمِي الجَمْرَةَ الكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَجَعَلَ البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ قَال: "هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ". [انظر: 1747 - مسلم: 1296 - فتح: 3/ 581] (آدم) أي: ابن أبي إياس، ومرَّ الحديثُ آنفًا. 138 - بَابُ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ قَالهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (بابُ: يكبرُ مع كل حصاةٍ) أي: رمى بها. 1750 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: سَمِعْتُ الحَجَّاجَ، يَقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا البَقَرَةُ، وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ، وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ، قَال: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لإِبْرَاهِيمَ فَقَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، فَاسْتَبْطَنَ الوَادِيَ حَتَّى إِذَا حَاذَى بِالشَّجَرَةِ اعْتَرَضَهَا، فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ قَال: "مِنْ هَا هُنَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ قَامَ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1747 - مسلم: 1296 - فتح: 3/ 581] (عبد الواحد) أي: ابن قلاد. (فاستبطنَ الوادي) أي: دخل في بطنه. (حاذى بالشجرةِ) أي: قابلها فالباءُ زائدةٌ. (اعترضها) أي: أتاها من عرضها. (فرمى) أي: الجمرةَ، وفي نسخةٍ: "فرماها". (بسبعِ حصياتٍ) في نسخةٍ: "سبع

139 - باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف

حصيات" بإسقاط الباء. (يكبرُ مع كلِّ حصاةِ) كيفية التكبير: أنْ يقول: الله أكبُر الله أكبرُ لا إله إلا الله، والله أكبرُ ولله الحمدُ، كما نقله الماوردي عن الشافعي. (من ها هنا) أي: من بطن الوادي. (قام) أي: للرمي. 139 - بَابُ مَنْ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ وَلَمْ يَقِفْ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1751] (بابُ: من رمى جمرةَ العقبةِ ولم يقف) بأنْ رمى وهو مارٌّ. (قاله) أي: عدمَ الوقوف عند جمرةِ العقبة. 140 - بَابُ إِذَا رَمَى الجَمْرَتَيْنِ، يَقُومُ وَيُسْهِلُ، مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ (باب: إذا رمى الجمرتين) أي: الأولى التي تلي مسجدَ الخيفِ والوسطى. (يقوم) أي: يقف عندها بعد الرمي. (طويلًا) بقدر سورة البقرة. (ويسهل) أي: يقصد السهلَ من الأرض، فينزلُ إليه من بطن الوادي. (مستقبل القبلةِ) في نسخةٍ: "يقومُ مستقبلَ القبلةَ ويستهل". 1751 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ، فَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، فَيَقُومُ طَوِيلًا، وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الوُسْطَى، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيَسْتَهِلُ، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، فَيَقُومُ طَوِيلًا، وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَيَقُومُ طَوِيلًا، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ العَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي، وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُولُ «هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ». [1752، 1753 - فتح: 3/ 582] (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (عن سالمٍ) أي: ابن عبدِ الله بنِ

141 - باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى

عمرَ. (الجمرة الدنيا) بضم الدال وكسرها، أي: التي تلي مسجد الخيف، وهي أقربُ الجمرات إلى منى، وأبعدهُا إلى مكة. (ذات الشمالِ) بكسر المعجمة، أي: جانب الشمال، في نسخةٍ: "بذات الشمال" بزيادة الباء. (يقوم طويلًا) في نسخةٍ: "ويقوم قيامًا طويلًا". (ويدعو) في نسخةٍ: "ثم يدعو". (ثم يرمي جمرةَ ذات العقبة) أي: بجمرة العقبة فـ (ذات) زائدة. (ولا يقف) بالرفع على الاستئناف، وبالجزمِ على النهي. (فيقول) أي: ابن عمرَ، وفي نسخةٍ: "ويقول". 141 - بَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ عِنْدَ جَمْرَةِ الدُّنْيَا وَالوُسْطَى (بابُ: رفع اليدين عندَ الجمرةِ الدنيا والوسطى) أي: التي بينها وبين جمرةِ العقبة. 1752 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَويلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَويلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ ذَاتَ العَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَقُولُ: "هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ". [انظر: 1751 - فتح: 3/ 583] (أخي) هو عبدُ الحميد بنُ عبدِ الله. (عن سليمانَ) أي: ابن بلالٍ. (عن يونسَ) أي: ابن يزيدَ. (يكبِّرُ) في نسخةٍ: "ثم يكبرُ". (إثر) بكسر الهمزة وسكون المثلثة وبفتحهما. (ثمَّ يتقدَّمُ) أي: عن الجمرة. (ويرفع يديه) استشكل بخبر: لم يكنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفعُ يديه في شيءٍ من دعائه إلا

142 - باب الدعاء عند الجمرتين

في الاستسقاء (¬1). وأجيب: بأن الرفعَ في الاستسقاء فوقَ الرفعِ في غيرهِ، فنفيُه في هذا الخبرِ نفيٌ؛ لمبالغته لا لأصله. (رأيتُ رسولَ الله) في نسخةٍ: "رأيت النبي". 142 - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الجَمْرَتَيْنِ (بابُ: الدعاءِ عندَ الجمرتين) أي: الدنيا والوسطى. 1753 - وَقَال مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَمَى الجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَمَامَهَا، فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، وَكَانَ يُطِيلُ الوُقُوفَ، ثُمَّ يَأْتِي الجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ، فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْحَدِرُ ذَاتَ اليَسَارِ، مِمَّا يَلِي الوَادِيَ، فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، ثُمَّ يَأْتِي الجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ العَقَبَةِ، فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا" قَال الزُّهْرِيُّ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يُحَدِّثُ مِثْلَ هَذَا، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. [انظر: 1751 - فتح: 3/ 584] (وقال محمد) أي: ابن بشار، أو ابن السكن، أو ابن المثنَّى. (مثل) في نسخةٍ: "بمثل" وهذا من تقديمِ المتنِ على بعضِ السندِ، وهو جائزٌ لا يمنع وصلَ الحديث (¬2)، فهو متصلٌ لا مرسل، كما وقع ¬

_ (¬1) سبق برقم (1031) كتاب: الاستسقاء، باب: رفع الإمام يده في الاستسقاء. (¬2) لتفصيل هذه المسألة انظر: "علوم الحديث" لابن الصلاح ص 229 النوع السادس والعشرون. و"المقنع في علوم الحديث" لابن الملقن 1/ 378 النوع السادس والعشرون. و" تدريب الراوي" 2/ 177 النوع السادس والعشرون.

143 - باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة

للكرمانيّ (¬1)، نبَّه على ذلك شيخنا (¬2). (وكان) في نسخةٍ: "قال: وكان". 143 - بَابُ الطِّيبِ بَعْدَ رَمْيِ الجِمَارِ وَالحَلْقِ قَبْلَ الإِفَاضَةِ (بابُ: الطيبِ) أَي: استعماله. (بعد رمي الجمار، والحلقِ قبل الإفاضةِ) أي: طوافها. 1754 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القَاسِمِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، وَكَانَ - أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ - يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: "طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ، حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ، قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ، وَبَسَطَتْ يَدَيْهَا". [انظر: 1539 - مسلم: 1189 - فتح: 3/ 584] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عبد الرحمن بن القاسم وكان أفضلَ أهلِ زمانهِ أنه سمع أباه -وكان أفضل أهل زمانه-) لفظُ: (وكان أفضلَ أهلِ زمانهِ) ساقطٌ من نسخةٍ في الموضع الأول. (حين أحرم) أي: حين أراد الإحرامَ. (ولحلِّه حين أحلَّ) بعد أن أحل من الإحرام بعد أن رمى وحلق، ومرَّ الحديثُ في باب: الطيب عندَ الإحرامِ (¬3). 144 - بَابُ طَوَافِ الوَدَاعِ (بابُ: طوافِ الوداعِ) ويُسمَّى بطوافِ الصَّدَرِ بفتح الدال؛ لأنَّه يصدرُ عن البيت أي: يرجع إليه، وليس هو من المناسك، بل عبادةٌ ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 8/ 209 - 210. (¬2) "الفتح" 3/ 584. (¬3) سبق برقم (1539) كتاب: الحج، باب: الطيب عند الإحرام.

145 - باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت

مستقلةٌ واجبةٌ على غير الحائض والنفساء والمقيم بمكة. 1755 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إلا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ". [انظر: 329 - مسلم: 1328 - فتح: 3/ 585] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن ابن طاوسٍ) هو عبدُ الله. (أنْ يكون آخرُ عهدِهم) برفع (آخر) أسم كان. (بالبيت) خبرها، أي: آخرُ عهدِهم طوافُهم بالبيت، خبر كان واسمها: ضمير يرجع إلى (طواف الوداع)، عن الحائض في معناها النفساء. 1756 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالعَصْرَ، وَالمَغْرِبَ، وَالعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى البَيْتِ، فَطَافَ بِهِ"، تَابَعَهُ اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [1764 - فتح: 3/ 585] (ابن وهب) هو عبدُ الله. (عن قتادة) أي: ابن دعامةَ. (ثم رقد) عطفٌ على (صل). (بالمحصب) تنازع فيه الفعلان. (تابعه) أي: عمرو بن الحارث. (الليث) الفرقُ بين هذه والطريقةِ السابقةِ: أنَّ في تلك قال: حدثه: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. وفي هذه: عن النبي. (خالد) أي: ابن يزيد. (عن سعيد) أي: ابن هلال. 145 - بَابُ إِذَا حَاضَتِ المَرْأَةُ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ (بابُ: إذا حاضت المرأةُ بعد ما أفاضتْ) أي: بعد ما طافتْ طوافَ الإفاضةِ لا يلزمُها طوافَ الوداع. 1757 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ - زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَحَابِسَتُنَا هِيَ" قَالُوا: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ قَال: "فَلَا إِذًا". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 586] (فذكرت) بسكون الراء، في نسخةٍ: "فذكر" بالبناء للمفعول. (أحابستنا هي) أي: مانعتنا من السفر؛ لأجل طواف الإفاضة بسبب حيضها ظنًّا منه - صلى الله عليه وسلم - أنَّها لم تطفه. (فلا) أي: فلا تحبسنا (إذًا) لأنَّها قد فعلت ما وجب عليها وهو طوافُ الإفاضة. 1759 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ أَهْلَ المَدِينَةِ سَأَلُوا ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ، قَال لَهُمْ: تَنْفِرُ، قَالُوا: لَا نَأْخُذُ بِقَوْلِكَ وَنَدَعُ قَوْلَ زَيْدٍ قَال: إِذَا قَدِمْتُمُ المَدِينَةَ فَسَلُوا، فَقَدِمُوا المَدِينَةَ، فَسَأَلُوا، فَكَانَ فِيمَنْ سَأَلُوا أُمُّ سُلَيْمٍ، فَذَكَرَتْ حَدِيثَ صَفِيَّةَ رَوَاهُ خَالِدٌ، وَقَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ. [انظر: 329 - فتح: 3/ 586] (عن أيوب) أي: السختيانيِّ. (أنَّ أهلَ المدينةِ) في نسخةٍ: "أنَّ أناسًا من أهل المدينة". (وندع) في نسخةٍ: "فندع" بالنصب فيهما جواب النفي. ومرَّ شرحُ الحديث في باب: المرأةِ تحيضُ بعدَ الإفاضةِ (¬1). 1760 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا أَفَاضَتْ". [انظر: 329 - مسلم: 1328 - فتح: 3/ 586] (مسلم) أي: ابن إبراهيم. (وهيب) أي: ابن خالد. (عن ابن طاوس) هو عبدُ الله. ¬

_ (¬1) سبق برقم (328) كتاب: الحيض، باب: المرأة تحيض بعد الإفاضة.

1761 - قَال: وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّهَا لَا تَنْفِرُ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَعْدُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رَخَّصَ لَهُنَّ". [انظر: 330 - فتح: 3/ 586] 1762 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَرَى إلا الحَجَّ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ وَلَمْ يَحِلَّ، وَكَانَ مَعَهُ الهَدْيُ، فَطَافَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الهَدْيُ، فَحَاضَتْ هِيَ، فَنَسَكْنَا مَنَاسِكَنَا مِنْ حَجِّنَا، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ الحَصْبَةِ، لَيْلَةُ النَّفْرِ، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ أَصْحَابِكَ يَرْجِعُ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ غَيْرِي، قَال: "مَا كُنْتِ تَطُوفِينَ بِالْبَيْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا" قُلْتُ: لَا، قَال: "فَاخْرُجِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ، وَمَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا". فَخَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَقْرَى حَلْقَى، إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَمَا كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قَالتْ: بَلَى، قَال: "فَلَا بَأْسَ انْفِرِي" فَلَقِيتُهُ مُصْعِدًا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ، وَقَال مُسَدَّدٌ: قُلْتُ: لَا، تَابَعَهُ جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ فِي قَوْلِهِ: لَا. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 586] (أبو عوانة) هو الوضاحُ بنُ عبدِ الله اليشكري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) هو النخعيُّ. (عن الأسود) أي: ابن يزيدّ. (ولا نرى) بضم النون وفتحها (فطاف) في نسخةٍ: "وطاف". (ليلة الحصبة) إلى آخره بفتح الحاء، وسكون الصاد المهملتين، وفي نسخةٍ: "الحصباء" بالمدِّ. و (ليلة) بالرفع في الموضعين، لكن رفع الأولى: بجعل (كان) تامةً، والثانية بجعلها بدلًا من الأولى، أو خبرَ مبتدإٍ محذوف، ويجوز رفعُ الأولى بما مرَّ، ونصبُ الثانيةِ بأعني وعكسه، أي: نصب الأولى بجعل (كان) ناقصةً، واسمُها: ضميرٌ يعود

146 - باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح

إلى الرحيل المفهوم من السياق، ورفعُ الثانية: خبرُ مبتدإٍ محذوف. (تطوفين) في نسخةٍ: "تطوفي " بحذف النون تخفيفًا. وقيل: حذفُها بلا ناصب وجازم لغةٌ فصيحةٌ. (قلت: لا) أي: لمَّا سألها أكانت متمتعةً؟ (قالت: لا) ونفي التمتع وإنْ كان لا يلزمُ منه الاحتياجُ للعمرة بجواز القرآن، وهي قد كانت قارنةً عند الأكثر، لكن أمرها - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة؛ تطييبًا لقلبها حيثُ أرادتْ عمرةً منفردةً، وفي نسخة: "قلت: بلى" وتوجيهه: أنها قد تستعمل كنعم عرفًا فتكون تقريرًا للنفي السابق فتكون حينئذٍ بمعنى لا. (عَقْرى حَلْقَى) مر بيانُه في بابِ: التمتعِ والقرانِ. وفيه: أنَّ للرجل توبيخَ أهلِه على ما يدخلُ بسببها على الناسِ، كما وبَّخَ أبو بكرٍ عائشةَ في قصة العقد (¬1). ومر بيانُ الحديث في بابِ: التمتعِ والإقرانِ والإفراد (¬2). (مصعدًا) بكسر العين، أي: صاعدًا. (تابعه) في نسخةٍ: "وتابعه" أي: مسددًا. 146 - بَابُ مَنْ صَلَّى العَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ بِالأَبْطَحِ (باب: من صلَّى العصرَ يومَ النفرِ بالأبطح) هو المحصَّبُ. 1763 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ، عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْويَةِ؟ قَال: "بِمِنًى"، قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى العَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَال: "بِالأَبْطَحِ" افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ. [انظر: 1756 - فتح: 3/ 590] ¬

_ (¬1) وردت هذه القصة في حديث سلف برقم (334) كتاب: التيمم. (¬2) سبق برقم (1561) كتاب: الحج، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج.

147 - باب المحصب

(عن أنس بنِ مالكٍ) في نسخةٍ: "أنَّ أنس بنَ مالكٍ". (بالمحصَّب) تنازع فيه (صلَّى) و (رقد). (فطاف به) أي: للوداع، ومرَّ شرحُ الحديثِ الأول في بابِ: أين يُصلَّي الظهرُ يومَ الترويةِ (¬1). والثاني في بابِ: طوافِ الوداعِ (¬2). 147 - باب المُحَصَّبِ (باب: المحصَّب) مرَّ بيانُه. 1765 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "إِنَّمَا كَانَ مَنْزِلٌ يَنْزِلُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ" يَعْنِي بِالأَبْطَحِ. [مسلم: 1311 - فتح: 3/ 591] (سفيان) أي: الثوري. (إنما كان) أي: المحصَّبُ. (منزلًا) بنصبه خبرُ (كان) واسمها: ما قدرته، وفي نسخةٍ: "منزل" برفعه خبرُ إنَّ بجعل (ما) بمعنى: الذي، واسمُ كان ما قدَّرتُه أيضًا، وخبرُها محذوفٌ، والتقديرُ: إنَّ الذي كان المحصَّبُ إياه منزلٌ. (أسمح) أي: أسهل. (بالأبطح) متعلقٌ بـ (ينزل) وفي نسخةٍ: "الأبطح" بحذف الباء. 1766 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَيْسَ التَّحْصِيبُ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [مسلم: 1312 - فتح: 3/ 591] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ليس التحصيب) أي: النزول في المحصَّب: وهو الأبطحُ. (بشيء) أي: ليس بشيءٍ من مناسكِ الحجِّ، إنما نزله - صلى الله عليه وسلم - للاستراحة ¬

_ (¬1) سبق برقم (1653) كتاب: الحج، باب: أين يصلي الظهر يوم التروية. (¬2) سبق برقم (1756) كتاب: الحج، باب: طواف الوداع.

148 - باب النزول بذي طوى، قبل أن يدخل مكة، والنزول بالبطحاء التي بذي الحليفة، إذا رجع من مكة

148 - بَابُ النُّزُولِ بِذِي طُوًى، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ، وَالنُّزُولِ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الحُلَيْفَةِ، إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ (بابُ: النزولِ بذي طوى) بتثليث الطاء، غيُر مصروفٍ ويجوزُ صرفُه: موضعٌ بأسفلَ مكةَ قبل أنْ يدخل مكةَ (¬1). (والنزول) بالجرِّ عطفٌ على السابق. (بالبطحاء التي بذي الحُليفةِ إذا رجع من مكةَ) البطحاء بالمدِّ: الترابُ الذي في مسيل الماء، وهو مجرى السيل إذا جفَّ واحترز بما بعدها عن البطحاء التي بين مكةَ ومنى (¬2)، وفي نسخةٍ: "الذي" بدل (التي). 1767 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ يَبِيتُ بِذِي طُوًى، بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ، حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، لَمْ يُنِخْ نَاقَتَهُ إلا عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ، ثُمَّ يَدْخُلُ، فَيَأْتِي الرُّكْنَ الأَسْوَدَ، فَيَبْدَأُ بِهِ، ثُمَّ يَطُوفُ سَبْعًا: ثَلاثًا سَعْيًا وَأَرْبَعًا مَشْيًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَيَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَكَانَ إِذَا صَدَرَ عَنِ الحَجِّ أَو العُمْرَةِ "أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الحُلَيْفَةِ، الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنِيخُ بِهَا". [انظر: 484، 491 - مسلم 12594 - فتح: 3/ 592] (أبو ضمرة) أنسٌ بنُ عياضٍ. (أنَّ ابن عمرَ) في نسخةٍ: "عن ابن عمرَ". (بذى طوى) في نسخةٍ: "بذي الطوى". (بين الثنيتين) تثنيةُ ثنية: وهي طريقُ العقبة. (قدم حاجًّا) في نسخةٍ: "قدم مكةَ حاجًّا". (فيأتي الركن الأسود) أي: الذي فيه الحجرُ الأسودُ. (سجدتين) أي: ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 45. (¬2) انظر: "معجم البلدان"1/ 446.

"ركعتين" كما في نسخة. والمرادُ: ركعتا الطواف. (صَدَر) أي: رجع متوجهًا نحو المدينة. (ينيخ بها) أي: بالبطحاء المذكورة. 1768 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، قَال: سُئِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ المُحَصَّبِ، فَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ قَال: "نَزَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ"، وَعَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "كَانَ يُصَلِّي بِهَا - يَعْنِي المُحَصَّبَ - الظُّهْرَ وَالعَصْرَ" أَحْسِبُهُ قَال: "وَالمَغْرِبَ"، قَال خَالِدٌ لَا أَشُكُّ فِي العِشَاءِ وَيَهْجَعُ هَجْعَةً، "وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [فتح: 3/ 592] (سئل عبيد الله) أي: ابن عمرَ بنُ حفصٍ بنُ عاصمِ بنُ عمرَ بنُ الخطابِ. (نزل بها) أي: بمنزلة المحصَّبِ. (عن نافعٍ) غيرُ معلقٍ؛ لأنه معطوفٌ على الإسناد قبله. (أحسبه) أي: أظنُّه. (قال: والمغرب) أي: زيادة على الظهرِ والعصرِ. (قال: خالد) أي: ابن الحارث. (لا أشك في العشاء) أي: بل في المغرب فقط، ظاهره: أنه أراد بالظنِّ: الشك؛ ولهذا قال شيخنُا: قوله: لا أشك في العشاء، يريد أنَّه شك في ذكر المغرب، قال: وقد رواه سفيانُ بنُ عيينة بغير شكٍّ في المغرب ولا غيرِها (¬1). (عن نافعٍ أن ابن عمرَ) بنَ الخطابِ كان يصلي بالأبطح الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ، ثم يهجعُ هجعةً. و (يهجُ هجعةَ) أي: ينامُ نوما. (ذلك) أي: التحصيب. ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 3/ 592.

149 - باب من نزل بذي طوى إذا رجع من مكة

149 - بَابُ مَنْ نَزَلَ بِذِي طُوًى إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ (بابُ: من نزل بذي طوى إذا رجع من مكةَ) أي: إلى مقصده. 1769 - وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَقْبَلَ بَاتَ بِذِي طُوًى حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ دَخَلَ، وَإِذَا نَفَرَ مَرَّ بِذِي طُوًى، وَبَاتَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ" وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. [انظر: 491 - مسلم: 1259 - فتح: 3/ 592] (حمَّاد) أي: ابن سلمة. (عن أيوبَ) أي: السختياني. (إذا أقبل) أي: من المدينة إلا مكة. (بذى طوى) في نسخة: "من ذي طوى". 150 - بَابُ التِّجَارَةِ أَيَّامَ المَوْسِمِ، وَالبَيْعِ فِي أَسْوَاقِ الجَاهِلِيَّةِ (باب: التجارة أيامَ الموسم) سُمِّي موسمًا من السِّمة: وهي العلامةُ؛ لأن النَّاسَ يجتمعون إليه، فهو علامةٌ لاجتماعهم. و (البيع) بالجرِّ عطف على (التجارة). (في أسواق الجاهلية) وهي أربعة: عكاظُ، وذو المجاز، ومجنَّةُ، وحباشةُ، وسيأتي بيانها. 1770 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَال: ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "كَانَ ذُو المَجَازِ، وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ، حَتَّى نَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ " [2050، 2089، 4519 - فتح: 3/ 593] (ابن جريج) هو عبدُ الملك. (ذو المجاز) (¬1) بفتح الميم: موضعٌ ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 55.

151 - باب الادلاج من المحصب

بجانب عرفة، وقيل: موضع بمنى كان به سوق في الجاهلية. و (عكاظ) بضم العين وفتح الكاف وبظاءٍ معجمة: سوق للعرب بناحية مكةَ كانوا يجتمعون به في كلِّ سنة فيقيمون به شهرين (¬1) ويتبايعون ويتناشدون الشعرَ ويتفاخرون، فلمَّا جاء الإسلامُ هدمه، وأمَّا مِجنَّة (¬2) وحباشة (¬3) فالأولُ: بفتح الميم والجيم وتشديد النون موضع على أميالٍ يسيرةٍ من مكة، بناحية مرِّ الزهران، وقيل: على بَريدٍ من مكة، والثاني: بضم المهملة وفتح الموحدة وبشين معجمة: موضعٌ كان بأرضِ بارقٍ من مكة إلى جهة اليمن على ستِّ مراحلَ. (متجرٌ للناس) أي: مكانُ تجارتِهم في مواسمِ الحج؛ ذكره الراوي؛ تفسيرًا للآية قبله، ورويت القراءةُ به عن ابن عباس، وابن الزبير. 151 - بَابُ الادِّلاجِ مِنَ المُحَصَّبِ (بابُ: الإدلاجِ من المحصَّبِ) الإدلاج بسكون الدال: سيرُ أولِ الليل، وبكسرها مشددة: سيرُ آخره وهو المرادُ هنا، وأصلُه: الاتدلاجُ قلبت التاءُ دالًا وأدغمت في الدال. 1771 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: حَاضَتْ صَفِيَّةُ لَيْلَةَ النَّفْرِ فَقَالتْ: مَا أُرَانِي إلا حَابِسَتَكُمْ، قَال: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "عَقْرَى حَلْقَى، أَطَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ؟ "، قِيلَ: نَعَمْ، قَال: "فَانْفِرِي". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 595] ¬

_ (¬1) في (أ): شهران، وفي (م): شهرًا، وفي "الفتح": عشرين يومًا وهو الصواب انظر: "الفتح" 3/ 594، "القاموس المحيط" ص 696. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 5/ 58. (¬3) انظر: "معجم البلدان" 2/ 210.

(الأعمش) هو سليمانُ بنُ مهرانَ. (إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسودِ) أي: ابن يزيدَ. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. 1772 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَذْكُرُ إلا الحَجَّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا، أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ النَّفْرِ، حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَلْقَى عَقْرَى مَا أُرَاهَا إلا حَابِسَتَكُمْ"، ثُمَّ قَال: "كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قَالتْ: نَعَمْ، قَال: "فَانْفِرِي"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أَكُنْ حَلَلْتُ، قَال: "فَاعْتَمِرِي مِنَ التَّنْعِيمِ" فَخَرَجَ مَعَهَا أَخُوهَا، فَلَقِينَاهُ مُدَّلِجًا فَقَال: "مَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 595] (وزادني محمد) أي: ابن سلام، أو ابن يحيى الذهليُّ. (محاضر) بميم مضمومة وحاء مهملة وضاد معجمة: ابن الموزع الهمداني. (عن إبراهيمَ) أي: النخعيِّ. (مدلِجًا) بتشديد الدال، أي: سائرًا من آخر الليل إلى مكةَ؛ لطوافِ الوداع. (مكان) بنصبه على الظرفيه، وبرفعه خبرٌ (موعدك) والمرادُ: موضعُ المنزلة، ومر شرحُ الحديثِ.

26 - كتاب العمرة

26 - كتاب العمرة

1 - باب وجوب العمرة وفضلها

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 26 - أَبْوَابُ العُمْرَةِ 1 - بَابُ وُجُوبِ العُمْرَةِ وَفَضْلِهَا وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "لَيْسَ أَحَدٌ إلا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ، وَعُمْرَةٌ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطٌ من نسخةٍ. (بابُ: العمرةِ) في نسخةٍ: "أبوابُ العمرة". (بابُ: وجوبِ العمرةِ وفضلهاِ) لفظُ: (باب) الثاني ساقطٌ من نسخةٍ. (ليس أحدٌ) أي: من المكلَّفين. (إلا وعليه حَجَّةٌ وعمرة إن استطاع إليهما سبيلًا. (إنَّها) أي: العمرةَ. (لقرينتها) أي: قرينةِ الحجَّةِ. (في كتابِ الله عزَّ وجلَّ). {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} متعلق بـ (قرينتها) ومعنى (وأتموا): أقيموا. 1773 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلا الجَنَّةُ". [مسلم: 1349 - فتح: 3/ 597] (عن أبي صالح) هو ذكوانُ. (العمرةُ إلى العمرةِ) أي: العمرةُ حال كونِ الزمنِ بعدَها ينتهي إلى العمرةِ و (إلى) للإنتهاء على أصلها، ويحتمل كما قيل: إنها بمعنى: مع.

2 - باب من اعتمر قبل الحج

(كفارة لما بينهما) أي: من الذنوب الصغائر. وظاهرُ الحديثِ على الأول: أنَّ المكفرَ هو العمرةُ الأولى لتقييدها بما قدرناه، وعلى الثاني: أنهما معًا، واستشكل كون العمرةِ كفارةً لها مع أن اجتنابَ الكبائرِ يكفِّرهُا، فإذًا تكفِّرُ العمرةُ، وأجيب: بأنَّ تكفيرَ العمرِة مقيدٌ بزمنها، وتكفيرُ الاجتنابِ عامٌّ لجميع عُمر العبدِ. (والحجُّ المبرورُ) هو كما مرَّ: الذي لا يخالطه إثم، أو المقبول، أو الذي لا رياءَ فيه، ولَا سمعةَ ولا رفثَ ولا فسوقَ. (ليس له جزاءٌ إلا الجنةُ) أي: لا يقتصرُ لصاحبه من الجزاء على تكفيرِ بعض ذنوبه، بل لا بدَّ أنْ يدخلَ الجنةَ. 2 - بَابُ مَنِ اعْتَمَرَ قَبْلَ الحَجِّ (بابُ: من اعتمر قبلَ الحجِّ) أي: أجزأه ذلك. 1774 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ، سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ العُمْرَةِ قَبْلَ الحَجِّ؟ فَقَال: لَا بَأْسَ، قَال عِكْرِمَةُ: قَال ابْنُ عُمَرَ: "اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ، وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ مِثْلَهُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِثْلَهُ. [فتح: 3/ 598] (أحمد بن محمد) أي: ابن ثابت. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن ابن اسحاق) هو محمدُ -صاحبُ "المغازي"-. (حدثنا) في نسخةٍ: "حدثني". (عمرو بن علي) أي: ابن بحرٍ. (أبو عاصم) هو الضحاك بنُ مخلدٍ.

3 - باب: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟

3 - بَابٌ: كَمُ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ (بابُ كم اعْتَمَرَ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟) أي: عمرة. 1775 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ المَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي المَسْجِدِ صَلاةَ الضُّحَى، قَال: فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلاتِهِمْ، فَقَال: بِدْعَةٌ " ثُمَّ قَال لَهُ: "كَمُ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: أَرْبَعًا، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ". [4253 - مسلم: 1255 - فتح: 3/ 599] (قتيبة) أي: ابن سعيد البلخي. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمرِ. (عن مجاهدٍ) أي: ابن جبرٍ. (أناس) بهمزة مضمومة، وفي نسخةٍ: "ناس" بحذفها. (بدعة) إنما قال ذلك مع أن البدعةَ ما لم تكن في عهده - صلى الله عليه وسلم -، وقد صلاها في بيت أم هانئ؛ إما لأنَّها من البدع المستحسنة، كما قال في صلاة التراويح: نعم البدعة هي (¬1). والبدعةُ تكون واجبةً، ومندوبةً، ومباحةً ومكروهة، وحرامًا كما مرَّ، أو لأن المرادَ أنَّ إظهارها والاجتماعَ لها في المسجد هو البدعةُ لا نفس الصلاة. (أربعٍ) بالرفع، خبرُ مبتدإٍ محذوف، أي: عمرة أربع، وفي نسخة: "أربعا" بالنصب، أي: اعتمر أربعًا (في رجب) [بالتنوين] (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2010) كتاب: صلاة التراوبح، باب: فضل من قام رمضان بلفظ: "نعم البدعة هذه". أما لفظ: نعم البدعة هي، فورد في حديث رواه ابن خزيمة 2/ 155 (1100) كتاب: الصلاة، باب: ذكر الدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أوتر هذه الليلة التي بات ابن عباس فيها عنده بعد طلوع الفجر الأول الذي يكون بعد طلوعه ليل لا نهار. (¬2) من (م).

1776 - قَال: وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ فِي الحُجْرَةِ، فَقَال عُرْوَةُ يَا أُمَّاهُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ أَلا تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالتْ: مَا يَقُولُ؟: قَال: يَقُولُ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَاتٍ، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ"، قَالتْ: "يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً، إلا وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ". [1777، 4254 - مسلم: 1255 - فتح: 3/ 599] (استنانُ عائشةَ) أي: حين مرور السواك على أسنانها. (يا أمَّاهُ) بهاء مضمومةٍ، أو ساكنة، وفي نسخةٍ: "يا أمَّه" بحذف الألف وسكون الهاء، وفي أخرى: "يا أمَّ المؤمنين" وفي أخرى: "يا أمَّاه، يا أمَّ المؤمنين". (أبو عبد الرحمن) هو: عبدُ الله بنُ عمرَ. (أربع عمرات) بسكون الميم وفتحها وضمها. (وما اعتمر في رجب قط) قالته عائشةُ بحضرةِ ابن عمر، فسكت، وسكوتهُ على إنكارها، كما قال النووي (¬1) يدل على أنه كان اشتُبه عليه، أو نسيَ، أو شكَّ، وبه يُجابُ عما استشكل من تقديم قولِ عائشةَ النافي على قولِ ابن عمرَ المثبت، وهو خلافُ القاعدة. 1777 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجَبٍ". [انظر: 1776 - مسلم: 1255 - فتح: 3/ 600] (أبو عاصم) هو: النبيلُ الضحاكُ بنُ مخلدٍ. (سألت عائشةَ) أي: عن قولِ ابن عمرَ: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب. 1778 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، سَأَلْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 235.

كَمُ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "أَرْبَعٌ: عُمْرَةُ الحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ حَيْثُ صَدَّهُ المُشْرِكُونَ، وَعُمْرَةٌ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فِي ذِي القَعْدَةِ حَيْثُ صَالحَهُمْ، وَعُمْرَةُ الجِعِرَّانَةِ إِذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ - أُرَاهُ - حُنَيْنٍ " قُلْتُ: كَمْ حَجَّ؟ قَال: "وَاحِدَةً". [1779، 1780، 3066، 4148 - مسلم: 1253 - فتح: 3/ 600] (همام) أي: ابن يحيى بن دينار. (أربع) بالرفع، وفي نسخةٍ: "أربعًا" بالنصب، كما مرَّ نظيره. (عمرة الحدييبة) (¬1) برفع (عمرة) ونصبها أيضًا، وتخفيف ياء (الحديبية) وقد تشدد، و (عمرَة) هي و (عمرة) الآتية بالرفع والنصب عطفٌ على (عمرة) السابقة. (حيث صالحهم) يعني: قريشًا. (وعمرة الجعرانة) بكسر الجيم وسكون العين المهملة وتخفيف الراء، وبكسر العين وتشديد الراء: موضعٌ بين الطائفِ ومكةَ. وسكت عن العمرةِ الرابعة في هذا الحديث؛ لدخلوها في حجَّتهِ، لكونه قارنًا في بعض أحواله. (أراه) بضم الهمزة، أي: أظنه، وهو اعتراضٌ بين المتضايفين، وكأنَّ الراويَ عرض له شكُّ، فادخل (أراه) بينهما، والتقديرُ: أراه قسَّم غنيمةَ حنين: وهو وادٍ بينه وبين مكةَ ثلاثةُ أميالٍ (¬2). 1779 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: "اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ رَدُّوهُ، وَمِنَ القَابِلِ عُمْرَةَ الحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةً فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ". [انظر: 1778 - مسلم: 1253 - فتح: 3/ 600] (حيث ردُّوه) أي: المشركون عام الحديبية. 1780 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، وَقَال: اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ فِي ذِي القَعْدَةِ، إلا ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 229. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 313.

4 - باب عمرة في رمضان

الَّتِي اعْتَمَرَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَتَهُ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ، وَمِنَ العَامِ المُقْبِلِ وَمِنَ الجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. [انظر: 1778 - مسلم: 1253 - فتح: 3/ 600] (هدبة) أي: ابن خالد القيسي. (إلا التي) أي: إلا العمرة التي اعتمر، وفي نسخةٍ: "إلا الذي" بصيغة المذكر، أي: إلا النسك الذي اعتمر. (عمرته من الحديبية إلى آخره ..) بيانٌ للأربعة: الأولى: من الحديبية في ذي القعدة سنةُ ستٍّ، والثانية: من العامِ المقبلِ في ذي القعدةِ سنة سبع، وهي عمرةُ القضاء، والثالثة: من الجعرانة في ذي القعدة سنة ثمان، وهي: (عام الفتح، والرابعة: مع حجته إحرامها في ذي القعدة، وأعمالها في ذي الحجة. 1781 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَأَلْتُ مَسْرُوقًا، وَعَطَاءً، وَمُجَاهِدًا، فَقَالُوا: "اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي القَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ". [1844، 2618، 2699، 2700، 3184، 4251 - مسلم: 1783 - فتح: 3/ 600] (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبدِ الله السبيعيُّ. (سألتُ مسروقًا إلى آخره. .) أي: كم اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ (اعتمر رسولُ الله) في نسخةٍ: "اعتمر النبيُّ". (في ذي القعدة) ساقطٌ من نسخةٍ. (مرتين) لا يدلُّ على نفي غيره، بناءً على أنَّ مفهومَ العددِ لا اعتبارَ له. 4 - بَابُ عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ (بابُ: عمرةٍ في رمضانَ) أي: بيان فضلِ عمرةٍ تفعلُ في رمضانَ. 1782 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَال: سَمِعْتُ

5 - باب العمرة ليلة الحصبة وغيرها

ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُخْبِرُنَا يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، - سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَهَا -: "مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّينَ مَعَنَا؟ "، قَالتْ: كَانَ لَنَا نَاضِحٌ، فَرَكِبَهُ أَبُو فُلانٍ وَابْنُهُ، لِزَوْجِهَا وَابْنِهَا، وَتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عَلَيْهِ، قَال: "فَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ اعْتَمِرِي فِيهِ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ حَجَّةٌ" أَوْ نَحْوًا مِمَّا قَال. [1863 - مسلم: 1256 - 3/ 603] (يحيى) أي: القطَّان. (قال رسولُ الله) في نسخةٍ: "قال النبيُّ". (لامرأة) هي أمُّ سِنان. (وأنْ تحجين) بإثبات النون على إهمال (أنْ) وفي نسخةٍ: "أنْ تحجي" بحذفها على إعمال (أنْ) وهو الكثيرُ. (ناضح) هو البعيرُ الذي يُسقى عليه ويَسقي الأرضَ. (ننضح) بفتح الضاد وقيل: بكسرها. (فإذا كان رمضانُ) بالرفع على أن (كان) تامة، وفي نسخةٍ: "فإذا كان في رمضانَ". (اعتمري) في نسخةٍ: "فاعتمري". (فإنَّ عمرةً في رمضانَ حجَّةٌ) أي: كحجَّةٍ في الفضل، أي: مطلقة، وإلَّا فمعلومٌ أنَّ فضلَ العمرةِ دون فضلِ الحجِّ، فالتشبيهُ للمبالغة. (أو نحوًا مما قال) في نسخةٍ: "أو نحو من ذلك" وفي أخرى: "أو نحوًا" بحذف ما بعده. 5 - بَابُ العُمْرَةِ لَيْلَةَ الحَصْبَةِ وَغَيْرِهَا (بابُ: العمرةِ ليلةَ الحصبةِ) بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين أي: ليلةَ المبيتِ بالمحصَّبِ، وهي ليلةُ النفرِ الأخيرِ. (وغيرها) بالنصب، وفي نسخةٍ: بالجرِّ. 1783 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ لِهِلالِ ذِي الحَجَّةِ، فَقَال لَنَا: "مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالحَجِّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ،

فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَلَوْلا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ". قَالتْ: فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَظَلَّنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "ارْفُضِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالحَجِّ"، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 605] (حدثنا) في نسخةٍ: "حدثني". (محمد بنُ سلامٍ) لفظُ: (ابنُ سلامٍ) ساقطٌ من نسخةٍ. (أبو معاوية) هو محمد بنُ خازم. (هشام) أي: ابن عروة. (موافين) أي: مكملين ذا القعدة، مستقبلين ذا الحجَّةِ. (أنُ يهلَّ بالحجِّ) أي: يدخله على العمرة، ليكون قارنًا. (أنْ يُهلَّ بعمرةٍ) أي: يدخلها على الحجِّ، ليفسخَ بها حجَّهُ. (لأهللت) في نسخةٍ: "لأحللت" أي: من حجِّي لأعتمر. (ومنَّا من أهلَّ بحجِّ) أي: ومنَّا من قرن. (وكنت ممن أهلَّ بعمرةٍ) في رواية: قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولا نرى إلا الحجَّ (¬1) وفي أخرى: لبينا بالحجِّ (¬2)، وفي أخرى: مهلِّين بالحجِّ (¬3) وجمع بينها: أنَّ عائشةُ أحرمت أولًا بالحجِّ. تبعًا له - صلى الله عليه وسلم - ثم أحرمت بالعمرة، حيث أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بفسخ الحج إلى العمرةِ فأخبر عروة باعتمارها في آخر الأمر. (فأظلَّني) بظاء معجمة، أي: قرب منِّي. (وأهلي بالحجِّ) أي: مع ¬

_ (¬1) أما رواية: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نرى إلا الحج فسبقت برقم (294) كتاب: الحيض، باب: الأمر بالنفساء إذا نفس. (¬2) ورواية: لبينا بالحج. رواها مسلم (1211) - 121 - كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام. (¬3) ورواية: مهلين بالحج ستأتي برقم (1788) كتاب: العمرة، باب: المعتمر إذا طاف طواف العمرة.

6 - باب عمرة التنعيم

عمرتك فتكونين قارنة. ومرَّ شرحُ الحديثِ في كتاب: الحيض (¬1). 6 - بَابُ عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ (بابُ: عمرةِ التنعيمِ) هي موضعٌ على ثلاثةِ أميال، أو أربعةٍ من مكةَ (¬2). سُمّي به؛ لأنَّ على يمينه جبلَ نُعيمٍ، وعلى يساره جبلَ ناعمٍ، والوادي اسمهُ: نعمانُ. 1784 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ، وَيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ"، " قَال سُفْيَانُ مَرَّةً: سَمِعْتُ عَمْرًا كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَمْرٍو". [2985 - مسلم: 1212 - فتح، 3/ 606] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينارٍ. 1785 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ المَجِيدِ، عَنْ حَبِيبٍ المُعَلِّمِ، عَنْ عَطَاءٍ، حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ وَأَصْحَابُهُ بِالحَجِّ، وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَلْحَةَ، وَكَانَ عَلِيٌّ قَدِمَ مِنَ اليَمَنِ وَمَعَهُ الهَدْيُ، فَقَال: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِأَصْحَابِهِ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا إلا مَنْ مَعَهُ الهَدْيُ، فَقَالُوا: نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ"، وَأَنَّ عَائِشَةَ حَاضَتْ، فَنَسَكَتْ المَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ، قَال: فَلَمَّا طَهُرَتْ وَطَافَتْ قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنْطَلِقُونَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ وَأَنْطَلِقُ بِالحَجِّ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الحَجِّ فِي ذِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (319) كتاب: الحيض، باب: كيف تهل الحائض بالحج والعمرة. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 49.

7 - باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي

الحَجَّةِ. وَأَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالعَقَبَةِ، وَهُوَ يَرْمِيهَا، فَقَال: أَلَكُمْ هَذِهِ خَاصَّةً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "لَا، بَلْ لِلْأَبَدِ". [انظر: 1557 - مسلم: 1216 - فتح: 3/ 606] (أهلّ وأصحابهُ) بالرفع، وفي نسخة: بالنصب. (وطلحة) أي: ابن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي. (ومعه الهديُ) في نسخةٍ: "ومعه هديٌ". (وإنَّ النبيَّ) بكسر الهمزة وفتحها. (أن يجعلوها) الضمير للحجِّ، وأنثه باعتبار الحجَّةِ. (يطوفوا) أي: "بالبيت" كما في نسخةٍ. (ننطلق) أي: أننطلقُ بتقدير همزة الاستفهام. (وذَكَرُ أحدِنا يقطرُ) أي: بالمنيِّ، وإنما قالوا ذلك؛ لأنَّه شق عليهم أنْ يحلوا والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - محرمُ أي: إنَّ الحِلَّ يفضى بنا إلى مجامعةِ النساء ثم نحرم بالحجِّ عقب ذلك فنخرج وذكرُ أحدنا لقربه من المواقعةِ يقطرُ منيًّا، وحالةُ الحجِّ تنافي الترفهَ فكيف يكونُ ذلك؟ (لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ) الأمر الذي استدبره - عليه السلام - هو ما حصل لأصحابه من مشقَّةِ انفرادهم عنه بالفسخ، حتَّى أنَّهم توقفوا، أو ترددوا وراجعوا. (لأهللت) في نسخة: "لأحللت". ومرَّ بيانه. (لم تطف) أي: "بالبيت" كما في نسخةٍ. (فلما طهُرت) بضم الهاء وفتحها. (بالعقبة) في نسخةٍ: "وهو بالعقبة"، ومرَّ شرحُ الحديثِ. 7 - بَابُ الاعْتِمَارِ بَعْدَ الحَجِّ بِغَيْرِ هَدْيٍ (بابُ: الاعتمارِ بعد الحجِّ) أي: في أشهرهِ. (بغير هديٍ) أي: لازمٍ. 1786 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَال: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ لِهِلالِ ذِي الحَجَّةِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ

أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةٍ فَلْيُهِلَّ، وَلَوْلا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ"، فَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَحِضْتُ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "دَعِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالحَجِّ"، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ، أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ. فَأَرْدَفَهَا، فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِهَا، فَقَضَى اللَّهُ حَجَّهَا وَعُمْرَتَهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا صَوْمٌ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 609] (يحيى) أي: القطان. (هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (إني) في نسخةٍ: "إنني" بزيادة نون. (لأهللتُ) في نسخة: "لأحللتُ" كما مرَّ نظيرُه. (وكنت ممن أهلَّ بعمرةٍ) المشهورُ أنَّها [أحرمت أولًا بالحج فتحمل رواية عروة على أنها] (¬1) أحرمتْ بالعمرةِ آخرًا. (فأدركني) في نسخةٍ: "فأظلني" أي: قُربَ منِّي. (فشكوتُ) أي: "ذلك" كما في نسخةٍ. (فأردفها) فيه: التفاتٌ إذ الأصلُ فأردفني. (لم يكن في شيءٍ من ذلك هديٌ إلى آخره) احتج به بعضُهم على أنَّ عائشةَ لم تكن قارنةً ولا متمتعةً، وإلَّا لزمها الهديُ. وأجيبَ: بأنَّ هذا الكلامَ مدرجٌ من قول هشام، كأنَّه نفى ذلك بحسب ظنِّه، فلا يلزمُ من ذلك نفيه في نفس الأمر، أو يكون المرادُ: أنَّها لم تتكلف الهديَ، بل قام به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنها، كما رواه مسلم (¬2). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم" (1211) كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام.

8 - باب أجر العمرة على قدر النصب

8 - بَابُ أَجْرِ العُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ (بابُ: أجرِ العمرةِ على قدرِ النَّصبِ) أي: التعبَ. 1787 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالا: قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ، وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ؟ فَقِيلَ لَهَا: "انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ، فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا، وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أَوْ نَصَبِكِ". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 610] (ابن عون) هو عبدُ الله. (عن إبراهيمَ عن الأسودِ) أي: النخعيين. (يصدرُ الناسُ) بضم الدال، أي: يرجعون. (بمكان كذا) أي: الأبطح. (ولكنَّها) أي: ولكن عمرتَك. (أو نَصَبِكِ) شكٌّ من الراوي، أو تنويعٌ من كلامه - صلى الله عليه وسلم -. 9 - بَابُ المُعْتَمِرِ إِذَا طَافَ طَوَافَ العُمْرَةِ ثُمَّ خَرَجَ، هَلْ يُجْزِئُهُ مِنْ طَوَافِ الوَدَاعِ؟ (بابُ: المعتمرِ إذا طافَ طوافَ العمرةِ ثم خرجَ هل يجزئه من) أي: عن (طوافِ الوداع) أو لا؟ 1788 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالحَجِّ، فِي أَشْهُرِ الحَجِّ، وَحُرُمِ الحَجِّ، فَنَزَلْنَا سَرِفَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلَا". وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ذَوي قُوَّةٍ الهَدْيُ، فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ عُمْرَةً، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَال "مَا يُبْكِيكِ؟ " قُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ لِأَصْحَابِكَ مَا قُلْتَ: فَمُنِعْتُ العُمْرَةَ، قَال: "وَمَا شَأْنُكِ؟ "، قُلْتُ: لَا أُصَلِّي، قَال: "فَلَا يَضِرْكِ أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كُتِبَ عَلَيْكِ

مَا كُتِبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِهَا"، قَالتْ: فَكُنْتُ حَتَّى نَفَرْنَا مِنْ مِنًى، فَنَزَلْنَا المُحَصَّبَ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَال: "اخْرُجْ بِأُخْتِكَ الحَرَمَ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا مِنْ طَوَافِكُمَا، أَنْتَظِرْكُمَا هَا هُنَا". فَأَتَيْنَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَال: "فَرَغْتُمَا". قُلْتُ: نَعَمْ، فَنَادَى بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ وَمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ صَلاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ خَرَجَ مُوَجِّهًا إِلَى المَدِينَةِ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 612] (أبو نعيم) هو الفضلُ بنُ دُكينٍ. (خرجنا) أي: "مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -" [كما في نسخة] (¬1) (وحُرُم الحجِّ) بضم الحاء والراء، أي: الحالات والأماكن والأوقات التي للحجِّ، وروي: بفتح الراء جمعُ حرمة، أي: محرمات الحجِّ. (فنزلنا بسرف) بفتح المهملة وكسر الراء: موضعٌ بقرب مكةَ (¬2)، وفي نسخةٍ: "فنزلنا سرفَ" وفي أخرى: "فنزلنا منزلًا". (أن يجعلها) أي: حجَّته. (فلم يكن لهم عمرةٌ) أي: مستقلةٌ؛ لأنَّهم كانوا قارنين، و (عمرة) بالرفع اسمٌ لكان على أنَّها تامَّة، وبالنصب خبرُها على أنَّها ناقصةٌ. (فمنعت) بالبناء للمفعول. (العمرة) بالنصب بنزع الخافض، أي: من العمرة. (كُتِبَ عليك) بالبناء للمفعول، وفي نسخةٍ: "كَتَبَ الله عليك". (حجَّتَك) بتاء التأنيث، وفي نسخة: بحذفها. (الحرم) بنصبه بنزع الخافض [وفي نسخةٍ: "من الحرم" بإظهار الخافض] (¬3). (في جوفِ الليلِ) في نسخةٍ: "من آخر الليل" (¬4). (بالرحيل) في نسخةٍ: "الرحيل" ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) انظر: "امعجم البلدان" 3/ 212. (¬3) من (م). (¬4) وهي رواية الإسماعيلي، وهي أوفق لبقية الروايات، كما ذكر ذلك ابن حجر في "الفتح" 3/ 612.

10 - باب: يفعل في العمرة ما يفعل في الحج

بالنصب على الإغراء. (موجهًا) بكسر الجيم المشددة، وفي نسخةٍ: "متوجهًا" بزيادة تاء. 10 - بَابٌ: يَفْعَلُ فِي العُمْرَةِ مَا يَفْعَلُ فِي الحَجِّ (بابُ: يفعلُ في العمرةِ) في نسخةٍ: "بالعمرةِ" بموحدة. و (ما يفعلُ بالحجِّ) أي: في بعضه، وفي نسخةٍ: "بالعمرة ما يفعلُ بالحجِّ" بموحدة فيهما. 1789 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، قَال: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ - يَعْنِي -، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الخَلُوقِ - أَوْ قَال: صُفْرَةٌ -، فَقَال: كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُتِرَ بِثَوْبٍ، وَوَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، فَقَال عُمَرُ: تَعَال أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الوَحْيَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ لَهُ غَطِيطٌ، - وَأَحْسِبُهُ قَال: كَغَطِيطِ البَكْرِ - فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَال: "أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ العُمْرَةِ اخْلَعْ عَنْكَ الجُبَّةَ، وَاغْسِلْ أَثَرَ الخَلُوقِ عَنْكَ، وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ". [انظر: 1536 - مسلم: 1180 - فتح: 4/ 613] (همَّام) أي: ابن يحيى. (عن أبيه) في نسخةٍ: "يعني: عن أبيه". (الخلوق) بفتح المعجمة وخفَّةِ اللام المضمومة وبقافٍ: ضربٌ من الطيبِ. (أو قال) شكٌّ من الراوي. (صُفْرَةِ) بالجر والرفع عطفٌ على المضاف إليه، أو المضاف. (فأنزل الله على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] (ووددت) في نسخةٍ: (وددت) بحذف الواو. (وقد أنزل)

11 - باب: متى يحل المعتمر؟

بالبناء للفاعل، وبالبناء للمفعول. (عليه) في نسخةٍ: "إليه". (الوحي) بالنصب والرفع باعتبار ضبطي (أنزل). (غطيط) أي: شخيرٌ وصوتٌ فيه بحوحةٌ. (البكر) بفتح الموحد وسكون الكاف: الفتي من الإبل، والأنثى: بكرة. (سُرِّي) بضم المهملة وكسر الراء مشددة ومخففة، أي: كشف. (أين السائلُ؟) قيل: هو عطاءٌ. (وأنق) بنون من الإنقاءِ، أي: طهر، وبمثناة فوقية من الاتقاء، أي: احذر، فهمزتُه على الأوَّل همزةُ قطع، وعلى الثاني همزةُ وصلٍ، ومرَّ شرحُ الحديثِ في باب: غسلِ الخلوقِ في أوائل الحجِّ (¬1). (من شعائرِ الله) أي: من أعلام مناسكه إذ الشعائرُ جمعُ شعيرةٍ: وهي العلامةُ. (فلا أرى) بضم الهمزة وفتحها. (بهما) في نسخةٍ: "بينهما". (فقالت) في نسخةٍ: "قالت". (لو كانت) في نسخةٍ: "لو كان". (كما تقول) أي: من عدم وجوب السعي. (لمناة) بفتح الميم وتخفيف النون: اسمُ صنمٍ. (قديد) بضم القاف: موضعٌ بين مكةَ والمدينةِ (¬2). (يتحرجون) أي: يتجنَّبون الحرج، أي: الإثم الذي في الطواف باعتقادهم، أو يتجنبون عنه؛ لأجل الطواف. (زاد سفيان) أي: ابن عيينة، وقيل: الثوريُّ. (وأبو معاوية) هو محمد بنُ خازمٍ بخاء وزاي معجمتين. 11 - بَابٌ: مَتَى يَحِلُّ المُعْتَمِرُ؟ وَقَال عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَصْحَابَهُ أَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1536) كتاب: الحج، باب: غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 313.

يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، وَيَطُوفُوا ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا". [انظر: 1651، 1785] (بابُ: متى يحلُّ المعتمرُ؟) أي: من إحرامِه. 1791 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَال: "اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ طَافَ وَطُفْنَا مَعَهُ، وَأَتَى الصَّفَا وَالمَرْوَةَ وَأَتَيْنَاهَا مَعَهُ" وَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَرْمِيَهُ أَحَدٌ، فَقَال لَهُ صَاحِبٌ لِي: أَكَانَ دَخَلَ الكَعْبَةَ؟. قَال: لَا. [انظر: 1600 - فتح: 3/ 615] (عن جريرٍ) أي: ابن عبدِ الحميد. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالدٍ. (وطفنا) في نسخةٍ: "فطفنا" بالفاء. (وأتيناها) بإفراد الضمير أي: بقعةُ الصفا والمروةِ، وفي نسخةٍ: "وأتيناهما" بالتثنيه أي: الصفا والمروة. (فقال له) أي: لعبدِ الله بنِ أبي أوفى. (صاحبٌ لي) لم يسمَّ. (لا) أي: لم يدخلها في تلك العمرة. 1792 - قَال: فَحَدِّثْنَا مَا قَال لِخَدِيجَةَ؟ قَال: "بَشِّرُوا خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ مِنَ الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ، وَلَا نَصَبَ". [3819 - مسلم: 2433 - فتح: 3/ 615] (من الجَنَّة) في نسخةٍ: "في الجنة". (من قصب) أي: دُرٍّ مجوَّفٍ. (لا صخبَ فيه) أي: لا صياحَ فيه. (ولا نصب) أي: لا تعب. 1793 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَال: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فِي عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَال: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ سَبْعًا وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. [315 - مسلم: 1234 - فتح: 3/ 615] (الحميدي) هو: عبدُ الله بنُ الزبيرِ. (سفيان) أي: ابن عيينة. (طاف) أي: "بالبيت" كما في نسخةٍ. (في عمرة) في نسخةٍ: "في

عمرته". (أسوة) بضم الهمزة وفتحها. 1794 - قَال: وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَال: "لَا يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ". [انظر: 396 - فتح: 3/ 615] (لا يقربنَّها) بنون التوكيد، أي: لا يباشرها. ومرَّ شرحُ الحديث في أبواب الطواف (¬1). 1795 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ وَهُوَ مُنِيخٌ فَقَال: "أَحَجَجْتَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "بِمَا أَهْلَلْتَ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلالٍ كَإِهْلالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ أَحِلَّ" فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِي، ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالحَجِّ، فَكُنْتُ أُفْتِي بِهِ، حَتَّى كَانَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ فَقَال: إِنْ أَخَذْنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، وَإِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ. [انظر: 1559 - مسلم: 1221 - فتح: 3/ 615] (حدثنا محمدٌ) في نسخةٍ: "حدثني محمدٌ". (غندر) هو محمد بنُ جعفرِ. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (منيخ) بضم الميم أي: راحلته. (ففلتْ) أي بوزن: رمت (¬2) بمعنى: ¬

_ (¬1) سبق برقم (1646) كتاب: الحج، باب: ما جاء في السعي بين الصفا والمروة. (¬2) هو على وزن رمت، كما أشار المصنف، وأصله: فليت، قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار فلت على وزن فعت؛ لأن المحذوف منه لامه وذلك كما فعل في رمت، ونحوه من معتل اللام.

12 - باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو

فتشتُ واستخرجتُ القمَّل. (يأمرنا) في نسخةٍ: "يأمر". (حتى يبلغَ) في نسخةٍ: "حتَّى بلغَ" ومرَّ شرحُ الحديث في بابِ: الذبحِ قبلَ الحلقِ (¬1). 1796 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ تَقُولُ: "كُلَّمَا مَرَّتْ بِالحَجُونِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَا هُنَا، وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ قَلِيلٌ، ظَهْرُنَا قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا، فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَفُلانٌ وَفُلانٌ، فَلَمَّا مَسَحْنَا البَيْتَ أَحْلَلْنَا ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ العَشِيِّ بِالحَجِّ". [انظر: 1615 - مسلم: 1235، 1237 - فتح: 3/ 616] (أحمد) أي: "ابن عيسى" كما في نسخةٍ، أو "ابن صالح" كما في أخرى. (ابن وهب) هو عبدُ الله. (عمرو) أي: ابن الحارث. (عن أبي الأسودِ) هو محمد بنُ عبدِ الرحمن. (أنَّ عبدُ الله) أي: ابن كيسان. (بالحجون) بفتح المهملة وتخفيف الجيم وبنون: جبلٌ بمكةَ (¬2). وهو مقبرةٌ لأهلها. (على محمد) في نسخةٍ: "على رسولهِ محمدٍ". (خفاف) بكسر المعجمة جمعُ خفيف، أي: من الأمتعة. (ظهرنا) أي: مراكبنا. (فاعتمرتُ أنا وأختي) أي: بعد أنْ فسخنا الحجِّ إلى العمرةِ. (مَسَحْنا البيتَ) أي: طفناه؛ لأنَّ الطوافَ فيه مسحُ الحجرِ. (أحللنا) أي: بعد السعي. 12 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ أَوِ الغَزْوِ (بابُ: ما يقول إذا رجع من الحجِّ أو العمرةِ أو الغزو؟) أي: مما يأتي في الحديث. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1724) كتاب: الحج، باب: الذبح قبل الحلق. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 225.

13 - باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة

1797 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ". [2995، 3084، 4116، 6385 - مسلم: 1344 - فتح: 3/ 618] (قفل) أي: رجع، ومنه القافلة. (شرف) بفتحتين، أي: مكان عال. (آيبون) خبرُ مبتدإٍ محذوف، أي: نحن راجعون إلى الله، وفيه: إيهامُ الرجوع إلى الوطنِ. (تائبون) قاله - صلى الله عليه وسلم -؛ تواضعًا، أو تعليمًا لأمته. (لربنا) متعلقٌ بـ (ساجدون) أو بسائر الصفات على سبيل التنازع، وهو مقدَّرٌ بعد (حامدون) أيضًا. (الأحزاب) أي: الطوائف المتفرقة الذين تجمعوا عليه - صلى الله عليه وسلم - على باب المدينة، فهزمهم الله بلا مقاتلة. 13 - بَابُ اسْتِقْبَالِ الحَاجِّ القَادِمِينَ وَالثَّلاثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ (بابُ: استقبالِ الحاجِّ القادمين) بكسر الميم: صفة للحاجِّ باعتبار الجنس نحو: {سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67]. وفي نسخةٍ: "القادمين" بالتثينة. وفي أخرى: "الغلامين" وهما أنسب للمعطوف الآتي، فعلى أوليهما: مفعولُ استقبالِ القادمين، وعلى ثانيتهما: الغلامين، وعلى الأولى: من الثلاث الغلامين مقدَّرًا. (والثلاثةَ على الدابة) بالنصب عطف على مفعول (استقبال) المقدَّر، أو المذكور، وقيل: بالجرِّ عطفٌ على (استقبال) وفيه تكلفٌ. 1798 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَآخَرَ خَلْفَهُ". [5965، 5966 - فتح: 3/ 619]

14 - باب القدوم بالغداة

(خالد) أي: الحذاء. (قدم النبيُّ) في نسخةٍ: "قدم رسولُ الله". (أغيلمة) قال الخطابيُّ: هو تصغيرُ غلمة. وكان القياس غليمة، لكنَّهم ردُّوه إلى أفعلة، فقالوا: أغيلمة، كما قالوا: أصيبيه في تصغير صبيَّة انتهى (¬1)، وبعضُهم يقول في تصغيره غليمة على القياس، وللجوهريِّ فيه كلامٌ طويلٌ (¬2). 14 - بَابُ القُدُومِ بِالْغَدَاةِ (بابُ: القدومِ بالغداةِ) أي: استحباب قدومِ المسافرِ إلى منزلهِ بالغداة. 1799 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ "إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِي الحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الوَادِي، وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ". [انظر: 484 - مسلم: 1257 - فتح: 3/ 619] ومرَّ شرحُ الحديث في باب: خروج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على طريق الشجرة في أوائل الحجِّ (¬3). 15 - بَابُ الدُّخُولِ بِالعَشِيِّ (بابُ: الدخولِ) أي: دخولِ المسافرِ إلى أهِله. (بالعشي) هو من وقت الزوال إلى الغروب كما مَّر. ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 2/ 914. (¬2) "الصحاح" للجوهري 5/ 1997 مادة (غلم). (¬3) سبق برقم (1533) كتاب: الحج، باب: خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - طريق الشجرة.

16 - باب لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة

1800 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَطْرُقُ أَهْلَهُ، كَانَ لَا يَدْخُلُ إلا غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً". [مسلم: 1928 - فتح: 3/ 619] (لا يطرق أهله) بضم الراء من الطروق: وهو الإتيانُ ليلًا فقوله في نسخةٍ عقب ذلك: "ليلًا" تأكيد، ثم علَّل ذلك بقوله: (وكان لا يدخل إلا غدوة، أو عشية) قيل: هي من صلاةِ المغربِ إلى العتمة، وقيل: من الزوالِ إلا الغروبِ، وهو المرادُ هنا للنهي عن الدخول ليلًا، كما يأتي في الباب الآتي. 16 - بَابُ لَا يَطْرُقُ أَهْلَهُ إِذَا بَلَغَ المَدِينَةَ (بابُ: لا يطرق) أي: المسافر. (أهلَه إذا بلغَ المدينةَ) في نسخةٍ: "إذا دخلَ المدينةَ" أي: أراد دخولها. 1801 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ لَيْلًا". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح: 3/ 620] (عن محارب) أي: ابن دثار. (نهي النبيُّ إلى آخره) النهيُ فيه للتنزيه، وحكمتُه: عدمُ تطلعه على عورات الأهل، أو كشفِ أستارِهنَّ وقوله: (ليلًا) تأكيدٌ؛ لأنَّ الطروق لا يكون إلا ليلًا كما مرَّ. 17 - بَابُ مَنْ أَسْرَعَ نَاقَتَهُ إِذَا بَلَغَ المَدِينَةَ (بابُ: من أسرعَ) في نسخةٍ: "من يسرعُ". (ناقتهَ إذا بلغ المدينةَ). (أسرع) يتعدى بنفسه وبالباء، فمن خطَّأ البخاريَّ مخطئٌ.

18 - باب قول الله تعالى: {وأتوا البيوت من أبوابها} [البقرة: 189]

1802 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ المَدِينَةِ، أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: زَادَ الحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ: حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: جُدُرَاتِ، تَابَعَهُ الحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ. [1886 - فتح: 3/ 620] (سعيد بن أبي مريم) نسبةً إلى جد له، وإلَّا فهو سعيدُ بنُ الحكمِ بن محمد بن سالم بن أبي مريمَ. (كان رسولُ الله) في نسخةٍ: "كان النبيُّ". (درجات المدينة) أي: طرقها المرتفعة، وفي نسخةٍ: "دوحات المدينة" بواو ساكنةٍ وحاء مهملة أي: شجرها العظام. (أوضع ناقتهَ) أي: حملها على السيرِ السريع يُقال: وضع البعير أي: أسرع في مشيه، وأوضعه راكبُه أي: حمله على السير السريع. (وإنْ كانت) أي: المركوبة. (دابة حركها) لسرعة السير. (من حبِّها) أي: المدينة، أي: من حبِّه لها، و (من) سببية. (جدرات) بضم الجيم والدال بلا تنوين، أي: جدرات المدينة، جمعُ جُدُرٍ بضمتين، جمع جدارٍ، وفي نسخةٍ: "جدرات" بالتنوين. (تابعه) أي: إسماعيل. (الحارث بن عمير) أي: في قوله: (جدرات). 18 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] (بابُ: قولِ الله تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} أي: بابُ بيانِ سببِ نزولِ ذلك.

19 - باب: السفر قطعة من العذاب

1803 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا، كَانَتِ الأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَجَاءُوا، لَمْ يَدْخُلُوا مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، وَلَكِنْ مِنْ ظُهُورِهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ بَابِهِ، فَكَأَنَّهُ عُيِّرَ بِذَلِكَ، فَنَزَلَتْ": {وَلَيْسَ البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا، وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى، وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] [4512 - مسلم: 3026 - فتح: 3/ 621] (أبو الوليد) هو هشام بنُ عبدِ الملكِ الطيالسيُّ. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحق) هو عمرو بن عبدِ الله السبيعيِّ. (فجاءوا) أي: المدينة. (قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة. (ولكن من ظهورها) السبب في صنيعهم ذلك، كما قال الزهريُّ: أنَّ ناسًا من الأنصارِ كانوا إذا أهلوا بالعمرةِ لم يَحُل بينهم وبين السماءِ (¬1) شيءٌ، فكان الرجلُ إذا أهلَّ فبدتْ له حاجة في بيته لم يدخل من الباب؛ لئلا يحول السقفُ بينه وبين السماء. (فجاء رجل) هو قطبةُ بنُ عامر بنُ حديدة. (فكأنه عُير) ببنائه للمفعول أي: عيب بذلك أي: بدخوله من قبل بابه. 19 - بَابٌ: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ (بابُ: السفرِ قطعة من العذاب) أي: جزء منه بسَبب الألم الناشئ عن المشقة فيه، ومنها مفارقة الأحباب. ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 193 (3089).

20 - باب المسافر إذا جد به السير يعجل إلى أهله

1804 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ". [3001، 5429 - مسلم: 1927 - فتح: 3/ 622] (عن أبي صالح) هو ذكوانُ الزياتِ. (السفرُ قطعة من العذاب) لا يعارضه خبر: "سافروا تغنموا" إذ لا يلزم من المغنم بالسفر أنْ لا يكونَ قطعةً من العذابِ؛ لما فيه من المشقة. (يمنع) أي: السفر. (أحدكم طعامه. . إلخ) الجملةُ استئنافٌ بيانيٌّ لمقدرٍ تقديره: لمَّا كان السفرُ قطعة من العذابِ، فقال لأنه يمنع إلى آخره والمرادُ بمنعه المذكورات منعُ كمالها أي: لذتها، أو منعه إياها في الوقت الذي يريده، لاشتغاله بالسير. (نهمتُه) أي: رغبتُه وحا جته. (فليعجِّل) أي: الرجوع. 20 - بَابُ المُسَافِرِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ يُعَجِّلُ إِلَى أَهْلِهِ (بابُ: المسافرِ إذا جدَّ به السيرُ) أي: أسرع فيه يقالُ: جدَّ يجدُّ، بضم الجيم وكسرها؛ إذا اجتهد. (يُعجِّل إلى أهِله) بضم الياء وتشديد الجيم مكسورة، وفي نسخة: "تَعجَّل" بفتح الفوقية وتشديد الجيم مفتوحة، وهي على النسختين: جوابُ (إذا) وفي أخرى: "وتعجل" بالواو وفتح الفوقية عطفٌ على (جدَّ) وجوابُ، (إذا) محذوفٌ أي: ماذا يصنعُ، ومرَّ شرحُ الحديث في أبواب: تقصيرِ الصلاة، في باب: يصلي المغربَ ثلاثًا في السفر (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1091) كتاب: تقصير الصلاة، باب: يصلي المغرب ثلاثًا في السفر.

27 - كتاب المحصر

27 - كتاب المُحْصَرِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 27 - كتاب المُحْصَرِ - باب المُحْصر وَجَزَاء الصَّيْد وَقَوْلِهِ تَعَالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ، فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ، وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} وَقَال عَطَاءٌ: "الإِحْصَارُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَحْبِسُهُ". [فتح: 4/ 3] (بابُ: المُحْصَرِ) في نسخةٍ: "أبوابُ المُحْصَرِ" أي: الممنوع من الحجِّ والعمرة. (وجزاءِ الصيد) بالجِّر، عطف على (المحصر). (وقولهُ تعالى) بالرفع استئناف، أو بالجز عطف على (المحصر). ({فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}) أي: مُنِعْتُم، يقال: حصَرَه العدوُ وأحصرُه: إذا منعهُ من المضي في فعله، مثل: صدَّه وأصدَّه. ({فَمَا اسْتَيْسَرَ}) أي: فعليكم ما استيسر. ({مِنَ الْهَدْيِ}) لتحلوا من إحرامكم. ({وَلَا تَحْلِقُوا}) إلى آخره ساقطٌ من نسخةٍ. (الإحصارُ من كل شيءٍ يحبسه) أي: فلا يختصُّ بمنع العدوِّ فقط، بل يعمُّ كلَّ حابسٍ من عدوٍّ ومرضٍ وغيرِهما، وبه قال الحنفية، وخصَّه مالكٌ والشافعي بمنع العدوِّ، وكأنه بالنظر إلى الوضع، وإلا فهو مستعملٌ في العدوِّ والمرض. يقال: أحصره وحصره، لكن الأولَ أشهرُ في حصر المرض، والثاني أشهرُ في حصر العدوِّ.

1 - باب إذا أحصر المعتمر

و (قال أبو عبد الله: {وَحَصُورًا}: لا يأتي النساءَ) ساقطٌ من نسخة، وذكره على عادته في تفسير ما يناسب من القرآن ما هو فيه، فأشار إلى أنَّ (حصورًا) أي: محصورا في قوله تعالى في يحيى بن زكريا: {وَحَصُورًا} [آل عمران: 39] معناه: لا يأتي النساءَ، وليس المرادُ بذلك لا يأتيهنَّ؛ لأنه يَهابهنَّ، أو لأنه لا ذَكَرَ له؛ لأنَّ هذه نقيصةٌ لا تليقُ بالأنبياء، بل المرادُ: أنَّه معصومٌ من الفواحشِ والملاهيِ. 1 - بَابُ إِذَا أُحْصِرَ المُعْتَمِرُ (بابُ: إذا أُحصرَ المعتمرُ) أي: ماذا يصنعُ؟ 1806 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الفِتْنَةِ، قَال: "إِنْ صُدِدْتُ عَنِ البَيْتِ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ". [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 4/ 4] (إذا خرج) أي: أراد أنْ يخرجَ. (معتمرًا في الفتنةِ) لا ينافيه ما في "الموطأ": أنَّه خرج إلى مكةَ يريدُ الحجِّ (¬1)، لأنه خرج أولًا مريدًا للحجِّ، فلما ذكروا له أمر الفتنةِ أحرم بالعمرةِ. (ثمَّ قال: ما شأنُهما إلا واحدٌ) أي: في جوازِ التحلل منهما بالإحصارِ، فأضاف إليها الحجِّ فصار قارنًا، والمرادُ بالفتنة: فتنةُ الحجَّاجِ حين نزل لقتال ابن الزبير. (صنعت) في نسخةٍ: "صنعنا". 1807 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، أنَّ ¬

_ (¬1) "الموطأ" 1/ 460 - 461 (1173) كتاب: المناسك، باب: ما يفعل من أحصر عن الحج بعدو.

عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، لَيَالِيَ نَزَلَ الجَيْشُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالا: لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَحُجَّ العَامَ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يُحَال بَيْنَكَ وَبَيْنَ البَيْتِ، فَقَال: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَال كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ البَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ العُمْرَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَنْطَلِقُ، فَإِنْ خُلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ البَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ"، فَأَهَلَّ بِالعُمْرَةِ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَال: إِنَّمَا شَأْنُهُمَا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِي، فَلَمْ يَحِلَّ مِنْهُمَا حَتَّى حَلَّ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَهْدَى، وَكَانَ يَقُولُ: لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافًا وَاحِدًا يَوْمَ يَدْخُلُ مَكَّةَ. [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 4/ 4] (عبيد الله) في نسخةٍ: "عبد الله" وهو الموافقُ لما تقدَّمَ في بابِ: النحرِ قبلَ الحلقِ في الحصر (¬1). (فأهل) أي: رفع صوته بالإهلال والتلبية. 1808 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ بَعْضَ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ قَال: لَهُ لَوْ أَقَمْتَ بِهَذَا. [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 4/ 4] (جويرية) أي: ابن أسماء بن عبيد الضبعي. (لو أقمت بهذا) أي: المكان أو العام؛ أي: لكان خيرًا، فجواب (لو) محذوفٌ، أو أنَّها للتمني فلا جوابَ لها. 1809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَال: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَجَامَعَ نِسَاءَهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ، حَتَّى اعْتَمَرَ عَامًا قَابِلًا". [فتح: 4/ 4]. (محمد) أي: ابن يحيى الذهلي، أو ابن إدريس الرازي، أو أبو ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1812) كتاب: المحصر، باب: النحر قبل الحلق في الحصر.

2 - باب الإحصار في الحج

حاتم ابن إدريس. (قال ابن عباسِ) في نسخةٍ: "فقال" بفاء؛ عطفٌ على مقدرٍ أي: قلت، أو سألتُ فقال. (حتَّى أعتمر) في نسخةٍ: "ثمَّ أعتمر". 2 - بَابُ الإِحْصَارِ فِي الحَجِّ (بابُ: الإحصارِ في الحجِّ) أي: الواقع فيه. 1810 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الحَجِّ، طَافَ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلًا، فَيُهْدِي أَوْ يَصُومُ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا"، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ. [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 4/ 8] (أحمد بن محمد) أي: المعروف بمردويه السمسار. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. (حسبُكم سنةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -) بنصب (سنة)؛ خبرُ ليس، واسُمها: (حسبكم). (إنْ حبسَ إلى آخره) تفسيرًا لـ (سنة) فمحمله: النصبُ، أو الرفعَ خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: هي، وإنما ذكر (طاف) إلى آخره، مع أنَّه محصر؛ لأنَّه إنَّما أُحصِرَ عن الوقوف بعرفة. (حل من كلِّ شيءٍ) أي: من كل شيءٍ حَرُمَ عليه بالإحرامِ. (عامًا) ظرف. (قابلًا) صفة عامًا. (فيهدي) أي: بذبح شاة. (أو يصوم إنْ لم يجد هديًا) إذ التحلل لا يحصل إلا بنيته مع ما ذكر، والحلق. (وعن عبدِ الله) أي: ابن المبارك. (قال أخبرنا معمرٌ) حاصلهُ مع ما مرَّ في السند السابق أن ابن المبارك كان يحدِّث به تارةً عن يونس، وتارةً عن معمرٍ.

3 - باب النحر قبل الحلق في الحصر

3 - بَابُ النَّحْرِ قَبْلَ الحَلْقِ فِي الحَصْرِ (بابُ: النحرِ قبلَ الحلقِ في الحصر) أي: عن الحجِّ. 1811 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ المِسْوَرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ". [انظر: 1694 - فتح: 4/ 10] (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرازق) أي: ابن همَّام. (معمر) أي: ابن راشد. (نحر قبلَ أنْ يحلقَ) أفاد به تقديمَ النحرِ على الحلقِ ولا ينافيه ما أفاده قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] من تأخره عن النحر؛ لأنَّ ذاك في غير الإحصار، وهذا فيه. 1812 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الوَلِيدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ، قَال: وَحَدَّثَ نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، وَسَالِمًا، كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَال: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَمِرِينَ، فَحَال كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ البَيْتِ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدْنَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ". [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 4/ 10] (ابن عبد الرحيم) هو: الصاعقةُ. (عن عمرَ بن محمدٍ) أي: ابن [زيد] (¬1) بنِ عبدِ الله بن عمرٍ بنِ الخطابِ. (أن عبدَ الله) أي: ابن عبدِ الله بنَ عمرَ. (بدنة) بضم الموحدة وسكون الدال. ¬

_ (¬1) في (أ)، (م) بدونها وما أثبتناه من "تهذيب الكمال" 21/ 499.

4 - باب من قال: ليس على المحصر بدل

4 - بَابُ مَنْ قَال: لَيْسَ عَلَى المُحْصَرِ بَدَلٌ وَقَال رَوْحٌ: عَنْ شِبْلٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "إِنَّمَا البَدَلُ عَلَى مَنْ نَقَضَ حَجَّهُ بِالتَّلَذُّذِ، فَأَمَّا مَنْ حَبَسَهُ عُذْرٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَلَا يَرْجِعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ وَهُوَ مُحْصَرٌ نَحَرَهُ، إِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْعَثَ [بِهِ] وَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ" وَقَال مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ بِالحُدَيْبِيَةِ نَحَرُوا وَحَلَقُوا وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ الطَّوَافِ، وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ الهَدْيُ إِلَى البَيْتِ، ثُمَّ لَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَحَدًا أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا، وَلَا يَعُودُوا لَهُ وَالحُدَيْبِيَةُ خَارِجٌ مِنَ الحَرَمِ. (باب: من قال: ليس على المحصَر بدلٌ) أي: قضاءٌ، لما أحصر فيه. (روح) بفتح الراء أي: ابن عبادة. (عن ابن أبي نجيحٍ) هو: عبدُ الله. (إنما البدلُ) أي: القضاءُ. (على من نقض) بمعجمة، وفي نسخة: بمهملة. (بالتلذذ) أي: الجماع؛ لتقصيره. (عذر) في نسخة: "عدو" وعلى الأول المرادُ به: نوعٌ منه كالمرض؛ ليحسن عطف (أو غير ذلك) عليه. (ولا يرجع) أي: للقضاءَ إذ لا قضاء على المحصَرِ؛ لعدم تقصيره، وهذا في النفل، أمّا الفرضُ فثابتٌ في ذمته فيرجع لأجله. (لا يستطيع أنْ يبعثَ) أي: "به" كما في نسخة. أي: أنْ يبعث به إلى الحرم

[(في أي موضعٍ كان) أي: الحصر لا الحلق، كما هو مذهب الشافعي أيضًا، فلا يلزمه إذا أحصر في الحلِّ أن يبعث به إلى الرحم] (¬1). (ولا يعودوا) (لا) زائدة، كما قيل به في قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12] (والحديبية خارج (¬2) من الحرم) يحتمل أنْ يكونَ من كلام البخاريِّ ردًّا على من قال: لا يجوزُ النحرُ حيث أحصر، بل يجبُ البعثُ إلى الحرمِ، فلما أُلزِمَ بنحره - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية أجاب بأنَّها من الحرمِ، فردَّ عليه بأنَّها خارجةٌ عن الحرمِ. 1813 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الفِتْنَةِ: "إِنْ صُدِدْتُ عَنِ البَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ"، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ نَظَرَ فِي أَمْرِهِ، فَقَال: مَا أَمْرُهُمَا إلا وَاحِدٌ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَال: مَا أَمْرُهُمَا إلا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الحَجَّ مَعَ العُمْرَةِ، ثُمَّ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ وَأَهْدَى. [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 4/ 11] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (حين خرح) أي: حين أراد أنْ يخرجَ. (أنَّ ذلك مجزيًا) بالنصب على القول: بأنَّ أنَّ تنصب الجزأين، أو خبرُ كان محذوفةٌ، أي: يكون مجزيًا، وفي نسخةٍ: "مجزئ" بالرفع خبر (أنَّ)، ومرُّ الحديثُ في باب: إذا أُحِصرَ المعتمرُ (¬3). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) في الأصل: [خارجة]. (¬3) سلف برقم (1806) كتاب: الحج، باب: إذا أحصر المعتمر.

5 - باب قول الله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة: 196]

5 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَهُوَ مُخَيَّرٌ، فَأَمَّا الصَّوْمُ فَثَلاثَةُ أَيَّامٍ. (بابُ: قولِ) أي: تفسير قولِ (الله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ}) أي: فعليه فدية إنْ حلق ({مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}) بيانٌ لجنس الفدية، وأمَّا قدُرها فسيأتى بيانُه. (وهو) أي: من ذكر من المريضِ، ومن به أذى من رأسه. (مخير) الثلاث المذكورات (فأمَّا الصومُ فثلاثة) حذف معموله؛ اختصارًا أو اكتفاءً بذكره بعدُ (وهو) وأما النُسُكُ فأقله شاة، وأمَّا الصدقةُ فإطعامُ ستةِ مساكين. 1814 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: "لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ"، قَال: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ بِشَاةٍ". [1815، 1816، 1817، 1818، 4159، 4190، 4191، 4517، 5665، 5703، 6708 - مسلم: 1201 - فتح: 4/ 12] (هَوَامُّكَ) جمع هامَّة [أي: بين] (¬1) بتشديد الميم: وهي الدابةُ، والمرادُ هنا: القمَّلُ؛ لأنَّه يهم على الرأس، أي: يدبّ والهميم: الدبيب. (انسك بشاهٍ) ضمَّن (انسك) معنى: تقرَّب فعدَّاه بالباء، وفي نسخةٍ: "شاة" ضمَّن (انسك) معنى أذبح فعدَّاه بنفسه. ¬

_ (¬1) من (م).

6 - باب قول الله تعالى: {أو صدقة} [البقرة: 196] وهي إطعام ستة مساكين

6 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {أَوْ صَدَقَةٍ} [البقرة: 196] وَهِيَ إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ (بابُ: قولِ الله تعالى {أَوْ صَدَقَةٍ}) أي: باب تفسير ذلك، وقد فسره بقوله: (وهي إطعامُ ستةِ مساكين) لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ. 1815 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَيْفٌ، قَال: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، حَدَّثَهُ قَال: وَقَفَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحُدَيْبِيَةِ وَرَأْسِي يَتَهَافَتُ قَمْلًا، فَقَال: "يُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "فَاحْلِقْ رَأْسَكَ، أَوْ - قَال: احْلِقْ -"، قَال: فِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] إِلَى آخِرِهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقْ بِفَرَقٍ بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ انْسُكْ بِمَا تَيَسَّرَ". [انظر: 1814 - مسلم: 1201 - فتح: 4/ 16] (سيف) أي: ابن سليمان المكي. (يتهافت قملًا) أي: يتساقط شيئًا فشيئًا. (يؤذيك) أي: أيؤذيك؟ بتقدير همزة الاستفهام. (بفرقٍ) بفتح الراء وسكونها: مكيالٌ معروفٌ بالمدينةِ يسع ستةَ عشرَ رطلًا: وهي ثلاثهُ آصعٍ. (أو انسك) في نسخةٍ: "أونسك" أي: أو انسك بنسك. (بما) بموحدة، وفي نسخةٍ: "مما"، بميم. (تيسَّر) أي: من أنواع الهدي. 7 - بَابٌ: الإِطْعَامُ فِي الفِدْيَةِ نِصْفُ صَاعٍ (بابُ: الإطعامِ) بالإضافة، وفي نسخةٍ: بدونها برفع (الإطعام) مبتدأ. (في الفدية نصفُ صاعِ) خبرُ مبتدإِ محذوفِ على جرِّ (الإطعام) وخبرُ (الإطعام) على رفعه.

8 - باب: النسك شاة

1816 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَال: جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الفِدْيَةِ، فَقَال: نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً، حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَال: "مَا كُنْتُ أُرَى الوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى - أَوْ مَا كُنْتُ أُرَى الجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى - تَجِدُ شَاةً؟ " فَقُلْتُ: لَا، فَقَال: "فَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ". [انظر: 1814 - مسلم: 1201 - فتح: 4/ 16] (أبو الوليد) هو هشام بنُ عبدِ الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عبدِ الرحمنِ) أي: عبدِ الله. (الأصبهاني) بفتح الهمزة وكسرها مع موحدة أو فاء. (معقل) بفتح الميم وسكون المهملة وكسر القاف. (نزلتْ) أي: الآيةُ. (فيَّ خاصةً وهي لكم عامةً) أشار إلى ذلك من باب خصوصِ السبب وعموم اللَّفظ، وأنَّ العبرةَ بعمومه لا بخصوص السبب. (أرَى) الأول بضم الهمزة أي: أظن، والثاني بفتحها أي: أبصر. (أو ما كنتُ) شكٌّ من الراوي. (الجهد) بفتح الجيم وضمها: المشقة. (تجد) أي: أتجد بتقدير همزة الاستفهام. (فقال) في نسخةٍ: "قال". (فصمْ ثلاثةَ أيامٍ) بيان لقوله تعالى: {مِن صِيَامٍ} (أو أطعم ستة مساكين) بيان لقوله تعالى: {أَوْ صَدَقَةٍ} واستشكلت الفاء في (فصمْ) فإنَّها تدلُّ على الترتيب، والآيةُ وردت للتخيير بين الثلاثِ. وأجيبَ: بأنَّ التخيير بين الثلاث إنما هو عند وجودِ الشاةِ، وأمَّا عند عدِمها فالتخييرُ بين أمرين لا بين الثلاث. 8 - بَابٌ: النُّسْكُ شَاةٌ (بابُ: النسكِ شاةٌ) أي: النسك في قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196].

1817 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَال: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ "، قَال: نَعَمْ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَهُوَ بِالحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. [انظر: 1814 - مسلم: 1201 - فتح: 4/ 18] (إسحاق) أَي: ابن راهويه. (رآه) أي: كعبًا. (وأنه) أي: كعبًا، وفي نسخةٍ: "وأن القمَّل" وفي أخرى: "وأنَّ دوابه" أي: دوابَّ كعبٍ. (يسقط القمل) لفظُ: (القمل) ساقطٌ من نسخةٍ على النسختين الأخيرتين دون الأولى. (ولم يتبين لهم. . إلخ) أي: لم يظهر لهم بعد في ذلك الوقتِ أنَّهم يحلُّون بها؛ لأنهم كانوا على طمع. (أن يدخلوا مكة) وضمير (وهم) للرسول ومن معه، وفي نسخةٍ: "وهو" أي: الرسول، والجملةُ ذكرها الراوي؛ لبيان الحلقِ كان استباحة محظورٍ بسبب الأذى لا لقصد التحللِ بالحصْرِ. 1818 - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ مِثْلَهُ. [انظر: 1814 - مسلم: 1201 - فتح: 4/ 18] (وعن محمدٍ بنِ يوسفَ) عطفٌ [على] (¬1) (حدثنا روحٌ). (ورقاء) أي: ابن عمر بن كليب اليشكري. (أخبرنا) في نسخةٍ: "حدثني". (مثلَه) أي: مثلُ الحديثِ المذكور، [وفيه] (¬2): تحريمُ حلقِ الرأسِ على المُحْرم، والرخصةُ في حلقه إذا أذاه القملُ أو غيرُه. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) في (أ) [وفي نسخة] وما ذكرناه من (م).

9 - باب قول الله تعالى: {فلا رفث} [البقرة: 197]

9 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَلَا رَفَثَ} [البقرة: 197] (بابُ: قولِ الله تعالى {فَلَا رَفَثَ}) أي: باب: تفسير ذلك. 1819 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَجَّ هَذَا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ". [انظر: 1521 - مسلم: 1350 - فتح: 4/ 20] (عن منصور) هو ابن المعتمرِ. (عن أبي حازم) وفي نسخةٍ: "سمعتُ أبا حازم" واسمُه: سلمانُ مولى عزّةَ الأشجعيَّة. (فلم يرفث) بتثليث الفاء، أي: لم يجامع. (ولم يفسق) أي: لم يخرج عن حدود الشرع. (رجع) أي: من حجِّه. (كيوم ولدته أمُّه) بفتح (ميم) يوم وكسرها، أي: عاريًا من الذنوب، أو (رجع) بمعنى: صار، وفي نسخةٍ: "كما ولدته أمُّه" وخَصَّ نفي الرفثِ والفسقِ بالحجِّ؛ لأنهما فيه أسمج وأقبح، كلبس الحرير في الصلاة. 10 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الحَجِّ} [البقرة: 197] (بابُ: قولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الْحَجِّ} الجارُّ والمجرور تنازع فيه ما قبله في الآية من العوامل. 1820 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَجَّ هَذَا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ". [انظر: 1521 - مسلم: 1350 - فتح: 4/ 20] (سفيان) أي: الثوري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (قال النبيُّ) في نسخةٍ: "قال رسول الله". (فلم يرفث. . إلخ) لم يذكر في الحديث الجدال؛ اعتمادًا على ما في الآية، أو لأنَّ المجادلةَ ارتفعت بين العرب وقريشَ في موضع الوقوفِ بعرفة والمزدلفة فأسلمتْ قريشُ وارتفعت المجادلةُ، ووقف الكلَّ بعرفة.

28 - كتاب جزاء الصيد

28 - كتاب جزاء الصيد

1 - باب قول الله تعالى {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم}

[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] 28 - كتاب جزاء الصيد 1 - باب قَوْلِ الله تَعَالى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَال أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)} [المائدة: 95 - 96] [فتح: 4/ 21] (بابُ: جزاءِ الصيدِ ونحوهِ) أي: كقطع شجر الحرم. و (قول الله تعالى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}) في نسخةٍ: "بابُ: قولِ الله تعالى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}) بإسقاط البسملةِ وتاليها، والمرادُ بالصيد: ما يؤكل لحمُه وبقتله: التعرض له بقتل، أو غيره. {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} ألحق بالمتعمد غيره؛ لأنَّ ضمانَ الصيد بالإتلاف، فيستوي فيه العمدُ وغيرُه. ({أَوْ كَفَّارَةٌ}) عطفٌ على (جزاء) ({طَعَامُ مَسَاكِينَ}) بدلٌ منه، أو خبرُ مبتدإٍ محذوفٍ. ({مِنَ النَّعَمِ}). . . إلخ في نسخةٍ: " {مِنَ النَّعَمِ} إلى قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} ". ولم يذكر في الباب حديثًا اكتفاءً بما ذكره من القرآن؛ أو لأنَّه لم يظفرْ فيه بحديث على شرطه.

2 - باب إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله

2 - باب إِذا صَادَ الحَلالُ فَأَهْدى لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدَ أَكَلَهُ وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٌ، بِالذَّبْحِ بَأْسًا وَهُوَ غَيْرُ الصَّيْدِ، نَحْوُ الإِبِلِ وَالغَنَمِ وَالبَقَرِ وَالدَّجَاجِ وَالخَيْلِ، يُقَالُ: عَدْلُ ذَلِكَ مِثْلُ، فَإِذَا كُسِرَتْ عِدْلٌ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ {قِيَامًا} [آل عمران: 191]، قِوَامًا، {يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1] يَجْعَلُونَ عَدْلًا. (بابُ: إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم) شيئًا منه. (أكله) أي: المحرمُ، وهذه الترجمةُ ساقطة من نسخةٍ؛ لأن ما ذكره هنا من جملة الباب قبلَه، وسقط في أخرى لفظُ: (باب) فقط. (ولم ير ابن عباسٍ وأنسٌ بالذبح بأسًا) ظاهرهُ: يعمُّ ذبحَ الصيدِ وذبحَ غيرهِ من الحيوان الأهليِّ، لكن بين البخاريُّ بقوله: (وهو غير الصيد. . الخ) أنه خاصٌّ بالثاني. (يقال: عدل) بفتح العين معناه: (مثل) في نسخةٍ: "يقال: عدل ذلك مثله". (فإذا كسرت عدل) أي: عينه، وفي نسخةٍ: "فإذا كَسرتَ عدلًا" بفتح الكاف والتاء، ونصب عدلًا، أي: كسرت عينه. (فهو زنةُ ذلك) أي: موازنُه قدرًا. (وقيامًا) يعني في قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا} [المائدة: 97] أي: (قوامًا) بكسر القاف: وهو نظامُ الشيء وعمادهُ. (يعدلون) أي: في قوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1]، معناه: (يجعلون) له (عدلًا) بفتح العين، وفي نسخةٍ: بكسرها وفي أخرى: "مثلًا" بدل (عدلًا). 1821 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، قَال: انْطَلَقَ أَبِي عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ، وَحُدِّثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَدُوًّا يَغْزُوهُ، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ تَضَحَّكَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَطَعَنْتُهُ، فَأَثْبَتُّهُ، وَاسْتَعَنْتُ بِهِمْ فَأَبَوْا

أَنْ يُعِينُونِي، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، فَطَلَبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، قُلْتُ: أَيْنَ تَرَكْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: تَرَكْتُهُ بِتَعْهَنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَهْلَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ فَانْتَظِرْهُمْ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ، وَعِنْدِي مِنْهُ، فَاضِلَةٌ؟ فَقَال لِلْقَوْمِ: "كُلُوا" وَهُمْ مُحْرِمُونَ. [1822، 1823، 1824، 2570، 2854، 2914، 4149، 5406، 5407، 5490، 5491، 5492 - مسلم: 1196 - فتح: 4/ 22] (هشام) أي الدستوائي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (يغزوه) يقصده. (فبينما أنا مع أصحابه) في نسخةٍ: "فبينا إلى آخره" بحذف الميم، وفي أخرى: "فبينا أبي مع أصحابه". (يضحك بعضُهم إلى بعضٍ) أي: منتهيًا، أو ناظرًا إليه. و (يضحك) مضارع، وفي نسخةٍ: "فضحك" بفاء بدل الياء، والفعل ماضٍ، وفي أخرى: "فتضحك" بفوقية وفتح الضاد والحاء المشددة. (فأثبته) أي: جعلتُه ثابتًا في مكانه لا حراك به. (نقتطع) بالبناء للمفعول، أي: نصيرُ مقطوعين عنه - صلى الله عليه وسلم -. (أرفع) بالتشديد والتخفيف من رفعت الفرسَ شدًّا، أي: كلفتهُ. (السير شأوًا. . إلخ) مقدر عدوه، والمعنى: أركضه شديدًا تارةً، وأسوقه بسهولةٍ أخرى، ونصب (شأوا) في الموضعين على أنَّه صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ، أي: رفعًا شأوًا وسيرًا شأوًا. (وبتْعهَنَ) بموحدةِ مكسورة ففوقيةٍ مفتوحة فمهملةٍ ساكنة فهاءٍ مكسورة، وفي نسخةٍ: بكسر الفوقية والهاء، وفي أخرى: بفتحها، وقيل: غيرُ ذلك: وهي عينُ ماءٍ على ثلاثةِ أميالٍ من (السقيا) بضم المهملة وسكون القاف: قرية بين مكةَ والمدينةِ (¬1) من ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 228.

3 - باب إذا رأى المحرمون صيدا فضحكوا، ففطن الحلال

أعمال الفرع. (وهو قائل السقيا) بهمزةٍ قبلَ اللام من القيلولة أي: تركته بتعهنٍ وفي عزمه أنْ يقبلَ بالسقيا و (قيل) من القول. قال الزركشيُّ (¬1): وهو المرادُ هنا أي: تركته بتعهن وهو يقول لأصحابه: اقصدوا السقيا. (فاضلة) أي: باقية. (وهم محرمون) زاد في نسخةٍ: "قال أبو عبد الله". (شأوًا مرَّة) أي: معناه: مرةً. 3 - بَابُ إِذَا رَأَى المُحْرِمُونَ صَيْدًا فَضَحِكُوا، فَفَطِنَ الحَلالُ (بابُ: إذا رأى المحرمون صيدًا) وفيهم رجلٌ حلالٌ. (فضحكوا) أي: تعجبًا من عروض الصيدِ مع عدم التعرُّضِ لهم مع قدرتهم على صيده. (ففطن الحلالُ) أي: فهم، وجوابُ (إذا) محذوفٌ، أي: لا يكون ضحكُهم إشارةً منهم إلى تحريم صيدِ الحلال، فيحلُّ لهم أكلُ صيده. 1822 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ قَال: انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ أُحْرِمْ، فَأُنْبِئْنَا بِعَدُوٍّ بِغَيْقَةَ، فَتَوَجَّهْنَا نَحْوَهُمْ، فَبَصُرَ أَصْحَابِي بِحِمَارِ ¬

_ (¬1) هو محمد بن بهادر بن عبد الله المصري الزركشي، الشافعي، فقيه أصولي محدث، أديب، تركي الأصل، مصري المولد، أخذ عن جلال الدين الإسنوي وسراج الدين البلقيني، ورحل إلى حلب، وسمع الحديث بدمشق وغيرها، ودرس وأفتى، وولي مشيخة غانقاه كريم الدين بالقرافة الصغرى، توفي بالقاهرة في رجب، ودفن بالقرافه الصغرى، ومن تصانيفه: "البحر في أصول الفقه"، "شرح التنبيه" للشيرازي، "شرح جمع الجوامع للسبكي" وغيرها الكثيرة. انظر: "الدر الكامنة" 3/ 397 - 398، "شذرات الذهب" 6/ 335، "الأعلام" 6/ 286.

وَحْشٍ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُهُ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ الفَرَسَ فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، ثُمَّ لَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ عَلَيْهِ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال: تَرَكْتُهُ بِتَعْهَنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا، فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَصْحَابَكَ أَرْسَلُوا يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يَقْتَطِعَهُمُ العَدُوُّ دُونَكَ فَانْظُرْهُمْ، فَفَعَلَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا اصَّدْنَا حِمَارَ وَحْشٍ، وَإِنَّ عِنْدَنَا فَاضِلَةً؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "كُلُوا" وَهُمْ مُحْرِمُونَ. [انظر: 1821 - مسلم: 1196 - فتح: 4/ 26] (عن يحيى) أي: ابن أبي كثيرٍ. (فأنبأنا) أي: أخبرنا. (بغيقةٍ) بفتح المعجمة وسكون التحتية وبقاف: موضعٌ من بلاد بني غفارٍ بين الحرمين (¬1). (فبصر أصحابي بحمارِ وحشٍ) بضم الصاد المهملة وزيادة باء (بحمار وحش) وفي نسخةٍ: "فنظر أصحابي بحمار وحش". (أرفع) حالٌ، أو معمولٌ لمحذوف، أي: فجعلت أرفع. (فقلت: أين) في نسخةٍ: "فقلت له: أين". (رحمة الله) زاد في نسخةٍ: "وبركاته". (فأنظرهم) بضم الظاء، أي: أنتظرهم. (إنَّا اصَّدْنا) بهمزة وصل وتشديد الصاد، أصلُه: اصطدنا، أبدلت التاءُ صادًا وأدغمتْ الصَّادُ في الصَّادِ، وفي نسخةٍ: "أصدنا" بفتح الهمزة وتخفيف الصاد، ومرَّ شرحُ الحديثِ آنفًا. ¬

_ (¬1) غيقة: وهي بين مكة والمدينة انظر: "معجم البلدان" 4/ 221 - 222.

4 - باب: لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد

4 - بَابٌ: لَا يُعِينُ المُحْرِمُ الحَلال فِي قَتْلِ الصَّيْدِ (بابُ: لا يعين المحرمُ الحلال في قتلِ الصيد) هو خبرٌ بمعنى النهيِ. 1823 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالقَاحَةِ مِنَ المَدِينَةِ عَلَى ثَلاثٍ ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالقَاحَةِ، وَمِنَّا المُحْرِمُ، وَمِنَّا غَيْرُ المُحْرِمِ، فَرَأَيْتُ أَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ يَعْنِي وَقَعَ سَوْطُهُ، فَقَالُوا: لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، إِنَّا مُحْرِمُونَ، فَتَنَاوَلْتُهُ، فَأَخَذْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُ الحِمَارَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ، فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي، فَقَال بَعْضُهُمْ: كُلُوا، وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا تَأْكُلُوا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَمَامَنَا، فَسَأَلْتُهُ، فَقَال: "كُلُوهُ، حَلالٌ"، قَال لَنَا عَمْرٌو، اذْهَبُوا إِلَى صَالِحٍ فَسَلُوهُ عَنْ هَذَا وَغَيْرِهِ، وَقَدِمَ عَلَيْنَا هَا. [انظر: 1821 - مسلم: 1196 - فتح: 4/ 26] (حدثنا أبو عبد الله) في نسخةٍ: "حدثني عبدُ الله". (سفيان) أي: ابن عيينة. (حدثنا صالخٌ) في نسخةٍ: "عن صالحٍ". (عن أبي محمد) زاد في نسخةٍ: "نافعٍ مولى أبي قتادةَ". (بالقاحة) بقاف وحاء مهملة: موضعٌ على ثلاثِ مراحلَ من المدينة (¬1). (سفيان) أي: ابن عيينة. (يعني وقع سوطه) وهو من كلام الرواي تفسيرٌ لما يدل عليه. (لا نعينُك عليه) يعني قالوا: لا نعينُك على أخذِ السوطِ حين وقع، قاله الكرمانيُّ (¬2)، فالتقديرُ: فإذا حمارُ وحشٍ فركبت ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان". (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 9/ 35.

5 - باب: لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال

وأخذتُ الرمحَ والسوطَ، فسقط مني السوطُ، فقلت: ناولوني فقالوا: لا نعينك عليه. (أكَمَةٍ) أي: تلٍّ من حجر. (حلال) في نسخةٍ: "حلالًا". (قال) أي: سفيان. (عمروٌ) أي: ابن دينارٍ. (صالحٍ) أي: ابن كيسانَ. (فسلوه) بفتح السين بلا همزة. (وقَدِمَ) أي: صالحٌ. (ها هنا) أي: بمكة. 5 - بَابٌ: لَا يُشِيرُ المُحْرِمُ إِلَى الصَّيْدِ لِكَيْ يَصْطَادَهُ الحَلالُ (بابُ: لا يشير المحرمُ إلى الصيد لكي يصطادهَ الحلالُ) لامُ (لكي) تعليليةٌ، وكي بمنزلة [أن المصدرية] (¬1) حرفُ التعليل لا يدخل على مثلهِ. 1824 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حَاجًّا، فَخَرَجُوا مَعَهُ، فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، فَقَال: "خُذُوا سَاحِلَ البَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِيَ" فَأَخَذُوا سَاحِلَ البَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا، أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إلا أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الحُمُرِ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، وَقَالُوا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الأَتَانِ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا، وَقَدْ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، ثُمَّ قُلْنَا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا، قَال: "أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا". قَالُوا: لَا، قَال: "فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا". [انظر: 1821 - مسلم: 1196 - فتح: 4/ 28] (أبو عوانة) أي: الوضاحُ بنُ عبدِ الله اليشكريُّ. ¬

_ (¬1) من (م).

6 - باب: إذا أهدى للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل

(خرج حاجًّا) أي: معتمرًا فهو مجازٌ؛ لأنَّ ذلك إنَّما كان في عمرة الحديبية، مع أنَّه يقال للعمرة: الحجُّ الأصغرُ. (إلا أبو قتادة) بالرفع مبتدأٌ خبُره (لم يحرم)، (وإلَّا) بمعنى لكن، وفي نسخةٍ: "إلَّا أبا قتادة" بالنصب على الاستثناء (حُمُرَ وحشٍ) لا ينافي ذلك رواية: "حمار وحش" (¬1) بالإفراد لجواز أنَّهم رأوا حمارًا، وفيهم واحدٌ أقربُ من غيره لاصطياده. (وقالوا أنأكلُ) في نسخةٍ: "فقالوا أناكل". (قالوا يا رسولَ الله) في نسخةٍ: "فقالوا يا رسول الله". (أمنكم؟) في نسخةٍ: "منكم" بحذف همزةِ الاستفهام. (فكلوا ما بقي من لحمِها) الأمُر فيه للإباحة لا للوجوب؛ لأنه وقع جوابًا عن سؤالهم عن الجواز. 6 - بَابٌ: إِذَا أَهْدَى لِلْمُحْرِمِ حِمَارًا وَحْشِيًّا حَيًّا لَمْ يَقْبَلْ (بابُ: إذا أهدى) أي: الحلالُ. (للمحرم حمارًا وحشيًّا حيًّا لم يَقْبل) أي: لا يقبله، ولفظُ: (حيًّا) ساقطٌ من نسخةٍ. 1825 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَال: "إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلا أَنَّا حُرُمٌ". [2573، 2596، 3012 - مسلم: 1193 - فتح: 4/ 31] (عن الصعبِ) بفتح الصاد وسكون العين المهملتين. (ابن جثَّامةَ) بفتح الجيم وتشديد المثلثة. (الليثيِّ) أي: من بني ابن بكرٍ. ¬

_ (¬1) سلف برقم (1821) كتاب: جزاء الصيد، باب: وإذا صيد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله.

(أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا) في مسلم في رواية: لحمَ حمار (¬1) وفي أخرى: رِجلَ حمارٍ (¬2) وفي أخرى: عجز حمارٍ (¬3) وفي أخرى: شق حمارٍ (¬4). قال النوويُّ: وهذه الطريقُ صريحةٌ في أنه مذبوحٌ، وإنَّما هو أهدى لحمَ صيدٍ لأكله (¬5) إذ انتهى. وبه عُلمَ أن قولَه في الترجمة: (حيًّا) ليس مرويًّا، بل هو قياسٌ ولا معارضةَ بين رِجْل حمارٍ وعجزِه وشقِّه؛ لأنه قطعها بإرادة رجْلٍ معها الفخذُ وبعضُ الجوانب، فتحمل روايةُ: أهدى حمارًا على أنه من إطلاق اسم الكل على البعضِ. (فالأبواء) بفتح الهمزة وسكون الموحدة والمدِّ: جبلٌ من عمل الفرع بينه وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثةُ وعشرون ميلًا (¬6). قيل: سُمِّيَ بذلك لِمَا فيه من الوباء وعليه أصلُ الأبواء: الأوباءُ، فهو مقلوبٌ منه، وقيل: لأنَّ السيولَ تتبوأه أي: تحله، وهناك توفيت آمنةُ أمُّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (أو بودَّان) بفتح الواو وتشديد المهملة وبنون: موضعٌ بقرب الجحفة، أو قريةٌ جامعةٌ من ناحية الفرع (¬7)، وهي أقربُ إلى الجحفة من الأبواء. (فردَّه عليه) في نسخةٍ: "فرد عليه" بلا هاء. (فلمَّا رأى ما في وجهه) أي: من الكراهة بسبب ردِّ هديتهِ. (لم نردده) بسكون الراء وفكِّ الإدغام، وفي نسخة: (لم نردُّه) بضم الراء، وفتح الدال، وهي روايةُ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" 1193 كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم. (¬2) "صحيح مسلم" 1994 كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم. (¬3) المرجع السابق. (¬4) المرجع السابق. (¬5) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 104. (¬6) انظر: "معجم البلدان" 1/ 79. (¬7) انظر: "معجم البلدان" 5/ 365.

7 - باب ما يقتل المحرم من الدواب

المحدثين، لكن قال المحققون من النحاة: إنه غلطٌ، والصوابُ: ضمُّ الدَّال، كآخر المضاعف من كلِّ مضاعفٍ مجزوم، أو موقوف اتصل به ضميرُ المذكرِ؛ مراعاةً للواو المتولدة عن ضمَّةِ الهاء، كما فتحوه مع هاء المؤنث، مراعاة للألف المتولدة عن فتحة الهاء. (إلا أنَّا حُرُمٌ) بفتح الهمزة بتقدير لام التعليل قبلها. 7 - بَابُ مَا يَقْتُلُ المُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ (بابُ: ما يقتلُ المحرمُ) أي: ما يقتله. (من الدَّوابِّ) بيانٌ لـ (ما). 1826 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى المُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ". وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:. [3315 - مسلم: 1199 - فتح: 4/ 34] (وعن عبدِ الله) عطفٌ على نافع. 1827 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَقْتُلُ المُحْرِمُ". [1828 - مسلم: 1200 - فتح: 4/ 34] (إحدى نسوةِ النبيِّ) هي: حفصةُ. 1828 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالتْ حَفْصَةُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ: الغُرَابُ، وَالحِدَأَةُ، وَالفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ". [انظر: 1827 - مسلم: 1200 - فتح: 4/ 34]. (أصبغ) أي: "ابن الفرج" كما في نسخةٍ. (عن يونسَ) أي: ابن

يزيدَ. (عن سالمٍ) أي: ابن عبدِ الله بنِ عمر. (الغراب) أي: الأبقع. (والحِدأةُ) بكسر الحاء وفتح الدال المهملتين مهموزًا والجمعُ حدا، بلا همز، كعنبة وعنب. (العقور) أي: الجارح، والعقرُ: الجرحُ، فقيل: هو الكلبُ المعروفُ، وقيل: كلُّ مفترسٍ من السباع، كالنمر، والذئب، وخرج بالعقور غيره ممَّا لم يؤمر المحرُم باقتنائه، [وفيه اضطراب في "مجموع" النووي: ففي البيع محرم قتله] (¬1)، وفي التيمم والغصب يجوز قتُله، وفي الحجِّ: يكره قتلُه، والذي نصَّ عليه الشافعيُّ في "الأم" (¬2) جوازَ قتله، أي: مع الكراهة، وعليه اقتصر الرافعي (¬3) والنووي في "روضته" (¬4). 1829 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يَقْتُلُهُنَّ فِي الحَرَمِ: الغُرَابُ، وَالحِدَأَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالفَأْرَةُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ". [3314 - مسلم: 1198 - فتح: 4/ 34] (حدثنا) في نسخةٍ: "حدثني". (ابن وهب) وهو عبدُ الله. (يونس) أي: ابن يزيدَ. (كلُهنَّ فاسقٌ) ذكر ضميرَ (فاسق) مراعاةً للفظ كلّ، الفسقُ في الأصل: الخروجُ، والمذكورات خرجتْ بالإيذاء من معظم الدوابِّ، إذ الغراب ينقرُ ظهرَ البعيرِ وينزعُ عينَه ويختلسُ، والحدأةُ تختطف ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "الأم" 2/ 181 باب: تحريم الصيد. (¬3) انظر: "العزيز شرح الوجيز" 3/ 494. (¬4) انظر: "روضة الطالبين" 3/ 146.

الأطعمةَ [والعقرب تلدغ، الفأرة تسرق الأطعمة] (¬1) وتقرضُ الثيابَ، [وتأخذ الفتيلة من السراج وتضرم بها البيت] (¬2) والعقورُ يجرحُ. (يقتلهنَّ) أي: المحرمُ، وفي نسخةٍ: "يقتلن" بالبناءِ للمفعولِ، وأنثَ الضمير فيه باعتبار معنى: كل. 1830 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ بِمِنًى، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ: وَالمُرْسَلاتِ وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا، وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْتُلُوهَا"، فَابْتَدَرْنَاهَا، فَذَهَبَتْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا". [3317، 4930، 4931، 4934 - مسلم: 2234 - فتح: 4/ 35] (لأَتَلقاها) أي: لأتلقها من فمهِ وآخذها (لرطبٌ بها) أي: لم يجفْ ريقُه بها. (عن عبدِ الله) أي: ابن مسعودٍ. (فبينما) في نسخةٍ: "بينا" بحذفِ الميمِ، وفي معنى الخمس المذكورة: ما يشاركها في الأذى، كابنِ عرسٍ يشاركُ الفأرةَ في ذلك، وكالحيةِ والزنبورِ ويشاركان العقربَ فيه. (فابتَدَرْناها) أي: أسرعنا إليها. (وُقِيَتْ) بالبناءِ للمفعولِ، أي: حفظتْ ومنعتْ. 1831 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لِلْوَزَغِ: "فُوَيْسِقٌ" وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ. [3306 - مسلم: 2239 - فتح: 4/ 35] [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "إِنَّمَا أَرَدْنَا بِهَذَا أَنَّ مِنًى مِنَ الحَرَمِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا بِقَتْلِ الحَيَّةِ بَأْسًا] ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

8 - باب: لا يعضد شجر الحرم

(إسماعيل) أي: ابن أبي أويسٍ. (قال: للوَزَغ) هي دابة لها قوائمٌ تعدو في أصول الحشيش، قيل: إنها تأخذ ضرعَ الناقةِ فتشرب من لبنها، وقيل: كانت تنفخ في نارِ إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام؛ لتلتهب. (فُوَيسقٌ) التصغيرُ فيه؛ للتحقيرِ والذمِ. (ولم أسَمْعهُ أمرَ بقتلهِ) قضية تسميتهِ (فويسقًا): جواز قتلهِ، وقد جاء في "الصحيحين" وغيرِهمِا: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلِ الوزعِ (¬1). ولا ينافيه كون عائشةِ لم تسمعْه، فقد سمعه غيرُها، وفي نسخةٍ عقب ما ذكر: "قال أبو عبدِ الله" إنَّما أردنا بهذا أن منى من الحرمِ، وأنَّهم لم يروا بقتلِ الحية بأسًا، وظاهر أن الأنسب ذكر هذا عقب حديث ابن مسعود. 8 - بَابٌ: لَا يُعْضَدُ شَجَرُ الحَرَمِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ". [1834] (باب: لا يُعضَدُ شَجرُ الحرَم) أي: لا يقطع. 1832 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ العَدَويِّ، أَنَّهُ قَال لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ يَبْعَثُ البُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْغَدِ مِنْ يَوْمِ الفَتْحِ، فَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "إِنَّ مَكَّةَ ¬

_ (¬1) سلف برقم (3307) كتاب: بدء الخلق، باب: خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال. ورواه مسلم (2237) كتاب: السلام، باب: استحباب قتل الوزع. والنسائي 5/ 209 كتاب: الحج، باب: قتل الوزع. وابن ماجه (3228) كتاب: الصيد، باب: قتل الوزع.

حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ " فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَال لَكَ عَمْرٌو؟ قَال: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلَا فَارًّا بِدَمٍ، وَلَا فَارًّا بِخُرْبَةٍ، خُرْبَةٌ: بَلِيَّةٌ. [انظر: 104 - مسلم: 1354 - فتح: 4/ 41] (عن أبي شُرَيحٍ) اسُمُه: خويلدُ بنُ عمرِو، [وقيل: ابن صخر، وقيل هانئ بن عمر] (¬1) وقيل: عبدُ الرحمن، وقيل: مطرُ، وقيل: عمروُ بنُ خويلد، وقيل: كعبُ بنُ عمرو الخزاعيُّ العدويُّ. قال شيخنُا: كذا وقع هنا، وفيه: نظرٌ؛ لأنَّه خزاعيٌّ من بني كعبِ بنِ سعدِ بن لحيٍّ: بطن من خزاعةٍ، وليس من بني عدي لا عدي قريش، ولا عدي مضر، فلعله كان حليفًا لبني عدي بن كعب بن قريش (¬2) (لعمرو بن سعيد) هو: الأشرف كان أميرَ المدينة أيام معاوية وسمي بذلك؛ لأنه صعدَ المنبرَ فبالغ في شتم علي - صلى الله عليه وسلم - أصابته لَقْوةٌ (¬3)، أي داء: في وجهه. (البُعوثَ) جمعُ بعثٍ بمعنى: مبعوثٌ وهو: الجيشُ، أي: الجيوشُ التي جهزها يزيدُ بنُ معاويةَ إلى عبدِ الله بن الزبير (ائذن) أصله: إاذن بهمزتين، فقلبت الثانيةُ بالسكون وانكسار ما قبلها. (أحدثك) بالجزمِ جوابُ الأمر. (الغدَ) بالنصب على الظرفية، وفي نسخةٍ: "للغدِ" بلام الجر وهي بمعني: في أي: في الثاني. (من يوم ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "الفتح" 4/ 42. (¬3) داء في الوجه يُقال منه مادة: لقى. انظر: "مختار الصحاح" ص 251.

الفتح) أي: فتحَ مكةَ. (أنه حمد الله، وأثنى عليه) بيان لقوله: (تكلم). (إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس) إذ المحرم في الحقيقة لكل شيء هو الله، وأما إسنادُ التحريمِ إلى إبراهيمَ ونبينا في خبرِ الشيخين: "إن إبراهيمَ حرَّم مكة، وإني حرمتُ المدينةَ" (¬1) فمن حيثُ التبليغ لا من حيثُ الإيجادِ، وأفاد بقوله: (ولم يحرمها الناس) مع التأكيدِ نفي ما كان تعتقده الجاهلية وغيرُهُم من أنهم حرموا وحللوا من قِبلِ أنفسهمِ، فلا يحلُّ لامرئٍ يؤمنُ بالله واليوم الآخر. هذا من بابِ التهييجِ، كما في قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]، ومقتضاه: أنَّ استحلال هذا المنهي عنه لا يليق بمن يمؤمنُ بالله واليوم الآخرِ، بل ينافيه فهذا المقتضي لذكرِ هذا الوصف؛ لأنَّ الكفارَ ليسوا مخاطبين بفروعِ الشريعةِ، ولو قيل: لا يحلُ لأحدكم لم يحصل به الغرض. (أن يَسفكَ) بكسر الفاء، ويجوز ضمها أي: يصيب بها أي: بمكة، وقيس بها بقية الحرم. (ولا يعضُد) بضم الضاد المعجمة وكسرها، وفاعلهُ ضميرُ (امرئ) أي: لا يقطع امرؤ، وقيس القلع، بالقطع بل أولى، و (لا) زائدة لتأكيد النفي. (فإن أحدٌ ترخص لقتالِ رسول الله) أي: لأجلهِ، أي: مستدلًا به. (وإنَّما أذن لي) أي: بالقتال بمكة. (ساعة من نهار) هي ساعة الفتح: وهي ما بين طلوعِ الشمس وصلاةِ العصر. (وقد عادت حرمتُها اليوم، كحرمتِها بالأمس) أي: عادت حرامًا، كما كانت بالأمس قبل يوم الفتح ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2129) كتاب: البيوع، باب: بركة صاع النبي ومده. ورواه مسلم (1360) كتاب: الحج، باب: فضل المدينة، ودعاء النبي (- صلى الله عليه وسلم -) فيها بالبركة.

9 - باب: لا ينفر صيد الحرم

حرامًا. (قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح) يعني: قد صح سمُاعك لكنَّك لم تفهمْ المرادَ. (لا يعيذ) بذال معجمة أي: لا يجير. (عاصيًا) يشيرُ إلى عبد الله بنِ الزبير؛ لأنَّ عمروَ بنَ سعيد كان يعتقد أنَّه عاصٍ، بامتناعه عن امتثالِ أمر يزيدَ؛ لأنَّه يرى وجوبَ طاعتهِ، لكنَّها دعوى من عمرو بلا دليل. (فارًا) أي: هاربًا. (بخربة) بضم المعجمةِ وفتحها وسكونِ الراء وفتح الموحدة، أي: بسَببِها خربة، أي: (بلية). هذا التفسيرُ من البخاريِّ، وبه صرَّح في نسخةٍ بلفظ: "قال: أبو عبد الله خربة: بلية". قال شيخُنا: وقد وهم من عدَّ كلامَ عمروٍ المذكور حديثًا، واحتج بما تضمنه كلامه، وأغرب ابن بطالٍ فزعم أنَّ سكوتَ أبي شريح عن جواب عمرو دالٌّ على أنَّه رجع إليه في التفصيلِ المذكورِ (¬1)، ويحكمُ عليه ما في روايةِ أحمد أنَّه قال في آخره: قال أبو شريح: فقلت لعمرو: وقد كنت شاهدًا وكنت غائبًا، وقد أمرنا أن يبلغ شاهدنا غائبنا وقد بلغتك (¬2) وهذا يشعر بأنَّه لم يوافقه، وإنَّما تركَ مشافقته، لعجزهِ عنه لما كان فيه من قوَّةِ الشوكةِ، ومرَّ الحديثُ في كتابِ: العلم، في بابِ: ليبلغَ العلمَ الشاهدُ الغائبَ (¬3). 9 - بَابٌ: لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُ الحَرَمِ (بابُ: لا يُنفَّرُ صيدُ الحرَمِ) أي: لا يزعج عن موضعه. ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 4/ 45. (¬2) "مسند أحمد" 4/ 32. (¬3) سلف برقم (104) كتاب: العلم، باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب.

1833 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا، إلا لِمُعَرِّفٍ"، وَقَال العَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إلا الإِذْخِرَ، لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَال: "إلا الإِذْخِرَ"، وَعَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَال: هَلْ تَدْرِي مَا لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا؟ هُوَ أَنْ يُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ يَنْزِلُ مَكَانَهُ. [انظر: 1349 - مسلم: 1353 - فتح: 4/ 46] (عبد الوهاب) أي: الثقفي. (لا يُختلى) أي: لا يجز ولا يقطع. (خَلاها) بفتحِ المعجمةِ والقصر: الرطبُ من الكلإِ، أما اليابسُ فيحْرُم قلعه إن لم يمت دون قطعه، والنهي عن ذلك وما عطف عليه يستوي فيه الحرم وغيره. (تُلتَقَطُ) بالبناء للمفعول. (لُقَطَتُها) بفتح القاف، وهو ما عليه المحدثون. قال القرطبيُّ: (¬1) وهو غلطٌ عند أهلِ اللسانِ؛ لأنه بالسكونِ: ما يلتقطُ وبالفتحِ: الأخذُ. (لِمُعَرِّفٍ) ضمن (لا تلتقط) معنى: لا يحل، فعدَّاه باللام، أي: لا يحلُّ الالتقاطُ إلا لمعرفٍ يعرفُها، ثم يحفظها لمالكها ولا يتملكها، بخلافِ لقطة سائر البلاد فإنَّه إذا عرف وقصد التملك ولم يجد مالُكها كان له ذلك. (إلا الإِذِخِرَ) بهمزة مكسورة وذالٍ معجمة ساكنة وخاء معجمة مكسورة: نبت معروف طيبُ الرائحةِ إذا يبس دق وغسل به اليد، وهو حلفاء مكة والاستثناء من (لا يُخْتَلى) ويسمى مثله الاستثناء التلقيني، ¬

_ (¬1) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" 3/ 471.

10 - باب: لا يحل القتال بمكة

(والإِذِخِرَ) بالنصب على الاستثناء، ويجوز رفعه بدلًا. (لِصاغَتنِا) جمع صائغ. (فقال إلا الإذخر) قاله إما بوحي أو بإلهامٍ، ومرَّ شرحُ الحديثِ في الجنائزِ في باب: إلا الإِذِخِر والحشيش في القبر. (وعن خالدِ) عطف على (حدثنا خالدُ). (هل تدري ما لا ينفرُ) (ما): استفهامية، استفهم بها عن مضمون ما بعدها أي: ما الغرض من لفظ: (لا ينفر صيدها)؟ (هو) أي: التنفير. (أن يُنَحِّيَهُ) أي: المنفر. (من الظِّلِّ يَنزلُ) أي: لينزل المنفر، وفي نسخةٍ: "أن تنحيه. . إلخ" بتاء الخطاب في الفعلين. (مكانه) أي: مكان الصيد. 10 - بَابٌ: لَا يَحِلُّ القِتَالُ بِمَكَّةَ وَقَال أَبُو شُرَيْحٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يَسْفِكُ بِهَا دَمًا". [انظر: 1832] (باب: لا يَحِلُّ القتال بمكةَ) أي: فيها. 1834 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ: "لَا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ، فَانْفِرُوا، فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلاهَا"، قَال العَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إلا الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ، قَال: قَال: "إلا الإِذْخِرَ". [انظر: 1349 - مسلم: 1353 - فتح: 4/ 46]. (عثمانُ) أي: ابن أبي شيبةَ نسبة إلى جده، وإلا فهو عثمانُ بنُ

11 - باب الحجامة للمحرم

محمدٍ بن أبي شيبةَ. (جريرٌ) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصورٍ) أي: ابن المعتمر. (لا هجرة) أي: من مكةَ. (بعد الفتحِ) لأنها صارتْ دارَ الإسلام، وإلا فالهجرةُ من بلادِ الكفرِ باقية إلي يوم القيامة. (وإذا استنفرتُم) أي: طلبكم الإمامُ للخروجِ للغزو (فانفروا) أي: فاخرجوا، وفي معنى الخروج للجهاد: هجرُ الوطنِ، لطلبِ العلمِ، ونحو ذلك. (حَرَّمَ الله) في نسخةٍ: "حرمة الله". (بحُرمةِ الله) أي: بسببِ حرمتهِ، فالباءُ للسببيةِ، ويجوز أن تكون للملابسةِ أي: ملتبسًا بحرمة الله. (وإنَّه) أي: الشأن. (لم يِحل) في نسخةٍ: "لا يحل". (إلا ساعةً من نهارِ) لا دلالةَ فيه على أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قاتل فيه وأخذه عنوة، فإنَّ [حلَّ] (¬1) الشيء لا يستلزمُ وقوعُه، وظاهرُه: تحريمِ القتال بمكةَ وهو كذلك، لكن محله: إذا كان حرامًا، بخلاف الحلال كقتالِ أهلِ البغيِّ إذا لم يمكن ردهم إلا به فإنه جائز، كما عليه الجمهور، ونص عليه الشافعيُّ. (لا يُعضَدُ شوكهُ) أي: لا يقطع، لكن لا بأس بقطعِ المؤذي منه، كالعوسجِ قياسًا على الحيوانِ المؤذي. (لِقَينِهم) بفتحِ القاف وسكونِ الياء، أي: حدادهم. (ولبُيوتِهم) أي: لسقوفها. (فقال: الإِذِخِر) في نسخة: "قال: قال: الإذخر". 11 - بَابُ الحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ وَكَوَى ابْنُ عُمَرَ ابْنَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَيَتَدَاوَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ. [(باب: الحجامة للمحرم) أي: بيان حكمها، هل يمنع منها أو ¬

_ (¬1) في (أ): بطلان.

لا، والمراد: احتجام المحرم لا حجمه لغيره (ويتداوى) أي: المحرم (ما لم يكن فيه) أي: فيما يتداوى به. 1835 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: قَال لَنَا عَمْرٌو: أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: "احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ"، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: حَدَّثَنِي طَاوُسٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: لَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمَا. [1938، 1939، 2103، 2278، 2279، 5691، 5694، 5695، 5699، 5700، 5701 - مسلم: 1202 - فتح: 4/ 50] (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال: قال عمرو) أي: ابن دينار، وفي نسخة: "قال لنا عمرو". (أول شيء) أي: أول مرة بقرينة قوله: (ثم سمعته) أي: عمرًا. (لعله) أي: عمرًا. (سمعه منهما) أي: من عطاء وطاوس. 1836 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ". [5698 - مسلم: 1203 - فتح: 4/ 50] (عن علقمة بن أبي علقمة) أسم أبي علقمة: بلال مولى عائشة (عن ابن بحينة) هو عبد الله بن مالك، وبحينة: أمه وهي بنت الأرت (وهو محرم) أي: بحجة الوداع. (بلَحْي جملِ) بفتح اللام: موضع بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب (¬1). وفي الحديث: جواز الحجامة للمحرم ما لم يقطع الشعر] (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 15. (¬2) من (م).

12 - باب تزويج المحرم

12 - بَابُ تَزْويجِ المُحْرِمِ (بابُ: تزويجِ المُحرمِ) سيأتي بيانُ الخلافِ فيه. 1837 - حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيرَةِ عَبْدُ القُدُّوسِ بْنُ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ". [4258، 4259، 5114 - مسلم: 1410 - فتح: 4/ 51] (أبو المغيرةِ) بضمِّ الميمِ وكسرها. (تَزَوَّجَ ميمونةَ وهو مُحرم) أي: بعمرة، وهذا هو المشهورُ عن ابن عباس، وصحَّ نحوه عن عائشةَ (¬1) وأبي هريرة (¬2)، لكن جاء عن ميمونةَ نفسِها أنَّه كان حلالًا (¬3)، وعن أبي رافع مثلِه، وأنه كان الرسول إليها (¬4)، فترجَّح روايته على روايِة ابن ¬

_ (¬1) أما حديث عائشة فرواه: الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 269، كتاب: مناسك الحج، باب: نكاح المحرم، وابن حبان في "صحيحه" 9/ 440 (4132) كتاب: النكاح، باب: حرمة المناكحة. والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 212 كتاب: النكاح، باب: نكاح المحرم. (¬2) وحديث أبو هريرة رواه: الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 270 كتاب: مناسك الحج، باب: نكاح المحرم. (¬3) وحديث ميمونة رواه: مسلم (1411) كتاب: النكاح، باب: تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته، وأبو داود (1843) كتاب: المناسك، باب: المحرم يتزوج، والترمذي (845) كتاب: الحج، باب: ما جاء في الرخصة في ذلك، وابن ماجه (1964) كتاب: النكاح، باب: المحرم يتزوج، وأحمد 6/ 33 وابن حبان 9/ 442 (4134) كتاب: النكاح، باب: حرمة المناكحة. (¬4) وحديث أبو رافع رواه الترمذي (841) كتاب: الحج، باب: ما جاء في كراهية تزويج المحرم. ومالك في "الموطأ" 1/ 462 (1176) كتاب: المناسك، باب: النهي عن نكاح المحرم. وأحمد 6/ 392 - 393. وابن حبان 9/ 438 (4130) كتاب: النكاح، باب: حرمة المناكحة، و 9/ 442 - 443 (4135) كتاب: النكاح، باب: حرمة المناكحة. والبيهقي في "السنن =

13 - باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة

عباس؛ لأنَّ روايةَ من كان له مدخلٌ في الواقعةِ أرجح من رواية الأجنبي، والجمهورُ على أنَّ نكاحَ المحرم وإنكاحه محرمٌ لا ينعقد، لخبرِ مسلم: "لَا يْنكِحُ المحرمُ لا يُنكح" (¬1) وعلى الأول، أجيبَ: بأنَّه من خصائصهِ - صلى الله عليه وسلم -. 13 - بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ وَالمُحْرِمَةِ وَقَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "لَا تَلْبَسِ المُحْرِمَةُ ثَوْبًا بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ". (بابُ: ما يُنهى عنه من الطيبِ) أي: من استعمالِه (للمحرمِ والمحرمةِ) لأنَّه من دواعي الجماعِ المفسد للإحرامِ. (بوَرْسٍ) بفتح الواو وسكون الراء وسين مهملة: نبت أصفر يصبغ به الثيابُ (أو زعفران). وجه مطابقتِها للترجمة: من حيثْ أنَّ المصبوغَ بهما تفوح له رائحة كالطيبِ. 1838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ فِي الإِحْرَامِ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، وَلَا السَّرَاويلاتِ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا البَرَانِسَ إلا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلانِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلَا ¬

_ = الكبرى" 7/ 211 كتاب: النكاح، باب: نكاح المحرم. وقال عنه الترمذي: هذا حديث حسن، ولا نعلم أحد أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة. وضعفه الألباني في "ضعيف الترمذي". (¬1) رواه مسلم (1409) كتاب: النكاح، باب: تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته.

الوَرْسُ، وَلَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ"، تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ: فِي النِّقَابِ وَالقُفَّازَيْنِ، وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: وَلَا وَرْسٌ، وَكَانَ يَقُولُ: لَا تَتَنَقَّبِ المُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ، وَقَال مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ " لَا تَتَنَقَّبِ المُحْرِمَةُ، وَتَابَعَهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ. [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح: 4/ 52] (القميص) في نسخةٍ: "القمص" بصيغةِ الجمعِ. (البرانس) جمع برنس: قلنسوةٌ طويلةٌ. (وليقطع) أي: الخفين. (ولا تنتقب) بنونٍ ساكنة بعد فوقية وكسر القاف، وفي نسخةٍ: (ولا تتنقبْ) بفوقتين ونون مفتوحة وقاف مشددة. (القفازين) تثنية قفاز بضم القاف وتشديد الفاء: وهو لباسٌ للكفِّ يُتخذُ من الجلودِ تلبسه نساءُ العربِ؛ ليحفظ نعومةَ اليدِ، وتلبسه أيضًا حملةُ الجوارح، ولا يختص بالمرأةِ بل غيرها كذلك، لكونه في معنى الخف بجامع أن كلًّا منهما محيطٌ بجزءٍ من البدنِ. (تابعه) أي: الليثُ. (وقال عبيدُ الله) أي: ابن عمرَ العمري. (ولا ورس) وكان يقول: لا تنتقب المحرمةُ ولا تلبس القفازين. قال شيخُنا يعني: أن: عبيدَ الله المذكور خالفَ المذكورين قبلُ في ورايةِ هذا الحديث عن نافعٍ فوافقهم على رفعه إلى قوله: (زعفران ولا ورس) وفصل بقيةَ الحديثِ فجعله من قولِ ابن عمر (¬1). (وقال مالك) إلى آخره الغرض منه كما قال شيخُنا: أنَّ مالكًا اقتصرَ على الموقوفِ فقط، وفيه: تقويةُ لروايةِ عبيد الله (¬2). 1839 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: وَقَصَتْ بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ نَاقَتُهُ، فَقَتَلَتْهُ، فَأُتِيَ ¬

_ (¬1) "الفتح" 4/ 53. (¬2) المرجع السابق.

14 - باب الاغتسال للمحرم

بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "اغْسِلُوهُ، وَكَفِّنُوهُ، وَلَا تُغَطُّوا رَأْسَهُ، وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُهِلُّ". [انظر: 1265 - مسلم: 1206 - فتح: 4/ 52] (وقَصتْ) أي: كَسرتْ. (يهل) حالٌ أي: مهلًا قائلًا: لبيك اللهم لبيك، ومرَّ شرحُ الحديث في أبواب: الكفن (¬1). 14 - بَابُ الاغْتِسَالِ لِلْمُحْرِمِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "يَدْخُلُ المُحْرِمُ الحَمَّامَ" وَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ بِالحَكِّ بَأْسًا. (باب: الاغتسالِ للمحرمِ) أي: للتنظيفِ. (بالحكِ) أي: يحك المحرمُ جلدَه. (بأسًا) إذا لم يحصل به نتفُ شعرٍ. 1840 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ العَبَّاسِ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ فَقَال: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَال المِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ العَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ القَرْنَيْنِ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ العَبَّاسِ، أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَال: لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ: اصْبُبْ، فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، وَقَال: "هَكَذَا رَأَيْتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ". [مسلم: 1205 - فتح: 4/ 55] (إلى أبي أيوب) هو خالدٌ بن زيدٍ. (بين القرنين) أي: قرني البئر، وهما جانبا البناء الذي على رأس البئر، يجعل عليهما خشبة تعلق بها البكرة. (أسألك) في نسخةٍ: "يسألك". ¬

_ (¬1) سبق برقم (1265) كتاب: الجنائز، باب: الكفن في ثوبين.

15 - باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين

15 - بَابُ لُبْسِ الخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ (بابُ: لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين) أي: جواز لبسهما حينئذ. 1841 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ: "مَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاويلَ لِلْمُحْرِمِ". [انظر: 1740 - مسلم: 1178 - فتح: 4/ 57] (سراويل) في نسخة: "السراويل" بالتعريف. (للمحرم) بلام البيان، كهي في نحو: {هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23] أي: هذا الحكم للمحرم، وفي نسخة: "المحرم" بالرفع فاعل يلبس. 1842 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَال: "لَا يَلْبَسِ القَمِيصَ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاويلاتِ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلَا وَرْسٌ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ". [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح: 4/ 57] (أحمدُ بنَ يونس) نسبةً إلا جده، وإلا فهو أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ يونس. (عن عبد الله) في نسخةٍ: "ابن عبد الله" والصوابُ الأولى. (القميص) في نسخة: "القمص" بالجمع. (نعلين) علم من منطوق كلامه: أنَّه إذا وجد إحداهما فقط ومن مفهومه: أنه إذا وجدهما معًا لا يلبس في إحدى رجليه نعلًا والأخرى خفًّا، وهو كذلك في الثانية، كما أنه لا يجوز أن يغسل إحدى رجليه ويمسح خف الأخرى دون الأولى؛ لأن الميسور لا يسقط بالمعسور.

16 - باب إذا لم يجد الإزار، فليلبس السراويل

16 - بَابُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ، فَلْيَلْبَسِ السَّرَاويلَ (باب: إذا لم يجد) أي: من يريد الإحرام. (الإزار فليلبس السراويل) بخلاف من يجدهما. 1843 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ، فَقَال: "مَنْ لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاويلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ". [انظر: 1740 - مسلم: 1178 - فتح: 4/ 58] (بعرفات) علم على موضع الوقوف، وإنما جمع وإن كان الموضع واحدًا باعتبار بقعة فإن كلًّا منها يسمى عرفة، وقال الفراء: لا واحد له، وقول الناس: نزلنا عرفة شبيه بمُولَّد وليس بعربي (¬1)، ومرَّ الحديث في الباب السابق. 17 - بَابُ لُبْسِ السِّلاحِ لِلْمُحْرِمِ وَقَال عِكْرِمَةُ: "إِذَا خَشِيَ العَدُوَّ لَبِسَ السِّلاحَ وَافْتَدَى وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ فِي الفِدْيَةِ". (باب: لبس السلاح للمحرم) أي: جواز لبسه إذا احتاج إليه. (ولم يتابع) بفتح الموحدة أي: لم يقل به غيره، وقال النووي: لعله أراد إذا كان محرمًا فلا يكون مخالفًا للجماعة (¬2). 1844 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي القَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ: لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ سِلاحًا إلا فِي القِرَابِ". [انظر: 1781 - مسلم: 1783 - فتح: 4/ 58] ¬

_ (¬1) "معجم البلدان" 4/ 104. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 131.

18 - باب دخول الحرم، ومكة بغير إحرام

(عبيد الله) أي: ابن موسى العبسي. (عن إسرائيل) أي: ابن يونس ابن أبي إسحاق السبيعي. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (اعتمر النبي) في نسخة: "اعتمر رسول الله". (يدعوه) بفتح الدال أي: يتركوه. (لا يدخل مكة سلاحًا) بضم الياء وكسر الخاء من الإدخال، والفاعل ضمير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي نسخة: "لا يدخل مكة سلاح" بفتح الياء وضم الخاء من دخل، والفاعل سلاح. (في القراب) بكسر القاف: وعاء السيف، وحكمته: أن يكون أمارة للسلم إن كان دخولهم صلحًا. 18 - بَابُ دُخُولِ الحَرَمِ، وَمَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ وَإِنَّمَا "أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالإِهْلالِ لِمَنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ" وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْحَطَّابِينَ وَغَيْرِهِمْ. (باب: دخول الحرم ومكة) أي: جواز دخولهما بغير إحرام لمن لم يرد الحج والعمرة. (ودخل ابن عمر) أي: الحرم وهو حلال. (ولم يذكر) أي: النبي الإحرام، وفي نسخةٍ: "ولم يذكره" بضمير المفعول. (للحَطَّابِينَ) بلام الجر، وفي نسخةٍ: "الحَطَّابِينَ" بالف بدل اللام وعليها فهو المفعول. (وغيرهم) بالجر على النسخة الأولى، وبالنصب على الثانية، والمراد بغيرهم: من يتكرر دخوله، كالحشاشين والسقائين. 1845 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ، مِمَّنْ أَرَادَ

الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ". [انظر: 1524 - مسلم: 1181 - فتح: 4/ 59] (مسلم) أي: ابن إبراهيم القصاب (وهيب) أي: ابن خالد (طاوس) هو عبد الله. (يلملم) في نسخةٍ: "ألملم". (من غيرهم) أي: من غير أهلهن. (من أراد) في نسخةٍ: "ممن أراد". (الحج والعمرة) أي: أرادهما، الواو بمعنى: أو. 1846 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَامَ الفَتْحِ، وَعَلَى رَأْسِهِ المِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَال: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ فَقَال "اقْتُلُوهُ". [3044، 4286، 5808 - مسلم: 1357 - فتح: 4/ 59] (وعلى رأسه المغفر) هو ما يلبس تحت القلنسوة: وهو زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس، ولا يعارضه خبر مسلم: وعليه عمامة سوداء (¬1) إذ يحتمل أن يكون المغفر فوق العمامة، أو أنه كان على رأسه أول دخوله، ثم نزعه ولبس العمامة. (جاء رجل) في نسخةٍ: "جاءه رجل" واسمه: نضلة بن عبيد الأسلمي، وقيل: سعيد بن حريث، وكنيته: أبو برزة بن خطل، كان اسمه في الجاهلية: عبد العزى، فلما أسلم سمي عبد الله. (قال: اقتلوه) إنما أمر بقتله؛ لأنَّه ارتد وقتل مسلمًا كان يخدمه، وكان يهجو النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، والقاتل له: سعيد بن حريث. وفيه: جواز إقامة الحدود والقصاص في حرم مكة. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: دخوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسه المغفر إذ لو كان محرمًا لكشف رأسه. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1358) كتاب: الحج، باب: جواز دخول مكة بغير إحرام.

19 - باب إذا أحرم جاهلا وعليه قميص

19 - بَابُ إِذَا أَحْرَمَ جَاهِلًا وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ وَقَال عَطَاءٌ: إِذَا تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ". (باب: إذا أحرم جاهلًا) أي: بتحريم ما حُرِّم بالإحرام (وعليه قميص) فلا كفارة عليه، وكالجاهل الناسي والمكره. (وقال عطاء: إذا تطيب، أو لبس جاهلًا، أو ناسيًا) أي: أو مكرهًا (فلا كفارة عليه) هو مذهب الشافعي أيضًا، وخرج بالمذكورين العالم المتعمِّد المختار، فيلزمه الكفارة، والحكم المذكور جارٍ في ارتكاب جميع ما حرم بالإحرام، نعم إن كان من باب الإتلاف، كحلق الرأس، وقتل الصيد لزمته الفدية للجميع، كسائر الإتلافات، كما أوضحت ذلك مع زيادة في "شرح الروض" وغيره (¬1). 1847 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، قَال: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ [فِيهِ] أَثَرُ صُفْرَةٍ أَوْ نَحْوُهُ، [و] كَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِي: تُحِبُّ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ أَنْ تَرَاهُ؟ فَنَزَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَال: "اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ". [انظر: 1536 - مسلم: 1180 - فتح: 4/ 63] (حدثنا همام) أي: ابن يحيى ابن دينار. (صفوان بن يعلى) زاد في نسخةٍ: "ابن أمية". ¬

_ (¬1) قال المصنف -رحمه الله-: ويستثنى من ذلك الناسي والجاهل في التمتع باللبس والطيب، والدهن، والجماع ومقدماته لاعتبار العلم والقصد فيه وهو منتف فيهما. انظر: "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 1/ 510. و"فتح الوهاب" 1/ 152 - 153.

20 - باب المحرم يموت بعرفة، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤدى عنه بقية الحج

(مع رسول الله) في نسخةٍ: "مع النبي". (عليه جبة وأثر صفرة) في نسخة بدل الواو: "عليها" أي: على الجبة، وفي أخرى: "وفيه" وفي أخرى: "به" والضمير فيهما للرجل. (كان) في نسخةٍ: "وكان". (تحب) أي: أتحب بتقدير همزة الاستفهام. (ما تصنع في حجك) أي: من الطواف، والسعي، والحلق والاحتراز عن محظورات الإحرام في الحج كلبس المخيط وغيره، وفيه: إشعار بأن الرجل كان عالمًا بصفة الحج دون العمرة. 1848 - وَعَضَّ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ - يَعْنِي فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ - فَأَبْطَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [2265، 2973، 4417، 6893 - مسلم: 1674 - فتح: 4/ 63] (وعَضَّ رجل) هو يعلى بن أمية (رجل) هو أجير يعلى المذكور. (فأبطله النبي) أي: حكم بأنه هدر؛ لأنه نزعها دفعًا للصائل، وذكر هذا هنا؛ لأنه من تتمة الحديث وذكره في الحديث: (الجبة) وفي الترجمة: (القميص)؛ لأن حكمهما واحد، ومر شرح الحديث في كتاب: الحج في باب: غسل الخلوق (¬1). 20 - بَابُ المُحْرِمِ يَمُوتُ بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ بَقِيَّةُ الحَجِّ (باب: المحرم يموت بعرفة) أي: بيان حاله إذا مات بعرفة. (ولم يأمر النبي. . إلخ) إنما لم يأمر بذلك؛ لأن المحرم مات قبل التمكن من أداء البقية. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1536) كتاب: الحج، باب: غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب.

21 - باب سنة المحرم إذا مات

1849 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ أَوْ قَال: فَأَقْعَصَتْهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ أَوْ قَال: ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يُلَبِّي". [انظر: 1265 - مسلم: 1206 - فتح: 4/ 63] (أو قال) شك من الراوي في الموضعين. (ولا تخمروا) أي: لا تغطوا. (لا تحنطوه) أي: لا تجعلوا فيه حنوطًا: وهو أخلاط من طيب، وكافور، وذريرة قصب ونحوه. 1850 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ أَوْ قَال: فَأَوْقَصَتْهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تَمَسُّوهُ طِيبًا، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا". [انظر: 1265 - مسلم: 1206 - فتح: 4/ 63] (حماد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة: (ولا تمسوه) بضم الفوقية وكسر الميم، وفي نسخةٍ: "ولا تمسوه" بفتحها. 21 - بَابُ سُنَّةِ المُحْرِمِ إِذَا مَاتَ (بابُ: سنة المحرم إذا مات) أي: سنته في كيفية الغسل والتكفين وغيرهما. 1851 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَمَاتَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي

22 - باب الحج والنذور عن الميت، والرجل يحج عن المرأة

ثَوْبَيْهِ، وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا". [انظر: 1265 - مسلم: 1206 - فتح: 4/ 63] (أبو بشر) هو جعفر بن إياس. 22 - بَابُ الحَجِّ وَالنُّذُورِ عَنِ المَيِّتِ، وَالرَّجُلُ يَحُجُّ عَنِ المَرْأَةِ (بابُ: الحج والنذور) في نسخةٍ: "والنذر". (عن الميت والرجل) بالجر عطف على الحج، وبالرفع على الاستئناف. (يحج عن المرأة) أي: (باب) بيان حكم ذلك. (قال: نعم) لفظ: (نعم) ساقط من نسخة. 1852 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَال: "نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ". [6699، 7315 - فتح: 4/ 64] (حجي عنها) ذكر في الحديث حج المرأة عن المرأة، وفي الترجمة حج الرجل عن المرأة فما في الترجمة مقيس على ما في الحديث، مع أن فيه ما يدل على ما فيها حيث قال: (اقْضُوا الله) فإنه خطابٌ للرجال والنساء، بل حكي أن في نسخة في الترجمة: "والمرأة تحج عن المرأة". (قاضية) في نسخةٍ: "قاضيته". (اقضوا الله) أي: حق الله. 23 - بَابُ الحَجِّ عَمَّنْ لاَ يَسْتَطِيعُ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ (بابُ: الحج على من لا يستطيع الثبوت على الراحلة)، لكبر، أو غيره كمرض، وزمانة. (أبو عاصم) ابن الضحاك بن مخلد. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز.

24 - باب حج المرأة عن الرجل

1853 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّ امْرَأَةً، ح. [مسلم: 1335 - فتح: 4/ 66] 1854 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَويَ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَال: "نَعَمْ". [انظر: 1513 - مسلم: 1334 - فتح: 4/ 66] (حدثنا) في نسخة: "وحدثنا" بواو. (ولا يستطيع) في نسخة: "ما يستطيع". (يقضي) بفتح أوله أي: يجزي أو يكفى. 24 - بَابُ حَجِّ المَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ (بابُ: حج المرأة عن الرجل) أي: الذي لا يستطيع الثبوت على الراحلة. 1855 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَال: "نَعَمْ" وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ. [انظر: 1513 - مسلم: 1334 - فتح: 4/ 67] (فجعل) في نسخة: "وجعل". وفي الحديث: جواز الإرداف، وسماع صوت الأجنبية عند

25 - باب حج الصبيان

الحاجة في الاستفتاء وغيره، وتحريم النظر إليها، وإزالة المنكر باليد، وجواز الحج عن العاجز، وبر الوالدين بالقيام بمصالحهما: من قضاء دين، وحج، وخدمة وغير ذلك. ووجوب الحج عن المعضوب، وحج المرأة بلا محرم عند الأمن. 25 - بَابُ حَجِّ الصِّبْيَانِ (باب: حج الصبيان) أي: جوازه. 1856 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "بَعَثَنِي أَوْ قَدَّمَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّقَلِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ". [انظر: 1677 - مسلم: 1293، 1294 - فتح: 4/ 71] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل. (في الثقل) بفتح المثلثة والقاف: الأمتعة، والمراد: آلات السفر، ومتاع المسافر. (من جمع) أي: من المزدلفة. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن ابن عباس كان دون البلوغ، بقرينة ما في الحديث الآتي. 1857 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَقْبَلْتُ وَقَدْ نَاهَزْتُ الحُلُمَ، أَسِيرُ عَلَى أَتَانٍ لِي "وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِمِنًى" حَتَّى سِرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ نَزَلْتُ عَنْهَا، فَرَتَعَتْ، فَصَفَفْتُ مَعَ النَّاسِ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: بِمِنًى فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ. [انظر: 76 - مسلم: 504 - فتح: 4/ 71] (إسحاق) أي: ابن منصور. (ابن أخي ابن شهاب) هو محمد بن عبد الله. (عن عمه) هو محمد بن مسلم بن شهاب.

26 - باب حج النساء

(ناهزت) أي: قاربت. (الحلم) بضم اللام وسكونها، أي: البلوغ. (أسير) حال. (على أتان) بمثناة، وهي الأنثى من الحمر. (فرتعت) أي: الأتان، أي: أكلت من نبات الأبيض، ومرَّ الحديث في كتاب: العلم، في باب: متى يصح سماع الصغير (¬1). 1858 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: "حُجَّ بِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ". [فتح: 4/ 71] (يونس) أي: ابن يزيد الأيلى. (حج بي) بالبناء للمفعول. (مع رسول الله) في نسخةٍ: "مع النبي". 1859 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ الجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ، يَقُولُ: لِلسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، "وَكَانَ قَدْ حُجَّ بِهِ فِي ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [6712، 7330 - فتح: 4/ 71] (وكان) أي: "السائب" كما في نسخة. 26 - باب حَجِّ النِّسَاءِ (باب: حج النساء) أي: صفته. 1860 - وَقَال لِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الأَزْرَقِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، "أَذِنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ [بْنَ عَوْفٍ]. [فتح: 4/ 72] (أحمد بن محمد) هو ابن الوليد الأزرقي. (حدثنا إبراهيم) أي: ابن سعيد. (عن جده) هو إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. ¬

_ (¬1) سلف برقم (76) كتاب: العلم، باب: متى يصح سماع الصغير.

(أذن عمر) أي: في خروجهن للحج. (فبعث معهن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن) أي: "ابن عوف" كما في نسخة. قال الكرماني ما حاصله: المبعوثان وإن لم يكونا محرمين، والمرأة منهية عن نسوة السفر بغير محرم أو زوج، لكن كان معهن ثقات فقمن مقام المحرم، أو أن كل الرجال محرم لهن؛ لأنهن أمهات المؤمنين، ثم قال: قال الشافعي: لا يشترط المحرم، بل الأمن على نفسها ولو كانت وحدها في القافلة آمنة مطمئنة، وكانه نظر للعلة فعمم الحكم انتهى (¬1). وظاهره: أن محل الاكتفاء بالأمن وبالنسوة الثقات في النسك الواجب دون غيره. 1861 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، قَال: حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ فَقَال: "لَكِنَّ أَحْسَنَ الجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ"، فَقَالتْ عَائِشَةُ "فَلَا أَدَعُ الحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1520 - فتح: 4/ 72] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (نغزو أو نجاهد) قال شيخنا: هذا شك من مسدد. شيخ البخاري، قال: وأغرب الكرماني فقال: ليس الغزو والجهاد بمعنى واحد، إذ الغزو: القصد إلا القتال، الجهاد: بذل المقدور في القتال، أو هما مترادفان، فيكون الثاني تأكيدًا (¬2) قال: وكأنه ظن أن الألف تتعلق بـ (نغزو)، فشرح على أن (نجاهد) معطوف على (نغزو)، بالواو ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 9/ 57. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 9/ 56.

وجعل (أو) بمعنى: الواو انتهى (¬1). فالغرابة: إنما هي في العطف بالواو من حيث الرواية، وإلا فالعطف بها أو بـ (أو) صحيح معنى، وما علل به الكرماني صحيح. (لكن) بضم الكاف وتشديد النون ضمير النسوة وهو خبر (أحسن الجهاد) بالرفع مبتدأ (وأجمله) عطف عليه. (الحج) بدل من أحسن. (حج مبرور) خبر مبتدإٍ محذوف، أو بدل من البدل، وفي نسخةٍ: "لكن" بكسر الكاف وألف قبلها وتخفيف النون، للاستدراك و (أحسن) مبتدأ و (الحج) خبره، وفي أخرى كذلك: "لكن" بتشديد النون، فيكون ما بعدها منصوبًا. (فلا أدع الحج) أي: لا أتركه، ومرَّ شرح الحديث في باب: فضل الحج المبرور (¬2). 1862 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ"، فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقَال: "اخْرُجْ مَعَهَا". [3006، 3061، 5233 - مسلم: 1341 - فتح: 4/ 72] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (عن أبي سعيد) اسمه: نافذ بفاء وذال معجمة. (إلا ومعها محرم) أي: لها، واستثنى معه فيما مرَّ وفيما يأتي الزوج أيضًا. (أخرج معها) فيه: تقديم الأهم عند المعارضة فرجح الحج؛ لأن الغزو يقوم غيره فيه مقامه، بخلاف الحج معها. 1863 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ المُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَجَّتِهِ قَال لِأُمِّ ¬

_ (¬1) "الفتح" 4/ 74. (¬2) سبق برقم (1520) كتاب: الحج، باب: فضل الحج المبرور.

سِنَانٍ الأَنْصَارِيَّةِ: "مَا مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ؟ "، قَالتْ: أَبُو فُلانٍ، تَعْنِي زَوْجَهَا، كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا، قَال: "فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي" رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1782 - مسلم: 1256 - فتح: 4/ 73] وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (عبدان) لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة. (أبو فلان) هو أبو سنان. (تقضي حجة معي) أي: في الثواب، وفي نسخةٍ: "تقضي حجة أو حجة معي". بالشك. (وقال: عبيد الله) أي: ابن عمرو الرَّقِّي (عن عبد الكريم) أي: ابن مالك الجذري. (رواه ابن جريج عن عطاء) إلى آخره. أراد البخاري بهذا؛ بيان الاختلاف في الحديث على عطاء. 1864 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَزَعَةَ، مَوْلَى زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ، وَقَدْ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، قَال: أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَال: - يُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي: "أَنْ لَا تُسَافِرَ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعَهَا زَوْجُهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا صَوْمَ يَوْمَيْنِ الفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلَا صَلاةَ بَعْدَ صَلاتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى". [انظر: 586 - مسلم: 827 - فتح: 4/ 73] (أو قال: يحدثهن) في نسخةٍ: "أو قال: أخذتهن" أي: حملتهن. (وانقْنَنَيِ) بفتح الهمزة المدودة والنون وسكون القاف أي: أعجبتي، وسوغ عطفه عليه اختلاف اللفظ، كما في قوله تعالى: {صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ

27 - باب من نذر المشي إلى الكعبة

وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157]. (أن لا تسافر المرأة) بنصب (تسافر) بتقدير لا نافية و (أن) مصدرية، وبرفعه بتقدير لا نافية، وبجزمه بتقديرها ناهية، وعليهما فـ (أن) مفسرة، وعلى الأخير كسرت الراء؛ لالتقاء الساكنين وهكذا أفهم. (مسيرة يومين) اختلفت الأحاديث في تقييد السفر فقيده هنا بيومين، وفي حديث آخر: بثلاثة (¬1)، وفي آخر: بيوم وليلة (¬2)، وأطلق في آخر وعليه الأكثر لاختلاف التقييدات وليس هو من باب: المطلق والمقيد، بل هو من العام؛ لأنه نكرة في سياق النفي. فهو من العامِ الذي ذُكِرَتْ بعضُ أَفرْادهِ، ولا تخصيصَ بذلك على الراجحِ في الأصولِ. (أو ذو مَحرَم) زاد في نسخةٍ: "مُحرَّم" بضمِ الميمِ وتشديدِ الراء مفتوحةِ، وهو تأكيدٌ. 27 - بَابُ مَنْ نَذَرَ المَشْيَ إِلَى الكَعْبَةِ (باب: مَنْ نَذَرَ المشي إلى الكعبةِ) أي: هل يلزمُهُ الوفاء به أو لا؟ 1865 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، قَال: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، قَال: "مَا بَالُ هَذَا؟ "، قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ، قَال: "إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ"، [وَ] أَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ. [6701 - مسلم: 1642 - فتح: 4/ 78] (ابنُ سَلامٍ) بتخفيف اللام، وفي نسخة: "محمدٌ بنُ سلامٍ" ¬

_ (¬1) سبق عن ابن عمر برقم (1086) كتاب: تقصير الصلاة، باب: في كم يَقصُرُ الصلاة. (¬2) سبق عن أبي هريرة (1088) كتاب: تقصير الصلاة، باب: في كم يقصر الصلاة.

(الفزاريُّ) هو مروانُ بنُ معاوية. (رأى شَيخًا) هو أبو إسرائيلَ، وقِيلَ: قيس، وقِيلَ: قيصرُ. (يُهادى بَيْنَ ابنيْهِ) بالبناءِ للمفعولِ، أي: يَمشي بَيْنَهما مُعتَمِدًا عليهما. (أَمَرَهُ) في نسخةٍ: "وأَمَرَهُ" بواو (أَنْ يَرَكَبَ) وإنَّما لمْ يَأْمُره بالوفاءِ بنذرهِ؛ لأنَّ الوفاءَ به وإِنْ كان واجبًا، إلا أنَّ هذا معذورٌ. 1866 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الخَيْرِ، حَدَّثَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَال: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ، إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُهُ، فَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِتَمْشِ، وَلْتَرْكَبْ"، قَال: وَكَانَ أَبُو الخَيْرِ لَا يُفَارِقُ عُقْبَةَ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ. [مسلم: 1644 - فتح: 4/ 78] (ابنَ جُرَيجٍ) هو عبدُ الملكِ. (أنَّ أبا الخير) هو مرثدٌ بنُ عبد الله. (نَذَرَتْ أُخْتي) هي أمُّ حبان بنتُ عامرٍ الأنصاريةِ. (فاستَفْتَيته) في نسخةٍ: "فاستفتيت النبي". (لتمشِ) في نسخةٍ: "لتمشي" بإثباتِ حرفِ العلةِ. (حدَّثَنا) في نسخة: "قال أبو عبد الله حَدَّثَنا" (أَبو عاصمٍ) هو الضحاكُ. (فذكر الحديثَ) أي: السابقُ. وقد اختُلِفَ فيما إِذا نَذَرَ أن يحجَ ماشيًا هل يلزمُه المشي بناءً على أن المشيَّ أفضلُ من الركوب؟ وهو الأظهرُ عند الرافعيِّ (¬1)، والأظهرُ: كما قال النوويُّ: أنَّ الركوبَ أفضلُ، وإن كان الأظهرُ: لزومَ المشي ¬

_ (¬1) انظر: "الشرح الكبير" 12/ 381.

بالنذرِ؛ لأنه مقصودٌ، ثم إنْ صرَّحَ الناذرُ بأنه يمشي من مسكنه لزِمَه منه المشي وإِلَّا فمن حيثُ أحْرَمَ ولو قَبلَ الميقاتِ، فلو فاته الحجُّ لزمه المشي في قضائهِ، ولو تَرَكَ المشي، لعذرٍ، أو غيرهِ أجْزأَه مع لزُوم الدمِ فيهما، والإثمِ في الثاني (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: "المجموع" 7/ 60.

29 - كتاب فضائل المدينة

29 - كتاب فضائل المدينة

1 - باب حرم المدينة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 29 - كتاب فَضَائِلِ المَدِينَةِ 1 - بَابُ حَرَمِ المَدِينَةِ (¬1). (بابُ: حَرَمِ المَدِينَةِ) في نسخةٍ: "بسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ. فَضْلُ المدينةِ" وفي أُخرى: "بسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ. بابُ: فضائلِ المدينة، بابُ: حَرَمِ المَدِيِنَة"، وفي أُخرى: "بابُ: ما جَاءَ في حَرمِ المَدِيِنَة" أي: في فَضَائِلها. 1867 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَحْوَلُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: المَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلَا يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ". [7306 - مسلم: 1366 - فتح: 4/ 81] (من كَذَا إلى كَذَا) كِنَايتان عن اسمي مكان، وسُمي في الحديث الآتي (¬2)، الأولُ: بعائرٍ، وفي مسلمٍ (¬3) الثاني: بثورٍ (¬4). (لا يُحْدَثُ فِيها ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 61: لأنه روى في بعض طرق الحديث: "إلى ثور" ولا يعرف بالمدينة جبل يسمى بثور وإنما هو بمكة، فلعله سقط النهاية لذلك ولم يرو في الحديث نهاية أخرى فترك ذلك لذلك، والله أعلم. (¬2) سيأتي بعد حديثين. (¬3) "صحيح مسلم" (1370) كتاب: الحج، باب: فضل المدينة. (¬4) قال الزبير: أن عائر جبل في المدينة، وقال عمه مصعب: لا يعرف بالمدينة =

حَدَثٌ) ببنائِه للمفعولِ وللفاعلِ، أي: لا يعملُ فيها عملٌ مخالفُ للكتابِ والسنةِ. 1868 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، وَأَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فَقَال: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي"، فَقَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ، إلا إِلَى اللَّهِ، فَأَمَرَ بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ، فَنُبِشَتْ ثُمَّ بِالخِرَبِ، فَسُوِّيَتْ وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ. [انظر: 234 - مسلم: 524 - فتح: 4/ 81] (أَبُو مَعْمِرٍ) هو عبدُ الله بنُ عمروٍ بنِ الحجاجِ المنقريِّ. (عبدُ [الوارِثِ] (¬1) أي: ابن سعيدٍ العنبريُّ. (أبي التيَّاحِ) هو يزيدُ بُن حميدٍ الضُبَعيِّ. (وأَمَرَ) في نسخةٍ: "فَأَمَرَ" بالفاءِ. (بني النَّجَّارِ) هم بطنٌ منْ الأنْصارِ. (ثامِنُوني) بمثلثةِ أي: بايعوني بالثمنِ، وزَادَ في كتابِ: ¬

_ = جبل يقال له عَيْر ولا عائر ولا ثور، وقال أبو عبيد: أهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلًا يقال له ثور، وإنما ثور بمكة، قال: فيرى أهل الحديث أنه حَرَّمَ ما بين عَيْر إلى أُحُد، وقال غيره: إلى بمعنى مع، كأنه جعل المدينة مضافة إلى مكة في التحريم، وقد ترك بعض الرواة موضع ثور بياضًا؛ ليبين الوهم، وضرب آخرون عليه، والأصل في هذا التوقف قول مصعب الزبيري السالف، وقد سلك العلماء في إنكاره مسالك ذكرها الحافظ في "الفتح"، وقيل: أن بمكة أيضًا جبل اسمه عَيْر، فيكون المعنى أن حَرَم المدينة مقدار ما بين عَيْر إلى ثور اللذين بمكة، أو حَرَّمَ المدينة تحريمًا مثل تحريم ما بين عَيْر وثور بمكة بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، ووصف المصدر المحذوف. وحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - حرَّم ما بين عَيْر إلى كذا سيأتي برقم (3172) كتاب: الجزية، باب: ذمة المسلمين جوارهم واحدة. انظر: "الفتح" 4/ 82 - 83، "معجم البلدان" 2/ 86 - 87، 4/ 73. (¬1) في (أ)، (م) [الرزاق] والصواب: ما أثبتناه. انظر: "تهذيب الكمال" 18/ 478.

الصلاة، في بابِ: هل تُنبشُ قبورُ مُشْرِكي الجاهليةِ: (بحائِطِكُم) (¬1). أي: بُسْتَانِكم. (فقَالوا) في نسخةٍ: "قالوا". (لا نَطْلبُ ثَمنه) أي: الحائطُ المقدرُ. (إلا إلا الله) أي: إِلا منه. (بالخِرَب) بفتحِ المعجمةِ وكسرِ الراءِ جمع خَرْبٍ، كنبقٍ، وفي نسخةٍ: بالكسرِ والفتحِ، كنقمٍ (¬2). 1869 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "حُرِّمَ مَا بَيْنَ لابَتَيِ المَدِينَةِ عَلَى لِسَانِي"، قَال: وَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي حَارِثَةَ، فَقَال: أَرَاكُمْ يَا بَنِي حَارِثَةَ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الحَرَمِ، ثُمَّ التَفَتَ، فَقَال: "بَلْ أَنْتُمْ فِيهِ". [1873 - مسلم: 1372 - فتح: 4/ 81] (أخي) أي: عبد الحميد بنُ عبدِ الله. (سلَيمانَ) أي: ابن بلالٍ. (عن عبيدِ الله) أي: "ابنُ عمرَ" كما في نسخةٍ. (حُرِّمَ) بضمِ الحاءِ وكسرِ الراءِ المشددِة أي: حَرَّمَ الله، وفي نسخةٍ: "حَرَمٌ" بفتحتينِ وتنوينِ الميمِ، خبرٌ لما بعده. (لَابتي المدينةِ) تثنيةُ لابةٍ أي: حَرَّةٌ: وهي أبيضٌ ذاتُ حجارةٍ سودٍ (¬3). (فقال) في نسخةٍ: "وقال". (يا بَني حارثة) هم: قبيلةٌ من الأنصارِ. (فقال: بلْ أنتُم فيِه) ظَنَّ أنَّهم خارجون من الحرمِ، فلما رآهم فيه قال ذلكَ. 1870 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إلا كِتَابُ ¬

_ (¬1) سلف برقم (428). كتاب: الصلاة، باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد؟ (¬2) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 18. (¬3) انظر: معجم البلدان 5/ 3.

اللَّهِ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المَدِينَةُ حَرَمٌ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَقَال: ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ، وَلَا عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ، وَلَا عَدْلٌ". [قَال أَبُو عَبْدِ اللهِ: عَدْلٌ: فِدَاءٌ]. [انظر: 111 - مسلم: 1370 - فتح: 4/ 81] (عبدُ الرحمنِ) أي: ابن مهديِّ العنبريِّ. (سُفيانُ) أي: الثوريُّ. (عن أَبيهِ) هو يزيدُ بنُ شريكٍ. (ما عندنا) أَي: مكتوبُ منْ أحكامِ الشريعةِ. (عائرٍ) بمهملة مهموزًا، وراء: جبل بالمدينةِ (¬1). (أو آوى) بمدِّ الهمزةِ على الأَفْصح في المتعدي، وبقصرِها كذلك في اللازم. (محدثًا) بكسرٍ الدالِ أَي: ظالمًا، وبفتحِها أي: رأيًا محدثًا في أمرِ الدينِ. (لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ) أي: فرضٌ. (ولا عَدْلٌ) أي: نَفْلٌ، وقيلَ: عَكْسُه، وقيلَ: الصرفُ: التوبةُ والعدلُ: القربةُ، قالوا: ومعناه: لا يُقْبلَ قبولُ رضَا، وإِنْ قُبل منه قبولُ جزاءٍ (ذِمَّةُ المُسِلمِينَ واحدةٌ). أي: عهدُ كلٍّ منهم، وأمانه للكافرِ صحيحٌ، وإنْ صَدَر من امرأة، أو عبدٍ. (فمن أَخَفرَ مُسْلِمًا) أي: نَقَضَ عَهْدَه، يُقالُ: خَفَرتُ الرجلَ: أمَّنتُهُ وأَخْفَرتُه: نقضتُ عهدَه، فالهمزةُ للإِزالةِ. (ومَنْ تَوَلَّى قَوْمًا) أي: اتخذَهم أولياءَ (بَغيْرِ إِذنِ مَواليهِ) جَرْيُ على الغالبِ فلا مفهومَ له، ويَحرمُ على الولدِ الانتماءِ إلى غيرِ أبيه، وعلى العتيقِ الانتماء إلى غيرِ ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 73.

2 - باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس

معتقهِ، وإن أذن لهما، لِما فيه منْ كفرِ النعمةِ، وتضييعِ حقوقِ الإرثِ والولاءِ وغيرِهمِا، مع ما فيه من قطيعةِ الرحمِ والعقوقِ. قال النوويُّ: وفي الحديثِ: إبطالُ ما تَزْعُمُه الشيعةُ وَيفَتُرونَه من قولِهِم: إنَّ عليًّا أوحي إليه بأمورٍ كثيرةٍ منْ أسرارِ العلمِ وقواعدِ الدينِ، وأنه - صلى الله عليه وسلم - خصَّ أهلَ البيتِ بما لم يطلعْ عليه غيرهم، فهذه دعاوى باطلةٌ، واختراعاتٌ فاسدةٌ (¬1). وفيه: دليل على جوازِ كتابةِ العلمِ. (قال أبو عبد الله: عدلٌ: فداءٌ) ساقطٌ منْ نسخةٍ. 2 - بَابُ فَضْلِ المَدِينَةِ وَأَنَّهَا تَنْفِي النَّاسَ (بابُ: فضلِ المدينةِ) أي: النبويةُ. (وأَنَّهَا تَنْفي الناسَ) أي: شِرَارُهُم. 1871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا الحُبَابِ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى، يَقُولُونَ يَثْرِبُ، وَهِيَ المَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ". [مسلم: 1382 - فتح: 4/ 87] (بقرية) أي: بالهجرةِ إليها. (تَأْكُلُ القُرى) كنايةٌ عنْ كونِ أَهْلهِا تَغْلبُ على سائرِ البلادِ؛ ولأنَّ الأكلَ غالبٌ على المأكولِ. قال النوويُّ: معنى أَكَلها: أَنَّها مركزُ جيوشِ الإسلامِ في أول الأمر، فمنها فُتِحتْ البلادُ وغُنِمتْ أموالُها، وإنَّ أكلها يكون من القُرى الغنيمةُ وإليها تُساقُ غنائُمُها (¬2). (يقولون) أي: بعضُ المنافقينَ. (يَثرِبُ) يسمونها باسم واحدٍ من العمالقةِ نزلها، وكره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تَسميتها بذلكَ؛ لأنها من التثريب ¬

_ (¬1) "شرح صحيح مسلم" 9/ 143. (¬2) "شرح صحيح مسلم" 4/ 159.

3 - باب: المدينة طابة

الذي هو: التعييرِ فأحب أن يسميها باسمٍ حسنٍ (¬1)، فقال: (وهي المدينَةُ) أي: الكاملةُ التي تَسْتَحقُ أن يقال لها: المدينةُ على الإطلاقِ، كالبيتِ للكعبةِ، وأما تسميتُها في القرآن بيثربَ فإنما هو حكايةٌ عن المنافقينَ. (تَنْفي النَّاسَ) أي: شِرارُهم. (كما يَنْفي الكِيرُ) بكسرِ الكافِ وسكونِ التحتيةِ: وهو زق يَنفخُ فيه الحدادُ، وأمَّا المبني من الطينِ: فكورٌ. (خَبَثَ الحَدِيدَ) بفتحِ المعجمةِ والموحدةِ، ونصبِ المثلثةِ أي: وسَخَه الذَّي تُخرجه النارُ. 3 - بَابٌ: المَدِينَةُ طَابَةٌ (بابُ: المدينَةُ طَابَةُ) بمنع صرفِها، وفي نسخةٍ: "طابةٌ" بالتنوين، بِجعْلِها منصرفةٌ بِتقديرها نكرة، وهي تأنيثُ طَاب، وأَصلُها: طيبة، قُلبت الياءُ ألفًا، لِتحَركِها وانفتاحِ ما قبلها، ولها أسماءُ أُخَر كثيرةٌ، كطيبةِ بالتخفيف، وطيبةُ بالتشديد، وطائبُ بوزن كاتب، ودارُ الأخبار، ودارُ الإمدادِ، ودارُ الإيمانِ، ودارُ السنةِ، ودارُ السلامةِ، ودارُ الفتحِ، ودارُ الهجرةِ، وكثرةُ الأسماءِ تدلُ على شرفِ المُسمى (¬2). 1872 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ تَبُوكَ، حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ، فَقَال: "هَذِهِ طَابَةٌ". [انظر: 1481 - مسلم: 1392 - فتح: 4/ 88] (سَليمانُ) أي: ابن بلال التيمي. (عَنْ أَبي حُمَيْدٍ) هو عبدُ الرحمنِ الساعديِّ. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 82 - 88. (¬2) ذكر في "معجم البلدان" أن لها تسعة وعشرين اسمًا، انظر: "معجم البلدان" 5/ 83.

4 - باب لابتي المدينة

(تَبُوكَ) موضعٌ بقربِ الشامِ بينه وبينَ المدينةِ أربعةَ عشر مرحلة، غير منصرفٍ (¬1). (هذه طابة) بلا تنوين، وفي نسخة: بالتنوين كما مرَّ في الترجمة، ومرَّ شرح الحديث في أواخر الزكاة، في باب: خرص التمر (¬2). 4 - بَابُ لابَتَيِ المَدِينَةِ (باب: لابتي المدينة) أي: بيان حكم ما بينهما. 1873 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا حَرَامٌ". [انظر: 1869 - مسلم: 1372 - فتح: 4/ 89] (ترتع) أي: ترعى. (ما ذعرتها) بمعجمة فمهملة أي: ما نفرتها. (ما بين لابتيها حرام) أي: لا يجوز صيدها، ولا قطع شجرها الذي لا ينبته الآدميون. 5 - بَابُ مَنْ رَغِبَ عَنِ المَدِينَةِ (باب: من رغب عن المدينة) أي: كرهها فهو مذموم. 1874 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "يَتْرُكُونَ المَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لَا يَغْشَاهَا إلا العَوَافِ - يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ - وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ، يُرِيدَانِ المَدِينَةَ، يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا، ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 14 - 15. (¬2) سبق برقم (1481) كتاب: الزكاة، باب: خرص التمر.

حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الوَدَاعِ، خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا". [مسلم: 1389 - فتح: 4/ 89] (أبو اليمان) هو الحكم بنُ نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة الحمصي. (أخبرني سعيدٌ بنُ المسيَّبِ) في نسخةٍ: "عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ". (يتركون) بتحية، وفي نسخة: بفوقية على الخطاب، قال شيخنا: وهو الأكثرُ والمرادُ بذلك: غيرُ المخاطبين ومنهم من أهل البلد، أو من نسل المخاطبين، أو من نوعهم (¬1). (على خير ما كانت) أي: عليه من العمارة وكثرةِ الثمار وحسنها. (لا يغشاها) أي: لا يسكنها. (إلَّا العوافِ) في نسخةٍ: "إلَّا عوافي" بحذف (أل) وزيادة ياء: جمعُ عافيةٍ، وهي: التي تطلب أقواتَها يريدُ: عوافي السباع والطير. قال القرطبيُّ (¬2) كالقاضي عياض (¬3): وقد وجد ذلك -أي: التَّركَ المذكور- حيث صارت معدنَ الخلافةِ، ومقصدَ الناس، وملجأهم وحملتْ إليها خيراتُ الأرض، وصارت من أعمرِ البلادِ، فلمَّا انتقلت الخلافةُ منها إلى الشام ثمَّ إلى العراق، وتغلَّبتْ عليها الأعرابُ، وتعاورتها الفتنُ، وخلتْ من أهلها فقصدتها عوافي الطير والسباعُ. وقال النوويُّ: المختارُ أنَّ هذا التَّركَ يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة، ويوضِّحه قصة الراعيين (¬4). وقد وقع عند مسلمٍ بلفظ: "ثمَّ يحشر راعيان" (¬5)، وفي البخاريِّ: أنهما (آخر من يُحشر). قال شيخُنا: ¬

_ (¬1) "الفتح" 4/ 90. (¬2) "المفهم" 3/ 501. (¬3) "إكمال المعلم" 4/ 507. (¬4) "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 160. (¬5) "صحيح مسلم" (1389) كتاب: الحج، باب: في المدينة حين يتركها أهلها.

ويؤيده أخبارٌ منها خبرُ الموطأ: "لتتركنَّ المدينةُ على أحسن ما كانت حتى يدخل الذئبُ فيعوي على بعضِ سواري المسجدِ، أو على المنبرِ، قالوا: فلمنْ يكونُ ثمارُها؟ قال: للعوافي: الطير، والسباع" (¬1). (وآخر من يحشر) أي: يساق إلى المدينة، كما في مسلمٍ (¬2)، وقيل: أي: يحشرُ إلى المحشرِ بعد موتِه. (مُزَيْنَةَ) هي: قبيلةٌ من مُضَرٍ. (ينعقان) أي: يصيحان، بمعنى: يدعوان. (بِغَنَمهما) قيل: ليسوقوها، وذلك عند قربِ السَّاعة، والباءُ بمعنى: على، أو زائدةٌ. (يجدانها) أي: يجدان أهلها. (وحوشًا) أي: يجدانها ذات وحوش، وفي نسخة: "وحشًا" أي: يجدانها خالية. والوحشُ من الأرض: الخلاءُ. (ثنيَّة الوداع) هي: عقبةٌ عند حرمِ المدينةِ، سُمِّيتْ بذلك؛ لأنَّ المودِّعين يمشون إليها في الوداع لمن يخرج من المدينة (¬3). (خَرَّا) أي: سقطًا. 1875 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "تُفْتَحُ اليَمَنُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ العِرَاقُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ". [مسلم: 1388 - فتح: 4/ 90] ¬

_ (¬1) "الموطأ" 2/ 57 (1852) كتاب: الجامع، باب: ما جاء في المدينة. عن أبي هريرة مرفوعًا وانظر: "الفتح" 4/ 95. (¬2) خبر مسلم السابق. (¬3) "معجم البلدان" 2/ 86.

(تُفْتَحُ اليمن) سُمِّيَ بذلك؛ لأنه عن يمين القبلة، أو عن يمين الشمس (¬1). (يبسُّونَ) بفتح التحتية وكسر الموحدة وضمها، وفي نسخة بضم التحتية وكسر الموحدة أي: يسوقون دوابَّهم إلا المدينة. (فيتحمَّلون) أي: من المدينة إلى اليمن المفتتحة. (ومن أطاعهم) عطفٌ على أهليهم. (والمدينةُ خيرٌ لهم) أي: من المدينة إلى اليمن؛ لأنَّها حرمُ الرسولِ، ومهبطُ الوحي، ومنزلُ البركات. (لو كانوا يعلمون) أي: بما فيها من الفضائل، وجوابُ (لو) في المواضع المذكورة محذوفٌ دلَّ عليه ما قبلها، أي: لو كانوا من أهلِ العلم لعلموا أنَّ إقامتَهم بالمدينة خيرٌ لهم، أو هي للتمني فلا جوابَ لها. (وتفتحُ الشامُ) سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه عن شمال الكعبة (¬2)، وفتحُ اليمن قبلَ فتح الشام، كما يلوِّح له ابتداء البخاريِّ به، وللاتفاق على أنَّه لم يقع فتحُ شيءٍ من الشام [في حياته عليه الصلاة والسلام] (¬3)، وأمَّا خبرُ مسلم: "تفتحُ الشامُ، ثمَّ اليمنُ، ثمَّ العراقُ" (¬4) مؤولٌ بأنَّ (ثَّم) الثانية للترتيب الإخباريِّ، أو بأنَّ رواية تقديم الشام معناها: تقديمه على استيفاء فتح اليمن. وفي الحديث: معجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في إخباره بفتح هذه الأقاليم وأن النَّاس يتحملون بأهاليهم ويفارقون المدينة، وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب المذكور. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 447. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 3/ 311 - 315. (¬3) من (م). (¬4) "صحيح مسلم" (1388) كتاب: الحج، باب: الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار.

6 - باب: الإيمان يأرز إلى المدينة

6 - بَابٌ: الإِيمَانُ يَأْرِزُ إِلَى المَدِينَةِ (باب: الإيمان يأرزُ إلى المدينة) بالهمز وكسر الراء أي: ينضم ويجتمع بعضه إلى بعض فيها، وإسناد ذلك إلى الإيمان مجاز، وإلَّا فهو في الحقيقة إنما هو لأهل الإيمان، فقوله: (الإيمان) أي: أهله وعلاقة المجاز السببية، إذ سبب الاجتماع الإيمان، إذ لا يأتيها إلا مؤمن. 1876 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى المَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا". [مسلم: 147 - فتح: 4/ 93] (إبراهيم بن المنذر) نسبة إلى جده، وإلا فهو إبراهيم بن عبد الله بن المنذر. (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. 7 - بَابُ إِثْمِ مَنْ كَادَ أَهْلَ المَدِينَةِ (باب: إثم من كاد أهلَ المدينة) أي: أراد بهم سوءًا. 1877 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ، عَنْ جُعَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ [هِيَ بِنْتُ سَعْدٍ]، قَالتْ: سَمِعْتُ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا يَكِيدُ أَهْلَ المَدِينَةِ أَحَدٌ، إلا انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ المِلْحُ فِي المَاءِ". [مسلم: 1387 - فتح: 4/ 94] (الفضل) أي: ابن موسى السيناني، بكسر المهملة وبنونين بينهما ألف. (عن جعيد) بالتصغير أي: ابن عبد الرحمن بن أوس. (عن عائشة) زاد في نسخة: "هي بنت سعد". (انماع) أي: ذاب، والمراد: هلك.

8 - باب آطام المدينة

8 - بَابُ آطَامِ المَدِينَةِ (باب: آطام المدينة) بالمد جمع أُطُم بضمتين: وهي الحصون التي تبنى بالحجارة. 1878 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، سَمِعْتُ أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ، مِنْ آطَامِ المَدِينَةِ، فَقَال: "هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى، إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الفِتَنِ خِلال بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ القَطْرِ"، تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [2467، 3597، 7060 - مسلم: 2885 - فتح: 4/ 94] (علي بن عبد الله) لفظ: (ابن عبد الله) ساقط من نسخة. (سفيان) أي: ابن عيينة. (أسامة) أي: ابن زيد. (أشرف) أي: نظر من مكان مرتفع. (هل ترون ما أرى؟) قيل: الرؤية هنا علمية، وقيل: بصرية بأن مثلت له الفتن، حتى نظر إليها، كما مثلث له الجنة والنار في القبلة حتى رآهما وهي يصلي. (خلال) جمع خلل وهو: الفرجة بين الشيئين. (تابعه) أي: سفيان. (معمر) أي: ابن راشد. وفي الحديث: معجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، لإخباره بما سيكون وقد ظهر مصداقه من قتل عثمان - رضي الله عنه -. وهلم جرًا. 9 - بَابٌ: لَا يَدْخُلُ الدَّجَّالُ المَدِينَةَ (باب: لا يدخل الدجال المدينة) هو من الدجل وهو: الكذب والخلط؛ لأنه كذاب خلاط الحديث. 1879 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ

أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَدْخُلُ المَدِينَةَ رُعْبُ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ". [7125، 7126 - فتح: 4/ 95] (عن جده) هو إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. (عن أبي بكرة) هو نفيع بن الحارث بن كلدة. (رُعْبُ المسيح) أي: خوفه، وإذا لم يدخل رعبه فأولى أن لا يدخل هو، وسمي الدجال مسيحًا، لمسحه الأبيض؛ أو لأنَّه ممسوح العين لأنه أعور. (الدجال) ذكره، ليتميز عن عسى المسيح عليه الصلاة والسلام. (على كل باب) في نسخة: "لكل باب". 1880 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المُجْمِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "عَلَى أَنْقَابِ المَدِينَةِ مَلائِكَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ، وَلَا الدَّجَّالُ". [5731، 7133 - مسلم: 1379 - فتح: 4/ 95] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أنقاب المدينة) جمع نقب: وهو الطريق في الجبل، والمراد: طرق المدينة وفجاجها. (الطاعون) هو هيجان الدم وانتفاخه. 1881 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إلا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إلا مَكَّةَ، وَالمَدِينَةَ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ، إلا عَلَيْهِ المَلائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ المَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلاثَ رَجَفَاتٍ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ". [7124، 7134، 7473 - مسلم: 2943 - فتح: 4/ 95] (الوليد) هو ابن مسلم الدمشقي. (أبو عمرو) هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي. (إسحاق) أي: ابن عبد الله بن أبي طلحة.

(إلا سيطؤه) أي: يدخله. (إلا مكة والمدينة) أي: فلا يدخلهما وروي: غير مكة، والمدينة، وبيت المقدس، وجبل الطور (¬1). (ليس له من نقابها نقب) لفظ: (له) و (نقب) ساقط من نسخة. (صافين يحرسُونها) حالان متداخلتان. (ثم ترجف المدينة) أي: تتزلزل. (فيخرج الله كُلَّ كافِرٍ ومُنافقٍ) في نسخة: "فيخرج إليه" أي: إلى الدجال (كل كافر ومنافق). 1882 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا طَويلًا عَنِ الدَّجَّالِ فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ أَنْ قَال: "يَأْتِي الدَّجَّالُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ المَدِينَةِ، بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ، أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ، فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ، الَّذِي حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا، ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي اليَوْمَ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَقْتُلُهُ فَلَا أُسَلَّطُ عَلَيْهِ". [7132 - مسلم: 2938 - فتح: 4/ 95] ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 7/ 496 كتاب: الفتن، باب: ما ذكر في فتنة الدجال من حديث سمرة بن جندب، بلفظ: "وإنه سيظهر على الأبيض كلها إلا الحرم، وبيت المقدس"، أحمد 5/ 364 من حديث جنادة بن أبي أمية عن رجل من الأنصار مرفوعًا بلفظ: "لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة، ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى، والطور". والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" كما في "تحفة الأخيار" 9/ 406 كتاب: أشراط الساعة من حديث جنادة أيضًا بلفظ: أحمد، ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 343، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. قال الحافظ في "الفتح" 13/ 5: رجاله ثقات.

(يحيى بن بكير) نسبة إلى جده وإلا فهو يحيى بن عبد الله بن بكير. (عن عقيل) بالتصغير هو ابن خالد الأيلي. (طويلًا) ساقط من نسخة. (ينزل) ساقط من نسخة (بعض السباخ) جمع سبخة: وهي أرض [تعلوها ملوحة، والمراد: ينزل خارج المدينة على أرضٍ] (¬1) سبخة من سباخها. (فيخرج إليه يومئذ رجل) قيل: هو الخضر (¬2). (أرأيت) أي: أخبرني. (فيقولون: لا) قائل ذلك له اليهود، ومن يصدقهم من أهل الشقاوة، أو أعم منه، وقالوه، خوفًا منه لا تصديقًا له، أو قصدوا بذلك عدم الشك في كفره وأنَّه دجال. (أشد بصيرة مني اليوم) في نسخة: "أشد مني بصيرة اليوم" فالمفضل والمفضل عليه واحد باعتبارين. وإنَّما يقول ذلك؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأن علامة الدجال أن يحيى المقتول، فزادت بصيرته بحصول تلك العلامة. (فيقول الدجال) أي: لحاضريه. (أقتله فلا يسلط عليه) أي: لا يقدر على قتله بأن يجعل الله بدنه كالنحاس لا يجري عليه السيف ونحوه، وفي نسخة: "أقتله فلا أسلط عليه" بتقدير همزة الإنكار في (أقتله)، وفي نسخة: بإظهارها، وكأنه ينكر إرادته القتل وعدم تسلطه عليه، فمعناه على هذا ما أريد قتله فلا أسلط عليه. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) قاله أبو إسحاق السبيعي، ذكره مسلم تعليقًا بعد حديث (2938) كتاب: الفتن، باب: في صفة الدجال وتحريم المدينة عليه.

10 - باب: المدينة تنفي الخبث

10 - بَابٌ: المَدِينَةُ تَنْفِي الخَبَثَ (باب: تنفي المدينة الخبث) أي: تخرجه. 1883 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، جَاءَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلامِ، فَجَاءَ مِنَ الغَدِ مَحْمُومًا فَقَال: أَقِلْنِي، فَأَبَى ثَلاثَ مِرَارٍ، فَقَال: "المَدِينَةُ كَالكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا". [7209، 7211، 7216، 7322 - مسلم: 1383 - فتح: 4/ 96] (عبد الرحمن) أي: ابن مهدي. (سفيان) أي: الثوري. (جاء أعرابي) قال شيخنا: يحتمل أنه: قيس بن حازم المنقري (¬1). (أقلني) أي: من المبايعة على الإسلام، وقيل: على الهجرة [(ثلاث مرات) تنازعه] (¬2). (قال) و (أبي) أي: قال ذلك ثلاث مرات، وهو - صلى الله عليه وسلم - يأبى إقالته. (وينصع) بتحتية مفتوحة من النصوع: وهو الخلوص، وإنما أباها؛ خوفًا عليه من الردة، أو ترك الهجرة بأن يرجع إلى وطنه. (طيبها) بفتح الطاء وتشديد التحتية، وبالرفع فاعل (ينصع)، وفي نسخة: "تُنَصّع طِيبُها" بفوقية مضمومة وفتح النون وكسر الصاد مشددة، وبكسر الطاء سكون التحتية وبنصب (طيبها) مفعول تنصع أي: تنصع المدينة طيبها. 1884 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالتْ فِرْقَةٌ: نَقْتُلُهُمْ، وَقَالتْ فِرْقَةٌ: لَا نَقْتُلُهُمْ، فَنَزَلَتْ {فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88] وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا تَنْفِي الرِّجَال كَمَا ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 4/ 97. (¬2) من (م).

تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الحَدِيدِ". [4050، 4589 - مسلم: 1384 - فتح: 4/ 96] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (خرج النبي) في نسخة: "خرج رسول الله". (تنفي الرجال) جمع رجل أي: شرارهم، وفي نسخة: "الدجال" بالدال وتشديد الجيم. قال شيخنا: وهو تصحيف (¬1). - باب: (باب): بلا ترجمة، فهو كالفضل من الباب قبله، بل لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 1885 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنَ البَرَكَةِ"، تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ يُونُسَ. [مسلم: 1369 - فتح: 4/ 97] (حدَّثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله). (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (ضعفي ما جعلت بمكة من البركة) أي: مثليه بناءً على أن ضعف الشيء مثله، وهو ما عليه أهل اللغة، وأما في العرف فضعف الشيء: مثلاه، وضعفاه: ثلاثة أمثاله، وعليه جرى الفقهاء في الإقرار والوصية. والمراد بالبركة: البركة الدنيوية بقرينة خبر: "اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا" (¬2). حتى لا يقال: مقتضى إطلاق البركة أن يكون ثواب الصلاة فيها ¬

_ (¬1) "الفتح" 4/ 97. (¬2) سيأتي برقم (1889) كتاب: فضائل المدينة.

11 - باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة

ضعفي ثواب الصلاة بمكة، أو المراد: عموم البركة، لكن خصت الصلاة ونحوها بدليل خارجي، واستدل به على تفضيل المدينة على مكة، وهو كذلك من هذا الوجه، ولا يلزم من أفضلية المفضول في شيء الأفضلية مطلقة. (تابعه) أي: جريرًا. 1886 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ المَدِينَةِ، أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا". [انظر: 1802 - فتح: 4/ 98] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (عن حميد) ابن أبي حميد الطويل. (جدرات) بضمتين: جمع جدار. (أوضع راحلته) أي: حملها على السير السريع، وقد ذكر في الباب حديثين، ووجه تعلق أولهما بترجمة نفي الخبث: أن قضية الدعاء بتضعيف البركة وتكثيرها يقتضي تقليل ما يضادها فيناسب ذلك نفي الخبث. ووجه تعلق ثانيهما: أن قضية حب الرسول أن تكون بالغة في طيب ذاتهما وأهلها، فيناسب ذلك نفي الخبث أيضًا. 11 - بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُعْرَى المَدِينَةُ (باب: كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - تعرى المدينة) بضم التاء أي: تخلو، وفي نسخة: "تَعري" بفتحها. 1887 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ المَسْجِدِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ تُعْرَى المَدِينَةُ وَقَال: "يَا بَنِي سَلِمَةَ أَلا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ" فَأَقَامُوا. [انظر: 655 - فتح: 4/ 99]

12 - باب

(حدثنا) في نسخة: "حدثني". (ابن سلام) بتخفيف اللام: هو محمد السلمي. (الفزاري) هو مروان بن معاوية. (بنو سلمة) بكسر اللام: بطن من الأنصار. (تعرى) بضم التاء وفتحها كما مر. (ألا تحتسبوا آثاركم؟) أي: هلا تعدون الأجر [في خطاكم إلى المسجد فإن لكل خطوة أجرًا] (¬1)، وفي نسخة: "تحتسبوا" وحذفها بدون ناصب وجازم فصيح، ومرَّ الحديث في أوائل صلاة الجماعة في باب: احتساب الآثار (¬2). 12 - باب. (باب) بلا ترجمة، فهو كالفصل من الباب قبله. 1888 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي". [انظر: 1196 - مسلم: 1391 - فتح: 4/ 99] (عن يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (ما بين بيتي) في نسخة: "قبري" والمراد ببيته: أحد بيوته وهو بيت عائشة الذي قبر فيه - صلى الله عليه وسلم -، وقد رواه الطبراني بلفظ: "ما بين المنبر وبين عائشة روضة من رياض الجنة" (¬3). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (655) كتاب: الآذان، باب: احتساب الآثار. (¬3) الطبراني في "الأوسط" 3/ 269 (3112). وقال: لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله بن عبد الله إلا محمد بن عبد الله =

(روضة) أي: كروضة في نزول الرحمة، وحصول السعادة، أو العبادة فيه سبب لدخول الجنة، أو الموضع ينقل بعينه إلى الجنة، فهو إما تشبيه، أو مجاز، أو حقيقة. (ومنبري على حوضي) أي: يوضع بعينه يوم القيامة عليه، وقيل: يوضع له ثم منبر، وقيل: ملازمة منبره للأعمال الصالحة تورد صاحبها الحوض، وهو الكوثر فيشرب منه، ومؤ شرح الحديث في أواخر كتاب: الصلاة (¬1). 1889 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ، وَبِلالٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ، وَكَانَ بِلالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولُ: أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ، وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ، قَال: اللَّهُمَّ العَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الوَبَاءِ، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الجُحْفَةِ"، قَالتْ: وَقَدِمْنَا المَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ، قَالتْ: فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا تَعْنِي مَاءً آجِنًا. [3926، 5654، 5677، 6372 - مسلم: 1376 - فتح: 4/ 99] ¬

_ = تفرد به ابن لهيعة وهو ضعيف اختلط بعد احتراق كتبه. (¬1) سبق برقم (1196) كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة باب: فضل ما بين القبر والمنبر.

(أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (وعك) أي: حمَّ. (مصبح) يقال له: صبحك الله بالخير، أنعم الله صباحك، والحال أن الموت يفاجئه ولا يمشي حيًّا. (أدني) أي: أقرب. (شِراك) بكسر المعجمة: أحد سيور النعل التي على وجهها، والبيت من الرجز. (أقلع) بالبناء للمفعول، وفي نسح: "أقلع" بالبناء للفاعل أي: كف. (عقيرته) أي: صوته. (وجليل) نبت ضعيف يحشى به خصاص البيت، أي: فرجه. (وهل أردن) بنون خفيفة. (مجنة) بفتح الميم وكسرها وبفتح الجيم والنون المشددة: موضع على أميال يسيرة من مكة، وقيل: على بريد من مكة (¬1). (وهل يبدون) بنون خفيفة أي: يظهرن. (شامةُ وطفيلُ) جبلان على نحو ثلاثين ميلًا من مكة (¬2)، وقيل: هذان البيتان اللذان أنشدهما بلال ليسا له، بل لبكير بن غالب بن عامر بن الحارث، أنشدهما عند ما نفتهم خزاعة من مكة، وهما من البحر الطويل. (قال) ساقط من نسخة، وفي أخرى: "وقال" بالواو. (الوباء) بالمد والقصر، بهمز ودونه: المرض العام، ويقال: الموت. (الذريع) أي: السريع. (وانقل حماها إلى الجحفة) خص بالدعاء بذلك؛ لأنها كانت إذ ذاك دار شرك ويشتغل أهلها بالحمى من إعانة أهل الكفر، وفيه: دليل من دلائل النبوة إذ لا يشرب أحد من مائها إلا صار محمومًا، والدعاء على الكفار بالأمراض، وللمسلمين بالصحة وكشف الضر عنهم، ورد لقول بعض المتصوفة: أن الدعاء قدح في التوكل، وقول المعتزلة: لا ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5 - 58 - 59 (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 37.

فائدة للدعاء مع سبق القدر، والمذهب: أن الدعاء عبادة مستقلة، ولا يستجاب إلا ما سبق به التقدير. (وقدمنا المدينة وهي أوْبأ أرض الله) أي: أكثر وأشد وباءً من غيرها، قيل: كيف قدموا المدينة وهي وبيئة مع أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القدوم علي الطاعون (¬1). وأجيب: بأن ذلك كان قبل النهي، أو أن النهي مختص بالطاعون لا المرض وإن عمَّ. (بُطحان) بضم الموحدة: وادٍ في صحراء المدينة (¬2). (تعني) أي: عائشة. (نجلًا) أي: (ماءً آجنًا) أي: متغيرًا. 1890 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَقَال ابْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: سَمِعْتُ عُمَرَ نَحْوَهُ وَقَال هِشَامٌ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةَ، سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [فتح: 4/ 100] و (ارزقني شهادة في سبيلك) ثم استجيبت دعوته فقد قتله أبو لؤلؤة غلام المغيرة. (عن أمه) في نسخة: "عن أبيه". (هشام) أي: ابن سعد القرشي. (عن زيد) هو ابن أسلم، وأراد البخاريُّ بالتعليقين الذين ذكرهما؛ بيان الاختلاف في الحديث علي زيد بن أسلم، فاتفق هشام وسعيد علي أنه عن زيد عن أبيه، وانفرد روح عن زيد بقوله عن أمه. ¬

_ (¬1) ورد ذلك النهي في حديث سيأتي برقم (3473) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: حديث الغار. (¬2) انظر "معجم البلدان"1/ 446.

30 - كتاب الصوم

30 - كتاب الصوم

1 - باب وجوب صوم رمضان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 30 - كِتَابُ الصَّوْمِ (كتاب: الصوم) في نسخةٍ: "كتاب الصيام" وهو لغة: الإمساك، ومنه قوله تعالى حكاية عن مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أي: إمساكًا وسكوتًا عن الكلام، وشرعًا: إمساك عن المفطر على وجه مخصوص. 1 - بَابُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) في نسخة: تقديمها على ما قبلها (باب: وجوب صوم رمضان) سمي به؛ لارتماض الصائم فيه من حر الجوع والعطش، أو لارتماض الذنوب فيه، أو لغير ذلك، يقال: ارتمض الرجل من كذا، أي: اشتد عليه، أي: أقلقه، وارتمض من الرمضاء أي: احترق. (وقول الله) بالجر عطف على (وجوب). (لعلكم تتقون) أي: المعاصي، إذ الصوم يكسر الشهوة التي هي مبدؤها. 1891 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ؟ فَقَال: "الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إلا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا"، فَقَال: أَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ فَقَال:

"شَهْرَ رَمَضَانَ إلا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا"، فَقَال: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ فَقَال: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَائِعَ الإِسْلامِ، قَال: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ الجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ". [انظر: 46 - مسلم: 11 - فتح: 4/ 102] (عن أبي سهيل) هو نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي. (أن أعرابيًّا) هو ضمام بن ثعلبة كما مرَّ في الإيمان (¬1) (ثائر الرأس) أي: منتفش شعره (إلا أن تطوع) بتشديد الطاء وقد تخفف. (أخبرني ما) في نسخة: "أخبرني بما" (بشرائع) في نسخة: "أخبرني بما". (بشرائع) في نسخة: "شرائع" بحذف الباء والنصب على المفعولية. (أكرمك) وفي نسخة: "بالحق". (أو دخل) في نسخة: "أو أدخل" والشك من الراوي فإن قلت: مفهمومه أنه إذا تطوع لا يفلح أو لا يدخل الجنة، قلت: هذا مفهوم مخالفة، لكان له مفهوم موافقة أيضًا، وهو أنه إذا تطوع يكون مفلحًا بالطريق الأولى، وهو مقدم علي مفهوم المخالفة. 1892 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ"، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَصُومُهُ إلا أَنْ يُوَافِقَ صَوْمَهُ. [2000، 4501 - مسلم: 1126 - فتح: 4/ 102] (إسماعيل) أي: ابن علية. (عن أيوب) أي: السختياني. 1893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،: أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (46) كتاب: الإيمان، باب: الزكاة من الاسلام. ولم يصرح باسمه في هذا الحديث.

2 - باب فضل الصوم

تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ، وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ". [انظر: 1592 - مسلم: 1125 - فتح: 4/ 102] (عاشوراء) بالمدِّ والقصر: عاشر المحرم. (فليصمه) في نسخةٍ: "فليصم". (أفطر) في نسخةٍ: "أفطره". 2 - باب فَضْلِ الصَّوْمِ (باب: فضل الصوم) أي: بيان فضله. 1894 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالى مِنْ رِيحِ المِسْكِ" "يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا". [1904، 5927، 7492، 7538 - مسلم: 1151 - فتح: 4/ 103] (جنة) بضم الجيم، أي: سترة من المعاصي؛ لأنه يكسر الشهوة، أو يضعفها، أو من النار؛ لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات. (يرفث) بالمثلثة وتثليث الفاء: لا يفحش الصائم في الكلام. (ولا يجهل) أي: لا يفعل فعل الجهال، كالصياح، والسخرية، أو يسفه علي أحد، وهذا ممنوع منه في غير الصوم أيضًا، لكنه يتأكد فيه. (قاتله) أي: دافعه ونازعه. (أو شاتمه) أي: تعرض لمشاتمته. (فليقل) أي: بقلبه ولسانه، الأول: وهو ما نقله الرافعي (¬1) عن الأئمة، لكف ¬

_ (¬1) انظر: "العزيز شرح الوجيز" 3/ 215.

نفسه عن مقاتلة خصمه، والثاني: ما رجحه النووي في "أذكاره" لينزجر خصمه عن الزيادة (¬1). (لخلوف فم الصائم) بضم المعجمة واللام، أي: تغير رائحة فمه؛ لخلو معدته من الطعام. (أطيب عند الله من ريح المسك) أي: في يوم القيامة، كما في "مسلم" وغيره (¬2)، وفي الدنيا لخبر: "وأمَّا الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك" (¬3). والأوجه: إرادة الأمرين معًا، ويشكل ذلك من جهة أن الله منزه عن استطابة الروائح الطيبة، واستقذار الروائح الكريهة الخبيثة فإن ذلك من صفات الحيوان. وأجيب: بأنه استعارة؛ لجريان عادتنا بتقريب الروائح الطيبة منا، فاستعير ذلك؛ لتقريبه من الله تعالى، وبأن (أطيب) بمعنى: أذكى، أو بمعنى: أكثر قبولًا من قبول ريح المسك عندكم؛ لأن الطيب مستلزم للقبول عادة، وبأن المراد بـ (عند الله): ملائكته. (وشهوته) من عطف ¬

_ (¬1) انظر: "الأذكار" للنووي ص 245 - 246. (¬2) انظر: "صحيح مسلم" (1151) كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام. و"سنن النسائي" 4/ 163 - 164 كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام. و"مسند أحمد" 2/ 273. و"صحيح ابن خزيمة" 3/ 196 - 197 (896) كتاب: الصيام، باب: ذكر طيب خلفه الصائم عند الله يوم القيامة. و"صحيح ابن حبان" 8/ 210 (3423) كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم. (¬3) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" 3/ 353 (3603) باب: في الصيام، فضائل شهر رمضان. من حديث جابر بن عبد الله.

3 - باب: الصوم كفارة

العام على الخاص. (من أجلي) هذا يحتاج لتقدير، قيل يترك لئلا يتحد المتكلم في (والذي نفسي بيده) مع: (من أجلي) والتقدير: من أجل الله، وقول الله في مثله يسمى: بالحديث القدسي، والإلهي والرباني، ويفارق القرآن بأن القرآن معجز وينزل بواسطة جبريل، بخلاف هذا، ويفارق بقية الأحاديث بأنه يضاف إلى الله، بخلاف البقية. (الصوم لي) أي: لم يتعبد به أحدٌ غيري، أو سر بيني وبين عبدي يفعله خالصًا لوجهي. (وأنا أجزي به) أي: صاحبه بأن أضاعف له الجزاء من غير عدد ولا حساب، وعقبه بقوله: (والحسنة بعشر أمثالها) إعلامًا بأنَّ الصومَ مستثنى من هذا الحكم، كأنَّه قال: وسائر الأعمال الحسنة بعشر أمثالها، بخلاف الصوم فإنه كثير الثواب جدًّا، لأنَّ الكريم إذا تولى بنفسه الجزاء اقتضى عظمته وسعته. 3 - بَابٌ: الصَّوْمُ كَفَّارَةٌ (باب: الصوم كفارة) أي: للصغائر. 1895 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا جَامِعٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَال: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَنْ يَحْفَظُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفِتْنَةِ؟ قَال حُذَيْفَةُ أَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ"، قَال: لَيْسَ أَسْأَلُ عَنْ ذِهِ، إِنَّمَا أَسْأَلُ عَنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ البَحْرُ، قَال: وَإِنَّ دُونَ ذَلِكَ بَابًا مُغْلَقًا، قَال: فَيُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَال: يُكْسَرُ، قَال: ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لَا يُغْلَقَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ البَابُ؟ فَسَأَلَهُ فَقَال: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ. [انظر: 525 - مسلم: 144 - فتح: 4/ 110]

4 - باب: الريان للصائمين

(سفيان) أي: ابن عيينة. (جامع) أي: ابن [أبي] (¬1) راشد الصيرفي. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن حذيفة) أي: ابن اليمان. (حديثًا عن النبي) في نسخة: "حديث النبي". (فتنة الرجل .. إلى آخره) بأن يرتكب فيها صغائر (ليس أسأل عن ذه) أي: ذي، فأتي فيها بهاء السكت ساكنة، ومقصورة باختلاس وإشباع، واسم ليس: ضمير الشأن. (تموج) أي: تضطرب. (وإن دون ذلك) في نسخة: "إن دون ذلك" بدون واو. (بابًا مغلقًا) أي: لا يخرج بشيء من الفتن في حياتك. (ذاك أجدر) أي: الكسر أولى من الفتح. (لمسروق) أي: ابن الأجدع. (إن دون غد الليلة) في نسخة: "أنَّ غَدًا دُونَ الليلة" ومرَّ شرح الحديث في باب: الصلاة كفارة (¬2). 4 - بَابٌ: الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ (باب: الريان للصائمين) الريان: باب من أبواب الجنة يختص بدخول الصائمين منه. 1896 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ". [3257 - مسلم: 1152 - فتح: 4/ 111] ¬

_ (¬1) ساقط من (أ) و (م). انظر: "تهذيب الكمال" 4/ 485. (¬2) سبق برقم (525) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الصلاة كفارة.

(أبو حازم) بمهملة وزاي: سلمة بن دينار. (عن سهل) أي: ابن سعد الساعدي. (إنَّ في الجنة بابًا يقال له الريان) هو نقيض العطشان، وهو مناسب لحال الصائمين؛ لأنهم بتعطيشهم أنفسهم في الدنيا يدخلون من بابه؛ ليأمنوا من العطش، وليس ذلك قاصرًا على صائم رمضان، بل يأتي في الصائم مطلقًا. 1897 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَال: حَدَّثَنِي مَعْنٌ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ"، فَقَال أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا، قَال: "نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ". [2841، 3216، 3666 - مسلم: 1027 - فتح: 4/ 111] (مَعْنٌ) أي ابن عيسى بن يحيى القزاز. (أن رسول الله) في نسخةٍ: "قال رسول الله". (زوجين) أي: اثنين من أي شيء كان. (في سبيل الله) قبل: عام في أنواع الخير، وقيل: خاص بالجهاد. (هذا خير) أي: من الخيرات. وتنوينه للتعظيم، وليس هو أفعل التفضيل. (من باب الصدقة) في نسخة: "من أبواب الصدقة" وليس هذا تكرار لقوله قبل. (من أنفق زوجين)؛ لأن ذلك نداء بأن الإنفاق ولو

5 - باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان، ومن رأى كله واسعا

بالقليل خير من جملة الخيرات العظيمة، وهو حاصل من كل أبواب الجنة، وهذا استدعاء الدخول من باب خاص. وفي الحديث: فضل الإنفاق حيث افتتح واختتم (بأبي أنت وأمي) أي: مفدي بهما. (قال: نعم) أي: يدعى منها كلها، لكن على سبيل التخيير في الدخول من أيها شاء؛ لاستحالة الدخول من الكل معًا. 5 - بَابٌ: هَلْ يُقَالُ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعًا وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ". [1914] وَقَال "لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ". (باب: هل يقال:) في نسخة: "هل يقول؟ " أي: هل يجوز للإنسان أن يقول: (رمضان، أو) يتعين أن يقول: (شهر رمضان)، والأول: هو ما عليه المحققون. (ومن رأى) عطف علي (هل يقال) وفي نسخة: "ومن رآه". (كله) أي: كلًّا من الأمرين. (واسعًا) أي: جائزًا. 1898 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ". [1899، 3277 - مسلم: 1079 - فتح 4/ 112] (عن أبي سهيل) هو نافع بن مالك بن أبي عامر. (فتحت) بالتخفيف والتشديد، أي: حقيقة لمن مات في رمضان، أو عمل عملًا لا يفسد عليه، أو مجازًا أي: إنَّ العمل فيه يؤدي إلى ذلك، وقيل: كناية عن تنزيل الرحمة، وإزالة العائق عن مصاعد أعمال العباد. 1899 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ

شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ، مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ: أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ". [1898 - مسلم: 1079 - فتح: 4/ 1912] (حدثني يحيى) في نسخة: "وحدثني" بواو، وفي أخرى: "أخبرني". (عن عقيل) بالتصغير، أي: ابن خالد. (أخبرني) في نسخة: "حدثني". (ابن أبي أنس) هو أبو سهيل نافع. (التيميين) أي: بني تيم. (إذا دخل رمضان) في نسخة: "إذا دخل شهر رمضان". (أبواب السماء) أي: الجنة، بقرينة ذكر جهنم في مقابلته. (وغلقت أبواب جهنم) أي: حقيقة، أو مجازًا نظير ما مرَّ، وقيل: كناية عن تنزه أنفس الصوام عن رجس الفواحش والتخلص من البواعث على المعاصي بقمع الشهوات. (وسلسلت الشياطين) أي: حقيقة، والمراد: مسترق السمع منهم، أو مجازًا أي: يقل إغواؤهم فيصيروا كالمسلسلين. 1900 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، وَيُونُسُ: لِهِلاَلِ رَمَضَانَ. [1906، 1907، 1908، 1913، 5302 - مسلم: 1080 (8) - فتح: 4/ 113] (سالم) زاد في نسخة: "ابن عبد الله". (رأيتموه) أي: الهلال، وإن لم يسبق له ذكر؛ لدلالة السياق، والمراد: رؤية بعضهم ولو واحدًا. (فإن غُمَّ) أي: الهلال، أي: ستر، ويقال: غُمِي وغُمِّي بالتخفيف والتشديد. (فاقدروا له) بهمزة وصل وضم الدال وكسرها، أي: قدروا له تمام العدد ثلاثين يومًا.

6 - باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية

(وقال غيره) أي: غير يحيى، وأراد بغيره: عبد الله بن صالح كاتب الليث. (لهلال رمضان) يعني: أن عقيلًا ويونس أظهر الضمير في (وله) (¬1). 6 - بَابُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً وَقَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ". 1901 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [انظر: 35 - مسلم: 759، 760 - فتح: 4/ 115] (باب: من صام رمضان إيمانًا) أي: تصديقًا بوجوبه. (واحتسابًا) أي: طالبًا الأجر. (ونية) أي: عزيمة بأن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (من ذنبه) أي: من الصغائر. 7 - بَابٌ: أَجْوَدُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ فِي رَمَضَانَ (باب: أجود ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون في رمضان) ما: ¬

_ (¬1) أراد أن في رواية: عقيل ويونس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لهلال رمضان إذا رأيتموه" فأظهرا ما كان مضمرًا فافهم -والله أعلم-.

8 - باب من لم يدع قول الزور، والعمل به في الصوم

مصدرية، أي: أجود أكوانه يكون في رمضان، والأجود: الأسخى، وهو مبتدأ خبره: (يكون في رمضان). 1902 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ". [انظر: 6 - مسلم: 2308 - فتح: 4/ 116] (كل ليلة) في نسخة: "في كل ليلة"، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الوحي (¬1). 8 - بَابُ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ (باب: من لم يدع قول الزور) أي: الكذب، والميل عن الحق. (والعمل به) أي: بمقتضاه تنازعه (يدع) و (العمل) وجواب (من) محذوف لعلمه من الحديث الآتي. 1903 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ". [6057 - فتح 4/ 116] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (عن أبيه) هو كيسان الليثي. (قال رسول الله) في نسخة: "قال النبي". فليس لله حاجة إلى ¬

_ (¬1) سبق برقم (6) كتاب: بدء الوحي.

9 - باب: هل يقول إني صائم إذا شتم؟

آخره) مجاز عن عدم القبول، فنفى السبب وأراد نفي المسبب، وإلَّا فالله لا يحتاج إلى شيء، وليس المراد الأمر بترك صيامه إذا لم يترك الزور، بل المراد: التحذير من قول الزور. 9 - بَابٌ: هَلْ يَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ إِذَا شُتِمَ؟ (باب: هل يقول: إني صائم، إذا شتم) ترك جواب الاستفهام؛ لعلمه من الحديث الآتي. 1904 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَال اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إلا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ". "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ". [انظر 1894 - مسلم: 1151 - فتح: 4/ 118] (عن ابن جريج) أي: عبد الملك. (كل عمل ابن آدم له) أي: كل عمله له فيه حظ ومدخل لاطلاع الناس عليه، فهو يتعجل به ثوابًا من الناس، ويحوز به حظًّا من الدنيا جاهًا وتعظيمًا ونحوهما. (إلا الصيام) فإنه خالص. (لي) لا يطلع عليه غيري. (ولا يَصْخَبْ) بصاد مهملة ومعجمة مفتوحة، أي: لا يصيح ولا يخاصم، ويجوز فيه أن تبدل الصاد سينًا. (لخلوف) بضم الخاء، وفي نسخة: "لخُلفُ" بضم الخاء واللام. (فم الصائم) في نسخة: "في الصائم"، ومرَّ شرح الحديث في باب: فضل الصوم (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1894) كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم.

10 - باب: الصوم لمن خاف على نفسه العزبة

(يفرحُهُما) أي: يفرح بهما حذف الجار؛ توسعًا، كقوله تعالى: {فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] أي: فيه. (إذا أفطر فرح) أي: لإتمام الصوم، أو لتناوله الطعام. (إذا لقي ربه فرح بصومه) أي: بجزائه وثوابه. 10 - بَابٌ: الصَّوْمُ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ العُزْبَةَ (باب: الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة) أي: ما ينشأ عنها من خوف الوقوع في الزنا، وفي نسخة: "العزبة" بضم المهملة وسكون الزاي. 1905 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي، مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وجَاءٌ". [5065، 5066 - مسلم: 1400 - فتح 4/ 119] (عبدان) لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة. (عن أبي حمزة) بمهملة وزاي: محمد بن ميمون. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس. (مع عبد الله) أي: ابن مسعود. (فقال: من استطاع) إلى آخره: جواب (بينا) وجملة: (فقال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -) معترضة. (الباءة) (¬1) بالمد والهاء وبه بلا هاء، وبالقصر مع هاء، ومع هاءين لغة الجماع، وهو المراد هنا، وقيل: مؤن النكاح، والقائل بالأول رده ¬

_ (¬1) فيها أربع لغات: الفصيحة المشهورة بالمد والهاء، والثانية: بلا مد، والثالثة: بالمد بلا هاء، والرابعة: الباهة بهاءين بلا مد.

11 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا"

إلى معنى الثاني، إذ التقدير عنده: من استطاع منكم الجماع؛ لقدرته علي مؤن النكاح. (فعليه الصوم) قيل: هو من إغراء الغائب وسهله تقدم المغرى به في (من استطاع منكم) فكان كإغراء الحاضر، وقيل: الباء زائدة في المبتدإ ومعناه: الخبر لا الأمر، وقيل: من إغراء المخاطب على معنى: دلوه على الصوم أي: أشيروا عليه به، فحذف فعل الأمر وعوض عنه (عليه) (فإنه) أي: الصوم، (له) أي: للصائم. (وجاء) بكسر الواو والمد: رضُّ الخصيتين والمراد: إنه قاطع للشهوة، كما يقطعها الوجء. 11 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا رَأَيْتُمُ الهِلال فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا" وَقَال صِلَةُ، عَنْ عَمَّارٍ، "مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". (باب: قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إذا رأيتم الهلال) أي: هلال رمضانَ (فصوموا) (وإذا رأيتموه) أي: هلال شوال. (فأفطروا) بهمزة قطع، أي: في اليوم الأول منه (وقال صِلَةُ) أي: ابن زفر. (عن عمار) أي: ابن ياسر. (يوم الشك) هو اليوم الذي يتحدث الناس فيه برؤية هلال رمضان ولم تثبت رؤيته. (فقد عصى أبا القاسم) أي: النبي، وذكره بكنيته؛ إشارة إلى أنه يقسم أحكام الله بين عباده زمانًا ومكانًا وغيرهما. 1906 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَال: "لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَال، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ". [انظر: 1900 - مسلم: 1085 - فتح: 4/ 119]

1907 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ". [انظر: 1900 - مسلم: 1080 - فتح: 4/ 119] (عن مالك) في نسخةٍ: "حدَّثَنا مالك" (لا تصوموا) أي: رمضان أي: إذا لم يكن شعبان ثلاثين يومًا. (حتى تروا الهلال) أي: هلال رمضان. (ولا تفطروا) أي: في اليوم الأول من شوال. (حتى تروه) أي: هلاله. ومرَّ شرح الحديث والذي بعده (¬1). 1908 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا" وَخَنَسَ الإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ. [انظر: 1900 - مسلم: 1080 (13) - فتح: 4/ 119] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (وخَنَسَ) بمعجمة ونون مخففة، أي: قبض، وفي نسخةٍ: "وحبس" (¬2) بمهملة وموحدة مخففة أي: ضم. 1909 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْ قَال: قَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ". [مسلم: 1081 - فتح: 4/ 119] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (لرؤيته) اللام فيه للتوقيت، والمراد برؤيته: رؤية بعض المسلمين له. (فإن غُبِّي) بضم المعجمة وكسر الموحدة المشددة، وفي نسخةٍ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (1900) كتاب: الصوم، باب: هل يقال: رمضان أو شهر رمضان؟ (¬2) هي رواية الكشميهيني.

12 - باب: شهرا عيد لا ينقصان

"غَبِيَ"، كعلم، وفي أخرى: "أُغمِيَ" وفي أخرى: "غُمَّ". 1910 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، غَدَا أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ شَهْرًا، فَقَال: "إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا". [5202 مسلم: 1085 - فتح: 4/ 119] (آلى) بمدِّ الهمزة أي: حلف. (غدا) [بغين معجمة] (¬1) أي: ذهب أول النهار. (أو راح) أي: ذهب آخره، والشك من الراوي. 1911 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتْ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا، فَقَال: "إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ". [انظر: 378 - مسلم: 411 - فتح: 4/ 120] (وكانت) في نسخة: "فكانت" بالفاء. (مشربة) بفتح الميم وسكون المعجمة وضم الراء وفتحها، أي: غرفة. (تسعًا وعشرين) في نسخة: "تسعة وعشرين". 12 - بَابٌ: شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَال إِسْحَاقُ: "وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَهُوَ تَمَامٌ" وَقَال مُحَمَّدٌ: "لَا يَجْتَمِعَانِ كِلاهُمَا نَاقِصٌ". (بابٌ: شَهْرَا عيدٍ) وهما: رمضان وذو الحجة كما سيأتي. (لا ينقصان) أي: في سنة واحدة غالبًا، حتى لو كان أحدهما ناقصًا كان ¬

_ (¬1) من (م).

13 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نكتب ولا نحسب"

الآخر تامًّا، وقيل: المعنى لا ينقص ثواب ذي الحجة عن ثواب رمضان؛ لأنَّ فيه المناسك، وقيل: كاملان في الثواب وإن نقص عددهما، أو عدد أحدهما. (قال أبو عبد الله). أي: البخاري. (إسحاق) أي: ابن راهويه، أو ابن سويد بن هبيرة. (وإن كان) كل من الشهرين. (ناقصًا) أي: في العدة. (فهو تام) أي: في الأجر (محمد) أي: ابن سيرين، أو البخاري. (لا يجتمعان) أي: الشهران (كلاهما ناقص) جملة حالية بغير واو، كما في كلمته فوه إلى في أي: لا يجتمعان في سنة واحدة ناقصين، كما مر، ولفظ: (قال أبو عبد الله إلخ) ساقط من نسخة. 1912 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "شَهْرَانِ لَا يَنْقُصَانِ، شَهْرَا عِيدٍ: رَمَضَانُ، وَذُو الحَجَّةِ". [مسلم: 1089 - فتح: 4/ 124] (معتمر) أي ابن سليمان. (يعني) ساقط من نسخة. (ابن سويد) ساقط مع (يعني) من أخرى. (أخبرني) في نسخة: "حدثني". (شَهْرًا عيد) بدل مما قبله، أو خبر مبتدإٍ محذوف. (رمضان وذو الحجة) كلٌّ منها بدل، أو خبر مبتدإٍ محذوف، أي: أحدهما رمضان، والآخر ذو الحجة، خصهما بالذكر؛ لتعلق حكم الصوم والحج بهما. 13 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نكتب ولا نحسب) أي: بيان ذلك.

14 - باب: لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين

1913 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَال: "إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا" يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاثِينَ. [انظر: 1900 - مسلم: 1080 (15) - فتح: 4/ 126] (سعيد بن عمرو) أي: ابن سعيد بن العاص. (إنَّا) أي: العرب. (أمَّة) أي: جماعة قريش. (أمِّيَّة) أي: باقون على الحالة التي ولدتنا عليها الأمهات من عدم الكتابة والقراءة، وهو نسبة إلى الأم؛ لأن هذا صفة النساء غالبًا، وقيل: إلى أمة العرب؛ لأنَّهم ليسوا أهل كتابة، ثم بين كونهم كذلك بقوله: (لا نكتب ولا نحسب) بضم السين أي: لا نعرف حساب النجوم وتسييرها. 14 - بَابٌ: لَا يَتَقَدَّمُ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ (باب: لا يَتَقدمَنَّ) في نسخةٍ: "لا يتقدم أحد" (رمضان بصوم يوم، أو يومين). 1914 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إلا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ". [مسلم: 1082 - فتح: 4/ 127] (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين) النهي فيه للتحريم وإنما نهي عنه؛ ليدخل في صوم رمضان بنشاط وقوة فلا يثقل عليه، أو لئلَّا يختلط صوم الفرض بالنفل، وبهذا حرم صوم يوم العيد، أو للخوف من أن يزاد في رمضان ما ليس منه، كما نهى عن صوم يوم العيد (إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه) في نسخة: "كان يصوم

15 - باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم} [البقرة: 187]

صومًا" أي: كنذرٍ وقضاءٍ وورد وكفارة. (فليصم ذلك اليوم) أي: المتقدم علي رمضان، أي: لأنه مأذون له فيه، وذكر اليوم واليومين جري على الغالب ممن يقصد ذلك، وإلا فالمنع ممتد من أول السادس عشر من شعبان بخبر أبي داود وغيره: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" (¬1). وظاهره تحريم الصوم إذا انتصف وإن وصله بما قبله، وليس مراده بل هو جائز نظر لأصل مطلوبية الصوم. 15 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187] ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2337) كتاب: الصوم: باب: في كراهية ذلك، والترمذي (738) كتاب: الصوم، باب: ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان لحال رمضان. وابن ماجة (1651) كتاب: الصيام، باب: ما جاء في النهي عن أن يتقدم رمضان بصوم إلا من صام صومًا فوافقه. وأحمد 2/ 442. وقال الترمذي: حسن صحيح، لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ، ومعنى الحديث عند بعض أهل العلم: أن يكون الرجل مضطرًا فإذا بقي من شعبان شيء أخذ في الصوم لحال شهر رمضان. وقد روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يشبه قولهم حيث قال: "لا تقوموا شهر رمضان بصيام إلا أن يوافق ذلك صومًا كان يصومه أحدكم". دل في هذا الحديث إنما الكراهة على من يعمه الصيام لحال رمضان. والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود" (2025) وكذلك في "صحيح الترمذي و"صحيح ابن ماجة".

(باب: قول الله جل ذكره: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} عدي الرفث بإلى؛ لتضمنه معنى: الإفضاء، وهذا ناسخ لما كان في صدر الإسلام من تحريم الرفث والأكل والشرب بعد العشاء. ({هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}) كناية عن تعانقهما، أو احتياج كل منهما لصاحبه. ({عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ}) أي: تخونون أنفسكم بالجماع، والأكل، والشرب ليلة الصيام في الوقت الذي كان محرم فيه ذلك. ({فَتَابَ عَلَيْكُمْ}) أي: قبل توبتكم. ({وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}) أي: جامعوهنَّ. ({وَابْتَغُوا}) أي: اطلبوا. ({وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}) أي: أباحه من الجماع، أو من الولد، وفي نسخة: " {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {مَا كَتَبَ اللَّهُ} " [البقرة: 187]. 1915 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَال لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالتْ: لَا وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187]. [4508 - فتح: 4/ 129] (عن إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (عن أبي إسحاق) أي المذكور، واسمه: عمرو بن عبد الله. (وكان يومه يعمل) أي: في أرضه. (فغلبته عيناه) أي: فنام، وفي نسخة: "فغلبته عينه".

16 - باب قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187]

(فجاءته) في نسخة: "فجاءت" بحذف الضمير. (خَيْبَةً) أي: حرمانًا بالنصب على أنه مفعول مطلق، يقال: خاب أي: لم ينل ما طلب. (فنزلت هذه الآية) وجه مناسبة نزولها لقصة قيس: أنه إذا جاز الرفث فجواز الأكل والشرب أولى، مع أنه ذكره في قوله. (ونزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا}) إلى آخره، ليعلم بالمنطوق تسهيل الأمر عليهم صريحًا، وفي نسخة: "فنزلت" بالفاء. (البراء) في نسخةٍ: "عن البراء" وأشار به إلى حديثه السابق. 16 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] فِيهِ البَرَاءُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1915] (باب قَوْلِ الله تَعَالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}). في نسخة: " {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} إلى قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ". (البراء) في نسخة: "عن البراء" وأشار به إلى حديثه في الباب السابق. 1916 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَال: أَخْبَرَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187] عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ، وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ، فَلَا يَسْتَبِينُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَال: "إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ". [4509، 4510 - مسلم: 1090 - فتح: 4/ 132] (حجاج) في نسخة: "الحجاج". (هشيم) أي: ابن السلمي. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (عمدت) بفتح الميم. (له ذلك) في نسخة: "ذلك له".

1917 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، ح حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: "أُنْزِلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ، مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187] وَلَمْ يَنْزِلْ {مِنَ الفَجْرِ} [البقرة: 187]، فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ: {مِنَ الفَجْرِ} [البقرة: 187] فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ". [4511 - مسلم: 1901 - فتح: 4/ 132] (سعيد بن أبي مريم) نسبة إلى جدٍ له، وإلا فهو سعيدُ بن محمد بن الحكم بن أبي مريم. (ابن أبي حازم) هو عبد العزيز. (عن أبيه) هو أبو حازم، واسمه: سلمة بن دينار. (فكان) في نسخة: "وكان" بالواو. (في رجله) في نسخة: "في رجليه" بالتثنية. (ولم يزل) في نسخة: "ولا يزال". (يتبين) بتحتية قبل فوقية، وفي نسخة: بفوقيتين، وفي نسخة: "يستبين" أي: يظهر. (الليل والنهار) في نسخة: "الليل من النهار". وليس في الحديث تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ لأنَّ استعمال الخيطين أي: الأبيض الذي أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق شبيهًا بالخيط، والأسود: الذي يمتد معه من غلس الليل شبيهًا بالخيط أيضًا، كان شائعًا لا يحتاج لبيان، فاشتبه علي بعضهم فحمله على العقالين، وبالجملة: فاستعمال الخيطين في الليل والنهار كان استعارة قبل نزول قوله تعالى: {مِنَ الْفَجْرِ} وبعده صار تشبيهًا، كما أن قولك: رأيت أسدًا مجاز فإذا ازدت من فلان رجع تشبيهًا، والاستعارة وإن كانت أبلغ من التشبيه، لكن الكامل منه أبلغ

17 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال" [انظر: 621]

منها ناقصة وهي هنا ناقصة؛ لفوات شرط جنسها وهو كون الشبه بين المستعار والمستعار له جليًّا بنفسه معروفًا بين سائر الأقوام، وكان هذا مشتبهًا على بعضهم، وقوله: {مِنَ الْفَجْرِ} بيان للخيط الأبيض واكتفى به عن بيان الأسود؛ لأنَّ بيان أحدهما مشعر ببيان الآخر. 17 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلالٍ". [انظر: 621] (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمنعنكم) بنون التأكيد الثقيلة، وفي نسخة: "لا يمنعكم" بدونها. (من سحوركم أذان بلال) السَّحوُر بالفتح: ما يؤكل في السحر، وبالضم: المصدر. 1918، 1919 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَالقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ بِلالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الفَجْرُ"، قَال القَاسِمُ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانِهِمَا إلا أَنْ يَرْقَى ذَا وَيَنْزِلَ ذَا. 1918 - [انظر: 617 - مسلم: 1092 - فتح: 4/ 136] 1919 - [انظر: 622 - مسلم: 1092 - فتح: 4/ 136] (عن أبي أسامة) هو حماد بن أسامة. (والقاسم) عطف على نافع لا على ابن عمر. (ابن أم مكتوم) هو عمرو بن قيس العامري، واسم أمه: عاتكة بنت عبد الله، ومرَّ الحديث في مواقيت الصلاة في باب: الأذان قبل الفجر (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (621) كتاب: الأذان، باب: الأذان قبل الفجر من حديث عبد الله بن مسعود.

18 - باب تأخير السحور

18 - بَابُ تَأْخِيرِ السَّحُورِ (باب: تأخير السحور) أي: إلى قرب طلوع الفجر، وفي نسخة: "باب: تعجيل السحور" أي: الإسراع به؛ خوفًا من طلوع الفجر. 1920 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَتِي أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 577 - فتح: 4/ 137] (أن أدرك السحور) يعني: صلاة الصبح. 19 - بَابٌ: قَدْرِ كَمْ بَيْنَ السَّحُورِ وَصَلاةِ الفَجْرِ؟ (باب: قدر كم بين السحور وصلاة الفجر؟) أي: من الزمان. 1921 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ"، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ " قَال: "قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً". [انظر: 575 - مسلم: 1097 - فتح: 4/ 138] (هشام) أي: الدستوائي. (قتادة) أي: ابن دعامة. (قلت) القائل أنس والمقول له زيد بن ثابت. (قدر خمسين آية) أي: قدر قراءتها، ومرَّ شرح الحديث في باب: وقت الفجر (¬1). 20 - بَابُ بَرَكَةِ السَّحُورِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَاصَلُوا وَلَمْ يُذْكَرِ السَّحُورُ. (باب: بركة السحور من غير إيجاب له) وفي نسخة: "من ترك السحور" وعلل عدم الوجوب بقوله: (لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأَصحابه واصلوا) ¬

_ (¬1) سلف برقم (575) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت الفجر.

أي: بين الصومين من غير إفطارٍ بالليل. (ولم يذكر السحور) في نسخة: "ولم يذكر سحور" وفي أخرى: "ولم يذكروا السحور" بالجمع والبناء للفاعل. 1922 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصَلَ، فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَنَهَاهُمْ، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَال: "لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى". [1962 - مسلم: 1102 - فتح: 4/ 139] (جويرية) أي: ابن أسماء بن عبيد الضبعي. (فنهاهم) أي: عن الوصال، وسبب النهي عنه؛ ما فيه من حصول الضعف، والعجز عن مواظبة كثير من الطاعات، والقيام بحقوقها. والأصح أن النهي فيه للتحريم. (إنك) في نسخة: "فإنك". (لست كهيئتكم) أي: ليست حالي كحالكم، أو لفظ الهيئة زائد والمراد: لست كأحدكم، والفرق بينه وبينهم أن الله تعالى يفيض عليه ما يسد مسد طعامه وشرابه إذا صام فلا يحس بجوع ولا عطش ويقويه علي الطاعة، ويحرسه من ضعف القوى وكلال الحواس، أو أنه يطعمه ويسقيه حقيقة [من الجنة، قال النوويُّ: والصحيح الأول؛ إذ لو أكل حقيقة] (¬1) لم يكن مواصلًا (¬2). انتهى، وقد يقال: طعام الجنة ليس كطعام الدنيا فلا يقطع الوصال. (أظل) بفتح الهمزة. (أطعم وأسقى) بالبناء للمفعول. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 7/ 212 - 213.

21 - باب إذا نوى بالنهار صوما

1923 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً". [مسلم: 1095 - فتح: 4/ 139] (تسحروا) الأمر فيه للندب، وفي ندب السحور مخالفة لأهل الكتاب؛ لأنه ممتنع عندهم، ويدخل وقته بنصف الليل. (بركة) أي: أجرًا وثوابًا وتقوية على الصوم وغيره من أعمال النهار. 21 - بَابُ إِذَا نَوَى بِالنَّهَارِ صَوْمًا وَقَالتْ أُمَّ الدَّرْدَاءِ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: "عِنْدَكُمْ طَعَامٌ؟ " فَإِنْ قُلْنَا: لَا، قَال: "فَإِنِّي صَائِمٌ يَوْمِي هَذَا" وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَحُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. (باب: إذا نوى بالنهار صومًا) أي: قبل الزوال صح في النفل دون الفرض. (أم الدرداء) اسمها: خيرة. (أبو الدرداء) اسمه: عويمر. (أبو طلحة) هو زيد بن سهل. (قال: فإني صائم يومي هذا) محله: في صوم النفل بنيته قبل الزوال، كما مرَّ يدل للأول تقييد الحديث الآتي بصوم يوم عاشوراء فأنه كان نفلًا عند الجمهور، وللثاني قوله في أثر أم الدرداء في رواية: كان أبو الدرداء يغدو أحيانًا فيسأل الغداء (¬1) وهو بالفتح: اسم لما يؤكل قبل الزوال، وأما خبر أبي داود وغيره: "من لم يبيت الصيام من الليل فلا ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 292 كتاب: الصيام، من كان يدعو بغدائه فلا يجد فيفرض الصوم.

صيام له" (¬1) فالمحمول على الفرض بقرينة خبر الدارقطني: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة يومًا: "هل عنكم من غداء؟ " قالت: لا، قال: "فإني صائم" (¬2). 1924 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ "إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا يَأْكُلْ". [2007، 7265 - مسلم: 1135 - فتح: 4/ 140] (ابن الأكوع) اسم الأكوع: سنان بن عبد الله. (رجلًا) هو هند بن أسماء بن حارثة الأسلمي. (أن) بفتح الهمزة وكسرها. (فليتم) أي: فليمسك بقية يومه؛ حرمة للوقت (أو فليصم) شك من الراوي. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2454) كتاب: الصوم، باب: النية في الصيام. والنسائي 4/ 196 - 197 كتاب: الصيام، باب: ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة في ذلك. وأحمد 6/ 287. وابن خزيمة (1933) كتاب: الصيام، باب: إيجاب الإجماع على الصوم الواجب قبل طلوع الفجر بلفظ عام مراده خاص. والبيهقي 4/ 202 كتاب: الصيام، باب: الدخول في الصوم بالنية كلهم من حديث حفصة مرفوعًا بألفاظ متقاربة قلت: وقد واختلف في رفع هذا الحديث ووقفه، ولكن ظاهر كلام الدارقطني والبيهقي: رفع الحديث، فقال الدارقطني: رفعه عبد الله بن أبي عن الزهري، وهو من الثقات الرفعاء، انظر: "السنن" 2/ 172. وقال البيهقي: قد اختلف على الزهري في إسناده وفي رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن أبي بكر أقام إسناده ورفعه وهو من الثقات الإثبات. انظر "السنن" 4/ 202. والحديث صححه الألباني، ورجح رواية الرفع انظر: "صحيح أبي داود" (2118)، و"إرواء الغليل" (914). (¬2) انظر: "سنن الدارقطني" 2/ 176 كتاب: الصيام، باب تبييت النية من الليل وغيره.

22 - باب الصائم يصبح جنبا

22 - بَابُ الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا (باب: الصائم يصبح جنبًا) يصح صومه. (حين) في نسخة: "حتى". 1925، 1926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ المُغِيرَةِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: كُنْتُ أَنَا وَأَبِي حِينَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَ مَرْوَانَ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ "يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ"، وَقَال مَرْوَانُ، لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ، أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُقَرِّعَنَّ بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَمَرْوَانُ، يَوْمَئِذٍ عَلَى المَدِينَةِ فَقَال أَبُو بَكْرٍ: فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قُدِّرَ لَنَا أَنْ نَجْتَمِعَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، وَكَانَتْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ هُنَالِكَ أَرْضٌ، فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنِّي ذَاكِرٌ لَكَ أَمْرًا وَلَوْلا مَرْوَانُ أَقْسَمَ عَلَيَّ فِيهِ لَمْ أَذْكُرْهُ لَكَ، فَذَكَرَ قَوْلَ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ: فَقَال: كَذَلِكَ حَدَّثَنِي الفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَهُنَّ أَعْلَمُ وَقَال هَمَّامٌ، وَابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِالفِطْرِ "وَالأَوَّلُ أَسْنَدُ" الحديث 1925 [1930، 1931 - فتح: 4/ 143] الحديث 1926 [1932 - مسلم: 1109 - فتح: 4/ 143] (حين) في نسخة: "حتى". (حدثنا أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (وقال) في نسخة: "فقال" بالفاء. (لتقرعن) بفتح القاف وكسر الراء المشددة من التقريع: وهو التعنيف، وفي نسخة: "لتفزعن" بالفاء

الساكنة والزاي المكسورة: من الفزع: وهو الخوف. (بها) أي: بالمقالة المذكورة. (أبا هريرة)؛ لأنه كان يفتي بعدم صحة صوم الجنب؛ لخبر مسلم وغيره: "من أدركه الفجر جنبًا فلا يصم" (¬1) لكن أبو هريرة رجع عن ذلك كما سيأتي بيانه. (على المدينة) أي: حاكم عليها. (فكره ذلك) أي: فعل ما قاله مروان من تقريع أبي هريرة وتعنيفه مما كان يراه. (قدر) بالبناء للمفعول. (لنا أن نجتمع) أي: بأبي هريرة، (ذاكر) في نسخة: "اذكر". (لم أذكره لك) في نسخة: "لم أذكر ذلك". (فقال: كذلك) أي: الذي رأيته من كون من أدركه الفجر جنبًا لا يصم. (حدثني الفضل بن عباس، وهو أعلم) أي: مني بما روى، والعهدة في ذلك عليه لا عليَّ، وفي أخرى: "وهنَّ أعلم" أي: أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي نسخة: "وهما أعلم" أي: عائشة وأم سلمة وقال ابن جريج: أن أبا هريرة رجع كما كان يقوله في ذلك، وترك حديث الفضل وأسامة ورآه منسوخًا (¬2). (همام) أي: ابن منبه. (وابن عبد الله) قيل: هو سالم، وقيل: عبد الله، وقيل: عبيد الله. (يأمر) في نسخة: "يأمرن". (والأول) أي: حديث عائشة وأم سلمة. (أسند) أي: أقوى إسنادًا. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1109) كتاب: الصيام، باب: صحة صوم الجنب. (¬2) انظر: المرجع السابق. ورواه النسائي في "الكبرى" 2/ 178 (2929، 2930) كتاب: الصيام. وابن حبان 8/ 261 (3486) كتاب: الصوم، باب: صوم الجنب. والبيهقي 4/ 215 كتاب: الصيام، باب: من أصبح جنبًا في شهر رمضان.

23 - باب المباشرة للصائم

23 - بَابُ المُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ وَقَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَرْجُهَا". (باب: المباشرة للصائم) أي: حكم مباشرته بحليلاته بجماعٍ وغيره. (يحرم عليه) أي: على الصائم. (فرجها) أي: جماعه. 1927 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ"، وَقَال: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ {مَآرِبُ} [طه: 18]: "حَاجَةٌ"، قَال طَاوُسٌ: {غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ} [النور: 31]: "الأَحْمَقُ لَا حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ". وقال جَابرُ بْنُ زَيْد: إنْ نَظَرَ فَأقنَى يُتمُّ صَوْمَهُ. [1928 - مسلم: 1106 - فتح: 4/ 149] (قال: عن شعبة) أي: ابن الحجاج، وفي نسخة: "عن سعيد" بدل (عن شعبة). قال شيخنا هو غلط فاحش (¬1)، ولفظ: (قال) ساقط من نسخة. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (يقبل ويباشر) العطف فيه من عطف العام على الخاص. (لإربه) بكسر الهمزة وإسكان الراء وبفتحها، أي: لنفسه، أو لحاجته، والمراد بها: العضو -وهو الذكر-، وقد أشارت عائشة رضي الله عنها بقولها: (وكان أملك لإربه) إلى إباحة المباشرة جماع لمن يكون مالكًا لإربه دون من لا يأمن من الإنزال أو الجماع. (وقال) أي: البخاري. (قال ابن عباس) في تفسير ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 4/ 149.

24 - باب القبلة للصائم

(مآرب) في قوله تعالى: {مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 18] معناه: (حاجة) وفي نسخة: "حاجات" وفي أخرى "مأرب: حاجة" بسكون الهمزة. (قال طاووس في تفسير ({غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}) [النور: 31] في قوله تعالى: {أُولِي الْإِرْبَةِ} أي: "غير أولي الإربة" كما في نسخة. معناه: (الأحمق لا) أي: لأحمق (الذي لا حاجة له في النساء) أي: في التمتع بهنَّ. 24 - بَابُ القُبْلَةِ لِلصَّائِمِ وَقَال جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: "إِنْ نَظَرَ فَأَمْنَى يُتِمُّ صَوْمَهُ". (باب: القبلة للصائم) أي: بيان حكمها وفيه خلاف، وظاهر حديث الباب جوازها وهو مذهب الشافعي، وفي نسخة: "إن لم تحرك الشهوة، وإلا فحرام". (وقال جابر بن زيد: إن نظر فأمنى يتم صومه)، هو مذهب الشافعي سواء كان النظر بشهوة أم بدونها؛ لأن ذلك إنزال بغير مباشرة، كالاحتلام. 1928 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح، وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ"، ثُمَّ ضَحِكَتْ. [انظر: 1927 - مسلم: 1106 - فتح: 4/ 152] (حدَّثَنا يحيى) في نسخة: "حدثني يحيى" أي: القطان. (عن هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (إن كان) إن مخففة من الثقيلة دخلت على الجملة الفعلية

فأهملت. (بعض أزواجه) هي أم سلمة، كما عند البخاري (¬1)، أو عائشة، كما في مسلم (¬2). (ثم ضحكت) أي: عائشة تنبيهًا على أنها صاحبة القصة؛ ليكون ذلك أبلغ في الثقة بها. قال القاضي عياض: أو تعجبًا ممن خالفها في ذلك، أو تعجبت من نفسها إن حدثت بما يستحى منه، لكن ذكرته للاضطرار في تبليغ العلم إلى ذكر ذلك، وقيل: ضحكت سرورًا بمكانها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحبته لها (¬3). 1929 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَمِيلَةِ، إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي، فَقَال "مَا لَكِ أَنَفِسْتِ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ "وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ" "وَكَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ". [298 - مسلم: 296، 324، 1108 - فتح: 4/ 152] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (في الخميلة) بفتح المعجمة: وهي ثوب من صوف له علم. (فانسللت) أي: ذهبت في خفية؛ لئلا يصيبه - صلى الله عليه وسلم - شيء من دمي، أو ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (322) كتاب: الحيض؛ باب: النوم مع الحائض وهي في ثيابها. (¬2) "صحيح مسلم" (1106) كتاب: الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على مَنْ لم تحرك شهوته. (¬3) انظر: "إكمال المعلم" 4/ 44.

25 - باب اغتسال الصائم

تقذرت نفسي أن أضاجعه وأنا بهذه الحالة. (ثياب حيضتي) بكسر الحاء على المشهور أي: ثيابي التي أعددتها لألبسها حالة الحيض. (أنفست) بفتح النون وضمها أي: أحضت، ومرَّ شرح الحديث في باب: من سمى النفاس حيضًا (¬1). 25 - بَابُ اغْتِسَالِ الصَّائِمِ (¬2). وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثَوْبًا، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ القِدْرَ أَو الشَّيْءَ وَقَال الحَسَنُ: "لَا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ، وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا وَقَال أَنَسٌ: إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ، وَأَنَا صَائِمٌ وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اسْتَاكَ وَهُوَ صَائِمٌ وَقَال ابْنُ عُمَرَ: يَسْتَاكُ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَآخِرَهُ، وَلَا يَبْلَعُ رِيقَهُ وَقَال عَطَاءٌ: "إِنِ ازْدَرَدَ رِيقَهُ لَا أَقُولُ يُفْطِرُ" وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: "لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ" قِيلَ: لَهُ طَعْمٌ؟ قَال: "وَالمَاءُ لَهُ طَعْمٌ وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ" وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ، وَالحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ بِالكُحْلِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا. (باب: اغتسال الصائم) أَي: بيان جوازه له. (وبَلَّ ابن عمرَ رضيَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (298) كتاب: الحيض، باب: من سمي النفاس حيضًا. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 58: قصد بما ذكره من الآثار والأحاديث الرد على من كره الغسل للصائم؛ لأنه الرفاهية، والله أعلم.

الله عنه ثوبًا) أي: بالماء (فألقاه عليه) وفي نسخة: "فألقي عليه" بالبناء للمفعول، ووجه مطابقة للترجمة: أن الثوب المبلول إذا ألقي على البدن وبله يشبه ما إذا صب عليه الماء (¬1). (الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (أن يتطعم) بتشديد العين. (القِدرَ) بكسر القاف: ما يطبخ فيه، أي: أن يتعرف طعم طعام القدر بذوقه بطرف لسانه. (أو الشيء) عطف على (القدر) من عطف العام على الخاص، ووجه مطابقة ذلك للترجمة: من حيث أن التطعم الذي هو إدخال الطعام في الفم من غير بلع لا يضر الصوم، فكذا إيصال الماء إلى البدن، بل أولى لا بأس بالمضمضة والتبرد للصائم، ووجه مطابقة الثاني للترجمة: ظاهر ووجهها للأولى: من حيث أن إيصال الماء إلى الفم من غير بلع لا يضر وكذا إيصاله إلى ظاهر البدن، بل أولى. (إذا كان صوم أحدكم) في نسخة: "إذا كان يوم صوم أحدكم" والمعنى: إذا كان أحدكم صائمًا (فليصبح دهينا) أي: مدهونًا. (مترجلًا) أي: ممتشطًا شعر رأسه. ووجه مطابقة ذلك للترجمة: أن في كل شيء منها ترفهًا وتجملًا (إن لي أَبزن) بفتح الهمزة أشهر من كسرها وضمها وبزاي، يصرف ولا يصرف وهو الأكثر؛ لأنه فارسي، وهو بالنصب اسم (إن)، وفي نسخة: الرفع فاسم (إن) ضمير الشأن، وخبرها الجملة بعدها، وبكلِّ حالٍ فهو حوض يغتسل فيه. (أتقحَّمُ فيه) أي: ألقي نفسي فيه، وفي نسخة: "اقتحم فيه". (ويذكر عن النبي) إلى آخره ساقط من نسخةٍ. وقد ¬

_ (¬1) أي: أنه يشبه البدن الذي سكب عليه الماء.

رواه أبو داود وغيره، وحسنه الترمذي (¬1)، لكن قال النووي: مداره على عاصم بن عبيد الله، وقد ضعفه الجمهور فلعله اعتضد (¬2). ووجه مطابقته للترجمة: أن السواك مطهر للفم، كما أن الاغتسال مطهر للبدن، وحكمه: أنه مستحب لغير الصائم مطلقًا، وللصائم قبل الزوال ومكروه له بعده. (ولا يبلغ ريقه) ساقط من نسخة (وقال عطاء إن ازدردَّ) (¬3) أي: ابتلع ريقه (لا أقول يفطر) أي: لعسر التحرز عنه، وبه قال الشافعي، ومحله: إذا كان طاهرًا ولم ينفصل من معدته، وقوله: (وقال عطاء) إلى آخره ساقط من نسخة. (تمضمض) بضم الفوقية وكسر الميم الثانية وبفتحها على حذف إحدى التائين. (ولم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل بأسًا) أي: وإن تشربته المسام؛ لأنَّه لم يصل من منفذ مفتوح، كما لا يضر الانغماس في الماء وإن وجد أثره بباطنه، وبذلك قال الشافعي. ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (2364) كتاب: الصوم، باب: السواك للصائم. والترمذي (725) كتاب: الصوم، باب: ما جاء في السواك للصائم. وقال الترمذي: حديث عامر بن ربيعة حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم لا يرون بالسواك للصائم بأسًا، إلا أن بعض أهل العلم كرهوا السواك للصائم بالعود الرطب، وكرهوا له السواك آخر النهار، ولم ير الشافعي بالسواك بأسًا أول النهار ولا آخره، وكره أحمد وإسحاق السواك آخر النهار. وأحمد 3/ 445. والحديث ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"، "ضعيف الترمذي". (¬2) "خلاصة الأحكام" 1/ 87 (98) كتاب: الطهارة. (¬3) أصل ازدرد: ازترد؛ لأنه من زرد إذا بلع، فنقل إلى باب الافتعال فصار ازترد، ثم قبلت التاء دالًا فصار ازدرد.

1930 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ، قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يُدْرِكُهُ الفَجْرُ [جنبًا] فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ، فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ". [انظر: 1925 - مسلم: 1109 - فتح: 3/ 153] (ابن وهب) هو عبد الله المصري. (يونس) أي: ابن يزيد. (وأبي بكر) أي: ابن عبد الرحمن بن الحارث. (من غير حلم) بضم الحاء واللام، وقد تسكن اللام، أي: من جنابة غير احتلام. فحذف الموصوف اكتفاءً بالصفة عنه؛ لظهوره، وظاهره: أن النبيَّ يحتلم، لكن الأشهر امتناعه على الأنبياء؛ لأنَّه من تلاعب الشيطان، وهم معصومون عنه. وقولها: (من غير حلم) لا يلزم منه أن يقع منه، بل هو صفة لازمةُ مثل {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ}) [البقرة: 61]. 1931 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ المُغِيرَةِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كُنْتُ أَنَا وَأَبِي فَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلامٍ، ثُمَّ يَصُومُهُ". [انظر: 1925 - مسلم: 1109 - فتح: 4/ 153] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. 1932 - ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: مِثْلَ ذَلِكَ. [انظر: 1926 - مسلم: 1109 - فتح: 4/ 153] (فقالت مثل ذلك) زاد في باب: الصائم يصبح جنبًا: ثم يغتسل (¬1). وبه تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة. ¬

_ (¬1) سلف برقم (1925)، (1926) كتاب: الصوم، باب: الصائم يصبح جنبًا.

26 - باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا

26 - بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا (¬1). وَقَال عَطَاءٌ: "إِنِ اسْتَنْثَرَ، فَدَخَلَ المَاءُ فِي حَلْقِهِ لَا بَأْسَ إِنْ لَمْ يَمْلِكْ" وَقَال الحَسَنُ: "إِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ الذُّبَابُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ" وَقَال الحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ: "إِنْ جَامَعَ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ". (باب: الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا) لم يفسد صومه. (إن استنثر) أي: أخرج الماء من أنفه بعد استنشاقه به. (فدخل الماء) أي: من خياشيمه. (في حلقه) مدخول الفاء معطوف على (استنثر) (لا بأس) دليل جواب. (إن لم يملك رده) فالمعنى: إن لم يملك رده فلا بأس به، والجملة الشرطية جواب: (إن استنثر)، وفي نسخةٍ: "لم يملك رده" بدون (أن) فهو استئناف تعليل لقوله: (لا بأس). وقوله: (لا بأس) جواب: (إن استنثر) بحذف الفاء لقوله: من يفعل الحسنات الله يشكرها. (فلا شيء عليه) هو وما بعده مذهب الشافعي. 1933 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ". [6669 - مسلم: 1155 - فتح: 4/ 155] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة. (هشام) أي: الدستوائي. (فأكل وشرب) اقتصر عليهما دون باقي المفطرات؛ لأنهما الغالب وإلا فباقيها مثلهما ولا فرق بين القليل والكثير، كما رجحه ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 58: غرضه أن كل مغلوب على مفطر محكمة حكم الناس لا يضر ذلك صومه.

27 - باب سواك الرطب واليابس للصائم

النووي (¬1). (فإنما أطعمه الله وسقاه) فيه: إشارة إلى لطف الله بعباده برفع الحرج عنهم. وقال الخطابي: النسيان ضروري، والأفعال الضرورية غير مضافة في الحكم إلى فعلها ولا يؤخذ بها (¬2). 27 - بَابُ سِوَاكِ الرَّطْبِ وَاليَابِسِ لِلصَّائِمِ (¬3) وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ" مَا لَا أُحْصِي أَوْ أَعُدُّ وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ جَابِرٍ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ وَقَالتْ عَائِشَةُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " [السِّوَاكُ] مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ" وَقَال عَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ: "يَبْتَلِعُ رِيقَهُ". (باب: سواك الرطب) في نسخةٍ: "باب: السواك الرطب" (واليابس للصائم) أي: بيان حكمه، وفي نسخةٍ: "باب: سواك الرطب اليابس" أي: سواك رطب الشجر اليابس كقولهم: مسجد الجامع بمعنى: مسجد الموضع الجامع. (ولم يخصَّ) أي: قال البخاري: ولم ¬

_ (¬1) "شرح صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 35. (¬2) "أعلام الحديث" 2/ 960. (¬3) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 58: وجه حديث عامر وغيره أن الأحاديث في السواك مطلقة ولم يفرق بين صائم وغيره، ولا بين رطب ويابس، فدل على سواك صائم مطلقًا؛ لإطلاق الروايات فيه واستنشاقه من حديث عثمان على المضمضة لا يفطر، فالسواك أولى.

يخصَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (الصائم من غيره) أي: ولا السواك الرطب من غيره. (مطهرة) بفتح الميم وكسرها مصدر ميمي بمعنى: اسم الفاعل من التطهير، أو اسم للآلة. (مرضاة للربِّ) بفتح الميم مصدر ميمي بمعنى: الرضى، ويجوز أن تكون بمعنى: المفعول أي: مرضيُ للربِّ، ثم عطفها على المطهرة يحتمل الترتيب بأن تكون الطهارة بالسواك علة للرضا، وأن تكون مستقلتين بالعلية. (يبتلع من الابتلاع)، وفي نسخةٍ: "يبلع" من البلع، وفي أخرى: "يتبلع" بتقديم الفوقية علي الموحدة، وتشديد اللام مفتوحة من التبلُّع بوزن التفعل الدال على التكليف، وقد وقع في نسخةٍ تقديم وتأخير في هذه التعاليق. 1934 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَال: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُمْرَانَ، رَأَيْتُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تَوَضَّأَ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى إِلَى المَرْفِقِ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُسْرَى إِلَى المَرْفِقِ ثَلاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى ثَلاثًا، ثُمَّ اليُسْرَى ثَلاثًا، ثُمَّ قَال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ نَحْوَ وَضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَال: "مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ، إلا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [انظر: 159 - مسلم: 226 - فتح: 4/ 158] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (عن حمران) هو أبان مولى عثمان بن عفَّان. (ثم تمضمض) في نسخةٍ: "ثم مضمض" بحذف التاء. (إلى المرفق) بفتح الميم وكسر الفاء، وبالعكس. (ثم مسح برأسه) في نسخةٍ: "ثم مسح رأسه" بحذف الباء، وترك تثليث المسح وأخذ بظاهره الأئمة الثلاثة، واستحب الشافعي تثليثه لخبر أبي داود: أنه نسح برأسه ثلاثًا (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: "سنن أبي داود" (110) كتاب: الطهارة، باب: صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -. =

28 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا توضأ، فليستنشق بمنخره الماء" ولم يميز بين الصائم وغيره

(لا يحدث نفسه فيهما بشيء) أي: من الدنيا، كما رواه الترمذي. (غفر له) في نسخة: "إلا غفر له" فيكون استثناء من الاستفهام الإنكاري المفيد للنفي قاله الكرماني بناءً على أن (من) هنا استفهامية وفيه: وقفة، قال: وقد يحتمل أن يقال: المراد: لا يحدث نفسه بشيءٍ من الأشياء في شأن الركعتين إلا بأنه قد غفر له (¬1). (ما تقدم من ذنبه) أي: من الصغائر، ومرَّ شرح الحديث في باب: الوضوء ثلاثًا ثلاثًا (¬2). 28 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا تَوَضَّأَ، فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ المَاءَ" وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الصَّائِمِ وَغَيْرِهِ وَقَال الحَسَنُ: "لَا بَأْسَ بِالسَّعُوطِ لِلصَّائِمِ، إِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى حَلْقِهِ، وَيَكْتَحِلُ وَقَال عَطَاءٌ: "إِنْ تَمَضْمَضَ، ثُمَّ أَفْرَغَ مَا فِي فِيهِ مِنَ المَاءِ لَا يَضِيرُهُ إِنْ لَمْ يَزْدَرِدْ رِيقَهُ وَمَاذَا بَقِيَ فِي فِيهِ، وَلَا يَمْضَغُ العِلْكَ، فَإِنِ ازْدَرَدَ رِيقَ العِلْكِ لَا أَقُولُ إِنَّهُ يُفْطِرُ، وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ، فَإِنِ اسْتَنْثَرَ، فَدَخَلَ المَاءُ حَلْقَهُ لَا بَأْسَ، لَمْ يَمْلِكْ. [فتح: 4/ 159] (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ) أي: أحدكم. (فليستنشق بمنخره الماء) بفتح الميم وكسر الخاء، وقد تكسر الميم. ¬

_ = وقال الألباني: إسناده حسن صحيح، وحسنه البخاري، وصححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والضياء في "المختارة". انظر: "صحيح أبي داود" (98). (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 9/ 107 - 108. (¬2) سبق برقم (159) كتاب: الوضوء باب: الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.

(ولم يميز) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (بين الصائم وغيره) وهذا لا ينافي خبر أبي داود وغيره عن لقيط بن صبرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا" (¬1) لأن التمييز فيه إنما هو فيه من المبالغة وغيره. (لا بأس بالسعوط) هو بفتح السين، وقد تضم: ما يصب من الدواء في الأنف. (إن لم يصل إلى حلقه) فإن وصل إليه أفطر. (ويكتحل) من كلام الحسن أي: لا بأس باكتحال الصائم. (لا يضير) أي: "لا يضره" كما في نسخةٍ. (لم يزدرد) أي: لم يبتلع ريقه مفهومه: أنه إن يزدرده ضرَّ وليس مرادًا، وفي نسخةٍ: "لا يضره إن يزدرد ريقه" وهي سالمة من ذلك (وماذا) أي: وأي شيءٍ (بقي في فيه) بعد مجِّ الماء منه أي: ما بقي إلا ريقه، فلا يضر بلعه، وفي نسخةٍ: "وما بقي في فيه" بإسيقاط (ذا) وهو مضر لاقتضائه على نسخة: (إن يزدرد ريقه) أنه إذا ازدرد ما بقي في فيه لا يضر وليس كذلك. (لا يمضغ) بفتح الضاد وضمها، أي: لا يكون الصائم (العلك) بكسر العين مما يمضغ كالمصطكى، وفي نسخةٍ: "ويمضغ العلك" بإسقاط (لا). (فإن ازدرد ريق العلك) أي: الريق المجتلب منه، لا أقول أنه يفطر، لكن ينهى عنه. قال الشافعي: يكره؛ لأنه يجفف الفمَّ ويعطش وإن وصل منه شيء للجوف بطل الصوم (¬2). (فإن استنثر) بعد أن استنشق. (إن لم يملك) أي: رده. ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (2366) كتاب: الصوم، باب: الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق. والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود". (¬2) انظر: "المجموع" 6/ 321.

29 - باب إذا جامع في رمضان

29 - بَابُ إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ" وَبِهِ قَال ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَال سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادٌ: "يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ". (باب: إذا جامع) أي: الصائم. (في رمضان) أي: في نهاره بطل صومه ولزمته الكفارة. إن جامع عامدًا عالمًا بالتحريم. (رفعه) أي: الحديث الآتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو (من أفطر ...) إلى آخره. (من غير عذر) في نسخةٍ: "من غير علة". (ولا مرض) من عطف الخاص على العام. (لم يقضه صيام الدهر) هو مبالغة؛ ولهذا أكده بقوله. (وإن صامه) أي: الدهر، أو هو مؤول بما قيل من أن القضاء لا يقوم مقام الأداء، وإن صام عوض اليوم دهرًا؛ لأن الإثم لا يسقط بالقضاء، وإن سقط به المؤدى؛ لأن القضاء لا يساوي الأداء في الكمال، فقوله: (لا يقضه صيام الدهر) أي: [في وصفه الخاص به وهو الكمال وإن كان يقضي عنه] (¬1) في وصفه العام المنحط من كمال الأداء. (وبه) أي: وبما دل عليه حديث أبي هريرة. 1935 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ، أَخْبَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنَّهُ احْتَرَقَ، قَال: "مَا لَكَ؟ "، قَال: ¬

_ (¬1) من (م).

30 - باب إذا جامع في رمضان، ولم يكن له شيء، فتصدق عليه فليكفر

أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِكْتَلٍ يُدْعَى العَرَقَ، فَقَال: "أَيْنَ المُحْتَرِقُ" قَال: أَنَا، قَال: "تَصَدَّقْ بِهَذَا". [6822 - مسلم: 1112 - فتح: 4/ 161] (عبد الله بن منير) بضم الميم، وكسر النون. (حدَّثَنا يحيى) في نسخةٍ. "أخبرنا يحيى". (أن رجلًا) أي: من الأعراب. (أنه احترق) أخبر عن نفسه أنه احترق؛ لاعتقاده أن مرتكب الإثم يعذب بالنار، فهو مجاز عن العصيان، والمراد: أنه يحترق يوم القيامة فجعل المتوقع كالواقع، وعبَّر عنه بالماضي. (مالك) أي: ما شأنك. (في رمضان) في نسخةٍ: "في نهار رمضان". (بمكتل) بكسر الميم وفتح الفوقية شبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعًا كما مر. (يدعى) أي: يسمي (العرق) بفتح المهملة والراء، وقد تسكن: ما نسج من الخوص واحده عرقه: وهي الظفيرة، كعلقة وعلق، ويقال له: الزبيل بفتح الزاي، والزنبيل بكسرها وبنون: والقفة والمكتل والسفيفة بفتح المهملة وبفائين. قيل: وسمي زبيلًا؛ لأنه يحمل فيه الزبل. (تصدق بهذا) أي: بالمكتل، أي: بما فيه. (على ستين مسكينًا) لكل مسكين مدُّ، ومحل هذا بعد العجز عن العتق وصيام الشهرين، كما يأتي في البابين الآتيين. وفي الحديث: وجوب الكفارة على المجامع عمدًا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - (أين المحترق). 30 - بَابُ إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَلْيُكَفِّرْ (باب: إذا جامع) أي: الصائم. (في رمضان) أي: في نهاره. (ولم يكن له شيء) يعتقه، أو يعتق بهن أو يتصدق به على المساكين، ولا يستطيع الصوم. (فتصدق عليه) بقدر ما يجزئه. (فليكفر) به.

1936 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَال: "مَا لَكَ؟ " قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ " قَال: لَا، قَال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ"، قَال: لَا، فَقَال: "فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا". قَال: لَا، قَال: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ - قَال: "أَيْنَ السَّائِلُ؟ " فَقَال: أَنَا، قَال: "خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ" فَقَال الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا - يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَال: "أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ". [1937، 2600، 5368، 6087، 6164، 6709، 6710، 6711، 6821 - مسلم: 1111 - فتح: 4/ 163] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عند رسول الله) في نسخة: "مع رسول الله". (هلكت) أي: فعلت ما هو سبب لهلاكي. (وقعت على امرأتي) أي: وطئتها. (مسكينًا) المراد به: ما يشتمل الفقير. (فمكث) بضم الكاف وفتحها. (بعرق فيه تمر) في نسخة: "فيها تمر" بالتأنيث على معنى: القفة. (قال) في نسخة: "فقال". (أين السائل؟) سماه سائلًا؟ لتضمن كلامه السؤال. (خذها) أي: القفة. (فتصدق به) أي: بالتمر الذي فيها، وفي نسخة: "خذ هذا فتصدق به". (علي أفقر مني؟) أي: أتصدق به على أفقر مني؟ بتقدير همزة الاستفهام التعجبي الداخلة على فعل حذف؛ للعلم به من قوله: (فتصدق به). (أهل بيت أفقر من أهل بيتي) برفع (أهل) اسم (ما) ونصب (أفقر) خبر (ما)، إن جعلت حجازية، وبرفعها

31 - باب المجامع في رمضان، هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟

إن جعلت تميمية. (فضحك النبي) أي: تعجبًا من حال الرجل في كونه جاء أولًا هالكًا محترقًا خائفًا على نفسه راغبًا في فدائها مهما أمكنه، فلما وجد الرخصة طمع أن يأكل ما أعطيه في الكفارة. (حتى بدت أنيابه) أي: أسنانه الملاصقة لرباعيته فما ورد من أن ضحكه كان تبسمًا محمولٌ على الغالب. (أطعمه أهلك) ليس المراد من الكفارة؛ بل لأنه عجز عن العتق وعن الصيام، فلما احضر ما يتصدق به ذكر أنه وعياله يحتاجون، فتصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - به عليهم؛ لشدة حاجتهم حالًا، وصارت الكفارة في ذمته، وأما خبر: "فكله أنت وعيالك فقد كفَّرَ الله عنك" (¬1) فضعيف لا يحتج به. واستدل بالحديث: على أن الكفارة على المجامع، دون المرأة لم يؤمر بها إلا هو مع الحاجة إلى البيان؛ ولأنها غرم مالي يتعلق بالجماع؛ فيختص بالوطء، كالمهر. 31 - بَابُ المُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ، هَلْ يُطْعِمُ أَهْلَهُ مِنَ الكَفَّارَةِ إِذَا كَانُوا مَحَاويجَ؟ (باب: المجامع في رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟) أو لا، وترك جواب الاستفهام؛ اكتفاءًا بما يأتي في الحديث. ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني 2/ 208 كتاب: الصيام، باب: طلوع الشمس بعد الإفطار، وفيه المنذر بن محمد ليس بقوي. وقال الحافظ في "التلخيص" 2/ 208: الحديث ضعيف لأنَّ في إسناده من لا يعرف عدالته.

32 - باب الحجامة والقيء للصائم

1937 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: إِنَّ الآخَرَ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ، فَقَال: "أَتَجِدُ مَا تُحَرِّرُ رَقَبَةً؟ " قَال: لَا، قَال: "فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ "، قَال: لَا، قَال: "أَفَتَجِدُ مَا تُطْعِمُ بِهِ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قَال: لَا، قَال: فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، - وَهُوَ الزَّبِيلُ -، قَال: "أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ" قَال: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا، مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، قَال: "فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ". [انظر: 1936 - مسلم: 1111 - فتح 4/ 173] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (منصور) أي: ابن المعتمر. (الأَخِرَ) بفتح الهمزة مقصورة، وكسر الخاء المعجمة بوزن كتف، وقيل: بهمزة ممدودة وهو غريب، أي: من هو في آخر القوم، وقيل: الأرذل. (رقبة) بالنصب: مفعول (تحرر)، أو بدل من (ما تحرر). (ما تطعم به) لفظ: (به) ساقط من نسخة. (وهو الزنبيل) في نسخة: "وهو الزبيل" ومر ضبطهما مع شرح الحديث آنفًا (¬1). 32 - بَابُ الحِجَامَةِ وَالقَيْءِ لِلصَّائِمِ وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ الحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِذَا قَاءَ فَلاَ يُفْطِرُ إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلاَ يُولِجُ»، وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّهُ يُفْطِرُ» وَالأَوَّلُ أَصَحُّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ: «الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَكَانَ يَحْتَجِمُ ¬

_ (¬1) سلف قبله بحديث.

بِاللَّيْلِ وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ: احْتَجَمُوا صِيَامًا وَقَال بُكَيْرٌ، عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ: كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ "فَلَا تَنْهَى" وَيُرْوَى عَنِ الحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا فَقَال: "أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ" وَقَال لِي عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ مِثْلَهُ، قِيلَ لَهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: نَعَمْ، ثُمَّ قَال: اللَّهُ أَعْلَمُ. (باب: الحجامة والقيءِ للصائم) أي: بيان حكمهما في حقه. (حدَّثَنا يحيى) أي: ابن أبي كثير. (فلا يفطر) أي: الصائم. (إنما يخرج) القيء. (ولا يولج) يعني: أن الصوم إنما يبطل بإدخال شيء لا بإخراجه [ونقض بالمني فإن الصوم يبطل بإخراجه] (¬1)، في نسخة: بدل (إنما) "إنه" أي: القيء فعليها مخرج من الخروج، على الأول من الإخراج، وبالجملة: الصوم لا يبطل بالقيء إلا إن تعمده، لخبر أبي داود وغيره: "من ذرعه القئ وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقاء فليقض" (¬2). (والفطر مما) أي: ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "سنن أبي داود" (2380) كتاب: الصوم، باب: الصائم يستقيء عامدًا. عن أبي هريرة. ورواه الترمذي (720) كتاب: الصوم؛ باب: ما جاء فيمن استقاء. وابن ماجة (1676) كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الصائم يقيء. البخاري في "التاريخ الكبير"1/ 91 - 92. والنسائي في "الكبرى" 2/ 214 كتاب الصيام. وقال الألباني في "صحيح، أبي داود": صحيح.

يوجد. (مما دخل) أي: بالجوف. (وليس مما خرج) أي: منه، وفي نسخة: بدل (والفطر) "والصوم" ينشأ بطلانه مما دخل. (أبو موسى) هو عبد الله بن قيس الأشعري. (وقال بكير) أي: ابن عبد الله بن الأشجع. (عن أم علقمة) اسمها: مرجانة. (كنا نحتجم) أي: ونحن صوام. (فلا تنهى) أي: عائشة عن ذلك، وفي نسخة: "فلا ننهى" بضم النون الأولى التي للمتكلم ومعه غيره. (فقال) ساقط من نسخة. وفي أخرى: "قال" أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (أفطر الحاجم والمحجوم) أخذ بظاهره الإمام أحمد، وهو مع أنه قد تكلم فيه عند غيره منسوخٌ بالأخبار الآتية، أو مؤول بأنهما تعرضا للإفطار: المحجوم؛ للضعف، والحاجم؛ لأنَّه لا يأمن أن يصل إلى جوفه شيء من المعجم. (وقال في عياش) بتحتية مشددة وبمعجمة: ابن الوليد الرقام. (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي. (يونس). أي: ابن عبيد بن دينار. 1938 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ". [انظر: 1835 - مسلم: 1202 - فتح: 4/ 174] (وهيب) أي: ابن خالد. (أيوب) أي: السختياني. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم) في نسخة: "قال: احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - ". 1939 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ". [انظر: 1835 - فتح: 4/ 174] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن

33 - باب الصوم في السفر والإفطار

سعيد التميمي. (أيوب) أي: السختياني، وحديث معمر هذا ساقط من نسخة. 1940 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ ثَابِتًا البُنَانِيَّ يسأل (¬1)، قَال: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَال: "لَا، إلا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ"، وَزَادَ شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح 4/ 174] (سمعت ثابتًا البناني) يسأل أنس بن مالك هو، كما قال شيخنا: كغيره خطأ فإن شعبة لم يحضر سؤال ثابت لأنس وقد سقط بين شعبة وثابت حميد (¬2). (وزاد شبابة) أي: ابن سوار الفزاري. (شعبة) أي: ابن الحجاج. 33 - بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَالإِفْطَارِ (باب: الصوم في السفر والإفطار) أي: فيه. 1941 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، سَمِعَ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَال لِرَجُلٍ: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الشَّمْسُ؟ قَال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ؟ قَال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي"، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُ فَشَرِبَ، ثُمَّ رَمَى بِيَدِهِ هَا هُنَا، ثُمَّ قَال: "إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ"، تَابَعَهُ جَرِيرٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ. [1955، 1956، 1958، 5217 - مسلم: 1101 - فتح 4/ 179] ¬

_ (¬1) في أكثر أصول البخاري: سئل أما في. أما في هذه الرواية: سمعت ثابتا البناني يسأل أنس بن مالك. هذا غلط فإن شعبة ما حضر سؤال ثابت لأنس وقد سقط منه رجل بين شعبة وثابت. (¬2) انظر: "الفتح" 4/ 178.

(علي بن عبد الله) أي: المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي إسحاق) هو سليمان بن أبي سليمان فيروز. (ابن أبي أوفى) اسمه: عبد الله. (مع رسول الله) في نسخة: (مع النبي. (فقال لرجل) هو بلال. (فاجدح لي) من الجدح: وهو الخلط، أي: اخلط السويق بالماء، أو اللبن بالماء وحركه؛ لأفطر عليه. (قال: يا رسول الله الشمسَ) بالنصب بمحذوف أي: انظر الشمس، وبالرفع مبتدأ لخبر محذوف أي: نورها باق، أو خبر مبتدإِ محذوف أي: هذه الشمس ظن أنه حال بينه وبينها نحو جبل، أو أن بقاء نورها بعد غيبتها يمنع من الإفطار، فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بما معناه أن ذلك لا يضر؛ لأن المعتبر غيبتها. (ثم رمى بيده) أي: أشار بها. (ها هنا) أي: إلى المشرق؛ لأن أول الظلمة إنما يأتي منه. (إذا رأيتم الليل) أي: ظلامه. (فقد أفطر الصائم) أي: دخل في وقت الفطر. وفي الحديث: تعجيل الفطر، وأن صوم رمضان في السفر أفضل من الإفطار؛ اتباعًا له - صلى الله عليه وسلم - ولقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)} [البقرة: 184] ولتعجيل براءة الذمة ومحله: إذا لم يخف منه ضررًا، وإلا فالفطر أفضل، وعليه يحمل خبر: "ليس من البر الصوم في السفر" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3407) كتاب: الصيام، باب: اختيار الفطر. والدارمي 2/ 1066 (1750) كتاب: الصوم، باب: الصوم في السفر. وابن حبان 8/ 321 (3552، 3553) كتاب: الصوم، باب: صوم المسافر من حديث جابر بن عبد الله. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح. ورواه النَّسائيُّ 4/ 174 كتاب: الصيام، باب: ما يكره من الصيام في السفر. وابن ماجه (1664) =

(تابعه) أي: سفيان بن عيينة. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. 1942 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَال: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ". [1943 - مسلم: 1121 - فتح: 4/ 179] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن هشام) أي: ابن عروة. (أسرد الصوم) أي: أتباعه، أي: آتي به متواليًا، ولم ينكر عليه - صلى الله عليه وسلم - ذلك. ففيه: أن صوم الدهر لا يكره، ومحله: فيمن لا يتضرر به، وإنما أنكره على ابن عمر، وابن العاص؛ لعلمه أنه سيضعف عن ذلك (¬1)، بخلاف حمزة فإنه وجد فيه القوة على ذلك. 1943 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ -، فَقَال: "إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ". [انظر: 1942 - مسلم: 1121 - فتح: 4/ 179] (أصوم؟) أي: أأصوم؟ بتقدير همزة الاستفهام. (فأفطر) بهمزة قطع. ¬

_ = كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الإفطار في السفر. والدارمي 2/ 1066 (1751، 1752) كتاب: الصوم، باب: الصوم في السفر. والحاكم 1/ 433 كتاب: الصوم. من حديث كعب بن عاصم. وقال: هذا حديث صحح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في "صحيح النَّسائيِّ وابن ماجه". ورواه ابن حبان 8/ 317 (3548) كتاب: الصوم، باب: صوم المسافر. من حديث عبد الله بن عمر. (¬1) سيأتي برقم (1975) كتاب: الصوم، باب: حق الجسم في الصوم.

34 - باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر

34 - بَابُ إِذَا صَامَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ (باب: إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر) حلَّ له الفطر. 1944 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ، أَفْطَرَ"، فَأَفْطَرَ النَّاسُ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَالكَدِيدُ: مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ". [1948، 2953، 4275، 4276، 4277, 4278 ,4279 - مسلم 1113 - فتح 4/ 180] (الكديد) بفتح الكاف وكسر المهملة الأولى: عين جارية بينها وبين مكة نحو مرحلتين. (قال أبو عبد الله) ساقط من نسخة. (وقديد) بالتصغير: موضع بين مكة والمدينة (¬1). [35 - باب.] (باب) ساقط من نسخة وعلى بثبوته بلا ترجمة هو كالفصل من سابقه. 1945 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إلا مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنِ رَوَاحَةَ". [مسلم: 1122 - فتح: 4/ 182] (عن أم الدرداء) أي: الصغرى، واسمها: هجيمة التابعية لا ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 442.

36 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر "ليس من البر الصوم في السفر"

الكبرى المسماة خيره الصحابية وكلتاهما زوجتا أبي الدرداء. (عن أبي الدرداء) هو عويمر بن مالك الأنصاري. (مع النبي) في نسخة: "مع رسول الله". (وابن رواحة) هو عبد الله. 36 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ الحَرُّ "لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن ظلل عليه) أي: بما له ظل (واشتد الحر) حال. (ليس من البر الصوم في السفر) مقول قول النبي. 1946 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، قَال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَال: "مَا هَذَا؟ "، فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَال: "لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ". [مسلم: 1115 - فتح: 4/ 183] (زحامًا) بكسر الزاي اسم للزحمة، والمراد هنا: الوصف بمحذوف أي: قومًا مزدحمين. (ورجلًا) هو أبو إسرائيل العامري، واسمه: قيس. (ما هذا؟) أي: ما حال صاحبكم هذا. (فقالوا) في نسخة: "قالوا" (ليس من البر) أي: من العبادة. (الصوم في السفر) أي: إذا بلغ بالصائم هذا المبلغ، ولا حجة فيه لبعض الظاهرية القائلين بعدم انعقاد الصوم في السفرة لأنَّه عام ورد على سبب، فإن قيل بخصوصية به فلا حجة فيه، وإلا حمل حاله على من حاله مثل حال الرجل مع أن ما قالوه مردود بأخبار كخبر: صومه - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ الكديد (¬1)، وخبر: فمنا الصائم ومنا المفطر (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1944) كتاب: الصوم، باب: إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر. (¬2) رواه مسلم (1116) كتاب: الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر =

37 - باب: لم يعب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم بعضا في الصوم والإفطار

37 - بَابٌ: لَمْ يَعِبْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الصَّوْمِ وَالإِفْطَارِ (باب: لم يَعِبْ أصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في الصوم والإفطار) أي: في السفر. (بعضهم) بدل من أصحاب النبي. 1947 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: "كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ، وَلَا المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ". [مسلم: 1118 - فتح: 4/ 186] (فلم يعب الصائم .. إلى آخره) فيه: ردٌّ على من أبطل صوم السفر. 38 - بَابُ مَنْ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ لِيَرَاهُ النَّاسُ (باب: من أفطر في السفر؛ ليراه الناس) أي: فيقتدوا به. 1948 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ، فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ"، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "قَدْ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ". [انظر: 1944 - مسلم: 1113 - فتح: 4/ 186] (إلى يديه) أي: إلى غاية طولهما، وفي نسخة: "إلى يده" ¬

_ = رمضان للمسافر. والترمذي (713) كتاب: الصوم، باب: ما جاء في الرخصة في الصوم في السفر. وأحمد 3/ 12. وابن حبان (3558) كتاب: الصوم، باب: صوم المسافر من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

39 - باب {وعلى الذين يطيقونه فدية} [البقرة: 184]

بالإفراد، وفي أخرى: "إلى فيه". (ليراه الناس) في نسخة: "ليريه الناس" بضم التحتية وكسر الراء ونصب الناس على أنه مفعول ثانِ ليريه، وقضية ذلك: أن - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان فصام الناس فقيل له: إن الصوم شق عليهم وهم ينظرون إلى فعلك فدعا بقدح من ماء فرفعه؛ حتى ينظر الناس فيقتدوا به، وكان لا يأمن عليهم الضعف عن القتال عند لقاء عدوهم. (فكان) في نسخة: "وكان". (ابن عباس يقول: قد صام رسول الله .. إلى آخره) قيل: ابن عباس لم يكن حاضرًا سفر مكة فاتصال حديثه إنَّما هو بأنه لا يرويه إلا من صحابي. 39 - بَابُ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] قَال ابْنُ عُمَرَ، وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ: نَسَخَتْهَا {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ، فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ، وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ، وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَنَسَخَتْهَا: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] فَأُمِرُوا بِالصَّوْمِ.

(باب: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] أي: إن أفطروا. (نسختها) أي: آية الفدية. {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: 185] إلى آخره) يعني: نسختها آية: {فَمَنْ شَهِدَ} [البقرة: 185] المسبوقة بقوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: 185] وهو مبتدأ خبره: ({الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] أو ({فَمَنْ شَهِدَ} [البقرة: 185] إلخ) بزيادة الفاء على رأي الأخفشِ، وعليه يكون الذي أنزل فيه القرآن صفة لشهر رمضان. وقوله: ({هُدًى}) [البقرة: 185] في محل الحال بتقديره بهاديًا أو إذا أهدى. ({وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ}) [البقرة: 185] عطف على اليسر، أو على محذوف، أي: يريد بكم اليسر؛ ليسهل عليكم الأمر، ولتكملوا عدد أيام الشهر بقضاء ما أفطرتم في المرض والسفر. {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} [البقرة: 185]) أي: تعظموه، أو تكبروه بتكبيرات ليلة الفطر. {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)} [البقرة: 185] في نسخة بدل ما ذكره: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] وفي أخرى: "إلى قوله: {عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)} [البقرة: 185]. (ابن نمير) هو عبد الله. (حدثنا الأعمش) في نسخة: "أخبرنا الأعمش". (ابن أبي ليلى) هو عبد الرحمن. (حدثَنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -) قد رأى أي: ابن أبي ليلى كثيرًا من الصحابة: كعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم فلا يضر جهالة عين من روى عنهم؛ لأنهم كلهم عدول. (نزل رمضان) أي: صومه. (ممن يطيقه) حال من فاعل (ترك)، أي: كان من أطعم كل يوم مسكينًا (ترك الصوم) حالة كونه (ممن يطيقه). (فنسختها) أي: آية الفدية. قوله تعالى ({وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184]) وجه نسخ الآية بهذا مع أن الخيرية لا تقتضي الوجوب: أن الصوم خير من التطوع بالفدية، والخير

40 - باب: متى يقضى قضاء رمضان؟

من التطوع لا يكون إلا واجبًا والقول هنا: بأن الناسخ لآية الفدية قوله تعالى: ({وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184]) قول من روى عنه ابن نمير، والقول بأن الناسخ لها: ({فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}) [البقرة: 185]، قول ابن عمرو سلمة بن الأكوع، ولا منافاة بينهما؛ لجواز اجتماعهما على النسخ. 1949 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَرَأَ: (فِدْيَةُ طَعَامِ مَسَاكِينَ) قَال: "هِيَ مَنْسُوخَةٌ". [4506 - فتح: 4/ 187] (عياش) أي: ابن الوليد الرقام. (قرأ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] بتنوين فدية ورفع طعام وجمع مساكين وفتح نونه وهذه قراءة هشام عن ابن عامر، وفي نسخة: " {مِسْكِينٍ} " بالتوحيد وكسر النون منونة وهي قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وعاصم، وحمزة والكسائي، وقرأ نافع، وأبو جعفر، وابن ذكوان ومن تبعهم {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] بإضافة فدية وجر طعام وجمع مساكين. (قال) أي: ابن عمر. (هي) أي: الفدية. (منسوخة) هذا تقدم، فهو تكرار، وقد بينا الكلام على النسخ، وعدمه في شرح "الروض" وغيره (¬1). 40 - بَابٌ: مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ؟ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] " وَقَال سَعِيدُ بْنُ ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 1/ 428 - 429. و"فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 1/ 123.

المُسَيِّبِ فِي صَوْمِ العَشْرِ: "لَا يَصْلُحُ حَتَّى يَبْدَأَ بِرَمَضَانَ" وَقَال إِبْرَاهِيمُ: "إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهُمَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَعَامًا وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا وَابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهُ يُطْعِمُ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ الإِطْعَامَ، إِنَّمَا قَال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] ". (باب: متى يقضى) أي: يُصام. (قضاء رمضان) أي: مقضية. (لا بأس أن يفرق) أي: صوم قضاء رمضان. (لقول الله تعالى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] لصدق الأيام بالمتتابعة والمتفرقة. (وقال سعيد بن المسيب في صوم العشر) أي: الأُول من ذي الحجة لمن سأله وعليه قضاء من رمضان لا صيام. (حتى يبدأ برمضان) أي: لقضاء صومه، وهذا لا ينافي ما مرَّ؛ لأن تقدم القضاء أولى لا واجب، نعم قد يجب بطريق العرض بأن يضيق الوقت، أو يتعمد الترك. (حتى جاء) في نسخة: "حتى جاز" بزاي بدل الهمزة، وفي أخرى: "حان" بمهملة ونون. (رمضان آخر) بتنوين رمضان؛ لأنَّه نكرة. (يصومهما) أي: الرمضانين، وفي نسخة: "حتى جاء رمضان آخر يصومهما) بترك تنوين رمضان؛ لأنه معرفة. (ولم ير عليه طعامًا) أخذ بظاهره أبو حنيفة. (مرسلًا) حال من قوله بعد (أنه يطعم) وهو يدل على أن ابن عباس رواه موصولًا، وهو كذلك، كما رواه عنه الطبراني (¬1) وقد ¬

_ (¬1) لم أر أحدًا عزاه للطبراني، لكن عزاه ابن حجر لغيرهم، كالدارقطني، وعبد الرزاق والبيهقي فقال: أما قول ابن عباس فوصله الدارقطني من طريق بن عيينة عن يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد عن ابن عباس 2/ 197 كتاب: الصيام، باب: القبلة للصائم، وعبد الرزاق من طريق جعفر بن برقان. والبيهقي من طريق شعبة عن الحكم عن ميمون بن مهران عن ابن عباس =

يقال: لا يدل. لأن الأصح اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في قيده، ويجاب: بأن ذلك غالب لا لازم ولم يذكر الله تعالى (الإطعام) هو من كلام البخاري، والمراد منه: الفدية لتأخير القضاء، لكن لا يلزم من عدم ذكره في القرآن ألا يثبت بغيره وقد ثبت بغيره فقد قال به جمع من الصحابة، ولا مخالف لهم وهو قول الجمهور خلافًا لأبي حنيفة. 1950 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَال: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: "كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إلا فِي شَعْبَانَ"، قَال يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنَ النَّبِيِّ أَوْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 1146 - فتح: 4/ 189] (زهير) أي: ابن معاوية الجعفي. (يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري لا ابن كثير، كما وقع لبعضهم نبه عليه شيخنا (¬1). (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (كان يكون) كرر الكون؛ تحقيقًا للقضية؛ وتعظيمًا لها أو تقديره: كان الشأن يكون كذا، وذكر الثاني بلفظ المستقبل؛ لإدارة الاستمرار وتكرر الفعل، وقيل: إنه زائد، كما في قول الشاعر: وجيران لنا كانوا كرام (¬2) ... ................. ¬

_ = 4/ 253 كتاب: الصيام، باب: المفطر يمنكه أن يصوم ففرط. وأما أثر أبي هريرة، فوحدته عنه من طرق موصولًا فأخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء عنه 4/ 234 (7620) كتاب: الصايم، باب: المريض في رمضان والدارقطني 2/ 197 كتاب: الصيام، باب: القبلة للصائم. وانظر: "الفتح" 4/ 190. (¬1) انظر: "الفتح " 4/ 190 - 191. (¬2) هو عجز بيت للفرزدق من قصيدة له يمدح فيها هشام بن عبد الملك، وقيل =

41 - باب: الحائض تترك الصوم والصلاة

(من رمضان) ساقط من نسخة. (قال يحيى) أي: ابن سعيد. (الشغل) برفع فاعل فعل محذوف، أي: يمنعني، أو مبتدأ محذوف الخبر أي: مانع لها. (من النبي) أي: من أجله، وفي نسخة: "قال يحيى" ذاك عن الشغل من النبي، والمراد من الشغل: أنها كانت متهيئة لاستمتاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جميع أوقاتها إن أراده، وأما في شعبان فإنه كان يصومه، أو أكثره فتتفرغ هي لقضاء صومها فيه. وفي الحديث: أن القضاء موسع ويتضيق في شعبان، وأن حق الزوج من العشرة والخدمة مقدم على سائر الحقوق ما لم يكن فرضًا محصورًا في الوقت. 41 - بَابٌ: الحَائِضُ تَتْرُكُ الصَّوْمَ وَالصَّلاةَ وَقَال أَبُو الزِّنَادِ: "إِنَّ السُّنَنَ وَوُجُوهَ الحَقِّ لَتَأْتِي كَثِيرًا عَلَى خِلافِ الرَّأْيِ، فَمَا يَجِدُ المُسْلِمُونَ بُدًّا مِنَ اتِّبَاعِهَا، مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الحَائِضَ تَقْضِي الصِّيَامَ وَلَا تَقْضِي الصَّلاةَ. (باب: الحائض تترك الصوم والصلاة) أي: وجوبًا؛ لمنع الشارع لها من ذلك. (وقال أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (لتأتي) كثيرًا على خلاف الرأي أي: للعقل والقياس. (بُدًّا) أي: ¬

_ = يمدح سليمان بن عبد الملك، وصدره، فكيف إذا مررت بدار قوم. وشاهد هذا البيت في قوله: (جيران لنا كانوا كرام) حيث زيدت "كانوا" بين الصفة وهي قوله: "كرام" والموصوف وهو قوله: "جيران" وتقدير الكلام: وجيران كرام لنا. انظر: "خزانة الأدب" 4/ 38، "الكتاب" لسيبويه 2/ 153، "شرح ابن عقيل" 1/ 289.

42 - باب من مات وعليه صوم

غنًا. (من ذلك) أي: مما هو خلاف الرأي. (أن الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة) إذ قضية الرأي تساويهما في القضاء؛ لأنَّ كلًّا ترك للعذر ولكن فرق الفقهاء بينهما بأن الصوم لا يقع في السنة إلا مرة فلا يشق قضاؤه، بخلاف الصلاة فإنها تتكرر كل يوم، فيشق قضاؤها. ومرَّ ذلك في كتاب: الحيض، في باب: لا تقضي الحائض الصلاة (¬1). 1951 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: حَدَّثَنِي زَيْدٌ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ، فَذَلِكَ نُقْصَانُ دِينِهَا". [انظر: 304 - مسلم: 80 - فتح: 4/ 191] (ابن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم. (حدَّثَنا محمد) في نسخة؛ "أخبرنا محمد". (زيد) أي: ابن أسلم. (عن عياض) أي: ابن عبد الله بن أبي سرح. (تصل ولم تصم؟) في نسخة: "لا تصلي ولا تصوم". (نقصان دينها) في نسخة: "من نقصان دينها". ومرَّ الحديث في باب: ترك الحائض الصوم (¬2). 42 - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ وَقَالَ الحَسَنُ: إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلاَثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ. (باب: من مات وعليه صوم) أي: صام عنه وليّه. (وقال الحسن) أي: البصري. (إن صام عنه ثلاثون رجلًا يومًا واحدًا جاز) في نسخة: "في يوم واحد جاز". قال النووي: وهذا قياس ¬

_ (¬1) سبق شرحه برقم (321) كتاب: الحيض، باب: لا تقضي الحائض الصلاة. (¬2) سبق برقم (304) كتاب: الحيض، باب: ترك الحائض الصوم.

مذهب الشافعي، وظاهر أن هذا في صوم لم يجب فيه تتابع. 1952 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ"، تَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ. [مسلم: 1147 - فتح: 4/ 192] (محمد بن خالد) نسبة إلى جد له، وإلا فهو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد. (محمد بن جعفر) أي: ابن الزبير بن العوام. (صام عنه وليّه) ولو بغير إذنه، أو أجنبي بإذنٍ من الميت، أو من الولي بأجره، أو بدونها، وهذا نص الشافعي في القديم وصوبه النووي، بل قال: يسن له ذلك، ونصه في الجديد عدم الجواز، قال النووي: وليس له حجة، والحديث الوارد بالإطعام عنه ضعيف، ومع ضعفه فالإطعام لا يمتنع عند القائل بالصوم والمراد بالولي: القريب على الصحيح عصبة كان أو وارثًا أو غيرهما (¬1). (تابعه) أي: موسى. 1953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَال: "نَعَمْ، قَال: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى"، قَال سُلَيْمَانُ: فَقَال الحَكَمُ، وَسَلَمَةُ، - وَنَحْنُ جَمِيعًا جُلُوسٌ حِينَ حَدَّثَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الحَدِيثِ - قَالا: سَمِعْنَا مُجَاهِدًا، يَذْكُرُ هَذَا، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 26.

وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الحَكَمِ، وَمُسْلِمٍ البَطِينِ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُخْتِي مَاتَتْ، وَقَال يَحْيَى، وَأَبُو مُعَاويَةَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، وَقَال أَبُو حَرِيزٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَاتَتْ أُمِّي وَعَلَيْهَا صَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا .. [مسلم: 1148 - فتح: 4/ 192] (معاوية بن عمر) هو من شيوخ البخاري، روى عنه هنا، وفي الصلاة، والجهاد بواسطة، وفي الجمعة بدونها. (زائدة) أي: ابن قدامة. (قال) في نسخة: "أنه قال". (جاء رجل) لم يعرف اسمه. (أفأقضيه) في نسخة: "فأقضيه". (فدين الله) في نسخة: "نعم فدين الله". (سليمان) أي: ابن مهران (فقال) في نسخة: "قال". (الحكم) أي: ابن عتيبة بالتصغير. (وسلمة) أي: ابن كهيل. (قالا) أي: الحكم، وسلمة. (سمعت مجاهدًا يذكر هذا عن ابن عباس) حاصله مع ما قبله: أن الأعمش سمع هذا الحديث من ثلاثةٍ في مجلسٍ واحدٍ: من مسلم البطين أولًا عن سعيد بن جبير، ثم من الحكم وسلمة عن مجاهد. (عن أبي خالد) هو سليمان بن حيان بمهملة مفتوحة فتحتية مشددة. (يحيى أي: ابن سعيد. (وأبو معاوية) هو محمد بن خازم بمعجمتين. (عن سعيد) أي: "بن جبير" كما في نسخة. (عبيد الله) أي: ابن عمرو بن أبي أنيسه بضم الهمزة وفتح النون وسكون التحتية وبمهملة. (ابن جبير) ساقط من نسخة. (أبو حَرِيزٍ) بفتح المهملة وكسر الراء وبزاي، أي: عبد الله بن الحسين قاضي سجستان. (حدَّثَنا) في نسخة: "حدثني".

43 - باب: متى يحل فطر الصائم؟

43 - بَابٌ: مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ؟ وَأَفْطَرَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ حِينَ غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ. (باب: متى يحل فطر الصائم؟) أي: بيان حل وقت فطره. 1954 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ". [مسلم: 1100 - فتح: 4/ 196] (الحميدي) عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (ها هنا) الأول: المشرق، والثاني: المغرب. 1955 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَال لِبَعْضِ القَوْمِ: "يَا فُلانُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا"، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَال: "انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا"، قَال: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ". [انظر: 1941 - مسلم: 1101 - فتح: 4/ 196] (خالد) أي: ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطحان. (عن الشيباني) هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان. (غربت) في نسخة: "غابت". (يا فلان) هو بلال. (لو أمسيت) أي: لتمَّ صومك، فجواب (لو) محذوف، أو هي للتمني فلا جواب لها، ومرَّ شرح حديثي الباب في باب: الصوم (¬1) في السفر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1941) كتاب: الصوم، باب: الصوم في السفر والإفطار.

44 - باب: يفطر بما تيسر من الماء، أو غيره

44 - بَابٌ: يُفْطِرُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ المَاءِ، أَوْ غَيْرِهِ (باب: يفطر بما تيسر عليه) يعني: له. (بالماء وغيره) في نسخة: "بما تيسر من الماء وغيره". 1956 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، فَنَزَلَ فَجَدَحَ ثُمَّ قَال: "إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ" وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ. [انظر: 1941 - مسلم: 1101 - فتح 4/ 198] (عبد الواحد) أي: ابن زياد الشيباني، زاد في نسخة: "سليمان". (انْزِلْ فاجدح لنا) ظاهره: أن الأمر لابن أبي أوفى وليس مرادًا، بل هو بلال كما صرَّح به أبو داود في رواية بلفظ: "يا بلال نزل فاجدح لنا" (¬1). (فنزل) في نسخة. "قال فنزل". 45 - بَابُ تَعْجِيلِ الإِفْطَارِ (باب: تعجيل الإفطار) أي: سن تعجيله للصائم. 1957 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ". [مسلم: 1098 - فتح: 4/ 198] (عن أبي حازم) بمهملة وزاي، هو سلمة بن دينار. (ما عجلوا الفطر) أي: مدة تعجيلهم له. قال النووي: وتعجيله ¬

_ (¬1) انظر: "سنن أبي داود" (2352) كتاب: الصوم، باب: وقت فطر الصائم والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

46 - باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس

مستحب، ولا يكره تأخيره إلا لمن تعمده (¬1). ورأى أنَّ الفضل فيه. 1958 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَصَامَ حَتَّى أَمْسَى قَال لِرَجُلٍ: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي" قَال: لَو انْتَظَرْتَ حَتَّى تُمْسِيَ؟ قَال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، إِذَا رَأَيْتَ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ". [انظر: 1941 - مسلم: 1101 - فتح: 4/ 198] (أبو بكر) أي: ابن عياش المغربي. (عن سليمان) أي: الشيباني. (عن ابن أبي أوفى) هو عبد الله. (حتى أمسى) أي: دخل في المساء. 46 - بَابُ إِذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ (باب: إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس) أي: لزمه القضاء، وإن ظن الغروب. 1959 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: "أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ" قِيلَ لِهِشَامٍ: فَأُمِرُوا بِالقَضَاءِ؟ قَال: "لَا بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ" وَقَال مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ هِشَامًا [يقول]: لَا أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لَا. [فتح: 4/ 199] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن فاطمة) أي: بنت المنذر بنت أبي بكر زاد في نسخة: "الصديق". (على عهد النبي) في نسخة: "على عهد رسول الله". (قيل لهشام) القائل هو أبو أسامة، كما في أبي داود وغيره (¬2). (قال: بدُّ من قضاء) ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 7/ 206. (¬2) انظر: "سنن أبي داود" (2359) كتاب: الصوم، باب: الفطر قبل غروب الشمس. =

أي: أبدُّ منه؟ بتقدير همزة الاستفهام الإنكاري، وهو بمعنى: لا بد "من القضاء" كما في نسخة، وروي عن جماعة عدم القضاء وجعلوه كمن أكل ناسيًا ويفرق بأن النسيان معفوٌ عنه لخبر: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) (¬1) ¬

_ = وصححه الألباني في "صحيح أبي داود (2042). (¬1) هذا الحديث لا يوجد بهذا اللفظ، وإن كان الفقهاء والاصوليون كلهم لا يذكرونه إلا بهذا اللفظ الذي ذكره المصنف، وأقرب ما وجدناه بلفظ: "رفع الله عن هذا الأمة ثلاثًا"، وبلفظ: "إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان"، وقد روي من حديث ابن عباس، وأبي ذر، وثوبان، وأبي الدراداء، وابن عمر، وأبي بكرة. فحديث ابن عباس رواه ابن ماجه (2045) كتاب: الطلاق، باب: طلاق المكروه والناسي وابن حبان 16/ 202 (7219) كتاب: إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة، باب: فضل الأمة. والحاكم 2/ 198 كتاب: الطلاق، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وأما حديث أبي ذر فرواه ابن ماجة أيضًا (2043) كتاب: الطلاق، باب: طلاق المكره، وأما حديث ثوبان فرواه الطبراني 11/ 133. وأما حديث أبي الدراداء فرواه الطبراني في "الأوسط" 8/ 161 (8273). وأما حديث ابن عمر فرواه أبو نعيم في الحلية 6/ 352 ترجمة: مالك بن أنس. وأما حديث أبي بكرة فرواه ابن عدي في "الكامل" 2/ 390. والحديث قد قال عنه النووي في "الأربعين" إنه حديث حسن، وأقره الحافظ في "التلخيص" 1/ 281 - 283 (450). قلت: وإن كانت جميع طرقه لا تخلو من ضعف فبعضها يقوي بعضًا، وقد بين عللها الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 64 - 65. فليراجعها من أراد التوسع، وقال السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص 3 (528): ومجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلًا لاسيما وأصل الباب حديث أبي هريرة في "الصحيح" من طريق زرارة بن أوفى عنه، بلفظ: "إن الله تجاوز لأمتي =

47 - باب صوم الصبيان

وخبر: "من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه" (¬1) بخلاف الظن المخطئ، إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه. 47 - بَابُ صَوْمِ الصِّبْيَانِ وَقَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِنَشْوَانٍ فِي رَمَضَانَ: "وَيْلَكَ، وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ، فَضَرَبَهُ". (باب: صوم الصبيان" أي: بيان حكمه. (لنشوان) أي: لسكران، وجمعه: نشاوى كسكران وسكارى. (ويلك) مفعول مطلق منصوب بمحذوف لازم الحذف، أي: ألزمك الله ويلك، والمعنى: أشربت الخمر. (وصبياننا صيام؟) في نسخة: "صوام". (فضربه) حد شرب الخمر. 1960 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: "مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ"، قَالتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ. [مسلم: 1136 - فتح: 4/ 200] (معوِّذ) بواو مشددة مكسورة وذال معجمة. (ونُصوم صبياننا) أي: تمرينًا لهم على الطاعات، ومذهب الشافعي أنَّهم يؤمرون بالصوم إذا ¬

_ = ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به". وقد صحح الحديث الألباني في "إرواء الغليل" 1/ 123 (82). (¬1) سبق برقم (1933) كتاب: الصوم، باب: الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا. ورواه مسلم (1155) كتاب: الصيام، باب: أكل الناس وشربه وجماعه لا يفطر.

48 - باب الوصال، ومن قال: "ليس في الليل صيام"

أطاقوا لسبع، ويضربون على تركه لعشر؛ قياسًا على الصلاة. (اللعبة) بضم اللام: ما يلعب به. (من العهن) أي: الصوف، وقيل: الصوف المصبوغ، وقد زاد في نسخة عقب قوله عند الإفطار: "قال أي البخاري: العهن: الصوف". 48 - بَابُ الوصَالِ، وَمَنْ قَال: "لَيْسَ فِي اللَّيْلِ صِيَامٌ" لِقَوْلِهِ تَعَالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]، "وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ رَحْمَةً لَهُمْ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ". (باب: الوصال) أي: بيان حكمه. (ومن قال: ليس في الليل صيام) عطف على الوصال. (عنه) أي: عن الوصال. (رحمة لهم) أي: للصائمين. (وإبقاءً عليهم) أي: حفظًا لهم في بقاء صحة أبدانهم. (وما يكره) عطف على الوصال أيضًا، أو على ضمير عنه، أو على (رحمة)، أي: للرحمة؛ ولكراهة التعمق (فما) على الأخير مصدرية (من التعمق) بيان لـ (ما) على الأوليين، وللكراهة على الثالث والتعمق: المبالغة في تكلف ما لم يكلف به. 1961 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تُوَاصِلُوا" قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَال: "لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ، وَأُسْقَى، أَوْ إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى". [7241 - مسلم: 1104 - فتح: 4/ 202] (يحيى) أي: القطان. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (قتادة) ابن دعامة. (لا تواصلوا) النهي فيه؛ للتحريم بقرينة خبر: "إياكم والوصال" (¬1) الآتي في الباب الآتي. (لست) في نسخة: "إني ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1966) باب: التنكيل لمن أكثر الوصال.

لست". (كأحد منكم) في نسخة: "كأحدكم". (أو إني أبيت أطعم وأسقي) شك من الراوي. 1962 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الوصَالِ" قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَال: "إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى". [انظر: 1922 - مسلم: 1102 - فتح: 4/ 202] (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال) مرَّ شرحه مع ما قبله وبعض ما يأتي في باب: بركة السحور (¬1). 1963 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ"، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَال: "إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وَسَاقٍ يَسْقِينِ". [1967 - فتح: 4/ 202] (ابن الهاد) هو يزيد بن عبد الله بن أسامة. (إذا أراد) إذا: ساقطةٌ من نسخة. (فليواصل حتى السحر) بجره بحتي، وفيه: رد على من منع الإمساك بعد الغروب. (يسقين) بحذف الياء، وفي نسخة: بإثباتها، وبه قرأ يعقوب الحضرمي في سورة الشعراء. 1964 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدٌ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ"، فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَال: "إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "لَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانُ رَحْمَةً لَهُمْ". [مسلم: 1105 - فتح: 4/ 202] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1922) كتاب: الصموم، باب: بركة السحور من غير إيجاب.

49 - باب التنكيل لمن أكثر الوصال

(حدَّثَنا) في نسخة: "حدثني". وفي أخرى: "أخبرنا". (محمد) أي: ابن سلام. (عبدة) أي: ابن سليمان. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري، ساقط وهو من نسخة. 49 - بَابُ التَّنْكِيلِ لِمَنْ أَكْثَرَ الوصَال رَوَاهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1961] (باب: التنكيل) وهو المنع عمَّا يراد. (لمن أكثر الوصال) في الصوم. (رواه) أي: التنكيل. 1965 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوصَالِ فِي الصَّوْمِ" فَقَال لَهُ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "وَأَيُّكُمْ مِثْلِي، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ"، فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الوصَالِ، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَال، فَقَال: "لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ" كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا. [1966، 6851، 7242، 7299 - مسلم: 1103 - فتح: 4/ 205] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (حدثني أبو سلمة) في نسخة: "حدَّثَنا أبو سلمة". (وأيكم مثلي؟) استفهام إنكاري يفيد النفي والتوبيخ. (فلما أبوا) أي: امتنعوا (عن الوصال) في نسخة: "من الوصال" وإنما أبوا؛ لظنهم أن النهي للتنزيه، لا للتحريم. (لو تأخر) أي: الهلال. (لزدتكم) أي: في الوصال إلى أن تعجزوا عنه فتسألوا تركه. (كالتنكيل لهم) أي: لإرادة تعذيبهم، يقال: نكَّل به تنكيلًا إذا جعله نكالًا له وعبرة لغيره، وإنما جوز لهم ذلك، لمصلحة زجرهم، ولبيان المفسدة المترتبة على ذلك، وهي الملل من العبادة والتعرض للتقصير في سائر الوظائف. (أن ينتهوا) أي: عن الوصال.

50 - باب الوصال إلى السحر

1966 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِيَّاكُمْ وَالوصَال" مَرَّتَيْنِ قِيلَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَال: "إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ، فَاكْلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ". [انظر: 1965 - مسلم: 1103 - فتح: 4/ 206] (يحيى) أي: "ابن موسى" كما في نسخة. (إياكم والوصال) بالنصب على التحذير أي: احذروا الوصال. (فاكلفوا) بهمزة وصل وسكون الكاف وفتح اللام من كلفت هذا الأمر أكلف به، من باب: علم يعلم، أي: تكلفوا من العمل. (ما تطيقون) أي: تقدرون عليه. 50 - بَابُ الوصَالِ إِلَى السَّحَرِ (باب: الوصال إلا السحر) تجوز في تسمية ذلك وصالًا إذ حقيقته إمساك جميع الليل كالنهار. 1967 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ"، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وَسَاقٍ يَسْقِينِ". [انظر: 1963 - فتح: 4/ 208] (ابن أبي حازم) هو عبد العزيز. (عن يزيد) أي: ابن عبد الله بن الهاد. (لست) في نسخة: "إني لست". (لا تواصلوا .. إلى آخره) قضيته كالأحاديث قبله: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يواصل حقيقة، وأنه نهى أصحابه عنه، ولا ينافيه خبر ابن خزيمة: كان - صلى الله عليه وسلم - يواصل إلا السحر ففعل بعض

51 - باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، ولم ير عليه قضاء إذا كان أوفق له

أصحابه ذلك فنهاه (¬1) فإن المحفوظ في خبر ابن خزيمة إطلاق النهي عن الوصال بغير تقييد بالسحر، فالتقييد به شاذ، وبتقدير أنه ليس بشاذ جمع ابن خزيمة بينهما بأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوصال مطلقًا أولًا ثم خص النهي بجميع الليل فأباح الوصال إلى السحر، نبه على ذلك شيخنا (¬2). 51 - بَابُ مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ (باب: من أقسم على أخيه) الصائم. (ليفطر في التطوع) أي: في صومه. (ولم ير) بالبناء للمفعول، أو للفاعل وهو الشارع. (عليه) أي: على المفطر. (قضاء) برفعه على الأول، ونصبه على الثاني. (إذا) في نسخة: "إذا" بمعنى: حين. (كان) أي: الإفطار، أو قضاؤه. (أوفق) أي: للمفطر بأن كان معذورًا بفطره، أو للمقسم بأن كان يحصل له بالإفطار صرف مفهوم ذلك أنه إذا لم يكن أوقف لمن ذكر يلزم القضاء وليس مرادًا إذ لا يلزمه قضاء التطوع كأدائه. 1968 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَال لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَال: كُلْ؟ قَال: فَإِنِّي صَائِمٌ، قَال: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَال: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ ¬

_ (¬1) "صحيح ابن خزيمة" (7072) كتاب: الصيام، باب: النهي عن الوصال إلى السحر. (¬2) "الفتح" 4/ 209.

أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَال: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَال: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَال: سَلْمَانُ قُمِ الآنَ، فَصَلَّيَا فَقَال لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ سَلْمَانُ". [6139 - فتح: 4/ 209] (أبو العميس) هو عقبةُ بنُ عبدِ الله بنِ مسعودٍ. (عون بن أبي جحيفة) اسم أبي جحيفة: وهب بن عبد الله السوائي. (سلمان) أي: ابن عبد الله الفارسي. (فرأى) أي: سلمان. (أم الدرداء) اسمها: خيرة بنت أبي حدرد الكبرى. (متبذلة) بفوقية فموحدة مفتوحتين، وبمعجمة مكسورة أي: لابسة ثياب البذلة أي: المهنة، وفي نسخةٍ: "مبتذلة" بموحدة سكنة ففوقية مفتوحة. (فصنع) أي: أبو الدرداء (له) أي: لسلمان (فقال) أي: سلمان لأبي الدرداء (ما أنا بآكلٍ حتى تأكلَ) وجه مطابقته للترجمة: أن القسم مقدَّر قبل (ما أنا) كما قدر قبل قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا} [مريم: 71] قرينة ثبوته في الطبراني (¬1) وغيره بلفظ: أقسمت عليك لتفطرن (فصليا) عطف على مقدَّر أي: فقام أبو الدرداء وتوضآ وصليا. (فأتى) أي: أبو الدرداء. وفي الحديث: إنه لا يجب إتمام صوم التطوع إذا شرع فيه، لكن يكره الخروج منه بغير عذر؛ لظاهر قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالكُمْ (33)} [محمد: 33] وللخروج من خلاف من أوجب إتمامه، وإذا خرج منه قال المتولي: لا يثاب على ما مضى؛ لأنَّ العبادة لم تتم، وعن ¬

_ (¬1) "المعجم الكبير" 22/ 112.

52 - باب صوم شعبان

الشافعي: أنه يثاب عليه، وهو ظاهرٌ إن خرج منه بعذر ويندب قضاؤه وإن خرج بعذر. 52 - بَابُ صَوْمِ شَعْبَانَ (باب: صوم شعبان) أي: بيان فضله. 1969 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إلا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ. [1970 - مسلم: 1156 - فتح: 4/ 213] (عن أبي النضر) بضاد معجمة أي: ابن أبي أمية. (فما) في نسخة: "وما". (رأيت رسول الله) في نسخة: "رأيت النبي" ووجه تخصيص شعبان بكثرة الصوم: لكون أعمال العبد ترفع فيه، كما رواه النَّسائيُّ (¬1)، فصيامه أفضل من صيام رجب، وإن كان رجب من الأشهر الحرم، خلافًا لمن عكس، فصومه أفضل من صوم بقية الأشهر إلا المحرم؛ لخبر مسلم: "إن أفضل الطعام بعد رمضان المحرم" (¬2) وإنما لم يكثر الصوم فيه، كما في شعبان؛ لاحتمال أنه لم ¬

_ (¬1) "سنن النَّسائيِّ" 4/ 201 كتاب: الصيام، صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين؛ فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". (¬2) "صحيح مسلم" (1163) كتاب: الصيام، باب: فضل صوم المحرم. ورواه أبو داود (2429) كتاب: الصيام، باب: في صوم المحرم. والترمذي (438) أبواب الصلاة، باب: ما جاء في فضل صلاة الليل. والنسائي 3/ 206 - 207 =

53 - باب ما يذكر من صوم النبي صلى الله عليه وسلم وإفطاره

يعلم فضل المحرم إلا في آخر حياته فلم يتمكن من صومه، أو لعله كان يعرض له أعذار فيه تمنع من إكثار الصوم فيه. 1970 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ قَالتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ" وَكَانَ يَقُولُ: "خُذُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا". [1969 , 1970 , 5861، 6464، 6465 - مسلم: 782، 1156 - فتح: 4/ 213] (هشام) أي: الدستوائي. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (فإنه كان يصوم شعبان كله) أي: أكثره؛ ليوافق الرواية السابقة، أو هو على حذف أداة الاستثناء والمستثنى أي: إلا قليلًا منه بقرينة خبر: فإنه كان يصومه كله تارة، وأكثره أخرى. لئلا يتوهم وجوب صومه كله كرمضان. (لا يمل) أي: لا يسأم، وهو محال في حقه تعالى، فهو مجاز عن ترك الجزاء، ومرَّ بيانه في باب: أحب الدين إلى الله أدومه. (إلى النبي) في نسخة: "إلى الله". (ما دوِّم عليه). في نسخة: "ديم عليه". 53 - بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِفْطَارِهِ (باب: ما يذكر من صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وإفطاره) أي: في التطوع. 1971 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عن ¬

_ = كتاب: قيام الليل وتطوع النهار، باب: فضل صلاة الليل. وابن ماجة (1742) كتاب: الصيام، باب: صيام أشهر الحرم. وأحمد 2/ 303، 329، 342، 535.

سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "مَا صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ" "وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لَا وَاللَّهِ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لَا وَاللَّهِ لَا يَصُومُ". [مسلم: 1157 - فتح: 4/ 215] (حدَّثَنا موسى) في نسخة: "حدثني موسى". (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. 1972 - حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لَا تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إلا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إلا رَأَيْتَهُ" وَقَال سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسًا فِي الصَّوْمِ. [انظر: 1141 - فتح: 4/ 215] (نظن) بنون، وفي نسخة: "يظن" بتحتيةٍ مضمومةٍ ومعجمةٍ مفتوحة، وفي أخرى: "تظن" بفوقية مفتوحة. (أن لا يصوم) بفتح همزة (أن)، وبنصب (يصوم) بجعل (أن) ناصبة وبرفعه، بجعلها مفسرة، و (لا) نافية فيهما. (إلا رأيته) أي: مصليًا في الأول ونائمًا في الثاني، وليس المراد أنه كان يسرد الصوم والصلاة، بل إنه كان يصوم تارة من أول الشهر وتارة من وسطه وتارة من آخره، [وكان تارة يقوم من أول الليل، وتارة من وسطه، وتارة من آخره] (¬1) فكان من أراد أن يراه في وقت من أوقات الليل قائمًا، أو في وقت من أوقات الشهر صائمًا فراقبه المرة بعد المرة فلا بدَّ أن يراه قائمًا أو صائمًا على وفق ما أراد أن يراه. (وقال) في نسخة: "قال". (سليمان) أي: ابن حيان الأحمر. (عن حميد) أي: الطويل، أي: (محمد) أي: "بن سلام" كما في نسخة. ¬

_ (¬1) من (م).

54 - باب حق الضيف في الصوم

1973 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَال: سَأَلْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ مِنَ الشَّهْرِ صَائِمًا إلا رَأَيْتُهُ، وَلَا مُفْطِرًا إلا رَأَيْتُهُ، وَلَا مِنَ اللَّيْلِ قَائِمًا إلا رَأَيْتُهُ، وَلَا نَائِمًا إلا رَأَيْتُهُ، وَلَا مَسِسْتُ خَزَّةً وَلَا حَرِيرَةً، أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً، وَلَا عَبِيرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1141، 3561 - مسلم: 2330 - فتح: 4/ 215] (أبو خالد الأحمر) هو سليمان بن حيان. (ولا مسست) بكسر السين الأولى، وحكي فتحها. (خزة) هي في الأصل: اسم دابة، ثم سمي الثوب المتخذ من وبرها خزًا. (ولا حريرة) من ذكر العام بعد الخاص، وفي نسخة: "ولا حريرًا". (ولا شممت) بكسر الميم الأولى، وحكى فتحها. (مسكة ولا عبيرة) أي بفتح المهملة وكسر الموحدة، مؤنث عبير وهو طيب معمول من أخلاط، وفي نسخة: "عنبرة" بنون ساكنة فموحدة مفتوحة أي: قطعة من العنبر المعروف. (من رائحة رسول الله) في نسخة: "من ريح رسول الله". 54 - بَابُ حَقِّ الضَّيْفِ فِي الصَّوْمِ (باب: حق الضيف في الصوم) أي: في صوم المضيف. 1974 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ يَعْنِي "إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا"، فَقُلْتُ: وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ؟ قَال: "نِصْفُ الدَّهْرِ". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 4/ 217]

55 - باب حق الجسم في الصوم

(إسحاق) أي: ابن راهويه. (هارون) أي: ابن إسماعيل. (علي) أي: "ابن المبارك" كما في نسخة. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (أبو سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث) هكذا ذكره مختصرًا، ثم فسر المراد منه بما يطابق للترجمة فقال: (يعني: إن لزورك عليك حقًّا) الزور: مصدر بمعنى: الزائر: وهو الضيف، أو جمع زائر، كركْبٍ وراكب. ففيه: أن رب المنزل إذا نزل به ضيف يفطر لأجله. (فقلت) في نسخة: "قلت". (وما صوم داود؟) لفظه في الباب الآتي: (قال: فَصُمْ صيام نبي الله داود وما كان من صيام نبي الله داود) (¬1). 55 - بَابُ حَقِّ الجِسْمِ فِي الصَّوْمِ (باب: حق الجسم في الصوم) الجسم: الجسد. (ابن مقاتل) في نسخة: "محمد بن مقاتل". 1975 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ "، فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَال: "فَلَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ"، فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَيَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَال: "فَصُمْ صِيَامَ ¬

_ (¬1) انظر الحديث الآتي برقم (1975).

نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ"، قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ؟ قَال: "نِصْفَ الدَّهْرِ"، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ: يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 4/ 217] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (ألم أخبر؟) بالبناء للمفعول، وهمزة (ألم) للاستفهام التقريري، كما في قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)} [الشرح: 1] (فإن لجسدك عليك حقًّا ... إلى آخره) إنما ذكرت هذه الحقوق؛ لأن الصيام والقيام يمنعها، فإذا تعارضت قدم الأول. (وإن لعينيك) في نسخة: "وإن لعينك". (بحسبك) باؤه زائدة، وهو بسكون السين وفتحها؛ بمعني: كافيك، وهو في محل نصب اسم إن، وخبرها أن تصوم. (كل شهر) في نسخة: "من كل شهر"، وفي أخرى: "في كل شهر". (فإن في نسخة: "فإذن" بنون، وفي أخرى: "فإذًا" بألف منونة وعليه الجمهور، قال شيخنا: وروي بغير تنوين، وهي للمفاجأة (¬1)، والتقدير: إن صمت ثلاثة أيام من كل شهر فاجأت عشر أمثالها. (كبر) بكسر الموحدة، ومعناه كما قال النووي: أنه كبر وعجز عن المحافظة على ما التزمه عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشق عليه فعله؛ للعجزه، ولم يعجبه أن يتركه؛ للتزمه له، فتمنى أن لو قبل الرخصة فأخذ بالأخف (¬2). ¬

_ (¬1) "الفتح" 4/ 219. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 43.

56 - باب صوم الدهر

56 - بَابُ صَوْمِ الدَّهْرِ (باب: صوم الدهر) هل هو مندوب أو لا؟ ومذهب الشافعي: أنه مندوبٌ، ما لم يخف ضررًا، أو فوت حق. 1976 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، قَال: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَال: "فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ"، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَال: "فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ"، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَال: "فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ"، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ "لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ". [انظر: 1131 - مسلم 1159 - فتح: 4/ 220] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (فقلت له) معطوف على مقدر تقديره: فقال لي - صلى الله عليه وسلم - أنت الذي تقول والله لأصومنَّ النهار ولأقومنَّ الليل ما عشت. (قد قلته) في نسخة: "فقد قلته". (وذلك مثل صيام الدهر) أي: في أصل التضعيف لا في التضعيف الحاصل بالفعل، إذ المثلية لا تقتضي المساواة من كل وجه، نعم يصدق على فاعل ذلك أنه صام الدهر مجازًا. (وهو أفضل الصيام) أي: صيام التطوع فهو أفضل من صوم الدهر، كما قاله المتولي وغيره، خلافًا لما أفتى به ابن عبد السلام، والسر في ذلك: أنَّ صوم الدهر قد يفوت بعض الحقوق، وقد لا يشق باعتياده له، بخلاف صوم يوم وفطر يوم، فإن قلت: إذا صادف فطره يوم الاثنين، أو الخميس وكانت عادته صومهما هل تحصل له فضيلة

57 - باب حق الأهل في الصوم

صومهما؟ قلت: الظاهر حصولها؛ لأنَّ عدوله إلى صوم داود إنَّما كان؛ لعذر وهو: طلب الأفضلية فهي تجبر ما فات بالإفطار. 57 - بَابُ حَقِّ الأَهْلِ فِي الصَّوْمِ رَوَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1968] (باب: حق الأهل في الصوم) وهم الأقارب. (رواه) أي: حق الأهل. (أبو جحيفة) هو وهب بن عبد الله. 1977 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، سَمِعْتُ عَطَاءً، أَنَّ أَبَا العَبَّاسِ الشَّاعِرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَأُصَلِّي اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَال: "أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي؟ [ولا تنام]؟ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّا"، قَال: إِنِّي لَأَقْوَى لِذَلِكَ، قَال: "فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ" قَال: وَكَيْفَ؟ قَال: "كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لاقَى"، قَال: مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ - قَال عَطَاءٌ: لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الأَبَدِ - قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ" مَرَّتَيْنِ. [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 4/ 221] (عمرو بن علي) أي: الباهلي. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (لعينك) في نسخة: "لعينيك". (حظًّا) أي: نصيبًا. (لأقوى لذلك) في نسخة: "لأقوى ذلك" وفي أخرى: "لأقوى على ذلك". (ولا يفر) أي: لا يهرب. (إذا لاقى) أي: العدو، وأشار به إلا أن الصوم على هذا الوجه وإن كان أشق من صوم الدهر لا ينهك البدن بحيث يضعف عند لقاء العدو، بل يستعان بفطر يوم على صيام يوم، فلا يضعف عن الجهاد وغيره من الحقوق. (قال: من لي بهذه؟) أي: بخصلة داود،

58 - باب صوم يوم وإفطار يوم

لا سيما عدم الفرار، أي: من يتكفل لي بها؟ (لأدري كيف ذكر) - صلى الله عليه وسلم - (صيام الأبد) أي: لا أحفظ عنه ذلك، وإنما أحفظ عنه ما ذكره البخاري بقوله: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -. (لا صيام من صام الأبد) مرتين احتج به من قال بكراهة صوم الدهر؛ لأن قوله: (لا صام) يحتمل الدعاء والخبر، وكل منهما يفيدها، وأجيب: بأنه محمول على حقيقته بأن يصوم معه العيد، والتشريق، وأيام الحيض والنفاس، أو على من تضرر به، أو فوت به حقا. 58 - بَابُ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ (باب: صوم يوم وإفطار يوم) أي: بيان فضل ذلك. 1978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَال: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ"، قَال: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَمَا زَال حَتَّى قَال: "صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا" فَقَال: "اقْرَإِ القُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ"، قَال: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ فَمَا زَال، حَتَّى قَال: "فِي ثَلاثٍ". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 4/ 224] (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن مغيرة) أي: ابن مقسم. (اقرأ) فعل أمر. (في ثلاث) أي: في ثلاث ليال. 59 - بَابُ صَوْمِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ (باب: صوم داود لله) أي: بيان الاقتداء به في الصوم. 1979 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ المَكِّيَّ، - وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَ لَا يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ - قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ

عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ "، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ العَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ"، قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَال: "فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لاقَى". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 4/ 224] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (هجمت له العين) أي: غارت وضعف بصرها. (ونفهت له النفس) بفتح نون (نفهت) وكسر فائها، أي: كلت وتعبت، وفي نسخة: "نهثت" بنون فهاء فمثلثة مفتوحات، وفي أخرى: "نهكت" بنون فهاء فكاف مفتوحات أي: ضعفت، وفي أخرى بكسر هاء: "نهكت". (كان يصوم) في نسخة: "وكان يصوم". 1980 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ [بْنُ عَبْدِ اللَّهِ] عَنْ خَالِدٍ [الحَذَّاءِ] عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو المَلِيحِ، قَال: دَخَلْتُ مَعَ أَبِيكَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَحَدَّثَنَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وسَادَةً مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، وَصَارَتِ الوسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَقَال: "أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ؟ "، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "خَمْسًا"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "سَبْعًا"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "تِسْعًا"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "إِحْدَى عَشْرَةَ"، ثُمَّ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ شَطْرَ الدَّهَرِ، صُمْ يَوْمًا، وَأَفْطِرْ يَوْمًا". [انظر: 1131 - مسلم 1159 - فتح: 4/ 224] (إسحاق الواسطي) في نسخة: "إسحاق بن شاهين الواسطي". (خالد) أي: "ابن عبد الله" كما في نسخة، وهو الطحان. (عن خالد) أي: "الحذاء" كما في نسخة. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي. (أخبرني) في نسخة: "حدثني". (أبو المليح) هو عامر، أو

60 - باب صيام أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة

زيد، أو زياد بن أسامة بن عمر الهذلي. (مع أبيك) هو عمرو الجرمي. (خمسًا) في نسخة: "خمسة". (قال: سبعًا) في نسخة: "سبعة" (تسعًا) في نسخة: "تسعة". (إحدى عشرة) في نسخة: "أحد عشر". (لا صوم) أي: لا فضل في صوم التطوع. (فوق صوم داود) أي: فوق فضل صومه، وهو إن كان صادقًا بالمساوي، لكن المراد منه أفضلية صوم داود على غيره، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122]. (شطر الدهر) أي: نصفه، وهو بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، وبالنصب مفعول فعل مقدر أي: لأجد. 60 - بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ البِيضِ: ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ (¬1). (باب: صيام أيام البيض) أي: أيام الليالي البيض، ولفظ: (أيام) ساقط من نسخة وزاد في نسخة: "ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر" وفي أخرى: "ثلاث عشرة، أربع عشرة، وخمس عشرة". (واليوم) لغة: من طلوع الشمس إلى غروبها، وشرعًا: من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس. ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 58: ترجم بأيام البيض وذكر الثلاثة مطلقًا من كل شهر ولم يخص وقصده بذلك أنه ينبغي أن تكون هذه الثلاثة المطلقة هي أيام البيض الثلاثة، فورودها في حديث آخر عملًا بالحديث.

61 - باب من زار قوما فلم يفطر عندهم

1981 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاثٍ: "صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ". [انظر: 1178 - مسلم: 721 - فتح: 4/ 226] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن [سعيد] (¬1) التميمي. (أبو التياح) هو يزيد بن حميد الضبعي. (أوصاني خليلي) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفرده بهذه الوصية؛ لأنه كان يوافق في إيثار الاشتغال بالعبادة على الاشتغال بالدنيا؛ لأنه كان يصبر على الجوع في ملازمته له - صلى الله عليه وسلم - ومرَّ شرح الحديث في باب: صلاة الضحى في الحضر (¬2). 61 - بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ (باب: من زار قومًا فلم يفطر عندهم) أي: من صومه. 1982 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي خَالِدٌ هُوَ ابْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَال: "أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ" ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ المَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً، قَال: "مَا هِيَ؟ "، قَالتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلَا دُنْيَا إلا دَعَا لِي بِهِ، قَال: "اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ"، فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالًا، وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ: أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ ¬

_ (¬1) في (أ)، (م) [سهل] والصواب ما أثبتناه ـ انظر: "تهذيب الكمال" 18/ 478. (¬2) سبق برقم (1178) أبواب التهجد، باب: صلاة الضحى في الحضر.

البَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَال: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [6334، 6344، 6378، 6380 - مسلم: 2481 - فتح 4/ 228] (حدثني خالد) في نسخة: "حدَّثَنا خالد". (أم سليم) هي أم أنس، واسمها: العميصاء، أو الرميصاء، أو سهلة. (إن في خويصة) بالتصغير وتشديد الصاد، أي: يختص بخدمتك، وصغرته، لصغر سنه وطلب الحنو عليه. (خادمك) أشارت به إلى جهة خصوصيته، أي: فادع له دعوة خاصة. (أنس) عطف بيان، أو بدل. (اللهم) أي: قائلًا في دعائه اللهم. (ارزقه مالًا وولدًا وبارك له) زاد في نسخة: "فيه". أي: فيما ذكر من المال والولد، وترك الراوي ما دعا له به من خير الآخرة؛ اختصارًا، أو اكتفاءً بقوله: (وبارك له) على النسخة الأولى، وقد صرّح به في رواية الإمام أحمد مع زيادة في قوله: (اللهم أكثر ماله وولده وأطل عمره واغفر ذنبه" (¬1). (أمينة) تصغير آمنة. وفيه: رواية الأب عن بنته؛ لأن أنسًا روى هذا عن بنته أمينة، فهو من قبيل رواية الآباء عن الأبناء. (مقدم حجاج) في نسخة: "مقدم الحجاج" ومقدم: مصدر ميمي منصوب بنزع الخافض، أي: إنَّ الذي مات من أولاده [وأولاد أولاده] (¬2) إلى مقدم الحجاج. (البصرة) بالنصب بمقدم. ¬

_ (¬1) هذا اللفظ لم أقف عليه في واحدة من روايات أحمد المتعددة، منها لفظ: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته" (أحمد 6/ 430). أما اللفظ الذي عزاه المصنف للإمام أحمد فقد أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (653) باب: من دعا بطول العمر. وابن سعد في "طبقاته" 7/ 19. وأبو يعلى في "مسنده" 7/ 233 (4236). (¬2) من (م).

62 - باب الصوم من آخر الشهر

(بضع) بكسر الموحدة، وقد يفتح: ما بين الثلاث إلى التسع. (وعشرون) عطف على (بضع) وفيه: الرد على من قال: لا يقال بضع فيما جاوز العشرين، فلا يقال: بضع وعشرون، وكيف لا يقال ذلك؟ وقد نطق به أفصح الخلق - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "الإيمان: بضع وستون شعبة" (¬1). (حدَّثَنا) في نسخة: "قال: حدَّثَنا". (ابن أبي مريم) هو سعيد الجمحي. (يحيى) أي: "ابن أبي أيوب" كما في نسخة. (حميد) أي: الطويل. (سمع أنسًا) قال شيخنا: وفائدة ذكر هذه الطريق: بيان سماع حميد لهذا الحديث من أنس لما اشتهر من أن حميدًا كان ربَّما دلَّس عن أنس (¬2). 62 - بَابُ الصَّوْمِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ (باب: الصوم آخر الشهر) في نسخة: "من آخر الشهر". 1983 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ غَيْلانَ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ سَأَلَهُ - أَوْ سَأَلَ رَجُلًا وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ -، فَقَال: "يَا أَبَا فُلانٍ، أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ؟ " قَال: - أَظُنُّهُ قَال: يَعْنِي رَمَضَانَ -، قَال الرَّجُلُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ"، لَمْ يَقُلِ الصَّلْتُ: أَظُنُّهُ يَعْنِي رَمَضَانَ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال ثَابِتٌ: عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ". [مسلم: 1161 - فتح: 4/ 230] (مهدي) أي: ابن ميمون. (عن غيلان) أي: ابن جرير. (أبو ¬

_ (¬1) سلف برقم (9) كتاب: الإيمان، باب: أمور الإيمان. (¬2) انظر: "الفتح" 4/ 230.

النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (عن مطرف) أي: ابن عبد الله بن الشخير. (أو سأل رجلًا) شك من مطرف. (يا أبا فلان) في نسخة: "يا فلان" بحذف أداة الكنية وهو الأكثر، كما قاله شيخنا (¬1). (سَرَرَ هذا الشهر) بفتح السين وكسرها وحكي ضمها، أي: آخره، ويقال فيه أيضًا: سر بكسر السين وفتحها، سمي بذلك؛ لاستسرار القمر في لياليه، والمراد به: الثامن والعشرون، والتاسع والعشرون، والثلاثون، وقيل: الأخيران منها. (أظنه قال) أي: في تفسير الشهر، يعني: رمضان، وهو من قول أبي النعمان، لا من قول الصلت كما ذكره البخاري بعدُ. (فإذا أفطرت) أي: من رمضان -كما في مسلم- (¬2) أي: أفطرت منه سرره، وهو كان يومان بناءً على القول به. (فصم يومين) عوضهما؛ لتعين صومهما. (لم يقل الصلت) أظنه يعني: رمضان، وإنما قاله أبو النعمان. (قال أبو عبد الله) ساقط من نسخة. (من سرر شعبان) أي: لا من سرر رمضان، كما ظنه أبو النعمان، ونقل الحميدي عن البخاري أنه قال: تفسير السرر بشعبان أصح، بل قال الخطابي: ذكر رمضان هنا وهم؛ لتعين صوم جميعه (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: "أعلام الحديث" 2/ 973 - 974. (¬2) "صحيح مسلم" (1161) كتاب: الصيام، باب: صوم سرر شعبان. (¬3) "أعلام الحديث" 2/ 974، "الفتح" 4/ 230.

63 - باب صوم يوم الجمعة

63 - بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَإِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ. (باب: صوم يوم الجمعة) أي: النهي عنه. (فإذا) في نسخة: "وإذا". (أصبح صائمًا يوم الجمعة فعليه أن يفطر) زاد في نسخة: "يعني: إذا لم يصم قبله، ولا يريد أن يصوم بعده)، وقوله: (فعليه أن يفطر) تأكيد، إذ الإفطار ليس بواجب. 1984 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ، قَال: سَأَلْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الجُمُعَةِ؟ قَال: "نَعَمْ"، زَادَ غَيْرُ أَبِي عَاصِمٍ، يَعْنِي: أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمٍ. [مسلم: 1143 - فتح: 4/ 232] (أبو عاصم) أي: النبيل. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عن عبد الحميد بن جبير) أي: "ابن شيبة" كما في نسخة. (نهى) في نسخة: "أنهى" بهمزة الاستفهام، وهي مرادة من الأولى. (زاد غير أبي عاصم) هو يحيى بن سعيد القطان. (أن ينفرد بصومه) محله: جر عطف بيان لصوم يوم الجمعة، أو بدل منه، وفي نسخة: "يعني: أن ينفرد بصومه". 1985 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إلا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ". [مسلم: 1144 - فتح: 4/ 232] (أبو صالح) هو ذكوان الزيات. (لا يصومنَّ) في نسخة: "لا يصوم" خبر بمعنى: النهي. والحكمة في كراهة إفراده الصوم: مخافة أن يضعف بصومه عن الوظائف المطلوبة منه فيه، ومن ثم خصصه البيهقي وغيره، نقلًا عن

64 - باب: هل يخص شيئا من الأيام؟

مذهب الشافعي (¬1)، بمن يضعف به عن الوظائف ونزول الكراهة بجمعه مع غيره، وقيل: الحكمة فيها: أنه لا يتشبه باليهود في إفرادهم صوم يوم الاجتماع في تعبدهم، واستشكلت الحكمة الأولى بأنها تقتضي التسوية بين الإفراد والجمع. وأجيب: بأنه إذا جمع حصل له بفضيلة صوم غير الجمعة ما يجبر ما حصل في صوم يومها من النقص. (إلا يومًا) أي: إلا أن يصوم يومًا. 1986 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَال: "أَصُمْتِ أَمْسِ؟ "، قَالتْ: لَا، قَال: "تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟ " قَالتْ: لَا، قَال: "فَأَفْطِرِي"، وَقَال حَمَّادُ بْنُ الجَعْدِ: سَمِعَ قَتَادَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ، أَنَّ جُوَيْرِيَةَ، حَدَّثَتْهُ: فَأَمَرَهَا فَأَفْطَرَتْ. [فتح: 4/ 232] (محمد) أي: ابن بشار. (غندر) هو محمد بن جعفر. (أن تصومين) لغة قليلة، والأكثر: أن تصومي، بحذف النون، كما في رواية (¬2). (أن جويرية) كان اسمها برة، فسماها - صلى الله عليه وسلم - جويرية وتزوجها، وكانت من سبايا بني المصطلق. 64 - بَابٌ: هَلْ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ؟ (باب: هل يخص يومًا من الأيام؟) أي: بالصوم، وفي نسخةٍ: "هل يخص شيء" بالبناء للمفعول ورفع شيء. ¬

_ (¬1) انظر: "معرفة السنن الآثار" 6/ 375. (¬2) وهي رواية الباب.

65 - باب صوم يوم عرفة

1987 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَخْتَصُّ مِنَ الأَيَّامِ شَيْئًا؟ قَالتْ: "لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطِيقُ؟! [6466 - مسلم: 783 - فتح 4/ 235] (يحيى) أي: القطان. (عن سفيان) أي: الثَّوريُّ. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس النخعي. (قالت: لا) أي: لا يخص شيئًا من الأيام، وأمّا اختصاصه يوم الخميس والاثنين فمستثنى من قول عائشة (لا) (ديمة) بكسر الدال أي: دائمًا. 65 - بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ (باب: صوم يوم عرفة) أي: بيان جواز الفطر منه. 1988 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ، مَوْلَى أُمِّ الفَضْلِ، أَنَّ أُمَّ الفَضْلِ، حَدَّثَتْهُ ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العَبَّاسِ، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ، أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَال بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، "فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ". [انظر: 1658 - مسلم: 1123 - فتح: 4/ 236] (ابن العباس) في نسخة: "ابن عباس". (تماروا) أي: ئجادلوا. (فأرسلت) بلفظ التكلم والغيبة. (وهو واقف) أي: راكب. (على بعيره) بعرفات.

66 - باب صوم يوم الفطر

1989 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، - أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ - قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ "فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلابٍ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي المَوْقِفِ فَشَرِبَ مِنْهُ" وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ. [مسلم: 1124 - فتح: 4/ 237] (حدَّثَنا ابن وهب) هو عبد الله، وفي نسخة: "أخبرني ابن وهب". (عمرو) أي ابن الحارث. (عن بكير) هو ابن عبد الله بن الأشج. (عن غريب) أي: ابن أبي مسلم. (عن ميمونة) أي: بنت الحارث، أم المؤمنين. (فأرسلت) أي: ميمونة. ومرَّ في الحديث السابق أن المرسلة أم الفضل، فيحتمل التعدد، أو أنهما أرسلتا معًا فنسب ذلك إلى كل منهما. (بحلاب) بكسر المهملة: هو الإناء الذي يحلب فيه اللبن، أو هو اللبن المحلوب. 66 - بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ 1990 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، قَال: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: "هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَاليَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ. [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ قَال: مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ قَال: مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدْ أَصَابَ]. [5571 - مسلم: 1137 - فتح: 4/ 238] (باب: صوم يوم الفطر) أي: بيان حكم صومه. (عن أبي عبيد) اسمه: سعد. (ابن أزهر) اسمه: عبد الرحمن، وفي نسخة: "بني أزهر". (نسككم) بضم السين، ويجوز سكونها، أي: أضحيتكم (هذان)

67 - باب صوم يوم النحر

فيه تغليب، إذ الحاضر يشار إليه بهذا، والغائب بذاك، فلما جمعهما اللفظ قال: هذان؛ تغليبًا للحاضر على الغائب. (قال أبو عبد الله .. إلى آخره) ساقط من نسخة. 1991 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَعَنِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. [انظر: 367 - مسلم: 1512 - فتح: 4/ 239] 1992 - وَعَنْ صَلاةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالعَصْرِ". [انظر: 586 - مسلم: 827 - فتح: 4/ 239] (¬1). (وهيب) أي: ابن خالد البصري. (وعن الصماء). [إلى آخره من شرحه في باب: ما يستر من العورة (¬2)] (¬3). 67 - بَابُ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ 1993 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَا، قَال: سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "يُنْهَى عَنْ صِيَامَيْنِ، وَبَيْعَتَيْنِ: الفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَالمُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ". [انظر: 368 - مسلم: 1511 - فتح: 4/ 240] (باب: الصوم يوم النحر) في نسخة: "باب: صوم يوم النحر" أي: بيان حكمه. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ¬

_ (¬1) حديث رقم (1992) لا تعليق عليه. (¬2) سبق برقم (367) كتاب: الصلاة، باب: ما يستر من العورة. (¬3) من (م).

قال: يُنهى) بالبناء للمفعول. (عن صيامين وبيعتين الفطر والنحر والملامسة والمنابذة) في نسخة: "عن أبي هريرة أنه قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيام يومين وعن لُبستين وعن بيعتين فأما صيام يومين فالفطر والأضحى وأما البيعتان فالملامسة وسكت فيها عن المنابذة وعن بيان اللبستين، ومرَّ شرحُ الحديثِ في باب: ما يستر من العورة (¬1). 1994 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَال: رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا، - قَال: أَظُنُّهُ قَال: الاثْنَيْنِ -، فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ عِيدٍ، فَقَال ابْنُ عُمَرَ: "أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ هَذَا اليَوْمِ". [6705، 6706 - مسلم: 1139 - فتح: 4/ 240] (معاذ) أي: ابن معاذ العنبري. (ابن عون) هو عبد الله. (إلى ابن عمر) في نسخة: "ابن عمر" بالنصب، وإسقاط (إلى). (فقال) أي: الرجل الجائي. (فوافق يوم عيد) في نسخة: "فوافق ذلك يوم عيد". (فقال ابن عمر: أمر الله) إلى آخره إنما توقف ابن عمر عن الجزم بالفتيا؛ لتعارض الأدلة عنده. قاله الزركشي وقال غيره: لم يتوقف بل نبه على أن الوفاء بالنذر عام والنهي عن صوم العيد خاص، فكأنه أفهم السائل أنه يقضي بالخاص على العام، وهو الموافق لما قيل إذا التقى الأمر والنهي في موضع قدم النهي (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (368) كتاب: الصلاة، باب: ما يستر من العورة. (¬2) انظر: "الفتح" 4/ 241.

68 - باب صيام أيام التشريق

1995 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَال: سَمِعْتُ قَزَعَةَ قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: - وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً - قَال: سَمِعْتُ أَرْبَعًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْجَبْنَنِي، قَال: "لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إلا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ: الفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلَا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا". [انظر: 586 - مسلم: 827 - فتح 4/ 241] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (قزعة) أي: ابن يحيى. (من النبي) في نسخة: "عن النبي". (لا تسافر المرأة .. إلى آخره) ومرَّ شرحه في باب: فضل الصلاة في مسجد مكة (¬1). 68 - بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ 1996 - وَقَال لِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "تَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بِمِنًى، وَكَانَ أَبُوهَا يَصُومُهَا". [فتح: 4/ 242] (باب: صيام أيام التشريق) أي: بيان حكم صومها: وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر. (قال أبو عبد الله) ساقط من نسخة. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن هشام) أي: ابن عروة. (أيام منى) في نسخة: "أيام التشريق بمنى". (وكان أبوها) أي: ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (1188) كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة.

أبو عائشة، وهو أبو بكر الصديق، وفي نسخة: "وكان أبوه" أي: أبو هشام، وهو عروة. 1997، 1998 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسى بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالا: "لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إلا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ". [فتح: 4/ 242] (وعن سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر. (إلا لمن لم يجد الهدي) أي: فيجوز له صيامها، وهذا ما نص عليه في القديم. قال في "الروضة": وهو الراجح دليلًا والذي نص عليه في الجديد: أنه يحرم صومها (¬1). وهو الصحيح مذهبًا؛ لعموم النهي في الرواية الأولى. 1999 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ، صَامَ أَيَّامَ مِنًى"، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. [فتح: 4/ 242] (فإن لم يجد) في نسخة: "ومن لم يجد". (تابعه) أي: مالكًا، وفي نسخة: "وتابعه". (عن ابن شهاب) ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) "الروضة" 2/ 366.

69 - باب صيام يوم عاشوراء

69 - بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ 2000 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِنْ شَاءَ صَامَ". [انظر: 1892 - مسلم: 1126 - فتح: 4/ 244] (باب: صيام يوم عاشوراء) أي: بيان حكمه، وعاشوراء: يوم العاشر من المحرم كما قيل (¬1)، وقيل: يوم التاسع منه (¬2)؛ لأنه مأخوذ من العِشر بالكسر في إوراد الإبل، تقول العرب: وردت الإبل عشرًا إذا وردت اليوم التاسع؛ لأنهم يحسبون في الإظماء يوم الورود فإذا أقامت في الرعي يومين ثم وردت في الثالث، قالوا: وردت ربعًا، وإن رعت ثلاثًا وفي الرابع وردت، قالوا وردت خمسًا. (أبو عاصم) أي: النبيل. (عن عمر بن محمد) أي: ابن زيد بن عبد الله بن عمر. (عن سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر. 2001 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ". [انظر 1592 - مسلم: 1125 - فتح: 4/ 244] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عن عائشة) في نسخةٍ: "أن عائشة". ¬

_ (¬1) وممن قال بهذا الرأي: سعيد بن المسيب والحسن بن أبي الحسن البصري. (¬2) واحتجّ القائلون به بحديث الحكم بن الأعرج قال: أتيت ابن عباس في المسجد الحرام فسألته عن يوم عاشوراء فقال: اعدد فإذا أصبحت يوم التاسع فأصبح صائمًا. قلت: كذلك كان محمد يصوم؟ قال: نعم - صلى الله عليه وسلم -. وقد روي عن ابن عباس القولان جميعًا. [انظر: "التمهيد" 7/ 13].

2002 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ". [انظر: 1592 - مسلم: 1125 - فتح: 4/ 244] (تصومه) أي: "في الجاهلية" كما في نسخةٍ. 2003 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاويَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَهْلَ المَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ، فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ، فَلْيُفْطِرْ". [مسلم: 1129 - فتح: 4/ 244] (ابن أبي سفيان) اسم أبي سفيان: صخر بن حرب بن أميَّة الأموي. (أين علماؤكم؟) قال النووي: الظاهر أن معاوية قال لما يسمع من الوصية، أو يحرمه، أو يكرهه فأراد أعلامهم بنفي الثلاثة (¬1). (ولم يكتب عليكم صيامه) في نسخةٍ: "ولم يكتب الله عليكم صيامه". (فليصم) في نسخةٍ: "فليصمه". 2004 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَال: "مَا هَذَا؟ "، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَال: "فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ"، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. [3397، 3943، 4680، 4737 - مسلم: 1130 - فتح: 4/ 244] ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 8.

(أبو معمر) هو عبد الله بن عمر المنقري. (أيوب) أي: السختياني. (يوم نجى الله) بترك تنوين يوم، وفي نسخةٍ: بتنوينه. (فصامه وأمر بصيامه) احتج به من قال: كان صومه واجبًا، وأجاب أصحابنا: بحمل الأمر هنا على تأكد ندبه، وابن الجوزي: بالمنع؛ لأنه لم يأمر من أكل بالقضاء (¬1)، ولخبر معاوية: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "هذا يوم عاشوراء لم يفرض علينا صيامه، فمن شاء منكم أن يصوم فليصم" (¬2) وقوله: (فصامه) يشعر بأن هذا ابتداء صيامه، لكن مرَّ أنه كان يصومه قبل قدومه المدينة. 2005 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ اليَهُودُ عِيدًا، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَصُومُوهُ أَنْتُمْ". [3942 - مسلم: 1131 - فتح: 4/ 244] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن أبي عميس) (¬3) هو عتبة بن عبد الله [بن عتبة بن عبد الله] (¬4) بن مسعود. (تعده اليهود عيدًا) قد مرَّ أن: اليهود تصومه، والعيد لا يصام. (فصوموه أنتم) يشعر بأن الصوم لمخالفتهم، ومرَّ أنه كان لموافقتهم ولا منافاة إذ اليهود ثم غير اليهود هنا، وأولئك كانوا يصومونه وهؤلاء لا يصومونه فوافق أولئك في الصوم لمعرفته أنه الحق بوحي وخالف ¬

_ (¬1) سبق برقم (1924) كتاب: الصوم، باب: إذا نوى بالنهار صومًا. (¬2) الحديث السابق. (¬3) في (أ): [عمير] والصواب ما أثبتناه. انظر: "تهذيب الكمال" 19/ 309. (¬4) من (م).

هؤلاء فيه لمعرفته خلاف ذلك. 2006 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إلا هَذَا اليَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ". [مسلم: 1132 - فتح: 4/ 245] (يتحرى) أي: يقصد. 2007 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ: "أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ: أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ". [انظر: 1924 - مسلم: 1135 - فتح: 4/ 245] (ابن أبي عبيد) (¬1) ساقط من نسخة. (عن سلمة بن الأكوع .. إلى آخره) شرحه في باب: إذا نوى بالنهار صومًا (¬2). ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، والصواب: (ابن أبي يزيد). (¬2) سلف الحديث برقم (1924) كتاب: الصوم، باب: إذا نوى بالنهار صومًا.

31 - كتاب صلاة التراويح

31 - كتاب صلاة التراويح

1 - باب فضل من قام رمضان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 31 - كِتَابُ صَلاةِ التَّرَاويحِ 1 - بَابُ فَضْلِ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ (باب: صلاة التراويح) ساقط من نسخة، وسمي قيام الليل في رمضان بالتراويح، جمع ترويحة وهي في الأصل: اسم للجلسة لاستراحة الناس بعد كل أربع ركعات بالجلسة، ثم سميت كل أربع ركعات ترويحة مجازًا؛ لما في آخرها من ترويحة. (باب: فضل من قام رمضان) أي: في لياليه مصليًا. 2008 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِرَمَضَانَ: "مَنْ قَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [انظر: 35 - مسلم: 759، 760 - فتح: 4/ 250] (أبو سلمة) أي: ابن عبد الرحمن، واسمه: عبد الله، وقيل: إسماعيل. (يقول لرمضان) أي: لفضله، أو لأجله، أو اللام بمعنى عن، أو بمعنى في أي: في حقه. (إيمانًا) أي: تصديقًا بأنه حق. (واحتسابًا) أي: طلبًا للآخرة، لا لقصد رياء ونحوه. (غفر له ما تقدم من ذنبه) أي: الصغائر، وزاد

النسائي (¬1): "وما تأخر" واستشكل بأن المغفرة تستدعي سبق ذنب، والمتأخر لم يأت بعد فكيف يغفر؟ وأجيب: بأن ذنبه يقع مغفورًا وقيل: هو كناية عن حفظ الله له في المستقبل. 2009 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. [انظر: 35 - مسلم: 759، 760 - فتح: 4/ 250] (والأمر على ذلك) في نسخة: "والناس على ذلك" أي: على قيام رمضان فرادى إلى أن جمعهم عمر - رضي الله عنه - كما سيأتي. 2010 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ، أَنَّهُ قَال: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَال عُمَرُ: "إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ، لَكَانَ أَمْثَلَ" ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ قَارِئِهِمْ، قَال عُمَرُ: "نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ" يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ. [فتح: 4/ 250] (ابن عبدٍ) بالتنوين. (القاريُّ) بالتشديد، نسبة إلى القارة. (أو زاع) جمع لا واحد له من لفظه، أي: جماعات متفرقة، فقوله: (متفرقون) نعت لأوزاع على جهة التاكيد. (الرهط) ما بين الثلاثة ¬

_ (¬1) "السنن الكبرى" 2/ 88 (2512) كتاب: الصيام، باب: ثواب من قام رمضان وصامه إيمانًا واحتسابًا.

إلى العشرة. (لكان أمثل) أي: أفضل من تفرقهم. (قال عمر: نعم البدعة هذه) سماها بدعة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يسن لهم الاجتماع لها، ومرَّ أن البدعة قد تكون مندوبة، وما هنا منه، وأما خبر: "كل بدعةٍ ضلالةٌ" (¬1) فمن العام المخصوص على أن تسميتها بدعة إنما هو باعتبار ما تقدم على رأي عمر، أمَّا بعده فليست بدعة؛ لأن [رأي عمر مع إقرار الصحابة عليها إجماع، ومن ثم رغَّب عمر فيها] (¬2) بقوله: (نعم البدعة)؛ ليدل على فضلها فإن (نعم) كلمة تجمع المحاسن كلها، كما أن بئس تجمع المساوئ. (والتي) أي: والصلاة التي (ينامون عنها) أي: بعدها، كما في قوله تعالى {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)} [الانشقاق: 19] أي: بعده (أفضل من التي يقومون) أي: يفعلونها (يريد آخر الليل). هذا تصريحٌ منه بأفضلية صلاتها في أول الليل على آخره، وعددها عشرون ركعة؛ لخبر البيهقي بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في شهر رمضان بعشرين ركعة (¬3) لكن روى مالك في "الموطأ" ¬

_ (¬1) جزء من حديث رواه: أبو داود (4607) كتاب: السنة، باب: في لزوم السنة. والترمذي (2676) كتاب: العلم، باب: ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (44) المقدمة. وأحمد 4/ 126 - 127. والدارمي 1/ 228 - 229 (96) باب: اتباع السنة. والحاكم في "المستدرك" 1/ 97. وصححه الألباني في: "صحيح أبي داود". (¬2) من (م). (¬3) "السنن الكبرى" 2/ 496 كتاب: الصلاة، باب: ما روي في عدد ركعات القيام في شهر رمضان.

عن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بثلاثٍ وعشرين (¬1)، وفي رواية: بإحدى وعشرين (¬2). وجمع البيهقي بينهما بأنهم كانوا يقومون بإحدى وعشرين، أي: يوترون منها بواحدة، ثم قاموا بعشرين وأوتروا بثلاث (¬3). 2011 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ". [انظر: 729 - مسلم: 761، 782 - فتح: 4/ 250] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (صلى) كذا ذكره هنا مختصرًا، وقد ذكره تامًّا في الحديث الآتي. (وذلك في رمضان) من قول عائشة. 2012 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى فِي المَسْجِدِ، وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ [فَصَلَّى] فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى فَصَلَّوْا بِصَلاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ، حَتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا"، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ [انظر: 729 - مسلم: 761، 782 - فتح: 4/ 250] ¬

_ (¬1) "الموطأ" 1/ 110 (281) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في قيام رمضان. (¬2) "السنن الكبرى" 2/ 496 كتاب: الصلاة، باب: ما روي في عدد ركعات القيام في شهر رمضان. (¬3) المصدر السابق.

2013 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَيْفَ كَانَتْ صَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالتْ: "مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَال: "يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي". [انظر: 1147 - مسلم: 837 - فتح" 4/ 251] (¬1). (حدثنا يحيى) في نسخةٍ: "وحدثني يحيى". (عن عقيل) أي: ابن خالد. (فصلوا معه) في نسخة: "فصلى فصلوا معه". (فصلى، فصلوا بصلاته) في نسخة: "فصُلِّي بصلاته" بالبناء للمفعول. (عجز المسجد) أي: ضاق. (فتعجزوا) بكسر الجيم، ومرَّ شرح الحديثين الأولين [في كتاب: الإيمان (¬2)، والثالث في: أبواب التهجد، في باب: تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام رمضان وغيره (¬3)، والرابع في كتاب: الجمعة، في باب: من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد (¬4)، والخامس] (¬5) في كتاب: التهجد، في باب: قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان وغيره (¬6). ¬

_ (¬1) حديث رقم (2013) لا تعليق عليه. (¬2) حديثًا (2008)، (2009) سلفا برقم (37) كتاب: الإيمان، باب: تطوع قيام رمضان من الإيمان. (¬3) حديث (2011) سبق برقم (1129) كتاب: التهجد، باب: تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب. (¬4) حديث (2012) سبق برقم (924) كتاب: الجمعة، باب: من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد. (¬5) من (م). (¬6) حديث (2013) سبق برقم (1147) كتاب: التهجد، باب: قيام النبي بالليل في رمضان وغيره.

32 - كتاب فضل ليلة القدر

32 - كتاب فضل ليلة القدر

1 - باب فضل ليلة القدر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 32 - كتاب فضل ليلة القدر 1 - بَابُ فَضْلِ لَيْلَةِ القَدْرِ وَقَوْلِ الله تَعَالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} [القدر: 1 - 5] قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: "مَا كَانَ فِي القُرْآنِ" {مَا أَدْرَاكَ} ": فَقَدْ أَعْلَمَهُ، وَمَا قَال ": {وَمَا يُدْرِيكَ} ": فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ". (بسمِ الله الرَّحمنِ الرحيمِ) ساقطٌ من نسخةٍ. (بابُ: فضلِ ليلةَ القدرِ) مرَّ بيان تسميتها بذلك في باب: ليلة القدر. (وقولِ الله) بالجرّ عطفٌ على فضل، وفي نسخة: "وقال الله تعالى". ({إنَا أَنزَنتَهُ}) أي: القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا. ({فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}) ثم نزل من السماء مفصلًا بحسب الوقائع. ({وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)}) ذكر السورة بتمامها، وفي نسخة: " {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)} إلخ السورة" وفي أخرى: "إلخ". (ما كان في القرآن) [في نسخة: "وما كان في القرآن". (وما قال وما

يدريك)] (¬1) في نسخة: "وما كان وما يدريك". (لم يعلمه) في نسخة: "لم يعلم" وردَّ هذا الحصر بقوله تعالى {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)} [عبس: 3] فإنها نزلت في ابن أم مكتوم، وقد علم - صلى الله عليه وسلم - بحاله وأنه ممن يزكى وتنفعه الذكرى. 2014 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَفِظْنَاهُ، وَإِنَّمَا حَفِظَ مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 35 - مسلم: 759، 760 - فتح: 4/ 255] (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال) أي: سفيان. (حفظناه) أي: الحديث. (وإيما) بكسر الهمزة: كلمة حصر. (حفظ) بفتح الحاء وكسر الفاء فعل، أي: قال علي بن عبد الله: وإنَّما حفظ سفيان هذا الحديث (من الزهريّ) وفي نسخة: "وأيما حفظ" بهمزة مفتوحة ومثناة تحتية مشددة مضافة إلى (حفظ) بكسر الحاء وسكون الفاء، وما زائدة وهو بالرفع: مبتدأ وخبره (حفظناه) مقدرًا بعده، والجملة معترضة بين حفظناه المذكور. و (من الزهريّ) وفي أخرى: بالنصب مفعول مطلق لحفظناه. (غفر له ما تقدم من ذنبه) مرَّ نظيره. (تابعه) أي: سفيان. ¬

_ (¬1) من (م).

2 - باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر

2 - بَابُ التِمَاسِ لَيْلَةِ القَدْرِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ 2015 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي المَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ". [انظر: 1158 - مسلم: 1165 - فتح: 4/ 256] (باب: التماس ليلة القدر) أي: طلب الناس لها. (في السبع الأواخر) في نسخة: "التمسوا ليلة القدر إلخ". (أروا) بالبناء للمفعول. (في السبع) ظاهره: أنه ظرف لـ (أروا) لكن قال الكرماني: إنه ليس ظرفًا له (¬1)، أي: بل للمنام على وجه الصفة، أو الحال أي: في المنام الواقع أي: واقعًا في السبع. (قد تواطأتْ) بالهمز، وروي: تواطت بدونه. 2016 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَال: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ، وَكَانَ لِي صَدِيقًا فَقَال: اعْتَكَفْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَخَطَبَنَا، وَقَال: "إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا - أَوْ نُسِّيتُهَا - فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الوَتْرِ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلْيَرْجِعْ"، فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَال سَقْفُ المَسْجِدِ، وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِي المَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ. [انظر: 669 - مسلم: 1167: فتح: 4/ 256] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 9/ 157.

(حدثنا معاذ) في نسخة: "حدثني معاذ". (هشام) أي: الدستوائي. (عن يحيى) أي: ابن كثير. (سألت أبا سعيد) أي: عن ليلة القدر. (العشر الأوسط) القياس: الوسطى، لكنه ذكر باعتبار الوقت، أو باعتبار لفظ العشر. (فخرج صبيحة عشرين فخطبنا) موافق لحديث يأتي في باب: الاعتكاف (¬1)، واستشكل بما في خبر مالك: ثم أن فيه حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يخرج عن صبيحتها من اعتكافه .. إلخ (¬2). وقضيته: أن خطبته وقعت أول اليوم الحادي والعشرين. وأجيب: بأن بمعنى قوله (ثم يخرج من صبيحتها) أي: من صبيحة الليلة التي قبلها، ويكون في إضافة الصبيحة إليها تجوز. (أريت) بالبناء للمفعول من الرؤية العلمية، أو من الرؤية البصرية، وعليه فرؤيته إنما هي لعلامة ليلة القدر، وهي السجود في الماء والطين. (أنسيتها أو نسيتها) بالبناء للمفعول فيهما، والتشديد في الثانية، وفي نسخة: "أو نسيتها" بالبناء للفاعل والشك من الراوي، والمعنى: أنه أنسي علم تعينها في تلك السنة. (في الوتر) أي: وتر ليالي العشر، ولا منافاة بينه وبين قوله: "التمسوها في السبع الأواخر" إذ ليس في أحدهما حصر، بل خبر الوتر مع زيادة تقييد السبع بالوتر. (وإني رأيت) أي: في منامي. (فليرجع) أي: إلى معتكفه. (أني أسجد) في نسخة: "أن أسجد". (مع رسول الله) فيه: التفات مع تعظيم، إذ الأصل معي، كما عبرَّ في الباب الآتي. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2027) كتاب: الاعتكاف، باب: الاعتكاف في العشر الأواخر، والاعتكاف في المساجد كلها. (¬2) "الموطأ "1/ 339 - 340 (883). كتاب: الصيام. باب: ما جاء في ليلة القدر.

3 - باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر

(قزعة) بفتحات: قطعة رقيقة من سحاب. (فمطرت) بفتحات. (حتى سال سقف المسجد) أي: ماء المطر منه، فهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال. (وأقيمت الصلاة) أي: صلاة الصبح، ومر شرح الحديث في الصلاة (¬1). 3 - بَابُ تَحَرِّي لَيْلَةِ القَدْرِ فِي الوتْرِ مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ فِيهِ عُبَادَةُ. [انظر: 49] (باب: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر) أي: من رمضان. (فيه) أي: في الباب. (عبادة) في نسخة: "عن عبادة" أي: ابن الصلت. 2017 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي الوتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ". [2029، 2020 - مسلم: 1169 - فتح: 4/ 259] (أبو سهيل) هو نافع عم مالك بن أنس. (عن أبيه) هو مالك بن أبي عامر. 2018 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاورُ فِي رَمَضَانَ العَشْرَ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، فَإِذَا كَانَ حِينَ يُمْسِي مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِي، وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ رَجَعَ إِلَى مَسْكَنِهِ، وَرَجَعَ مَنْ كَانَ يُجَاورُ مَعَهُ، وَأَنَّهُ أَقَامَ فِي شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ، ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (669) كتاب: الأذان، باب: هل يصلي الإمام بمن حضر، وهل يخطب يوم الجمعة في المطر.

فَأَمَرَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَال: "كُنْتُ أُجَاورُ هَذِهِ العَشْرَ، ثُمَّ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُجَاورَ هَذِهِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، فَابْتَغُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَابْتَغُوهَا فِي كُلِّ وتْرٍ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ"، فَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَمْطَرَتْ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ فِي مُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَبَصُرَتْ عَيْنِي [رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ وَوَجْهُهُ مُمْتَلِئٌ طِينًا وَمَاءً. [انظر: 669 - مسلم: 1167 - فتح: 4/ 259] (ابن أبي حازم) هو: عبد العزيز، واسم أبي حازم: سلمة بن دينار. (والدراوردي) نسبة إلى دراوَرد: قرية من قرى خراسان (¬1)، واسمه: عبد العزيز بن محمد. (عن يزيد) أي: "ابن الهاد" كما في نسخة، ونسبته إلى جد له وإلا فهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد. (يجاور) أي: يعتكف. (فإذا كان حين يمسي) برفع (حين) اسم كان وخبرها محذوف، أي: موجود، أو جواب إذا قوله بعد. رجع إلى مسكنه وبنصبه ظرف لكان، واسمها: ضمير يرجع إلى رسول الله وهي تامة و (يستقبل) عطف على (يمسي)، (وأنه قام) بفتح الهمزة عطف على مقدر قبل كان الأولى، والتقدير: عن أبي سعيد الخدري أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. إلى آخره. (وأنه أقام فأمرهم ما شاء الله) أي: أن يأمرهم. (بدا لي) أي: ظهر لي بوحي، أو اجتهاد. (فليثبت) من الثبوت، وفي نسخة: "فليلبث" من اللبث. (فابتغوها) أي: اطلبوها. (في تلك الليلة) لفظ: (في) ساقط من نسخة. (فاستهلت السماء) ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 447.

أي: اشتد انصباب مطرها على ما في القاموس (¬1)، أو ابتدأت بمطرها على ما في الصحاح (¬2). (فأمطرت) بفتح الهمزة، تأكيد استهلت. (فوكف المسجد) أي: قطر ماء المطر من سقفه. (فبصرت) بضم الصاد. و (عيني) بالإفراد (نظرت إليه) بسكون الراء وضم التاء، وفي نسخة: بفتح الراء وسكون التاء، وفي أخرى: "فبصرت عيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". (نظرت إليه) وترك العاطف في (نظرت)؛ لأنه تفسير لبصرت، وفيه: على النسخة الأولى التفات. 2019 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "التَمِسُوا"،. [انظر: 2017 - مسلم: 1169 - فتح: 4/ 259]. (يحيى) أي: القطان. (عن هشام) أي: ابن عروة. (التمسوا) أي: ليلة القدر، كما هو معلوم من بقية الروايات. 2020 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاورُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَيَقُولُ: "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ". [انظر: 2017 - مسلم: 1169 - فتح: 4/ 259] (حدثني) في نسخة: "وحدثني" وفي أخرى: " ح وحدثني". (محمد) أي: ابن سلام البيكندي، أو ابن المثنِّى. (عبدة) أي: ابن سليمان. (وهيب) أي: ابن خالد. (حدثنا أيوب) في نسخة: "عن أيوب" أي: السختياني. 2021 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ ¬

_ (¬1) "القاموس المحيط" ص 1072 مادة [هلل]. (¬2) "الصحاح" 5/ 1852 مادة [هلل].

عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "التَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى" تَابَعَهُ عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ. [2022 - فتح: 4/ 260] (التمسوها) أي: ليلة القدر. (ليلة القدر) بالنصب بدل من ضمير (التمسوها). (في تاسعة تبقى إلى آخره) بدل من قوله: (في العشر الأواخر) فقوله (في تاسعة تبقى) أي: في ليلة الحادي والعشرين، وقوله: (في سابعة تبقى) أي: ليلة الثالث والعشرين، وقوله: (في خامسة تبقى) أي: ليلة الخامس والعشرين، وهذا بناءً على المحقق من أن الشهر تسعة وعشرون، وإلَّا فسر الأول: بليلة الثاني والعشرين، والثاني: بليلة الرابع والعشرين، والثالث: بليلة السادس والعشرين، لكن لا تصادف واحدة منهنَّ وترًا. 2022 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، وَعِكْرِمَةَ، قَال: ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، هِيَ فِي تِسْعٍ يَمْضِينَ، أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ" يَعْنِي لَيْلَةَ القَدْرِ، وَعَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ التَمِسُوا فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. [انظر: 2021 - فتح: 4/ 260] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (عن أبي مجلز) بكسر الميم وفتح اللام: هو حميد بن سعيد. (قال ابن عباس) [في نسخة: "قالا حدثنا ابن عباس". (هي) أي: ليلة القدر (في العشر) زاد في نسخة: "الأواخر"] (¬1) في نسخةٍ: "هي في العشر الأواخر". ¬

_ (¬1) من (م).

4 - باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس

(في تسع يمضين) بكسر الضاد، أي: في ليلةِ التاسعِ والعشرين. (أو في سبع يبقين) بفتح القاف، أي: في ليلة الثالث والعشرين بناءً على ما مرَّ آنفًا، وفي نسخةٍ: "يمضين" بدل من (يبقين) وعليها فهي: ليلة السابع والعشرين، وما ذكر في رواية (تسع) و (سبع) من تقديم الفوقية في الأول على تقديم السين في الثاني هو رواية الأكثرين وعَكَسَ الأقلون. (تابعه) أي: وهيبًا. (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (عن أيوب) أي: السختيانيِّ. (وعن خالد) أي: الحذَّاء. (التمسوا) أي: ليلة القدر. (في أربعٍ وعشرين) أي: في ليلتها، ذكرتْ مع أنها شفع والترجمة في الوتر احتياطًا؛ لأنَّ أنسًا روى أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يتحرى ليلة القدر ليلة ثلاثٍ وعشرين وليلة أربعٍ وعشرين، أي: يتحرَّاها في ليلة من السبع البواقي، فإن كان الشهر تامًّا فهي ليلة أربعٍ وعشرين، وإنْ كان ناقصًا فليلة ثلاث وعشرين. [4 - بَابُ رَفْعِ مَعْرِفَةِ لَيْلَةِ القَدْرِ لِتَلاحِي النَّاسِ] 2023 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَال: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَال: "خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالخَامِسَةِ". [مسلم: 1174 - فتح: 4/ 269] (بابُ: رفعِ معرفةِ ليلةِ القدرِ لتلاحي الناس) ساقطٌ من نسخة، وقوله: (لتلاحي الناس) أي: مخاصمتهم، وزاد في نسخة: "يعني: ملاحاة". (حدثنا محمدٌ) زاد في نسخةٍ: "حدثني محمدٌ". (حدثنا خالد) في

5 - باب العمل في العشر الأواخر من رمضان

نسخة: "حدثي خالد". (حُميد) أي: ابن أبي حميد، واسمُ أبي حميد: تِيْر بفوقية مكسورة وتحتية ساكنة وراء، وقيل: تِيْرويه، وقيل: طرخان، وقيل: مهران وهو مشهورٌ بحميدٍ الطويل، سُمِّي بذلك؛ لطول يديه وإن كان هو قصيرًا. (رجلان) هما عبد الله بن حدرد، وكعب بن مالك. (فَرُفعتْ) أي: معرفة عينها من قلبي بمعنى: نسيتها للاشتغال بالمتخاصمين، وقيل: أي: بركتها في تلك السنة. (وعسى أنْ يكونَ) أي: رفعها. (خيرًا لكم) لاستدعائها قيام كل الشهر، بخلاف ما لو عرفت عينُها، ويندب لمن رآها كتمها؛ لأنَّها كرامة، والكرامة ينبغي كتمُها. وفسَّر الروافضُ (رفعتْ) برفع وجودها وهو خطأ، ولو كان كذلك لم يأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالتماسها، وقد أجمع من يعتدُّ به على وجودها ودوامها إلى آخر الدهر، ومرَّ الحديث في كتابِ: الإيمانِ، في باب: خوف المؤمن أنْ يحبطَ عمله وهو لا يشعر (¬1). 5 - بَابُ العَمَلِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ (بابُ: العملِ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ) أي: بيان فضله فيه. 2024 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ". [مسلم: 1174 - فتح: 4/ 269]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي يعفور) هو عبدُ الرحمنِ بنُ عبيدٍ ¬

_ (¬1) سلف برقم (49) كتاب: الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر.

العامريُّ. (عن أبي الضحى) هو مسلمٌ بنُ صبيح. (مِئْزَرَه) بكسر الميم وسكون الهمزة، أي: إزاره، وهو كنايةٌ عن اعتزاله النساء واجتهاده في العبادة ولا بدَّ في إرادة الحقيقة أيضًا بأنْ يشدَّ مئزره. (وأَحْيى لَيْلَه) أي: ترك النوم الذي هو أخو الموت واشتغل بالعبادة معظم الليل لا كلِّه؛ لقولها في الصحيح: ما علمته قام ليلة حتَّى الصباح (¬1). (وأيقظ أهلَه) أي: المعتكفات معه في المسجد، واللاتي في بيوتهنَّ إذا دخلها لحاجة أي: يوقظهن للصلاة والعبادة. ¬

_ (¬1) جزء من حديث: رواه مسلم (746) كتاب: صلاة المسافرين، باب: جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض. وأبو داود (1342) كتاب: الصلاة، باب: في صلاة الليل. والنسائي 3/ 200 - 201 كتاب: قيام الليل وتطوع النهار، باب: قيام الليل. وأحمد 6/ 53 - 54. وابن حبان 6/ 369 (2642) كتاب: الصلاة، فصل في قيام الليل. والبيهقي 3/ 29 - 30 كتاب: الصلاة، باب: من أوتر بتسعٍ أو بسبعٍ يجلس في الآخرين.

33 - كتاب الاعتكاف

33 - كتاب الاعتكاف

1 - باب الاعتكاف في العشر الأواخر، والاعتكاف في المساجد كلها

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 33 - كِتَابُ الاعْتِكَافِ 1 - بَابُ الاعْتِكَافِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالاعْتِكَافِ فِي المَسَاجِدِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ، تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187]. (أبوابُ: الاعتكافِ) في نسخة: تقديم هذا على البسملة، وفي أخرى: بدله "كتابُ: الاعتكافِ"، وفي أخرى: "بسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ بابُ: الاعتكافِ في العشرِ الأواخرِ" أي: من رمضان، وهو لغةً: اللبثُ، وشرعًا: اللبثُ في المسجد من شخصٍ مخصوص بنيةٍ. و (الاعتكافِ) بالجرِّ عطف على (الاعتكافِ في المساجدِ كلِّها) فلا يجوز الاعتكاف في غيرها. (لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]. إذْ ذكر المساجد لا جائز أن يكون؛ لجعلها شرطًا في منع مباشرة المعتكف لمنعه منها، وإنْ كان خارجًا عنها ولمنع غيره أيضًا منها فيها، فتعيَّنَ كونها شرطًا لصحة الاعتكاف ({لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}) أي: مخالفةَ الأوامرِ والنواهي، وذكر الآية بتمامها وذكر منها في نسخةٍ: إلى قوله: "تلكَ حدودُ الله" وفي أخرى: إلى قوله: "فلا تقربوها" بزيادة إلى آخر الآية.

2025 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، أَنَّ نَافِعًا، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ". [مسلم: 1171 - فتح: 4/ 271] (ابن وهب) هو عبد الله. (عن يونسَ) أي: ابن يزيدَ الأيليِّ. 2026 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ". [مسلم: 1172 - فتح: 4/ 271] (عن عقيل) أي: ابن خالدٍ الأيليِّ. 2027 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا، حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ، قَال: "مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي، فَلْيَعْتَكِفِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وتْرٍ"، فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَكَانَ المَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ، فَبَصُرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ المَاءِ وَالطِّينِ، مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ. [انظر: 669 - مسلم: 1167 - فتح: 4/ 271] (إسماعيل) أي: ابن عبد الله بن أبي أويس. (حتى إذا كان ليلةُ إحدى وعشرين) بنصب (ليلة) على الظرفية، وبرفعها فاعل بكان على أنها تامة. (هذه الليلةَ) بالنصب: مفعول به لا ظرف. (صبيحتِها) في نسخة: "من صبيحتها" أي: من صبيحة إحدى

2 - باب الحائض ترجل رأس المعتكف

وعشرين، والمراد: صبيحة الليلة قبلها، كما مرَّ بيانه. (هذه الليلة) بالنصب مفعول به لا ظرف.] (¬1) (من صبيحتها) (من) بمعنى: في، أو هي لابتداء الغاية الزمانية. (وكان المسجدُ على عريشٍ) هو ما يستظل به، و (على) بمعنى: الباء، كما في قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ} [الأعراف: 105] أو بمعنى: "من" كما في نسخةٍ نحو قوله تعالى: {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون} [المطففين: 2]. (فوكف المسجد) مرَّ شرحه. 2 - بَابُ الحَائِضِ تُرَجِّلُ رَأْسَ المُعْتَكِفِ (بابُ: الحائضِ ترجل المعتكفَ) أي: تسرِّح شعر رأسه. 2028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاورٌ فِي المَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ". [انظر: 295 - مسلم: 297 - فتح: 4/ 272] (يحيى) أي: القطان. (عن هشام) أي: ابن عروةَ بنِ الزبيرِ. (يصغي) بضم التحتية وكسر الغين المعجمة، أي: يدني ويميل. (وهو مجاورٌ) أي: معتكف. 3 - بَابٌ: لَا يَدْخُلُ البَيْتَ إلا لِحَاجَةٍ (بابُ: لا يدخل) أي: المعتكف. (البيتَ إلَّا لحاجةٍ) من بول أو غائط. 2029 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ ¬

_ (¬1) من (م).

4 - باب غسل المعتكف

عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالتْ: وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ البَيْتَ إلا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا". [انظر: 295 - مسلم: 297 - فتح: 4/ 273] (قتيبة) أي: ابن سعيد البلخي. (وإنْ كان) هي المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن والواو استئنافية. 4 - بَابُ غَسْلِ المُعْتَكِفِ (بابُ: غسلِ المعتكفِ) أي: غسل رأسه. 2030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ. [انظر: 300 - مسلم: 293 - فتح: 4/ 274] 2031 - وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنَ المَسْجِدِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ". [انظر: 295 - مسلم: 297 - فتح: 4/ 274] (¬1). (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن منصور) أي: ابن المعتمرِ. (عن إبراهيمَ) النخعي. (عن الأسودِ) أي: ابن يزيدَ النخعي. (يباشرني) أي: يمس بشرتي من غير جماع. 5 - بَابُ الاعْتِكَافِ لَيْلًا (بابُ: الاعتكافِ ليلًا) أي: جوازه. 2032 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: كُنْتُ نَذَرْتُ فِي ¬

_ (¬1) حديث رقم (2031) لا تعليق عليه.

6 - باب اعتكاف النساء

الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، قَال: "فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ". [2042، 2043، 3144، 4320، 6697 - مسلم: 1656 - فتح: 4/ 274] (مسدَّد) أي: ابن مسرهد. (حدثنا يحيى) في نسخةٍ: "حدثني يحيى". (عن عبيد الله) أي: ابن عبدِ الله العمري. (أنْ أعتكفَ ليلةً) في مسلم: "أنْ اعتكفَ يومًا" (¬1) وجمع بينهما بأن نذر اعتكافهما فمن عبر بليلة أراد بيومها، ومن عبر بيوم أراد بليلته. (قال: أُوف بنذرك) الأمر فيه للندب لا للوجوب؛ لعدم أهلية الكافر للتقرب بنذر، أو غيره من القرب. 6 - بَابُ اعْتِكَافِ النِّسَاءِ (بابُ: اعتكافِ النساءِ) أي: مشروعيته لهنَّ. 2033 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً، فَأَذِنَتْ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الأَخْبِيَةَ، فَقَال: "مَا هَذَا؟ " فَأُخْبِرَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلْبِرَّ تُرَوْنَ بِهِنَّ" فَتَرَكَ الاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. [2034، 2041، 2045 - مسلم: 1173 - فتح: 4/ 275] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (يحيى) أي: ابن القطان. (خِبَاء) بكسر الخاء المعجمة والمدِّ، أي: خيمة من وبر أو ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1656) كتاب: الإيمان، باب: نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم.

7 - باب الأخبية في المسجد

صوف. (ابنة جحش) في نسخةٍ: "بنت جحش". (آلبَّر؟) بهمزة الاستفهام الإنكاريِّ ممدودة، ومعناه: الطاعة، وهو بالنصب مفعول مقدَّم لقوله. (تُرَوْنَ) بالبناء للمفعول، أي: تظنون. (بهنَّ) أي: بضربهنَّ، وهو مفعول ثان لـ (تُرَوْنَ)، وفي نسخة: "تردن" بدل (ترون)، وتجوز في (ترون) إذ القياس ترين؛ لأنه خطابٌ لمؤنثات (فترك الاعتكاف في ذلك الشهر) أي: مبالغة في الإنكار عليهن؛ خشية أن يكنَّ غير مخلصات في اعتكافهن، أو خيفة أن يضيق المسجد على المصلين بأخبيتهن، أو غير ذلك. (ثم اعتكف عشرًا) أي: قضاءً عما تركه من الاعتكاف في رمضان على سبيل الندب؛ لأنه: كان إذا عمل عملًا أثبته (¬1). 7 - بَابُ الأَخْبِيَةِ فِي المَسْجِدِ (بابُ: الأخبيةِ في المسجدِ) أي: النهي عن ضربها فيه. 2034 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ إِذَا أَخْبِيَةٌ خِبَاءُ عَائِشَةَ، وَخِبَاءُ حَفْصَةَ، وَخِبَاءُ زَيْنَبَ، فَقَال: "أَلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ" ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. [انظر: 2033 - مسلم: 1173 - فتح: 4/ 277] ¬

_ (¬1) رُوي ذلك عن عائشة، وأخرجه مسلم (746) كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جامع صلاة الليل، ومن نام عنه أو مرض. وأبو داود (1368) كتاب: الصلاة، باب: ما يؤمر به من القصد في الصلاة. والنسائي (2/ 68 - 69) كتاب: الصلاة، باب: المصلي يكون بينه وبين الإمام سترة. وابن خزيمة 2/ 119 (1178) كتاب: الصلاة، باب: الأمر بالاقتصاد في صلاة التطوع وكراهة الحمل على النفس ما لا تطيقه من التطوع. وابن حبان 6/ 369 (2642) كتاب: الصلاة، فصل في قيام الليل.

8 - باب: هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد؟

(عن عائشةَ - رضي الله عنها -) ساقطٌ من نسخة. (تقولون) تجوز فيه كما تجوز في "ترون" كما مرَّ آنفًا. 8 - بَابٌ: هَلْ يَخْرُجُ المُعْتَكِفُ لِحَوَائِجِهِ إِلَى بَابِ المَسْجِدِ؟ (بابُ: هل يخرجُ المعتكفُ لحوائجه إلَى بابِ المسَجدِ؟) أو لا، وترك الجواب؛ اكتفاءً بما يأتي في الحديث. 2035 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ صَفِيَّةَ - زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي المَسْجِدِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ المَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ، مَرَّ رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ"، فَقَالا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا" [2038، 2039، 3101، 3281، 6219، 7171 - مسلم: 2175 - فتح: 4/ 278] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (جاءتْ رسولُ الله) في نسخةٍ: "جاءت إلى رسول الله". (مرَّ رجلان) هما: أُسيد بن حضير، وعبادُ بن بشر. (على رِسْلكُما) (¬1) بكسر الراء على ¬

_ (¬1) قال ابن فارس: الرِّسْل: السيرُ السهل، وضبطه بالفتح وجاء فيه الكسر والفتح بمعنى: التؤده وترك العجلة، وقيل بالكسر: اتئد فيه كما يقال: لي هينتك، ومنه الحديث: "إلا من أعطى في نجدتها ورسلها" يريد الشدة والرخاء، وبالفتح: الرفق واللين والمعنى متقارب. انظر: "مختار الصحاح" مادة: (رسل).

9 - باب الاعتكاف وخرج النبي صلى الله عليه وسلم صبيحة عشرين

هيْنَتِكُما. (سبحانَ الله) أي: أنزهه على أن يكون رسوله متهمًا بما لا ينبغي، أو كنايةً عن التعجب من هذا القول. (وكبرُ عليهما) بضم الموحدة، أي: عظُمَ وشقَّ عليهما ما قاله - صلى الله عليه وسلم -. (مبلغ الدَّمِ) أي: كمبلغ الدم، ووجهُ الشبه: شدةُ الاتصال وعدم المفارقةِ. 9 - بَابُ الاعْتِكَافِ وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ (بابُ: الاعتكافِ وخروجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - صبيحةَ عشرين) أي: من شهر رمضان. 2036 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ هَارُونَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَذْكُرُ لَيْلَةَ القَدْرِ؟ قَال: نَعَمِ، اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، قَال: فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ، قَال: فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَقَال: "إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، وَإِنِّي نُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي وتْرٍ، فَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، وَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَرْجِعْ"، فَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى المَسْجِدِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، قَال: فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ، فَمَطَرَتْ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطِّينِ وَالمَاءِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي أَرْنَبَتِهِ وَجَبْهَتِهِ. [انظر: 669 - مسلم: 1167 - فتح: 4/ 280] (وإنِّي نُسِّيتُها) بتشديد السين وبالبناء للمفعول، وفي نسخة: "وإني نَسَيْتُها" بالتخفيف والبناء للفاعل. (فإني رأيتُ) في نسخةٍ: "فإني أرِيْتُ". (أنْ أسجدَ في نسخةٍ: "إني أسجدُ".

10 - باب اعتكاف المستحاضة

(حتى رأيتُ الطينَ) في نسخةٍ: "حتَّى رأيتُ أثَر الطينِ" ومرَّ شرحُ الحديث (¬1). 10 - بَابُ اعْتِكَافِ المُسْتَحَاضَةِ (بابُ: اعتكافِ المستحاضةِ) أي: بيان حُكْمِه. 2037 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ، وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي". [انظر: 309 - فتح: 4/ 281] (قتيبة) ابن سعيد. (عن خالدٍ) أي: الحذاءِ. (امرأة من أزواجهِ مستحاضة) في نسخةٍ: "امرأة مستحاضة من أزواجِه" وهي أمُّ سَلَمةَ، أو سَوْدةُ. (فربَّما وضعنا) في نسخةٍ: "وضعت". ومرَّ شرحُ الحديثِ في كتابِ: الحيضِ (¬2). 11 - بَابُ زِيَارَةِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي اعْتِكَافِهِ (بابُ: زيارةِ المرأةِ زوجها في اعتكافهِ) أي: بيان حكم زيارتها له فيه. 2038 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ صَفِيَّةَ، زَوْجَ ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (669) كتاب: الأذان، باب: هل يصلي الإمام بمن حضر، وهل يخطب يوم الجمعة في المطر. (¬2) سلف الحديث برقم (309) كتاب: الحيض، باب: اعتكاف المستحاضة.

النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ فَرُحْنَ، فَقَال لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ لَا تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ، وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا، فَلَقِيَهُ رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ فَنَظَرَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَجَازَا، وَقَال لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَعَاليَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ"، قَالا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا". [انظر: 2035 - مسلم: 2175 - فتح: 4/ 281] (عن عليِّ بنِ الحسينِ) في نسخةٍ هنا وفيما يأتي: "عن عليٍّ بنِ حسينِ" بحذف ال. (حدثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني" وفي أخرى: "وحدثني". (هشام) "بن يوسف" كما في نسخةٍ. (معمر) ابن راشد. (فرُحنَ) إلى منازلهن. (لا تعجلي حتَّى أنصرفَ معك) كان مجيئُها تأخر عن مجيء رفقتها فقال لها ذلك؛ ليحصل التساوي في مدة جلوسهنَّ عنده، وإن بيتها كان أبعد من بيوت رفقتها، فخشي عليها وكان مشغولًا فقال لها ذلك؛ ليفرغ ويشيعها. (وكان بيتُها في دارِ أسامةَ) أي: داره التي ملكها بعدُ؛ إذ لم تكن داره قبل. (فخرج النبيُّ) أي: من المسجد. (ثم أجازا) في نسخةٍ: "ثم جازا" بدون همزة، أي: مضيا. (وقال) في نسخةٍ: "فقال" بالفاء. (تعاليا) بفتح اللام. (قالا) في نسخةٍ: "فقالا" بالفاء. (إنَّ الشيطانَ يجري من الإنسانِ مجرى الدَّمِ) قيل حقيقة: بأنْ يجعل الله له قوةَ ذلك، وقيل: إنَّه يلقي وسوستَه في مسام البدن فتصل إلى القلب. (في أنفسِكُما) هو مثل: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]

12 - باب: هل يدرأ المعتكف عن نفسه؟

واستدلَّ به على أن أقلَّ الجمع اثنان، ورُدَّ بأنَّه إنَّما جمع هنا؛ لكراهة اجتماع علامتي تثنية؛ ولهذا جاز الإفراد أيضًا. 12 - بَابٌ: هَلْ يَدْرَأُ المُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ؟ (بابُ: هل يدرأُ المعتكفُ عن نفسِه) أي: يدفع عنها ما يشينها. 2039 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، أَخْبَرَتْهُ ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يُخْبِرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، أَنَّ صَفِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَلَمَّا رَجَعَتْ مَشَى مَعَهَا، فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ فَقَال: "تَعَال هِيَ صَفِيَّةُ - وَرُبَّمَا قَال سُفْيَانُ: هَذِهِ صَفِيَّةُ -، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ"، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَتَتْهُ لَيْلًا قَال: وَهَلْ هُوَ إلا لَيْلٌ؟! [انظر: 2035 - مسلم: 2175 - فتح: 4/ 282] (قال: أخبرني) في نسخةٍ: "قال: حدثني". (أخي) هو عبدُ الحميد بن أبي أويس. (عن سليمانَ) أي: ابن بلالٍ مولى عبدِ الله بنِ أبي عتيق. (عن محمدِ بنِ أبي عتيقٍ) نسبة إلى جده، وإلا فهو محمدٌ بنُ عبدِ الله بنِ أبي عتيقِ بنِ أبي بكرِ الصديقِ. (عن ابن شهابٍ) في نسخةٍ: "عن الزهريِّ" [(ابن الحسين) في نسخة هنا، وفيما يأتي: "ابن حسين" بحذف (ال). (أن صفية) أي: "بنت حيي" كما في نسخة، (¬1). (حدثنا عليّ) في نسخةٍ: "وحدثنا عليُّ" بواو. (سفيان) أي: ابن عيينة. ¬

_ (¬1) من (م).

13 - باب من خرج من اعتكافه عند الصبح

(فأبصره رجلٌ) قال هنا رجل وفيما مرَّ فلقيه رجلان، فيحتمل مجيء واحدٍ ثم آخر، أو أنهما وقعتان. قال شيخُنا: ويحتمل أنَّ الزهريَّ كان يشكُّ فيه، فيقول تارةً: رجل وتارةً: رجلان، فقد رواه سعيدٌ بنُ منصورٍ عن هشيم عن الزهريِّ: "فلقيه رجلٌ أو رجلان" بالشكِّ (¬1). (فقال: تعال، هي صفية) هو موضع الترجمة؛ لأنَّ فيه الدرء [وهو بالقول، كما يجوز الدرء] (¬2) بالفعل. (من بني آدمَ) أي: من ولده، كما أنَّ المراد به ذلك في بني إسرائيل. (وهل) في نسخة: "فهل" بالفاء. (إلا ليلًا) أي: وهل وقع الإتيان إلا في الليل، وفي نسخةٍ: "إلَّا ليلٌ" بالرفع. 13 - بَابُ مَنْ خَرَجَ مِنَ اعْتِكَافِهِ عِنْدَ الصُّبْحِ (بابُ: مَنْ خرجَ من اعتكافِه عندَ الصبحِ) أي: بيان حاله. 2040 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، ح قَال سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، ح قَال: وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَبِيدٍ، حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، العَشْرَ الأَوْسَطَ، فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ نَقَلْنَا مَتَاعَنَا، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ، فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ"، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكَفِهِ وَهَاجَتِ السَّمَاءُ، فَمُطِرْنَا، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ لَقَدْ هَاجَتِ السَّمَاءُ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ اليَوْمِ، وَكَانَ المَسْجِدُ عَرِيشًا، فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ المَاءِ وَالطِّينِ. [انظر: 669 - مسلم: 1167 - فتح: 4/ 283] (عبد الرحمن) أي: "ابن بشر" كما في نسخةٍ. (سفيان) أي: ¬

_ (¬1) "الفتح" 4/ 279. (¬2) من (م).

14 - باب الاعتكاف في شوال

ابن عيينة. (عن ابن جريجٍ) هو عبدُ الملكِ بنُ عبدِ العزيزِ. (عن سليمانَ) أي: ابن أبي مسلم. (عن أبي سلمةَ) أي: ابن عبد الرحمن. (قال سفيانُ) ساقطٌ من نسخةٍ. (قال: وأظنُ) في نسخةٍ: "قال سفيانُ: وأظن". (أن ابن أبي لبيدِ) هو عبدُ الله المدنيُّ. (قال) في نسخةٍ: "فقال". (وهاجت) في نسخةٍ: "قال: وهاجتْ" (وكان المسجدُ) أي: سقفه. (عريشًا) أي: مظلَّلًا بجريدٍ. (وأرنبتُه) هي أعلى ظهرِ أنفه، وجمع بينهما تأكيدًا، أو على أنّه أراد بالأنفِ طرفُه، وبالأرنبة غير طرفه. 14 - بَابُ الاعْتِكَافِ فِي شَوَّالٍ (بابُ: الاعتكافِ في شوالِ) قضاءً لما فاته منه في رمضانَ. 2041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ، وَإِذَا صَلَّى الغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ، قَال: فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ، فَأَذِنَ لَهَا، فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ، فَضَرَبَتْ قُبَّةً، وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا، فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الغَدَاةِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ، فَقَال: "مَا هَذَا؟ "، فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقَال: "مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا؟ آلْبِرُّ؟ انْزِعُوهَا فَلَا أَرَاهَا"، فَنُزِعَتْ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ العَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ. [انظر: 2033 - مسلم: 1173 - فتح: 4/ 283] [(حدثنا) في نسخةٍ: "حدثني". (محمد) زاد في نسخة: "ابن سلام"] (¬1) (حدثنا) في نسخة: "أخبرني". ¬

_ (¬1) من (م).

15 - باب من لم ير عليه صوما إذا اعتكف

(وإذا) في نسخةٍ: "فإذا". (من الغدِ) في نسخةٍ: "من الغداةِ" (¬1). (فأبصرَ أربعَ قباب) الرابعة قبته - صلى الله عليه وسلم -. (ما حملهنَّ على هذا؟ البرُّ؟) ما: نافية، و (البرُّ): فاعل حمل واستفهامية، و (البر) بهمزة الاستفهام: مبتدأٌ خبره محذوف أي: أردنه. (انزعوها) أي: القباب. (فلا أراها) بفتح الهمزة من الرأي أي: لا أرى حل ضربها، ومرَّ الحديث في باب: اعتكافِ النساءِ (¬2). 15 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ صَوْمًا إِذَا اعْتَكَفَ 2042 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْفِ نَذْرَكَ فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً". [انظر: 2032 - مسلم: 1656 - فتح: 4/ 284] (بابُ: مَنْ لم ير عليه) أي: مَنْ أراد الاعتكافَ. (صومًا إذا اعتكف) وفي نسخةٍ: "بابُ: مَنْ لم يَرَ عليه إذا اعتكف صومًا" وفي أخرى: "بابُ: مَنْ لم ير عليه إذا اعتكف صومًا" وفي أخرى: "بابُ: مَنْ لم يَرَ على المعتكفِ صومًا". (عن أخيه) هو عبدِ الحميدِ. (عن سليمانَ) أي: "ابن بلال" كما في نسخةٍ. (إني نذرتُ في الجاهليةِ إلى آخره) من شرحُه في باب: الاعتكافِ ليلًا (¬3). ¬

_ (¬1) كذا في (أ)، وفي النسخة اليونينية للبخاري (صلي الغَدَاة) في نسخة أبي ذر الهروي، والمستملي وأبي الوقت: "من الغَدَاة" فهو الصواب. (¬2) سلف برقم (2033) كتاب: الاعتكاف، باب: اعتكاف النساء. (¬3) سبق برقم (2032) كتاب: الاعتكاف، باب: الاعتكاف ليلًا.

16 - باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم

16 - بَابُ إِذَا نَذَرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ أَسْلَمَ (بابُ: إذا نَذَرَ في الجاهليةِ أنْ يعتكفَ ثم أسلمَ) أي: هل يؤمُر بوفاءِ نذره، أو لا؟ 2043 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَذَرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ - قَال: أُرَاهُ قَال لَيْلَةً: -، قَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ". [انظر: 2032 - مسلم: 1656 - فتح: 4/ 284] (أبو أسامةَ) هو حمادُ بنُ أسامةَ. (قال) أي: البخاريُّ، أو شيخُه. (أُراه) بضم الهمزة، أي: أظنه. (أوفِ بنذركِ) مرَّ بيانُه فيه (¬1). 17 - بَابُ الاعْتِكَافِ فِي العَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ (بابُ: الاعتكافِ في العشرِ الأوسطِ مِنْ رمضانَ) أي: بيان مشروعيته. 2044 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا". [4998 - فتح: 4/ 284] (أبو بكر) أي: ابن عيَّاشٍ. (عن أبي حُصَينٍ) هو بفتح الحاء: هو عثمانُ بنُ عاصمٍ. (عن أبي صالح) هو ذكوانُ السمَّانِ. (واعتكف عشرين يومًا) هي العشرُ الأوسطُ والأخيرُ. ¬

_ (¬1) انظر التخريج السابق.

18 - باب من أراد أن يعتكف، ثم بدا له أن يخرج

18 - بَابُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ (باب: مَنْ أراد أنْ يعتكفَ ثمَّ بدا له) أي: بعد اعتكافه. (أنْ يخرج) أي: منه. 2045 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَكَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ، فَأَذِنَ لَهَا، وَسَأَلَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ لَهَا، فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ أَمَرَتْ بِبِنَاءٍ، فَبُنِيَ لَهَا قَالتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى انْصَرَفَ إِلَى بِنَائِهِ، فَبَصُرَ بِالأَبْنِيَةِ، فَقَال: "مَا هَذَا؟ " قَالُوا: بِنَاءُ عَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، وَزَيْنَبَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلْبِرَّ أَرَدْنَ بِهَذَا، مَا أَنَا بِمُعْتَكِفٍ"، فَرَجَعَ، فَلَمَّا أَفْطَرَ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. [انظر: 2033 - مسلم: 1173 - فتح: 4/ 285] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (الأوزاعي) هو عبدُ الرحمن بن عمروٍ. (فبصر) بضم الصاد. (بالأبنيةِ) في نسخةٍ: "فأبصر الأبنيةَ". (البرَّ أردنَ بهذا؟) مرَّ شرحُه (¬1). 19 - بَابُ المُعْتَكِفِ يُدْخِلُ رَأْسَهُ البَيْتَ لِلْغُسْلِ (بابُ: المعتكفِ يُدخِلُ رأسه البيتَ للغسلِ) أي: بيان جواز ذلك. 2046 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ حَائِضٌ وَهُوَ ¬

_ (¬1) سلف برقم (2033) كتاب: الاعتكاف، باب: اعتكاف النساء.

مُعْتَكِفٌ فِي المَسْجِدِ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا، يُنَاولُهَا رَأْسَهُ". [انظر: 295 - مسلم: 297 - فتح: 4/ 286] (كانت تُرجِّلُ النبيَّ .. إلى آخره) مرَّ شرحه (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2029) كتاب: الحيض، باب: غسل المعتكف.

34 - كتاب البيوع

34 - كتاب البيوع

1 - باب ما جاء في قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين} [الجمعة: 10، 11]، وقوله: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء: 29]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 34 - كِتَابُ البُيُوعِ " وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وَقَوْلُهُ: {إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282] ". (بسمِ الله الرحمنِ الرَّحيمِ) مؤخرٌ في نسخةٍ عن قوله: (كتاب البيوع) جمعُ بيعٍ، وجمعه؛ لاختلاف أنواعه، كبيع العين، وبيع الدين، وبيع المنفعة، وهو لغة: المبادلة، وشرعًا: مقابلةُ مالٍ بمالٍ مع إيجابٍ وقبولٍ على وجه مخصوص. (وقولِ الله) إلى قوله: {تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282]. ساقطٌ من نسخةٍ، وهو مع قولهِ بعد: (وقولهِ) بالجرِّ عطفٌ على البيوع. (حاضرة) أي: يدًا بيدٍ. 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْو وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة: 10، 11]، وَقَوْلِهِ: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] (بابُ: ما جاء في قولِ الله تعالى) لفظُ: (باب) ساقطٌ من نسخةٍ،

وزاد فيها واو العطف قبل (ما جاء). {وابتغوا من فضلِ الله} ذكر ما بعدها إلى تمام السورة، وفي نسخةٍ: " {وابتغوا من فضلِ الله} " إلى آخر السورة، وفي أخرى: " {واذكروا الله كثيرًا لعلَّكمُ تُفْلِحُون} " [(وقوله) بالجر عطف على (قول الله تعالى)] (¬1). 2047 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُونَ مَا بَالُ المُهَاجِرِينَ، وَالأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ، وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا، وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا، وَكَانَ يَشْغَلُ إِخْوَتِي مِنَ الأَنْصَارِ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ، أَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَدْ قَال: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ يُحَدِّثُهُ: "إِنَّهُ لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالتِي هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ، إلا وَعَى مَا أَقُولُ"، فَبَسَطْتُ نَمِرَةً عَلَيَّ، حَتَّى إِذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالتَهُ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَمَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ مِنْ شَيْءٍ. [انظر: 118 - مسلم: 2492 - فتح: 4/ 287] (أبو اليمان) هو الحكمُ بنُ نافعٍ. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (يشغلهم) بفتح أوله من شغل لا من أشغل؛ لأئها لغةٌ رديئةٌ. (الصفق) بصاد مهملة، وفي نسخةٍ: بسين، والمرادُ به: التبايعُ؛ لأنَّهم كانوا إذا تبايعوا تصافقوا بالأكف. (نسوا) بفتح النون وضمِّ السين، أصلُه: نسيوا فنقلت ضمة الياء إلى السين بعد سلبها حركتها، فاجتمع ساكنان فحذفت الياء فصار: نسوا. (أعي) أي: أضبط، وهو استئنافٌ، ¬

_ (¬1) من (م).

أو حالٌ من الضمير في (كنت) ولا ينافي جعله حالًا كونه مضارعًا مستقبلًا؛ لأن المضارع يكونُ لحكاية الحال الماضية، وأصلُه: أوعى حذفت الواو [منه تبعًا ليعي؛ إذ أصله: يوعي حذفت الواو] (¬1) منه؛ لوقوعها بين ياء وكسرة. (نمرة) أي: كساءً ملونًا، كأنَّه مأخوذٌ من النمر؛ لما فيه من سوادٍ وبياضٍ. 2048 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَال سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: إِنِّي أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالًا، فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي، وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَويتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا، فَإِذَا حَلَّتْ، تَزَوَّجْتَهَا، قَال: فَقَال لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟ قَال: سُوقُ قَيْنُقَاعٍ، قَال: فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ، قَال: ثُمَّ تَابَعَ الغُدُوَّ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَزَوَّجْتَ؟ "، قَال: نَعَمْ، قَال: "وَمَنْ؟ "، قَال: امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، قَال: "كَمْ سُقْتَ؟ "، قَال: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ - أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ -، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [3780 فتح: 4/ 288] (عن جدِّه) هو إبراهيمُ بنُ عبد الرّحمن بن عوف. (وانظر) في نسخةٍ: "فانظر" بالفاء. (أي زوجتي) بحذف التاء من (أي)؛ لأنَّها إذا أضيفت إِلى مؤنثٍ يجوز تذكيرها وتأنيثها، يقال: أي امرأة، وأية امرأة. (هَويْتَ) بكسر الواو؛ أي: أحببتَ نكاحَها. (نزلتُ لك عنها) أي: طلَّقتُها. (فإذا حلَّتْ) أي: انقضتْ عدتُها. (فقال عبدُ الرّحمن) في نسخةٍ: "فقال له عبدُ الرّحمن". (هل من سوقٍ فيه تجارةٌ) السوق يذكر ويؤنث. ¬

_ (¬1) من (م).

(قينقاع) (¬1) بتثليث نونه، غير مصروف على إرادة القبيلة، ومصروف على إرادة الحي. (ثمّ تابع الغُدُوَّ) بلفظ المصدر، وفي نسخةٍ: "تابع الغَدَ" أي: ضد الأمس، والمعنى: ذهبَ في اليومِ الثّاني وهكذا إلى سوق قينقاع. (امرأة من الأنصارِ) هي ابنة أبي الحيسر أنسٍ بنِ رافعٍ. (كم سقتَ؟) أي: كم أعطيتها مهرًا. (زِنَة نواةٍ) أي: خمسة دراهم. (أو نواة من ذهبٍ) [شك من الراوي، وفي نسخة: "أو نواةٍ ذهب] (¬2) (أَولِمْ) أي: اتخذ وليمةً، وهي الطّعام للعرس، والأمر فيه للندب، وقيل: للوجوب. (ولو بشاةٍ) أي: مع القدرة عليها، وإلا فقد أولم - صلى الله عليه وسلم - على بعضِ نسائه بمدَّينِ من شعيرٍ (¬3) وعلى صفيةَ بتمرٍ وسمنٍ وأقطٍ (¬4). 2049 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ المَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى، فَقَال لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ، ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 424. (¬2) من (م). (¬3) ورد ذلك في حديث سيأتي برقم (5172) كتاب: النِّكاح، باب: من أولم بأقل من شاة. (¬4) دلَّ عليه حديث رواه: أبو داود (3744) كتاب: الأطعمة، باب: استحباب الوليمة عند النِّكاح. والترمذي (1095) كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الوليمة. وقال: هذا حديث حسن غريب. والنَّسائيّ في "الكبرى" 4/ 139 (6601) كتاب: الوليمة. وابن ماجة (1909) كتاب: النكاح، باب: تهنئة النكاح. وأحمد: 3/ 110. وابن حبّان 9/ 368 (4061) كتاب: النكاح. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح.

قَال: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا، فَأَتَى بِهِ أَهْلَ مَنْزِلِهِ، فَمَكَثْنَا يَسِيرًا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَجَاءَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْيَمْ"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، قَال: "مَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟ " قَال: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، - أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ - قَال: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [2293، 3781، 3937، 5072، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386 - مسلم: 1427، فتح: 4/ 288] (أحمد بن يونس) نسبةً إلى جدِّه، وإلَّا فهو أحمدُ بنُ عبدِ الله بنُ يونسَ. (زهير) أي: ابْن معاوية. (حميد) أي: الطَّويل. (قال: قَدِمَ) في نسخةٍ: "قال: لمَّا قَدِمَ". (وَضَر) بفتح الواو، والمعجمة، أي: لطخ (من صُفْرَةٍ) أي: صفرة طيبٍ. (مَهْيَم؟) بوزن جعفر: كلمة يستفهم بها، أي: ما شأنك؟ 2050 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَتْ عُكَاظٌ، وَمَجَنَّةُ، وَذُو المَجَازِ، أَسْوَاقًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلامُ، فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا فِيهِ، فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ " قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ. [انظر: 1770 - فتح: 4/ 288] (حَدَّثَنَا) في نسخةٍ: "حدثني". (عبد الله بن محمّد) أي: المسندي. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمروٍ) أي: ابن دينار. (عُكاظ) بلا تنوين، وفي نسخة: بتنوين. (وَمجنَّة) بكسر الميم وفتحها وفتح الجيم فيهما. (فلمَّا كان الإسلامُ) أي: جاء، وكان تامة. (تأثموا) أي: اجتنبوا الإثم، والمعنى: تركوا التجارة في الحجِّ؛ حذرًا من الإثم. (فيه) في الإسلام، وفي نسخةٍ: "منه" أي: من أجله. (فضلًا من ربكم) أي: عطاءً ورزقًا منه في مواسم الحَجِّ.

2 - باب: الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشبهات

(قرأها ابن عباسٍ) هي قراءة شاذة، ومرَّ شرح الحديث في الحجِّ، في باب: التجارة في أيّام الموسم (¬1). 2 - بَابٌ: الحَلالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ (بابُ: الحلالِ بَيِّنٍ والحرامِ بَيِّنٍ، وبينهما مُتشَبَّهاتٌ) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة المفتوحة. 2051 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَال: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحَلالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ، كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ، أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ، وَالمَعَاصِي حِمَى اللَّهِ مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ". [انظر: 52 - مسلم: 1599 - فتح: 4/ 290] (ابْن أبي عدي) هو إبراهيم مولى بنى سليم. (عن ابن عونٍ) هو عبدُ الله بنُ أرطبان. (عن الشعبيِّ) هو عامرٌ بنُ شراحيلَ. (سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -) ساقطٌ من نسخةٍ. (حَدَّثَنَا) في نسخةٍ: "وحَدَّثَنَا". (عن أبي فروةَ) هو عروةٌ بنُ الحارثِ الأكبرُ، وفي نسخةٍ: "حَدَّثَنَا أبو فروةَ". ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (1770) كتاب: الحجِّ، باب: التجارة أيّام الموسم.

3 - باب تفسير المشبهات

(سمعتُ النعمانَ) أي: "ابنَ بشير" كما في نسخةٍ. (عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ساقطٌ من نسخةٍ، وفي أخرى: بدله (سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - " (حَدَّثَنَا) في نسخةٍ: "وحدثني" وفي أخرى: "وحَدَّثَنَا". (عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) حذف متنَ الحديثِ من الطرقِ الثلاثةِ؛ للعلم به مَّما بعدها، وفائدةُ التحويلات في هذا الإسناد: التقويةُ والتأكيد. (سفيان) أي: الثوري. (مشتبهة) أي: لا يعلمها كثير من النَّاس. (فمن ترك ما شُبِّه عليه) بضم المعجمة وتشديد الموحدة المكسوره (كان لما استبان) أي: ظهر له حرمته. (أَتْركَ) أي: أكثر تركًا. (على ما يشكُّ) بالبناء للفاعل، أو للمفعول. (أوشَكَ) أي: قرب. (أنْ يواقع ما استبان) له، فينبغي له اجتناب ما اشتبه؛ لأنه كان في نفسِ الأمرِ حرامًا، فقد برئ من إثمه، أو حلالًا فيثاب على تركه؛ لقصده الجميل. (يوشكُ أنّ يواقعَه) أي: يقرب أنّ يقَع فيه، ومرَّ شرحُ الحديث في كتاب: الإيمان، في باب: فضل من استبرأ لدينه وعرضه (¬1). 3 - بَابُ تَفْسِيرِ المُشَبَّهَاتِ وَقَال حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ: "مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَهْوَنَ مِنَ الوَرَعِ دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ. (بابُ: تفسيرِ المشبَّهاتِ) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة المفتوحة، وفي نسخة: "المشتبهات" بسكون المعجمة وبفوقية مفتوحة قبل الموحدة المكسورة، وفي أخرى: "الشبهات" بضمتين. ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (52) كتاب: الإيمان، باب: فضل من استبرأ لدينه.

(دَعْ ما يَريبُكَ) أي: (إلى ما لا يَريبك)، بفتح الياء فيهما أكثر من ضمها من الريب: وهو الشكُّ، والمعنى: إذا شككت في حِلِّ شيءٍ فدعه، وهذا التعليق رواه مرفوعًا الترمذيُّ وابنُ حبَّان وغيرهما (¬1). 2052 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ جَاءَتْ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا، فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ، وَقَدْ كَانَتْ تَحْتَهُ ابْنَةُ أَبِي إِهَابٍ التَّمِيمِيِّ". [انظر: 88 - فتح 4: / 291] (سفيان) أي: الثوري. (أَرْضَعَتْهما) أي: عقبةَ وزوجته، واسمها: غنية. (وتبسَّم) في نسخةٍ: "فتبسَّم". (وقد قيل) أي: إنك أخوها من الرضاع؛ أي: فدعها عنك، وهو احتياط إذ لم يقم على ذلك بيِّنةٌ، ولأنَّه لما أخبره أعرض عنه، فلو كان حرامًا لأجابه بالتحريم. (وقد كانت) في نسخةٍ: "وكانت". (ابنة) في نسخة: "بنت". 2053 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ، قَالتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ الفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَال: ابْنُ أَخِي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، ¬

_ (¬1) "سنن التّرمذيّ": (2518) كتاب: صفة القيامة. و"صحيح ابن حبّان" (2/ 498) 722 (كتاب: الرقائق، باب: الورع والتوكل. ورواه الطيالسي 2/ 499 (1274). والحاكم في "المستدرك" 2/ 13 كتاب: البيوع. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه من حديث الحسن بن علي.

فَقَال: أَخِي، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي كَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ"، ثُمَّ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ" ثُمَّ قَال لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "احْتَجِبِي مِنْهُ" لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. [2218، 2421، 2533، 2745، 4303، 6749، 6765، 6817، 7182 - مسلم: 1457 - فتح: 4/ 292] (عَهِدَ) أي: أوصى. (أنَّ ابنَ وليدةَ زمعةَ) أي: ابن قيس العامري، واسمُ أبنها: عبدُ الرّحمنِ، و (زمعة) بفتح الزاي وسكون الميم وفتحها، ووليدة: أمته. (فاقبضه) بهمزة وصل وكسر الموحدة. (أخذه سعدٌ بنُ أبي وقَّاصٍ) وقوله: (أنَّ ابن وليدةَ زمعةَ) إلى هنا ساقطٌ من نسخةٍ. (قد عَهِدَ إليَّ فيه) أي: أنّ أستلحقه ولفظ: (قد) ساقط من نسخة. (فتساوقا) أي: فتتابعا. (فقال رسولُ الله) في نسخةٍ: "فقال النبيُّ". (هو لك) أي: أخوك (يا عبد بن زمعة) بضم الدال على الأصل، ونصب نون ابن، وفي نسخة: بفتحهما. (الولد) تابعٌ (للفراش) أي: لصاحبه، وفراش الزوجة يثبت بالعقد عليها مع إمكان وطئها، وفي الأمة لا يثبت إلا بوطئها. (وللعاهر) أي: الزاني. (الحَجُر) أي: الخيبة، وقيل: هو على ظاهره: أي: الرَّجْم بالحجارة، ورُدَّ بأنَّ الرَّجمَ خاصٌّ بالمحصن، وبأنَّه لا يلزم من الرَّجْم نفي الولد الّذي الكلام فيه. (احتجبي منه) أي: من ابن زمعة، أمرها بذلك؛ احتياطًا، وإلَّا فهو في ظاهرِ الشّرع أخوها، قيل: ولأنَّ للزوج أنّ يأمرَ زوجته بالاحتجاب من أقاربها.

وفي الحديث: جوازُ استحاق الوارث نسبًا للمورث، وأنَّ الشبهَ وحكمَ القَافَة أنَّه إذا لم يكن هناك أقوى منهما كالفراش، فلهذا لم يعتبر الشبه، ووجه مطابقته للترجمة ما قيل: أنّ المشتبهات: ما أشبهت الحلال من وجه والحرام من وجه آخر. قال شيخُنا: وبيانُه هنا أنَّ إلحَاقه بزمعةَ يقتضي ألا تحتجب (¬1). 2054 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المِعْرَاضِ، فَقَال: "إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ [فَقَتَلَ] فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرْسِلُ كَلْبِي وَأُسَمِّي، فَأَجِدُ مَعَهُ عَلَى الصَّيْدِ كَلْبًا آخَرَ لَمْ أُسَمِّ عَلَيْهِ، وَلَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَ؟ قَال: "لَا تَأْكُلْ، إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى الآخَرِ". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح: 4/ 292] (أبو الوليد) هو هشامُ بنُ عبدِ الملكِ الطيالسيُّ. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (سألتُ النبيَّ) في نسخةٍ: "سألتُ رسولَ الله". (عن المعراضِ) هو السهم الّذي لا ريش عليه، وقيل: عصا رأسها محدد، وقيل: عود رقيق الطرفين غليظ الوسط؛ أي: سألته عن رمي الصَّيد بالمعراض. (وَقِيْذ) بذالٍ معجمةٍ، أي: موقوذ: وهو المقتول بغير محدد. (إنّما سُميِّتْ .. إلى آخره) ظاهره: وجوب التّسمية، وليس مرادًا، بل هي مندوبة كما مَرَّ. ¬

_ (¬1) "الفتح" 4/ 293.

4 - باب ما يتنزه من الشبهات

4 - بَابُ مَا يُتَنَزَّهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ (بابُ: ما يتنزَّه من الشبهات) أي: عنه، وفي نسخةٍ: "ما يكره من الشبهات" بمعنى: المشتبهات؛ أي: من تناولها. 2055 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ فَقَال: "لَوْلَا أَنْ تَكُونَ مِنْ صَدَقَةٍ لَأَكَلْتُهَا"، وَقَال هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَجِدُ تَمْرَةً سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي". [2431، 2432 - مسلم: 1071 - فتح: 4/ 293] وَقَال هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: "أَجِدُ تَمْرَةً سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي". [2432 - مسلم: 1070 - فتح: 4/ 213] (قبيصة) أي: ابن عتبة السوائي. (سفيان) أي: الثّوريّ. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن طلحةَ) أي: ابن مصرف الياميِّ. (مُسقطة) بضم الميم وفتح القاف، وفي نسخة: "مسقوطة" بمعنى: ساقطة، كما في قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} [مريم: 61] أي: آتيًا. (صدقة) في نسخةٍ: "من صدقة". (لأكلتُها) ترك أكلها؛ تنزهًا لأجل الشبهة. (همَّام) أي: ابن منبِّه. (أجد تمرة ساقطة على فراشي) تمامه: "فأرفعها لآكلها، ثمّ أخشى أنّ تكون صدقة فألقيها" (¬1). ¬

_ (¬1) هذا التعليق ذكره. البخاريّ مسندًا في كتاب: اللقطة عن محمّد بن مقاتل. أنبأنا معمر عن همام عن أبي هريرة مرفوعًا. سيأتي برقم (2432) كتاب: اللقطة، باب: إذا وجد تمرة في الطريق.

5 - باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات

5 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوَسَاوسَ وَنَحْوَهَا مِنَ الشُّبُهَاتِ (بابُ: مَنْ لم يَرَ الوساوسَ) في نسخةٍ: "الوسواسَ". (ونحوها من المشبهات) في نسخةٍ: "من الشبهات" وفي أخرى: "من المشتبهات". 2056 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَال: شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يَجِدُ فِي الصَّلاةِ شَيْئًا أَيَقْطَعُ الصَّلاةَ؟ قَال: "لَا حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا" وَقَال ابْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: "لَا وُضُوءَ إلا فِيمَا وَجَدْتَ الرِّيحَ أَوْ سَمِعْتَ الصَّوْتَ". [انظر: 137 - مسلم: 361 - فتح: 4/ 294] (أبو نعيم) هو الفضلُ بنُ دكينٍ. (عن عمِّه) هو عبدُ الله بنُ عاصمٍ المازنيُّ. (شيئًا) أي: وسوسة في وضوئه. (ابْن أبي حفصة) هو أبو سلمة محمّد بنُ أبي حفصةَ ميسرةَ البَصْريُّ. 2057 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ العِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاويُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ". [5507، 7398 - فتح: 4/ 294] (حدثني أحمدُ) في نسخةٍ: "حَدَّثَنَا أحمدُ". (سمُّوا الله) لفظ: (الله) ساقط من نسخة، واستُدِلَّ بالحديث على أنَّ التسميةَ ليست شرطًا في الذَّبح. 6 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] (بابُ: قولِ الله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا})

7 - باب من لم يبال من حيث كسب المال

أي: بيان سبب نزوله، ولفظ: (قول الله تعالى) ساقط من نسخة. 2058 - حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمٍ، قَال: حَدَّثَنِي جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَتْ مِنَ الشَّأْمِ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا حَتَّى مَا بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَنَزَلَتْ": {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] [انظر 936 - مسلم: 863 - فتح: 4/ 296] (عن سالمٍ) أي: ابن أبي الجعد. (بينما نحن نصلّي) أي: ننتظر صلاةَ الجمعة؛ لأنَّ الانفضاض كان في أثناء الخطبة، لكن المنتظِرَ للصلاة كالمصلّي. (إلا اثني عشر) في نسخةٍ: "إلا اثْنَا عشر" لأنَّه استثناء من ضمير (بقيَ) العائد على المصلّي المفاد من (نصلّي)، وفي مثل ذلك يجوز رفع المستثني ونصبه. ({وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}) أي: إلى التجارة، والتقديرُ: وإليه؛ أي: إلى اللهو، لكن حذفه لدلالة ما ذكره عليه، أو اقتصر على التجارة؛ لأنَّها أهم إليهم، ومرَّ شرحُ الحديث في: الجمعة، في باب: إذا نفرَ النّاسُ في صلاةِ الجمعةِ (¬1). 7 - بَابُ مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ حَيْثُ كَسَبَ المَال (بابُ: مَنْ لم يبال من حيث كسب المال) أي: بيان حاله. 2059 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لَا يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلالِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ". [2083 - فتح: 4/ 296] ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (936) كتاب: الجمعة، باب: إذا نفر النَّاس عن الإمام في صلاة الجمعة.

8 - باب التجارة في البر

(آدم) أي: ابن أبي إياس. (ابْن أبي ذئب) هو محمدٌ بُن عبدِ الرّحمنِ. (لا يبالي المرءُ ما) أي: بما. (أخذ) أي: المرء. (منه) أي: ممّا أخذ. (من الحلالِ) أي: أهو من الحلال. (أم من الحرامِ) فيه ذم ترك التّحرِّي في المكاسب. 8 - بَابُ التِّجَارَةِ فِي البَرِّ وَقَوْلِهِ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] " وَقَال قَتَادَةُ: كَانَ القَوْمُ يَتَبَايَعُونَ وَيَتَّجِرُونَ، وَلَكِنَّهُمْ إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ، لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ. (بابُ: التجارةِ في البرِّ) زاد في نسخةٍ: "وغيره". و (البرّ): بفتح الموحدة وبراء؛ أي: البرية، وفي نسخةٍ: بزاي بدل الراء؛ أي: أمتعة البزاز، وفي أخرى: بضم الموحدة وبالراء، أو ليس في الحديث ما يدلُّ لشيءٍ منها بخصوصه، لكن المناسب لما يأتي في الباب الآتي الأولى. (وقوله) بالجرِّ عطف على التجارة، وبالرفع استئناف. (نابهم) أي: عرض لهم. 2060، 2061 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، قَال: كُنْتُ أَتَّجِرُ فِي الصَّرْفِ، فَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنِي الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَامِرُ بْنُ مُصْعَبٍ: أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا المِنْهَالِ، يَقُولُ: سَأَلْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالا: كُنَّا تَاجِرَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

9 - باب الخروج في التجارة

فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَال: "إِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ نَسَاءً فَلَا يَصْلُحُ". الحديث 2060. [2180، 2479، 3939 - فتح: 4/ 294] الحديث 2061 [2181، 2498، 3940 - مسلم: 1589 - فتح: 4/ 297] (أبو عاصم) أي: النبيلُ الضحاكُ بنُ مخلدٍ. (عن أبي جريجٍ) هو عبدُ الملكِ بنُ عبدِ العزيزِ. (عن أبي المنهالِ) هو عبدُ الرّحمنِ بنُ مَطعم. (في الصّرف) هو بيع الذهب أو الفضة بالآخر. (ابْن عازب) ساقط من نسخة. (نَساء) بفتح النون والمدِّ، وفي نسخةٍ: "نسيئًا" بكسر السين والمدِّ؛ أي: متأخرًا. 9 - بَابُ الخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]. (بابُ: الخروج في التجارةِ) أي: لأجلها، كما في قوله تعالى: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ} [النور: 14] (وقولِ الله) بالجرِّ عطفٌ على (الخروج). ({وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}) ساقطٌ من نسخة. 2062 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ: اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا، فَرَجَعَ أَبُو مُوسَى، فَفَرَغَ عُمَرُ، فَقَال: أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ، قِيلَ: قَدْ رَجَعَ، فَدَعَاهُ فَقَال: "كُنَّا نُؤْمَرُ بِذَلِكَ"، فَقَال: تَأْتِينِي عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ، فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: لَا يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إلا أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ، فَذَهَبَ بِأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، فَقَال عُمَرُ: أَخَفِيَ هَذَا عَلَيَّ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ يَعْنِي الخُرُوجَ إِلَى تِجَارَةٍ. [6245، 7353 - مسلم: 2153 - فتح: 4/ 298]

10 - باب التجارة في البحر

(حَدَّثَنَا) في نسخةٍ: "حدثني". (بذلك) أي: بالرجوع حين لم يؤذن للمستأذن. (تأتيني) في نسخةٍ: "فأتني" بحذف التحتية الّتي بعد الفوقية. (مجلس الأنصار) في نسخةٍ: "مجالس الأنصار". (أخفي عليَّ؟) وفي نسخةٍ: "أخفي هذا عني؟ ". (ألهالني) أي: أشغلني يعني) أي: عمر. (الخروج) زاد في نسخةٍ: "إلى التجارة". 10 - بَابُ التِّجَارَةِ فِي البَحْرِ وَقَال مَطَرٌ: "لَا بَأْسَ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي القُرْآنِ إلا بِحَقٍّ، ثُمَّ تَلا": {وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [النحل: 14] " وَالفُلْكُ: السُّفُنُ، الوَاحِدُ وَالجَمْعُ سَوَاءٌ " وَقَال مُجَاهِدٌ: تَمْخَرُ السُّفُنُ الرِّيحَ، وَلَا تَمْخَرُ الرِّيحَ مِنَ السُّفُنِ إلا الفُلْكُ العِظَامُ. (بابُ: التجارةِ في البحرِ) زاد في نسخةٍ: "وغيره". (مَطرٌ) أي: ابن طهمان وعطف على قوله: (لا بأس به) مدخولُ الواو في قولهِ. (وما ذَكرَهُ في القرآنِ إلا بحقٍّ) في نسخةٍ: "وما ذكر الله" بحذفِ الضميرِ، وفي أخرى: "إلا بالحق". ({وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [فاطر: 12]، وفي نسخةٍ: " {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} " وكلا النسختين خطأ، والصوابُ: حذف واو ولتبتغوا في الأولى، وإثباتها في الثّانية. (والفُلكُ: السِّفنِ). الواو ساقطة من نسخة. والسفن كالسفائن جمع سفينة، وسُميت سفينة؛ لأنها تسفن وجه الماء: تعلوه، فعيله بمعنى فاعلة (الواحد والجمع) أي: في

11 - باب {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها} [الجمعة: 11]

الفلك (سواء) لكن ضمة المفرد، كضمة قفل، وضمة الجمع، كضمة أسدّ. (تمخر) بفتح التاء والخاء؛ أي: تشق، أو تجري بصوت، وقيل المخر: الصوت نفسه. (السفن) بالرفع بالفاعلية. (الريح) بالنصب بالمفعولية لقوله: (ولا تمخر الريح من السفن) أي: شيئًا. (إلا الفلك العظام) بالرفع على البدلية، وفي نسخة: بالنصب على الاستثناء، وقيد بالعظام؛ لأن مخرها بالرياح أعظم، وإلا فكل سفينة تمخر بها. (في البحر) في نسخة: "إلى البحر" وساق الحديث فذكره بتمامه فيما مَرَّ في باب: ما يستخرج من البحر (¬1)، وفيما سيأتي في باب: الكفالة (¬2). 2063 - وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ: "ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، خَرَجَ إِلَى البَحْرِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ" وَسَاقَ الحَدِيثَ. [حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ صَالِحٍ قَال: حَدَّثَنِي اللَّيثُ بِه]. [انظر: 1498 - فتح: 4/ 219] (حدثني عبد الله إلى آخره) مقدم في نسخة على قوله (وقال اللَّيث). 11 - بَابُ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ": {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] وَقَال قَتَادَةُ: "كَانَ القَوْمُ يَتَّجِرُونَ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ، لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (498) كتاب: الزَّكاة، باب: ما يستخرج من البحر. (¬2) سيأتي برقم (2291) كتاب: الكفالة، باب: الكفالة في القرض والديون.

12 - باب قول الله تعالى: {أنفقوا من طيبات ما كسبتم} [البقرة: 267]

(باب:، وقوله {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] وقوله جلَّ ذكره) سبقت الآيتان والتعليق الأوّل في قوله (باب: قول الله -عَزَّ وَجَلَّ- {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} والثّانية والتعليق في باب: التجارة في البرّ (¬1). 2064 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَقْبَلَتْ عِيرٌ وَنَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجُمُعَةَ، فَانْفَضَّ النَّاسُ إلا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا"، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا، وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] [انظر: 936 - مسلم: 863 - فتح: 4/ 300] (حَدَّثَنَا) في نسخة: "حدثني". (محمّد) أي: ابن سلام. (حدثني) في نسخة: "أَخْبَرَنَا". (عن حصين) أي: ابن عبد الرّحمن. (قال: أقبلت عير إلى آخره) مرَّ ذكره في باب: قول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] (¬2) وأعاده؛ لاختلاف يسير في المتن والسند. 12 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] (باب: قول الله تعالى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} أي: من حلاله، وفي نسخة: "كلوا" بدل (أنفقوا) وهو غلط. 2065 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَنْفَقَتِ ¬

_ (¬1) سلف معلقًا في كتاب: البيوع، باب: التجارة في البَرِّ وغيره. (¬2) سلف برقم (2058) كتاب: البيوع، باب: قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}.

13 - باب من أحب البسط في الرزق

المَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا". [انظر: 1425 - مسلم: 1024 - فتح: 4/ 300] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي وائل) بالهمز: هو شقيق. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (وكان لها أجرها بما أنفقت) محله: إذا أذن لها فيه، أو علمت رضاه به كما مرَّ. وواو (وكان) زائدة، بل ساقطة من نسخة، ومر شرح الحديث في باب: من أمر خادمه بالصدقة (¬1). 2066 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا، عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ". [5192، 5115، 5360 - مسلم: 1026 - فتح: 4/ 301] (حَدَّثَنَا) في نسخة: "أَخْبَرَنَا". (عبد الرزّاق) أي: ابن همام الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (عن غير أمره) أي: الصحيح، وإلا فلا بد من علمها برضاه بذلك، كما مر. (فله) في نسخة: "فلها". (نصف أجره) جمع بينه وبين ما قبله بأن معنى (ما) هنا أنّ أجريهما إذا جمعا كان لكل منهما النّصف من ذلك، فلكل منهما أجر كامل. 13 - بَابُ مَنْ أَحَبَّ البَسْطَ فِي الرِّزْقِ (باب: من أحب البسط في الرزق) أي: التوسع فيه. ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (1425) كتاب: الزَّكاة، باب: منْ أمر خادمه بالصدقة ولم يناول بنفسه.

2067 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الكِرْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَال مُحَمَّدٌ هُوَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". [5986 - مسلم: 2557 - فتح: 4/ 301] (حسان) أي: ابن إبراهيم العنزي. (يونس) أي: ابن يزيد. (حَدَّثَنَا محمّد) أي: ابن مسلم بن شهاب الزّهريُّ، وفي نسخة: "قال محمّد: هو الزّهريُّ". (من سرَّه) أي: أفرحه. (رزقه) في نسخة: "في رزقه". (أنّ يُنسأ) بالبناء للمفعول وبسكون النون وبالهمز؛ أي: يؤخر. (في أثره) بفتح الهمزة والمثلثة أي: في بقية عمره. (فليصل) أي: فليحسن بالمال والخدمة والزيارة (رحمه) قيل المراد: ذو رحم محرم، وقيل: وارث، وقيل: القريب مطلقًا وهو الأقرب، ولا ينافي ذلك خبر "كتب رزقه وأجله في بطن أمه" (¬1) لأن معنى البسط في الرزق: البركة فيه وفي العمر: حصول القوة في الجسد، أو بقاء ثنائه الجميل على الألسنة، أو لأن المراد بالمكتوب: المكتوب عند الملك الّذي يدخله التغيير، لا المكتوب عند الله الّذي لا يدخله تغيير، أو لأنه كتب في بطن أمه: إن وصل رحمه فرزقه وأجله كذا، وإن لم يصل فكذا، وهذا ورد فيه حديث حسن رواه أبو موسى المديني في "الترغيب والترهيب" بلفظ: "إن الإنسان ليصل رحمه وما بقي من عمره إلا ثلاثة أيّام، فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة، وإن الرَّجل ليقطع رحمه وقد بقى من عمره ثلاثون سنة، فينقص الله تعالى من عمره حتّى لا يبقى فيه إلا ثلاثة أيّام" (¬2). ¬

_ (¬1) سيأتي هذا الحديث برقم (3208) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. وأخرجه مسلم (2643) كتاب: القدر، باب: كيفية خلق الآدمي في بطن أمه. (¬2) عزاه العيني للحافظ أبي موسى المديني في كتاب "الترغيب والترهيب"، كما =

14 - باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة

14 - بَابُ شِرَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّسِيئَةِ (باب: شراء النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة) أي: بالأجل. 2068 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: ذَكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ، الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ، فَقَال: حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ". [2096، 2200، 2251، 2386، 2509، 2513، 2916، 4467 - مسلم: 1603 - فتح: 2/ 304] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (الأسود) أي: ابن يزيد. (طعامًا) أي: ثلاثين صاعًا من شعير، أو عشرين، أو أربعين، أو وسقًا، كما ورد كلّ منها (¬1). (من يهودي) هو أبو الشحم. (درعًا) بكسر الدال: ما يلبس في الحرب. ¬

_ = أشار المصنِّف، ولم أقف على الكتاب ولكن وقفت على الحديث في "مسند الفردوس" 1/ 200 (759) من حديث علي بن أبي طالب بلفظ: "إن المرء ... " وذكر الحديث بتمامه وذكره الحكيم التّرمذيّ في "نوادر الأصول" ص 284، وذكره أيضًا السيوطيّ في "جمع الجوامع" (5869) وعزاه السيوطيّ لأبي الشّيخ عن عبد الله بن عمرو، وانظر "الكنز" (6920). (¬1) اختلف في مقدار ما استدانه - صلى الله عليه وسلم - من الطّعام. ففي البخاريّ من حديث عائشة: "بثلاثين صاعًا من شعير". انظر: "صحيح البخاريّ" (2916) كتاب: الجهاد باب: ما قيل في درع النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وفي أخرى "بعشرين" رواه التّرمذيّ (1214) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في الرُّخصة في الشراء إلى أجل. وفي مسند أحمد: "بوسق شعير" انظر: "مسند" 6/ 457. وللبزار من حديث ابن عباس: "أربعين صاعًا" انظر: "مسند البزار" 11/ 356 (5178).

15 - باب كسب الرجل وعمله بيده

وفي الحديث: جواز البيع إلى أجل، ومعاملة اليهود وإن كانوا يأكلون أموال الربا، ومعاملة من يظن أنّ أكثر ماله حرام. 2069 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، ح حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ أَبُو اليَسَعِ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ "رَهَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ" وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعُ بُرٍّ، وَلَا صَاعُ حَبٍّ، وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ". [2508 - فتح: 4/ 302] (مسلم) أي: ابن إبراهيم الفراهيدي. (هشام) أي: الدستوائي. (قتادة) أي: ابن دعامة. (وحدثني) في نسخة: "حدثني" بحذف الواو. (وإهالة) بكسر الهمزة: ما يؤتدم به من الادهان، كالإلية. (سنخة) بفتح المهملة وكسر النون وفتح المعجمة؛ أي: متغيرة الرائحة من طول المكث، وروي: زنخة بالزاي. (ولقد سمعته) قال الكرماني: هو كلام قتادة [والضمير فيه لأنس، وقال شيخنا: بل هو من كلام أنس،] (¬1) والضمير فيه للنبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). (ما أمسى عند آل محمّد) آل مقحم. (صاع بر ولا صاع حب) العطف فيه من عطف العام على الخاص. 15 - بَابُ كَسْبِ الرَّجُلِ وَعَمَلِهِ بِيَدِهِ (باب: كسب الرَّجل وعمله بيده) العطف فيه من عطف الخاص على العام. 2070 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَمَّا ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "البخاريّ بشرح الكرماني" 9/ 197.

اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، قَال: "لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنَّ حِرْفَتِي لَمْ تَكُنْ تَعْجِزُ عَنْ مَئُونَةِ أَهْلِي، وَشُغِلْتُ بِأَمْرِ المُسْلِمِينَ، فَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا المَالِ، وَيَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ". [فتح 4/ 303] (ابْن وهب) هو عبد الله. (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (قال: حدثني) في نسخة: "قال: أخبرني". (علم قومي) أي: قريش، أو المسلمون. (حرفتي) أي: كسبي. (فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال) قاله أبو بكر؛ لأنه لما اشتغل بالنظر في أمور المسلمين لكونه خليفة، احتاج أن يأكل هو وأهله من بيت المال، وذلك باتِّفاق الصّحابة. وفيه: أنّ للعامل أنّ يأخذ من المال الّذي يعمل فيه بقدر عمالته. (ويحترف) في نسخة: "وأحترفُ". (للمسلمين فيه) أي: يكسب لهم ما ينفعهم حتّى يعود عليهم من ربحه بقدر ما أخذ، وهذا تطوع منه، إذ لا يجب على الإمام الإتجار في مال المسلمين بقدر مؤنته؛ لأَنَّها واجبة في بيت المال. 2071 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَال: قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَّال أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ يَكُونُ لَهُمْ أَرْوَاحٌ، فَقِيلَ لَهُمْ: "لَو اغْتَسَلْتُمْ"، رَوَاهُ هَمَّامٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. [انظر: 902 - مسلم: 847 - فتح: 4/ 303] (محمّد) هو ابن يحيى الذهلي، وقيل: هو البخاريّ. (عبد الله بن يزيد) هو شيخ البخاريّ روى عنه تارة بواسطة، وأخرى بغيرها. (سعيد) أي: ابن أُبَي. (أبو الأسود) هو محمّد بن عبد الرحيم. (فكان) في نسخة: "وكان" وفيها ضمير الشأن هو اسمها وخبرها (يكون لهم أرواح) وعبر فيه بالمضارع؛ استحضارًا، أو إرادة

للاستمرار، والأرواح: جمع ريح، وقد يقال في جمعه: أرياح، ومعناه: لهم ريح كريهة، يقال: أراح اللّحم: أنتن. (لو اغتسلتم) [جواب (لو) محذوف؛ أي: لذهب عنكم تلك الراوئح الكريهة أو] (¬1) هي للتمني، فلا جواب لها. (رواه) أي: الحديث، وفي نسخة: "وقال همام" أي: ابن يحيى ابن دينار. 2072 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ المِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ". [فتح: 4/ 303] (عيسى بن يونس) لفظ (ابْن يونس) ساقط من نسخة. (عن ثور) أي: ابن يزيد. (عن المقدام) أي: ابن معدي كرب الكندي. (عن رسول الله) في نسخة: "عن النبي). (ما أكل أحد) زاد في نسخة: "من بني آدم". (يده) في نسخة: "يديه". (وإن نبي الله داود .. إلى آخره) خصَّ داود بالذكر مع أنّ بعضهم شاركه في ذلك؛ لأن اقتصاره في أكله على ما يعمل بيده لم يكن من الحاجة؛ لأنه كان خليفة في الأرض، بل كان من طريق الأفضل؛ ولهذا أورد النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قصته في مقام الاحتجاج بها على ما قدمه من أنّ خير الكسب عمل اليد. 2073 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ دَاوُدَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَانَ لَا يَأْكُلُ إلا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ". [3417، 4713 - فتح: 4/ 303] ¬

_ (¬1) من (م).

16 - باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع، ومن طلب حقا فليطلبه في عفاف

(عبد الرزّاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (أنّ داود) زاد في نسخة: "النَّبيّ". 2074 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ". [انظر: 1470 - مسلم: 1042 - فتح: 4/ 303] (لأن) بفتح اللام، هي لام قسم مقدر، أو لام ابتداء. (خير) زاد في نسخة: "له". 2075 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ".] [انظر: 1471 - فتح: 4/ 304] (وكيع) أي: ابن الجراح. (أحبله) جمع حبل، كفلس وأفلس، وزاد في نسخة: "خير من أنّ يسأل النَّاس". وفي أحاديث الباب أنّ التكسب لا يقدح في التوكل، ومرَّ الحديثان الأخيران في كتاب: الزَّكاة (¬1). 16 - بَابُ السُّهُولَةِ وَالسَّمَاحَةِ فِي الشِّرَاءِ وَالبَيْعِ، وَمَنْ طَلَبَ حَقًّا فَلْيَطْلُبْهُ فِي عَفَافٍ 2076 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى". [فتح: 4/ 306] ¬

_ (¬1) سبقا برقم (1470، 1471) كتاب: الزَّكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة.

17 - باب من أنظر موسرا

(باب: السهولة والسماحة في الشراء والبيع، ومن طلب حقًّا فليطلبه في عفاف) في نسخة: "عن عفاف" وهو بفتح العين: الكف عن الحرام والسؤال من النَّاس. (والسهولة) ضدَّ الصعوبة. (والسماحة) السخاء والجود. (ومن طلب حقًّا إلى آخره) عطف على السهولة. (رحم الله رجلًا) يحتمل الدُّعاء والخبر. (سمحًا) بسكون الميم. (وإذا اقتضى) أي: طلب قضاء حقه. 17 - بَابُ مَنْ أَنْظَرَ مُوسِرًا (باب: من أنظر موسرًا) أي: تجاوز الله عنه [كما يؤخذ من الحديث الآتي وإذا تجاوز عنه] (¬1) في إنظاره الموسر ففي إنظاره المعسر أولى. 2077 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، أَنَّ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَلَقَّتِ المَلائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، قَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الخَيْرِ شَيْئًا؟ قَال: كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنِ المُوسِرِ، قَال: قَال: فَتَجَاوَزُوا عَنْهُ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ: "كُنْتُ أُيَسِّرُ عَلَى المُوسِرِ، وَأُنْظِرُ المُعْسِرَ"، وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ، وَقَال أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ: "أُنْظِرُ المُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ المُعْسِرِ"، وَقَال نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ: "فَأَقْبَلُ مِنَ المُوسِرِ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ المُعْسِرِ". [2391، 3451 - مسلم: 1560 - فتح: 4/ 307] (أَحمد بن يونس) نسبة إلى جده، وإلا فهو أحمد بن عبد الله ¬

_ (¬1) من (م).

18 - باب من أنظر معسرا

ابن يونس. (زهير) أي: ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي. (منصور) أي: ابن المعتمر. (تلقت) أي: استقبلت. (فتياني) بكسر الفاء أي: خدَّامي. (أنّ ينظروا) بضم أوله وكسر ثالثه: أن يمهلوا المعسر. (ويتجاوزوا) أي: يتسامحوا في الاستيفاء عن الموسر متعلّق بـ (يتجاوزوا)، ويحتمل تعلّقه به و (ينظروا) على جهة التنازع وهو الموافق لما في التّرجمة. (فتجاوزوا) بفتح الواو، وفي نسخة: بكسرها على الأمر، فيكون من قوله تعالى لملائكته. (وقال أبو مالك) هو سعد بن طارق الأشجعي، وزاد في نسخة قبل "وقال: قال أبو عبد الله" أي: البخاريّ. (وتابعه) أي: أبا مالك في قوله (وانظروا المعسر). (عن ربعي) أي: عن حذيفة. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. 18 - بَابُ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا (باب: من أنظر معسرًا) أي: تجاوز الله عنه. 2078 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَال لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ". [3480 - مسلم: 1562 - فتح: 4/ 308] (الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة: وهو محمّد بن الوليد بن عامر.

19 - باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا

19 - بَابُ إِذَا بَيَّنَ البَيِّعَانِ وَلَمْ يَكْتُمَا وَنَصَحَا وَيُذْكَرُ عَنِ العَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، قَال: كَتَبَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ العَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، بَيْعَ المُسْلِمِ مِنَ المُسْلِمِ، لَا دَاءَ وَلَا خِبْثَةَ، وَلَا غَائِلَةَ" وَقَال قَتَادَةُ: "الغَائِلَةُ الزِّنَا، وَالسَّرِقَةُ، وَالإِبَاقُ" وَقِيلَ لإِبْرَاهِيمَ: إِنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ يُسَمِّي آرِيَّ خُرَاسَانَ، وَسِجِسْتَانَ، فَيَقُولُ: جَاءَ أَمْسِ مِنْ خُرَاسَانَ، جَاءَ اليَوْمَ مِنْ سِجِسْتَانَ، فَكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً وَقَال عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: "لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يَبِيعُ سِلْعَةً يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا دَاءً إلا أَخْبَرَهُ". (باب: إذا بيَّن البيِّعان) أي: ما في المبيع من العيب. (ولم يكتما) أي: ما فيه منه. (ونصحا) عطف على (بيَّن البيِّعان)، وهو من عطف الخاص على العام، وجواب (إذا) محذوف؛ أي: بورك لهما في بيعهما. (عن العدَّاء) بتشديد الدال المهملة والمد. (هذا ما اشترى محمّد رسول الله .. إلى آخره) قيل: إنّه مقلوب؛ إذ المشتري هو العدَّاء لا محمّد. وأجيب: بأن اشترى يكون بمعنى: باع، أو أنّ الواقعة متعددة. (بيع المسلم المسلم) برفع (بيع) خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو، ونصبه بنزع الخافض؛ أي: كبيع المسلم، وفي نسخة: "بيع المسلم من المسلم". وذكر المسلم جري على الغالب؛ ولأنَّه الّذي ينتفع بالنصح، وإلا فالذمي كالمسلم في النصح وعدم الغش. (لا داء) أي: لا عيب. (ولا خبثة) بكسر المعجمة، وحكي ضمها وفتحها وسكون الموحدة وفتح المثلثة؛ أي: ولا مسبي من قومٍ لهم عهد، أو لا حرام. (ولا غائلة) بالهمز. (ولا فجور) وهو أعم من قوله: (قال قتادة: الغائلة:

الزِّنا إلى آخره). (وقيل لإبراهيم) أي: النخعي. (النخاسين) بمعجمة، أي: الدلالين. (يسمى: آري خرسان وسجستان) بفتح الهمزة الممدودة وكسر الراء وتشديد التحتية على الصواب: مربط الدابة، أو إصطبلها، و (خراسان) (¬1): الإقليم المعروف، موطن الكثير من علماء المسلمين، و (سجستان) (¬2) بكسر أوله وثانيه: أسم للديار الّتي قصبتها زرنج، بفتح الزاي والراء وسكون النون وبالجيم، وهي خلف كرمان بمسيرة مائة فرسخ، ويقال لها: سجز بكسر أوله وبسكون الجيم وبالزاي. (يكرهه كراهة شديدة) أي: لما تضمنه من الغش والتدليس على المشتري؛ لأنه يظن بذلك أنها مجلوبة من المحلين المذكورين. (إلا أخبره) في نسخة: "إلا أخبر به". 2079 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، رَفَعَهُ إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، - أَوْ قَال: حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا". [2082، 2108، 2110، 2114 - مسلم: 1532 - فتح: 9/ 304] (رفعه) أي: الحديث. (البيعان) بتشديد التحتية. (بورك لهما في بيعهما) أي: أكثر نفع عوضيهما المبيع والثّمن، فبيع بمعنى: مبيع. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 350 - 354. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 3/ 190 - 192.

20 - باب بيع الخلط من التمر

20 - بَابُ بَيْعِ الخِلْطِ مِنَ التَّمْرِ (باب: بيع الخلط من التّمر) بكسر المعجمة: التّمر المجتمع من أنواع متفرقة، وقيل: نوع رديء من التّمر. 2080 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الجَمْعِ، وَهُوَ الخِلْطُ مِنَ التَّمْرِ، وَكُنَّا نَبِيعُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، وَلَا دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ". [مسلم: 1595 - فتح: 4/ 311] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (شيبان) أي: ابن يحيى. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (نرزق) بالبناء للمفعول، أي: نعطى. (تمر الجمع) بفتح الجيم وسكون الميم. (وهذا الخلط من التّمر) بكسر الخاء، كما مرَّ. 21 - بَابُ مَا قِيلَ فِي اللَّحَّامِ وَالجَزَّارِ (باب: ما قيل في اللحّامِ) أي: بياع اللّحم. (والجزار) أي: الّذي يجزر أي: الّذي ينحر الإبل. 2081 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَال: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ، فَقَال لِغُلامٍ لَهُ قَصَّابٍ: اجْعَلْ لِي طَعَامًا يَكْفِي خَمْسَةً، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَإِنِّي قَدْ عَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الجُوعَ، فَدَعَاهُمْ، فَجَاءَ مَعَهُمْ رَجُلٌ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا قَدْ تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، فَأْذَنْ لَهُ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ يَرْجِعَ رَجَعَ". فَقَال: لَا، بَلْ قَدْ أَذِنْتُ لَهُ. [2456، 5434، 5461 - مسلم: 2036 - فتح: 4/ 312] (شقيق) أي: ابن سلمة أبو وائل. (عن أبي مسعود) هو عقبة بن عامر. (قصاب) أي: جزار. (فأذن له) ساقط من نسخة.

22 - باب ما يمحق الكذب والكتمان في البيع

22 - بَابُ مَا يَمْحَقُ الكَذِبُ وَالكِتْمَانُ فِي البَيْعِ (باب: ما يمحق) أي: يذهبه. (الكذب) الواقع من البائع والمشتري في مدح عوضيهما. (والكتمان) منهما في عيب عوضيهما (في البيع) تنازعه الكذب والكتمان. 2082 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ المُحَبَّرِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا الخَلِيلِ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، - أَوْ قَال: حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا". [انظر: 2079 - مسلم: 1532 - فتح: 4/ 312] (أبا الخليل) هو صالح بن أبي مريم. (البيِّعان بالخيار إلى آخره) مَرَّ قريبًا (¬1). 23 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 130] (باب: قول الله تعالى) في نسخة: "-عَزَّ وَجَلَّ-". ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}) أي: كما كان أهل الجاهلية يقولون للمدين إذا حل دينه المؤجل، إمّا أنّ تقضي، وإما أن تربي، فإن قضاه وإلا زاد في المدة وزاد، الآخر في القدر، فيضاعف القليل حتّى يصير كثيرًا مضاعفًا. ¬

_ (¬1) سلف قبله بحديثين.

24 - باب آكل الربا وشاهده وكاتبه

({وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي: راجين الفلاح. 2083 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لَا يُبَالِي المَرْءُ بِمَا أَخَذَ المَال، أَمِنْ حَلالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ". [انظر: 2059 - فتح: 4/ 313] (ابْن أبي ذئب) هو محمّد بن عبد الرّحمن. (لا يبالي المرء [بما أخذ] (¬1) المال) أي: باي شيء أخذه، وأثبت ألف ما الاستفهامية الداخل عليها حرف الجر وهو قليل، والحديث ساقط من نسخة. 24 - بَابُ آكِلِ الرِّبَا وَشَاهِدِهِ وَكَاتِبِهِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا، وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا، فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275] (باب: آكل الربا) بمد همزة (آكل) وكسر كافه وبقصر (الربا) ومده شاذ، وهو لغة: الزيادة، وشرعًا: عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشّرع حالة العقد، أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح الروض" وغيره (¬2). (وشاهده) في نسخة: "وشاهديه". (وكاتبه) وقضية العطف: ¬

_ (¬1) في (أ): بأخذ المال، وما أُثبت من (م) وهو الصواب. (¬2) الربا بالقصر وألفه بدل من واو يكتب بها وبالياء ويقال فيه: الرماء بالميم والمد وهو أنواع ربا الفضل: وهو البيع مع زيادة أحد العوضين على الآخر، وربا اليد: وهو البيع مع تأخير قبضهما، أو قبض أحدهما، وربا النسيئة: =

أن الكاتب غير الشاهد، وعليه العمل ببلاد المغرب. ({الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}) أي: يأخذونه، وإنما عبر بالأكل؛ لأنه أعظم المنافع، ولأن الربا في المطعومات أغلب ({لَا يَقُومُونَ}) أي: من قبورهم. ({إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ}) أي: إلا قيامًا كقيام المصروع. ({مِنَ الْمَسِّ}) أي: الجنون. (ذلك) أي: العقاب. ({إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}) أي: في الجواز، والمراد: أنهم قالوا: إنما الربا مثل البيع، وإنما عدلوا عنه إلى ذلك للمبالغة، وهو أنه قد بلغ من اعتقادهم في حل الربا أنهم جعلوه أصلًا في الحل حتى شبهوا به البيع. ({فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ}) عظة. ({فَانْتَهَى}) أي: عن أكله. ({فَلَهُ مَا سَلَفَ}) أي: قبل النهي، فلا يسترد منه. ({وَمَنْ عَادَ}) أي: إلى تحليل الربا وأكله. ({فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} " في نسخة بعد قوله ({مِنَ الْمَسِّ}): "إلى قوله: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ". 2084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَمَّا نَزَلَتْ آخِرُ البَقَرَةِ "قَرَأَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فِي المَسْجِدِ، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ". [انظر 459 - مسلم: 1580 - فتح: 4/ 313] (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. ¬

_ = وهو البيع لأجلٍ، وزاد المتولي ربا القرض، ويمكن عوده لربا الفضل قاله الزركشي. انظر: "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 2/ 31. "فتح الوهاب" 1/ 161.

(آخر البقرة) هو قوله: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} إلى قوله: {(ولَا يُظْلَمُونَ} ومرَّ الحديث في أبواب: المساجد من كتاب: الصّلاة (¬1). 2085 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ فَقَال: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا". [انظر: 845 - مسلم: 2275 - فتح: 4/ 313] (أبو رجاء) هو عمران العطاردي. (رأيت) في نسخة: "أريت" بضم الهمزة. (رجلين) هما جبرائيل وميكائيل. (على نهر) بفتح الهاء وسكونها. (وعلى وسط النهر) في نسخة: "على وسط النهر" بلا واو فعليها الظرف متعلّق بقائم، وعلى الأوّل متعلّق بمحذوف هو خبر مبتدإِ محذوف؛ أي: وهو كائن على وسط النهر، والجملة حالية، ولا يجوز أن يكون خبرًا مقدمًا على المبتدإِ بعدها، وهو (رجل بين يديه حجارة) لمخالفة ذلك سائر الروايات؛ لأن الّذي بين يديه حجارة هو على شط النهر لا على وسطه، كما مر في آخر الجنائز (¬2) لا سيما، وفي نسخة: "وفي رجل بين يديه حجارة" بالواو، ولا يفصل بين المبتدإِ والخبر، فخبر هذا ¬

_ (¬1) سلف برقم (459) كتاب: الصّلاة، باب: تحريم تجارة الخَمْرِ في المسجد. (¬2) سلف برقم (1386) كتاب: الجنائز.

25 - باب موكل الربا

المبتدأ (بين يديه حجارة). (فقلت) أي: لجبرائيل وميكائيل. (فقال: الّذي رأيته في النهر: آكل الربا) هو موضع التّرجمة، لكن ليس فيه ذكر لشاهد الربا وكاتبه، ولعلّه تركهما؛ لأنهما في معنى الآكل لرضاهما بذلك، أو لأنه لم يجد فيهما حديثًا على شرطه. قال شيخنا: أو لعلّه أشار إلا ما ورد فيهما صريحًا، كخبر مسلم وغيره عن جابر: (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه) (¬1). 25 - بَابُ مُوكِلِ الرِّبَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 278 - 281]، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [4544] (باب: موكل الربا) أي: مطعمه. (لقوله) في نسخة: "لقول الله". ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1589) كتاب: المساقاة، باب: لعن آكل الربا ومؤكله. وأحمد 3/ 304. وابن الجارود 2/ 215 - 216 (646) باب: ما جاء في الربا. والبيهقي 5/ 275 كتاب: البيوع. باب: ما جاء من التشديد في تحريم الربا. وانظر: "الفتح" 4/ 314.

({فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ}) أي: فاعلموا بها. ({وَإِنْ كَانَ} أي: وقع غريم. ({ذُو عُسْرَةٍ}) أي: عسر. ({فَنَظِرَةٌ}) أي: فعليكم نظره؛ أي: إنظاره. ({إِلَى مَيْسَرَةٍ}) أي: يسار. ({وَأَنْ تَصَدَّقُوا}) أي: بالإبراء. (خير لكم) أي: أكثر ثوابًا من الإنظار، أو ممّا تأخذون؛ لمضاعفة ثوابه، وفي نسخة بعد قوله: " {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} إلى قوله {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ". وفي أخرى: "إلى {مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ". (هذه) أي: آية ({وَاتَّقُوا يَوْمًا}. 2086 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَال: رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ فَقَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ وَثَمَنِ الدَّمِ، وَنَهَى عَنِ الوَاشِمَةِ وَالمَوْشُومَةِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ المُصَوِّرَ". [2238، 5347، 5945، 5162 - فتح: 4/ 314] (حَجَّامًا) زاد في آخر البيع فأمر بمحاجمه فكسرت. (فسألته) أي: عن كسر المحاجم: وهي الآلة الّتي يحجم بها. (عن ثمن الكلب) أي: ولو معلمًا. (وثمن الدم) أي: أجرة الحجامة، ونهى عنها؛ لكون عوضها في مقابلة مخامرة النّجاسة، أو ما يقاربها، والنهي عنها للتنزيه، وهو محمول على ما إذا كانت لغير تداوٍ، وعلى اشتراط الأجرة فيها، وإلا فهي جائزة، فقد: احتجم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحاجم أجره (¬1). (ونهى) ولفظ: (نهى) ساقط من نسخة. (عن الواشمة) أي: الفاعلة للوشم: وهي أن يغرز الجلد بإبرة ثمّ يحشى بكحل، أو نيل ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2278) كتاب: الإجارة، باب: خراج الحجام.

26 - باب: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم} [البقرة: 276]

فيزرق أثره، أو يخضر. (والموشومة) أي: المفعول بها ذلك، وإنّما نَهَى عن الوشم؛ لما فيه من تغيير خلق الله. (ولعن المصور) أي: للحيوان لا لغيره كالشجر. 26 - بَابٌ: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276] (¬1). (باب: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا}) أي: يذهب بركته. ({وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}) أي: يزيد ثوابها ويبارك فيما أخرجت منه. ({وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}) في نسخة: " {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} الآية". 2087 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال ابْنُ المُسَيِّبِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "الحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ". [مسلم، 1606 - فتح: 4/ 315] (عن يونس) ابن يزيد. (الحلف) أي: الكاذب. (منفقة) بفتح أوله وثالثه وسكون ثانيه، من نفق البيع إذا راج إلى مزيده. (للسلعة) أي: المبتدع. (ممحقة) بفتح أوله وثالثه وسكون ثانيه، أي: مذهبه، وفي نسخة: بلفظ اسم الفاعل على اللفظين؛ أي: بضم ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 62: مقصود بالحديث أنه تبين أنّ المحق في الربا للبركة المؤدى إلا محق العدد كما أنّ المحق للبركة لا لزيادة العدد وكثرة النمى في الحال بالربا، وإن كان في الحال زيادة في الصورة والعدد فهو في المعنى محقة للبركة المودية إلى محق العدد.

27 - باب ما يكره من الحلف في البيع

الأوّل وفتح الثّاني وكسر الثّالث مشدَّد، والهاء فيهما للمبالغة، أو التأنيث بتأويل الحلف باليمين. 27 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الحَلِفِ فِي البَيْعِ (باب: ما يكره من الحلف في البيع) وإن كان صادقًا. 2088 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا العَوَّامُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً وَهُوَ فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِ لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ" فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] [2675، 4551 - فتح: 4/ 316] (هشيم) أي: ابن بشير بالتصغير فيهما. (العوَّامُ) أي: ابن حوشب الشيباني. (أقام سلعة) أي: روجها من قولهم: قامت السوق؛ أي: راجت. (فحلف بالله) يحتمل أن يكون هو اليمين، وجوابه: (لقد أعطى) وأن يكون جملة الحلف (ولقد) جواب القسم المحذوف؛ أي: فقال: والله لقد. (أعطى) مبنيٌّ للفاعل، أو للمفعول. (بها) أي: بدل سلعته. (ما لم يعط) بكسر الطاء وفتحها، والمعنى على الثّاني ظاهر، وعلى الأوّل أنه دفع في ثمنها لبائعها له ما لم يكن دفعه له. (من المسلمين) التقييد بهم جري على الغالب. (بعهد الله) أي: بما عاهدوه عليه من الإيمان بالرسول. (وأيمانهم) عطف على (عهد الله). (ثمنًا قليلًا) هو متاع الدنيا، وزاد في نسخة: "الآية".

28 - باب ما قيل في الصواغ

28 - بَابُ مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ وَقَال طَاوُسٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُخْتَلَى خَلاهَا"، وَقَال العَبَّاسُ: إلا الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، فَقَال: "إلا الإِذْخِرَ". (باب: ما قيل في الصَوَّاغ) بفتح المهملة وتشديد الواو: من يعمل الصياغة، والمراد بهذه التّرجمة، وبالتراجم الآتية المذكور فيها أصحاب الصنائع: التنبيه على أنّ هذه الصنائع كانت في زمن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأنه أقرها، فكانت جائزة. (لا يختلى خلاها إلى آخره) مرَّ شرحه في: الحجِّ (¬1). 2089 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ، قَال: "كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغْنَمِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرُسِي". [2375، 3091، 4003، 5793 - مسلم: 1979 - فتح: 4/ 316] (عبدان) لقب عبد الله بن عثمان. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (ابْن حسين) في نسخة: "ابن الحسين". (شارف) أي: مسبَّة من الإبل. (أن ابْتَني بفاطمة) أي: أدخل بها، والأصل فيه: أن الداخل بأهله كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله بها، فقيل: لكل داخل بأهله بانٍ، وفيما ذكر ردٌّ على من قال: إن التعبير بـ (ابتنى) بأهله خطأ، وإنما يقال: ابتنى على أهله. (قينقاع) بتثليث ¬

_ (¬1) سلف برقم (1833) كتاب: جزاء الصَّيد، باب: لا ينفر صيد الحرم.

29 - باب ذكر القين والحداد

النون، كما مرَّ مع شرح الحديث (¬1). وفيه: أنّ طعام العرس على النِّكاح، وجواز معاملة الصائغ وإن كان كافرًا. 2090 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لَا يُخْتَلَى خَلاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُلْتَقَطُ لُقْطَتُهَا إلا لِمُعَرِّفٍ" وَقَال عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ: إلا الإِذْخِرَ، لِصَاغَتِنَا وَلِسُقُفِ بُيُوتِنَا، فَقَال: "إلا الإِذْخِرَ"، فَقَال عِكْرِمَةُ: هَلْ تَدْرِي مَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا؟ هُوَ أَنْ تُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ وَتَنْزِلَ مَكَانَهُ، قَال عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا. [انظر: 1349 - مسلم: 1353 - فتح: 4/ 317] (حَدَّثَنَا) في نسخة: "حدثني". (إسحاق) أي: ابن شاهين الواسطي. (عن خالد) أي: الحذاء. (حلَّت) في نسخة: "أحلَّت". (ولا يلتقط) بتحتية مضمومة، وفي نسخة: بفوقية مضمومة، ومرَّ شرح الحديث في باب: كتابة العلم (¬2). 29 - بَابُ ذِكْرِ القَيْنِ وَالحَدَّادِ (باب: ذكر القَينِ) بفتح الثقات. (والحدَّاد) ساقط من نسخة، وعطفه على (القين) عطف تفسير، إذ القين يطلق على العبد والصائغ والحداد. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2048) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10، 11]. (¬2) سلف الحديث برقم (112) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم.

30 - باب ذكر الخياط

2091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَال: كُنْتُ قَيْنًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي عَلَى العَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، قَال: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: "لَا أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ تُبْعَثَ"، قَال: دَعْنِي حَتَّى أَمُوتَ وَأُبْعَثَ، فَسَأُوتَى مَالًا وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَ، فَنَزَلَتْ: [مريم: 77 - 78] (حَدَّثَنَا محمّد) في نسخة: "حدثني محمّد". (ابْن أبي عدي) اسمه: محمّد. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح. (عن مسروق) ابن عبد الرّحمن الأجدع. (عن خباب) أي: ابن الأرت. (فقلت: لا أكفر حتّى يميتك الله ثمّ تبعث) أي: والكفر بعد ذلك غير ممكن، فكأنه قال: لا أكفر أبدًا، فيكون كقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]، وهي لا تمكن لسبقها فلا موت أصلًا، وأيضًا فالعاصي لا يقر بالبعثة، فكأن خبابًا علّق على محال. (فأقضيك) بالنصب وبالسكون. (أطلع الغيب أم أتخذ عند الله عهدًا) ساقط من نسخة. 30 - بَابُ ذِكْرِ الخَيَّاطِ (باب: ذكر الخياط) لفظ: (ذكر) ساقط من نسخة. 2092 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا وَمَرَقًا، فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَاليِ القَصْعَةِ"، قَال: "فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ". [5379، 5420، 5433، 5435، 5436، 5437، 5439 - مسلم: 3041 - فتح: 4/ 318]

31 - باب ذكر النساج

(ابْن أبي طلحة) ساقط من نسخة. (دباء) بضم الدال، وتخفيف الموحدة؛ أي: قرع، وواحده دُبَّاءة. (وقديد) بمعنى: مقدود: وهو اللّحم المملح المجفف في الشّمس قاله ابن الأثير (¬1). (حواليَ القصعة) بفتح القاف. وفي الحديث: إجابة الدّعوة، وأن الصحفة الّتي قُرِّبت إليه كانت مختصة به؛ إذ المشتركة إنّما يأكل منها ممّا يليه، وفيه: جواز الإجارة على الخياطة للحاجة إليها وإن اشتملت على منفعة وأعيان يأتي فيها الخياط وهي غير منضبطة. 31 - بَابُ ذِكْرِ النَّسَّاجِ (باب: ذكر النساج) لفظ: (ذكر) ساقط من نسخة. 2093 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَال: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ، قَال: أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ فَقِيلَ لَهُ: نَعَمْ، هِيَ الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْسُنِيهَا. فَقَال: "نَعَمْ". فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَطَوَاهَا ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَال لَهُ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلًا، فَقَال الرَّجُلُ: وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إلا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ، قَال سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ. [انظر: 1277 - فتح: 4/ 318] (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار الأعرج. (ببردة) يأتي تفسيرها. (قال: أتدرون؟) في نسخة: "فقال ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 4/ 22.

32 - باب النجار

أتدرون؟ ". (فقيل: نعم هي الشملة) ويقال: إنها كساء مربَّع. (منسوج) في نسخة: "منسوجة" (في حاشيتها) أي: منسوخة فيها حاشيتها فهو مقولب. (محتاجًا) حال، وفي نسخة: "محتاج" خبر مبتدإٍ محذوف والجملة: حال. (فقال رجلٌ) هو عبد الرّحمن بن عوف. (علمت) في نسخة: "عرفت" ومرَّ شرحُ الحديث في باب: من استعدَّ الكفن: من كتاب: الجنائز (¬1). 32 - بَابُ النَّجَّارِ (باب: النَّجَّار) في نسخة: "باب: النجارة". 2094 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَال: أَتَى رِجَالٌ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ المِنْبَرِ، فَقَال: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فُلانَةَ، امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ: "أَنْ مُرِي غُلامَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلُ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ"، فَأَمَرَتْهُ يَعْمَلُهَا مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ. [انظر: 377 - مسلم: 544 - فتح: 4/ 319] (عبد العزيز) أي: ابن أبي حازم. (إلى) ساقط من نسخة. (غلامك) اسمه: باقوم بميم، أو باقول بلام، أو قبيصة، أو ميمون، أو مينا، أو إبراهيم، أو كلاب، أو تميم الداري. أقوالٌ أشهرها الأوّل. (يعمل لي أعوادًا أجلس عليهن) برفع الفعلين، وفي نسخة بجزمهما؛ جواب الأمر. ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (1277) كتاب: الجنائز، باب: من استعدَّ الكفن في زمن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر عليه.

33 - باب شراء [الإقسام] الحوائج بنفسه

(يعملها) بفتح التحتية، والميم وسكون العين وضم اللام، وفي نسخة: "بعملها" بموحدة مكسورة، وفتح العين والميم، وكسر اللام. (الغابة) موضع من عوالي المدينة من جهة الشّام (¬1). (عليه) أي: على المنبر المعمول من الأعواد. 2095 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلامًا نَجَّارًا قَال: "إِنْ شِئْتِ"، قَال: فَعَمِلَتْ لَهُ المِنْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ الَّذِي صُنِعَ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا، حَتَّى كَادَتْ تَنْشَقُّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَخَذَهَا، فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ، حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قَال: "بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ". [انظر: 449 - فتح: 4/ 319] (أن امرأةً إلى آخره) لا ينافي ما مرَّ من قوله لها: (مري إلى آخره)؛ لاحتمال أنه بلغها أنه - صلى الله عليه وسلم - يريد عمل المنبر، فلما بعث إليها بدأته بقولها: (ألا أجعل لك شيئًا تقعد عليه). فقال لها: (مري غلامك). (الّتي كان) في نسخة: "الّتي كانت". (أن تنشق) لفظ: (أن) ساقط من نسخة. (يسكت) بالبناء للمفعول من التسكيت، ومرَّ شرح الحديث وما قبله في الجمعة (¬2). 33 - بَابُ شِرَاءِ [الإقسام] الحَوَائِجَ بِنَفْسِهِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اشْتَرَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَلًا مِنْ عُمَرَ. [2115]، [وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِنَفْسِهِ] ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 182. (¬2) سلف الحديث برقم (918) كتاب: الجمعة، باب: الخطبة على المنبر.

34 - باب شراء الدواب والحمر

وَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: جَاءَ مُشْرِكٌ بِغَنَمٍ، فَاشْتَرَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ شَاةً. [2116]، وَاشْتَرَى مِنْ جَابِرٍ بَعِيرًا. [انظر: 443] (باب: شراء الإمام الحوائج بنفسه) التّرجمة ساقط من نسخة، ولفظ: (الإمام) ساقط من أخرى، وعليها لا بد من تقدير الإمام، أو الرَّجل ليعود عليه ضمير (بنفسه). (اشترى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - جملًا من عمر) زاد في نسخة: "واشترى ابن عمر بنفسه" أو إبلًا، وهو تعليق ثان علقه نواس، كما سيأتي في باب: شراء الإبل الهيم (¬1)، والأول علقه ابن عمر كما ترى. 2096 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ". [انظر: 2068 - مسلم: 1603 - فتح: 4/ 319] (اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يهودي إلى آخره) مرَّ شرحه في باب: شراء النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة (¬2). 34 - بَابُ شِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالحُمُرِ وَإِذَا اشْتَرَى دَابَّةً أَوْ جَمَلًا وَهُوَ عَلَيْهِ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: "بِعْنِيهِ" يَعْنِي جَمَلًا صَعْبًا. (باب: شراء الدواب والحمير) في نسخة: "والحمر". ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2099) كتاب: البيوع، باب: شراء الإبل الهيم أو الأجرب. (¬2) سلف الحديث برقم (206) كتاب: البيوع، باب: شراء النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة.

وعطفها على الدواب من عطف الخاصِّ على العامِّ، وكذا العطف في قوله: (وإذا اشترى دابةً، أو جملًا). (وهو) أي: والبائع. (عليه) أي: على المبيع. (هل يكون ذلك) أي: الشراء المذكور. (قبضًا قبل أن ينزل) أي: البائع، فيه: خلاف، والمشهور: أنه ليس بقبض، وقوله: (وإذا اشترى إلى آخره) من جملة التّرجمة. 2097 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ، فَأَبْطَأَ بِي جَمَلِي وَأَعْيَا، فَأَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال "جَابِرٌ": فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "مَا شَأْنُكَ؟ " قُلْتُ: أَبْطَأَ عَلَيَّ جَمَلِي وَأَعْيَا، فَتَخَلَّفْتُ، فَنَزَلَ يَحْجُنُهُ بِمِحْجَنِهِ ثُمَّ قَال: "ارْكَبْ"، فَرَكِبْتُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَكُفُّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تَزَوَّجْتَ" قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا" قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَال: "أَفَلا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ" قُلْتُ: إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ، وَتَمْشُطُهُنَّ، وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَال: "أَمَّا إِنَّكَ قَادِمٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ، فَالكَيْسَ الكَيْسَ"، ثُمَّ قَال: "أَتَبِيعُ جَمَلَكَ" قُلْتُ: نَعَمْ، فَاشْتَرَاهُ مِنِّي بِأُوقِيَّةٍ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلِي، وَقَدِمْتُ بِالْغَدَاةِ، فَجِئْنَا إِلَى المَسْجِدِ فَوَجَدْتُهُ عَلَى بَابِ المَسْجِدِ، قَال: "آلْآنَ قَدِمْتَ" قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "فَدَعْ جَمَلَكَ، فَادْخُلْ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ"، فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَأَمَرَ بِلالًا أَنْ يَزِنَ لَهُ أُوقِيَّةً، فَوَزَنَ لِي بِلالٌ، فَأَرْجَحَ لِي فِي المِيزَانِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى وَلَّيْتُ، فَقَال: "ادْعُ لِي جَابِرًا" قُلْتُ: الآنَ يَرُدُّ عَلَيَّ الجَمَلَ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ، قَال: "خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح: 4/ 320] (عبد الوهّاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (في غزاة) هي ذات الرّقاع، أو تبوك. (وأعيا) أي: تعب وكلَّ، ويستعمل لازمًا ومتعديًا. يقال: أعي الرَّجل وأعياه الله. (فقال: جابر)

بغير تنوين؛ لأنه منادى حذف منه حرف النِّداء، كما في قوله تعالى: {يوُسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: 29]. (يحجنه) بضم الجيم والنون أي: يجذبه (بمحجنه) أي: بعصا أي: معوجة من طرفها كالصولجان يعدها الراكب لالتقاط ما يسقط منه. (رأيته) في نسخة: "رأيت". (أكُفَه) حال أي: رأيت الجمل حالة كوني أمنعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتجاوزه. (تزوجت؟) أي: أتزوجت؟ بتقدير همزة الاستفهام. (بكرًا أم ثيِّبًا) [في نسخة: "أبكر أم ثيب" والثيب من ليس ببكر، ويطلق على الذكر والأنثى، يقال: رجل ثيب وامرأة ثيب. (بل ثيبًا)] (¬1) هي سهيلة بنت شمعون الأوسية. (جارية) أي: بكرًا. (وتقوم) في نسخة: "فتقوم". (أما) بالتخفيف: حرف تنبيه. (الكيس) بفتح الكاف، وبالنصب على الإغراء أي: الزم: وهو الجماع، أو العقل، أو الولد، وهو ما اقتصر عليه البخاريّ فيما سيأتي. والغرض: أنه حض جابرًا على استعمال الجماع، أو طلب العقل، أو التعقل فيه مخافة أنّ يكون ثمَّ مانع، كحيضٍ، أو طلب الولد. (فاشتراه) أي: الجمل، وفيه: مطابقة الحديث للترجمة، وقيس على شراء الجمل شراء غيره من الدواب. (بأوقية) بضم الهمزة وتشديد الباء وقد تخفف، ويقال فيها: وقية: وهي أربعون درهمًا، وفي رواية: بخمس أواقي وزاد أوقية (¬2)، وفي أخرى: بأوقيتين وردهم أو درهمين (¬3)، وفي ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) رواها بهذا اللّفظ مسلم (715) - 113 كتاب: المساقاة، باب: بيع البعير واستثناء ركوبه. (¬3) رواها أيضًا مسلم (715) 115 كتاب: المساقاة، باب: بيع البعير واستثناء ركوبه.

أخرى: بأوقية ذهب (¬1)، وفي أخرى: بأربعة دنانير (¬2) وفي أخرى: "بعشرين دينارًا" (¬3)، وجمع بينها بأنه قد روي من وجه صحيح أنه كان يزيده درهمًا درهمًا، وكلما زاده درهمًا يقول: قد أخذته بكذا، أو بأنَّ سبب اختلافها أنهم رووا الحديث بالمعنى، فالمراد: أوقية ذهب كما مر، وحمل عليها الرِّواية المطلقة، ومن روى خمس أواقي أراد من الفضة، فهي قيمة أوقية ذهب يومئذٍ، فالإخبار بوقية الذهب إخبار عمَّا وقع به العقد، وبالأواقي الفضة إخبار عمَّا حصل به الوفاء، وأمَّا رواية: أربعة دنانير فيحتمل أنها كانت يومئذٍ أوقية، ورواية: أوقيتين يحتمل أنّ إحداهما ثمن والأخرى مع قوله فيها درهمًا، أو درهمين زيادة بقرينة رواية: وزاد في أوقية، ورواية: وعشرين دينارًا محمولة على أنها كانت دنانير صغارًا. (قال) في نسخة: "فقال". (فأدخل) في نسخة: "وأدخل". (فأرجح) زاد في نسخة: "لي" الرجحان كان لي بإذنه - صلى الله عليه وسلم - (ادع) في نسخة: "ادعوا" بصيغة الجمع. (منه) أي: من الجمل، أو من رده. وفي الحديث: أنه لا بأس بطلب البيع من المالك، وسن نكاح البكر، وملاعبة الزوجين، والابتداء بالمسجد للقادم من السَّفر، وصلاة ركعتين، والزيادة في أداء الحق، وجواز الوكالة في أداء الحقوق، وفضيلة جابر حيث بدل حظ نفسه بمصلحة أخواته، وكرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعجزة له في انبعاث الجمل، وإسراعه بعد إعيائه. ¬

_ (¬1) ورواية "بأوقية ذهب" رواها البخاريّ أيضًا بنفس الرقم السابق تعليقًا. (¬2) أما رواية "بأربعة دنانير" رواها البخاريّ (2309) كتاب: الوكالة، باب: إذا وكل رجل أنّ يعطى شيئًا. (¬3) رواية البخاريّ (2718) كتاب: الشروط، باب: إذا اشترط البائع ظهر الدابة.

35 - باب الأسواق التي كانت في الجاهلية، فتبايع بها الناس في الإسلام

35 - بَابُ الأَسْوَاقِ الَّتِي كَانَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَتَبَايَعَ بِهَا النَّاسُ فِي الإِسْلامِ (باب: الأسواق الّتي كانت في الجاهلية فتبايع النَّاس بها) أي: فيها. (في الإسلام) أشار بذلك إلى أنّ مواضع أفعال الجاهلية، لا يمنع أنّ يفعل فيها الطاعات. 2098 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَتْ عُكَاظٌ، وَمَجَنَّةُ، وَذُو المَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلامُ تَأَثَّمُوا مِنَ التِّجَارَةِ فِيهَا"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]، فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ، قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَذَا. (علي بن عبد الله) لفظ: (عبد الله) ساقط من نسخة. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: "ابن دينار" كما في نسخة. (عكاظ ومجنة) بعدم صرفهما، وفي نسخة: بصرفهما. (تأثموا) أي: تجنبوا الإثم. (من التجارة) أي: من جهة الإثم الحاصل بها. (قرأ ابن عبّاس كذا) أي: بزيادة في مواسم الحجِّ، ومرَّ شرح الحديث في أول البيع (¬1). 36 - بَابُ شِرَاءِ الإِبِلِ الهِيمِ، أَوِ الأَجْرَبِ الهَائِمُ: المُخَالِفُ لِلْقَصْدِ فِي كُلِّ شَيْءٍ. (باب: شراء الإبل الهيم) بكسر الهاء وسكون التحتية، جمع أهيم ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2050) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في قول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10].

وهيماء وهي الإبل الّتي بها الهيام بضم الهاء وكسرها: وهو داء يكسبها العطش فتمص الماء مصًّا ولا تروى منه. (أو الأجرب) عطف على الهيم، والإنسب: أو الجرب بلفظ الجمع، ثمّ فسر البخاريّ على عادته في استطراده تفسير ما يناسب ما ذكر في المتن أو التّرجمة تفسير الهائم المشارك للهيم في مادته فقال: (الهائم: المخالف للقصد) فسقط بذلك الاعتراض عليه بأن الهيم ليس جمعًا لهائم. 2099 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: قَال عَمْرٌو: كَانَ هَا هُنَا رَجُلٌ اسْمُهُ نَوَّاسٌ وَكَانَتْ عِنْدَهُ إِبِلٌ هِيمٌ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَاشْتَرَى تِلْكَ الإِبِلَ مِنْ شَرِيكٍ لَهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ شَرِيكُهُ، فَقَال: بِعْنَا تِلْكَ الإِبِلَ فَقَال: مِمَّنْ بِعْتَهَا؟ قَال: مِنْ شَيْخٍ كَذَا وَكَذَا، فَقَال: وَيْحَكَ، ذَاكَ وَاللَّهِ ابْنُ عُمَرَ، فَجَاءَهُ فَقَال: إِنَّ شَرِيكِي بَاعَكَ إِبِلًا هِيمًا، وَلَمْ يَعْرِفْكَ قَال: فَاسْتَقْهَا، قَال: فَلَمَّا ذَهَبَ يَسْتَاقُهَا، فَقَال: دَعْهَا، رَضِينَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا عَدْوَى"، سَمِعَ سُفْيَانُ عَمْرًا. [2858، 5093، 5014، 5753، 5772 - مسلم: 2225 - فتح: 4/ 321] (علي بن عبد الله) لفظ: (ابْن عبد الله) ساقط من نسخة. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (نوَّاس) بفتح النون وتشديد الواو، وفي نسخة: كذلك وزيادة ياء في آخره، وفي أخرى: "نواس" بالكسر والتخفيف. (قال) في نسخة: "فقال". (ويحك) كلمة ترحم تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، بخلاف ويل فإنها كلمة عذاب تقال لمن وقع في هلكه يستحقها. (لم يعرفك) بفتح التحتية وسكون المهملة، وفي نسخة: بضم التحتية وفتح المهملة وتشديد الواو: لم يعلمك أنها هيم. (فاستقها) فعل أمر من الاستياق المأخوذ من السوق أي: استرجعها، ثمّ استدرك ابن عمر.

37 - باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها

(فقال) في نسخة: "قال". (دعها) أي: اتركها. (رضينا بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: بحكمه بأنه (لا عدوى) هي اسم من الإعداء، يقال: أعداه الدَّاء؛ أي: أصابه مثل ما يصاحبه الدَّاء، كأنه يكون ببعير جرب فيتقى مخالطته لأبعرة أخرى، حذرًا أنّ يتعدى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه، فأبطله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (لا عدوى) وسيأتي إيضاحه. (سمع سفيان عمرًا) ساقط من نسخة، وهو مقول علي بن عبد الله. 37 - بَابُ بَيْعِ السِّلاحِ فِي الفِتْنَةِ وَغَيْرِهَا وَكَرِهَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بَيْعَهُ فِي الفِتْنَةِ. (باب: بيع السلاح في الفتنة وغيرها) أي: بيان حكم بيعه في أيّام الفتنة وغيرها، هل هو مكروه أو لا؟ ولا ريب أنه مكروه، إن اشتبه الباغي، لاحتمال أن يكون البيع له، وحرام إن تحقق وكان البيع له، أما بيعه لغير الباغي فلا بأس ولأنه من باب التعاون على ما ينبغي فعله. (وكره عمران بن حصين بيعه في الفتنة) أي: كراهة تنزيه، أو تحريم، كان كان البيع صحيحًا على التقديرين. 2100 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حُنَيْنٍ، فَأَعْطَاهُ - يَعْنِي دِرْعًا - فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلامِ". [3142، 4321، 4322، 7170 - مسلم: 1751 - فتح: 2/ 322] (عن ابن أفلح) هو "عمر بن كثير" كما في نسخة. (عن أبي محمّد) هو نافع بن عياش. (عن أبي قتادة) هو الحارث بن ربعي. (حنين) منصرفة: وهو وادٍ بين مكّة والطائف وراء عرفات، وبينه

38 - باب في العطار وبيع المسك

وبين مكّة ثلاثة أميال (¬1). (فأعطاه) فيه التفات، إذ القياس فأعطاني. (فابتعت) أي: اشتريت. (به) أي: الدِّرع؛ أي: بثمنه. (مخرفًا) بفتح الميم والراء، أي: بستانًا. (لأوّل مال) في نسخة: "أو مال". (تأثَّلته) بمثلثة قبل اللام؛ أي: اتخذته أصلًا لمالي. 38 - بَابٌ فِي العَطَّارِ وَبَيْعِ المِسْكِ (باب: في العطَّار وبيع المسك) أي: بيان ما جاء فيهما، وقصد بالثّاني الرَّدّ على من كره بيع المسك؛ لأنَّ أصله دم. 2101 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَال: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ المِسْكِ وَكِيرِ الحَدَّادِ، لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ المِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ، أَوْ ثَوْبَكَ، أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً". (حدثني) في نسخة: "حَدَّثَنَا". (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (أبو بردة) [هو يزيد. (أبا بردة)] (¬2) هو عامر. (وكير الحداد) الكير: البناء الّذي يركب عليه الزقال في ينفخ فيه، ويطلق عليه الزق مجازًا للمجاورة، وقيل: الكير: هو الزق نفسه، والبناء اسمه: الكور كما مرَّ. (لا يعدمك) بفتح التحتية والدال من العدم، وبالضم والكسر: من الإعدام أي: لا يعدمك أحد الأمرين المذكورين في قوله: (إمّا .. إلى آخره). (بدنك) في نسخة: "بيتك". ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 313. (¬2) من (م).

39 - باب ذكر الحجام

39 - بَابُ ذِكْرِ الحَجَّامِ (باب: ذكر الحجَّام) أي: بيان ما جاء فيه. 2102 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا مِنْ خَرَاجِهِ". [2210، 2277، 2280، 2281، 5696 - مسلم: 1577 - فتح: 4/ 324] (حميد) أي: الطويل. (أبو طيبة) اسمه: نافع، وقيل: دينار، وقيل: ميسرة. (من خراجه) هو ما يقدِّره سيد العبد عليه من شيء في اليوم، أو الشهر، أو نحوه. وكان خراجه ثلاثة أصع فوضع عنه صاعًا. 2103 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ" وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ. (خالد) هو الحذاء. وفي الحديث: استعمال الأجير من غير تسمية أجرته وإعطاؤه قدرها أو أكثر، ولعله محله: أنهم كانوا يعلمون مقداره، فدخلوا على العادة. 40 - بَابُ التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (¬1): (باب: التجارة فيما يكره لبسه) أي: استعماله. (للرجال والنساء) كنمرقة فيها تصاوير. ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 62: مقصود بحديث ابن عمر: تجويز لبس الحرير للنساء لأنه لو لم يجز لما جاز بيعه لذلك لعدم الانتفاع به فجواز بيعه يدل على فجواز لبسه، وقد حرم على الرجال فجاز =

2104 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحُلَّةِ حَرِيرٍ، أَوْ سِيَرَاءَ، فَرَآهَا عَلَيْهِ فَقَال: "إِنِّي لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ، إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا" يَعْنِي تَبِيعَهَا [انظر: 886 - مسلم: 2068 - فتح: 4/ 335] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (بحلة حرير) بالإضافة وبدونها، والحلة: بردة من برود اليمن، والحلة: لا تكون إلا من ثوبين من جنس واحد. (أو سيراء) بكسر المهملة وفتح التحتية، وبالمد عطف على (حرير)، وهي: برد فيه خطوط صفراء وحرير، ومر ذلك مع شرح الحديث في كتاب: الجمعة (¬1). 2105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاويرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى البَابِ، فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟ " قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ" وَقَال: "إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ المَلائِكَةُ". [3224، 5181، 5957 , 5961, 7557 - مسلم: 2107 - فتح: 4/ 325] (نمرقة) بضم النون أفصح من فتحها وكسرها، وبضم الراء ¬

_ = للنساء. وحديث عائشة: بين فيه ما يحرم على الرجال والنساء، ولذلك لم يبتعها عائشة ولم يأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه بل قطعها. (¬1) سلف الحديث برقم (886) كتاب: الجمعة، باب: يلبس أحسن ما يجد.

41 - باب: صاحب السلعة أحق بالسوم

وكسرها: وسادة صغيرة. (فيها تصاوير) أي: بصور الحيوان. (ماذا أذنبت؟) فيه: مع ما قبله: جواز التوبة من الذنوب وإن لم يستحضر الذنب. (وتوسدها) أي: وتتوسدها، فحذف إحدى التاءين تخفيفًا. (هذه الصور) في نسخة: "هذه الصورة". (أحيوا ما خلقتم) بفتح الهمزة، أي: قال لهم ذلك تهكمًا وتعجيزًا. (فيه الصور) في نسخة: "فيه هذه الصورة". (لا يدخله الملائكة) أي: غير الحفظة؛ إذ الحفظة لا يفارقون الإنسان، إلا عند الجماع والخلاء. قيل: هذا خاص بغير الصور الممتهنة، أما فيها كالصور التي في البساط والوسادة ونحوهما فلا يمتنع دخول الملائكة معها، والأظهر كما قال النووي: أنه عام (¬1). (في كل صورة) أي: من صور الحيوان. 41 - بَابٌ: صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِالسَّوْمِ (باب: صاحب السلعة أحق بالسوم) أي: بذكر قدر الثمن. 2106 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ، وَفِيهِ خِرَبٌ وَنَخْلٌ". [انظر: 234 - مسلم: 524 فتح 4/ 326] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن أبي التياح) هو يزيد بن حميد. (يا بني النجار) هم قبيلة من الأنصار. (ثامنوني بحائطكم) أي: قدِّروا لي ثمنه، ومرَّ شرح الحديث في: الصلاة، في باب: هل تُنبش ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 14/ 84.

42 - باب: كم يجوز الخيار؟

قبور مشركي الجاهلية (¬1). 42 - بَابٌ: كَمْ يَجُوزُ الخِيَارُ؟ (¬2): (باب: كم يجوز الخيار؟) هو اسم من الاختيار: وهو طلب خير الأمرين إمضاء البيع، أو فسخه. 2107 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَال: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ نَافِعًا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: إِنَّ "المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ البَيْعُ خِيَارًا" قَال نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ. [2109، 2111، 2112، 2113، 2116 - مسلم 1531 - فتح: 4/ 326] (صدقة) أي: ابن الفضل المروزي. (عبد الوهاب) أي: ابن عبد الحميد الثقفي. (يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (أن المتبايعين) في نسخة: "أن المتبايعان" بالألف على لغة من أجرى المثنى بالألف مطلقًا. (بالخيار) أي: خيار المجلس في فسخ البيع، أو إمضائه. (ما لم يتفرقا) أي: بالأبدان، وإن تماشيا مراحل. (أو يكون البيع خيارًا) بأن يخير أحدهما الآخر، كما في رواية (¬3)، بأن قال له: اختر، أو خيرتك، فاختار الآخر لزوم البيع، فإن تفرقا أو خُيِّر أحدهما فسكت، سقط خيار المجلس في حقهما في الأولى، وفي حق ¬

_ (¬1) سلف برقم (428) كتاب: الصلاة، باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 63: دلالة الحديث ظاهر في اختيار المجلس. (¬3) ستأتي بعد حديث.

المخير في الثاني؛ لأنَّ قوله: اختر رضًا باللزوم، وقوله: (يكون) بالرفع، وفي نسخة: بالنصب، بجعل (أو) بمعنى: إلا أن، أو إلى أن، ويكون المعنى: إلا أو إلى أن يكون البيع شُرِطَ فيه خيار فإنه يبقى في المدة المشروطة، وإن تفرقا أو أُلزما العقد، وعليه فالاستثناء والغاية في الظاهر: استثناء منقطع، والغاية من غير جنس المغيا، إذ المستثنى منه خيار المجلس، والمستثنى خيار الشرط، والغاية خيار الشرط، والمغيا: خيار المجلس. (فارق صاحبه) أي: ليلزم العقد. 2108 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا" وَزَادَ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَال: قَال هَمَّامٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي التَّيَّاحِ، فَقَال: كُنْتُ مَعَ أَبِي الخَلِيلِ، لَمَّا حَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحَارِثِ بِهَذَا الحَدِيثِ. [انظر: 2079 - مسلم: 1532 - فتح: 4/ 326] (همَّام) أي: ابن يحيى الأزدي. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (عن أبي الخليل) هو صاحب ابن مريم. (يفترقا) في نسخة: "يتفرقا". (وزاد أحمد) أي: ابن سعيد الدَّاريّ وقيل: ابن حنبل. (بهز) أي: ابن راشد. (قال همام) فائدة صنيعه: طلب علو الإسناد؛ لأن بينه وبين أبي الخليل في إسناده الأول رجلين وفي الثاني رجلًا واحدًا. (لأبي التياح) اسمه: يزيد. (بهذا الحديث) في نسخة: "هذا الحديث" وليس في الحديثين ما يدل على الترجمة، ولو ذكر ما ذكره في باب: ما يكره من الخداع في البيع من خبر: "إذا بايعت، فقل: لا خلابة" لدلَّ عليها، إذ معنى لا

43 - باب إذا لم يوقت في الخيار، هل يجوز البيع؟

خلابة شرعًا: اشتراط الخيار ثلاثة أيام، وإن كان معناه لغة: لا غبن ولا خديعة. 43 - بَابُ إِذَا لَمْ يُوَقِّتْ فِي الخِيَارِ، هَلْ يَجُوزُ البَيْعُ؟ (¬1): (باب: إذا لم يوقت) أي: البائع مع المشتري. (في الخيار) أي: في مدة خيار المجلس بيوم أو نحوه. (هل يجوز البيع؟) يعني: هل يكون البيع جائزًا أو لازمًا؟ وتقدم أنه جائز ما لم يتفرقا، أو يخير أحدهما الآخر فيختار اللزوم، أما إذا ذكرا خيار الشرط في البيع ولم يوقتاه فليس بصحيح. 2109 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ"، وَرُبَّمَا قَال: "أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ". [انظر: 2107 - مسلم: 1531 - فتح: 4/ 327] (أيوب) أي: السختياني. (قال النبي) في نسخة: "قال رسول الله". (أو يقول) بالنصب بـ (أو) بتقدير: إلا أن، أو: إلى أن، وإن كان معطوفًا على (يتفرقا) لكان مجزومًا، ولقال: أو يقل. ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 63: الظاهر أنه يختار البيع في الخيار المطلق من قوله: أو يكون بيع خيار وعمل على العرف في ذلك المبيع كمذهب مالك. أو أنه أخذ ذلك من قوله: أو يقول أحدهما لصاحبه: أختر وذلك مفوض إلى اختياره وهو مجهول الوقت.

44 - باب: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا

44 - بَابٌ: البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَبِهِ قَال ابْنُ عُمَرَ: وَشُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ. (باب: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا) أي: بيان ما جاء في ذلك. (وبه) أي: بخيار المجلس. (وشريح) أي: ابن الحارث الكندي. (والشعبي) هو عامر بن شراحيل. (وطاوس) أي: ابن كيسان. (وعطاء) أي: ابن رباح. (وابن أبي مليكة) هو عبد الله. 2110 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: قَتَادَةُ أَخْبَرَنِي، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، قَال: سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا". [انظر: 2079 - مسلم: 1532 - فتح: 4/ 328] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (إسحاق) ابن منصور. (حبَّان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة، زاد في نسخة: "هو ابن هلال". (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن صالح) هو ابن الجليل. (البيعان بالخيار .. إلخ) مرَّ شرحه قريبًا (¬1). 2111 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "المُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إلا بَيْعَ الخِيَارِ". [انظر: 2107 - مسلم: 1531 - فتح: 4/ 328] ¬

_ (¬1) الحديث السابق.

45 - باب: إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع

(إلا بيع الخيار) على حذف مضاف أي: إلا في بيع إسقاط الخيار، فإنه يلزم وإن لم يتفرقا. 45 - بَابٌ: إِذَا خَيَّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ البَيْعِ فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ (باب: إذا خير أحدهما) أي: المتبايعين. (صاحبه بعد البيع) وقبل التفرق، واختار صاحبه اللزوم. (فقد وجب البيع) أي: لزم. 2112 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَال: "إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ يَتَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا البَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ". [انظر: 2107 - مسلم: 1531 - فتح 4/ 332] (وكانا جميعًا) تأكيد لما قبله. (فتبايعا على ذلك) عطفه على ما قبله من عطف المجمل على المفصل. (فقد وجب البيع) أي: لزم. (بعد أن يتبايعا) بلفظ المضارع والمعنى على الماضي. (ولم يترك واحد منهما البيع) أي: لم يفسخه. 46 - بَابُ إِذَا كَانَ البَائِعُ بِالخِيَارِ هَلْ يَجُوزُ البَيْعُ؟ (باب: إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع؟) من غير المشتري، أو لا، والمشهور يكون بالجواز؛ لكون البيع غير لازم. 2113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كُلُّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا، إلا بَيْعَ الخِيَارِ". (سفيان) أي: الثوري.

(كل بيِّعين) بتشديد التحتية. (لا بيع بينهما) أي: لازم. (حتى يتفرقا) فإذا تفرقا لزم البيع. (إلا بيع الخيار) فيلزم باشتراطه فيه، أو في مجلسه. 2114 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا" قَال هَمَّامٌ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي "يَخْتَارُ - ثَلاثَ مِرَارٍ -، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا فَعَسَى أَنْ يَرْبَحَا رِبْحًا، وَيُمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا"، قَال: وَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الحَارِثِ، يُحَدِّثُ بِهَذَا الحَدِيثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2079 - مسلم فتح: 4/ 334] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (إسحاق) أي: ابن منصور. (حبَّان) أي: ابن هلال. (ما لم يتفرقا) في نسخة: "حتى يتفرقا". (وجدت في كتابي) أي: الذي رويته هو المحفوظ، لكن الموجود في كتابي (بخيار) مُنكرًا منونًا. (ثلاث) وهو مكتوب ثلاث مرار، وفي رواية بإضافة: "بخيار" إلى (ثلاث مرار) وفي أخرى: "يختار ثلاث مرار" بلفظ الفعل. وقوله: (قال همام .. إلى آخره) اعتراض في أثناء حديث حكيم. (فإن صدقا إلى آخره) يحتمل أن يكون مما وجده في كتابه، ويحتمل أن يكون مما رواه من حفظه، -وهو الظاهر-، كما قال الكرماني (¬1). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني"10/ 10.

47 - باب إذا اشترى شيئا، فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا، ولم ينكر البائع على المشتري، أو اشترى عبدا فأعتقه

(قال) أي: حبَّان. (عن حكيم بن حزام إلى آخره) مرَّ حديثه مع شرحه في باب: إذا بين البيّعان ولم يكتما ونصحا (¬1). 47 - بَابُ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا، فَوَهَبَ مِنْ سَاعَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَلَمْ يُنْكِرِ البَائِعُ عَلَى المُشْتَرِي، أَو اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَقَال طَاوُسٌ: فِيمَنْ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ عَلَى الرِّضَا، ثُمَّ بَاعَهَا: وَجَبَتْ لَهُ وَالرِّبْحُ لَهُ. (باب: إذا اشترى شيئًا فوهب) أي: فوهبه. (من ساعته قبل أن يتفرقا) أي: البيِّعان. (ولم ينكر البائع على المشتري) هبته. (أو اشترى عبدًا فأعتقه) أي: ولم ينكر عليه البائع إعتاقه يسقط بذلك خياره. (فيمن اشترى السلعة على الرضا) أي: على شرط أنه إن رضي به، أجاز العقد. (ثم باعها: وجبت) أي: صارت السلعة، أو المبايعة (له والربح له) ظاهره: أن ضمير (له) في الموضعين للمشتري الأول، والظاهر أنه في الموضع الأول للمشتري الثاني، وفي الثاني للمشتري الأول. 2115 - وَقَال لَنَا الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، فَكَانَ يَغْلِبُنِي، فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ القَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: "بِعْنِيهِ"، قَال: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "بِعْنِيهِ" فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ". [2610، 2611 - فتح: 4/ 334] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2079) كتاب: البيوع، باب: إذا بين البيعان، ولم يكتما، ونصحا.

(وقال حميدي) هو عبد الله بن الزبير، وفي نسخة: "وقال لنا الحميدي". (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (على بكر) بفتح الموحدة وسكون الكاف: ولد الناقة أول ما يركب (صعب) أي: نفور. (قال) أي: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في نسخة. (هو لك يا عبد الله) هو موضع الترجمة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - وهب ما ابتاعه من ساعته، ولم ينكر عليه البائع فكان مسقطًا لخياره. 2116 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بِعْتُ مِنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مَالًا بِالوَادِي بِمَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا تَبَايَعْنَا رَجَعْتُ عَلَى عَقِبِي حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِهِ خَشْيَةَ أَنْ يُرَادَّنِي البَيْعَ وَكَانَتِ السُّنَّةُ أَنَّ "المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا" قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا وَجَبَ بَيْعِي وَبَيْعُهُ، رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ غَبَنْتُهُ، بِأَنِّي سُقْتُهُ إِلَى أَرْضِ ثَمُودَ بِثَلاثِ لَيَالٍ، وَسَاقَنِي إِلَى المَدِينَةِ بِثَلاثِ لَيَالٍ. [انظر: 2107 - مسلم: 1531 - فتح: 4/ 334] (قال أبو عبد الله) ساقط من نسخة. (عثمان) أي: "ابن عفان" كما في نسخة. (بالوادي) أي: بوادي القرى من أعمال المدينة. (عقبي) بكسر الموحدة. (خشية أن يرادَّني البيع) أي: أن يطلب استرداد المبيع مني. (غبنته) بفتح الموحدة أي: خدعته. (بأني سقته إلى أرض ثمود) بصرف ثمود وعدمه: قبيلة من العرب الأُوَل، وهم قوم صالح. والحاصل: أن ابن عمر بيَّن وجه غبنه عثمان بقوله: (سقته إلى آخره). قال شيخنا: أي: زدت المسافة التي بينه وبين أرضه التي صارت

48 - باب ما يكره من الخداع في البيع

إليه على المسافة التي [كانت بينه وبين أرضه التي باعها بثلاث ليالٍ] (¬1) ونقص هو المسافة التي بيني وبين أرضي التي أخذتها عن المسافة التي كان بيني وبين أرضي التي بعتها بثلاث ليال، وإنما قال: إلى المدينة؛ لأنهما جميعًا كانا بها، فرأى ابن عمر الغبطة في القرب من المدينة فلذلك قال: (رأيت أني قد غبنته) (¬2). انتهى. 48 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الخِدَاعِ فِي البَيْعِ (باب: ما يكره من الخداع في البيع) أي: الغبن فيه (أن رجلًا) هو حَبَّان بن منقذ. 2117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي البُيُوعِ، فَقَال: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلابَةَ". [2407، 2414، 6946 - مسلم: 1533 - فتح: 4/ 337] (لا خلابة) معناه لغة: لا غبن ولا خديعة أي: لا يحل لك خديعتي، أو لا يلزمني خديعتك، وشرعًا: اشتراط الخيار ثلاثًا، فإن كان البيعان عالمين بمعناه ثبت الخيار، وإلا فلا. 49 - بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الأَسْوَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ قُلْتُ: هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ: سُوقُ قَيْنُقَاعَ. [انظر: 2048] وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ. [انظر: 2049] وَقَالَ عُمَرُ: أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ. [انظر: 2062] ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "الفتح" 4/ 337.

(باب: ما ذكر في الأسواق) أي: مما يأتي بيانه في أحاديث الباب. (قلت) ساقط من نسخة. (قال) في نسخة: "فقال". (قينقاع) منصرف وغير منصرف. 2118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَال: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ، يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ" قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟ قَال: "يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ". [مسلم 2884 - فتح: 4/ 338] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (يغزو جيش الكعبة) أي: يقصد تخريبها. (بيداء) (¬1) هي المفازة التي لا شيء فيها، والمراد هنا: موضع بين مكة والمدينة، وفي مسلم: هي بيداء المدينة (¬2). (وفيهم أسواقهم) أي: أهلها، فالأسواق جمع سوق لا سوقة إذ جمعها سوق، كسورة وسور. (قال: يخسف بأولهم وآخرهم) أي: بشؤم الأشرار. (على نيَّاتهم) أي: فيعامل كل منهم عند الحساب بحسب نيته. وفيه: التحذير من مصاحبة أهل الظلمِ ومجالستهم. 2119 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلاةُ أَحَدِكُمْ فِي جَمَاعَةٍ، تَزِيدُ عَلَى صَلاتِهِ فِي سُوقِهِ وَبَيْتِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ بِأَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان "1/ 523. (¬2) "صحيح مسلم" (2882) كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: الخسف بالجيش الذي يؤم البيت.

ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إلا الصَّلاةَ، لَا يَنْهَزُهُ إلا الصَّلاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلا رُفِعَ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، وَالمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، وَقَال: أَحَدُكُمْ فِي صَلاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلاةُ تَحْبِسُهُ". [انظر: 176 - مسلم: 362، 649 - فتح: 4/ 338] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. (بضعًا) بكسر الباء: ما بين الثلاث إلى التسع على المشهور. (وذلك) أي: ما ذكر من الزيادة. (لا ينهزه) بفتح التحتية والهاء، وفي نسخة: بضم التحتية وكسر الهاء، أي: لا يحرك، ومرَّ شرح الحديث في باب: فضل صلاة الجماعة (¬1). 2120 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ، فَقَال رَجُلٌ: يَا أَبَا القَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: إِنَّمَا دَعَوْتُ هَذَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي". (شعبة) أي: ابن الحجاج. (سمُّوا) بضم الميم، وفي نسخة: "تسمَّوا" بفوقية وفتح الميم. (ولا تكنَّوا) بفتح الفوقية والنون المشددة، أي: لا تتكنوا، حذفت إحدى التاءين، والأمر والنهي هنا قيل: ليسا للوجوب والتحريم، وهو كذلك في الأول دون الثاني، لكن محل التحريم فيمن اسمه محمد، كما مرَّ مع بسط الكلام عليه في باب: أثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، في ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (647) كتاب: الأذان، باب: فضل صلاة الجماعة.

كتاب العلم (¬1). 2121 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعَا رَجُلٌ بِالبَقِيعِ يَا أَبَا القَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: لَمْ أَعْنِكَ قَال: "سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي". 3/ 87 [انظر: 2120 - مسلم: 2131 - فتح: 4/ 339] (زهير) أي: ابن معاوية. (بالبقيع) أي: بالسوق الذي كان به. (لم أعنك) أي: لم أقصدك (سَمُّوا) إلى آخره، مر بيانه. 2122 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةِ النَّهَارِ، لَا يُكَلِّمُنِي وَلَا أُكَلِّمُهُ، حَتَّى أَتَى سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَجَلَسَ بِفِنَاءِ بَيْتِ فَاطِمَةَ، فَقَال "أَثَمَّ لُكَعُ، أَثَمَّ لُكَعُ" فَحَبَسَتْهُ شَيْئًا، فَظَنَنْتُ أَنَّهَا تُلْبِسُهُ سِخَابًا، أَوْ تُغَسِّلُهُ، فَجَاءَ يَشْتَدُّ حَتَّى عَانَقَهُ، وَقَبَّلَهُ وَقَال: "اللَّهُمَّ أَحْبِبْهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ"، قَال سُفْيَانُ: قَال عُبَيْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ رَأَى نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ". [5884 - سلم 2421 - فتح: / 339] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابن أبي يزيد) ساقط من نسخة. (الدَّوسي) بفتح المهملة: نسبة إلى دوس: قبيلة من الأزد. (في طائفة النهار) أي: في قطعة منه، وفي نسخة: "في صائفة النهار" بالصاد، أي: في حره، يقال: يوم صائف أي: حار. (بفناء بيت فاطمة) بكسر الفاء والمد، أي: بموضع متسع أمام بيتها. (أَثَم) بفتح الهمزة والمثلثة. (لُكَع) بضم اللام وفتح الكاف غير منون؛ للعدل ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (110) كتاب: العلم، باب: إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والتعريف، أو أنه: منادى، أي: أثم أنت يا لكع، ومعناه: الصغير، وأراد - صلى الله عليه وسلم - به: الحسن ابن ابنته فاطمة. (فحبسته شيئًا) أي: منعته من الخروج زمنًا يسيرًا. (فظننت) مقول أبي هريرة. (سِخابًا) بكسر المهملة وبالمعجمة: قلادةٌ من طيب، أو قرنفل، أو خرز. (أو تغسَّله) بضم الفوقية وتشديد السين، وفي نسخة: "تغسله" بالفتح والتخفيف. (فجاء) أي: الحسن. (يشتدُّ) أي: يسرع. (أحببه) بسكون الحاء المهملة، والموحدة الثانية، وكسر الأولى، وفي نسخة: "أحبه" بكسر المهملة وبموحدة مشدَّدة مفتوحة. (قال عبيد الله: أخبرني) فيه تقديم الراوي على الإخبار، وهو جائز. (أوتر بركعة) قال شيخنا: أراد البخاري بهذه الزيادة بيان لقي عبيد الله لنافع بن جبير، فلا تضر العنعنة في الطريق الموصولة؛ لأن من ليس بمدلِّس إذا ثبت لقاؤه لمن حدَّث عنه، حملت عنعنته على السماع اتفاقًا، وإنما الخلاف في المدلِّس، أو فيمن لم يثبت لقيه لمن روى عنه، قال: وأبعد الكرماني فقال: إنما ذكر الوتر هنا؛ لأنه لما روي الحديث الموصول عن نافع بن جبير، انتهز الفرصة لبيان ما ثبت في الوتر، كما اختلف في جوازه (¬1). 2123 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ: "أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَبْعَثُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَمْنَعُهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ حَيْثُ اشْتَرَوْهُ، حَتَّى يَنْقُلُوهُ حَيْثُ يُبَاعُ الطَّعَامُ". [2131،، 2137، 2166، 2167، 6852، - مسلم: 1527 - فتح 4/ 339] ¬

_ (¬1) "الفتح" 4/ 342. و"البخاري بشرح الكرماني" 10/ 16.

50 - باب كراهية السخب في السوق

2124 - قَال: وَحَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يُبَاعَ الطَّعَامُ إِذَا اشْتَرَاهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ". [2126، 2133، 2136 - مسلم: 1526 - فتح: 4/ 339] (¬1). (أبو ضمرة) هو أنس بن عياض. (موسى) أي: "ابن عقبة" كما في نسخة. (الطعام) في نسخة: "طعامًا". (من الركبان) هم أصحاب الإبل في السفر. (حتى ينقلوه حيث يباع الطعام) أي: من المكان الذي بيع فيه الطعام؛ لأن نقل المبيع الذي يحصل فيه القبض شرط لصحة التصرف فيه، وبه وبما بعده علم أنه لا يصح بيع المبيع قبل قبضه. 50 - بَابُ كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي السُّوقِ (باب: كراهية السخب في السوق) أَي: رفع الصوت بالخصام ونحوه. 2125 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَال: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَال: "أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45]، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا"، تَابَعَهُ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِلالٍ، وَقَال سَعِيدٌ: عَنْ هِلالٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ سَلامٍ غُلْفٌ: كُلُّ شَيْءٍ فِي غِلافٍ، سَيْفٌ أَغْلَفُ، وَقَوْسٌ غَلْفَاءُ، وَرَجُلٌ أَغْلَفُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا. [4838 - فتح: 4/ 342] ¬

_ (¬1) حديث رقم (2124) لم يعلق المصنف عليه.

(فليح) أي: ابن سليمان الحرَّاني، واسمه: عبد الملك، وفليح لقبه. (هلال) أي: ابن علي على الأصح. (أجل) بفتح الهمزة والجيم وسكون اللام: حرف جواب كنعم، فيكون تصديقًا للخبر، أو إعلامًا للمستخبر ووعدًا للطالب، فيقع بعد نحو: قام زيد، أو ما قام زيد، ونحو: أقام زيد، ونخو: اضرب زيدًا، أو: لا تضرب زيدًا، فيكون بعد الخبر والاستفهام والطلب، [وقيل: تختص بالخبر، وعليه الزمخشري وابن مالك] (¬1)، وقيل: الخبر مقيد بالمثبت والطلب بغير النهي. (وحرزًا) أي: حصنًا. (للأميين) أي: العرب، وسموا أميين؛ لأن غالبهم لا يقرأ ولا يكتب. (ليس بفظ) أي: سيئ الخلق. (ولا غليظ) أي: قاسي القلب، ولا ينافيه قوله تعالى {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73]؛ لأنَّ النفي محمول على طبعه الذي جبل عليه، والأمر محمول على المعالجة، أو النفي بالنسبة إلى المؤمنين، والأمر بالنسبة للكفار والمنافقين، كما هو مذكور في الآية. (ولا سخَّاب) أي: صيَّاح في الأسواق على أهلها، بل يلين جانبه لهم ويرفق بهم. (ويفتح بها) أي: بكلمة التوحيد. (أعينًا عُميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا)، وفي نسخة: "يُفتح بها أعين عمي وآذان صم وقلوب غلف" ببناء (يفتح) للمجهول، وبرفع المذكورات بعد. (تابعه) أي: فليحًا. (هلال) أي: ابن علي. (وقال سعيد) أي: ابن أبي هلال. (عن عطاء) أي: ابن يسار. (عن ابن سلام) هو عبد الله. (غُلفٌ: كلُّ شيءٍ في غِلافٍ) بإضافة غلف إلى كل شيء، وهو مبتدأ، وقوله: في غلاف أي: ستر خبره يعني: أنه مستور عن الفهم ¬

_ (¬1) من (م).

51 - باب الكيل على البائع والمعطي

والتمييز، يقال: سيف أغلف؛ إذا كان في غلاف، وقوس غلفاء؛ إذا كانت في غلاف، فقوله: في غلاف: تنازع فيه كان وكانت المقدَّرتان (قاله أبو عبد الله) ساقط من نسخة. 51 - بَابُ الكَيْلِ عَلَى البَائِعِ وَالمُعْطِي لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 3] " يَعْنِي: كَالُوا لَهُمْ وَوَزَنُوا لَهُمْ"، كَقَوْلِهِ: {يَسْمَعُونَكُمْ} [الشعراء: 72]: "يَسْمَعُونَ لَكُمْ" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا" وَيُذْكَرُ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَهُ: "إِذَا بِعْتَ فَكِلْ، وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ". (باب: الكيل) أي: مؤنة الكيل فيما يكال والوزن فيما يوزن. (على البائع والمعطي)؛ لأنَّها من مؤن التسليم. (لقول الله) في نسخة: "وقول الله". (يعني .. إلى آخره) ساقط من نسخة. (اكتالوا حتى تستوفوا) أي: جميع ما ابتعتموه. (قال: إذا) في نسخة: "قال له: إذا". (بِعتَ فكِلْ، وإذا) في نسخة: "فإذا" (ابتعت فاكتل) قال الكرماني: الفرق بين كال واكتال: أن كال لنفسه ولغيره واكتال لنفسه، كما يقال: كسب لنفسه ولغيره، واكتسب لنفسه، ثم قال: يعني: إذا بعت فكن كايلًا، وإذا اشتريت فكن مكيلًا عليك أي: الكيل على البائع لا المشتري. انتهى (¬1). 2126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 10/ 18.

يَسْتَوْفِيَهُ". [انظر: 2126 - مسلم: 1526 - فتح: 4/ 344] (فلا يبيعه) في نسخة: "فلا يبعه. (حتى يستوفيه) أي: يقبضه، ومر شرح الحديث. 2127 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاسْتَعَنْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَضَعُوا مِنْ دَيْنِهِ، فَطَلَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَقَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذْهَبْ فَصَنِّفْ تَمْرَكَ أَصْنَافًا، العَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، وَعَذْقَ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَيَّ"، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [فَجَاءَ] فَجَلَسَ عَلَى أَعْلاهُ، أَوْ فِي وَسَطِهِ، ثُمَّ قَال: "كِلْ لِلْقَوْمِ"، فَكِلْتُهُمْ حَتَّى أَوْفَيْتُهُمُ الَّذِي لَهُمْ وَبَقِيَ تَمْرِي كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَال فِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنِي جَابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَا زَال يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّاهُ"، وَقَال هِشَامٌ: عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جُذَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ" [2395، 2396، 2405، 2601، 2709، 2781، 3580، 4053، 6250 - فتح: 4/ 344] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن مغيرة) أي: ابن مقسم. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (أن يضعوا) أي: يتركوا. (فطلب النبي إليهم) أي: منهم أن يتركوا شيئًا من الدين. (العجوة) ضرب من أجود التمر. (وعذقَ زيد) بفتح المهملة وسكون المعجمة: ضرب من ردئه، والعجوة بالنصب بمقدر، أي: ضع. (وعذق زيد) معطوف عليها، ويجوز رفعهما على الابتداء، وزيد: اسم رجل. (فجلس) في نسخة: "فجاء فجلس". (فراس) بكسر الفاء وسين مهملة، أي: ابن يحيى المكتب. (حتى أدى) في نسخة: "حتى أدَّاه". (هشام) أي: ابن عروة. (عن وهب) أي: ابن كيسان. (جُذَّ) بضم الجيم وتشديد المعجمة، أي: اقطع عن التمر العراجين.

52 - باب ما يستحب من الكيل

52 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الكَيْلِ (بابُ: ما يستحبُّ من الكيل) الغرضُ منه: بيانُ استحباب كيل المكيل، ويقاسُ به وزن الموزون وعدُّ المعدود. 2128 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ". [فتح: 4/ 345] (الوليد) أي: ابن مسلم. (عن ثور) أي: أبن يزيد الحمصي. (يبارك لكم) أي: فيه، وهو بالجزم جوابُ الأمر، وظاهرهُ: أنَّ سببَ البركة: الكيلُ، وقيل سببها: التسمية عليه عند الكيل، وقيل: اكتياله بكيل المدينة، ولا ينافيه خبرُ عائشة: كان عندي شطرُ شعيرٍ، فأكلتُ منه حتَّى طال عليَّ، فكِلْتُه ففني (¬1) ولا خبر: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخل على حفصة، فوجدها تكتال على خادمها، فقال: "لا تُوكي فيُوكِي الله عليكِ" (¬2) لأنَّ عائشةَ كانت تخرج قوتها وهو شيءٌ يسيرٌ بغير كيل، فبُورِك لها فيه، فلمَّا كالته فني؛ لعلمها بالكيل المدَّةَ التي ينتهي إليها. والنهي لحفصة عن الكيل إنَّما كان؛ لأنَّه في معنى الإحصاء والتضييق على الخادم. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3097) كتاب: فرض الخمس، باب: نفقة نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته. (¬2) وسيأتي عن أسماء رضي الله عنها قالت: قال لي النبي: "لا توكي فيوكَى عليك" (1433) كتاب: الزكاة، باب: التحريض على الصدقة والشفاعة فيها.

53 - باب بركة صاع النبي صلى الله عليه وسلم ومده

53 - بَابُ بَرَكَةِ صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدِّهِ فِيهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (بابُ: بركةِ صاعِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومدِّه) في نسخةٍ: "ومدهم" أي: مدِّ أهل المدينة. 2129 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا، وَحَرَّمْتُ المَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِمَكَّةَ". [مسلم: 1360 - فتح: 4/ 346] (موسى) أي: ابن إسماعيل. (وهيب) أي: ابن خالد. (وحرَّمت المدينةُ) أنْ يصاد فيها، ومرَّ شرحُ الحديث في الحجِّ (¬1). 2130 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ، وَمُدِّهِمْ" يَعْنِي أَهْلَ المَدِينَةِ. [6714، 7331 - مسلم: 1368 - فتح 4/ 347] (بارك لهم) أي: لأهل المدينة، كما ذكره بعد. (في مكيالِهم) أي: فيما يُكال به، ومثلِه يجري في قوله: (في صاعِهم ومدّهم). 54 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ وَالحُكْرَةِ (بابُ: ما يذكرُ في بيعِ الطعامِ) أي: قبل قبضه. (والحُكْرة) بضم المهملة وسكون الكاف، بمعنى: الاحتكار: وهو إمساكُ ما اشتراه في وقت الغلاء؛ لبيعه باكثر ممَّا اشتراه به عند اشتداد الحاجة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1889) كتاب: فضائل المدينة.

2131 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "رَأَيْتُ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مُجَازَفَةً، يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ". [انظر: 2123 - مسلم: 1527 - فتح: 4/ 347] (حدثنا) في نسخةٍ: "حدثني". (عن الأوزاعيِّ) هو عبدُ الرحمنِ بنُ عمروٍ. (عن سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر. (مُجازفةً) بالنصب صفةً لمصدر محذوف، أي: شراءً مجازفةً، أو حال أي: حال كونهم مجازفين. (أن يبيعوه) أي: كراهة أن يبيعوه، أو فيه: لا مقدَّرة، كما في قوله تعالى {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176]. (حتى يُؤْوُهُ) أي: ينقلوه إلى رحالهم، والمرادُ: أنْ يقبضوه بالكيل، فالبيعُ مجازفةً صحيحٌ وجائز، لكنَّه مكروه؛ لأنَّه قد يوقع في الندم، وذكر الرحال جري على الغالب، وإلَّا فغيرُها مثلُها. 2132 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "نَهَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ طَعَامًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ" قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ ذَاكَ؟ قَال: ذَاكَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: (مُرْجَئُونَ): [التوبة 106]: مُؤَخَّرُونَ.] [2135 - مسلم: 1525 - فتح: 4/ 347] (عن ابن طاوس) هو عبد الله بن طاوس بن كسِان. (كيف ذاك؟) أي: ما سبب هذا النهي؟ (قال) أي: ابن عباس. (ذاك) أي: حال ذاك البيع. (دراهم بدراهم) أي: كحال بيع دراهمَ بدراهمَ. (والطعام مُرجأٌ) بالهمز وبدونه أي: مؤخَّرٌ، والجملةُ حالٌ، ومعنى الحديث: أنْ يشتري طعامًا بدراهمَ إلى أجل، ثم يبيعه قبل أنْ يقبضه بأزيد منها فلا يجوز؛ لأنَّه في التقدير: بيع دراهمَ بأزيد منها،

وهو ربا؛ ولأنَّه بيع غائب بناجز. (قال أبو عبد الله: {مُرْجَوْنَ}: مؤخرون) ساقطٌ من نسخة. 2133 - حَدَّثَنِي أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ". [انظر: 2124 - مسلم: 1526 - فتح 4/ 347] (أَبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (فلا يبيعه) في نسخةٍ: "فلا يبعه" ومرَّشرحُ الحديث في بابِ: الكيلِ على البائع (¬1). 2134 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، يُحَدِّثُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ - أَنَّهُ قَال: مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ؟ فَقَال طَلْحَةُ: أَنَا حَتَّى يَجِيءَ خَازِنُنَا مِنَ الغَابَةِ، قَال سُفْيَانُ: هُوَ الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ، فَقَال: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ - سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُخْبِرُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ". [2107, 2174 - مسلم: 1586 - فتح: 4/ 347] (علي) أي: ابن المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (من عنده) في نسخةٍ: "من كان عند". (صرف) أي: دراهم يصرفها بدنانير. (هو) أي: الذي كان عمرو بن دينار يحدِّث به عن الزهريّ. (هو الذي حفظناه من الزهريّ ليس فيه زيادةٌ) أي حفظ الزيادة مالكٌ عن الزهريِّ. (فقال) في نسخةٍ: "قال". (مالك بن أوس) أي: "ابن الحدثان"، كما في نسخة. ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2126) كتاب: البيوع، باب: الكيل على البائع والمعطي.

55 - باب بيع الطعام قبل أن يقبض، وبيع ما ليس عندك

(بالذهب) في نسخةٍ: "بالورق" أي: الفضة. (ربًا) بالتنوين. (إلَّا هاء وهاء) بالمدِّ وفتح الهمز فيهما، ويجوز كسرها وسكونها مقصورة: وهي اسمُ فعلٍ بمعنى: خذْ، يقال: هاء درهمًا، أي: خذه، والمعنى هنا: خذ وهات، وكني به عن التقايض في مجلس العقد؛ لأنه لازمه، ويعتبر مع التقايض التساوي والحلول. (والشعير) بفتح الشين وقد تكسر. 55 - بَابُ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ (باب: بيع الطعام قبل أن يقبض، وبيع ما ليس عندك) أي: بيان فسادهما، وصورة الثاني: فبعتك هذه الدَّار بكذا على أن اشتريها لك من مالكها، أو على أن يسلمها لك مالكها. 2135 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ طَاوُسًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ"، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إلا مِثْلَهُ. [انظر: 2132 - مسلم: 1525 - فتح: 4/ 341] (سفيان) أي: ابن عيينة. (الذي حفظناه) في نسخة: "أما الذي حفظناه) " (سمع طاوسًا) لمَّا كان سفيان منسوبًا إلى التدليس، أراد أنه صرح بالسماع والحفظ. (أن يباع) بدل من الطعام، وسيجيء شرح الحديث. 2136 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ"، زَادَ إِسْمَاعِيلُ: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ". [2124 - مسلم: 1526 - فتح: 4/ 349]

56 - باب من رأى: إذا اشترى طعاما جزافا، أن لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله، والأدب في ذلك

(فلا يبيعه) في نسخةٍ: "فلا يبعه". (زاد إسماعيل) من ابتاع طعامًا. (فلا يبيعه حتى يقبضه) قال شيخنا: يريد الزيادة في المعنى؛ لأنّ في قوله: (حتى يقبضه) زيادة في المعنى على قوله: (حتى يستوفيه)؛ لأنه قد يستوفيه بالكيل، بأن يكيله البائع ولا يقبضه المشتري، بل يحبسه عنده؛ لينقده الثمن مثلًا قال: وعرف بهذا جواب من حمل الزيادة على مجرد اللفظ، حيث قال: إن الزيادة: جعل يقبضه مكان يستوفيه، وإلا فهما متحدان (¬1). 56 - بَابُ مَنْ رَأَى: إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا جِزَافًا، أَنْ لَا يَبِيعَهُ حَتَّى يُؤْويَهُ إِلَى رَحْلِهِ، وَالأَدَبِ فِي ذَلِكَ (باب: من رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا) بتثليث الجيم. (أن لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله) أي: منزله، وفي نسخة: "إلى رحاله". (والأدب في ذلك) عطف على (من رأى) والمعنى: بيان ذلك. 2137 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَبْتَاعُونَ جِزَافًا" يَعْنِي الطَّعَامَ، يُضْرَبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ، حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ". [انظر: 2123 - مسلم: 1527 - فتح 4/ 350] (أن ابن عمر) في نسخةٍ: "أن عبد الله بن عمر" (يبتاعون) في نسخةٍ: "يتبايعون". (باب: إذا اشترى متاعًا أو دابة فوضعه) أي: تركه. (عند البائع) وتلف المتاع، (أو مات) أي: الحيوان. (قبل أن يقبض) أي: مما كان ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 4/ 350.

57 - باب إذا اشترى متاعا أو دابة، فوضعه عند البائع أو مات قبل أن يقبض

المبيع من ضمان البائع لتعذر القبض. (ما أدركت الصَّفقه) أي: ما كان عند العقد. (حيًّا) أي: موجودًا مجموعًا يعني: لم يتغير عن حاله وقبضه المبتاع. (فهو من المبتاع) أي: من ضمانه، بخلاف ما إذا تلف قبل القبض، كما مرَّ. 57 - بَابُ إِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا أَوْ دَابَّةً، فَوَضَعَهُ عِنْدَ البَائِعِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنَ المُبْتَاعِ. 2138 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَقَلَّ يَوْمٌ كَانَ يَأْتِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا يَأْتِي فِيهِ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ أَحَدَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي الخُرُوجِ إِلَى المَدِينَةِ، لَمْ يَرُعْنَا إلا وَقَدْ أَتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَال: مَا جَاءَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إلا لِأَمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَال لِأَبِي بَكْرٍ: "أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ، يَعْنِي عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، قَال: "أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ". قَال: الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "الصُّحْبَةَ"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي نَاقَتَيْنِ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إِحْدَاهُمَا، قَال: "قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ". [انظر: 476 - فتح: 4/ -1351] (هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (لَقَلَّ يومٌ كان يأتي) اللام: جواب قسم محذوف، وفي (قل) معنى النفي، أي: والله لما كان يأتي يوم. (أحَدَ طرفي النهار) بالنصب على الظرفية. (لم يرعنا) من الروع: وهو الفزع. (ما جاءنا النبي) في نسخة: "ما جاء النبي". (إلا لأمر حدث) في نسخةٍ: "إلا من حدث"

58 - باب لا يبيع على بيع أخيه، ولا يسوم على سوم أخيه، حتى يأذن له أو يترك

أي: حادثة حدثت، وقياس نسخة: "ما جاءنا النبي" أن يقال: إلا أمرٌ حدث، أو إلا حدث. (أخرج) من الإخراج. (منَ عندك) في نسخةٍ: "ما عندك" و (ما) تأتي بمعنى: من كما في قوله: {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)} [الكافرون: 5]، وقوله: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5)} [الشمس: 5]. (الصحبة) أي: أريد الصحبة معك عند الخروج. (قد أخذتها بالثمن) كناية عن البيع. قال الكرماني: ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن لها جزأين، فدلالته على الأول ظاهرة؛ لأنه لم يقبض الناقة بعد الأخذ بالثمن، وتركها عند أبي بكر، وأما الثاني: وهو قوله: (أو مات قبل أن يقبض) إما للإشعار بأنه لم يجد حديثًا على شرطه، أو للإعلام بأن حكم الموت قبل القبض حكم الوضع عنده قياسًا عليه (¬1). 58 - بَابُ لاَ يَبِيعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ أَوْ يَتْرُكَ (باب: لا يبيع) في نسخة: "لا يبع" أي: في زمن الخيار. (على بيع أخيه ولا يسوم) في نسخة: "ولا يسم". (على سوم أخيه) بأن يقول لمن اتفق مع آخر على بيع بثمن معين من غير عذرٍ: أنا اشتريه بأكثر، وأنا أبيعك خيرًا منه بأرخص منه. (حتى يأذن) أي: البائع في الأولى، والمتفق في الثانية. (له) أي: لطالب البيع أو السوم. (أو يترك) أي: البيع في الأولى، والاتفاق في الثانية. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني"10/ 25.

2139 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ". [2165، 5142 - مسلم: 1412 - فتح: 4/ 352] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (لا يبيع أحدكم على بيع أخيه) زاد في الشروط من حديث أبي هريرة: "وأن يستام الرجل (¬1) " وبذلك يحصل مطابقة الحديث للترجمة، وذكر الأخ جريٌ على الغالب؛ إذ غيره ممن له أمان مثله. 2140 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا". [2148، 2150، 2151، 2160، 2162. 2723، 2727، 5144، 5152، 6601 - مسلم: 1413، 1515، 1520 - مسلم 4/ 453] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أن يبيع حاضر لباد) أي: متاعًا يقدم به من البادية ليبيعه بسعر يومه، فيقول له الحاضر: اتركه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى منه. (ولا تناجشوا) بحذف إحدى التاءين، أي: ولا تتناجشوا، من النجش: وهو أن يزيد في الثمن لا لرغبة؛ بل ليخدع غيره. (ولا يخطب على خطبة أخيه) بكسر الخاء بأن يخطب امرأة فتركن إليه، ويتفقا على صداق معلوم من غير عقد، فيخطب آخر ويزيد في الصداق. (ولا تسأل المرأة طلاق أختها) برفع (تسأل) وجزمه، لكن كسرت اللام؛ لالتقاء الساكنين. (لتكفأ) بفتح الفوقية والفاء وبالهمز على الصواب، أي: لتقلب. (ما في إنائها) يعني: لا تسأل المرأة -ولو أجنبية- طلاق رجل زوجته؛ لينكحها ويصير لها من نفقته ومعروفه ومعاشرته ما كان ¬

_ (¬1) سيأتي الحديث برقم (2727) كتاب: الشروط، باب: الشروط في الطلاق.

59 - باب بيع المزايدة

للمطلقة، فعبر عن ذلك بكفئ ما في إنائها مجازًا، بما تقرر علم أن المراد بأختها: أختها في الأنوثة من بني آدم، ولو أجنبية وكافرة، وحكمة النهي عن ذلك وعن ما مرَّ: الإيذاء. 59 - بَابُ بَيْعِ المُزَايَدَةِ وَقَال عَطَاءٌ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِبَيْعِ المَغَانِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ. (باب: بيع المزايدة) بأن يتزايد الناس في الثمن، قبل العقد. (لا يرون بأسًا ببيع المغانم فيمن يزيد) ذكر المغانم مثال، أو جريٌ على الغالب إذ غيرها مثلها. 2141 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ المُكْتِبُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَاحْتَاجَ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي" فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِكَذَا وَكَذَا فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. [2230، 2231، 2403، 2415، 2534، 6716، 6947، 7186 - مسلم: 997 - فتح: 4/ 354] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (الحسين) أي: ابن ذكوان المُكْتِبُ، بسكون الكاف من الإكتاب، وبفتحها وتشديد الفوقية من التكتيب، وهو الأكثر. (أن رجلًا) هو أبو مذكور الأنصاري. (أعتق غلامًا له) اسمه: يعقوب. (فقال: من يشتريه مني؟) فيه تعريض للزيادة، يستقصي فيه للمفلس الذي باعه عليه، وهذا موضع الترجمة. (نعيم بن عبد الله) هو النحام، بفتح النون وتشديد المهملة العدوي القرشي، ووصف بالنحام، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "دخلت الجنة، فسمعت نحمة نعيم فيها" (¬1) ¬

_ (¬1) "طبقات ابن سعد" 4/ 138.

60 - باب النجش، ومن قال: "لا يجوز ذلك البيع"

والنحمة: السعلة، أسلم قديمًا وأقام بمكة إلى قبيل الفتح، وكان قومه يمنعونه من الهجرة؛ لشرفه فيهم؛ لأنه كان ينفق عليهم، فقالوا: أقم عندنا على أي دين شئت، ولما قدم المدينة اعتنقه - صلى الله عليه وسلم - وقبله، واستشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة. (بكذا وكذا) أي: بثمانمائة درهم، كما في رواية أخرى في "الصحيحين" (¬1). (فدفعه إليه) أي: دف - صلى الله عليه وسلم - الثمن إلى مدبره، أو المدبر إلى مشتريه نعيم. وفي الحديث: جواز بيع المدبر. 60 - بَابُ النَّجْشِ، وَمَنْ قَال: "لَا يَجُوزُ ذَلِكَ البَيْعُ" وَقَال ابْنُ أَبِي أَوْفَى: النَّاجِشُ: آكِلُ رِبًا خَائِنٌ وَهُوَ خِدَاعٌ بَاطِلٌ لَا يَحِلُّ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخَدِيعَةُ فِي النَّارِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ". (باب: النجش) بفتح النون وسكون الجيم، وفتحها لغة: تنفير الصيد من مكانه؛ ليصاد. وشرعًا: الزيادة في الثمن؛ ليخدع غيره كما مرَّ، وعطف على (النجش) قوله: (ومن قال: لا يجوز ذلك البيع) أي: الواقع بالنجش، وهو مع عدم جوازه صحيح. (ابن أبي أوفى) هو عبد الله. (الناجش آكل ربا) أي: كآكِلِه في التحريم، وفي نسخة: "آكل الربا" بالتعريف. (خائن) أي: [لغشه وهو خبر بعد خبر. (وهو خداع باطل لا يحل) من كلام البخاري] (¬2). (الخديعة في النار) أي: صاحبها في النار. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6716) كتاب: كفارات الإيمان، باب: عتق المدبر وأم الولد. (¬2) من (م).

61 - باب بيع الغرر وحبل الحبلة

قال الكرماني: ويحتمل أن يكون فعيلا بمعنى فاعل، والتاء للمبالغة، كرجل علَّامة (¬1). (فهو رَدّ) أي: مردود عليه، فلا يقبل منه. 2142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّجْشِ". [6963 - مسلم: 1516 - فتح: 4/ 355] (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النجش) مرَّ شرحه. 61 - بَابُ بَيْعِ الغَرَرِ وَحَبَلِ الحَبَلَةِ (باب: بيع الغرر) أي: كبيع المسك في الفارة (¬2) (وحبل الحبلة) عطف على (الغرر) من عطف الخاص على العام وتفسيره يأتي في الحديث، وأفرد بالذكر مع دخوله في الغرر؛ لشهرته في الجاهلية، ومثله يجري في تراجم ما يدخل في الغرر، كالملامسة والمنابذة. وحبل مصدر، والحبلة: جمع حابل كظلم وظالم، وقيل: مصدر أيضًا سمي به المحبول، كما سمي المحمول بالحمل، واستعمال ذلك في غير الآدميات كما هنا: مجاز؛ لاتفاق أئمة اللغة على أن الحبل مختص بالآدميات، ويقال في غيرهن: حمل. 2143 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 10/ 27. (¬2) والفأرة: نافخة المسك، وبلا هاء المسك، والصواب إيراد فارة المسك في (ف- و- ر). لفوران رائحتها، أو يجوز همزها؛ لأنها على هيئة الفأرة. انظر "القاموس المحيط" مادة (فأر).

62 - باب بيع الملامسة

عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ"، وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا. [2256، 3843 - مسلم: 1514 - فتح 4/ 356] (نهى عن بيع حبل الحبلة) بأن يقول: بعتك هذه السلعة بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة، [ثم يلد ولدها، وهو تفسير ابن عمر بأن يقول: بعتك ولد ولد الناقة] (¬1)، وهذا أقرب لفظًا، والأول أقوى؛ لأن تفسير الراوي لو قيس مخالفًا للظاهر، فإن ذلك هو الذي كان في الجاهلية، والنهي وارد" عليه، ولم يذكر في الباب [الغرر] (¬2) صريحًا؛ اكتفاءً بذكره ضمنًا في حبل الحبلة، والنهي عمَّا ذكر وعمَّا يأتي للتحريم. (الجزور) هو البعير ذكرًا كان، أو أنثى، وذكره مثالٌ؛ إذ غيره مثله. (تُنتج) بالبناء للمفعول، ولم يسمع إلا كذلك، كجنة. يقال: نتجت الناقة نتاجًا بكسر النون مصدر، أي: ولدت، وولدها نتاج من تسمية المفعول بالمصدر. 62 - بَابُ بَيْعِ المُلامَسَةِ وَقَال أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: بيع الملامسة) تفسيره يأتي في الحديث. 2144 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى عَنِ المُنَابَذَةِ"، وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إِلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ، أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ "وَنَهَى عَنِ المُلامَسَةِ"، وَالمُلامَسَةُ: لَمْسُ الثَّوْبِ لَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ. [انظر: 367 - مسلم: 1512 - فتح: 4/ 358] ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

(عقيل) أي: ابن خالد الأيلى. 2145 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نُهِيَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ: أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ". [انظر: 368 - مسلم: 1511 - فتح: 4/ 358] (عبد الوهاب) أي: الثقفي. (أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (عن لبستين) بكسر اللام. (أن يحتبي .. إلى آخره). قال ابن الأثير: الاحتباء: أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشدُّه عليهما، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب، وإنما نهي عنه؛ لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد ربما تحرك، أو زال الثوب فتبدو عورته (¬1)، ولم يذكر في الحديث ثانية اللبستين المنهي عنهما، وهو اشتمال الصماء اختصارًا من الراوي، وقد ذكرها الإمام أحمد مع الاحتباء بلفظ: "أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء، وأن يرتدي في ثوب يرفع طرفيه على عاتقه" (¬2). (وعن بيعتين) بكسر الباء للهيئة، وبفتحها للمرة، قيل: والوجه الكسر. (اللماس والنباذ) بكسر أولهما: مصدر لامس ونابذ، ومرَّ شرح الحديث في: الصلاة، في باب: ما يستر من العورة (¬3). ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث"1/ 335. (¬2) "مسند أحمد" 2/ 491. (¬3) سلف الحديث برقم (368) كتاب: الصلاة، باب: ما يستر من العورة.

63 - باب بيع المنابذة

63 - بَابُ بَيْعِ المُنَابَذَةِ وَقَال أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: بيع المنابذة) علم تفسيره مما مر. 2146 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ المُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ". [انظر: 368 - مسلم: 1511 - فتح: 4/ 359] و (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. 2147 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: المُلامَسَةِ، وَالمُنَابَذَةِ". [انظر: 367 - مسلم: 1512 - فتح: 4/ 359] (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السَّامي. (معمر) أي: ابن راشد، ومرَّ شرح الحديثين (¬1). 64 - بَابُ النَّهْيِ لِلْبَائِعِ أَنْ لَا يُحَفِّلَ الإِبِلَ، وَالبَقَرَ وَالغَنَمَ وَكُلَّ مُحَفَّلَةٍ وَالمُصَرَّاةُ: الَّتِي صُرِّيَ لَبَنُهَا وَحُقِنَ فِيهِ وَجُمِعَ، فَلَمْ يُحْلَبْ أَيَّامًا، وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ المَاءِ، يُقَالُ مِنْهُ صَرَّيْتُ المَاءَ إِذَا حَبَسْتَهُ. (باب: النهي للبائع أن لا يحفِّل الإبل والبقر والغنم) بتشديد الفاء ¬

_ (¬1) مرَّ شرح الحديث الأول والثاني (367 - 368) كتاب: الصلاة، باب: ما يستر من العورة.

من التحفيل المأخوذ من الحفل وهو الجمع، ومنه المحفل لمجمع الناس، (لا) زائدة، و (أن) مفسرة مع ما بعدها للنهي. (وكل محفلة) بالنصب عطف على (الإبل) من عطف العام على الخاص، والمحفلة: المصراة (والمصراة) هي (التي صري لبنها) أي: ربط ضرعها. (وحقن) عطف على (صُرِّي) عطف تفسير. (فيه) أي: في الضرع. (يقال منه: صَرَّيت الماء) زاد في نسخة: "إذا حبسته". 2148 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعَ تَمْرٍ " وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَاعَ تَمْرٍ"، وَقَال بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: "صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَهُوَ بِالخِيَارِ ثَلاثًا"، وَقَال بَعْضُهُمْ: عَنْ ابْنِ سِيرِينَ "صَاعًا مِنْ تَمْرٍ"، "وَلَمْ يَذْكُرْ ثَلاثًا، وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ". [انظر: 2140 - مسلم: 1413 و 1515 و 1520 و 1524 - فتح: 4/ -361] (ابن بكير) هو يحيى. (لا تصروا) بضم التاء، وفتح الصاد على الرواية الصحيحة، بوزن تزكوا، وأصله: تصريوا استثقلت الضمة على الياء فنقلت على الراء ثم حذفت؛ لالتقاء الساكنين. (بعد) أي: بعد التصرية، وقيل: بعد العلم بالنهي، وقيل: بعد حلبها. (بخير النظرين) أي: الرأيين. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيَّات. (وهو بالخيار ثلاثًا) الصحيح عند الشافعية أن الخيار على الفور كسائر العيوب، وأجيب عن ذكر الثلاث بأنه محمول على الغالب من التصرية لا تظهر إلا بثلاثة أيام، لا حالة نقص اللبن قبل تمامها على اختلاف العلف أو المأوى أو تبدل

الأيدي أو غير ذلك. (والتمر أكثر) أي: الروايات المصرحة بالتمر أكثر من الروايات التي لم تصرِّح به. 2149 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّهَا، فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا. "وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ تُلَقَّى البُيُوعُ". [2164 - مسلم: 1518 - فتح: 4/ 361] (مسدَّد) أي: ابن مسرهد. (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (أبو عثمان) هو عبد الرحمن بن ملّ بتشديد اللام. (فليرُدَّ معها صاعًا) أي: "من تمر" كما في نسخة، ومحله: إذا كانت المحفلة مأكولة وتلف لبنها، ولو ردَّ غير المصرَّاة بعد الحلب بعيب، فهل يردُّ بدل اللبن صاعًا من تمر؟ وجهان: أحدهما وبه جزم البغوي وصححه ابن أبي هريرة والقاضي وابن الرفعة: نعم كالمصرَّاة، والثاني وبه جزم الماوردي: يردُّ بدله لبنًا لا تمرًا؛ لأن صاع التمر عوض لبن المصرَّاة، وهذا لبن غيرها (¬1)، ولو اشترى مصراة بصاع تمر ردَّها وصاع تمر إن شاء واستردَّ صاعه؛ لأنَّ الربا لا يؤثر في الفسوخ. قال الأذرعي: فلو تلف الصاع المشترى به، وكان من نوعٍ ما لزم المشتري رده (¬2). فيخرج من كلام الأئمة أنهما يقعان في التقاص إن جوزناه في المثليات، وهو الأصح المنصوص خلافًا للرافعي وغيره. (أن تلقى) بضم التاء وفتح اللام والقاف المشددة، وأصله: تتلقى، حذفت إحدى التاءين، أي: تستقبل. (البيوع) بالرفع نائب للفاعل، ¬

_ (¬1) "شرح السنة" 8/ 126 - 128، "التهذيب" 3/ 428، "الحاوي الكبير" 5/ 243، "المجموع" 11/ 265 - 266. (¬2) انظر: "المجموع" 11/ 236.

65 - باب: إن شاء رد المصراة وفي حلبتها صاع من تمر

والمراد: أصحاب البيوع، أو المراد بالبيوع: المبيعات، وفي نسخة: "أن تلقى البيوع" بفتح التاء ونصب البيوع، فالفاعل مقدَّر، أي: طائفة، ويروى بالفتح والتخفيف ونصب البيوع. 2150 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا، إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ". [انظر: 2140 - مسلم: 1413 و 1515 و 1520 و 1524 - فتح: 4/ 361] (لا تلقوا الركبان) بفتح التاء واللام والقاف المشددة، وأصله: لا تتلقوا، أي: لا تستقبلوا الذين يحملون المتاع إلى البلد للاشتراء منهم قبل معرفتهم السعر. (ولا يبيع) في نسخة: "ولا يبع". (ولا تناجشوا) أصله: تتناجشوا، ومرَّ بيان ذلك. 65 - بَابٌ: إِنْ شَاءَ رَدَّ المُصَرَّاةَ وَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ (باب: إن شاء ردَّ المصراة وفي حلبتها) بسكون اللام على أنها اسم للفعل، والمراد: المحلوب، وبفتحها بمعنى المحلوب. (صاعٌ من تمر) فهو في مقابلتها للبن، كما عليه الجمهور. لا الفعل، وكان القياس ردُّ عين اللبن أو مثله، لكنه لمَّا تعذر عليه ذلك باختلاط ما حدث بعد البيع في ملك المشتري بالموجود حال العقد، وإفضائه إلى الجهل بقدره عيَّن الشارع له بدلًا يناسبه؛ قطعًا للخصومة، ودفعًا للتنازع في القدر الموجود عند العقد. 2151 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا المَكِّيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي

66 - باب بيع العبد الزاني

زِيَادٌ، أَنَّ ثَابِتًا، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً، فَاحْتَلَبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ". [انظر: 2140 - مسلم: 1413 و 1515 ومسلم 1520 و 1524 - فتح: 4/ 368] (محمد بن عمرو) زاد في نسخةٍ: "ابن جبلة". (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (زياد) أي: ابن سعد بن عبد الرحمن. (أن ثابتًا) أي: ابن عياض بن الأحنف. (من اشترى غنمًا مصراة إلى آخره) ظاهره: أن الصاع لا يتعدد إذا كانت المصراة متعددة وهو كذلك. إذ الحكمة في وجوب الصاع قطع النزاع، كما مرَّ، وكما أنه كافٍ وإن كثر لبن المصراة، فهو كاف وإن تعددت. 66 - بَابُ بَيْعِ العَبْدِ الزَّانِي وَقَال شُرَيْحٌ: "إِنْ شَاءَ رَدَّ مِنَ الزِّنَا". (باب: بيع العبد الزاني) أي: ندب بيعه ومثله الأمة الزانية، وهي المذكورة في الحديث. (وقال شريح) أي: ابن الحارث. (ردَّ من الزنا) أي: رد الرقيق المبيع من أجل زناه. وقوله: (وقال إلى آخره) ساقط من نسخة. 2152 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ، فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ". [2234، 6839 - مسلم: 1703 - فتح: 4/ 369]

67 - البيع والشراء مع النساء

(فليجلدها) أي: سيدها. (ولا يثرِّب) بمثلثة، أي: لا يوبخها، ولا يقرعها بالزنا بعد الجلد لارتفاع اللوم بالحدّ. (فليبعها) أي: ندبًا بعد جلدها. 2154 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ، قَال: "إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ" قَال ابْنُ شِهَابٍ: لَا أَدْرِي بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَو الرَّابِعَةِ. [2232 و 2233 و 2555 و 2556 و 6837 و 6738 - مسلم: 1704 - فتح: 4/ 369] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (ولم تحصن) بضم أوله، وسكون ثانيه، وكسر ثالثه، أو فتحه من الإحصان، والمراد به هنا: العفة عن الزنا لا الإسلام ولا الحرية ولا التزوج مع أن هذا القيد مضر؛ لإيهامه أن الجلد يرتفع بالإحصان، وإن أريد به العفة وليس كذلك. (ولو بضفير) أي: مضفور من شعر أو نحوه. (بعد الثانية) أي: "بعد الثالثة" كما في نسخة. 67 - البيع والشراء مع النساء (باب: البيع والشراء مع النساء) أي: جوازهما معهن، وقدم في نسخة الشراء على البيع. 2155 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَرِي وَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ العَشِيِّ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 4/ 369]

(أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (فذكرت له) أي: قصة كتابة بريرة. (اشتري) هو موضع الترجمة. (ما بال) أي: ما شأن، وفي نسخة: "أما بعد ما بال". (أناس) في نسخةٍ: "الناس". (شروطًا) في نسخةٍ: "شرطًا" ليس بالتذكير على الأولى باعتبار الجنس، أو المذكور. (مائة شرط) ذكرها للمبالغة في الكثرة. (شرط الله أحق) أي: بالاتباع من الشروط المخالفة له. (وأوثق) أي: أقوى في الاتباع من الشروط المخالفة له، وأفعل التفضيل هنا ليس على بابه؛ إذ لا مشاركة بين الحق وغيره، ولا بين الوثوق وغيره. 2156 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَال: سَمِعْتُ نَافِعًا، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَاوَمَتْ بَرِيرَةَ، فَخَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالتْ: إِنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يَبِيعُوهَا إلا أَنْ يَشْتَرِطُوا الوَلاءَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" قُلْتُ لِنَافِعٍ: حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا؟ فَقَال: مَا يُدْرِينِي. [2169، 2562، 6752، 6757، 6759 - مسلم: 1504 - فتح: 4/ 370] (حسان ابن أبي عباد) اسم أبي عباد [حسان أيضًا، لكن في نسخةٍ: "حسان بن حسان بن أبي عباد"] (¬1). (همام) بتشديد الميم: ابن يحيى. (ساومت بريرة) أي: أهلها. (إلا أن يشترطوا الولاء) أي: لهم. (ما يدريني) (ما) استفهامية، أي: أي شيء يعلمني أنه حر أو عبد، لكن الصحيح أنه كان عبدًا، كما في مسلم (¬2) عن ابن عباس وعائشة، ومرَّ ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم" (1504) (13) كتاب: العتق، باب: إنما الولاء لمن أعتق.

68 - باب: هل يبيع حاضر لباد بغير أجر؟ وهل يعينه أو ينصحه؟

شرح الحديث في باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد (¬1). 68 - بَابٌ: هَلْ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِغَيْرِ أَجْرٍ؟ وَهَلْ يُعِينُهُ أَوْ يَنْصَحُهُ؟ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَنْصَحْ لَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءٌ. (باب: هل يبيع حاضر لباد؟) بأن يقدم البادي: وهو من قدم من البادية بمتاع تعم الحاجة إليه، ويريد بيعه بسعر يومه، فيقول الحاضر: اتركه عندي؛ لأبيعه بالتدريج بأغلى. (بغير أجر) أي: هل للحاضر أن يبيعه بغير أجرة يأخذها من البادي؟ وحاصل الترجمة: أن البخاري أراد بها أن النهي عن بيع الحاضر للبادي محله إذا كان بأجرة؛ لأن الذي بيع بها غرضه تحصيلها، لا نصيحة البادي، والجمهور على أن النهي عنه مطلق. (وهل يعينه أو ينصحه؟) أراد بالإعانة: إعانة البادي على غرضه من بيع متاعه بسعر يومه، وبالنصيحة: بيعه له على التدريج. (إذا استفتح أحدكم أخاه فلينصح له) مؤيد بجواز بيع الحاضر للبادي إذا كان بغير أجرة؛ لأنه من باب النصيحة. 2157 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، سَمِعْتُ جَرِيرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [انظر: 57 - مسلم: 56 - فتح: 4/ 370] ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (456) كتاب: الصلاة، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد.

(سفيان) أي: ابن عيينة. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (جرير) أي: ابن عبد الله. (يقول) في نسخة: "قال" ومرَّ شرح الحديث في آخر كتاب: الإيمان (¬1). 2158 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ"، قَال: فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ "لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ" قَال: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا. [2163، 2274 - مسلم 1521 - فتح 4/ 370] (عبد الواحد) أي: ابن زياد العبدي. (معمر) أي: ابن راشد. (ولا يبيع) في نسخة: "ولا يبع". (ما قوله؟) أي: ما معنى قوله. (لا يكون) أي: الحاصر. (له) أي: للبادي. (سمسارًا) بكسر المهملة الأولى، أي: دلالًا، فيبيع أو يشتري له بأجرة، هذا والمشهور: ما تقدم أن بيع الحاضر للبادي أن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه إلي آخره، والبيع صحيح مع الحرمة؛ لأن النهي عنه ليس لنفس العقد ولا للازمه، بل لدفع الضرر عن أهل البلد، وما ذكر وإن كان نصحًا للقادم فقط، لكن ليس نصحًا لعموم أهل البلد؛ لعموم الضرر، ولا ينافي هذا خبر: "الدين النصيحة" (¬2) لأن ذلك نصيحة لكافة أهل البلد، وإن لم ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (57) كتاب: الإيمان، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الدين النصيحة". (¬2) رواه مسلم (55) كتاب: الإيمان، باب: بيان أن الدين النصيحة وأبو داود (4944) كتاب: الأدب، باب: في النصيحة. والنسائي 7/ 156 - 157 كتاب: البيعة، النصيحة للإمام. من حديث تميم الداري.

69 - باب من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر

يكن نصيحة لذلك البادي خاصة، وما هنا نصيحة للقادم فقط، أو ما هنا مخصص لذاك. 69 - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِأَجْرٍ (باب: من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر) أعاده؛ للتنصيص على كراهته. 2159 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ" وَبِهِ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ. [فتح: 4/ 372] (ابن صباح) في نسخة: "ابن الصبَّاح". (أبو علي) هو عبد الله الحنفي، نسبة إلى بني حنيفة. (وبه) أي: بقول من كره بيع الحاضر للبادي، ويلزم البخاري أن يقيد النهي عن ذلك بالأجرة؛ ليوفي بغرضه. 70 - بَابٌ: لَا يَشْتَرِي حَاضِرٌ لِبَادٍ بِالسَّمْسَرَةِ وَكَرِهَهُ ابْنُ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمُ لِلْبَائِعِ وَالمُشْتَرِي وَقَال إِبْرَاهِيمُ: "إِنَّ العَرَبَ تَقُولُ بِعْ لِي ثَوْبًا، وَهِيَ تَعْنِي الشِّرَاءَ". (باب: لا يبيع) في نسخة: "لا يشترى". (حاضر لبادٍ بالسمسرة) بأن يبيع الحاضر، أو يشتري بطريق الوكالة متاع البادي على الوجه السابق. (وكرهه) أي:. ما ذكر من البيع والشراء المذكورين. 2160 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "لَا يَبْتَاعُ المَرْءُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ". [انظر: 2140 - مسلم: 1413 و 1515 و 1520 - فتح: 4/ 372]

71 - باب النهي عن تلقي الركبان

(لا يبتاع) في نسخة: "لا يبتع". (ولا يبيع) في نسخة: "ولا يبع". (حاضر لبادٍ أي: بالسمسرة؛ ليطابق الترجمة، وهي وإن لم تذكر في الحديث، فهي معلومة من أنها الغالب من بيع الشخص لغيره. 2161 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ". 3/ 95 [مسلم: 1523 - فتح: 4/ 372] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (معاذ) أي: ابن فضالة. (ابن عون) هو عبد الله. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (نهينا أن يبيع حاضر لباد) ساق في ترجمة هذا الباب واللذين قبله حديث: "لا يبيع حاضر لباد"، لكن في الأول بالاستفهام، وفي الثاني بالنص على الكراهة بالأجر، كما مرَّ، وفي الثالث بالتقييد بالسمسرة، وخصَّ كل باب بإسناده تكثيرًا للطرق، وتقويةً للمعنى. 71 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَأَنَّ بَيْعَهُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ صَاحِبَهُ عَاصٍ آثِمٌ إِذَا كَانَ بِهِ عَالِمًا وَهُوَ خِدَاعٌ فِي البَيْعِ، وَالخِدَاعُ لاَ يَجُوزُ. (باب: النهي عن تلقي الركبان) لاشتراء ما يحملونه إلى البلد قبل أن يعرفوا السعر، والتقييد بالركبان جريٌ على الغالب، إذ مثلهم المشاة والواحد. وعطف على النهي مدخول الواو في قوله: (وأن بيعه) الإضافة فيه للمفعول وهو المتلقي، والمعنى: وأن ابتياعه (مردود)، أي: باطل. (لأن صاحبه) أي: صاحب التلقي [وهو المتلقي] (¬1). (عاصٍ آثم إذا كان به) أي: بالنهي. (عالمًا وهو) أي: ¬

_ (¬1) من (م).

التلقي. (خداع في البيوع والخداع لا يجوز) ردَّ البخاري ذلك بناءً على أن النهي يقتضي الفساد مطلقًا، والجمهور على أنه ليس بمردود؛ لأن النهي إنما يقتضي الفساد إذا كان لعين الشيء، أو لازمه، لا لخارج عنه، وما هنا إنما هو لخارج عنه، وهو دفع الضرر عن الركبان، مع أن البخاري ألزم بالتناقض بيع المصرَّاة، وبكونه فصل في بيع الحاضر للبادي بين أن يبيع بأجر، أو بغير أجر مع أن في بيع المصرَّاة والبيع بغير أجر خداعًا، ومع ذلك لا يردُّ البيع. 2162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ العُمَرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ". [انظر: 2140 - مسلم: 1413، 1515، 1520 - فتح: 4/ 373] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (العمري) ساقط من نسخة. 2163 - حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: "لَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ" فَقَال: لَا يَكُنْ لَهُ سِمْسَارًا. [انظر: 2158 - مسلم 1521 - فتح: 4/ 373] (حدثنا عيَّاش) في نسخة: "حدثني عياش". (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى. (معمر) أي: ابن راشد. (عن ابن طاوس) هو عبد الله. (لا يكن) بالتحتية والجزم على النهي، وفي نسخة: "لا يكون" بالتحتية والرفع على النفي، وفي أخرى: "لا تكن" بالفوقية والجزم. 2164 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَال: حَدَّثَنِي التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "مَنِ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا". قَال: "وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَلَقِّي البُيُوعِ". [انظر: 2149 - مسلم 1518 - فتح: 4/ 373]

72 - باب منتهى التلقي

(التيمي) هو سليمان بن طرخان. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن ملّ. (عن عبد الله) هو ابن مسعود. 2165 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إِلَى السُّوقِ". [انظر: 2139 - مسلم 1412، 1517 - فتح: 4/ 373] (على بيع بعض) عُدِّي (بيع) بـ (علي) لتضمنه معنى الاستعلاء. (حتى يهبط بها) أي: ينزل بها، والمراد: يأتي بها. 72 - بَابُ مُنْتَهَى التَّلَقِّي (باب: مُنتهى التلقي) أي: للركبان، والمراد: جوازه، وهو إلى أعلها سوق البلد، أما التلقي المحرم فما كان إلى خارج البلد. 2166 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ، فَنَشْتَرِي مِنْهُمُ الطَّعَامَ فَنَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى يُبْلَغَ بِهِ سُوقُ الطَّعَامِ". [انظر: 2123 - مسلم: 1527 - فتح: 4/ 375] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "هَذَا فِي أَعْلَى السُّوقِ، يُبَيِّنُهُ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ". (جويرية) أي: ابن أسماء بن عبيد الضبعي. (أن يبيعه) أي: في مكان التلقي. (حتى يبلغ به) بضم التحتية وفتح اللام مبنيًّا للمفعول: وهو سوق الطعام، وفي نسخة: "يبلغ به السوق" بالبناء للفاعل ونصب (السوق). (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (هذا) أي: التلقي المذكور كان في أعلى السوق لا فيما هو خارج عنه. (ويبيِّنه) في نسخة: "يبيِّنه" بلا واو. (حديث عبيد الله الآتي) حيثُ قال فيه: كانوا يتبايعون الطعام في

73 - باب إذا اشترط شروطا في البيع لا تحل

أعلى السوق، فدلَّ الحديث على جواز التلقي إلى أعلى السوق، وعلى أن المنهي عنه فيه إنما هو البيع قبل القبض مع أن هذا علم مما مرَّ، وفي نسخة: تأخير قوله: (قال أبو عبد الله .. إلى آخره) عن الحديث الآتي. 2167 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانُوا يَبْتَاعُونَ الطَّعَامَ فِي أَعْلَى السُّوقِ، فَيَبِيعُونَهُ فِي مَكَانِهِ، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِ حَتَّى يَنْقُلُوهُ". [انظر: 2123 - مسلم: 1517، 1527 - فتح: 4/ 375] (يحيى) أي: القطان. (عن عبيد الله) أي: ابن عبد الله بن عمر. (يبتاعون) بموحدة ساكنة قبل الفوقية، وفي نسخة: "يتبايعون" بموحدة بعد الفوقية، وزيادة ياء قبل العين. 73 - بَابُ إِذَا اشْتَرَطَ شُرُوطًا فِي البَيْعِ لَا تَحِلُّ (باب: إذا اشترط شروطًا في البيع لا تحل) في نسخة: "إذا اشترط في البيع شروطًا لا تحل" وجواب الشرط محذوف، أي: فهي باطلة. 2168 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، فَقُلْتُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالتْ لَهُمْ فَأَبَوْا [ذَلِكَ] عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَقَالتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إلا أَنْ يَكُونَ الوَلاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلاءَ، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 4/ 376] (كاتبت أهلي) أي: مواليَّ. (أواق) في نسخة: "أواقي" بياء مخففة أو مشدَّدة، جمع (وقية) بفتح الواو من غير همز وتشديد الياء، وفي نسخة: "أوقية" بهمزة مضمومة وياء مشدَّدة. (فأعينيني) بصيغة الأمر من الإعانة، وفي باب: استعانة المكاتب في الكتابة فأعيتني (¬1). بصيغة الخبر من الإعياء، أي: أعجزتني الأواقي عن تحصيلها. (فقالت لهم) أي: مقالة عائشة. (فأبوا عليها) في نسخة: "فأبوا ذلك". (من عندهم) في نسخة: "من عندها" أي: عائشة. (عرضت) في نسخة: "قد عرضت". (فسمع النبي) أي: ذلك من بريرة. (فأخبرت عائشة النبي) فائدة إخبارها له بذلك مع أنه سمعه: أنها أخبرته به مفصلًا وسماعه به كان مجملًا. (خذيها) أي: اشتريها. (واشترطي لهم الولاء) هو لغة: القرابة، وشرعًا: عصوبة سببها العتق، وما ذكر صريح في أن كتابتها كانت موجودة قبل البيع، فدل القول الشافعي في القديم بصحة بيع المكاتب، ويملكه المشتري مكاتبًا، ويعتق بأداء النجوم إليه والولاء له، وأمَّا على قوله في الجديد بعدم صحة بيعة فالحديث مشكل (¬2). ¬

_ (¬1) سيأتي الحديث برقم (2563) كتاب: المكاتب، باب: استعانة المكاتب وسؤاله الناس. (¬2) انظر: "المجموع" 9/ 232 - 233.

وأجيب: بأنها عجزت نفسها ففسخ مواليها كتابتها، واستشكل الحديث أيضًا بأنه كيف ساغ للبائعين اشتراط الولاء لهم مع أنه مفسد؛ لمخالفته خبر: "إنما الولاء لمن أعتق" وبأنه كيف ساغ لعائشة أن تخدع البائعين بشرطها لهم ما لا يصح، وبأنه - صلى الله عليه وسلم - كيف أذن لها في ذلك مع أنه غير جائز؟ وأجيب: بأن [(لهم) بمعنى: عليهم، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] وقوله {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} وبأنه إنما شرط الولاء] (¬1) زجرًا وتوبيخًا؛ لمخالفتهم له في إخباره لهم قبل بأن الولاء لمن أعتق غاية ما فيه إخراج الأمر عن ظاهره، وقد ورد كذلك، كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]، وبأن ذلك خاص بقضية عائشة لمصلحة قطع عادتهم، كما خصَّ فسخ الحج إلى العمرة بالصحابة لمصلحة بيان جوازها في أشهره. قال النووي: وهذا أقوى الأجوبة (¬2). (ما بال) أي: ما حال. (في كتاب الله) أي: حكمه الذي كتبه على عباده. (إنما الولاء لمن أعتق) أي: لا لغيره، كالحليف. قال الكرماني: وفيه، أي: مع ما قبله: جواز السجع إذا لم يتكلفه، وإنما نهى عن سجع الكهان؛ لما فيه من التكلف (¬3). 2169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً فَتُعْتِقَهَا، فَقَال أَهْلُهَا: نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاءَهَا لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [انظر: 2156 - مسلم: 1504 - فتح: 4/ 376] (جارية) أي: بريرة. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 10/ 140. (¬3) "البخاري بشرح الكرماني"10/ 42.

74 - باب بيع التمر بالتمر

74 - بَابُ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ (باب: بيع التمر بالتمر) بالمثناة وسكون الميم فيهما، والمراد: جواز بيع ذلك بشرطه الآتي بيانه. 2170 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "البُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا، إلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ". [انظر: 2134 - مسلم: 1586 - فتح: 4/ 377] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي (الليث) في نسخة: "ليث". (إلا هاءَ هاءَ) مرَّ شرحه في باب: ما يذكر في بيع الطعام والحكرة (¬1). 75 - بَابُ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِالزَّبِيبِ، وَالطَّعَامِ بِالطَّعَامِ (باب: بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام) العطف فيه من عطف العام على الخاص. 2171 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ، وَالمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالكَرْمِ كَيْلًا". [2172، 2185، 2205 - مسلم: 1542 - فتح: 4/ 377] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (حدثني مالك) في نسخةٍ: "حدثنا مالك". ¬

(¬1) سلف الحديث برقم (2134) كتاب: البيوع، باب: ما يذكر في بيع الطعام والحكرة.

(المزابنة) من الزبن: وهو الدفع، أي: لأن كلًّا يدفع صاحبه عن حقه، وذلك لأن مراده على الخرص الذي لا يؤمن فيه التفاوت، فتقع فيه المخاصمة أكثر من غيره. (بيع الثمر) بالمثلثة وفتح الميم، أي: الرطب على النخل. (بالتمر) بالمثناة وسكون الميم: اليابس. (بالكرم) أي: بالعنب الذي على الكرم. وفيه: جواز تسمية العنب كرمًا، وخبر النهي عن تسميته به (¬1) محمولٌ على التنزيه، فما هنا بيان للجواز، ومرَّ شرح الحديث في البيوع. 2172 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ" قَال: وَالمُزَابَنَةُ: أَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَ بِكَيْلٍ: إِنْ زَادَ فَلِي، وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيَّ. [انظر: 2171 - مسلم: 1542 - فتح: 4/ 377] (أيوب) أي: السختياني. (الثمر) بالمثلثة (بكيل) أي: بمكيل من تمر وزبيب. 2173 - قَال: وَحَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَخَّصَ فِي العَرَايَا بِخَرْصِهَا". [2184، 2188، 2192، 2380 - مسلم: 1539 - فتح: 4/ 377] (في العرايا) أي: بيع الرطب أو العنب على الشجر بالتمر اليابس أو الزبيب، وهي جمع عرية. قال ابن الأثير: فعيلة بمعنى مفعولة من عراه يعروه إذا قصده، ويحتمل أن تكون فعيلة بمعنى فاعلة من عَري يعرى إذا خلع ثوبه، كأنها عريت من جملة التحريم، فعريت أي: خرجت. انتهى (¬2). ¬

_ (¬1) عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تسموا العنب الكرم، ولا تقولوا: خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر". وسيأتي برقم (6182) كتاب: الأدب، باب: لا تسبوا الدهر. (¬2) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 3/ 225.

76 - باب بيع الشعير بالشعير

وسيأتي بعض ذلك مع زيادة في باب: تفسير العرايا. (بخرصها) الباء للسببيَّة، أي: بسبب خرصها وهو بفتح الخاء مصدر وكسرها المخروص. قال النووي: الفتح أشهر (¬1). وقال القرطبي: الرواية بالكسر، يقال: كم خرص أرضك. أو للإلصاق، أي: خرص ملتبسًا به (¬2). 76 - بَابُ بَيْعِ الشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ (باب: بيع الشعير بالشعير) أَي: جوازه بشرطه. (مالك ابن أوس) أي: ابن الحدثان. 2174 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ التَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي، فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَال: حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنَ الغَابَةِ، وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ، فَقَال: وَاللَّهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ". [انظر: 2134 - مسلم: 1586 - فتح: 4/ 377] (صرفًا) هو بيع أحد النقدين بالآخر، كما مرَّ، وسمي ذلك صرفًا؛ لصرفه عن مقتضى البيوع، من جواز التصرف قبل التقابض، وقيل: من صريفهما: وهو تصويتهما في الميزان بمائة دينار (فتراوضنا) بإعجام الضاد، أي: فجارينا حديث البيع والشراء، وهو ما يجري بين المتبايعين من الزيادة والنقصان؛ لأن كلَّ واحد منهما يروض صاحبه ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 10/ 184 - 185. (¬2) "المفهم" 4/ 394.

77 - باب بيع الذهب بالذهب

على ما يريد، وقيل: تواصفنا، أي: وصف كلٌّ منَّا سلعته للآخر (حين اصطرف مني) أي: ما كان معي. (يقلبها) ضمن الذهب معنى المائة المذكورة فأنثه (حتى) أي: آصبر إلى أن (يأتي خازني من الغابة) بموحدة، وكان لطلحة فيها مال من نخل وغيره، وإنما قال ذلك؛ لظنه جوازه كسائر البيوع. (حتى يأخذ منه) أي: عوض الذهب. (الذهب بالذهب) في نسخةٍ: "الذهب بالورق" (ربا إلى آخره) مرَّ شرحه (¬1). 77 - بَابُ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ (باب: بيع الذهب بالذهب) أي: جوازه بشرطه. 2175 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، قَال: قَال أَبُو بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَالفِضَّةَ بِالفِضَّةِ إلا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالفِضَّةِ، وَالفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْتُمْ". [2182 - مسلم: 1590 - فتح: 4/ 379] (أبو بكرة) هو: نفيع بن الحارث. (لا تبيعوا الذهب) أي: ولو غير مضروب. (إلا سواءً بسواء) ويعتبر مع التساوي الحلول، والتقابض في المجلس. (والفضة بالفضة) أي: ولو غير مضروبة. (كيف شئتم) أي: متساويًا، أو متفاضلًا بعد الحلول والتقابض. في المجلس؛ لاتحاد علة الربا، بخلاف ما لو اختلفت، كذهبٍ أو بُرٍّ، أو كان أحد العوضين أو كلاهما غير ربوي كذهب وثوب، وعبد وثوب، لا يشترط شيءٌ من ذلك. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2134) كتاب: البيوع، باب: ما يذكر في بيع الطعام والحُكْرة.

78 - باب بيع الفضة بالفضة

78 - بَابُ بَيْعِ الفِضَّةِ بِالفِضَّةِ (باب: بيع الفضة بالفضة) أي: جوازه بشرطه. 2176 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمِّهِ قَال: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ حَدَّثَهُ مِثْلَ ذَلِكَ حَدِيثًا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَال: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال أَبُو سَعِيدٍ: فِي الصَّرْفِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالوَرِقُ بِالوَرِقِ مِثْلًا بِمِثْلٍ". [2177، 2178 - مسلم: 1584 و 1596 - فتح: 4/ 379] (حدثنا عبيد الله) في نسخة: "حدثني عبيد الله". (ابن أخي الزهري) هو محمد بن عبد الله بن مسلم. (عن عمه) هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. (أن أبا سعيد) أي: "الخدري" كما في نسخةٍ. (مثل ذلك) قال الكرماني: مثل حديث أبي بكرة التابعي قبل هذا في وجوب المساواة (¬1). وقال شيخنا أي: مثل حديث عمر الماضي في باب: بيع الشعير بالشعير في قصة طلحة بن عبيد الله في الصرف واستدلَّ لذلك بخبر ذكره، وذكر أن فيما سلكه الكرماني تكلفًا (¬2). (الذهب بالذهب) بالرفع مبتدأ حُذف خبره أي: يباع، أو على حذف مضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، أي: بيع الذهب، وبالنصب، أي: بيعوا الذهب بالذهب. 2177 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلا مِثْلًا بِمِثْلٍ، ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 10/ 45. (¬2) "الفتح" 4/ 380.

79 - باب بيع الدينار بالدينار نساء

وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الوَرِقَ بِالوَرِقِ إلا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ". [انظر: 2176 - مسلم: 1584 و 1596 - فتح: 4/ 379] (مثلًا بمثل) أي: حال كونهما متماثلين قدرًا فـ (مثلًا) مصدر في موضع الحال أي: مماثلًا، أو مصدر مؤكدة أي: يماثل مثلًا. (ولا تُشفُّوا) بضم التاء من الإشفاف، أي: لا تفضلوا. (غائبًا) أي: مؤجلًا. (بناجزٍ) أي: بحاضرٍ، فلابدَّ من التقابض في المجلس. 79 - بَابُ بَيْعِ الدِّينَارِ بِالدِّينَارِ نَسَاءً (باب: بيع الدينار بالدينار نساءً) أي: مؤجلًا، والمراد: بيان عدم جوازه. 2178، 2179 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ أَبَا صَالِحٍ الزَّيَّاتَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ"، فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُهُ، فَقَال أَبُو سَعِيدٍ: سَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَال: كُلَّ ذَلِكَ لَا أَقُولُ، وَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي، وَلَكِنني أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا رِبًا إلا فِي النَّسِيئَةِ". [انظر: 2176 - مسلم: 1584 و 1596 - فتح: 4/ 381] (ابن جريج) هو عبد الملك. (أن أبا صالح) هو ذكوان. (الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم) زاد مسلم في رواية: "مثلًا بمثل، من زاد أو أزاد فقد أربى" (¬1). (فقلت له) أي: لأبي سعيد. (فإن ¬

(¬1) "صحيح مسلم" (1596) كتاب: المساقاة، باب: بيع الطعام مثلًا بمثل.

80 - باب بيع الورق بالذهب نسيئة

ابن عباس لا يقوله) أي: لا يقول: إن الربا في التفاضل، وإنما يقول: إنه في النسيئة. (فقال أبو سعيد: سألته) أي: ابن عباس (فقلت له سمعته؟) أي: "أسمعته؟ " كما في نسخةٍ. (من النبي إلى آخره). (قال) في نسخةٍ: "فقال". (كل ذلك لا أقول) برفع (كلُّ) أي: لم يكن سماع ولا وجدان، وبالنصب بـ (أقول)، فالنفي عليه؛ لسلب العموم، وعلى الأول؛ لعموم السلب، وهو مراد ابن عباس؛ لكونه أبلغ وأعم. (وأنتم أعلم برسول الله مني) أي: لأنكم كنتم مكلفين عند ملازمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلافي. (ولكنني) في نسخةٍ: "ولكني" بنون واحدة مشددة (لا ربا إلا في النسيئة) قد أجمع على ترك العمل بظاهره مع أن ابن عباس رجع عنه، واستغفر من القول به، كما رواه الحاكم (¬1). 80 - بَابُ بَيْعِ الوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسِيئَةً (باب: بيع الورق) بفتح الواو، وكسر الراء، وقد تسكن مع فتح الواو وكسرها، أي: الفضة. (بالذهب نسيئة) بالمد والهمز، ويجوز نسيَّة بتشديد الياء بلا همز، ونِسية بكسر النون وسكون السين وحذف الهمزة أي: مؤجلًا، أي: باب: النهي عن ذلك. 2180، 2181 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا المِنْهَالِ، قَال: سَأَلْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنِ الصَّرْفِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: هَذَا خَيْرٌ مِنِّي، فَكِلاهُمَا يَقُولُ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالوَرِقِ دَيْنًا". [انظر: 2060، 2061 - مسلم: 1589 - فتح: 4/ 382] ¬

_ (¬1) "المستدرك" 2/ 42 - 43، كتاب: البيوع.

81 - باب بيع الذهب بالورق يدا بيد

(شعبة) أي: ابن الحجاج. (ابن أبي ثابت) اسم أبي ثابت: قيس، وقيل: هند بن دينار. (سمعت أبا المنهال) هو: يسار بن سلامة. (عن الصرف) هو بيع أحد النقدين بالآخر، كما مرَّ عن بيع الذهب بالورق. (دينًا) أي: مؤجلًا، وما قاله هنا عكس الترجمة، فلا يطابقها إلا أن يقال إذا كان العوضان نقدين، فلا يفترق الحال بين دخول الباء على أيهما كان، ويكون الثمن حينئذٍ ما دخلت عليه الباء، كما لو كانا عرضين. 81 - بَابُ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالوَرِقِ يَدًا بِيَدٍ (باب: بيع الذهب بالورق يدًا بيدٍ) كُنِّي بالأخير عن التقابض. 2182 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ العَوَّامِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الفِضَّةِ بِالفِضَّةِ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، إلا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَبْتَاعَ الذَّهَبَ بِالفِضَّةِ كَيْفَ شِئْنَا، وَالفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْنَا". [انظر: 2175 - مسلم: 1590 - فتح: 4/ 383] (بالفضة) في نسخةٍ: "في الفضة" (كيف شئنا) أي: تفاضل أو تساوٍ، ولم يذكر (يدًا بيدٍ) ليطابق الترجمة اكتفاءً بما ذكره قبل من اشتراط التقابض في بيع الربوي بجنسه بقوله (إلا هاء وهاء). 82 - بَابُ بَيْعِ المُزَابَنَةِ وَهِيَ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالكَرْمِ، وَبَيْعُ العَرَايَا. قَال أَنَسٌ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُزَابَنَةِ، وَالمُحَاقَلَةِ. (باب: بيع المزابنة) من الزبن: وهو الدفع، كما مرَّ في باب: بيع

الزبيب بالزبيب، والطعام بالطعام (¬1). (وهي بيع التمر) بمثناة وميم ساكنة أي: اليابس على الأرض. (بالثمر) بمثلثة وميم مفتوحة أي: بالرطب على رءوس النخل. (بالكرم) أي: بالعنب الذي على الكرم. (وبيع العرايا) قد فسرها في باب يأتي. (والمحاقلة) من الحقل: وهو الزرع وموضعه، وهي شرعًا: بيع الحنطة في سنبلها بحنطة صافية، وقيل: بيع الزرع قبل إدراكه بها. ووجه النهي عن بيع الأمرين: أنه يؤدى إلى ربا الفضل إذ الجهل بالمماثلة، كحقيقة المفاضلة، ويؤيد الثاني: بأن المقصود من البيع فيها مستور بما ليس من صلاحه. 2183 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ، وَلَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ". [انظر: 1786 - مسلم: 1534 - فتح: 4/ 383] (يحيى بن بكير) نسبة إلى جده، وإلا فهو يحيى بن عبد الله بن بكير. (عن عقيل) أي: ابن خالد بن عقيل الأيلي. (حتى يبدو صلاحه) بأن يصير إلى الصفة التي تطلب فيه غالبًا. 2184 - قَال سَالِمٌ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ العَرِيَّةِ بِالرُّطَبِ، أَوْ بِالتَّمْرِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي غَيْرِهِ. [انظر: 2173 - مسلم: 1539 - فتح: 4/ 383] (بعد ذلك) أي: بعد النهي عن بيع الثمر بالتمر. (في بيع العرية) هي واحدة العرايا، مشتقة من العري وهو التجرد؛ لأنها عريت من ¬

_ (¬1) سبق في رقم (2171) كتاب: البيوع، باب: بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام.

حكم باقي البستان، وهي أن تخرص نخلات بأن رطبها إذا جفَّ يكون ثلاثة أوسق مثلًا، فيبعه بثلاثة أوسق من التمر بالرطب. (أو بالتمر) ظاهره: أن (أو) للتخيير، فيقتضي جواز بيع الرطب على النخل بالرطب على الأرض، وهو وجه عند الشافعي، والجمهور على المنع، ويقولون: أن (أو) للشك من الراوي، لكن أكثر الروايات بالتمر فقط، فهو المعمول به. (ولم يرخص في غيره) أي: في غير بيع الرطب بالتمر، لكن قيس بالرطب العنب، والفرق بينهما وبين سائر الأشجار أنهما ذكويان يمكن خرصهما، ويدخر يابسهما، بخلاف سائر الأشجار؛ إذ بعضها غير ذكوي، وبعضها ذكوي لا يمكن خرصه؛ لاستتاره بالأوراق. 2185 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ، وَالمُزَابَنَةُ: اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا، وَبَيْعُ الكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا". [انظر: 2171 - مسلم: 1542 - فتح: 4/ 384] (كيلا) ليس بقيدٍ؛ إذ مثله الوزن، نصبه على التمييز. 2186 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ، وَالمُحَاقَلَةِ، وَالمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ". [مسلم: 1546 - فتح: 4/ 384] (عن أبي سفيان) قيل: اسمه: قزمان. (ابن أبي أحمد) هو عبد الله. 2187 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُحَاقَلَةِ، وَالمُزَابَنَةِ". [فتح: 4/ 384]

83 - باب بيع الثمر على رءوس النخل بالذهب أو الفضة

(مسدد) هو ابن مسرهد. (أبو معاوية). هو محمد بن حازم الضرير. (الشيباني) اسمه: سليمان. (عن المحاقلة والمزابنة) مرَّ تفسيرهما. 2188 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ لِصَاحِبِ العَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا". [انظر: 2173 - مسلم: 1539 - فتح: 4/ 384] (لصاحب العرية) أي: الرطب، أو العنب. (بخرصها) مرَّ بيانه في باب: الزبيب بالزبيب (¬1). 83 - بَابُ بَيْعِ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِالذَّهَبِ أَو الفِضَّةِ (باب: بيع التمر على رءوس النخل بالذهب والفضَة) في نسخة: "أو الفضة" وذكر الذهب والفضة تبعًا للحديث جريٌ على الغالب؛ إذ غيرهما مثلهما. 2189 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ، وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ إلا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إلا العَرَايَا". [انظر: 1487 - مسلم: 1536 (81) - فتح: 4/ 387] (ابن وهب) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عن عطاء) هو ابن أبي رباح. (وأبي الزبير) هو محمد بن مسلم بن تدرس. (إلا بالدينار والدرهم) الحصر فيهما إضافي؛ نظرًا لغلبة البيع بهما كما مرَّ، لا كلي؛ إذ غيرهما مثلهما، كما مرَّ. (إلا العرايا) فيجوز ¬

_ (¬1) سلف برقم (2173) كتاب: البيوع، باب: بيع الزبيب بالزبيب، والطعام بالطعام.

بغيرهما أيضًا، لكن اللائق هنا جوازها بالتمر على الأرض، ليكون من بيع العرايا الذي رخص فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -. 2190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، قَال: سَمِعْتُ مَالِكًا، وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ، أَحَدَّثَكَ دَاوُدُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيْعِ العَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ؟ " قَال: نَعَمْ. [2382 - مسلم: 1541 - فتح: 4/ 387] (رخص) في نسخة: "أرخص". (في خمسة أوسق) جمع وسق بفتح الواو وكسرها: وهو ستون صاعًا. (أو دون خمسة أوسق) شك من داود بن الحصين، وقد أخذ الشافعي -رحمه الله- بالأول؛ لأن الأصل التحريم، وبيع العرايا رخصة، فيؤخذ بما تحقق منه الجواز، ويلقى ما وقع فيه الشك، ولا يخرج على تفريق الصفقة؛ لأنه صار بالزيادة ربا، فبطل في الجميع. 2191 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: قَال يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ بُشَيْرًا، قَال: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَرَخَّصَ فِي العَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا، يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا" وَقَال سُفْيَانُ مَرَّةً أُخْرَى: إلا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي العَرِيَّةِ يَبِيعُهَا أَهْلُهَا بِخَرْصِهَا يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا، قَال: هُوَ سَوَاءٌ، قَال سُفْيَانُ: فَقُلْتُ لِيَحْيَى: وَأَنَا غُلامٌ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيْعِ العَرَايَا فَقَال: وَمَا يُدْرِي أَهْلَ مَكَّةَ؟ قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَرْوُونَهُ عَنْ جَابِرٍ، فَسَكَتَ، قَال سُفْيَانُ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ جَابِرًا مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: وَلَيْسَ فِيهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ؟ قَال: لَا. [2384 - مسلم: 1540 - فتح: 4/ 387]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (بشير) بالتصغير أي: ابن يسار. (سهل بن أبي حثمة) نسبة إلى جده، وإلا فهو سهل بن عبد الله بن أبي حثمة بسكون المثلثة.

84 - باب تفسير العرايا

(يأكلها أهلها) أي: المشترون لها. (قال) أي: البخاري. (هو) أي: قول سفيان. (سواء) أي: مساوٍ لقول سهل بن أبي حثمة لاتحادهما معنى. (ليحيى) أي: ابن سعيد. (أن أهل مكة يقولون: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا) أي: من غير تقييد بخرصها. (فقال) أي: يحيى. (وما يدري) بضم التحتية. (أنهم) أي: أهل مكة. (يروونه) أي: هذا الحديث. 84 - بَابُ تَفْسِيرِ العَرَايَا وَقَال مَالِكٌ: العَرِيَّةُ: أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ، ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ، فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ وَقَال ابْنُ إِدْرِيسَ: العَرِيَّةُ: لَا تَكُونُ إلا بِالكَيْلِ مِنَ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ، لَا يَكُونُ بِالْجِزَافِ وَمِمَّا يُقَوِّيهِ قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: بِالأَوْسُقِ المُوَسَّقَةِ وَقَال ابْنُ إِسْحَاقَ: فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتِ العَرَايَا: أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ فِي مَالِهِ النَّخْلَةَ، وَالنَّخْلَتَيْنِ وَقَال يَزِيدُ: عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ: العَرَايَا: نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا، رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنَ التَّمْرِ. (باب: تفسير العرايا) جمع عرية، وهي لغة: النخلة ووزنها: فعيلة، قال الجمهور: بمعنى فاعلة؛ لأنها عريت بإعراء مالكها، أي: تجريده لها من باقي النخل فهي عارية، وقال آخرون: بمعنى مفعولة، أي: يجروها من عراه يعروه، إذا قصده؛ لأن صاحبها يقصدها، أي:

يأتيها فهي معروة، وقد مرَّ ذلك في باب: بيع الزبيب بالزبيب، والطعام بالطعام (¬1). وأصلها: عريوة قلبت الواو ياءً، وأدغمت فيها الياء. (وقال مالك: العرية أن يعري) بضم التحتية، أي: يهب (الرجل الرجل) نخلة من نخلات بستانه. (ثم يتأذى) أي: الواهب. (بدخوله) أي: المتهب له. (عليه) أي: على الواهب، أي: بستانه. (فرخص له) أي: للواهب. (أن يشتريها) أي: النخلة، أي: رطبها. (منه) أي: من المتهب. (بتمر) بمثناة، أي: يابس، ولا يجوز لغيره ذلك. (وقال ابن إدريس) هو الإمام أبو عبد الله محمد الشافعي، وقيل: عبد الله الأودي الكوفي. (العريَّة لا تكون إلا بالكيل) أي: أو بالوزن فما دون خمسة أوسق. (من التمر يدًا بيد) أي: قبل التفرق، لكن قبض الرطب على النخل [بالتخلية] (¬2)، وقبص التمر بالنقل، فعلم أنها لا تكون بالجزاف، ولا بعدم التقابض في المجلس. (ومما يقويه) أي: القول بأنها لا تكون جزافًا. (قول سهل بن أبي حثمة) أي: مقيدة. (بالأوسق الموسقة) وفائدة الإضافة: التأكيد كما في: {وَالْقَنَطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ} [آل عمران: 14]. (وقال ابن إسحاق) هو محمد بن إسحاق بن يسار. (عن ابن عمر - رضي الله عنهما - كانت العرايا أن يعري الرجل غيره في ماله النخلة ¬

_ (¬1) سلف في (2173) كتاب: البيوع، باب: بيع الزبيب بالزبيب، والطعام بالطعام. (¬2) من (م).

والنخلتين) وذكر النخلة والنخلتين مثال فالزائد عليهما مثلها، ومن ثمَّ رواه أبو داود عن ابن عمر بلفظ: النخلات، وزاد فيه: فيشق عليه فيبيعها بمثل خرصها (¬1). (وقال يزيد) أي: ابن هارون الواسطي. (فلا يستطيعون أن ينتظروا بها) أي: بالنخل بأن يصيروا رطبها تمرًا، ولا يحبون أكلها رطبًا. (رُخص) بالبناء للمفعول، جواب لمقدر، أي: لما كرهوا أكل ثمر النخيل رطبًا، رخص لهم أن يبيعوها بعد خرصها. (بما شاءوا من التمر) لاحتياجهم إليه، وتقييد الأثر بالمساكين بيان للواقع لا تقييد؛ إذ الأغنياء مثلهم، وما ذكر من أن سبب الرخصة احتياجهم إلى أكل التمر يابسًا عكس ما قاله الجمهور من أن سببها احتياجهم إلى أكله رطبًا، حيث قالوا: إن سببها أن المساكين ليس لهم نخل ولا نقد يشترون به رطبًا، وفضل عن قوتهم تمر وهم وأهلهم يشتهون الرطب؛ فرخص لهم شراء الرطب على رءوس النخل يأكلونه أولًا فأولًا. 2192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي العَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلًا" قَال مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالعَرَايَا: "نَخَلاتٌ مَعْلُومَاتٌ تَأْتِيهَا فَتَشْتَرِيهَا". [انظر: 2173 - مسلم: 1539 - فتح: 4/ 390] (محمد) أي: "ابن مقاتل" كما في نسخة. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أن تباع) أي: ثمرتها الرطب، أو العنب. (بخرصها) أي: بقدرها من اليابس. (وقال موسى بن عقبة: والعرايا: نخلات معلومات ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (3366) كتاب: البيوع، باب: تفسير العرايا، عن ابن إسحاق.

85 - باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها

يأتيها فيشتريها) بتحتية فيهما، وفي نسخة: بفوقية كذلك، وفي أخرى: بنون كذلك، وأراد بذلك: أن يبين أنها مشتقة من عروت، أي: أتيت إليه لا من العري الذي بمعنى: التجرد، ثم ما ذكر من تفسير العرايا يقتضي أنه لو باع التمر خرصًا بعد قطعة بتمر لم يصح، وهو ما عليه الجمهور اقتصارًا على الرخصة المجردة للحاجة. 85 - بَابُ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُهَا (باب: بيع الثمار) بالمثلثة: (قبل أن يبدو صلاحها) أي: يظهر، ومرَّ بيانه (¬1). 2193 - وَقَال اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، مِنْ بَنِي حَارِثَةَ: أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ، فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ تَقَاضِيهِمْ، قَال المُبْتَاعُ: إِنَّهُ أَصَابَ الثَّمَرَ الدُّمَانُ، أَصَابَهُ مُرَاضٌ، أَصَابَهُ قُشَامٌ، عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ: "فَإِمَّا لَا، فَلَا تَتَبَايَعُوا حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُ الثَّمَرِ" كَالْمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ: لَمْ يَكُنْ يَبِيعُ ثِمَارَ أَرْضِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا، فَيَتَبَيَّنَ الأَصْفَرُ مِنَ الأَحْمَرِ قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ زَيْدٍ. [فتح: 4/ 393] (عن أَبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (يبتاعون) في نسخة: "يتبايعون". (الثمار) بمثلثة. (فإذا جَذَّ الناس) ¬

_ (¬1) سلف في رقم (2183) كتاب: البيوع، باب: بيع المزابنة، والمحاقلة.

بجيم فمعجمة، أي: قطعوا الثمار، وفي نسخة: "أجذَّ الناس" بزيادة همزة، أي: دخلوا في الجذاذ، كأظلم إذا دخل في الظلام. (وحضر تقاضيهم) بضاد معجمة، أي: طلبهم، بمعنى: طَلبُ المبتاعين منهم الثمن؛ لادعائهم فساد البيع المذكور في قوله: (قال المبتاع أنه أصاب الثمرة الدُّمانُ) بضم الدال أفصح من فتحها وبتخفيف الميم: هو فساد الطلع وتعفنه وسواده (أصابه) بدل من (أصاب الثمار) (مراض) بضم الميم وكسرها وتخفيف الراء، وفي نسخة: "مرض": وهو داء يصيب النخل، وقيل: اسم لكل مرض. (أصابه) بدل من (أصابه) قبله، والمناسب فيهما لما قبلهما أصابها. (قشام) بضم القاف وتخفيف المعجمة، أي: انتقض (¬1) قبل أن يصير بلحًا. (عاهات) خبر مبتدأ محذوف، أي: فهذه المذكورات عاهات، أي: عيوب وآفات تصيب الثمر. (يحتجون) جمع الضمير باعتبار المبتاع ومن معه من أهل الخصومات بقرينة (يبتاعون). (فإمَّا لا) بكسر الهمزة وأصله: إن الشرطية وما زائدة أدغمت فيها النون، وحذف الفعل، ويجوز إمالته لا؛ لتضمنها الجملة، وإلا فالقياس أن لا تمال الحروف، وهي إمالةٌ صغرى، وقد تكتب (لا) بلام وياء؛ لأجل إمالتها، ومنهم من يكتبها بالألف ويجعل عليها فتحة محرفة علامة الإمالة، ومعنى: (إما لا) فافعل كذا إن لم تفعل ¬

_ (¬1) في (أ)، (م) انتفض بالفاء، وهي بالكسر: خرء النحل في العسَّالة أو بالقاف والتحريك: وهو ما سقط من الورق والثمر حين يوجد بعضه في بعض قال الأصمعي: إذا انتقض البر قبل أن يصير بلحًا قيل: قد أصابه القشام. انظر: "تهذيب اللغة" 8/ 337، "القاموس المحيط" ص 655.

كذا فافعل كذا فالمعنى هنا: فإن لم تتبايعوا فتبايعوا بعد بدوِّ الصلاح؛ وهو ما أشار إليه بقوله: (فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر) بأن يصير على الصفة التي تطلب فيه، كما مرَّ بخلاف بيعه قبل بدو الصلاح لا يجوز إلا بشرط القطع؛ لاحتمال عروض آفة، وفي ذلك إجراء الحكم على الغالب، إذا تطرق التلف إلا ما بدا صلاحه وعدم تطرقه إلى ما لم يبد صلاحه ممكن فأنيط الحكم بالغالب في الحالين. (كالمشورة) بسكون المعجمة وفتح الواو، ويقال: بضم المعجمة وسكون الواو، وقال الجوهري: المشْوَرة: الشورى وكذلك المشُوْرة أشار إلى أنهما مصدران (¬1). والمعنى: أن بدو الصلاح كالمشورة في أن المقصود من كل منهما معتبر، فكما أن التبايع مثلًا لا ينبغي أن يكون إلا بعد الشورى من المستشار، فكذا لا ينبغي أن يكون إلا بعد بدو الصلاح؛ لئلا تقع المنازعة، وإن كانت الاستشارة مندوبة، وبدو الصلاح شرطًا فيما ذكر، وإلى ما ذكرته في المشورة أشار بقوله: (يشير بها) أي: عليهم لكثرة خصومتهم فيما يستشيرون فيه. (وأخبرني) أي: قال أبو الزناد: وأخبرني. (الثُريا) بضم المثلثة: النجم المعروف، وهو يطلع مع الفجر أول فصل الصيف عند اشتداد الحر في بلاد الحجاز، والمعتبر في الحقيقة بدو الصلاح، وطلوع الثريا علامة له، وقد بينه بقوله: (فيتبين الأصفر من الأحمر)، أو نحو ذلك. (حكَّام) بفتح المهملة والكاف المشددة، أي: ابن مسلم. (عنبسة) أي: ¬

_ (¬1) انظر: "الصحاح" مادة [شور] 2/ 705.

ابن سعيد بن الضريس بالتصغير. (عن زكريا) أي: ابن خالد. 2194 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا، نَهَى البَائِعَ وَالمُبْتَاعَ". [انظر: 1486 - مسلم: 1534 - فتح: 4/ 394] (نهى البائع والمبتاع) أي: لأن البائع يأكل المال بالباطل، والمبتاع يوافقه على أكله حرامًا، وربما يضيع ماله. 2195 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّويلُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَةُ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "يَعْنِي حَتَّى تَحْمَرَّ". [انظر: 1488 - مسلم: 1555 - فتح: 4/ 394] (ابن مقاتل) هو محمد المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أن تباع ثمرة النخل) ذكر النخلة جريٌ على الغالب، وإلا فسائر الأشجار كذلك. (حتى تزهو) بفتح التاء وبالواو، وفي نسخة: "تزهي" يقال: زهى يزهو إذا طال واكتمل، وأزهى يزهي إذا أحمر أو أصفر. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. مفسرًا لتزهو. (يعني حتى تحمر) أو تصفر، أو نحو ذلك. 2196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَا، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشَقِّحَ" فَقِيلَ: وَمَا تُشَقِّحُ؟ قَال: "تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا". [انظر: 1487 - مسلم: 1536 (84) - فتح: 4/ 394] (سليم) بفتح السين، وكسر اللام. (تشقح) بضم الفوقية وفتح المعجمة، وتشديد القاف المكسورة. يقال: شقح تمر النخل وأشقح إذا أحمر أو أصفرَّ، وقد فسر الرواية الأولى بما ذكره في قوله: (فقيل وما

86 - باب بيع النخل قبل أن يبدو صلاحها

تشقح؟) أي: ما معناه. (قال: تَحمارُّ وتصفارُّ ويؤكل منها) والواو الأولى بمعنى: أو، وهو التفسير من قوله: (سعيد بن مينا) كما بينه الإمام أحمد (¬1). والمراد من الأحمر والأصفر: الحمرة والصفرة. لكنهم إذا أرادوا اللون من غير تمكن، قالوا: حمر وصفر، فإذا تمكن قالوا: احمر واصفر، فإذا زاد في التمكن قالوا: احمار واصفار؛ لأن الزيادة تدل على التكثير والمبالغة. 86 - بَابُ بَيْعِ النَّخْلِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُهَا 2197 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا، وَعَنِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ"، قِيلَ: وَمَا يَزْهُو؟ قَال: "يَحْمَارُّ أَوْ يَصْفَارُّ". [انظر: 1488 - مسلم: 1555 - فتح: 4/ 397] (باب: بيع النخل قبل أن يبدو صلاحُها) ظاهره: أن هذه الترجمة لبيع النخل لا لبيع ثمارها؛ لتفارق الترجمة السابقة فإنها لبيع ثمارها، لكنه يشكل؛ لأن بيع النخل ولو مع الثمار لا يشترط فيه بدو الصلاح وقد شرطه في الترجمة، وحديثها الآتي فيرجع الأمر إلى أنَّ فيهما إضمارًا، أي: بيع ثمار النخل فلا يحصل الفرق بين الترجمتين إلا في اللفظ وليس فيه كبير جدوى. (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (معلَّى) أي: "ابن منصور" كما في نسخة، وهو من شرح البخاري، وإنما يروي عنه في كتابه هذا بواسطة. (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (حميد) أي: الطويل. (وعن النخل) أي: عن بيع ثمره. (حتى يزهو) أي: يبدو صلاحه. ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 3/ 319.

87 - باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، ثم أصابته عاهة فهو من البائع

(قيل: وما معنى يزهو؟ قال: يحمار أو يصفار) مرَّ بيانه (¬1). 87 - بَابُ إِذَا بَاعَ الثِّمَارَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُهَا، ثُمَّ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ فَهُوَ مِنَ البَائِعِ (باب: إذا باع الثمر قبل أنْ يبدو صلاحها ثم أصابته عاهة، فهو من البائع) أي: من ضمانه، وقد يفهم فيحمل كلامه صحة البيع قبل بدو الصلاح، وليس كذلك وإن وافق كلام ابن شهاب الآتي، فيحمل كلامهما بتقدير أنه يفهم صحة البيع على ما إذا باعه قبل بدو الصلاح بشرط القطع، لكن لم تحصل التخلية، أولم يتمكن المشتري من القطع قبل حصول العاهة. 2198 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا تُزْهِي؟ قَال: حَتَّى تَحْمَرَّ. فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَال أَخِيهِ؟ ". [انظر: 1488 - مسلم: 1555 - فتح: 4/ 398] (فقال) أي: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في نسخة. (أرأيت) أي: أخبرني، أطلق الملزوم وأراد اللزوم إذ الإخبار مستلزم للرؤية غالبًا، فهو كناية. (إذا منع الله الثمرة) أي: أتلفها. (بِمَ يأخذ أحدكم مال أخيه؟) أطلق أحد نوعي الطلب وهو الاستفهام على الآخر، وهو النهي، فهو مجاز، والمعنى: لا يأخذ أحدكم مال أخيه باطلًا؛ لأن الثمرة إذ تلفت لم يبق للمشتري شيء في مقابلة ما دفعه. 2199 - قَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: لَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ ثَمَرًا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُهُ، ثُمَّ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ، كَانَ مَا أَصَابَهُ عَلَى رَبِّهِ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ ¬

_ (¬1) الحديث السابق.

88 - باب شراء الطعام إلى أجل

عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَتَبَايَعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا، وَلَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ". [انظر: 1486 - مسلم: 1534 - فتح: 4/ 398] (قال) في نسخة: "وقال". (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (على ربه) أي: محسوب على مالكه البائع له. (أخبرني) أي: قال ابن شهاب. (أخبرني سالم. إلى آخره) ومرَّ بما فيه آنفًا. (ولا تبيعوا الثمر بالتمر) خص منه العرايا، كما مرَّ (¬1). 88 - بَابُ شِرَاءِ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ (باب: شراء الطعام إلى أجلٍ) أي: بيان حكمه. 2200 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: ذَكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَفِ، فَقَال: لَا بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، فَرَهَنَهُ دِرْعَهُ". [انظر: 2068 - مسلم: 1603 - فتح: 4/ 399] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (لا بأس به) أي: بالرهن في السلف. (ثم حدثنا) أي: إبراهيم. (عن الأسود) أي: ابن يزيد بن قيس. (أن رسول الله) في نسخة: "أن النبي". (من يهودي) اسمه: أبو الشحم، ومرَّ شرح الحديث في باب: شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2173) كتاب: البيوع، باب: بيع الزبيب بالزبيب، والطعام بالطعام. (¬2) سلف الحديث برقم (2068) كتاب: البيوع، باب: شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة.

89 - باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه

89 - بَابُ إِذَا أَرَادَ بَيْعَ تَمْرٍ بِتَمْرٍ خَيْرٍ مِنْهُ (باب: إذا أراد بيع تمر بتمر) بمثناة فيهما. (خير منه) صفة لـ (تمر) قبله، وجواب الشرط المحذوف، أي: ماذا يصنع ليسلم من الربا؟ 2201، 2202 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ المَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ "، قَال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاثَةِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَفْعَلْ، بِعْ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا". الحديث 2201 - [2302، 4244، 4246، 7350 - مسلم: 1593 - فتح: 4/ 399] الحديث 2202 - [2303، 4245، 4247، 7351 - مسلم: 1593 - فتح: 4/ 399] (قتيبة) أي: ابن سعيد ابن عبد الرحمن)، زاد في نسخة: "ابن عوف". (رجلًا) اسمه: سواد بن غزيَّة بوزن عطيَّة وتخفيف واو (سواد). (جنيب) بوزن عظيم: نوع جيد من التمر. (بالصاعين) أي: (الجمع) وهو نوع رديء من التمر. (والصاعين) أي من الجنيب. (بالثلاثة) أي: من الجمع، وفي نسخة: "بالثلاث". 90 - بَابُ مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ، أَوْ أَرْضًا مَزْرُوعَةً أَوْ بِإِجَارَةٍ (باب: من باع) في نسخة: "من قبض". (نخلًا قد أبرت) بضم الهمزة وكسر الموحدة مشددة ومخففة، أي: لقحت بأن يشق طلع الإناث ويؤخذ من طلع الفحول فيذر فيه. (أو أرضًا مزروعة) عطف على (نخلًا). (أو بإجازة) عطف على (باع) بتقدير فعل مقدر، أي: أو

قبض، أو أخذ نخلًا بإجارة، وجواب (من) محذوف أي: فثمرتها للبائع أو للمؤجر، وألحق بالنخل سائر الأشجار المثمرة، وبالتأبير التأبر، وبتأبير الكلِّ تأبير البعض بتبعية غير المؤبر للمؤبر لما في تتبع ذلك من العسر. 2203 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وقَال لِي إِبْرَاهِيمُ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يُخْبِرُ عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَال: "أَيُّمَا نَخْلٍ بِيعَتْ، قَدْ أُبِّرَتْ لَمْ يُذْكَرِ الثَّمَرُ، فَالثَّمَرُ لِلَّذِي أَبَّرَهَا، وَكَذَلِكَ العَبْدُ، وَالحَرْثُ"، سَمَّى لَهُ نَافِعٌ هَؤُلاءِ الثَّلاثَ. [2204، 2206، 2379، 2716 - مسلم: 1543 - فتح: 4/ 401] (إبراهيم) أي: ابن موسى الفراء. (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (ابن أبي مليكة) نسبة إلى جده، وإلا فهو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بن عبد الله بن جدعان، واسم أبي مليكه: زهير. (مولى ابن عمر أنَّ أيما) لفظ: (أنَّ) ساقط من نسخة، وزاد في أخرى بدلها: "أنه قال". (لم يذكر الثمر) ببناء يذكر للمفعول، والجملة حال، أي: والحال أنه لم بذكروا أخذ الثمر في العقد؛ إذ لو شرطوا فيه أنه لا يشتري كان له لا لمن عاقده. (فالثمر للذي أبرها) أي: بنفسه أو بنائبه. (وكذلك العبد) إذا بيع وله مال على القول بأنه يملك. (والحرث) أي: الزرع إذا بيعت أرضه فإن حال العبد والزرع عند الإطلاق للبائع. (سمى له) أي: لابن جريج. (نافع هؤلاء الثلاث) أي: الثمر والعبد والحرث. 2204 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ، إلا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ". [انظر: 2203 - مسلم: 1543 - فتح: 4/ 401] (أن يشترط المبتاع) أي: المشتري أن الثمرة تكون له، ويوافقه البائع على ذلك، فإنها تكون للمشتري.

91 - باب بيع الزرع بالطعام كيلا

91 - بَابُ بَيْعِ الزَّرْعِ بِالطَّعَامِ كَيْلًا (باب: بيع الزرع بالطعام كيلًا) بالنصب على التمييز. 2205 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُزَابَنَةِ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلًا بِتَمْرٍ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ زَرْعًا، أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ". [انظر: 2171 - مسلم: 1542 - فتح: 4/ 403] (أن بيع ثمر حائطه) أي: بستانه، هذا بدل من المزابنة، والشروط الآتية تفصيل له وهي (إن كان) أي: الحائط. (نخلًا بتمر) بمثناة، أي: نهى أن يبيع ذلك بتمر كيلًا. (وإن كان كرمًا) أي: عنبًا، نهى أن يبيعه بزبيب كيلًا. وتسمية العنب كرمًا محتمل أن يكون قبل النهي عنها فتكون منسوخة، أو النهي للتنزيه، وما هنا بيان للجواز، كما مرَّ. (وإن كان زرعًا) كبر نهى (أن يبيعه بكيل طعام) بالإضافة، وفي نسخة: "بكيل طعامًا" والإنسب بما قبله بطعام كيلًا، وبيع الزرع بالطعام يسمى محاقلة، وأطلق عليه المزابنة تغليبًا أو تشبيهًا. (ونهى عن ذلك كله) لجهل المبيع، ومرَّ أن العرايا مستثناة من ذلك، وأما بيع رطب ذلك بعد قطعة بيابسه فممتنع عند الجمهور، وإن تماثلا بالخرص؛ لعدم الحاجة إليه. 92 - بَابُ بَيْعِ النَّخْلِ بِأَصْلِهِ (باب: بيع النخل) أي: ثمره. (بأصله) أي: بيع أصل الثمر وهو النخل. 2206 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ

93 - باب بيع المخاضرة

عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَيُّمَا امْرِئٍ أَبَّرَ نَخْلًا ثُمَّ بَاعَ أَصْلَهَا، فَلِلَّذِي أَبَّرَ ثَمَرُ النَّخْلِ، إلا أَنْ يَشْتَرِطَهُ المُبْتَاعُ". [انظر: 2203 - مسلم: 1543 - فتح: 4/ 403] (أبَّرَ) بتشديد الموحدة وتخفيفها. (نخلًا) أي: ثمره. (ثم باع أصلها) وهو النخلة، والنخل مذكر وقد يؤنث، وقد استعمل البخاريُّ اللغة الأولى في الترجمة، والثانية هنا والإضافة فيهما بيانية، كشجر أراك؛ إذ المراد بالأصل: النخل لا أرضه، لكن الترجمة على ما قررته تبعًا للكرمانيِّ (¬1)، تدل على بيع النخل والثمرة معًا، والحديث يدل على بيع النخل فقط بقرينة قوله: (إلا أن يشترطه) أي: التمر. (المبتاع) أي: المشتري لنفسه فيكون له، وحينئذ فلا مطابقة بينهما إلا في مطلق بيع النخل، وضمير (يشترطه) ساقط من نسخة. 93 - بَابُ بَيْعِ المُخَاضَرَةِ (باب: بيع المخاضرة) بخاء وضاد معجمتين، مفاعلة من الخضرة؛ لأن البيع وقع على شيء أخضر وهو الثمار والحبوب قبل بدو صلاحها. 2207 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُحَاقَلَةِ، وَالمُخَاضَرَةِ، وَالمُلامَسَةِ، وَالمُنَابَذَةِ، وَالمُزَابَنَةِ". [فتح: 4/ 404] (حدثني إسحاق) في نسخة: "حدثنا إسحاق". (عن المحاقلة) وهي بيع الحنطة في سنبلها بكيل معلوم ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 10/ 60 - 61.

من الحنطة الخالصة، والمعنى في النهي عنها: عدم العلم بالمماثلة، وأن المقصود من المبيع مستور بما ليس من صلاحه. (والمخاضرة) هي بيع زرع لم يشتد حبه، أو بقول بغير شرط القطع أو القلع، أو مع الأرض. (والملامسة) هي أن يلمس ثوبًا مطويًّا، ثم يشتريه على أن لا خيار له إذا رآه، أو يقول: إذا لمسته فقد بعتكه. (والمنابذة) هي أن يجعلا النبذ بيعًا. (والمزابنة) هي بيع التمر اليابس بالرطب كيلًا، وبيع الزبيب بالعنب كيلًا. 2208 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ التَّمْرِ حَتَّى يَزْهُوَ"، فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: مَا زَهْوُهَا؟ قَال: "تَحْمَرُّ وَتَصْفَرُّ، أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ تَسْتَحِلُّ مَال أَخِيكَ؟ [انظر: 1488 - مسلم: 1555 - فتح: 4/ 404] (عن حميد) أي: الطويل. (نهى عن بيع ثمر التمر) بالإضافة مع فتح المثلثة والميم في الأولى والمثناة والسكون في الثاني، والمعنى: نهى عن بيع الثمر الرطب الذي سيصير تمرًا يابسًا، وفي نسخة: "نهى عن بيع الثمر" بالمثلثة من غير إضافة، وفي أخرى: "نهى عن بيع ثمر النخل". (إن منع الله الثمرة) في نسخة: "إن منع الله الثمر" ومرَّ شرح الحديث في باب: إذا باع النخل قبل أن يبدو صلاحها ثم أصابته عاهة فهو من البائع (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2198) كتاب: البيوع، باب: إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ثم أصابته عاهة فهو من البائع.

94 - باب بيع الجمار وأكله

94 - بَابُ بَيْعِ الجُمَّارِ وَأَكْلِهِ (باب: بيع الجمار) هو قلب النخل. (وأكله) أي: وجواز أكله. 2209 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا، فَقَال: "مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ كَالرَّجُلِ المُؤْمِنِ"، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَحْدَثُهُمْ، قَال: "هِيَ النَّخْلَةُ". [انظر: 61 - مسلم: 2811 - فتح: 4/ 405] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. [(عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية، واسمه: إياس] (¬1) (عن مجاهد) أي: ابن حجر. (هي: النخلة) لفظ: (هي) ساقط من نسخة. (أحدثهم) أي: أصغرهم سنًّا، وليس في الحديث ذكر بيع الجمار المترجم به، لكن الأكل منه يقتضي جواز بيعه، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: العلم، في باب: طرح الإمام المسألة على أصحابه (¬2). 95 - بَابُ مَنْ أَجْرَى أَمْرَ الأَمْصَارِ عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ: فِي البُيُوعِ وَالإِجَارَةِ وَالمِكْيَالِ وَالوَزْنِ، وَسُنَنِهِمْ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمُ المَشْهُورَةِ (¬3): ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سلف الحديث برقم (62) كتاب: العلم، باب: طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم. (¬3) قال ابن جماعة في "مناسات تراجم البخاري" ص 64: مقصوده أن الاعتماد على العرف موجود البتة ولذلك لم يشارط الحسن عبد الله بن مرداس ناسًا وكذلك لما احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - لما يقاول أبا طيبة بل حمل الأمر في الأجرة على العرف وكذلك قوله لهند بالمعروف كل ذلك ردًّا فيه إلى المتعارف بين أهل الزمان والمكان. والله أعلم.

وَقَال شُرَيْحٌ لِلْغَزَّالِينَ: "سُنَّتُكُمْ بَيْنَكُمْ رِبْحًا" وَقَال عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ: "لَا بَأْسَ العَشَرَةُ بِأَحَدَ عَشَرَ، وَيَأْخُذُ لِلنَّفَقَةِ رِبْحًا" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدٍ: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ" وَقَال تَعَالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] " وَاكْتَرَى الحَسَنُ، مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِرْدَاسٍ: حِمَارًا، فَقَال: "بِكَمْ؟ " قَال: بِدَانَقَيْنِ، فَرَكِبَهُ ثُمَّ جَاءَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَال: "الحِمَارَ الحِمَارَ"، فَرَكِبَهُ وَلَمْ يُشَارِطْهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ. (باب: من أجرى أمر الأمصار) أي: أهلها. (على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والمكيال) في نسخة: "الكيل". (والوزن وسننهم) بضم السين وتخفيف النون الأولى. (على نيَّاتهم) أي: على حسب مقاصدهم. (ومذاهبهم) أي: طرقهم. (المشهورة) فيما لم يأت فيه نصٌّ من الشارع. (وقال شريح) بضم المعجمة وبالحاء المهملة، أي: ابن الحارث الكندي. (للغزَّالينَ) أي: البيَّاعين للغزل لمَّا اختصموا إليه في شيء كان بينهم فقالوا: إن سنتنا بيننا كذاو كذا، و (سنتكم) أي: عادتكم. (بينكم) أي: كائنة بينكم، فالمذكور مبتدأ وخبر، ويجوز النصب بتقدير: الزموا. والجملة على التقديرين: مقول قال، وزاد عليها في نسخة: "ربحًا". قال شيخُنا: هي عادة لا معنى لها، أي: بخلاف ذكرها في الأثر الآتي (¬1). ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 4/ 406.

(عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (لا بأس) أي: أن تباع، أو أن تبيع. (العشرة بأحد عشر) إذا كان عُرفُ البلد أن المشترى بعشرة دراهم يباع بأحد عشر، فيبيع على ذلك العرف فلا بأس به. (ويأخذ) أي: البائع. (للنفقة) أي: لأجلها. (ربحًا) وهو الدرهم الزائد في المثال، وبما قررته علم توجيه رفع العشرة ونصبها. (لهند) بالصرف ومنعه، أي: بنت عتبة. (بالمعروف) هو عادة الناس. (بدانقين) تثنية دانق بفتح النون وكسرها: وهو سدس الدرهم. (الحمار الحمار) كرره تأكيدًا، ونصبه بتقدير: أحضر الحمار، أي: اطلبه، ويجوز رفعه، أي: الحمار مطلوب. "ولم يشارطه" أي: على الأجرة؛ اعتمادًا على العادة السابقة. (فبعث إليه بنصف درهم) زاده على الدَّانقين دانقًا [ثالثًا] (¬1) كرمًا. 2210 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "حَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو طَيْبَةَ، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ". [انظر: 2102 - مسلم: 1577 - فتح: 4/ 405] (أبو طيبة) اسمه: دينار، أو نافع، أو ميسرة. (من خراجه) هو ما يقرره السيد على عبده أن يؤديه إليه كل يومٍ مثلًا، وكان ثلاثة أصع، فوضع عنه بشفاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاع. 2211 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ¬

_ (¬1) من (م).

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالتْ هِنْدٌ أُمُّ مُعَاويَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا؟ قَال: "خُذِي أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ". [2460، 3825، 5359، 5364، 6641، 5370، 6641، 7161، 7180 - مسلم: 1714 - فتح: 4/ 405] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (شحيح) أي: بخيل. (سرًّا) بالنصب على التمييز. (خذي أنت وبنيك) في نسخة: "وبنوك" بالرفع عطف على الضمير المستتر؛ لوجود الفاصل، والنصب على المفعول معه، والمعنى: خذي ما يكفيكم. (بالمعروف) هو عادة الناس كما مر، وكان قوله - صلى الله عليه وسلم - ذلك فتيا لا حكمًا؛ لأن أبا سفيان كان حاضرًا بمكة، فلا يستدل به على الحكم على الغائب. 2212 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ، قَال: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ فَرْقَدٍ، قَال: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا، فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا، فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6]، أُنْزِلَتْ فِي وَالِي اليَتِيمِ الَّذِي يُقِيمُ عَلَيْهِ وَيُصْلِحُ فِي مَالِهِ، إِنْ كَانَ فَقِيرًا أَكَلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ. [2765، 4575 - مسلم: 3019 - فتح: 4/ 406] (إسحاق) أي: ابن منصور. (ابن نمير) هو عبد الله. (هشام) أي: ابن عروة. (محمد) أي: ابن سلام البيكندي، لا ابن المثنى. (فليستعفف) أي: عن مال اليتيم. وفي الحديث: وجوب نفقة الزوجة والأولاد، أي: الصغار، وأنها مقدَّرة بالكفاية، وسماع كلام الأجنبية عند الإفتاء، وذكر الإنسان، بما يكره للحاجة، وأخذ الحق من مال الغريم بغير إذنه، عن تعذر أخذه منه برضاه، وتعليق الفتوى بما يقوله المستفتي، وأن للمرأة

96 - باب بيع الشريك من شريكه

مدخلًا في كفالة أولادها، واعتماد العرف فيما ليس فيه تحديد شرعي، وخروج المتزوجة من بيتها لحاجتها، إذا علمت رضا الزوج به. 96 - بَابُ بَيْعِ الشَّرِيكِ مِنْ شَرِيكِهِ (بابُ: بَيْع الشريكِ من شريكهِ) أي: جواز بيعه منه. 2213 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ". [2214، 2257، 2495، 2496، 6976 - مسلم: 1608 - فتح: 4/ 407] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (في كل مال لم يقسم) أخذ بظاهره عطاء، وهو شاذٌّ، والمعروف: أنه مخصوصٌ بالعقار المتحمل للقسمة، وفي نسخةٍ: "في كل ما لم يقسم". (فإذا وقعت الحدود) أي: بُيِّنت حدود أقسام الأرض المشتركة (وصُرِّفت الطرق) بتشديد الراء وتخفيفها أي: بينت مصارفها بأن عُيِّن لكل قسم مصرفه. (فلا شفعةَ) أي: لأنَّ الأرض بالقسمة صارت غير مشاعة. ووجه دخول حديث الشفعة في الباب: بأن الشريك يأخذ الشقص (¬1) من المشتري قهرًا، فأخذه له من شريكه مبايعة جائز قطعًا. ¬

_ (¬1) الشقص بالكسر السهم والنصيب والشريك كالشقيص وهو الشريك والفرس الجواد، والقليل من الكثير. انظر: مادة: "شقص" في "القاموس" ص 622.

97 - باب بيع الأرض والدور والعروض مشاعا غير مقسوم

97 - بَابُ بَيْعِ الأَرْضِ وَالدُّورِ وَالعُرُوضِ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ (باب: بيع الأرض والدور والعروض) أي: الأمتعة، وهو من عطف العام على الخاص. (مشاعًا) حال، وكان القياس: مشاعة، لكن لما صار المشاع كالاسم وقطع النظر فيه عن الوصفية، جاز تذكيره، أو يكون باعتبار المذكور، أو باعتبار كل واحد. (غير مقسوم) صفة كاشفة لـ (مشاع). 2214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، بِهَذَا، وَقَال: "فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ"، تَابَعَهُ هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ: "فِي كُلِّ مَالٍ"، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 2213 - مسلم: 1608 - فتح: 4/ 408] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (تابعه) أي: عبد الواحد. (هشام) أي: ابن يوسف اليماني. 98 - بَابُ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضِيَ باب: إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فَرَضِيَ) أي: الغير بذلك الشراء بعد وقوعه، هل يكون صحيحًا أو لا؟ وسيأتي بيان المشهور. 2215 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "خَرَجَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ المَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، قَال: فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ، فَقَال أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنِّي كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ،

فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِيءُ فَأَحْلُبُ فَأَجِيءُ بِالحِلابِ، فَآتِي بِهِ أَبَوَيَّ فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِي الصِّبْيَةَ وَأَهْلِي وَامْرَأَتِي، فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً، فَجِئْتُ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ، قَال: فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمَا، حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، قَال: فَفُرِجَ عَنْهُمْ، وَقَال الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالتْ: لَا تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّ الخَاتَمَ إلا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَال: فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ، وَقَال الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَال: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ البَقَرِ وَرَاعِيهَا فَإِنَّهَا لَكَ، فَقَال: أَتَسْتَهْزِئُ بِي؟ قَال: فَقُلْتُ: مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فَكُشِفَ عَنْهُمْ". [2272، 2333، 3465، 5974 - مسلم: 2743 - فتح: 4/ 408] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (ثلاثة يمشون) في نسخة: "ثلاثة نفر يمشون". (فانحطت عليهم صخرة) أي: على باب غارهم. (قال) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - (أبوان) أب وأم فغلبت في التثنية. (بالحلاب) بكسر المهملة: الإناء الذي يُحلب فيه، والمراد هنا: اللبن المحلوب. (أبوي) أصله: أبوان، فلما أضيف إلى ياء المتكلم، وسقطت النون للإضافة، وانتصب على المفعولية، قلبت

ألف التثنية ياءً، وأدغمت الياء في الياء. (وأهلي) أي: أقاربي. (فاحتبست) أي: تأخرت. (يتضاغون) بضاد وغين معجمتين أي: يصيحون بالبكاء، وقدم الأبوين على الولد مع أن نفقته مقدمة؛ إمَّا لأنه كان في شرع أولئك تقديم الأصول، أو كانت الصبية يطلبون الزائد على سد الرمق، أولم يكن صياحهم من الجوع. (عند رجليَّ) بالتثنية. (دأبي ودأبهما) أي: شأني وشأنهما. (ابتغاء وجهك) أي: طلبًا لرضاء ذاتك. (فافرج) بضم الراء. (وقال) في نسخة: بالفاء. (كأشدِّ) الكاف زائدة، أو أراد تشبيه محبته بأشد المحبات. (ذلك) في نسخة: "ذاك" بلا لام. (منها حتى تعطيها) فيه التفات إذ القياس: مني حتى تعطيني. (حتى جمعتها) في نسخة: "حتى جئتها" من المجيء، فعليها الضمير راجع للمرأة أو للمائة بتقدير: جئت بها. (ولا تفض الخاتم) بفتح الضاد وكسرها: كناية عن إزالة بكارتها. (إلا بحق) أي: بحل، وهو هنا النكاح. (قال) في نسخة: "فقال". (ففرج) أي: الله. (استأجرت أجيرًا) أي: على عمل. (بفرق) بفتح الراء: مكيال يسع ثلاثة أصع، والمراد: بمكيل الفرق. (من ذرة) بذال معجمة. (فأعطيته) أي: الفرق أي: مكيله. (وأبى ذلك) أي: وامتنع الأجير. (فعمدت) بفتح الميم أي: قصدت. (وراعيها) بالنصب بالعطف على (بقرًا) وبالسكون بجعل الواو بمعنى: مع. (فإنها لك) ساقط من نسخة. (فقلت) في نسخة: "قلت". وموضع الترجمة من الحديث قوله: (إني استأجرت .. إلى آخره) إذ فيه تصرف الرجل في مال الأجير بغير إذنه، واستدلَّ به البخاري على جواز تصرف الفضولي، ووجه استدلال به: مبني على أن شرع مَنْ قبلنا شرع لنا، والجمهور على خلافه، والقول بصحة تصرف الفضولي هو

99 - باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب

مذهب المالكيه، والقول القديم للشافعي، فينعقد موقوفًا على إجازة المالك، والقول الجديد بطلانه؛ لانتفاء ولاية المتصرف، وأجيب عن ما في الحديث: بأنه إنما استأجره بفرق في الذمة، ولم يسلمه له [بل عرضه له] (¬1)، فلم يقبضه؛ لرداءته فبقي على ملك المستأجر؛ لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح، فتصرف المستأجر صحيح؛ لأنه تصرف في ملكه سواء اعتده لنفسه أم للأجير، ثم تبرع بما اجتمع منه على الأجير بتراضيهما، وغاية ذلك: أنه أحسن القضاء فأعطاه حقه وزيادة. وفي الحديث: ندب الدعاء حال الكرب، والتوسل بصالح العمل إلى الله تعالى، وفضل بر الوالدين، والانكفاف عن المحرمات، وجواز الإجارة بالطعام، وفضل أداء الأمانة، وإثبات كرامات الأولياء. 99 - بَابُ الشِّرَاءِ وَالبَيْعِ مَعَ المُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الحَرْبِ (باب: الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب) في نسخة: "أهل الحرب" بلا واو بدل، أو بيان فعطفه بها عطف تفسير. 2216 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَويلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً؟ - أَوْ قَال: - أَمْ هِبَةً"، قَال: لَا، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً. [2618، 5382 - مسلم: 2056 - فتح: 4/ 410] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (عن أبي عثمان) ¬

_ (¬1) من (م).

100 - باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه

هو عبد الرحمن بن مل. (مُشعان) بضم الميم وسكون المعجمة وإهمال العين وبالنون المشدَّدة: منتفش الشعر متفرقة. (بغنم يسوقها) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (فقال) زاد في نسخة: "له". (بيعًا أم عطيَّةً، أو قال: أم هبةٌ) الشك في (أو قال) من الراوي، والثلاثة مصادر لأفعال مقدَّرة أي: أتبيعها بيعًا [أو تعطيها عطية، أو قال: أم تهيبها هبة. (قال لا) أي: ليس عطية ولا هبة. (بل بيع) أي: مبيع، وأطلق عليه بيعًا] (¬1) باعتبار العاقبة. وفيه: جواز بيع الكافر دإثبات ملكه على ما في يده، وجواز قبول الهدية والهبة منه. 100 - بَابُ شِرَاءِ المَمْلُوكِ مِنَ الحَرْبِيِّ وَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ (¬2). وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَلْمَانَ: "كَاتِبْ"، وَكَانَ حُرًّا، فَظَلَمُوهُ وَبَاعُوهُ، وَسُبِيَ عَمَّارٌ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلالٌ " وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ، فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [النحل: 71]. (باب: شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه أراد بالمملوك: الرقيق؛ ليناسب قوله (وعتقه) وليوافق أحاديث الباب. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 63: مقصوده من هذه الأحاديث والآية: أن المشركين يملكون الرقيق ويملكه عنهم وأن الكفر لا ينافي الملك.

(كاتب مولاك) أي: اشتر نفسك منه. (وكان) أي: سلمان في الأصل قبل أن يظلموه. (حرًّا) والجملة: حال، وذلك أنه كان هرب من أبيه لطلب الحق وكان مجوسيًّا، فلحق براهب ثم براهب ثم بآخر بعد موت كل منهم، حتى دله الأخير على الحجاز، وأخبره بظهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقصده مع بعض الأعراب، فغدروا به فباعوه في وادي القرى ليهودي، ثم اشتراه يهودي ثم آخر من بني قريظة، فقدم به المدينة، فلما قدمها النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأى هو علامات النبوة أسلم، فقال: - صلى الله عليه وسلم: كاتب عن نفسك وهو رقيق بالغدر؛ لأن الحربي إذا قهر حربيًّا ملكه. (وسُبي) بالبناء للمفعول أي: أُسر. (عمار) أي: ابن ياسر العنبسي بنون ساكنة. (وصهيب) أي: ابن سنان بن مالك الرومي. (وبلال) أي: ابن رباح الحبشي المؤذن، ثم عتق صهيب بإعتاق عبد الله بن جدعان، وبلال بإعتاق أبي بكر الصِّديق له، وأما عمار فلم يُسب، وإنما سكن أبوه ياسر مكة، وحالف بني مخزوم؛ فزوجوه سمية، وكانت من مواليهم، فولدت له عمارًا، فعامله المشركون معاملة السبي؛ لكون أمه من مواليهم. ({بِرَادِّي رِزْقِهِمْ}) أي: بمعطيه. ({عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}) أي: لم يردوا رزقهم على ممالكيهم، وإنما يردون عليهم رزقهم الذي جعله الله في أيديهم. ({فَهُمْ}) أي: الموالي وممالكيهم. ({فِيهِ سَوَاءُ}) أي: مستوون في أن الله رزقهم، فالجملة: مقررة للجملة المنفية. ({أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ}) أي: يكفرون حتى [يجعلوا] (¬1) له شركاء، وفي نسخة: " {عَلَىَ مَا مَلَكَتْ إيْمَانُهُمْ}) إلى قوله: {أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ} " [النحل: 71]. ¬

_ (¬1) في الأصل: [حتى يجعلون].

2217 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِسَارَةَ، فَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ المُلُوكِ، أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بِامْرَأَةٍ هِيَ مِنْ أَحْسَنِ النِّسَاءِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ مَنْ هَذِهِ الَّتِي مَعَكَ؟ قَال: أُخْتِي، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا فَقَال: لَا تُكَذِّبِي حَدِيثِي، فَإِنِّي أَخْبَرْتُهُمْ أَنَّكِ أُخْتِي، وَاللَّهِ إِنْ عَلَى الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالتْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي، إلا عَلَى زَوْجِي فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ"، قَال الأَعْرَجُ: قَال أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: "قَالتْ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَالُ هِيَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ تُصَلِّي، وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إلا عَلَى زَوْجِي، فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ هَذَا الكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ"، قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَال أَبُو سَلَمَةَ: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "فَقَالتْ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ فَيُقَالُ هِيَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَال: وَاللَّهِ مَا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ إلا شَيْطَانًا، ارْجِعُوهَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَأَعْطُوهَا آجَرَ فَرَجَعَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالتْ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً". [2635، 3357، 3358، 5084، 6950 - مسلم: 2371 - فتح: 4/ 410] (أبو اليمان) أي: الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة الحمصي. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (إبراهيم) أي: الخليل. (بسارة) بتخفيف الراء، وقيل: بتشديدها. (قرية) هي مصر. (ملك) هو صادوق، وقيل: سفيان بن علوان، وقيل: عمرو بن امرئ القيس بن يسار. (أو جبار من الجبابرة) شك من

الراوي. (فقيل) أي: للجبار. (فأرسل) أي: الجبار. (إليه) أي: إلى إبراهيم. (أختي) أي: في الدين، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] وجاز لإبراهيم ذلك، مع أن ذلك الجبار كان يريد غصبها، أختًا كانت أو زوجة؛ لأنه علم من ديدن الجبار أنه لا يتعرض إلا لذوات الأزواج، أو أنه إذا علم أنها زوجته يُلزمه بطلاقها، أو يقتله حرصًا عليه، وحاصله: أن فيما قاله دفعًا لأعظم الضررين بارتكاب أخفهما، كما لو طلب ظالم وديعة يأخذها غصبًا، فإنه يجب الإنكار والإخبار بأنه لا يعلم موضعها. (والله إن) أي: ما. (على الأرض) أي: التي نحن فيها. (مؤمن) في نسخة: "من مؤمن" بكلمة (من) الموصولة، وصدر صلتها محذوف أي: من هو مؤمن. (توضأ) أصله: تتوضأ، حذفت إحدى التاءين تخفيفًا. (إن كانت آمنت بك وبرسولك) أي: إبراهيم، ولم تكن شاكة في إيمانها، بل كانت جازمة به، وإنما ذكرته بـ (إن) المقتضية للشك على سبيل الفرض هضمًا لنفسها. (فغط) بضم المعجمة وتشديد المهملة، أي: أخذ بمجاري نفسه، حتى سمع له غطيط. (حتى ركض برجله) أي: حركها وضرب بها الأرض. وقد روي أنه كشف لإبراهيم عليه السلام حتى رأى حال الجبار مع سارة لئلا يخامر قلبه أمر. (فيقال) في نسخة: "يقل" وفي أخرى: "يقال" بالجزم، لكن أشبعت الفتحة ألفًا، وفي أخرى: بالرفع بتقدير الفاء، أو بأنه مستأنف دال مع مقوله على جواب (أن) وجوابها محذوف، والتقدير: إن يمت أعذب، ويقال: (هي قتلته) وإنما قالت ذلك؛ لتوقعها مساءة من خاصة الملك وأهله. (فأرسل) أي: أطلق مما عرض له. (قال عبد الرحمن) هو الأعرج، وفي نسخة: "فقال الأعرج". (أبو سلمة) أي: ابن عبد

الرحمن. (فيقال) في نسخة: "يقل" وفي أخرى: "يقال" ومر بيانه آنفًا. (أو في الثالثة) شك من الراوي، وفي نسخة: "وفي الثالثة" بلا شك. (شيطانًا) أي: متمردًا من الجن، وكانوا يهابون الجنَّ ويعظمون أمرهم، ويرون كلَّ ما يقع من الخوارق من تصرفهم. (إرجعوها) بكسر الهمزة أي: ردوها، ورجع يأتي لازمًا ومتعديًّا، يقال: رجع زيد، ورجعته أنا، لكن مصدر اللازم رجوعًا، ومصدر المتعدي رجعًا. (آجر) بهمزة ممدودة بدل الهاء، وجيم مفتوحة: جارية قبطية، وهي أم إسماعيل - عليه السلام -. (أشعرت) أي: أعلمت. (أن الله كبت الكافر) أي: صرفه لوجهه، أو أخزاه، أو ردَّه خائبًا أو أغاظه أو أذله. (وأخدم) أي: الله أو الجبار. وفي الحديث: جواز اتهاب المسلم من الكافر، وقبول هدية السلطان الظالم. 2218 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلامٍ، فَقَال سَعْدٌ: هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ، وَقَال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: هَذَا أَخِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَبَهِهِ، فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَال: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ" فَلَمْ تَرَهُ سَوْدَةُ قَطُّ. [انظر: 2053 - مسلم: 1457 - فتح: 4/ 411] (قتبية) أي: ابن سعيد. (في غلام) هو عبد الرحمن بن وليدة زمعة. (عهد) أي: أوصى. (يا عبد) زاد في نسخة: "ابن زمعه" ومرَّ شرح الحديث في أوائل البيع (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2053) كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات.

2219 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِصُهَيْبٍ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَدَّعِ إِلَى غَيْرِ أَبِيكَ، فَقَال صُهَيْبٌ "مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا، وَأَنِّي قُلْتُ ذَلِكَ وَلَكِنِّي سُرِقْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ". [فتح: 4/ 411] (غندر) هو محمد بن جعفر. (ولا تدع) في نسخة: "ولا تدعي" بياء لا تنتسب. (سرقت) أي فصار لساني كلسان الأعاجم، قال له عمر: إنك تنتسب عربيًّا، ولسانك أعجمي، فقال: أنا من النمر بن قاسط، وإن الروم سبتني صغيرًا، فأخذت لسانهم. 2220 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ أَوْ أَتَحَنَّتُ بِهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ مِنْ صِلَةٍ وَعَتَاقَةٍ وَصَدَقَةٍ، هَلْ لِي فِيهَا أَجْرٌ؟ قَال حَكِيمٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ". [انظر: 1436 - مسلم: 123 - فتح: 4/ 411] (أبو اليمان) أي: الحكم بن نافع. (شعيب) ابن أبي حمزة. (أتحنث) بحاء مهملة فنون مشدَّدة فمثلثة أي: أتجنب الحنث وهو الإثم، أو (اتحنت) بمثناة بدل المثلثة، قيل: كلاهما بمعنى، والصحيح الذي رواه الكافة: بمثلثة، ويروى: "أتجنب" (¬1). بجيم فنون، ¬

_ (¬1) قال ابن حجر تعليقًا على هذه الرواية: وقع عند الإسماعيلي: "أتجنب" بجيم وآخره موحدة فقال: قال البخاري: يقال: أتجنب. قال الإسماعيلي: والتجنب تصحيف، وإنما هو التحنث مأخوذ من الحنث وهو الإثم فكأنه قال: أتوقى ما يؤثم. قلت: وبهذا التأويل تقوى رواية: "أتجنب" بالجيم والموحدة ويكون التردد في اللفظين وهما: "أتحنث" بمهملة ومثلثة و"أتجنب" بجيم وموحدة والمعنى واحد، وهو توقي ما يوقع في الاثم، لكن ليست المراد توقي الإثم =

101 - باب جلود الميتة قبل أن تدبغ

وموحدة، أي: أتجنب الإثم. (من صلة) أي: إحسان. (على ما سلف) أي: مستعليًا عليه. 101 - بَابُ جُلُودِ المَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ (باب: جلود الميتة قبل أن تدبغ) أي: بيان حكمها. 2221 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ، فَقَال: "هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟ "، قَالُوا: إِنَّهَا مَيِّتَةٌ، قَال: "إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا". [انظر: 1492 - مسلم: 363 - فتح: 4/ 413] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (بإهابها) هو الجلد قبل الدباغ. (حرم) بفتح الحاء وضم الراء، ويجوز ضم الحاء وكسر الراء مشدَّدة، واستدل الزهريُّ بالحديث على جواز الانتفاع بجلد الميتة، دبغ أو لم يدبغ، وقيده الجمهور بالدبغ لوروده في رواية أخرى (¬1)، واستثني من ذلك جلد الكلب ونحوه، وقصر بعضهم الحكم المذكور على جلد ما يؤكل تمسكًا بورود الخبر في الشاة لكونه السبب، وأجاب الجمهور: بأن العبرة بعموم اللفظ لا ¬

_ = فقط، بل أعلى منه وهو تحصيل البر. [الفتح: 10/ 424]. (¬1) عن ميمونة قالت: أهدي لمولاة لنا شاة من الصدقة فماتت فمرَّ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ألا دبغتم إهابها واستمتعتم به؟ " قالوا: يا رسول الله إنها ميتة. قال: "إنما حرم أكلها". رواه أبو داود (4120) كتاب: اللباس، باب: في أهب الميتة. وعبد الرزاق 1/ 63 (188) باب: جلود الميتة إذا دبغت. والطبراني 11/ 167 (11384). وقال الألباني في "صحيح أبي داود" صحيح.

102 - باب قتل الخنزير

بخصوص السبب. وموضع الترجمة قوله: "هلَّا انتفعتم بإهابها" والانتفاع يدل على جواز البيع غالبًا. 102 - بَابُ قَتْلِ الخِنْزِيرِ وَقَال جَابِرٌ: حَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَ الخِنْزِيرِ. (باب: قتل الخنزير) أي: جواز قتله، ومناسبة ذكره في كتاب البيوع: الإشارة إلى أن ما أمر بقتله لا يجوز بيعه، وقد صرح به في قوله: (وقال جابر ... إلى آخره). 2222 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ". [2476، 3448، 3449 - مسلم: 155 - فتح: 4/ 414] (بيده) أي: بقدرته. (ليوشكن) أي: ليقربنَّ. (حكمًا) بفتحتين أي: حاكمًا (مقسطًا) عادلًا، يقال: أقسط إذا عدل، وقسط إذا جار. (فيكسر الصليب) أي: الذي تعظمه النصارى، والأصل فيه: ما روي أن رهطًا من اليهود سبُّوا عيسى وأمه عليهما السلام، فدعا عليهم؛ فمسخهم الله قردة وخنازيرًا، فاجتمعت اليهود على قتله، فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء، فقال لأصحابه: أيكم يرضى أن يلقى عليه بشبهي، فيقتل ويصلب ويدخل الجنة؟ فقام رجل منهم، فألقى الله عليه شبهه؛ فقتل وصلب (¬1). وفاء (فيكسر) مفسرة لما قبلها. (ويضع ¬

_ (¬1) رواه النسائي في "الكبرى" 6/ 489 - 490 (11591) كتاب: التفسير. وضياء الدين المقدسي في "الأحاديث المختارة" 10/ 376 - 377 (402).

103 - باب: لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه

الجزية) عن ذمة ملتزمها أي: يرفعها بأن يحملهم على الإسلام، فتسقط الجزية، وقيل: لا يقبلها؛ لاستغناء الناس عنها بما أخرجت الأرض من الأموال. (ويفيض المال) أي: يكثر، وهو بالنصب عطف على ما سبق، وبالرفع استئناف؛ لأنه ليس من فعل عيسى. 103 - بَابٌ: لَا يُذَابُ شَحْمُ المَيْتَةِ وَلَا يُبَاعُ وَدَكُهُ رَوَاهُ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه) أي: دهنه. (رواه) أي: ما ذكر في الترجمة. 2223 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَال: أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ أَنَّ فُلانًا بَاعَ خَمْرًا، فَقَال: قَاتَلَ اللَّهُ فُلانًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا"؟ [3460 - مسلم: 1582 - فتح: 4/ 414] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (طاوس) أي: ابن كيسان اليماني. (بلغ عمر) أي: "ابن الخطاب"، كما في نسخة. (أن فلانًا) هو سمرة بن جندب. (باع خمْرًا) أي: لعدم علمه بتحريم بيعها، أو لأنه إنما باع خلًا أو عصيرًا، وسماه خمرًا باعتبار ما كان عليه، أو بما يؤول إليه، وإلا فلا يظن بسمرة أنه باع الخمر بعد أن شاع تحريمها. (قاتل) أي: قتل الله. (فلانًا) أي: سمرة، والظاهر: أن عمر لم يرد بذلك الدعاء، وإنما هي كلمة تقولها العرب عند إرادة الزجر، فقالها عمر تغليظًا على سمرة، بحسب ما فهمه عنه من أنه باع عين الخمر. (قاتل الله اليهود) أي: قتلهم، وعبر عنه بـ (قاتل)؛ لأنه مسبب عنه، فإنهم لما

اخترعوا من الحيل انتصبوا لمحاربة الله، ومقاتلته، ومن قاتله الله قتله. (حرمت عليهم الشحوم) أي: أكلها فقط في زعمهم؛ إذ لو حرم عليهم بيعها فيه أيضًا، لم يكن ثَمَّ حيلة في إذابتهم لها المذكورة بقوله: (فجملوها) بجيم أي: أذابوها. (فباعوها) أي: مذابة. ووجه استدلال عمر به على حرمة فعل سمرة: القياس على فعل اليهود، والمراد: ما يذاب للبيع لا للاستصباح فإنه جائزة فالدعاء عليهم إنما رتب على المجموع لا على الجميع. وفي الحديث: تحريم بيع الخمر، واستعمال القياس، وإبطال الحيل لفعل المحرمات. 2224 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} [التوبة: 30]: "لَعَنَهُمْ"، {قُتِلَ} [الذاريات: 10]: "لُعِنَ"، {الخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10]: "الكَذَّابُونَ". [مسلم: 1583 - فتح: 4/ 414] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (يهود) بغير تنوين؛ لأنَّه ممنوع من الصرف؛ للعلمية والتأنيث؛ لأنه علم قبيلة، وفي نسخةٍ: "اليهود". (قال أبو عبد الله) أي: البخاري مفسرًا القتل باللعن، فهذا ما فسره ابن عباس في قوله تعالى: {قَتَلَهُمُ الله} أي: معناه: (لعنهم الله)، وفي قوله تعالى: {قُتِلَ} أن معناه: (لعن {الْخَرَّاصُونَ}) أي: (الكذابون) شددهما؛ للمبالغة، وقوله (قال: أبو عبد الله إلى آخره ..) ساقط من نسخة.

104 - باب بيع التصاوير التي ليس فيها روح، وما يكره من ذلك

104 - بَابُ بَيْعِ التَّصَاويرِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رُوحٌ، وَمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ (باب: بيع التصاوير) أي: المصورات. (التي ليس فيها روح) وكذا التي فيها روح، (ما يكره من ذلك) عطف على (بيع)، أو على (التصاوير) والأول أعم؛ لشموله البيع وغيره، كالاتخاذ والإجارة والاستعمال. 2225 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا عَوْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الحَسَنِ، قَال: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاويرَ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أُحَدِّثُكَ إلا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا" فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً، وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ، فَقَال: وَيْحَكَ، إِنْ أَبَيْتَ إلا أَنْ تَصْنَعَ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، مِنَ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، هَذَا الوَاحِدَ. [5963، 7042 - مسلم: 2110 - فتح: 4/ 416] (عوف) أي: ابن حميد. (يا أبا عباس) هو كنية ابن عباس، وفي نسخة: "يا ابن عباس". (بنافخ فيها أبدًا) أي: لا يمكنه النفخ فيها قط فيكون معذبًا أبدًا. (فَرَبا الرجل) أي: أصابه الربو: وهو مرض يعلو منه النفس ويضيق منه الصدر. (ربوة) بتثليث الراء. (إلا أن تضع) أي: ما ذكرت من التصاوير. (كل شيء) بالجر بالعطف بواوٍ ظاهرة، كما في نسخة، أو مقدرة، كما في: التحيات المباركات الصلوات، أو بالبدل من (الشجر)، بدل كل من بعض على ما جوَّزه بعض النحاة، أو من مضاف إلى (الشجر) محذوف بدل من كل أي: فعليك بمثل الشجر. (كل شيء ليس فيه روح)

105 - باب تحريم التجارة في الخمر

أي: كجدار. (هذا الواحد) أي: الحديث الواحد، ووصفه بالواحد تأكيدًا، أو إشارة إلى أن سعيد لم يسمع عن النضر غيره. 105 - بَابُ تَحْرِيمِ التِّجَارَةِ فِي الخَمْرِ وَقَال جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ. (باب: تحريم التجارة في الخمر) أي: بيان تحريمها. 2226 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَمَّا نَزَلَتْ آيَاتُ سُورَةِ البَقَرَةِ عَنْ آخِرِهَا، خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ فِي الخَمْرِ". [انظر: 459 - مسلم: 1580 - فتح: 4/ 417] (مسلم) أي: ابن إبراهيم الأزدي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (من آخرها) أي: من أول آية الربا إلى آخر السورة. (خرج النبي) أي: من الحجرة إلى المسجد، ومرَّ شرح الحديث في باب: تحريم تجارة الخمرِ في المسجدِ (¬1). 106 - بَابُ إِثْمِ مَنْ بَاعَ حُرًّا (باب: إثم من باع حُرًّا) أي: بيان إثمه. 2227 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "قَال اللَّهُ: ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (459) كتاب: الصلاة، باب: تحريم الخمر في المسجد.

107 - باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم اليهود ببيع أرضيهم حين أجلاهم فيه المقبري عن أبي هريرة

ثَلاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ". [2270 - فتح: 4/ 417] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (بشر بن مرحوم) نسبة إلى جده؛ وإلا فهو بشر بن عبيس بن مرحوم. (يحيى بن سليم) بتصغير سليم. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي أمية. (ثلاثة أنا خصمهم) ذكر الثلاثة ليس للتقييد؛ لأنه تعالى خصم لكل ظالم، لكنه أراد التغليظ على هؤلاء الثلاثة؛ لغرابة قبح فعلهم، والخصم يقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد. (أعطى بي) أي: أعطى العهد واليمين باسمي. (ثم غدر) أي: نقض العهد ولم يوف به. (فأكل ثمنه) خص الأكل بالذكر؛ لأنه أعظم مقصود. (فاستوفى منه) أي: العمل. 107 - بَابُ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليَهُودَ بِبَيْعِ أَرَضِيهِمْ حِينَ أَجْلاَهُمْ فِيهِ المَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [فتح: 4/ 418] (باب: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود ببيع أرَضِيهِم) بفتح الراء، وفي نسخة: بسكونها، وزاد في أخرى: "ودِمَنِهِم" جمع دمنة، قال ابن الأثير: وهي ما تُدمنه الإبل والغنم بأبوالها وأبعارها، أي: تلبده في مرابضها، فربما نبت فيها النبات الحسن النضر. انتهى (¬1). (حين) متعلق بـ (أمر النبي). (أجلاهم) أي: أخرجهم من المدينة. (فيه) أي: فيما ذكر من الترجمة. (المقبري) أي: حديثه المروي عن أبي هريرة في ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 134.

108 - باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة

باب: إخراج اليهود من جزيرة العرب، آخر كتاب الجهاد بلفظ: بينما نحن في المسجد، خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "انطلقوا إلى يهود" فخرجت حتى جئنا بيت المدارس فقال: "أسلموا تسلموا، واعملوا أن الأرض لله ولرسوله، وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن يجد منكم بماله شيئًا فليبعه، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله" (¬1) ولم يذكر في الحديث ما يطابق الترجمة ببيع الأرضين، وكأنه أخذها من عموم قوله في الحديث المذكور: "فمن يجد منكم بماله شيئًا فليبعه" إذ المال يعم الأرض، مع أن هذا الباب ساقط من نسخة. 108 - بَابُ بَيْعِ العَبِيدِ وَالحَيَوَانِ بِالحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ "قَدْ يَكُونُ البَعِيرُ خَيْرًا مِنَ البَعِيرَيْنِ" وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا، وَقَال: "آتِيكَ بِالْآخَرِ غَدًا رَهْوًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ" وَقَال ابْنُ المُسَيِّبِ: "لَا رِبَا فِي الحَيَوَانِ: البَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ، وَالشَّاةُ بِالشَّاتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ " وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: "لَا بَأْسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً". (باب: بيع العبيد) أي: بالعبيد، وفي نسخة: "بيع العبد". (والحيوان بالحيوان) عطفه على ما قبله؛ من عطف العام على الخاص. (نسيئة) راجع إلى المتعاطفين. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3167) كتاب: الجزية والموادعة، باب: إخراج اليهود من جزيرة العرب.

(راحلة) هي الناقة التي تصلح لأن ترحل، أو تركب ذكرًا كان أو أنثى. (بأربعة أبعرة مضمونة عليه) أي: في ذمته (يوفيها) أي: يسلمها (صاحبها) للبائع. (بالربذة) هي موضع بين مكة والمدينة (¬1)، (وقال ابن عباس: قد يكون البعير خيرًا من البعيرين) فيمتنع بيعه بهما؛ لفضله، وهذا رأيه، والجمهور على خلافه، أو فيجوز بيعه بهما، ولا يضر تعددهما؛ لأنه قد يكون خيرًا منهما، وهو ما عليه الجمهور. (رَهْوًا) بفتح الراء وسكون الهاء أي: آتيك به سهلًا بلا شدة ولا مماطلة، أو المراد: أن المأتي به يكون سهل السير غير خشن. إلا بأس بعيرٌ) في نسخة: "لا بأس ببعير ببعيرين نسيئة". (زاد) في نسخة بعدُ (ببعيرين): "ودرهم بدرهم" وفي رواية: "ودرهم بدرهمين" وكلاهما خطأ؛ لامتناع بيع الدرهم بالدرهم نسيئة، وبيع الدرهم بالدرهمين مطلقًا. 2228 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ فَصَارَتِ إلى دَحْيَةَ الكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتِ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 4/ 419] (عن ثابت) أي: البناني. (ثم صارت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بشرائه لها؛ لقول مسلم: أنه - صلى الله عليه وسلم - اشتراها بسبعة أرؤس وليس في الحديث ما ترجم له، ولعله أشار إلى رواية الشراء المذكورة. ¬

_ (¬1) والربذة: الشدة، والربذة: خفة القوائم في المشي وخفة الأصابع في العمل. وهي من قرى المدينة على ثلاثة أيام قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكة. وبهذا الموضع قبر أبي ذر الغفاري. انظر: "معجمة البلدان" 3/ 24 - 25.

109 - باب بيع الرقيق

109 - بَابُ بَيْعِ الرَّقِيقِ (باب: بيعِ الرقيق) أي: بيان جوازه. 2229 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ مُحَيْرِيزٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا، فَنُحِبُّ الأَثْمَانَ، فَكَيْفَ تَرَى فِي العَزْلِ؟ فَقَال "أَوَإِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكُمْ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إلا هِيَ خَارِجَةٌ". [2542، 4138، 5210، 6603، 7409 - مسلم: 1438 - فتح: 4/ 420] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (الزهري) هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. (ابن محيريز) هو عبد الله الجمحي. (قال: يا رسول الله) في نسخة: "قال رجل: يا رسول الله" واسم الرجل: نجدي بن عمرو الضمري. (نُصِيبُ سبيًا) أي: نجامع الإماء المسبيات. (فنحب الأثمان) أي: ونحن نعزل عنهن؛ خوفًا من الاسيتلاد المانع من البيع. (فكيف ترى في العزل؟) أي: أهو جائز أو لا؟. (أو إنكم) بفتح الواو وكسر إنَّ، والهمزة للاستفهام التعجبي من فعلهم، والواو للاستئناف، وقدم عليها همزة الاستفهام؛ لأصالتها في الصدارة. (لا عليكم أن لا تفعلوا) أي: لا حرج عليكم في عدم فعله، بمعنى: ليس عدم فعله واجبًا عليكم، أو لا حرج عليكم في فعله، بزيادة (لا) الثانية، فالعزل جائز علها الصحيح عند الشافعية، ومن منعه جعل (لا) الأولى نافية لما سالوه، وما بعدها كلامٌ مستأنف مؤكد لنفي ذلك. (فإنها) أي: القصة. (ليست نسمة) أي: نفس أو إنسان. (إلا هي خارجة) في نسخة: "إلا وهي خارجة" أي: من العدم

110 - باب بيع المدبر

إلى الوجود، والمعنى: لا ضرر عليكم فيما ذكر؛ لأن كل نفس قدر الله خلقها لأبد أن يخلقها سواء عزلتم أو لا. 110 - بَابُ بَيْعِ المُدَبَّرِ (باب: بيع المدبر) أي: جوازه، والتدبير: تعليق عتق رقيق بموت مالكه، كأن يقول له: إن مت فهو حر. 2230 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "بَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُدَبَّرَ". [انظر: 2141 - مسلم: 997 - فتح: 4/ 420] (ابن نمير) هو محمد بن عبد الله بن نمير. (وكيع) أي: ابن الجراح. (إسماعيل) أي: ابن خالد. (المدبر) اسمه: يعقوب، دبره سيده أبو مذكور وكان عليه دين، ولم يكن له مال غيره، فباعه النبي - صلى الله عليه وسلم - من نعيم بن النحام بثمانمائة درهم. 2231 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "بَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 2141 - مسلم: 997 - فتح 4/ 421] (قتيبة) أي: [ابن] (¬1) سعيد. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (باعه) أي: المدبر. 2232، 2233 - حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَال: حَدَّثَ ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ ¬

_ (¬1) من (م).

111 - باب: هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها؟

عَنْهُمَا، أَخْبَرَاهُ: أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُسْأَلُ عَنِ الأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ، قَال: "اجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ، فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا" بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَو الرَّابِعَةِ. [انظر: 2153 و 2154 - مسلم: 1704 - فتح: 4/ 421] (يعقوب) أي: إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن القرشي. (عن صالح) أي: ابن كيسان. (حدث) في نسخة: "حدثنا". (أن عبيد الله) أي: ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود. (يُسأل) في نسخة: "سُئل" بالبناء للمفعول فيهما. (تحصن) بفتح الصاد وكسرها. (قال: أجلدوها) أي: نصف جلد الحرة. 2234 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ". [انظر: 2152 - مسلم: 1703 - فتح: 4/ 421] (عن سعيد) أي: ابن كيسان المقبري. (فليجلدها الحد) أي: نصف حد الحرة. ووجه مطابقة الحديثين للترجمة بالمدبر: بأن الأمة الزانية شاملة للمدبرة وغيرها، ومرَّ شرح أحاديث الباب، في باب: بيع العبد الزاني (¬1). 111 - بَابٌ: هَلْ يُسَافِرُ بِالْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؟ وَلَمْ يَرَ الحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُقَبِّلَهَا أَوْ يُبَاشِرَهَا وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "إِذَا وُهِبَتِ الوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ، أَوْ بِيعَتْ، أَوْ ¬

_ (¬1) سلفت الأحاديث برقم (2152، 2153، 2154) كتاب: البيوع، باب: بيع العبد الزاني.

عَتَقَتْ فَلْيُسْتَبْرَأْ رَحِمُهَا بِحَيْضَةٍ، وَلَا تُسْتَبْرَأُ العَذْرَاءُ" وَقَال عَطَاءٌ: "لَا بَأْسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الحَامِلِ مَا دُونَ الفَرْجِ" وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6]. (باب: هل يسافر بالجارية) التي ملكها. (قبل أن يستبرئها) الاستبراء لغة: طلب المرأة وشرعًا: التربص بالمرأة مدة؛ بسبب ملك اليمين حدوثًا، أو زوالًا؛ براءةً للرحم، أو تعبدًا، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح المنهح" وغيره (¬1). (ولم ير الحسن) أي: البصري. (أن يقبلها أو يباشرها) أي: قبل الاستبراء، وفي نسخةٍ: "ويباشرها" بالواو، والمراد: المباشرة بغير وطءٍ. (إذا وهبت الوليدة) أي: الأمة. (فليستبرأ) بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل. (رحمها) بالرفع على الأولى، والنصب على الثانية، وهكذا القول في (ولا تستبرأ العذراء) أي: البكر، نظرًا للظاهر من أنها ليست بحامل، لكن الجمهور: على أنها تستبرأ؛ لاحتمال حملها باستدخال المني، أو تعبدًا، كما في الصغيرة والآيسة وهمزة (تستبرأ) مضمومة على نسخة البناء للمفعول، ومكسورة؛ لالتقاء الساكنين على نسخة البناء للفاعل؛ إذ هي مجزومة في الأصل بلا الناهية. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (أن يصيب) أي: يباشر. (من جاريته الحامل) ظاهره: أن عطاء يمنع مباشرة غير الحامل، والظاهر: أنه لا فرق؛ بدليل الآية الآتية المستدل له بها. (ما دون الفرج) ¬

_ (¬1) "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 2/ 110. و"أسنى المطالب بشرح روض الطالب" 3/ 389.

112 - باب بيع الميتة والأصنام

أي: الوطء فيه. (وقال الله .. إلى آخره) استدل به لقول عطاء، ووجهه: أنه دل على جواز الاستمتاع بجميع وجوهه، لكن خرج منه الوطء بدليل: فبقى الباقي على الأصل. 2235 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ"، فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ قَال: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 4/ 424] (سَدَّ الرَّوْحاءِ) بفتح السين وضمها، وبالمد: جبل قريب من المدينة. (حلَّت) أي: للوطء بطهرها من الحيض. (فبنى) أي: دخل. (حيسًا) أي: أخلاطًا من تمر وسمن وأقط. (في نطع) بكسر النون وفتح الطاء في أفصح لغاته السبع. (آذن) بهمزة ممدوة، فمعجمة مكسورة أي: أعلم (تلك) أي: الأخلاط. (يحوي لها وراءه بعباءة) أي: يهيئ لها من ورائه بالعباءة مركبًا وطيئا، ويسمى ذلك المركب: حوية. 112 - بَابُ بَيْعِ المَيْتَةِ وَالأَصْنَامِ (باب: بيع الميتة والأصنام) أي: تحريم بيعها. 2236 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ

أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ عَامَ الفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، وَالمَيْتَةِ وَالخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ، فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَال: "لَا، هُوَ حَرَامٌ"، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: "قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ"، قَال أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ، سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [4296، 4633 - مسلم: 1581 - فتح 4/ 424] (حرَّم) أي: كل من الله ورسوله، أو الله؛ لأنه الأصل ورسوله تابع. (أرأيت) أي: أخبرني. (بشحوم الميتة) هل يحل بيعها؟ (فإنه يطلى بها السفن .. إلى آخره) والانتفاع بها يقتضي صحة بيعها، وإن حرم أكلها كالحمر الأهلية، فإنه وإن حرم أكلها، يجوز بيعها؛ لما فيها من المنافع. (فقال: لا) أي: لا تبيعوها. (هو) أي: بيعها. (حرام) أي: لا الانتفاع بها، ولا إباحتها للغير، لينتفع بها. (عند ذلك) أي: عند قوله: (هو حرام). (قاتل الله اليهود) أي: لعنهم. (إن الله لمَّا حرم) أي: عليهم. (شحومها) أي: أكلها. (جملوه) أي: المذكور، أي: أذابوه، ومرَّ شرح الحديث في باب: لا يذاب شحم الميتة، ولا يباع ودكه (¬1). (أبو عاصم) هو الضحاك ابن مخلد. (عبد الحميد) أي: ابن جعفر بن عبد الله بن أبي الحكم الأنصاري. (يزيد) أي: ابن أبي حبيب. ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2224) كتاب: البيوع، باب: لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه.

113 - باب ثمن الكلب

113 - بَابُ ثَمَنِ الكَلْبِ (باب: ثمن الكلب) أي: تحريم أخذه. 2237 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ". [2282، 5346، 5761 - مسلم: 1567 - فتح: 4/ 426] (نهى) أي: نهى تحريم. (ومهر البغي) بفتح الموحدة وكسر المعجمة وتشديد الياء أي: الزانية، فمهرها تأخذه على زناها. (وحلوان الكاهن) بضم المهملة وسكون اللام: مصدر حلوته حلوانًا، إذا أعطيته شيئًا، والمراد: ما يأخذه الكاهن على كهنته، وهو الذي يدير مطالعة علم الغيب، ويخبر الناس عن الكوائن في المستقبل، وقد كان في العرب كهنة، فمنهم من كان يزعم أن له تابعًا من الجن، يلقي إليه الأخبار، ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله، أو فعله، أو حاله. وهذا يخصونه باسم العرَّاف، كالذي يدير معرفة الشيء المسروق، أو مكان الضالة ونحوهما. 2238 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَال: رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى حَجَّامًا، فَأَمَرَ بِمَحَاجِمِهِ، فَكُسِرَتْ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ قَال: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الكَلْبِ، وَكَسْبِ الأَمَةِ، وَلَعَنَ الوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَلَعَنَ المُصَوِّرَ". [انظر: 2086 - مسلم: 1567 - فتح 4/ 426] (اشترى حجامًا) زاد في نسخة: "فأمر بمحاجمه". (فكسرت فسألته عن ذلك) أي: عن سبب كسرها. (عن ثمن الدم) أي: عن أجرة

الحجامة. (وكسب الأمة) أي: إذا كان من وجه محرم، كالزنا لا الخياطة ونحوها. (ولعن الواشمة) هي من الوشم: وهو أن يغرز الجلد بإبرة، ثم يحشى بكحل، أو نيل. (ولعن المصور) أي: للحيوان، ومرَّ شرح الحديث في باب: موكل الربا (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2086) كتاب: البيوع، باب: موكل الربا.

35 - كتاب السلم

35 - كتاب السَّلَم

1 - باب السلم في كيل معلوم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 35 - كِتَابُ السَّلَمِ 1 - بَابُ السَّلَمِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ (كتاب السَّلم) في نسخة: تأخير البسملة عن هذا، وفي أخرى: إسقاط هذا، أو تأخير البسملة عن قوله: (باب: السلم). (في كيل معلوم) أي: جوازه بكيل معلوم فيما يكال، ويقاس به الوزن فيما يوزن، مع أنه يأتي، والعدُّ فيما يعد، والذرع فيما يذرع. (والسلم) عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلًا بمجلس العقد، وله شروط مذكورة في كتب الفقه (¬1)، وسُمي سلمًا؛ لتسليم رأس المال في المجلس، وسلفًا أيضًا لتقديم رأس المال. 2239 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ فِي الثَّمَرِ العَامَ وَالعَامَيْنِ، أَوْ قَال: ¬

_ (¬1) وشرط له مع شروط البيع أمور أحدها: حلول رأس مال، ثانيها: تسليمه بالمجلس قبل التفرق، وثالثها: بيان كل التسليم للمسلم فيه، ورابعها: قدرة على تسليم للمسلم فيه عند وجوبه، وخامسها: علم بقدر له كيلًا فيما يكال أو نحوه، وسادسها: معرفة أوصاف للمسلم فيه، وسابعها: ذكرها في العقد بلغة يعرفانها أي: يعرفها العاقدان. انظر: "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 1/ 188.

2 - باب السلم في وزن معلوم

عَامَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً، شَكَّ إِسْمَاعِيلُ، فَقَال: "مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ"، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، بِهَذَا: "فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ". [2240، 2241، 2253 - مسلم، 1604 - فتح، 4/ 428] (ابن أَبي نجيح) هو عبد الله بن يسار. (عن أبي المنهال) هو عبد الرحمن بن مطعم. (يسلفون) بضم الياء وسكون السين من أسلف، وفتح السين من سلَّف بتشديد اللام، وهو أنسب بقوله بعد: (من سلف). (في الثمر) بالمثلثة وفتح الميم، وفي نسخةٍ: بالمثناة وسكون الميم، وكلاهما صحيح. (العام والعامين) بالنصب على الظرفية. (فقال) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (من سلَّف) بتشديد اللام. (فليسلف في كيل معلوم) ظاهره: أن التمر مع أنه مكيل، يجوز السلم فيه بالوزن، وهو كذلك كعكسه، والواو بمعنى: أو؛ إذ لو بقيت على ظاهرها، لزم أن يجمع في الشيء الواحد بين السلم فيه كيلًا ووزنًا وهو ممتنع؛ لما فيه من غرة الوجود. (محمد) هو ابن سلام. (بهذا) أي: بالحديث المذكور. 2 - بَابُ السَّلَمِ فِي وَزْنٍ مَعْلُومٍ (باب: السلَّم في وزن معلوم) أي: جوازه بوزن معلوم فيما يوزن. 2240 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاثَ، فَقَال: "مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. [انظر، 2239 - مسلم: 1604 - فتح: 4/ 429]

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَقَال: "فَليُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ". (صدقة) أي: ابن الفضل المروزي. (ابن عيينة) هو سفيان. (بالثمر) أي: فيه. (إلى أجل معلوم) ليس ذكر الأجل لاشتراطه في صحة السلم، بل معناه: إن كان أجل، فليكن معلومًا. (علي) أي: ابن عبد الله بن يسار. 2241 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: "فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ". [انظر: 2239 - مسلم: 1604 - فتح: 4/ 429] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (سفيان) أي: ابن عينية. (عن عبد الله بن كثير) أي: ابن المطلب. 2242 - 2243 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي المُجَالِدِ، وحَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي المُجَالِدِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي المُجَالِدِ قَال: اخْتَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الهَادِ، وَأَبُو بُرْدَةَ فِي السَّلَفِ، فَبَعَثُونِي إِلَى ابْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَال: "إِنَّا كُنَّا نُسْلِفُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ فِي الحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ" وَسَأَلْتُ ابْنَ أَبْزَى، فَقَال: مِثْلَ ذَلِكَ. الحديث 2242 - [2244، 2255 - فتح: 4/ 429] الحديث 2243 - [2245، 2254 - فتح: 4/ 429] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن ابن أبي المجالد) اسمه: محمد كما يأتي في كلامه.

3 - باب السلم إلى من ليس عنده أصل

(يحيى) أي: ابن موسى السختياني. (وأبو بردة) هو عامر بن أبي موسى الأشعري. (فبعثوني) جمع الضمير باعتبار أن أقل الجمع اثنان، أو باعتبارهما ومن معهما. (إلى أبن أبي أوفى) هو عبد الله. (فسألته) أي: عن حكم السلف. 3 - بَابُ السَّلَمِ إِلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلٌ (¬1). (باب: السلم إلى مَنْ ليس عنده أصلٌ) أي: شيء من جنس ما أسلم فيه، وقيل: أي: أصل ما أسلم فيه، فأصل الحب: الزرع، وأصل الثمر: الشجر، وهو موافق لكلام ابن أبي أبزى الآتي في المتن. 2244 - 2245 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي المُجَالِدِ، قَال: بَعَثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالا: سَلْهُ، هَلْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْلِفُونَ فِي الحِنْطَةِ؟ قَال: عَبْدُ اللَّهِ "كُنَّا نُسْلِفُ نَبِيطَ أَهْلِ الشَّأْمِ فِي الحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالزَّيْتِ، فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ"، قُلْتُ: إِلَى مَنْ كَانَ أَصْلُهُ عِنْدَهُ؟ قَال: مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ بَعَثَانِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى فَسَأَلْتُهُ، فَقَال: "كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 64: وجه مطابقة حديث ابن عباس لترجمة الباب: أن السلم في ثمرة النخل المعين لا يجوز لأنه بيع التمر قبل صلاحه فبطل، فحينئذ لم يبق لذكر وجود النخل الذي في ملك المسلم إليه فائدة؛ فتعين جواز السلم إلى من ليس عنده نخل؛ ولولا ذلك لم يكن للسلم فائدة لأنه على هذا التقدير لا يصح إلى من عنده نخل؛ لما ذكرناه ولا إلى من ليس عنده أصل ليفسد باب السلم في التمر مطلقًا.

يُسْلِفُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَلَمْ نَسْأَلْهُمْ: أَلَهُمْ حَرْثٌ أَمْ لَا؟ [انظر: 2242, 2243 - فتح: 4/ 430] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ، بِهَذَا، وَقَال: فَنُسْلِفُهُمْ فِي الحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، وَقَال: "وَالزَّيْتِ"، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، وَقَال: "فِي الحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ". (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (الشيباني) هو أبو إسحاق سليمان. (سلْةُ) بسين مهملة مفتوحة، فلام ساكنة. (نبيط أهل الشام) بفتح النون، أي: أهل الزراعة، وقيل: قوم ينزلون البطائح وسموا به؛ لاهتدائهم إلى استخراج المياه من الينابيع ونحوها، وقيل: نصارى الشام الذين عمروها. (قلت) أي: قال ابن أبي المجالد: قلت لابن أبي أوفى (ألهم حرث) أي: زرع. (إسحاق) أي: ابن [مرة بن عبد الله] (¬1) شاهين الواسطي. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. 2246 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، قَال: سَمِعْتُ أَبَا البَخْتَرِيِّ الطَّائِيَّ، قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُوكَلَ مِنْهُ، وَحَتَّى يُوزَنَ" فَقَال الرَّجُلُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يُوزَنُ؟ قَال رَجُلٌ إِلَى جَانِبِهِ: حَتَّى يُحْرَزَ، وَقَال مُعَاذٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال أَبُو البَخْتَرِيِّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [2248، 2250 - مسلم: 1537 - فتح: 4/ 431] ¬

_ (¬1) من (م).

4 - باب السلم في النخل

(عمرو) أي: ابن عبد المرادي. (أبا البختري) بموحدة مفتوحة فخاء معجمة ففوقية مفتوحة فراء فتحتية مشددة: سعيد بن فيروز. (في النخل) أي: في ثمره. (فقال الرجل) هو أبو البختري. (حتى يؤكل منه) بأن يبدو صلاحه. (وأيُّ شيء يوزن) أي: لأنه لا يمكن وزن التمر على النخل. (قال رجل إلى جانبه) أي: جانب ابن عباس. (حتى يحرز) بتقديم الراء على الزاي أي: يحفظ، وفي نسخةٍ: بتأخيرها عنها، أي: يخرص، وكل من الأكل والوزن والحفظ والخرص كناية عن بدو الصلاح، وفائدة ذلك: معرفة كمية حقوق الفقراء قبل أن يتصرف فيها المالك، وهذا الحديث ليس من هذا الباب؛ لمغايرة حقيقة البيع حقيقة السّلم، وإن اشتركا في مطلق البيع، وقد يجاب بأن بيع الثمرة بعد بدو صلاحها صحيح سواء كان أصلها لبائعها أم لا فكذا السلم، بل أولى؛ لأن متعلقه الذمة. (معاذ) أي: ابن معاذ التيمي. (عن عمرو) هو ابن مرَّة. 4 - بَابُ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ (باب: سلم في النخل) أي: في ثمره. 2247 - 2248 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَال: "نُهِيَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَعَنْ بَيْعِ الوَرِقِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ". [انظر: 1486 - فتح: 4/ 432] وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ، أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَحَتَّى يُوزَنَ". [انظر: 2246 - مسلم: 1537 - فتح: 4/ 432]

(أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عمرو) أي: ابن مرَّة. (نهى) بالبناء للمفعول. (عن بيع النخل) أي: ثمره. (حتى يصلح) أي: يبدو صلاحه. (وعن بيع الورِق) بكسر الراء، ويجوز سكونها أي: الفضة المضروبة. (دراهم) أي: بيع الورق بالورق، أو الذهب كما في الرواية الآتية. (نساء) بفتح النون والمد، أي: تأخيرًا. (بناجز) أي: حاضر. (أو يأكل) أي: صاحبه منه، (أو) للشك، أو للتنويع. (وحتى يوزن) أي: يخرص. 2249 - 2250 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَنَهَى عَنِ الوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ". وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَأْكُلَ، أَوْ يُؤْكَلَ، وَحَتَّى يُوزَنَ" قُلْتُ: وَمَا يُوزَنُ؟ قَال رَجُلٌ: عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرَزَ. [انظر: 2246 - مسلم: 1537 - فتح: 4/ 432] (غندر) هو محمد بن جعفر. (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر) في نسخة: "نهى عمر عن بيع الثمر". (عن بيع النخل) في ذكر هذا الحديث من هذا الباب ما مر في الباب قبله.

5 - باب الكفيل في السلم

5 - بَابُ الكَفِيلِ فِي السَّلَمِ (¬1). (باب: الكفيل في السَّلم) أي: بيان حكمه. 2251 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ". [انظر: 2068 - مسلم: 1603 - فتح: 4/ 433] (محمد) أي: ابن سلام. (يعلى) أي: ابن عبيد الله الكوفي. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد النخعي. (طعامًا) أي: ثلاثين صاعًا. (ورهنه درعًا له من حديد) هو موضع الترجمة بالكفيل؛ إذ المرهون متكفل بالدين من حيث أنه يباع فيه، فسمي كفيلًا مجازًا؛ أو لأنه قاس الكفيل على الرهن بجامع أن كلًّا منهما وثيقة، لكن ليس في الحديث عقد سلم، وكأنه قاسه على الشراء في الذمة. 6 - بَابُ الرَّهْنِ فِي السَّلَمِ (باب: الرهن في السلم) أي: جوازه فيه. 2252 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ، الرَّهْنَ فِي السَّلَفِ، فَقَال: حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَارْتَهَنَ مِنْهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ". [انظر: 2068 - مسلم: 1603 - فتح 4/ 433] ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 64: وجه مطابقة حديث عائشة: أنه قاس الكفيل في السلم على الرهن في البيع لما بينهما من جامع التوثقة فصحت مطابقة الترجمة.

7 - باب السلم إلى أجل معلوم

(عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عند إبراهيم) أي: النخعي. (إلى أجل معلوم) لفظ: (معلوم) ساقط من نسخة. ولا بدَّ منه، وليس في الحديث عقد سلم، وكأنه قاسه على الشراء في الذمة، كما مرَّ نظيره آنفًا. 7 - بَابُ السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَبِهِ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَالأَسْوَدُ، وَالحَسَنُ وَقَال ابْنُ عُمَرَ: "لَا بَأْسَ فِي الطَّعَامِ المَوْصُوفِ، بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، مَا لَمْ يَكُ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلاحُهُ". (باب: السلم إلى أجل [معلوم] (¬1) أي: جوازه. (ما لم يكُ) أصله: يكن فحذفت النون؛ تخفيفًا. (ذلك في زرع لم يبدُ صلاحه) لا يخفى أن السلف صحيح سواء بدا صلاح الزرع أم لم يبد، أولم يكن زرع أصلًا، ففي تقييده بما ذكر نظر. 2253 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاثَ، فَقَال: "أَسْلِفُوا فِي الثِّمَارِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ"، وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الوَلِيدِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَقَال: "فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ". [انظر 2239 - مسلم: 1604 - فتح: 4/ 434] (أبو نعيم) هو الفَضل بن دكين. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي نجيح) هو عبد الله. (عن أبي المنهال) هو عبد الرحمن. ¬

_ (¬1) من (م).

8 - باب السلم إلى أن تنتج الناقة

(وهم) أي: المدينة. (إلى أجل معلوم) أي: إن أُجِّل السلم، فليكن إلى أجل معلوم، وإلَّا فالسلم في الحال جائز بمفهوم الأولى؛ لأنه إذا جاز مع الأجل، وفيه غرر، فمع الحال السالم منه أولى، ومر شرح الحديث في باب: السَّلم في كيل معلوم (¬1). 2254، 2255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ، قَال: أَرْسَلَنِي أَبُو بُرْدَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، فَسَأَلْتُهُمَا عَنِ السَّلَفِ، فَقَالا: "كُنَّا نُصِيبُ المَغَانِمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّأْمِ، فَنُسْلِفُهُمْ فِي الحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالزَّبِيبِ، إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى" قَال: قُلْتُ أَكَانَ لَهُمْ زَرْعٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ زَرْعٌ؟ قَالا: "مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ". [2242, 2243 - فتح: 4/ 434] [(عبد الله) أي: ابن الوليد] (¬2) (سفيان) أي: ابن عيينة. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يأتينا أنباط) هو جمع نبط، أو نبيط (والزبيب) في نسخةٍ: "والزيت" بدل (والزبيب) ومرَّ شرح الحديث في باب: السلم إلى من ليس عنده أصل (¬3). 8 - بَابُ السَّلَمِ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ (باب: السَّلم) أي: النهي عنه. (إلى أن تنتج الناقة) بضم الفوقية الأولى وفتح الثانية أي: تلد. ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2239) كتاب: السلم، باب: السلم في كيل معلوم. (¬2) من (م). (¬3) سلف الحديث برقم (2244، 2245) كتاب: السلم، باب: إلى من ليس عنده أصل.

2256 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الجَزُورَ إِلَى حَبَلِ الحَبَلَةِ، فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ"، فَسَّرَهُ نَافِعٌ: أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا. [انظر 2143 - مسلم: 1514 - فتح: 4/ 435] (جويرية) أي: ابن أسماء الضبعي، ومرَّ شرح الحديث في باب: الغرر (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2143) كتاب: البيوع، باب: بيع الغرر وحبل الحبلة.

36 - كتاب الشفعة

36 - كِتَاب الشُّفْعَةِ

1 - باب: الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 36 - كِتَاب الشُّفْعَةِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [في نسخة: تأخيرها عن قوله:] (¬1) (كتاب: الشفعة) وهو ساقط من نسخة. 1 - بَابٌ: الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ (باب: الشفعة فيما لم يقسم) هي بضم [المعجمة وسكون] (¬2) الفاء، وحكي سكونها لغة: والضم من شفعت كذا بكذا، إذا ضممته إليه، وجعلته شفعًا، وشرعًا: تملك قهري يثبت على الشريك القديم على الشريك الحادث فيما ملك بعوض، والمعنى فيها: دفع ضرر مؤنة القسمة، واستحداث المرافق في الحصة الصائرة له، كمصعد ومنور وبالوعة. (فإذا وقعت الحدود فلا شفعة) أي: لأن الأرض بالقسمة صارت غير مشاعة. 2257 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ". [انظر: 2213 - مسلم: 1608 - فتح: 4/ 436] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (معمر) أي: ابن راشد. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

2 - باب عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع

(قضى رسول الله) في نسخة: "قضى النبي" ومرَّ شرح الحديث في باب: بيع الشريك من شريكه (¬1). 2 - بَابُ عَرْضِ الشُّفْعَةِ عَلَى صَاحِبِهَا قَبْلَ البَيْعِ وَقَال الحَكَمُ: "إِذَا أَذِنَ لَهُ قَبْلَ البَيْعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ" وَقَال الشَّعْبِيُّ: "مَنْ بِيعَتْ شُفْعَتُهُ وَهْوَ شَاهِدٌ لَا يُغَيِّرُهَا، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ". (باب: عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع) أي: ندب عرض الشريك لها على من ذكر. (الحكم) أي: ابن عيينة. (الشعبي) هو عامر بن شراحبيل. (من بيعت شفعته) أي: العقار الذي فيه شفعة. (وهو شاهد) أي: حاضر. (لا يغيرها) أي: بأن يسكت عن أخذها وعدمه. (فلا شفعة له) [قضية الأثرين أنه إذا أُذن في البيع لا شفعة له] (¬2) وأنه يجب إعلامه قبل البيع، ومذهب الشافعي وأكثر بقية الأئمة أن له الشفعة، وأنه لا يجب إعلامه، وأما خبر مسلم: "لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه" (¬3) فحملوه على الندب، وكراهة بيع قبل إعلامه كراهة تنزيه، ويصدق على المكروه أنه ليس بحلال، بمعنى المباح، وهو مستوي الطرفين، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح البهجة" وغيره (¬4). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2213) كتاب: البيوع، باب: بيع الشريك من شريكه. (¬2) من (م). (¬3) "صحيح مسلم" (1608) كتاب: المساقاة، باب: الشفعة. (¬4) انظر: "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 1/ 237 - 238. و"أسنى المطالب شرح روض الطالب" 2/ 363.

2258 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، قَال: وَقَفْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَجَاءَ المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى إِحْدَى مَنْكِبَيَّ، إِذْ جَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا سَعْدُ ابْتَعْ مِنِّي بَيْتَيَّ فِي دَارِكَ؟ فَقَال سَعْدٌ: وَاللَّهِ مَا أَبْتَاعُهُمَا، فَقَال المِسْوَرُ: وَاللَّهِ لَتَبْتَاعَنَّهُمَا، فَقَال سَعْدٌ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُكَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلافٍ مُنَجَّمَةً، أَوْ مُقَطَّعَةً، قَال أَبُو رَافِعٍ: لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَ مِائَةِ دِينَارٍ، وَلَوْلا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ"، مَا أَعْطَيْتُكَهَا بِأَرْبَعَةِ آلافٍ، وَأَنَا أُعْطَى بِهَا خَمْسَ مِائَةِ دِينَارٍ، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ. [6977, 6978, 6980, 6981 - فتح: 4/ 437] (إحدى منكبي) في نسخة: "أحد منكبي" وهو الأولى؛ لأنَّ المنكب مذكر. (أبو رافع) هو أسلم القبطي. (مُنجَّمةً أو مقطَّعةً) معناهما واحد أي: مؤجلة، والشك من الراوي. (سمعت النبي) في نسخة: "سمعت رسول الله". (بسقبه) بالسين والصاد وبقاف ساكنة أو مفتوحة أي: قربه، أي: بسبب. (وأنا) في نسخة: "أعطى" بالبناء للمفعول. واحتج بالحديث من يرى الشفعة بالجوار، وأوله الجمهور بحمل الجار عى الشريك، أو بأنه أحق بالبر والمعونة فالخبر متروك الظاهر؛ لاستلزامه تقديم الشريك، وهو خلاف مذهب القائل بأن للجار الشفعة، وأما خبر أبي داود وغيره: "الجار أحق بشفعته" (¬1) فاستغربه الترمذي بعد تحسينه له، وأنكره غيره، كالإمام ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (3518) كتاب: البيوع: باب: في الشفعة. وراه الترمذي (1369) كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في الشفعة للغائب، وقال: هذا حديث حسن غريب. وعبد الرزاق 8/ 81 (14396) كتاب: البيوع، باب: الشفعة للغائب. وابن أبي شيبة 4/ 518 كتاب: البيوع، من كان يقضي بالشفعة للجار. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح.

3 - باب: أي الجوار أقرب؟

أحمد وابن معين وغيرهما (¬1)، كما نقله السبكي. 3 - بَابٌ: أَيُّ الجِوَارِ أَقْرَبُ؟ (باب: أي الجوار أقرب؟) بكسر الجيم وضمها، وفيه: مع ما مرَّ في الباب السابق: إشعار بأن البخاري يختار أستحقاق الشفعة بالجوار، ومرَّ الكلام فيه. 2259 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ، قَال: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَال: "إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا". [2595، 6020 - فتح: 4/ 438] (الحجاج) أي: ابن المنهال. (علي) أي: ابن عبد الله المديني، وقيل: ابن سلمة اللبقي، بفتح اللام والموحدة وبقاف. (شبابة) هو ابن سوار المدايني. (أبو عمران) هو عبد الملك بن حبيب الجوني. (أهدى) بضم الهمزة. (قال) زاد في نسخة: "لي". (أقربهما منك بابًا) من متعلقة بالقرب في (أقرب) لا صلة التفضيل، لأنَّ أفعل التفضيل قد أضيف، فلا يجمع بين الإضافة و (من) المتعلقة بأفعل التفضيل. وفي الحديث: أن الاعتبار في الجوار بقرب الباب، لا قرب الجدار، وحكمته: أنه ينظر إلى ما يدخل داره، وأنه أسرع إجابة له عند ما ينوبه من النوائب في أوقات الغفلات، ولا دلالة له فيه على أن الشفعة للجار، وإنَّما يدل على أنه أحق بالإهداء. ¬

_ (¬1) انظر: "تهذيب التهذيب" 2/ 613. ترجمة: عبد الملك بن أبي سليمان.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «لَا يشْكر الله مَنْ لَا يشْكر النَّاسَ» الحمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِه تتمُ الصالحاتُ فإنَّ إِخْرَاج هَذَا الْكتاب بِهَذِهِ الصُّورَة فِي فَتْرَة وجيزة كَانَ ثمرةَ تعاونٍ مَعَ: "مَرْكَز الْفَلاح للبحوث العلمية" لصَاحبه الشَّيْخ خَالِد الرِّبَاط وَالَّذِي عاون فِي الإشراف على هَذَا الْكتاب، بمشاركة الْأُخوة: خَالِد بُكير، وعصام حمدي (فِي الْمُقَابلَة وَالتَّعْلِيق والمراجعات) نَادِي فكري، وَمُحَمّد رَمَضَان (فِي التَّخْرِيج وَالتَّعْلِيق) كَمَا قَامَ بمراجعة متن البُخَارِيّ وَضَبطه: الدكتور جُمُعَة فتحي، وَالْأَخ أَحْمد روبي فجزاهم الله خيرًا وكل من شَارك مَعَهم على مَا بذلوه من جهد وَعون، أسأَل الله أَن يَجْعله فِي ميزَان حسناتهم، إنَّهُ سميع مُجيب. سُلَيْمَان بن دريع العازمي الكويت هَاتِف: 009659532016

منْحَةُ البَارِي بِشَرْح صَحِيح البُخَارِي [5]

جَمِيع الحقُوق مَحفُوظَة الطَّبعَة الأولى 1426 - هـ - 2005 م مكتبة الرشد ناشرون المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض - شَارِع الْأَمِير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن (طَرِيق الْحجاز) ص. ب: 17522 - الرياض: 11494 - هَاتِف: 4593451 - فاكس: 4573381 Email : [email protected] Website : www.rushd.com * فرع طَرِيق الْملك فَهد: الرياض - هَاتِف: 2051500 - فاكس: 2052301 * فرع مَكَّة المكرمة: هَاتِف: 5585401 - فاكس: 5583506 * فرع الْمَدِينَة المنورة: شَارِع أبي ذَر الْغِفَارِيّ - هَاتِف: 8340600 - فاكس: 8383427 * فرع جدة: ميدان الطائرة - هَاتِف: 6776331 - فاكس: 6776354 * فرع القصيم: بُرَيْدَة - طَرِيق الْمَدِينَة - هَاتِف: 3242214 - فاكس: 3241358 * فرع أَبِهَا: شَارِع الْملك فيصل - تلفاكس: 2317307 * فرع الدمام: شَارِع الْخزَّان - هَاتِف: 8150566 - فاكس: 8418473 وكلاؤنا فِي الْخَارِج * الْقَاهِرَة: مكتبة الرشد - هَاتِف: 2744605 * بيروت: دَار ابْن حزم هَاتِف: 701974 * الْمغرب: الدَّار الْبَيْضَاء - وراقة التَّوْفِيق - هَاتِف: 303162 - فاكس: 303167 * الْيمن: صنعاء - دَار الْآثَار - هَاتِف: 603756 * الْأُرْدُن: عمان - الدَّار الأثرية: 6584092 - جوال: 796841221 * الْبَحْرين: مكتبة الغرباء - هَاتِف: 957833 - 945733 * الإمارات: مكتبة دبي للتوزيع - هَاتِف: 43339998 - فاكس: 43337800 * سوريا: دَار البشائر: 231668 * قطر: مكتبة ابْن الْقيم - هَاتِف: 4863533

37 - كتاب الإجارة

37 - كتاب الإجَارَةِ

1 - باب استئجار الرجل الصالح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 37 - كِتَابُ الإِجَارَةِ 1 - بَابُ اسْتِئْجَارُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَويُّ الأَمِينُ} [القصص: 26]، "وَالخَازِنُ الأَمِينُ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ مَنْ أَرَادَهُ". (كتاب: الإجارة) ساقط من نسخة، والإجارة: بكسر الهمزة، وحكي ضمها وفتحها، لغة: اسم للإجرة، وشرعًا: عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم، وقد أوضحت ذلك في "شرح الروض" وغيره (¬1). (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (في الإجارات) ما حعد البسملة ساقط من نسخ. (باب: في الإجارة استئجار الرجل الصالح) بجر استئجار بدل من الإجارة، وفي نسخة: "باب: استئجار الرجل الصالح" وفي أخرى: "كتاب: الإجارة في الإجارة استئجار الرجل الصالح". (وقول الله تعالى) بالجر عطف على (الإجارة) وفي نسخة: "وقال الله". (والخازن الأمين ومن لم يستعمل من أراده) أي: ومن لم يستعمل من الأئمة من أراد العمل [أي:] (¬2) لا يفوَّض الأمر إلى الحريص عليه؛ لأنه بحرصه ¬

_ (¬1) "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 2/ 403. و"وفتح الوهاب" 1/ 246. (¬2) من (م).

عليه متهم، ولأن من يسأل الولاية بلا مقتد، لا يعان عليها، والجزءان من جملة الترجمة، وقد ذكر بعد لكلٍّ حديثًا. 2260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي جَدِّي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخَازِنُ الأَمِينُ، الَّذِي يُؤَدِّي مَا أُمِرَ بِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ، أَحَدُ المُتَصَدِّقِينَ". [انظر: 1438 - مسلم: 1023 - فتح: 4/ 439] (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي بردة) هو بريد بن عبد الله. (الخازن) مبتدأ. (طيبة نفسه) بنصب (طيبة) حال، ورفع (نفسه) فاعله، وفي نسخةٍ: برفعهما على أن نفسه مبتدأ، وطيبة خبره، والجملة حال حذف منها واو الحال، والتقدير: الذي يؤدي ما أمر به ونفسه [طيبه، وقيل:] (¬1) طيبة خبر مبتدإٍ محذوف، ونفسه فاعله، أو تأكيد، وفي أخرى: "طيب نفسه" بالإضافة، وهي إضافة لفظية لا تفيد التعريف، فلا يمنع النصب على الحال. (أحد المتصدقين) بالتثنية والجمع، وهو خبر المبتدإ. ووجه تعلق ذلك بالترجمة بالخازن ظاهر، وبالترجمة بالإجارة: أن خازن مال الغير كالأجير. 2261 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، قَال: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي رَجُلانِ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَقُلْتُ: مَا عَمِلْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ العَمَلَ، فَقَال: "لَنْ - أَوْ لَا - نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ". [3038, 4341, 4343, 4344, 4345, 6124, 7149, 7156, 7157, 7172 - مسلم: 1733 - فتح: 4/ 439] ¬

_ (¬1) من (م).

2 - باب رعي الغنم على قراريط

(يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (ومعي رجلان) أي: يسألان العمل. (أو لا) شك من الراوي، ووجه تعلقه بالترجمة بمن لم يستعمل من أراد العمل ظاهر، وبالترجمة بالإجارة، أنَّ: طالب العمل إنما يطلبه لأجرة غالبًا. 2 - بَابُ رَعْيِ الغَنَمِ عَلَى قَرَارِيطَ (باب: رعي الغنم على قرَاريط) جمع قيراط، وهو نصف دانق، وقيل: نصف عشر دينار، وقيل: جزء من أربعة وعشرين جزءًا. 2262 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلا رَعَى الغَنَمَ"، فَقَال أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَال: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ". [فتح: 4/ 441] (عن جده) هو سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص. (إلا رعى الغنم) في نسخة: "إلا راعي الغنم" بزيادة ألف وكسر العين. (وأنت) بحذف همزة الاستفهام أي: وأنت أيضًا رعيت الغنم؟ (فقال: نعم كنت أرعاها على قراريط) القيراط هنا جزء من الدينار، أو الدرهم، وقيل: اسم موضع بمكة، والحكمة في رعيهم الغنم قبل النبوة: التمرن برعيها المستلزم لمشقة القيام بها على ما يكلفونه من القيام بأمر أممهم، وخص الغنم بالذكر؛ لأنها أضعف من غيرها، وفيما ذكره - صلى الله عليه وسلم - مع علمه بأنه أشرف خلق الله تواضع وتصريح بمنة الله عليه.

3 - باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو: إذا لم يوجد أهل الإسلام

3 - بَابُ اسْتِئْجَارِ المُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، أَوْ: إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الإِسْلامِ وَعَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ خَيْبَرَ. (باب: استئجار المشركين عند الضرورة) بأن لم يوجد مسلم يحسن العمل. (أو إذا لم يوجد أهل الإسلام) في نسخة: "وإذا" بالواو بدل (أو) وفي أخرى: حذف (أو) والواو، وفي أخرى: "تجد" بدل "يوجد". (وعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - يهود خيبر) أي: على العمل في أرضها، وهو مقيد بالضرورة السابقة؛ ليطابق الترجمة، لكن الجمهور على جواز استئجار المشرك، وإن لم تكن ضرورة. 2263 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - الخِرِّيتُ: المَاهِرُ بِالهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلاثٍ، فَارْتَحَلا وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ، فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ". [انظر: 476 - فتح: 4/ 242] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (هشام) هو ابن يوسف الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد. (واستأجر) بواو العطف على قصة في هذا الحديث ذكرها آنفًا في باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. (النبي) في نسخة: "رسول الله". (رجلًا) أي: مشركًا، واسمه: عبد الله بن أريقط. (من بني الديل) بكسر الدال وسكون التحتية. (هاديًا) أي: للطريق (خريتًا) بكسر المعجمة

4 - باب إذا استأجر أجيرا ليعمل له بعد ثلاثة أيام، أو بعد شهر، أو بعد سنة جاز، وهما على شرطهما الذي اشترطاه إذا جاء الأجل

وتشديد الراء وسكون التحتية وبعدها فوقية. (قد غمس) أي: الرجل، أي: أدخل يده. (يمين حلف) بكسر المهملة وسكون اللام، أي: عهد، وإنما قال: (غمس)؛ لأن عادتهم أنهم كانوا يغمسون أيديهم في الماء ونحوه عند التحالف، أو لأنه أراد بالغمس: الشدة. (العاصي) بياء وبدونها. (وائل) بالهمز. (فأمناه) بهمزة مقصورة وضمير المثنى للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر. (وَوَعَدَاه) في نسخة: "وواعداه غار ثور" والغار: نقب، والثور: جبل أسفل مكة (¬1)، والمراد: غار في هذا الجبل. (والدليل) أي: المفهوم من (هاديًا). (الديلي) هو عبد الله بن أريقط، كما مر. (فأخذهم) زاد في نسخة: "أسفل مكة". 4 - بَابُ إِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَعْمَلَ لَهُ بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ، أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ جَازَ، وَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا الَّذِي اشْتَرَطَاهُ إِذَا جَاءَ الأَجَلُ (باب: إذا استأجر أجيرًا ليعمل له بعد ثلاثة أيام، أو بعد شهر، أو بعد سنة جاز) أي: التآجر. (وهما) أي: المؤجر والمستأجر. (على شرطهما الذي اشترطاه إذا جاء الأجل) ما ذكره من جواز ذلك هو مذهب بعض الأئمة، ومذهب الشافعي: بطلانه في إجارة العين دون إجارة الذمة؛ لأن المنفعة حينئذٍ غير مقدروة للتسليم حالًا، فأشبه بيع العين على أن يسلمها غدًا، نعم لو أجر السنة الثانية لمستأجر الأولى قبل انقضائها جاز؛ لاتصال المدتين مع اتحاد المستأجر، فهو كما لو أجرهما دفعة واحدة. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 86.

5 - باب الأجير في الغزو

2264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: "وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاثٍ". [انظر: 476 - فتح: 4/ 443] (واستأجر) بواو العطف على قصة كما مرَّ نظيره في الباب السابق. (بعد ثلاث ليالٍ) زاد في نسخة: "فأتاهما براحلتيهما" أي: بإحضارهما، فهو على النسخة الأولى: متعلق بـ (واعداه) وعلى الثانية: بأتاهما وعليها لا حاجة إلى إضمار إحضار. (صبح ثلاث) ظرف على الأولى: و (واعداه) كغار ثور وما بعده، وعلى الثانية: لـ (أتاهما) ومرَّ شرح الحديث آنفًا. ووجه مطابقته للترجمة: من حيث أن خدمة الرجل لمستأجريه المقصودة بالاستئجار، وهي الهداية إلى الطريق كانت متأخرة عن الاستئجار بالمدة المذكورة، وهي الثلاثة الأيام وقاس عليها البخاري الشهر والسنة. 5 - بَابُ الأَجِيرِ فِي الغَزْو (باب: الأجير في الغزو) أي: بيان حكم استئجاره في حال الغزو. 2265 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَ العُسْرَةِ، فَكَانَ مِنْ أَوْثَقِ أَعْمَالِي فِي نَفْسِي، فَكَانَ لِي أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا إِصْبَعَ صَاحِبِهِ، فَانْتَزَعَ إِصْبَعَهُ، فَأَنْدَرَ ثَنِيَّتَهُ، فَسَقَطَتْ، فَانْطَلَقَ

6 - باب من استأجر أجيرا فبين له الأجل ولم يبين العمل

إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ، وَقَال: "أَفَيَدَعُ إِصْبَعَهُ فِي فِيكَ تَقْضَمُهَا - قَال: أَحْسِبُهُ قَال - كَمَا يَقْضَمُ الفَحْلُ؟ ". [انظر: 1848 - مسلم: 1674 - فتح: 4/ 443] (حدثنا يعقوب) في نسخة: "حدثني يعقوب". (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (العسرة) هي: عزوة تبوك، سميت به؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ندب الناس إلى الغزو في شدة القيظ، وكان وقت طيب الثمرة، فعسر ذلك عليهم. (فكان) أي: الغزو. (فكان لي أجير) أي: للخدمة. (فأندر) بدال مهملة، أي: أسقط. (ثنيته) أي: فلم يوجب له دية ولا قودًا. (تقضمها) بفتح الضاد أفصح من كسرها، أي: تأكلها بأطراف أسنانك. (الفحل) أي: الذكر من الإبل ونحوها. 2266 - قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ جَدِّهِ، بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ: أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَأَنْدَرَ ثَنِيَّتَهُ، "فَأَهْدَرَهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ". [فتح: 4/ 443] (عبد الله ابن أبي مليكة) نسبة إلى جده؛ وإلا فهو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهير، أو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بن عبد الله بن زهير، فاسم أبي مليكة على الأول: زهير، وعلى الثاني: عبد الله بن زهير. (بمثل هذه الصفة) في نسخة: "بمثل هذه القصة". 6 - بَابُ مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَبَيَّنَ لَهُ الأَجَلَ وَلَمْ يُبَيِّنِ العَمَلَ (¬1) لِقَوْلِهِ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27] إِلَى قَوْلِهِ: ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 64 - 65: أخذ البخاري جواز ذلك من الآية: إما من قوله: {ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ =

7 - باب إذا استأجر أجيرا، على أن يقيم حائطا، يريد أن ينقض جاز

{عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: 28] " يَأْجُرُ فُلانًا: يُعْطِيهِ أَجْرًا، وَمِنْهُ فِي التَّعْزِيَةِ: أَجَرَكَ اللَّهُ". [فتح: 4/ 444] (باب: من استأجر) في نسخة: "إذا استأجر". (أجيرًا فبين له الأجل، ولم يبين) له (العمل) أي: المستأجر عليه هل يصح أم لا؟ وميل البخاري إلى الصحة بقرينة قوله (لقوله: {أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ}) ... إلى آخره [القصص: 27]. والجمهور على عدم الصحة؛ للجهل بالعمل، وفسر قوله في الآية {تَأْجُرَنِي} بما ذكره في قوله: (يأجر فلانًا: يعطيه أجرًا) وقيل: تستأجره. (ومنه) أي: من هذا المعنى قولهم. (في التعزية: آجرك الله) بالمد، وحكي القصر، أي: يعطيك أجرك. 7 - بَابُ إِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا، عَلَى أَنْ يُقِيمَ حَائِطًا، يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ جَازَ (باب: إذا استأجر (¬1) على أن يقيم حائطًا يريد أن ينقض) أي: يسقط. (جاز) أي: الاستئجار. ¬

_ = عِنْدِكَ}. وجعل الكل شيئًا واحدًا فإن كانت الإجارة موجودة بين الثمان والعشر من المستأجر ومن الآخر قوله: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ}. صار العمل غير مبين مقداره وإما يريد أن الراعي مجهول المقدار بالنسبة إلى المواشي، فمراد البخاري - والله أعلم - جهالة المقدار ولا جهالة جنس العمل فإن أحدًا لم يصحح ذلك. وأما جهالة جنس العمل، فإن إرادة البخاري فقد يستدل عليه بقوله: {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} فإن دينهم كان أن يستخدم المسروق منه السارق سنة والخدمة مجهولة بالنسبة إلى السارق. (¬1) كذا في (أ)، (م) وفي متن البخاري [استأجر أجيرًا].

2267 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَغَيْرُهُمَا قَال: قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدٍ - قَال: قَال لِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَانْطَلَقَا، فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ - قَال سَعِيدٌ: بِيَدِهِ هَكَذَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ -، فَاسْتَقَامَ"، قَال يَعْلَى: حَسِبْتُ أَنْ سَعِيدًا، قَال: "فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ، فَاسْتَقَامَ، {لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77] " قَال سَعِيدٌ: "أَجْرًا نَأْكُلُهُ". [انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح: 4/ 445] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (يزيد أحدهما على صاحبه) استشكل بأنه يلزم منه أن يكون الشيء مزيدًا، أو مزيدًا عليه، وهو محال. وأجيب: بأنه إن أراد بأحدهما واحدًا منهما معينًا، فلا إشكال، أو أراد كلًّا منهما بمعنى أنه يزيد شيئًا غير ما زاده الآخر، فهو مزيد باعتبار شيء، ومزيد عليه باعتبار شيء آخر. {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77] أي: يقرب أن يسقط لميلانه. (قال سعيد) أي: ابن جبير. (أشار الخضر بيده) أي: إلى الجدار. (ورفع) أي: الخضر. (يديه) في نسخة: "يده" ({أَجْرًا}) في نسخة: " {أَجْرٌ} " خبر مبتدأ محذوف، ومر الحديث في كتاب: العلم، في باب: ذهاب موسى في البحر إلى الخضر (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (74) كتاب: العلم، باب: ما ذكر في ذهاب موسى لله في البحر إلى الخضر.

8 - باب الإجارة إلى نصف النهار

8 - بَابُ الإِجَارَةِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ (باب: الإجارة إلى نصف النهار) أي: بيان حكمها. 2268 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الكِتَابَيْنِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ، فَقَال: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ اليَهُودُ، ثُمَّ قَال: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاةِ العَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ النَّصَارَى، ثُمَّ قَال: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنَ العَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ"، فَغَضِبَتِ اليَهُودُ، وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا: مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا، وَأَقَلَّ عَطَاءً؟ قَال: "هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ " قَالُوا: لَا، قَال: "فَذَلِكَ، فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ". [انظر: 557 - فتح: 4/ 445] (حماد) أي: ابن زيد بن درهم. (عن أيوب) أي: السختياني. (مثلكم) أي: مع نبيكم. (ومثل أهل الكتابين) أي: مع نبيهم. (كمثل رجل .. إلى آخره) فالمثل مضروب للأمة مع نبيهم، والممثل به: الأجراء مع من استأجرهم، والمراد بالكتابين: التوارة والإنجيل، وبأهلهما: اليهود والنصاري. (من غدوة) بضم المعجمة. (ما لنا أكثر عملًا وأقل عطاءً؟) بنصب (أكثر) و (أقل) على الحال، نحو {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49)} [المدثر: 49]. وبرفعها بتقدير: ونحن أكثر، وهم أقل، وبنصب (عطاءً) و (عملًا) على التمييز، ومرَّ الحديث في كتاب: الصلاة، في باب: من أدرك ركعة من العصر (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (557) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من أدرك ركعة من العصر.

9 - باب الإجارة إلى صلاة العصر

9 - بَابُ الإِجَارَةِ إِلَى صَلاةِ العَصْرِ (باب: الإجارة إلى صلاة العصر) أي: بيان حكمها. 2269 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَاليَهُودُ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا، فَقَال: مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ اليَهُودُ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ عَمِلَتِ النَّصَارَى عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَعْمَلُونَ مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى مَغَارِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ"، فَغَضِبَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَال: "هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ " قَالُوا: لَا، فَقَال: "فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ". [انظر: 557 - فتح: 4/ 446] (إنما مثلكم واليهود والنصارى) بجر المعطوف؛ عطفًا على الضمير المجرور في (مثلكم) من غير إعادة الجار على مذهب الكوفيين، وبرفعه على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، وبنصبه على إرادة المعية. (قيراط قيراط) كرره؛ ليدل على تقسيم القراريط على جميعهم، (على قيراطين قيراطين)، إنما كان للمؤمنين قيراطا؛ لإيمانهم بموسى وعيسى، مع إيمانهم بنبيهم، لأن التصديق أيضًا عمل. (قال: هل ظلمتكم ... إلى آخره) قال الطيبي: ما ذكر من المقاولة، لعله تخييل وتصوير لا حقيقة، إذ لم يكن شيء منها ثَمَّ، اللهم إلا أن يحمل ذلك على حصوله عند إخراج الذر فيكون حقيقةً. 10 - بَابُ إِثْمِ مَنْ مَنَعَ أَجْرَ الأَجِيرِ (باب: إثم من منع أجر الأجير) أي: بيان إثمه. 2270 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ

11 - باب الإجارة من العصر إلى الليل

بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال اللَّهُ تَعَالى: ثَلاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ". [انظر: 2227 - فتح: 4/ 447] (ثلاثة أنا خصمهم .. إلى آخره) مر شرحه في باب: إثم من باع حرًّا (¬1). 11 - بَابُ الإِجَارَةِ مِنَ العَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ (باب: الإجارة) أي: بيان حكم الإجارة. (من العصر إلى الليل) أي: إلى دخوله. 2271 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَثَلُ المُسْلِمِينَ، وَاليَهُودِ، وَالنَّصَارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ، عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ، فَعَمِلُوا لَهُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ الَّذِي شَرَطْتَ لَنَا وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، فَقَال لَهُمْ: لَا تَفْعَلُوا، أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلًا، فَأَبَوْا، وَتَرَكُوا، وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرَيْنِ بَعْدَهُمْ، فَقَال لَهُمَا: أَكْمِلا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمَا هَذَا وَلَكُمَا الَّذِي شَرَطْتُ لَهُمْ مِنَ الأَجْرِ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينُ صَلاةِ العَصْرِ، قَالا: لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، وَلَكَ الأَجْرُ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ، فَقَال لَهُمَا: أَكْمِلا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمَا مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ، فَأَبَيَا، وَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ، وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا مِنْ هَذَا النُّورِ". [انظر: 588 - فتح: 4/ 447] ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2227) كتاب: البيوع، باب: إثم من باع حرًّا.

(أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن أبي بردة) اسمه: عامر كما مرَّ. (إلى الليل) لا ينافي ما مرَّ من قوله: (إلى نصف النهار) لأن ذاك محمولٌ على من عجز عن الإيمان بالموتِ قبلَ ظهورِ دينٍ آخر، وهذا على من أدرك دينَ الإسلام ولم يؤمن به، وهما قضيتان. (حتى إذا كان حين صلاة العصر) برفع (حين) بـ (كان) على أنها تامة، وبنصبه؛ خبرًا لها على أنها ناقصة، واسمها ضمير يرجع إلى انتهاء عملهم المفهوم من السياق. (فأبوا) أن يعملوا. (وتركوا) أجرهم (واستأجر آخرين .. إلى آخره) نسخ البخاري مختلفة فيه لفظًا متحدة معنى، وقوله: (قالوا لك ما عملنا) أي: ما عملناه تركناه لك، وقوله: (باطل) خبر مبتدأ محذوف، أي: فهو باطل لا نطلب له بدلًا وهو متضمن لتعليل ما قبله، وقوله: (فإن ما بقي من النهار شيء يسير) أي: بالنسبة لما مضى منه، والمراد: ما بقي من الدنيا (واستأجر قومًا) في نسخة: "فاستأجر قومًا". (فذلك مثلهم) أي: مثل المسلمين. (ومَثَلُ ما قبلوا من هذا النور) أي: ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - واستشكل الحديث بأن المفهوم منه: أن أهل الكتابين لم يأخذوا شيئًا، ومما مرَّ أنه أخذوا قيراطًا قيراطًا، وأجيب بأن الآخذين هم الذين ماتوا قبل النسخ، والتاركين للأخذ هم الذين كفروا بالنبي الذي بعد نبيهم، ومرَّ شرح الحديث في باب: من أدرك ركعة من العصر (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (558) كتاب: الصلاة، باب: من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب.

12 - باب من استأجر أجيرا فترك الأجير أجره، فعمل فيه المستأجر فزاد، أو من عمل في مال غيره، فاستفضل

12 - بَابُ مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَتَرَكَ الأَجِيرُ أَجْرَهُ، فَعَمِلَ فِيهِ المُسْتَأْجِرُ فَزَادَ، أَوْ مَنْ عَمِلَ فِي مَالِ غَيْرِهِ، فَاسْتَفْضَلَ (باب: من استأجر أجيرًا فترك) أي: "الأجير" كما في نسخة. (أجره فعمل فيه المستأجر فزاد) فيه. (أو من) عطفٌ على (من استأجر) وفي نسخةٍ. "ومن". (عمل في مال غيره فاستفضل) أي: أفضل من مال غيره شيئًا. 2272 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "انْطَلَقَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا المَبِيتَ إِلَى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إلا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَال رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا، وَلَا مَالًا فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ، أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا، فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ"، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَقَال الآخَرُ: اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ، كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي، فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا، قَالتْ: لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الخَاتَمَ إلا بِحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا"، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَقَال الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَال: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالغَنَمِ وَالرَّقِيقِ، فَقَال: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْتَهْزِئُ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ،

فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا"، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَقَال الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَال: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالغَنَمِ وَالرَّقِيقِ، فَقَال: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْتَهْزِئُ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ". (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (حتى أووا) بالقصر والمدِّ، والأكثر في اللازم كما هنا القصر، والمتعدي المدِّ، ومصدره إيواء بوزن إفعال، ومصدر أويًا بوزن فعول: قيل: قلبت الواو الثانية ياءً، وإدغامها في الياء بعدها، وكسر الواو الأولى لمناسبة الياء. (المبيت) محل البيتوتة، ونصب بنزع الخافض، أي: أووا إلى المبيت. (أن تدعوا) بسكون الواو؛ لأنها للجمع، وأصلها: تدعون حذفت النون؛ للنصب بأن. (لا أغبق) بفتح الهمزة، وسكون المعجمة، وكسر الباء وضمها، أي: لا أقدم قبلهما في شرب نصيبهما من اللبن. (أهلًا ولا مالًا) أي: رقيقًا، والغبوق: شرب العشي مقابل الصبوح. (فنأى) بوزن سعى، وفي نسخة: "فَنَاءَ" بوزن جاء أي: بَعُدَ. (فلم أُرح) بضم الهمزة وكسر الراء، أي: لم أرجع. (فحلبت) في نسخة: "فحملت". (وكرهت) في نسخة: "فكرهت". (حتى برق الفجر) بفتح الباء وكسر الراء أي: تلألأ وظهر ضوؤه. (عن نفسها) في نسخة: "على نفسها" وهو كناية عن طلب الجماع. (ألمت) بتشديد الميم، وفي نسخة: "ألممت" بفك الإدغام، أي: نزلت. (من السنين) أي:

13 - باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره، ثم تصدق به، وأجرة الحمال

المقحطة. (عشرون ومائة دينار) لا ينافي ما مرَّ في باب: إذا اشترى شيئًا لغيره (¬1). من أن الجميع مائة دينار؛ لأن التخصيص بالعدد لا ينفي الزائد، أو المائة كانت بالتماسها، والعشرون تبرع منه؛ كرامة لها. (لا أحل) بفتح الهمزة من الحل، وفي نسخةٍ: بضمها من الإحلال. (فتحرجت) أي: تجنبت الحرج، وهو: الإثم. (الذهب الذي أعطيتها) في نسخة: "التي أعطيتها"، والذهب قد يؤنث، كما قال الجوهري (¬2)، وغيره. (اللهم إن) لفظ: (إن) ساقط من نسخة. (فثمرت أجره) أي: كثرته. (أدِّي) بياء والوجه حذفها. (من أجرك) في نسخة: "من أجلك". (لا تستهزئ) بسكون الهمزة، ومرَّ شرح الحديث في باب: إذا اشترى شيئًا لغيره (¬3). 13 - بَابُ مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ لِيَحْمِلَ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ، وَأُجْرَةِ الحَمَّالِ (باب: من آجر نفسه) أي: لغيره (ليحمل) له متاعه. (على ظهره ثم تصدق به) أي: بأجره، وفي نسخة: "منه" بدل (به) وعطف على (من آجر) مدخول الواو في قوله: (وأجرة الحمال) في نسخة: "وأجر الحمال" بلا تاء، أي: باب بيان حكم ذلك. 2273 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2215) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فرضى. (¬2) انظر: "الصحاح" مادة (ذهب) 1/ 129. (¬3) سبق تخريجه.

14 - باب أجر السمسرة

انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ، فَيُحَامِلُ، فَيُصِيبُ المُدَّ، وَإِنَّ لِبَعْضِهِمْ لَمِائَةَ أَلْفٍ" قَال: مَا تَرَاهُ إلا نَفْسَهُ. [انظر: 1415 - مسلم: 1018 - فتح: 4/ 450] (حدثنا سعيد) في نسخة: "حدثني سعيد". (عن شقيق) هو أبو وائل. (إذا أمر) في نسخةٍ: "إذا أمرنا". (فيحامل) بتحتيةٍ مضمومةٍ بلفظ المضارع من المفاعلة التي تكون بين اثنين والمراد هنا: أن الحمل من أحدهما، والأجرة من الآخر، كالمساقاة والمزارعة، وفي نسخةٍ: "فتحامل" بفوقية مفتوحة بلفظ الماضي من المفاعلة أيضًا، أي: تكلف حمل متاع الغير؛ ليكتسب ما يتصدق به. (فيصيب المُدَّ) أي: أجره عن ما حمل. (وإن لبعضهم لمئة ألف) أي: من الدنانير، أو الدراهم. (قال) أي: أبو وائل [الرواي] (¬1). (ما نراه) بضم النون. (إلا نفسه) في نسخة: "يعني: إلا نفسه"، والمعنى: ما نظن أبا مسعود أراد بالبعض إلا نفسه، ومرَّ شرح الحديث في باب: اتقوا النار ولو بشق تمرة (¬2). 14 - بَابُ أَجْرِ السَّمْسَرَةِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَالحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: بِعْ هَذَا الثَّوْبَ، فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا، فَهُوَ لَكَ " وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: "إِذَا ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سلف الحديث برقم (1415) كتاب: الزكاة، باب: اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة.

قَال: بِعْهُ بِكَذَا، فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ لَكَ، أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ " وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ". (باب: أجر السَّمْسَرة) أي: الدلالة. (فما زاد على كذا وكذا فهو لك) هذا رأي ابن عباس، والجمهور على خلافه للجهل بمقدار الزائد، فللبائع في مثله أجرة المثل. (فهو لك) في نسخة: "فلك". (أو بيني وبينك فلا بأس به) في كل من الأمرين ما ذكر آنفًا. (المسلمون عند شروطهم) أي: الجائزة شرعًا، وهذا رواه الإمام أحمد، وأبو داود وغيرهما (¬1). 2274 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، وَلَا يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ"، قُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَال: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (معمر) أي: ابن راشد. (عن ابن طاوس) هو عبد الله. (أن يتلقى) بتحتية، وفي نسخة: "بفوقية". (ولا يبيع) بنصب (يبيع) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد 2/ 366 بدون ذكر لفظ: "المسلمون عند شروطهم". وأبو داود (3594) كتاب: الأقضية، باب: في الصلح، بلفظ: "المسلمون على شروطهم". وعبد الرزاق بهذا اللفظ أيضًا 8/ 380 (15709) كتاب: المكاتب، باب: الشروط على المكاتب. والبيهقي 6/ 79 كتاب: الشركة، باب: الشرط في الشركة وغيرها. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": حسن صحيح.

15 - باب: هل يؤاجر الرجل نفسه من مشرك في أرض الحرب؟

عطف على (يتلقى) على (أن)، (لا) زائدة، وبرفعه بتقدير: وقال قبله؛ عطف على (نهى) [(ما قوله) أي: ما معنى قوله، وموضع الترجمة] (¬1). (قال لا يكون له سمسار) إذ مفهومه: جواز أن يكون له سمسار في بيع الحاضر للحاضر، لكن شرطه عند الجمهور أن تكون الأجرة معلومة، كما مرَّ. 15 - بَابٌ: هَلْ يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ مِنْ مُشْرِكٍ فِي أَرْضِ الحَرْبِ؟ (باب: هل يؤاجر الرجل) أي: المسلم. (نفسه من مشرك في أرض الحرب)، أو لا. والجمهور على الجواز فيما لا إذلال فيه. 2275 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، حَدَّثَنَا خَبَّابٌ، قَال: كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، فَاجْتَمَعَ لِي عِنْدَهُ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَال: لَا وَاللَّهِ لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: "أَمَا وَاللَّهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ فَلَا"، قَال: وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟ قُلْتُ: "نَعَمْ"، قَال: فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ، فَأَقْضِيكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا، وَقَال لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77]. [انظر: 2091 - مسلم: 2795 - فتح: 4/ 452] (عن مسلم) أي: ابن صبيح. (مسروق) أي: ابن الأجدع. (خباب) أي: ابن الأرت. (قينًا) أي: حدادًا. (فعملت) أي: سيفًا. (فاجتمع لي عنده) أي: دراهم. (أتقاضاه) أي: أطلب منه الدراهم أجرة عملي. (أما) بالتخفيف: حرف تنبيه. (والله حتى) أي: والله لا أكفر حتى. (تموت ثم ¬

_ (¬1) من (م).

16 - باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب

تبعث) مفهومه غير مراد؛ إذ الكفر لا يتصور بعد البعث، فكأنه قال: لا أكفر أبدًا. (فلا) أي: فلا أكفر، وهذا مفسر لجواب القسم الذي قدرته لا جوابه؛ إذ الفاء لا تدخل فيه، ويروى: (أمَّا) بالتشديد وتقديره: أما أنا فلا أكفر والله، وأما غيري فلا أعلم حاله، فقوله: (فلا) جواب (أمَّا). (وإني) بحذف همزة الاستفهام، أي: أو إني، وموضع الترجمة: (فعلمت .. إلى آخره) إذ العاصي كان مشركًا، وخباب إذ ذاك مسلمًا، ومكة حينئذٍ دار حرب، واطلع على ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقره، ومرَّ الحديث في كتاب: البيوع، في باب: ذكر القين والحداد (¬1). 16 - بَابُ مَا يُعْطَى فِي الرُّقْيَةِ عَلَى أَحْيَاءِ العَرَبِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ" وَقَال الشَّعْبِيُّ: "لَا يَشْتَرِطُ المُعَلِّمُ، إلا أَنْ يُعْطَى شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ" وَقَال الحَكَمُ: "لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ المُعَلِّمِ" وَأَعْطَى الحَسَنُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِأَجْرِ القَسَّامِ بَأْسًا وَقَال: "كَانَ يُقَالُ: السُّحْتُ: الرِّشْوَةُ فِي الحُكْمِ، وَكَانُوا يُعْطَوْنَ عَلَى الخَرْصِ". (باب: ما يعطي في الرُّقْية على أحياءِ العرب) بفتح الهمزة. (بفاتحة الكتاب) أي: بيان حكم ما يعطى على ذلك، و (على) و (الباء) متعلقان بـ (الرقية). و (أحياء العرب) طائفة منهم، وتخصيصها بالذكر؛ لبيان الواقع، لا للتقييد، مع أنها ساقطة من نسخة. (لا يشترط المعلم) أي: للقرآن على من يعلمه أجرة. (إلا أن يعطى شيئًا فليقبله) بفتح همزة ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2091) كتاب: البيوع، باب: ذكر القين والحداد.

(أن) والاستثناء منقطع، أي: لكن الإعطاء بدون الاشتراط جائزٌ، وفي نسخة: "إن" بكسر الهمزة، أي: لكن إن يعطى شيئًا بدون الشرط فليقبله، وعليها إنما كتب (يعطى) بالألف على قراءة الكسائي {من يتقا ويصبر} [يوسف: 90] أو الألف حصلت من إشباع الفتحة، والجمهور على جواز الشرط؛ لخبر: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله" (¬1). (القسام) بالفتح والتشديد: مبالغة قاسم، وبالضم والتشديد: جمعه. أي: لم ير ابن سيرين بأجر القسام (بأسًا) أي: ولو مع اشتراط الأجرة. (وقال: كان يقال: السُّحت) بضم الحاء وسكونها (الرشوة) بتثليث الراء (في الحكم) أي: لا في القسم؛ لأنه ليس بحكم. هذا ظاهر ما نقله البخاري عنه لكن اختلفت الرواية عنه، ففي رواية ما ذكر، وفي أخرى: "إنه كان يكره ذلك مع اشتراط الأجرة لا مع عدمه"، وفي أخرى: "كان يكره ذلك ملطقًا" تشبهًا له بالحكم والثانية: من الروايات جامعة بين الآخرتين. نبه على ذلك شيخنا (¬2). (وكانوا يعطون) أي: الأجرة. (على الخرص) أي: لخارص التمر. ووجه ذكر القسام والخارص هنا: الاشتراك في أن جنسهما وجنس تعليم القرآن والرقية واحدٌ. 2276 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5737) كتاب: الطب، باب: الشرط في الرقية بقطيع من الغنم. (¬2) انظر: "فتح الباري" 4/ 454.

سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَال بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَال: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَال الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَال: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ"، ثُمَّ قَال: "قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا" فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، سَمِعْتُ أَبَا المُتَوَكِّلِ، بِهَذَا. 3/ 122 [5007, 5736, 5749 - مسلم: 2201 - فتح: 4/ 453] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية (عن أبي المتوكل) هو علي بن داود ويقال بن [دؤاد] (¬1). (انطلق نفر) هو من الثلاثة إلى العشرة من الرجال، لكن عند ابن ماجه والترمذي أنهم كانوا ثلاثين (¬2). (فلدغ) بضم اللام، وكسر الدال المهملة، وبالغين المعجمة [أي: لسع (سيد ذلك الحي) أي: بعقرب، أمَّا اللذع، بالذال المعجمة] (¬3) والعين المهملة فهو الإحراق ¬

_ (¬1) من (م)، وفي (أ) داود. (¬2) "سنن الترمذي" ولكن بدون ذكر العدد (2063) كتاب: الطب، باب: ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ. و"سنن ابن ماجه" (2156) كتات: التجارات، باب: أجر الراقي. وروى ذلك أيضًا ابن أبي شيبة 5/ 47 كتاب: الطب، في الأخذ على الرقية من رخص فيها. (¬3) من (م).

الخفيف. (فسعوا) في نسخةٍ: "فشفوا" أي: طلبوا له الشفاء، أي: عالجوه بما يشفيه. (لعله) في نسخة: "لعل" بحذف الهاء. (وسعينا) في نسخة: "وشفينا". (فقال بعضهم) هو أبو سعيد الراوي. (لأرْقي) بفتح الهمزة. (جعلا) بضم الجيم، وسكون العين: ما يعطى على العمل. (على قطيع من الغنم) هو ثلاثون شاة، كما في النسائي (¬1). (يتفل) بفتح التحية، وسكون الفوقية، وكسر الفاء وضمها، أي ينفخ نفخًا معه أدنى ريق، ومحله: في الرقية بعد القراءة. (ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (2)} أي: يقرؤها إلى آخرها سبع مرات، كما في رواية (¬2)، أو ثلاث مرات، كما في أخرى (¬3). (نشط) بضم النون وكسر المعجمة، أي: حلَّ، وفي رواية: "أنشط" (¬4) بزيادة همزة مضمومة. (من عقال) بكسر المهملة: حبل يشد به ذراع البهيمة. (وما به قلبةٌ) أي: علة، وسمي بذلك؛ لأن الذي تصيبه يتقلب من جنب إلى ¬

_ (¬1) "السنن الكبرى" 4/ 364 (7532) كتاب: الطب، 6/ 254 (10866) كتاب: عمل اليوم والليلة. (¬2) رواها الترمذي (2063) كتاب: الطب، باب: ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ وقال: هذا حديث حسن. وابن ماجه (2156) كتاب: التجارات، باب: أجر الراقي. وابن أبي شيبة 5/ 47 - 48 كتاب: الطب، في الأخذ على الرقية من رخص فيها. (¬3) رواها البزار، كما في "كشف الأستار" 2/ 93 (1285) كتاب: البيوع، باب: أجرة الراقي. من حديث جابر بن عبد الله. (¬4) رواها أبو داود (3418) كتاب البيوع، باب: في كسب الأطباء، (3900) كتاب: الطب، باب: كيف الرقي.

جنب؛ ليعلم موضع الداء منه. (اقسموا) أي: على الحاضرين. قال الكرماني: هو أمرٌ بما هو من المروءات ومكارم الأخلاق، وإلا فالجميع ملك للراقي، (لا تفعلوا) أي: لا تقسموا. (الذي كان) أي: من أمرنا (فذكروا له) أي: القصة. (إنها) أي: الفاتحة. (قد أصبتم) أي: فيما فعلتم من الرقية، ومن توقفكم عن التصرف حتى استاذنتموني (اقسموا) أي: الجعل بينكم، والأمر به أمر بما مرَّ نظيره آنفًا. (واضربوا) أي: اجعلوا. (لي سهمًا) أي: نصيبًا قال ذلك؛ تطييبًا لقلوبهم، ومبالغة في أنه حلالٌ لا شبهة فيه. (فضحك رسول الله) في نسخة: "فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - " أي: فرحًا وسروًا بفعلهم، ومبالغةً فيه. (قال أبو عبد الله إلخ) ساقط من نسخة. وفي الحديث: التصريح بأن الفاتحة رقية، واستحباب قراءتها على اللدائغ وسائر الأسقام، ولا يعارضه قوله في خبر الذين يدخلون الجنه بغير حساب: "ولا يرقون ولا يسترقون" (¬1)؛ لأن المراد بتلك الرقية المذمومة، وهي التي تكون من كلام الكفار، أو التي لا يعرف معناها، المحتملة أن تكون كفرًا، أو قريبًا منه، كالتي بالعبرانية، بخلاف الرقية بما هنا وبنحوه من الأذكار المشهورة فإنها ممدوحةٌ إجماعًا. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (220) كتاب: الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب. وأبو عوانة 1/ 82 - 83) (243) كتاب: الإيمان، باب: الأعمال المكروهة إذا اجتنبها المؤمن، والمحمودة التي من يستعملها، دخل الجنة بغير حساب.

17 - باب ضريبة العبد، وتعاهد ضرائب الإماء

قال الكرماني: وقد يجمع بينهما أن المدح في ترك الرقى للأفضلية، وبيان التوكل، والذي أذن فيه فهو بيان للجواز مع أن تركها أفضل، وبأن النهي إنما هو لقومٍ كانوا يعتقدون نفعها، وتأثيرها بطبعها، كما كانت الجاهلية يزعمون في أشياء كثيرة تأثيرها (¬1). 17 - بَابُ ضَرِيبَةِ العَبْدِ، وَتَعَاهُدِ ضَرَائِبِ الإِمَاءِ (باب: ضريبة العبد وتعاهد ضرائب الإماء) الضريبة: فعيلة بمعنى مفعولة، وهي: ما يقرر السيد على عبده، أو أمته أن يعطيه كل يومٍ مثلًا، والمراد بذلك: تعاهده بهما، وإنما خصهما بالتعاهد؛ لكونهما مظنة تطرق الفساد في الأغلب مع أنه يخشى عليهما من اكتسابهما بالسرقة، أو نحوها. 2277 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ - أَوْ صَاعَيْنِ - مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفَ عَنْ غَلَّتِهِ أَوْ ضَرِيبَتِهِ". [انظر: 2102 - مسلم: 1577 - فتح: 4/ 458] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أبو طيبة) اسمه: نافع كما مرَّ. (وكلَّم مواليه) جمعهم على طريق المجاز؛ إذ مولاه محيصة، أو كان مشتركًا بين جماعة من بني حارثة منهم محيصة. (فخفف) بالبناء للفاعل، وبالنباء للمفعول. (عن غلته أو عن ضريبته) هما بمعنى، والشك من الراوي. ومناسبته للترجمة: بتعاهد ضريبة العبد ظاهرة، وقيس به تعاهد ضرائب الإماء، ومرَّ الحديث في كتاب: البيوع، في باب: ذكر الحجام (¬2). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 10/ 110 - 111. (¬2) سلف الحديث برقم (2102) كتاب: البيوع، باب: ذكر الحجام.

18 - باب خراج الحجام

18 - بَابُ خَرَاجِ الحَجَّامِ (باب: خراج الحجام) أي: أجرته. 2278 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعْطَى الحَجَّامَ". [انظر: 1835 - مسلم: 1202 - فتح: 4/ 458] (وهيب) أي: ابن خالد. (ابن طاوس) هو عبد الله. (وأعطى الحجام أجره) أي: صاعًا من تمرٍ. 2279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعْطَى الحَجَّامَ أَجْرَهُ"، وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِهِ. [انظر: 1835 - مسلم: 1202 - فتح: 4/ 458] (خالد) أي: ابن مهران الحذاء. (احتجم النبي إلى آخره) مرَّ مرارًا (¬1). 2280 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَجِمُ وَلَمْ يَكُنْ يَظْلِمُ أَحَدًا أَجْرَهُ". [انظر: 2102 - مسلم: 1577 - فتح: 4/ 458] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (مسعر) أي: ابن كدام. (ولم يكن يظلم أحدًا أجره) أي: لم يكن ينقص من أجر أحد استعمله شيئًا، ولا يرده بغير أجرٍ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2103) كتاب: البيوع، باب: ذكر الحجام.

19 - باب من كلم موالي العبد: أن يخففوا عنه من خراجه

19 - بَابُ مَنْ كَلَّمَ مَوَالِيَ العَبْدِ: أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ (باب: من كلم موالي العبد أن يخففوا عنه من خراجه) الذي قرر عليه، وتقدم الكلام على لفظ: (الموالي). 2281 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامًا حَجَّامًا، فَحَجَمَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ - أَوْ صَاعَيْنِ، أَوْ مُدٍّ أَوْ مُدَّيْنِ - وَكَلَّمَ فِيهِ، فَخُفِّفَ مِنْ ضَرِيبَتِهِ". [انظر: 2102 - مسلم: 1577 - فتح: 4/ 459] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (حجامًا) ساقط من نسخة. (بصاعٍ أو صاعين أو مدٍّ أو مدين) الشك من شعبة (وكلم) في نسخة: "فكلم". (فيه) أي: وكلم النبي في الغلام مولاه، وهو محيصة ابن مسعود كما مرَّ مع زيادة (¬1). 20 - بَابُ كَسْبِ البَغِيِّ وَالإِمَاءِ وَكَرِهَ إِبْرَاهِيمُ أَجْرَ النَّائِحَةِ، وَالمُغَنِّيَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ، إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا، لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33] وَقَال مُجَاهِدٌ: "فَتَيَاتِكُمْ إِمَاءَكُمْ". (باب: كسب البغي والإماء) أي: النهي عنه، و (البغي) بكسر الغين وتشديد الياء، أي: الزانية، والمراد بـ (كسب الإماء): كسبهن بالزنا. (إبراهيم) أي: النخعي. (وقول الله) بالجر عطف على (كسب) أو ¬

_ (¬1) سلف برقم (2277) كتاب: الإجارة، باب: ضريبة العبد وتعاهد ضرائب الإماء.

21 - باب عسب الفحل

بالرفع استئناف. {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} أي: تعففًا، والشرط المذكور خرج مخرج الغالب، فلا يعمل بمفهومه، أو يقال: انتفت حرمة الإكراه؛ لانتفاء تصور الإكراه حينئذٍ؛ إذ هو إلزام على خلاف المراد. وفي نسخة: " {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} " إلى قوله: " {غَفُورٌ رَحِيمٌ} " (وقال مجاهد ... إلخ) ساقط من نسخة. 2282 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ". [انظر: 2237 - مسلم: 1567 - فتح: 4/ 460] (نهى عن ثمن الكلب إلى آخره) ومرَّ شرحه في أواخر البيوع (¬1). 2283 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ". [5348 - فتح: 4/ -460]. (عن كسب الإماء) أي: بالزنا، كما مرَّ (¬2). 21 - بَابُ عَسْبِ الفَحْلِ (باب: عسب الفحل) أي: النهي عنه، وهو ضرابه ويقال: ماؤه، ويقال: أجرة ضرابه. 2284 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحَكَمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَسْبِ الفَحْلِ". [فتح: 4/ 261] ¬

_ (¬1) سلف برقم (2237) كتاب: البيوع، باب: ثمن الكلب. (¬2) سلف برقم (2238) كتاب: البيوع، باب: ثمن الكلب.

22 - باب إذا استأجر أرضا، فمات أحدهما

(عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن عسب الفحل) أي: عن بذله [ثمنًا] (¬1)، أو أجرة. 22 - بَابُ إِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: "لَيْسَ لِأَهْلِهِ أَنْ يُخْرِجُوهُ إِلَى تَمَامِ الأَجَلِ" وَقَال الحَكَمُ، وَالحَسَنُ، وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاويَةَ: "تُمْضَى الإِجَارَةُ إِلَى أَجَلِهَا" وَقَال ابْنُ عُمَرَ: "أَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ"، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ "وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ جَدَّدَا الإِجَارَةَ بَعْدَمَا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". (باب: إذا استأجر أرضًا من آخر فمات أحدهما) أي: هل تنفسخ الإجارة، أو لا؟ والجمهور على الثاني. (ليس لأهله) أي: أهل الميت. (أن يخرجوه) أي: المستأجر بما استأجره، بل يبقوه معه. (إلى تمام الأجل) فمرجع الضميرين محذوف دلت عليه القرينة. (على عهد النبي) في نسخة: "على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 2285 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ اليَهُودَ: أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا"، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ: "أَنَّ المَزَارِعَ كَانَتْ تُكْرَى عَلَى شَيْءٍ"، سَمَّاهُ نَافِعٌ لَا أَحْفَظُهُ. [2328, 2329, 2331, 2338, 2499, 2343, 2345, 2720, 3152, 4248 - مسلم: 1551 - فتح: 4/ 462] ¬

_ (¬1) من (م).

(أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر) أي: "اليهود" كما في نسخة. (سماه نافع) أي: قال جويرية: سَمَّي نافع مقدار ذلك الشيء. (لا أحفظه) أي: الآن (حدث) إنما لم يقل: حدثه، كما قاله فيما قبله؛ لأن ابن عمر حدث نافعًا بالخصوص، بخلاف رافع، فإنه لم يحدثه كذلك، ويحتمل أن يكون الضمير محذوفًا. 2286 - وَأَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ حَدَّثَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ المَزَارِعِ"، وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "حَتَّى أَجْلاهُمْ عُمَرُ". [2327, 2332, 2344, 2722 - مسلم: 1547 - فتح 4/ 462] (نهى عن كراء المزارع) فمحمول على نهي التنزيه، كما نهي عن بيع المرتهن تنزيه، أو على ما إذا أجر الأرض بجزء مما يخرج منها، أو من قطعة معينة منها كالثلث والربع.

38 - كتاب الحولات

38 - كِتَابُ الحَوَلاتِ

1 - باب الحوالة، وهل يرجع في الحوالة؟

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 38 - كِتَاب الحَوَالاتِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. باب: في الحوالة) في نسخة: بدل (باب: في الحوالة) "كتاب الحوالة" وفي أخرى: "كتاب الحوالات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". (وهل يرجع) أي: المحيل. (في الحوالة) بفتحِ الحاء، وقد تُكسر، والجمهورُ على عدمِ الرجوع فيها، والجملة معطوفة على الحوالة: وهي نقلُ دينٍ من ذمةٍ إلى أُخرى، ولها أركانٌ وشروط مذكورة في كتب الفقه. 1 - بَابُ الحَوَالةِ، وَهَلْ يَرْجِعُ فِي الحَوَالةِ؟ وَقَال الحَسَنُ، وَقَتَادَةُ: "إِذَا كَانَ يَوْمَ أَحَال عَلَيْهِ مَلِيًّا جَازَ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "يَتَخَارَجُ الشَّرِيكَانِ، وَأَهْلُ المِيرَاثِ، فَيَأْخُذُ هَذَا عَيْنًا وَهَذَا دَيْنًا، فَإِنْ تَويَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ". (إذا كان) أي: المحال عليه. (يوم أحال) أي: المحيل (عليه مليًّا) أي: غنيًّا ثم أفلس. (جاز) أي: الرجوع، ومذهب الشافعي وكثير: أنه لا رجوع؛ لأنَّ عقدَ الحوالةِ لازمٌ وأصل (مليًّا) مليئًا بالهمز بعد ياء ساكنة، فأبدلت الهمزةُ ياءً، وأُدغمتْ الياءُ في الياء. (يَتخارجُ الشريكان) أي: يجوز أن يتخارجا في قسمة التراضي بأن يخرجَ أحدهما حصته من

المقسوم برضا الآخر، والآخر كذلك، وأن يتخارج أهلُ الميراثِ بالتراضي في قسمةِ الميراث (فيأخذ هذا عينًا، وهذا دينًا فإن تَويَ) بفتح الفوقية، وكسر الواو، أي: هلك. (لأحدِهما) أي: شيءٌ مما أخذه. (لم يرجع على صاحبه) لرضاه بالقسمة. ومناسبة ذكر مسألة التخارج في باب: الحوالة: أنه لا رجوع فيهما. 2287 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ". [2288 - 2400 - مسلم: 1564 - فتح: 4/ 464] (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (مطل الغنيِّ) وهو المتمكن من أداء الحق. (ظلمٌ) وهو وضع الشيء في غير محلهِ، وهو حرام، والمطل لغة: المدُّ من مطلت الحديدة إذا ضربتها ومددتها؛ لتطول، وشرعًا: منع الغني أداء ما استحق أداؤه، فمعنى مطله بحقه: منعه منه بأن مدَّ له في الأجل بغير رضاه زيادة بغير ما اتفقا عليه، ولفظ: (المطل) يشعر بتقدم الطلب، فيؤخذ منه أن الغني لو أخر الدفع مع عدم طلب صاحب الحق له لم يكن ظالمًا، وهو المشهور، وقضية كونه ظلمًا: أنه كبيرة لكن قال النووي: مقتضى مذهبنا اعتبار تكراره، وردَّه السبكي بأن مقتضاه عدمه؛ لأنه منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه كالغصب، والغصب كبيرة لا يشترط فيها التكرار. (فإن اتبع) بالبناء للمفعول، أي: أحيل. (على مليِّ) كغني لفظًا ومعنى، وفي نسخةٍ: "مليء" بالهمز بوزن فعيل، وضمَّن (اتبع) معنى: (أحيل) فعداه بـ (على) (فليتبع) قيل: بتشديد الفوقية، والمشهور

2 - باب إذا أحال على ملي فليس له رد

سكونها، أي: فليحتل، والأمر فيه ليس للوجوب والصارف له عنه رجوعه إلى مصلحة دنيوية، فيكون الأمر فيه للإرشاد، أو وروده بعد الخطر، فيكون للإباحة والندب، وهو المعتمد، وقد بسطت الكلام على ذلك مع زيادة في "شرح الأعلام". 2 - بَابُ إِذَا أَحَال عَلَى مَلِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ (¬1). (باب: إذا أحال على ملي فليس له ردٌّ) قيد بالمليِّ تبعًا للحديث، وإلا فالمفلس مثله. 2288 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتَّبِعْ". [انظر: 2287 - مسلم: 1564 - فتح: 4/ 466] (سفيان) أي: الثوري. (عن ابن ذكوان) هو عبد الله. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز، وهذا الباب ساقط من نسخةٍ؛ لعلمه مما قبله. 3 - بَابُ إِنْ أَحَالَ دَيْنَ المَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ جَازَ (باب: إذا أحال) أي: الشخصُ. (دين الميت على رجل جاز) أي: فعل ذلك. ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 65: ترجم لهما وذكرهما في بابين، ولكنه ترجم باب: الكفالة، الثاني باب: إن أحال دين الميت على رجل جاز وترجمه بالحوالة وإنما هو كفالة. فحديث أبي هريرة مطابق في الحوالة، وحديث سلمة ظاهر في الكفالة وترجم أولًا لهما فلو اختصر ترجمة الباب الثاني، أو ترجمه بالكفالة لكان أحسن. وكأنهما عنده متقاربان من حيث أن كل واحد منهما يتضمن مطالبه غير الأصل.

2289 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَال: "هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ "، قَالُوا: لَا، قَال: "فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ "، قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيْهَا، قَال: "هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ " قِيلَ: نَعَمْ، قَال: "فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ "، قَالُوا: ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، قَال: "هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ "، قَالُوا: لَا، قَال: "فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ "، قَالُوا: ثَلاثَةُ دَنَانِيرَ، قَال: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ"، قَال أَبُو قَتَادَةَ صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ. [2295 - فتح: 4/ 466] (قالوا ثلاثة دنانير) في رواية: (دينارين) وفي أخرى: (دينارين وشطرًا) ويجمع بينهما: بأن من قال: "ثلاثة" جبر الكسر ومن قال: "دينارين، أو دينارين وشطرًا" ألغاه، أو كان أصل الدين ثلاثة، فوفَّى قبل موته دينارًا، أو شطرًا منه، وبقي عليه ديناران، أو دنياران وشطر فمن قال: "ثلاثة" فباعتبار الأصل، ومن قال: ديناران أو دينارين وشطرًا فباعتبار ما بقي. (فصلى عليها) أي: لعلمه بقرائن الأحوال، أو غيرها أن الثلاثة تفي بدينه. (قال أبو قتادة ... إلخ) هو موضع الترجمة.

كِتَابُ الكَفَالةِ

39 - كتاب الكفالة

39 - كتاب الكفالة

1 - باب الكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 39 - كتاب الكفالة 1 - بَابُ الكَفَالةِ فِي القَرْضِ وَالدُّيُونِ بِالأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا (¬1). (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب: الكفالة في القرض) في نسخة: "القروض". (والديون) العطف فيه من عطف العام على الخاص. (بالأبدان وغيرها) متعلق بالكفالة. 2290 - وَقَال أَبُو الزِّنَادِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَوَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ مِنَ الرَّجُلِ كَفِيلًا حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ جَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَصَدَّقَهُمْ وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالةِ وَقَال جَرِيرٌ، وَالأَشْعَثُ، لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: "فِي المُرْتَدِّينَ اسْتَتِبْهُمْ وَكَفِّلْهُمْ، فَتَابُوا، وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرُهُمْ" وَقَال حَمَّادٌ: "إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ"، وَقَال الحَكَمُ: "يَضْمَنُ". [فتح: 4/ 469] (مصدقًا) بتشديد الدال المكسورة، أي: آخذًا للصدقة عاملًا عليها. (كفيلًا) في نسخة: "كفلا". (مائة جلدة) لفظ: (جلدة) ساقط من ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 66: استدل على كفالة البدن بحديث حمزة وتقرير عموم الصحابة عليه وأخذ كفالة المال والديون من ذلك بطريق الأولى؛ لأن الحدود قد تستوفي، بخلاف المال غالبًا، وقوله: "غيرها" أي غير الأبدان أي الحقوق المالية فحديث خشبة البحر، المطابقة فيه قوله: وسألني شهيدًا وكفيلًا ورضى بك.

نسخة. (فصدقهم) أي: صدق الرجل القائلين بما قالوا، أي: اعترف لهم به، أو صدقهم عمر على ما قالوا. (وعذره بالجهالة) أي: ودرأ عنه عمر الرجم؛ لأنه عذره بجهالة الحرمة، أو الاشتباه بحليلته، وإنما حده حينئذ، إما لأن اجتهاده اقتضى جلد الجاهل، أو بأن ذلك كان قبل الإحصان بإصابته الزوجة. (وكفلهم) أي: ضمنهم غيرهم. (فتابوا وكفلهم عشائرهم) استشكل ضمان المرتدين لأجل قتلهم، وضمان التائبين من الارتداد لأجل عدم رجوعهم إليه إذ لا معنى لكفالة أمر لم يقع، ولا يعلم أنه سيقع أم لا. وأجيب: بأنه ليس المقصود من الكفالة معناها الفقهي، بل التعهد والضبط، أي: يتعاهدون أحوال المرتدين؛ لئلا يهربوا ويضبطون التائبين؛ لئلا يرجعوا إلى الارتداد. (حماد) هو ابن أبي سليمان. (إذا تكفل بنفسٍ فمات فلا شيء عليه) سواء كان المتعلق بها حدًّا أو قودًا أو مالًا؛ لأنه لم يلتزم شيئًا منها، كما لو ضمن المسلم فيه فانقطع لا يطالب برأس المال. (وقال الحكم) أي: ابن عتيبة. (يضمن) ما يترتب في الذمة، وهو المال، وهذا رأيه، والجمهور على خلافه. 2291 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَال: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فَقَال: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، قَال: فَأْتِنِي بِالكَفِيلِ، قَال: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، قَال: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي البَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ التَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ، فَلَمْ

يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى البَحْرِ، فَقَال: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلانًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلا، فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا، فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا، فَرَمَى بِهَا فِي البَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا المَالُ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ المَال وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَال: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ، قَال: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ؟ قَال: أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ، قَال: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا". [انظر: 1498 - فتح: 4/ 469] (قال أبو عبد الله) ساقط من نسخة. (فخرج في البحر) أي: إليه، ففي بمعنى: إلى، كما في قوله تعالى: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم: 9]. (مركبًا) بفتح الكاف، أي: سفينة. (قدم) بفتح الدال: حال. (عليه) أي: على الذي أسلفه. (فأدخل فيها) أي: في الخشبة، وفي نسخة: "فيه" أي: في مكان النقر. (ثم زجج موضعها) بزاي وجيمين، أي: سمرها بمسامير كالزج، وهو: حديدة تجعل في أسفل الرمح. (إني كنت) لفظ: (كنت) ساقط من نسخة. "تسلفت فلانًا" قال شيخنا كالزركشي: كذا وقع هنا,

2 - باب قول الله تعالى: {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم}

والمعروف: تعدية تسلفت بمن (¬1). (فرضي بك) بالكاف في الموضعين، وفي نسخة: "فرضى بذلك" وفي أخرى: "فرضي به". (جهدت) بفتح الهاء. (استودعكها) في نسخة: "استودعتكها". (ولجت) بفتح اللام، أي: دخلت. (بالألف دينار) بإضافة الألف المعرفة بـ (أل) هنا وفيما يأتى، وهو جائز عند الكوفيين. (فقال: والله) في نسخة: "قال: والله". (إليَّ بشيء) في نسخة: "إلى شيئًا". (جئت فيه) في نسخة: "جئت به". (الذي) في نسخة: "التي" بالتأنيث باعتبار الألف. (بعثت في الخشبة) في نسخة: "بعثت والخشبة" بالنصب: مفعول معه. وفي الحديث: جواز التأجيل في القرض، وهو محمول عند الشافعية على ما إذا لم يكن للمقرض فيه غرضٌ، وأن جميع ما يوجد في البحرِ لواجده، ما لم يعلمه ملكًا لأحد، وأن من توكل على الله نصره، فإن الذي نقر الخشبة وتوكل عليه حُفظ ماله، والذي سلف وقنع به كفيلًا، أوصل ماله إليه، ومرَّ الحديث في كتاب: الزكاةِ، في باب: ما يستخرج من البحر (¬2). 2 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (¬3) ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 4/ 471. (¬2) سبق برقم (1498) كتاب: الزكاة، باب: ما يستخرج من البحر. (¬3) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 66: وجه الدلالة على الكفالة من الآية والأحاديث أن الكفالة عقد ملزم فيجب الوفاء به كما يجب =

(باب: قول الله تعالى {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] المراد بهم: الذين عاهدوا غيرهم بالحلف على النصرة والإرث، فيكون للحليف السدس إرثا، فنسخ ذلك بقوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] كما سيأتي. 2292 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِدْرِيسَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33]، قَال: "وَرَثَةً": (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) قَال: "كَانَ المُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ، يَرِثُ المُهَاجِرُ الأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوي رَحِمِهِ، لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] نَسَخَتْ"، ثُمَّ قَال: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) "إلا النَّصْرَ، وَالرِّفَادَةَ، وَالنَّصِيحَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ المِيرَاثُ، وَيُوصِي لَهُ". [4580, 6747, - فتح: 4/ 472] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة (عن إدريس) هو ابن يزيد. ({وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قال) [النساء: 33]. أي: ابن عباس. (ورثة) فسر به موالي، وفسره غيره بالعصبة، والأول أعم. (لما قدموا المدينة) في نسخةٍ: "لما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة". (يرث) في نسخة: "ورث". (بينهم) أي: بين المهاجرين والأنصار. (نسخت) بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول، أي: نسخت آية الموالي آية المعاقدة. (ثم قال) أي: ابن عباس في قوله تعالى: ({وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إلا النصر والرفادة) بكسر الراء، أي: المعاونة. ¬

_ = الوفاء في عقد الأخوة، والحلف بين الصحابة، فشبه إلزامها لالتزامه في الوفاء.

(والنصيحة) أي: قال هذه الأمور مستثناة من الأحكام المقدَّرة [في الآية المنسوخة أي: نسخت آية الموالي أحكام آية المعاقدة] (¬1) الشاملة لنصيب الإرث لا النصر، أو الاستثناء منقطع، أي: لكن النصر تالياه باقية، وظاهره: أن النصر شامل لتالييه، فذكرهما تأكيد. (وقد ذهب الميراث) أي: نسخ، هذا تأكيد لما ذكره ابن عباس من النسخ. (ويوصي) بالبناء للمفعول. (له) أي: لمن كان يرث بالأخوة. 2293 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ". [انظر: 2049 - مسلم: 1724 - فتح: 4/ 472] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (عن حميد) أي: الطويل. (فآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سعد بن الربيع) الغرض منه: إثبات الحلف في الإسلام، وهو بكسر الحاء وسكون اللام: المعاهدة بين اثنين فأكثر. 2294 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَال: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا حِلْفَ فِي الإِسْلامِ" فَقَال: قَدْ حَالفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي. [6083, 7340 - مسلم: 2529 - فتح 4/ 472] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (عاصم) أي: ابن سليمان، المعروف بالأحول. (لأنس) أي: "ابن مالك" كما في نسخة. (قد حالف) أي: آخى، ووجه تعلق الباب بالحوالة: أن فيه ¬

_ (¬1) من (م).

3 - باب من تكفل عن ميت دينا، فليس له أن يرجع

معناها، حيثُ تحوَّل استحقاق الإرث من العاقد إلى القريب. (باب: من تكفل عن ميت دينًا فليس له أن يرجع) أي: عن الكفالة؛ لأنها لزمته واستقر الحق في ذمته، أو ليس له أن يرجع بما غرمه بسبب الكفالة؛ لأنها لزمته بغير رضي المكفول. (وبه) أي: بعدم الرجوع. (قال الحسن) أي: البصري، وعليه الجمهور. 3 - بَابُ مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَبِهِ قَال الحَسَنُ. 2295 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَال: "هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ "، قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَال: "هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَال: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ"، قَال: أَبُو قَتَادَةَ عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ. [انظر: 2289 - فتح: 4/ 474] (أبو عاصم) أي: الضحاك، (عن سلمة بن الأكوع) نسبة إلى جده؛ وإلا فهو: سلمة بن عمرو بن الأكوع. (صلوا) في نسخة: "فصلوا". (أبو قتادة) هو: الحارث بن ربعي، ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أنه لو كان لأبي قتادة أن يرجع، لما صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاء الدين، واقتصر في الحديث على ذكر جنازتين، وذكر فيه فيما مرَّ ثلاثًا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2289) كتاب: الحوالات، باب: إن أحال دين الميت.

2296 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا"، فَلَمْ يَجِئْ مَالُ البَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ، فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِي: كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لِي حَثْيَةً، فَعَدَدْتُهَا، فَإِذَا هِيَ خَمْسُ مِائَةٍ، وَقَال: خُذْ مِثْلَيْهَا. [2598, 2683, 3137, 3164, 3383 - مسلم 2314 - فتح: 4/ 474] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (محمد بن علي) أي: ابن الحسين بن علي بن أبي طالب. (لو قد جاء مال البحرين) قد: للتحقيق أي: لو تحقق مجيؤه. (قد أعطيتك) فيه: جواز اقتران الماضي الواقع حالًا جوابًا لـ (لو) بـ (قد)، فقول ابن هشام: إن ذلك غريب مردود، أو محمول على قلته. (هكذا وهكذا) زاد في نسخة: "وهكذا" وزاد في الشهادات: (فبسط يديه ثلاث مرات) (¬1). (عِدَة) أي: وعد. (فحثا لي حثية) بفتح المهملة وبمثلثة فيهما، والحثية ملء الكف، والمراد هنا: ملء الكفين. (خذ مثليها) [في نسخة: "مثلها"] (¬2) والضمير للخمسمائة، والتثنية وعدمها باعتبار النسختين السابق ذكرهما، والمشهور: التثنية، فالجملة: ألف وخمسمائة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2283) كتاب: الشهادات، باب: من أمر بإنجاز الوعد. (¬2) من (م).

4 - باب جوار أبي بكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعقده

ووجه مطابقته للترجمة: أن أبا بكر - رضي الله عنه - لما قام مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - تكفل بما عليه من واجب، أو تطوع. 4 - بَابُ جِوَارِ أَبِي بَكْرٍ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَقْدِهِ (باب: جوار أبي بكر في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعقده) أي: وعقد أبي بكر جواره والجوار بكسر الجيم وضمها: الأمان قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} [التوبة: 6] أي: أمنه، ومنه {وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [الأنفال: 48] أي: مجير. 2297 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَقَال أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ القَارَةِ، فَقَال: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ، فَأَعْبُدَ رَبِّي، قَال ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، فَإِنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلادِكَ، فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ فِي أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقَال لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ المَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ، وَقَالُوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ، فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ، وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ

يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، قَال ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلاةِ، وَلَا القِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلاةَ وَالقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إلا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الاسْتِعْلانَ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقَال: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ العَرَبُ، أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ، قَال أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لابَتَيْنِ"، وَهُمَا الحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَعَ إِلَى المَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي"، قَال أَبُو بَكْرٍ: هَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَال: "نَعَمْ"، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. [انظر: 476 - فتح: 4/ 475] (يحيى بن بكير) نسبة إلى جده وإلا فهو يحيى بن عبد الله بن بكير. (فأخبرني عروة) عطف على مقدر أي: أخبرني فلان بكذا فأخبرني عروة. (لم أعقل) أي: لم أعرف (أبوي) أي: أبا بكرٍ وأم رومان، وزاد

في نسخة: "قط". (وقال أبو صالح) زاد في نسخة: "سلمويه" بفتح اللام وتحتية بعد الواو، وهو لقبه واسمه: سليمان بن صالح، وقيل: عبد الله بن صالح، وقيل: محبوب بن موسى الفراء (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد، وزاد في نسخة قبل قوله: (وقال أبو صالح) "قال أبو عبد الله" وكلاهما إلى آخر التعليق ساقط من أخرى. (برْك الغماد) بفتح الموحدة، وكسرها، وسكون الراء، وكسر الغين المعجمة: موضع بأقصى هجر، وقيل: باليمن. (ابن الدغنة) بفتح المهملة [وكسر المعجمة وفتح النون المخففة، وفي نسخةٍ: بضم المهملة] (¬1) والمعجمة وفتح النون المشدَّدة، وفي أخرى: بفتح المهملة والمعجمة والنون المشددة، وفي أخرى: بفتح المهملة وسكون المعجمة وفتح النون المخففة: وهو اسم أمه، واسمه: الحارث بن يزيد، وقيل: مالك، وقيل: ربيعة بن ربيع، وهو وَهْمٌ؛ لأن ربيعة بن الدغنة غير مذكور هنا؛ لأنه سلمي، والمذكور هنا قاري، منسوب إلى قارة المذكورة في قوله (وهو: سيد القارة) وهي بقاف وراء مخففة: قبيلة موصوفة بجودة الرمي: وهم بنو الهون، بضم الهاء وسكون الواو: ابن خرشة، بفتحات. (أن أسيح) أي: أن أسير. (فاعبد) في نسخة: "واعبد". (لا يخرج) بالبناء للفاعل. (ولا يُخرج) بالبناء للمفعول. (تكسب) بفتح الفوقية وضمها، أي: تعطي. (المعدوم) أي: الفقير الذي لفقره، كالمعدوم. (وتصل الرحم) أي: القرابة. (الكل) بفتح الكاف وتشديد اللام، أي: الذي لا يستقل بأمره. (أو الثقل) بكسر المثلثة وسكون ¬

_ (¬1) من (م).

القاف وفتحها، أي: ثقل العجزة. (وتقري الضيف) بفتح الفوقية وضمها، أي: تهيء له طعامه ونزله. (على نوائب الحق) أي: حوادثه، وهذا مع المتعاطفات قبله، كقول خديجة - رضي الله عنها - في أوَّل الكتاب ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -. لمَّا أخبرها بأوَّل مجيء الملك له وقد مرّ ثَمَّ بيانه (¬1) مع زيادة (جار) أي: مجير. (لا يخرج مِثلُهُ) ببناء (يخرج) للفاعل وهو مثله و (لا يخرج) بالبناء للمفعول وهو ضمير مستتر يعود إلى (مثله). (يكسب) بفتح التَّحتيَّة وضمِّها. (فأنفذت) بذال معجمة أي: أمضت (وآمَنُوا أبا بكر) بمدِّ الهمزة أي: جعلوه في أمن. (مُر أبا بكر) أي: أن يعبد ربَّه فإن أراد ذلك وقبل ما يشترط عليه. (فليعبد ربَّه في داره) فالفاء واقعة في جواب شرط محذوف. (فليصلِّ) في نسخة: "وليصل". (بذلك) أي: بما ذكر من الصَّلاة والقراءة. (ولا يستعلن) أي: يجهر. (أن يفتن) من الفتنة. والافتتان والتفتين أي: يخرج. (أبناءنا ونساءنا) من دينهم إلى دينه. (ذلك) أي: ما شرطه كفار قريش على أبي بكر فَطِفق بكسر الفاء وفتحها أي: أخذ (بدا) أي: ظهر (بفناء داره) أي: فيما امتد من جوانبها، والمسجد الذي بني فيه هو أوَّل مسجد بني في الإسلام (وبرز) أبو بكر أي: ظهر. (فيتقصَّف) بفوقيَّة مفتوحة بعد التَّحتَّية وفتح الصَّاد المشدَّدة، وفي نسخة: "وينقصف" بنون ساكنة بعد التحتَّية وبكسر الصَّاد المخففة أي: يزدحم عليه. (نساء المشركين وأبناؤهم) حتى يسقط بعضهم على بعض، وأصل التَّقصف: الكسر. (يعجبون) زاد في نسخة: "منه" (فأفزع) بزاي أي: فأخاف. (أجرنا) براء، وفي نسخة: بزاي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي.

5 - باب الدين

(أن يفتن) بالبناء للفاعل وفي نسخة: بالبناء للمفعول فقوله: (أبناءَنا ونساءَنا) منصوب على الأوَّل، ومرفوع على الثَّاني. (فسله) بفتح السين وسكون اللَّام فعل أمر. (ذمَّتك) أي: عهدك. (أن نخفرك) بضم النُّون، وسكون المعجمة، وكسر الفاء أي: أن ننقض عهدك. يُقال خفرته أي: أجرته وضمنته، وأخفرته أي: نقضت عهده. (أخفرت) بالبناء للمفعول أي: غدرت. (إني) في نسخة: "فإنِّي". (جوارك) أي: أمانك. (أُريت) بالبناء للمفعول (سبخة) بفتح المهملة والمعجمة بينهما موحدة ساكنة أو مفتوحة: أرض تعلوها الملوحة. (بين لابتين) تثنية لابة: أرض فيها حجارة سود، وهي الحرة بفتح المهملة. (فهاجر) في نسخةٍ: "وهاجر". (على رِسلك) بكسر الرَّاء أي: مهلك. (بأبي أنت) مبتدأ وخبر أي: أنت مفديٌّ بأبي. (فحبس أبو بكر نفسه) أي: منعها من الهجرة. (ورق السَّمُر) بفتح المهملة وضمِّ الميم أي: الخبط وكل شجر عظيم له شوك. ومطابقة الحديث للتَّرجمة: أن المجير ملتزم للمجار أن لا يؤذى من جهة من أجاره، وضامن له ذلك. وفيه: أنَّه إذا خشي المؤمن على نفسه من ظالم جاز له أن يستجير بمن يحميه وإن كان كافرًا، وأن من اختار الرِّضا بجوار الله وقاه الله شرَّ ما يخاف منه، وفضيلة أبي بكر. 5 - باب الدَّيْنِ (بابُ: الدَّيْنِ) ساقط من نسخة، وكذا الحديث الآتي، و "الدَّين" بفتح الدَّال والمراد: بيان حكمه بالنسبة إلى الصَّلاة على من هو عليه.

2298 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ المُتَوَفَّى، عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: "هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا؟ "، فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلَّا قَال لِلْمُسْلِمِينَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ"، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الفُتُوحَ، قَال: "أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا، فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ". [2398, 2399, 4781, 5371, 6731, 6745, 6763 - مسلم: 1619 - فتح: 4/ 477] (المتوفى) بفتح الفاء المشدَّدة أي: الميت. (فضلًا) أي: قدرًا زائدًا على مؤنة تجهيزه، وفي نسخة: "قضاء" أي: وفاءً لدينه. (فإن حُدِّث) بالبناء للمفعول. (فمن تُوفي من المؤمنين فترك دينًا فعليَّ قضاؤهُ) أي: مما أفاء الله عليَّ من المغانم والصَّدقات، وهذا ناسخ لتركه الصَّلاة على من مات وعليه دين.

40 - كتاب الوكالة

40 - كِتَاب الوكَالةِ

1 - [باب] باب وكالة الشريك الشريك في القسمة وغيرها

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 40 - كِتَاب الوَكَالةِ 1 - [باب] بَابُ وَكَالةِ الشَّرِيكِ الشَّرِيكَ فِي القِسْمَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ "أَشْرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِقِسْمَتِهَا". [انظر: 1085، 1707] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [مؤخرة في نسخةٍ عن قوله] (¬1): (كتاب الوكالة) هي بفتح الواو وكسرها لغةً: التفويض، وشرعًا: تفويض شخص أمره إلى آخره فيما يقبل النِّيابة، ولها أركان وشروطٌ مذكورة في كتب الفقه. (باب في) ساقط من نسخة فصار اللَّفظ: "كتاب الوكالة" (وكالة الشريك) وفي أخرى: "كتاب الوكالة ووكالة الشَّريك" بإسقاط ما ذكر وزيادة واو. (الشريك في القسمة وغيرها) بالجر بدل من (الشَّريك) قبله، وبالرَّفع استئناف، وبالنَّصب بوكالة، أو بمقدَّر كأعني. 2299 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلالِ البُدْنِ الَّتِي نُحِرَتْ، وَبِجُلُودِهَا". [انظر: 1707 - مسلم: 1317 - فتح: 4/ 479] (قبيصة) أي: ابن عقبة العامري. (سفيان) أي: الثَّوري. (ابن أبي ¬

_ (¬1) من (م).

2 - باب إذا وكل المسلم حربيا في دار الحرب، أو في دار الإسلام جاز

نجيح) هو عبد الله. (بجلال البُدن) بكسر الجيم جمع جل: وهو ما يلبس للدَّابة و (البُدن) بضم الموحدة وسكون المهملة جمع بدنة. (نحرت) بالبناء للمفعول وهو ضمير البدن وبالبناء للفاعل وهو التاء المضمومة الرَّاجعة لعلي - رضي الله عنه -، ووجه مطابقته للترجمة: ما علم من أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أشركه معه في هديه. 2300 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "ضَحِّ بِهِ أَنْتَ". [2500 , 5547 , 5555 , - مسلم: 1965 - فتح: 4/ 479] (عن يزيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله. (أعطاه غنمًا) أي: للضحايَا. (عَتُودٌ) بفتح أوَّله: ما رعي من أولاد المعْز وقوي وأتى عليه حول. (ضح أنت) في نسخة: "ضحِّ به أنت" ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: "ضح به أنت" فإنَّه - صلى الله عليه وسلم - علم أن عقبة كان من جملة من كان له حظ في تلك القسمة. فكأنه كان شريكًا لهم وهو الذي تولَّى القسمة. 2 - بَابُ إِذَا وَكَّلَ المُسْلِمُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الحَرْبِ، أَوْ فِي دَارِ الإِسْلامِ جَازَ (باب: إذا وكل المسلمَ حربيًّا في دار الحرب أو في دار الإسلام جاز) أي: توكيله. 2301 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ المَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا، بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي صَاغِيَتِي بِمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ" قَال: لَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَكَاتَبْتُهُ: عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لِأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ، فَأَبْصَرَهُ بِلالٌ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ، فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا، خَلَّفْتُ لَهُمُ ابْنَهُ لِأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا، قُلْتُ لَهُ: "ابْرُكْ" فَبَرَكَ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي لِأَمْنَعَهُ، فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بِسَيْفِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الأَثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ، [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "سَمِعَ يُوسُفُ صَالِحًا، وَإِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ] [3971 - فتح: 4/ 470] (الماجشُون) بكسر الجيم وفتحها معناه المورَّد: وهو لقبه، واسمه: يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة المدني. (كاتبت أميَّة بن خلف) في نسخة: "عاهدت أمية بن خلف وكاتبته". (صاغيتي) بمهملة ثم معجمة بينهما ألف أي: مالي، أو خاصتي ومن يصغي أي: يميل إليَّ. (عبد عمرو) برفعه خبر مبتدإٍ محذوف أي: فكاتبته باسمي الذي كان في الجاهلية: وهو عبد عمرو، وبنصبه بنزع الخافض أي: كاتبته بعبد عمرو أي: باسمه. (فلَّما كان في يوم بدر) في نسخة: "فلمَّا كان يوم بدر" بحذف (في) ورفع (يوم). (لأحرزه) بضمِّ الهمزة وسكون المهملة وبراء مكسورة أي: أحفظه وفي نسخة: بفتح الهمزة وضمِّ المهملة، وبواو أي: أجمعه وأضمه والضَّمير لأمية. (حين نام النَّاس) أي: لأصون دمه. (من الأنصار) لفظة: (من) ساقطة [من نسخة] (¬1). (فقال أميَّة) بالنَّصب ¬

_ (¬1) من (م).

3 - باب الوكالة في الصرف والميزان

أي: دونكم، أو الزموا أميَّة، وبالرَّفع أي: هذا أميَّة. (لأشغلهم) بفتح الهمزة والغين، وفي نسخةٍ: بالضمِّ والكسر، وفي أخرى: "لنشغلهم" بنون بدل الهمزة، وفي أخرى: "يشغلهم" بحذف اللام وبتحتية بدل الهمزة والنون. (ثم أبوا) بموحَّدة، وفي نسخةٍ: ثم "أتوا" بفوقية. (فألقيت عليه نفسي لأمنعه) أي: منهم، وإنَّما فعل عبد الرحمن ذلك؛ لأنه بينه وبين أميَّة صداقة وعهد فقصد أن يفي بالعهد. (فتخللوه بالسيوف) بخاء معجمة أي: أدخلوا أسيافهم خلاله حتى وصلوا إليه، وطعنوه بها من تحتي، من قولهم: خللته بالرُّمح وأخللته أي: طعنته به وفي نسخة: بجيم أي: غشّوه بالسيوف (حتى قتلوه) اختلف في قاتله حقيقة فقيل: رجل من الأنصار، وقيل: بلال، وقيل: معاذ بن عفراء، وخارجة بن زيد، وحبيب بن أُساف، ورفاعة بن رافع الزرقي. (قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة. وقوله: (وإبراهيم) بالنَّصب عطف على (صالحًا) بقرينة. قوله: (أباه) حيث لم يقل: أبوه فالقول بأنَّه بالرَّفع سهو، وفائدة ذلك: تحقيق السَّماع. 3 - بَابُ الوَكَالةِ فِي الصَّرْفِ وَالمِيزَانِ وَقَدْ "وَكَّلَ عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ فِي الصَّرْفِ". (باب: الوكالة في الصَّرف) أي: بيع النقد بالنَّقد (والميزان) أي: وفي موزون الميزان أي: بيعه. 2302، 2303 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ المَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَال: "أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا"، فَقَال: إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا

4 - باب إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت، أو شيئا يفسد، ذبح وأصلح ما يخاف عليه الفساد

بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاثَةِ، فَقَال: "لَا تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا"، وَقَال فِي المِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ. [انظر: 2201، 2202 - مسلم: 1593 - فتح: 4/ 481] (رجل) قيل: هو سواد بن غُزية، وقيل: مالك بن صعصعة. (جنيب) بفتح الجيم وكسر النون الخيار من التمر. (فقال): في نسخة: "قال". (من هذا) ساقط من نسخة. (بالصَّاعين) في نسخة: "بصاعين" (بع الجمع) هو: التمر المختلط من الجيِّد والرَّديء. (في الميزان) أي: في موزون الميزان. (مثل ذلك) أي: لا تبع رطلًا برطلين، بل بع بالدَّراهم ثم ابتع بالدَّراهم. ومطابقته للترجمة: في قوله: (بع الجمع بالدَّراهم) إلى آخره من حيث أنَّه - صلى الله عليه وسلم - فوَّض أمر ما يكال ويوزن إلى غيره فهو في معنى: التوكيل، ويلتحق به الصَّرف، ومرَّ الحديث في كتاب: البيوع في باب: إذا أراد بيع تمر بتمر خيرٌ منه (¬1). 4 - بَابُ إِذَا أَبْصَرَ الرَّاعِي أَوِ الوَكِيلُ شَاةً تَمُوتُ، أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ، ذَبَحَ وَأَصْلَحَ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الفَسَادَ (¬2) (باب: إذا أبصر الرَّاعي) أي: للغنم. (أو الوكيل) أي: أو أبصر ¬

_ (¬1) سبق برقم (2201، 2202) كتاب: البيوع، باب: إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 67: قصده بالحديث الفرق بين الذبح لقصد الإصلاح وبين ذبح التعدي وذلك سيأتي في الصيد أن ذبح المتعدي عنده ميتة وها هنا أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكله فدل على حله ولا يكون الذابح متعديًا ويلزم من الحكم بعدم التعدي الجواز.

الوكيل في شأنها، أو شأن غيرها (شاة تموت) أي: تشرف على الموت، أو شيئًا ممَّا وكِّل فيه الوكيل. (يفسد) أي: يشرف على الفساد كفاكهة. (ذبح) أي: الرَّاعى، أو الوكيل الشاة. (وأصلح) في نسخة: "أو أصلح" أي: الوكيل. (ما يخاف عليه الفساد) في نسخة بدل (ذبح) إلى آخره الذي هو جواب إذا فـ "أصلح ما يخاف عليه الفساد" فيكون عطفًا على (أبصر) وجواب (إذا) محذوف أي: جاز. 2304 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ المُعْتَمِرَ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَال لَهُمْ: لَا تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أُرْسِلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَسْأَلُهُ، وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَاكَ، أَوْ أَرْسَلَ، "فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا" قَال عُبَيْدُ اللَّهِ: "فَيُعْجِبُنِي أَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ" تَابَعَهُ عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. [5501 , 5502 , 5504 - فتح: 4/ 482] (حدَّثنا) في نسخةٍ: "حدَّثني". (عبيد الله) أي: ابن عبد الله بن عمر. "لهم" في نسخة: "له". (بِسلْع) بفتح المهملة وسكون اللَّام وبمهملة: جبل بالمدينة. (من غنمنا) في نسخة: "من غنمها" أي: غنم الجارية التي ترعاها فالإضافة للاختصاص لا للملك. (أسأل النبي) في نسخة: "أسأل رسول الله". (أو أُرسل) شكٌّ من الرَّواي. (تابعه) أي: المعتمر. (عبده) أي: ابن سليمان الكوفي. وفي الحديث: تصديق الرَّاعي والوكيل فيما أؤتمنا عليه حتى يظهر عليهما دليل الخيانة، وأنَّ ذبيحة الأمَّة جائزة، والذبح بكلِّ جارح إلَّا

5 - باب: وكالة الشاهد والغائب جائزة

السّن والظّفر، ووجه مطابقة الحديث للترجمة بالرَّاعي: ظاهر من رعي الجارية، وقيس به الوكيل؛ لأنَّ يدَّ كلٌّ منهما يد أمانة. 5 - بَابٌ: وَكَالةُ الشَّاهِدِ وَالغَائِبِ جَائِزَةٌ وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قَهْرَمَانِهِ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ: "أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ أَهْلِهِ الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ". (باب: وكالة الشَّاهد) أي: الحاضر (والغائب جائزة) وقد استدل على جوازها للحاضر بما يأتي في الحديث، وللغائب بقوله: (وكتب) إلى آخره. (إلى قهرمانه) بفتح القاف والرَّاء أي: خادمه القائم بقضاء حوائجه. (أن يُزكِّي عن أهله) أي: زكاة الفطر. 2305 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَال: "أَعْطُوهُ"، فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إلا سِنًّا فَوْقَهَا، فَقَال: "أَعْطُوهُ"، فَقَال: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَى اللَّهُ بِكَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً". [2306 , 2390 , 2392 , 2401 , 2606 , 2609 - مسلم: 1601 - فتح: 4/ 482] (سفيان) أي: الثَّوري. (عن سلمة) أي: "ابن كهيل" كما في نسخة. (كان لرجل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - سِنٌ) [أي: حمل له سنٌّ] (¬1) معَيَّن من أسنان الإبل وهي حوار ثمَّ بعد فصله عن أمِّه: فصيل، ثم في السَّنة الثَّانية: ابن مخاض وبنت مخاض، وفي الثَّالثة: ابن لبون وبنت لبون، وفي الرَّابعة: حق وحقة، وفي الخامسة: جذع وجذعه. وفي السادسة: ثنى وثنية، وفي السابعة: رباعي ورباعية، وفي الثامنة: سديس وسديسة ¬

_ (¬1) من (م).

6 - باب الوكالة في قضاء الديون

وفي التاسعة: باذل، وفي العاشرة: مخلف. (أعطوه) زاد في الباب الآتي: (سنا مثل سنه). ومطابقته للترجمة: بوكالة الحاضر في قوله: (أعطوه) (أوفى الله بك) أي: أوفاك الله، لكنه زاد الباء في المفعول؛ توكيدًا. (أحسنكم قضاء) خبر إنَّ. (وقضاءً) نصب على التَّمييز. 6 - بَابُ الوَكَالةِ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ (باب: الوكالة في قضاء الدُّيون) أي: وفائها وهذا الباب يغني عنه ما قبله وإن كان بينهما بعض تفاوت في الألفاظ. 2306 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ، فَأَغْلَظَ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا"، ثُمَّ قَال: "أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، [لا نجد] إلا أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ، فَقَال: "أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً". [انظر: 2305 - مسلم: 1601 - فتح: 3/ 483] (شعبة) أي: ابن الحجَّاج. (أبا سلمة) هو عبد الله، أو إسماعيل. (يتقاضاه) أي: يطلب منه قضاء دين جمل له سن معيَّن، كما مرَّ. (فأغلظ) أي: شدَّد في المطالبة. (دعوه) أي: أتركوه. (مقالًا) أي: صولة الطَّلب (أمثل) أي: أفضل. (فقال) في نسخة: "قال". (فإنَّ خيركم) في نسخة: "فإن من خيركم". (أحسنكم) بالرَّفع على الأولى وبالنَّصب على الثَّانية.

7 - باب إذا وهب شيئا لوكيل أو شفيع قوم جاز

7 - بَابُ إِذَا وَهَبَ شَيْئًا لِوَكِيلٍ أَوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جَازَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَفْدِ هَوَازِنَ حِينَ سَأَلُوهُ المَغَانِمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَصِيبِي لَكُمْ". (باب: إذا وهب) أي: أحد. (شيئًا لوكيل، أو شفيع قوم جاز) أي: ذلك ويجوز قراءة (وكيل) بالتنوين أي: وكيل قوم، وبإضافته إلى ما أضيف إليه (شفيع)، كما في قوله: بين ذراعي وجبهة الأسد والتَّقدير: بين ذراعي الأسد وجبهته. (هوازن) قبيلة من قيس. (نصيبي لكم) ظاهره كالترجمة: أن الهبة وقعت لوفد هوازن الشافعين لهم فقط ولبس مرادًا بل المرادُ: أنَّها للجميع. 2307، 2308 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: وَزَعَمَ عُرْوَةُ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَبُّ الحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا المَال، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ"، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إلا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ" فَقَال النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ" فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ: أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا.

8 - باب إذا وكل رجل رجلا أن يعطي شيئا، ولم يبين كم يعطي، فأعطى على ما يتعارفه الناس

الحديث 2307 - [2539, 2584, 2607، 3131, 4318, 7176 - فتح: 4/ 483] الحديث 2308 - [2540, 2583, 2608, 3132, 4319, 7177 - فتح: 4/ 483] (قال: وزعم) الواو عاطفة على محذوف أي: قال: كذا وكذا. (وزعم عروة) إلى آخره والزعم هنا: القول المحقق. (أخبراه أنَّ رسول الله) إلى آخره ظاهره: أن مروان والمسور أخبراه ذلك، لكن مروان لم يثبت له سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كان صحابيًّا قد كان ابن ثمان سنين حين وفاته - صلى الله عليه وسلم -. (وقد) في نسخة: "فقد". (استأنيت) أي: انتظرت (بكم) في نسخةٍ: "بهم" والباء زائدة للتوكيد. (حين قفل) أي: رجع (وإنِّي قد رأيت أن أردّ إليهم سبيهم) هو موضع التَّرجمة إذا الوفد كانوا وكلاء شفعاء في ردِّ سبيهم. (أن يطيب) بضم الياء وفتح الطَّاء وتشديد التَّحتية المكسورة أي: أن يطيب نفسه، وفي نسخةٍ: بفتح الياء وكسر الطَّاء وسكون التَّحتيَّة أي: أن يطيب نفسه، فنفسه المقدَّر منصوب في الأوَّل، ومرفوع في الثّاني. (على حظه) أي: نصيبه من السبي. (يفيء الله) بضمِّ الياء. (طيَّبنا) بتشديد التحتية أي: جعلناه طيبًا بمعنى طابت به أنفسنا. (لرسول الله) أي: لأجله وفي نسخة: "يا رسول الله". (يرفعوا إلينا عرفاؤكم) بالواو على لغة: أكلوني البراغيث، وفي نسخة بحذفها على الأصل. والعرفاء: جمع عريف، وهو الذي يعرف أمور القوم وهو النَّقيب. (أنهم) أي: الوفد. (وأذنوا) أي: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يردّ إليهم السبي. 8 - بَابُ إِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يُعْطِي، فَأَعْطَى عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ (باب: إذا وكلَّ رجل) زاد في نسخة: "رجلًا" أن يعطي شيئًا ولم يبيِّن كم يعطي فأعطى ما يتعارفه النَّاس) أي: فهو جائز.

2309 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَغَيْرِهِ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَمْ يُبَلِّغْهُ كُلُّهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ إِنَّمَا هُوَ فِي آخِرِ القَوْمِ، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَنْ هَذَا؟ "، قُلْتُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "مَا لَكَ؟ "، قُلْتُ: إِنِّي عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ، قَال: "أَمَعَكَ قَضِيبٌ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "أَعْطِنِيهِ"، فَأَعْطَيْتُهُ، فَضَرَبَهُ، فَزَجَرَهُ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ المَكَانِ مِنْ أَوَّلِ القَوْمِ، قَال: "بِعْنِيهِ"، فَقُلْتُ: بَلْ، هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "بَلْ بِعْنِيهِ قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى المَدِينَةِ"، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ أَخَذْتُ أَرْتَحِلُ، قَال: "أَيْنَ تُرِيدُ؟ "، قُلْتُ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً قَدْ خَلا مِنْهَا، قَال: "فَهَلَّا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ"، قُلْتُ: إِنَّ أَبِي تُوُفِّيَ، وَتَرَكَ بَنَاتٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْكِحَ امْرَأَةً قَدْ جَرَّبَتْ خَلا مِنْهَا، قَال: "فَذَلِكَ"، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ، قَال: "يَا بِلالُ، اقْضِهِ وَزِدْهُ"، فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَزَادَهُ قِيرَاطًا، قَال جَابِرٌ: لَا تُفَارِقُنِي زِيَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُنِ القِيرَاطُ يُفَارِقُ جِرَابَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح: 4/ 485] (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (ولم يبلغه) بالتشديد أي: الحديث (كلهم) فاعل يبلغ (رجل) فاعل فعل محذوف أي: بل بلغه رجل واحد منهم فقط، وذكر شيخنا أن المشهور في الرِّواية كله بإفراد الضَّمير ونصب كل تأكيدًا للضمير والمعنى: ولم يبلغ الحديث. كله رجل واحد منهم أي: ليس جميع الحديث عند واحد منهم بعينه، وإنَّما عند بعضهم منه ما ليس عند الآخر (¬1). (ثفال) بفتح المثلَّثة وتخفيف الفاء صفة لجمل أي: بطيء ¬

_ (¬1) "الفتح" 4/ 485.

9 - باب وكالة المرأة الإمام في النكاح

السَّير. (ما لك؟) أي: تأخرت. (فقلت) في نسخة: "فقال". (قال: بعنيه) في نسخة: "قال: بل بعينه". (قال: قد أخذته بأربعة دنانير). اختلفت الرِّوايات في قدر الثَّمن وقد مرَّ بيانه في البيع (¬1). (ولك ظهره إلى المدينة) أي: عارية. (قد خلا منها) أي: ذهب منها بعض شبابها ومضى من عمرها وما جربت به الأمور، وفي نسخة: "قد خلا منها زوجها" أي: مات. (فهلا جارية) أي: فهلَّا تزوجت بكرًا. (قد جرّبت) أي: اختبرت حوادث الدَّهر التي تقدْر بها على تعهد أخواتي وتفقد أحوالهن. (فذلك) مبتدأ حذف خبره أي: مبارك، أو نحوه. (اقضه) أي: ثمن جمله. (جراب جابر) بكسر الجيم، وفي نسخة: "قُراب" بقاف أي: قراب سيفه. 9 - بَابُ وَكَالةِ المَرْأَةِ الإِمَامَ فِي النِّكَاحِ (باب: وكالة الامرأة، في نسخة: "المرأة". (الإِمام في النِّكاح) أي: عقده. 2310 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِي، فَقَال رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا، قَال: "قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [5029, 5030, 5087, 5121, 5126, 5132, 5135, 5141, 5149, 5150, 5871 - مسلم: 1425 - فتح: 4/ 486] (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار الأعرج. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2097) كتاب البيوع، باب: شراء الدواب والحمير.

10 - باب إذا وكل رجلا، فترك الوكيل شيئا فأجازه الموكل فهو جائز، وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز

(جاءت امرأة) هي خولة بنت حكيم، أو أم شريك الأزديَّة. (وهبت لك) لفظ: (لك) ساقط من نسخة. (من نفسي) بزيادة: (من) للتوكيد في لغة، وهي ساقطة من نسخة، والمراد من هبة نفسها: هبة أمرها. (بما معك من القرآن) الباء للتعويض، كهي في نحو: بعتك العبد بألف، وفي ذلك جواز كون الصَّداق تعليم القرآن، واستحباب عرض المرأة نفسها على الصلحاء؛ لتزويجها، وأن من طلب منه حاجةً لا يمكنه قضاؤها أن يسكت ولا يخجله بالمنع. ووجه مطابقته للترجمة: أنَّها فوَّضت أمرها - صلى الله عليه وسلم - بقولها له: (قد وهبت لك نفسي) والتفويض توكيل. 10 - بَابُ إِذَا وَكَّلَ رَجُلًا، فَتَرَكَ الوَكِيلُ شَيْئًا فَأَجَازَهُ المُوَكِّلُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى جَازَ (باب: إذا وكَّلِ) أي: "رجل" كما في نسخة. (رجلًا فترك الوكيل شيئًا) من تعلق ما وَكل فيه. [(فأجازه الموكل فهو جائز وإن أقرضه) أي: شيئًا مما وكل فيه.] (¬1) (إلى أجل مُسمَّى جاز) أي: إذا أجازه الموكِّل، وهذا مع ما قبله خاص بما يأتي في الحديث، وإلا فمعلوم أنَّ الوكيل لا يتصرف في شيء مما وكل فيه إلَّا بإذن موكِّله صريحًا، أو ضمنًا. 2311 - وَقَال عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: إِنِّي ¬

_ (¬1) من (م).

مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَال: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ"، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَال: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ"، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لَا أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَال: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ"، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاثِ مَرَّاتٍ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ قَال: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا، قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَال: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَال عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَال: "مَا هِيَ"، قُلْتُ: قَال لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، وَقَال لِي: لَنْ يَزَال عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ - وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ - فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ"، قَال: لَا، قَال: "ذَاكَ شَيْطَانٌ". [3275، 5010 - فتح: 4/ 487] (عوف) أي: ابن أبي جميلة العبدي. (زكاة رمضان) أي: زكاة الفطر منه. (يحثو) بمثلثة أي: يأخذ بكفيْه. "والله" ساقط من نسخة. (وعليَّ عيالٌ) أي: نفقتهم، أو (عليَّ) بمعنى اللَّام.

(ولي) في نسخة: "وبي". (ما فعل أسيرك) سُمِّي أسيرًا؛ لأنه كان قد ربطه بسير كما هو عادة العرب. وفيه: اطلاعه - صلى الله عليه وسلم - على بعض المغيبات، وروي الطبراني: أنَّ جبريل جاء إليه وأخبره بذلك. (أما) بالتخفيف حرف افتتاح فقوله: (إنَّه) بالكسر، وفي نسخة: بالفتح بجعل "أما" بمعنى: حقًّا (كذبك) بتخفيف الذَّال. (فرصدته) أي: ترقبته (فجاء) في نسخة: "هنا" وفيما يأتي "فجعل". (أنَّك تزعم) بكسر الهمزة افتتاح وبفتحها بتزعم. (عني) أي: اتركني. (أعلَّمك) بالجزم جواب (دعني). وبالرفع؛ خبر مبتدأ محذوف، والجملة جواب: (دعني) (ينفعك الله بها) صفة لـ (كلمات) ونفعها ما رواه البيهقي بلفظ: "من قرأها" أي: آية الكرسي حين يأخذ مضجعه آمنه الله تعالى على داره ودار جاره وأهل دويرات حوله، أو ما يأتي في الحديث من قوله: (لن يزال عليك من الله حافظ) إلى آخره. (ما هو؟) أي: ما ذكرته من الكلمات. (أويت) بالقصر على المشهور، أي: أتيت. (من الله) متعلق بقوله: (حافظ) بمعنى: حافظ من عند الله، أو من جهة أمر الله وقدره، أو من بأس الله ونقمته، كقوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: 11] (ولا يقربنك) بفتح الرَّاء والموحدَّة، ونون التوكيد الثَّقيلة وفي نسخةٍ: "ولا يقربك" بحذف النون ونصب الفعل، وهو على النسختين عطف على (يزال). (شيطان) في نسخة: "الشيطان" [(قلت) في نسخةٍ: "فقلتُ". (قال) في نسخةٍ: "قلتُ". (حتى تختم) أي: "الآية" كما في نسخةٍ. (لن يزال) في نسخةٍ: "لم يزل". (ولا يقربك) بالنصب والرفع. (شيطان) في نسخة:

11 - باب: إذا باع الوكيل شيئا فاسدا، فبيعه مردود

"الشيطان"] (¬1). (منذ) في نسخة: "مُذْ" ووجه مطابقته للجزء الأوَّل من التَّرجمة قوله: (فخليت سبيله) حيث تركه أبو هريرة وهو وكيل في حفظ زكاة الفطر الجابي للطعام وأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجازه، وللجزء الثَّاني منها: تخلية أبي هريرة الجاثي للطعام إلى وقت قسمته على مستحقيِّ الزَّكاة فكأنَّه أقرضه ذلك إلى أجل ولا غرض له في تأجيله وأخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجازه. 11 - بَابٌ: إِذَا بَاعَ الوَكِيلُ شَيْئًا فَاسِدًا، فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ (باب: إذا باع الوكيل شيئًا) أي: مما وكل فيه بيعًا (فاسدًا فبيعه مردودٌ) أي: باطل. 2312 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى، قَال: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الغَافِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ بِلالٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ "، قَال بِلالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: "أَوَّهْ أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِهِ". [مسلم: 1594 - فتح: 4/ 490] (إسحاق) أي: ابن راهوية، أو ابن منصور. (يحيى ابن سلَّام) بتشديد اللَّام. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (برني) بسكون الراء: أجود التمر وهو مدوَّر أصفر. (عندنا) في نسخة: "عندي". (ردي) بتشديد الياء، وفي نسخة: بالمد والهمز. (ليطعم) بضمِّ التَّحتيَّة وكسر العين أي: بلال ففيه التفات، وفي نسخة: بنون مضمومة، وفي أخرى: ¬

_ (¬1) من (م).

12 - باب الوكالة في الوقف ونفقته، وأن يطعم صديقا له ويأكل بالمعروف

بفتح الياء والعين ورفع (النبي) على الفاعلية. (أوّهْ أوّهْ) بفتح الهمزة وتشديد الواو وسكون الهاء على المشهور: وهي كلمة تقال عند الشكاية والحزن، وإنَّما تأوه ليكون أبلغ في الزَّجر ولهذا كرره كما كرَّر، قوله: (عين الرباعين الربا) أي: هذا البيع هو عين الرِّبا حقيقة. (ثم اشتري به) أي: بثمن الردي، وفي نسخة: "ثم اشتره" أي: الجيد. 12 - بَابُ الوَكَالةِ فِي الوَقْفِ وَنَفَقَتِهِ، وَأَنْ يُطْعِمَ صَدِيقًا لَهُ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ (باب: الوكالة في الوقف ونفقته) ونفقة الوكيل وهو مع قوله: (وأن يطعم صديقًا له ويأكل بالمعروف) عطف على الوكالة، و (أن) مصدريَّة أي: وإطعام الوكيل صديقه وأكله بما يتعارفه الوكلاء فيه. 2313 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال فِي صَدَقَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لَيْسَ عَلَى الوَلِيِّ جُنَاحٌ أَنْ يَأْكُلَ وَيُؤْكِلَ صَدِيقًا لَهُ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا" فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ "هُوَ يَلِي صَدَقَةَ عُمَرَ، يُهْدِي لِنَاسٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ". [2737, 2764, 2772, 2773, 2777 - مسلم: 1632 - فتح: 4/ 491] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (قال) أي: عمرو. (في صدقة عمر) أي: ابن الخظاب بإضافة (صدقة) إليه، وقال الكرماني: مع هذا صدقة بالتَّنوين (¬1) و (عمر) فاعل (قال) فهو مرسل؛ لأن عَمْرًا لم يدرك عُمرَ. (ليس على الوالي) أي: الذي يتولَّى أمرَ الوقف. (جناح) أي: إثم. (صديقًا) زاد في نسخة: "له": (غير مُتَأثِّلٍّ) بمثلثة بعد الهمزة أي: متأصِّلٍّ. (مالًا) فالمتأصل من يجمع ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني"10/ 143.

13 - باب الوكالة في الحدود

مالًا ويجعله أصلًا. (يهدي النَّاس) في نسخة: "لناس" أي: من أصدقائه. (كان) أي: ابن عمر ينزل عليهم أي: على النَّاس وجملة (كان ينزل عليهم) حال بتقدير: قد، كما في قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] أي: قد حصرت. 13 - بَابُ الوَكَالةِ فِي الحُدُودِ (باب: الوكالة في الحدود) أي: جواز الوكالة فيها. 2314 - 2315 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". الحديث 2314 - [2649, 2696, 2725, 6634, 6828, 6831, 6836, 6843, 6860, 7194, 7259, 7279 - فتح: 4/ 491] الحديث 2315 - [2695, 2724, 6633, 6827, 6833, 6835, 6842, 6859, 7193, 7258, 7260, 7278 - مسلم: 1697, 1698 - فتح: 4/ 491] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (أخبرنا) في نسخة: "اخبرني". (عن عبيد الله) أي: "ابن عبد الله" كما في نسخة. (واغْدُ) أي: اذهب. (يا أنيس) هو الضَّحاك الأسلمي (على) في نسخةٍ: "إلى" والحديث مختصر من مطول سبق مرارًا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2695, 2696) كتاب الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح. وبرقم (2724، 2725) كتاب: الشروط، باب: الشروط التي لا تحل في الحدود. وبرقم (6633, 6634) كتاب: الإيمان والنذور، باب، كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -.

14 - باب الوكالة في البدن وتعاهدها

2316 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَّامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، قَال: "جِيءَ بِالنُّعَيْمَانِ، أَوْ ابْنِ النُّعَيْمَانِ، شَارِبًا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ فِي البَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوا" قَال: فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ، فَضَرَبْنَاهُ بِالنِّعَالِ، وَالجَرِيدِ. [6774, 6775 - فتح: 4/ 492] (ابن سلام) بتخفيف اللَّام وتشديدها. (عن أيُّوب) أي: السَّختياني. (عن ابن أبي مليكة) هو: عبد الله (بالنعيمان) بالتصغير، وفي نسخة: "بالنعمان" بالتكبير (أو ابن النعيمان) شك من الراوي. (شاربًا) أي: لمسكر أن يضربوا في نسخة: "أن يضربوه". 14 - بَابُ الوَكَالةِ فِي البُدْنِ وَتَعَاهُدِهَا (باب: الوكالة في البدن) أي: التي تهدى. (وتعاهدها) أي: بيان حكم ذلك. 2317 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَا فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى نُحِرَ الهَدْيُ". [انظر: 1696 - مسلم: 1321 - فتح: 4/ 492] (بيدي) بتشديد الياء، والحديث مختصر من مطول مرَّ في الحجِّ وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1696) كتاب: الحج، باب: من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم، وبرقم (5566) كتاب: الأضاحي، باب: إذا بعث بهديه، ليذبح لم يحرم عليه شيء.

15 - باب إذا قال الرجل لوكيله: ضعه حيث أراك الله، وقال الوكيل: قد سمعت ما قلت

15 - بَابُ إِذَا قَال الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ: ضَعْهُ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، وَقَال الوَكِيلُ: قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ (باب: إذا قال الرَّجل لوكيله: ضعه) أي: ما وكِّل فيه. (حيث أراك الله، وقال الوكيل: قد سمعت ما قلت) أي: فوضعه حيث أراد، وجواب (إذا) محذوف أي: جاز. 2318 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [سورة: آل عمران، آية رقم: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [سورة: آل عمران، آية رقم: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا، وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَال: "بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ"، قَال: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ، تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مَالِكٍ، وَقَال رَوْحٌ، عَنْ مَالِكٍ: "رَابِحٌ". [انظر: 1461 - مسلم 998 - فتح: 4/ 493] (يحيى بن يحيى) أي: ابن بكر بن زياد التميمي. (إسحاق بن عبد الله) أي: ابن أبي طلحة. (أبو طلحة) هو زيد بن سهل (تابعه) أي: يحيى بن يحيى. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس، وموضع التَّرجمة قول أبي طلحة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنها صدقة) إلى آخره، ومرَّ شرح الحديث في باب: الزكاة على الأقارب (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1461) كتاب: الزكاة، باب: الزكاة على الأقارب.

16 - باب وكالة الأمين في الخزانة ونحوها

16 - بَابُ وَكَالةِ الأَمِينِ فِي الخِزَانَةِ وَنَحْوهَا (باب: وكالة الأمين في الخزانة) أي: في أمرها، والخزانةُ بكسر المعجمة: ما يخزن فيه. 2319 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الخَازِنُ الأَمِينُ، الَّذِي يُنْفِقُ - وَرُبَّمَا قَال: الَّذِي يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا، طَيِّبًا نَفْسُهُ، إِلَى الَّذِي أُمِرَ بِهِ أَحَدُ المُتَصَدِّقَيْنِ". [انظر: 1438 - مسلم: 1023 - فتح: 4/ 493] (حدَّثنا محمد) في نسخةٍ: "حدَّثني محمد". (أبو أسامة) هو حمَّاد بن أسامة. (عن بُريد) بضم الموحَّدة. (ما أمر به) ببناء (أمر) للمفعول أي: ما أمره به آمره من الصَّدقة (إلى الذي أمر به) أي: بالإعطاء له وإلى متعلِّقة بيعطي بتضمينه معنى ينهى أو يؤدَّى، ومرَّ شرح الحديث في باب: أجر الخادم (¬1). ومطابقته للترجمة: من جهة أن الخازن الأمين فوض إليه الإنفاق والإعطاء بحسب أمر الآمر به. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1438) كتاب: الزكاة، باب: أجر الخادم.

41 - كتاب ما جاء في الحرث والمزارعة

41 - كِتَابُ مَا جَاءَ فِي الحَرْثِ والمُزَارَعَةِ

1 - باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 41 - [كِتَابُ] مَا جَاء فِي الحَرْثِ والمُزَارَعَةِ 1 - بَابُ فَضْلِ الزَّرْعِ وَالغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ، أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ، لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: 63 - 65]. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ما جاء في الحرث) أي: الزَّرع. (والمزارعة) هي المعاملة على زرع الأرض ببعض ما يخرج منها، والبذر من مالكها فإن كان من العامل فهي مخابرة وهما باطلتان إن أفردتا عن المساقاة، والكلام على الثَّلاثة مبسوط في كتب الفقه. (باب: فضل الزَّرع والغرس) بمعنى: المزروع والمغروس. (إذا أكل منه) أي: من كل منهما ونسخ البخاري هنا مختلفة، ففي نسخة بدل (ما جاء في الحرث): "كتاب الحرث"، وفي أخرى: بدل ذلك "في الحرث"، وفي أخرى: "كتاب المزارعة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" بتأخير البسملة وحذف ما جاء في الحرث والمزارعة، وفي أخرى: بعد البسملة وحذف ما بعدها. (باب: ما جاء في الحرث والزرع وفضل الزرع وقوله تعالى) في نسخة: "وقول الله" بالجرِّ عطف على فضل الزَّرع، وبالرَّفع استئناف. (ما

تحرثون) أي: تبذرون. ({أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ}) أي: تنبتونه، ووجه الاستدلال بالآية - على جواز الحرث: أنَّه تعالى امتنَّ علينا بإنبات ما نحرثه فدلَّ على جواز الحرث؛ لأنه لا يمتن بممنوع. 2320 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إلا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ" وَقَال لَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [6012 - مسلم: 1553 - فتح: 5/ 3] (أبو عوانة) هو الوضَّاح بن عبد الله اليشكري (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (قال رسول الله) في نسخة: "قال النبي". (ما من مسلم) إلى آخره خرج بالمسلم الكافر فلا أجر له في شيء من ذلك، ونقل فيه القاضي عيَّاض الإجماع (¬1)، وأمَّا خبر. "ما من رجل (¬2) " وفي رواية: "ما من عبد يغرس" إلى آخره فمحمول على ما هنا، و (أو) في قوله: (أو يزرع) للتنويع. (وقال لنا مسلم) أي:. ابن إبراهيم الفراهيدي ولفظ: (لنا) ساقط من نسخة. (أبان) أي: ابن يزيد العطَّار. (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) سكت عن المتن؛ لأنَّ غرضهُ من سنده: التصريح بالتحديث من قتادة عن أنس. ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 5/ 214. (¬2) رواه أحمد 5/ 415، وذكره الهيثمي في "مجمعه" وقال: رواه أحمد وفيه عبد الله بن عبد العزيز الليثي وثقة مالك وسعيد بن منصور وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح.

2 - باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع، أو مجاوزة الحد الذي أمر به

2 - بَابُ مَا يُحَذَّرُ مِنْ عَوَاقِبِ الاشْتِغَالِ بِآلَةِ الزَّرْعِ، أَوْ مُجَاوَزَةِ الحَدِّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ (باب: ما يحذر) ببنائه، للمفعول مخفَّفًا ومشددًا من الإحذار، أو التَّحذير (من عواقب الاشتغال بآلة الزَّرع، أو مجاوزة الحدّ الذي أمر به) [عطف على (الاشتغال)، وفي نسخةٍ: "يجاوز"، وفي أخرى: "أو جاوز"] (¬1) عطف على الاشتغال أيضًا، كقوله: للبس عباءة وتقر عيني. 2321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، قَال: وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الحَرْثِ، فَقَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الذُّلَّ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَاسْمُ أَبِي أُمَامَةَ صُدَيُّ بْنُ عَجْلانَ". [فتح: 5/ 4] (ورأى سكة) حال (والسِّكة) بكسر المهملة وتشديد الكاف المفتوحة: الحديدة التي يحرث بها الزَّرع. (سمعت النبي) في نسخة: "سمعت رسول الله". (لا يدخل هذا بيت قوم) أي: يحرثونه به. (إلَّا أدخله الذُّل ببناء (أدخل) للمفعول، وفي نسخة: "دخله الذُّل" بالبناء للفاعل وفي أخرى: "أدخله الله الذُّل" أي: من جهة الدُّنيا وإن كان في ذلك من حيث الزِّراعة عز، وثواب من جهة الآخرة؛ وذلك لما يلحقهم من أصحاب الإقطاعات من أخذ الزائد على ما عليهم وضربهم وإهانتهم. (قال محمد) أي: ابن زياد الرَّاوي، وفي نسخة بدَّل ذلك: "قال أبو عبد الله" أي: البخاري (صُدَيّ) بضمِّ الصَّاد وفتح المهملة وتشديد الياء. ¬

_ (¬1) من (م).

3 - باب اقتناء الكلب للحرث

3 - بَابُ اقْتِنَاءِ الكَلْبِ لِلْحَرْثِ (باب: اقتناء الكلب للحرث) أي: اتخاذه له. 2322 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ، إلا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ"، قَال ابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إلا كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ"، وَقَال أَبُو حَازِمٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ". [انظر: 3324 - مسلم: 1575 - فتح: 5/ 5] (هشام) أي: الدستوائي. (ينقص من عمله كل يوم قيراط) لا ينافي ما في مسلم من قوله: "قيراطان (¬1) "؛ لأنَّ من زاد حفظ ما لم يحفظه غيره، أو أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أخبر أولًا بنقص قيراط واحد فسمعه راويه ثمَّ أخبر ثانيًا بنقص قيراطين فسمعه راويهما، أو ذلك منزَّل على حالين فنقص القيراطين باعتبار كثرة الأضرار باتخاذ الكلاب، ونقص الواحد باعتبار قلَّته، وسبب النَّقصِ امتناع الملائكة من دخول بيته، أو ما يلحق المارين من الأذى بالكلاب، أو أن ذلك عقوبة لهم؛ لاتخاذهم ما نُهي عن اتخاذه، أو أن بعضها شياطين، أو لولوغها في الأواني عند غفلة صاحبها (إلَّا كلب حرث أو ماشية) فلا ينقص من أجر من اتخذه شيئًا؛ ترجيحًا للمصلحة الرَّاجحة على المفسدة. و (أو) للتنويع لا للترديد. (قال) في نسخة: "وقال". (أبو صالح) هو سليمان الأشجعي. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1575) كتاب: المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب.

4 - باب استعمال البقر للحراثة

2323 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ، رَجُلًا مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا، وَلَا ضَرْعًا نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ" قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: إِي وَرَبِّ هَذَا المَسْجِدِ. [3325 - مسلم: 1576 - فتح: 5/ 5] (يزيد بن خصيفة) [نسبة إلى جده، وإلا فهو يزيد بن عبد الله بن خُصيفة بضم المعجمة] (¬1). (رجلًا) بالنصب بأعني، أو أخص، وفي نسخةٍ: "رجل" بالرَّفع خبر مبتدإٍ محذوف (من أَزْدِ شنوءة) بفتح الهمزة وسكون الزَّاي وفتح المعجمة وضمِّ النون وبعدها همزة مفتوحة. (لا يغني) أي: الكلب. (عنه) أي: عن المقتني وفي نسخة: "لا يغني به" أي: لا يغني المقتني بالكلب، والمعنى على الأوَّل: لا ينفع الكلب عن المقتني زرعًا، وعلى الثاني: لا يقيم المقتني بسبب الكلب زرعًا من قولك: لا يغني عنك هذا أي: لا ينفعك، ومن قولك: غنيت بالمكان أي: أقمت به و (زرعًا) منصوب على النُّسخة الأولى بالتمييز، أو بنزع الخافض، وعلى الثانية بأنَّه مفعول. (ولا ضرعًا) هو كل ذات ظلف وخف، وهو كناية عن الماشية. (قلت) أي: قال السائب: قلت لسفيان. (هذا) أي: الذي قلته. 4 - بَابُ اسْتِعْمَالِ البَقَرِ لِلْحِرَاثَةِ (باب: استعمال البقر للحراثة) أي: جواز استعمالها للحرث. ¬

_ (¬1) من (م).

2324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ التَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ"، قَال: "آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً فَتَبِعَهَا الرَّاعِي، فَقَال لَهُ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي"، قَال: "آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ" قَال أَبُو سَلَمَةَ: وَمَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِي القَوْمِ. [3471, 3663, 3690 - مسلم: 2388 - فتح: 5/ 8] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدَّثني محمد". (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجَّاج. (عن سعد) أي: "ابن إبراهيم" كما في نسخة. (أبا سلمة) اسمه: عبد الله، أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف. (لهذا) أي: للركوب. (خلقت للحراثة) خصَّها بالذكر؛ إشارة إلى تعظيم ما خُلِقَتْ له، وإلَّا فقد خلقت لغيرها أيضًا كالطَّحن والذَّبح وأكل لحمها. (قال) أي: النَّبي - صلى الله عليه وسلم - (آمنت به) أي: بنطق البقرة. (فتبعها الرَّاعي) هو أهبان بن أوس الأسلمي أبو عقبة. (فقال الذئب) في نسخة: "فقال له الذئب". (يوم السبع) بضم الموحَّدة، وروي بسكونها: الحيوان المعروف، وقيل: عيدٌ للعرب في الجاهلية كانوا يشتغلون فيه بلعبهم فيأكل الذِّئب غنمهم. (يوم لا راعي لها غيري) المعنى: إذا أخذها السبع لم يقدر على خلاصها، فلا يرعاها حينئذٍ غيري، فأفعل فيها ما شئت. (وما هما يومئذ في القوم) خصهما بالذِّكر في قوله: (آمنت به أنا وأبو بكر وعمر) مع أنَّهما لم يكونا حاضرين؛ لعلمه بصدق إيمانهما، وقوَّة يقينهما، وكمال معرفتهما بقدرة الله تعالى.

5 - باب إذا قال: اكفني مئونة النخل وغيره، وتشركني في الثمر

وفي الحديث: جواز كرامات الأولياء (¬1). 5 - بَابُ إِذَا قَال: اكْفِنِي مَئُونَةَ النَّخْلِ وَغَيْرِهِ، وَتُشْرِكُنِي فِي الثَّمَرِ (باب: إذا قال) أي: المالك لغيره. (أكفني مؤونة النَّخل، أو غيره) كالعنب، وفي نسخة: "وغيره" بالواو أي: اكفني العمل فيها بالسقي وغيره. (وتُشرِكني) بضمِّ أوَّله وكسر ثالثه، وفي نسخةٍ: بفتحها، وهو بالرَّفع خبر مبتدإٍ محذوف، أي: وأنت تشركني وبالنَّصب بتقدير أن (في الثمر) أي: الحاصل من ذلك النَّخل، أو غيره، وجواب (إذا) محذوف أي: جاز. 2325 - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَالتِ الأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ، قَال: "لَا" فَقَالُوا: تَكْفُونَا المَئُونَةَ، وَنَشْرَكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. [2719, 3783 - فتح: 5/ 8] ¬

_ (¬1) كما أن الحديث علم من أعلام النبوة، وفيه فضل الشيخين عنهما لأنه نزلهما بمنزلة نفسه وهي من أعظم الخصائص. ونقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" قول ابن بطال فقال: في هذا الحديث حجة على منع أكل الخيل مستدلًا بقوله تعالى: {لِتَرْكَبُوهَا} فأنه لو كان ذلك دالًّا على منع أكلها لدَّل هذا الخبر على منع أكل البقر بقوله في هذا الحديث: "إنما خلقت للحرث" وقد اتفقوا على جواز أكلها فدل على أن المراد بالعموم المستفاد من جهة الامتنان في قوله: {لِتَرْكَبُوهَا} والمستفاد من صيغة (إنما) في قوله: "إنما خلقت للحرث" عموم مخصوص. -كما أن فيه بيان أن كلام البهائم من الخصائص التي خصت بها بنو إسرائيل، وهذه الواقف كانت فيهم، وهو الذي فهمه البخاري إذ أخرجه في "باب ذكر بني إسرائيل".

6 - باب قطع الشجر والنخل

(شعيب) أي: ابن أبي حمزة (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرَّحمن بن هرمز. (إخواننا) أي: المهاجرين. (النَّخيل) في نسخة: "النَّخل". (قال: لا) أي: لا أقسمه؛ لأنه علم أن الفتوح ستفتح عليهم فكره أن يخرج عنهم شيئًا من رقبة نخيلهم التي بها قوام أمرهم شفقة عليهم. (ونُشرككم) بضمِّ أوّله وكسر ثالثه وبفتحهما نظير ما مرَّ آنفًا، وما ذكر هو عقد المساقاة. 6 - بَابُ قَطْعِ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ وَقَال أَنَسٌ: "أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ". [انظر: 428] (باب: قطع الشجر والنخيل) أي: جواز قطعهما؛ للحاجة والمصلحة، كإنكاء العدو، والعطف فيه من عطف الخاص على العام. 2326 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَطَعَ"، وَهِيَ البُوَيْرَةُ، وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ: [البحر الوافر] وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ [3021, 4031, 4032، 4884 - مسلم: 1746 - فتح: 5/ 9]. (جويرة) أي: ابن أسماء. (بني النَّضير) بفتح النون وكسر المعجمة: قوم من اليهود. (وقَطَعَ) أي: شجرها؛ لأنها كانت تقابل القوم في الحرب فتمنعهم منها. (البُوَيْرةُ) بضم الموحَّدة وفتح الواو سكون الياء وبالرَّاء: موضع بقرب

7 - باب

المدينة من بلد بني النُضير (¬1). (ولها) أي: للبويرة. (يقول حسَّان) بالصَّرف ومنعه. (وهان) في نسخة: (لهان) باللَّام وفي أخرى: "هان". (على سراة) بفتح المهملة: السَّادات وهو جمع سري على غير قياس. (بني لؤي) بضمِّ اللَّام وبهمزة مفتوحة تصغير لأي: اسم رجل، والمراد بهم: أكابر قريش. (مستطير) أي: منتشر ولمَّا أنشد حسَّان هذا، أجابه سفيان بن الحارث بقوله: أدام الله ذلك من صنيع ... وحرق في نواحيها السَّعير 7 - باب (باب) لا ترجمة له فهو كالفصل من سابقه. 2327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الأَنْصَارِيِّ، سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، قَال: "كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ المَدِينَةِ مُزْدَرَعًا، كُنَّا نُكْرِي الأَرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى لِسَيِّدِ الأَرْضِ"، قَال: "فَمِمَّا يُصَابُ ذَلِكَ وَتَسْلَمُ الأَرْضُ، وَمِمَّا يُصَابُ الأَرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ، فَنُهِينَا، وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ". [مسلم: 1547 - فتح: 5/ 9] (محمد) أي: "ابن مقاتل" كما في نسخة. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (مزدرعًا) بالنَّصب على التَّمييز، وأصله: مزترعًا فأبدلت التَّاء دالًا؛ لأنَّ مخرج التَّاء لا يوافق الزَّاي، لشدَّتها: وهو مكان الزَّرع، أو مصدر، أي: كنَّا أكثر أهل المدينة زرعًا. (مسمّى) القياس: مسماة؛ لأنه حال من النَّاحية لكنه ذكَّره باعتبار أنَّ ناحية الشيء بعضه، أو ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 512 - 513.

8 - باب المزارعة بالشطر ونحوه

باعتبار زرعها. (لسيد الأرض) أي: مالكها. (فممَّا) أي: فربما، وفي نسخة: "ومهما" وفي أخرى: "فمهما" بالفاء. (يصاب ذلك) أي: البعض بآفة. (وتسلم الأرض) أي: باقيها. (ومما يصاب الأرض) أي: بعضها. (وسلم ذلك) أي: البعض الآخر. (فنهينا) أي: عن ذلك أي: لأنَّه موجب لحرمان أحد الطرفين فيؤدِّي إلى أكل المال بالباطل. (والورق) في نسخة بدله: "والفضة". (فلم يكن يومئذ) أي: أحد يكري بالذَّهب والورق. ووجهت مطابقة الحدث لترجمة الباب السَّابق: بأن من اكترى أرضًا لمدَّة فله أن يزرع ويغرس فيها ما شاء، فإذا تمَّت [المدة] (¬1) فلصاحب الأرض طلبه بقلعها، فهو من باب جوار قطع الشجر (¬2). 8 - بَابُ المُزَارَعَةِ بِالشَّطْرِ وَنَحْوهِ وَقَال قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَال: "مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ إلا يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ" وَزَارَعَ عَلِيٌّ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، وَالقَاسِمُ، وَعُرْوَةُ، وَآلُ أَبِي بَكْرٍ، وَآلُ عُمَرَ، وَآلُ ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) ومما يستفاد من هذا الحديث: فيه: أن إكراء الأرض بجزء منها: أي بجزء منها منهي عنه، وهو مذهب عطاء ومجاهد ومسروق والشعبي وطاوس والحسن وابن سيرين والقاسم بن محمد وبه قال أبو حنيفة ومالك وزفر، واحتجوا في ذلك بحديث رافع بن خديج المذكور.

عَلِيٍّ، وَابْنُ سِيرِينَ وَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ: "كُنْتُ أُشَارِكُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ فِي الزَّرْعِ" وَعَامَلَ عُمَرُ، "النَّاسَ عَلَى إِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَهُ الشَّطْرُ، وَإِنْ جَاءُوا بِالْبَذْرِ فَلَهُمْ كَذَا" وَقَال الحَسَنُ: "لَا بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا، فَيُنْفِقَانِ جَمِيعًا، فَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا" وَرَأَى ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ وَقَال الحَسَنُ: "لَا بَأْسَ أَنْ يُجْتَنَى القُطْنُ عَلَى النِّصْفِ" وَقَال إِبْرَاهِيمُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَالحَكَمُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ: "لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الثَّوْبَ بِالثُّلُثِ أَو الرُّبُعِ" وَنَحْوهِ وَقَال مَعْمَرٌ: "لَا بَأْسَ أَنْ تَكُونَ المَاشِيَةُ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). ساقط من نسخة. (باب المزارعة بالشَّطر) أي: النِّصف (ونحوه) كالثلث والرُّبع. (عن أبي جعفر) هو محمد بن علي بن الحسين الباقر. (بيت هِجْرة) أي: مهاجري. (والرُّبع) الواو بمعنى: أو. (علي) أي: ابن أبي طالب. (والقاسم) أي: ابن محمد. (وآل أبي بكر) أي: أهله. (على إن جاء) أي: على أنَّه إن جاء. (بالبذر من عنده فله الشَّطر) وفي رواية: "فله الثلثان" (¬1). ¬

_ (¬1) رواها ابن أبي شيبة 7/ 426 كتاب: المغازي، باب: ما ذكروا في أهل نجران، وما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم -. والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 114. كتاب: المزارعة والمساقاة. والبيهقي في "السنن" 6/ 135 كتاب: المزارعة، باب: من أباح المزارعة بجزء معلوم مشاع. وانظر "تغليق التعليق" 3/ 304.

وفيه: جواز المزارعة، والمشهور عند الشَّافعيَّة: عدمه إن انفردت عن المساقاة كما مرَّ. (وإن جاء بالبذر فلهم كذا) أي: الثلثان، كما رواه ابن أبي شيبة (¬1). وفيه: جواز المخابرة، والمشهور عند الشَّافعيَّة: عدمه. (لا بأس أن يجتنى القطن) بالبناء للمفعول وللفاعل أي: يؤخذ، أو يأخذ الشَّخص من حبات القطن (على النِّصف) أي: أو نحوه كالقطن العصفر ولقاط الزَّيتون ونحوهما مما هو مجهول المقدار، والمشهور: عدم جواز ذلك. (وقال إبراهيم) أي: النَّخعي (أن يُعطى الثَّوب) ببناء يعطي للمفعول وببنائه للفاعل، ورفع الثَّوب على الأوَّل وبنصبه على الثَّاني، والمراد منه: الغزل مجازًا. (بالثلث، أو الرُّبع ونحوه) أي: أن يعطى الغزل للنساج ينسجه ويكون للنساج له جزء من المنسوج والباقي لمالك الغزل. (لا بأس أن تكون) في نسخة: "أن تُكرى" (الماشية على الثلث أو الرُّبع) أي: على أن تكون الأجرة الحاصلة بإجارة الماشية بينهما أثلاثًا، أو أرباعًا مثلًا، والمشهور في هذا وما قبله: عدم الجواز أيضًا للجهل بالمقدار. 2328 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ، ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ، وَعِشْرُونَ وَسْقَ شَعِيرٍ"، فَقَسَمَ عُمَرُ خَيْبَرَ "فَخَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ مِنَ المَاءِ وَالأَرْضِ، أَوْ يُمْضِيَ لَهُنَّ"، فَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الأَرْضَ، وَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الوَسْقَ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتِ الأَرْضَ. [انظر: 2285 - مسلم: 1551 - فنتح 5/ 10] ¬

_ (¬1) راجع التخريج السابق.

(عن النَّبي) في نسخة: "أنَّ النَّبي". (من ثمر) بمثلَّثة (أو زرع) أشار به إلى المزارعة وبالأوَّل إلى المساقاة. (ثمانون وسقَ تمرٍ، وعشرون وسقَ شعير) بنصب (وسق) في الموضعين على التَّمييز، وبرفع ما قبله فيهما على الابتداء والتَّقدير: منها. ثمانون وعشرون وفي نسخة: "ثمانين وعشرين، بالنَّصب بأعني (فقسم) في نسخة: "وقسم عمر خيبر" لفظ: (خيبر) ثابت في أكثر النسخ وساقط من أقلها، وهو الذي وقع لشيخنا حتى قال: (وقسم عمر) أي: خيبر وصرَّح بذلك أحمد في روايته (¬1) عن ابن نمير، عن عبيد الله بن عمر (¬2). (أو يمضى لهن) بالبناء للمفعول أي: يجري لهن قسمتهن على ما كان في حياة النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، كما كان من التَّمر والشَّعير. وفي الحديث: جواز المزارعة والمخابرة، وهو أقوى من جهة الدَّليل، وإن كان المشهور عند الشَّافعي عدم جوازهما، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح الروض" وغيره (¬3). ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 2/ 22. وإسناده صحيح على شرط الشيخين، ابن نمير: هو عبد الله، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري، ونافع: هو مولى ابن عمر وأخرجه مطولًا ومختصرًا مسلم (1551) كتاب المساقاة، باب: المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر، والطحاوي في "شرح معاني الآثار 3/ 246 و 4/ 113 و"شرح مشكل الآثار" (2673) والدارقطني (3/ 37) من طريق ابن نمير بهذا الإسناد، وحديث الباب الذي معنا من طريق أنس بن عياض، ومسلم (1551) من طريق علي بن مسهر كلاهما عن عبيد الله به، وفيه أن عائشة وحفصة اختارت الأرض، وهنا ذكرت عائشة دون حفصة. (¬2) انظر: "الفتح" 5/ 13. (¬3) انظر: "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" 2/ 401 - 402.

9 - باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة

9 - بَابُ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ السِّنِينَ فِي المُزَارَعَةِ (باب: إذا لم يشترط) أي: المالك. (السنين) أي: تعيينها. (في المزارعة) أي: في عقدها، وجواب (إذا) محذوف أي: هل يجوز، أو لا؟ وكَانَّه سكت عنه ميلًا إلى جوازه عنده تبعًا لظاهر قوله: 2329 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "عَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ" [انظر: 2285 - مسلم: 1551 - فتح: 5/ 13] (عامل النَّبي - صلى الله عليه وسلم -) أهل (خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر، أو زرع) لكن المشهور عدم جوازه، كما أنَّ المشهور عند الشَّافعية عدم جوازه وإن عينت السنون. 10 - باب (باب) (¬1) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. 2330 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: قُلْتُ لِطَاوُسٍ: لَوْ تَرَكْتَ المُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ، قَال: أَيْ عَمْرُو إِنِّي أُعْطِيهِمْ وَأُغْنِيهِمْ وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ، أَخْبَرَنِي يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ وَلَكِنْ، قَال: "أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا مَعْلُومًا". [2342, 2634 - مسلم: 1550 - فتح: 5/ 14] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. ¬

_ (¬1) يجوز فيه التنوين على تقدير هذا باب ويجوز تركه على السكون فلا يكون معربًا؛ لأن الإعراب لا يكون إلا في المركب، ووقع باب كذا بغير ترجمة عند الكل، وهو كما قال المصنف هو مميز له كالفصل عن الباب الذي قبله.

(لو تركت المخابرة) جواب (لو) محذوف أي: لكان خيرًا، أو هي للتمني فلا تحتاج إلى جواب. (فإنَّهم) أي: النَّاس، والمراد بهم: رافع بن خديج وعمومته، والثَّابت بن الضَّحاك، وجابر بن عبد الله ومن روى منهم. [(نهى عنه) أي: عن الزرع على طريق المخابرة] (¬1) (أي عمرو) أي: يا عمرو. (إنِّي) في نسخة: "فإنِّي". (وأُعنيهم) بهمزة مضمومة فمهملة مكسورة فتحتيَّة: من الإعانة، وفي نسخة: "وأغنيهم" بهمزة مكسورة فمعجمة ساكنة فنون: من الإغناء. (يعني ابن عبَّاس) بين به أن المراد (بأعلمهم): ابن عباس (لم ينه عنه)، أي: عن الزَّرع على طريق المخابرة وجمع بينه وبين النَّهي عنه السَّابق بأنَّ النَّهي عنه فيما يشترط فيه شرط فاسد وعدمه فيما لم يشترط فيه ذلك، وبأن المراد بالأوَّل: نهي التَّنزيه، وبالثَّاني: نهي التَّحريم. (ولكن قال) أي: النَّبي - صلى الله عليه وسلم -. (أن) بالفتح أي: لأنَّ وهي مصدرية. (يمنح) بفتح التَّحتيَّة والنون وبالضِّم والكسر وبالنصب بأن على الضبطين والمصدر المسبوك مبتدأ وبالجزم بها على أنَّها شرطيَّة في لغةٍ (خير) خبر المبتدإ على الأوَّل، وجواب الشرَّط على الثَّاني بتقدير: فهو خير، وفي نسخة: "إن" بالكسر شرطيَّة وجواب الشرطية: خير بالتَّقدير السَّابق. (من أن يأخذ عليه) أي: على أخيه. (خرجًا معلومًا) أي: أجرةً معلومةً، والغرض أنَّه يجعل الأرض له منحة أي: عارية؛ لأنهم كانوا يتنازعون في كرائها حتى أفضى بهم إلى التقاتل، أو لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - كره لهم الافتتان بالزِّراعة والحرص عليها؛ لئلَّا يقعدوا بها عن الجهاد. ووجه مطابقة الحديث للباب السَّابق: من جهة أنَّ فيه للعامل جزاءً ¬

_ (¬1) من (ب).

11 - باب المزارعة مع اليهود

معلومًا، وزاد هنا أنَّه لو ترك مالك الأرض هذا الجزء للعامل كان خيرًا له من أن يأخذه منه. 11 - بَابُ المُزَارَعَةِ مَعَ اليَهُودِ (باب: المزارعة مع اليهود) أي: وغيرهم من أهل الذمة، وإنَّما خصَّهم بالذكر؛ تبعًا للحديث. 2331 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى خَيْبَرَ اليَهُودَ، عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا". [انظر: 2285 - مسلم: 1551 - فتح: 5/ 15] (ابن مقاتل) في نسخة: "محمد بن مقاتل". (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أن يعملوها) أي: يتعاهدوا أشجارها بالسقي، وإصلاح مجاري الماء وغيرهما، ومرَّ شرحُ الحديثِ بما فيه (¬1). 12 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي المُزَارَعَةِ (باب: ما يكره من الشرط في المزارعة) أي: بيانه. 2332 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى، سَمِعَ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيَّ، عَنْ رَافِعٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ المَدِينَةِ حَقْلًا، وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي أَرْضَهُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ القِطْعَةُ لِي وَهَذِهِ لَكَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ، "فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 2286 - مسلم: 1547 - فتح: 5/ 15] (عن يحيى) أي: ابن سعيد. (حنظلة) أي: ابن قيس. (عن رافع) أي: ابن خديج. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2285) كتاب: الإجارة، باب: إذا استأجر أرضًا فمات أحدهما.

13 - باب إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم، وكان في ذلك صلاح لهم

(حقلًا) بفتح المهملة وسكون القاف أي: زرعًا، وقيل: أرضًا تزرع. (فيقول) في نسخة: "ويقول". (ذه) بكسر المعجمة وسكون الهاء وكسرها باختلاس وإشباع. إشارة إلى القطعة من الأرض وأصلها: ذي فجئ بهاء السكت؛ للوقف، أو لبيان اللفظ، كما يقال: هذه وهذي. (فنهاهم النَّبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: عن ذلك. وموضع التَّرجمة قوله: هذه القطعة إلى آخره. 13 - بَابُ إِذَا زَرَعَ بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ صَلاحٌ لَهُمْ (باب: إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم وكان في ذلك صلاح لهم). جواب (إذا) محذوف أي: فالزَّرع لمالك المال المزروع. 2333 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَمَا ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ، أَخَذَهُمُ المَطَرُ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ، قَال أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ، كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ، وَإِنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ، فَرَأَوُا السَّمَاءَ، وَقَال الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّهَا كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ مِنْهَا، فَأَبَتْ عَلَيَّ حَتَّى أَتَيْتُهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَبَغَيْتُ حَتَّى

14 - باب أوقاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأرض الخراج ومزارعتهم، ومعاملتهم

جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفْتَحِ الخَاتَمَ إلا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فَرْجَةً، فَفَرَجَ، وَقَال الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ، قَال: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، فَجَاءَنِي فَقَال: اتَّقِ اللَّهَ، فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ البَقَرِ وَرُعَاتِهَا، فَخُذْ، فَقَال: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَسْتَهْزِئْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَخُذْ، فَأَخَذَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ مَا بَقِيَ، فَفَرَجَ اللَّهُ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ: فَسَعَيْتُ. [انظر: 2215 - مسلم: 2743 - فتح: 5/ 16] (حدَّثنا إبراهيم) في نسخةٍ "حدَّثني إبراهيم". (أبو ضمرة) هو أنس بن عياض. (صالحة) في نسخة: "خالصة". (يُفَرِّجُها) بضمِّ التَّحتيَّة [وفتح الفاء، وتشديد الراء مكسورة، وفي نسخة: بفتح التحتية] (¬1) وسكون الفاء وضمِّ الرَّاء، وفي أخرى: كذلك لكن بكسر الرَّاء. (ولي صبيةٌ) بكسر الصَّاد. (وإنِّي استأخرت) أي: تأخرت (فلم) في نسخةٍ: (ولم آت) أي: أجيء. (ناما) في نسخة: "نائمين". (يتضاغون) أي: يتصايحون. (عند قدمي) بالتَّثنية. (وراعيها) في نسخةٍ: (ورعاتها). ومرَّ شرح الحديث في باب: إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فرضي (¬2). 14 - بَابُ أَوْقَافِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْضِ الخَرَاجِ وَمُزَارَعَتِهِمْ، وَمُعَامَلَتِهِمْ ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) سبق برقم (2215) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فرضي.

15 - باب من أحيا أرضا مواتا

وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: "تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لَا يُبَاعُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ" [انظر: 2313]. فَتَصَدَّقَ بِهِ. (باب: أوقاف أصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وأرض الخراج ومزارعتهم ومعاملتهم) أي: بيان حكم المذكورات وضمير (هم) للصحابة - رضي الله عنهم - (¬1). (وقال النَّبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر) لمَّا قال له: إنّي استفدت مالًا أي: نخلًا وهو عندي نفيس، فأردت أن أتصدَّق به (تصدّق بأصله) إلى آخره. 2334 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لَوْلَا آخِرُ المُسْلِمِينَ، مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إلا قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ". [3125, 4235, 4236 - فتح: 5/ 17] (صدقة) أي: ابن الفضل المروزي. (عبد الرَّحمن) أي ابن مهدي. (ما فتحت) بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول. (قريةً) بالنَّصب على الأوَّل، وبالرَّفع على الثَّاني. (بين أهلها) أي الغانمين. 15 - بَابُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا وَرَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ فِي أَرْضِ الخَرَابِ بِالكُوفَةِ مَوَاتٌ وَقَال عُمَرُ: "مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ" وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال: "فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ" وَيُرْوَى فِيهِ عَنْ جَابِرٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ¬

_ (¬1) قال ابن بطال: معنى هذه الترجمة أن الصحابة كانوا يزرعون أوقاف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته على ما كان عليه يهود خيبر، "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 6/ 473.

(باب: من أحيا) أي: من المسلمين. (أرضًا مواتًا) أي: فهي له: وهي أرض غير معمورة في الإسلام ولا هي حريم لمعمور فيه. (ورأى ذلك) أي: إحياء الموات (في أرض الخراب بالكوفة) أي: "موات" كما في نسخة، وفي أخرى: "في أرض بالكوفة مواتًا". (فهي له) وإن لم يأذن له الإمام في الإحياء. (ويروى عن عمرو بن عوف) بفتح العين وسكون الميم وبالواو وحذف ألف "ابن"، وفي نسخة: بضمِّ العين وفتح الميم وإثبات ألف (ابن)، والواو قبلها عاطفة، واسم ابن عوف: عَمْرو فالمعنى: ويروى عن عمر بن الخطَّاب، وعمرو بن عوف، ومع هذا فالصَّحيح -كما قال الكرماني: إنَّه عمرو بفتح العين، بل قال شيخنا: إنَّه بالضَّمِّ تصحيف (¬1). (عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: مثل حديث عمر السَّابق. (وقال) أي: وزاد عمرو بن عوف (في غير حق مسلم) أي: فإن كان فيه حرم الإحياء، وعطف على (في غير حق مسلم). قوله: (وليس لعرق ظالم) بتنوين عرق وبتركه على الإضافة، فنسبة الظُّلم للظالم وهو المحيي على هذا حقيقة ولعرق على الأوَّل مجازيَّة فإن قدرت: وليس بذي عرق ظالم كانت النسبة حقيقيَّةً إن جعلت لذي، ومجازيَّة إن جعلت لعرق، وعن ربيعة وغيره العروق أربعة: عرقان ظاهران وهما: النبات والغراس، وعرقان باطنان وهما: المياه والمعادن. (فيه) أي: في إبقاء ما أحيي بذلك من غرس وغيره وهو ظرف لقوله: (حق) أي: لا حق له في ذلك وإن جعل ضمير (فيه) للإحياء صحَّ أن يكون ظرفًا لظالم أيضًا. (ويروى ¬

_ (¬1) "البخاري بشوح الكرماني"10/ 159، "الفتح" 5/ 19.

فيه) أي: في الباب. عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أي: أنَّه قال: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له"، وعبَّر بلفظ: (ويروى) المقتضي للتمريض؛ لأنَّه اختلف فيه على هشام فرواه عنه عباد هكذا موصولًا (¬1) ورواه عنه يحيى القطَّان وغيره عن ابن رافع عن جابر مرسلًا (¬2)، وعلى عروة فرواه عنه أيُّوب عن هشام موصولًا (¬3) ورواه عنه يحيى ابنه مرسلًا (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أحمد في "مسنده" 3/ 304، والنسائي في "الكبرى" 3/ 404 (5758) كتاب: إحياء الموات، باب: الحث على إحياء الموات وهذه رواية الوصل كما ذكر المصنف وهي عن عباد عن هشام عن وهب بن كيسان عن جابر وذكره ابن حجر في "تغليق التعليق" 3/ 310. (¬2) هذه الرواية رواها ابن حبان في "صحيحه" 11/ 614 (5203) كتاب: إحياء الموات، وهي رواية الإرسال كما ذكر المصنف. وذكره ابن حجر في "تغليق التعليق" 3/ 310. وقال رواه الترمذي عن بغداد عن عبد الوهاب فوافقاه في شيخ شيخه بعلو درجته، وقال حسن صحيح انتهى، فإن قيل: لم مرضه البخاري وصححه الترمذي، قلت: الترمذي اتبع ظاهر إسناده وأما البخاري فإنه عنده معلل للاختلاف فيه على هشام. (¬3) رواه النسائي في "الكبرى" 3/ 404 (5757) كتاب: إحياء الموات، باب: الحث على إحياء الموات. والبزار في "مسنده" 4/ 86 (1256). وأبو يعلى في "مسنده" 4/ 139 (2195). والضياء المقدسي في "المختارة" 3/ 297 (1098). (¬4) رواه الإمام الشافعي في "مسنده" 2/ 133 (437) والبيهقي 6/ 142 كتاب: إحياء الموات، باب: من أحيا أرضًا ميتة ليس لأحد. ورواه أيضًا في "معرفة السنن والآثار" 9/ 7 (12171) أول كتاب: إحياء الموات وذكره مرسلًا كما أشار إلى ذلك المصنف. قلت وقد رواه الترمذي موصولًا في كتاب الأحكام، باب: ما ذكر في إحياء أرض الموات وقال: هذا حديث حسن غريب وقد رواه بعضهم عن هشام بن حروة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا.

16 - باب

2335 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ"، قَال عُرْوَةُ: "قَضَى بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خِلافَتِهِ". [فتح: 5/ 18] (من أعمر) بالبناء للفاعل وفي نسخة: "أعمر" بالبناء للمفعول، وفي أخرى: "عمر" قال تعالى: {وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} [الروم: 9] قال القاضي عياض: وهو الصَّواب. لكن قال الكرماني: قد جاء أعمر الله بك منزلك فمعناه: من أعمر أرضًا بالإحياء فهو أحقُّ من غيره (¬1). انتهى. وأفهم الحديث أن مجرَّد التَّحجر لا يملك به بل لا بدَّ من العمارة وهي تختلف باختلاف المقاصد فمن شرع في الإحياء بحفر أساس، وجمع تراب، ونصب علامة للإحياء، كخشبة فهو متحجر لا مالك وإن كان أحق به، لأن سبب الملك الإحياء ولم يوجد. 16 - باب (باب): بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. 2336 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ فِي بَطْنِ الوَادِي، فَقِيلَ لَهُ: "إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ"، فَقَال مُوسَى: وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ بِالْمُنَاخِ الَّذِي "كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ بِهِ، يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ المَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الوَادِي، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ". [انظر 483 - مسلم: 1346 - فتح: 5/ 20] ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 5/ 355، "البخاري بشرح الكرماني" 10/ 160.

(قتيبة) أي: ابن سعيد. (أرى) بالبناء للمفعول أي: في المنام. (في معرّسه) بفتح المهملة والرَّاء المشدَّة: موضع التَّعريس وهو نزول المسافر آخر اللَّيل؛ للاستراحة وكان تعريسه - صلى الله عليه وسلم -. (بذي الحليفة) (¬1) في نسخة: "من ذي الحليفة". (ببطن الوادي) أي: بوادي العقيق (¬2). (وقد أناخ) أي: أبرك بالمناخ بضمِّ الميم أي: موضع الإناخة. (وسط) بفتح السِّين أي: المعرس متوسط بين بطن الوادي والطريق، ووجه دخول الحديث هنا: الإشارة إلى أن ذا الحليفة لا يملك بالإحياء لما فيه من منع النَّاس به (¬3). 2337 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اللَّيْلَةَ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي، وَهُوَ بِالعَقِيقِ، أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ". [انظر: 1534 - فتح 5/ 20] (الأوزاعي) هو عبد الرَّحمن بن عمرو. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (آتٍ من ربى) هو جبريل - عليه السلام -. (وقل) في نسخة: "وقال". (عمرة) بالرَّفع خبر مبتدإٍ محذوف، وبالنَّصب بمحذوف أي: نويت عمرة ومرَّ شرح الحديثين في الحجِّ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 295 - 296. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 139. (¬3) ووجه دخول هذا الحديث في هذا الباب من حيث أنه أشار به إلى أن ذا الحليفة لا يملك بالإحياء لما فيه من منع الناس النزول فيه، وأن الموات يجوز الانتفاع به، وأنه غير مملوك لأحد. (¬4) سبق برقم (1534) كتاب: الحج، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "عقيق واد مبارك".

17 - باب إذا قال رب الأرض: أقرك ما أقرك الله، ولم يذكر أجلا معلوما، فهما على تراضيهما

17 - بَابُ إِذَا قَال رَبُّ الأَرْضِ: أُقِرُّكَ مَا أَقَرَّكَ اللَّهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا مَعْلُومًا، فَهُمَا عَلَى تَرَاضِيهِمَا (¬1). (باب: إذا قال ربُّ الأرض) أي: مالكها. (أقرُّك ما أقرُّك الله ولم يذكر له أجلًا معلومًا) أي: مدَّة معلومة. (فهما على تراضيهما) أي: الذي تراضيا عليه. 2338 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَجْلَى اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ اليَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَأَرَادَ إِخْرَاجَ اليَهُودِ مِنْهَا، فَسَأَلَتِ اليَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُقِرَّهُمْ بِهَا، أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا، وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا"، فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلاهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ. [انظر: 2285 - مسلم: 1551 - فتح: 5/ 21] (عبد الرَّازق) أي: ابن همَّام الحميري. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (أجلى) أي: أخرج. (من أرض الحجاز) هو مكَّة والمدينة ومخاليفها، وقال الواقدي: هو من المدينة إلى تبوك ومن المدينة إلى الكوفة (¬2). (ظهر على خيبر) أي: غلب على أهلها. (وكانت ¬

_ (¬1) هذا الباب يذكر فيه إذا قال رب الأرض للمزارع أقرك ما أقرك الله أي: مدة إقرار الله تعالى إياك. (قوله ولم يذكر) أي والحال أن رب الأرض لم يذكر أجلًا معلومًا يعني مدة معلومة. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 218 - 220.

الأرض) أي: أرض خيبر. (حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين) قال شيخنا في رواية فضيل بن سليمان الآتية أي: في المغازي وكانت الأرض لما ظهر عليها لليهود وللرسول وللمسلمين (¬1). قال المهلب: يجمع بين الرِّوايتين بأن تحمل رواية ابن جريج على الحال التي آل إليها الأمر بعد الصُّلح، ورواية ابن الفضيل على الحال التي كانت قبل، وبأن خيبر فتح بعضها صلحًا، وبعضها عنوة، والذي فتح عنوة كان جميعه لله ولرسوله وللمسلمين، والذي فتح صلحًا كان لليهود ثمَّ صار للمسلمين بعقد الصُّلح (¬2). (ليقرهم بها) أي: ليسكنهم فيها (أن) أي بأن (فقرُّوا) بفتح القاف أي: سكنوا. (بها) أي: بخيبر، وحُكي ضمّ القاف، وهو صحيح. (تيماء) بفتح الفوقيَّة وسكون التَّحتيَّة والمد: قرية على البحر من بلاد وطي (وأريحاء) بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون التَّحتيَّة والمد: قرية من الشَّام (¬3) واحتج بالحديث الظَّاهرية على جواز المساقاة مدَّة مجهولة، وأجاب الجمهور عنه بأن المراد: أنَّها ليست عقدًا دائمًا، كالبيع بل بعد انقضاء مدتها إن شئنا عقدنا عقدًا آخر، وإن شئنا أخرجناكم، أو بأن (ماشئنا) عبارة عن المدَّة التي وقع عليها عقد المساقة، أو مدَّة العهد، أو لأنَّ جواز المساقة بغير أجل معلوم خاص بالنَّبي - صلى الله عليه وسلم -[في أول الإسلام] (¬4). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4248) كتاب: المغازي، باب: معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر. (¬2) "الفتح" 5/ 22. (¬3) بينها وبين بيت المقدس يوم للفارس في جبال صعبة المسلك سميت فيما قيل: بأريحا بن مالك بن أرفخشد بن سام بن نوح. انظر: "معجم البلدان" 1/ 165. (¬4) من (م).

18 - باب ما كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يواسي بعضهم بعضا في الزراعة والثمرة

18 - بَابُ مَا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاسِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الزِّرَاعَةِ وَالثَّمَرَةِ (باب: ما كان) أي: وجد (من أصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم -) حالة كونهم (يواسي بعضهم بعضًا في الزارعة والثمرة) في نسخة: "والثَّمر". 2339 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ، قَال ظُهَيْرٌ: لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا، قُلْتُ: مَا قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ حَقٌّ، قَال: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ؟ "، قُلْتُ: نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبُعِ، وَعَلَى الأَوْسُقِ مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، قَال: "لَا تَفْعَلُوا، ازْرَعُوهَا، أَوْ أَزْرِعُوهَا، أَوْ أَمْسِكُوهَا" قَال رَافِعٌ: قُلْتُ: سَمْعًا وَطَاعَةً. [2346, 2347, 4012, 4013 - مسلم: 1547, 1548 - فتح: 5/ 22] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن أبي النجاشي) هو عطاء بن صهيب التَّابعي. (ظهير) بالتصغير. (كان) أي: هو أي: الأمر (بنا رافقًا) أي: ذا رفق (بمحاقلكم) بفتح الميم أي: مزارعكم، والحقل: الزَّرع، كما مرَّ. (على الربع) أي: ربع ثمرة الزَّرع وفي نسخة: "على الربيع" وفي أخرى: "على الرُّبيع" بتصغير (الرَّبيع) أي: النَّهر الصغير، والمعنى: أنهم كانوا يكرون الأرض ويشترطون لأنفسهم شيئًا على ما ينبت على النَّهر. (وعلى الأوسق) الواو بمعنى: أو (ازرعوها) [بهمزة وصلٍ وفتح الراء. (أو أزرعوها)] (¬1) بهمزة قطع مفتوحة وكسر الراء (أو أمسكوها) بهمزة قطع مفتوحة وكسر السين و (أو) فيهما للتخيير أي: ازرعوها أنتم، أو أعطوها لغيركم يزرعها بغير أجرة أو اتركوها معطَّلة. ¬

_ (¬1) من (ب).

(سمعًا وطاعةً) بالنَّصب بمقدر أي: أسمع كلامك سمعًا وأطيعك طاعةً، ويجوز الرَّفع خبر مبتدإِ محذوف أي: كلامك سمع، وطاعةٌ أي: مسموع ومُطاع. 2340 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانُوا يَزْرَعُونَهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ، فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ". [مسلم: 1536 (89) - فتح: 5/ 22] (الأوزاعي) هو عبد الرَّحمن. (عن عطاء) أي: ابن أبي رباح وبهذا - مع ما مرَّ - عُلم أنَّ الأوزاعي يرويه عن أبي النَّجاشي: عطاء بن صهيب، وعن عطاء بن أبي رباح. (يزرعونها) في نسخة: "يزرعوها" بحذف النُّون. (بالثلث والرُّبع والنِّصف) أي: مما يخرج منها، و (الواو) في الموضعين بمعنى: أو. 2341 - وَقَال الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ: حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ، فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى، فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ". [مسلم: 1544 - فتح: 5/ 22] (معاوية) أي: ابن سلَّام بتشديد اللَّام. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرَّحمن. 2342 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال: ذَكَرْتُهُ لِطَاوُسٍ، فَقَال: يُزْرِعُ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَنْهَ عَنْهُ وَلَكِنْ قَال: "أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مَعْلُومًا". [انظر: 2330 - مسلم: 1550 - فتح: 5/ 22] (قَبيصة) أي: ابن عقبة الكوفي. (سفيان) أي: الثَّوري. (عن عمرو) أَي: ابن دينار. (ذكرته) أي: حديث رافع لطاوس.

(فقال: يُزرع) بضمِّ أوَّله وكسر ثالثه أي: يزرعه غيره بالكراء، وعلَّله بما نقله عن ابن عبَّاس في قوله: (قال ابن عبَّاس) إلى آخره. (أن يمنحَ) بفتح الهمزة ونصب (يمنح) وفي نسخة: بكسرها وجزم (يمنح) أي: يعطي. (شيئًا معلومًا) أي: خراجًا معلومًا؛ لأنهم كانوا يتنازعون في كراء الأرض حتى أفضى بهم إلى التَّقاتل لكون الخراج واجبًا لأحدهما على صاحبه فرأى أنَّ المنحة خير لهم من المزارعة التي توقع بينهم مثل ذلك، ومرَّ شرح الحديث في باب: إذا لم يشترط السنين في المزارعة (¬1). 2343 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "كَانَ يُكْرِي مَزَارِعَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ مُعَاويَةَ". [انظر: 2285 - مسلم: 1547، 1551 - فتح: 5/ 23] (حمَّاد) أي: زيد. (عن أيوب) أي: السختياني. (وأبي بكر وعمر) إلى آخره لعلَّه لم يذكر عليًّا؛ لأنه لم يكن مزارعه في عهده. 2344 - ثُمَّ حُدِّثَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ المَزَارِعِ" فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى رَافِعٍ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَسَأَلَهُ، فَقَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كِرَاءِ المَزَارِعِ" فَقَال ابْنُ عُمَرَ: "قَدْ عَلِمْتَ أَنَّا كُنَّا نُكْرِي مَزَارِعَنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَا عَلَى الأَرْبِعَاءِ، وَبِشَيْءٍ مِنَ التِّبْنِ". [انظر: 2286 - مسلم: 1547 - فتح: 5/ 23] (ثم حُدِّثَ) بضمِّ المهملة وتشديد الدَّال المكسورة، أي: ابن عمر (عن رافع بن خديج) وفي نسخة: "ثم حَدَّث رافع بن خديج" بفتح المهملة والدَّال المشدَّدة وحذف (عن) ورفع الباقي. (على الأربعاء) ¬

_ (¬1) سبق برقم (2330) كتاب: المزارعة، باب: إذا لم يشترط السنين في المزارعة.

19 - باب كراء الأرض بالذهب والفضة

جمع ربيع: وهو النَّهر الصَّغير -كما مرَّ- وحاصل حديث ابن عمر: أنَّه ينكر على رافع إطلاقه النَّهيَّ عن كراء المزارع، ويقول: محل النَّهي: إذا جهل القدر المشروط. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: من حيث أن رافع بن خديج لما روى النَّهيَّ عن كراء المزارع يلزم منه عادة أن أصحابها إما يزرعون بأنفسهم، أو يمنحونها لمن يزرعها مجانًا فتحصل فيه المواساة. 2345 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كُنْتُ أَعْلَمُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الأَرْضَ تُكْرَى"، ثُمَّ خَشِيَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ، "فَتَرَكَ كِرَاءَ الأَرْضِ". [انظر: 2285 - مسلم: 1547، 1551 - فتح: 5/ 23] (عقيل) أي: ابن أبي خالد الأيلي. (ابن شهاب) هو محمد بن مسلم. (يعلمه) في نسخة: "علمه". 19 - بَابُ كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ (¬1). وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَمْثَلَ مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ: أَنْ تَسْتَأْجِرُوا الأَرْضَ البَيْضَاءَ، مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ. (باب: كراء الأرض بالذَّهب والفضَّة) أي: بيان حكمه. (أمثل) أي: أفضل. ¬

_ (¬1) وأشار بهذه الترجمة إلى أن كراء الأرض بالذهب والفضة غير منهي عنه، وإنما النهي الذي ورد عن كراء الأرض فيما إذا أكريت بشيء مجهول وهذا مذهب الجمهور ودل على هذا حديث الباب.

2346، 2347 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَمَّايَ، أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَ الأَرْضَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَنْبُتُ عَلَى الأَرْبِعَاءِ أَوْ شَيْءٍ يَسْتَثْنِيهِ صَاحِبُ الأَرْضِ "فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ"، فَقُلْتُ لِرَافِعٍ: فَكَيْفَ هِيَ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ؟ فَقَال رَافِعٌ: "لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ"، وَقَال اللَّيْثُ: "وَكَانَ الَّذِي نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذَوُو الفَهْمِ بِالحَلالِ وَالحَرَامِ، لَمْ يُجِيزُوهُ لِمَا فِيهِ مِنَ المُخَاطَرَةِ". [انظر: 2339 - مسلم: 1547، 1548 - فتح: 5/ 25] (عمَّاي) أحدهما: ظهير بن رافع المذكور في الباب السَّابق، والآخر: مُظَهِّر بضمِّ الميم وفتح المعجمة وتشديد الهاء المكسورة، أو سهير (¬1)، أو مهير بتصغيرهما واعتمد شيخنا الأخير (¬2). (أو شيء) في نسخة: "أو بشيء". (فنهى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك) أي: للجهل بالمقدار. (فكيف هي) أي: المزارع أي: كيف حكم إكرائها. (قال الليث) في نسخة: "قال أبو عبد الله من هنا قال الليث" (أُراه) بضمِّ الهمزة أي: أظنُّ شيخي ربيعة السَّابق، أشار به إلى أنَّه لم يجزم برواية شيخه له وكان يجوز تخفيف نونه وتشديدها بهمزة قبلها. (الذي نُهي) بضم النُّون وبفتحها. (عن) في نسخة: "من" (ذلك) وقع موقع الضَّمير أي: وكأن الذي نهى عنه محله: (ما لو نظر فيه ذوو الفهم بالحرام والحلال لم يجيزوه) في نسخة: "ذو الفهم بالحلال والحرام لم يجزه" (لما فيه من المخاطرة) أي: وهي الإشراف على الهلاك، وهذا موافق لما عليه الجمهور من أن النَّهي عن كراء الأرض ليس مطلقًا، بل محمول على الوجه المفضي إلى الغرر والجهالة. وقوله: (وقال الليث) إلى آخره ساقط من نسخةٍ. ¬

_ (¬1) في (م): شهير. (¬2) انظر: "الفتح" 5/ 26.

20 - باب

20 - باب (باب) بلا ترجمة. 2348 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلالٌ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقَال لَهُ: أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَال: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ، قَال: فَبَذَرَ، فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَال الجِبَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ"، فَقَال الأَعْرَابِيُّ: وَاللَّهِ لَا تَجِدُهُ إلا قُرَشِيًّا، أَوْ أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [7519 - فتح: 5/ 27] (فليح) أي: ابن سليمان. (هلال) أي: ابن علي المعروف بابن أسامة (ح) للتحويل. (وحدَّثنا) في نسخة: "وحدّثني". (أبو عامر) عبد الله بن عمرو بن قيس العقدي. (استأذن ربه) أي: يستأذن ربَّه عبَّر عنه وعن بعض الأفعال الآتية بالماضي؛ لتحقق وقوعها فيما يأتي. (ألست) الاستفهام تقريري: أي: أو لست (فيما شئت) أي: من المشتهيات. ولكني بياء بعد نون مشددة، وفي نسخة: "ولكن" (فبذر) بمعجمة أي: فألقى البذر في أرض الجنة (فبادر) أي: أسرع. (الطرف) أي: البصر بالنصب مفعول بادر. (دونك) بالنَّصب على الإغراء أي: خذه. (فإنه) أي: الشأن. (فإنَّهم) أي: قريشًا والأنصار. (وأما نحن) أي: أهل البادية، ووجه إدخال الحديث في هذا الباب في قوله: (فإنَّهم أصحاب زرعٍ) مع التَّنبيه على أن النَّهي عن كراء الأرض إنَّما هو نهي تنزيه لا نهي تحريم؛ لأنَّ الزرع لو لم يكن من الأمور التي يحرص فيها بالاستمرار

21 - باب ما جاء في الغرس

عليه لما تمنى الرَّجل المذكور فيه الزَّرع في الجنَّة مع عدم الاحتياج إليه فيها (¬1). 21 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الغَرْسِ (باب: ما جاء في الغرس) (¬2) أي: فيما صنع به. 2349 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ قَال: "إِنَّا كُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الجُمُعَةِ، كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ سِلْقٍ لَنَا كُنَّا نَغْرِسُهُ فِي أَرْبِعَائِنَا، فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ لَهَا، فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ - لَا أَعْلَمُ إلا أَنَّهُ قَال: - لَيْسَ فِيهِ شَحْمٌ، وَلَا وَدَكٌ، فَإِذَا صَلَّيْنَا الجُمُعَةَ زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْنَا، فَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى وَلَا نَقِيلُ، إلا بَعْدَ الجُمُعَةِ". [انظر: 938 - مسلم: 859 - فتح: 5/ 27] (يعقوب) في نسخة: "يعقوب بن عبد الرَّحمن" أي: القاري. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (إنا كنَّا نفرح) في نسخة: "إن ¬

_ (¬1) ويستفاد من هذا الحديث ما يلي: - فيه أن الجنة فيها كل ما تشتهي الأنفس من أعمال الدنيا ولذاتها، قال الله تعالى {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ}. وفيه أن من لزم طريقة. أو حالة من الخير أو الشر أنه يجوز وصفه بها ولا حرج على واصفه. وفيه ما جبل الله نفوس بني آدم عليه من الاستكثار والرغبة في متاع الدنيا، إلا أن الله أغنى أهل الجنة عن نصب الدنيا وتعبها. وفيه إشارة إلى فضل القناعة وذم الشر. وفيه الإخبار عن الأمر المحقق الآتي بلفظ الماضي. (¬2) ووجه مطابقة هذا الحديث للترجمة في قوله: "كنا نغرسه في أربعائنا" وإدخاله هذا الحديث في كتاب المزارعة من حيث أن الغرس والزرع من باب واحد أهـ.

كنا لنفرح". (سلق) بكسر السين. (في أربعائنا) جمع ربيع: وهو النَّهر الصغير، كما مرَّ. (ولا ودك) بفتح الواو والدَّال: دسم اللَّحم، ومرَّ شرح الحديث في آخر كتاب: الجمعة (¬1). 2350 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ، وَاللَّهُ المَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ؟ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا: "لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالتِي هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَهُ إِلَى صَدْرِهِ فَيَنْسَى مِنْ مَقَالتِي شَيْئًا أَبَدًا" فَبَسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا، حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ، مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالتِهِ تِلْكَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى} [البقرة: 159] إِلَى قَوْلِهِ {الرَّحِيمُ} [البقرة: 160]. انظر: 118 - مسلم: 2492 - فتح: 5/ 28] (عن الأعرج) هو عبد الرَّحمن بن هرمز. (يكثر الحديث) أي: روايته، ولفظ: (الحديث) ساقط من نسخة. (والله الموعد) بفتح الميم مصدر ميمي أو اسم زمان، أو مكان وبكل تقدير لا يصح أن يخبر به عن الله تعالى فيؤول: بأن الله الواعد، أو موجود ذلك، والمعنى: بكل تقدير: فالله تعالى يحاسبني إن تعمدت كذبًا، ويحاسب من ظنَّ بي سوءًا (الصَّفق بالأسواق) كناية عن التبايع ¬

_ (¬1) سبق برقم (938) كتاب: الجمعة، باب: قول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}.

(عمل أموالهم) أي: في الزَّرع والغرس وهذا وما مر من قوله: (كنَّا نغرسه في أربعائنا) موضع التَّرجمة. (وأعي) أي: أحفظ (يجمعه) بالنَّصب عطف على (يبسط) وكذا (فينسى). قال الكرماني: ومعنى الكلام أن البسط المذكور والنسيان لا يجتمعان؛ لأنَّ البسط الذي بعده الجمع المتعقب للنسيان منفيٌّ فعند وجود البسط ينعدم النسيان وبالعكس (¬1). (نمرة) أي: بردة والمراد: أنَّه بسط بعضها؛ لئلا تنكشف عورته. (ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا) ظاهره: أنَّ عدم النِّسيان خاص بتلك المقالة لكن قول مسلم في "صحيحه": ما نسيت بعد ذلك اليوم شيئًا حدَّثني به (¬2)، يقتضي أنَّه عام في تلك المقالة وغيرها، وهو الظاهر. (لولا آيتان) إلى آخره إشارة بالآيتين إلى ما اقتصر عليه من قوله: ({إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا}) إلى آخره وإلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ} (¬3) [البقرة: 174] إلى آخره ({مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إلى قوله: {الرَّحِيمُ}) ومرَّ شرح الحديث في باب: حفظ العلم (¬4). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 10/ 168. (¬2) "صحيح مسلم" (2492) كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي هريرة. (¬3) نزلت هذه الآية في علماء اليهود وأحبارهم وعلماء النصارى، لكتمانهم الناس أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - وتركهم اتباعه وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل أو لكتمانهم آية الرجم واتباع أمر محمد، كما ذكر الواحدي. انظر: "تفسير الطبري" 2/ 56، و"أسباب النزول" للواحدي (ص 50). (¬4) سبق برقم (118) كتاب: العلم، باب: حفظ العلم.

42 - كتاب المساقاة

42 - كِتَابُ المُسَاقَاةِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 42 - كِتَابُ المُسَاقَاةِ باب فِي الشُّرْبِ وَقَوْلِ الله تَعَالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30]. وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)} [الواقعة: 68 - 70]. الأُجَاجُ: المُرُّ، المُزْنُ: السَّحَابُ. [فتح: 5/ 29] (في الشرب) أي: في حكمه، وهو بكسر المعجمة: النَّصيب والحظ من الماء، وفي نسخة: عقب البسملة. "باب: في الشرب" وفي أخرى: عقبها. "كتاب المساقاة باب: في الشُّرب" وفي أخرى: بدل (كتاب المساقاة). "كتاب الشُّرب" قال شيخنا: ولا وجه لقوله: "كتاب المساقاة" فإن التَّراجم التي فيه غالبها متعلِّق بإحياء الموات (¬1). (وقول الله) بالجر عطف على الشُّرب ({وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ}) أي: النازل من السَّماء والنَّابع من الأرض ({أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ}) إلى آخره) في نسخة: " {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68)} إلى قوله: {تَشْكُرُونَ} ". ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 29.

1 - باب في الشرب، ومن رأى صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة، مقسوما كان أو غير مقسوم

(الأجاج: المرُّ المُزن: السَّحاب) في نسخة: "ثجاجًا". منصبًا. المزن: السحاب. الأجاج: المرّ، فُراتًا: عذبًا. ذكر البخاري فيها: ثجاجًا وفراتًا استطرادًا على عادته أنَّه إذا ترجم لباب في شيء يذكر فيه ما يناسبه من الألفاظ التي في القرآن، وضمرها تكثيرًا للفوائد و (المزن) جمع مزنه: وهي السَّحاب الأبيض. 1 - باب فِي الشُّرْبِ، وَمَنْ رَأى صَدَقَةَ المَاءِ وَهِبَتَهُ وَوَصِيَّتَهُ جَائِزَةً، مَقْسُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ. وَقَال عُثْمَانُ: قَال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلَاءِ المُسْلِمِينَ". فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ - رضي الله عنه -. [(باب: في الشرب) بضم المعجمة، (من رأى) في نسخة بدل ذلك] (¬1): "باب: من رأى" (صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة مقسومًا كان، أو غير مقسوم) (¬2) ضمير مقسومًا للماء. ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) قال ابن حجر في "الفتح" 5/ 30 أراد البخاري بهذه الترجمة الرد على من قال إن الماء لا يملك، قلت والحق أن قوله الماء لا يملك ليس على الإطلاق؛ لأن الماء على أقسام: قسم منه لا يملك أصلًا وكل الناس من فيه سواء في الشرب وسقي الدواب وكري النهر منه إلى أرضه، وذلك كالأنهار العظام مثل النيل والفرات ونحوهما. وقسم منه يملك وهو الماء الذي يدخل في قسمة أحد إذا قسمه الإمام بين قوم فالناس فيه شركاء في الشرب وسقي الدواب دون كري النهر. وقسم منه يكون محرزًا في الأواني كالجبان والدنان والجرار ونحوها وهذا مملوك لصاحبه بالإحراز، وانقطع حق غيره عنه أهـ.

(بئر رومة) بئر معروفة بالمدينة و (رومة) بضمِّ الرَّاء علم لصاحب البئر وهو رومة الغفاري، وقيل: اسم امرأة كانت تسقي من البئر، وقيل اسم للبئر فالإضافة بيانية (¬1). (فيكون دلوه فيها) أي: في البئر. (كدلاء المسلمين) يعني: يوقفها ويكون حظُّه منها، كحظ غيره. (فاشتراها عثمان) أي: بخمسة وثلاثين ألف درهم ووقفها على الفقير والغني وابن السَّبيل، وتمسَّك بذلك من يجوز الوقف على النَّفس؛ لأنَّه ينتفع، كما ينتفعون، وأجيب: بأنَّه ليس مقصودًا فهو، كما لو وقف على الفقراء فصار فقيرًا. 2351 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ القَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَال: "يَا غُلامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ"، قَال: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. [2366، 2451، 2602، 2605، 5620 - مسلم: 2030 - فتح: 5/ 29] (أبو غسَّان) هو محمد بن مطرِّف الليثيُّ. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. (بقدح) أي: فيه ماء. (أصغر القوم) هو ابن عبَّاس رضي الله عنهما. (بفضلي) في نسخة: "بفضلٍ" بالتنوين، ووجه دخول الحديث هنا: من جهة مشروعية قسمة الماء، وأنه يملك إذا لو لم يملك لما دخلته القسمة ولا صحَّت هبته ولا الوصيَّة به. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 299 - 300.

2352 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهَا حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ دَاجِنٌ، وَهِيَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنَ البِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ، فَأَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القَدَحَ، فَشَرِبَ مِنْهُ حَتَّى إِذَا نَزَعَ القَدَحَ مِنْ فِيهِ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَال عُمَرُ: وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الأَعْرَابِيَّ، أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَكَ، فَأَعْطَاهُ الأَعْرَابِيَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ قَال: "الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ". [2571، 5612، 5619 - مسلم: 2029 - فتح: 5/ 30] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع الحمصيُّ. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (فإنها) أي: القصَّة، وفي نسخة: "فإنَّه" أي: الشأن. (داجن) هي الشاة التي أَلِفَتْ البيوت، وأقامتْ بها ولم يقل: داجنة اعتبارًا بتأنيث الموصوف؛ لأنَّ الشَّاة تذكر وتؤنَّث. (وشيب لبنها) أي: خلط. حتى إذا نزع القدح أي: قلعه (عن فيه) في نسخةٍ: "من فيه". (وعلى يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي) قال الكرمانيُّ. قال هذاب (عن) وفي اليسار بـ (على) لعلَّ يساره كان موضعًا مرتفعًا فاعتبر استعلاؤه، أو كان الأعرابي بعيدًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). (الذي على يمينه) في نسخة: "الذي عن يمينه". (الأيمنَ فالأيمنَ) بالنَّصب بمقدَّرٍ أي: أعط، وبالرَّفع مبتدأ لخبر محذوف، أي: أحق. وفي الحديث: ندب التيامن، وتقديمُ الأيمن وإنْ كان مفضولًا، وأنَّه لا يؤثر على نفسه ما هو فضيلة أخروية، وأنَّ من سبق إلى موضع من مجلس العلم فهو أحقُّ به من غيره، وأنَّ خلط اللَّبن بالماء جائز؛ للتبريد أو التكثير للشرب، وإنَّما ينهى عنه إذا أراد بيعه؛ لأنَّه ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 10/ 171.

2 - باب من قال: إن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروى

غشٌّ، والحكمة في استئذان النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عبَّاس دون الأعرابيِّ: أنَّه كان يدلُّ على ابن عباس، فاستأذنه ثقة بطيب نفسه بأصل الاستئذان ولم يستأذن الأعرابي مخافةً من إيحاشه في استئذانه، وربما يسبق إلى قلب الأعرابيِّ شيء يأنف به؛ لقرب عهده بالجاهليَّةِ. 2 - بَابُ مَنْ قَال: إِنَّ صَاحِبَ المَاءِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يَرْوَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ". (باب: من قال إن صاحب الماء أحقّ بالماء حتى يروى) بفتح الياء والواو من الري. 2353 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الكَلَأُ". [2354، 6962 - مسلم: 1566 - فتح: 5/ 31] (لا يمنع) بالبناء للمفعول، بالرفع على النفي بمعنى النهي، وبالجزم على النهي. (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان] (¬1) (لا يمنع فضل الماء ليمنع به) بالبناء للمفعول فيهما. (الكلأ) هو العشب رطبًا كان أو يابسًا، ولام (ليمنع): لام العاقبة ولو قيل: إنها لام كي لم يبعد، وصورة ما ذكر: أن يحفر رجل بئرًا في موات فيملكها بالإحياء وبقربها كلأً ترعاها الماشية، ولا يكون لأربابها مقام ثَمَّ إذا منعوا الماء فنهى صاحب الماء أن يمنعهم فضل مائه، لئلا يكون مانعًا للكلإِ. 2354 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ ¬

_ (¬1) من (م).

3 - باب من حفر بئرا في ملكه لم يضمن

المَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الكَلَإِ". [انظر: 2353 - مسلم: 1566 - فتح: 5/ 31] (عقيل) بضمِّ المهملة أي: ابن خالد الأيلي. (وأبي سلمة) هو عبد الله، أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف. (لتمنعوا به فضل الكلإِ). زاد في هذا: (فضل) تنبيهًا على أنَّ النَّهي إنَّما هو عن منع الفضل لا عن منع الأصل، وبه علم أنَّ صاحب الماء أحقَّ بمائه عند عدم الفضل ومحل النَّهي عن ما ذكر في غير الماء المحرز في الإناء إذ المحرز فيه لا يجب بذل فضله إلَّا للمضطر. 3 - بَابُ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ (باب: من حفر بئرًا في ملكه) أي: أو في موات؛ لتملك، أو للارتفاق. (لم يضمن) ما يتلف بها؛ لأنَّه غير متعد. 2355 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ، وَالعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ". [انظر: 1499 - مسلم: 1710 - فتح: 5/ 33] (حدثنا) في نسخة: "حدَّثني محمود" أي: ابن غيلان. (أخبرنا) في نسخة: "أخبرني عبيد الله" أي: ابن موسى، وهو شيخ البخاري، روى عنه هنا بواسطة. (عن إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصَّاد المهملتين: عثمان بن عاصم. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزَّيات. (المعدن) أي: التَّالف به. (جبار) بضمِّ الجيم وخفة الموحدة أي:

4 - باب الخصومة في البئر والقضاء فيها

هدر لا ضمان على حافره، (والبئر) أي: المحفورة في ملك الحافر، أو في موات للتملك أو الارتفاق. (والعجماء) بالمدِّ أي: البهيمة أي: التَّالف بها. ومرَّ شسرح الحديث في باب في الرَّكاز الخمس (¬1). 4 - بَابُ الخُصُومَةِ فِي البِئْرِ وَالقَضَاءِ فِيهَا (باب: الخصومة في البئر والقضاء) أي: الحكم فيها لمن كان محقًا. 2356، 2357 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَال امْرِئٍ [مُسْلِمٍ]، هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] الآيَةَ، فَجَاءَ الأَشْعَثُ، فَقَال: مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي، فَقَال لِي: "شُهُودَكَ"، قُلْتُ: مَا لِي شُهُودٌ، قَال: "فَيَمِينُهُ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفَ، فَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الحَدِيثَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لَهُ. [2416 - 2417، 2515 - 2516، 2666 - 2667، 2669 - 2670 - 2673، 2676 - 2677، 4549 - 4550، 6659 - 6660، 6676 - 6677، 7183 - 7184 - مسلم: 138 - فتح: 5/ 33] (عبدان) هو عبد الله المروزي. (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون اليشكري. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران (عن شقيق) أي: ابن سلمة. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (من حلف على يمين) أي: بها. (يقتطع بها) أي: بسببها (مال امرئ) في نسخة: "مال امرئ مسلم" وجرى في تخصيص ذكر الثلاثة ¬

_ (¬1) سبق برقم (1499) كتاب: الزكاة، باب: في الركاز الخمس.

5 - باب إثم من منع ابن السبيل من الماء

على الغالب إذ مثلها الاختصاص والمرأة والخنثى والذِّمي، وقد جاء في رواية لمسلم: "من اقتطع حق امرءٍ مسلم بيمينه" (¬1). (هو عليها) في نسخة: "هو فيها". (فاجر) أي: مائل عن الحق. (وهو عليه غضبان) فيعامل معاملة المغضوب عليه من كونه لا ينظر إليه ولا يكلمه. ({بِعَهْدِ اللَّهِ}) أي: إليهم في الإيمان بالنَّبي وأداء الأمانة. (الأشعث) أي: ابن قيس الكندي. (ما حدَّثكم) في نسخة: "ما يحدِّثكم". (أبو عبد الرحمن) أي: ابن مسعود. (ابن عم لي) هو معدان بن الأسود بن معد يكرب الكندي. (شهودَك) بالنَّصب بمقدر، أي: أحضر أو أقم، وبالرَّفع خبر مبتدإٍ محذوف أي: المثبت لحقِّك شهودك. (فيمينه) بالنَّصب بمقدَّرٍ، أي: فاطلب وبالرَّفع خبر مبتدإٍ محذوف، أي: فالحجَّة القاطعة بينكما يمينه. (إذًا يحلفَ) بنصب (يحلف) بإذًا، وبرفعه على لغة من جوَّز إلغاءها. (هذا الحديث) هو قوله: من حلف على يمين إلى آخره (¬2). 5 - بَابُ إِثْمِ مَنْ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ مِنَ المَاءِ (باب: إثم من منع ابن السَّبيل من الماء) أي: الفاضل عن حاجته. 2358 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (137) كتاب: الإيمان، باب: وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة. (¬2) ويستفاد من هذا الحديث: أن البينة على المدعي أنه لا بينة له لم تقبل دعواه بعد ذلك. وردَّ بأنه ليس فيه حجة على ذلك لأن الأشعث لم يدع بعد ذلك أنه له بينة. وفيه: أن للحاكم أن يطلب المدعى عليه عند عدم البينة وإن لم يطلبه صاحب الحق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بالحلف.

الأَعْمَشِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ، فَمَنَعَهُ مِنَ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إلا لِدُنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ العَصْرِ، فَقَال: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ " ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]. [2369، 2672، 2712، 7446 - مسلم: 108 - فتح: 5/ 34]. (عن الأعمش) هو سُليمان بن مهران. (وأبا صالح) هو ذكوان الزَّيات. (ولا يزكيهم) أي: لا يثني عليهم، أو لا يطهرهم من الذنوب. (بايع) أي: عاهد. (إمامًا) في نسخة "إمامه" والمراد: الإمام الأعظم (لدنيا) بغير تنوين. (فإن أعطاه منها) أي: رضي. (أقام) من قامت السوق إذا نفقت (سلعته) أي: متاعه (بعد العصر) خرج مخرج الغالب [إذا الغالب] (¬1) أنَّ مثله كان يقع في آخر النَّهار حين يفرغون من معاملتهم، أو خصَّصه بالذكر؛ لكونه وقت ارتفاع الأعمال، ولهذا تغلظ فيه يمين الملاعن ونحوه. (أعطيت) بالبناء للفاعل، أي: دفعت لبائعها. (كذا وكذا) وبالبناء للمفعول، أي: أعطاني من يريد شراءها كذا وكذا. (فصدَّقه رجل) أي: واشتراه بما ذكره له، والذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة لا ينحصرون في الثلاثة المذكور؛ لأنَّ العدد لا ينفي الزَّائد والأوَّل: إشارة إلى عدم الشَّفقة على خلق الله، والثَّالث: إلى عدم التعظيم لأمر الله، والمتوسط: جامع للجهتين فيرجع ما سواها إليها. ¬

_ (¬1) من (ب).

6 - باب سكر الأنهار

6 - بَابُ سَكْرِ الأَنْهَارِ (باب: سكر الأنهار) بفتح السِّين وسكون الكاف أي: سدّها. 2359، 2360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الحَرَّةِ، الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَال الأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ المَاءَ يَمُرُّ، فَأَبَى عَلَيْهِ؟ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ: "أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إِلَى جَارِكَ"، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَال: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ"، فَقَال الزُّبَيْرُ: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] ". [قال محمد بن العباس: قال أبو عبد الله: ليس أحد يذكر عروة، عن عبد الله، إلا الليث فقط]. [2361، 2362، 2708، 4585 - مسلم: 2357 - فتح: 5/ 34] (أن رجلًا من الأنصار) هو حاطب بن أبي بلتعة، أو حميد، أو ثابت بن قيس، أو ثعلبة بن حاطب، وسمي الأوَّل أنصاريًّا؛ لأنه كان حليفًا للأنصار، وإلَّا فهو مهاجري. (شراج) بكسر المعجمة وبالجيم: جمع شرج بفتح أوَّله وسكون ثانيه بوزن: بحر وبحار، وقيل: مفرد. (الحرة) (¬1) موضع بالمدينة، والمراد بشراجها: مسيل الماء، وفي المدينة وما حولها حرات: حرة واقم، وحرة ليلى، وحرة الحوض بين المدينة والعقيق، وحرة قباء، وحرة النَّار وحرة الربوة بفتحات على ¬

_ (¬1) والحرة: أرض ذات حجارة سود نخرة كأنها أحرقت بالنار. انظر: "معجم البلدان" 2/ 245.

أميال من المدينة. التي يسقون بها أي: بمائها. (سَرَح الماء) أي أطلقه. (فقال) في نسخة: "قال". (أسق) بهمزة قطع مفتوحة من الثُّلاثي المزيد فيه، وفي نسخة بهمزة وصل من الثُّلاثي المجرَّد. (أن كان) بفتح الهمزة، أي: حكمت بذلك؛ لأجل أنَّه كان (ابن عمتك) هي صفيَّة بنت عبد المطلب وبكسرها على أن (أن) شرطيَّة وجوابها محذوف أو على أنها للتعليل بتقدير فاء السببيَّة قبلها، كما في قوله تعالى: {نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 28] إذ قرئ فيه (أن) بفتحها وكسرها وقيل: "أن" هنا مفتوحة ممدودة استفهام إنكاري. حكاه شيخنا وقال: إنه لم يقع لنا في الرِّواية (¬1). انتهى. (فتلوَّن) أي: تغير. (إلى الجدر) فتح الجيم وسكون المهملة: ما يجعل بين مشارب النَّخل كالجدار ليحبس الماء {فَلَا وَرَبِّكَ} أي: فوربك بزيادة لا لتأكيد القسم، كما في قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)} [البلد: 1] {فِيمَا شَجَرَ} أي: اختلف. {بَيْنَهُمْ}. زاد في في نسخة: "قال محمد بن العباس قال أبو عبد الله" أي: البخاري "ليس أحد يذكر عروة عن عبد الله" أي: ابن الزبير. "إلَّا الليث" يعني: أنَّ البخاري هو الذي صرَّح بتفرُّد الليث بذكر عبد الله بن الزُّبير في إسناده. قال شيخنا: فإن أراد مطلقًا، وردّ عليه ما أخرجه النِّسائي وغيره من طريق ابن وهب، عن اللَّيث ويونس جميعًا عن الزهري: أن عروة حدَّثه عن أخيه عبد الله بن الزُّبير بن العوَّام (¬2)، وإن أراد بقيد أنَّه لم يقل فيه: عن أبيه بل جعله من مسند عبد الله بن الزُّبير ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 36. (¬2) "سنن النسائي" 8/ 239 كتاب: أداب القضاة، باب: الرخصة للحاكم الأمين أن يحكم وهو غضبان.

7 - باب شرب الأعلى قبل الأسفل

فمسلم، فإن رواية ابن وهب فيها: عن عبد الله عن أبيه (¬1). 7 - بَابُ شُرْبِ الأَعْلَى قَبْلَ الأَسْفَلِ (باب: شرب الأعلى قبل الأسفل) في نسخة: "قبل السفلى". 2361 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَال: خَاصَمَ الزُّبَيْرَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا زُبَيْرُ اسْقِ، ثُمَّ أَرْسِلْ"، فَقَال الأَنْصَارِيُّ: إِنَّهُ ابْنُ عَمَّتِكَ، فَقَال عَلَيْهِ السَّلامُ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ يَبْلُغُ المَاءُ الجَدْرَ، ثُمَّ أَمْسِكْ" فَقَال الزُّبَيْرُ: "فَأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] [انظر: 2359 - فتح: 5/ 38] (خاصم الزُّبير رجل) بالرَّفع على الفاعليَّة وفي نسخة: "رجلًا" بالنَّصب على المفعوليَّة، فالزبير على الأولى: منصوب وعلى الثَّانية: مرفوع. (ثم أرسل) أي: "الماء" كما في نسخة. (- عليه السلام -) في نسخة: " - صلى الله عليه وسلم - ". "ثمَّ يبلغ" في نسخة: "حتى يبلغ" (الماء) ساقط من نسخة. (فقال الزُّبير) في نسخة: "قال الزُّبير" ومرَّ شرح الحديث آنفًا (¬2). 8 - بَابُ شِرْبِ الأَعْلَى إِلَى الكَعْبَيْنِ (¬3). (باب: شِرْبِ الأعْلى إِلَى الكَعْبَيْنِ) بكسر شين. (شرب) أي: نصيب الأعلى وفي نسخة: بضمِّها. ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 38. (¬2) سبق برقم (2359) كتاب: المساقاة، باب: سكر الماء. (¬3) أشار بهذه الترجمة إلى بيان مقدار الماء الأعلى.

2362 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الحَرَّانِيُّ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجٍ مِنَ الحَرَّةِ يَسْقِي بِهَا النَّخْلَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ" فَقَال الأَنْصَارِيُّ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ [حتى] (¬1) يَرْجِعَ المَاءُ إِلَى الجَدْرِ، وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ" فَقَال الزُّبَيْرُ: "وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] " قَال لِي ابْنُ شِهَابٍ: فَقَدَّرَتِ الأَنْصَارُ وَالنَّاسُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ" وَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الكَعْبَيْنِ. [انظر: 2359 - فتح: 5/ 39). (حدَّثنا) في نسخة: "حدثني". (محمد) زاد في نسخة: "هو ابن سلَّام". (مَخْلَد) أي: "ابن يزيد الحرَّاني" كما في نسخة. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (يسقي) في نسخة: "ليسقي بها" أي: بالحرة أي: بمائها، وفي نسخة: "به". (فأمره) فعل ماض من الأمر. (بالمعروف) أي: أمره بالعادة الجارية بينهم في مقدار الشُّرب، والجملة: معترضة من كلام الرَّاوي، وفي نسخة: "فأمِره" بكسر الميم وتشديد الرَّاء: فعل أمر من الإمرار، فالجملة من كلام النَّبي - صلى الله عليه وسلم - (ثمَّ أرسل) في نسخة: "ثمَّ أرسله" أي: الماء (واستوعى له حقَّه) أي: استوفاه واستوعبه حتى كأنَّه جمعه في وعاء وكان أولًا، أمره أن يسامح ببعض حقِّه فلمَّا لم يرض الأنصاري استقصى الحكم وحكم به. ({فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}) ساقط من نسخة. (قال) في نسخة: ¬

_ (¬1) من (س) والسلفية وليست في (ى).

9 - باب فضل سقي الماء

"فقال". (فقدرت الأنصار والنَّاس) العطف فيه من عطف العام على الخاص، أو أراد بالنَّاس: غير الأنصار. (قول النَّبي) إلى آخره أي: قدروا الماء الذي يرجع إلا الجدر المذكور في قوله - صلى الله عليه وسلم -. (اسق) إلى آخره فوجدوه يبلغ الكعبين. فقوله: (قول النَّبي) فيه حذف، وقوله: (وكان ذلك) أي: الماء الدَّال عليه (اسق)، وقوله: (إلى الكعبين) تنازعه قدرت وكان. 9 - بَابُ فَضْلِ سَقْيِ المَاءِ (باب: فضل سقي الماء) أي: للمحتاج إليه. 2363 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا، فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَال: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَال: "فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ" تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَالرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ. [انظر: 173 - مسلم: 2244 - فتح: 5/ 40] (عن سُمي) هو مولى أبي بكر. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزّيات. (يمشي) أي: بطريق مكَّة. (يلهث) بمثلَّثة أي: يخرج لسانه من العطش. (يأكل الثَّرى) بمثلَّثة مفتوحة أي: يكدم بفمه التراب النَّدي. (لقد بلغ هذا) أي: الكلب (مثل الذي بلغ بي) برفع (مثل) بأنَّه فاعل (بلغ) وبالنَّصب على أنَّه صفة لمصدر محذوف، أي: بلغَ هذا مبلغًا مثل الذي بلغ بي فقوله: (هذا) منصوب على الأوَّل بالمفعوليَّة ومرفوع على

الثَّاني بالفاعليَّة، وفي نسخة عقب ذلك: "فنزل بئرًا". (ثم أمسكه) أي: الخف. (بفيه) أي: بفمه لاستعانته بيديه في الصعود لعسر المرتقى. (ثم رقي) بكسر القاف، كصعد وَزْنًا ومعنى. (فشكر الله له) أي: أثنى عليه، أو قبل عمله ذلك. (وإنَّ لنا في البهائم) أي: في سقيها والإحسان إليها، وهو معطوف على مقدَّر، أي: الأمر كما قلت وإن لنا في البهائم (أجرًا) والتَّقدير: أو أن لنا بتقدير همزة الاستفهام التَّعجبي. (في كل كَبِد) بفتح الكاف وكسر الموحَّدة وسكونها، وبكسر الكاف وسكون الموحدة و (في) ظرفية بتقدير: في إرواء كل كبد، أو سببية كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في النَّفس المؤمنَّة مائة إبل رطبة" أي: برطوبة الحياة وأنَّثها؛ لأن الكبد مؤنث سماعي. (تابعه) إلى آخره ساقط من نسخة. وضمير (تابعه) لعبد الله بن يوسف. 2364 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلاةَ الكُسُوفِ، فَقَال: "دَنَتْ مِنِّي النَّارُ، حَتَّى قُلْتُ: أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَال: تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ، قَال: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قَالُوا: حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا". [انظر: 745 - فتح: 5/ 41] (ابن أبي مريم) هو سعيد بن محَّمد بن الحكم بن أبي مريم. (عن ابن أبي مُليكة) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي مُليكة. (أي رَبِّ) أي: يا رب. (وأنا معهم) أي: أو أنا معهم بتقدير همزة الاستفهام التعجبي لتعجبه من قربه من أهل النَّار. (أنَّه) أي: ابن أبي مُليكَة. (تخدِشها) بكسر المهملة، أي: تكدحها.

10 - باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه

2365 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ" قَال: فَقَال: وَاللَّهُ أَعْلَمُ: "لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلَا سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا، فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ". [3318, 3482 - مسلم: 2242 - فتح: 5/ 41] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (في هرَّةٍ) أي: في شأنها أو بسببها، ولا ينافى أنَّ له سببًا آخر فقد روى البزار في "مسنده" والبيهقي في "البعث والنّشور": أنَّ المرأة كانت كافرة فاستحقَّت العذاب بكفرها وظلمهما (¬1). (فيها) أي: بسببها. (قال) أي: النَّبي - صلى الله عليه وسلم -. (فقال) أي: الله، أو مالك خازن النَّار (والله أعلم) جملة معترضة. (لا أنتِ أطعمتيها) إلى آخره بياء قبل الهاء في الأفعال الأربعة، وفي نسخةٍ: بدونها، وهو الأفصح. (فأكلت) في نسخة: "فتأكل". (من خشاش الأرض) بفتح الخاء [المعجمة] (¬2) أفصح من ضمِّها وكسرها أي: حشراتها. 10 - بَابُ مَنْ رَأَى أَنَّ صَاحِبَ الحَوْضِ وَالقِرْبَةِ أَحَقُّ بِمَائِهِ (باب: من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق) من غيره (بمائه) الذي في حوضه وقربته. 2366 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ هُوَ أَحْدَثُ القَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، قَال: "يَا غُلامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ الأَشْيَاخَ"، فَقَال: مَا ¬

_ (¬1) "البعث والنشور" ص 53 (52). (¬2) من (ب).

كُنْتُ لِأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. [انظر: 2351 - مسلم: 2030 - فتح: 5/ 42] (قتيبة) أي: ابن سعيد (عبد العزيز عن أبي حازم) هو أبو عبد العزيز، واسمه: سلمة بن دينار. (أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدح) إلى آخره، وجه مطابقته للترجمة: إلحاق الحوض والقربة بالقدح فيما فعل بمائة، وإلحاق صاحبهما بالجالس على يمين النَّبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّه إذا استحقَّ الماء بجلوسه عن اليمين فلأن يستحقه بحيازته في حوضه وقربته أولى، ومرَّ شرح الحديث في باب: الشّرب (¬1). 2367 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَذُودَنَّ رِجَالًا عَنْ حَوْضِي، كَمَا تُذَادُ الغَرِيبَةُ مِنَ الإِبِلِ عَنِ الحَوْضِ". [مسلم: 2302 - فتح: 5/ 42] (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (لأذودَنَّ) بإعجام الذَّال الأولى أي: لأطردنَّ رجالًا. (عن حوضي) هم المنافقون، أو المرتدون، أو أصحاب الكبائر، أو المحدث في الدِّين كالمبتدعة والظلمة. (كما تذاد الغريبة) أي: كما تطرد النَّاقة الغريبة. (من الإبل) إذا أرادت الشُّرب معها. 2368 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ - يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2351) كتاب: المساقاة، باب: الشرب.

زَمْزَمَ - أَوْ قَال: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ - لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا"، وَأَقْبَلَ جُرْهُمُ فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالتْ: نَعَمْ، وَلَا حَقَّ لَكُمْ فِي المَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ. [3362, 3363, 3364, 3365 - فتح: 5/ 42] (حدَّثنا) في نسخة: "حدَّثني". عبد الرَّازق أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد (عن أيُّوب) أي: السختياني. (أم إسماعيل) أسمها: هاجر. (لو تركت زمزم) أي: ماءها بأن لي تُحوِّطه. (أو قال: لو لم تغرف من الماء) شكٌّ من الرَّاوي. (لكانت عينًا معينًا) بفتح الميم أي: ظاهرًا جاريًا على وجه الأرض؛ لأنَّ ظهورها نعمة من الله محضة فلمَّا خالطها تحويض هاجر داخلها كسب البشر فقصرت على ذلك. (فأقبل جُرهُم) بضمِّ الجيم والهاء: حيٌّ من اليمن أصهار إسماعيل، والنِّسبة إلى جرهم بن قحطان. (قال: نعم) هي حرف تصديق بعد الخبر، كقام زيدًا، وما قام زيد، وحرف وعد بعد الأمر والنَّهي والاستفهام كافعل ولا تفعل وهل تعطيني، وحرف إعلام بعد الاستفهام كقوله تعالى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ} [الأعراف: 44] وأمَّا بلى: فللإيجاب بعد النَّفي أي: نفي الأثبات كقوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] ومنه قوله: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي} [الزمر: 59] لتقدم النَّفي المفاد بلو، ومطابقة الحديث للترجمة يؤخذ من قولها: لجرهم. (ولا حقَّ لكم في الماء) أي: بل الحقُّ فيه لي. 2369 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "ثَلاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَال رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ: اليَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا

11 - باب: لا حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم

مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ"، قَال عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، غَيْرَ مَرَّةٍ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2358 - مسلم: 108 - فتح: 5/ 43] (حدَّثنا عبد الله) في نسخة: "حدَّثنى عبد الله". (سُفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (على سلعة) في نسخة: "على سلعته". (لقد أعطى) بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول. (بها) أي: بالسلعة أي: فيها أو بسببها. (قال على): أي: ابن المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (يبلغ به النَّبي) أي: يرفعه إليه ومرَّ شرح الحديث في باب: إثم من منع ابن السَّبيل من الماء (¬1). 11 - بَابٌ: لَا حِمَى إلا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: لا حمى إلَّا لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -). حمى -بالقَصْر بغير تنوين-وهو لغة: المحظور، واصطلاحًا: ما يحميه الإمام من الموات ويمنع النَّاس من الرَّعي فيه، وتبع في الحصر الحديث وإلَّا فالمراد: لا حمى إلَّا لله ولرسوله ولمن ورد عنه ذلك من الخلفاء بعده إذا احتاج إلى ذلك؛ لمصلحة المسلمين، كما فعل الصِّديق والفاروق وعثمان لمَّا احتاجوا إلى ذلك. 2370 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ، قَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا حِمَى إلا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ" وَقَال: بَلَغَنَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَى النَّقِيعَ"، وَأَنَّ عُمَرَ "حَمَى السَّرَفَ وَالرَّبَذَةَ". [3013 - فتح: 5/ 44] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2358) كتاب: المساقاة، باب: إثم من منع ابن السبيل من الماء.

12 - باب شرب الناس والدواب من الأنهار

(عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (وقال): زاد في نسخة "أبو عبد الله" أي: البخاري. (النقيع) بنون: موضع في صدر وادي العقيق على نحو عشرين ميلًا من المدينة كان ينقع فيه الماء، أي: يجمع، فإذا نصب نبت فيه الكلأ (¬1). (السَّرف) (¬2) بفتح المهملة وفتح الرَّاء وكسرها: موضع قرب التَّنعيم، وفي نسخة: بمعجمة وراء مفتوحتين: هو شرف الروحاء (والرَّبذة) بفتح الرَّاء والموحَّدة والمعجمة موضع معروف بين الحرمين (¬3). 12 - بَابُ شُرْبِ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ مِنَ الأَنْهَارِ (باب: شرب النَّاس والدَّواب من الأنهار) أي: بيان حكمه، والغرض منه: أنَّ ماء الأنهار الجارية غير مختص بأحد من النَّاس فيجوز الشُّرب منها من غير استئذان أحد. 2371 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ: فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَال بِهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ المَرْجِ أَو الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهُ انْقَطَعَ طِيَلُهَا، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا، وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِيَ لِذَلِكَ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 301 - 302. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 3/ 212، 336. (¬3) انظر: "معجم البلدان" 3/ 24 - 25.

وَتَعَفُّفًا ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الإِسْلامِ، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وزْرٌ " وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الحُمُرِ، فَقَال: "مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إلا هَذِهِ الآيَةُ الجَامِعَةُ الفَاذَّةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة 7 - 8]. [2860، 3646، 4962، 4963، 7356، 1402، 1403، 2378، 3073، 4565، 4659، 6957، 6958, 7356 - مسلم: 987 - فتح: 5/ 45] (ستر) أي: ساترة لفقره وحاله. (وزر) أي: إثم، ووجه الحصر في الثَّلاثة المذكورة: أنَّ من يقتني الخيل إمَّا أن يقتنيها؛ للركوب، أو للتجارة وكل منهما إمَّا أنْ يقترن به طاعة وهو الأوَّل، أو معصية وهو الثالث، أو لا ولا، وهو الثاني. (بها) في نسخة "لها". (في مرج) بسكون الرَّاء وبجيم: أرض واسعة فيها كلأ كثير. (أو روضة) شكٌّ من الرَّاوي. (في طيلها) بكسر المهملة وفتح التَّحتيَّة: الحبل الذي تربط به ويُطول لها لترعى، وفي نسخة: "طولها" بواو بدل الياء. (كان له) أي: لصاحبها، وفي نسخة: "لها" أي: للخيل أي: لصاحبها. (ولو أنَّه) أي: الشأن. (فاستنَّت) بتشديد النُّون أي: عدت. (شرفًا أو شرفين) بمعجمة فراء ففاء مفتوحات فيهما أي: شوطًا أو شوطين. (آثارها) أي: في الأرض بحوافرها عند خطواتها. (كان ذلك) أي: شربها. (فهي لذلك) أي: لأجل سقيها. (تغنِّيًا) بتشديد النون أي: استغناء عن النَّاس بنتاجها. (وتعفُّفًا) أي: عن سؤالهم فيتجر فيها أو يتردد عليها إلى متاجره أو مزارعه أو نحو ذلك. (ثم لم ينس حق الله في رقابها). بأن يؤدِّي زكاة تجارتها. (ولا ظهورها) بأن يركبها في الجهاد في سبيل الله، أو لا يحمِّلها ما لا تطيقه. (فخرًا) أي: تعاظمًا. (ورياءً) أي: إظهارًا للطَّاعة والباطن، بخلاف ذلك.

(ونواءً) بكسر النُّون والمد، أي: عداوة. (عن الحُمر) أي: عن الإحسان إليها أو بها. (الجامعة) لإفادتها الجمع والعموم. (الفاذة) بذال معجمة مشدَّدة، أي: القليلة المثل، فإنَّها تقتضي أنَّ من أحسن إلى الحمر، أو بها رأى إحسانه في الآخرة، ومن أساء إليها وكلَّفها فوق طاقتها رأى إساءته لها في الآخرة. (ذرَّة) هي النَّملة الصغيرة، وقيل: ما يرى في شعاع الشَّمس من الهباء. 2372 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ، فَقَال: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا" قَال: فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَال: "هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"، قَال: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَال: "مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا". [انظر: 91 - مسلم: 1722 - فتح: 5/ 46] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (حدَّثنا) في نسخة: "حدَّثني". (عن زيد بن خالد) أي: "الجهني" كما في نسخة. (جاء رجل) هو عمير أبو مالك، أو زيد بن خالد الرَّاوي، أو بلال، ولعلَّ كلًّا منهما سأل. (عفاصها) أي: وعاءها. (ووكاءها) بكسر الواو والمد: الخيط الذي يشد به الوعاء. (فإن جاء صاحبها) جواب أن محذوف أي: فردَّها إليه (فشأنك بها) بالنَّصب أي: فتملكها. (هي لك) أي: إن عرفتها ولم تجد صاحبها. (أو لأخيك) أي: لصاحبها، إن وجدته. (أو للذِّئب) يأكلها إن تركتها ولم تجد صاحبها. (قال: فضالَّةُ الإبل) أي: ما حكمها. (ما لك ولها؟!) استفهام إنكاري أي: مالك وأخذها. (سقاؤها) بكسر السِّين والمد أي: جوفها أي: حيث وردت الماء شربت ما يكفيها حتى ترد

13 - باب بيع الحطب والكلإ

ماءً آخرًا (وحِذاؤها) بكسر المهملة وبذال معجمة وبالمدِّ، أي: خفها. (ربها) أي: مالكها، ويقاس في الإبل في عدم جواز التقاطه بمفازة ما يمتنع بقوَّته: من صغار السِّباع كالبقر والخيل، أو بعدوه: كالأرنب والظَّبي، أو بطيرانه: كالحمام، ومرَّ شرح الحديث في باب: الغضب في الموعظة (¬1). 13 - بَابُ بَيْعِ الحَطَبِ وَالكَلَإِ (باب: بيع الخطب والكلاءِ) أي: جواز بيعهما. 2373 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلًا، فَيَأْخُذَ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ، فَيَبِيعَ، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهِ وَجْهَهُ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، أُعْطِيَ أَمْ مُنِعَ". [انظر: 1471 - فتح: 5/ 46] (وهيب) أي: ابن خالد البصري. (عن هشام) أي: ابن عروة. (أحبلًا) في نسخة: "حبلًا". (حزمة من حطب) في نسخة: "حزمة حطب". (به) أي: بثمن الحزمة، وفي نسخة (بها) أي: بالحزمة أي: بثمنها. (أُعطي أم منع) بالبناء للمفعول فيهما. 2374 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ". [انظر: 1470 - مسلم: 1042 - فتح: 5/ 46] (عقيل) بضمِّ العين أي: ابن خالد الأيلي ومرَّ شرح الحديثين في ¬

_ (¬1) سبق برقم (91) كتاب: العلم، باب: الغضب في الموعظة والتعليم.

باب: الاستعفاف عن المسألة من كتاب: الزَّكاة (¬1). 2375 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّهُ قَال: أَصَبْتُ شَارِفًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ، قَال: "وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَارِفًا أُخْرَى"، فَأَنَخْتُهُمَا يَوْمًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا لِأَبِيعَهُ، وَمَعِي صَائِغٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَشْرَبُ فِي ذَلِكَ البَيْتِ مَعَهُ قَيْنَةٌ، فَقَالتْ: [البحر الوافر] أَلا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ فَثَارَ إِلَيْهِمَا حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، - قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ وَمِنَ السَّنَامِ؟ قَال: قَدْ جَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، فَذَهَبَ بِهَا، قَال ابْنُ شِهَابٍ: - قَال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِي، فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ الخَبَرَ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَى حَمْزَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ، وَقَال: هَلْ أَنْتُمْ إلا عَبِيدٌ لِآبَائِي، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَهْقِرُ حَتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الخَمْرِ. [انظر: 2089 - مسلم: 1979 - فتح: 5/ 46] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (ابن علي) ساقط من نسخة. (شارفًا) بمعجمة هي النَّاقة المسنَّة. (ومعي صائغ) بمهملة وهمزة بعد الألف وقد تبدل ياء وبمعجمة بعدها وفي نسخة: "طابع" بطاء مهملة وموحَّدة بعد الألف [وفي أخرى: "طالع" بلام بعد الألف] (¬2) أي: ومعي من يعرفني الطَّريق. (قينقاع) بتثليث النُّون منصرف بإرادة الحي وغير منصرف بإرادة القبيلة: وهي رهط من اليهود. (فأستعين به) أي: بالأذخر أي: بثمنه ¬

_ (¬1) سبق برقم (1470) كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة. (¬2) من (م).

(يشرب) أي: خمرًا (في ذلك البيت) أي: السَّابق ضمنًا في قوله (عند باب رجل) (قينة) أي: مغنية (ألا) للتنبيه. (يا حمز) بفتح الزَّاي وضمها. (للشرف) بضمِّ الشين والرَّاء وقد تسكن جمع شارف واللَّام متعلقة بمحذوف، أي: انهض أو نحوه. (النواء) بكسر النُّون والمدّ جمع ناوية: وهي السَّمينة، وما ذكره مطلع قصيدة بقيتة مع زيادة. ................... ... وهن معقلات بالفناء ضع السكين في اللبات منها ... ضرجهنّ حمزة بالدماء وعجل من أطايبها لشرب ... قديرًا من طبيخ أو شواء فالفناء بالكسر: المكان المتَّسع أمام الدَّار، كما مرَّ واللُّباب: جمع لبة وهو المنحر والتضريج بضاد معجمة وبجيم: التلطيخ، وأطايب الجزور عند العرب: السنام والكبد والشرب بفتح المعجمة وسكون الرَّاء: الجماعة يشربون الخمر والقدير: المطبوخ في القدر قاله الجوهري (¬1)، وزاد في "القاموس" فقال: والقدير والمقادر ما يطبخ في القدر (¬2). (فثار) أي: قام (إليهما) أي: إلى الشَّارفين. (فجب) أي: قطع. (وبقر) أي: شق. (قلت) أي: قال ابن جريج. (قلت لابن شهاب: ومن السنام؟) أي: وأخذ منه؟. (قال: قد جب أسنمتهما فذهب بها) والجملة مُدرجة من قول ابن جريج وجمع الشَّارفين والسنامين وما بينهما مع أنهما اثنان [بناء في الجميع] (¬3) على القول بأن أقل الجمع اثنان، وفي البعض على جوازه سابقًا كما في قوله: {فَقَدْ صَغَتْ ¬

_ (¬1) "الصحاح" 2/ 787 مادة [قدر]. (¬2) "القاموس" ص 460 مادة [قدر]. (¬3) من (م).

14 - باب القطائع

{قُلُوبُكُمَا} (قال علي) أي: ابن أبي طالب. (أفظعني) أي: خوفني؛ لتضرره بتأخر ابتنائه بفاطمة بسبب فوات ما يستعين به عليه. (وقال: هل أنتم إلا عبيد لآبائي) أراد به التَّفاخر عليهم بأنه أقرب إلى عبد المطلب؛ لأن عبد الله أبا النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبا طالب عمّه كانا كالعبدين لعبد المطِّلب في الخضوع لحرمته. (وذلك قبل تحريم الخمر) فلم يؤاخذ به حمزة. 14 - بَابُ القَطَائِعِ (باب: القطائع) جمع قطيعة وهي ما يخص به الإمام بعض الرَّعيَّة من الأرض وهذا الذي يسمي في زماننا إقطاعًا، فإن أقطع غيره لا للتمليك فهو، كالمتحجر فينتفع بما أقطعه بالإجارة والزِّراعة ونحوهما، أو للتمليك ملكه، كما ذكره النَّووي في "مجموعة" (¬1). 2376 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطِعَ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَقَالتِ الأَنْصَارُ: حَتَّى تُقْطِعَ لإِخْوَانِنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا، قَال: "سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي". [2377، 3163، 3794 - فتح: 5/ 47] (حماد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة. (أن يقطع) أي: الأنصار. (أثرة) بضمِّ الهمزة وسكون المثلَّثة وبفتحهما، ويقال: بكسر الهمزة وسكون المثلثة من الإيثار أي: سترون من يستأثر عليكم بأمور الدُّنيا ويفضل نفسه عليكم ولا يجعل لكم في الأرض نصيبًا. ¬

_ (¬1) "المجموع" 6/ 78.

15 - باب كتابة القطائع

15 - بَابُ كِتَابَةِ القَطَائِعِ (باب: كتابة القطائع) أي: لمن أقطعه الإمام؛ لتكون الكتابة توثقة بيده؛ دفعًا للتنازع. 2377 - وَقَال اللَّيْثُ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَنْصَارَ لِيُقْطِعَ لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ فَعَلْتَ فَاكْتُبْ لإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي". [انظر: 2376 - فتح: 5/ 48] (عن يحيى) أي: ابن أبي سعيد. 16 - بَابُ حَلَبِ الإِبِلِ عَلَى المَاءِ 2378 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مِنْ حَقِّ الإِبِلِ أَنْ تُحْلَبَ عَلَى المَاءِ". [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح: 5/ 49). (باب: حلب الإبل على الماء) بفتح اللَّام وقد تسكن وقوله: (على الماء) أي: عنده. (حدَّثنا إبراهيم) في نسخةٍ: "حدَّثني إبراهيم". 17 - بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ مَمَرٌّ أَوْ شِرْبٌ فِي حَائِطٍ أَوْ فِي نَخْلٍ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ"، فَلِلْبَائِعِ المَمَرُّ وَالسَّقْيُ حَتَّى يَرْفَعَ وَكَذَلِكَ رَبُّ العَرِيَّةِ. (باب: الرَّجل الذي يكون له ممرٌّ) أي حق ممر. (أو شِربٌ) بكسر الشِّين أي: نصيب. (في حائط) أي: بستان وهو راجع إلى الممر، أو

نخل راجع إلى الشُّرب ففي ذلك لف ونشر مرتب وحكم ذلك يعلم من أحاديث الباب. (قال النَّبي) في نسخة: "وقال النَّبي" (فللبائع) في نسخة: "وللبائع" (يرفع) بالبناء للفاعل أي: يقطع الثمرة، وفي نسخة: "يرفع" بالبناء للمفعول. وقوله: (فللبائع) إلى آخره من كلام البخاري، وفيه: إيضاح للترجمة فالفاء تفسيرية. 2379 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ. وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ" [انظر: 2203 - مسلم: 1543 - فتح: 5/ 49] وَعَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ فِي العَبْدِ. (حدَّثنا اللَّيث) في نسخة: "أخبرنا الليث". (فماله) أي: مال العبد، والإضافة فيه للاختصاص لا للملك؛ لأنَّه لا يملك شيئًا لأنَّه مملوك فلا يكون مالكًا. (وعن مالك) بواو العطف على (حدَّثنا الليث). (في العبد) أي: قال فيه أن ماله لبائعه ومرَّ الحديث الذي قبله في باب: من باع نخلًا قد أبرت (¬1). 2380 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: "رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ العَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا". [انظر: 2173 - مسلم: 1539 - فتح: 5/ 50] (سفيان) أي: ابن عيينة. (بخرصها) بفتح المعجمة مصدر اسم للفعل وبكسرها اسم للشيء المخروص، ومرَّ شرح الحديث في باب: تفسير العرايا (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2203) كتاب: البيوع، باب: من باع نخلًا قد أبرت. (¬2) سبق برقم (2192) كتاب: البيوع، باب: تفسير العرايا.

2381 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُخَابَرَةِ، وَالمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ المُزَابَنَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا، وَأَنْ لَا تُبَاعَ إلا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إلا العَرَايَا". [انظر: 1487 - مسلم: 1536 - فتح: 5/ 50] (صلاحها) في نسخة: (صلاحه). ومرَّ الحديث والذي بعده في باب: بيع الثَّمر على رؤوس النَّخل (¬1). 2382 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْعِ العَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ، فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ" شَكَّ دَاوُدُ فِي ذَلِكَ. [انظر: 2190 - مسلم: 1541 - فتح: 5/ 50] (حصين) بالتَّصغير. (عن أبي سفيان) اسمه: وهب، أو قزمان. (مولى أبي أحمد). في نسخة: "ابن أبي أحمد". 2383، 2384 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي الوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، وَسَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ، حَدَّثَاهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، إلا أَصْحَابَ العَرَايَا، فَإِنَّهُ أَذِنَ لَهُمْ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي بُشَيْرٌ مِثْلَهُ. [انظر: 2191 - مسلم: 1540 - فتح: 5/ 50] "أخبرنا" في نسخة: "حدَّثنا". (أبو أسامة) هو حمَّاد بن أسامة. (قال أبو عبد الله) لفظ: "أبو عبد الله" ساقط من نسخة. (ابن إسحاق) هو محمد بن إسحاق بن يسار. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2189) كتاب: البيوع، باب: بيع الثمر على رؤوس النخل.

43 - كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس

43 - كِتَاب فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَالحَجْرِ وَالتَّفْلِيسِ

1 - باب من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه، أو ليس بحضرته

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 43 - [كِتَابُ] (¬1) الاسْتِقْرَاضِ وَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَالحَجْرِ وَالتَّفْلِيسِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة، ومؤخَّرة في أخرى عن قوله: (كتاب في الاستقراض) وفي أخرى: "باب" بدل (كتاب)، و (الاستقراض) طلب القرض، وهو بفتح القاف. أشهر من كسرها. مصدر بمعنى: الإقراض: وهو تمليك الشَّيء على أن يرد بدله، ويطلق اسمًا بمعنى: الشيء المقرض. (وأداء الدِّيون) بالجرِّ عطف على الاستقراض. (والحجر): هو منع التَّصرف في المال (والتَّفليس). هو حجر الحاكم على المفلس، وجمع بين هذه الأمور الأربعة لتعلق بعضها على ببعضٍ. 1 - بَابُ مَنِ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ثَمَنُهُ، أَوْ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ (باب: من اشترى) شيئًا (بالدين وليس عنده ثمنه أو ليس) أي: الثمن. (بحضرته) جرى في ذلك على الغالب، وإلا فله أن يشتري بالدين، وإن كان الثمن عنده، أو بحضرته. ¬

_ (¬1) في الأصل: باب ..

2385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ المُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ أَتَبِيعُنِيهِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْبَعِيرِ، فَأَعْطَانِي ثَمَنَهُ. [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح 5/ 53] (محمد) أي: ابن سلام، أو ابن يوسف البيكندي. (جرير) أي: عبد الحميد. (عن المغيرة) أي: ابن مقسم بكسر الميم الضبي (مع النبي) في نسخةٍ: "مع رسول الله" (قال) في نسخة: "فقال" (أتبعنيه) في نسخة: "أتبيعه" قال له ذلك لما قال له في جواب (كيف ترى بعيرك). قلت يا رسول الله قد أعيا، وأخرج الحديث هنا مختصرًا، وفي باب: شراء الدواب مطولًا، ومرَّ شرحه ثم (¬1). 2386 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ، الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ، فَقَال: حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ". [انظر: 2068 - مسلم: 1603 - فتح 5/ 53] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (إبراهيم) أي: النخعي. (الأسود) أي: ابن يزيد. (اشترى طعامًا) إلى آخره، ومرَّ شرحه في باب: شراء الطعام إلى أجل (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2097) كتاب: البيوع، باب: شراء الدواب والحمير. (¬2) سلف برقم (2200) كتاب: البيوع، باب: شراء الطعام إلى أجل.

2 - باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها

2 - بَابُ مَنْ أَخَذَ أَمْوَال النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَوْ إِتْلافَهَا (باب: من أخذ أموال النَّاس يريد أداءها) أدى الله عنه (أو إتلافها) أتلفه الله. 2387 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَخَذَ أَمْوَال النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ". [فتح 5/ 53] (عن أبي الغيث) أي: ابن المطيع. (أدى الله) في نسخة: "أدَّاها الله" أي: يسرَّ له ما يؤدِّيه. (ومن أخذ) أي: أموال انَّاس. (أتلفه الله) أي: في معاشه بأن يذهبه من يده فلا ينتفع به؛ لسوء نيَّته، أو في نفسه وقيل: المراد بالإتلاف: عذاب الآخرة (¬1). 3 - بَابُ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا، وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ، إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58]. ¬

_ (¬1) وللحديث فوائد: منها - أن الثواب قد يكون من جنس الحسنة، والعقوبة قد تكون من جنس الذنب؛ لأنه (قد جعل مكان أداء الإنسان أداء الله عنه ومكان إتلافه إتلاف الله له. وفيه أيضًا: الحض على ترك استنكال أموال الناس والترغيب في جنس التأدية إليهم عن المداينة، لأن الأعمال بالنيات. وفيه الترغيب في تحسين النية؛ لأن الأعمال بالنيات أهـ بتصرف راجع "الفتح" 5/ 54.

(باب: أداء الدِّيون) أي: وجوب أدائها وفي نسخة: "الدين". (وقال الله تعالى) في نسخة: "وقول الله - عزَّ وجلَّ -". ({أَنْ تَحْكُمُوا}) أي: بأن تحكموا. {نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} المخصوص بالمدح محذوف وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكومات ({إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}) في نسخة: " {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} الآية". 2388 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَبْصَرَ - يَعْنِي أُحُدًا - قَال: "مَا أُحِبُّ أَنَّهُ تَحَوَّلَ لِي ذَهَبًا، يَمْكُثُ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلا دِينَارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ" ثُمَّ قَال: "إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ، إلا مَنْ قَال بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا، - وَأَشَارَ أَبُو شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ"، وَقَال: "مَكَانَكَ"، وَتَقَدَّمَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَسَمِعْتُ صَوْتًا، فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ: "مَكَانَكَ حَتَّى آتِيَكَ"، فَلَمَّا جَاءَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِي سَمِعْتُ - أَوْ قَال: الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُ؟ - قَال: "وَهَلْ سَمِعْتَ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَال: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ"، قُلْتُ: وَإِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، قَال: "نَعَمْ". [انظر: 1237 - مسلم: 94 - فتح 5/ 54] (حدَّثنا أحمد) في نسخة: "حدَّثني أحمد". (أبو شهاب) هو عبد ربه الحناط. (عن أبي ذرّ). هو جندب بن جنادة. (تحول) بفتح الفوقيَّة، أي: تصير، وفي نسخةٍ: "يحول" بضم التَّحتيَّة مبنيًّا للمفعول. (فوق ثلاث) أي: من الليالي. (إلَّا دينارًا) في نسخة: "إلَّا دينار" بالرَّفع بدل من (دينار) السَّابق. (أرصده) بضمِّ الهمزة وكسر الصاد أي: أعده، وفي نسخةٍ: بفتع الهمزة وضم الصَّاد، أي: أرقبه. (إنَّ الأكثرين) أي: مالا. (هم الأقلُّون) أي: ثوابًا. (إلَّا من قال بالمال هكذا وهكذا) أي: صرفه في وجوه البر للناس. أمامًا ويمينًا

4 - باب استقراض الإبل

وشمالًا. وفيه: التَّعبير عن الفعل بالقول؛ لأنَّ العرب تفعل ذلك فتقول: قال بيده أي: أخذ، وقال برجله أي: مشى وقال بالماء على يده أي: قلب وكل ذلك على المجاز. (وقليل ما هم) (ما) زائدة، أو صفة و (هم) مبتدأ خبره (قليل). (مكانك) بالنَّصب أي: الزم مكانك حتَّى آتيك (قلت: يا رسول الله الذي) أي: ما الذي (سمعت أو قال: الصوت) أي: ما الصوت (الذي سمعت) والشَّك من الرَّاوي (وإن) في نسخة: "ومن". (فعل كذا وكذا) أي: زنا وسرق. 2389 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا يَسُرُّنِي أَنْ لَا يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاثٌ، وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ إلا شَيْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ" رَوَاهُ صَالِحٌ، وَعُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [6445، 7228 - مسلم: 991 - فتح 5/ 55] (حدَّثنا أحمد) في نسخة: "حدَّثني أحمد". (يونس) أي: بن يزيد الأيلي. (ما يسرني) (ما) ساقط من نسخة. (أن لا يمر) إلا) زائدة على النُّسخة الأولى. (إلا شيء) بالرَّفع بدل من (شيء) السَّابق. (صالح) أي: ابن كيسان. 4 - بَابُ اسْتِقْرَاضِ الإِبِلِ (باب: استقراض الإبل) أي: جوازه. 2390 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، بِمِنًى يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَغْلَظَ لَهُ فَهَمَّ [بِهِ] أَصْحَابُهُ، فَقَال: "دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا، وَاشْتَرُوا لَهُ

5 - باب حسن التقاضي

بَعِيرًا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ" وَقَالُوا: لَا نَجِدُ إلا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَال: "اشْتَرُوهُ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً". [انظر: 2305 - مسلم: 1601 - فتح 5/ 56] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (أبا سلمة) أي: ابن عبد الرَّحمن بن عوف. (ببَيْتِنَا) في نسخةٍ: "بمنى". (تقاضى رسول الله) أي: طلب منه قضاء الدَّين. (فهمَّ أصحابه) في نسخة: "فهمَّ به أصحابه"، ومرَّ شرح الحديث في الوكالة (¬1). 5 - بَابُ حُسْنِ التَّقَاضِي (باب: حسن التقاضي) أي: المطالبة. 2391 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَاتَ رَجُلٌ، فَقِيلَ لَهُ [: ما كنت تقول؟] قَال: كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، فَأَتَجَوَّزُ عَنِ المُوسِرِ، وَأُخَفِّفُ عَنِ المُعْسِرِ، فَغُفِرَ لَهُ " قَال أَبُو مَسْعُودٍ: سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2077 - مسلم: 1560 - فتح 5/ 58] (مسلم) أي: ابن إبراهيم الفراهيدي البصري. (عن عبد الملك) أي: ابن عمير القرشي. (عن ربِعيٍّ) أي: ابن خراش. (عن حذيفة) أي: ابن اليمان. (فقيل له) زاد في نسخة: (ما كنت تقول؟). (أبو مسعود) هو عقبة بن عمرو الأنصاري، ومرَّ شرح الحديث في باب: من أنظر معسرًا (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2305) كتاب: الوكالة، باب: وكالة الشاهد والغائب جائزة. (¬2) سبق برقم (2078) كتاب: البيوع، باب: من أنظر معسرًا.

6 - باب هل يعطى أكبر من سنه؟

6 - بَابُ هَلْ يُعْطَى أَكْبَرَ مِنْ سِنِّهِ؟ (باب: هل يعطى) أي: المقرض. (أكبر من سنِّه) الذي أقرضه. 2392 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْطُوهُ"، فَقَالُوا: مَا نَجِدُ إلا سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، فَقَال الرَّجُلُ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَاكَ اللَّهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً". [انظر: 2305 - مسلم: 1601 - فتح 5/ 58] (مسدَّدٌ) أي: ابن مسرهد. (عن يحيى) أي: ابن سعيد القطَّان. (عن سفيان) أي: الثوري (فقال رسول الله) في نسخة: "قال رسول الله". (ما) في نسخة: "لا" ومرَّ شرح الحديث في الوكالة (¬1). 7 - بَابُ حُسْنِ القَضَاءِ (باب: حسن القضاء) أي: أداء الدَّين. 2393 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْطُوهُ"، فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إلا سِنًّا فَوْقَهَا، فَقَال: "أَعْطُوهُ"، فَقَال: أَوْفَيْتَنِي وَفَى اللَّهُ بِكَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً". [انظر: 2305 - مسلم: 1601 - فتح 5/ 58] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن سلمة) أي: ابن كهيل. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرَّحمن. (فقال: أعطوه) في نسخةٍ: "قال: أعطوه، (وفي الله) في نسخة: ¬

_ (¬1) سبق برقم (2305) كتاب: الوكالة، باب: وكالة الشاهد.

8 - باب: إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز

"أوفى الله" (بك) في نسخة: "لك" ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 2394 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ - قَال مِسْعَرٌ: أُرَاهُ قَال: ضُحًى - فَقَال: "صَلِّ رَكْعَتَيْنِ"، وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَضَانِي وَزَادَنِي. [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح 5/ 59] (خلَّاد) أي: "ابن يحيى السَّلمي"، كما في نسخة. (مِسعرْ) أي: ابن كدام، ومرَّ شرح الحديث في باب: الصَّلاة إذا قدم من سفر (¬2). 8 - بَابٌ: إِذَا قَضَى دُونَ حَقِّهِ أَوْ حَلَّلَهُ فَهُوَ جَائِزٌ (باب: إذا قضى) أي: المديون الدائن. (دون حقه) برضاه. (أو حلله) مما تأخر عليه. (فهو جائز) قوله: (أو حللَّه) كذا هو في أكثر النُّسخ ومن ثم زدت قبله: برضاه وفي نسخة: "وحللَّه" بالواو وعليها فلا حاجة إلى الزِّيادة. 2395 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاشْتَدَّ الغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا تَمْرَ حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي، فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَائِطِي، وَقَال: "سَنَغْدُو عَلَيْكَ"، فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ فِي النَّخْلِ وَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا، فَقَضَيْتُهُمْ، وَبَقِيَ لَنَا مِنْ تَمْرِهَا. [انظر: 2127 - فتح 5/ 59] ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) سبق برقم (443) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة إذا قدم من سفر.

9 - باب إذا قاص أو جازفه في الدين تمرا بتمر أو غيره

(عبدان) هو [لقب] (¬1) عبد الله بن عثمان. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. (ابن كعب) هو عبد الله، أو عبد الرَّحمن. (فاشتّدَّ الغرماء) أي: في الطلب. (ويحللوا أبي) أي: يجعلوه في حل مما تأخر عليه من الدَّين (فجددتها) بدالين مهملتين أي: قطعتها. 9 - بَابُ إِذَا قَاصَّ أَوْ جَازَفَهُ فِي الدَّيْنِ تَمْرًا بِتَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (باب: إذا قاصَّ) أي: المدين الدائن. (أو جازفه) أي: أعطاه شيئًا جزافًا. (في الدَّين) تنازع فيه (قاص) و (جازف)، وزاد في نسخة: "فهو جائز" أي: سواء كان ذلك (تمرًا بتمر أو غيره). كبر ببرٍ وتمر ببر وجازت المجازفة في القضاء وإن لم تجز في المعاوضة؛ لأنَّ القضاء كالتَّابع للإقراض والتَّابع يغتفر فيه ما لا يغتفر في المتبوع. 2396 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلاثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ، فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرٌ، فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ، فَكَلَّمَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَشْفَعَ لَهُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَّمَ اليَهُودِيَّ لِيَأْخُذَ ثَمَرَ نَخْلِهِ بِالَّذِي لَهُ، فَأَبَى، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخْلَ، فَمَشَى فِيهَا، ثُمَّ قَال لِجَابِرٍ: "جُدَّ لَهُ، فَأَوْفِ لَهُ الَّذِي لَهُ" فَجَدَّهُ بَعْدَمَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَوْفَاهُ ثَلاثِينَ وَسْقًا، وَفَضَلَتْ لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِي كَانَ، فَوَجَدَهُ يُصَلِّي العَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُ بِالفَضْلِ، فَقَال: "أَخْبِرْ ذَلِكَ ابْنَ الخَطَّابِ"، فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَال لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا. [انظر: 2127 - فتح 5/ 60] ¬

_ (¬1) من (ب).

10 - باب من استعاذ من الدين

(حدَّثنا إبراهيم) في نسخة: "حدَّثني إبراهيم". (أنس) أي: ابن عياض. (عن هشام) أي: ابن عروة. (لرجل من اليهود) اسمه: أبو الشحم. (فكلم) في نسخة: "وكلّم". (ثمر نخله) بمثلَّثة أو مثناة. قاله الكرماني (¬1). (بالذي له) أي: من الدين، وفي نسخة: "بالتي له" أي: بالأوسق التي له. (وفضلت له) بفتح الضَّاد (سبعة عشر). بموحَّدة بعد السين، وفي نسخة: "تسعة عشر" بفوقيَّة قبل السَّين، وفي علامات النبوَّة فأوفاهم الذي لهم وبقى مثل ما أعطاهم وجمع بينهما بالحمل على تعدد الغرماء، فمنهم من كان له ثلاثون وسقًا من صنف واحد فأوفاه، وفضل من ذلك البيدر سبعة عشر، أو تسعة عشر وسقًا، ومنهم من كان له أشياء أخر من أصناف أخر فأوفاهم وفضل من المجموع مثل ما أخذ. (ذلك)، في نسخة: "ذاك"، وخص (ابن الخطَّاب) بذلك؛ لأنَّه كان مهتمًّا بقصَّة جابر. 10 - بَابُ مَنِ اسْتَعَاذَ مِنَ الدَّيْنِ (باب: من استعاذ) في نسخة: "باب: الاستعاذة بالله". (من الدَّين) أي: من تحمله. 2397 - [حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح] وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاةِ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ"، فَقَال لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ المَغْرَمِ؟ قَال: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ". [انظر: 832 - مسلم: 589 - فتح 5/ 60] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 10/ 199.

11 - باب الصلاة على من ترك دينا

(أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (ح) للتحويل. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس (أخي) هو عبد الحميد أبو بكر. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (محمد بن أبي عتيق) نسبة إلى جدِّه وإلَّا فهو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق، واسم أبي عتيق: محمد. (اللهم إنِّي أعوذ بك) في نسخة: "اللهم أعوذ بك". (من المأثم) هو مصدر ميمي بمعنى: الإثم (والمغرم) هو مصدر ميمي أيضًا بمعنى: الغرامة. (فقال قائل) هي عائشة رضي الله عنها. (فكذب) في نسخة: "كذب"، ومرَّ شرح الحديث في باب: الدُّعاء قبل السَّلام (¬1). 11 - بَابُ الصَّلاةِ عَلَى مَنْ تَرَكَ دَيْنًا (باب: الصَّلاة على من ترك دينًا) أي: بيان حكمها. 2398 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا". [انظر: 2298 - مسلم: 1619 - فتح 5/ 61] (عن أبي حازم) هو سلمان الأشجعي. (كلًّا) بفتح الكاف أي: عيالًا، وأصله: الثَّقل من كل ما يتكلف. (فإلينا) أي: مرجعه. 2399 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلا وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (832) كتاب: الأذان، باب: الدعاء قبل السلام.

12 - باب: مطل الغني ظلم

مَنْ كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا، فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلاهُ". [2298 - مسلم: 1619 - فتح 5/ 61] "حدَّثنا عبد الله" في نسخة: "حدَّثني عبد الله". (أبو عامر) هو عبد الملك بن عمرو العقدي. (فليح) أي: ابن سليمان الخزاعي، أو الأسلمي، ويقال: فليح لقبه واسمه: عبد الملك. (وترك مالًا) أي: وحقًّا [(من كانوا) عبر بـ (من) ليفيد التعميم، فيتناول أنواع العصبة نسبًا أو سببًا عصبةً بنفسه أو بغيره، أو مع غيره] (¬1) (أو ضياعًا) بفتح المعجمة مصدر أطلق على اسم الفاعل للمبالغة كالعدل. قال ابن الأثير: وإن كسرت الضَّاد كان جمع ضائع كجائع وجياع (¬2). (فأنا مولاه) أي: وليه أتولى أموره، والحديث مختصر من حديث فيه: أنَّه كان يُصلِّي في آخر العهد على من عليه دين وبه تحصل مطابقته للترجمة، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - في صدر الإسلام لا يصلِّي على من عليه دين، فلمَّا فتح الله تعالى عليه الفتوح صار يصلي ويوفي دينه فصار ذلك ناسخًا لفعله الأوَّل، كما مرَّ (¬3). 12 - بَابٌ: مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ (باب: مطل الغني ظلم) أي: لصاحب الحقِّ. 2400 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَخِي وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ". [انظر: 2287 - مسلم: 1564 - فتح 5/ 61] ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 3/ 107. (¬3) سلف برقم (2289) كتاب: الحوالات، باب: إن أحال دين الميت على رجل جاز.

13 - باب: لصاحب الحق مقال

(عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السَّامي. (عن معمر) أي: ابن راشد. (مطل الغنيِّ ظلمٌ) مرَّ شرحه في باب: إذا أحال على مليء (¬1). 13 - بَابٌ: لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالٌ وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ" قَال سُفْيَانُ: "عِرْضُهُ يَقُولُ: مَطَلْتَنِي وَعُقُوبَتُهُ الحَبْسُ". (باب: لصاحب الحقِّ مقال) أي: طلب شديد فلا يلام عليه. (لَيُّ الواجِدِ) بفتح اللَّام أي: مطل الغني وأصل (لي) لَوَي قلبت الواو ياءً ثمَّ أدغمت في الياء. (يحلُّ) أي: مطل الغني للمدين (عقوبته وعرضه). (قال سفيان) أي: الثوري في تفسير ذلك (عرضه) يقول له المدين: (مطلتني) في نسخة: "مطلني". (وعقوبته: الحبس) له تأديبًا له. 2401 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يَتَقَاضَاهُ، فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَال: "دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا". [انظر: 2305 - مسلم: 1601 - فتح 5/ 62] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (سلمة) أي: ابن كهيل. (أتى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - رجل) إلى آخره، مرَّ شرح الحديث في باب: استقراض الإبل (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2288) كتاب: الحوالات، باب: إذا أحال على ملي. (¬2) سبق برقم (2390) كتاب: الاستقراض، باب: استقراض الإبل.

14 - باب: إذا وجد ماله عند مفلس في البيع، والقرض والوديعة، فهو أحق به

14 - بَابٌ: إِذَا وَجَدَ مَالهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ فِي البَيْعِ، وَالقَرْضِ وَالوَدِيعَةِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَقَال الحَسَنُ: "إِذَا أَفْلَسَ وَتَبَيَّنَ، لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ" وَقَال سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: "قَضَى عُثْمَانُ مَنِ اقْتَضَى مِنْ حَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفْلِسَ فَهُوَ لَهُ، وَمَنْ عَرَفَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ". (باب: إذا وجد ماله عند مفلس) حكم بإفلاسه. (في البيع) منه و (المقرض) له. (والوديعة) عنده (فهو) أي: كل من البائع والمقرض والمودع. (أحق به) أي: بماله. (وقال الحسن) أي: البصري (إذا أفلس) أي: شخص. (وتبيَّن) أي: وثبت إفلاسه عند الحاكم لم يجز عتقه، أي: إعتاقه. (ولا بيعه ولا شراؤه) المراد: لم يجز تصرّفه في المال فلا ينحصر في الثلاثة، بل يجري في غيرها كالهبة والرَّهن؛ لتعلق حق الغرماء بالأعيان كالرهن والكلام على ذلك مبسوط في كتب الفقه. 2402 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "مَنْ أَدْرَكَ مَالهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ - أَوْ إِنْسَانٍ - قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ". [مسلم: 1559 - فتح 5/ 62] (زهير) أي: ابن معاوية الجعفي.

15 - باب من أخر الغريم إلى الغد أو نحوه، ولم ير ذلك مطلا

15 - بَابُ مَنْ أَخَّرَ الغَرِيمَ إِلَى الغَدِ أَوْ نَحْوهِ، وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَطْلًا وَقَال جَابِرٌ: اشْتَدَّ الغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ فِي دَيْنِ أَبِي، فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي، فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمُ الحَائِطَ وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ، وَقَال: "سَأَغْدُو عَلَيْكَ غَدًا"، فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، فَقَضَيْتُهُمْ. [انظر: 2127 - فتح 5/ 65] (باب: من أخر) أي: بيان حكم من أخر من الحكَّام. (الغريم) أي: مطالبته بالدين لربه. (إلي الغد، أو نحوه ولم يرَ ذلك) أي: التأخير. (مطلا) هذا الباب ساقط من نسخة، ومرَّ حديثه في باب: إذا قضى دون حقِّه أو حلَّله (¬1). 16 - بَابُ مَنْ بَاعَ مَالَ المُفْلِسِ - أَوِ المُعْدِمِ - فَقَسَمَهُ بَيْنَ الغُرَمَاءِ - أَوْ أَعْطَاهُ - حَتَّى يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ (باب: من باع) أي: بيان من باع من الحكَّام. (مال المفلس، أو المعدم) بكسر الدَّال أي: الفقير، والمراد: الفقير المدين. (فقسمه) أي: ثمنه. (بين الغرماء) في مسألتي المفلس والمعدم. (أو أعطاه) لهما قبل القسمة (حتى ينفق) أي: ينفق كلًّا منهما (على نفسه) أي: وعياله فالقسمة والإعطاء وإن أغنى أحدهما عن الآخر راجعان لمسألتي المفلس والمعدم، وكلامه يحتمل اللف والنشر وعليه اقتصر الكرماني (¬2) وتبعه غيره بأن ترجع القسمة لمسألة المفلس، والإعطاء لمسألة المعدم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2395) كتاب: الاستقراض، باب: إذا قضى دون حقه أو حلله. (¬2) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 10/ 204.

17 - بباب إذا أقرضه إلى أجل مسمى، أو أجله في البيع

2403 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَعْتَقَ رَجُلٌ غُلامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ "، فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخَذَ ثَمَنَهُ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. [انظر: 2141 - مسلم: 997 - فتح 5/ 65] (أعتق رجلٌ) زاد في نسخة: "منَّا" أي: من الأنصار. (غلامًا له) أي: للرجل، واسم الرَّجل: أبو مذكور، والغلام: يعقوب. (فقال النَّبي) في نسخة: "فقال رسول الله". ومطابقة الحديث للترجمة من جهة: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - باع على المدين ماله، ومال المدين يقسمه الإمام بنفسه، أو يسلمه إليه؛ ليقسمه بين غرمائه كغيره، ومرَّ شرح الحديث في باب: بيع المدبر (¬1). 17 - ببَابُ إِذَا أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، أَوْ أَجَّلَهُ فِي البَيْعِ قَال ابْنُ عُمَرَ فِي القَرْضِ إِلَى أَجَلٍ: "لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أُعْطِيَ أَفْضَلَ مِنْ دَرَاهِمِهِ، مَا لَمْ يَشْتَرِطْ" وَقَال عَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: "هُوَ إِلَى أَجَلِهِ فِي القَرْضِ". (باب: إذا أقرضه إلى أجلٍ مسمَّى) أي: معلوم. (أو أجَّله) يعني: الثمن. (في البيع) فهو جائز فيهما، لكن محلّه عند الشافعيَّة في القرض إذا لم يكن للمقرض غرض في التَّأجيل وإلَّا فلا يصح العقد. (قال) في نسخة: "وقال". (وإن أعطى) أي: المقترض المقرض. (ما لم يشترط) أي: ما ذكر فإن اشترطه لم يصح العقد، وأما خبر أبي داود: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أمر عبد ¬

_ (¬1) سبق برقم (2230) كتاب: البيوع، باب: بيع المدبر.

الله بن عمرو بن العاص أن يأخذ بعيرًا ببعيرين إلى أجل (¬1)؛ فمحمول على البيع أو السلم إذ لا أجل ولا في القرض، ومرَّ آنفًا أن المضر في الأجل محله: إذا كان للمقرض غرض فيه. (هو) أي: المقترض مستمر الملك (إلى أجله) الذي اتفق مع المقرض عليه فليس للمقرض مطالبة قبله وهذا مذهب المالكيَّة، خلافًا لبقيَّة الأئمة، بل القرض بهذا الشرَّط باطل إن كان للمقرض فيه غرض، وإلَّا فهو ملغى. 2404 - وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى"، [فَذَكَرَ] الحَدِيثَ. [انظر: 1498 - فتح 5/ 66] (أن يسلفه) أي: ألف دينار فدفعها إليه. (فدفعها إليه إلى أجلِ مسمى الحديث) في نسخة: "فذكر ¬

_ (¬1) نظر: "سنن أبي داود" (3357) كتاب: البيوع، باب: في الرخصة في ذلك، وقال الخطابي في "معالم السنن" 3/ 64 - 65 هذا يبين لك أن النهي عن بيع الحيوان نسيئة إنما هو أن يكون نسئًا في الطرفين، جمعًا بين الحديثين وتوفيقًا بينهما، وحديث سمرة يقال إنه صحيفة، والحسن عن سمرة مختلف في اتصاله عند أهل الحديث، أخبرنا ابن الأعرابي، قال: حدثنا عباس الدوري عن يحيى بن معين قال: حديث الحسن عن سمرة صحيفة، وقال محمد بن إسماعيل البخاري حديث النهي عن بيع الحيوان نسيئة - من طريق عكرمة عن ابن عباس - رواه الثقات عن ابن عباس موقوفًا، أو عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل، قال: وحديث زياد بن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل، وطرق هذا الحديث واهية ليست بالقوية وتأويله - إذا ثبت - على ما قلنا، والله أعلم. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".

18 - باب الشفاعة في وضع الدين

الحديث" ومرَّ بطوله مع شرحه في الزَّكاة، وغيرها (¬1)، واحتج به على جواز التَّأجيل في القرض، وهو مبني على أن شرع من قبلنا شرعٌ لنا، وفيه خلاف يأتي بيانه مع أنَّ محل الجواز إذا لم يكن للمقرض فيه غرض كما مرَّ. 18 - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي وَضْعِ الدَّيْنِ (باب: الشَّفاعة في وضع الدَّين) أي: حط بعضه. 2405 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، فَطَلَبْتُ إِلَى أَصْحَابِ الدَّيْنِ أَنْ يَضَعُوا بَعْضًا مِنْ دَيْنِهِ فَأَبَوْا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَشْفَعْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا، فَقَال: "صَنِّفْ تَمْرَكَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ، عِذْقَ ابْنِ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، وَاللِّينَ عَلَى حِدَةٍ، وَالعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَحْضِرْهُمْ حَتَّى آتِيَكَ"، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جَاءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، وَكَال لِكُلِّ رَجُلٍ حَتَّى اسْتَوْفَى، وَبَقِيَ التَّمْرُ كَمَا هُوَ، كَأَنَّهُ لَمْ يُمَسَّ. [انظر: 2127 - فتح 5/ 67] (عن عامر) أي: الشعبي. (أصيب عبد الله) أي: قتل يوم أُحدُ. (فطلبت إلى أصحاب الدَّين) ضمن (طلب) معنى انتهى فعدَّاه بإلى. (من دينه) ساقط من نسخة. (صنف تمرك) أي: اجعله أصنافًا. (كل شيء منه على حدِته) بكسر الحاء وتخفيف الدَّال أي: على انفراده. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1498) كتاب: الزكاة، باب: ما يستخرج من البحر. وبرقم (2063) كتاب: البيوع، باب: التجارة في البحر. وبرقم (2291) كتاب الوكالة، باب: الكفالة في القرض.

(عذق ابن زيد) بكسر العين وفتحها وسكون المعجمة، وبالنَّصب بدل من (تمرك) بتقدير مضاف، إذ العزق بالكسر: الكباسة، وبالفتح: النَّخلة، فالمراد: ثمرتهما، و (ابن زيد) علم على شخص نسب إليه هذا النوع الجيد من التَّمر. (على حدة) في نسخة: "على حدته". (واللين) بكسر اللَّام: نوع رديء من التَّمر وهو من اللَّون، فياؤه منقلبة عن واو؛ لانكسار ما قبلها. (على حدة) في نسخة: "على حدته" (والعجوة) هي من أجود تمر المدينة. (ثَّم أحضرهم) بفتح الهمزة وكسر الضَّاد، أي: الغرماء. (عليه) أي: على التمر، أي: عنده. (حتى أستوفى) أي: حقوق الغرماء. (كما هو) (ما) زائدة أي: كمثله، أو موصولة وهو مبتدأ خبره محذوف، أي: باق. 2406 - وَغَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاضِحٍ لَنَا، فَأَزْحَفَ الجَمَلُ، فَتَخَلَّفَ عَلَيَّ، فَوَكَزَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَلْفِهِ، قَال: "بِعْنِيهِ وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى المَدِينَةِ"، فَلَمَّا دَنَوْنَا اسْتَأْذَنْتُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَا تَزَوَّجْتَ: بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا"، قُلْتُ: ثَيِّبًا، أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ، وَتَرَكَ جَوَارِيَ صِغَارًا، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا تُعَلِّمُهُنَّ وَتُؤَدِّبُهُنَّ، ثُمَّ قَال: "ائْتِ أَهْلَكَ"، فَقَدِمْتُ، فَأَخْبَرْتُ خَالِي بِبَيْعِ الجَمَلِ، فَلامَنِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِإِعْيَاءِ الجَمَلِ، وَبِالَّذِي كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَكْزِهِ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْجَمَلِ، فَأَعْطَانِي ثَمَنَ الجَمَلِ وَالجَمَلَ، وَسَهْمِي مَعَ القَوْمِ. [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح 5/ 67] (ناضح) أي: جمل يسقى عليه. (فأزحف) بهمزة مفتوحة، فزاي فمهملة، ففاء بالبناء للفاعل، أي: كلَّ واعيا، وفي نسخةٍ: بضمِّ الهمزة بالبناء للمفعول وصوَّب بعضهم حذف الهمزة، وأًصله: أن البعير إذا تعب يجر رسنه وكأنَّ جابرًا كنى بقوله: (أزحف) عن جره الرسن من

19 - باب ما ينهى عن إضاعة المال

الإعياء. (فتخلَّف عليَّ) أي: بتأخره عن القوم. (فوكزه) أي: ضربه، وفي نسخة: "فركزه" براء بدل الواو. (فلما دنونا) أي: قربنا من المدينة. (أم ثيِّبًا) في نسخةٍ: "أو ثيبًا". (فأخبرت خالي) هو ثعلبة بن عنمة بفتح العين والنُّون. (فلامني) أي: لكوني محتاجًا إليه ولكوني بعته للنَّبي - صلى الله عليه وسلم - ولم أهبه له. (وسهمي) بسكون الهاء، أي: وأعطاني أيضًا سهمي من الغنيمة، ويروى: "وسهمني" بفتح الهاء والميم بلفظ الفعل الماضي، ومرَّ الحديث في كتاب: البيوع في باب: الكيل على البائع (¬1). 19 - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْ إِضَاعَةِ المَالِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ} [البقرة: 205] وَ {لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ} [يونس: 81] وَقَال فِي قَوْلِهِ: (أَصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ) وَقَال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالكُمُ} [النساء: 5] "وَالحَجْرِ فِي ذَلِكَ، وَمَا يُنْهَى عَنِ الخِدَاعِ". (باب: ما ينهى) (ما) مصدرية. (عن إضاعة المال) أي: عن صرفه في غير وجهه المأذون فيه شرعًا. (وقول الله) بالجرِّ عطف على (ما ينهى) ({وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}) في نسخة: "إن الله لا يحب الفساد". [(ولا يصلح) في نسخةٍ: "ولا يجب" والتلاوة: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ} ¬

_ (¬1) سبق برقم (2127) كتاب: البيوع، باب: الكيل على البائع.

الْمُفْسِدِينَ}] (¬1) (وقال) أي: الله تعالى في قوله حكاية عن قوم شعيب ({أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ}) أي: بأن نترك وإسناد الأمر إلى الصلاة مجاز عن إسناده إلى شعيب. ({أَوْ أَنْ نَفْعَلَ}) عطف على (ما) لا على ({أَنْ نَتْرُكَ}؛ لئلا يلزم أن شعيبًا أمرهم أن يفعلوا ما يشاءون وليس كذلك وإسناد الأمر إلى الصلاة مجاز. و (الحجر) بالجر عطف على (ما ينهى) لا على (إضاعة المال)، وكذا قوله: (وما ينهى عن الخداع) أي: في المعاملة. 2407 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي أُخْدَعُ فِي البُيُوعِ، فَقَال: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلابَةَ " فَكَانَ الرَّجُلُ يَقُولُهُ. [انظر: 2117 - مسلم: 1533 - فتح 5/ 68] (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال رجل) هو حبان بن منقذ، أو والده منقذ بن عمرو. (أخدع) بالبناء للمفعول، أي: أغبن. (لا خلابة) أي: لا غبن ولا خديعة، ومرَّ شرح الحديث في باب: ما يكره من الخدل في البيع (¬2). ومطابقته للترجمة: من حيث أنَّ الرَّجل كان يخدع في البيوع فيستلزم إضاعة المال، وقيس بالخداع الحجر، أي: بسببه كالسفه بجامع أن كلًّا منهما سبب لإضاعة المال. 2408 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ وَرَّادٍ ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) سبق برقم (2117) كتاب: البيوع، باب: ما يكره من الخداع في البيع.

مَوْلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَال، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ". [انظر: 844 - مسلم: 593 - فتح 5/ 68] (حدَّثنا) في نسخة: "حدَّثني" (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن الشَّعبيّ) هو عامر بن شراحيل. (حرم عليكم عقوق الأمَّهات) وكذا عقوق الآباء وخصصن بالذِّكر؛ لزيادة وفور شفقتهن. (ووأد البنات) بهمزة ساكنة قبل الدَّال أي: دفنهن أحياءً عند ولادتهن كما كانت الجاهليَّة تفعله. (وَمَنْع). بسكون النُّون أي: وحرَّم منع الحقوق الواجبة وفي نسخة: "مَنَع" بفتح النون على أنَّه فعل، والمراد منه: ما ذكر. (وهات) بكسر التَّاء فعل أمر من الإيتاء، أي: وَحرَّم أخذ ما يحل من أموال النَّاس. (قيل): كذا و (قال) فلان كذا مما يتحدث به النَّاس من فضول الكلام. (وكثرة السؤال) أي: في العلم؛ للامتحان، أو في المال، أو عما لا يعني. (وإضاعة المال) أي: بصرفه في غير وجهه المأذون فيه شرعًا كما مرَّ، ومرَّ الحديث في كتاب: الزكاة، في باب: قول الله تعال: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1477) كتاب: الزكاة، باب: قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}.

20 - باب: العبد راع في مال سيده، ولا يعمل إلا بإذنه

20 - بَابٌ: العَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَعْمَلُ إلا بِإِذْنِهِ (باب: العبد راع في مال سيِّده ولا يعمل) فيه (إلَّا بإذنه) له. 2409 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"، قَال: فَسَمِعْتُ هَؤُلاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". [انظر: 893 - مسلم: 1829 - فتح 5/ 69] (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. والرَّاعي: الحافظ الملتزم صلاح ما قام عليه. (والخادم) أي: العبد، ومرَّ شرح الحديث في باب: الجمعة في القرى والمدن (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (893) كتاب: الجمعة، باب: الجمعة في القرى والمدن.

44 - كتاب الخصومات

44 - كِتَاب الخُصُومَاتِ

1 - باب ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهود

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 44 - كِتَاب الخُصُومَاتِ (في الخصومات) ساقط من نسخة: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). 1 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الإِشْخَاصِ وَالخُصُومَةِ بَيْنَ المُسْلِمِ وَاليَهُودِ (باب: ما يذكر في الإشخاص) بكسر الهمزة، أي: إحضار الغريم من موضع إلى آخر. وزاد في نسخة: "والملازمة" أي: بين رب الدين وغريمه حتى يعطيه دينه. (والخصومة) عطف على الإشخاص (بين المسلم واليهود). في نسخة: و"اليهودي"، وفي أخرى قبل (باب: ما يذكر) "كتاب الخصومات". 2410 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال عَبْدُ المَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ: أَخْبَرَنِي قَال: سَمِعْتُ النَّزَّال بْنَ سَبْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً، سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلافَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "كِلاكُمَا مُحْسِنٌ"، قَال شُعْبَةُ: أَظُنُّهُ قَال: "لَا تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا". [2476، 5062 - فتح 5/ 70] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (قال) أي: شعبة. (عبد الملك بن ميسرة أخبرني) فيه تقديم الرَّاوي على الصيغة، وهو جائز. (النِّزال) بتشديد النُّون والزَّاي، وزاد في نسخة: "ابن سبرة". (عبد الله) أي: ابن مسعود.

(رجلًا). قال شيخنا: يُحتمل أنَّه عمر (¬1). (لا تختلفوا) أي: في القرآن. (من كان قبلكم) لفظ: (كان) ساقط من نسخة. وموضع التَّرجمة: بالخصومات والإشخاص في قوله: (فأخذت بيده فأتيت به رسوله الله - صلى الله عليه وسلم -) وفي الخصومة بين المسلم واليهودي في الحديثين الآتيين. 2411 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: اسْتَبَّ رَجُلانِ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ، قَال المُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى العَالمِينَ، فَقَال اليَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى العَالمِينَ، فَرَفَعَ المُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَطَمَ وَجْهَ اليَهُودِيِّ، فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، وَأَمْرِ المُسْلِمِ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُسْلِمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ". [3408، 3414، 4813، 6517، 6518، 7428 - مسلم: 2373 - فتح 5/ 70] (رجل من المسلمين) هو أبو بكر الصِّديق. (ورجل من اليهود) اسمه: فنحاص. (قال المسلم) في نسخة: "فقال المسلم". (لا تخيِّروني على موسى) أي: تخييرًا يؤدِّي إلى تنقيصه، أو يفضي بكم إلى الخصومة، أو قاله تواضعًا، أو قبل علمه بأنَّه سيد ولد آدم، وإلَّا فالتفضيل بينهم ثابت. قال تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: 55] وقال: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ} [البقرة: 253]. ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 71.

(يصعقون) أي: يغمى عليهم من الفزع من نفخة البعث. (فإذا موسى باطش جانب العرش) أي: متعلق به بقوة قابض عليه بيده. (أكان) في نسخة: "كان " بدون همزة الاستفهام وهي مرادة. (أو كان ممن استثنى الله) أي: في قوله: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68] فيكون هو ممن لم يصعق فتكون فضيلة له. 2412 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ جَاءَ يَهُودِيٌّ، فَقَال: يَا أَبَا القَاسِمِ ضَرَبَ وَجْهِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَقَال: مَنْ؟ "، قَال: رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، قَال: "ادْعُوهُ"، فَقَال: "أَضَرَبْتَهُ؟ "، قَال: سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى البَشَرِ، قُلْتُ: أَيْ خَبِيثُ، عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ ضَرَبْتُ وَجْهَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الأُولَى". [3398 - 4638، 6916، 6917، 7427 - مسلم: 2374 - فتح 5/ 70] (وهيب) أي: ابن خالد. (بينما) في نسخة: "بينا". (قال رجل من الأنصار) سبق أنَّه أبو بكر ولم يكن (من الأنصار) فلعله تجوُّز في قوله: من الأنصار، أو القصَّة متعددة. (على البشر) في نسخة: "على النَّبيين". (أي خبيث) أي: يا خبيث. (على محمد) أي: اصطفاه على محمد بتقدير الاستفهام الإنكاري. (بقائمة) هي واحدة قوائم الدَّابة، والمراد هنا: ما هو كالعمود للعرش. (أم حوسب بصعقته الأولى) وهي صعقة الطور

2 - باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل، وإن لم يكن حجر عليه الإمام

المذكورة في قوله تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143] ولا ينافي هذا قوله فيما مرَّ: (أو كان ممن استثنى الله) لأن المعنى: لا أدري أي الثَّلاثة كان من الإفاقة أو الاستثناء، أو المحاسبة. ومطابقة الحديث للترجمة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ادعوه) إذ المراد به: إشخاصه. 2413 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ، أَفُلانٌ، أَفُلانٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ اليَهُودِيُّ، فَاعْتَرَفَ، "فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ" [2746، 5295، 6876، 6877، 6879، 6884، 6885 - مسلم: 1672 - فتح 5/ 71] (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (همام) أي: يحيى بن دينار. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (رض) أي: دق (حتى سَمَّى) أي: القاتل. (اليهوديَّ) بالنَّصب مفعول (سَمَّى) وفي نسخة: "سُمَّيَ اليهوديُّ" ببناء "سُمي" للمفعول ورفع "اليهوديُّ" نائبًا عن الفاعل. (فأومت) في نسخة: "فأومأت" أي: أشارت (برأسها) أي: نعم. (فرضَّ) أي: دق. (رأسه بين حجرين). فيه: جواز القصاص بالمثقل، وقتل الرَّجل بالمرأة والاقتصاص بمثل فعل القاتل. 2 - بَابُ مَنْ رَدَّ أَمْرَ السَّفِيهِ وَالضَّعِيفِ العَقْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الإِمَامُ وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ عَلَى المُتَصَدِّقِ قَبْلَ النَّهْيِ، ثُمَّ نَهَاهُ" وَقَال مَالِكٌ: "إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ،

3 - [باب] ومن باع على الضعيف ونحوه

وَلَهُ عَبْدٌ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَعْتَقَهُ، لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ. [فتح 5/ 71] (باب: من رد أمر السَّفيه والضَّعيف العقل) أي: تصرفهما. (وإن لم يكن حجر عليه الإمام) أي: على كلٍّ منهما، وعطف الثاني على الأوَّل من عطف العام على الخاص. (عن النَّبي) في نسخةٍ: "أن النَّبي" (ردَّ على المتصدِّق) أي: المحتاج لما تصدق به، أي: ردَّ عليه صدقته (قبل النَّهي ثمَّ نهاه) أي: عن مثل هذه الصَّدقة. 3 - [باب] وَمَنْ بَاعَ عَلَى الضَّعِيفِ وَنَحْوهِ. فَدَفَعَ ثَمَنَهُ إِلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِالإِصْلاحِ وَالقِيَامِ بِشَأْنِهِ، فَإِنْ أَفْسَدَ بَعْدُ مَنَعَهُ " لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ المَالِ وَقَال لِلَّذِي يُخْدَعُ فِي البَيْعِ: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلابَةَ" وَلَمْ يَأْخُذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالهُ. (ومن باع) عطف على (من ردَّ) وفي نسخة: "باب من باع" (على الضَّعيف) أي: الضعيف العقل. (ونحوه) هو السَّفيه. (فدفع) أي: الوَلي، وفي نسخة: "ودفع" (ثمنه) أي: المبيع، (إليه) أي: إلى الضَّعيف العقل؛ ليختبره وإليه أشار بقوله: (وأمره بالإصلاح والقيام بشأنه فإن أفسد بعد) أي: فإن أفسد الضعيف العقل بعد ذلك. (منعه) الولي من التصرف (لأن النَّبي إلى آخره) تعليل لما قبله ومرَّ بيانه في باب: ما ينهى عن إضاعة المال (¬1). (وقال للذي يخدع إلى آخره) مرَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2408) كتاب: الاستقراض، باب: ما ينهى عن إضاعة المال.

بيانه في باب: ما يكره من الخداع في البيع (¬1). (ولم يأخذ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ماله) أي: مال الرَّجل الذي باع النَّبي - صلى الله عليه وسلم - غلامه؛ لأنَّه لم يظهر عنده سفهه؛ إذ لو ظهر لم يدفعه له. 2414 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ رَجُلٌ يُخْدَعُ فِي البَيْعِ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلابَةَ" فَكَانَ يَقُولُهُ. [انظر: 2117 - مسلم: 1533 - فتح 5/ 72] (حدَّثنا عبد العزيز) في نسخة: "حدَّثني عبد العزيز" (إذا بايعت). (فقل: لا خلابة) مرَّ شرحه في باب: ما يكره من الخداع في البيع (¬2). 2415 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ: "رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ، لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَاعَهُ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ". [انظر 2141 - مسلم 997 - فتح 5/ 72] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرَّحمن. (أنَّ رجلًا) هو أبو مذكور. (أعتق عبدًا له) أي: عن دبر واسم العبد: يعقوب كما مرَّ. (نعيم بن النَّحَّام) كذا وقع هنا، وفي مسلم وغيره (¬3) لكن قال النووي: قالوا: وهو غلط، وصوابه: نعيم النَّحام إذ نعيم هو النحام سُمي بذلك؛ لقول النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: "دخلت الجنَّة فسمعت بها نحمة لنعيم" والنحمة: الصَّوت، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2117) كتاب: البيوع، باب: ما يكره من الخداع في البيع. (¬2) المرجع السابق. (¬3) "صحيح مسلم" (997) -59 - كتاب: الأيمان، باب: جواز بيع المدبر، وأحمد 3/ 308، والبيهقي في "السنن"10/ 308 كتاب: المدبر، باب: المدبر يجوز بيعه متى شاء مالكه.

4 - باب كلام الخصوم بعضهم في بعض

وقيل: السعلة، وقيل: النحنحة (¬1). ومطابقة ما ذكر للترجمة مأخوذة من قوله: (رد على المتصدق) وقوله: (لم يجز عتقه)، وقوله: (فقل: لا خلابة)، وقوله: (فردَّه النَّبي - صلى الله عليه وسلم -)؛ لأنَّه إنَّما ردَّ الصَّدقة والعتق على فاعلهما مع احتياجه؛ لأجل ضعف عقله؛ إذ المحتاج يبدأ بنفسه لخبر: "ابدأ بنفسك" (¬2) وإنَّما قال: (فقل: لا خلابة) لمن هو ضعيف العقل في شرائه، ومرَّ الحديث في كتاب: البيوع في باب: بيع المزابنة (¬3). 4 - بَابُ كَلامِ الخُصُومِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ (باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض) أي: بيان جوازه فيما لا يوجب عقوبة. 2416، 2417 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ". ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 11/ 142 - 143، "تهذيب الأسماء واللغات" 2/ 130، الحديث رواه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 138 في ترجمة نعيم النحام، والحاكم في "مستدركه" 3/ 259 كتاب: معرفة الصحابة. (¬2) رواه مسلم (997) كتاب: الزكاة، باب: الابتداء في النفقة بالنفس، والنسائي في "الكبرى" 2/ 37 (2326) كتاب: الزكاة، باب: أي الصدقة أفضل. وأبو عوانة في "مسنده" 3/ 490 (5805) كتاب: الوصايا، باب: إباحة الرجوع في التدبير. وابن حبان 8/ 128 كتاب: الزكاة، باب: صدقة التطوع. والبيهقي 4/ 478 (7755) كتاب: الزكاة، باب: الاختيار في صدقة التطوع. (¬3) سبق برقم (2141) كتاب: البيوع، باب: المزايدة، ولم أقف عليه في الباب المشار إليه.

قَال: فَقَال الأَشْعَثُ: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَكَ بَيِّنَةٌ"، قُلْتُ: لَا، قَال: فَقَال لِلْيَهُودِيِّ: "احْلِفْ"، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. [انظر: 2356، 2357 - مسلم: 138 - فتح 5/ 73] (محمد) أي: ابن سلام. (أبو معاوية) هو محمد بن حازم. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن شقيق) هو أبو وائل بن سلمة. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (قال) أي: شقيق. (فقال الأشعث) أي: ابن قيس الكندي. (كان بيني وبين رجل) في نسخة "كان بين رجل وبيني" اسمه معدان بن معد يكرب، كما مرَّ في باب: الخصومة في البئر ولقبه: الجشيش بجيم مفتوحة وشينين معجمتين بينهما ياء ساكنة، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: المساقاة، في باب: الخصومة في البئر والقضاء فيها (¬1). 2418 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى: "يَا كَعْبُ"، قَال: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا"، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ - أَيِ الشَّطْرَ - قَال: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "قُمْ فَاقْضِهِ". [انظر 457 - مسلم: 1558 - فتح 5/ 73] "أخبرنا" في نسخة: "حدَّثنا". (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (ابن أبي حَدْرَد) اسمه: عبد الله الأسلمي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2356) كتاب: المساقاة، باب: الخصومة في البئر.

(في المسجد) متعلق بتقاضى. (سجف حجرته) بكسر السِّين المهملة وفتحها أي: سترها، أو أحد طرفي الستر المفرج. (فأومأ) في نسخة: "وأومأ". (أي الشَّطر) أي: ضع النصف. (لقد فعلت) عبَّر بالماضي عن المضارع؛ مبالغة في امتثال الأمر. 2419 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ، أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَنِيهَا، وَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَال لِي: "أَرْسِلْهُ"، ثُمَّ قَال لَهُ: "اقْرَأْ"، فَقَرَأَ، قَال: "هَكَذَا أُنْزِلَتْ"، ثُمَّ قَال لِي: "اقْرَأْ"، فَقَرَأْتُ، فَقَال: "هَكَذَا أُنْزِلَتْ إِنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ". [4992، 5041، 6936، 7550 - مسلم: 818 - فتح 5/ 73] (القاري) بتشديد الياء نسبة إلى القارة: بطن من خزيمة بن مدركة. (أن أعجل) بالبناء للفاعل، وفي نسخة: بالبناء للمفعول أي: أن أخاصمه. (حتى انصرف) أي: من الصَّلاة. (لببته) بتشديد الموحَّدة الأولى، وسكون الثانية. (بردائه) أي: جعله في عنقه ثم جررته به؛ لئلَّا ينفلت. (إنَّ القرآن أنزل على سبعة أحرف) قيل: هي توسعة وتسهيل لم يقصد بها الحصر وقيل: القراءات السَّبع، وقد تجتمع في كلمة، كما في قوله: {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} بأن نزل جبريل بواحد منها في عام، وبالبقيَّة في أعوام أخر فإنَّه كان يدارس النَّبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن في كلِّ رمضان، وقيل هي سبعة أنحاء: زجر وأمر، وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال. وقيل غير ذلك، وقيل: وأقرب الأقوال أنَّها سبعة أوجه من الاختلاف، وذلك إمَّا في الحركات بلا تغيير في المعنى والصُّورة نحو:

5 - باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة

{هُنَّ أَطْهَرُ} قُرِئ بالرَّفع خبر لـ {هُنَّ} وبالنَّصب حال من {بَنَاتِي هُنَّ} [هود: 78] جملة خبر هؤلاء. أو بتغيّر في المعنى فقط نحو: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37]. وأمَّا في الحروف بتغيّر المعنى فقط نحو: {تبلوا} و {تَتْلُوأ}. أو بتغيير الصُّورة فقط نحو: {بَسْطَةً} [البقرة: 247]، و {بَصْطَةً}. أو بتغيرهما معًا نحو: {أَشَدَّ مِنْكُمْ} و {منهم}، وإما في التقديم والتأخير نحو: {فَيَقْتُلُونَ} و {يُقْتَلُون}، أو في الزِّيادة والنقصان نحو: {أوصى} و {وَصَّى}. قلت: وأصحها ما صححَّه البيهقي واختاره الأزهري وغيره أنَّها سبع لغات لسبع قبائل من العرب متفرقة أي: في القرآن، فبعضه بلغة تميم، وبعضه بلغة أزد، وربيعة، وبعضه بلغة هوازن وبكر وهكذا، ومعانيها واحدة. 5 - بَابُ إِخْرَاجِ أَهْلِ المَعَاصِي وَالخُصُومِ مِنَ البُيُوتِ بَعْدَ المَعْرِفَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ. (باب: إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت، أي: جواز إخراجهم منها (بعد المعرفة) أي: معرفة أحوالهم. 2420 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى مَنَازِلِ قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ". [انظر: 644 - مسلم: 651 - فتح 5/ 74] (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (ثم أخالف) أي: آتي، ومرَّ شرح الحديث في باب: وجوب صلاة الجماعة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (644) كتاب: الأذان، باب: وجوب صلاة الجماعة.

6 - باب دعوى الوصي للميت

6 - بَابُ دَعْوَى الوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ (باب: دعوى الوصي للميِّت) أي: عنه في حقوقه من استلحاق وغيره. 2421 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ، فَقَال سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصَانِي أَخِي إِذَا قَدِمْتُ أَنْ أَنْظُرَ ابْنَ أَمَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبِضَهُ، فَإِنَّهُ ابْنِي، وَقَال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي، فَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهًا بَيِّنًا [بِعُتْبَةَ] فَقَال: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ". [انظر: 2053 - مسلم 1457 - فتح 5/ 74] (سفيان) أي: ابن عُيينة. (زمعة) بسكون الميم وفتحها. (إذا قدمت) بضم التَّاء، وفي نسخة: بفتحها أي: إلى مكَّة. (فاقبضه) بهمزة الوصل والجزم، وفي نسخة: بهمزة قطع، والنصب (شبهًا بيِّنًا) أي: "بعتبة"، كما في نسخة. (الولد للفراش) أي: لصاحبه، ومرَّ الحديث في أوائل كتاب: البيوع في باب: تفسير المشبهات (¬1). 7 - بَابُ التَّوَثُّقِ مِمَّنْ تُخْشَى مَعَرَّتُهُ وَقَيَّدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةَ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ، وَالسُّنَنِ وَالفَرَائِضِ. (باب: التوثُّق ممَّن تخشى معرَّتُهُ) أي: فسادهُ وقبح سيرته. (وقيَّد ابن عبَّاس عكرمة) أي: في رجليه. (على تعليم القرآن والسُّنن والفرائض). أي: على تعليمه إيَّاه ذلك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2053) كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات.

2422 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ"، قَال: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، قَال: "أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ". [انظر: 462 - مسلم: 1764 - فتح 5/ 75] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (خيلًا) أي: ركبانًا. (ثمامة) بضمِّ المثلَّثة. (ابن أُثال) بضمِّ الهمزة، وخفة المثلَّثة مصروف، أسره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمَّ أطلقه بعد إسلامه، كما في "صحيح ابن خزيمة (¬1) " لا قبله، كما وقع لبعضهم (¬2). (اليمامة): مدينة من اليمن على مرحلتين من الطَّائف (¬3). (فربطوه بسارية) أي: للتوثق خوفًا من معرَّته، وهذا موضع التَّرجمة (قال) في نسخة في الموضعين: "فقال"، ومرَّ شرح الحديث في الصَّلاة في باب: دخول المشرك المسجد (¬4). ¬

_ (¬1) "صحيح ابن خزيمة" 1/ 125 (252) كتاب: الوضوء، باب: الأمر بالاغتسال إذا أسلم الكافر. (¬2) دل على ذلك حديث رواه مسلم (1764) كتاب: الجهاد والسير، باب: ربط الأسير وحبسه. وأبو داود (2679) كتاب: الجهاد، باب: في الأسير يوثق، وابن حبان في "صحيحه" 4/ 42 (1239) كتاب: الطهارة، باب: غسل الكافر إذا أسلم. والبيهقي 9/ 65 كتاب: السير، باب: ما يفعله بالرجال البالغين منهم. وأبو عوانة في "مسنده" (6695) 4/ 257 كتاب: الجهاد، باب: قتل الأسارى المشركين. (¬3) انظر: "معجم البلدان" 5/ 442. (¬4) سبق برقم (469) كتاب: الصلاة، باب: دخول المشرك المسجد.

8 - باب الربط والحبس في الحرم

8 - بَابُ الرَّبْطِ وَالحَبْسِ فِي الحَرَمِ وَاشْتَرَى نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الحَارِثِ دَارًا لِلسِّجْنِ بِمَكَّةَ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ عَلَى أَنَّ عُمَرَ إِنْ رَضِيَ فَالْبَيْعُ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ عُمَرُ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُ مِائَةِ دِينَارٍ وَسَجَنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ. (باب: الرَّبط والحبس) للغريم. (في الحرم) أي: حرم مكَّة. (للسجن) بفتح السِّين مصدر سجن يسجن. (على أن عمر إن رضي) في نسخة: "على إن عمر رضي" بحذف إن الثَّانية وكسر همزة (إن) الأولى وسكون نونها. (فلصفوان) أي: أجرة الانتفاع إلى أن يعود الجواب من عمر. (أربعمائة دينار) لفظ: (دينار) ساقط من نسخة، واستشكل بأنَّ البيع بمثل ذلك فاسد، وأجيب: بأنَّه لم يدخل الشَّرط في نفس العقد بل هو وعد، أو هو مما يقتضيه العقد، أو بيع بشرط الخيار لعمر، أو كان وكيلًا لعمر، وللوكيل أن يأخذ لنفسه إذا رده الموكِّل بالعيب ونحوه، ولا يظنَّ أن الأربعمائة هي الثَّمن؛ لأنَّ الثَّمن كان أربعة آلاف. 2423 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ". [انظر: 462 - مسلم: 1764 - فتح 5/ 75] (بعث النَّبي - صلى الله عليه وسلم - خيلًا) إلى آخره مرَّ في الباب السابق بأتم منه (¬1) قال شيخنا: وكأنَّه أشار بذلك هنا إلى رد ما رواه ابن أبي شيبة، عن طاوس: أنه كان يكره السَّجن بمكَّة، ويقول: لا ينبغي لبيت عذاب أن ¬

_ (¬1) الحديث السابق.

9 - باب في الملازمة

يكون في بيت رحمة (¬1)، فأراد البخاري معارضة قول طاوس بأثر عمر وابن الزبير وصفوان ونافع وهم من الصَّحابة وقوي ذلك بقصَّة ثمامة، وقد ربط في مسجد المدينة وهو أيضًا حرم فلم يمنع ذلك من الرَّبط فيه (¬2). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 9 - بَابٌ فِي المُلازَمَةِ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" ساقط من نسخة. (باب: (الملازمة) في نسخة: "باب: في الملازمة". 2424 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ - وَقَال غَيْرُهُ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ - قَال: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ دَيْنٌ، فَلَقِيَهُ، فَلَزِمَهُ فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "يَا كَعْبُ" وَأَشَارَ بِيَدِهِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: النِّصْفَ، فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا. [انظر: 457 - مسلم: 1558 - فتح 5/ 76] حدَّثني (جعفر) في نسخة: "عن جعفر". (وقال غيره) أي: غير يحيى. (عن عبد الرحمن) في نسخة: (عن عبد الله). (كان له على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي دين) إلى آخره، مرَّ ذلك في باب: التَّقاضي والملازمة في المسجد (¬3). ¬

_ (¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 432 كتاب: الحج، باب: من كره أن يتخذ بمكة سجن. (¬2) "الفتح" 5/ 75. (¬3) سبق برقم (457) كتاب: الصلاة، باب: التقاضي والملازمة في المسجد.

10 - باب التقاضي

وفيه: جواز ملازمة الغريم؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على كعب ملازمته لغريمه. 10 - بَابُ التَّقَاضِي (باب: التَّقاضي) للدين أي: المطالبة به. 2425 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَال: كُنْتُ قَيْنًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي عَلَى العَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَرَاهِمُ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَال: لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: "لَا، وَاللَّهِ لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثَكَ"، قَال: فَدَعْنِي حَتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ أُبْعَثَ فَأُوتَى مَالًا وَوَلَدًا، ثُمَّ أَقْضِيَكَ فَنَزَلَتْ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال: لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77] [انظر: 2091 - مسلم: 2795 - فتح 5/ 77] (عن أبي الضُّحى) هو مسلم بن صبيح. (عن مسروق) أي ابن الأحدع (عن خباب) أي: ابن الأرت. (قينًا) أي: حدادًا. (وكان) في نسخة: "وكانت". (حتى يُميتك الله ثمَّ يبعثك). خاطبه على أعتقاده أنَّه لا يبعث فكأنه قال: لا أكفر أبدًا. (الآية) ساقط من نسخة، ومرَّ الحديث في كتاب: البيوع في باب: ذكر القين والحداد (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2091) كتاب: البيوع، باب: ذكر القين والحداد.

45 - كتاب في اللقطة

45 - كِتَاب فِي اللُّقَطَةِ

1 - [باب] إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 45 - كِتَاب فِي اللُّقَطَةِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب) في نسخة: "باب". (في اللَّقطة) بفتح القاف ويجوز سكونها: اسم للملتقط، ويقال له أيضًا: لقاطة بضمُّ اللَّام، ولقط بفتح اللَّام والقاف بلا فاء. 1 - [باب] إِذَا أَخْبَرَهُ رَبُّ اللُّقَطَةِ بِالعَلامَةِ دَفَعَ إِلَيْهِ و (إذا أخبر) في نسخة بعد البسملة: "باب: إذا أخبره" وفي أخرى: "إذا أخبر". (ربُّ اللُّقطة بالعلامة دفع إليه) أي: اللُّقطة. 2426 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ، سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ، قَال: لَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: أَخَذْتُ صُرَّةً مِائَةَ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "عَرِّفْهَا حَوْلًا"، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَال: "عَرِّفْهَا حَوْلًا" فَعَرَّفْتُهَا، فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلاثًا، فَقَال: "احْفَظْ وعَاءَهَا وَعَدَدَهَا وَوكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا"، فَاسْتَمْتَعْتُ، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ، فَقَال: لَا أَدْرِي ثَلاثَةَ أَحْوَالٍ، أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا. [2437 - مسلم 1723 - فتح 5/ 78] (وحدَّثني) في نسخة: " ح وحدَّثني". (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن سلمة) أي: ابن كهيل. (أخذت) في نسخة: "وجدت" وفي أخرى: "أَصبت" (صرة مائة دينار) بنصب (مائة) بدل من (صرَّة)، وفي نسخة: "صرَّة فيها مائةُ

2 - باب ضالة الإبل

دينار". (عرِّفها حولًا) في نسخة: "حوله" (من يعرفها) بفتح الياء وسكون العين. (فلم أجد) أي: (من يعرفها، ثمَّ أتيته) مرَّة أخرى فصارت مع اللتين قبلها ثلاثًا أي: ثلاث مرَّات (فإن جاء صاحبها) أي: فارددها إليه جوازًا إن وصفها بصفتها، ووجوبًا إن أقام حجَّة. (وإلَّا فاستمتع بها) أي: بعد تملكها بنحو تملكتها. (فلقيته) أي: قال شعبة: فلقيت سلمة. (فقال) أي: سلمة. (لا أدري) قال سويد. (ثلاثة أحوال، أو حولًا واحدًا) قد اتفقوا على أن اللُّقطة لا تعرف ثلاثة أحوال، والشَّك يوجب سقوط المشكوك فيه فيجب العمل برواية العام الواحد المجزوم بها، لكن روى: "عرفها ثلاثًا) (¬1). بالجزم وجمع بينهما بحمل الأولى: على ما لا بدَّ منه، والثَّانية: على التورع عن التَّصرف في اللَّقطة والمبالغة في التَّعفف عنها، أو على أن تعريفها في الحولين [الأولين] (¬2) لم يكن كافيًا، كقوله للمسيء صلاته: "ارجع فصلِّ فإنَّكَ لم تصلِّ" (¬3). 2 - بَابُ ضَالَّةِ الإِبِلِ (باب: ضالة الإبل) هل يحلُّ التقاطها أولًا؟ 2427 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَبِيعَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ ¬

_ (¬1) رواه أبو عوانة في "مسنده" 4/ 176 (6423) كتاب: الأحكام، بيان الحكم في اللقطة ووجوب تعريفها. (¬2) من (م). (¬3) سبق برقم (793) كتاب: الأذان، باب: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يتملك ركوعه بالإعادة.

أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَمَّا يَلْتَقِطُهُ، فَقَال: "عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِهَا، وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْهَا" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَال: "لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"، قَال: ضَالَّةُ الإِبِلِ؟ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا تَرِدُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ". (حدَّثنا عمرو) في نسخة: "حدَّثني عمرو". (عبد الرَّحمن) أي: ابن مهدي. (سفيان) أي: الثَّوري. (جاء أعرابي) قيل: هو بلال، وقيل: زيد بن خالد الرَّاوي، وقيل: سويد الجهني قال شيخنا: وهو الأولى؛ لأنَّ الأولين ليسا بأعرابيين (¬1). (فسأله عمَّا يلتقطه) أي عن حكمه. (فقال) في نسخة: "قال". (ثم احفظ)، في نسخة: "ثمَّ أعرف" (فضالة الغنم) في نسخة: "ضالة الغنم". (قال) في نسخة: "فقال". (لك) أي: إن أخذتها وعرفتها ولم تجد صاحبها. (أو لأخيك) أي: إن أخذتها وجاء صاحبها، وهو المراد بالأخ الشامل للأخ في الدِّين، وهو جري على الغالب إذ الذِّمي والمؤمن مثله. (أو للذئب) أي: إن تركتها ولم يتفق أخذ غيرك لها، وتخصيص الذئب بالذِّكر جري على الغالب إذ كل مفترس مثله. (فمتعرَّ) أي: تغير من الغضب. (مالك ولها) محله: فيما إذا التقطها للتملك إذ التقاطها للحفظ جائز، وألحق بها ضالة البقر، ومرَّ شرح الحديث في باب: الغضب في الموعظة، وفي باب: شرب النَّاس وسقي الدَّواب من الأنهار (¬2). ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 80 - 81. (¬2) سبق برقم (90) كتاب: العلم، باب: الغضب والتعليم، وبرقم (2372) كتاب: المساقاة، باب: شرب الناس والدواب من الأنهار.

3 - باب ضالة الغنم

3 - بَابُ ضَالَّةِ الغَنَمِ (باب: ضالة الغنم) أي: جواز التقاطها، وإنَّما أفرد هذا الباب بترجمة، وإن كان مذكورًا في الباب قبله، للتصريح بزيادة فيه. 2428 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَزَعَمَ أَنَّهُ قَال: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً" - يَقُولُ يَزِيدُ: "إِنْ لَمْ تُعْرَفْ اسْتَنْفَقَ بِهَا صَاحِبُهَا، وَكَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ، قَال يَحْيَى: فَهَذَا الَّذِي لَا أَدْرِي أَفِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ، أَمْ شَيْءٌ مِنْ عِنْدِهِ؟ - ثُمَّ قَال: كَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الغَنَمِ؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ" - قَال يَزِيدُ: وَهِيَ تُعَرَّفُ أَيْضًا - ثُمَّ قَال: كَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الإِبِلِ؟ قَال: فَقَال: "دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا، تَرِدُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا". [انظر: 91 - مسلم: 1722 - فتح 5/ 83] (سليمان) أي: "ابن بلال" كما في نسخة. (عن يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (فزعم) أي: زيد بن خالد، والزَّعم هنا بمعنى القول المحقق. (ثم عرِّفها سنةً" أي: ولو متفرقة (تعترف) بتاء بعد العين، وفي نسخة: "تعرف" بدونها. (استنفق بها صاحبها) أي: ملتقطها (أفي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -هو؟) أي: قوله: (وكانت وديعة عنده)، (أم شيءٌ مِن عنِدِه) أي: عند يزيد؛ لكن في قوله بعد باب: إذا جاء صاحب اللَّقطة بعد سنة ردَّها عليه؛ لأنها وديعة عنده إشارة إلى أن ذلك في الحديث لا من عند يزيد. (ثم قال: كيف ترى في ضالة الغنم؟) إلى آخره، مرَّ شرحه (¬1)، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2426) كتاب: اللقطة، باب: إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة.

4 - باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها

وفي قوله: (حتى يجدها ربُّها) جواز أن يقال لمالك: ربه، لكنه مكروه في الإرقاء لخبر: "لا يقل أحدكم ربّ" (¬1). 4 - بَابُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ فَهِيَ لِمَنْ وَجَدَهَا (باب: إذا لم يوجد صاحب اللَّقطة بعد سنة) أي: بعد تعريفها سنة. (فهي لمن وجدها) أي: بعد أن تملكها. 2429 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ، فَقَال: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا"، قَال: فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَال: "هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"، قَال: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَال: "مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا، وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا". [انظر: 91 - مسلم: 1722 - فتح 5/ 84] (فشأنك) بالنَّصب، أي: الزم (شأنك) أي: حالك (بها) أي: تصرف فيها بعد تملكها، ومرَّ شرح الحديث (¬2). 5 - بَابُ إِذَا وَجَدَ خَشَبَةً فِي البَحْرِ أَوْ سَوْطًا أَوْ نَحْوَهُ (باب: إذا وجد خشبة في البحر أو سوطًا أو نحوه) ماذا يصنع به؟ وساق الحديث، ومرَّ ذكره في الزَّكاة وغيرها (¬3). ¬

_ (¬1) رواه مسلم برقم (2249) كتاب: الألفاظ من الأدب، باب: حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد، وأحمد 2/ 444. (¬2) سبق برقم (2428) كتاب: اللقطة، باب: ضالة الغنم. (¬3) سبق برقم (1498) كتاب: الزكاة، باب: ما يستخرج من البحر.

6 - باب إذا وجد تمرة في الطريق

2430 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَسَاقَ الحَدِيثَ: "فَخَرَجَ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا هُوَ بِالخَشَبَةِ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ المَال وَالصَّحِيفَةَ". [انظر: 1498 - فتح 5/ 85] (فإذا بالخشبة) في نسخة: "فإذا هو بالخشبة فأخذها" هو موضع التَّرجمة بالخشبة وقيس بها السَّوط ونحوه. قال الكرماني: وفي ذلك أن الخشبة حكمها حكم اللُّقطة، قال المهلب: وإنَّما أخذها حطبًا لأهله؛ لأنَّه قوي عنده انقطاعها من صاحبها لغلبة العطب عليه وانكسار سفينته. انتهى (¬1). والظَّاهر: أنه إن وجد بالخشبة -مثلًا- علامة الملك فهي لقطة، وإلا فهي مباحة [كالمأخوذ] (¬2) بالاحتطاب. 6 - بَابُ إِذَا وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ (باب: إذا وجد تمرة) أي: ونحوها من المحقرات. (في الطَّريق) جاز له أخذها وأكلها. 2431 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ، قَال: "لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا". [انظر: 2055 - مسلم: 1071 - فتح 5/ 86] (سفيان) أي: الثَّوري. [(عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن طلحة) أي: ابن مصرف. (قال) في نسخة: "فقال". 2432 - وَقَال يَحْيَى: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، وَقَال زَائِدَةُ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 6. (¬2) من (ب).

7 - باب كيف تعرف لقطة أهل مكة؟

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً، فَأُلْقِيهَا". [انظر: 2055 - مسلم 1070 - فتح 5/ 86] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري] (¬1). (زائدة) أي: ابن قدامة (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (فألقيها) بالرَّفع أي: على الأرض، وفي نسخة: بالنَّصب عطف على (تكون) بمعنى: (أخشى أن تكون صدقة فألقيها) في جوفي، فمن قال: لا يصحُّ عطفه على [أن] (¬2) تكون بناءً على أنَّ المعنى: فألقيها على الأرض، ومرَّ الحديث في كتاب: البيوع في باب: ما يتنزه من المشتبهات (¬3). 7 - بَابُ كَيْفَ تُعَرَّفُ لُقَطَةُ أَهْلِ مَكَّةَ؟ وَقَال طَاوُسٌ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إلا مَنْ عَرَّفَهَا" وَقَال خَالِدٌ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلا لِمُعَرِّفٍ". (باب: كيف تعرف لقطة أهل مكة) أي: من كان بها، ولا يخفى أنَّ تعريف من هو بها لا يُخالف تعريف غيرهم، وإنَّما المراد: كيف ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م). (¬3) سبق برقم (2055) كتاب: البيوع، باب: ما يتنزه من الشبهات.

يلتقط لقطة من هو بها؛ إذ لقطتهم لا تكون إلَّا للحفظ، كما يدلُّ له أحاديث الباب، ولقطة غيرهم تكون للحفظ وللتملك، فلو قال: كيف تلتقط لقطة من بمكة؟ كان أولى. (لا يلتقط لقطتها) أي: لقطة مكة. (إلَّا من عرفها) أي: للحفظ لصاحبها على الدَّوام، وإلَّا فسائر البلاد كذلك. قال النووي في "الرَّوضة": قال أصحابنا: ويلزم الملتقط لها الإقامة؛ للتعريف أو دفعها إنما اختصت مكة بما ذكر لإمكان إيصالها إلى ربها؛ لأنها إن كانت للمكي فظاهر أو للآفاقي، فلا تخلوا غالبًا من وارد إليها، فإذا عرفها واجدها في كلّ عام سهل التوصل إلى معرفة ربّها (¬1). (خالد) أي: الحذاء. (لا يلتقط) بالبناء للمفعول. (لقطتها) بالرَّفع نائب الفاعل. (إلا لمعرف) في نسخة: "لا يُلَتقط لقطتها إلَّا معرف" ببناء (يلتقط) للفاعل ونصب (لقطتها) على المفعولية وحذف لام (لمعرف) ورفعه على الفاعليَّة. 2433 - وَقَال أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا زكَرِيَّاءُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يُعْضَدُ عِضَاهُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا، إلا لِمُنْشِدٍ، وَلَا يُخْتَلَى خَلاهَا" فَقَال عَبَّاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إلا الإِذْخِرَ، فَقَال: "إلا الإِذْخِرَ". [انظر: 1349 - مسلم: 1353 - فتح 5/ 87] (أحمد بن سعد) بسكون العين وفي نسخة: بكسرها، وإثبات ياء بعدها. (روح) بفتح الرَّاء أي: ابن عبادة. (زكريَّاء) أي: ابن إسحاق المكِّي. (لا يعضد) بالرَّفع والجزم، أي: لا يقطع. (عضاهها) ¬

_ (¬1) "روضة الطالبين" للنووي 5/ 413.

أي: عضاة مكَّة: وهي شجر أم غيلان، وقيل: شجر عظيم له شوك، واحدتها: عضة بالتاء أصلها: عضهة، وقيل: واحدتها: عضاهة. (ولا يختلي) أي: لا يقطع. (خلاها) بالقصر أي: حشيشها الرَّطب. (فقال). في نسخة: "قال". 2434 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلا لِمُنْشِدٍ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ"، فَقَال العَبَّاسُ: إلا الإِذْخِرَ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إلا الإِذْخِرَ" فَقَامَ أَبُو شَاهٍ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ - فَقَال: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ"، قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: هَذِهِ الخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 112 - مسلم: 1355 - فتح 5/ 87] (الأوزاعي) هو عبد الرَّحمن بن عمرو. (الفيْل) بفاء مكسورة فتحتيَّة ساكنة، وفي نسخة: "القتل" بقاف مفتوحة وفوقيَّة ساكنة. (لا تحل) أي: لم تحل. (احلت لي) أي: أحل لي أن أقاتل في (ساعة من نهار) هي ساعة فتح مكَّة. (وإنَّها لا تحل) في نسخة: "وإنها لن تحل". (بعدي) في نسخة: "من بعدي". (ساقطتها) أي: لقطتها. (إلَّا لمنشد) أي: معرف. (ومن قتل له قتيل). هو مجاز عن المشرف على القتل، أو حقيقة ويراد به: القتيل الذي صار قتيلًا بهذا

8 - باب لا تحتلب ماشية أحد بغير إذنه

القتل لا بقتل سابق؛ لاستلزامه تحصيل الحاصل. (إما أن يُفدى). بالبناء للمفعول، أي: يعطى الدَّية. (وإما أن يقيد) بتحتيَّة مضمومة فقاف مكسورة، أي: يقتص. (فإنَّا نجعله) في نسخة: "فإنَّما نجعله". (أبو شاه). بهاء مع التَّنوين والصرَّف، وروي بالتاء. (اكتبوا لي) أي: الخطبة المذكورة، كما يعلم من كلامه بعدُ. (قلت للأوزاعي) مقول الوليد. (هذه الخطبة) بالنَّصب على المفعولية أي: اكتبوا هذه الخطبة، وبالرَّفع على الابتداء والخبر. [قوله: (التي سمعها) إلى آخره] (¬1)، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: العلم (¬2). 8 - بَابُ لَا تُحْتَلَبُ مَاشِيَةُ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ (لا تحتلب ماشية أحدٍ بغير إذن) منه، وفي نسخة: "بغير إذنه". (لا يحلبن) بضم اللَّام وتشديد النُّون، وفي نسخة: "لا يحتلبن" بتاء قبل اللَّام المكسورة. 2435 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ، فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إلا بِإِذْنِهِ". [مسلم: 1726 - فتح 5/ 88] (مشربته) بضم الرَّاء وفتحها: الغرفة المرتفعة عن الأرض، شبَّه - صلى الله عليه وسلم - ضروع المواشي في ضبطها الألبان لأربابها بالمشربة التي تحفظ ما ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) سبق برقم (112) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم.

9 - باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه، لأنها وديعة عنده

أودعته من متاع ونحوه. (فتكسر) بالبناء للمفعول وبالنَّصب عطف على (تؤتى). (خزانته) بكسر المعجمة. (فينتقل) بالبناء للمفعول وبالنَّصب أيضًا من الانتقال، وهو التَّحويل من مكان إلى آخر. (تخزن) بفتح الفوقيَّة وسكون المعجمة وضمِّ الزَّاي بعدها نون، وفي نسخة: "تحرز". بضمِّ الفوقيَّة وسكون المهملة وكسر الزاء بعدها زاي. 9 - بَابُ إِذَا جَاءَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ رَدَّهَا عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ (باب: إذا جاء صاحب اللَّقطة بعد سنة ردَّها عليه؛ لأنها وديعةٌ عنده) كما علم مما مرَّ مع شرح حديث الباب (¬1). 2436 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللُّقَطَةِ، قَال: "عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا، فَأَدِّهَا إِلَيْهِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَال: "خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَال: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ - أَو احْمَرَّ وَجْهُهُ - ثُمَّ قَال: "مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا حِذَاؤُهَا، وَسِقَاؤُهَا، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا". [انظر: 91 - مسلم: 1722 - فتح: 5/ 91] (قال: عرفها سنة، ثم اعرف وكاءها). إلى آخره، قضيته: أن التَّعريف يكون قبل معرفة علاماتها، وقوله في باب: ضالة الغنم: ¬

_ (¬1) سبق برقم (2426) كتاب: اللقطة، باب: إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه.

10 - باب: هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع حتى لا يأخذها من لا يستحق؟

"اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة" (¬1) يقتضي أنَّه يكون بعده، وجمع بينهما النَّووي بأنَّه يؤمر بمعرفة العلامات أوَّل ما يلتقط حتى يعلم صدق واصفها إذا وصفها (¬2) -كما مرَّ- ثَمَّ بعد تعريفها سنة إذا أراد أن يتملكها يعرفها مرَّة أخرى تعريفًا وافيًا محققًا؛ ليعلم قدرها ووصفتها قبل التَّصرف فيها. (فأدها إليه) أي: إن كانت موجودة وإلا فمثلها إن كانت مثلية وقيمتها يوم التملك إن كانت متقومة. (وجنتاه) الوجنة: ما ارتفع من الخدين وفيها أربع لغات: بواو وبهمزة مع فتحها وكسرهما. (أو أحمرّ وجهه). شكٌّ من الرَّاوي. 10 - بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ وَلَا يَدَعُهَا تَضِيعُ حَتَّى لَا يَأْخُذَهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ؟ (باب: هل يأخذ اللَّقطة ولا يدعها تضيع حتى لا يأخذها من لا يستحق؟) (حتى) بمعنى: إلى أي: ولا يتركها ضائعة ينتهي إلى أخذها من لا يستحقها، و (لا) التي بعد (حتى) ساقطة من نسخة، والمعنى على سقوطها أوضح، وأشار بهذه التَّرجمة إلى الردِّ على من كره أخذ اللَّقطة مطلقًا مستدلًا بخبر النِّسائي: "ضالة المسلم حرق النار" (¬3) أي: ضالة المسلم إذا أخذها إنسان؛ ليتملكها أدَّته إلا حرق النَّار، ومذهب الشافعي: ندب أخذها لأمين وثق بنفسه، وكراهته لفاسق؛ لئلَّا تدعوه ¬

_ (¬1) سبق برقم (2428) كتاب: اللقطة، باب: ضالة الغنم. (¬2) "شرح صحيح مسلم" 12/ 23. (¬3) "السنن الكبرى" 3/ 414 (5793) كتاب: الضوال، باب: ذكر اختلاف الناقلين للخبر.

نفسه إلا الخيانة، وحمل خبر النِّسائي على من لا يعرفها بخبر مسلم: "من أوى الضَّالة فهو ضال ما لم يعرفه" (¬1). 2437 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَال: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ، قَال: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ فِي غَزَاةٍ، فَوَجَدْتُ سَوْطًا، فَقَالا لِي: أَلْقِهِ، قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ، وَإِلَّا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعْنَا حَجَجْنَا، فَمَرَرْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: وَجَدْتُ صُرَّةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "عَرِّفْهَا حَوْلًا" فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُ، فَقَال: "عَرِّفْهَا حَوْلًا" فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَال: "عَرِّفْهَا حَوْلًا" فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ: فَقَال: "اعْرِفْ عِدَّتَهَا، وَوكَاءَهَا وَوعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ بِهَا". [انظر: 2426 - مسلم: 1723 - فتح 5/ 91] حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ، بِهَذَا قَال: فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ، فَقَال: لَا أَدْرِي أَثَلاثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (وزيد بن صوحان) بصاد مهملة مضمومة، وحاء مهملة بينهما واو ساكنة. (فقال لي) أي: أحدهما، وفي نسخة: "فقالا لي". (ولكن) في نسخة: "ولكنِّي". (إن وجدت صاحبه) جواب (إن) محذوف، أي: دفعته إليه. (عبدان) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة. (عن سلمة) أي: ابن كهيل. (قال) أي: شعبة. (فلقيته) أي: سلمة. (فقال: لا أدري أثلاثة أحوال، أو حولًا ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1725) كتاب: اللقطة، باب: في لقطة الحاج.

11 - باب من عرف اللقطة ولم يدفعها إلى السلطان

واحدًا) مرَّ شرحه بما فيه في أوَّل اللَّقطة (¬1) 11 - بَابُ مَنْ عَرَّفَ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يَدْفَعْهَا إِلَى السُّلْطَانِ (باب: من عرف اللُّقطة ولم يدفعها) في نسخةٍ: "ولم يرفعها" بالرَّاء. (إلى السُّلطان) أشار بذلك إلى ردِّ قول من فرَّق بين القليل والكثير؛ حيث قال: إن كان قليلًا عرفه، وإن كان كثيرًا رفعه إلى السلطان. 2438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللُّقَطَةِ، قَال: "عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعِفَاصِهَا، وَوكَائِهَا، وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْ بِهَا"، وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ؟ فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ، وَقَال: "مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، دَعْهَا حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا" وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الغَنَمِ؟ فَقَال: "هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ". [انظر 91 - مسلم: 1722 - فتح 5/ 93] (سفيان) أي: الثوري "قال: عرفها سنة ... إلخ" مرَّ شرحه (¬2). 12 - باب. (باب) ساقط من نسخة فهو في الأولى كالفصل ممَّا قبله. 2439 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: أَخْبَرَنِي البَرَاءُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2426) كتاب: اللقطة، باب: إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه. (¬2) سبق برقم (2428) كتاب: اللقطة، باب: ضالة الغنم.

حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: انْطَلَقْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ؟، قَال: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَسَمَّاهُ، فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ فَقَال: نَعَمْ، فَقُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَال: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ، فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَال: هَكَذَا ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى، فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، "فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ". [3615، 3652، 3908، 3917، 5607 - مسلم: 2009 - فتح 5/ 93] (حدَّثنا) في نسخة: "حدَّثني". (النَّضر) أي: ابن شميل. (إسرائيل) أي: بن يونس ابن أبي إسحاق. (عن أبي إسحاق). هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (البَرَاء) أي: ابن عازب. (فقلت) في نسخة: "قلت". (لمن) في نسخة: "ممن". (هل أنت حالب لي؟) قيل: [كيف] (¬1) جاز لأبي بكر أخذ اللَّبن من الرَّاعي بغير إذن مالك الغنم؟ فأشار شيخنا إلى جوابه أخذًا من كلام غيره بقوله: الظَّاهر أنَّ مراده بهذا الاستفهام أمعك إذنٌ في الحلب لمن يمرّ بك؟ أو أنَّ أبا بكر لمَّا عرف المالك عرف رضاه بذلك؟ لصداقته له، وقيل: كان ذلك حالة اضطرار، وما قيل من أنّضه إنما جاز له أخذه منه؛ لأنه مال حربي. ردَّ بأنَّ حل الغنيمة إنَّما وقع بعد الهجرة بالمدينة والقصّة كانت بمكَّة (¬2). (فاعتقل شاة) أي: وضع رجله بين فخذيها؛ ليحلبها. (فقال) في نسخة: "قال". (كُثبة) بضمِّ الكاف وسكون المثلثة أي: قدر الحلبة، أو شيئًا قليلًا. (إداوة) أي: ركوة. (على فمها) في نسخة: "على فيها" (خرقة) بالرَّفع مبتدأ خبره ما قبله. ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) "الفتح" 5/ 94.

(فصببت على اللَّبن) أي: ماء من ماء الإداوة. قيل: وأدخل البخاري هذا الحديث في اللُّقطة؛ لأن اللَّبن إذ ذاك في حكم الضائع المستهلك ولا يخفى ما فيه.

46 - كتاب المظالم

46 - كِتَاب المَظَالِمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 46 - كِتَاب المَظَالِمِ في المَظَالِم والغَصْبِ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} [إبراهيم: 42 - 43]: رَافِعِي [رُءوسِهِم]، المُقْنِعَ والمُقْمِحُ وَاحِدٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُهْطِعِينَ} [إبراهيم: 43] مُدِيمِي النَّظَرِ، وَيُقَالُ مُسْرِعِينَ، {لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43] يَعْنِي جُوفًا لاَ عُقُولَ لَهُمْ {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العَذَابُ، فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا: رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ، أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ، وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ، وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ (46) فَلاَ تَحْسِبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [إبراهيم: 44 - 47] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قوله: (كتاب المظالم) ساقط من نسخة. (في المظالمِ والغصبِ) في نسخة: "المظالمُ والغصب" بالرَّفع

وحذف (في) وفي أخرى: (كتاب الغصب، باب: في المظالم) هي جمع مظلمة بكسر اللام أكثر من فتحها: وهي ما أخذ بغير حق. و (الغصب) الاستيلاء على حق الغير عدوانًا. (وقول الله) بالجرِّ عطف على المظالم. ({إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ}) أي: يؤخر عذابهم. ({مُهْطِعِينَ}) أي: مسرعين -كما سيأتي- مع زيادة في كلامه ({مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ}) أي: رافعيها. (المقنع والمقمح واحد) ساقط من نسخة، والمراد: أن معناهما واحد وهو رفع الرَّأس. (مديمي النَّظر) في نسخة: "مدمني النَّظر". ({لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ}) أي: هيبةً وخوفًا. ({وَأَفْئِدَتُهُمْ}) أي: قلوبهم ({هَوَاءٌ}). (يعني جوفًا) بضمِّ الجيم أي: خالية من العقل والى ذلك أشار بقوله: (لا عقول لهم) أي: لفزعهم وشدَّة دهشتهم. ({أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}) أي: أخِّر العذاب عنَّا وردَّنا إلى الدُّنيا وأمهلنا إلن زمن قريب؛ لنتدارك ما فاتنا ({أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ} [إبراهيم: 44]) أي: فيقال لهم توبيخًا: أولم تكونوا حلفتم ({مِنْ قَبْلُ}) أي: في الدُّنيا ({مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ}) أي: عن الدُّنيا إلى الآخرة و (من) زائدة. {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46] أي: وإن كان مكرهم ليبلغ في الكيد إلى إزالة الجبال فإنَّ الله لا يعبأ به، والمراد بالجبال: آيات الله وشرائعه؛ لأنها كالجبال الرَّاسية ثباتًا وتمكنًا، وقيل: جبال الأرض مبالغةً. {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} ساق الآية كلها، وفي نسخة: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم: 42] إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [إبراهيم: 47].

1 - باب قصاص المظالم

1 - بَابُ قِصَاصِ المَظَالِمِ (باب: قصاص المظالم) ساقط من نسخة، والمراد: بيان [يوم] (¬1) قصاص المظالم. 2440 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا، أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَقَال يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو المُتَوَكِّلِ. [6535 - فتح 5/ 96] (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (عن أبي المتوكل) هو علي بن دؤاد (¬2). (فيتقاصُّونَ) بصاد مهملة مشددة مضمومة، وفي نسخة: بضاد معجمة مفتوحة (نقوا) بضم النون والقاف المشددة، أي: خلصوا من التبعات، وفي نسخة: "تقصوا" بفتح الفوقية والقاف المهملة والمشددة، أي: أكملوا التقاص (أدلُّ بمنزله). في نسخة: "أدل بمسكنه" وإنما كان أول؛ لأنه عرف مسكنه بعرضه عليه بالغداة والعشي. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن التيمي. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (أبو المتوكل) هو الناجي. ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) هو علي بن داود، وقيل: ابن دؤاد كما ذكر المصنف -أبو المتوكل الناجي السامي البصري من بني ناجية بن سامة بن لؤبي. انظر: "تهذيب الكمال" 20/ 425.

2 - باب قول الله تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: 18]

2 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] (باب: قول الله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}) المشار إليهم بقوله تعالى: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ} [هود: 18]. 2441 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَال: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ المَازِنِيِّ، قَال: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي، مَعَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا آخِذٌ بِيَدِهِ، إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقَال: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ فَقَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَال: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُونَ، فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] ". [4685، 6070، 7514 - مسلم: 2768 - فتح 5/ 96] (همَّام) أي: ابن يحيى. (أخبرني) في نسخة: "حدَّثني". (بينما) في نسخة: "بينا". (أنا أمشي مع ابن عمر رضي الله عنهما آخذٌ بيده) بمدِّ همزة (آخذ) وبرفعه بدل من (أمشي) لشبهه به؛ لقول النُّحاة: سُمِّي المضارع مضارعًا؛ لشبهه باسم الفاعل في الحركات والسَّكنات. (في النَّجوى) في نسخة: "يقول في النَّجوى" أي: التي تقع بين الله وعبده المؤمن يوم القيامة وهو فضل من الله [حيث] (¬1) يذكر لعبده معاصيه سرًّا. (يدني المؤمن) أي: يقرِّبه. (كَنَفه) بفتحات، أي: ستره فيحفظه (ويستره) به، أي: عن أهل الموقف؛ ليصونه عن الخزي، والتَّفضيح مستعار من كنف الطائر: وهو جناحه يصون به نفسه ويستر به ¬

_ (¬1) من (ب).

3 - باب: لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه

بيضته (إذا) ساقطة من نسخة. (والمنافق) في نسخةٍ: (والمنافقون بالجمع ({الْأَشْهَادُ}) جمع شاهد وشهيد أي: حاضر من الملائكة والنبيين وسائر الإنس والجن. وفي الحديث: حُجَّة عل المعتزلة حيث منعوا مغفرة ذنوب غير الكفَّار، وعلى الخوارج حيث كفروا بالمعاصي. 3 - بَابٌ: لَا يَظْلِمُ المُسْلِمُ المُسْلِمَ وَلَا يُسْلِمُهُ (باب: لا يظلم المسلم المسلم ولا يُسلمُه) بضمِّ الياء وسكون المهملة، وكسر اللَّام، أي: لا يخلله ولا يلقيه إلى هلكة، بل يحميه منها، وذكر المسلم تبع فيه الحديث وهو جريٌ على الغالب إذ مثله الذِّمي والمؤمن. 2442 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ". [6951 - مسلم: 2580 - فتح 5/ 97] (عن عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (أخو المسلم) أي: في الإسلام. (لا يظلمه ولا يسلمه) كلُّ منهما خبر بمعنى النَّهى. (كربة) بضمِّ الكاف وسكون الرَّاء: هي الغم الذي يأخذ النَّفس. (ومن ستر مسلمًا) إلى آخره محله: في معصية وقعت لا في معصية متلبس بها فاعلها؛ لأن من رآه حينئذٍ يلزمه الإنكار فإن انتهى وإلَّا رفعه إلى الحاكم. وفي الحديث: الحثُّ على التَّعاون على البرِّ وحسن المعاشرة.

4 - باب: أعن أخاك ظالما أو مظلوما

4 - بَابٌ: أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا (باب: أعن أخاك ظالمًا أو مظلومًا) المراد بالأخ: الأخ في الإسلام، وذكر الأخ تبع فيه الحديث، وهو جريٌ على الغالب كما مرَّ نظيره (¬1). 2443 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّويلُ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا". [2444، 6952 - فتح 5/ 98] (حدَّثنا عثمان) في نسخة: "حدَّثني عثمان". (هُشيم) أي: ابن بُشير بالتَّصغير. (الطَّويل) ساقط من نسخة. (سمع) أي: كل منهما، وفي نسخة: "سمعا" (قال رسول الله) في نسخة: "قال النَّبي". (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) سيأتي بيانه في الحديث الآتي. 2444 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَال: "تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ". [انظر: 2443 - فتح 5/ 98] (مسدَّد) أي: مسرهد. (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (عن حُميد) أي: الطَّويل. (قالوا) في نسخة: "قال". (يأخذ فوق يديه) أي: يمنعه من الظُّلم، ولفظ: (فوق) مقحم، أو إشارة إلى الأخذ بالاستعلاء والقوَّة. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن النَّصر هو الإعانة. قال ابن بطال: النَّصر عند العرب: الإعانة، وقد فسَّر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ نصر الظَّالم ¬

_ (¬1) سبق برقم (2442) كتاب: المظالم، باب: لا يظلم المسلم المسلم.

5 - باب نصر المظلوم

منعه من الظُّلم؛ لأنك إذا تركته على ظلمه أداه ذلك إلى أن يقتصَّ منه فمنعك له من وجود القصاص نصرة له، وهذا من باب الحكم للشيء وتسميته بما يؤول إليه وهو من عجيب الفصاحة ووجيز البلاغة (¬1). 5 - بَابُ نَصْرِ المَظْلُومِ (باب: نصر المظلوم) أي: الأمر به. 2445 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، قَال: سَمِعْتُ مُعَاويَةَ بْنَ سُوَيْدٍ، سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ فَذَكَرَ: عِيَادَةَ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعَ الجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتَ العَاطِسِ، وَرَدَّ السَّلامِ، وَنَصْرَ المَظْلُومِ، وَإِجَابَةَ الدَّاعِي، وَإِبْرَارَ المُقْسِمِ؟ [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 5/ 99] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (المقسم) أي: الحالف، وفي نسخة: "القسم". أي: الحلف، وذكر الحديث هنا مختصرًا، ومرَّ بتمامه في الجنائز (¬2). 2446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. [انظر: 481 - مسلم: 2585 - فتح 5/ 99] (أبو أسامة) هو حمَّاد بن أسامة. (عن يزيد) أي: ابن عبد الله بن أبي بردة. (عن أبي بردة) هو الحارث، أو عامر. (يشد بعضه بعضًا) بيان لوجه التَّشبيه، وفي نسخة: "يشد بعضهم بعضًا". ¬

_ (¬1) "شرح صحيح البخاري لابن بطال" 6/ 572. (¬2) سبق برقم (1239) كتاب: الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز.

6 - باب الانتصار من الظالم

6 - بَابُ الانْتِصَارِ مِنَ الظَّالِمِ لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلا مَنْ ظُلِمَ، وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء: 148] {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39] قَال إِبْرَاهِيمُ: "كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا، فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا". [فتح: 5/ 99] (باب: الانتصار من الظَّالم) أَي: جواز الانتقام منه. ({لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إلا مَنْ ظُلِمَ} أي: فلا يؤاخذه بالجهر بأن يخبر عن ظلم ظالمه ويدعو عليه. [(إبراهيم) أي: النخعي. (قدروا) بفتح المهملة. (عفوا) أي: عمن بغى عليهم. 7 - بَابُ عَفْو المَظْلُومِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: 149] {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا، فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ، وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ، أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 41]، {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 40 - 44]. [الفتح: 5/ 100] (باب: عفو المظلوم) أي: عمَّن ظلم ({فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ}) أي: من إثم] (¬1) ({وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ} [الشورى: 44] ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) من (م).

8 - باب: الظلم ظلمات يوم القيامة

({هَلْ إِلَى مَرَدٍّ}) أي: إلى الدُّنيا ({مِنْ سَبِيلٍ}) [الشورى: 44]. أي: من طريق. 8 - بَابٌ: الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ (باب: الظُّلم ظُلمات يوم القيامة) بضمِّ لام الظلمات وفتحها وسكونها. 2447 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ المَاجِشُونُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ". [مسلم: 2579 - فتح 5/ 100] (أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس. (الظُّلم) أي: في الدُّنيا. (ظلمات يوم القيامة) قيل: لا تعرف هذه الظلمات أهي عمى القلب، أو عمى البصر؟ حتى لا يهتدي سبيلًا، لكن يدل للثاني قوله: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13]. 9 - بَابُ الاتِّقَاءِ وَالحَذَرِ مِنْ دَعْوَةِ المَظْلُومِ (باب: الاتِّقاء والحذر من دعوة المظلوم) الاتقاء: الاجتناب، والحذر: التحرز والخوف وهو بمعنى: التحرز مساوٍ للاتقاء، وبمعنى الخوف لازم له. 2448 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ المَكِّيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَال: "اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ". [انظر: 1395 - مسلم: 19 - فتح 5/ 100]

10 - باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له، هل يبين مظلمته؟

(وكيع) أي: ابن الجراح الرؤاسي. (عن أبي معبد) هو نافذ بنون وفاء ومعجمة، أو مهملة. (فإنها) أي: دعوة المظلوم، وفي نسخة: "فإنَّه" أي: الشأن. (ليس بينها وبين الله حجاب) كناية عن الاستجابة، ومرَّ شرح الحديث في باب: أخذ الصَّدقة من الأغنياء (¬1). 10 - بَابُ مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ الرَّجُلِ فَحَلَّلَهَا لَهُ، هَلْ يُبَيِّنُ مَظْلَمَتَهُ؟ (باب: من كانت له مظلمة) بكسر اللَّام أشهر من فتحها وضمِّها. (عند الرَّجل) في نسخة: "عند رجل". (فحللها له) أي: حلله منها بأن قال: جعلتك في حلٍّ منها بمعنى: أبرأتك منها. (هل يبيِّن مظلمته) أي: هل يحتاج إلى بيانها؛ ليصح تحلله منها أو لا؟ مشهور من مذهب الشَّافعي احتياجه إلى ذلك. 2449 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "قَال إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: إِنَّمَا سُمِّيَ المَقْبُرِيَّ لِأَنَّهُ كَانَ نَزَلَ نَاحِيَةَ المَقَابِرِ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَسَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ: هُوَ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ وَاسْمُ أَبِي سَعِيدٍ كَيْسَانُ". [6534 - فتح 5/ 101] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرَّحمن. (لأحد) في نسخة: "لأخيه". (عرضه) بكسر أوله موضع الذَّم ¬

_ (¬1) سبق برقم (1496) كتاب: الزكاة، باب: أخذ الصدقة من الأغنياء.

والمدح منه. (أو شيء) أي: مما يتعلق به، كقريبه وزوجته ومملوكه. (فليتحلله منه) أي: يسأله أن يجعله في حلٍّ منه بمعنى أن يبرئه منه. (إن كان له عمل). إلى آخره مرتب على مقدَّر، وهو فإذا لم يكن ثمّ دينار ولا درهم فماذا يؤخذ منه بدل مظلمته. (فحمل عليه) أي: على الظَّالم ما أخذ من سيئات صاحبه؛ ليعاقب به ولا ينافيه قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] لأنَّه إنما عوقب بسبب ظلمه، فلَّما فرغت حسناته أخذت من سيئات خصمه فوضعت عليه. (قال أبو عبد الله: قال إسماعيل) إلى آخره ساقط من نسخة (¬1). ¬

_ (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": وظاهر هذا الحديث: أنه يجب على الإنسان أن يتحلل من ظلم أخيه حتى في العرض، سواء علم أم لم يعلم، وذلك أن المظالم إما أن تكون بالنفس، أو بالمال، أو بالعرض، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم". فإن كانت بالنفس مثل أن يكون قد جنى عليه، أو ضربه حتى جرحه، أو قطع عضوًا من أعضائه، أو قتل له قتيلًا، فإنه يتحلل منه بأن يمكن صاحب الحق من القصاص، أو من بذل الدية، إذا لم يكن القصاص، أو اختيرت الدية. أما إن كانت في المال فإنه يعطيه ماله. إذا كان عنده مال لأحد، فالواجب أن يعطيه صاحبه، فإن غاب عنه ولم يعرف مكانه وأيس منه فإنه يتصدق به عنه، والله سبحانه وتعالى يعلم ويؤدي إلى صاحب الحق حقه، وإن كان قد مات -أي: صاحب الحق- فإنه يوصله إلى ورثته؛ لأن المال بعد الموت ينتقل إلى الورثة، فلا بد أن يسلمه للورثة، فإن لم يعلمهم بأن جهلهم ولم يدر عنهم تصدق به عنهم، والله تعالى يعلمهم ويعطيهم حقهم. أما إن كانت في العرض مثل أن يكون قد سبَّ شخصًا في مجالس أو اغتابه، فلا بد أن يتحلل منه إذا كان قد علم بأنه سبه، فيذهب إليه، ويقول: =

11 - باب إذا حلله من ظلمه فلا رجوع فيه

11 - بَابُ إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ (باب: إذا حلَّلَه من ظلمه فلا رجوع فيه) أي: في تحلله. 2450 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فِي هَذِهِ الآيَةِ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] قَالتْ: "الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ، لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ". [2694، 4601، 5206 - مسلم: 3021 - فتح 5/ 102] (محمد) أي: ابن مقاتل. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن عائشة رضي الله عنها في هذه الآية) لفظ: (في هذه الآية) ساقط من نسخة. (ليس بمستكثر منها) أي: ليس بطالب كثرة صحبتها إمَّا؛ لكبرها، أو لسوء خلقها، أو لغير ذلك. ومطابقة الحديث للترجمة: في قولك أجعلك من شأني في حلٍّ؛ لأنَّه إذا نفذ الإسقاط في الحقِّ المتوقع المذكور في الحديث فنفوذه في الحقِّ المتحقق المذكور في التَّرجمة أولى. ¬

_ = أنا فعلت كذا وفعلت كذا، وأنا جئتك معتذرًا، فإن عذره فهذا من نعمة الله على الجميع؛ لأن الله يقول: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40] وإن لم يعف فليعطه مالًا، يشبعه من المال حتى يحلله، فإن أبى فإن الله تعالى إذا علم أن توبة الظالمين توبة حقيقية فإنه سبحانه وتعالى يرضي المظلوم يوم القيامة. وقال بعض العلماء في مسألة العرض: إن كان المظلوم لم يعلم فلا حاجة أن يعلمه، مثل أن يكون قد سبه في مجلس من المجالس، وتاب فإنه لا حاجة أن يعلمه، ولكن يستغفر له ويدعو له، ويثني عليه بالخير في المجالس التي كان يسبه فيها، وبذلك يتحلل منه. والمهم أن الأمر خطير، وحقوق الناس لا بد أن تعطى لهم، إما في الدنيا وإما في الآخرة.

12 - باب إذا أذن له أو أحله، ولم يبين كم هو

12 - بَابُ إِذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ أَحَلَّهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ (باب: إذا أذن له) أي: شخص لآخر في استيفاء حقِّه. (أو أحلَّه) في نسخة: "أو أحلَّه له". (ولم يبيِّن كم هو) أي: مقدار المأذون في استيفائه أو المحلل منه. 2451 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَال لِلْغُلامِ: "أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاءِ؟ "، فَقَال الغُلامُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، قَال: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ. [انظر: 2351 - مسلم: 2030 - فتح 5/ 102] (أن رسول الله) في نسخة: "أنَّ النَّبي". (بشراب) أي: لبن خلط بماء. (غلام) هو ابن عبَّاس. (فتلَّه) أي: دفعه بقوَّة. قيل: ومطابقته للترجمة: تؤخذ من معنى الحديث؛ لأنَّ الغلام لو أذن للنَّبي - صلى الله عليه وسلم - في دفع الشراب إلى الأشياخ لكان مقدار التَّحلل والشرب غير معلوم، ومرَّ الحديث في أوائل كتاب: الشُّرب (¬1). 13 - بَابُ إِثْمِ مَنْ ظَلَمَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ (باب: إثم من ظلمَ شيئًا من الأرض) ذكر (الأرض) تبع فيه الحديث ولا يختص الحكم بها، لكن خصَّها بالذِّكر إشارة إلى رد قول من قال: إن الغصب لا يتحقق فيها؛ لعدم نقلها. 2452 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2351) كتاب: المساقة، باب: في الشرب ومن رأى صدقة الماء وهبته ووصيته.

بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ ظَلَمَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ". [3198 - مسلم: 1610 - فتح 5/ 103] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (طوّقه) بالبناء للمفعول. (من سبع أرضين) بفتح الرَّاء وقد تسكَّن، ولتطويقه معنيان أحدهما: أن يكلَّف نقل ما ظلم منها في القيامة إلى الحشر -كما في حديث الطبراني وغيره (¬1) ثانيهما: أن يخسف به الأرض المغصوبة -كما في الحديث الآتي- فيصير في عنقه، كالطوق ويطول عنقه حتى يسع ذلك، كما جاء في غلظ جلد الكافر وعظم ضرسه (¬2). وفي الحديث: أن من ملك أرضًا ملك أسفلها إلى سبع أرضين (¬3). 2453 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ¬

_ (¬1) "المعجم الكبير" 22/ 269. ورواه أحمد 4/ 173. وابن حبان 11/ 567. (5164) كتاب: الغصب. (¬2) دل على ذلك حديث رواه مسلم (2851) كتاب: الجنة وصفة نعيمها، باب: النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء. وأحمد 2/ 328. والطبراني في "الأوسط" 8/ 94 (8073). وابن حبان 16/ 533 (7487) كتاب: إخباره (عن مناقب الصحابة، باب: صفة النار وأهلها. (¬3) الظاهر أن هذا ليس بحديث، بل إن حديث الباب يدل على أن من ملك أرضًا ملك أسفلها إلى منتهى الأرض، وله أن يمنع من حفر تحتها سربًا، أو بئرًا بغير رضاه، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في "الفتح" 5/ 105، وإنما يدل على ذلك حديث الباب الذي معنا، وحديث رواه الإمام أحمد في "مسنده" 2/ 99.

أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالتْ: يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ". [3195 - مسلم: 1612 - فتح 5/ 103] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو بن الحجاج. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (حسين) هو المعلِّم. (أن أبا سلمة) هو عبد الله، أو إسماعيل بن عبد الرحمن بن عوف. (فذكرت) أي: ذلك. (قيد شبر) بكسر القاف، أي: قدره (¬1). 2454 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ". [3196 - فتح 5/ 103] (عبد الله) أي: (ابن المبارك). (قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة، وحاصله: أنَّ البخاري أراد أنَّ ابن المبارك صنَّف كتبه بخراسان وحدَّث بها ثم حمَّلها عنه أهلها إلَّا هذا الحديث فإنَّه أملاه عليهم بالبصرة، وقوله: (في كتاب ابن المبارك) في نسخة: "في كتب ابن المبارك". وقوله: (أملاه) أي: الحديث. وفي نسخة: "إنَّما أملى". ¬

_ (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث: كما أن الهواء لك إلى السماء فلا أحد يستطيع أن يبني على أرضك سقفًا إلا بإذنك؛ ولهذا قال العلماء: الهواء تابع للقرار، والقرار ثابت إلى الأرض السابعة، فالإنسان له من فوق ومن تحت، لا أحد عليه يتجرأ. قال أهل العلم: ولو كان عند جارك شجرة، فامتدت أغصانها إلى أرضك، وصار الغصن إلى أرضك، فإن الجار يلويه عن أرضك، وإن لم يمكن ليُّه فإنه يقطع، إلا بإذن منك وإقرار؛ لأن الهواء لك وهو تابع للقرار.

14 - باب إذا أذن إنسان لآخر شيئا جاز

14 - بَابُ إِذَا أَذِنَ إِنْسَانٌ لِآخَرَ شَيْئًا جَازَ (باب: إذا أذن إنسان لآخر شيئًا) أي: في شيء. (جاز) أي: إذنه. 2455 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ، كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فِي بَعْضِ أَهْلِ العِرَاقِ فَأَصَابَنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ، إلا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ". [2489، 2490، 5446 - مسلم: 2045 - فتح 5/ 106] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن جبلة) أي: ابن سحيم. (سنَةٌ) أي: غلاءً وجدبًا. (يرزقنا) أي: يطعمنا. (نهى عن الإقران) بكسر الهمزة وصوابه: القرآن، كما قاله القاضي عياض (¬1) وهو أن يقرن تمرة بتمرة عند الأكل؛ لأنَّ فيه إجحافًا برفيقه، والنَّهي للتنزيه إلَّا أنَّ يكون شركة بينهم، وأمَّا خبر الطبراني: "كنت نهيتكم عن الإقران في التَّمر فأقرنوا، فإنَّ الله قد وسَّع عليكم" (¬2). ففي سنده: اضطراب وإن صحَّ فهو محمول على بيان الجواز، وهو لا ينافي كراهة التنزيه، وقيل: إنَّه ناسخ لها. 2456 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ، كَانَ لَهُ غُلامٌ لَحَّامٌ، فَقَال لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ: اصْنَعْ لِي طَعَامَ خَمْسَةٍ لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ، وَأَبْصَرَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجُوعَ، فَدَعَاهُ فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ لَمْ يُدْعَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا قَدِ اتَّبَعَنَا، أَتَأْذَنُ لَهُ؟ "، قَال: نَعَمْ. [2081 - مسلم: 2036 - فتح 5/ 106] (أبو النُّعمان) هو محمد بن الفضل السّدوسي. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (قد اتبعنا) بتشديد التَّاء، وفي نسخة: "تبعنا" ومرَّ شرح ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 6/ 528 - 529. (¬2) "المعجم الاوسط" 7/ 129 (7068).

15 - باب قول الله تعالى: {وهو ألد الخصام} [البقرة: 204]

الحديث في باب: ما قيل في اللحام والجزار من كتاب: البيوع (¬1). 15 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ} [البقرة: 204] (باب: قول الله تعال: ({وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}) أي: الجدال والألد: أشد الجدال إن جعل للتفضيل، وشديد الجدال إن جعل لغير التفضيل بل بمعنى: فاعل والإضافة بمعنى في، وجعل الخصام ألد مبالغة فهو مصدر خاصم، وقال الزجاج: أنَّه جمع خصم كصعب وصعاب. 2457 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ". [4523، 7188 - مسلم: 2668 - فتح 5/ 106] (أبو عاصم) هو النبيل الضحاك. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، واسم أبي مليكة: زهير. (الخصم) بفتح الخاء وكسر الضَّاد، أي: المولع بالخصومة الماهر فيها، فإن قلت: الأبغض هو الكافر، قلت: الَّلام في الرجال للعهد، فالمراد بالألد: الأخنس بن شريق الثَّقفي الذي نزلت فيه الآية وهو منافق (¬2)، أو للجنس فالمراد به: الألد في الباطل المستحلّ له، أو هو تغليظ في الزجر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2081) كتاب: البيوع، باب: ما قيل في اللحام والجزار. (¬2) دل على ذلك ما رواه ابن جرير في "التفسير" 2/ 324 (3964) وذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص 66)، وذكره ابن كثير في "تفسيره" عند تفسير هذه الآية 2/ 268، وذكره السيوطي في "لباب النقول" ص 38 وفي "الدر المنثور" 1/ 427.

16 - باب إثم من خاصم في باطل، وهو يعلمه

16 - بَابُ إِثْمِ مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ (باب: إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه) أي: يعلم بطلانه. 2458 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَال: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ، فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا". [2680، 6967، 7169، 7181، 7185 - مسلم: 1713 - فتح 5/ 107] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (إنَّما أنا بشر) أي: لا أعلم الغيب وبواطن الأمور، كما تقتضيه الحالة البشرية، بل أحكم بالظاهر، والله يتولى السَّرائر ولو شاء الله لأطلعه على بواطن الأمور حتى يحكم باليقين، لكن لمَّا أمر الله أمته بالاقتداء به أجرى أحكامه على الظَّاهر لتطيب نفوسهم للانقياد. (فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض) أي: أحسن إيراد للكلام، وهو كاذب. (فأحسب) بفتح السين وكسرها وبالنَّصب عطف على (يكون) وبالرفع خبر مبتدإِ محذوف، أي: فأنا (بحق مسلم) ذكر المسلم جريٌ على الغالب إذ مثله الذِّمي والمؤمن. (فإنَّما هي) أي: القصة. (قطعة من النَّار) أي: مآلها إلى النَّار. (فليأخذها أو فليتركها). في نسخة: (أو ليتركها) بحذف الفاء، قال النووي: ليس معناه التخيير بل هو للتهديد والوعيد، كقوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] وكقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40] (¬1). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 12/ 6.

17 - باب: إذا خاصم فجر

وفي الحديث: أنَّ الحاكم يحكم بما ثبت عنده. وإنَّه ليس كل مجتهد مصيبًا. 17 - بَابٌ: إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ (باب: إذا) أي: بيان إثم من إذا (خاصم فجر) أي: عدل عن طريق الحق. 2459 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا - أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ - حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ". [انظر: 34 - مسلم: 58 - فتح 5/ 107] (محمد) أي: "ابن جعفر" كما في نسخة. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران. (أربع) أي: أربع خصال. (من كنَّ فيه كان منافقًا) أي: نفاق عمل لا نفاق إيمان. (من أربعة) في نسخة: "من أربع". (إذا حدَّث كذب وإذا عاهد غدر) (¬1) أي: نقض العهد، وزاد في كتاب الإيمان: "وإذا ائتمن خان" (¬2)، لكنه حذف: (وإذا وعد أخلف)؛ لأن المحذوف في الموضعين داخل تحت المذكور فيهما فحصل من ذلك خمس، وفي رواية ثَمَّ أيضًا: "آية المنافق ثلاث إذا حدَّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان" (¬3) وسبق توجيه الاقتصار على الثَّلاث في باب: علامة ¬

_ (¬1) في هامش الأصل: [إذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر]. (¬2) سبق برقم (34) كتاب: الإيمان، باب: علامة المنافق. (¬3) المرجع السابق.

18 - باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه

المنافق من كتاب: الإيمان. وقال الكرماني: الحق أنها خمسة؛ لتغايرها عرفًا وصفة، ووجه الحصر فيها: أنَّ إظهار خلاف الباطن إمَّا في الماليات: وهو إذا اؤتمن خان، أو في غيرها فهو إما في حالة الكدورة: وهو إذا خاصم فجر، أو في حالة الصفاء فهو إما مؤكَّد باليمين: وهو إذا عاهد غدر، أولًا فهو إمَّا بالنظر إلى المستقبل: وهو إذا وعد أخلف، وبالنظر إلى الحال: وهو إذا حدث كذب (¬1) ومرَّ أستيفاء شرحِ الحديث في باب: علامة المنافق. 18 - بَابُ قِصَاصِ المَظْلُومِ إِذَا وَجَدَ مَال ظَالِمِهِ وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: "يُقَاصُّهُ، وَقَرَأَ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126]. (باب: قصاص المظلوم) أي: بأخذ ماله. إذا وجد مال ظالمه هل يأخذ منه بقدر ما أخذ منه ولو بغير حكم حاكم أو لا؟ فيه خلاف، المشهور عند الشَّافعيَّة: أن له ذلك بشروط مذكورة في كتب الفقه. (يُقاصُّه) بتشديد الصَّاد أي: يأخذ مثل ماله. 2460 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالنَا؟ فَقَال: "لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ". [انظر: 2211 - مسلم: 1714 - فتح 5/ 107] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 1/ 151.

(أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (مسيك) بكسر الميم وتشديد المهملة على المشهور عند المحدثين وبالفتح والتخفيف في كتب اللّغة أي: بخيل شديد المسك لما في يده. (من حرج) أي: إثم. (أن أطعم) بضم الهمزة وكسر العين. وفي الحديث: وجوب نفقة الأولاد وأنها مقدَّرة بالكفاية، وجواز سماع كلام الأجنبيَّة، وذكر الإنسان بما يكره للحاجة، وأن للمرأة مدخلًا في كفالة أولادها، وجواز خروج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها للحاجة، ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 2461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي يَزِيدُ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَال: قُلْنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ تَبْعَثُنَا، فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونَا، فَمَا تَرَى فِيهِ؟ فَقَال لَنَا: "إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ، فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ". [6137 - مسلم: 1727 - فتح 5/ 107] (يزيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله اليزني. (لا يقرونا) بفتح أوَّله وحذف نون الجمع، وفي نسخةٍ: "لا يقروننا" بإثباتها على الأصل، أي: لا يضيفوننا (فخذوا منهم) في نسخةٍ: "فخذوا منه" أي: من مالهم. (حق الضيف) ظاهره: الوجوب بحيث لو امتنعوا من فعله أخذ منهم قهرًا وحكى القول به عن اللَّيث مطلقًا، وعن أحمد في حقِّ أهل البادية، ومذهب الشَّافعي وكثير: أن ذلك سُنَّة مؤكَّدة، وأجابوا عن الحديث: بحمله على أخذ المضطرين أخذ ضمان، أو كان القوم من أهل الجزية، وشرط عليهم ضيافة ¬

_ (¬1) سبق برقم (2211) كتاب: البيوع، باب: من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون.

19 - باب ما جاء في السقائف

الضيف، أو كان ذلك في أوَّل الإسلام ثم نسخ لخبر: "جائزته يوم وليلة" (¬1) والجائزة مواساة وتفضل لا واجبة. 19 - بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّقَائِفِ وَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ. [انظر: 2256] (باب: ما جاء في السَّقائف) جمع سقيفة: وهي المكان المظلل، كالصفة والساباط والحوانيت بجانب الدَّار، وأشار بالترجمة وحديثها إلى أن الجلوس في الأمكنة المقصود منها عموم النَّفع جائز، وأن اتخاذ صاحب الدَّار ساباطًا أو مستظلًا جائز إذا لم يضر المارَّة. (في سقيفة بني ساعدة) نسبت إليهم؛ لأنَّهم كانوا يجتمعون فيها، أو لأنهم بنوها. 2462 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الأَنْصَارَ اجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: انْطَلِقْ بِنَا فَجِئْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ". [3445، 3928، 4021، 6829، 6830، 7323 - مسلم: 1691 - فتح 5/ 109] (ابن وهب) هو عبد الله المصري. (وأخبرني يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (انطلق بنا) أي: إلى إخواننا من الأنصار. ¬

_ (¬1) سيأتي رقم (6135) كتاب: الأدب، باب: إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه.

20 - باب: لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره

20 - بَابٌ: لَا يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ (باب: لا يمنع جارٌ جاره أن يغرز خشبةً) بالإفراد، وفي نسخةٍ: "خشبه" بالجمع والإضافة. (في جداره) متعلِّق بيغرز. (لا يمنع) بالجزم على أن (لا) ناهية، وبالرَّفع على أنها نافية والخبر بمعنى النَّهي. 2463 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ"، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: "مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ". [5627، 5628 - مسلم: 1609 - فتح 5/ 110] (جاره) أي: الملاصق له (خشبة) بالإفراد والجمع كما مرَّ. (في جداره) احتج به للقول بأن الجار لا منع جاره من وضع خشبة على جداره؛ لحاجته لذلك، والمشهور عند الشَّافعي وأصحابه: أنَّه يمنعه؛ لخبر ابن حبَّان، والحاكم في صحيحيهما: "لا يحل مال امرئ مسلم بغير طيب نفس منه" (¬1) وأجابوا: بأن ما هنا محمول على النَّدب، وبأنَّ الضَّمير في (جداره) لجاره. (لقربه) أي: لا يمنعه أن يضع خشبه على جدار نفسه وإن تضرر هو به من جهة منع الضوء والهواء ورؤية الأماكن المستطرقة ونحوها. (عنها) أي: عن هذه المقالة، أو السنة. (بها) أي: بالسنة. (بين أكتافكم) بفوقية، وفي رواية: "بين أكنافكم" بنون (¬2): جمع ¬

_ (¬1) "المستدرك" 1/ 93 كتاب: العلم، وخطبته - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع. وابن حبان 11/ 569 (5165) بلفظ: من أخذ شبرًا من مال امرئ مسلم ... (¬2) لم أقف على رواية "أكنافكم" بالنون، والظاهر: أنها رواية لبعض رواة "الموطأ" كما صرَّح بذلك الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" نقلًا عن القاضي فقال: رواه بعض رواة الموطأ "أكنافكم" بالنون ومعناه أيضًا بينكم والكنف الجانب، راجع ذلك في "شرح النووي" 11/ 46.

21 - باب صب الخمر في الطريق

"كنف" بفتح النُّون، وهو الجانب والمعنى: لأصرخنَّ بها بينكم وأوجعنكم بالتقريع، كما يضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه أو جانبيه. 21 - بَابُ صَبِّ الخَمْرِ فِي الطَّرِيقِ (باب: صبّ الخمر في الطَّريق) في نسخة: "في الطُّرق". 2464 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي: "أَلا إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ" قَال: فَقَال لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ، فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ، فَقَال بَعْضُ القَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93]. [4617، 4620، 5580، 5582، 5583، 5584، 5600، 5622، 7253 - مسلم:. 1980 - فتح 5/ 112] (حدَّثنا محمد) في نسخة: "حدَّثني محمد". (عفَّان) أي: ابن مسلم الصفار، وهو من شيوخ البخاري، روى عنه في الجنائز بغير واسطة وهنا بها. (ثابت) أي: ابن أسلم البناني. (الفضيخ) بفتح الفاء وخفة المعجمة وخاء معجمة: شرابٌ يتَّخذ من البسر من غير أن تَمسَّه النَّار. (في سكك المدينة) بكسر السِّين أي: طرقها وأزقتها. (فأهرقها) بقطع الهمزة وبوصلها أي: صبها. (فهرقتها) بفتح الرَّاء وأصله: أرقتها أبدلت الهمزةُ هاءً، وقد يجتمعان -كما مرَّ- وهو نادر. (فجرت في سكك المدينة). إنَّما صبت في السكك وإن آذت المار فيها؛ للإعلان برفضها، وليشتهر تركها وذلك مصلحة عامة راجحة على مصلحة عدم التأذِّي بصبها، وقيل: كان ذلك أوَّل الإسلام قبل أن ترتب الأشياء وتنظف، فأما الآن فلا ينبغي صبُّ النَّجاسات في الطرق؛ لئلا

يتأذى المسلمون بها (¬1). ¬

_ (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين". حديث في تحريم الخمر: وكان تحريم الخمر على أربع مراحل، المرحلة الأولى: إباحة، أن الله أباحه للعباد إباحة طيبة، فقال تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67]، يعني: تشربونه فتسكرون، وتتجرون به فتحصلون رزقًا. المرحلة الثانية: عرض الله تعالى بتحريمه، وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219] ولم ينه عنهما. المرحلة الثالثة: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]، فنهى عن قربان الصلاة في حال السكر وهذا يقتضي أنه يباح شرب الخمر في غير أوقات الصلاة. المرحلة الرابعة: التحريم البائن قال تعالى في سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90]. فاجتنبه الناس؛ لكن لما كانت النفوس تدعو إليها، إلى الخمر وشربها، جعل لها رادع يرجع الناس عن شربها، وهو العقوبة. ولم يقدر لها النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فعقوبة الشارب ليست حدًّا، لكنها تعزيز ولهذا جيئ برجل شرب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اضربوه". ولا قال: أربعين، ولا ثمانين ولا مائة، ولا عشرة فقاموا يضربونه، منهم الضارب بثوبه، ومنهم الضارب بيده، ومنهم الضارب بنعله، لكن ضربوه نحو أربعين جلدة، فلما انصرفوا، وانصرف الرجل قال رجل من القوم: أخزاه الله يعني: أذله، وفضحه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تقل هكذا، لا تدع عليه بالخزي، رجل شرب مسكرًا، وجلده وتطهر بالجلد، لا تعينوا عليه الشيطان، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسبوه، مع أنه شارب خمر.

22 - باب أفنية الدور والجلوس فيها، والجلوس على الصعدات

22 - بَابُ أَفْنِيَةِ الدُّورِ وَالجُلُوسِ فِيهَا، وَالجُلُوسِ عَلَى الصُّعُدَاتِ وَقَالتْ عَائِشَةُ: فَابْتَنَى أَبُو بَكْرٍ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ. [انظر: 476] (باب: أفنية الدُّور والجلوس فيها والجلوس على الصُّعدات). أي: باب جواز بناء الأفنية والجلوس فيها وفي الصعدات، والأفنية جمع فناء: وهو المكان المتَّسع أمام الدَّار، والصعدات بضمتين جمع صُعُد، جمع صعيد، كطرقات وطرق وطريق وزنًا ومعنى. (فيتقصف) أي: يزدحم حتى يكاد المزدحم ينكسر وأطلق على الازدحام التَّقصف الذي هو التكسر مبالغة. 2465 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ"، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَال: "فَإِذَا أَبَيْتُمْ إلا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا"، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَال: "غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ". [6229 - مسلم: 2121 - فتح 5/ 112] (إيَّاكم والجلوس) بالنَّصب على التحذير أي: اتَّقوا الجلوس واتركوه على الطرقات؛ إذا الجالس بها لا يسلم غالبًا من رؤية ما يكره وسماع ما لا يحل والنَّهي للتنزيه. (ما لنا بد) اي: غني عنها. (إنَّما هي) أي: الطرقات، وفي نسخة: "إنَّما هو" أي: ما ذكر منها. (فيها) في نسخةٍ: "فيه". (فإذا أبيتم) أي: امتنعتم. (إلا المجالس) يعني: الجلوس

23 - باب الآبار على الطرق إذا لم يتأذ بها

فيها، وفي نسخة: "فإذا أتيتم إلى المجالس". أي: جئتم إليها [يعني: الجلوس فيها] (¬1). (غضُّ البصر) أي: عن الحرام (وكفُّ الأذى ورد السَّلام وأمرٌ بالمعروف ونهي عن المنكر) أي: أو نحوها، كإغاثة الملهوف، وتشميث العاطس. 23 - بَابُ الآبَارِ عَلَى الطُّرُقِ إِذَا لَمْ يُتَأَذَّ بِهَا (باب: الآبار) أي: جواز حفرها المفهوم ضمنًا من كلامه بعد. (على الطُّرق) في نسخة: "على الطَّريق". (إذا لم يتأذ بها) أي: أحد من المارة. والآبار بهمزة مفتوحة فباء ساكنة فهمزة مفتوحة ممدودة، وهذا أصل الجمع كحمل وأحمال، ويجوز تقديم الهمزة الثانية على الباء وإبدالها ألفًا وبه ضبط كلام البخاري، وهو بالتقديرين من جمع قلَّة، وجمع الكثرة: بئار. 2466 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَا رَجُلٌ بِطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَال الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلا خُفَّهُ مَاءً، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقَال: "فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". [انظر: 173 - مسلم: 2244 - فتح 5/ 113] (أن النَّبي) في نسخة: "أنَّ رسول الله". (بينا) في نسخة: "بينما". (اشتدَّا) في نسخة: "فاشتدَّا". (يلهث) بمثلَّثة، أي: يُخرج لسانه من ¬

_ (¬1) من (م).

24 - باب إماطة الأذى

العطش. (الثَّرى) بمثلَّثة أي: التراب النَّدي. (هذا الكلب) بالنَّصب. (فشكر الله له) أي: أثنى عليه، أو قبل عمله، ومرَّ شرح الحديث في باب: سقي الماء (¬1). 24 - بَابُ إِمَاطَةِ الأَذَى وَقَال هَمَّامٌ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ". [انظر: 2707 - فتح 5/ 114] (باب: إماطة الأذى) أي: ندب إزالته. (تميط الأذى) هو نحو: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، في تقدير أن المصدرية أي: أن تسمع وأن تميط. 25 - بَابُ الغُرْفَةِ وَالعُلِّيَّةِ المُشْرِفَةِ وَغَيْرِ المُشْرِفَةِ فِي السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا (باب: الغرفة والعُلّية المشرِفة) أي: على المنازل. (وغير المشرِفة) أي: عليها. (في السُّطوح وغيرها) أي: باب جواز سكنى ذلك (الغرفة) بضمِّ المعجمة: المكان المرتفع في البيت و (العُلِّيَّة) بضمِّ المهملة وكسرها وتشديد اللَّام المكسورة والتَّحتيَّة المفتوحة. قال الكرماني: مثل الغرفة (¬2)، وقال الجوهري: الغرفة: العلية (¬3) فعليه هما مترادفان وسوّغ العطف؛ اختلاف اللَّفظ. 2467 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2363) كتاب: المساقاة، باب: فضل سقي الماء. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 33. (¬3) "الصحاح" 6/ 2437.

المَدِينَةِ، ثُمَّ قَال: "هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ [إِنِّي أَرَى] مَوَاقِعَ الفِتَنِ خِلال بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ القَطْرِ". [انظر: 1878 - مسلم: 2885 - فتح 5/ 114] (حدَّثنا عبد الله) في نسخة: "حدَّثني عبد الله". (على أطم) بضمِّ الهمزة والطَّاء، وحكى: سكونها جمع أطمة، كأكمة. (من آطام المدينة) أي: من حصون أهلها. فالآطام جمع أطم جمع أطمه. وتفسير الأطم بالحصون لا ينافيه قول ابن الأثير: إنها بناء مرتفع (¬1). (هل ترون ما أرى) زاد في نسخة: (إنِّي أر مواقع الفتن) بالنصب بدل من (ما أرى) على النُّسخة الأولى ومفعول به على الثَّانية. (خلال بيوتكم) أي: وسطها (كمواقع القطر) أي: المطر، ومرَّ شرح الحديث في أواخر باب: آطام المدينة (¬2). 2468 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَيْنِ قَال اللَّهُ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] فَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ حَتَّى جَاءَ، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْإِدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَانِ قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]؟ فَقَال: وَاعَجَبِي لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الحَدِيثَ يَسُوقُهُ، فَقَال: إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهِيَ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الأَمْرِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 54. (¬2) سبق برقم (1878) أبواب فضائل المدينة، باب: آطام المدينة.

قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي، فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ، فَأَفْزَعَنِي، فَقُلْتُ: خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ، ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: أَيْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ فَقَالتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: خَابَتْ وَخَسِرَتْ أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَهْلِكِينَ لَا تَسْتَكْثِرِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ، وَلَا تَهْجُرِيهِ، وَاسْأَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - وَكُنَّا تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَال لِغَزْونَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَال: أَنَائِمٌ هُوَ، فَفَزِعْتُ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، وَقَال: حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هُوَ؟ أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَال: لَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، قَال: قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلاةَ الفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ، فَاعْتَزَلَ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، قُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ؟ أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ، أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: لَا أَدْرِي هُوَ ذَا فِي المَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ المِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ المَشْرُبَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، فَقُلْتُ لِغُلامٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ، فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَال: ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ، حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الغُلامَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا، فَإِذَا الغُلامُ يَدْعُونِي قَال: أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ

فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئٌ عَلَى وسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيَّ، فَقَال: "لَا"، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَذَكَرَهُ فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَنِي، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ عَائِشَةَ -، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ البَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاثَةٍ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ، وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَال: "أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي، فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَال: "مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ، حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ" فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالتْ لَهُ: عَائِشَةُ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ"، وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَأُنْزِلَتْ: آيَةُ التَّخْيِيرِ فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ، فَقَال: "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ"، قَالتْ: قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِكَ، ثُمَّ قَال: "إِنَّ اللَّهَ قَال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28] إِلَى قَوْلِهِ {عَظِيمًا} [النساء: 27] "، قُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالتْ عَائِشَةُ. [انظر: 89 - مسلم: 1479 - فتح 5/ 114] (بالإداوة) هي بكسر الهمزة: إناء صغير من جلد يتَّخذ للماء. (فتبرز) أي: خرج إلى قضاء حاجته. (حتى جاء) في نسخة: "ثم جاء"

[أي:] (¬1) من البراز، (قال) أي: "الله عزَّ وجلَّ" كما في نسخة. ({إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ}) زاد في نسخة: " {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] (واعجبي لك) بياء بعد الموحَّدة وفي نسخة: "واعجبًا" بالتنوين نحو: يا رجلًا، وفي أخرى: "واعجبا" بلا تنوين نحو: وازيدا. قال الكرماني: كأنَّه يندب على التَّعجب، وهو إمَّا تعجب من جهله بذلك وهو كان مشهورًا بينهم بعلم التَّفسير، أو من حرصه على سؤاله عمَّا لا يتنبّه له إلَّا الحريص على العلم من تفسير ما لا حكم فيه من القرآن. قال ابن مالك: (وا) في "واعجبا" اسم فعل إذ نون "عجبًا" بمعنى: أعجب، ومثله: وي، وجيء بعده بقوله: عجبًا توكيدًا، وإذا لم ينون فالأصل فيه: واعجبي فأبدلت الياء ألفًا، وفيه: شاهد على استعمال (وا) في غير الندبة، كما هو رأي المبرّد (¬2)، وقال في "الكشَّاف ": قاله تعجبًا كأنَّه [كره ما] (¬3) سأله عنه. انتهى كلام الكرماني (¬4). (كنت وجار) بالرَّفع عطف على الضَّمير المتَّصل في (كنت) بلا فاصل على مذهب الكوفيين واسم الجار: أوس بن خولى بن عبيد الله بن الحارث، وقيل: عتبان بن مالك بن عمرو العجلاني الخزرجي. (وهي) أي: أمكنتهم عوالي المدينة، أي: قراها التي حولها. (إذا هم) في نسخة: "إذ هم" وكلاهما للمفاجأة. (من أدب نساء الأنصار) بدال مهملة أي: من سيرتهن ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) انظر: "شواهد التوضيح والتصحيح" لابن مالك ص 212. (¬3) من (ب). (¬4) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 34.

وطريقتهنَّ. (فصحت على امرأتي) أي: رفعت صوتي عليها. (فراجعتني) أي: ردَّت علي الجواب. (حتى اللَّيل) بالجرَّ. (فأفزعني) أي: كلامها، وفي نسخة: "فأفزعتني" أي: هي. (خابت) في نسخة: "خاب" وفي أخرى: "جات" بالجيم. (بعظيم) متعلَّق بالفعل المذكور أي: بسبب أمر عظيم، وفي نسخة: "لعظيم" بلام مكسورة بدل الباء أي: لأجله ومن فتحها ورفع ثالثها قدّر قبلها: (أنه). (ثم جمعت على ثيابي) أي: لبست جميعها (فقلت: خابت وخسرت) أي: من غاضبته. (فتهلكين) بكسر اللَّام وإثبات النون بتقدير: فأنت تهلكين وإلَّا فالقياس: فتهلكي بحذفها. (لا تستكثري على رسول الله) أي: لا تطلبي منه الكثير (وأسأليني) في نسخة: "وسليني" بفتح السين وحذف الهمزة بعدها. (أن كانت) بالفتح مصدرية (جارتك) أي: ضرّتك. (أوضأ) أي: أجمل وهو و (أحبّ) مرفوعان خبران لـ (هي) وفي نسخة: بنصبهما على الخبرية لـ (كان) وهي ضمير الفصل. (تحدَّثنا) في نسخة: "حدثنا". (غسان) قوم من قحطان نزلوا بماءٍ من جهة الشَّام يُسمى غسَّان فنسبوا إليه. (تنعل النِّعال) بضم الفوقية [أي: تنعل الدَّواب النَّعال] (¬1)، وفي نسخة: "تنتعل" بفوقيتين مفتوحتين بينهما نون. (أنائم هو؟) في نسخة: "أثمّ هو؟ " أي: أهو في البيت. (ففزِعت) بكسر الزَّاي، أي: خفت؛ لأجل شدَّة الضرب. (طلّق رسول الله) إلى آخره جزم به بحسب ما سمعه ممن أشاعه وإن كان وهمًا. (يوشك أن يكون) أي: يقرب كونه أي: وجوده؛ لأنَّ المراجعة قد تفضي إلا الغضب المفضي إلى الفُرقة. (مشرُبة) بضم الرَّاء وقد تفتح ¬

_ (¬1) من (ب).

أي: غرفةٌ. (لغلام) اسمه: رباح بموحَّدة. (له) ساقط من نسخة [(فصمت) بفتح الميم أي: سكت. (فجئت) زاد في نسخة:] (¬1) "فقلت للغلام". (على رمال حصير) بكسر الرَّاء والإضافة أي: على ما رمل، أي: نسج من حصير. (من أدم) بفتح الهمزة والدَّال أي: جلد مدبوغ. (أستأنس) أي: أتبصر أن أقول قولًا أطيب به قلبه وأسكِّن به غضبه. (فذكره) أي: ما ذكر من القصَّة. (فتبسَّم النَّبي) في نسخة: "فتبسّم رسول الله". (أوضأ منك وأحبُّ) برفعهما وفي نسخة: بنصبهما -كما مر- بتوجيههما. (غير أهبة) بفتح الهمزة والهاء جمع أهاب: وهو الجلد قبل أن يدبغ. (ادع الله فليوسع) تقديره كما قال الكرماني: أدع الله ليوسع فليوسع كرر لفظ الأمر الذي بمعنى الدُّعاء؛ للتوكيد (¬2). (أو في شك أنت) بفتح الهمزة وواو العطف على مقدَّر للإنكار التوبيخي أي: أنا كما رأيت وأنت في شك في أنَّ التوسع في الآخرة خيرٌ من التوسع في الدُّنيا. (استغفر لي) أي: عن جراءتي بهذا القول بحضرتك، أو عن اعتقادي أنَّ التجملات الدُّنيوية مرغوب فيها (من أجل ذلك الحديث) أي: أن اعتزاله إنَّما كان؛ لإفشاء ذلك الحديث وهو أنَّه - صلى الله عليه وسلم - خلا بمارية في يوم عائشة وعلمت حفصة بذلك فقال لها النَّبي - صلى الله عليه وسلم - اكتمي علي وقد حرمت مارية على نفسي ففشت حفصة إلى عائشة فغضبت عائشة حتى حلف النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه لا يقربها شهرًا وهو معنى قوله: (ما أنا بداخل عليهن شهرًا من شدّة مَوجِدته) بفتح الميم وكسر الجيم ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 11/ 37.

مصدر ميمي أي: غضبه. (حين) في نسخة: "حتى". (عاتبه الله) أي: بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1] ومما ذكر علم أنَّ الذي حرَّمه - صلى الله عليه وسلم -[على نفسه] (¬1) هو مارية، وفي خبر "الصَّحيحين": أنَّه العسل -كما سيأتي (¬2) مع زيادة في تفسير سورة التحريم- فيحتمل أن تكون الآية نزلت في الشيئين معًا. (لتسع وعشرين) في نسخة: "بتسعٍ وعشرين" بالباء بدل اللَّام (وكان ذلك الشَّهر تسع وعشرون) في نسخة: "تسعًا وعشرين" فالأولى على أن كان تامة، والثَّانية على أنها ناقصة. (فقال) في نسخة: "قال". (ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك) أي: لا بأس عليك في عدم التَّعجيل [أو (لا) الثانية زائدة، أي: ليس عليك التعجيل] (¬3) والاستئمار (بفراقه) في نسخة: "بفراقك" (إلى قوله عظيمًا). لفظ: (قوله) ساقط من نسخة. ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: (فدخل مشربة له). وفي الحديث: أنَّ تخيير النِّساء المذكور في الآية ليس طلاقًا، والحرص على التعلم، وخدمة العالم، والكلام في العلم في الطرق، وموعظة الرَّجل لبنته، والاهتمام بما يهمّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، والاستئذان والحجابة والانصراف بغير صرف من المستأذن منه، والتكرار بالاستئذان، وتقلله - صلى الله عليه وسلم - من الدُّنيا، وصبره على ألم ذلك، وعدم ذم من قال: وَهْمًا كوهْمِ الأنصاري الطَّلاق، والقيام بين يدي السُّلطان والجلوس بغير إذنه، والاستغفار من التسخط، وسؤال الدُّعاء، ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) سيأتي برقم (4912) كتاب: التفسير، تفسير سورة التحريم، ومسلم (1474) كتاب: الطلاق، باب: وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق. (¬3) من (ب).

26 - باب من عقل بعيره على البلاط أو باب المسجد

والاستغفار من أهل الفضل، وأن أحدًا لا يستحقر حاله ونعمة الله التي عنده، وأن المرأة تعاقب على إفشاء سرِّ زوجها، وأن الرَّجل يبدأ بمن شاء من الزَّوجات، وأن الرَّشيدة تشاور أبويها في أمرها، وجواز الحلف على أن لا يدخل على أمرأته شهرًا ولا يكون بذلك موليًا الإيلاء المعروف إذ ذاك حرام، وفيه غير ذلك. 2469 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنَا الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَكَانَتْ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فَجَلَسَ فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ فَقَال: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَال: "لَا، وَلَكِنِّي آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا، فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَدَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ". (حدَّثنا) في نسخة: "حدَّثني ابن سلَّام" هو محمد. (حدَّثنا) في نسخة: "أخبرنا". (الفزاري) هو مروان بن معاوية بن الحارث. (آلى) بهمزة ممدودة، أي: حلف. (فمكث) بضم الكاف وفتحها. (على نسائه) في نسخة: "على عائشة". 26 - بَابُ مَنْ عَقَلَ بَعِيرَهُ عَلَى البَلاطِ أَوْ بَابِ المَسْجِدِ (باب: من عقل بعيره) أي: شدَّه بالعقال. (على البلاط، أو باب المسجد) أي: باب بيان جواز اعتقاله ثَمَّ. 2470 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو المُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ، قَال: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسْجِدَ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ البَلاطِ، فَقُلْتُ: هَذَا جَمَلُكَ، فَخَرَجَ، فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ، قَال: "الثَّمَنُ وَالجَمَلُ لَكَ". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح: 15/ 117] (مسلم) أي: ابن إبراهيم. (أبو عقيل) بفتح وكسر القاف بشير بن عقبة الدَّورقي.

27 - باب الوقوف والبول عند سباطة قوم

(في ناحية البلاط) بفتح الموحَّدة أي: الحجارة المفروشة عند باب المسجد. (يُطيف بالجمل) بضم أوَّله أي: يلم [به] (¬1) ويقاربه ويروى: يطوف أي: يدور. ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: (وعقلت الجمل في ناحية البلاط)، وقوله: (أو باب المسجد) مستنبط من ذلك و (أو) فيه للتنويع إن لم يرد بمدخولها ما قررته، ومعنى: بل إن أريد به ذلك، كما في قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147)} [الصافات: 147]. 27 - بَابُ الوُقُوفِ وَالبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ (باب: الوقوف والبول عند سُباطة قوم). أي: جوازهما عندها، وهي بضم المهملة وخفة الموحَّدة: الكناسة، أو المزبلة. 2471 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَال: "لَقَدْ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبَاطَةَ قَوْمٍ، فَبَال قَائِمًا". [انظر: 224 - مسلم: 273 - فتح: 5/ 117] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (فبال قائمًا) فعله لبيان الجواز، أو لغيره كما مرَّ في باب: البول قائمًا من كتاب: الوضوء (¬2). 28 - بَابُ مَنْ أَخَذَ الغُصْنَ، وَمَا يُؤْذِي النَّاسَ فِي الطَّرِيقِ، فَرَمَى بِهِ (باب: من) أي: ثواب من (أخذ) في نسخة: "من أخَّر" بخاء معجمة مشدَّدة وراء. (الغصن) أي: المؤذي (وما يؤذي النَّاس) عطف ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) سبق برقم (224) كتاب: الوضوء، باب: البول قائمًا وقاعدًا.

29 - باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء: وهي الرحبة تكون بين الطريق، ثم يريد أهلها البنيان، فترك منها الطريق سبعة أذرع

على (الغصن) من عطف العام على الخاص. (في الطَّريق) في نسخة: "في الطرق". (فرمى به) أي: من غير الطَّريق، والغصن مفرد الأغصان والغصون: وهو أطراف الشَّجر ما دامت فيها ثابتة، قاله ابن الأثير (¬1). 2472 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ [عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَذَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ". [انظر: 652 - مسلم: 1914 - فتح: 5/ 118] (عبد الله بن يوسف) لفظ: "ابن يوسف" ساقط من نسخة. (عن سُمَى) هو مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن المغيرة بن هشام. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزَّيات. (غصن شوك) زاد في نسخة: "على الطَّريق". فأخذه) في نسخة "فأخره". 29 - بَابُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيقِ المِيتَاءِ: وَهِيَ الرَّحْبَةُ تَكُونُ بَيْنَ الطَّرِيقِ، ثُمَّ يُرِيدُ أَهْلُهَا البُنْيَانَ، فَتُرِكَ مِنْهَا الطَّرِيقُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ (باب: إذا اختلفوا في الطريق الميتاء) بكسر الميم والمد وفي نسخة: بالقصر وجواب (إذا) محذوف تقديره: جعل قدر الطَّريق المشتركة سبعة أذرع على ما في الحديث وقدر الحاجة على مذهب الشَّافعي، بحمل ما في الحديث على الغالب. وفسر الأرض الميتاء بقوله: (وهي الرَّحبة تكون بين الطَّريق) أي: بين أجزائها وفسَّرها ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 370.

30 - باب النهبى بغير إذن صاحبه

بعضهم: بأنها أعظم الطُّرق وهي التي يكثر مرور النَّاس بها وبعضهم بغير ذلك. (ثم يريد أهلها) أي: أصحابها. (البنيان) فيها. (فترك) في نسخةٍ: "فيترك". (منها للطَّريق سبعة) في نسخة: "سبع". (أذرع) لتسلكها الأحمال والأثقال ولتسع ما لا بد من طرحه عند الأبواب. 2473 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَشَاجَرُوا فِي الطَّرِيقِ [الميتاء] بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ". [مسلم: 1613 - فتح: 5/ 118] (قضى) أي: حكم. (تشاجروا) أي: تخاصموا. (في الطَّريق الميتاء) لفظ: (الميتاء) ساقط من نسخة. (بسبعة أذرع) متعلق بقضى. 30 - بَابُ النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ وَقَال عُبَادَةُ: بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا نَنْتَهِبَ. [انظر: 18] (باب: النهبى) بضمِّ النون: اسم ما انتهب. (بغير إذن صاحبه) أي: صاحب ما انتهب. (عبادة) أي: ابن الصَّامت. 2474 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّ، - وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ - قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّهْبَى وَالمُثْلَةِ". [5516 - فتح: 5/ 119] (عبد الله بن يزيد) في نسخة: "عبد الله بن زيد". قال شيخنا: وهو تصحيف (¬1). (والمثلة) هي بضم الميم وسكون المثلَّثة، ويجوز فتح الميم وضم المثلَّثة: العقوبة الفاحشة في الأعضاء، كجدع الأنف، وقطع الأذن، وفقء العين وغيرها. ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 5/ 120.

2475 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ"، وَعَنْ سَعِيدٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ "إلا النُّهْبَةَ". [قَال الفِرَبْرِيُّ: وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي جَعْفَرٍ: قَال أَبُو عَبْدِ الله: تَفْسِيرُهُ: أَنْ يُنْزَعَ مِنهُ، يُريدُ الإيمَانَ] [5578، 6772، 6810 - مسلم: 57 - فتح: 5/ 119] (لا يزني الزَّاني حين يزني) بنصب (حين) على الظَّرفية. (وهو مؤمن) حال، ويأتي مثل ذلك في قوله: (ولا يشرب الخمر) إلى آخره، وفاعل (يشرب) ضمير مستتر راجع إلى الشَّارب الدَّال عليه (يشرب) مع موافقته لما قبل، لا إلي الزّاني؛ لفساد المعنى. (والنَّهبة) بفتح النُّون مصدر، وبالضم: المنهوب، والمراد: المنهوب بغير إذن صاحبه بقرينة قوله: (يرفع النَّاس إليه فيها أبصارهم) وقوله فيما ذكر: (وهو مؤمن) أي: كامل، أو المراد: من فعل ذلك مستحلًّا له، أو هو من باب الإنذار بزوال إيمان من استمرَّ على هذه المعاصي، وقيَّد الجميع بالظرف بحمل الفعل بعده على إرادته، كما هو كثير في كلامهم، كقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: 98] أي: لا يزني الزَّاني جمن إرادته الزِّنا وهو مؤمن؛ لتحقق مراده بزناه وانتفاء وقوعه منه سهوًا أو جهلًا، وكذا البقيَّة، فذكر القيد؛ لإفادة كونه متعمدًا عالمًا. (وعن سعيد) أي: ابن المسيب. (وأبي سلمة) أي: ابن عبد الرَّحمن. (الفربري) هو محمد بن يوسف. (وجدت بخط أبي جعفر) هو

31 - باب كسر الصليب وقتل الخنزير

ابن أبي حاتم ورّاق البخاري. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري (تفسيره) [أي: تفسير:] (¬1) (لا يزني الزَّاني) إلى آخره. (أن ينزع منه) يريد الإيمان من الإرادة كذا رأيته في نسخ، وقال شيخنا كغيره: بدل ذلك أن ينزع منه نور الإيمان، والإيمان: التصديق بالجنان والإقرار باللِّسان، ونوره الأعمال الصَّالحة، واجتناب المعاصي فإذا فعل شيئًا مما ذكر ذهب نور إيمانه وبقى صاحبه في ظُلمة (¬2). 31 - بَابُ كَسْرِ الصَّلِيبِ وَقَتْلِ الخِنْزِيرِ (باب: كسر الصليب وقتل الخنزير) أي: بيان أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن كسر عيسى بن مريم عند نزوله صلبان الذِّميين، وأوثان المشركين، وقتل خنازيرهما لا بيان جواز كسر صليب الذميين والمُؤَمَّنِيْن، وقتل خنازيرهم، فإنا أمرنا بتركهم وما يدينون، وأمَّا كسر صليب أهل الحرب وقتل خنازيرهم فجائز، والصَّليب: المربع المشهور للنصارى، يزعمون أنَّ عيسى - عليه السلام - صُلب على خشبة على تلك الصورة، وقد كذَّبهم الله تعالى بقوله: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157]. 2476 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ، حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ". [انظر: 2222 - مسلم: 155 - فتح: 5/ 121] (سفيان) أي: ابن عيينة. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "فتح الباري" 11/ 61.

32 - باب: هل تكسر الدنان التي فيها الخمر، أو تخرق الزقاق؟

(حكما) بفتح الحاء والكاف، أي: حاكمًا. (مقسطًا) أي: عادلا في حكمه. (فيكسر الصليب) بالنَّصب عطف على (ينزل)، وفي كسره له إشعار بأنهم كانوا على الباطل في تعظيمه. (ويضع الجزية) أي: يتركها ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام. (ويفيض المال) بفتح الياء، أي: يزيد بسبب نزول البركات وقلَّة الرَّغبات في المال؛ لقصر الأمل والعلم بقرب القيامة. 32 - بَابٌ: هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ الَّتِي فِيهَا الخَمْرُ، أَوْ تُخَرَّقُ الزِّقَاقُ؟ فَإِنْ كَسَرَ صَنَمًا، أَوْ صَلِيبًا، أَوْ طُنْبُورًا، أَوْ مَا لاَ يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ. وَأُتِيَ شُرَيْحٌ فِي طُنْبُورٍ كُسِرَ، فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ. (باب: هل تكسر الدنان التي فيها الخمر أو تُخرَّق الزِّقاق؟) أي: التي فيها الخمر. والدنان بكسر الدَّال جمع دَن بفتحها: وهو الخابية، (والزِّقاق) بكسر الزِّاي جمع زق: وهو السقاء، وجواب (هل) محذوف أي: نعم، ولا ضمان على كاسرها ومخرقها وإن كانت لمسلم. (فإن) في نسخة: "وإن"، وفي أخرى: "وإذا". (كسر صنمًا، أو صليبًا، أو طنبورًا) بضمِّ الطَّاء أشهر من فتحها. (أو ما لا يُنتفع بخشبه) أي: ما لا يجوز الانتفاع بخشبه قبل الكسر، كآلات الملاهي، وهذا من عطف العام على الخاص. قال الكرماني: ويحتمل أن تكون أو بمعنى: (إلى) يعني فإن كسر طنبورًا إلى أحد لا ينتفع بخشبه. ولا ينتفع بعد الكسر، وجواب الشرط محذوف أي: هل يجوز أو يضمن، أو ما حكمه (¬1). والجمهور: على الجواز في غير صليب الذِّمي والمُؤَمَّن لا ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 44.

فيه، وعلى عدم الضَّمان فيما يجوز كسره نعم إن أمكنه إبطال آلات الملاهي بتفصيلها دون كسرها فكسرها ضمن التَّفاوت بين قيمتها مفصلة، وقيمتها مكسرة. والصَّليب مرّ تفسيره في الباب السَّابق، والصنَّم قال ابن الأثير في باب الصَّاد: ما يتخذ إلهًا من دون الله، وقيل: ما له جسم أو صورة وإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن، لكنه قال في باب الواو: والوثن كل ما له جثة معمولة من جواهر الأرض، أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي تعمل وتنصب فُتعبد، والصنم الصورة بلا جثة، ومنهم من لم يفرق بينهما وأطلقهما على المعنيين، وقد يطلق الوثن على غير الصورة (¬1). انتهى. وجزم الجوهري بعدم الفرق بينهما (¬2). (وأُتي شريح) أي: ابن الحارث الكندي أي: أتاه اثنان. (في طنبور كسر) ادعى أحدهما على الآخر أنَّه كسر طنبوره. (فلم يقض فيه بشيء) أي: بغرم. 2477 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نِيرَانًا تُوقَدُ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَال: "عَلَى مَا تُوقَدُ هَذِهِ النِّيرَانُ؟ "، قَالُوا عَلَى الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ، قَال: "اكْسِرُوهَا، وَأَهْرِقُوهَا"، قَالُوا: أَلا نُهَرِيقُهَا، وَنَغْسِلُهَا، قَال: "اغْسِلُوا". [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "كَانَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ: الحُمُرِ الأَنْسِيَّةِ بِنَصْبِ الأَلِفِ وَالنُّونِ]. [4196، 5497، 6148، 6331، 6891 - مسلم: 1802 - فتح: 5/ 121] (قال) في نسخة: "فقال". (علاما) بإثبات الألف، وفي نسخة: "علام" بحذفها وهو الأكثر. (قالوا) في نسخة: "قال آخر". (الإنسيَّة) ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 56، 5/ 151. (¬2) انظر: "الصحاح" 5/ 1969 مادة [صنم]، 6/ 2212 مادة [وثن].

بكسر الهمزة وسكون النُّون نسبة إلى الإنس، وسيأتي فيها ضبط آخر. (اكسروها) أي: القدور. (وأهرقوها) في نسخة: "وهريقوها" أي: صبّوها. (ألا نهريقها ونغسلها) بضم النُّون (نُهريقها) وفتح الهاء وسكونها وحذف الياء. (قال أغسلوا) أي: قال: هريقوا ما فيها واغسلوها، وإنَّما قال هذا؛ لاحتمال تغير اجتهاده، أو أوحي إليه بذلك، وقيل: أراد التَّغليظ عليهم في طبخهم ما نُهي عن أكله، فلمَّا رأى إذعانهم اقتصر على إراقة ما في الأواني وغسلها. وفيه: ردٌ على من زعم أنَّ دِنان الخمر لا سبيل إلى تطهيرها. (الإنسيَّة) بنصب الألف، أي: بفتح الهمزة والنُّون نسبة إلى الإنس بالفتح ضد الوحشة. 2478 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، وَحَوْلَ الكَعْبَةِ ثَلاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: " {جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطل} الآية [الإسراء: 81]. [4287، 4720 - مسلم: 1781 - فتح: 5/ 121] (سفيان) أي: ابن عُيينة. (ابن أبي نجيح) هو عبد الله بن يسار. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (عن أبي معمر) هو عبد الله بن سخبرة. (البيت) في نسخة: "الكعبة". (نصبًا) بضمِّ الصَّاد وسكونها: حجرًا كانوا ينصبونه في الجاهلية ويتخذونه صنمًا يعبدونه، والجمع: أنصاب. (يطعُنها) بضمِّ العين وفتحها، أي: الأنصاب. (جاء الحقُّ) أي: الإسلام. (وزهق الباطل) أي: بطل الكفر. 2479 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها

33 - باب من قاتل دون ماله

كَانَتِ اتَّخَذَتْ عَلَى سَهْوَةٍ لَهَا سِتْرًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَهَتَكَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ، فَكَانَتَا فِي البَيْتِ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا". [5954، 5955، 6109 - مسلم: 2107 - فتح: 5/ 122] (حدَّثنا إبراهيم) في نسخة: "حدَّثني إبراهيم". (عن عبيد الله) أي: "ابن عمر" كما في نسخة. (على سهوة) هي بفتح السِّين وسكون الهاء، كالصّفة تكون بين يدي البيت أو كالرف والطاق يوضع فيه الشَّيء. (تماثيل) جمع تمثال: وهو ما صوّر من الحيوان. (فهتكه) أي: نزعه، أو خرقه. (منه) أي: من الستر. (نمرقتين). تثنية نمرقة بضم النُّون والرَّاء: وسادة صغيرة. ووجه إدخال هذا الحديث في المظالم: أن هتك الستر الذي هو التَّماثيل من إزالة الظُّلم؛ لأن الظلم وضع الشيء في غير محلِّه. 33 - بَابُ مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ (باب: من قاتل دون ماله) أي: عنده فقتل فهو شهيد. 2480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ". [مسلم: 141 - فتح: 5/ 123] (أبو الأسود) هو محمد بن عبد الرَّحمن. (سمعت النَّبي) في سخة: "رسول الله". وفي الحديث: جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق وإن قل، وأن قاتله لا ديَّة عليه ولا قصاص، وإن قاتله إذا قُتل كان شهيدًا. 34 - بَابُ إِذَا كَسَرَ قَصْعَةً أَوْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ (باب: إذا كسر قصعة) بفتح القاف: إناء من خشب. (أو شيئًا

لغيره) عطفٌ على ما قبله من عطف العام على الخاص، وجواب (إذا) محذوف، أي: ضمنه بالمثل إن كان مثليًّ أو بالقيمة إن كان متقوّمًا. 2481 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا، فَكَسَرَتِ القَصْعَةَ، فَضَمَّهَا وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، وَقَال: "كُلُوا" وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا، فَدَفَعَ القَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ، وَحَبَسَ المَكْسُورَةَ. [5225 - فتح: 5/ 124] وَقَال ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (عن حميد) أي: الطويل. (عند بعض نسائه) [هي عائشة. (فأرسلت إحدى أمَّهات المؤمنين)] (¬1) هي أم سلمة، [وقيل: صفيَّة] (¬2)، وقيل: حفصة. (فيها طعام) أي: من خبز ولحم كما في "الأوسط" للطبراني (¬3). (فضربت) أي: عائشة. (وحبس الرَّسول) أي: أوقفه. (فدفع القصعة الصَّحيحة). عطف على مقدَّر، أي: وأتى بقصعة حيحة من عند عائشة، فدفعها إلى الرَّسول؛ ليعطيها للتي كسرت قصعتها. (وحبس المكسورة) أي: أبقاها في بيت عائشة ولا حجَّة في الحديث على ضمان المتقوم كالقصعة، والكوز بمثله لأن ما فعله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن حكمًا؛ لأنَّ القصعتين فيما حكاه البيهقي كانتا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند زوجته، فعاقب الكاسرة بجعل القصعة المكسورة في بيتها والصَّحيحة في بيت صاحبتها (¬4). ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) من (ب). (¬3) "المعجم الأوسط" 4/ 275 (4184). (¬4) "سنن البيهقي" 6/ 96 كتاب: الغصب، باب: رد قيمته إن كان من ذوات اقيم.

35 - باب: إذا هدم حائطا فليبن مثله

(وقال ابن أبي مريم) إلى آخره غرض البخاري به: بيان التَّصريح بتحديث أنس لحميد، واسم (ابن أبي مريم): سعيد. 35 - بَابٌ: إِذَا هَدَمَ حَائِطًا فَلْيَبْنِ مِثْلَهُ (باب: إذا هدم حائطًا) لغيره (فليبن مثله) أي: إن تراضيا على ذلك وإلَّا فعليه القيمة؛ لأن الحائط متقوم لا مثلي. 2482 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ، فَدَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَال: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي، ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالتِ امْرَأَةٌ: لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلامًا فَقَالتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ، وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الغُلامَ، فَقَال: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلامُ؟ قَال: الرَّاعِي، قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَال: لَا، إلا مِنْ طِينٍ". [انظر: 1206 مسلم: 2550 - فتح: 5/ 126] (يقال له جُريج) بالتَّصغير، وفي نسخة: "جريج الرَّاهب" (فقال: أجيبها، أو أُصَلِّي؟) أي: قاله في نفسه مناجيًا لربِّه تعالى، أو بلفظه، وكان الكلام مباحًا في شريعتهم، كما كان عندنا في صدر الإسلام. (حتى تُريه المومسات) في نسخة: "وجوه المومسات" جمع مومسة: وهي الزَّانية. (فكلمته) أي: في ترغيبه في وطئها. (فأتت راعيًا) اسمه: صُهيب (فأنزلوه) في نسخةٍ: "وأنزلوه" بالواو. (وصلَّى) أي: ركعتين. (قال: الرَّاعي) قد تكلَّم في المهد جمع منهم: هذا، وشاهد يوسف، وابن ماشطة فرعون، وعيسى - عليه السلام - وصاحب الأخدود، وولد

المرأة التي من بني إسرائيل [لمَّا مرَّ بها رجل من بني إسرائيل] (¬1)، وقالت: اللهم لا تجعل ابني مثله. فترك ثديها، وقال: اللُّهم اجعلني مثله. وفي الحديث: إيثار إجابة الأم على صلاة التَّطوع؛ لأنَّ الاستمرار فيها نافلة وإجابة الأم واجبة، وفيه: إثبات كرامات الأولياء، وقال ابن بطال: يمكن أن يكون جريج نبيًّا؛ لأنَّ النُّبوة كانت ممكنة في بني إسرائيل. وفيه: أنَّ دعاء الوالد على ولده مجاب إذا كان بنيةٍ خالصةٍ، وأن الوضوء كان لغير هذه الأُمة أيضًا، [إلَّا أن هذه الأمَّة] (¬2) خصت بالغرة والتحجيل، خلافًا لمن خصَّها بأصل الوضوء (¬3). ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) من (ب). (¬3) "شرح صحيح البخاري لابن بطال" 3/ 197، 6/ 611 - 612.

47 - كتاب الشركة

47 - كِتَاب الشَّرِكَةِ

1 - باب الشركة في الطعام والنهد والعروض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 47 - كِتَاب الشَّرِكَةِ 1 - بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالنِّهْدِ وَالعُرُوضِ وَكَيْفَ قِسْمَةُ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مُجَازَفَةً أَوْ قَبْضَةً قَبْضَةً، لَمَّا لَمْ يَرَ المُسْلِمُونَ فِي النَّهْدِ بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ هَذَا بَعْضًا وَهَذَا بَعْضًا، وَكَذَلِكَ مُجَازَفَةُ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالقِرَانُ فِي التَّمْرِ". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب: الشركة) في نسخة: "كتاب: الشركة". وفي أخرى: "في الشركة". وهي بفتح الشين وكسر الراء وسكونها، وبكسر الشين وسكون الراء لغةً: الاختلاط، وشرعًا: ثبوت الحق في شيء لاثنين فأكثر على جهة الشيوع، ولها أقسام تطلب من كتب الفقه، وبين هنا أنها (في الطعام والنهد) بكسر النون وفتحها وسكون الهاء: إخراج [القوم] (¬1) نفقاتهم على قدر [عددهم] (¬2) وخلطها عند المرافقة في السفر، وهو جائز اتحد الجنس أو تعدد، تفاوتوا في الأكل، أو تساووا، وليس ذلك من باب الربا، بل من باب الإباحة. (والعروض) بضم العين جمع عرض، بفتحها وسكون الراء: مقابل النقد، ويدخل فيه الطعام فالعطف في ذلك من عطف العام على الخاص، وعطف على (الشركة) فيما ذكر قوله: (وكيف قسمة ما يكال ¬

_ (¬1) من (ب). (¬2) من (م).

ويوزن) هل يجوز قسمته. (مجازفة أو) يتعين كونها (قبضة قبضة) أي: متساوية كيلا في المكيل، ووزنًا في الموزون، وعدًا في المعدود، وذرعًا في المذروع. وعلل جواز مجازفة القسمة بقوله: (لما لم ير المسلمون في النهد بأسًا أن) أي: بأن (يأكل هذا بعضًا وهذا بعضًا) أي: مجازفة. (وكذلك مجازفة الذهب والفضة) أي: المجازفة في قسمتهما فإنها جائزة بأن يأخذ أحد الشريكين الذهب والآخر الفضة مع جهلهما بكميتهما لجواز التفاضل في بيع أحدهما بالآخر. [(والقران) بالجر عطفًا على أن يأكل هذا بعضًا وهذا بعضًا، وفي نسخة: "والإقران". (في التمر) بأن يأكل بعضهم تمرة تمرة وبعضهم تمرتين تمرتين. 2483 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَال: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلاثُ مِائَةٍ، وَأَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الجَيْشِ، فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ، فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إلا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ، فَقَال: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ، قَال: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى البَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الجَيْشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلاعِهِ، فَنُصِبَا ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ، فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا. [2983، 4630، 4361، 4362، 5493، 5494 - مسلم: 1935 - فتح: 5/ 128] (قبل الساحل) أي: ساحل البحر] (¬1). (أبا عبيدة) اسمه: عامر بن عبد الله. (فني الزاد) أي: أشرف على الفناء. (بأزواد) أي: بجمعها. ¬

_ (¬1) من (م).

(مزودي تمر) تثنية مزود، بكسر الميم: [وهو ما يجعل فيه الزاد كالجراب] (¬1). (يقوتنا) بضم الياء وفتح القاف وتشديد الواو، وفي نسخة: بفتح الياء وضم القاف وسكون الواو. (قليلًا قليلًا) في نسخة: "قليل قليل" بالرفع؛ خبر مبتدإٍ محذوف. (لقد وجدنا فقدها) أي: مؤثرًا. (مثل الظرب) بفتح المعجمة وكسر الراء، وبكسر المعجمة وسكون الراء، أي: الجبل الصغير. (بضلعين) تثنية ضلع، بكسر المعجمة وفتح اللام وسكونها. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع؛ لأنه أخذها منهم بغير قسمة مستوية. 2484 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَفَّتْ أَزْوَادُ القَوْمِ، وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ، فَأَخْبَرُوهُ فَقَال: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَادِ فِي النَّاسِ، فَيَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ"، فَبُسِطَ لِذَلِكَ نِطَعٌ، وَجَعَلُوهُ عَلَى النِّطَعِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ" [2982 - فتح: 5/ 128] (بشر بن مرحوم) نسبة إلى جده وإلا فهو بشر بن عبيس -بالتصغير- ابن مرحوم. (عن سلمة) أي: ابن الأكوع. (أزواد القوم) في نسخةٍ: "أزودة القوم". (وأملقوا) أي: أفتقروا. (في نحر إبلهم) أي: في استئذانه في نحرها. (يأتون) في نسخة: "فيأتون". (نطع) بكسر النون وفتح الطاء وسكونها، وبفتح النون وسكون الطاء وفتحها. (وبرك) ¬

_ (¬1) من (م).

بتشديد الراء أي: دعا بالبركة. (فاحتثى الناس) بمثلثةٍ بعد الفوقية، أي: أخذوا حثية حثية: وهي الأخذ بالكفين. (أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) أشار به إلى أن ظهور المعجزة مما يؤيد الرسالة. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (جمع أزوادهم) كما مرَّ نظيره. 2485 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِيِّ، قَال: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَصْرَ، فَنَنْحَرُ جَزُورًا، فَتُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ، فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ". [مسلم: 625 - فتح: 5/ 128] (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (أبو النجاشي) وهو عطاء بن صهيب. (نضيجا) أي: مطبوخًا. ومرَّ الحديث في مواقيت الصلاة في باب: وقت المغرب (¬1). 2486 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْو، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّويَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ". [مسلم: 2500 - فتح: 5/ 128] (عن بريد) أي: ابن عبد الله. (عن أبي بردة) هو الحارث، أو عامر. (إن الأشعريين) بتشديد الياء نسبة إلى الأشعر: قبيلة من اليمن. [(إذا أرملوا) أي: فني زادهم في الرمل كأنهم لصقوا بالرمل من القلة، كما في قوله تعالى: {ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16].] (¬2) (ثم اقتسموه) في نسخة: "ثم اقتسموا". (فهم مني وأنا منهم) أي: متصلون بي وأنا متصلٌ ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (559) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت المغرب. (¬2) من (م).

2 - باب: ما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية في الصدقة

بهم، و (من) هذه تسمى اتصالية نحو قوله: "لا أنا من الدد ولا الدَّد مني" (¬1)، الدَّد: اللعب واللهو. وفي الحديث: استحباب خلط الزاد سفرًا وحضرًا، ومنقبة عظيمة للأشعريين، وفضيلة الإيثار والمساواة (¬2). 2 - بَابٌ: مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الصَّدَقَةِ (باب: ما كان من خليطين) أي: مخالطين، وهما الشريكان. (فإنهما يتراجعان بينهما) أي: إذا تصرفا من مال الشركة وتفاوتا في الإنفاق منه، فإن المقل في الإنفاق يرجع على المكثر فيه عند القسمة بقدر التفاوت؛ ليكونا في المال المشترك بينهما. (بالسوية) أي: التي بنيت عليها الشركة، قيد التراجع بقوله: (في الصدقة) أي: الزكاة، أخذًا من الحديث، وإلا فالتراجع لا يصح بين الشريكين في صدقة التطوع. ¬

_ (¬1) رواه البخاري في "الأدب المفرد" ص 273 (758) باب: الغناء واللهو. والبزار كما في "كشف الأستار" 3/ 129 (2402) باب: في عصمته - صلى الله عليه وسلم - وقال: لا نعلمه يروى إلا عن أنس، ولا نعلم رواه عن عمر وإلا يحيى بن محمد بن قيس. والطبراني في "الأوسط" 1/ 132 (413) وقال: لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن أبي عمرو إلا أبو زكير. والبيهقي 10/ 217 كتاب: الشهادات باب: من كره كل ما لعب الناس به من الحزة. من حديث أنس. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 225 كتاب: علامات النبوة، باب: عصمته - صلى الله عليه وسلم - من الباطل، وقال: رواه البزار والطبراني في "الأوسط" وفيه يحيى بن محمد بن قيس وقد وثق، ولكن ذكروا هذا الحديث من منكرات حديثه والله أعلم، وقال الذهبي: قد تابعه عليه غيره. وقال الألباني في "الضعيفة" (2453): ضعيف. (¬2) في (أ): [المواساة].

3 - باب قسمة الغنم

2487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ، الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّويَّةِ". [انظر: 1448 - فتح: 5/ 130] (وما كان من خليطين) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية (¬1). 3 - بَابُ قِسْمَةِ الغَنَمِ (باب: قسمة الغنم) في نسخة: "قسم الغنم". 2488 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحَكَمِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَابُوا إِبِلًا وَغَنَمًا، قَال: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُخْرَيَاتِ القَوْمِ، فَعَجِلُوا، وَذَبَحُوا، وَنَصَبُوا القُدُورَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالقُدُورِ، فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الغَنَمِ بِبَعِيرٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَطَلَبُوهُ، فَأَعْيَاهُمْ وَكَانَ فِي القَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَال: "إِنَّ لِهَذِهِ البَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا"، فَقَال جَدِّي: إِنَّا نَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - العَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالقَصَبِ؟ قَال: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ". [2507، 3075، 5498، 5503، 5506، 5509، 5543، 5544 - مسلم: 1968 - فتح: 5/ 113] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن سعيد بن ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (1451) كتاب: الزكاة، باب: ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية.

مسروق) هو والد سفيان الثوري. (وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أخريات القوم) بضم الهمزة وفتح الخاء؛ بسبب استعجالهم بتقدمهم عليه. (فعجلوا) بكسر الجيم. (فأكفئت) أي: أميلت وقلبت، يقال: كفأت الإناء وأكفأته، أي: أملته، أمرهم بذلك؛ لأنهم ذبحوا الغنم قبل أن تقسم ولم يكن لهم ذلك؛ لأنه في معنى المنهي عنها. وقال النووي: لأنهم كانوا قد انتهوا إلا دار الإسلام [والمحل الذي لا يجوز فيه الأكل من مال الغنيمة المشتركة، إذ] (¬1) الأكل منها قبل القسمة إنما يباح في دار الحرب (¬2). وإنما أمرهم بالإكفاء مع أن فيه إتلاف مال؛ عقوبة لهم على نهبهم الإبل والغنم من غير غنمه، أو على تركهم الشارع في أخريات القوم ملقى العدو. (فعدل) بالتخفيف. (عشرة) قيل: صوابه عشرًا (من الغنم ببعير) أي: سواها به. وقال الكرماني: وهو محمول على أنه كان بحسب قيمتها يومئذ ولا يخالف قاعدة الأضحية من إقامة بعير مقام سبع شياه؛ لأن هذا هو الغالب في قيمة الشياه والإبل المعتدلة (¬3). (فنَّد) أي: هرب. (فأهوى رجل) أي: مال وقصد. (أوابد) جمع آبدة بالمد، أي: نوافر وشوارد. (فقال) أي: عباية بن رفاعة. (جدي) أي: رافع بن خديج. (وليست) زاد في نسخة: "معنا"، وفي أخرى: "لنا". (مدى) بضم الميم وبالقصر والتنوين، جمع: مدية بتثليث الميم، أي: سكين. (ما أنهر الدم) أي: صبه بكثرة. (وذكر اسم الله عليه فكلوه) أي: مذبوح ما أنهر الدم، وتمسك بذلك من اشترط التسمية عند الذبح، وأجاب عنه ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 13/ 126. (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 55.

4 - باب القران في التمر بين الشركاء حتى يستأذن أصحابه

الشافعية: بأنه محمول على الندب لخبر إن قومًا قالوا: يا رسول الله، إن قومًا يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا، فقال: "سموا أنتم وكلوا" (¬1). (ليس) أي: ما أنهر الدم. (السن والظفر) بالنصب؛ خبر (ليس) واسمها ما قدرته (أما السن فعظم) أي: فلا يحل الذبح به؛ لأنه ينجس بالدم وقد نهيتم عن تنجيسه في الاستنجاء؛ لكونه زاد إخوانكم من الجن، وقيل: منع من ذلك تعبدًا. (وأما الظفر) فمدى الحبشة، أي: فلا يحل الذبح به لما فيه من التشبه بالكفار الفاعلين ذلك. 4 - بَابُ القِرَانِ فِي التَّمْرِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ (باب: القرآن) أي: تركه. (في التمر بين الشركاء حتى يستأذن) أي: فاعل القرآن. (أصحابه) ومرَّ أن القرآن: الجمع بين التمرتين في الأكل. 2489 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْرُنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ جَمِيعًا، حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ". [انظر: 2455 - مسلم: 2045 - فتح: 5/ 131] (سفيان) أي: الثوري. (يقرن) بفتح الياء وكسر الراء وضمها، ويجوز ضم الياء وكسر الراء، والنهي عن ذلك نهي تنزيه فهو جائز وإن كره؛ لأن ذلك إنما وضع بين أيدي الناس للأكل، فسبيله سبيل المكارمة لا سبيل التشاح؛ لاختلاف الناس في الأكل. ومر شرح ¬

_ (¬1) سلف برقم (2057) كتاب: البيوع، باب: من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات.

5 - باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل

الحديث في المظالم في باب: إذ أذن إنسان لآخر شيئًا جاز (¬1). 2490 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ، قَال: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ، فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ: "لَا تَقْرُنُوا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ، إلا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ". [انظر: 2455 - مسلم: 2045 - فتح: 5/ 131] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن جبلة) أي: ابن سحيم. (سنة) أي: قحط. (يرزقنا التمر) أي: يقوتنا به. (عن الإقران) في نسخة: "عن القرآن". 5 - بَابُ تَقْويمِ الأَشْيَاءِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِقِيمَةِ عَدْلٍ (باب: تقويم الأشياء) أي: من العروض. (بين الشركاء) أي: بيان تقويمها بينهم في قسمتها. (بقيمة عدل) أما قسمتها بغير تقويم فغير جائز عند الشافعي. 2491 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ، أَوْ شِرْكًا، أَوْ قَال: نَصِيبًا، وَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ العَدْلِ فَهُوَ عَتِيقٌ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ"، قَال: لَا أَدْرِي قَوْلُهُ: عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، قَوْلٌ مِنْ نَافِعٍ أَوْ فِي الحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [2503، 2521، 2522، 2523، 2524، 2525، 2553 - مسلم: 1501 - فتح: 5/ 132] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد العنبري. (أيوب) أي: السختياني. (شقصًا) أي: نصيبًا، ويقال له: شقيص، كما يأتي في الحديث ¬

_ (¬1) سلف برقم (2455) كتاب: المظالم، باب: إذا أذن إنسان لآخر شيئًا جاز.

بعده. (وشرك) بكسر الشين، كما سيأتي في باب الشركة في الرقيق (¬1). (ما يبلغ ثمنه) أي: ثمن الباقي العبد أي: قيمته كما عبَّر بها في كتاب: العتق (¬2). (وإلا فقد عتق منه) في نسخة: "وإلا فأعتق منه" بالبناء للمفعول. [(ما عتق) بالبناء للفاعل، وفي نسخة: "ما عتق" بالبناء للمفعول] (¬3) وزيف. (قال) أي: أيوب. 2492 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكِهِ، فَعَلَيْهِ خَلاصُهُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، قُوِّمَ المَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ". [2504، 2526، 2527 - مسلم: 1502، 1503 - فتح: 5/ 132] (عبد الله) أي: ابن المبارك (قيمة عدل) بفتح العين، أي: قيمة استواء لا زيادة فيها ولا نقص. (استسعي) بالبناء للمفعول أي: ألزم العبد الاكتساب بقيمة نصيب الشريك لينفك بقية رقبته من الرق (غير مشقوق) أي: مشدد. (عليه) في الاكتساب و (غير) نصب على الحال من الضمير المستتر العائد على العبد، والشافعية [والجمهور] (¬4) لا يقولون بالتقويم والاستسعاء مع أن الاستسعاء المستلزم للتقويم ليس من الحديث، بل هو مدرج من كلام قتادة، كما صرَّح به النسائي وغيره (¬5). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2503) كتاب: الشركة، باب: الشركة في الرقيق. (¬2) سيأتي برقم (2525) كتاب: العتق، باب: إذا أعتق عبدًا بين اثنين أو أمة بين الشركاء. (¬3) من (م). (¬4) من (م). (¬5) قال النسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 9/ 12211: الكلام الأخير من قول قتادة، بلغني أن همامًا روى هذا الحديث، فجعل هذا الكلام من قول قتادة.

6 - باب: هل يقرع في القسمة؟ والاستهام فيه

6 - بَابٌ: هَلْ يُقْرَعُ فِي القِسْمَةِ؟ وَالاسْتِهَامِ فِيهِ (بابُ: هل يُقرعُ) بضم أوله بالبناء للمفعول، أو للفاعل. (في القسمة) بين الشركاء (والاستهامِ) أي: وفي الاستهام وهو الاقتراعُ، لكن المراد أخذ القسم، أي: النصيب إذ لا يقال: هل يقرع في الإقراع؟. (فيه) أي: في القسم الدال عليه القسمة، أو في القسمة، وذَكَّر الضمير باعتبار أنَّ القسمة بمعنى: القسم، ثم لا يخفى أنَّ الإقراع ليس متعددًا كما اقتضاه العطف، فالعطف عطف تفسير فيرجع إلى أنَّ المراد بالإقراع في القسم: الإقراعُ في أخذه. وجواب (هل) محذوف، أي: نعم. 2493 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، قَال: سَمِعْتُ عَامِرًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا". [2686]- فتح: 5/ 132] (أبو نعيم) هو الفضل بن دُكَيْنٍ. (زكريا) أي: ابن أبي زائدة. (عامرًا) هو الشعبيِّ. (مثل القائمِ على حدودِ الله) أي: الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر. (والواقعُ فيها) أي: التارك للمعروف المرتكب للمنكر. (استهموا) أي: اقترعوا. (على سفينة) مشتركة بينهم تنازعوا في المقام بها علوًا، أو سفلًا. (فأصاب بعضهم) أي: بالقرعة. (فكان الذين) في نسخة: "فكان الذي". (فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا) أي:

7 - باب شركة اليتيم وأهل الميراث

فكذا إقامة الحدود تحصل لهم بها نجاة الجميع وبتركها هلاكهم. وفي الحديث: وجوب الصبر على أذى الجار إذا خشي وقوع ما هو أشد ضررًا منه، وأنه ليس لصاحب السفل أن يحدث على صاحب العلو ما يضرّ به، وأن لصاحب العلو منعه من الضرر، وجواز قسمة العروض بالقرعة (¬1). 7 - بَابُ شَرِكَةِ اليَتِيمِ وَأَهْلِ المِيرَاثِ (باب: شركة اليتيم وأهل الميراث) الواو للعطف، أو بمعنى: مع. 2494 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ العَامِرِيُّ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} [النساء: 3] إِلَى {وَرُبَاعَ} [النساء: 3]، فَقَالتْ: "يَا ابْنَ أُخْتِي هِيَ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا تُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ، ¬

_ (¬1) قال ابن عثيمين -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": وفي هذا الحديث: دليل على أنه ينبغي لمعلم الناس أن يضرب لهم الأمثال؛ ليقرب لهم المعقول بصورة المحسوس. وفيه: إثبات القرعة وأنها جائزة. وقد وردت الآيات والأحاديث بالقرعة في موضعين من كتاب الله، وفي ستة مواضع من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. قال الله تعالى {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] وقال تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)} [الصافات: 139]: 143]. وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في كتابه "القواعد الفقهية" قاعدة في الأشياء التي تستعمل فيها القرعة، من أول الفقه إلى آخره.

فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا أَنْ يُنْكِحُوهُنَّ إلا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ مِنَ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ" قَال عُرْوَةُ: قَالتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: " {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: 127] إِلَى قَوْلِهِ {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] " وَالَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ الآيَةُ الأُولَى، الَّتِي قَال فِيهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى، فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]، قَالتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللَّهِ فِي الآيَةِ الأُخْرَى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] يَعْنِي هِيَ رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ لِيَتِيمَتِهِ الَّتِي تَكُونُ فِي حَجْرِهِ، حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ المَالِ وَالجَمَالِ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا رَغِبُوا فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إلا بِالقِسْطِ، مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ. [2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965، - مسلم: 3018 - فتح: 5/ 133] (الأويسي) هو "عبد العزيز بن عبد الله العامري الأويسي" كما في نسخة. (عن صالح) أي: ابن كيسان. (عروة) أي: ابن الزبير. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. ({وَإِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 3] في نسخة: " {فَإِنْ خِفْتُمْ} "، والتلاوة بالواو. ({أَلَّا تُقْسِطُوا}) ساقط من نسخة، ومعناه: أن لا تعدلوا. (فقالت) في نسخة: "قالت". (فيعطيها) بالنصب عطف على (تقسط). (فنهوا) بضم الهاء، وأصله: فنهيوا بكسرها فنقلت ضمة الياء إلى الهاء بعد سلبها حركتها فالتقى ساكنان فحذفت الياء. (سنتهن) أي: طريقتهن. (بعد هذه الآية) هي {وَإِنْ خِفْتُمْ} إلى {وَرُبَاعَ} [النساء: 3].

8 - باب الشركة في الأرضين وغيرها

{وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] أي: تأبون أن تنكحوهن. (هي) في نسخة: "يعني". (ليتيمته) في نسخة: "يتيمته"، وفي أخرى: "عن يتيمته" وعلل النهي عما ذكره بقوله: (من أجل رغبتهم عنهن) أي: لقلة مالهن وجمالهن، والمقصود: أنه ينبغي أن يكون نكح اليتيمتين على السواء في العدل لا أنه كان يفعل ما كان يفعله وليُّ اليتيمة في الجاهلية من أنه ينكح الجميلة ذات المال؛ ليأكل مالها، ويترك الذميمة القليلة المال بلا نكاح إلى أن تموت؛ ليرث مالها. 8 - بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الأَرَضِينَ وَغَيْرِهَا (باب: الشركة في الأرضين) في نسخة: "في الأرض". (وغيرها) كالدُّور والبساتين. 2495 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "إِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ". [انظر: 2213 - مسلم: 1608 - فتح: 5/ 133] (معمر) أي: ابن راشد. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (إنما جعل النبي) إلا آخره، مرَّ شرحه في باب: شفعة ما لم يقسم (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2213) كتاب: البيوع، باب: بيع الشريك من شريكه، و (2214) كتاب: البيوع، باب: بيع الأرض والدور والعروض مشاعًا غير مقسوم. و (2257) كتاب: الشفعة، باب: الشفعة فيما لم يقسم.

9 - باب إذا اقتسم الشركاء الدور وغيرها، فليس لهم رجوع ولا شفعة

9 - بَابُ إِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الدُّورَ وَغَيْرَهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ رُجُوعٌ وَلَا شُفْعَةٌ (باب: إذا اقتسم) في نسخةٍ: "قسم"، وفي أخرى: "اقتسموا". (الشركاء) على لغة: أكلوني البراغيث. (الدور أو غيرها) في نسخة: "وغيرها". (فليس لهم رجوع) لأنَّ القسمة عقد لازم لا رجوع فيه. (ولا شفعة) لزوال الشركة بالقسمة. 2496 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ". [انظر: 2213 - مسلم: 1608 - فتح: 5/ 1364] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (قضى النبي) إلى آخره مرَّ شرحه في باب: شفعة ما لم يقسم وفي غيره (¬1). ووجه مطابقته للترجمة: بعدم الرجوع بعد القسمة: أن نفي الشفعة فيما قسم يستلزم نفي الرجوع في قسمته؛ إذ لو ثبت الرجوع لعاد ما شفع فيه مشاعًا. ¬

_ (¬1) انظر (2214) كتاب: البيوع، باب: بيع الأرض والدور والعروض مشاعًا غير مقسوم. و (2257) كتاب: الشفعة، باب: الشفعة فيما لم يقسم. و (2495) كتاب: الشركة، باب: الشركة في الأرضين وغيرها.

10 - باب الاشتراك في الذهب والفضة وما يكون فيه الصرف

10 - بَابُ الاشْتِرَاكِ فِي الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَمَا يَكُونُ فِيهِ الصَّرْفُ (باب: الاشتراك في الذهب والفضة) أي: جوازه فيهما. وعطف على الاشتراك قوله: (وما يكون فيه الصرف) في نسخة: "وما يكون فيه من الصرف"، وهو بيع الذهب بالفضة والفضة بالفضة، أو أحدهما بالآخر، وسمي بذلك؛ لصرفه عن مقتضى البياعات من جواز التفاضل فيه، وقيل: لصريفهما، أي: تصويتهما في الميزان. 2497، 2498 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ يَعْنِي ابْنَ الأَسْوَدِ، قَال: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، قَال: سَأَلْتُ أَبَا المِنْهَالِ، عَنِ الصَّرْفِ، يَدًا بِيَدٍ، فَقَال: اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِي شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً، فَجَاءَنَا البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، فَسَأَلْنَاهُ، فَقَال: فَعَلْتُ أَنَا وَشَرِيكِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَسَأَلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَال: "مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ، فَخُذُوهُ وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَذَرُوهُ. [انظر: 2285 - مسلم: 1551 - فتح: 5/ 135] (حدثنا عمرو) في نسخة: "حدثني عمرو". (أبا المنهال) هو عبد الرحمن بن مطعم. (فذروه) أي: اتركوه، وفي نسخة: "فردوه" وفي أخرى: "ردوه". ومرَّ الحديث في البيوع في باب: التجارة في البر (¬1). 11 - بَابُ مُشَارَكَةِ الذِّمِّيِّ وَالمُشْرِكِينَ فِي المُزَارَعَةِ (باب: مشاركة الذمي والمشركين) الذين لهم أمان المسلم. (في المزارعة) أي: بيان جواز ذلك، وعطف (المشركين) على (الذمي) من عطف العام على الخاص. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2060، 2061) كتاب: البيوع، باب: التجارة في البر.

12 - باب قسمة الغنم والعدل فيها

2499 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ اليَهُودَ، أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا". (عن عبد الله) أي: ابن عمر، وتبع في [ذكر] (¬1) المزارعة الحديث وإلا فغيرها مثلها. (أعطى رسول الله) إلى آخره، مرَّ شرحه في أوائل كتاب: المزارعة (¬2). 12 - بَابُ قِسْمَةِ الغَنَمِ وَالعَدْلِ فِيهَا (باب: قسمة الغنم والعدل فيها) تبع في ذكر الغنم الحديث وإلا فغيرها مثله. 2500 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "ضَحِّ بِهِ أَنْتَ". [انظر: 2300 - مسلم: 1965 - فتح: 5/ 135] (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله اليزني. (أعطاه غنمًا يقسمها) هذه القسمة يجوز فيها من المسامحة ما لا يجوز في القسمة التي هي تمييز الحقوق؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما وكل عقبة في تفريق الضحايا على أصحابه ولم يعين لأحد منهم شيئًا بعينه فكان تفريقًا موكولًا إلى اجتهاد عقبة وكان ذلك على سبيل التطوع منه - صلى الله عليه وسلم - لا على سبيل الوجوب عليه فلا يضر التفاوت في قسمتها. (فبقي عتود) هو الصغير من أولاد المعز إذا قوي ورعى. وأتى عليه حول قاله ابن ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سلف برقم (2328) كتاب: المزارعة، باب: المزارعة بالشطر ونحوه.

13 - باب الشركة في الطعام وغيره

الأثير (¬1) وغيره. ومرَّ الحديث في كتاب: الوكالة (¬2). 13 - بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَيُذْكَرُ أَنَّ رَجُلًا سَاوَمَ شَيْئًا فَغَمَزَهُ آخَرُ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ لَهُ شَرِكَةً. (باب: الشركة في الطعام وغيره) أي: بيان جوازها فيهما. (ساوم شيئًا) أي: ساوم غيره في شراء شيء. (فغمزه آخر) أي: حتى اشتراه. (أن له) أي: للذي غمز. (شركة) أي: في ذلك الشيء مع الذي ساوم. 2501، 2502 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ، فَقَال: "هُوَ صَغِيرٌ فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ" وَعَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ إِلَى السُّوقِ، فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَيَقُولانِ لَهُ: "أَشْرِكْنَا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ"، فَيَشْرَكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى المَنْزِلِ. الحديث: 2501 - [7201 - فتح: 5/ 136] الحديث: 2502 - [6353 - فتح: 5/ 136] (سعيد) أي: ابن أبي أيوب مقلاص الخزاعي. (بايعه) أي: عاقده على الإسلام. (فيقولان له اشركنا) بوصل الهمزة وفتح الراء وكسرها، وفي نسخة: بقطع الهمزة مفتوحة وكسر ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 177. (¬2) سلف برقم (2300) كتاب: الوكالة، باب: وكالة الشريك في القسمة وغيرها.

14 - باب الشركة في الرقيق

الراء، أي: اجعلنا شريكين لك في الطعام الذي اشتريته. (فيشركهم) بفتح الياء والراء. (فربما أصاب) أي: عبد الله من الربح. (الراحلة) أي: الدابة، أو محمولها من الطعام، أو مجموعهما. ومطابقة الحديث للترجمة: في قولهما: (اشركنا) إلخ. 14 - بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الرَّقِيقِ (باب: الشركة في الرقيق) ذكرًا كان، أو أنثى. 2503 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْرَ ثَمَنِهِ، يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ، وَيُخَلَّى سَبِيلُ المُعْتَقِ". [انظر: 2491 - مسلم: 1501 - فتح: 5/ 137] (شِركا) بكسر الشين، أي: نصيبًا، وأصله: مصدر. (وجب عليه أن يعتق كله) يعني: سرى العتق إلى باقيه. 2504 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ، أُعْتِقَ كُلُّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا يُسْتَسْعَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ". [انظر: 2492 - مسلم: 1502، 1503 - فتح: 5/ 137] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (من أعتق شقصًا) أي: "له" كما في نسخة. (وألا يستسع) بالجزم بحذف حرف العلة، وفي نسخة: "يستسعى" بإشباع فتحة العين، وفي أخرى "استسعى". بالبناء للمفعول في الثلاثة. ومرَّ شرح الحديثين مع بيان ما في الثاني في باب: تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الحديثان برقم (2491، 2492) كتاب: الشركة، باب: تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل.

15 - باب الاشتراك في الهدي والبدن، وإذا أشرك الرجل الرجل في هديه بعد ما أهدى

15 - بَابُ الاشْتِرَاكِ فِي الهَدْيِ وَالبُدْنِ، وَإِذَا أَشْرَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي هَدْيِهِ بَعْدَ مَا أَهْدَى (باب: الاشتراك في الهدي والبدن) بسكون الدال وضمها، والعطف فيه من عطف الخاص على العام. وعطف على ما ذكر قوله: (وإذا أشرك الرجل الرجل) في نسخة: "رجلا". (في هديه بعد ما أهدى) هل يجوز ذلك أو لا؟ 2505، 2506 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَعَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالا: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الحِجَّةِ مُهِلِّينَ بِالحَجِّ، لَا يَخْلِطُهُمْ شَيْءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا، فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً وَأَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا، فَفَشَتْ فِي ذَلِكَ القَالةُ قَال عَطَاءٌ: فَقَال جَابِرٌ: فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى مِنًى، وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا، فَقَال جَابِرٌ بِكَفِّهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَال: "بَلَغَنِي أَنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، وَاللَّهِ لَأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ لأَحْلَلْتُ" فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ هِيَ لَنَا أَوْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَال: "لَا، بَلْ لِلْأَبَدِ" قَال: وَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَال أَحَدُهُمَا: يَقُولُ لَبَّيْكَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: وَقَال الآخَرُ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَأَشْرَكَهُ فِي الهَدْيِ. [انظر: 1085، 1557 - مسلم: 1216، 1240 - فتح: 5/ 137] (حماد) أي: ابن زيد. (عطاء): ابن أبي رباح. (وعن طاوس) أي: ابن كيسان، وهو عطف على (عطاء) لأن ابن جريج سمع منهما. (قال) أي: كلٌّ من جابر وابن عباس، [وفي نسخة:] (¬1) "قالا". ¬

_ (¬1) من (م).

(قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -) في نسخة: "لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه" فجواب (لما) مقدر أي: أمرنا؛ أخذا من جواب (لما) الآتية. (مهلين) أي: محرمين، وجمع على النسخة الأولى باعتبار أن لقدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - مستلزم قدوم أصحابه معه، وفي نسخةٍ: "مهلون" خبر مبتدإٍ محذوف. (لا يخلطهم) بفتح الياء وكسر اللام. (شيء) أي: من العمرة وقت الإحرام. (أمرنا) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - بفسخ الحج إلى العمرة. (فجعلناها) أي: تلك الحجة (عمرة) أي: فصرنا متمتعين. (وأن نحلّ) أي: من الإحرام منتهين. (إلى نسائنا) أي: إلى جماعهن. (ففشت) أي: شاعت وانتشرت. (في ذلك) أي: في فسخ الحج إلى العمرة. (القالة) في نسخة: "المقالة" أي: مقالة الناس: أن العمرة غير صحيحة في شهر الحج وأنها من أفجر الفجور. (فيروح) استفهام تعجب محذوف الأداة، أي: أفيروح؟ (أحدنا إلى منى) أي: محرمًا بالحج. (وذكره يقطر منيًّا) أي: لقرب عهده من الجماع وهذا مبالغة. (قال جابر بكفه) أي: أشار بها إلى هيئة التقطر، وإنما أشار إلى ذلك؛ استهجانًا لذلك الفعل ولذا واجههم - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (لأنا أبر وأتقى لله منهم) لفظ: (لله) ساقط من نسخة. (ولو استقبلت من أمري) إلى آخره أي: لو عرفت من أول الحال ما عرفت آخرًا من جواز العمرة في أشهر الحج. (ما أهديت) أي: لكنت متمتعًا؛ لمخالفته أهل الجاهلية، و (لأحللت) من الإحرام لكن امتنع الإهلال لصاحب الهدي وهو المفرد والقارن حتى يبلغ الهدي محله في أيام النحر لا قبلها. (هي) أي: العمرة في أشهر الحج. (وجاء عليّ) أي: من اليمن. (فقال: أحدهما) هو جابر (يقول) أي: علي.؟ (لبيك إلى آخره) (وقال الآخر) هو ابن عباس. بقول علي: (لبيك إلخ). (فأمر النبي) في نسخة:

16 - باب من عدل عشرا من الغنم بجزور في القسم

"فأمره النبي". (وأشركه) أي: وأشرك النبي - صلى الله عليه وسلم - عليًّا. (في الهدي) أي: في ذبحه بأن ذبح هذا هديًا، وهذا هديًا، لا في الهدي نفسه؛ إذ لا يجوز بعد إهدائه اشتراك فيه؛ لأنه إنما يكون بنحو بيع، أو هبة وهو ممتنع، ولهذا قال القاضي عياض: عندي أنه لم يكن شريكًا حقيقة بل أعطاه قدرًا يذبحه (¬1)، والظاهر: أنه - صلى الله عليه وسلم - نحر البدن التي جاءت معه من المدينة وأعطى عليًّا من البدن التي جاء بها من اليمن. 16 - بَابُ مَنْ عَدَلَ عَشْرًا مِنَ الغَنَمِ بِجَزُورٍ فِي القَسْمِ (باب: من عدل) أي: سوى. (عشرًا) في نسخة: "عشرة". (من الغنم بجزور) أي: بعير. (في القسم) بفتح القاف. وقيد به احترازًا عن الأضحية فإن فيها يعدل سبعة بجزور نظرًا إلى الغالب، وأما القسم فكان النظر فيه إلى القيمة الحاضرة في ذلك الزمان وذلك المكان قاله الكرماني وغيره (¬2). 2507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلًا، فَعَجِلَ القَوْمُ، فَأَغْلَوْا بِهَا القُدُورَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهَا، فَأُكْفِئَتْ ثُمَّ عَدَلَ عَشْرًا مِنَ الغَنَمِ بِجَزُورٍ، ثُمَّ إِنَّ بَعِيرًا نَدَّ وَلَيْسَ فِي القَوْمِ إلا خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ، فَحَبَسَهُ بِسَهْمٍ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِهَذِهِ البَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا" قَال: قَال جَدِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - أَنْ نَلْقَى العَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، فَنَذْبَحُ بِالقَصَبِ؟ فَقَال: "اعْجَلْ - أَوْ أَرْنِي - مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوا لَيْسَ السِّنَّ، ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 4/ 285 - 286. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 66، وانظر: "الفتح" 9/ 627.

وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ: فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ: فَمُدَى الحَبَشَةِ". [انظر: 2488 - مسلم: 1968 - فتح: 5/ 139] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد" أي: ابن سلام. (وكيع) أي: ابن الجراح. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن أبيه) هو سعيد بن مسروق الثوري. (من تهامة) حال من ضمير كنا، أي: حالة كوننا جائين من تهامة لا من المدينة. (وإبلًا) في نسخة: "أو إبلًا". (فعجل القوم) بكسر الجيم (فأغلوا بها) أي: بلحوم ما أصابوه. (فأكفئت) في نسخة: "فكفئت". (ثم عدل) في نسخة: "فعدل". (عشرًا) في نسخة: "عشرة". (ند) أي: هرب. (فرماه) في نسخة: "فرمى". (فحبسه بسهم) أي: أصابه به. (قال) [أي] (¬1) عباية (قال جدي) هو رافع بن خديج. (فقال) في نسخة: "قال". (أعجل) بفتح الجيم. (أو أرني) بهمزة مفتوحة وراء ساكنة ونون مكسورة وياء حاصلة من إشباع كسرة النون، وفي نسخة: "أرن" بكسر الراء وسكون النون، ومعناه: عليهما (أعجل) أي: اعجل ذبحها؛ لئلا تموت خنقًا؛ لأن الذابح بغير حديد يحتاج لخفة يد وسرعة، والشك من الراوي. (ما أنهر الدم إلى آخره) مرَّ شرحه في باب: قسمة الغنم (¬2). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سلف الحديث برقم (2488) كتاب: الشركة، باب: قسمة الغنم.

48 - كتاب الرهن

48 - كِتَاب الرَّهْنِ

1 - باب الرهن في الحضر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [48 - كِتَاب الرَّهْنِ] 1 - بَابُ الرَّهْنِ فِي الحَضَرِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب في الرهن) في نسخة: "كتاب: الرهن"، وفي أخرى: "باب: في الرهن" وفي أخرى: "كتاب: الرهن، باب: الرهن" وفي أخرى: "باب: ما جاء في الرهن". (في الحضر) خصه بالذكر جريًا على الغالب وإلا فالسفر مثله مع أنه ذكره في قوله. (وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ} [البقرة: 283] جمع رهن، وفي نسخة: "فرهن" جمع رهن أيضًا وهما قرائتان، والرهن لغة: الثبوت، وشرعًا جعل عين متمولة وثيقة بدين يستوفى منها عند تعذر وفائه، ويطلق أيضًا على العين المرهونة، والكلام على ذلك مستوفى في كتب الفقه. 2508 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَا أَصْبَحَ لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا صَاعٌ، وَلَا أَمْسَى وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ". [انظر: 2069 - فتح: 5/ 140] (هشام) أي: الدستوائي. (قتادة) أي: ابن دعامة.

2 - باب من رهن درعه

(ولقد رهن إلى آخره) حال من محذوف بينه قول غيره. عن أنس: أن يهوديًّا دعا رسول الله فأجابه ولقد رهن إلى أخره (¬1). وقوله: (رسول الله) في نسخة: "النبي". (بشعير) كان قدره ثلاثين صاعًا. (وإهالة) بكسر الهمزة، ما أذيب من الشحم والإلية. (سَنِخة) بفتح السين وكسر النون أي: متغيرة الريح. (ولا أمسى) أي: لهم إلا صاع. وأراد بقوله: (ما أصبح) إلى آخره بيان الواقع والاعتذار عن إجابته لدعوة اليهودي ولرهنه درعه عنده لا تضجر أو شكاية. وفيه: ما كان - صلى الله عليه وسلم - من التواضع والزهد في الدنيا والتقليل منها والكرم الذي أفضى به إلى عدم الادخار حتى احتاج إلى رهن درعه، والصبر على ضيق العيش، والقناعة باليسير، ومرَّ شرح الحديث في أوائل البيع، في باب: شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة (¬2). 2 - بَابُ مَنْ رَهَنَ دِرْعَهُ (باب: من رهن درعه) بكسر الدال أي: زرديته. 2509 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ وَالقَبِيلَ فِي السَّلَفِ، فَقَال إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ". [انظر: 2068 - مسلم: 1603 - فتح: 5/ 142] (عبد الواحد) أي: ابن زياد العبدي. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: النخعي. ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 210 - 211، دون قوله: ولقد رهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درعه بشعير. (¬2) سلف الحديث برقم (2069) كتاب: البيوع، باب: شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة.

3 - باب رهن السلاح

(والقبيل) في نسخة: "والكفيل" وهما بمعنى (في السلف) أي: السلم. ومرَّ شرح الحديث في باب: شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة (¬1)، وإنما أعاده لتعدد شيخه فيهما مع زيادة هنا وهي قوله: (والقبيل). (الأسود) أي: ابن يزيد. (إلى أجل) هو سنة، كما في "صحيح ابن حبان" (¬2). 3 - بَابُ رَهْنِ السِّلاحِ (باب: رهن السلاح) ترجم به هنا بعد ترجمته فيما قبله برهن الدرع؛ لأن السلاح أعم من الدرع مع أن المراد هنا بالسلاح: ما عدا الملبوس منه أخذًا من المراد من الحديث. 2510 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فَقَال مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا، فَأَتَاهُ، فَقَال: أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا، وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، فَقَال: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ العَرَبِ؟ قَال: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُ أَبْنَاءَنَا، فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ، أَوْ وَسْقَيْنِ؟ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ - قَال سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلاحَ - فَوَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (من لكعب) أي: من يتصدى لقتله. (فإنه آذى الله) في نسخة: "فإنه قد آذى الله". (ارهنوني) في نسخة: "أترهنوني" يقال: في فعل الرهن رهن وأرهن، والأول أكثر فإن جعل ما هنا فهو بهمزة وصل مكسورة حذفت في الوصل وبفتح الهاء، أو من الثاني فهو بهمزة قطع ¬

_ (¬1) سلف برقم (2068) كتاب: البيوع، باب: شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة. (¬2) "صحيح ابن حبان" 13/ 264 - 265 (5938) كتاب: الرهن.

4 - باب: الرهن مركوب ومحلوب

مفتوحة وكسر الهاء. (قالوا) أي: محمد بن مسلمة ومن معه. (كيف نرهن أبناءنا) في نسخة: "كيف نرهنك أبناءنا". (اللأمة) بالهمز الساكن وتركه، قال ابن بطال: وليس في قولهم: (نرهنك اللأمة) جواز رهن السلاح عند الحربي وإنما كان ذلك من معاريض الكلام المباحة في الحرب وغيره (¬1). (قال سفيان: يعني السلاح) فسر (اللأمة) بالسلاح وفسرها الجوهري وغيره بالدرع (¬2). 4 - بَابٌ: الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ وَقَال مُغِيرَةُ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ: "تُرْكَبُ الضَّالَّةُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَتُحْلَبُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ". (باب: الرهن مركوب ومحلوب) أي: يجوز كون الرهن حيوانًا مركوبًا ومحلوبًا. (مغيرة) بضم الميم وكسرها وبلام التعريف ودونها، أي: ابن مقسم. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (تركب الضالة) هي ما ضل من البهائم. (بقدر علفها) أي: في مقابلته فالباء للمقابلة، وسيأتي ما فيه مع زيادة، وفي نسخة: "بقدر عملها" قال: شيخنا: والأول أصوب (¬3). (والرهن مثله) أي: المرهون مثل ما قبله: أي في أنه يركب ويحلب بقدر علفه. 2511 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ، وَيُشْرَبُ لَبَنُ الدَّرِّ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا". [2512 - فتح: 5/ 143] ¬

_ (¬1) "شرح صحيح البخاري لابن بطال" 7/ 28. (¬2) "الصحاح" 5/ 2026 مادة (لأم)، "لسان العرب" 7/ 3977. (¬3) "الفتح" 5/ 143.

(أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (زكريا) هو ابن أبي زائدة. (عن عامر) أي: الشعبي. (ويشرب لبن الدر) بفتح المهملة وتشديد الراء مصدر بمعنى: الدارة أي: ويشرب لبن الدارة بقدر علفها، وجوز شيخنا أن يكون لبن الدر من إضافة الشيء إلى نفسه، كقوله تعالى: {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: 9] (¬1) أي: وسوغ ذلك اختلاف اللفظ وما ذكر من أن الباء فيما ذكر للمقابلة قد تقتضي أن للمرتهن الانتفاع بالرهن في مقابلة ما ذكر وإن لم يأذن له المالك وبه قال بعض الأئمة، واحتج له بما ذكر، وأجمع الشافعي والجمهور على أن المرتهن لا ينتفع من الرهن بشيء وأن المنتفع به هو الراهن فالباء ليست للمقابلة بل بمعنى: مع أي: الرهن يركبة الراهن ويحلبه مع منفعته فللراهن أن ينتفع بالمرهون انتفاعًا لا ينقصه، كركوبٍ وسكنى، واستخدام، ولبس، وما ذكر في الباب قال ابن عبد البر: يرده أصول مجمع عليها وآثار لا يختلف في صحتها، كخبر "الصحيحين": "لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه" (¬2) (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 5/ 144. (¬2) "التمهيد" 14/ 215 - 216، والحديث سلف برقم (2435) كتاب: في اللقطة، باب: لا تحتلب ماشية أحد بغير إذنه، ومسلم (1726) كتاب: اللقطة، باب: تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها. (¬3) قال ابن عثيمين -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": واعلم أن العلماء قسموا الضالة إلى قسمين: الأول: قسم يمتنع من الذئاب ونحوها من صغار السباع، فهذا لا يجوز التقاطه ولا إيواؤه، ومن آوى ضالة فهو ضال، مثل الإبل، أو ما يمتنع بطيرانه مثل الطيور كالصقور والحمام وشبهها، أو ما يمتنع بعدوه كالظباء ونحوها. فالذي يمتنع من صغار السباع كالذئاب وشبهها ثلاثة أنواع: ما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = يمتنع من السباع لكبر جثته وقوته مثل الإبل، وما يمتنع من السباع؛ لطيرانه كالصقور والحمام وشبهها، أو ما يمتنع من السباع؛ لعدتوه وسرعة سعيه كالظباء. فهذه لا يجوز للإنسان أن يلتقطها، ولا يجوز له أن يؤويها بل يطردها من إبله، وبطردها من حمامه إذا أوت إلى حمامه؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ضالة الإبل فقال: "مالك ولها؛ معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتآكل الشجر حتى يلقها ربها" معها سقاؤها: يعني بطنها تملؤه ماءً، وحذاؤها: يعني خفها تمشي عليه، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها. فلا يجوز لك أن تؤوي هذه الضالة ولا أن تلتقطها، ولو كنت تريد الخير، اللهم إلا إذا كنت في أرض قطاع طريق تخشى أن يأخذوها وضعوها على صحبها، فلا بأس أن تأخذها حينئذ أو إذا كنت تعرف صاحبها فتأخذ لتردها عليه، فهذا لا بأس به. الثاني: ما لا يمتنع من صغار السباع يعني الذي يعجز أن يفك نفسه مثل الغنم أو الماغز أو الشياه أو ما أشبه ذلك، فإن تأخذها، كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام: "هي لك أو لأخيك أو للذئب"، ولكن يجب عليك أن تبحث عن صاحبها. وقوله: "هي لك" يعني إن لم تجد صاحبها، "أو لأخيك" يعني صاحبها إذا عرفته، "أو للذئب" إذا لم يجدها أحد أكلها الذئب. فهذه تؤخذ وببحث عن صاحبها، فإذا تمت السنة ولم يُوجد صاحبها في لمن وجدها. وإنشاد الضالة له معنيان. المعنى الأول: ما ذكرنا وهذا واجب على الإنسان. المعنى الثاني: منهي عنه وذلك مثل ما يقع في المساجد، وهو أن يطلب الإنسان الضالة فيه، مثل أن يقول: من عين كذا وكذا؟ أو: يا أيها الناس قد ضاع لي كذا وكذا فمن وجدها؟. فهذا لا يجوز في المسجد، قال النبي- عليه الصلاة والسلام: "من سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد ليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا". =

5 - باب الرهن عند اليهود وغيرهم

2512 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ، إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ، إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ". [انظر: 2511 - فتح: 5/ 143] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن الشعبي) هو عامر. (الرهن يركب) في نسخة: "الظهر يركب". 5 - بَابُ الرَّهْنِ عِنْدَ اليَهُودِ وَغَيْرِهِمْ (باب: الرهن عند اليهود وغيرهم) أي: من النصارى ومن له أمان. 2513 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ". [انظر: 2068 - مسلم: 1603 - فتح: 5/ 145] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن ¬

_ = إنسان يقف في المسجد ويقول يا جماعة، من عين لي شاة؟ من عين لي عنزة؟ من عين لي كذا؟ فهذا حرام، والمساجد ما بنيت لهذا، ونحن مأمورون أن تدعو الله عليه، فنقول: لا ردَّها الله عليك، كما أننا إذا سمعنا شخصًا يبيع ويشتري في المسجد إننا نقول: لا أربح الله تجارتك؛ لأن المساجد لم تبن للبيع والشراء. فهذه الأوامر التي أمر بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كلها خير، والنواهي التي نهى عنها كلها شر، لأن قاعدة الشريعة تأمر بالمصالح وتنهى عن المفاسد، وإذا اجتمع في الشيء مفسدة ومصلحة غلب الأقوى منهما والأكثر، فإن كان الأكثر مصلحة غلبت، وإن كانت المفسدة غلبت، وإن تساوى الأمران غلبت المفسدة؛ لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح.

6 - باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، فالبينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه

الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (ورهنه درعه) مطابقته للترجمة: بالرهن عند اليهودي ظاهرة، وقيس به غيره. ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 6 - بَابُ إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالمُرْتَهِنُ وَنَحْوُهُ، فَالْبَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ (باب: إذا اختلف الراهن والمرتهن) أي: في أصل الرهن أو قدره أو تعيينه، أو قدر المرهون به. (ونحوه) بالرفع عطف على جملة الشرط، أي: ونحو ما ذكر، كاختلاف المتبايعين. (فالبينة على المدعي) أي: وهو من يخالف قوله الظاهر. (واليمين على المدعى عليه) وهو من يوافق قوله الظاهر. والحكمة في ذلك: أن جانب المدعي ضعيف فكلف حجة قوية وهي البينة، وجانب المدعى عليه أقوى فاكتفي فيه [بحجة ضعيفة] (¬2) وهي اليمين، [نعم قد يكون اليمين] (¬3) في جانب المدعي لدليل، كأيمان القسامة، ودعوى القيمة في المتلفات، كما هو مبين في كتب الفقه. ¬

_ (¬1) سلف في كتاب: البيوع برقم (2068) باب: شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة. و (2096) باب: شراء الإمام الحوائج بنفسه. و (2200) باب: شراء الطعام إلى أجل. و (2251) كتاب البيوع، باب: الكفيل في السلم. و (2252) باب: الرهن في السلم. و (2386) كتاب: في الاستقراض، باب: من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه. و (2509) كتاب: الرهن، باب: من رهن درعه. (¬2) من (م). (¬3) من (م).

2514 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَتَبَ إِلَيَّ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ". [2668، 4552 - مسلم: 1711 - فتح: 5/ 145] (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة واسمه: زهير المكي. (كتبت إلا ابن عباس) أي: أسأله في قصة امرأتين ادعت إحداهما على الأخرى على ما يأتي في تفسير سورة آل عمران (¬1). (فكتب إليَّ إن النبي) بكسر همزة (إن) على الحكاية، وبفتحها على تقدير الجار أي: بأن. 2515، 2516 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] فَقَرَأَ إِلَى {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]، ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا، فَقَال مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَال: فَحَدَّثْنَاهُ، قَال: فَقَال: صَدَقَ، لَفِيَّ وَاللَّهِ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ"، قُلْتُ: إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إِلَى {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. (عن منصور) هو ابن المعتمر. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عبد الله) أي: ابن مسعود. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4552) كتاب: التفسير، باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ} [آل عمران: 77].

(فأنزل الله) في نسخة: "ثم أنزل الله". (أبو عبد الرحمن) أي: ابن مسعود. (لفيَّ) في نسخة: "فيَّ". بحذف اللام. (كانت بيني وبين رجل) هو معدان بن الأسود بن معديكرب. (شاهدك) في نسخة: "شاهداك" أي: لك ما يشهد به شاهداك. (أو يمينه) أي: أو لك، أو يكفيك يمين الخصم. (إذًا يحلف) بالنصب بإذًا، في نسخة: بالرفع أعلى قول من جوزه بعد إذًا (هو فيها) في نسخة: "وهو فيها"] (¬1). (فأنزل الله) في نسخة: "ثم أنزل الله". ومرَّ شرح الحديث في باب: الخصومة في البئر من كتاب: الشرب (¬2). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سلف الحديث برقم (2356، 2357) كتب: المساقاة، باب: الخصومة في البئر والقضاء فيها.

49 - كتاب العتق

49 - كتاب العتق

1 - [باب ما جاء] في العتق وفضله

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [49 - كِتَاب العِتْقِ] 1 - [باب مَا جَاءَ] فِي العِتْقِ وَفَضْلِهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: 13 - 15]. (كتاب العتق) في نسخة: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في العتق وفضله"، وفي أخرى: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب: في العتق وفضله"، وفي أخرى: "كتاب العتق باب: ما جاء في العتق وفضله" وهو مأخوذ من عتق الفرس إذا سبق، وعتق الفرخ إذا طار؛ لأن الرقيق يخلص بالعتق ويذهب حيث شاء. [(وقوله تعالى) بالجر عطف على العتق وبالرفع استئناف] (¬1). {فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ}) [البلد: 13، 14] بضم الكاف وجر (رقبة) ورفع (إِطْعَامٌ) اسم بوزن إكرام، وفي نسخة: بفتح الكاف ونصب (رقبة) وفتح أطعم فعل بوزن أكرم وهما قراءتان، والمراد بفك الرقبة: تخليصها من الرق من تسمية الشيء باسم بعضه، وخصت بالذكر؛ لأن حكم السيد على الرقيق، كحبل في رقبته، وكالغل المانع من الحركة فإذا عتق فكأن رقبته فكت منهما. ({فِي يَوْمٍ}) أي: زمن ولو ¬

_ (¬1) من (م).

ليلًا. ({ذِي مَسْغَبَةٍ}) أي: مجاعة. ({ذَا مَقْرَبَةٍ}) [البلد: 15] أي: قرابة. 2517 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ - صَاحِبُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ - قَال: قَال لِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا، اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ" قَال سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ: "فَانْطَلَقْتُ [بِهِ] إِلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، فَعَمَدَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى عَبْدٍ لَهُ قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَعْتَقَهُ". [6715 - مسلم: 1509 - فتح: 5/ 146] (حدثني واقد) في نسخة: "حدثنا واقد". (سعيد بن مرجانة) هو سعيد بن عبد الله، ومرجانة اسم أمه. (علي بن حسين) في نسخة هنا وفي الموضعين الآتيين: "عليّ بن الحسين" ولقبه: زين العابدين بن حسين بن علي بن أبي طالب. (أيما رجل) بجر رجل بإضافة أي إليه وبرفعه بدل من أي وما زائدة (استنقذ) بذال معجمة أي: خلص. (بكل عضو منه) أي: من العتيق. (عضوًا منه) أي: من المعتق. (فانطلقت) زاد في نسخة: "به" أي: بالحديث. (فعمد) بفتح الميم أي: قصد (إلى عبد له) اسمه: مطرف (أو ألف دينار) شك من الراوي. وفي الحديث: فضل الإعتاق وأن الله ينجي به من النار، وأن المجازاة من جنس العمل، وأن تقويم باقي العبد لمن أعتق شقصًا منه إنما هو لاستكمال عتق النفس من النار.

2 - باب: أي الرقاب أفضل؟

2 - بَابٌ: أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ (باب: أي الرقاب أفضل؟) أي: للإعتاق. 2518 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُرَاوحٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَال: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ"، قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَال: "أَعْلاهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا"، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَال: "تُعِينُ ضَايِعًا، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ"،: قَال: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَال: "تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ". [مسلم: 84 - فتح: 5/ 148] (عن أبي مراوح) بضم الميم: هو الغفاري. (عن أبي ذر) هو جندب بن جنادة الغفاري. (إيمان بالله وجهاد في سبيله) قرن الجهاد بالإيمان؛ لأنه كان إذ ذاك أفضل الأعمال. (أغلاها ثمنًا) بغين معجمة، وفي نسخة: بعين مهملة قال الثوري: ومحل ذلك: فيمن أراد أن يعتق رقبة واحدة، أما لو كان مع شخص ألف درهم مثلًا فأراد أن يشتري بها رقبة يعتقها فوجد رقبة نفيسة ورقبتين مفضوليتن فالثنتان أفضل، قال: وهذا بخلاف الأضحية فإن الواحدة السمينة أفضل؛ لأن المطلوب هنا فك الرقبة وهناك طيب اللحم (¬1). (فإن لم أفعل) أي: لم أقدر على العتق. (تعين صانعًا) بمهملة ونون من الصنعة، وفي نسخة: بمعجمة وياء قلبت عن همزة) أي: ذا ضياع من فقرٍ أو عيالٍ، وكلٌّ منهما صحيح وجوز النووي كلًّا منهما قال: والصحيح عند العلماء المهملة والأكثر في الرواية المعجمة (¬2) انتهى. وبالمعجمة جزم شيخنا ونسب من قال ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 79. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 75.

3 - باب ما يستحب من العتاقة في الكسوف أو الآيات

بالمهملة إلى التخبيط (¬1). (أو تصنع لأخرق) هو الذي لا يحسن صنعة ولا يهتدي إليها، وهذا يؤيد رواية: (صانعًا) بالمهملة ولهذا قال الدارقطني: الصواب أنها بالمهملة بمقابلته بالأخرق، وقال القاضي عياض: روايتنا في هذا من طريق هشام بالمعجمة، وعن أبي بحر بالمهملة وهو صواب الكلام؛ لمقابلته بالأخرق وإن كان المعنى من جهة معونة الضائع أيضًا صحيحًا، لكن صحت الروية عن هشام بالمهملة (¬2). (فإنها) أي: الفعلة المفهومة من كلٍّ من الأفعال المذكورة. (تصدق) أي: تتصدق بحذف إحدى التائين وتخفيف الصاد وتشديد الدال، ويجوز تشديد الصاد على قلب إحدى التائين صادًا وإدغامها في الصاد. 3 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ العَتَاقَةِ فِي الكُسُوفِ أَو الآيَاتِ (باب: ما يستحب من العتاقة) بفتح العين أي: الإعتاق. (في الكسوف) للشمس أو للقمر. (في الآيات) أي: العلامات، كالظلمة الشديدة والزلزلة، وفي نسخة: "أو الآيات" بأو وهي للتنويع أو بمعنى: الواو، أو بمعنى: بل، والعطف فيه من عطف الخاص على العام. 2519 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: "أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ"، تَابَعَهُ عَلِيٌّ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ هِشَامٍ. [انظر: 86 - مسلم: 905 - فتح: 5/ 150] (تابعه) أي: موسى بن مسعود. (علي) أي: ابن المديني، أو ابن حجر وكلٌّ منهما شيخ البخاري، وروى عن زائدة، ففي قول شيخنا: إنه ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 149. (¬2) "إكمال المعلم" 1/ 348 - 349.

4 - باب إذا أعتق عبدا بين اثنين، أو أمة بين الشركاء

ابن المديني وهو شيخ البخاري، ووهم من قال: إنه ابن حجر (¬1) وقفة، ومرَّ شرح الحديث وما بعده في أبواب الكسوف (¬2). 2520 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَثَّامٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: "كُنَّا نُؤْمَرُ عِنْدَ الخُسُوفِ بِالعَتَاقَةِ". [انظر 86 - مسلم: 905 - فتح 5/ 105] (عثام) بفتح المهملة وتشديد المثلثة أي: ابن علي بن الوليد العامري. (هشام) أي: ابن عروة. 4 - بَابُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَوْ أَمَةً بَيْنَ الشُّرَكَاءِ (باب: إذا أعتق عبدًا) مشتركًا (بين اثنين) [أي] (¬3): أو أكثر (أو أمة بين الشركاء) أي: أو الشريكين، وجواب (إذا) محذوف يعلم مما يأتي في الأحاديث، وإنما قال: في العبد بين اثنين، وفي الأمة بين الشركاء؛ محافظة على لفظ الحديث وإلا فالحكم سواء، كما علم، والمراد بإعتاقه: ما ذكر إيقاع العتق عليه كلًّا أو على ما يملكه منه، وكل منهما مذكور في أحاديث الباب. 2521 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُعْتَقُ". (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (عن سالم) ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 150. (¬2) سلف برقم (1053) كتاب: الكسوف، باب: صلاة النساء مع الرجال في الكسوف. (¬3) من (م).

أي: ابن عبد الله بن عمر. (من أعتق عبدًا) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل (¬1)، وخرج بأعتق ما لو عتق عليه بنحو إرث، أو بإعتاق وصي عنه فإنه لا سراية فيه وقد بسطت الكلام عليه في "شرح الروض" وغيره (¬2). 2522 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ قُوِّمَ العَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ". (مال يبلغ) في نسخة: "ما يبلغ". (ثمن العبد) أي: قيمة بقيته. (قوم العبد) أي: "عليه" كما في نسخة. (حصصهم) أي: قيمتها. (وعتق عليه) أي: "العبد" كما في نسخة: (ما عتق) أي: بقية المعتق، أو عتق بمعنى: أعتق. وخرج بقوله. (يبلغ) إلى آخره ما إذا لم يبلغ له ثمن بقية الرقيق فإنه لا يسري العتق إليها كلها، بل إلى القدر الذي هو موسر به فقط. 2523 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأُعْتِقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ". [انظر: 2491 - مسلم: 1501 - فتح: 5/ 151] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ اخْتَصَرَهُ. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2491) كتاب: الشركة، باب: تقويم الأشياء بقيمة عدل. (¬2) انظر: "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 4/ 439 - 440، و"فتح الوهاب بشرح منهاج الطلاب" 2/ 236 - 237.

(عبيد بن إسماعيل) اسمه في الأصل: عبد الله، وعبيد لقب له غلب عليه. (عن أبي أسامة) هو حماد بن أسامة. (فعليه عتقه كله) بجر كله تأكيد للضمير المجرور. (قوم عليه) صفة مال وجواب إن. (فأعتق) بالبناء للمفعول (منه) أي: من العبد. (ما أعتق) بالبناء للفاعل أي: المعسر، وفي نسخة: بالبناء للمفعول. والظاهر: أن الإعتاق في الموضع الأول بمعنى: العتق، ليوافق رواية: "قد عتق منه ما عتق" لأنها المرادة. وقد بسطت الكلام على حكم المسألة في "شرح الروض" وغيره (¬1). (بشر) أي: ابن المفضل. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر. (اختصره) أي: اختصر مسدد الحديث فذكر المقصود منه. 2524 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مِنَ المَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقِيمَةِ العَدْلِ، فَهُوَ عَتِيقٌ" قَال نَافِعٌ: وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، قَال أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي أَشَيْءٌ قَالهُ نَافِعٌ، أَوْ شَيْءٌ فِي الحَدِيثِ. [انظر: 2491 - مسلم: 1501 - فتح: 5/ 151] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل. (حماد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة. (عن أيوب) أي: السختياني. (أو شركا) شك من أيوب. (وكان) في نسخة: "فكان" بالفاء. (قد عتق منه ما عتق) في نسخة: "فقد أعتق منه ما أعتق" ببناء الأول للمفعول، والثاني للفاعل، ويجوز أن يكون الثاني للمفعول أيضًا. (قال ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" 4/ 437 - 438، و"فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 2/ 236 - 237.

أيوب: لا أدري أشيء قاله نافع، أو شيء في الحديث) فقد وافق أيوب على الشك في رفع ذلك يحيى بنُ سعيد لكن جزم الإمام مالك وعبيد الله بن عمر بأنه من الحديث فهو المعتمد لأنهما أحفظ من ذينك مع أن المثبت مقدم على غيره. 2525 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مِقْدَامٍ، حَدَّثَنَا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي فِي العَبْدِ أَو الأَمَةِ يَكُونُ بَيْنَ شُرَكَاءَ، فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْهُ يَقُولُ: قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ إِذَا كَانَ لِلَّذِي أَعْتَقَ مِنَ المَالِ مَا يَبْلُغُ يُقَوَّمُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةَ العَدْلِ، وَيُدْفَعُ إِلَى الشُّرَكَاءِ أَنْصِبَاؤُهُمْ، وَيُخَلَّى سَبِيلُ المُعْتَقِ " يُخْبِرُ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ اللَّيْثُ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَصَرًا. [انظر: 2491 - مسلم: 1501 - فتح: 5/ 151] (يقول) أي: ابن عمر. (قد وجب عليه عتقه) يعني سرى العتق إلى باقيه. (كله) بالجر، كما مرَّ نظيره. (ما يبلغ) أي: قيمة حصص شركائه. (من ماله) أي: مال المعتق. (قيمة العدل) بالنصب مفعول مطلق، أي: قيمة استواء بغير زيادة أو نقص. (ويدفع إلى الشركاء) بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل (أنصباؤهم) بالرفع على الأول، والنصب على الثاني، و (يخلي) بالبناء للمفعول والبناء للفاعل. (سبيل المعتق) بالرفع على الأول، وبالنصب على الثاني وبفتح تاء المعتق. (يخبر) بضم الياء، مضارع أخبر. (ذلك) أي: بذلك. (مختصرًا) أي: لم يذكروا فيه قوله: فقد عتق منه ما عتق.

5 - باب إذا أعتق نصيبا في عبد، وليس له مال، استسعي العبد غير مشقوق عليه، على نحو الكتابة

5 - بَابُ إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبًا فِي عَبْدٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ، اسْتُسْعِيَ العَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ، عَلَى نَحْو الكِتَابَةِ (باب: إذا أعتق نصيبًا) له (في عبد وليس له مال) أي: يقوم به. (استسعى) بالبناء للمفعول جواب (إذا) أي: كلف السعي في تحصيل القدر الذي يخلص به باقيه من الرق. (غير مشقوق عليه) في ذلك. (على نحو الكتابة) أي: مثلها أي: يكون العبد في الاستسعاء، كالمكاتب في أنه يؤدي شيئًا فشيئًا إلى أن يعتق. 2526 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، قَال: حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ عَبْدٍ". [انظر: 2492 - مسلم: 1502، 1503 - فتح: 5/ 156] [(حدثنا) في نسخة: (حدثني)] (¬1). (أحمد بن أبي رجاء) اسم (أبي رجاء): عبد الله بن أيوب. (عن بشير) بفتح الموحدة (ابن نهيك) بنون مفتوحة فهاء فكاف. 2527 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا - أَوْ شَقِيصًا - فِي مَمْلُوكٍ، فَخَلاصُهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ، فَاسْتُسْعِيَ بِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ" تَابَعَهُ حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ، وَأَبَانُ، وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ، عَنْ قَتَادَةَ اخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ. [انظر: 2492 - مسلم: 1502، 1503 - فتح 5/ 156] (وحدثنا مسدد) بواو، وفي نسخة: بحذفها. (سعيد) أي: ابن أبي ¬

_ (¬1) من (م).

6 - باب الخطإ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه، ولا عتاقة إلا لوجه الله

عروبة. (فاستسعى) بالبناء للمفعول. (به) أي: باكتساب ما قوم به من قيمة نصيب الشريك. (تابعه) أي: سعيد بن أبي عروبة على ذكر السعاية. (حجاج) أي: الأسلمي الباهلي. (وأبان) أي: ابن يزيد العطار. (وموسى بن خلف) أي: العمي، والقول بالاستسعاء قال به بعض الأئمة عملًا بهذا الحديث والشافعية على خلافه، وأجابوا عن الحديث: أن الاستسعاء مدرج في الحديث من كلام قتادة كما مرَّ، ولخبر مسلم: أن رجلًا أعتق ستة مملوكين له عند موته ولم يكن له مال غيرهم فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجزأهم أثلاثًا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة (¬1). ووجه الدلالة منه: أن الاستسعاء لو كان مشروعًا لنجز من كل واحد منهم عتق ثلثه وأمره بالاستسعاء في بقية قيمته لورثة الميت. 6 - بَابُ الخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ فِي العَتَاقَةِ وَالطَّلاقِ وَنَحْوهِ، وَلَا عَتَاقَةَ إلا لِوَجْهِ اللَّهِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" وَلَا نِيَّةَ لِلنَّاسِي وَالمُخْطِئِ". [انظر: 1] (باب: الخطأ والنسيان) أي: بيان حكمهما. (في العتاقة والطلاق ونحوه) أي: ونحو كل منهما من الأشياء التي يريد الشخص أن يتلفظ بشيء منها فيسبق لسانه إلى غيره كأن يقول لعبده: [أنت حر] (¬2)، أو لامرأته: أنت طالق من غير قصد اللفظ لمعناه كأن جهل معناه، أو سبق ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1668) كتاب: الإيمان، باب: من أعتق شركًا له في عبد. (¬2) من (م).

لسانه إليه فلا يحنث، لكن قصد المعنى إنما يعتبر ظاهرًا عند عروض ما يصرف الطلاق مثلًا عن معناه، كقوله لمن اسمها طالق: يا طالق ولم يقصد طلاقًا، ولمن اسمها: طارق، أو طالب يا طالق وقال: أردت نداءً فاختلف الحرف، وكقوله: طلقتك ثم قال: سبق لساني وإنما أردت طلبتك وقد بسط الكلام على ذلك في "شرح الروض" وغيره (¬1) وبما تقرر علم أن الخطأ والنسيان، إن جامعهما القصد المذكور وقع مقتضى اللفظ من حنث وغيره، وإلا فلا خلاف لمن أطلق ذلك والخطأ يقصر ويمد، والمراد هنا: نقيض العمد ومنه المخطيء وهو من أراد الصواب فصار إلا غيره، وأما الخاطيء فهو المتعمد لما لا ينبغي، والنسيان معنى: يزول به العلم بالمنسي خاصة، ويطول زمن زواله فإن قصر يسمى سهوا، وقيل: بترادفهما (لوجه الله) أي: لذاته، أو لجهة رضاه. 2528 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ". [5269، 6664 - مسلم: 127 - فتح: 5/ 160] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير بن عيسى. (سفيان) أي: ابن عيينة. (مسعر) أي: ابن كدام. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (تجاوز لي) أي: عفا لأجلي. (ما وسوست به صدورها) برفع صدورها فاعل (وسوست)، وفي نسخة: بنصبه مفعول على أن وسوست بمعنها: حدثت. (ما لم تعمل) أي: في العمليات ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب" في شرح روض الطالب" 3/ 280 - 281، و"فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 2/ 75.

بالجوارح. (أو تكلم) أي: أو تتكلم في القوليات باللسان، ومن ذلك أن الشخص لا يؤاخذ بحديث النفس، ومحله: إذا لم يبلغ حد الجزم وإلا مؤاخذ به حتى لو عزم على ترك واجب أو فعل حرام ولو بعد سنين أثم الآن. وفيه: أن الموسوس لا يقع طلاقه مثلًا بوسوسة، كما لا يقع بمحض نية الطلاق، وأما وقوع ما فوق الواحدة في قوله لامرأته: أنت طالق ونوى ثلاث؛ فلأنه تلفظ بالطلاق ونوى به الفرقة التامة، فالنية مصحوبة بلفظه. وفيه: أن المجاوزة المذكورة من خصائص هذه الأمة وأن الأمم المتقدمة كانوا يؤاخذون بذلك، لكن اختلف في أن هذه الأمة هل كانت تؤاخذ بذلك أول الإسلام؟ لقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] ثم نسخ بقوله تعالى: {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلا وُسْعَهَا} [البقرة: 233] أولم تؤاخذ به وتحمل الآية الأولى على ما إذا بلغ ما فيها حد الجزم. قيل: ومطابقته للترجمة في قوله: (ما وسوست)؛ لأن الوسوسة لا اعتبار لها عند عدم التوطن فكذا المخطئ والناسي لا توطن لهما، ومحله: إن خلا الخطأ والنسيان عن القصد، كما قررته آنفًا. 2529 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ". (عن سفيان) أي: الثوري. (الأعمال بالنية) هي لغة: القصد إلى

7 - باب إذا قال رجل لعبده: هو لله، ونوى العتق، والإشهاد في العتق

الفعل وهو المراد هنا بقرينة التقسيم الآتي، وشرعًا: قصد الشيء مقترنًا بفعله فإن تراخى عنه كان عزمًا. ومرَّ شرح الحديث في أول الكتاب (¬1). 7 - بَابُ إِذَا قَال رَجُلٌ لِعَبْدِهِ: هُوَ لِلَّهِ، وَنَوَى العِتْقَ، وَالإِشْهَادِ فِي العِتْقِ (باب: إذا قال) أي: "رجل" كما في نسخة. (لعبده: هو لله ونوى العتق) عتق. (والإشهاد بالعتق) بجر (الإشهاد) بالعطف على جملة الشرط، وبالرفع عطف عليها أيضًا بتقدير باب يذكر فيه الجملة المذكورة (والإشهاد بالعتق) فعلى الأول الجملة في محل جر وباب غير منون، وعلى الثاني الجملة في محل رفع وباب منون. 2530 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ لَمَّا أَقْبَلَ يُرِيدُ الإِسْلامَ، وَمَعَهُ غُلامُهُ ضَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلامُكَ قَدْ أَتَاكَ"، فَقَال: أَمَا إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ حُرٌّ، قَال: فَهُوَ حِينَ يَقُولُ: [البحر الطويل] يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ [2531، 2532، 4393 - فتح: 5/ 162] (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد سعد البجلي. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم واسمه: عوف. (ضل كل واحد منهما) أي: تاه وغاب. (فأقبل) أي: الغلام. (بعد ذلك) في نسخة: "بعد ذاك" (فقال: أما) بتخفيف الميم بمعنى: ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (1) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

حقًّا، أو استفتاحية. (إني) بفتح الهمزة على الأول وبكسرها على الثاني. (قال) أي: قيس. (فهو) أي: أبو هريرة. (حين) أي: وقت وصوله إلى المدينة. (يقول) خبر هو. (يا ليلة) إلى آخره هو من بحر الطويل دخله الخرم وهو حذف حرف من أول الجزء إذ أصله: فيا ليلة. والبيت لأبي هريرة، أو لغلامه، أو لأبي مرثد الغنوي تمثل به أبو هريرة، وفيه: تأمله من نصب السفر. وقوله: (وعنائها) أي: تعبها. وقوله: (من دارة الكفر نجت) قال الجوهري وغيره: الدارة أخص من الدار، زاد الجوهري مستشهدا على ذلك قال أمية بن أبي الصلت يمدح عبد الله بن جدعان: له داع بمكة مشمعل ... وآخر فوق دارته ينادي انتهى (¬1). (ومشمعل) أي: مبالغ في طلب الضيوف. قال الجوهري: اشمعل القوم في الطلب اشمعلالًا إذا بادروا فيه وتفرقوا (¬2). 2531 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ: [البحر الطويل] يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ قَال: وَأَبَقَ مِنِّي غُلامٌ لِي فِي الطَّرِيقِ، قَال: فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَايَعْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الغُلامُ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا غُلامُكَ" فَقُلْتُ: هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَأَعْتَقْتُهُ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَمْ يَقُلْ أَبُو كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ حُرٌّ. [انظر: 2530 - فتح: 5/ 162] ¬

_ (¬1) "الصحاح" 2/ 660 مادة [دور]. (¬2) "الصحاح" 5/ 1741 مادة [شمعل].

8 - باب أم الولد

(أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (بايعته) في نسخة: "فبايعته" أي: على الإسلام. (فأعتقته) أي: باللفظ المذكور قبله فالفاء تفسيرية، لا أن المراد أنه أعتقه بلفظ آخر. (لم يقل) في نسخة: "قال أبو عبد الله: لم يقل". (أبو كريب) هو محمد بن العلاء. 2532 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: لَمَّا أَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَعَهُ غُلامُهُ وَهُوَ يَطْلُبُ الإِسْلامَ، فَضَلَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِهَذَا، وَقَال: "أَمَا إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ لِلَّهِ". [انظر: 2530 - فتح: 5/ 162] (حدثنا شهاب) في نسخة: "حدثني شهاب". (فضل أحدهما صاحبه) أي: من صاحبه كما قدمه في الطريق الأولى. (أما) بتشديد الميم أو تخفيفها على أنها بمعنى حقا، أو استفتاحية كما مر نظيره، وجوابها على الأول (أشهدك) بحذف الفاء على قلة، أي: فأشهدك. 8 - بَابُ أُمِّ الوَلَدِ قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا". [انظر: 2053 - مسلم: 1457 - فتح: 5/ 163] (باب: أم الولد) أي: بيان حكمها من أن إيلادها سيدها. (من أشراط الساعة) وأما عتقها بالإيلاد وجواز بيعها، فالجمهور على المنع فيها. (ربها) أي: سيدها لأن ولدها من سيدها منزل منزلة سيدها. 2533 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنْ يَقْبِضَ إِلَيْهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، قَال عُتْبَةُ: إِنَّهُ ابْنِي، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الفَتْحِ، أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلَ مَعَهُ بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ، فَقَال سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا ابْنُ أَخِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، فَقَال

9 - باب بيع المدبر

عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَخِي ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ" قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ" مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، وَكَانَتْ سَوْدَةُ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2053 - مسلم: 1457 - فتح: 5/ 163] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (قالت: إن عتبة) في نسخة: "قالت: كان عتبة". (أخذ سعد) بالتنوين. (يا عبد بن زمعة) بضم (عبد) وفتحه ونصب ابن. (احتجبي منه) أمرها بالاحتجاب منه ندبًا واحتياطًا لشبهه بعتبة وإلا فقد ثبت نسبه وإخوته لها في ظاهر الشرع. (يا سودة بنت زمعة) بضم سودة وفتحها ونصب (بنت) كنظيره السابق، وغرض البخاري: من الحديث قول عبد ابن زمعة: أخي ابن وليدة زمعة ولد على فراشه مع حكمه - صلى الله عليه وسلم - لابن زمعة بأنه أخوه، فإن فيه ثبوت أمية الأمة. ومرَّ الحديث أوائل كتاب: البيوع، في باب: تفسير المشبهات (¬1). 9 - بَابُ بَيْعِ المُدَبَّرِ (باب: بيع المدبر) هو الذي علق سيده عتقه على الموت، وسمي به؛ لأن الموت دبر الحياة؛ أو لأن السيد دبر من دنياه باستخدامه، واسترقاقه وأمر آخرته بإعتاقه. 2534 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، ¬

_ (¬1) سلف برقم (2053) كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات

10 - باب بيع الولاء وهبته

فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ، فَبَاعَهُ" قَال جَابِرٌ: مَاتَ الغُلامُ عَامَ أَوَّلَ. [انظر: 2141 - مسلم: 997 - فتح: 5/ 165] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (رجل منا) أي: من الأنصار يسمى: بأبي مذكور. (عبدًا له) اسمه: يعقوب. (عن دبر) بضم الموحدة وسكونها. (به) أي: بالعبد. (فباعه) أي: من نعيم النحام بثمان مائة درهم. (عام أول) بنصب (عام) على الظرفية وجر (أول) بالفتحة؛ لأنه مضاف إليه وغير منصرف للصفة ووزن الفعل، ويجوز صرفه على أن وزنه فوعل وبناؤه على الضم، كقبلُ وبعدُ وهذا من إضافة الموصوف لصفته وهو جائز عند الكوفيين، والبصريون يمنعونه ويؤولون ما ورد من ذلك على حذف مضاف تقديره هنا عام زمن أول. ومرَّ شرح الحديث في البيوع (¬1). 10 - بَابُ بَيْعِ الوَلاءِ وَهِبَتِهِ (باب: بيع الولاء) بالمد، أي: ولاء العتق. (وهبته) أي: بيان منع بيعه وهبته. 2535 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الوَلاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ". [6756 - مسلم: 1506 - فتح: 5/ 167] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (نهى رسول الله) في نسخة: "نهى النبي". (عن بيع الولاء، وعن هبته) أي: لأنه لحمة كلحمة النسب. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2141) كتاب: البيوع، باب: بيع المخابرة.

11 - باب إذا أسر أخو الرجل، أو عمه، هل يفادى إذا كان مشركا؟

2536 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ، فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاءَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الوَلاءَ لِمَنْ أَعْطَى الوَرِقَ"، فَأَعْتَقْتُهَا، فَدَعَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا، فَقَالتْ: لَوْ أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُّ عِنْدَهُ، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا. [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 5/ 167] (جرير) أي: ابن عبد الحميد بن قرط. (عن منصور) أي: ابن المعتمر بن عبد الله السلمي. (عن إبراهيم) النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (فاشترط أهلها ولاءها) أي: أن يكون لهم. (الورق) بفتح الواو وكسر الراء، أي: الدراهم المضروبة والمراد: الثمن وأشار بما قاله إلا رواية: "إنما الولاء لمن أعتق" ليدل على الترجمة. (فخيرها من زوجها) اسمه: مغيث وكان عبدًا على الأصح. ومر شرح الحديث في باب: إذا شرط في البيع شروطًا وغيره (¬1). 11 - بَابُ إِذَا أُسِرَ أَخُو الرَّجُلِ، أَوْ عَمُّهُ، هَلْ يُفَادَى إِذَا كَانَ مُشْرِكًا؟ وَقَال أَنَسٌ: قَال العَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَادَيْتُ نَفْسِي، وَفَادَيْتُ عَقِيلًا. [انظر: 421] "وَكَانَ عَلِيٌّ لَهُ نَصِيبٌ فِي تِلْكَ الغَنِيمَةِ الَّتِي أَصَابَ مِنْ أَخِيهِ عَقِيلٍ وَعَمِّهِ عَبَّاسٍ". (باب: إذا أسر أخو الرجل أو عمه هل يفادى) بالبناء للمفعول. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2168) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترط شروطًا في البيع لا تحلّ، و (1493) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة على موالي.

(إذا كان مشركًا) أي: حربيا، ويفادى من فاداه مفادة إذا أعطى فداءه. (عقيلًا) أي: ابن أبي طالب. (وكان علي) أي: ابن أبي طالب. وقد استنبط البخاريُّ من التعليق المذكور أن عم الرجل وابن عمه ونحوهما من ذوي أرحامه لا يعتقون عليه إذا ملكهم؛ لأن عليًّا ملك بالغنيمة أخاه عقيلًا وعمه العباس ولم يعتقا عليه وهو حجةٌ على من قال: إن من ملك ذا رحم محرم عتق عليه، لكن أجيب عنه: بأن الكافر لا يملك بالغنيمة ابتداء بل يتخير الإمام فيه بين القتل والاسترقاق والفداء والمن، فالغنيمة سبب في الملك بشرط اختيار الإرقاق فلا يلزم العتق بمجرد الغنيمة، وعليه فلا حجة بقصة عليّ على من قال: إن من ملك ذا رحم محرم عتق عليه، بل الحجة عليه بغير ذلك. وبالجملة فمذهب الشافعي: أنه لا يعتق على المرء إلا أصوله وإن علوا، وفروعه وإن سفلوا. لأدلة بينتها في "شرح الروض" وغيره (¬1). 2537 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا، فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، فَقَال: "لَا تَدَعُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا". [3048، 4018 - فتح: 5/ 167] (عن موسى) أي: "ابن عقبة" كما في نسخة. (فقالوا: ائذن) زاد في نسخة: "لنا". (لابن أختنا) بفوقية. (عباس) أي: ابن عبد المطلب [وليسوا بأخواله، بل أخوال أبيه عبد المطلب] (¬2) (فداه) أي: المال الذي يستفدى به نفسه من الأسر. (فقال: لا تدعون منه) أي: من فدائه. ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" 4/ 446، "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 2/ 237. (¬2) من (م).

12 - باب عتق المشرك

(درهمًا) إنما لم [يجبهم] (¬1) إلى ذلك؛ لئلا يكون في الدين نوع محاباة وكان العباس ذا مال فاستوفيت منه الفدية وصرفت إلى الغانمين. 12 - بَابُ عِتْقِ المُشْرِكِ (باب: عتق المشرك) المصدر مضاف إلى الفاعل، أو إلى المفعول والأول هو المراد، ليطابقه حديث الباب. 2538 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَعْتَقَ فِي الجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، وَأَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ، قَال: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَصْنَعُهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا - يَعْنِي أَتَبَرَّرُ بِهَا -؟ قَال: فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ". [انظر: 1436 - مسلم: 123 - فتح: 5/ 169] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (حمل على مائة بعير وأعتق مائة رقبة) أي: في الحج والمراد: بحمل نحر تقربًا. (أرأيت) أي: أخبرني. (أتحنث) بمثلثة في آخره (يعني: أتبرر بها) أي: أطلب بها البر والإحسان إلى الناس والتقرب إلى الله تعالى وهذا التفسير من هشام بن عروة. (أسلمت على ما سلف لك من خير) ليس معناه صحة التقرب في حال كفره بل معناه: أنه إذا أسلم ينتفع بذلك الخير. ومرَّ بعض الحديث في باب: من تصدق في الشرك ثم أسلم. من كتاب: الزكاة (¬2). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سلف برقم (1436) كتاب: الزكاة، باب: من تصدق في الشرك ثم أسلم.

13 - باب من ملك من العرب رقيقا، فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية

13 - بَابُ مَنْ مَلَكَ مِنَ العَرَبِ رَقِيقًا، فَوَهَبَ وَبَاعَ وَجَامَعَ وَفَدَى وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا، هَلْ يَسْتَوُونَ الحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [النحل: 75]. (باب: من ملك من العرب رقيقًا فوهب وباع وجامع وفدى) أي: الرقيق (وسبى الذرية) عطف على ملك و (العرب) الجيل المعروف من الناس سواء أقام بالبادية، أم بالمدن. والأعراب: سكان البادية قاله ابن الأثير (¬1). (والذرية) نسل الثقلين يقال: ذرأ الله الخلق أي: خلقهم لكن ترك همزها. (وقوله تعالى) بالجر عطف على من ملك {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا} [النحل: 75] هو بدل من (مثلاً) وفي نسخة: بدل ما ذكر، (وقول الله تعالى: {عَبْدًا مَمْلُوكًا}) ميز به العبد من الحر؛ لأن اسم العبد يقع عليهما جميعًا؛ لأنهما من عباد الله ({لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ}) خرج به المكاتب والمأذون له (ومن) نكرة موصوفة أي: حرًّا ({هَلْ يَسْتَوُونَ}) أي: العبيد العجزة، والحر المتصرف، لا وما ذكر مثل ضربه الله للكافر والمؤمن، فالعبد المذكور مثل للكافر، والمرزوق الرزق الحسن مثل للمؤمن، أو الأول مثل للوثن، والثاني: للحق تعالى. ووجه مطابقة الآية للترجمة: شمول العبد للعربي والعجمي. 2539، 2540 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَال: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ذَكَرَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ حِينَ جَاءَهُ ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 202.

وَفْدُ هَوَازِنَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَال: "إِنَّ مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا المَال وَإِمَّا السَّبْيَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ"، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إلا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ [قَدْ] جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ"، فَقَال النَّاسُ: طَيَّبْنَا لَكَ ذَلِكَ، قَال: "إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ" فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرُوهُ: أَنَّهُمْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا، فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ، وَقَال أَنَسٌ: قَال عَبَّاسٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَادَيْتُ نَفْسِي، وَفَادَيْتُ عَقِيلًا. [انظر: 2307، 2308 - فتح: 5/ 169] (ابن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم. (أخبرني) في نسخة: "أخبرنا". (عن عقيل) بضم العين أي: ابن خالد ابن عقيل وفي نسخة: "حدثنا عقيل". (عروة) أي: ابن الزبير ابن الحكم. (هوازن) قبيلة (استأنيت بهم) أي: أخرت قسم السبي؛ ليحضروا. (قفل) أي: رجع. (من الطائف) أي: إلى الجعرانة. (إحدى الطائفتين) أي: المال، أو السبي. (فإنا) في نسخة: "إنا" (جاؤنا) في نسخة: "قد جاؤنا". (من أول ما يفيء الله علينا) بضم الياء أي: يرجع إلينا من أموال الكفار من غنيمة أو خراج أو غير ذلك. (طيبنا ذلك) في نسخة: "طيبنا لك ذلك". ومرَّ شرح الحديث في باب: إذا وهب شيئًا لوكيل، أو شفيع قوم جاز (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (3307، 3308) كتاب: الوكالة، باب: إذا وهب شيئًا لوكيل أو شفيع قوم جاز.

2541 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَال: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ، فَكَتَبَ إِلَيَّ "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغَارَ عَلَى بَنِي المُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ، وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى المَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ"، حَدَّثَنِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الجَيْشِ. [مسلم: 1730 - فتح: 5/ 170] (علي بن الحسن) زاد في نسخة: "ابن شقيق". (عبد الله) أي: ابن المبارك. (ابن عون) اسمه: عبد الله. (بني المصطلق) بضم الميم وكسر اللام حي من خزاعة (وهم غارون) بتشديد الراء أي: غافلون. وفيه: جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة من غير إنذار بالإغارة، لكن الصحيح استحباب الإنذار عند الشافعي والجمهور، وفيه: جواز استرقاق العرب؛ لأن بني المصطلق عرق من خزاعة وهو الأصح عند الشافعي وكثير. (ذراريهم) بتشديد الياء وقد تخفف. (جويرية) بالتصغير. (ابن حبان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة. 2542 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَال: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ العَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا العُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا العَزْلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ إلا وَهِيَ كَائِنَةٌ". [انظر: 2229 - مسلم: 1438 - فتح: 5/ 170] (عن ابن محيريز) اسمه: عبد الله. (فسألته) أي: عن العزل وهو نزع الذكر من الفرج بعد الإيلاج؛ لينزل خارج الفرج؛ دفعًا لحصول الولد المانع من البيع. (وأحببنا العزل) في نسخة: "وأحببنا الفداء" (ما عليكم أن لا تفعلوا) أي: لا

بأس عليكم أن تفعلوا بزيادة لا واختار الشافعي جوازه عن الأمة مطلقًا وعن الحرة بإذنها بلا كراهة، وبغير إذنها بكراهة كما مرَّ. (ما من نسمة) أي: نفس. (كائنة) أي: في علم الله. (إلا وهي كائنة) أي: في الخارج فلا فائدة في عزلكم، إن كان الله تعالى قدر خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم الحرص. 2543 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ، وَحَدَّثَنِي ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنِ المُغِيرَةِ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: مَا زِلْتُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ مُنْذُ ثَلاثٍ، سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِيهِمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي، عَلَى الدَّجَّالِ"، قَال: وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا"، وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَال: "أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ". [4366 - مسلم: 2525 - فتح: 5/ 170] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن أبي زرعة) هو هرم بن جرير بن عبد الله البجلي. (ابن سلام) اسمه: محمد. (عن المغيرة) أي: ابن مقسم. (عن الحارث) ابن يزيد العكلي. (منذ) في نسخة: "مذ". (ثلاث سمعت) أي: منذ سمعت الخصال الثلاث في بني تميم وهي قوله: (هم أشد على الدجال)، وقوله: (هذه صدقات قومنا)، وقوله لعائشة: (أعتقيها) إلى آخره، وضمير (أعتقيها) لـ (سبية) بفتح المهملة وكسر الموحدة وتشديد التحتية. وفي الحديث: فضيلة ظاهرة لبني تميم والإخبار عما سيأتي من الأحوال الكائنة في آخر الزمان.

14 - باب فضل من أدب جاريته وعلمها

14 - بَابُ فَضْلِ مَنْ أَدَّبَ جَارِيَتَهُ وَعَلَّمَهَا (باب: فضل من أدب جاريته وعلمها) زاد في نسخة: "وأعتقها"، ولفظ: "فضل" ساقط من نسخة. 2544 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَعَالهَا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا كَانَ لَهُ أَجْرَانِ". [انظر: 97 - مسلم: 154 - فتح: 5/ 173] (إسحاق بن إبراهيم) أي: ابن راهويه. (عن مطرف) أي: ابن طريف الحارثي. (عن الشعبي) هو عامر. (عن أبي بردة) هو الحارث بن أبي موسى. (عن أبي موسى) هو عبد الله بن قيس. (فعالها) أي: أنفق عليها، من عال الرجل عياله إذا قام بما يحتاجون إليه، وفي نسخةٍ: "فعلمها" من التعليم وهو المناسب للترجمة. (فأحسن) في نسخة: "وأحسن" بالواو. (كان له أجران) أي: أجر بالنكاح والتعليم، وأجر بالعتق. وفيه: الحض على نكاح العتيقة، وترك العلو في أمر الدنيا، ومن تواضع لله في منكحه وهو يقدر على الشريفة يرجى له جزيل الثواب. ومرَّ شرح الحديث في باب: تعليم الرجل أمته وأهله من كتاب: العلم (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (97) كتاب: العلم، باب: تعليق الرجل أمته وأهله.

15 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون"

15 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَبِيدُ إِخْوَانُكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ" وَقَوْلِهِ تَعَالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، وَبِذِي القُرْبَى، وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى، وَالجَارِ الجُنُبِ، وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {ذِي القُرْبَى} [النساء: 36]: "القَرِيبُ، وَالجُنُبُ: الغَرِيبُ، الجَارُ الجُنُبُ: يَعْنِي الصَّاحِبَ فِي السَّفَرِ". (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون) أي: وأكسوهم مما تكتسون. (وقوله تعالى) بالجر عطف على قول النبي ({وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى}) أي: القريب جوارًا، أو نسبًا. ({وَالْجَارِ الْجُنُبِ}) أي: البعيد. كذلك ({وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ}) أي: الرفيق في أمر حسن، كتعلم وتصرف وسفر، وقيل: الزوجة. ({وَابْنِ السَّبِيلِ}) أي: المنقطع في سفره ({مُخْتَالًا}) أي: متكبرًا. ({فَخُورًا}) أي: مفتخرًا على الناس بما أوتي، وفي نسخةٍ عقب ({وَالْمَسَاكِينِ}): "إلى قوله: {مُخْتَالًا فَخُورًا} ". وزاد فيها: "قال أبو عبد الله: {ذِي الْقُرْبَى}: القريب. و {بِالْجَنْبِ}: الغريب" [(الجار الجنب)] (¬1) يعني: الصاحب في السفر. 2545 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ، قَال: سَمِعْتُ المَعْرُورَ بْنَ سُويْدٍ، قَال: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الغِفَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا، فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ"، ثُمَّ قَال: "إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ ¬

_ (¬1) من (م).

أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ". [انظر: 30 - مسلم: 1661 - فتح: 5/ 173] (ابن أبي إياس) اسم أبي إياس: عبد الرحمن العسقلاني. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (واصل الأحدب) هو ابن حبان -بفتح المهملة وتشديد الموحدة- الأسدي. (سمعت المعرور) بفتح الميم وسكون العين المهملة، وفي نسخة: "سمعت معرورًا". (أبا ذر) هو جندب بن جنادة (فسألناه) في نسخة: "فسألنا". (عن ذلك) أي: عن السبب في إلباسه غلامه مثل لبسه؛ لأنه على خلاف المعهود. (ساببت) أي: "شاتمت" كما في نسخة. (رجلًا) هو بلال المؤذن. (أعيرته بأمه؟) لغة فصيحة والأفصح (أعيرته أمه؟). (خولكم) بفتح المعجمة والواو أي: خدمكم، سموا بذلك؛ لأنهم يتخولون الأمور أي: يصلحونها ومنه الخولي لمن يقوم بإصلاح البستان. (يده) في نسخة: "يديه". (فليطعمه) أي: ندبًا. (مما يأكل وليلبسه مما يلبس) أي: من جنس كل منهما. (ولا تكلفوهم) بتشديد اللام. (ما يغلبهم) النهي للتنزيه بقرينة قوله: (فإن كلفتموهم ما) في نسخة: "مما" (يغلبهم فأعينوهم) أي: عليه. وفي الحديث: النهي عن سب الرقيق، والحث على الإحسان إليه، وإطلاق الأخ عليه، وعدم الترفع على المسلم، والمحافظة على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. ومرَّ الحديث في كتاب: الإيمان في باب: المعاصي من أمر الجاهلية (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (30) كتاب: الإيمان، باب، المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك.

16 - باب العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده

16 - بَابُ العَبْدِ إِذَا أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ سَيِّدَهُ (باب: العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده) أثابه الله ثوابًا جزيلًا، والنصيحة كلمة جامعة لحيازة الحظ للمنصوح له. 2546 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "العَبْدُ إِذَا نَصَحَ سَيِّدَهُ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ". [2550 - مسلم: 1664 - فتح: 5/ 175] (كان له أجره مرتين) مرة لإحسانه عبادة ربه، ومرة لنصح سيده، واستشكل بأنه يلزم أن يكون أجر المملوك. ضعف أجر السيد، وأجيب بأنه: لا محذور في ذلك، أو يكون أجره مضاعفًا من هذه الجهة، وقد يكون للسيد جهات أخرى يستحق بها أضعاف أجر العبد، أو يكون المراد: ترجيح العبد المؤدي للحقين على العبد المؤدي لأحدهما. 2547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَأَعْتَقَهَا، وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَهُ أَجْرَانِ". [انظر 97 - مسلم 154 - فتح: 5/ 175] (سفيان) أي: الثوري. (عن صالح) أي: ابن صالح بن حَيّ، ويقال: ابن حيان. (فأدبها) في نسخة: "أدبها" بإسقاط الفاء. (تأديبها) في نسخة: "تعليمها". (فله أجران) أجر بالعتق، وأجر بالتعليم والتزويح. 2548 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، يَقُولُ: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِلْعَبْدِ المَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي، لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ". [مسلم 1665 - فتح: 5/ 175] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد.

17 - باب كراهية التطاول على الرقيق، وقوله: عبدي أو أمتي

(للعبد المملوك الصالح) أي: في عبادة ربه ونصح سيده. (أجران والذي نفسي بيده لولا) إلى آخره من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي، كما زعمه بعضهم، وخص الجهاد وتالييه بالذكر؛ لأن كلًّا منها يفتقر إلى إذن السيد، بخلاف بقية العبادات البدنية، وقيل: ولم يتعرض للمالية؛ لكونه كان إذ ذاك لم يكن له مال يزيد على قدر حاجته فيصرفه في القربات؛ أو لأنه كان يرى أن للعبد أن يتصرف في مال سيده بغير إذنه. 2549 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ مَا لِأَحَدِهِمْ يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ". [مسلم: 1666 - فتح 5/ 175] (أبو صالح) هو ذكوان الزيات. (نعما) بكسر النون وسكون العين وتخيف الميم، وبفتح النون وكسر العين وتشديد الميم، ويجوز كسر النون مع إسكان العين وكسرها اختلاس كسرتها وتشديد الميم، وقرئ بالجميع في العشر، واغتفر التقاء الساكنين في قراءة تسكين العين وإن كان على غير حده؛ لتبعية ما قبل آخر الكلمة لآخرها، كعكسه في الوقف، وفاعل (نعم) ضمير مستتر فيها يفسره ما (لأحدهم) متعلق بنعم. (يحسن إلى آخره) صفة لما، وما مميزة لفاعل (نعم) والمخصوص بالمدح محذوف يدل عليه (يحسن) و (ينصح) والتقدير: نعم لأحدهم الشيء شيئًا يحسن إلى آخره إحسانه عبادة ربه ونصحه لسيده. 17 - بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّطَاوُلِ عَلَى الرَّقِيقِ، وَقَوْلِهِ: عَبْدِي أَوْ أَمَتِي وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]، وَقَال: {عَبْدًا مَمْلُوكًا} [النحل: 75]، {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى البَابِ} [يوسف: 25]، وَقَال: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ}

[النساء: 25] وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ" وَ {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42] عِنْدَ سَيِّدِكَ، وَمَنْ سَيِّدُكُمْ. (باب: كراهية التطاول) أي: الترافع. (على الرقيق وقوله) أي: وكراهية قوله: (عبدي، أو أمتي) الكراهة فيهما للتنزيه وسببها: اشتراك اللفظ إذ يقال: عبد الله وأمة الله فعلم أن ذلك جائز وإن كره، وقد احتج له بقوله: (وقال الله تعالى إلى آخره). (قوموا إلى سيدكم) يشير إلى سعد بن معاذ، كما سيأتي في قصة قريظة (¬1). (سيدك) فسر به: ربك، وفي نسخة: "عند سيدك". (ومن سيدكم) ساقط من نسخة. والخطاب: لبني سلمة فقد قال البخاري في "الأدب المفرد". قال - صلى الله عليه وسلم -: "من سيدكم يا بني سلمة؟ " قالوا: الجُدّ بن قيس (¬2). بضم الجيم وتشديد الدال. 2550 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا نَصَحَ العَبْدُ سَيِّدَهُ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ". [انظر: 2546 - مسلم: 1664 - فتح: 5/ 177] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عبيد الله) أي: ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب. (إذا نصح العبد سيده) إلى آخره مقتضي أنه ينصح له يكره أن يتطاول عليه. ومرَّ الحديث آنفًا. 2551 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "المَمْلُوكُ الَّذِي يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4121) كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب. (¬2) "الأدب المفرد" ص 107 (296) باب: البخل.

وَيُؤَدِّي إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الحَقِّ، وَالنَّصِيحَةِ وَالطَّاعَةِ لَهُ أَجْرَانِ". [انظر: 97 - مسلم: 154 - فتح: 5/ 177] (عن بريد) أي: ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، واسم أبي بردة: الحارث، أو عامر كما مرَّ. (المملوك) في نسخة: "للمملوك". (له أجران) (له) ساقط من النسخة الثانية، فعلى الأولى: (له أجران) خبر لقوله: (المملوك) وعلى الثانية: "للمملوك" خبر لقوله: (أجران). 2552 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَال: "لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ وَضِّئْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي مَوْلايَ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلامِي". [مسلم: 2249 - فتح: 5/ 177] (محمد) أي: ابن سلام، أو الذهلي، أو ابن رافع، وهو الذي في مسلم (¬1). (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن أبي راشد. (لا يقل أحدكم) أي: للمملوك. (أطعم ربك) إلى آخره اقتصر على الإطعام وتالييه لغلبة استعمالها في المخالطات، وسبب النهي عن ذلك: أن حقيقة الربوبية لله تعالى فلا يليق مشاركة غيره له فيها، ومع ذلك فالنهي للتنزيه إذ هو جائز وإن كره، قال تعالى: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42] {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50] (وليقل: سيدي مولاي) في نسخة: "ومولاي" وإنما فرق بين الرب وبين السيد والمولى، أمَّا بينه وبين السيد؛ فلأن الرب اسم من أسمائه تعالى اتفاقًا ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2249) (15) كتاب: الألفاظ من الأدب، باب: حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد.

بخلاف السيد، وأما بينه وبين المولى؛ فلأن الرب مختص بالله تعالى والمولى مشترك بينه وبين غيره؛ لأنه يقال: لأشياء: منها الناصر، والولي، والمالك، والسيد والمنعم، والمعتق، وأما خبر مسلم من طريق الأعمش: "لا يقل أحدكم: مولاي فإن مولاكم الله" (¬1). فأجيب عنه: بأن مسلمًا قد بين الاختلاف فيه عن الأعمش، وأن منهم من ذكر هذه الزيادة، ومنهم من حذفها، قال القاضي عياض: وحذفها أصح (¬2). (ولا يقل أحدكم: عبدي أمتي) النهي فيه للتنزيه، كما مرَّ بيانه مع بيان سببه. 2553 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنَ العَبْدِ، فَكَانَ لَهُ مِنَ المَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ، يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَأُعْتِقَ مِنْ مَالِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ". [انظر: 2491 - مسلم: 1501 - فتح: 5/ 177] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل. (فكان له) في نسخة: "كان له". (فقد عتق منه) في نسخة: "فقد أعتق منه ما عتق" ومرَّ الحديث آنفًا. ومطابقته للترجمة: بكراهية التطاول من حيث أنه لو لم يحكم عليه بعتق كله عند اليسار لكان بذلك متطاولًا عليه. 2554 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2249) (14) كتاب: الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد. (¬2) "إكمال المعلم" 7/ 190.

الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". [انظر: 893 - مسلم: 1829 - فتح: 5/ 177] (فمسئول) في نسخة: "ومسئول" بالواو. (فالأمير الذي على الناس). (راع) في نسخة: "فهو راع عليهم". ومطابقته للترجمة: بكراهية التطاول من حيث أنه إذا كان ناصحًا له في خدمته مؤديًا له الأمانة ينبغي أن يعينه ولا يتطاول عليه. 2555، 2556 - الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". [انظر: 2153، 2154 - مسلم: 1704 - فتح: 5/ 178] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عبيد الله) أي: ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود. (بيعوها) أي: بعد جلدها، وفي نسخة: "فبيعوها" بالفاء. (ولو بضفير) بالضاد المعجمة، أي: حبل مفتول، أو منسوج من الشعر، وهذا مستثنى من كراهية التطاول؛ لأنه إنما يقول: إذا نصحت سيدها وأدت حق الله، فإذا زنت أخلت بالأمرين فتؤدب بما ذكر، فذكره في الباب لبيان ذلك. ومرَّ شرح الحديث في باب: بيع العبد الزاني من كتاب: البيوع (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2153، 2154) كتاب: البيوع، باب: بيع العبد الزاني.

18 - باب إذا أتاه خادمه بطعامه

18 - بَابُ إِذَا أَتَاهُ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ (باب: إذا أتاه خادمه) في نسخة: (إذا أتى) أي: خادمه. (بطعامه) جواب الشرط محذوف أي: فليجلسه معه؛ ليأكل أو يناوله لقمة أو لقمتين، كما يعلم من الحديث. 2557 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَليُنَاولْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِيَ عِلاجَهُ". [5460 - مسلم: 1663 - فتح: 5/ 181] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (فإن لم يجلسه معه) [عطف على المقدر أي: فليجلسه معه] (¬1)؛ ليأكل، والأمر فيه للندب. (لقمة أو لقمتين) شك من الراوي. وكذا قوله: (أو أكلة أو أكلتين) بضم الهمزة فيهما، أي: لقمة أو لقمتين فهو من عطف أحد المترادفين على الآخر؛ لتغاير لفظيهما. (فإنه ولي علاجه) أي: مزاولته. وفيه: الحث على مكارم الأخلاق، والمواساة في الطعام لا سيما منَ صنعه وحمله. 19 - بَابٌ: العَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَنَسَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَالَ إِلَى السَّيِّدِ. (باب: العبد راع في مال سيده) وأشار إلا أن العبد لا يملك شيئًا بقوله (ونسب النبي) إلى آخره قال شيخنا: كأنه يشير بذلك إلى خبر: ¬

_ (¬1) من (م).

"من باع عبدًا وله مال كله واحده للسيد". انتهى (¬1). ويرد: بأن نسبة المال إلى السيد بعد البيع في الحديث إنما هو مفرع على القول بأن العبد يملك كما قدمته في باب: من باع نخلًا قد أبرت (¬2)، بقرينة نسبة المال إلى العبد في صدر الحديث. وقد يجاب: بأن نسبة المال إليه؛ للاختصاص لا للملك. 2558 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"، قَال: فَسَمِعْتُ هَؤُلاءِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". [انظر: 893 - مسلم: 1829 - فتح: 5/ 181] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. ومرَّ الحديث مرارًا (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 5/ 181، والحديث سبق برقم (2379) كتاب: المساقاة، باب: الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل. (¬2) سبق برقم (2203) كتاب: البيوع، باب: من باع نخلًا قد أبرت. (¬3) سلف الحديث برقم (893) كتاب: الجمعة، باب: الجمعة في القرى والمدن. و (2409) كتاب: في الاستقراض، باب: العبد راع في مال سيِّده ولا يعمل إلا بإذنه. و (2554) كتاب: العتق، باب: كراهية التطاول على الرقيق.

20 - باب إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه

20 - بَابُ إِذَا ضَرَبَ العَبْدَ فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ (باب: إذا ضرب العبد) مثلًا. (فليجتنب الوجه) أي: إكرامًا له؛ ولأنه لطيف يجمع المحاسن. 2559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، قَال: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ فُلانٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ". [مسلم: 2612 - فتح: 5/ 182] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (ابن وهب) هو عبد الله (ابن فلان)، بالرفع هو عبد الله بن زياد بن سمعان، لم يصرح به ابن وهب؛ لضعفه، وإنما أدخله البخاري في التعاليق لا في الأصول. (إذا قاتل) بمعنى: قتل، ولفظ مسلم: "إذا ضرب" (¬1). ويحتمل استعمال: (قاتل) في حقيقته ومجازه يشمل ما يقع عند دفع الصائل. (فليجتنب الوجه) أي: وجوبًا. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: إنه إذا وجب اجتناب الوجه عند القتال مع الكفار فاجتناب وجه العبد المؤمن أوجب. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2612) كتاب: البر والصلة، باب: النهي عن ضرب الوجه.

50 - كتاب المكاتب

50 - كتاب المكاتب

1 - باب إثم من قذف مملوكه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 50 - كتاب المكاتب 1 - باب إِثْمِ مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ المُكَاتِبِ، وَنُجُومِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ نَجْمٌ. وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا، وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] وَقَال رَوْحٌ: عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالًا، أَنْ أُكَاتِبَهُ؟ قَال: "مَا أُرَاهُ إلا وَاجِبًا" وَقَالهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: تَأْثُرُهُ عَنْ أَحَدٍ، قَال: "لَا" ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنَّ مُوسَى بْنَ أَنَسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ سِيرِينَ، سَأَلَ أَنَسًا، المُكَاتَبَةَ - وَكَانَ كَثِيرَ المَالِ - فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: كَاتِبْهُ فَأَبَى، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، " وَيَتْلُو عُمَرُ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] فَكَاتَبَهُ". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في المكاتب) بفتح الفوقية وبكسرها، وفي نسخة: [بدل (في المكاتب)] (¬1) (كتاب المكاتب). (باب: إثم من قذف مملوكه) ساقط من نسخة ولم يذكر له حديثًا. (باب المكاتب ونجومه) وفي نسخة: "المكاتب ونجومه" بالرفع خبر مبتدإِ محذوف، ¬

_ (¬1) من (م).

أي: هذا المكاتب ونجومه أي: بيان حكمها. (في كل سنة نجم) مبتدأ وخبره مقدم. (وقوله) بالجر عطف على المجرور فيما ذكر، وبالرفع استئناف. {يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ} [النور: 33] أي: المكاتبة {مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} عبدًا كان أو أمة ({فَكَاتِبُوهُمْ}) أي: ندبًا لا وجوبًا، لأن المكتابة معاوضة تتضمن الإعتاق فلا تجب كغيرها إذا طلبها المملوك وإلا لاحتكمت المماليك مع المالكين ({إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}) أي: أمانة وقدرة على أداء المال ({وَآتُوهُمْ}) أي: أعطوهم وجوبًا شيئًا ({مِنْ مَالِ اللَّهِ}) وفي معناه: حط الشيء من مال الكتابة ويكفي فيهما أقل متمول. (روح) أي: ابن عبادة. (عن ابن جريج) أي: عبد الملك بن عبد العزيز المكي. (قلت لعطاء) أي: ابن أبي رباح. (ما أراه) بضم الهمزة، وفي نسخة: بفتحها. (وقال عمرو بن دينار: قلت لعطاء تأثره) بسكون الهمزة وضم المثلثة، وفي نسخة: (أتأثره) بهمزة استفهام، أي: أترويه وظاهر ذلك: يدل على أن الأثر المذكور من رواية عمرو بن دينار عن عطاء، وليس كذلك إذ النسخة المعتمد عليها: (وقاله عمرو بن دينار) [بضمير، وقائل (قلت) لعطاء (تأثره) ابن جريج لا عمرو، وحينئذ فيكون قوله: (وقاله عمرو بن دينار)] (¬1) معترض بين قوله: ما أراه إلا واجبًا وقوله: (قلت لعطاء: تأثره) وحاصله: أن عمرو بن دينار قال ذلك، كما قاله عطاء لا أنه رواه عنه، نبه على ذلك شيخنا (¬2). (ثم أخبرني) أي: عطاء. (سيرين) بكسر المهملة: والد محمد بن سيرين المشهور. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) انظر: "الفتح" 5/ 186.

(فأبى) أي: امتنع من مكاتبته. (فضربه بالدرة) بكسر المهملة وتشديد الراء: آلة يضرب بها، وإنما ضرب عمر أنسًا على امتناعه من المكاتبة مع أنها مندوبة كما مر؛ لأن اجتهاده أداه إلى أن الأمر في: {فَكَاتِبُوهُمْ} للوجوب، وامتناع أنس جار على أنه للندب. 2560 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال عُرْوَةُ: قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنَّ بَرِيرَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهَا تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَعَلَيْهَا خَمْسَةُ أَوَاقٍ نُجِّمَتْ عَلَيْهَا فِي خَمْسِ سِنِينَ، فَقَالتْ لَهَا عَائِشَةُ وَنَفِسَتْ فِيهَا: أَرَأَيْتِ إِنْ عَدَدْتُ لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً أَيَبِيعُكِ أَهْلُكِ، فَأُعْتِقَكِ، فَيَكُونَ وَلاؤُكِ لِي، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: لَا، إلا أَنْ يَكُونَ لَنَا الوَلاءُ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَرِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَهُوَ بَاطِلٌ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 5/ 185] (يونس) أي: ابن يزيد. (في كتابتها) أي: في مال كتابتها. (خمسة أواق) في نسخة: "خمس أواقي" بحذف التاء من خمس وإثبات التحتية في أواقي. (نجمت) بالبناء للمفعول، أي: (وزعت) في خمس سنين لا ينافي ذلك ما سيأتي في باب: استعانة المكاتب (¬1) من أنها كوتبت على تسعة أواق في تسعة أعوام؛ لأن التسعة كانت أصلًا والخمسة بقيت عليها بعد تحصيلها الأربعة الزائدة عليها، أو لأن الخمسة كانت بحلول نجومها ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2563) كتاب: المكاتب، باب: استعانة المكاتب وسؤاله الناس.

2 - باب ما يجوز من شروط المكاتب، ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله

من جملة التسعة. (ونفست) بكسر الفاء، أي: رغبت (فيها) والجملة: حال. (أرأيت) أي: أخبريني. ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الصلاة، في باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد (¬1). (شرط الله أحق وأوثق) قيل: هو قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] وقيل: هو ما أعلم الله به نبيه من قوله: (إنما الولاء لمن أعتق). 2 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ شُرُوطِ المُكَاتَبِ، وَمَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: ما يجوز من شروط المكاتب، ومن اشترط شرطًا ليس في كتاب الله) أي: بيان حكم الأمرين. (فيه ابن عمر) في نسخة: "فيه عن ابن عمر". (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) ساقط من نسخة. 2561 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لِأَهْلِهَا، فَأَبَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ، فَلْتَفْعَلْ وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْتَاعِي، فَأَعْتِقِي فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" قَال: ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (456) كتاب: الصلاة، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد.

اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 5/ 187] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (عن ابن شهاب) زاد في نسخة قبله: "عن عقيل". (عنك كتابتك) في نسخة: "عن كتابتك" وفي ذلك مع ما بعده تجوز؛ إذ المعنى: إن أحبوا أن أقضي عنك ثمنك بأن تفسخ الكتاب ويبيعوك لي فأعتقك، ويكون ولاؤك لي فعلت، لا إن أحبوا أن أقضي عنك مالك كاتبتك ويكون ولاؤك لي فعلت، إذ ليس لها أن تطلب ولاء من أعتقه غيرها. (فقال لها) لفظ: (لها) ساقط من نسخة. (ليست في كتاب الله) أي: ليست في حكم الله من كتاب، أو سُنة، أو إجماع. (مائة مرة) في نسخة: "مائة شرط". (شرط الله أحق وأوثق) ليس أفعل التفضيل فيهما على بابه، بل المراد: أن شرط الله هو الحق والقوي وما عاده واهٍ. 2562 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَرَادَتْ عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِتُعْتِقَهَا، فَقَال أَهْلُهَا: عَلَى أَنَّ وَلاءَهَا لَنَا، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكِ، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [انظر: 2156 - مسلم: 1504 - فتح: 5/ 188] (أم المؤمنين) ساقط من نسخة. (فقال) في نسخة: "قال". (لا يمنعنك) في نسخة "لا منعك" وليس في حديثي الباب إلا ذكر شرط الولاء، وجمع في الترجمة بين أمرين، ولعله فسر الأول بالثاني وإلا فللكتابة شروط: - أن يكون السيد أهلًا للتبرع. - وأن تكون الكتابة على جميع الرقيق إلا أن يكون باقيه حرًّا.

3 - باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس

- وأن يكون عوضها معلومًا. - وأن يكون متعددًا. - وأن يقول مع لفظها إذا أُديت إلى النجوم أو برئت منها فأنت حرٌّ أو ينويه. ومرَّ الحديث في البيوع (¬1). 3 - بَابُ اسْتِعَانَةِ المُكَاتَبِ وَسُؤَالِهِ النَّاسَ (باب: استعانة المكاتب وسؤاله الناس) أي: ليعينوه فالمعطوف مفسر للمعطوف عليه. 2563 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: جَاءَتْ بَرِيرَةُ، فَقَالتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، فَقَالتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ، فَعَلْتُ، وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لِي، فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا، إلا أَنْ يَكُونَ الوَلاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: "خُذِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلاءَ، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، قَالتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَأَيُّمَا شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، فَقَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، مَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَعْتِقْ يَا فُلانُ وَلِيَ الوَلاءُ، إِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 5/ 190] ¬

_ (¬1) سلف برقم (2156) كتاب: البيوع، باب: البيع والشراء مع النساء.

4 - باب بيع المكاتب إذا رضي

(أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن هشام) أي: "ابن عروة" كما في نسخة. (وقية) في نسخة: "أوقية". (فأعينيني) أمر من الإعانة وفي نسخة: "فأعيتني" بصيغة الماضي من الإعياء، أي: أعجزتني الأواقي عن تحصيلها. (وأعتقك) بالنصب عطف على (أعدها). وكذا قوله: (ويكون) بالواو، وفي نسخة: "فيكون" بالفاء. (فقال: خذيها فأعتقيها واشترطي لهم الولاء) استشكل بأن هذا الشرط يفسد العقد وبأن فيه: أنها خدعت البائعين حيث شرطت لهم ما لا يحصل لهم، وبأنه كيف أذن - صلى الله عليه وسلم - لها في ذلك، وأجيب بأن: (لهم) بمعنى: عليهم، أي: واشترطي عليهم، كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] أو بمعنى: أظهري لهم حكم الولاء، وبأنه أراد توبيخهم؛ لأنه قد بين لهم أن هذا الشرط لا يصح لهم، فلما لجوا في اشتراطه قال لها ذلك، أي: لا تبالي به سواء شرطتيه أم لا. والحكمة في إذنه ثم إبطاله: أن يكون أبلغ في قطع عادتهم وزجرهم عن مثله. ومرَّ شرح الحديث آنفًا. 4 - بَابُ بَيْعِ المُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ وَقَالتْ عَائِشَةُ: "هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ" وَقَال زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: "مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ" وَقَال ابْنُ عُمَرَ: "هُوَ عَبْدٌ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ وَإِنْ جَنَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ". 2564 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:

5 - باب إذا قال المكاتب: اشترني وأعتقني، فاشتراه لذلك

فَقَالتْ لَهَا: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً، فَأُعْتِقَكِ، فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ بَرِيرَةُ ذَلِكَ لِأَهْلِهَا، فَقَالُوا: لَا إلا أَنْ يَكُونَ وَلاؤُكِ لَنَا، قَال مَالِكٌ: قَال يَحْيَى: فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 5/ 194] (باب: بيع المكاتب) أي: جواز بيعه. (إذا رضي) أي: بالبيع. (ولاؤك لنا) في نسخة: "الولاء لنا". (زعمت) أي: قالت (اشتريها) ظاهره: جواز بيع المكاتب وإن لم يرض به ولم يفسخ الكتابة، وهو مذهب الإمام أحمد، وحمله الشافعي على ما إذا رضي بالبيع وإن لم يفسخ الكتابة؛ لأن رضاه به فسخ لها. 5 - بَابُ إِذَا قَال المُكَاتَبُ: اشْتَرِنِي وَأَعْتِقْنِي، فَاشْتَرَاهُ لِذَلِكَ (باب: إذا قال المكاتب اشتري واعتقي فاشتراه لذلك) أي: للعتق جاز. 2565 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي أَيْمَنُ، قَال: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: كُنْتُ [غُلامًا] لِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ وَمَاتَ وَوَرِثَنِي بَنُوهُ، وَإِنَّهُمْ بَاعُونِي مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المَخْزُومِيِّ، فَأَعْتَقَنِي ابْنُ أَبِي عَمْرٍو وَاشْتَرَطَ بَنُو عُتْبَةَ الْوَلاءَ، فَقَالتْ: دَخَلَتْ بَرِيرَةُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ، فَقَالتْ: اشْتَرِينِي وَأَعْتِقِينِي، قَالتْ: نَعَمْ، قَالتْ: لَا يَبِيعُونِي حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلائِي، فَقَالتْ: لَا حَاجَةَ لِي بِذَلِكَ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَلَغَهُ - فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ مَا قَالتْ لَهَا: فَقَال: "اشْتَرِيهَا، وَأَعْتِقِيهَا، وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُونَ مَا شَاءُوا"، فَاشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ، فَأَعْتَقَتْهَا وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا الوَلاءَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 5/ 196]

(أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (كنت لعتبة) في نسخة: "كنت غلامًا لعتبة". (من ابن أبي عمرو) في نسخة: "من عبد الله بن أبي عمرو بن عبد الله المخزومي" (وأعتقيني) في نسخة: "فأعتقيني" (يشترطون) في نسخة: "يشترطوا".

51 - كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها

51 - كِتَابُ الهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا

1 - باب فضل الهبة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 51 - كِتَابُ الهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا 1 - باب فَضْلِ الهِبَةِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أخرت في نسخة عن قوله: (كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها) وفي نسخة: بدل (عليها) "فيها" والهبة: تمليك بلا عوض، وهي شاملة للصدقة والهدية، كما هو معروف في كتب الفقه. 2566 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، [عَنْ أَبِيهِ] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ". [6017 - مسلم: 1030 - فتح: 5/ 197] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (عن المقبري) هو سعيد بن كيسان. (عن أبيه) ساقط من نسخة. (يا نساء) بالضم منادى مفرد. (المسلمات) صفات له فيرفع على اللفظ، وينصب بالكسرة على المحل، وبنصب (نساء) وجر المسلمات على أنه منادى مضاف وهو من إضافة الموصوف إلا الصفة عند الكوفيين، والبصريون يؤولونه بأن المسلمات صفة لمحذوف، والتقدير: يا نساء النفوس المسلمات. (لا تحقرن جارة لجارتها) في نسخة: "لجارة" واللام متعلقة بمحذوف، أي: هدية. (فرسن شاة) بكسر الفاء والسين وإسكان الراء: عظم قليل اللحم وهو للبعير كالحافر

من الفرس، ويطلق على حافر الشاة مجازًا، وقيل: حقيقة والنهي للمهدية والمهدى إليها، والمعنى: لا تمتنع جارة من إهداء شيء قليل، بل تجود بما تيسر لها ولا تمتنع جارة من قبول ما أُهدي لها وإن قل، وأشار بذلك إلى المبالغة في إهداء الشيء اليسير وقبوله لا إلى حقيقة الفرسن إذ لم تجر العادة بإهدائه. 2567 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي "إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الهِلالِ، ثُمَّ الهِلالِ، ثَلاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ"، فَقُلْتُ يَا خَالةُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالتْ: "الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، إلا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَا". (حدثنا ابن أبي حازم) في نسخة: "حدثني ابن أبي حازم" واسمه: عبد العزيز واسم أبي حازم: سلمة بن دينار. (رومان) بضم الراء. (ابن أختي) بوصل همزة (ابن) وبالنصب بالنداء بأداته المقدرة، وبفتح الهمزة فهي الأداة (إن كنا) إن مخففة من الثقيلة. (ثم الهلال) بالجر. (ثلاثة أهلة) بالجر بدل مما قبله بتقدير هلال ثلاثة، وبالنصب بنظر (في شهرين) أي: يكمل الثلاثة في شهرين باعتبار رؤية الهلال في أوائل الثلاثة فالمدة ستون يومًا، والمرئي ثلاثة. (يا خالة) بضم التَّاء وكسرها. (يعيشكم) بضم التَّحتيَّة وكسر العين من الإعاشة، وبفتح العين وتشديد ما بعدها من التَّعيش. (الأسودان: التَّمر والماء) في الأسودين تغليب، كالعمرين والقمرين وإلَّا فلا لون للماء، وإنما أطلقت عائشة على التَّمر أسود؛ لأنه غالب تمر المدينة. (جيران) بكسر الجيم. (منائح) جمع منيحة بفتح الميم وكسر النُّون:

2 - باب القليل من الهبة

وهي شاة، أو ناقة فيها لبن تعطيها غيرك، ليحتلبها ثمَّ يردها إليك. (يمنحون) أي: يعطون. وفي الحديث الأوَّل: حثٌّ على التَّهادي ولو باليسير؛ لما فيه من استجلاب المودَّة وإزالة العداوة ودوام المعاشرة. وفي الثاني: صبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التَّقلل من الدُّنيا، وحجة من آثر الفقر على الغنى، وأن الواجد يواسي المعدوم. 2 - بَابُ القَلِيلِ مِنَ الهِبَةِ (باب: القليل من الهبة) أي: بيان أنَّ المهدي إليه بشيء قليل لا يستقله ولا يردّه لقلَّته. 2568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ". [5178 - فتح: 5/ 199] (حدَّثنا محمد) في نسخة: "حدَّثني محمد". (ابن أبي عدي) اسمه: محمد، واسم أبيه: إبراهيم. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: مهران الأعمش. (عن أبي حازم) هو سُليمان الأشجعي. (إلى ذراع) بذال معجمة، أي: ساعد (أو كراعٍ) بضم الكاف: وهو ما دون الرّكبة من السَّاق. (ولو أهدى إلي) هو موضع التَّرجمة. 3 - بَابُ مَنِ اسْتَوْهَبَ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا وَقَال أَبُو سَعِيدٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا". [انظر: 2276]

[(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة] (¬1). (باب: من استوهب من أصحابه شيئًا) جاز بلا كراهة إذا علم طيب أنفسهم بذلك (سهمًا) أي: من الغنم الحاصل من رقية اللَّديغ بالفاتحة السَّابق في كتاب: الإجارة (¬2). 2569 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ، وَكَانَ لَهَا غُلامٌ نَجَّارٌ، قَال لَهَا: "مُرِي عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنَا أَعْوَادَ المِنْبَرِ"، فَأَمَرَتْ عَبْدَهَا، فَذَهَبَ فَقَطَعَ مِنَ الطَّرْفَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا قَضَاهُ، أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ قَدْ قَضَاهُ، قَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْسِلِي بِهِ إِلَيَّ"، فَجَاءُوا بِهِ، فَاحْتَمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ. [انظر: 377 - مسلم: 544 - فتح: 5/ 200] (ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم. (أبو بغسَّان) هو محمد بن مطرف اللَّيثي. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. (أرسل إلى امرأة من المهاجرين) فيه تجوز؛ لأنها من الأنصار لا من المهاجرين، ولعلها عرض لها صحبة بهم فنسبت إليهم. ومطابقة الحديث للترجمة: في إرساله إليها؛ لتأمر عبدها، ليعمل أعواد المنبر؛ لأنَّ إرساله إليها لذلك استيهاب منه لما ذكر (لها غلام) اسمه: باقوم كما مرَّ (قال: مري عبدك) في نسخة: "فقال: مري عبدك" وفي أخرى: "قال لها: مري عبدك" (فليعمل لنا أعواد المنبر) بأن يُهيئها؛ لتكون منبرًا. (فلما قضاه) أي: صنعه، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الجمعة (¬3). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سلف برقم (2276) كتاب: الإجارة، باب: ما يعطى في الرقبة على أحياء العرب. (¬3) سلف برقم (917) كتاب: الجمعة، باب: الخطبة على المنبر.

2570 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلٍ، فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلٌ أَمَامَنَا وَالقَوْمُ مُحْرِمُونَ، وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي بِهِ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، وَالتَفَتُّ، فَأَبْصَرْتُهُ فَقُمْتُ إِلَى الفَرَسِ، فَأَسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ، وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاولُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَغَضِبْتُ، فَنَزَلْتُ، فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ العَضُدَ مَعِي، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال: "مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ "، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ العَضُدَ، فَأَكَلَهَا حَتَّى نَفِدَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَحَدَّثَنِي بِهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1821 - مسلم: 1196 - فتح: 5/ 200] (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (السَّلمي) بفتح المهملة واللَّام. (أخصف نعلي) بكسر الصَّاد المهملة، أي: أخرزها. (به) أي: بالحمار. (فالتفت) في نسخة: "والتفت" بالواو. (فعقرته) أي: جرحته. (وخبأت العضد) أي: من الحمار. (فأدركنا) بإسكان الكاف (نفدها) بفاء مشدَّدة ودال مهملة أي: أفناها وفي نسخة: "نفدها" بفاء مكسورة مخفَّفة. (عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -). ساقط من نسخة. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (معكم منه شيء) لأنَّه في معنى الاستيهاب من الأصحاب، وإنَّما قال لهم ذلك؛ ليؤنسهم به ويرفع عنهم اللبس في توقفهم في جواز ذلك، ومرَّ شرح الحديث في الحجِّ (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (1821) كتاب: جزاء الصيد، باب: وإذا صار الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله.

4 - باب من استسقى

4 - بَابُ مَنِ اسْتَسْقَى وَقَال سَهْلٌ: قَال لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْقِنِي". [انظر: 5256] (باب: من استسقى) أي: طلب من غيره ما يشربه من ماءٍ، أو لبن، أو غيره يجوز له ذلك. (وقال سهل) أي: ابن سعد الأنصاري. 2571 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو طُوَالةَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِنَا هَذِهِ فَاسْتَسْقَى، فَحَلَبْنَا لَهُ شَاةً لَنَا، ثُمَّ شُبْتُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِنَا هَذِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ وَعُمَرُ تُجَاهَهُ، وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَال عُمَرُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِيَّ [فَضْلَهُ]، ثُمَّ قَال: "الأَيْمَنُونَ الأَيْمَنُونَ، أَلا فَيَمِّنُوا" قَال أَنَسٌ: فَهِيَ سُنَّةٌ، فَهِيَ سُنَّةٌ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ. [انظر: 2352 - مسلم: 2029 - فتح: 5/ 201] (أبو طوالة) بضمِّ المهملة، وزاد في نسخة: "اسمه: عبد الله بن عبد الرَّحمن" (فحلبنا له) لفظ: (له) ساقط من نسخة. (ثم شبته) بكسر المعجمة وضمها، أي: خلطته تجاهه بضمِّ التَّاء، أي: مقابله. (هذا أبو بكر) أي: أسقه. (فأعطى الأعرابي فضله) لفظ: (فضله) ساقط من نسخة. (الأيمنون الأيمنون) خبر الأولّ محذوف، أي: مقدَّمون، أو الأوَّل مرفوع بمقدَّر، أي: يقدَّم الأيمنون، والثَّاني تأكيد للأوَّل على التَّقديرين. (ألَا) بتخفيف اللَّام للتنبيه. (فيمنوا) أمر من التَّيمن، وهذا تأكيد بعد تأكيد. (فهي) أي: البداءة بالأيمن. (سُنَّة فهي سُنَّة) زاد في نسخة: "فهي سنة". (ثلاث مرَّات) ساقط على بعض نسخ الثَّانية. 5 - بَابُ قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ وَقَبِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبِي قَتَادَةَ عَضُدَ الصَّيْدِ. [انظر: 1821]

6 - باب قبول الهدية

(باب: قبول هدَّية الصيد) أي: جواز قبولها. 2572 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى القَوْمُ، فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتُهَا، فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَرِكِهَا أَوْ فَخِذَيْهَا - قَال: فَخِذَيْهَا لَا شَكَّ فِيهِ - فَقَبِلَهُ"، قُلْتُ: وَأَكَلَ مِنْهُ؟ قَال: وَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَال بَعْدُ: قَبِلَهُ. [5489، 5535 - مسلم 1953 - فتح: 5/ 202] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (أَنفجنا) بفتح الهمزة وإسكان الجيم، أي: أثرنا. (بمرّ الظهران) بفتح الميم وتشديد الرَّاء والظَّاء المعجمة: موضع قريب من مكة (¬1). (فلغبوا) بفتح المعجمة أفصح من كسرها، أي: "تعبوا" كما في نسخة. (وبعث بها) لفظ: (بها) ساقط من نسخة، فعليها قوله: (بوركها) متعلِّق بـ (بعت) وعلى الأولى بدل من بها، والورك بفتح الواو وكسر الرَّاء، ويجوز كسر الواو وسكون الرَّاء: ما فوق الفخذ. (أو فخذيها) شكٌّ من الرَّاوي. (قال) أي: شعبة. (فخذيها لا شكَّ فيه) في قول شعبة ذلك دليل على أنَّه شكٌّ في الفخذين ثمَّ تيقَّن، وشكّ أيضًا في الأكل دون القبول، وإليه أشار بقوله: (قلت: وأكل منه؟ قال: وأكل منه، ثمَّ قال بعد) أي: بعد القول بالأكل. (قبله) أي: لأنّ أكله يقتضي قبوله. [6 - باب قَبُولِ الهَدِيَّةِ] (باب: قبول الهدَّية) ساقط من نسخة وصوَّبها شيخنا (¬2). 2573 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 63. (¬2) انظر: "الفتح" 5/ 202.

7 - باب قبول الهدية

بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ، قَال: "أَمَا إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلا أَنَّا حُرُمٌ". [انظر: 1825 - مسلم: 1193 - فتح: 5/ 202] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس (أنَّه أهدى لرسول الله) إلى آخره مرَّ شرحه في كتاب: الحج (¬1) والغرض منه هنا قوله: (لم نرُدَّه عليك إلَّا أنَّا حرم) إذ مفهومه: أنَّه لو لم يكن محرمًا لقبله. و (الأبواء) و (ودان): موضعان بين مكَّة والمدينة (¬2). 7 - بَابُ قَبُولِ الهَدِيَّةِ (باب: قبول الهديَّة) في نسخة: "باب من قبل الهديَّة سواء كان المُهدى صيدًا أم لا" فذلك أعمُّ مما مرَّ من تقييد المهدي بالصيد. 2574 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، يَبْتَغُونَ بِهَا - أَوْ يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ - مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [2580، 2581، 3775 - مسلم: 2441 - فتح: 5/ 203] (حدَّثنا إبراهيم) في نسخة: "حدَّثني إبراهيم". (عبدة) أي: ابن سليمان. (هشام) أي: ابن عروة. (يتحرّون) أي: يقصدون. (يبتغون) أي: يطلبون، وفي نسخة: "يتبعون" بتشديد الفوقيّة، وكسر الموحَّدة. (بها) أي: بهداياهم. (أو ¬

_ (¬1) سلف برقم (1825) كتاب: جزاء الصيد، باب: إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًّا حيًّا لم يقبل. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 1/ 79، 5/ 365.

يبتغون بذلك) أي: بالتَّحرِّي والشَّك من الرَّاوي. 2575 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ خَالةُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا، فَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَقِطِ وَالسَّمْنِ، وَتَرَكَ الضَّبَّ تَقَذُّرًا"، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [5389، 5402، 7358 - مسلم: 1947 - فتح: 5/ 203] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (أمُّ حفيد) بمهملة مضمومة ففاء مفتوحة آخره مهملة، واسمها: هزيلة مصغر هزلة. (أقطًا) أي: لبنًا مجففًا. (وأضبًّا) بهمزة مفتوحة ومعجمة مضمومة جمع ضب، وفي نسخة: "وضبًّا" وهي دويية لا تشرب الماء، (فأكل النَّبي) إلى آخره، فيه: مطابقة الحديث للترجمة؛ لأن أكله دليل على قبول الهدية. (وترك الضَّب) في نسخة: "وترك الأضب". 2576 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ: "أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟ "، فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ، قَال لِأَصْحَابِهِ: "كُلُوا"، وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ، ضَرَبَ بِيَدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَكَلَ مَعَهُمْ. [مسلم: 1077 - فتح: 5/ 203] (حدَّثنا إبراهيم) في نسخة: "حدَّثني إبراهيم بن المنذر" (ابن المنذر) في نسخة: "ابن منذر". (معن) أي: ابن عيسى بن يحيى. (أهديَّة؟) بالرَّفع خبر مبتدإٍ محذوف، أي: هذا، وبالنَّصب بتقدير: أجئتم به؟ (ضرب بيده) أي: شرع في الأكل. ومطابقة الحديث للترجمة: في هذا مع ما قبله؛ لأن أكله معهم يدلُّ على قبول الهديَّة.

2577 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، قَال: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ". (حدَّثنا محمد) في نسخة: "حدَّثني محمد". (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (قال) أي: شعبة. 2578 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، قَال: سَمِعْتُهُ مِنْهُ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، وَأَنَّهُمُ اشْتَرَطُوا وَلاءَهَا، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَرِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ" وَخُيِّرَتْ، قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: زَوْجُهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ؟ قَال شُعْبَةُ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْ زَوْجِهَا، قَال: "لَا أَدْرِي أَحُرٌّ أَمْ عَبْدٌ". [انظر: 456 - مسلم: 1075، 1504 فتح: 5/ 203] (سمعته) أي: الحديث الآتي. (منه) أي: من عبد الرَّحمن. (عن القاسم) هو أبو عبد الرَّحمن. (وأهدي لها لحم) في نسخة: "وأهدت لها لحمًا". (هو لها صدقة ولنا هديَّة). زاد في نسخة قبله: "فقيل للنَّبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا تصدَّق به على بُريرة فقال النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: هو" إلخ (وخيِّرت) أي: بريرة بين فسخها النكاح وعدمه. (سألت) في نسخة: "ثم سألت". (أم عبد) في نسخة: "أو عبد" والمشهور أنَّه عبد. 2579 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالتْ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَال: "عِنْدَكُمْ شَيْءٌ"، قَالتْ: لَا، إلا شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ، مِنَ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثْتَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّدَقَةِ، قَال: "إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا". [انظر: 1446 - مسلم: 1076 - فتح: 5/ 203]

8 - باب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه دون بعض

(عن أم عطيَّة) اسمها: نُسيبة (عندك) في نسخة: (أعندكم) بهمزة الاستفهام. (بعثت به أم عطية) بالبناء للفاعل، واسمها: نسيبة بالتصغير (من الشَّاة التي بعثت إليها) بالبناء للمفعول وفي نسخة: (بعث) إليها بحذف الفوقيَّة، أي: التي بعث بها إلى أم عطيَّة. (إنها) أي: الشَّاة، وفي نسخة: (إنَّه) أي: ما بعث به إليها. (بلغت محلها) بكسر الحاء وفتحها يقع على الزمان والمكان، أي: صارت حلالًا بانتقالها من الصَّدقة إلى الهديَّة، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الزَّكاة في باب: إذا تحوَّلت الصَّدقة (¬1). 8 - بَابُ مَنْ أَهْدَى إِلَى صَاحِبِهِ وَتَحَرَّى بَعْضَ نِسَائِهِ دُونَ بَعْضٍ (باب: من أهدى إلى صاحبه، وتحرى بعض نسائه دون بعض) أي: باب بيان إهداء من أهدى إلى صاحب له وقصد أن يكون إهداؤه إليه يوم يكون صاحبه عند واحدة من نسائه. 2580 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمِي" وَقَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: "إِنَّ صَوَاحِبِي اجْتَمَعْنَ، فَذَكَرَتْ لَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا". [انظر: 2574 - مسلم: 2441 - فتح: 5/ 205] (عن هشام) أي: "ابن عروة"، كما في نسخة. (اجتمعن) أي: عندي فقلن لي: خبري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر النَّاس أن يهدوا له حيث كان. (فذكرت له) ما قلن لي. (فأعرض عنها) أي: عن أم سلمة، وفي نسخة: "عنهن" أي: عن بقيَّة نسائه. ¬

_ (¬1) سلف برقم (1494) كتاب: الزكاة، باب: إذا تحولت الصدقة.

2581 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ صَاحِبُ الهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالتْ: مَا قَال لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا، فَكَلِّمِيهِ قَالتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالتْ: مَا قَال لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَال لَهَا: "لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ، إلا عَائِشَةَ"، قَالتْ: فَقَالتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَال: "يَا بُنَيَّةُ أَلا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ "، قَالتْ: بَلَى، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ، هَلْ تَكَلَّمُ، قَال: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَائِشَةَ، وَقَال: "إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ". [انظر: 2574 - مسلم: 2441 - فتح: 5/ 205] قَال البُخَارِيُّ: "الكَلامُ الأَخِيرُ قِصَّةُ فَاطِمَةَ"، يُذْكَرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَال أَبُو مَرْوَانَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ،

وَرَجُلٍ مِنَ المَوَالِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَالتْ عَائِشَةُ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَتْ فَاطِمَةُ .. (إسماعيل) أي: ابن أويس. (أخي) هو أبو بكر عبد الحميد أي: ابن أبي. أويس. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (حب) بضم المهملة (إلى رسول الله) زاد في نسخة قبله: "بها". (فقلن لها) تفسير لما قبله. (يكلَّم النَّاس) بجزم (يكلم) وكسر؛ لالتقاء السَّاكنين وبرفعه. (فيقول) تفسير لـ (يكلم). (فليهده) أي: شيء المهدي، وفي نسخة: (فليهدها) أي: الهديَّة، وفي أخرى: "فليهد" بحذف الضَّمير. (من نسائه) في نسخة: "من بيوت نسائه". (فكلمته) في نسخة: "كلمته" بغير فاء. (في عائشة) أي: في حبها، أو لأجلها فـ (في) عليها للتعليل، كما في قوله تعالى: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} [يوسف: 32] وكما في خبر: "أن امرأة دخلت النَّار في هرَّة حبستها" (¬1). (قالت) أي: أم سلمة، وفي نسخة: "قالت: فقالت" أي: قالت عائشة: فقالت أم سلمة. (فقلت أتوب إلخ). (دعون) في نسخة: "دعين" بالياء أي: طلبن. (إنَّ نساءك) بفتح نون (إنّ) مشدَّدة وفي نسخة: بسكونها مخفَّفة. (ينشدنَّك) بفتح الياء، وفي نسخة: "يناشدنك". (الله) ساقط من نسخة، والمعنى يسألنك بالله. (العدل في بنت أبي بكر) أي: التَّسوية بينها وبين البقيَّة في المحبَّة وغيرها. (فكلَّمته) أي: في ذلك. (فقال: يا بنيَّة ألا تحبين ما أحبُّ) نبَّه به على أنَّ العدل لا يجب في المحبَّة؛ لأنَّها ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3318) كتاب: بدء الخلق، باب: خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم، ورواه مسلم (2242) كتاب: السلام باب: تحريم قتل الهرة.

9 - باب ما لا يرد من الهدية

ليست من مقدرة البشر. (تناولت عائشة) أي: منها. (فسبَّتها) أي: سبت زينبُ عائشة. (هل تكلَّم) بحذف إحدى التَّاءين، أي: تتكلَّم. (إنَّها بنت أبي بكر) أي: أنها فاضلة عاقلة عارفة، كأبيها. 9 - بَابُ مَا لَا يُرَدُّ مِنَ الهَدِيَّةِ (باب: ما لا يرد من الهدية) أي: بيانه. 2582 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَنَاوَلَنِي طِيبًا، قَال: "كَانَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ" قَال: وَزَعَمَ أَنَسٌ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ". [5929 - فتح: 5/ 209] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو بن الحجاج. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عزرة) بفتح المهملة وسكون الزاي. (ثمامة) بضم المثلثة. (وزعم أنس) أي: قال. (لا يرد الطيب) أي: لأنه طيب الرائحة؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - ملازم لمناجاة الملائكة، ولذلك كان لا يأكل الثوم ونحوه. 10 - بَابُ مَنْ رَأَى الهِبَةَ الغَائِبَةَ جَائِزَةً (باب: من رأي الهبة الغائبة جائزة) في نسخة: "من يرى الهبة" إلى آخره، وفي أخرى: "من رأي أن الهبة الغائبة جائزة" فـ (جائزة) بالنصب على الأوليين، وبالرفع على الأخيرة. 2583، 2584 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: ذَكَرَ عُرْوَةُ، أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَمَرْوَانَ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ، قَامَ فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ

11 - باب المكافأة في الهبة

سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ، فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا"، فَقَال النَّاسُ: طَيَّبْنَا لَكَ. [انظر: 2307، 2308 - فتح: 5/ 209] (عقيل) بضم العين، أي: ابن خالد بن عقيل بفتحها. (من أحب أن يكون على حظه) إلى آخره جوابه محذوف، أي: فليفعل. ومرَّ شرح الحديث في العتق (¬1). 11 - بَابُ المُكَافَأَةِ فِي الهِبَةِ (باب: المكافأة) أي: المقابلة. (في الهبة) في نسخة: "في الهدية". 2585 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا"، لَمْ يَذْكُرْ وَكِيعٌ، وَمُحَاضِرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ". [فتح: 5/ 210] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (عن هشام) أي: ابن عروة. (ويثيب عليها) أي: يعطي بدلها، وهذا مستحب عند الشافعي والجمهور، وإن وقع ذلك من الأدنى إلى الأعلى. (وكيع) أي: ابن الجراح. (ومحاضر) أي: ابن المورع براء مشددة مكسورة، وعين مهملة. 12 - بَابُ الهِبَةِ لِلْوَلَدِ وَإِذَا أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ، حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2539، 2540) كتاب: العتق، باب: من ملك من العرب رقيقًا.

وَيُعْطِيَ الآخَرِينَ مِثْلَهُ، وَلَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ. وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ فِي العَطِيَّةِ". [2587] وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يَتَعَدَّى " وَاشْتَرَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُمَرَ بَعِيرًا ثُمَّ أَعْطَاهُ ابْنَ عُمَرَ، وَقَال: "اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ". [انظر: 2115] (باب الهبة للولد) أي: بيان جوازها له من والده. (بينهم) جمع الضمير باعتبار معنى البعض. "ويعطي الآخرين" بالبناء للفاعل والجمع، وفي نسخة: (ويعطى الآخر) بالبناء للمفعول والإفراد. (مثله) أي: مثل الشيء المعطى. (ولا يشهد عليه) بالبناء للمفعول، أي: ولا يسوغ الإشهاد على الوالد إذا فضل بعض بنيه على بعض. (في العطية) أي: من هبة، أو هدية، أو صدقة، والنهي عن ذلك للتحريم عند بعضهم أخذًا بخبره: "فإني لا أشهد على جور" (¬1)، وللتتريه عند الجمهور أخذًا بخبر: "فأشهد على هذا غيري" (¬2) إذ لا يأمر بمحرم، وسيأتي إيضاح ذلك في الباب الآتي. (وهل للوالد أن يرجع في عطيته؟) عطف على مدخول (باب) وجواب (هل) محذوف، أي: نعم. وعطف على ما ذكر أيضًا قوله: (وما يأكل) إلى آخره، أي: وبيان حكم ذلك. ومناسبة نسبة ذلك للحديث: جواز ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2650) كتاب: الشهادات، باب: لا يشهد على شهادة جور. (¬2) رواه مسلم (1623) (18) كتاب: الهبات، باب: كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة. وأبو داود (3542) كتاب: الإجارة، باب: في الرجل يفضل بعض ولده في النحل. والنسائي في "الكبرى" 4/ 117 (6507) كتاب النحل، باب: ذكر اختلاف ألفاظ النافلين. وابن ماجه (2375) كتاب: الهبات، باب: الرجل ينحل ولده.

13 - باب الإشهاد في الهبة

رجوع الوالد فيما وهبه لولده؛ لأن رجوعه فيه كأكله من ماله بالمعروف؛ لأنه إذا انتزع ما يأكله من ماله الأصلي ولم يتقدم له فيه ملك فلأن ينتزع حقه السابق أولى. (واشترى النبي - صلى الله عليه وسلم -) إلى آخره، فيه تأكيد للتسوية بين الأولاد في الهبة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لو سأل عمر أن يهب البعيرَ لابنه عبد الله لم يكن عدلًا بين بني عمر؛ فلهذا اشتراه ووهبه له. 2586 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلامًا، فَقَال: "أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ"، قَال: لَا، قَال: "فَارْجِعْهُ". [2587، 2650 - مسلم: 1623 - فتح: 5/ 211] (نحلت) بفتح الحاء أي: وهبت. (فارجعه) بهمزة وصل والأمر فيه للندب عند الجمهور، والنهي عن التفضيل عندهم للتتريه. 13 - بَابُ الإِشْهَادِ فِي الهِبَةِ (باب: الإشهاد في الهبة) أي: بيان حكم الإشهاد على هبة الوالد لبعض ولده. 2587 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَال: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ "، قَال: لَا، قَال: "فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ"، قَال: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. [انظر: 2586 - مسلم: 1623 - فتح: 5/ 211]

14 - باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها

(أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن حصين) هو بالتصغير: ابن عبد الرحمن السُّلمي. (عن عامر) أي: الشعبي. (على المنبر) أي: بالكوفة. (عطية) كانت غلامًا. (واعدلوا بين أولادكم) الأمر فيه للندب فعدم العدل بينهم مكروه لا حرام بقرينة قوله في مسلم: "أشهد على هذا غيري" (¬1) فامتناعه من الشهادة تورع وتنزه، ولا ينافي ذلك خبر ابن حبان وغيره حين طلب منه - صلى الله عليه وسلم - الشهادة على ذلك: "لا أشهد على جور" (¬2)؛ لأن الجور هو الميل عن الاعتدال، والمكروه جور. 14 - بَابُ هِبَةِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ وَالمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا قَال إِبْرَاهِيمُ: "جَائِزَةٌ" وَقَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: "لَا يَرْجِعَانِ" وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ" وَقَال الزُّهْرِيُّ: فِيمَنْ قَال لِامْرَأَتِهِ: هَبِي لِي بَعْضَ صَدَاقِكِ أَوْ كُلَّهُ، ثُمَّ لَمْ يَمْكُثْ إلا يَسِيرًا حَتَّى طَلَّقَهَا فَرَجَعَتْ فِيهِ، قَال: "يَرُدُّ إِلَيْهَا إِنْ كَانَ خَلَبَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ خَدِيعَةٌ، جَازَ" قَال اللَّهُ تَعَالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ} [النساء: 4]. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1623) كتاب: الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة. (¬2) "صحيح ابن حبان" 11/ 506 - 507 (5107) كتاب: الهبة، باب ذكر خبر سادس يصرح بأن الإيثار في النحل بين الأولاد غير جائز.

(باب: هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها) أي: بيان جواز هبة كل منهما للآخر وعدم رجوعه فيما وهبه. (قال إبراهيم) أي: ابن يزيد النخعي. (واستأذن النبي) إلى آخره. وجه مطابقته للترجمة: من حيث إن نساءه وهبن له ما استحققن من الأيام، ولم يكن لهنَّ رجوع فيما مضى. وقوله: (أن يمرض) بالبناء للمفعول من التمريض، وهو القيام به على المريض في مرضه. (هبي لي) بفتح الهاء. (إن كان خلبها) بفتحات، أي: خدعها. (وإن كانت أعطته) إلى آخره ما ذكره من التفضيل هو مذهب مالك، والجمهور: على ألا يجب الرد مطلقًا؛ لأن الهبة عقد لازم كالبيع، وزاد في نسخة بعد: (نفسًا) "فكلوه". 2588 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ العَبَّاسِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ"، فَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: فَذَكَرْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالتْ عَائِشَةُ، فَقَال لِي: وَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لَا، قَال: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. (حدثنا إبراهيم) في نسخة: "حدثني إبراهيم". (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد. (لما ثقل) إلى آخره مرَّ شرحه في كتاب: الطهارة وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (198) كتاب: الوضوء، باب: الغسل والوضوء في المخضب والقدح، (664) كتاب: الأذان، باب: حد المريض أن يشهد الجماعة، (716) كتاب: الأذان، باب: إذا بكى الإمام في الصلاة.

15 - باب هبة المرأة لغير زوجها

2589 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ". (وهيب) أي: ابن خالد بن عجلان. (ابن طاوس) أي: ابن عبد الله. (العائد في هبته) إلى آخره، استدل به الشافعيُّ على أنه ليس للواهب أن يرجعَ فيما وهبه، أي: لغير ولده. 15 - بَابُ هِبَةِ المَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا وَعِتْقِهَا، إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَهُوَ جَائِزٌ، إِذَا لَمْ تَكُنْ سَفِيهَةً، فَإِذَا كَانَتْ سَفِيهَةً لَمْ يَجُزْ, قَال اللَّهُ تَعَالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالكُمُ} [النساء: 5]. (باب: هبة المرأة لغير زوجها وعتقها) بالجر وبالرفع، أي: لرقيقها. (إذ كان لها زوج) (إذا) ظرف تنازعه (هبة) و (عتق). (فهو) أي: كل منهما. (جائز) بقيد ذكره بقوله: (إذا لم تكن) إلى آخره، وما ذكر هو مذهب الجمهور، وعند مالك: لا يجوز لها أن تهب أو تعتق بغير إذن زوجها، ولو كانت رشيدة إلا من الثلث قياسًا على الوصية. (قال الله) في نسخة: "وقال الله". 2590 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِيَ مَالٌ إلا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ، فَأَتَصَدَّقُ؟ قَال: "تَصَدَّقِي، وَلَا تُوعِي فَيُوعَى عَلَيْكِ" [انظر: 1433 - مسلم: 1029 - فتح: 5/ 217] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد. "عن ابن جريج" هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد

الله بن أبي مليكة. (عن عبَّاد بن عبد الله) أي: ابن الزبير. (فأتصدق) في نسخة: "أفاتصدق" بهمزة الإستفهام. (قال: تصدقي). مطابقة الحديث للترجمة: في هذا؛ لأنه يدل على أن للمرأة التي لها زوج أن تتصدق بغير إذنه إذ الصدقة نوع من الهبة العامة. (فيوعى عليك) بالبناء للمفعول، ومر شرح الحديث في كتاب الزكاة (¬1). 2591 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَنْفِقِي، وَلَا تُحْصِي، فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ، وَلَا تُوعِي، فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ". [انظر: 1433 - مسلم: 1029 - فتح: 5/ 217] (عن فاطمة) أي: بنت المنذر. (عن أسماء) أي: بنت أبي بكر. (فيحصي الله عليك) بالنصب؛ جواب النهي، وكذا قوله: (فيوعي الله عليك) والمعنى: لا تجمعي المال في الوعاء محفوظًا لا تخرجينه شحًّا فيضيق الله عليك، وإسناد الإيعاء إلى الله من باب المشاكلة. 2592 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قَالَتْ: أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي، قَالَ: «أَوَفَعَلْتِ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ»، وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ: عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، إِنَّ مَيْمُونَةَ أَعْتَقَتْ. [2594 - مسلم: 999 - فتح: 5/ 217] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1434) كتاب: الزكاة، باب: من أحب تعجيل الصدقة من يومها.

16 - باب بمن يبدأ بالهدية؟

(يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير. (عن يزيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن بكير) أي: ابن عبد الله الأشجع (¬1). (وليدة) أي: أمة. (أشعرت) أي: أعلمت. (أو فعلت) بفتح الواو والهمزة للاستفهام، أي: العتق. (أما) بالتخفيف بمعنى: حقًّا، أو استفتاحية. (إنك) بالفتح على الأول، وبالكسر على الثاني. (أخوالك) في نسخة: "أخواتك" بالتاء، وكلاهما كما قال النووي: صحيح ويكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كلًّا منهما (¬2). (عن عمرو) أي: ابن الحارث. (أعتقت) في نسخة: "أعتقه". 2593 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545 - مسلم: 1463، 2770 - فتح: 5/ 218] (حبان) بكسر المهملة وتشديد الموحدة. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. 16 - بَابُ بِمَنْ يُبْدَأُ بِالهَدِيَّةِ؟ (باب: بمن يبدأ بالهدية؟) أي: عند التعارض في الاستحقاق. ¬

_ (¬1) هو بكير بن عبد الله بن الأشج القرشي، مولى بني مخزوم، ويقال: مولى أشجع، وإليه نسبه المصنف، انظر: "تهذيب الكمال" 4/ 242. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي".

17 - باب من لم يقبل الهدية لعلة

2594 - وَقَال بَكْرٌ: عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا، فَقَال لَهَا: "وَلَوْ وَصَلْتِ بَعْضَ أَخْوَالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ". [انظر: 2592 - مسلم: 999 - فتح: 5/ 1219] (بكر) أي: ابن مضر. (عن عمرو) أي: ابن الحارث. (عن بكير) أي: ابن عبد الله الأشج. (عن كريب) زاد في نسخة: (مولى ابن عباس). (فقال لها) لفظ: "لها" ساقط من نسخة. (ولو) في نسخة "لو" بحذف الواو. 2595 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَال: "إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا". [انظر: 2259 - فتح: 5/ 219] "حدثنا محمد" في نسخة: (حدثني محمد). (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي عمران) هو عبد الملك بن حبيب. (قال: إلى أقربهما منك بابًا) حكمته: أن الأقرب يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها فيتشوف لها بخلاف الأبعد. ومرَّ الحديث في كتاب: الشفعة (¬1). 17 - بَابُ مَنْ لَمْ يَقْبَلِ الهَدِيَّةَ لِعِلَّةٍ وَقَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: "كَانَتِ الهَدِيَّةُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً، وَاليَوْمَ رِشْوَةٌ". (باب: من لم يقبل الهدية لعلة) أي: كهدية المستقرض إلى المقرض. (رشوة) بتثليث الراء. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2259) كتاب: الشفعة، باب: أي الجوار أقرب؟

2596 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيَّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْبِرُ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ - أَوْ بِوَدَّانَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَرَدَّهُ، قَال صَعْبٌ: فَلَمَّا عَرَفَ فِي وَجْهِي رَدَّهُ هَدِيَّتِي قَال: "لَيْسَ بِنَا رَدٌّ عَلَيْكَ وَلَكِنَّا حُرُمٌ". [انظر: 1825 - مسلم: 1193 - فتح: 5/ 220] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (بالأبواء) بفتح الهمزة وسكون الموحدة والمد (¬1). (أو بودان) بفتح الواو وتشديد المهملة (¬2)، والشك من الراوي. (قال) في نسخة: "فقال". (فلما عرف في وجهي رده) أي: عرف أثر رده. (في وجهي) من كراهتي لذلك. (قال: ليس بنا إلى آخره)، قال الكرماني: أي: ليس بسببنا جهتنا. (رد عليك) إنما سبب الرد كوننا محرمين (¬3). ومرَّ شرح الحديث في باب: (إذا أهدى المحرم حمارًا وحشيًّا، من كتاب: الحج (¬4). 2597 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنَ الأَزْدِ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ الأُتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَال: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، قَال: "فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ" ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ: ¬

_ (¬1) سبق التعريف بها. (¬2) سبق التعريف بها. (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 129. (¬4) سبق برقم (1825) كتاب: جزاء الصيد، باب: إذا أهدى للمحرم حمارًا.

"اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ" ثَلاثًا. [انظر: 925 - مسلم: 1832 - فتح: 5/ 220] "حدثنا عبد الله" في نسخة: (حدثني عبد الله). (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي حميد) هو عبد الرحمن بن المنذر. (من الأزد) بفتح الهمزة، وسكون الزاي آخره دال مهملة. (ابن الأتبية) بسكون اللام وضم الهمزة وسكون الفوقية وكسر الموحدة وتشديد التحتية، وفيه لغات مرَّ بيانها في الزكاة منها اللتبية: بضم اللام وسكون الفوقية (¬1)، قال الكرماني: وهو الأصح؛ لأنه نسبه إلى بني لتب: قبيلة معروفة (¬2). (يهدى) في نسخة: "أيهدى" بهمزة الاستفهام. (له) في نسخة: "إليه". (منه) أي: من مال الصدقة. (رغاء) بضم الراء وبالغين المعجمة والمد: صوت ذوات الخف من بعير ونحوه. (خوار) بضم المعجمة صوت البقر. (فتعير) بفتح الفوقية وسكون التحتية وفتح المهملة، أي: تصوت. (بيده) في نسخة: "يده" بحذف الموحدة. (عفرة إبطيه) بضم المهملة وسكون الفاء، وفي نسخة: "عفر إبطيه" بحذف هاء التانيث، أي: بياضها المشرب بسمرة. (اللهم هل بلغت) أي: قد بلغت أو (هل) استفهام تقريري. وفي الحديث: أن هدايا العمال يجب أن تجعل في بيت المال لا حق لهم فيها إلا أن يأذن لهم الإمام، ومرَّ شرح الحديث في الزكاة (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1500) كتاب: الزكاة، باب: قول الله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا}. (¬2) "البخاري: بشرح الكرماني" 11/ 130. (¬3) المرجع قبل السابق.

18 - باب إذا وهب هبة أو وعد عدة، ثم مات قبل أن تصل إليه

18 - بَابُ إِذَا وَهَبَ هِبَةً أَوْ وَعَدَ عِدَةً، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْهِ وَقَال عَبِيدَةُ: "إِنْ مَاتَ وَكَانَتْ فُصِلَتِ الهَدِيَّةُ، وَالمُهْدَى لَهُ حَيٌّ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فُصِلَتْ فَهِيَ لِوَرَثَةِ الَّذِي أَهْدَى" وَقَال الحَسَنُ: "أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَهِيَ لِوَرَثَةِ المُهْدَى لَهُ، إِذَا قَبَضَهَا الرَّسُولُ". (باب: إذا وهب هبة أو وعد) أي: "عدة، كما في نسخة. (ثم مات) أي: أحدهما. (قبل أن تصل) أي: الهبة، أو العدة. (إليه) أي: الموهوب له، أو الموعود له، وجواب (إذا) محذوف، أي: لم ينفسخ العقد. (عبيدة) بفتح العين، أي: ابن عمرو السلماني. (إن مات) أي: المهدي، وفي نسخة: "إن ماتا" أي: المهدي والمهدى له. (فصلت الهدية) بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل، وفي نسخة: "وصلت" بالواو ومعناهما: القبض، فالفصل بالنظر للمهدي، والوصل بالنظر للمهدى له؛ إذ حقيقة الإقباض لا بد لها من فصل الموهوب عن الواهب ووصله للمتهب. (وقال الحسن) أي: البصري. (أيهما مات قبل) أي: قبل الآخر. (فهي) أي: الهدية الورثة المهدي له إذا قبضها الرسول) أي: وكان وكيلا في القبض. 2598 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا - ثَلاثًا"، فَلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ، فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَنِي فَحَثَى لِي ثَلاثًا. [انظر: 2296 - مسلم: 2314 - فتح: 5/ 221]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابن المنكدر) هو محمد.

19 - باب: كيف يقبض العبد والمتاع

(ثلاثًا) أي: ثلاث حثيات، والحثية: ملء الكفين قاله ابن الأثير (¬1). وأما الحفنة بالفاء والنون فقال فيها: إنها ملء الكف. (فأرسل) في نسخة: "فأمر". (فحثى لي ثلاثًا) مرَّ في الكفالة: أن كل حثية كانت خمسمائة، وفعل أبي بكر كان تطوعًا، ولم يكن ذلك لازمًا للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإنما فعله اقتداء بطريقته - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه كان أوفى الناس وأصدقهم بوعده (¬2). 19 - بَابٌ: كَيْفَ يُقْبَضُ العَبْدُ وَالمَتَاعُ وَقَال ابْنُ عُمَرَ: كُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ، فَاشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ". [انظر: 2115] (باب: كيف يقبض العبد والمتاع؟) أي: الموهوبان مثلًا. (على بكر) أي: جمل. (فاشتراه النبي) أي: من عمر. كما مرَّ في البيع (¬3) ويأتي قريبًا (¬4). (وقال: هو لك يا عبد الله) أي: هبةً، واكتفى في قبضه بكونه في يديه. 2599 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةً، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَال مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 339. (¬2) سبق برقم (2296) كتاب: الكفالة، باب: من تكفل عن ميت دينًا. (¬3) سبق برقم (2115) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترى شيئًا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا. (¬4) سيأتي برقم (2610) كتاب: الهبة، باب: من أهدي له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق بها.

20 - باب إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل قبلت

فَقَال: ادْخُلْ، فَادْعُهُ لِي، قَال: فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، فَقَال: "خَبَأْنَا هَذَا لَكَ"، قَال: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَال: "رَضِيَ مَخْرَمَةُ". [2657، 3127، 5800، 5862، 6132 - مسلم: 1058 - فتح: 5/ 222] (أقبية) جمع قباء بالمد: وهو جنس من الثياب الضيقة من لباس العجم. (وعليه قباء) ظاهره: جواز استعمال الحرير، وأجيب: بأنه يجوز أن يكون ذلك قبل النهي عنه، أو بأنه كان حاملًا له على كتفه مثلًا وهو ليس باستعمال ويوافق الأخير قوله بعد في باب: شهادة الأعمى (¬1) (ومعه) بدل (وعليه). (رضي مخرمة؟) بحذف همزة الاستفهام أي: أرضي فهو من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، قيل: ويحتمل أنه من قول: مخرمة فلا استفهام فيه. 20 - بَابُ إِذَا وَهَبَ هِبَةً فَقَبَضَهَا الآخَرُ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ (باب: إذا وهب هبة) لآخر. (فقبضها الآخر ولم يقل: قبلت) جازت عند بعضهم، ومذهب الشافعي: اشتراط الإيجاب والقبول والقبض والإذن فيه. 2600 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: هَلَكْتُ، فَقَال: "وَمَا ذَاكَ؟ "، قَال: وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ، قَال: "تَجِدُ رَقَبَةً؟ "، قَال: لَا، قَال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ "، قَال: لَا، قَال: "فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قَال: لَا، قَال: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ، وَالعَرَقُ المِكْتَلُ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَال: "اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ"، قَال: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2657) كتاب: الشهادات، باب: شهادة الأعمى.

21 - باب إذا وهب دينا على رجل

يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، قَال: "اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ". [انظر: 1936 - مسلم: 1111 - فتح: 5/ 223] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (معمر) أي: ابن راشد. (جاء رجل) هو سلمة بن صخر، أو سلمان بن صخر، أو أعرابي. (هلكت) أي: وقعت في الإثم بفعل ما حرم على فعله في الصوم. (وقعت على امرأتي) أي: وطئتها (في) نهار رمضان. (تجد) في نسخة: "أتجد". (رقبة؟) أي: أتقدر عليها. (المكتل) بكسر الميم وسكون الكاف وفتح الفوقية: الزنبيل. ومرَّ شرح الحديث في الصوم (¬1). 21 - بَابُ إِذَا وَهَبَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ قَال شُعْبَةُ عَنِ الحَكَمِ: "هُوَ جَائِزٌ" وَوَهَبَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلامُ لِرَجُلٍ دَيْنَهُ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ، فَلْيُعْطِهِ أَوْ لِيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ" فَقَال جَابِرٌ: قُتِلَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، "فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُرَمَاءَهُ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي". (باب: إذا وهب دينًا على رجل) أي: وهبه له، أو لغيره. (قال شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (هو) أي: صدور هبة الدين (جائز) قوله: (قال إلى آخره) جواب (إذا) واحتج للجواز بقوله: (ووهب) إذ هبة الدين للمدين إبراء فلا يحتاج إلى قبول اعتبارًا للمعنى، ولغيره هبة صحيحة كما صححه النووي في "الروضة" كغيره ¬

_ (¬1) سبق برقم (1963) كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان.

تبعًا للنص، ووقع للنووي فيه تناقض (¬1). (من كان له عليه) أي: من كان له دين على غيره. (أو ليتحلله منه) أي: يتحلل الحق من صاحبه، وفيه: المطابقة للترجمة لشمول الهبة للتحلل المساوي للإبراء. (فقال) في نسخة: "وقال". (وعليه دين) ساقط من نسخة. 2601 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، فَاشْتَدَّ الغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمْتُهُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي، وَيُحَلِّلُوا أَبِي، فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَائِطِي وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ، وَلَكِنْ قَال: "سَأَغْدُو عَلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ فِي النَّخْلِ وَدَعَا فِي ثَمَرِهِ بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَبَقِيَ لَنَا مِنْ ثَمَرِهَا بَقِيَّةٌ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: "اسْمَعْ، وَهُوَ جَالِسٌ، يَا عُمَرُ"، فَقَال: أَلَّا يَكُونُ؟ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهِ، إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ. [انظر: 2127 - فتح: 5/ 224] (عبدان) هو عبد الله بن جبلة. (عبد الله) أي: ابن المبارك (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (ابن كعب) يحتمل أن يكون عبد الرحمن، أو عبد الله؛ لأن الزهري يروي عنهما جميعًا، لكن الظاهر: أنه عبد الله؛ لأنه يروي عن جابر، قاله الكرماني (¬2). (ولم يكسره) أي: لم يكسر التمر من النخل (لهم) يعني: لم يقسم عليهم. (سأغدو عليك) زاد في نسخة: "إن شاء الله". (حين) في نسخة: "حتى". (ودعا) في ¬

_ (¬1) "روضة الطالبين" 7/ 315. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 134.

22 - باب هبة الواحد للجماعة

نسخة: "فدعا". (فجددتها) أي: قطعتها (حقهم) في نسخة: "حقوقهم". (من ثمرها) بمثلثة وميم مفتوحتين، وفي نسخة: بفوقية مفتوحة وميم ساكنة. (بذلك) أي: بما علم من السياق من قضاء الحقوق وبقاء الزيادة، وظهور بركة دعائه - صلى الله عليه وسلم -. (ألا) بفتح همزة الاستفهام الإنكاري، وتخفيف اللام، وفي نسخة: بتشديدها. (يكون) بالرفع والنصب (قد علمنا) إلى آخره المعنى: قال عمر: هذا إنما يحتاجه من لا يعلم أنك رسول الله، أما من علم ذلك فلا يحتاجه، ومقصود النبي - صلى الله عليه وسلم - تأكيد علم عمر - رضي الله عنه - وتقويته. قيل: ومطابقة الحديث للترجمة يؤخذ من معناه بتكلف: وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - سأل غرماء أبي جابر أن يقبضوا ثمر حائطه، ويحللوه من بقية دينه، ولو قبلوا ذلك كان إبراءً لذمة أبي جابر من بقية الدين، وهو في الحقيقة لو وقع كان هبة الدين ممن هو عليه، وهو معنى الدين، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الاستقراض في باب: إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز (¬1). 22 - بَابُ هِبَةِ الوَاحِدِ لِلْجَمَاعَةِ وَقَالتْ أَسْمَاءُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ: "وَرِثْتُ عَنْ أُخْتِي عَائِشَةَ مَالًا بِالْغَابَةِ، وَقَدْ أَعْطَانِي بِهِ مُعَاويَةُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَهُوَ لَكُمَا. (باب: هبة الواحد للجماعة) أي: بيان جوازها. (أسماء) أي: بنت أبي بكر. (وابن أبي عتيق) هو أبو بكر عبد الله ¬

_ (¬1) سبق برقم (2395) كتاب الاستقراض، باب: إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز.

23 - باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة، والمقسومة وغير المقسومة

بن أبي عتيق. (ورثت) في نسخة: "الذي ورثت". (بالغابة) زاد في نسخة: "مالا". (وقد أعطاني) زاد في نسخة: "به" أي: فيه. (معاوية) أي: ابن أبي سفيان. (مائة ألف) أي: وما بعته منه. (فهو لكما) خطاب للقاسم، وابن أبي عتيق. 2602 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَال لِلْغُلامِ: "إِنْ أَذِنْتَ لِي أَعْطَيْتُ هَؤُلاءِ"، فَقَال: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدًا، فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ. [انظر: 2351 - مسلم: 2030 - فتح: 5/ 225] (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (بشراب) هو لبن ممزوج بماء. (فتله) بتشديد اللام، أي: رمى به. (في يده) أي: يد الغلام، والمقصود من الحديث: الرد على من أبطل هبة المشاع؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - سأل الغلام أن يهب نصيبه من اللبن للأشياخ، وكان مشاعًا ويؤخذ منه: تقديم الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل، إذا جلس على يمين الرئيس، فيكون مخصصًا لعموم خبر أبي يعلى: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سقى قال: "ابدءوا بالأكبر" (¬1). ومرَّ شرح الحديث في المظالم (¬2). 23 - بَابُ الهِبَةِ المَقْبُوضَةِ وَغَيْرِ المَقْبُوضَةِ، وَالمَقْسُومَةِ وَغَيْرِ المَقْسُومَةِ وَقَدْ وَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ لِهَوَازِنَ مَا غَنِمُوا مِنْهُمْ وَهُوَ غَيْرُ مَقْسُومٍ. [انظر: 2307، 2308] ¬

_ (¬1) "مسند أبي يعلى" 4/ 315 (2425). (¬2) سبق برقم (2451) كتاب المظالم، باب: إذا أذن له أو أحلّه، ولم يبين كم هو.

(باب: الهبة المقبوضة وغير المقبوضة، والمقسومة وغير المقسومة) المراد من الترجمة: (غير المقسومة) لأن حكم المقسومة ظاهر، وحكم المقبوضة مضى، ومنه علم حكم غيرها، فلم يبق إلا بيان حكم غير المقسومة، وهو المشاع. (لهوازن) قبيلة معروفة. (وهو) أي: ما غنموه منهم. (غير مقسوم) شرط صحة هبته قبضه كما علم مما مرَّ. 2603 - حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ، فَقَضَانِي وَزَادَنِي". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح: 5/ 225] (ابن محمد) ساقط من نسخة. (مسعر) أي: ابن كدام. (عن محارب) أي: ابن دثار. (في المسجد) أي: المدني. (وزادني) أي: قيراطًا. ومرَّ الحديث مبسوطًا في باب شراء الدواب والحمير من كتاب: البيوع (¬1). 2604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبٍ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: بِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا المَدِينَةَ قَال: "ائْتِ المَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ" فَوَزَنَ - قَال شُعْبَةُ: أُرَاهُ فَوَزَنَ لِي - فَأَرْجَحَ، فَمَا زَال مَعِي مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى أَصَابَهَا أَهْلُ الشَّأْمِ يَوْمَ الحَرَّةِ. [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح: 5/ 225] (غندر) هو محمد بن جعفر الهذلي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (فما زال منها) في نسخة: "فما زال معي منها". (يوم الحرة) أي: يوم الوقعة التي كانت حوالي المدينة عند حرتها بين عسكر الشام من جهة يزيد بن معاوية وبين أهل المدينة سنة ثلاث وستين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2097) كتاب: البيوع، باب: شراء الدواب والحمير.

24 - باب إذا وهب جماعة لقوم

2605 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ، فَقَال لِلْغُلامِ: "أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاءِ"، فَقَال الغُلامُ: لَا وَاللَّهِ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ. [انظر: 2351 - مسلم: 2030 - فتح: 5/ 225] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (أتى بشراب) إلى آخره، مرَّ شرحه آنفًا. 2606 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَال: "دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا"، وَقَال: "اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا، فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ" فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَجِدُ سِنًّا إلا سِنًّا هِيَ أَفْضَلُ مِنْ سِنِّهِ، قَال: "فَاشْتَرُوهَا، فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً". [انظر: 2305 - مسلم: 1601 - فتح: 5/ 226] (فإن من خيركم أحسنكم قضاء) في نسخة: "فإن خيركم أحسنكم قضاء" وفي أخرى: "فإن من أخيركم أو خيركم أحسنكم قضاء". على شك في إثبات الهمزة وحذفها. ومرَّ الحديث في الاستقراض، وهو ساقط هنا من نسخة (¬1). 24 - بَابُ إِذَا وَهَبَ جَمَاعَةٌ لِقَوْمٍ (باب: إذا وهب جماعة لقوم) زاد في نسخة: "أو وهب رجل جماعة جاز". ¬

_ (¬1) سبق برقم (2390) كتاب: الاستقراض، باب: استقراض الإبل.

2607، 2608 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَال لَهُمْ: "مَعِي مَنْ تَرَوْنَ وَأَحَبُّ الحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا المَال، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ"، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إلا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ فِي المُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاءِ جَاءُونَا تَائِبِينَ وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ، فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ"، فَقَال النَّاسُ: طَيَّبْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ، فَقَال لَهُمْ: "إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِيهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ"، فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ طَيَّبُوا، وَأَذِنُوا وَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا مِنْ سَبْيِ هَوَازِنَ، هَذَا آخِرُ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ "يَعْنِي فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا". [فتح: 5/ 226] (من ترون) أي: من العسكر. (حتى يرفع) بالرفع والنصب. (فهذا الذي بلغنا من سبي هوازن). هو من كلام الزهري، بينه البخاري بقوله: (هذا آخر قول الزهري). وفي نسخة: "قال أبو عبد الله: هذا آخر قول الزهري". ثم فسره بقوله: (يعني: فهذا الذي بلغنا) أي: من قوله. ومرَّ الحديث في كتاب: الوكالة في باب: إذا وهب شيئًا لوكيل، أو شفيع قوم جاز (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2307، 2308) كتاب: الوكالة، باب: إذا وهب شيئًا لوكيل أو شفيع قوم جاز.

25 - باب من أهدي له هدية وعنده جلساؤه، فهو أحق

25 - بَابُ مَنْ أُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ جُلَسَاؤُهُ، فَهُوَ أَحَقُّ وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ جُلَسَاءَهُ شُرَكَاءُ" وَلَمْ يَصِحَّ. (باب: من أهدي له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق) أي: منهم بها. (ولم يصح) أي: عن ابن عباس، ويشير إليه أيضًا تعبيره: بـ (يُذْكَر) بصيغة التمريض. 2609 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخَذَ سِنًّا، فَجَاءَ صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالُوا لَهُ: فَقَال: "إِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا"، ثُمَّ قَضَاهُ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، وَقَال: "أَفْضَلُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً". [انظر: 2305 - مسلم: 1601 - فتح: 5/ 227] (ابن مقاتل) هو محمد المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (فقالوا له) ساقط من نسخة. ومرَّ الحديث آنفًا (¬1). ووجه مطابقته الترجمة: أنه - صلى الله عليه وسلم - وهب الفضل بين السنين بناء على أن الزيادة في الثمن تبرع، فهي كالهبة لا من البدل. 2610 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَكَانَ عَلَى بَكْرٍ لِعُمَرَ صَعْبٍ، فَكَانَ يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ أَبُوهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَا يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِعْنِيهِ"، فَقَال عُمَرُ: هُوَ لَكَ، فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ قَال: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ". [انظر: 2115 - فتح: 5/ 227] (حدثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله". (عن عمرو) أي: ابن دينار. (فكان على بكر) في نسخة: "وكان على بكر". (فقال عمر) ¬

_ (¬1) سبق قبله بحديث.

26 - باب إذا وهب بعيرا لرجل وهو راكبه فهو جائز

في نسخة: "قال عمر". ووجه مطابقة الحديث للترجمة: هبة النبي لابن عمر وعنده الناس ولم يشاركوه فيها. ومر شرح الحديث في باب: إذا اشترى شيئَا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا (¬1). 26 - بَابُ إِذَا وَهَبَ بَعِيرًا لِرَجُلٍ وَهُوَ رَاكِبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ (باب: إذا وهب) أي: رجل. (بعيرًا لرجل) وهو راكبة فهو جائز، أي: فعقد الهبة جائز. 2611 - وَقَال الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: "بِعْنِيهِ"، فَابْتَاعَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ". [انظر: 2115 - فتح: 5/ 228] (وقال الحميدي) هو عبد الله أبو بكر المكي. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (فابتاعه) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي نسخة: "فباعه" أي: عمر - رضي الله عنه - ومرَّ الحديث آنفًا. 27 - بَابُ هَدِيَّةِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهَا (باب: هدية ما يكره لبسها) في نسخة: "لبسه" بتذكير الضمير وكلاهما صحيح؛ لأن كلمة (ما) تصلح للمذكر والمؤنث. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2115) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترى شيئًا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا.

2612 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: رَأَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَو اشْتَرَيْتَهَا، فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ، قَال: "إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ"، ثُمَّ جَاءَتْ حُلَلٌ، فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً، وَقَال: أَكَسَوْتَنِيهَا، وَقُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ فَقَال: "إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا"، فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا. [انظر: 886 - مسلم: 2068 - فتح: 5/ 228] (سيراء) بكسر المهملة وفتح التحتية وبالمد، روى بالصفة وبالإضافة. (لا خلاق له) أي: لاحظ له. (فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر منها حلة) في نسخة: "فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها حلة لعمر". (وقال) في نسخة: "فقال" (عطارد) هو ابن حاحا بن زرارة الدارمي. (فكسا) في نسخة: "فكساها". ومرَّ الحديث في الجمعة (¬1). 2613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا، وَجَاءَ عَلِيٌّ، فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا"، فَقَال: "مَا لِي وَلِلدُّنْيَا" فَأَتَاهَا عَلِيٌّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالتْ: لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ، قَال: "تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلانٍ، أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ". [فتح: 5/ 228] (ابن فضيل) هو محمد بن غزوان. (موشيًا) بفتح الميم، وسكون الواو، وكسر المعجمة وتشديد التحتية، أي: مخططًا بألوان شتى. (ليأمرني) بالجزم على الأمر. (ترسل) في نسخة: "ترسلي" وأصله: ترسلين فحذفت النون على لغة. (أهل بيت) في نسخة: "آل بيت". ¬

_ (¬1) سبق برقم (886) كتاب: الجمعة، باب: يلبس أحسنَ ما يجد.

28 - باب قبول الهدية من المشركين

2614 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ المَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَال: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَهْدَى إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةَ سِيَرَاءَ، فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي". [5366, 5840 - مسلم: 2071 - فتح: 5/ 229] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (فرأيت الغضب في وجهه) هو موضع الترجمة؛ لأنه دال على أنه كره لعلي لبسها. (بين نسائي) لم يكن لعلي إذ ذاك زوجة سوى فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - فالمراد: زوجته وأقاربه لقوله في رواية أخرى: "بين الفواطم" (¬1) أي: فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفاطمة بنت أسد بن هاشم والدة علي، وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب، وفاطمة بنت شيبة بن ربيعة، أو بنت عتبة بن ربيعة، أو بنت الوليد بن عتبة. 28 - بَابُ قَبُولِ الهَدِيَّةِ مِنَ المُشْرِكِينَ وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِسَارَةَ، فَدَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ، فَقَال: أَعْطُوهَا آجَرَ". [انظر: 2217] وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ. [انظر: 2217] وَقَال أَبُو حُمَيْدٍ: أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، ¬

_ (¬1) رواه مسلم برقم (2071) كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، وخاتم الذهب والحرير على الرجال. وابن ماجه برقم (3596) كتاب: اللباس، باب: لبس الحرير والذهب. وابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 151.

وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ. [انظر: 1481] (باب: قبول الهدية من المشركين) أي: جوازه. (بسارة) هي زوجة إبراهيم - عليه السلام -. (فدخل قرية) قيل: هي مصر. (فيها ملك، أو جبار) شك من الراوي، واسم الملك: عمرو بن امرئ القيس، وقيل: صادوق. (آجر) بجيم مفتوحة بعد همزة ممدودة، وفي نسخة: "هاجر". (ملك أيلة) اسمه: يوحنا بن رؤبة. (وكساه) في نسخة: "فكساه". (وكتب له) في نسخة: "وكتب إليه". (ببحرهم) أي: بأهل بحرهم، أي: بلدهم. ومرَّ ذلك مع زيادة في الزكاة (¬1). 2615 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقَال: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا". [2616، 3248 - مسلم: 2469 - فتح: 5/ 230] (حدثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله". (شيبان) هو ابن عبد الرحمن النحوي. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (جبة سندس) السندس: ما رق من الديباج وهو ما غلظ من ثياب الحرير. المناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسنُ من هذا) خصَّ المناديل بالذكر؛ لأنها تمتهن فما فوقها أعلى منها بالأولى، وخصَّ سعدًا بالذكر؛ لأن الوقت اقتضى استمالة قلبه، أو كان منديله من جنس ذلك الثوب، أو كان اللامسون المتعجبون من الأنصار فقال: مناديل سيدكم خير من هذا. 2616 - وَقَال سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: "إِنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 2615 - مسلم: 2469 - فتح: 5/ 230] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1481) كتاب: الزكاة، باب: خرص التمر.

(وقال سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (أكيدر) بضم الهمزة، وكسر الدال، أي: ابن عبد الملك الكندي، وكان نصرانيًّا ومات على نصرانيته، وقيل: أسلم ثم ارتد وقتل، وكان ملكًا. (دومة) بضم الدال وفتحها: وهي دومة الجندل مدينة بقرب تبوك بها نخل وزرع على عشر مراحل من المدينة. والجندل: الحجارة (¬1). 2617 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا فَقِيلَ: أَلا نَقْتُلُهَا، قَال: "لَا"، فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 2190 - فتح: 5/ 230] (أن يهودية) اسمها: زينب. (فأكل منها) وأكل معه منها بشر بن البراء. (قال لا) أي: لا تقتلوها؛ لأنه كان لا ينتقم لنفسه ثم مات بشر فقتلها به قصاصًا. (أعرفها) أي: تلك الأكلة. (في لهوات رسول الله) بفتح اللام والهاء جمع لهاة: وهي اللحمة المعلقة في أصل الحنك، والمعنى: أن السم أنثَّر في لهواته - صلى الله عليه وسلم - فكان أنس يعرف ذلك بتغير لونها أو بنتوء أو حفر فيها. 2618 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثِينَ وَمِائَةً، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟ "، فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ، مُشْعَانٌّ طَويلٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً، أَوْ قَال: أَمْ هِبَةً؟ "، قَال: لَا بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوَادِ البَطْنِ أَنْ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ، مَا فِي الثَّلاثِينَ وَالمِائَةِ إلا قَدْ ¬

_ (¬1) دومة الجندل: هي على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي في غائط من الأرض خمسة فراسخ. انظر: "معجم البلدان" 2/ 487.

29 - باب الهدية للمشركين

حَزَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، فَفَضَلَتِ القَصْعَتَانِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى البَعِيرِ، أَوْ كَمَا قَال. [انظر: 2216 - مسلم: 2056 - فتح: 5/ 230] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بنَ ملّ. (أو نحوه) بالرفع عطف على (صاع). (مشعان) بضم الميم وكسرها وتشديد النون، أي: منتشر شعر رأسه طويل، زاد في نسخة: "جدًّا": فوق الطول. (بيعًا) أي: أتبيع بيعًا. (أم عطية) أي: أم تعطي عطية. وفيه مع ما بعده: مطابقة الحديث للترجمة: إذا العيطة والهبة يطلقان على الهدية. (أو قال: أم هبة) شك من الراوي في أنه قال: عطية، أو هبة. (منه) أي: من المشرك، وفي نسخة: "منها" أي: من الغنم. (فصنعت) أي: ذبحت. (بسواد البطن) هو الكبد، وقيل: أعم منه. (وأيم الله) بهمزة وصل وقد تقطع؛ قسمٌ كما في: لعمر الله وعهد الله. (حزّ) أي: قطع. (حزة) بضم المهملة، أي: قطعة. (فحملناه) أي: الطعام، وفي نسخة: "فحملنا". (أو كما قال) شك من الراوي. وفي الحديث: معجزتان: تكثير سواد البطن حتى وسع العدد المذكور، وتكثير الصاع ولحم الشاة حتى أشبعهم أجمعين. ومرَّ الحديث في البيوع في باب: الشراء والبيع مع المشركين (¬1). 29 - بَابُ الهَدِيَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2216) كتاب: البيوع، باب: الشراء والبيع مع المشركين.

وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} [الممتحنة: 8]. (باب: الهدية للمشركين) أي: بيان جوازها. (وقول الله) بالجر عطف على (الهدية). ({لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ}) إلى آخره، أي: لا ينهاكم عن مبرة هؤلاء والإقساط إليهم: وهو العدل معهم بوفاء عهدهم، فقوله: ({أَنْ تَبَرُّوهُمْ}) إلى آخره، بدل من {الَّذِينَ} وزاد في نسخة ({وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}). 2619 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ، فَقَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابْتَعْ هَذِهِ الحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الوَفْدُ؟ فَقَال: "إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ"، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ، فَقَال عُمَرُ: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ قَال: "إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا تَبِيعُهَا، أَوْ تَكْسُوهَا"، فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ. [انظر: 886 - مسلم: 2068 - فتح: 5/ 232] (على رجل) هو عطارد بن حاجب. (هذه) أي: الحلة، وفي نسخة: "هذا" أي: الحرير. (فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها) أي: من الحلل. (بحلل) أي: نفيسة، فالتنوين للتعظيم. (قال: إني) في نسخة: "فقال: إني". (تبيعها) أي: بل تبيعها. (إلى أخ له) أي: من أمه، أو من الرضاعة، واسمه: عثمان بن حكيم. ومرَّ الحديث في الجمعة في باب: يلبس أحسن ما يجد (¬1). 2620 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (886) كتاب: الجمعة، باب: يلبس أحسن ما يجد.

30 - باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته

عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: [إن أمي قدمت] وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَال: "نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ". [3183، 5978، 5979 - مسلم: 1003 - فتح: 5/ 233] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن هشام) أي: ابن عروة. (قالت: قدمت) في نسخة: "قلت: يا رسول الله قدمت عليّ أمي" اسمها: قتيلة. (وهي راغبة) أي: في شيء تأخذه، أو في القرب مني ومجاورتي، أو عن الإسلام. 30 - بَابٌ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ (باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته) أي: لغير ولده وإن سفل. 2621 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَشُعْبَةُ، قَالا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالعَائِدِ فِي قَيْئِهِ". [انظر: 2589 - مسلم: 1622 - فتح: 5/ 233] (هشام) أي: الدستوائي. (وشعبة) أي: ابن الحجاج. (قتادة) أي: ابن دعامة. (العائد في هبته كالعائد في قيئه) ظاهره: تحريم الرجوع في الهبة وهو محمول على هبة غير الولد كما مرَّ. 2622 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ". [انظر: 2589 - مسلم: 1622 - فتح: 5/ 234] (حدثنا عبد الرحمن) في نسخة: "وحدثني عبد الرحمن" بالإفراد

31 - باب

وزيادة واو. (ابن المبارك) أي: العيشي. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد التنوري. (أيوب) أي: ابن أبي تميمة كيسان، (ليس لنا مثل السوء) بفتح الميم، والمثلثة، والسين. (الذي يعود) إلى آخره أي: لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أن نتصف بصفة ذميمة يشابهنا فيها أخس الحيوانات في أخس أحوالها. 2623 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَا تَشْتَرِهِ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ العَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ". [انظر: 1490 - مسلم: 1620 - فتح: 5/ 235] (حملت على فرس) أي: تصدقت به، ووهبته؛ ليقاتل عليه (فأضاعه الذي كان عنده) أي: بتقصيره في خدمته ومؤنته. إلا تشتره) نهي تنزيه لا تحريم، وذكر الرخص بيان للواقع، وإلا قصده مثله بقرينة تعليل النهي بقوله بعد: (فإن العائد) إلى آخره. ومرَّ الحديث في كتاب الزكاة (¬1). 31 - باب (باب) لم يذكر له ترجمة، فهو كالفصل مما قبله. 2624 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ بَنِي صُهَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ جُدْعَانَ، ادَّعَوْا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى ذَلِكَ صُهَيْبًا، فَقَال ¬

_ (¬1) سبق برقم (1490) كتاب: الزكاة، باب: هل يشتري صدقته، ولا بأس أن يشتري صدقة غيره.

32 - باب ما قيل في العمرى والرقبى

مَرْوَانُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكُمَا عَلَى ذَلِكَ، قَالُوا ابْنُ عُمَرَ: فَدَعَاهُ، فَشَهِدَ "لَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُهَيْبًا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً"، فَقَضَى مَرْوَانُ بِشَهَادَتِهِ لَهُمْ. [فتح: 5/ 237] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (أن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (أن بني صهيب) هم حمزة، وحبيب، وسعد، وصالح، وصيفي، وعباد، وعثمان، ومحمد. (ابن جدعان) بضم الجيم وسكون المهملة هو عبد الله بن عمرو بن جدعان، وفي نسخة: "بني جدعان". (ادعوا) أي: بنو صهيب عند مروان بن الحكم. (بيتين وحجرة) بضم المهملة وسكون الجيم: موضع منفرد في الدار. (أن رسول الله) بدل اشتمال من (بيتين وحجرة). (أعطى ذلك) أي: ما ذكر من البيتين والحجرة. (من يشهد لكما) ثناه مع أن بني صهيب جمع: لأن المدعي اثنان منهم، وفي نسخة: "من يشهد لكم" وعليها لا إشكال. (لأعطى) بفتح اللام وهي لام قسم. (فقضى مروان بشهادته لهم) أي: مع يمينهم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 32 - بَابُ مَا قِيلَ فِي العُمْرَى وَالرُّقْبَى أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهِيَ عُمْرَى، جَعَلْتُهَا لَهُ"، {اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]: "جَعَلَكُمْ عُمَّارًا". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة (باب: ما قيل) أي: ورد. (في العمرى والرقبى) (العمرى) مأخوذ من العمر، و (الرُّقبى) من الرقوب، لأن كلا من المتعاقدين يرقب موت صاحبه. كأن يقول في الأول: أعمرتك داري أي: جعلتها لك مدة عمرك، وفي الثاني: أرقبتك داري أي: جعلتها لك رقبى أي: إن متَّ قبلي عادت إليّ، وإن متُّ قبلك استقرت لك، وحكم كل من العمرى والرقبى حكم الهبة.

33 - باب من استعار من الناس الفرس

وقوله: (في الرقبى) إن مت قبلي عادت إلي لغو وإلى بيان صفة العمرى ومعناها: أشار بقوله: (أعمرته الدار) إلى آخره. 2625 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعُمْرَى، أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ". [2626 - مسلم: 1625 - فتح: 5/ 238] 2626 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَال: حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "العُمْرَى جَائِزَةٌ". [مسلم: 1626] وَقَال عَطَاءٌ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [انظر: 2625 - مسلم: 1625 - فتح: 5/ 238] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (همام) أي: ابن يحيى الشيباني. (نحوه) في نسخة: "مثله". 33 - بَابُ مَنِ اسْتَعَارَ مِنَ النَّاسِ الفَرَسَ (باب: مَنْ استعار من الناس الفرس) زاد في نسخة: "والدابة" وفي أخرى: مع ذلك "وغيرها" بالإفراد، وفي أخرى: "وغيرهما" بالتثنية، وفي أخرى: قبل الباب "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب العارية" وهذه هي الموافقة لعادته من تقديم ذلك على الأبواب غالبًا. 2627 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ المَنْدُوبُ، فَرَكِبَ، فَلَمَّا رَجَعَ قَال: "مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا". [2820، 2857، 2862، 2866، 2867، 2908، 2968، 2969، 3040، 6033، 6212 - مسلم: 2307 - فتح: 5/ 240]

34 - باب الاستعارة للعروس عند البناء

(من أبي طلحة) هو زيد بن سهل. (يقال له: المندوب) أي: المطلوب مأخوذ من الندب، أي: الرهن الذي يجعل في السباق، وقيل: سمي به، لندب كان في جسمه وهو أثر الجرح. (ما رأينا من شيء) أي: يوجب الفزع. (وإن وجدناه) في نسخة: "وإن وجدنا" بغير ضمير. (لبحرًا) أي: واسع الجري، و (إن) مخففة من الثقيلة، واللام فارقة بينها وبين النافية، وقيل: (إن) النافية واللام بمعنى: إلَّا. 34 - بَابُ الاسْتِعَارَةِ لِلْعَرُوسِ عِنْدَ البِنَاءِ (باب: الاستعارة للعروس عند البناء) أي: الدخول بالزوجة، وقيل له: بناء؛ لأن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنوا له قبَّةً، ليدخل بها فيها، فيقال: بنى الرجل على أهله، والعروس نعت يستوي فيه الرجل والمرأة ما داما في أعراسهما. 2628 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ، ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالتْ: "ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِي انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهَا تُزْهَى أَنْ تَلْبَسَهُ فِي البَيْتِ، وَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُنَّ دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ بِالْمَدِينَةِ إلا أَرْسَلَتْ إِلَيَّ تَسْتَعِيرُهُ". [فتح: 5/ 241] (درع قطر) بالإضافة، والدرع: بكسر المهملة: القميص، والقطر: بكسر القاف: ضرب من برود اليمن فيه حمرة لها أعلام فيها بعض خشونة، وفي نسخة: "درع قطن" بقاف مضمومة ونون، وروي: بالفاء بدل القاف المكسورة (¬1): وهي ضرب من ثياب اليمن تعرف ¬

_ (¬1) قال الحافظ: أن في رواية ابن السكن والقابسي بالفاء المكسورة آخره راء وهو ضرب من ثياب اليمن تعرف بالقطرية فيها حمرة. انظر: "فتح الباري" 5/ 242.

35 - باب فضل المنيحة

بالقطرية فيها حمرة. (ثمن خمسة دراهم) برفع (ثمن) أو نصبه بمقدر، وجر (خمسة) بالإضافة فيهما، (وثمن) بمعنى: مقدار أي: وقيمة الدرع مقدار، أو يساوي مقدار خمسة دراهم، وفي نسخة: برفعهما على حذف الضمير، أي: ثمنه خمسة دراهم، وفي أخرى: بضم المثلثة وتشديد الميم مكسورة، من التثمين: وهو التقويم، ونصب (خمسة) بنزع الخافض، أي: قوم بخمسة دراهم. (تزهى) بالبناء للمفعول، أي: تتكبر يقال: زهى الرجل إذا تكبر وأعجب نفسه، وهي من الأفعال التي لم ترد إلا مبنية للمفعول وإن كان بمعنى: الفاعل، كعنى بالأمر، ونتجت الناقة. (منهن) أي: من الدروع. (تقين) بالبناء للمفعول، أي: تزين، يقال: قينت العروس، أي: زينتها، وقيل: تجلى على زوجها. 35 - بَابُ فَضْلِ المَنِيحَةِ (باب: فضل المنيحة) بفتح الميم: وهي ذات اللبن كالناقة تعطيها غيرك: ليحتلبها ثم يردها عليك، والمراد هنا: ما يشمل الشجرة المثمرة. والمنحة بالكسر: العطية. ولفظ: (باب) ساقط من نسخة، فيرفع (فضل المنيحة) بأنه خبر مبتدإِ محذوف. 2629 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "نِعْمَ المَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ تَغْدُو بِإِنَاءٍ، وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، وَإِسْمَاعِيلُ، عَنْ مَالِكٍ، قَال: "نِعْمَ الصَّدَقَةُ". [5608 - مسلم: 1519، 1020 - فتح: 5/ 242] (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (نعم المنيحة) بالرفع فاعل (نعم) (اللقحة) بكسر اللام بمعنى: الملقوحة، أي: الحلوب من ذوات اللبن، وهي المخصوص بالمدح (الصفي) صفة لـ (المنيحة) أي:

الكريمة الكثيرة اللبن أو صفة لـ (اللقحة، واستعماله بغيرها على الأشهر في الرواية، قال الكرماني: لأنه فعيل أو فعول يستوي فيه المذكر والمؤنث (¬1). (منحة) بالنصب تمييز، قال ابن مالك: فيه وقوع التمييز بعد فاعل (نعم) ظاهرًا، وقد منعه سيبويه إلا مع إضمار الفاعل نحو: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: 50] وجوزه المبرد، وهو الصحيح، وأجاب غيره: باحتمال أن فاعل (نعم) في الحديث مضمر و (المنيحة) هي المخصوصة بالمدح، و (منحة) تمييز تأخر عن المخصوص فلا يرد على سيبويه قلت: هو صحيح، لكن يؤيد قول المبرد قول الشاعر: تزود مثل زاد أبيك زادا ... فنعم الزاد زاد أبيك زادًا (¬2) فذلك جائز وإن كان قليلًا (والشاة الصفي) صفة لموصوف عطف على (المنيحة) وحذف فيه المخصوص بالمدح للعلم به مما قبله. (تغدو بإناء وتروح بإناء) أي: من اللبن، أي: تحلب إناء بالغدو، وإناء بالعشي. (وإسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (قال) أي: في روايته للحديث السابق. (نعم الصدقة) بدل (نعم المنيحة). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 150. (¬2) انظر: "شواهد التوضيح والتصحيح" لابن مالك ص 107: 109، و"الكتاب" لسيبويه 2/ 175، "أوضح المسالك" لابن هشام ص 171، "شرح ابن عقيل" 3/ 163: 165، والبيت لجرير بن عطية، من قصيدة له يمدح فيها أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بن مروان، والشاهد فيه قوله: "فنعم الزاد ... زادًا" حيث جمع في الكلام بين الفاعل الظاهر وهو قوله: "الزاد" والتمييز وهو قوله: "زادًا" وذلك غير جائز. عند جمهرة البصرين. انظر: "خزانة الأدب" 4/ 108، "منحة الجليل" 3/ 165.

2630 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ المَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ، وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ - يَعْنِي شَيْئًا - وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأَرْضِ وَالعَقَارِ، فَقَاسَمَهُمُ الأَنْصَارُ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ، وَيَكْفُوهُمُ العَمَلَ وَالمَئُونَةَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسٍ أُمُّ سُلَيْمٍ كَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، "فَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِذَاقًا فَأَعْطَاهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلاتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ" - قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ خَيْبَرَ، فَانْصَرَفَ إِلَى المَدِينَةِ رَدَّ المُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّهِ عِذَاقَهَا، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ". [3128، 4030، 4120 - مسلم: 1771 - فتح: 5/ 242] وَقَال أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ بِهَذَا، وَقَال: مَكَانَهُنَّ مِنْ خَالِصِهِ. (ابن وهب) هو عبد الله. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (يعني: شيئًا) ساقط من نسخة. (فقاسمهم) بزيادة الفاء جواب و (ما) وهذا لا ينافي نفي المقاسمة في خبر أبي هريرة السابق في المزارعة: قالوا اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، قال: لا؛ لأن المنفي ثَمَّ: الأصول، والمثبت هنا: الثمار. (ثمار أموالهم) أي: بعضها بقرينة قولهم في الخبر المذكور ثَمَّ: ونشرككم في الثمرة (¬1). (أمه أم أنس) الثاني بدل من الأول. (أم سليم) بدل من الثاني. (كانت) تأكيد و (كانت) الأولى، أي: كانت أم أنس. (أم عبد الله) فعبد الله وسليم أخوا أنس لأمه وأمها سهلة، أو مليكة الأنصارية. (ابن أبي طلحة) قال شيخنا: والذي يظهر ¬

_ (¬1) سلف برقم (2325) كتاب: المزارعة، باب: إذا قال: اكفني مؤونة النخل وغيره وتشركني في الثمر.

أن ذلك -أي: قوله: (وكانت أمه) إلى هنا- من كلام الزهري الراوي عن أنس، لكن بقية السياق يقتضي أنه من رواية الزهري عن أنس فتحمل على التجريد (¬1). أي: بأن ينتزع من نفسه شخصًا فيخاطبه. (فكانت) تأكيد و (كانت) الأولى أيضًا. (أعطت) أي: وهبت. (عذاقًا) بكسر المهملة وفتحها وتخفيف المعجمة جمع: عذق بفتح العين وسكون المعجمة: وهو النخلة الحاملة لثمرتها. (أم أيمن) اسمها: بركة وكانت حاضنة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (من قتل) في نسخة: "من قتال". (إلى أمه) أي: أم أنس. (عذاقها) بكسر المهملة وفتحها. (وأعطى) في نسخة: "فأعطى" (مكانهن) أي: بدلهن. (من حائطه) أي: بستانه. (من خالصه) أي: من خالص ماله، والمعنى: أن يونس وافق ابن وهب فيما قاله إلا في قوله: (من حائطه) فقال: (من خالصه). 2631 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلاهُنَّ مَنِيحَةُ العَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا، وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الجَنَّةَ" قَال حَسَّانُ: فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ العَنْزِ، مِنْ رَدِّ السَّلامِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَإِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَنَحْوهِ فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً [فتح: 5/ -243] (الأوزاعي) هو عبد الرحمن. (عن أبي كبشة) بفتح الكاف. (السلولي) بفتح المهملة وضم اللام الأولى. (أربعون خصلة) مبتدأ. (أعلاهن) مبتدأ ثانٍ. (منيحة العنز) خبر الثاني، والجملة خبر الأول ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 244.

والعنز: أنثى المعز. (قال حسان) أي: ابن عطية. (فعددنا ما دون منيحة العنز) إلى آخره، قال ابن بطال: لم يذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأربعين الخصلة إلا لمعنى: هو أنفع لنا من ذكرها، كخشية أن يكون التعيين لها زهدًا في غيرها من أبواب الخير، قال: وليس قول حسان مانعًا أن يستطيعها غيره، قال: وقد بلغني عن بعض أهل عصرنا أنه تطلبها في الأحاديث فوجد ما يبلغ أزيد من أربعين خصلة منها: السعي على ذي الرحم القاطع، وإطعام الجائع، وسقي الظمآن، ونصرة المظلوم (¬1)، وتُعقب بأن هذه الأربعة وبعض غيره أعلى من المنيحة وبأن ما ذكره رجمًا بالغيب؛ لاحتمال أن يكون المراد غيرها عدده من سائر أعمال الخير، ثم إنه من أين عرف أن ما عدده أدنى من المنيحة؟ فلجواز أن يكون مثلها أو أعلى منها (¬2). 2632 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَتْ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ، فَقَالُوا: نُؤَاجِرُهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ، فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى، فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ". [انظر: 1487 - مسلم: 1536 - فتح: 5/ 243] (حدثني عطاء) أي: ابن أبي رباح، وفي نسخة: "عن عطاء". (أرضين) بفتح الراء على الأشهر. (فقالوا نؤاجرها بالثلث والربع والنصف) أي: مما يخرج منها، والواو في الموضعين بمعنى: أو. (فليزرعها أو ليمنحها) بفتح الياء والجزم على الأمر فيهما. 2633 - وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي ¬

_ (¬1) "شرح صحيح البخاري لابن بطال" 7/ 151 - 152. (¬2) انظر: "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 11/ 153.

عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنِ الهِجْرَةِ، فَقَال: "وَيْحَكَ إِنَّ الهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا؟ "، قَال: نَعَمْ، قَال: "فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا شَيْئًا؟ "، قَال: نَعَمْ، قَال: "فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ ورْدِهَا؟ "، قَال: نَعَمْ، قَال: "فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ البِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا". [انظر: 1452 - مسلم: 1865 - فتح: 5/ 243] (إلى النبي) في نسخة: "إلى رسول الله". (ويحك) كلمة رحمة وتوجع لمن وقع في هلكة لا يستحقها. (وردها) بكسر الواو، وفي نسخة: "ورودها" أي: يوم شربها؛ لأن الحلب فيه أرفق للناقة وللمحتاجين. (من وراء البحار) بموحدة ومهملة، أي: من وراء القرى والمدن، وفي نسخة: "من وراء التجار" بفوقية وجيم. (لن يترك) بفتح التحتية وكسر الفوقية أي: لن ينقصك. ومرَّ شرح الحديث في الزكاة في باب: زكاة الإبل (¬1). 2634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، قَال: حَدَّثَنِي - أَعْلَمُهُمْ بِذَاكَ يَعْنِي - ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى أَرْضٍ تَهْتَزُّ زَرْعًا، فَقَال: "لِمَنْ هَذِهِ؟ "، فَقَالُوا: اكْتَرَاهَا فُلانٌ، فَقَال: "أَمَا إِنَّهُ لَوْ مَنَحَهَا إِيَّاهُ كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا مَعْلُومًا". [انظر: 2330 - مسلم: 1550 - فتح: 5/ 243] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد. (أيوب) أي: السختياني. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (عن طاووس) أي: ابن كيسان. (بذاك) في نسخة: "بذلك". (تهتز) أي: تتحرك. (لو منحها) أي: أعطاها المالك. (إياه) أي: فلانًا المذكور. ومرَّ هذا الحديث في المزارعة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1452) كتاب: الزكاة، باب: زكاة الإبل. (¬2) سبق برقم (2335) كتاب: المزارعة، باب: ما قبل باب: المزارعة مع اليهود.

36 - باب إذا قال: أخدمتك هذه الجارية، على ما يتعارف الناس، فهو جائز

36 - بَابُ إِذَا قَال: أَخْدَمْتُكَ هَذِهِ الجَارِيَةَ، عَلَى مَا يَتَعَارَفُ النَّاسُ، فَهُوَ جَائِزٌ وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "هَذِهِ عَارِيَّةٌ" وَإِنْ قَال: كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ، فَهُوَ هِبَةٌ". (باب: إذا قال: أخدمتك هذه الجارية على ما يتعارف الناس، فهو جائز) لكن إن جرى عرف بأن الإخدام هبة وصدر من شخص، وقصد به التمليك كان هبة فهو كناية وإلا فهو عارية. (وقال بعض الناس) قيل: الحنفية. (هذه) أي: الصيغة المذكورة. (وإن قال: كسوتك هذا الثوب فهو) وفي نسخة: "فهذه" (هبة) يحتمل كما قال الكرماني: أن يكون هذا من تتمة قول الحنفية ليكون المقصود منه: إنهم تحكموا حيث قالوا: ذاك عارية وهذه هبة، وأن يكون عطفًا على الترجمة (¬1). والأوجه أن كلًّا منهما عارية أو هبة على التفصيل الذي قدمته. 2635 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، فَأَعْطَوْهَا آجَرَ، فَرَجَعَتْ، فَقَالتْ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً"، وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ". [انظر: 2217 - مسلم: 2371 - فتح: 5/ 246] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) هو ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (كبت الكافر) أي: صرفه وأذله. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 154.

37 - باب إذا حمل رجلا على فرس، فهو كالعمرى والصدقة

ومرَّ شرح الحديث في البيع (¬1). 37 - بَابُ إِذَا حَمَلَ رَجُلًا عَلَى فَرَسٍ، فَهُوَ كَالعُمْرَى وَالصَّدَقَةِ وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا". (باب: إذا حمل رجل آخر) وفي نسخة: "رجلًا" على إضمار الفاعل. (على فرس فهو كالعمرى والصدقة) أي: في عدم الرجوع فيه. 2636 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ مَالِكًا، يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ". [انظر: 1490 - مسلم: 1620 - فتح: 5/ 246] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (حملت على فرس) أي: تصدقت بها. (لا تشتره) في نسخة: "لا تشتر" أي: الفرس، والنهي للتنزيه. ومرَّ الحديث في باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2217) كتاب: البيوع، باب: شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه. (¬2) سبق برقم (2623) كتاب: الهبة، باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته.

52 - كتاب الشهادات

52 - كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

1 - باب ما جاء في البينة على المدعي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 52 - كِتَابُ الشَّهَادَاتِ 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي البَيِّنَةِ عَلَى المُدَّعِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ، وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالعَدْلِ، وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ، فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ، وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ، وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالعَدْلِ، وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ، فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ، أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا، وَلاَ تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ، ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَنْ لاَ تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ، فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ لاَ تَكْتُبُوهَا، وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ، وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ، وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ، وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا، فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى، أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا، فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135]. [فتح: 5/ 247].

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (كتاب الشهادات باب ما جاء أن البينة على المدعي) في نسخة: "ما جاء في البينة على المدعي" وفي أخرى: "كذلك" لكن بحذف لفظ: (باب) والمعنى: باب: بيان ما جاء فيما تضمنه القرآن: أن البينة على المدعي لا على المدعى عليه. (لقوله تعالى) في نسخة: "لقوله -عَزَّ وَجَلَّ- " [وهذا ساقط من نسخة] (¬1). ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ} إلى قوله: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}) غالبه ظاهر، ومحل تفسيره كتب تفسير القرآن، وفي نسخة بعد قوله: ({فَاكْتُبُوهُ}: "إلى قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} " (وقوله تعالى) بالجر عطف على قوله: (لقوله تعالى)، وفي نسخة: "وقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-". ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}) إلى آخره محل تفسيره كتب تفسير القرآن، وفي نسخة: بعد قوله: ({بِالْقِسْطِ}) إلى قوله {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}) ولم يذكر في الباب حديثًا اكتفاء بذكر الآيات، ووجه الاستدلال بالأولى للترجمة: أنه لو كان القول قول المدعي من غير بينة لما احتيج إلى الكتابة والإملاء والإشهاد عليه (¬2)، بالثانية (¬3): أن الله قد أخذ عليه أن يقر بالحق على نفسه، فالقول قول المدعى عليه فإذا كذبه المدعي فعليه البينة. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) في هامش (ج): فلما احتيج إليه دلَّ على أن البينة على المدعي. (¬3) في هامش (ج): أي وجه الاستدلال بالثانية.

2 - باب إذا عدل رجل أحدا فقال: لا نعلم إلا خيرا، أو قال: ما علمت إلا خيرا

2 - بَابُ إِذَا عَدَّلَ رَجُلٌ أَحَدًا فَقَال: لَا نَعْلَمُ إلا خَيْرًا، أَوْ قَال: مَا عَلِمْتُ إلا خَيْرًا (باب: إذا عدل رجل) أحدًا. في نسخة: "رجلًا". (فقال) أي: المعدل. (لا نعلم إلا خيرًا أو قال: ما) في نسخة: "أو ما" (علمت إلا خيرًا) اكتفى في تعديله بذلك عند بعضهم، وعند الشافعية: لا بد أن يقول: هو عدل. 2637 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَقَال: اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا حِينَ - قَال لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ: مَا قَالُوا: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا، وَأُسَامَةَ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَقَال: أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إلا خَيْرًا، وَقَالتْ بَرِيرَةُ: إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ، فَتَأْكُلُهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَعْذِرُنَا فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِي إلا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلا خَيْرًا". [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح: 5/ 268] (حجاج) أي: ابن منهال. (حدثنا ثوبان) في نسخة: "حدثنا يونس بن يزيد الأيلي". (وقال الليث: حدثني يونس) أي: الأيلي. (عروة بن الزبير) لفظ: (ابن الزبير) ساقط من نسخة. (وعبيد الله بن عبد الله) لفظ: (ابن عبد الله) ساقط من نسخة. (ما قالوا) ساقط من نسخة. (حين استلبث الوحي) أي: تأخر. (يستأمرهما) أي: يشاورهما. (أهلك) بالرفع، أي: هم أهلك، وبالنصب بالإغراء، أي: الزم. (ولا نعلم إلا خيرًا) هو موضع الترجمة، ومرَّ أنه لا يكتفى به عند الشافعية. (إن رأيت) إن نافية. (أغمصه) بفتح الهمزة وسكون المعجمة، وكسر الميم

3 - باب شهادة المختبي

ثم مهملة، أي: أعيبها به، من أغمصه فلان إذا استصغره ولم يره شيئًا. (جارية) ساقط من نسخة. (الداجن) بمهملة وجيم: الشاة التي تألف البيوت ولا تخرج إلى المرعى. (من يعذرنا) بكسر المعجمة، أي: من يقوم بعذري إذا عاقبته على سوء ما صدر منه. (في رجل) في نسخة: "من رجل". (عليه) في نسخة: "فيه". 3 - بَابُ شَهَادَةِ المُخْتَبِي وَأَجَازَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ قَال: "وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالكَاذِبِ الفَاجِرِ" وَقَال الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ: "السَّمْعُ شَهَادَةٌ" وَكَانَ الحَسَنُ يَقُولُ: "لَمْ يُشْهِدُونِي عَلَى شَيْءٍ، وَإِنِّي سَمِعْتُ كَذَا وَكَذَا". (باب: شهادة المختبي) بموحدة أي: المختفي عند تحمل الشهادة أي: باب بيان حكمها. (وأجازه) أي: الاختباء. (قال) أي: عمرو. (وكذلك) أي: ومثل الاختباء لتحمل الشهادة. (يفعل بالكاذب الفاجر) أي: في الاختباء للتحمل عنه حيث يعترف بالدين الذي عليه لربه إذا خلى به وينكر ظاهرًا. (السمع شهادة) أي: وإن لم يشهده المقر. (وقال الحسن) في نسخة: "وكان الحسن يقول لا أي: الذي سمع من قوم شيئًا أن يذكر في شهادته. (لم يشهدوني على شيء وإني) في نسخة: "ولكن". (سمعت كذا وكذا) أي: سمعتهم يقولون: كذا وكذا ولا يقول: أشهد بذلك، والمشهور خلافه. 2638 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال سَالِمٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ

الأَنْصَارِيُّ يَؤُمَّانِ النَّخْلَ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ - أَوْ زَمْزَمَةٌ - فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: أَيْ صَافِ، هَذَا مُحَمَّدٌ، فَتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ". [انظر: 1355 - مسلم: 2931 - فتح: 5/ 249] (يؤمان النخل) أي: يقصدانه. (يختل) أي: يطلب. (فتناهى ابن صياد) هو تفاعل من الانتهاء أي: انتهى عن رمرمته، أو من النهي أي: العل، أي: رجع إليه عقله وتنبه من غفلته، نقل ذلك ابن الأثير (¬1). ومرَّ شرح الحديث في الجنائز في باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه؟ (¬2). 2639 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفاعَةَ القُرَظِيِّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ، فَطَلَّقَنِي، فَأَبَتَّ طَلاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَقَال: "أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ"، وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَهُ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَقَال: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلا تَسْمَعُ إِلَى هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ [5260، 5261، 5265، 5317، 5792، 5825، 6084 - مسلم: 1433 - فتح: 5/ 249] (حدثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله". (سفيان) أي: ابن عيينة. (فأبت) بهمزة مفتوحة وفوقية مشددة، وفي نسخة: "فبت" وهو ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 5/ 139. (¬2) سبق برقم (1355) كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه؟

4 - باب إذا شهد شاهد، أو شهود بشيء، وقال آخرون: ما علمنا ذلك، يحكم بقول من شهد

المشهور لغة، أي: قطع. (طلاقي) قطعًا كليًّا يحصل البينونة الكبرى. (فقال) أي: خالد وهو بالباب. (يا أبا بكر) إلى آخره هو موضع الترجمة؛ لأن خالدًا أنكر على امرأة رفاعة ما تلفظت به عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينكر عليه - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فاعتماد خالد على سماع صوتها حتى أنكر عليها هو حاصل ما يقع من شهادة السمع؛ لأن خالدًا كالمختفي عنها، لكن لا بد مع الاختفاء عند الشافعية من معرفة المتكلم. 4 - بَابُ إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ، أَوْ شُهُودٌ بِشَيْءٍ، وَقَال آخَرُونَ: مَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، يُحْكَمُ بِقَوْلِ مَنْ شَهِدَ قَال الحُمَيْدِيُّ: هَذَا كَمَا أَخْبَرَ بِلالٌ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلَّى فِي الكَعْبَةِ". [انظر: 1599] وَقَال الفَضْلُ: "لَمْ يُصَلِّ" فَأَخَذَ النَّاسُ بِشَهَادَةِ بِلالٍ " كَذَلِكَ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ: أَنَّ لِفُلانٍ عَلَى فُلانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِ مِائَةٍ يُقْضَى بِالزِّيَادَةِ". (باب: إذا شهد شاهد، أو شهود بشيء فقال) في نسخة: "وقال". (آخرون: ما علمنا ذلك) في نسخة: "بذلك". (يحكم بقول من شهد) بشرطه؛ لأنَّ عدم علم الغير بشيء لا يعارض علم من علم به. (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (يقضي بالزيادة) لما مرَّ، وفي نسخة: "يعطي بالزيادة" فعليها الباء زائدة. 2640 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عُزَيْزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالتْ: قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ، وَالَّتِي تَزَوَّجَ، فَقَال لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي، وَلَا أَخْبَرْتِنِي، فَأَرْسَلَ إِلَى آلِ أَبِي إِهَابٍ يَسْأَلُهُمْ، فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَا أَرْضَعَتْ

5 - باب الشهداء العدول

صَاحِبَتَنَا، فَرَكِبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ"، فَفَارَقَهَا وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. [انظر: 88 - فتح: 5/ 251] (حبان) بكسر المهملة وتشديد الموحدة: هو ابن موسى السلمي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (ابنة) اسمها: غنية. (لأبي إهاب) بكسر همزة (إهاب. ابن عزيز) بفتح المهملة وزايين معجمتين، وفي نسخة: "عزير" بضم المهملة وبزاي مفتوحة وراء. (يسألهم) أي: عما قالته المرأة، وفي نسخة: "فسألهم". (ما علمنا أرضعت) أي: ما علمنا أنها أرضعت، وفي نسخة: "ما علمناه" أي: إرضاع الابنة فعليها يكون ما بعد الضمير بدلًا منه. (بالمدينة) أي: فيها. (وقد قيل) أي: إنك أخوها من الرضاع. (ففارقها) أي: احتياطًا وورعًا لا حكمًا بثبوت الرضاع: لعدم ثبوته. (زوجها غيره) اسمه: ظريب بن الحارث. ومطابقة الحديث للترجمة: من جهة أمره - صلى الله عليه وسلم - بالمفارقة تورعًا فجعل كالحكم، وإخبار المرأة كالشهادة. ومرَّ شرح الحديث في باب: الرحلة من كتاب: العلم (¬1). 5 - بَابُ الشُّهَدَاءِ العُدُولِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]. (باب: الشهداء العدول) أي: بيانهم. (وقول الله) بالجر عطف على سابقه، وعطف على "قول الله" قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} أي: فإن لم ترضوا بهم لمانع كشهادة أصل لفرع، أو عكسه لم تقبل شهادتهم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (88) كتاب: العلم، باب: الرحلة في المسألة.

6 - باب تعديل كم يجوز؟

2641 - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا، أَمِنَّاهُ، وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ، وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَال: إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ". [فتح: 5/ 251] (شعيب) هو ابن أبي حمزة. (يؤخذون بالوحي) يعني: كان الوحي يكشف عن سرائرهم في بعض الأوقات. (أمناه) بهمزة مقصورة وميم مكسورة، أي: جعلناه آمنًا من الشر، أو صيرناه أمينًا. (وقربناه) أي: عظمناه وأكرمناه. (يحاسبه) في نسخة: "يحاسب" بحذف الضمير، وفي أخرى: "محاسبة" بميم بدل الياء. (سوءًا) في نسخة: "شرًّا". 6 - بَابُ تَعْدِيلِ كَمْ يَجُوزُ؟ (باب: تعديل كم يجوز؟) يعني: باب كم نفر يجوز في شهادة التعديل، أو الجرح؟ فقال مالك والشافعي: لا يقبل أقل من رجلين. وقال أبو حنيفة: يكفي واحد. 2642 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَال: "وَجَبَتْ"، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا - أَوْ قَال: غَيْرَ ذَلِكَ - فَقَال: "وَجَبَتْ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لِهَذَا وَجَبَتْ، وَلِهَذَا وَجَبَتْ، قَال: "شَهَادَةُ القَوْمِ المُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ". [انظر: 1367 - مسلم: 949 - فتح: 5/ 252] (عن ثابت) أي: البناني. (شهادة القوم، المؤمنون) مبتدأ

7 - باب الشهادة على الأنساب، والرضاع المستفيض، والموت القديم

حذف خبره أي: مقبولة. (شهداء الله في الأرض) خبر مبتدإٍ محذوف، وفي نسخة: "شهادة القوم، المؤمنون" برفع "المؤمنون" مبتدأ خبره ما بعده (¬1) وخبر: (شهادة القوم) محذوف، أي: مقبولة. 2643 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الفُرَاتِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَال: أَتَيْتُ المَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَرَّتْ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ خَيْرًا، فَقَال عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى، فَأُثْنِيَ خَيْرًا، فَقَال: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِيَ شَرًّا، فَقَال: وَجَبَتْ، فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ قَال: قُلْتُ كَمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ"، قُلْنَا: وَثَلاثَةٌ، قَال: "وَثَلاثَةٌ"، قُلْتُ: وَاثْنَانِ، قَال: "وَاثْنَانِ"، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الوَاحِدِ. [انظر: 1368 - فتح: 5/ 252] (ذريعًا) أي: واسعًا، أو سريعًا. ومرَّ شرح الحديث في الجنائز (¬2). 7 - بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الأَنْسَابِ، وَالرَّضَاعِ المُسْتَفِيضِ، وَالمَوْتِ القَدِيمِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ" وَالتَّثَبُّتِ فِيهِ. (باب: الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت القديم) أي: الذي تطاول زمنه، قال شيخنا: ما حاصله هذه الترجمة معقودة لشهادة الاستفاضة فذكر منها هذه الثلاثة: فأما النسب فيستفاد من أحاديث الرضاع فإنه من لازمه، وأما الرضاع: فيستفاد ثبوته ¬

_ (¬1) في هامش (ج): وهو قوله: "شهداء الله في الأرض". (¬2) سبق برقم (1368) كتاب: الجنائز، باب: ثناء الناس على الميت.

بالاستفاضة من أحاديث الباب، وأما الموت القديم: فيستفاد حكمه بالإلحاق قاله ابن المنير (¬1). (وقال النبي) إلى آخره هو طرف من حديث وصله في الرضاع (¬2)، وسيأتي الكلام عليه ثَمَّ. (والتثبت فيه) أي: في أمر الرضاع، وهذا بقية الترجمة وكثيرًا ما يفعل البخاريُّ مثلَه بعطف ترجمة على ترجمة وإنه فصل بينهما بكلام آخر، قال شيخنا: وكأنه أشار بذلك إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - آخر الباب: "انظرن من إخوانكن من الرضاعة" الحديث (¬3). 2644 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا الحَكَمُ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ، فَلَمْ آذَنْ لَهُ، فَقَال: أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّكِ، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَال: أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي بِلَبَنِ أَخِي، فَقَالتْ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "صَدَقَ أَفْلَحُ ائْذَنِي لَهُ". [4796، 5103، 5111، 5239، 6156 - مسلم: 1445 - فتح: 5/ 253] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (الحكم) أي: ابن عتيبة. (قال: أرضعتك) في نسخة: "فقال: أرضعتك". (عن ذلك) ساقط من نسخة. 2645 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِنْتِ حَمْزَةَ: "لَا تَحِلُّ لِي، يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ". [5100 - مسلم: 1447 - فتح: 5/ 253] (همام) أي: ابن يحيى العوذي. (في بنت حمزة) اسمها: أمامة، ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 254. (¬2) سيأتي برقم (5101) كتاب: النكاح، باب: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}. (¬3) "الفتح" 5/ 254.

أو عمارة، أو غير ذلك. (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) استثنى بعضهم منه أربع نسوة يحرمن في النسب، وفي الرضاع لا يحرمن وقد بينت في "شرح الروض" وغيره ذلك، وأنه لا استثناء في الحقيقة (¬1). (بنت أخي) في نسخة: "ابنة أخي". 2646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، قَالتْ: فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُرَاهُ فُلانًا" لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ فُلانٌ حَيًّا - لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ - دَخَلَ عَلَيَّ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنَ الولادَةِ". [3105, 5099 - مسلم: 1444 - فتح: 5/ 253] (عن عبد الله بن أبي بكر) أي: ابن محمد بن عمرو بن حزم المدني. (أن رسول الله) في نسخة: "أن النبي". (فقالت عائشة) إلى قوله: (من الرضاعة) ساقط من نسخة. (تحرم) بضم الفوقية وتشديد الراء المكسورة، وفي نسخة: "يحرم منها" بفتح التحتية وضم الراء وزيادة (منها). (من الولادة) في نسخة: "من النسب". 2647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ (¬2) أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، ¬

_ (¬1) "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 3/ 149، "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 2/ 42. (¬2) في النسخة اليونينية طبعة دار طوق النجاة (عن) وأظنه الصواب، وفي طبعة دار الشعب، ودار الجيل وفي السلفية قالوا (سفيان بن أشعث بن أبي الشعثاء) وأظنه تصحيف.

8 - باب شهادة القاذف والسارق والزاني

عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي رَجُلٌ، قَال: "يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا؟ "، قُلْتُ: أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَال: "يَا عَائِشَةُ، انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ"، تَابَعَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ. [5102 - مسلم: 1455 - فتح: 5/ 254] (سفيان) أي: الثوري. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (انظرن) بضم المعجمة من النظر بمعنى: التفكر والتأمل. (من إخوانكن) استفهام، وعلل قوله: (انظرن) بقوله: (فإنما الرضاعة من المجاعة) أي: الجوع، أي: ليس كل من أرضع لبن أمهاتكن يصير أخاكن فإن الرضاع في الصغر قبل الحولين هو الذي ينبت اللحم ويقوي العظم فيصير به كجزء عن المرضعة فيكون كسائر أولادها، أما بعد ذلك فلا؛ لأنه حينئذ لا يسد جوعته إلَّا الخبز ونحوه. (تابعه) أي: محمد بن كثير. 8 - بَابُ شَهَادَةِ القَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا، وَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ إلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 4 - 5]. وَجَلَدَ عُمَرُ، أَبَا بَكْرَةَ، وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ، وَنَافِعًا بِقَذْفِ المُغِيرَةِ، ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ، وَقَال: "مَنْ تَابَ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ" وَأَجَازَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعِكْرِمَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَشُرَيْحٌ، وَمُعَاويَةُ بْنُ قُرَّةَ وَقَال أَبُو الزِّنَادِ: "الأَمْرُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ إِذَا رَجَعَ القَاذِفُ عَنْ قَوْلِهِ، فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ" وَقَال الشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ: "إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ، وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ" وَقَال الثَّوْرِيُّ: "إِذَا جُلِدَ العَبْدُ ثُمَّ أُعْتِقَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اسْتُقْضِيَ المَحْدُودُ فَقَضَايَاهُ جَائِزَةٌ وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ القَاذِفِ وَإِنْ تَابَ، ثُمَّ قَال: لَا يَجُوزُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ

بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ جَازَ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ لَمْ يَجُزْ، وَأَجَازَ شَهَادَةَ المَحْدُودِ وَالعَبْدِ وَالأَمَةِ لِرُؤْيَةِ هِلالِ رَمَضَانَ "وَكَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ" وَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّانِيَ سَنَةً وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ: كَلامِ كعب (¬1) بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ حَتَّى مَضَى خَمْسُونَ لَيْلَةً. [انظر: 2757] (باب: شهادة القاذف والسارق والزاني) أي: هل تقبل بعد توبتهم الحاصلة بالحد أو لا؟. (وقول الله) بالجر عطف على سابقه. (تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ". ({وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}) أي: ما لم يتوبوا لقرينة الاستثناء بعده بناء على أنه يرجع إلى جميع الجمل قبله، وهو ما عليه الشافعية وكثير، كما هو محرر في الأصول، وقال بعض الحنفية: لا تقبل شهادته مدة عمره كما ذكره بعد، بناءَ منهم على أن الاستثناء إنما يرجع إلى الجملة الأخيرة. (أبا بكرة) هو نفيع بن الحارث بن كلدة بفتحات. (ونافعًا) أي: ابن الحارث أخا أبي بكرة لأمه. (بقذف المغيرة) أي: ابن شعبة. (وأجازه) أي: الحكم المذكور. (والشعبي) هو عامر بن شراحيل. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (إذا أكذب) أي: القاذف. (نفسه جلدًا) أي: حد القذف. (وإن أستقضى المحدود) أي: طلب منه، وكان قاضيًا أن يحكم في قضايا. (فقضاياه جائزة) لأن حدَّه كفَّر ما عليه. (وقال بعض الناس) أي: بعض الحنفية. (ثم قال) أي: البعض المذكور. (لا يجوز) إلى آخره قيل: غرض البخاري منه: بيان تناقض ¬

_ (¬1) في اليونينية ط دار الجيل والشعب والسلفية (سعد) بدل (كعب) وهي على الصواب في اليونينية دار طوق النجارة والفتح.

قول البعض المذكور حيث منعوا شهادة القاذف بعد توبته، وجوزوا النكاح بشهادته، وبيان تحكمهم حيث منعوا شهادة العبد، وجوزوا شهادة المحدود بالزنا والسرقة والخمر مع أنهما ناقصان، وحيث جوزوا شهادة المحدود بما ذكر ومنعوا شهادة القاذف المحدود وإن تاب، وقوله: (بشهادة محدودين) أي: "في قذف" كما في نسخة. (وكيف تعرف توبته) أي: القاذف، وهذا من تتمة الترجمة، وبين توبته عنده بقوله: (وقد نفى النبي) إلى آخره. (وصاحبيه) هما هلال بن أمية، ومرارة بن الربيع. 2648 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، "أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الفَتْحِ، فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَمَرَ [بِهَا] فَقُطِعَتْ يَدُهَا"، قَالتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا، وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [3475, 3732, 3733, 4304, 6787, 6800 - مسلم: 1688 - فتح: 5/ 255] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (ابن وهب) هو عبد الله. (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (أن امرأة) اسمها: فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد. (سرقت) أي: قطيفة كما رواه ابن ماجة وصححه الحاكم (¬1). (ثم أمر) أي: "بها" كما في نسخة. (فقطعت يدها) أي: بعد ثبوت السرقة. (فحسنت توبتها) هو موضع الترجمة؛ لأن من حسنت توبته قبلت شهادته، فألحق البخاري القاذف بالسارق لعدم الفارق بينهما عنده. ¬

_ (¬1) ابن ماجه (2548) كتاب: الحدود، باب: الشفاعة في الحدود. والحاكم في "المستدرك" 4/ 379 كتاب: الحدود، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ووافقه الذهبي. وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجة".

9 - باب: لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد

2649 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ أَمَرَ فِيمَنْ زَنَى، وَلَمْ يُحْصَنْ بِجَلْدِ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبِ عَامٍ". [انظر: 2314 - مسلم: 1689 - فتح: 5/ 255] (عن عقيل) بالتصغير، أي: ابن خالد بن عقيل بالتكبير. (ولم يحصن) بالبناء للفاعل، وفي نسخة: بالبناء للمفعول. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط على الزاني الذي حُدَّ التوبة، وإنما قال فيه: حصلت التوبة بالحدِّ. 9 - بَابٌ: لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ جَوْرٍ إِذَا أُشْهِدَ (باب: لا يشهد) بالرفع على النفي، وفي نسخة: بالجزم على النهي. (على شهادة جور) أي: ظلم وميل عن الاعتدال. (إذا أشهد) بالبناء للمفعول. 2650 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَأَلَتْ أُمِّي أَبِي بَعْضَ المَوْهِبَةِ لِي مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِي، فَقَالتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَنَا غُلامٌ، فَأَتَى بِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْنِي بَعْضَ المَوْهِبَةِ لِهَذَا، قَال: "أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ؟ "، قَال: نَعَمْ، قَال: فَأُرَاهُ، قَال: "لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ" وَقَال أَبُو حَرِيزٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، "لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ". [انظر: 2586 - مسلم: 1689 - فتح: 5/ 225] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أبو حيان) بفتح المهملة وتشديد التحتية: هو يحيى بن سعيد. (عن الشعبي) أي: عامر بن شراحيل. (أمي) هي عمرة بنت رواحة. (أبي) هو بشير. (بعض الموهبة) بفتح الميم، أي: الهبة، وكانت في

رواية: "عبدًا أو أمة" (¬1) على الشك، وفي أخرى: "غلامًا" (¬2)، وفي أخرى: "حديقة" (¬3) وحملتا على التعدد. (ثم بدا) أي: ظهر. (له) أي: ندم على منعه الهبة لي أولًا. (فوهبها لي) أي: بعد منعه. (قال: ألك؟) في نسخة: "فقال: ألك؟ ". (أبو حريز) بمهملة مفتوحة وزاي آخره هو عبد الله بن الحسين الأزدي. (لا أشهد على جور) أي: ميل عن الاعتدال والمذكور هنا مكروه كما مر، والمكروه جور، فلا ينافي ما عليه الجمهور من الجواز. ومر الحديث في باب: الهبة للولد، وفي غيره (¬4). 2651 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ، قَال: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ" - قَال عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً - قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ". [3650, 6428, 6695 - مسلم: 2535 - فتح: 5/ 258] (أبو جمرة) بالجيم والراء هو نصر بن عمران. (خيركم) أي: خير الناس. (قرني) أي: أهل قرني أي: عصري. (ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) ما ذكر يقتضي أن كلا من القرون الثلاثة أفضل مما بعده، لكن هل الأفضلية بالنظر إلى المجموع. أو ¬

_ (¬1) "المصنف" لعبد الرزاق 9/ 98 (16496) باب: في التفضيل في النحل. (¬2) سبق برقم (2586) كتاب: الهبة، باب: الهبة للولد. (¬3) "صحيح ابن حبان" 11/ 506 (5107) كتاب: الهبة. (¬4) سبق برقم (2586) كتاب: الهبة، باب: الهبة للولد، (2587) باب: الإشهاد في الهبة.

الأفراد؟ فيه خلاف، والجمهور على الثاني وابن عبد البر على الأول (¬1). (بعد) بالضم، وفي نسخة: "بعد قرنه" (ثم إن بعدكم قومًا) في نسخة: "قوم" بالرفع بمقدر، أي: يجيء. (ويشهدون ولا يستشهدون) هو موضع الترجمة؛ لأنَّ الشهادة قبل الاستشهاد فيها جور، وهذا لا ينافي خبر مسلم: "ألا أخبركم بخير الشهداء! الذي يأتي الشهادة قبل أن يسألها" (¬2)؛ لأن ذلك في حقوق الله تعالى، وما هنا حقوق الآدميين. (وينذرون) بفتح الياء وكسر المعجمة وضمها. (ويظهر فيهم السمن) أي: يعظم حرصهم على الدنيا وتمتعهم بلذاتها وشهواتها حتى تسمن أجسادهم، وقيل: يتكبرون بما ليس فيهم، ويدعون ما ليس لهم من الشرف. 2652 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ" قَال إِبْرَاهِيمُ: "وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ، وَالعَهْدِ". [3651, 6429, 6658 - مسلم: 2533 - فتح: 5/ 259] (سفيان) أي: الثوري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن عبيدة) بفتح العين أي: السلماني. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود.، (تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) أي: في حالين لا في حال واحد؛ لأنه دور، أي: لشدة حرصهم على ترويج شهادتهم، يحلفون على ما يشهدون به، فتارة يحلفون قبل الشهادة وتارة ¬

_ (¬1) انظر: "التمهيد" 2/ 158. (¬2) رواه مسلم برقم (1719) كتاب: اللقطة، باب: بيان خبر الشهود.

10 - باب ما قيل في شهادة الزور

يعكسون، واحتج بعضهم على رد شهادة من حلف معها، والجمهور: على عدم ردها. (وكانوا يضربوننا) أي: ونحن صغار. (على الشهادة والعهد) أي: على قول الرجل: أشهد بالله ما كان كذا على معنى الحلف حتى لا يصير لنا ذلك عادة، فكره ذلك كما كره الحلف والإكثار منه، وإن كان صادقًا، واليمين قد تسمى شهادة، وقال تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} [النور: 6]. 10 - بَابُ مَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72] "وَكِتْمَانِ الشَّهَادَةِ" لِقَوْلِهِ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ، وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ، وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283] "تَلْوُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ". (باب: ما قيل في شهادة الزور) أي: من التغليظ والوعيد. القول الله) في نسخة: "لقوله". (وكتمان) بكسر الكاف وبالجر عطف على (شهادة الزور) (لقوله) ساقط من نسخة. ({تَلْوُوا}) [النساء: 135] أي: تحرفوا الشهادة وإليه أشار بقوله: (ألسنتكم بالشهادة) ولو قال: قبله أي: ليميزه عن القرآن كان أولى. 2653 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ وَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ، وَعَبْدَ المَلِكِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكَبَائِرِ، قَال: "الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ" تَابَعَهُ غُنْدَرٌ، وَأَبُو عَامِرٍ، وَبَهْزٌ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ شُعْبَةَ. ب 5977، 6871 - [مسلم: 88 - فتح: 5/ 261] (ابن منير) بضم الميم وسكون النون. (شعبة) أي؛ ابن الحجاج.

11 - باب شهادة الأعمى وأمره ونكاحه وإنكاحه ومبايعته وقبوله في التأذين وغيره، وما يعرف بالأصوات

(عن الكبائر) جمع كبيرة وهي على المختار ما توعد عليه بخصوصه غالبًا كما بينته مع زيادة في "شرح اللباب" والمراد هنا: ذكر أكبرها وأعظمها: الشرك. (تابعه) أي: وهب بن جرير. (غندر) هو محمد بن جعفر. (وأبو عامر) هو عبد الملك العقدي. (وبهز) بفتح الموحدة وبزاي آخره هو ابن أسد العمي. (وعبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. 2654 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ " ثَلاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ - وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَال - أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ"، قَال: فَمَا زَال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ وَقَال إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. [5976, 6273, 6274, 6919 - مسلم: 87 - فتح: 5/ 261] (الجريري) بضم الجيم: هو سعيد بن إياس الأزدي. (قال: قال) لفظ: (قال) الأولى ساقط من نسخة. (ألا) بالتخفيف حرف تنبيه. (وجلس) أي: للاهتمام بهذا الأمر وهو يفيد تأكيد تحريمه وعظم قبحه. (وقول الزور) هو من إضافة الموصوف إلى صفته وهو معطوف على (الإشراك بالله) وفصل بينهما بحرف التنبيه؛ تعظيمًا لشأن الزور. (حتى قلنا: ليته سكت) أي: شفقة عليه وكراهية لما يزعجه. (عبد الرحمن) هو ابن أبي بكرة. 11 - بَابُ شَهَادَةِ الأَعْمَى وَأَمْرِهِ وَنِكَاحِهِ وَإِنْكَاحِهِ وَمُبَايَعَتِهِ وَقَبُولِهِ فِي التَّأْذِينِ وَغَيْرِهِ، وَمَا يُعْرَفُ بِالأَصْوَاتِ وَأَجَازَ شَهَادَتَهُ قَاسِمٌ، وَالحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَطَاءٌ وَقَال الشَّعْبِيُّ: "تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إِذَا كَانَ عَاقِلًا" وَقَال الحَكَمُ:

"رُبَّ شَيْءٍ تَجُوزُ فِيهِ" وَقَال الزُّهْرِيُّ: "أَرَأَيْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةٍ أَكُنْتَ تَرُدُّهُ؟ " وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَبْعَثُ رَجُلًا إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ أَفْطَرَ، وَيَسْأَلُ عَنِ الفَجْرِ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ طَلَعَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَقَال سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَعَرَفَتْ صَوْتِي، قَالتْ: "سُلَيْمَانُ ادْخُلْ، فَإِنَّكَ مَمْلُوكٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ شَيْءٌ" وَأَجَازَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ مُنْتَقِبَةٍ. (باب: شهادة الأعمى وأمره) أي: حاله في تصرفاته. (ونكاحه) أي: امرأة. (وإنكاحه) أي: وغيره. (ومبايعته وقبوله في التأذين وغيره) كإقامته للصلاة. (وما) أي: وفيما (يعرف بالأصوات) كجواز تمتع الرجل بزوجته لسماع صوتها، ويدخل فيه جواز شهادة الأعمى بسماع صوت المشهود عليه عند من يجوزها به، لكن الجمهور على خلافه. وقد بينت ذلك مع زيادة في "شرح الروض" وغيره (¬1). (قاسم) هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق. (وقال الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (إذا كان عاقلًا) أي: فطنًا مدركًا لدقائق الأمور بالقرائن، وإلا فاشتراط العقل جار في جميع الشهادات. (وقال الحكم) أي: ابن عتيبة. (رب شيء) مما يسامح فيه. (تجوز فيه) أي: شهادة الأعمى. (يبعث رجلًا إذا غابت الشمس أفطر) أي: كان ابن عباس يبحث رجلًا إذا غابت الشمس يفحص عن غروبها للإفطار، فإذا أخبره أنها غربت أفطر، ووجه تعلقه مع ما بعده ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 4/ 364 - 365، "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 2/ 224.

بالترجمة: أن ابن عباس قَبِلَ قول غيره في غروب الشمس وطلوعها مع أنه أعمى لا يرى المخبر وإنما يسمع صوته، وقبول الخبر يتوسع فيه ما لا يتوسع في الشهادة. (فإذا قيل) أي: "له" كما في نسخة. (قالت) في نسخة: "فقالت". (ادخل فإنك مملوك ما بقي عليك شيء) أي: من مال الكتابة، واستشكل ذلك بأنه كان مكاتبًا لميمونة لا لعائشة، وأجيب: بأن (استأذنت) بمعنى: استفتيت. (وعلي) بمعنى: من، أي: استفتيت منها في الدخول على ميمونة، وبأن عائشة كانت لا ترى الاحتجاب من العبد وإن كان ملك غيرها. (منتقبة) بسكون النون، وفتح الفوقية من الانتقاب، وفي نسخة: بتقديم الفوقية على النون وتشديد القاف من التنقب، أي: ذات نقاب، ولا دلالة في جواز شهادتها على جواز شهادة الأعمى، لأنَّ النقاب لا يمنع الرؤية ولو سلم أنه يمنعها، جاز لها أن تشهد بما رأته قبل التنقب، كما يجوز للأعمى أن يشهد بما رآه قبل العم. 2655 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي المَسْجِدِ، فَقَال: "رَحِمَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا" وَزَادَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، تَهَجَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ يُصَلِّي فِي المَسْجِدِ، فَقَال: "يَا عَائِشَةُ أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا". [5037, 5038, 5042, 6335 - مسلم: 788 - فتح: 5/ 264] 2656 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ بِلالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ - أَوْ قَال حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ - ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ" وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى، لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى

يَقُولَ لَهُ النَّاسُ: أَصْبَحْتَ. [انظر: 617 - مسلم: 1092 - فتح: 5/ 264] (عن هشام) أي: ابن عروة. (رجلًا) هو عبد الله بن يزيد. (وكذا) ساقط من نسخة، ولفظ: (كذا) كلمة مبهمة مركبة من كاف التشبيه واسم الإشارة، وقد بينها ابن هشام في "مغنيه" مفردة ومعطوفة على مثلها كما هنا، والحال في بيان ذلك. (أسقطتهن) أي: نسيتهن. وفيه: جواز النسيان عليه - صلى الله عليه وسلم - فيما ليس طريقه البلاغ. (من سورة كذا وكذا) قال شيخنا: ولم أقف على تعبير الآيات المذكورة، ثم قال ما حاصله: وأما كميتها فقيل: إحدى وعشرون، وهو غريب وقيل: ثنتان (¬1). انتهى. والثاني: هو الموافق لقول الشافعية فيمن قال لفلان: علي كذا وكذا درهمًا، أنه يلزمه درهمان. (وزاد عباد بن عبد الله) أي: ابن الزبير. (فسمع صوت عباد) هو كنظيره الآتي ابن بشر الأنصاري، وإن أوهم كلامه أنه عباد السابق؛ لأنهما مختلفان نسبة وصفة؛ إذ السابق مع كونه ابن عبد الله تابعي، وهذا مع كونه ابن بشر صحابي، نبه على ذلك شيخنا كغيره (¬2). وفي نسخة: "فسمع صوت عباد بن تميم" وهو سهو. 2657 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةٌ، فَقَال لِي أَبِي مَخْرَمَةُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا، فَقَامَ أَبِي عَلَى البَابِ، فَتَكَلَّمَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ قَبَاءٌ وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: "خَبَأْتُ هَذَا لَكَ خَبَأْتُ، هَذَا لَكَ". [انظر: 2599 - مسلم: 1058 - فتح: 5/ 264] ¬

_ (¬1) "الفتح" 9/ 85. (¬2) "الفتح" 5/ 265.

12 - باب شهادة النساء

(أيوب) أي: ابن أبي تميمة كيسان السختياني. (فخرج) في نسخة: "خرج". وشرح الحديث الأول سيأتي في فضائل القرآن (¬1)، والثاني مرَّ في الأذان (¬2)، والثالث سيأتي في اللباس (¬3)، ومطابقة الثلاثة للترجمة: الاعتماد على صوت القارئ في الأول، وصوت الأعمى في الثاني، وصوت مخرمة في الثالث. 12 - بَابُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282]. (باب: شهادة النساء) أي: جوازها. 2658 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ "، قُلْنَ: بَلَى، قَال: "فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا". [انظر: 304 - مسلم: 80 - فتح: 5/ 266] (ابن أبي مريم) هو سعيد الجمحي. (زيد) أي: ابن أسلم الخدري ساقط من نسخة. (قال: أليس) في نسخة: "قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أليس". ومرَّ شرح الحديث في كتاب الحيض (¬4). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5037) كتاب: فضائل القرآن، باب: نسيان القرآن. (¬2) سلف برقم (657) كتاب: الأذان، باب: أذان الأعمى إذا كان له من يخبره. (¬3) سيأتي برقم (5800) كتاب: اللباس، باب: القباء وفروج حرير. (¬4) سبق برقم (304) كتاب: الحيض، باب: ترك الحائض الصوم.

13 - باب شهادة الإماء والعبيد

13 - بَابُ شَهَادَةِ الإِمَاءِ وَالعَبِيدِ وَقَال أَنَسٌ: "شَهَادَةُ العَبْدِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ عَدْلًا" وَأَجَازَهُ شُرَيْحٌ، وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: "شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ إلا العَبْدَ لِسَيِّدِهِ" وَأَجَازَهُ الحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ وَقَال شُرَيْحٌ: "كُلُّكُمْ بَنُو عَبِيدٍ وَإِمَاءٍ". (باب: شهادة الإماء والعبيد) أي: بيان حكمها. (وأجازه) أي: ما ذكر من شهادة العبد. (الحسن) أي: البصري. (وإبراهيم) أي: النخعي. (وقال شريح) لما قيل له بعد قبوله شهادة العبد إنه عبد. (كلكم بنو عبيد وإماء) في نسخة: "كلكم عبيد وإماء". ونقل ذلك عن الحنابلة، لكن الجمهور على أن شهادة الإرقاء غير مقبولة. 2659 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الحَارِثِ، أَوْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، قَال: فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، قَال: فَتَنَحَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَال: "وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا" فَنَهَاهُ عَنْهَا. [انظر: 88 - فتح: 5/ 267] (أبو عاصم) أي: الضحاك بن مخلد. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عن أبي مليكة) هو عبد الله. (ح) للتحويل. وهذا وما بعده إلى آخر قوله: (عقبة بن الحارث) ساقط من نسخة. (أو سمعته منه) شك من الراوي. (عن عقبة) هل رواه عنه بالعنعنة أو بالسماع. (أم يحيى) اسمها: غنية، أو زينب. (قال: وكيف) لفظ: (كيف) خبر مبتدإٍ محذوف أي: كيف ذلك زعمت؟ قالت. (أنها قد) في نسخة: "أن قد".

14 - باب شهادة المرضعة

(فنهاه عنها) أي: نهي تنزيه لا تحريم لما مرَّ أن شهادة الأمة غير مقبولة. ومرَّ الحديث في كتاب: العلم في باب: الرحلة في المسألة النازلة (¬1). 14 - بَابُ شَهَادَةِ المُرْضِعَةِ (باب: شهادة المرضعة) أي: بيان حكمها. 2660 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، قَال: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ، دَعْهَا عَنْكَ" أَوْ نَحْوَهُ. [انظر: 88 - فتح: 5/ 268] (فجاءت امرأة) أي: أمة كما قيد بها في الباب السابق. (دعها) أي: اتركها، والأمر فيه للندب والإرشاد. لما مرَّ. 15 - بَابُ تَعْدِيلِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا (حديث الإفك) أي: هذا مبحث مع أن الترجمة ساقطة من نسخة. (باب: تعديل النساء بعضهن بعضًا) أي: بيان حكمه، وفي نسخة: "باب الإفك" وهو بكسر الهمزة: الكذب، وقال النسفي: هو أبلغ ما يكون من الافتراء والكذب، وبفتحها: مصدر أفكه، أي: قلبه وصرفه عن الشيء. 2661 - حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَأَفْهَمَنِي بَعْضَهُ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَال لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، قَال ¬

_ (¬1) سبق برقم (88) كتاب: العلم، باب: الرحلة في المسألة النازلة.

الزُّهْرِيُّ: وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتُ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا زَعَمُوا أَنَّ عَائِشَةَ، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ، وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ، فَاحْتَمَلُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي، فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فَنِمْتُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ يَدَهَا، فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ بِهَا شَهْرًا وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، وَيَرِيبُنِي فِي وَجَعِي، أَنِّي لَا أَرَى مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَمْرَضُ، إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: "كَيْفَ تِيكُمْ"، لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ مُتَبَرَّزُنَا لَا نَخْرُجُ إلا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ

أَنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ فِي البَرِّيَّةِ أَوْ فِي التَّنَزُّهِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا، فَقَالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا، فَقَالتْ: يَا هَنْتَاهْ، أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالُوا؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ فَقَال: "كَيْفَ تِيكُمْ"، فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِي إِلَى أَبَوَيَّ، قَالتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لِأُمِّي: مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ؟ فَقَالتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ، إلا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا، قَالتْ: فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ لَهُمْ، فَقَال أُسَامَةُ: أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا نَعْلَمُ وَاللَّهِ إلا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقَال: "يَا بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ؟ "، فَقَالتْ بَرِيرَةُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ العَجِينِ، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلا خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إلا مَعِي"، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا وَاللَّهِ أَعْذُرُكَ مِنْهُ إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ - وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنِ

احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ - فَقَال: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَقَال: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَثَارَ الحَيَّانِ الأَوْسُ، وَالخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ، فَنَزَلَ، فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَسَكَتَ وَبَكَيْتُ يَوْمِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ عِنْدِي أَبَوَايَ، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا حَتَّى أَظُنُّ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالتْ: فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي، وَأَنَا أَبْكِي، إِذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسَ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مِنْ يَوْمِ قِيلَ فِيَّ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ مَكَثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ، قَالتْ: فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَال: "يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ [بِذَنْبٍ]، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ، ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ"، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، وَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَال، قَالتْ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ، فَقُلْتُ: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، وَوَقَرَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَبَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا، إلا أَبَا يُوسُفَ إِذْ قَال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِي وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيًا، وَلَأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالقُرْآنِ فِي أَمْرِي، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ [الوَحْيُ]، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ

يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا، أَنْ قَال لِي: "يَا عَائِشَةُ احْمَدِي اللَّهَ، فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ"، فَقَالتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إلا اللَّهَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الآيَاتِ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَال لِعَائِشَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} إِلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173] فَقَال أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِي كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَال: "يَا زَيْنَبُ، مَا عَلِمْتِ مَا رَأَيْتِ"، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إلا خَيْرًا، قَالتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالوَرَعِ قَال: وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ، قَال: وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مِثْلَهُ. [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح: 5/ 269] (وأفهمني بعضه) أي: بعض معاني الحديث. (أحمد) أي: "ابن يونس" كما في نسخة، وقيل: ابن النضر، وقيل: ابن حنبل، وعدل عن (حدثني) أو (أخبرني) إلى (أفهمني) للإشعار بأنه أفهمه بعض معاني الحديث ومقاصده لا لفظه. (طائفة) أي: بعضًا. (أوعى) أي: أحفظ وأحسن إيرادًا. (اقتصاصًا) أي: حفظًا وتتبعًا، يقال: قصصت الشيء إذا تتبعت أثره شيئًا بعد شيء. (وعيت) بفتح العين، أي: حفظت. (الحديث) أي: بعضه. (الذي حدثني) أي: به. (عن عائشة) أي: عن حديثها. (زعموا) أي: قالوا. (سفرًا) أي: إلى سفر فهو منصوب بنزع الخافض أو ضمن (يخرج) معنى يتهيئ فهو منصوب

بالمفعولية. (فأيتهنَّ) في نسخة: "فأيهن" بدون تاء. (خرج بها) في نسخة: "أخرج بها" بالبناء للمفعول. (في غزاة) هي غزوة بني المصطلق. (بعدما أنزل الحجاب) أي: الأمر به. (في هودج) أي: قبة تستر بالثياب أو نحوها تحمل فيها المرأة على ظهر البعير. (وقفل) أي: رجع. (آذن) بالمد والتخفيف من الإيذان، وبالقصر والتشديد من التأذين أي: أعلم. (فمشيت) أي: لقضاء حاجتي. (إلى الرحل) أي: المنزل. (عقدي) بكسر العين، أي: قلادة. (من جزع أظفار) بالإضافة (والجزع) بفتح الجيم وسكون الزاي: الخرز اليماني الذي فيه سواد وبياض، و (أظفار) بهمزة مفتوحة ومعجمة ساكنة وراء مكسورة منونة: عود طيب الرائحة يتبخر به فجعل كالخرز يتحلى به لحسن لونه، أو طيب ريحه، وفي نسخة: "ظفار" بحذف الهمزة وفتح الظاء وتنوين الراء، وقال الخطابي: إنها الصواب لكن بالكسر بلا تنوين كحرام: وهي مدينة باليمن ينسب إليها الجزع (¬1). (يرحلون). بفتح أوله وسكون الراء، وفي نسخة: "يرحلون" بضم أوله وفتح الراء وتشديد الحاء. (لي) في نسخة: "إلي" أي: يشدون لي الرحل على بعيري. (فرحلوه) بالتخفيف، وفي نسخة: "فرحلوه" بالتشديد، أي: وضعوه (على بعيري الذي كنت أركب) أي: عليه. (ولم يغشهن اللحم) أي: لم تكثر عليهن. (العلقة) بضم العين وسكون اللام أي: القليل. (فلم يستنكر القوم) أي: ينكروا. ¬

_ (¬1) (ظفار): في الإقليم الأول، وطولها ثمان وسبعون درجة وعرضها خمس عشرة درجة، بفتح أوله، والبناء على الكسر، بمنزلة قطار وحذار، وقد أعربه قوم وهو بمعنى أظفر أو معدول عن ظافر: وهي مدينة باليمن. انظر: معجم البلدان 4/ 60، "أعلام الحديث" للخطابي 2/ 1311.

(ثقل الهودج) مفعول (يستنكر)، وذكر في سورة النور بدل (ثقل) خفة (¬1) وهي أوضح في المعنى لما لا يخفى. (فبعثوا الجمل) أي: أقاموه. (بعد ما استمر الجيش) أي: ذهب ماضيًا فهو استفعل من: مر، ومنه: {سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2] أي: ذاهب. (فأممت) بالتخفيف والتشديد، أي: قصدت. (فظننت) أي: علمت. (سيفقدوني) بكسر القاف وبنون مخففة، أو مشددة، وفي نسخة: "ستفقدونني" بنونين مفردتين. (ابن المعطل) بفتح الطاء المشددة. (السلمي) بضم المهملة وفتح اللام، نسبة إلى سليم المذكور في نسبه وهو شاذ؛ إذ القياس: السليمي. (ثم الذكواني) منسوب إلى ذكوان بن ثعلبة، كان صحابيًّا فاضلًا. (فرأى سواد إنسان) أي: شخصه (باسترجاعه) أي: بقوله: إن لله وإنا إليه راجعون، وكان شق عليه ما جرى لعائشة فلهذا استرجع. (حين أناخ) في نسخة: "حتى أناخ". (فوطئ يدها) أي: وطئ صفوان يد الراحلة ليسهل الركوب عليها فلا يحتاج إلى مساعدتها إياي. (معرسين) بفتح العين وكسر الراء المشددة أي: نازلين. (في نحر الظهيرة) أي: حين اشتد حر الشمس، وبلغت منتهاها من الارتفاع كأنها وصلت إلى النحر وهو أعلى الصدر، والظهيرة: شدة الحر. (فهلك من هلك) أي: ارتكب بسبب ما قاله في شأني سبب الهلاك وهو الإفك. (تولى الإفك) أي: تقلده وتصدى له. (عبد الله بن أبي بن سلول) بضم همزة (أبي) وفتح الموحدة وتشديد التحتية منونة، و (ابن) يكتب بالألف وهو بالرفع صفة لـ (عبد الله) لا لـ (أبي). (وسلول) بفتح السين غير ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4750) كتاب: التفسير، باب: قوله: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)} [النور: 12].

مصرف علم لأم عبد الله، واقتصر على عبد الله؛ لأنه الذي تولى الإفك أصالة، والأفكة أتباع وهم: مسطح بن أبي أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش. (والناس) ساقط من نسخة. (يفيضون) بضم أوله، أي: يشيعون الحديث. (ويريبني) بفتح الياء من راب، وبضمها من أراب أن يشككني ويوهمني. (اللطف) بضم اللام وسكون الطاء، وبفتحهما، أي: البر والرفق. (أمرض) بفتح الهمزة والراء. (ثم يقول) في نسخة: "فيقول". (كيف تيكم) قال الزركشي: يدل على لطف من حيث سؤاله عنها وعلى نوع جفاء من قوله: (تيكم) و (تيكم) إشارة لمؤنث والخطاب لجمع مذكر. (نقهت) بفتح القاف وكسرها، أي: برئت من مرضي ولم تتكامل لي الصحة. (وأم مسطح) بكسر الميم وسكون السين وفتح الطاء المهملتين، واسم أمه: سلمى. (قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي: جهة. (المناصع) بنون ومهملتين: مواضع خارج المدينة يتبرزون فيها. وإليه الإشارة بقوله: (متبرزنا) أي: موضع قضاء حاجتنا وهو بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، وبالجر بدل من (المناصع) أو عطف بيان له. (الكنف) بضم الكاف والنون: جمع كنيف وهو الساتر، والمراد به هنا: المكان المتخذ لقضاء الحاجة (وأمرنا أمر العرب الأول) بضم همزة (الأول) وتخفيف الواو والجر نعت لـ (العرب)، وبفتحها وتشديد الواو والرفع نعت لأمر. (العرب) أي: وأمرنا أمرهم في التبرز. (في البرية) أي: البادية. (أو في التنزه) أي: طلب النزاهة، والشك من الرواي. (أبي رهم) بضم الراء وسكون الهاء واسمه: أنيس. (فعثرت في مرطها) بكسر الميم كساء من صوف، أو نحوه. (تعس) بفتح العين وكسرها، أي: عثر أو هلك. (يا هنتاه) بفتح الهاء وسكون النون وفتحها وضم الهاء الأخيرة وسكونها

أي: يا هذه، وقيل: يا بلهاء كأنها نسبتها إلى البله وقلة المعرفة بمكائد الناس وشرورهم. (بقول الإفك) في نسخة: "بقول أهل الإفك". (إلى مرضي) في نسخة: "على مرضي". (ائذن لي إلى أبوي) أي: أن آتي إليهما، وفي نسخة: "ائذن لي آتي آبوي". (ما يتحدث به الناس) في نسخة: "ما يتحدث الناس به". (وضيئة) بوزن: فعيلة -حسنة من الوضاءة- وهي الحسن. (ضرائر) جمع ضرة، وزوجات الرجل: ضرائر؛ لأن كلًّا منهن يتضرر بالبقية. (إلا أكثرن عليها) أي: القول في عيبها ونقصها. (فقلت: سبحان الله) قالته تعجبًا من وقوع مثل ما قيل فيها مع براءتها المحققة عندها. (يتحدث) بالمضارع المفتوح الأول، وفي نسخة: "تحدث" بالماضي (لا يرقأ) بالهمز أي: لا ينقطع. (ولا أكتحل بنوم) استعارة للنوم، أي: لا أنام وذلك لأن الهموم موجبة لسيلان الدمع وللسهر. (استلبث الوحي) أي: لبث بمعنى: طال لبث نزوله. (أهلك) بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، وبالنصب بمحذوف، أي: أمسك أو الزم. (والله) ساقط من نسخة. (لم يضيق الله عليك) في نسخة: "لم يضيق عليك" بالبناء للمفعول. (والنساء سواها كثير) قاله عليٌّ لمصلحة ونصحه للنبي - صلى الله عليه وسلم - في اعتقاده لما رأى من انزعاجه وقلقه، فأراد الأخذ بخاطره لا عداوة لعائشة رضي الله عنها، و (كثير) بوزن: فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث. (فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة) يحتمل أنها كانت تخدم عائشة قبل شرائها، أو كانت مملوكة لها ثم باعتها ثم استعارته بعد الكتابة، فلا يشكل بأن قصة كتابة بريرة كانت متأخرة عن قصة الإفك؛ لأنها كانت سنة تسع أو عشر، وقصة الإفك سنة أربع أو ست، وبهذا سقط قول من زعم أن قصة كتابة بريرة كانت سابقة على قصة الإفك،

وقول من قال: أنه سماها جارية باعتبار ما كانت عليه. (أن رأيت) أن: نافية. (أغمصه عليها) زاد في نسخة: "قط". (ما علمت عليه إلا خيرًا) مر شرح ما تقدم من الحديث إلى هنا في باب: إذا عدل رجل أحدًا فقال: لا نعلم إلا خيرًا (¬1). (فقام سعد بن معاذ) لفظ (ابن معاذ) ساقط من نسخة، واستشكل ذكر سعد هنا بأن خبر الإفك كان سنة ست في غزوة المريسيع، وسعد مات سنة أربع برمية رمي بها بالخندق فذكره وهم، وأجيب: بأن موسى بن عقبة ذكر أن المريسيع كانت سنة أربع، وهي سنة الخندق، فيحتمل أن المريسيع وخبر الإفك كانا في سنة أربع قبل الخندق، وقال الواقدي: المريسيع كانت سنة خمس، والخندق بعدها فلا وهم. (أنا والله) في نسخة: "والله أنا" (من إخواننا من الخزرج) أي: من الأولى تبعيضية، والثانية: بيانية، وهي ساقطة من نسخة. (صالحًا) أي: كاملًا في الصلاح. و (لكن) في نسخة: "وكان" (احتملته الحمية) أي: أغضبته، وفي نسخة: "اجتهلته" بجيم وهاء، أي: حملته على أن يجهل، أي: يقول قول الجهل. (لعمر الله) بفتح العين: قسم، أي: وبقاء الله، وفي نسخة: "والله". (ابن الحضير) في نسخة: "ابن حضير": (فإنك منافق) أي: تفعل كفعل المنافق ولم يرد المنافق الحقيقي. (حتى هموا) أي: قصدوا أن يقتتلوا. (قد بكيت) في نسخة: "وقد بكيت" (ليلتين ويومًا) في نسخة: "ليلتي ويومًا"، وفي أخرى: "ليلتي ويومي". (قيل في) في نسخة: "قيل لي". (شيء) في نسخة: "بشيء". (بلغني عنك كذا وكذا) كناية عما رميت به من الإفك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2637) كتاب: الشهادات، باب: إذا عدل رجل أحدًا.

(ألممت) أي: "بذنب" كما في نسخة. (قلص) بفتح اللام، أي: انقطع. (ما أحس) بضم الهمزة وكسر المهملة، أي: ما أجد. (ووقر) أي: سكن وثبت. (إني) بكسر الهمزة. (لا تصدقوني) في نسخة: "لا تصدقونني". (إلا أبا يوسف) إلا مثل يعقوب وهو الصبر، وكأنها من شدة حزنها لم تتذكر أن اسمه يعقوب، فعدلت إلى أبي يوسف. (إذ قال) أي: حين قال. {عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] أي: تذكرون عني. (أن ينزل) أي: الله. (يبرئني الله) في نسخة: "تبرئني" بالفوقية، أي: الرؤيا. (ما رام) أي: فارق من رام يريم ريما، وأما من طلب شيئًا فيقال فيه: رام يروم رومًا. (حتى أنزل عليه) أي: الوحي كما في نسخة. (من البرحاء) بضم الموحدة وفتح الراء والمد، أي: العرق من شدة ثقل الوحي. (الجمان) بضم الجيم وفتح الميم: اللؤلؤ الصغار. (سرِّي) بكسر الراء المشددة، أي: كشف. (أول) بالنصب. (فقالت) في نسخة: "قالت" (والله لا أقوم إليه) قال الكرماني: قالته أدلالًا عليهم وعتبًا؛ لكونهم شكوا في حالها مع علمهم بحسن طريقتها وجميل حالها، وتنزهها عن هذا الباطل الذي افتراه الظلمة (¬1). {عُصْبَةٌ} [يوسف: 8] أي: جماعة. (الآيات) أي: الثماني عشرة التي نزلت في براءة المخاطبين بـ {لَا تَحْسَبُوهُ} [النور: 11] وهم: الرسول، وأبو بكر، وعائشة، وصفوان، وفي تعظيم شأنهم وتهويل الوعيد ممن تكلم فيهم، والثناء على من ظن بهم خيرًا (أثاثة) بضم ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 189, 190.

الهمزة ومثلثتين بينهما ألف. (شيئًا) في نسخة: "بشيء" (لعائشة) أي: عنها ({وَلَا يَأْتَلِ}) [النور: 22] أي: لا يحلف. (يجرى) بضم أوله. "يسأل" في نسخة: "سأل" بلفظ الماضي. (ما علمت) أي: على عائشة. (ما رأيت) أي: منها. (أحمي) أي: أمنع (سمعي) من أن أقول: سمعت، ولم أسمع. (وبصري) من أن أقول: بصرت، ولم أبصر. (تساميني) أي: تضاهيني بحسبها ومكانتها عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمساماة: مفاعلة من السمو: وهو العلو. (فعصمها الله) أي: حفظها من أن تقول بقول أهل الإفك. (بالورع) أي: بسبب الورع: وهو الكفُّ عن المحارم. (قال) أبو الربيع سليمان بن داود. (فليح) أي: ابن سليمان. (مثله) أي: مثل حديث فليح، عن الزهري، عن عروة أي: أبو الربيع أيضًا. وفي الحدث فوائد كثيرة منها: رواية الحديث الواحد عن جماعة، عن كل واحد قطعة منه. وخروج المرأة لقضاء حاجتها بلا إذن، ولبسهن القلائد. والتعجب بلفظ التسبيح. والتجسس عن الأمور لمن له بها تعلق. والحلف بدون استحلاف. وحسن الأدب من الأجنبيات. والاسترجاع عند المصائب. والسؤال عن المريض. وأن في عاقبة الصبر الجميل الغبطة والمعزة في الداريق. وأن العفو عن المسيء مما يغفره الله من الذنوب.

16 - باب: إذا زكى رجل رجلا كفاه

16 - بَابٌ: إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلًا كَفَاهُ وَقَال أَبُو جَمِيلَةَ، وَجَدْتُ مَنْبُوذًا فَلَمَّا رَآنِي عُمَرُ، قَال: "عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُسًا" كَأَنَّهُ يَتَّهِمُنِي، قَال عَرِيفِي: إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، قَال: "كَذَاكَ اذْهَبْ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ". (باب: إذا زكى رجل رجلًا كفاه) أي: في التزكية، وبه قال أبو حنيفة، واشترط الجمهور رجلين كسائر الشهادات. (وقال أبو جميلة) بفتح الجيم، واسمه: سنين بالتصغير. (وجدت منبوذًا) بذال معجمة أي: لقيطًا. (عسى الغوير أبؤسًا) ساقط من نسخة، والغوير: اسم مكان أو ماء لكلب وهو تصغير غار والأبؤس: بفتح الهمزة وسكون الموحدة وضم الهمزة بعدها جمع بأس: وهو الشدة والداهية، وانتصبت على أنه خبر (عسى) وخبرها شرطة أن يكون مضارعًا فيقدر هنا يكون أو يصير، وأصل ذلك: أن ناسًا كانوا في غار، فأنهار عليهم أو أتاهم فيه عدو فقتلهم فصار مثلًا لكل شيء يخاف أن يأتي منه شيء (كأنه يتهمني) أي: كأن عمر يتهم أبا جميلة في أن يكون المنبوذ ولده أتى به؛ ليفرض له في بيت المال، أو في أنه زنى بأمه وادعاه لقيطًا على ما قاله ابن الأثير (¬1). (قال عريفي) اسمه سنان، والعريف: القيم بأمور الجماعة من الناس يلي أمورهم، ويعرف الأمير أقوالهم. (إنه رجل صالح) أي: فلا يتهم. (قال) أي: عمر لأبي جميلة أو لعريفه. (كذاك) أي: أكذاك؟ بتقدير همزة الاستفهام، أي: أهو صالح مثل ما قيل؟ قال أبو جميلة أو ¬

_ (¬1) انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 90.

عريفه: نعم، اقتصر في "الموطأ" على أبي جميلة (¬1)، والأوفق بالترجمة الاقتصار على عريفه. فقال عمر لأبي جميلة: (اذهب) أي: به (وعلينا نفقته) أي: في بيت المال. 2662 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "وَيْلَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ" مِرَارًا، ثُمَّ قَال: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لَا مَحَالةَ، فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ فُلانًا، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا أَحْسِبُهُ كَذَا وَكَذَا، إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ". [6061, 6162 - مسلم: 3000 - فتح: 5/ 274] (حدثنا) في نسخة: "حدثني" (ابن سلام) بتخفيف اللام، وفي نسخة: "محمد بن سلام" (أخبرنا) في نسخة: "حدثنا". (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (ويلك) بالنصب بمقدر من غير لفظه، وهو في الأصل: الحزن والمشقة من العذاب، ويستعمل بمعنى: التفجع والتعجب، وهو هنا يصلح للأمرين. (قطعت عنق صاحبك قطعت عنق صاحبك) هو استعارة من قطع العنق لاشتراكهما في الهلاك (مرارًا) ظاهره أنه قال الكلمتين مرارًا فيصدق بأنه قال كلا منهما ست مرات بناء على أن أقل الجمع ثلاثة. (لا محالة) بفتح الميم، أي: لا بد. (أحسب) بفتح السين أكثر من ضمها، أي: أظن، وماضيه بكسرها، ومصدره: محسبة بفتح السين وكسرها، وحسبان بالكسر، وأما حسبته بمعنى العدد فبفتح السين في الماضي، وضمها في المضارع ومصدره: حسب وحسبان وحسابة وحسبان بالضم في الأخير. (حسيبه) أي: كافيه، بوزن فعيل بمعنى فاعل. (ولا أزكي على الله أحدًا) أي: ¬

_ (¬1) "الموطأ" 2/ 738 (1417) كتاب: الأقضية باب: القضاء في المنبوذ.

17 - باب ما يكره من الإطناب في المدح، وليقل ما يعلم

أقطع له بعاقبة ولا بما في ضميره؛ لأن ذلك مُغَيَّبٌ عنا، وبين قوله: (أحسب فلانًا) بقوله: (أحسب كذا وكذا). (إن كان يعلم) أي: يظن ذلك منه، إذ القطع به لا يعلمه إلا الله. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أنه - صلى الله عليه وسلم - أرشد إلى التزكية كيف تكون، ولم يعب منها إلا الإسراف والتعالي فيها؟! 17 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الإِطْنَابِ فِي المَدْحِ، وَلْيَقُلْ مَا يَعْلَمُ (باب: ما يكره من الإطناب) أي: المبالغة في المدح (وليقل) أي: المادح في الممدوح ما يعلم منه ولا يتجاوزه. 2663 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِي مَدْحِهِ، فَقَال: "أَهْلَكْتُمْ - أَوْ قَطَعْتُمْ - ظَهَرَ الرَّجُلِ". [6060 - مسلم: 3001 - فتح: 5/ 276] (ابن الصباح) بتشديد الموحدة. (إسماعيل بن زكريا) أي: ابن مرة الخلقاني بضم المعجمة وسكون اللام بعدها قاف، وكنية زكريا: أبو زياد. (حدثنا) في نسخة: "حدثني" (بريد) بضم الموحدة وفتح الراء. (عن أبي بردة) هو جد بريد، واسمه: الحارث أو عامر، وقيل: اسمه كنيته. (ويطريه) بضم التحتية أي: يبالغ. (في مدحه) في نسخة: "في المدح". (أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل) خاف عليه العجب، والشك من الراوي. قال الكرماني: ووجه مطابقة الحديث للجزء الأخير من الترجمة: أن المطنب لا بد أن يقول بما لا يعلم؛ لأنه لا يطلع على سريرته وخلواته فيقتضي أن لا يطنب (¬1). ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 11/ 194.

18 - باب بلوغ الصبيان وشهادتهم

18 - بَابُ بُلُوغِ الصِّبْيَانِ وَشَهَادَتِهِمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الحُلُمَ، فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59] وَقَال مُغِيرَةُ: "احْتَلَمْتُ وَأَنَا ابْنُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً" وَبُلُوغُ النِّسَاءِ فِي الحَيْضِ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ} [الطلاق: 4] إِلَى قَوْلِهِ {أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وَقَال الحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: "أَدْرَكْتُ جَارَةً لَنَا جَدَّةً، بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً". (باب: بلوغ الصبيان) أي: بيان حده. (وشهادتهم) أي: وبيان حكم شهادتهم. (وقول الله) بالجر عطف على بلوغ الصبيان. (تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ" ({الْحُلُمَ}) أي البلوغ ({فَلْيَسْتَأْذِنُوا}) أي: في جميع الأوقات عليكم. (وقال مغيرة) أي: ابن مقسم الضبي. (وبلوغ النساء) بالجر عطف على (بلوغ الصبيان) وفي نسخة: بالرفع مبتدأ خبره (في الحيض)، وفي بمعنى الباء على النسختين. {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} زاد في نسخة: {مِنْ نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قال شيخنا: وجه الاستدلال بالآية: تعليق الحكم أول السورة في العدة بالإقراء على حصول الحيض وأما قبله وبعده كما هنا، فبالأشهر فدلَّ على أن الحيض بلوغ في حق النساء وهذا مجمع عليه (¬1). انتهى ملخصًا مع الإيضاح. (أدركت جارة لنا جدة) بنصبها بدلًا من (جارة). (بنت) صفة لجدة. (إحدى وعشرين) أي: "سنة" كما في نسخة، بأن حاضت لاستكمال تسع سنين، ووضعت بنتًا لاستكمال عشر ووقع مثل ذلك ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 277.

لبنتها، ويمكن أقل من ذلك بأن تحيض لتسع وتلد لستة أشهر من عشرٍ، ويقع مثل ذلك لبنتها فذلك تسع عشرة سنة ولحظات. 2664 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي"، قَال نَافِعٌ فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الحَدِيثَ فَقَال: "إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ". [4097 - مسلم: 1868 - فتح: 5/ 276] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عبيد الله) أي: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب. (فلم يجزني) أي: لم يثبتني في ديوان المقاتلين ولم يقدر لي رزقًا مثل أرزاقهم (¬1)، وفيه وفي الألفاظ بعده التفات من الغيبة إلى المتكلم. (وأنا ابن خمس عشرة) أي: "سنة" كما في نسخة. 2665 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ". [انظر: 858 - مسلم: 846 - فتح: 5/ 277] (سفيان) أي: ابن عيينة. (حدثنا) في نسخة: "حدثني" (أن يفرضوا) أي: يقدروا. (واجب) أي: كالواجب. (على كل محتلم) أي: بالغ بالإنزال، وهذا موضع الترجمة، إذ لو لم يتصف المحتلم بالبلوغ لم يجب عليه شيء، وليس في الحديث ذكر الشهادة فيطابق الترجمة بل استفادتها من القياس على سائر الأحكام من جهة تعلق الوجوب بالاحتلام، وإنما ترجم بها ليذكر لها حديثًا على شرطه فلم يجد. ومرَّ ¬

_ (¬1) في هامش (ج): أي: يقدروا أرازاقهم في ديوان الجند.

19 - باب سؤال الحاكم المدعي: هل لك بينة؟ قبل اليمين

شرح الحديث في كتاب: الجمعة في باب: هل على من لم يشهد الجمعة غسل (¬1). 19 - بَابُ سُؤَالِ الحَاكِمِ المُدَّعِيَ: هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَبْلَ اليَمِينِ (باب: سؤال الحاكم المدعي) عليه (هل لك بينة قبل اليمين) أي: بيان سؤاله ذلك قبل عرض اليمين على المدعى عليه. 2666، 2667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"، قَال: فَقَال الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَكَ بَيِّنَةٌ"، قَال: قُلْتُ: لَا، قَال: فَقَال لِلْيَهُودِيِّ: "احْلِفْ"، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي، قَال: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. [انظر: 2356، 2357 - مسلم: 138 - فتح: 5/ 279] (محمد) أي: ابن سلام. (أبو معاوية) هو محمد بن خازم بمعجمتين. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن شقيق) هو أبو وائل. (كان بيني) في نسخة: "كان ذلك بيني". (من اليهود) ساقط من نسخة. (فقال لليهودي: احلف) في نسخة: "قال: احلف". ومر شرح الحديث في باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (895) كتاب: الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل. (¬2) سبق برقم (2416، 2417) كتاب: الخصومات، باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض.

20 - باب: اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود

20 - بَابٌ: اليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الأَمْوَالِ وَالحُدُودِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ". [انظر: 2356، 2357] وَقَال قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ، كَلَّمَنِي أَبُو الزِّنَادِ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَمِينِ المُدَّعِي، فَقُلْتُ: قَال اللَّهُ تَعَالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذْكِرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)، قُلْتُ: "إِذَا كَانَ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ المُدَّعِي، فَمَا تَحْتَاجُ أَنْ تُذْكِرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى مَا كَانَ يَصْنَعُ بِذِكْرِ هَذِهِ الأُخْرَى؟ (باب: اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود) وقيل: يختص اليمين بالأموال. (شاهداك) خبر مبتدإٍ محذوف، أي: الحجة في دعواك، أو مبتدأ خبره محذوف، أي: هما حجة في دعواك. (أو يمينه) أي: بين المدعى عليه، وهو عطف على شاهداك ومن قدر المحذوف فيما ذكر بقوله: المثبت لدعواك فوَّت صحة عطف (يمينه) على (شاهداك) لأن يمين المدعى عليه لا تثبت للمدعي حقًّا. (وقال قتيبة) أي: ابن سعيد، وفي نسخة: "حدثنا قتيبة". (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابن شبرمة) هو عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان الضبي. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (في شهادة الشاهد ويمين المدعي) أي: في القول بجوازهما. (فما) كان (يحتاج) فما نافية، والجملة جواب إذا. (ما كان يصنع) (ما) استفهامية، و (يصنع) بالبناء للمفعول، أي: اكتفى بشهادة ويمين فلا احتياج إلى تذكر إحداهما الأخرى إذ اليمين يقوم مقامها فما فائدة تذكر إحداهما؟

وأجيب: بأن فائدته تتميم شاهد؛ إذ المرأة لا اعتبار لها؛ لأن المرأتين كرجل واحد ثم لا يلزم من التنصيص على شيء نفيه عما عداه، غاية ذلك: عدم التعرض له لا التعرض لعدمه. 2668 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِاليَمِينِ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ". [انظر: 2514 - مسلم: 1711 - فتح: 5/ 280] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (نافع بن عمر) أي: ابن عبد الله بن حميد الجمحي. (عن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي مليكة. (كتب) أي: "إليّ" كما في نسخة. (قضى باليمين) أي: بيمين المدعي مع الشاهد، لا يقال هذا زيادة على نص القرآن فيكون نسخًا له، وهو خلاف الأصل لأنا نقول: شرط النسخ المنافاة، ولا منافاة. - باب. (باب) ساقط من نسخة، فذكره بلا ترجمة كالفصل مما قبله. 2669، 2670 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} [آل عمران: 77] إِلَى {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا، فَقَال مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا قَال: فَقَال صَدَقَ، لَفِيَّ أُنْزِلَتْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي شَيْءٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ" فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا، وَهُوَ فِيهَا

21 - باب إذا ادعى أو قذف، فله أن يلتمس البينة، وينطلق لطلب البينة

فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ. [انظر: 2356، 2357 - مسلم: 138 - فتح: 5/ 280] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (عثمان بن أبي شيبة) نسبة إلى جده، وإلا فهو ابن محمد بن أبي شيبة، واسم أبي شيبة: إبراهيم بن عثمان العبسي (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. ({وَأَيْمَانِهِمْ} إلى {عَذَابٌ أَلِيمٌ}) في نسخة: " {وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى {أَلِيمٌ} " (أنزلت) في نسخة: "نزلت" بفتحات، وفي أخرى: "نزّلت" بضم النون وتشديد الزاي. (إلى رسول الله) في نسخة: "إلى النبي". ومرَّ شرح الحديث وما قبله في باب: إذا اختلف الراهن والمرتهن (¬1). 21 - بَابُ إِذَا ادَّعَى أَوْ قَذَفَ، فَلَهُ أَنْ يَلْتَمِسَ البَيِّنَةَ، وَيَنْطَلِقَ لِطَلَبِ البَيِّنَةِ (باب: إذا ادعى) أي: شيئًا على غيره. (أو قذف) أي: غيره. (فله) أي: لكل من المدعي والقاذف. (أن يلتمس البينة وينطلق) أي: يمهل. (لطلب البينة) على ما ادعاه ليثبته، وليدفع عنه حد القذف. 2671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ هِلال بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ"، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا، يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ يَقُولُ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (2515، 2516) كتاب: الرهن، باب إذا اختلف الراهن والمرتهن.

22 - باب اليمين بعد العصر

"البَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ" فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ. [4747، 5307 - فتح: 5/ 283] (ابن أبي عدي) هو محمد، واسم أبي عدي: إبراهيم. (عن هشام) أي: ابن حسان. (حدثنا عكرمة) في نسخة: "عن عكرمة". (سحماء) بمهملتين والمد: اسم أم شريك، واسم أبيه: عبدة بفتح المهملة والموحدة. (ابن معتب) بضم الميم، وفتح المهملة، وتشديد الفوقية المكسورة، وقيل: ابن مغيث بضم الميم وكسر المعجمة وسكون التحتية، آخره مثلثة. (البينة) بالنصب بمقدر، أي: أحضر البينة، ويجوز الرفع على الابتداء، أي: عليك البينة. (أو حدا) بالنصب بمقدر، أي: أو أقمنا عليك حدًّا، ويجوز الرفع على الابتداء أي: أو عليك حد. في ظهرك. (في) بمعنى: على. (فقال) في نسخة: "قال". (البينة) بالرفع والنصب. (وإلا حد) في نسخة: "وإلا حدا" وقد عرف توجيه ذلك مما مرَّ آنفًا. (فذكر حديث اللعان) أي: الآتي بتمامه في تفسير سورة النور (¬1). والحديث وإن كان في الزوجين فالحكم لا يختص بهما كما كان قبل نزول آية اللعان، أما بعد نزولها فللزوج مخرج آخر: وهو اللعان إذا عجز عن البينة بخلاف الأجنبي. 22 - بَابُ اليَمِينِ بَعْدَ العَصْرِ (باب: اليمين بعد العصر) أي: بيان ما جاء في فعلها بعد العصر. 2672 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4746) كتاب: التفسير، باب: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)} [النور: 7].

23 - باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين، ولا يصرف من موضع إلى غيره

يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا لَا يُبَايِعُهُ إلا لِلدُّنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا كَذَا وَكَذَا فَأَخَذَهَا". [انظر: 2358 - مسلم: 108 - فتح: 5/ 284] (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان. (على فضل ماء) أي: فضل عن كفايته. (وَفَى له) أي: بالعهد وهو بالتخفيف، وأما بالتشديد فمعناه: توفية الحق نحو: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37)} [النجم: 37] أي: قام بما كلف به من الأعمال مع أن كلا منهما قد يستعمل بمعنى الآخر. (بسلعة) في نسخة: "سلعة" بالنصب. (أعطي) بالبناء للفاعل، وبالبناء للمفعول (بها)، أي: بالسلعة أي: بسببها، وفي نسخة: "به" أي: بالمتاع المدلول عليه بذكر السلعة. ومرَّ شرح الحديث في باب: إثم من منع ابن السبيل من الماء (¬1) (¬2). 23 - بَابُ يَحْلِفُ المُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ اليَمِينُ، وَلَا يُصْرَفُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ قَضَى مَرْوَانُ بِاليَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَال: أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى المِنْبَرِ، فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْهُ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ" فَلَمْ يَخُصَّ مَكَانًا دُونَ مَكَانٍ". [انظر: 2356، 2357] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2358) كتاب: المساقاة، باب: إثم من منع ابن السبيل من الماء. (¬2) في هامش (ج) فأخذها، أي: أخذ الرجل الثاني أي: المشتري السعلة بذلك الثمن اعتمادًا على حلفه.

(باب: يحلف المدعى عليه حيث ما وجبت عليه اليمين، ولا يصرف من موضع) أي: من موضع الحلف. (إلى غيره) وهذا قول الحنفية فلا يغلظ عندهم بمكان ولا بزمان، وقال الشافعية: يغلظ ندبًا بهما، وبتعديد أسمائه تعالى، كما هو مبين في كتب الفقه. (قضى مروان) أي: ابن الحكم. (باليمين على زيد) (على) تنازعه (قضى) و (اليمين). (على المنبر) متعلق بـ (اليمين) بجعل (على) بمعنى: عند تجوزًا، والبخاري هنا موافق لأبي حنيفة في أنه لا يسن الاستحلاف عند المنبر بالمدينة، ولا عند المقام بمكة ونحوهما، وقال الشافعي رادًّا ذلك: لو لم يعلم زيد أن اليمين عند المنبر سنة لأنكر على مروان قضاءه (¬1) أي: لكنه لم ينكر عليه قضاءه، وإنما خالفه، تهيبًا وتعظيمًا للمنبر، ومخالفته له وإن كانت كالنكول، لكنه لم يثبت أن مروان قضى له بيمينه. (فقال: أحلف) بلفظ المتكلم. (فجعل) أي: طفق. (زيد يحلف) أي: أن دعواه حق. (فلم) في نسخة: "ولم". (يخص مكانًا دون مكان) هذا من كلام البخاري احتج به على ما ذهب إليه من أن المدعى عليه يحلف حيث ما وجبت عليه اليمين. 2673 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ". [انظر: 2356، 2357 - مسلم: 138 - فتح: 5/ 284] (عبد الواحد) أي: ابن زياد (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (من حلف على يمين) إلى آخره مرَّ مرارًا (¬2). ¬

_ (¬1) "الأم" 7/ 33 - 34. (¬2) سبق برقم (2356، 2357) كتاب: المساقاة، باب: الخصومة في البئر والقضاء فيها.

24 - باب إذا تسارع قوم في اليمين

ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث إنه لم يقيد الحلف بمكان. 24 - بَابُ إِذَا تَسَارَعَ قَوْمٌ فِي اليَمِينِ (باب: إذا تسارع قوم) وجبت عليهم اليمين. (في اليمين) أي: في أيهم يبدأ بها، وجواب (إذا) محذوف أي: أقرع بينهم على ما يأتي في الحديث. 2674 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ اليَمِينَ، فَأَسْرَعُوا فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِي اليَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ". [فتح: 5/ 285] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (إسحاق بن نصر) نسبة إلى جده، وإلا فهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (فأسرعوا) أي: إلي اليمين. (يسهم) أي: يقرع بينهم. قال الخطابي: وإنما يفعل ذلك إذا تساوت درجاتهم في أسباب الاستحقاق كان يكون الشيء بيد اثنين كل واحد منهما يدعيه ويريد أن يحلف أولًا ويأخذه فيقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة حلف واستحقه، والحكم في مثل ذلك عند الشافعية أنهما يتحالفان ويجعل المدعى به بينهما والغرض من الحديث أن يقرع بين جماعة لزمتهم اليمين، واختلفوا فيمن يبدأ منهم بها (¬1). ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 2/ 1312.

25 - باب قول الله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} [آل عمران: 77]

25 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] (باب: قول الله تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ". {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] أي: يستبدلون به شيئًا من حطام الدنيا. 2675 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا العَوَّامُ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "أَقَامَ رَجُلٌ سِلْعَتَهُ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهَا"، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] وَقَال ابْنُ أَبِي أَوْفَى: "النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ". [انظر: 2088 - فتح: 5/ 286] (إسحاق) أي: ابن منصور، أو ابن راهويه، (العوَّام) بتشديد الواو، أي: ابن حوشب. (إبراهيم) أي: ابن عبد الرحمن. (أبو إسماعيل) كنية إبراهيم. (أقام رجل سلعته) أي: روجها. (أعطى بها ما لم يعطها) بالبناء للفاعل في الفعلين، وفي نسخة: بالبناء للمفعول فيهما. (وقال) في نسخة: "قال". (الناجش) بالنون والجيم والمعجمة: وهو منْ يزيد في الثمن، ليغر غيره. (آكل ربا) أي: كآكل ربا. (خائن) خبر بعد خبر. ومرَّ الحديث في البيوع في باب: ما يكره من الحلف في البيع (¬1). 2676، 2677 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبًا لِيَقْتَطِعَ مَال رَجُلٍ - أَوْ قَال: أَخِيهِ - لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2088) كتاب: البيوع، باب: ما يكره من الحلف في البيع.

26 - باب: كيف يستحلف؟

غَضْبَانُ " وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي القُرْآنِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]- الآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ: - {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. . فَلَقِيَنِي الأَشْعَثُ، فَقَال: مَا حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ اليَوْمَ؟ قُلْتُ: كَذَا وَكَذَا، قَال: فِيَّ أُنْزِلَتْ [انظر: 2356, 2357 - مسلم: 138 - فتح: 5/ 286] (حدثنا محمد) في نسخة: "أخبرنا محمد". (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (مال رجل) في نسخة: "مال الرجل". (أو قال أخيه) أي: بدل (رجل) والشك من الراوي. ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). (وأنزل الله) زاد في نسخة: "عزَّ وجلَّ". ({ثَمَنًا قَلِيلًا}) زاد في نسخة: "إلى قوله ({عَذَابٌ أَلِيمٌ}) " (قال) أي: الأشعث. (في أنزلت) لا ينافي ما مرَّ أنها نزلت في رجل أقام سلعته (¬2)؛ لاحتمال أن الآية نزلت في قصتهما معًا. 26 - بَابٌ: كَيْفَ يُسْتَحْلَفُ؟ قَال تَعَالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ} [التوبة: 62]، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا}، {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ} [التوبة: 56] وَ {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ} [التوبة: 62]، {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} [المائدة: 107] "يُقَالُ بِاللَّهِ وَتَاللَّهِ وَوَاللَّهِ" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَرَجُلٌ حَلَفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا بَعْدَ العَصْرِ" وَلَا يُحْلَفُ بِغَيْرِ اللَّهِ". (باب: كيف يستحلف؟) بالبناء للمفعول أي: كيف يستحلف الحاكم من توجهت عليه يمين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2356، 2357) كتاب: المساقاة، باب: الخصومة في البئر والقضاء فيها. (¬2) سبق برقم (2356) كتاب: المساقاة، باب: الخصومة في البئر.

(قال تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ} [النساء: 62] ساقط من نسخة. (وقوله) في نسخة: "وقول الله" وهو بالجر عطف على (كيف يستحلف؟) أي: باب بيان كيفية الاستحلاف. (وقوله - عزَّ وجلَّ -: {إِنْ أَرَدْنَا إلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء: 62] زاد في نسخة: " {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ} " [التوبة: 56]. (ولا يحلف بغير الله) بالبناء للفاعل، وبالبناء للمفعول، وهو من كلام البخاري على سبيل التكميل للترجمة. قاله شيخنا (¬1). 2678 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ عَنِ الإِسْلامِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ"، فَقَال: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَال: "لَا، إلا أَنْ تَطَّوَّعَ" فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ"، قَال: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَال: "لَا، إلا أَنْ تَطَّوَّعَ"، قَال: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ، قَال: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَال: "لَا، إلا أَنْ تَطَّوَّعَ"، فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَلَا أَنْقُصُ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ". [انظر: 46 - مسلم: 11 - فتح: 5/ 287] (عن عمه أبي سهيل) اسمه: نافع، وزاد في نسخة: "ابن مالك". (جاء رجل) هو همام بن ثعلبة، أو غيره. (عن الإسلام) أي: عن شرائعه. (غيرها) في نسخة: "غيره" أي: غير ما ذكر من الصلوات. (إلا أن تطوع) استثناء منقطع أي: لكن التطوع مستحب لك. (وصيام رمضان) في نسخة: "وصيام شهر رمضان". (غيره) في نسخة: "غيرها" بالتأنيث باعتبار الأيام المقدرة في صيام رمضان. (أفلح) أي: ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 288.

27 - باب من أقام البينة بعد اليمين

فاز. ومر شرح الحديث في كتاب الإيمان (¬1). 2679 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، قَال: ذَكَرَ نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ". [3836، 6108، 6646، 6647، 6648 - مسلم: 1646 - فتح: 5/ 287] (جويرية) أي: ابن أسماء. (فليحلف بالله) أي: باسمه، أو بصفة من صفاته لا بغير ذلك، كالنبي، والكعبة، وجبريل. (أو ليصمت) بضم الميم وكسرها، أي: يسكت. 27 - بَابُ مَنْ أَقَامَ البَيِّنَةَ بَعْدَ اليَمِينِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ". [انظر: 2458] وَقَال طَاوُسٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَشُرَيْحٌ: "البَيِّنَةُ العَادِلَةُ أَحَقُّ مِنَ اليَمِينِ الفَاجِرَةِ". (باب: من أقام البينة بعد اليمين) (¬2) أي: يمين المدعى عليه قبلت. (ألحن) أي: أفطن بحجته وهو كاذب فيها. ومر الحديث في كتاب المظالم (¬3). قال الكرماني: ووجه دلالته على الترجمة: إنه لا بد لكل من الخصمين من حجة حتى يكون بعضهم ألحن بها من بعض، وإنما يتصور ذلك إذا جاز إقامة البينة بعد اليمين (¬4). (وقال طاوس) أي: ابن كيسان. (وإبراهيم) أي: النخعي. (وشريح) أي: القاضي (أحق) ليس ¬

_ (¬1) سبق برقم (46) كتاب: الإيمان، باب: الزكاة من الإسلام. (¬2) في هامش (ج): أي أفطن وأقدر على بيان المقصد وأفصح فيه. (¬3) سبق برقم (2458) كتاب: المظالم، باب: إثم من خاصم في باطل. (¬4) "البخاري بشرح الكرماني" 11/ 205.

28 - باب من أمر بإنجاز الوعد

على باب من الأفضلية إذ اليمين الفاجرة لا حق فيها. 2680 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، بِقَوْلِهِ: فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا". [انظر: 2458 - مسلم: 1713 - فتح 5/ 288] (عن زينب) أي: بنت أم سلمة. (إنكم تختصمون إلي) إلى آخره مرَّ شرحه في باب: إثم من خاصم في باطل، وهو يعلمه من كتاب المطالم (¬1). ووجه مطابقته للترجمة: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل اليمين الكاذبة قاطعة لحق المحق، بل نهى الكاذب بعد يمينه عن الأخذ فاقتضى ذلك أن المحق إذا ظفر ببينته وأقامها قبلت منه. 28 - بَابُ مَنْ أَمَرَ بِإِنْجَازِ الوَعْدِ وَفَعَلَهُ الحَسَنُ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلَ: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ} [مريم: 54] وَقَضَى ابْنُ الأَشْوَعِ، بِالوَعْدِ وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَقَال المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، قَال: "وَعَدَنِي فَوَفَى لِي". [انظر: 3110] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَرَأَيْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابْنِ أَشْوَعَ". (باب: من امر بإنجاز الوعد) أي: بوفائه، ووجه تعلق الباب ¬

_ (¬1) سبق برقم (2458) كتاب: المظالم، باب: إثم من خاصم في باطل.

بأبواب الشهادات: أن الوعد كالشهادة على نفسه قاله الكرماني (¬1). (وفعله) أي: إنجاز الوعد. (الحسن) أي: البصري. (وذكر) أي: الله تعالى إسماعيل، فقال {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} وفي نسخة: " {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ} " إلى آخره. (وذكر صهرا) جملة حالية، أي: وقد ذكر النبي صهرا له هو أبو العاص بن الربيع. (قال) في نسخة: "فقال" أي: النبي. (وعدني فوفاني) في نسخة: "فوعدني فوفاني" وفي أخرى: "فاوفاني" بهمزة ونون. (قال أبو عبد الله) ساقط من نسخة. (ورأيت) في نسخة: "رأيت". 2681 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ، أَنَّ هِرَقْلَ قَال لَهُ: سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَزَعَمْتَ: "أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ، وَالصِّدْقِ، وَالعَفَافِ، وَالوَفَاءِ بِالعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ"، قَال: وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ. [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح: 5/ 289] (أمركم) في نسخة: "يأمركم". (والعفاف) أي: الكف عن المحارم. ومرَّ الحديث في أوائل الكتاب (¬2). باب (باب) ساقط من نسخة، فذكره كالفصل مما قبله. 2682 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "آيَةُ ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 10/ 207. (¬2) سبق برقم (7) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله.

المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ". [انظر: 33 - مسلم: 59 - فتح 5/ 289] (آية المنافق ثلاث) إلى آخره مرَّ شرحه في باب: علامة المنافق من كتاب: الإيمان (¬1). 2683 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَالٌ مِنْ قِبَلِ العَلاءِ بْنِ الحَضْرَمِيِّ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: "مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ أَوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ عِدَةٌ، فَلْيَأْتِنَا"، قَال جَابِرٌ: فَقُلْتُ: وَعَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، قَال جَابِرٌ: فَعَدَّ فِي يَدِي خَمْسَ مِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَ مِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَ مِائَةٍ. [انظر: 2296 - مسلم: 2314 - فتح: 5/ 289] (هشام) أي: ابن يوسف. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (من قبل) أي: من جهة. (العلاء) بالمد. (الحضرمي) بفتح المهملة، وسكون المعجمة، واسمه: عبد الله، وكان عاملًا لرسول الله على البحرين. (عدة) أي: وعد. ومر شرح الحديث في باب: من تكفل عن ميت دينًا (¬2). 2684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ مِنْ أَهْلِ الحِيرَةِ أَيَّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى، قُلْتُ: لَا أَدْرِي، حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى حَبْرِ العَرَبِ فَأَسْأَلَهُ، فَقَدِمْتُ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَال: "قَضَى أَكْثَرَهُمَا، وَأَطْيَبَهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَال فَعَلَ". [فتح: 5/ 289] ¬

_ (¬1) سبق برقم (33) كتاب: الإيمان، باب: علامة المنافق. (¬2) سبق برقم (2296) كتاب: الكفالة، باب: من تكفل عن ميت دينًا.

29 - باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها

(حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (من أهل الحيرة) (¬1) بكسر المهملة مدينة بالعراق (أي الأجلين) أي: أطولهما، أو أقصرهما. (قضى موسى) أي: في قوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} [القصص: 28]. (حتى أقدم) أي: مكة. (على حبر العرب) بفتح المهملة، وسكون الموحدة، أي: ابن عباس، سماه جبريل بذلك -كما رواه أبو نعيم (¬2): قضى أكثرهما أي: عشر سنين، وأقلهما: ثمان سنين قال تعالى حكاية عن شعيب - عليه السلام -: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} و (أطيبهما) أي: على نفس شعيب. (أن رسول الله) أي: موسى، أو من اتصف بالرسالة فيتناوله تناولًا أوليًّا إذا قال فعل تصديقًا لقوله (وإنجازا لوعده). وفيه: مطابقة للترجمة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام من محاسن أخلاقه إنجاز وعده. 29 - بَابُ لاَ يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: «لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ المِلَلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى»: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ} [المائدة: 14] وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ} الآيَةَ [البقرة: 136]. ¬

_ (¬1) الحيرة: بالكسر ثم السكون، وراء: مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النجف زعموا أن بحر فارس كان يتصل به. انظر: "معجم البلدان" 2/ 328. (¬2) "حلية الأولياء" 1/ 316 ترجمة: عبد الله بن عباس.

(باب: لا يسأل أهل الشرك) أي: الكفر. (عن الشهادة وغيرها) أي: ولا غيرها، والمراد: لا تقبل شهادتهم ولا غيرها من العبادات كالصلاة والأذان. (أهل الملل) أي: ملل الكفر. (لقوله تعالى) في نسخة: "لقوله عزَّو جلَّ". ({وأَغْرَيْنَا}) أي: أوقعنا. (الآية) ساقط من نسخة. 2685 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الكِتَابَ، فَقَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَفَلا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ، وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ". [7363، 7522، 7523 - فتح: 5/ 291] (يحيى بن بكير) نسبة إلى جده، وإلا فهو يحيى بن عبد الله بن بكير، ولفظ: (يحيى) ساقط من نسخة. (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (عن ابن عباس) في نسخة: "عن عبد الله بن عباس". (معشر المسلمين) أي: يا معشر المسلمين. (كيف تسألون أهل الكتاب) الاستفهام للإنكار. (وكتابكم) أي: القرآن. (الذي أنزل) بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل. (أحدث الأخبار بالله) أي: أقربها نزولًا إليكم من عند الله، وهمزة (الأخبار) بالفتح فيكون جمعًا، وفي نسخة: بالكسر فيكون مصدرًا. (لم يشب) بالبناء للمفعول من الشوب: وهو الخلط، أي: لم يخلط فلم يغير. (هو) في نسخة. "هذا". (ما جاءكم) في نسخة: "بما جاءكم". (عن مساءلتهم) بتحتية مفتوحة بعد الألف، وفي نسخة: بهمزة مفتوحة بعدها. (ولا والله ما رأينا) (لا) زائدة؛ لتأكيد النفي.

30 - باب القرعة في المشكلات

30 - بَابُ القُرْعَةِ فِي المُشْكِلاتِ وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "اقْتَرَعُوا فَجَرَتْ الأَقْلامُ مَعَ الجِرْيَةِ، وَعَال قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الجِرْيَةَ، فَكَفَلَهَا زكَرِيَّاءُ وَقَوْلِهِ: {فَسَاهَمَ} [الصافات: 141]: "أَقْرَعَ"، {فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ} [الصافات: 141]: "مِنَ المَسْهُومِينَ". [انظر: 2674] وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "عَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ اليَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ: أَيُّهُمْ يَحْلِفُ". (باب: القرعة) أي: مشروعيتها. (في المشكلات) أي: التي يقع فيها التنازع، وفي نسخة: بدل (في) "من" وهي للتعليل. (وقوله) بالجر عطف على القرعة، وزاد في نسخة: "عزَّ وجلَّ". ({إِذْ يُلْقُونَ}) أي: حين يلقون ({أَقْلَامَهُمْ}) أي: سهامهم وأقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة، كانوا إذا أرادوا الاقتراع يلقون أقلامهم في النهر، فمن ارتفع قلمه كان الحظ له. ({أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}) متعلق بمحذوف أي: يلقون أقلامهم ليعلموا أو ليقولوا: {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} أي: يضمها إلى نفسه ويربيها. (فجرت الأقلام) أي: التي ألقوها في نهر الأردن. (وعال) أي: ارتفع، وفي نسخة: "وعلا"، وفي أخرى: "وعدا" بالدال بدل اللام. (وقوله) بالجر عطف على (القرعة) أيضًا. (فَسَاهَم) إلى آخره أشار البخاري بذكر القصتين إلى الاحتجاج بصحة الحكم بالقرعة، وهو مبني على أن شرع مَنْ قبلنا شرع لنا إذا لم يرد ما يخالفه. 2686 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال:

حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ المُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ، وَالوَاقِعِ فِيهَا، مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلاهَا، فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلاهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: مَا لَكَ، قَال: تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنَ المَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ". [انظر: 2493 - فتح: 5/ 292] (مثل المدهن) بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر الهاء، أي: المرائي (استهموا سفينة) أي: انتزعوها فأخذ كل منهم نصيبًا من السفينة بالقرعة، وهذا إذا نزلوا السفينة معًا، وإلا فالسابق أحق بموضعه. (على الذين) في نسخة: "على الذي". (به) أي: بالماء الذي مع المار، أو بالمار بالماء. (مالك؟) أي: تنقر السفينة. (تأذيتم بي) أي: بمروري عليكم بالماء. (على يديه) في نسخة: "على يده". (انجوه) أي: الناقر (وإن تركوه) أي: ينقر. ومرَّ شرح الحديث في الشركة في باب: هل يقرع في القسمة والاستهام (¬1). 2687 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّ أُمَّ العَلاءِ - امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ - قَدْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُ سَهْمُهُ فِي السُّكْنَى، حِينَ أَقْرَعَتْ الأَنْصَارُ سُكْنَى المُهَاجِرِينَ، قَالتْ أُمُّ العَلاءِ: فَسَكَنَ عِنْدَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَاشْتَكَى، فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ وَجَعَلْنَاهُ فِي ثِيَابِهِ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2493) كتاب: الشركة، باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه.

أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ؟ "، فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءَهُ وَاللَّهِ اليَقِينُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِهِ"، قَالتْ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا، وَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ، قَالتْ: فَنِمْتُ، فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: "ذَاكِ عَمَلُهُ". [انظر: 1243 - فتح: 5/ 293] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (إن أم العلاء) هي أم خارجة الراوي عنها، وهي بنت الحارث بن ثابت. (امرأة) بدل أم العلاء. (قد بايعت النَّبيَّ) خبر (أن). (أخبرته) خبر ثان لـ (أن) (طار) أي: وقع. (فاشتكى) أي: مرض. (في ثيابه) أي: أكفانه. (أبا السَّائب) أي: يا أبا السَّائب، وهي كنية عثمان. (بشهادتي عليك) أي: لك. (بأبي أنت) أي: أنت مفدي بأبي. (اليقين) أي: الموت. (ما يفعل به) أي: بعثمان أو برسول الله، فيكون فيه التفاتا. (وأحزنني) في نسخة: "فأحزنني ذلك" أي: الذي قاله - صلى الله عليه وسلم -. (فأريت) بضم الهمزة، وكسر الراء، في نسخة: "فرأيت". (ذلك) في نسخة: "ذاك" بغير لام والكاف مكسورة فيهما. (عمله) قيل: وإنما عبر الماء بالعمل وجريانه؛ لأنَّ كل ميت يختم على عمله إلَّا الذي مات مرابطًا فإن عمله ينمو إلى يوم القيامة. ومرَّ شرح الحديث أول الجنائز (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1243) كتاب: الجنائز، باب: الدخول على الميت.

2688 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 2593 - مسلم: 1463 - فتح: 5/ 293] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد) إلى آخره مرَّ شرحه في الهبة (¬1). 2689 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا". [انظر: 615 - مسلم: 437 - فتح: 5/ 293] (حدَّثنا) في نسخة: "حدثني". (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (مولى أبي بكر) أي: ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. (ما في النداء) أي: الأذان. (ثم لم يجدوا) أي: شيئًا من وجوه الأولوية بأن استوت. (ما في التهجير) أي: التبكير إلى الصلوات. (ما في العتمة والصبح) أي: ما في ثواب: صلاتيهما، والعتمة: العشاء. (ولو حبوا) أي: على اليدين والركبتين، ووقع في نسخة: تأخير حديث عمر بن حفص عن قوله: "ولو حبوا". ومرَّ شرح الحديث في الأذان (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2593) كتاب: الهبة، باب: هبة المرأة لغير زوجها وعتقها. (¬2) سبق برقم (615) كتاب: الأذان، باب: الاستهام في الأذان.

53 - كتاب الصلح

53 - كِتَابُ الصُّلْحِ

1 - [باب] ما جاء في الإصلاح بين الناس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [53 - كِتَابُ الصُّلْحِ] 1 - [باب] مَا جَاءَ فِي الإِصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ، أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}، وَخُرُوجِ الإِمَامِ إِلَى المَوَاضِعِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ بِأَصْحَابِهِ". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ثابتة في كل النسخ (كتاب الصلح) ساقط من نسخة، وفي نسخة: "باب الصلح". (ما جاء) أيضًا ساقط من نسخة. (في الإصلاح بين النَّاس) زاد في نسخة: "إذا تفاسدوا". (وقول الله) بالجر عطف على الإصلاح (تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ". {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 74] في نسخة: الاقتصار من الآية على قوله: {مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} [النساء: 114] ثم قال: "إلى آخر الآية". (وخروج الإمام) بالجر عطفٌ على الإصلاح أيضًا. 2690 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أُنَاسًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ بِلالٌ، فَأَذَّنَ بِلالٌ بِالصَّلاةِ، وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَال: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبِسَ وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟

فَقَال: نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ، فَأَقَامَ الصَّلاةَ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ حَتَّى أَكْثَرُوا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلاةِ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَاءَهُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا هُوَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ القَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلاتِكُمْ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ، إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاتِهِ، فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إلا التَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ لَمْ تُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فَقَال: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 684 - مسلم: 421 - فتح: 5/ 297] (سعيد بن أبي مريم) نسبة إلى جدٍّ له وإلا فهو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم. (حدَّثنا) في نسخة: "أخبرنا". (أبو غسان) هو محمد بن مطرف الليثي. (أبو حازم) بالمهملة والزاي هو سلمة بن دينار. (بينهم شيء) في نسخة: "بينهم شر". (فحضرت الصَّلاة) هي العصر. (ولم يأت النبيُّ) أي: مسجده. (فجاء بلال) ساقط من نسخة. (فأذن بلالٌ) لفظ: (بلال) ساقطٌ من نسخة. (فجاء) أي: بلال. (حبس) بالبناء للمفعول أي: بسبب الإصلاح. (بالتصفيح) في نسخة: "في التصفيح" بـ (في) بدل الباء، وفي أخرى: "بالتصفيق" بقاف بدل الحاء. والكل بمعنى. (فأمره يصلِّي) في نسخة: "فأمره أن يصلِّي". (فحمد الله) زاد في نسخة: "وأثنى عليه". (وتقدم النَّبيُّ) في نسخة: "فتقدم النَّبيُّ". (إذا نابكم) مرتب على محذوف؛ أي: ما بالكم إذا نابكم. أي: أصابكم، فـ (إذا) ظرفية لقوله بعدُ (أخذتم) أو للمحذوف لا شرطية. (إنَّما التصفيح) في ضبطه ما مرَّ آنفًا. (أشرتُ إليك) في نسخةٍ:

"أشير إليك" بالبناء للمفعول. (لم تصلِّ) ضمَّن (منعك) معنى: (دعاك) أي: ما دعاك إلى أنَّك لم تصل، وإلَّا فالقياس أن يقال: أن تصلي. (بين يدي النَّبيِّ) في نسخة: "بين يدي رسول الله". وفي الحديث: مشروعية الإصلاح بين النَّاس والذهاب له. 2691 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، "فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبَ حِمَارًا، فَانْطَلَقَ المُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ"، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: إِلَيْكَ عَنِّي، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ، فَقَال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ، فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَشَتَمَهُ، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأَيْدِي وَالنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]. (مسدد) أي: ابن مسرهد. (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (لو أتيت) جواب (لو) محذوف؛ أي: لكان خيرًا، أو هي للتمني فلا جواب لها. (ابن أبي) بالتنوين أي: ابن سلول. (وهي) أي: الأرض التي مرَّ بها. (سبخة) بكسرة الموحدة: أي: ذات سباخ لا تكاد تنبت. (فقال) في نسخة: "قال" أي: عبد الله بن أبي. (إليك عني) أي: تنح عني. (فقال رجلٌ) هو عبد الله بن رواحة. (فشتما) أي: شتم كلٌّ منهما الآخر، وفي نسخة: "فشتمه" (بالجريد) في نسخة: "بالحديد". (أنزلت) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "نزلت". ({وَإِنْ طَائِفَتَانِ}) [الحجرات: 9]، إلى آخره، واستشكل نزول الآية في قصة ابن أبي؛ لأنَّ أصحابه لم يكونوا مؤمنين، وأجيب: بأن في تفسير ابن عباس (¬1) وأعان ابن أبي رجالٌ من قومه وهم مؤمنون فاقتتلوا، وبأنَّ قول أنس: ¬

_ (¬1) انظر: "تفسير المقياس" ص 323.

2 - باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس

(بلغنا أنَّها نزلت) لا يستلزم نزولها في ذلك الوقت، ويؤيده أن نزولها متأخر جدًّا. 2 - بَابٌ: لَيْسَ الكَاذِبُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ (باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين النَّاس) أي: ليس من يصلح بين النَّاس كاذبًا. 2692 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا". [مسلم: 2605 - فتح: 5/ 299] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (سمعتُ رسول الله) في نسخة: "سمعت النَّبيَّ". (الذي يصلح) في نسخة "بالذي يصلح". (فينمي خيرًا) بفتح التحتية، وسكون النون أي: يرفع الحديث ويبلغه على وجه الإصلاح، فماضي ينمي: نمى، وحكى: أنمى فمضارعه: يُنمي بضم الياء، وحُكي فينمو. (أو يقول خيرًا) شكٌّ من الراوي، ويجوز في (ينمي) و (يقول) الرفع والنصب. وفي الحديث: الترخص في أن يقول الرجل في الإصلاح ما لم يسمعه. والحديث ساقط من نسخة، وليس المراد منه نفي الكذب بل نفي إثمه وإلَّا فهو كذبٌ لكنه جائز للإصلاح ونحوه. 3 - بَابُ قَوْلِ الإِمَامِ لِأَصْحَابِهِ: اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ (باب: قول الإمام لأصحابه: اذهبوا بنا نصلح) بالرفع بتقدير مبتدأ محذوف، وبالجزم جواب الأمر.

4 - باب قول الله تعالى: (أن يصالحا بينهما صلحا والصلح خير) [النساء: 128]

2693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفَرْويُّ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَال: "اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ". [انظر: 684 - فتح: 5/ 300] (محمد بن عبد الله) نسبة إلى جده، وإلا فهو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي. (عبد العزيز) هو (وإسحاق) المذكور بعده من مشايخ البُخاريّ. (الفروي) بفتح الفاء وسكون الراء. (عن أبي حازم) هو سلمةُ بن دينار. (فأخبر رسولُ الله) في نسخة: "فأخبر النَّبيّ". (نصلح) بالرفع والجزم نظير ما مرَّ آنفًا. 4 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: (أَنْ يَصَّالحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء: 128] (باب: قول الله تعالى: {أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} أي: من الفرقة، والنشوز، والإعراض. 2694 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128]، قَالتْ: "هُوَ الرَّجُلُ يَرَى مِنَ امْرَأَتِهِ مَا لَا يُعْجِبُهُ، كِبَرًا أَوْ غَيْرَهُ، فَيُرِيدُ فِرَاقَهَا"، فَتَقُولُ: أَمْسِكْنِي وَاقْسِمْ لِي مَا شِئْتَ، قَالتْ: "فَلَا بَأْسَ إِذَا تَرَاضَيَا". [انظر: 2450 - مسلم: 3021 - فتح: 5/ 301] (سفيان) أي: ابن عيينة. (كِبَرًا) بكسرِ الكاف، وفتح الموحدة، أي: كبر السنن وفي نسخة: "كِبْرًا" بسكون الموحدة؛ أي: تكبرا. (أو غيره) أي: من سوء خلق أو خلق. وفي نسخة: "وغيره" بواو العطف، وفي أخرى: "وغيرة" بفوقية بدل الهاء. (فلا بأس) في نسخة: "ولا بأس" بالواو.

5 - باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود

5 - بَابُ إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ فَالصُّلْحُ مَرْدُودٌ (باب: إذا اصطلحوا) أي: المتخَاصمون. (على صلح جورٍ) بالإضافة وبالصفة. (فالصلح) في نسخة: "فهو". (مردودٌ) لبنائه على الجور، وهو الظلم كما مر (¬1). 2695، 2696 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالا: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَال: صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَال الأَعْرَابِيُّ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِي: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ، فَفَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الوَلِيدَةُ وَالغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ لِرَجُلٍ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَارْجُمْهَا"، فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. [انظر: 2314، 2315 - مسلم: 1697، 1698 - فتح: 5/ 301] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب. (ابن عبد الله) أي: ابن عتبة بن مسعود. (بكتابِ الله) أي: بحكمهِ إذ ليس في القرآن الرجم، وإنَّما قال الخصمان ذلك مع أنَّهما يعلمان أنَّه لا يعلم الآية؛ لإرادتهما أنه يفصل بينهما بالحكم الصرف، لا بالصلح، وإن كان جائزًا بتراضيهما. (صدق اقض) في نسخة: "صدق فاقض". (عسيفًا) أي: أجيرًا. (على هذا) قال ¬

_ (¬1) سبق برقم (2650) كتاب: الشهادات، باب: لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد.

الكرماني: وإنما قيل: على هذا ليعلم أنَّه أجير ثابت الأجرة عليه، وإنما يكون كذلك إذا لابس العمل وأتمه، ولو قيل: لهذا لم يلزم ذلك (¬1). (ووليدة) أي: أمة. (جلد مائة) بالإضافة، وفي نسخة: "جلدة مائة" بتنوين (جلدة) ونصب مائة على التمييز، وفي أخرى: "جلده مائة" بإضافة جلد إلى ضمير الابن، ونصب (مائة) على التمييز. (فرد) أي: مردود، وفي نسخة: "فترد" بالبناء للمفعول. (وأمَّا أنت يا أنيس لرجلٍ) هو ابن أسلم وهو بالتصغير أنيس بن الضَّحَّاك، لا ابن مرثد الغنوي ولا غيره. (فاغد على امرأة هذا) أي: ائتها غدوة. (فرجمها) أي: بعد اعترافها. وإنَّما خصَّ أنيسًا بذلك؛ لأنَّه من قبيلة المرأة، وقد كانوا ينفرون من حكم غيرهم. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (أمَّا الوليدة والغنم فرد عليك) لأنَّ الافتداء بهما في معنى الصلح عما وجب على العسيف من الحدِّ، ولم يكن جائزًا، فكان جورًا. 2697 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ" رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. [مسلم: 1718 - فتح: 5/ 301] [يعقوب) أي: ابن إبراهيم الدُّورقيُّ. (إبراهيم بن سعدٍ) أي: ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. (قال رسول الله) في نسخة: "قال النبيُّ". (فيه) في نسخة: "منه". ¬

_ (¬1) "صحيح البُخاريّ بشرح الكرماني" 12/ 7.

6 - باب: كيف يكتب هذا: ما صالح فلان بن فلان، وفلان بن فلان، وإن لم ينسبه إلى قبيلته أو نسبه؟

6 - بَابٌ: كَيْفَ يُكْتَبُ هَذَا: مَا صَالحَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ، وَفُلانُ بْنُ فُلانٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى قَبِيلَتِهِ أَوْ نَسَبِهِ؟ (باب: كيف يُكتب) أي: الصلح، جواب الاستفهام. (هذا) إلى آخره أي: يكتب هذا. (ما صالح فلان بن فلان وفلان بن فلان ولم) أي: "وإن لم" كما في نسخة. (ينسبه إلى نسبه أو قبيلته) في نسخة: "إلى قبيلته أو نسبه". بصيغة الفعل أي: إليها، وتحرير ذلك أنَّه يُكتفى بـ (فلان بن فلان) إن أمن اللبس، وإلَّا تعينت النسبة إلى نسبه، أو قبيلته. 2698 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا صَالحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الحُدَيْبِيَةِ، كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَهُمْ كِتَابًا، فَكَتَبَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَال المُشْرِكُونَ: لَا تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولًا لَمْ نُقَاتِلْكَ، فَقَال لِعَلِيٍّ: "امْحُهُ"، فَقَال عَلِيٌّ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَصَالحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَدْخُلُوهَا إلا بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ، فَسَأَلُوهُ مَا جُلُبَّانُ السِّلاحِ؟ فَقَال: القِرَابُ بِمَا فِيهِ. [انظر: 1781 - مسلم: 1783 - فتح: 5/ 303] (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (كتب عليّ بن أبي طالب) لفظ (ابن أبي طالب) ساقطٌ من نسخةٍ. (بينهم) أي: بين المسلمين والمشركين. (كتابًا) أي: بالصلح على أن توضع الحرب بينهم عشر سنين، وأن يأمن بعضهم بعضًا. (فكتب: محمد رسول الله) أي: فكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - ساقط من نسخة. (امحه) أمر بضم الحاء وفتحها، يقال: محوت الشيء أمحوه وأمحاه. (فقال) في نسخة: "قال عليّ". (ما أنا بالذي أمحاه) إنما

خالف؛ لأنَّه علم بالقرينة أن الأمر ليس للإيجاب. (بيده) ساقط من نسخة. (وصالحهم أن يدخل هو وأصحابه) أي: في العام القابل مكّة. (ولا يدخلونها) في نسخة: "فلا يدخلونها". (إلَّا بجلبان السلاح) بضم الجيم واللام، وتشديد الموحدة، وبالضم والسكون والتخفيف أي: بالقراب بما فيه كما ذكره بعدُ، وقيل: بجراب فيه (القراب بما فيه)، وإنما شرطوا ذلك؛ ليكون أمارة للأمن لئلا يُظنُّ أنهم دخلوها قهرًا. (فقال) في نسخة: "قال". (القراب) هو غلاف السيف من جلد. (بما فيه) أي: من سيف، أو قوس أو نحوه، كما ذكره في الباب الآتي. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (فكتب: محمد رسول الله) لم ينسبه لأبيه وجده، لأمن اللبس. 2699 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي القَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الكِتَابَ، كَتَبُوا هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَا، فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ، لَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ"، ثُمَّ قَال لِعَلِيٍّ: "امْحُ رَسُولُ اللَّهِ"، قَال: لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكِتَابَ، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلاحٌ إلا فِي القِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ، إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّبِعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا، فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ، أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَبِعَتْهُمْ ابْنَةُ حَمْزَةَ: يَا عَمِّ يَا عَمِّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَال لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ، حَمَلَتْهَا، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَجَعْفَرٌ، فَقَال عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي،

وَقَال جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالتُهَا تَحْتِي، وَقَال زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالتِهَا، وَقَال: "الخَالةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ"، وَقَال لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ"، وَقَال لِجَعْفَرٍ: "أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي"، وَقَال لِزَيْدٍ: "أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلانَا". [انظر: 1781 - مسلم: 1783 - فتح: 5/ 303] (عن إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (عن البراء) أي: "ابن عازب" كما في نسخة. (فأبى أهل مكّة أن يدَعوه) بفتح الدَّالِ، أي: امتنعوا أن يتركوه. (حتى قاضاهم) أي: فاصلهم وأمضى أمرهم. (على أن يقيم بها ثلاثة أيام) وذلك معنى (صالح) ومنه قضى القاضي إذا فصل الحكم، وأمضاه بها؛ أي: بالرسالة. (فلو نعلم) في نسخة: "ولو نعلم" بالواو، وعبر بالمضارع بعد (لو) التي للماضي؛ ليدلَّ على استمرار عدم علمهم برسالته، كما في قوله تعالى: {لَوْ يُطِيعُكُمْ} [الحجرات: 7]. (امح: رسول الله) بالرفع على الحكاية وبالنصب على الأصلِ. (فكتب) أسند - صلى الله عليه وسلم - الكتابة لنفسهِ مع أنَّه أُمي؛ لأنَّ الأمي من لا يحسن الكتابة، لا من لا يكتب. والإسناد مجازي بمعنى: أمر بالكتابة. أو كتب خارقًا للعادة معجزة له (هذا ما قاضى عليه) لفظ (عليه) ساقط من نسخة، وهذا إشارة إلَّا ما في الذهن. (لا يدخل مكّة سلاح) بفتح التحتية وضم المعجمة، ورفع (سلاح) وفي نسخة: "بسلاح" بزيادة الموحدة وفي أخرى: "لا يدخل مكّة سلاحًا" بالضم والكسر والنصب، والجملة مع ما بعدها مفسرة لجملة: (قاضى) (أن يتبعه) بتشديد الفوقية وتخفيفها ساكنة. (ومضى الأجل) أي: وهو الأيام الثلاثة؛ أي: قرُب انقضاؤها نحو قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234].

7 - باب الصلح مع المشركين

ولابد من هذا التقدير لئلا يلزم عدم الوفاء بالشرط. (قل لصاحبك) في نسخة: "قل لأصحابك" أي: للنبي - صَلَّى الله عليه وسلم - ومن معه. (ابنة حمزة) في نسخة: "بنت حمزة" واسمها: عمارة، أو أمامة. (فتناولها عليّ) أي: "ابن أبي طالب" كما في نسخة (دونك ابنة عمِّك) أي: خذيها. (احمليها) في نسخة: "حملتها" أي: فحملتها كما في رواية (¬1). (فاختصم فيها عليٌّ وزيد) أي: ابن حارثة. (وجعفر) أي: أخو عليّ بعد قدومهم المدينة. (وقال زيد: ابنة أخي) أي: لأنَّه - صَلَّى الله عليه وسلم - آخى بين زيد وأبيها حمزة. (الخالة بمنزلة الأم) أي: في الحضانة، ولا يقدح في حضانتها كونها متزوجة، لأنها متزوجة بمن له حق في الحضانة بالعصوبة وهو ابن العم. (أنت مني وأنا منك) أي: أنت متصل بي، وأنا متصل بك في النسب والمحبة وغيرهما و (من) هذه تسمى اتصالية. (خَلْقي وخُلُقي) بفتح المعجمة، وسكون اللام في الأول وبضمها في الثاني. (أنت أخونا) أي: في الإسلام. (ومولانا) أي: في ولاية العتق، فطيب - صلى الله عليه وسلم - قلب الكل بنوع من التشريف على ما يليق بالحال. 7 - بَابُ الصُّلْحِ مَعَ المُشْرِكِينَ فِيهِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ وَقَال عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "ثُمَّ تَكُونُ هُدْنَةٌ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ". ¬

_ (¬1) رواها النَّسائيّ في "الكبرى" 5/ 168 (8577) كتاب: الخصائص باب: ذكر الأخبار المؤيدة لما تقدم وصفه. وابن حبان 11/ 229 (4873) كتاب: السير، باب: الموادعة والمهادنة. والبيهقي 8/ 5 كتاب: النفقات، باب: الخالة أحق بالحضانة من العصية.

وَفِيهِ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَأَسْمَاءُ، وَالمِسْوَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3176] (باب: الصلح مع المشركين) أي: بيان جوازه فيه. (عن أبي سفيان) أشار به إلى مدة الصلح المذكورة في حديث هرقل أول الكتاب بقوله: ونحن منه في مدة (¬1). (ثم يكون هدنة) بضم الهاء وسكون الدال؛ أي: صلح بينكم. (وبين بني الأصفر) أي: الروم، سموا بذلك. لأنَّ جيشًا من الحبشة غلب على بلادهم في وقت، فوطئ نساءهم فولدن أولادًا صفرًا بين سواد الحُبْشِ وبياض الروم. (وفيه سهل بن حنيفة) في نسخة: "وفيه عن سهل بن حنيف". (لقد رأيتنا يوم أبي جندل) ساقطٌ من نسخةٍ، واسمه: العاص بنُ سهيل بن عمرو، وقصته المتعلقة بالصلح مذكورة، في آخر الجزية (¬2)، وعطف على (سهل) قوله: (وأسماء) أي: بنت أبي بكر. (والمسور) أي: ابن مخرمة، وقصة أسماء مرت في الهبة (¬3)، وقصة المسور تأتي في كتابِ الشروط (¬4). 2700 - وَقَال مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: صَالحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُشْرِكِينَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَلاثَةِ أَشْيَاءَ: عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ مِنَ المُشْرِكِينَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ، وَعَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ قَابِلٍ وَيُقِيمَ بِهَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَدْخُلَهَا إلا بِجُلُبَّانِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (7) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي. (¬2) سيأتي برقم (3181) كتاب: الجزية والموادعة. (¬3) سبق برقم (2590) كتاب: الهبة، باب: هبة المرأة لغير زوجها. (¬4) سيأتي برقم (2711) كتاب: الشروط، باب: ما يجوز من الشروط.

السِّلاحِ السَّيْفِ وَالقَوْسِ وَنَحْوهِ، فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَحْجُلُ فِي قُيُودِهِ، فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ. [انظر: 1781 - مسلم: 1783 - فتح: 5/ 304] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "لَمْ يَذْكُرْ مُؤَمَّلٌ، عَنْ سُفْيَانَ: أَبَا جَنْدَلٍ، وَقَال: إلا بِجُلُبِّ السِّلاحِ". (سفيان بن سعيد) أي: الثوري. (عن أبي إسحاق) أي: السبيعي. (فجاء) في نسخة: "فجعل". (يحجل) بفتح الياء، وسكون المهملة، وضم الجيم، أي: يمشي كمشية الحجلة: الطير المعروف يرفع رجلًا ويضع أخرى. (مؤمل) بتشديد الميم مفتوحة؛ أي: ابن إسماعيل. (إلَّا بجلب السلاح) بضم الجيم واللام، وتشديد الموحدة بعد قوله: (إلَّا بجلبان السلاح). 2701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مُعْتَمِرًا فَحَال كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ العَامَ المُقْبِلَ، وَلَا يَحْمِلَ سِلاحًا عَلَيْهِمْ إلا سُيُوفًا وَلَا يُقِيمَ بِهَا إلا مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالحَهُمْ، فَلَمَّا أَقَامَ بِهَا ثَلاثًا أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ". [4252 - فتح: 5/ 305] (سريج) بسين مهملة مضمومة وجيم. (فليح) هو عبد الملك بن سليمان بن المغيرة. (خرج) أي: من المدينة. (وقاضهم) أي: صالحهم. (ولا يحمل) في نسخة: "ولا يحتمل" بزيادة فوقية بعد الحاء. (إلَّا سيوفًا) أي: في قرابها. (ثلاثًا) في نسخة: "ثلاثة". 2702 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَال: "انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ". [3173، 6142، 6143، 6898، 7192 - مسلم: 1669 - فتح: 5/ 305]

8 - باب الصلح في الدية

(بشر) أي: ابن الفضل. (يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (بشير) بالتصغير. (ابن أبي حثمة) بسكون المثلثة، واسم أبي حثمة: عامر بن ساعدة. (ومحيصة) بضم الميم، وفتح المهملة، وتشديد الياء المكسورة، وصاد مهملة. (وهي) أي: خيبر، وفي نسخة: "وهم" أي: أهلها، وفي أخرى: "وهو" أي: المكان المسمى بها. (يومئذٍ صلح) أي: لمصالحة أهلها مع المسلمين. 8 - بَابُ الصُّلْحِ فِي الدِّيَةِ (باب الصلح في الدية) أي: بيان أحكامه فيها. 2703 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُمْ: أَنَّ الرُّبَيِّعَ وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ، وَطَلَبُوا العَفْوَ، فَأَبَوْا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ، فَقَال أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَال: "يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ"، فَرَضِيَ القَوْمُ وَعَفَوْا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ" زَادَ الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَرَضِيَ القَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ. [2806، 4499، 4500، 4611، 6894 - مسلم: 1675 - فتح: 5/ 306] (حميد) أي: الطَّويل. (ثنية جارية) أي: سن شابة لا أمة؛ إذ لا قصاص لها على الحرة. (فطلبوا) إلَّا آخره؛ أي: فطلب قوم من قوم الجارية أخذ الأرش (وطلبوا العفو) يعني: قالوا: خذوا الأرش أو اعفوا عن هذه. (فأبوا) أي: قوم الجارية. (فأمرهم) في نسخة: "فأمر". (لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها) لم يرد به الرد على الرسول، بل أراد نفي الوقوع؛ توقعًا، ورجاء من فضله تعالى أن يرضي خصمها، ويلقي في قلبه أن يعفو عنها ابتغاء مرضاته، وذلك لما كان له عند الله من القرب والثقة بفضله ولطفه في حقه. (فقال) في نسخة:

9 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما: ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين" وقوله جل ذكره: {فأصلحوا بينهما} [الحجرات: 9] "

"قال". (كتاب الله القصاص) برفعهما على الابتداء والخبر، وحذف مضاف؛ أي: حكم كتاب الله القصاص، وبنصب الأول على الإغراء، أي: الزموا كتاب الله، ورفع الثاني على حذف الخبر، أي: القصاص واجب أو مستحق. وفي نسخة: "في كتاب الله القصاص". (لأبرّه) أي: في قسمه. (الفَزَاريُّ) هو مروان بن معاوية. (فرضي القوم وقبلوا الأرش) فيه مطابقة الحديث للترجمة؛ لأنَّ رضاهم بالأرش وقبولهم له عوض القصاص لم يكن إلَّا بالصلح. 9 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ" وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] ". (باب) ساقط من نسخة. (قول النَّبيِّ) بالجر على الأولى، وبالرفع على الثَّانية (- صَلَّى الله عليه وسلم - للحسن بن عليّ رضي الله عنهما: ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين) أي: فئته وفئة معاوية عند اختلافهما على الخلافة، ولام (للحسن) بمعنى: في. (وقوله) عطف على قول النبيّ. (عزَّ وجلَّ) ساقط من نسخة. 2704 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: سَمِعْتُ الحَسَنَ، يَقُولُ: اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاويَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الجِبَالِ، فَقَال عَمْرُو بْنُ العَاصِ: إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لَا تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا، فَقَال لَهُ مُعَاويَةُ وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ: أَيْ عَمْرُو إِنْ قَتَلَ هَؤُلاءِ هَؤُلاءِ، وَهَؤُلاءِ هَؤُلاءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَقَال: اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولا لَهُ: وَاطْلُبَا إِلَيْهِ، فَأَتَيَاهُ، فَدَخَلا عَلَيْهِ

فَتَكَلَّمَا، وَقَالا لَهُ: فَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَال لَهُمَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا المَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا، قَالا: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ قَال: فَمَنْ لِي بِهَذَا، قَالا: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إلا قَالا: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَصَالحَهُ، فَقَال الحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "قَال لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ، بِهَذَا الحَدِيثِ". [3629، 3746، 7109 - فتح: 5/ 306] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي موسى) أي: إسرائيل [بن موسى البصري] (¬1). (الحسن) أي: البصري. (بكتائب) بمثناة: جمع كتيبة، وهي الجيش. (ابن العاصي) بإثبات الياء. (أقرانها) بفتح الهمزة: جمع قرن بكسر القاف: وهو الكفء والنظير في الشجاعة والحرب. (وكان والله خير الرجلين) من كلام الحسن البصري، والجملة معترضة بين قوله ومقوله وهو: (أي عمرو) أي: يا عمرو. (من لي) أي: من يتكفل لي؟ (بضيعتهم) بمعجمة مفتوحة فتحتية ساكنة مهملة؛ أي: بعيالهم، وروي بصبيتهم بمهملة مكسورة فموحدة ساكنة فتحتية، والمراد بهم: الصغار والضعفاء. (عبد الرحمن) هو مع ما عطف عليه بالنصب بدل من (رجلين) ويجوز الرفع. (ابن كريز) ساقط من نسخة. (فقال) أي: معاوية. (اذهبا إلى هذا الرجل) أي: الحسن بن عليّ، في ذلك دليل على أن معاوية كان هو الراغب في الصلح، وترك الحرب؛ ليسلم من تبعة النَّاس. (فاعرِضا ¬

_ (¬1) من (ج).

عليه) أي: الصلح. (وقولا له واطلبا إليه) أي: يكون قولكما ومطلوبكما مفوضين إليه؛ أي: الزما مطالبه. (فتكلما) في نسخة: "وتكلما". (وقالا) أي: "له" كما في نسخة. (وطلبا) في نسخة: فطلب بالفاء (لهما) أي: للرجلين، وفي نسخة: (لهم) أي للرجلين ومن معهما. (قد أصبنا من هذا المال) أي: بالخلافة ما صارت لنا عادة في الإنفاق على الأهل والحاشية، وإن تخليت من هذا الأمرِ قطعت العادة. (عاثت في دمائها) بمهملة ومثلثة؛ أي: أفسدت بقتل بعضها بعضًا، ولا نكف عنه إلَّا بالمال. (فما سألهما شيئًا إلَّا قالا: نحن لك به) أي: نحن نكفل لك به، وهذا ساقط من نسخة. (فصالحه) أي: الحسن رعاية لدينه، ومصلحة للأمة. قال الكرماني: وكان الحسن يومئذٍ أحق النَّاس بهذا الأمر، فدعاه ورعه إلى ترك الملك؛ رغبة فيما عند الله، ولم يكن ذلك لعلة ولا لذلة ولا لقلة، فقد بايعه على الموت أربعون ألفًا (¬1). (فقال) في نسخة: "قال". (الحسن) أي: البصري. (قال لي عليّ بن عبد الله) في نسخة قبله: "قال أبو عبد الله" أي البُخاريّ، والمراد بـ (عليّ بن عبد الله) المديني. (سماع الحسن) أي: البصري. (بهذا) في نسخة: "لهذا" باللام بدل الباء. في الحديث: ولاية المفضول على الفاضل، وأنَّ قتال المسلم للمسلم لا يخرجه عن الإسلام إذا كان بتأويل. ¬

_ (¬1) "صحيح البُخاريّ بشرح الكرماني" 12/ 17.

10 - باب: هل يشير الإمام بالصلح؟

10 - بَابٌ: هَلْ يُشِيرُ الإِمَامُ بِالصُّلْحِ؟ (باب: هل) لفظ: (هل) ساقط من نسخة. (يشير الإمام) أي: للخصمين أو لأحدهما. (بالصلح) جواب (هل) محذوف؛ أي: نعم. 2705 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ، وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَيْنَ المُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ، لَا يَفْعَلُ المَعْرُوفَ؟ "، فَقَال: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ. [مسلم: 1557 - فتح: 5/ 307] (أخي) هو عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (عبد الرحمن) أي: ابن سعد بن زرارة. (عالية) بالجر صفة لـ (خصوم) وبالنصب حال منه، أو من الضمير المستكن في الجار والمجرور. (أصواتهم) في نسخة: "أصواتهما" جمع للخصوم، والضمير في النسخة الأولى، مع أن القضية في خصمين بناء على أن أقل الجمع اثنان، أو باعتبار الخصمين مع من حضر معهما، وثنى الضمير في الثَّانية على الأصل. (وإذا أحدهما) أي: أحد الخصمين. (يستوضع الآخر) أي: يطلب منه أن يضع من دينه شيئًا. (ويسترفقه) أي: يطلب منه الرفق. (في شيء) أي: في حط شيء من دينه وفي المطالبة به، فقوله: (في شيء) تنازع فيه الفعلان قبله. (فخرج) في نسخة: "خرج". (أين المتألي) أي: الحالف، من: الألية وهي اليمين. (على الله) أي: به. (وله) في نسخة: "له" وفي أخرى: "فله" أي: ذلك أحب لي

11 - باب فضل الإصلاح بين الناس، والعدل بينهم

ولخصمي؟؛ أي: شيء من الحط والرفق أحب؟ ومرّ شرح الحديث في باب: التقاضي في المسجد وغيره (¬1). 2706 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ مَالٌ، فَلَقِيَهُ، فَلَزِمَهُ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "يَا كَعْبُ" فَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: النِّصْفَ، فَأَخَذَ نِصْفَ مَا [لَهُ] عَلَيْهِ، وَتَرَكَ نِصْفًا. [انظر: 457 - مسلم: 1558 - فتح: 5/ 307] (عبد الله بن أبي حدرد) اسم أبي حدرد: عبد الله. (فلقيه) في نسخة "قال: فلقيته". (النصف) بالنصب بمقدر، كاترك نصف ماله عليك. لفظ: (له) ساقط في نسخة. ومرَّ شرح الحديث في الصَّلاة في باب: التقاضي والملازمة في المسجد (¬2). 11 - بَابُ فَضْلِ الإِصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَالعَدْلِ بَيْنَهُمْ (باب: فضل الإصلاح بين النَّاس والعدل بينهم) أي: بيان ذلك والعدل نوع من الصلح فعطفه عليه من عطف العام على الخاص. 2707 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ". [2891، 2989 - مسلم: 1009 - فتح: 5/ 309] ¬

_ (¬1) سبق برقم (457) كتاب: الصَّلاة، باب: التقاضي والملازمة في المسجد. و (2418) كتاب: الخصومات، باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض. و (2424) كتاب: الخصومات، باب: في الملازمة. (¬2) سبق برقم (457) كتاب: الصَّلاة، باب: التقاضي والملازمة في المسجد.

12 - باب إذا أشار الإمام بالصلح فأبى، حكم عليه بالحكم البين

(ابن منصور) ساقط من نسخة. (عبد الرَّزاق) ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (كل سُلامى) بضم المهملة، وتخفيف اللام، وفتح الميم مقصورًا، أي: كل مفصل من المفاصل (عليه صدقة) أي: على كل من النَّاس في كل من المفاصل صدقة. (كل يوم تطَّلع فيه الشمس) بنصب (كل) ظرف لما قبله، وبرفعه مبتدأ خبره الجملة بعده وهي: (يعدل بين النَّاس صدقة). بجعل (يعدل) مبتدأ بتأويله بمصدر -كما في تسمع بالمعيدي- وخبره: (صدقة) والعائد محذوف، أي: كل يوم تطلع فيه الشمس عدل المكلف فيه بين النَّاس صدقة. 12 - بَابُ إِذَا أَشَارَ الإِمَامُ بِالصُّلْحِ فَأَبَى، حَكَمَ عَلَيْهِ بِالحُكْمِ البَيِّنِ (باب: إذا أشار الإمام) أي: إلى أحد. (بالصلح فَأبى حكم عليه بالحكم البين) أي: الظاهرة. 2708 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ، كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجٍ مِنَ الحَرَّةِ، كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلاهُمَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْزُّبَيْرِ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ"، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَبْلُغَ الجَدْرَ"، فَاسْتَوْعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ حَقَّهُ لِلْزُّبَيْرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ سَعَةٍ لَهُ وَلِلْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ الأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتَوْعَى لِلْزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الحُكْمِ، قَال عُرْوَةُ: قَال الزُّبَيْرُ: "وَاللَّهِ مَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ إلا فِي ذَلِكَ": {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ

13 - باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث والمجازفة في ذلك

بَيْنَهُمْ} الآيَةَ [النساء: 65]. [انظر: 2360 - فتح: 5/ 309] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي ابن أبي حمزة. (خاصم رجلًا) هو حميد. (شراج) بمعجمة مكسورة وجيم، أي: مسيل الماء. (الحرة) بفتح المهملة، وتشديد الراء أي: أرض ذات حجارة سود بالمدينة (¬1). (كِلاهما) بكسر الكاف تأكيد للمثني، وفي نسخة: بفتحها، وبهمزة بعد اللام، أي: حشيشهما. (أن كان) بفتح الهمزة ممدودة ومقصورة وبكسرها. (فاستوعى) أي: استوفى (سعة) بالنصب أي مسامحة. (له وللأنصاري) وتوسعًا عليهما على سبيل الصلح والمجاملة. (فلما أحفظ) إلى آخره من كلام الزُّهريّ. و (أحفظ) بمهملة ففاء فمعجمة أي: أغضب، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الشرب (¬2). 13 - بَابُ الصُّلْحِ بَيْنَ الغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ المِيرَاثِ وَالمُجَازَفَةِ فِي ذَلِكَ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَا بَأْسَ أَنْ يَتَخَارَجَ الشَّرِيكَانِ، فَيَأْخُذَ هَذَا دَيْنًا وَهَذَا عَيْنًا، فَإِنْ تَويَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ". (باب: الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث والمجازفة في ذلك) أي: بيان جواز ذلك، وأراد بالأخير جواز المجازفة في الاعتياض عمَّا وقع فيه مخاصمة. (أن يتخارج الشريكان) أي: يتقاسما ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 245. (¬2) سبق برقم (2359، 2360) كتاب: المساقاة، باب: سَكْرِ الأنهار.

ما بينهما جزافًا كأنَّ كلًّا منهما يخرج عن ملكه إلى صاحبه بالقسمة كما أشار إليه بقوله: (فيأخذ هذا) عن حصته (دينًا وهذا) عن حصته (عينًا) أي: أو يأخذ كل منهما حصته من المقسوم برضى الآخر كما مرَّ في أول الحوالة (¬1). (توى) بفتح الفوقية وكسر الواو وفتحها، أي: هلك. 2709 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: تُوُفِّيَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ بِمَا عَلَيْهِ، فَأَبَوْا وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَال: "إِذَا جَدَدْتَهُ فَوَضَعْتَهُ فِي المِرْبَدِ آذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَال: "ادْعُ غُرَمَاءَكَ، فَأَوْفِهِمْ"، فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنٌ إلا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ ثَلاثَةَ عَشَرَ، وَسْقًا سَبْعَةٌ عَجْوَةٌ، وَسِتَّةٌ لَوْنٌ - أَوْ سِتَّةٌ عَجْوَةٌ، وَسَبْعَةٌ لَوْنٌ - فَوَافَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَغْرِبَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَضَحِكَ، فَقَال: "ائْتِ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَأَخْبِرْهُمَا"، فَقَالا: لَقَدْ عَلِمْنَا إِذْ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صَنَعَ أَنْ سَيَكُونُ ذَلِكَ، وَقَال هِشَامٌ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ: صَلاةَ العَصْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا بَكْرٍ وَلَا ضَحِكَ، وَقَال: وَتَرَكَ أَبِي عَلَيْهِ ثَلاثِينَ وَسْقًا دَيْنًا، وَقَال ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ صَلاةَ الظُّهْرِ. [انظر: 2127 - فتح: 5/ 310] (حدثني محمد) في نسخة: "حدَّثنا محمد". (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد بن الصلت. (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (إذا جددته) بإهمال الدالين وإعجامهما، أي قطعته. (في المربد) بكسر الميم وفتح الموحدة: الموضع الذي يجفف فيه التمر. (آذنت رسول الله) أي: أعلمته، والقياس: أعلمتني، لكنه وضع المظهر موضع المضمر؛ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2289) كتاب: الحوالات، باب: إن أحال دين الميت على رجل جاز.

14 - باب الصلح بالدين والعين

إشعارًا بطلب البركة من الداعلي. (فجلس عليه) أي: على التمر، أي عنده كما مرّ. (وفضل) بفتح الضاد وكسرها، يقال: فضل الشيء يفضل، كدخل يدخل، وفضل يفضل، كحذر يحذر (لون) أي: نوع من التمر، ويسمى: الدقل. (أو ستة عجوة) إلَّا آخره شك من الراوي. (رأيت أبا بكر وعمر) خصهما بالذكر؛ لكونهما كانا حاضرين معه حين جلس على التمر. (صلاة العصر) أي: بدل قوله في رواية ابن وهب: (المغرب)، ومرّ شرح الحديث في الاستقراض في باب: إذا قاض، أو جازفه في الدين (¬1). 14 - بَابُ الصُّلْحِ بِالدَّيْنِ وَالعَيْنِ (باب: الصلح بالدين والعين) أي: بيان جوازه بهما. 2710 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمَا، حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ: فَقَال "يَا كَعْبُ"، فَقَال: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ، فَقَال كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ فَاقْضِهِ". [انظر: 457 - مسلم: 1558 - فتح: 5/ 311] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2396) كتاب: الاستقراض، باب: إذا قاض أو جازفه في الدين تمرًا بتمر أو غيره.

(ابن عمر) ساقط من نسخة. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (فارتفعت) في نسخة: "حتى ارتفعت". (في بيت) في نسخة: (في بيته). (سجف حجرته) بكسر السين: أي: ستر بيته. (فقال: لبيك) في نسخة: "قال: لبيك". (قد فعلت) عبر بالماضي؛ مبالغة في امتثال الأمر. ومطابقة الحديث للترجمة: بالصلح بالدين ظاهرة، ويقاس به الصلح بالعين. ومرّ شرح الحديث انفًا، وفي كتاب: الصَّلاة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (457) كتاب: الصَّلاة، باب: التقاضي والملازمة في المسجد.

54 - كتاب الشروط

54 - كِتَابُ الشُّرُوطِ

1 - باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [54 - كِتَابُ الشُّرُوطِ] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ثابتة في كلِّ النسخ. (كتاب الشروط) ساقط من نسخة، و (الشرط) ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود، ولا عدم لذاته؛ لما بينته في "شرح الروض" وغيره (¬1). 1 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الإِسْلامِ وَالأَحْكَامِ وَالمُبَايَعَةِ (باب: ما يجوز من الشروط في الإسلام) أي: في الدخول فيه (والأحكام) أي: كالعقود والفسوخ والمبايعة، العطف فيه وفيما قبله من عطف العام على الخاص. 2711، 2712 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُخْبِرَانِ، عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ لا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إلا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَكَرِهَ المُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامْتَعَضُوا مِنْهُ وَأَبَى سُهَيْلٌ إلا ذَلِكَ، "فَكَاتَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ، فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إلا رَدَّهُ فِي تِلْكَ المُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا"، ¬

_ (¬1) "أسنى المطالب" 1/ 170، "فتح الوهاب" 1/ 48.

وَجَاءَتِ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ، وَهِيَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يُرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ، لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ: {إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} [الممتحنة: 10] إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10]،. [انظر: 1694، 1695 - فتح: 5/ 312] (عن عقيل) بالتصغير، أي: ابن خالد الأموي، (مروان) أي: ابن الحكم. (يومئذٍ) أي: يوم صلح الحديبية. (وامتعضوا) بعين مهملة وضاد معجمة، أي: غضبوا (¬1) من هذا الشرط وأنفوا منه. (أبا جندل) اسمه: العاصي. (وجاء) في نسخة: "وجاءت". (ابن أبي معيط) أي: ابن حميد بن عبد الرحمن. (عاتق) هي الشابة أول ما أدركت. (أن يرجعها) بفتح الياء مضارع رجع، قال تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} [التوبة: 83]. 2713 - قَال عُرْوَةُ: فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيَةِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] إِلَى {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]، قَال عُرْوَةُ: قَالتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ، قَال لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ بَايَعْتُكِ" كَلامًا يُكَلِّمُهَا بِهِ، وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي المُبَايَعَةِ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إلا بِقَوْلِهِ. [2733، 4182، 4891، 7214 - مسلم: 1866 - فتح: 5/ 312] ({فَامتَحنُوهُنَ}) أي: اختبروهن بالحلف، والنظر في الآيات؛ ليغلب على ظنونكم صدق إيمانهن. ¬

_ (¬1) في (ب)، (ج): غضبوا، وفي هامش (ج): لعله غضبوا قال البرماوي: يقال: معض وامتعض: غضب وشق عليه.

2 - باب إذا باع نخلا قد أبرت ولم يشترط الثمرة

2714 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، قَال: سَمِعْتُ جَرِيرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ: "وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [انظر: 57 - مسلم: 56 - فتح: 5/ 312] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (بايعت رسول الله) في نسخة: "بايعت النَّبيَّ". (والنصح) بالنصب؛ عطف على معمول (اشترط) مقدرًا، أي: واشترط عليّ إقامة الصَّلاة وإيتاء الزكاة. (والنصح) بالجر؛ عطف على معمول (بايع) مقدرًا، أي: بايعت رسول الله على إقامة الصَّلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح. 2715 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [انظر: 57 - مسلم: 56 - فتح: 5/ 312] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يَحْيَى) أي: ابن سعيد القطان. (عن إسماعيل) أي ابن أبي خالد البجلي. (على إقام الصَّلاة) حذف تاء إقامة؛ تخفيفًا (والنصح) بالجر؛ عطف على (إقام الصَّلاة). وبالرفع مبتدأ خبره مقدر، أي: كذلك، ومرَّ الحديثان الأخيران في آخر كتاب: الإيمان (¬1). 2 - بَابُ إِذَا بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الثَّمَرَةَ (باب: إذا باع نخلًا قد أبرت) بضم الهمزة وكسر الموحدة مشددة ومخففة، أي: لقحت، زاد في نسخة: "ولم يشترط الثمرة" أي: ولم يشترطها المشتري لنفسه، وجواب الشرط محذوف، أي: فالثمرة للبائع، فإن شرطت للمشتري فهي له. ¬

_ (¬1) سبق برقم (57، 58) كتاب: الإيمان، باب: قول النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -: "الدين النصيحة".

3 - باب الشروط في البيوع

2716 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ، إلا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ". [انظر: 2203 - مسلم: 1504 - فتح: 5/ 313] (قد أبرت) بالضبط السابق. (فثمرتها) في نسخة "فثمرتها" بحذف التاء. (المبتاع) أي: المشتري. ومر شرح الحديث في: من باع نخلًا قد أبرت (¬1). 3 - بَابُ الشُّرُوطِ فِي البُيُوعِ (باب: الشروط). (في البيع) في نسخة: "في البيوع". 2717 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ عَائِشَةَ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ، فَلْتَفْعَلْ وَيَكُونَ لَنَا وَلاؤُكِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَهَا: "ابْتَاعِي، فَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". (حدَّثنا عبد الله) في نسخة: "أخبرنا عبد الله". (حدَّثنا اللَّيث) في نسخة: "حدثنا ليث". (إلى أهلها) في نسخة: "لأهلها". (أن تحتسب) أي: يقضي عنك حسبة لله تعالى. (ابتاعي فأعتقي) أي: ابتاعيها فأعتقيها. فيه: دليل على جواز بيع المكاتب، وهو القول القديم للشافعي. أمَّا على الجديد فلا يجوز إلَّا بعد فسخ الكتابة، وأطلق في الترجمة الاشتراط في البيع للاختلاف في الجواز وعدمه؛ إذ قيل: إن الشرط والبيع: باطلان، وقيل: صحيحان، وقيل: الشرط باطل والبيع ¬

_ (¬1) سبق برقم (2203) كتاب: البيوع، باب: من باع نخلًا قد أبرت.

4 - باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز

صحيح، والصحيح عند الشافعية أن الشرط إن اقتضاه العقد أو كان إعتاقًا منجزًا مطلقًا، أو عن المشترى، فهما صحيحان أو كان مالا غرض فيه، فالشرط ملغى والعقد صحيح، وإن كان ممَّا ليس كذلك فباطلان، وقد أوضحت ذلك في "شرح المنهج" وغيره (¬1). ومر شرح الحديث في البيع والعتق وغيرهما (¬2). 4 - بَابُ إِذَا اشْتَرَطَ البَائِعُ ظَهْرَ الدَّابَّةِ إِلَى مَكَانٍ مُسَمًّى جَازَ (باب: إذا اشترط البائع) أي: على المشتري. (ظهر الدابة) أي: ركوبه. (إلى مكان مسمى) أي: معين. (جاز) أي: الشرط. 2718 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، قَال: سَمِعْتُ عَامِرًا، يَقُولُ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا، فَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَهُ فَدَعَا لَهُ، فَسَارَ بِسَيْرٍ لَيْسَ يَسِيرُ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَال: "بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ"، قُلْتُ: لَا، ثُمَّ قَال: "بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ"، فَبِعْتُهُ، فَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلانَهُ إِلَى أَهْلِي، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ وَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأَرْسَلَ عَلَى إِثْرِي، قَال: "مَا كُنْتُ لِآخُذَ جَمَلَكَ، فَخُذْ جَمَلَكَ ذَلِكَ، فَهُوَ مَالُكَ". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح: 5/ 314] قَال شُعْبَةُ: عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ: أَفْقَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ إِلَى ¬

_ (¬1) انظر: "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 1/ 169 - 170، "أسنى المطالب" 2/ 47. (¬2) سبق (1493) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة على موالى أزواج النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -. و (2155) كتاب: البيوع، باب: البيع والشراء مع النساء. و (2168) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترط شروطًا في البيع لا تحل. و (2536) كتاب: العتق، باب: بيع الولاء وهبته. و (2560) كتاب: المكاتب، باب: المكاتب ونجومه في كل سنةٍ نجم.

المَدِينَةِ، وَقَال إِسْحَاقُ: عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ: فَبِعْتُهُ عَلَى أَنَّ لِي فَقَارَ ظَهْرِهِ، حَتَّى أَبْلُغَ المَدِينَةَ، وَقَال عَطَاءٌ، وَغَيْرُهُ: "لَكَ ظَهْرُهُ إِلَى المَدِينَةِ" وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ: شَرَطَ ظَهْرَهُ إِلَى المَدِينَةِ، وَقَال زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: عَنْ جَابِرٍ: وَلَكَ ظَهْرُهُ حَتَّى تَرْجِعَ، وَقَال أَبُو الزُّبَيْرِ: عَنْ جَابِرٍ: أَفْقَرْنَاكَ ظَهْرَهُ إِلَى المَدِينَةِ، وَقَال الأَعْمَشُ: عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ: تَبَلَّغْ عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِكَ، وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ، وَابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ: اشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَقِيَّةٍ. وَتَابَعَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ جَابِرٍ، وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عَطَاءٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ جَابِرٍ: أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، "وَهَذَا يَكُونُ وَقِيَّةً عَلَى حِسَابِ الدِّينَارِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُبَيِّنِ الثَّمَنَ"، مُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَقَال الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ: وَقِيَّةُ ذَهَبٍ، وَقَال أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ: بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَقَال دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرٍ: اشْتَرَاهُ بِطَرِيقِ تَبُوكَ، أَحْسِبُهُ قَال: بِأَرْبَعِ أَوَاقٍ، وَقَال أَبُو نَضْرَةَ: عَنْ جَابِرٍ: اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا " وَقَوْلُ الشَّعْبِيِّ: بِوَقِيَّةٍ أَكْثَرُ الاشْتِرَاطُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ عِنْدِي " قَالهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. (زكريا) أي: ابن أبي زائدة. (عامر) أي: الشعبي (أعيا) أي: عجز. (يسير) في نسخة: "سيرًا" بحذف الموحدة وبالنصب. (بوقية) في نسخة هنا وفيما يأتي: "بأوقية". (قلت: لا) أي: لا أبيعه لك، بل أهب لك، كما في رواية (¬1) أو: لا أبيعه لاحتياجي إليه. (فاستثنيت) أي: اشترطت. (حملانه) بضم المهملة، أي: حمله إياي. (فنقدني) أي: أعطاني. (على إثري) بكسر الهمزة، وسكون المثلثة، وبفتحهما، أي: بعدي. (فخذ جملك هذا) أي: هبة. (فهو مالك) بضم اللام. (قال) في نسخةٍ "وقال". (شعبة) أي: ابن الحجاج. ¬

_ (¬1) رواها الإمام أحمد في "المسند" 3/ 375.

(عن مغيرة) أي: ابن مقسم. (عن عامر) أي: الشعبي. (أفقرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي (ظهره) أي: حملني عليه، يقال: أفقره دابته، أي: أعاره فقارها ليركبها. (إسحاق) أي: ابن راهوية. (عن جرير) أي: ابن عبد الحميد. (وقال عطاء وغيره) أي: عن جابر (لك) في نسخة: "ولك" (أبو الزُّبير) هو محمد بن مسلم بن تدرس. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن سالم) أي: ابن أبي الجعد. (تبَلَّغ) بفتح الفوقية، والموحدة، واللام المشددة بصيغة الأمر (¬1). (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (الاشتراط) أي: في البيع. (أكثر) أي: طرقًا. (وأصح) أي: مخرجًا. من رواية عدم الاشتراط. (عندي) تنازعه (أكثر) و (أصح)، وكلاهما من وجوه الترجيح خصوصًا، ومع الذين اشترطوا زيادة وهم حفاظ، وبذلك تمسك بعضهم بصحة شرط البائع نفعًا له في المبيع. والجمهور: على بطلان البيع؛ لمخالفة الشرط مقتضى البيع، وأجابوا عن الحديث: بأن ألفاظه اختلفت، فبعضهم ذكر الشرط، وبعضهم ذكر أن ذلك هبة وبأنه معارض بخبر عائشة في قصة بريرة، وبأن الاشتراط لم يقع في العقد، وإنَّما وقع سابقًا أو لاحقًا. وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة اكتفاء بما يأتي آخر الباب. (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (وابن إسحاق) هو محمد. (عن وهب) أي: ابن كيسان. (وتابعه) في نسخة: "وتبعه" أي: وهبًا في ذكر الوقية. (أخذته) أي: قال - صلى الله عليه وسلم -: أخذته. قال البُخاريّ: (وهذا) أي: ما ذكر من الأربعة دنانير (يكون وقية على حساب الدينار بعشرة دراهم) لفظ: (دراهم) ¬

_ (¬1) في هامش (ج): وفي بعضها بلفظ المضارع.

ساقط من نسخة. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (أواقٍ) في نسخة: "أوقي" بياء في آخره. (أبو نضرة) هو المنذر بن مالك العبدي. (وقول الشعبي: بأوقية أكثر) أي: من غيره في الروايات، وهذا من كلام البُخاريّ، وزاد في نسخة عقب هذا: "الاشتراط أكثر وأصح عندي. قاله أبو عبد الله". وقد مرّ معنى هذا آنفًا في نسخة. واعلم أن الحاصل من روايات البُخاريّ وغيره في الثمن: أنه في رواية أوقية، [وفي أخرى: أربعة دنانير، وفي أخرى: أوقية ذهب] (¬1) وفي أخرى: أربع أواق، وفي أخرى: خمس أواق (¬2)، وفي أخرى: مائتا درهم، وفي أخرى: عشرون دينارًا، وفي أخرى ثلاثة عشر دينارًا (¬3) وأجيب: بأن وقية الذهب قد تساوى مائتي درهم المساوية لعشرين دينارًا على حساب الدينار بعشرة، وأما وقية الفضة فأربعون درهمًا المساوية لأربعة دنانير، وأما أربع أواقٍ فلعله اعتبر اصطلاح أن لكل وقية عشرة دراهم فهو وقية بالاصطلاح الأول، فالكل راجع إلى وقية، ووقع الآختلاف في اعتبارها كمًّا وكيفًا. قال القاضي عياض: وسبب اختلاف هذه الروايات أنهم رووا بالمعنى، وهو جائز، والمراد: أوقية الذهب. وأما من روى (خمس أواقٍ) من الفضة، فهي بقدر قيمة أوقية من الذهب في ذلك الوقت، ¬

_ (¬1) من (ج). (¬2) ورواية "خمس أواق" رواه مسلم (715) (113) كتاب: المساقاة، باب: بيع البعير واستثناء ركوبه. وأبو عوانة في "مسنده" 3/ 247 (4837) كتاب: البيوع باب: إجازة البيع المنعقد بشرط جائز. والبيهقي 5/ 337 كتاب: البيوع، باب: من باع حيوانًا أو غيره واستثنى منافعة مدة. (¬3) رواية (ثلاثة عشر) رواها أحمد في "المسند" 3/ 325.

5 - باب الشروط في المعاملة

فيكون الإخبار بأوقية الذهب عمَّا وقع به العقد، وعن أواقي الفضة عمَّا حصل به الإيفاء ويحتمل أن هذا كله زيادة على الأوقية، كما ثبت في الروايات: أنه قال: (وزادني). وأما رواية: (أربعة دنانير). فموافقة أيضًا؛ لأنَّه يحتمل أن يكون أوقية الذهب حينئذٍ وزن أربعة دنانير. ورواية (عشرين دينارًا) محمولة على دنانير صغار كانت لهم. ورواية: (أربع أواقي) شك فيها الراوي فلا اعتبار بها (¬1)، ومرَّ شرح الحديث في الاستقراض (¬2). 5 - بَابُ الشُّرُوطِ فِي المُعَامَلَةِ (باب: الشروط في المعاملة) من مزارعة وغيرها. 2719 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَالتِ الأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ، قَال: "لَا"، فَقَال: "تَكْفُونَا المَئُونَةَ وَنُشْرِكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ"، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. [انظر: 2325 - فتح: 5/ 322] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان الزيات. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (وبين إخواننا) أي: المهاجرين. (قالا: لا) أي لا أقسم، قاله كراهية أن يخرج عنهم شيئًا من نخلهم الذي به معاشهم؛ شفقة عليهم. (فقال) أي: الأنصار [وأفرد؛ نظرًا إلى أنه صار علمًا لهم، ونسخة: ¬

_ (¬1) انظر: "إكمال المعلم" 5/ 294 - 296. (¬2) سبق برقم (2385) كتاب: الاستقراض باب: من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه. و (2394) كتاب: الاستقراض، باب: حسن القضاء. و (2406) كتاب: الاستقراض، باب: الشفاعة في وضع الدين.

6 - باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح

"فقالوا" أي الأنصار] (¬1) للمهاجرين (تكفونا) في نسخة: "تكفوننا المؤنة" بالهمزة وبدونها أي: المشقة في النخل بتعهده بالسقي ونحوه. (ونشرككم) بفتح النون والواو بالضم والكسر، وهذا موضع الترجمة؛ لأنَّ تقديره: أن تكفونا المؤنة فنحن نشرككم، ومرّ الحديث في المزارعة (¬2). 2720 - حَدَّثَنَا مُوسَى [بْنُ إِسْمَاعِيلَ] حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ اليَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا". [انظر: 2285 - مسلم: 1551 - فتح: 5/ 322] (ابن إسماعيل) ساقط من نسخة. (أن يعملوها) أي: على أن يعملوها بأن يتعاهدوا أشجارها بالسقي ونحوه. (ما يخرج منها) أي: من ثمر أو زرع، ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، لكن الجمهور على المنع من المزارعة، وحمله بعضهم على أن المعاملة كانت مساقاة على النخل، والبياض المتخلل بين النخيل كان يسيرًا فوقعت المزارعة تبعًا للمساقاة. 6 - بَابُ الشُّرُوطِ فِي المَهْرِ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ وَقَال عُمَرُ: "إِنَّ مَقَاطِعَ الحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ وَلَكَ مَا شَرَطْتَ" وَقَال المِسْوَرُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ، فَأَحْسَنَ قَال: "حَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي". ¬

_ (¬1) من (ج). (¬2) سبق برقم (2325) كتاب: المزارعة، باب: إذا قال: اكفني مؤونة النخل وغيره.

7 - باب الشروط في المزارعة

(باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح) بضم العين. (إن مقاطع الحقوق) أي: مجال قطعها وانتهائها. (عند الشروط) أي: المشروعة. (ذكر صهرًا له) هو أبو العاص بن الرَّبيع. (فأثنى عليه في مصاهرته) وكان قد تزوج زينب بنت النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة. (فأحسن) أي: الثناء عليه. (صدقني) بتخفيف الدال؛ أي: في حديثه. (ووعدني) أي: أن يرسل إلي زينب. (فوفى لي) أي: بإرسالها. وذلك أنه لما أسر ببدر مع المشركين، وسألوه أن يطلقها فأبى، شكر له النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - ذلك، ولما أطلق من الأسر وشرط عليه أن يرسلها إليه وفَّى بذلك فأثنى عليه لأجل وفائه بما شرط عليه. 2721 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ". [5151 - مسلم: 1418 - فتح: 5/ 323] (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله اليزني. (أحق الشروط) أي: المشروعة. (إن توفوا به) أي: بالشرط والقياس بها؛ أي: بالشروط. 7 - بَابُ الشُّرُوطِ فِي المُزَارَعَةِ (باب الشروط في المزارعة) هذه الترجمة فرد من أفراد ترجمة باب: الشروط في المعاملة. 2722 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيَّ، قَال: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كُنَّا أَكْثَرَ الأَنْصَارِ حَقْلًا، فَكُنَّا نُكْرِي الأَرْضَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ، وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ، فَنُهِينَا عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ نُنْهَ عَنِ الوَرِقِ". [انظر: 2286 - مسلم: 1547 - فتح: 5/ 323]

8 - باب ما لا يجوز من الشروط في النكاح

(حنظلة الزرقى) أي: ابن قيس. (حقلا) أي: زرعًا. (فكنا نكري الأرض) [بضم النون] (¬1) ومرَّ شرح الحديث في باب ما يكره من الشروط في المزارعة (¬2). 8 - بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ (باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح) أي: في عقده. 2723 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَزِيدَنَّ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبَنَّ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَلَا تَسْأَلِ المَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَكْفِئَ إِنَاءَهَا". [انظر: 2410 - مسلم: 1413، 1515، 1520 - فتح: 5/ 323] (معمر) أي: ابن راشد. (عن سعيد) أي: ابن المسيب. (لا يبيع) بإثبات التحتية على أن (لا) نافية، وفي نسخة بحذفها على أنها ناهية. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (ولا تسأل المرأة) إلى آخره. لكنها إنما تأتي بتعسف على تفسير ذلك بما قيل: أن معناه: أن تسأل امرأة من يريد نكاحها أن يطلق زوجته، وينفق عليها ما كان ينفق على زوجته فيشترط الولي ذلك في العقد. وقوله: (أختها) أي: في الإسلام. وقوله: (لتستكفئ) أي: لتقلب، من: كفأت الإناء؛ أي: قلبته، ومرَّ شرح الحديث في البيوع (¬3). ¬

_ (¬1) من (ج). (¬2) سبق برقم (2332) كتاب: المزارعة، باب: ما يكره من الشروط في المزارعة. (¬3) سبق برقم (2140) كتاب: البيوع، باب: لا يبيع على بيع أخيه.

9 - باب الشروط التي لا تحل في الحدود

9 - بَابُ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَحِلُّ فِي الحُدُودِ (باب: الشروط التي لا تحل في الحدود) أي: بيان حكمها. 2724، 2725 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُمَا قَالا: إِنَّ رَجُلًا مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ إلا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَال الخَصْمُ الآخَرُ: وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، نَعَمْ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِي، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ، قَال: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ، وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الوَلِيدَةُ وَالغَنَمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا"، قَال: فَغَدَا عَلَيْهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرُجِمَتْ. [انظر: 2314، 2315 - مسلم: 1617، 1698 - فتح: 5/ 323] (حدَّثنا قتيبة) إلى آخره من شرحه في الصلح وغيره (¬1). ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (فافتديت) إلى آخره؛ لأنَّ هذا كان عليه جلد مائة وتغريب عام، فجعلوا الفداء في الحد بمائة شاة ووليدة فكأنهما وقعا شرطًا لسقوط الحد عنه، ولا يحل هذا في الحدود. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2649) كتاب: الشهادات، باب: شهادة القاذف والسارق والزاني. و (2696) كتاب: الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جورٍ فالصلح مردود.

10 - باب ما يجوز من شروط المكاتب إذا رضي بالبيع على أن يعتق

10 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ شُرُوطِ المُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ بِالْبَيْعِ عَلَى أَنْ يُعْتَقَ (باب: ما يجوز من شروط المكاتب إذا رضي بالبيع على أن يعتق) بالبناء للمفعول و (على) للتعليل؛ أي: إذا رضي بالبيع لأجل إعتاقه. 2726 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ المَكِّيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ بَرِيرَةُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ، فَقَالتْ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ اشْتَرِينِي، فَإِنَّ أَهْلِي يَبِيعُونِي، فَأَعْتِقِينِي قَالتْ: نَعَمْ، قَالتْ: إِنَّ أَهْلِي لَا يَبِيعُونِي حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلائِي، قَالتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَلَغَهُ - فَقَال: "مَا شَأْنُ بَرِيرَةَ؟ "، فَقَال: "اشْتَرِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا وَلْيَشْتَرِطُوا مَا شَاءُوا"، قَالتْ: فَاشْتَرَيْتُهَا، فَأَعْتَقْتُهَا وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاءَهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ". [انظر: 456 - مسلم: 3/ 251 - فتح: 5/ 324] (دخلت على عائشة) أي: قبل: نزول آية الحجاب، أو من وراء حجاب. (يبيعوني) في نسخة هنا وفيما بعد "يبيعونني". (أو بلغه) شك من الراوي. (فقال: اشتريها) في نسخة: "قال: اشتريها". (وليشترطوا) في نسخة: "ويشترطوا". (قالت) أي: عائشة. (فاشتريتها فأعتقتها) في نسخة "قال أي: الراوي فاشترتها فأعتقتها". ومرَّ شرح الحديث مرارًا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (456) كتاب: الصَّلاة، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر.

11 - باب الشروط في الطلاق

11 - بَابُ الشُّرُوطِ فِي الطَّلاقِ وَقَال ابْنُ المُسَيِّبِ، وَالحَسَنُ، وَعَطَاءٌ: "إِنْ بَدَا بِالطَّلاقِ، أَوْ أَخَّرَ فَهُوَ أَحَقُّ بِشَرْطِهِ". (باب: الشروط في الطلاق) أي: بيان حكمها فيه (إن بدأ بالطلاق) أي: قبل الشرط كانت طالق إن دخلت الدار (أو أخَّر) أي: الطلاق عن الشرط كإن دخلت الدار فأنت طالق. 2727 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبْتَاعَ المُهَاجِرُ لِلْأَعْرَابِيِّ، وَأَنْ تَشْتَرِطَ المَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا، وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ، وَعَنِ التَّصْرِيَةِ" تَابَعَهُ مُعَاذٌ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ شُعْبَةَ، وَقَال غُنْدَرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ: نُهِيَ، وَقَال آدَمُ: نُهِينَا، وَقَال النَّضْرُ، وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: نَهَى. [انظر: 2140 - مسلم: 1413، 1515 - فتح: 5/ 324] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي حازم) هو سلمان بن الأشجعي. (عن التلقي) أي للركبان. (المهاجر) أي: المقيم. (للأعرابي) أي: الذي يسكن البادية، وما فسر به المنهي عنه في هذه الرواية من قوله: (وأن يبتاع المهاجر للأعرابي) بجعل العطف فيه للتفسير مخالف للمشهور من أن المقيم يبيع مباع البادي لا أنه يشتري للبادي. فيؤول ما هنا كما نبه عليه الكرماني: بأن الأعرابي إذا جاء السوق ليبتاع شيئًا لا يتوكل له المقيم. أو بأن الابتياع جاء بمعنى البيع كما جاء لفظ (البيع) للمعنيين، وإما أن يحمل النقيض على النقيض (¬1). (وأن ¬

_ (¬1) "البُخاريّ بشرح الكرماني" 12/ 34، 35.

12 - باب الشروط مع الناس بالقول

تشترط المرأة طلاق أختها) هو موضع الترجمة؛ لأنَّ مفهومه أنها إذا شرطت ذلك فطلق أختها وقع الطلاق لأنَّه لو لم يقع لم يكن للنهي عنه معنى، قاله ابن بطال (¬1). ومرّ شرح الحديث في البيوع مفرقًا (¬2). (تابعه) أي: محمد بن عرعرة. (معاذ) أي: ابن معاذ بن نصر بن حسَّان العنبري. (وعبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (وقال غندر وعبد الرحمن نُهي) أي: بالبناء للمفعول. (وقال آدم) أي: عن شعبة. (نهينا) بالبناء للمفعول والجمع. (وقال النضر وحجاج بن منهال: نهى) أي: بالبناء للفاعل. 12 - بَابُ الشُّرُوطِ مَعَ النَّاسِ بِالقَوْلِ (باب الشروط مع النَّاس بالقول) أي: دون الإشهاد والكتابة. 2728 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُ قَال: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، - يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ - وَغَيْرُهُمَا، قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ - فَذَكَرَ الحَدِيثَ - {قَال أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: 72]، كَانَتِ الأُولَى نِسْيَانًا، وَالوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا، {قَال: لَا ¬

_ (¬1) "شرح صحيح البُخاريّ لابن بطال" 8/ 116. (¬2) سبق برقم (2140) كتاب: البيوع، باب: لا يبيع على بيع أخيه. و (2148) و (2150) كتاب: البيوع، باب: النهي للبائع أن لا يحفل الإبل. و (2151) كتاب: البيوع، باب: إن شاء رد المصراة وفي حلبتها صاع من تمر. و (2160) كتاب: البيوع، باب: لا يبيع حاضر لباد بالسمسرة. و (2162) كتاب: البيوع، باب: النهي عن تلقي الركبان.

تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 73]، {لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ} [الكهف: 74]، فَانْطَلَقَا، فَوَجَدَا {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، فَأَقَامَهُ} [الكهف: 77] " قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ. [انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح: 5/ 326] (هشام) أي: ابن يونس. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز (أخبره) في نسخة: "أخبرهم" بالجمع (وغيرهما) بالرفع عطف على فاعل (أخبرني). (قد سمعته) الضمير المرفوع لابن جريج والمنصوب للغير. (لعند ابن عباس) بفتح اللام للتأكيد. (موسى رسول الله) مبتدأ وخبر؛ أي: صاحب الخضر هو موسى بن عمران كليم الله ورسوله، لا موسى آخر كما قيل. (الأولى) أي: المسألة الأولى من موسى. (نسيانًا) وإليها الإشارة بقوله ({قَال لَا تُؤَاخِذْنِي}) إلى آخره. (والوسطى شرطًا) وإليها الإشارة بقوله ({لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ}) إلى آخره، واسم الغلام حيسون، وقيل: حيسور براء بدل النون، واسم أبيه: حلاس، واسم أمه رحمى. (والثالثة عمدًا) وإليها الإشارة بقوله: ({فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا}) إلى آخره (قرأها) أي: {وَرَاءَهُمْ} من قوله تعالى: ({وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ}). (ابن عباس: أمامهم ملك) ففسر {وَرَاءَهُمْ} بـ (أمامهم)، وهو من الأضداد يستعمل في الخلف والإمام. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (والوسطى شرطًا)؛ لأنَّ المراد به قوله: ({إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي}) والتزم موسى ولم يكتب ذلك، ولم يشهد أحدًا.

13 - باب الشروط في الولاء

13 - بَابُ الشُّرُوطِ فِي الوَلاءِ (باب: الشروط في الولاء) أي: بيان حكمها. 2729 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ، أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، فَقَالتْ: إِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالتْ لَهُمْ: فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَقَالتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكِ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا إلا أَنْ يَكُونَ الوَلاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلاءَ، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 5/ 326] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (ابن عروة) ساقط من نسخة (عن عائشة) إلى آخره مرّ مرارًا (¬1). 14 - بَابُ إِذَا اشْتَرَطَ فِي المُزَارَعَةِ إِذَا شِئْتُ أَخْرَجْتُكَ (باب: إذا اشترط) أي: رب الأرض (في المزارعة) أي في عقدها: (إذا شئت أخرجتك) أي: عزلتك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (456) كتاب: الصَّلاة، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر. وبرقم (1493) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة على موالي أزواج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وبرقم (2155) كتاب: البيوع، باب: البيع والشراء مع النساء.

2730 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مَرَّارُ بْنُ حَمُّويَهْ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو غَسَّانَ الكِنَانِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا فَدَعَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا، فَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَال: "نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ" وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى مَالِهِ هُنَاكَ، فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاهُ، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ، هُمْ عَدُوُّنَا وَتُهْمَتُنَا وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلاءَهُمْ، فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بَنِي أَبِي الحُقَيْقِ، فَقَال: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَامَلَنَا عَلَى الأَمْوَالِ وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا، فَقَال عُمَرُ: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ" فَقَال: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أَبِي القَاسِمِ، قَال: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، فَأَجْلاهُمْ عُمَرُ، وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ، مَالًا وَإِبِلًا، وَعُرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَحْسِبُهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَصَرَهُ. [فتح: 327] (أبو أحمد) زاد في نسخة: مرَّار بن حمويه. (لما فدع) بفتح الفاء والمهملتين من الفدع بالتحريك، قال ابن الأثير: وهو زيغ بين القدم وبين عظم الساق، وكذلك في اليد، وهو أن تزول المفاصل عن أماكنها (¬1) على (ما أقركم الله) أي: على ما قدره لكم. (خرج إلى ماله) بالجر. (فعدى عليه) أي: على ماله. (ففدعت) بالبناء للمفعول، ومرّ تفسير الفدع آنفًا. (وتهمتنا) بضم الفوقية وفتح الهاء وسكونها أي: الذين نتهمهم. (إجلاءهم) بكسر الهمزة والمد، أي: إخراجهم من أوطانهم. (أجمع) أي: عزم. (بني أبي الحقيق) ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 420.

15 - باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط

بالتصغير رؤساء اليهود. (وشرط ذلك لنا) أي: إقرارنا في أوطاننا (أخرجت) بالبناء للمفعول. (تعدو) بمهملة من العدو وهو الجري (قلوصك) هي الناقة الشابة. (كانت هذه) في نسخة: "كان ذلك". (هُزيلة) تصغير هزلة ضد الجد. (قال) في نسخة "فقال". (من الثمر) بالمثلثة وفتح الميم بيان لـ (ما) (مالًا) بالنصب تمييز للقيمة (وإبلًا وعروضًا) معطوفان على (مالًا) من عطف الخاص على العام. (من أقتاب) جمع قتب بالتحريك: وهو رحْل الجمل، وقوله: (من أقتاب) إلى آخره بيان للعروض، أو لجميع المتعاطفات. (عن عبيد الله) أي: ابن عبد الله العمري. (اختصره) أي: حماد ولم يذكر قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: (كيف بك؟). 15 - بَابُ الشُّرُوطِ فِي الجِهَادِ وَالمُصَالَحَةِ مَعَ أَهْلِ الحَرْبِ وَكِتَابَةِ الشُّرُوطِ (باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحروب وكتابة الشروط) زاد في نسخة: "مع النَّاس بالقول" وهو متعلق بالمتعاطفين الأولين لا بالثالث أيضًا كما لا يخفى. 2731، 2732 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ، قَالاَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ حَتَّى [إِذَا] كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ اليَمِينِ» فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ

فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا: خَلَأَتْ القَصْوَاءُ، خَلَأَتْ القَصْوَاءُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا خَلَأَتْ القَصْوَاءُ، وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ"، ثُمَّ قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا"، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قَال: فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ المَاءِ، يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ وَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ مَا زَال يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَال: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الحُدَيْبِيَةِ، وَمَعَهُمُ العُوذُ المَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ: فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ"، فَقَال بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ، قَال: فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا، قَال: إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، فَقَال سُفَهَاؤُهُمْ: لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَال ذَوُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ: هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ، قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَال: أَيْ قَوْمِ، أَلَسْتُمْ بِالوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَال: أَوَلَسْتُ بِالوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَال: فَهَلْ تَتَّهِمُونِي؟ قَالُوا: لَا، قَال: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَال: فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِيهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَأَتَاهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَال عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: أَيْ مُحَمَّدُ أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِكَ؟

هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ العَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى، فَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا، وَإِنِّي لَأَرَى أَوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ، فَقَال لَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: امْصُصْ بِبَظْرِ اللَّاتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ؟ فَقَال: مَنْ ذَا؟ قَالُوا: أَبُو بَكْرٍ، قَال: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ، قَال: وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ المِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَال لَهُ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقَال: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَال: أَيْ غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ؟ وَكَانَ المُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا الإِسْلامَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا المَال فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ"، ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنَيْهِ، قَال: فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إلا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَال: أَيْ قَوْمِ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى المُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ، وَكِسْرَى، وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا، فَقَال رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا فُلانٌ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ البُدْنَ، فَابْعَثُوهَا لَهُ" فَبُعِثَتْ لَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَال: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، قَال: رَأَيْتُ البُدْنَ قَدْ

قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ، فَقَال: دَعُونِي آتِيهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا مِكْرَزٌ، وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ"، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَال مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ" قَال مَعْمَرٌ: قَال الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَال: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكَاتِبَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، قَال سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقَال المُسْلِمُونَ: وَاللَّهِ لَا نَكْتُبُهَا إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ" ثُمَّ قَال: "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ"، فَقَال سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" - قَال الزُّهْرِيُّ: وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ: "لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا" - فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ بِهِ"، فَقَال سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ لَا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً، وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقَال سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إلا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، قَال المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقَال سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ"، قَال: فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَجِزْهُ لِي"، قَال: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَال: "بَلَى فَافْعَلْ"، قَال: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَال مِكْرَزٌ: بَلْ

قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ، قَال أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ، قَال: فَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا، قَال: "بَلَى"، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ، قَال: "بَلَى"، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَال: "إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي"، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَال: "بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ العَامَ"، قَال: قُلْتُ: لَا، قَال: "فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ"، قَال: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَال: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ؟ قَال: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَال: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الحَقِّ، قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَال: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلْتُ: لَا، قَال: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ، - قَال الزُّهْرِيُّ: قَال عُمَرُ -: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا، قَال: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا"، قَال: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَال ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] حَتَّى بَلَغَ بِعِصَمِ الكَوَافِرِ فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ، كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاويَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَأَرْسَلُوا

فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا: العَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَال أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلانُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقَال: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَال أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ حَتَّى أَتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ: "لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا" فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ" فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ البَحْرِ قَال: وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إلا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إلا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ، لَمَّا أَرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24] حَتَّى بَلَغَ {الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26] وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ البَيْتِ. [انظر: 1694، 1615 - فتح: 5/ 329] [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "مَعَرَّةٌ العُرُّ: الجَرَبُ، تَزَيَّلُوا: تَمَيَّزُوا، وَحَمَيْتُ القَوْمَ: مَنَعْتُهُمْ حِمَايَةً، وَأَحْمَيْتُ الحِمَى: جَعَلْتُهُ حِمًى لَا يُدْخَلُ، وَأَحْمَيْتُ الحَدِيدَ وَأَحْمَيْتُ الرَّجُلَ: إِذَا أَغْضَبْتَهُ إِحْمَاءً] (حدثني عبد الله) في نسخة: "حدثنا عبد الله". (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد (حتى كانوا) في نسخة:

"حتى إذا كانوا". (بالغميم) بفتح المعجمة وكسر الميم، وفي نسخة: بضم المعجمة وفتح الميم: واد بينه وبين مكة نحو مرحلتين (¬1) (طليعة) بالنصب والرفع: مقدمة الجيش. (بقترة الجيش) بفتح القاف والتاء: الغبار الأسود. (نذيرًا) أي: منذرًا. (بالثنية) أي: ثنية المرار بكسر الميم. (حل حل) بفتح المهملة وسكون اللام فيهما، وقيل: بالتنوين فيهما، وقيل: بالتنوين في الأول وبالسكون في الثاني: زجر للراحلة إذا حملها على السير (فألحت) بتشديد المهملة، أي: لزمت مكانها، ولم تنبعث بل بالغت في البروك. (خلأت) بفتح المعجمة واللام والهمزة، أي حرنت وتصعبت. (القصواء) فتح القاف وسكون المهملة والمد: اسم لناقته - صلى الله عليه وسلم - سميت بذلك؛ لأن طرف أذنها كان مقطوعًا، من القصو: وهو قطع طرف الأذن؛ أو لأنها بلغت من السبق أقصاه. (وما ذاك لها بخلق) بضم الخاء واللام، أي ليس الخلاء لها بعادة كما ظننتم (حبسها) أي: عن مكة. (حابس الفيل) أي: الله تعالى لأنهم لو دخلوا مكة على تلك الحالة وصدتهم قريش عن ذلك، لوقع بينهم ما يفضي إلى سفك الدماء ونهب الأموال، لكن سبق في علم الله تعالى أنه يخرج من أصلابهم من يؤمن. (لا يسألوني) في نسخة: "لا يسألونني". (خطة) بضم المعجمة، أي: خصلة بفتحها. (على ثمد) بفتح المثلثة والميم أي: ماء قليل، لا مادة له. (يتبرضه) كالتفسير لما قبله، والتبرض بضاد معجمة: أخذ الشيء بمشقة قليلًا قليلًا. (تبرضًا) مفعول مطلق. يلبثه الناس) من التلبيث أو الإلباث أي: لم يتركوه يلبث، أي: يقيم. (حتى نزحوه) أي: ¬

_ (¬1) الغميم: موضع قرب المدينة بين رابغ والجحفة. انظر: "معجم البلدان" 4/ 214.

أخذوه كله. (من كنانته) بكسر الكاف، أي: جعبته التي فيها النبل. (فيه) أي: في الثمد. (يجيش) أي: يزيد. (بالري) بكسر الراء، أي: بما يرويهم. (حتى صدروا) أي رجعوا. (فبينما) في نسخة: "فبينا". (بديل) بالتصغير. (ابن ورقاء) بالمد. (عيبة نصح رسول الله) بمهملة مفتوحة فياء ساكنة فموحدة مفتوحة، أي: موضع سرة وأمانته، شبه صدر الإنسان الذي هو مستوح سره بالعيبة التي هي مستودع خير الأثواب. (تهامة) بكسر الفوقية: مكة وما حولها. (أعداد) بفتح الهمزة جمع عد بكسر العين وتشديد الدال: وهو الماء الذي لا انقطاع له كالبئر والعين، وقيل: هو بلغة تميم الكثير، وبلغة بكر بن وائل القليل. (العوذ) بضم المهملة وبمعجمة جمع عائذ: النوق الحديثات النتاج ذات اللبن. (المطافيل) بفتح الميم جمع مطفل بضمها وكسر الفاء، أي: الأمهات التي معها أطفالها، والمراد بهم: خرجوا بذوات الألبان من الإبل؛ ليتزودا بألبانها، ولا يرجعوا حتى يمنعوه - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: المراد النساء والصبيان، لكنه استعار ذلك، يعني: أنهم خرجوا بنسائهم وأولادهم لإرادة طول المقام، فليكون أدعى إلى عدم الفرار، ويحتمل إرادة المعنيين كما جمع بينهما في رواية (¬1). (وصادوك) أي: مانعوك. (نهكتهم الحرب) بفتح الهاء وكسرها، أي: أضعفتهم وأبلغت في ضعفهم. (ماددتهم) أي: ضربت معهم (مدة) أترك قتالهم فيها. (بيني وبين الناس) زاد في نسخة: إن شاءوا (فإن أظهر) بالجزم، أي: أغلب. (فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا) قوله: (فعلوا) جواب: (إن شاءوا) والجملة ¬

_ (¬1) انظر: "طبقات ابن سعد" 2/ 95.

الشرطية جواب: (إن أظهر) (وإلا) أي: وإن لم أظهر. (فقد جموا) بجيم مفتوحة وميم مضمومة مشددة، أي استراحوا من جَهْد القتال. وقوله: (فإن أظهر) إنما هو منه - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الفرض والمجاراة مع الخصم بزعمه وإلا فهو جازم بأن الله يظهره على الدين كله حتى ينفرد. (سالفتي) أي: تنفصل رقبتي بالقتل. (ولينفذن) بضم التحتية وسكون النون وفتح المعجمة وبفتح النون وكسر الفاء المشددة، أي: ليمضين الله أمره في نصر دينه (هات) فعل أمر مبني على حذف الياء التي هي لامه مثل عاز، أي: أعطنا. (فقام عروة بن مسعود) أي: ابن معتب الثقفي وكان سيدًا مطاعًا في قومه، أسلم ورجع إليهم ودعاهم إلى الإسلام فقتلوه. (أي قوم) أي: يا قوم. (ألستم بالوالد) أي: بمثله في الشفقة والمحبة، وأراد بذلك أنكم قد ولدتموني في الجملة لكون أمي وهي سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف منكم. (أو لست بالولد؟) أي: بمثله في النصح لوالده. (تتهموني) في نسخة "تتهمونني" أي: تنسبوني إلى التهمة. (استنفرت أهل عكاظ) بصرف عكاظ وعدم صرفه، أي: دعوتهم للقتال نصرة لكم، وعكاظ بضم المهملة وخفة الكاف وبمعجمة: اسم سوق بناحية مكة كانت العرب تجتمع به في كل سنة مرة (¬1). (فلما بلّحوا) أي: بفتح الموحدة واللام مشددة ومخففة وبمهملة أي امتنعوا وعجزوا، يقال: بلح الفرس إذا وقف وأعيا. (فإن هذا) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (عرض لكم) في نسخة: "عرض عليكم". (خطة رشد) أي: خصلة فيها رشد وصلاح. ¬

_ (¬1) "معجم البلدان" 4/ 142.

(آتيه) بالمد والياء على الاستئناف، أي: أنا آتيه، وفي نسخة هنا وفيما بعد: (آته) بالجزم بحذف الياء على جواب الأمر قبله. (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: لعروة. (عند ذلك) أي: عند قوله: لأقاتلنهم. (أي محمد) أي: يا محمد. (أرأيت) أي: أخبرني. (إن استأصلت أمر قومك) أي: استوعبتهم إهلاكًا. (اجتاح) بتقديم الجيم على الحاء أي: أهلك. (أهله) في نسخة: "أصله". (وإن تكن الأخرى). قال الكرماني: جزاؤه محذوف، أي: وإن تكن الدولة لقومك، فلا يخفى ما يفعلون بكم، وفيه: رعاية الأدب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث لم يصرح إلا بشق غالبيته. قال: ولفظ: "فإني" كالتعليل لظهور شق المغلوبية (¬1). (لا أرى وجوهًا) أي: أعيانًا من الناس. (أشوابًا) في نسخة: "أوشابًا" بتقديم الواو على الشين، أي: أخلاطًا. (خليقًا) أي: جديرًا، وفي نسخة: "حلقًا". (أن يفروا) أي: بأن يفروا. (أبو بكر) زاد في نسخة: "الصديق". (امصص) بهمزة وصل وفتح الصاد الأولى [أمر من مصص يمصص من باب علم بعلم، في نسخة: بضم الصاد الأولى] (¬2) وخطأها بعضهم (ببظر) بفتح الموحدة الثانية وسكون المعجمة، وفي نسخة: (بظر) بحذف الباء الأولى، أي: قطعة تبقى بعد ختان المرأة في فرجها. (اللات) اسم للأصنام التي تعبد من دون الله، والجملة شتم لعروة، وقد كانت عادة العرب الشتم بها. لكن نقول (بظر أمه) فاستعار أبو بكر رضي الله عنه ذلك في اللات لتعظيمهم لها، فقصد المبالغة في سب عروة، فإقامة من كان ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 12/ 43. (¬2) من (ج)، (س).

يعبد مقام أمه، وحمله على ذلك ما أغضبه من نسبة المسلمين إلى الفرار. (أنحن نفر؟) استفهام إنكاري. (أما) بالتخفيف: حرف استفتاح. (يده) أي: نعمة ومنه وهي أن عروة كان قد تحمل دية فأعانه فيها أبو بكر بعشر قلائص. (لم أجزك بها) بفتح الهمزة وسكون الجيم، أي: لم أكافئك بها. (فكلما تكلم) أي: "كلمة" كما في نسخة، وفي أخرى: "فكلما كلمه". (أخذ بلحيته) على عادة العرب من تناول الرجل لحية من يكلمه يقصدون بذلك الملاطفة، وإنما منعه المغيرة من ذلك تعظيمًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ كان إنما يفعل الرجل ذلك بنظيره لا بالرؤساء، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمنعه من ذلك تآلفًا له واستمالة لقلبه. (وعليه المغفر) بكسر الميم: زاد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة وإنما لبسه المغيرة ليستخفي من عروة عمه. (أهوى) أي: مال. (قالوا) في نسخة: "قال": (أي: غدر) بضم المعجمة، وفتح المهملة أي: يا غدر وهو معدول عن غادر، مبالغة في وصفه بالغدر. (ألست أسعى في غدرتك؟) أي: أسعى في دفع شر خيانتك ببذل المال ونحوه. والغدرة بالفتح: الغفلة، وبالكسر: اسم لما فعل من الغدر، فالأول للمرة والثاني للهيئة. (وكان المغيرة) أي: قبل إسلامه. (أما الإسلام) بالرفع مبتدأ خبره (أقبل) في قوله: (فأقبله) أي: فأقبله، وبالنصب مفعول (أقبل) كما في قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)} [الضحى: 9]. (فلست منه في شيء) أي: فلا أتعرض له؛ لكون المغيرة أخذه غدرًا؛ لأن أموال المشركين، وإن كان مغنومة عند القطر فلا يحل أخذها عند الأمن، فالغدر حينئذ بها محظور. (يرمق) بضم الميم، أي: يلحظ. (نخامة)

بضم النون ما يصعد من الصدر إلى الفم. (يقتتلون) أي: يختصمون. (على وضوئه) بفتح الواو أي: على فضلة الماء الذي يتوضأ به، أو على ما يجتمع من القطرات، ويسيل من الماء الذي باشر أعضاءه - صلى الله عليه وسلم -. (وإذا تكلم) أي: النبي، وفي نسخة هنا وفيما بعد: (وإذا تكلموا) أي: الصحابة. (يحدون) بضم الياء وكسر المهملة من الإحداد وهو: شدة النظر. (أي قوم) أي: يا قوم (وفدت على الملوك) بفتح الفاء، أي: قدمت عليهم. (وفدت على قيصر) هو لقب لكل من ملك الروم. (وكسرى) بكسر الكاف وفتحها لقب لكل من ملك الفرس. (والنجاشي) لقب لكل من ملك الحبشة، وخصَّ الثلاثة بالذكر مع دخولها فيما قبلها؛ لأنهم كانوا أعظم ملوك ذلك الزمان. (إن رأيت) إن: هنا وفيما بعد نافية (وتنخم) في نسخة: "يتنخم" بلفظ المضارع. (رجل من بني كنانة) هو الحليس بمهملتين مصغرًا: ابن علقمة (البدن) بضم الموحدة، وسكون الدال وضمها جمع بدنة: وهي ناقة أو بقرة قاله الجوهري (¬1). (يلبون) أي: بالعمرة. (قلدت) بالبناء للمفعول، أي: علق في عنقها شيء؛ ليعلم أنها هدي. (وأشعرت) بالبناء للمفعول، أي: طعن سنامها بحيث سال دمها؛ ليعلم أنها هدى أيضًا. (فما أرى) بفتح الهمزة من الرأي. (مكرز) بكسر الميم وسكون الكاف وفتح الراء وبزاي (ابن حفص) بمهملتين أي: ابن الأخيف بمعجمة فتحتية ففاء: العامري (فاجر) أي: غادر؛ لشهرته في الغدر. (سهيل ابن عمرو) لفظ: (ابن عمرو) ساقط من نسخة، (لقد سهل) في نسخة "قد سهل" وهذا من باب ¬

_ (¬1) "الصحاح" 5/ 2077 مادة (بدن).

التفاؤل وكان - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الفأل الحسن (¬1). (من أمركم) فاعل (سهل) (أمركم). (ومن) زائدة، أو تبعيضية أي: سهل بعض أمركم. (الكاتب) هو على ابن أبي طالب. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) متعلق بمحذوف أي: آكتب. (قال) في نسخة "فقال". (ما هو) في نسخة: "ما هي" أي: كلمة الرحمن. (قاضى عليه) أي: فاصل وأمضى أمرهم عليه (وذلك) أي: إجابته لسؤال سهيل أن اكتب باسمك اللهم، واكتب محمد بن عبد الله (لا يسألوني) في نسخة: "لا يسألونني" أي: قريش. (فنطوف) بالتحتية من طاف، وفي نسخة هنا وفيما بعدُ: "نطوّف" بتشديد الطاء والواو من طوّف، (وعليهما) هو بالنصب عطف على (تخلوا)، أو بالرفع استئناف. (والله لا) أي: لا نُخلي (تتحدث العرب) استئناف. (إنا أُخذنا) بالبناء للمفعول. (ضغطة) بضم الضاد وسكون الغين المعجمتين، أي: قهرًا، والنصب على التمييز. (ذلك) أي: ما ذكر من التخلية. (لا يأتيك منا رجل) في رواية ¬

_ (¬1) رواه أحمد 6/ 129 - 130. والحارث بن أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" (747) كتاب: القدر، باب: الطير تجري بقدر. وابن أبي عاصم في "السنة" 1/ 113 (254). والبزار كما في "كشف الأستار" (2161) باب: الطير تجري بقدر. وقال: لا نعلم رواه إلا عائشة، ولا له إلا هذا الإسناد. وابن حبان في "صحيحه" 13/ 139 (5824) كتاب: الحظر والإباحة، باب: الأسماء والكنى. والإسماعيلي في "معجم الشيوخ" 1/ 457، 111 - . والحاكم في "المستدرك" 1/ 32 كتاب: الإيمان وقال: قد احتج الشيخان برواة هذا الحديث عن آخرهم غير يوسف بن أبي بردة، والذي عندي أنهما لم يهملاه بجرح ولا بضعف؛ بل لقلة حديثه فإنه عزيز الحديث جدًّا. ووافقه الذهبي. وقال الألباني: حديث حسن، رجاله ثقات غير أن حسان بن إبراهيم لم يوثقه ابن حبان. انظر: "الصحيحة" (860).

سبقت أول الشروط لا يأتيك منا أحد (¬1). (أبو جندل) بفتح الجيم واسمه العاصي. (يرسف في قيوده) بضم المهملة، أي: يمشى فيها مشيًا بطيئًا؛ بسببها. (بين أظهر المسلمين) أي: بينهم و (أظهر) مقحمة. (أول ما) في نسخة: "أول من". (لم نقض) بسكون القاف وكسر المعجمة، وفي نسخة: (لم نفض) بفاء مضمومة فمعجمة مشددة أي: لم يفرغ من كتابته. (لم أصالحك) في نسخة "لا أصالحك". (فأجزه لي) بزاي أو راء، أي: امض لي فعلي فيه فلا أبيده إليك (بمجيزه لك) في نسخة: "بمجيز ذلك لك". (بل) ساقط من نسخة، وفي أخرى بدل (بل): "بلى" أي: نعم قد (قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أبيد إلى المشركين، وقد جئت مسلمًا) إن قلت لم رده - صلى الله عليه وسلم - إليهم، وقد (قال مكرز أجزناه لك)؟ أجيب: بأنه إنما رده إليهم؛ لأنه كان يأمن عليه القتل؛ لكونه إنما رده إليه، والغالب أن أباه لا يقتله، وبهذا أسقط الجواب بأن المتصدي لعقد المهادنة هو سهيل لا مكرز، فالاعتبار بقول المباشر لا بقول مكرز. (لقيت) بكسر القاف وفتحها (الدّنية) بتشديد التحتية، أي: الحالة الدنية، أي: الخسيسة وأصله: الهمز لكن خفف. (ولست أعصيه) فيه: تنبيه لعمر - رضي الله عنه - على إزالة ما حصل عنده من القلق وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك إلا لأمر أطلعه الله عليه من حبس الناقة عن أهل مكة، وأنه لم يفعل ذلك إلا بوحي. (ومطوف به) بتشديد الطاء والواو المكسورة. (لرسول الله) في نسخة "رسول الله". (بغرزه) بفتح المعجمة وبزاي بعد راء ساكنة: هو ¬

_ (¬1) سبق برقم (2713) كتاب: الشروط، باب: ما يجوز من الشروط.

للإبل كالركاب للفرس، أي: يمسك بأمره ولا يخالفه كما يتمسك المرء بركاب الفرس. (فعملت لذلك) أي: لتوقفي في الامتثال ابتداءً (أعمالًا) أي: من المجئ والذهاب والسؤال والجواب ولم يكن هذا من عمر شكًّا، بل طلبًا لكشف ما خفى عليه وحثًّا على إذلال الكفار، كما عرف من قوته في نصرة الدين، وأما جواب أبي بكر - رضي الله عنه - بمثل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو من الدلائل الباهرة على عظيم فضله ورسوخه، وشدة إطلاعه على معاني أمور الدين. وفيه: أن للإمام أن يعقد الصلح على ما رآه مصلحة للمسلمين، وإن لم يظهر ذلك لبعضهم في بادئ الرأي، وفيه احتمال المفسدة اليسيرة، لدفع أعظم منها، وإنما وافقهم في ترك كتابة الرحمن ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ورده الجائي مسلمًا للمصلحة الحاصلة بالصلح مع أنه لا مفسدة في هذه الأمور. وفيه: تقليد الهدى، وإقامة الرئيس الرجال على رأسه في مواضع الخوف. (ما قام رجل منهم) ليسس ذلك؛ لمخالفة أمره بل لرجاء نزول الوحي بإبطال الصلح المذكورة ليتم لهم قضاء نسكهم أو لاعتقادهم أن الأمر المطلق لا يقتضي الفور فلما رأوه جازمًا، وفعل النحر والحلق علموا أنه ليس وراء ذلك غاية تنتظر فبادروا إلى الائتمار بقوله، الاتساء بفعله كما ذكره بعد (حتى فعل ذلك) أي: ما قالته له أم سلمة وفسر قوله: (فعل ذلك) بقوله (نحر بدنه) بضم الموحدة جمع بدنة، وفي نسخة: "نحر هديه ودعا خالقه" هو خراش -بكسر المعجمة- بن أمية بن الفضل الخزاعي. (عما) أي: ازدحامًا.

وفيه: فضيلة أم سلمة، ووفور عقلها، وقبول قول النساء إذا كن مصيبات. (بعصم الكوافر) أي: بما يعتصم به الكافرات من عقد ونسب، والمراد نهي المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات، فالآية على رواية (لا يأتيك منا أحد) مخصصة للسنة، وقيل ناسخة لها، أما على رواية: (لا يأتيك منا رجل) فلا إشكال. (أبو بصير) اسمه: عتبة بن أسيد بفتح الهمزة. (فأرسلوا) أي: قريش. (رجلين) هما خنيس بالتصغير ابن جابر، وأزهر بن عوف الزهري. (فدفعه إلى الرجلين) أي: وفاءً بالعهد. (فاستله الآخر) يعني: أخرج السيف صاحبه من غمده، وفي تعبيره بالآخر إيهام أن المراد به الرجل الآخر، وهو صحيح وإن كان بعيدًا. (فأمكنه منه) في نسخة بدل (منه): "به" والباء فيها بمعنى: من، كما في قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ} [الإنسان: 6] (حتى برد) بفتح الموحدة والراء، أي: مات، وهو كناية؛ لأن البرودة لازمة للموت (ذعرًا) بمعجمة مضمومة فمهملة ساكنة، أي: فزعًا وخوفًا. (قتل) بالبناء للمفعول، وفي نسخة بالبناء للفاعل، أي: أبو بصير. (صاحبي) مرفوع على الأولى، ومنصوب على الثانية. (وإني لمقتول) أي: إن لم تردده عني. (ويل أمه) أصله: دعاء، لكنه هنا للتعجب على إقدامه في الحرب وإيقاد نارها، وشدة النهوض لها، وهمزته همزة قطع، وفي نسخة: بحذفها تخفيفًا، و (ويل) بالنصب على أنه مفعول مطلق. قال الكرماني: وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، أي: هو ويل لأمه (¬1) والقياس أن ما قاله جائز مع الإضافة أيضًا، لكن قد يقال منعه الجوهري معها حيث قال: تقول: ويل لزيد وويلًا لزيد، فالنصب على إضمار الفعل، والرفع على الابتداء، هذا إذا لم تضفه ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 51.

فأما إذا أضفت فليس إلا النصب؛ لأنك لو رفعته فلم يكن له خبر (¬1). ويجاب بأن منعه ذلك محمول على ما إذا رفع ويل على الابتداء كما نطق به، وإلا فلا مانع من رفعه على أنه خبر لمبتدإِ محذوف كما في حال عدم الإضافة. (مسعر حرب) بكسر الميم من الإسعار، وبالنصب على التمييز وأصله: من مسعر حرب، وفي نسخة: بالرفع، أي: هو مسعر حرب (لو كان له أحد) لو للتمني فلا جواب لها، أو للشرط فجوابها محذوف، أي: لو فرض له أحد ينصره لإسعار الحرب لأثار الفتنة وأفسد الصلح فعلم منه أنه سيرده إليهم كما أشار إليه بقوله: (فلما سمع ذلك) إلخ. (سيف البحر) بكسر المهملة وسكون التحتية، أي: ساحله (قال وتنفلت) بفوقية مفتوحة ففاء، أي تتخلص منهم، أي: من أبيه وأهله. (أبو جندل) فاعل (ينفلت) وعبَّر بالمستقبل إشارة إلى إرادة مشاهدة الحال كما في قوله تعالى: {اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} [الروم: 48] (بعير) أي بخبر عير (إلا اعترضوا لها) أي: وقفوا لها في طريقها بالعرض، وهو كناية عن منعهم لها من السير. (فأرسلت قريش) أي: أرسلت أبا سفيان بن حرب. (تناشده بالله والرَّحم) في نسخة: "تناشده الله والرحم" بحذف الموحدة، أي: يقول له: سألتك بالله وبحق القرابة (لمَّا) بالتشديد بمعنى: إلا، نحو {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)} [الطارق: 4] في قراءة من شدد (لما) أي: لم تسأل قريش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا إرساله إلى أبي بصير وأصحابه بالامتناع عن إيذاء قريش. (فمن أتاه) جزاء شرط مقدر، أي: إذا أرسل إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) "الصحاح" 5/ 1846 مادة (ويل).

فمن أتاه من الكفار مسلمًا (فهو آمن) أي: من الرد إلى قريش ({بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}) ساقط من نسخة حتى بلغ ({الْحَمِيَّةَ}) لفظ: (الحمية) ساقط من نسخة. ({حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}) التي تمنع الإذعان للحق. (وحالوا بينهم وبين البيت) زاد في نسخة لتفسير بعض غريب في "الآية". (قال أبو عبد الله: معرة: العرُّ الحرب) (تزيلوا: إنمازوا والحمية حميت أنفي حمية ومحمية، وحميت المريض حمية وحمت القوم منعتهم حماية، وأحميت الحمى: جعلته حمًا، لا يدخل فيه، وأحميت الحديد وأحميت الرجل: إذا أغضبته إحماءً) انتهى زاد فيه ثلاثة ألفاظ المعرة، وتزيلوا، والحمية، وفسر الحمية بستة معاني ظاهرة من كلامه. 2733 - وَقَال عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال عُرْوَةُ: فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ وَبَلَغْنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: أَنْ يَرُدُّوا إِلَى المُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَحَكَمَ عَلَى المُسْلِمِينَ أَنْ لَا يُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ، أَنَّ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ، قَرِيبَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الخُزَاعِيِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاويَةُ، وَتَزَوَّجَ الأُخْرَى أَبُو جَهْمٍ، فَلَمَّا أَبَى الكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ المُسْلِمُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} [الممتحنة: 11] وَالعَقْبُ مَا يُؤَدِّي المُسْلِمُونَ إِلَى مَنْ هَاجَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنَ الكُفَّارِ، فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ المُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إِيمَانِهَا، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرِ بْنَ أَسِيدٍ الثَّقَفِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي المُدَّةِ، فَكَتَبَ الأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ أَبَا بَصِيرٍ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ. [انظر: 2713 - مسلم: 1866 - فتح: 5/ 333] (يمتحنهن) أي: المهاجرات أي: يختبرهن بالحلف والنظر في الأمارات. (وبلغنا) إلى آخره في الموضعين من كلام الزهري. (من

أزواجهم) في نسخة: "من أزواجهن" بجعل الإضافة بيانية (قريبة) بالتصغير وعدمه. (أُمية) بضم الهمزة. (وابنة جرْول) بفتح الجيم وسكون الراء وفتح الواو: وهي أم عبد الله بن عمر واسمها: أم كلثوم. (أبو جهم) بفتح الجيم: هو عامر بن حذيفة الأموي. {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ} [الممتحنة: 11] أي: سبقكم أحد من المسلمات. {فَعَاقَبْتُمْ} [الممتحنة: 11] أي: فغزوتم. (والعقب) بفتح العين وسكون القاف. (ما يؤدي المسلمون) أي: ما يؤدونه من المهر إلى من هاجرت امرأته مسلمة، من الكفار إلى المسلمين. (فأمر) أي: الله تعالى (أن يعطى) بالبناء للمفعول. (منْ ذهب له زوج) أي: زوجة مرتدة (من المسلمين) أي: إلى الكفار. (ما) أي: مثل ما أنفق عليها من المهر (من صداق نساء الكفار) متعلق بـ (يعطي). (اللاتي هاجرن) أي: إلى المسلمين. (وما نعلم أحدًا) في نسخة: "أن أحدًا". (في المدة) أي: مدة الصلح، ومدته -كما رواه الحاكم وابن إسحاق- وغيرهما: عشر سنين (¬1) وعليه الشافعي والجمهور، وما رواه الطبراني وغيره (¬2) من أنها أربع سنين ضعيف منكر. (يسأله أبا بصير) أي: يسأله أن يرده إليهم وفاء بالعهد. (فذكر الحديث) أي: استوفاه. وهذا الحديث أطول حديث في الكتاب. ¬

_ (¬1) رواها أحمد في "مسنده" 4/ 325. والبيهقي 9/ 227 كتاب: الجزية، باب: الهدنة على أن يرد الإمام من جاء بلده مسلمًا من المشركين. كلاهما من حديث المسور بن مخرمة. (¬2) "الأوسط" 8/ 51 (7935) وابن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال" 6/ 398 ترجمة عاصم بن عمر.

16 - باب الشروط في القرض

16 - بَابُ الشُّرُوطِ فِي القَرْضِ (باب: الشروط في القرض) أي: بيان حكمها فيه. 2734 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى". [انظر: 1498 - فتح: 2/ 355] وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَعَطَاءٌ: "إِذَا أَجَّلَهُ فِي القَرْضِ جَازَ". (أنه ذكر رجلًا) إلى آخره مرَّ شرحه في باب الكفالة في القرض (¬1). (إذا أجله في القرض جاز) مرّ شرحه بما فيه من باب: إذا أقرضه إلى أجل مسمى (¬2). وهذا الباب كله ساقط من نسخة. 17 - بَابُ المُكَاتَبِ وَمَا لَا يَحِلُّ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي تُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ وَقَال جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي المُكَاتَبِ: "شُرُوطُهُمْ بَيْنَهُمْ" وَقَال ابْنُ عُمَرَ، أَوْ عُمَرُ: "كُلُّ شَرْطٍ خَالفَ كِتَابَ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَيُقَالُ عَنْ كِلَيْهِمَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ". (باب: المكاتب وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله) أي: بيان حكم ذلك. (شروطهم) أي: شروط المكاتبين وساداتهم. (بينهم) أي: معتبرة بينهم. (وقال ابن عمر، أو عمر) لفظ: (أو عمر) ¬

_ (¬1) سبق برقم (2291) كتاب: الكفالة، باب: الكفالة في القرض. (¬2) سبق برقم (1404) كتاب: الاستقراض، باب: إذا أقرضه إلى أجلٍ مسمى، أو أجله في البيع.

18 - باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار

ساقط من نسخة. 2735 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا فَقَالتْ: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الوَلاءُ لِي، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَّرْتُهُ ذَلِكَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْتَاعِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَال: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 5/ 353] (وقال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (عن عمرة) أي: بنت عبد الرحمن الأنصارية. (تسألها في كتابتها) أي: الإعانة في كتابتها. (إن شئت أعطيت أهلك) أي: ثمنك وأعتقتك. (ذكرته) بتخفيف الكاف وتشديدها، وفتح الراء وسكون التاء، وفي نسخة بتشديد الكاف وسكون الراء وضم التاء (ما بال أقوام) أي: ما شأنهم ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 18 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الاشْتِرَاطِ وَالثُّنْيَا فِي الإِقْرَارِ وَالشُّرُوطِ الَّتِي يَتَعَارَفُهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ، وَإِذَا قَال: مِائَةٌ إلا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ. وَقَال ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَال رَجُلٌ ¬

_ (¬1) سبق برقم (456) كتاب: الصلاة، باب: ذكر البيع والشراء. و (1493) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة على موالي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. و (2155) كتاب: البيوع، باب: البيع والشراء مع النساء. و (2168) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترط شروطًا في البيع لا تحل.

لِكَرِيِّهِ: أَرْحِلْ رِكَابَكَ، فَإِنْ لَمْ أَرْحَلْ مَعَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَخْرُجْ، فَقَال شُرَيْحٌ: "مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهُوَ عَلَيْهِ" وَقَال أَيُّوبُ: عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: إِنَّ رَجُلًا بَاعَ طَعَامًا، وَقَال: إِنْ لَمْ آتِكَ الأَرْبِعَاءَ فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَيْعٌ، فَلَمْ يَجِئْ، فَقَال شُرَيْحٌ: "لِلْمُشْتَرِي أَنْتَ أَخْلَفْتَ فَقَضَى عَلَيْهِ". (باب: ما يجوز من الاشتراط والثنيا) أي: الاستثناء. (في الإقرار والشروط التي تعارفها الناس بينهم، وإذا قال: مائة إلا واحدة أو ثنتين) أي: باب بيان حكم ذلك. (ابن عون) هو عبد الله بن أرطبان البصري. (قال: رجل) في نسخة: "قال الرجل". (لكريه) أي: لمكاريه. (أدخل) بفتح أوله وكسر ثالثه: أمر من الإدخال، وفي نسخة: "أرحل" براء وحاء مهملة: أمر من الإرحال. (ركابك) بالنصب بما قبله وهو بكسر الراء: الإبل التي يسار عليها، أي: أدخلها هناك، أو اجعل عليها الرحل لأرحل معك يوم كذا. (فلم يخرج) أي: لم يرحل معه. (فقال شريح: من شرط على نفسه) أي: مثل ذلك. (فهو عليه) أي: لازمه، وقال الجمهور: ذلك عدة فلا يلزم الوفاء بها. (أيوب) أي: السختياني. (وقال) أي المشتري للبائع. (الأربعاء) بكسر الموحدة، أي: يوم الأربعاء. (فقضى عليه) أي: برفع البيع، وعليه جرى بعضهم، والذي عليه الشافعي وكثير صحة البيع وبطلان الشرط. 2736 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إلا

19 - باب الشروط في الوقف

وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ". [6410، 7392 - مسلم: 2677 - فتح: 5/ 354] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (إن لله تسعة وتسعون اسمًا) بنصب اسمًا على التمييز، ويروى بجره بإضافة تسعين على لغة: إعراب جمع المذكر السالم بالحركات، وخصَّ التسعة والتسعين بالذكر؛ لشهرتها وإلا فأسماؤه لا تحصى، ففي الحديث: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك" (¬1). (مائة) بالنصب على البدلية. (إلا واحدًا) في نسخة: "إلا واحدة" بالتأنيث، نظرًا إلى معنى التسمية أو الصفة أو الكلمة، وفائدة ذكر مائة إلا واحدًا التأكيد لما قبله ودفع تصحيفه بسبعة وسبعين، أو تسعة وسبعين، أو بسبعة وتسعين. (من أحصاها) أي علمًا وإيمانًا وعدًّا لها. 19 - بَابُ الشُّرُوطِ فِي الوَقْفِ (باب: الشروط في الوقف) أي: بيان حكمها فيه. 2737 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَال: أَنْبَأَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَال: "إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا" قَال: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ، وَفِي القُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 6/ 41.

وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ قَال: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ، فَقَال: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا. [انظر: 2313 - مسلم: 1632 - فتح: 5/ 354] (ابن عون) هو عبد الله البصري. (أنبأني) أي: أخبرني. (يستأمره) أي: يستشيره. (أنفس) أي: أجود. (حبَّست) بتشديد الموحدة، أي: وقفت. (وفي الرقاب) أي: في فكها، والمراد: الكاتبون بأن يدفع إليهم من غلة الوقف ما ينفك به رقابهم. (وفي سبيل الله) أي: منقطع الحاج والغزاة. (وابن السبيل) أي: المنقطع في سفره وهو مع قوله: (والضيف) من عطف العام على الخاص. (لا جناح) أي: لا إثم. (على من وليها) أي: الأريض، أي: التحدث عليها. (أن يأكل منها) أي: من ريعها. (ويُطعم) بضم الياء من الإطعام أي: يطعم غيره. (غير متمول) بكسر الواو المشددة وفسره بقوله: (غير متأثل) من التأثل: وهو اتخاذ الشيء أصلًا. (مالًا) مفعول به لمتأثل. (كتاب الوصايا) جمع وصية وهي لغة: الإيصال من وصى الشيء بكذا أوصله به؛ لأن الموصي وصل خير دنياه بخير عقباه، وشرعًا: تبرع بحق مضاف إلى ما بعد الموت ليس بتدبير ولا تعليق عتق، وإن التحقا بها حكمًا كما بينته في شرح الروض وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 3/ 29، و"فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 2/ 13.

55 - كتاب الوصايا

55 - كِتَابُ الوَصَايَا

1 - باب الوصايا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 55 - كِتَابُ الوَصَايَا 1 - بَابُ الوَصَايَا وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ" وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا، الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ، فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ، إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا، فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} " جَنَفًا: مَيْلًا {مُتَجَانِفٌ} مَائِلٌ". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قدمها في نسخة على (كتاب الوصايا). (باب: الوصايا) أي: بيان أحكامها، وهذا ساقط من نسخة. (وقول النبي) بالجر عطف على الوصايا. (وصية الرجل) ذكر الرجل جرى على الغالب، وإلا فغيره مثله. (وقول الله تعالى) بالجر عطف على (الوصايا) أيضًا وفي نسخة: "وقال الله -عزَّ وجلَّ -". ({حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}) أي: حضرت علاماته (خيرًا) أي: مالًا. (جنفًا) أي: ميلًا عن الحق خطأ. (أو إثمًا) بأن تعمد ذلك بالزيادة على الثلث، أو بتخصيص غني مثلًا (مائل) في نسخة: "متمايل" والنسخ في ذكر جميع الآية وبعضها مختلفة. 2738 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي

فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ". [مسلم: 1627 - فتح: 5/ 355] تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (عن عبد الله بن عمر) لفظ: (عبد الله) ساقط من نسخة. (مسلم) ذكره جرى على الغالب، وإلا فالذمي ونحوه مثله. (يبيت ليلتين) أي: آمنًا، أي: حالة كونه آمنًا، أو في أمان، وذكر الليلتين تقريب لا تحديد، أي: لا ينبغي له أن يمضي عليه زمان وإن كان قليلًا. (إلا ووصيته مكتوبة عنده) أي: مشهود بها إذ الغالب في كتابتها الشهود؛ ولأن أكثر الناس لا يحسن الكتابة فلا دلالة فيه على اعتماد الخط، وبالجملة فالوصية مندوبة لا واجبة لخبر مسلم: "يريد أن يوصي فيه" (¬1) حيث جعلها متعلقة بإرادته، نعم يجب على من عليه حق لزكاة وحج، أو حق لآدمي بلا شهود. (وتابعه) أي: مالكًا. 2739 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاويَةَ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، قَال: "مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا، إلا بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ، وَسِلاحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً". [2873، 2912، 3098، 4461 - فتح: 5/ 356] (عن عمرو) أي: ابن دينار. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (ختن رسول الله) بالجر وصف لعمرو بن الحارث، أو عطف بيان له، أو بدل منه: وهو كل من كان من قبل المرأة كأبيها وأخيها على المشهور، وأما الحمو ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1627) كتاب: الوصية.

فكل من كان من قبل الرجل، والصهر يعمهما قاله ابن الأثير (¬1). (أخو جويرية) بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، وفي نسخة: (أخى جويرية) بالجر عطف بيان لـ (ختن) (ولا شيئًا) من عطف العام على الخاص، وفي نسخة بدله: "ولا شاة". (إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضا جعلها) أي: الثلاثة صدقة. فيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يترك مالًا غير ما هو صدقة وأن مارية التي ولدت منه عتقت بموته - صلى الله عليه وسلم -، وقوله في حديثٍ إسناده ضعيف: أعتقها ولدها (¬2) معناه: أثبت لها حرمة الحرية، والأرض المذكورة هي نصف أرض فدك، وثلث أرض وادي القرى، وسهم من خمس خيبر وصفيه من أرض بنى النضير. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث إِن فيه التصدق بمنفعة ما ذكر، وحكمها حكم منفعة الوقف، وهو في معنى منفعة الوصية؛ لبقائها بعد الموت، وقيل: من حيث إنه إذا لم يكن له - صلى الله عليه وسلم - شيء عند الموت فلا وصية، ووجهه أن الترجمة شاملة لحكم الوصية إثباتًا ونفيًا. 2740 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مَالِكٌ هُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، قَال: ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 2/ 10. (¬2) رواه ابن ماجة (2516) كتاب: العتق، باب: أمهات الأولاد، وقال البوصيري: هذا إسناد ضعيف؛ لضعف الحسين بن عبد الله. انظر: "زوائد ابن ماجه" ص 342، والدارقطني 4/ 131 كتاب: المكاتب، والبيهقي 10/ 346 كتاب: عتق أمهات الأولاد، باب: الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له، من حديث: ابن عباس، وذكره الحافظ ابن حجر في "التلخيص" وقال: في إسناده حسين بن عبد الله وهو ضعيف جدًّا، والحديث ضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (1772).

سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى؟ فَقَال: "لَا"، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ أَوْ أُمِرُوا بِالوَصِيَّةِ؟ قَال: "أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ". [4460، 5022 - مسلم: 1634 - فتح: 5/ 356] (مالك) أي: "ابن مغول" كما في نسخة، وهو بكسر الميم وسكون المعجمة. (فقال: لا) أي: لم يوص بما يتعلق بالمال، وإلا فقد ذكر بعدُ أنه أوصى بكتاب الله. (أو أمروا بالوصية) شك من الراوي. (قال: أوصي بكتاب الله) أي: بالتمسك به، والعمل بمقتضاه نصًّا أو استنباطًا فيدخل فيه (¬1) ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ونهى عنه وأوصى به من إخراج اليهود من جزيرة العرب (¬2) ومما عطف عليه؛ لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (فكيف كتب على الناس إِلى آخره). 2741 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال: ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ وَصِيًّا، فَقَالتْ: "مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ، وَقَدْ كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِي؟ - أَوْ قَالتْ: حَجْرِي - فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَلَقَدْ انْخَنَثَ فِي حَجْرِي، فَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَمَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ". [4459 - مسلم: 1636 - فتح: 5/ 356] (إسماعيل) أي: ابن علية. (عن ابن عون) اسمه: عبد الله. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. ¬

_ (¬1) في هامش (س): علة لقوله: (فيدخل). (¬2) وهو حديث: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" سيأتي برقم (3053) كتاب: الجهاد، باب: جوائز الوفد.

2 - باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس

(أو قالت) شك من الراوي. (حجري) بفتح الحاء وكسرها. (انحنث) بنون ساكنة فمعجمة فنون فمثلثة مفتوحات، أي: انثنى ومال إِلئ السقوط عند فراق الحياة. 2 - بَابُ أَنْ يَتْرُكَ وَرَثَتَهُ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَكَفَّفُوا النَّاسَ (باب: إن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس) بكسر همزة (إن) الأولى على أنها شرطية، وصدر جوابها محذوف، أي: إن يترك ورثته أغنياء فهو خير، وبفتحها على أنها مصدرية، وهي مع مدخولها مبتدأ خبره: (خير) أي: تركه ورثته أغنياء. 2742 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، قَال: "يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَال: "لَا"، قُلْتُ: فَالشَّطْرُ، قَال: "لَا"، قُلْتُ: الثُّلُثُ، قَال: "فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ، فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ"، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إلا ابْنَةٌ. [انظر: 56 - مسلم: 1628 - فتح: 5/ 363] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: ابن عيينة. (وهو) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - أو سعد بن أبي وقاص. (ابن عفراء) يريد سعد بن خولة. كما في رواية، فيحتمل جمعًا بين الروايتين أن عفراء: أمه، وخولة: أبوه، أو أن أمه لها أسمان أو أن اسمها: خولة، وعفراء: صفة

لها، وقد ورد في النسائي ابن عفراء (¬1) فما ذكر من الجمع بين الروايتين أولى مما قيل: إن ذكر عفراء وَهْمٌ، وأن المحفوظ خولة. (فالشطر) بالرفع، أي: أفيجوز الشطر؟، وبالجر عطف على (مالي) وبالنصب بتقدير فعل، أي: أعير أو أسمي الشطر، أي: النصف. (الثلث) بالرفع والجر والنصب، وفي نسخة: "فالثلث" بالفاء (قال: فالثلث) بضبطه السابق، والرفع على أنه فاعل أو مبتدأ خبره محذوف، أي: يكفيك الثلث، أو الثلث [كافٍ] (¬2) والنصب على الإغراء وفي نسخة: "قال الثلث" بغير فاء. (والثلث كثير) (¬3) بالمثلثة وروي بالموحدة، قيل: فينبغي أن ينقص منها شيئًا وقال النووي: إن كانت الورثة أغنياء لم يستحب النقص وإلا استحب (¬4). (إنك) استئناف تعليل (أن) بفتح الهمزة على أن (أن) مصدربة وبكسرها على أنها شرطية، كما علم مع تقدير المعنى مما مرّ. (تدع) بالنصب على الأول، وبالجزم على الثاني على أن تترك. (عالة) أي: فقراء من عال يعول عيالة إذا فاتهم (يتكففون الناس في أيديهم) أو يسألونهم مادين أكفهم؛ للأخذ منهم في أيديهم، أو يسألونهم بالأكف وضع المسئول في أيديهم. (وإنك) عطف على (إنك) فقوله: (مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة) قسيم (أن تدع .. إلخ). وفيه: تنبيه على علة النهي عن الوصية بأكثر من الثلث فكأنه قال: لا تفعل؛ لأنك إن مت تركت ورثتك أغنياء، وإن عشت تصدقت وأنفقت، فالأجر حاصل لك حيًّا وميتًا. (حتى اللقمة) بالجر على. أنَّ ¬

_ (¬1) "سنن النسائي" 6/ 243 كتاب: الوصايا، باب: الوصية بالثلث. (¬2) من (س) (¬3) في هامش (ج): أي: كبير. (¬4) "صحيح مسلم بشرح النووي" 11/ 77.

3 - باب الوصية بالثلث

(حتى) جارة، وبالنصب على أنها عاطفة، لدخولها على محل (من نفقة) وبالرفع على أنها ابتدائية، أي: يبتدأ بعدها الجمل. قال ابن هشام: ولا محل للجملة الواقعة بعدها، خلافًا للزجاج، وابن درستوية. (التي) ساقط من نسخة. (وعسى الله أن يرفعك) أي: يقيمك من مرضك، وقال شيخنا: أي: يطيل عمرك، وكذلك اتفق؛ فإنه عاش بعد ذلك أزيد من أربعين سنة، بل قريبًا من خمسين (¬1). (ويُضر) بالبناء للمفعول. (ولم يكن له يؤمئذ) أي: وارث من أرباب الفروض، أو من الأولاد (إلا ابنة) قيل: اسمها: عائشة. 3 - بَابُ الوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ وَقَال الحَسَنُ: "لَا يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ وَصِيَّةٌ إلا الثُّلُثَ" وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]. (باب الوصية بالثلث) أي: بيانها. (وقال الله) هو استدلال لما قبله إذ حاصله أن الذمي إذا أوصى بأكثر من ثلث ماله، وترافع إلينا ورثته، والموصى له لا تنفذ وصيته إلا في الثلث؛ لأنه الذي أنزله الله. (تعالى) في نسخة: "-عزَّ وجلَّ -" (بينهم) أي: بين اليهود. 2743 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَوْ غَضَّ النَّاسُ إِلَى الرُّبْعِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ". [مسلم: 1629 - فتح: 5/ 369] (سفيان) أي: ابن عيينة. ¬

_ (¬1) "الفتح" 5/ 367.

4 - باب قول الموصي لوصيه: تعاهد ولدي، وما يجوز للوصي من الدعوى

(لو غض الناس) بغين وضاد مشددة معجمتين، أي: لو نقصوا من الثلث. (إلى الربع) في الوصية كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الجواب ثابت في نسخة. (كثير) بمثلثة (أو كبير) بموحدة وهو شك من الراوي. 2744 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَرِضْتُ، فَعَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا يَرُدَّنِي عَلَى عَقِبِي، قَال: "لَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ وَيَنْفَعُ بِكَ نَاسًا"، قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ، وَإِنَّمَا لِي ابْنَةٌ، قُلْتُ: أُوصِي بِالنِّصْفِ؟ قَال: "النِّصْفُ كَثِيرٌ"، قُلْتُ: فَالثُّلُثِ؟ قَال: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ"، قَال: فَأَوْصَى النَّاسُ بِالثُّلُثِ، وَجَازَ ذَلِكَ لَهُمْ. [انظر: 56 - مسلم: 1628 - فتح: 5/ 369] (حَدَّثنَا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (مروان) أي: ابن معاوية الفزاري. (عن هاشم بن هاشم) أي: ابن عتبة ابن أبي وقاص. (أن لا يردني على عقبي) بكسر الموحدة وتخفيف التحتية، وفي نسخة: بالفتح والتشديد، أي: أن لا يمشي في الدار التي هاجرت منها وهي مكة. (قلت: أوصي) في نسخة: "فقلت: أوصي". (فأوصى) في نسخة: "وأوصى". (وجاز) في نسخة: "فجاز". 4 - بَابُ قَوْلِ المُوصِي لِوَصِيِّهِ: تَعَاهَدْ وَلَدِي، وَمَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ مِنَ الدَّعْوَى (باب: قول الموصي لوصيه: تعاهْد ولدي) أي: بالنظر في أمره وعطف على قول الموصي قوله: (وما يجوز للوصي من الدَّعوى) أي: إذا ادعى. 2745 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ

5 - باب إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازت

الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الفَتْحِ، أَخَذَهُ سَعْدٌ، فَقَال: ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَال: أَخِي، وَابْنُ أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ" ثُمَّ قَال لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: "احْتَجِبِي مِنْهُ" لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. [انظر: 2053 - مسلم: 1457 - فتح: 5/ 371] (عام الفتح) برفعه اسم كان، وبنصبه بتقدير في وخبرها ما بعده عليهما، واسمها على الثاني: ضمير الشأن. (فتساقا) أي: تماشيا. (وقال رسول الله) في نسخة: "فقال رسول الله". (للفراش) أي: لصاحبه. (وللعاهر) أي: الزاني، ومرَّ شرح الحديث في العتق وغيره (¬1). 5 - بَابُ إِذَا أَوْمَأَ المَرِيضُ بِرَأْسِهِ إِشَارَةً بَيِّنَةً جَازَتْ (باب: إذا أومأ) بهمزة بعد الميم، أي: أشار (المريض برأسه إشارة بينة) أي: ظاهرة (جازت) أي: الإشارة وهذا ساقط من نسخة، فهو على ثبوته جواب (إذا) وعلى سقوطه جوابها محذوف، أي: هل يحكم بها أولًا؟. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2053) كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات، و (2421) كتاب: الخصومات، باب: دعوى الوصي للميت، و (2533) كتاب: العتق، باب: أم الولد.

6 - باب: لا وصية لوارث

2746 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ، أَفُلانٌ أَوْ فُلانٌ، حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى اعْتَرَفَ، "فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالحِجَارَةِ". [انظر: 2413 - مسلم: 1672 - فتح: 5/ 371] (همام) أي: ابن يحيى العوذي. (عن قتادة) أي ابن دعامة. (رض) أي: دق. (حتى سُمي) بالبناء للمفعول، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الخصومات (¬1). 6 - بَابٌ: لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ (باب: لا وصية لوارث) رواه بهذا اللفظ أبو داود وغيره (¬2)، وزاد البيهقي وغيره في رواية: "إلا أن يجيز الورثة" (¬3)، وليس المعنى نفي صحة الوصية لوارث؛ بل نفي لزومها، أي: لا وصية لازمة لوارث خاص إلا بإجازة بقية الورثة إن كانوا مطلقي التصرف سواء كان الموصى به زائدًا على الثلث أم لا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2413) كتاب: الخصومات، باب: ما يذكر في الإشخاص والملازمة. (¬2) "سنن أبي داود" (2870) كتاب: الوصايا، باب: ما جاء في الوصية لوارث و (3565) كتاب: أبواب الاجارة، باب: في تضمين العور. ورواه ابن ماجة (2713) كتاب: الوصايا، باب: لا وصية لوراث. وابن أبي شيبة 6/ 209 كتاب: الوصايا، ما جاء في الوصية للوارث. والدارقطني 4/ 97 كتاب: الفرائض، والطبراني 8/ 114 (7531). (¬3) "السنن الكبرى" 6/ 263 - 264. كتاب: الوصايا، باب: نسخ الوصية للوالدين والأقربين بين الوارثين، ورواه ابن أبي شيبة 6/ 209 كتاب: الوصايا، باب: ما جاء في الوصية للوارث.

7 - باب الصدقة عند الموت

2747 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ المَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ". [4578، 6739 - فتح: 5/ 372] (عن ورقاء) أي: ابن عمر بن كليب. (عن ابن أبي نجيح) اسمه: عبد الله. (كان المال) أي: المخلف عن الميت. (للولد) ميراثًا. (فنسخ الله من ذلك ما أحب) أي: بآية الفرائض. (وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس) أي: عند وجود الولد. (وجعل للمرأة الثمن) أي: عند وجود الولد [والربع] (¬1) أي: عند عدمه. (وللزوج الشطر) أي: عند عدم الولد. (والربع) أي: عند وجوده. ومرَّ شرح الحديث في الفرائض (¬2)، ولا مطابقة بين الحديث والترجمة، وكأن البخاري لما رأى أن حديث أبي داود السابق على غير شرطه تركه. 7 - بَابُ الصَّدَقَةِ عِنْدَ المَوْتِ (باب: الصدقة عند الموت) أي: بيان فضلها عنده، وإن كانت عند الصحة أفضل كما يعلم من الحديث. 2748 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَال: "أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ، تَأْمُلُ الغِنَى، ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) سيأتي برقم (6739) كتاب: الفرائض، باب: ميراث الزوج مع الولد وغيره.

8 - باب قول الله تعالى: {من بعد وصية يوصي بها أو دين} [النساء: 11]

وَتَخْشَى الفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلانٍ كَذَا، وَلِفُلانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ". [انظر: 1419 - مسلم: 1032 - فتح: 5/ 373] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن عمارة) أي: ابن القعقاع بن شبرمة. (عن أبي زرعة) أي: ابن جرير بن عبد الله البجلي، واسمه: هرم، أو عبد الله، أو عبد الرحمن، أو جرير، أو عمرو. (تأمُل الغني) بضم الميم، أي: تطمع فيه (ولا تمهل) بالجزم بجعل (لا) ناهية، وبالرفع بجعلها نافية. (إذا بلغت) أي: الروح أي: قاربت. (الحلقوم) أي: مجرى النفس. (وقد كان لفلان) أي: للوارث، أو للموروث، أو للموصى له، أو (كان) بمعنى: صار، أي: وقد صار ما أوصى به للوارث، فإن شاء أجازه، وإن شاء ردَّ الزائد على الثلث. ومرَّ شرح الحديث في الزكاة (¬1). 8 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] وَيُذْكَرُ أَنَّ شُرَيْحًا، وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ، وَطَاوُسًا، وَعَطَاءً، وَابْنَ أُذَيْنَةَ: "أَجَازُوا إِقْرَارَ المَرِيضِ بِدَيْنٍ" وَقَال الحَسَنُ: "أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ" وَقَال إِبْرَاهِيمُ: وَالحَكَمُ: "إِذَا أَبْرَأَ الوَارِثَ مِنَ الدَّيْنِ بَرِئَ" وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: "أَنْ لَا تُكْشَفَ امْرَأَتُهُ الفَزَارِيَّةُ عَمَّا ¬

_ (¬1) سبق برقم (1419) كتاب: الزكاة، باب: أي الصدقة أفضل وصدقة الشحيح الصحيح.

أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا" وَقَال الحَسَنُ: "إِذَا قَال لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ المَوْتِ: كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ، جَازَ " وَقَال الشَّعْبِيُّ: "إِذَا قَالتِ المَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا: إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي وَقَبَضْتُ مِنْهُ جَازَ " وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ، فَقَال: يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالوَدِيعَةِ وَالبِضَاعَةِ وَالمُضَارَبَةِ " وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ" [5143] وَلَا يَحِلُّ مَالُ المُسْلِمِينَ " لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آيَةُ المُنَافِقِ: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ " وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] "فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ" فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 34] 2749 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ". [انظر: 33 - مسلم: 59 - فتح: 5/ 375] (باب: قول الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}) أي: بيان حكم الدَّين في إقرار المريض به، أما حكم الوصية وإن كانت مذكورة في الآية فقد سبق. (أن شريحًا) أي: القاضي. (وعطاء) أي: ابن أبي رباح. (وابن أذينة) بضم الهمزة وفتح المعجمة: هو عبد الرحمن قاضي البصرة. (وقال الحسن) أي: البصري. (آخر) بالنصب بنزع الخافض، وبالرفع خبر (أحق) والتقدير:

أحق زمان تصدق فيه الرجل آخر عمره، وضبط تصدق في الحديث بفوقية وبنائه للفاعل بلفظ الماضي من الصدقة، وبتحتية وببنائه للمفعول من التصديق، وهو المناسب للمقام، أي: إن إقرار المريض في مرض موته حقيق بأن يصدق به ويحكم بإنفاذه ولعدم مناقضته ما مرَّ من أَن الصدقة عند الصحة أفضل فيها عند مرض الموت. (وأول) عطف على آخر. (إبراهيم) أي: النخعي. (والحكم) أي: ابن عتيبة. (إذا أبرأ) أي. المريض. (أن لا تكشف) بالبناء للمفعول. (امرأته) ساقط من نسخة. (عن ما أغلق عليه بابها) في نسخةٍ: "عن مال أغلق عليه بابها"، والمراد من ذلك: أن المرأة بعد موت زوجها لا يتعرض لها، وأن جميع ما في بيته لها وإن لم يشهد لها زوجها بذلك. (جاز) أي: وعتق، والجمهور: على أنه لا يعتق إلا من الثلث. (الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (فقال بعض الناس) أي: الحنفية. (لا يجوز إقراره) أي: المريض لبعض الورثة. (لسوء الظن) في نسخة: "بسوء الظن" بموحدة. (به) أي: بهذا الإقرار. (للورثة) أي: لأجلهم، يعني: لتضرر بقيتهم به، والجمهور على جواز إقراره له كالأجنبي لعموم أدلة الإقرار، ولأنه انتهى إِلى حالة يصدق فيها الكذوب، فالظاهر: أنه يقر إلا بتحقيق (ثم استحسن) أي: بعض الناس. (فقال: يجوز إقراره بالوديعة والبضاعة والمضاربة) أي: لا بالدين، وفرق بينهما بأن مبنى الإقرار بالثلاثة على الأمانة، وبالدين على اللزوم، وتفارق البضاعة المضاربة بأن الربح يها كله للمالك ومشترك بينه وبين العامل في المضاربة. (وإياكم والظن) بالنصب على التحذير. (فإن لظن أكذب حديث) ذكره ردًّا على من أساء الظن بالمريض، فمنع تصرفه. قال الكرماني:

9 - باب تأويل قول الله تعالى: {من بعد وصية يوصي بها أو دين} [النساء: 11]

فإن قلت الكذب والصدق صفتان للقول لا الظن ثم إنهما لا يقبلان الزيادة والنقصان، فكيف يبني منه أفعل التفضيل؟ قلت: بجعل الظن لمتكلم فوصف بهما، كما يوصف المتكلم فيقال: متكلم صادق وكاذب، والتكلم يقبل الزيادة والنقصان في الصدق والكذب. يقال: زيد أصدق من عمرو، فمعناه: الظن أكذب في الحديث من غيره. انتهى (¬1) وكان مراده بالظن في قوله فمعناه: الظن الظان. (ولا يحل مال المسلمين) أي: ولو من غير المقر لهم من الورثة. (إذا اؤتمن خان) ذكره ردًّا على من ذكر أيضًا؛ لأنه إذا وجب ترك الخيانة على الشخص وجب الإقرار بما عليه، وإذا أقر لا بد من اعتبار إقراره، وإلا لم يكن لإيجاب الإقرار فائدة. ({إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}) وجه الاستدلال به: أنه إذا وجب رد الأمانة التي هي غير لازمة فوجوب رد الدين اللازم وصحة قبول الإقرار به أولى. (فيه) أي: في قوله: (آية المنافق إذا اؤتمن خان). (عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) بلفظ: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصًا) وفيه: (إذا اؤتمن خان) ومرّ شرح الحديث مع ما بعده في الإيمان (¬2). (ثلاث) ساقط من نسخة. 9 - بَابُ تَأْويلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] وَيُذْكَرُ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الوَصِيَّةِ" وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] "فَأَدَاءُ ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 66. (¬2) سبق برقم (33) كتاب: الإيمان، باب: علامة المنافق.

الأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الوَصِيَّةِ" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا صَدَقَةَ إلا عَنْ ظَهْرِ غِنًى" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَا يُوصِي العَبْدُ إلا بِإِذْنِ أَهْلِهِ" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ". [انظر: 1426، 1427] (باب: تأويل قول الله تعالى) في نسخة: "قوله تعالى". ({مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ}) في نسخة: ({يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}) أي: بيان تأويل ما ذكر من تقديم الوصية في الذكر على الدين مع أنه مقدم عليها في الأداء. (أو قوله) بالجر عطف على (تأويل). (-عزَّ وجلَّ -) ساقط من نسخة: (لا صدقة) أي: كاملة إلا عن (ظهر غنى) بإقحاكم (ظهر) أي: والمديون ليس بغني فالوصية التي لها حكم الصدقة تعتبر بعد الدين ذكره الكرماني (¬1). وأما تقديم الوصية في الذكر على الدين، ففيه أوجه: منها: أنها قدمت لأنها إما تقع على سبيل البر بخلاف الدين: لأنه يقع قهرًا فكانت الوصية أفضل، ومنها: أنها تؤخذ بغير عوض بخلاف الدين فكانت أشق على الورثة منه، ومنها: أنها مظنة التفريط فكانت أهم فقدمت. (لا يوصي العبد إلا بإذن أهله) أي: بإذن سيده له في الوصية عن نفسه، لا عن العبد إذ العبد لا يملك شيئًا. (العبد راع في مال سيده) أي: حافظ ملتزم صلاح مال سيده فلا يتصرف فيه إلا بإذنه. 2750 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 67.

فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَال لِي: "يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَال خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ، بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ، لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى"، قَال حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ العَطَاءَ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَال: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ، الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الفَيْءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ. [انظر: 1742 - مسلم: 1035 - فتح: 5/ 377] (الأوزاعي) اسمه: عبد الرحمن. (إن هذا المال) أي: في الرغبة والميل إليه كالفاكهة. (خضر) أي: في النظر. (حلو) أي: في الذوق. (بإشراف نفسٍ) أي: بطلبها وحرصها. (لا أرزأ) بتقديم الراء على الزاي وأصله: النقص، أي: لا آخذ من أحد بعدك شيئًا. ومرَّ شرح الحديث في الزكاة (¬1). 2751 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّخْتِيَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"، قَال: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَال: "وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ". [انظر: 893 - مسلم: 1829 - فتح: 5/ 377] (السختياني) ساقط من نسخة، وهو بفتح السين كما مرَّ. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1472) كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة.

10 - باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه ومن الأقارب

(كلكم راع) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: الجمعة في القرى (¬1). (وحسبت) في نسخة: "وأحسب". 10 - بَابُ إِذَا وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ وَمَنِ الأَقَارِبُ وَقَال ثَابِتٌ: عَنْ أَنَسٍ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ: "اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِكَ" فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَقَال الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ، مِثْلَ حَدِيثِ ثَابِتٍ، قَال: "اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ"، قَال أَنَسٌ: فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي "وَكَانَ قَرَابَةُ حَسَّانَ، وَأُبَيٍّ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ المُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، فَيَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ وَهُوَ الأَبُ الثَّالِثُ، وَحَرَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَهُوَ يُجَامِعُ حَسَّانَ، وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا إِلَى سِتَّةِ آبَاءٍ، إِلَى عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيدِ بْنِ مُعَاويَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا" وَقَال بَعْضُهُمْ: إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهُوَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإِسْلامِ. (باب: إذا وقف) في نسخة: "إذا أوقف". (أو وصى لأقاربه) ¬

_ (¬1) سبق برقم (893) كتاب: الجمعة، باب: الجمعة في القرى والمدن.

أي: جاز (ومن الأقارب؟) استفهام، وهو معطوف على الجملة قبله (اجعلها) أي: أرض بيرحاء، وفي نسخة: "اجعله" أي وقفها. (فجعلها لحسان وأبي بن كعب) وكانا من بني أعمامه. (وقال الأنصاري) هو محمد بن عبد الله بن المثنى. (عن ثمامة) بضم المثلثة، أي: ابن أنس. (مثل) في نسخة: "بمثل". (وكانا أقرب إليه مني) في نسخة: "وكانا إليه أقرب مني". (ابن حَرَام) بحاءٍ وراءٍ مهملتين. (زيد مناة) اسم مركب وهو بفتح الميم، وتخفيف النون. (ابن النجار) سمي أبوه بالنجار؛ لأنه اختتن بالقدوم، أو ضرب وجه رجل به فنجره. (فهو) أي: الشأن. (يجامع حسان وأبا طلحة وأُبيا إلى ستة آباء) بمعنى: أن حسان يجامع أبا طلحة إلى حرام، ويجامع أبيًّا إلى ستة آباء، وفي نسخة: "فهو يجامع حسان وأبا طلحة وأبي إلى ستة آباء" بجعل ضمير هو لحرام، ونصب (حسان) وزيادة واو بعده، ورفع (أبي) على الاستئناف، أي: فحرام يجامع حسان وأبا طلحة، وأبي يجامعهما، وفي رواية رفع الثلاثة مع جعل الضمير للشأن، أي: الشأن يجامع كل من الثلاثة الآخرين (فهو) أي: ما أوصى به يصرف (إلى آبائه في الإسلام) أي: الذين كانوا معه في الإسلام، وعند الشافعية: أقارب الشخص أولاد أقرب جد ينسب هو إليه فلا يدخل فيهم الأبوان والأولاد، وإنَّما يدخلون في أقرب أقاربه. 2752 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ: "أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ"، قَال أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ، وَبَنِي عَمِّهِ. [انظر: 1461 - مسلم: 998 - فتح: 5/ 379] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}

11 - باب: هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟

[الشعراء: 214]، جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ" لِبُطُونِ قُرَيْشٍ. [3525 - مسلم: 208] وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ". [2753 - مسلم: 206] (ابن أبي طلحة) ساقط من نسخة. (قال: أبو طلحة) في نسخة: "فقال أبو طلحة". (في أقاربه وبني عمه) العطف فيه، من عطف الخاص على العام (أرى أن تجعلها في الأقربين) إلى آخره، اختصره هنا وذكره بتمامه في جاب: الزكاة على الأقارب (¬1). 11 - بَابٌ: هَلْ يَدْخُلُ النِّسَاءُ وَالوَلَدُ فِي الأَقَارِبِ؟ (باب: هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟) أي: إذا أوقفت عليهم، أو أوصي لهم. 2753 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، قَال: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا" تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. [3527، 4771 - مسلم: 206 - فتح: 5/ 382] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1461) كتاب: الزكاة، باب: الزكاة على الأقارب.

12 - باب: هل ينتفع الواقف بوقفه؟

(وأبو سلمة) اسمه: عبد الله، أو إسماعيل. (اشتروا أنفسكم) أي: خلصوها من العذاب بالإسلام. (لا أغني) أي: لا أدفع. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (يا صفية، يا فاطمة). (تابعه) أي: أبا اليمان. أصبغ أي: ابن الفرج (عن ابن وهب) هو عبد الله. 12 - بَابٌ: هَلْ يَنْتَفِعُ الوَاقِفُ بِوَقْفِهِ؟ وَقَدْ اشْتَرَطَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا" وَقَدْ يَلِي الوَاقِفُ وَغَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ جَعَلَ بَدَنَةً أَوْ شَيْئًا لِلَّهِ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ". [انظر: 2313] (باب: هل ينتفع الواقف بوقفه) أي: إذا اتصف بصفة الموقوف عليه، وجواب (هل) محذوف، أي: نعم. (أن يأكل) أي: "منها" كما في نسخة، أي: من الأرض الموقوفة. (وقد يلي الواقف وغيره) من كلام البخاري فسر به ما قبله؛ ليفيد أن للواقف أن ينتفع بما وقفه ثم قوى بذلك بقوله. (وكذلك من) في نسخة: "وكذلك كل من". (جعل بدنة أو شيئًا لله) فله أن ينتفع بها كما ينتفع بها غيره (وإن لم يشترط) أي: ذلك لنفسه. 2754 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَال لَهُ: "ارْكَبْهَا"، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَال فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ: "ارْكَبْهَا وَيْلَكَ، أَوْ وَيْحَكَ". [انظر: 1690 - مسلم: 1323 - فتح: 5/ 383] (ابن سعيد) ساقط من نسخة. (أبو عوانة) هو الوضاح اليشكري.

13 - باب إذا وقف شيئا قبل أن يدفعه إلى غيره فهو جائز

(عن قتادة) أي: ابن دعامة. (إنها بدنة) أي: هدي. (أو الرابعة) في نسخة: "أو في الرابعة". (ويلك) كلمة عذاب. (أو ويحك) كلمة زجر، وقيل هما بمعنى واحد، والشك فيه، وفيما قبله من الراوي. 2755 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَال: "ارْكَبْهَا"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَال: "ارْكَبْهَا وَيْلَكَ" فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ. [انظر: 1689 - مسلم: 1322 - فتح: 5/ 383] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. واحتج بما ذكر من أجاز الوقف على النفس، ومرَّ شرح الحديث مع زيادة في باب: ركوب البدن في الحج (¬1). 13 - بَابُ إِذَا وَقَفَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْقَفَ، وَقَال: "لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَمْ يَخُصَّ إِنْ وَلِيَهُ عُمَرُ أَوْ غَيْرُهُ" قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ: "أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ" فَقَال: أَفْعَلُ، فَقَسَمَهَا فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. [فتح: 5/ 384] (باب: إذا وقف شيئًا فلم يدفعه) في نسخة: "قبل أن يدفعه". (إلى غيره فهو) أي: الوقف (جائز: لأن عمر - رضي الله عنه - أوقف) الفصيح: وقف، أي: أرضه التي بخيبر. (وقال) في نسخة: "فقال". (لا جناح) إلى آخره لم يأمره - صلى الله عليه وسلم - بإخراجه عن يده، فدلَّ تقريره له على ذلك على صحة ¬

_ (¬1) سبق برقم (1689) كتاب: الحج، باب: ركوب البدن.

14 - باب إذا قال: داري صدقة لله، ولم يبين للفقراء أو غيرهم، فهو جائز، ويضعها في الأقربين أو حيث أراد

الوقف، وإن لم يدفعه للموقوف عليه. (قال النبي) في نسخة: "وقال النبي". (- صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة أرى أن تجعلها في الأقربين) إلى آخره، وجه الاستدلال منه: بأن أبا طلحة أطلق صدقة أرضه ثم فوض إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مصرفها، فلما قال له (أرى أن تجعلها في الأقربين) صار كأنه أقرها في يده بعد أن مضت الصدقة، ولا يخفى أن هذا التوجيه إنما يتم على قول من لا يشترط بيان المصرف في عقد الوقف لا على قول من رجَّح أن يشترط ذلك كالشافعية (¬1). نعم يتم على قول السبكي إن محل اشتراط ذلك في عقده إذا لم يقل لله وإلا فيصح، ثم يبين المصرف؛ لخبر أبي طلحة فاشتراط بيانه حينئذ للزوم لا للصحة. 14 - بَابُ إِذَا قَال: دَارِي صَدَقَةٌ لِلَّهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَضَعُهَا فِي الأَقْرَبِينَ أَوْ حَيْثُ أَرَادَ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ حِينَ قَال: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَقَال بَعْضُهُمْ: "لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ وَالأَوَّلُ أَصَحُّ". [فتح: 5/ 384] (باب: إذا قال: داري صدقة لله ولم يبين) أنها (للفقراء أو غيرهم فهو جائز) أي: فيتم قبل تعيين مصرفها. (ويضعها) بعد ذلك (في الأقربين) وفي نسخة: "ويعطها للأقربين". (وإنها صدقة لله) وأشار البخاريُّ إلى وجه الاستدلال بقوله: (فأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك) أي: من غير تعيين لمصرفه. (وقال بعضهم لا يجوز) ذلك (حتى يبين) ¬

_ (¬1) انظر: "المجموع" 14/ 224.

15 - باب إذا قال: أرضي أو بستاني صدقة [لله] عن أمي فهو جائز، وإن لم يبين لمن ذلك

أنه (لمن) يصرف. (والأول) أي: القول بالجواز. (أصح). وتبع في ترجيحه جمعًا، والراجح عند الجمهور الثاني كما مرت الإشارة إليه مع تقيده بما قاله السبكي. 15 - بَابُ إِذَا قَال: أَرْضِي أَوْ بُسْتَانِي صَدَقَةٌ [لِلَّهِ] عَنْ أُمِّي فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِمَنْ ذَلِكَ (باب: إذا قال: أبيضي أو بستاني صدقة لله) لفظ: (لله) ساقط من نسخة. (عن أمي فهو جائز وإن لم يبين لمن ذلك؟) أي: المتصدق به، فهذه كالترجمة السابقة إلا أنه عين في هذه المتصدق عنه بخلاف تلك. 2756 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يَعْلَى، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَال: "نَعَمْ"، قَال: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. [2762، 2770 - فتح: 5/ 385] (ابن سلام) ساقط من نسخة. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (يعلى) أي: ابن مسلم. (أمه) اسمها: عمرة بنت مسعود، وقيل: بنت سعد بن قيس بن عمرو الأنصارية. (أن حائطي) أي: بستاني. (المخراف) بكسر الميم: صفة لحائطي. قال: الخطابي: هي الثمرة سميت بذلك؛ لما يخترف أي: يجتنى من ثمارها (عليها) أي: "عنها" كما في نسخة. وفي الحديث: أن ثواب الصدقة على الميت يصل إليه (¬1) وتنفعه، ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 2/ 1347.

16 - باب إذا تصدق، أو أوقف بعض ماله، أو بعض رقيقه، أو دوابه، فهو جائز

وهو كوصول ثواب القراءة إلى الميت مخصص لقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلا مَا سَعَى (39)}. ومرّ شرحه في الوصايا (¬1). 16 - بَابُ إِذَا تَصَدَّقَ، أَوْ أَوْقَفَ بَعْضَ مَالِهِ، أَوْ بَعْضَ رَقِيقِهِ، أَوْ دَوَابِّهِ، فَهُوَ جَائِزٌ (باب: إذا تصدق أو أوقف) في نسخة: "وقف" وهو الفصيح كما مرَّ. (بعض ماله أو بعض رقيقه أو دوابه) أي: بعضها (فهو جائز) لسبق بعض ذلك، وعطف (بعض رقيقه ودوابه) من عطف الخاص على العام. 2757 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ. [2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225 - مسلم: 716، 2769 - فتح: 5/ 386] (أن أنخلع) أي: أخرج بالكلية (من مالي صدقة) أي: لأجلها، أو متصدقًا بجعلها حالًا. (فهو خير لك) أي: من إنفاقه كله. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2762) كتاب: الوصايا، باب: الإشهاد في الوقف والصدقة و (2770) كتاب: الوصايا، باب: إذا وقف أرضًا ولم يبين الحدود فهو جائز وكذلك الصدقة.

17 - باب من تصدق إلى وكيله ثم رد الوكيل إليه

17 - بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ إِلَى وَكِيلِهِ ثُمَّ رَدَّ الوَكِيلُ إِلَيْهِ (باب: من تصدق إلى) في نسخة: "على وكيله". (ثم رد الوكيل) أي: الصدقة. (إليه) أي: إلى الموكل. 2758 - وَقَال إِسْمَاعِيلُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لَا أَعْلَمُهُ إلا عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى فِي كِتَابِهِ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، قَال: - وَكَانَتْ حَدِيقَةً كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا، وَيَسْتَظِلُّ بِهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا -، فَهِيَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْجُو بِرَّهُ وَذُخْرَهُ، فَضَعْهَا أَيْ رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَخْ يَا أَبَا طَلْحَةَ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَبِلْنَاهُ مِنْكَ، وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْكَ، فَاجْعَلْهُ فِي الأَقْرَبِينَ"، فَتَصَدَّقَ بِهِ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى ذَوي رَحِمِهِ، قَال: وَكَانَ مِنْهُمْ أُبَيٌّ، وَحَسَّانُ، قَال: وَبَاعَ حَسَّانُ حِصَّتَهُ مِنْهُ مِنْ مُعَاويَةَ، فَقِيلَ لَهُ: تَبِيعُ صَدَقَةَ أَبِي طَلْحَةَ، فَقَال: أَلا أَبِيعُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعٍ مِنْ دَرَاهِمَ؟ قَال: وَكَانَتْ تِلْكَ الحَدِيقَةُ فِي مَوْضِعِ قَصْرِ بَنِي حُدَيْلَةَ الَّذِي بَنَاهُ مُعَاويَةُ. [انظر: 1461 - مسلم: 998 - فتح: 5/ 387] (وقال إسماعيل) أي: ابن جعفر أو ابن أبي أويس. (قال وكانت) إلى قوله: (من مائها) اعتراض بين ما قبله وما بعده. (أرجو بره) أي: بر ما أنفقه مما أحب (زجرة) بمعجمتين (بخ) بفتح الموحدة، وسكون المعجمة، وكسرها مع التنوين: كلمة تقال عند المدح والرضى بذلك الشيء. (رابح) بموحدة، أو تحتية، ومعناه بالموحدة: مديح صاحبه به في الآخرة. (أبي) أي: ابن كعب (وحسان) أي: ابن ثابت. (وباع حسان حصته منه) أي: من ذلك المال

18 - باب قول الله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى، واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} [النساء: 8]

المتصدق به. (من معاوية) أي: ابن أبي سفيان. قال الكرماني: وجاز بيعه وهو وقف؛ لأن التصدق على المعين تمليك [أي: لا وقف بناءً على أن التصدق على معين تمليك] (¬1) لا وقف (¬2)، وهو الأصح عند الشافعية. (بني حديلة) بضم المهملة الأولى وفتح الثانية: بطن من الأنصار، ومن ضبطها بجيم مفتوحة ومهملة مكسورة فقد صحف، وحديلة: أم البنين وإليهم نسب القصر المذكور. والباب مع حديثه ساقط من أكثر النسخ، وفي نسخة: ذكر الترجمة وبعض الحديث إلى قوله: (مما تحبون). ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (قبلناه منك ورددناه عليك) ومرّ الحديث في كتابة: الزكاة، في باب: الزكاة على الأقارب (¬3). 18 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى، وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8]. (باب: قول الله تعالى) في نسخة: "-عزَّ وجلَّ -". ({وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}) كان ذلك واجبًا في ابتداء الإسلام، فنسخ ذلك بآية المواريث كما مرَّ، وهذا مذهب الجمهور. 2759 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نُسِخَتْ، وَلَا وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ، هُمَا وَالِيَانِ، وَالٍ يَرِثُ وَذَاكَ الَّذِي يَرْزُقُ، وَوَالٍ لَا يَرِثُ، ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 75. (¬3) سبق برقم (1461) كتاب: الزكاة، باب: الزكاة على الأقارب.

19 - باب ما يستحب لمن توفي فجاءة أن يتصدقوا عنه، وقضاء النذور عن الميت

فَذَاكَ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ، يَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ". [4576 - فتح: 5/ 388] (محمد بن الفضل أبو النعمان) في نسخة: "أبو النعمان محمد بن الفضل". (أبو عوانة) هو الوضاح. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (هما) أي: المتوليان أمر التركة. (والٍ يرث) أي: كالقريب. (وذاك) في نسخة: "وذلك". (ووال) لا يرث أي: كولي اليتيم. (فذاك) في نسخة: "فذلك". (الذي يقول بالمعروف) أي: يقول لمن حضر القسمة ممن لا يرث وقد أعطاه شيئًا قولًا معروفًا وهو: (لا أملك لك أن أعطيك) زائدًا على ما أعطيتك فالخطاب في {فَارْزُقُوهُمْ} {وَقُولُوا} للمتولين الذين لا يرثون. والأوجه ما قاله الزمخشري إنه للورثة وحدهم بأن يجمعوا بين الأجرين الإعطاء والاعتذار عنهم عن القلة ونحوها والأمر بالرزق أمر ندب على القول بأن الآية منسوخة (¬1) (لا أملك لك) لفظ: (لك) ساقط من نسخة. 19 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ تُوُفِّيَ فُجَاءَةً أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَنْهُ، وَقَضَاءِ النُّذُورِ عَنِ المَيِّتِ (باب: ما يستحب لمن توفي) بالبناء للمفعول بصيغة المضارع، وفي نسخة: "توفى" كذلك بصيغة الماضي. (فجأة) بفتح، الفاء وسكون الجيم، وفي نسخة: بالضم والفتح والمد، أي: بغتة. (وما) مصدرية، واللام داخلة على مقدر، أي: يستحب لأهل من يتوفى. (أن يتصدقوا ¬

_ (¬1) "الكشاف" 1/ 417 - 418.

20 - باب الإشهاد في الوقف والصدقة

عنه وقضاء النذور) بالجر عطف على (ما يستحب) أي: النذور التي نذرها المتوفى، وفي نسخة: "وقضاء النذور" بالإفراد وهي الموافقة للحديث. (عن الميت) الأخص والإنسب قبله (عنه) أي: عن المتوفى. 2760 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَجُلًا قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَال: "نَعَمْ تَصَدَّقْ عَنْهَا". [انظر: 1388 - مسلم: 1004 - فتح: 5/ 388] 2761 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ، فَقَال: "اقْضِهِ عَنْهَا". [6698، 6959 - مسلم: 1638 - فتح: 5/ 389] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عن هشام) أي: "ابن عروة" كما في نسخة. (أن رجلًا) هو سعد بن عبادة. (إن أمي) اسمها: نمرة بنت مسعود أو بنت سعد كما مرَّ. (افتلت) بالفاء والبناء للمفعول، أي: ماتت فجأة (نفسها) بالرفع بالنيابة عن الفاعل، وبالنصب مفعول ثان، أي: افتللها الله (نفسها) أي: روحها. (وأُراها) بضم الهمزة، أي: أظنها. (وعليها نذر) قيل: هو عتق، وقيل: هو صوم، وقيل: صدقة. 20 - بَابُ الإِشْهَادِ فِي الوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب: الإشهاد في الوقف والصدقة) أي: بيان مشروعيته فيهما. 2762 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ،

21 - باب قول الله تعالى: {وآتوا اليتامى أموالهم، ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب، ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا، وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} [النساء:2 - 3]

أَخْبَرَهُمْ قَال: أَخْبَرَنِي يَعْلَى، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، فَهَلْ يَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَال: "نَعَمْ"، قَال: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. [انظر: 2756 - فتح: 5/ 390] (ابن جريج) هو عبد الملك. (يعلى) أي: ابن مسلم المكي. (أخا بني ساعدة) أي: واحدًا منهم، أي: أنه أنصاري ساعدي. (وهو غائب) أي: "عنها" كما في نسخة. (قال: فإني) لفظ: (قال) ساقط من نسخة: (أشهدك) إلى آخره، فيه المطابقة، وقيس بالصدقة الوقف، ومرّ شرح الحديث في باب إذا قال: أرضي، أو بستاني صدقة لله (¬1). 21 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتُوا اليَتَامَى أَمْوَالَهُمْ، وَلاَ تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ، وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا، وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 2 - 3]. (باب: قول الله تعالى) في نسخة: "قول الله -عزَّ وجلَّ-". ({وَآتُوا اليَتَامَى أَمْوَالهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} أي: بالحلال. ({إِلَى أَمْوَالِكُمْ}) أي: معها. ({حُوبًا}) أي: إثمًا. ({كَبِيرًا}) أي: عظيمًا. (أَلَّا تُقْسِطُوا}) أي: أن لا تعدلوا ({فِي اليَتَامَى}) أي: في نكاحهن. ({مِنَ النِّسَاءِ}) بيان لما قبله، وفي نسخة عقب قوله: "إلى أموالكم ¬

_ (¬1) سبق برقم (2756) كتاب: الوصايا، باب: إذا قال: أرضي أو بستاني صدقة لله عن أمي فهو جائز إن لم يبين لمن ذلك.

إلى قوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} ". ومناسبة ذكر الآية هنا، والآيات الآتية في الأبواب الثلاثة بعد في أبواب الوقف المذكور في كتاب الوصايا: من حيث إن النظر في أموال الأيتام، وإباحة تناول الجعالة منها للأولياء، كالنظر في الأوقاف والوصايا، وإباحة تناول الجعالة للنظار والأوصياء بجامع رعاية المصلحة في الموضعين. 2763 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]، قَالتْ: هِيَ اليَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ، إلا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ، قَالتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127]، قَالتْ: "فَبَيَّنَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: أَنَّ اليَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ، وَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا، وَلَمْ يُلْحِقُوهَا بِسُنَّتِهَا بِإِكْمَالِ الصَّدَاقِ، فَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ المَالِ وَالجَمَالِ تَرَكُوهَا وَالتَمَسُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ"، قَال: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إلا أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا. [انظر: 2494 - مسلم: 3018 - فتح: 5/ 391] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (سأل عائشة رضي الله عنها وإن) أي: سألها. عن قوله تعالى: ({وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}) لفظ: {مِنَ النِّسَاءِ} ساقط من نسخة. (قال) أي: عروة مخبرًا عن عائشة وفي نسخة: "قالت". وفي أخرى: "قالت عائشة". (بأدنى من سنة

22 - باب قول الله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح، فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم، ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا، ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف، فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا، للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان، والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا} [النساء: 6، 7] {حسيبا} يعني كافيا [فتح: 5/ 391]

نسائها) أي: بأقل مهر مثلها من قراباتها. (من سواهن) أي: سوى اليتامى. (بعد) أي: بعد نزول الآية: {وَإِنْ خِفْتُمْ}. ({وَيَسْتَفْتُونَكَ}) في نسخة: " {يَسْتَفْتُونَكَ} " بلا واو. (في هذه أن) في نسخة: "في هذه الآية أن". (ولم يلحقوها) في نسخة: "ولو يلحقوا بها"، ومرَّ شرح الحديث في باب شركة اليتيم وأهل الميراث (¬1). 22 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ، فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ، وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا، وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا، لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ، وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ، وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 6، 7] {حَسِيبًا} يَعْنِي كَافِيًا. [فتح: 5/ 391] (باب قول الله تعالى) في نسخة: "قول الله -عزَّ وجلَّ -". ({وَابْتَلُوا الْيَتَامَى}) أي: اختبروهم. ({حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}) أي: صاروا أهلًا له بالاحتلام أو بالسِّنِّ. ({فَإِنْ آنَسْتُمْ}) أي: أبصرتم. ({إِسْرَافًا}) أي: بغير حق. ({وَبِدَارًا}) أي: مبادرة إلى انتفاعكم بها مخافة. {أَنْ يَكْبَرُوا} رُشْدًا فيلزمكم تسليمها إليهم. ({فَلْيَسْتَعْفِفْ}) أي: يعف عنها. ({بِالْمَعْرُوفِ}) أي: بقدر أجرة عمله، ومذهب الشافعي بأقل الأمرين من أجرته ونفقته. ({مَفْرُوضًا}) أي: مقدرًا، وفي نسخة: عقب قوله: " {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2494) كتاب: الشركة، باب: شركة اليتيم وأهل الميراث.

أَمْوَالهُمْ} إلى قوله: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} ". {حَسِيبًا} قال البخاريُّ: (يعني: كافيًا) وقال غيره: حافظًا لأعمال خلقه ومجازيًا عليها، ولفظ: (يعني) ساقط من نسخة. باب وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عمالته (وما للوصي) في نسخة: "باب ما للوصي" وفي أخرى: "وللوصي". (أن يعمل في مال اليتيم وما يُأكل منه بقدر عمالته) بضم العين، أي: بقدر أجرته على ما مرّ. 2764 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ثَمْغٌ وَكَانَ نَخْلًا، فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي اسْتَفَدْتُ مَالًا وَهُوَ عِنْدِي نَفِيسٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ"، فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ، فَصَدَقَتُهُ تِلْكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الرِّقَابِ وَالمَسَاكِينِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَلِذِي القُرْبَى، وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُوكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ بِهِ. [انظر: 2313 - مسلم: 1632 - فتح: 5/ 392] (حدثنا هارون) في نسخة: "حدثني هارون". (ابن الأشعث) ساقط من نسخة. (أبو سعيد) هو عبد الرحمن بن عبد الله الحافظ. (ذلك) في نسخة: "تلك". ومرّ شرح الحديث في باب: الشروط في الوقف (¬1). 2765 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6]، قَالتْ: "أُنْزِلَتْ فِي وَالِي اليَتِيمِ أَنْ يُصِيبَ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2737) كتاب: الشروط، باب: الشروط في الوقف.

23 - باب قول الله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} [النساء: 10]

مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ". [انظر: 2212 - مسلم: 3019 - فتح: 5/ 392] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (في والي اليتيم) في نسخة: "في والي مال اليتيم" [(أن يصيب) أي: والي اليتيم] (¬1) وفي نسخة: "أن يصيبوا" أي: أولياءه. 23 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال اليَتَامَى ظُلْمًا، إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] (باب قول الله تعالى) في نسخة: "قول الله -عزَّ وجلَّ -". ({إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال اليَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}) أي: بيان حال أَكَلَةِ أموال اليتامى في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ} إلخ. 2766 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ المَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَال: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ". [5764، 6857 - مسلم: 89 - فتح: 5/ 393] (المدني) ساقط من نسخة. (عن أبي الغيث) اسمه: سالم. (اجتنبوا السبع الموبقات) أي المهلكات. (والسحر) هو لغة: صرف الشيء عن وجه. (والتولي يوم الزحف) أي: الفرار عن القتال يوم ازدحام الطائفتين. والتنصيص على السبع، لزيادة عظمتها ولأن ¬

_ (¬1) من (س).

24 - باب قول الله تعالى: {ويسألونك عن اليتامى، قل إصلاح لهم خير، وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح، ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم} [البقرة: 220] " لأعنتكم: لأحرجكم وضيق، وعنت: خضعت

التنصيص على عدد لا ينافي أزيد منه، وإلا فسيأتي زيادة على ذلك كالزنا بحليلة الجار، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس. 24 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى، قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ، وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 220] " لَأَعْنَتَكُمْ: لَأَحْرَجَكُمْ وَضَيَّقَ، وَعَنَتِ: خَضَعَتْ (باب قول الله تعالى) لفظ: (قول الله تعالى) ساقط من نسخة: ({وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}) أي: باب في ذكر قول الله تعالا: ({وَيَسْأَلُونَكَ}) إلخ ({لَأَعْنَتَكُمْ}) معناه: لأحرجكم وضيق، أي: عليكم. وعنت في قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} [طه: 111] معناه: خضعت وذكر هذا هنا استطرادًا لقربه لفظًا من قوله {لَأَعْنَتَكُمْ}. 2767 - وَقَال لَنَا سُلَيْمَانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: مَا رَدَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَحَدٍ وَصِيَّةً وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ أَحَبَّ الأَشْيَاءِ إِلَيْهِ فِي مَالِ اليَتِيمِ أَنْ يَجْتَمِعَ إِلَيْهِ نُصَحَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ، فَيَنْظُرُوا الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُ وَكَانَ طَاوُسٌ: "إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ اليَتَامَى قَرَأَ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ} [البقرة: 220] وَقَال عَطَاءٌ فِي يَتَامَى الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ: "يُنْفِقُ الوَلِيُّ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ بِقَدْرِهِ مِنْ حِصَّتِهِ". [فتح: 5/ 394] (سليمان) أي: ابن حرب. (حماد) هو أبو أسامة بن أسامة (عن أيوب) أي: السختياني. (ما رد ابن عمر على أحد وصيته) أي: قصدًا لإعانة من أوصى هو عليه، ليكون الله هو في عونه. نعم يكره الدخول

25 - باب استخدام اليتيم في السفر والحضر، إذا كان صلاحا له، ونظر الأم وزوجها لليتيم

في الوصاية عند خشية التهمة أو الضعف عن القيام بحقها. (وكان ابن سيرين أحب الأشياء إليه) بنصب (أحب) خبر (كان)، وبرفعه مبتدأ خبره، قوله: (أن يجتمع إليه إلخ) والجملة خبر (كان)، وفي نسخة: "أن يخرج إليه" ولفظ (إليه) ساقط من نسخة. (فينظروا) بالنسب عطف على مدخول أن، وفي نسخة: "ينظرون" بإثبات النون خبر لمبتدإٍ محذوف، أي: فهم ينظرون. (طاوس) أي: ابن كيسان. (في يتامى) في نسخة: "في اليتامى". (الصغير والكبير) أي الوضيع والشريف، وهما مجروران على البدلية مما قبلهما، ومرفوعان على الابتداء والخبر ما بعدهما، الجملة من المبتدإِ والخبر مقول القول على الثاني، ومقول القول على الأول جملة: (ينفق الولي) إلخ، وفي نسخة "الوالي". (على كل إنسان) أي: منهما. (بقدره) أي: اللائق بحاله. 25 - بَابُ اسْتِخْدَامِ اليَتِيمِ فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ، إِذَا كَانَ صَلاحًا لَهُ، وَنَظَرِ الأُمِّ وَزَوْجِهَا لِلْيَتِيمِ (باب استخدام اليتيم في السفر والحضر إذا كان) أي: الاستخدام. (صلاحًا له) وعطف على استخدام اليتيم قوله: (ونظر الأم أو زوجها لليتيم أي: في أموره). 2768 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَنَسًا غُلامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ، قَال: "فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ، مَا قَال لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا؟ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا؟ " [6038، 6911 - مسلم: 2309 - فتح: 5/ 395]

26 - باب إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود فهو جائز، وكذلك الصدقة

(ابن عليَّة) هو إسماعيل بن إبراهيم وعليَّة: اسم أمه. (عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (كيّس) أي عاقل. ومطابقة الحديث للترجمة: باستخدام اليتيم في السفر والحضر ظاهرة، وينظر الإمام في أمره من جهة أن أبا طلحة لم يفعل ذلك إلا بعد رضي الأم وينظر زوجها من قوله: (فأخذ أبو طلحة بيدي) إلخ. 26 - بَابُ إِذَا وَقَفَ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنِ الحُدُودَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ (باب إذا وقف أرضًا ولم يبين الحدود) أي: حدودها مع كونها معروفة. (فهو جائز، وكذلك الصدقة) أي: الوقف بلفظها مع نيته فإنه جائز. 2769 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَال أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَال: "بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ أَوْ رَايِحٌ - شَكَّ ابْنُ مَسْلَمَةَ - وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ"، قَال أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ، وَفِي بَنِي عَمِّهِ، وَقَال إِسْمَاعِيلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى: عَنْ مَالِكٍ: "رَايِحٌ". [انظر: 1461 - مسلم: 998 - فتح: 5/ 396]

27 - باب إذا أوقف جماعة أرضا مشاعا فهو جائز

(أكثر أنصاري) في نسخة: "أكثر الأنصار". (قال أبو طلحة) في نسخة: "فقال أبو طلحة". (أفعل ذلك) لفظ: (ذلك) ساقط من نسخة: (وفي بني عمه) لفظ: (في) ساقط من نسخة: (وقال إسماعيل) أي: ابن أبي أويس، ومرَّ الحديث في باب الزكاة على الأقارب وغيره (¬1). 2770 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا قَال لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمَّهُ تُوُفِّيَتْ أَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَال: "نَعَمْ"، قَال: فَإِنَّ لِي مِخْرَافًا وَأُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا. [انظر: 2756 - فتح: 5/ 396] (حدثنا محمد) في نسخة "حدثني محمد". (أن رجلًا) هو سعد بن عبادة. (وأشهدك) في نسخة: "وأنا أشهدك". (تصدقت عنها) في نسخة: "تصدقت به عنها". 27 - بَابُ إِذَا أَوْقَفَ جَمَاعَةٌ أَرْضًا مُشَاعًا فَهُوَ جَائِزٌ (باب إذا أوقف) في نسخة: "وقف" وهو الفصيح كما مرَّ. (جماعة أرضًا مشاعًا) فهو جائز كما لو لم تكن مشاعًا. 2771 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فَقَال: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا"، قَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلا إِلَى اللَّهِ. [انظر: 234 - مسلم: 524 - فتح: 5/ 398] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (عبد الوارث) أي ابن سعيد التنوري. (عن أبي التّياح) هو يزيد بن حمير الضبعي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1461) كتاب: الزكاة، باب: الزكاة على الأقارب، وبرقم (2318) كتاب: الوكالة، باب: إذا قال الرجل لوكيله: ضعه حيث أراك الله.

28 - باب الوقف كيف يكتب؟

(ثامنوني) بالمثلثة أي: قرروا ثمنه وبيعونيه به (إلا إلى الله) الأصل إلا من الله، لكن ضمن (نطلب) معنى: الصرف فعدّاه بإلى (¬1)، أي: لا نطلب ثمنه مصروفًا إلا إلن الله، فعليه الاستثناء متصل، وإن قدر لا نطلب ثمنه من أحد، لكنه مصروف إلى الله، فهو منقطع، وسبق الحديث في الصلاة في باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية (¬2). ووجه مطابقته للترجمة: من حيث أن ظاهره أنهم لما تصدقوا بحائطهم لله تعالى أقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، كان وقف كل منهم وقف مشاع، لكن في "طبقات ابن سعد" أنه - صلى الله عليه وسلم - اشتراه من ابن عفراء بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر (¬3)، وهو يدل على أنه ملك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه الواقف له فلا يكون وقف مشاع. 28 - بَابُ الوَقْفِ كَيْفَ يُكْتَبُ؟ (باب الوقف كيف يكتب؟) في نسخة: "وكيف يكتب؟ " بواو. 2772 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَال: "إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا"، فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا ¬

_ (¬1) القول بتضمين الفعل معنى فعل آخر بدل نيابة الحروف عن بعض قول بصري ووافقهم المصنف هنا. أما الكوفيون فإنهم لا يقولون بالتضمين، بل يجيزون نيابة حروف الجر عن بعضها. (¬2) سبق برقم (428) كتاب: الصلاة، باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد. (¬3) "طبقات ابن سعد" 1/ 239 - 240.

29 - باب الوقف للغني والفقير والضيف

يُورَثُ فِي الفُقَرَاءِ، وَالقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. [انظر: 2313 - مسلم: 1632 - فتح: 5/ 399] (ابن عون) هو عبد الله. (أصلها) أي: أصل الأرض بجعل الإضافة بيانية (وتصدقت بها) أي: بالأرض أو بغلتها، فالصيغة على الأول محتملة للوقف وللتمليك، وعلى الثاني للتمليك فقط، لكن المراد أحد شقي الأول: وهو الوقف بقرينة قوله: (فتصدق عمر أنه) إلى آخره أي: فتصدق بها عمر وضمير (أنه) للشأن وقوله: (أنه إلخ) ظاهره: أنه من كلام عمر، ويحتمل أنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، بجعل ما قبله اعتراضًا بين الكلامين، ليوافق ما مرّ في باب قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] وغيره، ومرَّ الحديث في باب قوله الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} (¬1). ومطابقته للترجمة: في قوله: (إن شئت حبست أصلها) إلا آخره، إذ فيه شروط تكتب في كتاب الوقف، وقد كتب معيقيب لعمر - رضي الله عنه - بأمره في زمن خلافته كتاب وقفه الذي وقفه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 29 - بَابُ الوَقْفِ لِلْغَنِيِّ وَالفَقِيرِ وَالضَّيْفِ (باب الوقف للغني والفقير والضيف) أي: عليهم، وعطف الضيف على الغني من عطف العام على الخاص. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2764) كتاب: الوصايا، باب: وابتلوا اليتامى. وبرقم (2737) كتاب الشروط، باب: الشروط في الوقف.

30 - باب وقف الأرض للمسجد

2773 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَدَ مَالًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ قَال: "إِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْتَ بِهَا"، فَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَذِي القُرْبَى وَالضَّيْفِ. [انظر: 2313 - مسلم: 1632 - فتح: 5/ 399] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد. (أن عمر وجد مالًا بخيبر) إلخ مرّ مرارًا (¬1). 30 - بَابُ وَقْفِ الأَرْضِ لِلْمَسْجِدِ (باب وقف الأرض للمسجد) أي: لأجل أن يبنى عليها المسجد. 2774 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، وَقَال: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا" قَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلا إِلَى اللَّهِ. [انظر: 234 - مسلم: 524 - فتح: 5/ 404] (حدثنا) في نسخة: "حدثني إسحاق" أي: "ابن منصور" كما في نسخة وهو الكوسج. (حدثنا) في نسخة: "أخبرنا" (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث بن سعيد العنبري. (أمر بالمسجد) في نسخة: "أمر ببناء المسجد". (بحائطكم) في نسخة: "حائطكم" بالنصب وحذف الباء. (قالوا) في نسخة: "فقالوا" ومرّ الحديث مرارًا (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2737) كتاب: الشروط، باب: الشروط في الوقف، و (2764) كتاب: الوصايا، باب: وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عمالته. و (2772) كتاب: الوصايا، باب: الوقف كيف يكتب. (¬2) سبق برقم (234) كتاب: الوضوء، باب: أبوال الإبل والدواب والغنم =

31 - باب وقف الدواب والكراع والعروض والصامت

31 - بَابُ وَقْفِ الدَّوَابِّ وَالكُرَاعِ وَالعُرُوضِ وَالصَّامِتِ وَقَال الزُّهْرِيُّ: فِيمَنْ جَعَلَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدَفَعَهَا إِلَى غُلامٍ لَهُ تَاجِرٍ يَتْجِرُ بِهَا، وَجَعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ وَالأَقْرَبِينَ، هَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ رِبْحِ ذَلِكَ الأَلْفِ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً فِي المَسَاكِينِ، قَال: "لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا". (باب وقف الدواب والكراع) بضم الكاف أي: الخيل، والعطف فيه من عطف الخاص على العام. (والعروض) بضم العين: وهي ما عدا النقد من الأموال، والعطف فيه من عطف العام على الخاص. (والصامت) أي: النقد. أي: باب بيان وقف الدواب إلخ. (قال) في نسخة: "وقال". (يتجرْ) بسكون الفوقية وضم الجيم. (ربحه) أي: ربح ما أتجر فيه. (هل للرجل) أي للجاعل (ذلك الألف) ذكرها باعتبار اللفظ، وفي نسخة: "تلك الألف". (ليس له أن يأكل منها) أي: من الدراهم المربوحة (والأولى منه) أي: من الربح ومحله، إذا لم يتصف بصفة المتصدق عليه كنظيره في الوقف. 2775 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَعْطَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا رَجُلًا، فَأُخْبِرَ عُمَرُ أَنَّهُ قَدْ وَقَفَهَا يَبِيعُهَا، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْتَاعَهَا، فَقَال: "لَا تَبْتَعْهَا، وَلَا تَرْجِعَنَّ فِي صَدَقَتِكَ". [انظر: 1489 - مسلم: 1621 - فتح: 5/ 405] ¬

_ = ومرابضها. و (1868) كتاب: فضائل المدينة، باب: حرم المدينة. و (2106) كتاب البيوع، باب: صاحب السلعة أحق بالسوم. و (2771) كتاب: الوصايا، باب: إذا أوقف جماعة أرضًا مشاعًا فهو جائز.

32 - باب نفقة القيم للوقف

(مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (حمل على فرس) أي: حمل غيره عليها. (أعطاها رسول الله) بالرفع فاعل أعطى، وبالنصب مفعوله، أي: أعطاها رسول الله عمرَ، أو أعطاها عمرُ رسولَ الله. (فأخبر عمر) بالبناء للمفعول (أنه) أي: الرجل. (قد وقفها) أي وقف بها. (يبيعها) في السوق. (لا تبتعها) بالجزم بلا الناهية، وفي نسخة: "لا تبتاعها" بالرفع بجعل لا نافية، ومرَّ الحديث في كتاب الهبة (¬1). ومطابقته للترجمة: في قوله: (حمل على فرس في سبيل الله). 32 - بَابُ نَفَقَةِ القَيِّمِ لِلْوَقْفِ (باب نفقة القيم للوقف) أي بيان حكم نفقة العامل على الوقف. 2776 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي، وَمَئُونَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ". [3096، 6729 - مسلم: 1760 - فتح: 5/ 406] (عن أبي الزناد) أي عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (لا يقتسم) بالجزم بـ (لا) الناهية، وبالرفع بجعل (لا) نافيه. (ورثتي) سماهم ورثة له مجازًا، وإلا فقد قال: "إنا معاشر الأنبياء لا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2636) كتاب: الهبة، باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته.

33 - باب إذا وقف أرضا أو بئرا، واشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين

نورث" (¬1) (دينارًا) زاد في نسخة "ولا درهمًا". (ما تركت بعد نفقة نسائي) وجه استثناء نفقتهن: بأنهن في معنى المعتدات؛ لأنهن لا يجوز لهن أن ينكحن أبدًا، فجرت لهن النفقة وتركت حجرهن لهن للسكنى. (ومؤنة عاملي) أي: قيمي على وقفي. 2777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَطَ فِي وَقْفِهِ، أَنْ يَأْكُلَ مَنْ وَلِيَهُ، وَيُؤْكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالًا". [انظر: 2313 - مسلم: 1632 - فتح: 5/ 406] (حماد) أي ابن زيد بن درهم. (عن أيوب) أي: السختياني. (من وليه) أي: الوقف. (ويوكل) أي يطعم، ومرَّ الحديث في مواضع أولها باب الشروط في الوقف (¬2). ومطابقة الحديث الأول للترجمة: في قوله: (مؤنة عاملي) والثاني في قوله: (اشترط) إلى أخره. 33 - بَابُ إِذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا، وَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلاءِ المُسْلِمِينَ وَأَوْقَفَ أَنَسٌ دَارًا، فَكَانَ إِذَا قَدِمَهَا نَزَلَهَا وَتَصَدَّقَ الزُّبَيْرُ بِدُورِهِ، ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 463 عن أبي هريرة، وسيأتي عن أبي بكر بلفظ "لا نورث ما تركنا صدقة" برقم (6726) كتاب: الفرائض، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نورث ما تركنا صدقة. (¬2) سبق برقم (2737) كتاب: الشروط، باب: الشروط في الوقف. و (2764) كتاب الوصايا، باب: وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم، وما يأكل منه بقدر عمالته. و (2772) كتاب: الوصايا، باب: الوقف كيف يكتب. و (2773) كتاب الوصايا، باب: الوقف للغني والفقير والضيف.

وَقَال: لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنِ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ سُكْنَى لِذَوي الحَاجَةِ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ. (باب إذا وقف أرضًا أو بئرًا واشترط) في نسخة: "أو اشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين" أي: مثل ما شرطه للمسلمين من أخذ الماء بالدلاء من ماء الأرض أو البئر وجواب (إذا) محذوف، أي: هل يجوز ذلك أو لا؟. (وأوقف) الفصيح "ووقف" كما في نسخة. (دارًا) أي: بالمدينة (فكان إذا قدم) أي: المدينة. (وقال) أي: أنس في شرط وقفه. (للمردودة من بناته) أي: للمطلقة منهن (أن تسكن) بفتح (أن)، وهي مع من حولها مبتدأ خبره: (للمردودة من بناته)، وعلى هذا فقوله: (من بناته) بضمير الغيبة تفسير من البخاريِّ، أو من قول الزبير على الالتفات من التكلم إلى الغيبة وفي نسخة بدلًا من (بناته): "من نسائه" قال البرماوي: وهو أصوب. (فليس لها حق) أي: في السكني. (لذوي الحاجات) في نسخة: "لذوي الحاجة". 2778 - وَقَال عَبْدَانُ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ حُوصِرَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، وَقَال: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، وَلَا أَنْشُدُ إلا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الجَنَّةُ"؟ فَحَفَرْتُهَا، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَال: "مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ"؟ فَجَهَّزْتُهُمْ، قَال: فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَال وَقَال عُمَرُ فِي وَقْفِهِ: "لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَقَدْ يَلِيهِ الوَاقِفُ وَغَيْرُهُ فَهُوَ وَاسِعٌ لِكُلٍّ". [فتح: 5/ 406] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (عن عبد الرحمن) هو عبد الله بن حبيب السلمي.

34 - باب إذا قال الواقف: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله فهو جائز

(أن عثمان) أي ابن عفان. (حيث) في نسخة: "حين". (أنشدكم الله) لفظ: (الله) ساقط من نسخة. (من حفر رومة فله الجنة فحفرتها) لا ينافي ما في الترمذي وغيره، أنه اشتراها (¬1)، لاحتمال أنه اشتراها أولًا ثم حفر فيها بئرًا، فأخبر بالشراء ثم بالحفر، (العسرة) بضم العين وسكون السين المهملتين: وهي غزوة تبوك. (فجهزتم) في نسخة: (فجهزته) بالإفراد باعتبار لفظ: الجيش. (لا جناح) أي الإثم. (على من وليه) إلى آخره استدلَّ به البخاري على جواز اشتراط الواقف لنفسه منفعة من وقفه ومحله: إذا كانت المنفعة عامة كصلاته في بقعة جعلها مسجدًا، أو شربه من بئر، وطبخه في قدر وقفهما على المسلمين، وقيل: استدلاله بذلك على ما ذكر غلط؛ لأنَّ عمر جعل الولاية لغيره فكيف يليه الواقف؟ ومطابقته للترجمة: في قوله: (فحفرتها) مع تمام القصة وهو دلوي فيها كدلاء المسلمين. 34 - بَابُ إِذَا قَال الوَاقِفُ: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلا إِلَى اللَّهِ فَهُوَ جَائِزٌ (باب إذا قال الواقف لا نطلب ثمنه إلا إلى الله) أي: منه. (فهو جائز) أي: القول المذكور. 2779 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ"، قَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ، إلا إِلَى اللَّهِ. [انظر: 234 - مسلم: 524 - فتح: 5/ 409] ¬

_ (¬1) رواه الترمذي برقم (3699)، (3703) كتاب: المناقب، باب: مناقب عثمان.

35 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم، إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم، أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض، فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة، فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا، ولو كان ذا قربى، ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين، فإن عثر على أنهما استحقا إثما، فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان، فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما، وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين، ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها، أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم، واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين} [المائدة: 106 - 108]

(مسدد) أي ابن مسرهد. (عبد الوارث) أي ابن سعيد العنبري. (عن ابن التياح) هو يزيد بن حميد الضبعي. (لا نطلب ثمنه إلا إلى الله) مرَّ بيانه في باب: وقف الأرض للمسجد (¬1)، ولا يصير الملك وقفًا بهذا اللفظ، لكن قيل: إن مراد البخاري: أن الوقف يصح بأي لفظ دل عليه إما بمجرده أو بقرنية، وألفاظ الوقف مذكورة في كتب الفقه. 35 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ، إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ حِينَ الوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ، أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ، فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ المَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ، فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا، وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ، فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا، فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ، فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ، ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا، أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ} [المائدة: 106 - 108] {الأَوْلَيَانِ} [المائدة: 107] وَاحِدُهُمَا أَوْلَى وَمِنْهُ أَوْلَى بِهِ، عُثِرَ: أُظْهِرَ {أَعْثَرْنَا} [الكهف: 21] أَظْهَرْنَا] (باب قول الله تعالى) في نسخة: "-عزَّ وجلَّ -". ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ}) أي: حضرته إمارات الموت ({حِينَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2774) كتاب: الوصايا، باب: وقف الأرض للمسجد.

الوَصِيَّةِ}) بدل من (إذا حضر). ({اثْنَانِ}) خبر (شهادة) أو فاعلها بمعني: شهادة بينكم شهادة اثنين، أو بمعنى: فيما فرض عليكم أن يشهد اثنان. ({ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}) أي: من المسلمين. {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} أي: من أهل الكتاب عند فقد المسلمين المشار إليه بقوله: {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} أي: سافرتم فيها {فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ المَوْتِ} أي: قاربتموه صفة (آخران) أي: تمسكونهما لليمين ليحلفا. ({مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ}) أي: صلاة العصر ({فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ}) أي: شككتم في شهادتهما. ({لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا}) أي: بالقسم ({ثَمَنًا}) أي: عوضًا نأخذه بدله من الدنيا، بأن نقسم به، أو نشهد كاذبين لأجله. ({وَلَوْ كَانَ}) أي: المقسم له، أو المشهود له ({ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ}) أي: التي أمرنا بإقامتها. {ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} أي: إن كتمناها. {فَإِنْ عُثِرَ} أي: اطلع. {عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} أي: استوجباه بالخيانة، والحنث في القسم. ({فَآخَرَانِ}) أي: شاهدان آخران. ({يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا}) أي: في توجيه القسم عليهما. ({مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ}) أي: جُني ({عَلَيْهِمُ}) وهم الورثة ({الأَوْلَيَانِ}) بالرفع خبر مبتدإِ محذوف، أو بدل من (آخران) أي: الأقربان إلى الميت. {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} أي: على خيانة الشاهدين ويقولان ({لَشَهَادَتُنَا}) أي: يميننا ({أَحَقُّ}) أي: أصدق ({مِنْ شَهَادَتِهِمَا}) أي يمينهما. ({وَمَا اعْتَدَيْنَا}) أي: في اليمين. {إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} أي: إن كنا كذبنا عليهم. قال البيضاوي: ومعنى الآيتين: أن المختضر إذا أراد الوصية ينبغي أن يشهد عليها عدلين من ذوي نسبه أو دينه، أو يوصي إليهما احتياطًا، فإن لم يجدهما بأن كان في سفر فآخران من غيرهم، ثم إن وقع نزل وارتياب أقسما على صدق ما يقولان بالتغليط في الوقت، فإن

اطلع على أنهما كذبا بأمارة ومظنة، حلف آخران من أولياء الميت، والحكم منسوخ إن كان الاثنان شاهدين، فإنه لا يحلف الشاهد ولا تعارض يمينه بيمين الوارث، وثابت إن كانا وصيين، ورد اليمين إلى الورثة إما لظهور خيانة الوصيين فإن تصديق الوصي باليمين لأمانته، أو لتغيير الدعوى (¬1). انتهى. والحكم منسوخ أيضًا في شهادة غير أهل الملة ({ذَلِكَ}) أي: الحكم المذكور من رد اليمين على الورثة {أَدْنَى} أي: أقرب إلى {أَنْ يَأْتُوا} أي: الشهود بالشهادة أي: التي تحمَّلُوها ({عَلَى وَجْهِهَا}) أي: من غير تحريف فيها ({أَوْ يَخَافُوا}) أي: أو أدنى إلى أن يخافوا. ({أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ}) أي: على الورثة المدعين، والحاصل: أن ما حكم به من رد اليمين أقرب إلى إتيان الشهود بالشهادة على وجهها، أو إلى أن يخافوا رد اليمين على ورثة الميت بعد إيمانهم. فيحلفوا على خيانتهم وكذبهم. فيفتضحوا ويغرموا فلا يحلفون كاذبين إذا خافوا هذا الحكم، وجمع الضمير في الآيات مع أن مرجعه اثنان؛ لأن الحكم يعم الشهود كلَّهم. ({وَاتَّقُوا اللَّهَ}) أي: بترك الخيانة والكذب ({وَاسْمَعُوا}) أي: ما تؤمرون به سماعَ قبول. ({وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}) أي: الخارجين عن طاعته. وفي نسخة عقب قوله: {مِنْ غَيْرِكُمْ} إلى قوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} ". (الأوليان: واحدهما أَوْلى ومنه أولى به أحق به، {عُثِرَ}: ظهر. {أَعْثَرْنَا}: أظهرنا) من كلام البخاري وهو ساقط من نسخة. 2780 - وَقَال لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي القَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ¬

_ (¬1) "تفسير البيضاوي" 2/ 376.

36 - باب قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة

ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ، فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ، فَقَدُوا جَامًا مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا مِنْ ذَهَبٍ، "فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"، ثُمَّ وُجِدَ الجَامُ بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: ابْتَعْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ، فَقَامَ رَجُلانِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّ الجَامَ لِصَاحِبِهِمْ، قَال: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ} [المائدة: 106]. [فتح: 5/ 409] (ابن أبي زائدة) نسبة إلى جده وإلا فهو يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة، واسم أبي زائدة: ميمون الهمداني. (خرج رجل) هو بزيل مصغرًا وهو بزاي، وقيل: بدال مهملة أي: ابن أبي مارية. (الداري) نسبة إلى الدار بطن من لخم. (ابن بداء) بتشديد المهملة والمد تأنيث الأبدّ فهو ممنوع من الصرف. (فقدوا) بفتح القاف. (جاما) بالجيم وتخفيف الميم، أي: إناء. (من فضة مخوصا من ذهب) بضم الميم، وفتح الخاء، والواو المشددة، أي: عليه صفائح الذهب، طوال رقاق كالخوص. (فقالوا) أي: الذين وجد الجام معهم. (فقام رجلان) هما عمرو بن العاص، والمطلب بن أبي وداعة. (من أولياء) أي: من أولياء الرجل المسمى ببزيل. (فحلفا) أي: كل منهما. {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} زاد في نسخة: " {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} ". 36 - بَابُ قَضَاءِ الوَصِيِّ دُيُونَ المَيِّتِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الوَرَثَةِ (باب قضاء الوصي ديون) في نسخة: "دين". (والميت بغير محضر من الورثة) أي: باب بيان جواز ذلك بغير حضور بعضهم. 2781 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، أَو الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْهُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاويَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، قَال: قَال الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُمَا: أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، فَلَمَّا حَضَرَ جِدَادُ النَّخْلِ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الغُرَمَاءُ، قَال: "اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَتِهِ"، فَفَعَلْتُ ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ أُغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "ادْعُ أَصْحَابَكَ"، فَمَا زَال يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي، وَأَنَا وَاللَّهِ رَاضٍ أَنْ يُؤَدِّيَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي، وَلَا أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِي بِتَمْرَةٍ، فَسَلِمَ وَاللَّهِ البَيَادِرُ كُلُّهَا حَتَّى أَنِّي أَنْظُرُ إِلَى البَيْدَرِ الَّذِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً. [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "أُغْرُوا بِي: يَعْنِي هِيجُوا بِي] {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ} [المائدة: 14]. [انظر: 2127 - فتح: 5/ 413] (عنه) أي: عن محمد بن سابق. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. (عن فراس) بفاء مكسورة وسين مهملة أي: ابن يحيى الهمداني. (الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (جداد النخل) بفتح الجيم وبمهملتين، وفي نسخة: بكسرها وبمعجمتين، أي: قطعة. (فبيدِر) أمر من بيدر يبيدر، والبيدر: المكان الذي يداس فيه الطعام، وفي نسخة: "فبادر". (كل تمر) أي: كل صنف منه. فقوله: (بيدر) أي اجعل كل صنف من التمر في بيدر يخصُّه. (ثم دعوت) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي نسخة: "ثم دعوته" وفي أخرى: "فدعوته". (فلما نظروا) أي: الغرماء. (إليه) أي: إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (أغروا بي) بالبناء للمفعول أي: "هيَّجوا بي" كما يأتي في نسخة، أو ألجوا في مطالبتي وألحوا على كما قاله ابن الأثير (¬1). (طاف) في نسخة: "أطاف" بهمزة. (أصحابك) أي: غرماء ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 365.

أبيك. (بتمرة) في نسخة: "تمرة" بالنصب وحذف الموحدة (قال أبو عبد الله أغروا بي يعني: هيجوا بي {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} ساقط من نسخة، ومرَّ الحديث في الصلح وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2127) كتاب: البيوع، باب: الكيل على البائع والمعطي. و (2601) كتاب: الهبة، باب: إذا وهب دينًا على رجُلٍ. و (2709) كتاب: الصلح، باب: الصلح بين الغرماء.

56 - كتاب الجهاد والسير

56 - كِتَابُ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ

1 - باب فضل الجهاد والسير

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [56 - كِتَابُ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ] (كتاب الجهاد والسير) ساقط من نسخة، ومؤخر في أخرى عن (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (والجهاد) بكسر الجيم: مصدر جاهدت العدو مجاهدةً وجِهَادًا، وأصله جيهادًا كقيتالًا، فخفف بحذف الياء، وهو مشتق من الجهاد بفتح الجيم: وهو التعب والمشقة، وبضمها: وهو الطاقة. (والسير) بكسر المهملة جمع سيرة: وهي الطريقة. 1 - بَابُ فَضْلِ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ، بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ، وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآنِ، وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ} [التوبة: 111] إِلَى قَوْلِهِ {وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ} [البقرة: 223] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "الحُدُودُ الطَّاعَةُ". (باب فضل الجهاد والسير) لفظ: (باب) ساقط من نسخة فـ (فضل) مرفوع بالابتداء، (وقول الله) معطوف على فضل. (تعالى) في نسخة:

"-عزَّ وجلَّ -". {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ} أي بأن يبذلوها في طاعته كالجهاد. {بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} الباء للمعارضة. {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ} استئناف مبين للاشتراء. {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} مصدران منصوبان بفعلهما المحذوف. {فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} أي: لا أحد أوفى منه. {فَاسْتَبْشِرُوا} فيه التفات عن الغيبة. {بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ} إلى قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 111 - 112] أي: بالجنة وفي نسخة: عقب قوله {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} "إلى قوله: {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} وفي أخرى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} الآيتين إلا قوله {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}. وساق أخرى الآيتين بتمامهما نَّبه على ذلك شيخنا (¬1). (الحدود) أي: في قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ}: الطاعة تفسير باللازم؛ لأن من أطاع الله تعالى امتثل أمره واجتنب نهيه، وإلا فحدود الله أحكامه. 2782 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَال: سَمِعْتُ الوَلِيدَ بْنَ العَيْزَارِ، ذَكَرَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَال: "الصَّلاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا"، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: "ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ"، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: "الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" فَسَكَتُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَو اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي. [انظر: 527 - مسلم: 85 - فتح: 3/ 6] (عن أبي عمرو) هو سعد بن أبياس. (على ميقاتها) على بمعنى: ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 6/ 4.

في (¬1)، ومرّ شرح الحديث في مواقيت الصلاة (¬2). 2783 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا". [انظر: 1349 - مسلم: 1353 (وسيأتي بعد الحديث 1863) - فتح 6/ 3] (سفيان) أي: الثوري. (منصور) أي: ابن المعتمر. (عن مجاهد) أي: ابن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة. (لا هجرة) إلى آخره مرَّ شرحه في كتاب: الحج في باب: لا يحل القتال بمكة (¬3). 2784 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلا نُجَاهِدُ؟ قَال: "لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ". [انظر: 1520 - فتح: 6/ 4] (خالد) أي: ابن عبد الله الطحان. (نرى) بنون مضمومة، أو مفتوحة، وبفوقية كذلك، فهو بمعنى: الظن أو الاعتقاد، ومَرَّ شرح الحديث في الحج (¬4). ¬

_ (¬1) مجئ (على) بمعنى (في) قاله الكوفيون ووافقهم ابن قتيبة وابن مالك وجعلوا منه قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} أي: في ملك سليمان وتأوَّل البصريون هذا ومثله على التضمين، فضمَّنوا (تتلوا) معنى (تقول). (¬2) سبق برقم (527) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها. (¬3) سبق برقم (1834) كتاب: جزاء الصيد، باب: لا يحل القتال بمكة. (¬4) سبق برقم (1520) كتاب: الحج، باب: فضل الحج المبرور.

2 - باب: أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله

2785 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو حَصِينٍ، أَنَّ ذَكْوَانَ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ؟ قَال: "لَا أَجِدُهُ" قَال: "هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ؟ "، قَال: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "إِنَّ فَرَسَ المُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ، فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ". [مسلم: 1878 - فتح: 6/ 4] (إسحاق بن منصور) في نسخة: "إسحاق" فيحتمل أنه ابن منصور، أو ابن راهويه. (عفان) أي: ابن مسلم الصفار. (همام) أي: ابن يحيى دينار. (أبو حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين: هو عثمان بن عاصم الأسدي. (أن ذكوان) أي الزيات. (ليستن) من الاستنان: هو العَدْوُ. (في طِوله) بكسر المهملة، وفتح الواو، أي: حبله المشدود به المطول له، ليرعى. (فيكتب) أي: الاستنان. 2 - بَابٌ: أَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ، ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ، وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ، ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ} [الصف: 10 - 12]. (باب أفضل الناس مؤمن يجاهد) في نسخة: "مجاهد" بالميم (بنفسه وماله في سبيل الله وقوله) بالرفع عطف على أفضل. {هَلْ أَدُلُّكُمْ} استفهام لفظًا إيجاب معنى {عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} أي: مؤلم

({تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}) استئناف مبين للتجارة، وهو خبر بمعنى الأمر. {ذَلِكُمْ} أي: ما ذكر من الإيمان والجهاد. {خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الصف: 11] أي: أنه خير، وجواب [الشرط محذوف، أي ففعلوه {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} بالجزم جواب] (¬1) للأمر المدلول عليه بلفظ الخبر. {وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ} أي: ما ذكر من المغفرة وإدخال الجنة. {الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} في نسخة عقب قوله: {مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} إلى {الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. 2786 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ قَال: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ"، قَالُوا: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: "مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللَّهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ". [6494 - مسلم: 1888 - فتح: 6/ 6] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (في شعب) هو بكسر المعجمة، وسكون المهملة: الطريق في الجبل (يقول) في نسخة: "قال". 2787 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ، بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ". [انظر: 36 - مسلم: 1876 - فتح: 6/ 6] (والله أعلم) جملة معترضة بين ما قبلها وما بعدها (توكل الله) ¬

_ (¬1) من (س).

3 - باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء

أي: تكفل كما في رواية (¬1). (أن يدخله الجنة) أي: في الحال. (أو يرجعه) بفتح الياء، أو أن يرجعه إلى مسكنه. (مع أجر أو غنيمة) أو منعهما بجعل القضية مانعة خلو لا مانعة جمع؟ 3 - بَابُ الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَقَال عُمَرُ: "اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي بَلَدِ رَسُولِكَ". [انظر: 1890] (باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء) بأن يقول كل منهما: اللهم اجعلني من المجاهدين في سبيلك وارزقني الشهادة فيه (ارزقني) في نسخة: "اللهم ارزقني". 2788، 2789 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ - وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَطْعَمَتْهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالتْ: فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ: مِثْلَ المُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ"، شَكَّ إِسْحَاقُ، قَالتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ" - كَمَا قَال فِي الأَوَّلِ - قَالتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَال: "أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ"، فَرَكِبَتِ البَحْرَ فِي زَمَانِ ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3123) كتاب: فرض الخمس، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أحلت لكم الغنائم).

مُعَاويَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْرِ، فَهَلَكَتْ. 2788 - [2799، 2877، 2894، 6282، 7001 - مسلم: 1912] 2789 - [2800، 2878، 2895، 6283، 7002 - مسلم: 1912 - فتح: 6/ 10] (تفلي رأسه) بفتح الفوقية من فَلَى يفلي كضرب يضرب، وإنما كانت تفلي رأسه؛ لأنها كانت محرمًا له من قبل خالته من النسب أو الرضاع. (ثَبَجَ هذا البحر) بفتح المثلثة والموحدة وبجيم، أي: معظمه أو وسطه، أو ظهره أو هوله. (قال: أنت من الأولين) أي: وهم شهداء البحر لا من الآخرين وهم شهداء البر، إذ قيل: إن رؤياه الأولى كانت في شهداء البحر، والثانية في شهداء البر كذا قيل، وفي جعل أم حرام من شهداء البحر مع أنها هلكت بعد خروجها منه تجوز حسَّنه قرب موتها من خروجها منه، ففي الكلام استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، وهو جائز عند الشافعي - رضي الله عنه - هذا مع أن تفسير الآخرين بشهداء البر خلاف ظاهر قوله في الحديث، كما قال في الأول من أنهم كالأولين. فالوجه تفسيرهم بأنهم شهداء البحر أيضًا بأن يكونوا هم الأولين أو غيرهم، غايته في الأول: أنه أخبر عن مرتين فقوله: (أنت من الأولين) أي: من الذين أخبرت عنهم أولًا -ومرّ الحديث في باب: علامات الإيمان وغيره. وسيأتي أيضًا (¬1). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (2799، 2800) كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم.

4 - باب درجات المجاهدين في سبيل الله

4 - بَابُ دَرَجَاتِ المُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُقَالُ: {هَذِهِ سَبِيلِي} [يوسف: 108] وَهَذَا سَبِيلِي. [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {غُزًّى} [آل عمران: 156]: وَاحِدُهَا غَازٍ، {هُمْ دَرَجَاتٌ} [آل عمران: 163]: لَهُمْ دَرَجَاتٌ] (باب درجات المجاهدين في سبيل الله). قال البخاري: (يقال: هذه سبيلي، وهذا سبيلي) أراد به أن السبيل يؤنث ويذكر، وكان الأولى تأخير هذا عن قوله: (قال أبو عبد الله) أي: البخاري (غُزّا) أي في قوله تعالى: {أَوْ كَانُوا غُزًّى} وقال: (هُمْ دَرَجَات) أي في قوله تعالى: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ}، (لَهُمْ دَرَجَات) أي: منازل، وقال غيره: ذو درجات، وكلام البخاري في {غُزًّى} استطرادًا تبعًا لكلامه في الدرجات، لكونهما في سورة واحدة، وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى آخره، ساقط من نسخة. 2790 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا نُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَال: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فَاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ وَأَعْلَى الجَنَّةِ - أُرَاهُ - فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ" قَال مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ: وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ. [7423 - فتح: 6/ 11] (فليح) هو عبد الملك بن سليمان. (قال رسول الله) في نسخة: "قال النبي". (من آمن بالله وبرسوله) هذا بمجرده مدخل للجنة، فذكر الصلاة والصيام للاهتمام بشأنهما

وبيان شرفهما، وعدم ذكر الزكاة والحج لعدم وجوبهما حينئذ، أولم يجيبا على السامع. (في أرضه التي ولد فيها) في نسخة: "في بيته الذي ولد فيه". (فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة). لا منافاة بينهما، إذ المراد بالأوسط الأفضل أو السعة، وبالأعلى الأرفع. (أراه) بضم الهمزة، أي: أظنه (فوقه) أي: فوق الفردوس، قيل: ومقتضى الظاهر فوقها أي: فوق الجنة كلها. (ومنه) أي: من الفردوس (تفجّر) أي: تتفجر بحذف إحدى التاءين تخفيفًا. (أنهار الجنة) أي: الأربعة المذكورة في قوله تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} إلى آخره [محمد: 15]. (قال محمد بن فليح، عن أبيه: وفوقه عرش الرحمن) أي: فلم يشك كما شك يحيى بن صالح حيث قال: أراه. 2791 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، قَالا: أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ". [انظر: 845 - مسلم: 2275 - فتح: 6/ 11] (موسى) أي: ابن إسماعيل. (جرير) أي: ابن حازم. (أبو رجاء) هو عمران بن ملحان العطاردي. (عن سمرة) أي: ابن جندب. (رجلين) أي: ملكين: وهما جبريل وميكائيل. (فأدخلاني) في نسخة: "وأدخلاني". (دارًا هي أحسن وأفضل) أي: من الأولى المذكورة في هذا الحديث المسوق مطولًا في الجنائز (¬1). (قالا) أي: الملكان، وفي نسخة: "قال" أي: كل منهما، أو أحدهما بحضرة الآخر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1386) كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المشركين.

5 - باب الغدوة والروحة في سبيل الله، وقاب قوس أحدكم من الجنة

5 - بَابُ الغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَابِ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ (باب: الغدوة) بفتح الغين: المرة الواحدة من الغُدُوّ: وهو الخروج في أي وقت كان من أول النهار إلى انتصافه. (والروحة) بفتح الراء المرة الواحدة من الرواح: وهو الخروج في أي وقت كان من زوال الشمس إلى غروبها. (سبيل الله) تنازعه (الغدوة) و (الروحة) (وقاب) بالجر عطف على (الغدوة) أي: وقدر (قوس أحدكم من الجنة) في نسخة: "في الجنة" والقاب: ما بين المقبض والسِّيَةِ وهي ما عطف من طرفي القوس، وقيل: القاب: ما بين الوتر والقوس. 2792 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". [2796، 6568 - مسلم: 1880 - فتح: 6/ 13] (وهيب) أي: ابن خالد. (حميد) هو الطويل. (للغدوة) اللام للتأكيد أو للقسم، وفي نسخة: "الغدوة". (أو روحه) (أو) للتقسيم، والمعنى: أن الزمن القليل في الجنة. (خير) أي: أفضل. (من الدنيا وما فيها) كما أن معنى قوله في الحديث الآتي: "لقاب قوس أحدكم" إلى آخره: إن ما صغر في الجنة من المواضع كلها من بساتينها وغيرها خير من مواضع الدنيا وما فيها. والحاصل: أن المراد تعظيم أمر الجهاد. واختلف في الدنيا، فقيل: إنها كل المخلوقات من الجواهر، والأعراض الموجودة قبل الدار الآخرة، وقيل: إنها ما على الأرض من الهواء والجو. والثاني هو الموافق للعطف في قوله: (من الدنيا وما فيها).

6 - باب الحور العين، وصفتهن

2793 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَقَابُ قَوْسٍ فِي الجَنَّةِ، خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ". [3253 - مسلم: 1882 - فتح: 13/ 6] (وقال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -. (لغدوة) في نسخة: "الغدوة". 2794 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الرَّوْحَةُ وَالغَدْوَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". [2892، 3250، 6415 - مسلم: 1881 - فتح: 6/ 14] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار المدني. 6 - بَابُ الحُورِ العِينِ، وَصِفَتِهِنَّ يُحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ، شَدِيدَةُ سَوَادِ العَيْنِ، شَدِيدَةُ بَيَاضِ العَيْنِ {وَزَوَّجْنَاهُمْ} [الدخان: 54] بِحُورٍ: أَنْكَحْنَاهُمْ. (باب: الحور العين وصفتهن) لفظ: (باب) ساقط من نسخة، فـ (الحور) مبتدأ، (والعين) وصف له، (وصفتهن) عطف على المبتدإ والخبر محذوف أي: الحور العين وصفتهن يأتي بيانهما، وقد استأنف لبيان ذلك فقال: (يحار) بفتح الياء أصله: يَحُور، قلبت الواو ياء تخفيفًا، ثم قلبت الياء ألفًا فهو واويٌّ، فسقط ما قيل: إن البخاري ظن أنه يأئي مع أنه واوي. (فيها الطرف) أي: البصر. (شديدة سواد العين، شديدة بياض العين) كلاهما تفسير للعين في قوله: (الحور العين) وفسرهن غيره

بواسعات العيون. (وزوجناهم بحور عين) أي قوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 54] معناه (أنكحناهم) بحور: وهنَّ نساء أهل الجنة، واحدتهن: حوارء، وواحدة العين عينًا، وكان القياس في جمعها ضم العين، لكنها كسرت لمناسبة الياء، ولفظ: (بحور) ساقط من نسخة. 2795 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ، لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إلا الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى". [2817 - مسلم: 1877 - فتح: 6/ 14] (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن محمد الفزاري. (عن حميد) أي الطويل. (خير) أي: ثواب. (وأن له الدنيا وما فيها) بفتح الهمزة عطف على (أن يرجع) وبكسرها على أنه جملة حالية. 2796 - قَال: وَسَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ غَدْوَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ، أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ - يَعْنِي سَوْطَهُ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". [انظر: 2792 - مسلم: 1880 - فتح: 6/ 15] (وسمعت) في نسخة: قال: وسمعت، (ولقاب قوس أحدكم) مرَّ شرحه آنفًا. (قيد) بكسر القاف وسكون التحتية منونًا أي: قدر، وتفسير البخاري له بالسوط في قوله: (يعني: سوطه). غير معروف حتى قيل: إن (قيد) تصحيف عن قد بكسر القاف وتشديد الدال: وهو

7 - باب تمني الشهادة

السوط المتخذ من الجلد. (ما بينهما) أي: بين السماء والأرض. (وملأته ريحًا) أي عطرًا طيبًا. (ولنصيفها) (¬1) أي: خمارها. 7 - بَابُ تَمَنِّي الشَّهَادَةِ (باب: تمني الشهادة) أي بيان جواز تمنيها. 2797 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ". [انظر: 36 - مسلم: 1876 - فتح: 6/ 16] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي ابن أبي حمزة. (تغزوا) في نسخة: "تغدوا" بدال مهملة. (عن سرية) أي: قطعة من الجيش. (لوددت) أي: تمنيت، قيل: قاله قبل نزول: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] وقيل: بعده، والخبر على معنى: التغالي في فضل الجهاد والقتل فيه، وهذا أوجه لعلمه بأنه لا يقتل، وتمني الشيء لا يستلزم وقوعه. (ثم أقتل) في نسخة: "فأقتل" بالفاء في الألفاظ الثلاثة، ومرّ الحديث في باب: الجهاد من الإيمان (¬2). 2798 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: ¬

_ (¬1) في هامش (ج) بفتح النون، وكسر الصاد، وسكون الياء، وبالفاء أي: خمارها. (¬2) سبق برقم (36) كتاب: الإيمان، باب: الجهاد من الإيمان.

8 - باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم

"أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ"، وَقَال: "مَا يَسُرُّنَا أَنَّهُمْ عِنْدَنَا" قَال أَيُّوبُ أَوْ قَال: "مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ". [انظر: 1246 - فتح: 6/ 16] (عن أيوب) أي: السختياني. (خطب النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بعد أن أرسل سرية إلى مؤتة، واستعمل عليهم زيدًا، وقال: "إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة" فاقتتلوا مع الكفار فأصيب زيدٌ. (فقال) أي: في خطبته. (أخذ الراية زيد فأصيب) أي: قتل. (عن غير إمرة) بكسر الهمزة، أي: من غير أن يأمره أحد لما رأى من المصلحة في ذلك. (وقال) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ما) نافية (يسرنا أنهم) أي: الذين أصيبوا. (عندنا) أي: أحياء لعلمه بما صاروا إليه من الكرامة. (أو قال: ما يسرهم أنهم عندنا) أي: لعلمهم. خيرية ما حصل لهم من السعادة العظمى. (وعيناه تذرفان) بكسر الراء، أي: تسيلان دمعًا على فراقهم، والجملة حالية، ومرّ الحديث في الجنائز (¬1) وفيه: معجزة ظاهرة له - صلى الله عليه وسلم -. 8 - بَابُ فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَهُوَ مِنْهُمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] " وَقَعَ: وَجَبَ". (باب: فضل من يصرع) أي: يطرح على الأرض بداءٍ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (1246) كتاب: الجنائز، باب: الرجل ينعي إلى أهل الميت نفسه.

عرض له. (في سبيل الله) أي: في الجهاد. (فمات) ساقط من نسخة. والإنسب بـ (يصرع) فيموت. (فهو منهم) أي: من المجاهدين. قيل: والجملة جواب (من) الموصولة، لتضمنها معنى الشرط، والأوجه أنها استئنافية لبيان حصول فضل الجهاد لمن ذكر، كأنه قيل: كيف يحصل فضله له مع أنه لم يقتل فيه؟ فقيل: لأنه من المجاهدين. (وقول الله) بالجر عطف على فضل. (تعالى) في نسخة: "-عزَّ وجلَّ -" (وقع: وجب) ساقط من نسخة. 2799، 2800 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ خَالتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، قَالتْ: نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ، فَقُلْتُ: مَا أَضْحَكَكَ؟ قَال: "أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ هَذَا البَحْرَ الأَخْضَرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ" قَالتْ: فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ، فَفَعَلَ مِثْلَهَا، فَقَالتْ مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا فَقَالتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَال: "أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ"، فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ مَا رَكِبَ المُسْلِمُونَ البَحْرَ مَعَ مُعَاويَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوهِمْ قَافِلِينَ، فَنَزَلُوا الشَّأْمَ، فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَصَرَعَتْهَا، فَمَاتَتْ. [انظر: 2788، 2789 - مسلم: 1912 - فتح: 6/ 18] (يحيى) أي ابن سعيد الأنصاري. (الأخضر) صفة لازمة للبحر لا مخصصة له، إذ كل البحار خُضْرٌ، ولا يشكل عليه قول بعض الحكماء: الماء لا لون له! لأن الخضرة تتوهم مع انعكاس الهواء وسائر مقابلاته إليه، قاله الكرماني (¬1). وقيل: المراد بالأخضر الأسود (ففعل مثلها) أي: من التبسم (فقالت مثل ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 103.

9 - باب من ينكب في سبيل الله

قولها) أي ما أضحكك؟ (فأجابها مثلها) أي: مثل الأولى من الغرض. (لتركبها فصرعتها) يقتضي أن صرعها قبل ركوبها، لكن مرّ في باب الدعاء بالجهاد. فصرعت عن دابتها (¬1)، وجمع بينهما: بأن الفاء هنا فصيحة فركبتها فصرعتها. ومعنى عن دابتها أي: بسببها وجهتها. 9 - بَابُ مَنْ يُنْكَبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (باب: من ينكب) أي: يُصاب في عضو من أعضائه (في سبيل الله) زاد في نسخة: "أو يطعن" وفي نسخة بدل (ينكب): "تنكب" بوزن تفعل، والمراد بيان فضل ذلك. 2801 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرُ الحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَامًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى بَنِي عَامِرٍ فِي سَبْعِينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا قَال لَهُمْ خَالِي: أَتَقَدَّمُكُمْ فَإِنْ أَمَّنُونِي حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَّا كُنْتُمْ مِنِّي قَرِيبًا، فَتَقَدَّمَ فَأَمَّنُوهُ، فَبَيْنَمَا يُحَدِّثُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَطَعَنَهُ، فَأَنْفَذَهُ، فَقَال: اللَّهُ أَكْبَرُ، فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ، فَقَتَلُوهُمْ إلا رَجُلًا أَعْرَجَ صَعِدَ الجَبَلَ، قَال هَمَّامٌ: فَأُرَاهُ آخَرَ مَعَهُ، "فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُمْ قَدْ لَقُوا رَبَّهُمْ، فَرَضِيَ عَنْهُمْ، وَأَرْضَاهُمْ"، فَكُنَّا نَقْرَأُ: أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا، وَأَرْضَانَا ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَبَنِي عُصَيَّةَ الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 6/ 18] (همام) أي ابن يحيى البصري. (عن إسحاق) أي: ابن عبد الله بن أبي طلحة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2788، 2789) كتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء بالجهاد، والشهادة للرجال والنساء.

(بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أقوامًا من بني سليم إلى بني عامر في سبعين) هم المشهورون بالقراء لأنهم كانوا أكثر قراءة من غيرهم، وما قاله البخاري: قال الدمياطي: إنه وَهْمٌ فإن بني سليم مبعوث إليهم، والمبعوث هم القراء نقله عنه شيخنا ثم قال: قلت: التحقيق إن المبعوث إليهم بنو عامر، وأمَّا بنو سليم فغدروا بالقراء المذكورين. قال: والوهم في هذا السياق من حفص بن عمر شيخ البخاري ثم ذكر ما يتعلق بذلك، وأطال فيه (¬1). (فلما قدموا) أي بئر معونة (خالي) هو حرام بن ملحان. (أومؤا) أي: أشاروا. (إلى رجل منهم) هو عامر بن الطفيل. (فأنفذه) بفاء فمعجمة أي طعنه في أحد جنبيه حتى خرج من الآخر. (إلا رجلًا أعرج) هو: كعب بن يزيد الأنصاري، وفي نسخةٍ: "رجل أعرج" بالرفع (فأراه) بضم الهمزة، أي: أظنه، وفي نسخة: "وأراه" بالواو. (آخر معه) هو عمرو بن أمية الضمري. (نقرأ) أي: في جملة القرآن. (ثم نسخ) أي: لفظه. (فدعا عليهم) أي: في القنوت. (على رِعل) بكسر الراء وسكون المهملة: بطن من بني سليم. (وذكوان) بفتح المعجمة وسكون الكاف. (وبني لحيان) بكسر اللام وسكون المهملة. (وعُصية) بالتصغير. 2802 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَعْضِ المَشَاهِدِ وَقَدْ دَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَال: هَلْ أَنْتِ إلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ. [6146 - مسلم: 1796 - فتح: 6/ 19] ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 6/ 19.

10 - باب من يجرح في سبيل الله عز وجل

(أبو عوانة) هو الوضاح اليشكري. (ابن قيس) في نسخة: "هو ابن قيس" (عن جندب بن سفيان) نسبة إلا جده، وإلا فهو جندب بن عبد الله بن سفيان. (المشاهد) أي: المغازي؛ لأنها مواضع المشاهدة (¬1) (دميت أصبعه) أي: جرحت فظهر منها الدم. (إلا أصبع دميت) بفتح الدال صفة للإصبع، والمستثنى منه أعم عام الصفة، أي: ما أنت يا أصبع موصوفة بشيء إلا بأن دميت، كأنها لما توجعت خاطبها على سبيل الاستعارة أو الحقيقة معجزة تسليّة لها، أي: تثبتي فإنك ما ابتليت بشيء من الهلاك والقطع إلا أنك دميت. قيل: هذا شعر نطق به النبي - صلى الله عليه وسلم -، والله تعالى نفى عنه ذلك بقوله {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] وأجيب: بأنه رجز، والرجز ليس بشعر، وبأن الشعر لا بد فيه من قصد بخلاف ما يقع اتفاقًا، وبأن البيت الواحد لا يسمى شعرًا، وهذا بناء على أنه من إنشائه - صلى الله عليه وسلم -، أما على القول بأنه تمثل به، وأنه من إنشاء غيره، فلا إشكال ولا حاجة إلى أجوبة. 10 - بَابُ مَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (باب: من يجرح في سبيل الله -عزَّ وجلَّ -) (¬2) أي: بيان فضله. 2803 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إلا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ". [انظر: 237 - مسلم: 1876 - فتح: 6/ 20] ¬

_ (¬1) في (س)، (ج) [الشهادة]. (¬2) ذكر في هامش (ب): يجرح بضم التحتية، وسكون الجيم.

11 - باب قول الله عز وجل: {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين} [التوبة: 52] والحرب سجال

(عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (لا يكلم) هو بالبناء للمفعول، أي: لا يخرج. (والله أعلم بمن يكلم في سبيله) جملة معترضة بين المستثنى منه والمستثنى أشار بها إلى التنبيه على شرطية الإخلاص في نيل ثواب الجهاد المشتمل على الجرح وغيره. (واللون) إلى آخره جملة حالية، أي: إلا جاء يوم القيامة وجرحه يجري دمًا، والحالة أن لونه (لون الدم، وريحه ريح المسك) أي: كريحه؛ لأنه ليس مسكًا حقيقة، فهو تشبيه بليغ، ومرّ شرح الحديث في الطهارة في باب: ما يقع من النجاسات في السمن والماء (¬1). 11 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إلا إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52] وَالحَرْبُ سِجَالٌ (باب) قوله تعالى في نسخة: "-عزَّ وجلَّ -" بدل (تعالى). ({قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إلا إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ}) أي: هل تنتظرون بنا؟. ({إلا إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ}) أي: العاقبتين اللتين كل منهما حسن العاقبة بالنصر أو الشهادة، ولفظ (قل) ساقط من نسخة. (والحرب سجال) بكسر السين، أي: مساواة في الأمر، أي: يكون الغلب لإحدى الطائفتين مرة، وللأخرى أخرى. 2804 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (273) كتاب: الوضوء، باب: ما يقع من النجاسات في السمن والماء.

12 - باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 23]

أَنَّ هِرَقْلَ قَال لَهُ: سَأَلْتُكَ كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟، فَزَعَمْتَ "أَنَّ الحَرْبَ سِجَالٌ وَدُوَلٌ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ". [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح: 6/ 20] (يحيى بن بكير) نسبه إلى جده، وإلا فاسم أبيه عبد الله. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (عن عبيد الله بن عبد الله) أي: ابن عتبة بن مسعود. (أن أبا سفيان) أي: ابن حرب كما في نسخة. (ودول) بضم الدال وكسرها، وروي فتحها، ومعناها: رجوع الشيء إليك مرة، وإلى صاحبك أخرى تتداولانه (تبتلى) أي: تختبر. 12 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] (باب قول الله تعالى) في نسخة "عزَّ وجلَّ" بدل (تعالى). ({مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ}) أي: نذره. بأن قاتل حتى اسْتُشهد، واستُعير النذر للموت؛ لأنه كنذر لازم في رقبة كلِّ حيوان. (ومنهم من ينتظر) أي: الشهادة. {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} أي: العهد. {تَبْدِيلًا} بل استمروا على ما عاهدوا الله عليه. 2805 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسًا قَال: ح وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ، قَال: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّويلُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَال: "يَا رَسُولَ اللَّهِ غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَال المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ"، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَانْكَشَفَ المُسْلِمُونَ، قَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ - يَعْنِي أَصْحَابَهُ - وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ، - يَعْنِي المُشْرِكِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ"،

فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَال: "يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ إِنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ"، قَال سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ، قَال أَنَسٌ: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ المُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إلا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ قَال أَنَسٌ: "كُنَّا نُرَى أَوْ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَشْبَاهِهِ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] إِلَى آخِرِ الآيَةِ". [4048، 4783 - مسلم: 1903 - فتح: 6/ 21] (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي، بسين مهملة. (عن حميد) أي: الطويل. (ح) للتحويل وهي ساقطة من نسخة. (حدثنا) في نسخة: "وحدثنا" بالواو، وفي نسخة بدل ما ذكر "قال وحدثني". (زياد) أي: ابن عبد الله العامري. (أشهدني) أي: أحضرني. (ليرين الله) بنون التوكيد الثقيلة، واللام لام قسم مقدر، وفي نسخة: "ليراني الله". (فلما كان يوم أحد) برفع (يوم) بكان التامة، وبنصبه على الظرفية، والمعنى: يوم قتال أحد، أو أراد باليوم الوقعة. (وانكشف المسلمون) في نسخة: "وانهزم الناس" وهو معنى انكشف. (أعتذر إليك مما صنع هؤلاء) أي: من الفرار. (يعني أصحابه) أي: المسلمين. (وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء) أي: من القتال. (ثم تقدم) أي: إلا المشركين. (فاستقبله) أي: أنس بن النضر. (سعد بن معاذ) منهزمًا. (الجنة) أي: أريدها (ريحها) أي: ريح الجنة. (دون أحد) أي: عنده. (ما صنع) أي: من إقدامه على المشركين مع أني شجاع كامل القوة. (قال أنس) أي: ابن مالك (به) أي: بابن النضر. (بضعًا) بكسر الموحدة أكثر من فتحها: ما بين الثلاث إلى التسع. (أو طعنة برمح أو رمية بسهم) (أو) فيهما للتنويع. (ومثَّل به المشركون) بتشديد المثلثة، أي: قطعوا أعضاءه من أنف وأذن

وغيرهما. (ببنانه) أي: بإصبعه أو بطرفها. (قال أنس) أي: ابن مالك. (كنا نرى) بضم النون، أي: نظن (أو تظن) شك من الراوي. 2806 - وَقَال إِنَّ أُخْتَهُ وَهِيَ تُسَمَّى الرُّبَيِّعَ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ امْرَأَةٍ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالقِصَاصِ، فَقَال أَنَسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَرَضُوا بِالأَرْشِ، وَتَرَكُوا القِصَاصَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ". [2703 - مسلم: 1675 - فتح: 6/ 21] (إن أخته) أي: أخت أنس بن النضر، وهي عمة أنس بن مالك. (الربيع) بضم الراء، وفتح الموحدة، وتشديد التحتية. (فقال أنس) أي: ابن النضر، وقصة الربيع سبقت في كتاب الصلح في باب الصلح في الدية (¬1). 2807 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، أُرَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَسَخْتُ الصُّحُفَ فِي المَصَاحِفِ، فَفَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا إلا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ"، وَهُوَ قَوْلُهُ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]. [4049، 4679، 4784، 4986، 4988، 4989، 7191، 7425 - فتح: 6/ 21] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (حدثنا في نسخة: "وحدثني"، وفي أخرى: "ح وحدثني". (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو أبو بكر عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (أراه) بضم الهمزة (ففقدت) بفتح القاف وقوله ¬

_ (¬1) سبق برقم (2703) كتاب: الصلح، باب: الصلح في الدية.

13 - باب: عمل صالح قبل القتال

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ} إلى آخره [استشكل] (¬1) إثباته في المصحف بقول واحد أو اثنين، إنَّ شرط كونه قرآنًا التواتر، وأجيب: بأنه كان متواترًا عندهم لما روي أن كلا من عمر، وأبي بن كعب، وهلال بن أمية - رضي الله عنه - قال: أشهد لسمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهولاء جمع. 13 - بَابٌ: عَمَلٌ صَالِحٌ قَبْلَ القِتَالِ وَقَال أَبُو الدَّرْدَاءِ: "إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ" وَقَوْلُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا، كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 2 - 4]. (باب عمل صالح قبل القتال) بإضافة (باب) إلى (عمل) وفي نسخة: برفعه منونًا ورفع ما بعده، وتقديره: باب يذكر فيه عمل صالح. (أبو الدرداء) هو عويمر بن مالك الأنصاري. (بأعمالكم) أي: ملتبسين بها (وقوله) عطف على (عمل). ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ} أي: في طلب الجهاد. {مَا لَا تَفْعَلُونَ} إذا انهزمتم بأحد. {كَبُرَ} أي: عظم. {مَقْتًا} تمييز. {عِنْدَ اللَّهِ} تنازعه {كَبُرَ} و {مَقْتًا}، {أَنْ تَقُولُوا} فاعل {كَبُرَ}. {مَا لَا تَفْعَلُونَ} مقول القول. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ} أي: ينصر ويكرم. {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ} أي: في طاعته. {صَفًّا} حال، أي: صافين أنفسهم أو مصفوفين. {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (¬2) أي: ملزوق بعضه ببعض، والمراد: أنهم ثابتون لا يزولون ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) في هامش (ج): أي: كأنهم في تراصهم بنيان، رصَّ بعضهم إلى بعض.

14 - باب من أتاه سهم غرب فقتله

عن أماكنهم، وفي نسخة عقب {مَا لَا تَفْعَلُونَ}: "إلى قوله {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}. والمقصود من ذكر الآية قوله {صَفًّا} لأنه عمل صالح قبل القتال. 2808 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالحَدِيدِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟ قَال: "أَسْلِمْ، ثُمَّ قَاتِلْ"، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَاتَلَ، فَقُتِلَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا". [مسلم: 1900 - فتح: 6/ 24] (حدثنا محمد) وفي نسخة: "حدثني محمد". (بن سوار) بفتح المهملة وتشديد الواو. (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (رجل) قيل: هو الأصرم بصاد مهملة: عمرو بن ثابت الأشهلي، وحاله من الغرائب يدخل الجنة، ولم يسجد لله سجدة قط. (مقنع بالحديد) بضم الميم وفتح النون المشدة، أي: مغشى (¬1) به: (أو أسلم) في نسخة: "وأسلم" بالواو. 14 - بَابُ مَنْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ (باب: من أتاه سهم غرب فقتله) معنى غَرْبٌ: لا يعرف راميه، وهو بفتح الراء وسكونها، وإسكانها بإضافة سهم إليه، وتنوينهما على ¬

_ (¬1) المقنع بالحديد، هو المتغطي بالسلاح، وقيل: الذي على رأسه بَيْضَةٌ، وهي الخوْذَةُ، لأن الرأس موضع القناع، ورجلٌ مُقَنَّعٌ، بالتشديد، أي: عليه بَيْضَةٌ ومِغْفَرٌ، وتَقَنَّعَ في السّلاح: دخل، والمُقَنَّعُ: المُغَطَّى رَأْسُهُ. انظر: "اللسان" مادة (قنع) 6/ 3755 - 3756.

الوصفية، وقيل: بالسكون إذا أتاه من حيث لا يدري، وبالفتح إذا رماه فأصاب غيره. 2809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ البَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ، وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي البُكَاءِ، قَال: "يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى". [3982، 6550، 6567 - فتح: 6/ 25] (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة ابن سراقة) (¬1)، وَهَّمُوا البخاري فيه في موضعين؛ لأن أم حارثة هي الربيع لا أمها، والربيع هي بنت النضر عمة أنس بن مالك بن النضر، وأخت أنس بن النضر، لا بنت البراء كما قاله ابن الأثير، وقال الكرماني: لا وَهْمَ للبخاري؛ إذ ليس في رواية النسفي إلا على الصواب، وكأنه قال في رواية الفربري حاشية غير صحيحة لبعض الرواة، فألحقت بالمتن، وبتقدير وجوده وصحته عن البخاري يحتمل احتمالات: أن يكون للربيع ولد يسمى الربيعَ كامه عن زوج أخر غير سراقة اسمه البراء، وأن تكون (بنت البراء) خبرًا لـ (أن)، وضمير هي راجع إلى (الربيع)، وأن تكون (بنت) صفة و (أم الربيع) وهي المخاطبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأطلق الأم على الجدة تجوزًا، وأن يكون إضافة الأم إلى الربيع للبيان، أي: الأم التي هي الربيع، وبنت هو تصحيف عمة، إذ الربيع هي عمة البراء بن مالك، وبالجملة فارتكاب هذه التكلفات ¬

_ (¬1) في هامش (ج): بضم الراء، وفتح الموحدة، وتشديد الياء المكسورة.

15 - باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا

أولى من تخطئة العدول الثقات انتهى (¬1). (إنها) ضمير مبهم يفسره. (جنان في الجنة) أي: درجات فيها، وتنكير جنان للتعظيم والتفخيم (الفردوس) بستان يجمع كل ما في البساتين من شجر وزهر ونبات. قيل: وهي رومية [معربة] (¬2). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 15 - بَابُ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا [(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة] (¬3). (باب: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا) أي بيان فضله. 2810 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال الرَّجُلُ: يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَال: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 123 - مسلم: 1904 - فتح: 6/ 27]. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عمرو) أي: ابن مرّة. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن أبي موسى) هو عبد الله بن قيس. (جاء رجل) هو لاحق بن ضميرة الباهلي. (للذكر) أي بين الناس ليشتهر بالشجاعة. (ليرى مكانه) بالبناء للمفعول، أي: ليعرف مرتبته في الشجاعة. (كلمة الله) هي كلمة التوحيد، ومرّ الحديث في كتاب العلم في باب: من سأل وهو قائم عالمًا جالسًا (¬4). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 113. (¬2) من (س). (¬3) من (ج). (¬4) سبق برقم (123) كتاب: العلم، باب: من سأل وهو قائم، عالمًا جالسًا.

16 - باب من اغبرت قدماه في سبيل الله

16 - بَابُ مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ} إِلَى قَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ} [التوبة: 120]. (باب من اغبرت قدماه في سبيل الله) أي: بيان فضله. (وقوله الله) بالجر عطف على (من اغبرت). (تعالى) في نسخة "عزَّ وجلَّ". ({مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ}) خبر بمعنى النهي. {وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ}) إلى {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} في نسخة: " {مَا كَانَ لِأَهْلِ} إلى قوله {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} "، ومناسبة الآية للترجمة مضمون {وَلَا يَطَئُونَ}؛ لأنه يتضمن حصول الغبار للقدمين بوطئهما على الأرض. 2811 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَال: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْسٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ". [انظر: 907 - فتح: 6/ 29] (إسحاق) أي: ابن منصور. (ابن خديج) ساقط من نسخة. (أبو عبس) بفتح المهملة وسكون الموحدة (هو عبد الرحمن بن جبر) ساقط من نسخة. (ما اغبرت قدما عبد) في نسخة "ما اغبرتا قدما عبد" (¬1) والأولى أفصح (فتمسه النار) بنصب تمسه، أي: أنَّ مَسّها له ينتفي بوجود الغبار ¬

_ (¬1) وهذه على لغة بعض العرب، والتي تسمى لغة أكلوني البراغيث وسمّاها ابن مالك لغة: يتعاقبون فيكم ملائكة. ومر الحديث عنها.

17 - باب مسح الغبار عن الرأس في سبيل الله

المذكور فيما زاد عديه من الإقدام، واستفراغ الجهد حتى قتل أو قُتل أولى، ومرّ شرح الحديث في باب: المشي إلى الجمعة (¬1). 17 - بَابُ مَسْحِ الغُبَارِ عَنِ الرَّأْسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (باب: مسح الغبار) أي: عدم كراهته. (عن الرأس في السبيل) أي: "في سبيل الله" كما في نسخة وفي أخرى "عن الناس في السبيل". 2812 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَال لَهُ وَلِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ائْتِيَا أَبَا سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ، فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ وَأَخُوهُ فِي حَائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِهِ، فَلَمَّا رَآنَا جَاءَ، فَاحْتَبَى وَجَلَسَ، فَقَال: كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ المَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الغُبَارَ، وَقَال: "وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ". [انظر: 447 - فتح: 6/ 30] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (خالد) أي: الحذاء (فأتيناه) في نسخة: (فأتينا). (وهو) أي: أبو سعيد (وأخوه) أي: من الرضاع؛ إذ ليس له إذ ذاك أخ من النسب. (فاحتبى) أي جمع ظهره وساقيه بردًا أو نحوه (عمّار) أي: ابن ياسر. (ويح) كلمة رحمة منصوب بإضمار فعل. (تقتله الفئة الباغية) ساقط من نسخة. (يدعوهم) إلخ، أي: في الزمان المستقبل وقد وقع ذلك في يوم صفين دعاهم فيه إلى الحق ودعوه إلى النار، فهو معجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومرّ الحديث في كتاب: الصلاة في باب: التعاون في بناء المسجد (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (907) كتاب: الجمعة، باب: المشي إلى الجمعة. (¬2) سبق برقم (447) كتاب: الصلاة، باب: التعاون في بناء المسجد.

18 - باب الغسل بعد الحرب والغبار

18 - بَابُ الغَسْلِ بَعْدَ الحَرْبِ وَالغُبَارِ (باب: الغسل بعد الحرب والغبار) أي بيان جوازه. 2813 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلاحَ، وَاغْتَسَلَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الغُبَارُ، فَقَال: وَضَعْتَ السِّلاحَ فَوَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَيْنَ" قَال، هَا هُنَا، وَأَوْمَأَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، قَالتْ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (حدثنا) في نسخة "حدثني". (محمد) بن سلام بتخفيف اللام، ولفظ (ابن سلام) ساقط من نسخة. (عبدة) أي: ابن سليمان. (ووضع السلاح) لفظ (السلاح) ساقط من نسخة. (عصب) بتخفيف الصاد المهملة، أي: ركب وصار كالعصابة. (إلي بني قريظة) بضم القاف، وإعجام الظاء: قبيلة من اليهود. 19 - بَابُ فَضْلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ، أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 169 - 171] (باب: فضل قول الله) أي: فضل من ورد فيه قول الله (تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ". {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت كما ورد في حديث. {يُرْزَقُونَ} من ثمار الجنة. {ويَسْتَبْشِرُونَ} أي: يفرحون.

{بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} أي: من ورائهم. {أَلَّا} بدل من (الذين) أي: بأن [لا] (¬1). {خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} أي: فيمن خلفوه من ذريتهم. {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} أي: في الاخرة. {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} أي: بثواب منه {وَفَضْلٍ} أي: زيادة عليه. {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} عطف على (نعمة)، وفي نسخة: عقب {يُرْزَقُونَ}: "إلى {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}. 2814 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ ثَلاثِينَ غَدَاةً، عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"، قَال أَنَسٌ: "أُنْزِلَ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنٌ قَرَأْنَاهُ، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ". (ببئر معونة) بفتح الميم وضم العين: موضع من جهة نجد بين أرض بني عامر، وحرة بني سليم. (علي رعل) بدل من (الذين قتلوا) بإعادة العامل (¬2). (ورضينا عنه) هو معنى وأرضانا كما في رواية سبقت، والقرآن المنسوخ تجوز روايته بالمعنى. 2815 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "اصْطَبَحَ نَاسٌ الخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ"، فَقِيلَ لِسُفْيَانَ: مِنْ آخِرِ ذَلِكَ اليَوْمِ؟ قَال: لَيْسَ هَذَا فِيهِ. [4044، 4618 - فتح: 6/ 31]. (سفيان) أي ابن عيينة. (عن عمرو) أي ابن دينار. (اصطبح ناس الخمر) أي: شربوها صبوحًا. (يوم أحد) وكانت إذ ذاك مباحة. (فقيل لسفيان: من آخر ذلك اليوم؟) (من) متعلقة بـ (قتلوا) ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) والعامل هنا حرف الجر.

20 - باب ظل الملائكة على الشهيد

وهي بمعني: في، أي: قيل له: إن (من آخر ذلك اليوم موجود في الحديث فأنكره بقوله: (قال: ليس هذا فيه). قال شيخنا: وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق القواريري عن سفيان بهذه الزيادة، ولكن بلفظ: اصطبح قوم الخمر أول النهار، وقتلوا آخر النهار شهداء. فلعل: سفيان. كان نسيه ثم تذكر (¬1). ومطابقة الحديث للترجمة: تؤخذ من قوله: (ثم قتلوا شهداء). 20 - بَابُ ظِلِّ المَلائِكَةِ عَلَى الشَّهِيدِ (باب: ظل الملائكة على الشهيد) أي بيانه. 2816 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، قَال: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ المُنْكَدِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ، فَنَهَانِي قَوْمِي فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقِيلَ: ابْنَةُ عَمْرٍو - أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو - فَقَال: "لِمَ تَبْكِي - أَوْ لَا تَبْكِي - مَا زَالتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا" قُلْتُ لِصَدَقَةَ: أَفِيهِ "حَتَّى رُفِعَ" قَال: رُبَّمَا قَالهُ. [انظر: 1244 - مسلم: 2471 - فتح: 6/ 32] (ابن عيينة) هو سفيان. (محمد بن المنكدر) لفظ: (محمد) ساقط من نسخة. (مثل به) بالبناء للمفعول. (صائحة) في نسخة "نائحة". (ابنة عمرو) هي فاطمة أخت المقتول عمة جابر. (أو أخت عمرو) هي عمة المقتول، والشك من الراوي. (لم تبكي؟ أو لا تبكي) شك من الراوي هل قال لغيرها: لم تبكي؟! أو نهاها فقال: لا تبكي. إذ لو خاطبها بلم تبكي؟ لقال: لما تبكين؟ بالنون. (قال) أي: ابن عيينة. (ربما قاله) أي: ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 6/ 31 - 32.

21 - باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا

جابر، ولم يجزم به، وقد جزم به في الجنائز مع ذكر الحديث (¬1). 21 - بَابُ تَمَنِّي المُجَاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا (باب: تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا) أي: لما يرى من الكرامة. 2817 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إلا الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ". [انظر: 2795 - مسلم: 1877 - فتح: 6/ 32]. (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (قتادة) أي ابن دعامة. (إلا الشهيد) بالرفع وفي نسخة: بالنصب (لما يرى) في نسخة: "بما يرى" أي: بسببه (¬2). 22 - بَابٌ: الجَنَّةُ تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ وَقَال المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِسَالةِ رَبِّنَا: "مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الجَنَّةِ" وَقَال عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَيْسَ قَتْلانَا فِي الجَنَّةِ، وَقَتْلاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَال: "بَلَى". [انظر: 3181] (باب الجنة تحت بارقة السيوف) البارقة: اللمعان، فإضافتها ¬

_ (¬1) سبق برقم (1244) كتاب: الجنائز، باب: الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في كفنه. (¬2) فالباء فيه للسببية.

23 - باب من طلب الولد للجهاد

للسيوف من إضافة الصفة إلى الموصوف، وقد يراد بها السيوف، فالإضافة بيانية كشجر الأراك. (نبينا) زاد في نسخة: "محمد". (عن رسالة ربنا) ساقط من نسخة. (من قتل منا) أي: في سبيل الله. 2818 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - وَكَانَ كَاتِبَهُ - قَال: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ"، تَابَعَهُ الأُوَيْسِيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. [2833، 2933، 2965، 2966، 3024، 3025، 4115، 6392، 7237، 7489 - فتح: 6/ 33] (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن محمد الفزاري لا السبيعي كما وقع لبعضهم. (عن سالم بن النضر) أي: ابن أبي أمية. (وكان) أي: سالم (كاتبه) أي: كاتب عمر بن عبيد الله كما صرح به بعضهم في باب لا تتمنوا لقاء العدو، لا كاتب عبد الله بن أبي أوفى كما وقع لبعضهم. (قال) أي: سالم. (كتب إليه) أي: إلى عمر بن عبيد الله (عبد الله بن أبي أوفى) فاعل كتب. (أنَّ الجنَّة تحت ظلال السيوف) أي: إن دخولها عاجلًا يكون بالجهاد، وخصت السيوف بالذكر؛ لأنها أعظم ألات القتال وأنفعها؛ لأنها أسرع إلى الزهوق. (تابعه) أي: معاوية بن عمرو. (الأويسي) هو عبد العزيز بن عبد الله. (عن ابن أبي الزناد) اسمه: عبد الرحمن، واسم أبي الزناد عبد الله بن ذكوان. 23 - بَابُ مَنْ طَلَبَ الوَلَدَ لِلْجِهَادِ (باب: من طلب الولد) أي بيان من نوى عند الجماع حصول الولد. (للجهاد) أي: في سبيل الله.

24 - باب الشجاعة في الحرب والجبن

2819 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ، أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ كُلُّهُنَّ، يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَال لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إلا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ". [3424، 5242، 6639، 6720، 7469 - فتح: 6/ 34] (أو تسع وتسعين) شك من الراوي. (يأتي) في نسخة: "تأت" بحذف التحتية. (صاحبه) أي: مصاحبه وقيل: الملك جبريل أو غيره. (فلم يحمل) بتحتية، وفي نسخة: بفوقية. (بشق رجل) أي: بنصفه. 24 - بَابُ الشَّجَاعَةِ فِي الحَرْبِ وَالجُبْنِ (باب: الشجاعة في الحرب والجبن) أي: بيان مدح الشجاعة في الحرب، وذم الجبن، أي: الخوف فيه. 2820 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَقَهُمْ عَلَى فَرَسٍ"، وَقَال: "وَجَدْنَاهُ بَحْرًا". [انظر: 2627 - مسلم: 2307 - فتح: 6/ 35] (عن ثابت) أي: البناني (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس) قال حكماء الإسلام: للإنسان قوى ثلاث: عقلية وكمالها الحكمة، وشهوية وكمالها الجود، وغضبية وكمالها الشجاعة، وأشير إلى الثلاث في الحديث، لأن أحسن إشارة إلى حسن الصورة، وحسنها تابع لاعتدال المزاج، واعتدال المزاج مستتبع لصفاء النفس

الذي به جودة القريحة، وهذه الثلاث هي أمهات الأخلاق. (فزع أهل المدينة) بكسر الزاي، أي: خافوا. (على فرس) أي: عري. (وجدناه بحرًا) أي: كالبحر في أنه واسع الجري دائمه. 2821 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَال: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ النَّاسُ مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ، فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَعْطُونِي رِدَائِي، لَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ العِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا كَذُوبًا، وَلَا جَبَانًا". [3148 - فتح: 6/ 35] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (مقفله) بفتح الميم والفاء واللام اسم زمان، أي: زمان رجوعه. (من حنين) هو واد بين مكة والطائف. (فعلقه الناس) بكسر اللام وبها، أي: تعلقوا به، وفي نسخة: "فعلقت الأعراب". بتاء التأنيث بدل الهاء وبالأعراب بدل (الناس) وفي أخرى "فطفقت الناس". (اضطروه) أي: ألجؤه. (إلا سمرة) بضم الميم شجرة من شجر البادية ذات شوك. (فخطفت) بكسر الطاء، أي: السمرة مجازًا أو الأعراب. (لو كان لي عدد هذه العضاة نعمًا) بنصب (نعمًا)؛ تمييز ورفع (عدد) اسم (كان)، وخبرها: (لي)، وفي نسخة: (عدد) بالنصب خبر ثان لكان، ونعم بالرفع اسمها. و (العضاه) بكسر المهملة وبها وصلا ووقفا: كل شجر عظيم له شوك وواحدها عضهة، وقيل: عضية، وقيل: عضاهة. (بينكم) في نسخة: "عليكم" (لا تجدوني) في نسخة: "لا تجدونني" بزيادة نون. (بخيلا ولا كذوبًا ولا جبانًا) أي لا تجدوني ذا بخل، ولا ذا كذب، ولا ذا جبن، فالمراد: نفي الوصف من أصله لا نفي المبالغة

25 - باب ما يتعوذ من الجبن

الدال عليها الثلاثة؛ لأن كذوبًا من صيغ المبالغة، وجبانًا صفة مشبهة، وبخيلا يحتمل الأمرين، وهذا من جوامع الكلم، إذ أصول الأخلاق الحكمة والشجاعة والكرم. [فأشار] (¬1) بعدم الكذب إلى كمال القوة العقلية، أي: الحكمة، وبعدم الجبن إلى كمال القوة الغضية، أي: الشجاعة. وبعدم البخل إلى كمال القوة الشهوية، أي: الجود والأول: مرتبة الصديقين، والثاني: مرتبة الشهداء، والثالث: مرتبة الصالحين. وفي الحديث: دليل على جواز تعريف الإنسان نفسه بالأوصاف الحميدة لمن لا يعرفه؛ ليعتمد عليه. 25 - بَابُ مَا يُتَعَوَّذُ مِنَ الجُبْنِ (باب: ما يتعوذ من الجبن) ما: مصدرية، أي: بيان التعوذ من الخوف في الجهاد ونحوه. 2822 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الأَوْدِيَّ، قَال: كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ المُعَلِّمُ الغِلْمَانَ الكِتَابَةَ وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلاةِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ"، فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا فَصَدَّقَهُ. [6365، 6370، 6374، 3690 - فتح 6/ 35] (أبو عوانة) هو الوضاح اليشكري. (سعد) أي: ابن أبي وقاص. (أرذل العمر) هو الخرف حتى يعود إلى حال طفوليته ضعيف البنية، سخيف العقل، قليل الفهم. (مصعبًا) أي ابن سعد بن أبي وقاص. ¬

_ (¬1) من (س).

26 - باب من حدث بمشاهده في الحرب

2823 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ". [4707، 6367، 6371 - مسلم: 2706 - فتح: 6/ 36] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (كان النبي) في نسخة: "كان رسول الله". (من العجز) أي: ذهاب القدرة. (والكسل) هو القعود عن الشيء مع القدرة على عمله (والجبن) هو الخوف من تعاطي الحرب ونحوها؛ خوفًا على النفس. (والهرم) هو الزيادة على كبر السن المؤدي إلى ضعف الأعضاء، (من فتنة المحيا والممات) هما مصدارن ميميان بمعنى: الحياة والموت، (وفتنة الحياة): اشتغاله بالدنيا عن الآخرة، (وفتنة الموت) خوفه مما يعرض له في القبر من سؤال الملكين، ومشاهدة أعماله السيئة في أقبح الصور. 26 - بَابُ مَنْ حَدَّثَ بِمَشَاهِدِهِ فِي الحَرْبِ قَالهُ أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَعْدٍ. [انظر: 3722، 3723، 4326، 4327] (باب: من حدَّث بمشاهده) بفتح الميم، أي: مواضع شهوده، أي: حضوره في الحرب، أراد بذلك أن للرجل أن يحدّث بما فعله من الجهد في إظهار الإسلام وإعلاء كلمته. (أبو عثمان) هو عبد الرحمن المهدي (عن سعد) أي: ابن أبي وقاص. 2824 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: "صَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدًا، وَالمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ، وَعَبْدَ

27 - باب وجوب النفير، وما يجب من الجهاد والنية

الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أَنِّي سَمِعْتُ طَلْحَةَ يُحَدِّثُ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ". [4062 - فتح: 6/ 36] (حاتم) هو ابن إسماعيل الكوفي. (أحدًا منهم) لفظ: (منهم) ساقط من نسخة. (يحدث عن يوم أحد) أي: بما وقع له فيه من ثبات القدم ونحوه. 27 - بَابُ وُجُوبِ النَّفِيرِ، وَمَا يَجِبُ مِنَ الجِهَادِ وَالنِّيَّةِ وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا، وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا، وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ، وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 42] الآيَةَ وَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ، أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ} [التوبة: 38] إِلَى قَوْلِهِ {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 38، 39]. يُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {انْفِرُوا ثُبَاتٍ} سَرَايَا مُتَفَرِّقِينَ، يُقَالُ: أَحَدُ الثُّبَاتِ ثُبَةٌ". (باب: وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية) أي: بيان وجوب الخروج إلى قتال الكفار، وبيان القدر الواجب من الجهاد، وبيان مشروعية النية في ذلك. (وقوله) بالجر عظف على وجوب، وفي نسخة: "قول الله عزَّ وجلَّ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} أي: نشاطًا وغير نشاط وقيل: أقوياء وضعفاء، أو أغنياء وفقراءً، أو ركبانًا ومشاة، والآية منسوخة بآية {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ} [التوبة: 91]. ({إِن كُنتُم تَعْلَمُونَ})

أي: الخير. ({لَوْ كَانَ}) أي: ما دعوتهم إليه. ({عَرَضًا}) أي: متاعًا من الدنيا. ({قَرِيبًا}) أي: سهل المأخذ ({وَسَفَرًا قَاصِدًا}) أي: متوسطًا. ({لَاتَّبَعُوكَ}) أي: طلبًا للغنيمة. ({وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ}) أي: المسافة فتخلفوا. ({وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ}) الآية في نسخة عقب قوله: " {بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} إلى {إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} " (وقوله) بالجر أو بالرفع {اثَّاقَلْتُمْ} أي: تباطأتم. ({مِنَ الآخِرَةِ}) أي: بدلها. إلى قوله: ({عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}) [التوبة: 38 - 39] في نسخة عقب قوله: {إِلَى الْأَرْضِ} "إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ". (يذكر) في نسخة: (ويذكر) بواو. ({فَانفِرُوا ثُبَاتٍ}) بالنصب بالكسرة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، وفي نسخة: بالنصب بالفتحة على مذهب الكوفيين أي: (سرايا متفرقين). (يقال: أحد الثبات، ثبة) في نسخة: "يقال: واحد الثبات، ثبة". 2825 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال يَوْمَ الفَتْحِ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا". [انظر: 1349 - مسلم: 1353 - فتح: 6/ 37] (يحيى) أي: "ابن سعيد" كما في نسخة. (سفيان) أي: الثوري. (منصور) أي: ابن المعتمر. (عن مجاهد) أي: ابن جبر (وإذا استنفرتم فانفروا) أي: إذا طلبكم الإمام إلى الغزو فاخرجوا إليه، ومرَّ شرح الحديث في باب: فضل الجهاد (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2783) كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل الجهاد والسير.

28 - باب الكافر يقتل المسلم، ثم يسلم، فيسدد بعد ويقتل

28 - بَابُ الكَافِرِ يَقْتُلُ المُسْلِمَ، ثُمَّ يُسْلِمُ، فَيُسَدِّدُ بَعْدُ وَيُقْتَلُ (باب: الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد) بكسر الدال وفي نسخة: بفتحها، أي: دينه. (بعد) أي: بعد قتله المسلم وإسلامه. (ويقتل) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "أو يقتل" أي: بيان حكمه. 2826 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلانِ الجَنَّةَ: يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى القَاتِلِ، فَيُسْتَشْهَدُ. [مسلم: 1890 - فتح: 6/ 39] (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (يضحك الله) أي: يقبل برضاه. (إلى رجلين) في نسخة: "من رجلين". (فيقتل) بالبناء للمفعول. (ثم يتوب الله على القتال) بأن يسلم. 2827 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحُوهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْهِمْ لِي، فَقَال بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ العَاصِ: لَا تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ"، فَقَال ابْنُ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ: وَاعَجَبًا لِوَبْرٍ، تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ، يَنْعَى عَلَيَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيَّ، وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ، قَال: "فَلَا أَدْرِي أَسْهَمَ لَهُ أَمْ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ". [4237، 4238، 4239 - فتح: 6/ 39] قَال سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِيهِ السَّعِيدِيُّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّعِيدِيُّ هُوَ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ". (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (بعض

بني سعيد) هو أبان بن سعيد. (هذا) أي: أبان بن سعيد. (ابن قوقل) بوزن جعفر، واسمه: النعمان بن مالك بن ثعلبة بن أصرم، وقوقل لقب ثعلبة، أو أصرم. (فقال ابن سعيد) في نسخة: "قال ابن سعيد" (واعجبًا) بالتنوين، وفي نسخة: بدونه فإن نون كان اسم فعل بمعني: أعجب، ومثله واهًا، وجيء بعده بعجبًا؛ للتوكيد، وإن لم ينون، فالأصل فيه واعجبي فأبدلت الكسرة فتحة والياء ألفًا، كما فعل في يا أسفًا، ويا حسرتا، وفيه شاهد على استعمال وا في منادى غير مندوب. (لوبر) بكسر اللام وفتح الواو وسكون الموحدة: دويبة أصغر من السنور طحلاء اللون أي: تشبه الطحال لا ذنب لها أي: طويل يحل أكلها. (تدلّى) أي: انحدر. (من قدوم ضأن) أي: من طرف جبل، وضأن بهمزة فنون: اسم جبل في أرض دوس، (وقدوم)، بفتح القاف وضم الدال مخففة على المشهور ثنية به، وقيل: بضم القاف، أي: كان قدومه من هذا الموضع، وضبط بعضهم (ضأن) بلام بدل النون؛ لأنها قد تبدل منها، وبعضهم بلا همز وبلام ومعناه: السدر البري. (ينعى عليّ) أي: يعيب علي، يقال: نعيت على الرجل فعله إذا وبخته عليه وعيبته به. (أكرمه الله على يدي) أي: حيث صار شهيدًا بواسطتي. (ولم يهني على يديه) أي: لم يقدر موتي كافرًا بواسطته فأدخل النار. (فلا أدري أسهم له أم) في نسخة: "أولم يسهم له" لكن روى أبو داوود: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقسم له (¬1) (قال أبو عبد الله) ساقط من نسخة. (هو عمرو) لفظ: (هو) ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود برقم (2723) كتاب: الجهاد، باب: فيمن جاء بعد الغنيمة لا سهم له.

29 - باب من اختار الغزو على الصوم

29 - بَابُ مَنِ اخْتَارَ الغَزْوَ عَلَى الصَّوْمِ (باب: من اختار الغزو على الصوم) أي: لئلا يضعف بدنه به عن الغزو. 2828 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ أَبُو طَلْحَةَ لَا يَصُومُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ الغَزْو، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَرَهُ مُفْطِرًا إلا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى". [فتح: 6/ 41] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج (أو أضحى) بالتنوين، والمراد: بيومه ما شرع فيه الأضحية، فيدخل فيه أيام التشريق. 30 - بَابٌ: الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى القَتْلِ (باب: الشهادة سبع سوى القتل) أي: سبع خصال. 2829 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 653 - مسلم: 1914 - فتح: 6/ 42] (عن سُمَيّ) هو أبو عبد الله مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. (الشهداء خمسة) رواه مالك في "الموطأ" (¬1): بلفظ: "الشهداء سبعة سوى القتيل في سبيل الله" (¬2)، وهو الموافق لما ترجم له، لكنه ليس على شرطه فلم يورده، ¬

_ (¬1) انظر: "الموطأ" 1/ 394 كتاب: الجنائز، باب: النهي عن البكاء. (¬2) المرجع السابق.

بل نبه عليه في الترجمة. إيذانًا بأن الوارد في عدها من الخمسة والسبعة ليس تحديدًا بل تقريب. (المطعون) أي: الذي يموت بالطاعون. (والمبطون) أي: الذي يموت بالبطن (والغرق) بفتح المعجمة وكسر الراء أي: الذي يموت بالغرق. (وصاحب الهدم) أي: الذي يموت به وهو بسكون الدال: الفعل، وبكسرها: الذي يموت به، وبفتحها: ما انهدم من جوانب البناء. (والشهيد في سبيل الله) أي: الذي قتل فيه، وزاد في خبر "الموطأ": الحريق، وصاحب ذات الجنب، والمرأة تموت بجمع بتثليث الجيم، أي: التي تموت حاملًا، ووردت الأحاديث بشهداء أخر: كصاحب السل (¬1)، ومن قتل دون ماله (¬2)، والغريب (¬3)، ومن عشق فَعَفَّ فكتم فمات (¬4)، ومن مات مستمرًا على طلبه العلم (¬5). والمراد بشهادة من عدا من قتل في سبيل الله أن يكون له ¬

_ (¬1) رواه الربيع في "مسنده" 1/ 183 (451). (¬2) سبق برقم (2480) كتاب: المظالم، باب: من قاتل دون ماله. (¬3) رواه ابن ماجه (1613) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء فيمن مات غريبًا، والطبراني في "الكبير" 11/ 57 - 58 (11034)، 11/ 246 (11628)، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 317 - 318 وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه: عمرو بن الحصين العقيلي، وهو متروك، وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه". (¬4) رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 5/ 156، وأبو طاهر السِّلفي في: "الطيوريات" ص 66 (112). وقال الألباني في "الضعيفة" 1/ 587 (409): موضوع. (¬5) رواه البزار كما في "كشف الأستار" 1/ 84 (138)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" 1/ 121 (115)، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 124 وقال: رواه البزار، وفيه هلال بن عبد الرحمن الحنفي، وهو متروك.

31 - باب قول الله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر، والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة، وكلا وعد الله الحسنى، وفضل الله المجاهدين على القاعدين} [النساء: 95] إلى قوله {غفورا رحيما} [النساء: 95 - 96]

في الآخرة أجر الشهداء، وقد قسم العلماء الشهداء ثلاثة أقسام: شهيد في حكم الدنيا، بمعنى أنه لا يغسل ولا يصلى عليه، وفي حكم الآخرة بمعني: أنَّ له ثوابًا خاصًّا، وهو من قُتل في قتال الكفار بسببه، وقد قاتل؛ لتكون كلمة الله هي العليا، وشهيد في الآخرة دون الدنيا وهو من قتل ظلمًا بغير ذلك والمبطون ونحوهما. وشهيد في الدنيا دون الآخرة: وهو من قتل في قتال الكفار بسببه وقد غَلَّ من الغنيمة أو قتل مدبرًا أو قاتل رياءً ونحوه. وقد بسطت الكلام على ذلك مع زيادة في "شرح الروض" (¬1). 2830 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [5732 - مسلم: 1916 - فتح: 6/ 42] (عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. 31 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ، وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، فَضَّلَ اللَّهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً، وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الحُسْنَى، وَفَضَّلَ اللَّهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ} [النساء: 95] إِلَى قَوْلِهِ {غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 95 - 96] (باب قول الله تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ" بدل تعالى. ({لَا يَسْتَوي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ}) أي: عن الجهاد. ({عَلَى الْقَاعِدِينَ}) أي: لضرر. ({دَرَجَةً}) أي: فضيلة له. {وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} أي: المثوبة الحسنى: ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" 1/ 315.

وهي الجنة. {عَلَى الْقَاعِدِينَ} أي: لغير ضرر. إلى قوله: {غَفُورًا رَحِيمًا} في نسخة عقب قوله: ({غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}) إلى قوله: " {غَفُورًا رَحِيمًا}، والحكمة في أنه تعالى ذكر في أول الكلام درجة وفي آخره درجات: إن الأولى لتفضيل المجاهدين غير أولي الضرر، والثانية للتفضيل على غيرهم، أو الأولى درجة المدح والتعظيم، والثانية منازل الجنة. 2831 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ} [النساء: 95] مِنَ المُؤْمِنِينَ " دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا، فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا، وَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ، فَنَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] ". [4593، 4594، 4990 - مسلم: 1898 - فتح: 6/ 45] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (فجاء) في نسخة: "فجاءه". (بكتف) هو عَظْمٌ عريض يكون في أصل كَتِفِ الحيوان كانوا يكتبون فيه؛ لقلة القراطيس. (ابن أم مكتوم) هو عمرو بن عبد الله بن زائدة العامري، واسم أمه: عاتكة (ضرارته) أي: ذهاب بصره (فنزلت: {لَا يَسْتَوي الْقَاعِدُونَ}) إلى آخره، المقصود منه نزول: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} كما اقتصر عليه في الحديث بعده، وإنما ذكر ما قبله مع أنه ذكر قبل؛ ليتصل الاستثناء بالمستثنى منه. 2832 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ قَال: رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ جَالِسًا فِي المَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلَى عَلَيْهِ: {لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] {وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] "، قَال: فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ،

32 - باب الصبر عند القتال

فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ - وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]. [4592 - فتح: 6/ 45] (أملى عليه) نسخة: "أملى علي". (يملها) بضم التحتية وكسر الميم، وضم اللام المشددة أي: يمليها، ويجوز أن تكون الياء منقلبة عن إحدى اللامين. (لو أستطيع) أي: لو استطعت، وعبَّر المضارع؛ لقصد الاستمرار، أو لاستحضار صورة الحال. (ترض) بالبناء للمفعول وبالبناء للفاعل، أي: تُدَقُ (سرى) بضم المهملة وتشديد الراء وتخفيفها، أي: كُشِفَ. 32 - بَابُ الصَّبْرِ عِنْدَ القِتَالِ (باب الصبر عند القتال) مع الكفار، أي: بيان فضله 2833 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، كَتَبَ فَقَرَأْتُهُ: أَنَّ (¬1) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا". [انظر: 2818 - مسلم: 1742 - فتح: 6/ 45] (حدثني عبد الله) في نسخة: "حدثنا عبد الله". (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن محمد الفزاري (كتب) أي: إلى عمر بن عبيد الله. (إذا لقيتموهم) أي: الكفار عند الحرب (فاصبروا) أي: حال المقاتلة إذا لم يزد عددهم على مثليكم لآية {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 66]. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي (س): إِنَّ بكسر الهمزة.

33 - باب التحريض على القتال

33 - بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى القِتَالِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ} [الأنفال: 65]. (باب: التحريض على القتال) أي: بيان حكمة الحث عليه. و (قوله) بالجر عطف على التحريض، وفي نسخة: "قول الله تعالى". 2834 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الخَنْدَقِ، فَإِذَا المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالجُوعِ، قَال: "اللَّهُمَّ إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ" فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا [2835، 2961، 3795، 3796، 4100، 6413، 7201 مسلم: 1805 - فتح: 6/ 45] (أبو إسحاق) هو إبراهيم الفزاري. (عن حميد) أي: الطويل. (يحفرون) بكسر الفاء. (ما بهم) أي: الأمر الملتبس بهم. (من النصب) أي: التعب. (اللهم) رُوي بـ: "لاهم" بحذف الألف واللام الأولى، وبه يتزن الكلام. (إن العيش) أي: الباقي أو المعتبر. (فاغفر للأنصار والمهاجرة) بلام الجر، وفي نسخة: "فاغفر الأنصار والمهاجرة" بألف بدل اللام، وبه يتزن الكلام. ومع ذلك ليس بشعر؛ لأن وزنه لم يكن عن قصد، مع أنه قيل: إنه ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - بل، من كلام ابن رواحة. (بايعوا) في نسخة "بايعنا". (على الجهاد) في نسخة: "على الإسلام".

34 - باب حفر الخندق

34 - بَابُ حَفْرِ الخَنْدَقِ (باب حفر الخندق) أي: بيان حفره حول المدينة. 2835 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَعَلَ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الخَنْدَقَ حَوْلَ المَدِينَةِ، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الإِسْلامِ مَا بَقِينَا أَبَدَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجِيبُهُمْ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إلا خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَبَارِكْ فِي الأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ" [انظر: 2834 - مسلم: 1805 - فتح 6/ 46] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المقعد (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (على متونهم) جمع متن، يذكر ويؤنث، ومَتْنَا الظهر: مكتنفا الصلب عن يمين وشمال من عصب ولحم. (والنبي - صلى الله عليه وسلم - يجيبهم ويقول: اللهم) إلى آخره، الظاهر: أنه من إنشائه - صلى الله عليه وسلم - وليس بشعر لما مر آنفًا. لكنه ليس بلازم للجواز أنه ليس من إنشائه بل من إنشاده، وهو من إنشاء ابن رواحة وفي نسخة بدل (على الإسلام): "على الجهاد". 2836 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ، وَيَقُولُ: "لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا". [2837، 3034، 4104، 4106، 6620، 7236 - مسلم: 1803 - فتح: 6/ 46] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

35 - باب من حبسه العذر عن الغزو

2837 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: "لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلِ السَكِينَةَ عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا" [انظر: 2836 - مسلم: 1803 - فتح: 6/ 46] (ينقل) أي: "التراب" كما في نسخة. (رأيت رسول الله) في نسخة: "رأيت النبي" (يوم الأحزاب) سمّي به؛ لاجتماع القبائل فيه واتفاقهم على محاربته - صلى الله عليه وسلم - وهو يوم الخندق. (فأنزل السكينة) أي: الوقار، وفي نسخة: "فأنزل سكينته" أي: الوقار وفي أخرى: "فأنزلن سكينة" بنون التوكيد الخفيفة. (إن الأُلى) هو من الألفاظ الموصولة (¬1) لا من أسماء الإشارة. (قد بغوا علينا) في رواية: "هم قد بغوا علينا" وبه يتزن الكلام (¬2). 35 - بَابُ مَنْ حَبَسَهُ العُذْرُ عَنِ الغَزْو (باب: من حبسه العذر عن الغزو) أي: فله أجر الغازي، والعذر: وصف يقوم بالملكف يناسب التسهيل عليه. 2838 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُمْ قَال: "رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [2839، 4423 - فتح: 6/ 46] ¬

_ (¬1) ومثله قول الشاعر: نحن الأُلَى فاجمَعْ جُمُوْ ... عَكَ ثم وَجِّههم إلينا (¬2) انظر: "فتح الباري" 7/ 401.

(أحمد بن يونس) نسبة إلى جده وإلا فهو بن عبد الله بن يونس. (زهير) أي: بن معاوية الجعفي. (حميد) أي: الطويل. (حدثنا سليمان) في نسخة: " ح وحدثنا سليمان". (خلفنا) بسكون اللام، أي: وراءنا، وفي نسخة: بفتحها مشددة وسكون الفاء من التخليف، أي: جعلناهم خلفنا. (شعبًا) بكسر الشين المعجمة: الطريق في الجبل ويقال للحي العظيم، وبفتحها: ما تفرق من قبائل العرب والعجم. (إلى وهم معنا) في نسخة: "إلى وهم معكم" ففيه التفات. (فيه) أي: في ثوابه، أي: شركاؤنا فيه. 2839 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ، فَقَال: "إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلَا وَادِيًا إلا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ". [انظر: 2838 - فتح: 6/ 46] وَقَال مُوسَى: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "الأَوَّلُ أَصَحُّ". (حماد) أي: ابن سلمة. (الأول) أي: الذي بلا واسطة. (موسى بن أنس) أصح، أي: من رواية واسطته وقد رواها كذلك أبو داود (¬1). قال شيخنا: لا مانع من صحتهما، ولعل حميدًا سمعه من موسى عن أبيه أنس ثم لقي إنسانًا فحدثه به، أو سمعه من أنس فثبته فيه ابنه موسى (¬2) وفي نسخة قبل: "أصح عندي". ¬

_ (¬1) رواه أبو داوود برقم (2508) كتاب: الجهاد، باب: الرخصة في القعود من العذر. (¬2) "فتح الباري" 6/ 47.

36 - باب فضل الصوم في سبيل الله

36 - بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (باب فضل الصوم في سبيل الله) أي: ابتغاء لوجه الله تعالى، أو في الجهاد ولا ينافيه ما مرَّ من أفضلية الفطر على الصوم فيه؛ لأن ما هنا فضل الصوم فيه، وإن كان الفطر أفضل منه أو محمول على من لم يضعفه الصوم عنه، ومن هناك أفضلية الفطر فيه أو محمول على من يضعفه الصوم عنه وما هناك أفضلية الفظر فيه، أو محمول على من يضعفه فيه. 2840 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، أَنَّهُمَا سَمِعَا النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا". [مسلم: 1153 - فتح: 6/ 47] (إسحاق بن نصر) نسبة إلى جده، وإلا فهو ابن إبراهيم بن نصر. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (يحيى بن سعيد) أي: الأنصاري. (وجهه) أي: ذاته كلها. (سبعين خريفًا) أي: سَنَةً، وذكر السبعين؛ للمبالغة ولا ينافيه رواية: مائة عام (¬1)، ولا رواية: خمسمائة عام (¬2) لجواز أن الله تعالى أعلم نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالأدني ثم بما بعده على التدريج، أو أن ذلك بحسب اختلاف ¬

_ (¬1) رواه النسائي 4/ 174 كتاب: الصيام، باب: ذكر الاختلاف على سفيان، وفي "الكبرى" 2/ 98 (2562) كتاب: الصيام، باب: ذكر الاختلاف على سفيان الثوري. والطبراني في "الأوسط" 3/ 309 (3249). (¬2) رواها ابن عدي في "الكامل" 3/ 130 ترجمة: الحسن بن دينار.

37 - باب فضل النفقة في سبيل الله

أحوال الصائمين في كمال الصوم ونقصانه، أو المراد بالمباعدة كما قاله النوويُّ وغيره المعافاة من النار لا البعد بهذه المسافة (¬1) 37 - بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (باب: فضل النفقة في سبيل الله) أي: الإنفاق في الجهاد وغيره مما يقصد به وجه الله تعالى. 2841 - حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، دَعَاهُ خَزَنَةُ الجَنَّةِ، كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ: أَيْ فُلُ هَلُمَّ"، قَال أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَاكَ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ". [انظر: 1897 - مسلم: 1027 - فتح: 6/ 48] (حدثنا سعد) في نسخة: "حدثني سعد" (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (زوجين) أي: صنفين. (كل خزنة باب) أي: خزنة كل باب فهو من باب القلب نبه عليه الكرماني (¬2). (أي فل) أي: يا فل بضم اللام وفتحها مثلها فلان حذف منه الألف والنون وليس ترخيمًا على المشهور، وإلا لقيل: يا فلا. قال الأزهري: وليس بترخيم فلان ولكنها كلمة على حدة فبنو أسد يوقعونها على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد وغيرهم يثني ويجمع ويؤنث انتهى. ولفظ: (فلان) كناية عن اسم تسمى به المحدث عنه. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 33. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 130، 131.

(هلم) (¬1) أي: تعال يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع في لغة الحجاز وأما أهل نجد فيقولون هلم هلمَّا هلمُّوا، (لاتوى عليه) بفتح الفوقية مقصورًا على المشهور أي: لا جناح عليه ولا هلاك (منهم) أي: ممن يدعى من تلك الأبواب، ومرّ شرح الحديث في الصيام (¬2). 2842 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَال: "إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ"، ثُمَّ ذَكَرَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا، فَبَدَأَ بِإِحْدَاهُمَا، وَثَنَّى بِالأُخْرَى، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْنَا: يُوحَى إِلَيْهِ، وَسَكَتَ النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ، ثُمَّ إِنَّهُ مَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ الرُّحَضَاءَ، فَقَال: "أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا، أَوَخَيْرٌ هُوَ - ثَلاثًا - إِنَّ الخَيْرَ لَا يَأْتِي إلا بِالخَيْرِ، وَإِنَّهُ كُلَّمَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ إلا آكِلَةَ الخَضِرِ، كُلَّمَا أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَثَلَطَتْ وَبَالتْ، ثُمَّ رَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا المَال خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ المُسْلِمِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ، فَهُوَ كَالْآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ القِيَامَةِ". [انظر: 921 - مسلم: 1052 - فتح: 6/ 48] ¬

_ (¬1) العرب في (هَلُمَّ) على مذهبين أحدهما مذهب أهل الحجاز: أن تكون بلفظ واحد مع الفرد والمثني والجمع والمذكر والمؤنث. تقول: هَلُمَّ يا رجل، وهلم يا رجلان، وهلم يا رجال وهلم يا امرأة، وهلم يا امرأتان، وهلم يا نسوة، فهي عندهم اسم فعل فيستكن في الضمير كسائر أسماء الأفعال، الثاني: مذهب بني تميم: أنهم يجرونها مجرى الفعل المضاعف المتصرف فيثنون ويجمعون نحو: هَلُمَّ يا رجل، وهلُمَّا يا رجلان، وهلُمُّوا يا رجال، وهَلُمِّي يا امرأة، وهَلمُمْنَ يا نسوة. (¬2) سبق برقم (1897) كتاب: الصوم، باب: الريان للصائمين.

(فليح) أي: ابن سليمان. (هلال) أي: ابن أبي ميمونة الفهري. (بركات الأرض) أي: خيراتها. (زهرة الدنيا) أي: زينتها وما يعجب منها (فبدأ بإحداهما) أي: ببركات الأرض. (وثنَّي بالأخرى) أي: بزهرة الدنيا. (أَوَ يأتي الخير بالشر؟) بهمزة الاستفهام وفتح الواو أي أتصير النعمة عقوبة؟. (على رءوسهم الطير) أي: أن كل واحد صار كمن على رأسه طائر يريد صيده فلا يتحرك (الرحضاء) بضم الراء وفتح المهملة والمد أي: العَرَق الذي حصل بالوحي. (أو خير هو؟) بهمزة الإنكار وفتح الواو والضمير للمال المفهوم من الحديث. (إن الخير) أي: الحقيقي. (لا يأتي إلا بالخير) والمال ليس كذلك لما فيه من الفتنة والاشتغال عن [كمال] (¬1) الإقبال عن الآخرة. (وإنه) أي: الشأن. (كلما) بالنصب والرفع. (ينبت الربيع) بالرفع على الفاعلية: وهو الجدول الذي يسقى به. (ما) ساقط من نسخة. (يقتل حبطًا) لفظ: (حبطًا) ساقط من نسخة وهو بفتح المهملة والموحدة: انتفاخ البطن عن كثرة الأكل مع عدم ثلطها وبولها. (أو يلم) بضم الياء وكسر اللام، وتشديد الميم أي: يقرب أن يقتل. (كلما) ساقط من أكثر النسخ (أكلت) وقع في السياق كما قال شيخنا (¬2): حذف، صرَّح بمضمونه هنا في نسخة. وفي الرواية الأخرى تقديره: إلا آكلة الخضر (أكلت حتى إذا امتدت) في نسخة: "حتى إذا امتدت" وفي أخرى: وهي الثابت فيها "كلما حتى امتدت" بإسقاط إذا. (فثلطت) بمثلثة أي: ألقت بعرها رقيقا (وبالت) أي: وبذلك زال عنها الحبط. (ثم رتعت) أي: أكلت ما شاءت، وهذا مثل ضربه للمقتصد في ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "الفتح" 6/ 49.

38 - باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بخير

جمع الدنيا المؤدى حقها الناجي من وبالها كما نجت آكلة الخضر من حبطها. (وإن هذا المال خضرة) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين أي: من حيث المنظر، وأنثه مع أن المال يذكر باعتبار أنه زهرة الدنيا، أو التاء للمبالغة كعلَّامة. (حلوة) أي: من حيث الذوق. (ونعم صاحب المسلم) المخصوص بالمدح المال. (واليتامى والمساكين) زاد في نسخة: "وابن السبيل". (كالآكل الذي لا يشبع) لفظ: (الذي) ساقط من نسخة، ومرّ شرح الحديث في الزكاة في، باب: الصدقة على اليتامى (¬1). 38 - بَابُ فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ خَلَفَهُ بِخَيْرٍ (باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير) بتخفيف اللام أي: قام عنه في أهله ومن تركه بما كان يفعله. 2843 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَال: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا". [مسلم: 1895 - فتح: 6/ 49] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المقعد. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد (الحسين) أي: ابن ذكوان المعلم. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (أبو سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (من جهز غازيًا) أي: هيأ له أسباب سفره. (فقد غزا) أي: فله مثل أجر الغازي. 2844 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (1465) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة على اليتامى.

39 - باب التحنط عند القتال

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ إلا عَلَى أَزْوَاجِهِ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَال: "إِنِّي أَرْحَمُهَا قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي". [مسلم: 2455 - فتح: 6/ 50] (موسى) أي: "ابن إسماعيل" كما في نسخة. (همام) أي: ابن يحيى الشيباني. (لم يكن يدخل بيتا) أي: يكثر دخوله. (أم سليم) اسمها: سهلة، أو رميلة، أو الغميصاء. (فقيل له) أي: لم تخص أم سليم بكثرة الدخول إليها. (قتل أخوها) هو حرام بن ملحان يوم بئر معونة. (معي) أي: في عسكري، أو في طاعتي؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يشهد بئر معونة كما سيأتي في المغازي (¬1). ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث أنه - صلى الله عليه وسلم - خلف أخا أم سليم في أهله بخير بعد وفاته، وساغ له الدخول عليها؛ لأنها كانت خالته من الرضاع، وقيل: من النسب. 39 - بَابُ التَّحَنُّطِ عِنْدَ القِتَالِ (باب التحنط عند القتال) أي: بيان استعمال الحنوط عنده وهو ما يطيب به الميت. 2845 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، قَال: - وَذَكَرَ يَوْمَ اليَمَامَةِ - قَال: أَتَى أَنَسٌ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ وَقَدْ حَسَرَ عَنْ فَخِذَيْهِ وَهُوَ يَتَحَنَّطُ، فَقَال: يَا عَمِّ، مَا يَحْبِسُكَ أَنْ لَا تَجِيءَ؟ قَال: الآنَ يَا ابْنَ أَخِي، وَجَعَلَ يَتَحَنَّطُ - يَعْنِي مِنَ الحَنُوطِ - ثُمَّ جَاءَ، فَجَلَسَ، فَذَكَرَ فِي الحَدِيثِ، انْكِشَافًا مِنَ النَّاسِ، فَقَال: هَكَذَا عَنْ وُجُوهِنَا حَتَّى نُضَارِبَ القَوْمَ، "مَا ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (24086) كتاب: المغازي، باب: غزوة الرجيع ورعل، وذكوان، وبئر معونة.

هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ. رَوَاهُ حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. [فتح: 6/ 51] (ابن عون) هو عبد الله (وذكر) في نسخة: "ذكر" بلا واو. (يوم اليمامة) بفتح الياء وتخفيف الميم مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف سميت باسم جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام. قال الجوهري: واليمامة بلاد وكان اسمها الجو. فسميت باسم الجارية، لكثرة ما أضيف إليها (¬1). (حسر) أي: كشف [(يا عمِّ) دعاه به، لأنه كان أسن] (¬2) منه. (ما يحبسك) أي: ما يؤخرك. (أن لا تجيء) بالنصب [وزيادة لا] (¬3)، بالرفع وحذف النون قال: (الآن يا ابن أخي) أي: أخي. (فذكر) أي: أنس. (انكشافًا من الناس) أي: نوع انهزام منه أي: أشار إلى انفراج [بين وجوه] المسلمين والكافرين بحيث لا يبقى بيننا وبينهم أحد. (عن وجوهنا) أي: أفسحوا لنا. (حتى نضارب القوم) أي: بلا حائل بيننا، وفي نسخة: "بالقوم" بزيادة الباء. (ما هكذا كنا نفعل) أي: بل كان [الصف لا ينحرف] (¬4) عن موضعه. (بئس ما عودتم أقرانكم) في نسخة: "بئس عودتكم أقرانكم" بالنصب على الأولى، وبالرفع على الثانية، أي: من اتخاذ الفرار عادة للنجاة وطلبًا للراحة. والأقران جمع قرن [بكسر القاف] (¬5): وهو الذي يعادل الأخر في الشدة (حماد) أي: ابن سلمة. (عن ثابت) أي البناني. ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة (يمم) 5/ 2065. (¬2) من (س). (¬3) من (س). (¬4) من (س). (¬5) من (س).

40 - باب فضل الطليعة

40 - بَابُ فَضْلِ الطَّلِيعَةِ (باب: فضل الطليعة) هو اسم جنس يشمل الواحد والأكثر، وهو من يبعث إلى العدو ليطلع على أحوالهم. 2846 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ القَوْمِ يَوْمَ الأَحْزَابِ؟ " قَال الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَال: "مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ القَوْمِ؟ "، قَال الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ". [2847، 2997، 3719، 4113، 7261 - مسلم: 2415 - فتح: 6/ 52] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين (سفيان) أي: الثوري. (بخبر القوم) أي: بني قريظة. (قال) في نسخة هنا وفيما بعد: "فقال". (الزبير) أي: ابن العوام. (حواريًّا) بتشديد الياء وهو الناصر وقيل: الخاص. (وحواري) إضافة إلى ياء المتكلم ثم حذفها وحينئذ ضبطه جماعة بفتح الياء، وأكثرهم بكسرها وهو القياس، لكنهم حين استثقلوا الكسرة وثلاث ياءات حذفوا ياء المتكلم، وأبدلوا من الكسرة فتحة. 41 - بَابٌ: هَلْ يُبْعَثُ الطَّلِيعَةُ وَحْدَهُ؟ (باب: هل يبعث الطليعة وحده؟) ببناء (يبعث) للمفعول ورفع (الطليعة) وببنائه للفاعل وبنصبها، والفاعل مضمر، أي: الإمام، وجواب (هل) محذوف، أي: نعم. 2847 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ - قَال صَدَقَةُ: أَظُنُّهُ يَوْمَ الخَنْدَقِ - فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَ [النَّاسَ] فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَ النَّاسَ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ". [انظر: 2846 - مسلم: 2415 - فتح 6/ 53]

42 - باب سفر الاثنين

(صدقة) أي: ابن الفضل (ندب) أي: دعا. (يوم الخندق) أي: يوم الأحزاب. (فانتدب الزبير) أي: أجاب. (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -) لفظ: (النبي - صلى الله عليه وسلم -) ساقط من نسخة. (وإن حواريَّ) في نسخة " وحواري". 42 - بَابُ سَفَرِ الاثْنَيْنِ (باب: سفر الاثنين) أي: بيان جوازه. 2848 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ، قَال: انْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَنَا أَنَا وَصَاحِبٍ لِي: "أَذِّنَا، وَأَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا". [انظر: 628 - مسلم: 674 - فتح: 6/ 53] (أبو شهاب) هو موسى بن نافع الأسدي. (عن قلابة) أي: عبد الله بن زيد البصري. (أنا) بالجر تأكيد للمجرور، أو بيان له، أو بدل منه، وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف. (وصاحب لي) بالجر والرفع عطف على (أنا). 43 - بَابٌ: الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ (باب: الخيل معقود بنواصيها الخير) أي: ملازم لها إلى يوم القيامة، والناصية: هي الشعر في مقدم الرأس، وربَّما كني بها عن جميع ذات الشيء نحو فلان مبارك الناصية، أي: الذات، و (الخير) الأجر والمغنم. 2849 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ".

(قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -): (الخيل في نواصيها الخير). في نسخة: "معقود في نواصيها الخير". المراد بالخيل: المستعملة في سبيل الله. 2850 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، وَابْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الجَعْدِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"، قَال سُلَيْمَانُ: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الجَعْدِ. [3644 - مسلم: 187 - فتح: 6/ 54] -تَابَعَهُ مُسَدَّدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الجَعْدِ. [2853، 3119، 3643 - مسلم: 1873 - فتح: 6/ 54] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (حصين) بالتصغير، أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (وابن أبي السفر) هو سعيد (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (قال سليمان) أي: ابن حرب. (عن عروة بن أبي الجعد) مراده: أن شعبة زاد لفظ: (أبي) بين (ابن) (الجعد) لا أنه روي عن عروة كما قيل؛ لأنه لم يدركه. (تابعه) أي: سليمان على زيادة (أبي). (عن هشيم) بالتصغير أي: ابن بشير بوزن عظيم. 2851 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الخَيْلِ". [3645 - مسلم: 1874 - فتح: 6/ 54] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي التياح) هو يزيد بن حميد الضبعي.

44 - باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر

44 - بَابٌ: الجِهَادُ مَاضٍ مَعَ البَرِّ وَالفَاجِرِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". (باب الجهاد ماضٍ) أي: مستمر (مع البر والفاجر) أي: مع الإمام العادل والجائر. (لقول النبي .. إلخ). وجه الاستدلال به: أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أبقى الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، علم أن الجهاد مستمر إلى يوم القيامة، وقد علم أن في أمته البر والفاجر. 2852 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عُرْوَةُ البَارِقِيُّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ: الأَجْرُ وَالمَغْنَمُ". [انظر: 2850 - مسلم: 1873 - فتح: 6/ 56] (أبو نعيم) هو الفضل بن بكير. (زكريا) أي: ابن أبي زائدة. (عن عامر) هو الشعبي. (عروة) أي: ابن الجعد، أو ابن أبي الجعد. (البارقي) نسبة إلى بارق: جبل، أو ماء بالسراة، أو قبيلة من ذي رعين. (الأجر) أي الثوان في الآخرة (والمغنم) أي: الغنيمة في الدنيا وهما بدلان من الخبر أو خبر مبتدأ محذوف. 45 - بَابُ مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60]. 2853 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدًا المَقْبُرِيَّ، يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَهُ

46 - باب اسم الفرس والحمار

وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ". [فتح: 6/ 57] (باب: من احتبس فرسًا) زاد في نسخة: "في سبيل الله" والمراد: بيان فضل من ذكر (إيمانًا بالله) أي: خالصًا له (وتصديقًا بوعده) أي: من الثواب يوم القيامة. وهذه إشارة إلى المعاد، كما أن الأول إشارة إلى المبدأ، (فإن شبعه) بكسر المعجمة وفتح الموحدة، أي: ما يشبع به (وريه) بكسر الراء وفتح التحتية مشددة، أي: ما يرويه من الماء (في ميزانه)، أي: الثواب الحاصل بكل من المذكورات كائن في ميراثه. 46 - بَابُ اسْمِ الفَرَسِ وَالحِمَارِ (باب: اسم الفرس والحمار) أي: بيان مشروعية تسمية كل منها كغيره من الدواب باسم يميزه عن غيره. 2854 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَخَلَّفَ أَبُو قَتَادَةَ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَوْا حِمَارًا وَحْشِيًّا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ تَرَكُوهُ حَتَّى رَآهُ أَبُو قَتَادَةَ، فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ يُقَالُ لَهُ الجَرَادَةُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاولُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا، فَتَنَاوَلَهُ، فَحَمَلَ فَعَقَرَهُ، ثُمَّ أَكَلَ، فَأَكَلُوا فَنَدِمُوا، فَلَمَّا أَدْرَكُوهُ قَال: "هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ "، قَال: مَعَنَا رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهَا. [انظر: 1821 - مسلم: 1196 (63) - فتح: 6/ 58] (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (مع النبي) في نسخة: "مع رسول الله". (وهم محرمون) أي: بالعمرة (حمارًا وحشيًّا) في نسخة: "حمار وحش"، (يقال له) في نسخة: "يقال لها". (الجرادة) بفتح الجيم وتخفيف الراء وبمهملة

(فحمل) أي: على الحمار. (وقدموا) في نسخة: "فندموا" بنون بدل القاف من الندامة، أي: ندموا على أكلهم؛ لكونهم محرمين ومرَّ الحديث في الحج بدون تسمية الفرس الجرادة (¬1)، ومنهم من سماه الجزورة، ولعل لها اسمان. 2855 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: "كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطِنَا فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ اللُّحَيْفُ". [فتح: 6/ 58] [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال بَعْضُهُمُ: اللُّخَيْفُ] (حدثنا أُبيُّ) في نسخة: "حَدَّثَنِي أُبيُّ" وهو بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد الياء (في حائطنا) أي: بستاننا. (اللحيف) بالتصغير، وفي نسخة: بالتكبير. والحاء فيهما مهملة، فسمى بذلك؛ لطول ذنبه كأنه يلحف الأرض به وزاد في أخرى: "قال أبو عبد الله وقال بعضهم اللخيف" أي: بخاء معجمة مصغرًا ومكبرًا. وروي بنون بدل اللام وبخاء مهملة من النخافة. 2856 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ يَحْيَى بْنَ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، فَقَال: "يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟ "، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَال: "لَا تُبَشِّرْهُمْ، فَيَتَّكِلُوا". [5967، 6267، 6500، 7373 - مسلم: 30 - فتح: 6/ 58] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1812) كتاب: الحج، باب: وإذا صار الحلال فأهدى للمحرم القيد أكله.

(حَدَّثَنِي إسحاق) في نسخة: "حَدَّثنَا إسحاق" (أبو الأحوص) هو سلام الحنفي بتشديد اللام. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (عن معاذ) أي: ابن جبل. (ردف النبي) أي: راكبًا خلفه. (عفير) تصغير أعفر تصغير ترخيم كسويد في أسود، وإلا فالقياس تصغيره على أعيفر. هو مأخوذ من العفرة، وهي حمرة يخالطها بياض. (هل) في نسخة: "وهل" (حق الله) أي: "ما حق الله"؛ كما في نسخة. (أن يعبدوه). في نسخة: "أن يعبدوا" بالنصب عطف على (حق الله) وبالرفع على الاستئناف. (أفلا أبشر) الفاء عاطفة على مقدر، أي: أقلت ذلك فلا أبشر (فيتكلوا) بفوقية مشددة من الاتكال. وفي نسخة: "فينكلوا" بنون ساكنة وضم الكاف من النكول. 2857 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لَنَا يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ، فَقَال: "مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا". [انظر: 2627 - فتح: 6/ 58] (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (قتادة) أي: ابن دعامة. (فزع) أي: خوف. (فرسًا لنا) لا ينافي قوله فيما مرَّ في الهبة في باب من استعار من الناس الفرس (¬1) (فرسًا من أبي طلحة) لأنه زوج أم أنس وهو كان في حجره. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2627) كتاب: الهبة، باب: من استعار من الناس الفرس.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «لَا يشْكر الله مَنْ لَا يشْكر النَّاسَ» الحمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِه تتمُ الصالحاتُ فإنَّ إِخْرَاج هَذَا الْكتاب بِهَذِهِ الصُّورَة فِي فَتْرَة وجيزة كَانَ ثمرةَ تعاونٍ مَعَ: "مَرْكَز الْفَلاح للبحوث العلمية" لصَاحبه الشَّيْخ خَالِد الرِّبَاط وَالَّذِي عاون فِي الإشراف على هَذَا الْكتاب، بمشاركة الْأُخوة: خَالِد بُكير، وعصام حمدي (فِي الْمُقَابلَة وَالتَّعْلِيق والمراجعات) نَادِي فكري، وَمُحَمّد رَمَضَان (فِي التَّخْرِيج وَالتَّعْلِيق) كَمَا قَامَ بمراجعة متن البُخَارِيّ وَضَبطه: الدكتور جُمُعَة فتحي، وَالْأَخ أَحْمد روبي فجزاهم الله خيرًا وكل من شَارك مَعَهم على مَا بذلوه من جهد وَعون، أسأَل الله أَن يَجْعله فِي ميزَان حسناتهم، إنَّهُ سميع مُجيب. سُلَيْمَان بن دريع العازمي الكويت هَاتِف: 009659532016

منْحَةُ البَارِي بِشَرْح صَحِيح البُخَارِي [6]

جَمِيع الحقُوق مَحفُوظَة الطَّبعَة الأولى 1426 - هـ - 2005 م مكتبة الرشد ناشرون المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض - شَارِع الْأَمِير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن (طَرِيق الْحجاز) ص. ب: 17522 - الرياض: 11494 - هَاتِف: 4593451 - فاكس: 4573381 Email : [email protected] Website : www.rushd.com * فرع طَرِيق الْملك فَهد: الرياض - هَاتِف: 2051500 - فاكس: 2052301 * فرع مَكَّة المكرمة: هَاتِف: 5585401 - فاكس: 5583506 * فرع الْمَدِينَة المنورة: شَارِع أبي ذَر الْغِفَارِيّ - هَاتِف: 8340600 - فاكس: 8383427 * فرع جدة: ميدان الطائرة - هَاتِف: 6776331 - فاكس: 6776354 * فرع القصيم: بُرَيْدَة - طَرِيق الْمَدِينَة - هَاتِف: 3242214 - فاكس: 3241358 * فرع أَبِهَا: شَارِع الْملك فيصل - تلفاكس: 2317307 * فرع الدمام: شَارِع الْخزَّان - هَاتِف: 8150566 - فاكس: 8418473 وكلاؤنا فِي الْخَارِج * الْقَاهِرَة: مكتبة الرشد - هَاتِف: 2744605 * بيروت: دَار ابْن حزم هَاتِف: 701974 * الْمغرب: الدَّار الْبَيْضَاء - وراقة التَّوْفِيق - هَاتِف: 303162 - فاكس: 303167 * الْيمن: صنعاء - دَار الْآثَار - هَاتِف: 603756 * الْأُرْدُن: عمان - الدَّار الأثرية: 6584092 - جوال: 796841221 * الْبَحْرين: مكتبة الغرباء - هَاتِف: 957833 - 945733 * الإمارات: مكتبة دبي للتوزيع - هَاتِف: 43339998 - فاكس: 43337800 * سوريا: دَار البشائر: 231668 * قطر: مكتبة ابْن الْقيم - هَاتِف: 4863533

باقي كتاب الجهاد والسير

47 - باب ما يذكر من شؤم الفرس

47 - بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ شُؤْمِ الفَرَسِ (باب: ما يذكر) أي: في الحديث (من شؤم الفرس) بيان لـ (ما). والشؤم بالهمز وتخفف وهو ضد اليمن. 2858 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاثَةٍ: فِي الفَرَسِ، وَالمَرْأَةِ، وَالدَّارِ". [انظر: 2099 - مسلم: 2225 - فتح: 6/ 60] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عن الزهري) هو محمَّد بن مسلم. (إنما الشؤم في ثلاثة في الفرس، والمرأة، والدار) الحصر في الثلاثة نسبي بالنظر إلى الأعم الأغلب فيما يحتاج إليه لا حقيقي، وإلا فالشؤم لا يختص بها. وشؤم الفرس شموسها (¬1) أو أن لا تستعمل في سبيل الله، وشؤم المرأة أن تكون سليطة، أو غير ولود، أو غير قانعة، وشؤم الدار سوء الجوار، أو الضيقة، أو البعيدة عن المسجد لا يسمع فيها الأذان. 2859 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ، فَفِي المَرْأَةِ، وَالفَرَسِ، وَالمَسْكَنِ". [5095 - مسلم: 2226 فتح: 6/ 60] (عن أبي حازم بن دينار) اسمه: سلمة (إن كان) أي: الشؤم. ¬

_ (¬1) وشمس الفرس شموسًا وشماسًا: منع ظهره فهو شامس وشموس من شُمْسٍ وشُمُسٍ. انظر: مادة: شمس في "القاموس المحيط" ص 552.

48 - باب: الخيل لثلاثة

48 - بَابٌ: الخَيْلُ لِثَلاثَةٍ وَقَوْلُهُ تَعَالى: {وَالخَيْلَ وَالبِغَال وَالحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8]. (باب: الخيل لثلاثة) أي: باب يذكر فيه ذلك. (وقوله تعالى) عطف على (الخيل)، وفي نسخة: "قول الله تعالى" ({وَالْخَيْلَ}) أي: وخلق الخيل، ({وَزِينَة}) مفعول له عطف على محل ({لِتَرْكَبُوهَا}). وزاد في نسخة: " {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ". 2860 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الخَيْلُ لِثَلاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ: فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَال فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ المَرْجِ أَو الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ أَرْوَاثُهَا وَآثَارُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِئَاءً، وَنِوَاءً لِأَهْلِ الإِسْلامِ فَهِيَ وزْرٌ عَلَى ذَلِكَ "وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الحُمُرِ، فَقَال: "مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا إلا هَذِهِ الآيَةُ الجَامِعَةُ الفَاذَّةُ": {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8]. [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح: 6/ 63] (عن أبي صالح) هو ذكوان. (لثلاثة) في نسخة: "ثلاثة" بالرفع وحذف اللام. (فأطال) أي: في الحبل الذي تربط به رعيها في رعيها (في مرج) بفتح الميم وسكون الراء وبجيم أي: موضع كلإِ، (أو روضة) الشك فيه وفيما بعده من الراوي. (فما أصابت) أي: أكلت وشربت ومشت (في طيلها) بكسر

49 - باب من ضرب دابة غيره في الغزو

الطاء وفتح الياء، أي: حبلها، قال الكرماني: والمشهور طولها بالواو (¬1). (فاستنت) بتشديد النون، أي: عدت بنشاط (شرفًا أو شرفين) بفتح الراء، أي: شوطًا أو شوطين (وآثارها) بهمزة ممدوة ومثلثه، أي: في الأرض بحوافرها عند عدوها (ونواء) بكسر النون والمد، أي: عداوة. الواو فيه وفيما قبله بمعنى: أو (وزر) أي: إثم وحذف من هذه الرواية تفسير ثاني الثلاثة. وهو كما مر في باب: شرب الناس والدواب (¬2). (رجل ربطها) تغنيًّا وتعففًا ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك ستر (سأل رسول الله) السائل صعصعة بن ناجية جد الفرزدق عن الحمر أي: عن التصدق بها. (الفاذة) بفاء ومعجمة مشددة، أي: المنفردة في معناها، أي: في عموم الخير والشر، ومرَّ الحديث في باب: شرب الناس والدواب من الأنهار. 49 - بَابُ مَنْ ضَرَبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الغَزْو (باب: من ضرب دابة غيره في الغزو) أي: بيان من ضربها عند إعيائها إعانة لصاحبها. 2861 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو المُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ، قَال: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنِي بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: سَافَرْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ - قَال أَبُو عَقِيلٍ: لَا أَدْرِي غَزْوَةً أَوْ عُمْرَةً - فَلَمَّا أَنْ أَقْبَلْنَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ إِلَى أَهْلِهِ فَلْيُعَجِّلْ"، قَال جَابِرٌ: فَأَقْبَلْنَا وَأَنَا عَلَى جَمَلٍ لِي أَرْمَكَ لَيْسَ فِيهِ شِيَةٌ، وَالنَّاسُ خَلْفِي، فَبَيْنَا أَنَا ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 141. (¬2) سبق برقم (2371) كتاب: المساقاة، باب: شرب الناس والدواب.

50 - باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل

كَذَلِكَ إِذْ قَامَ عَلَيَّ، فَقَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا جَابِرُ اسْتَمْسِكْ"، فَضَرَبَهُ بِسَوْطِهِ ضَرْبَةً، فَوَثَبَ البَعِيرُ مَكَانَهُ، فَقَال: "أَتَبِيعُ الجَمَلَ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسْجِدَ فِي طَوَائِفِ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَعَقَلْتُ الجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ البَلاطِ، فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا جَمَلُكَ، فَخَرَجَ، فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ وَيَقُولُ: "الجَمَلُ جَمَلُنَا"، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَال: "أَعْطُوهَا جَابِرًا" ثُمَّ قَال: "اسْتَوْفَيْتَ الثَّمَنَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "الثَّمَنُ وَالجَمَلُ لَكَ". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح: 6/ 65] (مسلم) أي: ابن إبراهيم. (أبو عقيل) بفتح العين: هو بشير بن عقبة. (أبو المتوكل) هو علي بن داود. (الناجي) نسبة إلى بني ناجية. (قال أبو عقيل: لا أدري) أي: أن أبا المتوكل قال: (غزوة أو عمرة) في نسخة: "أم عمرة". (فلما أن أقبلنا) أي: (أن) زائد (فليعجل) من التعجل. وفي نسخة: "فليتعجل" من التعجل. (أرمك) بوزن أفعل، أي: يخالط حمرته سواد، ويقال: أربك بموحدة بدل الميم (ليس فيه) أي: في الجمل، في نسخة: "فيها" أي: في الراحلة. لأن الجمل راحلة (شيبة) بكسر المعجمة وفتح التحتية مخففة، أي: علامة. والمعنى: ليس فيه لمعة من غير لونه. (إذ قام علي) أي: وقف على جملي من الإعياء (إليه) في نسخة: "عليه". (البلاط) بفتح الموحدة، أي: الحجارة المفروشة عند باب: المسجد. (الثمن والجمل لك) أي: هبة. 50 - بَابُ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ الصَّعْبَةِ وَالفُحُولَةِ مِنَ الخَيْلِ وَقَال رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّونَ الفُحُولَةَ، لِأَنَّهَا أَجْرَى وَأَجْسَرُ. (باب: الركوب على الدابة الصعبة) أي: غير المنقادة (والفحولة

51 - باب سهام الفرس

من الخيل) الفحولة جمع فحل، والتاء فيه لتأكيد الجمع، كما في الملائكة، أو للمبالغة، كما في علَّامة. (يستحبون الفحولة) أي: من الخيل؟ ليقاتلوا عليها. (لأنها أجرى) بغير همزة في آخره من الجرى وفي نسخة: بهمزة من الجرأة (وأجسر) وفي نسخة: "وأحسن" أي: من الإناث. 2862 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ، يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ، فَرَكِبَهُ وَقَال: "مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا". [مسلم: 2307 - فتح: 66/ 6] (أحمد بن محمَّد) أي: الملقب بمردويه، أو شبويه قال شيخنا والأول أشهر وأكثر (عبد الله) أي: ابن المبارك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (فزع) أي: خوفا (فرسًا) أي: وكان بطيء المشي، وفيه: مطابقة الحديث للترجمة لكنه لم يصرح فيه بصعوبة ولا فحولة اكتفاء بفهمها من (مندوب) و (وجدناه لبحرا) و (إن وجدناه لبحرا)، إن مخففة من الثقيلة، واللام فارقة بينهما وبين النافية، أو نافية واللام بمعنى: إلا. 51 - بَابُ سِهَامِ الفَرَسِ (باب: سهام الفرس) أي: بيان كمية سهامه من الغنيمة. 2863 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا"، وَقَال مَالِكٌ: "يُسْهَمُ لِلْخَيْلِ وَالبَرَاذِينِ مِنْهَا، لِقَوْلِهِ: {وَالخَيْلَ وَالبِغَال وَالحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8]، وَلَا يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ". [4228 - مسلم: 1762 - فتح: 6/ 67]

52 - باب من قاد دابة غيره في الحرب

(والبراذين) جمع برذون بموحدة مكسورة ومعجمة مفتوحة: وهو التركي من الخيل، وخلافه العربي، والأنثى برذونة. (ولا يسهم لأكثر من فرس) هو بقية قول مالك (عن أبي أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهمًا) فلا يزاد على الثلاثة، وإن جاء بأكثر من فرس كما لا ينقص عنها. وفي نسخة: تقديم الحديث على قوله: (وقال مالك). 52 - بَابُ مَنْ قَادَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الحَرْبِ (باب: من قاد دابة غيره في الحرب) أي: بيانه. 2864 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَال: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ، فَانْهَزَمُوا فَأَقْبَلَ المُسْلِمُونَ عَلَى الغَنَائِمِ، وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَفِرَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ". [2874، 2930، 3542، 4315، 4316، 4317 - مسلم: 1776 - فتح: 6/ 69] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (قال لكن) بتشديد النون وفيه حذف، أي: نحن فررنا (لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفر) أي: كسائر الأنبياء، لفرط إقدامهم وشجاعتهم. (أن هوازن) قبيلة كبيرة من العرب ينسبون إلى هوازن منصور (واستقبلوا) في نسخة: "فاستقبلونا" بالفاء، (فأمَّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم

53 - باب الركاب والغرز للدابة

يفر) فيه حذف أي: وأما نحن فقد فررنا؟ وإنما حذفه البراء كنظيره السابق, لأنه لم يرد أن يصرح بفرارهم. وفرارهم لم يكن على نية الاستمرار عليه، وإنما كان من وقع السهام. والفرار المتوعد عليه هو أن ينوي عدم العود، لا أن يفر لعذر وينوي العود، إذا أمكنه كما هنا، وكما إذا فرَّ الفئة يستنجد بها أو لزيادة عدد العدو على الضعف. (لأنه لعلى بغلته البيضاء) أي: التي أهداها له ملك أيلة، أو فروة الجذامي، قالوا: وهي التي يقال لها دلدل وركوبه البغلة في ذلك الموطن هو النهاية في الشجاعة، ولتطمئن به قلوب المسلمين، (وإن أبا سفيان) أي: ابن الحارث بن عبد المطلب لا ابن حرب. (أنا النبي لا كذب) أي: أنا النبي حقًّا لا أكذب فيه، فلا أفر ولا أزول. أنا ابن عبد المطلب انتسب لجده؛ لشهرته بين الناس لما رزق من نباهة الذكر وطول العمر، بخلاف أبيه؛ لأنه مات شابًّا، أو لأنه اشتهر أنه يخرج من ذريته من يدعو إلى الله، ويهدي الله به الخلق، فانتسب إليه ليتذكر ذلك من كان يعرفه، ولا ينافي ذلك أحاديث النهي عن الافتخار بالإنساب. ولأنَّ النهي عن ذلك في غير الجهاد، وأما في الجهاد كما هنا فهو جائز؛ لأنه يرعب العدو، ويعلمون به أنه - صلى الله عليه وسلم - ثابت ملازم للحرب. 53 - بَابُ الرِّكَابِ وَالغَرْزِ للدَّابَّةِ (باب: الركاب والغرز) الكائنين (للدابة) أي: بيانهما، قيل: وهما مترادفان، وقيل: الركاب من الحديد والخشب، والغرز من الجلد، والركاب للفرس، والغزر للجمل. 2865 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَهُ فِي الغَرْزِ،

54 - باب ركوب الفرس العري

وَاسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ قَائِمَةً، أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الحُلَيْفَةِ". [انظر: 166 - مسلم: 1187، 1267 - فتح: 6/ 69] (عن أبي أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (إذا أدخل رجله في الغرز) فيه: مطابقة الحديث بالغرز، وفي معناه الركاب. 54 - بَابُ رُكُوبِ الفَرَسِ العُرْيِ (باب: ركوب الفرس العري) بضم المهملة وسكون الراء، وقيل: بفتح المهملة وكسر الراء وتشديد الياء. وهو ما ليس له ساتر من سرج أو غيره، والجمع أعراء، ولا يقال ذلك في الآدمي، وإنما يقال فيه: عريان. 2866 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "اسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَرَسٍ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ". [انظر: 2627 - مسلم: 2307 - فتح: 6/ 70] (حماد) أي: ابن زيد. (عن ثابت) أي: البناني. (استقبلهم النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: لما فزعوا ليلة المدينة، كما مرَّ في باب: الشجاعة في الحرب والجبن (¬1). 55 - بَابُ الفَرَسِ القَطُوفِ (باب: الفرس القطوف) بفتح القاف، أي: البطيء المشي مع تقارب الخطى. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2820) كتاب الجهاد والسير، باب: الشجاعة في الحرب والجبن.

56 - باب السبق بين الخيل

2867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَهْلَ المَدِينَةِ فَزِعُوا مَرَّةً، فَرَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ كَانَ يَقْطِفُ - أَوْ كَانَ فِيهِ قِطَافٌ - فَلَمَّا رَجَعَ قَال: "وَجَدْنَا فَرَسَكُمْ هَذَا بَحْرًا، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُجَارَى". [انظر: 2627 - مسلم: 2307 - فتح 6/ 70] (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (يقطف) بكسر المهملة وضمها. (أو كان فيه قطاف) بكسر القاف والشك من الراوي. (لا يجارى) بالبناء للمجهول، أي: لا يطيق فرس الجري معه ببركة النبي - صلى الله عليه وسلم -. 56 - بَابُ السَّبْقِ بَيْنَ الخَيْلِ (باب: السبق بين الخيل) أي: مشروعيته فيها. 2868 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَجْرَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ضُمِّرَ مِنَ الخَيْلِ مِنَ الحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ، وَأَجْرَى مَا لَمْ يُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ"، قَال ابْنُ عُمَرَ: وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرَى، قَال عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، قَال سُفْيَانُ: بَيْنَ الحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ، وَبَيْنَ ثَنِيَّةَ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ مِيلٌ. [انظر: 420 - مسلم: 1870 - فتح: 6/ 71] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (أجرى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: سابق. (ما ضمر من الخيل) بضم المعجمة وكسر الميم مشددة، أي: ما علف منها حتى سمن وقوي ثم قلل علفه، ثم غشي بالجل حتى حمي، ثم عرق وجف عرقه، فخف لحمه وقوي على الجري (من الحفياء) بفتح المهملة وسكون الفاء بعدها تحتية ممدودًا على المشهور: مكان خارج المدينة

57 - باب إضمار الخيل للسبق

(إلى ثنية الوداع) الثنية: أعلى الجبل، والطريق فيه سميت بذلك؛ لأن المودعين يمشون لتوديع الخارج إليها من المدينة (إلى مسجد بني زريق) هم قبيلة من الأنصار، وأضيف المسجد إليهم، لصلاتهم فيه. (قال عبد الله) أي: ابن الوليد العدني. (قال: حَدَّثَنِي عبيد الله) مراد البخاري بهذا: بيان تصريح سفيان عن شيخه بالتحديث بخلاف الراوية الأولى فإنها بالعنعنة قال سفيان أي: الثوري. (بين) في نسخة: "من" (وبين ثنية) بالجر، وفي نسخة: بالنصب. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله أجرى. ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الصلاة، في باب: هل يقال مسجد بني فلان؟ (¬1). 57 - بَابُ إِضْمَارِ الخَيْلِ لِلسَّبْقِ (باب: إضمار الخيل للسبق) أي: لأجله وعبَّر هنا بالإضمار، وفيما قدر ما يأتي بالفعل المشتق من التضمير إشارة إلى أن اللفظين بمعنى، ومر بيانه في الباب السابق. 2869 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ، وَكَانَ أَمَدُهَا مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ"، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ سَابَقَ بِهَا. [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَمَدًا: غَايَةً]. {فَطَال عَلَيْهِمُ الأَمَدُ} [الحديد: 16]. [انظر: 420 - مسلم: 1870 - فتح: 6/ 71] (أحمد بن يونس) نسبة إلى جده، وإلا فهو أحمد بن عبد الله بن يونس. (أمدها) أي: غايتها كما ذكره في قوله: (قال أبو عبد الله) إلى ¬

_ (¬1) سبق برقم (420) كتاب: الصلاة، باب: هل يقال مسجد بني فلان.

58 - باب غاية السبق للخيل المضمرة

آخره، لكن هذا ساقط من نسخة. قيل: وحديث الباب فيما لم يضمر، فكيف ترجم بالإضمار؟. وأجيب بأن المسابقة بالمضمر لم تنكر عادة، وأما بغيره فقد يعتقد أنها لا تجوز عليه؛ لما فيها من المشقة في سوقه، فبين بالحديث جوازًا عليه، وأن الإضمار ليس بشرط فيها. 58 - بَابُ غَايَةِ السَّبْقِ لِلْخَيْلِ المُضَمَّرَةِ (باب: غاية السبق للخيل المضمرة) أي: بيانها. 2870 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "سَابَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ، فَأَرْسَلَهَا مِنَ الحَفْيَاءِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الوَدَاعِ - فَقُلْتُ لِمُوسَى: فَكَمْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ؟ قَال: سِتَّةُ أَمْيَالٍ أَوْ سَبْعَةٌ - وَسَابَقَ بَيْنَ الخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ، فَأَرْسَلَهَا مِنْ ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ وَكَانَ أَمَدُهَا مَسْجِدَ بَنِي زُرَيْقٍ " قُلْتُ: فَكَمْ بَيْنَ ذَلِكَ؟ قَال: مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ مِمَّنْ سَابَقَ فِيهَا. [انظر: 420 - مسلم: 1870 - فتح: 6/ 72] (معاوية) أي: ابن عمرو الأزدي. (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن محمَّد بن الحارث الفزاري (سابق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى آخره) علم شرحه مما مرَّ (¬1)، وقوله (لموسى) هو ابن عقبة. وذكر البخاري هذا الحديث في هذا الباب والذين قبله؛ ليشير بالأول إلى مشروعية السبق بين الخيل كما مرَّ، وبالثاني إلى أن السنة تقديم إضمار الخيل وأنه لا تمتنع المسابقة على غير المضمرة. وبالثالث إلى بيان غاية السبق، فتشترط [بيان] (¬2) غايته، كما يشترط بيان مبدئه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (420) كتاب: الصلاة، باب: هل يقال مسجد بني فلان. (¬2) من (س).

59 - باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم

59 - بَابُ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال ابْنُ عُمَرَ: "أَرْدَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ عَلَى القَصْوَاءِ" وَقَال المِسْوَرُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا خَلَأَتِ القَصْوَاءُ". [انظر: 2731، 2732] (باب: ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: باب بيانها، وفي نسخة: "باب ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - القصواء والعضباء" أي: المسماة بكل منهما. (قال) في نسخة: "وقال" (أسامة) أي: ابن زيد (على القصواء) بفتح القاف وسكون المهملة وبالمد، وقيل: بضم القاف والقصر. (المسور) أي: ابن مخرمة (ما خلأت القصواء) أي: ما حرنت. [60 - باب الغَزْو عَلَى الحَمِيرِ] [فتح: 6/ 74] 2871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "كَانَتْ نَاقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهَا العَضْبَاءُ". [2872 - فتح: 73/ 6] (معاوية) أي: ابن عمرو الأزدي. (أبو إسحاق) هو إبراهيم الفزاري. (عن حميد) أي: الطويل. (العضباء) بمهملة مفتوحة ومعجمة ساكنة وبالمد، يقال: ناقة عضباء، أي: مشقوقة الأذن، وناقة قصواء، أي: مقطوعة طرف الأذن. وناقته - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بها شيء من ذلك، وإنما كان ذلك لقبًا لها قاله الجوهري، وقال ابن الأثير: القصواء: الناقة التي قطع طرف أذنها، وكل ما قطع من الأذن فهو جدع، فإذا بلغ الربع فهو قصو، فإذا جاوزه فهو عضب، فإذا استوصلت فهو صلم (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: "النهاية في غريب الحديث" 4/ 75.

61 - باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء

2872 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةٌ تُسَمَّى العَضْبَاءَ، لَا تُسْبَقُ - قَال حُمَيْدٌ: أَوْ لَا تَكَادُ تُسْبَقُ - فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ فَسَبَقَهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ حَتَّى عَرَفَهُ، فَقَال: "حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إلا وَضَعَهُ" طَوَّلَهُ مُوسَى، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2871 - فتح: 6/ 73] (زهير) أي: ابن معاوية الجعفي (عن حميد) أي: الطويل. (على قعود) بفتح القاف: ما استحق الركوب من الإبل، وأقل ذلك أن يكون ابن سنتين إلى أن يدخل السادسة فيسمى جملًا. قال الأزهري: ولا يقال إلا للذكر (حتى عرفه) أي: كون السبق شاقًّا عليهم. (طوله) أي: رواه مطولًا. (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي، (عن حماد) أي: ابن سلمة، (عن ثابت) أي: البناني. وقوله: (طوله) إلى آخر الباب ساقط من نسخة. 61 - بَابُ بَغْلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْضَاءِ قَالهُ أَنَسٌ [انظر: 3146] وَقَال أَبُو حُمَيْدٍ: "أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ". [انظر: 1481] (باب: بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم - البيضاء) أي: بيان غزوه عليها، وفي نسخة قبل هذا: "باب: الغزو على الحمير" ولم يذكر فيه حديثًا، وكأنه تركه للعلم به مما مرَّ ذكره في باب: اسم الفرس والحمار، أو لاحتمال أنه بيض له ليذكره هنا فاخترمته المنية منه قبل، وفي أخرى: "باب الغزو على الحمير وبغلة النبي - صلى الله عليه وسلم -" وترك فيه ذكر الحمير؛ لما مرَّ، أو للعلم بحكمها من حكم البغلة. (أبو حميد) هو عبد الرحمن بن سعد

الساعدي. (ملك أيلة) بفتح الهمزة وسكون التحتية: مدينة على ساحل البحر بين مصر ومكة. وقيل آخر الحجاز وأول الشام (¬1) واسم ملكها يوحنا ابن رؤبة. (بغلة بيضاء) هذه غير البغلة التي كان عليها يوم حنين، إذ تلك إنما أهداها له فروة بن نفاثة كما في مسلم. 2873 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الحَارِثِ، قَال: "مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ وَسِلاحَهُ وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً". [انظر: 2793 - فتح: 6/ 75] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (ما ترك النبي) وفي نسخة: "ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (إلا بغلته البيضاء) هي المسماه بدلدل، ومر شرح الحديث في الوصايا (¬2). 2874 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عُمَارَةَ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَال: لَا، وَاللَّهِ مَا وَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ وَلَّى سَرَعَانُ النَّاسِ، فَلَقِيَهُمْ هَوَازِنُ بِالنَّبْلِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ". [انظر: 2864 - مسلم: 1776 - فتح: 6/ 75] عن (سفيان) أي: الثوري (أبو إسحاق) (¬3) (يا أبا عمارة) هو كنية البراء (سرعان الناس) بفتح المهملة والراء وقد يسكن، وبضم المهملة وكسرها وسكون الراء، أي: المستعجلون منهم، (بالنبل) هي السهام ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 292. (¬2) سبق برقم (2739) كتاب الوصايا، باب: الوصايا. (¬3) لم تذكر إلا في (ب) ولم يذكر لها تعليق.

62 - باب جهاد النساء

العربية لا واحد له من لفظه (على بغلته البيضاء) أي: التي أهداها له فروة بن نفاثة كما مر (¬1). وفي نسخة: "على بغلة بيضاء". 62 - بَابُ جِهَادِ النِّسَاءِ (باب: جهاد النساء) أي: بيانه. 2875 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الجِهَادِ، فَقَال: "جِهَادُكُنَّ الحَجُّ"، وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الوَلِيدِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُعَاويَةَ بِهَذَا. [انظر: 1520 - فتح: 6/ 75] (سفيان) أي: الثوري. (عن معاوية) أي: ابن إسحاق. (جهادكن الحج) أي: هو أفضل لكن من الجهاد، وإلا فلهن في الجهاد فضيلة بأن يتطوعن به، وسبب أفضلية الحج لهن، أنهن لسن من أهل القتال، وأن الحج أستر لهن من القتال. 2876 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُعَاويَةَ، بِهَذَا، وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَأَلَهُ نِسَاؤُهُ عَنِ الجِهَادِ، فَقَال: "نِعْمَ الجِهَادُ الحَجُّ". [انظر: 1520 - فتح: 6/ 75] (قبيصة) أي: ابن عقبة السوائي، ومر شرح الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) سبق برقم (1520) كتاب: الحج، باب: فعل الحج المبرور.

63 - باب غزو المرأة في البحر

63 - بَابُ غَزْو المَرْأَةِ فِي البَحْرِ (باب: غزو المرأة في البحر) أي: بيانه، وفي نسخة: بدل (غزو المرأة) "غزوة المرأة". 2877، 2878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ الفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَةِ مِلْحَانَ، فَاتَّكَأَ عِنْدَهَا، ثُمَّ ضَحِكَ فَقَالتْ: لِمَ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَال: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ البَحْرَ الأَخْضَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَثَلُهُمْ مَثَلُ المُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ"، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُمْ"، ثُمَّ عَادَ فَضَحِكَ، فَقَالتْ لَهُ مِثْلَ - أَوْ مِمَّ - ذَلِكَ، فَقَال لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَال: "أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ، وَلَسْتِ مِنَ الآخِرِينَ"، قَال: قَال أَنَسٌ: فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَرَكِبَتِ البَحْرَ مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ، فَلَمَّا قَفَلَتْ: رَكِبَتْ دَابَّتَهَا، فَوَقَصَتْ بِهَا، فَسَقَطَتْ عَنْهَا، فَمَاتَتْ. [انظر: 2788، 2789 - مسلم: 1912 - فتح: 6/ 76] (أبو إسحاق) زاد في نسخة " [هو] (¬1) الفزاري"، واسمه: إبراهيم بن الحارث. (على ابنة ملحان) بكسر الميم: هي أم حرام خالة أنس. (فاتكأ عندها) أي: فنام. (ثم ضحك) أي: بعد استيقاظه من نومه (قال: اللهم) في نسخةٍ: "فقال: اللهم" (ثم عاد) أي: إلى النوم. (فضحك) أي: بعد استيقاظه. (فقال لها مثل ذلك) أي: (ناس من أمتي) إلى آخره، لكن قيل في هذا يركبون البر بدل يركبون البحر. (فتزوجت عبادة بن الصامت) يقتضي أنها تزوجت به بعد ما ذكر، وقوله في أول ¬

_ (¬1) من (س).

64 - باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه

الجهاد: وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتضي أنها كانت حينئذ زوجته، وأجيب بأنها كانت إن ذاك زوجته، ثم طلقها، ثم راجعها بعد (مع بنت قرظة) بقاف وراء وظاء معجمة مفتوحات: فاختة أو كنود زوج معاوية بن أبي سفيان، وقرظة: هو ابن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف، لا ابن كعب الأنصاري كما وقع لبعضهم. (فلما قفلت) أي: رجعت. (فوقصت) بفتح الواو، أي: الدابة. (بها) أي: بابنة ملحان. والوقص: كسر العنق. وفعله يتعدى! بنفسه تارة وبالباء أخرى كما هنا، يقال: وقصت الراحلة عنقه ووقصت به راحلته. 64 - بَابُ حَمْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي الغَزْو دُونَ بَعْضِ نِسَائِهِ (باب: حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه) أي: بيان ذلك. 2879 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، قَال: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، كُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ يَخْرُجُ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجَابُ". [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح: 6/ 77] (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (وعبيد الله بن عبد الله) أي: ابن عتبة بن مسعود. (أن يخرج) أي: إلى سفر (في غزوة) هي غزوة بني المصطلق (بعد ما أنزل الحجاب) أي: الأمر به.

65 - باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال

65 - بَابُ غَزْو النِّسَاءِ وَقِتَالِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ (باب: غزو النساء وقتالهن مع الرجال) أي: بيان مشروعيتهما لهن. وفي نسخة: "غزوة النساء" بدل غزو النساء. 2880 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُزَانِ القِرَبَ، وَقَال غَيْرُهُ: تَنْقُلانِ القِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ". [4064,3811,2902 - مسلم: 1811 - فتح: 6/ 78] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد التنوري. (عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (أرى) بفتح الهمزة، أي: (خدم سوقهما) أي: خلاخله. وسمى الخلخال خدمة؛ لأنه ربما كان من سيور مركب فيه الذهب والفضة، والخدمة في الأصل: السير، ورؤية خدم السياق لا يلزم فيه رؤية الساق. ولو سلم فهو كما قال النووي: إما لأنها قبل الأمر بالحجاب أو أنها وقعت فجأة بغير قصد (¬1). (تنقزان) بفوقية مفتوحة ونون ساكنة وقاف مضمومة وزاي من النقز: وهو الوثب، أي: ثنيان، وتنقزان من سرعة المشي. (القرب) بالنصب لا بالمفعولية بل بنزع الخافض، أي: بالقرب؛ لأن تنقز لازم، وبالرفع على أنه مبتدأ خبره قوله بعد (على متونهما) والجملة حال، وضبط بعضهم تنقزان بضم الفوقية وكسر القاف من أنقز، فعداه بالهمزة ونصب به القرب، أي: تنقلانها أو تحركانها؛ لشدة عدوهما. (وقال غيره) أي: غير أبي معمر: وهو جعفر ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 12/ 189.

66 - باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو

ابن مهران، عن عبد الوارث (تنقلان القرب) باللام بدل الزاى وعليه فالقرب بالنصب بالمفعولية لا غير (على متونهما) أي: ظهورهما. (ثم تفرغانه) بضم الفوقية من أفرغ. (فتفرغانها) أي: القرب. وفي نسخة: "فتفرغانه" أي: الماء الذي فيها. قيل: لا مطابقة في الحديث للترجمة بالقتال، وأجيب: بأن النساء بصدد الدفع عن أنفسهن مهما أمكن وهو في حكم القتال، أو بالقياس على الغزو. واختلف في المرأة هل يسهم [لها] فقيل: نعم، وقيل: لا وعليه الأكثرون، بل يرضح لها، وقيل: يسهم لها] (¬1) إن قاتلت مع الرجال. 66 - بَابُ حَمْلِ النِّسَاءِ القِرَبَ إِلَى النَّاسِ فِي الغَزْو (باب: حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو) أي: بيان مشروعيته لهن. 2881 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ المَدِينَةِ، فَبَقِيَ مِرْطٌ جَيِّدٌ، فَقَال لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَعْطِ هَذَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي عِنْدَكَ، يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ، فَقَال عُمَرُ: "أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ، وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، قَال عُمَرُ: "فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا القِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "تَزْفِرُ: تَخِيطُ". [4701 - فتح: 6/ 79] [(عبدان) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة. (عبد الله) أي: ابن المبارك] (¬2) (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) من (س).

67 - باب مداواة النساء الجرحى في الغزو

(مروطًا) أي: كساء من صوف أو خز (أم كلثوم) بضم الكاف والمثلثة: هي بنت فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولدت في حياته - صلى الله عليه وسلم - , خطبها عمر من علي - رضي الله عنه - فقال له: أنا أبعثها إليك فإن رضيتها فقد زوجتكها، فبعثها إليه ببرد وقال لها: قولي له هذا البرد الذي قلت لك، فقالت ذلك لعمر، فقال لها: قولي له: قد رضيت رضي الله عنك- ووضع يده على ساقها. [فكشفها] (¬1) فقالت: أتفعل هذا؟ لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك. ثم جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء. قال يا بنية: إنه زوجك (¬2). (أم سليط) بفتح المهملة وكسر اللام. (تزفر) بفوقية مفتوحة وزاي ساكنة وفاء مكسورة فراء، أي: تحمل وفسره البخاري بتخيط في قوله: (قال أبو عبد الله: تزفر: تخيط) وهو ساقط من نسخة، مع أن هذا التفسير غير معروف في اللغة كما قاله القاضي عياض. 67 - بَابُ مُدَاوَاةِ النِّسَاءِ الجَرْحَى فِي الغَزْو (باب: مداواة النساء الجرحى في الغزو) أي: بيان مشروعيتها. 2882 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالتْ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْقِي وَنُدَاوي الجَرْحَى، وَنَرُدُّ القَتْلَى إِلَى المَدِينَةِ". [2883، 5679 - فتح: 6/ 80] (علي بن عبد الله) أي: ابن المديني. (مع النبي) أي: في الغزو. ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر 4/ 1955.

68 - باب رد النساء الجرحى والقتلى إلى المدينة

(ونداوي الجرحى) أي: من غير لمس لبشرة الأجنبي إلا عند الحاجة. (إلى المدينة) ساقط من نسخة. 68 - بَابُ رَدِّ النِّسَاءِ الجَرْحَى وَالقَتْلَى إِلَى المَدِينَةِ (باب: رد النساء الجرحى والقتلى) أي: "إلى المدينة" كما في نسخة. 2883 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالتْ: "كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَسْقِي القَوْمَ، وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الجَرْحَى وَالقَتْلَى إِلَى المَدِينَةِ". [انظر: 2882 - فتح: 6/ 80] (كنا نغزو) إلى آخره عرف شرحه مما مرَّ. 69 - بَابُ نَزْعِ السَّهْمِ مِنَ البَدَنِ (باب): نزع السهم من البدن) أي: بيان جوازه. 2884 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: رُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، قَال: انْزِعْ هَذَا السَّهْمَ، فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ المَاءُ، فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ". [4323، 6383 - مسلم: 2498 - فتح: 6/ 80] (محمَّد بن العلاء) بفتح العين والمد، أي: ابن كريب الهمداني. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء، أي: ابن أبي بردة. (عن أبي موسى) هو عبد الله بن قيس الأشعري. (أبو عامر) هو عبيد بن وهب الأشعري عم أبي موسى. (قال: أنزع) بكسر الزاي، وفي نسخة: "وقال انزع". (فنزا) بفتح النون والزاي أي: جرى. (لعبيد) بالتنوين.

70 - باب الحراسة في الغزو في سبيل الله

70 - بَابُ الحِرَاسَةِ فِي الغَزْو فِي سَبِيلِ اللَّهِ (باب: الحراسة) أي: الحفظ (في الغزو في سبيل الله) أي: بيان فضل ذلك. 2885 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَال: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، قَال: "لَيْتَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي صَالِحًا يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ"، إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ سِلاحٍ، فَقَال: "مَنْ هَذَا؟ "، فَقَال: أَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ جِئْتُ لِأَحْرُسَكَ، وَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [7231 - مسلم: 2410 - فتح: 6/ 81] (كان النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: لما قدم المدينة [سهر] (¬1). (فلما قدم المدينة) أي: وسهر. (قال: ليت رجلًا من أصحابي صالحًا يحرسني الليلة) قاله قبل نزول: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]. أو المراد بالعصمة: العصمة من إضلال الناس (ونام) في نسخة: "فنام". 2886 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ"، لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ. [2887، 6435 - فتح: 6/ 81] (يحيى بن يوسف) أي: ابن أبي كريمة. (أبو بكر) أي: الخناط، وفي نسخة: "أبو بكر يعني: ابن عياش" (عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد: هو عثمان بن عاصم الأزدي. (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان (تعس) بكسر العين وفتحها، أي: عثر، أو هلك، أو سقط على وجهه. ¬

_ (¬1) من (س).

(عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة) مجاز عن حرصه عليها، وتحمل الذل لأجلها، والقطيفة: دثار مخمل، والخميصة: كساء مربع له أعلام وخطوط. (لم يرفعه) أي: الحديث. (إسرائيل) أي: ابن يونس (ومحمد بن جحادة) ساقط من نسخة. 2887 - وَزَادَنَا عَمْرٌو، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ"، وَقَال: فَتَعْسًا: كَأَنَّهُ يَقُولُ: فَأَتْعَسَهُمُ اللَّهُ، طُوبَى: فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ طَيِّبٍ، وَهِيَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الوَاو وَهِيَ مِنْ يَطِيبُ". [انظر: 2886 - فتح 6/ 81] (وزاد) في نسخة: "وزادنا" وفي أخرى: "وزاد لنا" (عمرو) أي: ابن مرزوق. (سخط) بكسر المعجمة. (تعس انتكس) هو الذي زاده عمرو، وسبق تغيير تعس، وأمَّا انتكس فمعناه: عاوده المرض وانقلب على رأسه. وذلك دعاء عليه بالخيبة، وقد أشار إليه البخاري بعد في التعس. (وإذا شِيك) بكسر المعجمة أي: أصابته شوكة. (فلا انتقش) بالقاف والشين المعجمة، فلا خرجت شوكته بالمنقاش [(طوبى) اسم للجنة، أو للشجرة فييها وفسره البخاري بعد بما هو من كل شيء طيب] (¬1). (آخذ بعنان فرسه) بكسر العين، أي: بلجامها في الجهاد. ¬

_ (¬1) من (س).

71 - باب فضل الخدمة في الغزو

(أشعث) بالجر بالفتحة؛ لمنعه من الصرف، وهو صفة لعبد (رأسه) فاعل (أشعث)، وفي نسخة: "أشعث" بالرفع خبر لقوله: (رأسه)، أو خبر مبتدإٍ محذوف والجملة صفة لعبد. (مغبرة) بالجر صفة لعبد، بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف. والجملة صفة لعبد. (قدماه) فاعل مغبرة. (إن كان في الحراسة) أي: حراسة العدو خوفًا من هجومه. (كان في الحراسة) يعني: مقدمة الجيش. (وإن كان في الساقة كان في الساقة) أي: مؤخرة الجيش. وفي ذلك اتحاد الشرط والجزاء، وهو يدل على تعظيم الجزاء كما في قوله: "من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" (¬1). فالمعنى فهو في أمر عظيم. ومن ثَمَّ ذكر الحراسة والساقة؛ لأنهما أشد مشقة وأكثر. الأول: عند دار الحرب، والثاني: عند خروجهم منها. (قال أبو عبد الله) إلى قوله: (عن أبي حصين) ساقط من نسخة. (تعسًا) في نسخة: "فتعسًا" وهو لفظ: القرآن. 71 - بَابُ فَضْلِ الخِدْمَةِ فِي الغَزْو (باب: فضل الخدمة في الغزو) أي: بيانه ولفظ (فضل) ساقط من نسخة. 2888 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَكَانَ يَخْدُمُنِي وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنَسٍ" قَال جَرِيرٌ: "إِنِّي رَأَيْتُ الأَنْصَارَ يَصْنَعُونَ شَيْئًا، لَا أَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إلا أَكْرَمْتُهُ". [مسلم: 2513 - فتح: 6/ 83] ¬

_ (¬1) سبق برقم (54) كتاب: الإيمان" باب: ما جاء إنَّ الأعمال بالنية.

2889 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى خَيْبَرَ أَخْدُمُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَاجِعًا وَبَدَا لَهُ أُحُدٌ، قَال: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى المَدِينَةِ، قَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا، كَتَحْرِيمِ إِبْرَاهِيمَ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 6/ 73] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أنس بن مالك) لفظ: (ابن مالك) ساقط من نسخة. (صحبت جرير بن عبد الله) زاد مسلم في سفر وهو صادق بالغزو وغيره. (وهو أكبر من أنس)، فيه التفات، أو تجريد إذ كان مقتضى الظاهر أن يقول: وهو أكبر مني، ويحتمل أن يكون ذلك من قول ثابت، فهو على ظاهره، نبه على ذلك شيخنا (¬1). (يصنعون) أي: برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (شيئًا) أي: من التعظيم، قال شيخنا: وهذا الحديث من الأحاديث التي أوردها المصنف في غير مظنتها، وأليق المواضع به المناقب (¬2) انتهى. وفيه إشعار أنه لا مطابقة بين الحديث والترجمة، وهو كذلك نظرًا إلى رواية البخاري، وإلا ففيه مطابقة بالنظر لرواية مسلم السابقة (¬3). (حَدَّثنَا محمَّد) في نسخة: "حَدَّثنِي محمَّد" (يحبنا) أي: حقيقته بأن خلق الله فيه المحبة، أو مجازًا، أي: أهله: وهم سكان المدينة يريد الثناء على الأنصار. (قال) في نسخة: "وقال" (اللهم) ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 6/ 85. (¬2) "فتح الباري" 6/ 86. (¬3) "صحيح مسلم" (2513) كتاب: "فضائل الصحابة" باب: في حسن صحبة الأنصار.

72 - باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر

(لابتيها) أي: الحرتين اللتين يكتنفانها. (كتحريم إبراهيم مكة) أي: في التحريم فقط لا في وجوب الجزاء ونحوه. 2890 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ مُوَرِّقٍ العِجْلِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَكْثَرُنَا ظِلًّا الَّذِي يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ وَامْتَهَنُوا وَعَالجُوا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليَوْمَ بِالأَجْرِ". [مسلم: 1119 - فتح: 6/ 84] (أبو الربيع) بفتح الراء وكسر الموحدة. (عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (عن مورق) بضم الميم وكسر الراء المشددة، أي: ابن مشمرج، بضم الميم وفتح المعجمة وسكون الميم وكسر الراء وبجيم: ابن عبد الله. (الذي يستظل) في نسخة: "من يستظل". (فبعثوا الركاب) أي: الإبل التي يسار عليها، أي: بعثوها إلى الماء؛ للسقي وغيره. (وامتهنوا) من الامتهان وهو الخدمة والابتذال. (وعالجوا) أي: خدموا الصائمين، وتناولوا السقي والعلف. (فقال النبي) في نسخة: "فقال رسول الله". (بالأجر) أي: الأكمل؛ لأن نفعهم متعد، ونفع الصائمين قاصر على أنفسهم. 72 - بَابُ فَضْلِ مَنْ حَمَلَ مَتَاعَ صَاحِبِهِ فِي السَّفَرِ (باب: فضل من حمل متاع صاحبه في السفر) أي: بيانه. 2891 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كُلُّ سُلامَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ، يُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ، يُحَامِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ". [انظر: 2707 - مسلم: 1009 - فتح: 6/ 85]

73 - باب فضل رباط يوم في سبيل الله

(حَدَّثَنِي) في نسخة: "حَدَّثَنا". (إسحاق بن نصر) نسبة إلى جده، وإلا فهو ابن إبراهيم بن نصر. (عبد الرزاق) أي: ابن همام بن نافع الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه (سلامى) بضم المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم: عظام الأصابع وقيل: كل عظم في البدن. (كل يوم) بالنصب على الظرفية. (يعين الرجل) مبتدأ بتأويله بمصدر نحو: تسمع بالمعيدي (يحامله) أي: يساعده في الركوب. (عليها) في نسخة: "عليه" أي: على الركوب. (صدقة) بالرفع خبر المبتدإِ. ومرَّ ذلك في الصلح (¬1). (خطوة) بفتح الخاء المعجمة: المرة وبضمها كما في نسخة: ما بين القدمين. (ودل الطريق) بفتح الدال المهملة وتشديد اللام، أي: الدلالة عليه. 73 - بَابُ فَضْلِ رِبَاطِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا} [آل عمران: 200] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. (باب: فضل رباط يوم في سبيل الله) أي: بيانه، والرباط هو المرابطة وهي ملازمة الثغر؛ لمراقبة العدو. (رباط الخيل) أي: مرابطتها. (وقوله) بالجر عطف على (فضل) وفي نسخة: "قول الله" (تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ". {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا} إلى آخر الآية. في نسخة: ذكر الآية بتمامها، فقدله: ({اصْبِرُوا}) أي: على الطاعات ¬

_ (¬1) سبق برقم (2707) كتاب: الصلح، باب: فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم.

74 - باب من غزا بصبي للخدمة

والمصائب، وعن المعاصي, ({وَصَابِرُوا}) أي: غالبوا أعداء الله في الصبر على شدائد الحرب، ({وَرَابِطُوا}) أي: أقيموا على الجهاد، ({وَاتَّقُوا اللَّهَ}) أي: في جميع أحوالكم ({لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}) أي: تفوزون بالجنة. 2892 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَو الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا". [انظر: 2794 - مسلم: 1881 - فتح: 6/ 85] (عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون: المروزي. (أبا النضر) بضاد معجمة هو هاشم بن القاسم. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار الأعرج. (وما عليها) عبَّر بعليها دون فيها، لما فيه من الاستعلاء وهو أعم من الظرفية وأقوى. 74 - بَابُ مَنْ غَزَا بِصَبِيٍّ لِلْخِدْمَةِ (باب: من غزا بصبي للخدمة) أي: بيان مشروعية خروج من غزا بصبي؛ لأجل الخدمة. 2893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لِأَبِي طَلْحَةَ: "التَمِسْ غُلامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ" فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي، وَأَنَا غُلامٌ رَاهَقْتُ الحُلُمَ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ" ثُمَّ قَدِمْنَا خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الحِصْنَ، ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ

أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ، حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ". فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ قَال: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ نَظَرَ إِلَى أُحُدٍ فَقَال: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" ثُمَّ نَظَرَ إِلَى المَدِينَةِ فَقَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا بِمِثْلِ مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 6/ 86] (قتيبة) أي: ابن سعيد بن جميل بفتح الجيم: الثقفي. (يعقوب) أي: ابن عبد الرحمن بن محمَّد القاري بتشديد الياء. (عن عمرو) أي: ابن أبي عمرو مولى المطلب. (التمس) أي: عين. (يخدمني) بالرفع استئناف وبالجزم جواب الأمر. (حتى أخرج إلى خيبر) أي: إلى غزوتها، وكانت سنة سبع. واستشكل من حيث أن ظاهره أن ابتداء خدمة أنس للنبي - صلى الله عليه وسلم - كان حينئذٍ فيكون إنما خدمه أربع سنين؛ لأنَّ وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت حينئذٍ سنة إحدى عشرة من الهجرة. لكن صح عن أنس أنه قال: خدمت النبي - صلى الله عليه وسلم - تسع سنين (¬1). وفي رواية: عشر سنين (¬2). وأجيب: بأن معنى قوله لأبي طلحة: (التمس غلامًا من غلمانكم) تعيين من يخرج معه في تلك السفرة، فعين له أبو طلبة أنسًا، فينحط الالتماس على الاستئذان في المسافرة به، لا في أصل الخدمة ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 100، وأبو يعلى 6/ 312 (3628)، وابن أبي عاصم (354). (¬2) سيأتي برقم (5166) كتاب: النكاح، باب: الوليمة حق.

فإنها كانت متقدمة. (راهقت الحلم) أي: قاربت البلوغ. (من الهم) أي: فيما يتوقع. (والحزن) بفتح الحاء والزاى، أي: فيما وقع، وقيل: هما مترادفان. (والجبن) بضم الجيم وسكون الموحدة: ضد الشجاعة. (وضلع الدين) بفتح الضاد المعجمة واللام، أي: ثقله. (وغلبة الرجال) أي: الهرج والمرج، أو توحد الرجل في أمره وتغلب الرجال عليه. (أخطب) بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وفتح الطاء المهملة. (وقد قتل زوجها) هو كنانة ابن الربيع. (وكانت عروسًا) فيه: رد على من قال: إن عروسًا نعت للرجل دون المرأة وقد نصَّ الخليل على أنه نعت لهما ما داما في تعريسهما أياما. (فخرج بها) أي: من خيبر. (حتى بلغنا) في نسخة: "حتى إذا بلغنا". (سد) بفتح السين وضمها وتشديد الدال. (الصهباء) بفتح المهملة وسكون الهاء بموحدة ممدودًا موضع. (حلت له) بطهرها من حيضها. (فبنى بها) أي: دخل بها. (حيسًا) بحاء مهملة مفتوحة فتحتية ساكنة فمهملة، أي: طعامًا من تمر وأقط وسمن، وقد يجعل عوض الأقط دقيق أو فتيت. (في نطع) بفتح النون وكسرها وسكون الطاء وفتحها أربع لغات. (آذن) بمد الهمزة وكسر المعجمة، أي: أعلم. (يُحَوِّي لها وراءه بعباءة) بضم التحتية وفتح المهملة وتشديد الواو المكسورة أي: يجعلها حول سنام البعير. (فقال: هذا جبلُ يحبنا ونحبه) إلخ مرَّ شرحه في باب فضل الخدمة في الغزو (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2889) كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل الخدمة في الغزو.

75 - باب ركوب البحر

75 - بَابُ رُكُوبِ البَحْرِ (باب: ركوب البحر) أي: بيانه. 2894، 2895 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال يَوْمًا فِي بَيْتِهَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ؟ قَال: "عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ البَحْرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَال: "أَنْتِ مِنْهُمْ"، ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَال مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَيَقُولُ: "أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ"، فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الغَزْو، فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَوَقَعَتْ، فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا. [انظر: 2788، 2789، مسلم: 1912 - فتح: 6/ 87] (أبو النعمان) هو محمَّد بن الفضل. (عن يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (أم حرام) هي بنت ملحان. (قال) من القيلولة، أي: نام في الظهيرة. (قال) في نسخة: "قلت". (من قوم) ساقط من نسخة. (أنت معهم) في نسخة: "أنت منهم" ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 76 - بَابُ مَنِ اسْتَعَانَ بِالضُّعَفَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِي الحَرْبِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ [قَال] لِي قَيْصَرُ سَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَزَعَمْتَ ضُعَفَاءَهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (2788) كتاب: الجهاد، باب: الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء.

77 - باب لا يقول فلان شهيد

(باب: من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب) أي: بيانه. 2896 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إلا بِضُعَفَائِكُمْ"؟. [فتح: 6/ 88] (هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إلا بضعفائكم) في نسخة: "إنما تنصر هذه الأمة بضعفائهم بدعواتهم وصلاتهم وإخلاصهم". 2897 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرًا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَأْتِي زَمَانٌ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ، فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ، ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ صَاحِبَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ". [3594, 3649 - مسلم: 2532 - فتح: 6/ 88] (سفيان) أي: ابن عيينة (عن عمرو) أي: ابن دينار (الخدري) ساقط من نسخة (تغزوا) أي: "فيه" كما في نسخة. (فئام) بكسر الفاء وفتح الهمزة، وقيل: بفتح الفاء، أي: جماعة. (فيكم من صحب النبي) في نسخة: "هل فيكم من رأى النبي". 77 - بَابُ لَا يَقُولُ فُلانٌ شَهِيدٌ قَال أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ". [انظر: 36، 237] (باب: لا يقال) في نسخة: "لا يقول: فلان شهيد" أي: لا يقطع له بذلك، إلا إن ورد به وحى. (الله أعلم بمن يكلم) في نسخة: "والله أعلم بمن يكلم".

2898 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، التَقَى هُوَ وَالمُشْرِكُونَ، فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَال الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إلا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقَال: مَا أَجْزَأَ مِنَّا اليَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلانٌ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ"، فَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ، قَال: فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ، قَال: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَال: "وَمَا ذَاكَ؟ " قَال: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ". [4202، 4207، 6493، 6607 - مسلم: 112 - فتح: 6/ 89] (قتيبة) أي: ابن سعيد (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (فلما مال رسول الله) أي: رجع بعد فراغ القتال في ذلك اليوم. (رجل) اسمه: قزمان بضم القاف وسكون الزاي. (لهم) أي: المشركين. (شاذة) هي التي تكون مع الجماعة ثم تفارقهم. (ولا فاذة) هي التي لم تختلط بهم، والذال فيهما معجمة مشددة، والهاء فيهما للمبالغة كعلَّامة أو للتأنيث على انهما لغتان لمحذوف أي: نسمه. (ما أجزأ) بالهمز، أي: ما أضى (أما) بالتخفيف استفتاحية، أو بمعنى: حقًّا (أنه) بالكسر على الأول وبالفتح على الثاني. (فقال رجل) هو أكتم بن أبي الجون

78 - باب التحريض على الرمي

الخزاعي (أنا صاحبه) أي: أصحبه وألازمه؛ لأنظر السبب الذي به يصير من أهل النار. (وذبابة) بضم المعجمة، أي: طرفه وقيل: حده (ثم تحامل) أي: مال (آنفًا) أي: الساعة واستشكل كونه من أهل النار بمجرد عصيانه بقتل نفسه، والمؤمن لا يكفر بالمعصية، وأجيب باحتمال أنه - صلى الله عليه وسلم - علم بالوحي أنه ليس مؤمنًا، أو أنه سيرتد باستحلاله قتل نفسه، أو المراد: بكونه من أهل النار، أو من العصاة الذين يدخلون النار ثم يخرجون منها. وفيه أن العبرة بالخواتيم وبالنيات، وأن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث أن الصحابة لما شهدوا برجحان هذا الرجل في أمر الجهاد، كانوا يقولون: إنه شهيد لو قتل، ثم لما ظهر منه أنه لم يقاتل لله، وأنه قتل نفسه علم أنه لا يقطع بأن كلَّ مقتولٌ في الجهاد شهيد؛ لاحتمال أن يكون [قتل] (¬1) مثل هذا. 78 - بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الرَّمْيِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60]. (باب: التحريض على الرمي) أي: بيان الحث على الرمي بالسهام. (وقول الله) بالجر عطف على التحريض (تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ". (ترهبون) أي: تخوفون. ¬

_ (¬1) من (س).

2899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلانٍ" قَال: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ؟ "، قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ". [3507,3373 - فتح: 6/ 91] (سلمة بن الأكوع): اسم الأكوع: سنان بن عبد الله. (على نفر) أي: عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة. (من أسلم) هي قبيلة. (ينتضلون) بضاد معجمة، أي: يترامون بالنضال: وهي السهام. (بني إسماعيل) أي: يا بني إسماعيل. (فإن أباكم) هو إسماعيل بن إبراهيم صلى الله عليهما وسلم، وهو أبو العرب. (بأيديهم) الباء زائدة. (قال النبي) في نسخة: "فقال النبي". (فأنا معكم كلكم) بجر (كلكم) تأكيد للضمير المجرور، واستشكل كونه مع الفريقين وأحدهما مغلوب. وأجيب: بأن المراد بالمعية القصد إلى الخير وإصلاح النية والتدرب فيه للقتال. 2900 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، حِينَ صَفَفَنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا: "إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ". [3985,3984 - فتح: 6/ 91] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (عبد الرحمن بن الغسيل) نسبة إلى جد له، وإلا فهو ابن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الغسيل، أي: غسيل الملائكة. (ابن أبي أسيد) بضم الهمزة وفتح المهملة، وفي نسخة: بفتح الهمزة وكسر المهملة. (أكثبوكم) بمثلثة فموحدة، أي: قاربوكم. يقال: كثب وأكثب إذا

79 - باب اللهو بالحراب ونحوها

قارب. والكثب القرب. وفي نسخة: "أكتبوكم" بمثناة، أي: كاثروكم ومنه الكتيبة للقطعة العظيمة من الجيش. (بالنبل) بفتح النون وسكون الموحدة جمع نبلة: وهي السهام العربية اللطاف. 79 - بَابُ اللَّهْو بِالحِرَابِ وَنَحْوهَا (باب: اللهو بالحراب ونحوها) أي: من آلات الحرب كالسيف والقوس، أي: بيان جواز ذلك. 2901 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَا الحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِرَابِهِمْ، دَخَلَ عُمَرُ فَأَهْوَى إِلَى الحَصَى فَحَصَبَهُمْ بِهَا، فَقَال: "دَعْهُمْ يَا عُمَرُ"، وَزَادَ عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ: فِي المَسْجِدِ. [مسلم: 893 - فتح: 6/ 92] (هشام) أي: ابن يوسف أبو عبد الرحمن الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد. (يلعبون عند النبي) أي: "بحرابهم" كما في نسخة. وإن قيل: إنه لم يذكر في هذه الرواية مع أن المطابقة إنما تحصل به. (فأهوى) أي: قصد. (فحصبهم) أي: رماهم. (بها) أي: بالحصى وهي الحصباء وإنما حصبهم؛ لظنه أن ذلك من اللهو الباطل لا من التدريب على مواقع الحروب. (وزاد) في نسخة: "زاد" بلا واو، وفي أخرى: "زادنا". (علي) أي: ابن المديني. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (في المسجد) أي: أن لعبهم كان فيه، وإنما جاز ذلك فيه؛ لأنه من منافع الدين. 80 - بَابُ المِجَنِّ وَمَنْ يَتَّرِسُ بِتُرْسِ صَاحِبِهِ (باب: المجن) بكسر الميم، وفتح الجيم، وتشديد النون، أي: الترس. (من يتترس) بتحتية ففوقيتين، وفي نسخة: "يترس" بتحتية ففوقية

مشددة، أي: يتستر. (بترس صاحبه) أي: عند القتال أي: بان ذكر ذلك. 2902 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَتَرَّسُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتُرْسٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْيِ، فَكَانَ إِذَا رَمَى تَشَرَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ نَبْلِهِ". [انظر: 2880 - مسلم: 1881 - فتح: 6/ 93] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (وكان أبو طلحة يتترس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بترس واحد) أي: لأنه يرمي بالسهام، والرامي يرمي بيديه جميعًا، فلا يمكنه غالبًا أن يمسك الترس فيستره النبي - صلى الله عليه وسلم - خوف أن يرميه العدو. (تشرف النبي) بفتح الفوقية وتشديد الراء، أي: تطلع على أبي طلحة، وفي نسخة: "يشرف" بضم التحتية وسكون المعجمة من الإشراف. (فينظر) في نسخة: "نظر". (إلى موضع نبله) أي: موضع وقوعه. 2903 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَال: "لَمَّا كُسِرَتْ بَيْضَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ، وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي المِجَنِّ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى المَاءِ كَثْرَةً، عَمَدَتْ إِلَى حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِهِ، فَرَقَأَ الدَّمُ. [انظر: 243 - مسلم: 1790 - فتح: 6/ 93] (سعيد بن عفير) نسبة إلى جده، وإلا فهو ابن كثير بن عفير. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (بيضة النبي) أي: خوذته. (رباعيته) بتخفيف التحتية، أي: سنه التي بين الثنية والناب، وكانت اليمنى السفلى، وكاسرها: عتبة ابن أبي وقاص أخو سعد. (يختلف بالماء) أي: يذهب به في المجن مرة بعد أخرى. (كثرة) بالنصب على التمييز.

(عمدت) بفتح الميم. (على جرحه) بضم الجيم. (فرقأ الدم) بالهمز، أي: انقطع، وفيه: امتحان الأنبياء؛ لتعظيم أجرهم، وليتأس بهم من ناله شدة، فلا يجد في نفسه غضاضة. 2904 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا لَمْ يُوجِفِ المُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ، "فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي السِّلاحِ وَالكُرَاعِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ". (سفيان): أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (مما أفاء الله) أي: مما أعاده وصيره. (لم يوجف المسلمون عليه) أي: لم يسعوا في تحصيله. (بخيل ولا ركاب) أي: ولا إبل. (فكانت) أي: أموال بني النضير، أي: معظمها (وكان ينفق) أي: مما خصَّه منها. (في السلاح) أي: ومنه المجن، وبه تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة. (الكراع) بضم الكاف، أي: الخيل. (عدة) يضم العين وتشديد الدال المهملتين ما يعد لحوادث الدهر من السلاح ونحوه. 2905 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِيٍّ، ح حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، قَال سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَدِّي رَجُلًا بَعْدَ سَعْدٍ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي". [4058، 4059، 6184 - مسلم: 2411 - فتح: 6/ 93] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن علي) أي: ابن أبي طالب. وقوله: (حَدَّثنَا مسدد) إلى هنا ساقط من نسخة.

81 - باب الدرق

(قبيصة) بفتح القاف، أي: ابن عقبة بن محمَّد السوائي. (سفيان) أي: ابن عيينة (يفدي) بضم التحتية وتشديد المهملة من فداه، إذا قال له: جعلت فداك. وقوله: (ما رأيت النبي) إلى آخره لا ينافي ما في "الصحيحين" أنه فدى (¬1) الزبير يوم الخندق (¬2)؛ لاحتمال أن عليًّا لم يطلع على ذلك، أو مراده أن ما قاله مقيد بيوم أحد. والحديث ذكر هنا استطرادًا، إذ لا مطابقة فيه للترجمة. 81 - بَابُ الدَّرَقِ (باب: الدرق) أي: بيان مشروعية اتخاذها، وهي جمع درقة: وهي الجحفة ويقال: هي الترس الذي يتخذ من الجلود. 2906 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: عَمْرٌو، حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَانْتَهَرَنِي وَقَال: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "دَعْهُمَا"، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا، فَخَرَجَتَا. [انظر: 949 - مسلم: 892 - فتح: 6/ 94] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (ابن وهب) هو عبد الله (عمرو) أي: ابن الحارث. (أبو الأسود) هو محمد بن عبد الرحمن. (دخل عليَّ رسول الله) أي: أيام منى. (جاريتان) أي: دون البلوغ. (بغناء) بكسر المعجمة والمد. (بعاث) بضم الموحدة وبمهملة ومثلثة غير منصرف: حصن كان فيه حرب بين الأوس والخزرج، وكان ¬

_ (¬1) في (ب): مطلب التفدية. (¬2) سبق برقم (3720) كتاب: "فضائل الصحابة" باب: مناقب الزبير، ورواه مسلم (2416) كتاب: "فضائل الصحابة" باب: من فضائل طلحة والزبير.

كل من الفريقين ينشد الشعر يذكر فيه مفاخر نفسه. (وحول وجهه) أي: إعراضًا عن ذلك، لكن تقديره على ذلك مع قوله بعد: (دعهما) يدل على جوازه. (فانتهرني) أي: لتقريري إياهما على الغناء. (مزمارة الشيطان) بحذف همزة الاستفهام، أي: أمزمارة الشيطان (عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) يعني: الغناء أو الصوت الذي له صفير، أو الصوت الحسن، وأضافها إلى الشيطان؛ لأنها تلهي عن ذكر الله. (فلما غفل) بفتح المعجمة والفاء، وفي نسخة: "فلما عمل" أي: اشتغل أبو بكر بعمل. 2907 - قَالتْ: وَكَانَ يَوْمُ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا قَال: "تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ"، فَقَالتْ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَيَقُولُ: "دُونَكُمْ بَنِي أَرْفِدَةَ"، حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَال: "حَسْبُكِ"، قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "فَاذْهَبِي". [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:] قَال أَحْمَدُ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ: فَلَمَّا غَفَلَ. [انظر: 454 - مسلم: 892 - فتح: 6/ 94] (وكان يوم عيد) بنصب يوم، وفي نسخة: برفعه، وفي أخرى: "وكان يوم عندي". (إما سألت النبي) أي: النظر إلى لعبهم (تنظرين؟ فقالت:) في نسخة: "أن تنظري؟ فقلت: ". (دونكم) إغراء، أي: الزموا هذا اللعب. (بني أرفدة) بفتح الفاء وكسرها, لقب نوع من الحبشة يرقصون، وقيل: اسم جدهم الأقدم. (مللت) بكسر اللام الأولى. (قال: حسبك) أي: أيكفيك هذا القدر؟ بحذف همزة الاستفهام. (قال أحمد) في نسخة: "قال أبو عبد الله. قال أحمد" أي: ابن أبي صالح المصري. (عن ابن وهب) ساقط من نسخة. (فلما غفل) أي: رواه بلفظ: (غفل) بدل (عمل) وهذا إنما يأتي على أن الرواية الأولى بلفظ: (عمل) لا على أنها بلفظ: (غفل) لكن تقدم ثَمَّ أنها

82 - باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق

رويت باللفظين، ومرَّ شرح الحديث في أبواب العيدين في باب: الحراب والدرق يوم العيد (¬1). 82 - بَابُ الحَمَائِلِ وَتَعْلِيقِ السَّيْفِ بِالعُنُقِ (باب: الحمائل) أي: ذكرها (وتعليق السَّيْف بالعنق) أي: جوازه، والحمائل جمع حمالة بالكسر: وهي علاقة السيف. وقيل: لا واحد لها من لفظها، وإنما واحدها محمل. 2908 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ لَيْلَةً، فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الخَبَرَ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: "لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا" ثُمَّ قَال: "وَجَدْنَاهُ بَحْرًا" أَوْ قَال: "إِنَّهُ لَبَحْرٌ". [انظر: 2627 - مسلم: 2307 - فتح: 6/ 95] (عن ثابت) أي: البناني. (ليلة) ساقط من نسخة. (استبرأ الخبر) أي: حققه. (لم تراعوا، لم تراعوا) أحدهما ساقطة من نسخة، ومعناه: لا تخافوا. (أو قال: إنه لبحر) شك من الراوي، ومرَّ الحديث مرارًا (¬2). 83 - بَابُ حِلْيَةِ السُّيُوفِ (باب: ما جاء في حلية السيوف) أي: في جوازها. 2909 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، يَقُولُ: "لَقَدْ فَتَحَ الفُتُوحَ قَوْمٌ، مَا كَانَتْ حِلْيَةُ سُيُوفِهِمُ الذَّهَبَ وَلَا الفِضَّةَ، إِنَّمَا كَانَتْ حِلْيَتُهُمْ العَلابِيَّ وَالآنُكَ وَالحَدِيدَ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (949) كتاب: العيدين، باب: الحراب، والدرق يوم العيد. (¬2) سبق برقم (2627) كتاب: الهبة، باب: من استعار من الناس الفرس.

84 - باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة

[فتح: 6/ 95] (أحمد بن محمد) هو أبو العباس مردويه المرزوي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (حلية سيوفهم) بكسر الحاء وضمها. (العلابي) بفتح المهملة والموحدة المكسورة جمع علباء: عصب يؤخذ من عنق البعير ويشق، ثم يشد به أجفان السيف، أي: أسفل غمده وأعلاه يجعل موضع الحلية منه. (والآنك) بمد الهمزة وضم النون: الرصاص وهو واحد لا جمع له. 84 - بَابُ مَنْ عَلَّقَ سَيْفَهُ بِالشَّجَرِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ القَائِلَةِ (باب من) أي: ذكر من (علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة) أي: عند النوم وقت القائلة، أي: الظهيرة. 2910 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ سَمُرَةٍ وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَا، وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَال: "إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيْفِي، وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَال: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ، - ثَلاثًا - " وَلَمْ يُعَاقِبْهُ وَجَلَسَ. [2913، 4143، 4135، 4136 - مسلم: 843 - فتح: 6/ 96] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أخبر) في نسخة: "أخبره". (قفل) أي: رجع. (العضاة) بمهملة مكسورة: وهي شجر أم غيلان، وكل شجر عظيم له شوك. (سمرة) بفتح المهملة وضم الميم، وفي نسخة: "شجرة". (أعرابي) اسمه: غورث

85 - باب لبس البيضة

بمعجمة مضمومة وراء مفتوحة ومثلثة. (اخترط) أي: سل. (صلتا) بفتح المهملة وسكون اللام، أي: مجردًا من غمده. (من يمنعك مني) زاد في نسخة: "من يمنعك مني" فكررها مرتين، والاستفهام في ذلك يتضمن النفي كأنه قال: لا مانع لك مني. (فقلت: الله ثلاثًا) أي: ثلاث مرات الله يمنعني منك. (وجلس) حال من المفعول قبله. 85 - بَابُ لُبْسِ البَيْضَةِ (باب: لبس البيضة) أي: الخوذة، أي: مشروعية لبسها. 2911 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جُرْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَال: "جُرِحَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ البَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ، تَغْسِلُ الدَّمَ وَعَلِيٌّ يُمْسِكُ، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّ الدَّمَ لَا يَزِيدُ إلا كَثْرَةً، أَخَذَتْ حَصِيرًا فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى صَارَ رَمَادًا، ثُمَّ أَلْزَقَتْهُ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ". [انظر: 243 - مسلم: 1790 - فتح: 6/ 96] (عن سهل) أي: ابن سعد الساعديِّ (جرح وجه النبي - صلى الله عليه وسلم -) جارحه ابن قميئة جرحة في وجنته. (يمسك) أي: محل الدم. (لا يزيد) من الزيادة، وفي نسخة: لا يرتد من الارتداد. (ثم ألزقته) لفظ: (ثم) ساقط من نسخة. ومرَّ الحديث في آخر الوضوء، وفي باب: المجن ومن يتترس بترس صاحبه (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (243) كتاب الوضوء، باب: غسل المرأة أباها الدم عن وجهه. وبرقم (2903) كتاب: الجهاد والسير، باب: المجن ومن يتترس بترس صاحبه.

86 - باب من لم ير كسر السلاح عند الموت

86 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ كَسْرَ السِّلاحِ عِنْدَ المَوْتِ (باب من) أي: ذكر من (لم ير كسر السلاح عند الموت) أشار بذلك إلى رد ما كان عليه أهل الجاهلية من كسر السلاح وعقر الدواب إذا مات رئيس من أكابرهم. 2912 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، قَال: "مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا سِلاحَهُ، وَبَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً". [انظر: 2739 - فتح: 6/ 97] (عبد الرحمن) أي: ابن مهدي بن حسان العنبري. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن أبي أسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (وبغلة بيضاء) هي المسماة بدلدل. (وأرضًا) أي: بخيبر وهي المسماة بفدك (جعلها صدقة) أي: في صحته وأخبر بحكمها عند موته. ومطابقة الحديث للترجمة: يؤخذ من حيث أنه - صلى الله عليه وسلم - خالف ما فعله أهل الجاهلية من كسر سلاحهم وعقر دوابهم، ومرَّ الحديث في أول الوصايا (¬1). 87 - بَابُ تَفَرُّقِ النَّاسِ عَنِ الإِمَامِ عِنْدَ القَائِلَةِ، وَالاسْتِظْلالِ بِالشَّجَرِ (باب: تفرق الناس عن الإِمام عند القائلة، والاستظلال بالشجر) أي: بيان ذلك. 2913 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ جَابِرًا، أَخْبَرَهُ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2739) كتاب: الوصايا، باب: الوصايا.

88 - باب ما قيل في الرماح

وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي العِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، ثُمَّ نَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي، فَقَال: مَنْ يَمْنَعُكَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَشَامَ السَّيْفَ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ"، ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ. [انظر: 2910 - مسلم: 843 - فتح 6/ 97] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (حَدَّثنَا سنان) في نسخة: "حَدَّثَنَي سنان". (وأبو سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (حَدَّثَنَا موسى) في نسخة: "وحَدَّثنَا موسى" وفي أخرى: " ح وحَدَّثنَا موسى". (الدؤلي) بضم المهملة وفتح الهمزة. (اخترط سيفي) أي: سله. (من يمنعك) في نسخة: "فمن يمنعك". (فشام السيف) بشين معجمة، أي: غمده ويجيء بمعنى: سل فهو من الأضداد. (فها هو ذا جالس) بالرفع خبر لـ (هو) وذا صلة (ها) أو خبر ثان و (هو)، و (ذا) خبر أو بدل من (ذا) و (ذا) هو الخبر. ويروى جالسًا بالنصب على الحال بجعل (ذا) هو الخبر كما يقول: هذا زيد قائمًا، ومرَّ الحديث في باب: من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة (¬1). 88 - بَابُ مَا قِيلَ فِي الرِّمَاحِ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالفَ أَمْرِي". ¬

_ (¬1) سبق برقم (2910) كتاب: الجهاد والسير، باب: من علق سيفا بالشجر في السفر عند القائلة.

(باب: ما قيل في الرماح) أي: في اتخاذها واستعمالها. (جعل رزقي) أي: من الغنيمة. (وجعل الذلة والصغار) بكسر الذال المعجمة وفتح الصاد المهملة والغين المعجمة، أي: الذل والضيم. 2914 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ، تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاولُوهُ سَوْطَهُ، فَأَبَوْا، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا، فَأَخَذَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَى الحِمَارِ، فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَى بَعْضٌ، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، قَال: "إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ"، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: فِي الحِمَارِ الوَحْشِيِّ، مِثْلُ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ قَال: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ؟. [انظر: 1821 - مسلم: 1196 - فتح 6/ 98] (عن أبي النضر) بضادٍ معجمة: هو سالم بن أبي أمية. (عن نافع) أي: ابن عباس بموحدة مشددة وسين مهملة، ويقال: بتحتية مشددة وشين معجمة. (كان مع رسول الله) أي: عام الحديبية. (حمارًا وحشيًّا) في نسخة: "حمار وحش". (إنما هي طعمة) بضم الطاء وسكون العين المهملتين. (عن عطاء) أي: ابن يسار. (قال: هل) في نسخة: "وقال هل" ومرَّ الحديث في جزاء الصيد وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1821) كتاب: جزاء الصيد، باب: وإذا صاد الحلال فأهدي للمحرم الصيد أكله. وبرقم (2070) كتاب الهبة، باب: من استوهب من أصحابه شيئًا.

89 - باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم، والقميص في الحرب

89 - بَابُ مَا قِيلَ فِي دِرْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالقَمِيصِ فِي الحَرْبِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا خَالِدٌ فَقَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 1468] (باب: ما قيل في درع النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: من أي شيء كانت (والقمص في الحرب) أي: وبيان حكمه فيها. (فقد احتبس أدراعه) أي: وقفها وهي جمع درع بكسر المهملة: وهو الزردية. 2915 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ" فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، فَقَال: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ وَهُوَ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ، وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 45 - 46]. وَقَالَ وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، يَوْمَ بَدْرٍ. [3953، 4875، 4877 - فتح 6/ 99] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (خالد) أي: الحذاء. (أنشدك) بفتح الهمزة وضم المعجمة، أي: اسألك عهدك، أي: بالنصر لرسلك أخذًا من قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا} الآية [الصافات: 171] (ووعدك" أي: بإنجازه أخذًا من قوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: 7] (إن شئت) مفعوله محذوف، أي: هلاك المؤمنين وجواب الشرط (لم تعبد) أو مفعول (شئت لم تعبد) وجواب الشرط محذوف وفي ذلك تسليم لأمر الله فيما يشاء أن يفعله وهو رد على المعتزلة القائلين بأن الشر غير مراد الله، وإنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك، لعلمه أنه خاتم النبيين فلو هلك ومن معه حينئذ لم

يبعث أحد يدعو إلى الإيمان بالله فلا يعبد. (حسبك) أي: يكفيك مناشدتك. (فقد ألححت) أي: أطلت الدعاء وبالغت فيه. قال الخطابي: قد يشكل معنى الحديث على كثير؛ لأنهم إذا رأوا نبي الله يناشد ربه في استنجاز الوعد، وأبو بكر يسكن منه فيتوهمون أن حال أبي بكر بالثقة بربه والطمأنينة إلى وعده أرفع من حاله، وهذا لا يجوز قطعًا فالمعنى في مناشدته - صلى الله عليه وسلم - وإلحاحه في الدعاء الشفقة على قلوب أصحابه وتقويتهم إذ كان ذلك أول مشهد شهدوه في لقاء العدو، وكانوا في قلة من العدد والعُدد فابتهل بالدعاء وألح؛ ليسكن ذلك ما في نفوسهم إذ كانوا يعلمون أن وسيلته مقبولة ودعوته مستجابة، فلما قال له أبو بكر مقالته كف عن الدعاء، أو علم أنه استجيب دعاؤه بما وجده أبو بكر في نفسه من القوة والطمأنينة حتى قال له ذلك [القول] (¬1) ويدل عليه تمثيله بقوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} [القمر: 45] (¬2) ({بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ}) [القمر: 46] أي: موعد عذابهم (والساعة) أي: عذابها (أدهى) أي: أعظم بلية (وأمر) أي: أشد مرارة من عذاب الدنيا (وهيب) أي: ابن خالد بن عجلان البصري (خالد) أي: الحذاء. 2916 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، بِثَلاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ" وَقَال يَعْلَى، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ: دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَقَال مُعَلًّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، وَقَال: رَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ. [انظر: 2068 - مسلم: 1603 - فتح 6/ 99] (سفيان) أي: ابن عيينة (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران (عن ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "أعلام الحديث" 2/ 1403.

إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (يعلى) أي: ابن عبيد الطنافسي. (مُعلَّى) أي: ابن أسد (عبد الواحد) أي: ابن زياد. 2917 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَثَلُ البَخِيلِ وَالمُتَصَدِّقِ مَثَلُ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، قَدِ اضْطَرَّتْ أَيْدِيَهُمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَكُلَّمَا هَمَّ المُتَصَدِّقُ بِصَدَقَتِهِ اتَّسَعَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تُعَفِّيَ أَثَرَهُ، وَكُلَّمَا هَمَّ البَخِيلُ بِالصَّدَقَةِ انْقَبَضَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ إِلَى صَاحِبَتِهَا وَتَقَلَّصَتْ عَلَيْهِ، وَانْضَمَّتْ يَدَاهُ إِلَى تَرَاقِيهِ"، فَسَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "فَيَجْتَهِدُ أَنْ يُوَسِّعَهَا فَلَا تَتَّسِعُ". [انظر: 1443 - مسلم: 1021 - فتح 6/ 99] (ابن طاوس) هو عبد الله. (اضطرت) أي: ألجئت (تراقيهما) جمع ترقوة وهو العظم الكبير الذي بين ثغرة النحر والعاتق. ولكل إنسان ترقوتان وخصهما بالذكر؛ لأنهما عند الصدر وهو مسلك القلب وهو يأمر المرء وينهاه. (جبتان) بموحدة وهو المناسب لذكر القميص في الترجمة، ولو روي هنا بنون كما روي بها في الزكاة (¬1) لكان مناسبًا لذكر الدرع في الترجمة هنا أيضًا. (بصدقته) في نسخة: "بصدقة". (تعفي أثره) بضم الفوقية وسكون المهملة وبالضم والفتح وتشديد الفاء، أي: تمحو أثره. والمراد: أن الصدقة تستر خطايا المتصدق كما يستر الثوب الذي يجر على الأرض أثر مشي لابسه بمرور الذيل عليه. (حلقة) بسكون اللام. (وتقلصت) أي: انزوت وانضمت يداه إلى تراقيه، المعنى: أن البخيل إذا حدث نفسه بالصدقة شحت نفسه وضاق صدره وانقبضت يداه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1443) كتاب الزكاة، باب: مثل المتصدق والبخيل.

90 - باب الجبة في السفر والحرب

(فسمع) أي: أبو هريرة (النبي .. إلخ) قال الكرماني: فإن قلت: مجموع الحديث سمعه أبو هريرة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم اختص بالكلمة الأخيرة قلت: لفظ: (يقول) يدل على الاستمرار والتكرار. فلعله - صلى الله عليه وسلم - كررها دون أخواتها (¬1). 90 - بَابُ الجُبَّةِ فِي السَّفَرِ وَالحَرْبِ (باب: الجبة في السفر والحرب) أي: بيان لبسها وعطف (الحرب) على (السفر) من عطف الخاص على العام. 2918 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى مُسْلِمٍ هُوَ ابْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: حَدَّثَنِي المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَال: "انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَقِيتُهُ بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ، فَكَانَا ضَيِّقَيْنِ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتُ، فَغَسَلَهُمَا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَعَلَى خُفَّيْهِ". [انظر: 182 - مسلم: 274 - فتح 6/ 100] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (مسلم) هو ابن صبيح ساقط من نسخة. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (فلقيته) بكسر القاف، وفي نسخة: "فلقيته فتوضأ". (فكانا) في نسخة: "وكانا". ومرَّ شرح الحديث في الطهارة وغيرها (¬2). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 175. (¬2) سبق برقم (182) كتاب الوضوء، باب: الرجل يوضيء صاحبه. وبرقم (1667) كتاب: الحج، باب: النزول بين عرفة وجمع.

91 - باب الحرير في الحرب

91 - بَابُ الحَرِيرِ فِي الحَرْبِ (باب: الحرير في الحرب) أي: جواز لبسه فيها وهي بحاء مهملة وراء ساكنة، وفي نسخة: بجيم وراء مفتوحتين. 2919 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ فِي قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ، مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا". [2920، 2921، 2922، 5839 - مسلم: 2076 - فتح 6/ 100] (ابن الحارث) ساقط من نسخة. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (من حكة كانت بهما) قال شيخنا: وقع للنووي كغيره أن الحكمة في لبس الحرير للحكة ما فيه من البرودة وتعقب بأن الحرير حار، فالصواب: أن الحكمة فيه لخاصة فيه تدفع ما ينشأ عنه الحكة كالقمل (¬1) انتهى. 2920 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، ح حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرَ شَكَوَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي القَمْلَ - فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي الحَرِيرِ، فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ". [انظر: 2919 - مسلم: 2076 - فتح 6/ 101] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (همام) أي: ابن يحيى العوذي. (شكوا) بواو، وفي نسخة: "شكيا" بياء وكل صحيح. قال الجوهري: أشكيته مثل شكوته فهو واوي ويائي فسقط ما قيل: الصواب أنه واوي. (يعني: القمل) لا ينافي ما مرَّ آنفًا من أن سبب الرخصة الحكة؛ لجواز أن كلًّا منهما سبب لها، أو أن أحدهما بأحد الرجلين والآخر بالآخر. ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 6/ 101 - 102.

92 - باب ما يذكر في السكين

2921 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُمْ قَال: "رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ فِي حَرِيرٍ". [انظر: 2919 - مسلم: 2076 - فتح 6/ 101] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: القطان. (عن شعبة) ابن الحجاج. 2922 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: رَخَّصَ أَوْ رُخِّصَ لَهُمَا لِحِكَّةٍ بِهِمَا. [انظر: 2919 - مسلم: 2076 - فتح 6/ 101] (غندر) هو محمد بن جعفر. (رخص) بالبناء للفاعل (أو رخص) بالبناء للمفعول والشك من الراوي. 92 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي السِّكِّينِ (باب: ما يذكر في السكين) بكسر السين، أي: من جواز استعمالها. 2923 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْ كَتِفٍ يَحْتَزُّ مِنْهَا، ثُمَّ دُعِيَ إِلَى الصَّلاةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ"، حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَزَادَ فَأَلْقَى السِّكِّينَ. [انظر: 208 - مسلم: 355 - فتح 6/ 102] (عن جعفر بن عمرو بن أمية) زاد في نسخة: "الضمري" (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (وزاد: فألقى السكين) بهذه الزيادة تحصل مطابقة الحديث للترجمة. ومرَّ شرحه في باب: من لم يتوضأ من لحم الشاة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (208) كتاب: الوضوء، باب: من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق.

93 - باب ما قيل في قتال الروم

93 - باب مَا قِيلَ فِي قِتَالِ الرُّومِ. (باب: ما قيل في قتال الروم) أي: من الفضل. 2924 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَال: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ الأَسْوَدِ العَنْسِيَّ، حَدَّثَهُ - أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَهُوَ نَازِلٌ فِي سَاحَةِ حِمْصَ وَهُوَ فِي بِنَاءٍ لَهُ، وَمَعَهُ أُمُّ حَرَامٍ - قَال: عُمَيْرٌ، فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ: أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ البَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا"، قَالتْ أُمُّ حَرَامٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ؟ قَال: "أَنْتِ فِيهِمْ"، ثُمَّ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ"، فَقُلْتُ: أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "لَا". [فتح 6/ 102] (العنسي) بنون ساكنة. (قد أوجبوا) أي: لأنفسهم المغفرة والرحمة بأعمالهم الصالحة. (أول جيش من أمتي يغزون) إلى آخره منهم يزيد بن معاوية واستدل بذلك على ثبوت خلافته وأنه من أهل الجنة؛ لدخوله في عموم قوله (مغفور لهم) وأجيب: بأنه لا يلزم من دخوله فيه أن لا يخرج بدليل خاص، إذ لا خلاف أن قوله: مغفور لهم مشروط بكونه من أهل المغفرة ويزيد ليس كذلك حتى أطلق بعضهم جواز لعنه لأمره بقتل الحسين ورضاه به حتى قال التفتازاني بعد ذكره نحو ذلك: والحق إن رضي يزيد بقتل الحسين واستبشاره بذلك وإهانته أهل بيت النبي مما تواتر معناه وإن كان تفاصيلها أحادًا فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه وخالف في جواز لعن المعين الجمهور القائلين بعدم جوازه وإنما يجوزونه على وجه العموم كأن

94 - باب قتال اليهود

يقال: لعن الله الظالمين وقوله: بل في إيمانه، أي: بل لا يتوقف في عدم إيمانه بقرينة ما بعده وما قبله. 94 - بَابُ قِتَالِ اليَهُودِ (باب: قتال اليهود) أي: بيان الإخبار عن قتالهم في الزمن المستقبل. 2925 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفَرْويُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تُقَاتِلُونَ اليَهُودَ، حَتَّى يَخْتَبِيَ أَحَدُهُمْ وَرَاءَ الحَجَرِ، فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي، فَاقْتُلْهُ". [3593 - مسلم: 2921 - فتح 6/ 103] (الفروي) بفتح الفاء وسكون الراء نسبة إلى جد لإسحاق؛ لأنه ابن محمد بن إسماعيل بن أبي فروة (تقاتلون اليهود) الخطاب للحاضرين، والمراد غيرهم من أمته - صلى الله عليه وسلم - لأن هذا إنما يكون إذا نزل عيسى - عليه السلام -، فإن المسلمين يكونون معه، واليهود مع الدجال. (حتى يختبئ) بالهمز وتركه، أي: يختفي. (فيقول) أي: الحجر حقيقة. 2926 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا اليَهُودَ، حَتَّى يَقُولَ الحَجَرُ وَرَاءَهُ اليَهُودِيُّ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ". [مسلم: 2922 - فتح 6/ 103] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن أبي زرعة) أي: ابن عمرو بن جرير البجلي. (حتى تقاتلوا اليهود) علم المراد منه مما مرَّ آنفًا.

95 - باب قتال الترك

95 - بَابُ قِتَالِ التُّرْكِ (باب: قتال الترك) أي: بيان الإخبار عن قتالهم في الزمن المستقبل. 2927 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَال: سَمِعْتُ الحَسَنَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ نِعَال الشَّعَرِ، وَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا عِرَاضَ الوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ". [3592 - فتح 6/ 103] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (سمعت الحسن) أي: البصري. (ابن تغلب) بفتح الفوقية وسكون المعجمة وكسر اللام. (ينتعلون بنعال الشعر) بفتح العين وسكونها أي: أنهم يجعلون نعالهم من حبال ضفرت من الشعر. (المجان) بفتح الميم وتشديد النون جمع مجن وهو الترس كما مرَّ. (المطرقة) بضم الميم وسكون المهملة وفتح الراء. وفي نسخة: بضم الميم وفتح المهملة والراء المشددة أي: يطرق بعضها فوق بعض. فال البيضاوي: شبه وجوههم بالترس لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة؛ لغلظها وكثرة لحمها. 2928 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ، صِغَارَ الأَعْيُنِ، حُمْرَ الوُجُوهِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ". [2929، 3587، 3590، 3591 - مسلم: 2912 - فتح 6/ 104] (حَدثنَا سعيد) في نسخة: (حَدثَني سعيد). (يعقوب) أي: ابن إبراهيم بن سعد. (عن صالح) أي: ابن كيسان. (حتى تقاتلوا الترك) أي: هم كما

96 - باب قتال الذين ينتعلون الشعر

قال ابن عبد البر ولد يافث وهم أجناس كثيرة أصحاب مدن وحصون ومنهم قوم في رؤس الجبال والبراري ليس لهم عمل سوى الصيد ويأكلون الرخم والغوبان، وليس لهم دين ومنهم من يتدين بدين المجوس ومنهم من يتهود وفيهم سحرة. (ذلف الأنوف) بضم الذال المعجمة أو المهملة وسكون اللام جمع أذلف وهو انبطاح الأنف وقصره. (المجان المطرقة) فيه وفيما بعده ما مرّ من الضبط وغيره. 96 - بَابُ قِتَالِ الَّذِينَ يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ (باب: قتال الذين ينتعلون الشعر) هم الترك أيضًا ولفظ: (الشعر) ساقط من نسخة. 2929 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ"، قَال سُفْيَانُ وَزَادَ فِيهِ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً: "صِغَارَ الأَعْيُنِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ، المَجَانُّ المُطْرَقَةُ". [انظر: 2928 - مسلم: 2912 - فتح 6/ 104] (سفيان) أي: ابن عيينة (حتى تقاتلوا) إلى آخره علم تفسيره مما مرَّ في الباب السابق. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (رواية) أي: لا مذاكرة. قال شيخنا: رواية هو عوض عن قوله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). (صغار الأعين) بالنصب مفعول (زاد). ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 6/ 105.

97 - باب من صف أصحابه عند الهزيمة، ونزل عن دابته واستنصر

97 - بَابُ مَنْ صَفَّ أَصْحَابَهُ عِنْدَ الهَزِيمَةِ، وَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَاسْتَنْصَرَ (باب: من صف أصحابه) أي: بعضهم (عند الهزيمة) يعني: بعدها وثبت هو والبعض المذكور عندها كما يفيده الحديث الآتي (ونزل عن دابته واستنصر) أي: بالله، وفي نسخة: "فاستنصر" بالفاء. 2930 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَكُنْتُمْ فَرَرْتُمْ يَا أَبَا عُمَارَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَال: لَا وَاللَّهِ، مَا وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ، وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ بِسِلاحٍ، فَأَتَوْا قَوْمًا رُمَاةً، جَمْعَ هَوَازِنَ، وَبَنِي نَصْرٍ، مَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ، فَأَقْبَلُوا هُنَالِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، وَابْنُ عَمِّهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ، فَنَزَلَ وَاسْتَنْصَرَ، ثُمَّ قَال: "أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ"، ثُمَّ صَفَّ أَصْحَابَهُ. [انظر: 2864 - مسلم: 1776 - فتح 6/ 105] (الحراني) ساقط من نسخة. (زهير) أي: ابن معاوية. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (يا أبا عمارة) هو كنية أبي الدرداء. (وأخفاؤهم) أي: الذين ليس معهم سلاح ينقلهم، وفي نسخة: "خفافهم" جمع خف بكسر الخاء، أي: خفيف. (حسرا) جمع حاسر، وأشار إلى تفسيره بقوله: (ليس بسلاح) أي: ليس أحدهم ملتبسًا بسلاح فاسم ليس في نسخة "ليس سلاح" أي: لهم فخبرها محذوف، وقيل: الحاسر الذي لا درع له ولا مغفر (جمع) بالنصب بدل من (قومًا) ويجوز رفعه على أنه خبر مبتدإِ محذوف. (ما يكاد يسقط لهم سهم) أي: في الأرض من جودة رميهم، واسم (يكاد) ضمير شأن مستتر فيها والجملة خبرها أو اسمها: سهم و (يسقط لهم) خبرها.

98 - باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة

(فرشقوهم) أي: رموهم بالنبل. (ثم صف أصحابه) أي: الذين ثبتوا معه بعد هزيمة من انهزم؛ لكثرة العدو، ومرَّ بعض الحديث في الجهاد (¬1). 98 - بَابُ الدُّعَاءِ عَلَى المُشْرِكِينَ بِالهَزِيمَةِ وَالزَّلْزَلَةِ (باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة) أي: بيان الدعاء عليهم بهما عند الحرب. 2931 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ". [4111، 4533، 6396 - مسلم: 627 - فتح 6/ 105] (عيسى) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (هشام) أي: ابن حسان، وقيل: الدستوائي. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (عن عبيدة) أي: ابن عمرو السلماني. (يوم الأحزاب) أي: يوم وقعته. (بيوتهم) أي: بيوت الكفار أحياء. (وقبورهم) أي: أمواتا. وفي ذلك مطابقة الحديث للترجمة لأنَّ في إحراق ما ذكر غاية التزلزل. (شغلونا) أي: بقتالهم. (عن الصلاة) في نسخة: "عن صلاة". (حين) في نسخة: "حتى" (غابت الشمس) لا ينافي ذلك خبر مسلم: أن المشركين حبسوهم عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس أو اصفرت (¬2)؛ لأن ذلك معناه أن الحبس انتهى إلى وقت الحمرة أو ¬

_ (¬1) سبق برقم (2864) كتاب: الجهاد والسير، باب: من قاد دابة غيره في الحرب. (¬2) "صحيح مسلم" (628) كتاب: المساجد، باب: الدليل لمن قال: الصلاة الوسطي هي صلاة العصر.

الصفرة. وما هنا معناه: أن الصلاة لم تقع إلا بعد الغروب وإنما لم يصلوا صلاة الخوف؛ لأن ذلك كان قبل نزولها. 2932 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو فِي القُنُوتِ "اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ". [انظر: 804 - مسلم: 675 - فتح 6/ 105] (قبيصة) أي: ابن عقبة السوائي. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن ابن ذكوان) هو عبد الله. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (وطأتك) أي: أخذتك الشديدة. وفيه: مطابقة الحديث للترجمة؛ لأن الوطأة تشمل الهزيمة والزلزلة. (مضر) غير منصرف؛ للعلمية والتأنيث؛ لأنه علم للقبيلة. (سنين) بالنصب بـ (اشدد) أو اجعل مقدرا. 2933 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَحْزَابِ عَلَى المُشْرِكِينَ، فَقَال: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ". [2818، 2965، 3025، 4115، 6312، 7489 - مسلم: 1742 - فتح 6/ 106] (أحمد بن محمد) أي: ابن مردوية السمسار. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (اللهم منزل الكتاب) أي: يا الله يا منزل القرآن. (اللهم اهزمهم وزلزلهم) أي: فلا ثبتون عند اللقاء وخص الدعاء بما ذكر دون الإهلاك؛ لأن فيه سلامة نفوسهم، وقد يكون فيها رجاء إسلامهم بخلاف الإهلاك.

2934 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، فَقَال أَبُو جَهْلٍ: وَنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَنُحِرَتْ جَزُورٌ بِنَاحِيَةِ مَكَّةَ، فَأَرْسَلُوا فَجَاءُوا مِنْ سَلاهَا وَطَرَحُوهُ عَلَيْهِ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ، فَأَلْقَتْهُ عَنْهُ، فَقَال: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ" لِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ فِي قَلِيبِ بَدْرٍ قَتْلَى، قَال أَبُو إِسْحَاقَ وَنَسِيتُ السَّابِعَ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال يُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَقَال شُعْبَةُ: أُمَيَّةُ أَوْ أُبَيٌّ "وَالصَّحِيحُ أُمَيَّةُ". [انظر: 240 - مسلم: 1794 - فتح 6/ 106] (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي إسحاق) أي: عمرو السبعي. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (فقال أبو جهل) هو عمرو بن هشام فرعون هذه الأمة. (وناس من قريش) عطف على (أبو جهل). (ونحرت جزور بناحية مكة) جملة معترضة بين قول المذكورين ومقولهم المحذوف تقديره هاتوا من سلا الجذور التي نحرت الدال عليه المجئ بالسلا في قوله: (فأرسلوا) أي: إلى الجذور. (فجاؤوا) أي: بشيء. (من سلاها) بفتح المهملة وتخفيف اللام والقصر، أي: من جلدتها الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي. (وطرحوه) الطارح له عقبة بن أبي معيط (لأبي جهل). اللام للبيان كما في {هَيْتَ لَكَ} أو للتعليل أي: دعا أو قال لأجل أبي جهل ومن عطف عليه. (قال عبد الله) أي: ابن مسعود. (قليب بدر) القليب البئر قبل أن تطوى (ونسيت السابع) هو عمارة بن الوليد. (وقال يوسف بن إسحاق) في نسخة: "قال أبو عبد الله: قال يوسف بن أبي إسحاق" (عن أبي إسحاق) اسمه عمرو السبيعي. (أمية بن

خلف) أي: بدل قوله في الرواية أبي خلف. (وقال شعبة: أمية أو أبي) بالشك فيه. (والصحيح أمية) أي: لا أبي، لأن أبيا قتله النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده يوم أحد بعد بدر، ومرَّ الحديث في كتاب: الصلاة (¬1). 2935 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ اليَهُودَ، دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَلَعَنْتُهُمْ، فَقَال: "مَا لَكِ" قُلْتُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَال: "فَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ؟ ". (حماد) أي: ابن زيد. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله واسم أبي مليكة: زهير بن عبد الله بن جدعان. (السام) بتخفيف الميم، أي: الموت. (فلعنتهم) في نسخة: "ولعنتهم". (مالك) أي: أي شيء حصل لك حتى لعنتهم. (قلت) في نسخة: "قالت". (قال: فلم تسمعي ما قلت) أي: وهو (وعليكم) فرددت عليهم ما قالوا، فإن ما قلت يستجاب لي وما قالوا يرد عليهم. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: وعليكم. لأن معناه وعليكم السام، أي: الموت وهو دعاء من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد جاء في الحديث يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا (¬2). وإثبات الواو في (وعليكم) متضمن الدعاء علينا لأنها مشركة ومن ثم قيل: الصواب حذفها، أو هي زائدة وأجيب: بأن المعنئ: ونحن ندعوا عليكم بما دعوتم به علينا، وبأن الموت المفسر به السام مشترك بيننا وبينهم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (520) كتاب: الصلاة، باب: المرأة تطرح عن المصلى شيئًا من الأذى. (¬2) سيأتي برقم (6401) كتاب: الدعوات، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يستجاب لنا في اليهود ولا يستجاب لهم فينا".

99 - باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب، أو يعلمهم الكتاب؟

99 - بَابٌ: هَلْ يُرْشِدُ المُسْلِمُ أَهْلَ الكِتَابِ، أَوْ يُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ؟ (باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أوَ يعلمهم الكتاب) جواب (هل) محذوف، أي: نعم. 2936 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ وَقَال: "فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ". [2940 - فتح 6/ 107] (إسحاق) أي: ابن منصور المروزي. (ابن أخي ابن شهاب) هو محمد بن عبد الله. (عن عمه) هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. (فإن عليك إثم الأريسيين) أي: الفلاحين. والمعنى: عليك مع إثمك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون بانقيادك، ومرَّ شرح الحديث أوائل الكتاب (¬1). 100 - بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالهُدَى لِيَتَأَلَّفَهُمْ (باب: الدعاء للمشركين بالهدي ليتألفهم) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. 2937 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ، عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، قَال: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ". [4392، 6397 - مسلم: 2524 - فتح 6/ 107] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (أن عبد الرحمن) أي: ابن هرمز ¬

_ (¬1) سبق برقم (2940) كتاب: الجهاد والسير، باب: دعوة اليهود والنصارى.

101 - باب دعوة اليهود والنصارى

الأعرج. (إن دوسًا) بفتح المهملة: قبيلة أبي هريرة. (وأبت) أي: امتنعت من أن تسمع كلام طفيل. (فادع الله عليها) أي: بالهلاك. (فقيل: هلكت دوس) أي: قاربت الهلاك، بعصيانها وإبائها. (وائت بهم) أي: مهتدين إلى الإسلام وإنما دعا لهم، وقد طلب منه الدعاء عليهم؛ لكمال خلقه العظيم ورحمته على العالمين مع رجائه إسلامهم، وأما دعاؤه على بعضهم كما مر (¬1)؛ فلعدم رجائه إسلامهم وخشية ضررهم. 101 - بَابُ دَعْوَةِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعَلَى مَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ، وَمَا كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى، وَقَيْصَرَ، وَالدَّعْوَةِ قَبْلَ القِتَالِ. (باب: دعوة اليهودي والنصراني). أي: إلى الإسلام، وفي نسخة: "اليهود والنصارى". (وعلى ما يقاتلون عليه) بفتح الفوقية. (وما كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر، والدعوة) أي: إلى الإسلام (قبل القتال) باب بيان ذلك. 2938 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ، قِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إلا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا، "فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ". [انظر: 65 - مسلم: 2092 - فتح 6/ 108] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (إلى الروم) أي: إلى أهله. (لا يقرءون كتابًا إلا أن يكون مختومًا) أي: كراهية أن يقرأه غيرهم. (في يده) أي: في خنصر يده اليمنى كما في ¬

_ (¬1) سبق برقم (2934) كتاب: الصلح، باب: الدعاء على المشركين.

102 - باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام والنبوة، وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله وقوله تعالى: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب}

الترمذي (¬1)، أو اليسرى كما في مسلم (¬2). (ونقش فيه محمد رسول الله) أي: ثلاثة أسطر محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر. 2939 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ، يَدْفَعُهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى حَرَّقَهُ، - فَحَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ قَال -: فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ". [انظر: 64 - فتح 6/ 108] (عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (إلى عظيم البحرين) هو المنذر بن ساوة بفتح المهملة والواو وكان من تحت يد كسرى (خرَّقه) بمعجمة فراء مشددة، وفي رواية تقدمت في كتاب العلم: مزقه (فحسبت) إلى آخره مقول ابن شهاب، ومر شرح الحديثين في العلم في باب: ما يذكر في المناولة (¬3). 102 - بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ وَالنُّبُوَّةِ، وَأَنْ لَا يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَقَوْلِهِ تَعَالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الكِتَابَ} [آل عمران: 79] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. (باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: "الناس" كما في نسخة إلى الإسلام. (والنبوة) أي: وإلى الاعتراف بالنبوة. (وأن لا يتخذ بعضهم بعضًا أربابًا ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (1741) كتاب: اللباس، باب: ما جاء في لبس الخاتم في اليمين. (¬2) "صحيح مسلم" (2095) كتاب: اللباس والزينة، باب: في لبس الخاتم في الخنصر. (¬3) سبق برقم (64، 65) كتاب العلم، باب: ما يذكر في المناولة.

من دون الله) (وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ} [آل عمران: 79] زاد في نسخة: (الكتاب إلى آخر الآية) لفظ إلى آخر ساقط من نسخة. 2940 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ مَعَ دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ، مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ شُكْرًا لِمَا أَبْلاهُ اللَّهُ، فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال حِينَ قَرَأَهُ: التَمِسُوا لِي هَا هُنَا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ، لِأَسْأَلَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2936 - فتح 6/ 109] (مع دحية) بفتح الدال المهملة وكسرها. (إلى إيلياء) بكسر الهمزة واللام وبالمد: بيت المقدس (¬1). (شكرًا لما أبلاه الله) أي: أنعم عليه بدفع جنود فارس عنه بعد أن ملكوا الشام وما والاها واضطروه حتى ألجأوه إلى القسطنطينية وحاصروه فيها مدة طويلة (لأسألهم عن رسول الله) أي: عن أحواله وصفاته. 2941 - قَال ابْنُ عَبَّاسٍ، فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّأْمِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدِمُوا تِجَارًا فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَال أَبُو سُفْيَانَ، فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّأْمِ، فَانْطُلِقَ بِي وَبِأَصْحَابِي، حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ، فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ، وَعَلَيْهِ التَّاجُ، وَإِذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، فَقَال لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ ¬

_ (¬1) إيلياء: اسم مدينة بيت المقدس، وسميت باسم بانيها وهو إيلياء بن إرم بن سام بن نوح، انظر: "معجم البلدان" 1/ 293.

أَنَّهُ نَبِيٌّ، قَال أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ نَسَبًا، قَال: مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ؟ فَقُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي، وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِي، فَقَال قَيْصَرُ: أَدْنُوهُ، وَأَمَرَ بِأَصْحَابِي، فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي عِنْدَ كَتِفِي، ثُمَّ قَال لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا الرَّجُلَ عَنِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ، قَال أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ لَوْلَا الحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ، مِنْ أَنْ يَأْثُرَ أَصْحَابِي عَنِّي الكَذِبَ، لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي عَنْهُ، وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثُرُوا الكَذِبَ عَنِّي، فَصَدَقْتُهُ، ثُمَّ قَال لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَال: فَهَلْ قَال هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا، فَقَال: كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ عَلَى الكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَال؟ قُلْتُ: لَا، قَال: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لَا، قَال: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَال: فَيَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ، قَال: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَال: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ الآنَ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ، نَحْنُ نَخَافُ أَنْ يَغْدِرَ، - قَال أَبُو سُفْيَانَ: وَلَمْ يُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أَنْتَقِصُهُ بِهِ، لَا أَخَافُ أَنْ تُؤْثَرَ عَنِّي غَيْرُهَا -، قَال: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ أَوْ قَاتَلَكُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: فَكَيْفَ كَانَتْ حَرْبُهُ وَحَرْبُكُمْ؟ قُلْتُ: كَانَتْ دُوَلًا وَسِجَالًا، يُدَالُ عَلَيْنَا المَرَّةَ، وَنُدَالُ عَلَيْهِ الأُخْرَى، قَال: فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ؟ قَال: يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالعَفَافِ، وَالوَفَاءِ بِالعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، فَقَال لِتَرْجُمَانِهِ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ لَهُ: قُلْ لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَال أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَال هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، قُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَمُّ بِقَوْلٍ قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَال، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ، قُلْتُ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟

فَزَعَمْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تَخْلِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ، لَا يَسْخَطُهُ أَحَدٌ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا يَغْدِرُونَ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ تَكُونُ دُوَلًا، وَيُدَالُ عَلَيْكُمُ المَرَّةَ وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الأُخْرَى، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى وَتَكُونُ لَهَا العَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ: بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالعَفَافِ، وَالوَفَاءِ بِالعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، قَال: وَهَذِهِ صِفَةُ النَّبِيِّ، قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، وَإِنْ يَكُ مَا قُلْتَ حَقًّا، فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ إِلَيْهِ، لَتَجَشَّمْتُ لُقِيَّهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ، قَال أَبُو سُفْيَانَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُرِئَ، فَإِذَا فِيهِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ، فَعَلَيْكَ إِثْمُ الأَرِيسِيِّينَ وَ: {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، أَلَّا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَإِنْ تَوَلَّوْا، فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] "، قَال أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا أَنْ قَضَى مَقَالتَهُ، عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ، فَلَا أَدْرِي مَاذَا قَالُوا، وَأُمِرَ بِنَا، فَأُخْرِجْنَا، فَلَمَّا أَنْ خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِي، وَخَلَوْتُ بِهِمْ قُلْتُ لَهُمْ: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، هَذَا مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ يَخَافُهُ، قَال أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلًا مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ، حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ قَلْبِي الإِسْلامَ وَأَنَا كَارِهٌ. [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح 6/ 109] (فأخبرني أبو سيفيان) أي: "ابن حرب" كما في نسخة. (تجارًا)

بكسر الفوقية وتخفيف الجيم وبالضم والتشديد. (فوجدنا رسول قيصر) برفع (رسول) فاعل لوجد. (فأدخلنا) بفتح الهمزة والمعجمة واللام مبنيًّا للفاعل وبه ضمير مستتر يعود إلى رسول قيصر، وضبطه بعضهم بالبناء للمفعول ولا حاجة إليه. (فقال لترجمانه) بفتح الفوقية أكثر من ضمها وبضم الجيم. (هو ابن عمي) أي: لأنه من بني عبد مناف وهو الأب الرابع للنبي ولأبي سفيان، فهو ابن عم جد أبيه؛ لأن أباه حرب بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف، وفي نسخة: "ابن عم" بالتنوين وحذف الياء. (ادنوه) بفتح الهمزة أي: قربوه مني. (فجُعلوا خلف ظهري عند كتفي) أي: لئلا يستحوا أن يواجهوني بالكذب إن كذبت. (أن يأثر أصحابي) بمثلثة مضمومة، أي: يرووا ويحكوا. (فصدقته) بتخفيف الدال. (كنتم) أي: هل كنتم؟ (على الكذب) عبر هنا بـ (على)، وفي أول الكتاب بالباء. (من ملك) من: حرف جر فميمه مكسورة. و (ملك) بكسر اللام صفة مشبهة. وفي نسخة: بفتح ميم "من" فهي موصولة، (وملك) بفتح اللام فعل ماض. (يدال علينا المرة ويدال عليه الأخرى) ببناء الفعلين للمفعول، أي: يغلبنا مرة ونغلبه أخرى. (فماذا يأمركم؟) أي: "به" كما في نسخة. (لا نشرك) في نسخة: "ولا يشرك". (يأتم) أي: يقتدي. (تخلط) بكسر (للام. (ويدال) في نسخة: "يدال" بحذف الواو. (لها) أي: للرسل. وفي نسخة: "له" أي: للمبتلى منهم. (والصدقة) في نسخة: بدله "والصدق". (صفة النبي) في نسخة: "صفة نبي". (لم أظن) في نسخة: لم أعلم. (فيوشك) بكسر المعجمة، أي: يسرع. (أخلص إليه) بضم اللام، أي: أصل إليه. (لتجشمت) بجيم ومعجمة مشددة، أي: لتكلفت (لقيه) في نسخة "لقاءه" (بداعية)

الإسلام) مصدر بمعنى: الدعوة كالعافية وفي رواية: "بدعاية الإسلام" (¬1) أي: بدعوته: وهي كلمة الشهادة. (يؤتك الله أجرك مرتين) أي: من جهة إيمانه بنبيه ثم بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -. (ويا أهل الكتاب) عطف على داعية الإسلام أي: أدعوك بداعية الإسلام وبقوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} (لغطهم) أي: صياحهم. (لقد أمر) أي: كبر وعظم، ومرَّ شرح الحديث مستوفى أول الكتاب (¬2). 2942 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: يَوْمَ خَيْبَرَ: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ"، فَقَامُوا يَرْجُونَ لِذَلِكَ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا وَكُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَى، فَقَال: "أَيْنَ عَلِيٌّ؟ "، فَقِيلَ: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَأَمَرَ، فَدُعِيَ لَهُ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، فَبَرَأَ مَكَانَهُ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ شَيْءٌ، فَقَال: نُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَال: "عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ". [3009، 3701، 4310 - مسلم: 2406 - فتح: 6/ 111] (فدعي) بالبناء للمفعول، أي: علي - رضي الله عنه -. (له) أي: للنبي - صلى الله عليه وسلم -. (على رسلك) بكسر الراء، أي: هينتك. (يهدى) بالبناء للمفعول. (خير لك) أي: أجرًا وثوابًا من (حمر النعم) المراد: الإبل، وحمرها: أعزها وأحسنها، أي: خير لك من أن تكون لك فتتصدق بها. 2943 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَ مَا يُصْبِحُ، ¬

_ (¬1) سبقت هذه الرواية برقم (7) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي. (¬2) سبق برقم (7) كتاب: بدء الوحي.

فَنَزَلْنَا خَيْبَرَ لَيْلًا" .. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 6/ 111] (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري. (عن حميد) أي: الطويل. (لم يغر) بتحتية مضمومة فمعجمة مكسورة من الإغارة. (أمسك) أي: عن قتالهم. 2944 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 6/ 111] (قتيبة) أي: ابن سعيد. 2945 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهَا لَيْلًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمًا بِلَيْلٍ لَا يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 6/ 111] (حدثَنا عبد الله) في نسخة: "وحدَّثَنا عبد الله" بواو. (ومكاتلهم) أي: قففهم لزرعهم. (خربت خيبر) قاله بوحي، أو تفاؤلًا لما رأى معهم من آلة الهدم. 2946 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَمَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالهُ، إلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ. [مسلم: 21 - فتح 6/ 111] رَوَاهُ عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [1399، 25] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (حدثَنا سعيد) في نسخة: "حدَّثَني سعيد". (الناس) أي: المشركين من غير أهل الكتاب. (حتى يقولوا لا إله إلا الله) أي: مع أختها: وهي

103 - باب من أراد غزوة فورى بغيرها، ومن أحب الخروج يوم الخميس

محمد رسول الله. (رواه عمر وابن عمر) أي: رويا مثل حديث أبي هريرة. أما رواية عمر فسبقت في الزكاة (¬1)، وأما رواية ابنه فسبقت في الإيمان (¬2). 103 - بَابُ مَنْ أَرَادَ غَزْوَةً فَوَرَّى بِغَيْرِهَا، وَمَنْ أَحَبَّ الخُرُوجَ يَوْمَ الخَمِيسِ (باب: من أراد غزوة فورى) بتشديد الراء، أي: سترها وكني عنها. (بغيرها) بأن أوهم أنه يريد غيرها، لئلا يتيقظ العدو فيستعد للدفع. والتورية: أن يطلق لفظًا هو ظاهر في معنى ويريد به معنى آخر يتناوله ذلك اللفظ، ولكنه خلاف ظاهره وعطف على (من أراد) قوله: (ومن أحب الخروج) أي: إلى السفر يوم الخميس، أي: بيان ذلك. 2947 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ: قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ "حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَةً إلا وَرَّى بِغَيْرِهَا". [انظر: 2757 - مسلم: 716، 2769 فتح 6/ 112] (حدثَنا الليث) في نسخة: "حدَّثَني الليث". (عن عقيل) بضم العين، أي: ابن خالد الأيلى. (وكان) أي: عبد الله. (قائد كعب من بنيه) هم عبد الله هذا، وعبيد الله، وعبد الرحمن. (حين تخلف) أي: عن غزوة تبوك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1399) كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة. (¬2) سبق برقم (25) كتاب: الإيمان، باب: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} [التوبة: 5].

104 - باب الخروج بعد الظهر

2948 - وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إلا وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ". [انظر: 2757 فتح 6/ 113] 2949 - وَعَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ يَقُولُ: "لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ، إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ إلا يَوْمَ الخَمِيسِ". [انظر: 2757 - فتح 6/ 113] (أحمد بن محمد) أي: ابن موسى المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. (مفازا) هو البرية التي بين المدينة وتبوك سميت مفازًا تفاؤلًا بالفوز وإلا فهي مهلكة. (فجلى) بتشديد اللام وتخفيفها أي: أظهر. (أمرهم) أي: الأعداء جمع عدو، وفي نسخة: "أمره" أي: العدو بوجهه الذي يريد، أي: بجهته التي يريدها وهي جهة تبوك. 2950 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الخَمِيسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الخَمِيسِ". [انظر: 2757 - مسلم: 716، 2769 - فتح 6/ 113] (حدَّثَني عبد الله) في نسخة: "حدَّثَنا عبد الله". (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني (معمر) أي ابن راشد. 104 - بَابُ الخُرُوجِ بَعْدَ الظُّهْرِ (باب: الخروج) أي: إلى السفر (بعد الظهر) أي: بيان ذلك.

105 - باب الخروج آخر الشهر

2951 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا". [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح 6/ 114] (حماد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي. (يصرخون) بضم الراء وفتحها أي: يلبون برفع الصوت. (بهما) أي: بالحج والعمرة، ومرَّ الحديث في كتاب: الحج، في باب: رفع الصوت بالإهلال (¬1). 105 - بَابُ الخُرُوجِ آخِرَ الشَّهْرِ وَقَال كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، وَقَدِمَ مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ". (باب: الخروج) أي: إلى السفر (آخر الشهر) أي: بيان جوازه بلا كراهة. (انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة) أي: في حجة الوداع. الخمس) إلى آخره استشكل ذلك بأن سفره إن كان يوم السبت فيبقى أربع من ذي القعدة؛ لأنَّ الخميس كان أول ذي الحجة، وإن كان يوم الخميس فالباقي ست. ولم يكن خروجه يوم الجمعة؛ لقول أنس صلى الظهر بالمدينة أربعًا. وأجيب بأن الخروج يوم السبت. 2952 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1548) كتاب: الحج، باب: رفع الصوت بالإهلال.

106 - باب الخروج في رمضان

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، وَلَا نُرَى إلا الحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا، وَالمَرْوَةِ، أَنْ يَحِلَّ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَال: "نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ"، قَال يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الحَدِيثَ لِلقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَال: أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح 6/ 114] وقولها (لخمس بقين) أي: في أذهانهم حالة الخروج بتقدير تمامه فاتفق إن كان الشهر ناقصًا فأخبرت بما كان في الأذهان يوم الخروج؛ لأن الأصل التمام وقوله: (القعدة) بفتح القاف وكسرها. وسمي به؛ لأنهم كانوا يقعدون فيه عن القتال. (فدخل) بالبناء للمفعول. (أتتك) أي: عمرة. ومرَّ الحديث في كتاب: الحج، في باب: ذبح الرجل البقر عن نسائه (¬1). 106 - بَابُ الخُرُوجِ فِي رَمَضَانَ (باب: الخروج في رمضان) أي: بيان جواز الخروج فيه؛ للغزو بلا كراهة. 2953 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ أَفْطَرَ"، قَال سُفْيَانُ: قَال الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَاقَ الحَدِيثَ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "هَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَإِنَّمَا يُقَالُ بِالْآخِرِ، مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1944 - مسلم: 1113 - فتح 6/ 115] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1709) كتاب الحج، باب: ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن.

107 - باب التوديع

(علي بن عبيد الله) (¬1) أي: ابن عبد الله بن عتبة ابن مسعود. (خرج النبي) أي: إلى مكة في غزوة. (الكديد) بفتح الكاف وكسر المهملة: موضع على نحو ميلين من مكة، ومرَّ الحديث في كتاب: الصوم، في باب: من صام [أيامًا] (¬2) من رمضان ثم سافر (¬3). (قال سفيان) أي: ابن عيينة. (عبيد الله) أي: ابن عبد الله السابق آنفًا. (وساق الحديث) زاد في نسخة: "قال أبو عبد الله" هذا قول الزهري، وإنما يؤخذ بالآخر من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إشارة إلى احتمال أن الزهري لا يبيح الإفطار بطروء السفر في رمضان، فقال البخاري: إنما يؤخذ من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه ناسخ للأول، وقد أفطر عند الكديد، ففيه: أن الفطر في السفر أفضل؛ لأنه إنما يفعل في المخير فيه الأفضل. 107 - بَابُ التَّوْدِيعِ (باب: التوديع) أي: بيان مشروعيته عند السفر من المسافر للمقيم، ومن المقيم للمسافر. 2954 - وَقَال ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْثٍ وَقَال لَنَا: "إِنْ لَقِيتُمْ فُلانًا وَفُلانًا - لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا - فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ" قَال: ثُمَّ أَتَيْنَاهُ نُوَدِّعُهُ حِينَ أَرَدْنَا الخُرُوجَ، فَقَال: "إِنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحَرِّقُوا فُلانًا وَفُلانًا بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إلا اللَّهُ، فَإِنْ أَخَذْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا". [3016 - فتح 6/ 115] ¬

_ (¬1) كذا في (ب)، (س) والصواب: أنه أراد تعريف (عبيد الله) لا على أنه علي بن عبد الله المديني. (¬2) من (س). (¬3) سبق برقم (1944) كتاب: الصوم، باب: إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر.

108 - باب السمع والطاعة للإمام

(وقال) في نسخة: "قال" بحذف الواو. (ابن وهب) هو عبد الله. (عمرو) أي: ابن الحارث. (عن بكير) أي: ابن عبد الله بن الأشجع. (في بعث) أي: جيش. (وقال لنا) في نسخة: "فقال لنا" بفاء الرجلين) في نسخة: "للرجلين" واسمهما: هبار بن الأسود، ونافع بن عبد عمرو، أو هبار وخالد بن عبد قيس، أو هبار ونافع بن قيس بن لقيط الفهري. (ثم أتيناه نودعه حين أردنا الخروج) فيه: توديع المسافر للمقيم منطوقًا، وتوديع المقيم للمسافر مفهومًا أولويًّا وهو أكثر وقوعًا. (وإن النار لا يعذب بها إلا الله) خبر بمعنى النهي ولا ينافيه سمل أعين العرنيين بالحديد المحمي بالنار؛ لأن ذلك كان قصاصًا. 108 - بَابُ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلْإِمَامِ (باب: السمع والطاعة للإمام) زاد في نسخة: "ما لم يأمر بمعصية". 2955 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ". [7144 - مسلم: 1839 - فتح 6/ 115] (مسدد أي: مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر بن حفص العمري. (وحدثني محمد) في نسخة: "وحدثَنا محمد" وفي

109 - باب يقاتل من وراء الإمام ويتقى به

أخرى: " ح وحدَّثَني محمد". (السمع والطاعة) أي: لأوامر أولي الأمر. (حق) أي: واجب (بمعصية) في نسخة: (بالمعصية). 109 - بَابُ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَاءِ الإِمَامِ وَيُتَّقَى بِهِ (باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقي به) أي: شر العدو، والمراد بورائه: خلفه وأمامه، لأنه من الأضداد. 2956 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ الأَعْرَجَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ". [انظر: 238 - مسلم: 855 - فتح 6/ 116] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (أن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (نحن الآخرون) أي: في الدنيا. (السابقون) أي: في الآخرة، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الطهارة والجمعة (¬1). 2957 - وَبِهَذَا الإِسْنَادِ: "مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي، وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ، فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا وَإِنْ قَال بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ". [7137 - مسلم: 1835، 1841 فتح 6/ 116] (جنة) بضم الجيم أي: كالترس. (وإن قال بغيره) أي: أمر بغير ¬

_ (¬1) سبق برقم (238) كتاب: الوضوء، باب: البول في الماء الدائم وبرقم (876) كتاب: الجمعة، باب: فرض الجمعة.

110 - باب البيعة في الحرب أن لا يفروا

تقوى الله فإن عليه منه أي: وزرًا كما في رواية (¬1)، ومن تبعيضية. 110 - بَابُ البَيْعَةِ فِي الحَرْبِ أَنْ لَا يَفِرُّوا وَقَال بَعْضُهُمْ: عَلَى المَوْتِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]. (باب: البيعة في الحرب أن لا يفروا) في نسخة: "على أن لا يفروا". (وقال بعضهم: على الموت) أي: على أن لا يفروا، ولو ماتوا فلا منافاة بين القولين، وقوله: (لقول الله تعالى) إلى آخره يصح الاستدلال به للقولين المذكورين؛ لصدقه بكل منهما، وإن أخبر سلمة ابن الأكوع وهو ممن بايع تحت الشجرة أنه بايع على الموت على أن جابرًا وغيره أخبروا أنهم بايعوه - صلى الله عليه وسلم - على أن لا يفروا ولم يبايعوه على الموت. وفي نسخة بدل (تعالى): "عزَّ وجلَّ". 2958 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: قَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "رَجَعْنَا مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي بَايَعْنَا تَحْتَهَا، كَانَتْ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ"، فَسَأَلْتُ نَافِعًا: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعَهُمْ، عَلَى المَوْتِ؟ قَال: "لَا، بَلْ بَايَعَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ". [فتح 6/ 117] (جويرية) أي: ابن أسماء الضبعي. (رجعنا) أي: إلى الحديبية. (من العام المقبل) أي: الذي بعد صلحها. (فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها) أي: ما وافق منَّا رجلان على هذه الشجرة أنها هي التي وقعت المبايعة تحتها، ¬

_ (¬1) رواها النسائي 7/ 155 كتاب: البيعة، باب: ذكر ما يجب للإمام وما يجب عليه.

بل خفي مكانها أو اشتبهت عليهم؛ لئلا يحصل بها افتتان لما وقع تحتها من الخير، فلو بقيت ظاهرة لخيف تعظيم الجهال إياها وعبادتهم لها فكان خفاؤها رحمة لنا منه تعالى. (فسألت) في نسخة: "فسألنا". (على الموت؟) أي: أبايعهم على الموت؟ بتقدير همزة الاستفهام، والعامل في على الموت (لا بايعهم) في نسخة: "لا بل بايعهم" (على الصبر) أي: على الثبات وعدم الفرار. 2959 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمَّا كَانَ زَمَنُ الحَرَّةِ أَتَاهُ آتٍ فَقَال لَهُ: إِنَّ ابْنَ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى المَوْتِ، فَقَال: لَا أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [4167 - مسلم: 1861 - فتح 6/ 117] (ابن إسماعيل) ساقط من نسخة: (وهيب) أي: ابن خالد. (زمن الحرة) أي: زمن الواقعة التي وقعت في حرة المدينة بين يزيد بن معاوية وأهلها. (إن ابن حنظلة) هو عبد الله بن حنظلة الغسيل، كان يأخذ البيعة لأهل المدينة على يزيد. (فقال لا أبايع) أي: عبد الله بن زيد. و (قال) إلا آخره. فرق بأنه - صلى الله عليه وسلم - يستحق لكل مسلم أن يفديه بنفسه. 2960 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَال: "يَا ابْنَ الأَكْوَعِ أَلا تُبَايِعُ؟ " قَال: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "وَأَيْضًا" فَبَايَعْتُهُ الثَّانِيَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قَال: عَلَى المَوْتِ. [4169، 7206، 7208 - مسلم: 1860 فتح 6/ 117] (عن سلمة) أي: ابن الأكوع. (ظل الشجرة) في نسخة: "ظل شجرة". (قال: وأيضًا) أي: وبايع

أيضًا. (فبايعته الثانية) إنما بايعه النبي ثانيًا؛ لأنه كان شجاعًا بذَّالًا لنفسه فأكد عليه العقد [احتياطًا] (¬1)؛ حتى يكون بذله لنفسه عن رضي متأكد. (يا أبا مسلم) هو كنية سلمة. 2961 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الخَنْدَقِ تَقُولُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا فَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ، وَالمُهَاجِرَهْ [انظر: 2834 - مسلم: 1805 فتح 6/ 117] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن حميد) أي: الطويل. (نحن الذين) في نسخة: "نحن الذي". على حد قوله تعالى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69] (على الجهاد ما حيينا أبدًا) فيه المطابقة للترجمة؛ لأن معناه مؤول إلى أنهم لا يفرون عنه في الحرب أصلًا. (فأجابهم) زاد في نسخة "النبي - صلى الله عليه وسلم -". 2962، 2963 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُجَاشِعٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَخِي، فَقُلْتُ: بَايِعْنَا عَلَى الهِجْرَةِ، فَقَال: "مَضَتِ الهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا"، فَقُلْتُ: عَلامَ تُبَايِعُنَا؟ قَال: "عَلَى الإِسْلامِ وَالجِهَادِ". [3078، 4305، 4307 - فتح 6/ 117]، [3079، 4306، 4308 - مسلم: 1863 - فتح 6/ 117] (عن عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن النهدي. (عن مجاشع) أي: ابن مسعود السلمي. (وأخي) اسمه مجالد. ¬

_ (¬1) من (س).

111 - باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون

(مضت الهجرة) أي: حكمها. (لأهلها) أي: الذين هاجروا قبل الفتح فلا هجرة بعده، ولكن جهاد ونية. (فقلت) في نسخة: "قلت". (علام) في نسخة: "علي ما" بإثبات الألف على لغة قليلة. 111 - بَابُ عَزْمِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ فِيمَا يُطِيقُونَ (باب: عزم الإمام على الناس فيما يطيقون) أي: وجوب طاعة الإمام عليهم محله فيما يطيقونه. 2964 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَقَدْ أَتَانِي اليَوْمَ رَجُلٌ، فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَال: أَرَأَيْتَ رَجُلًا مُؤْدِيًا نَشِيطًا، يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِي المَغَازِي، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِي أَشْيَاءَ لَا نُحْصِيهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ، إلا أَنَّا "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَسَى أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إلا مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَال بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ، وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ سَأَلَ رَجُلًا، فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لَا تَجِدُوهُ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إلا هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إلا كَالثَّغْبِ شُرِبَ، صَفْوُهُ وَبَقِيَ كَدَرُهُ". [فتح 6/ 119] (عثمان بن أبي شيبة) نسبة إلا جده، وإلا فهو عثمان بن محمد ابن أبي شيبة، واسمه: إبراهيم. (جرير) أي: ابن عبد الحميد الرازي. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي وائل) هو شقيق ابن سلمة. (عبد الله) أي: ابن مسعود. (رجل) لم يعرف اسمه. (ما دريت) بفتح المهملة والراء. (أرأيت رجلًا) أي: أخبرني، ففيه إطلاق الرؤية وإرادة الإخبار، وإطلاق الاستفهام وإرادة الأمر كأنه قال: أخبرني عن أمر هذا الرجل أيلزمه مطاوعة الأمير أم لا؟ (نشيطًا) من النشاط، وهو ما ينشط إليه ويؤثر فعله.

(مؤديًا) بضم الميم وسكون الهمزة وإهمال الدال، أي: قويًّا أو ذا أداة للحرب، فهو من أودى الرجل إذا قوي وصار ذا أداة للحرب، ولا يجوز حذف همزته؛ لئلا يصير من أودى إذا هلك. (مع أمرائنا) فيه التفات، وإلا فالقياس مع أمرائه؛ ليوافق رجلًا. (فيعزم) أي: يشدد. إلا نحصيها) أي: لا نطيقها. وفي نسخة: "لا نحسبها" أي: لا نعرف أنها طاعة أو معصية. (فقلت) أي: قال ابن مسعود. (فقلت له) أي: للرجل. (والله ما أدري ما أقول لك) توقف في الجواب، وسبب توقفه أنه تعارض عنده وجوب طاعة الإمام على من عينه لأمرهم كالجهاد. والإفتاء بعدم وجوبها لمن استفتى على الإمام ممن عينه مدعيًا أنه كلفه ما لا طاقة له به تشهيًا، لكن الظاهر أنه بعد توقفه أفتاه بوجوب الطاعة بشرط أن يكون المأمور به جائزًا، كما يشير إليه قوله (إلا أنا كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعسى أن لا يعزم علينا في أمر إلا مرة) إذ لولا صحة الاستثناء لما أوجب الرسول عليهم الخروج إلى الجهاد. (حتى نفعله) غاية لقوله (لا يعزم) أو للعزم الذي يتعلق به المستثنى وهو مرة. (وإذا شك) أي: حاك. (في نفسه شيء) أي: مما تردد فيه أنه جائز أم غير جائز أو لا (رجلًا) أي: عالمًا. (فشفاه منه) أي: أزال مرض تردده عنه بإجابته له بالحق. فمن تقوى الله أن لا يقدم المرء على ما يشك فيه، حتى يسأل عنه من عنده علم، ليدله على ما فيه الشفاء. (وأوشك) بفتح الهمزة، أي: كاد (أن لا تجدوه) أي: في الدنيا؛ لفقدهم من يفتي بالحق، ويشفي القلوب من الشبه والشكوك. (ما غبر) بفتح المعجمة والموحدة، أي: ما بقي وإن كان الغبور مشتركًا بين البقاء والمضي. قاله الكرماني (¬1) وغيره، وقال ابن الجوزي ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 201.

112 - باب: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس

هو بالماضي هنا أشبه؛ لقوله (ما اذكر). (كالثغب) بفتح المثلثة وسكون المعجمة وفتحها: الماء المستنقع في الموضع المطمئن (شرب صفوة وبقي كدره) شبه ما بقي من الدنيا بما بقي من الغدير ذهب صفوه وبقي كدره. 112 - بَابٌ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ القِتَال حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ (باب: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقاتل أول النهار أخَّر القتال حتى تزول الشمس) أي: باب في ذكر ذلك. 2965 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ، قَال: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَرَأْتُهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا، انْتَظَرَ حَتَّى مَالتِ الشَّمْسُ. [انظر: 2818 - مسلم: 1742 - فتح 6/ 120] (وكان) أي: سالم. (كاتبًا له) أي: لعمر بن عبيد الله، وبذلك صرح في باب: لا تتمنوا لقاء العدو (¬1). (كتب إليه) أي: إلى عمر بن عبيد. (أن رسول الله) بفتح الهمزة وكسرها. (في بعض أيامه) أي: الواقعة في غزواته. (التي لقي فيها) أي العدو. 2966 - ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا قَال: "أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ ¬

_ (¬1) سيأتي رقم (3024) كتاب الجهاد، باب: لا تمنوا لقاء العدو.

113 - باب استئذان الرجل الإمام

السُّيُوفِ"، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ". [انظر: 2818، 2933 - مسلم: 1742 فتح 6/ 120] (واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) أي: الجنة للمجاهد؛ لأنه تحت ظلال السيوف، أو الجهاد سبب الجنة. قاله الكرماني (¬1). (اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب) بنصب الثلاثة بحرف النداء مقدرًا، وأشار بالأول إلى نعمة الدين بإنزال الكتب. وبالثاني إلى نعمة الدنيا، وحياة النفوس بإجراء السحاب الذي جعل سببًا في نزول الغيث والأرزاق. وبالثالث إلى حفظ النعمتين، فكأنه قال: اللهم يا منعمًا بعظيم نعمتيك الأخروية والدنيوية وبحفظهما أبقهما، كما أشار إليه بقوله: (اهزمهم وانصرنا عليهم) إذ في ذلك إبقاء التعظيم والحفظ. ومر الحديث في باب: الصبر عند القتال، وفي باب: الجنة تحت بارقة السيوف (¬2). 113 - بَابُ اسْتِئْذَانِ الرَّجُلِ الإِمَامَ لِقَوْلِهِ: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ} [النور: 62] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. (باب: استئذان الرجل الإمام) أي: في الرجوع أو التقدم أو التخلف عن الخروج في الغزو. لقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ} أي: ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" (12/ 203). (¬2) سبق برقم (2818) كتاب: الجهاد والسير، باب: الجنة تحت بارقة السيوف. و (2833) كتاب: الجهاد والسير، باب: الصبر عند القتال.

الكاملون في الإيمان ({وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ} أي: لتدبير أمر الجهاد وغيره. ({إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ}) إلى آخر الآية) في نسخة: "إلى {أَمْرٍ جَامِعٍ} الآية" وفي أخرى: "إلى قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. 2967 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ المُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَتَلاحَقَ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا عَلَى نَاضِحٍ لَنَا، قَدْ أَعْيَا فَلَا يَكَادُ يَسِيرُ، فَقَال لِي: "مَا لِبَعِيرِكَ؟ "، قَال: قُلْتُ: عَيِيَ، قَال: فَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَزَجَرَهُ، وَدَعَا لَهُ، فَمَا زَال بَيْنَ يَدَيِ الإِبِلِ قُدَّامَهَا يَسِيرُ، فَقَال لِي: "كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ؟ "، قَال: قُلْتُ: بِخَيْرٍ، قَدْ أَصَابَتْهُ بَرَكَتُكَ، قَال: "أَفَتَبِيعُنِيهِ؟ " قَال: فَاسْتَحْيَيْتُ وَلَمْ يَكُنْ لَنَا نَاضِحٌ غَيْرُهُ، قَال: فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَال: فَبِعْنِيهِ، فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ عَلَى أَنَّ لِي فَقَارَ ظَهْرهِ، حَتَّى أَبْلُغَ المَدِينَةَ قَال: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي عَرُوسٌ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ، فَأَذِنَ لِي، فَتَقَدَّمْتُ النَّاسَ إِلَى المَدِينَةِ حَتَّى أَتَيْتُ المَدِينَةَ، فَلَقِيَنِي خَالِي، فَسَأَلَنِي عَنِ البَعِيرِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ فِيهِ، فَلامَنِي قَال: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لِي حِينَ اسْتَأْذَنْتُهُ: "هَلْ تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ "، فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا، فَقَال: "هَلَّا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُوُفِّيَ وَالِدِي أَو اسْتُشْهِدَ وَلِي أَخَوَاتٌ صِغَارٌ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ مِثْلَهُنَّ، فَلَا تُؤَدِّبُهُنَّ، وَلَا تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا لِتَقُومَ عَلَيْهِنَّ وَتُؤَدِّبَهُنَّ، قَال: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ غَدَوْتُ عَلَيْهِ بِالْبَعِيرِ، فَأَعْطَانِي ثَمَنَهُ وَرَدَّهُ عَلَيَّ قَال المُغِيرَةُ هَذَا فِي قَضَائِنَا حَسَنٌ لَا نَرَى بِهِ بَأْسًا. [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح 6/ 121] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن المغيرة) أي: ابن مقسم. (عن

114 - باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه

الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (غزوت مع رسول الله) في غزوة تبوك أو ذات الرقاع أو الفتح (¬1). (على ناضح) أي: بعير يسقي عليه. (قلت: عمي) في نسخة: "قلت أعيا" (أفتبعنيه) في نسخة: "أفتبيعه". (على أن لي فقار ظهره) أي: على أن لي الركوب عليه، وفقار الظهر: خرزات أي عظامه: وهي مفاصل عظامه. (بما صنعت فيه) في نسخة: "بما صنعت به". (فقال: هل لا) في نسخة: "قال فهل لا". (فلا تؤدبهن ولا تقوم) بالرفع فيهما، وفي نسخة: بالنصب عطفًا على (التزوج). (قال المغيرة هذا) أي: البيع بمثل هذا الشرط. (في قضائنا) أي: حكمنا. ومر شرح الحديث في باب الشروط (¬2). 114 - بَابُ مَنْ غَزَا وَهُوَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسِهِ فِيهِ جَابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 443 - فتح 6/ 122] (باب: من غزا وهو حديث عهد بعرسه) في نسخة: "بعرس" بضم العين فيهما أي: بزمن عرسه، وفي نسخة: "بعرسه" بكسر العين، أي: بزوجته. (فيه جابر) أي: في الباب حديث جابر السابق آنفًا. 115 - بَابُ مَنِ اخْتَارَ الغَزْوَ بَعْدَ البِنَاءِ فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [3167 - فتح 6/ 122] ¬

_ (¬1) تبوك: موضع بين وادي القرى والشام، وهي بين الحجر وأول الشام على أربعة مراحل من الحجر نحو نصف طريق الشام، وهو حصن به عين ونخل ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، توجه النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنة تسع للهجرة إلى تبوك من أرض الشام، وهي آخر غزواته. انظر: "معجم البلدان" 2/ 14. (¬2) سبق برقم (2718) كتاب: الشروط، باب: إذا اشترط البائع ظهر الدابة.

116 - باب مبادرة الإمام عند الفزع

(باب: من اختار الغزو بعد البناء) أي: الدخول بزوجته الموافق لحديث أبي هريرة الآتي (من اختار الغزو قبل البناء) أي: بيان حكمه وهو المنع، لأنه الذي دل عليه الحديث (فيه أبو هريرة) أي: في الباب حديث أبي هريرة الآتي في باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أحلت لكم الغنائم" بلفظ: "غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها". ولما بين بها (¬1) فمن قال أن البخاري لم يذكر الحديث، واكتفي بالإشارة إليه لأنه لعله لم يكن بشرطه، لم يستحضر أنه أورده موضوعًا في الباب المذكور. 116 - بَابُ مُبَادَرَةِ الإِمَامِ عِنْدَ الفَزَعِ (باب: مبادرة الإمام) أي: مسارعته بالركوب. (عند الفزع) أي: الإغاثة وهو في الأصل الخوف. 2968 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ، فَقَال: "مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا". [انظر: 2627 - مسلم: 2307 - فتح 6/ 122] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (قتادة) أي: ابن دعامة. (فركب رسول الله) في نسخة "فركب النبي" (فرسًا) هو المندوب. (ما رأينا من شيء) أي: يوجب الفزع. (لبحرا) أي: كالبحر في سرعة جريه. ومر الحديث في الهبة وفي الجهاد (¬2). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3824) كتاب: فرض الخمس، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -" أحلت لكم الغنائم". (¬2) سبق برقم (2627) كتاب: الهبة، باب: من استعار من الناس الفرس. وبرقم (2820) كتاب: الجهاد والسير، باب: الشجاعة في الحرب والجبن.

117 - باب السرعة والركض في الفزع

117 - بَابُ السُّرْعَةِ وَالرَّكْضِ فِي الفَزَعِ (باب: السرعة والركض في الفزع) السابق بيانه. 2969 - حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: فَزِعَ النَّاسُ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ بَطِيئًا، ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُ وَحْدَهُ، فَرَكِبَ النَّاسُ يَرْكُضُونَ خَلْفَهُ، فَقَال: "لَمْ تُرَاعُوا، إِنَّهُ لَبَحْرٌ" فَمَا سُبِقَ بَعْدَ ذَلِكَ اليَوْمِ. [انظر: 2627 - مسلم: 2307 - فتح 6/ 123] (عن محمد) أي: ابن سيرين. (ثم خرج) أي: من المدينة (لم تراعوا) لم بمعنى: لا، أي: لا تخافوا (فما سبق) في نسخة: "قال فما سبق". 118 - [بَابُ الخُرُوجِ فِي الفَزَعِ وَحْدَهُ] [فتح 6/ 123] (باب: الخروج في الفزع وحده) ساقط من نسخة. ومن أثبته لم يذكر له حديثًا اكتفاء بحديث أنس السابق، أو لعله أراد أن يكتب فيه حديث أنس من وجه آخر فلم يتيسر له ذلك. 119 - بَابُ الجَعَائِلِ وَالحُمْلانِ فِي السَّبِيلِ وَقَال مُجَاهِدٌ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: الغَزْوَ، قَال: "إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُعِينَكَ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِي"، قُلْتُ: أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيَّ، قَال: "إِنَّ غِنَاكَ لَكَ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِي فِي هَذَا الوَجْهِ" [3899] وَقَال عُمَرُ: "إِنَّ نَاسًا يَأْخُذُونَ مِنْ هَذَا المَالِ لِيُجَاهِدُوا، ثُمَّ لَا يُجَاهِدُونَ، فَمَنْ فَعَلَهُ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِمَالِهِ حَتَّى نَأْخُذَ مِنْهُ مَا أَخَذَ".

وَقَال طَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ: "إِذَا دُفِعَ إِلَيْكَ شَيْءٌ تَخْرُجُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ، وَضَعْهُ عِنْدَ أَهْلِكَ" .. (باب: الجعائل) جمع جعيلة: وهي ما يجعله القاعد من الأجر لمن يغزو عنه. (والحملان) بضم المهملة: الحمل. (في السبيل) أي: سبيل الله، وهو هنا الجهاد. (وقال مجاهد) أي: ابن جبر المفسِّر التابعي. (الغزو) بالرفع مبتدأ خبره محذوف، أي: أريد، وبالنصب بمقدر، أي: أريد. (فمن فعله) في نسخة: "فمن فعل". 2970 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، سَأَلَ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، فَقَال زَيْدٌ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آشْتَرِيهِ؟ فَقَال: "لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ". [انظر: 1490 - مسلم: 1620 - فتح 6/ 123] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. 2971 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَا تَبْتَعْهُ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ". [انظر: 1489 - مسلم: 1621 - فتح 6/ 123] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عن عبد الله بن عمر) في نسخة: "عن ابن عمر". (أن عمر بن الخطاب) لفظ (ابن الخطاب) ساقط من نسخة. 2972 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحيى بن سَعِيدٍ، عَن يحيى بن سَعِيدٍ الأنصَارِي قَال: حَدثَنِي أَبُو صالِحٍ قَال: سَمِعتُ أَبَا هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - قَال: قَال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْلَا أَن أَشُقَّ عَلَى أُمتِي مَا تَخَلَّفْتُ عَن سَرِيةٍ، ولكن لَا أَجِدُ حَمُولَةً،

120 - باب ما قيل في لواء النبي - صلى الله عليه وسلم -

وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيهِ، ويشُقُّ عَلَي أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَني، وَلَوَودتُ أَني قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ الله فَقُتِلْتُ، ثُم أُحْيِيتُ ثُم قُتِلْتُ، ثُم أُحْيِيتُ". [انظر: 36 - مسلم: 1876 - فتح 6/ 124] (أبو صالح) هو ذكوان الزيات. (حمولة) بفتح المهملة التي يحمل من كبار الإبل، وأحاديث الباب ثلاثة مرَّ الأولان في الزكاة والهبة (¬1)، والثالث في أوائل الجهاد (¬2). 120 - باب مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ النبِي - صلى الله عليه وسلم -. (باب: ما قيل في لواء النبي - صلى الله عليه وسلم -) بكسر اللام والمد: هو الراية والعلم أيضًا، وقيل: اللواء ما يعقد في طرف الرمح ويلوى معه. والراية ثوب يجعل في طرف الرمح، ويخلى كهيئته تصفقه الرياح، وقيل: اللواء: العلم الضخم، والراية: علامة محل الأمير. وقيل: اللواء: علامة كبكبة الأمير تدور معه حيث دار. والراية: هي التي يتولاها صاحب الحرب. 2974 - حَدَّثنَا سَعِيدُ بن أَبي مَريَمَ قَال: حَدثَنِي اللَّيثُ قَال: أَخْبَرَني عُقَيل، عَنِ ابن شِهَابٍ قَال: أَخبَرَني ثَعلَبَةُ بن أَبي مَالِك القُرَظِي، أَنَّ قَيسَ بنَ سَعدٍ الأنصَارِي - رضي الله عنه - وَكَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَرَادَ الحجَّ فَرَجَّلَ. [فتح 6/ 126] (سعيد بن أبي مريم) نسبة إلى جد له، وإلا فهو ابن الحكيم بن محمد بن أبي مريم. (حدَّثني الليث) في نسخة: "حدثَنا الليث". (عقيل) ¬

_ (¬1) سبقا برقم (1490) كتاب: الزكاة، باب: هل يشترى الرجل صدقته. و (2623) كتاب: الزكاة، باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته. (¬2) سبق برقم (2797) كتاب: الجهاد والسير، باب: تمني الشهادة.

أي ابن خالد الأيلي. (فرجل) بتشديد الجيم زاد في نسخة: "رأسه" أي: سرح شعر رأسه قبل أن يحرم بالحج. 2975 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ حَمُولَةً، وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، وَيَشُقُّ عَلَيَّ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ ثُمَّ قُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ". [2702، 4209 - مسلم: 2407 فتح 6/ 126] (قتيبة بن سعيد) لفظ (ابن سعيد) ساقط من نسخة. (في خيبر) أي: في غزوتها. (أنا أتخلف عن رسول الله) بتقدير همزة الاستفهام الإنكاري؛ لأنه أنكر على نفسه تخلفه عنه. (أو قال: ليأخذن) لفظ (قال) ساقط من نسخة. (رجل) بالرفع؛ فاعل (يأخذ). وفي نسخة: بالنصب مفعول (أعطى). (وما نرجوه) أي: وما كنا نرجو قدومه علينا في ذلك الوقت للرمد الذي به. 2976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: سَمِعْتُ العَبَّاسَ يَقُولُ لِلْزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "هَا هُنَا أَمَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ؟ ". (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (ها هنا) أي: بالحجون، بفتح المهملة وضم الجيم الخفيفة: الجبل المشرف على شعب الجزارين بمكة.

121 - باب الأجير

121 - بَابُ الأَجِيرِ وَقَال الحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ: "يُقْسَمُ لِلْأَجِيرِ مِنَ المَغْنَمِ" وَأَخَذَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ فَرَسًا عَلَى النِّصْفِ، فَبَلَغَ سَهْمُ الفَرَسِ أَرْبَعَ مِائَةِ دِينَارٍ، فَأَخَذَ مِائَتَيْنِ، وَأَعْطَى صَاحِبَهُ مِائَتَيْنِ. (باب: الأجير) أي: في الغزو. (يقسم للأجير من المغنم) محله عند الشافعية في الأجير لغير الجهاد كسياسة الدواب وحفظ الأمتعة، وقد قاتل فإن لم يقاتل لم يقسم له، بل يقتصر على الأجرة. وبسط الكلام على حكم الأجير يطلب من كتب الفقه. (على النصف) أي: مما يخص الفرس، وهذا الشرط مفسد للإجارة؛ لأنه مجهول، فمن له أجر على ذلك إنما يستحق أجرة مثل الفرس، وأما ما أصاب المستأجر من المغنم فهو له. (وأعطى صاحبه مائتين) أي: على القول بصحة الشرط وزاد في نسخة عقبه: "باب استعارة الفرس في الغزو". قال شيخنا: وهو خطأ؛ لأنه يستلزم أن يخلوا باب الأجير من حديث مرفوع، ولا مناسبة بينه وبين حديث يعلى بن أمية (¬1). 2973 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَحَمَلْتُ عَلَى بَكْرٍ، فَهُوَ أَوْثَقُ أَعْمَالِي فِي نَفْسِي، فَاسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا، فَقَاتَلَ رَجُلًا، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ، وَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهْدَرَهَا، فَقَال: "أَيَدْفَعُ يَدَهُ إِلَيْكَ، فَتَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الفَحْلُ". [انظر: 1848 - مسلم: 1674 - فتح 6/ 125] (حدَّثَنا سفيان) في نسخة: "أخبرنا سفيان" أي: ابن عيينة. (ابن ¬

_ (¬1) "الفتح" 6/ 129.

122 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالرعب مسيرة شهر"

جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. (على بكر) هو الفتي من الإبل. (أوثق أعمالي) [في نسخة] (¬1): "أوثق أجمالي" بالجيم، وفي أخرى: "أوثق أحمالي" بفاء بدل المثلثة، وحاء بدل العين والجيم. (فقاتل) أي: الأجير. (رجلًا) هو يعلى بن أمية. وفيه التفات أو تجريد؛ إذ القياس فقاتلني. (فعض أحدهما الآخر) العاض يعلى بن أمية كما في مسلم (¬2). (فأهدرها) أي: أسقطها. (فقال) في نسخة: "وقال". (أتدفع) في نسخة: "أفتدفع". (فتقضمها) بفتح المعجمة من القضم: وهو الأكل بأطراف الأسنان، يقال: قضمت الدابة شعيرها بالكسر. (يقضم) بالفتح. (الفحل) بحاء مهملة. 122 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ" وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} [آل عمران: 151] قَالهُ جَابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 335] (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - نصرت بالرعب مسيرة شهر) اقتصر على الشهرة لأنه لم يكن بينه وبين الممالك المقصودة أكثر من ذلك كالشام والعراق. قيل: كثير من الناس يخافون من الملوك من مسافة شهر أيضًا، وأجيب: بأن هذا ليس بمجرد الخوف بل للنصرة والظفر بالعدو. (وقوله عزَّ وجلَّ) [بالجر عطف على (قول النبي)، (¬3) في نسخة: "وقول الله ¬

_ (¬1) من (س)، وفي (ب) أي. (¬2) "صحيح مسلم" (1673) كتاب: القسامة، باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه إذا دفعه المعول عليه فأتلف نفسه أو عضوه. (¬3) من (س).

عزَّ وجلَّ" {بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} ساقط من نسخة. 2977 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدِي" قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا. [6998، 7013، 7273 - مسلم: 523 - فتح 6/ 128] (بجوامع الكلم) من إضافة الصفة إلى الموصوف: وهي الكلمة الموجزة لفظًا المتسعة معنى. (بالرعب) أي: الخوف. (أتيت بمفاتيح) في نسخة: "أوتيت مفاتيح" بزيادة واو وحذف الموحدة. (فوضعت في يدي) كناية عن وعد ربه له بأنه ستفتح تلك البلاد التي فيها هذه الخزائن فتكون لأمته. (تنتثلونها) أي: تستخرجونها، أي: الخزائن أي: أموالها أشار إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - ذهب ولم ينل منها شيء. 2978 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، فَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ، وَأُخْرِجْنَا فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: "لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ". [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح 6/ 128] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أن أبا سفيان) هو صخر بن حرب. (الصخب) أي: اختلاط الأصوات (فارتفعت) في نسخة: "وارتفعت". (لقد أمر) بكسر الميم، أي: اعظم (إنه) بكسر الهمزة استئناف بياني، وبفتحها مفعول له.

123 - باب حمل الزاد في الغزو

(يخافه ملك بني الأصفر) أي: الروم. وهذا موضع الترجمة؛ لأنه كان بين المدينة والموضع الذي ينزله قيصر مدة شهر أو نحوه. 123 - بَابُ حَمْلِ الزَّادِ فِي الغَزْو وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]. (باب: حمل الزاد في الغزو) أي: بيان مشروعيته وذكر (قول الله تعالى) في نسخة: "وقول الله عزَّ وجلَّ". (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) أي: مما يتقى به سؤال الناس وغيره. 2979 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، وَحَدَّثَتْنِي أَيْضًا فَاطِمَةُ، عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى المَدِينَةِ، قَالتْ: فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ، وَلَا لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: "وَاللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إلا نِطَاقِي"، قَال: فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ، فَارْبِطِيهِ: بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ، وَبِالْآخَرِ السُّفْرَةَ، "فَفَعَلْتُ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ". [3907، 5388 - فتح 6/ 129] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن هشام) أي: ابن عروة. (فاطمة) هي بنت المنذر زوج هشام. (عن أسماء) أي: بنت أبي بكر. (صنعت سفرة رسول الله) بضم المهملة، أي: طعامه الذي اتخذه في سفره، ومنه سميت السفرة للمجاورة. كما سميت المذادة رواية. (لسقائه) بكسر المهملة: ظرف الماء من الجلد و (ما نربطهما) بكسر الموحدة. (إلا نطاقي) بكسر النون: ما تشد به المرأة وسطها؛ ليرتفع به ثوبها من الأرض عند المهنة (فاربطيه) في نسخة: "فاربطي". (فلذلك) أي: قال الراوي: فلذلك (سميت ذات النطاقين) وقيل: سميت بها

لأنها كانت تجعل نطاقًا، فوق نطاق أو كان لها نطاقان تلبس أحدهما وتحمل في الآخر الزاد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر - رضي الله عنه - وهما في الغار (¬1). 2980 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ". [انظر: 1719 - مسلم: 1972 - فتح 6/ 129] سفيان) أي: ابن عينية. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (قال: أخبرني) في نسخة: "قال عمرو: أخبرني". (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (كنا نتزود لحوم الأضاحي) إلى آخره هذا وإن لم يكن سفر غزو لكن قيس به سفر الغزو. 2981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَال: سَمِعْتُ يَحْيَى قَال: أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُ: "أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ وَهِيَ مِنْ خَيْبَرَ، وَهِيَ أَدْنَى خَيْبَرَ، فَصَلَّوُا الْعَصْرَ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالأَطْعِمَةِ، فَلَمْ يُؤْتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بِسَويقٍ، فَلُكْنَا، فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَضْمَضَ، وَمَضْمَضْنَا وَصَلَّيْنَا". [انظر: 209 - فتح 6/ 129] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (بالصهباء) بالمد. (فلم يؤت) في نسخة: "ولم يؤت" بواو. (إلا بسويق) هو دقيق المقلو من القمح أو الشعير أو الذرة أو غيرها. (ثم قام) أي: إلى صلاة المغرب. ومر شرح الحديث في باب من مضمض من السويق (¬2). ¬

_ (¬1) دل على ذلك ما رواه الطبراني في "الكبير" 24/ 102. وانظر: "تهذيب الكمال" 35/ 124 (7780). (¬2) سبق برقم (209) كتاب: الوضوء، باب: من تمضمض من السويق ومن لم يتوضأ.

2982 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَفَّتْ أَزْوَادُ النَّاسِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَال: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ؟ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ؟ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَادِ فِي النَّاسِ يَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ"، فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ". [انظر: 2484 - فتح 6/ 129] (عن سلمة) أي: ابن الأكوع. (خفَّت) أي: قلَّت. (وأملقوا) أي: افتقروا. (ما بقاؤكم بعد إبلكم) أي: بعد نحرها، أي: بقاؤكم يسير؛ لغلبة الهلاك عليكم. (قال رسول الله) في نسخة: "فقال رسول الله". "ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم" أي: ناد فيهم بإتيان فضل أزوادهم إن ناديت بذلك (يأتون) فيأتون مرفوع؛ لكونه مضارعًا وقع جوابًا لشرط ماض محذوف وذلك جائز. (وبرك) أي: دعا بالبركة. (عليه) أي: على الطعام، وفي نسخة: "عليهم" أي: على أرفادهم واكتسبت العقل من إضافتها إلى العقلاء. (فاحتثى الناس) بفوقية فمثلثة، أي: أخذوا بالحثيات من ذلك بأيدهم؛ لكثرته. وفيه: معجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولهذا تكلم بكلمة الشهادة بقوله: (أشهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله) لأن المعجزات موجبات للشهادة على صدق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله خفت أزواد الناس.

124 - باب حمل الزاد على الرقاب

124 - بَابُ حَمْلِ الزَّادِ عَلَى الرِّقَابِ (باب: حمل الزاد على الرقاب) أي: عند تعذر حمله على الدواب. 2983 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "خَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلاثُ مِائَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا، فَفَنِيَ زَادُنَا حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْكُلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً"، قَال رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْنَ كَانَتِ التَّمْرَةُ تَقَعُ مِنَ الرَّجُلِ؟ قَال: "لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا، حَتَّى أَتَيْنَا البَحْرَ، فَإِذَا حُوتٌ قَدْ قَذَفَهُ البَحْرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا أَحْبَبْنَا". [انظر: 2483 - مسلم: 1935 - فتح 6/ 130] (عبدة) أي: ابن سليمان. (عن هشام) أي: ابن عروة (عن جابر - رضي الله عنه -). في نسخة: "عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما". (ففني زادنا) أي: أشرف على الفناء (يأكل الثمرة) في نسخة: "يأكل في كل يوم تمرة". (قال رجل) هو ابن الزبير كما في مسلم (¬1). (تقع) أي: من جه؛ الفداء أو القوت. (لقد وجدنا فقدها) أي: حزنًا على فقدها، أو وجدناها مؤثرًا. (حين فقدنا) بفتح القاف. (قد قذفه) في نسخة: "قذفه" بدون قد. (فأكلنا منه) أي: من الحوت. وفي نسخة: "منها" أي: من السمكة المفهومة من الحوت. (ثمانية عشر يومًا) في رواية: نصف شهر (¬2) وفي أخرى: شهرًا (¬3) ورجحها النووي (¬4) لما فيها من الزيادة. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1935) كتاب: الصيد والذبائح، باب: إباحة ميتات البحر. (¬2) ستأتي برقم (4362) كتاب: المغازي، باب: غزوة سيف البحر. (¬3) رواها مسلم (1935) كتاب: الصيد والذبائح، باب: إباحة ميتات البحر. (¬4) "صحيح مسلم بشرح النووي" 13/ 88.

125 - باب إرداف المرأة خلف أخيها

(ما أحببنا) أي: ما اشتهينا، ومرَّ الحديث في باب: الشركة (¬1). 125 - بَابُ إِرْدَافِ المَرْأَةِ خَلْفَ أَخِيهَا (باب: إرداف المرأة خلف أخيها) أي: على الراحلة. 2984 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ أَصْحَابُكَ بِأَجْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى الحَجِّ؟ فَقَال لَهَا: "اذْهَبِي، وَلْيُرْدِفْكِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ"، فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْ يُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَانْتَظَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَى مَكَّةَ حَتَّى جَاءَتْ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح 6/ 131] (أبو عاصم) هو النبيل واسمه: الضحاك (ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله واسم أبي مليكة: زهير. (من التنعيم) هو مكان خارج مكة على أربعة أميال من مكة إلى جهة المدينة وسمي بالتنعيم (¬2)؛ لأن الجبل الذي عن يمين الداخل يقال له: ناعم، والذي عن يساره يقال له منعم والوادي نعمان. 2985 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُرْدِفَ عَائِشَةَ، وَأُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ". [انظر: 1784 - مسلم: 1212 - فتح 6/ 131] (حدَّثَني عبد الله). في نسخة: "حدَّثَنا عبد الله بن محمد" أي: المسندي. (عن عمرو بن دينار) في نسخة: "عن عمرو -وهو- ابن دينار". ¬

_ (¬1) سبق برقم (2483) كتاب: الشركة، باب: الشركة في الطعام والنهد والعروض. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 49.

126 - باب الارتداف في الغزو والحج

126 - بَابُ الارْتِدَافِ فِي الغَزْو وَالحَجِّ (باب: الارتداف في الغزو والحج) أي: جوازه في سفرهما. 2986 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنْتُ رَدِيفَ أَبِي طَلْحَةَ وَإِنَّهُمْ لَيَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا الحَجِّ وَالعُمْرَةِ". [انظر: 1089 - فتح 6/ 131] (ابن سعيد) ساقط من نسخة. (عبد الوهاب) أي: الثقفي. (أيوب) أي: السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي. (ليصرخون) بضم الراء، أي: يرفعون أصواتهم بالتلبية. (بهما جميعًا: الحج والعمرة) بجرهما بالبدل من الضمير، وبنصبهما على الاختصاص، وبرفعهما خبر مبتدإِ محذوف وقيس بالارتداف في [الحج الارتداف في] (¬1) الغزو. 127 - بَابُ الرِّدْفِ عَلَى الحِمَارِ (باب: الردف) بكسر الراء، أي: الرديف. (على الحمار) أي: باب ما جاء في ذلك. 2987 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى إِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ". [4566، 5663، 5964، 6207، 6254 - مسلم: 1798 - فتح 6/ 131] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (أبو صفوان) هو عبد الله بن سعيد الأموي. (على إكاف) بكسر الهمزة، ويقال فيه: وكاف: وهو ما يشد على ¬

_ (¬1) من (س).

128 - باب من أخذ بالركاب ونحوه

الحمار كالسرج للفرس. (قطيفة) هي دثار مخمل. 2988 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال يُونُسُ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ يَوْمَ الفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُرْدِفًا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَمَعَهُ بِلالٌ، وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ مِنَ الحَجَبَةِ، حَتَّى أَنَاخَ فِي المَسْجِدِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِفْتَاحِ البَيْتِ فَفَتَحَ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أُسَامَةُ، وَبِلالٌ، وَعُثْمَانُ، فَمَكَثَ فِيهَا نَهَارًا طَويلًا، ثُمَّ خَرَجَ"، فَاسْتَبَقَ النَّاسُ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ، فَوَجَدَ بِلالًا وَرَاءَ البَابِ قَائِمًا، فَسَأَلَهُ " أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَشَارَ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ. [انظر: 397 - مسلم: 1329 - فتح 6/ 131] (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (على راحلته) قيس بها الحمار المترجم به. (من الحجبة) بفتح المهملة والجيم، أي: حجبة الكعبة وسدنتها. (ففتح) بالبناء للفاعل، أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي نسخة: بالبناء للمفعول، أي: البيت. (فاستبق الناس) أي: تسابقوا الولوج إلى الكعبة. (وقال) في نسخة: "فكان". (من سجدة) أي: من ركعة، ومرَّ شرح الحديث في الصلح. 128 - بَابُ مَنْ أَخَذَ بِالرِّكَابِ وَنَحْوهِ (باب: من أخذ بالركاب ونحوه) أي: كإعانة الراكب، وتعديل قماشه. 2989 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ

129 - باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو

خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ". [انظر: 2707 - مسلم: 1009 - فتح 6/ 132] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (إسحاق) أي: ابن منصور بن بهرام الكوسج. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (كل سلامي) إلى آخره، مر شرحه في باب: فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم (¬1). 129 - بَابُ السَّفَرِ بِالْمَصَاحِفِ إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ سَافَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي أَرْضِ العَدُوِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ القُرْآنَ. 2990 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ". [مسلم: 1869 - فتح 6/ 133] (باب: السفر) أي: "كراهية السفر" كما في نسخة. (بالمصاحف إلى أرض العدو) أي: خوفًا من الاستهانة بها. (وكذلك يروى) أي: القول بكراهية ذلك. (عن عبيد الله) أي: ابن عبد الله بن عمر. (وتابعه) ¬

_ (¬1) سبق برقم (2707) كتاب: الصلح، باب: فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم.

130 - باب التكبير عند الحرب

أي: محمد بن بشر. (وهم يعلمون القرآن) بفتح التحتية وسكون العين وبما تقدر علم أن المراد بالقرآن في قوله: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يسافر بالقرآن) المصحف لا القرآن نفسه، والمراد بالمصحف: ما كتب فيه القرآن كله أو بعضه متميزا لا في ضمن كلام آخر، فلا ينافيه ما كتبه - صلى الله عليه وسلم - في كتابه إلى هرقل من قوله: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} الآية. 130 - بَابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الحَرْبِ (باب: التكبير عند الحرب) أي: مشروعيته عنده. 2991 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَبَّحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَذَا مُحَمَّدٌ، وَالخَمِيسُ مُحَمَّدٌ، وَالخَمِيسُ، فَلَجَئُوا إِلَى الحِصْنِ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَال: "اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ"، وَأَصَبْنَا حُمُرًا، فَطَبَخْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ، فَأُكْفِئَتْ القُدُورُ بِمَا فِيهَا تَابَعَهُ عَلِيٌّ، عَنْ سُفْيَانَ، رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ. [انظر: 371 - مسلم: 1365، 1940 - فتح 6/ 134] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (فصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر) لا ينافي رواية أنهم قدموها ليلا (¬1) لجواز أن يكون معناه أنهم قدموها صباح الليل، فيكون من مجاز الحذف كما ¬

_ (¬1) سبق برقم (610) كتاب: الآذان، باب: ما يحقن بالأذان من الدماء، و (2945) كتاب: الجهاد والسير، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسيأتي برقم (4179) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.

131 - باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير

في {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}. (هذا محمد والخميس) إلى آخره. مرَّ شرحه في باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام (¬1). (وأصبنا حمرًا) بضم المهملة والميم، أي: أهلية. (فنادى منادي رسول الله) هو أبو طلحة زيد بن سهل (ينهيانكم) بتثنية الضمير؛ لرجوعه إلى الله ورسوله، وفي نسخة: "ينهاكم" بإفراده بجعل الضمير لكل منهما أو لله، لأنه الناهي حقيقة. (عن لحوم الحمر) أي: الأهلية كما مر. وتحريمها لنجاستها، وقيل: لأنها لم تخمس أو لأنها جلالة أو لأنها كانت حمولتهم. (تابعه) أي: عبد الله بن محمد. (علي) أي: ابن المديني. (عن سفيان) أي: في قوله في الرواية السابقة: (رفع النبي) إلى آخره. 131 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي التَّكْبِيرِ (باب: ما يكره من رفع الصوت في التكبير) في نحو ما يأتي في الحديث. 2992 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ، هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالى جَدُّهُ". [4205، 6384، 6409، 6610، 7386 - مسلم: 2704 - فتح 6/ 135] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عاصم) أي: الأحول. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل. (أشرفنا) أي: اطلعنا. (أربعوا) بفتح الموحدة، أي: أرفقوا أو ¬

_ (¬1) سبق برقم (2943، 2944، 2945) كتاب: الجهاد والسير، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.

132 - باب التسبيح إذا هبط واديا

أمسكوا عن الجهر وقفوا عنه. (سميع) مقابل لأصم. (قريب) مقابل لغائب، زاد في نسخة: "تبارك اسمه وتعالى جده". 132 - بَابُ التَّسْبِيحِ إِذَا هَبَطَ وَادِيًا (باب: التسبيح إذا هبط واديًا) أَي: بيان ندب ذلك. 2993 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا". [2994 - فتح 6/ 135] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن حصين) بالتصغير. (صعدنا) بكسر العين، أي: طلعنا موضعًا عاليًا كجبل. (كبرنا) أي: استشعارًا لكبريائه تعالى عند وقوع البصر على الأمكنة العالية. (وإذا نزلنا) أي: إلى مكان منخفض [كوادٍ] (سبحنا) أي: استنباطا من تسبيح يونس - عليه السلام - في بطن الحوت؛ لننجو من بطن الأودية كما نجي يونس بتسبيحه من بطن الحوت. 133 - بَابُ التَّكْبِيرِ إِذَا عَلا شَرَفًا (باب: التكبير إذا علا شرفا) أي: مكانًا عاليًا. 2994 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا تَصَوَّبْنَا سَبَّحْنَا". [انظر: 2993 - فتح 6/ 123] (ابن أبي عدي) هو محمد، واسم أبي عدي: إبراهيم. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن حصين) أي: ابن عبد الرحمن. (عن سالم) أي: ابن أبي الجعد. (تصوبنا) أي: نزلنا.

2995 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَفَلَ مِنَ الحَجِّ أَو العُمْرَةِ - وَلَا أَعْلَمُهُ إلا قَال الغَزْو - يَقُولُ كُلَّمَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ: كَبَّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ قَال: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ"، قَال صَالِحٌ فَقُلْتُ لَهُ: أَلَمْ يَقُلْ عَبْدُ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ قَال: لَا. [انظر: 1797 - مسلم: 1344 - فتح 6/ 135] (عبد الله) أي: ابن يوسف. (ابن أبي سلمة) بفتح اللام. (قفل) أي: رجع. (ولا أعلمه إلا قال: الغزو) بالنصب على المفعولية، وبالجر بدل من المجرور السابق. والجملة حينئذٍ كالإضراب عن الحج والعمرة، كأنه قال: إذ قفل من الغزو. (يقول) أي: ابن عمر. (كلما أوفى) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: أشرف. (على ثنية) هي أعلى الجبل، أو الطريق فيه. (أو فدفد) هو الفلاة من الأرض لا شيء فيها، أو الغليظة، أو ذات الحصى المرتفعة، أو المستوية. (كبر ثلاثًا) جواب (إذا) و (كلما) ظرف لقفل أو لكبر. والمعنى: أن ابن عمر قيد القفول أو التكبير بما إذا أشرف النبي - صلى الله عليه وسلم - على ثنية أو فدفد. (آيبون) خبر مبتدإٍ محذوف، أي: نحو آيبون، أي: راجعون إلى الله تعالى. (لربنا) يحتمل تعلقه بساجدون أو بحامدون أو بهما، أو بالصفات الأربع السابقة، أو الخمس على طريق التنازع في الثلاثة الأخيرة. (الأحزاب) أي: الذين تحزبوا في غزوة الخندق؛ لحربه - صلى الله عليه وسلم -. (فقلت له) أي: لسالم بن عبد الله.

134 - باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة

134 - بَابُ يُكْتَبُ لِلْمُسَافِرِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الإِقَامَةِ (باب: يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة) لفظ: (مثل) ساقط من نسخة. 2996 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا العَوَّامُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ، وَاصْطَحَبَ هُوَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ فِي سَفَرٍ، فَكَانَ يَزِيدُ يَصُومُ فِي السَّفَرِ، فَقَال لَهُ أَبُو بُرْدَةَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى مِرَارًا يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا". [فتح 6/ 136] (حدثنا العوام) في نسخة: "أخبرنا العوام" أي: ابن حوشب. (إبراهيم أبو إسماعيل) أي: ابن عبد الرحمن السكسكي، بمهملتين مفتوحتين بينهما كاف ساكنة؛ نسبةً إلى السكاسك بن أشرس بن كندة. (سمعت أبا بردة) هو عامر بن أبي موسى الأشعري. (فكان يزيد يصوم في السفر) في نسخة: "وكان يزيد بن أبي كبشة يصوم الدهر". (إذا مرض العبد أو سافر) أي: وكان يعمل عملا قبل مرضه أو سفره، ومنعه منه المرض أو السفر، ونيته مدوامته عليه لولا المانع. (مقيما) مقابل للمسافر. (صحيحا) مقابل للمريض، وهما حالان مترادفتان أو متداخلتان، وفي ذلك لف ونشر غير مرتب. 135 - بَابُ السَّيْرِ وَحْدَهُ (باب: السَّيْر وحده) أي: سير السائر متفردًا عن الرفقة هل يكره، كما دلَّ عليه الحديث الثاني، أولًا كما دل عليه الأول وسيأتي ما له بذلك تعلق.

2997 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ" قَال سُفْيَانُ: الحَوَارِيُّ: النَّاصِرُ. [انظر: 2846 - مسلم: 1415 - فتح 6/ 137] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (ندب) أي: طلب. (فانتدب الزبير) أي: أجاب وزاد في نسخة عقبه في الثالثة: "ثلاثا". (إن لكل نبي حواريًّا) مر شرحه في باب فضل الطليعة (¬1). ومطابقة الحديث للترجمة من حيث انتداب الزبير وتوجهه وحده. 2998 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ". [فتح 6/ 137] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (عاصم بن محمد) زاد في نسخة: "ابن زيد بن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -". (ح) للتحويل وهي ساقطة من نسخة. (أبو نعيم) هو الفضل ابن دكين. (ما في الموحدة) بفتح الواو وكسرها، وأنكر بعضهم الكسر. (راكب) خرج مخرج الغالب، وإلا فالماشي مثله. (بليل) فيه تنبيه على ¬

_ (¬1) سبق برقم (2846) كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل الطليعة.

136 - باب السرعة في السير

أن النهي عن السفر منفردا مقيدٌ بالليل فلا ينهى عنه في النهار، ويحتمل أن النهي عنده عام فيهما. وذكر الليل تقييد؛ لشدة الكراهة لا لمطلقها وهذا أوجه، ويحتمل أن يكون النهي عند الخوف مطلقا، وعدم النهي عند الأمن كذلك. وعليه يحمل حديث جابر السابق، ويحتمل أن يكون النهي عند عدم المصلحة وعدمه عند وجودها كإرسال الجاسوس والطليعة. وبالجملة فالنهي للتنزيه لا للتحريم. 136 - بَابُ السُّرْعَةِ فِي السَّيْرِ قَال أَبُو حُمَيْدٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى المَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيُعَجِّلْ". [انظر: 1481] (باب: السرعة في السير) أي: عند الرجوع إلى الوطن. (قال) في نسخة: و"قال". (أبو حميد) هو عبد الرحمن الساعدي. (فليعجل) في نسخة: "فليتعجل" وإنما يعجل؛ ليريح نفسه ويفرح أهله. 2999 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَال: سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ يَحْيَى يَقُولُ وَأَنَا أَسْمَعُ فَسَقَطَ عَنِّي - عَنْ مَسِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، قَال: "فَكَانَ يَسِيرُ العَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ وَالنَّصُّ فَوْقَ العَنَقِ". [انظر: 1666 - مسلم: 1286 - فتح 6/ 138] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن هشام) أي: ابن عروة. (كان) أي: قال البخاري: قال ابن المثنى. (كان يحيى يقول، وأنا أسمع، فسقط عني) أي: لفظ (وأنا أسمع) عند رواية الحديث، كأنه لم يذكره أولًا واستدرك آخرا، وهذه الجملة معترضة بين قوله: (سئل أسامة) وقوله: (عن مسير النبي) أي: حين أفاض من عرفة إلى

المزدلفة. (قال) في نسخة: "فقال" أي: أسامة. (العنق) بفتح المهملة والنون: السير السهل. (فجوة) بفتح الفاء، أي: فرجه. (نص) بفتح النون والمهملة المشددة. (والنص فوق العنق) فهو السير الشديد وإنما تعجل إلى المزدلفة؛ ليتعجل الوقوف بالمشعر الحرام. 3000 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ، ثُمَّ نَزَلَ، فَصَلَّى المَغْرِبَ وَالعَتَمَةَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَقَال: "إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ المَغْرِبَ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا". [انظر: 1091 - مسلم: 703 - فتح 6/ 139] (عن صفية) هي زوجة ابن عمر. (فأسرع السير) أي: ليدرك حياتها؛ لتعهد له بما لا تعهده إلى غيره. (يجمع) في نسخة: "جمع". (إذا جد به السير) أي: اشتد. 3001 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ". [انظر: 1804 - مسلم: 1927 - فتح 6/ 139] (عن سمي) أي: ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان. (يمنع) أي: السفر. (أحدكم نومه وطعامه وشرابه) أي: كمالها ولذتها لما فيه من المشقة والتعب ومعاناة الحر والبرد، ومفارقة الأهل والأصحاب وخشونة العيش. (نهمته) بفتح النون وحكي كسرها، أي: حاجته. وأحاديث الباب

137 - باب إذا حمل على فرس فرآها تباع

ثلاثة: مرَّ أولها في الحج في باب: السير إذا دفع من عرفة (¬1)، وثانيها في أبواب العمرة، في باب: المسافر إذا جد به السير فعجل إلى أهله (¬2)، وثالثها في الحج، في باب: السفر قطعة من العذاب (¬3). 137 - بَابُ إِذَا حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فَرَآهَا تُبَاعُ (باب: إذا حمل) أي: إنسان آخر، أي: في الجهاد. (على فرس) حبسة لله تعالى. (فرآها تباع) أي: هل له أن يبتاعها أو لا؟ والفرس يؤنث كما هنا ويذكر كما يأتي في الحديث. 3002 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَا تَبْتَعْهُ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ". [انظر: 1489 - مسلم: 1621 - فتح 6/ 139] 3003 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَابْتَاعَهُ أَوْ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَا تَشْتَرِهِ وَإِنْ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ العَائِدَ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ". [انظر: 1490 - مسلم: 1620 - فتح 6/ 139] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (فابتاعه) أي: باعه كما جاء اشترى بمعنى: باع، والمعنى: ¬

_ (¬1) سبق برقم (1666) كتاب: الحج، باب: السير إذا دفع من عرفة. (¬2) سبق برقم (1805) كتاب: العمرة، باب: المسافر إذا جد به السير فعجل إلى أهله. (¬3) سبق برقم (1804) كتاب: العمرة، باب: السفر قطعة من العذاب.

138 - باب الجهاد بإذن الأبوين

عرضه للمبيع. (أو فأضاعه الذي كان عنده) بأن فرط في القيام به، والشك من الراوي. ومر شرح الحديث في الزكاة وفي الهبة (¬1). 138 - بَابُ الجِهَادِ بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ (باب: الجهاد بإذن الأبوين) أي: المسلمين وإن علوا. 3004 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الشَّاعِرَ، وَكَانَ - لَا يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ - قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الجِهَادِ، فَقَال: "أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ "، قَال: نَعَمْ، قَال: "فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ". [5972 - مسلم: 2549 - فتح 6/ 140] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (أبا العباس الشاعر) هو السائب بن فروج المكي. (وكان لا يتهم في حديثه) قاله؛ لئلا يظن أنه لكونه شاعرا يتهم. (جاء رجل) هو جاهمة بن العباس بن مرداس أو معاوية بن جاهمة. (ففيهما فجاهد) الجار والمجرور متعلق بجاهد قدم عليه؛ للاختصاص كما في قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)} وكل من الفائين جواب شرط محذوف، أي: إذا كان الأمر كما قلت فخصصهما بالجهاد، وإذا لم يتيسر لكم إخلاص العبادة وإظهارها فهاجروا إليَّ. وفي الحديث إشارة إلى وجوب الجهاد، وأن بر الوالدين مقدم عليه؛ لأن برهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية فإن تعين الجهاد لم يحتج إلى إذنهما بل يكون الجهاد أفضل بل متعينا قبل. وعليه يحمل ¬

_ (¬1) سبق برقم (2623) كتاب: الهبة، باب: لا يحل أن يرجع في هبته وصدقته. و (2636) كتاب الهبة، باب: إذا حمل رجلا على فرس.

139 - باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

خبر ابن حبان: سأل رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أفضل الأعمال فقال: "الصلاة". قال: ثمَّ مه، قال: "الجهاد". قال: فإن لي والدين فقال: "آمرك بوالديك خيرا"، فقال: والذي بعثك نبيًّا لأجاهدن ولأتركنهما. قال: "فأنت أعلم" (¬1). وإنما قدم الجهاد على برِّ الوالدين، مع أن كلًّا منهما فرض عين؛ لأن الجهاد مصلحة عامة، وبر الوالدين مصلحة خاصة. ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: (ففيهما فجاهد) استنباطًا؛ لأن أمره بالمجاهدة فيهما يقتضي رضاهما عليه، ومن رضاهما إذنهما له عند الاستئذان في الجهاد. 139 - بَابُ مَا قِيلَ فِي الجَرَسِ وَنَحْوهِ فِي أَعْنَاقِ الإِبِلِ (باب: ما قيل) أي: من الكراهة في (الجرس ونحوه) كالقلائد، أي: في تعليقهما. (في أعناق الإبل) أي: ونحوها كالبغال وخص الإبل؛ تبعا للحديث؛ لأغلبيتها. 3005 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، قَال عَبْدُ اللَّهِ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَال: وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَسُولًا أَنْ: "لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلادَةٌ مِنْ وَتَرٍ، أَوْ قِلادَةٌ إلا قُطِعَتْ". [مسلم: 2115 - فتح 6/ 141] (عن عبد الله بن أبي بكر) أي: ابن محمد بن حزم. (أن أبا بشير) قيل: اسمه قيس الأكبر ابن حرير بمهملات مصغرًا. ¬

_ (¬1) "صحيح ابن حبان" 5/ 8 (1722) كتاب: الصلاة، باب: فضل الصلوات الخمس.

140 - باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة، أو كان له عذر، هل يؤذن له؟

(قال عبد الله: حسبت أنه قال: والناس في مبيتهم) اعتراض بين ما قبله وما بعده. كان عبد الله شك في هذه الجملة وضمير أنه لعباد أو لأبي بشير. (رسولًا) هو زيد بن حارثة. (لا يبقين) بتحتية وقاف مفتوحتين، وفي نسخة: "أن لا يبقين" بزيادة أن. (من وَتَر) بفتح الفوقية واحد أوتار القوس. (أو قلادة) (أو) للتنويع والنهي للتنزيه، وحكمه النهي أن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس كما ورد في حديث أبي داود والنسائي (¬1) أو خوف اختناق الدابة بالقلادة عند شدة الركض، أو شبه الجرس بالناقوس. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث أن الجرس لا يعلق في أعناق الإبل إلا بعلاقة. فذكره البخاري في الترجمة. وإذا ورد النهي عن تعليق علاقته دخل فيه النهي عنه ضرورة. 140 - بَابُ مَنِ اكْتُتِبَ فِي جَيْشٍ فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ حَاجَّةً، أَوْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ، هَلْ يُؤْذَنُ لَهُ؟ (باب: من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكان له عذر) أي: "غير ذلك" كما في نسخة. (هل يؤذن له) أي: فيما عذر فيه بحجة مع امرأته أو لا؟ 3006 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ ¬

_ (¬1) رواه أبو داود برقم (2552) كتاب: الجهاد، باب: في تقليد الخيل بالأوتار. والنسائي 8/ 180، كتاب: الزينة، باب: الجلاجل. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

141 - باب الجاسوس

بِامْرَأَةٍ، وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ"، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً، قَال: "اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ". [انظر: 1862 - مسلم: 1341 - فتح 6/ 142] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (عن أبي معبد) هو نافذ بفاء ومعجمة. (إلا ومعها محرم) أي: أو زوج أو عبد لها، والاستثناء من الجملتين قبله، لكنه بالنسبة إلى الأولى منقطع؛ لأنه متى كان محرمٌ محرما لم تبق خلوة، فالتقدير: لا يقعدن رجل مع امرأة إلا ومعها محرم، والواو في (ومعها) للحال، أي: لا يخلون في حال إلا في هذه الحال. (اكتتبت) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: بالبناء للفاعل، أي: اكتتبت. نفسي بمعنى: أثبتها في الديوان. (فَحُج) في نسخة: "فاحجج" بفك الإدغام. وفيه: تقديم الأهم؛ لأن الغزو يقوم فيه غيره مقامه. بخلاف الحج مع امرأته وليس لها محرم غيره. ومر شرح الحديث في الجهاد (¬1). 141 - بَابُ الجَاسُوسِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] التَّجَسُّسُ: التَّبَحُّثُ. (باب: الجاسوس) هو الذي يبحث عن أمور العدو، كما نبه عليه بقوله (التجسس) في نسخة: "والتجسس" (التبحث) أي: التفتيش عن ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3061) كتاب: الجهاد، باب: كتابة الإمام الناس.

بواطن الأمور. وفي نسخة: تأخير هذا عن قوله: (وقول الله تعالى) وفي نسخة بدل (تعالى): "-عزَّ وجلَّ -". والآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة. 3007 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ قَال: أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، قَال: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ، وَالمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ، قَال: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً، وَمَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا"، فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، فَقُلْنَا أَخْرِجِي الكِتَابَ، فَقَالتْ: مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟ "، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا، وَلَا رِضًا بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلامِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ صَدَقَكُمْ"، قَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، قَال: "إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَال: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". قَال سُفْيَانُ: وَأَيُّ إِسْنَادٍ هَذَا! (سفيان) أي: ابن عيينة. (سمعته منه) في نسخة: "سمعت منه". (حسن بن محمد) أي: ابن الحنفية. (والمقداد) أي: "ابن الأسود" كما في نسخة. (قال: انطلقوا) في نسخة: "وقال انطلقوا". (روضة خاخ) بخاءين

معجمتين: موضع بين مكة والمدينة على اثنى عشر ميلا من المدينة (¬1). (ظعينة) هي المرأة في الهودج؛ لأنها تظعن بارتحال الزوج، واسمها: سارة أو كنود. (تعادى) بحذف إحدى التاءين، أي: تتعادى، أي: تجري، (أو لنلقين) بنون مضمومة وقاف مكسورة وتحتية مفتوحة ونون التأكيد الثقيلة. وفي نسخة: "أو لتلقن" بفوقية مضمومة وحذف التحتية. وفي أخرى: "أو لتلقين" بتحتية مكسورة أو مفتوحة بعد القاف. وفي أخرى: "أو لتلقن الثياب" بفتح القاف وحذف التحتية ورفع الثياب (عن عقاصها) بمهملتين وقاف: هو الشعر المضفور أو الخيط الذي يتضفر به أطراف الذوائب (به) أي: بالكتاب، وفي نسخة: "بها" أي: بالصحيفة المفهومة من الكتاب. (أبي بلتعة) اسمه عامر ولفظ الكتاب: أما بعد يا معشر قريش، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءكم بجيش كالليل يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله ولا يخزله وعده، فانظروا لأنفسكم والسلام. (ملصقًا في قريش) بفتح الصاد المهملة، أي: مضافا إليهم. لا نسب لي فيهم، أو حليفا لهم. (يدا) أي: نعمة ومنة عليهم. (لقد) في نسخة: "قد" (صدقكم) بتخفيف الدال، أي: قال الصدق. (دعني أضرب عنق هذا المنافق) أطلق عليه النفاق؛ لما كان عليه من القوة في الدين وبغض المنافقين مع ظنه أن فعل ذلك يوجب القتل؛ ولكون فاعل ذلك أبطن خلاف ما أظهره. وعذر النبي - صلى الله عليه وسلم - حاطبا؛ لأن ما فعله لا ضرر فيه. (وما يدريك لعل الله أن يكون) استعمل (لعل) استعمال عسى فأتى بأن، والترجي راجع إلى عمر لا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن وقوع هذا الأمر محقق عنده. ¬

_ (¬1) خاخ: تقع بقرب حمراء الأسد وهي من الأحماء التي حماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء من بعده. انظر: "معجم البلدان" 2/ 335.

142 - باب الكسوة للأسارى

(اعملوا ما شئتم) أي: في المستقبل. (فقد غفرت لكم) أي: يغفر لكم؛ لكنه عبر عن الآتي بالواقع مبالغة في تحققه، كما في قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1]. (وأي إسناد هذا) تعظيم لعلو الإسناد وصحته وقوته؛ لأن رجاله هم الأكابر العدول الثقات الحفاظ. وفي الحديث: هتك أستار الجواسيس. وأنه لا يحد العاصي إلا بإذن الإمام، ومعجزة لرسول الله وشرف لأهل بدر. 142 - بَابُ الكِسْوَةِ لِلْأُسَارَى (باب: الكسوة) (الكسوة) بكسر الكاف، وقد تضم (للأسارى) بضم الهمزة، جمع أسير، أي: باب بيان ذلك. 3008 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِيَ بِأُسَارَى، وَأُتِيَ بِالعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، "فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ قَمِيصًا، فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ" قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يُكَافِئَهُ. [انظر: 1270 - مسلم: 2772 - فتح 3/ 144] (عن عمرو) أي: ابن دينار. (فنظر النبي له) أي: نظر يطلب لأجل العباس قميصًا. (يقدر) بفتح أوله وسكون ثانيه وضم ثالثه، وفي نسخة: بضم أوله وفتح ثانيه وثالثه مشددًا، أي: يجيء على قدره. (يد) أي: نعمة. ومرَّ شرح الحديث في باب: هل يخرج الميت من القبر (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1350) كتاب: الجنائز، باب: هل يخرج الميت من القبر واللحد لِعِلَّةٍ.

143 - باب فضل من أسلم على يديه رجل

143 - بَابُ فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ (باب: فضل من أسلم على يديه رجل) أي: بيان فضله. 3009 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَهْلٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"، فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ، فَقَال: "أَيْنَ عَلِيٌّ؟ "، فَقِيلَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ فَقَال: أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَال: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ". [انظر: 2942 - مسلم: 2406 - فتح 6/ 144] (القَاري) بتشديد الياء نسبة إلى القارة: وهم بنو الهون بن خزيمة بن مدركة، فالقارة قبيلة. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار الأعرج. (سهل) أي: "ابن سعيد" كما في نسخة. (على يديه) في نسخة: "على يده" بالإفراد. (أيهم) بضم التحتية. (يعطى) بالبناء للمفعول، أي: يعطي الراية، وفي نسخة: بفتح التحتية والبناء للفاعل، أي: يعطي النبي - صلى الله عليه وسلم - أيهم الراية، (فغدوا) في نسخة: "غدوا". (يرجوه) بحذف النون على لغة، وفي نسخة: "يرجونه" بإثباتها. (فقال) في نسخة: "قال". (فبرأ) بفتح الراء لأهل الحجاز، وبكسرها لغيرهم، أي: شفى. (أقاتلهم) بحذف همزة الاستفهام. (انفذ) بضم الفاء فمعجمة، أي: امض. (على رسلك) أي: علي هينتك. (بساحتهم) أي: فنائهم (من حمر النعم) بسكون الميم، وخصها بالذكر؛ لأنها أعز أموالهم. وفي الحديث: معجزتان للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وفضل علي - رضي الله عنه -.

144 - باب الأسارى في السلاسل

144 - بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلاسِلِ (باب: الأسارى في السلاسل) أي: بيان كونه فيها. 3010 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ فِي السَّلاسِلِ". [4557 - فتح 6/ 145] (غندر) هو محمد بن جعفر البصري. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (يدخلون الجنة في السلاسل) أي: يدخلونها، وكانوا في الدنيا في السلاسل المكرهين بها على الإسلام، أو المراد بهم: أسارى المسلمين يموتون، أو يقتلون في أيدي الكفار مسلسلين، فيحشرون ويدخلون الجنة على حالهم؛ لإظهار شرفهم كإتيان الشهيد ودمه عليه، وبهذين التقديرين يكون المراد حقيقة وضع السلاسل في الأعناق. وتقع المطابقة بين الترجمة والحديث، وبعضهم قد رد ذلك بما فيه تجوز مع انتفاء المطابقة. 145 - بَابُ فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابَيْنِ (باب: فضل من أسلم من أهل الكتابين) أي: التوراة والإنجيل. 3011 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيٍّ أَبُو حَسَنٍ، قَال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "ثَلاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الأَمَةُ، فَيُعَلِّمُهَا فَيُحْسِنُ تَعْلِيمَهَا، وَيُؤَدِّبُهَا فَيُحْسِنُ أَدَبَهَا، ثُمَّ يُعْتِقُهَا فَيَتَزَوَّجُهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمُؤْمِنُ أَهْلِ الكِتَابِ، الَّذِي كَانَ مُؤْمِنًا، ثُمَّ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَالعَبْدُ

146 - باب أهل الدار يبيتون، فيصاب الولدان والذراري

الَّذِي يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ، وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ"، ثُمَّ قَال الشَّعْبِيُّ: "وَأَعْطَيْتُكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِي أَهْوَنَ مِنْهَا إِلَى المَدِينَةِ". [انظر: 97 - مسلم: 154 - فتح 6/ 145] (صالح بن حي) لفظ: (حي) لقب لأبي صالح، وإلا فاسمه: صالح كابنه. (الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (أبو بردة) هو الحارث. (أباه) هو عبد الله بن موسى بن قيس الأشعري. (فيحسن) في نسخة: "ويحسن" بالواو. (ويؤدبها) غاير بين التأديب والتعليم؛ لتعلقه بالمرادات والتعليم بالشرعيات، أو لأنه دنيوي والتعليم ديني، أو لأنه عرفي والتعليم شرعي. (فله أجران) أي: أجر العتق والتزوج. (وأعطيتكها) أي: هذه المسألة وفي نسخة: "أعطيكها". ومرَّ شرح الحديث في كتاب: العلم، في باب: تعليم الرجل أمته وزوجته (¬1). 146 - بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَابُ الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ {بَيَاتًا} [الأعراف: 4]: «لَيْلًا»، {لَنُبَيِّتَنَّهُ} [النمل: 49]: «لَيْلًا»، يُبَيَّتُ: «لَيْلًا». (باب: أهل الدار) أي: دار الحرب. (يبيتون) أي: يغار عليهم ليلا. (فيصاب الولدان) جمع الوليد. (والذراري) بذال معجمة جمع الذرية. وفي كلامه تكرار؛ إذ الذراري هم الولدان، والموافق للحديث النساء والذراري، لكن قد تفسر الذرية بالنساء والضعفاء فعليه لا تكرار في كلامه، بل من عطف العام على الخاص، والمراد: بيان أنه تجوز الغارة عليهم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (97) كتاب: العلم، باب: تعليم الرجل أمته وأهله.

3012 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ، وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَال: "هُمْ مِنْهُمْ"، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لَا حِمَى إلا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1825 - مسلم: 1193، 1745 - فتح 6/ 146] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عبيد الله) أي: ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود. (بالأبواء أو بودان) شك من الراوي، والأول: موضع بينه وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا سمي بذلك؛ لتبوئ السيول فيه. والثاني: قرية جامعة بينها وبين الأبواء ثمانية أميال (¬1). (وسئل) في نسخة: "فسئل". وكلاهما مبني للمفعول. والواو في الأولى للحال، والسائل هو الراوي كما أفاده شيخنا (¬2). (قال: هم منهم) أي: في حكم الدين، فتجوز الغارة عليهم لكن لا يقتلون إن لم يقاتلونا. (وسمعته) في نسخة: "فسمعته". 3013 - وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا الصَّعْبُ فِي الذَّرَارِيِّ كَانَ عَمْرٌو، يُحَدِّثُنَا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ قَال: "هُمْ مِنْهُمْ"، وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَال عَمْرٌو "هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ". [انظر: 2370 - فتح 6/ 146] (في الذراري) أي: دون النساء. (كان) أي: قال سفيان (كان). (عمرو) أي: ابن دينار. (يحدثنا) أي: بهذا الحديث. (عن ابن شهاب، ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 79، 5/ 365. (¬2) "الفتح" 6/ 147.

147 - باب قتل الصبيان في الحرب

عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: أنه قال هم من آبائهم. (فسمعناه) أي: قال سفيان: فسمعناه بعد ذلك. (عن الزهري) إلى آخره. 147 - بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الحَرْبِ (باب: قتل الصبيان في الحرب) أي: النهي عنه إن لم يقاتلونا؛ لقصورهم عن فعل الكفر؛ ولأن في إبقائهم انتفاعا بالرقبة أو بالفداء عند من يجوز الفداء بهم. 3014 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْتُولَةً، "فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ". [3015 - مسلم: 1744 - فتح 6/ 148] (أخبرنا الليث) في نسخة: "حدثنا الليث". (أن عبد الله) أي: ابن (في بعض مغازي النبي) في غزوة الفتح. 148 - بَابُ قَتْلِ النِّسَاءِ فِي الحَرْبِ (باب: قتل النساء في الحرب) أي: النهي عنه. 3015 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ ". [انظر: 3014 - مسلم: 1744 - فتح 6/ 148] (لأبي أسامة) هو حماد بن أسامة (عبيد الله) أي: ابن عبد الله بن عمر.

149 - باب: لا يعذب بعذاب الله

149 - بَابٌ: لَا يُعَذَّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ (باب: لا يعذب بعذاب الله) أي: وهو الإحراق بالنار. 3016 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْثٍ فَقَال: "إِنْ وَجَدْتُمْ فُلانًا وَفُلانًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ"، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَدْنَا الخُرُوجَ: "إِنِّي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلانًا وَفُلانًا، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إلا اللَّهُ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا". [انظر: 2954 - فتح 6/ 149] (بكير) أي: ابن عبد الله الأشج. (وإن النار لا يعذب بها إلا الله) خبر بمعنى النهي، وهو ناسخ لأمره السابق، ومحله في غير القصاص. 3017 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَرَّقَ قَوْمًا، فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَال: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ"، وَلَقَتَلْتُهُمْ كَمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ". [6922 - فتح 6/ 149] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن عكرمة) هو مولى ابن عباس. (لو كنت أنا) أي: بدله. (من بدل دينه) أي: دينه الحق، وإلا فالكافر إذا أسلم يصدق أنه بدل دينه ولا يقتل به. واليهودي مثلًا إذا تنصر فإنه وإن لم يبدل دين الحق، لكن لقتله دليل آخر. 150 - بَابُ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] فِيهِ حَدِيثُ ثُمَامَةَ [انظر: 462] وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ

151 - باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟

تَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ) " يَعْنِي: يَغْلِبَ فِي الأَرْضِ"، {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} [الأنفال: 67] الآيَةَ. [فتح 6/ 151] (باب) يذكر فيه التخيير بين المن والفداء في الأسرة لقوله تعالى: ({فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}) أي: فأما تمنوا منا أو تفدون فداء، أي: أو تقتلونهم أو تسترقونهم، كما عليه الأكثرون. (فيه) أي: في الباب (حديث ثمامة) أي: السابق في الصلاة في باب: ربط الأسير في المسجد (¬1). (وقوله -عزَّ وجلَّ-) بالرفع عطف على (حديث ثمامة) ({مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}) زاد في نسخة: " {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} يعني: يغلب في الأرض {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} " الآية. 151 - بَابٌ: هَلْ لِلْأَسِيرِ أَنْ يَقْتُلَ وَيَخْدَعَ الَّذِينَ أَسَرُوهُ حَتَّى يَنْجُوَ مِنَ الكَفَرَةِ؟ فِيهِ المِسْوَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح 6/ 152] (باب: هل للأسير) أي: بأيدي الكفار. (أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة). في نسخة: "أو يخدع" بدل قوله: (ويخدع). (فيه) أي: في الباب (المسور) أي: حديثه، وأشار إلى حديث أبي بصير السابق في كتاب: الشروط (¬2)، وفي صلح الحديبية (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (462) كتاب: الصلاة، باب: الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير في المسجد. (¬2) سبق برقم (2711) في أول كتاب: الشروط. (¬3) سيأتي برقم (4157 - 4158) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية.

152 - باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق

152 - بَابٌ: إِذَا حَرَّقَ المُشْرِكُ المُسْلِمَ هَلْ يُحَرَّقُ (باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟) أي: المشرك. 3018 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ، ثَمَانِيَةً، قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْغِنَا رِسْلًا، قَال: "مَا أَجِدُ لَكُمْ إلا أَنْ تَلْحَقُوا بِالذَّوْدِ"، فَانْطَلَقُوا، فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا، وَطَرَحَهُمْ بِالحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَمَا يُسْقَوْنَ، حَتَّى مَاتُوا، قَال أَبُو قِلابَةَ: قَتَلُوا وَسَرَقُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعَوْا فِي الأَرْضِ فَسَادًا. [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 6/ 153] (معلى) أي: "ابن أسد" كما في نسخة. (وهيب) أي: ابن خالد. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبد الله، أي: ابن زيد الجرمي. (أن رهطًا من عكل) هي قبيلة معروفة. (ثمانية) بالنصب بدل من (رهطًا) أو بيان له. (فاجتووا المدينة) أي: استوخموها أو كرهوا الإقامة بها. (أبغنا رسلًا) بكسر الراء وسكون المهملة، أي: اطلب لنا لبنًا (قال) في نسخة: "فقال". (بالذود) بفتح المعجمة وبمهملة في آخره: ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل. (حتى صحوا وسمنوا) زاد في نسخة: "ورجعت إليهم ألوانهم". (فقتلوا الراعي) اسمه: يسار. (فأتى الصريخ) هو صوت المستغيث، أو الصارخ. (فما ترجل النهار) بالجيم، أي: ارتفع. (فقطع أيديهم وأرجلهم) أي: جميعها إن كانوا فعلوا بالراعي ذلك، كما هو ظاهر

153 - باب

رواية والأخذ خلاف الآية {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33]. (فكحلهم بها) بالتخفيف، أي: أمر بها. (يستسقون فما يسقون) أي: لأنهم لا حرمة لهم؛ لارتدادهم (وسرقوا) فيه تجوز إذ لم يكن ذلك سرقة بل حرابة. ومرَّ شرح الحديث في باب أبو ال الإبل وغيره (¬1). 153 - باب. (باب) ترك فيه الترجمة فهو كالفصل مما قبله. 3019 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ، فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ؟! ". [3319 - مسلم: 2241 - فتح 6/ 154] (نبيًّا) هو عزير أو موسى. (فأحرقت) أي: القرية، وفي نسخة: "فأحرق" أي: النمل. (أن قرصتك) فيه استفهام مقدر أو ملفوظ به، واستشكل ذلك بأنه كيف جاز إحراق النمل قصاصًا وليس مكلفًا ولا الإحراق مماثلًا للقرص؟ وكيف أحرق غير القارصة، وقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى}؟! [الأنعام: 164] وأجيب: بأن الإحراق لعله كان جائزًا في شريعة ذلك النبي، وأن المؤذي طبعًا يقتل شرعًا قياسًا على الأفعى إنما عوتب عليه [مع جوازه] (¬2)؛ لأنه قد يعاتب على خلاف الأولى، وحسنات الأبرار سيئات المقربين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (233) كتاب: الوضوء، باب: أبوال الإبل والغنم ومرابضها. و (1501) كتاب: الزكاة، باب: استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل. (¬2) من (س).

154 - باب حرق الدور والنخيل

154 - بَابُ حَرْقِ الدُّورِ وَالنَّخِيلِ (باب: حرق الدور والنخيل) أي: جواز حرقها إذا كانت للمشركين. 3020 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، قَال: قَال لِي جَرِيرٌ: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ" وَكَانَ بَيْتًا فِي خَثْعَمَ يُسَمَّى كَعْبَةَ اليَمَانِيَةِ، قَال: فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، قَال: وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، وَقَال: "اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا"، فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهُ، فَقَال رَسُولُ جَرِيرٍ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْوَفُ أَوْ أَجْرَبُ، قَال: فَبَارَكَ فِي خَيْلِ أَحْمَسَ، وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. [3036، 3076، 3823، 4355، 4356، 4357، 6090، 6333 - مسلم: 2475، 2476 - فتح 6/ 154] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (من ذي الخلصة) بفتح الخاء المعجمة واللام، وقيل: بفتح الخاء وسكون واللام، وقيل: بفتحها وضم اللام، وقيل: بضمها: اسم صنم. والخلصة: بيت فيه الصنم، فقوله: (وكان بيتا) أي: جعل ضمير (كان) للخلصة بأن يقال: وكان مدلول الخلصة بيتا كان الكلام صحيحا حقيقة، وإن جعل لذي الخلصة لم يصح إلا أن يجعل البيت مجازا عن الصنم، فيكون صحيحا مجازا من باب تسمية الحال باسم المحل. (في خثعم) بمثلثة: قبيلة شهيرة ينسبون إلى خثعم بن أنمار بن إراش بكسر الهمزة وبالمعجمة. (يسمى) أي: ذو الخلصة. (كعبة اليمانية) بالتخفيف من باب إضافة الموصوف إلى الصفة وهو جائز عند الكوفيين،

155 - باب قتل المشرك النائم

والبصريون يؤولونه بتقدير كعبة الجهة اليمانية. (فضرب في صدري) إنما ضرب في صدره؛ لأن فيه القلب. (فقال رسول جرير) هو أبو أرطاة حصين بن ربيعة. (كأنها جمل أجوف) أي: صارت كالجمل الخالي الجوف. (أو أجرب) كناية عن نزع زينتها، وإذهاب بهجتها، أو عن جمل مطلي بالقطران من جربه إشارة إلى ما حصل لها من سواد. 3021 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "حَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ". [انظر: 2326 - مسلم: 1746 - فتح 6/ 154] (سفيان) أي: ابن عيينة. (بني النضير) قبيلة من اليهود بالمدينة. 155 - بَابُ قَتْلِ المُشْرِكِ النَّائِمِ (باب: قتل النائم المشرك) أي: جواز قتله. ولفظ (النائم) ساقط من نسخة. 3022 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ لِيَقْتُلُوهُ"، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَدَخَلَ حِصْنَهُمْ، قَال: فَدَخَلْتُ فِي مَرْبِطِ دَوَابَّ لَهُمْ، قَال: وَأَغْلَقُوا بَابَ الحِصْنِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ فَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ، فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَهُ، فَخَرَجْتُ فِيمَنْ خَرَجَ أُرِيهِمْ أَنَّنِي أَطْلُبُهُ مَعَهُمْ، فَوَجَدُوا الحِمَارَ، فَدَخَلُوا وَدَخَلْتُ وَأَغْلَقُوا بَابَ الحِصْنِ لَيْلًا، فَوَضَعُوا المَفَاتِيحَ فِي كَوَّةٍ حَيْثُ أَرَاهَا، فَلَمَّا نَامُوا أَخَذْتُ المَفَاتِيحَ، فَفَتَحْتُ بَابَ الحِصْنِ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، فَأَجَابَنِي، فَتَعَمَّدْتُ الصَّوْتَ فَضَرَبْتُهُ، فَصَاحَ، فَخَرَجْتُ، ثُمَّ جِئْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ كَأَنِّي مُغِيثٌ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، فَقَال: مَا لَكَ لِأُمِّكَ الوَيْلُ، قُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟، قَال: لَا أَدْرِي مَنْ دَخَلَ عَلَيَّ، فَضَرَبَنِي، قَال: فَوَضَعْتُ

سَيْفِي فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ حَتَّى قَرَعَ العَظْمَ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَأَنَا دَهِشٌ، فَأَتَيْتُ سُلَّمًا لَهُمْ لِأَنْزِلَ مِنْهُ، فَوَقَعْتُ فَوُثِئَتْ رِجْلِي، فَخَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِبَارِحٍ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى سَمِعْتُ نَعَايَا أَبِي رَافِعٍ تَاجِرِ أَهْلِ الحِجَازِ، قَال: فَقُمْتُ وَمَا بِي قَلَبَةٌ حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْنَاهُ. [3023، 4038، 4039، 4040 - فتح 6/ 155] (عن أبي إسحاق) هو عمر بن عبد الله السبيعي. (رهطًا) هم ما بين الثلاثة إلى التسعة من الرجال. (إلى أبي رافع) هو عبد الله أو سلام بن أبي الحقيق. (رجل منهم) هو عبد الله بن عتيك. (قال) أي: الرجل. (فقدوا) بفتح القاف. (أنني) بنونين، وفي نسخة: "إني" بنون مشددة. (في كوة) بفتح الكاف وضمها وتشديد الواو: ثقب في جدار البيت. (فتعمدت الصوت) أي: اعتمدت جهته؛ إذ كان الموضع مظلمًا. (ثم جئت) ساقط من نسخة. (مالك) (ما) استفهامية مبتدأ وخبره (لك). (لأمك) القياس على أمك وإنما ذكر باللازم؛ لإرادة الاختصاص. (دهش) بكسر الهاء، أي: متحير مدهوش. (فوثئت رجلي) بضم الواو وكسر المثلثة وهمزة مفتوحة، أي: أصاب عظمها شيء لا يبلغ الكسر كأنه فك. (ببارح) أي: بذاهب. (الناعية) أي: المخبرة بموته. في نسخة: "الداعية" أي: التي تدعو بالويل: وهي النائحة. (نعايا أبي رافع) جمع نعي كصفي وصفايا، والنعي: خبر الموت، أي: فما برحت حتى سمعت الأخبار مصرحة بموت أبي رافع. (وما بي قلبة) أي: وما بي داء تقلب له الرجل لتعالج. (فأخبرناه) أي: بموت أبي رافع. وفي الحديث: جواز التجسس على المشركين، وجواز قتلهم ولو نائمين إذا اشتهر عنهم ما يجوز قتلهم.

156 - باب: لا تمنوا لقاء العدو

3023 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا فَقَتَلَهُ وَهُوَ نَائِمٌ". [انظر: 3022 - فتح 6/ 155] (حدثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله" (حدثنا يحيى) في نسخة: "حدثني يحيى". (ابن أبي زائدة) لفظ (يحيى) ساقط من نسخة. وهو منسوب إلى جده، وإلا فهو ابن زكريا بن أبي زائدة. (عن أبي إسحاق) أي: السبيعي. (بيته) بسكون التحتية، وفي نسخة: بفتحها مشددة، أي: حال كونه بيته، أي: أوقع به ليلا، فعليه يكون قوله: (ليلًا) تأكيدًا. 156 - بَابٌ: لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ (باب: لا تمنوا لقاء العدو) بحذف إحدى التاءين من تتمنوا تخفيفا. 3024 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ اليَرْبُوعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، كُنْتُ كَاتِبًا لَهُ، قَال: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، حِينَ خَرَجَ إِلَى الحَرُورِيَّةِ، فَقَرَأْتُهُ، فَإِذَا فِيهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، انْتَظَرَ حَتَّى مَالتِ الشَّمْسُ. [انظر: 2818 - مسلم: 1742 - فتح 6/ 156] (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن محمد. (كنت كاتبًا له) أي: لعمر بن عبيد الله. (كنت كاتبًا) إلخ مقول سالم ونسخ هنا البخاري مختلفة بزيادة ونقص. 3025 - ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ فَقَال: "أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَسَلُوا

157 - باب: الحرب خدعة

اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ" ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ". وَقَال مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، كُنْتُ كَاتِبًا لِعُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَتَاهُ كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ" [انظر: 2818، 2933 - مسلم: 1742 - فتح 6/ 156] 3026 - وَقَال أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا". [مسلم: 1741 - فتح 6/ 156] (وقال أبو عامر) هو عبد الملك بن عمرو بن قيس البصري. (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (لا تمنوا لقاء العدو) بحذف إحدى التاءين وفي نسخة: "لا تتمنوا" بإثباتها، وإنما نهى عن تمني لقاء العدو مع أنه جهاد وهو طاعة؛ لما فيه من الإعجاب والاتكال على القوة، ولأن المرء لا يدري ما يؤول إليه الحال. 157 - بَابٌ: الحَرْبُ خَدْعَةٌ (باب: الحرب خدعة) بفتح الخاء وضمها مع إسكان الدال وفتحها، وبكسر الخاء وسكون الدال. والأفصح الفتح مع السكون ومعناها: أن المماكرة في الحرب أنفع من المكابرة. والخداع في الحرب مباح، وإن كان محذورًا في غيرها. 3027 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "هَلَكَ كِسْرَى، ثُمَّ لَا يَكُونُ كِسْرَى

بَعْدَهُ، وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ، ثُمَّ لَا يَكُونُ قَيْصَرٌ بَعْدَهُ، وَلَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. [3120، 3618، 6630 - مسلم: 2918 - فمْح 6/ 157] 3028 - وَسَمَّى الحَرْبَ خَدْعَةً. [3029 - مسلم: 1740 - فتح 6/ 157] (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (هلك كسرى) في رواية "إذا هلك كسرى" (¬1). وجمع بينهما باحتمال أن أبا هريرة سمع اللفظ الثاني قبل موت كسرى، والأول بعد موته. أو أن المراد بالثاني هلاك ملكه، وزواله وبالأول موته نفسه. (وقيصر) بمنع الصرف؛ للعجمة والعلمية، مبتدأ خبره (ليهلكن) بفتح التحتية وكسر اللام. 3029 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بُورُ بْنُ أَصْرَمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَرْبَ خَدْعَةً". [انظر: 3028 - مسلم: 1740 - فتح 6/ 158] (أبو بكر بن أصرم) في نسخة: "أبو بكر بور". وفي أخرى: "أبو بكر اسمه: بور" المروزي. (معمر) أي: ابن راشد. 3030 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحَرْبُ خَدْعَةٌ". [مسلم: 1739 - فتح 6/ 158] (عن عمرو) أي: ابن دينار. ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (3121) كتاب: فرض الخمس، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أحلت لكم الغنائم".

158 - باب الكذب في الحرب

158 - بَابُ الكَذِبِ فِي الحَرْبِ (باب: الكذب في الحرب) أي. بيان جوازه. 3031 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ"، قَال مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ (¬1): أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "نَعَمْ"، قَال: فَأَتَاهُ، فَقَال: إِنَّ هَذَا - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ، قَال: وَأَيْضًا، وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قَال: فَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ، حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ، قَال: فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ. [انظر: 2510 - مسلم: 180 - فتح 6/ 158] (سفيان) أي: ابن عيينة. (من لكعب) مبتدأ وخبر، أي: من يقتله. (قال) أي: جابر. (فأتاه) أي: فأتى محمد بن سلمة كعبًا. (عنانا) بفتح العين والنون المشددة، أي: أتعبنا. وهذا من التعريض الجائز بل من المستحسن؛ لأن معناه في الباطن أدبنا بآداب الشريعة التي فيها تعب لكنه في مرضاة الله -عزَّ وجلَّ -، والذي فهمه المخاطب أنه العناء الذي ليس بمحبوب. (وسألنا الصدقة) بفتح اللام، أي: طلبها منا ليضعها في مجالها. (قال) أي: كعب. (لتملنه) بفتح اللام والفوقية والميم وضم اللام المشددة، أي: تزيد ملالتكم وتتضجرون منه أزيد من ذلك. (قال) أي: محمد بن مسلمة (فإنا قد اتبعناه) بتشديد الفوقية. (قال) أي: جابر. (فلم يزل) أي: محمد بن سلمة. (فقتله) لا يقال ذلك غدر منه بكعب مع أنه مستأمن لأنا نمنع ذلك؛ لأن كعبًا قد نقض العهد بإيذائه النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع أنا لا نسلم أنه كان ¬

_ (¬1) في الأصل: مسلمةُ مرفوعًا وفي (س): بالنصب أ. هـ.

159 - باب الفتك بأهل الحرب

مستأمنًا. وقول ابن مسلمة له ما قال ليس صريحًا بتأمينه، وإنما هو كلام في الشكاية إليه ظاهرًا والاستئناس به حتى تمكن من قتله. 159 - بَابُ الفَتْكِ بِأَهْلِ الحَرْبِ (باب: الفتك بأهل الحرب) أي: بيان جواز قتلهم على غفلة، والفتك: الغدر. 3032 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ"، فَقَال مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَال: "نَعَمْ"، قَال: فَأْذَنْ لِي، فَأَقُولَ قَال: "قَدْ فَعَلْتُ". [انظر: 2510 - مسلم: 180 - فتح 6/ 160] (حدثني عبد الله) في نسخة: "حدثنا عبد الله". (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (فأقول) بالنصب بأن مقدرة، أي: ائذن لي أن أقول عني وعنك ما أراه مصلحة من التعريض وغيره ما لم يحق باطلًا ولم يبطل حقًّا. (قد فعلت) أي: أذنت. 160 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الاحْتِيَالِ وَالحَذَرِ، مَعَ مَنْ يَخْشَى مَعَرَّتَهُ (باب: ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من يخشى) بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل. (معرته) بالرفع على الأول، وبالنصب على الثاني، أي: فساده وشره. 3033 - قَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَال: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، فَحُدِّثَ بِهِ فِي نَخْلٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخْلَ،

161 - باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق

طَفِقَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَابْنُ صَيَّادٍ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالتْ: يَا صَافِ هَذَا مُحَمَّدٌ، فَوَثَبَ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ". [انظر: 1355 - مسلم: 2931 - فتح 6/ 160] (قال الليث) في نسخة: "وقال الليث". (عقيل) أي: ابن خالد. (عن عبد الله ابن عمر) لفظ: (عبد الله) ساقط من نسخة. (فحدث به) بالبناء للمفعول، أي: فأخبر به. (طفق) أي: جعل النبي. (يتقي بجذوع النخل) أي: يخفي نفسه بها؛ لئلا يراه ابن صياد وهذا احتيال وحذر من ابن صياد؛ لأنه ممن يخشى معرته. (في قطيفة) أي: كساء له خمل. (أم ابن صياد) لفظ: (ابن) ساقط من نسخة. (يا صاف) بكسر الفاء وضمها اسم ابن صياد. (بيَّن) أي: لكم باختلاف كلامهم ما يهون عليكم أمره ويظهر حاله. ومرَّ شرح الحديث [في الجنائز] (¬1) في باب: إذا أسلم الصبي (¬2). 161 - بَابُ الرَّجَزِ فِي الحَرْبِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ فِي حَفْرِ الخَنْدَقِ فِيهِ سَهْلٌ وَأَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2834، 3797] وَفِيهِ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ. [4196] (باب: الرجز في الحرب) أي: إنشاده فيها و (في) أي: في ما جاء في (رفع الصوت في حفر الخندق) أي: يوم الأحزاب. (فيه سهل) أي: ابن سعد الساعدي. (وأنس) أي: في الباب حديثهما. (وفيه يزيد) أي: ابن أبي عبيد. (عن سلمة) أي: ابن الأكوع. ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) سبق برقم (1355) كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلي عليه؟

162 - باب من لا يثبت على الخيل

3034 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الخَنْدَقِ وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ الشَّعَرِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللَّهِ: اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا إِنَّ الأَعْدَاءَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ. [انظر: 2836 - مسلم: 1803 - فتح 6/ 160] (أبو الأحوص) هو سلام بن سليم الحنفي. (أبو إسحاق) هو السبيعي. (رأيت النبي) في نسخة: "رأيت رسول الله". (ابن رواحة) ساقط من نسخة. (إن الإعداء) بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها. ومرَّ شرح الحديث في باب: حفر الخندق (¬1). 162 - بَابُ مَنْ لَا يَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ (باب: من لا يثبت على الخيل) أي: باب ذكر ما جاء في الدعاء لمن لا يثبت على الخيل. 3035 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إلا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي. [3822، 6089 - مسلم: 2475 - فتح 6/ 161] (حدثني محمد) في نسخة: "حدثنا محمد". (ابن إدريس) هو عبد الله (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد الأحمسي. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (عن جرير) أي: ابن عبد الله الأحمسي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1836) كتاب: الجهاد والسير، باب: حفر الخندق.

163 - باب دواء الجرح بإحراق الحصير

(ما حجبني النبي) أي: ما منعني من دخول منزله، أو من شيء التمسته منه. (في وجهي) في نسخة: "وجهه" ففيه التفات. 3036 - وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ إِنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَال: "اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا". [انظر: 3020 - مسلم: 2475، 2476 - فتح 6/ 161] (في صدري) في نسخة: "في صدره". وإنما ضرب فيه؛ لأنه محل القلب. (هاديا) أي: لغيره. (مهديا) بفتح الميم، أي: في نفسه. 163 - بَابُ دَوَاءِ الجُرْحِ بِإِحْرَاقِ الحَصِيرِ وَغَسْلِ المَرْأَةِ عَنْ أَبِيهَا الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَحَمْلِ المَاءِ فِي التُّرْسِ. (باب: دواء الجرح بإحراق الحصير، وغسل المرأة عن أبيها الدم وجهه، وحمل الماء في الترس) أي: باب: بيان ذلك. 3037 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، قَال: سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِأَيِّ شَيْءٍ دُوويَ جُرْحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال: مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، "كَانَ عَلِيٌّ يَجِيءُ بِالْمَاءِ فِي تُرْسِهِ، وَكَانَتْ - يَعْنِي فَاطِمَةَ - تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأُحْرِقَ، ثُمَّ حُشِيَ بِهِ جُرْحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 243 - مسلم: 1790 - فتح 6/ 162] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. (بأي شيء دووي جرح رسول الله) إلى آخره. مرَّ شرحه في الطهارة، في باب: غسل المرأة أباها الدم عن وجهه (¬1). في نسخة: بدل (رسول الله): "النبي". ¬

_ (¬1) سبق برقم (243) كتاب: الوضوء، باب: غسل المرأة أباها الدم عن وجهه.

164 - باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب، وعقوبة من عصى إمامه

164 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَازُعِ وَالاخْتِلافِ فِي الحَرْبِ، وَعُقُوبَةِ مَنْ عَصَى إِمَامَهُ وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] قَال قَتَادَةُ: "الرِّيحُ: الحَرْبُ. (باب: ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب) أي: في المقاتلة في أحوالها. (وعقوبة) أي: باب: بيان ما ذكر، وبيان عقوبة. (من عصى إمامه) أي: بالهزيمة. ({فَتَفْشَلُوا}) أي: فتجنبوا عن عدوكم. ({وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}) أي: قوتكم ودولتكم، وقيل: حربكم وهما متلازمان، وكلٌّ منهم مجاز، وقد ذكر الثاني عن قتادة بقوله: (الريح: الحرب) في نسخة: بدله "يعني: الحرب". 3038 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى اليَمَنِ قَال: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا". [انظر: 2261 - مسلم: 1733 - فتح 6/ 162] (يحيى) أي: ابن جعفر بن أعين البيكندني، أو ابن موسى بن عبد الله السختياني. (وكيع) أي: ابن الجراح الرؤاسي بضم الراء وبهمزة ممدودة. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن جده) الضمير لسعيد لا لأبيه. (يسرا) أي: خذا بما فيه التيسر. (ولا تنفرا) أي: لا تذكرا شيئًا تهزمون منه، ولا تقصدا ما فيه الشدة. (وتطاوعا) أي: تحابا. 3039 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ قَال: جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجَّالةِ يَوْمَ أُحُدٍ،

وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَال: "إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ، هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا القَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ، فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ"، فَهَزَمُوهُمْ، قَال: فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ، قَدْ بَدَتْ خَلاخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ، رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ، فَقَال أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الغَنِيمَةَ أَيْ قَوْمِ الغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَال لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ، فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الغَنِيمَةِ، فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ، فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنَ المُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلًا، فَقَال أَبُو سُفْيَانَ: أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَال: أَفِي القَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَال: أَفِي القَوْمِ ابْنُ الخَطَّابِ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَال: أَمَّا هَؤُلاءِ، فَقَدْ قُتِلُوا، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَال: كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ، قَال: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي القَوْمِ مُثْلَةً، لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تُجِيبُوا لَهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَال: "قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ"، قَال: إِنَّ لَنَا العُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تُجِيبُوا لَهُ؟ "، قَال: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَال: "قُولُوا اللَّهُ مَوْلانَا، وَلَا مَوْلَى لَكُمْ". [3986، 4043، 4067، 4561 - فتح 6/ 162] (زهير) أي: ابن معاوية. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (على الرجالة) بفتح الراء وتشديد الجيم جمع راجل على خلاف القياس. (عبد الله) بالنصب بجعل (تخطفنا) بفتح الفوقية وسكون

المعجمة وفتح المهملة مخففة، وفي نسخة: "يخطفنا" بفتح المعجمة والمهملة مشددة، وأصله: تتخطفنا بتاءين حذفت إحداهما أي: إن رأيتمونا قد زلْنا من مكاننا وولَّينا منهزمين، وأكلت الطير لحومنا. (فلا تبرحوا) أي: فلا تزالوا (وأوطأناهم) أي: مشينا عليهم وهم قتلى على الأرض. (رأيت النساء) أي: المشركات. (يشتددن) بفتح التحتية وسكون المعجمة وكسر الدال الأولى، وفي نسخة: "يشددن" بسكون المعجمة، وحذف الفوقية وضم الدال الأولى أي: يجرين، وفي أخرى: "يسندن" بضم التحتية وسكون المهملتين بينهما نون مكسورة، أي: يمشين في سند الجبل يردن أن يصعدنه. (وأسوقهن) بضم الواو جمع ساق وضبطه بعضهم بهمز الواو؛ لأنها إذا انضمت جاز همزها نحو: أدور أدؤر (رافعات ثيابهن) أي: ليعينهن ذلك على الهرب، وإنما خرجت قريش بنسائها؛ لأجل توهم ثباتهم. (الغنيمة) بالنصب على الإغراء. (أي قوم) أي: يا قوم. (الغنيمة) بالنصب على الإغراء أيضًا. (ظهر أصحابكم) أي: غلبوا الكفار. (صرفت وجوههم) أي: حولت إلى الموضع الذي جاءوا منه عقوبة لهم؛ لعصيانهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبرحوا". (فذاك إذ يدعوهم الرسول) أي: حين يقول لهم رسول الله: "إلي يا عباد الله. إلي يا عباد الله. إلي يا عباد الله. أنا رسول الله من يكر فله الجنة". (في أخراهم) أي: في جماعتهم المتأخرة. (فأصابوا منا) في نسخة: "فأصابوا منها" أي: في طائفة المسلمين. (وكان النبي وأصحابه أصاب) كل منهم. وفي نسخة: "أصابوا". (وسبعين قتيلا) لفظ: (قتيلا) ساقط من نسخة. (أبو سفيان) هو صخر بن حرب، وكان يومئذٍ رئيس الكفار وأمير

165 - باب إذا فزعوا بالليل

عسكرهم. (فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبوه) أي: صونا عن الخوض فيما لا فائدة فيه وعن خصام مثله. (فما ملك عمر نفسه فقال) إلى آخره إنما قال ذلك لأبي سفيان مع نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إجابته؛ لأنه أراد إنكار الباطل ولم يرد العصيان. (وقد بقي لك ما يسوؤك) أي: يوم الفتح. (قال) أي: أبو سفيان. (يوم بيوم بدر) أي: هذا اليوم في مقابلة يوم بدر. (والحرب سجال) أي: دول مرة لهؤلاء ومرة لهؤلاء، وهو جمع سجل: وهو الدلو شبه المتحاربان بالمستقيين يستقي هذا دلوا وهذا دلوًا. (مثلة) بضم الميم وسكون المثلثة: اسم لمن مثل به؛ كأن قطع أنفه وبقر بطنه. (لم آمر بها) أي: لأنها فعلة قبيحة لا تجلب لفاعلها نفعا. (ولم تسؤني) أي: لم أكرهها وإن وقعت بغير أمري، وإنما لم تسؤه؛ لأنهم كانوا أعداء له. (أعل) بفتح الهمزة وسكون المهملة. (هبل) بضم الهاء وفتح الموحدة: اسم صنم كان في الكعبة، أي: علا حزبك يا هبل. (قال النبي) في نسخة: "فقال النبي": "ألا تجيبوا له" حذف النون فيه وفيما يأتي من غير ناصبٍ وجازم على لغة فصيحة، وفي نسخة: "ألا تجيبونه" بالنون بدل اللام في الموضعين. (إن لنا العزى) تأنيث الأعز وكانت صنمًا لهم. (اللهم مولانا) أي: ناصرنا. 165 - بَابُ إِذَا فَزِعُوا بِاللَّيْلِ (باب إذا فزعوا بالليل) بكسر الزاي، أي: خافوا فيه، وجواب (إذا) محذوف أي: ينبغي لإمامهم أن يكشف الخبر بنفسه، أو من يندبه لذلك.

166 - باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

3040 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، قَال: وَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ لَيْلَةً سَمِعُوا صَوْتًا، قَال: فَتَلَقَّاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ، فَقَال: "لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا"، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَجَدْتُهُ بَحْرًا" يَعْنِي الفَرَسَ. [انظر: 2627 - مسلم: 2307 - فتح 6/ 163] (حماد) أي: ابن زيد (عن ثابت) أي: البناني. (ليلة) في نسخة: "ليلا". (فتلقاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: وهو راجع. (على فرس) اسمه: المندوب. (لم تراعوا لم تراعوا) أي: لا تراعوا، أولم تراعوا روعا مستقرًا، أو روعًا يضركم. ومر شرح الحديث في كتاب: الجهاد، وكتاب: الهبة (¬1). 166 - بَابُ مَنْ رَأَى العَدُوَّ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا صَبَاحَاهْ، حَتَّى يُسْمِعَ النَّاسَ (باب: من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه) أي: أغيثوني وقت الصباح. وخصص الصباح؛ لأن الأعداء كانوا يغيرون فيه، وألف (صباحاه) للاستغاثة، وهاؤه للسكت، وقيل: للندبة. (حتى يسمع الناس) بضم التحتية وكسر الميم، وفي نسخة: بفتحهما فالناس على الأول منصوب وعلى الثاني مرفوع. 3041 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَال: خَرَجْتُ مِنَ المَدِينَةِ ذَاهِبًا نَحْوَ الغَابَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الغَابَةِ، لَقِيَنِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (2627) كتاب: الهبة، باب: من استعار من الناس الفرس. و (2820) كتاب: الجهاد والسير، باب: الشجاعة في الحرب والجبن.

غُلامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قُلْتُ: وَيْحَكَ مَا بِكَ؟ قَال: أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَال: غَطَفَانُ، وَفَزَارَةُ فَصَرَخْتُ ثَلاثَ صَرَخَاتٍ أَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا: يَا صَبَاحَاهْ يَا صَبَاحَاهْ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ حَتَّى أَلْقَاهُمْ، وَقَدْ أَخَذُوهَا، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ، وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ... وَاليَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا، فَأَقْبَلْتُ بِهَا أَسُوقُهَا، فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ القَوْمَ عِطَاشٌ، وَإِنِّي أَعْجَلْتُهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُمْ، فَابْعَثْ فِي إِثْرِهِمْ، فَقَال: "يَا ابْنَ الأَكْوَعِ: مَلَكْتَ، فَأَسْجِحْ إِنَّ القَوْمَ يُقْرَوْنَ فِي قَوْمِهِمْ". [4194 - مسلم: 1806 - فتح 6/ 164] (عن سلمة) أي: ابن الأكوع. (نحو الغابة) بمعجمة وموحدة: موضع على بريد من المدينة في طريق الشام (¬1). (أخذت) في نسخة: "أخذ" بالبناء للمفعول فيهما. (لقاح) بكسر اللام جمع لقوح بفتحها: وهي الحلوب. (غطفان وفزاره) قبيلتان من العرب. (لابتيها) أي: لابتي المدينة، واللابة: الحرة، ومرَّ غير مرة. (ثم اندفعت) أي: أسرعت في السير. (أنا ابن الأكوع) الأكوع: لقب، واسمه: سنان بن عبد الله. (واليوم يوم الرضع) برفعهما مبتدأ وخبر، وروي بنصب الأول ظرف، ومحله: الرفع خبر للثاني. و (الرضع) بتشديد الضاد جمع راضع، أي: واليوم كيوم هلاك اللئام من قولهم: لئيم راضع: وهو الذي رضع اللؤم من ثدي أمه، وقيل: هم الذين يرضعون بأنفسهم اللبن من الشاة بغير حلب من اللؤم؛ أو لأنهم يرضعون بالسخلة من غير أن تحلب أمها؛ لئلا يسمع ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 182.

الضيف الصوت، وقيل: معناه: اليوم يعرف من رضع كريمة فأنجبته، أو لئيمة فهجنته، وقيل: غير ذلك. (فاستنقذتها) بذال معجمة، أي: استخلصتها. (منهم) أي: من غطفان وفزارة. (قبل أن يشربوا) أي: الماء بقرينة قوله: (أن القوم عطاش) بكسر العين. (وأني أعجلتهم أن يشربوا) بفتح (أن) هي بمدخلوها مفعول له، أي: كراهة شربهم. (سقيهم) بكسر المهملة، أي: حظهم من الشرب. (ملكت) أي: قدرت عليهم فاستعبدتهم وهم في الأصل أحرار. (فأسجح) بهمزة قطع وسين مهملة ساكنة فجيم فمهملة، أي: فأرفق، وأحسن في العفو ولا تأخذ بالشدة. (إن القوم) أي: غطفان وفزارة. (يقرون) بضم التحتية وسكون القاف والواو بينهما راء مفتوحة، أي: يضافون. (في قومهم) يعني: أنهم وصلوا إلى قومهم في غطفان وهم يضيفونهم ويساعدونهم، فلا فائدة في البعث في الأثر، وفي نسخة: "يقرون" بفتح التحتية وضم الراء، أي: يضيفون في قومهم الأضياف فارفق بهم راعى - صلى الله عليه وسلم - ذلك لهم؛ رجاء توبتهم. وفي أخرى: "يقرون" بفتح التحتية وكسر القاف وضم الراء مشددة من القرار. وفي الحديث: جواز قول الإنسان يا صباحاه للإنذار بالعدو، وقوله: أنا ابن فلان في القتال إذا كان شجاعًا؛ لتخويف الخصم، ومعجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - حيث أخبر بأن غطفان وفزارة يقرون في قومهم، وكان كذلك.

167 - باب من قال: خذها وأنا ابن فلان

167 - بَابُ مَنْ قَال: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ فُلانٍ وَقَال سَلَمَةُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ. [انظر: 3041] (باب: من قال: خذها) أي: الرمية. (وأنا ابن فلان) أي: باب ذكر من قال ذلك عند لقائه العدو. (وأنا ابن الأكوع) أي: المشهور في الرمي بالإصابة عن القوس. وهذا وإن كان منهيًّا عنه؛ لاقتضائه الافتخار غير منهي عنه في القتال؛ لتخويف الخصم. 3042 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَأَلَ رَجُلٌ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَوَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَال البَرَاءُ، وَأَنَا أَسْمَعُ: أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَلِّ يَوْمَئِذٍ، كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ آخِذًا بِعِنَانِ بَغْلَتِهِ، فَلَمَّا غَشِيَهُ المُشْرِكُونَ نَزَلَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ قَال: فَمَا رُئِيَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مِنْهُ. [انظر: 2864 - مسلم: 1776 - فتح 6/ 164] (عبيد الله) أي: ابن موسى العبسي. (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (يا أبا عمارة) بضم المهملة وخفة الميم؛ كُنية البراء. (لم يول) جواب (أما) وحذف الفاء منه جائز نظمًا ونثرًا كما قاله ابن مالك (¬1). وإنما لم يول؛ لفرط شجاعته وثقته بوعد الله ورغبته في الشهادة ولقاء ربه؛ ولأنه لا يجوز على نبي الانهزام. (فلما غشيه المشركون) أي: أحاطوا به. ومرَّ شرح الحديث [في الجهاد] (¬2) في باب: من قاد دابة ¬

_ (¬1) "شواهد التوضيح" لابن مالك ص 136 - 138. (¬2) من (س).

168 - باب إذا نزل العدو على حكم رجل

غيره في الحرب (¬1). 168 - بَابُ إِذَا نَزَلَ العَدُوُّ عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ (باب: إذا نزل العدو على حكم رجل) أي: مسلم وجواب (إذا) محذوف، أي: ينفذ. 3043 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ هُوَ ابْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ" فَجَاءَ، فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَهُ: إِنَّ هَؤُلاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ، قَال: فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ المُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ، قَال: "لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ المَلِكِ". [3804، 4121، 6262 - مسلم: 1768 - فتح 6/ 165] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي أمامة) هو سعد. (عن أبي سعيد) هو سعد بن مالك بن سنان. (بعث رسول الله) أي: في طلب سعد. (وكان قريبًا منه) أي: حيث جعله - صلى الله عليه وسلم - في خيمة بالقرب منه؛ ليعوده في مرضه الذي أصابه من رمية رمي بها. (أن تقتل المقاتلة) بكسر (المقاتلة) سواء كانوا رجالًا أم لا. (وأن تسبى الذرية) أي: النساء والصبيان، ويلحق بهم الخنانثى والرجال المجانين. (بحكم الملك) بكسر اللام، أي: بحكم الله كما في رواية (¬2). وفي الحديث: جواز التحكيم، وكرام أهل الفضل والقيام لهم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2864) كتاب: الجهاد والسير، باب: من قاد دابة غيره في الحرب. (¬2) ستأتي برقم (4121) كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب، ومسلم (1768) كتاب: الجهاد والسير، باب: جواز قتل من نقض العهد.

169 - باب قتل الأسير، وقتل الصبر

169 - بَابُ قَتْلِ الأَسِيرِ، وَقَتْلِ الصَّبْرِ (باب: قتل الأسير) أي: "صبرًا" كما في نسخة. (وقتل الصبر) أي: بأن يمسك حيوانًا ثم يرميه بشيء حتى يموت، وفي نسخة: "قتل الأسير صبرا" بذكر صبرا وحذف (وقتل الصبر) وهي أخصر، والمعنى: باب جواز قتل الأسير صبرًا. وهو الذي دل عليه حديث الباب وعلى هذا فقوله في النسخة الأولى (وقتل الصبر) لا فائدة له بل هو مضر؛ لاقتضائه جواز قتل الصبر لغير الأسير مطلقا وليس كذلك، أو محمول على أن المعنى: باب جواز قتل الأسير صبرا والنهي عن قتل الصبر، ولا يخفى ما فيه من التكلف مع أنه لا دلالة في الحديث عليه. 3044 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَامَ الفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ المِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَال: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ فَقَال: "اقْتُلُوهُ". [انظر: 1846 - مسلم: 1357 - فتح 6/ 165] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (المغفر) بكسر الميم: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة. (جاء رجل) هو أبو برزة الأسلمي. (إن ابن خطل) اسمه: عبد الله، أو عبد العزي. (فقال: اقتلوه) أمر بقتله؛ لأنه ارتد عن الإسلام وقتل مسلمًا كان يخدمه وكان يهجو النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا مقيد لخبر: "من دخل المسجد فهو آمن" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3022) كتاب: الخراج، باب: ما جاء في خير مكة. من حديث ابن عباس، والبيهقي 9/ 119 كتاب: السير، باب: فتح مكة حرسها الله تعالى. والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".

170 - باب: هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، ومن ركع ركعتين عند القتل

وفيه: جواز إقامة الحد والقصاص في الحرم. ومر شرح الحديث في باب: دخول الحرم ومكة بغير إحرام (¬1). 170 - بَابٌ: هَلْ يَسْتَأْسِرُ الرَّجُلُ؟ وَمَنْ لَمْ يَسْتَأْسِرْ، وَمَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ القَتْلِ (باب: هل يستأسر) أي: هل يسلم نفسه للأسر، أو لا؟ (ومن) أي: وبيان حكم من لم يستأسر. (ومن) أي: وبيان من (ركع) أي: "صلى" كما في نسخة. (ركعتين عند القتل) أي: قتله. 3045 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ"، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالهَدَأَةِ، وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ، ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ، يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لَحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ المَدِينَةِ، فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ وَأَحَاطَ بِهِمُ القَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ العَهْدُ وَالمِيثَاقُ، وَلَا نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا، قَال عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لَا أَنْزِلُ اليَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاثَةُ رَهْطٍ بِالعَهْدِ وَالمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ دَثِنَةَ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ، فَقَال ¬

_ (¬1) سبق برقم (1846) كتاب: جزاء الصيد، باب: دخول الحرم ومكة.

الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الغَدْرِ، وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لِي فِي هَؤُلاءِ لَأُسْوَةً يُرِيدُ القَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ، وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ، أَنَّ بِنْتَ الحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ قَالتْ: فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي، فَقَال: تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللَّهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الحِلِّ، قَال لَهُمْ خُبَيْبٌ: ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَال: لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، [البحر الطويل] مَا أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ فَقَتَلَهُ ابْنُ الحَارِثِ فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، "فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ، وَمَا أُصِيبُوا، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ، لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا". [3989، 4086، 7402 - فتح 6/ 165] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (ابن جارية) بجيم.

(عشرة رهط) الرهط: ما دون العشرة من الرجال، قاله الجوهري وغيره، وقيل: ما بين الثلاثة إلى التسعة، وقيل: إلى الأربعين (¬1). (سرية) بالنصب بيان لعشرة رهط. (عينًا) أي: جاسوسًا. (عاصم بن ثابت) أي: ابن أبي الأقلح بفتح الهمزة وسكون القاف وبالمهملة. (جد عاصم بن عمر) أي: لأمه، لأن أم عاصم بن عمر هي بنت عاصم بن ثابت وكان اسمها: عاصية فسماها النبي - صلى الله عليه وسلم -: جميلة. وقال مصعب الزهري إنما هو خال عاصم لا جده؛ لأن عاصم بن عمر أمه جميلة بنت ثابت أخت عاصم بن ثابت، قال الكرماني: وعليه الأكثر (¬2). (ابن الخطاب) ساقط من نسخة. (بالهدأة) بسكون المهملة، وفي نسخة: بفتحها، وروي: بفتحها، وحذف الهمزة. (بنو لحيان) بكسر اللام، وحكي فتحها. (فنفروا) بتشديد الفاء أي: بنو لحيان أي: استنجدوا. (لهم) أي: لأجل الرهط. وفي نسخة: "فنفروا" بالتخفيف، وفي أخرى: "فنفزوا" بمعجمة بدل الراء أي: خرجوا. (قريبًا من مائتي رجل) بالنصب بالمفعولية علها النسخة الأولى وبنزع الخافض على الآخرتين. وفي أخرى: "فنفروا قريب من مائتي رجل" بتخفيف الفاء، وبرفع (قريب) بالفاعلية على لغة أكلوني البراغيث. (كلهم رام) أي: بالنبل. (فاقتصوا) أي: اتبعوا. (مأكلهم) أي: مكان أكلهم، وليس مبهما فهو منصوب بتقدير الجار وذلك جائز نحو: رميت مرمي زيد. (يثرب) بمثلثة: اسم المدينة النبوية. (لجأوا) أي: استندوا. ¬

_ (¬1) انظر: "الصحاح" مادة [رهط] 3/ 1128، و"لسان العرب" 3/ 1753، و"المصباح المنير" 1/ 241. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 13/ 43.

(إلى فدفد) هو رابية مشرفة، وقيل: أرض مستوية. (قال) في نسخة: "فقال". (في ذمة كافر) أي: في عهده. (بالنبل) أي: بالسهام العربية. (في سبعة) أي: في جملة سبعة من العشرة. (وابن دثنة) بفتح المهملة وكسر المثلثة وسكونها وفتح النون مخففة، وقد تشدد: زيد بن معاوية بن عبيد الأنصاري. (ورجل آخر) هو عبد الله بن طارق البلوي. (أطلقوا) أي: خلوا (فأوثقوهم) أي: بأوتار القسي. (إن في هؤلاء) في نسخة: (إن لي في هؤلاء). (بعد وقعة بدر) في نسخة: "بعد وقيعة بدر"، و (بعد) متعلق بقوله: (أو لأبعث) لا بـ (باعوا)؛ إذ الكل كان بعدها لا البيع فقط. (بنو الحارث) هم عقبة وأبو سروعة وأخوهما لأمهما حجير بن أبي إهاب. (أن بنت الحارث) اسمها زينب. (اجتمعوا) أي: لقتل خبيب. (موسى) مصروف: لأنه مفعل، أو ممنوع الصرف؛ لأنه فُعْلى خلاف. (يستحد بها) أي: يحلق بها شعر عانته؛ لئلا يظهر عند قتله. (ابنًا لي) اسمه أبو الحسن بن الحارث بن عدي ابن نوفل بن عبد مناف. (مُجْلِسَه) اسم فاعل من الإجلاسي. (من قطف عنب) بكسر القاف وسكون الطاء، أي: عنقوده. (لموثق) أي: مقيد. (من ثمر) بفتح المثلثة والميم. (لطولتها) أي: الصلاة, وفي نسخة: "لطولتهما" أي: الركعتين. (اللهم أحصهم عددًا) أي: عمهم بالهلاك. (ما أبالي) في نسخة: "وما أن أبالي"، وفي أخرى: "ولست أبالي". (على أي شق) بكسر المعجمة، أي: جنب. (مصرعي) بفتح الميم، أي: محل موتي. (وذلك) أي: قتلي (في ذات الإله) أي: في الله، أي: في رضاه وطلب ثوابه. (أوصال) جمع وصل: وهو العضو. (شلو) بكسر المعجمة وسكون اللام: بقية الجسم. (ممزع) بضم الميم الأولى وفتح الثانية

والزاي مشددة، أي: مقطع مفرق. (فقتله ابن الحارث) هو عقبة، وقيل أخوه أبو سروعة بكسر السين وفتحها، وكل منهما أسلم بعد ذلك وقتله كان بالتنعيم. (سن الركعتين لكل مسلم قتل صبرًا) أي: محبوسًا للقتل، وإنما صار ما فعله خبيب سنة؛ لأنه فعله في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقره عليه. (فاستجاب الله لعاصم) أي: أجاب دعاءه بقوله: (اللهم ...) إلى آخره. (حين حدثوا) بالبناء للمفعول، أي: أخبروا. (أنه قتل) أي: بأنه قتل. (ليؤتوا) بالبناء للمفعول. (بشيء منه يعرف) أي: كرأسه (قد قتل رجلًا) هو عقبة بن أبي معيط. (فبعث) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "فبعث الله". (مثل الظلة) بضم المعجمة، أي: السحابة المظلمة القريبة من الرأس حتى تظلله. و (مثل) مرفوع على النسخة الأولى، ومنصوب على الثانية. (من الدبر) بفتح المهملة وسكون الموحدة، أي: من ذكور النحل أو الزنابير. (فحمته) أي: حفظته؛ ولهذا سمى محمي الدبر. (فلم يقدروا) في نسخة: "فلم يقدر" بالبناء للمفعول. (على أن يقطع) أي: كل منهم. وفي نسخة: "أن يقطعوا" (من لحمه شيئًا) بنصب شيئًا مفعول (يقطع). وفي نسخة: "أن يقطع من لحمه شيء" مبنيًّا (يقطع) للمفعول، ورفع (شيء) بالنيابة عن الفاعل، قيل: لما عجزوا عن أخذ شيء منه، قالوا: إن الدبر يذهب الليل، فلما جاء الليل أرسل الله تعالى سيلًا فحمله فلم يجدوه، وقيل: إن الأرض ابتلعته، وقيل: إنه كان حلف لا يمس مشركًا ولا يمسه مشرك، فبر الله قسمه بحمايته بالدبر، وحكمة حماية الله له من ذلك ولم يحمه من القتل: أن القتل موجب للشهادة المقتضية للثواب العظيم، والقطع لا ثواب فيه مع ما فيه من هتك حرمة المقتول. وفي الحديث: معجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكرامة لخبيب وعاصم.

171 - باب فكاك الأسير

171 - بَابُ فَكَاكِ الأَسِيرِ فِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: فكاك الأسير) بكسر الفاء وفتحها، أي: وجوب تخليصه من أيدي العدو بفداء أو غيره. (فيه) أي: في الباب. (عن أبي موسى) أي: الأشعري، والتعليق المذكور ساقط من نسخة. 3046 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فُكُّوا العَانِيَ، يَعْنِي: الأَسِيرَ، وَأَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ". [5174، 5373، 5649، 7173 - فتح 6/ 167] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن أبي موسى) أي: الأشعري. (يعني: الأسير) مقول جرير أو قتيبة، وفي نسخة: "أي" بدل (يعني). وفي أخرى: حذفهما معًا. 3047 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، أَنَّ عَامِرًا، حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْتُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الوَحْيِ إلا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَال: "لَا وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، مَا أَعْلَمُهُ إلا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي القُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ"، قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَال: "العَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ". [انظر: 111 - مسلم: 1370 - فتح 6/ 167] (أحمد بن يونس) نسبة لجده، وإلا فهو ابن عبد الله بن يونس. (زهير) هو ابن معاوية أبو خيثمة. (مطرف) أي: ابن طريف الكوفي. (أن عامرًا) أي: الشعبي. (عن أبي جحيفة) هو وهب بن عبد الله السوأي. (إلا ما في كتاب الله) (إلا) بمعنى: غير. (فلق الحبة) أي: شقها في الأرض حتى نبتت ثم أثمرت، فجاء منها حب كثير. (وبرأ النسمة) أي: خلقها. (ما أعلمه) أي: ما أعلم شيئًا عندنا. (إلا فهما) بسكون

172 - باب فداء المشركين

الهاء وفتحها وفي نسخة: "إلا فهم" بالرفع. (يعطيه الله رجلًا في القرآن). فيه جواز استنباط العالم من القرآن بفهمه ما لم يكن منقولًا إذا وافق أصول الشريعة. (وما في هذه الصحيفة) وهي ورقة مكتوبة كانت معلقة بقبضة سيفه. (وما في الصحيفة) في نسخة: "وما في هذه الصحيفة". (قال: العقل) أي: الدية، أي: أحكامها وما يتعلق بها. (وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر) معطوفان على (العقل) أي: في الصحيفة حكم العقل وفكاك الأسير، وتحريم قتل المسلم بالكافر ولو معاهدًا. وأما خبر الدارقطني أنه - صلى الله عليه وسلم - قتل مسلمًا بمعاهدٍ فضعيف (¬1). ومر شرح الحديث في باب: كتابة العلم (¬2). 172 - بَابُ فِدَاءِ المُشْرِكِينَ (باب: فداء المشركين) أي: بيان جواز فدائهم بمال يؤخذ منهم. 3048 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا ¬

_ (¬1) "سنن الدراقطني" 3/ 134 كتاب: الحدود والديات وغيره من حديث ابن عمر. وقال الدراقطني: لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث والصواب عن ربيعة عن ابن البيلماني مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة، إذا وصل الحديث فكيف بما يرسله أهـ. وقال الألباني: حديث منكر، انظر: "السلسلة الضعيفة" (460). (¬2) سبق برقم (111) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم.

عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، فَقَال: "لَا تَدَعُونَ مِنْهَا دِرْهَمًا". [انظر: 2537 - فتح 6/ 167] (فلنترك لابن أختنا) بضم الهمزة وبالفوقية. (فداءه) أي: المال الذي يستنقذ به نفسه من الأسر. (لا تدعون) بإثبات النون مع لا الناهية في لغة، وفي نسخة: "لا تدعوا" بحذفها، وهو القياس الشائع. (منها) أي: من الفدية، وفي نسخةٍ: "منه" أي: من الفداء، أي: لا تتركوا من فديته (درهما) وإنما لم يجبهم إلى الترك؛ لئلا يكون في الدين نوع محاباة، وكان العباس ذا مال فاستوفيت منه الفدية وصرفت إلى الغانمين. 3049 - وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ فَجَاءَهُ العَبَّاسُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا فَقَال: "خُذْ"، فَأَعْطَاهُ فِي ثَوْبِهِ. [انظر: 421 - فتح 6/ 167] (وقال إبراهيم) أي: "ابن طهمان" كما في نسخة. (أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -) في نسخة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى" (بمال من البحرين) هما اسم لبلدة بين البصرة وعمان (¬1). (أعطني) أي: من المال، ومرَّ ذلك في الصلاة في باب: القسمة وتعليق القنو في المسجد (¬2). 3050 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ جَاءَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ قَال: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ". [انظر: 765 - مسلم: 463 - فتح 6/ 168] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (محمود) أي: ابن غيلان العدوي. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن الزهري) هو محمد بن مسلم بن شهاب. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 346. (¬2) سبق برقم (421) كتاب: الصلاة، باب: القسمة وتعليق القنو في المسجد.

173 - باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان

(وكان جاء في أسارى بدر) إلى آخره مرَّ في الصلاة في باب: الجهر في المغرب (¬1) ووجه مطابقته للترجمة: في أوله؛ إذ معناه: وكان جاء في طلب فداء أسارى بدر. 173 - بَابُ الحَرْبِيِّ إِذَا دَخَلَ دَارَ الإِسْلامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ (باب: الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان) جواب (إذا) محذوف، أي: جاز قتله. 3051 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ:، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اطْلُبُوهُ، وَاقْتُلُوهُ". فَقَتَلَهُ، فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ. [مسلم: 1754 - فتح 6/ 168] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (أبو العميس) بضم المهملة: عقبة بن عبد الله الهلالي. (سلمة) بفتح اللام. (عين) أي: جاسوس. (انفتل) أي: انصرف. (فقتله) أي: سلمة بن الأكوع. (فنفَّله) بتشديد الفاء، وفيه وفي (قتله) التفات من التكلم إلى الغيبة. وفي نسخة: "فقتلته فنفلني" فلا التفات، وأراد بالنفل المفهوم من التنفل مطلق الزيادة، أي: زاده على ما يستحقه من الغنيمة. (سلبه) وكان جملًا أحمر عليه رحله وسلاحه كما في مسلم (¬2). وأما النفل المصطلح عليه: فهو زيادة يدفعها الإمام باجتهاده لمن ظهر منه أمر ¬

_ (¬1) سبق برقم (765) كتاب: الأذان، باب: الجهر في المغرب. (¬2) "صحيح مسلم" (1754) كتاب: الجهاد والسير، باب: استحقاق القتال سلب القتيل.

174 - باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون

محمود، أو بشرطهما لمن يفعل ما ينكي الحربيين من مال المصالح الذي سيغنم في هذا القتال الحاصل عنده، والسلب ما مع الحربي الذي أزيلت قوته من ثياب كخف وران (¬1)، ومن غيرها كسوار ومعطفة وخاتم ونفقة وجنيبة معه، وآلة حرب كدرع ومركوب وآلته كما هو مبين في كتب الفقه (¬2). وفي الحديث: جواز قتل الجاسوس الحربي. 174 - بَابٌ: يُقَاتَلُ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا يُسْتَرَقُّونَ (باب: يقاتل) بالبناء للمفعول. (عن أهل الذمة) لأنهم بدَّلوا الجزية على أن يأمنوا في أنفسهم وأموالهم وأهليهم. (ولا يسترقون) بالبناء للمفعول. 3052 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلَا يُكَلَّفُوا إلا طَاقَتَهُمْ". [انظر: 1392 - فتح 6/ 169] (أبو عوانة) هو الوضاح اليشكري. (عن حصين) بالتصغير، أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (وأوصيه) أي: الخليفة بعده. (بذمة الله وذمة رسوله) أي: بعهدهما. (أن يوفى) بالبناء للمفعول وبالبناء للفاعل وكذا قوله: (وأن يقاتل من ورائهم) أي: من بين أيديهم، وهذا موضع الترجمة بالقتال ¬

_ (¬1) الران: قال ابن دريد: هو فارسي معرب كالخف إلا أنه لا قدم له، وهو أطول من الخف، وكورة متاخمة لأذربيجان، انظر: "القاموس المحيط" مادة (رين). (¬2) انظر: "أسنى المطالب" 3/ 95.

175 - باب جوائز الوفد

عن أهل الذمة، والإيفاء بالعهد موضعها فيه عدم الاسترقاق. ومر شرح الحديث في آخر الجنائز (¬1). 175 - بَابُ جَوَائِزِ الوَفْدِ (باب: جوائز الوفد) ساقط من نسخة. والجوائز جمع جائزة: وهي العطية، ويقال: هي قدر ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل، وعلى النسخة الأولى لم يورد فيه حديثًا؛ لأنه لم يتفق له وجوده إذ ذاك، أو اكتفاءً بالحديث في الباب بعده. 176 - بَابٌ: هَلْ يُسْتَشْفَعُ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمُعَامَلَتِهِمْ؟ (باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم) ببناء (يستشفع) للمفعول، وعطف (معاملتهم) على مدخول (باب) فهو مرفوع إن نون باب ومجرور إن أضيف، و (إلى) بمعنى: اللام، أي: هل يشفع لهم عند الإمام، وجواب (هل) محذوف، أي: لا يشفع لهم ولا يعاملون إذا أنقضوا العهد. 3053 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ قَال: يَوْمُ الخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الخَمِيسِ؟ ثُمَّ بَكَى حَتَّى خَضَبَ دَمْعُهُ الحَصْبَاءَ، فَقَال: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ يَوْمَ الخَمِيسِ، فَقَال: "ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا"، فَتَنَازَعُوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا: هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "دَعُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ"، وَأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلاثٍ: "أَخْرِجُوا ¬

_ (¬1) سبق برقم (1392) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَأَجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْو مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ"، وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ. وَقَال يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَأَلْتُ المُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ: فَقَال مَكَّةُ، وَالمَدِينَةُ، وَاليَمَامَةُ، وَاليَمَنُ، وَقَال يَعْقُوبُ وَالعَرْجُ أَوَّلُ تِهَامَةَ". [انظر: 114 - مسلم: 1637 - فتح 6/ 170] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (يوم الخميس) خبر مبتدإِ محذوف أو بالعكس، والأصل: يوم الخميس يوم الخميس نحو أنا أنا، والغرض منه مع قوله: (وما يوم الخميس) تفخيم أمره في الشدة فهو تعجب من شدة ذلك اليوم. (خضب) بفتح المعجمتين، أي: رطب وبلَّ (ائتوني بكتاب) أي: بشيء اكتب فيه ككاغد وكتف. (اكتب) بالجزم جواب الأمر وبالرفع استئناف، أي: أمر من يكتب لكم. (كتابًا) هو مصدر، أي: كتابة. (ولا ينبغي عند نبي تنازع) يحتمل أنه من قول ابن عباس، أو أنه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، والموافق للثاني سائر الروايات كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث مرَّ في كتاب: العلم: (¬1) "ولا ينبغي عندي التنازع" ولا منافاة؛ لأن ابن عباس إنما قال ذلك حكاية له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمعنى. (هاجر رسول الله) أي: من دار الفناء، أي: هجرها طالبًا لدار البقاء، وفي نسخة: "أهجر" بالاستفهام الإنكاري، أي: أهدي إنكارًا على من قال: لا تكتبوا؟ أي: لا تجعلوه كأمر من هدى في كلامه؛ لشدة مرضه. (دعوني) أي: اتركوني. (فالذي أنا فيه) أي: من المراقبة والتأهب للقاء الله، والفكر في ذلك. (خير مما تدعوني إليه) أي: من الكتابة ونحوها. (أخرجوا المشركين من جزيرة ¬

_ (¬1) سبق برقم (114) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم.

177 - باب التجمل للوفود

العرب) هي ما بين عدن إلى ريف العراق طولًا، ومن جدة إلى أطراف الشام عرضًا، وإنما أمر بإخراجهم: لنقضهم العهد؛ حيث شرط عليهم أن لا يأكلوا الربا فأكلوه كما رواه أبو دواد (¬1). (وأجيزوا الوفد) من الإجازة: وهي العطية يقال: أجازه بجوائز، أي: أعطاه عطايا. (بنحو ما) في نسخة: "بنحو مما". (ونسيت الثالثة) هي قوله: "ولا تتخذوا قبري وثنًا يعبد" أو الوصية بالأرحام أو بالقرآن أو إنفاذ جيش أسامة، أي: تجهيزه. وكان المسلمون اختلفوا فيه على أبي بكر فأعلمهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عهد بذلك عند موته، والناسي لذلك هو ابن عيينة، أو سليمان الأحول، أو سعيد بن جبير، ويحتمل أنه ابن عباس. (والعرج) هو بفتح المهملة وسكون الراء وبجيم: قرية جامعة من الفرع على نحو ثمانية وسبعين ميلًا من المدينة (¬2). (أول تهامة) بكسر الفوقية. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث أنه إذا وجب إخراج المذكورين لا يستشفع لهم ولا يعاملون. 177 - بَابُ التَّجَمُّلِ لِلْوُفُودِ (باب: التجمل للوفود) أي: التزين لهم باللباس. 3054 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: وَجَدَ عُمَرُ حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ الحُلَّةَ، فَتَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَلِلْوُفُودِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ، أَوْ إِنَّمَا ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (3041) كتاب: الخراج، باب: في أخذ الجزية. وضعف إسناده الألباني في "ضعيف أبي داود". (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 98.

178 - باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي

يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ" فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ حَتَّى أَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ أَوْ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ، ثُمَّ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ، فَقَال: "تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا بَعْضَ حَاجَتِكَ". [انظر: 886 - مسلم: 2068 - فتح 6/ 171] (عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (حلة إستبرق) هو ما غلظ من الديباج. (وللوفود) في نسخة: "وللوفد" بالإفراد. (إنما هذه) أي: حلة الإستبرق. (من لا خلاق له) أي: لا نصيب له في الآخرة، وهذا خاص بالمكلفين من الرجال والخناثى كما هو مقرر في الفقه. (أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له) شك من الراوي، ومرَّ الحديث في الجمعة (¬1). ووجه مطابقته للترجمة: من حيث أنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على عمر طلبه التجمل، وإنما أنكر عليه التجمل بالحرير. 178 - بَابٌ: كَيْفَ يُعْرَضُ الإِسْلامُ عَلَى الصَّبِيِّ (باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي). أي: باب يذكر فيه ذلك. 3055 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالةَ، وَقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءٍ حَتَّى ¬

_ (¬1) سبق برقم (886) كتاب: الجمعة، باب: يلبس أحسن ما يجد.

ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ "، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ، فَقَال ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ"، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَاذَا تَرَى؟ " قَال ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُلِطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ؟ " قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا"، قَال ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ"، قَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ يَكُنْهُ، فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ، فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ". [انظر: 1354 - مسلم: 2930 - فتح 6/ 171] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (ابن صياد) في نسخة: "ابن الصياد". (حتى وجدوه) في نسخة: "حتى وجده" بالإفراد. (أطم) بضم الهمزة والطاء: البناء المرتفع. (بني مغالة) بفتح الميم والمعجمة واللام: بطن من الأنصار أو حي من قضاعة. (فلم يشعر) أي: بشيء كما في نسخة. (رسول الأميين) أي: [من] (¬1) العرب. منطوقه صحيح ومفهومه باطل؛ لأنه أرسل إلى العرب وغيرهم. (ورسله) في نسخة: "ورسوله" بالإفراد، ومطابقة الجواب بقوله: (آمنت بالله ورسله) للاستفهام بقول ابن صياد: أشهد أني رسول الله. من حيث أنه لما أراد أن يظهر للقوم حاله أرخى العنان حتى يبكته عند المغتر به؛ ولهذا قال له بعد أخسأ (خلط عليك الأمر) بضم المعجمة وكسر اللام مشددة ومخففة، أي: خلط عليك الحق بالباطل على عادة الكهان. (خبأت لك خبيئًا) أي: أضمرت لك اسم الدخان {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]. ¬

_ (¬1) من (ج).

3056 - قَال ابْنُ عُمَرَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَأْتِيَانِ النَّخْلَ الَّذِي فِيهِ ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ النَّخْلَ طَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ ابْنَ صَيَّادٍ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: أَيْ صَافِ وَهُوَ اسْمُهُ، فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ". [انظر: 1355 - مسلم: 2931 - فتح 6/ 172] (قال ابن صياد: هو الدخ) بضم المهملة وفتحها وتشديد المعجمة: لغة في الدخان الشائع، فهو على الشائع أدرك البعض على عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين من غير وقوف على تمامه، وإنما امتحنه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه كان يبلغه ما يدعيه في الكلام في الغيب، فأراد إبطال حاله للصاحبة بأنه كاهن يأتيه الشيطان بما يلقي للمكاهن من كلمة واحدة اختطفها عند الاستراق، قبل أن يتبعه الشهاب الثاقب، ولهذا أظهر الله تعالى لهم بما نطق به صريحًا أنه يأتيني صادق وكاذب، ولو كان محقًا لما أتاه الصادق، ومن ثم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - زاجرًا له: (اخسأ) هي كلمة زجر واستهانة، أي: اسكت صاغرًا ذليلًا. (فلن تعدو) بواو، وفي نسخة: بحذفها على أنه مجزوم بلن في لغة. (قدرك) بالنصب، أي: لن تتجاوز القدر الذي يدركه الكهان من الاهتداء إلى بعض الشيء، ولا تتجاوز منه إلى النبوة. (إن يكنه) باتصال الضمير على أنه خبر (كان) واسمها مستتر. وفي نسخة: "إن يكن هو" بانفصاله على أنه خبر (كان) قائم مقام إياه، أو هو تأكيد للمستتر والمستتر اسمها، وكان تامة. واختار ابن مالك في ألفيته الاتصال، وفي تسهيله وشرحه الانفصال تبعًا لسيبويه وابن الحاجب

179 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لليهود: "أسلموا تسلموا"

وغيرهما (¬1)، وإنما لم يقتله - صلى الله عليه وسلم - مع إدعائه النبوة: لأنه غير بالغ، أو كان مستأمنًا مع أنه لم يصرح بدعوى النبوة، وإنما أوهم أنه يدعي الرسالة، ولا يلزم من دعواها دعوى النبوة: لصدقها بالرسالة اللغوية. قال تعالى: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [مريم: 83] (طفق) أي: جعل. (يتقي) أي: يستتر. (يختل) بسكون المعجمة وكسر الفوقية، أي: يخدعه؛ ليعلم الصحابة أنه كاهن حين يسمعون منه شيئًا يدلُّ على كهانته. (قبل أن يراه) أي: ابن صياد. (رمزة) براء ثم بزاي. ويروي بالعكس وبلفظ "رمرمة" برائين وبزايين، أي: صوت خفي. (أي صاف) أي: يا صاف هذا محمد. (فثار ابن صياد) بمثلثة، أي: نهض من مضجعه مسرعًا. 3057 - وَقَال سَالِمٌ، قَال ابْنُ عُمَرَ: ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّال فَقَال: "إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلا قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ". [3337، 3439، 4402، 6175، 7123، 7127، 7407 - مسلم: 169 - فتح 6/ 172] (أنذره نوح قومه) خصه بالذكر؛ لأنه أبو البشر الثاني أو أنه أول مشرع. 179 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْيَهُودِ: "أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا" قَالَهُ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. [3167 - فتح 6/ 175] (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهود: أسلموا تسلموا) أي: في الدنيا من ¬

_ (¬1) انظر: "شرح ألفية ابن مالك" لابنه بدر الدين محمد بن مالك ص 63.

180 - باب إذا أسلم قوم في دار الحرب، ولهم مال وأرضون، فهي لهم

القتل والجزية، وفي الآخرة من العذاب الدائم. (قاله المقبري) بفتح الميم وضم الموحدة: سعيد بن أبي سعيد. (عن أبي هريرة) أي: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي في الجزية (¬1). 180 - بَابُ إِذَا أَسْلَمَ قَوْمٌ فِي دَارِ الحَرْبِ، وَلَهُمْ مَالٌ وَأَرَضُونَ، فَهِيَ لَهُمْ (باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم) استصحابًا للأصل؛ ولأنهم أحسنوا بإسلامهم، فلا يفوت ذلك عليهم، وقيد الإسلام بدارهم تبعًا لظاهر قوله في الحديث إنها لبلادهم فقاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام، وإلا فالحكم لا يتقيد بذلك. 3058 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا فِي حَجَّتِهِ؟ قَال: "وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا؟ "، ثُمَّ قَال: "نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ المُحَصَّبِ، حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الكُفْرِ"، وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ حَالفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، أَنْ لَا يُبَايِعُوهُمْ، وَلَا يُؤْوُوهُمْ، قَال الزُّهْرِيُّ: وَالخَيْفُ: الوَادِي. [انظر: 1588 - مسلم: 1351 - فتح 6/ 175] (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزاق) أي: ابن همام، وفي نسخة: "عبد الله" أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (في حجته) أي: حجة الوداع. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3167) كتاب: الجزية، باب: الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب.

(عقيل) بفتح العين وكسر القاف، أي: ابن أبي طالب. (بخيف بني كنانة) بكسر الكاف. (المحصب) عطف بيان لخيف أو بدل منه. (حيث قاسمت قريش) أي: بني كنانة. (على الكفر) معى تقاسمهم عليه: تحالفهم على إخراج النبي - صلى الله عليه وسلم - وبني هاشم والمطلب من مكة إلى خيف بني كنانة. ومرَّ الحديث في الحج في باب: توريث دور مكة وبيعها وشرائها (¬1). 3059 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا عَلَى الحِمَى، فَقَال: "يَا هُنَيُّ اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ المُسْلِمِينَ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّ دَعْوَةَ المَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ، وَرَبَّ الغُنَيْمَةِ، وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ، وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ، فَإِنَّهُمَا إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَا إِلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ، وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ، وَرَبَّ الغُنَيْمَةِ: إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا، يَأْتِنِي بِبَنِيهِ"، فَيَقُولُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا لَا أَبَا لَكَ، فَالْمَاءُ وَالكَلَأُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنَ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ، إِنَّهَا لَبِلادُهُمْ فَقَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الإِسْلامِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا المَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلادِهِمْ شِبْرًا. [فتح 6/ 175] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (هنيا) بضم الهاء وفتح النون وتشديد التحتية وقد تهمز. (الحمى) موضع يعينه الإمام بنحو نعم الصدقة. (اضمم جناحك) كناية عن الرحمة والشفقة. (وأدخل) أي: في الحمى. (رب الصريمة، ورب الغنيمة) بتصغيرهما، والأول: القطعية من الإبل بقدر الثلاثين، والمراد: القليل منهما كما دلَّ عليه التصغير. (وإياي) فيه تحذير المتكلم نفسه وهو قليل ¬

_ (¬1) سبق برقم (1588) كتاب: الحج، باب: توريث دور مكة وبيعها وشرائها.

181 - باب كتابة الإمام الناس

كأمره نفسه، لكنه بالغ فيه من حيث أنه حذر نفسه ومراده تحذير من يخاطبه. (ببنيه) أي: بأولاده. وفي نسخة: "ببيته" بفوقية قبلها تحتية ساكنة، أي: بأهل بيته. (يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين) الثانية ساقطة من نسخة، أي: يا أمير المؤمنين نحن فقراء محتاجون. (أفتاركهم أنا) بهمزة الاستفهام الإنكاري، أي: أنا لا أتركهم محتاجين فلا بد لي من إعطاء الذهب والفضة لهم بدل الماء والكلأ من بيت المال. (لا أبا لك) هو حقيقة في الدعاء عليه لكنها هجرت هنا وهو بلا تنوين: لأنه صار شبيهًا بالمضاف، إذ الأصل لا أب لك. (إنهم) أي: أرباب المواشي القليلة من أهل المدينة. (ليرون) بفتح التحتية، أي: ليعتقدون، وبضمها أي: ليظنون. (إنها) أي: هذه الأراضي. (لبلادهم) أي: فتكون لهم: لأنهم أهل صلح بخلاف من أسلم من أهل العنوة فإن أرضه للمسلمين (فقاتلوا) في نسخة "قاتلوا". (أحمل عليه) أي: من لا يجد ما يركبه. 181 - بَابُ كِتَابَةِ الإِمَامِ النَّاسَ (باب: كتابة الإمام الناس) في نسخة: "للناس". 3060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلامِ مِنَ النَّاسِ"، فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةِ رَجُلٍ، فَقُلْنَا: نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَهُ وَهُوَ خَائِفٌ. حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسَ مِائَةٍ. قَال أَبُو مُعَاويَةَ: مَا بَيْنَ سِتِّ مِائَةٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةٍ. [مسلم: 149 - فتح 6/ 177]

(سفيان) أي: الثوري. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي وائل) بالهمز: شقيق بن سلمة. (من تلفظ) بفتح الفوقية واللام، والفاء مشددة، وفي نسخة: "من يلفظما) بفتح التحتية وسكون اللام وكسر الفاء. (ألفًا وخمسمائة رجل) وقيل: ألفًا وأربعمائة. (فقلنا نخاف) أي: هل نخاف؟ (ابتلينا) بالبناء للمفعول، أي: بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -. (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة. (فوجدناه خمسمائة قال أبو معاوية: ما بين ستمائه إلى سبعمائة) وجمع بين الرواية الأولى والثانية المفسرة بما بين الستمائة إلى السبعمائة، بأن الثانية في رجال المدينة، والأولى فيهم مع المسلمين الذين حولهم، وفهم بعضهم أنها ثلاث رويات، فأجاب: بأن الأولى في الرجال والصبيان والنساء، والثانية في رجال المدينة، والثالثة في المقاتلين، ووجه: أنه جعل الرجل المذكور في الرواية الأولى تغليبًا فلا يضر التقييد به. 3061 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي حَاجَّةٌ، قَال: "ارْجِعْ، فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ". [انظر: 1862 - مسلم: 1341 - فتح 6/ 178] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (إني كتبت في غزوة كذا) إلى آخره مرَّ شرحه في الحج وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (1862) كتاب: جزاء الصيد، باب: حج النساء، و (3006) كتاب: الجهاد، باب: من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة.

182 - باب إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر

182 - بَابُ إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ (باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر). قيد بالفاجر تبعا للحديث وإلا فغيره كذلك كما فهم بالأولى. 3062 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الإِسْلامَ: "هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ"، فَلَمَّا حَضَرَ القِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِي قُلْتَ لَهُ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ اليَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِلَى النَّارِ"، قَال: فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الجِرَاحِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَال: "اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ"، ثُمَّ أَمَرَ بِلالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ: "إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ". [4203، 4204، 6606، مسلم: 111 - فتح 6/ 179] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عن الزهري) هو محمد بن مسلم بن شهاب. (ح) للتحويل (محمود بن غيلان) لفظ: (ابن غيلان) ساقط من نسخة. (عن عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) "خيبر" كما في نسخة (ممن يَدّعي الإسلام) بفتح التحتية، وتشديد الدال [وكسر العين] (¬1) وفي نسخة: "ممن يدعى بالإسلام" بضم التحتية، وسكون الدال، وفتح العين، ¬

_ (¬1) من (س).

183 - باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو

وبزيادة باء في الإسلام، أي: يسمي بالمسلم، فأطلق المصدر على اسم الفاعل. (فلما حضر القتال) بالرفع والنصب (¬1) (الذي قلت إنه) في نسخة "الذي قلت له إنه" أي: قلت فيه إنه. (فكاد بعض الناس) أي: قارب (أن يرتاب) أي: يشك في صدق الرسول، أي: يرتد عن دنيه، وفي نسخة: "فكأنَّ بعض الناس" بنون مشددة، وبنصب (بعض) أي: فكأنه أراد أن يرتاب (فنادى بالناس) في نسخة: "فنادى في الناس". ومرَّ شرح الحديث في باب: لا يقال فلان شهيد (¬2). 183 - بَابُ مَنْ تَأَمَّرَ فِي الحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ إِذَا خَافَ العَدُوَّ (باب: من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو) أي: من غير تأمير الإمام، أو نائبه له (إذا خاف العدو) أي: جواز ذلك؛ للضرورة. 3063 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ عَلَيْهِ، وَمَا يَسُرُّنِي، أَوْ قَال: مَا يَسُرُّهُمْ، أَنَّهُمْ عِنْدَنَا"، وَقَال وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَذْرِفَانِ. [انظر: 1246 - فتح 6/ 180] (ابن عُلَيَّةَ) هو إسماعيل بن إبراهيم البصري. (عن أيوب) أي: السختياني. (خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: لما التقى الناس بمؤتة، وكُشِفَ له ما بينه وبين جيشها. (زيد) أي: ابن حارثة. (جعفر) أي: ابن أبي طالب. ¬

_ (¬1) برفع القتال على أنه هو الفاعل، وبنصبه على أنه مفعول والرجل هو الفاعل. (¬2) سبق برقم (2898) كتاب: الجهاد والسير، باب: لا يقول: فلان شهيد.

184 - باب العون بالمدد

(ففتح عليه وما) في نسخة: "ففتح الله عليه فما" ومرَّ شرح الحديث في الجنائز (¬1). 184 - بَابُ العَوْنِ بِالْمَدَدِ (باب العون بالمدد) أي: في الجهاد. (والمدد) ما يمدُّ به الأمير ببعض العسكر من الرجال. 3064 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رِعْلٌ، وَذَكْوَانُ، وَعُصَيَّةُ، وَبَنُو لَحْيَانَ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا، وَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ، "فَأَمَدَّهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ"، قَال أَنَسٌ: كُنَّا نُسَمِّيهِمُ القُرَّاءَ، يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، فَانْطَلَقُوا بِهِمْ، حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ، غَدَرُوا بِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبَنِي لَحْيَانَ، قَال قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ: أَنَّهُمْ قَرَءُوا بِهِمْ قُرْآنًا: أَلا بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا، بِأَنَّا قَدْ لَقِيَنَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا، ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ بَعْدُ. [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح 6/ 180] (ابن أبي عدي) هو محمد بن إبراهيم أبو عمرو السلمي البصري. (عن سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (أتاه رعل) بكسر الراء، وسكون المهملة؛ أي: ابن خالد بن عوف بن امرئ القيس. (وذكوان) بفتح المعجمة أي: ابن ثعلبة. (وعصيَّة) بالتصغير، أي: ابن خفاف. (وبنو لحيان) بكسر اللام وفتحها: حيٌّ من هذيل، لكن قوله: (أتاه رعل) إلى آخره: ذكر الحافظ الدمياطي أنه وهم؛ لأن الذي أتاه إنما هو أبو براء من بني كلاب، وأجار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخفر جواره عامر بن الطفيل، وجمع عليهم هذه القبائل من بني سليم، وبنو لحيان ليسوا من أصحاب بئر معونة، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1246) كتاب: الجنائز، باب: الرجل ينعى إلى أهل الميت.

185 - باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثا

وإنما هم من أصحاب الرجيع الذين قتلوا عاصمًا وأصحابه، وأسروا خبيبًا (يحطبون) بكسر الطاء، أي: يجمعون الحطب. (بئر معونة) موضع ببلاد هذيل بين مكة، وعسفان (¬1) (أنهم) أي القراء. (قرءوا بهم) أي: بالطوائف الأربعة أي: عليهم، أو مصحوبين بهم (بلغوا قومنا) في نسخة: "بلغوا عنا قومنا". (ثم رفع ذلك) أي: نسخت تلاوته. (بعد) في نسخة: "بعد ذلك". 185 - بَابُ مَنْ غَلَبَ العَدُوَّ فَأَقَامَ عَلَى عَرْصَتِهِمْ ثَلاثًا (باب: من) أي: ذكر من (غلب العدو فأقام على عرصتهم) أي: بقعتهم الواسعة التي لا ماء فيها. (ثلاثًا) أي: ثلاث ليال؛ كما صرَّح به في الحديث الآتي. 3065 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالعَرْصَةِ ثَلاثَ لَيَالٍ" تَابَعَهُ مُعَاذٌ، وَعَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [3976 - مسلم: 2875 - فتح 6/ 181] (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (إذا ظهر على قوم) أي: غلبهم. (أقام بالعرصة ثلاث ليال) أي: لأن الثلاث أكثر ما يستريح المسافر فيها، أو ليظهر فيها تأثير الغلبة، وتنفيذ الأحكام الشرعية، أو لقلة احتفاله بهم، كأنه يقول: نحن مقيمون، فإن كانت لكم قوة فَهَلُمُّوا إلينا. ¬

_ (¬1) بئر معونة: بئر بين أرض بني عامر وحرة بني سُليم. انظر: "معجم البلدان" 1/ 302.

186 - باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره

(تابعه) أي: روح بن عبادة (معاذ) أي: ابن معاذ العنبري. (وعبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي بمهملة (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. 186 - بَابُ مَنْ قَسَمَ الغَنِيمَةَ فِي غَزْوهِ وَسَفَرِهِ وَقَال رَافِعٌ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلًا، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الغَنَمِ بِبَعِيرٍ. [انظر: 2488] (باب: من) أي: بيان من (قسم الغنيمة في غزوه وسفره) أي: لغزوه، أو لغيره فعطف سفره على غزوه، من عطف العام على الخاص: (رافع) أي: ابن خديج. (غنمًا وإبلًا) في نسخة: "إبلًا وغنمًا". (فعدل) أي: قوَّم (عشرة) في نسخة: "كل عشرة" وفي أخرى "عشرًا" وهي أولى (من الغنم ببعير) أي: جعلها معادلة له. 3066 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا، أَخْبَرَهُ قَال: "اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ". [انظر: 1778 - مسلم: 1253 - فتح 6/ 181] (همام) أي: ابن يحيى العوذي، بفتح المهملة، وسكون الواو، وكسر المعجمة. (حيث قسم غنائم حنين) هو طرف من حديث مرَّ في باب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1) ومطابقة التعليق والحديث للترجمة ظاهرة. 187 - بَابُ إِذَا غَنِمَ المُشْرِكُونَ مَالَ المُسْلِمِ ثُمَّ وَجَدَهُ المُسْلِمُ (باب: إذا غنم المشركون مال المسلم، ثم وجده المسلم) أي: ¬

_ (¬1) سبق برقم (1253) كتاب: العمرة، باب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

بعد استيلاء المسلمين عليهم، (فهو أحق به من جَعْلِهِ غنيمة). 3067 - قَال ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ، فَأَخَذَهُ العَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ، فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ المُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [3068، 3069 - فتح 6/ 182] (قال) في نسخة. "وقال" (ابن نمير) هو عبد الله الهمداني. (عبيد الله) أي: ابن عمر بن حفص العمري. (ذهب فرس) في نسخة: "ذهبت فرس" وكل جائز؛ لأن الفرس يذكر ويؤنث (فرد عليه) أي: الفرس. 3068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، "أَنَّ عَبْدًا لِابْنِ عُمَرَ أَبَقَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ، فَرَدَّهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ فَرَسًا لِابْنِ عُمَرَ عَارَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ، فَرَدُّوهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "عَارَ مُشْتَقٌّ مِنَ العَيْرِ، وَهُوَ حِمَارُ وَحْشٍ أَيْ هَرَبَ". [انظر: 3067 - فتح 6/ 182] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عبيد الله) أي: العمري. (عار) بمهملة، أي: "هرب" كما سيأتي في نسخة. (فظهر) أي: خالد. (عليه) أي: على الفرس. (فردوه) في نسخة: "فردّه" أي: بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ (قال أبو عبد الله) أي: البخاري (عار مشتق من العير) بفتح العين. (وهو حمار وحشٍ) أي: هرب، أي: فعل الفرس فعله كفعل الحمار الوحشي من التعار والهرب. وقوله: (قال أبو عبد الله ...) إلى آخره ساقط من نسخة. 3069 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّهُ كَانَ عَلَى فَرَسٍ يَوْمَ لَقِيَ المُسْلِمُونَ، وَأَمِيرُ

188 - باب من تكلم بالفارسية والرطانة

المُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَهُ العَدُوُّ فَلَمَّا هُزِمَ العَدُوُّ رَدَّ خَالِدٌ فَرَسَهُ". [انظر: 3067 - فتح 6/ 182] (زهير) أي: ابن معاوية الجعفي. (فأخذه) أي: الفرس. (فلما هزم العدو) بالبناء للمفعول، ورفع (العدو)، وفي نسخة: بالبناء للفاعل، ونصب (العدو) أي: هزم خالد العدوَّ (رد خالد فرسه) صرّح في هذه الرواية بان قصة الفرس كانت في زمن أبي بكر، وفي الرواية الأولى بانها كانت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقصة العبد كانت بعده، وفي الرواية الثانية بأن القصتين كانتا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخذًا من اتفاق الصحابة على أن واقعة الروم كانت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قاله شيخنا (¬1). 188 - بَابُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالفَارِسِيَّةِ وَالرَّطَانَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: 22]، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4]. (باب: من تكلم بالفارسية) أي: باللغة الفارسية، قيل: نسبة إلى فارس بن عامور بن يافث بن نوح - عليه السلام -، وقيل: غير ذلك. (الرطانة) بكسر الراء، وفتحها، أي: التكلم بلسان العجم، أو بكلام لا يُفهم، ومناسبة هذه الترجمة مع حديثيها الأخيرين لكتاب الجهاد: أن الإمام إذا أمَّن أهل الحرب بلسانهم، ولغتهم، يكون ذلك أمانًا؛ لأن الله تعالى يعلم الألسنة كلها، وأما حديثها الأول فمناسبته للجهاد تؤخذ من ذكر الخندق فيه، (وقوله تعالى) بالجر عطف على (من تكلم) وفي ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 6/ 183.

نسخة: "وقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-". ({وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ}) أي: ومن آياته اختلاف ألسنتكم: أي: لغاتكم من عربية، وعجمية، وغيرهما. ({وَأَلْوَانِكُمْ}) أي: من بياض وسواد وغيرهما، وأنتم أولاد رجل واحد، وامرأة واحدة ({وَمَا أَرْسَلْنَا}) في نسخة: "وقال أي: الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ}. {إلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} " أي: بلغتهم، ليبين لهم ما آتاهم به. 3070 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنْتُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَتَعَال أَنْتَ وَنَفَرٌ، فَصَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "يَا أَهْلَ الخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُؤْرًا، فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ". [4101، 4102 - مسلم: 2039 - فتح 6/ 183] (ميناء) بالمد والقصر. (بهيمة) بضم الموحدة وسكون التحتية، مصغَّر بهمة بفتح الموحدة وإسكان الهاء: ولد الضأن (وطحنت) أي: أمرت امرأتي أن تطحن ليجامع رواية: (وطحنت) أي: امرأته. (فتعال أنت ونفر) أي: ومعك نفر (سورًا) بضم المهملة، وسكون الواو غير مهموز: هو الطعام الذي يُدعى إليه، وقيل: الطعام مطلقا، وقيل: الضبع وهو لفظ فارسي، أما السؤر بالهمز: فهو البقية من ماء، أو طعام، أو غيره، وليس مرادًا هنا. (فحي هلًا) هو موضع الترجمة، حيهلا مركب من حي، وهل بسكون اللام، وقد يبنى على الفتح، وقد يقال: حيهل بتنوين وبدونه وعليه الرواية، فأقبلوا وأسرعوا بكم، وجاء مُتَعَدِّيًا بنفسه، وبالباء، وبإلى، وبعلى، ويستعمل (حيّ) وحده بمعنى: أقبل، (وهلا) وحده بمعنى: اسكن. 3071 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ

أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَنَهْ سَنَهْ" - قَال عَبْدُ اللَّهِ: وَهِيَ بِالحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ -، قَالتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَبَرَنِي أَبِي، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهَا"، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْلِي وَأَخْلِفِي ثُمَّ، أَبْلِي وَأَخْلِفِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِفِي" قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ. [3874، 5823، 5845، 5993 - فتح 6/ 183] حبان بكسر المهملة. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أم خالد) اسمها: أمة (سَنَه سَنَهْ) بفتح المهملة، وكسرها، وتشديد النون، وتخفيفها، وسكون الهاء، وفي نسخة: "سناه سناه" بزيادة ألف فيهما (قال عبد الله) أي: ابن المبارك وفي نسخة: "قال أبو عبد الله" أي: البخاري. (وهي) أي: سنه (بالحبشية) أي: بلغتها: (حسنة)، وبالعجمية: الرطانة (بخاتم النبوة) هو ما كان مثل زر الحِجلة بين كتفيه - صلى الله عليه وسلم -. (فزبرني أبي) أي: نَهَرني. (أبلي) أي: ألبسيه حتى يبلى (وأخلقي) بمعناه أيضًا، إنما عطف عليه مع اتحاد المعنى؛ لتغاير اللفظين وإنما كرر. (ثم أبلي وأخلقي) للتأكيد والتقوية كقوله: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} [النبأ: 5]. وإن كان التكرير هنا مرتين وفي الآية مرة، وفي نسخة: "وأخلفي" بالفاء بدل القاف، أي: اكتسبي خلفه بعد بلائه، وهو ثلاثي ورباعي يقال: خلف الله لك، وأخلف لك، وهو الأكثر (قال عبد الله) أي: ابن المبارك (فبقيت) أي: أم خالد (حتى دكن) بفتح الدال والكاف، وقد تكسر، وبنون، أي: القميص أي: اسودَّ لونه من كثرة ما لبس، وفي نسخة: "حتى ذكر" بذال معجمة وكاف مفتوحتين وراء، وفي أخرى: "ذكر دهرًا" وهي مفسرة للتي قبلها، كأنه قال: بقي هذا القميص زمنًا طويلًا، نسيه الذي أروي عنه، فعبر بقوله: (ذكر دهرًا) أي: نسي تحديده ففي (ذكر) ضمير يرجع إلى الرواي، أي: حتى ذكر الرواي دهرًا نسي الذي روى عنه تحديده، وفي

189 - باب الغلول

نسخة: "حتى ذكرت" أي: بقيت أم خالد لابسة للقميص، حتى ذكرت أنها لبسته دهرًا طويلًا، وفي بعضها: "حتى ذكرت" بالبناء للمفعول: أي: حتى صارت مذكورة عند الناس؛ لخروجها عن العادة. 3072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالفَارِسِيَّةِ: "كِخْ كِخْ، أَمَا تَعْرِفُ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ". [انظر: 1485 - مسلم: 1069 - فتح 6/ 183] (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (ابن زياد) بكسر الزاي، وتخفيف التحتية. (بالفارسية) ساقط من نسخة. (كخ كخ) بفتح الكاف، وكسرها، وسكون الخاء المعجمة، وكسرها منونة فهما كلمة تزجر الصبيان عن المستقذرات، وهي كلمة أعجمية، ولهذا أدخلها البخاري في هذا الباب، ومرَّ شرح الحديث في الزكاة، باب: ما يذكر في الصدقة (¬1). 189 - بَابُ الغُلُولِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ} [آل عمران: 161]. (باب: الغلول) بضم الغين المعجمة واللام، أي: الخيانة، لكنه شاع في الغلول في الفئ فإن أريد الأول فهو أعم من السرقة، أو الثاني فبينهما عموم وخصوص من وجه. (وقول الله) بالجر عطف على الغلول (تعالى) في نسخة: "-عَزَّ وَجَلَّ-". 3073 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1491) كتاب: الزكاة، باب: ما يذكر في الصدقة للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

قَال: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، قَال: "لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ " وَقَال أَيُّوبُ: عَنْ أَبِي حَيَّانَ: فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ. [انظر: 2371 - مسلم: 987، 1831 - فتح 6/ 185] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: القطان (عن أبي حبان) بفتح المهملة وتشديد التحتية: هو يحيى بن سعيد التيمي (أبو زرعة) هو هرم بن عمرو بن جرير البجلي مرَّ بيانه. (قال) في نسخة: "فقال". (لا ألقين) بفتح الهمزة والقاف من اللقاء، وفي نسخة: "لا ألفين" بضم الهمزة وكسر الفاء من الإلفاء: وهو الوجدان، وهو بلفظ النفي المؤكد بالنون، والمراد به: النهي، وهو مثل قولهم: لا أرينك ها هنا في أنه أقيم فيه السبب مقام المسبب، والأصل لا تكن ها هنا فأراك، والتقدير هنا: لا يقل أحدكم: فألقاه أو فألفيه، أي: فأجده (ثُغاء) بمثلثة مضمومة ومعجمة مخففة فألفٍ ممدودة، أي: صوت فرس ساقط من نسخة. (له حمحمة) بفتح المهملتين، أي: صوت إذا طلب علفه وهو دون صهيله (لا أملك لك شيئًا) لفظ: (لك) ساقط من نسخة، وفي أخرى: "لا أملك لك من الله شيئًا". (قد أبلغتك) أي: حكم الله فلا عذر لك، وهذا مبالغة في الزجر، وتغليظ في الوعيد، وإلا فهو صاحب الشفاعة في مذنبي الأمة يوم القيامة. (له رغاء) بضم الراء، وتخفيف المعجمة وألفٍ ممدودوة، أي: صوت (صامت) أي: ذهب أو فضة (أو) ساقط من نسخة (على

190 - باب القليل من الغلول

رقبته رقاع) بكسر الراء، جمع رُقعة بضمها: وهي الخرقة (تخفق) بكسر الفاء، أي تتقعقع وتضطرب إذ حركتها الرياح، أو تلمع يقال: أخفق الرجل ثوبه إذا لمع، فالمراد بالرقاع: الثياب، وبه صرَّح ابن الجوزي قال: وهو أولى مما قاله الحميدي وغيره من أن المراد بها: ما على الغال من الحقوق المكتوبة فيها؛ لأن الحديث سيق لذكر الغلول الحسي، فحمله على الثياب أنسب، وحكمة الحمل المذكور: إظهار فضيحة الحامل على رءوس الأشهاد في ذلك الموقف العظيم، وهذا الحديث كما قيل: يفسر قوله تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] أي: يأتي به حاملًا له على رقبته. (وقال أيوب) أي: السختياني (عن أبي حبان) أي المذكور آنفًا. (فرس له حمحمة) ذكر هذا مع أنه موافق لما مرَّ آنفًا؛ لأن بعضهم حذف الفرس ثَمَّ، فالتنصيص على ذكره هنا إشارة إلى أنه مذكور في الموضعين. 190 - بَابُ القَلِيلِ مِنَ الغُلُولِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَرَّقَ مَتَاعَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ. (باب: القليل من الغلول) أي: كالكثير منه في تحريم أخذه وتحريقه. (ولم يذكر عبد الله بن عمرو) أي: في حديث هذا الباب، (أنه حرق متاعه) أي: متاع الرجل الغال. (وهذا أصح) أي: من حديث أبي داود "إذا وجدتم الرجيل قد غل فأحرقوا متاعه" (¬1) قال البخاري: في ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (2713) كتاب: الجهاد، باب: في عقوبة الغال. وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود".

191 - باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم

"تاريخه" يحتجون بهذا على إحراق رحل الغال، وهو باطل ليس له أصل، وراويه لا يعتمد عليها (¬1). 3074 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَال: كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ، فَمَاتَ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ فِي النَّارِ"، فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "قَال ابْنُ سَلامٍ: كَرْكَرَةُ يَعْنِي بِفَتْحِ الكَافِ: وَهُوَ مَضْبُوطٌ كَذَا". [فتح 6/ 187] (سفيان) أي: ابن عيينة، (عن عمرو) أي: ابن دينار. (على ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم -) بفتح المثلثة والقاف، أي: على عياله وما يثقل حمله من الأمتعة (كركره) بكسر الكافين، وبفتحهما وبفتح الأولى وكسر الثانية (هو في النار) هذا جزاؤه، إلا أن يعفو الله عنه، أو هو في النار أولًا ثم ينجو، أو دائمًا إن اعتقد حل الغلول (عباءة قد غلها) أي: من المغنم، وهذا موضع الترجمة؛ لأن العباءة قليل بالنسبة إلى غيرها من الأمتعة والنقد (قال: أبو عبد الله) أي: البخاري. (قال: ابن سلام) هو محمد شيخ البخاري. (كركره يعني: بفتح الكاف) أي: الأولى والثانية، وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة. 191 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ذَبْحِ الإِبِلِ وَالغَنَمِ فِي المَغَانِمِ (باب: ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم) أي: منها فَـ (في) بمعنى: من (¬2) نحو هذا ذراع في الثوب، أي: منه و (ما) مصدرية. ¬

_ (¬1) "التاريخ الصغير" 2/ 103 (1951). (¬2) مجيء (في) بمعنى (من) قاله الكوفيون ووافقهم الأصمعي وابن قتيبة والزجاج، وجعلوا منه قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} أي: من كل أمة.

3075 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعٍ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، وَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا القُدُورَ، فَأَمَرَ بِالقُدُورِ، فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَفِي القَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَال: "هَذِهِ البَهَائِمُ لَهَا أَوَابِدُ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا". فَقَال جَدِّي: إِنَّا نَرْجُو، أَوْ نَخَافُ أَنْ نَلْقَى العَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالقَصَبِ؟ فَقَال: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ". [انظر: 2488 - مسلم: 1968 - فتح 6/ 188] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن جده رافع) أي: ابن خديج الأنصاري. (فعجلوا) بكسر الجيم مخففة، أي: بذبح شيء مما أصابوه بغير إذن (فاكفئت) أي: قُلبت أمر بذلك عقوبة لهم؛ لأن الغنيمة إنما يستحقون التصرف فيها بعد قسمتها، والمأمور باكفائه إنما هو المرق، وأمَّا اللحم فلم يتلف، بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغانم. ولا يظن أنه أمر بإتلافه؛ لأنه نهى عن إضاعة المال (عشرة) في نسخة: "عشرًا". (فند) أي: نفر (يسيره) في نسخة: "يسير". (فطلبوه) أي: البعير (فأعياهم) أي: أعجزهم (أوابد) جمع آبدة (¬1): وهي التي تأبدت، أي: توحشت ونفرت من الإنس (فما ندَّ) أي: توحش (إنا نرجو) أي: نخاف، والرجاء قد يجيء بمعنى الخوف، (أو نخاف) شك من الراوي (ما أنهر الدم) أي: أسأله، أو أجراه (وذكر اسم الله) أي: "عليه" كما في نسخة. (وسأحدثكم عن ذلك) أي: وسأبيّن لكم ¬

_ (¬1) في هامش (ج) آبدة: وهي الوحش.

192 - باب البشارة في الفتوح

لعلّه في ذلك، ومرَّ شرح الحديث في الشركة (¬1) في باب: قسمة المغنم. 192 - بَابُ البِشَارَةِ فِي الفُتُوحِ (باب: البشارة في الفتوح) أي: مشروعتيها، والبشارة بكسر الباء، أي: إدخال السرور في قلب المبشر، وبضمها: ما يعطى للبشير كالعمالة للعامل. 3076 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، قَال: قَال لِي جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ"، وَكَانَ بَيْتًا فِيهِ خَثْعَمُ، يُسَمَّى كَعْبَةَ اليَمَانِيَةِ، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، فَقَال: "اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا"، فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا، فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُهُ، فَقَال رَسُولُ جَرِيرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، فَبَارَكَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ، قَال مُسَدَّدٌ: بَيْتٌ فِي خَثْعَمَ. [انظر: 3020 - مسلم: 2476 - فتح 6/ 189] (يحيى) أي: القطان. (إسماعيل) أي: ابن خالد الأحمسي. (قيس) أي: ابن أبي حازم. (تريحني من ذي الخلصة). إلى آخره مَرَّ شرحه في الجهاد، في باب: حرق الدور والنخيل (¬2) (قال مسدد: بيت في خثعم). أي: بدل قوله: (بيتًا فيه خثعم)، وخثعم: قبيلة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2488) كتاب: الشركة، باب: قسمة المغنم. (¬2) سبق برقم (3020) كتاب: الجهاد والسير، باب: حرق الدور والنخيل.

193 - باب ما يعطى البشير

193 - بَابُ مَا يُعْطَى البَشِيرُ وَأَعْطَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ثَوْبَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بِالتَّوْبَةِ. [انظر: 2757 - فتح 6/ 189] (باب: ما يعطي البشير) أي: بيانه (وأعطى كعب بن مالك ثوبين حين بشر بالتوبة) أي: أعطاهما لمن بشره بقبول توبته؛ لأجل تخلفه عن غزوة تبوك: وهو سلمة ابن الأكوع، وسيأتي مبسوطًا في المغازي (¬1). 194 - بَابُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ (باب: لا هجرة بعد الفتح) أي: فتح مكة. 3077 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا". [انظر: 1349 - مسلم: 1353 - فتح 6/ 189] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (طاوس) أي: اليماني. (وإذا استنفرتم فانفروا) بالبناء للمفعول. (فانفروا) أي: إذا طلب منكم الخروج إلى الغزو فاخرجوا، ومرَّ شرح الحديث في أول كتاب الجهاد (¬2). 3078 - , 3079 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَال: جَاءَ مُجَاشِعٌ بِأَخِيهِ مُجَالِدِ بْنِ ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4418) كتاب: المغازي، باب: حديث كعب بن مالك. (¬2) سبق برقم (2962، 2963) كتاب: الجهاد، باب: البيعة في الحرب أن لا يفروا.

195 - باب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة، والمؤمنات إذا عصين الله، وتجريدهن

مَسْعُودٍ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: هَذَا مُجَالِدٌ يُبَايِعُكَ عَلَى الهِجْرَةِ، فَقَال: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلامِ". [انظر: 2962، 2963 - مسلم: 1863 - فتح 6/ 189] (عن خالد) أي: الحذاء (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل. 3080 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: وَابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ: ذَهَبْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَهِيَ مُجَاورَةٌ بِثَبِيرٍ - فَقَالتْ لَنَا: "انْقَطَعَتِ الهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ". [3900، 4312 - مسلم: 1864 - فتح 6/ 190] (سفيان) أي: ابن عيينة (عمرو) أي: ابن دينار. (عن أبي عثمان) هو عبد الملك. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (ثبير) بفتح المثلثة، وكسر الموحدة، منصرف وغير منصرف: جبل عظيم بالمزدلفة على يسار الذاهب منها إلى منى (منذ) في نسخة: "مذ". 195 - بَابُ إِذَا اضْطَرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالمُؤْمِنَاتِ إِذَا عَصَيْنَ اللَّهَ، وَتَجْرِيدِهِنَّ (باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر) (في) بمعنى: إلى (شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهن) بعطف (المؤمنات) على (شعور أهل الذمة) و (تجريدهن) على (النظر) والمراد: تجريدهن من الثياب؛ لأن المعصية تزيل الحرمة، وجواب (إذا) محذوف أي: يجوز للضرورة. 3081 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، - وَكَانَ عُثْمَانِيًّا فَقَال لِابْنِ عَطِيَّةَ: وَكَانَ عَلَويًّا - إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا الَّذِي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ:

بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالزُّبَيْرَ، فَقَال: "ائْتُوا رَوْضَةَ كَذَا، وَتَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً، أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا"، فَأَتَيْنَا الرَّوْضَةَ: فَقُلْنَا: الكِتَابَ، قَالتْ: لَمْ يُعْطِنِي، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ، فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِبٍ، فَقَال: لَا تَعْجَلْ، وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ وَلَا ازْدَدْتُ لِلْإِسْلامِ إلا حُبًّا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إلا وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي أَحَدٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا، فَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَإِنَّهُ قَدْ نَافَقَ، فَقَال: "مَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَال: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ"، فَهَذَا الَّذِي جَرَّأَهُ. [انظر: 3007 - مسلم: 2494 - فتح 6/ 110] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (هشيم) أي: ابن بشير. (حصين) بالتصغير أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (عن أبي عبد الرحمن) هو عبد الله السلمي. (فقال لابن عطية) اسمه: حبان بكسر المهملة وتشديد الموحدة. (جرَّأ) بالهمز، أي: جسر، وفي التعبير به خشونة؛ لأن عليًّا كان أعلى درجات الفضل، والعلم لا يقتل أحدًا إلا بحق (روضة كذا) هي روضة خاخ بمعجمتين على الراجح (امرأة) اسمها: سارة (فقلنا الكتاب) أي: هات الكتاب الذي أعطاه لك حاطب. (لتخرجنَّ) أي: الكتاب (قال عمر) في نسخة: "فقال عمر". (ما يدريك) في نسخة: "وما يدريك". (لعل الله) معنى الترجي كما قال النووي راجع إلى عمر - رضي الله عنه - لأن وقوع هذا الأمر محقق عند النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1) (فهذا) أي: قوله: (اعملوا ما شئتم) (الذي جرأه) أي: جرأ عليا على الدماء، ومرَّ شرح الحديث في باب: الجاسوس (¬2)، ومطابقة الحديث للترجمة في (أو ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 16/ 55 - 56. (¬2) سبق برقم (3007) كتاب: الجهاد والسير، باب: الجاسوس.

196 - باب استقبال الغزاة

لأجردنك) وهو في غير المؤمنات، وأما فيهن فبالقياس بجامع حرمة النظر إليهما حيث لا ضرورة. 196 - بَابُ اسْتِقْبَالِ الغُزَاةِ (باب: استقبال الغزاة) أي: عند رجوعهم من غزوهم والمراد: بيان ذلك. 3082 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: ابْنُ الزُّبَيْرِ لِابْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَنْتَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ قَال: "نَعَمْ فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ". [مسلم: 2427 - فتح 6/ 191] 3083 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: قَال السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "ذَهَبْنَا نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ". [4426, 4427 - فتح 6/ 191] (عبد الله ابن أبي الأسود) في نسخة: "عبد الله بن الأسود" وهو عبد الله بن محمد بن حميد بن الأسود، وحميد يكنى أبا الأسود، فنسب عبد الله تارة إلى جده، وأخرى إلى جد أبيه، (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، واسمه: زهير الأحول. 197 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الغَزْو؟ (باب: ما يقول إذا رجع من الغزو) أي: بيانه. 3084 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ إِذَا قَفَلَ كَبَّرَ ثَلاثًا، قَال: "آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ حَامِدُونَ، لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ". [انظر: 1797 - مسلم: 1344 - فتح 6/ 192]

(جويرية) أي: ابن أسماء الضبعي. (إذا قفل) أي: رجع من غزوه. 3085 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْفَلَهُ مِنْ عُسْفَانَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ أَرْدَفَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَعَثَرَتْ نَاقَتُهُ، فَصُرِعَا جَمِيعًا، فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَال: "عَلَيْكَ المَرْأَةَ"، فَقَلَبَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهِ، وَأَتَاهَا، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهَا، وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا، فَرَكِبَا وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ قَال: "آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ" فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ. [371 - مسلم: 1345 - فتح 6/ 192] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المنقري (عبد الوارث) أي: ابن سعيد (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (مقفله) بفتح الميم وضمها، وسكون القاف، وفتح الفاء واللام، أي: مرجعه (فصرعا) أي: فوقع، قال الحافظ الدمياطي: ذكر عسفان مع قصة صفية، وهْمٌ وإنما هو عند مقفله من خيبر؛ لأن غزوة عسفان إلى بني لحيان كانت في سنة ست، وغزوة خيبر كانت في سنة سبع، وإرداف صفية مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووقوعهما كانا فيها (فاقتحم أبو طلحة) أي: رمى نفسه (فداءك) بكسر الفاء، والهمز. (فألقاها) أي: الخميصة المسماة بالثوب وفي نسخةٍ: "فألقاه" أي: الثوب؛ ومر شرح الحديثين في باب: التكبير إذا علا شرفًا (¬1). 3086 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةُ مُرْدِفَهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَصُرِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2995) كتاب: الجهاد والسير، باب: التكبير إذا علا شرفًا.

198 - باب الصلاة إذا قدم من سفر

وَالمَرْأَةُ، وَإِنَّ أَبَا طَلْحَةَ - قَال: أَحْسِبُ قَال: - اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَال: "لَا، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ"، فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَصَدَ قَصْدَهَا، فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا، فَقَامَتِ المَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ المَدِينَةِ - أَوْ قَال أَشْرَفُوا عَلَى المَدِينَةِ - قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ"، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ. [انظر: 371 - مسلم: 1345 فتح 6/ 193] (علي) أي: ابن المديني، (حدثنا يحيى) في نسخة: "عن يحيى" (مردفها) في نسخة: "يردفها" بياء بدل الميم (فلما كانوا) في نسخة: "فلما كان". (عثرت الناقة) في نسخة: "عثرت الدابة". (والمرأة) بالرفع عطف على (النبي) - صلى الله عليه وسلم -، ويجوز النصب بتقدير مع المرأة (فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ساقط من نسخة. (من شيء) (مِنْ) زائدة (¬1) (المرأة) وفي نسخة: "بالمرأة" والحديث من هذه الطريق ثابت في نسخةٍ ساقط من أخرى. وسقط منه أيضًا (ساجدون). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 198 - بَابُ الصَّلاةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب: الصلاة إذا قدم من سفر) أي: باب مشروعيتها. 3087 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا ¬

_ (¬1) وزيادتها هنا قبل الفاعل؛ لسبقه بالاستفهام.

199 - باب الطعام عند القدوم

قَدِمْنَا المَدِينَةَ قَال لِي: "ادْخُلِ المَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح 6/ 193] 3088 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، ضُحًى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ". [انظر: 2757 - مسلم: 716، 2769 - فتح 6/ 193] (أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل. (إذا قدم من سفر) إلخ. مرَّ مع الحديث قبله في الصلاة، في باب: الصلاة إذا قدم من سفر (¬1). 199 - بَابُ الطَّعَامِ عِنْدَ القُدُومِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْطِرُ لِمَنْ يَغْشَاهُ. (باب: الطعام) أي: مشروعية فعله (عند القدوم) أي: من السفر، (وكان ابن عمر يفطر لمن) أي: لأجل من (يغشاه) أي: يقدم عليه، وفي نسخة: بدل (يفطر) "يصنع"، وفي نسخة: "وقال" بدل قوله قبل: (وكان) لكن يحتاج إلى جعل ضمير (يفطر) ويصنع للقادم لا لابن عمر بخصوصه. 3089 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً". زَادَ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَارِبٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ "اشْتَرَى مِنِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا بِوَقِيَّتَيْنِ وَدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا أَمَرَ بِبَقَرَةٍ، فَذُبِحَتْ فَأَكَلُوا ¬

_ (¬1) سبق برقم (449) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة إذا قدم من سفر.

مِنْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ المَسْجِدَ، فَأُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَوَزَنَ لِي ثَمَنَ البَعِيرِ". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح 6/ 194] (حدثني) في نسخة "حدثنا". (محمد) أي: ابن سلام البيكندي، (وكيع) أي: ابن الجراح. (نحر جزورًا) أي: ناقة، أو جملًا (أو بقرة) شكٌّ من الراوي (زاد معاذ) أي: ابن معاذ العنبري. (بوقيتين) في نسخة: "بأوقيتين" (صرارًا) بكسر المهملة: موضع يأتي بيانه (ووزن لي) (لي) ساقط من نسخة. 3090 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلِّ رَكْعَتَيْنِ"، " صِرَارٌ: مَوْضِعٌ نَاحِيَةً بِالْمَدِينَةِ". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح 6/ 194] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (صرار: موضع ناحية) (¬1) بالنصب أي: في ناحية (بالمدينة) على ثلاثة أميال منها من جهة المشرق، والتفسير المذكور ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 398 وهي الأماكن المرتفعة التي لا يعلوها الماء وقيل: موضع على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق.

57 - كتاب فرض الخمس

57 - كِتَابُ فَرْضِ الخُمُسِ

1 - باب فرض الخمس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 57 - كِتَابُ فَرْضِ الخُمُسِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. 1 - باب فَرْضِ الخُمُسِ (باب) في نسخة: "كتاب فرض الخمس" وفي أخرى: "فرض الخمس" بحذف (باب) و (كتاب)، ورفع (فرض) و (الخمس) بضم الميم، وقد تسكن: خمس الغنيمة. 3091 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلامُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَال: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِيَ، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ، وَالغَرَائِرِ، وَالحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَتَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، رَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا شَارِفَايَ قَدْ اجْتُبَّ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ المَنْظَرَ مِنْهُمَا، فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ فَقَالُوا: فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَهُوَ فِي هَذَا البَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِي الَّذِي لَقِيتُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لَكَ؟ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى

نَاقَتَيَّ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ، فَارْتَدَى، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنُوا لَهُمْ، فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ، "فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ"، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ، مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَال حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إلا عَبِيدٌ لِأَبِي؟ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَقِبَيْهِ القَهْقَرَى، وَخَرَجْنَا مَعَهُ. [انظر: 2089 - مسلم: 1979 - فتح 6/ 196] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة الأزدي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (عن الزهري) هو: محمد بن مسلم بن شهاب (عليهما السلام) في نسخةٍ: "رضي الله عنهما". (كانت لي) في نسخة: "كان لي". (شارف) أي: مُسنَّة من النوق. (قينقاع) بتثليث النون غير منصرف ويجوز صرفه: قبيلة من اليهود، أو شعب منهم كانوا بالمدينة. (وأستعين به) أي: بثمنه. (في وليمة عرسي) بضم المهملة، أي: طعام وليمة عرسي، (مناختان) وفي نسخة: "مناخان" (¬1) من ذَكَّرَ اعتبر لفظ شارف ومن أنث اعتبر معناه، أي: مسنة من الإبل. (رجعت) في نسخة: "فرجعت". (أجبَّت) بهمزة مضمومة وجيم مكسورة، وفي نسخة: "جبت" بحذف الهمزة، وضم الجيم، وفي أخرى: "أُجتبت" بضم الهمزة، وسكون الجيم، وزيادة فوقية، أي: قطعت (وبقرت) بالبناء للمفعول؛ أي: شققت (فلم أملك) ¬

_ (¬1) في هامش (ج): مناخان باعتبار لفظ الشارف، ومناختان باعتبار معناه.

في نسخة: "ولم أملك" (عيني) أي: من البكاء، لا لمجرد فوات الناقتين، بل لخوفي من تقصيري في حق فاطمة رضي الله عنها، أو في تأخير الابتناء بها. (حين رأيت) في نسخة: "حيث رأيت" (منهما) ساقط من نسخة (في شرب) بفتح المعجمة، وسكون الراء: جماعة يشربون الخمر. اسم جمع عند سيبويه (¬1)، وجمع شارب عند الأخفش (حتى أدخل) بالنصب، أي: إلى أن أدخل، وبالرفع على أن حتى عاطفة، وعبَّر بـ (أدخل) وإن كان الأصل أن يقول: دخلت، مبالغة في استحضار صورة الحال. (على ناقتي) بفتح الفوقية، وتشديد التحتية تثنية ناقة. (فأجب) في نسخة: "فجب". (فطفق) أي: جعل. (ثمل) بفتح المثلثة وكسر الميم، أي: سكر. (ثم صعد النظر) أي: رفعه. (إلى ركبته) في نسخة: "إلى ركبتيه". (هل أنتم إلا عبيد لأبي؟) أي: كعبيد له: لأنَّ عبد الله، وأبا طالب كانا عند عبد المطلب كأنهما عبدان له في الخضوع لحرمته، وأنه أقرب إليه منهما؛ فأراد الافتخار عليهما بذلك. (فنكص) أي: رجع ومرَّ شرحُ الحديث في أثناء البيوع، وفي كتاب: الشرب في باب: لا حمى إلا الله (¬2). 3092 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلامُ - ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا، مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ. [3093، 3711، 4035، 4240، 6725 - مسلم: 1759 - فتح 6/ 196] ¬

_ (¬1) "الكتاب" 3/ 624. (¬2) سبق برقم (2089) كتاب: البيوع، باب: ما قيل في الصوَّاغ، و (2375) كتاب: المساقاة، باب: بيع الحطب والكلأ.

(ابنة رسول الله) في نسخة: (بنت رسول الله). (ميراثها ما ترك) أي: ما تركه وهو بدل من (ميراثها) أو عطف بيان له، وفي نسخة: "مما ترك" بزيادة من (مما أفاء الله عليه) متعلق بـ (يقسم). 3093 - فَقَال لَهَا أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ"، فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، قَالتْ: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ، وَفَدَكٍ، وَصَدَقَتَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَال: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ بِهِ إلا عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، وَأَمَّا خَيْبَرُ، وَفَدَكٌ، فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ، وَقَال: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ، قَال: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى اليَوْمِ. [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "اعْتَرَاكَ افْتَعَلْتَ مِنْ عَرَوْتُهُ، فَأَصَبْتُهُ وَمِنْهُ يَعْرُوهُ وَاعْتَرَانِي]. [3712، 4036، 4241، 6726 - مسلم: 1759 - فتح 6/ 197] (لا نورَث) بفتح الراء، وحكمة ذلك: أنه لا يؤمن أن يتمنى وارث موته فيهلك (ما تركنا صدقة) مبتدأ وخبر، أي: الذي تركناه صدقة (وفدك) بفتح الفاء، والدال والصرف، وفي نسخة: "وفدك" بمنع الصرف: وهي بلد بينها وبين المدينة ثلاث مراحل (¬1). (وصدقته بالمدينة) بالنصب عطف على (نصيبها) وبالجرِّ على (مما ترك)، وهي أملاكه التي بالمدينة التي صارت بعده صدقة [(أن أزيغ) أي: أميل عن الحق إلى غيره] (¬2) (فدفعها عمر إلى علي والعباس) أي: لينتفعا منها ¬

_ (¬1) هي قرية بالحجاز أفاءها الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنة سبع صلحًا دون خيل ولا ركاب وفيها عين فوارة ونخيل كثيرة انظر: "معجم البلدان" 4/ 238. (¬2) من (س).

بقدر حقهما لا على جهة التمليك (فأما) في نسخة: "وأما". (تعروه) أي: تنزل به (ونوائبه) جمع نائبة، أي: حادثة. (قال) أي: الزهري. (فهما) أي: خيبر وفدك، أي: ما كان يخصه - عليه السلام - منهما (على ذلك إلى اليوم) أي: يتصرف فيهما ولي الأمر (اعتراك) أي: في قوله تعالى: {إِنْ نَقُولُ إلا اعْتَرَاكَ} [هود: 54]. (افتعلت) أي: هو من باب الافتعال ومعناه: أصابك (من عروته فأصبته ومنه يعروه واعتراني) وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى هنا ساقط من نسخة، وزاد في نسخة هنا "قصة فدك" وفي أخرى: "باب: قصة فدك". 3094 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفَرْويُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ، - ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الحَدِيثِ، فَقَال مَالِكٌ - بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي أَهْلِي حِينَ مَتَعَ النَّهَارُ، إِذَا رَسُولُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ يَأْتِينِي، فَقَال: أَجِبْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، مُتَّكِئٌ عَلَى وسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَال: يَا مَالِ، إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ، فَاقْبِضْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي، قَال: اقْبِضْهُ أَيُّهَا المَرْءُ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا، فَقَال: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ قَال: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا، فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ جَلَسَ يَرْفَا يَسِيرًا، ثُمَّ قَال: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ؟ قَال: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَدَخَلا، فَسَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَال عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَالِ بَنِي النَّضِيرِ، فَقَال الرَّهْطُ، عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، وَأَرِحْ

أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، قَال عُمَرُ: تَيْدَكُمْ (¬1) أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ؟ قَال الرَّهْطُ: قَدْ قَال: ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، فَقَال: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَال ذَلِكَ؟ قَالا: قَدْ قَال ذَلِكَ، قَال عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} [الحشر: 6]- إِلَى قَوْلِهِ - {قَدِيرٌ} [الحشر: 6]، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، قَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا المَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ، فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ قَال لِعَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَال عُمَرُ: ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ: إِنَّهُ فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَكُنْتُ أَنَا وَلِيَّ أَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ: إِنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي، وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، جِئْتَنِي يَا عَبَّاسُ، تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا - يُرِيدُ عَلِيًّا - يُرِيدُ نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ"، فَلَمَّا بَدَا ¬

_ (¬1) قال ابن الأعرابي التيد: الرفق، يقال: تيدك يا هذا، أي ائتد أ. هـ من اللساق وفي الفتح 6/ 206: "تَئيِدَكم" كذا في رواية أبي ذر بفتح المثناة وكسر التحتانية، مهموز وفتح الدال، .. ووقع في رواية الأصيلي بكسر أوله وضم الدال وهو اسم فعل كرويد، أي: اصبروا. أ. هـ من الفتح.

لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا، قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ: لَتَعْمَلانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا، فَبِذَلِكَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَال الرَّهْطُ: نَعَمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، فَقَال: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ، قَال: فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، فَإِنِّي أَكْفِيكُمَاهَا. [انظر: 2904 - مسلم: 1757 فتح 6/ 197] (من حديثه ذلك) أي: الآتي. (حتى أدخل) بالنصب والرفع نظير ما مرَّ (بينا) في نسخة: "بينما". (متع النهار) بفتح الميم والفوقية، أي: اشتد حره، وارتفع وطال ارتفاعه. (على رمال سرير) بكسر راء رمال، وضمها ما ينسج من سعف النخل ونحوه [ليضطجع عليه] (¬1). (يا مال) بكسر اللام، وضمها على الوجهين في الترخيم. (برضخ) أي: عطاء قليل. (لو أمرت به غيري) في نسخة: "له" بلام بدل الباء، قاله تحرجًا من قبول الأمانة. (اقبضه) في نسخة: "فاقبضه" بفاء (فبينا) في نسخة: "فبينما". (يرفأ) بالهمز. وبدونه وهو الأكثر وقد يقال: اليرفأ بزيادة ألف ولام. (هل لك) أي: رغبة. (وبين هذا) أي: علي (من بني النضير) في نسخة: "من مال بني النضير". (تيدكم) بفتح الفوقية، وكسرها، وسكون التحتية، وفتح الدال، وضمها اسم فعل كرويد أي: اصبروا على رسلكم وهينتكم (¬2)، وقيل: مصدر تاد يتيد، كسار يسير، والمعنى: تيدو تيدكم كما يقال: سيروا سيركم، (أنشدكم) أي: أسألكم. (يريد ¬

_ (¬1) من (ج). (¬2) في هامش (ج): وعلى رسلكم إلا هيئتكم، أي: اصبروا وامهلوا.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه) سائر الأنبياء مثله في ذلك، بدليل خبر: "إنا معاشر الأنبياء لا نورث" (¬1) وإنما قول زكريا: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم: 6]. وقوله: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] فالمراد: ميراث العلم والنبوة والحكمة. (أنشدكما الله) لفظ: (الله) ساقط من نسخة. (قالا: قد قال ذلك) ساقط من نسخة. (فكانت هذه) أي: بني النضير، وخيبر، وفدك (خالصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: لا حقَّ لأحد فيها غيره، هذا ما عليه الأكثر. وقول الشافعي: يقسم الفيء خمسة أقسام، وأول كلام عمر هذا بأنه يريد الأخماس الأربعة (والله) وفي نسخة: "ووالله" بزيادة واو (ما احتازها) من الحيازة أي: ما جمعها، وفي نسخة: "ما اختارهما" من الاختيار، (ولا استأثر بها) أي: ما اختص بها (قد أعطاكموه) أي: الفيء، وفي نسخة: "قد أعطاكموها" أي: أموال الفيء، (وبثها) أي: فرقها (مجعل مال الله) أي: في السلاح، والكراع، ومصالح المسلمين، واستشكل كونه كان ينفق على أهله نفقة سنتهم، مع أن درعه حين وفاته كانت مرهونة على شعير استدانة لأهله، وأجيب: بأنه كان يدخر لأهله قوت سنتهم، ثم في طول السنة يحتاج لمن يطرقه على إخراج شيء منه، فيخرجه، فيحتاج إلى تعويض ما أخذ منه فلذلك استدان. (أنشدكما بالله) في نسخة: "أنشدكما الله". (هل تعلمان ذلك) زاد في: الفرائض في رواية: "قالا: نعم" (¬2). (فلما بدا) ¬

_ (¬1) رواه النسائي في "السنن"الكبرى" 4/ 64 (6309) كتاب: الفرائض، ذكر مواريث الأنبياء. وأحمد 2/ 463. وله شاهد سبق برقم (2776) كتاب: الوصايا، باب: نفقة القيم للوقف. (¬2) سيأتي برقم (6728) كتاب: الفرائض، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نورث ما تركنا صدقة".

2 - باب: أداء الخمس من الدين

أي: ظهر. (لي أن أرفعه إليكما) إلى آخره، قيل: إن كان الدفع إليهما صوابًا، فَلِمَ لم يدفعه أولًا وإلا فلم دفعه آخرًا، وأجيب: بأنه منعه أولًا على الوجه الذي طلباه، وهو التملك، ودفعه ثانيًا على وجه التصرف كتصرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصاحبه، واستشكلت هذ القصة؛ لأنها إنما أخذاها على ما شرطه عمر عليهما معترفين بأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما تركناه صدقة" وشهد المهاجرون بذلك، فما الذي بدا لهما حتى تخاصما؟ وأجيب بأن تخصامهما إنما كان؛ لأنه يشق عليها التشارك في التصرفات، وطلبا القسمة ليستبد كل منهما بالتدبير والتصرف فيما يصير إليه، فمنع عمر ذلك؛ لئلا يجري علي ذلك اسم الملك، إذ القسمة إنما تقع في الأملاك، ويتطاول الزمان يظن فيه الملكية، قال أبو داود: ولهذا لما صارت الخلافة إلى علي لم يغيرها عن كونها صدقة. 2 - بَابٌ: أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الدِّينِ (باب: أداء الخمس من الدين) أي: الحق، وعبَّر فيما مرَّ بأنه من الإيمان, وجمع بينهما، بأنا إن قلنا: إن الإيمان قول وعمل، دخل أداء الخمس في الإيمان, وإن قلنا: أنه تصديق دخل في الدين. 3095 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا هَذَا الحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إلا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأْخُذُ بِهِ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، قَال: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإِيمَانِ بِاللَّهِ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، - وَعَقَدَ بِيَدِهِ - وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُؤَدُّوا لِلَّهِ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ: عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالحَنْتَمِ، وَالمُزَفَّتِ". [انظر: 53 - مسلم: 17 - فتح 6/ 208]

3 - باب نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

(أبو النعمان) هو محمَّد بن الفضل السدوسي. (حماد) أي: ابن زيد. (عن أبي جمرة) بالجيم والراء: نصر بن عمران. (الضبعي) بضم المعجمة، وفتح الموحدة من بني ضبيعة: بطن من عبد القيس. (إلا في الشهر الحرام) (أل) في الشهر للجنس، فتتناول الأشهر الحرم الأربعة (منه) في نسخة: "به". (وندعو إليه من وراءنا) أي: من البلاد البعيدة عن المدينة، أو أولادنا وأخلافنا. (الإيمان باللهِ) بالجر بيان الأربع المأمور بها، أو بدل منها، ويجوز الرفع والنصب. (وأن تؤدوا لله خمس ما غنمتم) هو موضع الترجمة، واستشكل كونه قال: "آمركم بأربع"، وذكر خمسة، وأجيب: بأن الأربعة على ما عدا الشهادة، إذ الشهادة كانوا مقرين بها. (عن الدباء) بالمد: وعاء القرع اليابس، (والنقير) جذع ينقر وسطه وينبذ فيه، (والحنتم) بفتح المهملة، وسكون النون، وفتح الفوقية: الجرار الخضراء مطلقًا. (والمزفت) بتشديد الفاء: المطلي بالزفت، والمراد: النهي عن الانتباذ في المذكورات، ومرّ شرح الحديث في كتاب: الإيمان" في باب: أداء الخمس من الإيمان (¬1). 3 - بَابُ نَفَقَةِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ (باب: نفقة نساء النبي بعد وفاته) أي: بيانها. 3096 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَئُونَةِ عَامِلِي، فَهُوَ صَدَقَةٌ". [انظر 2776 - مسلم: 176 - فتح 6/ 209] ¬

_ (¬1) سبق برقم (53) كتاب: الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان.

(عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (لا يقتسم ورثتي دينارًا) ذكره مثالًا إذ غيره مثله، والكلام خبر لا نهي، أي: لا أخلف بعدي مالًا يورث. فـ (يقتسم) بالرفع لا بالجزم، بجعل لا ناهية؛ لأن النهي يقتضي إمكان وقوعه وهو لا يمكن. (ومؤونة عاملي) أي: الخليفة بعدي، أو حافر قبري ومتولي دفني، أو عامل نخلي، أي: الذي خصه الله به من الفيء. (فهو صدقة) أي: لأنه لا أخلف مالًا يورث، ونصّ على نفقة نسائه؛ لكونهن محبوسات عن الأزواج بسببه؛ ولعظم حقوقهن في بيت المال لفضلهن، وقدم هجرتهن وكونهن أمهات المؤمنين، ولذلك اختصصن بمساكنهن، ولم يرثها ورثتهن، بل كانت صدقة بعده، وزيدت بعدهن في مسجده، ومرّ شرح الحديث في الوصايا (¬1). 3097 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فِي بَيْتِي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إلا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَال عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ". [6451 - مسلم: 2973 - فتح 6/ 209] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (هشام) أي: ابن عروة. (ذو كبد) أي: حيوان: إنسان، أو بهيمة. (إلا شطر شعير) برفع (شطر) وهو النصف، أو المراد: جزء من شعير. (في رف لي) بفتح الراء، وتشديد الفاء (ففني) أي: فرغ. ومطابقة الحديث للترجمة: في قولها: (فأكلت منه) إلى آخره، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2776) كتاب: الوصايا، باب: نفقة القيم للوقف.

4 - باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وما نسب من البيوت إليهن

فإنها لم تذكر أنها أخذته في نصيبها بالميراث إذ لو لم تستحق النفقة لأُخذ الشعير منها لبيت المال. 3098 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الحَارِثِ، قَال: "مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا سِلاحَهُ وَبَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً". [2739 - فتح 6/ 209] (يحيى) أي: القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (وبغلته البيضاء) هي الدلدل (وأيضًا تركها صدقة) قيل: يؤخذ منها المطابقة؛ لأن نفقة نسائه بعد موته، كانت مما خصه الله به من الفيء، ومنه فدك وسهمه من خيبر، ومَرَّ شرح الحديث في أول الوصايا (¬1). 4 - بَابُ مَا جَاءَ فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا نُسِبَ مِنَ البُيُوتِ إِلَيْهِنَّ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] وَ {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53]. (باب: ما جاء في بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما نسب من البيوت إليهن) أي: باب بيان ذلك (وقول الله تعالى) بالجر عطف على (ما جاء) {وَقَرْنَ} بكسر القاف وفتحها، قراءتان (في بيوتكن) أي: لا تخرجن منها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2739) كتاب: الوصايا، باب: الوصايا، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وصية الرجل مكتوبة عنده".

3099 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدٌ، قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالتْ: "لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ". [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح 6/ 210] (ومحمد) أي: ابن مقاتل المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (ويونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (أن يمرض في بيتي) هذا موضع الترجمة، والإضافة فيه إضافة اختصاص، لا ملك؛ لأن بيوت أزواجه ملك له لا لهن (¬1). 3100 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، وَفِي نَوْبَتِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ"، قَالتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِسِوَاكٍ، "فَضَعُفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ، ثُمَّ سَنَنْتُهُ بِهِ". [انظر: 890 - مسلم: 2443 - فتح 6/ 210] (ابن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم الجمحي. (نافع) أي: ابن يزيد البصري (ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله. (في بيتي) فيه ما مرَّ آنفَا، (سحري) بفتح المهملة الأولى، وسكون الثانية: الرئة، وقيل: باطن الحلقوم. (ونحري) بفتح النون، وسكون المهملة: الصدر، (وجمع الله بين ريقي وريقه) أي: في آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة، وإلى ذلك أشار بقوله: (قالت: دخل عبد الرحمن) إلى آخره، وقوله: (سننته به) أي: سوكته به. 3101 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، أَنَّ صَفِيَّةَ - زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا ¬

_ (¬1) أي: من كونه إضافة اختصاص، لا إضافة ملك.

جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي المَسْجِدِ، فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ مَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ المَسْجِدِ، عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ بِهِمَا رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَفَذَا، فَقَال لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكُمَا"، قَالا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ، اللَّهِ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا". [انظر: 2035 - مسلم: 2175 - فتح 6/ 210] (سعيد بن عفير) نسبة إلى جده، وإلا فهو ابن كثير. (نفذا) أي: مضيا، (على رسلكما) أي: امشيا على هينتكما. (قالا: سبحان الله) أي: تنزه الله عن أن يكون رسوله متهمًا بما لا ينبغي، أو كناية عن التعجب من هذا القول (وكبر عليهما ذلك) بضم الموحدة، أي: شق عليهما ما قاله. (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لفظ: (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ساقط من نسخة: (مبلغ الدم) أي؛ كمبلغه، ووجه الشبه؛ شدة الاتصال وهو كناية عن الوسوسة. 3102 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "ارْتَقَيْتُ فَوْقَ بَيْتِ حَفْصَةَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ القِبْلَةِ، مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ". [انظر: 145 - مسلم: 266 - فتح 6/ 210] (حبان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة. (فوق بيت حفصة) هذا موضع الترجمة أيضًا. 3103 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي العَصْرَ، وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ حُجْرَتِهَا". [انظر: 522 - مسلم: 611 - فتح 6/ 210]

(من حجرتها) أي: من بيت عائشة وهو موضع الترجمة أيضًا والقياس: من حجرتي ففيه التفات، ومَرَّ شرح الحديث في باب: وقت العصر من الصلاة (¬1). 3104 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ، فَقَال: "هُنَا الفِتْنَةُ - ثَلاثًا - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ". [3279، 3511، 5296، 7092، 7093 - مسلم: 2905 - فتح 6/ 210] (جويرية) أي: ابن أسماء الضبعي. (من حيث يطلع قرن الشيطان) هو طرف رأسه أي: حيث يدني رأسه إلى الشمس. 3105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ - زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَتْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ إِنْسَانٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُرَاهُ فُلانًا - لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ - الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الولادَةُ". [انظر: 2644 - مسلم: 1444 - فتح 6/ 211] (ابنة عبد الرحمن) في نسخة: "بنت عبد الرحمن". (في بيتك) في نسخة: "في بيت حفصة". (تحرم ما تحرم الولادة) بضم الفوقية، وفتح المهملة، وكسر الراء المشددة، في نسخة: "ما يحرم من الولادة" بفتح أوله وسكون الحاء المهملة وضم الراء مخففة وزيادة (من) ومرَّ شرح الحديث في باب: الشهادة على الأنساب والرضاع (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (544) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت العصر. (¬2) سبق برقم (2644) كتاب: الشهادات، باب: الشهادة على الأنساب.

5 - باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه وقدحه، وخاتمه، وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته مما يتبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

5 - بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ دِرْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَصَاهُ، وَسَيْفِهِ وَقَدَحِهِ، وَخَاتَمِهِ، وَمَا اسْتَعْمَلَ الخُلَفَاءُ بَعْدَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ قِسْمَتُهُ، وَمِنْ شَعَرِهِ، وَنَعْلِهِ، وَآنِيَتِهِ مِمَّا يَتَبَرَّكُ أَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ (باب: ما ذكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم -[وعصاه وسيفه] (¬1) وخاتمه، وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته) بضم التحتية، وفتح الكاف، وفي نسخة: "ما لم تذكر قسمته" بحذف (من) وذكر الفوقية بدل التحتية في (يذكر)، وقوله (قسمته) قال الكرماني: أي: لا على طريقة قسمة الصدقات، إذ لا خفاء أن المراد منها: قسمة التركات (¬2). (ومن شعره ونعله وآنيته مما يتبرك) أي: "به" كما في نسخة. (أصحابه وغيرهم بعد وفاته (قال شيخنا: الغرض من هذه الترجمة: تثبيت أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يورث، ولا بِيْعَ موجوده، بل ترك بيد من صار إليه للتبرك به، ولو كان ميراثًا لبيعت وقسمت) ولهذا قال: (مما لم تذكر قسمته) (¬3). 3106 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَعَثَهُ إِلَى البَحْرَيْنِ وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الكِتَابَ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ نَقْشُ الخَاتَمِ ثَلاثَةَ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ". [انظر: 65 - مسلم: 2092 - فتح 6/ 212] (حدثني أبي) في نسخة: "أخبرنا أبي". (عن ثمامة) في نسخة: "حدثنا ثمامة" أي: ابن عبد الله بن أنس. (بعثه) القياس: بعثني، ففيه التفات، أو تجريد. (وكتب له هذا ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 13/ 85. (¬3) "الفتح" 6/ 213.

الكتاب) أي: كتاب فريضة الصدقة السابق في باب: زكاة الغنم (¬1). (وختمه) أي: أبو بكر. (بخاتم النبي - صلى الله عليه وسلم -) ساقط من نسخة. 3107 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ، قَال: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ "نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ لَهُمَا قِبَالانِ"، فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ البُنَانِيُّ بَعْدُ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا "نَعْلا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [5857, 5858 - فتح 6/ 212] (حدثني عبد الله) في نسخة: "حدثنا عبد الله". (جرداوين) أي: حلقين، بحيث لم يبق عليهما شعر، وفي نسخة: "جرداوتين" بفوقية بين الواو والتحتية. (لهما) أي: للنعلين، وفي نسخة: "لها" أي: للنعل الصادق بالنعلين، (قبالان) بكسر القاف، تثنية قبال: وهو زمام النعل: وهو السير الذي يكون بين الإصبعين. (فحدثني) أي: قال أبو طهمان: فحدثني ثابت البناني. (بعد) أي: بعد أن أخرج أنس إلينا النعلين. 3108 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَال: "أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كِسَاءً مُلَبَّدًا، وَقَالتْ: فِي هَذَا نُزِعَ رُوحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَزَادَ سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَال: أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ: إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِاليَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الَّتِي يَدْعُونَهَا المُلَبَّدَةَ. [انظر: 5818 - مسلم: 2080 - فتح 6/ 212] (حدثنا محمَّد) في نسخة: "حدثني محمد". (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (أيوب) أي: السختياني. (عن حميد بن هلال) في نسخة: "حدثنا حميد بن هلال". (وزاد سليمان) أي: ابن المغيرة. (من هذه التي تدعونها) أي: تسمونها. (الملبدة) أي: التي ركب بعضها على بعض. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1454) كتاب: الزكاة، باب: زكاة الغنم.

3109 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ" قَال عَاصِمٌ: رَأَيْتُ القَدَحَ وَشَرِبْتُ فِيهِ. [5638 - فتح 6/ 212] (عبدان) لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة العتكي. (عن أبي حمزة) هو محمَّد بن ميمون اليشكري. (عن عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (فاتخذ) أي: أنس، أو النبي - صلى الله عليه وسلم -. (مكان الشعب) بفتح المعجمة، أي: الصدع، أو الشق. 3110 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، أَنَّ الوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ، حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدُّؤَلِيِّ، حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ، حَدَّثَهُ: أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاويَةَ مَقْتَلَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، لَقِيَهُ المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَقَال لَهُ: هَلْ لَكَ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا، فَقَال لَهُ: فَهَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ القَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ، لَا يُخْلَصُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا حَتَّى تُبْلَغَ نَفْسِي، إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ، فَقَال: "إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا"، ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ، قَال: "حَدَّثَنِي، فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي، وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلالًا، وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا". [انظر: 926 - مسلم: 2449 - فتح 6/ 212] (الدؤلي) بدال مهملة مضمومة فهمز، وفي نسخة: "الديلي" بكسر الدال، وسكون التحتية من غير همز. (أن علي بن حسين) هو زين العابدين. (فقال له) أي: قال المسور لعلي بن حسين (لا يخلص) بالبناء

للمفعول. (إليهم) في نسخة: "إليه" أي: لا يصلوا إلى السيف. أحد (تبلغ) بضم الفوقية وفتح اللام. (نفسي) أي: تفيض روحي (محتلم) في نسخة: "المحتلم". (أن تفتن في دينها) بالبناء للمفعول، أي: بسبب المغيرة. (فصدقني) بتخفيف الدال، أي: في حديثه. (ووعدني) أي: أن يرسل إلى ابنتي زينب. (فوفى لي) في نسخة: "فوفاني". (وإني لست أحرم حلالًا) أي: هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة. (ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبنت عدو الله أبدًا" لعل من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أن لا يتزوج علي بناته، أو هو خاص بفاطمة رضي الله عنها. 3111 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ، عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَال: لَوْ كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ذَاكِرًا عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ذَكَرَهُ يَوْمَ جَاءَهُ نَاسٌ فَشَكَوْا سُعَاةَ عُثْمَانَ، فَقَال لِي عَلِيٌّ: "اذْهَبْ إِلَى عُثْمَانَ فَأَخْبِرْهُ: أَنَّهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فَمُرْ سُعَاتَكَ يَعْمَلُونَ فِيهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَال: أَغْنِهَا عَنَّا، فَأَتَيْتُ بِهَا عَلِيًّا، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَال: "ضَعْهَا حَيْثُ أَخَذْتَهَا". [3112 - فتح 6/ 213] (سفيان) أي: ابن عيينة. (منذر) أي: ابن يعلى الثوري. (عن ابن الحنفية) هو محمَّد بن علي بن أبي طالب. (لو كان علي - رضي الله عنه - ذاكرًا عثمان) أي: بسوء. (سعاة عثمان) أي: مسألة على الزكاة. (فأخبره) أي: عثمان. (أنها) أي: الصحيفة التي أرسل بها علي إلى عثمان. (صدقة رسول الله) أي: أنها مكتوب فيها بيان مصارف صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (فمر سعاتك يعملون فيها) أي: بما فيها، وفي نسخة: "يعملوا" بحذف النون (¬1)، وفي أخرى بدل (فيها): "بها، أي: بالصحيفة، أي: ¬

_ (¬1) فهو مجزوم؛ لكونه واقعًا في جواب الأمر.

بما فيها. (فقال أغنها) أي: الصحيفة، أي: اصرفها (عنا)؛ لأنا نعلم ما فيها. (قال) في نسخة: "وقال". 3112 - قَال الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، قَال: سَمِعْتُ مُنْذِرًا الثَّوْرِيَّ، عَنْ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَال: أَرْسَلَنِي أَبِي، خُذْ هَذَا الكِتَابَ، فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَإِنَّ فِيهِ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَةِ. [انظر: 3111 - فتح 6/ 213] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير شيخ البخاري. (سفيان) أي: ابن عيينة. (أرسلني أبي) هو علي بن أبي طالب. (في الصدقة) في نسخة: "بالصدقة" وقد ترجم البخاري لأشياء ترك أحاديث أكثرها، وهو حديث الدرع: أنه - صلى الله عليه وسلم - توفي ودرعه مرهونة (¬1)، وحديث العصا: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يستلم الركن بمحجن (¬2)، وحديث الشعر المحتج له يقول ابن سيرين فيما مرَّ في الطهارة: عندنا شعر من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3)، وأما حديث الآنية، فعلم من حديث: القدح؛ لأن كلا منهما ظرف، ويحتمل: أنه أراد أن يكتب أحاديث ما تركه فلم يتفق له ذلك. ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (2438) كتاب: الرهون، وأحمد 6/ 457، وابن سعد 1/ 488، والطبراني 24/ 176 وابن عدي في "الكامل" 5/ 16 من حديث أسماء بنت يزيد، ومدار الحديث على شهر بن حوشب وهو مختلف فيه بين التوثيق والتضعيف قال ابن حجر في "تقريب التهذيب" ص 269 (2830): صدوق كثير الإرسال، ولكن للحديث شواهد تقويه، من حديث أنس، ومن حديث عائشة. وقال الألباني في "صحيح ابن ماجه": صحيح بما قبله وبما بعده. (¬2) سبق برقم (1607) كتاب: الحج، باب: استلام الركن بالمحجن. (¬3) سبق برقم (170) كتاب: الوضوء، باب: الماء الذي يغسل به شعر الإنسان.

6 - باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين وإيثار النبي صلى الله عليه وسلم أهل الصفة والأرامل، حين سألته فاطمة، وشكت إليه الطحن والرحى: أن يخدمها من السبي، فوكلها إلى الله

6 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِنَوَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمَسَاكِينِ وَإِيثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الصُّفَّةِ وَالأَرَامِلَ، حِينَ سَأَلَتْهُ فَاطِمَةُ، وَشَكَتْ إِلَيْهِ الطَّحْنَ وَالرَّحَى: أَنْ يُخْدِمَهَا مِنَ السَّبْيِ، فَوَكَلَهَا إِلَى اللَّهِ (باب: الدليل على أن الخمس) أي: من القيمة. (لنوائب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: لأجلها، وهي ما ينزل به من المهمات والحوادث. (والمساكين) أي: ولأجلهم. (وإيثار) أي: ولأجل إيثار النبي - صلى الله عليه وسلم -. (أهل الصفة والأرامل) جمع أرمل: وهو الرجل الذي لا امرأة له، وأرملة: وهي المرأة التي لا زوج لها. (حين) ظرف لإيثار (سألته) بنته (فاطمة وشكت إليه الطحن) أي: شدة ما تقاسيه منه، وفي نسخة: "الطحين" بكسر الحاء، وبياء بعدها. (والرحى) أي: وشدة مقالبتها. (أن يخدمها) مفعول ثان لسألت، أي: سألته أن يعطيها خادمًا (من السبي) أي: الذي حضر عنده. (فوكلها إلى الله) بتخفيف الكاف، أي: فوض أمرها إليه. 3113 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ المُحَبَّرِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي الحَكَمُ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ، فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَبْيٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَلَمْ تُوَافِقْهُ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا، وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ، فَقَال: "عَلَى مَكَانِكُمَا". حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَال: "أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ". [3705، 5361، 6318 - مسلم: 2727 - فتح 6/ 215] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (الحكم) أي: ابن عتيبة. (ابن أبي

7 - باب قول الله تعالى: {فأن لله خمسه وللرسول} [الأنفال: 41]

ليلى) هو عبد الرحمن (حدثنا علي) في نسخة: "أخبرنا علي". (فلم توافقه) أي: لم تصادفه، ولم يجتمع به، (وقد دخلنا) وفي نسخة: "وقد أخذنا". (على مكانكما) أي: الزماه ولا تفارقاه. (حتى وجدت) حتى غاية لمقدر أي: دخل - صلى الله عليه وسلم - في مضجعنا حتى وجدت (برد قدميه) في نسخة: "قدمه". (مما سألتماه) في نسخة: "مما سألتماني" وأسند الضمير إليهما مع أن السائل فاطمة فقط؛ لأن سؤالها كان برضى علي (فإن ذلك) أي: ثوابه في الآخرة (مما سألتماه) في نسخة: "سألتما" بحذف الضمير. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: إيثار غير فاطمة عليها. 7 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] يَعْنِي: لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ " قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَخَازِنٌ وَاللَّهُ يُعْطِي. (باب: قول الله تعالى) في نسخة: بدل (تعالى): "عزَّ وجلَّ" {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الجمهور على أن ذكر الله للتعظيم، وقيل: بل هو مراد في الحكم حتى يقسم المال ستة أقسام، ويصرف سهم الله إلى الكعبة، وإلى الأول مع زيادة أشار بقوله: (يعني: للرسول قسم ذلك) أي: على مستحقيه. 3114 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، وَمَنْصُورٍ، وَقَتَادَةَ، سَمِعُوا سَالِمَ بْنَ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا مِنَ الأَنْصَارِ غُلامٌ، فَأَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا، - قَال شُعْبَةُ فِي حَدِيثِ مَنْصُورٍ: إِنَّ الأَنْصَارِيَّ قَال: حَمَلْتُهُ عَلَى عُنُقِي، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ، وُلِدَ لَهُ غُلامٌ، فَأَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا -، قَال: "سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، فَإِنِّي

إِنَّمَا جُعِلْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ"، وَقَال حُصَيْنٌ: "بُعِثْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ"، قَال عَمْرٌو: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ سَالِمًا، عَنْ جَابِرٍ، أَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ القَاسِمَ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي". [3115، 3538، 6186، 6187، 6189، 6196 - مسلم 2133 - فتح 6/ 217] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (ومنصور) أي: ابن المعتمر. (ولد لرجل) اسمه أنس بن فضالة الأنصاري. (ولا تكنوا) بفتح الفوقية، والكاف والنون المشددة، وأصله: تتكنوا فحذفت إحدى التاءين. (بكنيتي) أي: بأبي القاسم، سواء كان المكنى بها اسمه محمَّد، أم لا، وهو ما نص عليه الشافعي لهذا الحديث، لكن رجح ابن أبي الدم، والرافعي تخصيص ذلك بمن اسمه محمد؛ لخبر ابن حبان في "صحيحه": "من تسمى باسمي فلا يكتنى بكنيتي، ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي" (¬1) وما رجحاه فيه جمع بين الخبرين بخلاف النص، وأما تكنية علي - رضي الله عنه - ولده محمَّد بن الحنفية بذلك، فرخصة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قاله ابن أبي الدم، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح البهجة". (بعثت قاسمًا أقسم بينكم) قال ذلك؛ تطييبًا لنفوسهم؛ لمفاضلته في العطاء (قال) في نسخة: "وقال" (عمرو) أي: ابن مرزوق شيخ البخاري. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (سالمًا) أي: ابن أبي الجعد. ¬

_ (¬1) "صحيح ابن حبان" 13/ 129 (5812) كتاب: الحظر والإباحة، باب: الأسماء والكنى.

(سموا) بفتح المهملة، وضم الميم، وفي نسخة: "فسموا" بفاءٍ، وفي أخرى: "تسموا" بفوقية مفتوحة، وفتح الميم المشددة، (ولا تكتنوا) بفوقيتين مفتوحتين بينهما كاف ساكنة، وفي نسخة: "تكنوا" كالرواية السابقة. 3115 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَال: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلامٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقَالتِ الأَنْصَارُ لَا نَكْنِيكَ أَبَا القَاسِمِ، وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِي غُلامٌ، فَسَمَّيْتُهُ القَاسِمَ فَقَالتِ الأَنْصَارُ: لَا نَكْنِيكَ أَبَا القَاسِمِ، وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحْسَنَتِ الأَنْصَارُ، سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ". [انظر: 3114 - مسلم: 2133 - فتح 6/ 217] (سفيان) أي: الثوري. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (لا نكنيك) بضم أوله، وفتح ثانيه، وكسر ثالثه مشددا، وبتحتية بعده، وفي نسخة: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وبتحتية بعد ثالثه، وفي أخرى: كذلك، لكن بحذف التحتية. (ولا ننعمك عينا) برفع الفعل وجزمه؛ أي: لا ننعمك، ولا نقر عينك [بذلك] (¬1). 3116 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاويَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَاللَّهُ المُعْطِي وَأَنَا القَاسِمُ، وَلَا تَزَالُ هَذِهِ الأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ، وَهُمْ ظَاهِرُونَ". [انظر: 71 - مسلم: 1037 - فتح 6/ 217] (حبان بن موسى) بكسر المهملة وتشديد الموحدة، ولفظ (ابن ¬

_ (¬1) من (س).

موسى) ساقط من نسخة. (عبد الله) أي: ابن المبارك (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي (قال) في نسخة: "يقول" (والله المعطي وأنا القاسم) أي: فأعطي كل واحد ما يليق به، ومَرَّ شرح الحديث في كتاب: العلم (¬1). 3117 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلالٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا أُعْطِيكُمْ وَلَا أَمْنَعُكُمْ، إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ". [فتح 6/ 217] (فليح) هو لقب عبد الملك بن سليمان بن المغيرة. (هلال) أي: ابن علي الفهري. (ما أعطيكم ولا أمنعكم) أي: وإنما الذي يعطي ويمنع هو الله. (أنا) في نسخة: "إنما أنا" (قاسم أضع حيث أمرت) أي: فمن قسمت له قليلًا أو كثيرًا، فبقدر الله له. 3118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَيَّاشٍ وَاسْمُهُ نُعْمَانُ عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ". [فتح 6/ 217] (سعيد بن أبي أيوب) لفظ (ابن أبي أيوب) ساقط من نسخة. (أبو الأسود) هو محمَّد بن عبد الرحمن بن نوفل. (عن خولة) أي: بنت قيس بن فهد (بغير حق) أي: بغير قسمة حق، واللفظ وإن كان أعم من أن يكون بالقسمة أو بغيرها, لكن خصصناه بالقسمة لتفهم منه الترجمة صريحًا قاله الكرماني (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (71) كتاب: العلم، باب: من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 13/ 93، 94.

8 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحلت لكم الغنائم"

8 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُحِلَّتْ لَكُمُ الغَنَائِمُ" وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا، فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح: 20] "وَهِيَ لِلْعَامَّةِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أحلت لكم الغنائم) أي: ولم تحل لغيركم. (وقال الله تعالى) في نسخة: "وقال الله عزَّ وجلَّ". {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} زاد في نسخة: "الآية". (وهي) في نسخة: "فهي" أي: الغنيمة (للعامة) أي: من المسلمين، (حتى يبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم -) أي: يبين الاستحقاق، أي: حتى يبين أنه للمقاتلين، ولأصحاب الخمس، فالقرآن مجمل والسنة مبينة له. 3119 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ البَارِقِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ الأَجْرُ، وَالمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". [انظر: 2850 - مسلم: 1873 - فتح 6/ 219] (مسدد) أَي: ابن مسرهد (خالد) أي: ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان. (حصين) بالتصغير أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (عن عامر) أي: الشعبي. (عن عروة) (¬1) أي: ابن الجعد. (في نواصيها) في نسخة: "بنواصيها". (الخير: الأجر) أي: الثواب في الآخرة (والمغنم) أي: الغنيمة في الدنيا، فالأجر بدل من (الخير) قبله، أو عطف بيان له، (والمغنم) عطف عليه، ومر الحديث آنفًا (¬2). ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) سبق برقم (2850) كتاب: الجهاد والسير، باب: الخيل معقود في نوصيها الخير إلى يوم القيامة.

3120 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 3027 - مسلم: 2118 - فتح 6/ 219] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع (شعيب) أي: ابن أبي حمزة، (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان، (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز (لتنفقن) بالبناء للمفعول. (كنوزهما) نائب الفاعل. 3121 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، سَمِعَ جَرِيرًا، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [3619، 6629 - مسلم: 2919 - فتح 6/ 211] (إسحاق) أي: ابن إبراهيم بن راهويه. (جرير) بفتح الجيم، أي: ابن عبد الحميد (عن عبد الملك) أي: ابن عمير الكوفي. (إذا هلك كسرى) إلى آخره هو كالذي قبله وأعاده لاختلاف سنديهما. (هشيم) أي: ابن بشير بتصغيرهما (سيار) بفتح المهملة، وتشديد التحتية، أي: ابن أبي سيار، واسمه: وردان الواسطي. (يزيد الفقير) أي: ابن صهيب الكوفي، وسمي بالفقير؛ لأنه أصيب في فقار ظهره. 3122 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الفَقِيرُ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُحِلَّتْ لِي الغَنَائِمُ". [انظر 335 - مسلم: 521 - فتح 6/ 220] (أحلت لي) أي: ولأمتي. (الغنائم) فهي من خصائصهم، ومر الحديث في باب: التيمم (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (335) كتاب: التيمم.

3123 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، [مَعَ مَا نَال] مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ". [انظر: 36 - مسلم: 1876 - فتح 6/ 220] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (تكفل الله) أي: تفضلًا لا لزومًا. (بأن يدخله) في نسخة: "أن يدخله". (الجنة) أي: في الحال أو بغير حساب ولا عذاب، محل ذلك فيمن لا حق عليه لآدمي (أو يرجعه) بفتح الياء (من أجر) أي: بأجر فمن بمعنى: الباء (¬1)، وفي نسخة: "مع ما نال من أجر" فمن بيانية، ومر شرح الحديث في الإيمان في باب: الجهاد من الإيمان (¬2). 3124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَال لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا؟ وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلَا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ ولادَهَا، فَغَزَا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاةَ العَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَال لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَجَمَعَ الغَنَائِمَ، فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ لِتَأْكُلَهَا، فَلَمْ تَطْعَمْهَا ¬

_ (¬1) مجيء (من) بمعنى الباء: حكاه الأخفش والبغوي عن يونس، وقاله بعض النحويين منهم ابن قتيبة والزجاج واستشهدوا بقوله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي: بأمر الله. ورد ذلك البصريون، وتبعهم أبو حيان فقال: ولا حجة في شيء من ذلك. (¬2) سبق برقم (36) كتاب: الإيمان, باب: الجهاد من الإيمان.

فَقَال: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَال: فِيكُمُ الغُلُولُ، فَلْيُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ بِيَدِهِ، فَقَال: فِيكُمُ الغُلُولُ، فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعُوهَا، فَجَاءَتِ النَّارُ، فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الغَنَائِمَ رَأَى ضَعْفَنَا، وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا ". [5157 - مسلم: 1747 - فتح 6/ 220] (ابن المبارك) هو عبد الله. (عن معمر) أي: ابن راشد. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الله) في نسخة: "قال النبي" (غزا نبي) أي: أراد أن يغزو، واسمه: يوشع بن نون نباه الله بعد موسى - عليه السلام - وأمره بقتال الجبارين (لا يتبعني) بالجزم على النهي، ويجوز الرفع على النفي. (ملك بضع امرأة) بضم الموحدة، أي: ملك عقد نكاحها. (أن يبني بها) أي: يدخل عليها (ولا أحد) في نسخة: "ولا أخر" بهمزة مضمومة، وخاء معجمة وراء (واشترى غنمًا) أي: حوامل. (أو خلفات) جمع خلفة بفتح المعجمة وكسر اللام: وهي الحامل من النوق، وقد تطلق على غير النوق، وأو للتنويع، ومراده - صلى الله عليه وسلم - أن لا يجاهد معه؛ إلا من فرغ قلبه عن التعلق بشيء من الأمور المذكورة أو نحوها، التي يخشى منها فساد النية في الجهاد (من القرية) هي أريحا بفتح الهمزة، وكسر الراء، والقصر (¬1). (فقال للشمس إنك مأمورة) أي: بالغروب أمر تسخير، (وأنا مأمور) أي: بالصلاة أو القتال أمر تكليف. (اللهم احبسها علينا) أي: حتى نفرغ من قتالهم. (فحبست) أي: ردت على أدراجها، أو وقفت، أو بطلت حركتها (عليه) في نسخة: "عليهم". ¬

_ (¬1) أريحا: هي مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن بالشام، بينهما وبين بيت المقدس يوم للفارس، سميت فيما قبل بأريحا بن مالك بن أرفخشدٌ بن سام بن نوح. انظر: "معجم البلدان" 1/ 165.

9 - باب: الغنيمة لمن شهد الوقعة

(فجاءت يعني: النار لتأكلها) مجيئها كان علامة للقبول (فلم تطعمها) بفتح الفوقية، أي: لم تذق طعمها، وهو مبالغة؛ إذ كان الأصل أن يقال: فلم تأكلها (إن فيكم غلولًا) أي: خيانة من الغنيمة. (فلزقت يد رجل بيده) جعل الله علامة الغلول إلزاق يد المال بيد يوشع وألهم ذلك يوشع، فدعاهم للمبايعة حتى تظهر له العلامة المذكورة (مثل رأس بقرة) في نسخة: "مثل رأس البقرة". (ثم أحل الله لنا الغنائم) كان ابتداء إحلالها لنا من غزوة بدر. 9 - بَابٌ: الغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الوَقْعَةَ (باب: الغنيمة لمن شهد الوقعة) أي: حضرها. 3125 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لَوْلَا آخِرُ المُسْلِمِينَ، مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إلا قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ". [انظر: 2334 - فتح 6/ 224] (صدقة) وابن الفضل المروزي. (عبد الرحمن) أي: ابن مهدي. (قال عمر - رضي الله عنه -: لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها) أي: الفاتحين لها. (كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر)؛ لأن ذلك حقهم أصالة، لكنه - رضي الله عنه - رأى أنه إذا فعل ذلك لم يبق شيء لمن يجيء بعد، ممن يسد من الإِسلام مسدًّا، فاقتضى حسن نظره - رضي الله عنه - أن يفعل في ذلك أمرًا يسع أولهم وآخرهم؛ فراضى أهلها بالبيع ونحوه ووقفها، وضرب عليها الخراج للغانمين؛ كما فعل بأرض العراق وغيرها؛ وأما قسمته - صلى الله عليه وسلم - من مغانم خيبر لمن لم يشهد الوقعة كجعفر بن أبي طالب وغيره من المهاجرين، فإنما كانت بعد استطابة أنفس الغانمين، أو لشدة احتياج المقسوم لهم في بدء الإِسلام، فإنهم كانوا للأنصار تحت منح من

10 - باب من قاتل للمغنم، هل ينقص من أجره؟

النخيل والمواشي، فضاقت بذلك أحوال الأنصارة فلما فتح الله خيبر عوض الشارع المهاجرين، ورد إلى الأنصار منائحهم، أو كانت القسمة لهم من خمس الخمس الذي هو حقه - صلى الله عليه وسلم - يصرفه فيما أراد. 10 - بَابُ مَنْ قَاتَلَ لِلْمَغْنَمِ، هَلْ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ؟ (باب: من قاتل للمغنم) أي: مع قصد أن تكون كلمة الله هي العليا. (هل ينقص من أجره؟) أي: بسبب قصده الغنيمة شيء؛ الأوجه نعم؛ لأن من قصد أن تكون كلمة الله هي العليا فقط أخلص، ومن قصد الأمرين شرك، وأما من قصد المغنم فقط فلا أجر له. 3126 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَال: "مَنْ قَاتَلَ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 123 - مسلم: 1904 - فتح 6/ 226] (حدثني محمَّد) في نسخة: "حدثنا محمَّد". (غندر) هو لقب محمَّد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج (عن عمرو) أي: ابن مرة. (أبا وائل) هو شقيق بن سلمة. (قال أعرابي) هو لاحق بن ضميرة الباهلي. (ليذكر) أي: بالشجاعة بين الناس. (ليرى) بضم الياء وفتح الراء. (مكانه) أي: مرتبته في الشجاعة. (من) في نسخة: "فمن". (فقال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا) أي: ولو مع قصد الغنيمة، لكن أجره مع قصدها دون أجره بدون قصدها كما مرَّ.

11 - باب قسمة الإمام ما يقدم عليه، ويخبأ لمن لم يحضره أو غاب عنه

11 - بَابُ قِسْمَةِ الإِمَامِ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ، وَيَخْبَأُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ غَابَ عَنْهُ (باب: قسمة الإمام ما يقدم عليه) أي: من هدايا أهل الحرب بين أصحابه. (ويخبأ لمن لم يحضره) أي: في مجلس القسمة أو غاب (عنه) أي: في غير بلد القسمة نصيبه، وجملة (يخبأ) حال من الإِمام. 3127 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ، مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنُهُ المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَقَامَ عَلَى البَابِ، فَقَال: ادْعُهُ لِي، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ، فَأَخَذَ قَبَاءً، فَتَلَقَّاهُ بِهِ، وَاسْتَقْبَلَهُ بِأَزْرَارِهِ، فَقَال: "يَا أَبَا المِسْوَرِ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، يَا أَبَا المِسْوَرِ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ"، وَكَانَ فِي خُلُقِهِ شِدَّةٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَال حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةٌ، تَابَعَهُ اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. [انظر: 2599 - فتح 6/ 226] (عن أيوب) أي: السختياني. (عن ابن أبي مليكه أن النبي) هذا مرسل، ووقع في نسخة: "عن ابن أبي مليكه، عن المسور أن النبي" حكاه شيخنا وقال: إنه وَهْمٌ، والمعتمد الأول (¬1). (مزررة) من زررت القميص، جعلت له أزرارًا، وفي نسخة: "مزردة" من الزرد، وهو تداخل حلق الدروع بعضها في بعض. (وكان في خلقه شدة). في نسخةٍ: "وكان في خلقه شيء" فلاطفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بما فعله معه؛ ليرضيه. (رواه) في نسخة: "رواه أي: الحديث". (قال حَاتم) في نسخة: "وقال حاتم". (عن المسور) أي: "ابن مخرمة" كما في نسخة: (تابعه) أي: أيوب. ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 6/ 226.

12 - باب: كيف قسم النبي صلى الله عليه وسلم قريظة، والنضير وما أعطى من ذلك في نوائبه؟

12 - بَابٌ: كَيْفَ قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْظَةَ، وَالنَّضِيرَ وَمَا أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ فِي نَوَائِبِهِ؟ (باب: كيف قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قريظة والنضير) أي: ما لهما. (وما أعطى من ذلك) أي: من نصيبه منه. (في نوائبه) أي: في نفقات أهله والطارئين عليه. 3128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخَلاتِ، حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ، وَالنَّضِيرَ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ". [انظر: 2630 - مسلم: 1771 - فتح 6/ 227] (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (كان الرجل) أي: من الأنصار. (يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - النخلات) هو من باب الهدية، لا من باب الصدقة؛ لأنها محرمة عليه وعلى آله. (حتى افتتح قريظة) أي: حصنًا كان لهم (والنضير) أي: وافتتح النضير بمعنى أجلاهم إذ لا افتتاح في النضير، فهو مجاز فيه، إما من باب جعله بمعنى الإجلاء كما مرَّ، أو بتقدير عامل مشترك بين المتعاطفين، كما في: علفتها تبنًا وماءً باردًا (¬1) أي: أنلتها الأمرين فيقدر هنا نظيره أي: قهر الفريقين، (يرد عليهم) أي: نخلاتهم لاستغنائه عنها، وما ذكره في الحديث وإن لم يدل على ما في الترجمة بكيفية القسمة ففي بقيته الآتية في المغازي ما يدل عليه (¬2)، أو بجعل (وما أعطى من ذلك في نوائبه) كالعطف التفسيري لقوله: كيف قسم. ذكر ذلك الكرماني (¬3). ¬

_ (¬1) شاهد نحوي ذكر كثيرًا. (¬2) سيأتي برقم (4120) كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب. (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 13/ 99.

13 - باب بركة الغازي في ماله حيا وميتا، مع النبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

13 - بَابُ بَرَكَةِ الغَازِي فِي مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُلاةِ الأَمْرِ (باب: بركة الغازي في ماله حيًّا وميتًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر) (مع) متعلق بـ (الغازي)، (وولاة الأمر) معطوف على (النبي). 3129 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ، أَحَدَّثَكُمْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَال: لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الجَمَلِ دَعَانِي، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَال: "يَا بُنَيِّ، إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ اليَوْمَ إلا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإِنِّي لَا أُرَانِي إلا سَأُقْتَلُ اليَوْمَ مَظْلُومًا، وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي، أَفَتُرَى يُبْقِي دَيْنُنَا مِنْ مَالِنَا شَيْئًا؟ فَقَال: يَا بُنَيِّ بِعْ مَالنَا، فَاقْضِ دَيْنِي، وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ - يَعْنِي بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ - يَقُولُ: ثُلُثُ الثُّلُثِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ، فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ"، - قَال هِشَامٌ: وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ، قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ، خُبَيْبٌ، وَعَبَّادٌ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ، وَتِسْعُ بَنَاتٍ -، قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ، وَيَقُولُ: "يَا بُنَيِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ، فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلايَ"، قَال: فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ: يَا أَبَةِ مَنْ مَوْلاكَ؟ قَال: "اللَّهُ"، قَال: فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ، إلا قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ، فَيَقْضِيهِ، فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إلا أَرَضِينَ، مِنْهَا الغَابَةُ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ، وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ، وَدَارًا بِالكُوفَةِ، وَدَارًا بِمِصْرَ، قَال: وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي عَلَيْهِ، أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ، فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: "لَا وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ"، وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ وَلَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ، وَلَا شَيْئًا إلا أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ، قَال: فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَال: يَا ابْنَ أَخِي، كَمْ عَلَى أَخِي مِنَ الدَّيْنِ فَكَتَمَهُ؟ فَقَال: مِائَةُ أَلْفٍ، فَقَال حَكِيمٌ: وَاللَّهِ مَا أُرَى أَمْوَالكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ، فَقَال لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ؟ قَال: مَا

أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا، فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي، قَال: وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ قَامَ: فَقَال مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ، فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ، فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُ مِائَةِ أَلْفٍ، فَقَال لِعَبْدِ اللَّهِ: إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ، قَال عَبْدُ اللَّهِ: لَا، قَال: فَإِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ؟ فَقَال عَبْدُ اللَّهِ: لَا، قَال: قَال: فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ: لَكَ مِنْ هَاهُنَا إِلَى هَاهُنَا، قَال: فَبَاعَ مِنْهَا فَقَضَى دَيْنَهُ فَأَوْفَاهُ، وَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاويَةَ، وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَالمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ زَمْعَةَ، فَقَال لَهُ مُعَاويَةُ: كَمْ قُوِّمَتِ الغَابَةُ؟ قَال: كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ أَلْفٍ، قَال: كَمْ بَقِيَ؟ قَال: أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، قَال المُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ، قَال عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَقَال ابْنُ زَمْعَةَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَال مُعَاويَةُ: كَمْ بَقِيَ؟ فَقَال: سَهْمٌ وَنِصْفٌ، قَال: قَدْ أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، قَال: وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاويَةَ بِسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، قَال بَنُو الزُّبَيْرِ: اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا، قَال: لَا، وَاللَّهِ لَا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ: أَلا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ، قَال: فَجَعَلَ كُلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالْمَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ، قَال: فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَرَفَعَ الثُّلُثَ، فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ، فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَمِائَتَا أَلْفٍ. [فتح 6/ 227] (حدثنا إسحاق) في نسخة: "حدثني إسحاق". (لأبي أسامة) هو حماد بن أسامة الليثي. (أحدثكم) في نسخة: "حدثكم" بحذف همزة الاستفهام، وجواب الاستفهام محذوف تقديره كما في رواية (¬1): قال: نعم حدثني ¬

_ (¬1) عزاه ابن حجر إلى "مسند إسحاق بن راهويه" ولم أقف عليه في المطبوع منه. انظر: "فتح الباري" 6/ 229.

هشام بن عروة. (يوم الجمل) أي: يوم وقعته التي كانت بين علي وعائشة على باب البصرة، بعد مقتل عثمان بسنة، وأضيفت الوقعة إلى الجمل؛ لأن عائشة كانت راكبة عليه حينئذ. (لا يقتل اليوم إلا ظالم) أي: عند خصمه (أو مظلوم) أي: عند نفسه؛ لأن كلًّا منهما كان يتأول أنه على الصواب، والحروب وإن كانت كلها كذلك، لكنه قصد أن هذه أول حرب وقعت بين المسلمين، وقد خرج الزبير وطلحة وغيرهما من كبار الصحابة مع عائشة؛ لطلب قتلة عثمان، وإقامة الحد عليهم؛ لا لقتال علي؛ لأنه لا خلاف أن عليًّا كان أحق بالإمامة من جميع أهل زمانه، وكانت قتلة عثمان لجئوا إلا علي؛ فرأى أنه لا يسلمهم للقتل حتى يسكن حال الأمة، وتجري الأمور على ما أوجب الله عليه، فكان ما قدر الله مما جرى به القلم من الأمور التي وقعت؛ ولذا قال الزبير لابنه لما رأى شدة الأمر، وأنهم لا ينفصلون إلا عن قتال. (وإني لا أراني) بضم الهمزة، أي: لا أظنني. (إلا سأقتل اليوم مظلومًا) أي: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "بشر قاتل ابن صفية بالنار" (¬1). (وإن من أكبر) في نسخة: "وإن من أكثر" بمثلثة بدل الموحدة. (أفترى) بضم الفوقية: أي: أفتظن، وبفتحها أي: أفتعتقد. (فاقض) في نسخة: "واقض". (وأوصى بالثلث) أي: بثلث ماله مطلقًا. (وثلثه) أي: وبثلث ثلث ماله كما ذكره بعد (لبنيه خاصة) وفسر المضاف إليه بقوله: (يعني: عبد الله بن الزبير) والمضاف بقوله في نسخةٍ: "يعني بني عبد الله بن الزبير". (فإن فضل من مالنا) أي: الباقي بعد الوصيتين. (فضل بعد قضاء الدين) أي: ¬

_ (¬1) رواه الخلال 2/ 426، (644) وابن أبي عاصم في "السنة" 2/ 610 (1388) وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 186.

من الباقي. (شيء) لا معنى له مع أنه ساقط من نسخة، (فثلثه) أي: ثلث الفضل يرجع (لولدك) وصية أيضًا وضبط بعضهم "فَثلّثه" بفتح المثلثة وتشديد اللام على صيغة الأمر، أي: فثلث الفضل وأعط لولدك ثلثه. (وكان بعض ولد عبد الله قد وازى) بالزاي. (بعض بني الزبير) أي: ساواهم في السن, أو ساوى أنصباءهم من الوصية أنصباء بعض بني الزبير من ميراث الزبير، وقول الراوي: (وازى) كقوله في صلاة الخوف: "ووازينا العدو" (¬1) مخالف لقول الجوهري يقال: آزيته إذا حاذيته، ولا يقال وازيته (¬2) قال ابن الأثير: والأصل فيه الهمزة، يقال: آزيته إذا حازيته، قال الجوهري: ولا تقل وازيته. وغيره أجازه على تخفيف الهمزة وقلبها، وهذا إنما يصح إذا انفتحت وانضم ما قبلها، نحو: سؤال، فيصح في الموازاة، ولا يصح في وازينا، إلا أن يكون قبلها ضمة من كلمة أخرى؛ كقراءة أبي عمرو {السفهاءُ ولا إنهم هم السفهاء} [البقرة: 13] انتهى كلام ابن الأثير (¬3)، وحاصله: أنه لا يقال وازيته إلا إذا كان قبله ضمة، وهو مفقود فيما ذكر. (خبيب) بالتصغير وبالرفع بدل من (بعض) ولد عبد الله، أو عطف بيان له (وله) أي: وللزبير لا لابنه عبد الله كما وقع لبعضهم (يومئذ) أي: يوم وصيته (تسعة بنين) هم عبد الله، وعروة، والمنذر، أمهم أسماء بنت أبي بكر، وعمرو، وخالد أمهم ابنت خالد بن سعيد بن العاص، ومصعب، وحمزة أمهما الرباب بنت أنيف، وعبيدة، وجعفر ¬

_ (¬1) سبق برقم (942) كتاب: صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف. (¬2) "الصحاح" مادة (أزا) 6/ 2268. (¬3) "النهاية في غريب الحديث" 5/ 182.

أمهما زينب بنت بشر (وتسع بنات) هنَّ خديجة الكبرى، وأم الحسن، وعائشة أمهن أسماء بنت أبي بكر، وحبيبة، وسودة، وهند أمهن أم خالد، ورملة أمها الرباب وحفصة أمها زينب بنت بشر، وزينب أمها أم كلثوم بنت عقبة، وباقي أولاد الزبير ما توا قبله (بدينه) أي: بقضائه. (إن عجزت عنه في شيء) في نسخة: "إن عجزت عن شيء منه"، (ما دريت) بفتح الراء (فقتل الزبير) أي: قتله عمرو بن جرموز غدرًا وهو نائم بوادي السباع (إلا أرضين) بفتح الراء، وكسر المعجمة (منها الغابة) بتخفيف الموحدة: أرض عظيمة من عوالي المدينة. (قال: وإنما) لفظ (قال) ساقط من نسخة، وفي أخرى: "وقال: إنما". (لا) أي: لا أقبضه وديعة، (ولكنه سلف) أي: قرض في ذمتي. (فإني أخشى عليه الضيعة) أي: فيظن به أني قصرت في حفظه، وهذا أوثق لربِّ المال، وأبقى لمروءة الزبير؛ لأنه كان صاحب ذمة وافرة، وعقارات كثيرة، فجعل أموال الناس مضمونة عليه (وما ولي إمارة قط) بكسر الهمزة (ولا شيئًا) أي: مما يكون سببًا، لكثرة المال من جهة مقتضية لظن السوء بصاحبها (إلا أن يكون في غزوة مع النبي) إلى آخره أي: فيكسب من الغنيمة، وهذا موضع الترجمة. (يا ابن أخي) أي: في الدين (فقال) في نسخة: "وقال". (مائة ألف) ولم يذكر الباقي؛ لئلا يستعظم حكيم ما استدان به الزبير، فيظن به عدم الحزم، وبعبد الله عدم الوفاء بذلك (تسع) أي: يكفي فلما استعظم حكيم أمر ما به، احتاج عبد الله أن يذكر له الجميع (فقال له عبد الله: أفرأيتك) بفتح التاء أي: أخبرني (إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف) ولم يكن إخباره الأول كذبا؛ لأنه أخبر ببعض ما عليه (فقال عبد الله) في نسخة: "قال عبد الله" (فباع منها) أي: من الغابة والدور لا من الغابة

14 - باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام هل يسهم له؟

وحدها (كم قومت الغابة)؟ ببناء قومت للمفعول، ورفع الغابة، وببنائه للفاعل. ونصب الغابة (كل سهم مائة ألف) بنصب مائة بنزع الخافض. (قال المنذر) في نسخة: (فقال المنذر). (قال عمرو) في نسخةٍ: "وقال عمرو). (قال: أخذته) في نسخة "قال: قد أخذته" (وباع) في نسخة: "فباع". (من قضاء دينه) أي: دين أبيه. (قال: فكان) في نسخة: "قال: وكان" (ومائة ألف) في نسخة: "ومائتي ألف". (فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف) قال الكرماني: فإن قلت إذا كان الثمن أربعة آلاف ألف وثمانمائة ألف، فالجميع ثمانية وثلاثون ألف ألف وأربعمائة ألف، وإن أضفت إليه الثلث فهو خمسون ألف ألف وسبعة آلاف ألف وإن اعتبرته مع الدين، فهو خمسون ألف ألف، وتسعة آلاف ألف، وثمان مائة ألف، فعلا التقادير الحساب غير صحيح. قلت: لعل الجميع كان عند وفاته هذا المقدار، فزاد من غلات أمواله في هذه الأربع سنين إلى ستين ألف ألف إلا مائتي ألف، فيصح منه إخراج الدين والثلث، ويبقي المبلغ الذي منها لكل امرأة منه ألف ألف ومائتا ألف (¬1). انتهى. 14 - بَابُ إِذَا بَعَثَ الإِمَامُ رَسُولًا فِي حَاجَةٍ، أَوْ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ هَلْ يُسْهَمُ لَهُ؟ (باب: إذا بعث الإِمام رسولًا في حاجة أو أمره بالمقام) أي: ببلدة لعُذرٍ (هل يسهم له) أي: مع الغانمين، وجواب (هل) محذوف، أي: نعم على ظاهر الحديث، أو لا على ما عليه الشافعي وغيره، مؤوِّلين ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 13/ 103.

15 - باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين

الحديث كما يأتي بيانه. 3130 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَوْهَبٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: إِنَّمَا تَغَيَّبَ عُثْمَانُ عَنْ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ". [3698، 3704، 4066، 4513، 4514، 4650، 4651، 7015 - فتح 6/ 335] (موسى) أي: ابن إسماعيل المنقري (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عثمان بن موهب) نسبة إلى جده وإلا فهو ابن عبد الله الأعرج. (كانت تحته) في نسخة: "كان تحته". (بنت رسول الله) في نسخةٍ: "ابنة رسول الله"، (إن لك أجر رجل ممن شهد بدرًا وسهمه) احتج أبو حنيفة بهذا على أن من بعثه الإِمام لحاجة أنه يُسْهَمُ له، وأجاب الشافعي وغيره بأنه خاص بعثمان، وبأنه إنما أُسْهِمَ له من سهمه - صلى الله عليه وسلم - من الخُمس. 15 - بَابٌ: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِنَوَائِبِ المُسْلِمِينَ مَا سَأَلَ هَوَازِنُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَضَاعِهِ فِيهِمْ فَتَحَلَّلَ مِنَ المُسْلِمِينَ وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعِدُ النَّاسَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنَ الفَيْءِ وَالأَنْفَالِ مِنَ الخُمُسِ وَمَا أَعْطَى الأَنْصَارَ وَمَا أَعْطَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ تَمْرَ خَيْبَرَ. (باب) في نسخة: "قال أبو عبد الله باب" (ومن الدليل) الواو استئنافية. (على أن الخمس) أي: المأخوذ من الغنيمة (لنوائب المسلمين) أي: التي تحدث لهم. (ما سأل) مبتدأ خبره (من الدليل). (هوازن) فاعلى (سأل). (النبي - صلى الله عليه وسلم -) مفعوله. (برضاعه) أي: بسبب رضاعه. (فيهم) لأن حليمة السعدية مرضعته منهم. (فتحلل من

المسلمين) أي: استحل من الغانمين منهم ما كان خصهم مما غنموه من هوازن، وعطف على (ما سأل) مدخول الواو في قوله: (وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعد الناس أن يعطيهم من الفيء) وهو ما حصل من الكفار بغير قتال. (والأنفال من الخمس) جمع نفل، بفتح الفاء أكثر من سكونها: ما شَرَطه الإِمام لمتعاطي حظه من مال المصالح، على ما مرَّ بيانه؛ وعطف على (ما سأل) أيضًا قوله: (وما أعطى الأنصار وما أعطى جابر بن عبد الله تمر خيبر) في نسخة: "من تمر خيبر". 3131، 3132 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ، وَمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ: فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَبُّ الحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا المَال، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ"، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَ آخِرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إلا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَيِّبَ، فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ؟ "، فَقَال النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ"، فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا، فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ. [انظر: 2307، 2308 - فتح 6/ 236] (سعيد بن عفير) نسبة لجده، وإلا فهو ابن كثير بن عفير. (عقيل

أي: ابن خالد. (أن مروان بن الحكم) لم يصح له سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا صحبة. (وقد كنت استأنيت) أي: انتظرت. (انتظرهم) في نسخة: "أنتظر آخرهم". (قد طيبنا ذلك يا رسول الله) في نسخة: "قد طيبنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أي: لأجله. (فأذنوا) في نسخة: "وأذنوا" بالواو، ومرَّ الحديث في الوكالة والعتق (¬1). 3133 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَال: وَحَدَّثَنِي القَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الكُلَيْبِيُّ، - وَأَنَا لِحَدِيثِ القَاسِمِ أَحْفَظُ - عَنْ زَهْدَمٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فَأُتِيَ - ذَكَرَ دَجَاجَةً -، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ المَوَالِي، فَدَعَاهُ لِلطَّعَامِ، فَقَال: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لَا آكُلُ، فَقَال: هَلُمَّ فَلْأُحَدِّثْكُمْ عَنْ ذَاكَ، إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَال: "وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ"، وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَسَأَلَ عَنَّا فَقَال: "أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ؟ "، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا؟ لَا يُبَارَكُ لَنَا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا: إِنَّا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَحْمِلَنَا، فَحَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا، أَفَنَسِيتَ؟ قَال: "لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا". [4385، 4415، 5517، 5518، 6649 , 6678، 6680، 6718، 6719، 6721، 7555 - مسلم: 1649: (9) - فتح 6/ 236] (حماد) أي: ابن زيد (أيوب) أي: السختياني (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي. (عن زهدم) أي: ابن مضرب الأزدي. (فأتى ذكر دجاجة) ببناء (أتى) للفاعل. (وذكر) بكسر المعجمة ¬

_ (¬1) سبق برقم (3207، 3208) كتاب: الوكالة، باب: إذا وهب لوكيل أو شفيع قوم جاز. و (2539، 2540) كتاب: العتق، باب: من ملك من العرب رقيقًا.

وسكون الكاف مصدر، وفي نسخة: بالبناء للمفعول، وفتح المعجمة والكاف: ضد الأنثى، وهاء دجاجة للفرق بين الجنس ومفرده، فهو شامل للذكر والأنثى. و (ذكر) مرفوع بالفاعلية على النسخة الأولى، وبالنيابة عن الفاعل على الثانية، و (دجاجة) مجرور بالإضافة عليهما ولفظه في النذور: فأتى بطعام فيه دجاج (¬1). وهو المراد. (من بني تيم الله) أي: عبد الله. (كأنه من الموالي) أي: من سبي الروم. (يأكل شيئًا) أي: من النجاسة. (فقذرته) بكسر المعجمة، أي: فكرهته. (فحلفت لا آكل) في نسخة: "فحلفت أن لا آكل". (فلأحدثكم) بكسر اللام وقد تسكن وبالجزم، وفي نسخة: "فأحدثكم" بحذف اللام. (عن ذلك) أي: عن الطريق في حل اليمين. (بنهب إبل) أي: غنيمة. (بخمس ذود) بالإضافة، وبفتح المعجمة، وبمهملة آخره: ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل (غير الذرى) بضم الغين، والذال المعجمتين، وفتح راء الذرى، أي: ذوات الأسنمة البيض من سمنهن، وكثرة شحومهن، والذرى: جمع ذروة، وذروة كل شيء: أعلاه. (ما صنعنا) أي: الذي صنعناه. (لا يبارك لنا) أي: فيه (ولكن الله حملكم) يحتمل أنه أراد إزالة المنة عليهم، بإضافة النعمة إلى الله تعالى، أو أنه نسي، والناسي بمنزلة المضطر، ففعله مضاف إلى الله تعالى كما في الصائم إذا أكل ناسيًا؛ فإنما أطعمه الله وسقاه، أو أن الله هو الذي حملكم؛ بأن ساق لكم هذا النهب، ورزقكم هذه الغنيمة، ومع ذلك فله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك كسب وإلا لم يحسن إيراد قوله: (وأني والله إن شاء الله لا أحلف على ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6721) كتاب: كفارات الإيمان؛ باب: الكفارة قبل الحنث وبعده.

يمين) إلى آخره، وقوله: (وتحللتها) أي: بالكفارة. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنهب إبل) إلى آخره. 3134 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً، فَكَانَتْ سِهَامُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا". [4338 - مسلم: 1749 - فتح 6/ 237] (فيها عبد الله بن عمر) لفظ (ابن عمر) ساقط من نسخة. (كثيرا) في نسخة: "كثيرة". (سهامهم) في نسخة: "سهمانهم". (اثني عشر) في نسخة: "اثنا عشر". على لغة من جعل المثنى بالألف مطلقًا، والمراد أن ذلك سهم كل منهم. 3135 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً، سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الجَيْشِ". [مسلم: 1750 - فتح 6/ 237] (يحيى بن بكير) نسبه لجده، وإلا فهو ابن عبد الله بن بكير. (عن سالم) أي: ابن عمر. (ينفل) بضم التحتية، وفتح النون، وكسر الفاء مشددة، وفي نسخة: "ينتفل" بفتح التحتية، وسكون النون، وفتح الفوقية، وكسر الفاء (سوى قسم عامة الجيش) بفتح القاف وكسرها، والنفل يكون من خمس الخمس لا من الأخماس الأربعة، ولا من أصل الغنيمة. 3136 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِاليَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ، أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ - إِمَّا

قَال: فِي بِضْعٍ، وَإِمَّا قَال: فِي ثَلاثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَو اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي -، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالحَبَشَةِ، وَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ، فَقَال جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنَا هَاهُنَا، وَأَمَرَنَا بِالإِقَامَةِ، فَأَقِيمُوا مَعَنَا، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَال: فَأَعْطَانَا مِنْهَا، وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا، إلا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إلا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ. [3876، 4230، 4233 - مسلم: 2502 - فتح 6/ 237] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (بلغنا مخرج النبي) بفتح الميم مصدر ميمي، أي: خروجه. (عن أبي بردة) هو عامر أو الحارث (وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا، إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم) أي: مع من شهد الفتح، ومرَّ في باب: الغنيمة لمن شهد الوقعة الجواب عن قسمته لهم مع غيبتهم عن الوقعة (¬1)، والاستثناء الأول منقطع، والثاني متصل، والإخراج فيه من الجملة الأولى. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (فأسهم لنا) إلى آخره. 3137 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قَدْ جَاءَنِي مَالُ البَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا"، فَلَمْ يَجِئْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ، أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَا لِي ثَلاثًا، - وَجَعَلَ سُفْيَانُ يَحْثُو بِكَفَّيْهِ جَمِيعًا، ثُمَّ قَال لَنَا: هَكَذَا قَال لَنَا ابْنُ المُنْكَدِرِ -، وَقَال مَرَّةً فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَسَأَلْتُ، فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ فَلَمْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3125) كتاب: فرض الخمس، باب: الغنيمة لمن شهد الوقعة.

تُعْطِنِي، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي، وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي قَال: قُلْتَ: تَبْخَلُ عَنِّي؟ مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إلا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ، قَال سُفْيَانُ، وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرٍ، فَحَثَا لِي حَثْيَةً وَقَال: عُدَّهَا فَوَجَدْتُهَا خَمْسَ مِائَةٍ، قَال: فَخُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ، وَقَال يَعْنِي ابْنَ المُنْكَدِرِ: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ البُخْلِ. [انظر: 2296 - مسلم: 2314 - فتح 6/ 237] (على) أي: ابن المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (جاءني) في نسخة: "جاءنا"، وفي أخرى: "جاء" (لقد أعطيتك) لفظ: (لقد) ساقط من نسخة، وفي أخرى: "لقد أعطيك" بضم الهمزة، وكسر الطاء، وحذف الفوقية (مناديًا) قيل: هو بلال (يحثو بكفيه جميعًا) فسر به الحثية، وقضيته أن الحثية: مِلْءُ الكفين، وهو ما في "نهاية ابن الأثير" (¬1)، وأما الحفنة بالفاء والنون، فقال فيها: إنها ملْءُ الكف (¬2)، (فسألت) في نسخة: "فسألته". (تبخل عني) أي: "على"، كما في نسخة. (ما منعتك) إلى آخره، قيل: إذا كان يريد أن يعطيه فَلِمَ منعه؟ فأجيب: بأنه لعلمه منع الإعطاء حالًا لمانع، أو لأمر أهم منه، أو لئلا يحرص على الطلب. (عمرو) أي: ابن دينار. (عن محمَّد بن علي) أي: ابن الحسين بن علي. (حثية) من حثي يحثى ويجوز حثوة من حثا يحثو وهما لغتان (مثلها) في نسخة: "مثليها". (أدوأ) بالهمز، أي: أفتح، ويُرْوى بدون ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 339. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 409.

16 - باب ما من النبي صلى الله عليه وسلم على الأسارى من غير أن يخمس

الهمز تخفيفًا، ومرَّ الحديث في الهبة وغيرها (¬1). 3138 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ غَنِيمَةً بِالْجِعْرَانَةِ، إِذْ قَال لَهُ رَجُلٌ: اعْدِلْ، فَقَال لَهُ: "لَقَدْ شَقِيتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ". [مسلم: 1063 - فتح 6/ 238] (إذ قال له رجل) وهو ذو الخويصرة التميمي (فقال: له شقيت) بفتح المعجمة، والفوقية، أي: ضللت أنت إذا كنتُ لا أعدل؛ لكونك تابعًا، ومقتديًا بمن لا يعدل، أو أنك شقي في الآخرة، إن اعتقدت أني لم أعدل؛ لأن قولك هذا لا يصدر عن إيمان، وفي نسخة: "قال لقد شقيتُ" بحذف الفاء ولفظ: (له) وزيادة (لقد) وضم تاء (شقيت)، ومعناه ظاهر، ولا محذور فيه، والشرط لا يستلزم الوقوع؛ لأنه ليس ممن لا يعدل حتى يشقى. 16 - بَابُ مَا مَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الأُسَارَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَ (باب: ما مَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأسارى من غير أن يخمس) أي: من غير فداء؛ لأن له - صلى الله عليه وسلم - التصرف في الغنيمة بما يراه مصلحة، و (ما) موصولة، أي: ما مَنَّ به النبي، أو مصدرية، أي: منَّةُ النبي - صلى الله عليه وسلم -. 3139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي أُسَارَى بَدْرٍ: "لَوْ كَانَ المُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ". [4024 - فتح 6/ 243] (عبد الرزاق) أي: ابن همام (معمر) أي: ابن راشد. (النتنى) جَمْعُ نَتِنٍ، كزَمِن وزمْنَي، أو جمع نتيْن كجريح، وجرح, (لتركتهم له) أي: لأطلقتهم لأجله بغير فداء. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2598) كتاب: الهبة، باب: إذا وهب هبة أو وعده.

17 - باب: ومن الدليل على أن الخمس للإمام "وأنه يعطي بعض قرابته دون بعض" ما قسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني المطلب، وبني هاشم من خمس خيبر

وفي الحديث: دليل على أن للإمام أن يمن على الأسارى من غير فداء. 17 - بَابٌ: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلْإِمَامِ "وَأَنَّهُ يُعْطِي بَعْضَ قَرَابَتِهِ دُونَ بَعْضٍ" مَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي المُطَّلِبِ، وَبَنِي هَاشِمٍ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: " لَمْ يَعُمَّهُمْ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَخُصَّ قَرِيبًا دُونَ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَعْطَى لِمَا يَشْكُو إِلَيْهِ مِنَ الحَاجَةِ، وَلِمَا مَسَّتْهُمْ فِي جَنْبِهِ، مِنْ قَوْمِهِمْ وَحُلَفَائِهِمْ. (باب: ومن الدليل على أن الخمس للإمام، وأنه يعطي بعض قرابته دون بعض ما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني المطلب وبني هاشم من خمس خيبر) أي: من خمس غنيمتها. (لم يعمهم) في نسخة: "لم يعممهم" بسكون العين وضم الميم، وزيادة ميم ساكنة. (بذلك) أي: بالقسم، (من هو أحوج إليه) أي: إلى القسم، ولفظ: (هو) ساقط من نسخة. (وإن كان الذي أعطى) أي: أعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أبعد قرابة ممن لم يعطه، (لما يشكوا إليه من الحاجة) تعليل لإعطاء الأبعد قرابة (ولما مستهم) وفي نسخة: "ولما مسهم" بإسقاط الفوقية، واستعمل في كلامه لفظ: (من) أو، فأفرد، ومعناها ثانيًا فجمع. (في جنبه) أي: في جانب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي نسخة: "في حينه" أي: في زمانه. (من قومهم) أي: كفار قريش. (وحلفائهم) بمهملة، أي: حلفاء قومهم، وأشار بذلك إلى ما مسَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بمكة من قريش بسبب الإِسلام.

3140 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَال: مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْتَ بَنِي المُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا، وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا بَنُو المُطَّلِبِ، وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ" قَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، وَزَادَ، قَال جُبَيْرٌ: وَلَمْ يَقْسِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَلَا لِبَنِي نَوْفَلٍ، وَقَال ابْنُ إِسْحَاقَ: عَبْدُ شَمْسٍ، وَهَاشِمٌ، وَالمُطَّلِبُ إِخْوَةٌ لِأُمٍّ، وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ، وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لِأَبِيهِمْ. [3052، 4229 - فتح 6/ 244] (عن عقيل) بضم العين، أي: ابن خالد بن عقيل بفتحها. (عن ابن المسيب) هو عبد الله سعيد. (عن جبير بن مطعم) أي: ابن نوفل. (قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان) هو من بني عبد شمس. (ونحن وهم منك بمنزلة واحدة) أي: في الانتساب إلى عبد مناف؛ لأن نوفلًا وعبد شمس، وهاشمًا، والمطلب بنوه. (شيء واحد) أي: حكمها واحد، وفي رواية: "سيِّ واحد" بمهملة مكسورة، وياء مشددة (¬1)، يقال: هذا سِيّ ذاك أي: مثله ونظيره. (قال الليث) في نسخة: "وقال الليث" بواو. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. البني عبد شمس) في نسخة: "لعبد شمس". (وقال ابن إسحاق) في نسخة: "قال ابن إسحاق" (عبد شمس) في نسخة: "وعبد شمس" بواو. ¬

_ (¬1) قال ابن حجر في "فتح الباري" 6/ 245: إنها رواية الحموي وكذلك يرويه يحيى بن معين وحده. وقال الخطابي: هو أجود في المعني، وحكاها عياض رواية خارج الصحيح وقال: الصواب رواية الكافة.

18 - باب من لم يخمس الأسلاب

18 - بَابُ مَنْ لَمْ يُخَمِّسِ الأَسْلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَ، وَحُكْمِ الإِمَامِ فِيهِ. (باب: من لم يخمس الأسلاب) بفتح الهمزة: جمع سلب بفتح اللام، ومرَّ بيانه في باب: الحربي إذا دخل دار الإِسلام بغير أمان (¬1). (ومن قتل قتيلًا فله سلبه) عطف على (من لم يخمس) والمراد بالقتيل: المشرف على القتل نحو: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]. (من غير أن يخمس) أي: الخمس، وفي نسخة: "من غير خمس" وفي أخرى: "من غير الخمس" (وحكم الإِمام فيه) عطف على (من لم يخمس). 3141 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ المَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بِغُلامَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ - حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا - فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَال: يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَال: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِي الآخَرُ، فَقَال لِي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ، قُلْتُ: أَلا إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي، فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا، فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَاهُ فَقَال: "أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ "، قَال كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَال: "هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ "، قَالا: لَا، فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَال: "كِلاكُمَا قَتَلَهُ، سَلَبُهُ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ"، وَكَانَا مُعَاذَ ابْنَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3051) كتاب: الجهاد والسير، باب: الحربي إذا دخل دار الإِسلام بغير أمان.

عَفْرَاءَ، وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ. [3964، 3988 - مسلم: 1752 - فتح 6/ 246] (قال: بينا) لفظ: (قال) ساقط من نسخة. (فنظرت) في نسخة: "نظرت" بحذف الفاء. (وشمالي) في نسخة: "وعن شمالي". (بغلامين) هما كما سيأتي: معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء، نسب إلى أمه، وإلا فهو ابن الحارث بن رفاعة. (أضلع) بمعجمة فلام فمهملة مفتوحتين، أي: أقوى، وفي نسخة: "أصلح". (سوادي سواده) أي: شخصي شخصه، وأيلي: أن الشخص يرى على البعد أسود. (الأعجل منا) أي: الأقرب أجلًا، (فلم أنشب) بفتح المعجمة، أي: لم ألبث. (يجول في الناس) أي: يضطرب بينهم في المواضع ولا يستقر على حال. (قلت) في نسخة: "فقلت". (ألا) بالتخفيف؛ للتنبيه والتحضيض. (الذي سألتماني) أي: عنه. (فقال) في نسخة: "قال". (فنظر في السيفين) أي: ليرى ما بلغ الدم من سيفهما؛ ليحكم بالسلب لمن كان أبلغ إذا ترجح: عنده بأمر آخر. (فقال: كلاكما قتله سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح) خصه بالسلب؛ لأنه القاتل الشرعي، باعتبار أنه الذي أثخنه وإنما قال: (كلاكما قتله) تطييبا لقبلهما، مع مشاركة ابن عفراء لابن الجموح في القتل في الجملة، وزاد في نسخة: "قال محمَّد" أي: البخاري (سمع يوسف صالحًا وإبراهيم أباه) ولعل من زاده أشار به إلى الرد على من قال: إن بين يوسف وصالح رجلًا، وهو عبد الواحد بن أبي عون فيكون الحديث منقطعًا. 3142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا التَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ المُشْرِكِينَ عَلا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ حَتَّى ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى

حَبْلِ عَاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ المَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ المَوْتُ، فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَال: أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، وَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ"، فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَال: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ"، فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَال الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ، فَقُمْتُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ "، فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ القِصَّةَ، فَقَال رَجُلٌ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُهُ عِنْدِي فَأَرْضِهِ عَنِّي، فَقَال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لاهَا اللَّهِ، إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ"، فَأَعْطَاهُ، فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلامِ. [انظر: 2100 - مسلم: 1751 - فتح 6/ 247] (عن أبي محمَّد) هو نافع. (عن أبي قتادة) هو الحارث بن ربعي الأنصاري، (حنين) بالتصغير منصرف، وادٍ بينه، وبين مكة ثلاثة أميال (¬1). (فلما التقينا) أي: مع العدو. (جولة) بجيم، أي: تأخر وتقدم، وعبر بذلك؛ احترازًا عن لفظ الهزيمة، وكانت هذه الجولة في بعض الجيش، لا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن حوله. (على رجلًا من المسلمين) أي: ظهر عليه وأشرف على قتله. (فاستدرت) في نسخة: "فاستدبرت". (على حبل عاتقه) هو ما بين العنق والمنكب، أو عرق أو عصب عند موضع الرداء من العنق. (وجدت منها ريح الموت) أي: وجدت منها شدة كشدة الموت. (فقلت: ما بال الناس؟) أي: منهزمين. (قال: أمر الله) أي: قضاؤه (ثم قال: من قتل؟) في نسخة: "ثم قال الثانية مثله من قتل" (فأرضه) بقطع الهمزة، وكسر الهاء. (لاها الله) بوصل الهمزة وقطعها، وكلاهما مع إثبات ألفها وحذفها, ولفظ: (الله) ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 313.

19 - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه

مجرور بهاء التنبيه عوضًا عن واو القسم، كما قاله الجوهري وغيره (¬1). و (لا) نافية أو زائدة، والمعنى: لا والله يكون الأمر كذا، أو: لا والله لا يكون الأمر كذا، (إذا) بهمزة مكسورة فمعجمة منونة، حرف جواب وجزاء، كذا رووه، لكن صوَّب الخطابي وابن الأثير وغيرهما أنه (ذا) بحذف الهمزة ومعناه: لا والله لا يكون ذا، أو: لا والله الأمر ذا (لا يعمد) بكسر الميم، أي: لا يقصد النبي - صلى الله عليه وسلم - (يعمد) كقوله بعد: (يعطيك) بتحتية، وفي نسخة: بنون فيهما فالفاعل ضمير أبي بكر ومن معه، أي: نحن. (إلى أسد) أي: إلا رجل كأنه في الشجاعة أسد: (من أسد الله) بضم الهمزة والسين. (فأعطاه) (¬2) أي: الدرع، وكان القياس أن يقول: أعطاني. ففيه التفات، أو تجريد. (فابتعت به مخرفًا) بفتح الميم، وكسر الراء وفتحها، أي: بستانًا ولفظ: (به) ساقط من نسخة سمي به لما يخترف من ثمار نخيله. (في بني سلمة) بكسر اللام. (تأثلته) بمثلثه بعد الألف، أي: اتخذته أصل مال. وفي الحديث: فضيلة أبي بكر، ومنقبة لأبي قتادة. 19 - بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي المُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الخُمُسِ وَنَحْوِهِ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [4430] (باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم) وهم من أسلم ونيته ضعيفة (¬3)، أو كان يتوقع بإسلامه إسلام نظرائه (وغيرهم) أي: غير ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [ها] 6/ 2557، "لسان العرب" 8/ 4598. (¬2) في هامش (ج): أي: أعطى أبا قتادة. (¬3) في هامش (ج): هم ضعفاء النية في الإِسلام.

المؤلفة قلوبهم؛ ممن يظهر له المصلحة في إعطائه (من الخمس ونحوه) أي: كالخراج، والجزية، والفيء. (رواه) أي: ما ذكر. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (أن حكيم بن حزام) أي: وكان من المؤلفة قلوبهم، (إن هذا المال خضر) بكسر الضاد المعجمة، وفي نسخة: "خضرة" ومرَّ شرح الحديث في الزكاة في باب: الاستعفاف عن المسألة (¬1). 3143 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَال لِي: "يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَال خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى"، قَال حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ العَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، فَقَال: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ شَيْئًا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ. [انظر: 1472 - مسلم: 1035 - فتح 6/ 249] 3144 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ كَانَ "عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَفِيَ بِهِ"، قَال: وَأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ، فَوَضَعَهُمَا فِي بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ، قَال: "فَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبْيِ حُنَيْنٍ"، فَجَعَلُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فَقَال عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، انْظُرْ مَا هَذَا؟ فَقَال: "مَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ¬

_ (¬1) سبق برقم (1472) كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة.

السَّبْيِ"، قَال: اذْهَبْ فَأَرْسِلِ الجَارِيَتَيْنِ، قَال نَافِعٌ: وَلَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الجِعْرَانَةِ وَلَو اعْتَمَرَ لَمْ يَخْفَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَزَادَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَال: مِنَ الخُمُسِ، وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: فِي النَّذْرِ وَلَمْ يَقُلْ يَوْمٍ. [انظر: 2032 - مسلم: 1656 - فتح 6/ 250] (النعمان) هو محمَّد بن الفضل السدوسي. (عن أيوب) أي: السختياني. (اعتكاف يوم) لا ينافي ما مرَّ في الاعتكاف، أنه نذر اعتكاف ليلة (¬1)؛ لجواز اجتماع نذريهما، (فقال: من) في نسخة: "قال: من". (قال: من الخمس) أي: قال: كانت الجاريتان من الخمس. 3145 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ، قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ، فَكَأَنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ، فَقَال: "إِنِّي أُعْطِي قَوْمًا أَخَافُ ظَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الخَيْرِ وَالغِنَى، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ" فَقَال عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْرَ النَّعَمِ، وَزَادَ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَال: سَمِعْتُ الحَسَنَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمَالٍ أَوْ بِسَبْيٍ فَقَسَمَهُ بِهَذَا. [انظر: 923 - فتح 6/ 250] (عمرو بن تغلب) بفوقية مفتوحة فمعجمة ساكنة فلام مكسورة غير منصرف. (ظلعهم) بفتح الظاء المعجمة وتالييها، أي: مرض قلوبهم، وضعف يقينهم، وفي نسخة: بالضاد المعجمة، أي: ميل قلوبهم واعوجاجها. (الغنى) بكسر المعجمة والقصر: ضد الفقر، وفي نسخة: ¬

_ (¬1) سبق برقم (2032) كتاب: الاعتكاف، باب: الاعتكاف ليلًا.

بفتح المعجمة والمد: الكفاية. (أن لي بكلمة رسول الله) الباء للبدلية (¬1)، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الجمعة (¬2). (زاد) في نسخة: "وزاددا. (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد النبيل. (عن جرير) أي: ابن حازم. (أو بسبي) في نسخة: "أو بشيء". (فقسمه بهذا) أي: بما ذكره. 3146 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي أُعْطِي قُرَيْشًا أَتَأَلَّفُهُمْ، لِأَنَّهُمْ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ". [3147، 3528، 3778، 3793، 4331، 4332، 4333، 4334، 4337، 5860، 6761، 6762، 7441 - مسلم: 1059 - فتح 6/ 250] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (حديث عهد) أي: فريق حديث عهدٍ (بجاهلية) أي: قريب عهد بكفر. 3147 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ، فَطَفِقَ يُعْطِي رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ المِائَةَ مِنَ الإِبِلِ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، قَال أَنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَا كَانَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ". قَال لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ: أَمَّا ذَوُو آرَائِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَقُولُوا ¬

_ (¬1) مجيء الباء للبدلية أي: بمعنى (بدل) قاله بعض المتأخرين وجعلوا من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا تسرَّف بها حُمُر والنعم" أي: بدلها. (¬2) سبق برقم (923) كتاب: الجمعة، باب: من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد.

شَيْئًا، وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِي قُرَيْشًا، وَيَتْرُكُ الأَنْصَارَ، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَاللَّهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ"، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ رَضِينَا، فَقَال لَهُمْ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الحَوْضِ" قَال أَنَسٌ فَلَمْ نَصْبِرْ. [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح 6/ 250] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (حدثنا الزهري) في نسخة: "عن الزهري". (حين) في نسخة: "حيث". (فطفق) بكسر الفاء، أي: أخذ. (فحدث رسول الله) بالبناء للمفعول، أي: أُخبر والمخبر له هو سعد بن عبادة. (حديث عهدهم) بالتنوين والوصف، وفي نسخة: بالإضافة. (ما تنقلبون به) أي: وهو الرسول. (خير مما يتقلبون به) أي: وهو المال. 3148 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ النَّاسُ، مُقْبِلًا مِنْ حُنَيْنٍ، عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ العِضَاهِ نَعَمًا، لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا كَذُوبًا، وَلَا جَبَانًا". [انظر: 2821 - فتح 6/ 251] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (مقبلًا) في نسخة: "مقفلة" أي: مرجعة، (علقت رسول الله) بالنصب على المفعولية، وفي نسخة: "برسول الله" بزيادة باء. (الأعراب) بالرفع على الفاعلية، (فخطفت) بكسر الطاء المهملة، أي:

السمرة مجازًا أو الأعراب. (فقال) في نسخة: "ثم قال". (هذه العضاه) بكسر العين المهملة، وبهاء وقف ووصلا: شجر عظيم له شوك. (ثم لا تجدوني) في نسخة: "ثم لا تجدونني" بزيادة نون، ومرَّ شرح الحديث في باب: الشجاعة في الحرب (¬1). 3149 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ، ثُمَّ قَال: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ "أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ". [5809، 6088 - مسلم: 1057 - فتح 6/ 251] (عن إسحاق بن عبد الله) أي: ابن أبي طلحة الأنصاري. (نجراني) نسبة إلى نجران: بلدة باليمن. (فجبذه) بمعجمة أي: فخبره، فهما بمعنى. وفي الحديث: زهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكرمه وحسن خلقه، إنه لعلى خلق عظيم. 3150 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، آثَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَاسًا فِي القِسْمَةِ، فَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ العَرَبِ فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي القِسْمَةِ، قَال رَجُلٌ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ القِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: "فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". [3405، 4335، 4336، 6059، 6100، 6291، 6336 - مسلم: 1062 - فتح 6/ 251] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2821) كتاب: الجهاد والسير، باب: الشجاعة في الحرب والجبن.

(جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (آثر النبي) أي: خصَّ. (في القسمة) أي: بالزيادة. (فأعطى) في نسخة: "أعطى". (وأعطى عيينة) أي: ابن حصن الفزاري. (إن هذه القسمة) في نسخة: "إن هذه لقسمة". 3151 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: "كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ" وَقَال أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ. [5224 - مسلم: 2182 - فتح 6/ 252] (هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (ابنة أبي بكر) في نسخة: "بنت أبي بكر". (التي أقطعه) أي: أعطاه إياها. (على رأسي) متعلق بـ (أنقل). (وهو) أي: ما أقطع من الأرض، وفي نسخة: "وهي" أي: الأرض التي أقطعه إياها. (وقال أبو ضمرة) هو أنس بن عياض. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير أرضا من أموال بني النضير) أشار بهذا التعليق إلى أن أبا ضمرة خالف أسامة في وصله فأرسله وإلى تعيين الأرض المذكورة. وأنها كانت مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من أموال بني النضير، فأقطع الزبير منها. 3152 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ أَجْلَى اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ،

أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ اليَهُودَ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْضُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلْيَهُودِ وَلِلرَّسُولِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَ اليَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْرُكَهُمْ عَلَى أَنْ يَكْفُوا العَمَلَ وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا"، فَأُقِرُّوا حَتَّى أَجْلاهُمْ عُمَرُ فِي إِمَارَتِهِ إِلَى تَيْمَاءَ، وَأَرِيحَا. [انظر: 2285 - مسلم: 1551 - فتح 6/ 252] (حدثني أحمد) في نسخة: "حدثنا أحمد". (على أهل خيبر) في نسخة: "على أرض خيبر" (¬1). (وكانت الأرض لما ظهر عليها لليهود وللرسول وللمسلمين) في نسخة: "وكانت الأرض لما ظهر عليها لله وللرسول وللمسلمين" قيل: هذا هو الصواب، وقيل: والأول صحيح أيضًا. والمراد بقوله: (لما ظهر عليها) أي: لما ظهر على فتح أكثرها قبل أن يسأله اليهود أن يصالحوه فكانت لليهود، فلما صالحهم على أن يسلموا له الأرض كانت لله ولرسوله وللمسلمين، ويحتمل أن يكون على حذف مضاف، أي: ثمرة الأرض نصفها لهم، ونصفها للبقية عملًا ببقية الحديث. (نتركُّم) في نسخة: "نترككم". (إلى تيماء وأريحا) (تيماء): قرية على البحر من بلاد طيء (¬2) (وأريحا): قرية بالشام (¬3) وفي نسخة: "أو أريحا" بزيادة ألف، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: المزراعة (¬4). ¬

_ (¬1) خيبر هي ناحية على ثمانية برد من المدينة لمن يريد الشام، فتحها النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها في سنة سبع للهجرة، وقيل: سنة ثمان. انظر: "معجم البلدان" 2/ 409. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 67. (¬3) انظر: "معجم البلدان" 1/ 165. (¬4) سبق برقم (2328) كتاب: المزارعة، باب: المزارعة بالشطر ونحوه.

20 - باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

20 - بَابُ مَا يُصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ فِي أَرْضِ الحَرْبِ (باب: ما يصيب من الطعام في أرض الحرب) أي: إباحة ما يصيبه فيها. 3153 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لِآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ". [4214، 5508 - مسلم: 1772 - فتح 6/ 255] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (بجراب) بكسر الجيم، وحكي فتحها. (فنزوت) أي: وثبت مسرعًا، (فاستحييت منه) أي: لكونه اطلع على حرصي عليه، وتوقيرًا له، وإعراضًا عن خوارم المروءة. 3154 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا العَسَلَ وَالعِنَبَ، فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ". [فتح 6/ 255] (عن ابن عمر) في نسخة: "أن ابن عمر". (ولا نرفعه) أي: ولا ندخره. وأفاد الحديث إباحة أكل أخذ الغانمين قبل اختيار التملك وقبل رجوعهم لعمران الإسلام ما يوجد من القوت والأدم والفاكهة ونحوها مما يعتاد أكله عمومًا كاللحم والشحم، وكذا يباح لهم عند الحاجة أخذ علف الدواب، والمعنى في ذلك: غربة بدار الحرب غالبًا لإحراز أهله له عناء؛ ولأنه قد يفسد وقد يتعذر نقله، وقد تزيد مؤنة نقله على قيمته.

3155 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ لَيَالِيَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَقَعْنَا فِي الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَانْتَحَرْنَاهَا، فَلَمَّا غَلَتِ القُدُورُ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْفِئُوا القُدُورَ، فَلَا تَطْعَمُوا مِنْ لُحُومِ الحُمُرِ شَيْئًا" قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْنَا: "إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ" قَال: وَقَال آخَرُونَ: "حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ" وَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَال: "حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ". [4220، 4222، 4224، 5526 - مسلم: [1937 - فتح 6/ 255] (عبد الواحد) أي: ابن زياد العبدي. (الشيباني) هو سليمان بن أبي سليمان الكوفي. (ابن أبي أوفى) هو عبد الله. (أصابتنا مجاعة) أي: جوع شديد. (اكفئوا) في نسخة "أن اكفئوا" أي: اقلبوا. (فلا تطعموا) بفتح أوله وثالثه أي: فلا تذوقوا. (عبد الله) أي: ابن أبي أوفى. (حرمها البتة) بالنصب على المصدر أي: قطعًا من البت: وهو القطع.

58 - كتاب الجزية والموادعة

58 - كِتَابُ الجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ

1 - باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 58 - كِتَابُ الجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ 1 - باب الجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ مَعَ أَهْلِ الحَرْب. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] " يَعْنِي: أَذِلَّاءُ، {وَالمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61] مَصْدَرُ المِسْكِينِ، فُلانٌ أَسْكَنُ مِنْ فُلانٍ: أَحْوَجُ مِنْهُ، وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى السُّكُونِ "وَمَا جَاءَ فِي أَخْذِ الجِزْيَةِ مِنَ اليَهُودِ، وَالنَّصَارَى، وَالمَجُوسِ وَالعَجَمِ" وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قُلْتُ: لِمُجَاهِدٍ، مَا شَأْنُ أَهْلِ الشَّأْمِ، عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَأَهْلُ اليَمَنِ عَلَيْهِمْ دِينَارٌ، قَال: "جُعِلَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ اليَسَارِ". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (باب: الجزية) بكسر الجيم: وهي مال يؤخذ من مال أهل الذمة؛ لإسكاننا إياهم في دارنا، أو لحقن دمائهم وذراريهم وأموالهم، أو لكفنا عن قتالهم. (والموادعة) وهي مشاركة الحربيين مدة معينة لمصلحة. (مع أهل الذمة والحرب) مع أهل الذمة راجع إلى الجزية والحرب أي: وأهل الحرب راجع إلى الموادعة، ففي ذلك لف ونشر مرتب. (وقول الله تعالى) عطف على

الجزية. {وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} يعني: الخمر والميسر ({وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ}) أي: لا يتدينون بدين الإسلام. ({مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}) هم اليهود والنصارى. ({عَنْ يَدٍ}) أي: عن قهر وغلبة. ({وَهُمْ صَاغِرُونَ}) أي: (أذلاء) وفي نسخة: "يعني: أذلاء" مع زيادة (والمسكنة مصدر المسكين، أسكن من فلان أحوج منه، ولم يذهب البخاري إلى السكون)، ووجه ذكر المسكنة هنا: أنه فسر الصغار بالذلة، وجاء في وصف أهل الكتاب. ({وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ}) فناسب ذكرها عند ذكر الذلة. (وما جاء) إلى أخره عطف على الجزية أيضًا. (عن ابن أبي نجيح) هو عبد الله. (ما شأن أهل الشام) أي: من أهل الكتاب. (وأهل اليمن) أي: من أهل الكتاب. (قال: جعل ذلك من قبل اليسار). فيه: جواز التفاوت في الجزية، وأقلها عند الشافعية والجمهور: دينار في كل حول، ولا يزاد عليه في سفيه، ويسن مماكسة غير سفيه وفقير، فيعقد لمتوسط بدينارين، وللغني بأربعة. 3156 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ عَمْرًا، قَال: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَمْرِو بْنِ أَوْسٍ فَحَدَّثَهُمَا بَجَالةُ، - سَنَةَ سَبْعِينَ، عَامَ حَجَّ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ عِنْدَ دَرَجِ زَمْزَمَ -، قَال: كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاويَةَ، عَمِّ الأَحْنَفِ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ، فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ المَجُوسِ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنَ المَجُوسِ. [فتح 6/ 257] (سفيان) أي: ابن عيينة. (سمعت عمرًا) أي: ابن دينار. (بجالة) أي: ابن عبدة. (لجزء بن معاوية) بفتح الجيم، وبعد الزاي الساكنة همزة. (فرقوا

بين كل ذي محرم) أي: بينهما زوجية، والمراد أن يمنعوا من إظهار نكاحهم محارمهم للمسلمين، وإلا فالسنة أن لا يكشف عن بواطن أمورهم، وما يستحلونه في الأنكحة وغيرها، كما يشترط على النصارى أن لا يظهروا صليبهم، ولا يفشوا عقائدهم، لئلا يفتتن به ضَعَفَةُ المسلمين. 3157 - حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ". [فتح 6/ 257] (من مجوس هجر) بصرف هجر (¬1)، ومنع صرفه. 3158 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الأَنْصَارِيَّ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ إِلَى البَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالحَ أَهْلَ البَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ العَلاءَ بْنَ الحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَتْ صَلاةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا صَلَّى بِهِمُ الفَجْرَ انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ، وَقَال: "أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ؟ "، قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ لَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ". [4015، 6425 - مسلم: 2961 - فتح 6/ 257] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبا عبيدة بن الجراح) هو عامر بن عبد الله بن الجراح. (فوافت) من الموافاة، وفي نسخة: "فوافقت" من الموافقة. (فلما ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 393.

صلى بهم الفجر) في نسخة: "فلما صلى بهم الصبح". (أجل) أي: نعم. (وأملوا) بفتح الهمزة وتشديد الميم المكسورة من غير مد من التأميل، والأمل: الرجاء. (فوالله لا الفقر أخشى) بنصب (الفقر) بأخشى. (على من كان) لفظ: (كان) ساقط من نسخة. (فتنافسوها كما تنافسوها) في نسخة: "فتنافسوا كما تنافسوا" بدون هاء، والتنافس: الرغبة في الشيء والانفراد به. 3159 - حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، قَال: بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِي أَفْنَاءِ الأَمْصَارِ، يُقَاتِلُونَ المُشْرِكِينَ، فَأَسْلَمَ الهُرْمُزَانُ، فَقَال: إِنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِيَّ هَذِهِ؟ قَال: نَعَمْ مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ عَدُوِّ المُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ جَنَاحَانِ وَلَهُ رِجْلانِ، فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلانِ بِجَنَاحٍ وَالرَّأْسُ، فَإِنْ كُسِرَ الجَنَاحُ الآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلانِ وَالرَّأْسُ، وَإِنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلانِ وَالجَنَاحَانِ وَالرَّأْسُ، فَالرَّأْسُ كِسْرَى، وَالجَنَاحُ قَيْصَرُ، وَالجَنَاحُ الآخَرُ فَارِسُ، فَمُرِ المُسْلِمِينَ، فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى، - وَقَال بَكْرٌ، وَزِيَادٌ جَمِيعًا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ - قَال: فَنَدَبَنَا عُمَرُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ العَدُوِّ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَقَامَ تَرْجُمَانٌ، فَقَال: لِيُكَلِّمْنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ، فَقَال المُغِيرَةُ: سَلْ عَمَّا شِئْتَ؟ قَال: مَا أَنْتُمْ؟ قَال: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ، كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلاءٍ شَدِيدٍ، نَمَصُّ الجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الجُوعِ، وَنَلْبَسُ الوَبَرَ وَالشَّعَرَ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالحَجَرَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرَضِينَ - تَعَالى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ - إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، أَوْ تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِسَالةِ رَبِّنَا، أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ". [7530 - فتح 6/ 258] (في أفناء الأمصار) جمع فنو أي: في جماعاتها، وقيل: في

2 - باب: إذا وادع الإمام ملك القرية، هل يكون ذلك لبقيتهم؟

أخلاطها يقال للرجل إذا لم يعلم من أي قبيلة هو من أفناء القبائل. (في مغازي هذه) بتشديد ياء مغازي، أي: فارس وأصبهان (¬1) وأذربيجان (¬2). (مثلها) أي: الأرض الدال عليها السياق. (والرأس) بالرفع عطف على (الرجلان) وفي نسخة: بالجر عطف على (جناح). (فندبنا) أي: دعانا. (فقام ترجمان) بفتح أوله وضمه. (ليكلمني) بالجزم على الأمر. (سل عمَّا) في نسخة: "سل عمَّ" بحذف ألف عمّا. (ما أنتم) عبَّر بصيغة ما لا يعقل احتقارًا. (من قتل منا) أي: في الجهاد. 3160 - فَقَال النُّعْمَانُ: رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللَّهُ مِثْلَهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُنَدِّمْكَ، وَلَمْ يُخْزِكَ، وَلَكِنِّي شَهِدْتُ القِتَال مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ "إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأَرْوَاحُ، وَتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ". [فتح 6/ 258] (ولم يخزك) أي: ولم يذلك، وفي نسخة: "ولم يحزنك" بمهملة فنون. (حتى تهب الأرواح) جمع ريح، وأصله روح، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وحكي في جمعه: أرياح، قال في "القاموس": جمع الريح: أرواح، وأرياح ورياح، وريح، كعنب (¬3). ومطابقة الحديث للترجمة: في تأخير النعمان القتال، وانتظار هبوب الرياح، فإن فيه موادعة. 2 - بَابٌ: إِذَا وَادَعَ الإِمَامُ مَلِكَ القَرْيَةِ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ؟ (باب: إذا وادع الإمام ملك القرية) أي: على ترك الحرب. (هل ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 206. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 1/ 128. (¬3) "القاموس المحط" مادة (روح) ص 220.

3 - باب الوصاة بأهل ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

يكون ذلك؟) موادعة (لبقيتهم) أي: لبقية أهل القرية، وجواب (هل) محذوف، أي: نعم. 3161 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال: "غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبُوكَ وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ". [انظر: 1481 - مسلم: 1392 - فتح 6/ 266] (وهيب) أي: ابن خالد بن عجلان. (عن عباس) أي: ابن سهل. (عن أبي حميد) هو عبد الرحمن أو المنذر. (ملك أيلة) اسمه: يوحنا بن العَلْمَاء، وهي أمه، وأيلة بفتح الهمزة: مدينة على ساحل البحر آخر الحجاز وأول الشام (¬1). (وكساه) في نسخة: "فكساه" بالفاء. (وكتب له) في نسخة: "وكتب لهم". (ببحرهم) أي: ببلدتهم، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الزكاة، في باب: خرص التمر (¬2). 3 - بَابُ الوَصَاةِ بِأَهْلِ ذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالذِّمَّةُ: العَهْدُ، وَالإِلُّ: القَرَابَةُ. (باب: الوصاة) بفتح الواو والمهملة، وبهاء تأنيث بعد الألف، أي: الوصية، وفي نسخة: "الوصايا" (بأهل ذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذمة: العهد، والإل) بكسر الهمزة وبلام مشددة (القرابة) هي تفسير للإل، في قوله تعالى: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: 10] (¬3) وأما بفتح الهمزة فهو الشدة. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 292. (¬2) سبق برقم (1481) كتاب: الزكاة، باب: خرص التمر. (¬3) دل على ذلك ما رواه الطبري في "التفسير" 6/ 325 (16517) عن ابن عباس.

4 - باب ما أقطع النبي صلى الله عليه وسلم من البحرين، وما وعد من مال البحرين والجزية، ولمن يقسم الفيء والجزية؟

3162 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ جُوَيْرِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ التَّمِيمِيَّ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قُلْنَا: أَوْصِنَا يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَال: "أُوصِيكُمْ بِذِمَّةِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ، وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ". [انظر: 1392 - فتح 6/ 267] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (أبو جمرة) هو نصر الضبعي. (سمعت عمر بن الخطاب) حين (قلنا له: أوصنا يا أمير المؤمنين، قال: أوصيكم بذمة الله) إلى آخره؛ إذ بالذمة تحصل الجزية التي هي مقسومة على المسلمين مصروفة في مصالحهم من عيال وغيرها. 4 - بَابُ مَا أَقْطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ البَحْرَيْنِ، وَمَا وَعَدَ مِنْ مَالِ البَحْرَيْنِ وَالجِزْيَةِ، وَلِمَنْ يُقْسَمُ الفَيْءُ وَالجِزْيَةُ؟ (باب: ما أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - من البحرين) أي: من مالها؛ لأنها كانت صلحًا فلم يكن في أرضها شيء يقطع. (وما عد من مال البحرين) عطف على (ما أقطع) و (ما) في الموضعين مصدرية، أو موصولة. (والجزية) عطف على (ما أقطع) من عطف الخاص على العام. (ولمن يقسم الفيء) عطف على (ما أقطع) (والجزية) عطف على (الفيء) من عطف الخاص على العام أيضًا. 3163 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَنْصَارَ لِيَكْتُبَ لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ

حَتَّى تَكْتُبَ لإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا، فَقَال: "ذَاكَ لَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ"، يَقُولُونَ لَهُ، قَال: "فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ". [انظر: 2376 - فتح 6/ 268] (زهير) أي: ابن معاوية خديج. (ليكتب لهم) أي ليُعيِّنَ لكلٍّ منهم ما يخصه بالإقطاع من الجزية والخراج. (بالبحرين) هما البلد المشهور بالعراق (¬1). (لإخواننا من قريش) أي: المهاجرين منهم. [(بمثلها) أي: بمثل أموال البحرين. (فقال ذاك) أي: المال. (لهم) أي: للمهاجرين] (¬2) (ما شاء الله) (ما) مصدرية. (على ذلك) ضَمَّن شاء معنى الاستعلاء، فعداه بعلى، وإلا فشاء يتعدى بنفسه. (يقولون له) أي: يقول الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن المهاجرين مُصِرين على ذلك حتى قال - صلى الله عليه وسلم -: "سترون بعدي أثرة" بفتح الهمزة والمثلثة والراء، أي: إيثارًا من الملوك لأنفسهم عليكم بالدنيا، ولا تجعلون لكم نصيبًا. (حتى تلقوني) أي: "على الحوض" كما في نسخة. 3164 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: أَخْبَرَنِي رَوْحُ بْنُ القَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِي: "لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ البَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا". فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ، قَال أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ قَال لِي: ¬

_ (¬1) البحرين: من أعمال العراق، وحده: من عمان ناحية جرَّفار، واليمامة على جبالها، وربما ضمت اليمامة إلى المدينة، وربما أفردت، قال أبو عبيدة: بين البحرين واليمامة مسيرة عشرة أيام، وبين هجر مدينة البحرين والبصرة مسيرة خمسة عشر يومًا على الإبل أ. هـ انظر: "معجم البلدان" 1/ 347. (¬2) من (س).

"لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ البَحْرَيْنِ لَأَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا" فَقَال لِي: احْثُهُ، فَحَثَوْتُ حَثْيَةً فَقَال لِي: عُدَّهَا، فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُ مِائَةٍ، فَأَعْطَانِي أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ. [انظر: 2296 - مسلم: 2314 - فتح 6/ 268] (احثه) بضم الهمزة والمثلثة وبكسرهما وبهاء السكت. (فحثوت حثية) بالياء وكان القياس أن يقال: حثوة، لكنه أخذ الفعل من لغة، والمصدر من أخرى، فهو من تداخل اللغتين (فأعطاني ألفًا وخمسمائة) في نسخة: "فأعطاني خمسمائة وأعطاني ألفًا وخمسمائة" والجملة ألفان. 3165 - وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَقَال: "انْثُرُوهُ فِي المَسْجِدِ"، فَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ العَبَّاسُ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي إِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا، قَال: "خُذْ"، فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَال: اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ، قَال: "لَا" قَال: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَال: "لَا"، فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَرْفَعْهُ، فَقَال: فَمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَيَّ، قَال: "لَا"، قَال: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَال: "لَا"، فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَمَا زَال يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا، عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ. [انظر: 421 - فتح 6/ 268] (إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء وسكون الهاء: الخراساني. (يقلُّه) أي: يحمله. (قال) في نسخة: "فقال". (فلم يرفعه) في نسخة: "فلم يستطع أي: أن يرفعه" (أمر) بهمزة ساكنة على الأصل كنظيره فيما مرَّ له (¬1)، وفي نسخة: "فمر" بحذفها (فنثر) أي: ¬

_ (¬1) سبق برقم (3164) كتاب: الجزية والموادعة، باب: ما أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - من البحرين.

5 - باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم

"منه" كما في نسخة. (على كاهله) هو ما بين كتفيه، ومرَّ شرح الحديث في الصلاة، في باب: تعليق القنو في المسجد (¬1). 5 - باب إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا بِغَيْرِ جُرْمٍ. (باب: إثم من قتل معاهدًا) بفتح الهاء وكسرها. (بغير جُرْم) أي: ذنب يستحق به القتل. 3166 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا". [6914 - فتح 6/ 269] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (مجاهد) أي: ابن جبر. (من قتل معاهدًا لم يرح) بفتح الياء مع فتح الراء وكسرها، وبضم الياء وكسر الراء، أي: لم يشم. (رائحة الجنة) وهو محمول على من استحل القتل، أو على أنه لا يشم رائحة الجنة، أول ما يشمها سائر المؤمنين الذين لم يقترفوا الكبائر، وأما خبر: "من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة" (¬2) فلا أصل له كما قاله الإِمام أحمد. (أربعين عامًا) مثال، ¬

_ (¬1) سبق برقم (421) كتاب: الصلاة، باب: القسمة وتعليق القنو في المسجد. (¬2) رواه الخطيب 8/ 370 ترجمة: داود بن علي. وقال: هذا الحديث منكر بهذا الإسناد، والحمل فيهما عندي على العباس بن أحمد الواعظ. وقال ابن الصلاح في "المقدمة" ص 265 بلغنا عن أحمد أنه قال: أربعة أحاديث تدور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأسواق ليست لها أصل، منها حديث: "من أذى ذمًّا. . . إلخ"، وقال الحافظ في "لسان الميزان" 3/ 681 ترجمة: العباس بن أحمد الواعظ: قال الخطيب أبو بكر: العباس بن أحمد الواعظ ليس بثقة، ومن بلاياه أتى بخبر متنه: "من آذى ذميًّا فأنا خصمه"، بإسناد مسلم =

6 - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

وإلا ففي الترمذي وغيره: "سبعين خريفًا" (¬1) وفي "الموطأ" خمسمائة (¬2). 6 - بَابُ إِخْرَاجِ اليَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ وَقَال عُمَرُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ بِهِ". [انظر: 2285] (باب: إخراج اليهود من جزيرة العرب) (¬3) أي: بيان إخراجهم ¬

_ = والبخاري، وقال الخطيب: والحمل فيه على: عباس بن أحمد الواعظ. أ. هـ وقال العجلوني في "كشف الخفاء" 1/ 144 (417): هو أحد الأحاديث الأربعة التي تدور على الألسنة في الأسواق عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليست لها أصل على ما نقل ابن الصلاح عن الإمام أحمد، وقال: رواه أبو داود عن عدة عن أبناء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن آبائهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخطيب عن ابن مسعود به، وزاد فيه: "ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة". وقال: لكن قال الإمام أحمد: لا أصل له، إلا أن يحمل على أنه لا أصل له باللفظ المشهور على الألسنة وهو "من آذى ذميًّا كنت خصمه يوم القيامة". أهـ. والحديث ضعفه الشيخ الألباني في "ضعيف الجامع الصغير" (5314). (¬1) "سنن الترمذي" (1403) كتاب: الديات، باب: ما جاء فيمن يقتل نفسا معاهدة. وقال أبو عيسى: حديث حسن صحيح. ورواه البيهقي 9/ 205 كتاب: الجزية، باب: لا يأخذ المسلمون من ثمار أهل الذمة. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬2) "الموطأ" 2/ 84 (1908) كتاب: المجامع، باب: ما جاء في لبس الحرير وما يكره للنساء لبسه. (¬3) في هامش (ج): هي ما بين عدن إلى ريف العراق طولًا، ومن جدة إلى الشام عرضًا، قيل: إنه عام أريد به خاص: وهو الحجاز.

منها (حتى جئنا) في نسخة: "حتى إذا جئنا" (بيت المدراس) (¬1) أي: بيت العالم الذي يدرس كتابهم، أو البيت الذي يدرسون فيه كتابهم. (بماله) الباء للبدلية، أي: بدل ماله. (ورسوله) في نسخة: "ولرسوله". 3167 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ، خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ"، فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ المِدْرَاسِ فَقَال: "أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ، فَمَنْ يَجِدْ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ". [6944، 7348 - مسلم: 1765 - فتح 6/ 270] 3168 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الأَحْوَلِ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: يَوْمُ الخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الخَمِيسِ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الحَصَى، قُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ: مَا يَوْمُ الخَمِيسِ؟ قَال: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ، فَقَال: "ائْتُونِي بِكَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا"، فَتَنَازَعُوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا: مَا لَهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ؟ فَقَال: "ذَرُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ"، فَأَمَرَهُمْ بِثَلاثٍ، قَال: "أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَأَجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْو مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ" وَالثَّالِثَةُ خَيْرٌ، إِمَّا أَنْ سَكَتَ عَنْهَا، وَإِمَّا أَنْ قَالهَا فَنَسِيتُهَا، قَال سُفْيَانُ: هَذَا مِنْ قَوْلِ سُلَيْمَانَ. [انظر: 114 - مسلم: 1637 - فتح 6/ 270] (محمد) أي: ابن سلام. (حدثنا ابن عيينة) في نسخة: "أخبرنا ابن عيينة". (الأحول) ساقط من نسخة. (استفهموه) بكسر الهاء. (تدعوني) في نسخة: "تدعونني" بزيادة نون. (والثالثة إما أن سكت عنها وإما أن قالها فنسيتها) في نسخة: ¬

_ (¬1) في هامش (ج): أي: جئنا مكان دراستهم للتوراة ونحوها.

7 - باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم؟

"ونسيت الثالثة". وفي أخرى: "والثالثة خير" ومرَّ شرح الحديث في باب: الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان (¬1). 7 - بَابُ إِذَا غَدَرَ المُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ هَلْ يُعْفَى عَنْهُمْ؟ حذف جواب (هل) للاختلاف في معاقبة المرأة التي أهدت الشاة المسمومة، والغدر: يقال لضد الوفاء، وللخيانة، ونقض العهد. 3169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْمَعُوا إِلَيَّ مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ يَهُودَ" فَجُمِعُوا لَهُ، فَقَال: "إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ؟ "، فَقَالُوا: نَعَمْ، قَال لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَبُوكُمْ؟ "، قَالُوا: فُلانٌ، فَقَال: "كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلانٌ"، قَالُوا: صَدَقْتَ، قَال: "فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُ عَنْهُ؟ "، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَا عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا، فَقَال لَهُمْ: "مَنْ أَهْلُ النَّارِ؟ "، قَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا، ثُمَّ تَخْلُفُونَا فِيهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْسَئُوا فِيهَا، وَاللَّهِ لَا نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا"، ثُمَّ قَال: "هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ "، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِمِ، قَال: "هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَال: "مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ "، قَالُوا: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا نَسْتَرِيحُ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. [4249، 5777 - فتح 6/ 272] (سعيد) في نسخة: "سعيد بن أبي سعيد المقبري". (أهديت للنبي - صلى الله عليه وسلم - شاة) أهدتها له زينب بنت الحارث اليهودية (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3051) كتاب: الجهاد والسير، باب: الحربي إذ دخل دار الإسلام بغير أمان. (¬2) دلَّ على ذلك ما رواه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 2002 والطبراني 2/ 35 (1204).

8 - باب دعاء الإمام على من نكث عهدا

(فيها سم) بتثليث السين. (اجمعوا إليَّ) في نسخة: "اجمعوا لي". (صادقي عنه) بتشديد الياء. (قال لهم) في نسخة: "فقال لهم". (فقال: كذبتم) في نسخة: "قال: كذبتم" (¬1). (تخلفونا) في نسخة: "تخلفوننا" بزيادة نون على الأصل، حذفها من غير ناصب وجازم لغة قليلة (¬2)، (فقالوا: نعم) في نسخة: "قالوا: نعم" واختلف هل عاقب - صلى الله عليه وسلم - اليهودية التي أهدت الشاة؟ ففي مسلم أنهم قالوا: ألا نقتلها؟ قال: "لا" (¬3) وقال الزهري: أسلمت فتركها (¬4). وقال البيهقي: يحتمل أن يكون تركها أولًا، ثم لما مات بشر بن البراء من الأكلة قتلها (¬5). وبذلك أجاب السهيلي، وزاد أنه تركها؛ لأنه كان لا ينتقم لنفسه ثم قتلها ببشر قصاصًا (¬6). 8 - بَابُ دُعَاءِ الإِمَامِ عَلَى مَنْ نَكَثَ عَهْدًا 3170 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ القُنُوتِ، قَال: قَبْلَ الرُّكُوعِ، فَقُلْتُ: إِنَّ فُلانًا يَزْعُمُ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ؟ فَقَال: كَذَبَ، ثُمَّ حَدَّثَنَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ، يَدْعُو عَلَى ¬

_ (¬1) في هامش (ج): اخسؤا زجرٌ لهم بالطرد والإبعاد، أو دعا عليهم بذلك. (¬2) مَرَّ ذكر هذه اللغة، وبعض ما جاء عليها من أحاديث أخرى. (¬3) "صحيح مسلم" (2190) كتاب: السلام، باب: السُّم. (¬4) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 6/ 66 (10019) كتاب: أهل الكتاب، باب: هل يقتل ساحرهم. (¬5) "سنن البيهقي" 8/ 47 كتاب: الجراح، باب: من سقى رجلًا سمًّا، و"الطبقات الكبرى" 2/ 201 - 202. (¬6) انظر: "الروض الأنف" 4/ 83.

9 - باب أمان النساء وجوارهن

أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ"، قَال: "بَعَثَ أَرْبَعِينَ - أَوْ سَبْعِينَ يَشُكُّ فِيهِ - مِنَ القُرَّاءِ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ"، فَعَرَضَ لَهُمْ هَؤُلاءِ فَقَتَلُوهُمْ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ، "فَمَا رَأَيْتُهُ وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح 6/ 272] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (عاصم) هو الأحول. (إن فلانًا) هو محمد بن سيرين. (ثم حدثنا) في نسخة: "ثم حدث". (فما رأيته وجد) أي حزن، ومرَّ شرح الحديث في باب: القنوت قبل الركوع وبعده من كتاب: الوتر (¬1). 9 - بَابُ أَمَانِ النِّسَاءِ وَجِوَارِهِنَّ (باب: أمان النساء وجوارهن) بكسر الجيم وضمها، أي: إجارتهن غيرهن من المشركين من أن يظلمه ظالم، فقوله: (وجوارهن) عطف على (أمان النساء) وإن اتحدا معنى؛ لاختلافهما لفظًا. 3171 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: "مَنْ هَذِهِ؟ "، فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَال: "مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ"، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيٌّ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ فُلانُ بْنُ هُبَيْرَةَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ"، قَالتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَلِكَ ضُحًى. [انظر: 280 - مسلم: 366 - فتح 6/ 273] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1001) كتاب: الوتر، باب: القنوت قبل الركوع وبعده.

10 - باب: ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها أدناهم

(عن أبي النضر) هو سالم ابن أبي أمية. (أن أبا مُرَّة) هو يزيد بن مُرَّة. (أم هانئ) بالهمز: هي فاختة (ابنة أبي طالب) في نسخة: "بنت أبي طالب". (أخبره) في نسخة: "أنه أخبره". (ابنة أبي طالب) في نسخة: "بنت أبي طالب". (فقال: مرحبًا) أي أتيت سعة. (ثمان ركعات) بفتح النون، وفي نسخة: "ثماني ركعات" بكسرها وبياء مفتوحة. (علي) أي: ابن أبي طالب، وكان أخاها من الأب والأم. (قد أجرته) بهمزة مقصورة أي: أمَّنته. (فلان بن هبيرة) بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، وفي نسخة: بالنصب بدل من (رجلًا) أو من الضمير المنصوب، و (هبيرة) هو ابن أبي وهب المخزومي: وهو زوج أم هانئ وابنه يسمى: جعده. (وذلك) في نسخة: "وذاك" ومرَّ شرح الحديث في باب: الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به (¬1). 10 - بَابٌ: ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَجِوَارُهُمْ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ (باب: ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها) أي: بذمتهم (أدناهم) أي: أقلهم عددًا وشرفًا حتى يصح الأمان من واحد حُرًّا كان أو عبدًا، رجلًا أو امرأةً. (وجوارهم) عطف على (ذمة المسلمين) وإن اتحدا معنى؛ لاختلافهما لفظًا كما مَرَّ نظيره، مع أن لفظ: (وجوارهم) ساقط من نسخة. 3172 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: خَطَبَنَا عَلِيٌّ فَقَال: مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إلا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالى، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (357) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به.

فَقَال: فِيهَا الجِرَاحَاتُ وَأَسْنَانُ الإِبِلِ: "وَالمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى فِيهَا مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ". [انظر: 111 - مسلم: 1370 - فتح 6/ 273] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (محمد) أي: ابن سلام. (أخبرنا) في نسخة: "حدثنا". (وكيع) أي: ابن الجراح. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد بن شريك. (إلا كتاب الله) أي: "تعالى" كما في نسخة. (فيها الجراحات) أي: أحكامها. (وأسنان الإبل) أي: إبل الديات. (والمدينة حرام) أي: يحرم صيدها. (من عير) (¬1) بفتح المهملة: جبل (إلى كذا) أي: إلى ثور (¬2). (حدثًا) أي: أمرًا منكرًا ليس معروفًا، وفي نسخة: "حدثة". (أو آوى) بمد (آوى) في اللازم والمتعدي، لكن القصر في اللازم والمد في المتعدي أكثر. (محدثا) بكسر الدال أي: لبدعة التبديل سنة. (لعنة الله) المراد بها: الإبعاد عن رحمة الله. (لا يقبل منه صرف ولا عدل) أي: فرض ولا نفل، وفي نسخة: "لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا". (ومن تولى) أي: اتخذ. (غير مواليه) أي: أو غير أوليائه كانتمائه إلى غير معتقه، أو إلى غير أبيه. (وذمة المسلمين واحدة) فيه: مطابقة الحديث ¬

_ (¬1) عير: جبل بالحجاز، قال عرام: عير جبلان أحمران من عن يمينك وأنت ببطن العقيق تريد مكة، وذكر أن بالمدينة جبلين يقال لأحدهما: عير الوراد، والآخر: عير الصادر. أهـ انظر: "معظم البلدان" 4/ 172. (¬2) اسم جبل بمكة فيه الغار الذي اختفى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الزمحشري: ثور: أطحل من جبال مكة بالمفجر من خلف مكة على طريق اليمن. أهـ. انظر: "معجم البلدان" 2/ 86.

11 - باب إذا قالوا صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا

للترجمة بقوله: (ذمة المسلمين وجوارهم واحدة) وأمَّا مطابقته للترجمة بقوله: (يسعى بها أدناهم) ففيما أشار به من قوله: (وذمة المسلمين واحدة) إلى ما في باب: إثم من عاهد ثم غدر (¬1)، من قوله: "ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم" (فمن أخفر مسلمًا) أي: نقض عهده. 11 - بَابُ إِذَا قَالُوا صَبَأْنَا وَلَمْ يُحْسِنُوا أَسْلَمْنَا وَقَال ابْنُ عُمَرَ: فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ". [4339] وَقَال عُمَرُ: إِذَا قَال مَتْرَسْ فَقَدْ آمَنَهُ، إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الأَلْسِنَةَ كُلَّهَا، وَقَال: تَكَلَّمْ لَا بَأْسَ. [انظر: 3159 - فتح 6/ 274] (باب: إذا قالوا: صبأنا) أي: أو نحوه مما يأتي (ولم يحسنوا) أن يقولوا (أسلمنا) جواب (إذا) محذوف، أي: كان ذلك كافيًا في رفع القتال عنهم؛ لأنَّ العبرة في المقاصد بأدلتها بأي لغة كانت و (صبأنا) من صبأ فلان: إذا خرج من دينه إلى دين غيره، وكانت العرب تسمي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصابئ (¬2)؛ لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام (فجعل خالد) أي: ابن الوليد لما بعثه - صلى الله عليه وسلم - إلى بني خزيمة فقالوا: صبأنا (¬3). وأرادوا: أسلمنا، فلم يقبل ذلك وجعل يقتل منهم (أبرأ إليك) في نسخة: "اللهم إني أبرأ إليك". (مما صنع خالد) أي: من قتله من قال: صبأنا، لكنه - صلى الله عليه وسلم - عذر خالدًا في اجتهاده؛ ولهذا لم يَقِدْ منه ¬

_ (¬1) ستأتي برقم (3179) كتاب: الجزية والموادعة، باب: إثم من عاهد ثم غدر. (¬2) دلَّ على ذلك حديث سبق برقم (344) كتاب: التيمم، باب: الصعيد الطيب ووضوء المسلم. (¬3) ستأتي برقم (7189) كتاب: الأحكام، باب: إذا قضى الحاكم بجور.

12 - باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره، وإثم من لم يف بالعهد

(مترس) بفتح الميم وسكون الفوقية وفتح الراء وسكون المهملة فارسية معناها: لا تخف؛ لأن (م) كلمة نفي عندهم، و (ترس) بمعنى: الخوف (آمنه) بالمد (وقال: تكلم، لا بأس) أي: قال عمر للهرمزان ذلك، فكان ذلك أمانًا منه، وهذا الباب ساقط من نسخة. 12 - بَابُ المُوَادَعَةِ وَالمُصَالحَةِ مَعَ المُشْرِكِينَ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَإِثْمِ مَنْ لَمْ يَفِ بِالعَهْدِ وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61] الآيَةَ. (باب: الموادعة) مَرَّ بيانها في باب: الجزية (¬1) (والمصالحة) عطف على (الموادعة) عطف تفسير، والمتعاطفان تنازعا في قوله: (مع المشركين بالمال وغيره) أي: كالأسرى (وإثم) بالجر عطف على (الموادعة). (من لم يف بالعهد) في نسخة: "من لم يوف بالعهد". (وقوله) ساقط من نسخة، وعلى ثبوته فهو بالجر عطف على (الموادعة). ({وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ}) بفتح السين وكسرها، أي: الصلح، وقيل: بالفتح: الصلح، وبالكسر: الإسلام. ({فَاجْنَحْ لَهَا}) أي: للمصالحة المفهومة من السلم، وزاد في نسخة: "الآية" وفي أخرى: " {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ". (يحيى) أي: ابن سعيد (بن زيد) قالوا: صوابه: ابن كعب (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3156) كتاب: الجزية، باب: الجزية والموادعة. (¬2) انظر: "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 5/ 2607 (3783)، "أسد الغابة" 5/ 119 (4777)، "تهذيب الكمال" 27/ 312 (5822)، "الكاشف" 2/ 247، "تهذيب التهذيب" 4/ 37. وقال ابن حجر في "الفتح" 6/ 276: قوله في نسب مُحيصة بن مسعود ابن =

3173 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ هُوَ ابْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَال: انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ، إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَمَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةُ، وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ، فَقَال: "كَبِّرْ كَبِّرْ" وَهُوَ أَحْدَثُ القَوْمِ، فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا، فَقَال: "تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ، أَوْ صَاحِبَكُمْ"، قَالُوا: وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ قَال: "فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ"، فَقَالُوا: كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ. [انظر: 2702 - مسلم: 1669 - فتح 6/ 275] (يتشحط) بالشين المعجمة والحاء المهملة، أي: يضطرب. (في دم) في نسخة: "في دمه". (كبر كبر) كرره للمبالغة، أي: قدم الأسَن يتكلم؛ لأنه الأولى بالتقدم في الكلام (فتكلما) أي: محيصة وحويصة بقضية قتل عبد الله (وتستحقون قاتلكم) أي: "دم قاتلكم" كما في نسخة. (أو صاحبكم) بالنصب أو بالجر على النسخة الثانية. و (أو) للشك من الراوي (ولم نشهد) أي: قتله. (ولم نر) أي: من قتله. (فتبريكم) أي: تبرأ إليكم (يهود) من دعواكم. (بخمسين) أي: يمينًا (كيف نأخذ أيمان؟) أي: بأيمان، بدأ - صلى الله عليه وسلم - بالمدعين في اليمين فلما نكلوا ردها على المدير عليهم، فلم يرضوا بأيمانهم. (فعقله النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلم من عنده) أي: من خالص ماله، أو من بيت المال، وفيه: أن حكم القسامة مخالف لسائر الدعاوى من جهة أن اليمين على المدعي، وأنها خمسون يمينًا، واللوث (¬1) هنا هو العداوة الظاهرة بين المسلمين ¬

_ = زيد يقال: إن الصواب كعب بدل زيد. (¬1) واللَّوث: القوة، وعصب الحماقةِ، والشر، والجراحات والمطالبات =

13 - باب فضل الوفاء بالعهد

واليهود، وإنما عقله - صلى الله عليه وسلم -؛ قطعًا للنزاع وجبرًا لخواطرهم، وإلا فاستحقاقهم لم يثبت. 13 - بَابُ فَضْلِ الوَفَاءِ بِالعَهْدِ (باب: فضل الوفاء بالعهد) أي بيانه. 3174 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ: "أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ، فِي المُدَّةِ الَّتِي مَادَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا سُفْيَانَ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ". [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح 6/ 276] (عن يونس) أي: ابن يزيد (أبا سفيان) هو صخر. (ابن حرب) زاد في نسخة: "ابن أمية". (تجارًا) بكسر الفوقية وتخفيف الجيم ويجوز ضمها وتشديد الجيم. (في المدة التي مادَّ فيها) أي: هادن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعينها للصلح بين الفريقين. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن في بقية الحديث: وكذلك الرسل لا تغدر (¬1) فإنه وإن كان من كلام هرقل ولكن الصحابة تداولوه واستحسنوه. ¬

_ = بالأحقاد، وشِبْهُ الدَّلالةِ، وتمراغ اللقمة في الإِهالة الزوم الدار، ولَوْكُ الشيءِ في الفم، والبطء والحمق. انظر: مادة (لوث) في "القاموس المحيط" ص 175. (¬1) سبق برقم (7) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف بدأ الوحي.

14 - باب: هل يعفى عن الذمي إذا سحر؟

14 - بَابٌ: هَلْ يُعْفَى عَنِ الذِّمِّيِّ إِذَا سَحَرَ؟ وَقَال ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، سُئِلَ: أَعَلَى مَنْ سَحَرَ مِنْ أَهْلِ العَهْدِ قَتْلٌ؟ قَال: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صُنِعَ لَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْتُلْ مَنْ صَنَعَهُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ. (باب: هل يعفى عن الذمي إذا سحر؟) جواب (هل) محذوف، أي: نعم. 3175 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ صَنَعَ شَيْئًا وَلَمْ يَصْنَعْهُ". [3268، 5763، 5765، 5766، 6063، 6391 - مسلم: 2189 - فتح 6/ 276] (وقال ابن وهب) هو عبد الله. (فلم يقتل من صنعه). قال ابن بطال: لا حجة لابن شهاب في هذا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينتقم لنفسه؛ ولأن السحر لم يضره في شيء من أمور الوحي، ولا في بدنه، وإنما كان اعتراه شيء من التخييل (¬1). (يحيى) أي: ابن سعيد. (هشام) أي: ابن عروة. (حدثني أبي) في نسخة: "حدثنا أبي". (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحر) ساحره لبيد بن الأعصم اليهودي (¬2). ومطابقته للترجمة: في عفوه - صلى الله عليه وسلم - عمن سحره، المفهوم من السياق بقرينة التعليق السابق. ¬

_ (¬1) "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 358 - 359. (¬2) سيأتي ذكره برقم (5763) كتاب: الطب، باب: السحر.

15 - باب ما يحذر من الغدر

15 - بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنَ الغَدْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} [الأنفال: 62] الآيَةَ. (باب: ما يحذر من الغدر) بسكون الحاء المهملة، وفي نسخة: بفتحها وتشديد المعجمة (وقوله تعالى) في نسخة: "وقول الله تعالى". ({فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} الآية) في نسخة: " {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ} إلى قوله: {عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ". 3176 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ العَلاءِ بْنِ زَبْرٍ، قَال: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ، قَال: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَال: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إلا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا". [فتح 6/ 277] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (أبا إدريس) هو عائذ الله الخولاني. (من أدم) لفظ: (من) ساقط من نسخة. (ثم موتان) بضم الميم وفتحها وتنوين النون: الوباء. (يأخذ) أي: الموتان (فيكم كقعاص) بضم القاف وتخفيف المهملة آخره مهملة صاد أو سين: داء يأخذ الدواب فيسيل من أُنوفها شيء فتموت فجأة، قيل: وهذا وقع في طاعون عمواس في خلافة عمر (¬1)، وكان بعد فتح بيت المقدس، ومات ¬

_ (¬1) روى ذلك البيهقي 6/ 222 كتاب: الفرائض، باب: ميراث من عمي موته.

16 - باب: كيف ينبذ إلى أهل العهد؟

فيه سبعون ألفًا في ثلاثة أيام. (ثم استفاضة المال) أي: كثرته، ووقع ذلك في خلافة عثمان - رضي الله عنه - عند تلك الفتوح العظيمة. (فيظل ساخطًا) أي: استقلالًا للمائة وتحقيرًا لها. (ثم هُدْنَة) بضم الهاء، أي: صلح على ترك القتال مدة معينة. (غاية) بمعجمة ثم تحتية، أي: راية، وبموحدة بدل التحتية، أي: أجَمَة. 16 - بَابٌ: كَيْفَ يُنْبَذُ إِلَى أَهْلِ العَهْدِ؟ وَقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} الآيَةَ [الأنفال: 58]. (باب: كيف ينبذ إلى أهل العهد) أي: ينبذ إليهم عهدهم، والنبذ بمعجمة: الطرح، والمراد هنا: نقض العهد. (وقوله) عطف على مدخول الباء، وفي نسخة: "وقول الله سبحانه". ({عَلَى سَوَاءٍ}) أي: على عدل وطريق قصد في العهد (الآية) ساقطة من نسخة. 3177 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى: "لَا يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَيَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ"، وَإِنَّمَا قِيلَ الأَكْبَرُ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ النَّاسِ: الحَجُّ الأَصْغَرُ، فَنَبَذَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ العَامِ، فَلَمْ يَحُجَّ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْرِكٌ. [انظر: 369 - مسلم: 1347 - فتح 6/ 279] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أخبرنا) في نسخة: "أخبرني". ومَرَّ شرح الحديث في باب: لا يطوف بالبيت عريان (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1622) كتاب: الحج، باب: لا يطوف بالبيت عريان.

17 - باب إثم من عاهد ثم غدر

17 - بَابُ إِثْمِ مَنْ عَاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ وَقَوْلِ اللَّهِ {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ} [الأنفال: 56]. (باب: إثم من عاهد ثم غدر) أي: نقض عهده (وقوله) بالجر عطف على (إثم) وفي نسخة: "وقول الله". ({فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ}) في نسخة: " ({فِي كُلِّ مَرَّةٍ} الآية". 3178 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْبَعُ خِلالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا: مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا". [انظر: 34 - مسلم: 58 - فتح 6/ 279] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (أربع خلال) إلى آخره، مَرَّ شرحه في كتاب: الإيمان وغيره (¬1). 3179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَا كَتَبْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا القُرْآنَ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ، وَذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَمَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (34) كتاب: الإيمان، باب: علامة المنافق، وبرقم (2459) كتاب: المظالم، باب: إذا خاصم فجر.

وَالى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ". [انظر: 111 - مسلم: 1370 - فتح 6/ 279] (سفيان) أي: الثوري. (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد بن شريك. (ما بين عائر إلى كذا) في رواية: "ما بين عير وثور" (¬1) وفي أخرى: "ما بين عير وأحد" (¬2) ومَرَّ شرح الحديث في باب: ذمة المسلمين وجوارهم واحدة (¬3). 3180 - قَال أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَمْ تَجْتَبُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا؟ فَقِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ تَرَى ذَلِكَ كَائِنًا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَال: إِي وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ، عَنْ قَوْلِ الصَّادِقِ المَصْدُوقِ، قَالُوا: عَمَّ ذَاكَ؟ قَال: تُنْتَهَكُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَذِمَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَشُدُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلُوبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَيَمْنَعُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. [فتح 6/ 280] (قال أبو موسى) هو محمد بن المثنى، وفي نسخة: "قال أي: البخاري وقال أبو موسى" وفي أخرى: "قال: وحدثنا أبو موسى". (إذا لم تجتبوا) بجيم ساكنة ففوقية مفتوحة فموحدة: من الجباية أي: لم تأخذوا من الجزية والخراج. (عن قول الصادق) أي: في كلامه. (المصدوق) أي: في كلام جبريل له. (فيمنعون ما في أيديهم) أي من الجزية. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1370) كتاب: الحج، باب: فضل المدنية. والنسائي في "الكبرى" 2/ 487 (4278) كتاب: الحج، باب: منع الدجال عن المدينة. (¬2) رواه ابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" 2/ 141 كتاب: الحج، باب: مسألة صيد المدينة. والضياء في "المختارة" 9/ 458 (433). (¬3) سبق برقم (3172) كتاب: الجزية والموادعة، باب: ذمة المسلمين وجوارهم واحدة.

18 - باب

وفي الحديث: التوصية بأهل الذمة، لما في الجزية التي تؤخذ منهم من نفع المسلمين. وفيه: التحذير من ظلمهم، وأنه متى وقع ذلك نقضوا العهد فلم يجتب المسلمون منهم شيئًا فتضيق أحوالهم. 18 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. 3181 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، قَال: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ، قَال: سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ - شَهِدْتَ صِفِّينَ؟ قَال: نَعَمْ - فَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، يَقُولُ: "اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ، رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ، وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَدَدْتُهُ، وَمَا وَضَعْنَا أَسْيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا لِأَمْرٍ يُفْظِعُنَا، إلا أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ غَيْرِ أَمْرِنَا هَذَا". [4189، 4844، 7308 - مسلم: 1785 - فتح 6/ 281] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (أبو حمزة) هو محمد بن ميمون السكري (أبا وائل) هو شقيق بن سلمة. (صفين) بكسر الصاد المهملة والفاء المشددة غير منصرف: اسم موضع على الفرات وقع فيه الحرب بين علي - رضي الله عنه - ومعاوية (¬1). (اتهموا رأيكم) أي: لا تتهموني بأني أقصر في القتال، بل اتهموا رأيكم، فإني لا أقصر [في] (¬2) وقت الحاجة كما في يوم الحديبية. (فقد رأيتني) أي: رأيت نفسي. (يوم أبي جندل) العاص بن سهيل لما جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية من مكة مسلمًا وهو يجر قيوده، وكان قد عذب في الله، فقال أبوه: يا محمد، أول ما أقاضيك عليه، فرد عليه أبا جندل، وكان رده على المسلمين أشق عليهم من سائر ما جرى عليهم (¬3) (ولو) في ¬

_ (¬1) انظر: "معظم البلدان" 3/ 414. (¬2) من (س). (¬3) هذا حديث سبق برقم (2731) كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد والمصالحة.

نسخة: "فلو". (أستطيع أن أرد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لرددته) وقاتلت قريشًا قتالا لا مزيد عليه. (وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا) أي: يثقل علينا. (إلا أسهَلْنَ) أي: الأسياف (بنا غير أمرنا هذا) أمر الفتنة التي وقعت بين المسلمين فإنها عظيمة حلت بقتلهم. 3182 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَال: حَدَّثَنِي أَبُو وَائِلٍ، قَال: كُنَّا بِصِفِّينَ، فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، فَقَال: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، فَإِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ عَلَى البَاطِلِ؟ فَقَال: "بَلَى". فَقَال: أَلَيْسَ قَتْلانَا فِي الجَنَّةِ وَقَتْلاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَال: "بَلَى"، قَال: فَعَلامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، أَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَال: "يَا ابْنَ الخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا"، فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَال لَهُ مِثْلَ مَا قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا، فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَال: "نَعَمْ". [انظر: 3181 - مسلم: 1785 - فتح 6/ 281] (وهم) وفي نسخة: "وعدونا" أي: قريش. (على الباطل) في نسخة: "على باطل". (فعلى ما) في نسخة: "فعلام". (الدنية) أي: النقيصة (¬1). (ولما) في نسخة: "ولم". (ابن الخطاب) أي: "يا ابن الخطاب" كما في نسخة. (فنزلت سورة الفتح) يعني: فتح الحديبية (¬2). ¬

_ (¬1) في هامش (ج): والخصلة الخسيسة. (¬2) الحديبية: هي قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحتها، وبين الحديبية ومكة مرحلة، وبينها وبين المدينة تسع مراحل، وبعض الحديببة في الحل وبعضها في الحرم، وهو أبعد الحل من البيت، وبينها وبين المسجد أكثر من يوم، وعند مالك بن أنس =

19 - باب المصالحة على ثلاثة أيام، أو وقت معلوم

3183 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ، إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدَّتِهِمْ مَعَ أَبِيهَا، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا؟ قَال: "نَعَمْ صِلِيهَا". [انظر: 2620 - مسلم: 1003 - فتح 6/ 281] (حاتم) أي: "ابن إسماعيل" كما في نسخة. (ابنة) في نسخة: "بنت". (قدمت على أمي) اسمها: قبيلة بنت الحارث بن مدرك. (فاستفتت) في نسخة: "فاستفتيت" بتحتية بين الفوقيتين. (راغبة) أي: في أن تأخذ مني بعض المال، أو في الإسلام. (أفأصلها) في نسخة: "فأصلها" بحذف همزة الاستفهام، ومَرَّ الحديث في كتاب: الهبة، في باب: الهدية للمشركين (¬1) قيل: ووجه تعلقه بالباب السابق من حيث إن عدم الغدر اقتضى جواز صلة الشخص قريبه ولو كان على غير دينه. 19 - بَابُ المُصَالحَةِ عَلَى ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ وَقْتٍ مَعْلُومٍ (باب: المصالحة على ثلاثة أيام أو وقت معلوم) أي: بيان جوازها على ذلك. 3184 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: حَدَّثَنِي البَرَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ أَرْسَلَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يَسْتَأْذِنُهُمْ لِيَدْخُلَ مَكَّةَ، فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقِيمَ بِهَا إلا ثَلاثَ لَيَالٍ، وَلَا يَدْخُلَهَا إلا بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ، وَلَا يَدْعُوَ مِنْهُمْ أَحَدًا، قَال: فَأَخَذَ يَكْتُبُ الشَّرْطَ بَيْنهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَكَتَبَ ¬

_ = جميعها من الحرم. انظر: "معظم البلدان" 2/ 229. (¬1) سبق برقم (2620) كتاب: الهبة، باب: الهدية للمشركين.

20 - باب الموادعة من غير وقت

هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ نَمْنَعْكَ وَلَبَايَعْنَاكَ، وَلكِنِ اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَال: "أَنَا وَاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَا وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ" قَال: وَكَانَ لَا يَكْتُبُ، قَال: فَقَال لِعَلِيٍّ: "امْحَ رَسُولَ اللَّهِ" فَقَال عَلِيٌّ: وَاللَّهِ لَا أَمْحَاهُ أَبَدًا، قَال: "فَأَرِنِيهِ"، قَال: فَأَرَاهُ إِيَّاهُ فَمَحَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ وَمَضَتِ الأَيَّامُ، أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: مُرْ صَاحِبَكَ فَلْيَرْتَحِلْ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "نَعَمْ" ثُمَّ ارْتَحَلَ. [انظر: 1781 - مسلم: 1783 - فتح 6/ 282] (حدثنا شريح) في نسخة: "حدثني شريح". (أن النبي) في نسخة: "أن رسول الله". (إلا بجلبان السلاح) أي: بقرابة. (ولبايعناك) من المبايعة، وفي نسخة: "ولتابعناك" من المتابعة. (لا أمحاه أبدًا) في نسخة: "لا أمحوه" بالواو، ويقال: محاه يمحوه ويمحاه ويمحيه ثلاث لغات. (ومضى الأيام) في نسخة: "ومضت الأيام". (فذكر ذلك لرسول الله) في نسخة: "فذكر ذلك علي لرسول الله". (ثم ارتحل) في نسخة: "فارتحل" ومَرَّ الحديث في كتاب: الصلح، في باب: كيف يكتب (¬1). 20 - بَابُ المُوَادَعَةِ مِنْ غَيْرِ وَقْتٍ وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُقِرُّكُمْ عَلَى مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ بِهِ". [انظر: 2285 - فتح 6/ 282] (باب: الموادعة) أي: المصالحة والمتاركة. (من غير وقت) أي: معين. (وقول النبي) بالجر عطفا على (الموادعة). (أقركم ما) في نسخة: "أقركم على ما". (به) ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2698) كتاب: الصلح، باب: كيف يكتب.

21 - باب طرح جيف المشركين في البئر، ولا يؤخذ لهم ثمن

21 - بَابُ طَرْحِ جِيَفِ المُشْرِكِينَ فِي البِئْرِ، وَلَا يُؤْخَذُ لَهمْ ثَمَنٌ (باب: طرح جيف المشركين في البئر) أي: جواز طرحها فيه. (ولا يوخذ لهم) أي: لجيفهم. (ثمن) أي: قيمة. 3185 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ، فَأَخَذَتْ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ المَلا مِنْ قُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، أَوْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ"، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ غَيْرَ أُمَيَّةَ، أَوْ أُبَيٍّ، فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا ضَخْمًا، فَلَمَّا جَرُّوهُ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ قَبْلَ أَنْ يُلْقَى فِي البِئْرِ. [انظر: 240 - مسلم: 1794 - فتح 6/ 282] (عبدان) في نسخة: "عبد الله" فهو اسمه، وعبدان لقبه. (أبي) هو عثمان بن جبلة. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) أي: السبيعي. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (بينا رسول الله) في نسخة: "بينا النبي". (ساجد) أي: عند الكعبة. (من قريش المشركين) في نسخة: "من قريش من المشركين". (إذ جاء عقبة) في نسخة: "إذ جاءه عقبة". (بسلى جزور) بفتح المهملة مقصورًا: وهي اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة، والجزور بفتح الجيم وضم الزاي، أي: المنحور من الإبل. (فقذفه) في نسخة: "وقذفه" أي: طرحه. (حتى جاءت فاطمة) أي: بنته. (فأخذت) أي: السلا. (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم) في نسخة: "فقال: اللهم". (عليك الملأ) أي: خذ الجماعة وأهلكهم. (من قريش) أي: من كفارهم. (رأيتهم) أي: رأيت أكثرهم؛ لأن ابن أبي معيط لم يقتل ببدر بل حُمل أسيرًا، وقتله رسول

22 - باب إثم الغادر للبر والفاجر

الله - صلى الله عليه وسلم - بعد انصرافه من بدر على ثلاثة أميال من المدينة (¬1) (غير أمية) أي: ابن خلف. ومَرَّ الحديث في كتاب: الطهارة في باب: إذا ألقي على ظهر المصلي قذر (¬2). 22 - بَابُ إِثْمِ الغَادِرِ لِلْبَرِّ وَالفَاجِرِ (باب: إثم الغادر للبر والفاجر) الغادر: من يواعد على أمر ولا يفي به، واللام متعلقة بـ (الغادر) أي: سواء كان غدره لبر أي: خيِّر، أو لفاجر. 3186، 3187 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، قَال أَحَدُهُمَا: يُنْصَبُ، وَقَال الآخَرُ: يُرَى يَوْمَ القِيَامَةِ، يُعْرَفُ بِهِ". [مسلم: 1736، 1737 - فتح 6/ 283] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الله (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (لكل غادر لواء) أي: علم. (قال أحدهما) أي: أحد الراويين، (ينصب) أي: اللواء. 3188 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ بِغَدْرَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ". [6177، 6178، 6966، 7111 - مسلم: 1735 - فتح 6/ 283] ¬

_ (¬1) انظر: "سيرة ابن هشام" 2/ 285 - 286. (¬2) سبق برقم (240) كتاب: الوضوء، باب: إذا ألقي على ظهر المصلي قذر.

(حماد) أي: "ابن يزيد" كما في نسخة. (عن أيوب) أي: السختياني. (لغدرته) (¬1) زاد في نسخة: "يوم القيامة" وهو ظرف لـ (ينصب) وفي نسخة: "بغدرته" بالموحدة بدل اللام. 3189 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "لَا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ، فَانْفِرُوا" وَقَال يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلاهُ" فَقَال العَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إلا الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ، قَال: "إلا الإِذْخِرَ". [انظر: 1349 - مسلم: 1353 - فتح 6/ 283] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (عن طاوس) أي: ابن كيسان. [(لا هجرة) أي: من مكة إلى المدينة بعد الفتح، لأن مكة صارت دار إسلام] (¬2) (فهو حرام بحرمة الله) زاد في نسخة: "إلى يوم القيامة". (ولبيوتهم) في نسخة: "وبيوتهم" ومَرَّ شرح الحديث في العلم والحج وغيرهما (¬3). ¬

_ (¬1) في هامش (ج): أي: بسبب غدرته، أو بقدر غدرته. (¬2) من (س). (¬3) سبق برقم (112) باب: العلم، باب: كتابة العلم. وبرقم (1587) كتاب: الحج، باب: فضل الحرم. وبرقم (2434) كتاب: اللقطة، باب: كيف تعرف لقطة أهل مكة.

59 - كتاب بدء الخلق

59 - كتاب بدء الخلق

1 - باب ما جاء في قول الله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} [الروم: 27]

59 - كتاب: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (كتاب بدء الخلق) لفظ: (كتاب) ساقط من نسخة. و (الخلق) بمعنى: المخلوق. 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] قَال الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، وَالحَسَنُ: "كُلٌّ عَلَيْهِ هَيِّنٌ" هَيْنٌ وَهَيِّنٌ مِثْلُ لَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ، وَضَيْقٍ وَضَيِّقٍ " {أَفَعَيِينَا} [ق: 15]: "أَفَأَعْيَا عَلَيْنَا حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلْقَكُمْ"، {لُغُوبٌ} [فاطر: 35] "النَّصَبُ"، {أَطْوَارًا} [نوح: 14] "طَوْرًا كَذَا وَطَوْرًا كَذَا، عَدَا طَوْرَهُ أَيْ قَدْرَهُ". (ما جاء) في نسخة: "باب: ما جاء". ({وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}) أي: والإعادة أسهل عليه من الإبداء، بالإضافة إلى قدركم، وإلا فهما عليه سواء لا تفاوت عنده تعالى بين الإبداء والإعادة، وذكر الضمير مع أن المراد الإعادة نظرًا للمؤول بالمصدر، إذ المعنى وأن يعيده أهون عليه قاله الزمخشري (¬1)، (قال) في نسخة: "فقال". ({أَفَعَيِينَا}) أي: في قوله تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} معناه: (أفأعيا علينا) أي: ما ¬

_ (¬1) "الكشاف" 3/ 507.

أعجزنا الخلق. (حين أنشأكم وأنشأ خلقكم) أي: الأول حتى تعجزنا الإعادة، والهمزة فيه للإنكار، وعدل عن التكلم في قوله: {أَنْشَأَكُمْ} إلى الغيبة التفاتا. ({مِنْ لُغُوبٍ}) أي: في قوله تعالى: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} معناه: (النصب) أي: التعب، وفيه: رد لما زعمته اليهود من أنه تعالى بدأ العالم يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش (¬1). ({أَطْوَارًا}) أي: في قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)} معناه: خلقهم. (طورا كذا، وطورا كذا) أي: على صفات؛ لأنه خلقهم أولًا عناصر، ثم مركبات، ثم أخلاطًا، ثم نطفًا، ثم علقًا، ثم مضغًا، ثم عظامًا ولحومًا، ثم أنشأهم خلقًا آخر. (عَدَا) أي: جاوز (طوره، أي: قدره) لفظ: (أي) ساقط من نسخة. 3190 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: جَاءَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "يَا بَنِي تَمِيمٍ أَبْشِرُوا" قَالُوا: بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَجَاءَهُ أَهْلُ اليَمَنِ، فَقَال: "يَا أَهْلَ اليَمَنِ، اقْبَلُوا البُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ"، قَالُوا: قَبِلْنَا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ بَدْءَ الخَلْقِ وَالعَرْشِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَال: يَا عِمْرَانُ رَاحِلَتُكَ تَفَلَّتَتْ، لَيْتَنِي لَمْ أَقُمْ. [3191، 4265، 4386، 7418 - فتح 6/ 286] (سفيان) أي: الثوري. (أبشروا) رباعي، أي: أبشروا بما يقتضي دخول الجنة، حيث عرفهم أصول العقائد التي هي المبدأ والمعاد وما بينهما، وجاء ثلاثيًّا يقال: بشرت الرجل أبشره بالضم. (قالوا) في نسخة: "فقالوا". (فأعطنا) أي: من المال. (فتغير وجهه) أي: أسفًا عليهم؛ كيف آثروا ¬

_ (¬1) رواه أبو الشيخ في "العظمة". ص 359.

الدنيا، أو لكونه لم يكن عنده ما يتألفهم به (بدء الخلق والعرش) بالنصب بنزع الخافض، أي: ببدئهما (راحلتك) في نسخة: "أن راحلتك". (تفلتت) أي: شردت. (ليتني) أي: قال عمران بعد أن قام يطلب دابته: ليتني. (لم أقم) أي: من مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أسمع كلامه. 3191 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَال: "اقْبَلُوا البُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ"، قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَال: "اقْبَلُوا البُشْرَى يَا أَهْلَ اليَمَنِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ"، قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ؟ قَال: "كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ" فَنَادَى مُنَادٍ: ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابْنَ الحُصَيْنِ، فَانْطَلَقْتُ، فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا. [انظر: 3190 - فتح 6/ 286] (من أهل اليمن) لفظ: (أهل) ساقط من نسخة. (إذ لم) في نسخة: "إن لم". (جئناك) في نسخة: (جئنا) بحذف الكاف. (نسألك) في نسخة: "لنسألك". (عن هذا الأمر) أي: عن أحوال هذا العالم. (كان الله ولم يكن شيء غيره) هذا جار على مذهب الأخفش (¬1) من جواز ¬

_ (¬1) أجاز الأخفش -وتبعه ابن مالك- دخول الواو على خبر كان إذا كان جملة؛ تشبيها له بالجملة نحو: كان ولا مال له، حيث دخلت الواو على خبر كان هنا تشبيها له بقولهم: جاء ولا ثوب عليه. وأنكر ذلك الجمهور، وتأولوا الفعل على التمام.

دخول الواو في خبر كان وأخواتها، كان زيد وأبوه قائم. (وكان عرشه على الماء) استشكل بأن هذه الجملة مناقضة للأول؛ لأن تلك تدل على أنه تعالى كان ولم يكن سواه، وهذه تدل على أنه كان مع وجود العرش والماء، وأجيب: بأن واو (وكان) [بمعنى: ثم، وكان] (¬1) فيهما بحسب مدخولها، ففي الأولى بمعنى: الكون الأزلي، وفي الثانية بمعنى: الحدث بعد القدم، فالموجود قبل الكل هو تعالى، ثم الماء، ثم العرش، ففي حديث صححه الترمذي: إن الماء خلق قبل العرش (¬2) (وكتب) أي: قدر. (في الذكر) أي في اللوح المحفوظ. (كل شيء) أي: من الكائنات. (يقطع دونها) أي: عندها. (السراب) هو ما يرى نصف النهار كأنه ماء، والمعنى: فإذا هي يحول بيني وبين رؤيتها السراب. (لوددت) بكسر الدال الأولى. 3192 - وَرَوَى عِيسَى، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامًا، فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الخَلْقِ، حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ. [فتح 6/ 286] (وَروى) في نسخة: "ورواه". (عيسى) أي: ابن موسى البخاري. (رقبة) أي: ابن مصقلة العبدي. (مقامًا) أي: على المنبر. (ونسيه) في نسخة: "أو نسيه". (حدثنا) في نسخة: "حدثني". 3193 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "سنن الترمذي" (3109) كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة هود. وضعفه الألباني في "ضعيف الترمذي".

2 - باب ما جاء في سبع أرضين

عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُرَاهُ قَال اللَّهُ تَعَالى: يَشْتِمُنِي ابْنُ آدَمَ، وَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتِمَنِي، وَيُكَذِّبُنِي وَمَا يَنْبَغِي لَهُ، أَمَّا شَتْمُهُ فَقَوْلُهُ: إِنَّ لِي وَلَدًا، وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ فَقَوْلُهُ: لَيْسَ يُعِيدُنِي كَمَا بَدَأَنِي". [4974، 4975 - فتح 6/ 287] (عن أبي أحمد) هو محمد بن عبد الله بن الزبير الأزدي. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لفظ: "رسول الله" ساقط من نسخة. (أراه) بضم الهمزة، أي: أظنه. (يقول الله: شتمني) في نسخة بدل من (أراه إلى آخره: (قال الله تعالى: يشتمني". 3194 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي". [7404، 7422، 7453، 7553، 7554 - مسلم: 2751 - فتح 6/ 287] (قتيبة بن سعيد) لفظ: (ابن سعيد) ساقط من نسخة. (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن. (كتب) أي: أمر القلم أن يكتب. (في كتابه) هو اللوح المحفوظ. (فهو عنده) أي: فعلم ذلك عنده. (إن رحمتي) بكسر الهمزة: حكاية لمضمون الكتاب، وبفتحها بدل من (كتب). 2 - بَابُ مَا جَاءَ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} {وَالسَّقْفِ المَرْفُوعِ}

[الطور: 5]: "السَّمَاءُ"، {سَمْكَهَا} [النازعات: 28]: "بِنَاءَهَا"، {الحُبُكُ} [الذاريات: 7]: اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا، {وَأَذِنَتْ} [الانشقاق: 2]: "سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ"، {وَأَلْقَتْ} [الانشقاق: 4] "أَخْرَجَتْ"، {مَا فِيهَا} [الانشقاق: 4] "مِنَ المَوْتَى"، {وَتَخَلَّتْ} [الانشقاق: 4]: "عَنْهُمْ"، {طَحَاهَا} [الشمس: 6] "دَحَاهَا"، {بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 14]: "وَجْهُ الأَرْضِ، كَانَ فِيهَا الحَيَوَانُ نَوْمُهُمْ وَسَهَرُهُمْ". (باب: ما جاء في سبع أرضين) أي: في وصفها. (وقول الله) بالجر عطف على (ما جاء). (تعالى) في نسخة: "سبحانه". ({وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}) في نسخة: عقب قوله: ({وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}: "الآية". ({وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5)}) معناه: (السماء) وقيل معناه: العرش (¬1). ({سَمْكَهَا}) أي: في قوله تعالى: ({رَفَعَ سَمْكَهَا}) معناه: (بناءَها) بالمد. ({الْحُبُكِ}) في نسخة: "والحبك" أي: في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7)} معناه: (استواؤها وحسنها)، وقيل: حبكها بالنجوم (¬2) ({وَأَذِنَتْ}) في قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ} معناه: (سمعت وأطاعت) كما نقل عن الضحاك (¬3). ({وَأَلْقَتْ}) معناه: (أخرجت ما فيها من الموتى) ({وَتَخَلَّتْ}: عنهم) ({طَحَاهَا}) معناه: (دحاها) أي: بسطها. ({بِالسَّاهِرَةِ}) في نسخة: "الساهرة" معناه: (وجه الأرض، كان فيها الحيوان نومهم وسهرهم) فيه تغليب العقلاء على غيرهم. ¬

_ (¬1) رواه أبو الشيخ في "العظمة" ص 127 (253). (¬2) رواه أبو الشيخ في "العظمة" ص 243 (548). (¬3) انظر: "تفسير الطبري" 12/ 505 (36722).

3195 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتْ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ، فَقَالتْ: يَا أَبَا سَلَمَةَ، اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ". [انظر: 2453 - مسلم: 1612 - فتح 6/ 292] (أخبرنا) في نسخة: "حدثنا". (ابن علية) هو إسماعيل بن إبراهيم، وعلية: اسم أمه. (عن أبي سلمة) اسمه: عبد الله، أو إسماعيل. (وبين أناس) في نسخة: "وبين ناس" بحذف الهمزة. (ذلك) في نسخة: "ذاك" بحذف اللام. (اجتنب الأرض) أي لا تغصب منها شيئًا. (طوقه من سبع أرضين) فيه: إثبات سبع أرضين، والمراد: أن كل واحدة فوق الأخرى، وإن لم تتصل بها، فقد روى الإمام أحمد خبرًا أن بين الأرض والتي تليها خمسمائة عام (¬1)، ومَرَّ الحديث في باب: إثم من ظلم شيئًا من الأرض، من كتاب: المظالم (¬2). 3196 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، خُسِفَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ". [انظر: 2454 - فتح 6/ 292] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب. 3197 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 2/ 270. (¬2) سبق برقم (2453) كتاب: المظالم، باب: إثم من ظلم شيئًا من الأرض.

أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ". [انظر: 67 - مسلم: 1679 - فتح 6/ 293] (عبد الوهاب) أي: الثقفي. (أيوب) أي: السختياني. (عن ابن أبي بكرة) هو عبد الرحمن. (عن أبي بكرة) هو نفيع بن الحارث الثقفي. (الزمان قد استداره) أي: الله وفي نسخة: "قد استدار" بحذف الضمير، أي: عاد إلى زمنه المخصوص (كهيئته يوم خلق السموات) في نسخة: "كهيئته يوم خلق الله السموات" والأرض في نسخة: "والأرضين" والكاف صفة لمصدر محذوف أي: استدار استدارة مثل حالته يوم خلق الله السموات والأرض، فإن قريشًا كانوا يعتادون أن يديروا الحج في كل سنة شهرًا، فإذا حجوا في ذي الحجة حجوا في السنة التي بعدها في المحرم، وهكذا حتى تنتهي الدور إلى ذي الحجة أو كانت تلك السنة أقصى الدوران فيكون الحج في ذي الحجة كما كان في ابتداء خلق السموات والأرض بهداية الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك وحمايته من بدعهم، كما فعل معه في غير ذلك. (ثلاثة) في نسخة: "ثلاث". (ورجب مضر) عطف على (ثلاثة) لا على (ذو القعدة) و (مضر) قبيلة مشهورة أضيف إليهم رجب؛ لأنهم كانوا يحافظون علي تحريمه أشد من سائر العرب. 3198 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، أَنَّهُ خَاصَمَتْهُ أَرْوَى فِي حَقٍّ زَعَمَتْ أَنَّهُ انْتَقَصَهُ لَهَا إِلَى مَرْوَانَ، فَقَال سَعِيدٌ: أَنَا أَنْتَقِصُ مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ ظُلْمًا، فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ" قَال ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال لِي سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2452 - مسلم: 1610 - فتح 6/ 293]

3 - باب في النجوم

(حدثني) في نسخة: "حدثنا". (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (خاصمته أرْوى) أي: بنت أبي أويس. (أبي مروان) متعلق بـ (خاصمته) أي: ترافعا إليه، وهو كان يومئذ متولي المدينة، فترك سعيد الحق لها، ودعا عليها، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فأعمِ بصرها واجعل قبرها في دارها (¬1). فتقبل الله دعوته، فعميت، ومرت على بئر في الدار فوقعت فيها فكانت قبرها. (ابن أبي الزناد) هو عبد الرحمن بن عبد الله. 3 - بَابٌ فِي النُّجُومِ وَقَال قَتَادَةُ: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك: 5] خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلاثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَشِيمًا} [الكهف: 45]: مُتَغَيِّرًا، وَالأَبُّ مَا يَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالأَنَامُ: الخَلْقُ، {بَرْزَخٌ} [المؤمنون: 100]: حَاجِبٌ وَقَال مُجَاهِدٌ: {أَلْفَافًا} [النبأ: 16]: مُلْتَفَّةً، وَالغُلْبُ: المُلْتَفَّةُ {فِرَاشًا} [البقرة: 22]: مِهَادًا: كَقَوْلِهِ {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} [البقرة: 36]، {نَكِدًا} [الأعراف: 58]: قَلِيلًا. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1610) -138 - كتاب: المساقاة، باب: تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها.

4 - باب صفة الشمس والقمر

(بابُ: في النجوم) أي: في بيان ما جاء فيها. و {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} ضمير {وَجَعَلْنَاهَا} لأنواع المصابيح لا للمصابيح؛ لأنه لا يرمى بها بل بشهب مستمدة منها. (وعلامات يهتدي بها) قال تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (فمن تأول بغير ذلك) في نسخة: "فمن تأول فيها بغير ذلك) أي من علم أحكام ما يدل عليه حركاتها مقرناتها في سيرها وأن ذلك يدلُّ علي حوادث أرضية، وقد جرى البخاري على عادته في ذكر تفسير آيات استطرادًا لكثرة الفائدة، فقال: (هَشيما) يعني في قوله تعالى: {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا} أي: (متغيرًا) وقيل: أي: يابسًا متفتتًا، ولا منافة بينهما. (والأبُّ) أي: في قوله تعالى: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)} معناه: (ما تأكل الأنعام والأنام) أي: في قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10)} معناه: (الخلق) وواو (والأنام) ساقطة من نسخة. (برزخ) أي: في قوله تعالى: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ} معناه: (حاجب) وفي نسخة: "حاجز" بالزاي بدل الموحدة. (ألفافًا) يعني: في قوله تعالى: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)} (ملتفة) بعضها علي بعضى. (والغلب) أي: في قوله تعالى: {وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30)} معناه: (الملتفة) أيضًا. (فراشا) يعني في قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا}. (مهادا) كقوله: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} أي: موضع قرار، معناهما واحد، وكل منهما تفسير للفراش. (نكدا) يعني: في قوله تعالى: {لَا يَخْرُجُ إلا نَكِدًا} أي: قليلا عديم النفع. 4 - بَابُ صِفَةِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ {بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5] قَال مُجَاهِدٌ: "كَحُسْبَانِ الرَّحَى" وَقَال غَيْرُهُ: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ

لَا يَعْدُوَانِهَا، " حُسْبَانٌ: جَمَاعَةُ حِسَابٍ، مِثْلُ شِهَابٍ وَشُهْبَانٍ " {ضُحَاهَا} [النازعات: 29]: "ضَوْءُهَا"، {أَنْ تُدْرِكَ القَمَرَ} [يس: 40] "لَا يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآخَرِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا ذَلِكَ" {سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: 40]: "يَتَطَالبَانِ، حَثِيثَيْنِ"، {نَسْلَخُ} [يس: 37]: "نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ وَنُجْرِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا"، {وَاهِيَةٌ} [الحاقة: 16]: "وَهْيُهَا تَشَقُّقُهَا"، {أَرْجَائِهَا} [الحاقة: 17]: "مَا لَمْ يَنْشَقَّ مِنْهَا، فَهُمْ عَلَى حَافَتَيْهَا، كَقَوْلِكَ: عَلَى أَرْجَاءِ البِئْرِ"، {أَغْطَشَ} [النازعات: 29] وَ {جَنَّ} [الأنعام: 76]: "أَظْلَمَ" وَقَال الحَسَنُ: {كُوِّرَتْ} [التكوير: 1]: "تُكَوَّرُ حَتَّى يَذْهَبَ ضَوْءُهَا"، {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} [الانشقاق: 17]: "جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ"، {اتَّسَقَ} [الانشقاق: 18]: "اسْتَوَى"، {بُرُوجًا} [الحجر: 16]: "مَنَازِلَ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ"، {الحَرُورُ} [فاطر: 21]: "بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْسِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ، وَرُؤْبَةُ: "الحَرُورُ بِاللَّيْلِ، وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ" يُقَالُ: {يُولِجُ} [الحج: 61]: "يُكَوِّرُ"، {وَلِيجَةً} [التوبة: 16] "كُلُّ شَيْءٍ أَدْخَلْتَهُ فِي شَيْءٍ". (باب: صفة) أي: تفسير صفة (الشمس والقمر {بِحُسْبَانٍ}) قال الزمخشري: أي: بحساب معلوم، وتقدير سوى يجريان في بروجهما ومنازلهما (¬1). (كحسبان الرَّحى) أي: يجريان علي حسب حركتها وعلى وضعها. (وقال غيره: بحساب ومنازل لا يعدوانها) أي: لا يتجاوزان المنازل. (حسبان: جماعة حساب) في نسخة: "جماعة ¬

_ (¬1) "الكشاف" 4/ 318.

الحساب"، (مثل شهاب وشهبان) والمعنى: أنهما يجريان معتاقبين بحساب معلوم مقدر في بروجهما ومنازلهما، وبذلك تتسق أمور الكائنات السفلية، وتختلف الفصول والأوقات وتعلم السنون والحساب، (ضحاها) أي: في قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} معناه: (وضوؤها). {أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} أي: في قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} معناه: (لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغي لهما ذلك) أي: لا يصح منهما إذ لا قدرة لهما عليه، ({سَابِقُ النَّهَارِ}) أي: في قوله تعالى: {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} معناه: (يتطالبان) (حثيثان) أي: سريعان، وفي نسخة: "حثيثين" أي: فلا تسبق آية الليل آية النهار ({نَسْلَخُ}) أي: في قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} معناه: (نخرج أحدهما من الأخر) في نسخة: "ينسلخ" أي: يخرج أحدهما من الآخر، بزيادة ياء في الأول، وبياءٍ مفتوحة بدل النون في الثاني. (ونجري كل واحد منهما) عطف علي (يخرج)، وهو على النسخة الأولى: بنون، ونصب (كل) وعلى الثانية: بياء مفتوحة، ورفع (كل) وفي نسخة: "ويجري كلٌّ" بفتح الياء ورفع (كل) منونًا ({وَاهِيَةٌ}) أي: في قوله تعالى: {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ} معناه: متشققة. إذ وهيا: (تشققها) ({أَرْجَائِهَا}) أي: في قوله تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} معناه: (ما لم ينشق منها) (فهي) أي: الملائكة، (على حافتيه) أي: حافتي ما لم ينشق منها، وفي نسخة: "فهو" أي: الملك، وفي أخرى: "فهم" وفي أخرى: "على حافتيها" أي: السماء. (كقولك: على أرجاء البئر) في أن المراد: "على حافتيها" ({وَأَغْطَشَ}) أي: في قوله تعالى: {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا}. (وجن) أي: في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ} معناهما: (أظلم). ({كُوِّرَتْ}) معناها: (تكور

حتى يذهب ضوْؤها) ومعنى (تكور): تلف من قولك: كورت العمامة، أي: إذا لففتها، وقيل: معنى كورت: أظلمت (¬1). ({وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)}) معنى وسق: (جمع من دابة)، وفي نسخة: " {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)} يقال: وسق جمع من دابة". (اتسق) أي في قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)} معناه: (استوى بروجا) أي في قوله: {جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} معناه: (منازل الشمسِ والقمر) وهي اثنا عشر. (الحرور) يعني في قوله تعالى: {وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21)} أي: (بالنهار مع الشمس وقال ابن عباس) زاد في نسخة: "ورؤبة". (الحرور بالليل والسموم بالنهار. يقال: يولج) أي: (يكور) أي: يلف الليل أو النهار في الآخر. (وليجة) أي: في قوله تعالى: {وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} معناه: (كل شيء أدخلته في شيء) أي: إدخال الشيء في غيره، والمعنى لا تتخذوا بطانة ليست من المسلمين، وقوله: (بحسبان قال مجاهد) إلى آخره ساقط من نسخة. 3199 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: "أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟ "، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ، فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ} [يس: 38] ". [4802، 4803، 7424، 7433 - مسلم: 159 - فتح 6/ 297] ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "التفسير" 12/ 456 (36399). وابن أبي حاتم في "التفسير" 10/ 3402 (19139).

(سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران، (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد بن شريك بن طارق. (عن أبي ذر) هو جندب بن جنادة. (تدري) أي: "أتدري" كما في نسخة. (تسجد تحت العرش) استشكل هذا بأنا نراها تغيب في الأرض، وفي القرآن أنها {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أي: ذات حماة: وهي الطين الأسود فأين هي من العرش؟ وأجيب بأن الأرضين السبع كقطب رحى، والعرش لعظم ذاته كالرحى، فأينما سجدت الشمس سجدت تحت العرش وذلك مستقرها. (فتستأذن) بالنصب عطف على (تسجد) أي: وإذا كانت في محل سجودها فتستأذن في طلوعها من المشرق علي عادتها. (فيؤذن لها) فتطلع من جهة المشرق. (يوشك) بكسر المعجمة، أي: يقرب. (أن يسجد فلا يقبل منها) أي: لا يؤذن لها أن تسجد (وتستأذن) أي: في سيرها إلى مطلعها. (فلا يؤذن) أي: (لها) أن تسير. (يقال) في نسخة: "فيقال" أي: (لها) حينئذ. (ارجعي) إلى محل غروبك. (من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك) أي: قوله: (فإنها تذهب ..) إلخ هو المراد بما ذكره بقوله: قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} أي: لحد معين ينتهي إليه دورها، وقرئ شاذًا (لا مستقر لها) أي: لا قرار لها فهي جارية أبدًا، وظاهر الحديث، وقوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} أنها تجري بنفسها وهو الحق؛ إذ لا مانع من أنها تجري بنفسها ثم تعود إلى فلكها، ولا ينافيه قول أهل الهيئة: إنها مرصعة في الفلك؛ لأن ترصيعها فيه لا يقتضي لزومه لجواز إنفكاكه عند السجود، ولو سلم أنه منافٍ فلا عبرة به؛ لأنه حدث وتخمين؛ ولمصادمته الكتاب والسنة.

3200 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُخْتَارِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الشَّمْسُ وَالقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ". [فتح 6/ 297] (عبد الله) أي: ابن فيروز. (الدَّاناجُ) بدالٍ مهملة وجيم في آخره معرَّب داناه، ومعناه: العالم. (مكوران) أي: مطويان ذاهبًا الضوء، وزاد البزار وغيره: في النار (يوم القيامة) لأنهما عُبِدا من دون الله، وليس المراد بتكويرهما في النار تعذيبهما بها، بل زيادة تبكيت لمن كان يعبدهما؛ ليعلموا أن عبادتهم لهما كانت باطلة. 3201 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا". [انظر: 1042 - مسلم: 914 - فتح 6/ 297] (ابن وهب) هو عبد الله المصري، (عمرو) أي: ابن الحارث المصري. (يخسفان) بالبناء للفاعل، ويجوز بناؤه للمفعول. (آيتان) في نسخة: "آية". (فإذا رأيتموهما) أي: كسوفيهما، والمراد: كسوف واحد منهما، وفي نسخة: "فإذا رأيتموه" أي: الكسوف. 3202 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ". [انظر: 29 - مسلم: 907 - فتح 6/ 297] (إسماعيل بن أبي أويس) اسم أبي أويس: عبد الله، ولفظ: (ابن أبي أويس) ساقط من نسخة.

3203 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، قَامَ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَويلَةً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَال: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، وَقَامَ كَمَا هُوَ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَويلَةً، وَهِيَ أَدْنَى مِنَ القِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، وَهِيَ أَدْنَى مِنَ الرَّكْعَةِ الأُولَى، ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَويلًا، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَال فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ: "إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاةِ". [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح 6/ 297] (يحيى بن بكير) نسبة إلى جده، وإلا فهو ابن عبد الله بن بكير. (عن عقيل) بالتصغير، أي: ابن خالد بن عقيل بالتكبير. 3204 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الشَّمْسُ وَالقَمَرُ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا". [انظر: 1041 - مسلم: 911 - فتح: 6/ 297] (حدثني محمد) في نسخة: "حدثنا محمد". (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن أبي مسعود) هو عقبة بن عمرو البدري. (ولا لحياته) ساقط من نسخة. (رأيتموهما) في نسخة: "رأيتموها" أي: الكسفة، ومَرَّ شرح الحديث الثالث والرابع والخامس في الكسوف (¬1). ¬

_ (¬1) سبق الثالث برقم (1042) كتاب: الكسوف، باب: الصلاة في كسوف الشمس. والرابع برقم (1052) كتاب: الكسوف، باب: صلاة الكسوف جماعة. والخامس برقم (1044) كتاب: الكسوف، باب: الصدقة في الكسوف.

5 - باب ما جاء في قوله: {وهو الذي أرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته)}) [الفرقان: 48]

5 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)}) [الفرقان: 48]. {قَاصِفًا} [الإسراء: 69]: "تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ" {لَوَاقِحَ} [الحجر: 22]: "مَلاقِحَ مُلْقِحَةً"، {إِعْصَارٌ} [البقرة: 266]: "رِيحٌ عَاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ"، {صِرٌّ} [آل عمران: 117]: "بَرْدٌ"، (نُشُرًا): "مُتَفَرِّقَةً". (باب: ما جاء في قوله: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}) يعني: المطر المقرون بالسحاب، ولكل من الرياح دخل فيه؛ لأن الصبا تثير الرياح، والشمال تجمعه، والجنوب تدره، والدبور تفرقه. (قاصفا) أي: في قوله تعالى: {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ}. معناه: (تقصف كل شيء) تأتي عليه. ({لَوَاقِحَ}) أي: في قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}. معناه: (ملاقح) واحدتها (ملقحة). يقال: ألقح الفحل الناقة، والريح السحاب. ({إِعْصَارٌ}) أي: في قوله تعالى: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ}. معناه: (ريح عاصف ..) إلخ ({صِرٌّ}). أي: في قوله: {رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} معناه: (برد) ({نَشْرًا}) يعني في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا} (¬1) [الأعراف: 57] أي: (متفرقة). 3205 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ، النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ". [انظر 1035 - مسلم: 900 - فتح 6/ 300] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (سعيد) أي: ابن الحجاج. (عن ¬

_ (¬1) قرأ أبو عمرو وابن كثير ونافع {نَشْرًا} بضم النون والشين، جمع نشور، قال أبو عبيدة: النشر: المتفرقة من كل جانب. انظر: "زاد المسير" 3/ 147.

6 - باب ذكر الملائكة

الحكم) أي: ابن عتيبة. (نصرت) أي: يوم الأحزاب، (بالصبا) بالقصر: الريح التي تجيء من ظهرك إذا استقبلت القبلة. (بالدبور) بفتح الدال: التي تجيء من قبل وجهك إذا استقبلت القبلة. 3206 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ، أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، وَدَخَلَ وَخَرَجَ، وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَدْرِي لَعَلَّهُ كَمَا قَال قَوْمٌ": {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} [الأحقاف: 24] الآيَةَ. [4829 - مسلم: 899 - فتح 6/ 300] (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عن عطاء) أي: ابن أبي رباح. (مخيلة في السماء) بفتح الميم، وكسر المعجمة، أي: سحابة يخال بها المطر. (أقبل وأدبر) إلى آخره، أي: خوفًا أن يحصل من تلك السحابة ما فيه ضرر بالأمة. (أمطرت) في نسخة: "مطرت". (سُري) بالبناء للمفعول، أي: كشف عنه الخوف وأُزيل. (فعرفته) بتشديد الراء، أي: عرفت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان عرض له (ما أدري) في نسخة: "وما أدري". ({فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا}) أي: سحابًا عرض في أفق السماء. 6 - بَابُ ذِكْرِ المَلائِكَةِ وَقَال أَنَسٌ: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلائِكَةِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}: [الصافات: 165] المَلائِكَةُ". [انظر: 3329] (باب: ذكر الملائكة) جمع ملأك، وأصله: مألك قدمت اللام وأُخرت الهمزة فوزنه مفعل من الألوكة: وهي الرسالة ثم تركت همزته؛ لكثرة الاستعمال. فقيل: ملك، فلما جمعوه ردوه إلى أصله فقالوا:

ملائكة فزيدت التاء للمبالغة، أو لتأنيث الجمع اختلفوا في حقيقتهم بعد اتفاقهم على أنهم ذوات موجودة قائمة بأنفسها، فذهب أكثر المسلمين إلى أنها: أجسام لطيفة قادرة على التشكل بأشكال مختلفة مستدلين بأن الرسل كانوا يرونهم كذلك. وقالت طائفة من النصارى: هم النفوس الفاضلة البشرية المفارقة للأبدان، وزعم الحكماء: أنهم جواهر مجردة مخالفة للنفوس الناطقة في الحقيقة، منقسمة إلى قسمين: قسم شأنهم الاستغراق في معرفة الحق، كما وصفهم في كتابه تعالى بقوله: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)}. وهم العلويون والملائكة المقربون. وقسم شأنهم تدبير الأمر من السماء إلى الأرض على ما سبق به القضاء، وجرى به القلم الإلهي {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}. وهم المدبرات أمرًا، فمنهم سماوية، ومنهم أرضية. (عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام. (إن جبريل - عليه السلام - عدو اليهود من الملائكة) أي: لأنه يطلع الرسول - صلى الله عليه وسلم - علي أسرارهم. {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} أي: (الملائكة). 3207 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ح وقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، قَالا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا عِنْدَ البَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ، وَاليَقْظَانِ - وَذَكَرَ: يَعْنِي رَجُلًا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ -، فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ البَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ البَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ، دُونَ البَغْلِ وَفَوْقَ الحِمَارِ: البُرَاقُ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال جِبْرِيلُ: قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ،

وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: مَرْحَبًا بِكَ مِنَ ابْنٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ، قَال: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى، وَيَحْيَى فَقَالا: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى يُوسُفَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ قَال: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِدْرِيسَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الخَامِسَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْنَا عَلَى هَارُونَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا عَلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى، فَسَلَّمْتُ [عَلَيْهِ] فَقَال: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، فَقِيلَ: مَا أَبْكَاكَ: قَال: يَا رَبِّ هَذَا الغُلامُ الَّذِي بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: مَرْحَبًا بِكَ مِنَ ابْنٍ وَنَبِيٍّ، فَرُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ

جِبْرِيلَ، فَقَال: هَذَا البَيْتُ المَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ، وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلالُ هَجَرَ وَوَرَقُهَا، كَأَنَّهُ آذَانُ الفُيُولِ فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَال: أَمَّا البَاطِنَانِ: فَفِي الجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ وَالفُرَاتُ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلاةً، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ مُوسَى، فَقَال: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلاةً، قَال: أَنَا أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ، عَالجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَسَلْهُ، فَرَجَعْتُ، فَسَأَلْتُهُ، فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، ثُمَّ ثَلاثِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عِشْرِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عَشْرًا، فَأَتَيْتُ مُوسَى، فَقَال: مِثْلَهُ، فَجَعَلَهَا خَمْسًا، فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَال: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: جَعَلَهَا خَمْسًا، فَقَال مِثْلَهُ، قُلْتُ: سَلَّمْتُ بِخَيْرٍ، فَنُودِيَ إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي، وَأَجْزِي الحَسَنَةَ عَشْرًا، وَقَال هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي البَيْتِ المَعْمُورِ. [3393، 3430، 3887 - مسلم: 1640 - فتح 6/ 302] (همام) أي: ابن يحيى بن دينار. (عن قتادة) أي: ابن دعامة، (وقال لي خليفة) أي: ابن خيَّاط، وفي نسخة: "ح وقال لي خليفة" (سعيد) ابن أبي عروبة. (وهشام) أي: الدستوائي. (عند البيت) أي: الحرام، وجمع بينه وبين قوله فيما مَرَّ في كتاب: الصلاة: "فرج عن سقف بيتي" (¬1) فإن له - صلى الله عليه وسلم - معراجين: أحدهما: من بيته، والآخر: من البيت الحرام، أو أنه دخل بيته ثم عرج (¬2). (بين النائم واليقظان) جمع بينه وبين ما مَرَّ في الصلاة، إذ ¬

_ (¬1) سبق برقم (349) كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة. (¬2) سيأتي برقم (3570) كتاب: المناقب، باب: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه.

ظاهره: أنه كان في اليقظة بأن الإسراء متعدد، ويحمل ما بين النائم واليقظان على أول الأمر ثُم أسري بجسده بعد الإفاقة؛ لأن قريشًا قد أنكرته ورؤيا المنام لا تنكر هذا، وقد قال عبد الحق في "الجمع بين الصحيحين": رواية شريك عن أنس: أنه كان نائمًا زيادة مجهولة لم يذكرها الحفاظ المتقنون والأئمة المشهورون، وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث (¬1). (ذكر) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ثلاثة رجال) قال الكرماني: هم الملائكة تصوروا بصورة الإنسان (¬2). (بطست) بفتح الطاء وجاء بكسرها، وطس بحذف التاء وتشديد السين المهملة وهو مؤنث. (ملئ) في نسخة: "ملآن" وفي أخرى: "ملأي". (إلى مراق البطن) هي ما سفل من البطن، ورق من جلده جمع مرقق، وقال الجوهري: لا واحد لها، وهذا الشق غير الذي كان في صغره. (بدابة أبيض) لم يقل: بيضاء اعتبارًا بلفظ البراق أو المركوب. (قيل: من هذا) في نسخة: "فلما جئت إلى السماء الدنيا قال جبريل: لخازن السماء افتح، قال: من هذا؟ ". (قال) في نسخة: "قيل". (قيل) في نسخة: "قال". (ولنعم المجيء جاء) قيل: المخصوص بالمدح محذوف، وفيه تقديم وتأخير تقديره: جاء فنعم المجيء مجيئه، (قيل: من) في نسخة: "قيل: ومن". (فأتيت يوسف) في نسخة: "فأتيت على يوسف". (فسلمت عليه) لفظ (عليه) ساقط من نسخة. (من أخ ونبي) لم يقل: من ابن مع أنه جده كنوح تأدبا وتلطفًا والأنبياء أخوة. ¬

_ (¬1) انظر: "المسند الصحيح المستخرج على صحيح مسلم" 1/ 229 (416) كتاب: الإيمان، باب: ذكر ليلة أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 13/ 164.

(بكى) أي: موسى. (فقيل) له (ما أبكاك) إلى آخره، لا إشكال في بكائه، ولا في قوله: (هذا الغلام) لأن بكاءه لم يكن على معنى الحسد والمنافسة فيما أعطيه محمد - صلى الله عليه وسلم - من الكرامة، بل شفقةً على أمته؛ لنقص حظهم أو عددهم عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وقوله: (هذا الغلام) لم يكن على معنى الإذراء والاستصغار لشأنه، بل على تعظيم منَّة الله تعالى عليه بما أناله من النعم، وأتحفه من الكرامة من غير طول عمر أفناه مجتهدًا في طاعته، والعرب تسمي المستجمع السن غلامًا ما دام فيه بقية من القوة، وذلك مشهور في لغتهم. (ونعم المجيء جاء) في نسخة: ولنعم المجي جاء". (فأتيت على إدريس فسلمت) أي: "عليه" كما في نسخة. (مرحبا) أي: لقيت رحبًا وسعة. (بك) ساقط من نسخة، وما ذكره هنا من أنه رأى إبراهيم في السابعة، لا ينافي ما مَرَّ في الصلاة؛ من أنه رآه في السادسة (¬1)؛ لتعدد الإسراء، أو لأنه رآه في السادسة: ثم ارتقى هو أيضًا إلى السابعة، وكذا اختلف في موسى أهو في السادسة، أو السابعة؟ والجواب واحد. (لم يعودوا) في نسخة: "لم يعيدوا". (آخر ما عليهم) بالنصب على الظرفية، وبالرفع بتقدير ذلك آخر ما عليه من دخوله. (ورفعت لي سدرة المنتهى) أي: كشفت لي وقربت مني السدرة التي ينتهي إليها ما يهبط من فوقها، وما يصعد من تحتها من أمر الله. (كأنه آذان الفيول) أي: في الشكل لا في المقدار، (أما الباطنان ففي الجنة) قيل: هما السلسبيل والكوثر (¬2) (الفرات) أي: الذي بالعراق. ¬

_ (¬1) سبق برقم (349) كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة. (¬2) رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" ص 26 (22) كتاب: الإيمان، باب: ما جاء في الإسراء.

(والنيل) أي: الذي بمصر. (عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة) أي: مارستهم ولقيت الشدة فيما أردت منهم من الطاعة. (فسله) أي: التخفيف. 3208 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَال عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ، قَال: "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ". [3332، 6594، 7454 - مسلم: 2643 - فتح 6/ 303] (أبو الأحوص) هو سلام ابن سليم. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (قال عبد الله) أي: ابن مسعود. (الصادق) أي: في قوله. (المصدوق) أي: فيما وعده به ربه تعالى. (يجمع) بالبناء للمفعول. (خلقه) فيه استعمال المصدر، بمعنى: المفعول كقولهم: هذا ضرب الأمير، أي: مضروبه وذكر في معنى الجمع أن النطفة إذا وقعت في الرحم وأراد الله تعالى أن يخلق منها بشرًا طارت في أطراف المرأة تحت كل شعرة وظفر، ثم تمكث أربعين يومًا ثم تنزل دمًا في الرحم فذلك جمعها. (فيؤمر) في نسخة: "ويؤمر". (ثم ينفخ فيه الروح) قيل: حكمة تحول الإنسان في بطن أمه حالة بعد حاله مع أنه تعالى قادر على أن يخلقه في أقل من لمحة، أن في التحويل فوائد منها: أنه لو خلقه دفعة واحدة لشق على الأم.

ومنها: إظهار قدرته تعالى حيث قلبه من تلك الأطوار إلى كونه إنسانًا حسن الصورة متحليا بالعقل. ومنها: التنبيه على كمال قدرته على الحشر والنشر؛ لأن من قَدَرَ على خلق الإنسان من ماءٍ مهين، ثم من علقة، ثم من مضغة قادر على إعادته وحشره للحساب والجزاء. ومنها: تعليم الناس التأني في أمورهم. (حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع) بنصب (يكون) بحتى، [وبرفعه] (¬1) بجعل (حتى) إبتدائية، و (ما) على التقديرين نافية، والمراد بالذراع التمثيل والقرب إلى الدخول، أي: لم يبق بينه وبين أن يصلها، إلا كمن بقي بينه وبين موضع من الأرض ذراع. (فيسبق عليه) ضمَّن (يسبق) معنى: يغلب فعدّاه بعلى. (فيعمل) في نسخة: "فعمل". (بعمل أهل النار) أي: فيدخلها، ويقدر مثله بعد قوله: (بعمل أهل الجنة). 3209 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَابَعَهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي الأَرْضِ". [6040، 7485 - مسلم: 2637 - فتح 6/ 303] (مخلد) أي: ابن يزيد الحراني. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (وتابعه) أي: محمد بن سلام. (أبو عاصم) هو الضحاك بن ¬

_ (¬1) من (س).

مخلد النبيل شيخ البخاري (نادى جبريل) بنصب (جبريل) علي المفعولية. (فأحببه) بهمزة قطع فمهملة ساكنة، فموحدة مكسورة، [فأخرى ساكنة وفي نسخة: "فأحب" بمهملة مكسورة] (¬1) فموحدة مشددة مفتوحة، (ثم يوضع له القبول في الأرض) أي: في أهلها. 3210 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "إِنَّ المَلائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ: وَهُوَ السَّحَابُ، فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ، فَتُوحِيهِ إِلَى الكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ". [3288، 5762، 6213، 7561 - مسلم: 2228 - فتح 6/ 304] (محمد) هو ابن يحيى الذهلي. (ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم. (ابن أبي جعفر) هو عبيد الله، واسم أبي جعفر: بشار القرشي. (زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -) ساقط من نسخة. (في العنان) بفتح المهملة والنون الأول مخففة (فتذكر) أي: الملائكة. (فتسترق الشياطين السمع) أي: تختلسه منهم. 3211 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَالأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجِدِ المَلائِكَةُ، يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ". [انظر: 929 - مسلم: 850 - فتح 6/ 304] (أحمد بن يونس) نسبة إلى جده، وإلَّا فهو ابن عبد الله بن يونس. ¬

_ (¬1) من (س).

(عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف (والأغر) هو سلمان الجهني، وفي نسخة بدله: "والأعرج" أي: عبد الرحمن بن هرمز. (الملائكة) في نسخة: "ملائكة". بالتنكير، ومَرَّ شرح الحديث في كتاب: الجمعة (¬1). 3212 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، قَال: مَرَّ عُمَرُ فِي المَسْجِدِ وَحَسَّانُ يُنْشِدُ فَقَال: كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ، وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ التَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَال: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ؟ " قَال: نَعَمْ. [انظر: 453 - مسلم: 2485 - فتح 6/ 304] (سفيان) أي: ابن عيينة. (حدثنا الزهري) في نسخة: "حدثني الزهري". (اللهم أيده بروح القدس) هو جبريل وهذا موضع الترجمة، ومَرَّ شرح الحديث في الصلاة في باب: الشعر في المسجد (¬2). 3213 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ: "اهْجُهُمْ - أَوْ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ". [4123، 4124، 6153 - مسلم: 2486 - فتح 6/ 304] (اهجهم) بضم الهمزة والجيم من الهجو وهو ضد المدح (أو هاجهم) من المهاجاة، أي: جازهم بهجوهم، والشكُّ من الراوي. 3214 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، ح حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَال: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِي سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ" ¬

_ (¬1) سبق برقم (929) كتاب: الجمعة، باب: الاستماع إلى الخطبة. (¬2) سبق برقم (453) كتاب: الصلاة، باب: الشعر في المسجد.

زَادَ مُوسَى، مَوْكِبَ جِبْرِيلَ. [فتح 6/ 304] (في سكة بني غنم) بكسر السين وفتح الغين المعجمة، أي: في زقاقهم. (زاد موسى: موكب جبريل) برفع (موكب) خبر مبتدإٍ محذوف، ويجوز نصبه بمقدر، أي: انظر، وجره بدل من لفظ: (غبار) و (الموكب) بكسر الكاف يقال: لنوعٍ من السير ولجماعة الفرسان، ولجماعة ركاب يسيرون برفق. 3215 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ الحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يَأْتِيكَ الوَحْيُ؟ قَال: "كُلُّ ذَاكَ يَأْتِينِي المَلَكُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، فَيَفْصِمُ عَنِّي، وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَال، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، وَيَتَمَثَّلُ لِي المَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي، فَأَعِي مَا يَقُولُ". [انظر: 2 - مسلم: 2333 - فتح 6/ 304] (فروة) أي: ابن أبي المغراء الكندي. (كيف يأتيك الوحي؟) إلى آخره، مَرَّ شرحه أول الكتاب (¬1). 3216 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، دَعَتْهُ خَزَنَةُ الجَنَّةِ، أَيْ فُلُ هَلُمَّ" فَقَال أَبُو بَكْرٍ: ذَاكَ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ". [انظر 1897 - مسلم: 1027 - فتح 4/ 306] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (من أنفق زوجين) أي: كدرهمين، أو دينارين (لا توى) بمثناة مفتوحة، أي: لا هلاك ومَرَّ شرح الحديث في الجهاد في باب: فضل النفقة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي. (¬2) سبق برقم (2841) كتاب:: الجهاد، باب: فضل النفقة.

3217 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لَهَا: "يَا عَائِشَةُ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلامَ"، فَقَالتْ: وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا أَرَى، تُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [3768، 6201، 6249، 6253 - مسلم: 2447 - فتح 5/ 306] (حدثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله". (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (ترى ما لا أرى) فيه: أن الرؤية حالة يخلقها الله في الحي، ولا يلزم من حصول المرئي واجتماع سائر الشرائط الرؤية كما لا يلزم من عدمهما عدمُها. 3218 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، قَال: ح حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ: "أَلا تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا؟ "، قَال: فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] الآيَةَ. [4731، 7455 - فتح 6/ 305] (قال: حدثني) في نسخة: "قال: وحدثنا". (يحيى بن جعفر) لفظ: (ابن جعفر) ساقط من نسخة. (ألا تزورنا أكثر مما تزورنا) (ألا) بتخفيف اللام للعرض والتحضيض. 3219 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ". [4991 - مسلم: 819 - فتح 6/ 305] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (سليمان) أي: ابن بلال. (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي.

(على حرف) أي: لغة، ومَرَّ شرح الحديث في كتاب: الخصومات (¬1). 3220 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، وَفَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ القُرْآنَ" [انظر: 6 - مسلم: 2308 - فتح 6/ 305] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (وكان أجود ما يكون في رمضان) برفع (أجود) وبنصبه كما مَرَّ ذلك مع شرح الحديث أول الكتاب (¬2). 3221 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ أَخَّرَ العَصْرَ شَيْئًا، فَقَال لَهُ عُرْوَةُ: أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال عُمَرُ اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ قَال: سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ" يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ. [انظر 521 - مسلم: 610 - فتح 6/ 305] (حدثنا معمر) في نسخة: "أخبرنا معمر". (قتيبة) أي: ابن سعيد. (أن عمر بن عبد العزيز أخر العصر) إلى آخره، مَرَّ شرحه في كتاب: الصلاة أول المواقيت (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2419) كتاب: الخصومات، باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض. (¬2) سبق برقم (6) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي. (¬3) سبق برقم (521) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: مواقيت الصلاة وفضلها.

7 - باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء، آمين فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه

3222 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَال لِي جِبْرِيلُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، أَوْ لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ"، قَال: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَال: "وَإِنْ". [انظر: 1237 - مسلم: 94 - فتح 6/ 305] (ابن أبي عدي) هو محمد القسملي. (حبيب بن ثابت) لفظ: (ابن ثابت) ساقط من نسخة. (قال: النبي) في نسخة: "قال رسول الله". (قال: وإن) أي: وإن زنا وإن سرق، ومَرَّ شرح الحديث في الجنائز (¬1). 3223 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المَلائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الفَجْرِ، وَصَلاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ [عِبَادِي]؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ". [انظر: 555 - مسلم: 632 - فتح 6/ 306] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع، (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (الملائكة يتعاقبون) إلى آخره مَرَّ شرحه في كتاب: الصلاة في باب: فضل صلاة العصر (¬2). 7 - بَابُ إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ: آمِينَ وَالمَلاَئِكَةُ فِي السَّمَاءِ، آمِينَ فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (باب: إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء، فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه) (باب) ساقط من نسخة، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1237) كتاب: الجنائز، باب: في الجنائز. (¬2) سبق برقم (555) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر.

وهي أولى إذ لا تعلق للأحاديث التي فيه بالترجمة، مع أن سند هذا الحديث في الواقع هو السند السابق كما قاله الإسماعيلي، فلو قال البخاري، وبهذا السند (إذا قال أحدكم) إلى آخره لزال الإشكال (¬1). 3224 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ نَافِعًا، حَدَّثَهُ أَنَّ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: حَشَوْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسَادَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ، فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ البَابَيْنِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "مَا بَالُ هَذِهِ الوسَادَةِ؟ "، قَالتْ: وسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا، قَال: "أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ المَلائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَقُولُ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ". [انظر: 2105 - مسلم: 2107 (96) - فتح 6/ 311] (محمد) أي: ابن سلام. (مخلد) أي: ابن يزيد. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (تماثيل) جمع تمثال وهو وإن كان في الأصل للصورة المطلقة فالمراد منه هنا صورة الحيوان. (نمرقة) بضم النون والراء: وسادة صغيرة. (بين البابين) في نسخة: "بين الناس". (قالت) في نسخة: "قلت". (يقول) في نسخة: "فيقول" أي: الله تعالى؛ استهزاءً بهم وتعجيزًا لهم (أحيوا ما خلقتم) أي: صوَّرتم، ومَرَّ شرح الحديث في باب: التجارة (¬2). 3225 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ، وَلَا صُورَةُ ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 6/ 314. (¬2) سبق برقم (3105) كتاب: البيوع، باب: التجارة فيما يكره.

تَمَاثِيلَ". [3226، 3322، 4002، 5949، 5958 - مسلم: 2106 - فتح 6/ 312] (ابن مقاتل) هو محمد. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب) أي: ولو معلَّمًا. (ولا صورة تماثيل) من إضافة العام إلى الخاص. 3226 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الأَشَجِّ حَدَّثَهُ، أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الجُهَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ، وَمَعَ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ الخَوْلانِيُّ الَّذِي كَانَ فِي حِجْرِ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَهُمَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ" قَال بُسْرٌ: فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا نَحْنُ فِي بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاويرُ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الخَوْلانِيِّ: أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِي التَّصَاويرِ؟ فَقَال: إِنَّهُ قَال: إلا رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ أَلا سَمِعْتَهُ قُلْتُ لَا، قَال: بَلَى قَدْ ذَكَرَهُ. [انظر: 3225 - مسلم: 2106 - فتح 6/ 312] (أحمد) أي: ابن صالح المصري. (عمرو) أي: ابن الحارث المصري. (إلا رقم) أي: كتابة، ومفهومه جواز ما كان رقمًا في ثوب، والجمهور: على تحريم اتخاذ الصورة مطلقًا كما يدل له حديث القاسم عن عائشة السابق، وقد بسطتُ الكلام على ما يتعلق بذلك في شرح "المنهج" وغيره. 3227 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي عمرو (¬1) عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: وَعَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ فَقَال: "إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا ¬

_ (¬1) كذا في (ن، س) وخطأ ابن حجر رواية (عمرو) وقال: والصواب يمر بغير واو. أ. هـ الفتح 6/ 315.

فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ". [5960 - فتح 6/ 312] (عن عمرو) بفتح العين قيل: ابن الحارث، قال شيخنا كغيره: وهو خطأ؛ لأنه لم يدرك سالمًا، والصواب: ما في نسخة: أنه "عُمر" بضم العين، أي: ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (¬1). 3228 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا قَال الإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [انظر: 796 - مسلم: 409 - فتح 6/ 312] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (لك الحمد) في نسخة: (ولك الحمد) قيل: وفي الحديث دليل لمن قال: لا يزيد المأموم على: ربنا لك الحمد، بأن يقول قبله: سمع الله لمن حمده. وأجيب بأنا لا نسلم ذلك إذ ليس فيه نفي الزيادة، ولو سلمانا فهو معارض بما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بينهما، وأنه قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (¬2). مع أن محلهما مختلف إذ محل "سمع الله لمن حمده" الارتفاع، ومحل "ربنا ولك الحمد" الانتصاب، ومَرَّ شرح الحديث في صفة الصلاة، في باب: فضل اللهم ربنا ولك الحمد (¬3). 3229 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلاةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاةُ تَحْبِسُهُ، وَالمَلائِكَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ¬

_ (¬1) "الفتح" 6/ 315. (¬2) سبق برقم (631) كتاب: الأذان، باب: الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، والإقامة وكذلك بعرفة وجمع. (¬3) سبق برقم (796) كتاب: الأذان، باب: فضل اللهم ربنا ولك الحمد.

لَهُ وَارْحَمْهُ مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ صَلاتِهِ أَوْ يُحْدِثْ". [انظر: 176 - مسلم: 362، 649 - فتح 6/ 312] (ابن فليح) هو محمد بن سليمان. (قال: إن أحدكم في الصلاة) إلى آخره، مَرَّ شرحه في باب: الحدث في المسجد، وباب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة (¬1). 3230 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَى المِنْبَرِ {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] قَال: سُفْيَانُ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ {وَنَادَوْا يَا مَالِك}. [3266، 4819 - مسلم: 871 - فتح 6/ 312] (سفيان) أي: ابن عيينة. 3231 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ، قَال: "لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ العَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَال: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَال: يَا مُحَمَّدُ، فَقَال، ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا". [7389 - ¬

_ (¬1) سبق برقم (445) كتاب: الصلاة، باب: الحدث في المسجد، و (659) كتاب: الآذان، باب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد.

مسلم: 1795 - فتح 6/ 312] (يونس) أي ابن يزيد الأيلي. (وكان أشد ما لقيت منهم) بنصب (أشد) خبر كان، واسمها مقدر، أي: ما لقيت (إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل) أي: ليؤيني. (ابن عبد كلال) بضم الكاف: اسمه كنانة. (فلم أستفق) أي: مما أنا فيه من الغم. (إلا بقرن الثعالب) بالمثلثة جمع ثعلب: الحيوان المعروف ويسمى: قرن المنازل أيضًا وبينه وبين مكة يوم وليلة (¬1). (وقد بعث إليك) في نسخة: "وقد بعث الله إليك". (فيما شئت) في نسخة: "مما شئت"، وما استفهامية، (إن شئت) جوابه مقدر، أي: لفعلت. (أن أطبق) بضم الهمزة وسكون الطاء وكسر الموحدة، (عليهم الأخشبين) أي: بخاء وشين معجمتين هما جبلا مكة أبو قبيس وقعيقعان سميا بذلك؛ لصلابتهما وغلظ أحجارهما (بل أرجو) في نسخة: "أنا أرجو". 3232 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، قَال: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 9، 10] قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ "رَأَى جِبْرِيلَ، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ". [4856، 4857 - مسلم: 174 - فتح 6/ 313] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (أبو إسحاق) هو سليمان بن أبي سليمان فيروز. (له ستمائة جناح) بين كل جناحين ما بين المشرق والمغرب. ¬

_ (¬1) وقرن المنازل: جبل مطل بعرفات، وهو ميقات أهل اليمن والطائف، وهو قرن الثعالب ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة، انظر: "معجم البلدان" 4/ 332.

3233 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى} [النجم: 18]، قَال: "رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ". [4858 - فتح 6/ 313] (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن يزيد. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (رفرفا) أي: بساطا. (أخضر) في نسخة: "خضرا" بفتح أوله وكسر ثانية. (سد أفق السماء) أي: أطرافها. 3234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا القَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وَخَلْقُهُ سَادٌّ مَا بَيْنَ الأُفُقِ". [3235، 4612، 4855، 7380، 7531 - مسلم: 177 - فتح 6/ 313] (ابن عون) هو عبد الله. (القاسم) أي: ابن محمد بن أبي بكر الصديق. (فقد أعظم) أي: دخل في أمر عظيم، أو مفعوله محذوف، أي: أعظم الفرية. (وخلقه) بالجر عطف على صورته. (سار) حال، وفي نسخة: "وخلقه ساد" بالرفع فيهما مبتدأ وخبر. 3235 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ الأَشْوَعِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَأَيْنَ قَوْلُهُ {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 8، 9] قَالتْ: "ذَاكَ جِبْرِيلُ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ المَرَّةَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فَسَدَّ الأُفُقَ". [انظر: 3234 - مسلم: 177 - فتح 6/ 313] (عن ابن الأشوع) نسبة إلى جده وإلا فهو سعيد بن عمرو بن الأشوع. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع.

(فأين قوله) أي: فما وجه قوله. (قالت: ذاك جبريل) أي: ذلك الدنو إنما هو دنو جبريل. (كان يأتيه في صورة الرجل) أي: دحية، أو غيره. (وإنما أتاه في هذه المرة) في نسخة: "وإنما أتى في هذه المرة". (في صورته التي هي صورته) أي: الخلقية، ورآه مرة أخرى عند سدرة المنتهى على صورته الخلقية (¬1). 3236 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي قَالا الَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ وَهَذَا مِيكَائِيلُ". [انظر: 845 - مسلم: 2275 - فتح 6/ 313] (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (جرير) أي: ابن حازم الأزدي. (أبو رجاء) هو عمران بن ملحان العطاردي. (عن سمرة) أي: ابن جندب. (قالا) في نسخة: "فقالا" وفي أخرى: "فقال" أي: كل منهما. (الذي توقد النار) إلخ مَرَّ بسطه وشرحه في آخر الجنائز (¬2). 3237 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ" تَابَعَهُ [شُعْبَةُ] وَأَبُو حَمْزَةَ، وَابْنُ دَاوُدَ، وَأَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ. [5193، 5194 - مسلم: 1436 - فتح 6/ 314] (أبو عوانة) هو الوضاح اليشكري. (عن الأعمش) هو سليمان بن ¬

_ (¬1) دل على ذلك حديث رواه أحمد بن الجعد في "مسنده" (2713)، والطبراني 10/ 225، وفي "الأوسط" 5/ 215 (5125) وأبو الشيخ في: "العظمة" (356)، والبيهقي: "دلائل النبوة" 2/ 372 باب: الدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرج به إلى السماء. (¬2) سبق برقم (1386) كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المشركين.

مهران. (عن أبي حازم) هو سلمان الأشجعي. (فبات) خَصَّ البيات وهو هنا الليل بالذكر لأنه مظنة الوطء غالبا، وإلا فلا فرق بين الليل والنهار. (تابعه) أي: أبا عوانة. (شعبة) أي: ابن الحجاج محمد بن ميمون. (أبو حمزة) هو محمد بن ميمون اليشكري، (وابن داود) هو عبد الله الخريبي، (وأبو معاوية) هو محمد بن حازم. 3238 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الوَحْيُ فَتْرَةً، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ، قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجُئِثْتُ مِنْهُ، حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 2] إِلَى قَوْلِهِ {وَالرُّجْزَ} [المدثر: 5] فَاهْجُرْ"، قَال أَبُو سَلَمَةَ: وَالرِّجْزُ: الأَوْثَانُ. [انظر: 4 - مسلم: 161 - فتح 6/ 314] (عقيل) أي: ابن خالد ابن عقيل. (فَتَر عني الوحي) أي: احتبس عني (فترة) مدتها ثلاث سنين (¬1) (بحراء) بالصرف ومنعه. (قد جاءني) لفظ: (قد) ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) ذكر ابن حجر في: "الفتح" 1/ 27: أن مدته ثلاث سنين وقعت في "تاريخ أحمد بن حنبل" عن الشعبي، وقال: به جزم ابن إسحاق وحكي البيهقي أن مدة الرؤيا كانت ستة أشهر وعلى هذا فابتداء النبوة بالرؤيا وقع من شهر مولده وهو ربيع الأولى بعد إكماله أربعين سنة، وابتداء وحي اليقظة وقع في رمضان، وليس المراد بفترة الوحي المقدرة بثلاث سنين، وهي ما بين {اقْرَأْ} و {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} عدم مجيء جبريل إليه، بل تأخر نزول القرآن فقط. أهـ بتصرف.

(فجئثت) بجيم مضمومة فهمزة مكسورة فمثلثة ساكنة ففوقية، أي: رعبت، وفي نسخة: "فجثثت" بمثلثتين من غير همزٍ أي: سقطت. (والرجز فاهجر) لفظ: (والرجز) ساقط من نسخة. 3239 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، ح وقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ إِلَى الحُمْرَةِ وَالبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّال فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ: {فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} [السجدة: 23]. [3396 - مسلم: 165 - فتح 6/ 314] قَال أَنَسٌ، وَأَبُو بَكْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَحْرُسُ المَلائِكَةُ المَدِينَةَ مِنَ الدَّجَّالِ". (غندر) وهو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (خليفة) أي: ابن خياط. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن أبي العالية) هو رفيع الرياحي. (آدم) بالقصر، أي: أسمر. (جعدًا) أي: غير سبط الشعر. (شنوءة) بفتح المعجمة وضم النون وبواو وهمزة: قبيلة من اليمن (مربوعًا) أي: لا قصيرا ولا طويلا، وزاد في نسخة: "مربوع الخلق" أي: معتدل الخلقة. (سبط الرأس) بفتح المهملة وسكون الموحدة وكسرها وفتحها، وبكسر المهملة وسكرن الموحدة، أي: مسترسل شعره. (أراهن الله إياه) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - ففي كلامه التفات إذ كان القياس: إياي. (فلا تكن في مرية من لقائه) قال النووي: إنه استشهاد من بعض الرواة على أنه

8 - باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة

- صلى الله عليه وسلم - لقي موسى - عليه السلام - (¬1). قال الكرماني بعد نقله ذلك: والظاهر أنه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والضمير راجع إلى الرجال والخطاب لكل واحد من المسلمين (¬2). 8 - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ قَال أَبُو العَالِيَةِ: {مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25]: "مِنَ الحَيْضِ، وَالبَوْلِ، وَالبُزَاقِ"، {كُلَّمَا رُزِقُوا} [البقرة: 25]: "أُتُوا بِشَيْءٍ ثُمَّ أُتُوا بِآخَرَ"، {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} [البقرة: 25]: "أُتِينَا مِنْ قَبْلُ"، {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة: 25]: "يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَيَخْتَلِفُ فِي الطُّعُومِ" {قُطُوفُهَا} [الحاقة: 23]: "يَقْطِفُونَ كَيْفَ شَاءُوا" {دَانِيَةٌ} [الأنعام: 99]: "قَرِيبَةٌ" {الأَرَائِكُ} [الكهف: 31]: "السُّرُرُ" وَقَال الحَسَنُ: "النَّضْرَةُ فِي الوُجُوهِ وَالسُّرُورُ فِي القَلْبِ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {سَلْسَبِيلًا} [الإنسان: 18]: "حَدِيدَةُ الجِرْيَةِ"، {غَوْلٌ} [الصافات: 47]: "وَجَعُ البَطْنِ"، {يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47]: "لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {دِهَاقًا} [النبأ: 34]: "مُمْتَلِئًا"، {كَوَاعِبَ} [النبأ: 33]: "نَوَاهِدَ" الرَّحِيقُ: "الخَمْرُ" التَّسْنِيمُ: "يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الجَنَّةِ"، {خِتَامُهُ} [المطففين: 26]: "طِينُهُ" {مِسْكٌ} [المطففين: 26]، {نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن: 66]: "فَيَّاضَتَانِ"، يُقَالُ: {مَوْضُونَةٌ} [الواقعة: 15]: مَنْسُوجَةٌ، مِنْهُ وَضِينُ النَّاقَةِ، وَالكُوبُ: مَا لَا أُذْنَ لَهُ وَلَا عُرْوَةَ، وَالأَبَارِيقُ: ذَوَاتُ الآذَانِ وَالعُرَى. {عُرُبًا} [الواقعة: 37]: "مُثَقَّلَةً"، وَاحِدُهَا عَرُوبٌ، مِثْلُ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 228. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 6/ 182.

صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةِ العَرِبَةَ، وَأَهْلُ المَدِينَةِ الغَنِجَةَ، وَأَهْلُ العِرَاقِ الشَّكِلَةَ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {رَوْحٌ} [يوسف: 87]: جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ، وَالرَّيْحَانُ: الرِّزْقُ، وَالمَنْضُودُ: المَوْزُ، وَالمَخْضُودُ: المُوقَرُ حَمْلًا، وَيُقَالُ أَيْضًا: لَا شَوْكَ لَهُ، وَالعُرُبُ: المُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ، وَيُقَالُ {مَسْكُوبٌ} [الواقعة: 31]: جَارٍ، {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: 34]: بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، {لَغْوًا} [مريم: 62]: بَاطِلًا، {تَأْثِيمًا} [الواقعة: 25]: كَذِبًا، {أَفْنَانٌ} [الرحمن: 48]: أَغْصَانٌ، {وَجَنَى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن: 54]: مَا يُجْتَنَى قَرِيبٌ، {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64]: سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ". (باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة) الآن خلافًا للمعتزلة حيث قالوا: إنها والنار إنما يخلقان يوم القيامة. (أبو العالية) وهو رفيع الرياحى. ({مُطَهَّرَةٌ}) يعني في قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} أي: (من الحيض والبول والبزاق) أي: ونحوها كالمخاط والمني، وفي نسخة: "والبصاق" بصاد بدل الزاي. (أُتينا) من الإتيان أي: المجيء، وفي نسخة: "أوتينا" من الإيتاء أي: الإعطاء. (ويختلف في الطعوم) (¬1) في نسخة: "في الطعم". ({قُطُوفُهَا}) يعني في قوله ¬

_ (¬1) في هامش (ب): فإن قيل: فائدة المطعوم: هو التغذي، ودفع ضرر الجوع وفائدة المنكوح: التوالد وحفظ النوع، وهي منتفي عنهما في الجنة، قلت: مطاعم الجنة، ومساكنها وسائر أحوالها إنما يشارك كظاهرها الدنيوية في مجيء الصفات والاعتبارات، وتسمى باسمائها على سبيل الاستعارة، والتمثيل به، فتشاركها في تمام حقيقتها حتى تستلزم ما يلزمها.

تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} أي: (يقطفون كيف شاءوا) لا يخفى ما في تفسير (قطوفها) بذلك. ({دَانِيَةٌ}) أي: (قريبة).) ({الْأَرَائِكِ}) (أي: في قوله تعالى: {عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} معناه: (السرد) (وقال الحسن) أي: البصري في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا}. (النضرة في الوجه، والسرور في القلب) أي: كائنان فيهما. (وقال مجاهد: سلسبيلا) أي: في تفسير قوله تعالى: {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18} معناه: (جديدة الجرية) أي: قوتها. ({غَوْلٌ}) أي: في قوله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ} معناه: (وجع البطن) في نسخة: "وجع بطن" بالتنكير ({يُنْزَفُونَ}) أي: في قوله تعالى: {وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} معناه: (لا تذهب عقولهم) أي: عند شرب خمر الجنة، بل هي ثابتة مع اللذة والطرب. ({دِهَاقًا}) يعني في قوله تعالى: {وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)} أي: (ممتلئا). ({وَكَوَاعِبَ}) يعني في قوله تعالى: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)} أي: (نواهد) جمع ناهد وهي التي بدا ثديها. (الرحيق) أي: في قوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ} معناه: (الخمر). (التسنيم) أي: في قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27)} معناه شيء (يعلو شراب أهل الجنة) هذا مع أن كثيرًا من المفسرين جعلوا قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)} تفسيرًا للتسنيم (¬1) (ختامه). أي: في قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} معناه: (طينه) أي: طينه الذي يختم به، ({مِسْكٌ}) وهو ما قيل: إنه شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر شرابهم، وقيل: معناه: ما يبقى في آخر الشراب من ¬

_ (¬1) روى ذلك عبد الرزاق في "التفسير" 2/ 290، والطبري في "التفسير" 12/ 499 (36692)، وابن أبي حاتم في "التفسير" 10/ 3410 (19187).

الثفل (¬1) ({نَضَّاخَتَانِ}) معناه: (فياضاتان). (يقال: {مَوْضُونَةٍ} في قوله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)} أي: (منسوجة) بالذهب، أو بالجواهر واليواقيت (منه: وضين الناقة) وهو البطان. (والكُوبُ) وهو واحد الأكواب معناه: (ما لا أذن ولا عروة) من الكيزان (والأباريق) وهي (ذوات الآذان والعُرا) في نسخة: "ذات" بدل (ذوات) ({عُرُبًا}) أي: مثقلة باللحم (العربة) بفتح العين وكسر الراء: حسنة التبعل (الغنجة) بفتح المعجمة وكسر النون: حسنة الكلام. (الشكلة) بفتح المعجمة وكسر الكاف: حسنة الخلقة ({رَّوْحٍ}) أي: في قوله تعالى: {فَرَوْحٌ} معناه: (جنة رخاء) ({وَالرَّيْحَانُ}) أي: في قوله تعالى: {وَرَيْحَانٌ} معناه: (الرزق) ({المنضود}) أي: في قوله تعالى: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)} معناه: (الموز). و ({المخضود}) أي: في قوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)} معناه: (الموقر حملا) بفتح القاف والحاء (ويقال) فيه (أيضًا) هو (الذي لا شوك له) (والعرب) أي: في قوله تعالى: {عُرُبًا أَتْرَابًا (37)} معناه: (المحببات إلى أزواجهن) وهذا تفسير آخر للعرب غير الذي مَرَّ آنفا، (ويقال: {مَسْكُوبٍ}) أي: في قوله تعالى: {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31)} معناه: (جار) {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)} أي: (بعضها فوق بعض) وقيل: العالية وروى الترمذي أن ارتفاعها مسيرة خمسمائة عام (¬2). ({لَغْوًا}) ¬

_ (¬1) روى ذلك الطبري في "التفسير" 12/ 489. (¬2) "سنن الترمذي" (2540) كتاب: صفة الجنة، باب: ما جاء في صفة ثياب أهل الجنة. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. وضعفه الألباني في "ضعيف الترمذي".

يعني في قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا} أي: (باطلا). {تَأْثِيمًا} يعني في قوله تعالى: {وَلَا تَأْثِيمًا} أي: (كذبًا) (أفنان: أغصان) أي: في قوله تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48)} معناه: (أغصان). (وجنى الجنتين دان) معناه: (ما يجتنى قريب) أي: وهو قريب {مُدْهَامَّتَانِ (64)} معناه: (سودوان من الري) وشدة الخضرة؛ لأن الخضرة إذا اشتدت ضربت إلى السواد. 3240 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ، فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ". [انظر: 1379 - مسلم: 2866 - فتح 6/ 317] (فإن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة) أي: فيعرض عليه مقعد من مقاعد أهل الجنة. (وإن كان من أهل النار، فمن أهل النار) أي: فيعرض عليه مقعد من مقاعد أهل النار، وبالتقدير المذكور هنا وفيما قبله خرج الشرط والجزاء فيهما عن كونهما متحدين، ومَرَّ الحديث في الجنائز، في باب: الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي (¬1). 3241 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ". [5198، 6449، 6546 - مسلم: 2738 - فتح 6/ 318] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك). (أبو رجاء) هو عمران بن ملحان. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1379) كتاب: الجنائز، باب: الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي.

(اطلعت في الجنة) بتشديد الطاء، أي: أشرفت فيها ليلة الإسراء، أو في المنام، (فرأيت أكثرها الفقراء) إلى آخره فيه فضل الفقر، وأن استعاذته منه - صلى الله عليه وسلم - فإنما كان من شَرِّ فتنته لا منه (¬1)، وقيل: ليس في الجنة عزب ولكل رجل فيها زوجان (¬2) يكون وضعهن بالقلة في الجنة بالكثرة في النار، وأجيب: بأن الإكثار بكون النساء أكثر أهل النار، كان قبل الشفاعة فيهن أما بعدها وهو محل خبر: "لكل واحد منهم زوجتان" فيكنَّ أكثر أهل الجنة، ويجاب أيضًا: بأن المراد بكونهن أكثر أهل النار نساء الدنيا، وبكونهن أكثر أهل الجنة نساء الآخرة فلا تنافي. 3242 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ قَال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَبَكَى عُمَرُ وَقَال: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! [3680، 5227، 7023، 7025 - مسلم: 2395 - فتح 6/ 318] (عند رسول الله) في نسخة: "عند النبي". (تتوضأ) قال الكرماني: من الوضاءة: وهي الحسن والنظافة، ويحتمل: أن يكون من ¬

_ (¬1) دل على ذلك حديث رواه النسائي في "السنن الكبرى" 4/ 450 (7896) كتاب: الاستعاذة، باب: الاستعاذة، وابن حبان 3/ 297 (1019) كتاب: الرقائق، باب: الاستعاذة، والبيهقي 7/ 12 كتاب: قسم الصدقات، باب: ما يستدل به على أن الفقير أمس حاجة من المسكين. (¬2) دل على ذلك حديث رواه مسلم (2834) كتاب: الجنة ونعيمها، باب: أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر.

الوضوء (¬1). (إلى جانب قصر) أي: من ذهب، كما رواه الترمذي (¬2)، (أعليك أغار) فيه: قلب، والأصل أعليه أغار منك. 3243 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الجَوْنِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الخَيْمَةُ دُرَّةٌ، مُجَوَّفَةٌ طُولُهَا فِي السَّمَاءِ ثَلاثُونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاويَةٍ مِنْهَا لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ لَا يَرَاهُمُ الآخَرُونَ"، قَال: أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ، وَالحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ سِتُّونَ مِيلًا. [4879 - مسلم: 2838 - فتح 6/ 318] (همام) أي: ابن يحيى البصري. (سمعت أبا عمران) هو عبد الملك بن حبيب. (الخيمة) أشار بها إلى قوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)}: (درة مجوفة طولها) في نسخة: "در مجوف طوله". (أبو عبد الصمد) هو عبد العزيز بن عبد الصمد العمي. 3244 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَال اللَّهُ "أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]. [4779، 4780، 7498 - مسلم: 2824 - فتح 6/ 318] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير المكي. (سفيان) أي: ابن عيينة. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 6/ 184. (¬2) "سنن الترمذي" (3688) كتاب: المناقب، باب: في مناقب عمر. وقال أبو عيسى: حديث حسن صحيح. والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".

(ولا خطر علي قلب بشر) قيل (¬1): قيد بالبشر هنا بخلاف الذين قبله؛ لأنهم هم الذين ينتفعون بما أُعِدَّ لهم، ويهتمون بشأنه ويخطرونه ببالهم بخلاف غيرهم. 3245 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا». [3246، 3254، 3327 - مسلم: 2834 - فتح 6/ 318] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (صورتهم على صورة القمر ليلة البدر) أي: في الإضاءة والحسن، (ولا يتغوطون) أي: "ولا يبولون" كما في رواية (¬2). (آنيتهم الذهب) أي: والفضة كما في حديث يأتي. (أمشاطهم من الذهب والفضة) أي: يتمشطون بها للتلذذ، لا لاتساخ شعورهم. (ومجامرهم) أي: عودها أو بخورهم، واستشكل الأول بأن العود إنما يفوح ريحه بنار والجنة لا نار فيها، وأجيب: باحتمال أنه يفوح بغير نار، أو بنار لا تسلط لها على إحراق غير ما يتبخر به، بأن لم يخلق الله فيها ذلك. (الألوة) بضم الهمزة وفتحها وضم اللام وتشديد الواو، وحكي كسر الهمزة وسكون اللام وتخفيف الواو، أي: العود الهندي الذي يتبخر به. ¬

_ (¬1) في هامش الأصل: صاحب هذا القيل: الطيبي، وعورض بما في حديث ابن مسعود عند ابن أبي حاتم: ولا ينفع ملك مقرب ولا نبي مرسل. (¬2) ستأتي برقم (3327) كتاب: الأنبياء، باب: خلق آدم.

(ورشحهم المسك) أي: عرقهم كالمسك في طيب ريحه. (ولكل واحد منهم زوجتان) الأشهر في الزوجة حذف التاء، ووجه التثنية مع أنه قد يكون له أكثر، إما بالنظر إلا ما ورد من قوله تعالى: {جَنَّتَانِ} و {عَيْنَانِ} و {مُدْهَامَّتَانِ (64)} أو أريد به التكرير نحو: لبيك وسعديك. قيل: أو باعتبار صنفين: كبيرة وصغيرة، طويلة وقصيرة، على أن الإمام أحمد روى في خبر صفة أدنى أهل الجنة منزلة، وأن له من الحور العين اثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا (¬1). (لا اختلاف بينهم) أي: بين أهل الجنة. (ولا تباغض) أي: بينهم؛ لصفاء قلوبهم ونظافتها من الكدورات (قلب واحد) أي: كقلب واحد، وفي نسخة: "قلب رجل واحد". 3246 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا اخْتِلافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، لَا يَسْقَمُونَ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ، وَلَا يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ، ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 2/ 537. وإسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، قال موسى بن هارون: ضعيف. وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الجوزجاني: أحاديث لا تشبه حديث الناس، قيل لعلي بن المديني: ترضى حديث شهر؟ فقال: أنا أحدث عنه. وفيه أيضًا سكين بن عبد العزيز وفيه كلام، قال أبو حاتم: لا بأس به. وقال أبو عبيد الآجري سألت أبا داود عنه فضعفه. وقال النسائي: ليس بالقوي. انظر: "تهذيب الكمال" 11/ 211، 12/ 583.

وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمْ الأَلُوَّةُ - قَال أَبُو اليَمَانِ: يَعْنِي العُودَ -، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ " وَقَال مُجَاهِدٌ: الإِبْكَارُ: أَوَّلُ الفَجْرِ، وَالعَشِيُّ: مَيْلُ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ - أُرَاهُ - تَغْرُبَ. [انظر: 3245 - مسلم: 2834 - فتح 6/ 318] (بكرة وعشيا) أي: مقدارهما في الدنيا، والمراد: الدوام كما تقول العرب: أنا عند فلان صباحًا ومساء يقصدون بذلك الدوام لا الوقتين المعلومين. (وأمشاطهم الذهب) أي: والفضة كما في حديث مَرَّ آنفا. (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (على إثرهم) بكسر الهمزة وسكون المثلثة، وفي نسخة: بفتحهما، أي: بعدهم. (وقود مجامرهم) في نسخة: "ووقود مجامرهم" بواو العطف، (الإبكار) أي: المأخوذة من قوله بكرة، (أول الفجر)، والعشي: ميل الشمس إلى أن تراه تغرب) بنصب (تغرب) بأن و (تراه) بضم التاء، أي: تظنه جملة معترضة بين (أن) (تغرب)، وفي نسخة: "أراه" بدل (تراه) بضم الهمزة. أي: أظنه والضمير لآخر العشي. 3247 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَيَدْخُلَنَّ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا، أَوْ سَبْعُ مِائَةِ أَلْفٍ، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ". [6543، 6554 - مسلم: 219 - فتح 6/ 319] المفهوم من الكلام؛ إذ المعنى: أن آخرهم مظنون لا معلوم (لا يدخل أولهم) لا يقال فيه دور؛ لأن آخرهم أيضًا لا يدخل حتى يدخل أولهم، لأنا نقول: هو دور معي وإنما المحال الدور السبقي: فالقصد أنهم يدخلون معًا.

3248 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَال: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا". [انظر: 2615 - مسلم: 2469 - فتح 6/ 319] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (سندس) هو ما رق من الديباج: وهو ما ثخن وغلط من ثياب الحرير، كما مَرَّ مع شرح الحديث في كتاب: الهبة، في باب: قبول الهدية (¬1). 3249 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ فَجَعَلُوا يَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهِ وَلِينِهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا". [3802، 5836 , 6640 - مسلم: 2468 - فتح 6/ 319] (سفيان) أي: ابن عينية. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (أفضل) أي: أحسن. 3250 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". [انظر: 2794 - مسلم: 1881 - فتح 6/ 319] (سفيان) أي: ابن عيينة (موضع سوط في الجنة) خصَّ السوط بالذكر؛ لأن من شأن الراكب إذا أراد النزول قبل أن ينزل أن يلقي سوطه قبل أن ينزل معلمًا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2615) كتاب: الهبة، باب: قبول الهدية من المشركين.

بذلك المكان الذي يريده؛ لئلا يسبقه إليه أحد. 3251 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ المُؤْمِنِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا". [فتح 6/ 319] "سعيد" أي: ابن أبي عروبة. (شجرة) هي طوبى. (في ظلها) أي: ناحيتها، أو راحتها ونعيمها لا الظل المتعارف: وهو وقاية حر الشمس؛ لأن ذاك إنما يحصل من الشمس، ولا شمس في الجنة. 3252 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30]. [4881 - مسلم: 2826 - فتح 6/ 319] 3253 - وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ". [انظر: 2793 - مسلم: 1882 - فتح 6/ 320] (عن هلال) أي: ابن هلال العامري. 3254 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَحَاسُدَ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الحُورِ العِينِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ العَظْمِ وَاللَّحْمِ". [انظر: 3245 - مسلم: 2834 - فتح 6/ 320]

(دري) بكسر الدال وضمها مع تشديد الباء وهي ثلاث قراءات، أي: يضيء متلأليء كالزهرة في صفائه، وزهرته منسوب إلى الدر لما بينهما من الشبه إذ الدر من النجوم أرفعها، كما أنه من الجواهر أرفعها، وقيل: مأخوذ من الدرء؛ لأنه يدفع الظلام بضوئه وهذا يليق بالمهموز. (لكل امرئ زوجتان من الحور العين) بناه على أن العدد لا مفهوم له، وإلا فقد مَرَّ أن له أكثر من ذلك. 3255 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ: أَخْبَرَنِي قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ قَال: "إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الجَنَّةِ". [انظر: 1382 - فتح 6/ 320] (قال عدي بن ثابت أخبرني) أي: قال شعبة: أخبرني عدي بن ثابت. (أن له مرضعا) زاد في نسخة: "ترضعه" ولم يقل مرضعة؛ لأن المراد التي من شأنها الإرضاع إما في حالة الرضاع فيقال: ترضعه بالتاء، ومَرَّ شرح الحديث في الجنائز، في باب: ما جاء في أولاد المسلمين (¬1). 3256 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ فِي الأُفُقِ، مِنَ المَشْرِقِ أَو المَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ" قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قَال: "بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ". [6556 - مسلم: 2831 - فتح 6/ 320] (يتراءيون) بفتح التحتية الأولى وضم الثانية الواقعة بعد الهمزة، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1382) كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المسلمين.

9 - باب صفة أبواب الجنة

وفي نسخة (يتراءون) بحذف الثانية. (الغابر) بمعجمة وموحدة، أي: الماضي الذاهب الذي تدلى للغروب، أو الباقي في الأفق بعد انتشار ضوء الفجر، وإنما ينتشر في ذلك الوقت الكوكب الشديد الإضاءة (بلى) في نسخة: "بل" أي: بلى أو بل. (يبلغها رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين) فإن قلت: فلا يبقى في غير الغرف أحد؛ لأن أهل الجنة كلهم مؤمنون مصدقون بالرسل، قلت: ممنوع إذ المصدقون بجميع الرسل إنما هم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فيبقى أمة غيره من سائر الأنبياء في غير الغرف. 9 - بَابُ صِفَةِ أَبْوَابِ الجَنَّةِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجَنَّةِ" فِيهِ عُبَادَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: صفة أبواب الجنة) أي: بيان ذكر أبوابها فأراد بصفتها ذكرها، وقيل: أراد بها تسميتها كتسمية أحدها ريانا (دعي من باب الجنة) في رواية مرَّت في الصيام " دعي من أبواب الجنة" وفي أخرى مرَّت في الجهاد "ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد" (¬1)، (فيه) أي: في الباب. (عبادة) أي: ابن الصامت. (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) أشار به إلى خبر: "من شهد: أن لا إله إلا الله" إلى آخره؛ "أدخله الله من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء" (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1897) كتاب: الصيام، باب: الريان للصائمين، و (2841) كتاب: الجهاد، باب: فضل النفقة في سبيل الله. (¬2) سيأتي برقم (3435) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قوله {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} ورواه مسلم (28) كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة.

10 - باب صفة النار، وأنها مخلوقة

3257 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لَا يَدْخُلُهُ إلا الصَّائِمُونَ". [انظر: 1896 - مسلم: 1152 - فتح 6/ 328] (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. (الريان) ضد العطشان، وأصله: الرويان. اجتمعت الواو والياء. وسبُقت إحداهما بالسكون فأبدلت الواو ياءً ثم أدغمت في الياء. (لا يدخله إلا الصائمون) أي: مجازاة لهم؛ لما كان يصيبهم من العطش من صيامهم. 10 - بَابُ صِفَةِ النَّارِ، وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ {غَسَّاقًا} [النبأ: 25] يُقَالُ: غَسَقَتْ عَيْنُهُ وَيَغْسِقُ الجُرْحُ، وَكَأَنَّ الغَسَاقَ وَالغَسْقَ (¬1) وَاحِدٌ، {غِسْلِينُ} [الحاقة: 36] كُلُّ شَيْءٍ غَسَلْتَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ غِسْلِينُ، فِعْلِينُ مِنَ الغَسْلِ مِنَ الجُرْحِ وَالدَّبَرِ " وَقَال عِكْرِمَةُ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98]: "حَطَبُ بِالحَبَشِيَّةِ" وَقَال غَيْرهُ: {حَاصِبًا} [الإسراء: 68]: الرِّيحُ العَاصِفُ، وَالحَاصِبُ مَا تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ، وَمِنْهُ {حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98]: يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ هُمْ حَصَبُهَا، وَيُقَالُ: حَصَبَ فِي الأَرْضِ ذَهَبَ، وَالحَصَبُ مُشْتَقٌّ مِنْ حَصْبَاءِ الحِجَارَةِ، {صَدِيدٌ} [إبراهيم: 16]: قَيْحٌ وَدَمٌ، {خَبَتْ} [الإسراء: 97]: طَفِئَتْ، {تُورُونَ} [الواقعة: 71]: تَسْتَخْرِجُونَ، أَوْرَيْتُ أَوْقَدْتُ. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي (س): الغَسْقَ بسكون السين.

{لِلْمُقْوينَ} [الواقعة: 73]: لِلْمُسَافِرِينَ، وَالقِيُّ القَفْرُ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {صِرَاطُ الجَحِيمِ} [الصافات: 23]: "سَوَاءُ الجَحِيمِ وَوَسَطُ الجَحِيمِ"، {لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} [الصافات: 67]: "يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ وَيُسَاطُ بِالحَمِيمِ"، {زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 106]: "صَوْتٌ شَدِيدٌ، وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ"، {ورْدًا} [مريم: 86]: "عِطَاشًا"، {غَيًّا} [مريم: 59]: "خُسْرَانًا" وَقَال مُجَاهِدٌ {يُسْجَرُونَ} [غافر: 72]: "تُوقَدُ بِهِمُ (¬1) النَّارُ"، {وَنُحَاسٌ} [الرحمن: 35]: "الصُّفْرُ، يُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ". يُقَالُ {ذُوقُوا} [آل عمران: 181]: "بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَوْقِ الفَمِ"، {مَارِجٌ} [الرحمن: 15]: "خَالِصٌ مِنَ النَّارِ، مَرَجَ الأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ إِذَا خَلَّاهُمْ يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ"، {مَرِيجٍ} [ق: 5]: "مُلْتَبِسٍ، مَرِجَ أَمْرُ النَّاسِ اخْتَلَطَ"، {مَرَجَ البَحْرَيْنِ} [الفرقان: 53]: "مَرَجْتَ دَابَّتَكَ تَرَكْتَهَا". (باب: صفة النار) أي: نار جهنم. (وأنها مخلوقة) الآن خلافًا للمعتزلة مَرَّ بيانه. ({وَغَسَّاقًا}) أي: في قوله تعالى: {إلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25)} أي: ماءً باردًا، أو ظلامًا، أو ماءً صديدًا كما أشار إلى ذلك بقوله: "يقال: غسقت عينه، ويغسق الجرح" (¬2) إذ فسر غسقت عينه بما إذا سال منها ماء بارد وبأنها أظلمت، ويغسق الجرح بماء إذا سال منه ماء صديد. (وكأن الغساق والغسق) في نسخة: "والغسيق". (واحد) فيه ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي (س) بضم الميم. (¬2) غَسَقَت عينه تَغْسِقُ غَسْقًا وغَسَقَاقًا: دَمَعَتْ، وقيل: انصبَّت، وقيل: أظلمت. وغَسَقَ الجُرْحُ غَسْقا وغسقانا: سال منه ماء أصفر. "اللسان" (غسق) 6/ 3255.

إشارة إلى أنه قال ذلك ظنا لا جزما، وهو ظاهرة إذ يحتمل أن يكون الغساق شاملا للمعاني الثلاثة، والغسق خاصا بالظلمة. ({غِسْلِينٍ}) أي: في قوله تعالى: {وَلَا طَعَامٌ إلا مِنْ غِسْلِينٍ (36)} معناه: غسالة كما أشار إليه بقوله: (كل شيء غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين) وروي عن ابن عباس أنه قال: الغسلين صديد أهل النار (¬1)، ثم بيَّن البخاري وزن غسلين بقوله: (فعلين) وماخذه بقوله: (من الغسل من الجرح (والدبر) بفتح الموحدة: وهو ما يصيب الدواب من الجراحات و (من) الثانية متعلقة بالغسل؛ ولا ينافي هذه الآية قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إلا مِنْ ضَرِيعٍ (6)} أي: نوع من الشوك لا ترعاه دابة لخبثه؛ لأن الضريع يقال: للغسلين أيضًا، أو هما طائفتان طائفة يجازون بالطعام من غسلين، وطائفة بالطعام من ضريع بحسب استحقاقهما لذلك. ({حَصَبُ جَهَنَّمَ}) معناه: (حطب بالحبشية) قيل: إن أراد أنها حبشية الأصل سمعتها العرب فتكلمت بها صارت عربية وإلا فليس في القرآن غير المحربية، وقيل: الحصب ماء هُيئ للوقود من الحطب فإن لم يهيأ له فليس يحصب (¬2). (حاصبا) أي: في قوله: {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} معناه: (الريح العاصف، والحاصب) أيضًا: (ما ترمي به الريح ومنه) أي: من معناه الثاني: (حصب جهنم)؛ لأنه (يرمى به في جهنم) ثم بين أن أهل الجنة حصبها بقوله: (هم حصبها) وهو مشتق من حصباء الحجارة وهي الحصئ. ({صديدٍ}) أي: في قوله تعالى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} معناه: قيح ودم. ({خَبتْ}) أي: في قوله تعالى: {كلمَا خَبَت} معناه: (طفأت) بفتح الطاء وكسر الفاء، ({تُورُونَ}) أي: في قوله ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "التفسير" 12/ 221 (34825). (¬2) دلَّ على ذلك ما رواه الطبري في "التفسير" 9/ 92 (24838).

تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71)} معناه: (تستخرجونها) من الشجر الأخضر. (أوريت) معناه: (أوقدت) وأصل تورون: توريون نقلت ضمة الياء إلى الراء وحذفت الياءة لالتقاء الساكنين. ({للمقوين})، أي: في قوله تعالى: {وَمَتَاعًا لِلْمُقْوينَ} معناه: (للمسافرين) وقيل: للذين لهم مال، والأول مأخوذ من أقوى الرجل إذا نزل المنزل (القواء) أي: الذي لا أحد فيه (القِيَّ) بكسر القاف وتشديد التحتية معناه: (القفر) بفتح القاف وسكون الفاء: وهو مفازة لا نبات فيها ولا ماء. {صِرَاطِ الْجَحِيمِ} أي: في قوله: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} معناه: (سواء الجحيم ووسط الجحيم) فهو مشترك بينهما. (لشوبا من حميم) أي: في قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67)} معناه: الخلط كما أشار إليه بقوله: (يخلط طعامهم ويساط بالحميم) ببناء الفعلين للمفعول، ومعنى يساط: يخلط وسوغ عطفه على (يخلط) اختلافهما لفظًا، ({زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ}) أي: في قوله تعالى: {فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} معناهما: (صوت شديد، وصوت ضعيف) في ذلك لف ونشر مرتب، والزفير في الحلق، والشهيق في الصدر وهما كصوت الحمار أوله زفير وآخره شهيق ({وردًا}) يعني في قوله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ ورْدًا (86)}. أي: (عطاشا)، وقيل: مقطعة أعناقهم. ({غيا}) يعني في قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}. أي: (خسرانا) وقيل: واديا في جهنم، والمعنى عليه: فسوف يلقون حر الغي. {يُسْجَرُونَ} أي: في قوله تعالى: {ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} معناه: (توقد بهم النار) وفي نسخة: "لهم" بلام بدل (الباء). ({نُحَاسٌ}) أي: في قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} معناه: (الصفر) وهو النحاس المذاب. (يصب على رءوسهم) زيادة في العذاب، ({ذُوقُوا}) أي: في قوله تعالى: {وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} معناه: (باشروا وجربوا

وليس هذا من ذوق الفم) غرضه: أن الذوق هنا بمعنا: المباشرة والتجربة لا بمعنى ذوق الفم وهذا من المجاز أن يستعمل الذوق وهو مما يتعلق بالأجسام في المعاني كما في قوله تعالى: {ذَاقُوا وَبَال أَمْرِهِمْ}. ({مارج}) أي: في قوله تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)}. معناه: (خالص من النار) ثم ذكر ما يناسب مارجًا لفظًا فقال: (مرج الأمير) إلى أخره {مَرِيجٍ} أي: في قوله تعالى: {فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}. معناه (ملتبس) ومنه قولهم: (مرج) بكسر الراء (أمر الناس) أي: اختلط والتبس، وأما مرج بالفتح فمعناه: ترك وخلى، ومنه قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} إلى أخره؛ أي: خلاهما لا يلتبس أحدهما بالآخر. 3258 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي الحَسَنِ، قَال: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَال: "أَبْرِدْ" ثُمَّ قَال: "أَبْرِدْ" حَتَّى فَاءَ الفَيْءُ، يَعْنِي لِلتُّلُولِ ثُمَّ قَال: "أَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ". [انظر: 535 - مسلم: 616 - فتح 6/ 329] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (حتى فاء الفيء يعني للتلول) أي: يعني: حتى وقع الظل تحت التلول، ومَرَّ شرح الحديث في الصلاة، في باب: الإبراد بالظهر من شدة الحر (¬1). 3259 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "أَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ". [انظر: 538 - فتح 6/ 330] 3260 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو ¬

_ (¬1) سبق برقم (537) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر.

سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ". [انظر: 537 - مسلم: 617 - فتح 6/ 330] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الأعمش) هو سليمان مهران. (أبردوا بالصلاة) مَرَّ شرحه في الباب المذكور آنفا. 3261 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ هُوَ العَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، قَال: كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ فَأَخَذَتْنِي الحُمَّى، فَقَال أَبْرِدْهَا عَنْكَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال "الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ أَوْ قَال بِمَاءِ زَمْزَمَ - شَكَّ هَمَّامٌ -". [فتح 6/ 330] (أبو عامر) هو عبد الملك العقدي. (همام) أي: ابن يحيى البصري. (عن أبي جمرة) بجيم وراء: هو نصر بن عمران (من فيح جهنم) أي: من سطوع حرها. 3262 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، قَال أَخْبَرَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الحُمَّى مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُمْ بِالْمَاءِ". [5726 - مسلم: 2212 - فتح 6/ 330] 3263 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ". [5725 - مسلم: 2210 - فتح 6/ 330] (عبد الرحمن) أي: ابن مهدي. (سفيان) أي: الثوري. (عن أبيه) هو سعيد بن مسروق. (من فور جهنم) أي: من شدة حرها. 3264 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ". [5723 - مسلم: 2209 فتح 6/ 330]

(يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عبيد الله) أي: ابن عمرو. 3265 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَال حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ"، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً قَال: "فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا". [مسلم: 2843 - فتح 6/ 330] (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان، (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (جزء من سبعين جزءًا) في رواية للإمام أحمد "من مائة جزء" (¬1) ويجمع بينهما بأن الإخبار بالقليل لا ينافي الإخبار بالكثير بناء على القول بأن العدد لا مفهوم له، فيحمل أنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأحدهما في وقت، وبالآخر في آخر. 3266 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ عَطَاءً، يُخْبِرُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَى المِنْبَرِ "وَنَادَوْا يَا مَالِكُ". [الزخرف: 77] (سفيان) أي: ابن عيينة. ({وَنَادَوْا يَامَالِكُ}) مَرَّ في باب: ذكر الملائكة (¬2). 3267 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال قِيلَ لِأُسَامَةَ لَوْ أَتَيْتَ فُلانًا فَكَلَّمْتَهُ، قَال: إِنَّكُمْ لَتُرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إلا أُسْمِعُكُمْ، إِنِّي أُكَلِّمُهُ فِي السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ، وَلَا أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ كَانَ عَلَيَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ، بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ: قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 2/ 378. (¬2) سبق برقم (3230) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: أمين.

النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلانُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ المُنْكَرِ؟ قَال: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ " رَوَاهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ. [7098 - مسلم: 2989 فتح 6/ 331] (علي) أي: ابن عبد المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (قيل لأسامة) أي: ابن زيد هو ابن حارثة. (لو أتيت) جواب (لو) محذوف، أو هي للتمني (¬1) فلا تحتاج إلى جواب. (فلانًا) هو عثمان بن عفان. (فكلمته) أي: فيما يقع من الفتنة بين الناس والسعي في إطفاء ثائرتها. (إنكم لترون) بضم الفوقية، أي: إنكم لتظنون. (إلا أسمعكم) أي: ألا (بحضرتكم) وأنتم تسمعون، وفي نسخة: "ألا بسمعكم" بصيغة المصدر. (أن أكلمه في السر دون أن أفتح بابًا) أي: من أبواب الفتن، وحاصله: أكلمه طلبًا للمصلحة، لا تهييجا للفتنة؛ لأن المجاهدة على الأمر بالإنكار فيها شناعة عليهم تؤدي إلى افتراق الكلمة. (أن كان) بفتح الهمزة أي: لأن كان. (فتندلق) بمثناة ونون ومهملة، أي: فتخرج بسرعة. (أقتابه) أي: أمعاؤه بأن تنصب في جوفه وتخرج من دبره. (أي فلان) أي: يا فلان. (ألست) الهمزة فيه للاستفهام الاستخباري. (رواه) أي: الحديث. (غندر) هو محمد بن جعفر ومراده ورواه أيضًا غندرٌ. وفي الحديث: الأدب مع الأمراء، واللطف بهم، وتبليغهم قول الناس فيهم؛ ليكفوا عنه. ¬

_ (¬1) لو التي للتمني سبق الحديث عنها.

11 - باب صفة إبليس وجنوده

11 - بَابُ صِفَةِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {يُقْذَفُونَ} [سبأ: 53] يُرْمَوْنَ، {دُحُورًا} [الصافات: 9] مَطْرُودِينَ {وَاصِبٌ} [الصافات: 9] دَائِمٌ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: مَدْحُورًا مَطْرُودًا يُقَالُ {مَرِيدًا} [النساء: 117] مُتَمَرِّدًا، بَتَّكَهُ قَطَّعَهُ {وَاسْتَفْزِزْ} [الإسراء: 64] اسْتَخِفَّ {بِخَيْلِكَ} [الإسراء: 64] الفُرْسَانُ، وَالرَّجْلُ الرَّجَّالةُ، وَاحِدُهَا رَاجِلٌ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ. {لَأَحْتَنِكَنَّ} [الإسراء: 62] لَأَسْتَأْصِلَنَّ. {قَرِينٌ} [الصافات: 51] شَيْطَانٌ. (باب: صفة) أي: بيان صفة (إبليس وجنوده) وإبليس اسم أعجمي عند الأكثر، ولهذا منع من الصرف؛ للعلمية والعجمة، وقيل: اسم عربي مشتق من أبلس إذا يئس، أي: اشتدت حاجته، وكان اسمه عزازيل، وقيل: الحارث، وقيل: الحكم، وكنيته: أبو مرة، وقيل: أبو العمر، وقيل: أبو كردوس، وحده: شخص روحاني خلق من نار السموم، وهو أبو الشياطين. ({ويقْذَفُونَ}) أي: في قوله تعالى {وَيُقْذفُونَ}. معناه. (يرمون) ({دُحُورًا}) يعني في قوله تعالى: {مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا} [الصافات: 8، 9] أي: (مطرودين) جعل المصدر بمعنى: المفعول جمعًا ({واصب}) أي: في قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ} [الصافات: 9]. معناه: (دائم). ({مدحُورًا}) يعني في قوله تعالى: {فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا}. أي: مطرودًا. والمدحور: مأخوذ من الدحر وهو الدفع والإبعاد، ({مريدًا}) يعني في قوله تعالى: {شَيْطَانًا مَرِيدًا} أي: (متمردًا) (بَتكَهُ) أي: في ماضي قوله تعالى: {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} [النساء: 119]. معناه: (قطعه). ({وَاستَفْزِز}) أي: في قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ

بِصَوْتِكَ} معناه: (استخف). ({بِخَيْلِكَ}) أي: في قوله تعالى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ} معناه: (الفرسان) (والرَجل) أي: في قوله تعالى: {وَرَجِلِكَ} معناه: (الرجالة واحدها) أي: واحد الرجل المفسر بالرجالة، (راجل). ({لَأَحتنِكن}) أي: في قوله تعالى: {لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} [الإسراء: 62] معناه: (لأستأصلن) ({قرين}) أي: في قوله تعالى {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36]، معناه: (شيطان). 3268 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال اللَّيْثُ: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَوَعَاهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشةَ قَالتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا، ثُمَّ قَال: "أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي، أَتَانِي رَجُلانِ: فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَال أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَال: مَطْبُوبٌ، قَال: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَال لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَال: فِيمَا ذَا، قَال: فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قَال فَأَيْنَ هُوَ؟ قَال: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ " فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَال لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: "نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ" فَقُلْتُ اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقَال: "لَا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا" ثُمَّ دُفِنَتِ البِئْرُ. [انظر: 3175 - مسلم: فتح 6/ 334] (عيسى) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (عن هشام) أي: ابن عروة. (ووعاه) أي: حفظه. (حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله) أي: في أمر الناس لا في أمر النبوة؛ لعصمة الله له فيه من الخطأ. (حتى كان ذات يوم دعا ودعا) أي: دعا غيره لأمر، ثم خيل له أنه ما دعاه فدعاه ثانيًا. (مطبوب) أي: مسحور. (ومن طبه) أي: سحره. (في مشط) بضم الميم وسكون الشين وبضمها، وبكسر الميم وسكون الشين: ما يسرح به الشعر. (ومشاقة) بضم الميم وتخفيف الشين: ما يخرج من الكتان حين

يمشق، أي: يجذب ليمتد ويطول، وفي نسخة: "ومشاطة" بطاء بدل القاف أي: ما يخرج من الشعر بالمشط (وجف طلعة ذكر) في نسخة: "في جف طلعة ذكر" والجف بالضم وعاء طلع النخل وهو الغشاء الذي يكون عليه (في بئر ذروان) بفتح المعجمة وسكون الواو في نسخة: "في بئر ذي أروان" وهي بئر بالمدينة في بستان لبني زريق (¬1). ({كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}) قال الخطابي فيه قولان: أحدهما أنها مستدقه كرؤوس الحيات والحية يقال لها: الشيطان، والثاني: فاحشة النظر، سمجة الأشكال فهو مثل في استقباح سورة النخيل وسوء منظرها (¬2). (وخشيت أن يثير ذلك على الناس شرًّا) أي: في إظهاره؛ لئلا يقع بين المسلمين وقوم الساحر فتنة. (ثم دفنت البئر) أي: ليستتر آثار الحرام، ومرَّ الحديث في أواخر الجهاد (¬3). 3269 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ". [انظر: 1142 - مسلم: 776 - فتح 6/ 335] (أخي) اسمه: عبد الحميد. (يعقد الشيطان) إلى آخره، مرَّ شرحه في التهجد (¬4). في باب: ¬

_ (¬1) انظر "معجم البلدان" 1/ 299. (¬2) "أعلام الحديث" 2/ 1500. (¬3) سبق (3175) كتاب: الجزية والموادعة، باب: هل يعفى عن الذمي إذا سحر. (¬4) سبق برقم (1142) كتاب: التهجد، باب: عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل.

عقد الشيطان على قافيه الرأس. 3270 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، قَال: "ذَاكَ رَجُلٌ بَال الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ، أَوْ قَال: فِي أُذُنِهِ". [انظر: 1144 - مسلم: 774 فتح 6/ 335] (حدثنا جرير) أي: ابن أبي حازم. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عبد الله) أي: ابن مسعود. (ذكر عند النبي) إلى آخره مرَّ شرحه في التهجد (¬1) في باب: إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه. 3271 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ، وَقَال: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَرُزِقَا وَلَدًا لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ". [انظر: 141 - مسلم: 1434 - فتح 6/ 335] (همام) أي: ابن يحيى بن دينار. (أما إن أحدكم إذا أتى أهله) إلي آخره، من شرحه في الطهارة، في باب: التسمية على كل حال وعند الوقاع (¬2). 3272 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَغِيبَ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1144) كتاب: التهجد، باب: إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه. (¬2) سبق برقم (1142) كتاب: الوضوء، باب: التسمية على كل حال وعند الوقاع.

[انظر: 583 - مسلم: 829 - فتح 6/ 335] (محمد) أي: ابن سلام. (عبدة) بسكون الموحدة، أي: ابن سليمان. (إذا طلع حاجب الشمس) إلى آخره، مرَّ شرحه في المواقيت، في باب: الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس (¬1). وقرنا الشيطان جانبا رأسه. 3273 - وَلَا تَحَيَّنُوا بِصَلاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، أَو الشَّيْطَانِ" لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ، قَال هِشَامٌ. [انظر: 582 - مسلم: 828 - فتح 6/ 335] (لا أدري أي ذلك قال هشام). قائله عبدة. 3274 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة (¬2)، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ شَيْءٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَليُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ". [فتح 6/ 335] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن يونس) أي: ابن عبيد العبدي. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. (إذا بين يدي أحدكم شيء) إلى آخره مرَّ شرحه في الصلاة في باب: يرد المصلي مرَّ بين يديه (¬3). 3275 - وَقَال عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (583) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس. (¬2) هكذا في "السلطانية" في رواية أبي ذر (سعيد) كما في "هامش السلطانية"، و"الفتح" وتقدم حديثه برقم (509) من رواية أبي سعيد، وفي مسلم (505). (¬3) سبق برقم (509) كتاب: الصلاة، باب: يرد المصلي من مر بين يديه.

هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الحَدِيثَ -، فَقَال: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَال [عَلَيْكَ] مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ". [انظر: 2311 فتح 6/ 335] (عوف) هو الأعرابي. (قال: وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت) إلى آخره، مرَّ شرحه في الوكالة (¬1). 3276 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ". [مسلم: 134 فتح 6/ 336] (فليستعذ بالله) أي: من الأعراض والشبهات الداهية الشيطانية. (ولينته) أي: عن الاسترسال سأل معه في ذلك بإثبات البراهين القاطعة؛ على أن لا خالق له تعالى بإبطال التسلسل ونحوه. 3277 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ، مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ". [انظر: 189 - مسلم 1079 - فتح 6/ 336] (ابن أبي أنس) هو نافع بن مالك. (إذا دخل رمضان) إلى آخره، من شرحه في الصوم في باب: هل ¬

_ (¬1) سبق برقم (2311) كتاب: الوكالة، باب: إذا وكل رجلًا فترك الوكيل شيئًا فأجازه الموكل فهو جائز.

يقال رمضان، أو شهر رمضان (¬1)؟ 3278 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَال: حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "إِنَّ مُوسَى قَال لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، (قَال أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ المَكَانَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ". [انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح 6/ 336] (الحميدي) هو عبد الله ابن الزبير بن عيسى. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (إن موسى قال لفتاه) إلا آخره، من شرحه في كتاب العلم (¬2). 3279 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى المَشْرِقِ فَقَال: "هَا إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا، إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ". [انظر: - مسلم: 2905 - فتح 6/ 336] (ها) حرف تنبيه. (إن الفتنة هاهنا) الغرض من منشأ الفتن من جهة المشرق، وقد كان كما أخبر - صلى الله عليه وسلم -. (وحيث يطلع قرن الشيطان) نسب الطلوع إلى قرن الشيطان؛ مع أنه للشمس لكونه مقارنًا لطلوعها. 3280 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا اسْتَجْنَحَ [اللَّيْلُ] أَوْ قَال: جُنْحُ اللَّيْلِ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1898) كتاب: الصوم، باب: هل يقال: رمضان أو شهر رمضان؟ (¬2) سبق برقم (74) كتاب: العلم، باب: ما ذكر في ذهاب موسى عليه السلام في البحر إلى الخضر.

فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ العِشَاءِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ شَيْئًا". [3304، 3316، 5623، 5624، 6215، 6296 - مسلم: 2012 - فتح 6/ 336] (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (إذا استجنح الليل) أي: أظلم يقال: جنح الليل يجنح جنوحًا، وجنحًا إذا أظلم، أو أقبل ظلامه. (أو جنح الليل) في نسخة: "أو قال: كان جنح الليل". وفي أخرى: "أو أول الليل" بدل (أو كان جنح الليل) و (كان) تامة بمعنى: وجد، أو حصل. (فكفوا صبيانكم) أي: ضموهم وامنعوهم من الانتشارة لخوف إيذاء الشياطين لهم؛ لكثرتهم وانتشارهم حينئذ. (فخلوهم) بمعجمة مفتوحة، وفي نسخة: بمهملة مضمومة. (وأغلق) من الإغلاق لا من الغلق، ولهذا يقال: باب مغلق ولا يقال: باب مغلوق، وعبَّر فيه وفيما يأتي بالإفراد، وفي (فكفوا) بالجمع حملًا على المعنى إذ معنى (أغلق) مثلًا، أي: كل منكم كما إن معنى كفوا أي: كل منكم فلا مخالفة. (وأطفئ مصباحك) أمر من الإطفاء، وإنما أمر بذلك لخبر البخاري: "إن الفويسقة جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت" (¬1). (وأوك سقاءك) بالمد، أي: شد فمه بخيط، أو نحوه. (وخمر إناءك) أي: غطه صيانة من الشيطان والنجاسات والحشرات وغيرها. (ولو تعرض عليه شيئًا) بضم الراء وكسرها، أي: إن لم تغطه فلا أقل من أن تضع عليه شيئًا كعود وتمده عليه بالعرض، والأمر في المذكورات للإرشاد إلى المصلحة الدنيوية كقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3316) كتاب: بدء الخلق، باب: خمس من الدواب فواسق.

3281 - حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ، فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ" فَقَالا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَال: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا، أَوْ قَال: شَيْئًا". [انظر 2035 - مسلم: 2175 - فتح 6/ 336] (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - معتكفًا) إلى آخره، من شرحه في كتاب الاعتكاف في باب: هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد (¬1). 3282 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، قَال: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلانِ يَسْتَبَّانِ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَال: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ " فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَقَال: وَهَلْ بِي جُنُونٌ؟! [6048، 6115 - مسلم: 2610 - فتح 6/ 337] (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون السكري. (كنت جالسًا مع النبي) إلى آخره، مرَّ شرحه في الغسل. 3283 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَال: جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِي، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ، وَلَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ " قَال: وَحَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، ¬

_ (¬1) سبق رقم (2035) كتاب: الاعتكاف، باب: هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. [انظر: 141 - مسلم: 1434 - فتح 6/ 337] (لو أن أحدكم إذا أتى أهله) إلي آخره، مرَّ آنفًا ومرَّ شرحه في الباب المذكور. 3284 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى صَلاةً، فَقَال "إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي، فَشَدَّ عَلَيَّ يَقْطَعُ الصَّلاةَ عَلَيَّ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَذَكَرَهُ". [انظر: 461 - مسلم: 541 - فتح 6/ 337] (محمود) أي: ابن غيلان. (شبابة) بفتح المعجمة وتخفيف الموحدة أي: ابن سوار الفزاري. (إن الشيطان عرض لي) إلخ مرَّ شرحه في كتاب: الصلاة، في باب: الأسير أو الغريم يريط في المسجد (¬1). 3285 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ، فَإِذَا قُضِيَ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الإِنْسَانِ وَقَلْبِهِ، فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى لَا يَدْرِيَ أَثَلاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ ثَلاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا، سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْو". [انظر: 608 - مسلم: 389 - فتح 6/ 337] (الأوزاعي) هو محمد بن عمرو. (إذا نودي بالصلاة) إلى آخره، من شرحه في كتاب: الصلاة، في باب: تفكر الرجل الشيء في الصلاة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (461) كتاب: الصلاة، باب: الأسير أو الغريم يربط في المسجد. (¬2) سبق برقم (1222) ككتاب: العمل في الصلاة، باب: تفكر الرجل الشيء في الصلاة.

3286 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ، غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الحِجَابِ". [3431، 4548 - مسلم: 2366 - فتح 6/ 337] (يطعن في جنبيه) بضم العين يقال: طعن بالرمح ونحوه يطعن بضم العين، وطعن في العرض والنسب يطعن بفتحها، وقيل: باللغتين فيهما، وفي نسخة: "في جنبه" بالإفراد. (بإصبعيه) في نسخة: "بإصبعه" بالإفراد. (فطعن في الحجاب) هي الجلدة التي فيها الجنين، وتسمى المشيمة، وقيل: الثوب الذي يلف فيه المولود، وأشار القاضي عياض إلى أن جميع الأنبياء عليهم السلام يشاركون عيسى - عليه السلام - في ذلك، ومن قال: بأن ذاك خاص بعيسى قال: لا يلزم من طعنه لبقية الأنبياء إضلالهم؛ لكونه طعنًا فاسدًا على أنه تعالى قد عصمهم بقوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (¬1). 3287 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ المُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: قَدِمْتُ الشَّأْمَ، [فَقُلْتُ: مَنْ هَا هُنَا] قَالُوا أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَال: "أَفِيكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، وَقَال: الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي عَمَّارًا. [3742، 3743، 3761، 4943، 4944، 6278 - مسلم فتح 6/ 337] (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (عن المغيرة) أي: ابن مقسم الضبي. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 7/ 338.

ابن قيس النخعي. (أبو الدرداء) هو عويمر بن مالك الأنصاري. (أفيكم) أي: أفي عراقكم. (الذي أجاره الله من الشيطان) هو كما سيأتي عمار بن ياسر المنزل فيه {إلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} وقال له - صلى الله عليه وسلم -: "مرحبا بالطيب المطيب" (¬1). (شعبة) أي: ابن الحجاج. 3288 - قَال: وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "المَلائِكَةُ تَتَحَدَّثُ فِي العَنَانِ - وَالعَنَانُ: الغَمَامُ -، بِالأَمْرِ يَكُونُ فِي الأَرْضِ، فَتَسْمَعُ الشَّيَاطِينُ الكَلِمَةَ، فَتَقُرُّهَا فِي أُذُنِ الكَاهِنِ كَمَا تُقَرُّ القَارُورَةُ، فَيَزِيدُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذِبَةٍ". [انظر: 3210 - مسلم: 2228 - فتح 6/ 338] (أن أبا الأسود) هو محمد بن عبد الرحمن. (في العنان) بفتح العين. (والعنان: الغمام) مدرج في الحديث. (فتقرها) بفتح الفوقية وضم القاف وفي نسخة: "فتقرها" بالضم والكسر، قال الخطابي: يقال: قررت الكلام في أذن الأصم؛ إذا وضعت فمك في صماخه فتلقيه فيه (¬2). (كما تقر القارورة) بضم أوله وفتح ثانية؛ يريد به: تطبيق رأس القارورة برأس الوعاء الذي يفرغ منها فيه، والمراد منه ما قاله أهل اللغة من أن التقدير: ترديدك الكلام في أذن المخاطب حتى يفهمه، وعن القابسي معناه: يكون لما يلقيه إلى الكاهن حس كحس اليقارورة عند تحريكها مع اليد أو على الصفاء. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (3798) كتاب: المناقب، باب: مناقب عمار بن ياسر، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه (146) كتاب: المقدمة، باب: فضل عمار بن ياسر، وأحمد 1/ 99، وصححه الألباني في: "صحيح الترمذي". (¬2) "أعلام الحديث" 3/ 1516.

3289 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَال: هَا، ضَحِكَ الشَّيْطَانُ". [6223، 6226 - مسلم: 2994 - فتح 6/ 338] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب. (التثاؤب) بفوقية فمثلثة فهمزة بعد مده، ويقال: التثاوب بواو: وهو تنفس ينفتح منه الفم لدفع البخارات المختنقة في عضلات الفك، وتنشأ من امتلاء المعدة وثقل البدن، فيورث الكسل وسوء الفهم والغفلة. (من الشيطان) أضافه إليه لكراهته؛ ولأن الشيطان هو السبب فيه؛ لأنه الذي يدعو إلى إعطاء النفس شهواتها، وأراد به التحذير من السبب الذي يتولد مننه وهو التوسع في المطعم والشبع، فيثقل عن الطاعات ويكسل عن الخيرات. (تثاءب) بالهمزة، وفي نسخة: "تثاوب" بالواو بدل الهمز؛ لكن قال الجوهري: لا يقال تثاوب بالواو (¬1). (فليرده) أي: التثاؤب بأن يضع يده على فمه؛ لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته ودخوله فمه وضحكه منه. (ها) حكاية صوت المتثائب. (ضحك الشيطان) أي: فرحًا بذلك؛ ولذلك قالوا: لم يتثاءب نبي قط. 3290 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: هِشَامٌ أَخْبَرَنَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ اليَمَانِ، فَقَال: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي، فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَال: حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، قَال عُرْوَةُ فَمَا زَالتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ". [3824، 4065، 6668، 6883، 6890، - فتح 6/ 338] ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [ثأب] 1/ 92.

(أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (هشام) أي: ابن عروة. (أي عباد الله أخراكم) أي: يا عباد الله احذور المتأخرين عنكم واقتلوهم، والخطاب للمسلمين أراد إبليس تغليطهم؛ ليقاتل المسلمون بعضهم بعضًا، فرجعت الطائفة المتقدمة قاصدين لقتال الأخرى ظانين أنهم من المشركين، كما نبه على ذلك بقوله. (فاجتلدت هي وأخراهم) أي: تضاربتا، قيل: ويحتمل أن يكون الخطاب للكافرين، وأخراهم: المسلمون. (اليمان) بلا ياء هو لقبه، واسمه: حسيل مصغر الحسل بمهملتين: ابن جابر العبسي بموحدة بين مهملتين. (ما احتجزوا) أي بها امتنعوا منه. (غفر الله لكم) دعى لمن قتلوه بغير علم؛ لأنه عذرهم، وتصدق حذيفة بديته على من أصابه حيث تركها له. (بقية خير حتى لحق بالله) أي: بقية دعاء واستغفار لقاتل اليمان حتى مات، وقيل: بقية حزن من حذيفة على أبيه. 3291 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: قَالتْ عَائِشَةُ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التِفَاتِ الرَّجُلِ فِي الصَّلاةِ، فَقَال: "هُوَ اخْتِلاسٌ يَخْتَلِسُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاةِ أَحَدِكُمْ". [انظر: 751 - فتح 6/ 338] (أبو الأحوص) هو سلام بن سليم الكوفي. (عن أشعث) أي: ابن أبي الشعثاء (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات) إلى آخره من شرحه في باب: الالتفات في الصلاة (¬1). 3292 - حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (751) كتاب: الأذان، باب: الالتفات في الصلاة

بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ". [5747، 6984، 6986، 6995، 6996، 7005، 7044 - مسلم: 2261 - فتح 6/ 338] (أبو المغيرة) هو عبد القدوس بن الحجاج. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (الصالحة) إِما صفة موضحة؛ لأن غير الصالحة يسمى حلمًا، أو مخصصة، والصلاح إما باعتبار صورتها أو تعبيرها، ويقال: لها أيضًا الصادقة والحسنة، وأما الحلم فضدها، وهي الكاذبة أو السيئة. (والحلم من الشيطان) أضافه إليه؛ لأنه يريد من النائم الرؤيا الكاذبة ليسيء ظنه ويحزنه ويقل حظه من شكر الله، وقال ابن الجوزي: الرؤيا والحلم بمعنى واحد؛ لأن الحلم ما يراه الإنسان في نومه، غير أن الشارع خص الخير باسم الرؤيا والشر باسم الحلم. (فإذا حلم أحدكم حلمًا) بضم لام حلمًا وسكونها وهو بضم الحاء: رؤيا النائم، وبكسرها: الأناة، وبفتحها: أن يفسد الإهاب قبل الدبغ، ويقال: في الأول حلم بفتح اللام وفي الثاني بضمها، وفي الثالث بكسرها، يقال: فيه حلم الأديم إذا تثقب قبل دبغه ذكر ذلك الجوهري (¬1). (من شرها). أي: الحلم وكذا قوله: (فإنها) وإنما أنث الضمير فيهما باعتبار أن الحلم هو الرؤيا. 3293 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [حلم] 5/ 1903.

أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إلا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ". [6403 - مسلم: 2691 - فتح 6/ 338] (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. (عدل عشر رقاب) بفتح العين، أي: مثل ثواب إعتاق عشر رقاب. 3294 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، قَال: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ، فَقَال عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الحِجَابَ" قَال عُمَرُ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ، ثُمَّ قَال: أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ" [3683، 6085 - مسلم: 2369 - فتح 6/ 339] (ويستكثرنه) أي: يطلبن منه كثيرًا من كلامه، ويحتمل أن يكون كثيرًا من عطائه. (عالية أصواتهن) يحتمل أنه كان قبل النهي عن رفع الصوت، أو أنهن علمن عفوه عن رفع الصوت فرفعن أصواتهن. (يبتدرن) أي: يتسارعن. (أضحك الله سنك) ليس دعاء بكثرة الضحك

حتى يعارضه قوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا} [التوبة: 82]. بل المراد لازمه: وهو السرور. (يهبن) بفتح الهاء من الهيبة. (عدوات) أي: يا عدوات. (أنت أفظ وأغلظ من رسول الله) الفظاظة والغلظ بمعنى: وهو شدة الخلق وخشونة الجانب، وسوغ عطف أحدهما على الآخر اختلاف لفظهما، وأراد باللفظين أصل المعنى لا المفاضلة أي: أنت فظ غليظ حتى لا تقع مشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم - له في ذلك، إذ هي منئفية عنه بقوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]. أو ذلك صفة مشبهة لقصد الثبوت فلا تفضيل فيه، أو أراد المفاضلة، وإن القدر المشترك بينهما في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -هو ما كان في إغلاظه على الكفار والمنافقين وعلى من أقام عليه الحد قال تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73]. وقال: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2]. (فجا) أي: طريقًا واسعًا، وقيل: الطريق بين الجبلين. وفي الحديث: فضل بين الجانب والرفق، وفضل- عمر - رضي الله عنه - وأنه لا ينبغي الدخول على أحد إلا بالاستئذان. 3295 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أُرَاهُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاثًا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ". [مسلم: 238 - فتح 6/ 339] (ابن أبي حازم) هو عبد العزيز بن أبي حازم، واسمه: سلمة بن ينار. (يزيد) أي: ابن الهاد، والهاد جد له؛ لأنه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، أو يريد بن عبد الله بن شداد بن أسامة بن عمرو، وهو الهاد.

12 - باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم

(أراه) بضم الهمزة، أي: أظنه. (فليستنثر) أي: فلينثر ما في أنفه بنفس وهو غير الاستنشاق؛ لأنه جذب الماء بريح الأنف إلى أقصاه. (على خيشومه) هو أقصى الأنف، ومرَّ الحديث في باب: الاستثنار في الوضوء (¬1). 12 - بَابُ ذِكْرِ الجِنِّ وَثَوَابِهِمْ وَعِقَابِهِمْ لِقَوْلِهِ {يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} [الأنعام: 130]- إِلَى قَوْلِهِ - {عَمَّا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 144] {بَخْسًا} [الجن: 13]: "نَقْصًا" قَال مُجَاهِدٌ: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَبًا} [الصافات: 158] قَال: "كُفَّارُ قُرَيْشٍ: المَلائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَأُمَّهَاتُهُنَّ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الجِنِّ"، قَال اللَّهُ: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات: 158]: "سَتُحْضَرُ لِلْحِسَابِ"، {جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يس: 75]: "عِنْدَ الحِسَابِ". (باب: ذكر الجن وثوابهم وعقابهم) أي: بيان وجودهم وبيان أنهم يثابون على الخير ويعاقبون على الشر (لقوله: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} إلى آخره، وجه الاستدلال به أن قوله: {وَيُنْذِرُونَكُمْ} يدل على العقاب، وقوله، ({وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}) يدل على الثواب. (بخسا) يعني في قوله تعالى: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} [الجن: 13]. أي: (نقصًا) من حسناته ولا ظلمًا بالزيادة في سيئاته، ومفهوم ذلك أن من كفر خاف، والخوف يدل على تكليف ¬

_ (¬1) سبق برقم (161) كتباب: الوضوء، باب: الاستنثار في الوضوء.

الجن لأن الآية فيهم. (وقال مجاهد) إلى آخره، أي: قال في تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} [الصافات: 158]. إن (كفار قريش) قالوا: إن (الملائكة بنات الله وأمهات الملائكة هن بنات سراوت الجن) أي: ساداتهم، وفي تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات: 158] إنها (ستحضر للحساب) وفي تفسير قوله تعالى: {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يس: 75] في آخر سورة يس من قوله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً} [مريم: 81] إلى آخره. إنهم محضرون (عند الحساب) قال الكرماني: وهذا لا تعلق له بالجن لكن ذكر لمناسبة الإحضار للحساب، ويحتمل أن يقال: له تعلق بهم لأن لفظ آلهة في الآية متناول للجن، لأنهم أيضًا اتخذوهم معابيد (¬1). 3296 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ وَبَادِيَتِكَ، فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ "لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ" قَال أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 609 - فتح 343] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (أراك تحب الغنم) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: رفع الصوت بالنداء (¬2). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 13/ 201. (¬2) سبق برقم (609) كتاب: الأذان، باب: رفع الصوت بالنداء.

13 - [باب] قوله جل وعز: {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} [الأحقاف: 29]- إلى قوله - {أولئك في ضلال مبين} [الأحقاف: 29 - 32]

13 - [باب] قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ} [الأحقاف: 29]- إِلَى قَوْلِهِ - {أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأحقاف: 29 - 32]. {مَصرِفًا} [الكهف: 53]: مَعدِلًا {صَرَّفْنَا} أَيْ: وَجَّهْنَا. [فتح 6/ 346] (باب: قوله تعالى): لفظ: (تعالى) ساقط من نسخة، وفي أخرى بدل ذلك: "وقول الله جل وعز" فيكون عطفًا على لفظ قوله {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأنعام: 130] {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29] إلى قوله: ({أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}) أي: باب ذكر ذلك، وتفسير بعضه، وما يناسبه هو قوله: (مصرفًا) يعني في قوله تعالى: {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} أي: (معدلًا) وأما تفسير بعضه هو قوله: (صرفنا) أي: (وجهنا)، وقيل: أهلنا، وقيل: غير ذلك. وفي الآية: دلالة على وجود الجن وعلى أن فيهم مؤمنين وعلى أن المؤمنين منهم لهم الثواب والكافرين منهم عليهم العقاب. 14 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: 164] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: الثُّعْبَانُ الحَيَّةُ الذَّكَرُ مِنْهَا، يُقَالُ: الحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ: الجَانُّ وَالأَفَاعِي، وَالأَسَاودُ، {آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: 56]: "فِي مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ"، يُقَالُ: {صَافَّاتٍ} [النور: 41]: "بُسُطٌ أَجْنِحَتَهُنَّ" {يَقْبِضْنَ} [الملك: 19]: "يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ". (باب: قول الله تعالى: ({وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}) أي: فرق ونشر. (الثعبان) أي: في قوله تعالى: {فإذا هي ثعبَان مُبِينٌ}

[الأعراف: 107]. (الحية الذكر منها) أي: من الحيات. وقال الجوهري: هو ضرب من الحيات طوال، وقيد بالذكر؛ لأن لفظ الحية يقع على الذكر والأنثى، وليست التاء فيه للتأنيث، بل للوحدة [كتاء] (¬1) تمرة، ودجاجة هذا وقد روي عن العرب "رأيت حيًّا على حية" أي: ذكرًا على أنثى (¬2). (يقال: الحيات أجناس) في نسخة: "الجنان أجناس" وهو بكسر الجيم وتشديد النون. (الجان) هو الرقيق من الحيات، ويقال للشيطان أيضًا (والأفاعي) جمع أفعى، ويقال: فيه أفعوا وأفعى بقلب الألف واوًا أو ياء، وبعضهم يشدد الواو والياء والأفعوان بضم الهمزة؛ ذكر الأفاعى وكنية الأفعى: أبو حيان، وأبو يحيى؛ لأنه يعيش ألف سنة: وهو الشجاع الأسود الذي يواثب الإنسان. (والأساود) جمع أسود: وهو العظيم من الحيات. وفيه سواد، ويقال: هو أخبث الحيات. ({آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}) يعني في قوله تعالى: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} أي: في ملكه وسلطانه، وخصَّ الناصية بالذكر على عادة العرب في ذلك يقول: ناصية فلان في يد فلان إذا كان في طاعته. (يقال: {صَافَّاتٍ}) أي: في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ} أي: (بسط أجنحتهن) ({وَيَقْبِضْنَ}) أي: في قوله تعالى: {وَيَقْبِضْنَ} معناه: (يضربن بأجنحتهن) أي: بعد بسطها حال الطيران. 3297 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: "اقْتُلُوا الحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "الصحاح" مادة (حيا) 6/ 2324.

البَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ الحَبَلَ". [3289، 3299، 3310، 3311، 3312، 3313، 4016، 4017 - مسلم: 2233 - فتح 6/ 347] (ذا الطفيتين) بضم المهملة وسكون الفاء: ضرب من الحيات في ظهره خطان أبيضان كل منهما طفية، وقيل: هما نقطتان. (والأبتر) هو مقطوع الذنب، وقيل: قصيره ويقال: أنه أزرق اللون. 3298 - قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لِأَقْتُلَهَا، فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ: لَا تَقْتُلْهَا، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الحَيَّاتِ قَال: إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ البُيُوتِ، وَهِيَ العَوَامِرُ. [انظر: 3297 - مسلم: 2233 - فتح 6/ 347] (قال عبد الله) أي: ابن عمر. (أطارد حية) أي: اتبعها. (أبو لبابة) اسمه: رفاعة بن عبد المنذر الأوسي، أو بشير بن عبد المنذر بن رفاعة بن زبير. (نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت) أي: الساكنات فيها، ويقال: لها الجنان وهي حيات طوال بيض قلما تضر. (وهي العوامر) سميت بها لطول عمرها، وإنما نهى عن قتلها؛ لأنَّ الجن يتمثل بها ومن ثم أمر بقتل ذي الطفيتين والأبتر؛ لأن الجن لا تتمثل بهما. 3299 - وَقَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، فَرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ، أَوْ زَيْدُ بْنُ الخَطَّابِ وَتَابَعَهُ يُونُسُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَإِسْحَاقُ الكَلْبِيُّ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَقَال صَالِحٌ، وَابْنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَابْنُ مُجَمِّعٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، رَآنِي أَبُو لُبَابَةَ، وَزَيْدُ بْنُ الخَطَّابِ. [3297 - مسلم: 2233 - فتح 6/ 347] (وتابعه) أي: معمرًا. (يونس) أي: ابن يزيد. (والزبيدي) هو محمد بن الوليد. (صالح) أي: ابن كيسان. (وابن أبي حفصة) هو محمد. (وابن مجمع) بكسر الميم الثانية المشددة هو: إبراهيم.

15 - باب: خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال

15 - بَابٌ: خَيْرُ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ (باب: خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال) بفتح المعجمة والمهملة جمع شعفة، وشعفة كل شيء أعلاه؛ والمراد هنا: رؤوس الجبال. 3300 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَال حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُوشِكَ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الرَّجُلِ غَنَمٌ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ". [انظر: 19 - فتح 6/ 350] (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم) روي برفع (خير) و (غنم)، بجعل (يكون) تامة وبنصب أحدهما ورفع الآخر بجعل المرفوع اسم (يكون) والمنصوب خبرها، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الإيمان، في باب: من الدين الفرار من الفتن (¬1). 3301 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَأْسُ الكُفْرِ نَحْوَ المَشْرِقِ، وَالفَخْرُ وَالخُيَلاءُ فِي أَهْلِ الخَيْلِ وَالإِبِلِ، وَالفَدَّادِينَ أَهْلِ الوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الغَنَمِ". [3499، 4388، 4389، 4390 - مسلم: 52: (88) - فتح 6/ 350] (رأس الكفر نحو المشرق) في نسخة: "قبل المشرق"، أي: جهته، أي: هو منشأ الكفر إذ أكثر الكفرة منه، ومنه يخرج الدجال. (والخيلاء) بالمد، أي: الكبر واحتقار الشخص غيره. (والفدادين) بتشديد المهملة الأولى على المشهور عطف على أهل ¬

_ (¬1) سبق برقم (19) كتاب: الإيمان، باب: من الدين الفرار من الفتن.

الخيل، أي: والمكثرين من الإبل، أو الذين تعلوا أصواتهم في حروبهم ومواشيهم، والفديد: الصوت الشديد. (من أهل الوبر) بيان للفدادين: أي: هم الذين من ذوي الوبر، ففيهم الجفاء والقوة فيجهلون معالم دينهم. (والسكينة) أي: السكون والطمأنينة، والوقار والتواضع. (في أهل الغنم) خصوا بذلك؛ لأنهم غالبًا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة، وهما من أسباب الفخر والخيلاء. 3302 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ، قَال: أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ اليَمَنِ فَقَال "الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا، أَلا إِنَّ القَسْوَةَ وَغِلَظَ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ". [3498، 4387، 5303 - مسلم: 51 - فتح 6/ 35] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (قيس) أي: ابن أبي حازم. (فقال: الإيمان يمان) قال ذلك؛ لأن الإيمان بدأ من مكة وهي من تهامة من أرض اليمن؛ فلهذا يقال الكعبة اليمانية. (في ربيعة ومضر) بدل من قوله: (في الفدادين). 3303 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا". [مسلم: 2729 - فتح 6/ 350] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (الديكة) بكسر الدال وفتح الياء جمع ديك وهو الذكر من الدجاج، والدجاجة تقع على الذكر والأنثى. (فاسألوا الله من فضله،

فإنها رأت ملكًا) حكمة السؤال حينئذ: رجاء تأمين الملائكة على الدعاء واستغفارهم وشهادتهم بالتضرع للداعي. وفيه: استحباب الدعاء عند حضور الصالحين. (وإذا سمعتم نهيق الحمار) إلى آخره، حكمة التعوذ عنده: دفع شر الشيطان الذي حضر حينئذ. وفي الحديث: دلالة على أن للديك والحمار إدراكًا كما أن لكل حيوان إدراكًا. 3304 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا" قَال: وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، نَحْوَ مَا أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ. [انظر: - مسلم: 2012 - فتح 6/ 350] (إسحاق) أي: ابن منصور بن كوسج، أو ابن راهوية. (روح) أي: ابن عبادة. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (إذا كان جنح الليل) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب صفة إبليس (¬1). 3305 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَإِنِّي لَا أُرَاهَا إلا الفَارَ، إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3280) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَال: أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَال لِي مِرَارًا، فَقُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ؟! [مسلم: 2997 فتح 6/ 350] (وهيب) أي: ابن خالد الحذاء. (محمد) أي: ابن سيرين. (لا أراها) بضم الهمزة، أي: لا أظنها. (إلا الفأر) جمع فأرة. (إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشرب) فيه: دليل على أن التي مسخت فأرا من بنى إسرائيل من حيث إنهم لم يكونوا يشربون ألبان الإبل والفأر أيضًا لا يشربها. (فحدث كعبًا) أي: ابن نافع وهو المشهور بكعب الأحبار. (فقلت) قائله: أبو هريرة. (أفاقرأ التوراة) بهمزة الاستفهام الإنكاري، وفيه: تعريض لكعب الأحبار بأنه كان على دين اليهود قبل إسلامه يعني أنا أقرأ التوراة حتى أنقل منها إنما أقول ما سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 3306 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لِلْوَزَغِ الفُوَيْسِقُ" وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ. [مسلم: 2238] وَزَعَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ. [انظر: 1831 - مسلم: 2239 فتح 6/ 351] (عن ابن وهب) هو عبد الله. (يونس) أي: ابن يزيد. (قال للوزغ: الفويسق) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: ما يقتل المحرم من الدواب (¬1)، والتصغير في الفويسق للتحقير. 3307 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ، أَخْبَرَتْهُ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ". [3359 - مسلم: 2237 فتح 6/ 351] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1831) كتاب: جزاء الصيد، باب: ما يقتل المحرم من الدواب.

(صدقة) أي: ابن الفضل. (أم شريك) اسمها: غزية، وقيل: غزيلة بالتصغير فيهما. 3308 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ البَصَرَ، وَيُصِيبُ الحَبَلَ" تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَبَا أُسَامَةَ. [3309، مسلم: 2232 - فتح 6/ 351] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (قال النبي) في نسخة: "قال رسول الله". (اقتلوا ذا الطفيتين) إلى آخره مرَّ آنفًا (¬1). (تابعه) أي: أبا أسامة. (حماد بن سلمة) في روايته إياه عن هشام بسند قال فيه: (أخبرنا أسامة) وقوله: (تابعه) إلى آخره ساقط من نسخة. 3309 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الأَبْتَرِ وَقَال: "إِنَّهُ يُصِيبُ البَصَرَ، وَيُذْهِبُ الحَبَلَ". [انظر: 3308 - مسلم: 2232 - فتح 6/ 351] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن القطان. (عن هشام) أي: ابن عروة. (أمر بقتل الأبتر) إلى آخره، مرَّ شرحه آنفًا. 3310 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي يُونُسَ القُشَيْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقْتُلُ الحَيَّاتِ ثُمَّ نَهَى، قَال: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَمَ حَائِطًا لَهُ، فَوَجَدَ فِيهِ سِلْخَ حَيَّةٍ، فَقَال: "انْظُرُوا أَيْنَ هُوَ" فَنَظَرُوا، فَقَال: "اقْتُلُوهُ" فَكُنْتُ أَقْتُلُهَا لِذَلِكَ. [انظر: 3297، مسلم: 2233 - فتح 6/ 351] (ابن أبي عدي) هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي. (عن أبي ¬

_ (¬1) سبق برقم (3297) كتاب: بدء الخلق، باب: قول الله تعالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: 164].

16 - باب: خمس من الدواب فواسق، يقتلن في الحرم

يونس) هو حاتم بن مسلم البصري. (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة. (سلخ حية) بكسر السين أي: جلدها. 3311 - فَلَقِيتُ أَبَا لُبَابَةَ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَقْتُلُوا الجِنَّانَ، إلا كُلَّ أَبْتَرَ ذِي طُفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الوَلَدَ، وَيُذْهِبُ البَصَرَ فَاقْتُلُوهُ". [انظر: 3297 - مسلم: 2233 - فتح 6/ 351] (إلا كل أبتر ذي طفيتين) قضيته: اتحادهما وقضية العطف بالواو فيما مرَّ آنفًا أنهما نوعان، وأجيب: بأن الواو ثم للجمع بين الوصفين لا بين الذاتين، أي: اقتلوا الحية الجامعة بين وصف الأبترية وكونها ذات طفيتين نحو: مررت بالرجل الكريم والنسمة المباركة، وأيضًا لا منافاة بين أن يرد الأمر بقتل ما اتصف بإحدى الصفتين وبقتل ما اتصف بهما معًا؛ لأن الصفتين قد يجتمعان فيه وقد يفترقان. 3312 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ الحَيَّاتِ. 3313 - فَحَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ البُيُوتِ، فَأَمْسَكَ عَنْهَا". [انظر: 3297 - مسلم: 2233 - فتح 6/ 351] (أنه كان يقتل الحيات) إلى آخره، مرَّ آنفًا. 16 - بَابٌ: خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ (باب: خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم). نفي الحل بالأولى. 3314 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي

الحَرَمِ: الفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ". [انظر: 1829 - مسلم: 1198 - فتح 6/ 355] 3315 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، مَنْ قَتَلَهُنَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ: العَقْرَبُ، وَالفَأْرَةُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ، وَالغُرَابُ، وَالحِدَأَةُ". [انظر: 1826 - مسلم: 1199 - فتح 6/ 355] (خمس فواسق) بتنوين (خمس) ويجوز الإضافة، والفواسق مأخوذ من الفسق: وهو الخروج عن الصراط المستقيم، وهذه الخمس خرجن عن طريق معظم الحشرات بزيادة الضرر والأذى. (والحدَيَّا) مصغر حدأة، بوزن عنبة، وقياس تصغير حدية فزيدت الألف للإشباع، والقياس حدية بالهمز أو بتشديد الياء، ومرَّ الحديث وما بعده في باب: ما يقتل المحرم من الدواب (¬1). 3316 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ كَثِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، رَفَعَهُ، قَال "خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ العِشَاءِ، فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً، وَأَطْفِئُوا المَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ، فَإِنَّ الفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتِ الفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ البَيْتِ"، قَال: ابْنُ جُرَيْجٍ وَحَبِيبٌ، عَنْ عَطَاءٍ "فَإِنَّ لِلشَّيَاطِينِ". [انظر: 328 - مسلم: 2012 - فتح 6/ 355] (عن كثير) أي: ابن شنظير الأزدي. (وأجيفوا الأبواب) أي: أغلقوها. (واكفتوا صبيانكم) من الكفت وهو الضم يقال: كفته، أي: ضمه إلى نفسه. (الفويسقة) التصغير فيها ¬

_ (¬1) سبق برقم (1826، 1829) كتاب: جزاء الصيد، باب: ما يقتل المحرم من الدواب.

للتحقير، ومرَّ الحديث في باب: صفة إبليس (¬1). (قال ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (وحبيب) أي: ابن أبي قريبة. 3317 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ، فَنَزَلَتْ {وَالمُرْسَلاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1] فَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ مِنْ جُحْرِهَا، فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا، فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا" وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ، قَال: وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ رَطْبَةً وَتَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، وَقَال: حَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاويَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. [انظر: 1830 - مسلم: 2234 فتح 6/ 355] (عن إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس النخعي. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (وقيت) من الوقاية: وهي الحفظ. (شركم) أي: بالنسبة إليها، وإلا فقتلها بالنسبة إلينا خير لأنا مأمورون بقتلها، والخير والشر من الأمور الإضافية، ومرَّ الحديث في باب: ما يقتل المحرم من الدواب. (وتابعه) أي: إسرائيل. (وقال حفص) أي: ابن غياث. (وأبو معاوية) هو محمد الضرير. 3318 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (3280) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

17 - باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء

[انظر: 2365 - مسلم: 2242 - فتح 6/ 356] قَال: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [مسلم: 2243] (من خشاش الأرض) بتثليث المعجمة، أي: من حشراتها، ومرَّ شرح الحديث في كتاب الشرب، في باب: فضل سقي الماء (¬1). (قال) أي: عبد الأعلى. 3319 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "نَزَلَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً". [انظرنا: 3019 - مسلم: 2241 - فتح 6/ 356] (نزل نبي) قيل: هو عزير، وقيل: موسى عليهما السلام. (فلدغته) بمهملة فمعجمة، أي: قرصته، وأما لذعته بمعجمة فمهملة معناه: أحرقته، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الجهاد في باب: إذا أحرق المشرك المسلم (¬2). 17 - بَابُ إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الأُخْرَى شِفَاءً (باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاءً). ساقط من نسخة. (فإن في إحدى جناحيه داء، وفي الآخر شفاء)، وفي نسخة "فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء" في غالب النسخ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2365) كتاب: المساقاة، باب: فضل سقي الماء. (¬2) سبق برقم (3019) كتاب: الجهاد والسير، باب: إذا أحرق المشرك المسلم هل يحرق؟.

3320 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالأُخْرَى شِفَاءً". [5782 - فتح 6/ 356] (فإن في إحدى جناحيه داء والآخر شفاء) فالأولى تقتضي أن جناح الطائر أي: يده مؤنث، والثانية: تقتضي أنه مذكر فتأنيثه باعتبار مدلوله. وتذكيره باعتبار لفظه، ولذلك جمعوه باعتبار التأنيث على أجنح كشمال وأشمل وباعتبار التذكير على أجنحة كقذال وأقذله والقذال: جماع مؤخر الرأس، وروي في تمام الحديث وأنه يقدم السم ويؤخر الشفاء ومثله في مخلوقات الله تعالى كثير، كالنحلة يخرج من بطنها العسل ومن إبرتها السم، وكالعقرب تهيج الداء بإبرتها ويتداوى بها من ذلك. 3321 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ، مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ، قَال: كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ المَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ". [3467 - مسلم: 2245 - فتح 6/ 359] (عوف) هو الأعرابي. (عن الحسن) أي: البصري. (مومسة) أي: زانية. (ركيِّ) أي: بشر ويجمع على ركايا، ولا ينافي قوله: (لامرأة) ما مر في كتاب: الشرب من أنه رجل لاحتمال التعدد (¬1). 3322 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَفِظْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ كَمَا أَنَّكَ هَا هُنَا أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ". [3225 - مسلم: 2106 - فتح 6/ 359] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2363) كتاب: المساقاة، باب: فضل سقي الماء.

(سفيان) أي: ابن عيينة. (كما أنك هاهنا) أي: لا شك في حفظي منه كما لا شك في كونك في هذا المكان، ومرَّ شرح الحديث في باب: إذا قال أحدكم آمين (¬1). 3323 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الكِلابِ". [مسلم: 1570 - فتح 6/ 360] (أمر بقتل الكلاب) استثنى منه الكلب النافع ككلب الزرع والماشية. 3324 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا يَنْقُصْ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ إلا كَلْبَ حَرْثٍ، أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ". [انظر: 2322 - مسلم: 1575 - فتح 6/ 360] (همام) أي: ابن يحيى بن دينار. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (من أمسك كلبًا) إلى آخره، مرَّ شرحه مع ما بعده في كتاب: المزارعة، في باب: اقتناء الكلب (¬2). 3325 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَال: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ الشَّنَئِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ "مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ" فَقَال السَّائِبُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: إِي وَرَبِّ هَذِهِ القِبْلَةِ. [انظر: 2323 - مسلم: 1576 - فتح 6/ 360] (سليمان) أي: ابن بلال. (الشنئي) بفتح المعجمة نسبة إلى شنوءة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3226) كثاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين. (¬2) سبق برقم (2322) كتاب: المزارعة، باب: اقتناء الكلب للحرث.

60 - كتاب الأنبياء صلوات الله عليهم

60 - كِتَابُ الأَنْبِيَاءِ صلوات الله عليهم

1 - باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته

60 - كِتَابُ الأَنْبِيَاءِ صلوات الله عليهم 1 - بَابُ خَلْقِ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَذُرِّيَّتِهِ {صَلْصَالٍ} [الحجر: 26]: "طِينٌ خُلِطَ بِرَمْلٍ، فَصَلْصَلَ كَمَا يُصَلْصِلُ الفَخَّارُ، وَيُقَالُ: مُنْتِنٌ، يُرِيدُونَ بِهِ صَلَّ، كَمَا يُقَالُ: صَرَّ البَابُ وَصَرْصَرَ عِنْدَ الإِغْلاقِ، مِثْلُ كَبْكَبْتُهُ يَعْنِي كَبَبْتُهُ"، فَمَرَّتْ بِهِ: "اسْتَمَرَّ بِهَا الحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ"، {أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12]: "أَنْ تَسْجُدَ". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب أحاديث الأنبياء عليهم السلام) ساقط من نسخة (باب: خلق آدم صلوات الله عليه وذريته) أي: وخلق ذريته، وسمي آدم؛ لأنه خلق من أدمة الأرض أي: لونها والأدمة في الناس: السمرة الشديدة، وهو اسم عربي، وقيل: أعجمي، وقال أبو منصور الجواليقي: أسماء الأنبياء كلها أعجمية إلا أربعة: وهي آدم، وصالح، وشعيب، ومحمد عليهم السلام، وكنية آدم: أبو البشر، وقيل: أبو محمد. ({صَلْصَالٍ}) أي: في قوله تعالى: {خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ} معناه: (طين خلط برمل، فصلصل كما يصلصل الفخار) وهو الطين المطبوخ بالنار، وحقيقة الصلصال: الطين اليابس المصوت. (ويقال: منتن) وأراد به أنه جاء في اللغة صلصال بمعنى منتن ومنه صل اللحم يصل صلولًا أي: أنتن مطبوخًا كان، أو نيًّا. (يريدون به صل) إلى آخره أشار به إلى أن أصل صلصل: صل

فضوعف فاء الفعل فصار صلصل (كما يقال: صَرَّ البابُ) إذا صوت (عند الإغلاق)، فضوعف فيه كذلك، فقيل: (صرصر) وكما يقال: (كبكبته) في (كببته) بتضعيف الكاف يقال: كببت الإناء أي: قلبته. ({فَمَرَّتْ بِهِ}) يعني في قوله تعالى: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ} أي: (استمر بها الحمل فأتمته) وضمير (فمرت) لحواء عليها السلام. ({أَلَّا تَسْجُدَ}) يعني في قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} أي: (أن تسجد) أشار إلى أن (لا) زائدة بدليل قوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]. - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4]: "إلا عَلَيْهَا حَافِظٌ"، {فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]: فِي شِدَّةِ خَلْقٍ. (وَرِيَاشًا): المَالُ " وَقَال غَيْرُهُ: الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ، {مَا تُمْنُونَ} [الواقعة: 58]: النُّطْفَةُ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق: 8]: "النُّطْفَةُ فِي الإِحْلِيلِ، كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهُوَ شَفْعٌ، السَّمَاءُ شَفْعٌ، وَالوَتْرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ"، {فِي أَحْسَنِ تَقْويمٍ} [التين: 4]: "فِي أَحْسَنِ خَلْقٍ"، {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: 5]: "إلا مَنْ آمَنَ"، {خُسْرٍ} [النساء: 119]: "ضَلالٍ، ثُمَّ اسْتَثْنَى إلا مَنْ آمَنَ". {لازِبٍ} [الصافات: 11]: "لازِمٌ"، {نُنْشِئَكُمْ} [الواقعة: 61]: "فِي أَيِّ خَلْقٍ نَشَاءُ".

{نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [البقرة: 30]: "نُعَظِّمُكَ" وَقَال أَبُو العَالِيَةِ {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37]: فَهُوَ قَوْلُهُ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف: 23]. {فَأَزَلَّهُمَا} [البقرة: 36]: "فَاسْتَزَلَّهُمَا" وَ {يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259]: "يَتَغَيَّرْ"، {آسِنٌ} [محمد: 15]: "مُتَغَيِّرٌ، وَالمَسْنُونُ المُتَغَيِّرُ"، {حَمَإٍ} [الحجر: 26]: "جَمْعُ حَمْأَةٍ وَهُوَ الطِّينُ المُتَغَيِّرُ"، {يَخْصِفَانِ} [الأعراف: 22]: "أَخْذُ الخِصَافِ مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ، يُؤَلِّفَانِ الوَرَقَ وَيَخْصِفَانِ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ"، {سَوْآتُهُمَا} [طه: 121]: "كِنَايَةٌ عَنْ فَرْجَيْهِمَا"، {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 36]: "هَا هُنَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، الحِينُ عِنْدَ العَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَا لَا يُحْصَى عَدَدُهُ" {قَبِيلُهُ} [الأعراف: 27]: "جِيلُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ". (باب (¬1) قول الله تعالى: {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} أي: واذكر إذ قال ربك للملائكة ذلك. ({لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}) أي: في قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)} معناه: (إلا عليها حافظ) بتشديد (ما) وجعل (إن) نافية وبعضهم خفف (ما) وجعل (إن) مخففة من الثقيلة، واسمها: محذوف و (ما) زائدة فلا استثناء، وكل منهما قراءة متواترة. ({فِي كبدٍ}) أي: في قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)} معناه: (في شدة خلق). ¬

_ (¬1) ساقطة من بعض النسخ، وثابتة في أخربها وهو الذي اعتمد عليها المصنف؛ ولذلك لم يضع الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي لها ترقيمًا.

(ورياشًا) الأولى ({وَرِيشًا}) أي: في قوله تعالى: {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا} [الأعراف: 26] معناه: (المال وقال غيره): أي: غير ابن عباس: معناه: (ما ظهر من اللباس) كما نبه عليه بقوله: (الرياش والريش واحد: وهو ما ظهر من اللباس) وقيل: معناه الجمال والهيئة، وقيل: المعاش. ({ما تُمنونَ}) أي: في قوله تعالى: {أَفَرَءَيتم ما تُمنونَ} معناه: (النطفة) أي: المني (في أرحام النساء). (وقال مجاهد: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)}) معناه: (النطفة في الإحليل) في نسخة: "الماء في الإحليل" أي: قادر على رد ذلك إلى الإحليل. (كل شيء خلقه فهو شفع) أشار به إلى معنى قوله: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ}. (السماء شفع) أي: للأرض، كما أن الحار شفع للبارد. {فِي أَحْسَنِ تَقْويمٍ} معناه: (في أحسن خلق) وقيل: في أحسن تعديل لشكله وصورته. و ({أَسْفَلَ سَافِلِينَ}) كناية عن الهرم والضعف فينقص عمل المؤمن الهرم عن زمن الشباب، ويكون له أجره كما ذكره بالاستثناء المنقطع في قوله: (إلا) أي: لكن (من آمن) أي: وعمل صالحًا فله أجر غير ممنون، أي: غير مقطوع ({خَسِرَ}) أي: في قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} معناه: (ضلال ثم استثنى) من أهل الخسر الذين امنوا وعملوا الصالحات بقوله: (إلا من آمن) أي: وعمل صالحًا. ({لازِب}) أي: في قوله تعالى: {إنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} معناه: (لازم).

({وَنُنْشِئَكُمْ}) يعني في قوله تعالى: {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ} أي: (في أي خلق نشاء). ({نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ}) يعني في قوله تعالى: {ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [البقرة: 30] أي: (نعظمك). (وقال أبو العالية) هو رفيع بن مهران الرياحي. {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} (فهو) أي: معنى الكلمات. {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ولا معنى للفاء في (فهو) وكانه ذكرها في مقابلة ذكرها في (فتلقى). ({فأزَلَّهُمَا}) أي: في قوله تعالى: {فَأزلَّهُمَا الشَّيطانُ عَنها} معناه: (فاستزلهما) أي: دعاهما إلى الذلة وضمير (عنها) للجنة، وقيل: للشجرة، أي: بسببها. (و {يَتَسَنَّه}) أي: في قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} معناه: (يتغير). ({ءَاسِنٍ) أي: في قوله تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} معناه: (متغير)، (والـ {مسنون}) أي: في قوله تعالى: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26] معناه: (المتغير). ({حمأ}) أي: في الآية المذكورة. (جمع حمأة وهو الطين المتغير). ({يَخْصِفَانِ}) أي: في قوله تعالى: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} معناه: (أخْذُ) أي: آدم وحو اء (الحصاف {مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}، يؤلفان

الورق ويخصفان بعضه إلى بعض) أي: يلزقان بعضه ببعض ليسترا به عورتهما، و (الخصاف) جمع خصفة: وهي ما ينسج من الخوص. {سَوْآتِهِمَا} أي: في قوله تعالى {بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} كناية عن فرجيهما). {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} أي: في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} معناه: (هاهنا إلى يوم القيامة)، وقيل إلى الموت (الحين عند العرب: من ساعة إلى ما لا يحصى عدده). هذا أحد الأقوال، وقيل: الحين: الأجل، وقيل: الساعة، وقيل: ستة أشهر، وقيل: كل سنة، وقيل: الغدوة والعشية. {وَقَبِيلُهُ} أي: في قوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ}. معناه: (جيله) أي: جماعته (الذي هو) أي: الشيطان (منهم) وقيل: معناه الجن والشياطين. 3326 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قَال: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ المَلائِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَال السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ". [6227 - مسلم: 2841 - فتح 6/ 362] (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (همام) أي: ابن منبه. (وطوله ستون ذراعًا) قيل بذراعه، وقيل: بذراعنا، قال

شيخنا: أخذًا من كلام غيره، والأول أظهر (¬1)؛ لأن ذراع كل أحد بقدر ربعه، فلو كان بذراعنا لكانت يده قصيرة في جنب طول جسده (¬2)، قال القرطبي: إن الله يعيد أهل الجنة إلي خلقة أصلهم الذي هو آدم - عليه السلام - وعلى صفته وطوله الذي خلقه الله عليها في الجنة، وكان طوله فيها ستين ذراعًا في الارتفاع بذراع نفسه قال: ويحتمل أن هذا الذراع مقدرًا بأذرعتنا المتعارفة عندنا (¬3). (ما يحيونك) من التحية، وفي نسخة: "ما يجيبونك" من الإجابة. (فكل من يدخل الجنة على صورة آدم - عليه السلام -) أي: يدخلها على صورة آدم في الحسن والجمال، لا على صورة نفسه التي كان عليها من السواد والعاهات. (فلم يزل الخلق ينقص) أي: من طوله أراد أن كل قرن يكون طوله أقصر من القرن الذي قبله، فانتهى تناقص الطول إلى هذه الأمة، واستقر الأمر على ذلك وهو معنى قوله (حتى الآن) أي: إلى الآن فحتى بمعنى: إلى. 3327 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يَتْفِلُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمْ الأَلُوَّةُ الأَنْجُوجُ، عُودُ الطِّيبِ وَأَزْوَاجُهُمُ الحُورُ العِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ". [انظر: 3245 - مسلم: 2834 - فتح 6/ 362] ¬

_ (¬1) في هامش (ب): وما هنا لا يظهر له معنى، بل الذي قاله ابن التين وغيره: من أنه الذراع المتعارف أقرب وأظهر تأمل. (¬2) "فتح الباري" 6/ 366 - 367. (¬3) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" 7/ 182.

(جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن عمارة) أي: ابن القعقاع. (عن أبي زرعة) اسمه: هرم، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرحمن. (الألوة) بفتح الهمزة وضمها، وضم اللام وشدة الواو. (الألنجوج) بفتح الهمزة واللام وسكون النون وبجيمين: (عود الطيب) أي: العود الذي يتبخر به مفسر (الألوة) بـ (الألنجوج)، و (الألنجوج: الطيب) فهو تفسير التفسير، وقد تفسر به الألوة بلا واسطة، كما مرَّ مع شرح الحديث في باب: ما جاء في صفة أهل الجنة ولا منافاة (¬1). (على خلق رجل واحد) بضم الخاء وفتحها خبر مبتدإٍ محذوف. (على صورة آدم) قال قيل: على صورة القمر ولا منافاة، لأنهم يدخلون الجنة على صورة آدم في الطول والخلقة، وعلى سورة القمر في النور والإشراق. 3328 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ الغَسْلُ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَال: "نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ" فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالتْ: تَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَبِمَ يُشْبِهُ الوَلَدُ". [انظر: 130 - مسلم: 313 - فتح 6/ 362] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (فبما) في نسخة: "فبم" بحذف الألف وهو الأكثر، ومرَّ شرح الحديث في كتاب الغسل (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3245) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة. (¬2) سبق برقم (282) كتاب: الغسل، باب: إذا احتلمت المرأة.

3329 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَأَتَاهُ، فَقَال: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إلا نَبِيٌّ [قَال: مَا] أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ الوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ" قَال: فَقَال عَبْدُ اللَّهِ ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلائِكَةِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الوَلَدِ: فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ المَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كَانَ الشَّبَهُ لَهَا " قَال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُونِي عِنْدَكَ، فَجَاءَتِ اليَهُودُ وَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ البَيْتَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ" قَالُوا أَعْلَمُنَا، وَابْنُ أَعْلَمِنَا، وَأَخْيَرُنَا، وَابْنُ أَخْيَرِنَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ" قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فَقَال: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالُوا: شَرُّنَا، وَابْنُ شَرِّنَا، وَوَقَعُوا فِيهِ. [3911، 3938، 4480 - فتح 6/ 363] (الفزاري) هو ابن مروان بن معاوية. (عن حميد) أي: الطويل. (أشراط الساعة) أي: علاماتها وهو جمع شرط بفتح الراء. (ينزع الولد إلى أبيه) أي: يشبه. (زيادة كبد حوت) هي القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد: وهي أطيبها. (غشى المرأة) أي: جامعها. (بهت) بضم الموحدة وضم الهاء وسكونها جمع بهوت: وهو كثير البهتان، ويقال: بُهت، أي: كذابون ممارون لا يرجعون إلا الحق، ومرَّ شرح الحديث في آخر كتاب: العلم (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (59) كتاب: العلم، باب: من سئل علمًا وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل.

3330 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ يَعْنِي "لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ، وَلَوْلا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنَّ أُنْثَى زَوْجَهَا". [3399 - مسلم: 1470 - فتح 6/ 363] (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (نحوه) ظاهره: نحو الحديث السابق وليس هو نحوه كما ترى، والظاهر: أن البخاري روى قبل هذا حديثًا لكنه سقط وهو "لولا بنوا إسرائيل لم يخبث الطعام، ولم يخنز اللحم" إلى آخره، ثم قال: فيما ذكر بعده (نحوه) ثم فسر نحوه بقوله: يعني "لولا بنوا إسرائيل" إلى آخره. (لولا بنوا إسرائيل لم يخنز اللحم) بفتح النون، أي: لم ينتن، قيل: كانوا يدخرونه لنحو السبت فأنتن، وقيل: أمروا بترك ادخار السلوى، فادخروه حتى أنتن فاستمر نتن اللحم من ذلك الوقت. (ولولا حواء) بالمد سميت بذلك؛ لأنها أم كل حي، أو لأنها خلقت من ضلع آدم - عليه السلام - القصرى اليسرى وهو حي قبل دخوله الجنة، وقيل: فيها. (لم تخن أنثى زوجها) سببه أن حواء دعت آدم إلى الأكل من الشجرة. 3331 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَمُوسَى بْنُ حِزَامٍ، قَالا: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَيْسَرَةَ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ". [5184، 5186 - مسلم: 1468 - فتح 6/ 363] (أبو كريب) هو محمد بن العلاء. (زائدة) أي: ابن قدامة. (عن أبي حازم) هو سلمان الأشجعي. (استوصوا بالنساء خيرًا) أي: تواصوا في حقهن بالخير. قال

الكرماني عقب هذا: ويجوز أن تكون الباء للتعدية، والاستفعال بمعنى: الافعال نحو الاستجابة بمعنى: الإجابة (¬1) وقال الطيبي: السين للطلب مبالغة أي: أطلبوا الوصية من أنفسكم في حقهن بخير. (من ضلع) بكسر الضاد وفتح اللام واحد الضلوع ويجوز تسكين اللام. 3332 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ، "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ، وَأَجَلُهُ، وَرِزْقُهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الجَنَّةَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُ النَّارَ". [انظر: 3208 - مسلم: 2643 - فتح 6/ 363] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (إن أحدكم يجمع في بطن أمه) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: ذكر الملائكة (¬2). 3333 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ فِي الرَّحِمِ مَلَكًا، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَهَا قَال: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ، يَا رَبِّ أُنْثَى، يَا رَبِّ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، فَمَا الرِّزْقُ، فَمَا الأَجَلُ، فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ". [انظر: 318 - مسلم: 2646 - فتح 6/ 363] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 13/ 228. (¬2) سبق برقم (3208) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة.

2 - باب: الأرواح جنود مجندة

(أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (إن اللَّه وكل في الرحم ملكًا) إلى آخره، مرَّ شرحه في كتاب: الحيض في باب: مخلقة وغير مخلقة (¬1). 3334 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، يَرْفَعُهُ: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ، أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي، فَأَبَيْتَ إلا الشِّرْكَ". [6538، 6557 - مسلم: 2805 - فتح 6/ 363] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (لأهون أهل النار عذابًا) أي: لأيسرهم، ويقال: إنه أبو طالب. 3335 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ". [6867، 7321 - مسلم: 1677 - فتح 6/ 364] (على ابن آدم الأول) هو قابيل فإنه قتل أخاه هابيل. (كفل) أي: جزء. 2 - بَابٌ: الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ (باب: الأرواح جنود مجندة) الأرواح جمع روح: وهو الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة، ومعنى جنود مجندة: جموع مجتمعة وأنواع مختلفة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (318) كتاب: الحيض، باب: قول اللَّه -عزَّ وجلَّ - {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5].

3 - باب قول الله عز وجل: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه} [هود: 25]

3336 - قَال قَال اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ" وَقَال يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِهَذَا. [مسلم: 2638 - فتح 6/ 369] (قال:) أي: البخاري. (عن عمرة) أي: بنت عبد الرحمن. (فما تعارف منها) إلى آخره تعارفها موافقة صفاتها التي خلقها اللَّه عليه وتناسبها في أخلاقها وتنافرها عدم ذلك، وقيل: إنها خلقت مجتمعة ثم فرقت في أجسادها، فمن وافق لصيقه ألفه ومن باعده نافره، وفي ذلك دليل على أن الأرواح ليست بأعراض؛ لأنها كانت موجودة قبل الأجساد وتبقى بعد فنائها، وأيد ذلك بأن "أرواح الشهداء في حواصل طير خضر" (¬1). 3 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [هود: 25] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: (بَادِئَ الرَّأْيِ): "مَا ظَهَرَ لَنَا"، {أَقْلِعِي} [هود: 44]: "أَمْسِكِي"، {وَفَارَ التَّنُّورُ} [هود: 40]: نَبَعَ المَاءُ وَقَال عِكْرِمَةُ: وَجْهُ الأَرْضِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {الجُودِيُّ} [هود: 44]: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ، {دَأْبٌ} [غافر: 31]: مِثْلُ حَالٌ. (باب: قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}) هو نوح بن لمك بفتح اللام وسكون الميم، وقيل: بفتحهما، وقيل: ابن لامك ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1887) كتاب: الإمارة، باب: بيان أن أرواح الشهداء في الجنة، والترمذي (3011) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة آل عمران، والدارمي في "السنن" 2/ 143 (2407).

بفتح الميم وكسرها. ({بَادِيَ الرَّأْيِ}) معناه: (ما ظهر لنا). ({أَقْلِعِي}) أي: في قوله تعالا: {وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي}. معناه: (أمسكي). ({وَفَارَ التَّنُّور}) معناه: (نبع الماء) أي: نبع في التنور وارتفع كالقدر يفور، والتنور: تنور الخبز ابتدأ منه النبوع على خرق العادة. (وقال عكرمة) أي: مولى ابن عباس معنى التنور: وجه الأرض. ({الْجُودِيِّ}) أي: في قوله: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} معناه: (جبل بالجزيرة). أي: جزيرة ابن عمر في الشرق (¬1). ({دَأْبِ}) مراده: مثل دأب. أي: في قوله تعالى: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ} معناه: (مثل حال)، ويقال: مثل عادة. - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [نوح: 1]- إِلَى آخِرِ السُّورَةِ - {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَال لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 71 - 72]. (باب: قول اللَّه تعالى: إنا أرسلنا نوحًا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم) إلي آخر السورة. ساقط من نسخة، وكذا قوله: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ} إلخ. 3337 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال سَالِمٌ:، وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّال فَقَال: "إِنِّي لَأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلا أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 179.

أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ". [انظر: 3057 - مسلم: 169 - فتح 6/ 370] (عبدان) هو لقب عبد اللَّه بن عثمان. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (عن يونس) أي: ابن يزيد. (وما من نبي إلا أنذره) أي: الدجال. (لقد أنذر نوح قومه) خصصه بالذكر بعد التعميم؛ لأنه أول نبي أنذر قومه، أي: خوَّفهم؛ ولأنه أول الرسل؛ ولأنه أبو البشر الثاني. (إنه أعور) ورد فيه أن عينه طافية، وأنه أعور عين اليمنى (¬1)، وأنه أعور عين اليسرى (¬2) وجمع بينهما بأن يقدر فيها أن إحدى عينيه ذاهبة والأخرى معيبة، فيصح أن يقال لكل واحدة عوراء؛ إذ الأصل في العور العيب، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الجنائز. 3338 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا عَنِ الدَّجَّالِ، مَا حَدَّثَ بِهِ نَبِيٌّ قَوْمَهُ: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّهُ يَجِيءُ مَعَهُ بِمِثَالِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَالَّتِي يَقُولُ إِنَّهَا الجَنَّةُ هِيَ النَّارُ، وَإِنِّي أُنْذِرُكُمْ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ". [مسلم: 2936 - فتح 6/ 370] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوى. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (بمثال الجنة والنار) أي: بصورتهما، وفي نسخة: "مثال" بحذف الباء. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7123) كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال. و (7407) كتاب: التوحيد، باب: قول اللَّه تعالى {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}. (¬2) رواه مسلم برقم (2934) كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه. وابن ماجه برقم (4071) كتاب: الفتن، باب: فتنة الدجال وخروج عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج.

(كما أنذر به نوح - عليه السلام - قومه) وجه الشبه فيه: الإنذار المقيد بمجيء المثال في صحبته، وإلا فالإنذار هنا مختص به. 3339 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالى، هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ لَا مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ، فَيَقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَهُوَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَالوَسَطُ العَدْلُ". [4487، 7349 - فتح 6/ 371] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. (فيقولون لا ما جاءنا من نبي) قيل: قد قال اللَّه: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} [يس: 65] فكيف يتكلمون بذلك، وأجيب: بأن في يوم القيامة مواطن بعضها يتكلمون فيه وبعضها يسكتون فيه. 3340 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَعْوَةٍ، "فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً" وَقَال: "أَنَا سَيِّدُ القَوْمِ يَوْمَ القِيَامَةِ، هَلْ تَدْرُونَ بِمَ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: أَلا تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، إِلَى مَا بَلَغَكُمْ؟ أَلا تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: أَبُوكُمْ آدَمُ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الجَنَّةَ، أَلا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ: رَبِّي

غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَنَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، أَمَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلا تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا، أَلا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّي غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، نَفْسِي نَفْسِي، ائْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَأْتُونِي فَأَسْجُدُ تَحْتَ العَرْشِ، فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ " قَال مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ: لَا أَحْفَظُ سَائِرَهُ. [3361، 4712 - مسلم: 194 - فتح 6/ 371] (أبو حيان) هو يحيى بن سعيد بن حيان التيمي. (عن أبي زرعة) هو هرم بن عمرو بن جرير بن عبد اللَّه البجلي. (في دعوة) بفتح الدال، أي: في ضيافة وبكسرها: في النسب، وبضمها: في الحرب. (وكانت تعجبه) أي: لنضجها مع زيادة لذتها وحلاوة مذاقها وبعدها عن مواضع الأذى. (فنهش) بمعجمة، وفي نسخة: بمهملة وكل صحيح لكن بالمعجمة: الأخذ بالأضراس، وبالمهملة: الأخذ بأطراف الأسنان، وقيل: هما بمعنى. (أنا سيد الناس يوم القيامة) أي: الذي يفوق قومه ويفزع إليه في الشدائد، وقيل: سيادته بيوم القيامة؛ لأن القصة فيه، ولارتفاع سؤدده فيه وتسليم جميعهم له وإلا فهو سيد في الدنيا أيضًا ولا ينافي ذلك قوله: "لا تخيروا بين الأنبياء" وقوله: "لا تفضلوني على يونس"؛ لأن قوله ذلك كان تواضعًا، أو قاله: قبل أن يعلم بأنه سيد ولد آدم؛ ولأن المنع إنما هو في ذات النبوة والرسالة فإن الأنبياء فيها على حد واحد إذ هي شيء واحد لا يتفاضل، وإنما التفاضل في زيادة الأحوال، والكرامات والرتب والألطاف. (في صعيد واحد) أي: أرض واسعة مستوية.

(فيبصرهم الناظر) أي: يحيط بهم بصر الناظر، وفي نسخة: "فينفدهم البصر" بضم الياء والمراد: أنه تعالى يستوعبهم بعلمه. (ويسمعهم) بضم الياء. (لا ما بلغكم) بدل من قوله: (إلى ما أنتم فيه). (بلغنا) بفتح المعجمة، وقيل: يسكونها. (ربي غضب) المراد من الغضب: لازمه وهو إرادة إيصال الشر. (نفسي نفسي) أي: هي التي تستحق أن يشفع لها إذ المبتدأ إذا اتحد مع الخبر، فالمراد: بعض لوازمه، أو نفسي الأول مبتدأ خبره محذوف، أو عكسه والثاني تأكيد. (اذهبوا إلى نوح) بيان لقوله: (اذهبوا إلى غيري). (أنت أول الرسل) قالوا له ذلك؛ لأنه آدم الثاني، أو لأنه أول رسول هلك قومه. (أما ترى) بتخفيف الميم حرف استفتاح بمنزلة (ألا) وألا بعدها في الموضعين للعرض والتحضيض. (فيأتون) بحذف نون الرفع بلا ناصب ولا جازم على لغة. 3341 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ "فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" مِثْلَ قِرَاءَةِ العَامَّةِ. [3345، 3376، 4869، 4870، 4871، 4872، 4873، 4874 - مسلم: 823 - فتح 6/ 371] (أبو أحمد) هو محمد بن عبد اللَّه بن الزبير. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد اللَّه السبيعي. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (مثل قراءة العامة) أي: بالإدغام وإهمال الدال، وقرئ بفك الإدغام مع إهمال الدال، وبالإدغام مع إعجام الذال وأصل القراءة الأولى (مذتكر) بمعجمة وتاء وهما متقاربان، والثاني مهموس فأبدل بمجهور يقاربه في المخرج وهو دال مهملة، ثم أبدلت المعجمة بمهملة وأدغمت في المهملة.

4 - باب {وإن إلياس لمن المرسلين إذ قال لقومه ألا تتقون أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين} [الصافات: 124] (الله ربكم ورب آبائكم الأولين) {فكذبوه فإنهم لمحضرون إلا عباد الله المخلصين وتركنا عليه في الآخرين} [الصافات: 123 - 129]

4 - بَابُ {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخَالِقِينَ} [الصافات: 124] (اللَّهُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ) {فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ. إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ المُخْلَصِينَ. وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} [الصافات: 123 - 129] قَال ابن عَبَّاسٍ: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)} [الصافات: 130 - 132]. يُذكَرُ عَنِ ابن مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ إِلْيَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ. [فتح 6/ 373] (باب: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)}) إذ منصوب باذكر مقدرًا. ({قَال لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا}) اسم لصنم لهم من ذهب. ({وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ}) أي: تتركونه. ({اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126)}) برفع الثلاثة على الاستئناف، وبنصبها على البدل من أحسن. ({فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127)}) أي: في النار. ({إلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129)}). أي: ثناء حسنًا وإليه أشار بقوله: (قال ابن عباس: يذكر بخير) أي: إلياس. ({سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130)}) بفتح الهمزة ومذها بإضافة (إِل) إلى (ياسين) والمراد: إلياس وقرئ بكسرها وقصرها على لغة في إلياس. الضمير في (إنه) لإلياس. (أن إلياس هو إدريس) بناه قائله على أن إدريس لم يكن جدًّا لنوح عليه السلام، وإنما هو من بني إسرائيل، واستشكل بأن قوله تعالى: {وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ} [الأنعام: 84]. إلى آخره يقتضي أن إلياس من ذرية نوح، وقد أجمعوا على أن إدريس كان جدًّا لنوح فكيف يقال: أن إلياس هو إدريس، وقد يجاب: بأنه جد كما دلَّ عليه كلام

5 - باب ذكر إدريس لله: وقول الله تعالى: {ورفعناه مكانا عليا (57)} [مريم: 57]

ابن إسحاق (¬1) وفاقًا للإجماع ويؤول كلام ابن مسعود وابن عباس بأن إدريس الذي هو جدُّ نوح يسمى أيضًا بإلياس. وهو غير إلياس الذي من ذرية نوح. 5 - بَابُ ذِكْرِ إِدْرِيسَ للَّه: وَقَوْلِ اللَّه تَعَالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)} [مريم: 57]. (باب: ذكر إدريس) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. (وهو) أي: إدريس. (ويقال: جد نوح، - عليه السلام -) ساقط من نسخة. (وقول اللَّه) بالجر عطف على (ذكر إدريس). (مكانًا عليًّا) هو السماء الرابعة. 3342 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال " فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَال جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ، قَال مَنْ هَذَا؟ قَال هَذَا جِبْرِيلُ قَال: مَعَكَ أَحَدٌ قَال: مَعِي مُحَمَّدٌ، قَال أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ فَافْتَحْ، فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا إِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْودَةٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْودَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، فَقَال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَال: هَذَا آدَمُ وَهَذِهِ الأَسْودَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ ¬

_ (¬1) "سيرة ابن إسحاق" ص 1.

بَنِيهِ، فَأَهْلُ اليَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الجَنَّةِ، وَالأَسْودَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَقَال لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، فَقَال لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَال الأَوَّلُ فَفَتَحَ " قَال أَنَسٌ: فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ إِدْرِيسَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يُثْبِتْ لِي كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ: أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ، وَقَال أَنَسٌ: فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِإِدْرِيسَ قَال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَال هَذَا إِدْرِيسُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، قُلْتُ مَنْ هَذَا قَال هَذَا مُوسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، قُلْتُ مَنْ هَذَا قَال عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ مَنْ هَذَا، قَال: هَذَا إِبْرَاهِيمُ " قَال: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا جبة (¬1) الأَنْصَارِيَّ، كَانَا يَقُولانِ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثُمَّ عُرِجَ بِي، حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ صَرِيفَ الأَقْلامِ"، قَال ابْنُ حَزْمٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى، فَقَال: مُوسَى مَا الَّذِي فَرَضَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلاةً، قَال: فَرَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَال رَاجِعْ رَبَّكَ: فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَال: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّي، فَقَال: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ، لَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَال رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلْتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، ولعله أبو حبة بالباء، انظر: "الاستيعاب" 4/ 194 - 195.

6 - باب قول الله تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله} [الأعراف: 65]

مِنْ رَبِّي، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى بِي السِّدْرَةَ المُنْتَهَى، فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ [الجَنَّةَ] فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا المِسْكُ". [انظر: 349 - مسلم: 163 - فتح 6/ 374] (عنبسة) أي: ابن خالد. (ظهرت) أي: علوت. (لمستوى) في نسخة: "بمستوى" بفتح الواو فيهما أي: صعيدًا. (حتى أتي السدرة) في نسخة: "حتى أتى بي السدرة" وفي أخرى: "حتى أتى إلى السدرة"، ومرَّ شرح الحديث أول كتاب الصلاة (¬1). 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَال يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [الأعراف: 65] وَقَوْلِهِ: {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالى {كَذَلِكَ نَجْزِى الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الأحقاف: 21 - 25]. فِيهِ: عَنْ عَطَاءٍ وَسُلَيْمَانَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. [انظر: 3206، 4828] (باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَال يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ}، وَقَوْلِهِ: {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالى {كَذَلِكَ نَجْزِى الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}) هذا آخر الترجمة. (فيه) أي: في الباب. (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) رواه في بدء الخلق بلفظ: كان إذا رأى مخيلة أقبل وأدبر، وفي آخره وما أدري لعله كما قال قوم: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} الآية (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (349) كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة في الإسراء. (¬2) سبق برقم (3206) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في قوله {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: 57].

- بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} [الحاقة: 6] شَدِيدَةٍ، {عَاتِيَةٍ} [الحاقة: 6] قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَتَتْ عَلَى الخُزَّانِ {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة: 7] "مُتَتَابِعَةً" {فَتَرَى القَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاويَةٍ} [الحاقة: 7] "أُصُولُهَا" {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 8] "بَقِيَّةٍ". (باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ}) أي: (شديدة). ({عَاتِيَةٍ}) من عتى عتوًا: إذا جاوز الحد، وقيل: الصرصر: شديد الصوت، وقيل: البارد. (قال ابن عيينة) أي: في تفسير عاتية. (عتت على الخزان) أي: خزان الريح: وهم الملائكة الموكلون بها، أي: عتت عليهم وجاوزت المقدار. ({سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}) أي: (متتابعة). ({فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى}) أي: مطروحين. {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاويَةٍ} أي: ساقطة فارغة. (أصولها) أي: أصول النخل وهو تفسير لأعجازها. ({فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)}) أي: (بقية) وقيل: باقية مصدر كالعاقبة، أي: فهل ترى لهم من بقاء. 3343 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ". [انظر: 1035 - مسلم: 100 - فتح 6/ 376] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة.

(نصرت بالصبا) إلى آخره، مرّ شرحه في الاستسقاء، في باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - "نصرت بالصبا" (¬1). 3344 - قَال: وَقَال ابْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَرْبَعَةِ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الحَنْظَلِيِّ، ثُمَّ المُجَاشِعِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ، وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلاثَةَ العَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلابٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ، وَالأَنْصَارُ، قَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا، قَال: "إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ". فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ، فَقَال: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَال: "مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ؟ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي" فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ، - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَال: "إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ". [3610، 4351، 4667، 5058، 6163، 6931، 6933، 7432 - مسلم: 1064 - فتح 6/ 376] (ابن كثير) هو محمد بن كثير العبدي. (سفيان) أي: الثوري. (عن أبيه) هو سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري. (ابن أبي نُعْم) بضم النون هو عبد الرحمن أبو الحكم البجلي. (بذهيبة) قال الخطابي: أنثها على نية القطعة من الذهب، وقد يؤنث الذهب في بعض اللغات (¬2). (الأقرع) إلا آخره بالرفع خبر مبتدإِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1035) كتاب: الاستسقاء، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالصبا". (¬2) "إعلام الحديث" 3/ 1534.

محذوف، وبالجر بدل من (الأربعة)، أو بيان له. (الحنظلي) نسبة إلى حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة. (ثم المجاشعي) نسبة إلى مجاشع بن آدم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة. (عيينه بن بدر) نسبة إلى جدٍّ له، وإلا فهو حذيفة بن حصين بن حذيفة بن بدر وعيينة لقبه لقب به؛ لأنه طعن في عينيه. (الفزاري) نسبة إلى فزارة. (صناديد) أي: رؤساء جمع صنديد بكسر الصاد. (نجد) سمي به لعلوِّه عن انخفاض تهامة. (فأقبل رجل) هو ذو الخويصرة. (مشرف الوجنتين) أي: غليظهما، والوجنة مثلثة الواو، وقد تقلب الواو ألفًا. (ناتئ الجبين) أي: مرتفعة. (كث اللحية) أي: كثير شعرها. (محلوق) أي: محلوق الرأس كما في مسلم (¬1). (أحسبه) أي: أظن أن هذا السائل هو خالد بن الوليد، وقيل: عمر بن الخطاب ولا تنافي لجواز أنهما سألا جميعًا. (فمنعه) أي: من القتل لئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه ولا ينافي ذلك قوله بعد: (لئن أدركتهم لأقتلنهم)؛ لأن المراد إدراك زمان خروجهم، إذا أكثروا واعترضوا الناس بالسيف. (من ضئضئ هذا) بكسر المعجمتين، وسكون الهمزة الأولى، أي: الأصل، والمراد: من نسله وعقبه، ويقال: فيه ضؤضؤ، ورواه بعضهم بمهملتين مكسورتين، والكل بمعنى قاله ابن الأثير (¬2). (لا يجاوز حناجرهم) جمع حنجرة: وهي رأس ¬

_ (¬1) مسلم (1064) كتاب: الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم. (¬2) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 3/ 105.

الغلصمة (¬1) حيث تراه نائيًا من خارج الحلق، والمراد: لا يرفع في الأعمال الصالحة. (يمرقون من الدين) أي: الطاعة، وفي نسخة: "من الإسلام". (مروق السهم من الرمية) أي: يخرجون منه خروج السهم إذا نفد من الصيد من جهة أخرى ولم يتعلق بالسهم من دمه شيء، والرمية بوزن فعيلة بمعنى مفعولة. (قتل عاد) مرَّ معناه آنفًا، وفي نسخة: "قتل ثمود". 3345 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15]. [انظر: 3341 - مسلم: 823 - فتح 6/ 379] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) أي: السبيعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقرأ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}) [القمر: 15] مرَّ شرحه في باب: قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} (¬2). ¬

_ (¬1) الغلصمة: اللحم بين الرأس والعنق، أو العجرة على ملتقى اللهاة والمريء، أو رأس الحلقوم بشواربه. انظر: مادة (غلم) في "القاموس المحيط". (¬2) سبق برقم (3341) كتاب: أحاديث الأنبياء: قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}.

7 - باب قصة ياجوج ومأجوج

7 - بَابُ قِصَّةِ يَاجُوجَ (¬1) وَمَأْجُوجَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: قَالُوا {يَا ذَا القَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ، وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ} [الكهف: 94] قَوْلُ اللَّهِ تَعَالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي القَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا. إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} [الكهف: 84]. (فَاتَّبَعَ سَبَبًا) - إِلَى قَوْلِهِ - (ائْتُونِي زُبَرَ الحَدِيدِ) [الكهف: 83 - 96]: "وَاحِدُهَا زُبْرَةٌ وَهِيَ القِطَعُ" {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} [الكهف: 96] يُقَالُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: الجَبَلَيْنِ، وَالسُّدَّيْنِ الجَبَلَيْنِ {خَرْجًا} [الكهف: 94]: "أَجْرًا"، {قَال انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَال آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96]: "أَصْبُبْ عَلَيْهِ رَصَاصًا، وَيُقَالُ الحَدِيدُ، وَيُقَالُ: الصُّفْرُ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "النُّحَاسُ" {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: 97] " يَعْلُوهُ، اسْتَطَاعَ اسْتَفْعَلَ، مِنْ أَطَعْتُ لَهُ، فَلِذَلِكَ فُتِحَ أَسْطَاعَ يَسْطِيعُ، وَقَال بَعْضُهُمْ: اسْتَطَاعَ يَسْتَطِيعُ"، وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا. (قَال هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكًّا): أَلْزَقَهُ بِالأَرْضِ، وَنَاقَةٌ دَكَّاءُ لَا سَنَامَ لَهَا، وَالدَّكْدَاكُ مِنَ الأَرْضِ مِثْلُهُ، حَتَّى صَلُبَ وَتَلَبَّدَ، {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا. وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 98] {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] قَال قَتَادَةُ: "حَدَبٌ: أَكَمَةٌ " قَال رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُ السَّدَّ مِثْلَ البُرْدِ المُحَبَّرِ، قَال: "رَأَيْتَهُ". ¬

_ (¬1) كذا في الأصل بغير همز، وفي (س) بالهمز.

(باب: قصة يأجوج ومأجوج) بالهمز ودونه فيهما، وهما ابنا يافث بن نوح - عليه السلام - وهما من ذرية آدم - عليه السلام - بلا خلاف، لكن اختلفوا فقيل: هما من ولد يافث بن نوح - عليه السلام - كما مرَّ، وقيل: هما جيل من الترك، وقيل: يأجوج من الترك ومأجوج من الديلم، وقيل: من آدم لكن من غير حواء؛ لأن آدم نام فاحتلم فامتزجت نطقته بالتراب فلما انتبه آسف على ذلك الماء الذي خرج منه فخلق اللَّه من ذلك الماء يأجوج ومأجوج. (وقول اللَّه تعالى) بالجر عطف على قصة يأجوج. (يا ذا القرنين) اسمه: عبد اللَّه بن الضحاك بن معد، وقيل: مصعب بن عبد اللَّه بن فنان بن منصور، وقيل: إسكندر وهو مؤمن لا نبي، ولا الإسكندر اليوناني؛ لأن ذاك مشرك وسمي ذا القرنين؛ لأنه لما دعى قومه إلى الإيمان ضربوه على قرنه الأيمن فمات ثم بعث، ثم دعاهم فضربوه على الأيسر فمات ثم بعث، أو لأنه بلغ قطري الأرض المشرق والمغرب [أو لأنه ملك فارس والروم، أو كان ذا ضفيرتين من شعر، والعرب تسمي الخصلة من الشعر قرنًا] (¬1) أو لأنه كان لتاجه قرنان أو لأنه أعطي علمي الظاهر والباطن أو لغير ذلك. (وقول اللَّه تعالى) بالجر عطف على قصة يأجوج أيضًا، وفي نسخة: "باب: قول اللَّه تعالى" إلى آخره، وفي أخرى: " {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو} " أي: سأقص. ({عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا}) أي: خبرا. ({إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ}) أي: بتسهيل السير فيها. ¬

_ (¬1) من (س).

({مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}) أي: يحتاج إليه. ({سَبَبًا}) أي: طريقًا يوصله إلى مراده. (إلى قوله: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ}) في نسخة: إلى قوله: " {سَبَبًا} " وساق في أخرى الآيات كلها. (واحدها) أي: واحد الزبر. (زبرة) وهي أي: الزبر: (القطع {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ}) بضمتين وبفتحتين وبضمة وسكون وبفتحة وضمة. (يقال عن ابن عباس: الجبلين)، وعن غيره أي: الناحيتين من الجبلين وهما متقاربان. (والسدين) بضم السين وفتحها، أي: (الجبلين) أيضًا فهما بمعنى الصدفين، وقيل: ما كان من صنع اللَّه فبالضم، وما كان من صنع الآدمي فبالفتح. ({خَرْجًا}) يعني في قوله تعالى: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا} أي: (أجرًا) في رواية: "أجرًا عظيمًا". ({قَال انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَال آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}) معناه: (أصب عليه رصاصًا) بكسر الراء وفتحها. (ويقال) معنى: القطر. (الحديد، ويقال:) معناه: (الصفر) بضم الصاد وكسرها (وقال ابن عباس) معناه: (النحاس) بثليث النون. (فما اسطاعوا أن يظهروه) معنى يظهروه: يعلوه. (استطاع) الذي هو أصل: (اسطاع) وزنه (استفعل)؛ لأنه (من طعت له) بضم الطاء وسكون العين فهو واوي؛ لأنه من الطوع، يقال: طاع له وطعت له مثل: قال له وقلت له، ولما نقل طاع إلى باب الاستفعال صار استطاع بوزن استفعل، ثم حذفت التاء تخفيفًا بعد نقل حركتها إلى الهمزة فصار اسطاع بفتح الهمزة (فلذلك) يعني: فلأجل حذف التاء ونقل حركتها

إلى الهمزة قيل: (أسطاع يسطيع) بفتح أولهما لكن بعضهم قال في المستقبل: بضم الياء وهو غريب. ({وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا}) أي: لم يتمكنوا من نقب السد من أسفله؛ لشدته وصلابته، وأشار بذلك إلى أن لفظ: (استطاعوا) باق على أصله، وأن التصرف السابق إنما كان في قوله: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ}. ({قَال هَذَا}) أي: السد. ({جَعَلَهُ دَكَّاءَ}) أي: ألزقه بالأرض، أي: سوَّاه بها، وناقة دكاء، أي: (لا سنام لها) بل ظهرها منبسط مستو. (والدَّكداك من الأرض) أي: المستوي بها (مثله) أي: مثل ما ذكر في دكاء من أن المراد به: الانبساط والاستواء. ({وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ}) إلى آخره، أي: وتركنا بعض يأجوج ومأجوج يوم خروجهم يضطرب ويختلط بعضهم في بعض، وقيل: تركنا بعض الخلق يوم القيامة يضطرب ويختلط بعضهم في بعض وهم حيارى من شدة يوم القيامة. ({حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ}) في نسخة: قبل هذا: "باب". ({وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)} أي: يسرعون مع تقارب الخطا. (قال قتادة: حدب) أي: (أكمة) هو قريب من قول غيره معناه: نشز أي: مرتفع. (رأيت السد) بضم التاء. (مثل البرد المحبر) بفتح الحاء المهملة والموحدة المشددة، أي: المخطط بخط أبيض، وخط أسود، أو أحمر (قال) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - له.

(رأيته) بفتح التاء، قاله تصديقًا له. 3346 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ" وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَال: "نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ". [3598، 5293 (معلقًا)، 7059، 7135 - مسلم: 2880 - فتح 6/ 381] (عقيل) أي: ابن خالد. (ويل) كلمة تقال عند الحزن. (من ردم يأجوج ومأجوج) أي: من سدهم. (وحلق بإصبعه والتي تليها) يعني جعل السبابة في أصل الإبهام وضمها حتى لم يبق بينهما إلا خلل يسير، ومعناه: عند الحساب تسعون كما سيأتي في الحديث الآتي. (أنهلك) بكسر اللام ويروى بضمها. (الخبث) هو الفسوق والفجور، وقيل: الزنا، وقيل: أولاد الزنا. 3347 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "فَتَحَ اللَّهُ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذَا وَعَقَدَ بِيَدِهِ تِسْعِينَ". [7136 - مسلم: 2881 - فتح 6/ 382] (وهيب) أي: ابن خالد البصري. (ابن طاووس) "هو عبد اللَّه" كما في نسخة. 3348 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا أَبُو

صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: "يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَال: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟، قَال: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الوَاحِدُ؟ قَال: "أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا. ثُمَّ قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ " فَكَبَّرْنَا، فَقَال: "أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ" فَكَبَّرْنَا، فَقَال: "أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ" فَكَبَّرْنَا، فَقَال: "مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إلا كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ". [4741، 6530، 7483 - مسلم: 222 - فتح 6/ 382] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن الأعمش) هو سليمان. (أبو صالح) هو ذكوان الزيات. (بعث النار) أي: مبعوثها بمعنى المبعوث لها وخصَّ آدم بذلك؛ لأن اللَّه تعالى قد أطلعه على نسم بنيه المتوالدين منه إلى يوم القيامة. (قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين) بنصب خبر يكون محذوفة، والتقدير: بعث النار من كل ألف يكون تسعمائة إلى آخره، وبالرفع مبتدأ خبره: (من كل ألف) والجملة خبر (بعث النار) المقدر. (فعنده) أي: عند قول اللَّه تعالى لآدم ما ذكر (يشيب الصغير {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} وجه ذلك مع أن يوم القيامة لا حمل فيه ولا وضع: أن وقت ذلك زلزلت الساعة قبل خروجهم من الدنيا فهو حقيقة، وقيل: هو مجاز عن الهول والشدة؛ يعني: لو

8 - باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} [النساء: 125]

تصورت الحوامل هنالك لوضعن حملهن كما تقول العرب أصابنا أمر يشيب منه الولدان. (فإن منكم رجلًا) بنصبه على أنه اسم (إن) وبرفعه على أنه مبتدأ مؤخر ويقدر في أن ضمير الشأن، أي: فإنه منكم رجل. (ومن يأجوج ومأجوج ألفًا) بنصبه ورفعه بالوجهين السابقين. (فكبرنا) أي: عظمنا ذلك وقلنا اللَّه أكبر. (أو كشعرة) أو للتنويع منه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أو شك من الراوي. 8 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] وَقَوْلِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} [النحل: 120]: وَقَوْلِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114]، وَقَال أَبُو مَيْسَرَةَ: الرَّحِيمُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ. (باب: قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}). سمي خليلا لشدة محبة ربه تعالى له؛ لما قام له من الطاعة التي يحبها ويرضاها، أو لأنه لما أصاب من معه جدب أرسل إلى خليلٍ له من أهل الموصل، أو من أهل مصر ليمتار لمن معه طعامًا فلم يجده عنده، فلما قرب من أهله مرَّ بمفازة ذات رمال فقال: لو ملأت غرائري من هذا الرمل؛ لئلا أغم أهلي برجوعي إليهم بغير ميرة؛ وليظنوا أني آتيهم بما يجبون ففعل ذلك، فتحول ما في غرائره من الرمل دقيقًا فلما صار إلى منزله نام، وفتح أهله الغرائز فوجدوا دقيقًا فعجنوا منه وخبزوه، فاستيقظ فسألهم عن الدقيق الذي خبزوا منه فقالوا: من الدقيق الذي جئت به من عند خليلك فقال: نعم هو من خليلي اللَّه (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: "تفسير الطبري" 4/ 297.

(وقوله) بالجر عطف على (قول اللَّه). (لأواه) أي: كثير التأوه بقوله أوه وهو المتأوه: المتضرع، وقيل: هو كثير البكاء، وقيل: كثير الدعاء، وقيل: غير ذلك. (وقال أبو ميسرة) هو عمرو بن شرحبيل الهمداني معنى الحليم: (الرحيم)، في نسخة: "الأواه الرحيم". (بلسان الحبشة) ليس لذكره كبير معنى. 3349 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا المُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104]، وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ أَصْحَابِي أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَال العَبْدُ الصَّالِحُ ": {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} [المائدة: 117]- إِلَى قَوْلِهِ - {العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118]. [3447، 4625، 4626، 4740، 6524، 6525، 6526 - مسلم: 2860 - فتح 6/ 386] (سفيان) أي: الثوري. (إنكم محشورون) أي: عند الخروج من القبور. (حفاةً عراةً) لا ينافي هذا خبر: "حسنوا أكفان أمواتكم فإن المبت يبعث في ثيابه التي يموت فيها" (¬1) لأن هذا عند الخروج من القبور كما تقرر وذاك بعد. فإن يوم القيامة مواقف. وعلى ذاك يحمل قوله بعد: (وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم). ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة 2/ 469 كتاب: الجنائز، باب: ما قالوا في تحسين الكفن رمن أحبه ومن رخص فيه.

(غرلًا) بضم المعجمة جمع أغرل وهو الأقلف: وهو الذي لم يختن وبقيت معه غرلته وهي قلفته: وهي الجلدة التي تقطع في الختان. (وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم) خص بذلك؛ لأنه أول من كسى الكعبة، أو لأنه ألقي في النار عريانًا، أو لأنه أول من لبس السراويل مبالغة في الستر. (ذات الشمال) أي: جهة النار. (فأقول: أصحابي) إلى آخره قيل: كيف خفى عليه حالهم مع إخباره بعرض أمته عليه، وأجيب: بأنهم ليسوا من أمته وإنما يعرض عليه أعمال الموحدين لا المرتدين والمنافقين. (كما قال العبد الصالح) هو عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام. 3350 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي أَخِي عَبْدُ الحَمِيدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي، فَيَقُولُ أَبُوهُ: فَاليَوْمَ لَا أَعْصِيكَ، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: "إِنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الكَافِرِينَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ". [4768، 4769 - فتح 6/ 387] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب. (قترة) أي: سواد الدخان. (وغبرة) أي: غبار، وقيل: القترة ما يغشى الوجه من كرب، وقيل: هي غبرة معها سواد كالدخان، وقيل:

هي الغبرة فهما مترادفان وسوغ العطف اختلاف اللفظين. (من أبي) أي: من خزي أبي. (الأبعد) أي: من رحمة اللَّه وقاله بأفعل التفضيل؛ لأن الفاسق بعيد والكافر أبعد، وقيل: هو بمعنى: الباعد، أي: الهالك من بعد بفتح العين إذا هلك. (بذيخ) بكسر المعجمة وسكون الياء وبخاء معجمة: ذكر الضبع الكثير الشعر. (ملتطخ) أي: بالرجيع، أو بالطين، أو بالدم والعذرة والمعنى: أن آزر يمسخ ويتغير عن هيئته لنزول رأفة إبراهيم عليه وشفاعته له ويتبرأ منه. 3351 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ بُكَيْرًا، حَدَّثَهُ عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْتَ، فَوَجَدَ فِيهِ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ، وَصُورَةَ مَرْيَمَ، فَقَال "أَمَا لَهُمْ، فَقَدْ سَمِعُوا أَنَّ المَلائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، هَذَا إِبْرَاهِيمُ مُصَوَّرٌ، فَمَا لَهُ يَسْتَقْسِمُ". [انظر: 398 - مسلم فتح 6/ 387] (يحيى) أي: ابن سليمان الجعفي. (ابن وهب) هو عبد اللَّه. (وعمرو) أي: ابن الحارث البصري. (أن بكيرًا) أي: ابن عبد اللَّه بن الأشجع. (البيت) أي: الكعبة. (أمَّا هم) أي: قريش. (وهذا إبراهيم) أي: صورته. (فما له يستقسم) أي: ما له بيده الأزلام يستقسم بها وهذا إبعاد منه في حق إبراهيم عليهما السلام؛ لأنه معصوم منه، والاستقسام: طلب

معرفة ما قسم له مما لم يقسم له بالأزلام وهي القداح، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الحج، في باب: من كبر في نواحي الكعبة (¬1). 3352 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي البَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ بِأَيْدِيهِمَا الأَزْلامُ، فَقَال "قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، وَاللَّهِ إِنِ اسْتَقْسَمَا بِالأَزْلامِ قَطُّ". [انظر: 398 - مسلم فتح 6/ 387] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (عن أيوب) أي: السختياني. (ورأى إبراهيم وإسماعيل) أي: صورتيهما. (قاتلهم اللَّه) أي: قتلهم بمعنى: لعنهم. (إن استقسما) أي: ما استقسما. 3353 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَال: "أَتْقَاهُمْ" فَقَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَال: "فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ" قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَال: "فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِ؟ خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ، إِذَا فَقُهُوا" قَال: أَبُو أُسَامَةَ، وَمُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [3374، 3383، 3490، 4689 - مسلم: 2378 - فتح 6/ 387] (عبيد اللَّه) أي: ابن عمر العمري. (سعيد بن أبي سعيد) سعيد هو المقبري وأبوه كيسان. (أتقاهم) أي: أشدهم تقوى اللَّه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1601) كتاب: الحج، باب: من كبر في نواحي الكعبة.

(فقال: فيوسف) إلى آخره، أي: أشرفهم؛ لأن معنى الكرم هنا الشرف ونبي اللَّه الأول هو يعقوب، والثاني إسحاق، والثالث وهو خليل اللَّه إبراهيم. (فعن معادن العرب) أي: أصولهم التي ينسبون إليها ويتفاخرون بها وشبههم بالمعادن؛ لأنهم أوعية للعلوم كما أن المعادن أوعية للجواهر النفيسة. (إذا فقهوا) بكسر القاف، أي: فهموا وعلموا. قال النووي: يقال: فقه يفقه فقهًا كفرح يفرح فرحًا، وقيل: فقهًا بسكون القاف، وقال ابن القطاع وغيره: يقال: فقه إذا فهم وفقه إذا صار الفقه له سجيه وفقه إذا سبق غيره إلى الفهم. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (ومعتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان، وأشار بهذا التعليق إلى أنهما خالفا يحيى بن سعيد القطان في الإسناد حيث لم يرويا إلا عن سعيد عن أبي هريرة ولم يذكرا الأب، بخلاف يحيى فإنه قال: عن سعيد. 3354 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ طَويلٍ، لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا، وَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 845 - مسلم: 2275 - فتح 6/ 387] (مؤمل) أي ابن هشام البصري. (إسماعيل) أي: ابن علية. (عوف) هو الأعرابي. (عن أبي رجاء) هو عمران العطاردي. (فأتينا) أي: فذهبا بي حتى أتينا، ومرَّ شرح الحديث في الجنائز (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1386) كتاب: الجنائز.

3355 - حَدَّثَنِي بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَذَكَرُوا لَهُ الدَّجَّال بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ، أَوْ ك ف ر، قَال: لَمْ أَسْمَعْهُ، وَلَكِنَّهُ قَال: "أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ، وَأَمَّا مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ انْحَدَرَ فِي الوَادِي". [انظر: 1555 - فتح 6/ 388] (النضر) أي: ابن شميل. (ابن عون) هو عبد اللَّه. (أوْ: كـ ف ر) أي: أو هذه الحروف الدالة على الكفر. (أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم) أي: إليَّ. فأشار بذلك إلى نفسه فإنه كان أشبه الناس بإبراهيم - عليه السلام - عليهما. (فجعد) أي: جعد الجسم، وقيل: جعد الشعر. (مخطوم) أي: مزموم بالزمامة: وهو ما يجعل في أنف البعير وإليه أشار بقوله: (بخلبة) بضم المعجمة وسكون اللام وضمها وبموحدة، أي: بخصلة من الليف، ومرَّ شرح الحديث في الحج في باب: التلبية إذا انحدر في الوادي (¬1). 3356 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالقَدُّومِ". [6298 - مسلم: 2370 - فتح 6/ 388] حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، وَقَال "بِالقَدُومِ مُخَفَّفَةً"، تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، تَابَعَهُ عَجْلانُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. (بالقدوم) بفتح القاف وتخفيف الدال: آلة النجار، وبضم القاف وتشديد الدال: قرية بالشام وفيها التخفيف أيضًا قاله الكرماني (¬2) ¬

_ (¬1) سبق (1555) كتاب: الحج، باب: التلبية إذا انحدر في الوادي. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 14/ 15، وانظر: "معجم البلدان" 4/ 312.

والأكثر: أنه بالتخفيف وإرادة الآلة. (تابعه) أي: شعيبًا. (وتابعه) أي: شعيبًا أو عبد الرحمن بن إسحاق. 3357 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ الرُّعَيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إلا ثَلاثًا". [انظر: 2217 - مسلم: 2371 - فتح 6/ 388] (عن أيوب) أي: السختياني. (لم يكذب إلا ثلاث كذبات) بفتح الذال. 3358 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ إلا ثَلاثَ كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَوْلُهُ {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]. وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]. وَقَال: بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ، إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَا هُنَا رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَال: مَنْ هَذِهِ؟ قَال: أُخْتِي، فَأَتَى سَارَةَ قَال: يَا سَارَةُ: لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، فَلَا تُكَذِّبِينِي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فَأُخِذَ، فَقَال: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ، فَقَال: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ، فَقَال: إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِي بِإِنْسَانٍ، إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ، فَأَتَتْهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: مَهْيَا، قَالتْ: رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الكَافِرِ، أَو الفَاجِرِ، فِي نَحْرِهِ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ " قَال أَبُو هُرَيْرَةَ تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ. [انظر: 2217 - مسلم: 2371 - فتح 6/ 388] (ثنتين منهن في ذات اللَّه) أي: بسببه وأجله، وإنما خصهما بذلك؛ لأن قصة سارة وإن كانت أيضًا في ذات اللَّه لكونها سببًا لدفع

كافر عن مواقعة فاحشة عظيمة لكنها تضمنت نفعًا لإبراهيم بخلاف تينك، واعلم أن الثلاث ليست كذبًا بالحقيقة بل على التشبيه ويسمى مثله بالمعاريض (فقوله: {إِنِّي سَقِيمٌ}) أي: سأسقم لأن الإنسان عُرضة للأسقام، أو كانت تاخذه الحمى في ذلك الوقت، (وقوله: كبيرهم) أسند إليه الفعل باعتبار السببية أو الشرطية، بقوله: {إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} وقوله: (أنكِ أختي) أي: في الإسلام. (بينا هو ذات يوم وسارة) أي: معه فالواو للحال، أو هي عاطفة على (هو). (إذ أتى على جبار) جواب (بينا) والجبار: كان ملك مصر، واسمه: عمرو بن امريء القيس، وقيل: كان ملك الأردن، واسمه: صادوف، وقيل: غير ذلك، واسمه: سنان بن علوان. (ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك) استشكل بأن لوطًا كان موجودًا، وأجيب: بأن المراد بالأرض: الأرض التي كان بها إبراهيم وسارة ولوطًا لم يكن بها إذ ذاك. (فأخبرته أنكِ أختي) إنما جعله طريقًا للسلامة؛ لأن ذلك الجبار كان لا يتعرض إلا لذوات الأزواج. (فأخذ) بالبناء للمفعول، أي: اختنق حتى ضرب برجله كالمصروع. (الثانية) في نسخة: "ثانية". (فدعت) بقولها: (اللهم إن كنت تعلم أني أمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط عليَّ هذا الكافر). (هاجر) بفتح الجيم ويقال: آجر بهمزة بدل الهاء. (مَهْي) بالقصر، وفي نسخة: "مهين" بنون، وفي أخرى "مهيم" بميم والكل بمعنى أي: ما شأنك. (رد اللَّه كيد الكافر في نحره) مثل تقوله: العرب لمن

أراد أمرًا باطلًا فلم يصل إليه. (يا بني ماء السماء) أراد بهم العرب؛ لأنهم يعيشون بالمطر ويتتبعون مواقع القطر في البوادي لأجل المواشي فالمراد بماء السماء: المطر، وقيل: المراد به: ماء زمزم أنبعها اللَّه تعالى لهاجر فعاشوا به فصاروا كأنهم أولاده، وقيل: سموا به لخلوص نسبهم وصفائه فأشبه ماء السماء، وقال القاضي عياض: الأظهر عندي أنه أراد بهم الأنصار نسبهم إلي جدهم عامر بن ماء السماء ابن حارثة الغطريف بن امرئ القيس البطريق بن ثعلبة (¬1). 3359 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَوْ ابْنُ سَلامٍ عَنْهُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَمَرَ بِقَتْلِ الوَزَغِ، وَقَال: كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ". [انظر: - مسلم: 2237 - فتح 6/ 389] (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. (عن أم شريك) اسمها: غزية، أو غزيلة. (كان ينفخ على إبراهيم) أي: على ناره، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: بدء الخلق، في باب: خير مال المسلم غنم يتبع شعف الجبال (¬2). 3360 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} [الأنعام: 82] إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ قَال: ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 7/ 347. (¬2) سبق برقم (3307) كتاب: بدء الخلق، باب: خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال.

9 - باب {يزفون} [الصافات: 94] النسلان في المشي

"لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ {لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] بِشِرْكٍ، أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}؟ ". [لقمان: 13]. [انظر: 32 - مسلم: 124 - فتح 6/ 389] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (إبراهيم) أي: النخعي. (لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا}) إلا آخره، مرَّ في كتاب: الإيمان، في باب: ظلم دون ظلم (¬1). ووجه مطابقته للترجمة: إن الآية المذكورة فيه نزلت في إبراهيم وأصحابه لا في هذه الأمة كما رواه الحاكم (¬2) عن علي - رضي اللَّه عنه -أو أنها بين أمرين متعلقين بإبراهيم. 9 - باب {يَزِفُّونَ} [الصافات: 94] النَّسَلَانُ فِي المَشْي. (باب) ساقط من نسخة. ({يَزِفُّونَ}) أي: في قوله تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94)} أي: يسرعون، كما أشار إليه بقوله: (النسلان في المشي) أي: الإسراع فيه، فحاصله: يزفون معناه: الإسراع في المشي وهذه الترجمة ساقطة من نسخة فالباب كالفصل من سابقه، وفي أخرى "باب: قال اللَّه تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94)} ". 3361 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِلَحْمٍ فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيُنْفِذُهُمُ البَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْهُمْ، - فَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ - فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (32) كتاب: الإيمان، باب: ظلم دون ظلم. (¬2) "المستدرك" 2/ 316 كتاب: التفسير.

نَبِيُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنَ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فَيَقُولُ، فَذَكَرَ كَذَبَاتِهِ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى". تَابَعَهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3340 - مسلم: 194 - فتح 6/ 395] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن أبي حيان) هو يحيى بن سعيد التيمي. (عن أبي زرعة) هو هرم بن عمرو بن جرير. (أتى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - يومًا بلحم) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: قول اللَّه تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} (¬1). (تابعه) أي: أبا هريرة. 3362 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْلَا أَنَّهَا عَجِلَتْ، لَكَانَ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا". [انظر: 2368 - فتح 6/ 395] (عن أيوب) أي: السختياني. (أم إسماعيل) هي هاجر. (معينًا) بفتح الميم، أي: جاريًا على وجه الأرض. 3363 - قَال الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَمَّا كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ، فَحَدَّثَنِي قَال: إِنِّي وَعُثْمَانَ بْنَ أَبِي سُلَيْمانَ، جُلُوسٌ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَال: مَا هَكَذَا حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَكِنَّهُ قَال: أَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَهِيَ تُرْضِعُهُ، مَعَهَا شَنَّةٌ لَمْ يَرْفَعْهُ ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ. [انظر: 2368 - فتح 6/ 396] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3340) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}.

(الأنصاري) هو محمد بن عبد اللَّه بن مثني بن أنس. (جلوس) جمعه للتعظيم والتأكيد، وإلا فالقياس جالسان. (معها شنة) بفتح المعجمة والنون المشددة، أي: قربة يابسة. (لم يرفعه) أي: الحديث. 3364 - وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ المُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ المِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ البَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ، فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى المَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟ فَقَالتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَال نَعَمْ، قَالتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَال: رَبِّ {إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ} [إبراهيم: 37]- حَتَّى بَلَغَ - {يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37] " وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى، أَوْ قَال يَتَلَبَّطُ، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَال

ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا" فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالتْ صَهٍ - تُرِيدُ نَفْسَهَا -، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَال بِجَنَاحِهِ، حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَال: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ -، لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا " قَال: فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَال لَهَا المَلَكُ: لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِي هَذَا الغُلامُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ، وَكَانَ البَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ، فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ، أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ، مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا، قَال: وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ المَاءِ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ فَقَالتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي المَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الإِنْسَ" فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الغُلامُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالتْ نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَال: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلامَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَال: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ، قَال: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ غَيِّرْ

عَتَبَةَ بَابِكَ، قَال: ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الحَقِي بِأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، قَال: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ، فَقَال: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالتِ اللَّحْمُ، قَال فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالتِ المَاءُ. قَال: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ". قَال: فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إلا لَمْ يُوَافِقَاهُ، قَال: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلامَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَال: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ، قَال: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ، قَالتْ: نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَال: ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ العَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ، ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الوَالِدُ بِالوَلَدِ وَالوَلَدُ بِالوَالِدِ، ثُمَّ قَال يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَال: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، قَال: وَتُعِينُنِي؟ قَال: وَأُعِينُكَ، قَال: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، قَال: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بِهَذَا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاولُهُ الحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة: 127]، قَال: فَجَعَلا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ البَيْتِ وَهُمَا يَقُولانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة: 127]. [انظر: 2368 - فتح 6/ 396] (عبد الرازق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (المنطق) بكسر الميم وفتح الطاء: ما يشد به الوسط. أي: اتخذت أم إسماعيل منطقًا، والمعنى: أنها تزينت بزي الخدم إشعارًا

بأنها خادم سارة لتستميل خاطرها وتجبر قلبها، والسبب في ذلك أن سارة كانت وهبت هاجر لإبراهيم فحملت منه بإسماعيل، فلما ولدته غارت منها فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أعضاء، فاتخذت هاجر منطقًا فشدت به وسطها وجرت زيلها لتخفي أثرها على سارة، وهو معنى قوله: (لتعفي أثرها) بالتشديد يقال: عفَّى على ما كان منه إذا أصلح بعد الفساد قاله الجوهري (¬1)، ويقال: إن إبراهيم شفع فيها، وقال لسارة: حللي يمينك بأن تثقبي أذنيها وتخفضيها، أي: تختنيها. (ثم جاء بها إبراهيم) إلى أخره، قيل: كان على البراق، وقيل: كانت تطوى له الأرض. (عند البيت) أي: عند موضعه. (فوضعهما) في نسخة: "فوضعها". (دوحة) أي: شجرة عظيمة. (في أعلى المسجد) أي: في علو مكانه. (وسقاء) أي: قربة صغيرة (ثم قفَّى) بتشديد الفاء، أي: ولَّى راجعًا إلى الشام. (رب) أي: يا رب، وفي نسخة: "ربي" بياء وفي أخرى "ربنا". ({بِوَادٍ}) هو مكة ووصف البيت بالمحرم؛ لأن اللَّه حرم التعرض له والتهاون به و (لام) {لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} متعلقة بـ {أَسْكَنْتُ} ومعنى ({تَهْوي إِلَيْهِمْ}) تقصدهم وتسكن إليهم. (عطش) بكسر الطاء. (يتلوى) أي: يتمرغ وينقلب ظهرًا لبطن ويمينًا وشمالًا. (يتلبط) أي: يتمرغ ويضرب بنفسه الأرض من لبط به: إذا صرع. ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [عفا] 6/ 2433.

(فهبطت) بفتح الباء، أي: نزلت. (درعها) أي: قميصها. (فقالت: صه) بفتح الصاد وسكون الهاء وبكسرها منونة، أي: لما سمعت الصوت قالت لنفسها: صه، أي: اسكتي. (تسمعت) أي: تكلفت السماع. (إن كان عندك غِواث) بتثليث الغين من الغوث وجزاء الشرط محذوف، أي: أغثني. (فإذا هي بالملك) هو جبريل كما يأتي في الباب. (أو قال) أي: أشار. (بجناحه) والشك من الراوي. (تحوضه) أي: الماء، أي: تجعل مكانه كالحوض لئلا يذهب. (وتقول بيدها هكذا) هو حكاية فعلها. (معينًا) مرَّ تفسيره انفًا. (الضيعة) أي: الهلاك. (يبني) في نسخة: "يبنيه". (كالرابية) هي المكان المرتفع. (تأتيه) أي: تأتي البيت. (جرهم) بضم الجيم والهاء: حي من اليمن. (عائفًا) هو الذي يتردد على الماء ويحوم. (جريًّا) هو بجيم وياء مشددة: الرسول المسرع في جريه، وقيل: الوكيل، وقيل: الأجير. (فإذا هم) أي: الجريون جمعه باعتبار لفظ: جريٍّ وجريين وإلا فحقه أن يكون الضمير مفردًا، أو مثنى.

(فقالوا) أي: جرهم بعد حضورهم. (فألفى) أي: وجد. (ذلك) أي: جدهم. (أم إسماعيل) مفعول ألفى. (وهي تحب الإنس) بضم الهمزة وكسرها، أي: المؤانسة بالناس والجملة حال. (وأنفسهم) عطف على (شب) وهو فعل ماضٍ، أي: صار نفيسًا فيهم، أي: رفيعًا يتنافس في الوصول إليه ويرغبون فيه، وفي مصاهرته، يقال: أنفسني فلان في كذا، أي: أرغبني فيه. (زوجوه امرأة) اسمها: جداء بتشديد الدال بنت سعد، وقيل: عمارة بنت سعد. (تركته) بسكون الراء وكسرها مع فتح التاء فيهما، أي: متروكة، والمراد: أهله، ومعنا مطالعتهم: النظر في أحوالهم. (عتبة بابه) أي: أُسْكُفَّتَهُ كني بها عن المرأة. (امرأة أخرى) اسمها: عاتكة، وقيل: سامة بنت مهلهل. (فهما) أي: اللحم والماء. (لا يخلوا) أي: لا يعتمد، أو لا يمضي. (عليهما أحد) أي: بغير مكة. (إلا لم يوافقاه) أي: أن المداومة عليهما لا يوافق الأمزجة إلا بمكة، وهذا من جملة بركاتها وأثر دعاء إبراهيم - عليه السلام -. (يبري) بفتح التحتية. (نبلًا) هي السهام العربية. (وأعينك) في: نسخة: "فأعينك" بالفاء. (إلى أكمة) بفتحتين، أي: رابية.

3365 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، قَال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا كَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مَا كَانَ، خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إِسْمَاعِيلَ، وَمَعَهُمْ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ، فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، حَتَّى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءً نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ: يَا إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا؟ قَال: إِلَى اللَّهِ، قَالتْ: رَضِيتُ بِاللَّهِ، قَال: فَرَجَعَتْ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى لَمَّا فَنِيَ المَاءُ، قَالتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا، قَال فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا فَنَظَرَتْ، وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أَحَدًا، فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، فَلَمَّا بَلَغَتِ الوَادِيَ سَعَتْ وَأَتَتِ المَرْوَةَ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ أَشْوَاطًا، ثُمَّ قَالتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ، تَعْنِي الصَّبِيَّ، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ كَأَنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ، فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا، فَقَالتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ، لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا، فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا، فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، حَتَّى أَتَمَّتْ سَبْعًا، ثُمَّ قَالتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ، فَإِذَا هِيَ بِصَوْتٍ، فَقَالتْ: أَغِثْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ، فَإِذَا جِبْرِيلُ، قَال: فَقَال بِعَقِبِهِ هَكَذَا، وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الأَرْضِ، قَال: فَانْبَثَقَ المَاءُ، فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَعَلَتْ تَحْفِزُ، قَال: فَقَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَرَكَتْهُ كَانَ المَاءُ ظَاهِرًا". قَال: فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ المَاءِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، قَال: فَمَرَّ نَاسٌ مِنْ جُرْهُمَ بِبَطْنِ الوَادِي، فَإِذَا هُمْ بِطَيْرٍ، كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَاكَ، وَقَالُوا: مَا يَكُونُ الطَّيْرُ إلا عَلَى مَاءٍ، فَبَعَثُوا رَسُولَهُمْ فَنَظَرَ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَأَتَاهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ، فَأَتَوْا إِلَيْهَا فَقَالُوا: يَا أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَكِ، أَوْ نَسْكُنَ مَعَكِ، فَبَلَغَ ابْنُهَا فَنَكَحَ فِيهِمُ امْرَأَةً، قَال: ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لإِبْرَاهِيمَ، فَقَال لِأَهْلِهِ: إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي، قَال: فَجَاءَ فَسَلَّمَ، فَقَال: أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ؟ فَقَالتِ امْرَأَتُهُ: ذَهَبَ يَصِيدُ،

10 - [باب]

قَال: قُولِي لَهُ إِذَا جَاءَ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ، قَال: أَنْتِ ذَاكِ، فَاذْهَبِي إِلَى أَهْلِكِ، قَال: ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لإِبْرَاهِيمَ، فَقَال لِأَهْلِهِ: إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي، قَال: فَجَاءَ، فَقَال: أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ؟ فَقَالتِ امْرَأَتُهُ: ذَهَبَ يَصِيدُ، فَقَالتْ: أَلا تَنْزِلُ فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ، فَقَال: وَمَا طَعَامُكُمْ وَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالتْ: طَعَامُنَا اللَّحْمُ وَشَرَابُنَا المَاءُ، قَال: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ، قَال: فَقَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَرَكَةٌ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ" قَال: ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لإِبْرَاهِيمَ، فَقَال لِأَهْلِهِ: إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي، فَجَاءَ فَوَافَقَ إِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ يُصْلِحُ نَبْلًا لَهُ، فَقَال: يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا، قَال: أَطِعْ رَبَّكَ، قَال: إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ، قَال: إِذَنْ أَفْعَلَ، أَوْ كَمَا قَال: قَال فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاولُهُ الحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة: 127]. قَال: حَتَّى ارْتَفَعَ البِنَاءُ، وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَنْ نَقْلِ الحِجَارَةِ، فَقَامَ عَلَى حَجَرِ المَقَامِ، فَجَعَلَ يُنَاولُهُ الحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة: 127]. [انظر: 2368 - فتح 6/ 398] أبو عامر هو عبد الملك بن عمرو. (إبراهيم) أي: ابن نافع المخزومي. (ما كان) أي: من جيش الخصومة التي هي معتادة بين الضرائر. (كداء) بالفتح والمد. (ينشغ) بنون ومعجمتين، أي: يشهق من الصدر حتى كاد يبلغ به الغشي، أي يعلو نفسه كأنه شهيق من شدة ما يرد عليه. (فانبثق الماء) أي: انخرق وتفجر. (بدا) أي: ظهر، ومرَّ الحديث آنفًا. 10 - [باب]. 3366 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَال: "المَسْجِدُ الحَرَامُ" قَال: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال "المَسْجِدُ الأَقْصَى" قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَال: "أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ

الصَّلاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الفَضْلَ فِيهِ". [3425 - مسلم: 520 - فتح 6/ 407] (عبد الرحمن) (¬1) أي: ابن زياد. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (إبراهيم التيمي) أي: ابن يزيد بن شريك بن طارق. (أول) بالضم على البناء لقطعه عن الإضافة، أي: أول كل شيء، وبالفتح غير منصرف وبالنصب منصرفًا. (ثم أي) بالتنوين، أي: ثم أي مسجدٍ بني بعد المسجد الحرام. (المسجد الأقصى) سمي بالأقصى لبعد المسافة التي بينه وبين الكعبة، أو لأنه لم يكن وراءه موضع عباده، أو لبعده عن الأقذار والخبائث فإنه مقدس، أي: مطهر. (كم بينهما) أي: كم بين بنائهما. (أربعون سنة) استشكل بأن باني الكعبة إبراهيم، وباني بيت المقدس سليمان وبينهما أكثر من ألف سنة، وأجيب: بأن الكتاب والسنة لا يدلان على أنهما ابتدءا وضعهما، بل كان تجديدًا لما أسسه غيرهما، وقد روي أن أول من بنى البيت آدم، وعليه فيجوز أن يكون غيره من ولده رفع بيت المقدس بعده بأربعين سنة. 3367 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَال: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا" وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 7/ 406] ¬

_ (¬1) ذكر هكذا في المخطوط، وذكر في سند الحديث أنه (عبد الواحد) وليس (عبد الرحمن).

(طلع له) أي: ظهر له. (أحد) فاعل (طلع). (يحبنا) حقيقة، أو مجازًا، أو من باب الإضمار، أي: يحبنا أهله ومرَّ شرح الحديث في آخر كتاب: الجهاد في باب: من غزا بصبي للخدمة (¬1). (ألم ترى) إلخ مرَّ شرحه في كتاب: الحج، في باب: فضل مكة وبنيانها (¬2). 3368 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوْا الكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ فَقَال: "لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ"، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَرَكَ اسْتِلامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الحِجْرَ، إلا أَنَّ البَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ. [126 - مسلم: 1333 - فتح 6/ 407] وَقَال إِسْمَاعِيلُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. (وقال إسماعيل) إلى آخره أشار به إلى أن إسماعيل روى هذا الحديث وبين فيه أن ابن أبي بكر الذي فيه هو عبد اللَّه بن محمد بن أبي بكر الصديق، وإسماعيل هو ابن أبي أويس، واسم أبي أويس: عبد اللَّه بن أخت مالك بن أنس. 3369 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2893) كتاب: الجهاد والسير، باب: من غزا بصبي للخدمة. (¬2) سبق برقم (1583) كتاب: الحج، باب: فضل مكة وبنيانها.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". [6360 - مسلم: 407 - فتح 6/ 407] (اللهم صلي على محمد) أي: عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة. بتشفيعه في أمته وتضعيف مثوبته، وقيل: لما أمرنا اللَّه بالصلاة عليه ولم تبلغ قدر الواجب من ذلك أحلنا على اللَّه وقلنا: اللهم صلي على محمد (كما صليت على آل إبراهيم)؛ ليس هذا من باب إلحاق الناقص بالكامل، بل من باب بيان حال ما لا يعرف بما يعرف وما عرف من الصلاة على إبراهيم، وعلى إله هو قوله تعالى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}. والسياق يقتضي أن يقال: على إبراهيم بدون (آل) وأجيب: بأن (آل) مقحم وإبراهيم داخل في إله عرفًا كما في صل على آل أبي أوفى وهو أبو أوفى نفسه، أو هو مراد بالأولى. (وبارك على محمد) أي: أَدِمْ له ما أعطيته من التشريف. 3370 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الهَمْدَانِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، قَال: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَال: أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي، فَقَال: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ؟ قَال: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". [4797، 6357 - مسلم: 406 - فتح 6/ 408]

(أهل البيت) بالنصب على الاختصاص. 3371 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ المِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: "إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ". [فتح 6/ 408]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن المنهال) أي: ابن عمرو الأسدي. (إن أباكما) يعني: إبراهيم، وأضيف إليهما لأنهما من نسله. (بكلمات اللَّه) إِما باقية على عمومها، أي: كل كلمة لله، أو مخصوصة بنحو المعوذتين. (التامة) صفة لازمة إذ كل كلماته تامة، وقيل: المراد بها الكاملة، وقيل: النافعة، وقيل: الشافية، وقيل: غير ذلك. (من كل شيطان) أي: من الإنس والجن. (وهامة) مفرد الهوام: وهي ذوات السموم، وقيل: كل نسمة تهم بسوء، وقيل: كل مخوف من الحشرات. (لامه) أي: التي تُصيب بسوء، وقيل: بمعنى الملمة، وإنما أتى بها على فاعله للمزاوجة ويجوز أن تكون على ظاهرها بمعنى جامعة للشر على العيون من لمَّه إذا جمعه، وقال الخطابي: اللامة: ذات اللمم: وهي كل داء وآفة تلم بالإنسان من جنون ونحوه (¬1). ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 3/ 1544.

11 - باب قوله عز وجل: {ونبئهم عن ضيف إبراهيم} [الحجر: 52]

11 - بَابُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} [الحجر: 52] قَوْلُهُ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 26]. (باب: قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَال إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ}). (لا توجل: لا تخف) فسر بقوله لا تخف: لا توجل من وجل يجل ويوجل فهو وجل أي: خائف. (قوله) الأَوْلى (وقوله) بواو مع أنه ساقط من نسخة. {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} في نسخة: " {وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} " وجميع ذلك من الباب وما بعده ساقط من نسخة، والكلام على الآية يطلب من كتب التفسير. 3372 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ، لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ". [3575، 3387، 4537، 4694، 6992 - مسلم: 151 - فتح 6/ 410] (ابن وهب) هو عبد اللَّه. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (نحن أحق بالشك من إبراهيم) أي: بالشك في كيفية الإحياء لا في نفسه، أي: نحن أحق بالشك لو أمكن ولكن لا شك عندنا فلا شك عنده بالأَوْلى قال: ذلك تواضعًا مع إبراهيم أو قبل علمه بأنه أفضل من سائر الأنبياء، وذكر صاحب "الأمثال السائرة" أن أفعل تأتي في اللغة لنفي الشيئين، نحو: الشيطان خير من زيد، أي: لا خير فيهما، وكقوله

12 - باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد} [مريم: 54]

تعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} [الدخان: 37] قال الزركشي: وهو أحسن ما يتخرج عليه هذا الحديث. هذا مع أن لفظ: (بالشك) ساقط من نسخة. (لوطا) هو ابن هاران بن آزر، وهو ابن أخ إبراهيم - عليه السلام -، وإنما صرف مع أنه علم أعجمي لسكون وسطه. (لقد كان يأوي إلى ركن شديد) أي: إلى اللَّه تعالى أشار - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك إلى قوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80)} [هود: 80] وقيل: إلى عشيرة تنصرني قاله - صلى اللَّه عليه وسلم - عنه؛ لأن في كلامه ما يشعر بإقناط ويأس، وقال النووي: يجوز أنه لما اندهش بحال الأضياف قال ذلك، أو أنه التجأ إلا اللَّه في باطنه، وأظهر هذا القول للأضياف اعتذارًا، وسمى العشيرة ركنًا؛ لأن الركن يستند إليه ويمتنع به منهم فشبههم بالركن من الجبل لشددتهم ومنعتهم (¬1). 12 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: 54]. (باب: قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ}) قيل: كان بينه وبين رجل ميعاد فأقام ينتظره مدة، قيل: إنها حول حتى أتاه جبريل عليه فقال له: إن الفاجر الذي وعدته بالعود إبليس عليه اللعنة. 3373 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَال رَسُولُ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 185.

13 - باب قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلانٍ" قَال: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ، قَال: "ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ". [انظر: 2899، 3353 - فتح 6/ 413] (حاتم) أي: ابن إسماعيل الكوفي. (من أسلم) هي بفتح اللام: قبيلة، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الجهاد، في باب: التحريض على الرمي (¬1). 13 - بَابُ قِصَّةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح: 6/ 414] (باب: قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام) قال ابن الجوزي: عاش إسحاق مائة وثمانين سنة، وغيره مائة وخمسًا وثمانين سنة. (فيه) أي: في الباب. (ابن عمر وأبو هريرة) قال شيخنا: كأنه يشير بحديث ابن عمر إلى ما سيأتي في قصة يوسف، وبحديث أبي هريرة إلا الحديث المذكور في الباب الآتي (¬2). 14 - باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} إِلَى قَوْلِهِ {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133] (باب: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} إلى قوله: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}). في الآية تغليب؛ لأن إسماعيل عم يعقوب لا من آبائه، ونقل ¬

_ (¬1) سبق برقم (2899) كتاب: الجهاد والسير، باب: التحريض على الرمي. (¬2) "الفتح" 6/ 414.

15 - باب {ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون}

القرطبي أن العرب تسمي العم أبًا (¬1). 3374 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ المُعْتَمِرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَال "أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ" قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَال: "فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ" قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَال: "فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي" قَالُوا: نَعَمْ، قَال: "فَخِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقُهُوا". [انظر: 3353 - مسلم: 2378 - فتح 6/ 414] (المعتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (عبيد اللَّه) أي: ابن عمر العمري. (قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: من أكرم الناس) إلى آخره مرَّ شرحه في باب: قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (¬2). 15 - بَابُ {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ. أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ. فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ. فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الغَابِرِينَ. وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ المُنْذَرِينَ} [النمل: 54 - 58]. ¬

_ (¬1) " تفسير القرطبي" 2/ 138. (¬2) سبق (3353) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}.

(باب: {وَلُوطًا}) أي: واذكر لوطًا. ({إِذْ قَال لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ}) أي: اللواط. ({وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ}) أي: يبصر بعضكم بعضًا. ({أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55)}) أي: عاقبة فعلكم. ({فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ}) أي: أهله ({مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}) أي: من أدبار الرجال. ({فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا}) أي: جعلناها بتقديرنا. ({مِنَ الْغَابِرِينَ}) أي: الباقين في العذاب. ({وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا}) أي: حجارة السجيل أهلكتهم. ({فَسَاءَ}) أي: فبئس. ({مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ}) أي: بالعذاب مطرهم. 3375 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ، إِنْ كَانَ لَيَأْوي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ". [انظر: 3373 - مسلم: 151 - فتح 6/ 415] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (إن كان) إن مخففة من الثقيلة. (يغفر اللَّه للوط) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: قوله عزَّ وجلَّ: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)} (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3372) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قوله عزَّ وجلَّ: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)}.

16 - باب {فلما جاء آل لوط المرسلون، قال إنكم قوم منكرون} [الحجر: 62]

16 - بَابُ {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ المُرْسَلُونَ، قَال إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الحجر: 62] {بِرُكْنِهِ} [الذاريات: 39]: "بِمَنْ مَعَهُ لِأَنَّهُمْ قُوَّتُهُ"، {تَرْكَنُوا} [هود: 113]: "تَمِيلُوا فَأَنْكَرَهُمْ وَنَكِرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ"، {يُهْرَعُونَ} [هود: 78]: "يُسْرِعُونَ"، {دَابِرٌ} [الأنعام: 45]: "آخِرٌ"، {صَيْحَةٌ} [يس: 29]: "هَلَكَةٌ"، {لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75]: "لِلنَّاظِرِينَ"، {لَبِسَبِيلٍ} [الحجر: 76]: "لَبِطَرِيقٍ". (باب {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَال إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62)}) أي: لا أعرفكم. ({بِرُكْنِهِ}) أي: في قوله تعالى: ({فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ}) معناه: (بمن معه). ({تَرْكَنُوا}) أي: في قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} معناه: (تميلوا) (فأنكرهم ونكرهم واستنكرهم واحد) أشار به إلى قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ} [هود: 70]. ذكره لمشابهته منكرون لفظًا، وإلا فالإنكار في هذا من إبراهيم - عليه السلام -، وفي ذاك: من لوط - عليه السلام -. ({يُهْرَعُونَ}) أي: المأخوذ من قوله تعالى: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ} معناه: (يسرعون). ({دَابِرَ}) أي: في قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ} معناه: (آخر). ({صَيْحَةً}) يعني في قوله تعالى: {إِنْ كَانَتْ إلا صَيْحَةً وَاحِدَةً} أي: (هلكة).

17 - باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} [الأعراف: 73]

({لِلْمُتَوَسِّمِينَ}) أي: في قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)} معناه: (للناظرين). ({لَبِسَبِيلٍ}) أي: في قوله تعالى: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76)}. معناه: (لبطريق). وقوله (بركنه) إلى هنا ساقط من نسخة. 3376 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] ". [لقمر: 15]. [انظر: 3341 - مسلم: 823 - فتح 6/ 417] (محمود) أي: ابن غيلان. (أبو أحمد) هو محمد بن عبد اللَّه الزبيري. (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي إسحاق) أي: السبيعي. (عن أبي الأسود) هو عمرو. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (قرأ النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}) مرَّ شرحه في باب: قوله عزَّ وجلَّ: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} (¬1) ووجه مناسبة ذكره هنا: هو أنه ذكر في قصة لوط، وهي قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33)} إلى آخره. 17 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [الأعراف: 73] {كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ} [الحجر: 80] الحِجْرُ: "مَوْضِعُ ثَمُودَ" وَأَمَّا {حَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138]: حَرَامٌ، وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهُوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ، وَالحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ، وَمَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ فَهُوَ حِجْرٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ البَيْتِ حِجْرًا، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ، مِثْلُ قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ، وَيُقَالُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3345) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ}.

لِلْأُنْثَى مِنَ الخَيْلِ الحِجْرُ، وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ حِجْرٌ وَحِجًى، وَأَمَّا حَجْرُ اليَمَامَةِ فَهُوَ مَنْزِلٌ. (باب قول اللَّه تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [النمل: 45]. أي: وأرسلنا إلى ثمود صالحًا. ({كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ}) أشار به إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)} [الحجر: 80]. وفسر الحجر فيه بقوله. (موضع ثمود) وهو ما بين المدينة والشام. ({وَحَرْثٌ حِجْرٌ}) أشار به إلى قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ} وفسر الحجر فيه بقوله: (حرام) والأصل فحرام بالفاء؛ لأنه جواب (أما) وحذفها فيه جائز. (وكل ممنوع: فهو حجر محجور) أي: كل شيء يمنع فهو حجر أي: حرام. (والحجر كل بناء بنيته) في نسخة: "تبنيه". (ومنه) أي: ومن قبيل مادة الحجر (سمي حطيم البيت حجرًا): وهو الحائط المستدير بجانب الكعبة. (كأنه) أي: الحطيم (مشتق من محطوم مثل قتيل من مقتول) أراد بذلك أن فعيلًا بمعنى: مفعول؛ لأنه مشتق منه أصطلاحًا، ومعنى المحطوم: المكسور، وكأن الحطيم سمي به؛ لأنه كسر من الكعبة، أي: أخرج منها هيئته. (ويقال للأنثى) إلى آخره حاصله مع ما مرَّ: أن الحجر يقال لأمور عرفت من كلامه وهو فيها بفتح الحاء وكسرها، بل هو

مثلث إذا كان بمعنى الحرام، والكسر أفصح قاله الجوهري (¬1) وفي حجر القميص الفتح والكسر والفتح أفصح، وكما يطلق الحجر على الفصل يطلق على الستر بجامع أن كلا منهما يمنع المحذور، ومن الثاني خبر: "من بات على ظهر بيت ليس عليه حجر فقد برئت منه الذمة" (¬2). (وأما حجر اليمامة) بفتح الحاء. (فهو أي: منزل) ثمود بناحية الشام عند وادي القرى (¬3) وبتفسيري المنزل بما ذكر حصلت المناسبة بين ما ذكره والترجمة. 3377 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ، قَال: "انْتَدَبَ لَهَا رَجُلٌ ذُو عِزٍّ وَمَنَعَةٍ فِي قَوْمِهِ كَأَبِي زَمْعَةَ". [4942، 5204، 6042 - مسلم: 2855 - فتح 6/ 417] (الحميدي) هو عبد اللَّه بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عقر الناقة) أي: ناقة صالح، وعاقرها: هو قدار بن سالف، وقيل: قديرة. ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [حجر] 2/ 623. (¬2) أخرجه أبو داود (5041) كتاب: الأدب، باب: في النوم على سطح غير محجر، والبخاري في "الأدب المفرد" ص 435 (1192) كلاهما من حديث علي بن شيبان، ورواه أحمد 5/ 79 من حديث ابن عمران الجوني، وذكره الهيثمي في "المجمع" 8/ 102 وقال: رواه أحمد عن شيخه أزهر بن القاسم ولم أعرفه، وأخرجه أيضًا عن عمران الجوني، وقال: رواه أحمد مرفوعًا وموقوفًا وكلاهما رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود". (¬3) انظر: "معجم البلدان" 2/ 220 - 221.

(انتدب) يقال ندبه لأمر فانتدب، أي: دعاه لأمر فأجاب. (ومنعة) بفتح الميم والنون وقد تسكن النون القوة وما يمنع به الخصم. (في قوة) في نسخة: في قومه. (كأبي زمعة) هو الأسود بن عبد المطلب وكان ذاعر ومنعة في قومه، وهذا محل التشبيه. (سليمان) أي: ابن بلال. (ويهر يقوا ذلك الماء) بفتح الهاء وسكونها وهي زائدة، وإنما أمرهم بإراقته لئلا يورثهم بشربه قسوة، أو شيئًا يضرهم، والأمر فيه للندب. ومرَّ شرح الحديث في الجنائز. 3378 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ بْنِ حَيَّانَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "لَمَّا نَزَلَ الحِجْرَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا، وَلَا يَسْتَقُوا مِنْهَا"، فَقَالُوا: قَدْ عَجَنَّا مِنْهَا وَاسْتَقَيْنَا، "فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ العَجِينَ، وَيُهَرِيقُوا ذَلِكَ المَاءَ". [3379 - مسلم: 2981 - فح 6/ 417] وَيُرْوَى عَنْ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، وَأَبِي الشُّمُوسِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِلْقَاءِ الطَّعَامِ، وَقَال أَبُو ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اعْتَجَنَ بِمَائِهِ". (أبي الشموس) قيل: اسمه (¬1): عبد وهو صحابي ممن بايع تحت الشجرة. (أبو ذر) اسمه جندب بن جنادة. (من اعتجن) أي: أمر من اعتجن (بمائه) بإلقائه. 3379 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ ¬

_ (¬1) هو البلوي كما ذكر ابن حجر في "الإصابة" قال ابن السكن: له صحبة ورواية ولا يوقف على اسمه، وقال البغوي: سكن الشام، وقال ابن حبان: يقال له صحبة، وقد علق له البخاري حديثًا وصله في كتاب: الكنى المفردة، انظر: "الإصابة" 4/ 103 (321).

نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَ ثَمُودَ، الحِجْرَ، فَاسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا، وَاعْتَجَنُوا بِهِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا، وَأَنْ يَعْلِفُوا الإِبِلَ العَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ البِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ" تَابَعَهُ أُسَامَةُ، عَنْ نَافِعٍ. [انظر: 3378 - مسلم: 2981 - فتح 6/ 417] (عبيد اللَّه) أي: ابن عمر العمري. (أرض ثمود الحجر). بنصب (الحجر) بدل من أرض. (تابعه) أي: عبد اللَّه. (أسامة) أي: ابن زيد الليثي. 3380 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَرَّ بِالحِجْرِ قَال: "لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ" ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ وَهُوَ عَلَى الرَّحْلِ". [انظر: 433 - مسلم: 2980 - فتح 6/ 417] (محمد) أي: ابن مقاتل. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (الذين ظلموا) زاد في نسخة: "أنفسهم". (تقنَّع) أي: تستر. 3381 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، إلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ". [انظر: 433 - مسلم: 2980 - فتح 6/ 417] (عبد اللَّه) أي: ابن محمد المسندي. (وهب) أي: بن جرير. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا) إلى آخره، مرَّ في الصلاة، وفي الجنائز (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (433) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في مواضع الخف والعذاب.

18 - باب {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت} [البقرة: 133]

18 - باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} [البقرة: 133]. (باب: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ}). ساقط من نسخة اكتفى عنه بما ذكره قبل بثلاثة أبواب. 3382 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما، عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أَنَّهُ قَال: "الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ ابْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ". [3390، 4688 - فتح 6/ 417] (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث، ومرَّ الحديث آنفًا (¬1). 19 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7] (باب: قول اللَّه تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)}) أي: عبر للسائلين، أي: عن قصة يوسف وإخوته، وفي يوسف ست لغات تثليث السين مع الهمزة وتركه. 3383 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَال: "أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ" قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَال: "فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ" قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَال: "فَعَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3353) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} و (3374) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ}.

مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ النَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ، إِذَا فَقُهُوا"، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. [انظر: 3353 - مسلم: 2378 - فتح 6/ 417] (عن أبي أسامة) هو حماد بن أسامة. (عبيد اللَّه) أي: ابن عمر العمري. (من أكرم الناس؟) إلى آخره مرَّ آنفًا (¬1). (محمد) أي: ابن سلام. (عبدة) أي: ابن سليمان. (هذا) أي: بهذا الحديث. 3384 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ المُحَبَّرِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَال: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لَهَا: "مُرِي أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ"، قَالتْ: إِنَّهُ رَجُلٌ أَسِيفٌ، مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ رَقَّ. فَعَادَ فَعَادَتْ. قَال شُعْبَةُ فَقَال فِي الثَّالِثَةِ أَو الرَّابِعَةِ "إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ". [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح 6/ 417] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (مري أبا بكر) إلى آخره، مرَّ في الصلاة في أبواب (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3353) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]. و (3382) و (3374) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} [البقرة: 133]. (¬2) سبق برقم (664، 665) كتاب: الأذان، باب: حد المريض أن يشهد الجماعة. و (679) كتاب: الآذان، باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة. و (683) كتاب: الأذان، باب: من قام إلى جنب الإمام لعلة.

3385 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَال: مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فَقَالتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ كَذَا، فَقَال مِثْلَهُ، فَقَالتْ مِثْلَهُ، فَقَال: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ" فَأَمَّ أَبُو بَكْرٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال حُسَيْنٌ: عَنْ زَائِدَةَ: رَجُلٌ رَقِيقٌ. [انظر: 678 - مسلم: 420 - فتح 6/ 417] (زائدة) أي: ابن قدامة. (مرض النبي) إلا آخره، مرَّ في الصلاة، في باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة (¬1). 3386 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ". [انظر: 804 - مسلم: 675 - فتح 6/ 418] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة) إلى آخره، مرَّ في الصلاة، في باب: يهوي بالتكبير حين يسجد (¬2). 3387 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ هُوَ ابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، وَأَبَا عُبَيْدٍ، أَخْبَرَاهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوي إِلَى رُكْنٍ ¬

_ (¬1) سبق برقم (679) كئاب: الأذان، باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة. (¬2) سبق برقم (804) كتاب: الأذان، باب: يهوي بالتكبير حين يسجد.

شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ، ثُمَّ أَتَانِي الدَّاعِي لَأَجَبْتُهُ". [انظر: 3372 - مسلم: 151 - فتح 6/ 418] (يرحم اللَّه لوطًا) إلى آخره، مرَّ آنفًا (¬1). 3388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: سَأَلْتُ أُمَّ رُومَانَ، وَهِيَ أُمُّ عَائِشَةَ، عَمَّا قِيلَ فِيهَا مَا قِيلَ، قَالتْ: بَيْنَمَا أَنَا مَعَ عَائِشَةَ جَالِسَتَانِ، إِذْ وَلَجَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهِيَ تَقُولُ: فَعَلَ اللَّهُ بِفُلانٍ وَفَعَلَ، قَالتْ: فَقُلْتُ: لِمَ؟ قَالتْ: إِنَّهُ نَمَى ذِكْرَ الحَدِيثِ، فَقَالتْ عَائِشَةُ: أَيُّ حَدِيثٍ؟ فَأَخْبَرَتْهَا. قَالتْ: فَسَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالتْ: نَعَمْ، فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إلا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا لِهَذِهِ" قُلْتُ: حُمَّى أَخَذَتْهَا مِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ، فَقَعَدَتْ فَقَالتْ: وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لَا تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَذَرْتُ لَا تَعْذِرُونِي، فَمَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ، فَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ، فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا أَنْزَلَ، فَأَخْبَرَهَا، فَقَالتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِ أَحَدٍ. [4143، 4691، 4751 - فتح 6/ 418] (ابن فضيل) هو محمد بن غزوان. (حصين) أي: ابن عبد الرحمن الهذلي. (عن شقيق) أي: ابن سلمة الأسدي. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع الهمداني. (سألت أم رومان) بضم الراء، وقيل بفتحها، وظاهره: أن مسروق سمع ابن أم رومان فالحديث متصل، وقيل: لم يسمع منها فهو منقطع حتى قال الخطيب: صوابه: أن يقرأ سئلت بالبناء للمفعول. (ما قيل فيها) أي: في عائشة. (ما قيل فيها) أي: من الإفك. (ولجت) أي: دخلت. (بفلان) أي: بمسطح واسمه: عوف بن أثاثة بن عباد بن ¬

_ (¬1) سبق برقم (3372) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قوله عزَّ وجلَّ {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)}.

المطلب. (نمى ذكر الحديث) بتشديد الميم، قيل: وبتخفيفها أي: رفع الخبر والأول متعين هنا فقد قال أبو عبيد وابن قتيبة وغيرهما من العلماء يقال: نميت الحديث أنميه إذا بلغته على وجه الإصلاح وطلب الخبر فإذا أبلغته على وجه الإفساد النميمة قلت: نميته بالتشديد. (حُمَّى بنافض) أي: ملتبسه بارتعاد. (فمثلي) إلى آخره، أي: صفتي وصنعتكم كصفة يعقوب وبنيه حيث صبر صبرًا جميلًا وقال: والله المستعان. (ما أنزل) هو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العشر الآيات. 3389 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتِ قَوْلَهُ: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا) أَوْ كُذِبُوا؟ قَالتْ: "بَلْ كَذَّبَهُمْ قَوْمُهُمْ"، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ، وَمَا هُوَ بِالظَّنِّ، فَقَالتْ: "يَا عُرَيَّةُ لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ"، قُلْتُ: فَلَعَلَّهَا أَوْ كُذِبُوا، قَالتْ: "مَعَاذَ اللَّهِ، لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا، وَأَمَّا هَذِهِ الآيَةُ، قَالتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ، وَطَال عَلَيْهِمُ (¬1) البَلاءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَتْ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ كَذَّبُوهُمْ، جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ " قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " {اسْتَيْأَسُوا} [يوسف: 80] اسْتَفْعَلُوا، مِنْ يَئِسْتُ مِنْهُ مِنْ يُوسُفَ، {لَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف: 87] مَعْنَاهُ الرَّجَاءُ". [4525، 4695، 4696 - فتح 6/ 418] (عقيل) أي: ابن خالد. ({وَظَنُّوا}) أي: الرسل. ({أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا}) أي: بالتشديد. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي (س): عليهمُ بضم الميم.

(أو كذبوا) أي: بالتخفيف. (قالت) إلى آخره فهم عروة من ظاهر الكلام أن نسبة الظن بالتكذيب لا تليق في حق الرسل فقالت له عائشة: ليست كما زعمت بل كذبهم قومهم في وعد العذاب، وقال: الزمخشري: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} أي: كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم بأنهم ينصرون (¬1). (فقلت) قائله: عروة كأنه أشكل عليه قوله: {ظَنُّوا} لأنهم تيقنوا وما ظنوا؛ ولهذا قال: (والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم) فردت عليهم عائشة بقولها: (يا عرية) التصغير فيه تصغير شفقة ومحبة ودلال، وأصله: عريوة واجتمعت فيه الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. (لقد استيقنوا بذلك) أي: كما قلت فالظن بمعنى: اليقين كما في قوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إلا إِلَيْهِ} [التوبة: 118]. ثم عاد عروة إليها فقال (قلت فلعلها أو كذبوا) بالتخفيف، والبناء للفاعل، أي: ظنوا أنهم قد كذبوا فيما حدثوا به قومهم فأجابته حيث (قالت: معاذ اللَّه لم تكن الرسل تظن ذلك)، أي: خلف الوعد. (بربها وأما هذه الآية) الظاهر: أنه من كلام عائشة، وجواب (أما) محذوف، أي: فالمراد من الظانين فيهما كما (قالت) أي: عائشة (هم أتباع الرسل) إلى آخره، وقوله: (حتى إذا استيأست) الرسل. (قال أبو عبد اللَّه) أي: البخاري. ({اسْتَيْأَسُوا}) وزنه (استفعلوا) وفي نسخة: "افتعلوا" وعليها فالغرض بيان المعنى وأن الطلب ليس مقصودًا ولا بيان الوزن. ¬

_ (¬1) "الكشاف" 2/ 501.

20 - باب قول الله تعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين (83)} [الأنبياء: 83]

(من يئست منه) أشار إلى قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ}. أي: من يوسف. ({وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}) معناه: أي: معنى الروح: (الرجاء) وقوله: (قال أبو عبد اللَّه) إلى آخره ساقط من نسخة. 3390 - أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الكَرِيمُ، ابْنُ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ". [انظر: 3382 - فتح 6/ 419] (أخبرني) في نسخة: "حدثنا". (عبدة) أي: ابن عبد اللَّه الصفار. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (عن عبد الرحمن) أي: ابن عبد اللَّه. (أنا الكريم ابن الكريم) إلى آخره مرَّ آنفًا (¬1). 20 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)} [الأنبياء: 83]. {ارْكُضْ} [ص: 42]: أضْرِبْ. {يَرْكُضُونَ} [الأنبياء: 12]: يَعْدُونَ. (باب: قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)}). الضر: الشدة: وهي فقد ماله وولده وتمزيق جسده، وقيل: انقطاع الوحي عنه أربعين يومًا، وقيل: غير ذلك ({ارْكُضْ}) ¬

_ (¬1) سبق برقم (3382) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ}.

21 - باب {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا (51) وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا (52)} [مريم: 51 - 52]

أي: في قوله تعالى: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} معناه: (اضرب) بها. ({يَرْكُضُونَ}) يعني في قوله تعالى: {إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} أي: (يعدون) وقيل: يهربون. 3391 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى، قَال بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ". [انظر: 279 - فتح 6/ 420] (عبد الرازق) أي: ابن همام الحميري. (معمر) أي: ابن راشد. (همام) أي: ابن منبه. (رجلُ جَرَادٍ) أي: جماعة من الجراد كما يقال: سرب من الظباء. وفي الحديث: دليل على أن من نثر عليه دراهم، أو نحوها في الأملاك أو غيره كان أحق بما نثر عليه، ومرَّ شرحه في باب: من اغتسل عريانا (¬1). 21 - باب {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)} [مريم: 51 - 52]: كَلَّمَهُ. {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53)} [مريم: 51 - 53] يُقَالُ لِلْوَاحِدِ وَللِاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ: نَجِيٌّ، وَيُقَالُ: {خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80]: اعْتَزَلُوا نَجِيًّا، وَالْجَمِيعُ أَنْجِيَةٌ يَتَنَاجَوْنَ. (باب قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (279) كتاب: الغسل، باب: من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة.

23 - باب {وقال رجل مؤمن من آل فرعون} إلى قوله: {مسرف كذاب}

رَسُولًا نَبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ} صفة للطور، وقيل: للجانب، وقيل: لموسى. ({وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}) أي: مناجيًا. ({وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا}) أي: نعمتنا. ({أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا}) بدل، أو عطف بيان. ({نَجِيًّا}) حال. ({وَيَتَنَاجَوْنَ}) ذكر لمناسبته نجيًّا، وأشار به إلى قوله تعالى: {وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. ({تَلْقَفُ}) يعني في قوله تعالى: {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ} [الأعراف: 117] أي: تلقم. 23 - باب {وَقَال رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} إِلَى قَوْلِهِ: {مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28]. (باب: {وَقَال رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} إلى قوله: {مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}) ساقط من نسخة. 3392 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، سَمِعْتُ عُرْوَةَ، قَال: قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَدِيجَةَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ رَجُلًا تَنَصَّرَ، يَقْرَأُ الإِنْجِيلَ بِالعَرَبِيَّةِ، فَقَال وَرَقَةُ: مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَال وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، وَإِنْ أَدْرَكَنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا " النَّامُوسُ: صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي يُطْلِعُهُ بِمَا يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ". [انظر: 3 - مسلم: 160 - فتح 6/ 422] (عقيل) أي: ابن خالد. (فرجع النبي) إلى آخره، مرَّ شرحه أول الكتاب، واسم الرجل المؤمن: حزقيل أو شمعان، أو يوشع بن نون، أو حابوت، أو حبيب بن عم فرعون، أو حيزور.

22 - باب قول الله عز وجل: {وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا} إلى قوله {بالواد المقدس طوى}

22 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا} إِلَى قَوْلِهِ {بِالوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 9 - 12]. {آنَسْتُ} [طه: 10]: أَبْصَرْتُ، {نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} [طه: 10] الآيَةَ " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ المُقَدَّسُ: "المُبَارَكُ"، طُوًى: "اسْمُ الوَادِي"، {سِيرَتَهَا} [طه: 21]: "حَالتَهَا وَالنُّهَى التُّقَى"، {بِمَلْكِنَا} [طه: 87]: "بِأَمْرِنَا"، {هَوَى} [طه: 81]: "شَقِيَ"، {فَارِغًا} [القصص: 10]: "إلا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى"، {رِدْءًا} [القصص: 34]: "كَيْ يُصَدِّقَنِي، وَيُقَالُ: مُغِيثًا أَوْ مُعِينًا، يَبْطُشُ وَيَبْطِشُ"، {يَأْتَمِرُونَ} [القصص: 20]: "يَتَشَاوَرُونَ، وَالجِذْوَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الخَشَبِ لَيْسَ فِيهَا لَهَبٌ". {سَنَشُدُّ} [القصص: 35]: "سَنُعِينُكَ، كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيْئًا فَقَدْ جَعَلْتَ لَهُ عَضُدًا" وَقَال غَيْرُهُ: كُلَّمَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ فَهِيَ عُقْدَةٌ، {أَزْرِي} [طه: 31]: ظَهْرِي {فَيُسْحِتَكُمْ} [طه: 61]: فَيُهْلِكَكُمْ، {المُثْلَى} [طه: 63]: تَأْنِيثُ الأَمْثَلِ، يَقُولُ: بِدِينِكُمْ، يُقَالُ: خُذِ المُثْلَى خُذِ الأَمْثَلَ، {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} [طه: 64]، يُقَالُ: هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ اليَوْمَ، يَعْنِي المُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ، {فَأَوْجَسَ} [طه: 67]: أَضْمَرَ خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} [هود: 70] لِكَسْرَةِ الخَاءِ. {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71]: عَلَى جُذُوعِ، {خَطْبُكَ} [طه: 95]: بَالُكَ. {مِسَاسَ} [طه: 97]: مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا. {لَنَنْسِفَنَّهُ} [طه: 97]: لَنُذْرِيَنَّهُ. الضَّحَاءُ الحَرُّ. {قُصِّيهِ} [القصص: 11]: اتَّبِعِي أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ تَقُصَّ الكَلامَ. {نَحْنُ

نَقُصُّ عَلَيْكَ} [يوسف: 3]: {عَنْ جُنُبٍ} [القصص: 11]: عَنْ بُعْدٍ، وَعَنْ جَنَابَةٍ وَعَنِ اجْتِنَابٍ وَاحِدٌ " قَال مُجَاهِدٌ: {عَلَى قَدَرٍ} [طه: 40]: "مَوْعِدٌ"، {لَا تَنِيَا} [طه: 42]: "لَا تَضْعُفَا". {يَبَسًا} [طه: 77]: "يَابِسَا"، {مِنْ زِينَةِ القَوْمِ} [طه: 87]: "الحُلِيِّ الَّذِي اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ"، فَقَذَفْتُهَا: "أَلْقَيْتَهَا"، {أَلْقَى} [النساء: 94]: "صَنَعَ"، {فَنَسِيَ} [طه: 88]: "مُوسَى"، هُمْ يَقُولُونَهُ: "أَخْطَأَ الرَّبَّ" {أَلَّا يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} [طه: 89]: "فِي العِجْلِ". (باب: قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا}) إلى قوله: {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}). قوله: {هَلْ أَتَاكَ}) أي: قد أتاك وقوله: {بِقَبَسٍ} أي: بشعلة في رأس فتيلة أو عُود، وقوله: {هُدًى} أي: هاديًا يهديني للطريق. (آنست) معناه: أبصرت. ({الْمُقَدَّسِ}) أي: (المبارك). أي: أو المطهر. {طُوًى} اسم الوادي وهو بدل منه، أو عطف بيان له ({سِيرَتَهَا}) أي: في قوله تعالى: {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} معناه: (حالتها). و ({النُّهَى}) أي: في قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} معناه: التقى. (بملكنا) أي: في قوله تعالى: {أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا}. معناه: (بأمرنا). ({هَوَى}) أي: في قوله تعالى: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} معناه: شقى. ({فَارِغًا}) يعني في قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} أي: من كل شيء (إلا من ذكر موسى) للَّه. ({رِدْءًا}) أي: في قوله تعالى: {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} معنى يصدقني: (كي يصدقني)، ومعنى (ردءًا) ما ذكره بقوله: (يقال) أي: في معنى ردءًا: (مغيثًا، أو معينًا) بمعجمة ومثلثة في الأولى، وبمهملة

ونون في الثانية. ({يبطُش ويبطِش}) أشار به إلى أن يبطش لغتين كسر الطاء وضمها، وهو في قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي} وقوله: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} ({يَأْتَمِرُونَ}) أي: في قوله تعالى: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} معناه: (يتشاورون) (والجذوة) أي: قوله تعالى: {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} معناه: (قطعة غليظة من الخشب ليس لها لهب) ({سَنَشُدُّ}) أي: في قوله تعالى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ} معناه: ({سنعينك}) وأوضح هذا بقوله: (كلما عزَّزت شيئًا فقد جعلت له عضدًا) (وقال غيره): أي: غير ابن عباس. (كلما) إلى آخره (ما) بمعنا: من، وأشار بذلك إلى تفسير ({عُقْدَةً})، في قوله تعالى: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27)} هي التي حدثت في لسانه من احتراقه بجمرة وهو صغير، والتمتمة والفأفأة: التردد في حرفي التاء والفاء عند التكلم. ({أَزْرِي}) أي: قوله تعالى: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31)} معناه: (ظهري). ({فَيُسْحِتَكُمْ}) معناه: (فيهلككم). ({الْمُثْلَى}) أي: في قوله تعالى: {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} (تأنيث الأمثل) أي: الأشرف. (يقول: بدينكم) تفسير لقوله: {بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} (يقال: (خذ المثلى) أي: الطريقة المثلى (خذ الأمثل) أي: الطريق الأمثل. ({ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}) أي: صفوفًا، ثم أشار إلى أن الصف يقال للمصلي بقوله: (يقال هل أتيت) إلى آخره. ({فَأَوْجَسَ}) أي: في قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} معناه: (أضمر خوفًا فذهبت الواو من {خِيفَةً}) إذ أصلها: خوفة، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار من قبلها. (في جذوع

النخل) معناه: على جذوعها (¬1). ({خَطْبُكَ}) أي: في قوله تعالى: {فَمَا خَطْبُكَ} معناه: (بالك) ({مِسَاسَ}) أي: في قوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} (مصدر ماسه مساسا). ({لَنَنْسِفَنَّهُ}) معناه: (لنذرينه) بضم النون وتشديد الراء من التذرية. (والضحاء) أي: في قوله تعالى: {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} معناه: (الحر). ({قُصِّيهِ}) أي: في قوله تعالى: {وَقَالتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} معناه: (اتبعي أثره). (وقد يكون) أي: معنى القصِّ من قصِّ الكلام المشار إليه بقوله: (أن نقص الكلام). كما في قوله تعالى: ({نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ}). ({عَنْ جُنُبٍ}) أي: في قوله تعالى: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} معناه: (عن بعد)، وأشار بقوله: (وعن جنابة واجتناب واحد) إلى اتحادهما معنى وذكرهما لمشاركتهما الجنب في مادته ({عَلَى قَدَرٍ}) أي: في قوله تعالى: {ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى} معناه على (موعد). ({وَلَا تَنِيَا}) أي: (لا تضعفا) ({مَكَانًا سُوًى}) معناه: (منصف بينهم) بفتح الميم، أي: مكانًا سويًّا مسافة كل فريق إليه كمسافة الفريق الآخر إليه. ({يَبَسًا}) أي: في قوله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} معناه: (يابسًا). ({مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ}) أي: في قوله تعالى {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} معنى الزينة فيه (الحلي الذي استعاروا من آل فرعون). ({فَقَذَفْتهَا}) أي: قوله تعالى: {فَقَذَفْنَاهَا} معناه: (ألقيتها) ({أَلْقَى}) أي: في قوله تعالى: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ} وفي قوله {فَأَلْقَى مُوسَى ¬

_ (¬1) فـ (في) بمعنى (على) على قول الكوفيين ومن وافقهم، والبصريون يجعلون ذلك على التضمين.

23 - باب {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه} إلى قوله: {مسرف كذاب}

عَصَاهُ} معناه: (صنع)، ({فنسى موسى}) أي: في قوله تعالى: {فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ} إلى آخره، معناه: (هم) أي: السامري ومن معه. (يقولون: أخطأ) أي: موسى بنسيانه. (الرب) حيث تركه هنا وذهب إلى الطور يطلبه. (أن لا يرجع إليهم قولا في العجل) يعني أن لا يرد العجل إليهم جوبًا في أمره. 3393 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ " لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ: حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الخَامِسَةَ، فَإِذَا هَارُونُ، قَال: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ " تَابَعَهُ ثَابِتٌ، وَعَبَّادُ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3207 - مسلم: 164 - فتح 6/ 423] (همام) أي: ابن يحيى بن دينار. (قتادة) أي: ابن دعامة. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثهم عن ليلة أسري به) إلى آخره مرَّ في الصلاة وغيرها (¬1). (تابعه) أي: قتادة. 23 - باب {وَقَال رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} إِلَى قولِهِ: {مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28] [فتح 6/ 428] 24 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)} [طه: 9] {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]. (باب: قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)}. وقوله {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}) قد مرت الآية الأولى آنفًا، وأمَّا الثانية ¬

_ (¬1) سبق برقم (349) كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة في الإسراء، (3207) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة.

فقال ابن عباس: لما بين اللَّه لمحمد - صلى اللَّه عليه وسلم - أمر النبيين ولم يبين أمر موسى - عليه السلام - شكُّوا في نبوته فأنزل اللَّه {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}. 3394 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي: "رَأَيْتُ مُوسَى: وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ ضَرْبٌ رَجِلٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ، كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ: فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الآخَرِ خَمْرٌ، فَقَال: اشْرَبْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ: أَخَذْتَ الفِطْرَةَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ". [3437، 4709، 5576، 5603 - مسلم: 168 - فتح 6/ 428] (معمر) أي: ابن راشد. (رجل) بفتح الراء وكسر الجيم، أي: مسترسل الشعر. (ضرب) بفتح المعجمة وسكون الراء، أي: نحيف خفيف اللحم. (شنوءة) بفتح المعجمة وضم النون وفتح الهمزة: حي من اليمن. (ربعة) أي: لا طويل ولا قصير وأنثه باعتبار النفس. (من ديماس) بكسر المهملة. وسكون الياء، أي: من سرب، وقيل: من حمام، وقيل: من كن: وهو في غاية الإشراق والنضارة. (وأنا أشبه ولد إبراهيم) أي: وأنا أشبه أولاده به. (ثم أتيت) بالبناء للمفعول. (أخذت الفطرة) أي: الاستقامة، أي: اخترت علامة الإسلام؛ وإنما كان اللبن علامته؛ لأنه سهل طيب نافع للشاربين سليم العافية، وأما الخمر فأنها أم الخبائث جالبة لأنواع الشرور في الحال والمآل، وفيه أن الأمة تابعة له فحيث أصاب الفطرة فهم يكونون عليها وإلى ذلك أشار بقوله: (أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك).

3395 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا العَالِيَةِ، حَدَّثَنَا - ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ، يَعْنِي - ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى". وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ. [3413، 4630، 7539 - مسلم: 2377 - فتح 6/ 428] 3396 - وَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، فَقَال: "مُوسَى آدَمُ، طُوَالٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَقَال: عِيسَى جَعْدٌ مَرْبُوعٌ" وَذَكَرَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَذَكَرَ الدَّجَّال. [انظر: 3239 - مسلم: 165 - فتح 6/ 429] (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (قتادة) أي: ابن دعامة. (أبا العالية) هو رفيع الرياحي. (لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى) بفتح الميم وتشديد الفوقية، أي: ليس لأحد أن يفضل نفسه على يونس، أو ليس لأحد أن يفضلني عليه، قاله تواضعًا أو قبل أن يوحى إليه أنه سيد ولد آدم، أو زجرًا عن توهم حط مرتبة يونس كما في القرآن {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} وهو السبب في تخصيص يونس بالذكر، وفي يونس ست لغات كما في يوسف. (ونسبه إلى أبيه) أي: وهو متى، وقيل: متى اسم أمه، والمشهور الأول. قال الفربري: وكان رجلا صالحًا من أهل بيت النبوة. ولم يكن له ولد ذكر فقام إلى العين التي اغتسل منها أيوب فاغتسل هو وزوجته منها وصليا ودعوا اللَّه أن يرزقهما رجلًا مباركًا، فاستجاب اللَّه دعاءهما ورزقهما يونس وتوفي متى، ويونس في بطن أمه وله أربعة أشهر، وقد قيل: إنه من بني إسرائيل، ومرَّ الحديث في أواخر الصوم، وفي غيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2004) كتاب: الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء، وبرقم (3397) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)}.

25 - باب قول الله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين (142) ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني} إلى قوله: {وأنا أول المؤمنين} [الأعراف: 142، 143]

3397 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنِ ابْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقَال "أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ" فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. [انظر: 2004 - مسلم: 1130 - فتح 6/ 429] (سفيان) أي: ابن عيينة. (لما قدم المدينة) إلى آخره مرَّ في باب: صيام يوم عاشوراء (¬1). 25 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَال مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَال لَنْ تَرَانِي} إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 142، 143]. يُقَالُ: دَكَّهُ: زَلْزَلَهُ {فَدُكَّتَا} [الحاقة: 14]: فَدُكِكْنَ، جَعَلَ الجِبَال كَالوَاحِدَةِ، كَمَا قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا}، وَلَمْ يَقُلْ: كُنَّ، رَتْقًا: مُلْتَصِقَتَيْنِ، {أُشْرِبُوا} [البقرة: 93]: ثَوْبٌ مُشَرَّبٌ مَصْبُوغٌ " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {انْبَجَسَتْ}: انْفَجَرَتْ، {وَإِذْ نَتَقْنَا الجَبَلَ} [الأعراف: 171]: رَفَعْنَا. (باب: قول اللَّه تعالى: {وَوَاعَدْنَا} في قراءة ووعدنا ({مُوسَى ¬

_ (¬1) المرجع السابق.

ثَلَاثِينَ لَيْلَةً}) هي ذو القعدة أي: واعده أن يكلمه بعد صومها فصامها، فلما تمت أنكر خلوف فمه فاستاك، فأمره اللَّه بصيام عشرة أخرى ليكلمه بخلوف فيه كما قال. ({وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ}) أي: من ذي الحجة. ({فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ}) أي: وقت وعده بكلامه إياه. ({أَرْبَعِينَ}) حال. ({لَيْلَةً}) تمييز. ({وَقَال مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ}) عند ذهابه إلى الجبل للمناجاة. ({اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ}) أي: أمرهم. ({وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا}) أي: للوقت الذي وعدناه بالكلام فيه. ({وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَال رَبِّ أَرِنِي}) أي: نفسك. ({أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَال لَنْ تَرَانِي}) أي: في الدنيا، والتعبير به دون لن أرى يفيد إمكان رؤيته، كيف لا وقد تواترت الأخبار أن المؤمنين يرونه في الآخرة (¬1)، ورآه نبينا - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا في الإسراء (¬2). ({وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ}) الذي هو أقوى منك. ({فَإِنِ اسْتَقَرَّ}) أي ثبت. ({مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي}) أي: تثبت لرؤيتي وإلا فلا طاقة لك. ({فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ}) أي: أظهر من نوره قدر أنملة الخنصر كما في حديث صححه الحاكم (¬3). ({لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا}) أي: مدكوكًا مستويًا بالأرض. ({وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا}) أي: مغشيًّا عليه لهول ما رأى. ({فَلَمَّا أَفَاقَ قَال سُبْحَانَكَ}) تنزيهًا لك. ({تُبْتُ إِلَيْكَ}) أي: من سؤال ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7434) كتاب: التوحيد، باب: قول اللَّه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)}. (¬2) "صحيح مسلم" (176) كتاب: الإيمان، باب: معنى قول الله عزَّ وجلَّ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)} عن ابن عباس قال: رآه بقلبه، و (178) 292 باب: في قوله لله "نورٌ أنَّى أراه". عن أبي ذر مرفوعًا بلفظ "رأيت نورًا". (¬3) "مستدرك الحاكم" 1/ 25.

ما لم أؤمر به. ({وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}) أي: في زماني، وفي نسخة: عقب قوله: ({قَال لَنْ تَرَانِي}: "إلى قوله: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} ". (يقال: دكه) أي: (زلزله). ({فَدُكَّتَا}) أي: في قوله تعالى: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا} معناه: (فدككن) ثنى أولًا باعتبار اللفظ، وجمع ثانيًا باعتبار المعنى، وإلى ذلك أشار بقوله: (جعل الجبال كالواحدة) كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} ولم يقل: كن رتقًا ملتصقتين). ({وَأُشْرِبُوا}) أي: في قوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} معناه: خالط صاحب العجل قلوبهم كما يخالط الصبغ الثوب كما أشار إليه بقوله (ثوب مشرَّب: مصبوغ) أي: ليس أشربوا من شرب الماء، بل من الشرب بمعنى: الاختلاط، أي: اختلط حب العجل بقلوبهم كما يختلط الصبغ بالثوب ({فَانْبَجَسَتْ}) أي: في قوله تعالى: {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} معناه: (انفجرت). ({وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ}) معناه: (رفعناه). 3398 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ". [انظر: 2412 - مسلم: 2374 - فتح 6/ 430] (سفيان) أي: ابن عيينة. (يصعقون) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: ما يذكر في الإشخاص والملازمة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2412) كتاب: الخصومات، باب: ما يذكر في الإشخاص والملازمة.

26 - باب طوفان من السيل

3399 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ، وَلَوْلا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ". [انظر: 3330 - مسلم: 1470 - فتح 6/ 430] (عبد الرازق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (همام) أي: ابن منبِّه. (لولا بنو إسرائيل) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: قول اللَّه تعالى: {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (¬1). 26 - باب طُوفَانٍ مِنَ السَّيْلِ. يُقَالُ لِلْمَوْتِ الكَثِيرِ طُوفَانٌ، القُمَّلُ: الحُمْنَانُ (¬2) يُشْبِهُ صِغَارَ الحَلَمِ، {حَقِيقٌ} [الأعراف: 105]: حَقٌّ، {سُقِطَ} [الأعراف: 149]: كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ". [فتح 6/ 431] (باب: طوفان من السيل) ساقط من نسخة، وسقط من أخرى: (طوفان من السيل)، فبان كالفصل مما قبله، وما بعده ليس بترجمة، وفسر البخاري الطوفان في قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ}. بما يكون من السيل، وفسره غيره بكثرة الأمطار المغرقة المتلفة للزرع والثمار، وبكثرة الموت، وبالماء والطاعون (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3330) كتاب: أحاديث الأنبياء، في باب: خلق آدم وذريته. (¬2) كذا في الأصل (ن، س) بضم الحاء، ولعل الصواب: الحَمنان بفتح الحاء، كذا ذكره العيني في "شرحه" 13/ 34، انظر: "لسان العرب" في كلمة: حمن أ. هـ. (¬3) رواه عن ابن عباس الطبري في "التفسير" 6/ 36 (15028)، وابن أبي حاتم 5/ 1544 (8857).

27 - باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام

({وَالْقُمَّلَ}) أي: في الآية معناه: (الحمنان) بفتح المهملة وسكون الميم: قراد. (يشبه صغار الحلم) بفتح الحاء واللام جمع حلمة: وهي القراد العظيم، وقيل: دودة تقع في جلد الشاة (¬1) وفسر غير البخاري القمل بالسوس الذي يخرج من الحنطة وبالبراغيث (¬2). ({حَقِيقٌ}) أي: في قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى} معناه: (حق) وفسره غيره: بحريص. ({سُقِطَ}). أي: في قوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} معناه: ندموا على عبادة العجل كما أشار إليه بقوله: (كل من ندم فقط سقط في يده). 27 - بَابُ حَدِيثِ الخَضِرِ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ (باب: حديث الخضر مع موسى عليهما السلام) لفظ: (باب) ساقط من نسخة، والمراد بيان ذلك. 3400 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالحُرُّ بْنُ قَيْسٍ الفَزَارِيُّ، فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَال: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى، الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَال: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَال: لَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجُعِلَ لَهُ الحُوتُ آيَةً، وَقِيلَ ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" 5/ 1547 (8871) عن ابن عباس. (¬2) رواه الطبراني 6/ 33 (15011)، 6/ 34 (15021).

لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ يَتْبَعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَال لِمُوسَى فَتَاهُ: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)، فَقَال مُوسَى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} [الكهف: 64]، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ". [انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح 6/ 431] (صالح) أي: ابن كيسان. (بينما موسى) إلى آخره، مرَّ شرحه في كتاب: العلم، في باب: ما ذكر في ذهاب موسى في البحر إلى الخضر (¬1). 3401 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البَكَالِيَّ يَزْعُمُ: أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ، فَقَال: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَال: أَنَا، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، فَقَال لَهُ: بَلَى، لِي عَبْدٌ بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ قَال: أَيْ رَبِّ وَمَنْ لِي بِهِ؟ - وَرُبَّمَا قَال سُفْيَانُ، أَيْ رَبِّ، وَكَيْفَ لِي بِهِ؟ - قَال: تَأْخُذُ حُوتًا، فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ، حَيْثُمَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ، - وَرُبَّمَا قَال: فَهُوَ ثَمَّهْ -، وَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا، فَرَقَدَ مُوسَى وَاضْطَرَبَ الحُوتُ فَخَرَجَ، فَسَقَطَ فِي البَحْرِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبًا، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الحُوتِ جِرْيَةَ المَاءِ، فَصَارَ مِثْلَ الطَّاقِ، فَقَال: هَكَذَا مِثْلُ الطَّاقِ، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الغَدِ قَال لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى ¬

_ (¬1) سبق برقم (74) كتاب: العلم، باب: ما ذكر في ذهاب موسى - عليه السلام - في البحر إلى الخضر.

النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ، قَال لَهُ فَتَاهُ: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ عَجَبًا) فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلَهُمَا عَجَبًا، قَال لَهُ مُوسَى: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)، رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا، حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، فَسَلَّمَ مُوسَى فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَقَال وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلامُ؟ قَال: أَنَا مُوسَى، قَال: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَال: نَعَمْ، أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا، قَال: يَا مُوسَى: إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لَا تَعْلَمُهُ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُهُ، قَال: هَلْ أَتَّبِعُكَ؟ قَال: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا. وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68]- إِلَى قَوْلِهِ - {إِمْرًا} [الكهف: 71] فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ كَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا الخَضِرَ فَحَمَلُوهُ بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَلَمَّا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ جَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ فِي البَحْرِ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ، قَال لَهُ الخَضِرُ يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إلا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا العُصْفُورُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ، إِذْ أَخَذَ الفَأْسَ فَنَزَعَ لَوْحًا، قَال: فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى إلا وَقَدْ قَلَعَ لَوْحًا بِالقَدُّومِ، فَقَال لَهُ مُوسَى: مَا صَنَعْتَ؟ قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا، قَال: {أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، قَال: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 72]، فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا، فَلَمَّا خَرَجَا مِنَ البَحْرِ مَرُّوا بِغُلامٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَأَخَذَ الخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَلَعَهُ بِيَدِهِ هَكَذَا، - وَأَوْمَأَ سُفْيَانُ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ يَقْطِفُ شَيْئًا -، فَقَال لَهُ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا، قَال: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، قَال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا، فَانْطَلَقَا، حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ،

[الكهف: 75 - 77] مَائِلًا، أَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا، - وَأَشَارَ سُفْيَانُ كَأَنَّهُ يَمْسَحُ شَيْئًا إِلَى فَوْقُ، فَلَمْ أَسْمَعْ سُفْيَانَ يَذْكُرُ مَائِلًا إلا مَرَّةً -، قَال: قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا، عَمَدْتَ إِلَى حَائِطِهِمْ، لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا، قَال: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ، سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْويلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ فَقَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا، - قَال سُفْيَانُ -، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَوْ كَانَ صَبَرَ لَقُصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا" وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا" وَأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ " ثُمَّ قَال لِي سُفْيَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ، وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: حَفِظْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعَهُ مِنْ عَمْرٍو، أَوْ تَحَفَّظْتَهُ مِنْ إِنْسَانٍ؟، فَقَال: مِمَّنْ أَتَحَفَّظُهُ، وَرَوَاهُ أَحَدٌ، عَنْ عَمْرٍو غَيْرِي سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاثًا وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ". [انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح 6/ 431] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل) إلى آخره، مرَّ شرحه في كتاب: العلم، في باب: ما يستحب للعالم إذا سئل، أي: الناس أعلم (¬1). 3402 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ ابْنُ الأَصْبِهَانِيِّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّمَا سُمِّيَ الخَضِرَ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ، فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ". [فتح 6/ 433] (ابن المبارك) هو عبد اللَّه. (أنه) في نسخة: "لأنه". (على فروة بيضاء) قيل: هي جلدة وجه الأرض جلس عليها الخضر فأنبتت وصارت خضراء بعد أن كانت جرداء. واختلف في نبوته، وفي اسمه، واسم أمه، وفي حياته، ومرَّ بيانها في كتاب: العلم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (122) كتاب: العلم، باب: ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟ فيكل العلم إلى اللَّه.

28 - باب

(قال الحموي) هو أبو محمد عبد اللَّه بن أحمد بن حمويه. (عن سفيان) أي: ابن عيينة، وقوله: (قال الحموي) إلى آخره ساقط من نسخة. 28 - باب. (باب) ذكره بلا ترجمة فهو كالفصل مما قبله. 3403 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: {ادْخُلُوا البَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] فَبَدَّلُوا، فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ". [4479، 4641 - مسلم: 3015 - فتح 6/ 436] ({ادْخُلُوا الْبَابَ}) أي: باب القرية المذكورة بقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} واسمها: إيليا من بيت المقدس، أو بيت المقدس أو أريحا، أو مصر، أو بلقاء، أو الرملة. ({سُجَّدًا}) أي: منحنين ركوعًا، وقيل: خضوعًا. ({وَقُولُوا حِطَّةٌ}) أي: مغفرة، أو لا إله إلا اللَّه، أو حُطّ عنا ذنوبنا. ({فبدلوا}) أي: غيروا لفظ: (حطة) بقولهم: حنطًا سمقاتًا. أي: حنطة حمراء استخفافًا بأمر اللَّه تعالى. (يزحفون على أستاههم) أي: مستلقين وروي "على أوراكهم" (¬1) أي: منحرفين، واستاه جمع ستة كحمل وأحمال. وستة أصل است وهو العجز، وقد يراد به حلقة الدبر قاله الجوهري (¬2). (وقالوا حبة في شعرة) بفتح ¬

_ (¬1) أخرجها الترمذي (2956) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة البقرة. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬2) "الصحاح" مادة [سته] 6/ 2233.

المهملة وتشديد الموحدة. وهذا كلام مهمل وغرضهم به مخالفة ما أمروا به من الكلام المستلزم للاستغفار وطلب حط العقوبة عنهم فلما عصوا عاقبهم اللَّه بالرجز: وهو الطاعون هلك منهم سبعون ألفًا في ساعة واحدة. 3404 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، وَخِلاسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ، إلا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ: إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ: وَإِمَّا آفَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى، فَخَلا يَوْمًا وَحْدَهُ، فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الحَجَرِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا، وَإِنَّ الحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ، فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الحَجَرَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ، وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ، وَقَامَ الحَجَرُ، فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ، وَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ، ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا". [انظر: 278 - مسلم: 339 - فتح: 6/ 439] (عوف) هو الأعرابي. (عن الحسن) أي: البصري. (ومحمد) أي: ابن سيرين. (وخلاس) بكسر المعجمة، أي: ابن عمرو الهجري. (أدرة) بضم الهمزة وسكون المهملة على المشهور وروي بفتحها: وهي نفخة في الخصية، ومرَّ شرح الحديث، في كتاب: الغسل (¬1). 3405 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا، فَقَال رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ ¬

_ (¬1) سبق برقم (278) كتاب: الغسل، باب: من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة.

29 - باب {يعكفون على أصنام لهم} [الأعراف: 138]

مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَال: يَرْحَمُ اللَّهَ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". [انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح 6/ 436] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الأعمشن) هو سليمان بن مهران. (أن أبا وائل) هو شقيق بن سلمة. (قسم النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) إلى آخره، مرَّ شرحه في كتاب: الجهاد، في باب: ما كان النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم (¬1). 29 - باب {يَعْكِفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] {مُتَبَّرٌ} [الأعراف: 139] خُسْرَانٌ {وَلِيُتَبِّرُوا} [الإسراء: 7]: يُدَمِّرُوا {مَا عَلَوْا} [الإسراء: 7]: مَا غَلَبُوا. (باب: {يَعْكِفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ}) بضم الكاف وكسرها قراءتان والعكوف: الإقامة على الشيء ولزومه. (متبر) أي: في قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} معناه: (خسران) فسر اسم المفعول بالمصدر، والمراد منه: مهلك ما هم فيه. ({وَلِيُتَبِّرُوا}) معناه: (يدمروا). {مَا عَلَوْا} معناه: (ما غلبوا). وهذا ذكره تبعًا للآية، وإلا فلا تعلق له بالترجمة. 3406 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا مَعَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3150) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه.

30 - باب {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} الآية [البقرة: 67]

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَجْنِي الكَبَاثَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ" قَالُوا: أَكُنْتَ تَرْعَى الغَنَمَ؟ قَال: "وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إلا وَقَدْ رَعَاهَا؟ ". [5453 - مسلم: 2050 - فتح: 6/ 438] (نجني) بفتح أوله أي: نأخذ. (الكباث) بكاف مفتوحة وموحدة ومثلثة، أي: ثمر الأراك إذا يبس وليس له عجم وهو يشبه التين، قال الكرماني: لعلَّ مناسبته للترجمة من حيث أن بني إسرائيل كانوا مستضعفين جهالًا ففضلهم على العالمين وسياق الآية يدل عليه، أي: فيما يتعلق ببني إسرائيل فكذلك الأنبياء عليهم السلام كانوا أولًا مستضعفين بحيث أنهم كانوا يرعون الغنم (¬1). 30 - باب {وَإِذْ قَال مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الآية [البقرة: 67]. قَال أَبُو العَالِيَةِ: "العَوَانُ: النَّصَفُ بَيْنَ البِكْرِ وَالهَرِمَةِ، {فَاقِعٌ} [البقرة: 69]: صَافٍ، {لَا ذَلُولٌ} [البقرة: 71]: "لَمْ يُذِلَّهَا العَمَلُ"، {تُثِيرُ الأَرْضَ} [البقرة: 71]: لَيْسَتْ بِذَلُولٍ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلَا تَعْمَلُ فِي الحَرْثِ. {مُسَلَّمَةٌ} [البقرة: 71]: مِنَ العُيُوبِ، {لَا شِيَةَ} [البقرة: 71]: بَيَاضٌ. {صَفْرَاءُ} [البقرة: 69]: إِنْ شِئْتَ سَوْدَاءُ، وَيُقَالُ: صَفْرَاءُ كَقَوْلِهِ (جِمَالاتٌ صُفْرٌ). {فَادَّارَأْتُمْ} [البقرة: 72]: اخْتَلَفْتُمْ". [فتح: 6/ 439] (باب: {وَإِذْ قَال مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}) ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 14/ 56.

31 - باب وفاة موسى وذكره بعد

الآية. قصتها مذكورة محلها في المطولات. (أبو العالية) هو رفيع الرياحي. (العوان) أي: في قوله تعالى: {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} معناه: (النصف) بفتح النون والصاد (بين البكر والهرمة). {فَاقِعٌ} أي: في قوله تعالى: {فَاقِعٌ لَوْنُهَا} معناه: (صاف). ({مُسَلَّمَةٌ}) أي: (من العيوب). {لَا شِيَةَ} أي: (لا بياض) فيها والمراد: لا لون فيها غير لونها. ({صَفْرَاءُ}) (إن شئت سوداء، ويقال: صفراء) أي: إن شئت قلت معناه: سوداء، وإن شئت قلت معناه: صفراء. (كقوله: {جِمَالتٌ صُفْرٌ}) فإنه يفسر بسود تضرب إلى الصفرة فلك أن تحمل صفرًا على أيهما شئت. والجمالات جمع جمالة وجمالة جمع جمل. ({فَادَّارَأْتُمْ}) معناه (اختلفتم). 31 - بَابُ وَفَاةِ مُوسَى وَذِكْرِهِ بَعْدُ (باب) ساقط من نسخة. (وفاة موسى وذكره بعد) أي: بيان وفاته وذكره بعد ذلك. (عبد الرازق) أي: ابن همام الحميري. 3407 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أُرْسِلَ مَلَكُ المَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَال: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ المَوْتَ، قَال: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ سَنَةٌ، قَال: أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَال: ثُمَّ المَوْتُ، قَال: فَالْآنَ، قَال: فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ ثَمَّ

لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الكَثِيبِ الأَحْمَرِ". قَال وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [انظر: 1339 - مسلم: 2372 - فتح: 6/ 440] (معمر) أي: ابن راشد. (عن ابن طاوس) هو عبد اللَّه. (صكه) أي: ضربه. (بما غطت) في نسخة: "بما غطى". (إلى جانب الطريق) في نسخة: من جانب الطريق، ومرَّ شرح الحديث في الجنائز، في باب: من أحب الدفن في الأرض المقدسة (¬1). 3408 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ، فَقَال المُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى العَالمِينَ، فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ، فَقَال اليَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى العَالمِينَ، فَرَفَعَ المُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ يَدَهُ فَلَطَمَ اليَهُودِيَّ، فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ المُسْلِمِ، فَقَال "لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ". [انظر: 2411 - مسلم: 2373 - فتح: 6/ 441] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (ممن استثنى اللَّه) أي: في قوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} الآية، ومرَّ شرح الحديث أول الخصومات في باب: ما يذكر في الإشخاص والملازمة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1339) كتاب: الجنائز، باب: من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها. (¬2) سبق برقم (2411) كتاب: الخصومات، باب: ما يذكر في الإشخاص والملازمة.

32 - باب قول الله تعالى: {وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون} إلى قوله: {وكانت من القانتين} [التحريم: 11 - 12]

3409 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَال لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الجَنَّةِ، فَقَال لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاتِهِ وَبِكَلامِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ " فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى مَرَّتَيْنِ". [4736، 4738، 6614، 7515 - مسلم: 2652 - فتح: 6/ 441] (احتج آدم وموسى) أي: احتجت أرواحهما، أو احتجا يوم القيامة، وعبَّر فيه بالماضي، لتحقق وقوعه كما في {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}. (أخرجتك خطيئتك) هي أكله من الشجرة المنهي عنها بقوله: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} (ثم) بمثلثة، وميم مشددة، وفي نسخة: "بم" بموحدة مكسورة وميم مخففة. (فحج آدم موسى) أي: غلبه بالحجة. (مرتين) متعلق بقال. 3410 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمًا قَال: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى فِي قَوْمِهِ". [5705، 5752، 6472، 6541 - مسلم: 220 - فتح 6/ 441] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (سوادًا) يعبر به عن كثرة الجماعة. (الأفق) واحد آفاق السماء والأرض، أي: نواحيها. 32 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 11 - 12]. (باب: قول اللَّه تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} إلى قوله: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}).

اسم امرأة فرعون: آسية كما سيأتي (¬1): وهي بنت مزاحم وآمنت لما غلب موسى سحرة فرعون. 3411 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ الهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إلا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ". [3433، 3769، 5418 - مسلم: 2431 - فتح: 6/ 449] (كمل) بتثليث الميم. (ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران) قيل فيه دلالة على نبوتهما؛ لأن أكمل النوع الإنساني الأنبياء، ورد ذلك بأنه لا يلزم من لفظ الكمال نبوتهما؛ لأنه يقال لتمام الشيء وتناهيه، فالمراد تناهيهما في جميع الفضائل التي للنساء، وقد نقل الإجماع على عدم نبوتهن، لكن نقل عن الأشعري: أنه نُبيَّ من النساء ستّ: حواء، وسارة، وأم موسى، وهاجر، وآسية، ومريم، وقال القرطبي: الصحيح أن مريم نبية (¬2). (وإن فضل عائشة على النساء). أي: نساء أمته - صلى الله عليه وسلم -. (كفضل الثريد على سائر الطعام) أي: لأنه أفضل طعام العرب ولا يكون غالبًا إلا باللحم، وهذا لا تصريح فيه بأفضلية عائشة على غيرها؛ لأن فضل الثريد على غيره من الطعام إنما هو لما فيه من تيسر المؤنة وسهولة الإساغة وكان أجل أطعمتهم يومئذ، وكل هذه الخصال لا تستلزم ثبوت الأفضلية له من كل جهة فقد يكون مفضولًا بالنسبة لغيره من ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3433) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب {وَإِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالمِينَ (42)}. (¬2) "تفسير القرطبي" 4/ 83.

33 - باب {إن قارون كان من قوم موسى} الآية [القصص: 76]

جهات أخرى، وقد بسطت الكلام على بيان أفضل النساء في "شرح البهجة" وغيره. 33 - باب {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} الآيَةَ [القصص: 76] {لَتَنُوءُ} [القصص: 76]: لَتُثْقِلُ " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: " {أُولِي القُوَّةِ} [القصص: 76] لَا يَرْفَعُهَا العُصْبَةُ مِنَ الرِّجَالِ. يُقَالُ: {الفَرِحِينَ} [القصص: 76]: المَرِحِينَ، {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} [القصص: 82]: مِثْلُ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الرعد: 26]: وَيُوَسِّعُ عَلَيْهِ وَيُضَيِّقُ". [فتح: 6/ 448] (باب: {إنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى}) الآية. قارون هو ابن عم موسى، أو ابن خالته، أو عمه؛ وهو غير منصرف؛ للعلمية والعجمة. ({لَتَنُوءُ}) معناه: (لتثقل). {أُولِي الْقُوَّةِ} معناه: (لا يرفعها) أي: المفاتيح. (العصبة من الرجال). أي: الجماعة منهم، وحاصل معنى الآية: وآتينا قارون ما إن مفاتحه لتئقل بالجماعة أصحاب القوة أي: تثقلهم، فالباء في {بِالْعُصْبَةِ} للتعدية، أو الكلام مقلوب أي: لتنوء بها العصبة. ({الْفَرِحِينَ}) أي: في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} أي: (المرحين) أي: البطرين. {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} معناه: (مثل) معنى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ} في أن كلأ منهما للتعجب؛ لأن ويكأن مركب عند البصريين من وي للتعجب وكأن للتشبيه. ({يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}) معناه: (ويوسع عليه ويضيق) فيه لف ونشر مرتب وواو (ويوسع) زائدة، وقوله: (قال ابن عباس: إلى آخره) ساقط من نسخة.

34 - باب {وإلى مدين أخاهم شعيبا} [هود: 84]

34 - باب {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [هود: 84] إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، لِأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ، وَمِثْلُهُ {وَاسْأَلِ القَرْيَةَ} [يوسف: 82]: وَاسْأَلْ {العِيرَ} [يوسف: 70]: يَعْنِي أَهْلَ القَرْيَةِ وَأَهْلَ العِيرِ، {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [هود: 92]: لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ، يُقَالُ إِذَا لَمْ يَقْضِ حَاجَتَهُ: ظَهَرْتَ حَاجَتِي وَجَعَلْتَنِي ظِهْرِيًّا. قَال: الظِّهْرِيُّ أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ، مَكَانَتُهُمْ وَمَكَانُهُمْ وَاحِدٌ، {يَغْنَوْا} [الأعراف: 92]: يَعِيشُوا، {يَيْأَسُ} [يوسف: 87] يَحْزَنْ. {آسَى} [الأعراف: 93]: أَحْزَنُ " وَقَال الحَسَنُ: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الحَلِيمُ} [هود: 87] يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَقَال مُجَاهِدٌ: (لَيْكَةُ) [الشعراء: 189] الأَيْكَةُ، {يَوْمِ الظُّلَّةِ}: إِظْلالُ الغَمَامِ العَذَابَ عَلَيْهِمْ. [فتح: 6/ 449] (باب: قول اللَّه تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}) الآية). وفيها إضمار بيَّنه بقوله مع تعليله بقوله: (إلى أهل مدين) إلى آخره. ({وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا}) يعني في قوله تعالى: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} أي: لم تلتفتوا إليه وكسر الظاء في (ظهريا) من تغيرات النسب، كما تقول: في الأمس إمسى بكسر الهمزة، من ظهرت بفتح الهاء، نسيت وتركت كما أشار إليه بقوله: (ويقال) إلى آخره. (قال): أي: البخاريّ. (الظهري) إلى آخره أشار به إلى أن الظهري يقال: أيضًا لمن يأخذ معه دابة، أو وعاء يستظهر به، أي: يتقوى به. ({مَكَانَتِهِمْ} ومكانهم واحد) كذا وقع وإنما هو في قصة شعيب {مَكَانَتِكُمْ} في قوله: {وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} فكان

35 - باب قول الله تعالى: {وإن يونس لمن المرسلين (139)} إلى قوله: {فمتعناهم إلى حين} [الصافات: 139 - 148]

الأَوْلى أن يقول: مكانتكم ومكانكم واحد. ({يَغْنَوْا}) أي: في قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} معناه: (يعيشوا) ويقيموا فيها. (تأس) المأخوذ من قوله تعالى: {فَكَيْفَ آسَى} معناه: (تحزن. وقال الحسن) أي: البصري. {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} معناه: (يستهزئون به) يعني أنهم عكسوا على سبيل الاستعارة التهكمية؛ إذ غرضهم أنت السفيه الغوي لا الحليم الرشيد. ({الْأَيْكَةِ} أي: في قراءة من قرأ به في قوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} معناه: (الأيكة) وهي منازل قوم شعيب. ({يَوْمِ الظُّلَّةِ}) أي: في قوله تعالى: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} معناه: (إظلال) أي: يوم إظلال. (الغمام) أي: (العذاب عليهم) روي أنه حبس عنهم الهواء وسلط عليهم الحر فأخذ بأنفاسهم، فاضطروا إلى أن خرجوا إلى البرية؛ فأظلتهم سحابة وجدوا لها بردًا ونسيمًا فاجتمعوا تحتها، فأمطرت عليهم نارًا فاحترقوا، وكان شعيب - عليه السلام - مبعوثًا إلى أصحاب مدين وإلى أصحاب الأيكة فأهلكت مدين بصيحة جبريل - عليه السلام - وأصحاب الأيكة بعذاب يوم الظلة (¬1). 35 - باب قَوْلِ اللَّه تعَالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)} إِلَى قَوْلِهِ: {فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [الصافات: 139 - 148]. {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} [القلم: 48] كَظِيمٌ: وَهْوَ مَغْمُومٌ. (باب: قول اللَّه تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)} إلى قوله: ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 2815 (15931).

{وَهُوَ مُلِيمٌ}). (قال مجاهد: معنى مليم: مذنب). ({الْمَشْحُونِ}) أي: في قوله تعالى: {إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} معناه: (الموقر). ({فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)} الآية) أي: معناه: فلولا أنه كان من المنزهين الذاكرين اللَّه تعالى في الرخاء للبث في بطن الحوت إلى يوم يبعثون. ({فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ}) معناه: طرحناه (بوجه الأرض) وقيل: طرحناه بالفضاء ({وَهُوَ سَقِيمٌ}) أي: عليل ({وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ}) أي: له، أو عنده ({شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ}) أي: شجرة (من غير ذات أصل) أي: من غير ساق (الدباء) بالرفع خبر لمبتدأ محذوف، وبالجر بدل من (يقطين) أو عطف بيان له. (ونحوه) عطف على (الدباء) أي: نحو الدباء كالقثاء والبطيخ واليقطين، والدباء: القرع، وحكمته أن الذباب لا يجتمع عليه. ({أَوْ يَزِيدُونَ}) أي: بل يزيدون (¬1) على مائة ألف بعشرين، أو ثلاثين، أو سبعين ألفًا. ({فَآمَنُوا}) أي: قوم يونس عند معاينتهم العذاب. ({فَمَتَّعْنَاهُمْ}) أي: أبقيناهم متمتعين. ({إِلَى حِينٍ}) أي: إلى حين انقضاء آجالهم. ¬

_ (¬1) جعل المصنف هنا (أو) بمعنى (بل) وهذا مذهب الفراء وأبي علي الفارسي، قالا: إن (أو) تكون للإضراب ونسب هذا القول أيضًا إلى الكوفيين، وهو قول الزجاجي والهروي وابن برهان، والرضي. قال أبو حيان: وزعم بعض النحويين أن (أو) تكون للإضراب على الإطلاق واستشهد هؤلاء بهذه الآية وبقوله تعالى: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} وقوله: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} ومذهب البصريين أن (أو) لا تكون للإضراب (بمعنى بل) ولذلك ردوا ما استشهد به الفراء وغيره، وخرجوا الآيات السابقة على أن الشك والاتهام فيها واقعان على المخاطبين.

({وَلَا تَكُنْ}) أي: يا محمد. ({كَصَاحِبِ الْحُوتِ}) في الضجر والعجلة وهو يونس - عليه السلام -. ({إِذْ نَادَى}) أي: دعا ربه في بطن الحوت. ({وَهُوَ مَكْظُومٌ}) أي: كظيم فهو تفسير لفظي لمكظوم، وقوله: (وهو مغموم) تفسير معنوي لجملة (وهو مكظوم). 3412 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، ح حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ " زَادَ مُسَدَّدٌ: "يُونُسَ بْنِ مَتَّى". [4603، 4804 - فتح: 6/ 450] 3413 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ". [انظر: 3395 - مسلم: 2377 - فتح: 6/ 450] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (عن يحيى) أي: القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (لا يقولن أحدكم) إلى آخره، مرَّ مع الحديث بعده في باب: قول اللَّه تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)} (¬1). 3414 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الفَضْلِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ، أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ، فَقَال: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى البَشَرِ، فَسَمِعَهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3395) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)}.

رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَامَ فَلَطَمَ وَجْهَهُ، وَقَال: تَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى البَشَرِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟ فَذَهَبَ إِلَيْهِ فَقَال: أَبَا القَاسِمِ، إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا، فَمَا بَالُ فُلانٍ لَطَمَ وَجْهِي، فَقَال: "لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ" فَذَكَرَهُ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَال: "لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ، إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ، أَمْ بُعِثَ قَبْلِي. [انظر: 2411 - مسلم: 2373 - فتح: 6/ 450] 3415 - وَلَا أَقُولُ: إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى. [3416، 4604، 4631، 4805 - مسلم: 2373، 2376 - فتح: 6/ 451] (بينما يهودي) إلى آخره، مرَّ في باب: وفاة موسى، وقوله: (فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي) (¬1)، قال الكرماني فيه: فإن قلت إن موسى قد مات فكيف تدركه الصعقة، وأيضًا قد ورد النص به فأجمعوا أيضًا على أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -هو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة (¬2)، قلت: المراد من البعث الإفاقة بقرينة الروايات الأخر حيث قال: أفاق قبلي وهذه الصعقة هي غشية بعد البعث: عند نفخة الفزع الأكبر (¬3). 3416 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى". [انظر: 3415 - مسلم: 2373، 2376 - فتح: 6/ 451] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن ¬

_ (¬1) سبق برقم (3408) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: وفاة موسى. (¬2) سبقت برقم (2412) كتاب: الخصومات، باب: ما يذكر في الإشخاص. (¬3) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 14/ 64 - 65.

36 - باب {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت} [الأعراف: 163]

الحجاج. (لا ينبغي لأحد) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: قول اللَّه تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)} أيضًا (¬1). 36 - باب {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} [الأعراف: 163]. يَتَعَدَّوْنَ: يُجَاوزُونَ فِي السَّبْتِ {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا}: شَوَارعَ إِلَى قَوْلِهِ: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف: 163 - 166]. (باب: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}. قوله: ({إِذْ تَأْتِيهِمْ}) إلى آخره ساقط من نسخة، والقرية أيلة على شاطئ بحر القلزم، وقيل: طبرية، وقيل: مدين، وقيل: غير ذلك (¬2) و ({يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ}) أي: يعتدون فيه بمخالفتهم أمر اللَّه، وهو اصطيادهم في يوم السبت وقد نهوا عنه، ومعنى الاعتداء: المجاوزة كما ذكره البخاري بعد و ({إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ}) بدل اشتمال من القرية، و ({إِذْ تَأْتِيهِمْ}) ظرف ليعدون، و ({شُرَّعًا}) أي: ظاهرة على الماء و ({نَبْلُوهُمْ}) أي: نختبرهم بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم الصيد فيه. ({يَعْدُونَ}) أي: المأخوذ من قوله تعالى: {يَعْدُونَ} ¬

_ (¬1) سبق برقم (3395) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)}. (¬2) انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 5/ 1597.

37 - باب قول الله تعالى: {وآتينا داود زبورا} [النساء: 163]

معناه: (يجاوزون). {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} أي: (شوارع) فسر به شرعا تفسيرًا لفظيًّا (إلى قوله: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}) متعلق بمحذوف، أي: أقوامًا بعد قوله: (شرعا) إلى قوله المذكور. ({بَئِيسٍ}) يعني في قوله تعالى: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} أي: شديد. 37 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} [النساء: 163]. الزُّبُرُ: الكُتُبُ، وَاحِدُهَا زَبُورٌ، زَبَرْتُ كَتَبْتُ، {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} " قَال مُجَاهِدٌ: "سَبِّحِي مَعَهُ {وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: 11] الدُّرُوعَ، {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: 11] المَسَامِيرِ وَالحَلَقِ، وَلَا يُدِقَّ المِسْمَارَ فَيَتَسَلْسَلَ، وَلَا يُعَظِّمْ فَيَفْصِمَ {وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سبأ: 11]. (باب: قول اللَّه تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا}) أي: كتابًا مشتملا على مائة، وخمسين سورة بالعبرانية، خمسون منها فيما يلقونه من بخت نصَّر، وخمسون منها فيما يلقونه من الروم، وخمسون منها مواعظ وحكم وليس فيه شيء من الأحكام الشرعية. ({وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا}) أي: نبوة وكتابًا وصوتًا بديعًا، وقوة وقدرة وتسخير الجبال والطير. ({يَا جِبَالُ}) بدل من قوله: {فَضْلًا} بإضمار قولنا. ({أَوِّبِي مَعَهُ}) فسر به (أوبي معه) وأوبي: أمر من التأويب وهو الترجيع، أي: رجعي معه التسبيح. ({وَالطَّيْرَ}) بالنصب

عطف على محل الجبال، أو على (فضلا) أو هو مفعول معه. ({وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}) أي: صيرناه له كالشمع. ({أَنِ}) مفسرة تمييز له ({اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}) أي: (الدروع). ({وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}) أي: في (المسامير والحلق) أي: جررتهما، أو معناه: المسامير والحلق إن رفعتهما وهذا تفسير من البخاري، وفسره بعضهم بقوله: لا تجعل المسامير دقاقًا ولا غلاظًا (¬1)، وبعضهم ينسج الدرع وهو تداخل الحلق بعضها في بعض، وإلى الأولين الإشارة بقوله: (ولا تدق) بضم الفوقية [من الدقة] (¬2) (المسمار فيتسلسل) في نسخة: "فيتسلل" [وفي أخرى: "فيسلس"] (¬3) أي: فيسهل. (ولا تعظم) أي: ولا تغلظه. (فيفصم) أي: فيقطع ({أَفْرِغْ}) أي: في قوله تعالى: {رَبَّنَا أَفْرِغْ} معناه: (أنزل) هذا وإن كان في قصة طالوت، لكن فيها قصة داود فكأنه ذكر ذلك؛ لأن قصتهما واحدة ({بَسْطَةً}). يعني في قوله تعالى: {وَزَادَهُ بَسْطَةً} أي: (زيادة وفضلًا)، ({وَاعْمَلُوا}) أي: آل داود ({صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}) أي: فأجازيكم عليه أحسن جزاء. 3417 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال "خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ القُرْآنُ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ، فَيَقْرَأُ القُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَوَابُّهُ، وَلَا يَأْكُلُ إلا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2073 - فتح: 6/ 453] ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "التفسير" 10/ 352 (8736) عن قتادة، وعبد الرزاق في "التفسير" 2/ 104 (2399) عن ابن عباس. (¬2) من (ج). (¬3) من (ج).

(القرآن) في نسخة: القراءة، والمراد: الزبور، وقال الكرماني: القرآن: التوراة والزبور (¬1). (قبل أن تسرج دوابه) فيه أن اللَّه يطوي الزمان لمن شاء من عباده كما يطوي المكان. 3418 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، أَخْبَرَهُ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ " فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ" قُلْتُ: قَدْ قُلْتُهُ قَال: "إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ" فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ" قَال: قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَال: فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ " قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 6/ 453] (أخبر رسول اللَّه) إلى آخره مرّ شرحه، في كتاب: الصوم، في باب: صوم الدهر (¬2). 3419 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، قَال: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ" فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَال: "فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتِ العَيْنُ، وَنَفِهَتِ النَّفْسُ، صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ، أَوْ كَصَوْمِ الدَّهْرِ" قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ بِي، - قَال مِسْعَرٌ يَعْنِي قُوَّةً - قَال: "فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لاقَى". [انظر: 1131 - ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 14/ 65. (¬2) سبق برقم (1976) كتاب: الصوم، باب: صوم الدهر.

38 - باب: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود

مسلم: 1159 - فتح: 6/ 454] (مسعر) أي: ابن كدام. (ألم أنبأ) أي: ألم أخبر. (هجمت العين) أي: غارت. (ونقهت النفس) بكسر القاف، أي: صعقت، ومرَّ الحديث في كتاب: الصوم، في باب: حق الأهل في الصوم، وفي كتاب: التهجد (¬1). 38 - بَابٌ: أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا. [1133] (باب: أحب الصلاة إلى اللَّه صلاة داود، وأحب الصيام إلى اللَّه صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا). (قال علي) قال شيخنا: أظنه علي بن المديني شيخ البخاري (¬2). (وهو) أي: النوم. (سدسه) أي: السدس الأخير، أي: المراد به (قول عائشة - رضي اللَّه عنها - ما ألفاه السحر) بالرفع، أي: ما وجده (عندي إلا نائمًا) ومرَّ الحديث في كتاب: التهجد، في باب: من نام عند السحر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1131) كتاب: التهجد، باب: من نام عند السحر. و (1977) كتاب: الصوم، باب: حق الأهل في الصوم. (¬2) "الفتح" 6/ 455.

39 - {واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب} إلى قوله: {وفصل الخطاب} [ص: 17 - 20]

3420 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، قَال: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 6/ 455] (سفيان) أي: ابن عيينه. (أحب الصيام إلى اللَّه) إلى آخره مرَّ شرحه في كتاب: التهجد، في الباب المذكور. 39 - {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} إِلَى قَوْله: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 17 - 20]. قَال مُجَاهِدٌ: "الفَهْمُ فِي القَضَاءِ. {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الخَصْمِ} [ص: 21] إِلَى {وَلَا تُشْطِطْ} [ص: 22]: لَا تُسْرِفْ، {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ، إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: 23] يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ نَعْجَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا شَاةٌ. (وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَال أَكْفِلْنِيهَا) مِثْلُ (وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ) ضَمَّهَا، {وَعَزَّنِي} [ص: 23] غَلَبَنِي، صَارَ أَعَزَّ مِنِّي، أَعْزَزْتُهُ جَعَلْتُهُ عَزِيزًا {فِي الخِطَابِ} [ص: 23] يُقَالُ: المُحَاوَرَةُ، {قَال لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ، وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الخُلَطَاءِ} [ص: 24] الشُّرَكَاءِ، {لَيَبْغِي} [ص: 24]- إِلَى قَوْلِهِ - {أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} [ص: 24] " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "اخْتَبَرْنَاهُ" وَقَرَأَ عُمَرُ فَتَّنَّاهُ، بِتَشْدِيدِ التَّاءِ {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24].

(باب: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} إلى قوله: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ}) قوله: {إِنَّهُ أَوَّابٌ} أي: راجع كما ذكره في الباب الآتي، وقوله: {كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} أي: مطيع. (الفهم في القضاء) أي: فصل الخطاب: هو الفهم في القضاء. {وَلَا تُشْطِطْ} معناه: (لا تسرف) والشطط: مجاوزة الحد. ({وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ}) أي: إلى وسط الطريق. ({إِنَّ هَذَا أَخِي}) أي: في الدين، أو في الخلطة. ({لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}) أي: امرأة كما ذكره بقوله: (ويقال للمرأة: نعجة، ويقال لها أيضًا: شاة) والعرب توري عن النساء بالظباء والشاة والبقر. ({فَقَال أَكْفِلْنِيهَا}) أي: (ضمها) إلى (مثل) ({وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا}) أي: (ضمها) إليه. {وَعَزَّنِي} أي: (غلبني) أو (صار اعزَّ مني)، ويقال: (أعززته) أي: (جعلته عزيزًا) ({فِي الْخِطَابِ}) ثم فسَّر الخطاب بقوله: (يقال: المحاورة) بمهملة، أي: الخطاب (المحاورة) أي: المجاوبة. ({قَال}) أي: داود. {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} قصد به المبالغة في إنكار فعل خليطه وتهجين طمعه. (اختبرناه) تفسير لـ (فتناه) بتخفيف التاء، وفيه قراءة شاذة ذكرها بقوله: (وقرأ عمر: فتَّناه) بتشديد التاء. ({وَخَرَّ رَاكِعًا}) أي: ساجدًا وعبَّر عن السجود بالركوع بجامع الانحناء. ({وَأَنَابَ}) أي: رجع إلى اللَّه بالتوبة؛ لأنه وَدَّ أن يكون له ما لغيره وكان له أمثاله، فقد قيل: إنه اتفق له أن عينه قد وقعت على امرأة رجل فأحبها، فسأله النزول عنها على عادة أهل زمانه، فاستحيا أن يرده، ففعل فتزوجها: وهي أم سليمان، فنبهه اللَّه بقصة الخصمين على ذلك فاستغفر وأناب.

40 - باب قول الله تعالى: {ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب (30)} [ص: 30]: الراجع المنيب

3421 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، قَال: سَمِعْتُ العَوَّامَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَسْجُدُ فِي ص؟ فَقَرَأَ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} - حَتَّى أَتَى - {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 84 - 90] فَقَال: نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ". [4632، 4806، 4807 - فتح: 6/ 456] (محمد) أي: ابن سلام. (العوام) أي: ابن حوشب. (أنسجد) في نسخة: "أأسجد". (فقرأ) أي: ابن عباس. (ومن ذريته) أي: نوح. (أمر) بالبناء للمفعول. (أن يقتدي بهم) أي: بهؤلاء الرسل. 3422 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَيْسَ ص مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا". [انظر: 1069 - فتح: 6/ 456] (وهيب) أي: ابن خالد البصري. (أيوب) أي: السختياني. (ليس ص) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: سجدة ص (¬1). 40 - باب قَوْلُ اللَّه تَعَالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)} [ص: 30]: الرَّاجِعُ المُنِيبُ وَقَوْلُهُ: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] وَقَوْلُهُ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102] {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ}: أَذَبْنَا لَهُ عَيْنَ الحَدِيدِ {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنْ مَحَارِيبَ} [سبأ: 12 - 13] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1069) كتاب: سجود القرآن، باب: سجدة ص.

قَال مُجَاهِدٌ: بُنْيَانٌ مَا دُونَ القُصُورِ {وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} [سبأ: 13]: كَالحِيَاضِ لِلْإِبِلِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "كَالْجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إلا دَابَّةُ الأَرْضِ}: الأَرَضَةُ {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} [سبأ: 14]: عَصَاهُ، {فَلَمَّا خَرَّ} [سبأ: 14]- إِلَى قَوْلِهِ - {فِي العَذَابِ المُهِينِ} [سبأ: 14] {حُبَّ الخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} [ص: 32]. . {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} [ص: 33]: يَمْسَحُ أَعْرَافَ الخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا. {الأَصْفَادُ} [إبراهيم: 49]: الوَثَاقُ " قَال مُجَاهِدٌ: " {الصَّافِنَاتُ} [ص: 31] صَفَنَ الفَرَسُ: رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ حَتَّى تَكُونَ عَلَى طَرَفِ الحَافِرِ، {الجِيَادُ} [ص: 31]: السِّرَاعُ. {جَسَدًا} [الأعراف: 148]: شَيْطَانًا، {رُخَاءً} [ص: 36]: طَيِّبَةً {حَيْثُ أَصَابَ} [ص: 36]: حَيْثُ شَاءَ، {فَامْنُنْ} [ص: 39]: أَعْطِ {بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212]: بِغَيْرِ حَرَجٍ". (باب) ساقط من نسخة. (قول اللَّه تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)}) المخصوص بالمدح محذوف، أي: نعم العبد سليمان. (الراجع: المنيب) تفسير للأواب، والمنيب معناه: الرجاع ولو اقتصر البخاري على المنيب لكان أولى وأخصر. (وقوله) بالجر عطف على (قول اللَّه). ({مِنْ بَعْدِي}) أي: من دوني (وقوله) عطف على قول اللَّه أيضًا. ({وَاتَّبَعُوا}) أي: اليهود. ({عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}) أي: على عهده.

({وَلِسُلَيْمَانَ}) أي: وسخرنا له ({الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}) أي: مسيرها شهر في غدوته، وشهر في روحته، قال مجاهد: كان سليمان يغدو من دمشق فيقيل باصطخر (¬1) ويروح من اصطخر فيقيل بكابل وكان بين دمشق واصطخر مسيرة شهر، وكذا بين اصطخر وكابل (¬2). ({وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ}) معناه: (أذبنا له عين الحديد). ({وَمِنَ الْجِنِّ}) أي: وسخرنا له من الجن. (بنيان ما دون الفصور) تفسير للمحاريب، وفسرها أبو عبيدة بأنها مقدم كل بيت، و (ما) زائدة. ({وَتَمَاثِيلَ}) أي: في الآية جمع تمثال: وهو الصور وكان عملها في الجدران ونحوها سائغًا في شريعتهم. ({وَجِفَانٍ}) جمع جفنة. ({كَالْجَوَابِ}) جمع جابية. (كالحياض) التي تجمع فيها الماء، وحاصل ذلك: أن الجفان شبهت بالجوابي. والجوابي بالحياض. ({رَاسِيَاتٍ}) أي: ثابتات لا تتحركن لعظمهن ({إلا دَابَّةُ الْأَرْضِ}) أي: (الأرضة) وهي دويبة تأكل الخشب. ({مِنْسَأَتَهُ}) أي: (عصاه). ({فَلَمَّا خَرَّ}) أي: سقط ميتًا، وجواب لما: ({تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ}) أي: انكشف لهم ({أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ}) الغيب. إلى آخره ({حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}) أي: (من ذكر ربي) والخير هنا بمعنى: ¬

_ (¬1) إصطخر: بلدة بفارس من الإقليم الثالث، وقيل: أول من أنشاها إصطخر بن طهمورث ملك الفرس وطهمورث عند الفرس بمنزلة آدم، انظر: "معجم البلدان" 1/ 211. (¬2) وكابل: في الإقليم الثالث طولها من جهة المغرب مائة درجة وعرضها من جهة الجنوب ثمان وعشرون درجة: انظر: "معجم البلدان" 4/ 426.

الخيل، وإليها يعود ضمير ({رُدُّوهَا عَلَيَّ}). ({فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}) أي: (يمسح أعراف الخيل وعراقيبها). ({الْأَصْفَادِ}) أي: في قوله تعالى: {وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38)} معناه: (الوثاق) ({الصَّافِنَاتُ}) أي: في قوله تعالى: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)} مأخوذة من (صفن الفرس) إلى آخره والصافنات جمع صافنة. ({الْجِيَادُ}) معناه (السِّراع) بكسر المهملة، أي: المسرعة. ({جَسَدًا}) أي: في قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} أي: شيطانًا، اسمه: آصف بفاء، أو آصر براء، أو صخر، جلس على كرسي سليمان، وعكفت عليه الطير وغيرها فخرج سليمان في غير هيئته فرآه على كرسيه وقال: للناس أنا سليمان فأنكروه. ({رُخَاءً}) أي: (طيبة)، وقال غيره: لينة. ({حَيْثُ أَصَابَ}) أي: (حيث شاء). ({فَامْنُنْ}) أي: (أعط). ({بِغَيْرِ حِسَابٍ}) أي: (بغير حرج). 3423 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ البَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلاتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا" {عِفْرِيتٌ} [النمل: 39] مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ، مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَةُ". (شعبة) أي: ابن الحجاج. (إن عفريتًا من الجن) إلى آخره، مرَّ شرحه في كتاب: الصلاة (¬1) ¬

_ (¬1) سبق برقم (461) كتاب: الصلاة، باب: الأسير أو الغريم يربط في المسجد.

(عفريت) أي: متمرد من إنس أو جان (مثل زبنية) بكسر الزاي، وسكون الموحدة، وكسر النون، وفتح الياء، قال شيخنا: ومراده بهذا أنه قيل في عفريت: عفرية، وهي قراءة شاذة، أي: فكأنه قال عفريه مثل زبنية، وإلا فعفريت ليس مثل زبنية (¬1). (جماعتها) أي: الزبنية. (الزبانية) فالزبانية جمع زبنية، وقيل: جمع زبني، وقيل: زابن، وقيل: زباني، وقيل: زبنيت وقيل: لا واحد له من لفظه، والزبانية في الأصل: اسم أصحاب الشرطة مشتقة من الزبن، وهو الدفع، وأطلقت على الملائكة؛ لأنهم يدفعون الكفار في النار، قال ابن عبد البر: الجن على مراتب والأصل: جني فإن خالط الإنس، قيل: عامر وأن تعرض للصبيان، قيل: روح ومن زاد في الخبث، قيل: شيطان، فإن زاد على ذلك قيل: مارد [فإن زاد على ذلك قيل: عفريت] (¬2) (¬3). 3424 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: قَال: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَال لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إلا وَاحِدًا، سَاقِطًا أَحَدُ شِقَّيْهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ قَالهَا لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. [2819، 5242، 6639، 6720، 7469 - مسلم: 1654 - فتح: 6/ 458] قَال شُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: تِسْعِينَ وَهُوَ أَصَحُّ. (لأطوفن) من طاف وفي نسخة: "لأطيفن" من أطاف والطواف هنا كناية عن الجماع. (قال شعيب) أي: ابن أبي حمزة الحمصي، ومرَّ شرح الحديث ¬

_ (¬1) "الفتح" 6/ 460. (¬2) "التمهيد" 11/ 117. (¬3) من (س).

في كتاب: الجهاد، في باب: من طلب الولد (¬1). 3425 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قَال: "المَسْجِدُ الحَرَامُ". قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ (¬2)؟، قَال: "ثُمَّ المَسْجِدُ الأَقْصَى" قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَال: "أَرْبَعُونَ، ثُمَّ قَال: حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاةُ فَصَلِّ، وَالأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ". [انظر: 3366 - مسلم: 520 - فتح: 6/ 458] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (إبراهيم) أي: ابن يزيد بن شريك. (أي مسجد وضع؟) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (¬3). 3426 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَ الفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ. [6483 - مسلم: 2284 - فتح: 6/ 458] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (أبو الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (مثلي ومثل الناس) بفتح ميمهما وثانيهما، أي: مثل دعائي إياهم إلى الإسلام المنقذ لهم من النار، ومثل ما زيَّنت لهم أنفسهم من التمادي على الباطل (كمثل رجل استوقد) أي: أوقد. (نارًا) هي جوهر ¬

_ (¬1) سبق برقم (2819) كتاب: الجهاد والسير، باب: من طلب الولد للجهاد. (¬2) في الأصل: أيّ بالتشديد فقط. (¬3) سبق برقم (3366) كنتاب: أحاديث الأنبياء.

لطيف مضيء حار محرق. (فجعل الفراش) بفتح الفاء جمع فراشة وهي التي تطير وتتهافت في النار. (وهذه الدواب) عطف على الفراش وهي جمع دابة وأراد بها هنا، مثل: البرغش والبعوض والجندب. (تقع في النار) خبر جعل لأنها من أفعال المقاربة فتعمل عمل كان، وسبب وقوع الفراشة ونحوها في النار قيل: ضعف بصرها فتظن أنها في بيت مظلم وأن السراج مثلًا كوة فترمي بنفسها إليه، وهي من شدة طيرانها تجاوزه فتقع في الظلمة فترجع إلى أن تحترق، وقيل: ضررها لشدة النور، فتقصد إطفاءها، فلشدة جهلها تورط نفسها فيما لا قدرة لها عليه. 3427 - وَقَال: كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالتْ صَاحِبَتُهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وَقَالتِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَال: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا، فَقَالتِ الصُّغْرَى: لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هُوَ ابْنُهَا، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى " قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إلا يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إلا المُدْيَةُ. [6769 - مسلم: 1720 - فتح: 6/ 458] (وقال) أي: أبو هريرة فهو موقوف عليه، أو النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مرفوع إليه كما عند النسائي (¬1). (فتحاكما) في نسخة: "فتحاكمنا". (فقضى به للكبرى) أي: لأنه كان في يدها وعجزت الأخرى عن إقامة البينة. (فقضى به للصغرى) أي: لما رآه من جذعها الدال على عظم شفقتها، ولم يلتفت إلى إقرارها. ¬

_ (¬1) "سنن النسائي" 8/ 236 كتاب: آداب القضاة، باب: نقض الحاكم ما يحكم به غيره.

41 - باب قول الله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله} إلى قوله: {إن الله لا يحب كل مختال فخور} [لقمان: 12 - 18]

(إن أي: ما (سمعت بالسكين) إلى آخره السكين تذكر وتؤنث، وسميت بالسكين لأنه تسكن حركة الحيوان، وبـ (المدية) بتثليث الميم؛ لأنها تقطع مدى حياة الحيوان. 41 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور} [لقمان: 12 - 18]. {وَلَا تُصَعِّرْ} [لقمان: 18] الإعْرَاضُ بِالْوَجْهِ. (باب) ساقط من نسخة. (قول اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}) قوله: ({أَنِ اشْكُرْ}) إلى آخره ساقط من نسخة. (الإعراض بالوجه) تفسير لـ {تُصَعِّرْ}. 3428 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] قَال أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَنَزَلَتْ {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. [انظر: 32 - مسلم: 124 - فتح: 6/ 465] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس النخعي. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا}) إلى آخره مر شرحه وما بعده في كتاب: الإيمان، في باب: ظلم دون ظلم (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (32) كتاب: الإيمان، باب: ظلم دون ظلم.

42 - باب {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية} الآية [يس: 13]

3429 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} [الأنعام: 82] إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ قَال: "لَيْسَ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَال لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ". (حدَّثَنِي) في نسخة: "حَدَّثنَا". (إسحاق) أي: ابن راهوية. 42 - باب {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} الآيَةَ [يس: 13] {فَعَزَّزْنَا} [يس: 14]: قَال مُجَاهِدٌ شَدَّدْنَا وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ طَائِرُكُمْ مَصَائِبُكُمْ. (باب: {وَاضْرِبْ لَهُمْ}) أي: لأجلهم. ({مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} الآية). ({الْقَرْيَةِ}): إنطاكية، و {إِذْ جَاءَهَا} بدل من أصحاب القرية. (شددنا) تفسير لعززنا. ({طَائِرُكُمْ}) أي: في قوله تعالى: {قَالُوا طَائِرُكُمْ} معناه: (مصائبكم). 43 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: إِلَى قَوْلِهِ: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم: 2 - 7]. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: مِثْلًا، يُقَالُ: رَضِيًّا مَرْضِيًّا، (عُتِيًّا): عَصِيًّا، عَتَا: يَعْتُو، {قَال رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عِتِيًّا} [مريم: 8]- إِلَى قَوْلِهِ - {ثَلاثَ لَيَالٍ سَويًّا} [مريم: 10] وَيُقَالُ: صَحِيحًا، {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ المِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 11] فَأَوْحَى: فَأَشَارَ {يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ}

إِلَى قَوْلِهِ {وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 12 - 15] {حَفِيًّا} [مريم: 47]: لَطِيفًا، {عَاقِرًا} [مريم: 5] الذَّكَرُ وَالأُنْثَى سَوَاءٌ". (باب: قول اللَّه تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ}) قوله ({ذِكْرُ}) خبر {كهيعص (1)} إن أُوِّل بالسورة أو بالقرآن، أو خبر محذوف، أي: المتلو ذكر رحمة ربك، أو مبتدأ خبره محذوف، أي: فيما أوحي إليك ذكر رحمة ربك: ({عَبْدَهُ زَكَرِيَّا}) فيه أربع لغات المد، والقصر مع بقاء الألف، وحذفها مع تشديد الياء، وتخفيفها وهو مصروف في التشديد ممنوع الصرف في غيره ({إِذْ}) متعلق برحمة. ({نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}) أي: سرًّا في جوف الليل؛ لأنه أسرع للإجابة، ولأنه أبعد من الرياء وأدخل في الإخلاص. ({قَال رَبِّ إِنِّي وَهَنَ}) أي: ضعف. {الْعَظْمُ مِنِّي} المراد: ضعف جميع بدني، وإنما خصَّ العظم؛ لأنه كالأس للبناء، فإذا ضعف الأس ضعف البناء، ولأنه أصلب ما في الإنسان فإذا ضعف ضعف غيره بالأولى ({وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}) شبه الشيب في بياضه بشواظ النار، وانتشاره في الشعر باشتعالها، ثم أخرجه مخرج الاستعارة ثم أسند الاشتعال إلى الرأس الذي هو مكان محل الشيب مبالغة، وجعل الشيب مميزًا إيضاحًا للمقصود، وقوله: ({إِذْ نَادَى}) إلى آخره ساقط من نسخة. (إلى قوله: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا}) قال ابن عباس: أي: (مثلًا) لأنه كان سيدًا وحصورًا، أي: مبالغًا في حبس نفسه عن الشهوات والملاهي، وقال في رواية أخرى: أي: لم يسم أحد قبله بيحيى، وفيه فضيلة ليحيى إذ تولى اللَّه تسميته باسم لم يسبق إليه ولم يكلها إلى أبويه. ({رَضِيًّا}) يعني في قوله تعالى: {وَاجْعَلْهُ

رَبِّ رَضِيًّا} أي: مرضيا أي: لك ولعبادك. (عتيا) يعني في قوله تعالى: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} أي: عصيا بالصاد، وقال: الزمخشري، أي: يبسًا في المفاصل والعظام (¬1)، وقيل: صوابه عسيا بالسين، يقال: عسى الشيخ إذا انتهى سنه وكبر وعلى التصويب جرى شيخنا (¬2). ({وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا}) ساقط من نسخة. ({ثَلَاثَ لَيَالٍ سَويًّا}) أي: متتابعات، ويقال: أي: صحيحا أي: ما بك من خرس ولا بكم، وهذا أوجه؛ لأنه لم يقدر أن يتكلم من الناس إلا بذكر اللَّه. ({مِنَ الْمِحْرَابِ}) أي: من المصلى. {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا} أي: صلوا ونزهوا {فَأَوْحَى} أي: (فأشار). ({خُذِ الْكِتَابَ}) هو التوارة. ({حَفِيًّا}) يعني في قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} أي: (لطيفا) ({عَاقِرًا}) معناه: (الذكر والأنثى سواء) أي: في التسمية، فيقال: لكل منهما عاقر. 3430 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ " ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالةٍ، قَال: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالا: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ". [انظر: 3207 - مسلم: 164 - فتح: 6/ 467] ¬

_ (¬1) "الكشاف" 3/ 95. (¬2) "الفتح" 6/ 468.

44 - باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا (16)} [مريم: 16]

(قتادة) أي: ابن دعامة. (عن ليلة أسري به) لفظ: (به) ساقط من نسخة (ابنا خالة) أي: كل واحد منهما ابن خالة الآخر وأم يحيى: إيشاع بكسر الهمزة، وبشين معجمة أخت مريم، وأمها: حنة بفتح المهملة وتشديد النون. 44 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)} [مريم: 16]. {إِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ} [آل عمران: 45]. {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالمِينَ (33)} إِلَى قَوْلِهِ: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 33 - 37]. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "وَآلُ عِمْرَانَ المُؤْمِنُونَ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَآلِ يَاسِينَ، وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} [آل عمران: 68] وَهُمُ المُؤْمِنُونَ، وَيُقَالُ آلُ يَعْقُوبَ: أَهْلُ يَعْقُوبَ فَإِذَا صَغَّرُوا آلَ ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَى الأَصْلِ قَالُوا: أُهَيْلٌ". (باب) ساقط من نسخة. (قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ}) أي: قصتها. ({إِذِ انْتَبَذَتْ}) أي: اعتزلت. ({مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا}) أي: شرقي بيت المقدس، أو شرقي دارها، (إذ) في نسخة: "وإذ". ({إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ}) أي: بعيسى لوجوده بها وهي: كن ({وَآلَ إِبْرَاهِيمَ}) هم إسماعيل، وإسحق، وأولاد همام، ومنهم محمد - صلى الله عليه وسلم -. ({وَآلَ عِمْرَانَ}) هم موسى وهارون ابناه، وأتباعهما، ومنهم

محمد - صلى اللَّه عليه وسلم -، ونقل البخاري بعد عن ابن عباس تفسير آل عمران بما هو أعم من ذلك. ({بِغَيْرِ حِسَابٍ}) أي: بغير تقدير لكثرته، أو بغير استحقاق تفضلًا منه. (قال ابن عباس) إلى آخره فيه إشارة إلى أن في قوله تعالى: {وَآلَ عِمْرَانَ} تخصيصًا وتغليبًا. (يقول) أي: ابن عباس. (إن أولى الناس) إلى آخره حاصله: تأكيد أن المراد بآل عمران: المؤمنون ممن ذكر. (ويقال آل يعقوب: أهل يعقوب) أي: أصل آل: أهل قلبت الهاء همزة ثم قلبت الهمزة ألفًا، وقيل: أصله: أول من آل يؤول، إذا رجع؛ لأن الإنسان يرجع إلى آله فقلبت الواو ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها. (فإذا) في نسخة: "إذا". (ثم ردوه إلى الأصل) أي: لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، ولفظ: (ثم) ساقط من نسخة. 3431 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إلا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ، غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنِهَا" ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] ". [انظر: 3286 - مسلم: 2366 - فتح: 6/ 469] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (فيستهل) أي: يصيح. (ما من بني آدم مولود) إلى آخره، مرَّ شرحه في باب: صفة إبليس (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3286) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

45 - باب {وإذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين (42) يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين (43) ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون (44)} [آل عمران: 42 - 44]

45 - باب {وَإِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالمِينَ (42) يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)} [آل عمران: 42 - 44] يُقَالُ: {يَكْفُلُ} يَضُمُّ، {وَكَفَلَهَا} [آل عمران: 37]: ضَمَّهَا، مُخَفَّفَةً لَيْسَ مِنْ كَفَالةِ الدُّيُونِ وَشِبْهِهَا. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. ({وَإِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ}) أي: جبريل. ({يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ}) أي: اختارك ({وَطَهَّرَكِ}) من مسيس الرجال. ({وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالمِينَ}) أي: أهل زمانك. ({يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ}) أطيعيه. ({ذَلِكَ}) أي: ما ذكر من أمر زكريا ومريم. ({مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ}) أي: أخبار ما غاب عنك. ({إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ}) أي: في الماء يقترعون ليظهر لهم. ({أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}) أي: في كفالتها. (يقال: يكفل) أي: (يضم كفلها) أي: (ضمها مخفقة) ومشددة أيضًا، وهما قراءتان فذكريا على الأولى مرفوع، وعلى الثانية منصوب. (ليس) أي: كفلها. (من كفالة الديون وشبهها) أي: في أنها بمعنى التزام الدين وشبهه، وإلا فهي بمعنى الضم، أيضًا، لأنها ضم ذمة إلى ذمة في الالتزام. 3432 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَال:، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، قَال: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ". [3815 - مسلم: 2430 - فتح: 6/ 475] (حَدَّثَنِي أحمد) في نسخة: "حَدَّثنَا أحمد". (النصر) أي: ابن

46 - باب قوله تعالى: {إذ قالت الملائكة يامريم} إلى قوله: {فإنما يقول له كن فيكون} [آل عمران:45 - 47]

شميل. (عن هشام) أي: ابن عروة. (خير نسائها) أي: نساء الدنيا في زمن مريم. (مريم ابنة عمران، وخير نسائها) أي: في الدنيا في زمن خديجة (خديجة) وبما قررته اندفع ما يقال: إن ذلك معارض لخبر: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" (¬1). 46 - باب قَوْلِهِ تَعَالى: {إِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 45 - 47] {يُبَشِّرُكِ} وَ {يُبَشِّرُكِ} وَاحِدٌ {وَجِيهًا} [آل عمران: 45]: شَرِيفًا. وَقَال إِبْرَاهِيمُ: {الْمَسِيحُ} [آل عمران: 45]: الصِّدِّيقُ. وَقَال مُجَاهِدٌ: الكَهْلُ: الحَلِيمُ، وَالأَكمَهُ: مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلَا يُبْصِرُ بِاللَّيلِ. وَقَال غَيرُهُ: مَنْ يُولَدُ أَعْمَى. (باب) ساقط من نسخة. (قوله) في نسخة: "قول اللَّه تعالى". ({إِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} إلى قوله: {كُنْ فَيَكُونُ}) أي: عقب الأمر بلا مهلة، وقوله: ({إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ}) إلى قوله: ({عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}) ساقط من نسخة. (يبشرك ويبشرك" معناهما (واحد) وهما قراءتان. ({وَجِيهًا}) أي: (شريفًا) ذا جاه وقدر في الدنيا بالنبوة، وفي الآخره بالشفاعة. (وقال إبراهيم) أي: النخعي. (المسيح) معناه: (الصديق) ووزنه فعيل بمعنى فاعل؛ لأنه يمسح الأرض بالسياحة، ¬

_ (¬1) الحديث الآتي.

أي: يقطعها، أو لأنه يمسح ذا العاهة فيبرأ، أو بمعنى مفعول؛ لأنه، مسح بالبركة، أو لأنه ولد ممسوحًا بالدهن. (الكهل) أي: في قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} معناه: (الحليم) تعريف الكهل بالحليم مجاز كما أشار إليه ابن الأثير (¬1)، وإلا فالمعروف في اللغة أنه من جاوز الثلاثين؛ زاد ابن الأثير إلى الأربعين وغيره إلى خمسين، أو ستين، أي: وما بعد ذلك يسمى شيخًا. ({الْأَكْمَهَ}) أي: في قوله تعالى: ({وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ}) هو (من يبصر بالنهار، ولا يبصر بالليل)، وقيل: هو الأعمش. (وقال غيره) أي: غير مجاهد هو: (من يولد أعمى) وعليه الجمهور. 3433 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَال: سَمِعْتُ مُرَّةَ الهَمْدَانِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ، كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إلا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ". [انظر: 3411 - مسلم: 2431 - فتح: 6/ 471] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (مرة) أي: ابن شراحيل. (كفضل الثريد على سائر الطعام) أي: لأنه أفضل طعام العرب وألذه. (كمل من الرجال) إلى آخره مرَّ شرحه في باب: قول اللَّه تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا} (¬2). ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 4/ 213. (¬2) سبق برقم (3411) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا}.

47 - [باب] قوله: {ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا (171)} [النساء: 171]

3434 - وَقَال ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ، أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ" يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ: وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ تَابَعَهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَإِسْحَاقُ الكَلْبِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [5082، 5365 - مسلم: 2527 - فتح: 6/ 472] (ابن وهب) هو عبد اللَّه المصري. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (عن ابن شهاب) هو محمد بن مسلم الزهري. (نساء ركبن الإبل) كناية عن نساء العرب. (أحناه) أي: أشفق من وجد، أو خلق من النساء وغيرهن ووحد الضمير فيه تبعًا لنطق العرب به وإلا فالقياس أحناهن وكذا الكلام في (وأرعاه على زوج) من الرعاية وهي الملاحظة. (في ذات يده) متعلق بأرعاه، أي: في ماله المضاف إليه، وفي ذلك فصيلة نساء قريش بهاتين الخصلتين: وهما الحنو على الأولاد، ومراعاة حق الزوج في ماله. (ولم تركب مريم بنت عمران بعيرًا قط) أي: لم تدخل في الموصوفات بركوب الإبل فهي أفضلهن. (تابعه) أي: يونس. (ابن أخي الزهري) هو محمد بن عبد اللَّه بن مسلم. 47 - [باب] قَوْلُهُ: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)} [النساء: 171]

قَال أَبُو عُبَيْدٍ {وَكَلِمَتُهُ}: كُنْ فَكَانَ، وَقَال غَيْرُهُ: {وَرُوحٌ مِنْهُ}: أَحْيَاهُ فَجَعَلَهُ رُوحًا، {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ}. (باب) ساقط من نسخة. (قوله) زاد في نسخة: "عزَّ وجلَّ". ({يَاأَهْلَ الْكِتَابِ}) أي: الإنجيل، وفي نسخة: قل يا أهل الكتاب، والصواب: حذف (قل)؛ لأنها غير مذكورة في هذه الآية. ({لَا تَغْلُوا}) أي: تجاوزوا الحد. ({فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلا الْحَقَّ}) أي: من تزيهه عن الشريك والولد. ({إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا}) أي: أوصلها. ({إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ}) أي: وإلى ذي روح منه. {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا} الآلهة ({ثَلَاثَةٌ}) اللَّه وعيسى وأمه ({انْتَهُوا}) أي: عن ذلك وأتوا ({خَيْرًا لَكُمْ}) منه وهو التوحيد ({إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ}) تنزيهًا له عن ({أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}) خلقًا وملكًا ({وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}) أي: في تدبير المخلوقات، وقوله: ({وَلَا تَقُولُوا}) إلى آخره ساقط من نسخة. (قال أبو عبيد) هو القاسم بن سلام. (كلمته) معناها (كن فكان). وقال غيره: ({وَرُوحٌ مِنْهُ}) معناه: (أحياه) اللَّه (فجعله روحًا) صدر منه لا بتوسط ما يجرى مجرى الأصل والمادة له. ({وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ}) أي: ولا تقولوا في حق اللَّه تعالى وعيسى وأمه [ثلاثة آلهة، بل اللَّه واحد منزهه عن الولد والصاحبة، وعيسى وأمه] (¬1) مخلوقان مربوبان، وقيل: ولا تقولوا إن اللَّه جوهر واحد وله ثلاثة أقانيم فتجعلوا كل أقنوم إلهًا، ويعنون بالأقانيم الوجود والحياة ¬

_ (¬1) من (س).

48 - باب {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها} [مريم: 16]

والعلم وقد يعبرون عنها بالأب والابن وروح القدس ويريدون بالأب الوجود وبالابن المسيح وبالروح الحياة، أو بالأب الذات، والابن العلم وبالروح الحياة. 3435 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، قَال: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ" قَال الوَلِيدُ، حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ، عَنْ عُمَيْرٍ، عَنْ جُنَادَةَ وَزَادَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيَّهَا شَاءَ. [مسلم: 28 - فتح: 6/ 474] (حَدَّثنَا الوليد) أي: ابن مسلم الدمشقي، وفي نسخة: "أخْبَرَنَا الوليد". (عن الأوزاعي) هو عبد الرحمن. (عن عبادة) أي: ابن الصامت. (وأن عيسى عبد اللَّه) زاد نسخة: وابن أمته. (الوليد) أي: ابن مسلم. (حَدَّثَنِي) في نسخة: "وحَدَّثَني". (ابن جابر) هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي. (أيها شاء) أي: الداخل، أو اللَّه من الباب المعد للدخول منه لأجل ذلك العمل. 48 - باب {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} [مريم: 16]. نَبَذْنَاهُ: أَلْقَيْنَاهُ: اعْتَزَلَتْ. {شَرْقِيًّا} [مريم: 16]: مِمَّا يَلِي الشَّرْقَ، {فَأَجَاءَهَا} [مريم: 23]: أَفْعَلْتُ مِنْ جِئْتُ، وَيُقَالُ: أَلْجَأَهَا اضْطَرَّهَا. (تَسَّاقَطْ): تَسْقُطْ، {قَصِيًّا} [مريم: 22]: قَاصِيًا، {فَرِيًّا} [مريم: 27]: عَظِيمًا " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: " (نِسْيًا) لَمْ أَكُنْ شَيْئًا، وَقَال

غَيْرُهُ: النِّسْيُ: الحَقِيرُ " وَقَال أَبُو وَائِلٍ: عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ حِينَ قَالتْ: {إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: 18] قَال وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ: " {سَرِيًّا} [مريم: 24]: نَهَرٌ صَغِيرٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ". (باب: {وَاذْكُرْ}) في نسخة: "باب قول اللَّه {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا}) لا تكرار في هذا مع قوله قبل باب: ({وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا}) لأن الغرض من البابين مختلف؛ لأن هذا في عيسى وذاك في أخبار أمه. (نبذناه) أي: في قوله تعالى: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ} معناه: (ألقيناه) وذكر هذا هنا لمناسبته انتبذت لفظًا وإلا فمعناهما مختلف، إذ معنى نبذناه: ألقيناه كما ذكر، ومعنى انتبذت: (اعتزلت). [كما أشار إليه بقوله: (اعتزلت) أي: للعبادة، وفي نسخة: "فاعتزلت"] (¬1) ({شَرْقِيًّا}) أي: في قوله تعالى: {مَكَانًا شَرْقِيًّا} معناه: (مما يلي الشرق) أي: من بيت المقدس، أو من دار مريم ({فَأَجَاءَهَا}) وزنه في الأصل أفعلت؛ إذ الأصل أجياء فقلبت حركة الياء إلى الجيم ثم قلبت الياء الفًا. (من جئت) أي: من مزيد جاء لكن حذفت الألف من (جئت) لئلا يلتقي ساكنان وكسرت الجيم لمناسبة الياء الأصلية ولا مانع. ويقال معنى (أجاءها: ألجأها) أي: (اضطرها) المخاض وهو الطلق. ({تُسَاقِطْ}) بتشديد السين أصله تتساقط فأدغمت التاء الثانية بعد قلبها سينًا في السين معناه: (تسقط) بالبناء للمفعول وبالبناء ¬

_ (¬1) من (س).

للفاعل، وكل من الثلاث قراءة متواترة. ({قَصِيًّا}) يعني في قوله تعالى: {فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} أي: (قاصيا) أي: بعيدًا ({فَرِيًّا}) أي: (عظيمًا). ({نَسْيًا}) أي: في قوله تعالى: {وَكُنْتُ نَسْيًا} معناه: (لم أكن شيئًا. وقال غيره) أي: غير ابن عباس (النسيء) معناه: (الحقير) في نسخة: "الشيء الحقير" وعليها فالتقدير نسيا معناه: الشيء الحقير. (أبو وائل) هو شقيق بن سلمة. (علمت مريم أن التقي) الآتي بيانه (ذو نهية) بضم النون وسكون الهاء، أي: عقل؛ لأنه ينهى صاحبه عن القبائح، (حين قالت) لجبريل لما أتاها في صورة شاب أمرد؛ لتستأنس بكلامه. ({إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}) فانْتَهِ عني. (وقال وكيع) أي: ابن الجراح. (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) أي: السبيعي. (عن البراء) أي: ابن عازب. ({سَرِيًّا}) أي: في قوله تعالى: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} معناه: نهر صغير بالسريانية. 3436 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي المَهْدِ إلا ثَلاثَةٌ: عِيسَى، وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ، كَانَ يُصَلِّي، جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقَال: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي، فَقَالتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلامًا، فَقَالتْ: مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الغُلامَ، فَقَال: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلامُ؟ قَال: الرَّاعِي، قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ؟ قَال: لَا، إلا مِنْ طِينٍ.

وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ فَقَالتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ، فَقَال: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ، - قَال: أَبُو هُرَيْرَةَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَصُّ إِصْبَعَهُ - ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ، فَقَالتْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا، فَقَال: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، فَقَالتْ: لِمَ ذَاكَ؟ فَقَال: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ، وَهَذِهِ الأَمَةُ يَقُولُونَ: سَرَقْتِ، زَنَيْتِ، وَلَمْ تَفْعَلْ". [انظر: 1206 - مسلم: 2550 - فتح: 6/ 476] (لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة) أي: على ما أوحى إليه إذ ذاك وإلا فقد تكلم من الأطفال أكثر من ثلاثة: يحيى - عليه السلام -، وشاهد يوسف والرضيع ولد ماشطة بنت فرعون حيث قال لأمه عند إرادة أبيها إلقائها في النار: اصبري يا أماه فإنا على الحق (¬1)، والرضيع الذي في قصة أصحاب الأخدود حث قال لأمه عندما جيء بها لتلقى في النار فتقاعست: اصبري يا أمه فإنك على الحق (¬2). (المومسات) أي: الزانيات، ومرَّ ذلك في كتاب: الصلاة. في باب: إذا دعت الأم ولدها في الصلاة (¬3) (ذو شارة) أي: ذو حسن وجمال، وقيل: ذو هيبة وملبس حسن يتعجب منه ويشار إليه. 3437 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي ¬

_ (¬1) رواها الحاكم في "المستدرك" 2/ 595 كتاب: التاريخ من غير ذكر يحيى عليه السلام، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. (¬2) أخرجها مجاهد في "التفسير" 2/ 479. (¬3) سبق برقم (1206) كتاب: العمل في الصلاة، باب: إذا دعت الأم ولدها في الصلاة.

سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ: "لَقِيتُ مُوسَى، قَال: فَنَعَتَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ - حَسِبْتُهُ قَال - مُضْطَرِبٌ رَجِلُ الرَّأْسِ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، قَال: وَلَقِيتُ عِيسَى فَنَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: - رَبْعَةٌ أَحْمَرُ، كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ - يَعْنِي الحَمَّامَ -، وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ، قَال: وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ، أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ، فَقِيلَ لِي: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ لِي: هُدِيتَ الفِطْرَةَ، أَوْ أَصَبْتَ الفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ". [انظر: 1206 - مسلم: 2550 - فتح: 6/ 476] (حَدَّثَنِي إبراهيم) في نسخة: "حَدَّثنَا إبراهيم". (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد. (ح) لتحويل السند. (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرازق) أي: ابن همام. (قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -) في نسخة: "قال النبي". (أسري بي) في نسخة: "أسري به". (حسبته) أي: معمر. (مضطرب) أي: طويل غير شديد، أو خفيف اللحم. (رجل الرأس) بكسر الجيم، أي: منظف شعره ومسرحه. (شنوءة) حي من اليمن. (ربعة) بفتح الراء وسكون الموحدة، ويجوز فتحها، أي: معتدل لا طويل ولا قصير، ومرَّ الحديث في باب: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (¬1). 3438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ المُغِيرَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ عِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ، فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ، وَأَمَّا مُوسَى، فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ". [فتح: 6/ 477] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3394) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: وكلم اللَّه موسى تكليمًا.

(إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن ابن عمر) صوابه عن ابن عباس. (فآدم) بالمد أي: أسمر. (جسيم) اعترض بأن الجسيم إنما ورد في صفة الدجال، وأجيب بأن الجسم كما يقال للسمن يقال للطول فمراده بالجسيم الطويل كما في الرواية الأخرى. (الزط) بضم الزاي وتشديد الطاء المهملة، نوع من السودان، أو الهنود طوال الأجسام مع مخافة. 3439 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، قَال عَبْدُ اللَّهِ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَيِ النَّاسِ المَسِيحَ الدَّجَّال، فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلا إِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّال أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ. [انظر: 3057 - مسلم: 169 - فتح: 6/ 477] (أبو ضمرة) هو أنس بن عياض المدني. (موسى) أي: ابن عقبة. (بين ظهري الناس) بزيادة (ظهري) للتأكيد، وفي نسخة: "بين ظهراني الناس" بزيادة الألف النون لزيادة التأكيد، أي: جالسًا وسطهم. (طافية) بالتحتية أي: بارزة، ويقال بالهمز أي: ذاهب ضوؤها. 3440 - وَأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ فِي المَنَامِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعَرِ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلًا وَرَاءَهُ جَعْدًا قَطِطًا أَعْوَرَ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المَسِيحُ الدَّجَّالُ " تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ. [3441، 5902، 6999، 7026، 7128 - مسلم: 169 - فتح: 6/ 477] وأراني أي: وأرى نفسي. (لمته) بكسر اللام وتشديد الميم: الشعر المجاوز شحمة الأذنين

سمي بذلك؛ لأنه لمَّا بالمنكبين فإن بلغهما فهو جمة، وإذا بلغ شحمة الأذنين فقط فهو وفرة. (قططا) بفتح الطاء وكسرها أي: شديد جعودة الشعر. (أعور عين اليمنى) بإضافة عين من إضافة الموصوف إلى صفته، وفي نسخة: "أعور العين اليمنى". (من رأيت) بضم التاء وفتحها. (بابن قطن) هو عبد العزى. (تابعه) أي: موسى. (عبيد اللَّه) أي: ابن عمر العمري. 3441 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ، قَال: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ، قَال: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: لَا وَاللَّهِ مَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِيسَى أَحْمَرُ، وَلَكِنْ قَال: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، سَبْطُ الشَّعَرِ، يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً، أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُ مَرْيَمَ، فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ عَيْنِهِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ، وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ، شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ " قَال الزُّهْرِيُّ: رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، هَلَكَ فِي الجَاهِلِيَّةِ. [انظر: 3440 - مسلم: 169، 171 - فتح 6/ 477] (لا والله ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعيسى) أي: عنه (أنه أحمر) أنكر وصف عيسى أنه أحمر، وحلف على غلبة ظنه أن الوصف اشتبه على الراوي، وأن الموصوف بكونه أحمر إنما هو الدجال لا عيسى، فإن عيسى إنما وصف بأنه آدم وجمع غير ابن عمر بين الروايتين بأن عيسى في الأصل أسمر، ولكن أحمر لونه بسبب التعب فصح وصفه بالأمرين. (سبط الشعر) لا ينافي ما مرَّ من أنه جعد (¬1)؛ لأن المراد بالجعد ¬

_ (¬1) سبق برقم (3438) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا}.

جعد الجسم، أي: اجتماعه واكتنازه لا جعد الشعر. (يهادى بين رجلين) بالبناء للمفعول، أي: يمشي متمايلا بينهما. (ينطف) بضم المهملة وكسرها، أي: يقطر. (أو يهراق) بضم الياء وفتح الهاء وسكونها والشك من الرواي. (أعور عينه اليمنى) بجر عينه بالإضافة، وفي نسخة: برفعها مبتدأ مخبر عنه باليمنى، أو بدل بعض من كل من الضمير في (أعور) ولا يرفع بالصفة كما في الصفة المشبهة؛ لأن (أعور) لا يكون إلا نعتًا لمذكر، وعلى الجر فاليمنى خبر مبتدإٍ محذوف لا صفة لعينه؛ لأن معمول الصفة المشبهه لا يوصف، فلا يقال: زيد حسن الوجه المشرق بجر المشرق على أنه صفه للوجه، قالوا: لأن ذلك لم يسمع من العرب، ولأن معمول الصفة لما كان سببا غير أجنبي أشبه الضمير لكونه أبدًا راجعًا إلى الأول والضمير لا يوصف فكذا ما أشبهه. (كأن عينه عنبة طافية) في نسخة: "كأن عنبة طافية" بالنصب وحذف (عينه) بالتحتية والنون والتقدير كان في وجهه عنبة، وفي أخرى: "كأن عينه طافية" بحذف عنبة بالنون والموحدة ورفع طافية، ومرَّ بيان ضبط طافية بحذف ومعناها آنفًا. (قالوا هذا الدجال) استشكل بأنه لا يدخل مكة ولا المدينة (¬1)، وأجيب: بأن المراد: لا يدخلهما زمن خروجه لا مطلقًا. (رجل) خبر مبتدإٍ محذوف، أي: هو، أي: ابن قطن (رجل ...) إلى آخره. 3442 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، وَالأَنْبِيَاءُ أَوْلادُ عَلَّاتٍ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ". [3443 - مسلم: 2365 - فتح: 6/ 477] ¬

_ (¬1) روى ذلك "مسلم" (2927) كتاب: الفتن، باب: ذكر ابن صياد.

(أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو سلمة) أي: "ابن عبد الرحمن" كما في نسخة. (أنا أولى الناس بابن مريم) أي: لأنه كان أقرب الرسل إليه وأن دينه متصل بدينه وأن عيسى كان مبشرًا به. (أولاد علات) بفتح المهملة وشدة اللام وبمثناة الإخوة لأب من أمهات شتى كما أن الإخوة من الأم فقط أولاد أخياف (¬1) ومن الأبوين أولاد أعيان، والعلات جمع علة: وهي الضرة مأخوذة من العلل وهي الشربة الثانية بعد الأولى، وكان الزوج قد عل منها بعد ما كان ناهلًا من الأخرى، فأولاد العلات: أولاد الضرات من رجل واحد، والمعنى: أن الأنبياء أصلهم واحد وفروعهم مختلفة، فهم متفقون في الاعتقاديات المسماة بأصول الدين مختلفون في الفروع: وهي الفقهيات. 3443 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ" وَقَال: إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3442 - مسلم: 2365 - فتح: 6/ 478] (أمهاتهم شتى) تفسير لعلات. (وقال) في نسخة: "قال" بحذف الواو. (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) فائدة ذكره معلقًا مختصرًا تعدد طرقه. ¬

_ (¬1) الأضياف، أي: مختلفون: وهو ما كان أمهم واحدة والآباء شتى، انظر: "المصباح المنير" 1/ 186، "القاموس المحيط" ص 810.

3444 - وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ، فَقَال لَهُ: أَسَرَقْتَ؟ قَال: كَلَّا وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إلا هُوَ، فَقَال عِيسَى: آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَكَذَّبْتُ عَيْنِي". [مسلم: 2368 - فتح: 6/ 478] (حَدَّثنَا عبد اللَّه) في نسخة: "حَدَّثَنِي عبد اللَّه". (عبد الرازق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (عيسى بن مريم) لفظ: (ابن مريم) ساقط من نسخة. (أسرقت) في نسخة: "سرقت" بدون همزة الاستفهام، فيحتمل أنها مرادة، أو هو خبر. (كلا) نفي للسرقة ثم أكده بقوله (والله الذي لا إله إلا هو) في نسخة: "والذي لا إله إلا هو". (آمنت بالله وكذبت عيني) بتشديد الذال، وفي نسخة: بتخفيفها، أي: صدَّقتُ من حلف بالله وكذبت ما ظهر لي من أن الآخذ سرق بتقدير: إن سرقت خبر لاحتمال أنه أخذ ماله فيه حق، أو ما أذن له صاحبه في أخذه، أو أخذه ليقلبه وينظر فيه فقوله: (وكذبت عيني) أي: كذبتها ظاهرًا، ومبالغة في تصديق الحالف لا حقيقة، كيف أكذبها وحقيقة المشاهدة أعلى اليقين؟! وفيه: دليل على درء الحد بالشبهة، ومنع القضاء بالعلم لكن محل المنع عند الشافعية في الحدود. 3445 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ". [انظر: 2462 - مسلم: 1691 - فتح: 6/ 478] (الحميدي) هو عبد اللَّه بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (لا تطروني) بضم الفوقية، أي: لا تمدحوني بالباطل (كما أطرت النصارى بن مريم) أي: في ادعائهم إلاهيته وغيرها. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك.

3446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ حَيٍّ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، قَال لِلشَّعْبِيِّ: فَقَال الشَّعْبِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَدَّبَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا كَانَ لَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا آمَنَ بِعِيسَى، ثُمَّ آمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ، وَالعَبْدُ إِذَا اتَّقَى رَبَّهُ وَأَطَاعَ مَوَالِيَهُ، فَلَهُ أَجْرَانِ". [انظر: 97 - مسلم: 154 - فتح: 6/ 478] (قال للشعبي) هو عامر بن شراحيل أي: قال له: إنا نقول: إن الرجل إذا أعتق أم ولده ثم تزوجها فهو كالراكب بدنته. (فقال) له (الشعبي أخبرني أبو بردة) هو عامر، أو الحارث. (إذا أدب الرجل أمته) إلى آخره مرَّ شرحه في [كتاب: العلم، في باب: تعليم الرجل أمته] (¬1). 3447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تُحْشَرُونَ حُفَاةً، عُرَاةً، غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ يُؤْخَذُ بِرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِي ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَال العَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} إلى قوله: {العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118].قَال: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الفَرَبْرِيُّ، ذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَبِيصَةَ، قَال: "هُمُ المُرْتَدُّونَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [انظر: 3349 - مسلم: 2860 - فتح: 6/ 478] (سفيان) أي: الثوري. ¬

_ (¬1) من (س).

49 - باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام

(تحشرون) أي: عند الخروج من القبور. (حفاة عراة) إلى آخره] (¬1). باب قوله اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (¬2). (قال محمد بن يوسف الفربري) لفظ: (الفربري) ساقط من نسخة. (ذكر) بالبناء للمفعول. (عن أبي عبد اللَّه) أي: البخاري. (عن قبيصة) أي: ابن عقبة. (قال) أي: في قوله: أنهم لن يزالوا مرتدين (هم المرتدون الذين ارتدوا) عن الإسلام. 49 - باب نُزُولِ عِيسَى بن مَرْيَمَ عليهما السلام (باب) ساقط من نسخة. (نزول عيسى بن مريم عليهما السلام) أي: من السماء إلى الأرض. 3448 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: "وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ إلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159]. [انظر: 2222 - مسلم: 155 - فتح: 6/ 490] (إسحاق) أي: ابن راهوية. (عن صالح) أي: ابن كيسان. (ويضع الجزية) أي: لأنه لا يقبل إلا الإسلام ولعدم احتياج ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) سبق برقم (3349) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}.

الناس إلى المال لما تلفيه الأرض من بركاتها وليس عيسى ناسخا حكم الجزية، بل نبينا - صلى اللَّه عليه وسلم -هو المبين للنسخ بهذا، وفي نسخة: "ويضع الحرب". (حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها) برفع (خير) خبر مبتدإٍ محذوف، والجملة خبر (تكون) وبنصبه [في نسخة] (¬1) خبر (تكون) وذكر ذلك للمبالغة، وإلا فمعلوم أن السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها دائمًا؛ لأن الآخرة خير وأبقى، و (حتى) الأولى في كلامه متعلقة بقوله: (يفيض المال) والثانية غاية لقوله: (فيكسر الصليب) إلى آخره. (ثم يقول أبو هريرة) أي: مستدلًا على نزول عيسى - عليه السلام - آخر الزمان. ({إلا لَيُؤْمِنَنَّ}) أي: بعيسى. ({قَبْلَ مَوْتِهِ}) وهم أهل الكتاب الذين يكونون في زمانه، والحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء: الرد على اليهود، حيث زعموا أنهم قتلوه فبين اللَّه تعالى كذبهم، وأنه الذي يقتلهم، والحكمة في ذكر الآية: الإشارة إلى مناسبتها، لقوله: (حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها)؛ لما فيها من الإشارة إلى صلاح الناس وإقبالهم على الخير، فهم لذلك يؤثرون السجدة الواحدة على جميع الدنيا. 3449 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ، وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ"، تَابَعَهُ عُقَيْلٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ. [انظر: 2222 - مسلم: 155 - فتح: 6/ 491] (ابن بكير) هو يحيى بن عبد اللَّه بن بكير. (عن يونس) أي: ابن ¬

_ (¬1) من (س).

50 - باب ما ذكر عن بني إسرائيل

يزيد الأيلي. (عن نافع مولى أبي قتادة) نسبة له؛ لملازمته له، وإلا فهو مولى امرأة من غفار. (وإمامكم منكم) نبه لذلك على أن الشريعة المحمدية متصلة إلى يوم القيامة. (تابعه) أي: يونس. (عقيل) أي: ابن خالد. (والأوزاعي) هو عبد الرحمن. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 50 - بَابُ مَا ذُكِرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب: ما ذكر عن بني إسرائيل) اسمه: يعقوب. 3450 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَال: قَال عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، لِحُذَيْفَةَ: أَلا تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا، فَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ فَنَارٌ تُحْرِقُ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي يَرَى أَنَّهَا نَارٌ، فَإِنَّهُ عَذْبٌ بَارِدٌ". [7130 - مسلم: 2934 - فتح: 6/ 494] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد اللَّه اليشكري. (عبد الملك) أي: ابن عمير الكوفي. (لحذيفة) أي: ابن اليمان. (ألا) بالتخفيف. (فأما الذي) في نسخة: "فأما التي". 3451 - قَال حُذَيْفَةُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَتَاهُ المَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَال: مَا أَعْلَمُ، قِيلَ لَهُ: انْظُرْ.

قَال: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ، فَأُنْظِرُ المُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ المُعْسِرِ، فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ " [انظر: 2077 - مسلم: 1560 - فتح: 6/ 494] (فقيل له) أي: في الآخرة. 2452 - فقال: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ المَوْتُ، فَلَمَّا يَئِسَ مِنَ الحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا، وَأَوْقِدُوا فِيهِ نَارًا، حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي فَامْتُحِشَتْ، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا، ثُمَّ انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا فَاذْرُوهُ فِي اليَمِّ، فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ اللَّهُ فَقَال لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَال: مِنْ خَشْيَتِكَ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ " قَال عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو: وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَاكَ: وَكَانَ نَبَّاشًا. [3479، 6480 - فتح: 6/ 414] (فامتحشت) بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول، أي احترقت. (رحا) أي: كثير الريح (فاذروه) بمعجمة. (في اليمِّ) أي: البحر. (فجمعه) أي: "اللَّه" كما في نسخة. (نبَّاشا) أي: للقبور يسرق الأكفان. 3453، 3454 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالا: لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَال: وَهُوَ كَذَلِكَ: "لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ، وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ" يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. [انظر: 435، 436 - مسلم: 531 - فتح: 6/ 494] (حَدَّثَنِي بشر) في نسخة: "حَدَّثنَا بشر". (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (يونس) أي: ابن يزيد. (لما نزل) أي: الموت. (طفق) أي: جعل. (خميصة) أي: كساء لها أعلام. (يحذر) أي: أمته أن يفعلوا بقبره المقدس. (ما صنعوا) أي: اليهود والنصارى، ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (435) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في البيعة.

3455 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ القَزَّازِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، قَال: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ" قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَال: "فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ". [مسلم: 1842 - فتح: 6/ 495] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن فرات) بفاء مضمومة وفوقية، أي: ابن أبي عبد الرحمن. (أبا حازم) هو سلمان الأشجعي. (تسوسهم الأنبياء) أي: تتولى أمورهم. (أعطوهم حقهم) أي: أطيعوهم وعاشروهم بالسمع والطاعة، فإن اللَّه يحاسبهم بالخير والشر عن حال رعيتهم. 3456 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ"، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَال: "فَمَنْ؟! ". [7320 - مسلم: 2669 - فتح: 6/ 495] (أبو غسان) هو محمد بن مطرف. (سنن من قبلكم) بفتح السين، أي سبيلهم ومنهاجهم. (حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه) خصَّ جحر الضب (¬1) بالذكر لشدة ضيقه ورداءته. (قال) أي: "رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - " كما في نسخة. (فمن) استفهام إنكاري، أي: ليس المراد غيرهم. ¬

_ (¬1) في هامش (ج): إنما خصَّ الضب؛ لأن العرب تقول: هو قاضي الطير والبهائم، وأنها اجتمعت إليه لما خلق الإنسان فوصفوه له فقال: تصفون خلقًا ينزل الطائر من السماء ويخرج الحوت من البحر فمن كان ذا جناح فليطر، ومن كان ذا مخلب فليختف.

3457 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى فَأُمِرَ بِلالٌ: أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ". [انظر: 603 - مسلم: 378 - فتح: 6/ 495] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (خالد) أي: الحذاء. (عن أبي قلابة) هو عبد اللَّه بن زيد. (ذكروا النار) إلى آخره مرَّ في بدء الأذان من كتاب: الصلاة (¬1). 3458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، " كَانَتْ تَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ فِي خَاصِرَتِهِ وَتَقُولُ: إِنَّ اليَهُودَ تَفْعَلُهُ " تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ. [فتح: 6/ 495] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الأعمش) هو سليمان. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (أن يجعل) أي: المصلي. (تابعه) أي: سفيان. 3459 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلا مِنَ الأُمَمِ، مَا بَيْنَ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ اليَهُودِ، وَالنَّصَارَى، كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا، فَقَال: مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتِ اليَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَال: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاةِ العَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتِ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلاةِ العَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَال: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، أَلا، فَأَنْتُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى ¬

_ (¬1) سبق برقم (603) كتاب: الأذان، باب: بدء الأذان.

مَغْرِبِ الشَّمْسِ، عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، أَلا لَكُمُ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ، فَغَضِبَتِ اليَهُودُ، وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَال اللَّهُ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَال: فَإِنَّهُ فَضْلِي أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ". [انظر: 557 - فتح: 6/ 495] (ليث) في نسخة: "الليث". (وإنما مثلكم) أي: مع نبيكم. (ومثل اليهود والنصارى) أي: مع أنبيائهم. (كرجل استعمل عمالًا) إلخ مرَّ ذكره في الصلاة (¬1). 3460 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَاتَلَ اللَّهُ فُلانًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا (¬2) فَبَاعُوهَا؟ ". تَابَعَهُ جَابِرٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2223 - مسلم: 1582 - فتح: 6/ 496] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (عن طاووس) أي: ابن كيسان. (قاتل اللَّه فلانًا) أي: سمرة بن جندب، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: البيع (¬3). (تابعه) أي: ابن عباس. 3461 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". [فتح: 6/ 496] ¬

_ (¬1) سبق برقم (557) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب. (¬2) كذا في الأصل بفتح الميم وتخفيفها.، وفي (س): فجمَّلوها بفتح الميم وتشديدها. (¬3) سبق برقم (2223) كتاب: البيوع، باب: لا يذاب شحم الميتة.

(عن أبي كبشة) أي: السلولي، واسمه كنيته. (وحدثوا) الأمر فيه للإباحة (فليتبوأ) أي: فليتخذ والأمر فيه بمعنى الخبر. 3462 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: قَال أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ". [5899 - مسلم: 2103 - فتح: 6/ 496] (حَدَّثَنِي إبراهيم) في نسخة: "حَدَّثنَا إبراهيم". (عن صالح) أي: ابن كيسان. (لا يصبغون) أي: شيب اللحية والرأس. (فخالفوهم) يعني: فاصبغوا بغير السواد. 3463 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَال: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا جُنْدَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فِي هَذَا المَسْجِدِ، وَمَا نَسِينَا مُنْذُ حَدَّثَنَا، وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ، فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَال اللَّهُ تَعَالى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ". [انظر: 1364 - مسلم: 113 - فتح: 6/ 496] (حَدَّثَنِي) في نسخة: "حَدَّثنَا". (محمد) أي: ابن معمر بن ربعي القيسي، أو ابن يحيى الذهلي. (حَدَّثَني) في نسخة: "حَدَّثنَا". (حجاج) أي: ابن منهال. (جرير) أي: ابن حازم. (عن الحسن) أي: البصري. (في هذا المسجد) أي: مسجد البصرة. (وما نسينا) أي: ما حَدَّثنَا به. (جرح) بضم الجيم. (فجزع) بكسر الزاي. (فما رقأ) بفتح القاف وبالهمز، أي: ما انقطع. (قال اللَّه تعالى) في نسخة: "قال اللَّه عزَّ وجلَّ". (حرمت عليه الجنة) أي: لكونه استحل ذلك، أو تغليظًا عليه، أو في أول الأمر لا في آخره.

51 - [باب] حديث أبرص، وأعمى، وأقرع في بني إسرائيل

51 - [باب] حَدِيثُ أَبْرَصَ، وَأَعْمَى، وَأَقْرَعَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ (باب: حديث أبرص وأقرع وأعمى) وصفهم بقوله. (في بني إسرائيل) أي: الكائنين فيهم وهو ساقط من نسخة. 3464 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "إِنَّ ثَلاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى، بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الأَبْرَصَ، فَقَال: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَال: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَال: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ، فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا، وَجِلْدًا حَسَنًا، فَقَال: أَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَال: الإِبِلُ، - أَوْ قَال: البَقَرُ، هُوَ شَكَّ فِي ذَلِكَ: إِنَّ الأَبْرَصَ، وَالأَقْرَعَ، قَال أَحَدُهُمَا الإِبِلُ، وَقَال الآخَرُ: البَقَرُ -، فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقَال: يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا وَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَال: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَال شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَال: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا، قَال: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَال: البَقَرُ، قَال: فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلًا، وَقَال: يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا، وَأَتَى الأَعْمَى فَقَال: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَال: يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ، قَال: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قَال: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَال الغَنَمُ: فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا، فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا، فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ غَنَمٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَال رَجُلٌ مِسْكِينٌ، تَقَطَّعَتْ بِيَ الحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلاغَ اليَوْمَ إلا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الحَسَنَ،

وَالجِلْدَ الحَسَنَ، وَالمَال، بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي، فَقَال لَهُ: إِنَّ الحُقُوقَ كَثِيرَةٌ، فَقَال لَهُ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ، فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ؟ فَقَال: لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ، فَقَال: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ، وَأَتَى الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَال لَهُ: مِثْلَ مَا قَال لِهَذَا، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا، فَقَال: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ، وَأَتَى الأَعْمَى فِي صُورَتِهِ، فَقَال: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلاغَ اليَوْمَ إلا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي، فَقَال: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ اليَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقَال أَمْسِكْ مَالكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ". [6653 - مسلم: 2964 - فتح: 6/ 500] (حَدَّثَنِي أحمد) في نسخة: "حَدَّثنَا أحمد". (همام) أي: ابن يحيى العوذي. (وحَدَّثنَي محمد) أي: الذهلي. (قال: أخبرني) في نسخة: "قال: حَدَّثَني". (بدأ لله) بالهمز بمعنى ابتدأ، وبدونه بمعنى قضى لا بمعنى ظهر بعد أن كان خافيًا؛ لأنه محال في حقه تعالى. (أن يبتليهم) أي: يختبرهم. (قد قذرني الناس) بكسر المعجمة أي: أشمأزوا من رؤيتي واستقذروها. (فأعطى) في نسخة: "وأعطى" بالواو. (فأي المال) في نسخة: "وأي المال". (هو) أي: إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة. (عشراء) هي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر، وهي من أنفس الإبل. (ويذهب عني هذا) أي: القرع، وفي نسخة: "ويذهب هذا عني". (فأنتج) بضم الهمزة والمشهور في اللغة نتج بلا همزة. (هذان) أي: صاحبا الإبل والبقر. (وولد هذا) أي: صاحب الشاة، قال

52 - [باب] {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم} [الكهف: 9]

الكرماني، وقد راعى عرف الاستعمال حيث قال: فيهما أنتج، وفي الشاة ولد (¬1). (من الغنم) في نسخة: "من غنم". (انقطعت بي الحبال) بمهملة، أي: أسباب الرزق، وفي نسخة: بجيم (في سفري) في نسخة: "في سفره" (فلا بلاغ) أي: فلا كفاية. (أتبلغ عليه) في نسخة: "أتبلغ به". (فقال له) في نسخة: "قال له". (يقذرك الناس) بفتح التحتية والمعجمة. (لكابر) في نسخة: "كابرًا". (فصيرك اللَّه) أدخل الفاء في الفعل الماضي؛ لأنه دعاء وعبر بالماضي لقصد المبالغة في الدعاء عليه. (لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله) بجيم وهاء، أي: أشق عليك في أخذ شيء تطلبه منه، وفي نسخة: "لا أحمدك لشي" بمهملة وميم، وبلام بدل الباء أي: لا أحمد على ترك شيء تحتاج إليه من مالي. 52 - [باب] {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} [الكهف: 9] الكَهْفُ: الفَتْحُ فِي الجَبَلِ، وَالرَّقِيمُ: الكِتَابُ، {مَرْقُومٌ} [المطففين: 9]: مَكْتُوبٌ مِنَ الرَّقْمِ، {رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} [الكهف: 14]: أَلْهَمْنَاهُمْ صَبْرًا، {شَطَطًا} [الكهف: 14]: إِفْرَاطًا، الوَصِيدُ: الفِنَاءُ، وَجَمْعُهُ وَصَائِدُ وَوُصُدٌ، وَيُقَالُ: الوَصِيدُ: البَابُ، {مُؤْصَدَةٌ} [البلد: 20]: مُطْبَقَةٌ، آصَدَ البَابَ وَأَوْصَدَ، {بَعَثْنَاهُمْ} [الكهف: 12]: أَحْيَيْنَاهُمْ، {أَزْكَى} [البقرة: 232]: أَكْثَرُ رَيْعًا، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ فَنَامُوا، {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} [الكهف: 22]: لَمْ يَسْتَبِنْ. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 14/ 95.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَقْرِضُهُمْ} [الكهف: 17]: تَتْرُكُهُمْ. [فتح: 6/ 305] (باب) ساقط من نسخة. (قول اللَّه تعالى) ساقط من أخرى. ({أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ}) الآية هو (الفتح في الجبل) ({وَالرَّقِيمِ}) هو (الكتاب)، وقيل: الوادي الذي فيه الكهف، وقيل: لوح من رصاص كتبت فيه أسماء أصحاب الكهف لما توجهوا عن قومهم ولم يدروا أين توجهوا. ({مَرْقُومٌ}) أي: (مكتوب من الرقم) وهو الكتابة. ({رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ}) معناه: (ألهمناهم حبرًا). ({شَطَطًا}) يعني في قوله تعالى: {لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} أي: (إفراطًا) ({الوصيد}) أي: في قوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} معناه: (الفناء) أي: فناء الكهف، أي: ساحته التي هي أمامه. (وجمعه) أي: جمع الوصيد (وصائد ووُصُدُ، ويقال: الوصيد الباب) وقيل: العتبة. ({مُؤْصَدَةٌ}) أي: في قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)} معناه: (مطبقة) يقال: (آصد الباب وأوصده). أي: أغلقه. ({بَعَثْنَاهُمْ}) أي: في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ} معناه (أحييناهم) أي: أيقظناهم. ({أَزْكَى}) أي: في قوله تعالى: {أَزْكَى طَعَامًا} معناه: (أكثر ريعًا) أي: نماء وزيادة، فضرب اللَّه على آذنهم فناموا أشار به إلى تفسير قوله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} وأوضح منه تفسير الزمخشري له بقوله: أي: ضربنا عليها حجابًا من أن تسمع يعني: أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات (¬1). {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} أي: (لم يستبن) أي: لم يتبين. ¬

_ (¬1) "الكشاف" 3/ 51.

53 - [باب] حديث الغار

(وقال مجاهد) في نسخة: "قال مجاهد". ({تَقْرِضُهُمْ}) معناه: (تتركهم) وقوله: (الكهف: في الفتح) إلى آخره ساقط من نسخة، ولم يذكر للباب حديثًا لما مرَّ في نظيره. 53 - [باب] حَدِيثُ الغَارِ (حديث) في نسخة: "باب: حديث الغار". هو كالكهف في الجبل. 3465 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَمَا ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ، إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلاءِ، لَا يُنْجِيكُمْ إلا الصِّدْقُ، فَليَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ، فَقَال وَاحِدٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَجِيرٌ عَمِلَ لِي عَلَى فَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ، فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ، وَأَنِّي عَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا، وَأَنَّهُ أَتَانِي يَطْلُبُ أَجْرَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ البَقَرِ فَسُقْهَا، فَقَال لِي: إِنَّمَا لِي عِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ، فَقُلْتُ لَهُ: اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ البَقَرِ، فَإِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الفَرَقِ فَسَاقَهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ، فَقَال الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِي، فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِمَا لَيْلَةً، فَجِئْتُ وَقَدْ رَقَدَا وَأَهْلِي وَعِيَالِي يَتَضَاغَوْنَ مِنَ الجُوعِ، فَكُنْتُ لَا أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَايَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَهُمَا، فَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا، فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُ حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ حَتَّى نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَقَال الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ، إلا أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ

54 - باب

دِينَارٍ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا، فَأَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، فَقَالتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّ الخَاتَمَ إلا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ المِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا". [انظر: 2215 - مسلم: 2743 - فتح: 6/ 505] وقال الجوهري: (فأوَوا) بالقصر وقد يمد (¬1). (إنه) أي: الشأن. (فقلت له: اعمد) بكسر الميم، وفي نسخة: "فقلت اعمد" أي: اقصد. (إن كنت تعلم) إلا آخره قيل لا مجال لحرف الشك في ذلك؛ لأنهم كانوا عالمين بأن اللَّه عالم به، وأجيب بأن ذلك جرى على خلاف مقتضى الظاهر، وبأنهم لم يكونوا عالمين بأن لأعمالهم اعتبارًا عند اللَّه فقالوا إن كنت تعلم بأن لها اعتبارًا ففرج عنا. (فانساخت) بخاء معجمة أي: انشقت. (كان) في نسخة: "أنه كان". ومرَّ شرح الحديث في باب: من استأجر أجيرًا فترك أجره، وفي غيره. 54 - باب (باب) ساقط من نسخة وعلى ثبوته لا ترجمة له فهو كالفصل من سابقه. 3466 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "بَيْنَا امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنَهَا إِذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، فَقَالتِ اللَّهُمَّ لَا تُمِتِ ابْنِي، حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ هَذَا، فَقَال: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فِي الثَّدْيِ، وَمُرَّ بِامْرَأَةٍ تُجَرَّرُ وَيُلْعَبُ بِهَا، فَقَالتْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقَال: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، فَقَال أَمَّا الرَّاكِبُ ¬

_ (¬1) انظر: "الصحاح" مادة [أوا] 6/ 2274.

فَإِنَّهُ كَافِرٌ، وَأَمَّا المَرْأَةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهَا تَزْنِي، وَتَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ، وَيَقُولُونَ تَسْرِقُ، وَتَقُولُ حَسْبِيَ اللَّهُ". [انظر: 1206 - مسلم: 2550 - فتح: 6/ 511] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (عن عبد الرحمن) أي: ابن هرمز الأعرج. (مرَّ) بالبناء للمفعول. (تجرَّر) في نسخة: "تجور" ومرَّ شرح الحديث في قصة عيسى - عليه السلام - (¬1). 3467 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ، كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ". [انظر: 3321 - مسلم: 2245 - فتح: 6/ 511] (سعيد بن تليد) نسبه إلى جده وإلا فهو ابن عيسى بن تليد. (ابن وهب) هو عبد اللَّه المصري. (عن أيوب) أي: السختياني. (بركية) بفتح الراء وكسر الكاف: البئر قبل أن تطوى. (بغيّ) بتشديد الياء، أي: زانية. (موقها) بضم الميم وفتح القاف، قيل: خفها، وقال الجوهري: هو الذي يلبس فوق الخف (¬2)، ويقال له: الجرموق. (فسقته) أي: حتى روي. (فغفر) بالبناء للمفعول. (به) ساقط من نسخة والضمير يسقي الكلب. ¬

_ (¬1) سبق برقم كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ}. (¬2) "الصحاح" مادة [موق] 4/ 1557.

3468 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاويَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ عَلَى المِنْبَرِ، فَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ، وَكَانَتْ فِي يَدَيْ حَرَسِيٍّ، فَقَال: يَا أَهْلَ المَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ؟ وَيَقُولُ: "إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ". [3488، 5932، 5938 - مسلم: 2127 - فتح: 6/ 512] (فتناول) أي: فأخرج كما عبر به بعد في حديث (¬1). (قصة) بضم القاف وتشديد المهملة: شعر الناصية، والمراد هنا: قطعة. (من شعر) من فصصت الشعر أي: قطعته. (كانت) أي: قبل إخراجها، وفي نسخة: "وكانت". (في يدي) بالتثنية، وفي نسخة: "في يد". (حرسي) واحد الحراس الذين يحرسون. (يا أهل) في نسخة: "أهل" بحذف (يا) وهو مراد (أين علماؤكم؟) سؤال إنكار عليهم بإهمالهم إنكار هذا المنكر (¬2). (حين اتخذها) في نسخة: (حين اتخذ هذه). (نساؤهم) أي: للزينة كأنه كان محرمًا [عليهم] (¬3). وإن كان النهي عنه لأمة نبينا للتنزيه فعوقبوا باستعماله وهلكوا بسببه. 3469 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3488) كتاب: أحاديث الأنبياء. (¬2) في هامش (ج): هذا السؤال للإنكار لإهمالهم إنكار مثل هذا المنكر وغفلتهم عن تغييره، وفي هذا اعتقاد الولاة بإزالة المنكرات وتوبيخ من أهمله، وقال (ع): يحتمل أنه كان محرمًا على بني إسرائيل فعوقبوا باستعماله وهلكوا بسببه - البرماوي. ولعله يعني بإشارة (ع) هو العيني؛ لأن في "عمدة القاري" نظيره. (¬3) من (س).

قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ". [3689 - فتح: 6/ 512] (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (إنه قد كان) قد: ساقط من نسخة. (محدثون) بفتح الدال المهملة المشددة، قال الخطابي: هو من يلقى في روعه شيء فكأنه قد حَدث به يظن فيصيب، ويخطر الشيء بباله فيكون، وهي منزلة رفيعة من منازل الأولياء (¬1)، وقيل: هو من يجري على لسانه الصواب من غير قصد، وقيل: هو من يكلمه الملائكة بغير نبوة (إن كان في أمتي هذه منهم) أي: من المحدثين أحد. (فإنه عمر بن الخطاب) قاله على سبيل التوقع وكأنه قاله قبل وقوع ذلك، وقد وقع بحمد اللَّه تعالى كقوله: يا سارية الجبل (¬2). 3470 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا، ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ، فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَال لَهُ: هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَال: لَا، فَقَتَلَهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ، فَقَال لَهُ رَجُلٌ: ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا، فَأَدْرَكَهُ المَوْتُ، فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ العَذَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي، وَقَال: قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا، فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ، فَغُفِرَ لَهُ". [مسلم: 2466 - فتح: 6/ 512] (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (أبي الصديق) هو بكر بن قيس، أو ابن عمرو. ¬

_ (¬1) انظر: "أعلام الحديث" 3/ 1571. (¬2) ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" 4/ 1605، والعجلوني في "كشف الخفاء" 2/ 514، وابن حجر في "الإصابة" 3/ 5، وفي "لسان الميزان" 5/ 300.

(الناجي) بنون وجيم: نسبة إلى ناجية بنت غزوان أخت عتبة بن لؤي وقد صارت قبيله كبيره. (من توبة) لفظ (من) ساقط من نسخة. (ائت قرية كذا كذا) اسمها: نصرة، وأما القرية المأتي منها فأسمها: كفرة. (فناء بصدره) بالمد أي: مال به إلى ناحية تلك القرية التي توجه إليها للتوبة. (فوجد إلى هذه) في نسخة "فوجد له هذه". (بشبر) في رواية: "بأنملة" (¬1). (فغفر له) قيل: كيف غفر له ولم يخرج من عهدة المقتولين، وأجيب: بأن اللَّه تعالى إذا رضي عنه وقبل توبته، يُرضي عنه خصماءه. 3471 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَال: "بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا، فَقَالتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ "فَقَال النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ، فَقَال: "فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا، أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، - وَمَا هُمَا ثَمَّ - وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ، فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَال لَهُ الذِّئْبُ هَذَا: اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي، فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي " فَقَال النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ، قَال: "فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، - وَمَا هُمَا ثَمَّ -. [انظر: 2324 - مسلم: 2388 - فتح: 6/ 512] وحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمِثْلِهِ. ¬

_ (¬1) انظر: "الترغيب والترهيب" 4/ 51.

(سفيان) أي: ابن عيينة. (أبو الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (فقال: فإني) في نسخة: "قال فإني". (وما هما ثَمَّ) أي: هناك أي: حاضرين. (هذا) أي: يا هذا، ومرَّ شرح الحديث في باب: استعمال البقر للحراثة (¬1). (وحدثنا) في نسخة: "حدثنا" بحذف الواو. (عليُّ) أي: ابن المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن مسعر) أي: ابن كدام. 3472 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَال لَهُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ، وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، وَقَال الَّذِي لَهُ الأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَال: الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَال أَحَدُهُمَا: لِي غُلامٌ، وَقَال الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ، قَال: أَنْكِحُوا الغُلامَ الجَارِيَةَ وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا". [مسلم: 1721 - فتح: 6/ 512] (إسحاق بن نصر) نسبة إلى جده وإلا فهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر. (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (فتحاكما إلى رجل) هو داود - عليه السلام -. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2324) كتاب: المزارعة، باب: استعمال البقر للحراثة.

(فقال) إلى آخره قال ذلك بحكم شريعته، وإلا في شريعتنا على مذهب الشافعي: أن المدفون في العقار على ملك البائع. 3473 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، وَعَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ؟ فَقَال أُسَامَةُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ، فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا، فِرَارًا مِنْهُ" قَال أَبُو النَّضْرِ: "لَا يُخْرِجْكُمْ إلا فِرَارًا مِنْهُ". [5728، 6974 - مسلم: 2218 - فتح: 6/ 513] (وعن أبي النضر) بمعجمة: هو سالم بن أبي أمية. (رجس) أي: عذاب (أرسل على طائفة): هي قوم فرعون. (قال أبو النضر لا يخرجكم إلا فرارًا منه) فسر به (لا تخرجوا فرارا منه) وحاصله أن المراد من المفسر الحصر يعني: الخروج المنهي عنه هو الذي لمجرد الفرار لا لغرض آخر فما فسر به تفسير للمنهي عنه لا للنهي، وإن جعلت (إلَّا) زائدة، فهو تفسير للنهي مع أنه قيل: إن (إلّا) غلط من الراوي؛ لأن إثباتها بظاهره مقتضي المنع من الخروج لكل سبب إلا للفرار وهو ضد المراد سواء قُرئ (فرار) بالنصب أم بالرفع كما روي بالوجهين (¬1). 3474 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الفُرَاتِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: ¬

_ (¬1) روى الرفع: بعض رواة مالك في "الموطأ" 2/ 66 - 67 (1868) باب: ما جاء في الطاعون.

سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَنِي "أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إلا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ". [5734، 6619 - فتح: 6/ 513] (إلا كان له مثل أجر شهيد) أي: عملًا بصبره ونيته، بل ورد أن: "نية المؤمن خير من عمله" (¬1). 3475 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إلا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَال: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا". [انظر: 2648 - مسلم: 1688 - فتح: 6/ 513] (قتيبة بن سعيد) لفظ: (ابن سعيد) ساقط من نسخة. (شأن المخزومية) هي فاطمة بنت الأسود. (فقال: ومن) في نسخة: "قالوا: من". (حب رسول اللَّه) بكسر الحاء، أي: محبوبه. (أتشفع؟) الاستفهام للإنكار. (وايم اللَّه) بوصل الهمزة، وقد تقطع: اسم موضوع للقسم. ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 6/ 185 - 186 (5942) من حديث سهل بن سعد الساعدي وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 61: رجاله موثقون إلا حاتم بن عباد بن دينار الجرشي لم أر من ذكر له ترجمة وله شاهد من حديث أنس رواه البيهقي في "شعب الإيمان" 5/ 343 (6859) باب: في إخلاص العمل لله وترك الرياء، وقال: هذا إسناد ضعيف.

(ابنة محمد) في نسخة: "بنت محمد". 3476 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَال: سَمِعْتُ النَّزَّال بْنَ سَبْرَةَ الهِلالِيَّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً، وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ خِلافَهَا، فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، وَقَال: "كِلاكُمَا مُحْسِنٌ، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا". [انظر: 2410 - فتح: 6/ 513] (آدم) أي: ابن أبي أياس. (أوسمعت النبي) في نسخة: "وسمعت" بالواو، ومرَّ الحديث في باب: الإشخاص والملازمة (¬1). 3477 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، قَال عَبْدُ اللَّهِ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ". [6929 - مسلم: 1792 - فتح: 6/ 514] (شقيق) هو أبو وائل بن سلمة. (يحكي نبيًّا) قيل: هو نوح (¬2)، فإن صح فلعل دعاءه لقومه بالمغفرة كان في ابتداء الأمر، ثم لمَّا يئس منهم قال: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} هذا، وقيل: هو من أنبياء بني إسرائيل. 3478 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الغَافِرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَبْلَكُمْ، رَغَسَهُ اللَّهُ مَالًا، فَقَال لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ، قَال: فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ اللَّهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2410) كتاب: الخصومات، باب: الإشخاص والملازمة. (¬2) دل على ذلك حديث رواه بن أبي حاتم في "تفسيره" 8/ 2787 (15767).

عَزَّ وَجَلَّ، فَقَال: مَا حَمَلَكَ؟ قَال: مَخَافَتُكَ، فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ". وَقَال مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الغَافِرِ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [6481، 7508 - مسلم: 2757 - فتح: 6/ 514] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد اللَّه اليشكري. (رغسه (¬1) اللَّه مالا) بفتح الراء والغين المخففة، أي: أعطاه مالًا كثيرًا ووسع له فيه. (لما حضر) أي: حضره الموت. (ثم ذرَّوني) بفتح المعجمة وتشديد الراء، في نسخة: "ثم اذروني" بهمزة وصل وسكون المعجمة، وفي أخرى: "أذروني، بهمزة مفتوحة أي: طيروني. (في يوم عاصف) أي: شديد ريحه. (فقال مخافتك) في نسخة: "قال مخافتك" ومخافتك مرفوع بمقدر، أي: حملتني. (فتلقاه) بقاف، وفي نسخة: "فتلافاه" بالفاء. (معاذ) أي: العنبري. (عقبة) أي: ابن عمرو أبو مسعود الأنصاري. 3479 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَال: قَال عُقْبَةُ لِحُذَيْفَةَ: أَلا تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ " إِنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ المَوْتُ، لَمَّا أَيِسَ مِنَ الحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ: إِذَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا، ثُمَّ أَوْرُوا نَارًا، حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي، وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا فَذَرُّونِي فِي اليَمِّ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، أَوْ رَاحٍ، فَجَمَعَهُ اللَّهُ فَقَال؟ لِمَ فَعَلْتَ؟ قَال: خَشْيَتَكَ، فَغَفَرَ لَهُ " قَال عُقْبَةُ: وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: [انظر: 3452 - فتح: 6/ 514] ¬

_ (¬1) في هامش (ج) رَغَسَه بفتح الراء المعجمة وبمهملة، أي: أعطاه وأنماه، وقيل: أكثر له وبارك فيه - برماوي.

حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، وَقَال: "فِي يَوْمٍ رَاحٍ". (ألا) بالتخفيف للعرض والتحضيض، ومعناهما: الطلب، لكن العرض طلب بِلِيْنٍ والتحضيض طلب بحثٍّ. (حار) أي: شديد الحر، وكأن اليوم كان شديد الحر وشديد الريح فوصف تارة بهذا وتارة بهذا ومرَّ الحديث آنفًا (¬1). (حدثنا موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي، وفي نسخة: "حدثنا مسدد" بدل موسى. (أبو عوانة) هو الوضاح (عبد الملك) أي: ابن عمير. (في يوم راح) أي: بدل قوله: في الرواية السابقة (في يوم حار) وقوله: (حدثنا موسى) إلى آخره ساقط من نسخة. 3480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، قَال: فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ". [انظر: 2078 - مسلم: 1562 - فتح: 6/ 514] (كان رجل) في نسخة: "كان الرجل". (فتجاوز) في نسخة: "تجاوز"، ومرَّ الحديث في البيوع وغيرها (¬2). 3481 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ قَال لِبَنِيهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اطْحَنُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2454) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن نبي إسرائيل. (¬2) سبق برقم (2078) كتاب: البيوع، باب: من أنظر معسرًا.

عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الأَرْضَ فَقَال: اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ، فَفَعَلَتْ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَال: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَال: يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ " وَقَال غَيْرُهُ: "مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ". [7506 - مسلم: 2756 - فتح: 6/ 514] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (لئن قدر اللَّه) في نسخة: "لئن قدر اللَّه عليَّ" وليس ذلك شكًّا في قدرته تعالى بل بمعنى ضيَّقْ عليَّ، أو هو على ظاهره، لكن قاله كما قال النووي (¬1) وهو غير ضابط لنفسه ولا قاصد معناه، لكن للدهشة وشدة الخوف بحيث ذهب تدبره فيما يقول فصار كالغافل والناسي. (يا رب خشيتك) لفظ: (خشيتك) ساقط من نسخة، ومرَّ الحديث آنفًا. 3482 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا، إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ". [انظر: 2365 - مسلم: 2242 - فتح: 6/ 515] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (سجنتها) في نسخة: "ربطتها" ومرَّ شرح الحديث في باب: فضل سقي الماء وغيره (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: "شرح صحيح مسلم" 17/ 74. (¬2) سبق برقم (2365) كتاب: المساقاة، باب: فضل سقي الماء.

3483 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ". [3484، 6120 - فتح: 6/ 515] (عن زهير) أي: ابن معاوية الكوفي. (منصور) أي: ابن المعتمر. (إن مما أدرك الناس) برفع (الناس)، أي: مما أدركه الناس وبنصبه أي: مما بلغ الناس. (إذا لم تستحي فاصنع ما شئت) اسم إن بتقدير القول، أو خبرها والجار والمجرور قبلها اسمها؛ لأن من تبعيضية فهي بمعنى: بعض، والأمر فيه بمعنى: الخبر، أي: إذا لم تستحي صنعت ما شئت، أو هو للتهديد، أي: اصنع ما شئت فإن اللَّه مجزيك، أو معناه: انظر إلى ما تريد أن تفعله فإن كان مما لا تستحي منه فافعله وإلا فلا تفعله. 3484 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَال: سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ". [انظر: 3483 - فتح: 6/ 515] (حدثنا آدم) إلى آخره ساقط من نسخة. 3485 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنَ الخُيَلاءِ، خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [5790 - فتح: 6/ 515] (عبيد اللَّه) بالتصغير، وفي نسخة: "عبد اللَّه" وهو ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (رجل) هو قارون.

(من الخيلاء) بالمد، أي: من التكبر عن تخيل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه. (فهو يتجلجل في الأرض) بمعجمتين أي يدخل فيها، قال القاضي عياض: ورويناه في غير "الصحيحين" بحائين مهملتين. (تابعه) أي: يونس. 3486 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ، يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْدَ كُلِّ أُمَّةٍ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَا مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا اليَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَغَدًا لِلْيَهُودِ، وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى". [انظر: 238 - مسلم: 855 - فتح: 6/ 515] 3487 - عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، يَوْمٌ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ". [انظر: 897 - مسلم: 849 - فتح: 6/ 515] (وهيب) أي: ابن خالد. (ابن طاوس) هو عبد اللَّه. (نحن الآخرون) أي: في الدنيا. (السابقون) أي: في الآخرة. (بيد) بمعنى: غير، يقال: فلان كثير المال بيد أنه بخيل، أو بمعنى: من أجل، وتجيء بمعنى: إلَّا وبمعنى: لكن، وقد تبدل الباء بميم، فيقال: ميد، قاله: أبو عبيد (¬1)، ومرَّ الحديث في أول كتاب: الجمعة (¬2). ¬

_ (¬1) "غريب الحديث" 1/ 89 (¬2) سبق برقم (876) كتاب: الجمعة، باب: فرض الجمعة.

3488 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، قَال: قَدِمَ مُعَاويَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ المَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ، قَدِمَهَا فَخَطَبَنَا، فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ، فَقَال: مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ اليَهُودِ، "وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ الزُّورَ يَعْنِي الوصَال فِي الشَّعَرِ" تَابَعَهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ. [انظر: 3468 - مسلم: 2127 - فتح: 6/ 515] (آخر قدمة) بفتح القاف. (فأخرج كبة) بضم الكاف وتشديد الموحدة أي: قصة كما عبر بها قبل، والمراد: جماعة. (من شعر) قال ابن الأثير: الكبة: الجماعة من الناس وغيرهم (¬1). (إن النبي) في نسخة: "وإن النبي". (سماه الزور يعني) سقى (الوصال في الشعر) زورًا وهو الكذب والتزين بالباطل، ولا شك أن وصل الشعر من ذلك. (تابعه) أي: آدم. (غندر) هو محمد بن جعفر. ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 4/ 138.

61 - كتاب المناقب

61 - كِتَابُ المَنَاقِب

1 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13]

61 - [كِتَابُ] المَنَاقِب 1 - باب قَوْلُ اللَّه تَعَالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. وَقَوْلِهِ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. وَمَا يُنْهَى عَن دَعْوى الجَاهِلِيَّةِ. الشُّعُوبُ: النَّسَبُ البَعِيدُ، وَالْقَبَائِلُ: دُونَ ذَلِكَ. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب: المناقب) في نسخة: "كتاب المناقب" وهي المكارم والمفاخر واحدها: منقبة كأنها تنقب قلب الحسود. (قول اللَّه) بالرفع، وفي نسخة: "وقول اللَّه" بالجر عطف على سابقه، وفي أخرى: "باب قول الله". ({يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى}) أي: من أب وأم. ({وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}) أي: ليعرف بعضكم بعضا لا لتفاخر بالآباء والقبائل. ({إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}) يعني: إن التقوى إنما تكون بالعمل الصالح والكف عن المعصية، لا بالتفاخر بالنسب، وقوله بالرفع أو بالجر. ({وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}) بالنصب عطف على لفظ الجلالة، أو على محل الجر والمجرور، وبالجر عطف على الضمير المجرور (¬1) وهو قليل، وقرئ بالرفع شاذا على أنه مبتدأ حذف ¬

_ (¬1) العطف على الضمير المجرور غير إعادة الجار اختلف فيه النحاة، فأجازه بعضهم ومنعه آخرون، وسبق بيانه.

خبره، أي: والأرحام كذلك أي: مما يتقى ويتساءل به. (وما ينهى) عطف على قول اللَّه تعالى. (عن دعوى الجاهلية) كالنياحة، وانتساب الشخص إلى غير أبيه، ولو قال: وما ينهى عنه من دعوى الجاهلية كان أوضح. (الشعوب) بضم الشين: جمع شعب بفتحها معناه: (النسب البعيد) كمضر وربيعة، ولو قال: الأنساب البعيدة بالجمع كان أنسب، و (قبائل) معناه: (دون ذلك) أي: دون الشعوب أي: الأنساب القريبة كقريش وتميم، وفي نسخة: "والقبائل البطون". 3489 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الكَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13]، قَال: "الشُّعُوبُ: القَبَائِلُ العِظَامُ، وَالقَبَائِلُ: البُطُونُ". [فتح: 6/ 525] (أبو بكر) هو ابن عياش ابن سالم الحناط بمهملة ونون. (عن أبي حصين) بفتح الحاء: عثمان بن عاصم الأسدي. (الشعوب: القبائل العظام، والقبائل: البطون) فالشعب الطبقة الأولى من الطبقات الست التي عليها العرب وهي الشعب، والقبيلة، والعمارة، والبطن، والفخذ، والفصيلة، فالشعب يجمع القبائل، والقبيلة تجمع العمائر، والعمارة تجمع البطون، والبطن تجمع الأفخاذ، والفخذ يجمع الفصائل، فخزيمة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وقصي بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة، وقيل: العرب عشر طبقات: الخدم، ثم الجمهور، ثم الشعب، ثم القبيلة، ثم العمارة، ثم البطن، ثم الفخذ، ثم العشيرة، ثم الفصيلة، ثم الرهط. 3490 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَال: "أَتْقَاهُمْ" قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَال: "فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ". [انظر: 3349 - مسلم: 2378 - فتح: 6/ 525]

(عن عبيد اللَّه) أي: ابن عمر العمري. (من أكرم الناس) إلى آخره مَرَّ مطوَّلا في باب قول اللَّه تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)} (¬1). 3491 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ، قَال: حَدَّثَتْنِي رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، قَال: قُلْتُ لَهَا: "أَرَأَيْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَانَ مِنْ مُضَرَ؟ قَالتْ: فَمِمَّنْ كَانَ إلا مِنْ مُضَرَ، مِنْ بَنِي النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ". [3492 - فتح: 6/ 525] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (كليب) أي: ابن وائل. (ابنة) في نسخة: "بنت". (قالت ممن كان) استفهام إنكاري، أي: لم يكن. (إلا من مضر) ومضر بن نزار بن معد بن عدنان. 3492 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا كُلَيْبٌ، حَدَّثَتْنِي رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَظُنُّهَا زَيْنَبَ قَالتْ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالمُزَفَّتِ" وَقُلْتُ لَهَا: أَخْبِرِينِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ كَانَ مِنْ مُضَرَ كَانَ؟ قَالتْ: "فَمِمَّنْ كَانَ إلا مِنْ مُضَرَ كَانَ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ". [3491 - فتح: 6/ 525] (موسى) أي: ابن إسماعيل. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عن الدباء) أي: القرع. (والحنتم) هي جرارٌ خضر كان يحمل فيها الخمر. (والمقيّر) هو المطلي بالقار وهو الزفت. (والمزفت) مكرر مع ما قبله، ولهذا قيل: وصوابه: النقير بالنون، وهو خشبة تنقر فينبذ فيها فيشتدد نبيذها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3383) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)}.

3493 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ، إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً. [3496، 3588 - مسلم: 2526 - فتح: 6/ 525] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن عمارة) أي: ابن القعقاع. (عن أبي زرعة) هو هرم. (في هذا الشان) أي: في الولاية خلافة، أو إمارة. 3494 - وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ، وَيَأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ". [6058، 7179 - مسلم: 2526 - فتح: 6/ 526] (شر الناس) إلى آخره هم المنافقون. 3495 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا المُغِيرَةُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ. [مسلم: 1818 - فتح: 6/ 526] (المغيرة) أي: ابن عبد الرحمن [(عن أبي الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن] (¬1) بن هرمز. 3496 - وَالنَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ، إِذَا فَقِهُوا تَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّ النَّاسِ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الشَّأْنِ، حَتَّى يَقَعَ فِيهِ". [انظر: 3493 - مسلم: 2526 - فتح: 6/ 526] (حتى يقع فيه) أي: بلا سؤال منه فتزول عنه الكراهة لعلمه أن اللَّه يعينه عليه لخبر (إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها) (¬2). ¬

_ (¬1) من س (¬2) ستأتي برقم (6622) كتاب: الأيمان والنذور، باب: قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو}.

- باب (باب) ساقط من نسخة، ولم يترجم له فهو كالفصل من سابقه. 3497 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، {إلا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى} [الشورى: 23]، قَال: فَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ، إلا وَلَهُ فِيهِ قَرَابَةٌ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ: إلا أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ". [4818 - فتح: 6/ 526] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيا) أي: القطان. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عبد الملك) أي: ابن ميسرة. (عن طاوس) أي: ابن كيسان اليماني. (فنزلت عليه) في نسخة: "فنزلت فيه". (إلا أن تصلوا قرابة بيني وبينكم) هذا لم ينزل إنما نزل معناه وهو قوله: {إلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}. 3498 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مِنْ هَا هُنَا جَاءَتِ الفِتَنُ، نَحْوَ المَشْرِقِ، وَالجَفَاءُ وَغِلَظُ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ أَهْلِ الوَبَرِ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ وَالبَقَرِ، فِي رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ". [انظر: 3302 - مسلم: 51 - فتح: 6/ 526] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد الأحمسي. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (عن أبي مسعود) هو عقبة بن عمرو الأنصاري البدوي، وفي نسخة: "عن ابن مسعود". (من ها هنا) أي: من المشرق. (جاءت الفتن) أي: تجيء، وعبر بالماضي، مبالغة في تحقق وقوعها. (والجفاء) بالجيم والمد. (وغلظ القلوب) هو بمعنى: الجفاء فالعطف؛ للتفسير. (الفدّادين) بتشديد المهملة الأولى، أي: الصياحين: لرفعهم أصواتهم خلف مواشيهم. (أهل الوبر) بفتح الواو والموحدة: أهل البوادي، وسُمُّوا بذلك؛ لأنهم

يتخذون بيوتهم من وبر الإبل. (عند أصول أذناب الإبل والبقر) أي: عند سوقها. 3499 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "الفَخْرُ، وَالخُيَلاءُ فِي الفَدَّادِينَ أَهْلِ الوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الغَنَمِ، وَالإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "سُمِّيَتِ اليَمَنَ لِأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الكَعْبَةِ، وَالشَّأْمَ لِأَنَّهَا عَنْ يَسَارِ الكَعْبَةِ، وَالمَشْأَمَةُ المَيْسَرَةُ، وَاليَدُ اليُسْرَى الشُّؤْمَى، وَالجَانِبُ الأَيْسَرُ الأَشْأَمُ". [انظر: 3301 - مسلم: 52 - فتح: 6/ 526] (والخيلاء) بالمد: الكبر والعجب. (والسكينة) أي: السكون. (الإيمان يمان) أصله: يمني حذفت ياء النمسب وعوض منها الألف، ثم قيل: هو على ظاهره من نسبة الإيمان إلى اليمن، وقيل: نسبته إلى مكة؛ لأن مبتدأه منها، وهي يمانية بالنسبة للمدينة، وقيل المراد: نسبته على مكة والمدينة وهما يمانيان بالنسبة للشام بناءً على أن هذه المقالة صدرت منه - صلى الله عليه وسلم - وهو بتبوك ومكة والمدينة حينئذ بينه وبين اليمن، وقيل المراد به الأنصار؛ لأنهم يمانيون ونسب الإيمان إليهم؛ لأنهم كانوا الأصل في نصر ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -. (والحكمة يمانية) بالتخفيف، وحكي التشديد: وهي العلم الموصل إلى معرفة اللَّه تعالى، والعمل بما يرضيه. (قال أبو عبد اللَّه) ساقط من نسخة. (عن يسار الكعبة) في نسخة "لأنها عن يسار الكعبة". {الْمَشْأَمَةِ} أي: في قوله: {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ}. (الميسرة) أي: اليسار بأن يعطي كل منهم كتابه بيساره. (واليد اليسرى الشؤمى) أي: تُسَمَّى بذلك.

2 - باب مناقب قريش

2 - باب مَنَاقِب قُرَيْشٍ. (باب: مناقب قريش) هم ولد النضر بن كنانة وهو الصحيح، أو ولد فهر بن مالك بن النضر وهو قول الأكثر، قيل: وسُمُّوا باسم دابَّة في البحر من أقوى دوابَّه؛ لقوتهم، والتصغير للتعظيم. 3500 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاويَةَ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ، فَغَضِبَ مُعَاويَةُ، فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "إِنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ، إلا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ، مَا أَقَامُوا الدِّينَ". [7139 - فتح: 6/ 532] (سيكون ملك) قيل: اسمه: جهجاه بن قيس الغفاري. (لا تؤثر) أي: لا تروي. (فإياكم والأماني) بتشديد الياء جمع أمنية: وهي المتمناه والمراد: الأكاذيب. (إن هذا الأمر) أي: الخلافة. (ما أقاموا الدين) أي: مدة إقامتهم له وما أنكره معاوية على ابن عمر قد صح في خبر يأتي قريبا وهو: "لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه" (¬1) ولا تعارض بين الخبرين؛ لأن ذاك حكاية عن الواقع، وحديث معاوية في الاستحقاق، ولم يقل: إنه لا يوجد في غير قريش، ولأن خروج القحطاني إنما يكون إذا لم يبق من ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (3517) كتاب: المناقب، باب: ذكر قحطان.

قريش أحد، أو إذا لم يقموا الدين المفهوم من قوله هنا: (ما أقاموا الدين). 3501 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ". [7140 - مسلم: 1820 - فتح: 6/ 533] (أبو الوليد) وهو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (ما بقي منهم اثنان) أي: أو واحد كما لا يخفى. 3502 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَال: مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ بَنِي المُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو المُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ". [انظر: 3140 - فتح: 6/ 533] (شيء واحد) في نسخة: "سيٌّ واحد" بمهملة مكسورة وتحتية مشددة، يقال: هذا سيٌّ هذا أي: مثله، وفي أخرى: أحد بلا واو. 3503 - وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ مُحَمَّدٌ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَال: ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ أُنَاسٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ إِلَى عَائِشَةَ، "وَكَانَتْ أَرَقَّ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ، لِقَرَابَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [3505، 6073 - فتح: 6/ 533] (أرقَّ شيء) زاد في نسخة: "عليهم". (لقرابتهم من رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي: من جهة أمه، لأنها آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، ومن جهة أنهم بنو زهرة أخي قصي بن كلاب وهو جَدُّ والد جَدّ النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. 3504 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدٍ، قَال: يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُرَيْشٌ، وَالأَنْصَارُ، وَجُهَيْنَةُ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَأَشْجَعُ، وَغِفَارُ مَوَالِيَّ،

لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ". [3512 - مسلم: 2520 - فتح: 6/ 533] (سفيان) أي: الثوري. (عن سعد) أي: ابن إبراهيم بن عبد الرحمن. (ح) للتحويل. (قال) أي: "أبو عبد اللَّه" كما في نسخة. (قريش) هم بنو النضر، أو فهر بن مالك بن النضر كما مرَّ. (الأنصار) هم الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة. (وجهينة) بالتصغير ابن زيد بن ليث بن سويد. (ومزينة) بالتصغير أيضًا قبيلة من مضر. (وأسلم) قبيلة أيضًا. (وأشجع) قبيلة من غطفان. (غفار) قبيلة من كنانة. (مولي) بتشديد الياء وتخفيفها، أي: أنصاري والمختصون بي. 3505 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَال: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبَّ البَشَرِ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِهَا، وَكَانَتْ لَا تُمْسِكُ شَيْئًا مِمَّا جَاءَهَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ [إلا] تَصَدَّقَتْ، فَقَال ابْنُ الزُّبَيْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهَا، فَقَالتْ: "أَيُؤْخَذُ عَلَى يَدَيَّ، عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ"، فَاسْتَشْفَعَ إِلَيْهَا بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَبِأَخْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَامْتَنَعَتْ، فَقَال لَهُ الزُّهْرِيُّونَ أَخْوَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: إِذَا اسْتَأْذَنَّا فَاقْتَحِمُ الحِجَابَ، فَفَعَلَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِعَشْرِ رِقَابٍ فَأَعْتَقَتْهُمْ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تُعْتِقُهُمْ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ، فَقَالتْ: "وَدِدْتُ أَنِّي جَعَلْتُ حِينَ حَلَفْتُ عَمَلًا أَعْمَلُهُ فَأَفْرُغُ مِنْهُ". [انظر: 3503 - فتح: 6/ 533] (أبو الأسود) هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل. (تصدقت) استئناف، وفي نسخة: "ألا تصدقت". (ينبغي أن يؤخذ على يديها) أي: يحجر عليها. (إذا استأذنا) أي: على عائشة في الدخول. (فاقتحم الحجاب) أي: الستر الذي بين عائشة وبين الناس. (ففعل) أي: عبد اللَّه ما قالوه له. (فأرسل) أي: عبد اللَّه. (إليها) أي:

3 - باب نزل القرآن بلسان قريش

لما قلبت شفاعتهم. (فأعتقتهم) إلى آخره، وقضيته: أن من قال إن فعلت كذا فلله عليَّ نَذْرٌ أنه يلزمه العتق ومشهورُ مذهب الشافعي: أنه لا يتعين العتق، بل يتخير بينه وبين قربة من القرب وكفارة يمين. (حتى بلغت أربعين) أي: عتق أربعين رقبة فعلته احتياطا. (فقالت: ووددت) بكسر المهملة الأولى. (حين حلفت) أي: نذرت. (عملا أعمله فأفرغ منه) أي: قالت: تمنيت أني قلت بدل عليَّ نَذْرُ للَّه على إعتاق رقبة، أو صوم شهر ونحوه من المعين حتى تكون كفارتها معلومة معينة وتفرغ منها بالإتيان به، بخلاف عليَّ نذر فإنه مبهم يحتمل إطلاقه على أكثر مما فعلت، فلم يطمئن قلبها بإعتاق رقبة، أو أكثر وهذا منها - رضي اللَّه تعالى عنها - مبالغة في كمال الاحتياط في براءة الذمة على جهة اليقين ولعلها لم يبلغها خبر مسلم: "كفارة النذر كفارة يمين" (¬1) ونحوه. 3 - بَابُ نَزَلَ القُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ (باب: نزل القرآن بلسان قريش) أي: بلغتهم. 3506 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ عُثْمَانَ، دَعَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ العَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي المَصَاحِفِ، وَقَال عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثَّلاثَةِ: "إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا ذَلِكَ". [4984، 4987 - فتح: 6/ 537] (فاكتبوه) أي: الذي اختلفتم فيه، وفي نسخة: "فاكتبوها". أي: الكلمة المختلف فيها. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1645) كتاب: الأيمان، باب: كفارة النذر.

4 - باب نسبة اليمن إلى إسماعيل

4 - بَابُ نِسْبَةِ اليَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ أَسْلَمُ بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ. (باب نسبة اليمن) أي: أهله. (إلى إسماعيل) أي: ابن إبراهيم عليهما السلام. (منهم) أي: من أهل اليمن. 3507 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ، فَقَال: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلانٍ" لِأَحَدِ الفَرِيقَيْنِ، فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَال: "مَا لَهُمْ" قَالُوا: وَكَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلانٍ؟ قَال: "ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ". [انظر: 2899 - فتح: 6/ 537] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سلمة) أي: ابن الأكوع. (يتناضلون) أي: يترامون. (وأنا مع بني فلان) أي: بني الأدرع. (فأمسكوا بأيديهم) أي: عن الرمي. (ما لهم؟) أي: أمسكوا عن الرمي، ومرَّ الحديث في الجهاد، وفي باب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ} (¬1). 5 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه، بل هو ساقط من نسخة. 3508 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنِ الحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2889) كتاب: الجهاد، باب: التحريض على الرمي. وبرقم (3373) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54)}.

بُرَيْدَةَ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ، أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ - وَهُوَ يَعْلَمُهُ - إلا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". [6045 - مسلم: 61 - فتح: 6/ 531] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن الحسين) أي: ابن واقد المعلم. (أبا الأسود) هو ظالم بن عمرو بن سفيان. (ليس من رجل) (مِنْ) زائدة، وذكر الرجل مثال فغيره مثله. (ادَّعى) أي: أنتسب. (إلا كفر) أي: النعمة، وفي نسخة: "إلا كفر باللَّه". وهو محمول على المستحل لذلك مع علمه بالتحريم. (ومن ادعى قوما) أي: انتسب إليهم. (ليس له فيهم) أي: "نسب" كما في نسخة. (فليتبوأ مقعده من النار) أي: فليتخذ منزلًا بها وهو خبر بلفظ الأمر. 3509 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيُّ، قَال: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ". [فتح: 6/ 540] (حريز) بمهملة مفتوحة وزاي في آخره ابن عثمان الحمصي الرحبي. (من أعظم الفرى) بالقصر وقد يمد أي: من أعظم الكذب. (أو يُرى عينه ما لم تر) أي: ينسب الرؤية إلى عينه بأن يقول: رأيت كذا وهو يكذب، وإنما زادت عقوبته على الكذب في اليقظة؛ لأن الرؤيا جزء من النبوة ولم يعطه، ولأنه كذب على اللَّه فإنه الذي يرسل ملك الرؤيا؛ ليريه المنام، والكاذب على اللَّه، أعظم فرية ممن كذب على غيره. (أو يقول) بفتح التحتية وضم القاف، وفي نسخة: "أو تقوَّل" بفتح الفوقية والقاف والواو المشددة أي: افترى.

3510 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّا مِنْ هَذَا الحَيِّ مِنْ رَبِيعَةَ، قَدْ حَالتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إلا فِي كُلِّ شَهْرٍ حَرَامٍ، فَلَوْ أَمَرْتَنَا بِأَمْرٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ وَنُبَلِّغُهُ مَنْ وَرَاءَنَا، قَال: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَى اللَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ، وَالمُزَفَّتِ". [انظر: 53 - مسلم: 17 - فتح: 6/ 540] (حماد) أي: ابن زيد بن درهم. (عن أبي جمرة) بجيم وراء: نصر بن عمران الضبعي. (إنا هذا الحي) في نسخة: "إنا من هذا الحي". (فلو أمرتنا) جواب (لو) محذوف، أو هي للتمني فلا تحتاج إلى جواب عند بعضهم. (آمركم أربع وأنهاكم عن أربع) في نسخة: "آمركم بأربعة وأنهاكم عن أربعة" ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الإيمان (¬1). 3511 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: "أَلا إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا يُشِيرُ إِلَى المَشْرِقِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ". [انظر: 3104 - مسلم: 2905 - فتح: 6/ 540] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عن سالم) في نسخة: "قال: حدثني سالم". (ألا إن الفتنة) إلى آخره مرَّ شرحه في باب: صفة إبليس (¬2) وذكره هنا استطرادًا إذ لا مناسبة له بالترجمة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (53) كتاب: الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان. (¬2) سبق برقم (3279) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

6 - باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع

6 - بَابُ ذِكْرِ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ وَأَشْجَعَ (باب: ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع) الخمسة قبائل من مضر. 3512 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُرَيْشٌ، وَالأَنْصَارُ، وَجُهَيْنَةُ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَأَشْجَعُ مَوَالِيَّ لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ". [انظر: 3504 - مسلم: 2520 - فتح: 6/ 542] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (عن سعد بن إبراهيم) لفظ: (ابن إبراهيم) ساقط من نسخة. (قريش) إلى آخره مرَّ شرحه في باب: مناقب قريش (¬1). 3513 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال عَلَى المِنْبَرِ: "غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالمَهَا اللَّهُ، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ". [مسلم: 2518 - فتح: 6/ 542] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (عن صالح) أي: ابن كيسان. (غفر اللَّه لها) أي: ذنب سرقة الحاج في الجاهلية، وفيه: إشعار بأن ما سلف منها مغفور. (سالمها اللَّه) من المسالمة وترك الحرب، فهو و (غفر اللَّه لها) خبران أُرِيد بهما الدعاء، أو خبران على بابهما. (عصت اللَّه ورسوله) أي: بقتلها القراء ببئر معونة وهذا إخبار لا دعاء فيه. 3514 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَسْلَمُ سَالمَهَا اللَّهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا". [مسلم: 2515 - فتح: 6/ 542] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3504) كتاب: المناقب، باب: مناقب قريش.

(حدثني) في نسخة: "حدثنا". (محمد) أي: ابن سلام، أو ابن عبد اللَّه بن حوشب، أو ابن المثنى. (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين (أسلم) إلا آخره مرَّ آنفا. 3515 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ، خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي أَسَدٍ، وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ، وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ" فَقَال رَجُلٌ: خَابُوا وَخَسِرُوا، فَقَال: "هُمْ خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَمِنْ بَنِي أَسَدٍ، وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ، وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ". [3516، 6635 - مسلم: 2522 - فتح: 6/ 542] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (وحدثني) في نسخة: "وحدثنا". (ابن مهدي) هو عبد الرحمن. (عن سفيان) أي: الثوري. (أرأيتم) أي: أخبروني (فقال رجل) هو الأقرع بن حابس. (هم) أي: جهينة، ومزينة، وأسلم، وغفار. (هم خير من بني تميم) إلى آخره أي: لسبقهم إلى الإسلام مع ما اشتملوا عليه من رقة القلوب ومكارم الأخلاق. 3516 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الحَجِيجِ، مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ، - وَأَحْسِبُهُ - وَجُهَيْنَةَ - ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ شَكَّ - قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَمُزَيْنَةُ، - وَأَحْسِبُهُ - وَجُهَيْنَةُ، خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي عَامِرٍ، وَأَسَدٍ، وَغَطَفَانَ خَابُوا

14 - باب ابن أخت القوم ومولى القوم منهم

وَخَسِرُوا" قَال: نَعَمْ، قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَخَيْرٌ مِنْهُمْ". [انظر: 3515 - مسلم: 2522 - فتح: 6/ 542] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (إنما تابعك) بفوقية وموحدة، وفي نسخة: "بايعك" بموحدة وتحتية. (أرأيت) أي: أخبرني والخطاب للأقرع بن حابس. (خابوا) أي: أخابوا؟ كما في مسلم (¬1) بحذف همزة، الاستفهام الإنكاري على الأقرع. (قال) أي: الأقرع. (نعم) أي: خابوا (قال) أي: النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. (والذي نفسي بيده إنهم) أي: أسلم وغفار ومزينة وجهينة. 3523 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال: "أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ، - أَوْ قَال: شَيْءٌ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ مُزَيْنَةَ - خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ - أَوْ قَال: يَوْمَ القِيَامَةِ - مِنْ أَسَدٍ، وَتَمِيمٍ، وَهَوَازِنَ، وَغَطَفَانَ". [مسلم: 2521 - فتح: 6/ 550] (عن حماد) في نسخة: "حدثنا حماد" أي: ابن زيد. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2522) كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع.

14 - باب ابن أُخْتِ القَوْمِ وَموْلَى القَوْمِ مِنْهُمْ (باب: ابن أخت القوم ومولى القوم) أي: عتيقهم. (منهم) أي: فيما يرجع إلى المناصرة والمعاونة في الإرث. 3528 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شعبة، عَنْ قتادة، عَنْ أنس - رضي الله عنه -، قال: دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار فقال: "هل فيكم أحد من غيركم؟ ". قالوا: لا، إلا

11 - باب قصة زمزم

ابْنُ أُخْتٍ لَنَا. فَقَال رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ". [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 6/ 552] (دعا الأنصار) زاد في نسخة: "خاصة". ولم يذكر البخاري حديث: "مولى القوم منهم". اكتفاء بذكره له في الفرائض بلفظ: "مولى القوم من أنفسهم" (¬1)، ووقع في نسخة ذكر هذا الباب فيما يأتي قبل باب: قصة الحبش. 11 - باب قِصَّةِ زَمْزَمَ (¬2). (باب: قصة زمزم) زاد في نسخة: "وفيه إسلام أبي ذر". 3522 - حَدَّثَنَا زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَخْزَمَ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنِي مُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ القَصِيرُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، قَال: قَال لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِإِسْلامِ أَبِي ذَرٍّ؟ قَال: قُلْنَا بَلَى، قَال: قَال أَبُو ذَرٍّ: كُنْتُ رَجُلًا مِنْ غِفَارٍ، فَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلًا قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقُلْتُ لِأَخِي: انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ كَلِّمْهُ وَأْتِنِي بِخَبَرِهِ، فَانْطَلَقَ فَلَقِيَهُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقُلْتُ مَا عِنْدَكَ؟ فَقَال: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَأْمُرُ بِالخَيْرِ وَيَنْهَى عَنِ الشَّرِّ، فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ تَشْفِنِي مِنَ الخَبَرِ، فَأَخَذْتُ جِرَابًا وَعَصًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ، فَجَعَلْتُ لَا أَعْرِفُهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ، وَأَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَأَكُونُ فِي المَسْجِدِ، قَال: فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ فَقَال: كَأَنَّ الرَّجُلَ غَرِيبٌ؟ قَال: قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: فَانْطَلِقْ إِلَى المَنْزِلِ، قَال: فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، لَا يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ وَلَا أُخْبِرُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى المَسْجِدِ لِأَسْأَلَ عَنْهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُخْبِرُنِي عَنْهُ بِشَيْءٍ، قَال: فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ، فَقَال: أَمَا نَال لِلرَّجُلِ يَعْرِفُ مَنْزِلَهُ بَعْدُ؟ قَال: قُلْتُ: لَا، قَال: انْطَلِقْ مَعِي. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6761) كتاب: الفرائض، باب: مولى القوم من أنفسهم، وابن الأخت منهم. (¬2) في هامش (ج): بضم القاف وسكون المهملة: الأمعاء -برماوي.

قَال: فَقَال مَا أَمْرُكَ، وَمَا أَقْدَمَكَ هَذِهِ البَلْدَةَ؟ قَال: قُلْتُ لَهُ: إِنْ كَتَمْتَ عَلَيَّ أَخْبَرْتُكَ، قَال: فَإِنِّي أَفْعَلُ، قَال: قُلْتُ لَهُ: بَلَغَنَا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ هَا هُنَا رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَرْسَلْتُ أَخِي لِيُكَلِّمَهُ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَشْفِنِي مِنَ الخَبَرِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَلْقَاهُ، فَقَال لَهُ: أَمَا إِنَّكَ قَدْ رَشَدْتَ، هَذَا وَجْهِي إِلَيْهِ فَاتَّبِعْنِي، ادْخُلْ حَيْثُ أَدْخُلُ، فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ أَحَدًا أَخَافُهُ عَلَيْكَ، قُمْتُ إِلَى الحَائِطِ كَأَنِّي أُصْلِحُ نَعْلِي وَامْضِ أَنْتَ، فَمَضَى وَمَضَيْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: اعْرِضْ عَلَيَّ الإِسْلامَ، فَعَرَضَهُ فَأَسْلَمْتُ مَكَانِي، فَقَال لِي: "يَا أَبَا ذَرٍّ، اكْتُمْ هَذَا الأَمْرَ، وَارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورُنَا فَأَقْبِلْ" فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَجَاءَ إِلَى المَسْجِدِ وَقُرَيْشٌ فِيهِ، فَقَال: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالُوا: قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ، فَقَامُوا فَضُرِبْتُ لِأَمُوتَ، فَأَدْرَكَنِي العَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيَّ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، فَقَال: وَيْلَكُمْ، تَقْتُلُونَ رَجُلًا مِنْ غِفَارَ، وَمَتْجَرُكُمْ وَمَمَرُّكُمْ عَلَى غِفَارَ، فَأَقْلَعُوا عَنِّي، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْتُ الغَدَ رَجَعْتُ، فَقُلْتُ مِثْلَ مَا قُلْتُ بِالأَمْسِ، فَقَالُوا: قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ فَصُنِعَ بِي مِثْلَ مَا صُنِعَ بِالأَمْسِ، وَأَدْرَكَنِي العَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيَّ، وَقَال مِثْلَ مَقَالتِهِ بِالأَمْسِ، قَال: فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ إِسْلامِ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ". [3522، 3861 - مسلم: 2474 - فتح: 6/ 549] (زيد هو ابن أَخزم) لفظ: (هو ابن أخزم) ساقط من نسخة. (قال أبو قتيبة) في نسخة: "قال: حدثنا أبو قتيبة". (أبو جمرة) هو: نصر بن عمران الضبعي (لأخي) اسمه: أنيس. (لم تشفني من الخبر) بفتح الفوقية أي: لم تجبني بجواب يشفيني من أمراض الجهل. (فأخذت) في نسخة: "فآخذ" بالمد وضم الخاء. (أما نال) إلى آخره بنون فألف فلام، أي آن أي: أما جاء الوقت الذي يعرف الرجل فيه منزله. (فقال له) لفظ: (له) ساقط من نسخة. (هذا وجهي إليه) أي: توجهي إليه. (يا معشر) في نسخة: "يا معاشر". (إني) في نسخة: "أنا" "تقتلون" في

7 - باب ذكر قحطان

نسخة: "أتقتلون". (فصنع) أي: "بي" كما في نسخة: (وأدركني) في نسخة: "فأدركني". 7 - باب ذِكْرِ قَحْطَانَ (¬1) (باب: ذكر قحطان) هو أبو اليمان، سميت به القبيلة. 3517 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ، حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ، يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ". [7117 - مسلم: 2910 - فتح: 6/ 545] (عن أبي الغيث) هو سالم مولى عبد اللَّه بن مطيع بن الأسود. (رجل من قحطان) قيل: اسمه: جهجاه، كما مر. (يسوق الناس بعصاة) كناية عن تسخير الناس، واسترعائهم له كسوق الراعي الغنم بعصاه. ¬

_ (¬1) كذا في جميع النسخ المعتمد عليها حيث قدم الشارح بابي: (ابن أخت القوم، وقصة زمزم) المذكورين تحت رقمي (11، 14) فوضعه قبل باب (7). -وهي بعض نسخ الصحيح- اعتمد عليها الشارح في شرحه؛ لأن هذا التقديم والتأخير وقع للعيني في شرحه وأشار بقوله: كذا في نسختنا المعتمد عليها ووقع عند أبي ذر قبل (باب: قصة الحبش) (عمدة القارئ 13/ 142). فاقتضى ذلك أن تكون الأحاديث المرقمة في صحيح البخاري تحت رقم (3528 - 3522) متقدمة على حديث (3517) فنحن في ترتيب طبع الشرح راعينا ترتيب الشارح، وفي ترتيب ترقيم أحاديث صحيح البخاري راعينا ترتيب هذه الأحاديث وفقًا للنسخ المتداولة في صحيح البخاري.

8 - باب ما ينهى من دعوة الجاهلية

8 - بَابُ مَا يُنْهَى مِنْ دَعْوَةِ الجَاهِلِيَّةِ (باب: ما ينهى) أي: عنه. (من دعوة الجاهلية) في نسخة: "عن دعوة الجاهلية". 3518 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ، فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا، وَقَال الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَال المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ؟ ثُمَّ قَال: مَا شَأْنُهُمْ " فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ المُهَاجِرِيِّ الأَنْصَارِيَّ، قَال: فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ" وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا، لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَقَال عُمَرُ: أَلا نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الخَبِيثَ؟ لِعَبْدِ اللَّهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ". [4905، 4907 - مسلم: 2584 - فتح: 6/ 546] (محمد) ابن سلام. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (وقد ثاب) بالمثلثة، أي: اجتمع، أو رجع. (رجل) هو جهجاه بن قيس الغفاري. (لعَّاب) أي: مزَّاح. (فكسع أنصاريًّا) أي: ضربه بيده، أو بصدر قدمه على دبره، واسم الأنصاري سنان بن وبرة حليف بني سالم الخزرجي. (حتى تداعوا) بسكون الواو بصيغة الجمع، أي: استغاثوا بالقبائل يستنصرون بهم على عادة الجاهلية، وفي نسخة: "حتى تداعوا" بفتح الواو بصيغة التثنية، والمشهور: تداعيا بالياء. (يا للأنصار) بلام موصولة، وفي نسخة بلام مفصولة، وفي أخرى: بهمزة فلام مفصولة، واللام في الجميع مفتوحة وهي لام الاستغاثة، وكذا الكلام في يا للمهاجرين، نبّه على ذلك النووي، وقال: والصحيح بلام موصولة،

ومعناه: دعوى الأنصار أو المهاجرين، واستغيث بهم (¬1). (دعوها) أي: دعوى الجاهلية. (فإنها خبيثة) أي: قبيحة. (عبد اللَّه بن أبي) بتنوين الياء. (ابن سلول) برفعه صفة لعبد اللَّه، وسلول: أمه. (أقد) بهمزة الاستفهام. (تداعوا علينا) بفتح عين تداعوا أي: استغاث المهاجرون علينا. (لئن) بهمزة بعد اللام، في نسخة: "لين" بتحتية بدل الهمزة (ليخرجن الأعز) يريد نفسه. (منها الأذل) يريد النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - وأصحابه. (يا رسول اللَّه) في نسخة: "يا نبي اللَّه". (لعبد اللَّه) في نسخة: "يعني: عبد اللَّه" واللام متعلقة بـ (قال عمر) أي: قال لأجل عبد اللَّه، أو هي للبيان نحو: هيت لك. (أنه) يريد نفسه - صلى اللَّه عليه وسلم -. (يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه) تعليل لما قبله بتقدير لا تقتله؛ لئلا يتحدث الناس إلى آخره. 3519 - حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَعَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ". [انظر: 1294 - مسلم: 103 - فتح: 6/ 546] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (سفيان) أي: الثوري. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (مسروق) أي: ابن الأجدع. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود - رضي الله عنه - (وعن سفيان) أي: الثوري. (عن زبيد) أي: ابن الحارث بن عبد الكريم. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (ليس منا) أي: مقتديا بنا ولا مستننًا بِسُنَّتِنَا، ومرَّ الحديث في الجنائز (¬2). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 16/ 137. (¬2) سبق برقم (1294) كتاب: الجنائز، باب: ليس منا من شق الجيوب.

9 - باب قصة خزاعة

9 - بَابُ قِصَّةِ خُزَاعَةَ (باب: قصة خزاعة) هو عمرو بن ربيعة، سميت به القبيلة. 3520 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَبُو خُزَاعَةَ". [فتح: 6/ 547] (حدثنا إسحاق) في نسخة: "حدثني إسحاق". (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (عن أبي حصين) هو عثمان بن عاصم الأسدي. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. (لُحَيِّ) بالتصغير: اسمه ربيعة. (ابن قمعة) بفتح القاف وسكون الميم، وفي نسخة: بفتحهما وفي أخرى: بكسر القاف والميم مشددة. 3521 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، قَال: "البَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ وَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَالسَّائِبَةُ الَّتِي كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ". قَال: وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ". [4623 - مسلم: 2856 - فتح: 6/ 547] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (البحيرة) بفتح الموحدة وكسر المهملة (قُصْبَة) (¬1) أي: أمعاؤه. [10 - باب قِصَّةِ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ - رضي الله عنه -] [فتح: 6/ 549] 12 - بَابُ قِصَّةِ زَمْزَمَ وَجَهْلِ العَرَبِ (باب: قصة زمزم وجهل العرب) في نسخة: "باب جهل العرب" ¬

_ (¬1) في هامش (ج): بضم القاف وسكون المهملة: الأمعاء - برماوي.

13 - باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية

وهي الأنسب؛ لأنه لم يذكر فيه قصة زمزم مع أنها ذكرت فما مرَّ. 3524 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ العَرَبِ، فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلاثِينَ وَمِائَةٍ فِي سُورَةِ الأَنْعَامِ، {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 140] إِلَى قَوْلِهِ {قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام: 140]. [فتح: 6/ 551] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (أبو عوانة) هو الوضاح اليشكري (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (إلى قوله: ({قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}). فائدة: قوله: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} بعد قوله: {قَدْ ضَلُّوا}: التنبيه على أن الإنسان قد يضل ويعود إلى الاهتداء؛ فبين أنهم قد ضلوا ولم يحصل لهم بعده اهتداء. 13 - بَابُ مَنِ انْتَسَبَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإِسْلامِ وَالجَاهِلِيَّةِ وَقَال ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الكَرِيمَ، ابْنَ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ. [انظر: 3382، 3353] وَقَال البَرَاءُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ". [انظر: 2864] (باب: من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية) أي: بيان جواز ذلك الانتساب إلى الآباء إذا لم يكن على وجه المفاخرة والمشاجرة. (وقال ابن عمر) إلى آخر التعليقين في أولهما مطابقة للجزء الأول من الترجمة، وفي ثانيهما مطابقة للجزء الثاني منهما، وهما ساقطان من نسخة. 3525 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ

15 - باب قصة الحبش، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا بني أرفدة"

مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ" بِبُطُونِ قُرَيْشٍ. [انظر: 1394 - مسلم: 208 - فتح: 6/ 551] (لبطون من قريش) في نسخة: "لبطون قريش" وفي أخرى: "ببطون قريش" واللام والباء بمعنى: في. وهي متعلقة بـ (ينادي). 3526 - وَقَال لَنَا قَبِيصَةُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُمْ قَبَائِلَ قَبَائِلَ". [انظر: 1394 - مسلم: 208 - فتح: 6/ 551] (أخبرنا) في نسخة: "حدثنا" (سفيان) أي: الثوري. 3527 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا أُمَّ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، اشْتَرِيَا أَنْفُسَكُمَا مِنَ اللَّهِ لَا أَمْلِكُ لَكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلانِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمَا". [انظر: 2753 - مسلم: 206 - فتح: 6/ 551] (أبو الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن. 15 - باب قِصَّةِ الحَبَشِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يَا بَنِي أَرْفَدَةَ". (باب: قصة الحبش) كانوا باعتبار الأشخاص سبعة إخوة: السند، والزنج، والقبط، والحبش والنوبة، وكنعان) ثم سميت بها الجهات وباعتبار الجهات تسعة أنول: الدهلك، وناصع والزيلع، والكوكو، والقافور واللابة والقوماطين، ودرفلة، والقرنة. 3529 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، دَخَلَ عَلَيْهَا، وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُغَنِّيَانِ، وَتُدَفِّفَانِ،

16 - باب من أحب أن لا يسب نسبه

وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَال: "دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ". وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى. [انظر: 949 - مسلم: 892 - فتح: 6/ 553] (عن عقيل) بضم العين أي: ابن خالد الأيلي. (تدففان) في نسخة: "تغنيان وتدففان". (وتضربان) أي: بالدف وهو الكربال الذي لا جلاجل فيه. (فإنها) أي: أيام منى. (أيام عيد) أي: كأيام عيد في أنها أيام فرح وسرور. 3530 - وَقَالتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ [عمر] فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُمْ، أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ يَعْنِي مِنَ الأَمْنِ". [انظر: 454 - مسلم: 892 - فتح: 6/ 553] (دعهم) أي: اتركهم. (أمنا) أي: آمنين. (من الأمن) بيَّن به أن أمنا مأخوذ من الأمن الذي هو ضد الخوف لا من الإيمان، ومرَّ الحديث في باب: الحراب والدرق يوم العيد (¬1). 16 - بَابُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ لَا يُسَبَّ نَسَبُهُ (باب: من أحب أن لا يُسبَّ) أي: لا يُشْتَم. (نسبه) أي: أهل نَسبه. 3531 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ المُشْرِكِينَ قَال: "كَيْفَ بِنَسَبِي" فَقَال حَسَّانُ: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِينِ، وَعَنْ أَبِيهِ قَال: ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالتْ: "لَا تَسُبَّهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [4145، 6150 - مسلم: 2487، 2489 - فتح: 6/ 553] ¬

_ (¬1) سبق برقم (949) كتاب: العيدين، باب: الحراب والدرق يوم العيد.

17 - باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم

(حدثني) في نسخة: "حدثنا". (عبدة) أي: ابن سليمان. (كيف بنسبي) أي: كيف تهجوهم ونسبي يجتمع بنسبهم. (كما تسل الشعرة) في نسخة: "كما يُسل الشعر من العجين" أي: لأن الشعرة إذا سلَّت منه لا يعلق بها منه شيء ولا تنقطع؛ لنعومته. (وعن أبيه) أي: عن أبي هشام. (ينافح) أي: بمهملة يدافع. (أبو الهيثم) إلى آخره ساقط من نسخة، وأبو الهيثم: هو: الكشميهيني. 17 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ} [الفتح: 29] وَقَوْلِهِ {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]. (باب: ما جاء في أسماء رسول اللَّه) في نسخة: "في أسماء النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -" والفرق بين الاسم والمسمى والتسمية: أن الاسم: هو اللفظ الموضوع للذات. كلفظ زيد، والمسمى: هو الذات الموضوع له اللفظ كشخص زيد، والتسمية: وضع ذلك اللفظ للذات. (وقول اللَّه) مع قوله بعد وقوله: (من بعدي) بالجر عطف على ما جاء. 3532 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَال: حَدَّثَنِي مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ وَأَنَا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الكُفْرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا العَاقِبُ". [4896 - مسلم: 2354 - فتح: 6/ 554] (حدثنا إبراهيم) في نسخة: "حدثني إبراهيم". (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (معن) أي: ابن عيسى القزاز.

(لي خمسة أسماء) أي: مشهورة عند الأمم السابقة وإلا فله أكثر من الخمسة حتى قال ابن العربي في "الأحوذي": عن بعضهم أنه له ألف اسم كما في أسماء اللَّه تعالى (¬1). (أحمد) وفي نسخة: "وأنا أحمد). قال القاضي عياض: سمي به قبل محمد؛ لأنه وقع في الكتب السابقة، ومحمدًا في القرآن (¬2)، وعكس بعضهم (على قدمي) بتخفيف الياء وتشديدها أي: على أثري ويوافقه رواية (على عقبي) (¬3) والمعنى: أن الناس إنما يحشرون بعد حشره. (وأنا العاقب) أي: لأنه جاء عقب الأنبياء. 3533 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ". [فتح: 6/ 554] (سفيان) أي: ابن عيينة. (يشتمون) بكسر التحتية (¬4). (مذمما) بفتح الميم المشددة أراد به تعريضهم أياه بمذمم مكان محمد. (وأنا محمد) أي: كثير الخصال الحميدة، فمذمم ليس باسمه. ¬

_ (¬1) "عارضة الأحوذي" 10/ 281. (¬2) "كمال المعلم" 7/ 321، 322. (¬3) رواها مسلم (2354) كتاب: الفضائل، باب: في أسمائه، وأبو يعلى 13/ 389 (7395)، والبزار 8/ 339 - 340 (3413). (¬4) كذا في جميع النسخ: بكسر التحتية، ولعله بكسر الفوقية.

18 - باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم

18 - بَابُ خَاتِمِ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: خاتم النبيين - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي: آخرهم وجودا ونبوة، فلا ينافيه نزول عيسى بعده؛ لأنه كان موجودًا قبل وجود محمد. 3534 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلِي، وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا، فَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنَهَا إلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ وَيَقُولُونَ: لَوْلَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ". [مسلم: 2287 - فتح: 6/ 558] (سليم) بفتح السين وكسر اللام، وفي نسخة: "سليم بن حيان". (لبنة) بفتح اللام وكسر الموحدة ويجوز كسر اللام وسكون الموحدة: قطعة طين تعجن وتيبس ويبنى بها من غير إحراق فإن أحرقت سميت آجرة. (يدخلونها) أي: الدار. (لولا موضع اللبنة) بنصب (موضع) بمقدر أي: لولا تركك أيها الرجل موضعها خاليا لكان بناء البيت كاملًا وبرفعه على أنه مبتدأ وخبره محذوف وإن كان خاصا أي: لولا موضع اللبنة يوهم النقص لكان بناء البيت كاملًا فجواب (لولا) على التقديرين محذوف فهي امتناعية، ويجوز أن تكون تخضيضية وفعلها محذوف أي: لولا ترك، أو سوى موضع اللبنة كذا قال الكرماني (¬1) وهو صحيح في سوى لا في ترك، إذ ترك موضع اللبنة على حاله ليس بمطلوب، واستشكل التشبيه في الحديث: بأن المشبه به فيه واحد والمشبه متعدد. فكيف صح؟ وأجيب: بأن الأنبياء كلهم كواحد فيما قصد في التشبيه، وهو أن المقصود من بعثتهم. ما تم إلا باعتبار الكل كالدار لا تتم إلا بجميع اللبنات، أو أن التشبيه ليس من باب تشبيه ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 14/ 134.

19 - باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

المفرد بالمفرد بل تشبيه تمثيلي فيؤخذ وصف من جميع أحوال المشبه ويشبه بمثله من أحوال المشبه به فيقال: شبه الأنبياء وما بعثوا به من إرشاد الناس إلى مكارم الأخلاق ببيت أسس قواعده ورفع بناؤه وبقي منه موضع لبنة، فنبينا - صلى اللَّه عليه وسلم - بعث؛ لتتميم مكارم الأخلاق كأنه هو تلك اللبنة التي بها إصلاح ما بقي من البيت. 3535 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: إِنَّ " مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاويَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَال: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ". [مسلم: 2286 - فتح: 6/ 558] (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. (إن مثلي) إلى آخره مَرَّ آنفًا. 19 - بَابُ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: وفاة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) ساقط من نسخة وهي أولى إذ محله آخر المغازي. 3536 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تُوُفِّيَ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ"، وَقَال ابْنُ شِهَابٍ، وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ مِثْلَهُ. [4466 - مسلم: 2349 - فتح: 6/ 559] (وهو ابن ثلاث وستين) أي: سنة وقيل: ابن اثنتين وستين سنة ونصف، وقيل: ابن ستين (¬1)، وقيل: ابن خمس وستين (¬2)، (وأخبرني ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5900) كتاب: اللباس، باب: الجعد. (¬2) رواه مسلم (2353) كتاب: الفضائل، باب: كم أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة والمدينة.

20 - باب كنية النبي صلى الله عليه وسلم

سعيد مثله) أي: مثل ما أخبرني عروة فهو مرسل ويحتمل أن سعيدًا سمعه من عائشة - رضي اللَّه عنها - فيكون متصلا. 20 - بَابُ كُنْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: كنية النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) هي بضم الكاف: ما صُدِّر بأب وأم. 3537 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ، فَقَال رَجُلٌ: يَا أَبَا القَاسِمِ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي". [انظر: 2120 - مسلم: 2131 - فتح: 6/ 560] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (حميد) أي: الطويل. (ولا تكتنوا) بسكون الكاف وفتح التحتية (¬1)، وفي نسخة: "ولا تكنوا" بفتح الكاف والنون المشددة وحذف الفوقية. 3538 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي". [انظر: 3114 - مسلم: 2133 - فتح: 6/ 560] (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن سالم) أي: ابن أبي الجعد. 3539 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي". [انظر: 110 - مسلم: 2134 - فتح: 6/ 560] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أيوب) أي: السختياني والأحاديث الثلاثة مرت في كتاب البيع (¬2). ¬

_ (¬1) كذا في جميع النسخ المعتمد عليها، والصواب والله أعلم - وفتح الفوقية. (¬2) سبقت برقم (2120) كتاب: البيوع، باب: ما ذكر في الأسواق.

21 - باب

21 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. 3540 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَأَيْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، ابْنَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ، جَلْدًا مُعْتَدِلًا، فَقَال: قَدْ عَلِمْتُ: مَا مُتِّعْتُ بِهِ سَمْعِي وَبَصَرِي إلا بِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ خَالتِي ذَهَبَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي شَاكٍ، فَادْعُ اللَّهَ لَهُ، قَال: "فَدَعَا لِي". [انظر: 190 - مسلم: 2345 - فتح: 6/ 560] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (عن الجعيد) بالتصغير وقد يكبر. (جلدًا) بفتح الجيم وسكون اللام أي: قويًّا. (معتدلًا) أي: معتدل القامة. (سمعي) بدل من ضمير (به) (شاكٍ) أي: مريض فهو من الشكوى وهو المرض. (فادع اللَّه) أي: "له" كما في نسخة. 22 - باب خَاتِمِ النُّبُوَّةِ. (باب: خاتم النبوة) الذي كان بين كتفيه أي: باب بيان صفته. 3541 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنِ الجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، قَال: ذَهَبَتْ بِي خَالتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَقَعَ فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، وَتَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، "فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتِمٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ"، قَال: ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ "الحُجْلَةُ مِنْ حُجَلِ الفَرَسِ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ"، قَال: إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ". [انظر: 190 - مسلم: 2345 - فتح: 6/ 561] (حاتم) أي: ابن إسماعيل الحارثي. (وقع) بفتح القاف والعين، أي: في المرض، وفي نسخة: "وقع" بكسر القاف وتنوين العين، أي: أصابة وقع في قدميه، وفي أخرى: "وجع" (فمسح رأسي) قيل: كان مقدم رأسه أسود وهو موضع مسحه

23 - باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم

- صلى اللَّه عليه وسلم - وشاب ما سواه، ومرَّ الحديث في كتاب: الطهارة في باب: استعمال وضوء الناس (¬1) (ابن عبيد اللَّه) هو محمد شيخ البخاري. (الحجلة) بفتح المهملة والجيم، وبضم ثم فتح مأخوذة (من حجل الفرس) بالضبطين السابقين. (الذي بين عينيه) استبعد بأن التحجيل في القوائم لا في الوجه إذ الذي في الوجه غرة لا تحجيل، وأجيب: بأن منهم من يطلقه على ذلك مجازًا، واستشكل تفسير الحجلة من غير أن يسبق لها ذكر، وأجاب شيخنا: باحتمال أنه سقط منه شيء وهو مثل زر الحجلة (¬2). (قال) في نسخة: "وقال". (إبراهيم بن حمزة) هو شيخ البخاري أيضًا. (مثل زر الحجلة) هي بيت للعروس كالقبة تزين بالثياب والستور والأسرَّة ولها أزرار كبار، فالزر على هذا حقيقة وقال الترمذي: المراد بالحجلة: الطير المعروف وبزرِّها: بيضها (¬3). 23 - بَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: صفة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي: في خلقه وخلقه. 3542 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، قَال: صَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ العَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي، فَرَأَى الحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَقَال: بِأَبِي، شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لَا شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ " وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ. [3750 - فتح: 6/ 563] (أبو عاصم) هو الضحاك النبيل. ¬

_ (¬1) سبق برقم (190) كتاب: الوضوء، باب: استعمال فضل وضوء الناس. (¬2) انظر: "فتح الباري" 6/ 562. (¬3) "سنن الترمذي" 2/ 602 (3643).

3543 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ الحَسَنُ يُشْبِهُهُ". [3544 - مسلم: 2343 - فتح: 6/ 563] (زهير) أي: ابن معاوية الجعفي. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد الأحمسي. 3544 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلامُ يُشْبِهُهُ، قُلْتُ لِأَبِي جُحَيْفَةَ: صِفْهُ لِي، قَال: "كَانَ أَبْيَضَ، قَدْ شَمِطَ، وَأَمَرَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاثَ عَشْرَةَ قَلُوصًا، قَال: فَقُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ نَقْبِضَهَا". [انظر: 3543 - مسلم: 2343 - فتح: 6/ 564] (ابن فضيل) هو محمد بن فضيل بن غزوان. (أبا جحيفة) هو وهب بن عبد اللَّه. (قد شمط) بفتح المعجمة وكسر الميم أي: صار سواد شعره مخالطا البياض. (بثلاث عشرة) في نسخة: "بثلاثة عشر" والأولى هي المناسبة لقوله: (قلوصا) بفتح القاف: الأنثى من الإبل. 3545 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبٍ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ، قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَرَأَيْتُ بَيَاضًا مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى العَنْفَقَةَ". [مسلم: 2342 - فتح: 6/ 564] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد اللَّه السبيعي. (قال: رأيت النبي) في نسخة: "قال: رأيت رسول اللَّه". (ورأيت بياضا) أي: في شعره (من تحت شفته السفلى العنفقة) بالنصب بدل من (بياضا). 3546 - حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: أَرَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ شَيْخًا؟ قَال: "كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ

شَعَرَاتٌ بِيضٌ". [فتح: 6/ 564] (أرأيت) بهمزة الاستفهام. (النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) بالنصب مفعول أول لرأيت، ومفعوله الثاني: (أكان شيخا) ويجوز أن يكون (أرأيت) بمعنى: أخبرني والنبي مرفوع بالابتداء (وأكان شيخا) خبره بتأويل هل يقال فيه: كان شيخا. (شعرات بيض) جمع قلة فلا تزيد على عشرة. وقيل: كانت سبع عشرة (¬1)، وأُيِّدَ بقول أنس بعد: ليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء، ويردُّ بأنه لا يؤيده؛ لأنه مقيد بالعنفقة وذاك باللحية والرأس. 3547 - حَدَّثَنِي ابْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كَانَ رَبْعَةً مِنَ القَوْمِ لَيْسَ بِالطَّويلِ وَلَا بِالقَصِيرِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ، أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ، وَلَا سَبْطٍ رَجِلٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ" قَال رَبِيعَةُ: "فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ، فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ". [3548، 5900 - مسلم: 2347 - فتح: 6/ 564] (عن خالد) أي: ابن يزيد الجمحي. (كان ربعة) أي: مربوعا والتأنيث باعتبار النفس يقال: رجل ربعة وامرأة ربعة وكان - صلى الله عليه وسلم - ينسب إلى الربعة إذا مشى وحده وإلا فينسب إلى من ماشاه؛ لأنه كان إذا ماشا من ليس على طوله ساواه. (أزهر اللَّون) أي: أبيض مشربًا بالحمرة (ليس بأبيض أمهق) أي: ليس بأبيض شديد ¬

_ (¬1) رواه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" 7/ 276 (2730) وقال حديث حسن.

البياض ولفظ: (أمهق) ساقط من نسخة. (وليس بجعد) بسكون العين. (قطط) بكسر الطاء الأولى وفتحها، أي: ليس شديد الجعودة، قال الجوهري في مادة جعد: شعر جعد بيِّن الجعودة، وفي مادة قطط: جعد قطط شديد الجعودة (¬1) فيؤخذ منه أن (قطط) تأكيد للجعد. وقال: ابن الأثير في مادة جعد: جَعْدُ الشعر ضد السبط (¬2) أي: قطط: القطط الشديد الجعودة فيؤخذ منه (¬3) أن القطط ما أخص من الجعد. (ولا سبط) بكسر الموحدة وسكونها أي: ولا مسترسل بل متوسط بين الجعودة والسبوطة. (رجل) بكسر الجيم وسكونها وفتحها وبالرفع خبر مبتدإ محذوف، أي: بل هو رجل. (فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه) أي: الوحي قال الزركشي: هذا قول أنس والصحيح أنه أقام بمكة ثلاث عشرة؛ لأنه توفي وعمره ثلاث وستون سنة. (وليس في رأسه) في نسخة: "فقبض وليس في رأسه". 3548 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ بِالطَّويلِ البَائِنِ، وَلَا بِالقَصِيرِ، وَلَا بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ، وَلَيْسَ بِالْآدَمِ، وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ القَطَطِ، وَلَا بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، فَتَوَفَّاهُ اللَّهُ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ". [انظر: 2337 - فتح: 6/ 564] (البائن) أي: المفرط في الطول. (وليس بالآدم) أي: شديد السمرة. ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [جعد] 2/ 457، مادة [قطط] 3/ 1154. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 275. (¬3) "النهاية في غريب الحديث" 4/ 81.

3549 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا، لَيْسَ بِالطَّويلِ البَائِنِ، وَلَا بِالقَصِيرِ". [مسلم: 2337 - فتح: 6/ 564] (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد اللَّه السبيعي. (وأحسنه) في نسخة: "وأحسنهم" وهي أولى. 3550 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسًا هَلْ خَضَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال "لَا إِنَّمَا كَانَ شَيْءٌ فِي صُدْغَيْهِ". [5894، 5895 - مسلم: 2341 - فتح: 6/ 564] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (همام) أي: ابن يحيى بن دينار. (قال لا) نفي الصبغ هنا لا ينافي خبر "الصحيحين" عن ابن عمر: أنه رأى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - يصبغ بالصفرة (¬1)؛ لأن النفي في غالب الأوقات والإثبات في كل وقت، فكل من الراويين أخبر بما رأى. (في صدغيه) بضم الصاد، الصدغ: ما بين الأذن والعين، ويطلق على الشعر المتدلي من الرأس في ذلك الموضع. 3551 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَرْبُوعًا، بَعِيدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ، رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ" قَال يُوسُفُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ: "إِلَى مَنْكِبَيْهِ". [5848، 5901 - مسلم: 2337 - فتح: 6/ 565] (عن البراء بن عازب) لفظ (ابن عازب) ساقط من نسخة. (يبلغ أذنيه) بالتثنية، وفي نسخة: "يبلغ أذنه" بالإفراد. (رأيته في حلة) هي ¬

_ (¬1) سبق برقم (166) كتاب: الوضوء باب: غسل الرجلين في النعلين، ورواه مسلم (1187) كتاب: الحج، باب: الإهلال من حيث تنبعث الراحلة.

بضم الحاء إزار ورداء ولا يسمى حلة حتى يكون من ثوبين قاله الجوهري وغيره، وزاد في "القاموس" أو ثوب له بطانة ويمكن دخوله في الأول (¬1). (حمراء) أي: منسوجة بخطوط حمر مع السود كما في البرود اليمانية. (قال يوسف) في نسخة: "وقال يوسف". (عن أبيه) ذكر الأب مجاز؛ لأن يوسف إنما يروي عن جده أبي إسحاق لا عن أبيه إسحاق. 3552 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سُئِلَ البَرَاءُ أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَال: لَا بَلْ مِثْلَ القَمَرِ". [فتح: 6/ 565] (مثل السيف) أي: في الطول واللمعان. (قال: لا) أي: ليس هو مثل السيف. (بل مثل القمر) أي: في الحسن والملاحة والتدوير. 3553 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ، بِالْمَصِّيصَةِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ، قَال: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالهَاجِرَةِ إِلَى البَطْحَاءِ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ" قَال شُعْبَةُ وَزَادَ فِيهِ عَوْنٌ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَال: "كَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا المَرْأَةُ، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَال فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ المِسْكِ". [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح: 6/ 565] (بالمصيصة) بكسر الميم والصاد المشددة عقبها: مدينة بناها أبو جعفر المنصور على نهر جَيْحَان (¬2) (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (أبا جحيفة) هو وهب بن عبد اللَّه السوائي. (ورائها) أي: العنزة. (بها) في ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [حلل] ص 1673. (¬2) نهر بالمصيصة بالثغر الشامي ومخرجه من بلاد الروم ويمر حتى يصب بمدينة تعرف بكفَرَبْيَّا بإزاء المصيصة، انظر: "معجم البلدان" 2/ 196.

نسخة: "بهما". (فإذا هي أبرد من الثلج) لصحة مزاجه الشريف وسلامته من العلل. 3554 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ". [انظر: 6 - مسلم: 2308 - فتح: 6/ 565] (عبدان) هو عبد اللَّه بن عثمان بن جبلة المروزي. (حدثنا) في نسخة: "أخبرنا". (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. (كان النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) إلى آخره، مرَّ شرحه أول الكتاب (¬1). 3555 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا مَسْرُورًا، تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ: " أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ المُدْلِجِيُّ لِزَيْدٍ، وَأُسَامَةَ، وَرَأَى أَقْدَامَهُمَا: إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ مِنْ بَعْضٍ؟ ". [3731، 6770، 6771 - مسلم: 1451 - فتح: 6/ 565] (يحيى) أي: "ابن موسى" كما في نسخة: (عبد الرازق) أي: ابن همام. (ابن جريج) هو عبد الملك. (أسارير وجهه) أي: خطوطه التي بجبينه واحدها بكسر السين. (المدلجي) بضم الميم وسكون المهملة وكسر اللام اسمه: مجزز بميم مضمومة وجيم مفتوحة وزايين أولاهما مشددة مكسورة. (لزيد وأسامة) أي: فيهما. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6) كتاب: بدء الوحي.

3556 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ، قَال: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ". [انظر: 2757 - مسلم: 2769 - فتح: 6/ 565] (كأنه قطعة قمر) قيل: عدل عن تشبيه وجهه الشريف بالقمر إلى تشبيهه بقطعة قمر، لأن القمر فيه قطعة يظهر فيها سواد فلو شبهه بالجميع لدخلت هذه القطعة في المشبه به. 3557 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ، قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ القَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ". [فتح: 6/ 566] (عن عمرو) أي: ابن أبي عمرو: ميسرة مولى المطلب. (من خير قرون بني آدم) القرن ثمانون سنة وقيل: أربعون، وقيل: مائة وقيل: غير ذلك. (الذي كنت منه) في نسخة: "الذي كنت فيه". (يسدل شعره) بفتح التحتية وكسر الدال المهملة وحكي ضمها أي: يرخي شعر ناصيته على جبينه. 3558 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ، وَكَانَ المُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، فَكَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ". [3558، 3944، 5917 - مسلم: 2336 - فتح: 6/ 566] (وكان المشركون يفرقون) بضم الراء وكسرها، أي: يرخون. (رءوسهم) أي: شعرها إلى جانبيها ولا يتركون منه شيئًا على جبتهم.

(ثم فرق رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - رأسه) أي: أرخى شعره إلى جانبيه فلم يترك منه شيئًا على جبهته بعد ما أسدل لأمر أُمر به. 3559 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ: "إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا". [3759، 6029، 6035 - مسلم: 2321 - فتح: 6/ 566] (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون السكري. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي وائل) بالهمز: شقيق بن سلمة. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (فاحشا) أي: ناطقا بالفحش. (ولا متفحشا) أي: متكلفًا للفحش (إن من خياركم أحسنكم أخلاقا) حسن الخلق: اختيار الفضائل واجتناب الرذائل. 3560 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: "مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا". [6126، 6786، 6853 - مسلم: 2327 - فتح: 6/ 566] (أيسرهما) أي: أسهلهما. (إلا أن تنتهك حرمة اللَّه) انتهاكها: ارتكاب ما حرمه اللَّه. 3561 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1973 - مسلم: 2330 - فتح: 6/ 566] (حماد) أي: ابن زيد.

(ما مسست) بكسر المهملة الأولى وفتحها وسكون الثانية. (حريرا ولا ديباجا) هو بكسر الدال وقد تفتح: الثياب المتخذة من الإبريسم قاله ابن الأثير (¬1) وغيره فالعطف فيه من عطف الخاص على العام. (ألين من كف رسول اللَّه) لا ينافيه خبر الترمذي إنه كان شثْن الكفين والقدمين (¬2) أي: غليظهما في خشونة، لأن المراد اللين في الجلد والغلظ في العظام فيكون قوي البدن ناعمه. (ولا شممت) بكسر الميم الأولى وفتحها وسكون الثانية. (أو عرفا) بفتح العين وسكون الراء أي: ريحًا وهو شك الراوي. 3562 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا". [6102، 6119 - مسلم: 2320 - فتح: 6/ 566] حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ مِثْلَهُ، وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ. (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (من العذراء) بذال معجمة، أي: البكر، لأن عذرتها وهي جلدة البكارة باقية. (في خدرها) بكسر المعجمة وسكون المهملة، أي: في سترها الذي يكون بجنب البيت. ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 2/ 97. (¬2) "سنن الترمذي" (3637) كتاب: المناقب، باب: ما جاء في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -. والحديث عن علي قال: لم يكن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بالطويل، ولا بالقصير شثن الكفين والقدمين ضخم الرأس ... ، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

(حدثني محمد) في نسخة: "حدثنا محمد". (يحيى) أي: القطان. (ابن مهدي) هو عبد الرحمن. 3563 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "مَا عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ". (حدثني علي) في نسخة: "حدثنا علي". (عن أبي حازم) هو سلمان الأشجعي. (ما عاب) إلى آخره؛ نعم إن كان حراما عابه وذمه ونهى عنه، وأما قوله في الضب: "فأجدني أعافه" (¬1) فبيان لكراهيته له لا بيان عيبه. 3564 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَسْدِيِّ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى نَرَى إِبْطَيْهِ"، قَال: وَقَال ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. [انظر: 390 - مسلم: 495 - فتح: 6/ 567] (الأسدي) بسكون السين لأنه من الأزد أي: أزد شنوءة فأبدلت الزاي سينا، ومن ظنه بالفتح حتى غلط البخاري فهو الغالط. (وقال ابن بكير) هو يحيى بن عبد اللَّه بن بكير. 3565 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُمْ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إلا فِي الاسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. [انظر: 1030 - مسلم: 895 - فتح: 6/ 567] (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (كان لا يرفع يديه) إلى آخره مرّ في الاستسقاء وغيره (¬2). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5400) كتاب: الأطعمة، باب: الشواء. (¬2) سبق برقم (1031) كتاب: الاستسقاء، باب: رفع الإمام يده في الاستقاء.

3566 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَال: سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ أَبِي جُحَيْفَةَ، ذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ، قَال: دُفِعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالأَبْطَحِ فِي قُبَّةٍ كَانَ بِالهَاجِرَةِ، خَرَجَ بِلالٌ فَنَادَى بِالصَّلاةِ ثُمَّ دَخَلَ، فَأَخْرَجَ فَضْلَ وَضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَأْخُذُونَ مِنْهُ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ العَنَزَةَ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ سَاقَيْهِ، فَرَكَزَ العَنَزَةَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الحِمَارُ وَالمَرْأَةُ". [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح: 6/ 567] (محمد بن سابق) هو شيخ البخاري روى عنه هنا بواسطة. (رفعت إلى النبي) بالبناء للمفعول يعني: وصلت إليه من غير قصد، ومرَّ الحديث في الوضوء في باب: استعمال فضل وضوء الناس (¬1). 3567 - حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ البَّزَّارُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ "يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ العَادُّ لَأَحْصَاهُ". [3568 - مسلم: 2493 - فتح: 6/ 567] (سفيان) أي: ابن عيينة. (لأحصاه) أي: لأطاق عده. 3568 - وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالتْ: "أَلا يُعْجِبُكَ أَبُو فُلانٍ، جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُسْمِعُنِي ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ". [انظر: 3567 - مسلم: 2493 - فتح: 6/ 567] (أبو فلان) هو أبو هريرة كما مرَّ في مسلم (¬2)، وفي نسخة: "أبا ¬

_ (¬1) سبق برقم (190) كتاب: الوضوء، باب: استعمال فضل وضوء الناس. (¬2) "صحيح مسلم" (2493) كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي هريرة. والحديث عن عائشة قالت: ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جنب حجرتي ...

24 - باب كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه

هريرة" على لغة قليلة في الأسماء الستة. (وكنت أسبح) أي: أصلي نافلة. (يحدث عن رسول اللَّه) أي: يسرك حديثه. 24 - بَابُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 7281] 3569 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَيْفَ كَانَتْ صَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟ قَالتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَال: "تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي". [انظر: 1147 - مسلم: 738 - فتح: 6/ 579] (باب: كان النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه) أي: ليعي الوحي إذا أوحي إليه في منامه، وفي نسخة: "تنام عيناه" أي: أتنام، ومرَّ الحديث في التهجد في باب: قيام النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (¬1). 3570 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُنَا عَنْ " لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ: جَاءَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَال أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَال أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، وَقَال آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ. فَكَانَتْ تِلْكَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَتَوَلَّاهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ". [4964، 5610، 6581، 7517 - مسلم 1624 - فتح: 6/ 579] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1147) كتاب: التهجد، باب: قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان وغيره.

25 - باب علامات النبوة في الإسلام

(إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو عبد الحميد. (سليمان) أي: ابن بلال. (جاءه ثلاثة نفر) قيل: هم جبريل وميكائيل وإسرافيل (قبل أن يوحى إليه) يعني: جاءه النفر قبل أن يوحى إليه بما يتعلق بالإسراء لا قبل مطلق الوحي، إذ الإسراء كان بعده بلا ريب، وهذا التأويل أولى من القول بأن ذكر قبل أن يوحى إليه، غلط من شريك انفرد به وليس بحافظ. (وهو نائم) أي: بين اثنين حمزة وجعفر. (فكانت) أي: القصة (تلك) أي: الحكاية بلا زيادة. (والنبي - صلى اللَّه عليه وسلم - نائمة عيناه ولا ينام قلبه) تمسك به من قال: إن الإسراء رؤيا منام ولا حجة له فيه لأنا إن قلنا بتعدد القصة فذاك أو باتحادها؛ فيقال: كان ذلك حاله أول وصول الملك إليه وليس في الحديث ما يدل على كونه نائما في القصة كلها مع أنه قيل: إن رواية شريك (أنه كان نائمًا) زيادة مجهولة. 25 - بَابُ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلامِ [باب: علامات النبوة في الإسلام] أي: من حين المبعث دون ما وقع منها قبل، وعبر بالعلامات؛ ليشمل المعجزة والكرامة. 3571 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ، سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ، قَال: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ، فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ عَرَّسُوا، فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ لَا يُوقَظُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنَامِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ، فَقَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ وَصَلَّى بِنَا الغَدَاةَ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: "يَا فُلانُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا" قَال: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَأَمَرَهُ

أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، ثُمَّ صَلَّى، وَجَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ، إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ، فَقُلْنَا لَهَا: أَيْنَ المَاءُ؟ فَقَالتْ: إِنَّهُ لَا مَاءَ، فَقُلْنَا: كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ المَاءِ؟ قَالتْ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَقُلْنَا: انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: وَمَا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الَّذِي حَدَّثَتْنَا، غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ، فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا، فَمَسَحَ فِي العَزْلاوَيْنِ، فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حَتَّى رَوينَا، فَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا، وَهِيَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنَ المِلْءِ، ثُمَّ قَال: "هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ" فَجُمِعَ لَهَا مِنَ الكِسَرِ وَالتَّمْرِ، حَتَّى أَتَتْ أَهْلَهَا، قَالتْ: لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ، أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَمَا زَعَمُوا، فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ المَرْأَةِ، فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا. [انظر: 344 - مسلم: 682 - فتح: 6/ 580] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (أبا رجاء) هو عمران بن ملحان. (فأدلجوا) بهمزة قطع مفتوحة وسكون المهملة. من الإدلاج وهو السير أول الليل، ويقال: بهمزة وصل وتشديد الدال من الادِّلاج: وهو السير آخر الليل. وظاهر الحديث: أنه استعمل اللفظ في جميع الليل بقرينة قوله: (حتى إذا كان وجه الصبح) في نسخة: "في وجه الصبح". (عرسوا) أي: نزعوا للاستراحة. (لا يوقظ) بالبناء للمفعول. (فجعل يكبر) أي: أبو بكر، ومرَّ في التيمم أن عمر هو الذي كئر ورفع صوته حتى استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ولا منافاة إذ لا يمتنع أن كلًّا منهما فعل ذلك. (فنزل) أي: بعد ما ارتحل وسار غير بعيد. (فاعتزل رجل) هو عمران. (وجعلني) ¬

_ (¬1) سبق برقم (334) كتاب: التيمم.

قيل: صوابه عجلني أي: أمرني بالتعجيل. (في ركوب) بفتح الراء: ما يركب من الدواب فعول بمعنى: مفعول وبضمها، جمع راكب كشاهد وشهود. (سادلة رجليها) أي: مرخيتهما. (مزادتين) تثنية مزادة بفتح الميم: الراوية (¬1) وسميت بها؛ لأنه يزاد فيها جلد آخر من غيرها. (قالت: وما رسول اللَّه) في نسخة: "فقالت: وما رسول اللَّه". (مُؤتمة) بميم مضمومة فهمزة ساكنة ففوقية مكسورة، أي: ذات أيتام. (فمسح بالعزلاوين) في نسخة: "فمسح في العزلاوين" تثنية عزلاء بسكون الزاي والمدِّ: فم المزادة الأسفل. (عِطاشًا) حال. (أربعين) بالنصب عطف بيان لـ (عِطاشًا)، وفي نسخة: "أربعون" بالرفع خبر مبتدإِ محذوف، أي: ونحن أربعون. (وإداوة) بكسر الهمزة وتخفيف المهملة: تتخذ لنزح الماء في الرَّوايا ونحوها. (غير أنه) أي: الشأن. (لم نسق بعيرا) أي: لأن الإبل تصبر عن الماء. (تنض) بنون مكسورة فمعجمة مشددة، وفي نسخة: "تنصب" بنون ساكنة فمهملة مفتوحة فموحدة، مشددة، وفي أخرى: "تبيض" بموحدة مكسورة فمعجمة مشددة والثلاثة بمعنى: تسيل، وفي أخرى: "تبص" بموحدة مكسورة فمهملة مشددة من البصيص: وهو البريق واللمعان، وفي نسخٍ غير ذلك، قيل: والصواب: تنفرج أي: تنشق من الانفراج، كذا رواه مسلم (¬2). (من الملء) أي: من أجله. (قال: هاتوا ما عندكم) قاله: تطيبا لخاطرها في مقابلة حبسها في ذلك الوقت عن المسير إلى قومها لا أنه عوض عن ¬

_ (¬1) الراوية: المزادة فيها الماء. (¬2) انظر: "صحيح مسلم" (682) كتاب: المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها.

مائها لأنه باق. (من الكسر) بكسر الكاف وفتح المهملة. (ذاك) في نسخة: "ذلك". (الصرم) بكسر المهملة وسكون الراء: الجماعة ينزلون بإبلهم ناحية على الماء، ومرَّ شرح الحديث في التيمم في باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم (¬1). 3572 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ، وَهُوَ بِالزَّوْرَاءِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، "فَجَعَلَ المَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ القَوْمُ" قَال قَتَادَةُ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَال: ثَلاثَ مِائَةٍ، أَوْ زُهَاءَ ثَلاثِ مِائَةٍ. (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (ابن أبي عدي) هو محمد. (عن سعيد) أي: ابن أبي عروبة (بالزوراء) بالمد: موضع بسوق المدينة (¬2). 3573 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتْ صَلاةُ العَصْرِ، فَالْتُمِسَ الوَضُوءُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ، فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ، "فَرَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ". [انظر: 169 - مسلم: 2279 - فتح: 6/ 580] (ينبع) بتثليث الموحدة. (أو زهاء) بضم الزاي والمد أي: قدر. (من تحت) في نسخة: "من بين" ومر الحديث في الطهارة في باب التماس الناس الوَضوء (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (344) كتاب: التيمم، باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 3/ 156. (¬3) سبق برقم (169) كتاب: الوضوء، باب: التماس الوضوء إذا حانت الصلاة.

3574 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُبَارَكٍ، حَدَّثَنَا حَزْمٌ، قَال: سَمِعْتُ الحَسَنَ، قَال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَخَارِجِهِ، وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَانْطَلَقُوا يَسِيرُونَ، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً يَتَوَضَّئُونَ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَجَاءَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَدَّ أَصَابِعَهُ الأَرْبَعَ عَلَى القَدَحِ ثُمَّ قَال: "قُومُوا فَتَوَضَّئُوا" فَتَوَضَّأَ القَوْمُ حَتَّى بَلَغُوا فِيمَا يُرِيدُونَ مِنَ الوَضُوءِ، وَكَانُوا سَبْعِينَ أَوْ نَحْوَهُ". [انظر: 169 - مسلم: 2279 - فتح: 6/ 581] (حزم) أي: ابن مهران. (فانطلق رجل) هو أنس. (الأربع) في نسخة: "الأربعة". 3575 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ مِنَ المَسْجِدِ يَتَوَضَّأُ، وَبَقِيَ قَوْمٌ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، "فَوَضَعَ كَفَّهُ، فَصَغُرَ المِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَضَمَّ أَصَابِعَهُ فَوَضَعَهَا فِي المِخْضَبِ فَتَوَضَّأَ القَوْمُ كُلُّهُمْ جَمِيعًا" قُلْتُ: كَمْ كَانُوا؟ قَال: ثَمَانُونَ رَجُلًا. [انظر: 169 - مسلم: 2279 - فتح: 6/ 581] (يزيد) أي: ابن هارون بن زاذان الواسطي. (حميد) أي: الطويل. (يتوضأ) في نسخة: "فتوضأ". (بمخضب) بكسر الميم وسكون المعجمة: هو الركن ويسمى الإجانة. (ثمانون) بالرفع خبر مبتدإِ محذوف، أي: هم ثمانون، وفي نسخة: "ثمانين" بالنصب خبر كان مقدرة. 3576 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ، فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَال: "مَا لَكُمْ؟ " قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلَا نَشْرَبُ إلا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، كَأَمْثَالِ العُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا

قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَال: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. [4152، 4153، 4154، 4840، 5639 - مسلم: 1856 - فتح: 6/ 581] (حصين) بالتصغير، أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (ركوة) بتثليث الراء: إناء صغير من جلد يشرب فيه. (فجهش الناس) بفتح الهاء وكسرها، وفي نسخة: "جهش" بحذف الفاء أي: أسرعوا؛ إلى الماء متهيئين لأخذه. (فقال: مالكم) في نسخة: "قال: ما لكم". (يثور) بمثلثة، وفي نسخة. "يفور" بالفاء موضع الثاء. 3577 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَالحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، فَنَزَحْنَاهَا، حَتَّى لَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَفِيرِ البِئْرِ "فَدَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَجَّ فِي البِئْرِ" فَمَكَثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ اسْتَقَيْنَا حَتَّى رَوينَا، وَرَوَتْ، أَوْ صَدَرَتْ رَكَائِبُنَا. [4150، 4151 - فتح: 6/ 581] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد اللَّه السبيعي. (أربع عشرة مائة) في رواية: "خمس عشرة مائة" (¬1)، وفي أخرى: "ألفا وأربعمائة، أو أكثر" (¬2)، وفي أخرى: "ألفا وثلاثمائة" (¬3) وجمع بينهما بأنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، فمن عبر بالثانية حسب الكسر ومن عبر بالأولى ألغاه، ومن عبر بالثالثة جرى على الواقع ومن عبر بالرابعة جرى على ما اطلع عليه، وغيره اطلع على زيادة لم يطلع هو عليها وزيادة الثقة مقبولة. (والحديبية بئر) قيل: سميت بذلك بشجرة حدباء كانت ثم (فنزحناها) أي: استقينا ماءها. (على ¬

_ (¬1) انظر: الحديث السالف. (¬2) سيأتي برقم (4155) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية. (¬3) سيأتي برقم (4151) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية.

شفير بئر) أي: شفتها. (فمكثنا) بفتح الكاف وضمها. (حتى روينا) بكسر الواو. (وروت) في نسخة: "ورويت". (أو صدرت) أي: رجعت. (ركائبنا) بفتح الراء وبتحتية بعد الألف، وفي نسخة: "رِكابنا" بكسر الراء وحذف التحتية، أي: إبلنا التي نركبها. 3578 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَال أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلاثَتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ، وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ" فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "بِطَعَامٍ" فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَعَهُ: "قُومُوا" فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ؟ فَقَالتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا عِنْدَكِ" فَأَتَتْ بِذَلِكَ الخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَكَلَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا". [انظر: 422 - مسلم: 2040 - فتح: 6/ 586] (أبو طلحة) هو زيد بن سهل الأنصاري. (ولا ثتني) أي: لفتني. (ببعضه) أي: الخمار، والحاصل: أنها لفت بعضه على إبطه وبعضه

على رأسه. (قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لمن معه: قوموا). قاله لهم لما فهمه أن أبا طلحة استدعاه إلى منزله كما هو الموجود في روايات لكن أول الكلام يقتضي أنَّ أبا طلحة وأم سليم أرسلا الخبز مع أنس إليه؛ ليأكله، وأجيب: بأن أنسا لما وصل ورأى كثرة الناس استحيى، وظهر له أن يدعو النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -؛ ليقوم معه وحده إلى المنزل فيحصل المقصود من إطعامه، أو بأن من أرسله عهد إليه إذا رأى كثرة الناس أن يستدعي النبي وحده خشية أن لا يكفيهم ذلك الطعام، وقد عرفوا إيثار النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأنه لا يأكل وحده. (وعصرت أم سليم عكة) فيها سمن وهي بضم المهملة وتشديد الكاف: إناء من جلد يجعل فيه السمن والعسل. (فآدمته) بالمد أي: جعلته إدامًا. (ما شاء اللَّه أن يقول) في رواية: "قال: بسم اللَّه" (¬1)، وفي أخرى: "قال: بسم الله اللهم أعظم فيها البركة" (¬2). وفي أخرى: "فمسحها ودعا فيها بالبركة" (¬3). (سبعون) في نسخة "سبعون رجلًا". 3579 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ بَرَكَةً، وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْويفًا، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَقَلَّ المَاءُ، فَقَال: "اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ" فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ قَال: "حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ المُبَارَكِ، وَالبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ" فَلَقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ. [فتح: 6/ 587] ¬

_ (¬1) رواه مسلم (2040) كتاب: الأشربة، باب: جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك. (¬2) رواه أحمد 3/ 242. (¬3) رواه مسلم (2040) كتاب: الأشربة، باب: جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك ...

(حدثني) في نسخة: "حدثنا". (أبو أحمد) هو محمد بن عبد اللَّه. (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس بن عبد اللَّه الكوفي. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (كنا نعد الآيات بركة). لظاهر نحو: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (وأنتم تعدونها تخويفا) ككسوف الشمس والقمر؛ لظاهر قوله: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إلا تَخْويفًا}. أي: من نزول العذاب العاجل. (اطلبوا فضلة من ماء) ذكره لئلا يظن أنه الموجد للماء. (حيَّ) أي: هلم وأقبل. (على الطهور) بفتح الطاء أشهر من ضمها، أي: الماء. 3580 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، قَال: حَدَّثَنِي عَامِرٌ، قَال: حَدَّثَنِي جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ أَبِي تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَلَيْسَ عِنْدِي إلا مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ، وَلَا يَبْلُغُ مَا يُخْرِجُ سِنِينَ مَا عَلَيْهِ، فَانْطَلِقْ مَعِي لِكَيْ لَا يُفْحِشَ عَلَيَّ الغُرَمَاءُ، فَمَشَى حَوْلَ بَيْدَرٍ مِنْ بَيَادِرِ التَّمْرِ فَدَعَا، ثَمَّ آخَرَ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، فَقَال: "انْزِعُوهُ" فَأَوْفَاهُمُ الَّذِي لَهُمْ وَبَقِيَ مِثْلُ مَا أَعْطَاهُمْ. [انظر: 2127 - فتح: 6/ 587] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (زكريا) أي: ابن زائدة. (عامر) هو الشعبي. (حول بيدر) البيدر: هو الموضع الذي يداس فيه الطعام. (انزعوه) أي: من البيدر، ومرَّ الحديث في الاستقراض وغيره (¬1). 3581 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال مَرَّةً: "مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2395) كتاب: الاستقراض، باب: إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز.

وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ" أَوْ كَمَا قَال: وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاثَةٍ، وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ ثَلاثَةً، قَال: فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي، وَلَا أَدْرِي هَلْ قَال: امْرَأَتِي وَخَادِمِي، بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى العِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ ضَيْفِكَ؟، قَال: أَوَعَشَّيْتِهِمْ؟ قَالتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ، فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ، فَقَال يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَال: كُلُوا، وَقَال: لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا، قَال: وَايْمُ اللَّهِ، مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنَ اللُّقْمَةِ إلا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ، فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ، قَال لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ، قَالتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ بِثَلاثِ مَرَّاتٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَال: إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ، يَعْنِي يَمِينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ، قَال: أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ، أَوْ كَمَا قَال. [انظر: 602 - مسلم: 2057 - فتح: 6/ 587] (وإن أبا بكر جاء بثلاثة) أي: زائدة على أربعة؛ لأنه كان عنده طعام أربعة وكأنه أخذه سابقًا زائدًا على ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس، أو سادس) لإرادة أن يؤثره بنصيبه؛ لكونه لم يأكل معهم. (وأبو بكر ثلاثة) بالنصب بأَخَذَ مقدرًا، وليس هذا تكرارا مع ما قبله؛ لأن الغرض من ذاك الإخبار بأن أبا بكر كان من المكثرين ممن عنده طعام أربعة فأكثر ومن هذا بيان سوق الكلام على ترتيب القصة من أن أخذ أبي بكر الثلاثة الزائدة على الأربعة كان بعد انظلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعشرة. (قال) أي: عبد الرحمن بن

أبي بكر. (فهو) أي: الشأن. (أنا وأبي وأمي) أي: في الدار، والغرض منه: بيان أن في داره هؤلاء فلا بد أن يكون عنده طعام يكفيهم مع الأضياف. (ولا أدري) مقول أبي عثمان. (وخادمي) في نسخة: "وخادم" أي: مشترك. (بين بيتنا وبين بيت أبي بكر) فبين ظرف للخادم، أو للمقدر. (عن) في نسخة: "من". (أو عشيتهم) في نسخة: "أَوَ ما عشيتهم". (قالت: أبوا) أي: امتنعوا من الأكل. (قد عرضوا) أي: الخدم (يا غنثر) بضم المعجمة وفتح المثلثة؛ أي: يا جاهل، أو يا لئيم. (فجدع) بتشديد المهملة أي: دعا على بالجدع: وهو قطع الأنف. (وسب) أي: شتم. (فنظر أبو بكر) أي: إليها. (فإذا شيء) أي: فإذا هو شيء كما كان. (قال) في نسخة: "فقال". (يا أخت بني فراس) هو بكسر الفاء، أي: ابن غنم ابن مالك بن كنانة. (لا وقرة عيني) - صلى الله عليه وسلم -، و (لا) زائدة، أو نافية لمقدر، أي: لا شيء غير ما أقول. (هي) أي: الأطعمة. (أكثر) بمثلثة. (بثلاث مرات) في نسخة: "ثلاث مرار". (إنما كان الشيطان يعني: يمينه) أي: حاملا له على يمينه، وفي رواية مسلم (¬1) "إنما كان ذلك من الشيطان يعني: يمينه" وهو أوضح. (ثمَّ أكل منها لقمة) أي: ليرغم الشيطان بالحث الذي هو خير لما فيه من إكرام الأضياف؛ ولكونه أقدر على الكفارة منهم. (عهد) أي: عهد مهادنة. (فتعرفنا اثنا عشر رجلا) بالألف على لغة من يجعل المثنى مقصورًا في أحواله الثلاثة (¬2) أي: جعلناهم عرفاء، وفي نسخة: "فتفرقنا اثني عشر" ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2057) كتاب: الأشربة، باب: إكرام الضيف وفضل إيثاره. (¬2) وتسمى لغة العصر.

بفاء بدل العين وقاف بدل الفاء وبباء بدل الألف على اللغة المشهورة، وفي أخرى: "ففرقنا" بفتح القاف، أي: النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. (غير أنه) أي: النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (بعث معهم) أي: نصيب أصحابهم من تلك الأطعمة (قال) أي: عبد الرحمن. (أو كما قال) شك من أبي عثمان، ومرَّ الحديث في كتاب: الصلاة، في باب: السمر مع الأهل والضيف (¬1) (قال البخاري وغيره، يقول فعرفنا من العرافة) ساقط من نسخة، والعريف هو: الذي يعرِّف الإمام أحوال العسكر. 3582 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ يُونُسَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَصَابَ أَهْلَ المَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الكُرَاعُ، هَلَكَتِ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا، "فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا"، قَال أَنَسٌ: وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ، فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا، ثُمَّ اجْتَمَعَ ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ المَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ، فَقَال يَا رَسُولَ اللَّهِ: تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ قَال: "حَوَاليْنَا وَلَا عَلَيْنَا" فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ المَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 6/ 588] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (حماد) أي: ابن زيد، (عن عبد العزيز) أي: ابن صهيب (وعن يونس) أي: ورواه حماد، عن يونس بن عبيد. (عن ثابت) أي: البناني (قحط) أي: جدب من حبس المطر. (إذ قام رجل) قيل: هو خارجة بن حصين الفزاري. (الكراع) بضم الكاف ¬

_ (¬1) سبق برقم (602) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: السمر مع الضيف والأهل.

أي: الخيل. (الشاء) جمع شاة. (كمثل الزجاجة) أي: في الصفاء (عزاليها) جمع عزلاء بالمد (¬1): وهي فم المزادة الأسفل كما مرَّ (¬2) (نمطر) بالبناء للمفعول. (تصدَّع) بصيغة الماضي أي: تفرق، وفي نسخة: "تصَّدَّع" بصيغة المضارع على حذف إحدى التاءين (إكليل) هو: التاج والعصابة وكل ما احتفَّ بشيء من جوانبه يسمى إكليلا ذكره ابن الأثير وغيره (¬3)، ومرَّ الحديث في الاستسقاء (¬4). 3583 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ وَاسْمُهُ عُمَرُ بْنُ العَلاءِ، أَخُو أَبِي عَمْرِو بْنِ العَلاءِ، قَال: سَمِعْتُ نَافِعًا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ المِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَحَنَّ الجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ " وَقَال عَبْدُ الحَمِيدِ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ العَلاءِ، عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا، وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح: 6/ 601] (إلى جذع) أي: كان يخطب مستندًا إلى جذع نخلة. (عبد الحميد) هو عبد بن حميد بحذف الحميد تخفيفًا. (أبو عاصم) هو النبيل. (عن ابن أبي رواد) هو ميمون المروزي. 3584 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ ¬

_ (¬1) في هامش (ج): عزلاء بكسر المهملة كصحراء وصحاري. (¬2) سبق برقم (932) كتاب: الجمعة، باب: رفع اليدين في الخطبة. (¬3) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 4/ 197. (¬4) سبق برقم (1013) كتاب: الاستسقاء، باب: الاستسقاء في المسجد الجامع.

أَوْ نَخْلَةٍ، فَقَالتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، أَوْ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَال: "إِنْ شِئْتُمْ"، فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى المِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ. قَال: "كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا". [انظر: 449 - فتح: 6/ 601] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (فجعلوا له منبرا) جاعله اسمه: باقوم بميم، أو لام في آخره. وقيل: مينا، وقيل: إبراهيم، وقيل: كلاب، وقيل: صباح. (يوم الجمعة) بالرفع بكان على أنها تامة، وبالنصب على الظرفية، واسمها ضمير الشأن وخبرها جملة. (دفع إلى المنبر) بضم الدال، وفي نسخة: "رفع" براء. (فضمه) أي: الجذع، وفي نسخة: "فضمها" أي: النخلة. (نسكن) بنون عن التسكين، ومرَّ الحديث في البيع، في باب: النجار. (¬1) 3585 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "كَانَ المَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ المِنْبَرُ وَكَانَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ العِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ". [انظر: 449 - فتح: 6/ 602] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس (أخي) هو أبو بكر عبد الحميد. (وكان عليه) في نسخة: "فكان عليه". (العشار) بكسر العين جمع عشراء وهي: الناقة التي أتت عليها من يوم أرسل فيها الفحل عشرة أشهر، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الجمعة (¬2) (ابن أبي عدي) هو محمد بن ¬

_ (¬1) سبق برقم (2095) كتاب: البيوع، باب: النجار. (¬2) سبق برقم (918) كتاب: الجمعة، باب: الخطبة على المنبر.

إبراهيم بن أبي عدي. 3586 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، ح حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفِتْنَةِ؟ فَقَال حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَال، قَال: هَاتِ، إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ"، قَال: لَيْسَتْ هَذِهِ، وَلَكِنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ، قَال: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَال: يُفْتَحُ البَابُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَال: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَال: ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَقَ، قُلْنَا: عَلِمَ عُمَرُ البَابَ؟ قَال: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ، وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَال: مَنِ البَابُ؟، قَال: عُمَرُ. [انظر: 525 - مسلم: 144 - فتح: 6/ 653] (حدثني) في نسخة: "وحدثنا". (محمد) أي: ابن جعفر غندر (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (أبا وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن حذيفة) أي: ابن اليمان. (كما قال) بزيادة الكاف للتأكيد (هات) بكسر التاء أي: أعطني (فتنة الرجل في أهله أو ماله أو جاره) أي: بالميل إلى كل منها، أو عليه. (تكفرها) أي: إذا كانت صغيرة. (قال: ليست هذه) أي: أريد. (تموج كموج البحر) أي: تضطرب كاضطرابه عند هيجانه. (إن بينك وبينها بابًا مغلقًا) أي: لا يخرج منها شيء في حياتك. (قال: ذاك أحرى) أي: أحق أن لا يغلق وإنما قال ذلك؛ لأن العادة أن الغلق إنما

يقع في الصحيح، فأما ما انكسر فلا يتصور غلقه حتى يجبر (ليس بالأغاليط) جمع أغلوطة بضم الهمزة: وهي ما يغالط به أي: حدثته حديثًا صدقا محققا من كلام النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، لا عن رأي واجتهاد. (فهبنا أن نسأله) أي: حذيفة، ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 3587 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَحَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ، صِغَارَ الأَعْيُنِ، حُمْرَ الوُجُوهِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ. [انظر: 2928 - مسلم: 2912 - فتح: 6/ 604] 3588 - وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّهُمْ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الأَمْرِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ , وَالنَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ. [انظر: 3493 - مسلم: 2526 - فتح: 6/ 604] 3589 - وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ زَمَانٌ، لَأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَهْلِهِ وَمَالِهِ". [فتح: 6/ 604] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (لا تقوم الساعة) إلى آخره تضمن أربعة أحاديث مرَّ أولها وثانيها في الجهاد (¬2) وثالثها في المناقب (¬3). 3590 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (525) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الصلاة كفارة. (¬2) سبق برقم (2928) كتاب: الجهاد، باب: قتال الترك. (¬3) سبق برقم (3493) كتاب: المناقب، باب: قول اللَّه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ}.

هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا، وَكَرْمَانَ مِنَ الأَعَاجِمِ حُمْرَ الوُجُوهِ، فُطْسَ الأُنُوفِ، صِغَارَ الأَعْيُنِ وُجُوهُهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ، نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ تَابَعَهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. [انظر: 2928 - مسلم: 2912 - فتح: 6/ 604] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (يحيى) أي: ابن موسى الختي، أو ابن جعفر البيكندي. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (عن معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبِّه. (خوزا) بضم المعجمة وسكون الواو وبزاي، وقيل: براء بدل الزاي: بلاد الأهواز وتستر. (¬1) (وكرمان) بفتح الكاف وكسرها وهو المستعمل عند أهلها: وهي بين خراسان وبحر الهند وبين عراق المعجم وسجستان (¬2). (فطس الأنوف) جمع أفطس، والفطوسة بطاء، من قصبة الأنف وانتشارها. (تابعه) أي: يحيى. 3591 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: قَال إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي قَيْسٌ، قَال: أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ سِنِينَ لَمْ أَكُنْ فِي سِنِيَّ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِيَ الحَدِيثَ مِنِّي فِيهِنَّ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَقَال هَكَذَا بِيَدِهِ: "بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ" وَهُوَ هَذَا البَارِزُ"، وَقَال سُفْيَانُ مَرَّةً وَهُمْ أَهْلُ البَازِرِ. [انظر: 2928 - مسلم: 2912 - فتح: 6/ 604] (سفيان) أي: ابن عيينة. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (قيس) ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 404. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 454.

أي: ابن أبي حازم. (صحبت النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - ثلاث سنين) أي: صحبة شديدة وإلا فمدة صحبته له كانت أكثر من ثلاث سنين (¬1) (في سني) بكسر المهملة والنون، وتشديد التحتية بالإضافة إلى ياء المتكلم، أي: في مدة عمري، وفي نسخة: "في شيء" بفتح المعجمة بعدها همزة واحد الأشياء. (أحرص) أفعل تفضيل والمفضل والمفضل عليه أبو هريرة مفضل باعتبار السنين الثلاث، ومفضل عليه باعتبار باقي سنيَّ عمره. (أعي الحديث) أي: أحفظه (فيهن) أي: في السنين الثلاث. (وهو) أي: ما ذكر من القوم. (هذا البارز) بفتح الراء وكسرها، أي: البارزون لقتال أهل الإسلام، أي: الظاهرون في براز من الأرض، والبراز: في الأصل الصحراء، وقيل الجبل؛ لأنه بارز عن وجه الأرض. (مرة) أي: أخرى. 3592 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، سَمِعْتُ الحَسَنَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ، وَتُقَاتِلُونَ قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ". [انظر: 2927 - فتح: 6/ 604] (بين يدي الساعة) إلى آخره، مَرَّ شرحه في كتاب: الجهاد في باب: قتال الترك (¬2). 3593 - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "تُقَاتِلُكُمُ اليَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَقُولُ الحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي، فَاقْتُلْهُ". [انظر: 2925 - مسلم: 2921 - فتح: 6/ 604] ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (81) كتاب: الطهارة، باب: النهي عن الوضوء بفضل وضوء المرأة والنسائي 1/ 130 كتاب: الطهارة، باب: ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب. وأحمد 4/ 111. من حديث حميد بن عبد الرحمن الحميدي قال: لقيت رجلا صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين كما صحبه أبو هريرة، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود". (¬2) سبق برقم (2927) كتاب: الجهاد والسير، باب: قتال الترك.

(تقاتلكم اليهود) الخطاب للحاضرين، والمراد: من يأتي بعدهم بدهر طويل؛ لأن هذا إنما يكون إذا نزل عيسى - عليه السلام -. فإن المسلمين يكونون معه واليهود مع الدجال (حتى يقول الحجر) في نسخة: "ثم يقول الحجر". 3594 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُونَ نَعَمْ، فَيُفْتَحُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَغْزُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ". [انظر: 2897 - مسلم: 2532 - فتح: 6/ 610] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (فيقال لهم) لفظ: (لهم) ساقط من نسخة. (يأتي على الناس زمان) إلى آخره، مرَّ في الجهاد في: باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب (¬1). 3595 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الحَكَمِ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، أَخْبَرَنَا سَعْدٌ الطَّائِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَال: "يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟ " قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَال "فَإِنْ طَالتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إلا اللَّهَ، - قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا البِلادَ -، وَلَئِنْ طَالتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى"، قُلْتُ: كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؟ قَال: "كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2897) كتاب: الجهاد والسير، باب: من استعان بالضعفاء والصالحين.

فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ، وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، فَلَيَقُولَنَّ لَهُ: أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَيُبَلِّغَكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ: أَلَمْ أُعْطِكَ مَالًا وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إلا جَهَنَّمَ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا يَرَى إلا جَهَنَّمَ " قَال عَدِيٌّ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ" قَال عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لَا تَخَافُ إلا اللَّهَ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ وَلَئِنْ طَالتْ بِكُمْ حَيَاةٌ، لَتَرَوُنَّ مَا قَال النَّبِيُّ أَبُو القَاسِمِ: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ. [انظر: 1413 - مسلم: 1016 - فتح: 6/ 610] حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ، حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ، سَمِعْتُ عَدِيًّا كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (النضر) أي: ابن شميل المازني. (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (سعد) هو أبو مجاهد. (فشكا إليه) لفظ: (إليه) ساقط من نسخة. (قطع السبيل) أي: قطع الطريق من طائفة يترصدون في المكامن لأخذ المال، أو لغير ذلك (الحيرة) بكسر المهملة: بلد ملوك العرب الذي تحت حكم فارس (دُعَّارُ طيئ) بضم أوله وفتح ثانيه مشددا جمع داعر: وهو الشاطر (¬1) الخبيث، والمراد: قطاع الطريق (قد سعروا البلاد) أي: أوقدوا نار الفتنة فيها، وهو مستعار من سعرت النار إذا أوقدت ومر الحديث في الزكاة في باب: الصدقة قيل الرد. (¬2) ¬

_ (¬1) وهي من باب قتل إذا ترك موافقتهم وأعيادهم لُؤْمًا وخبثًا فهو شاطر. (¬2) سبق برقم (1413) كتاب: الصدقة قبل الرد.

(حدثني) في نسخة: "حدثنا" (أبو عاصم) هو ابن مخلد من شيوخ المؤلف روى عنه هنا بواسطة. (عديًّا) أي: ابن حاتم. 3596 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاتَهُ عَلَى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المِنْبَرِ فَقَال: "إِنِّي فَرَطُكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، إِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ مَفَاتِيحِ الأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِي أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا". [انظر: 1344 - مسلم: 2296 - فتح: 6/ 611] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (عن يزيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن أبي الخير) مرثد بن عبد اللَّه. (أن النبي) في نسخة: "عن النبي". (فصلى على أهل أحد صلاته على الميت) أي: دعا لهم بدعاء كصلاة الميت. (إني فرطكم) بفتح الراء أي: أتقدمكم إلى الحوض كالمهيئ لكم، ومر الحديث في الجنائز، في باب: الصلاة على الشهيد (¬1). 3597 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أُطُمٍ مِنَ الآطَامِ، فَقَال: "هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي أَرَى الفِتَنَ تَقَعُ خِلال بُيُوتِكُمْ مَوَاقِعَ القَطْرِ". [انظر: 1878 - مسلم: 2558 - فتح: 6/ 611] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (عن أسامة) أي: ابن زيد. (على أطم من الآطام) بضم أوله (أطم) وثانيه أي: على حصن من الحصون. (خلال بيوتكم) أي: نواحيها، ومرَّ الحديث في أواخر الحج (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1344) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد. (¬2) سبق برقم (1878) كتاب: أبواب فضائل المدينة، باب: آطام المدينة.

3598 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ حَدَّثَتْهَا، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ، وَماجُوجَ (¬1) مِثْلُ هَذَا، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ، وَبِالَّتِي تَلِيهَا" فَقَالتْ زَيْنَبُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَال: "نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ". [انظر: 3346 - مسلم: 2880 - فتح: 6/ 611] 3599 - وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الحَارِثِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، قَالتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الخَزَائِنِ، وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الفِتَنِ". [انظر: 115 - فتح: 6/ 611] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (ابنة أبي سلمة) في نسخة: "بنت أبي سلمة". (أم حبيبة) اسمها: رملة. (فزع) بكسر الزاي، أي: خائفا. (ويل للعرب) أي: المسلمين؛ لأن أكثر المسلمين من العرب ومواليهم، ومرَّ الحديث في باب: قصة يأجوج ومأجوج (¬2). 3600 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ المَاجِشُونِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال لِي: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ، وَتَتَّخِذُهَا، فَأَصْلِحْهَا وَأَصْلِحْ رُعَامَهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، تَكُونُ الغَنَمُ فِيهِ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ، أَوْ سَعَفَ الجِبَالِ فِي مَوَاقِعِ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ". [انظر: 19 - فتح: 6/ 611] ¬

_ (¬1) كذا في الأصل بدون همز. (¬2) سبق برقم (3346) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قصة يأجوج ومأجوج.

(رعامها) بعين مهملة: ما يسيل من أنفها. (شعف الجبال) بمعجمة فمهملة جمع شعفة: وهي رأس الجبل. (أو سعف الجبال) بمهملتين: جريد النخل ولا معنى له هنا، والشك من الراوي. 3601 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَكُونُ فِتَنٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ". [7081، 7082 - مسلم: 2886 - فتح: 6/ 612] (عبد العزيز) أي: ابن عبد اللَّه بن يحيى. (إبراهيم) أي: ابن سعد بن إبراهيم بن عوف. (القاعد فيها) إلى آخره بين به عظم خطرها، والحث على تجنبها، والهرب منها (من يشرف) بضم أوله وكسر ثالثة من الإشراف، وفي نسخة: "من تَشَرَّف" بفتحات وتشديد الراء من التشرف. (تستشرقه) أي: تغلبه وتصرعه. (ملجأ) أي: موضعًا يلتجئ إليه (أو مَعَاذًا) شكٌّ من الراوي وهو بمعنى: ملجأ أيضًا. (فليعد به) أي: فليستعذ به. (¬1) 3602 - وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاويَةَ، مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، هَذَا إلا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ يَزِيدُ "مِنَ الصَّلاةِ صَلاةٌ مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالهُ". [فتح: 6/ 612] (وتر) بالبناء للمفعول. (أهله وماله) بالنصب مفعول ثان والأول ¬

_ (¬1) في (س): فليعتزل فيه.

ضمير مستتر والمعنى: نقصه أهله وماله، وبالرفع على أنه نائب الفاعل، أي: انتزع منه الأهل والمال. 3603 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَال: "تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ". [7052 - مسلم: 1843 - فتح: 6/ 612] (سفيان) أي: الثوري. (عن الأعمش) هو سليمان. (أثرة) بفتح الهمزة والمثلثة وبالضم والسكون، أي: استبداد واختصاص بالأموال فيما حقه الاشتراك. 3604 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُهْلِكُ النَّاسَ هَذَا الحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ" قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَال: "لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ" قَال: مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن أَبي التياح) هو يزيد بن حميد الضبعي. (عن أبي زرعة) هو هرم بن عمرو بن جرير البجلي. (يُهلك الناس هذا الحي من قريش) أي: الأحداث فيهم. (قالوا) في نسخة: "قال". (لو أن الناس اعتزلوهم) أي: لكان خيرا لهم ويجوز أن يكون (لو) للتمني فلا تحتاج إلى جواب عند بعضهم (محمود) أي: ابن غيلان من شيوخ البخاري. (أبو داود) هو سليمان الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. 3605 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَويُّ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: كُنْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ:

سَمِعْتُ الصَّادِقَ المَصْدُوقُ، يَقُولُ "هَلاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ"، فَقَال مَرْوَانُ: غِلْمَةٌ؟ قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِي فُلانٍ، وَبَنِي فُلانٍ. [انظر: 3604 - مسلم: 2917 - فتح: 6/ 612] (عن جده) هو سعيد بن عمرو. (كنت مع مروان) أي: ابن الحكم. (هلاك أمتي) أي: الموجودين. (غلمة) جمع غلام: وهو الطارُّ الشارِبِ. (إن شئت) في نسخة: "إن شئتم". 3606 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ، قَال: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الحَضْرَمِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَال: "نَعَمْ" قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَال: "نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ" قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَال: "قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ" قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَال: "نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقَال: "هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا" قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَال: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَال "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ". [3607، 7084 - مسلم: 1847 - فتح: 6/ 615] (الوليد) أي: ابن مسلم القرشي. (ابن جابر) هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. (أبو إدريس) هو عائذ اللَّه (فهل بعد هذا) في نسخة: "فهل بعد ذلك". (دخن) بفتح المهملة والمعجمة، أي: كدر. (قال: قوم يهدون بغير هدي) بفتح الهاء وسكون الدال، وبالإضافة إلى ياء

المتكلم، أي: سيرتي وطريقتي، وفي نسخة: "بغير هديٍ" بالتنوين بدل الإضافة، وفي أخرى: "بغير هدى" بضم الهاء وفتح الدال، وبالتنوين، وفي تفسيره الدخن بالقوم تجوز، والمراد: هدى قوم يهدون بغير هديٍ. (تعرف منهم وتنكر) أي: تعرف منهم إظهار الخير فتنكره، وإظهار الشر فتنكره؛ لعلمك بأنهم لا يريدون ما أظهروه؛ لكثرة تخليطهم. (دعاة إلى أبواب جهنم) أي: إلى أسباب دخولها، وفي نسخة: "على" بدل إلى. (من أجابهم إليها) أي: إلى تلك الأسباب. (قذفوه فيها) أي: في جهنم، أو في أبوابها. (من جلدتنا) أي: من أنفسنا، أو من عشيرتنا من العرب. (ولو أن تعض) أي: ولو كان الاعتزال بأن تعَض. (بأصل شجرة) عضها كناية عن مكابدة المشقة، كقولهم: فلان يعض الحجارة من شدة الألم. 3607 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال "تَعَلَّمَ أَصْحَابِي الخَيْرَ وَتَعَلَّمْتُ الشَّرَّ". [انظر: 3606 - مسلم: 1847 - فتح: 6/ 616] (حدثني محمد) في نسخة: "حدثنا محمد". (حدثني يحيى) في نسخة: "حدثنا يحيى". (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد البجلي. (قيس) أي: ابن أبي حازم. (تعلَّمَ أصحابي الخير) أي: ما يجلبه. (وتعلمت الشرَّ) أي: ما يجلبه لأجتنبه خوفا على نفسي من وقوعي فيه. 3608 - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ". [انظر: 85 - مسلم: 157 - فتح: 6/ 616]

(تقتتل فئتان) تثنية فئة: وهي الجماعة، وفي نسخة: "يقتتل فتيان" جمع فتى، قال شيخنا: والمراد علي ومن معه، ومعاوية ومن معه لما تحاربا بصفين (¬1). (دعواهما واحدة) لأن كلا منهما يدعي أنه محق، وأن خصمه مبطل. 3609 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، قَرِيبًا مِنْ ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ". [انظر: 85 - مسلم: 157 - فتح: 6/ 616] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (يبعث) أي: يخرج. 3610 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا، أَتَاهُ ذُو الخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، فَقَال: "وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ". فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ فَقَال: "دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ، - وَهُوَ قِدْحُهُ -، فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ ¬

_ (¬1) انظر: "فتح الباري" 6/ 616.

مِنَ النَّاسِ" قَال أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ. [انظر: 3344 - مسلم: 1064 - فتح: 6/ 617] (ذو الخويصرة) اسمه نافع، (فأضرب) في نسخة: "أضرب". (فقال: دعه) في نسخة: "قال له: دعه" أي: لا تضرب عنقه. (إلى رصافة) بكسر الراء: العصب الذي يلوى فوق مدخل النصل. (إلى نضيه) بفتح النون وحكي ضمها، وبكسر المعجمة وتشديد الياء: القدح كما ذكره في الحديث (¬1)، وهو بكسر القاف وسكون الدال المهملة: عود السهم قبل أن يراش ويُنصَّل، وقيل: ما بين الريش والنصل. (إلى قذذه) بقاف مضمومة وذالين معجمتين جمع قذة: وهي واحدة الريش الذي على السهم. (آيتهم) أي: علامتهم، ومرَّ الحديث في باب: ترك قتل الخوارج (¬2). 3611 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَال: قَال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الحَرْبَ خَدْعَةٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ، حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يُجَاوزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ". [5057، 6903 - مسلم: 1066 - فتح: 6/ 617] (سفيان) أي: الثوري. (عن خيثمة) أي: ابن عبد الرحمن ¬

_ (¬1) يعني قوله في الحديث: وهو قدحه. (¬2) سيأتي برقم (6933) كتاب: استتابة المرتدين، باب: من ترك قتال الخوارج.

الجعفي. (أَخِرَّ) أي: أسقط. (خدعة) بفتح المعجمة وسكون المهملة وبفتحهما وبكسر، أو ضم فسكون. (حدثاء الأسنان) أي: صغار الأعمار. (سفهاء الأحلام) أي: ضعفاء العقول. (حناجرهم) جمع حنجرة: وهي رأس الغلصمة: وهو البارز خارج الحلق. (فإن قتلهم أجر) في نسخة: "فإن في قتلهم أجرًا". 3612 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَال: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَال: "كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لَا يَخَافُ إلا اللَّهَ، أَو الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ". [3852، 6943 - فتح: 6/ 619] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (إلى رسول اللَّه) في نسخة: "إلى النبي". (بالميشار) بتحتية بعد الميم، وفي نسخة: بنون ساكنة بعدها، وفي أخرى: بهمزة ساكنة بعدها: آلة نَشرِ الخشب. (ليتمنَّ) بفتح التحتية. (هذا الأمر) بالرفع فاعل يتم، وفي نسخة: بضم التحتية وبنصبه (هذا الأمر) على أنه مفعول يتم أي: ليتمن اللَّه هذا الأمر. (من صنعاء) بالمد، مدينة باليمن عظيمة (¬1). (إلى حضرموت) هي مدينة أيضًا (¬2). (ولكنكم تستعجلون) أي: النصر. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 425. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 269.

3613 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَال: أَنْبَأَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ، مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَال: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَال: شَرٌّ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَال كَذَا وَكَذَا، فَقَال مُوسَى بْنُ أَنَسٍ: فَرَجَعَ المَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَال: "اذْهَبْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ". [4846 - مسلم: 119 - فتح: 6/ 620] (ابن عون) هو عبد اللَّه بن عون بن أرطبان. (رجل) هو سعد بن معاذ. (قال: شر) أي: قال ثابت: حالي شر. (كان يرفع صوته) فيه التفات إذ القياس: كنت أرفع صوتي. (فقد حبط عمله وهو من أهل النار) في كل منهما التفات أيضًا. (ببشارة) بكسر الباء أشهر من ضمها: الخبر السار. 3614 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَرَأَ رَجُلٌ الكَهْفَ، وَفِي الدَّارِ الدَّابَّةُ، فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَسَلَّمَ، فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ غَشِيَتْهُ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "اقْرَأْ فُلانُ، فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ". [4839، 5011 - مسلم: 795 - فتح: 6/ 622] (غندر) هو محمد بن جعفر. (فسلم) أي: دعا بالسلامة، أو فوض الأمر إلى اللَّه ورضي بحكمه، أو قال: سلام عليك. (فإذا ضبابة) أي: سحابة. (اقرأ فلان) أي: يا فلان، والمعنى كان ينبغي لك أن تستمر على القرآن وتغتنم ما

حصل لك من نزول الرحمة، وتستكثر من القراءة. (فإنها) أي: الضبابة. (السكينة) وقيل: الملائكة وعليهم السكينة. 3615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الحَسَنِ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يَقُولُ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ، فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلًا، فَقَال لِعَازِبٍ: ابْعَثِ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِي، قَال: فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ، وَخَرَجَ أَبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ، فَقَال لَهُ أَبِي: يَا أَبَا بَكْرٍ، حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: نَعَمْ، أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَمِنَ الغَدِ، حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلا الطَّرِيقُ لَا يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ، فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَويلَةٌ لَهَا ظِلٌّ، لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ، وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانًا بِيَدِي يَنَامُ عَلَيْهِ، وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً، وَقُلْتُ: نَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ، فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلامُ، فَقَال: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، أَوْ مَكَّةَ، قُلْتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَتَحْلُبُ، قَال: نَعَمْ، فَأَخَذَ شَاةً، فَقُلْتُ: انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالقَذَى، قَال: فَرَأَيْتُ البَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى يَنْفُضُ، فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْتَوي مِنْهَا، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ، فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ مِنَ المَاءِ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قَال: "أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ" قُلْتُ: بَلَى، قَال: فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا مَالتِ الشَّمْسُ، وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ، فَقُلْتُ: أُتِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال: "لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا" فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا - أُرَى - فِي جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ، - شَكَّ زُهَيْرٌ - فَقَال: إِنِّي أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ، فَادْعُوَا لِي، فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَجَا، فَجَعَلَ لَا

يَلْقَى أَحَدًا إلا قَال: قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا، فَلَا يَلْقَى أَحَدًا إلا رَدَّهُ، قَال: وَوَفَى لَنَا. [انظر: 2439 - مسلم: 2009 (سيأتي بعد رقم: 3014) - فتح: 6/ 622] (أحمد) أي: ابن يزيد. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد اللَّه السبيعي. (حين سريت) سرى وأسرى لغتان وقد استعملهما في الحديث. (حتى قام قائم الظهيرة) أي: شدة حرها. (فروة) هي الجلد المعروف، وقيل: قطعة حشيش مجتمعة. (وأنا أنفض لك ما حولك) أي: من الغبار ونحوه. (فقلت: لمن؟) في نسخة: "فقلت له: لمن؟ ". (كثبة) أي: شيئًا قليلا. (ألم يأن للرحيل؟) أي: ألم يأت وقت الارتحال. (فارتطمت) أي: غاصت. (فاللَّه لكما) أي: ناصر لكما وحافظ لكما حتى تبلغا مقصدكما. (إلا قال: قد كفيتكم) في نسخة: "قد كفيتم". (قال) أبو بكر. (ووفى لنا) أي: سراقة ما وعد به، أي: من ردّ الطلب. 3616 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَال: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَال: "لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" فَقَال لَهُ: "لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" قَال: قُلْتُ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَنَعَمْ إِذًا". [5656، 5662، 7470 - فتح: 6/ 624]

(خالد) أي: ابن مهران الحذاء. (على أعرابي) قيل: هو قيس بن أبي حازم (¬1). (بل هي حمى) في نسخة: "بل هو حمى" فالتأنيث باعتبار السخونة، والتذكير باعتبار المرض. (تفور، أو تثور) معناهما: يظهر حرها، والشك من الراوي. (فنعم إذا) أرشده أولًا بقوله: (لا بأس، طهور إن شاء اللَّه) إلى أن الحمى تطهره وتنفي ذنوبه ليصبر وليشكر اللَّه عليها، فلما أبي ذلك واختار اليأس والكفر أن أجابه بمراده من أن حُماه تُزيره (¬2) القبور، وقد وقع مراده إذ ورد أنه ما أمس من الغد إلا ميتا (¬3). 3617 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ البَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إلا مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا (¬4). فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ ¬

_ (¬1) قال ابن حجر في "فتح الباري" 6/ 625: وقع في "ربيع الأبرار" أن اسم هذا الأعرابي قيس، فقال في باب: الأمراض والعلل: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيس بن أبي حازم يعوده. فذكر القصة. ولم أر تسميته لغيره، فهذا إن كان محفوظًا فهو غير قيس بن أبي حازم أحد المخضرمين؛ لأن صاحب القصة مات في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيس لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - في حال إسلامه، فلا صحبة له، ولكن أسلم في حياته. (¬2) تزيره: بضم التاء المثناة من فوق من أزاره: إذا حمله على الزيارة. (¬3) ورد ذلك عند الطبراني في "الكبير" 7/ 306 (7213) من رواية شراحبيل والد عبد الرحمن فذكر نحو حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - وفي آخره قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما إذا أبيت فهي كما تقول، وقضاء اللَّه كائن، فما أمسى من الغد إلا ميتًا" وبهذه الزيادة يظهر دخول هذا الحديث في الترجمة. وذكر هذه الزيادة أيضًا الهيثمي في "معجمه" وعزاه للطبراني في "الكبير" وقال: وفيه من لم أعرفه. "مجمع الزوائد" 2/ 307. (¬4) كذا في الأصل: فألقَوه بفتح القاف، وفي (س) بضم القاف.

وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا: أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ، فَأَلْقَوْهُ". [مسلم: 2781 - فتح: 6/ 624] (أبو معمر) هو عبد اللَّه بن عمرو بن أبي الحجاج. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد البصري. (لفظته الأرض) بفتح الفاء، وقيل: بكسرها، أي: طرحته ورمته على وجهها لتقوم الحجة على مراده. 3618 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا هَلَكَ كِسْرَى، فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 3027 - مسلم: 2918 - فتح: 6/ 625] (عن يونس) أي: ابن يزيد. (إذا هلك كسرى) إلى آخره، مرَّ شرحه في الخمس في باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - "أحلت لكم الغنائم" (¬1). 3619 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، رَفَعَهُ، قَال: "إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَذَكَرَ وَقَال: لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 3121 - مسلم" 2919 - فتح: 6/ 625] (قبيصة) أَي: ابن عقبة السوائي. (سفيان) أي: الثوري. (رفعه) في نسخة: "يرفعه". (وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده) ساقط من نسخة. (وذكر) أي: الحديث كالسابق. 3620 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3121) كتاب: فرض الخمس، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أحلت لكم الغنائم".

عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ، وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِطْعَةُ جَرِيدٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَال: "لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ القِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ ليَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ مَا رَأَيْتُ". [4373، 4378، 7033، 7461 - مسلم: 2273 - فتح: 6/ 626] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (على عهد رسول اللَّه) في نسخة: "على عهد النبي". (ولن تعدو) أي: لن تجاوز. (أمر اللَّه) أي: حكمه. (ليعقرنك) أي: ليقتلنك اللَّه. (لأراك) بفتح الهمزة، وفي نسخة: بضمها. (الذي أريت) أي: في منامي. 3621 - فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي المَنَامِ: أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ، يَخْرُجَانِ بَعْدِي" فَكَانَ أَحَدُهُمَا العَنْسِيَّ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابَ، صَاحِبَ اليَمَامَةِ. [7034، 7037، 4374، 4375، 4379 - مسلم: 2274 - فتح: 6/ 627] (نائم رأيت) إلخ مقول ابن عباس. (سوارين من ذهب). قال شيخنا: (من) لبيان الجنس (¬1)، كقوله: {وَحُلُّوا أَسَاورَ مِنْ فِضَّةٍ} ووَهم من ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 8/ 90. مجيء (من) لبيان الجنس مشهور عند كثير من النحويين القدماء والمتأخرين، وعليه خرجوا مواضع من القرآن، منها قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}، وذكر بعضهم أن لها علامتين: إحداهما: أن يصح وقوع (الذي موقعها). الثانية: أن يصح وقوعها صفة لما قبلها. وقد أنكر آخرون هذا المعنى، وزعموا أنها لم ترد لبيان الجنس، ولا قام عليه دليل من لسان العرب.

قال: إن الأساور لا تكون إلا من ذهب فذكر الذهب للتأكيد، فإن كان من فضة فهو قلب. (فأهمني) أي: أحزنني شأنهما، أي: لكون الذهب من حلية النساء. (أن انفخهما) بالجزم أمر، ويجوز كما قال الطيبي أن تكون (أن) مفسرة؛ لأنَّ أوحى يتضمن معنى القول، وأن تكون ناصبه، والجار محذوف وفي ذلك مع ما بعده دلالة على اضمحلال أمرهما وكان كذلك. (فأولتهما كذابين) أي: لأن الكذب: وضع الشيء في غير محله كما أن وضع سواري الذهب المنهي عن لبسه في يديه - صلى اللَّه عليه وسلم - من وضع الشيء في غير محله، إذ هما من حلية النساء كما مرَّ. (يخرجان بعدي) أي: يظهران شوكتهما ودعواهما النبوة بعدي، كذا نقله النووي عن العلماء (¬1) قال شيخنا: وفيه نظر؛ لأن ذلك كله ظهر للأسود بصنعاء، وقتل في حياته - صلى اللَّه عليه وسلم - وأما مسيلمة فهو وإن ادعى النبوة في حياته - صلى اللَّه عليه وسلم - لكن لم تعظم شوكته، ولم تقع محاربته إلا في زمن الصديق، فإما أن يحمل ذلك على التغليب، أو أن المراد بقوله: (بعدي) أي: بعد نبوتي (¬2). 3622 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أُرَاهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَأَيْتُ فِي المَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 15/ 34. (¬2) "فتح الباري" 12/ 424.

اليَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ المَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا، فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ بِأُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الفَتْحِ، وَاجْتِمَاعِ المُؤْمِنِينَ وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا، وَاللَّهُ خَيْرٌ فَإِذَا هُمُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ، الَّذِي آتَانَا اللَّهُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ". [3987، 4081، 7035، 7041 - مسلم: 2272 - فتح: 6/ 627] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (أراه) بضم الهمزة أي: أظنه، وقائله: البخاري. (وهلي) بفتح الهاء، وقد تسكن، أي: وهمي. (أو هجر) بفتح الهاء والجيم، وفي نسخة: "أو الهجر" بزيادة أل: وهي مدينة معروفة باليمن (¬1). (فإذا) للمفأجاة (هي المدينة) مبتدأ، أو خبر. (يثرب) بمثلثة وبالرفع عطف بيان للمدينة، وتسميتها بيثرب إما للتنزيه، أو قبل النهي عن تسميتها بذلك، أو خوطب به من لا يعرفها إلا به؛ والسبب في النهي عن تسميتها بذلك ما فيه من معنى التثريب. (هززت) بمعجمتين. (والله خير) مبتدأ وخبر، أي: وثواب اللَّه خير أي: صنعه بالمقتولين خير لهم من بقائهم في الدنيا، وفي نسخة: "والله" بالجر بمعنى: واللَّه إن ذلك خير، فعليها خير خبر مبتدإ محذوف، وقيل: إن هذه كلمة سمعها النبي في رؤياه عند رؤيا البقر؛ بدليل تأويله له بقوله: (فإذا الخير ما جاء اللَّه من الخير) في نسخة: "ما جاء اللَّه به من الخير". (بعد) بضم الدال. (يوم بدر) بالنصب، وفي نسخة: "بعد يوم بدر" بنصب (بعد) وجر (يوم) بالإضافة. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 393.

3623 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَرْحَبًا بِابْنَتِي" ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَال: فَقَالتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهَا. [3625، 3715، 4433، 6285 - مسلم: 2450 - فتح: 6/ 627] 3624 - فَقَالتْ: أَسَرَّ إِلَيَّ: "إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أُرَاهُ إلا حَضَرَ أَجَلِي، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي". فَبَكَيْتُ، فَقَال: "أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ، أَوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ" فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ. [3626، 3716، 4434، 6286 - مسلم: 2450 - فتح: 6/ 628] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (زكريا) أي: ابن أبي زائدة. (عن فراس) أي: ابن يحيى المكتب. (عن عامر) أي: "الشعبي" كما في نسخة. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (مشيتها) بكسر الميم؛ لأن المراد الهيئة. (حتى قبض) متعلق بمحذوف أي: لم يجب بشيء (حتى قبض النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) وعاشت بعده ستة أشهر. 3625 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، قَالتْ: فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ. [انظر: 3623 - مسلم: 2450 - فتح: 6/ 628] 3626 - فَقَالتْ: "سَارَّنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ،

فَبَكَيْتُ ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ". [انظر: 3624 - مسلم: 2450 - فتح: 6/ 628] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (في شكواه) أي: موضعه. (الذي قبض فيه) في نسخة: "التي قبض فيها". 3627 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُدْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَال لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ، فَقَال: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ، فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ، {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ} [النصر: 1]، فَقَال: "أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ" قَال: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إلا مَا تَعْلَمُ. [4294، 4430، 4969، 4970 - فتح: 6/ 628] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (يدني ابن عباس) أي: يقربه يعني: نفسه ففيه التفاوت. (من حيث تعلم) أي: تعلم أنه عالم وذلك ببركة دعائه - صلى اللَّه عليه وسلم - له بقوله: "اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل" (¬1). 3628 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الغَسِيلِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، بِمِلْحَفَةٍ قَدْ عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى ¬

_ (¬1) رواه أحمد 1/ 266، 314. وفي "فضائل الصحابة" 2/ 1068 (1560). الطبراني 10/ 263 (10614) والحاكم 3/ 534 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وله شاهد سبق برقم (75) كتاب: العلم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "اللهم علمه الكتاب". بلفظ "اللهم علمه الكتاب".

المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ المِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ شَيْئًا يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ" فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 927 - فتح: 6/ 628] (بملحفة) بكسر الميم، أي: خرج مرتديا بها على منكبيه. (دسماء) أي: سوداء. (جلس به) في نسخة: "جلس فيه" ومرَّ الحديث في الجمعة في باب: من قال بعد الثناء: أما بعد (¬1). 3629 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الحَسَنَ، فَصَعِدَ بِهِ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَال: "ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ". [انظر: 2704 - فتح: 6/ 628] (عن أبي موسى) هو إسرائيل بن موسى البصري. (عن أبي بكرة) هو نفيع بن الحارث الثقفي. (أخرج النبي) إلى آخره مرَّ في الصلح (¬2). 3630 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَى جَعْفَرًا، وَزَيْدًا قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ خَبَرُهُمْ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ". [انظر: 1246 - فتح: 6/ 628] (نعى جعفرًا) أي: ابن أبي طالب. (وزيدًا) أي: ابن حارثة أي: أخبر بقتلهما. (تذرفان) بمعجمة، أي: تسيلان بالدمع. 3631 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ لَكُمْ مِنْ أَنْمَاطٍ؟ ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (927) كتاب: الجمعة، باب: من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد. (¬2) سبق برقم (2704) كتاب: الصلح، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي.

قُلْتُ: وَأَنَّى يَكُونُ لَنَا الأَنْمَاطُ؟ قَال: "أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ لَكُمُ الأَنْمَاطُ" فَأَنَا أَقُولُ لَهَا - يَعْنِي امْرَأَتَهُ - أَخِّرِي عَنِّي أَنْمَاطَكِ، فَتَقُولُ: أَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمُ الأَنْمَاطُ" فَأَدَعُهَا. [5161 - مسلم: 2083 - فتح: 6/ 629] (ابن مهدي) هو عبد الرحمن الأزدي. (سفيان) أي: الثوري. (من أنماط) بفتح الهمزة: ضرب من البسط له خمل رقيق، واحده نمط. (وأنى يكون) أي: من أين يكون. 3632 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا، قَال: فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَبِي صَفْوَانَ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّأْمِ، فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَال أُمَيَّةُ، لِسَعْدٍ: انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَغَفَلَ النَّاسُ انْطَلَقْتُ فَطُفْتُ، فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذَا أَبُو جَهْلٍ، فَقَال: مَنْ هَذَا الَّذِي يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ؟ فَقَال سَعْدٌ: أَنَا سَعْدٌ، فَقَال أَبُو جَهْلٍ: تَطُوفُ بِالكَعْبَةِ آمِنًا، وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ؟ فَقَال: نَعَمْ، فَتَلاحَيَا بَيْنَهُمَا، فَقَال أُمَيَّةُ لسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الحَكَمِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الوَادِي، ثُمَّ قَال سَعْدٌ: وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لَأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ، قَال: فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ، وَجَعَلَ يُمْسِكُهُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ فَقَال: دَعْنَا عَنْكَ "فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ"، قَال: إِيَّايَ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَال: أَمَا تَعْلَمِينَ مَا قَال لِي أَخِي اليَثْرِبِيُّ، قَالتْ: وَمَا قَال؟ قَال: زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي، قَالتْ: فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ، قَال: فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الصَّرِيخُ، قَالتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَمَا ذَكَرْتَ مَا قَال لَكَ أَخُوكَ اليَثْرِبِيُّ، قَال: فَأَرَادَ أَنْ لَا يَخْرُجَ، فَقَال لَهُ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ الوَادِي فَسِرْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَسَارَ مَعَهُمْ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ. [3950 - فتح: 6/ 629] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن

أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد اللَّه السبيعي. (انتظر) في نسخة: "ألا انتظر". (آويتم) بمد الهمزة. (فتلاحيا) أي: تخاصما وتنازعا، وقيل: تسابا. (فقال: دعنا عنك) أي: فقال سعد لأمية: اتركنا عنك. (ما قال لي أخي) أي: سعد. وسماه أخًا؛ لمصاحبته له لا للنسب والدين. (وجاء الصريخ) قيل: هو من الصراخ، وهو صوت المستصرخ أي: المستغيث. (فسر يوما أو يومين) أي: ثم ارجع إلى مكة. 3633 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ فِي صَعِيدٍ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي بَعْضِ نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ فَاسْتَحَالتْ بِيَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا فِي النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ". [3676، 3682، 7019، 7020 - مسلم: 2393 - فتح: 6/ 621] وَقَال هَمَّامٌ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَنَزَعَ أَبُو بَكْرٍ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ". [7022 - مسلم: 2392] (حدثنا) في نسخة: "أخبرنا". (ابن المغيرة) في نسخة: "ابن مغيرة". (عن عبد اللَّه) أي: ابن عمر. (ذنوبا) بفتح المعجمة أي: دلوًا مملوءًا ماء يذكر ويؤنث قاله الجوهري (¬1). (وفي بعض نزعه) أي: استقى به. (ضعف) بضم المعجمة وفتحها أي: أنه على مَهَلٍ ورفق وفيه إشارة إلى قلة ما فتح في زمانه من الفتوح لاشتغاله بقتال أهل الردة مع قصر مدة خلافته. ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [ذنب] 1/ 129.

(والله يغفر له) أي: ليس فيه تنقص له ولا إشارة إلى ذنب، وإنما هو كلمة يدعمون بها كلامهم ونعمت الدعامة. (ثم أخذها) أي: الذنوب وهو كناية عن الخلافة. (فاستحالت) أي: تحولت. (بيده غربًا) بفتح المعجمة وسكون الراء أي: دلوا عظيمًا أكبر من الذنوب وفيه إشارة إلى كثرة الفتوح التي كانت في زمنه لطول مدته. (عبقريا) أي: حاذقًا في عمله وسيدًا في قومه. (يفري فرِيّة) بسكون الراء وتخفيف الياء وبالكسر والتشديد أي: يقطع قطعه ويقوي قوته. (حتَّى ضرب النَّاسُ بعطن) العطن: مبرك الإبل حول موردها ليشربن عللًا بعد نهل والمعنى: حتَّى رووا أو أرووا إبلهم وأبركوها. وقربوا لها عطنا لتشرب. عللًا بعد نهل وتستريح فيه، والرؤية المذكورة مثال لما جرى للخليفتين من ظهور أنحارهما وانتفاع النَّاس بهما أذ بتدبيرهما وقيامهما بمصالح المسلمين تم هذا لأن أَبا بكر جمع شملهم، وابتدأ الفتوح وتكامل في زمن عمر رضي الله عنهما. (همام) أي: ابن منبه. (عن أبي هريرة) في نسخة: "سمعت أَبا هريرة". (ذنوبين) في نسخة: "ذنوبا، أو ذنوبين". 3634 - حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، قَال: أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُ ثُمَّ قَامَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: "مَنْ هَذَا؟ " أَوْ كَمَا قَال، قَال: قَالتْ: هَذَا دِحْيَةُ، قَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ايْمُ اللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إلا إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ جِبْرِيلَ، أَوْ كَمَا قَال، قَال: فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَال: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (أبو عثمان) هو عبد الرَّحْمَن النهدي. (قال) أي: أبو معتمر.

26 - باب قول الله تعالى: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون} [البقرة: 146]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 26 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة (باب: قول الله تعالى: {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} أي: معرفة كمعرفة أبناءهم. {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ساقط من نسخة. 3635 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ". فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَال لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا، قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى المَرْأَةِ يَقِيهَا الحِجَارَةَ". [انظر: 1329 - مسلم: 1699 - فتح: 6/ 631] (نفضحهم) أي: نبين مساوئهم للنَّاس. (ويجلدون) بالبناء للمفعول. (قال عبد الله) أي: ابن عمر. (يجنأ) بجيم ساكنة فنون مفتوحة فهمزة، أي: يكب، وفي نسخة: كذلك لكن بمهملة بدل الجيم أي: يعطف، وفي أخرى: "يحني" بمهملة ساكنة فنون مكسورة بغير همز، أي: يعطف أَيضًا. (فوضع أحدهم) أي: أحد اليهود وهو عبد الله بن صوريا الأعور.

27 - باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية، فأراهم انشقاق القمر

27 - بَابُ سُؤَالِ المُشْرِكِينَ أَنْ يُرِيَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً، فَأَرَاهُمْ انْشِقَاقَ القَمَرِ (باب: سؤال المشركين أن يريهم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - آية فأراهم انشقاق القمر) إذ المراد من الآية: المعجزة الخارقة للعادة وانشقاق القمر كذلك. 3636 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: انْشَقَّ القَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِقَّتَيْنِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْهَدُوا". [3869، 3870، 4864، 4865 - مسلم: 2800 - فتح: 6/ 631] (عن ابن أبي نجيح) هو: عبد الله بن يسار. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (عن أبي معمر) هو عبد الله بن سخبرة. (على عهد رسول الله) في نسخة: "على عهد النَّبِيّ". (شقين) بكسر المعجمة؛ وقد تفتح. (اشهدوا) إنما قاله؛ لأنه معجزة عظيمة محسوسة خارجة عن عادة المعجزات. 3637 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ح وقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً "فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ". [3868، 4867، 4868 - مسلم: 2802 - فتح: 6/ 631] 3638 - حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ خَالِدٍ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "أَنَّ القَمَرَ انْشَقَّ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [3870 - مسلم: 2803 - فتح: 6/ 631] (يونس) أي: ابن محمَّد المؤدب. (شيبان) أي: ابن عبد الرَّحْمَن

28 - باب

النَّحويّ. (قتادة) أي: ابن دعامة. (خليفة) أي: ابن خياط. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (إن أهل مكة) يعني: الكفار من قريش. 28 - باب. 3639 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ". [انظر: 465 - فتح 6/ 632] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (حَدَّثني محمَّد) في نسخة: "باب: حَدَّثني مُحَمَّد". (معاذ) أي: ابن هشام ابن أبي عبد الله الدستوائي. (أن رجلين) هما أسيد بن الحضير، وعباد بن بشر. (يضيئان بين أيديهما) أي: إكرامًا لهما. 3640 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، سَمِعْتُ المُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ". [7311، 7459 - مسلم: 1921 - فتح: 6/ 632] (يحيى) أي: ابن سعيد القطَّان. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد البَجَليّ. (قيس) أي: ابن حازم. (وهم ظاهرون) أي: غالبون من خالفهم وغالبون عليه من ظهرت أي: علوت، قال النووي: وفي الحديث دليل لكون الإجماع حجة وهو أصح ما يستدل به من الحديث. وأما حديث: "لا تجتمع أمتي على

ضلال" فضعيف (¬1). 3641 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاويَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلَا مَنْ خَالفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ" قَال عُمَيْرٌ: فَقَال مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ: قَال مُعَاذٌ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ، فَقَال مُعَاويَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ (¬2). [انظر: 71 - مسلم: 1037 - فتح 6/ 632] (الحميدي) هو عبد الله بن الزُّبير المكيّ. (الوليد) أي: ابن مسلم القُرشيّ. (معاوية) أي: ابن أبي سفيان. (قال معاذ) أي: ابن جبل. (وهم بالشَّام) أي: والأمة القائمة بأمر الله مقيمون بالشَّام. 3642 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، قَال: سَمِعْتُ الحَيَّ يُحَدِّثُونَ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 13/ 67. والحديث رواه: رواه التِّرْمِذِيّ (2167) كتاب: الفتن، باب: ما جاء في لزوم الجماعة من طريق أبي بكر بن نافع عن المعتمر عن سليمان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر. وقال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه. والحاكم في "مستدركه" 1/ 116 كتاب: العلم. وقال: هذا لو كان محفوظًا من الراوي لكان من شرط الصحيح. وقال الذهبي: وله شواهد من حديث ابن عباس، فيه إبراهيم بن ميمون المعدني عدله عبد الرَّزّاق، ووثقه ابن معين. ورواه أَحْمد 6/ 396 والطبراني في "الكبير" 2/ 280 (2171) كلاهما من حديث أبي بصرة الغفاري، وللحديث دون قوله: "سألت الله أن لا يجمع أمتي على ضلالة"، وذكره الهيثمي في "مجمعه 7/ 222، وقال: رواه أَحْمد، والطبراني، وفيه: راو لم يسم، وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1331). (¬2) كذا في الأصل؛ وفي (س) بالشام: بدون همز.

بَيْعِهِ، وَكَانَ لَو اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ"، قَال سُفْيَانُ: كَانَ الحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَنَا بِهَذَا الحَدِيثِ عَنْهُ، قَال: سَمِعَهُ شَبِيبٌ مِنْ عُرْوَةَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَال شَبِيبٌ إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ، قَال سَمِعْتُ الحَيَّ يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ. [فتح: 6/ 632] (سفيان) أي: ابن عيينة. (سمعت الحي) أي: القبيلة التي أنا فيها. (يحدثون) في نسخة: "يتحدثون". (عن عروة) هو ابن الجعد، وقيل: ابن أبي الجعد. (وجاءه) في نسخة: "فجاءه". (قال سفيان: كان الحسن بن عمارة) إلى آخره قيل: الحسن بن عمارة كاذب فكيف جاز النقل عنه، وأجيب: بمنع أنَّه كان كاذبا، وبتقدير تسليمه فله متتابع عند الإِمام أَحْمد وأبي داود وغيرهما من طريق سعيد ابن زيد عن الزُّبير بن الخرِّيت عن أبي لبيد الصدوق قال: حَدَّثني عروة البارقي فذكر الحديث (¬1). 3643 - وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "الخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الخَيْلِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" قَال: وَقَدْ رَأَيْتُ فِي دَارِهِ سَبْعِينَ فَرَسًا قَال سُفْيَانُ يَشْتَرِي لَهُ شَاةً كَأَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ. [انظر: 2850 - مسلم: 1873 - فتح: 6/ 632] (قال) أي: شبيب. (في داره) أي: دار عروة. 3644 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". [انظر: 2849 - مسلم 1871 - فتح: 6/ 633] ¬

_ (¬1) "مسند أَحْمد" 4/ 375. و"سنن أبي داود" (3385) كتاب: البيوع، باب: في المضارب يخالف.

(يحيى) أي: ابن سعيد القطَّان. (عن عبد الله) أي: ابن عمر. (في نواصيها الخير) في نسخة: "معقود في نواصيها الخير" ومرَّ الحديث في كتاب: الجهاد (¬1). 3645 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ". [انظر: 2851 - مسلم: 1874 - فتح: 6/ 633] (عن أبي التَّيَّاح) هو يزيد بن حميد. (أنسًا) في نسخة: "أنس بن مالك". 3646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الخَيْلُ لِثَلاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَال لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، وَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا مِنَ المَرْجِ أَو الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ أَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا، كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَسِتْرًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَظُهُورِهَا فَهِيَ لَهُ كَذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الإِسْلامِ فَهِيَ وزْرٌ" وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الحُمُرِ فَقَال: "مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا إلا هَذِهِ الآيَةُ الجَامِعَةُ الفَاذَّةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8]. [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح 6/ 633] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2849) كتاب: الجهاد والسير، باب: الخيل معقود في نواصيها الخير ...

(في مرج) بسكون الراء وبالجيم: الموضع الذي يرعى فيه الدواب. (في طيلها) هو الحبل الذي يطول للدابة في مرعاها. (ونواء) بكسر النُّون وبالمد المناوأة: وهي العداوة. 3647 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ بُكْرَةً، وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ، وَأَحَالُوا إِلَى الحِصْنِ يَسْعَوْنَ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَال: "اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 6/ 633] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أَيُّوب) أي: السختياني. (عن محمَّد) أي: ابن سيرين. (فأجالوا) في نسخة: "وأحالوا" أي: تحولوا، أو انقلبوا. (خربت خيبر) أي؛ ستخرب في توجهنا إليها، ومرّ الحديث والثلاثة قبله في كتاب: الجهاد (¬1). 3648 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الفُدَيْكِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا فَأَنْسَاهُ، قَال: "ابْسُطْ رِدَاءَكَ" فَبَسَطْتُ، فَغَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ، ثُمَّ قَال: "ضُمَّهُ" فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ حَدِيثًا بَعْدُ. [انظر: 118 - مسلم: 2492 - فتح: 6/ 633] (ابن أبي الفديك) هو محمَّد بن إسماعيل. (عن ابن أبي ذئب) هو ¬

_ (¬1) سبق برقم (2889) كتاب: الجهاد والسير، باب فضل: الخدمة في الغزوة. وما قبله سبق برقم (2860) كتاب: الجهاد والسير، باب: الخيل الثلاثة. وما قبله سبق برقم (2851) كتاب: الجهاد والسير، باب: الخيل معقود في نواصيها الخير.

محمَّد بن عبد الرَّحْمَن. (عن المقبري) هو: محمَّد بن عبد الرَّحْمَن. (إنِّي سمعت منك حديثًا) إلى آخره، مرَّ في كتاب: العلم وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (118) كتاب: العلم، باب: حفظ العلم، (2047) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ}.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «لَا يشْكر الله مَنْ لَا يشْكر النَّاسَ» الحمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِه تتمُ الصالحاتُ فإنَّ إِخْرَاج هَذَا الْكتاب بِهَذِهِ الصُّورَة فِي فَتْرَة وجيزة كَانَ ثمرةَ تعاونٍ مَعَ: "مَرْكَز الْفَلاح للبحوث العلمية" لصَاحبه الشَّيْخ خَالِد الرِّبَاط وَالَّذِي عاون فِي الإشراف على هَذَا الْكتاب، بمشاركة الْأُخوة: خَالِد بُكير، وعصام حمدي (فِي الْمُقَابلَة وَالتَّعْلِيق والمراجعات) نَادِي فكري، وَمُحَمّد رَمَضَان (فِي التَّخْرِيج وَالتَّعْلِيق) كَمَا قَامَ بمراجعة متن البُخَارِيّ وَضَبطه: الدكتور جُمُعَة فتحي، وَالْأَخ أَحْمد روبي فجزاهم الله خيرًا وكل من شَارك مَعَهم على مَا بذلوه من جهد وَعون، أسأَل الله أَن يَجْعله فِي ميزَان حسناتهم، إنَّهُ سميع مُجيب. سُلَيْمَان بن دريع العازمي الكويت هَاتِف: 009659532016

منْحَةُ البَارِي بِشَرْح صَحِيح البُخَارِي [7]

جَمِيع الحقُوق مَحفُوظَة الطَّبعَة الأولى 1426 - هـ - 2005 م مكتبة الرشد ناشرون المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض - شَارِع الْأَمِير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن (طَرِيق الْحجاز) ص. ب: 17522 - الرياض: 11494 - هَاتِف: 4593451 - فاكس: 4573381 Email : [email protected] Website : www.rushd.com * فرع طَرِيق الْملك فَهد: الرياض - هَاتِف: 2051500 - فاكس: 2052301 * فرع مَكَّة المكرمة: هَاتِف: 5585401 - فاكس: 5583506 * فرع الْمَدِينَة المنورة: شَارِع أبي ذَر الْغِفَارِيّ - هَاتِف: 8340600 - فاكس: 8383427 * فرع جدة: ميدان الطائرة - هَاتِف: 6776331 - فاكس: 6776354 * فرع القصيم: بُرَيْدَة - طَرِيق الْمَدِينَة - هَاتِف: 3242214 - فاكس: 3241358 * فرع أَبِهَا: شَارِع الْملك فيصل - تلفاكس: 2317307 * فرع الدمام: شَارِع الْخزَّان - هَاتِف: 8150566 - فاكس: 8418473 وكلاؤنا فِي الْخَارِج * الْقَاهِرَة: مكتبة الرشد - هَاتِف: 2744605 * بيروت: دَار ابْن حزم هَاتِف: 701974 * الْمغرب: الدَّار الْبَيْضَاء - وراقة التَّوْفِيق - هَاتِف: 303162 - فاكس: 303167 * الْيمن: صنعاء - دَار الْآثَار - هَاتِف: 603756 * الْأُرْدُن: عمان - الدَّار الأثرية: 6584092 - جوال: 796841221 * الْبَحْرين: مكتبة الغرباء - هَاتِف: 957833 - 945733 * الإمارات: مكتبة دبي للتوزيع - هَاتِف: 43339998 - فاكس: 43337800 * سوريا: دَار البشائر: 231668 * قطر: مكتبة ابْن الْقيم - هَاتِف: 4863533

62 - كتاب فضائل الصحابة

62 - كتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابةِ

1 - باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

63 - كتاب فَضَائل الصَّحَابة 1 - بَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ رَآهُ مِنَ المُسْلِمِينَ فَهْوَ مِنْ أَصْحَابِهِ. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب: فضل أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -) لفظ (باب) ساقط من نسخة، وفي نسخة: "باب: فضل أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ". (أو رآه) أو: للتقسيم. 3649 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيَقُولُونَ: فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ". [انظر: 2897 - مسلم: 2532 - فتح: 7/ 3] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (فئام النَّاس) أي: جماعة منهم، ومرَّ الحديث في الجهاد، وفي علامات النبوة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2897) كتاب: الجهاد والسير، باب: من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب؛ (3594) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة.

3650 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ، سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، - قَال عِمْرَانُ فَلَا أَدْرِي: أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاثًا - ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ". [انظر: 2651 - مسلم: 2535 - فتح 7/ 3] (إسحاق) أي: ابن راهويه. (النضر) أي: ابن شميل. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي جمرة) بجيم وراء: هو نصر بن عمران الضبعي. (إن بعدكم قومًا) في نسخة: "إن بعدكم قوم" بالرفع، بمقدر أي: إن بعدكم يجيء قوم، ومرَّ الحديث مع الذي بعده في كتاب: الشهادات، في باب: من لا يشهد على جور (¬1) وقضيته: تفضيل الصَّحَابَة على من بعدهم وهو ما عليه الجمهور، لكنه قد يستشكل بخبر الإِمام أَحْمد بإسناد حسن وصححه الحاكم، قال أبو عبيدة: يَا رسول الله أأحد خير منا؟! أسلمنا معك وجاهدنا معك! قال: "قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني" (¬2) ويجاب بأنه إذا تعارض خبر "الصحيحين" وخبر غيرهما من كل وجه كان خبرهما مقدمًا. وبأن الخيرية في الثاني مقيدة بالإيمان مع عدم رؤيته - صلى الله عليه وسلم -، والخيرية من هذا الوجه لا تستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة. ¬

_ (¬1) سبقا برقمي (2650)، (2651) كتاب: الشهادات باب: من لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد. (¬2) "مسند أَحْمد" 4/ 106، "المستدرك"4/ 85، كتاب: معرفة الصَّحَابَة؛ ذكر فضائل الأمة بعد الصَّحَابَة والتابعين. وصححه الحاكم وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

2 - باب مناقب المهاجرين وفضلهم

3651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ"، قَال إِبْرَاهِيمُ: وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالعَهْدِ وَنَحْنُ صِغَارٌ. [انظر: 2652 - مسلم: 2533 - فتح: 7/ 3] (سفيان) أي: الثَّوريّ. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النَّخَعيّ. (عبيدة) بفتح العين، أي: ابن قيس السلماني. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (يضربونا) أي: ضرب تأديب. (على الشهادة والعهد) أي: اليمين أي: على الحرص عليهما، والمراد بالشهادة: قول الرَّجل أشهد باللهِ ما كان كذا، على معنى: الحلف. 2 - بَابُ مَنَاقِبِ المُهَاجِرِينَ وَفَضْلِهِمْ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ التَّيْمِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8] وَقَال اللَّهُ: {إلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 40] إِلَى قَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] " قَالتْ عَائِشَةُ: وَأَبُو سَعِيدٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: "وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغَارِ". (باب: مناقب المهاجرين وفضلهم) المناقب جمع منقبة ضد المثلبة، والفضل ضد النقص، وعطفه على المناقب عطف تفسير ولفظ (باب) ساقط من نسخة (التيمي) نسبة إلى جَدّ له أعلى وإلا فهو عبد الله

ابن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة يجتمع مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في مرة (- رضي الله عنه -) في نسخة: "رضوان الله عليه". (وقول الله) عطف على (مناقب). {لِلْفُقَرَاءِ} بدل من {وَلِذِي الْقُرْبَى}. {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} إلى قوله: ({هُمُ الصَّادِقُونَ}) ساقط من نسخة (وقال: {إلا}) في نسخة: "وقال الله: {إلا} " (إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} ساقط من نسخة. 3652 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقَال أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ البَرَاءَ فَلْيَحْمِلْ إِلَيَّ رَحْلِي، فَقَال عَازِبٌ: لَا، حَتَّى تُحَدِّثَنَا: كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجْتُمَا مِنْ مَكَّةَ، وَالمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ؟ قَال: ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ، فَأَحْيَيْنَا، أَوْ: سَرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ فَآويَ إِلَيْهِ، فَإِذَا صَخْرَةٌ أَتَيْتُهَا فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: اضْطَجِعْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَاضْطَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَنْظُرُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا، فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أَرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلامُ، قَال لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لَنَا؟ قَال: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَال: هَكَذَا، ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "بَلَى". فَارْتَحَلْنَا وَالقَوْمُ

يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال: "لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا". [انظر: 2439 - مسلم: 2009 (سيأتي بعد رقم: 3014) - فتح: 7/ 8] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (حتَّى أظهرنا) في نسخة: "حتَّى ظهرنا". (اشترى أبو بكر - رضي الله عنه - من عازب رَحْلًا) إلى آخره، مرَّ في علامات النبوة (¬1) (قد آن الرحيل) من كلام أبي بكر، أي: دخل وقته، ومرَّ في علامات النبوة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألم يأن للرحيل" (¬2)، ولا منافاة؛ لجواز اجتماعهما قاله الكرماني (¬3). ({تُريحُونَ}) يعني في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ} أي: (بالعشي). {تَسْرَحُونَ} يعني في قوله تعالى: {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} أي: (بالغداة) وقوله: ({تُريحُونَ}) إلى آخره ساقط من نسخة. 3653 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَنَا فِي الغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَال: "مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا". [3922، 4663 - مسلم: 2381 - فتح: 7/ 8] (همام) أي: ابن يحيى بن دينار. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3615) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة. (¬2) سبق برقم (3615) كتاب: المناقب، باب: علاماتِ النبوة. (¬3) "صحيح البُخَارِيّ بشرح الكرماني" 14/ 202.

3 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سدوا الأبواب، إلا باب أبي بكر"

3 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سُدُّوا الأَبْوَابَ، إلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ" قَالهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 467] (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سدوا الأبواب إلَّا باب أبي بكر) المراد: الأبواب المتصلة ببيوت من يدخل منها إلى المسجد، ولبيته باب آخر. فلا يشكل، لخبر أَحْمد والنَّسائيّ: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسد الأبواب الشارعة في المسجد (¬1)، وترك باب علي لأن بيت علي لم يكن له باب، غير الباب النافذ إلى المسجد، كما صرح به أبو بكر الكلاباذي في "معاني الأخبار" ونقله عنه شيخنا وأقره (¬2). 3654 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، النَّاسَ وَقَال: "إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ ذَلِكَ العَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ"، قَال: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ: أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ المُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 1/ 175. والحديث ضعيف ففيه عبد الله بن الرقيم قال ابن حجر في: "تقريب التهذيب". (3317): مجهول ونقل عن البُخَارِيّ قوله: فيه نظر؛ وقال المزي في "تهذيب الكمال" 14/ 505. (3267): روى له النَّسائيّ في "الخصائص" وقال لا أعرفه. وفيه عبد الله بن شريك وثقه يحيى بن معين وأبو زرعة. وقال أبو حاتم والنَّسائيّ: ليس به بأس وقال الجوزجاني: مختاري كذاب. وقال ابن حجر: صدوق. انظر: "تهذيب الكمال" 15/ 87، 88 (3332) و"تقريب التهذيب" (3384)، وأخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 131 (684) وأعله بعبد الله بن شريك وعبد الله بن القيم وليس كما قال بل هو ضعيف. (¬2) "فتح الباري" 7/ 15.

لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إلا سُدَّ إلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ". [انظر: 466 - مسلم: 2382 - فتح 7/ 12] (حدثني عبد الله) في نسخة: "حدثنا عبد الله". (أبو عامر) هو عبد الملك بن عمرو العقدي. (وكان أبو بكر أعلمنا) أي: بالمراد من الكلام. (إن من أمن النَّاس علي في صحبته، وماله أَبا بكر) من زائدة. و (أمن) أفعل تفضيل من المنِّ بمعنى: العطاء والبذل لا من المنة أي: إن أبذل النَّاس لنفسه وماله أبو بكر، وفي نسخة: "أبو بكر" ووجه بتقدير ضمير الشأن أي: إنه والجار والمجرور مع ما بعده جملة اسمية خبر إن. (ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أَبا بكر) أي: خليلا، واختلف في الخليل، فقيل: هو المنقطع إلى الله تعالى، وقيل: المختص، وسمى إبراهيم خليل الله؛ لأنه يوالي ويعادي فيه، وخلة الله له نصرة، وجعله إمامًا لمن بعده. وقيل: الخليل في الأصل الفقير المحتاج المنقطع، وسمي إبراهيم خليل الله؛ لأنه قصر حاجته عليه وانقطع بهمة إليه دون غيره، واختلف في الخلة فقيل: هي الاستصفاء، وقيل: صفاء المودة التي توجب الاختصاص بتخلل الأسرار، وقيل: المحبة، ومعناها: الإسعاف، والإلطاف، فعليه الخلة والمحبة، متساويتان، لكن خُصَّ إبراهيم بالخلة، ونبينا بالمحبة، وقيل: درجة الخلة أرفع لخبر: "لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أَبا بكر" والأكثر على أن درجة المحبة ارفع؛ لأن درجة الحبيب نبينا أرفع من درجة الخليل إبراهيم. ومرَّ الحديث في كتاب: الصلاة، في باب: الخوخة والممر في المسجد (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (467) كتاب: الصلاة، باب: الخوخة والممر في المسجد.

4 - باب فضل أبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم

4 - بَابُ فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: فضل أبي بكر بعد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: بيان فضله بعد فضل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. 3655 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ". [3689 - فتح: 7/ 16] (سليمان) أي: ابن بلال. (كنا نخير بين النَّاس) أي: نقول: فلان خير من فلان، وفلان خير من فلان. في زمن النَّبِيّ) في نسخة: "في زمان رسول الله". (فنخير أَبا بكر) أي: نفضله على غيره. (ثم عمر بن الخَطَّاب، ثم عثمان بن عفان) لفظ: (ابن الخَطَّاب) و (ابن عفان) ساقط من نسخة. 5 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا" قَالهُ أَبُو سَعِيدٍ. [انظر: 466] (باب: قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذًا خليلًا) أي: ذكر قوله: (لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أَبا بكر خليلًا). 3656 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا، لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي" [انظر: 467 - فتح: 7/ 17] (وهيب) أي: ابن خالد بن عجلان. (أَيُّوب) أي: السختياني. (ولكن أخي) أي: في الإِسلام. (وصاحبي) أي: في الغار والدار، فنفى الخلة المنبئة عن الحاجة وأثبت الإخاء المقتضي

للمساواة. وذلك لأن الخلة بالفتح الحاجة. فمعنى الحديث: لو كنت متخذًا خليلًا أرجع إليه في الحاجات واعتمد عليه في المهمات لاتخذت أَبا بكر خليلًا، والخلة بالضم: المحبة التي تخللت قلب الخليل بحيث لم يبق فيه لغيره متسع من الباب، ومنه إطلاق الخليل على إبراهيم في قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] أي حبيبًا، أو محبوبًا. 3657 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَال: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لاتَّخَذْتُهُ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ أَفْضَلُ". [انظر: 467 - فتح: 7/ 17] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ مِثْلَهُ. (معلي بن أسد) لفظ: (ابن أسد) ساقط من نسخة. (وموسى) أي: "ابن إسماعيل" كما في نسخة. (ولكن أخوة الإِسلام أفضل) زاد فيه (أفضل) واستشكل بأن الخلة أفضل من أخوة الإِسلام؛ لأنها أخص منها مطلقًا، وأجيب: بأن قوله: (أفضل) ليس محفوظًا، وبتقدير حفظه، فمعناه: أن أخوة الإِسلام دون المخاللة أفضل من المخاللة دون أخوة الإِسلام، ولا يشكل عليه اشتراك جميع الصَّحَابَة في هذه الفضيلة فإن رجحان أبي بكر عرف من غير ذلك. (قتيبة) أي: ابن سعيد. (عبد الوهَّاب) أي: الثَّقَفيّ. 3658 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: كَتَبَ أَهْلُ الكُوفَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الجَدِّ، فَقَال: أَمَّا الَّذِي قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلًا لاتَّخَذْتُهُ أَنْزَلَهُ أَبًا يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ". [فتح: 7/ 17] أخبرنا في نسخة: "حدثنا".

(كتب أهل الكوفة) أي: بعضهم وهو عبد الله بن عتبة. (إلى ابن الزُّبير) هو عبد الله. (في الجد) أي: في مسألة إرثه. (لاتخذته) أي: أَبا بكر كما ذكره بعده (أنزله) أي: أنزل أبو بكر - رضي الله عنه - الجده (أَبا) أي: منزلة الأب في استحقاق الإرث، يريد أنَّه يرث وحده دون الإخوة كالأب، وهو مذهب أبي حنيفة ومذهب الشَّافعيّ وغيره أنَّهم يرثون معه. (يعني) -أي: ابن الزُّبير، بالضمير البارز في اتخذته والمستتر في أنزله - (أبا بكر). وحاصله: أنَّه قال في جوابهم أما الذي قال رسول الله في حقه: "لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أَبا بكر خليلًا" أنزل الجد منزلة الأب في استحقاق الإرث فجواب أما أنزله والفاء فيه محذوفة (¬1) أي: فأنزله. 3659 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالتْ: أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ؟ كَأَنَّهَا تَقُولُ: المَوْتَ، قَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ". [7220، 7360 - مسلم: 2386 - فتح: 7/ 17] (حدثنا الحميدي) هو عبد الله بن الزُّبير، وفي نسخة: "باب: حَدَّثَنَا الحميدي". (إبراهيم بن سعد) لفظ: (ابن سعد) ساقط من نسخة. (أتت امرأة النَّبِيّ) في نسخة: "أتت امرأة إلى النبي". (أرأيت) أي: أخبرني. (قال: إن لم تجديني فأتي أَبا بكر) فيه إشارة إلى أن أَبا بكر هو الخليفة بعد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -[ولا ينافيه قول عمر: إن النَّبِيّ ¬

_ (¬1) وحذف الفاء من جواب أما لا يجوز عند الجمهور إلا في ضرورة أو ندور أو مقول قول محكي وذهب غيرهم -منهم ابن مالك- إلى جواز حذفها في الاختيار وسبق بيانه.

- صلى الله عليه وسلم -] (¬1) لم يستخلف؛ لأن مراده نفي النص على ذلك صريحًا. 3660 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هَمَّامٍ، قَال: سَمِعْتُ عَمَّارًا، يَقُولُ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا مَعَهُ، إلا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ، وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ". [3857 - فتح 7/ 18] (عن همام) أي: ابن الحارث النَّخَعيّ. (عمارًا) هو ابن ياسر. (وما معه) أي: ممن أسلم. (إلَّا خمسة أعبد) هم بلال، وزيد بن حارثة، وعامر بن فهيرة، وأبو فكيهة مولى صفوان بن أمية بن خلف، وعبيد بن زيد الحبشي، وأبدل بعضهم أَبا فكيهة بعمار بن ياسر. (وامرأتان) هما خديجة أم المُؤْمنين، وأم أيمن، أو سمية. 3661 - حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ" فَسَلَّمَ وَقَال: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الخَطَّابِ شَيْءٌ، فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَال: "يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ" ثَلاثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ، فَسَأَلَ: أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالُوا: لَا، فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ، فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، مَرَّتَيْنِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ، وَقَال أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي" مَرَّتَيْنِ، فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا. [4640 - فتح: 7/ 16] (عن أبي الدَّرداء) هو عويمر بن زيد بن قيس. (حتَّى أدى) أي: ¬

_ (¬1) من (س).

أظهر (أما صاحبكم) هو أبو بكر. (فقد غامر) بمعجمة أي: خاصم ولابس الخصومة وقسيم (أما صاحبكم) محذوف أي: وأما غيره فلا أعلمه (شيء) أي: من المراجعة. (فسارعت إليه) أي: بادرته بها. (يتمعر) بمهملة، وفي نسخة: بمعجمة مشددة مفتوحة أي: يتغير لونه من الضجر. (حتَّى أشفق أبو بكر) أي: خاف أن ينال عمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يكرهه. (فجثا) بمثلثة أي: برك. (أنا كنت أظلم) أي: لأنه البادي (مرتين) ظرف لقال، أو كنت. (وقال أبو بكر: صدق) في نسخة: "صدقت". (تاركو لي صحابي) فصل بين المتضايفين (¬1) بـ (لي) (¬2) عناية بتقديم لفظ الاختصاص وذلك جائز كقراءة ابن عامر {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} (¬3) [الأنعام: 137]، ¬

_ (¬1) الفصل بين المتضايفين بغير الظرف والمجرور فيه خلاف بين النحاة إذ هم فيه على أقوال أحدها: أنَّه لا يجوز الفصل بين المتضايفين بغير الظرف والمجرور. وهذا قول البصريين، واحتجوا بأن المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد وأن المضاف إليه بمنزلة التنوين من المضاف فلا يفصل بينهما بغير الظرف والمجرور لأنه يتسع فيهما ما لا يتسع في غيرهما. الثاني: أنَّه يجوز الفصل بينهما بغير الظروف والمجرور لضرورة الشعر، وهذا قول الكوفيين، واحتجوا بقراءة ابن عامر التي ذكرها المصنف هنا، وبأن الفصل بينهما قد استعملته العرب كثيرًا في أشعارها. الثالث: لبعض المتأخرين من النحاة، حيث جعلوا الفصل بينهما على ضربين الأول: ما يجوز فيه الفصل في سعة الكلام. الثاني: ما لا يجوز فيه الفصل إلَّا في الضرورة. (¬2) في هامش: (ج): أي بلفظ: لي في قوله: تاركوا لي، أي: بالجار والمجرور. (¬3) قرأ ابن عامر بضم زاي {زُيِّنَ} بالبناء للمجهول، ورفع {قَتْل} على أنَّه نائب فاعل للفعل {زُيِّنَ} ونصب {أولادِهِم} مفعولًا به للمصدر {قُتِلَ} وخفض {شُرَكَاؤُهُمْ} على إضافة المصدر {قَتْلَ} إليهم وفي هذه القراءة ضعف للفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول به وهذا لا يجيئ إلَّا في ضرورة الشعر.

بنصب أولادهم وخفض شركائهم، وفيه هنا جمع بين إضافتين إلى نفسه تعظيمًا لأبي بكر، وفي نسخة: "تاركون لي" بالنُّون فصاحبي منصوب بـ (تاركون) لا مجرور بالإضافة. (فما أوذي) أي: أبو بكر. (بعدها) أي: بعد هذه القصة لما أظهره النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من تعظيمه. 3662 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُخْتَارِ، قَال: خَالِدٌ الحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: "أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَال: "عَائِشَةُ"، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَال: "أَبُوهَا"، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: "ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ" فَعَدَّ رِجَالًا. [4358 - مسلم: 2348 - فتح: 7/ 18] (عن أبي عثمان) أي: النهدي. 3663 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً فَطَلَبَهُ الرَّاعِي، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَال: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي؟ وَبَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا وَلَكِنِّي خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ " قَال النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا". [انظر: 2324 - مسلم: 2388 - فتح: 7/ 18] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (عن شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (بينما راع) إلى آخره، مر في كتاب: الحرث، وفي غيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2324) كتاب: المزارعة، باب: استعمال البقر للحراثة، وبرقم (3471) كتاب: الأنبياء، باب: حديث الغار. وسيأتي برقم (3690) كتاب: =

3664 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ المُسَيِّبِ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ عَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالتْ غَرْبًا، فَأَخَذَهَا ابْنُ الخَطَّابِ فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ". [7021، 7022، 7475 - مسلم: 2329 - فتح: 7/ 18] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (قال: سمعت) في نسخة: (يقول: سمعت). (بينما أنا نائم) إلى آخره مرّ في أواخر علامات النبوة (¬1). 3665 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ" فَقَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي، إلا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلاءَ" قَال مُوسَى: فَقُلْتُ لِسَالِمٍ أَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ " مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ؟ قَال: لَمْ أَسْمَعْهُ ذَكَرَ إلا ثَوْبَهُ". [5783، 5784، 5791، 6062 - مسلم: 2085 (44) - فتح: 7/ 19] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (خيلاء) بالمد أي: كبرًا (لم ينظر الله إليه) أي: لم يرحمه. 3666 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ، - يَعْنِي الجَنَّةَ، - يَا ¬

_ = فضائل الصَّحَابَة باب: مناقب عمر بن الخَطَّاب. (¬1) سبق برقم (3634) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة.

عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصِّيَامِ، وَبَابِ الرَّيَّانِ"، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: مَا عَلَى هَذَا الَّذِي يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَال: هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ". [انظر: 1897 - مسلم: 1027 - فتح: 7/ 19] (من أبواب) بلا تنوين لإضافته في المعنى إلى الجنة كما أشار إليه بقوله (يعني الجنة) بالنصب (باب: الريان) بدل مما قبله، أو عطف بيان له. (من ضرورة) أي: من ضرر. (قال: نعم) أي: يدعى منها كلها وإن كان لا يدخل إلَّا من أحدها. والحاصل: أنَّه يفتح له أبوابها كلها ويدعى إلى الدخول منها تكرمة له لكن لا يدخل إلَّا من باب العمل الذي يكون أغلب عليه. ومرّ الحديث في الصوم (¬1). 3667 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ، - قَال: إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: وَقَال عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إلا ذَاكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ " فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ، قَال: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَال: أَيُّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ. [انظر: 1241 - فتح: 7/ 19] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1897) كتاب: الصوم، باب: الريان للصائمين.

(بالسنح) بضم المهملة وسكون النُّون وضمها وبحاء مهملة، وفسره بقوله: (يعني بالعالية) هي إحدى العوالي: وهي أماكن بأعلى أراضي المدينة (¬1). (ما مات رسول الله) الحامل لعمر على هذه المقالة قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] فظن بذلك أنَّه - صلى الله عليه وسلم - يبقى في أمته حتَّى يشهد عليها. (إلَّا ذاك) أي: عدم الموت. (فليقطعن) بفتح اللام والياء [وسكون القاف وفتح الطاء، وفي نسخة: "فليقطعن" بضم الياء] (¬2) وفتح القاف وكسر الطاء المشددة. (بأبي) أي: مفدي بأبي. (أيدي رجال وأرجلهن) قال ذلك عمر في قوم نافقوا وقالوا: مات النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. (لا يذيقك الله الموتتين أبدًا) أي: موتة الدنيا وموتة القبر: وهما الموتتان المعروفتان فلذلك ذكرهما بالتعريف وهما الواقعتان لكل أحد غير الأنبياء فإنهم لا يموتون في قبورهم. (على رسلك) بكسر الراء أي: على هينتك، والمعنى: أتئد في الحلف ولا تستعجل. 3668 - فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَال: أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَقَال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وَقَال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ ¬

_ (¬1) السنح: هي إحدى محال المدينة كان بها منزل أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين تزوج مليكة، وهي في أطراف المدينة، وهي منازل بني الحارث بن الخزرج بعوالي المدينة، وبينها وبين منزل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ميل. انظر: "معجم البلدان" 3/ 265. (¬2) من (س).

الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، قَال: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، قَال: وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إلا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلامًا قَدْ أَعْجَبَنِي، خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ، فَقَال فِي كَلامِهِ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ، فَقَال حُبَابُ بْنُ المُنْذِرِ: لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: لَا، وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ، وَأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ، هُمْ أَوْسَطُ العَرَبِ دَارًا، وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا، فَبَايِعُوا عُمَرَ، أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ، فَقَال عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا، وَخَيْرُنَا، وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَال قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقَال عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ". [انظر: 1242 - فتح: 7/ 19] (ألا) للتنبيه. (فنشج النَّاس يبكون) بنون فمعجمة فجيم مفتوحات يقال: نشج الباكي إذا غُصَّ بالبكاء في حلقه، وقيل النشج: بكاء معه صوت. (في سقيفة بني ساعدة) هي موضع سقف كالساباط. (فتكلم أبلغ النَّاس) بنصب (أبلغ) على الحال، ويجوز رفعه خبر مبتدإٍ محذوف، أي: فتكلم أي: وهو أبلغ النَّاس. (حباب) بضم المهملة. (هم) أي: قريش. (دارًا) أي: مكة. (وأعرب أحسابًا) أي: أشبههم شمائل وأفعالًا بالعرب، والحسب مأخوذ من الحساب يعني: إذا حسبوا مناقبهم فمن كان يعد لنفسه ولأبيه مناقب أكثر كان أحسب. (فبايعوا) بلفظ الأمر. (قتلتم سعد بن عبادة) هو كناية عن الإعراض والخذلان. (قتله الله) دعا عليه عمر لعدم نصرته للحق وتخلفه عن مبايعة أبي بكر، لكنه تُؤول أن

للأنصار في الخلافة استحقاقًا فهو معذور في تخلفه وإن كان مخطئًا. ومرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 3669 - وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، قَال: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القَاسِمِ، أَخْبَرَنِي القَاسِمُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "شَخَصَ بَصَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى ثَلاثًا، وَقَصَّ الحَدِيثَ، قَالتْ: فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إلا نَفَعَ اللَّهُ بِهَا لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ، وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ. [انظر: 1241 - فتح: 7/ 20] 3670 - ثُمَّ لَقَدْ بَصَّرَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ الهُدَى، وَعَرَّفَهُمُ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ وَخَرَجُوا بِهِ، يَتْلُونَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ، قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] [انظر: 1242 - فتح: 7/ 20] (عن الزبيدي) هو محمَّد بن الوليد. (شخص بصر النَّبِيّ) بفتح المعجمتين والمهملة أي: ارتفع. (في الرفيق الأعلى) أي: أدخلنى فيه وهو كناية عن جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلا عليين، وقيل: عين الجنة قال ذلك حين خير بين الموت والحياة فاختار الموت (¬2). (قالت) أي: عائشة. (فما كانت من خطبتهما من خطبة) من الأولى: تبعيضية، والثانية: زائدة أي: فما كانت خطبة من خطبتي أبي بكر وعمر. (إلَّا نفع الله بها) أي: النَّاس، وأرادت بخطبتهما كلامهما المذكور في الحديث. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1241) كتاب: الجنائز، باب: الدخول على الميت. (¬2) رواه الإِمام أَحْمد 4/ 211، والتِّرمذيّ (3659) كتاب: المناقب، باب: مناقب الصديق وقال: حديث حسن غريب. ورواه ابن حبان 14/ 558 (6594) كتاب: التاريخ" باب: مرض النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وضعف إسناده الألباني في "ضعيف الترمذي".

3671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَال: قُلْتُ لِأَبِي أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "أَبُو بَكْرٍ"، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: "ثُمَّ عُمَرُ"، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَال: "مَا أَنَا إلا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ". [فتح: 7/ 20] (سفيان) أي: الثَّوريّ. (أبو يعلى) هو منذر بن يعلق الثَّوريّ. (لأبي) هو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (وخشيت أن يقول: عثمان) قيل: لم خشي من الحق؟ وأجيب: بأنه بني على ظنه أن عليًّا خير من عثمان فخاف أن عليًّا يقول: عثمان خير مني. 3672 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ"، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالُوا: أَلا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالنَّاسِ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ؟ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ "وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ"، فَقَال: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، قَالتْ: فَعَاتَبَنِي، وَقَال مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، "فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إلا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا" فَقَال أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالتْ عَائِشَةُ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَوَجَدْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ. [انظر: 334 - مسلم: 367 - فتح: 7/ 20] (بالبيداء) بالمد: المفازة، والمراد هنا: موضع خاص قرب المدينة. وكذا في قوله (أو بذات الجيش) بجيم وستين معجمة. (ما هي) أي: البركة. ومرّ الحديث في التيمم (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (334) في أول كتاب: التيمم.

3673 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَال: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ". [مسلم: 2541 - فتح: 7/ 21] تَابَعَهُ جَرِيرٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، وَأَبُو مُعَاويَةَ، وَمُحَاضِرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ. (لا تسبوا أصحابي) أي: بسبب الحروب الواقعة بينهم؛ لأنهم مجتهدون فيها متأولون فسبهم حرام، والخطاب للحاضرين من الصَّحَابَة ولغيرهم، ولو من غير الصَّحَابَة ففيه تغليب الحاضر على الغائب. (ونصيفه) بفتح النُّون وبضمها مصغرًا، أي: نصفه، والنصف مثلث النون فمجموع ذلك خمس لغات. (تابعه) أي: شعبة. (جرير) أي: ابن عبد الحميد (أبو معاوية) هو محمَّد بن خازم. (ومحاضر) أي: ابن المورع. (عن الأَعمش) هو سليمان بن مهران. 3674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقُلْتُ: لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا، قَال: فَجَاءَ المَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا، فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ البَابِ، وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ البَابِ، فَقُلْتُ لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليَوْمَ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ البَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَال: أَبُو بَكْرٍ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ ذَهَبْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ؟ فَقَال: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ

بِالْجَنَّةِ". فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: ادْخُلْ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فِي القُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي البِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلانٍ خَيْرًا - يُرِيدُ أَخَاهُ - يَأْتِ بِهِ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ البَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَال: عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ؟ فَقَال: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"، فَجِئْتُ فَقُلْتُ: ادْخُلْ، وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ، فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي القُفِّ عَنْ يَسَارِهِ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي البِئْرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلانٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ البَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَال: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ" فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: ادْخُلْ، وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ، فَدَخَلَ فَوَجَدَ القُفَّ قَدْ مُلِئَ فَجَلَسَ وجَاهَهُ مِنَ الشَّقِّ الآخَرِ قَال شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ "فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ". [3693، 3695، 6216، 7097، 7262 - مسلم: 2403 - فتح: 7/ 21] (سليمان) أي: ابن بلال. (ووَجَّهَ) أي: توجه، أو وجه نفسه. (ها هنا) أي: إلى ها هنا، وفي نسخة: "ووجه" بسكون الجيم مضافًا إلى ها هنا، وهو مبتدأ خبره محذوف، أي: وجهة ها هنا مقصودة له، وفي أخرى: "ووجهه ها هنا" جملة من مبتدأ وخبر. (على إثره) بكسر الهمزة وبسكون المثلثة، وفي نسخة: "على أثره" بفتحهما. (ببئر أريس) بفتح الهمزة وكسر الراء، أي: بستان، والمعنى: ببئر بستان بقرب قباء. (قفها) بضم القاف وتشديد الفاء: حافتها. (لأكونن بواب رسول

الله) أي: وإن لم يأمرني به كما صرَّح به في رواية في الأدب (¬1) ولا ينافيه. كما قال النووي خبر التِّرْمِذِيّ: "يَا أَبا موسى أملك عليّ الباب فلا يدخل عليَّ أحد" (¬2) لاحتمال أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أمره بحفظ الباب أولًا إلى أن يقضي حاجته ويتوضأ ثم حفظ الباب أبو موسى بعد ذلك من تلقاء نفسه (¬3). (وجاهه) بضم الواو وكسرها أي: مقابله. (فأولتها قبورهم) أي: من جهة أن الشيخين مصاحبين له في الحفرة المباركة، وأما عثمان ففي البقيع مقابلًا لهم. 3675 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ، فَقَال: "اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ". [3686، 3697 - فتح: 7/ 22] (يحيى) أي: ابن سعيد القطَّان. (عن سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (وأبو بكر) عطف على الضمير المستتر في صعد. (فرجف) أي: اضطرب. (اثبت أحد) أي: يَا أحد وهو الجبل المعروف بالمدينة (¬4). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7097) كتاب: الفتن، باب: الفتنة التي تموج كموج البحر، ولا يوجد في كتاب الأدب ما يدل على أن النَّبِيّ لم يأمره. (¬2) "سنن التِّرْمِذِيّ" (3710) كتاب: المناقب، باب: في مناقب عثمان، وقال: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في: "صحيح التِّرْمِذِيّ". (¬3) "صحيح مسلم بشرح النووي" 15/ 170. (¬4) أحد: اسم الجبل الذي كانت عنده أحد، وبينه وبين المدينة قرابة ميل في شماليها، وعنده كانت الوقعة الفظيعة التي قتل فيها حمزة عم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وسبعون من المسلمين، وكسرت رباعية النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وشج وجهه الشريف. انظر "معجم البلدان" 1/ 109.

(فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان) حكمته: أنَّه لما رجف أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يبين هذه الرجفة ليست من جنس رجفة الجبل بقوم موسى لما حرفوا الكلم، وأن تلك رجفة غضب وهذه هزة طرب فنص على مقام النبوة والصديقين والشهادة اللاتي توجب سرور ما اتصلت به فأقر الجبل بذلك فاستقر. 3676 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا صَخْرٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَمَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا، جَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَحَالتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ، فَنَزَعَ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ"، قَال وَهْبٌ: "العَطَنُ: مَبْرَكُ الإِبِلِ، يَقُولُ: حَتَّى رَويَتِ الإِبِلُ فَأَنَاخَتْ " [انظر: 3634 - مسلم: 2393 - فتح: 7/ 22] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (صخر) أي: ابن جويرية مولى بني تميم، أو بني هلال. (بينما) في نسخة: "بينا" (أنا على بئر) أي: في المنام. ومرَّ الحديث في آخر علامات النبوة (¬1). 3677 - حَدَّثَنِي الوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الحُسَيْنِ المَكِّيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ، فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِي، يَقُولُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، لِأَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُنْتُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3634) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة.

6 - باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله عنه

وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ" فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. [2685 - مسلم: 2389 - فتح: 7/ 22] (حدثني) في نسخة: "حَدَّثَنَا". (ابن أبي الحسين) في نسخة: "ابن أبي حسين". (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة. (فدعوا الله) في نسخة: "يدعوا الله". (لقد وضع على سريره) أي: لما مات (رحمك) في نسخة: (يرحمك). (كنت وأبو بكر) في نسخة: "كنت أنا وأبو بكر". 3678 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَال: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ المُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ، فَقَال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28]. [3856، 4815 - فتح: 7/ 22] (الوليد) أي: ابن مسلم. (عن الأَوْزَاعِيّ) هو عبد الرَّحْمَن 6 - بَابُ مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَبِي حَفْصٍ القُرَشِيِّ العَدَويِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب) ساقط من نسخة. (مناقب عمر بن الخَطَّاب أبي حفص القُرشيّ العدوي - رضي الله عنه -) كناه بأبي حفص النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ولقبه أَيضًا بالفاروق، وقيل: لقبه به أهل الكتاب، وقيل: جبريل (¬1). 3679 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المَاجِشُونِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 270، 271.

بْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ، امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ، وَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَال: هَذَا بِلالٌ، وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَال: لِعُمَرَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ " فَقَال عُمَرُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ؟! [5226، 7024 - مسلم: 2394، 2457 - فتح: 7/ 40] 3680 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا". فَبَكَى عُمَرُ، وَقَال: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! [انظر: 3242 - مسلم: 2395 - فتح: 7/ 40] (عبد العزيز بن الماجشون) نسبه إلى جده، وإلا فهو ابن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، ولفظ (ابن) ساقط من نسخة. (بالرميصاء) بالقصر اسمها: سلمة بنت ملحان الأنصارية (خشفة) بسكون المعجمة الثَّانية وفتحها: خفيف الصوت، أو الحركة. (فقال: هذا بلال) قائله: يحتمل أن يكون جبريل - عليه السلام -، أو ملكًا غيره، أو بلالًا نفسه. (فقال: لعمر) أي: فقال جبريل، وفي نسخة: "فقالوا" أي: الملائكة، وفي أخرى: "فقالت "أي: الملائكة، أو الجارية ولا مانع من اجتماع الجميع. ومرَّ شرح الحديث مع ما بعده في باب: صفة الجنة (¬1). 3681 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو جَعْفَرٍ الكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3242) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة.

شَرِبْتُ، يَعْنِي، اللَّبَنَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرِّيِّ يَجْرِي فِي ظُفُرِي أَوْ فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ" فَقَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ؟ قَال: "العِلْمَ". [انظر: 82 - مسلم: 2391 - فتح: 7/ 40] (حمزة) أي: ابن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب. (حتَّى أنظر) بالرفع والنصب. (فما أولته) في نسخة: "فما أولت". (قال: العلم) أي: جهة اشتراكه مع اللبن في كثرة النفع، فالعلم للغذاء المعنوي واللبن للغذاء البدني. 3682 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أُرِيتُ فِي المَنَامِ أَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْو بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا، أَوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فَاسْتَحَالتْ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى رَويَ النَّاسُ، وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ" قَال ابْنُ جُبَيْرٍ: "العَبْقَرِيُّ: عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ " وَقَال يَحْيَى: الزَّرَابِيُّ: الطَّنَافِسُ لَهَا خَمْلٌ رَقِيقٌ، {مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: 16]: كَثِيرَةٌ. [انظر: 3634 - مسلم: 2393 - فتح: 7/ 41] (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (بدلو بكرة) بفتح الموحدة والكاف، وحكي بتثليث الموحدة وسكون الكاف، أي: الخشبة المستديرة التي يعلق فيها الدلو، وقيل: بفتح الكاف ذلك، وبسكونها: الأنثى الشابة من الإبل، وأضاف الدلو إليها؛ لأنها سبب للاستقاء بها بواسطة الدلو. (العبقري) أي: في قوله تعالى {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن: 76] معناه: (عتاق الزرابي). (وقال يحيى: الزرابي) أي: في قوله تعالى: {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)} [الغاشية: 16]، معناه (الطنافس التي لها خمل رقيق) بفتح الميم، أي:

أهداب. (مبثوثة) أي: في الآية المذكورة معناه: (كثيرة)، هذا بقية كلام يحيى كما جزم به شيخنا (¬1). وقول من قال: إن الظاهر أنَّه من كلام البُخَارِيّ رادًّا به على شيخنا محتجًا عليه بقوله قبل: ثم استطرد المصنف كعادته فذكر معنى صفة الزرابي الواردة في القرآن مردودٌ؛ لأن قوله: ثم استطرد المصنف إلى آخره لا يستلزم أنَّه يستطرده من قبل نفسه، كيف وقد عزا تفسير الزرابي إلى يحيى؟! ومرّ الحديث في مناقب أبي بكر (¬2). 3683 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الحَمِيدِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ، قَال: ح حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ، فَقَال عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الحِجَابَ" فَقَال عُمَرُ: فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قَال عُمَرُ: يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيهًا يَا ابْنَ الخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ، إلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ". [انظر: 3294 - مسلم: 2396 - فتح: 7/ 41] ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 46. (¬2) سبق برقم (3664) كتاب: "فضائل الصَّحَابَة" باب: فضل أبي بكر.

(عن صالح) أي: ابن كيسان. (أضحك الله سنك) لم يرد به الدعاء بكثرة الضحك، بل لازمه وهو السرور والفرح. ومرَّ الحديث في باب: صفة إبليس (¬1). 3684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ "مَازِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ". [3863 - فتح: 7/ 41] (يحيى) أي: ابن سعيد القطَّان. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (قيس) أي: ابن أبي حازم. (عبد الله) أي: ابن مسعود. (ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر) أي: لما فيه من الجلد والقوة في أمر الله تعالى. 3685 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ، يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِي إلا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي، فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ، وَقَال: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَحَسِبْتُ إِنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ". [انظر: 3677 - مسلم: 2389 - فتح: 7/ 41] (عبدان) أي: ابن عثمان بن جبلة. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (وضع عمر على سريره) أي: لأجل الغسل. (فتكنفه النَّاس) أي: أحاطوا به من جوانبه، والأكناف: في النواحي. (فلم يعني) بضم الراء، أي: لم يخوفني (أحب) بالنصب والرفع. (وحسبت أني) بفتح همزة أن مفعول سمعت، وبكسرها على الاستئناف التعليلي، ومرَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3294) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس.

الحديث آنفًا في مناقب أبي بكر (¬1). 3686 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، ح وقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، وَكَهْمَسُ بْنُ المِنْهَالِ، قَالا: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، قَال: "اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إلا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدَانِ". [انظر: 3567 - فتح: 7/ 42] (سعيد) أي: "ابن أبي عروبة" كما في نسخة. (وقال لي خليفة) أي: ابن خياط. (صعد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد) في نسخة: "صعد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أحدًا". (ما عليك إلَّا نبي أو صديق أو شهيد) أو بمعنى: الواو (¬2) وفي نسخة: "وصديق" بالواو أي: أبو بكر، وفي أخرى: "أو شهيدان" أي: عمر وعثمان. وصح التعبير عنهما في النسخة الأولى بشهيد؛ لأن فعيلًا يستوي فيه المفرد والمثنى والجمع. ومرّ الحديث في مناقب أبي بكر (¬3). 3687 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَرُ ابْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَأَلَنِي ابْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِ - يَعْنِي عُمَرَ -، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَال: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3677) كتاب: "فضائل الصَّحَابَة" باب: قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذًا خليلًا". (¬2) مجيء (أو) بمعنى الواو ذهب إليه قطرب والأخفش والجرمي وأبو عبيدة والكوفيون واختاره الفارسيّ، وابن جني وابن مالك وابنه بدر الدين وظاهر كلام المصنف هنا إجازته. ورد بعض النحاة مجيء (أو) بمعنى الواو، وجعله آخرون قليلًا لا يقاس عليه، وذهب الزجاجي إلى أنها تكون بمنزلة الواو في الشعر. (¬3) سبق برقم (3675) كتاب: فضائل الصَّحَابَة، باب: قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - "لو كنت متخذًا خليلًا".

حِينَ قُبِضَ، كَانَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ حَتَّى انْتَهَى مِنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ". [فتح: 7/ 42] (حتَّى انتهى) أي: إليه الأمر. (من عمر) متعلق بأفعل التفضيل أي: ما رأيت أحدًا أجدَّ ولا أجود في مدة خلافته إلى أن انتهت من عمر بن الخَطَّاب. 3688 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَال: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَال: "وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا". قَال: لَا شَيْءَ، إلا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ". قَال أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ" قَال أَنَسٌ: "فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ". [6167، 6171، 7153 - مسلم: 2631 - فتح: 7/ 42] (أن رجلًا) هو ذو الخويصرة، أو أبو موسى الأَشْعريّ، أو أعرابي. 3689 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ، فَإِنَّهُ عُمَرُ" زَادَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ، يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "مِنْ نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ". [انظر: 2469 - فتح: 7/ 42] (محدثون) في نسخة: "ناس محدثون" ومرَّ الحديث في باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (¬1). 3690 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالا: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3469) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.

يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا الذِّئْبُ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً فَطَلَبَهَا حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ، فَقَال لَهُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي"، فَقَال النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَمَا ثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ". [انظر: 2342 - مسلم: 2388 - فتح: 7/ 42] (بينما راع في غنمه) إلى آخره مرَّ في مناقب أبي بكر (¬1). 3691 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَيَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ"، قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَال: "الدِّينَ". [انظر: 23 - مسلم: 2390 - فتح: 7/ 43] (بينا أنا قائم) إلى آخره مرَّ في باب: تفاضل أهل الإيمان (¬2). 3692 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَال: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَال لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ، قَال: "أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (3663) كتاب: فضائل الصَّحَابَة، باب: قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - "لو كنت متخذًا خليلًا". (¬2) سبق برقم (23) كتاب: الإيمان، باب: تفاضل أهل الإيمان.

فَهُوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلاعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ" قَال: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ "دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بِهَذَا". [فتح: 7/ 43] (أَيُّوب) أي: السختياني. (يجزعه) بالتشديد أي: يزيل جزعه. (ولئن كان ذلك) أي: موتك بتلك الطعنة، وفي نسخة: "ولا كل ذلك" أي: ولا تبالغ فيما أَنْتَ فيه من الجزع، وفي أخرى: "ولا كان ذلك" كأنه دعاء أي: لا يكون الموت بتلك الطعنة، أو لا يكون ما تخافه. (ثم فارقته) أي: النَّبِيّ، وفي نسخة: "ثم فارقت". (ثم صحبت صحبتهم) بفتح المهملتين جمع صاحب وأراد بهم أصحاب النَّبِيّ الموجودين في زمن عمر، وبضمير الجمع أصحابه الموجودين في زمن أبي بكر، وفي نسخة: "ثم صحبتهم" بحذف صحبت. (فإن ذلك) في نسخة: "فإنما ذلك". (مَنٌّ) بفتح الميم وتشديد النُّون أي: عطاء. (طِلاع الأرض) أي: بكسر الطاء، أي: مِلأها. (بهذا) أي: بالحديث السابق. 3693 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" فَفَتَحْتُ لَهُ، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، فَبَشَّرْتُهُ بِمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"، فَفَتَحْتُ لَهُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ، فَقَال لِي: "افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ"، فَإِذَا عُثْمَانُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ قَال: اللَّهُ المُسْتَعَانُ. [انظر: 3674 - مسلم: 2403 - فتح: 7/ 43]

7 - باب مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي رضي الله عنه

(أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (كنت مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في حائط) إلى آخره مرَّ في مناقب أبي بكر (¬1). 3694 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ، قَال: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ". [6264، 6632 - فتح: 7/ 43] (ابن وهب) هو عبد الله المصري. (حيوة) أي: ابن شريح، وفي نسخة قبل السند: "باب" بلا ترجمة. (كنا مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب) ذكره مختصرًا هنا، وسيأتي بتمامه في الأيمان والنذور (¬2)، وسيأتي الكلام عليه ثَمَّ إن شاء الله. 7 - بَابُ مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَبِي عَمْرٍو القُرَشِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَحْفِرْ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الجَنَّةُ". فَحَفَرَهَا عُثْمَانُ، وَقَال: "مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ" فَجَهَّزَهُ عُثْمَانُ. [انظر: 2778] (باب: مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القُرشيّ - رضي الله عنه -) أي: بيان ذلك ولقبه ذو النورين؛ لأنه لم يعلم أحد تزوج ابنتي نبي غيره (¬3)، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3674) كتاب: فضائل الصَّحَابَة، باب: قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - "لو كنت متخذًا خليلًا". (¬2) سيأتي برقم (6632) كتاب: الإيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) رواه البيهقي 7/ 73 كتاب: النكاح، باب: تسمية أزواج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقيل: لأنه كان يختم القرآن في الوتر (¬1) والقرآن نور وقيام الليل نور ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. (جيش العسرة) هو غزوة تبوك (¬2). (فجهزه عثمان) أي: بألف دينار وتسعمائة وخمسين بعيرًا وخمسين فرسًا. 3695 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الحَائِطِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ، فَقَال: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَقَال: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"، فَإِذَا عُمَرُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ"، فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. [انظر: 3674 - مسلم: 2403 - فتح: 7/ 53] قَال حَمَّادٌ، وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَلِيُّ بْنُ الحَكَمِ، سَمِعَا أَبَا عُثْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى، بِنَحْوهِ وَزَادَ فِيهِ عَاصِمٌ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ، قَدِ انْكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ رُكْبَتِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا". (عن أبي عثمان) هو عبد الرَّحْمَن بن مل. (حماد) أي: ابن زيد (هنيهة) تصغير هنهة، وأصلها: هنوة وتصغيرها هنيَّة فأبدل من ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 2/ 95 كتاب: الصلاة، باب: في الوتر وما يقرأ فيه. والدارقطني 2/ 34 كتاب: الصلاة، باب: ما يقرأ في ركعات الوتر والقنوت فيه. والبيهقي 3/ 24 كتاب: الصلاة، باب: الوتر بركعة واحدة ومن أجاز أن يصلي. (¬2) تبوك: موضع بين وادي القرى والشَّام، وبينها وبين الحجر وأول الشَّام على أربع مراحل من الحجر نحو نصف طريق الشَّام، وتوجه النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك سنة تسع للهجرة، وهي آخر غزوات النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. انظر: "معجم البلدان" 2/ 14.

الياء الثَّانية هاء فصار هنيهة، أي: شيء قليل. (فلما دخل عثمان غطاها) أي: ركبته، وفيه: دليل على أنها ليست عورة، وإنما غطاها من عثمان؛ لأن عثمان كان مشهورًا بكثرة الحياء فاستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه ما يقتضي الحياء، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة" رواه مسلم (¬1). 3696 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُونُسَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، قَالا: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ عُثْمَانَ لِأَخِيهِ الوَلِيدِ، فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ، فَقَصَدْتُ لِعُثْمَانَ حَتَّى خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، قُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، وَهِيَ نَصِيحَةٌ لَكَ، قَال: يَا أَيُّهَا المَرْءُ - قَال مَعْمَرٌ أُرَاهُ قَال: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ - فَانْصَرَفْتُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ إِذْ جَاءَ رَسُولُ عُثْمَانَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَال: مَا نَصِيحَتُكَ؟ فَقُلْتُ: "إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَاجَرْتَ الهِجْرَتَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الوَلِيدِ، قَال: أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا يَخْلُصُ إِلَى العَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا، قَال: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، فَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ، وَهَاجَرْتُ الهِجْرَتَيْنِ، كَمَا قُلْتَ، وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ مِثْلُهُ، ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ، أَفَلَيْسَ لِي مِنَ الحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لَهُمْ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَال: فَمَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ؟ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الوَلِيدِ، فَسَنَأْخُذُ فِيهِ بِالحَقِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا، فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِدَهُ فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ". [3872، [3927 - فتح: 7/ 53] ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2401) كتاب: "فضائل الصَّحَابَة" باب: من فضائل عثمان بن عفان.

(لأخيه) أي: لأجله، وفي نسخة: "في أخيه" أي: أخيه لأمه. (الوليد) أي: ابن عقبة أي: ابن أبي معيط. (قد أكثر الناس) أي: في الوليد القول المنكر ومنه أنه صلَّى الصبح أربع ركعات ثم التفت إليهم وقال: أزيدكم وكان سكرانًا. (يا أيها المرء منك) أي: أعوذ بالله منك كما أشار إليه بقوله: (قال معمر) إلى آخره. (فرجعت إليهم) أي: إلى المسور، وعبد الرحمن بن الأسود ومن معهما. (فهاجرت الهجرتين) أي: الهجرة إلى الحبشة، والهجرة إلى المدينة. (هديه) أي: طريقته. (ولكن خلص إليَّ) بفتح اللام أي: وصل إليّ. (من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها) أراد بذلك أن علم النبي - صلى الله عليه وسلم - كان شائعًا ذائعًا حتى وصل إلى البكر المخدرة في سترها فوصوله إليه مع حرصه عليه بالطريق الأولى. (مثل الذي لهم) أي: عليَّ. (فما هذه الأحاديث) جمع أحدوثة: وهي ما يتحدث به وهي هنا التي كانوا يتكلمون بها من تأخيره إقامة الحد على الوليد ونحوها. (أما من شأن الوليد) إلخ قسيمه محذوف، أي: وأما من شأن غيره فلا أعلمه فإن علمته أنت فاذكره لي؛ لأذكر لك جوابه. (ثم دعا عليًّا فأمره أن يجلده) في نسخة: "أن يجلد" بحذف الضمير، وإنما أخر عثمان إقامة الحد عليه ليكشف عن حال من شهد عليه بذلك، فلمَّا وضح له ذلك الأمر عزله مما ولاه عليه من أمر الكوفة، وأمر بإقامة الحد عليه. (فجلده ثمانين) هو كما قال الكرماني على خلاف المشهور، أن غير علي هو الذي جلد وأن الجلد أربعون، فلعل البخاري ثبت عنده ذلك، أو تجوَّز الراوي فيه باعتبار أن عليًّا هو العاد، وأما الثمانون؛ فلأن السوط كان له طرفان كما رواه ابن عيينة

فجعل كل طرف جلدة (¬1). وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح الروض" وغيره (¬2). 3697 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا شَاذَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ المَاجِشُونُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ" تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ. [انظر: 3130، 3655 - فتح: 7/ 53] (شاذان) هو لقب الأسود بن عامر. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نعدل بأبي بكر أحدًا ثم عمر ثم عثمان) ترك ابن عمر عليًّا مع أنه أفضل بعدهم، قال الخطابي: لأنه أراد الشيوخ وذوي الإسنان منهم الذين كان - صلى الله عليه وسلم - يشاورهم، وكان علي في زمانه حديث السن ولم يرد ابن عمر الإزراء بعلي ولا تأخيره عن الفضيلة بعد عثمان؛ لأن فضله لا ينكره أحد. (تابعه) أي: شاذان. 3698 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ البَيْتَ، فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا، فَقَال: ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 14/ 231، 232، ورواية ابن عيينة رواها: عبد الرزاق في "مصنفه" 7/ 378 (13544) كتاب: الطلاق، باب: حد الخمر. وأبو يعلى في "مسنده" 1/ 448 (599) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 154، والبيهقي 8/ 321 كتاب: الأشربة، باب: ما جاء في عدد حد الخمر. (¬2) "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 4/ 160، و"فتح الوهاب بشرح الطلاب" 2/ 165.

مَنْ هَؤُلاءِ القَوْمُ؟ فَقَالُوا هَؤُلاءِ قُرَيْشٌ، قَال: فَمَنِ الشَّيْخُ فِيهِمْ؟ قَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَال: يَا ابْنَ عُمَرَ، إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَال: نَعَمْ، قَال: اللَّهُ أَكْبَرُ، قَال: ابْنُ عُمَرَ: تَعَال أُبَيِّنْ لَكَ، أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَسَهْمَهُ" وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ اليُمْنَى: "هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ". فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ، فَقَال: "هَذِهِ لِعُثْمَانَ" فَقَال لَهُ ابْنُ عُمَرَ اذْهَبْ بِهَا الآنَ مَعَكَ. [فتح: 7/ 54] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (تعال أبين لك) بجزم أبين. (هذه لعثمان) أي: عنه. (اذهب بها) أي: بالأجوبة التي أجبتك بها. 3699 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُمْ قَال: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ، وَقَال: "اسْكُنْ أُحُدُ - أَظُنُّهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ -، فَلَيْسَ عَلَيْكَ إلا نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ". [انظر: 3675 - فتح: 7/ 53] (يحيى) أي: ابن سعيد. (صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدًا) إلى آخره مرَّ شرحه في مناقب أبي بكر (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3675) كتاب: المناقب، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لو كنت متخذًا خليلًا".

8 - [باب] قصة البيعة، والاتفاق على عثمان بن عفان - رضي الله عنه -

8 - [باب] قِصَّةِ البَيْعَةِ، وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه - (باب: قصة البيعة، والاتفاق على عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وفيه مقتل عمر - رضي الله عنه -) لفظ: (باب) ساقط من نسخة، وقوله: (وفيه) إلى آخره ساقط من أخرى، و (البيعة) بفتح الموحدة: المعاقدة والمعاهدة كأنَّ كلًّا من المتبايعين باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته. 3700 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ، وَقَفَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ، وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: " كَيْفَ فَعَلْتُمَا، أَتَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا قَدْ حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ؟ قَالاَ: حَمَّلْنَاهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ، مَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ، قَالَ: انْظُرَا أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ، قَالَ: قَالاَ: لاَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ، لَأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ العِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا، قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ، قَالَ: إِنِّي لَقَائِمٌ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ، وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، قَالَ: اسْتَوُوا، حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، وَرُبَّمَا قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ، أَوِ النَّحْلَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ , فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ كَبَّرَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَتَلَنِي - أَوْ أَكَلَنِي - الكَلْبُ، حِينَ طَعَنَهُ، فَطَارَ العِلْجُ بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ، لاَ يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلاَ شِمَالًا إِلَّا طَعَنَهُ، حَتَّى طَعَنَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا، فَلَمَّا ظَنَّ العِلْجُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وَتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، فَمَنْ يَلِي عُمَرَ فَقَدْ رَأَى الَّذِي أَرَى، وَأَمَّا نَوَاحِي المَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ لاَ يَدْرُونَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ، وَهُمْ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلاَةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي، فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: غُلاَمُ المُغِيرَةِ، قَالَ: الصَّنَعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ، لَقَدْ

أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا، الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مِيتَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ، قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ العُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ، - وَكَانَ [العَبَّاسُ] أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا - فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَعَلْتُ، أَيْ: إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا؟ قَالَ: كَذَبْتَ بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ، وَصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ، وَحَجُّوا حَجَّكُمْ. فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ، وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، فَقَائِلٌ يَقُولُ: لاَ بَأْسَ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: أَخَافُ عَلَيْهِ، فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ، فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَجَاءَ النَّاسُ، فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ لَكَ، مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدَمٍ فِي الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ شَهَادَةٌ، قَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافٌ لاَ عَلَيَّ وَلاَ لِي، فَلَمَّا أَدْبَرَ إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الأَرْضَ، قَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الغُلاَمَ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي ارْفَعْ ثَوْبَكَ، فَإِنَّهُ أَبْقَى لِثَوْبِكَ، وَأَتْقَى لِرَبِّكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، انْظُرْ مَا عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ، فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَهُ، قَالَ: إِنْ وَفَى لَهُ، مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِلَّا فَسَلْ فِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَسَلْ فِي قُرَيْشٍ، وَلاَ تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، فَأَدِّ عَنِّي هَذَا المَالَ انْطَلِقْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلاَمَ، وَلاَ تَقُلْ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ اليَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيرًا، وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَسَلَّمَ وَاسْتَأْذَنَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ السَّلاَمَ، وَيَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، وَلَأُوثِرَنَّ بِهِ اليَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ، قِيلَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَدْ جَاءَ، قَالَ: ارْفَعُونِي، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: الَّذِي تُحِبُّ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَذِنَتْ، قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا أَنَا قَضَيْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ، فَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي، وَإِنْ رَدَّتْنِي رُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ، وَجَاءَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ وَالنِّسَاءُ تَسِيرُ مَعَهَا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهَا

قُمْنَا، فَوَلَجَتْ عَلَيْهِ، فَبَكَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَالُ، فَوَلَجَتْ دَاخِلًا لَهُمْ، فَسَمِعْنَا بُكَاءَهَا مِنَ الدَّاخِلِ، فَقَالُوا: أَوْصِ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اسْتَخْلِفْ، قَالَ: مَا أَجِدُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَرِ، أَوِ الرَّهْطِ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَسَمَّى عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَسَعْدًا، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ: يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ - كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ - فَإِنْ أَصَابَتِ الإِمْرَةُ سَعْدًا فَهُوَ ذَاكَ، وَإِلَّا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ أَيُّكُمْ مَا أُمِّرَ، فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ، وَلاَ خِيَانَةٍ، وَقَالَ: أُوصِي الخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي، بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا، {الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَأَنْ يُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلاَمِ، وَجُبَاةُ المَالِ، وَغَيْظُ العَدُوِّ، وَأَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلَّا فَضْلُهُمْ عَنْ رِضَاهُمْ. وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ العَرَبِ، وَمَادَّةُ الإِسْلاَمِ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ، وَيُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلاَ يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ، فَلَمَّا قُبِضَ خَرَجْنَا بِهِ، فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي، فَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، قَالَتْ: أَدْخِلُوهُ، فَأُدْخِلَ، فَوُضِعَ هُنَالِكَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ اجْتَمَعَ هَؤُلاَءِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلاَثَةٍ مِنْكُمْ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ طَلْحَةُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عُثْمَانَ، وَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمَا تَبَرَّأَ مِنْ هَذَا الأَمْرِ، فَنَجْعَلُهُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ عَلَيْهِ وَالإِسْلاَمُ، لَيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَهُمْ فِي نَفْسِهِ؟ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ وَاللَّهُ عَلَيَّ أَنْ لاَ آلُ عَنْ أَفْضَلِكُمْ قَالاَ: نَعَمْ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَقَالَ: لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالقَدَمُ فِي الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ، وَلَتُطِيعَنَّ، ثُمَّ خَلاَ بِالْآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَخَذَ المِيثَاقَ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ فَبَايَعَهُ، فَبَايَعَ لَهُ عَلِيٌّ، وَوَلَجَ أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ". [انظر: 1392 - فتح: 7/ 95]

(أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن حصين) بالتصغير، أي: ابن عبد الرحمن الكوفي. (بأيام) أي: أربعة كما يأتي. (كيف فعلتما؟) أي: في أرض سواد العراق حين توليتما مسحها (انظرا) أي: في التحميل، أو هو كناية عن الحذر؛ لأنه مستلزم للنظر. (إلا رابعة) أي: صبيحة رابعة، وفي نسخة: "إلا أربعة" أي: أربعة أيام. (قال: إني) أي: قال عمرو بن ميمون. (فيهن) أي: في الصفوف، وفي نسخة: "فيهم" أي: في أهلها. (فطار العلج) بكسر المهملة: وهو الرجل الشديد من الكفار، والمراد: أبو لؤلؤة أي: أسرع في مشيه. (برنسًا) هو قلنسوة طويلة، وقيل: كساء. يجعله الرجل في رأسه. (فمن يلي) مقول عمرو بن ميمون. (رأى الذي أرى) أي: من طعن العلج لعمر. (قال: الصنع؟) بفتح المهملة والنون هو الصانع الحاذق في صناعته. (ميتتي) بكسر الميم، وفي نسخة: "منيتي". (قد كنت) إلى آخره، أي: قال عمر لابن عباس: قد كنت. (فقال) أي: ابن عباس لعمر. (إن شئت قتلنا) أي: من المدينة من العلوج. (بعد ما تكلموا لسانكم) إلى آخره أي: فهم مسلمون والمسلم لا يجوز قتله بغير حق. (فأتي بنبيذ) أي: غير مسكر. (من جوفه) أي: "من جرحه" كما في نسخة. "فعلموا" في نسخة "فعرفوا". (وجاء الناس يثنون) في نسخة: "فجاء الناس فجعلوا يثنون". (أن ذلك كفاف) في نسخة: "كفافًا" بالنصب اسم أن. (لا عليّ ولا لي) أي: سواء بسواء لا عقاب ولا ثواب. (ابن أخي) في نسخة: (يا ابن أخي) أي: في الإسلام. (فإنه أبقى) بموحدة، وفي نسخة بنون. (وأتقى) بفوقية. (يا عبد الله) إلى

آخره، أي: قال عمر لابنه: يا عبد الله. (ولا تعدهم) بسكون العين أي: لا تتجاوزهم. (ولا تقل أمير المؤمنين) إلى آخره أشار به لما أيقن بموته إلى أن عائشة لا تحابيه؛ لكونه أمير المؤمنين. (ما كان من شيء أهم) بنصب (أهم) خبر كان. (قضيت) في نسخة: "قبضت". (ثم سلم) إلى آخره قاله: ثانيًا خوفًا من أن يكون الإذن الأول حياء منه؛ لصدوره في حياته [وأن ترجع بعد موته] (¬1). (ما أحد أحق) في نسخة: "ما أحدًا أحق" وفي أخرى: "ما أجد أحدًا أحق". (يشهدكم) أي: أن يحضركم. (وليس له من الإمرة) أي: من الخلافة. (كهيئة التعزية له) أي: في عدم إدخاله فيمن عينهم للخلافة. وهذا كما قال الكرماني: من كلام الراوي لا من كلام عمر (¬2). (فإن أصابت الإمرة) في نسخة: "فإن أصابت الإمارة". (بالمهاجرين الأولين) هم من أدرك بيعة الرضوان، أو من صلى إلى القبلتين. (الذين تبوؤا الدار والإيمان) أي: اتخذوهما ولزموهما، أو تبوؤا الدار وأخلصوا الإيمان كقوله: علفتها تبنًا وماء باردًا (¬3)، أي: وسقيتها ماء باردًا. (من قبلهم) أي: من قبل مجيء الرسول وأصحابه إليهم. (ردء الإسلام) أي: عونة. (إلا فضلهم عن رضاهم) أي: إلا ما فضل عنهم برضاهم. (من حواشي أموالهم) بحاء مهملة، أي: التي ليست بخيار ولا كرام. (بذمة الله وذمة رسوله) أي: بأهل الذمة. (اجعلوا إلى ثلاثة منكم) أي: في اختيار من يجعل خليفة ليقل ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 14/ 239. (¬3) مرَّ ذكر هذا الشاهد النحوي مرارًا.

9 - باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن رضي الله عنه

الاختلاف. (من هذا الأمر) أي: من آفته (والله عليه) مبتدأ وخبر، أي: رقيب عليه. (والإسلام) بالرفع عطف على لفظ الجلالة، أي: والإسلام كذلك. (لينظرن) بفتح اللام بلفظ الأمر للغائب. (أفضلهم في نفسه) أي: في معتقده. (فأسْكِتَ الشيخان) أي: عثمان وعلي، وهو بفتح الهمزة والكاف مبنيًّا للفاعل بمعنى سكت، وفي نسخة: بالبناء للمفعول. (أفتجعلونه) أي: أمر الولاية. (والله علي) أي: رقيب. (لا آلو) أي: لا أقصر. (قالا) أي: عثمان وعلي. (فأخذ بيد أحدهما) هو علي. (والقدم) بفتح القاف وكسرها. (ما قد علمت) صفة للقدم، أو بدل منه. (أمرتك) بتشديد الميم. (ثم خلا بالآخر) هو عثمان. (وولج) بفتح اللام، أي: دخل. (أهل الدار) أي: المدينة. وفي الحديث: شفقة عمر على المسلمين واهتمامه بأمور الدين أكثر من اهتمامه بأمر نفسه، والوصية بأداء الدَّين، والاعتناء بالرفق عند أهل الخير والمشورة في نصب الإمام، وأن الإمامة تنعقد بالبيعة، ومرَّ بعض الحديث، في كتاب: الجنائز (¬1). 9 - بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ القُرَشِيِّ الهَاشِمِيِّ أَبِي الحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ". [4251]، وَقَال عُمَرُ: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ". [انظر: 1392] (باب: مناقب علي بن أبي طالب أبي الحسن القرشي الهاشمي ¬

_ (¬1) سبق برقم (1392) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر رضي لله عنه.

- رضي الله عنه -) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. (أنت مني وأنا منك) أي: كل منا متصل بالآخر قربًا وعلمًا. 3701 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ"، قَال: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَال: "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ". فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ". فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَال عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَال: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ". [انظر: 2942 - مسلم: 2406 - فتح: 7/ 70] (عبد العزيز) أي: ابن أبي حازم سلمة بن دينار. (يدوكون) أي: يخوضون (خير لك من أن يكون لك حمر النعم) يعني: الإبل وحمرها أحسن أموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وليس عندهم شيء أعظم منه، وتشبيه أمور الآخرة بأعراض الدنيا إنما هو للتقريب إلى الفهم، وإلا فذرَّةٌ من الآخرة خير من الأرض وما فيها وأمثالها معها، ومرَّ شرح الحديث مع ما بعده في الجهاد (¬1). 3702 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَال: كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَال: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2942) كتاب: الجهاد والسير، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ، أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ، غَدًا رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ قَال: يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ " فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. [انظر: 2975 - مسلم: 2407 - فتح: 7/ 70] (حاتم) أي: ابن إسماعيل الكوفي. (عن سلمة) أي: ابن الأكوع. (يفتح الله عليه) في نسخة: "يفتح الله على يديه". [(وما نرجوه) أي: ولا نرجو قدومه للرمد الذي به] (¬1). (فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: "الراية" كما في نسخة. 3703 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا، جَاءَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فَقَال: هَذَا فُلانٌ، لِأَمِيرِ المَدِينَةِ، يَدْعُو عَلِيًّا عِنْدَ المِنْبَرِ، قَال: فَيَقُولُ: مَاذَا؟ قَال: يَقُولُ لَهُ: أَبُو تُرَابٍ فَضَحِكَ، قَال: وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ إلا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ، فَاسْتَطْعَمْتُ الحَدِيثَ سَهْلًا، وَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ كَيْفَ ذَلِكَ قَال: دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ ثُمَّ خَرَجَ فَاضْطَجَعَ فِي المَسْجِدِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ، قَالتْ: فِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَوَجَدَ رِدَاءَهُ قَدْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ، وَخَلَصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ " فَيَقُولُ: "اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ مَرَّتَيْنِ". [انظر: 441 - مسلم: 2409 - فتح: 7/ 70] (يدعو عليًّا) أي: بشيء غير مرضي عند الرجل. (فضحك) أي: سهل. (وما كان له) في نسخة: "وما كان والله له". (فاستطعمت الحديث سهلًا) أي: سألت سهلًا عن الحديث وتمام القصة. وفيه: استعارة استطعام للتحدث بجامع ما بينهما من الذوق ¬

_ (¬1) من (د).

فللطعام الذوق الحسي، وللتحدث الذوق المعنوي. (يا أبا عباس) كنية سهل. (كيف) زاد في نسخة "ذلك" ومرّ الحديث، في باب: نوم الرجل في المسجد من كتاب: الصلاة (¬1). 3704 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَال: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ عُثْمَانَ، فَذَكَرَ عَنْ مَحَاسِنِ عَمَلِهِ، قَال: لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوءُكَ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ، قَال: هُوَ ذَاكَ بَيْتُهُ، أَوْسَطُ بُيُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: لَعَلَّ ذَاكَ يَسُوءُكَ؟ قَال: أَجَلْ، قَال: فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ انْطَلِقْ فَاجْهَدْ عَلَيَّ جَهْدَكَ". [انظر: 3130 - فتح / 7/ 70] (حسين) أي: ابن علي الجعفي. (عن زائدة) أي: ابن قدامة. (عن أبي حصين) هو عثمان بن عاصم الأسدي. (جاء رجل) هو نافع بن الأزرق. (فأرغم الله بأنفك) أي: ألصقه بالرغام: وهو التراب. (أوسط بيوت النبي) أي: أحسنها. (فأجهد عليَّ جهدك) بفتح الجيم أي: أفعل في حقي ما تقدر عليه فإن الذي قلته لك الحق، وقائل الحق لا يبالي ما قيل فيه من الباطل. 3705 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، قَال: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ، شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لِأَقُومَ، فَقَال: "عَلَى مَكَانِكُمَا". فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، وَقَال: "أَلا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ، وَتُسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَتَحْمَدَا ثَلاثًا ¬

_ (¬1) سبق برقم (441) كتاب: الصلاة، باب: نوم الرجال في المسجد.

وَثَلاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ". [انظر: 3113 - مسلم: 2727 - فتح: 7/ 71] (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (ابن أبي ليلى) هو عبد الرحمن. (على مكانكما) أي: الزماه ولا تفارقاه. "تكبرا" بلفظ المضارع، وفي نسخة: (تكبران) بنون، وفي نسخة: "فكبرا". (أربعًا) في نسخة: "ثلاثًا". (فهو خير لكما من خادم) قيل فيه: أن من واظب [على] (¬1) ذلك عند النوم لم يعي؛ لأن فاطمة - رضي الله عنها - اشتكت التعب من العمل فأحالها على ذلك، قال القاضي عياض: معنى الخيرية أن عمل الآخرة أفضل من أمور الدنيا (¬2). 3706 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، قَال: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِنْ مُوسَى؟ ". [4416 - مسلم: 2404 - فتح: 7/ 71] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سعد) أي: ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟) قال له حين خرج إلى تبوك ولم يستصحبه. وقال له علي: أتخلفني مع الذرية؟ واحتج به الشيعة على أن الخلافة بعده - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه - ورد بأن إطلاقه في الأهل في الحياة لا يقتضي الخلافة في الأمة بعد الوفاة؛ مع أن القياس منتقض بموت هارون المقيس عليه قبل موسى، وإنما كان خليفته في حياته في أمر خاص فكذا هنا، وإنَّما خصه بهذه الخلافة الجزئية لمكان القرابة فكان استخلافه في الأهل أولى من غيره. ¬

_ (¬1) من (د). (¬2) "إكمال المعلم" 8/ 220.

3707 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ، فَإِنِّي أَكْرَهُ الاخْتِلافَ، حَتَّى يَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ، أَوْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي" فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ: "يَرَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ الكَذِبُ". [فتح: 7/ 71] (عن أيوب) أي: السختياني. (عن عبيدة) بفتح العين، أي: السلماني. (فإني أكره الاختلاف) أشار به إلى الخلاف في بيع أمهات الأولاد، وسأذكر طرفًا منه، والمراد بالاختلاف المكروه: الاختلاف الذي يؤدي إلى النزع فلا ينافي ما روي من أن اختلاف الأمة رحمة (¬1). "حتى يكون للناس جماعة" في نسخة: "حتى يكون الناس جماعة". (أو أموت) بالنصب عطف على يكون، وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، أي: أو أنا أموت، واختلف في الصدر الأول في بيع أمهات الأولاد، فعن علي، وابن عباس، وابن الزبير الجواز، وعن الأولين الميل إلى عدمه وهو قول الجمهور، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح الروض" وغيره (¬2). ¬

_ (¬1) ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" 1/ 270 (288) وقال: ذكره نصر المقدسي في "الحجة"، والبيهقي في "الرسالة الأشعرية" بغير سند، وأورده الحليمي، والقاضي حسين، وإمام الحرمين وغيرهم، ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا أهـ قال المناوي في "فيض القدير" قال السبكي: ولا شك أن الاختلاف في الأصول خلال وسبب كل فساد كما أشار إليه القرآن وقال الألباني في "الضعيفة" (57): لا أصل له وقد أسهب فيه القول فليراجع. (¬2) انظر: "أسنى المطالب شرح روض الطالب" 4/ 507، و"فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" 2/ 249.

10 - باب مناقب جعفر بن أبي طالب

10 - بَابُ مَنَاقِبِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي". [انظر: 4251] (باب: مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمي - رضي الله عنه -) هو شقيق عليّ وأسن منه بعشر سنين. ولفظ: (باب) ساقط من نسخة، وكذا قوله: (الهاشمي رضي الله عنه). 3708 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الجُهَنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّاسَ، كَانُوا يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِي حَتَّى لَا آكُلُ الخَمِيرَ وَلَا أَلْبَسُ الحَبِيرَ، وَلَا يَخْدُمُنِي فُلانٌ وَلَا فُلانَةُ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالحَصْبَاءِ مِنَ الجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ، هِيَ مَعِي، كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي، وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا العُكَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا". [5432 - فتح: 7/ 75] (أحمد بن أبي بكر) اسم أبي بكر: القاسم بن الحارث بن زرارة. (بشبع بطني) في نسخة: "لشبع بطني" باللام. (حتى) في نسخة: "حين". (الخمير) أي: الخبز الذي جعل في عجينه الخمير. (الحبير) بمهملة فموحدة هو المحبر الحسن كالبرود اليمانية، وفي نسخة: "الحرير" براء بدل الموحدة. (وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع) فائدته انكسار حرارة [شدة] (¬1) الجوع. (وإن كنت) إن مخففة من الثقيلة، أي: وإني كنت. (لأستقرئ الرجل الآية) أي: أطلب منه أن يقرئنيها. (هي معي) جملة حالية بغير واو. (وكان أخير الناس) في ¬

_ (¬1) من (د).

نسخة: "وكان خير الناس" وهما لغتان فصيحتان مشهورتان وإن كانت الثانية أشهر. (للمساكين) في نسخة: "للمسكين". (ليس فيها شيء) أي: يمكن إخراجه منها بغير شقها وإلا ففيها شيء قليل بقرينة قوله: (فنشقها). (فنلعق ما فيها) بفتح العين مضارع لعق بكسرها أي: لحس. 3709 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ، قَال: "السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ". [4264 - فتح: 7/ 75] (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين) سمي بذي الجناحين؛ لأنه قاتل في سبيل الله حتى قطعت يداه فجعل له بدلهما جناحان يطير بهما، لخبر الترمذي وغيره مرفوعًا: "مرَّ بي جعفر الليلة في ملإٍ من الملائكة وهو مخضب الجناحين بالدم"، وفي رواية: "رأيت جعفر بن أبي طالب يطير مع الملائكة في الجنة" (¬1). (قال أبو عبد الله: الجناحان: كل ناحيتين) ساقط من نسخة، قال شيخنا: ولعله أراد به حمل الجناحين على المعنوي دون الحسي (¬2). ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (3763) كتاب: المناقب، باب: مناقب جعفر بن أبي طالب. وقال: حديث غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن جعفر وقد ضعفه يحيى بن معين وغيره، وعبد الله بن جعفر هو والد علي بن المديني، ورواه الحاكم في "المستدرك" 3/ 212 كتاب: معرفة الصحابة، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬2) "الفتح" 7/ 77.

11 - باب ذكر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه

11 - بَابُ ذِكْرِ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (ذكر العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه -) وكنيته: أَبو الفضل، وكان أسن من النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين، أو ثلاث. 3710 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَال: "اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا" قَال: فَيُسْقَوْنَ. [انظر: 1010 - فتح: 7/ 77] (إذا قحطوا) بفتح القاف مع فتح الحاء وكسرها، أي أصابهم القحط وهو الجدب، والترجمة وحديثها سقطا من نسخة، ومرَّ حديثها في الاستسقاء في باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء (¬1). 12 - بَابُ مَنَاقِبِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْقَبَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ". (باب: مناقب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بيانهما، وقوله: (ومنقبة فاطمة) إلى قوله: (نساء أهل الجنة) من عطف الخاص على العام مع أنه ساقط من نسخة، وقرابة النبي - صلى الله عليه وسلم -: من ينتسب إلى جده الأقرب وهو عبد المطلب ممن صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم كعلي، وأولاده: الحسن والحسين، وأم كلثوم، وفاطمة، وجعفر، وأولاده: عبد الله، وعون، ومحمد. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1010) كتاب: الاستسقاء، باب: سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا.

3711 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ، عَلَيْهَا السَّلامُ، أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ. [انظر: 3092 - مسلم: 1759 - فتح: 7/ 77] 3712 - فَقَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا المَالِ، يَعْنِي مَال اللَّهِ، لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى المَأْكَلِ"، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ ثُمَّ قَال: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ، وَذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَقَّهُمْ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي. [انظر: 3093 - مسلم: 1759 - فتح: 7/ 77] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (وفدك) بالصرف ومنعه: بلد بينها وبين المدينة ثلاث مراحل (¬1). 3713 - أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: "ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ". [3751 - فتح: 7/ 78] (خالد) أي: ابن الحارث بن سليم الهجيمي. (عن واقد) أي: ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر. (ارقبوا) أي: احفظوا. (في أهل بيته) قيل: هم نساؤه، وقيل: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وقيل: من حرم عليه الصدقة بعده، والأولى كما قال الإمام الرازي أن يقال: هم أولاده، وأزواجه ¬

_ (¬1) فدك: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان، وقيل ثلاثة، أفاءها الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنة سبع صلحًا، انظر: "معجم البلدان" 4/ 238.

13 - باب مناقب الزبير بن العوام

وعلي، والحسن والحسين؛ لملازمتهم له (¬1). 3714 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي". [انظر: 926 - مسلم: 2449 - فتح: 7/ 78] 3715 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهَا " فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، قَالتْ: فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ. [انظر: 3624 - مسلم: 2450 - فتح: 7/ 78] 3716 - فَقَالتْ: سَارَّنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَنِي: أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي، أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ، فَضَحِكْتُ. [انظر: 3624 - مسلم: 2450 - فتح: 7/ 78] (أبو الوليد) هو هشام. (بضعة مني) بفتح الموحدة، أي: قطعة مني. والحديثان الأخيران ساقطان من نسخة، وسيأتي أولهما مطولًا (¬2)، ومرّ ثانيهما في أواخر باب: علامات النبوة (¬3). 13 - بَابُ مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ حَوَارِيُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسُمِّيَ الحَوَارِيُّونَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ. [انظر: 4665] (باب: مناقب الزبير بن العوام) أي: ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصي. (حواري النبي) بتشديد ¬

_ (¬1) "التفسير الكبير" 25/ 209. (¬2) سيأتي برقم (6285) كتاب: الاستئذان، باب: من ناجى بين يدي الناس. (¬3) سبق برقم (3623) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة.

الياء، أي: ناصره. (وسمي الحواريون) أي: بذلك (لبياض ثيابهم) أي: لأنهم كانوا يحورونها أي: يبيضونها، وقيل: لصفاء قلوبهم، وقيل: لنورانيتهم لظهور أثر العبادة ونورها عليهم. 3717 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ الحَكَمِ، قَال: أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُعَافٌ شَدِيدٌ سَنَةَ الرُّعَافِ، حَتَّى حَبَسَهُ عَنِ الحَجِّ، وَأَوْصَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَال: اسْتَخْلِفْ، قَال: وَقَالُوهُ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: وَمَنْ؟ فَسَكَتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ - أَحْسِبُهُ الحَارِثَ -، فَقَال: اسْتَخْلِفْ، فَقَال عُثْمَانُ: وَقَالُوا؟ فَقَال: نَعَمْ، قَال: وَمَنْ هُوَ؟ فَسَكَتَ، قَال: فَلَعَلَّهُمْ قَالُوا الزُّبَيْرَ، قَال: نَعَمْ، قَال: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ "إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ، وَإِنْ كَانَ لَأَحَبَّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [3718 - فتح: 7/ 79] (استخلف) أي: اجعل لك خليفة بعدك. (وقالوه؟) عطف على مقدر أي: أعرف الناس الحال وقالوا هذا القول. (ومن) أي: من استخلف؟ (الحارث) أي: ابن الحكم. (ما علمت) ما: مصدرية أي: في علمي، أو موصولة، أي: هو الذي في علمي. (وإن كان لأحبهم إلى رسول الله) إن: مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير يعود إلى الزبير أي: وإنه كان لأحبهم، أي: هؤلاء الذين أشاروا على عثمان بالاستخلاف، ولعل عثمان أراد بالخيرية والأحبية في شيء مخصوص كحسن الخلق فلا يستلزم ذلك أن الزبير أخير وأحب من غيره مطلقًا إذ معلوم أن عليًّا أفضل منه، وبذلك علم أن المراد من قول عمر (ثم نترك أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تفاضل بينهم): نفي المفاضلة المطلقة. 3718 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، سَمِعْتُ مَرْوَانَ، كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَال: اسْتَخْلِفْ، قَال: وَقِيلَ ذَاكَ؟ قَال: نَعَمْ، الزُّبَيْرُ، قَال: "أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَيْرُكُمْ ثَلاثًا". [انظر: 3717 - فتح: 7/ 79]

3719 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ هُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ". [انظر: 2846 - مسلم: 2415 - فتح: 7/ 79] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (وقيل ذاك؟) في نسخة: "وقيل ذلك" والاستفهام مقدر فيه، أي: أَوَ قيل لي: استخلف؟ (قال) أي: أو قالوا الذي يستخلف الزبير قال الرجل: نعم بقرينة الرواية السابقة. (أما) في نسخة: "أم" بحذف الألف. 3720 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، [أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ] أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَال: كُنْتُ يَوْمَ الأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ، عَلَى فَرَسِهِ، يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، فَلَمَّا رَجَعْتُ قُلْتُ: يَا أَبَتِ رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ؟ قَال: أَوَهَلْ رَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ". فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ فَقَال: "فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي". [مسلم: 2416 - فتح: 7/ 80] (أحمد بن محمد) أي: ابن شَبَّوَية، أو أبو العباس بن مردوية. (يختلف) أي: يجيء ويذهب. (جمع لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبوي) أي: في الفداء تعظيمًا لي؛ لأن الإنسان لا يفدي إلا من يعظمه فيبذل نفسه له وبين جمعهما بقوله: (فقال: فداك أبي وأمي) وقوله: (فلما رجعت) إلى آخره قال شيخنا: إنه مدرج كما بينه مسلم في روايته (¬1). ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 81، والحديث رواه مسلم برقم: (2416) كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما.

14 - باب ذكر طلحة بن عبيد الله

3721 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ اليَرْمُوكِ: "أَلا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ، بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ" قَال عُرْوَةُ: فَكُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. [3973، 3975 - فتح: 7/ 80] (اليرموك) بسكون الراء، موضع بالشام كان فيه الوقعة بين المسلمين والروم (¬1). 14 - بَابُ ذِكْرِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَال عُمَرُ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ. [انظر: 1392] (باب: ذكر طلحة بن عبيد الله) في نسخة: "باب مناقب طلحة بن عبيد الله) وكان يقال له: طلحة الخير، وطلحة الجود. 3722, 3723 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: "لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي بَعْضِ تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" غَيْرُ طَلْحَةَ، وَسَعْدٍ عَنْ حَدِيثِهِمَا. [4060، 4061 - مسلم: 2414 - فتح: 7/ 82] (معتمر) أي: ابن سليمان التيمي. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن النهدي. (عن حديثهما) يعني: روى أبو عثمان عن طلحة وسعد حديثهما. 3724 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَال: "رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِي وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَلَّتْ". [4063 - فتح: 7/ 82] ¬

_ (¬1) اليرموك: واد بناحية الشام في طرف الغور يصب في نهر الأردن ثم يمضي إلى البحيرة المنتنة، كانت به حرب بين المسلمين والروم في أيام أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - انظر: "معجم البلدان" 5/ 434.

15 - باب مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري وبنو زهرة أخوال النبي صلى الله عليه وسلم وهو سعد بن مالك

(مسدد) أي: ابن مسرهد. (خالد) أي: ابن عبد الله الواسطي. (ابن أبي خالد) هو إسماعيل. (شَلَّت) بفتح المعجمة واللام المشددة، أي: نقصت وبطل عملها. 15 - بَابُ مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيِّ وَبَنُو زُهْرَةَ أَخْوَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ (باب: مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري) وكان يقال له: فارس الإسلام. (وهو سعد بن مالك) بين به أن اسم أبي وقاص والد سعد: هو مالك. 3725 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَال: سَمِعْتُ يَحْيَى، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، قَال: سَمِعْتُ سَعْدًا، يَقُولُ: "جَمَعَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ". [4055، 4056، 4057 - مسلم: 2412 - فتح: 7/ 83] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (جمع لي النبي - صلى الله عليه وسلم - أبويه) أي: في التفدية بأن قال: فداك أبي وأمي كما جمعهما للزبير (¬1). 3726 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا ثُلُثُ الإِسْلامِ". [3727، 3858 - فتح: 7/ 83] (مكي) في نسخة: "المكي". (ثلث الإسلام) أي: ثالث من أسلم بحسب اعتقاده، وإلا فهو سابع سبعة في الواقع كما ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" (¬2). ¬

_ (¬1) سبق رقم (3720) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام. (¬2) "الاستيعاب" 2/ 171 (968).

3727 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقُولُ: "مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إلا فِي اليَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلامِ" تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمٌ. [انظر: 3726 - فتح: 7/ 83] (ابن أبي زائدة) هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. (ما أسلم أحد) قبلي (إلا في اليوم الذي أسلمت فيه) قاله بحسب اعتقاده وإلا فقد أسلم غيره قبله كما مرَّ. (تابعه) أي: ابن أبي زائدة. (هاشم) هو ابن هاشم. 3728 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "إِنِّي لَأَوَّلُ العَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا لَنَا طَعَامٌ إلا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا يَضَعُ البَعِيرُ أَو الشَّاةُ، مَا لَهُ خِلْطٌ ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلامِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ عَمَلِي، وَكَانُوا وَشَوْا بِهِ إِلَى عُمَرَ، قَالُوا: لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي". [5412, 6453 - مسلم: 2966 - فتح: 7/ 83] (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (سعدًا) أي: ابن أبي وقاص. (تعزرني) بزاي مشددة فراء أي: تعلمني الصلاة وتعيرني بأني لا أحسنها، وقيل: تؤدبني من التأديب. (وَشوأ به) أي: سعوا به ونَمُّوا عليه، ومرَّ الحديث في باب وجوب القراءة للإمام (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (755) كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم.

16 - باب ذكر أصهار النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو العاص بن الربيع

16 - بَابُ ذِكْرِ أَصْهَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ أَبُو العَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ (باب: ذكر أصهار النبي - صلى الله عليه وسلم -) لفظ: (باب) ساقط من نسخة، والأصهار: أقارب الزوجة وتطلق عرفًا على أقارب الزوج أيضًا، وإنما لم يقل مناقب كما قال فيما مرّ؛ لأن المذكور في الباب أعم منها. (أبو العاص) هو لقيط أو مقسم أو هشيم. (ابن الربيع) أي: ابن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس، وكان تزوج زينب بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة وشرط النبي عليه أن لا يتزوج عليها فثبت على شرطه وهذا معنى قوله: (حدثني فصدقني) ثم أسره المسلمون يوم بدر ففدته زينب وشرط النبي عليه أن يرسلها إليه فوفى له بذلك وهذا معنى قوله بعد: (ووعدني فوفى لي) ثم أسر مرة أخرى، فأجارته زينب فأسلم فردها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى نكاحه. 3729 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، قَال: إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ، فَاطِمَةُ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ، يَقُولُ: "أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا العَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ، عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ" فَتَرَكَ عَلِيٌّ الخِطْبَةَ وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، عَنْ مِسْوَرٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ، إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ، قَال: "حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي". [انظر: 926 - مسلم: 2449 - فتح: 7/ 85] (بضعة مني) بفتح الموحدة، وحكي ضمها وكسرها، وفي نسخة:

17 - باب مناقب زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم

"مضغة مني" ومرّ الحديث في الخمس (¬1). 17 - بَابُ مَنَاقِبِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال البَرَاءُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلانَا". [انظر: 2699] (باب: مناقب زيد بن حارثة مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. (أنت) خطاب لزيد. 3730 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ". [4250، 4468، 4469، 6627، 7187 - مسلم: 2426 - فتح: 7/ 86] (سليمان) أي: ابن بلال. (فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه) بفتح العين؛ لأنه في طعن العرض، أما في طعن الرمح ونحوه فبالضم، وقيل: هما لغتان فيهما وإنما طَعَنَ مَنْ طَعَنَ في إمارة أسامة وأبيه لأنهما كانا من الموالي. (إن كان لخليقًا للإمارة) أي: إن زيدًا كان حقيقًا بالإمارة. (وإن هذا) أي: أسامة. وفي الحديث: جواز إمارة المولى، وتولية الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3109) كتاب: فرض الخمس، باب: ما ذكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

18 - باب ذكر أسامة بن زيد

3731 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَ عَلَيَّ قَائِفٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدٌ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مُضْطَجِعَانِ، فَقَال: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ. قَال: "فَسُرَّ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْجَبَهُ، فَأَخْبَرَ بِهِ عَائِشَةَ". [انظر: 3555 - مسلم: 1459 - فتح: 7/ 87] (دخل علي قائف) هو من يلحق الفروع بالأصول بالشبه والعلامات، والمراد هنا: مُجزِّز المدلجي، وسمي مجززًا؛ لأنه جز نواصي العرب، ومرَّ الحديث في باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ووجه مطابقته للترجمة: ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قصة زيد لعائشة وسروره بها. 18 - بَابُ ذِكْرِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (باب: ذكر أسامة بن زيد) إنما لم يقل هنا أيضًا مناقب؛ لما مرَّ آنفًا مع أنه فعل ذلك في أبواب تأتي. 3732 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَخْزُومِيَّةِ، فَقَالُوا: مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إلا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2648 - مسلم: 1688 - فتح: 7/ 87] (شأن المخزومية) واسمها: فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد. (حب رسول الله) بكسر الحاء، أي: محبوبه، ومرَّ الحديث مع الذي بعده في باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (¬2). 3733 - وحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: ذَهَبْتُ أَسْأَلُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ حَدِيثِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3555) كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (3475) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.

المَخْزُومِيَّةِ فَصَاحَ بِي، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: فَلَمْ تَحْتَمِلْهُ عَنْ أَحَدٍ؟ قَال: وَجَدْتُهُ فِي كِتَابٍ كَانَ كَتَبَهُ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَلَمْ يَجْتَرِئْ أَحَدٌ أَنْ يُكَلِّمَهُ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَال: "إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ، لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ لَقَطَعْتُ يَدَهَا". [انظر: 2648 - مسلم: 1688 - فتح: 7/ 87] (عليّ) أي: بن عبد الله المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (فلم تحتمله) في نسخة: "فلم تحمله" يعني: هل تحملت الحديث؟ (عن أحد) أي: من الرواة (باب) ساقط من نسخة ولم يذكر له ترجمة فهو كالفضل من سابقه. 3734 - حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبَّادٍ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا المَاجِشُونُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: نَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا، وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، إِلَى رَجُلٍ يَسْحَبُ ثِيَابَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَقَال: انْظُرْ مَنْ هَذَا؟ لَيْتَ هَذَا عِنْدِي، قَال لَهُ إِنْسَانٌ: أَمَا تَعْرِفُ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ، قَال: فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، وَنَقَرَ بِيَدَيْهِ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ قَال:: "لَوْ رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَحَبَّهُ". [فتح: 7/ 88] (الحسن بن محمد) أي: الزعفراني (الماجشون) هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة. (يسحب ثيابه) بتحتية مفتوحة ونصب (ثيابه) وفي نسخة: بفوقية مفتوحة ورفع (ثيابه) على الفاعلية. (ليت هذا عندي) بالنون أي: قريبًا مني حتى أنصحه وأعظه، وفي نسخة: "عبدي" بموحدة، وكأنه على هذا كان أسود اللون (فطأطأ رأسه) أي: خفضه. (ونقر بيده في الأرض) تعظيمًا له. (لو رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحبه) لمحبته لأبيه أسامة ولجده زيد.

3735 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالحَسَنَ فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَحِبَّهُمَا، فَإِنِّي أُحِبُّهُمَا". [3747، 6003 - فتح: 7/ 88] (معتمر) أي: ابن سليمان. (أبو عثمان) هو عبد الرحمن النهدي. 3736 - وَقَال نُعَيْمٌ: عَنْ ابْنِ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي مَوْلًى لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، " أَنَّ الحَجَّاجَ بْنَ أَيْمَنَ بْنِ أُمِّ أَيْمَنَ، وَكَانَ أَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، أَخَا أُسَامَةَ، لِأُمِّهِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَرَآهُ ابْنُ عُمَرَ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ فَقَال: أَعِدْ". [3737 - فتح: 7/ 88] (نعيم) بالتصغير: ابن حماد بن معاوية شيخ البخاري. (مولى لأسامة بن زيد) اسمه: حرملة. (فرآه) عطف على مقدر، أي: أن الحجاج دخل المسجد فصلى (فرآه [ابن عمر)] (1) إلى آخره. (أعد) أي: صلاتك. 3737 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ، مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، إِذْ دَخَلَ الحَجَّاجُ بْنُ أَيْمَنَ فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَقَال: أَعِدْ، فَلَمَّا وَلَّى، قَال لِي ابْنُ عُمَرَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: الحَجَّاجُ بْنُ أَيْمَنَ بْنِ أُمِّ أَيْمَنَ، فَقَال ابْنُ عُمَرَ: "لَوْ رَأَى هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَحَبَّهُ فَذَكَرَ حُبَّهُ وَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّ أَيْمَنَ" قَال: وحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي، عَنْ سُلَيْمَانَ وَكَانَتْ حَاضِنَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 3736 - فتح: 7/ 88] (قال: أبو عبد الله) أي: البخاري، وهذا ساقط من نسخة. (لو رأى) النبي - صلى الله عليه وسلم - (هذا) أي: الحجاج. (لأحبه) أي: لمحبته أيمن، وأمه، وأسامة. (فذكر حبه وما ولدته أم أيمن) بواو العطف فضمير حبه وما ولدته أم أيمن) بواو العطف فضمير حبه لأسامة، أي: ميله له، وفي

19 - باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

نسخة: "ما ولدته أم أيمن" بلا واو فالضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم - وما ولدته مفعول حب. (بعض أصحابي) هو يعقوب بن سفيان، أو الذهلي. (عن سليمان) أي: ابن عبد الرحمن. (وكانت) أي: أم أيمن. 19 - بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (باب: مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما) كنيته: أبو عبد الرحمن. 3738 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ غُلامًا شَابًّا أَعْزَبَ، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي المَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْويَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ البِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَال لِي: لَنْ تُرَاعَ فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ. [4401 - مسلم: 2479 - فتح: 7/ 89] 3739 - فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ" قَال سَالِمٌ: "فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إلا قَلِيلًا". [انظر: 1122 - مسلم: 2479 - فتح: 7/ 89] 3740, 3741 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لَهَا: "إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ". [انظر: 440, 1122 - مسلم: 2478 - فتح 7/ 90] (حدثنا محمد) ساقط من نسخة مع أنه لا حاجة إليه؛ لأنَّ المراد به: محمد ابن إسماعيل البخاري. (عبد الرازق) أي: ابن همام الصنعاني.

20 - باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما

(إذا رأى رؤيا) الرؤيا بألف التأنيث المقصورة لرؤيا المنام، وبتائه لرؤية اليقظة غالبًا وإلا فقد أتيا بمعنى واحد كقربى وقربة، ويؤيده إطلاق الرؤيا على رؤية العين يقظة في قول ابن عباس في قوله تعالى {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] إنها رؤيا عين أريها النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسرى به، وفي قوله في الحديث: "وليس رؤيا منام" (¬1) (لها قرنان) أي: طرفان. (فلقيهما) أي: الملكين. (لن تراع) بالنصب بلن، وفي نسخة: "لن ترع" بالجزم بنية الوقف، أو على لغة من جزم بلن (¬2) وبحذف الألف لوجود مقتضيه حينئذ، ومرَّ الحديث مع الذي بعده في باب: فضل من تعارَّ من الليل (¬3). 20 - بَابُ مَنَاقِبِ عَمَّارٍ وَحُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (باب: مناقب عمار وحذيفة) جمع بينهما لوقوع الثناء عليهما من ¬

_ (¬1) رواه أحمد في "مسنده" 1/ 374، وأبو يعلى في "مسنده" 5/ 108 (2720)، والطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 408. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 66 وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن هلال بن خباب قال يحيى القطان: إنه تغير قبل موته، وقال ابن معين: لم يتغير، ولم يختلط، مأمون، ورواه أبو يعلى. (¬2) الجزم بـ (لن) حكاه بعض النحويين عن بعض العرب، قالوا: جزموا بها تشبيهًا لها بـ (لم) ومنه قول كثير: أيادي سبا ياعز ما كنت بعدكم ... فلن يحل لعينين بعدك منظر قيل: والأظهر أن الشاعر هنا حذف الألف واجتزأ بالفتحة التي قبلها لأنها تدل عليها. (¬3) سبق رقم (1156) كتاب: التهجد، باب: فضل من تعار من الليل فصلَّى.

أبي الدرداء في حديث واحد، وعمار: هو ابن ياسر أبو اليقظان العنسي بنون، وحذيفة: هو ابن اليمان بن جابر العبسي بموحدة حليف بني عبد الأشهل من الأنصار. 3742 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ المُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: قَدِمْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَقُلْتُ: إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَيَسَّرَكَ لِي، قَال: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، قَال: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالوسَادِ، وَالمِطْهَرَةِ، وَفِيكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، - يَعْنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ، ثُمَّ قَال: كَيْفَ يَقْرَأُ عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى؟ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى قَال: "وَاللَّهِ لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ". [انظر: 3287 - مسلم: 824 - فتح: 7/ 90] (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (عن المغيرة) أي: ابن مقسم الضبي. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس النخعي. (أبو الدرداء) هو عويمر بن عامر الأنصاري. (ابن أم عبد) هو ابن مسعود. (وفيكم) في نسخة: "أفيكم" {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)}) بحذف {مَا خَلَقَ} وبالجر، ولفظ: {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)} ساقط من نسخة. (لقد أقرأنيها رسول الله) أي: كما يقرأ عبد الله بن مسعود وهو خلاف القراءات المتواترة المشهورة، وقد قيل: إنها نزلت كذلك ثم أنزل {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)} فلم يسمعه ابن مسعود ولا أبو الدرداء، وسمعه سائر الناس وأثبتوه. 3743 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَال: ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا دَخَلَ المَسْجِدَ، قَال: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا

21 - باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

صَالِحًا، فَجَلَسَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَال أَبُو الدَّرْدَاءِ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَال: مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، قَال: أَلَيْسَ فِيكُمْ، أَوْ مِنْكُمْ، صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، يَعْنِي حُذَيْفَةَ، قَال: قُلْتُ: بَلَى، قَال: أَلَيْسَ فِيكُمْ، أَوْ مِنْكُمْ، الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ، يَعْنِي عَمَّارًا، قُلْتُ: بَلَى، قَال: أَلَيْسَ فِيكُمْ، أَوْ مِنْكُمْ، صَاحِبُ السِّوَاكِ، وَالوسَادِ، أَو السِّرَارِ؟ قَال: بَلَى، قَال: كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى، قُلْتُ: وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، قَال: "مَا زَال بِي هَؤُلاءِ حَتَّى كَادُوا يَسْتَنْزِلُونِي عَنْ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 3287 - مسلم: 824 - فتح: 7/ 90] (أليس فيكم، أو منكم) شك من الراوي. (صاحب السواك) أي: بواو وكاف، (أو السواد) (¬1) شك من الراوي وهو بكسر المهملة وبواو ودال. (السرار) براءين من السر، يقال ساودته سوادًا أي: ساررته، وفي نسخة: (أو الوساد) بتقديم الواو على السين، والمراد بصاحب كل من الثلاثة ابن مسعود. (يستنزلوني) في نسخة "يستنزلونني". 21 - بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: مناقب أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -) نسبة إلى جده وإلا فهو عمار (¬2) بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في فهر، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3744 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي ¬

_ (¬1) وهي رواية الحمودي، وأبو ذر الهروي، والمستملي، ووقع في رواية الكشميهيني: الوساد، وهذه الرواية أوجه؛ لأن أصله أدنى السواد وهو الشخص من السواد. (¬2) كذا في جميع النسخ المعتمد عليها، والصواب: أنه عامر بن عبد الله كما ذكر ذلك صاحبا "الاستيعاب" و "الإصابة".

قِلابَةَ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ". [4382، 7255 - مسلم: 2419 - فتح: 7/ 92] (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السَّامي. (خالد) أي: الحذاء. (وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح) وصفه بأنه أمين مع أن كلًّا من الصحابة أمينٌ لزيادة أمانته، (وأيتها الأمة) سورة نداء، والمراد منه: الاختصاص. 3745 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ: "لَأَبْعَثَنَّ، يَعْنِي عَلَيْكُمْ، يَعْنِي أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ" فَأَشْرَفَ أَصْحَابُهُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [4380، 4381، 7254 - مسلم: 2420 - فتح: 7/ 93] (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (عن صلة) أي: ابن زفر العبسي بموحدة (يعني عليكم) ساقط من نسخة. (فاشرأت) في نسخة "فأشرف"، وفي أخرى: "فاستشرف". (أصحابه) أي: تطلعوا إلى الولاية ورغبوا فيها حرصًا على أن يكون من يتولاها هو الأمين الموعود في الحديث لا حرصًا عليها من حيث هي. - باب ذِكْرِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيرٍ. (باب: ذكر مصعب بن عمير) ساقط من نسخة، وسقط من أخرى لفظ: (باب) فقط، ولم يذكر فيه حديثًا؛ لأنه لم يجد شيئًا على شرطه، أو لغير ذلك ومصعب: هو ابن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصي.

22 - باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما

22 - بَابُ مَنَاقِبِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَانَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَسَنَ. [انظر: 2122] (باب: مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما) في نسخة: بدل (رضي الله عنهما) "عليهما السلام". وكنية الأول: أبو محمد، ومولده في رمضان سنة ثلاث من الهجرة، وقتل بالمدينة مسمومًا سنة خمسين، وكنية الثاني: أبو عبد الله، ومولده في شعبان سنة أربع، وقتل يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق (¬1). 3746 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، عَنِ الحَسَنِ، سَمِعَ أَبَا بَكْرَةَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى المِنْبَرِ وَالحَسَنُ إِلَى جَنْبِهِ، يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ مَرَّةً، وَيَقُولُ: "ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ". [انظر: 2704 - فتح: 7/ 94] (صدقة) أي: ابن الفضل المروزي. (أبو موسى) هو إسرائيل بن موسى. (عن الحسن) أي: البصري. (ابني هذا سيد) إلى آخره، مرَّ شرحه في الصلح (¬2). 3747 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالحَسَنَ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا" أَوْ كَمَا قَال. [انظر: 3735 - فتح: 7/ 94] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (المعتمر) أي: ابن سليمان. (كان يأخذه والحسن) القياس: يأخذني ففيه التفات، أو تجريد. ¬

_ (¬1) انظر: "أسد الغابة" 2/ 18 - 20، "والإصابة" 1/ 332 (1724). (¬2) سبق برقم (2704) كتاب: الصلح، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسين بن علي.

3748 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أُتِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَجُعِلَ فِي طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ، وَقَال فِي حُسْنِهِ شَيْئًا، فَقَال أَنَسٌ: "كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مَخْضُوبًا بِالوَسْمَةِ". [فتح: 7/ 94] (جرير) أي: ابن أبي حازم. (أتي) بالبناء بالمفعول. (فجعل) بالبناء للمفعول، أي: رأس الحسين. (في طست) بفتح الطاء وسكون السين. (فجعل) بالبناء للفاعل، أي: ابن زياد. (ينكت) بفوقية في آخره، أي: يضرب بقضيب له على الأرض فيؤثر فيها، لكن في الترمذي وابن حبان: فجعل يضرب بقضيب له في أنفه وعينه فقال له زيد بن أرقم: ارفع قضيبك فقد رأيت فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موضعه (¬1) (مخضوبًا بالوسمة) بسكون السين، وحكي فتحها، نبت يختضب به يميل إلى سواد. 3749 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ المِنْهَالِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِهِ، يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ". [مسلم: 2422 - فتح: 7/ 94] (عدي) أي: ابن ثابت الأنصاري. 3750 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، قَال: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحَمَلَ ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (3778) كتاب: المناقب، باب: مناقب الحسن والحسين عليهما السلام. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. وابن حبان 15/ 429 (6972) كتاب: إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة، باب: ذكر البيان بأن الحسين كان يشبه النبي - صلى الله عليه وسلم -. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

الحَسَنَ وَهُوَ يَقُولُ: "بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ، لَيْسَ شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ. وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ. [انظر: 3542 - فتح: 7/ 95] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة. (عبد الله) أي: ابن المبارك (ليس شبيهًا بعلي) بنصبه خبر ليس، وبرفعه على أن ليس عاطفة (¬1) كـ (لا)، أو على أن خبرها متصل بها محذوفًا استغناء عن تلفظه بنيته، واسمها: (شبيه) أي: ليسه (¬2) شبيه، ولا ينافي ذلك قول عليّ في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -: لم أر قبله ولا بعده مثله (¬3)؛ لأن نفي الشبه محمول على العموم وإثباته على المعظم إذ ليس أحد يشبهه في جميع صفاته كما قال صاحب البردة: منزه عن شريك في محاسنه ... ..................... 3751 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَصَدَقَةُ، قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال أَبُو ¬

_ (¬1) كون (ليس) عاطفة، قول منسوب إلى الكوفيين، حكاه عنهم النحاس والهروي وابن بابشاذ وابن مالك وأبو حيان والسيوطي، ونُسب أيضًا هذا القول إلى البغداديين واستدل هؤلاء بقول الشاعر: فإذا جُوزيت قرضًا فأجزه ... إنما يجزى الفتى ليس الجمل وذهب البصريون إلى أن (ليس) لا تكون حرف عطف. (¬2) أي: أن خبرها الضمير المتصل فيها أي في: ليس، ولكن حذف للاستغناء عن لفظه بنيته، ونحوه قوله في خطبة يوم النحر "أليس ذو الحجة". (¬3) رواه الترمذي (3637) كتاب: المناقب، باب: في آيات إثبات نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وما قد خصه الله عزَّ وجلَّ به. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد 1/ 96. والحاكم 2/ 605 - 606 كتاب: التاريخ وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه الألفاظ، ووافقه الذهبي، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 268 باب: جامع صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصححه الألباني في: "صحيح الترمذي".

23 - باب مناقب بلال بن رباح، مولى أبي بكر، رضي الله عنهما

بَكْرٍ: "ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ". [انظر: 3713 - فتح: 7/ 95] 3752 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَال: عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ لزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسٌ، قَال: "لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ". [فتح: 7/ 95] (وصدقة) أي: ابن الفضل. (ارقبوا محمدًا) بضم الهمزة، أي: احفظوه. ومرَّ الحديث، في باب: مناقب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 3753 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نُعْمٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَسَأَلَهُ عَنِ المُحْرِمِ؟ قَال: شُعْبَةُ أَحْسِبُهُ يَقْتُلُ الذُّبَابَ، فَقَال: أَهْلُ العِرَاقِ يَسْأَلُونَ عَنِ الذُّبَابِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا". [5994 - فتح: 7/ 95] (ابن أبي نعيم) هو عبد الرحمن البجلي. (أحسبه يقتل الذباب) أي: أظنه سأل عن المحرم: هل يقتل الذباب؟ (هما) أي: الحسن والحسين. (ريحانتاي) بالتأنيث والتثنية، في نسخة: "ريحاني" بدونها، ووجه التشبيه بالريحانة: إنها تشم كما يشم الولد. 23 - بَابُ مَنَاقِبِ بِلالِ بْنِ رَبَاحٍ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ". [انظر: 1149] (باب: مناقب بلال بن رباح مولى أبي بكر رضي الله عنهما) رباح بفتح الراء: أبو بلال، واسم أمه: حمامة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3713) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

24 - باب ذكر ابن عباس رضي الله عنهما

3754 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ عُمَرُ يَقُولُ: "أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلالًا". [فتح: 7/ 99] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. 3755 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، أَنَّ بِلالًا، قَال لِأَبِي بَكْرٍ: "إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِنَفْسِكَ، فَأَمْسِكْنِي، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِلَّهِ، فَدَعْنِي وَعَمَلَ اللَّهِ". [فتح: 7/ 99] (ابن نمير) هو محمد بن عبد الله بن نمير. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (إن بلالًا قال لأبي بكر: إن كنت إنما اشتريتني لنفسك) إلى آخره قاله له حين توفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأراد أن يهاجر من المدينة فمنعه أبو بكر إرادة أن يؤذن في المسجد، فقال: إني لا أريد المدينة بدون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقوله: (وعمل الله) في نسخة: "وعملي لله" والواو في النسختين بمعنى: مع (¬1). 24 - بَابُ ذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (باب: ذكر ابن عباس رضي الله عنهما) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3756 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: ضَمَّنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِهِ، وَقَال: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ" حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، وَقَال: "عَلِّمْهُ الكِتَابَ"، حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ مِثْلَهُ. [انظر: 75 - مسلم: 2477 - فتح: 7/ 100] ¬

_ (¬1) وما بعدها منصوب على أنه مفعول معه.

25 - باب مناقب خالد بن الوليد رضي الله عنه

(عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن خالد) أي: الحذاء. (أبو معمر) هو عبد الله بن عمر المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (وهيب) أي: ابن خالد البصري. (والحكمة: الإصابة في غير النبوة) أي: أما فيها فلا تسمى حكمة، وفيه: وقفة مع أنه ساقط من نسخة لكن ذكر مثله ابن عادل حيث قال: الذي ثبت بالتواتر أنه يستعمل لفظ الحكمة في غير الأنبياء، وهو منتقض بما قيل: من أنها العلم، ومن أنها إتقان الأمور، ومن أنها صواب الأمر وسداده وإن رجع بعضها إلى بعض، ومرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬1). 25 - باب مَنَاقِبِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: مناقب خالد بن الوليد) كنيته: أبو سليمان وهو ابن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرة. 3757 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَعَى زَيْدًا، وَجَعْفَرًا، وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَال "أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ، فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ". [انظر: 1246 - فتح: 7/ 100] (عن أيوب) أي: السختياني. (نعى زيدًا) أي: ابن حارثة. (وجعفرًا) أي: ابن أبي طالب. ¬

_ (¬1) سبق برقم (75) كتاب: العلم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "اللهم علمه الكتاب".

26 - باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه

(وابن رواحة) هو عبد الله. (للناس) أي: أخبرهم بموتهم. (ثم أخذ جعفر) في نسخة: "ثم أخذها جعفرًا". "حتى أخذ سيف" في نسخة: (حتى أخذها سيف) أي: خالد بن الوليد، ومرَّ الحديث في الجنائز، والجهاد، وعلامات النبوة (¬1). 26 - بَابُ مَنَاقِبِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب) ساقط من نسخة. (مناقب سالم مولى أبي حذيفة) تبنيًّا (- رضي الله عنه -) كنيته: أبو عبد الله بن معقل، وكان من فضلاء الصحابة وكبرائهم معدود في المهاجرين؛ لأنه هاجر إلى المدينة، وفي الأنصار؛ لأنه مولى امرأة أبي حذيفة الأنصارية عتاقة، وأبو حذيفة: هو ابن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف. 3758 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَال: ذَاكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَبَدَأَ بِهِ، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ"، قَال: لَا أَدْرِي بَدَأَ بِأُبَيٍّ، أَوْ بِمُعَاذٍ. [3760, 3806, 3808, 4999 - مسلم: 2464 - فتح: 7/ 101] (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (من أربعة) إلى آخره خصَّهم؛ لأنهم أكثر ضبطًا للفظ القرآن وأتقن لأدائه وإن كان غيرهم أفقه في معانيه منهم، أو لأنهم تفرغوا لأخذه مشافهة ¬

_ (¬1) سبق برقم (1246) كتاب: الجنائز، باب: الرجل ينعي إلى أهل الميت بنفسه، وبرقم (2798) كتاب: الجهاد والسير، باب: تمني الشهادة، وبرقم (3630) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

27 - باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

وغيرهم اقتصروا على أخذ بعضهم [عن بعض] (¬1)، أو أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد الإعلام بما يكون بعده من تقدمهم وإنهم أقرأ من غيرهم، وليس المراد أنه لم يجمعه غيرهم. 27 - بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: مناقب عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -) كنيته: أبو عبد الرحمن ابن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ. 3759 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، قَال: سَمِعْتُ مَسْرُوقًا، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا. وَقَال: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا". [انظر: 3559 - مسلم: 2331 - فتح: 7/ 102] 3760 - وَقَال: "اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ". [انظر: 3758 - مسلم: 2464 - فتح: 7/ 102] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (سليمان) أي: ابن مهران. (أبا وائل) هو شقيق بن سلمة. (لم يكن فاحشًا) أي: متكلمًا بالقبيح. (ولا متفحشًا) أي: ولا متكلفًا للتكلم بالقبيح، ومرَّ الحديث آنفًا إلا أوله فمرَّ في صفته - صلى الله عليه وسلم - (¬2). 3761 - حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، دَخَلْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا، فَرَأَيْتُ شَيْخًا مُقْبِلًا فَلَمَّا دَنَا قُلْتُ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اسْتَجَابَ، قَال: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، قَال: أَفَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالوسَادِ وَالمِطْهَرَةِ؟ أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمُ الَّذِي أُجِيرَ ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) سبق برقم (3559) كتاب: المناقب، باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

مِنَ الشَّيْطَانِ؟ أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ؟ كَيْفَ قَرَأَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ وَاللَّيْلِ، فَقَرَأْتُ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى. وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى قَال: "أَقْرَأَنِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاهُ إِلَى فِيَّ، فَمَا زَال هَؤُلاءِ حَتَّى كَادُوا يَرُدُّونِي". [انظر: 3287 - مسلم: 824 - فتح: 7/ 102] (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (عن أبي عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن مغيرة) أي: ابن مقسم. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس النخعي. ({وَاللَّيْلِ}) زاد في نسخة " {إذا يغشى} ". (يردوني) في نسخة "يردونني" ومرَّ الحديث في مناقب عمار وحذيفة (¬1). 3762 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالهَدْيِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ، فَقَال: "مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ". [6097 - فتح: 7/ 102] (سمتًا) أي: هيئة حسنة. (وهديًا) بسكون الدال أي: طريقة ومذهبًا (ودلا) بفتح الدال وتشديد اللام أي: سيرة وحالة وهيئة. 3763 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ فَمَكُثْنَا حِينًا مَا نُرَى إلا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [4384 - مسلم: 2460 - فتح: 7/ 102] (وأخي) اسمه: أبو رهم، أو أبو بردة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3743) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما.

28 - باب ذكر معاوية رضي الله عنه

28 - بَابُ ذِكْرِ مُعَاويَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: ذكر معاوية - رضي الله عنه -) هو معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، وأمه: هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. 3764 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا المُعَافَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: أَوْتَرَ مُعَاويَةُ بَعْدَ العِشَاءِ بِرَكْعَةٍ، وَعِنْدَهُ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَال: "دَعْهُ فَإِنَّهُ قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [3765 - فتح: 7/ 103] (المعافى) بضم الميم وفتح الفاء أي: ابن عمران الأزديُّ. الملقب بياقوتة العلماء. (دعه) أي: اترك القول في معاوية والإنكار عليه. 3765 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: "هَلْ لَكَ فِي أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ مُعَاويَةَ، فَإِنَّهُ مَا أَوْتَرَ إلا بِوَاحِدَةٍ؟ قَال: "أَصَابَ، إِنَّهُ فَقِيهٌ". [انظر: 3764 - فتح: 7/ 103] (ابن أبي مريم) نسبة لجده وإلا فهو سعيد بن الحكم أي: ابن أبي مريم. (ابن أبي مليكة) اسمه: عبد الله. (إنه فقيه) أي: فلا ينكر عليه. 3766 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَال: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ، عَنْ مُعَاويَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلاةً، لَقَدْ صَحِبْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا" يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ. [انظر: 587 - فتح: 7/ 103] (عن أبي التياح) هو يزيد بن حميد الضبعي. (يعني الركعتين بعد العصر) المراد: ما رأيناه يصليهما على أنهما سنة العصر فلا تعارض بأنه كان يصليهما (¬1)؛ لأنه إنما كان يصليهما ¬

_ (¬1) سبق برقم (593) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: ما يصلي بعد العصر.

29 - باب مناقب فاطمة عليها السلام وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة"

قضاء عن ركعتي سنة الظهر (¬1). ومطابقة هذه الأحاديث للترجمة: من حيث أن فيها ذكر الصحبة والفقه المقتضيين للشرف. 29 - بَابُ مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ. وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ" (باب: مناقب فاطمة رضي الله عنها) أي: بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - من خديجة رضي الله عنها. 3767 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي". [انظر: 926 - مسلم: 2449 - فتح: 7/ 105] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (فاطمة بضعة مني) إلى آخره، مرَّ في باب: ذكر أصهار النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). ولا يعارضه خبر النسائي: "أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد" (¬3)؛ لأن خديجة وفاطمة وإن اشتركا في أفضليتهما على بقية النساء لا تقتضي المساواة بينهما فيصدق بأن فاطمة أفضل للحديث المذكور هنا. وقد بسطت الكلام على من هي أفضل النساء في "شرح البهجة" وغيره والذي أختاره الآن: أن الأفضلية ¬

_ (¬1) سبق برقم (1233) كتاب: السهو، باب: إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع. (¬2) سبق برقم (3729) كتاب: فضائل الصحابة، باب: ذكر أصهار النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) "السنن الكبرى" 5/ 93 (8355) كتاب: المناقب، باب: مناقب مريم بنت عمران.

30 - باب فضل عائشة رضي الله عنها

محمولة على أحوال، فعائشة أفضلهن من حيث العلم، وخديجة من حيث تقدمها وإعانتها له - صلى الله عليه وسلم - في المهمات، وفاطمة من حيث القرابة، ومريم من حيث الاختلاف في نبوتها وذكرها في القرآن مع الأنبياء، وآسية أمراة فرعون، من هذه الحيثية، لكن لم تذكر مع الأنبياء وعلى ذلك ينزل الأخبار الواردة في أفضليتهن. 30 - بَابُ فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (باب: فضل عائشة رضي الله عنها) كنيتها: أم عبد الله بعبد الله بن الزبير بن أختها، وهي بنت أبي بكر بن أبي قحافة القريشية التميمية، وأمها: أم رومان ابنة عامر بن عويمر. 3768 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال أَبُو سَلَمَةَ: إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا: "يَا عَائِشَ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ" فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا أَرَى "تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 3217 - مسلم: 2447 - فتح: 7/ 106] (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (قال أبو سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (يا عائش) بالفتح والضم مرخمًا، ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬1). 3769 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَال: وحَدَّثَنَا عَمْرٌو، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إلا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3217) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة.

كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ". [انظر: 3411 - مسلم: 2431 - فتح: 7/ 106] 3770 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ". [5419, 5428 - مسلم: 2446 - فتح: 7/ 106] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عمرو) أي: ابن مرزوق الباهلي. (كفضل الثريد) المراد به: الطعام المتخذ من اللحم والثريد معًا وإن كان أصله فتيت الخبز، وظاهره: إن فضل الثريد على الطعام كان في زمنهم؛ لأنهم قل ما كانوا يجدون الطبيخ، أما في زمننا فثم أطعمة فاخرة لا ثريد فيها فلا يقال: إن مجرد اللحم مع الخبز الفتيت أفضل منها، ومرَّ الحديث والذي قبله في باب: قول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا} (¬1) الآية. 3771 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ المَجِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَال: "يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ". [4753, 4754 - فتح: 7/ 106] (ابن عون) هو عبد الله البصري. (اشتكت) أي: مرضت (على فرط صدق) بفتح الراء، والإضافة فيه من إضافة الموصوف لصفته، والفرط بمعنى الفارط، أي: السابق إلى الماء والمنزل، والصدق بمعنى الصادق أي: الحسن كما في قوله تعالى {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} [القمر: 55] (على رسول الله) بدل من على ¬

_ (¬1) سبق برقم (3411) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا}.

(فرط صدق) والمعنى: أنه - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر قد سبقاك وأنت تلحقيهما وقد تهيأ لك المنزل في الجنة فافرحي بذلك. 3772 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، قَال: لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ، عَمَّارًا، وَالحَسَنَ إِلَى الكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَال: "إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلاكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا". [7100، 7101 - فتح: 7/ 106] (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (أبا وائل) هو شقيق بن سلمة. (عمارًا) أي: ابن ياسر. (والحسن) أي: ابن عليّ. (ليستنفرهم) أي: يطلب خروجهم إلى عليّ ونصرته في مقاتلة كانت بينه وبين عائشة بالبصرة، ويسمى بيوم الجمل. (ليتبعوه) أي: عليًّا (أو إياها) أي: عائشة فضمير يتبعوه لعلي كما ذكره الكرماني وغيره (¬1)، وقال شيخنا بعد نقله ذلك: والظاهر أنه - عليه السلام - والمراد باتباعه: اتباع حكمه الشرعي في طاعة الإمام وعدم الخروج عليه والعذر عن عائشة في ذلك أنها كانت متأولة هي وطلحة والزبير، وكان مرادهم إيقاع الإصلاح بين الناس وأخذ القصاص من قتلة عثمان، وكان رأي عليّ الاجتماع على الطاعة، وطلب أولياء المقتول القصاص ممن يثبت عليه القتل بشروطه (¬2). 3773 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلادَةً فَهَلَكَتْ " فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 15/ 31. (¬2) "الفتح" 7/ 108.

النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَقَال: أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إلا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً. [انظر: 334 - مسلم: 367 - فتح: 7/ 106] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (فهلكت) أي: ضاعت، ومرَّ الحديث مطولًا في التيمم (¬1). 3774 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ، جَعَلَ يَدُورُ فِي نِسَائِهِ، وَيَقُولُ: "أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ " حِرْصًا عَلَى بَيْتِ عَائِشَةَ قَالتْ عَائِشَةُ: "فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي سَكَنَ". [انظر: 890 - مسلم: 2443 - فتح: 7/ 107] (فلما كان يومي سكن) قال الكرماني: أي: مات، أو سكت عن ذلك القول (¬2). 3775 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيدُ الخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ، فَمُرِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ، أَوْ حَيْثُ مَا دَارَ، قَالتْ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا عَادَ إِلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَال: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا". [انظر: 2574 - مسلم: 2441 - فتح: 7/ 107] (حماد) أي: ابن زيد. (يتحرون) أي: يقصدون، ومرَّ الحديث في ¬

_ (¬1) سبق برقم (334) أول كتاب: التيمم. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 15/ 32.

باب قبول الهدية (¬1)، وآخر هذا الباب منتصف "صحيح البخاري" كما نقله الكرماني عن المعتنين به (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2574) كتاب: الهبة، باب: قبول الهدية. (¬2) المرجع قبل السابق.

63 - كتاب مناقب الأنصار

63 - كِتَابُ مَنَاقِبِ الأَنصَارِ

1 - باب مناقب الأنصار

63 - كتاب مناقب الأنصار 1 - بَابُ مَنَاقِبِ الأَنْصَارِ {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} [الحشر: 9] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب) ساقط من نسخة (مناقب الأنصار) هم ولد الأوس والخزرج وحلفائهم، والأوس ينتسبون إلى أوس بن حارثة، والخزرج إلى الخزرج بن حارثة، واسم امهما: قيلة بنت الأرقم. والأنصار جمع نصير بمعنى ناصر وجمع الناصر نصر كصاحب وصحب. {وَالَّذِينَ} في نسخة: "وقول الله -عزَّ وجلَّ -: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} مرَّ بيان بعضه {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا} هم الأنصار فعطفهم عليهم على النسخة الأولى عطف تفسير، والمراد بالدار: دار الهجرة، وقوله: {مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: من قبل المهاجرين، أي: من قبل هجرتهم، وقوله: {حَاجَةً} أي: حسدًا وغيظًا. 3776 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ، قَال: قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَرَأَيْتَ اسْمَ الأَنْصَارِ، كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ، أَمْ سَمَّاكُمُ اللَّهُ؟ قَال: "بَلْ سَمَّانَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ"، كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ، فَيُحَدِّثُنَا بِمَنَاقِبِ الأَنْصَارِ، وَمَشَاهِدِهِمْ، وَيُقْبِلُ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَزْدِ، فَيَقُولُ: "فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا". [3844 - فتح: 7/ 110] 3777 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ،

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ، يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا، فَقَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُخُولِهِمْ فِي الإِسْلامِ". [3846، 3930 - فتح: 7/ 110] (عن هشام) أي: ابن عروة. (بعاث) بضم الموحدة وتخفيف المهملة وبمثلثة: اسم بقعة بقرب المدينة وقع بها حرب بين الأوس والخزرج (¬1). (سرواتهم) أي: خيارهم وأشرافهم وهو جمع سراة جمع سري: وهو السيد الشريف الكريم. (فقدّمه) أي: اليوم. (في دخولهم) في تعليلية كما في قوله تعالى: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ} [النور: 14]. 3778 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَأَعْطَى قُرَيْشًا: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ العَجَبُ، إِنَّ سُيُوفَنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَاءِ قُرَيْشٍ، وَغَنَائِمُنَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا الأَنْصَارَ، قَال: فَقَال: "مَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكُمْ"، وَكَانُوا لَا يَكْذِبُونَ، فَقَالُوا: هُوَ الَّذِي بَلَغَكَ، قَال: "أَوَلا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالْغَنَائِمِ إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بُيُوتِكُمْ؟ لَوْ سَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ". [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 7/ 110] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (عن أبي التياح) هو يزيد بن حميد الضبعي. (يوم فتح مكة) أي: عام فتحها بعد قسم غنائم حنين وكان بعد فتح مكة بشهرين. (وأعطى قريشًا) جملة حالية (إن سيوفنا تقطر من دماء قريش) فيه قلب نحو: عرضت الناقة على الحوض، والأصل: دماؤهم ¬

_ (¬1) موضع من المدينة على ليلتين، انظر: "معجم البلدان" 1/ 451.

2 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار"

تقطر من سيوفنا. (فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -) المبلغ له سعد بن عبادة. (واديًا) أي: مكانًا منخفضًا، أو الذي فيه ماء. (أو شعبًا) بكسر المعجمة: ما انفرج بين جبلين، أو الطريق في الجبل. (لسلكت وادي الأنصار، أو شعبهم) في نسخة: "وشعبهم" بالواو، وأراد - صلى الله عليه وسلم - بذلك حسن موافقته إياهم وترجيحهم في ذلك على غيرهم لما شاهد منهم من حسن الجوار والوفاء بالعهد لا متابعته لهم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم -هو المتبوع المطاع. 2 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ" قَالهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [4330] (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لولا الهجرة لكنت من الأنصار) في نسخة: (امرءًا من الأنصار) ومراده بذلك: تألفهم واستطابة نفوسهم والثناء عليهم في دينهم حتى رضي أن يكون واحدًا منهم لولا ما يمنعه من الهجرة التي لا ينبغي تبديلها بغيرها. 3779 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ الأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ فِي وَادِي الأَنْصَارِ، وَلَوْلا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ"، فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "مَا ظَلَمَ بِأَبِي وَأُمِّي، آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ، أَوْ كَلِمَةً أُخْرَى". [7244 - فتح: 7/ 112] (ما ظلم) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله المذكور. (بأبي وأمي) أي: أفديه بهما. (وكلمة أخرى) وهي وواسوه بالمال. 3 - بَابُ إِخَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ (باب: إخاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصاري) أي: مؤاخاته

بينهما، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3780 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَال لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنِّي أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالًا، فَأَقْسِمُ مَالِي نِصْفَيْنِ، وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَسَمِّهَا لِي أُطَلِّقْهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا، قَال: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، أَيْنَ سُوقُكُمْ؟ فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَمَا انْقَلَبَ إلا وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، ثُمَّ تَابَعَ الغُدُوَّ، ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْيَمْ"، قَال: تَزَوَّجْتُ، قَال: "كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا؟ ". قَال: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، -أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، شَكَّ إِبْرَاهِيمُ-. [انظر: 2048 - فتح: 7/ 112] (عن جده) هو إبراهيم بن عبد الرحمن. (لما قدموا) أي: النبي وأصحابه. (فقال) أي: سعد. (بني قينقاع) بطن من اليهود، وقينقاع مصروف بإرادة الحي وممنوع الصرف بإرادة القبيلة ونونه مثلثة. (ثم تابع الغدو) أي: الذهاب في صبيحة كل يوم إلى السوق للتجارة. (وبه أثر صفرة) أي: من الطيب الذي استعمله عند الزفاف. (مهيم؟) كلمة يمانية معناها: ما هذا؟ (تزوجت) أي: امرأة من الأنصار. (نواة من ذهب) زنتها خمسة دراهم، ومرَّ الحديث في أوائل البيوع (¬1). 3781 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَكَانَ كَثِيرَ المَالِ، فَقَال سَعْدٌ: قَدْ عَلِمَتِ الأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالًا، سَأَقْسِمُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2048) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في قول الله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)}.

4 - باب حب الأنصار

مَالِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ، وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا، حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا، فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ، فَلَمْ يَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ حَتَّى أَفْضَلَ شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ إلا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ، وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْيَمْ". قَال: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال "مَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟ ". قَال: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَال: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [انظر: 2049 - مسلم: 1427 - فتح: 112/ 7] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (عن حميد) أي: الطويل. (حتى إذا حلت) أي: انقضت عدتها. (وَضَرٌ) بفتح المعجمة أي: لطخ. (من صفرة) أي: حاصله من الطيب، ومرَّ الحديث في الكفالة في باب: قول الله تعالى {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬1). 3782 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو هَمَّامٍ، قَال: سَمِعْتُ المُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَالتِ الأَنْصَارُ: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ النَّخْلَ، قَال: "لَا" قَال: "يَكْفُونَنَا المَئُونَةَ وَيُشْرِكُونَنَا فِي التَّمْرِ" قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. [انظر: 2325 - فتح: 7/ 113] (وبينهم) أي: المهاجرين، ومرَّ الحديث في المزارعة في باب: إذا قال: اكفني مؤنة النخل (¬2). 4 - بَابُ حُبِّ الأَنْصَارِ (باب: حُبُّ الأنصار) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3783 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2293) كتاب: الكفالة، باب: قول الله تعالى {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}. (¬2) سبق برقم (2325) كتاب: المزارعة، باب: إذا قال: اكفني مؤنة النخل.

5 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: "أنتم أحب الناس إلي"

قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إلا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إلا مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ". [مسلم: 75 - فتح: 7/ 113] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق) أي: من جهة نصرتهم له - صلى الله عليه وسلم -. 3784 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ". [انظر: 17 - مسلم: 74 - فتح: 7/ 113] (عن عبد الرحمن) صوابه: عن عبد الله كما عبر به في باب: علامة الإيمان حب الأنصار، ومرَّ شرح الحديث (¬1) ثَمَّ. 5 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: "أَنْتُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ" (باب) ساقط من نسخة (قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: أنتم أحب الناس إليّ) هو حكم على المجموع أي: مجموعكم أحب إليَّ من مجموع غيركم، فلا ينافي قوله: في جواب من قال: من أحب الناس إليك؟: "أبو بكر" (¬2). 3785 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مُقْبِلِينَ - قَال: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَال - مِنْ عُرُسٍ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُمْثِلًا فَقَال: "اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ". قَالهَا ثَلاثَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (17) كتاب: الإيمان، باب: علامة الإيمان حب الأنصار. (¬2) سبق برقم (3662) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذًا خليلًا".

6 - باب أتباع الأنصار

مِرَارٍ. [5180 - مسلم: 2508 - فتح: 7/ 113] 3786 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَكَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ" مَرَّتَيْنِ. [5234، 6645 - مسلم: 2509 - فتح: 7/ 114] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المنقري المقعد. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد بن ذكوان التميمي. (عبد العزيز) أي: ابن صهيب البناني. (ممثلًا) بضم الميم الأولى وإسكان الثانية وكسر المثلثة وفتحها، أي: منتصبًا قائمًا. 6 - بَابُ أَتْبَاعِ الأَنْصَارِ (باب: أتباع الأنصار) بفتح الهمزة جمع تابع، وأراد بهم حلفاءهم. ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالتِ الأَنْصَارُ: [يَا رَسُولَ اللَّهِ] لِكُلِّ نَبِيٍّ أَتْبَاعٌ، وَإِنَّا قَدْ اتَّبَعْنَاكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا. "فَدَعَا بِهِ" فَنَمَيْتُ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَال: قَدْ زَعَمَ ذَلِكَ زَيْدٌ. [3788 - فتح: 7/ 114] (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن عمرو) أي: ابن مرة. (أبا حمزة) هو طلحة بن يزيد. (فدعا به) أي: بما سألوا. (زيد) أي: ابن أرقم. 3788 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ، رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، قَالتِ الأَنْصَارُ: إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ أَتْبَاعًا، وَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاكَ،

7 - باب فضل دور الأنصار

فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَتْبَاعَهُمْ مِنْهُمْ"، قَال عَمْرٌو: فَذَكَرْتُهُ لِابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَال: قَدْ زَعَمَ ذَاكَ زَيْدٌ، قَال شُعْبَةُ: أَظُنُّهُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ. [انظر: 3787 - فتح: 7/ 114] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (رجلًا) بدل من (أبا حمزة) أو عطف بيان له. 7 - بَابُ فَضْلِ دُورِ الأَنْصَارِ (باب: فضل دور الأنصار) يعني: فضل قبائلهم. 3789 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ، بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ"، فَقَال سَعْدٌ: "مَا أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا؟ فَقِيلَ: قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى كَثِيرٍ " وَقَال عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، سَمِعْتُ أَنَسًا، قَال أَبُو أُسَيْدٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا، وَقَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. [3790، 2807، 6053 - مسلم: 2511 - فتح: 7/ 115] (عن أبي أسيد) هو مالك بن ربيعة. (بنو النجار) هو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج. (ثم بنو عبد الأشهل) هو ابن جشم بن الحارث بن الخزرج. (ثم بنو الحارث بن خزرج) هو ابن عمرو بن مالك بن الأوس بن حارثة. (ثم بنو ساعدة) هو ابن كعب بن الخزرج أخي الأوس. 3790 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ الطَّلْحِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، قَال: أَبُو سَلَمَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو أُسَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "خَيْرُ الأَنْصَارِ، أَوْ قَال: خَيْرُ دُورِ

8 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض"

الأَنْصَارِ، بَنُو النَّجَّارِ، وَبَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، وَبَنُو الحَارِثِ، وَبَنُو سَاعِدَةَ". [انظر: 3789 - مسلم: 2511 - فتح: 7/ 115] (سعد) أي: ابن عبادة. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث التنوري البصري. (أبو سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. 3791 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ خَيْرَ دُورِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي الحَارِثِ، ثُمَّ بَنِي سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ" فَلَحِقَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَال: أَبَا أُسَيْدٍ أَلَمْ تَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ الأَنْصَارَ فَجَعَلَنَا أَخِيرًا؟ فَأَدْرَكَ سَعْدٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ خُيِّرَ دُورُ الأَنْصَارِ فَجُعِلْنَا آخِرًا، فَقَال: "أَوَلَيْسَ بِحَسْبِكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ الخِيَارِ؟! ". [انظر: 1481 - مسلم: 1392 - فتح: 7/ 115] (سليمان) أي: ابن بلال. (إن خير دور الأنصار) إلا آخره، مرَّ هو وما قبله في الزكاة، في باب: خرص التمر (¬1). وقوله: (ألم تر أن نبي الله) في نسخة: "ألم تر أن رسول الله". وقوله: (خير الأنصار) أي: فضل بعضهم على بعض. 8 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: "اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ" قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [4330] (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: اصبروا حتى تلقوني على الحوض) المسمى بالكوثر وهو نهر في الجنة ترد عليه أمته. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1481) كتاب: الزكاة، باب: خرص التمر.

3792 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلانًا؟ قَال: "سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ". 3793 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي وَمَوْعِدُكُمُ الحَوْضُ". [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 7/ 117] (أن رجلًا) قيل: هو أسيد الراوي. (فلانًا) هو عمرو بن العاص (أثرة) بضم الهمزة وسكون المثلثة، وفي نسخة: بفتحهما، ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 3794 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى الوَلِيدِ قَال: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَنْصَارَ إِلَى أَنْ يُقْطِعَ لَهُمُ البَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: لَا إلا أَنْ تُقْطِعَ لإِخْوَانِنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ مِثْلَهَا، قَال: "إِمَّا لَا، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي، فَإِنَّهُ سَيُصِيبُكُمْ بَعْدِي أَثَرَةٌ". [انظر: 2376 - فتح: 7/ 117] (سفيان) أي: ابن عيينة. (إلى الوليد) أي: ابن عبد الملك بن مروان. (دعا النبي) إلى آخره، مرَّ في باب: ما أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجزية (¬2). وقوله: (إما لا) بفتح اللام على المشهور. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2376) كتاب: المساقاة، باب: القطائع، وبرقم (3163) كتاب: الجزية والموادعة، باب: ما أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - من البحرين. (¬2) سبق برقم (3163) كتاب: الجزية والموادعة، باب: ما أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - من البحرين.

9 - باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "أصلح الأنصار، والمهاجرة"

9 - بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصْلِحِ الأَنْصَارَ، وَالمُهَاجِرَةَ" (باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -) بقوله: اللهم (أصلح الأنصار والمهاجرة) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3795 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِيَاسٍ مُعَاويَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخِرَةِ، فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ، وَالمُهَاجِرَةَ". [انظر: 2834 - مسلم: 1805 - فتح: 7/ 118] وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَقَال: "فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ". 3796 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الخَنْدَقِ تَقُولُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا فَأَجَابَهُمْ: "اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ". [انظر: 2834 - مسلم: 1805 - فتح: 7/ 118] (معاوية بن قرة) ساقط من نسخة. 3797 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، قَال: جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَحْفِرُ الخَنْدَقَ، وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ". [4098، 6414 - مسلم: 1804 - فتح: 7/ 118] (ابن [أبي] (¬1) حازم) هو عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار. (على أكتادنا) بفوقية جمع كتد: وهو من الكاهل إلى الظهر، ¬

_ (¬1) ساقط من جميع النسخ المعتمد عليها، والصواب ما أثبتناه.

10 - باب قول الله: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} [الحشر: 9]

وفي نسخة: بموحدة جمع كبد، ووجهه: أنا نحمل التراب على جنوبنا مما يلي الكبد. ومرَّت أحاديث الباب في الجهاد (¬1). 10 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] (باب: ({وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}) في نسخة: "باب: قول الله تعالى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} " إلى آخره. 3798 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إلا المَاءُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هَذَا"، فَقَال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَال: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: مَا عِنْدَنَا إلا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقَال: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلانِ، فَبَاتَا طَاويَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ، مِنْ فَعَالِكُمَا" فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. [4889 - مسلم: 2054 - فتح: 7/ 119] (أن رجلًا) هو أبو هريرة. (إنهما) في نسخة: (كأنهما). (فباتا طاويين) أي: جائعين. (من فَعالِكما) جمع فعلة بفتح الفاء فيهما، أو جمع فِعلة بكسرها فيهما، الأول للمرة أي: المرة من الفعلات، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2834) كتاب: الجهاد، باب: التحريض على القتال.

11 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم"

والثاني للهيئة أي: الفعلة الحسنة، أو القبيحة، والمراد هنا: الحسنة ({وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}) ساقط من نسخة. ومرَّ الحديث في باب [. . .] (¬1). 11 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم) (¬2) أي: الأنصار. 3799 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا شَاذَانُ، أَخُو عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: مَرَّ أَبُو بَكْرٍ، وَالعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَال: مَا يُبْكِيكُمْ؟ قَالُوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، قَال: فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ، قَال: فَصَعِدَ المِنْبَرَ، وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ اليَوْمِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "أُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، وَقَدْ قَضَوُا الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ". [3801 - مسلم: 2510 - فتح: 7/ 120] (حاشية بُرد) في نسخة:، حاشية بردة". (فإنهم كرشي) بفتح أوله وكسر ثانيه هو بمنزلة المعدة للإنسان. (وعيبتي) بفتح المهملة: مستودع الثياب. والأول باطن، والثاني ظاهر فكأنه ضرب المثل بهما لإرادة اختصاصهم في أموره الباطنة والظاهرة. (وبقي الذي لهم) أي: هو دخول الجنة. ¬

_ (¬1) بياض في جميع النسخ المعتمد عليها، وقد أشار إليه الناسخ. (¬2) في هامش (ب): في غير الحدود.

12 - باب مناقب سعد بن معاذ رضي الله عنه

3800 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الغَسِيلِ، سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُتَعَطِّفًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ، وَتَقِلُّ الأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا، أَوْ يَنْفَعُهُ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ". [انظر: 927 - فتح: 1/ 127] 3801 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الأَنْصَارُ كَرِشِي، وَعَيْبَتِي وَالنَّاسُ سَيَكْثُرُونَ، وَيَقِلُّونَ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ". [انظرنا: 3799 - مسلم: 2510 - فتح: 7/ 121] (ابن الغسيل) هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة. (دسماء) بالمد أي: سوداء. (حتى يكونوا كالملح في الطعام) أي: من القلة. 12 - بَابُ مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: مناقب سعد بن معاذ) بذال معجمة: هو ابن النعمان بن امريء القيس بن عبد الأشهل. 3802 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةُ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَمَسُّونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا، فَقَال: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ؟ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ خَيْرٌ مِنْهَا، أَوْ أَلْيَنُ". . [انظر: 3249 - مسلم: 2468 - فتح: 7/ 122] رَوَاهُ قَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، سَمِعَا أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (أو ألين) شك من الراوي، وفي نسخة: "وألين" بالواو. 3803 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ مُسَاورٍ، خَتَنُ أَبِي عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ"، وَعَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، فَقَال رَجُلٌ: لِجَابِرٍ، فَإِنَّ البَرَاءَ يَقُولُ: اهْتَزَّ السَّرِيرُ، فَقَال: إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ". [مسلم: 2466 - فتح: 7/ 122] (خَتَنُ أبي عوانة) أي: صهره، واسم أبي عوانة: الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن أبي سفيان) هو طلحة بن نافع القرشي. (اهتز العرش لموت سعد بن معاذ) أي: فرحًا بقدوم روحه، أو المراد اهتز أهل العرش وهم حملته فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. (أبو صالح) هو ذكوان الزيات. (اهتز السرير) أي: الذي حمل عليه، لكن سياق الحديث يأباه. (بين هذين الحيين) أي: الأوس والخزرج. (ضغائن) جمع ضغينة: وهي الحقد. 3804 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ أُنَاسًا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنَ المَسْجِدِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا إِلَى خَيْرِكُمْ، أَوْ سَيِّدِكُمْ". فَقَال: "يَا سَعْدُ إِنَّ هَؤُلاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ". قَال: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، قَال: "حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ، أَوْ: بِحُكْمِ المَلِكِ". [انظر: 3043 - مسلم: 1768 - فتح: 7/ 123] (أنَّ أناسًا) هم بنو قريظة.

13 - باب منقبة أسيد بن حضير، وعباد بن بشر رضي الله عنهما

(قريبًا من المسجد) هو المسجد الذي أعده - صلى الله عليه وسلم - أيام محاصرته لبني قريظة، وقيل: هو المسجد النبوي قيل: وهو غلط. (أو سيدكم) شك من الراوي (أو بحكم الملك) بكسر اللام شك من من الراوي، ومرَّ الحديث في الجهاد في باب: إذا نزل العدو على حكم رجل (¬1). 13 - بَابُ مَنْقَبَةِ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (باب: منقبة أسيد بن حُضير) بالتصغير فيهما. (وعباد بن بشر رضي الله عنهما) الأول: أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امريء القيس، والثاني: عباد بن بشر بن وقش بسكون القاف الخزرجي الأشهلي. 3805 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَجُلَيْنِ، خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَإِذَا نُورٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، حَتَّى تَفَرَّقَا، فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا" وَقَال مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، إِنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، وَرَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَقَال حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 465 - فتح: 7/ 124] (همام) أي: ابن يحيى العدوي. (قتادة) أي: ابن دعامة. (أن رجلين) إلى آخره، مرَّ في الصلاة في أبواب المساجد (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3043) كتاب: الجهاد والسير، باب: إذا نزل العدو على حكم رجلٍ. (¬2) سبق برقم (465) كتاب: الصلاة، باب: إدخال البعير في المسجد للعلة.

14 - باب مناقب معاذ بن جبل رضي الله عنه

14 - بَابُ مَنَاقِبِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: مناقب معاذ بن جبل) أي: ابن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب الأنصاري الخزرجي. 3806 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ". [انظر: 465 - فتح: 7/ 124] (عن عمرو) أي: ابن مرة. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع الهمداني. (استقرِئوا القرآن) إلى آخره، مرَّ في مناقب سالم مولى أبي حذيفة (¬1). 15 - [باب] مَنْقَبَةِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالتْ عَائِشَةُ: "وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا". [انظر: 4750] (منقبة سعد بن عبادة) أي: ابن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج. (وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا) أي: قبل الذي قاله في حديث الإفك، وهذا طرف من حديث الإفك الطويل الآتي تمامه في تفسير سورة النور (¬2)، وليس مراد عائشة الغض منه، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3758) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب سالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنه -. (¬2) سيأتي برقم (4750) كتاب: التفسير، باب: قوله {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)} [النور: 12].

16 - باب مناقب أبي بن كعب رضي الله عنه

لأنه لم يكن منه إلا رده على سعد بن معاذ ما قاله ولا يلزم منه زوال صفة الصلاح عنه في وقت صدور الإفك وقد كان فيما رد به متأولًا فلذلك أورده البخاريُّ في مناقبه نبه على ذلك شيخنا (¬1). 3807 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال أَبُو أُسَيْدٍ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ، بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ" فَقَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: "وَكَانَ ذَا قِدَمٍ فِي الإِسْلامِ: أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى نَاسٍ كَثِيرٍ". [انظرنا: 3789 - مسلم: 2511 - فتح: 7/ 126] (إسحاق) أي: ابن منصور الكوسج. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث التنوري. (أبو أسيد) هو مالك بن ربيعة الساعدي. (خير دور الأنصار) إلى آخره، مرَّ في باب: فضل دور الأنصار (¬2). 16 - بَابُ مَنَاقِبِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: مناقب أبي بن كعب) أي: ابن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، وكنية أبي: أبو المنذر وأبو الطفيل. 3808 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَال: ذَاكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "خُذُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 126. (¬2) سبق برقم (3789) كتاب: مناقب الأنصار، باب: فضل دور الأنصار.

17 - باب مناقب زيد بن ثابت رضي الله عنه

مَسْعُودٍ - فَبَدَأَ بِهِ -، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ". [انظر: 3758 - مسلم: 2464 - فتح: 7/ 126] (خذوا القرآن) إلى آخره، مرَّ في مناقب سالم مولى أبي حذيفة (¬1). 3809 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَال: سَمِعْتُ شُعْبَةَ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ} [البينة: 1] قَال: وَسَمَّانِي؟ قَال: "نَعَمْ" فَبَكَى. ({لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}) زاد في نسخة: " {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} " وخصت هذه السورة بالذكر لما احتوت عليه من التوحيد والرسالة والإخلاص والصحف والكتب المنزلة على الأنبياء وذكر الصلاة والزكاة والمعاد وبيان أهل الجنة والنار مع وجازتها. 17 - بَابُ مَنَاقِبِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: مناقب زيد بن ثابت) أي: ابن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عوف الأنصاري الخزرجي. ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3810 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيٌّ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَال: أَحَدُ عُمُومَتِي. [3996، 5003، 5004 - مسلم: 2465 - فتح: 7/ 127] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (وأبو زيد) اسمه: أوس، أو ثابت بن زيد، أو ¬

_ (¬1) سبق برقم (3758) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب سالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنه -.

18 - باب مناقب أبي طلحة رضي الله عنه

سعد بن عبيد بن النعمان، أو قيس بن السكن. (جمع القرآن) إلى آخره قيل: غير الأربعة المذكورة فيه كالخلفاء الأربعة جمعه أيضًا، وأجيب: بأن الأخبار بأن الأربعة المذكورة جمعوه لا يلزم منه أن غيرهم لم يجمعه. (أحد عمومتي) أي: أحد عمامي. 18 - بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب) ساقط من نسخة. (مناقب أبي طلحة) هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الخزرجي الأنصاري. 3811 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَوِّبٌ بِهِ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ القِدِّ، يَكْسِرُ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الجَعْبَةُ مِنَ النَّبْلِ، فَيَقُولُ: "انْشُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ". فَأَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى القَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَا تُشْرِفْ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ القَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تُنْقِزَانِ القِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ، فَتَمْلآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَيْ أَبِي طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلاثًا. [انظر: 2880 - مسلم: 1811 - فتح: 7/ 128] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد التنوري. (عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (مُجوَّب) بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الواو، وبفتح الميم وضم الجيم أي: مترس (به) أي: بأبي طلحة، وهو ساقط من نسخة.

19 - باب مناقب عبد الله بن سلام رضي الله عنه

(عليه) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (بحَجَفة) بفتح المهملة والجيم بدل اشتمال من (به) على النسخة الأولى ومتعلق بـ (مجوب) على الثانية: وهي ترس لا خشب فيه. (شديدًا) بالتنوين. (لقد) بفتح اللام وقد للتحقيق. (تكسر) بفتح الفوقية والسين المشددة، واستعمله هنا متعديًا، وفي نسخة: (شديد القد، يكسر) بفتح التحتية وكسر السين وبإضافة (شديد) إلى (القد) وكسر القاف وتشديد الدال: وهو السير من جلد غير مدبوغ، أي: شديد وتر القوس في النزع والمد. (والجعبة) بفتح الجيم وسكون العين. (انشرها) بضم المعجمة، وفي نسخة: (انثرها) بضم المثلثة. (يصيبك) بالرفع، وفي نسخة: "يصبك" بالجزم. (نحري دون نحرك) أي: صدري أمام صدرك، أي: أقف أنا بحيث يكون صدري كالترس بصدرك. (لمشمرتان) أي: أثوابهما. (خدم سوقهما) بفتح الخاء المعجمة جمع خدمة: وهو الخلخال، والسوق جمع ساق، ومرَّ ذلك في باب: غزو النساء مع الرجال (¬1). (تنقزان) بفوقية مفتوحة وقاف مضمومة وزاي من النقز: وهو النقل أي: تنقلانها. (متونهما) أي: ظهورهما. 19 - بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب) ساقط من نسخة. (مناقب عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -) سلام بتخفيف اللام: هو ابن الحارث الإسرائيلي، وكان اسمه في الجاهلية: الحصين فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم -: عبد الله وكنيته: أبو يوسف، وهو من ذرية يوسف الصديق. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2880) كتاب: الجهاد والسير، باب: غزو النساء مع الرجال.

3812 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَال: سَمِعْتُ مَالِكًا، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، إلا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ " قَال: وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10] الآيَةَ، قَال: "لَا أَدْرِي قَال مَالِكٌ الآيَةَ أَوْ فِي الحَدِيثِ". [مسلم: 2483 - فتح: 7/ 128] (عن أبي النضر) هو سالم بن أبي أمية. (ما سمعت النبي) إلى آخره، قال الكرماني: فإن قلت: المبشرون بالجنة عشرة فما وجهه؟ قلت: لفظ: (ما سمعت) لم ينفي أصل الإخبار بالجنة لغيره، ثم إن التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد، أو المراد بالعشرة: الذين جاء فيهم لفظ البشارة، أو المبشرون بها في مجلس واحد، أولم يقل لأحد غيره حال مشيه على الأرض، ولا بد من التأويل، وكيف لا والحَسَنَان وأزواج الرسول، بل أهل بدر ونحوهم من أهل الجنة قطعًا. انتهى (¬1). (وفيه) أي: في عبد الله بن سلام (نزلت هذه الآية) إلى آخره استشكل بأن ابن سلام إنما أسلم بالمدينة والأحقاف مكية، وأجيب: بأنها مكية إلا قوله: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ} [الأحقاف: 10]، إلى آخر الآيتين. 3813 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَال: كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ المَدِينَةِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الخُشُوعِ، فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا، ثُمَّ خَرَجَ، وَتَبِعْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ المَسْجِدَ قَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، قَال: وَاللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ، وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ: رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 15/ 53.

عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ - ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا - وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَسْفَلُهُ فِي الأَرْضِ، وَأَعْلاهُ فِي السَّمَاءِ، فِي أَعْلاهُ عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِي: ارْقَ، قُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ، فَأَتَانِي مِنْصَفٌ، فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي، فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلاهَا، فَأَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ، فَقِيلَ لَهُ: اسْتَمْسِكْ فَاسْتَيْقَظْتُ، وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإِسْلامُ، وَذَلِكَ العَمُودُ عَمُودُ الإِسْلامِ، وَتِلْكَ العُرْوَةُ عُرْوَةُ الوُثْقَى، فَأَنْتَ عَلَى الإِسْلامِ حَتَّى تَمُوتَ" وَذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ وقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ، عَنْ ابْنِ سَلامٍ، قَال: وَصِيفٌ مَكَانَ مِنْصَفٌ. [7010، 7014 - مسلم: 2484 - فتح: 7/ 129] (أزهر) أي: ابن سعد الباهلي. (عن ابن عون) هو عبد الله. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (فدخل رجل) هو ابن سلام كما سيأتي. (منصف) بكسر الميم وفتح الصاد، وفي نسخة: بفتح الميم وكسر الصاد أي: خادم صغير. (فرقيت) بكسر القاف على المشهور. (وذاك) في نسخة: "وذلك" (الرجل عبد الله بن سلام). قال شيخنا: هو قول عبد الله بن سلام ولا مانع من أن يخبر بذلك ويريد نفسه، ويحتمل أن يكون من كلام الراوي (¬1). (وقال لي خليفة) أي: ابن خياط. (معاذ) أي: ابن نصر العنبري. 3814 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَتَيْتُ المَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: "أَلا تَجِيءُ فَأُطْعِمَكَ سَويقًا ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 130.

20 - باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها

وَتَمْرًا، وَتَدْخُلَ فِي بَيْتٍ"، ثُمَّ قَال: "إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ، أَوْ حِمْلَ قَتٍّ، فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا"، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّضْرُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَوَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ البَيْتَ. [7342 - فتح: 7/ 129] (فاش) أي: ظاهر كثير. (إذا كان لك على رجل حق) إلى آخره يؤخذ منه مطابقة الحديث للترجمة. وقوله: (فإنه ربا) أي: لعله رأي عبد الله بن سلام، وإلا فالفقهاء على أنه إنما يكون ربًا إذا شرطه، نعم الورع تركه. 20 - بَابُ تَزْويجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ وَفَضْلِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (باب: تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة وفضلها رضي الله عنها) هي بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية وتزوجها قبله عتيق بن عائذ المخزومي ثم أبو هالة بن النبَّاش بن زرارة، وكانت تدعى في الجاهلية الطاهرة، وأمها: فاطمة بنت زائدة بن الأصم المسمى جندب بن هرم بن رواحة. وقوله: (تزويج) بمعنى: "تزوج" كما في نسخة، فالإضافة فيه إلى الفاعل، أو هو باق على معناه والإضافة إلى المفعول. 3815 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، قَال: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ح حَدَّثَنِي صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ". [انظر: 3432 - مسلم: 2430 - فتح: 7/ 133] (محمد) أي: ابن سلام البيكندي. (عبدة) أي: ابن سليمان.

(صدقة) أي: الفضل المروزي (¬1). (خير نسائها) أي: الدنيا والآخرة، واستدل به وبخبر البزار والطبراني: "فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين" (¬2) على أن خديجة أفضل من عائشة، ومرَّ الكلام على ذلك في مناقب فاطمة (¬3). 3816 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيُهْدِي فِي خَلائِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ". [3817، 3818، 5229، 6004، 7484 - مسلم: 2434، 2435 - فتح: 7/ 133] (عن هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (ما غِرْتُ) من الغيرة: وهي الحمية والأنفة و (ما) فيه نافية، وفي قوله: (ما غرت على خديجة) مصدرية، أو موصولة. (من قصب) أي: لؤلؤ مجوف (وإن كان ليذبح الشاة) إن مخففة من الثقيلة. (خلائلها) (¬4) بمعجمة، أي: صدائقها. (ما يسعهن) أي: يكفيهن. 3817 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، وفي "تهذيب الكمال" 13/ 144 (2867) صدقة بن الفضل. (¬2) "مسند البزار" 4/ 255 (1427). وذكره الهيثمي في "مجمعه" 9/ 223 وقال: رواه الطبراني والبزار وفيه أبو يزيد الحميري، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. وقال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث رواه الطبراني والبزار من حديث عمار بن ياسر، وهو حديث حسن الإسناد. أهـ بتصرف، "الفتح" 7/ 135. (¬3) سبق برقم (3767) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب فاطمة عليها السلام. (¬4) في هامش (ج): جمع خليلة: وهي الصديقة.

عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا"، قَالتْ: "وَتَزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بِثَلاثِ سِنِينَ، وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ". [انظر: 3816 - مسلم: 2434، 2435 - فتح: 7/ 133] (وتزوجني بعدها) أي: بعد موتها. (بثلاث سنين) قال النووي: أرادت بذلك دخولها عليه، وإلا فالعقد تقدم على ذلك بمدة سنة ونصف، أو نحو ذلك (¬1). 3818 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إلا خَدِيجَةُ، فَيَقُولُ "إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ". [انظر: 3816 - مسلم: 2434، 2435 - فتح: 7/ 133] (حفص) أي: ابن غياث النخعي. (كانت وكانت) أي: فاضلة وعاقله وتقية ونحوها. 3819 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَال: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "بَشَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ؟ " قَال: نَعَمْ "بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ". [انظر: 1792 - مسلم: 2433 - فتح: 7/ 133] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (بشر) أي: أبشر؟ بتقدير همزة الاستفهام. (لا صخب فيه ولا ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 15/ 201.

نصب) الصخب: الصوت المختلط المرتفع، والنصب: المشقة والتعب، ومرَّ الحديث والذي بعده في باب: متى يحل المعتمر؟ (¬1). 3820 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ، وَلَا نَصَبَ". [7497 - مسلم: 2432 - فتح: 7/ 133] (عن عمارة) أي: ابن القعقاع. (عن أبي زُرعة) هو هرم بن جرير. 3821 - وَقَال إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اسْتَأْذَنَتْ هَالةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أُخْتُ خَدِيجَةَ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَال: "اللَّهُمَّ هَالةَ". قَالتْ: فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا! [مسلم: 2437 - فتح: 7/ 134] (فارتاع) بعين مهملة أي: فزع، وفي نسخة رواية: "فارتاح" (¬2) بحاء مهملة أي: اهتز لذلك سرورًا لسماع صوت خديجة. (هالة) بالنصب أي: اجعلها هالة، وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوفٍ. (حمراء) بالجر صفة لعجوز، وبالرفع على القطع، وبالنصب على الحال. (الشدقين) تثنية شدق: وهو جانب الفم وصفتها بسقوط الأسنان من الكبر، فلم يبق فيها بياض أسنان، بل حمرة اللثاث والشدقين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1792) كتاب: العمرة، باب: متى يحل المعتمر. (¬2) رواها مسلم (2437) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين.

21 - باب ذكر جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

21 - بَابُ ذِكْرِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب) ساقط من نسخة. (ذكر جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - نسبة إلى بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة. 3822 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَال جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إلا ضَحِكَ". [انظر: 3035 - مسلم: 2475 - فتح: 7/ 131] (خالد) أي: ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الواسطي. (عن بيان) أي: ابن بشر. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. 3823 - وَعَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ، يُقَالُ لَهُ ذُو الخَلَصَةِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الكَعْبَةُ اليَمَانِيَةُ أَو الكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ" قَال: فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، قَال: فَكَسَرْنَا، وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ. (يقال له) أي: للبيت، والمراد: بيت الصنم. (الكعبة اليمانية، أو الكعبة الشامية) بالشك، وفي نسخة: "والكعبة الشامية" بلا شك، ومرَّ الحديثان في الجهاد (¬1). 22 - بَابُ ذِكْرِ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ العَبْسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب) ساقط من نسخة. (ذكر حذيفة بن اليمان العبسي) بموحدة. 3824 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، هُزِمَ المُشْرِكُونَ ¬

_ (¬1) سبقا برقم (3020) كتاب: الجهاد، باب: حرق الدور والنخيل.

23 - باب ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة رضي الله عنها

هَزِيمَةً بَيِّنَةً، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ، فَاجْتَلَدَتْ أُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ، فَنَادَى أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي، فَقَالتْ: فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَال حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، قَال أَبِي: فَوَاللَّهِ مَا زَالتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ". [انظر: 3290 - فتح: 7/ 132] (بينة) أي: ظاهرة. (فاجتلدت أخراهم) أي: وأولاهم، وفي نسخة: "فاجتلدت مع أخراهم" حتى قتلوه أي: ظانين أنه من المشركين. (غفر الله لكم) دعا لهم بالمغفرة وأسقط عنهم دية أبيه. (قال) أي: هشام. (أبي) أي: عروة. (منها) أي: من كلمة غفر الله لكم، ومرَّ الحديث في باب: صفة إبليس (¬1). 23 - بَابُ ذِكْرِ هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (باب: ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة) أي: ابن عبد شمس القرشي الهاشمي. 3825 - وَقَال عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مِنْ أَهْلِ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ مَا أَصْبَحَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ، أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، قَال: "وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ" قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالنَا؟ قَال: "لَا أُرَاهُ إلا بِالْمَعْرُوفِ". [انظر: 2211 - مسلم: 1714 - فتح: 7/ 141] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3290) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

24 - باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل

(أحب) بالنصب والرفع. (قال: وأيضًا) أي: وأنا بالنسبة إليك يا هند كذلك أي: وأيضًا سيزيد حبك، لأهل خبائنا، ويقوي رجوعك عن بغضهم. (مسيك) بكسر الميم والمهملة، أي: بجل شحيح. (لا أراه) أي: الإطعام جائزًا (إلا بالمعروف) أي: بقدر الحاجة دون الزيادة عليها. 24 - بَابُ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ (بابٌ: حديث زيد بن عمرو بن نفيل) القرشي العدوي. 3826 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَحْيُ، فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَال زَيْدٌ: إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلَا آكُلُ إلا مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ المَاءَ، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ، إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ". [5499 - فتح: 7/ 142] (موسى) أي: ابن عقبة. (بلدح) واد قبل مكة من جهة المغرب (¬1). (أنصابكم) جمع نصب بضمتين: وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام. 3827 - قَال مُوسَى: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَا أَعْلَمُهُ إلا تَحَدَّثَ بِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ، وَيَتْبَعُهُ، ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 480.

فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ اليَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَال: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فَأَخْبِرْنِي، فَقَال: لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، قَال زَيْدٌ مَا أَفِرُّ إلا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ، قَال: مَا أَعْلَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَال زَيْدٌ: وَمَا الحَنِيفُ؟ قَال: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا، وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إلا اللَّهَ، فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَال: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، قَال: مَا أَفِرُّ إلا مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ، قَال: مَا أَعْلَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَال: وَمَا الحَنِيفُ؟ قَال: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إلا اللَّهَ، فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَال: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ. [فتح: 7/ 142] (ونتبعه) بتشديد الفوقية من الإتباع، وفي نسخة: (ويبتغيه) من الابتغاء (وأني أستطيع) أي: والحال أن لي قدرة على عدم حمل ما ذكر. 3828 - وَقَال اللَّيْثُ، كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: "رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الكَعْبَةِ يَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي، وَكَانَ يُحْيِي المَوْءُودَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ، لَا تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَال لِأَبِيهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا". [فتح: 7/ 143] (وكان يحيى الموءُدة) الإحياء مجاز عن الإبقاء، والموءودة بوزن مفعولة من الوأد وهو القتل كان إذا وُلد لأحدهم في الجاهلية بنت دفنها حية. (فإذا ترعرعت) أي: تحركت ونشأت.

25 - باب بنيان الكعبة

25 - بَابُ بُنْيَانِ الكَعْبَةِ (باب: بنيان الكعبة) أي: في الجاهلية على يد قريش في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعثته، وكلان عمره إذ ذاك خمسًا وعشرين سنة. 3829 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا بُنِيَتِ الكَعْبَةُ، ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبَّاسٌ يَنْقُلانِ الحِجَارَةَ، فَقَال عَبَّاسٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ يَقِيكَ مِنَ الحِجَارَةِ، فَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَال: "إِزَارِي إِزَارِي فَشَدَّ عَلَيْهِ إِزَارَهُ". [انظر: 364 - مسلم: 340 - فتح: 7/ 145] (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزَّاق) أي: ابن همام. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (لما بنيت الكعبة) إلى آخره، مرَّ شرحه مع بيان كمية عدد بنيانها في باب: فضل مكة وبنيانها (¬1). وفي قوله: (فخرَّ) حذف، أي: ففعل ما ذكره له عباس فخرَّ، أي: سقط. وقوله: (فطمحت عيناه) أي: ارتفعتا. وقوله: (إزاري إزاري) أي: ناولوني إزاري، وكرره تأكيدًا. 3830 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالا: "لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ البَيْتِ حَائِطٌ، كَانُوا يُصَلُّونَ حَوْلَ البَيْتِ، حَتَّى كَانَ عُمَرُ فَبَنَى حَوْلَهُ حَائِطًا"، قَال عُبَيْدُ اللَّهِ جَدْرُهُ قَصِيرٌ فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ". [فتح: 7/ 146] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (جدرُهُ) بفتح الجيم أي: جداره وهو مبتدأ خبره: (قصير) والجملة صفة لحائط (فبناه) أي: البيت. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1582) كتاب: الحج، باب: فضل مكة وبنيانها.

26 - باب أيام الجاهلية

26 - بَابُ أَيَّامِ الجَاهِلِيَّةِ (باب: أيام الجاهلية) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3831 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ، فِي الجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَا يَصُومُهُ". [انظر: 1592 - مسلم: 1125 - فتح: 7/ 147] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (هشام) أي: ابن عروة. (كان عاشوراء) في نسخة: "كان يوم عاشوراء". (فلما نزل رمضان) أي: صومه، ومرَّ الحديث في كتاب: الصيام (¬1). 3832 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ العُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ مِنَ الفُجُورِ فِي الأَرْضِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ المُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ، قَال: "فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَابِعَةً مُهِلِّينَ بِالحَجِّ، وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الحِلِّ قَال: "الحِلُّ كُلُّهُ". [انظر: 1085 - مسلم: 1240 - فتح: 7/ 147] (مسلم) أي: ابن إبراهيم. (وهيب) أي: ابن خالد. (عن ابن طاوس) هو عبد الله. (رابعة) أي: صبح رابعة من ذي الحجة. (أيُّ الحل؟) أي: أي شيء يحل لنا؟ (قال: الحل كله) أي: يحل جميع ما يحرم على المحرم حتى الجماع، ومرَّ الحديث في الحج (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1893) كتاب: الصوم، باب: وجوب صوم رمضان. (¬2) سبق برقم (1564) كتاب: الحج، باب: التمتع والإقران.

3833 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: "جَاءَ سَيْلٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ فَكَسَا مَا بَيْنَ الجَبَلَيْنِ" - قَال سُفْيَانُ وَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَحَدِيثٌ لَهُ شَأْنٌ -. [فتح: 7/ 147] (سفيان) أي: ابن عيينة. (كان عمرو) أي: ابن دينار. (فكسا) أي: غطى. (ما بين الجبلين) أي: المشرفين على مكة. 3834 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بَيَانٍ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَال: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ، فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ، فَقَال: "مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ؟ " قَالُوا: حَجَّتْ مُصْمِتَةً، قَال لَهَا: "تَكَلَّمِي، فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ"، فَتَكَلَّمَتْ، فَقَالتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قَال: "امْرُؤٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ"، قَالتْ: أَيُّ المُهَاجِرِينَ؟ قَال: "مِنْ قُرَيْشٍ"، قَالتْ: مِنْ أَيِّ قُرَيْشٍ أَنْتَ؟ قَال: "إِنَّكِ لَسَئُولٌ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ"، قَالتْ: مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الأَمْرِ الصَّالِحِ الَّذِي جَاءَ اللَّهُ بِهِ بَعْدَ الجَاهِلِيَّةِ؟ قَال: "بَقَاؤُكُمْ عَلَيْهِ مَا اسْتَقَامَتْ بِكُمْ أَئِمَّتُكُمْ"، قَالتْ: وَمَا الأَئِمَّةُ؟ قَال: "أَمَا كَانَ لِقَوْمِكِ رُءُوسٌ وَأَشْرَافٌ، يَأْمُرُونَهُمْ فَيُطِيعُونَهُمْ؟ " قَالتْ: بَلَى، قَال: "فَهُمْ أُولَئِكِ عَلَى النَّاسِ". [فتح: 7/ 147] (من أحمس) بمهملتين: قبيلة من بجيلة. (قال لها: تكلمي) إلى آخره استدل به على أنه من نذر أن لا يتكلم لم ينعقد نذره؛ لأن أبا بكر لم يقل ذلك إلا عن توقيف فيكون في حكم المرفوع، فالصمت منهي عنه نهي تنزيه وعليه يحمل قول أبي بكر: (فإن هذا لا يحل) ومحل كراهته: إذا كان باطلًا، أو يجر إليه، بخلاف المرغوب فيه، وعليه يحمل خبر: "من صمت نجا" (¬1) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (2501) كتاب: صفة القيامة وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة. وأحمد 2/ 158، والطبراني في "الأوسط" 2/ 264 (1933)، وقال الحافظ العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" 3/ 108: أخرجه الترمذي بسند فيه ضعف وهو عند الطبراني بسند جيد. وقال ابن حجر =

وخبر: "أيسر العبادة الصمت" (¬1). 3835 - حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ العَرَبِ وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ فِي المَسْجِدِ، قَالتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا، فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالتْ: وَيَوْمُ الوشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا ... أَلا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الكُفْرِ أَنْجَانِي فَلَمَّا أَكْثَرَتْ، قَالتْ لَهَا عَائِشَةُ: وَمَا يَوْمُ الوشَاحِ؟ قَالتْ: خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِي، وَعَلَيْهَا وشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ، فَسَقَطَ مِنْهَا، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الحُدَيَّا، وَهِيَ تَحْسِبُهُ لَحْمًا، فَأَخَذَتْهُ فَاتَّهَمُونِي بِهِ فَعَذَّبُونِي، حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِي أَنَّهُمْ طَلَبُوا فِي قُبُلِي، فَبَيْنَا هُمْ حَوْلِي وَأَنَا فِي كَرْبِي، إِذْ أَقْبَلَتِ الحُدَيَّا حَتَّى وَازَتْ بِرُءُوسِنَا، ثُمَّ أَلْقَتْهُ، فَأَخَذُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ". [انظر: 439 - فتح: 7/ 148] (حفش) بمهملة ففاء فمعجمة: بيت صغير. (فتحدث) أي: فتتحدث فحذفت إحدى التاءين. (فأخذت) في نسخة: "فأخذته" ومرَّ الحديث في باب: نوم المرأة في المسجد (¬2). ¬

_ = في رواية الترمذي في "الفتح" 11/ 309: ورواته ثقات. ونسبه المنذري في "ترغيب" 3/ 536 إلى الطبراني وقال: ورواته ثقات. وقال الألباني في "الصحيحة" (536): إسناده جيد. (¬1) رواه هناد في "الزهد" 2/ 545 (1129) باب: الصمت. وابن أبي الدنيا في "الصمت" مرسلًا ص 58 (27). وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين" (3/ 586 - 735) ترجمة: يونس بن أحمد المعاذلي. وقال الحافظ العراقي: في "المغني" رواه ابن أبي الدنيا هكذا في "الصمت" مرسلًا ورجاله ثقات، ورواه أبو الشيخ في "طبقات المحدثين" من حديث أبي ذر وأبي الدرداء مرفوعًا بسند ضعيف، وضعفه الألباني في: "ضعيف الجامع" (2158). (¬2) سبق برقم (439) كتاب: الصلاة، باب: نوم المرأة في المسجد.

3836 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَلا مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إلا بِاللَّهِ"، فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا، فَقَال: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ". [انظر: 2679 - مسلم: 1646 - فتح: 7/ 148] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (لا تحلفوا بآبائكم) أي: لأن الحلف بها من أيمان الجاهلية. 3837 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ، حَدَّثَهُ: أَنَّ القَاسِمَ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الجَنَازَةِ وَلَا يَقُومُ لَهَا، وَيُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: "كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَقُومُونَ لَهَا يَقُولُونَ إِذَا رَأَوْهَا: كُنْتِ فِي أَهْلِكِ مَا أَنْتِ مَرَّتَيْنِ". [فتح: 7/ 148] (ابن وهب) هو عبد الله المصري. (كنتِ في أهلكِ ما أنتِ!) ما: إما موصولة وبعض صلتها مجرور، أي: الذي أنت فيه كنت في الحياة مثله إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، أو ذلك فيما كانوا يدعونه من أن روح الإنسان تصير طائرًا مثله وهو المشهور عندهم بالصدى والهام، أو استفهامية، أي: كنت في أهلك شريفًا مثلًا فأي شيء أنت الآن؟، أو نافية، ولفظ: (مرتين) من تتمة المقول، أي: كنت مرة في القوم ولست بكائن فيهم مرة أخرى كما هو معتقد الكفار حيث قالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا. 3838 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَال: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "إِنَّ المُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ، حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ، فَخَالفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ". [انظر: 1684 - فتح: 7/ 148] (عبد الرحمن) أي: ابن مهدي العنبري. (سفيان) أي: الثوري.

(عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (من جمع) أي: مزدلفة، ومرَّ الحديث في باب: متى يدفع من جمع (¬1). 3839 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ يَحْيَى بْنُ المُهَلَّبِ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ: {وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ: 34] قَال: "مَلْأَى مُتَتَابِعَةً". [فتح: 7/ 148] (لأبي أسامة) هو حماد بن زيد. (عن عكرمة {وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)} قال:) أي: عكرمة معناه: (ملأى متتابعة) يعني: من غير انقطاع. 3840 - قَال: وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي الجَاهِلِيَّةِ: "اسْقِنَا كَأْسًا دِهَاقًا". [فتح: 7/ 149] (قال) أي: عكرمة. (وقال ابن عباس) إلى آخره نبَّه به على أن الناصب لـ {وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)} اسق، وأن سماع ابن عباس لذلك من أبيه كان في الجاهلية. قال شيخنا: والمراد بها: جاهلية نسبية لا المطلقة؛ لأن ابن عباس لم يدرك ما قبل البعثة بل لم يولد إلا بعدها بنحو عشر سنين، فكأنه أراد أنه سمع العباس يقول ذلك قبل أن يسلم (¬2). 3841 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالهَا الشَّاعِرُ، كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ ... وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ". [6147، 6489 - مسلم: 2256 - فتح: 7/ 149] (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1684) كتاب: الحج، باب: متى يدفع من جمع. (¬2) "الفتح" 7/ 152.

(لبيد) هو أبو عقيل الشاعر الصحابي ابن ربيعة العامري من فحول الشعراء (ألا كل شيء ما خلا الله باطل). برفع (كل) على الابتداء، وتمامه: .................... ... وكل نعيم لا محالة زائل ومعنى (باطل) زائل أيضًا، وقوله: (ما خلا الله) أي: وما يتعلق به من صفاته الذاتية والفعلية، ومن العبادات بقرينة خبر: "أنت الحق وقولك الحق والجنة حق والنار حق" (¬1). (وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم) أي: في شعره، أي: قارب ذلك ولم يسلم. 3842 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلامٌ يُخْرِجُ لَهُ الخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَال لَهُ الغُلامُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَال أَبُو بَكْرٍ: وَمَا هُوَ؟ قَال: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَا أُحْسِنُ الكِهَانَةَ، إلا أَنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ". [فتح: 7/ 149] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو عبد الحميد. 3843 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَ لُحُومَ الجَزُورِ إِلَى حَبَلِ الحَبَلَةِ، قَال: وَحَبَلُ الحَبَلَةِ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا، ثُمَّ تَحْمِلَ الَّتِي نُتِجَتْ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ". [انظر: 2143 - مسلم: 1514 - فتح: 7/ 149] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7442) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)}.

27 - [باب] القسامة في الجاهلية

العمري. (كان أهل الجاهلية) إلى آخره، مرَّ في بات بيع الغرر وحبل الحبلة (¬1). 3844 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، قَال غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ: كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَيُحَدِّثُنَا عَنِ الأَنْصَارِ، " وَكَانَ يَقُولُ لِي: فَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَفَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا". [انظر: 3776 - فتح: 7/ 149] (مهدي) أي: ابن ميمون. (كنا نأتي أنس بن مالك) إلى آخره، مرَّ في أول مناقب الأنصار (¬2). 27 - [باب] القَسَامَةِ فِي الجَاهِلِيَّةِ (القسامة في الجاهلية) ساقط من نسخة، وفي أخرى: (باب القسامة في الجاهلية) والقسامة بفتح القاف من القسم بفتح السين: وهو اليمين. 3845 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَطَنٌ أَبُو الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ المَدَنِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "إِنَّ أَوَّلَ قَسَامَةٍ كَانَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ، لَفِينَا بَنِي هَاشِمٍ، كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ فَخِذٍ أُخْرَى، فَانْطَلَقَ مَعَهُ فِي إِبِلِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ بِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، قَدِ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ، فَقَال: أَغِثْنِي بِعِقَالٍ أَشُدُّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِي، لَا تَنْفِرُ الإِبِلُ، فَأَعْطَاهُ عِقَالًا فَشَدَّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ، فَلَمَّا نَزَلُوا عُقِلَتِ الإِبِلُ إلا بَعِيرًا وَاحِدًا، فَقَال الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ: مَا شَأْنُ هَذَا البَعِيرِ لَمْ يُعْقَلْ مِنْ بَيْنِ الإِبِلِ؟ قَال: لَيْسَ لَهُ عِقَالٌ، قَال: فَأَيْنَ عِقَالُهُ؟ قَال: فَحَذَفَهُ بِعَصًا كَانَ فِيهَا أَجَلُهُ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَال: أَتَشْهَدُ المَوْسِمَ؟ قَال: مَا أَشْهَدُ، وَرُبَّمَا شَهِدْتُهُ، قَال: هَلْ أَنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّي رِسَالةً ¬

_ (¬1) سبق برقم (2143) كتاب: البيوع، باب: بيع الغرر وحبل الحبلة. (¬2) سبق برقم (3776) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب الأنصار.

مَرَّةً مِنَ الدَّهْرِ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: فَكَتَبَ إِذَا أَنْتَ شَهِدْتَ المَوْسِمَ فَنَادِ: يَا آلَ قُرَيْشٍ، فَإِذَا أَجَابُوكَ فَنَادِ: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ، فَإِنْ أَجَابُوكَ، فَسَلْ عَنْ أَبِي طَالِبٍ فَأَخْبِرْهُ: أَنَّ فُلانًا قَتَلَنِي فِي عِقَالٍ، وَمَاتَ المُسْتَأْجَرُ، فَلَمَّا قَدِمَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ، أَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَال: مَا فَعَلَ صَاحِبُنَا؟، قَال: مَرِضَ، فَأَحْسَنْتُ القِيَامَ عَلَيْهِ، فَوَلِيتُ دَفْنَهُ، قَال: قَدْ كَانَ أَهْلَ ذَاكَ مِنْكَ، فَمَكُثَ حِينًا، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي أَوْصَى إِلَيْهِ أَنْ يُبْلِغَ عَنْهُ وَافَى المَوْسِمَ، فَقَال: يَا آلَ قُرَيْشٍ، قَالُوا: هَذِهِ قُرَيْشٌ، قَال: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ؟ قَالُوا: هَذِهِ بَنُو هَاشِمٍ، قَال: أَيْنَ أَبُو طَالِبٍ؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو طَالِبٍ، قَال: أَمَرَنِي فُلانٌ أَنْ أُبْلِغَكَ رِسَالةً، أَنَّ فُلانًا قَتَلَهُ فِي عِقَالٍ. فَأَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَال لَهُ: اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤَدِّيَ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ فَإِنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا، وَإِنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ قَوْمِكَ إِنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ أَبَيْتَ قَتَلْنَاكَ بِهِ، فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالُوا: نَحْلِفُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، قَدْ وَلَدَتْ لَهُ، فَقَالتْ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي هَذَا بِرَجُلٍ مِنَ الخَمْسِينَ، وَلَا تُصْبِرْ يَمِينَهُ حَيْثُ تُصْبَرُ الأَيْمَانُ، فَفَعَلَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَال: يَا أَبَا طَالِبٍ أَرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلًا أَنْ يَحْلِفُوا مَكَانَ مِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ، يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ، هَذَانِ بَعِيرَانِ فَاقْبَلْهُمَا عَنِّي وَلَا تُصْبِرْ يَمِينِي حَيْثُ تُصْبَرُ الأَيْمَانُ، فَقَبِلَهُمَا، وَجَاءَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا حَال الحَوْلُ، وَمِنَ الثَّمَانِيَةِ وَأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ". [فتح: 7/ 155] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد أبو عبيدة البصري. (قَطن) أي: ابن كعب البصري. (كان رجل) هو عمرو بن علقمة بن المطلب. (استأجره رجل) هو خداش بن عبد الله بن أبي قيس العامري. (فمرَّ رجل به) في نسخة: "فمرَّ به رجل". (جوالقه) بضم الجيم إناء من جلود وغيرها، وجمعه جواليق بفتح الجيم وزيادة ياء. (بعقال) أي: بحبل. (إلا بعيرًا واحدًا) أي: لم

يعقل لعدم وجدان عقاله الذي شد به الجوالق. (فحذفه) أي: رماه وهو عطف على مقدر، أي: فأعطيته. (الموسم) أي: موسم الحج. (فكنت) من الكون بفتح التاء، وفي نسخة: "فكتب" من الكتابة. (في عقال) أي: بسببه. (وإن شئت) أي: الحلف (حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله) فمفعول (شئت) محذوف وجواب الشرط جملة: (حلف) وفاعل حلف: (خمسون) ومفعوله: (إنك لم تقتله) وفي ذلك مطابقة الحديث للترجمة فإنه قسامة جاهلية لا إسلامية. (فأتته) أي: أبا طالب امرأة اسمها: زينب بنت علقمة أخت المقتول. (كانت تحت رجل منهم) اسمه: عبد العزى بن أبي قيس العامري. (قد ولدت له) أي: ولدًا اسمه: حويطب. (أن تجيز ابني) بالزاي، أي: تسقط عنه اليمين. (برجل) أي: بدل رجل فالباء للمقابلة. (ولا تصبر) بفتح الفوقية وضم الموحدة وكسرها، وفي نسخة: "ولا تصبره" بضم الفوقية وكسر الموحدة. (يمينه) أي: ولا تلزمه بها. (حيث تصبر الأيمان) أي: بين الركن والمقام. (تطرف) بكسر الراء، أي: تتحرك. 3846 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِّلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا، قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُخُولِهِمْ فِي الإِسْلامِ". [انظر: 3777 - فتح: 7/ 156] (كان يوم بعاث) إلى آخره، مرَّ شرحه في مناقب الأنصار (¬1). 3847 - وَقَال ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، أَنَّ كُرَيْبًا، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3777) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب الأنصار.

مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَيْسَ السَّعْيُ بِبَطْنِ الوَادِي بَيْنَ الصَّفَا، وَالمَرْوَةِ سُنَّةً، إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَسْعَوْنَهَا وَيَقُولُونَ: لَا نُجِيزُ البَطْحَاءَ إلا شَدًّا". [فتح: 7/ 156] (ابن وهب) هو عبد الله. (عمرو) أي: ابن الحارث. (ليس السعي) أي: العدو. (سنة) في نسخة: "بسنة" أي: طريقة. (يسعونها) البطحاء التي بين الصفا والمروة. (لا نجيز البطحاء) بضم النون، أي: لا نقطعها. (إلا شدًّا) أي: إلا بقوة وعدوٍ شديد، وأراد ابن عباس نفي سنة السعي بمعنى العدو لا نفي السعي المجرد عن ذلك إذ هو سنة في الحج والعمرة عند قوم، وواجب فيهما عندنا، نعم يستحب العدو عندنا في بطن الميل وخالف فيه ابن عباس فسوى بينه وبين غيره. 3848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ، سَمِعْتُ أَبَا السَّفَرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مِنِّي مَا أَقُولُ لَكُمْ، وَأَسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ، وَلَا تَذْهَبُوا فَتَقُولُوا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَلْيَطُفْ مِنْ وَرَاءِ الحِجْرِ، وَلَا تَقُولُوا الحَطِيمُ فَإِنَّ الرَّجُلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَحْلِفُ فَيُلْقِي سَوْطَهُ أَوْ نَعْلَهُ أَوْ قَوْسَهُ". [فتح: 7/ 156] (سفيان) أي: ابن عيينة. (مطرف) أي: ابن عبد الله الحارثي (أبا السفر) بفتح المهملة والفاء: سعيد بن محمد بضم التحتية وكسر الميم. (ولا تذهبوا) أي: قبل أن تضبطوا (فتقولوا: قال ابن عباس) إلى آخره. (من طاف بالبيت فليطف من وراء الحجر) بدل من قوله: (ما أقول لكم) والحجر بكسر الحاء وسكون الجيم المحوط الذي تحت الميزاب. (ولا تقولوا: الحطيم) أي: لا تسموا الحجر بالحطيم؛ لأنه من أوضاع الجاهلية كان من عادتهم إذا تحالفوا يحطمون أي:

يدفعون نعلًا أي: سوطًا، أو قوسًا إلى الحجر علامة لعقد حلفهم فسمَّوه به لذلك، وقيل: سمي به لما حطم من جداره فلم يسو ببناء البيت وترك خارجًا عنه، أو لأن الناس يحطم فيه بعضهم بعضًا من الزحام عند الدعاء فيه، وقيل: الحطيم: ما بين الركن الأسود والمقام، وقيل: ما بين أول الركن الأسود وأول الحجر. 3849 - حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَال: "رَأَيْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ، قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ". [فتح: 7/ 156] (هشيم) أي: ابن بشير بالتصغير فيهما. أي: ابن أبي خازم بمعجمة وزاي وكنية هشيم: أبو معاوية. (عن حصين) أي: ابن عبد الرحمن الكوفي. (قردة) بسكون الراء. (اجتمع عليها قردة) بفتح الراء جمع قرد. (فرجموها فرجمتها معهم) قال ابن عبد البر: إضافة الزنا إلى غير المكلف وإقامة الحدود في البهائم عند جماعة أهل العلم منكر ولو صح لكانوا من الجن؛ لأن العبادات في الجن والإنس دون غيرهما (¬1). وقال الكرماني: بعد نقله ذلك يحتمل أن يقال: كانوا من الإنس فمسخوا قردة وتغيروا عن سورة الإنسانية فقط، أو كان صورته سورة الزنا والرجم، ولم يكن ثمة تكليف ولا حد مع أن هذه الحكاية لم توجد في بعض نسخ البخاري انتهى (¬2). 3850 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ ¬

_ (¬1) "الاستيعاب" 3/ 282 (1982) ترجمة: عمرو بن ميمون الأودي. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 15/ 75 - 76.

28 - باب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "خِلالٌ مِنْ خِلالِ الجَاهِلِيَّةِ الطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ وَالنِّيَاحَةُ" وَنَسِيَ الثَّالِثَةَ، قَال سُفْيَانُ وَيَقُولُونَ إِنَّهَا الاسْتِسْقَاءُ بِالأَنْوَاءِ. [فتح: 7/ 156] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عبيد الله) أي: ابن أبي يزيد المكي. (خلال) أي: خصال. (بالأنواء) جمع نوء، وهو منزل القمر كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا، وسقينا بنوء كذا. 28 - بَابُ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعبِ بْنِ لؤَيِّ بْنِ غالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ. (باب: مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -) بفتح الميم مصدر ميمي من البعث: وهو الإرسال. (عبد المطلب) سمي به؛ لأن عمه المطلب جاء به إلى مكة رديفه وكان إذا سئل عنه يقول: هو عبدي وكان يسمى شيبة الحمد أيضًا؛ لأنه ولد وفي رأسه شيبة. (كلاب) لقب به لمحبته الصيد وكان أكثر صيده بالكلاب، واسمه: حكيم، وقيل: عروة. (نزار) بكسر النون من النزر: وهو القليل؛ لأنه كان فريد قومه. (النضر) أي: ابن شميل المازني. 3851 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِالهِجْرَةِ فَهَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ، فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [3902، 3903، 4465، 4979 - مسلم: 2351 - فتح: 7/ 162] (عن هشام) أي: ابن حسان البصري. (أنزل على رسول الله) أي: الوحي.

29 - باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة

29 - بَابُ مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مِنَ المُشْرِكِينَ بِمكَّةَ (باب: ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من المشركين بمكة) أي: من الأذى فيها. 3852 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا بَيَانٌ، وَإِسْمَاعِيلُ، قَالا: سَمِعْنَا قَيْسًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ خَبَّابًا، يَقُولُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً، وَهُوَ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ وَقَدْ لَقِينَا مِنَ المُشْرِكِينَ شِدَّةً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا تَدْعُو اللَّهَ، فَقَعَدَ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ، فَقَال: "لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الحَدِيدِ، مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ المِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، مَا يَخَافُ إلا اللَّهَ"، زَادَ بَيَانٌ: "وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ". [انظر: 3612 - فتح: 7/ 164] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (بيان) أي: ابن بشر الأحمسي. (وإسماعيل) أي: ابن أبي خالد (قيسًا) أي: ابن أبي حازم. (خبابًا) أي: ابن الأرت. (أتيت النبي) إلى آخره، مرَّ في باب: علامات النبوة (¬1). 3853 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجْمَ فَسَجَدَ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إلا سَجَدَ، إلا رَجُلٌ رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًا فَرَفَعَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، وَقَال: هَذَا يَكْفِينِي، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا بِاللَّهِ". [انظر: 1067 - مسلم: 576 - فتح: 7/ 165] (عن الأسود) أي: ابن يزيد النخعي. (عن عبد الله) أي: ابن ¬

_ (¬1) سبق برقم (3612) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

مسعود. (إلا رجل) هو أمية بن خلف (¬1)، وقيل: الوليد بن المغيرة (¬2). ومرَّ الحديث في أبواب السجود (¬3). 3854 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ، وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ المَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ: أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ أَوْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ - شُعْبَةُ الشَّاكُّ - "فَرَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ، غَيْرَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَوْ أُبَيٍّ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، فَلَمْ يُلْقَ فِي البِئْرِ". [انظر: 240 - مسلم: 1794 - فتح: 7/ 165] (بينا النبي) إلى آخره، مرَّ في أواخر الوضوء (¬4). 3855 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَوْ قَال: حَدَّثَنِي الحَكَمُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى، قَال: سَلْ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ مَا أَمْرُهُمَا {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالحَقِّ} [الأنعام: 151]، {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَال: "لَمَّا أُنْزِلَتِ الَّتِي فِي الفُرْقَانِ، قَال: مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ: فَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَدَعَوْنَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَقَدْ أَتَيْنَا الفَوَاحِشَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} [مريم: 60]. الآيَةَ، فَهَذِهِ لِأُولَئِكَ، وَأَمَّا الَّتِي فِي ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4863) كتاب: التفسير، باب: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)}. (¬2) رواه الطبراني 5/ 20. (¬3) سبق برقم (1067) كتاب: سجود القرآن، باب: ما جاء في سجود القرآن وسنتها. (¬4) سبق برقم (240) كتاب: الوضوء، باب: إذا ألقي على ظهر المصلي قذر.

النِّسَاءِ: الرَّجُلُ إِذَا عَرَفَ الإِسْلامَ وَشَرَائِعَهُ، ثُمَّ قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ"، فَذَكَرْتُهُ لِمُجَاهِدٍ فَقَال: "إلا مَنْ نَدِمَ". [4590، 4762، 4763، 4764، 4765، 4766 - مسلم: 122، 3023 - فتح: 7/ 165] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (الحكم) أي: ابن عتيبة. (ما أمرهما؟) أي: ما التوفيق بينهما حيث دلت الأولى: على العفو عند التوبة، والثانية: على وجوب الجزاء مطلقًا، وجوابه: ما علم من كلامه بعد من أن المطلق محمول على المقيد. {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} أي: فلا تقبل توبته قاله ابن عباس تشديدًا ومبالغة في الزجر عن القتل وإلا فمذهب أهل السنة أن توبة قاتل المسلم عمدًا مقبولة لآية: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ} [طه: 82]، و {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، وليس في الآية متمسك لمن قال بالتخليد في النار بارتكاب الكبائر؛ لأنها نزلت في قاتل هو كافر، أو هي وعيد لمن قتل مؤمنًا مستحلًا لقتله. (فذكرته) أي: قول ابن عباس. (إلا من ندم) أي: إلا من تاب حملًا للمطلق على المقيد كما مرَّ. 3856 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ المُشْرِكُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي حِجْرِ الكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ، فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا" فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ، وَدَفَعَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر: 28] الآيَةَ، تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، قُلْتُ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

30 - باب إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه

وَقَال: عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ العَاصِ، وَقَال: مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ العَاصِ. [انظر: 3678 - فتح: 7/ 165] (الأوزاعي) هو عبد الرحمن. (أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون) إلى آخره مرَّ في مناقب أبي بكر (¬1). (تابعه) أي: ابن عباس بن الوليد (ابن إسحاق) هو محمد. 30 - بَابُ إِسْلامِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: إسلام أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3857 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الآمُلِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ وَبَرَةَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ، قَال: قَال عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا مَعَهُ إلا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ، وَأَبُو بَكْرٍ". [انظر: 3660 - فتح: 7/ 170] (عن وبرة) أي: ابن عبد الرحمن. (رأيت النبي) إلى آخره، مرَّ في مناقب أبي بكر (¬2). 31 - بَابُ إِسْلامِ سَعْدٍ (باب: إسلام سعد) أي: "ابن أبي وقاص" كما في نسخة. 3858 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3678) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لو كنت متخذًا خليلًا". (¬2) سبق برقم (3660) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذًا خليلًا".

32 - باب ذكر الجن

بْنَ المُسَيِّبِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: "مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إلا فِي اليَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكُثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلامِ". [انظر: 3726 - فتح: 7/ 170] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (إسحاق) أي: ابن إبراهيم السعدي. (هاشم) أي: ابن هاشم بن عتبة. (ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلم فيه) قيل: قد أسلم قبله كثير كأبي بكر، وعلي، وخديجة، وزيد، وأجيب: بأنه لعلهم أسلموا أول النهار وهو في آخره. (وإني لثلث الإسلام) قيل: كيف يكون ثلث الإسلام وقد أسلم قبله أكثر من اثنين؟ وأجيب: بأن ذلك نظرًا إلى إسلام البالغين، ومرَّ الحديث في مناقب سعد (¬1). 32 - بَابُ ذِكْرِ الجِنِّ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} [الجن: 1]. (باب: ذكر الجن وقول الله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} أي: بيان ذلك. 3859 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، قَال: سَأَلْتُ مَسْرُوقًا: "مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا القُرْآنَ؟ "، فَقَال: حَدَّثَنِي أَبُوكَ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ أَنَّهُ "آذَنَتْ بِهِمْ شَجَرَةٌ". [مسلم: 450 - فتح: 7/ 171] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (مسعر) أي: ابن كدام. (مسروقًا) أي: ابن الأجدع. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3726) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب سعد.

(من آذن) بالمد أي: أعلم. 3860 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي جَدِّي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا، فَقَال: "مَنْ هَذَا؟ " فَقَال: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَال: "ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ". فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِي، حَتَّى وَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ العَظْمِ وَالرَّوْثَةِ؟ قَال: "هُمَا مِنْ طَعَامِ الجِنِّ، وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ، وَنِعْمَ الجِنُّ، فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِعَظْمٍ، وَلَا بِرَوْثَةٍ إلا وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا". [انظر: 155 - فتح: 7/ 171] (ابغني) أي: اطلب لي. (وإنه أتاني وفد جن نصيبين) وهي بلدة مشهورة بالجزيرة أعني جزيرة ابن عمر في الشرق (¬1). قيل في "الصحيحين": أن ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجن ولا رآهم (¬2)، وأجيب: بأن نفي ابن عباس إنما هو حيث استمعوا التلاوة في صلاة الفجر لا مطلقًا، ويجاب أيضًا: بأن نفيه محمول على نفي رؤية غير جن نصيبين. (طعامًا) في نسخة: "طعمًا" بضم الطاء، ومرَّ الحديث في باب: الاستنجاء بالحجارة (¬3). ¬

_ (¬1) نصيبين: هي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، وبينها وبين الموصل ستة أيام. انظر: "معجم البلدان" 5/ 288. (¬2) سبق برقم (773) كتاب: الأذان، باب: الجهر بقراءة صلاة الفجر، ومسلم (449) كتاب: الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن. (¬3) سبق برقم (155) كتاب: الوضوء، باب: الاستنجاء بالحجارة.

33 - باب إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه

33 - بَابُ إِسْلامِ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: إسلام أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -) هو جندب بن جنادة و (- رضي الله عنه -) ساقط من نسخة. 3861 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا المُثَنَّى، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الوَادِي فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، يَأْتِيهِ الخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائْتِنِي، فَانْطَلَقَ الأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ، وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَال لَهُ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاقِ، وَكَلامًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ، فَقَال: مَا شَفَيْتَنِي مِمَّا أَرَدْتُ، فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيهَا مَاءٌ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَأَتَى المَسْجِدَ فَالْتَمَسَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَعْرِفُهُ، وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيْلِ، فَاضْطَجَعَ فَرَآهُ عَلِيٌّ فَعَرَفَ أَنَّهُ غَرِيبٌ، فَلَمَّا رَآهُ تَبِعَهُ فَلَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ احْتَمَلَ قِرْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلَى المَسْجِدِ، وَظَلَّ ذَلِكَ اليَوْمَ وَلَا يَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَمْسَى، فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ، فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَقَال: أَمَا نَال لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ؟ فَأَقَامَهُ فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ، لَا يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ، فَعَادَ عَلِيٌّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، فَأَقَامَ مَعَهُ ثُمَّ قَال: أَلا تُحَدِّثُنِي مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ؟ قَال: إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرْشِدَنِّي فَعَلْتُ، فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ، قَال: فَإِنَّهُ حَقٌّ، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتْبَعْنِي، فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّي أُرِيقُ المَاءَ، فَإِنْ مَضَيْتُ فَاتْبَعْنِي حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِي فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَخَلَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي" قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ

34 - باب إسلام سعيد بن زيد رضي الله عنه

اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ القَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ، وَأَتَى العَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ، قَال: وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ، وَأَنَّ طَرِيقَ تِجَارِكُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ عَادَ مِنَ الغَدِ لِمِثْلِهَا، فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ، فَأَكَبَّ العَبَّاسُ عَلَيْهِ. [انظر: 3522 - مسلم: 2474 - فتح: 7/ 173] (المثنى) أي: ابن عمران الضبعي. (عن أبي جمرة) هو نصر بن عمران. (إلى هذا الوادي) أي: مكة. (الأخ) في نسخة: "الآخر". (وكلامًا) أي: وسمعته يقول كلامًا. (شنة) أي: قربة. (أما نال) أي: أما آن، ومرَّ الحديث في باب: قصة زمزم (¬1). 34 - بَابُ إِسْلامِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: إسلام سعيد بن زيد) هو أحد العشرة المبشرة بالجنة، وأبو زيد عمرو بن نفيل، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3862 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، فِي مَسْجِدِ الكُوفَةِ يَقُولُ: "وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي، وَإِنَّ عُمَرَ لَمُوثِقِي عَلَى الإِسْلامِ، قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عُمَرُ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا ارْفَضَّ لِلَّذِي صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ لَكَانَ [محقوقا أن يرفض]. [3867 , 6942 - فتح: 7/ 176] (سفيان) أي: الثوري. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (لموثقي) بمثلثة على الإسلام بحبل كالأسير تضييقًا وإهانة على إسلامه. (ولو أن أحدًا) أي: الجبل المعروف. (ارفضَّ) أي: زال عن ¬

_ (¬1) سبق برقم (3522) كتاب: المناقب، باب: قصة زمزم.

35 - باب إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

مكانه. (للذي) أي: لأجل الذي. (صنعتم بعثمان) أي: من القتل. (لكان) أي: حقيقًا بالارفضاض. 35 - بَابُ إِسْلامِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3863 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ". [انظر: 3684 - فتح: 7/ 177] (سفيان) أي: الثوري. 3864 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَال: فَأَخْبَرَنِي جَدِّي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَال: بَيْنَمَا هُوَ فِي الدَّارِ خَائِفًا، إِذْ جَاءَهُ العَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ أَبُو عَمْرٍو، عَلَيْهِ حُلَّةُ حِبَرَةٍ وَقَمِيصٌ مَكْفُوفٌ بِحَرِيرٍ، وَهُوَ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، وَهُمْ حُلَفَاؤُنَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَقَال لَهُ: مَا بَالُكَ؟ قَال: "زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونِي إِنْ أَسْلَمْتُ، قَال: لَا سَبِيلَ إِلَيْكَ، بَعْدَ أَنْ قَالهَا أَمِنْتُ، فَخَرَجَ العَاصِ فَلَقِيَ النَّاسَ قَدْ سَال بِهِمُ الوَادِي، فَقَال: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ فَقَالُوا: نُرِيدُ هَذَا ابْنَ الخَطَّابِ الَّذِي صَبَا، قَال: لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ فَكَرَّ النَّاسُ". [3865 - فتح: 7/ 177] (ابن وهب) هو عبد الله. (خائفًا) أي: من قريش لما أسلم. (إذ جاءه العاص) بكسر الصاد من الناقص إذ أصله: العاصي بياء فحذفت تخفيفًا، وبضمها من الأجوف إذ أصله: العوص: وهو

الصعوبة والشدة، ورجح شيخنا الثاني (¬1). (وهم حلفاؤنا) جمع حليف من الحلف وهو المعاقدة على التعاضد والتساعد. (أن أسلمت) بفتح أن أي: لأجل إسلامي. (بعد أن قالها) أي: كلمة لا سبيل عليك. (أمنت) بضم الفوقية من كلام عمر، وقيل: بفتحها من كلام العاص. (قد سال بهم الوادي) أي: مكة وهو كناية عن امتلائه بهم. (الذي صبأ) أي: خرج عن دين آبائه. (فكرَّ الناس) أي: رجعوا. 3865 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُهُ قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ دَارِهِ، وَقَالُوا: صَبَا عُمَرُ وَأَنَا غُلامٌ، فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِي، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ، فَقَال: قَدْ صَبَا عُمَرُ فَمَا ذَاكَ، فَأَنَا لَهُ جَارٌ، قَال: فَرَأَيْتُ النَّاسَ تَصَدَّعُوا عَنْهُ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: العَاصِ بْنُ وَائِلٍ". [انظرنا: 3864 - فتح: 7/ 177] (سفيان) أي: ابن عيينة. (فما ذاك) أي: الاجتماع. (فأنا له جار) أي: مجير. (تصدعوا) أي: تفرقوا (من هذا؟) مقول ابن عمر، أي: من هذا الرجل الذي تفرق الناس بسببه؟. (قالوا) في نسخة: "فقالوا". 3866 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَرُ، أَنَّ سَالِمًا، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ، لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ: إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا إلا كَانَ كَمَا يَظُنُّ " بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ، إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ، فَقَال: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي، أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الجَاهِلِيَّةِ، أَوْ: لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَيَّ الرَّجُلَ، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَال لَهُ ذَلِكَ، فَقَال: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، قَال: فَإِنِّي ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 178.

أَعْزِمُ عَلَيْكَ إلا مَا أَخْبَرْتَنِي، قَال: كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ، قَال: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ، قَال: بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي السُّوقِ، جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الفَزَعَ، فَقَالتْ: أَلَمْ تَرَ الجِنَّ وَإِبْلاسَهَا؟ وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا، وَلُحُوقَهَا بِالقِلاصِ، وَأَحْلاسِهَا، قَال: عُمَرُ صَدَقَ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ، لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَوَثَبَ القَوْمُ، قُلْتُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَقُمْتُ، فَمَا نَشِبْنَا أَنْ قِيلَ: هَذَا نَبِيٌّ". [فتح 7/ 177] (ابن وهب) هو عبد الله. (عمر) أي: ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. (لشيء) بفتح اللام للتعليل، أو بمعنى: في، وهو متعلق بيقول بعد. (إلا كان كما يظن) أي: لأنه كان من المحدثين، والمحدث الملهم: وهو من يلقى في نفسه الشيء فيخبر به حدسًا وفراسة، ومرَّ بسط الكلام على ذلك في باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (¬1). (رجل جميل) أي: هو سواد بن قارب. (لقد أخطأ ظني) أي: في كونه في الجاهلية بأن صار مسلمًا. (أو إن هذا) أي: سواد بن قارب. (على دينه في الجاهلية) من عبادة الأوثان. (أو لقد كان) أي: سواد. (كاهنهم) أي: كاهن قومه، قال شيخنا: وحاصله أن عمر ظن شيئًا مترددًا بين شيئين أحدهما يتردد بين شيئين كأنه قال: هذا الظن إما خطأ وإما صواب، فإن كان صوابًا فهذا الآن إما باق على كفره وإما كان كاهنًا (¬2)، وقد أظهر الحال ¬

_ (¬1) سبق برقم (3469) كتاب: أحاديث الأنبياء. (¬2) "الفتح" 7/ 179.

القسمُ الأخيرُ كما ذكره بعد. (عليَّ) بتشديد الياء اسم فعل كعليك بمعنى: احضر أو خذ وإن كان ذلك قليلًا في المتكلم، قال ابن الأثير: عليكم بكذا، أي: افعلوه وهو اسم للفعل بمعنى: خذ (¬1)، يقال: عليك زيدًا وعليك بزيد أي: خذه. (الرجل) منصوب بعلى، أو بنزع الخافض، وكأن عمر قال لنفسه: يا عمر احضر الرجل أو خذه لنسأله. (فُدعي) أي: الرجل. (له) أي: لعمر، وفي نسخة: "فُدعي به" فنائب الفاعل (به) ولا ضمير في دعي. (فقال له ذلك) أي: ما قاله في غيبته من التردد. (فقال) أي: الرجل وهو سواد. (ما رأيت كاليوم) أي: ما رأيت شيئًا مثل ما رأيت اليوم. (استقبل) بالبناء للمفعول (به) أي: باليوم، أي: فيه. (رجل) بالرفع نائب الفاعل. (مسلم) صفة له، وفي نسخة: "استقبل به رجلًا مسلمًا" بالبناء للفاعل ونصب رجلًا مسلمًا. (قال) أي: عمر (فإني أعزم عليك) أي: ألزمك. (فما أعجب) أي: فأي شيء أعجب؟ (ما جاءت به) ما: مصدرية، أو موصولة بدل من (ما أعجب). (الفزع) أي: الخوف. (وإبلاسها) أي: حزنها. (ويأسها) من اليأس ضد الرجاء. (من بعد إنكاسها) أي: انقلابها على رأسها، أي: يئست من استراق السمع. (ولحوقها بالقلاص) (¬2) بكسر القاف جمع قلوص: وهي الناقة الشابة. (وأحلاسها) (¬3) بفتح الهمزة جمع حلس بكسر أوله: وهو شيء يجعل ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 296. (¬2) في هامش (ج): جمع قُلُص بضمتين جمع قلوص: وهي الناقة الشابة- برماوي. (¬3) في هامش (ج): بمهملتين جمع حلس: وهو كساءٌ رقيق تحت البَرْذَعَة- برماوي.

36 - باب انشقاق القمر

تحت رحل الإبل على ظهورها، والمراد: بيان ظهور النبي العربي - صلى الله عليه وسلم -، ومتابعة الجن للعرب ولحوقهم بهم في الدين؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - رسول التلقين، وهذا الشعر من الرجز لكن الأخير غير موزون، نعم روى بدله: (ورحلها العيس بأحلاسها) فيكون موزونًا، والعيس بكسر العين الإبل (عند آلهتهم) أي: أصنامهم. (يا جليح) (¬1) أي: يا وقح ومكالح ومكاشف بالعداوة. (أمر نجيح) من النجاح وهو الظفر بالبغية. (رجل فصيح) من الفصاحة، وفي نسخة: "رجل يصيح" من الصياح. (يقول: لا إله إلا أنت) في نسخة: "يقول: لا إله إلا الله". (فوثب القوم) أي: قاموا. (فما نشبنا) بكسر المعجمة، أي: ما مكثنا. (أن قيل هذا نبي) أي: قد ظهر. 3867 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ لِلْقَوْمِ: "لَوْ رَأَيْتُنِي مُوثِقِي عُمَرُ عَلَى الإِسْلامِ، أَنَا وَأُخْتُهُ، وَمَا أَسْلَمَ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا انْقَضَّ لِمَا صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ، لَكَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ". [انظر: 3862 - فتح: 7/ 187] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (وأخته) أي: أخت عمر: وهي فاطمة زوجة سعيد بن زيد. (وما أسلم) أي: عمر. (انقض) أي: انكسر وانهدم، ومرَّ الحديث في الباب السابق (¬2). 36 - بَابُ انْشِقَاقِ القَمَرِ (باب: انشقاق القمر) أي: في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) في هامش (ج): بفتح الجيم وكسر اللام وبمهملة: الوقح المطالح - برماوي. (¬2) سبق برقم (3862) كتاب: مناقب الأنصار، باب: إسلام سعيد بن زيد.

3868 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ القَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حَتَّى رَأَوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا". [انظر: 3637 - مسلم: 2802 - فتح: 7/ 182] (شقتين) أي: فرقتين. (حراء) هو الجبل المعروف (¬1). وما قيل: أن القمر لو انشق لما خفي على أهل الأقطار؛ لأن الطباع مجبولة على نشر العجائب مردود بمخالفته للقرآن، وبانه يجوز أن يحجبه الله عنهم بغيم لا سيما وأكثر الناس ينام والأبواب مغلقة، وقَلَّ من يرصد السماء. 3869 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: انْشَقَّ القَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى، فَقَال: "اشْهَدُوا" وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ نَحْوَ الجَبَلِ وَقَال: أَبُو الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، انْشَقَّ بِمَكَّةَ، وَتَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. [انظر: 3636 - مسلم: 2800 - فتح: 7/ 182] (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون السكري. (عن أبي معمر) هو عبد الله بن سخبرة. (فقال: اشهدوا) في نسخة: "فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اشهدوا" أي: اضبطوا ذلك بالمشاهدة. (نحو الجبل) أي: المعروف بحراء. (أبو الضحى) هو مسلم بن صبيح. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (وتابعه) أي: إبراهيم النخعي. ¬

_ (¬1) حراء: جبل من جبال مكة على ثلاثة أميال، وهو معروف. انظر: "معجم البلدان" 2/ 233.

37 - باب هجرة الحبشة

3870 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، قَال: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ القَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 3636، 3638 - مسلم: 2800 - فتح: 7/ 182] (أن القمر انشق) إلى آخره، مرَّ في. باب: سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية (¬1). 3871 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "انْشَقَّ القَمَرُ". [فتح: 7/ 182] (حدثنا عمرو بن حفص) إلى آخره ساقط من نسخة. 37 - بَابُ هِجْرَةِ الحَبَشَةِ وَقَالتْ عَائِشَةُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لابَتَيْنِ" فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ إِلَى المَدِينَةِ فِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَأَسْمَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3136] (باب: هجرة الحبشة) أي: هجرة المسلمين من مكة إلى أرض الحبشة وكانت مرتين. (فيه) أي: في هذا الباب. (وأسماء) هي بنت عميس الخثعمية. 3872 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ المِسْوَرَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3636) كتاب: المناقب، باب سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية.

بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، قَالا لَهُ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ خَالكَ عُثْمَانَ فِي أَخِيهِ الوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيمَا فَعَلَ بِهِ، قَال عُبَيْدُ اللَّهِ: فَانْتَصَبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، وَهِيَ نَصِيحَةٌ، فَقَال: أَيُّهَا المَرْءُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَانْصَرَفْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلاةَ جَلَسْتُ إِلَى المِسْوَرِ وَإِلَى ابْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، فَحَدَّثْتُهُمَا بِالَّذِي قُلْتُ لِعُثْمَانَ، وَقَال لِي، فَقَالا: قَدْ قَضَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْكَ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَهُمَا، إِذْ جَاءَنِي رَسُولُ عُثْمَانَ، فَقَالا لِي: قَدِ ابْتَلاكَ اللَّهُ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: مَا نَصِيحَتُكَ الَّتِي ذَكَرْتَ آنِفًا؟ قَال: فَتَشَهَّدْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآمَنْتَ بِهِ، وَهَاجَرْتَ الهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهِ الحَدَّ، فَقَال لِي: يَا ابْنَ أَخِي، أدْرَكْتَ (¬1) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ قَدْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا خَلَصَ إِلَى العَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا، قَال: فَتَشَهَّدَ عُثْمَانُ، فَقَال: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ، وَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَاجَرْتُ الهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، كَمَا قُلْتَ: وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَبَايَعْتُهُ، وَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ، أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ عَلَيَّ؟ قَال: بَلَى، قَال: فَمَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ؟ فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَسَنَأْخُذُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِالحَقِّ، قَال: فَجَلَدَ الوَلِيدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَجْلِدَهُ، وَكَانَ هُوَ يَجْلِدُهُ " وَقَال يُونُسُ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: ¬

_ (¬1) في الأصل: آدرَكْتَ.

"أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ مِنَ الحَقِّ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ" قَال: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 49] مَا ابْتُلِيتُمْ بِهِ مِنْ شِدَّةٍ، وَفِي مَوْضِعٍ: البَلاءُ الابْتِلاءُ وَالتَّمْحِيصُ، مَنْ بَلَوْتُهُ وَمَحَّصْتُهُ، أَيِ اسْتَخْرَجْتُ مَا عِنْدَهُ، يَبْلُو: يَخْتَبِرُ. {مُبْتَلِيكُمْ} [البقرة: 249]: مُخْتَبِرُكُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَلاءٌ عَظِيمٌ: النِّعَمُ، وَهِيَ مِنْ أَبْلَيْتُهُ، وَتِلْكَ مِنَ ابْتَلَيْتُهُ]. [انظر: 3696 - فتح: 7/ 187] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد (يا ابن أخي) في نسخة: "يا ابن أختي". قال الكرماني: وهو الصواب؛ لأنه كان خاله (¬1)، ومز الحديث في مناقب عثمان (¬2). (قال أبو عبد الله) أي: البخاري هنا. {بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ} معناه: أي: (ما ابتليتم به من شدة) وقال (في موضع) آخر (البلاء) معناه: (الابتلاء والتمحيص من بلوته ومحصته أي: استخرجت ما عنده) وقال: (يبلو) معناه: (يختبر مبتليكم) معناه: (مختبركم). (وأما قوله) تعالى ({بلاء عظيم}) فمعناه: (النعم) بكسر النون. (وهي) أي: لفظة ({بَلَاءٌ}) في هذه الآية مأخوذة (من أبليته). وفي تلك الآية وهي {بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ} مأخوذة (من ابتليته)، ولفظ: (قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة. 3873 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاويرُ، فَذَكَرَتَا للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِيكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ". [فتح: 7/ 187] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 15/ 92. (¬2) سبق برقم (3696) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عثمان.

(يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (هشام) أي: ابن عروة. (أن أم حبيبة) هي رملة بنت أبي سفيان. (وأم سلمة) هي هند، ومرَّ الحديث في الجنائز في باب: بناء المساجد على القبر (¬1). 3874 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ السَّعِيدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ، قَالتْ: قَدِمْتُ مِنْ أَرْضِ الحَبَشَةِ، وَأَنَا جُوَيْرِيَةٌ، فَكَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمِيصَةً لَهَا أَعْلامٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ الأَعْلامَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: "سَنَاهْ سَنَاهْ" قَال الحُمَيْدِيُّ: "يَعْنِي حَسَنٌ، حَسَنٌ". [انظر: 3071 - فتح: 7/ 188] (سفيان) أي: ابن عيينة. (قالت: قدمت من أرض الحبشة) إلى آخره، مرَّ في الجهاد في باب: من تكلم بالفارسية والرطانة (¬2). 3875 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَتَرُدُّ عَلَيْنَا؟ قَال: "إِنَّ فِي الصَّلاةِ شُغْلًا" فَقُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ: كَيْفَ تَصْنَعُ أَنْتَ؟ قَال: "أَرُدُّ فِي نَفْسِي". [انظرنا: 1199 - مسلم: 538 - فتح: 7/ 188] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (سليمان) أي: ابن مهران. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس النخعي. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (كنا نسلم على النبي) إلى آخره مرَّ في أواخر الصلاة في باب: لا يرد السلام في الصلاة (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1341) كتاب: الجنائز، باب: بناء المسجد على القبر. (¬2) سبق برقم (3071) كتاب: الجهاد، باب: من تكلم بالفارسية والرطانة. (¬3) سبق برقم (1216) كتاب: العمل في الصلاة، باب: لا يرد السلام في الصلاة.

38 - باب موت النجاشي

3876 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِاليَمَنِ فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَكُمْ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ". [انظر: 3136 - مسلم: 2502 - فتح: 7/ 188] (هجرتان) أي: هجرة من مكة إلى الحبشة، وهجرة من الحبشة إلى المدينة. 38 - بَابُ مَوْتِ النَّجَاشِيِّ (باب: موت النجاشي) بفتح النون وحكي كسرها، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3877 - حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ: "مَاتَ اليَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ". [انظر: 1317 - مسلم: 952 - فتح: 7/ 191] (أبو الربيع) هو سليمان بن داود العتكي. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (مات اليوم رجل صالح) إلى آخره، مرَّ مع بعده في كتاب: الجنائز في باب: الصفوف على الجنازة (¬1). 3878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ عَطَاءً، حَدَّثَهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ فَصَفَّنَا وَرَاءَهُ فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي أَو الثَّالِثِ". [انظر: 1317 - مسلم: 952 - فتح: 7/ 191] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1320) كتاب: الجنائز، باب: الصفوف على الجنازة.

39 - باب تقاسم المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم

(عن عطاء) أي: ابن أبي رباح. 3879 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا" تَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ. [انظر: 1317 - مسلم: 952 - فتح: 7/ 191] (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (تابعه) أي: ابن يزيد بن هارون. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. 3880 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَعَى لَهُمُ النَّجَاشِيَّ، صَاحِبَ الحَبَشَةِ، فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَقَال: "اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ". [انظر: 1245 - مسلم: 951 - فتح: 7/ 191] 3881 - وَعَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُمْ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفَّ بِهِمْ فِي المُصَلَّى، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا". [انظر: 1245 - مسلم: 951 - فتح: 7/ 191] (عن صالح) أي: ابن كيسان. 39 - بَابُ تَقَاسُمِ المُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: تقاسم المشركين على النبي - صلى الله عليه وسلم -) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3882 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا: "مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ". [انظر: 1589 - مسلم: 1314 - فتح: 7/ 192]

40 - باب قصة أبي طالب

(منزلنا غدًا) إلى آخره، مرَّ في الحج، في باب: نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة (¬1). وقوله: (حيث تقاسموا على الكفر) أي: تحالفوا عليه، والمراد: تحالفهم على قتل النبي - صلى الله عليه وسلم -. 40 - بَابُ قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ (باب: قصة أبي طالب) هو عبد مناف، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3883 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَال: "هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ". [6208، 6572 - مسلم: 209 - فتح: 7/ 193] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (عبد الملك) أي: ابن عمير. (في ضحضاح من نار) قال ابن الأثير: الضحضاح في الأصل: ما رقَّ من الماء على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين فاستعاره للنار (¬2)، ودلَّ الحديث على أن أبا طالب مات كافرًا، وما روي من أنه أسلم (¬3) إن صح لا يقاوم ما في "الصحيح". (ولولا أنا) أي: شفعت فيه. (لكان في الدرك الأسفل من النار) أي: أقصى قعرها. وعن أبي ¬

_ (¬1) سبق برقم (1589) كتاب: الحج، باب: نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 75. (¬3) روى ذلك ابن إسحاق ص 222 (328)، وذكره الحافظ ابن حجر في: "الإصابة" 4/ 117 (685).

هريرة الدرك الأسفل من النار: بيت مقفل عليهم تتوقد فيه النار من فوقهم ومن تحتهم (¬1). 3884 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ، دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ، فَقَال: "أَيْ عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ" فَقَال أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَالا يُكَلِّمَانِهِ، حَتَّى قَال آخِرَ شَيْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ" فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ} [التوبة: 113]. وَنَزَلَتْ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56]. [انظر: 1360 - مسلم: 24 - فتح: 7/ 193] (محمود) أي: ابن غيلان العدوي مولاهم هو المرزوي. (عبد الرزاق) أي: ابن همام بن نافع الحميري. (معمر) أي: ابن راشد الأزدي. ونزلت ({إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} أي: هدايته ولا ينافي ذلك قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ لأن الذي أثبته الله له هداية الدعوة أي: وإنك لتدعو والذي نفاه عنه هداية التوفيق. 3885 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ، فَقَال: "لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ. [6564 - مسلم: 210 - فتح 7/ 193] حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بِهَذَا، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" 4/ 1098 (6154).

41 - باب حديث الإسراء

وَقَال "تَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ". (ابن الهاد) هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد. (ابن أبي حاتم) هو سلمة بن دينار. (والدراوردي) هو عبد العزيز بن محمد. 41 - بَابُ حَدِيثِ الإِسْرَاءِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: 1] (باب: حديث الإسراء) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}) إلى آخره، الحكمة في إسرائه إلى بيت المقدس قبل إسرائه إلى السموات: أن يجمع في تلك الليلة بين رؤية القبلتين، أو أن بيت المقدس كان هجرة غالب الأنبياء عليهم السلام قبله، أو أنه محل المحشر فرحل إليه؛ ليجمع بين أشتات الفضائل. 3886 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الحِجْرِ، فَجَلا اللَّهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ". [4710 - مسلم: 170 - فتح: 7/ 196] (عن عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (فطفقت) أي: فجعلت (أخبرهم عن آياته) أي: علاماته وأحواله وأوضاعه. وفيه: أن الرؤية لا يشترط فيها قرب المسافة والارتفاع الحائل.

42 - باب المعراج

42 - بَابُ المِعْرَاجِ (باب: المعراج) من عرج: إذا صعد. قال الجوهري: والمعراج: السلم، ومنه ليلة المعراج (¬1)، ولا تغاير بين [ليلتي] (¬2) الإسراء والمعراج كما دلَّ عليه قوله هنا. 3887 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ: "بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ، - وَرُبَّمَا قَال: فِي الحِجْرِ - مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ، فَقَدَّ: قَال: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ - فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي: مَا يَعْنِي بِهِ؟ قَال: مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ - فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ البَغْلِ، وَفَوْقَ الحِمَارِ أَبْيَضَ، - فَقَال لَهُ الجَارُودُ: هُوَ البُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَال أَنَسٌ: نَعَمْ - يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَال: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلامَ، ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالابْنِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الخَالةِ، قَال: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالا: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [عرج] 1/ 328. (¬2) من (س).

وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ، قَال: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ، قَال: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي، حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ، قَال: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى، قَال: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَال: أَبْكِي لِأَنَّ غُلامًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَال: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، قَال: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلامَ، قَال: مَرْحَبًا بِالابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلالِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ

الفِيَلَةِ، قَال: هَذِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَال: أَمَّا البَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالفُرَاتُ، ثُمَّ رُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَال: هِيَ الفِطْرَةُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاةً كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَال: بِمَا أُمِرْتَ؟ قَال: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاةً كُلَّ يَوْمٍ، قَال: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَال مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَال مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَال مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَال مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَال: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، قَال: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَال: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ، قَال: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي". [انظر: 3207 - مسلم: 164 - فتح: 7/ 201] (حدثهم عن ليلة أسري به) وقوله في الصلاة؛ باب: كيف فرضت الصلاة ليلة الإسراء؟ لأن الصلاة إنما فرضت في المعراج، وإنما أفرد كلًّا منهما بباب؛ لأن كلا منهما يشتمل على قصة منفردة، وفي نسخة: بدل (باب: المعراج) "قصة المعراج". (في الحطيم) أي: في الحجر، سماه حطيما مع ما مرَّ من نهيه عن تسميته بذلك؛ بيانا للجواز. (آت) هو جبريل. (فقدَّ) أي: شق، كما أشار إليه بقوله: (قال: وسمعته) إلى آخره، أي: وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -. (للجارود) هو ابن أبي سبرة البصري

(إلا شعرته) هي بكسر المعجمة وسكون العين أي: عانته. (وسمعته) أي أنسًا (من قصه) بفتح القاف أي: من رأس صدره. (بطست من ذهب) كان ذلك قبل تحريم استعمال الذهب، وفي الطست ست لغات: فتح الطاء وكسرها مع ثبوت التاء وحذفها مشددة السين بلا تاء تأنيث، وبها فيقال: طَسْت، وطِسْت، وطَسَّ، وطِسَّ وطَسّة، وطِسّة (مملوءة) بالتأنيث نظرا إلى تأنيث الطست. (ثم حشي) أي: إيمانا وحكمة (ثم أعيد) أي: قلبه موضعه في الصدر و (ثم أعيد) ساقط من نسخة. واعلم أن صدره - صلى الله عليه وسلم - شق مرتين: مرة في صغره وهي التي قيل له فيها: هذا حظ الشيطان منك (¬1)، وأخرى في كبره حين نزول جبريل - عليه السلام - بالوحي، وهي هذه. (ثم أتيت بدابة) إلى آخره، مرَّ مع ما قبله في أول الصلاة (¬2). وقوله: (نهران باطنان) هما السلسبيل والكوثر. 3888 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] قَال: "هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ"، قَال: {وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ} [الإسراء: 60]، قَال: "هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ". [4716، 6613 - فتح: 7/ 202] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (رؤيا عين) قيد بالعين؛ ليفيد أن الرؤيا بمعنى: الرؤية في اليقظة، وليدفع به قول من قال: إن الإسراء كان في المنام لا في اليقظة. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (162) كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (349) كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة في الإسراء؟

43 - باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وبيعة العقبة

43 - بَابُ وُفُودِ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، وَبَيْعَةِ العَقَبَةِ (باب: وفود الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة، وبيعة العقبة) أي: بمنى في الموسم. ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3889 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ح حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، بِطُولِهِ. قَال ابْنُ بُكَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ: وَلَقَدْ "شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا". [انظر: - مسلم: 2769 - فتح: 7/ 219] (عنبسة) أي: ابن خالد بن يزيد الأيلي. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (ليلة العقبة) أي: الثانية وقد تعد ثالثة (توافقنا) بفاء، وفي نسخة: "تواثقنا" بمثلثة، أي: حين وقع بيننا الميثاق على ما تبايعنا عليه. (بها) أي: بدلها، فالباء للبدلية، ومرَّ الحديث في الوصايا، والجهاد (¬1). 3890 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: كَانَ عَمْرٌو، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "شَهِدَ بِي خَالايَ العَقَبَةَ" قَال: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَحَدُهُمَا البَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ. [3891 - فتح: 7/ 219] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2757) كتاب: الوصايا، باب: إذا تصدق أو أوقف ماله. وبرقم (2947) كتاب: الجهاد، باب: من أراد غزوة فوري بغيرها.

(سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (شهد) أي: حضر. (العقبة) أي: الأولى كما قاله ابن عبد البر (¬1). وقيل: الثانية، ونقل شيخنا عن الحافظ الدمياطي: أنها الثالثة (¬2). (أحدهما) أي: الحالين. 3891 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَال عَطَاءٌ: قَال جَابِرٌ: "أَنَا، وَأَبِي، وَخَالِي، مِنْ أَصْحَابِ العَقَبَةِ". [انظر: 3890 - فتح: 7/ 219] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (وخالاي) في نسخة: "وخالي" بفتح اللام، وتشديد الياء، والواو عليها بمعنى: مع. 3892 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، مِنَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ أَصْحَابِهِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: "تَعَالوْا بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ" قَال: فَبَايَعْتُهُ عَلَى ذَلِكَ. [انظر: 18 - مسلم: 1709 - فتح: 7/ 219] (بايعوني) أي: عاقدوني، ومرَّ الحديث في كتاب: الإيمان (¬3). 3893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، ¬

_ (¬1) "التمهيد" 23/ 273. (¬2) "الفتح" 7/ 221. (¬3) سبق برقم (18) كتاب: الإيمان، باب: علامة الإيمان حب الأنصار.

44 - باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة، وقدومها المدينة، وبنائه بها

عَنْ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: إِنِّي مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: "بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَلَا نَنْتَهِبَ، وَلَا نَعْصِيَ، بِالْجَنَّةِ، إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ". [انظر: 18 - مسلم: 1709 - فتح: 7/ 219] (عن أبي الخير) هو مرثد. (عن الصنابحي) بضم الصاد: هو عبد الرحمن بن عسيلة. (ولا نعصي) من العصيان، وفي نسخة: "ولا نقضي" من القضاء. (بالجنة) متعلق بـ (بايعناه) على النسخة الأولى أي: بايعناه على أن لا نفعل شيئًا مما ذكر بمقابلة الجنة فالباء للمقابلة، وينقضي على الثانية أي: لا يقضي لنا بالجنة، بل الأمر فيه موكول إلى الله تعالى لا حتم في شيء منه، وفي نسخة: "فالجنة" بالفاء أي: قلنا الجنة. (فإن غشينا) بكسر الشين، أي: أصبنا. 44 - بَابُ تَزْويجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، وَقُدُومِهَا المَدِينَةَ، وَبِنَائِهِ بِهَا (باب: تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة، وقدومها المدينة وبنائه بها) لفظ: (باب) ساقط من نسخة، والتزويج بمعنى: "التزوج" كما في نسخة. 3894 - حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي، فَوَفَى جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ، وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ، وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا، لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لَأُنْهِجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي البَيْتِ، فَقُلْنَ عَلَى الخَيْرِ

وَالبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ، فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ". [3896, 5134، 5156 ,5160، 5158 - مسلم: 1422 - فتح: 7/ 223] (ابن خزرج) في نسخة: "ابن الخزرج". (فوعكت) بالبناء للمفعول، أي: حميت. (فتمرق) بالراء، أي: انتتف، وفي نسخة: بالزاي أي: تقطع. (فوفى) بالتخفيف، أي: كثر وفيه حذف أي: فنصلت من الوعك فنبت شعري. (فوفى جُميمة) مصغر جمة بضم الجيم: وهي من شعر الرأس ما سقط على المنكبين. (أرجوحة) بضم الهمزة: حبل يشد في كل من طرفيه خشبة، فيجلس على طرف، وآخر على الآخر، ويحركان فيميل أحدهما بالآخر، نوع من لعب الصغار. (ما تريد بي) في نسخة: "ما تريد مني". (لأنهج) أي: أتنفس نفسا عاليا متتابعا من الإعياء. (وعلى خير طائر) أي: قدمت على خير حظ ونصيب. (فلم يرعني) بفتح التحتية وضم الراء، أي: فلم يفجأني، أو فلم يفزعني. 3895 - حَدَّثَنَا مُعَلًّى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لَهَا: "أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ". [5078, 5125، 7011، 7012 - مسلم: 2438 - فتح: 7/ 223] (معلى) أي: ابن أسد. (وهيب) أي: ابن خالد البصري. (سرقة) بفتح المهملة والراء أي: قطعة. (إن يك هذا من عند الله يمضه) ليس شكا في الرؤيا؛ لأنها وحي ثابت (¬1)؛ لأنها تكون على ¬

_ (¬1) دل على ذلك حديث سبق برقم (138) كتاب: الوضوء، باب: التخفيف في الوضوء من حديث عبيد بن عمير بلفظ: "رؤيا الأنبياء وحي".

45 - باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة

ظاهرها وعلى غير ظاهرها فالشك في أيهما يقع. 3896 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ بِثَلاثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ". [انظر: 3894 - مسلم: 1422 - فتح: 7/ 224] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (بثلاث سنين) وقيل: بأربع، وقيل: بخمس. 45 - بَابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ إِلَى المَدِينَةِ وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ". [3779, 4330] وَقَال أَبُو مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ فِي المَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا اليَمَامَةُ، أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ المَدِينَةُ يَثْرِبُ". [انظر: 3622] (باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة) أي: بيان هجرتهم إليها. (وهلي) بفتح الهاء وسكونها أي: ظني (إلى أنها اليمامة) (¬1) هي مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف (¬2). (أو هجر) بفتح الهاء والجيم: بلد معروف من البحرين، وقيل: قرية بقرب المدينة (¬3)، وفي ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 441. (¬2) الطائف: هي قرية على مسيرة يوم للطالع من مكة ونصف يوم للهابط إلى مكة. انظر: "معجم البلدان" 4/ 8. (¬3) انظر: "معجم البلدان" 5/ 393.

نسخة: "أو الهجر" بالتعريف. (فإذا هي المدينة يثرب) أي: المسماة بيثرب بالمثلثة (¬1). 3897 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، يَقُولُ: عُدْنَا خَبَّابًا فَقَال: "هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاهُ وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ، شَيْئًا مِنْ إِذْخِرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهُوَ يَهْدِبُهَا". [انظر: 1276 - مسلم: 940 - فتح: 7/ 226] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (أبا وائل) بالهمز: هو شقيق بن سلمة بكسر اللام. (خبابًا) أي: ابن الأرت. (فمنا من مضى) أي: مات (أَيْنَعتْ) أي: نضجتْ. (يهدبُها) بكسر الدال المهملة ويجوز فتحها وضمها أي: يجنيها، ومرَّ الحديث في الجنائز في باب: إذا لم يجد كفنًا إلا ما يواري رأسه (¬2). 3898 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، ¬

_ (¬1) يثرب: مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سميت بذلك؛ لأن أول من سكنها عند التفرق يثرب بن قانية بن مهلائيل بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام. انظر: "معجم البلدان" 5/ 430. (¬2) سبق برقم (1276) كتاب: الجنائز، باب: إذا لم يجد كفنا إلا ما يواري رأسه.

فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ". [انظر: 1 - مسلم: 1907 - فتح: 7/ 226] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (حماد هو ابن زيد) لفظ: (هو ابن زيد) ساقط من نسخة. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (الأعمال بالنية) إلى آخره مرَّ شرحه أول الكتاب (¬1). 3899 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ المَكِّيِّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَقُولُ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ". [4309، 4310، 4311 - فتح: 7/ 226] 3900 - قَال: يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَحَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَال: زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، فَسَأَلْنَاهَا عَنِ الهِجْرَةِ فَقَالتْ: "لَا هِجْرَةَ اليَوْمَ، كَانَ المُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالى، وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا اليَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الإِسْلامَ، وَاليَوْمَ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ". [انظر: 3080 - مسلم: 1864 - فتح: 7/ 226] (وحدثني الأوزاعي) في نسخة: "قال يحيى بن حمزة: وحدثني الأوزاعي" فهو المراد من الأولى وكأنه قال مرة: حدثني إسحاق، حدثنا يحيى، حدثنا الأوزاعي، عن عبدة، ومرة: حدثنا إسحاق إلى آخره، لكن أبدل: (عن عبدة) بقوله: (عن عطاء) ومرَّ شرح الحديث في أول كتاب: الجهاد (¬2). 3901 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ: قَال هِشَامٌ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (3008) كتاب: الجهاد، باب: الكسوة للأسارى.

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ سَعْدًا قَال: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ "وَقَال أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ، " مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا نَبِيَّكَ، وَأَخْرَجُوهُ مِنْ قُرَيْشٍ". [انظر: - مسلم: 1796 - فتح: 7/ 226] (ابن نمير) هو عبد الله الهمداني. (أن سعدا) أي: ابن معاذ الأنصاري. (أن أجاهدهم) أي: قريشًا. 3902 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكُثَ بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ". [انظر: 3851 - مسلم: 3251 - فتح: 7/ 227] 3903 - حَدَّثَنِي مَطَرُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ". [انظر: 3851 - مسلم: 2351 - فتح: 7/ 227] (هشام) أي: ابن حسان القردوسي. (بحث رسول الله) إلى آخره، مرَّ شرحه، والذي بعده في كتاب: المبعث (¬1). 3904 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ فَقَال: "إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ" فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَال: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَال النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ المُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3851) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، إلا خُلَّةَ الإِسْلامِ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ خَوْخَةٌ إلا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ". [انظر: 466 - مسلم: 2382 - فتح: 7/ 227] (فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -هو المخير) بنصب (المخير) خبر كان وهو ضمير فصل، وبرفعه خبر: (هو) فالجملة خبر كان، ومرَّ الحديث في الصلاة وغيرها (¬1). 3905 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ، إلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهُوَ سَيِّدُ القَارَةِ، فَقَال: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي، قَال ابْنُ الدَّغِنَةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، إِنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ، فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، فَقَال لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ المَعْدُومَ وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَقَالُوا: لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقَال ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِصَلاتِهِ وَلَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (476) كتاب: الصلاة، باب: المسجد يكون في الطريق، وبرقم (2138) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترى متاعًا أو دابة.

بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ، وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ، عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَأَعْلَنَ بِالصَّلاةِ وَالقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَانْهَهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إلا أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الاسْتِعْلانَ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَال: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ العَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ: "إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لابَتَيْنِ" وَهُمَا الحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ إِلَى المَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي" فَقَال أَبُو بَكْرٍ: وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَال: "نَعَمْ" فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ وَهُوَ الخَبَطُ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. قَال ابْنُ شِهَابٍ، قَال: عُرْوَةُ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَال قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَنِّعًا، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إلا أَمْرٌ، قَالتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: "أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ". فَقَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ" فَقَال أَبُو بَكْرٍ: الصَّحَابَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ" قَال أَبُو بَكْرٍ: فَخُذْ - بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - إِحْدَى

رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِالثَّمَنِ". قَالتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الجِهَازِ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ قَالتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلامٌ شَابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا، يُكْتَادَانِ بِهِ إلا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ العِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ، وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلاثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ، هَادِيَا خِرِّيتًا، وَالخِرِّيتُ المَاهِرُ بِالهِدَايَةِ، قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيَالٍ، بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ، فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ. [انظر: 476 - فتح: 7/ 230] (يدينان الدين) أي: الإسلام أي: يطيعانه. (برك) بفتح الموحدة، وحكي كسرها وبسكون الراء: موضع بناحية اليمن. (الغماد) بمعجمة مكسورة، وحكي ضمها ودال مهملة: موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن مما يلي ساحل البحر (¬1). (ابن الدغنة) بضم المهملة والمعجمة وتشديد النون عند اللغويين، وبفتح المهملة وكسر المعجمة وفتح النون المخففة عند المحدثين: وهي اسم أمه، وقيل: اسم أبيه، ¬

_ (¬1) برك الغماد: وقيل: بلد باليمن، دفن عنده عبد الله بن جدعان التيمي القرشي. انظر: "معجم البلدان" 1/ 399.

وقيل: دايته، وأما اسمه: فالحارث بن زيد، وقيل: مالك. (سيد القارة) هي قبيلة مشهورة من بني الهون، بضم الهاء (وتكسب المعدوم) أي: تعطيه مالا. (الكلَّ) بفتح الكاف وتشديد اللام: ما يثقل حمله من القيام بالعيال ونحوه. (فأنا لك جار) أي: مجير. (فقدم عليهم) أي: على أشراف قريش، وفي نسخة: "فقدم عليه" أي: على أبي بكر. (أحث) من الحث: وهو الإسراع. (الجهاز) بفتح الجيم وكسرها: ما يحتاج إليه في السفر ونحوه. (من نطاقها) بكسر النون، ويقال له: منطق: وهو ما تشد به المرأة وسطها فوق ثيابها من إزار ونحوه عند معاناة الأشغال. (ثقف) بفتح المثلثة وكسر القاف، وحكي إسكانها وفتحها، أي: حاذق فطن. (لقن) بكسر القاف، أي: سريع الفهم. (فيدلج) بتشديد المهملة أي: فيسير إلى مكة. (من عندهما بسحر) أي: فيه. (يكادان) في نسخة: "يكتادان" أي: بزيادة فوقية. (حتى ينعق) بكسر العين أي: يصيح. (بهما) أي: بالمنحة، أو بالغنم. (عامر) بالرفع فاعل (ينعق) (فأمناه) بفتح الهمزة وكسر الميم أي: ائتمناه كقوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}. 3906 - قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ المُدْلِجِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ: جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ، أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ، فَقَال يَا سُرَاقَةُ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْودَةً بِالسَّاحِلِ، أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، قَال سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلانًا وَفُلانًا، انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا، ثُمَّ لَبِثْتُ فِي المَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي، وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ، فَتَحْبِسَهَا

عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي، فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ البَيْتِ، فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ، حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ بِي، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلامَ فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا: أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَعَصَيْتُ الأَزْلامَ، تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الالْتِفَاتَ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الأَرْضِ، حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً، إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلامِ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَنَادَيْتُهُمْ بِالأَمَانِ فَوَقَفُوا، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الحَبْسِ عَنْهُمْ، أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي وَلَمْ يَسْأَلانِي، إلا أَنْ قَال: "أَخْفِ عَنَّا". فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَال ابْنُ شِهَابٍ، فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، كَانُوا تِجَارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّأْمِ، فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ، وَسَمِعَ المُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ، فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الحَرَّةِ، فَيَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ، أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ، لِأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَلَمْ يَمْلِكِ اليَهُودِيُّ أَنْ قَال بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعَاشِرَ العَرَبِ، هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ، فَثَارَ المُسْلِمُونَ إِلَى السِّلاحِ، فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِظَهْرِ الحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ، حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ

الأَنْصَارِ - مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَأُسِّسَ المَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ، لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ: "هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ المَنْزِلُ". ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغُلامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ، لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالا: لَا، بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا هِبَةً حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ، وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ: "هَذَا الحِمَالُ لَا حِمَال خَيْبَرْ ... هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ" وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ الأَجْرَ أَجْرُ الآخِرَهْ ... فَارْحَمِ الأَنْصَارَ، وَالمُهَاجِرَهْ " فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي قَال ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي الأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرَ هَذَا البَيْتِ. [فتح: 7/ 238] (وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم) لفظ: (ابن مالك) ساقط من نسخة. (فخططت) بخاء معجمة، وفي نسخة بحاء مهملة. (بزجِّه) في نسخة: "به" أي بالرمح أي: أمكنت أسفله. (الأرض) أي: فيها. (وخفضت عاليه) أي: عالي الرمح لئلا يظهر بريقه لمن بعد منه؛ لأنه كره أن يتبعه أحد فيشركه في الدية (تقرب بي) من التقريب: وهو السير دون العدو وفوق العادة. (فخرج الذي أكره) أي: وهو الذي لا يضرهم. (فسألته) أي: قال سراقة: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -. (أن يكتب لي كتاب أمن) بسكون الميم، وفي نسخة: "كتاب موادعة".

(مبيضين) أي: عليهم ثياب بيض. (يزول بهم السراب) أي: يزول السراب عن النظر بسبب عروضهم له، والسراب: ما يرى في شدة الحر كالماء، فإذا جئته لم تلق شيئًا. (وأسس المسجد الذي أسس على التقوى) هو مسجده - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: مسجد قباء. (هذا الحمال) إلى آخره بكسر الحاء وفتحها في الموضعين أي: هذا المحمول من اللبن أبر عند الله وأطهر من حمال خيبر، أي: مما يحمل منها من التمر والزبيب ونحوهما الذي يتغبط به حاملوه. (لم يسم لي) سماه غيره: بعبد الله بن رواحة. (غير هذا البيت) في نسخة: "غير هذه الأبيات" ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الصلاة وغيره (¬1). 3907 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، وَفَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " صَنَعْتُ سُفْرَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، حِينَ أَرَادَا المَدِينَةَ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُهُ إلا نِطَاقِي، قَال: فَشُقِّيهِ فَفَعَلْتُ فَسُمِّيتُ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْمَاءُ ذَاتَ النِّطَاقِين. [انظرنا: 2979 - فتح: 7/ 240] (وفاطمة) أي: بنت المنذر. (عن أسماء) أي: بنت أبي بكر. (صنعت سفرة) إلى آخره، مرَّ شرحه في كتاب: الجهاد، في باب: حمل الزاد في الغزو (¬2). 3908 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمَّا أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ تَبِعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ قَال: ادْعُ اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكَ، فَدَعَا لَهُ، قَال: فَعَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ بِرَاعٍ، قَال أَبُو بَكْرٍ: فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ ¬

_ (¬1) سبق شرحه في حديث (428) كتاب: الصلاة، باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية. وبرقم (1868) كتاب: فضائل المدينة، باب: حرم المدينة. (¬2) سبق برقم (2979) كتاب: الجهاد، باب: حمل الزاد في الغزو.

كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، فَأَتَيْتُهُ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ". [انظر: 2439 - مسلم: 2009 - فتح: 7/ 240] (لما أقبل النبي) إلى آخره، مرَّ شرحه في كتاب: اللقطة (¬1). 3909 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ فَأَتَيْتُ المَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ "دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ثُمَّ دَعَا لَهُ، وَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلامِ" تَابَعَهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى. [5469 - مسلم: 2146 - فتح: 7/ 248] 3910 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْرَةً فَلاكَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي فِيهِ، فَأَوَّلُ مَا دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [مسلم: 2148 - فتح: 7/ 248] (وأنا متم) أي: مدة الحمل الغالب. (ثم حنكه) أي: مضغ تمرًا ودلك به حنكه، بأن دلكه في فمه. (تابعه) أي: زكريا بن يحيى. 3911 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَابٌّ لاَ يُعْرَفُ، قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2439) كتاب: اللقطة، باب: من عرف اللقطة.

يَهْدِينِي السَّبِيلَ، قَالَ: فَيَحْسِبُ الحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الخَيْرِ، فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا، فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ». فَصَرَعَهُ الفَرَسُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، قَالَ: «فَقِفْ مَكَانَكَ، لاَ تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا». قَالَ: " فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَانِبَ الحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَاءُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا، وَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ. فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَحَفُّوا دُونَهُمَا بِالسِّلاَحِ، فَقِيلَ فِي المَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ، وَهُوَ فِي نَخْلٍ لِأَهْلِهِ، يَخْتَرِفُ لَهُمْ، فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِي يَخْتَرِفُ لَهُمْ فِيهَا، فَجَاءَ وَهِيَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ». فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي، قَالَ: «فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلًا»، قَالَ: قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ. فَأَرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ اليَهُودِ، وَيْلَكُمْ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ، فَأَسْلِمُوا»، قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ، قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ، قَالَ: «فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ؟» قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا، قَالَ: «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟»، قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟» قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟»، قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: «يَا ابْنَ سَلاَمٍ اخْرُجْ عَلَيْهِمْ»، فَخَرَجَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ اليَهُودِ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ

الَّذِي لَا إِلَهَ إلا هُوَ، إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ، فَقَالُوا: كَذَبْتَ، فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظرنا: 3329 - فتح: 7/ 249] (محمد) أي: ابن سلام، أو ابن المثنى. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (يعرف) أي: لتردده إلى أهل المدينة للتجارة. (تحمحم) أي: تصوت. (لا تتركن أحدا يلحق بنا) برفع (يلحق) صفة لأحد، لا يجزمه جواب لما قبله، إذ جوابه محذوف، أي: تنل خيرًا فسقط ما قيل: إنه نظير قولهم: لا تدنُ من الأسد تهلك، حتى يأتي فيه مذهب الكسائي وغيره. (مسلحة له) بفتح الميم، أي: دافعًا عنه الأذى كالسلاح. (وحفُّوا) أي: أحدقوا (يخترف) أي: يجني، ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الأنبياء (¬1). 3912 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كَانَ فَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فِي أَرْبَعَةٍ، وَفَرَضَ لِابْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسَ مِائَةٍ، فَقِيلَ لَهُ هُوَ مِنَ المُهَاجِرِينَ فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ آلافٍ، فَقَال: "إِنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أَبَوَاهُ يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ". [فتح: 7/ 253] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (أربعة آلاف في أربعة) قيل: أي في أربعة أيام أعوام فيخص كل عام أربعة آلاف، ولفظ: (في أربعة) ساقط من نسخة. 3913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3329) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم.

عَنْ خَبَّابٍ، قَال: "هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1276 - مسلم: 940 - فتح: 7/ 253] (سفيان) أي: ابن عيينة. (هاجرنا مع رسول الله) إلى آخره، مرَّ آنفا في الجنائز (¬1). 3914 - وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الأَعْمَشِ، قَال: سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ، قَال: حَدَّثَنَا خَبَّابٌ، قَال: "هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، وَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا نُكَفِّنُهُ فِيهِ إلا نَمِرَةً، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ، فَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ بِهَا، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ إِذْخِرٍ وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا". [انظر: 1276 - مسلم: 940 - فتح: 7/ 253] 3915 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: قَال لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: هَلْ تَدْرِي مَا قَال أَبِي لِأَبِيكَ؟ قَال: قُلْتُ: لَا، قَال: فَإِنَّ أَبِي قَال لِأَبِيكَ: "يَا أَبَا مُوسَى، هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلامُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ، وَجِهَادُنَا مَعَهُ، وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ، بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ، كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ؟ فَقَال أَبِي: لَا وَاللَّهِ، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَلَّيْنَا، وَصُمْنَا، وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ، فَقَال أَبِي: لَكِنِّي أَنَا، وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَبَاكَ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَبِي". [فتح: 7/ 254] (عملنا كلنا) روي: (وعملنا كله). (برد) أي: ثبت وسلم، يقال: برد لي على الغريم حق أي: ثبت. (كفافًا رأسًا برأس) أي: لا لي ولا ¬

_ (¬1) سبق برقم (1276) كتاب: الجنائز، باب: إذا لم يجد كفنا.

علي، قال عمر: ذلك هضما لنفسه، أولما رأى أن الإنسان لا يخلو عن تقصير في كل خير يعمله. (فقال أبي) صوابه: فقال أبوك كما في رواية (¬1)؛ لأن ابن عمر يخاطب أبا بردة. (وإنا لنرجوا ذلك) أي: ثوابه من الكريم الوهاب. 3916 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ، أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، إِذَا قِيلَ لَهُ هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ يَغْضَبُ، قَال: "وَقَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْنَاهُ قَائِلًا، فَرَجَعْنَا إِلَى المَنْزِلِ فَأَرْسَلَنِي عُمَرُ، وَقَال: اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلِ اسْتَيْقَظَ فَأَتَيْتُهُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ نُهَرْولُ هَرْوَلَةً حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَبَايَعَهُ ثُمَّ بَايَعْتُهُ". [4186، 4187 - فتح: 7/ 255] (إسماعيل) أي ابن علية. (عن عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (قائلا) أي: نائما في القائلة. (نهرول) الهرولة: ضرب من السير بين المشي والعدو. 3917 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ، يُحَدِّثُ قَال: ابْتَاعَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا، فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ، قَال: فَسَأَلَهُ عَازِبٌ عَنْ مَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أُخِذَ عَلَيْنَا بِالرَّصَدِ، فَخَرَجْنَا لَيْلًا فَأَحْثَثْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ، فَأَتَيْنَاهَا وَلَهَا شَيْءٌ مِنْ ظِلٍّ، قَال: فَفَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْوَةً مَعِي، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ قَدْ أَقْبَلَ ¬

_ (¬1) قال ابن حجر في: "الفتح" 7/ 254: قد وقع في رواية النسفي على الصواب ولفظه: فقال أبوك: لا والله. ورواه الحاكم 3/ 466 - 467 كتاب: معرفة الصحابة، مناقب أبي موسى الأشعري، والبيهقي 6/ 359 كتاب: قسم الفيء والغنيمة، باب: الاختيار في التعجيل بقسمة مال الفيء.

فِي غُنَيْمَةٍ يُرِيدُ مِنَ الصَّخْرَةِ مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلامُ؟ فَقَال: أَنَا لِفُلانٍ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْتُ لَهُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ؟ قَال: نَعَمْ، فَأَخَذَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: انْفُضِ الضَّرْعَ، قَال: فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ عَلَيْهَا خِرْقَةٌ، قَدْ رَوَّأْتُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ ارْتَحَلْنَا وَالطَّلَبُ فِي إِثْرِنَا". [انظرنا: 2439 - مسلم: 2009 (سيأتي بعد رقم: 3014) - فتح: 7/ 255] 3918 - قَال البَرَاءُ: فَدَخَلْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ، فَإِذَا عَائِشَةُ ابْنَتُهُ مُضْطَجِعَةٌ قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى، فَرَأَيْتُ أَبَاهَا فَقَبَّلَ خَدَّهَا وَقَال: "كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ"؟ [فتح: 7/ 255] (فأحثثنا) من الحث وهو الحض على الشيء، وفي نسخة: "فأحيينا" من الإحياء. (قد روأتها) أي: تأنيت بها حتى صلحت، وقال ابن الأثير: روَّأتها جاء بالهمزة والصواب: بغير همز أي: شددتها الخرقة وربطتها عليها (¬1). ومرَّ الحديث في أبواب، منها باب: علامات النبوة (¬2). 3919 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ وَسَّاجٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسٍ خَادِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا بِالحِنَّاءِ، وَالكَتَمِ". [3920 - فتح: 7/ 256] (أشمط) هو من خالط شعره الأسود بياض. (فغلفها) بفتح اللام مخففة ومشددة، أي: لطخ لحيته. (بالحناء) بالمد (والكتم) بفتح الفوقية المخففة، وحكي تشديدها وروق يخضب به كالآس، وقيل: النيل، ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 2/ 280. (¬2) سبق برقم (3615) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

وقيل: حناء قريش. 3920 - وَقَال: دُحَيْمٌ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَكَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ حَتَّى قَنَأَ لَوْنُهَا". [انظرنا: 3919 - فتح: 7/ 257] (دحيم) بالتصغير: هو عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي. (الوليد) أي: ابن مسلم. (أبو عبيد) هو حيي. (حتى قنألونها) بفتح القاف والنون وبهمزة، أي: اشتدت حمرتها. 3921 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ بَكْرٍ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا، هَذَا الشَّاعِرُ الَّذِي قَال هَذِهِ القَصِيدَةَ رَثَى كُفَّارَ قُرَيْشٍ: وَمَاذَا بِالقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنَ الشِّيزَى تُزَيَّنُ بِالسَّنَامِ وَمَاذَا بِالقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنَ القَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الكِرَامِ تُحَيِّينَا السَّلامَةَ أُمُّ بَكْرٍ ... وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلامِ يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا ... وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ [فتح: 7/ 257] (أصبغ) أي: ابن الفرج. (من كلب) أي: من بني كلب. (رثى) حال أي حالة كون قائل القصيدة رثى بها من رثيت الميت، إذا بكيته وعددت محاسنه. (كفار قريش) الذين قتلوا يوم بدر. (ماذا بالقليب) هو البئر الذي لم تطو. (قليب بدر) بدل من القليب. (من الشِّيزى) بكسر المعجمة وسكون التحتية وفتح الزاي والقصر:

شجر يعمل منه الجفان، والمراد: أصحابها إذ المعنى: ماذا بقليب بدر من أصحاب الجفان المتخذة من الشيزى للثريد. (تزين) بالبناء للمفعول. (بالسنام) بفتح المهملة أي: بلحوم سنام الإبل، فهو على حذف مضاف. (وماذا بالقليب قليب بدر من القينات) أي: المغنيات. (والشرب) بفتح المعجمة وسكون الراء أي: الندماء الذين يجتمعون للشرب. (تحيي) أي: القينات أي: تدعو بالسلامة، وفي نسخة: "تحيينا السلامة" وفي أخرى: "تحيني" بالإفراد. (أم) أي: يا (أم بكر وهل) في نسخة: "فهل" (لي بعد قومي) أي: بعد هلاكهم. (من سلام) أي: من سلامة. (يحدثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن سنحيا) أي: بعد الموت. (وكيف حياة أصداء) جمع صدى: وهو ذَكر البوم، وقيل: طائر يطير بالليل، وقيل: غير ذلك. (وهام) جمع هامة، بتخفيف الميم: وهي جمجمة الرأس، وكانت العرب تزعم أن عظام الميت وروحه تصير هامة، ويسمونها الصدى، وهذا تفسير أكثر العلماء للهامة، وقيل: كانت العرب تعتقد أن روح القتيل الذي لم يؤخذ بثأره تصير هامة فترفرف عند قبره وتقول: اسقوني اسقوني من دم قاتلي، فإذا أخذ بثأره طارت، وهذا لا يخالف الأول في الحقيقة بأن يحمل الطير فيه على الصدى المفسر بذكر البوم، وحينئذ فعطف الهامة على الصدى عطف تفسير، وأراد الشاعر بما قاله إنكار البعث كأنه يقول: إذا صار الإنسان طيرًا فكيف يصير مرة أخرى إنسانا؟ 3922 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغَارِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِأَقْدَامِ القَوْمِ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ طَأْطَأَ بَصَرَهُ رَآنَا، قَال: "اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ، اثْنَانِ

46 - باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة

اللَّهُ ثَالِثُهُمَا". [انظر: 3653 - مسلم: 2381 - فتح: 7/ 257] (همام) أي: ابن يحيى الشيباني. (عن ثابت) أي: البناني. ومرَّ الحديث في مناقب أبي بكر (¬1). 3923 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الهِجْرَةِ، فَقَال: "وَيْحَكَ إِنَّ الهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا"، قَال: نَعَمْ، قَال: "فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وُرُودِهَا"، قَال: نَعَمْ، قَال: "فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ البِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا". [انظر: 1452 - مسلم: 1865 - فتح: 7/ 257] (فهل تمنح منها؟) أي: هل تعطيها لغيرك ليحلب منها، وينتفع بها. (لن يترك) بفتح التحتية، وكسر الفوقية، أي: لن ينقصك. ومرَّ الحديث في باب: زكاة الإبل (¬2). 46 - بَابُ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ المَدِينَةَ (باب: مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة) أي: بيان قدومهم لها. 3924 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعَ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَبِلالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ". [فتح: 7/ 259] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن ¬

_ (¬1) سبق برقم (3953) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لو كنت متخذا خليل). (¬2) سبق برقم (1452) كتاب: الزكاة، باب: زكاة الإبل.

الحجاج. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم) لا ينافيه ما جزم به موسى بن عقبة من أن أول من قدم المدينة من المهاجرين أبو سلمة بن عبد الأسد (¬1)؛ لأن مصعبًا وابن أم مكتوم خرجا إليه بقصد الإقامة بها، وتعليم من أسلم بها بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو سلمة خرج لا بقصد الإقامة بها، بل فرارا من المشركين. 3925 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ، فَقَدِمَ بِلالٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ " قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ المَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى جَعَلَ الإِمَاءُ يَقُلْنَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى فِي سُوَرٍ مِنَ المُفَصَّلِ". [فتح: 7/ 259] (وسعد) أي: ابن أبي وقاص. (وكانا يُقرئان الناس) في نسخة: "وكانوا يُقرئون الناس" وجمع الاثنين باعتبار أنهما أقل الجمع، حتى قرأت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}) يقتضي أنها نزلت بمكة، ولا ينافي ما ذكروه من أن قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)} نزل في صلاة العيد، وصدقة الفطر بالمدينة في السنة الثانية من الهجرة؛ لأن السورة مكية، لكنه - صلى الله عليه وسلم - بين بالمدينة أن المراد بالآيتين: صلاة العيد، وصدقة الفطر. (من ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 4/ 16. كتاب: معرفة الصحابة، هجرة أم سلمة إلى الحبشة وإلى المدينة.

المفصل) هو السبع الأخير من القرآن، وأوله الحجرات على الأصح. 3926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ، وَبِلالٌ، قَالتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالتْ: فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكَانَ بِلالٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ وَيَقُولُ: أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَال: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ، أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ". [انظرنا: 1889 - مسلم: 1376 - فتح: 7/ 262] (كيف تجدك) أي: تجد نفسك. (أدنى) أي: أقرب. (من شراك نعله) بكسر المعجمة: أحد سيور النعل التي على وجهها. (عقيرته) أي: صوته. (بواد) هو مكة. (وحولي إذخر) هو حشيش مكة له رائحة طيبة. (وجليل) بالجيم: نبت ضعيف يحشى به خصاص البيوت. (وهل أردن) بنون التوكيد الخفيفة. (مجنة) بفتح الميم والجيم: موضع على أميال من مكة، كان سوقا في الجاهلية (¬1). (وهل يبدون) بنون التوكيد الخفيفة، أي: يظهرن. (لي شامة وطفيل) هما جبلان، أو عينان، ومرَّ الحديث في الحج (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 58 - 60. (¬2) سبق برقم (1889) كتاب: فضائل المدينة، باب: كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة.

3927 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ، أَخْبَرَهُ: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ، وَقَال: بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ، أَخْبَرَهُ قَال: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، وَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَآمَنَ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ هَاجَرْتُ هِجْرَتَيْنِ، وَنِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ" تَابَعَهُ إِسْحَاقُ الكَلْبِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ مِثْلَهُ. [انظر: 3696 - فتح: 7/ 263] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (تابعه) أي: شعيبًا. (إسحاق) أي: ابن يحيى، ومرَّ الحديث في مناقب عثمان - رضي الله عنه - (¬1). 3928 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَهُوَ بِمِنًى، فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ فَوَجَدَنِي، فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ المَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تُمْهِلَ حَتَّى تَقْدَمَ المَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ وَالسَّلامَةِ، وَتَخْلُصَ لِأَهْلِ الفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ وَذَوي رَأْيِهِمْ، قَال عُمَرُ: "لَأَقُومَنَّ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ". [انظر: 2462 - فتح: 7/ 263] (رعاع الناس) بفتح الراء والمهملة: أساقطهم وسفلتهم، وغوغاءهم من الغوغاء: وهو الصياح استعير للسفلة من الناس؛ لكثرة لغطهم وصياحهم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3696) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عثمان.

3929 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ أُمَّ العَلاءِ، امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ، بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُمْ فِي السُّكْنَى، حِينَ اقْتَرَعَتِ الأَنْصَارُ عَلَى سُكْنَى المُهَاجِرِينَ، قَالتْ أُمُّ العَلاءِ: فَاشْتَكَى عُثْمَانُ عِنْدَنَا فَمَرَّضْتُهُ حَتَّى تُوُفِّيَ، وَجَعَلْنَاهُ فِي أَثْوَابِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، شَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ"، قَالتْ: قُلْتُ: لَا أَدْرِي، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ؟ قَال: "أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ وَاللَّهِ اليَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ، وَمَا أَدْرِي وَاللَّهِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي"، قَالتْ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ، قَالتْ: فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ، فَنِمْتُ، وفَرِيتُ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: "ذَلِكِ عَمَلُهُ". [انظر: 1243 - فتح: 7/ 264] (طار لهم) أي: وقع في سهمهم. (ما يفعل بي) كان هذا قبل نزول {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} وفي نسخة: "ما يفعل به" أي: بعثمان، ومرَّ الحديث في باب: الدخول على الميت (¬1). 3930 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَاتُهُمْ، فِي دُخُولِهِمْ فِي الإِسْلامِ". [انظر: 3777 - فتح: 7/ 264] (كان يوم بعاث) إلى آخره، مرَّ في مناقب الأنصار (¬2). 3931 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، دَخَلَ عَلَيْهَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1243) كتاب: الجنائز، باب: الدخول على الميت. (¬2) سبق برقم (3777) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب الأنصار.

وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ [تُغَنِّيَانِ] بِمَا تَقَاذَفَتْ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ؟ مَرَّتَيْنِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا اليَوْمُ". [انظر: 949 - مسلم: 892 - فتح: 7/ 264] (تعازفت الأنصار) بمهملة وزاي تغنت بالمعازف: وهي الآت الملاهي، وفي نسخة: "تقاذفت الأنصار" بقاف وذال معجمة، أي: ترامت، ومرَّ شرح الحديث في باب: إذا فاتته الركعتين فصلى ركعتين (¬1). ومطابقته للترجمة: من محذوف ذكره في الحديث السابق عقب قصة بعاث، وهو قوله: (فقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة). 3932 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، نَزَلَ فِي عُلْو المَدِينَةِ، فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، قَال: فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ، قَال: فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي سُيُوفِهِمْ، قَال: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ، وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، قَال: فَكَانَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، قَال: ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا، فَقَال: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي حَائِطَكُمْ هَذَا" فَقَالُوا لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلا إِلَى اللَّهِ، قَال: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ، كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ المُشْرِكِينَ، وَكَانَتْ فِيهِ خِرَبٌ، وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، قَال " فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ، قَال: وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً، قَال: قَال ¬

_ (¬1) سبق برقم (987) كتاب: العيدين، باب: إذا فاته العيد يصلي ركعتين.

47 - باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه

جَعَلُوا يَنْقُلُونَ ذَاكَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ، يَقُولُونَ: "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إلا خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَانْصُرِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ" [انظر: 234 - مسلم: 524 - فتح: 7/ 265] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث العنبري. (لما قدم رسول الله) إلى آخره، مرَّ في كتاب: الصلاة في باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية (¬1)، وقوله: (القى) أي: نزل. وقوله: (ثامنوني حائطكم) أي: عينوا لي ثمنه، أو ساوموني بثمنه، والحائط: البستان، وقوله: (خرب) بكسر المعجمة وفتح الراء وبالفتح والكسر: الخروق المستديرة في الأرض. 47 - بَابُ إِقَامَةِ المُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ (باب: إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه) أي: من حج وعمرة. 3933 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ الزُّهْرِيِّ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ، يَسْأَلُ السَّائِبَ ابْنَ أُخْتِ النَّمِرِ مَا سَمِعْتَ فِي سُكْنَى مَكَّةَ قَال: سَمِعْتُ العَلاءَ بْنَ الحَضْرَمِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثٌ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدَرِ". [مسلم: 1352 - فتح: 7/ 266] (حاتم) أي: ابن إسماعيل الكوفي. (ثلاث) أي: ثلاث ليال ترخص. (للمهاجر بعد) أي: طواف (الصدر) بفتح المهملتين، وكانت الإقامة بمكة حرامًا على الذين هاجروا منها قبل الفتح إلى المدينة، ثم أبيح لهم إذا دخولها بحج أو ¬

_ (¬1) سبق برقم (428) كتاب: الصلاة، باب: هل تنبش قبور المشركين.

48 - باب التاريخ، من أين أرخوا التاريخ

عمرة أن يقيموا بعد قضاء نسكهم ثلاثة أيام؛ لأنها في حكم السفر فسكنى المدينة كان واجبًا عليهم لنصرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما غير المهاجرين فله سكنى أي بلد أراد سواء مكة وغيرها. 48 - بَابُ التَّارِيخِ، مِنْ أَيْنَ أَرَّخُوا التَّارِيخَ (باب: من أين أرخوا التاريخ؟) أي: من أي وقت كان ابتداؤه؟ وفي نسخة: "باب التاريخ". وفي أخرى: "باب: التاريخ من أين أرخوا التاريخ؟ " واختلفوا في ابتداىه فيما قبل زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه طول يطلب من المطولات، وأقرب ما قيل فيه: إنه من هبوط آدم إلى الطوفان، ثم إلى نار الخليل، [ثم إلى زمان يوسف، ثم إلى خروج موسى من مصر ببني إسراىيل] (¬1) ثم إلى زمان داود، ثم إلى زمان سليمان، ثم إلى زمان عيسى، وأما ابتداؤه في زمنه - صلى الله عليه وسلم - فاختلف فيه أيضًا فقيل: من مولده، وقيل: من مبعثه، وقيل: من وفاته، وقيل: من هجرته وهو المشهور. وعليه اختلفوا في شهره فقيل: رجب، وقيل: رمضان وقيل: المحرم وهو المشهور، لأنه أول السنة؛ ولأنَّ الهجرة من مكة كانت فيه. 3934 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: "مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ وَفَاتِهِ، مَا عَدُّوا إلا مِنْ مَقْدَمِهِ المَدِينَةَ". [فتح: 7/ 267] (عن عبد العزيز) أي: ابن أبي حازم سلمة بن دينار. 3935 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "فُرِضَتِ الصَّلاةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ ¬

_ (¬1) من (د).

49 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أمض لأصحابي هجرتهم

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَتُرِكَتْ صَلاةُ السَّفَرِ عَلَى الأُولَى" تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ. [انظر: 350 - مسلم: 685 - فتح: 7/ 267] "تابعه) أي: يزيد بن زريع. 49 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَمَرْثِيَتِهِ لِمَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ. (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - اللهم أمض لأصحابي هجرتهم). (ومرثيته) بتخفيف التحتية أي: توجعه. (لمن مات بمكة) أي: من المهاجرين. 3936 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ مَرَضٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى المَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إلا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَال: "لَا"، قَال: فَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قَال: "الثُّلُثُ يَا سَعْدُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إلا آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَال: "إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ". يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ. [انظر: 56 - مسلم: 1628 - فتح: 7/ 269] وَقَال أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَمُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ. (إبراهيم) أي: ابن سعد بن إبراهيم.

50 - باب: كيف آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه؟

(أشفيت) أي: أشرفت. (إلا ابنة لي) اسمها: عائشة. (أن تذر) بفتح همزة (أن) وفي نسخة: بكسرها. (ذريتك) في نسخة: "ورثتك". (يتكففون الناس) أي: يطلبون صدقتهم، ومرَّ شرح الحديث في الجناىز، في باب: رثاء النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة (¬1) (قال أحمد بن يونس) إلى آخره ساقط من نسخة. (لكن الباىس) هو شديد الحاجة، أو الفقير. (يرثي له رسول الله) كلام الزهري، وقيل: كلام سعد بن مالك. (أن تُوُفي) بفتح الهمزة؛ للتعليل. 50 - بَابٌ: كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ؟ وَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: "آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ". [انظر: 2048] وَقَال أَبُو جُحَيْفَةَ: "آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ" [1968] (باب: كيف آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه) أي: المهاجرين والأنصار. (أبو جحيفة) هو وهب بن عبد الله السوائي. (سلمان) أي: الفارسي. 3937 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ المَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالهُ، فَقَال: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ، فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ " قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1295) كتاب: الجناىز، باب: رثى النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة.

51 - باب

امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَال: "فَمَا سُقْتَ فِيهَا؟ " فَقَال: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [انظر: 2049 - مسلم: 1427 - فتح: 7/ 270] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن حميد) أي: الطويل. (آخى النبي) إلا آخره، مرَّ في البيع وغيره (¬1). 51 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. 3938 - حَدَّثَنِي حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ، بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ، فَقَال: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إلا نَبِيٌّ، مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟، وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ؟، وَمَا بَالُ الوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟، قَال: "أَخْبَرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ آنِفًا" قَال ابْنُ سَلامٍ: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلائِكَةِ، قَال: "أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الحُوتِ، وَأَمَّا الوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ المَرْأَةِ نَزَعَ الوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتِ الوَلَدَ" قَال: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَال يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي، قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلامِي، فَجَاءَتِ اليَهُودُ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ فِيكُمْ؟ " قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ" قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، "فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ"، فَقَالُوا: مِثْلَ ذَلِكَ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2049) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في قول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا}. و (2293) كتاب: الكفالة، باب: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}.

52 - باب إتيان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم، حين قدم المدينة

فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَقَال: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَتَنَقَّصُوهُ، قَال: هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. [انظر: 3329 - فتح: 7/ 272] (إني سائِلُك عن ثلاث) إلى آخره، مرَّ شرحه في كتاب: الأنبياء، في باب: قول الله تعالى: {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَاىِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (¬1). 3939 - ,3940 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ أَبَا المِنْهَالِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُطْعِمٍ، قَال: بَاعَ شَرِيكٌ لِي دَرَاهِمَ فِي السُّوقِ نَسِيئَةً، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَيَصْلُحُ هَذَا؟ فَقَال: سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ بِعْتُهَا فِي السُّوقِ، فَمَا عَابَهُ أَحَدٌ، فَسَأَلْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، فَقَال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ هَذَا البَيْعَ، فَقَال: "مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ، فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَلَا يَصْلُحُ" وَالقَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَاسْأَلْهُ، فَإِنَّهُ كَانَ أَعْظَمَنَا تِجَارَةً، فَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَقَال: مِثْلَهُ وَقَال سُفْيَانُ مَرَّةً فَقَال: قَدِمَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ، وَقَال: نَسِيئَةً إِلَى المَوْسِمِ أَو الحَجِّ. [انظر: 2060، 2061 - مسلم 1589 - فتح: 7/ 272] 52 - بَابُ إِتْيَانِ اليَهُودِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ هَادُوا صَارُوا يَهُودًا وَأَمَّا قَوْلُهُ: {هُدْنَا} [الأعراف: 156]: تُبْنَا، هَائِدٌ: تَائِبٌ. (باب: إتيان اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة) أي: بيان إتيانهم إليه ({هَادُوا}) أي: في قوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا} معناه: (صاروا يهودا وأما قوله: {هُدْنَا} معناه: (تبنا). (هائد) معناه: "تائب). 3941 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3329) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته.

النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ، لآمَنَ بِي اليَهُودُ". [مسلم: 2793 - فتح: 7/ 274] (قرة) أي: ابن خالد السدوسي. (لو آمن بي عشرة) إلى آخره أي: لو آمن بي عشرة قبل قدومي المدينة، أو عقب قدومي، أو عشرة من رؤسائهم لتابعهم الكل، ويتعين التقييد بذلك، وإلا فقد آمن به اليهود أكثر من عشرة أضعافا مضاعفة. 3942 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ أَوْ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الغُدَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَإِذَا أُنَاسٌ مِنَ اليَهُودِ يُعَظِّمُونَ عَاشُورَاءَ وَيَصُومُونَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَحْنُ أَحَقُّ بِصَوْمِهِ، فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ". [انظر: 2005 - مسلم: 1131 - فتح: 7/ 274] 3943 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَجَدَ اليَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: هَذَا اليَوْمُ الَّذِي أَظْفَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِصَوْمِهِ". [انظر: 2004 - مسلم: 1130 - فتح: 7/ 274] (أبو عميس) هو عتبة بن عبد الله بن عتبة [عبد الله] (¬1) بن مسعود. (دخل النبي) إلى آخره، مرَّ مع الذي بعده في كتاب: الصوم (¬2). 3944 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ ¬

_ (¬1) من (د). (¬2) سبق برقم (2005) كتاب: الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء.

53 - باب إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ يَسْدِلُ شَعْرَهُ، وَكَانَ المُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ". [انظر: 3558 - مسلم 2336 - فتح: 7/ 274] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أن النبي) إلى آخره، مرَّ شرحه في صفته - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 3945 - حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "هُمْ أَهْلُ الكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ، وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ، يَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ تَعَالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91]. [4705، 4706 - فتح: 7/ 275] (هشيم) أي: ابن بشير. (فآمنوا ببعض وكفروا ببعض) زاد في نسخة: "يعني قول الله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)} ". 53 - بَابُ إِسْلامِ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب: إسلام سلمان الفارسي - رضي الله عنه -) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 3946 - حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: أَبِي وَحَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، "أَنَّهُ تَدَاوَلَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ، مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ". [فتح: 7/ 277] (معتمر) أي: ابن سليمان التيمي. (أبو عثمان) هو عبد الرحمن بن مُل النهدي. (تداوله) أي: سلمان الفارسي، أي: ملكه. (بضعة عشر من رب ¬

_ (¬1) سبق برقم (3558) كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

إلى رب) أي: من مالك إلى مالك وقد أسلم على يد النبي - صلى الله عليه وسلم -، قيل: وأدرك عيسى بن مريم (¬1). وهو غلط لما سيأتي أن بين النبي وعيسى ستمائة سنة، وسلمان إنما عاش مائتين وخمسين سنة، وقيل: ثلاثمائة وخمسين، ومات بالمدائن سنة ست وثلاثين من الهجرة (¬2). 3947 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "أَنَا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ". [فتح: 7/ 277] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عوف) أي: الأعرابي. (من رام هرمز) أي: مدينة مشهورة بأرض فارس (¬3) وهو مركب من رام، وهرمز تركيب مزج كبعلبك. 3948 - حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَال: "فَتْرَةٌ بَيْنَ عِيسَى، وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ، سِتُّ مِائَةِ سَنَةٍ". [فتح: 7/ 277] ¬

_ (¬1) رواه ابن سعد في "طبقاته" 4/ 80 - 81. (¬2) انظر: "معجم الصحابة" للبغوي 3/ 171. "ومعرفة الصحابة" 3/ 1328. و"أسد الغابة" 2/ 421 (2149). (¬3) رامهرمز: هي مدينة مشهورة بنواحي خوزستان، تجمع النخل والجوز والأترنج، قيل: معنى (رام): المراد والمقصود و (هرمز): أحد الأكاسرة. انظر: "معجم البلدان" 3/ 17.

64 - كتاب المغازي

64 - كِتَابُ المَغَازِي

1 - باب غزوة العشيرة أو العسيرة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 64 - كِتَابُ المَغَازِي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب: المغازي) جمع مغزى، وهو هنا مصدر تقول: غزاه غزوًا ومغزى ومغزاة، أي: قصده. 1 - بَابُ غَزْوَةِ العُشَيْرَةِ أَو العُسَيْرَةِ قَال: ابْنُ إِسْحَاقَ: "أَوَّلُ مَا غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الأَبْوَاءَ، ثُمَّ بُوَاطَ، ثُمَّ العُشَيْرَةَ". (باب: غزوة العشيرة، أو العسيرة) بالتصغير وبالشك في أنه بمهملة ومعجمة، أو بمهملتين، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. (الأبواء) بفتح الهمزة والمد: قرية بينها وبين الحجفة من جهة المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا (¬1)، وهي ودان بفتح الواو وتشديد الدال. (ثم بواط) بضم الموحدة وفتحها: جبل من جبال جهينة بقرب ينبع (¬2). (ثم العشيرة) هي قرية من بطن ينبع (¬3)، وكانت الغزوة الأولى في صفر على رأس اثني عشر شهرًا من الهجرة، والثانية في ربيع الأول، والثالثه في جماد الأول كلاهما في سنة اثنتين ولم يقع في الثلاث حرب. ¬

_ (¬1) بها قبر آمنة بنت وهب. انظر: "معجم البلدان" 1/ 79. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 1/ 503. (¬3) العشيرة: تصغير عشيرة، يضاف إليها ذو، والعشر: من كبار الشجر وله صمغ حلو يسمى سكر العشر. انظر: "معجم البلدان" 4/ 127.

وقوله: (قال ابن إسحاق) إلى آخره ساقط من نسخة. 3949 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، كُنْتُ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقِيلَ لَهُ: "كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةٍ؟ قَال: تِسْعَ عَشْرَةَ " قِيلَ: كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ؟ قَال: سَبْعَ عَشْرَةَ، قُلْتُ: فَأَيُّهُمْ كَانَتْ أَوَّلَ؟ قَال: العُسَيْرَةُ أَو العُشَيْرُ " فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ فَقَال: العُشَيْرُ. (وهب) أي: ابن جرير البصري. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (فقيل له) القائل: هو أبو إسحاق السبيعي. (تسع عشرة) روى أبو يعلى بإسناد صحيح أن عدد غزواته إحدى وعشرون غزوه (¬1). ومحمد بن سعد أنها سبع وعشرون غزوة (¬2). وقاتل - صلى الله عليه وسلم - بنفسه في تسع: بدر، ثم أحد، ثم الأحزاب، ثم قريظة، ثم بني المصطلق، ثم خيبر، ثم مكة، ثم حنين، ثم الطائف (¬3). (فأيهم) أي: فأي غزواتهم على حذف مضاف وإلا فحقه أن يقول فأيهن، أو فأيها. (العشيرة أو العسير) بالشك في أنه بمهملة ومعجمة وتاء تأنيث، أو بمهملتين بلا تاء. (فذكرت لقتادة) أي: أنه العشيرة، أو العسير. (فقال) لا هذا ولا هذا بل هو (العشير) بمهملة ومعجمة ولا تاء. ¬

_ (¬1) "مسند أبي يعلى" 4/ 67 (2239). (¬2) "غزوات الرسول وسراياه" لابن سعد ص 5، ذكر عدد مغازي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسراياه وأسمائها ... (¬3) رواه أبو عوانة 4/ 364 (6966) كتاب: الجهاد، باب: بقية عدد غزواته النبي - صلى الله عليه وسلم -.

2 - باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من يقتل ببدر

2 - بَابُ ذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُقْتَلُ بِبَدْرٍ (باب: ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - من يقتل ببدر) أي: إخباره قبل غزوة بدر بمن يقتل بها، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة، وفي نسخة: "قتل" بدل (يقتل). 3950 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَال: كَانَ صَدِيقًا لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، وَكَانَ سَعْدٌ إِذَا مَرَّ بِمَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ انْطَلَقَ سَعْدٌ مُعْتَمِرًا، فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ، فَقَال لِأُمَيَّةَ: انْظُرْ لِي سَاعَةَ خَلْوَةٍ لَعَلِّي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ، فَخَرَجَ بِهِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، فَلَقِيَهُمَا أَبُو جَهْلٍ، فَقَال: يَا أَبَا صَفْوَانَ، مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَقَال هَذَا سَعْدٌ، فَقَال لَهُ أَبُو جَهْلٍ: أَلَا أَرَاكَ تَطُوفُ بِمَكَّةَ آمِنًا، وَقَدْ أَوَيْتُمُ الصُّبَاةَ، وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَنْصُرُونَهُمْ وَتُعِينُونَهُمْ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّكَ مَعَ أَبِي صَفْوَانَ مَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ سَالِمًا، فَقَال لَهُ سَعْدٌ وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ: أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي هَذَا لَأَمْنَعَنَّكَ مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْهُ، طَرِيقَكَ عَلَى المَدِينَةِ، فَقَال لَهُ أُمَيَّةُ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ يَا سَعْدُ عَلَى أَبِي الحَكَمِ، سَيِّدِ أَهْلِ الوَادِي، فَقَال سَعْدٌ: دَعْنَا عَنْكَ يَا أُمَيَّةُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ"، قَال: بِمَكَّةَ؟ قَال: لَا أَدْرِي، فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا رَجَعَ أُمَيَّةُ إِلَى أَهْلِهِ، قَال: يَا أُمَّ صَفْوَانَ، أَلَمْ تَرَيْ مَا قَال لِي سَعْدٌ؟ قَالتْ: وَمَا قَال لَكَ؟ قَال: زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ قَاتِلِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: بِمَكَّةَ، قَال: لَا أَدْرِي، فَقَال أُمَيَّةُ: وَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ اسْتَنْفَرَ أَبُو جَهْلٍ النَّاسَ، قَال: أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ؟ فَكَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ، فَأَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَال: يَا أَبَا صَفْوَانَ، إِنَّكَ مَتَى مَا يَرَاكَ النَّاسُ قَدْ تَخَلَّفْتَ، وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الوَادِي، تَخَلَّفُوا مَعَكَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُو جَهْلٍ حَتَّى

قَال: أَمَّا إِذْ غَلَبْتَنِي، فَوَاللَّهِ لَأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَال أُمَيَّةُ: يَا أُمَّ صَفْوَانَ جَهِّزِينِي، فَقَالتْ لَهُ: يَا أَبَا صَفْوَانَ، وَقَدْ نَسِيتَ مَا قَال لَكَ أَخُوكَ اليَثْرِبِيُّ؟ قَال: لَا مَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إلا قَرِيبًا، فَلَمَّا خَرَجَ أُمَيَّةُ أَخَذَ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إلا عَقَلَ بَعِيرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبَدْرٍ". [انظر: 3632 - فتح: 7/ 282] (ابن مسلمة) هو شريح. (عن سعد) أي: ابن معاذ. (أو يتم) بالمد والقصر. (الصُباة) بضم الصاد جمع صابي. كقضاة جمع قاضي (طريقك) بالنصب بدل من (ما هو أشد عليك) وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف. (أهل الوادي) أي: أهل مكة. (إنهم) أي: النبي وأصحابه. (قاتلوك) في نسخة: "أنه قاتلك" بجعل الضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا لأبي جهل كما وقع لبعضهم (¬1). (ففزع) بكسر الزاي أي: خاف. (يا أم صفوان) أسمها: صفية، أو كريمة بنت معمر بن حبيب بن وهب. (أنهم قاتلي) بتشديد الياء، وفي نسخة: "أنه قاتلي" بتخفيف الياء. (فقال) في نسخة: "قال". (استنفر أبو جهل الناس) أي: طلب خروجهم (متى يرك) في نسخة: "متى يراك" حملًا و (متى) على معنى إذا فلم تجزم، وفي نسخة: "متى ما يراك" بزيادة: (ما) الكافة عن العمل، وفي (يراك) حينىذ ما مرَّ فيه آنفا. (لأشترين أجود بعير بمكة) أي: ليستعد عليه للهرب إذا خاف شيئًا، ومرَّ الحديث في باب: علامات النبوة (¬2). ¬

_ (¬1) وقع ذلك في الكرماني في شرحه على البخاري 15/ 153، وهو غير المراد؛ لأن الضمير - (الهاء) - يعود للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا لأبي جهل وأصحابه ونبه على ذلك ابن حجر في: "الفتح" 7/ 283. (¬2) سبق برقم (3632) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة.

3 - باب قصة غزوة بدر

3 - بَابُ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ. بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ. وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ. لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} [آل عمران: 123 - 127]. وَقَال وَحْشِيٌّ: قَتَلَ حَمْزَةُ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ يَوْمَ بَدْرٍ. [انظر: 4072] وَقَوْلُهُ تَعَالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: 7]. (باب قصة غزوة بدر) هي قرية نسبت إلى بدر بن الحارث بن مخلد بن النضر بن كنانة (¬1)، وقيل: بئر بها سميت بذلك؛ لإستدارتها، أو لصفاء مائها، فكان البدر يرى فيها، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. ({مُسَوِّمِينَ}) أي: معلمين بالصوف الأبيض، أو الأحمر، أو العمائم ({فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ}) ساق الآية كلها إلى هنا، وفي نسخة بعد: " {وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} إلى قوله: {فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} " وفي أخرى بعد قوله: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} إلى قوله: {فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} ". (وقال وحشي) أي: ابن حرب الحبشي، (ابن الخِيار) قال القاضي عياض وغيره: صوابه: ابن نوفل بن عبد مناف القرشي. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 157.

4 - باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم

{فَوْرِهِمْ} أي: غضبهم)، وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة. (وإذا) أي: واذكر {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّاىِفَتَيْنِ} أي: العير أو النصر. ({أَنَّهَا لَكُمْ}) بدل اشتمال من إحدى. ({وَتَوَدُّونَ}) أي: تتمنون ({أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}) المراد بغيرها: العير، وبها القتال كما أشار إليه بقوله: (الشوكة: الحد) أي: ما له حدّ وهو السلاح كشأن الرمح والنصل والسيف وإنما تمنوا العير دون القتال؛ لأنه مال لا تعب فيه، وقوله ({وَتَوَدُّونَ}) إلى آخره ساقط من نسخة. 3951 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إلا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي تَخَلَّفْتُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتَبْ أَحَدٌ تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ". [انظر: 2757 - مسلم: 2769 - فتح: 7/ 285] (ولم يعاتب أحد) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "ولم يعاتب الله أحدا". 4 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ المَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ. وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ

وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِـ (13)} [الأنفال: 9 - 13]. (باب: قول الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}) أي: متتابعين بعضهم إثر بعض، و (إذ) ظرف لمقدر، أي: اذكر، أو بدل من {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ} ({وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ}) أي الإمداد ({إلا بُشْرَى}) أي: بشارة لكم بالنصر ({إِذْ يُغَشِّيكُمُ}) أي: اذكر إذ، أو بدل ثان ({أَمَنَةً}) بالنصب مفعول له. ({مِنْهُ}) أي: من الله، وعن ابن مسعود: النعاس في القتال أمنة من الله، وفي الصلاة من الشيطان (¬1). ({رِجْزَ الشَّىطَنِ}) أي: وسوسته وكيده. ({وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ}) أي: بالصبر والإقدام على مجالدة العدو وهو شجاعة الباطن. ({وَيُثَبِّتَ بِهِ}) أي: بماء المطر. ({الأَقْدَامِ}) أي: لئلا تسوخ في الرمل، وهو شجاعة الظاهر. ({إِذْ يُوحِي رَبُّكَ}) متعلق بقوله: {وَيُثَبِّتَ} أو باذكر مقدرا، أو بدل ثالث. ({فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا}) أي: بشروهم بالنصر. ({الرُّعْبَ}) أي: الخوف. ({فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}) أي: أصابع، أي: حزوا رقابهم واقطعوا أطرافهم. ({ذلِكَ}) أي: الضرب. ({فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}) ساق الآيات كلها إلى هنا، وفي نسخة: " {إذْ ¬

_ (¬1) رواه الطبري في: "تفسيره" 6/ 192 (15771). وابن أبي حاتم في: "تفسيره" 5/ 1664 (8837).

تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} إلى قوله: {الْعِقَابِ} " وفي أخرى: "إلى قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} ". 3952 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: شَهِدْتُ مِنَ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ مَشْهَدًا، لَأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدْعُو عَلَى المُشْرِكِينَ، فَقَال: لَا نَقُولُ كَمَا قَال قَوْمُ مُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا، وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ، وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَخَلْفَكَ "فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ" يَعْنِي: قَوْلَهُ. [4609 - فتح: 7/ 287] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (إسرائيل) أي: ابن يونس. (مخارق) أي: ابن عبد الله بن جابر البجلي. (ابن الأسود) نسب إليه؛ لأنه تبناه في الجاهلية، وإلا فاسم أبيه: عمرو بن ثعلبة (¬1). (لأن أكون صاحبه) بفتح اللام وبنصب (صاحبه) وفي نسخة: "لأن أكون أنا صاحبه" بنصب (صاحبه) أو رفعه، أي: صاحب المشهد أي قائل تلك المقالة التي قالها. (مما عدل) أي: وزن. (به) أي: أحب إلى من شيء يقابله من الدنيويات. (أشرق وجهه) أي: استنار. ¬

_ (¬1) والأسود هذا هو الأسود بن عبد يغوث الزهري، ويقال أيضًا: المقداد الكندي. قيل: لم يكن ببدر صاحب فرض غير المقداد. قال ابن مسعود: أول من أظهر الإسلام بمكة سبعة منهم: المقداد. وشهد أحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. عن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله عزَّ وجلَّ أمر لي بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم. قيل: يا رسول الله، سمهم لنا. قال: علي منهم، يقول ذلك ثلاثًا وأبو ذر، والمقداد، وسلمان". وشهد المقداد فتح مصر. وكانت وفاته بالمدينة في خلافة عثمان، ومات بأرض له بالجرف وحمل إلى المدينة، وأوصى إلا الزبير بن العوام، وكان عمره سبعين سنة. انظر: "أسد الغابة" 5/ 254 ترجمة (5069).

5 - باب

3953 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ" فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، فَقَال: حَسْبُكَ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45]. [انظر: 2915 - فتح: 7/ 287] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (خالد) أي: الحذاء. (أنشدك) بفتح الهمزة وضم الشين والدال، وفي نسخة: "إني أنشدك" والمعنى: أسألك. (عهدك ووعدك) أي: الوفاء بما عهدت ووعدت من الغلبة على الكفار والنصر للرسول وإظهار الدين (اللهم إن شئت لم تعبد) في حديث عمر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" (¬1) قال ذلك؛ لأنه علم أنه خاتم النبيين، فلو هلك ومن معه حينئذ لم يبعث الله أحدا ممن يدعو إلى الإيمان، ولاستمر المشركون يعبدون غير الله، فالمعنى: لا تعبد في الأرض بهذه الشريعة، ومرَّ الحديث في الجهاد (¬2). 5 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1763) كتاب: الجهاد والسير، باب: الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم. والترمذي (3081) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة الأنفال. وابن حبان 11/ 114 (4793) كتاب: السير، باب: الخروج وكيفية الجهاد. (¬2) سلف الحديث برقم (2915) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما قيل في درع النبي - صلى الله عليه وسلم - والقميص في الحرب.

6 - باب عدة أصحاب بدر

3954 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الكَرِيمِ، أَنَّهُ سَمِعَ مِقْسَمًا، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: {لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] عَنْ بَدْرٍ، وَالخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ". [4515 - فتح: 7/ 290] (هشام) أي: ابن يوسف. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عبد الكريم) أي: ابن مالك أبو أمية الجزري، ومرَّ الحديث في الجهاد. 6 - بَابُ عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدْرٍ (باب: عدة أصحاب بدر) أي: أصحَاب غزوة بدر، وهم الذين شهدوا الوقعة ومن الحق بهم. 3955 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ. [3956 - فتح: 7/ 290] (مسلم) في نسخة: "مسلم بن إبراهيم". (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. 3956 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: "اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ المُهَاجِرُونَ يَوْمَ بَدْرٍ نَيِّفًا عَلَى سِتِّينَ، وَالأَنْصَارُ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ". [انظر: 3955 - فتح: 7/ 290] (محمود) أي: ابن غيلان. (وهب) أي: ابن جرير. (والأنصار نيفًا) بتشديد الياء وتخفيفها ما بين العقدين، وبالنصب خبر كان محذوفة. (وأربعين ومائتين) عطف على (نيفًا) وفي نسخة: "نيف وأربعين ومائتين". برفع (نيف) خبر الأنصار ونصب ما بعده بجعل الواو بمعنى: مع.

3957 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا: "أَنَّهُمْ كَانُوا عِدَّةَ أَصْحَابِ طَالُوتَ، الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهَرَ، بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلاثَ مِائَةٍ" قَال البَرَاءُ: "لَا وَاللَّهِ مَا جَاوَزَ مَعَهُ النَّهَرَ إلا مُؤْمِنٌ". [3958 ,3959 - فتح: 7/ 290] 3958 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَتَحَدَّثُ: "أَنَّ عِدَّةَ أَصْحَابِ بَدْرٍ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهَرَ، وَلَمْ يُجَاوزْ مَعَهُ إلا مُؤْمِنٌ بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلاثَ مِائَةٍ". [انظر: 3957 - فتح: 7/ 290] (زهير) أي: ابن معاوية. (جازوا) نسخة: "أجازوا" بزيادة همزة معه. (النهر) أي: نهر فلسطين. (لا والله) إلى آخره (لا) زائدة لتأكيد معنى عدم المجاوزة، أو نافية لمقدر أي: هل كان بعضهم غير مؤمن، وإنما حلف لتأكيد معنى عدم المجاوزة. 3959 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا نَتَحَدَّثُ: أَنَّ أَصْحَابَ بَدْرٍ ثَلاثُ مِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، بِعِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ، الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهَرَ، وَمَا جَاوَزَ مَعَهُ إلا مُؤْمِنٌ". [انظر: 3957 - فتح: 7/ 291] (ابن أبي شيبة) هو عبد الله. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (البراء) أي: ابن عازب. (سفيان) أي: الثوري.

7 - باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش شيبة، وعتبة، والوليد، وأبي جهل بن هشام، وهلاكهم

7 - بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ شَيْبَةَ، وَعُتْبَةَ، وَالوَلِيدِ، وَأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَهَلاكِهِمْ (باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على كفار قريش: شيبة، وعتبة، والوليد، وأبي جهل بن هشام وهلاكهم) ساقط من نسخة. 3960 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: اسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكَعْبَةَ، " فَدَعَا عَلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ: عَلَى شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى، قَدْ غَيَّرَتْهُمُ الشَّمْسُ، وَكَانَ يَوْمًا حَارًّا". [انظر: 240 - مسلم: 1794 - فتح: 7/ 293] (استقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة) إلى آخره، مرَّ في الوضوء وغيره (¬1). 8 - بَابُ قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ (باب: قتل أبي جهل) زاد في نسخة: "وغيره". والترجمة ساقطة من أخرى. 3961 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا قَيْسٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّهُ أَتَى أَبَا جَهْلٍ وَبِهِ رَمَقٌ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَال: أَبُو جَهْلٍ: هَلْ أَعْمَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟! (ابن نمير) هو محمد بن عبد الله. (قيس) أي: ابن أبي حازم. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (وبه رمق) أي: بقية روح. (هل أعمد) بفتح الهمزة والميم، أي: ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (245) كتاب: الوضوء، باب: إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته.

أعجب. (من رجل قتلتموه) أي: ليس قتلكم لي إلا قتل رجل قتله قومه لا يزيد على ذلك، ولا هو فخر لكم، ولا عار على، هوَّن بذلك على نفسه ما حل به من الهلاك. 3962 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُمْ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ح وحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ". فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، قَال: أَأَنْتَ، أَبُو جَهْلٍ؟ قَال: فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، قَال: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ قَال أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: "أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ"؟ [3963، 4020 - مسلم: 1800 - فتح: 7/ 293] (أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس. (زهير) أي: ابن معاوية الجعفي. (سليمان) أي: ابن طرخان. (ضربه ابنا عفراء) هما معاذ ومعوذ، وعفراء بالمد: أمهما، وأبوهما: الحارث بن رفاعة البخاري، ومز في الجهاد: أن قاتله معاذ بن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح (¬1) وجمع بينهما بأن الكل فعلوا فأسند كلُّ راو إلى ما رآه من الضرب. (حتى برد) أي: مات. (قال: أأنت أبو جهل؟) الهمزة للاستفهام، وفي نسخة: "أبا جهل" بالألف على لغة من يثبتها في جميع الأحوال، والمراد: أنه قال له ذلك وفيه رمق. (فأخذ بلحيته) أي: متشفيا فيه بالقول والفعل؛ لأنه كان يؤذيه بمكة أشد الأذى. (وهل فوق رجل قتلتموه؟) أي: لا عار علي في قتلكم إياي. (أو رجل قتله قومه) شك من الراوي كما في الذي بعده. ¬

_ (¬1) سلف برقم (3141) كتاب: فرض الخمس، باب: من لم يخمس الأسلاب.

(قال أحمد بن يونس: أنت أبا جهل؟) ساقط من نسخة، وأراد به أنه قاله بالواو لا بالألف. 3963 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ يَنْظُرُ مَا فَعَلَ أَبُو جَهْلٍ". فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَال: أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟ قَال: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ أَوْ قَال: قَتَلْتُمُوهُ، حَدَّثَنِي ابْنُ المُثَنَّى، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ نَحْوَهُ. [انظر: 3962 - مسلم: 1800 - فتح: 7/ 293] (ابن أبي عدي) هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي. (فأخذ لحيته) أي: وفيه رمق. (ابن المثنى) هو محمد العنزي. (سليمان) أي: ابن طرخان. 3964 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كَتَبْتُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ المَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ فِي بَدْرٍ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنَيْ عَفْرَاءَ. [انظر: 3141 - مسلم: 1752 - فتح: 7/ 294] (عن صالح بن إبراهيم) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. 3965 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: "أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ" وَقَال قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ: وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] قَال: "هُمُ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةُ، وَعَلِيٌّ، وَعُبَيْدَةُ، أَوْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الحَارِثِ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ". [3967، 4744 - فتح: 7/ 296] (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (أبو مجلز) هو لاحق بن حميد السدوسي.

(أول من يجثو) بجيم ومثلثة أي: يقعد على ركبتيه مخاصمًا، والمراد بالأولية: تقييد الحكم بالمجاهدين من هذه الأمة؛ لأن المبارزة المذكورة أول مبارزة وقعت في الإسلام. (وفيهم) أي: في علي، وحمزة، وعبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة، [عتبة بن ربيعة] (¬1) والوليد بن عتبة. (نزلت {هَذَانِ خَصْمَانِ}) أي: الثلاثة الأولى المؤمنون خصيم، والأخيرة الكفار خصم، وهو يطلق على الواحد والجماعة. ({اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}) أي: في دينه. (هم الذين تبارزوا يوم بدر) أي: برزوا من بين الصفين للقتال. 3966 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: نَزَلَتْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا} [الحج: 19] فِي رَبِّهِمْ فِي سِتَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ: عَلِيٍّ، وَحَمْزَةَ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الحَارِثِ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ". [3968 , 3969, 4743 - مسلم: 3033 - فتح: 7/ 296] (قبيصة) أي: ابن عقبة السوائي. (سفيان) أي: ابن سعيد بن مسروق الثوري. (عن أبي هاشم) هو يحيى بن دينار الرماني. (عن أبي ذر) هو جندب الغفاري. 3967 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، كَانَ يَنْزِلُ فِي بَنِي ضُبَيْعَةَ، وَهُوَ مَوْلًى لِبَنِي سَدُوسَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَال: قَال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19]. [انظر: 3165 - فتح: 7/ 297] (فينا) أي: وفي غيرنا كما عرف. 3968 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، ¬

_ (¬1) من (س).

عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُقْسِمُ: "لَنَزَلَتْ هَؤُلاءِ الآيَاتُ، فِي هَؤُلاءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ نَحْوَهُ. [انظر: 3966 - مسلم: 3033 - فتح: 7/ 297] (وكيع) أي: ابن الجراح. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن أبي هاشم) هو يحيى الرماني. (يقسم) أي: يحلف بالله. 3969 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، يُقْسِمُ قَسَمًا: إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةَ، وَعَلِيٍّ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الحَارِثِ، وَعُتْبَةَ، وَشَيْبَةَ، ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ". [انظر: 3966 - مسلم: 3033 - فتح: 7/ 297] (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (أخبرنا أبو هاشم) في نسخة: "عن أبي هاشم". 3970 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَأَلَ رَجُلٌ البَرَاءَ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَال: أَشَهِدَ عَلِيٌّ بَدْرًا قَال: "بَارَزَ وَظَاهَرَ". [فتح 7/ 297] (السلولي) ساقط من نسخة. (بارز) عطف على مقدر بحذف العاطف، أي: قال: نعم شهد بدرًا وبارز وظاهر، ومز الحديث في الوكالة. 3971 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ المَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَذَكَرَ قَتْلَهُ وَقَتْلَ ابْنِهِ، فَقَال بِلالٌ: "لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ". [انظر: 2301 - فتح: 7/ 298] 3972 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَرَأَ {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1]

فَسَجَدَ بِهَا، وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ، غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ، فَقَال: يَكْفِينِي هَذَا " قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا. [انظر: 1067 - مسلم: 576 - فتح: 7/ 299] (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد الأيلي. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (غير أن شيخًا) هو أمية بن خلف، ومرَّ الحديث في باب: سجدة النجم (¬1). 3973 - أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ عُرْوَةَ قَال: "كَانَ فِي الزُّبَيْرِ ثَلَاثُ ضَرَبَاتٍ بِالسَّيْفِ إِحْدَاهُنَّ فِي عَاتِقِهِ" قَال: "إِنْ كُنْتُ لَأُدْخِلُ أَصَابِعِي فِيهَا" قَال: "ضُرِبَ ثِنْتَيْنِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَوَاحِدَةً يَوْمَ اليَرْمُوكِ" قَال عُرْوَةُ: وَقَال لِي عَبْدُ المَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، حِينَ قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: يَا عُرْوَةُ، هَلْ تَعْرِفُ سَيْفَ الزُّبَيْرِ؟ قُلْتُ: "نَعَمْ" قَال: فَمَا فِيهِ؟ قُلْتُ: "فِيهِ فَلَّةٌ فُلَّهَا يَوْمَ بَدْرٍ" قَال: صَدَقْتَ، بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتَائِبِ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى عُرْوَةَ، قَال هِشَامٌ: فَأَقَمْنَاهُ بَيْنَنَا ثَلاثَةَ آلَافٍ، وَأَخَذَهُ بَعْضُنَا، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ أَخَذْتُهُ. [انظر: 3721 - فتح: 7/ 299] (أخبرنا إبراهيم) في نسخة: "حدثني إبراهيم". (معمر) أي: ابن راشد. (عن هشام) في نسخة: "أخبرنا هشام". (اليرموك) بفتح التحتية وقد تضم. (فلة) بفتح الفاء. (فُلَّها) بضمها أي: قطعة قطعها من حد سيفه. (قال) أي: عبد الملك لعروة. (صدقت) ثم أنشد. (بهن) أي: بالسيوف. (فلول) بضم الفاء، أي: كسور في حدهن. (من قراع الكتائب) أي: من ضرب الجيوش بعضهم بعضًا، ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (1070) كتاب: سجود القرآن، باب: سجدة النجم.

وهذا مصراع بيت أوله: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم (¬1) ... ........................ وهو من المدح في معرض الذم؛ لأنَّ الفل في السيف نقص، لكنه لما كان دليلًا على قوة ساعد صاحبه كان من جملة شجاعته. (ثم رده) أي: رد عبد الملك السيف. (فأقمناه) أي: السيف. أي: قومناه. (وأخذه) أي: السيف. (بعضنا) هو عثمان بن عروة أخو هشام. 3974 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "كَانَ سَيْفُ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ" قَال هِشَامٌ: وَكَانَ سَيْفُ عُرْوَةَ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ. [فتح: 7/ 299] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (فروة) أي: ابن أبي المغراء. (عن علي) أي: ابن مسهر، وفي نسخة: "حدثنا علي". 3975 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ اليَرْمُوكِ: أَلَا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟ فَقَال: "إِنِّي إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ، فَقَالُوا: لَا نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ، فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلًا، فَأَخَذُوا بِلِجَامِهِ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ، بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ، قَال عُرْوَةُ: "كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ" قَال عُرْوَةُ: "وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلًا". [انظر: 3721 - فتح: 7/ 299] (أحمد بن محمد) أي: ابن موسى المروزي يعرف بمردويه. (حدثنا) في نسخة: "أخبرنا". (عبد الله) أي: ابن المبارك. (ألا تشد فنشد معك؟) أي: ألا تحمل على المشركين فنحمل ¬

_ (¬1) وتمام البيت: ....................... ... بهن فلول من قراع الكتائب

معك؟ (لا نفعل) أي: ما ذكرت من الكذب، قال الكرماني: ويحتمل أن يكون قوله لا ردًّا لكلامه، أي لا نخلف ولا نكذب (¬1) ثم قالوا: (نفعل) أي: الشد. (وما معه أحد) أي: ممن قال له: (إلا تشد فنشد معك؟). (فأخذوا) أي: الروم. (بلجامه) أي بلجام فرسه. (فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر) جمع بينه وبين ما مرَّ من أن أحدهما على عاتقه بأن العدد لا يدل على نفي غيره، ويحتمل: أن يكون المراد بالعاتق أولًا: وسط العاتق، أي: إحداهن في وسطه، والضربتان في طرفيه، لكن مرَّ أن الضربتين كانتا في بدر وواحدة في اليرموك (¬2)، والمفهوم هنا بالعكس ولا منافاة لاحتمال أن الضربتين بغير السيف والتي مرت مقيدة به. 3976 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعَ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِي طَويٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالعَرْصَةِ ثَلاثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ اليَوْمَ الثَّالِثَ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا، ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إلا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ: "يَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، وَيَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ " قَال: فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ لَهَا؟ فَقَال ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 15/ 165. (¬2) سلف برقم (3721) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام - رضي الله عنه -.

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ"، قَال قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ، قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا. [انظر: 3065 - مسلم: 2875 - فتح: 7/ 300] (بأربعة وعشرين) أي: بقذفهم في طوى (صناديد قريش) أي: ساداتهم. (فقذفوا) أي: طرحوا. (في طوى) أي: بئر مطوية بالحجارة (¬1). (إذا ظهر) أي: غلب. (بالعَرْصة) هو الموضع الواسع الذي لا بناء فيه. (على شَفةِ الرَّكي) أي: على طرف البئر، وفي نسخة: "على شفير الركي" وهو البئر قبل أن تطوى، وأراد به البئر المطوية؛ ليوافق ما مرَّ آنفا. 3977 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28]. قَال: "هُمْ وَاللَّهِ كُفَّارُ قُرَيْشٍ" قَال عَمْرٌو: هُمْ قُرَيْشٌ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَةُ اللَّهِ {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ} [إبراهيم: 28] قَال: "النَّارَ، يَوْمَ بَدْرٍ". [4700 - فتح: 7/ 301] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (عن عطاء) أي: ابن أبي رباح. ({وَأَحَلُّوا}) أي: أنزلوا. ({قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ}) أي: دار الهلاك. (قال) أي: عمرو: أراد بالبوار: النار التي من شأنها أن من دخلها ¬

_ (¬1) وهو اسم أعجمي للوادي المذكور في القرآن الكريم، يجوز فيه أربعة أوجه: طوى بضم أوله بغير تنوين وبتنوينه، فمن نونه فهو اسم الوادي وهو مذكر على فعل نحو: حطم وصرد، ومن لم ينونه ترك صرفه من جهتين: إحداهما أن يكون معدولا عن طاوٍ فيصير كعمر المعدول عن عامر فلا ينصرف كما لا ينصرف عمر، والجهة الأخرى أن يكون اسما للبقعة كما قال: {فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ}. ويقرأ بالكسر مثل مِعَى وطِلَى فينون، ومن لم ينونه جعله اسما للمبالغة. انظر: "معجم البلدان" 4/ 44 - 45.

أهلكته. (يوم بدر) ظرف لأحلوا. 3978 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ" فَقَالتْ: وَهَلَ؟ إِنَّمَا قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ لَيُعَذَّبُ بِخَطِيئَتِهِ وَذَنْبِهِ، وَإِنَّ أَهْلَهُ لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ الآنَ". [انظر: 1371 - مسلم: 932 - فتح: 7/ 301] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (وهل) بكسر الهاء، أي: غلط ونسي، وأما بفتحها فمعناه: فزع أو ذهب الوهم إلى غير المراد، يقال: وهل أي: فزع، وهل إلى الشيء أي: ذهب وهمه إليه وهو يريد غيره. 3979 - قَالتْ: وَذَاكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى القَلِيبِ وَفِيهِ قَتْلَى بَدْرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَقَال لَهُمْ مَا قَال: "إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ" إِنَّمَا قَال: "إِنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ"، ثُمَّ قَرَأَتْ {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ المَوْتَى} [النمل: 80]، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي القُبُورِ} [فاطر: 22] يَقُولُ حِينَ تَبَوَّءُوا مَقَاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ. (حق) في نسخة: "لحق". (ثم قرأت ({إِنَّكَ}) إلى آخره حملت ذلك على أن الميت لا يسمع، ومن ثم احتاجت إلى تأويل: ما أنتم بأسمع بما أنتم بأعلم، أي: بلا سماع، وإلا فالعلم لا يمنع السماع. (تقول) أي: عائشة، وفي نسخة: "يقول" أي: عروة مبينًا لمراد عائشة. (حين تبوءوا) أي: أخذوا. (مقاعدهم من النار) فأشار إلى أن النفي في الآيتين مقيد بحالة استقرارهم في النار. 3980 - ,3981 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَال: "هَلْ وَجَدْتُمْ مَا

9 - باب فضل من شهد بدرا

وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا" ثُمَّ قَال: "إِنَّهُمُ الآنَ يَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ"، فَذُكِرَ لِعَائِشَةَ، فَقَالتْ: إِنَّمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ هُوَ الحَقُّ" ثُمَّ قَرَأَتْ {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ المَوْتَى} [النمل: 80] حَتَّى قَرَأَتْ الآيَةَ. [انظر: 1370 - مسلم: 932 - فتح: 7/ 301] (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. (عبدة) أي: ابن سليمان. (وقف النبي) إلى آخره هذا طريق آخر للحديث السابق. 9 - بَابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا (باب: فضل من شهد بدرًا) أي: حضرها مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. 3982 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ غُلامٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُنْ فِي الجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ، فَقَال: "وَيْحَكِ، أَوَهَبِلْتِ، أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ، إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ". [انظر: 2809 - فتح: 7/ 304] (عن حميد) أي: الطويل. (أمه) اسمها: الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك. (ويحك) كلمة ترحم وإشفاق. (أوَ هبلت؟) بهمزة الاستفهام وبفتح الواو للعطف على مقدر وبكسر الموحدة، أي: أجهلت وهبلت مما أصابك من فقدان ابنك؟ فقال: هبلته أمه أي: ثكلته بمعنى: فقدته. 3983 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَال: سَمِعْتُ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا مَرْثَدٍ الغَنَويَّ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ، قَال: "انْطَلِقُوا حَتَّى

تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ المُشْرِكِينَ، مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى المُشْرِكِينَ" فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، حَيْثُ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: الكِتَابُ، فَقَالتْ: مَا مَعَنَا كِتَابٌ، فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا، فَقُلْنَا: مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ، فَلَمَّا رَأَتِ الجِدَّ أَهْوَتِ إلى حُجْزَتِهَا، وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ، فَأَخْرَجَتْهُ، فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلِأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ" قَال حَاطِبٌ: وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لَا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ القَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إلا لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ وَلَا تَقُولُوا لَهُ إلا خَيْرًا" فَقَال عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلِأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَال: "أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ " فَقَال: "لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ؟ فَقَال: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ، أَوْ: فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ، وَقَال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. [انظر: 3007 - مسلم: 2494 - فتح: 7/ 304] (وأبا مرثد) زاد في نسخة: "الغنوي". (والزبير) أي: "ابن العوام" كما في نسخة. (خاخ) بمعجمتين: موضع بين مكة والمدينة (¬1). (امرأة) اسمها: سارة على المشهور. (فأنخناها) أي: أنخنا البعير التي هي عليه. (الجد) بكسر الجيم: ضد الهزل. (حجزتها) بضم المهملة: مَعْقِد الإزار (مابي) أي: نفاق. (إلا أكون) لفظ: (إلا) بكسر الهمزة للاستثناء، وبفتحها بتقدير: (أن لا أكون) وعليه لا تحتاج إلى تقدير بعد ¬

_ (¬1) بالقرب من حمراء الأسد من المدينة. اانظر: "معجم البلدان" 2/ 335.

10 - باب

(ما بي) وعلى الأول هو من باب تعقيب المدح بما يشبه الذم كبيت، ولا عيب فيهم (يد) أي: نعمة ومنة عليهم، ومرَّ شرح الحديث في الجهاد، في باب: الجاسوس (¬1). 10 - باب. (باب) بلا ترجمة. 3984 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ المُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: "إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ، وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ". [انظر: 2900 - فتح: 7/ 306] 3985 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَالمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: "إِذَا أَكْثَبُوكُمْ - يَعْنِي كَثَرُوكُمْ - فَارْمُوهُمْ، وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ". [انظر: 2900 - فتح: 7/ 306] (أبو أحمد) هو عبد الله. (إذا أكثبوكم) بمثلثة أي: قربوا منكم. (فارموهم) أي: بالنبل. (واستبقوا نبلكم) أي: وإذا بعدوا استبقوا نبلكم ولا ترموهم، ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: التحريض على الرمي (¬2). 3986 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3007) كتاب: الجهاد والسير، باب: الجاسوس. (¬2) سلف الحديث برقم (2900) كتاب: الجهاد والسير، باب: التحريض على الرمي.

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنَ المُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، سَبْعِينَ أَسِيرًا، وَسَبْعِينَ قَتِيلًا قَال أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالحَرْبُ سِجَالٌ. [انظر: 3039 - فتح: 7/ 307] (زهير) أي: ابن معاوية. (أبو سفيان) هو صخر بن حرب. (سجال) بكسر السين، أي: نوب. 3987 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "وَإِذَا الخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الخَيْرِ بَعْدُ، وَثَوَابُ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ". [انظر: 3622 - مسلم: 1752 - فتح: 7/ 307] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن بريد) بضم الموحدة ابن عبد الله. (أراه) بضم الهمزة أي: أظنه. (وإذا الخير) إلخ مرَّ مبسوطًا في علامات النبوة (¬1). 3988 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: "إِنِّي لَفِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ إِذِ التَفَتُّ فَإِذَا عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي فَتَيَانِ حَدِيثَا السِّنِّ، فَكَأَنِّي لَمْ آمَنْ بِمَكَانِهِمَا، إِذْ قَال لِي أَحَدُهُمَا سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ: يَا عَمِّ أَرِنِي أَبَا جَهْلٍ، فَقُلْتُ: يَا ابْنَ أَخِي، وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَال: عَاهَدْتُ اللَّهَ إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَقْتُلَهُ أَوْ أَمُوتَ دُونَهُ، فَقَال لِي الآخَرُ سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلَهُ، قَال: فَمَا سَرَّنِي أَنِّي بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَكَانَهُمَا، فَأَشَرْتُ لَهُمَا إِلَيْهِ، فَشَدَّا عَلَيْهِ مِثْلَ الصَّقْرَيْنِ حَتَّى ضَرَبَاهُ، وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ". [3141 - مسلم: 1752 - فتح: 7/ 307] (يعقوب بن إبراهيم) أي: الدورقي، أو ابن محمد الزهري، ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3622) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

ولفظ: (ابن إبراهيم) ساقط من نسخة. (إبراهيم بن سعد) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (فكاني لم آمن) بمد الهمزة وفتح الميم، أي: من العدو. (بمكانهما) أي: بسبب جهة مكانهما، وقيل: مكانهما كناية عنهما أي: لم أثق بهما؛ لأني لم أعرفهما فلم آمن أن يكونا من العدو [(أو أموت) أي: بقتله. (دونه) أي: عنده و (أو) للتنويع (فما سرني) نفي (أني بين رجلين)] (¬1) فاعل سرني. (مكانهما) أي: بدلهما فهو مجرور صفة لرجلين إذ المعنى: ما سرني أن أكون بين رجلين غيرهما، أو منصوب على الحال؛ لأنه في معنى النكرة. 3989 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ" حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالهَدَةِ بَيْنَ عَسْفَانَ، وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ فِي مَنْزِلٍ نَزَلُوهُ، فَقَالُوا: تَمْرُ يَثْرِبَ، فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا حَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى مَوْضِعٍ فَأَحَاطَ بِهِمُ القَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ العَهْدُ وَالمِيثَاقُ: أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا، فَقَال عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ: أَيُّهَا القَوْمُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، ثُمَّ قَال: اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاثَةُ نَفَرٍ عَلَى العَهْدِ وَالمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ ¬

_ (¬1) من (د).

أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ، فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، قَال الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الغَدْرِ، وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ لِي بِهَؤُلاءِ أُسْوَةً، يُرِيدُ القَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالجُوهُ فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فَانْطُلِقَ بِخُبَيْبٍ، وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ بَنُو الحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا قَتْلَهُ، فَاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الحَارِثِ مُوسًى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالمُوسَى بِيَدِهِ، قَالتْ: فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ، فَقَال: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ، قَالتْ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الحِلِّ، قَال لَهُمْ خُبَيْبٌ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، فَقَال: وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَحْسِبُوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ، ثُمَّ قَال: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا الصَّلاةَ، وَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ - حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ - أَنْ يُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَتَلَ رَجُلًا عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا. وَقَال كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: "ذَكَرُوا مَرَارَةَ بْنَ الرَّبِيعِ العَمْرِيَّ، وَهِلال بْنَ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيَّ، رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا" [انظر: 3045 - فتح: 7/ 308]

(إبراهيم) أي: ابن سعد بن إبراهيم بن عوف. (عمرو بن أسيد) وفي نسخة: "عمرو بن أبي أسيد". (عينًا) بدل من (عشرة) أي: جاسوسًا. (ورجل آخر) هو عبد الله بن طارق البلوي، ومرَّ الحديث في كتاب: الجهاد (¬1). 3990 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ذُكِرَ لَهُ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَكَانَ بَدْرِيًّا، مَرِضَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ تَعَالى النَّهَارُ، وَاقْتَرَبَتِ الجُمُعَةُ، وَتَرَكَ الجُمُعَةَ. [فتح: 7/ 309] (عن يحيى) أي: ابن سعيد القطان. 3991 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ: يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ، فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا، وَعَنْ مَا قَال لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ. فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ، إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا، تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَقَال لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ، تُرَجِّينَ النِّكَاحَ؟ فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، قَالتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَال لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ "فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي. ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3045) كتاب: الجهاد والسير، باب: هل يستأثر الرجل ومن لم يستأسر، ومن ركع ركعتين عند القتل.

11 - باب شهود الملائكة بدرا

تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَسَأَلْنَاهُ فَقَال: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، مَوْلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِيَاسِ بْنِ البُكَيْرِ وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا، أَخْبَرَهُ. [5319 - مسلم 1484 - فتح: 7/ 310] (فلم تنشب) بفتح المعجمة أي: فلم تلبث. (تعلَّت) أي: خرجت من نفاسها وطهرت. (أبو السَّنابل) هو حبة بفتح المهملة والموحدة. (ترجين) بكسر الجيم مشددة. (فإنك) في نسخة: "وإنك". (أربعة أشهر وعشر) في نسخة: "أربعة أشهر وعشرا"بنصبهما بمقدر أي: حتى تمر عليك مدة تكون أربعة أشهر وعشرا. "تابعه) أي: الليث. (أصبغ) أي: ابن الفرج المصري. (عن ابن وهب) هو عبد الله. (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (وسالناه) هو قول ابن شهاب. (ابن البكير) بضم الموحدة وفتح الكاف، وفي نسخة: "ابن البكير" بكسر الموحدة والكاف المشددة. (أخبره) أي: بالحديث. 11 - بَابُ شُهُودِ المَلائِكَةِ بَدْرًا (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب: شهود الملائكة بدرا) أي: حضورهم بها. 3992 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَال: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ، قَال: مِنْ أَفْضَلِ المُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَال: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلائِكَةِ". [3994 - فتح: 7/ 311] (جرير) أي: ابن عبد الحميد.

3993 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، وَكَانَ رِفَاعَةُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَكَانَ رَافِعٌ مِنْ أَهْلِ العَقَبَةِ، فَكَانَ يَقُولُ لِابْنِهِ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي شَهِدْتُ بَدْرًا، بِالعَقَبَةِ قَال: سَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا". [فتح: 7/ 312] (حماد) أي: ابن زيد. (عن يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (ما يسرني أني شهدت بدرًا بالعقبة). (ما) استفهامية فيها معنى التمني لشهود بدر لكونها أفضل الغزوات، أو نافية، وباء (بالعقبة) بدلية أي: بدل العقبة، وعلى الثاني فكان رافعًا، كان يعتقد أن العقبة أفضل من بدر؛ لكونها كانت منشأ نصرة الإسلام وسبب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي هي سبب لقوته واستعداده للغزوات كلها. 3994 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ، أَنَّ مَلَكًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، وَعَنْ يَحْيَى، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الهَادِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ يَوْمَ حَدَّثَهُ مُعَاذٌ هَذَا الحَدِيثَ فَقَال يَزِيدُ: فَقَال مُعَاذٌ: "إِنَّ السَّائِلَ هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ". [انظر: 3992 - فتح: 7/ 312] (حدثنا إسحاق) في نسخة: "حدثني إسحاق". (يزيد) أي: ابن هارون. (يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (أن ملكا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -) زاد في نسخة: "نحوه". 3995 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال يَوْمَ بَدْرٍ: "هَذَا جِبْرِيلُ، آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الحَرْبِ". [4041 - فتح: 7/ 312] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد. (خالد) أي: الحذاء.

12 - باب

12 - باب. (باب) بلا ترجمة. 3996 - حَدَّثَنِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "مَاتَ أَبُو زَيْدٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا، وَكَانَ بَدْرِيًّا". [انظر: 3810 - مسلم: 2465 - فتح: 7/ 313] (خليفة) أي: ابن خياط. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. 3997 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ خَبَّابٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدِ بْنَ مَالِكٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا مِنْ لُحُومِ الأَضْحَى، فَقَال: مَا أَنَا بِآكِلِهِ حَتَّى أَسْأَلَ، فَانْطَلَقَ إِلَى أَخِيهِ لِأُمِّهِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا، قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، فَسَأَلَهُ فَقَال: "إِنَّهُ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ، نَقْضٌ لِمَا كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْهُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الأَضْحَى بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ". [5568 - فتح: 7/ 313] (الأضحى) في نسخة: "الأضاحي". (قتادة) بنصبه بأعني مقدرًا، وبفتحه بدل جره؛ لمنعه الصرف فهو على الأول: تفسير لـ (أخيه) وعلى الثاني: بدل منه. 3998 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال الزُّبَيْرُ: لَقِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ، وَهُوَ مُدَجَّجٌ، لَا يُرَى مِنْهُ إلا عَيْنَاهُ، وَهُوَ يُكْنَى أَبُو ذَاتِ الكَرِشِ، فَقَال: أَنَا أَبُو ذَاتِ الكَرِشِ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالعَنَزَةِ فَطَعَنْتُهُ فِي عَيْنِهِ فَمَاتَ، قَال هِشَامٌ: - فَأُخْبِرْتُ: أَنَّ الزُّبَيْرَ قَال: - لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي عَلَيْهِ، ثُمَّ تَمَطَّأْتُ، فَكَانَ الجَهْدَ أَنْ نَزَعْتُهَا وَقَدِ انْثَنَى طَرَفَاهَا، قَال عُرْوَةُ: "فَسَأَلَهُ إِيَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا" ثُمَّ طَلَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ، سَأَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ

أَخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَقَعَتْ عِنْدَ آلِ عَلِيٍّ، فَطَلَبَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ". [فتح: 7/ 314] (وهو مدجج) بجيمين مفتوحتين أولاهما مشددة مفتوحة ومكسورة أي: مغطى بالسلاح إلا عينيه كما ذكره بقوله: (لا يرى منه إلا عيناه) سمي به؛ لأنه يدج أي: يمشي رويدًا لثقله، وقيل: لأنه يتغطى به من دججت السماء إذا تغيمت. (ثم تمطأت) بالهمزة، والصواب: تمطت بالتاء من التمطي: وهو مد اليدين في المشي. (فكان الجهد) بالنصب والرفع. (فسأله) أي: الزبير. (إياها) أي: العنزة. (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فاعل سأل، أي: سأله أن يعطيها له عارية (عند آل علي) يعني: عند علي ثم أولاده. 3999 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَايِعُونِي". [انظر: 18 - مسلم: 1709 - فتح: 7/ 314] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (بايعوني) أي: عاقدوني ومرَّ الحديث تامًّا في كتاب: الإيمان (¬1). 4000 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبَنَّى سَالِمًا، وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، كَمَا "تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا" وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (18) كتاب: الإيمان، باب: ما قبل باب: من الدين الفرار من الفتن.

تَعَالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5]. فَجَاءَتْ سَهْلَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَذَكَرَ الحَدِيثَ. [5088 - مسلم: 1453 - فتح: 7/ 314] (عن عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (أن أبا حذيفة) هو مهشم، أو هشيم، أو هاشم وهو الأكثر. (ابن عتبة) ابن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف. (فذكر الحديث) سيأتي بيانه في كتاب: النكاح (¬1). 4001 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قَالتْ جَارِيَةٌ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُولِي هَكَذَا وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ". [5147 - فتح: 7/ 315] (علي) أي: ابن عبد الله المديني. (كمجلسك مني) بكسر اللام، وقال الكرماني ومن تبعه: بفتحها بمعنى: الجلولس (¬2). (بالدف) بضم الدال وفتحها. (يندبن) بضم الدال أي: يذكرن. 4002 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5088) كتاب: النكاح، باب: الأكفاء في الدين. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 15/ 184.

مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَال: "لَا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ" يُرِيدُ التَّمَاثِيلَ الَّتِي فِيهَا الأَرْوَاحُ. [انظر: 3225 - مسلم: 2106 - فتح: 7/ 315] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد. (ح) للتحويل. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال، ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬1). 4003 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَال: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ المَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الخُمُسِ يَوْمَئِذٍ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ، بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا فِي بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ، فَنَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مِنَ الأَقْتَابِ وَالغَرَائِرِ وَالحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، حَتَّى جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا أَنَا بِشَارِفَيَّ قَدْ أُجِبَّتْ أَسْنِمَتُهَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ المَنْظَرَ، قُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ قَالُوا فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَهُوَ فِي هَذَا البَيْتِ، فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عِنْدَهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالتْ فِي غِنَائِهَا: أَلا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ، فَوَثَبَ حَمْزَةُ إِلَى السَّيْفِ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، قَال عَلِيٌّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَقِيتُ، فَقَال: "مَا لَكَ" قُلْتُ: يَا ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3225) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين.

رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَأُذِنَ لَهُ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ، مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَال حَمْزَةُ: وَهَلْ أَنْتُمْ إلا عَبِيدٌ لِأَبِي، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ثَمِلٌ فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَقِبَيْهِ القَهْقَرَى فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ. [انظر: 2089 - مسلم: 1979 - فتح: 7/ 316] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (ح) للتحويل. (عنبسة) أي: ابن خالد بن يزيد الأيلي. (النواء) بكسر النون والمد جمع ناوية، أي: سمينة، ومرَّ شرح الحديث في باب: فرض الخمس (¬1). 4004 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَال: أَنْفَذَهُ لَنَا ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ، سَمِعَهُ مِنْ ابْنِ مَعْقِلٍ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَبَّرَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَقَال: "إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا". [فتح 7/ 317] (أنفذه) بمعجمة، أي: أرسله. (ابن الأصبهاني) هو عبد الرحمن بن عبد الله الكوفي. (ابن معقل) هو عبد الله المزني. 4005 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، قَال عُمَرُ: فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3019) كتاب: فرض الخمس، باب: فرض الخمس.

فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، قَال: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، فَقَال: قَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا، قَال عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ "خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ" فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَال: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ، إلا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا. [5122، 5129، 5145 - فتح: 7/ 317] (أوجد) أي: أحزن، والمفضل عمر باعتبار أبي بكر، ويفضل عليه باعتبار عثمان عكس أمر الخلافة. 4006 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، سَمِعَ أَبَا مَسْعُودٍ البَدْرِيَّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ صَدَقَةٌ". [انظر: 55 - مسلم: 1002 - فتح: 7/ 317] (مسلم) أي: ابن إبراهيم القصاب. (عن عدي) أي: ابن أبان بن ثابت الأنصاري. (يحتسبها) أي: يريد بها وجه الله، والجملة حال. (صدقة) بالرفع خبر: (نفقة الرجل) ومرَّ الحديث في آخر كتاب: الإيمان (¬1). 4007 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ فِي إِمَارَتِهِ: أَخَّرَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ العَصْرَ، وَهُوَ أَمِيرُ الكُوفَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، جَدُّ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، شَهِدَ بَدْرًا، فَقَال: لَقَدْ عَلِمْتَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (55) كتاب: الإيمان، باب: ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئٍ ما نوى.

قَال: "هَكَذَا أُمِرْتُ" كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ. [انظر: 521 - مسلم: 610 - فتح: 7/ 317] (لقد علمت) بفتح التاء. وكذا في قوله: (أمرت) بالبناء للمفعول. (كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه) من كلام عروة، وفيه: نوع من الإرسال؛ لأنَّ عروة لم يدرك القصة، ومرَّ الحديث في أول كتاب: مواقيت الصلاة (¬1). 4008 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ البَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ"، قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَلَقِيتُ أَبَا مَسْعُودٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِيهِ. [5008، 5009، 5040، 5051 - مسلم: 808، 807 - فتح: 7/ 317] (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس. 4009 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، "أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ، أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 424 - مسلم: 33 - فتح: 7/ 319] (أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) مرَّ مع تمامه في كتاب: الصلاة، في باب: المساجد في البيوت (¬2)، والغرض منه هنا: قوله أن عتبان بن مالك ممَّن شهد بدرًا الأنصار. ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (521) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: مواقيت الصلاة وفضلها. (¬2) سلف الحديث برقم (425) كتاب: الصلاة، باب: المساجد في البيوت.

4010 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ هُوَ ابْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَال: ابْنُ شِهَابٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ الحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ وَهُوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ، عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ فَصَدَّقَهُ. [انظر: 424 - مسلم: 33 - فتح: 7/ 319] (من سراتهم) أي: ساداتهم. 4011 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ بَنِي عَدِيٍّ، وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ عُمَرَ "اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى البَحْرَيْنِ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَحَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ". [فتح: 7/ 319] 4012، 4013 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ قَال: أَخْبَرَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، أَنَّ عَمَّيْهِ، وَكَانَا شَهِدَا بَدْرًا، أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَهَى عَنْ كِرَاءِ المَزَارِعِ قُلْتُ لِسَالِمٍ: فَتُكْرِيهَا أَنْتَ؟ قَال: "نَعَمْ، إِنَّ رَافِعًا أَكْثَرَ عَلَى نَفْسِهِ". [انظر: 2339 - مسلم: 1547، 1548 - فتح: 7/ 319] (جويرية) أي: ابن أسماء الضبعي. (أن عمَّيه) هما ظهير بالتصغير، ومظهر بضم الميم وفتح الظاء وكسر الهاء المشددة. (إن رافعًا أكثر على نفسه) أي: فلم يفرق في النهي بين الكِراء ببعض ما يخرج من الأرض بالنقد، والنهي إنَّما هو عن الأول، ومرَّ الحديث في كتاب: الحرث (¬1). 4014 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الهَادِ اللَّيْثِيَّ قَال: "رَأَيْتُ رِفَاعَةَ بْنَ رَافِعٍ الأَنْصَارِيَّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا". [فتح: 7/ 319] ¬

_ (¬1) سلف برقم (2339) كتاب: المزارعة، باب: ما كان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضهم بعضا، في الزراعة والثمرة.

(آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (وكان شهد بدرًا) تمامه ما أخرجه الإسماعيلي من طريق ابن أبي عدي عن شعبة، ولفظه: عن رفاعة رجل من أهل بدر أنه دخل في الصلاة فقال: الله أكبر كبيرا، ولم يذكر البخاري ذلك؛ لأنه موقوف ليس من غرضه. 4015 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ، وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ إِلَى البَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالحَ أَهْلَ البَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ العَلاءَ بْنَ الحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلاةَ الفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ، ثُمَّ قَال: "أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ" قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ". [مسلم: 2961 - فتح: 7/ 319] (عبدان) أي: ابن عثمان المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (ويونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (البحرين) موضع بين البصرة وعمان (¬1). (يأتي بجزيتها) أي: بجزية أهلها. (على من قبلكم) في نسخة: "على من كان قبلكم" ومرَّ ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 346 - 347.

الحديث في كتاب: بدء الخلق (¬1). 4016 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَقْتُلُ الحَيَّاتِ كُلَّهَا. [انظر: 3297 - مسلم: 2233 - فتح: 7/ 320] 4017 - حَتَّى حَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ البَدْرِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ البُيُوتِ، فَأَمْسَكَ عَنْهَا". [انظر: 3297 - مسلم: 2233 - فتح: 7/ 320] 4018 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ قَال: "وَاللَّهِ لَا تَذَرُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا" [انظر: 2537 - فتح: 7/ 321] (فليح) أي: ابن سليمان الأسلمي، ومرَّ الحديث في العتق والجهاد (¬2). 4019 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنِ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ، ح حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ثُمَّ الجُنْدَعِيُّ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ المِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الكِنْدِيَّ، وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ قَال لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الكُفَّارِ فَاقْتَتَلْنَا، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ، فَقَال: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ، أَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالهَا؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقْتُلْهُ" فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيَّ، ثُمَّ قَال ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ ¬

_ (¬1) سبق قبل كتاب: بدء الخلق برقم (3158) كتاب: الجزية والموادعة، باب: الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب. (¬2) سلف الحديث برقم (2537) كتاب: العتق، باب: إذا أسر أخو الرجل.

بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَال". [6865 - مسلم: 95 - فتح: 7/ 321] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد النبيل. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (إسحاق) أي: ابن منصور الكوسج. (وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال) ليس المراد أن المُؤَمَّن بالقتل يكفر، بل معناه: أن دمك صار مباحًا بالقصاص، كما أن دم الكافر مباح بحق الدين، فوجه الشبه إباحة الدم، وإن كان الموجب مختلفا، أو أنك تكون آثما كما كان هو آثم في حال كفره، فيجمعهما اسم الإثم. 4020 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ" فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، فَقَال: آنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟ قَال ابْنُ عُلَيَّةَ، قَال سُلَيْمَانُ: هَكَذَا قَالهَا أَنَسٌ، قَال: "أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟ قَال: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ " قَال سُلَيْمَانُ: أَوْ قَال: "قَتَلَهُ قَوْمُهُ" قَال: وَقَال أَبُو مِجْلَزٍ: "قَال أَبُو جَهْلٍ فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِي". [انظر: 3962 - مسلم: 1800 - فتح: 7/ 321] (ابن علية) هو إسماعيل بن إبراهيم. (سليمان) أي: ابن طرخان. (أكَّار) بتشديد الكاف أي: زراع. 4021 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، " لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَقِينَا مِنْهُمْ رَجُلانِ صَالِحَانِ شَهِدَا بَدْرًا " فَحَدَّثْتُ بِهِ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَال: "هُمَا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ". [انظر: 2462 - فتح: 7/ 322] (موسى) أي: ابن إسماعيل المنقري. (عبد الواحد) أي: ابن زياد العبدي.

4022 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، كَانَ عَطَاءُ البَدْرِيِّينَ خَمْسَةَ آلافٍ، خَمْسَةَ آلافٍ وَقَال عُمَرُ: "لَأُفَضِّلَنَّهُمْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ". [فتح: 7/ 323] (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. 4023 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ، وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا وَقَرَ الإِيمَانُ فِي قَلْبِي". [انظر: 765 - مسلم: 463 - فتح: 7/ 323] (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (أول ما وقر) أي: سكن. 4024 - وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: وَقَال اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ: وَقَعَتِ الفِتْنَةُ الأُولَى - يَعْنِي مَقْتَلَ عُثْمَانَ - فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ الفِتْنَةُ الثَّانِيَةُ، - يَعْنِي الحَرَّةَ - فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ الحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ الثَّالِثَةُ، فَلَمْ تَرْتَفِعْ وَلِلنَّاسِ طَبَاخٌ". [انظر: 3139 - فتح: 7/ 323] (هؤلاء النتنى) بفتح النون جمع نَتِنِ كِزِمِنٍ وزَمْنَى، والمراد: قتلى يوم بدر الذين صاروا جيفًا فلم يبق منهم أحدًا استشكل بأن عليًّا والزبير وطلحة وسعد وسعيدًا وغيرهم عاشوا بعد ذلك زمانا، وأجيب: بأنه ليس المراد أنهم قتلوا عند مقتل عثمان، بل إنهم ماتوا منذ قامت الفتنة بمقتل عثمان إلى أن قامت الفتنة الأخرى بوقعة الحرة، وآخِر من مات منهم سعد بن أبي وقاص. (يعني الحرة) بفتح المهملة أي: حرة المدينة: وهي موضع كانت به الوقعة بين أهلها وعسكر يزيد بن معاوية

سنة ثلاث، وقيل: اثنتين وستين. (ثم وقعت الثالثة) قيل: هي فتنة الأزارقة بالعراق، وقيل: فتنة أبي حمزة الخارجي بالمدينة في خلافة مروان بن الحكم سنة ثلاثين ومائة، وقيل: فتنة الحجاج لعبد الله بن الزبير، وتخريبه الكعبة سنة أربع وسبعين (¬1). (طباخ) بفتح المهملة والموحدة المخففة أي: قوة وشدة. 4025 - حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، قَال: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ، قَالتْ: فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا، فَقَالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: "بِئْسَ مَا قُلْتِ، تَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا" فَذَكَرَ حَدِيثَ الإِفْكِ. [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح: 7/ 323] (وعبد الله) صوابه: وعبيد الله بالتصغير. (فذكر حديث الإفك) أي: الذي مرَّ في الشهادات، في باب: تعديل النساء بعضهم بعضا (¬2). 4026 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: هَذِهِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الحَدِيثَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُلْقِيهِمْ "هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ " قَال مُوسَى: قَال نَافِعٌ: قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَال نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُنَادِي نَاسًا أَمْوَاتًا؟ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا قُلْتُ مِنْهُمْ". [انظر: 1370 - مسلم: 932 - فتح: 7/ 323] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ أَحَدٌ ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان"2/ 249. (¬2) سلف الحديث برقم (2637) كتاب: الشهادات، باب: إذا عدل رجل أحدا.

13 - باب تسمية من سمي من أهل بدر، في الجامع الذي وضعه أبو عبد الله على حروف المعجم

وَثَمَانُونَ رَجُلًا"، وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: قَال الزُّبَيْرُ: "قُسِمَتْ سُهْمَانُهُمْ، فَكَانُوا مِائَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ". (والله أعلم) يحتمل أنه من كلام الزبير فلعله دخله بعض الشك؛ لطول الزمان، أو من الراوي عنه. 4027 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَال: "ضُرِبَتْ يَوْمَ بَدْرٍ لِلْمُهَاجِرِينَ بِمِائَةِ سَهْمٍ". [فتح: 7/ 324] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد الأزدي. (ضربت يوم بدر للمهاجرين بمائة سهم) هذا لا ينافي خبر الطبراني: أن المهاجرين ببدر كانوا سبعة وسبعين رجلا (¬1)؛ لأن ذاك ورد فيمن شهدها حسًّا وهذا فيمن شهدها حسًّا وحكمًا، أو ذاك في الأعيان وهذا فيهم وفي أتباعهم. 13 - بَابُ تَسْمِيَةِ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فِي الجَامِعِ الَّذِي وَضَعَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ " النَّبِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الهَاشِمِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِيَاسُ بْنُ البُكَيْرِ، ¬

_ (¬1) أخرج الطبراني عن ابن عباس قال: كان عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر وكان المهاجرون نيفا وستين رجلًا، وكانت الأنصار مائتين وستة وثلاثين رجلا، وكان صاحب راية المهاجرين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة - رضي الله عنه -، "المعجم الكبير" 11/ 388 - 389 (12084).

بِلاَلُ بْنُ رَبَاحٍ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ القُرَشِيِّ، حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ الهَاشِمِيُّ، حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ، حَلِيفٌ لِقُرَيْشٍ، أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ القُرَشِيُّ، حَارِثَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ، قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ، كَانَ فِي النَّظَّارَةِ، خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيُّ، خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ الأَنْصَارِيُّ، رِفاعَةُ بْنُ عَبْدِ المُنْذِرِ أَبُو لُبَابَةَ الأَنْصَارِيُّ، الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ القُرَشِيُّ، زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ أَبُو طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ، أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ الزُّهْرِيُّ، سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ القُرَشِيُّ، سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ القُرَشِيُّ، سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيُّ، ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ الأَنْصَارِيُّ، وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ القُرَشِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الهُذَلِيُّ، عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الهُذَلِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، عُبَيْدَةُ بْنُ الحَارِثِ القُرَشِيُّ، عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ الأَنْصَارِيُّ، عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ العَدَوِيُّ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ القُرَشِيُّ، خَلَّفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَتِهِ، وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ، عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ، حَلِيفُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ العَنَزِيُّ، عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ الأَنْصَارِيُّ، عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ، قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ، مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ، مُعَوِّذُ ابْنُ عَفْرَاءَ

وَأَخُوهُ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ أَبُو أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ، مَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيُّ، مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، مِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو الكِنْدِيُّ، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، هِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ الأَنْصَارِيُّ". [فتح: 7/ 326] (باب) ساقط من نسخة. (تسمية من سُمّي من أهل بدر في الجامع) أي: في هذا الكتاب الجامع. (الذي وضعه أبو عبد الله) أي: البخاري. (على حروف المعجم). (النبي محمد بن عبد الله الهاشمي - صلى الله عليه وسلم -) بدأ به تبركًا. (أبو بكر الصديق) أي: "القرشي" كما في نسخة، وفي أخرى "عبد الله بن عثمان بن أبي قحافة القرشي". (ثم عمر) زاد في نسخة: "ابن الخطاب العدوي". (ثم عثمان) زاد في نسخة: "ابن عفان". خلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ابنته، وضرب له بسهمه. (ثم علي) زاد في نسخة: "ابن أبي طالب الهاشمي". (ثم إياس) بكسر الهمزة (ابن البكير) بالتصغير، ولفظ: (ثم) في الأربعة المذكورين ثابت في نسخة، ساقط من نسخة. وهو القياس في العد كما سلكه فيمن بعدهم. (أبو حذيفة) هو هشام على الأكثر كما مرَّ. (ابن الربيع) بالتصغير وتشديد الياء، وفي نسخة: "ابن الربيع" بالتكبير، وجزم شيخنا كغيره بالأول (¬1)، وهو اسم أمه، واسم أبيه: (سراقة) بضم المهملة كما ذكره بعد. (خنيس) بضم المعجمة وفتح النون وبسين مهملة. (سعد بن مالك) كنية مالك: أبو وقاص. (وأخوه) بواو، ¬

_ (¬1) "الفتح"7/ 328.

14 - باب حديث بني النضير

وهي ساقطة من نسخة وهو القياس، واسمه: مظهر بضم الميم وفتح المعجمة وكسر الهاء مشددة. (الهذلي) بضم الهاء وفتح المعجمة. (العنزي) بنون وزاي، وفي نسخة: "العدوي" بدال مهملة بعدها واو وكلاهما صحيح. (وأخوه) هو عوف. (مرارة) بضم الميم. (هلال بن أمية الأنصاري) جملة من ذكره من البدريين غير النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة وأربعون رجلا، وزاد غيرهم على ذلك حتى بلغ. بهم الحافظ أبو الفتح اليعمري ثلاثمائة وثلاثة وستين، لكنه قال: وهذا العدد أكثر من عدد أهل بدر، وإنما جاء ذلك من جهة الخلاف في بعضهم انتهى. وفائدة ذكرهم: معرفة فضيلة السبق وترجيحهم على غيرهم والدعاء لهم بالرضوان على التعيين. 14 - بَابُ حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ وَمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فِي دِيَةِ الرَّجُلَيْنِ، وَمَا أَرَادُوا مِنَ الغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال الزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ: "كَانَتْ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ، قَبْلَ أُحُدٍ" وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا} [الحشر: 2] وَجَعَلَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَأُحُدٍ. (باب) ساقط من نسخة. (حديث بني النضير) بمعجمة: قبيلة كبيرة من اليهود. (ومخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم) عطف على حديث. (في دية الرجلين) متعلق بمخرج أي: الرجلين اللذين خرجا من المدينة متوجهين إلى أهلهما، وكان معهما عهد من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلقيهما عمرو

ابن أمية ولم يعلم العهد فقتلهما، فلما قدم المدينة وأخبر الخبر قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قتلت قتيلين كان لهما مني جوار لأُودينهما". فخرج - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير مستعينًا بهم في دية القتيلين. وعطف على (حديث) قوله: (وما أرادوا من الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وذلك أنه لما أتاهم قالوا: نعم يا أبا القاسم نُعينك، ثم خلا بعضهم ببعض وأجمعوا على اغتياله بأن يلقوا عليه رحى فأخبره جبريل بذلك فرجع إلى المدينة، وأمر بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم. (قول الله تعالى) عطف على حديث. (لأول الحشر) ساقط من نسخة، وهو متعلق بـ ({أَخْرَجَ}) ومعناه: أن هذا [أول حشرهم إلى الشام، وأمَّا آخر حشرهم إليها فإجلاء عمر إياهم من خيبر] (¬1). (وجعله) أي: قتال بني النضير. 4028 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "حَارَبَتِ النَّضِيرُ، وَقُرَيْظَةُ، فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ، فَقَتَلَ رِجَالهُمْ، وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلادَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، إلا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى يَهُودَ المَدِينَةِ كُلَّهُمْ: بَنِي قَيْنُقَاعٍ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِ المَدِينَةِ". [مسلم: 1766 - فتح: 7/ 329] (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (حاربت النضير وقريظة) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (وكل) أي: وأجلى كلَّ (يهود المدينة) في نسخة: "يهودي بالمدينة". ¬

_ (¬1) من (س).

4029 - حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الحَشْرِ، قَال: "قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ" تَابَعَهُ هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ. [4645، 4883، 4882 - مسلم: 3031 - فتح: 7/ 329] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (قال) أي: ابن عباس. (قل: سورة النضير) أي: لأنها نزلت فيهم، قيل: كان ابن عباس كره تسميتها سورة الحشر؛ لئلا يظن أن المراد بالحشر: حشر يوم القيامة (¬1). (تابعه) أي: أبا عوانة (هشيم) بالتصغير أي: ابن بشير. 4030 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخَلاتِ، حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ، وَالنَّضِيرَ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ". [انظر: 2630 - مسلم: 1771 - فتح: 7/ 329] (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. ومرَّ الحديث في باب: كيف قسم النبي صلى الله عليه وسلم قريظة والنضير؟ (¬2) 4031 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهِيَ البُوَيْرَةُ" فَنَزَلَتْ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر: 5]. [انظر: 2326 - مسلم: 1746 - فتح: 7/ 329] ¬

_ (¬1) نقل ذلك ابن حجر عن الداودي. انظر: "الفتح" 7/ 333. (¬2) سبق برقم (3128) كتاب: فرض الخمس، باب: كيف قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قريظة والنضير.

(نخل بني النضير) في نسخة: "نخل النضير". (وهي البويرة) هي موضع نخل بني النضير بقرب المدينة الشريفة (¬1). ({من لينَةٍ}) هي ما خالف العجوة من النخل، وقيل: ما خالف البرنية والعجوة. 4032 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ " قَال: وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ قَال: فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ ... وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ ... وَتَعْلَمُ أَيُّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ (إسحاق) أي: ابن منصور، أو ابن راهويه. (حبان) بفتح المهملة والموحدة المشددة، أي: ابن هلال الباهلي. (ولها) أي: ولنخل بني النضير أي: فيها. (وهانَ) في نسخة: "لهان" وفي أخرى: "هان" بلا واو ولا لام. (على سراة بني لؤي) أي: ساداتهم. (مستطير) أي: منتشر. (أدام الله ذلك) أي: تحريق المسلمين نخيل الكفار (السعير) أي: النار وهو فاعل حرق، فإن قلت: كيف قال أبو سفيان: (أدام الله ذلك) إلى آخره، مع أنه كان كافرًا لا يدعو للمسلمين؟ قلت: غرضه: (أدام الله) تحريق تلك النخل بحيث يتصل بنواحيها، وهي المدينة وسائر مواضع أهل الإسلام فهو دعاء عليهم لا لهم. (منها) أي: من البويرة. (بنزه) بضم النون وسكون الزاي أي: ببعد. (وتعلم أيَّ أرْضَينا) بالتثنية أي المدينة التي هي دار الإيمان، ومكة ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 512.

التي كان بها الكفار. (تضير) بمعجمة من الضَّيْر، أي: تتضرر بذلك، وفي نسخة: "نضير" بنون من النضارة. 4033 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعَاهُ، إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا، فَقَال: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ فَقَال: نَعَمْ فَأَدْخِلْهُمْ، فَلَبِثَ قَلِيلًا ثُمَّ جَاءَ فَقَال: هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ، وَعَلِيٍّ يَسْتَأْذِنَانِ؟ قَال: نَعَمْ، فَلَمَّا دَخَلا قَال عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِي الَّذِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَاسْتَبَّ عَلِيٌّ، وَعَبَّاسٌ، فَقَال الرَّهْطُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، فَقَال عُمَرُ: اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ؟ قَالُوا: قَدْ قَال ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَبَّاسٍ، وَعَلِيٍّ فَقَال: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَال ذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ، قَال: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَقَال جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6]- إِلَى قَوْلِهِ - {قَدِيرٌ} [الحشر: 6]، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا المَالُ مِنْهَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: فَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ وَقَال: تَذْكُرَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ [عمل] فِيهِ كَمَا تَقُولانِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ: إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ؟ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا

بَكْرٍ، فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ: أَنِّي فِيهِ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ؟ ثُمَّ جِئْتُمَانِي كِلاكُمَا، وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، فَجِئْتَنِي - يَعْنِي عَبَّاسًا - فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ: لَتَعْمَلانِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُنْذُ وَلِيتُ، وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي، فَقُلْتُمَا ادْفَعْهُ إِلَيْنَا بِذَلِكَ، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا، أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لَا أَقْضِي فِيهِ بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهُ فَادْفَعَا إِلَيَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهُ. [انظر: 2904 - مسلم: 1757 - فتح: 7/ 334] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (دعاه) أي: مالك بن أوس فأجابه فبينما هو جالس عنده. (إذ جاء حاجبه يرفأ) بفتح التحتية وسكون الراء وبالفاء وبالهمز وتركه. (فاستب عليٌّ وعباس) أي: بسبب ليس بمحرم. (اتئدوا) أي: لا تعجلوا من التؤدة وهي التأني. (أنشدكم) أي: أسألكم. (ما تركنا صدقة) مبتدأ وخبر. ({عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ}) أي: من بني النضير. (فكانت هذه) أي: نخل بني النضير (خالصة لرسول الله) كما عليه كثير، وعند الشافعية: بخمس خمسة أخماس كما في الغنيمة. ولآية ({ما أفاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ}) (¬1). (ثم) أي: بعد أن كانت له خاصة (ما احتازها) بحاء مهملة وزاي أي: ما جمعها. (واستأثرها) في نسخة. "ولا استأثر بها" أي: اختص بها. (فيجعله مجعل مال الله) أي: في السلاح والكراع ومصالح ¬

_ (¬1) انظر: "المجموع" 21/ 261.

المسلمين. (وأنتم حينئذ). أي: تعلمون ذلك، فالخبر محذوف وجمع بناء على أن أقل الجمع اثنان، وفي نسخة: "وأنتما". (فجئتني يعني عباسًا) أفرده عن علي بالذكر مع أنه ثناهما قبل وبعد لعلة؛ لأنه جاءه مرة وحده، ومع علي أخرى. (فلما بدا لي) أي: ظهر لي. 4034 - قَال: فَحَدَّثْتُ هَذَا الحَدِيثَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَال: صَدَقَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ: أَنَا سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَقُولُ: "أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، يَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنْتُ أَنَا أَرُدُّهُنَّ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: أَلا تَتَّقِينَ اللَّهَ، أَلَمْ تَعْلَمْنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ - يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ - إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا المَالِ" فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ، قَال: فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ، مَنَعَهَا عَلِيٌّ عَبَّاسًا فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، كِلاهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلانِهَا، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، وَهِيَ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا. [6727، 6730 - مسلم 1758 - فتح: 7/ 335] (قال: فكانت) أي: قال عروة: فكانت، ومرَّ الحديث في باب: فرض الخمس. 4035 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ، وَالعَبَّاسَ، أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا، أَرْضَهُ مِنْ فَدَكٍ، وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ. [انظر: 3092 - مسلم: 1759 - فتح: 7/ 336] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (أن فاطمة عليها السلام) إلى آخره، مرَّ شرحه في الخمس (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3092) كتاب: فرض الخمس، باب: فرض الخمس.

15 - باب قتل كعب بن الأشرف

4036 - فَقَال أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا المَالِ" وَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي. [انظر: 3093 - مسلم: 1759 - فتح 7/ 336] 15 - بَابُ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ (باب) ساقط من نسخة. (قتل كعب بن الأشرف) كان في ربيع الأول من السنة الثالثة. 4037 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ"، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَال: "نَعَمْ"، قَال: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا، قَال: "قُلْ"، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَال: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ، قَال: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قَال: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ، فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - وحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ أَوْ: فَقُلْتُ لَهُ: فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ؟ فَقَال: أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - فَقَال: نَعَمِ، ارْهَنُونِي، قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ قَال: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ العَرَبِ، قَال: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا، فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ، هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ - قَال سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلاحَ - فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ، وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَال إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ، وَقَال غَيْرُ عَمْرٍو، قَالتْ: أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، قَال: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ

إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ، قَال: وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ - قِيلَ لِسُفْيَانَ: سَمَّاهُمْ عَمْرٌو؟ قَال: سَمَّى بَعْضَهُمْ - قَال عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، وَقَال: غَيْرُ عَمْرٍو: أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، قَال عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، فَقَال: إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ، فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ، وَقَال مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَال: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ رِيحًا، أَيْ أَطْيَبَ، وَقَال غَيْرُ عَمْرٍو: قَال: عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ العَرَبِ وَأَكْمَلُ العَرَبِ، قَال عَمْرٌو: فَقَال أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَكَ؟ قَال: نَعَمْ، فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَال: أَتَأْذَنُ لِي؟ قَال: نعَمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ، قَال: دُونَكُمْ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ. [انظر: 2510 - مسلم: 1801 - فتح: 7/ 336] (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال عمرو) أي: ابن دينار. (من لكعب بن الأشرف؟) أي: من يستعد وينتدب لقتله. (فأذن لي أن أقول شيئًا) أي: مما يسر كعبًا. (عنَّانا) بفتح العين وتشديد النون أي: أتعبنا وكلفنا المشقة. (لتَملُنَّه) بفتح الفوقية والميم وضم اللام وفتح النون المشدتين أي: لتزيدن ملالتكم وضجركم. (وسقا أو وسقين) الوسق بفتح الواو وكسرها: ستون صاعًا والصاع: أربعة أمداد، والمد: رطل وثلث كما مرَّ. (أرهنوني) بفتح الهمزة وبكسر الهاء، أي: أعطوني رهنًا على التمر الذي تريدونه (صوتًا كأنه يقطر منه الدم) كناية عن طالب شر. (فإني قاتل بشعره) أي: جاذب به، وقد استعمل العرب القول في غير موضعه فيقول: قال بيده، أي: أخذ، وقال برجله، أي: مشي، وقال بالماء على يده أي: قلبه، وقال بثوبه أي: رفعه. (فأشمه) بفتح المعجمة. (ثم أشمكم) بضم الهمزة وكسر المعجمة، أي: أمكنكم

16 - باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق

من الشم. (ينفح) بكسر الفاء وفتحها. ومرَّ الحديث مختصرًا في باب: رهن السلاح (¬1). 16 - بَابُ قَتْلِ أَبِي رَافِعٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الحُقَيْقِ وَيُقَالُ: سَلَّامُ بْنُ أَبِي الحُقَيْقِ، كَانَ بِخَيْبَرَ، وَيُقَالُ: فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الحِجَازِ وَقَال الزُّهْرِيُّ: "هُوَ بَعْدَ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ". (باب: قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق). ويقال كذلك. (سلام بن أبي الحقيق كان) أي: قتل أبي رافع. (بخيبر ويقال) كان (في حصن له بأرض الحجاز) وكان قتله بعد قتل كعب بن الأشرف كما ذكره بقوله (قال الزهري) إلى آخره. 4038 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا إِلَى أَبِي رَافِعٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا وَهُوَ نَائِمٌ فَقَتَلَهُ". [انظر: 3022 - فتح: 7/ 340] (ابن عازب) ساقط من نسخة. (بيته) بسكون التحتية، وفي نسخة: "بيته" بتشديدها بصيغة الماضي، والجملة حال. ومرَّ الحديث تامًّا في باب: قتل النائم المشرك (¬2). 4039 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَال: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي رَافِعٍ اليَهُودِيِّ رِجَالًا مِنَ ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (2510) كتاب: الرهن، باب: رهن السلاح. (¬2) سلف الحديث برقم (3022) كتاب: الجهاد والسير، باب: قتل المشرك النائم.

الأَنْصَارِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الحِجَازِ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ، وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ لِأَصْحَابِهِ: اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ، فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ، وَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ، لَعَلِّي أَنْ أَدْخُلَ، فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنَ البَابِ، ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً، وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ البَوَّابُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ البَابَ، فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ البَابَ، ثُمَّ عَلَّقَ الأَغَالِيقَ عَلَى وَتَدٍ، قَال: فَقُمْتُ إِلَى الأَقَالِيدِ فَأَخَذْتُهَا، فَفَتَحْتُ البَابَ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ، وَكَانَ فِي عَلالِيَّ لَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعِدْتُ إِلَيْهِ، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ، قُلْتُ: إِنِ القَوْمُ نَذِرُوا بِي لَمْ يَخْلُصُوا إِلَيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ، لَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ البَيْتِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، قَال: مَنْ هَذَا؟ فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ وَأَنَا دَهِشٌ، فَمَا أَغْنَيْتُ شَيْئًا، وَصَاحَ، فَخَرَجْتُ مِنَ البَيْتِ، فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ فَقَال: لِأُمِّكَ الوَيْلُ، إِنَّ رَجُلًا فِي البَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ، قَال: فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ ظِبَةَ السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ، فَعَرَفْتُ أَنِّي قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا بَابًا، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَهُ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي، وَأَنَا أُرَى أَنِّي قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِي فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى البَابِ، فَقُلْتُ: لَا أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ: أَقَتَلْتُهُ؟ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي عَلَى السُّورِ، فَقَال: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الحِجَازِ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: النَّجَاءَ، فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ، فَقَال: "ابْسُطْ رِجْلَكَ" فَبَسَطْتُ رِجْلِي فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ. [انظر: 3022 - فتح: 7/ 340] (فأمر) في نسخة: "وأمر". (وراح الناس بسرحهم) أي: رجعوا

بمواشيهم التي تسرح وترعى. (فهتف به البواب) أي: ناداه. (يا عبد الله) قيل: هذا يدل على أنه عرفه فناداه باسمه مع أنه مستخف منه فكيف مكنه من الدخول؟ وأجيب: بأنه لم يرد به اسمه العلمي، بل معناه الإضافي. (فكمنت) بفتح الكاف والميم أي: اختبأت. (الأغاليق) أي: المفاتيح. (على وتد) بكسر الفوقية، وفي نسخة: "على ودٍّ" بقلب الفوقية دالًا ثم إدغامها في الدال أي: الوتد (الأقاليد) أي: المفاتيح. (يسمر عنده) بالبناء للمفعول، أي: يتحدث عنده بعد العشاء. (علالي) بفتح المهملة: جمع علية بضمها وكسرها: وهي الغرفة. (إن القوم) بكسر النون لالتقاء الساكنين. (نِذورا) بكسر المعجمة، أي: علموا. (أبا رافع) في نسخة: "يا أبا رافع". (فأهويت) أي: قصدت. (دهِش) بكسر الهاء أي: متحير، وفي نسخة: "داهش". (لأمك الويل) مبتدأ وخبره مقدم وهو دعاء عليه. (أثخنته) بهمزة مفتوحة فمثلثة، أي: بالغت جراحته. (ظبة السيف) بضم المعجمة المسألة، وفتح الموحدة المخففة، أي: حده، وفي نسخة: "ضبيب السيف". (قام الناعي) أي: المخبر بموته. (أنعى) بفتح العين لغة قليلة والأكثر: انعوا. (النجاء) بالمد أشهر من القصر، وبالنصب بأنه مفعول مطلق. ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: قتل المشرك النائم (¬1). 4040 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ هُوَ ابْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي رَافِعٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ، فِي نَاسٍ مَعَهُمْ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَنَوْا مِنَ الحِصْنِ" فَقَال لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ: امْكُثُوا أَنْتُمْ حَتَّى ¬

_ (¬1) التخريج السابق.

أَنْطَلِقَ أَنَا فَأَنْظُرَ، قَال: فَتَلَطَّفْتُ أَنْ أَدْخُلَ الحِصْنَ، فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ، قَال: فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ يَطْلُبُونَهُ، قَال: فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ، قَال: فَغَطَّيْتُ رَأْسِي وَجَلَسْتُ كَأَنِّي أَقْضِي حَاجَةً، ثُمَّ نَادَى صَاحِبُ البَابِ، مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَلْيَدْخُلْ قَبْلَ أَنْ أُغْلِقَهُ، فَدَخَلْتُ ثُمَّ اخْتَبَأْتُ فِي مَرْبِطِ حِمَارٍ عِنْدَ بَابِ الحِصْنِ، فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أَبِي رَافِعٍ، وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَدَأَتِ الأَصْوَاتُ، وَلَا أَسْمَعُ حَرَكَةً خَرَجْتُ، قَال: وَرَأَيْتُ صَاحِبَ البَابِ، حَيْثُ وَضَعَ مِفْتَاحَ الحِصْنِ فِي كَوَّةٍ، فَأَخَذْتُهُ فَفَتَحْتُ بِهِ بَابَ الحِصْنِ، قَال: قُلْتُ: إِنْ نَذِرَ بِي القَوْمُ انْطَلَقْتُ عَلَى مَهَلٍ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى أَبِي رَافِعٍ فِي سُلَّمٍ، فَإِذَا البَيْتُ مُظْلِمٌ، قَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ، فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ الرَّجُلُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ قَال: مَنْ هَذَا؟ قَال: فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ وَصَاحَ، فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، قَال: ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، فَقَال: أَلا أُعْجِبُكَ لِأُمِّكَ الوَيْلُ، دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ، قَال: فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى، فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، قَال: ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ المُغِيثِ فَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ العَظْمِ ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيْتُ السُّلَّمَ، أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ فَأَسْقُطُ مِنْهُ، فَانْخَلَعَتْ رِجْلِي فَعَصَبْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي أَحْجُلُ، فَقُلْتُ: انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنِّي لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ، فَقَال: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ، قَال: فَقُمْتُ أَمْشِي مَا بِي قَلَبَةٌ، فَأَدْرَكْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرْتُهُ. [انظر: 3022 - فتح 7/ 341] (سمعت البراء) أي: "ابن عازب" كما في نسخة. (ففقدوا) بكسر القاف. (بقبس) أي: بشعلة نار. (في مربط حمار) بكسر الموحدة. (هدأت الأصوات) بفتح المهملة وبالهمز، أي:

17 - باب غزوة أحد

سكنت، وفي نسخة: "هدت" بغير همزة. (في كوة) بفتح الكاف وضمها، أي: ثقب في البيت. (على مهل) بفتح الميم والهاء. (ثم عمدت) بفتح الميم (فغلقتها) بتشديد اللام، وفي نسخة: "فغلقتها" بتخفيفها، وفي أخرى: "فأغلقتها". (ألا أعجبك؟) أي: ألا أخبرك بأمر تعجب منه، وهو قوله: (دخل علي) إلخ. (أنكفيء) أي: أنقلب. (فانخلعت) لا ينافي رواية (انكسر) السابقة (¬1) إذ المراد بكل منهما: مجرد اختلال الرجل. (أحجل) بضم الجيم أي: أمشي مشي المقيد. (ما بي قَلَبة) بفتح القاف واللام أي: تقلب واضطراب. 17 - بَابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 121] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاولُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ، وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران: 139 - 143] وَقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ ¬

_ (¬1) انظر الحديث السالف.

إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} [آل عمران: 152] تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلًا {بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152] وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} الآيَةَ [آل عمران: 169]. [فتح: 7/ 345] (باب: غزوة أحد) كانت في شوال سنة ثلاث. (وقول الله تعالى) عطف على (غزوة). ({تبُوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ}) أي: تنزلهم. ({مَقَاعِدَ}) أي: مواطن. ({وَلَا تَهِنُوا}) أي: ولا تضعفوا عن القتال. ({نُدَاولُهَا}) أي: نُصَرِّفُها. ({بَيْنَ النَّاسَ}) يومًا لفرقة ويومًا لأخرى. ({وَيَعْلَمَ الصَّبِريِنَ}) ذكر الآية كلها، وفي نسخة بعد قوله: {وَلَا تَحْزَنُوا}: "إلى قوله: {وأنتم تنظرون} ". ({تَحُسُّونَهُم}) معناه: تستأصلونهم قتلًا. ({بِإِذْنِهِ}) أي: بأمره وعلمه. ({فَشِلْتُمْ}) أي: ضعفتم وجبنتم. ({وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمَنِينَ}) قوله ({بِإِذْنِهِ}) إلى هنا ساقط من نسخة. (الآية) ساقط أيضًا من نسخة. 4041 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: "هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الحَرْبِ". [انظر: 3995 - فتح: 7/ 348] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (خالد) أي: الحذاء. 4042 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَال: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ، كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ، ثُمَّ طَلَعَ المِنْبَرَ فَقَال: "إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ، وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ

الحَوْضُ، وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا، وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا"، قَال: فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1344 - مسلم: 2296 - فتح: 7/ 348] (عن حيوة) أي: ابن شريح الحضرمي. (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله. (بعد ثماني سنين) في نسخة: "بعد ثمان سنين" بحذف الياء. (أن تنافسوها) أي: ترغبوا فيها. ومرَّ الحديث في باب: الصلاة على الشهيد (¬1). 4043 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَقِينَا المُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ، وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ، وَقَال: "لَا تَبْرَحُوا، إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلَا تَبْرَحُوا، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلَا تُعِينُونَا" فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الجَبَلِ، رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ، قَدْ بَدَتْ خَلاخِلُهُنَّ، فَأَخَذُوا يَقُولُونَ: الغَنِيمَةَ الغَنِيمَةَ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ: عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَبْرَحُوا، فَأَبَوْا، فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ، فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا، وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَال: أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ فَقَال: "لَا تُجِيبُوهُ" فَقَال: أَفِي القَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ قَال: "لَا تُجِيبُوهُ" فَقَال: أَفِي القَوْمِ ابْنُ الخَطَّابِ؟ فَقَال: إِنَّ هَؤُلاءِ قُتِلُوا، فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَأَجَابُوا، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَال: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ، قَال أَبُو سُفْيَانَ: اعْلُ هُبَلُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَجِيبُوهُ" قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَال: "قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ (¬2) " قَال أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا العُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَجِيبُوهُ" قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَال: "قُولُوا اللَّهُ مَوْلانَا، وَلَا مَوْلَى لَكُمْ" قَال ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (1344) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد. (¬2) في الأصل (أجلّ) وقف عارض بتسكين وتشديد اللام في (أجل).

أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالحَرْبُ سِجَالٌ، وَتَجِدُونَ مُثْلَةً، لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي. [انظر: 3039 - فتح: 7/ 349] (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (يومئذ) أي: يوم أحد. (لقينا) في نسخة: "لقيناهم". (يشددن) بفتح التحتية وسكون المعجمة. وضم المهملة أي: يسرعن المشي، وفي نسخة: (يشتددن) بفوقية بعد المعجمة، وفي أخرى: "يسندن" بضم التحتية وسكون المهملة بعدها نون مكسورة، أي: يصعدن. (رفعن) في نسخة: "يرفعن". (فأخذوا) أي: المسلمون. (الغنيمة الغنيمة) بالنصب، أي: خذوها. (صرف وجوههم) يعني: تخيروا فلم يدورا أين يذهبون؟ (فأصيب سبعون قتيلًا) أي: من المسلمين وكأنهم الأعيان، وإلا فقد ذكرهم ابن سيد الناس فزادوا على المائة. (أعلُ) بضم الهمزة واللام. (هبل) بضم الهاء، وفتح الموحدة: اسم صنم كان في الكعبة، أي: يا هبل أظهر دينك، أو زد علوًا فقد غلبت. (لنا العزى ولا عزى لكم) مؤنث الأعز: وهو اسم صنم لقريش. (يوم بيوم بدر) أي: هذا يوم بمقابلة يوم بدر، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أصابوا من المشركين سبعين قتيلًا يوم بدر، وفي أحد استشهد من الصحابة سبعون على ما مرَّ (¬1). (والحرب سجال) أي: نوب، نوبة لك ونوبة لنا. (وتجدون) في نسخة: "وستجدون". (مثلة) بضم الميم كجدع الآذان والأنوف. ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (4078) كتاب: المغازي، باب: من قتل من المسلمين يوم أحد. (¬2) سلف برقم (3039) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب.

4044 - أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، قَال: "اصْطَبَحَ الخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ نَاسٌ، ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ". [انظر: 2815 - فتح: 7/ 353] (أخبرني) في نسخة: "حدثني". (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (عن جابر) أي: ابن عبد الله الأنصاري. (اصطبح الخمر يوم أحد ناس) أي: شربوه صبوحا قبل تحريمه، ومرَّ شرح الحديث في الجهاد، في باب: فضل قول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا} (¬1). 4045 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، " أُتِيَ بِطَعَامٍ، وَكَانَ صَائِمًا، فَقَال: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ: إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلاهُ بَدَا رَأْسُهُ، وَأُرَاهُ قَال: وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ، أَوْ قَال: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ. [انظر: 1274 - فتح: 7/ 353] (عبد الله) أي: ابن المبارك المروزي. (بطعام) هو خبز ولحم كما في الترمذي (¬2). (وهو خير مني) قاله تواضعًا، أو قبل العلم بأنه من العشرة المبشرة. (ثم جعل يبكي) أي: خوفا على أن لا يلحق بمن تقدمه؛ وحزنًا على تأخره عنهم. ومرَّ شرح الحديث في الجنائز في باب: الكفن (¬3). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2815) كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل قول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا}. (¬2) رواه الترمذي في: "الشمائل" ص 174 (378). (¬3) سلف برقم (1274) كتاب: الجنائز، باب: الكفن من جميع المال.

4046 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فَأَيْنَ أَنَا؟ قَال: "فِي الجَنَّةِ فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ". [مسلم: 1899 - فتح: 7/ 354] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (قال رجل) هو عمير بن الحمام الأنصاري. (يوم أحد) لا ينافيه ما ورد في حديث أنس أن ذلك كان يوم بدر (¬1) لاحتمال أنهما قضيتان وقعتا لرجلين. 4047 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، وَمِنَّا مَنْ مَضَى، أَوْ ذَهَبَ، لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، لَمْ يَتْرُكْ إلا نَمِرَةً , كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا غُطِّيَ بِهَا رِجْلاهُ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَال لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلِهِ الإِذْخِرَ"، أَوْ قَال: "أَلْقُوا عَلَى رِجْلِهِ مِنَ الإِذْخِرِ" وَمِنَّا مَنْ قَدْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا. [انظر: 1276 - مسلم: 940 - فتح: 7/ 354] (زهير) أي: ابن معاوية. (عن شقيق) أي: ابن سلمة. (عن خباب) أي: ابن الأرت. (مَن مضى) أي: مات. (أو ذهب) شك من الرواي. (أينعت) أي: نضجت. (يهدبها) أي: يجتنيها. ومرَّ شرح الحديث في الجنائز (¬2). 4048 - أَخْبَرَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1901) كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد. (¬2) سبق برقم (1276) كتاب: الجنائز، باب: إذا لم يجد كفنا.

أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ بَدْرٍ، فَقَال: غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللَّهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أُجِدُّ، فَلَقِيَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَهُزِمَ النَّاسُ، فَقَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ، يَعْنِي المُسْلِمِينَ وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ المُشْرِكُونَ" فَتَقَدَّمَ بِسَيْفِهِ فَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَقَال: أَيْنَ يَا سَعْدُ، إِنِّي أَجِدُ رِيحَ الجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ، فَمَضَى فَقُتِلَ، فَمَا عُرِفَ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِشَامَةٍ أَوْ بِبَنَانِهِ، وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ. [انظر: 2805 - مسلم: 1903 - فتح: 7/ 354] (حميد) أي: الطويل. (عمَّه) هو أنس بن النضر. (ليرين الله) بفتح التحتية ونون التأكيد الثقيلة. (ما أجد) بضم الهمزة وكسر الجيم وتشديد المهملة أي: ما اجتهد فيه. قال ابن الأثير: ولفظه يقال: جَدَّ، يجُدّ، ويَجِدّ بالضم والكسر، وجدَّ به الأمر وأجد، وجَدَّ فيه وأجد، إذا اجتهد (¬1). ومنه حديث أحمد: لئن أشهدني الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل المشركين ليرين الله ما أجد (¬2) أي: ما اجتهد. انتهى، وبه يرد قول السفاقسي: صوابه بفتح الهمزة وكسر الجيم وتشديد الدال يقال: جد يجد إذا اجتهد في الأمر وبالغ فيه، وأما أجد فإنما يقال: لمن سار في أرض مستوية، ولا معنى له هنا: (فهزم الناس) بالبناء للمفعول. (فلقي سعد بن معاذ) أي منهزمًا. (فقال: أين يا سعد؟) في نسخة: "فقال" أي سعد. (دون أحد) أي: عنده. (بشامة) هي الخال. (ببنانه) أي: برءوس أصابعه. 4049 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "فَقَدْتُ آيَةً ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 244. (¬2) "مسند أحمد" 3/ 201.

18 - باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون} [آل عمران: 122]

مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا المُصْحَفَ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ {مِنَ المُؤْمِنِينَ، رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23] فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي المُصْحَفِ. [انظر: 2807 - فتح: 7/ 356] ({قَضَى نَحْبَهُ}) أي: مات شهيدًا. ({وَمِنْهُم من يَنتَظِرُ}) أي: الشهادة، وهذا ساقط من نسخة. (فوجدناها مع خزيمة) إلى آخره قيل: كيف جاز إلحاق الآية بالمصحف بقول واحد، أو اثنين، وشرط كونها قرآنا التواتر. وأجيب: بأنها كانت متواترة عندهم وإنما فقدوا مكتوبيتها فما وجدوها مكتوبة إلا عند خزيمة. 4050 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ، يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ، رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ، وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةً تَقُولُ: نُقَاتِلُهُمْ، وَفِرْقَةً تَقُولُ: لَا نُقَاتِلُهُمْ، فَنَزَلَتْ {فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: 88] وَقَال: "إِنَّهَا طَيْبَةُ، تَنْفِي الذُّنُوبَ، كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الفِضَّةِ". [انظر: 1884 - مسلم: 1384 - فتح: 7/ 356] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. ({أَرْكَسَهُم}) أي: بددهم. ({بِمَا كَسَبُوا}) أي: من الكفر والمعاصي. (إنها) أي: المدينة. (خبث الفضة}) أي: وسخها. 18 - بَابُ {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 122] (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. ({إِذْ هَمَّت}) أي: عزمت. ({أَن تَفْشَلَا}) أي: تجبنا وتضعفا. ({وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ

الْمُؤَمِنُونَ}) ساقط من نسخة. 4051 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} [آل عمران: 122] بَنِي سَلِمَةَ، وَبَنِي حَارِثَةَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ، وَاللَّهُ يَقُولُ: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [آل عمران: 122]. [4558 - مسلم: 2505 - فتح: 7/ 357] (عن عمرو) أي: ابن دينار. (عن جابر) أي: ابن عبد الله. (بني سلمة) بكسر اللام. (والله يقول) في نسخة: "لقول الله تعالى". 4052 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنْ جَابِرٍ، قَال: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هَلْ نَكَحْتَ يَا جَابِرُ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "مَاذَا أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ " قُلْتُ: لَا بَلْ ثَيِّبًا، قَال "فَهَلَّا جَارِيَةً تُلاعِبُكَ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ، كُنَّ لِي تِسْعَ أَخَوَاتٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ إِلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ، وَلَكِنِ امْرَأَةً تَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَال: "أَصَبْتَ". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح: 7/ 357] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (سفيان) أي: ابن عيينة. (أخبرنا عمرو) في نسخة: "عن عمرو". 4053 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ أَبَاهُ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ، فَلَمَّا حَضَرَ جِزَازُ النَّخْلِ قَال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي قَدِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الغُرَمَاءُ، فَقَال: "اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةٍ"، فَفَعَلْتُ ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ كَأَنَّهُمْ أُغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "ادْعُ لِي

أَصْحَابَكَ" فَمَا زَال يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ عَنْ وَالِدِي أَمَانَتَهُ، وَأَنَا أَرْضَى أَنْ يُؤَدِّيَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي، وَلَا أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِي بِتَمْرَةٍ، فَسَلَّمَ اللَّهُ البَيَادِرَ كُلَّهَا، وَحَتَّى إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى البَيْدَرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً. [انظر: 2127 - فتح: 7/ 357] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. (عن فراس) بكسر الفاء وبمهملة في آخره. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (جزاز النخل) بكسر الجيم وفتحها وبزايين، أو بدالين مهملتين. ومرَّ شرح الحديث في الصلح وغيره (¬1). 4054 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَمَعَهُ رَجُلانِ يُقَاتِلانِ عَنْهُ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، كَأَشَدِّ القِتَالِ مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ". [5826 - مسلم: 2306 - فتح: 7/ 358] (إبراهيم بن سعد) أي: ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. (رجلان) هما جبريل وميكائيل كما في مسلم (¬2). 4055 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ السَّعْدِيُّ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقُولُ: نَثَلَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَال "ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي". [انظر: 3725 - مسلم: 2412 - فتح: 7/ 358] ¬

_ (¬1) سلف برقم (2709) كتاب: الصلح، باب: الصلح بين الغرماء. و (2781) كتاب: الوصايا، باب: قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة. و (3580) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام. (¬2) "صحيح مسلم" (3206) كتاب: الفضائل، باب: في قتال جبريل وميكائيل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد.

(نثل) بنون ومثلثة مفتوحتين أي: نزع. (كنانته) بكسر الكاف أي: جعبته التي فيها النبل. (فداك) بكسر الفاء وقد تفتح، أي: لو كان لي إلى الفداء سبيل لفديتك بأبوي اللذين هما عزيزان عندي، والمراد من التفدية: لازمها وهو الرضا أي: ارم مرضيًّا. 4056 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، قَال: سَمِعْتُ سَعْدًا، يَقُولُ: "جَمَعَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ". [انظر: 3725 - مسلم: 2412 - فتح: 7/ 358] 4057 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَال: قَال سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ أَبَوَيْهِ كِلَيْهِمَا يُرِيدُ حِينَ قَال: "فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي" وَهُوَ يُقَاتِلُ. [انظر: 3725 - مسلم: 2412 - فتح: 7/ 358] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان (كليهما) في نسخة: "كلاهما". 4058 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شَدَّادٍ، قَال: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدٍ". [انظر: 2905 - مسلم: 2411 - فتح: 7/ 358] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (مسعر) أي: ابن كدام. (عن سعد) أي: ابن إبراهيم بن عوف. 4059 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ إلا لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ: "يَا سَعْدُ ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي". [انظر: 2905 - مسلم: 2411 - فتح: 7/ 358] (يسرة) بتحتية ومهملة وراء مفتوحات. (إلا لسعد) في نسخة: "غير سعد بن مالك" كنية مالك: أبو وقاص.

4060، 4061 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُعْتَمِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال زَعَمَ أَبُو عُثْمَانَ: "أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي بَعْضِ تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتِي يُقَاتِلُ فِيهِنَّ، غَيْرُ طَلْحَةَ، وَسَعْدٍ" عَنْ حَدِيثِهِمَا. [انظر: 3722، 3723 - مسلم: 2414 - فتح: 7/ 359] (عن معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (أبو عثمان) هو عبد الرحمن النهدي. (غير طلحة) أي: ابن عبيد الله أحد العشرة. (وسعد) أي: ابن أبي وقاص. (عن حديثهما) أي: عن حديث طلحة وسعد. 4062 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، قَال: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، قَال: صَحِبْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالمِقْدَادَ، وَسَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا أَنِّي سَمِعْتُ طَلْحَةَ: "يُحَدِّثُ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ"!. [انظر: 2824 - فتح: 7/ 359] (عبد الله بن أبي الأسود) اسم أبي الأسود: حميد. (يحدث عن يوم أحد) أي: بما وقع له من الثبات، أو نحوه. 4063 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: "رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلَّاءَ وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ". [3724 - فتح: 7/ 359] (وكيع) أي: ابن الجراح. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد الأحمسي. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم البجلي. (وقى) بفتح القاف. 4064 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ، كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ بِجَعْبَةٍ مِنَ النَّبْلِ، فَيَقُولُ: "انْثُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ" قَال: وَيُشْرِفُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى القَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: بِأَبِي أَنْتَ

وَأُمِّي، لَا تُشْرِفْ، يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ القَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ، وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تُنْقِزَانِ القِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَيْ أَبِي طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلاثًا. [انظر: 2880 - مسلم: 1811 - فتح: 7/ 361] (أبو المعتمر) هو عبد الله بن عمرو المقعد. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (مجوب) أي: مترس. (بجعبة) بفتح الجيم. (ويشرف) بضم أوله وسكون ثانيه أي: يطلع، وفي نسخة: "وتشرف" بفتح أوله وثانيه وثالثه مشددًا، أي: تطلع. (لا بشرف يصيبك) برفع (يصيبك) أي: فهو يصيبك، وفي نسخة: "يصبك" بجزمه جواب إن مقدرة أي: لا تشرف إن تشرف يصبك سهم. (نحري دون نحرك) أي: أفديك بنفسي. (خدم سوقهما) بفتح الخاء والمهملة أي: خلاخيلها. (تنقزان القرب) بنون وقاف وزاي، أي: تثبان بها وتحملانها، وفي نسخة: "تنقلان". (متونهما) أي: ظهورهما. ومرَّ الحديث تامًّا في الجهاد، في باب: غزو النساء (¬1). 4065 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "لمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ اليَمَانِ، فَقَال: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي، قَال: ¬

_ (¬1) سلف برقم (2880) كتاب: الجهاد والسير، باب: غزو النساء وقتالهن مع الرجال.

19 - باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} [آل عمران: 155]

قَالتْ: فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَال حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ " قَال عُرْوَةُ: فَوَاللَّهِ مَا زَالتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " بَصُرْتُ: عَلِمْتُ، مِنَ البَصِيرَةِ فِي الأَمْرِ، وَأَبْصَرْتُ: مِنْ بَصَرِ العَيْنِ، وَيُقَالُ: بَصُرْتُ وَأَبْصَرْتُ وَاحِدٌ". [انظر: 3290 - فتح: 7/ 361] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (لما كان يوم أحد) إلى آخره، مرَّ في باب: صفة إبليس (¬1). 19 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155] (باب: قول الله تعالى) ساقط من نسخة: ({إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ}) أي: دعاهم إلى الزلة وحملهم عليها. ({بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}). أي: تجاوز عنهم. ({إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ}) أي: للذنوب. ({حَلِيمُ}) أي: لا يعجل بالعقوبة. 4066 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ حَجَّ البَيْتَ، فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا، فَقَال: مَنْ هَؤُلاءِ القُعُودُ؟ قَالُوا: هَؤُلاءِ قُرَيْشٌ. قَال: مَنِ الشَّيْخُ؟ قَالُوا ابْنُ عُمَرَ، فَأَتَاهُ فَقَال: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ أَتُحَدِّثُنِي؟ قَال: أَنْشُدُكَ بِحُرْمَةِ هَذَا البَيْتِ، أَتَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: فَتَعْلَمُهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ، فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَال: نَعَمْ، قَال: فَتَعْلَمُ أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (3290) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

20 - باب {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون} [آل عمران: 153]

الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَال: نَعَمْ، قَال: فَكَبَّرَ، قَال ابْنُ عُمَرَ: تَعَال لِأُخْبِرَكَ وَلِأُبَيِّنَ لَكَ عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ، أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ" وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ عُثْمَانَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَمَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ اليُمْنَى: "هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ - فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ، فَقَال - هَذِهِ لِعُثْمَانَ" اذْهَبْ بِهَذَا الآنَ مَعَكَ. [انظر: 3130 - فتح: 7/ 363] (حدثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان. (أبو حمزة) هو محمد بن ميمون السكري. (ابن موهب) بفتح الميم والهاء. (جاء رجل) قيل: إنه يزيد بن بشر السكسكي (¬1): (اذهب بهذا) أي: بما أجبتك به، وفي نسخة: "اذهب بها" أي: بالأجوبة التي أجبتك بها. ومرَّ شرح الحديث في مناقب عثمان - رضي الله عنه - (¬2). 20 - بَابُ {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلاَ تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 153] {تُصْعِدُونَ}: تَذْهَبُونَ، أَصْعَدَ وَصَعِدَ فَوْقَ البَيْتِ. ¬

_ (¬1) قال ابن حجر في: "الفتح" 7/ 58: لم أقف على اسمه ولا على من أجابه من القوم ولا على أسماء القوم. (¬2) سلف برقم (3698) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي - رضي الله عنه -.

(باب {إِذْ تُصْعِدُونَ}) أي: تذهبون كما سيأتي. ({وَلَا تَلْوُنَ عَلَى أَحَدٍ}) أي: ولا تلتفتون وتعرجون عليه. ({وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ}) أي: يقول: إليَّ عباد الله، إليَّ عباد الله ({فَأَثَابَكُمْ}) أي: فجازاكم. ({غَمًّا}) أي: بالهزيمة. ({بِغَمٍّ}) أي: بسبب غمكم الرسول بالمخالفة. ({لكَيْلَا}) متعلق بـ (عفا) أو بـ (أثابكم) فـ (لا) زائدة. ({تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ}) أي: من الغنيمة. ({وَلَا مَا أَصَابَكُمْ}) أي: من القتل والهزيمة. ({وَاللهُ خَبِيُر بِمَا تَعْمَلُونَ}) ذكر الآية تامة، وفي نسخة: " {إذْ تُصْعِدُون} إلى {بِمَا تَعْمَلُونَ} " (تصعدون) معناه: (تذهبون). (أصعد وصعد فوق البيت) أشار به إلى أن (أصعد وصعد) بكسر العين بمعنى واحد قيل: (أصعد) بمعنى: ذهب، (وصعد) بمعنى: ارتفع يقال: أصعد في الوادي، وصعد في الجبل. وقوله: ({تُصْعِدُونَ}) إلى آخره ساقط من نسخة. 4067 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال " جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجَّالةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ فَذَاكَ: إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ". [انظر: 3039 - فتح: 7/ 364] (عمرو) أي: ابن خالد (زهير) أي: ابن معاوية. (أبو إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. ومرَّ الحديث في باب: صفة إبليس (¬1). - بَابُ {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ القَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154] (باب) ساقط من نسخة. ({ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً}) أي: أمنًا. ({نعاسًا}) بدل من {أَمَنَةً}. ({يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ}) هم المؤمنون. ({وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ}) أي: حملتهم على الهم فلا رغبة لهم إلا نجاتها دون النبي وأصحابه فلم يناموا وهم المنافقون. ({يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الحَقِّ}) غير الظن الحق. ({ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ}) أي: كظنهم حيث اعتقدوا أن النبي قتل أو لا ينُصر. ({هَلْ}) أي: ما. ({لَنَا مِنَ الأَمْرِ}) أي: النصر الذي وعدناه ({مِن شَيءٍ}) (من) زائدة. ({يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا}). بيان لما قبله. ({وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ}) أي: ليختبر. ({مَا فِي صُدُورِكُمْ}) أي: قلوبكم. ({وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}) ذكر الآية كلها، واقتصر في نسخة على قوله: " {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} ". 4068 - وقَال لِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا يَسْقُطُ وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ فَآخُذُهُ". [4562 - فتح: 7/ 365] (خليفة) أي: ابن خياط.

21 - باب {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} [آل عمران: 128]

21 - بَابُ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] قَال حُمَيْدٌ وَثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ شُجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَال: "كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ" فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]. (باب) ساقط من نسخة. ({لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ}) عطف على (ليقطع)، وقوله: ({لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}) اعتراض بينهما. ({فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ}) تعليل لما قبله. (حميد) أي الطويل. (وثابت) أي: البناني. 4069 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنَ الفَجْرِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ العَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا» بَعْدَ مَا يَقُولُ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]- إِلَى قَوْلِهِ - {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] [انظر: 4069 - فتح: 7/ 365]. [4070، 4559، 7346 - فتح: 7/ 365] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (من الركعة) في نسخة: "في الركعة". (اللهم العن فلانًا وفلانا وفلانا) هم صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، كما سماهم في الحديث بعده. 4070 - وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَالحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَزَلَتْ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]- إِلَى قَوْلِهِ - {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128]. [انظر: 4069 - فتح: 7/ 365]

22 - باب ذكر أم سليط

22 - بَابُ ذِكْرِ أُمِّ سَلِيطٍ (باب: ذكر أم سليط) بفتح السين. 4071 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَال ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ، فَبَقِيَ مِنْهَا مِرْطٌ جَيِّدٌ، فَقَال لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَعْطِ هَذَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي عِنْدَكَ، يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ، فَقَال عُمَرُ: أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ بِهِ، "وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" قَال عُمَرُ: فَإِنَّهَا كَانَتْ تُزْفِرُ لَنَا القِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ. [انظر: 2881 - فتح: 7/ 366] (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (ثعلبة) بمثلثة. (مروطًا) أي: أكسية من صوف، أو خز. (تزفر) بزاي وفاء مكسورة، أي: تحمل. وتفسير البخاري له في الجهاد: تخيط، غير معروف. 23 - بَابُ قَتْلِ حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (باب) ساقط من نسخة. (قتل حمزة) زاد في نسخة: "ابن عبد المطلب - رضي الله عنه - ". وفي أخرى: "سيد الشهداء". 4072 - حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الفَضْلِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، قَال: خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ، قَال لِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ، نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ، فَسَأَلْنَا عَنْهُ، فَقِيلَ لَنَا: هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ، كَأَنَّهُ حَمِيتٌ، قَال: فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ، فَسَلَّمْنَا فَرَدَّ السَّلامَ، قَال: وَعُبَيْدُ اللَّهِ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ، مَا يَرَى وَحْشِيٌّ إلا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ:

يَا وَحْشِيُّ أَتَعْرِفُنِي؟ قَال: فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَال: لَا وَاللَّهِ، إلا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِي العِيصِ، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلامًا بِمَكَّةَ، فَكُنْتُ أَسْتَرْضِعُ لَهُ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الغُلامَ مَعَ أُمِّهِ فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ، قَال: فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَال: أَلا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قَال: نَعَمْ، إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ بِبَدْرٍ، فَقَال لِي مَوْلايَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ، قَال: فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ، وَعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ، خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى القِتَالِ، فَلَمَّا أَنِ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ، خَرَجَ سِبَاعٌ فَقَال: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ قَال: فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَال: يَا سِبَاعُ، يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ البُظُورِ، أَتُحَادُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ، فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ، قَال: وَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي، فَأَضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيْهِ، قَال: فَكَانَ ذَاكَ العَهْدَ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ، فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الإِسْلامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا، فَقِيلَ لِي: إِنَّهُ لَا يَهِيجُ الرُّسُلَ، قَال: فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآنِي قَال: "آنْتَ وَحْشِيٌّ" قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ" قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنَ الأَمْرِ مَا بَلَغَكَ، قَال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي" قَال: فَخَرَجْتُ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ، قُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ، لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ، قَال: فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، قَال: فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثَلْمَةِ جِدَارٍ، كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرُ الرَّأْسِ، قَال: فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي، فَأَضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، قَال: وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الفَضْلِ: فَأَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: "فَقَالتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ: وَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَتَلَهُ العَبْدُ الأَسْوَدُ". [فتح: 7/ 367] (عبيد الله بن عدي) لفظ: (ابن عدي) ساقط من نسخة.

(هل لك في وحشي) أي: ابن حرب الحبشي مولى جبير بن مطعم. (عن قتل حمزة) في نسخة: "عن قتله حمزة". (كأنه حميت) بفتح المهملة أي: زق كبير يشبه به الرجل السمين. (معتجر) بجيم وراء من الاعتجار بالعمامة، وهو أن: يلفها على رأسه ويرد طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئًا تحت ذقنه. (أُمُّ قتال) بفوقية بعد القاف، وفي نسخة: بموحدة بعدها. (فلكأني نظرت إلى قدميك) يعني: أنه شبه قدميه بقدميِّ الغلام الذي حمله فكان هو هو (طعيمة بن عدي الخيار) قال الدمياطي، وتبعه الزركشي: صوابه عدي بن نوفل. (فلما أن خرج الناس) أي: قريش. (عام عينين) تثنية عين، أي: عام وقعة أحد. (وعينين: جبل بحيال أحد بينه وبينه واد) هذا تفسير من البخاري، أو من بعض الرواة، وقوله: (بحيال أحد) بكسر المهملة وتخفيف التحتية، أي: بمقابله، يقال: فلان بحيال كذا أي: بمقابله. (خرج سِباع) بكسر المهملة وتخفيف الموحدة، أي: ابن عبد العزى الخزاعي. (يا ابن أم أنمار) بفتح الهمزة وسكون النون: أَمة كانت مولاة لشريق بن عمرو الثقفي. (مقطِّعة البظور) بضم الموحدة والظاء المعجمة، جمع بظر: وهو اللحمة التي تقطع من فرج المرأة عند ختانها، وكانت أمة تختن النساء بمكة، فعيره بذلك. (أتحاد الله ورسوله؟) أي: أتعاندهما وتعاديهما. (ثم شدَّ عليه) أي: على سباع فقتله. (فكان كأمس الذَّاهب) أي: مثله في العدم. (وكَمَنت) بفتح الميم أي: اختفيت. (حمزة) أي: لأجل أن أقتله. (في ثنته) بضم المثلثة وفتح النون المشددة بعدهما فوقية، أي: في عانته. (فكانت ذاك العهد به) كناية عن موته. (رسولًا) في نسخة: "رسلًا" (في

24 - باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد

ثَلْمَةِ جدار) بضم المثلثة وسكون اللام، أي: خلله (فأضعها) في نسخة "فوضعها" (رجل من الأنصار) هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، وقيل: عدي بن سهل، وقيل: أبو دجانة. (على هامته) أي: رأسه. (قال) أي: عبد العزيز بن أبي سلمة. 24 - بَابُ مَا أَصَابَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الجِرَاحِ يَوْمَ أُحُدٍ (باب) ساقط من نسخة. (ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد) أي: يوم غزوته. 4073 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِنَبِيِّهِ، يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [مسلم: 1793 - فتح: 2/ 372] (إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (عن معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (يشير إلى رباعيته) أي: إلى كسر رباعيته اليمنى والذي كسرها عتبة بن أبي وقاص، والرباعية بفتح الراء وتخفيف الموحدة والتحتية: السن التي تلي الثنية من كل جانب، وللإنسان أربع رباعيات. 4074 - حَدَّثَنِي مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَويُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [4076 - فتح: 7/ 372] (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (دموا وجه النبي) أي: جرحوه حتى خرج منه الدم، وميمه مفتوحة أو مضمومة، وأصله:

دميوا، حذفت الياء على الأول تخفيفا وكذا على الثاني، لكن بعد نقل حركتها إلى ما قبلها وشددت الميم؛ ليتعدى الفعل. - باب (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقة، بل هو ساقط من نسخة. 4075 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ كَانَ يَسْكُبُ المَاءَ، وَبِمَا دُوويَ، قَال: كَانَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَغْسِلُهُ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَسْكُبُ المَاءَ بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ المَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إلا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا، فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَئِذٍ، وَجُرِحَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتِ البَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ". [انظر: 243 - مسلم: 1790 - فتح: 7/ 372] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (عن يعقوب) أي: ابن عبد الرحمن الإسكندراني. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (عن جرح رسول الله) أي: الذي جرحه في وقعة أحد. (أما) بتخفيف الميم حرف استفتاح. (بالمجن) أي: بالترس. (وجرح وجهه) جارحه عبد الله بن قمئة (وكسرت البيضة) أي: الخوذة. 4076 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ، وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 4074 - فتح: 7/ 372] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد النبيل.

25 - باب {الذين استجابوا لله والرسول} [آل عمران: 172]

25 - بَابُ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [آل عمران: 172] (باب) ساقط من نسخة. ({الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}). أي: أجابوهما. 4077 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ} [آل عمران: 172] لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ، قَالتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي، كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمْ: الزُّبَيْرُ، وَأَبُو بَكْرٍ، لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَانْصَرَفَ عَنْهُ المُشْرِكُونَ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا، قَال: "مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ" فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَال: كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَالزُّبَيْرُ. [مسلم: 2418 - فتح: 7/ 373] (محمد) أي: ابن سلام، أو ابن المثنى. (أبو معاوية) هو محمد بن خازم السعدي. (فانتدب) أي: أجاب. 26 - بَابُ مَنْ قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْهُمْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَاليَمَانُ، وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ. (باب: من قتل من المسلمين يوم أحد) يوم غزوته. (منهم: حمزة بن عبد المطلب) قتله وحشي. (واليمان) هو أبو حذيفة قتله المسلمون خطأً. (وأنس بن النضر) في نسخة: "والنضر بن أنس" والصواب الأول. 4078 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا أَعَزَّ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الأَنْصَارِ قَال قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ " قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ اليَمَامَةِ سَبْعُونَ، قَال: "وَكَانَ بِئْرُ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَوْمُ

اليَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ. [فتح: 7/ 374] (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (أعز) بمهملة وزاي من العز، وفي نسخة: "أغر" بمعجمة وراء من الغرة وهي صفة (شهيدًا) أو عطف بعاطف محذوف كالتحيات المباركات. 4079 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ" فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَال: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ" وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا. [انظر: 1343 - فتح: 7/ 374] (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد) إلى آخره، مرَّ في الجنائز، في باب: الدخول على الميت بعد الموت (¬1). 4080 - وَقَال أَبُو الوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ ابْنِ المُنْكَدِرِ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَبْكِي، وَأَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَجَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَوْنِي وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ، وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَبْكِيهِ - أَوْ: مَا تَبْكِيهِ - مَا زَالتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ. [انظر: 1244 - مسلم: 2471 - فتح: 7/ 374] (أوْ ما تبكيه) شك من الراوي، و (ما) استفهامية أي: لِمَ تبكه؟ 4081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، - أُرَى - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ بِهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1343) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد.

27 - باب: أحد يحبنا [ونحبه]

اللَّهُ مِنَ الفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ المُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا، وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ". [انظر: 3622 - مسلم: 2272 - فتح: 7/ 374] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (أرى) أي: أظن أنه (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) شك هل تحمله مرفوعًا، أو لا؟ (رأيت) في نسخة: "أريت" (سيفًا) في نسخة: "سيفي ". (ورأيت فيها بقرًا) أي: تنحر كما في رواية (¬1). (والله خير) أي: وثواب الله للمقتولين، أو صنع الله خير لهم من بقائهم في الدنيا. (المؤمنين يوم أحد) أي: الذين قتلوا يوم أحد. 4082 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ خَبَّابٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى، أَوْ ذَهَبَ، لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يَتْرُكْ إلا نَمِرَةً، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا غُطِّيَ بِهَا رِجْلاهُ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَال لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الإِذْخِرَ" أَوْ قَال: "أَلْقُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ" وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا. [انظر: 1276 - مسلم: 940 - فتح: 7/ 375] (أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس. (زهير) أي: ابن معاوية. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن شقيق) أي: ابن سلمة. (أينعت) أي: نضجت. ومرَّ شرح الحديث أول الغزوة (¬2). 27 - بَابٌ: أُحُدٌ يُحِبُّنَا [وَنُحِبُّهُ] قَالَهُ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: أحد) في نسخة: "جبل أحد". ¬

_ (¬1) رواه النسائي في "الكبرى" 4/ 389 (7647) كتاب: التعبير، باب: الدرع. (¬2) سبق برقم (4047) كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد.

28 - باب غزوة الرجيع، ورعل، وذكوان، وبئر معونة

4083 - حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ". [انظر: 371 - مسلم: 1365، 1393 - فتح: 7/ 377] (يحبنا) أي: حقيقة، أو يحبنا أهله وهم أهل المدينة. 4084 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَال: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 7/ 377] (طلع له أحد) أي: ظهر له. (ما بين لابتيها) أي: لابتي المدينة. 4085 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاتَهُ عَلَى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المِنْبَرِ فَقَال: "إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ، أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا". [انظر: 1344 - مسلم: 2296 - فتح: 7/ 377]. (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله اليزني. (عن عقبة) أي: ابن عامر الجهني. ومرَّ الحديث أول غزوة أحد (¬1). 28 - بَابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ، وَرِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبِئْرِ مَعُونَةَ وَحَدِيثِ عَضَلٍ، وَالقَارَةِ، وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ، وَخُبَيْبٍ وَأَصْحَابِهِ. قَال ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ: "أَنَّهَا بَعْدَ أُحُدٍ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (4042) كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد.

(باب) ساقط. من نسخة: (غزوة الرجيع) بفتح الراء وكسر الجيم: موضع من بلاد هذيل كانت الوقعة بالقرب منه (¬1). (ورعل) بكسر الراء وسكون المهملة بعدها لام. (وذَكوان) بفتح المعجمة وسكون الكاف: قبيلتان من بني سُليم بالتصغير. (وبئر معونة) موضع ببلاد هذيل بين مكة وعسفان (¬2). (وحديث: عضل) بفتح عين عضل وضاده: بطن من بني الهون ينسبون إلى عضل بن الديش (والقارة)، بالقاف وتخفيف الراء: بطن من الهون أيضًا. (وعاصم بن ثابت) أي: ابن الأقلح. (وخبيب وأصحابه) بتقدير مضاف في الأربعة، أي: وحديث القارة وكذا البقية. قال الكرماني: هذا المذكور كله غزوتان: غزوة الرجيع قاتل [فيها هذيل عاصمًا وخبيبًا وأصحابهما وغزوة بئر معونة قاتل] (¬3) فيها رعل وذكوان القوم المشهورين بالقراء (¬4). (قال ابن إسحاق) هو محمَّد. (أنها) أي: غزوة الرجيع. 4086 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ" وَهُوَ جَدُّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لَحْيَانَ، فَتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلًا نَزَلُوهُ، فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنَ المَدِينَةِ، فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ، فَتَبِعُوا آثَارَهُمْ حَتَّى لَحِقُوهُمْ، فَلَمَّا انْتَهَى عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَجَاءَ القَوْمُ فَأَحَاطُوا بِهِمْ، فَقَالُوا: لَكُمُ العَهْدُ وَالمِيثَاقُ إِنْ نَزَلْتُمْ إِلَيْنَا، أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ رَجُلًا، فَقَال عَاصِمٌ: أَمَّا ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 29. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 1/ 302. (¬3) من (د). (¬4) "البخاري بشرح الكرماني" 16/ 16.

أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ بِالنَّبْلِ، وَبَقِيَ خُبَيْبٌ وَزَيْدٌ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَأَعْطَوْهُمُ العَهْدَ وَالمِيثَاقَ، فَلَمَّا أَعْطَوْهُمُ العَهْدَ وَالمِيثَاقَ نَزَلُوا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلُّوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ، فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، فَقَال الرَّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِي مَعَهُمَا: هَذَا أَوَّلُ الغَدْرِ، فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَجَرَّرُوهُ وَعَالجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَلَمْ يَفْعَلْ فَقَتَلُوهُ، وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ، وَزَيْدٍ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ، فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، حَتَّى إِذَا أَجْمَعُوا قَتْلَهُ، اسْتَعَارَ مُوسًى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الحَارِثِ لِيَسْتَحِدَّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، قَالتْ: فَغَفَلْتُ عَنْ صَبِيٍّ لِي، فَدَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ فَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَ ذَاكَ مِنِّي وَفِي يَدِهِ المُوسَى، فَقَال: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَاكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَانَتْ تَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ ثَمَرَةٌ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الحَدِيدِ، وَمَا كَانَ إلا رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ، فَخَرَجُوا بِهِ مِنَ الحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَال: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ، فَقَال: لَوْلَا أَنْ تَرَوْا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ مِنَ المَوْتِ لَزِدْتُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ القَتْلِ هُوَ، ثُمَّ قَال: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، ثُمَّ قَال: مَا أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي، وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ عُقبَةُ بْنُ الحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ إِلَى عَاصِمٍ لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ، وَكَانَ عَاصِمٌ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ. [انظر: 3045 - فتح: 7/ 378] (معمر) أي: ابن راشد. (سرية) في نسخة: "بسرية". (وهو جد عاصم بن عمر) قد ذكرنا

فيما مرَّ في الجهاد في باب: هل يستأسر الرجل (¬1): أنَّه خال عاصم لا جده. (وذكروا) بالبناء للمفعول. (هذيل) بذال معجمة. (يقال لهم: بنو لحيان) بكسر اللام وفتحها. (إلى فدفد) بفتح الفاءين وسكون المهملة الأولى، أي: رابية مشرفة وهو معنى قول ابن الأثير: هو الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع (¬2). ويطلق الفدفد على الأرض المستوية، لكن المراد هنا الأول. (نبيك) في نسخة: "رسولك". (وزيد) أي: ابن الدثنة (ورجل آخر) هو عبد الله بن طارق. (وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر) قال شيخنا: كذا وقع في حديث أبي هريرة. واعتمد عليه البخاري فذكر خبيب بن عدي فيمن شهد بدرًا، أي: وقتل الحارث بن عامر لكن تعقبه الدمياطي بأن أهل المغازي لم يذكر أحد منهم أن خبيب بن عدي شهد بدرًا، ولا قتل الحارث بن عامر، وإنما ذكروا أن الذي قتل الحارث بن عامر ببدر خبيب بن أساف، وهو غير خبيب بن عدي، وهو خزرجي، وخبيب بن عدي أوسي (¬3). قال شيخنا: قلت: يلزم مما قاله رد هذا الحديث الصحيح، فلو لم يقتل خبيب بن عدي الحارثَ بن عامر ما كان لاعتناء آل الحارث بن عامر بأسر خبيب معنى، لكن يحتمل أن يكون قتلوه (¬4) بخبيب بن ¬

_ (¬1) سبق برقم (3045) كتاب: الجهاد والسير، باب: هل يستأسر الرجل ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 420 - 421. (¬3) "الفتح" 7/ 381 - 382. (¬4) كذا السياق في جميع النسخ الخطية، وفي "الفتح" أيضًا نقلًا عن ابن حجر وأظنه -والله أعلم- سبق قلم من الناسخ، ويحتمل: أن يكون قتلوا خبيب بن عدي لكون خبيب بن أساف قتل الحارث. . إلخ وبهذا يستقيم السياق.

عدي، لكون خبيب بن أساف قتل الحارث على عادتهم في الجاهلية بقتل بعض القبيلة عن بعض، وأن يكون خبيب بن عدي شارك في قتل الحارث (¬1). انتهى. (من بعض بنات الحارث) أسمها: زينب. (أصلي) بياء، وفي نسخة: بدونها. (ما أبالي حين أقتل مسلمًا) إلى آخره، مرَّ شرحه في الجهاد في الباب المذكور آنفًا. 4088 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ رَجُلًا لِحَاجَةٍ، يُقَالُ لَهُمْ القُرَّاءُ، فَعَرَضَ لَهُمْ حَيَّانِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، رِعْلٌ، وَذَكْوَانُ، عِنْدَ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا بِئْرُ مَعُونَةَ، فَقَال القَوْمُ: وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ أَرَدْنَا، إِنَّمَا نَحْنُ مُجْتَازُونَ فِي حَاجَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَتَلُوهُمْ "فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَهْرًا فِي صَلاةِ الغَدَاةِ، وَذَلِكَ بَدْءُ القُنُوتِ، وَمَا كُنَّا نَقْنُتُ" قَال عَبْدُ العَزِيزِ وَسَأَلَ رَجُلٌ أَنَسًا عَنِ القُنُوتِ أَبَعْدَ الرُّكُوعِ أَوْ عِنْدَ فَرَاغٍ مِنَ القِرَاءَةِ؟ قَال: "لَا بَلْ عِنْدَ فَرَاغٍ مِنَ القِرَاءَةِ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 7/ 385] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عبد العزيز) أي: ابن صهيب. 4089 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا، بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنَ العَرَبِ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 7/ 385] ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 382.

(مسلم) أي: ابن إبراهيم الفراهيدي. (هشام) أي: الدستوائي. (قتادة) أي: ابن دعامة. 4090 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَبَنِي لَحْيَانَ، اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوٍّ، فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ، كُنَّا نُسَمِّيهِمْ القُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ، كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ، وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَبَنِي لَحْيَانَ" قَال أَنَسٌ: "فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ: بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا". وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَنَتَ شَهْرًا فِي صَلاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَبَنِي لِحْيَانَ" زَادَ خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ: "أَنَّ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا كِتَابًا" نَحْوَهُ [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 7/ 385] (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (وبني لحيان) قيل: ذكرهم في هذه القصة وَهْمٌ وإنما كانوا في قصة خبيب في غزوة الرجيع التي مرَّت. (استمدوا رسول الله) أي: طلبوا منه المدد. (على عدو) في نسخة: "على عدوهم". (خليفة) أي: ابن خياط العصفري شيخ البخاري. (ابن زريع) في نسخة: (يزيد بن زريع). (عن قتادة) أي: ابن دعامة. 4091 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسٌ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَعَثَ خَالهُ، أَخٌ لِأُمِّ سُلَيْمٍ، فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا" وَكَانَ رَئِيسَ المُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، خَيَّرَ بَيْنَ ثَلاثِ خِصَالٍ، فَقَال: يَكُونُ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ وَلِي أَهْلُ المَدَرِ، أَوْ أَكُونُ خَلِيفَتَكَ، أَوْ أَغْزُوكَ بِأَهْلِ غَطَفَانَ

بِأَلْفٍ وَأَلْفٍ؟ فَطُعِنَ عَامِرٌ فِي بَيْتِ أُمِّ فُلانٍ، فَقَال: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ البَكْرِ، فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ آلِ فُلانٍ، ائْتُونِي بِفَرَسِي، فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ، فَانْطَلَقَ حَرَامٌ أَخُو أُمِّ سُلَيْمٍ وَهُوَ رَجُلٌ أَعْرَجُ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي فُلانٍ، قَال: كُونَا قَرِيبًا حَتَّى آتِيَهُمْ فَإِنْ آمَنُونِي كُنْتُمْ، وَإِنْ قَتَلُونِي أَتَيْتُمْ أَصْحَابَكُمْ، فَقَال: أَتُؤْمِنُونِي أُبَلِّغْ رِسَالةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ، وَأَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ، فَأَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ، - قَال هَمَّامٌ أَحْسِبُهُ - حَتَّى أَنْفَذَهُ بِالرُّمْحِ، قَال: اللَّهُ أَكْبَرُ، فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، فَلُحِقَ الرَّجُلُ، فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ غَيْرَ الأَعْرَجِ، كَانَ فِي رَأْسِ جَبَلٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْنَا، ثُمَّ كَانَ مِنَ المَنْسُوخِ: إِنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا "فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاثِينَ صَبَاحًا، عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبَنِي لَحْيَانَ، وَعُصَيَّةَ، الَّذِينَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 7/ 385] (همام) أي: ابن يحيى. (خاله) أي: خال أنس، أو خال النبي - صلى الله عليه وسلم - إما من جهة الرضاعة، أو من جهة النسب وإن كان بعيدًا، واسمه: حرام بن ملحان. (أخ) أي: وهو أخ. (خير) أي: عامرٌ النبي - صلى الله عليه وسلم - (أهل السهل) أي: سكان البوادي. (ولي أهل المدر) أي: سكان البلاد. (غطفان) قبيلة. (بألف وألف) بدل من قوله: (بأهل غطفان) والمراد: أغزوك بألف أشقر وألف أحمر فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اكفني عامرًا". (فطعن عامر) أي: بالطاعون. (أم فلان) أي: أم سلول، وزوجها مرة بن صعصعة. (فقال: غُدَّة) أي: أصابتني غدة. (كغدة البكر) بفتح الموحدة هو الفتى من الإبل. (من آل فلان) أي: آل سلول. (وهو رجل أعرج) وجه الكلام: "هو ورجل أعرج" كما في نسخة؛ لأنَّ حرامًا لم يكن أعرجًا، بل الأعرج رفيقه، وحرام قُتل والأعرج لم يُقْتَلْ فكلمة (هو) إما زائدة أو تَقَدمُ الواو عليها من سهو الناسخ. (ورجل من بني فلان) اسم الرجل: المنذر بن محمَّد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح الخزرجي، واسم

الأعرج: كعب بن يزيد بن دينار بن النجار. (قال) أي: حرام للرجلين. (كنتم) أي: قريبين مني. (قال) أي: حرام للمبعوث إليهم. (وأومئوا) أي: أشارواه (حتى أنفذه) بمعجمة، أي: من جانبه إلى جانبه الآخر. (قال) أي: حرام لما طعن. (الله أكبر فزت) أي: بالشهادة. (فلحق) بالبناء للفاعل. (الرجل) بضم الجيم أي: رفيق حرام، أي: لحق بالمسلمين، أو بسكونها جمع راجل أي: لحق الرجال المشركون بالمسلمين، وبالبناء للمفعول، والرجل بضم الجيم أي: لحق الرجل الذي هو رفيق حرام يعني: صار ملحوقًا فلم يقدر أن يبلغ المسلمين قبل بلوغ المشركين إليه. ومرَّ الحديث في الجهاد في باب: من ينكب في سبيل الله (¬1). 4092 - حَدَّثَنِي حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَال: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ، وَكَانَ خَالهُ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، قَال: بِالدَّمِ هَكَذَا فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ، ثُمَّ قَال: فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 7/ 386] (حبَّان) بكسر المهملة أي: ابن موسى. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. 4093 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فِي الخُرُوجِ حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الأَذَى، فَقَال لَهُ: أَقِمْ فَقَال يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَطْمَعُ أَنْ يُؤْذَنَ لَكَ؟ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنِّي لَأَرْجُو ذَلِكَ" قَالتْ: فَانْتَظَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2801) كتاب: الجهاد والسير، باب: من ينكب أو يطعن في سبيل الله.

ذَاتَ يَوْمٍ ظُهْرًا، فَنَادَاهُ فَقَال: "أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ" فَقَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ، فَقَال "أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ" فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ الصُّحْبَةَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصُّحْبَةَ" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي نَاقَتَانِ، قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَأَعْطَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا - وَهِيَ الجَدْعَاءُ - فَرَكِبَا، فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الغَارَ - وَهُوَ بِثَوْرٍ - فَتَوَارَيَا فِيهِ، فَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلامًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ، أَخُو عَائِشَةَ لِأُمِّهَا، وَكَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ، فَكَانَ يَرُوحُ بِهَا وَيَغْدُو عَلَيْهِمْ وَيُصْبِحُ، فَيَدَّلِجُ إِلَيْهِمَا ثُمَّ يَسْرَحُ، فَلَا يَفْطُنُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّعَاءِ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ مَعَهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمَا المَدِينَةَ، فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ. وَعَنْ أَبِي أُسَامَةَ، قَال: قَال هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، فَأَخْبَرَنِي أَبِي، قَال: لَمَّا قُتِلَ الَّذِينَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ، وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، قَال: لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ مَنْ هَذَا؟ فَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ، فَقَال لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ: هَذَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، فَقَال: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ، ثُمَّ وُضِعَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُهُمْ فَنَعَاهُمْ، فَقَال: "إِنَّ أَصْحَابَكُمْ قَدْ أُصِيبُوا، وَإِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ، فَقَالُوا: رَبَّنَا أَخْبِرْ عَنَّا إِخْوَانَنَا بِمَا رَضِينَا عَنْكَ، وَرَضِيتَ عَنَّا، فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهُمْ " وَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ عُرْوَةُ بْنُ أَسْماءَ بْنِ الصَّلْتِ، فَسُمِّيَ عُرْوَةُ، بِهِ وَمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، سُمِّيَ بِهِ مُنْذِرًا [انظر: 476 - فتح: 7/ 388] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة). قال الحافظ الدمياطي: صوابه: الطفيل بن عبد الله بن الحارث بن سخبرة. (أخو عائشة) بالرفع خبر مبتدإِ محذوف، وفي نسخة: "أخي عائشة" بالجر بدل من (عبد الله). (يعقبانه) بضم التحتية أي: يردفانه بالنوبة بأن كان - صلى الله عليه وسلم - يردف عامرًا نوبة ويردفه أبو بكر أخرى. 4094 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ

أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَيَقُولُ عُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 7/ 389] (محمَّد) أي: ابن مقاتل المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (سليمان) أي: ابن طرخان. (عن أبي مجلز) هو لاحق بن حميد. 4095 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا يَعْنِي أَصْحَابَهُ بِبِئْرِ مَعُونَةَ ثَلاثِينَ صَبَاحًا حِينَ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ، وَلَحْيَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" قَال أَنَسٌ: "فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا - أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ - قُرْآنًا قَرَأْنَاهُ حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ: بَلِّغُوا قَوْمَنَا فَقَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ. [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 7/ 389] (ابن بكير) هو يحيى. 4096 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ القُنُوتِ فِي الصَّلاةِ؟ فَقَال: نَعَمْ، فَقُلْتُ: كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؟ قَال: قَبْلَهُ، قُلْتُ: فَإِنَّ فُلانًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَهُ، قَال: كَذَبَ "إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ نَاسًا يُقَالُ لَهُمْ القُرَّاءُ، وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا إِلَى نَاسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ قِبَلَهُمْ، فَظَهَرَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح: 7/ 389] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عاصم) أي: ابن سليمان. (عن القنوت في الصلاة) أي: عن حكمه أهو مشروع فيها أمْ لا؟ (فإن فلانًا) هو محمَّد بن سيرين. (وبينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد) أي: أمان. (قبلهم) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: جهتهم، وفي نسخة: بالكسر والسكون، أي: قدامهم. وظاهر الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث الجيش إلى المعاهدين وليس

29 - باب غزوة الخندق وهي الأحزاب

مرادًا، بل بعث إلى المشركين غير معاهدين، والحال أن بين ناس منهم هم جهة المبعوث إليهم، أو قدامهم وبين رسول الله عهد فغلب المعاهدون، وغدروا فقتلوا القراء المبعوثين كما أشار إليه بقوله: (فظهر هؤلاء) أي: على القراء أي: غلبوهم والعهد يقال للأمان كما مرَّ، ولليمين، وللذمة، وللحفظ، ولرعاية الحرمة، وللوصية. 29 - بَابُ غَزْوَةِ الخَنْدَقِ وَهِيَ الأَحْزَابُ قَال مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: "كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ". (باب) ساقط من نسخة. (غزوة الخندق) وهي الأحزاب سميت بالخندق الذي حفر حول المدينة بأمره - صلى الله عليه وسلم - وإشارة سلمان الفارسي. (سنة أربع)، وقيل: سنة خمس. 4097 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْهُ، وَعَرَضَهُ يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَهُ". [انظر: 2664 - مسلم: 1868 - فتح: 7/ 392] (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. 4098 - حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَنْدَقِ، وَهُمْ يَحْفِرُونَ وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ". [انظر: 3797 - مسلم: 1804 - فتح: 7/ 392] (قتيبة) أي: ابن سليمان. (عن عبد العزيز) أي: ابن أبي حازم واسمه: سلمة بن دينار. (كنا مع النبي) إلى آخره مرّ في الجهاد في باب: حفر الخندق (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2835) كتاب: الجهاد والسير، باب: حفر الخندق.

4099 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الخَنْدَقِ، فَإِذَا المُهَاجِرُونَ، وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّارَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالجُوعِ، قَال: "اللَّهُمَّ إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ" فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا. (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن محمَّد بن الحارث الفزاري. (عن حميد) أي: الطويل. (فقالوا مجيبين له) هذا مع الحديث بعده يقتضي أنهم كانوا يجيبونه مرة وهو يجيبهم أخرى. 4100 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَعَلَ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الخَنْدَقَ حَوْلَ المَدِينَةِ، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الإِسْلامِ مَا بَقِينَا أَبَدَا قَال: يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُجِيبُهُمْ: "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إلا خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَبَارِكْ فِي الأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ" قَال: يُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ كَفِّي مِنَ الشَّعِيرِ، فَيُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالةٍ سَنِخَةٍ، تُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ القَوْمِ، وَالقَوْمُ جِيَاعٌ، وَهِيَ بَشِعَةٌ فِي الحَلْقِ، وَلَهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ. [انظر: 2834 - مسلم: 1805 - فتح: 7/ 392] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المقعد. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (يؤتون) بالبناء للمفعول. (بكف) بالتنوين أيُّ كف، وفي نسخة:

"بكفي " بالإضافة إلى ياء المتكلم، وفي أخرى: "بكفيَّ" بلفظ التثنية. (فيصنع) أي: فيطبخ. (بإهالة) بكسر الهمزة: هي الودك أي: الشحم المذاب. (سنخة) بفتح المهملة وكسر النون وفتح المعجمة أي: فاسدة متغيرة الطعم. (وهي) أي: الإهالة (بَشِعة في الحلق) أي: كريهة الطعم فيه. (ولها ريح منتن) بضم الميم وكسرها وكسر المثناة. 4101 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَتَيْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال: إِنَّا يَوْمَ الخَنْدَقِ نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاءُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِي الخَنْدَقِ، فَقَال: "أَنَا نَازِلٌ". ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِعْوَلَ فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ، أَوْ أَهْيَمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي إِلَى البَيْتِ، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَبْرٌ، فَعِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالتْ: عِنْدِي شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ، فَذَبَحَتِ العَنَاقَ، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِي البُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالعَجِينُ قَدْ انْكَسَرَ، وَالبُرْمَةُ بَيْنَ الأَثَافِيِّ قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ، فَقُلْتُ: طُعَيِّمٌ لِي، فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلانِ، قَال: "كَمْ هُوَ" فَذَكَرْتُ لَهُ، قَال: "كَثِيرٌ طَيِّبٌ، قَال: قُلْ لَهَا: لَا تَنْزِعِ البُرْمَةَ، وَلَا الخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِيَ، فَقَال: قُومُوا " فَقَامَ المُهَاجِرُونَ، وَالأَنْصَارُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَال: وَيْحَكِ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ، قَالتْ: هَلْ سَأَلَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَال: "ادْخُلُوا وَلَا تَضَاغَطُوا" فَجَعَلَ يَكْسِرُ الخُبْزَ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ، وَيُخَمِّرُ البُرْمَةَ وَالتَّنُّورَ إِذَا أَخَذَ مِنْهُ، وَيُقَرِّبُ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزِعُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الخُبْزَ، وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِيَ بَقِيَّةٌ، قَال: "كُلِي هَذَا وَأَهْدِي، فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ". [انظر: 3070 - مسلم: 2039 - فتح: 7/ 395] (كدية) بضم الكاف وسكون المهملة، وفي نسخة: "كيدة" بفتح الكاف وسكون التحتية، وفي أخرى: "كبدة" بفتح الكاف وسكون

الموحدة، وفي أخرى: "كندة" بفتح الكاف وسكون النون، أي: قطعة صلبة من الأرض لا يعمل فيها المعول. (هذه كدية) فيها ما مرّ قبلها. (فقال: أنا نازل) أي: إليها. (ثمَّ قال) مقول القول محذوف أي: ائتوني بمعول. (وبطنه معصوب) أي: من الجوع. (ولبثنا) بمثلثة أي: مكثنا. (ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا) أي: شيئًا من مأكول ومشروب، والجملتان حالان. (فأخذ النبي) عطف على مقدر، أي: فأتوه بمعول (فأخذ - صلى الله عليه وسلم - المعول) هو بكسر الميم وسكون المهملة: الفأس العظيمة التي ينقر بها الصخر قاله الجوهري (¬1). (كثيبًا) بمثلثة. (أهيل أو أهيم) أي: سائلًا والشك من الراوي. (ائذن لي إلى البيت) أي: أن أمضي إليه فأذن له. (لامرأتي) هي سهيلة بنت مسعود. (شيئًا) أي: من الجوع. (ما كان في ذلك) بكسر الكاف أي: فيما رأيته منه. (فعندك شيء؟) استفهام. (حتى جعلنا) في نسخة: "حتى جعلت". (اللحم في البرمة) بضم الموحدة وسكون الراء، أي: القدر. (قد انكسر) أي: اختمر. (بين الأثافي) بهمزة ومثلثة مفتوحتين: ثلاثة أحجار يوضع عليها القدر. (أن تنضج) بفتح المعجمة أي: تطيب. (طعيم لي) بضم الطاء وتشديد التحتية مصغر طعام صغره؛ لقلته. (فذكرت له) أي: كميته. (قل لها) أي: لسهيلة. (قوموا) إلى أكل جابر. (ولا تضاغطوا) أي: لا تزدحموا. (ويُخمِّرُ البرمةَ والتنور) أي: يغطيهما. (ثمَّ ينزع) أي: يأخذ اللحم من البرمة. (كلي هذا) أي: من هذا. 4102 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [عول] 5/ 1778.

سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: لَمَّا حُفِرَ الخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا شَدِيدًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي، فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا شَدِيدًا، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَنْ مَعَهُ، فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَال أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ، فَصَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "يَا أَهْلَ الخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا، فَحَيَّ هَلًا بِهَلّكُمْ" فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ". فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقَالتْ: بِكَ وَبِكَ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ، فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَال: "ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلَا تُنْزِلُوهَا" وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ. [انظر: 3070 - مسلم: 2039 - فتح: 7/ 395] (خمصًا) بفتح المعجمة والميم، أي: ضمور البطن من الجوع. (فانكفأت) بالهمز أي: فانقلبت. (بهيمة) تصغير بهمة: وهي الصغيرة من أولاد الغنم. (داجن) هو من الغنم ما يربى في البيوت، ولا يخرج إلى المرعى. (سورًا) بالهمز وتركه، أي: طعامًا. (فحيهلا بكم) كلمة استدعاء أي: هلموا مسرعين. (يقدم) بضم المهملة (بك وبك) أي: فعل الله بك كذا وفعل بك كذا. (بارك) أي: دعا بالبركة. (واقدحي) أي: اغرفي، والمقدحة تسمى: المغرفة، وهذا يقتضي أن المرأة هي الغارقة، والذي قبله يقتضي أنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلعل كلًّا منهما كان يغرف،

أو يحمل الأول على المجاز، أي: أنه أمرها بالغرف. (لتغط) أي: تفور من الامتلاء فيسمع لها غطيط. ومرَّ الحديث مختصرًا في الجهاد (¬1). 4103 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ. وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ. وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ} قَالتْ: كَانَ ذَاكَ يَوْمَ الخَنْدَقِ. [مسلم: 3020 - فتح: 7/ 399] (عبدة) أي: ابن سليمان. ({وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ}) أي: مالت عن سننها، ومستوى نظرها حيرة، أو عدلت عن كل شيء فلم تلتفت إلى عدوها لشدة الروع. ({وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}). ساقط من نسخة ({الْحَنَاجِرَ}) جمع حنجرة: وهي رأس الغَلْصَمَة منتهى الحلقوم: وهو مجرى الطعام والشراب. (كان ذاك) أي: ما ذكر من مجيء الكفار وغيره. 4104 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ، أَوْ اغْبَرَّ بَطْنُهُ، يَقُولُ: "وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا" وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ: "أَبَيْنَا أَبَيْنَا". [انظر: 2836 - مسلم: 1803 - فتح: 7/ 399] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3070) كتاب: الجهاد والسير، باب: من تكلم بالفارسية والرطانة.

(شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) وهو عمرو بن عبد الله السبيعي. (أغمر بطنه) أي: واراه التراب. (أو أغبر بطنه) أي: بالتراب، والشك من الراوي. (ويرفع بها صوته) أي: بالكلمة الأخيرة، وهي (أبينا) مكررا لها، كما أشار إليه بقوله: (أبينا أبينا). ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: حفر الخندق (¬1). 4105 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي الحَكَمُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ". [انظر: 1035 - مسلم: 900 - فتح: 7/ 399] (الحكم) أي: ابن عتيبة. ومرّ الحديث مرارًا (¬2). 4106 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يُحَدِّثُ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، وَخَنْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِنْ تُرَابِ الخَنْدَقِ، حَتَّى وَارَى عَنِّي الغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بِكَلِمَاتِ ابْنِ رَوَاحَةَ، وَهُوَ يَنْقُلُ مِنَ التُّرَابِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا، إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا " قَال: ثُمَّ يَمُدُّ صَوْتَهُ بِآخِرِهَا. (وكان كثير الشعر) أي: شعر صدره، ولا ينافيه خبر: أنه كان ¬

_ (¬1) سبق برقم (2835) كتاب: الجهاد، باب: حفر الخندق. (¬2) سبق برقم (1035) كتاب: الاستسقاء، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نُصرت بالصَّبا".

دقيق المسربة، أي: الشعر الذي في الصدر وممتدًا إلى البطن؛ لأنه كان مع دقته وامتداده كثيرًا. 4107 - حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَوَّلُ يَوْمٍ شَهِدْتُهُ يَوْمُ الخَنْدَقِ". [فتح: 7/ 400] 4108 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَنَسْوَاتُهَا تَنْطُفُ، قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ، فَلَمْ يُجْعَلْ لِي مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، فَقَالتْ: الحَقْ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِي احْتِبَاسِكَ عَنْهُمْ فُرْقَةٌ، فَلَمْ تَدَعْهُ حَتَّى ذَهَبَ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ خَطَبَ مُعَاويَةُ قَال: مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الأَمْرِ فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ، فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ، قَال حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَهَلَّا أَجَبْتَهُ؟ قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي، وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الإِسْلامِ، فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الجَمْعِ، وَتَسْفِكُ الدَّمَ، وَيُحْمَلُ عَنِّي غَيْرُ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الجِنَانِ، قَال حَبِيبٌ: حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ " قَال مَحْمُودٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَنَوْسَاتُهَا. [4110 - فتح: 7/ 405] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد. (ابن طاوس) هو عبد الله. (ونسواتها) بفتح النون وسكون المهملة وفتحها أي: ضفائر شعرها. (تنطف) أي: تقطر. (ما ترين) أي: مما وقع بين علي ومعاوية من القتال في صفين. (فرقة) بضم الفاء أي: افتراق. (فليطلع لنا قرنه) أي: فليبد لنا رأسه. (حبوتي) بضم المهملة وكسرها وسكون الموحدة من احتبى الرجل، إذا جمع ظهره وساقيه بعمامته، أو نحوها. (حبيب)

أي: ابن مسلمة. (حفظت وعصمت) ببنائهما للمفعول وبتاء الخطاب، ولعلَّ معاوية كان رأيه في الخلافة تقديم الفاضل في القوة والمعرفة والرأي على الفاضل في السبق إلى الإِسلام والدين؛ فلذا أطلق أنه أحق، وابن عمر يرى خلاف ذلك، وأنه لا يبايع المفضول إلا إذا خشي الفتنة، ولذا بايع بعد ذلك معاوية، ثمَّ ابنه يزيد، ونهى بنيه عن نقض بيعته. (محمود) أي: ابن غيلان شيخ البخاري. (عن عبد الرازق: ونوساتها) بتقديم الواو على السين عكس ما مرَّ. قال شيخنا: وها هنا هو الصواب (¬1). 4109 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ: "نَغْزُوهُمْ، وَلَا يَغْزُونَنَا". [4110 - فتح: 7/ 405] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي إسحاق) أي: عمرو بن عبد الله. (نغزوهم) أي: الأحزاب. 4110 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: حِينَ أَجْلَى الأَحْزَابَ عَنْهُ: "الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ". [انظر: 4109 - فتح: 7/ 405] (أجلي) بالبناء للمفعول من أجلى يقال: أجلى وجلى إذا خرج من الوطن هاربا. ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 404.

4111 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَال يَوْمَ الخَنْدَقِ: "مَلَأَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلاةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ". [انظر: 2931 - مسلم: 627 - فتح: 7/ 405] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (إسحاق) أي: ابن منصور المروزي. (روح) أي: ابن عبادة. (هشام) أي: ابن حسان. (عن محمَّد) أي: ابن سيرين. (عن عبيدة) أي: ابن عمرو السلماني. (كما شغلونا) في نسخة: "كلما شغلونا" قال شيخنا: وهو خطأ (¬1). 4112 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا" فَنَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ. [انظر: 596 - مسلم: 631 - فتح: 7/ 405] (هشام) أي: ابن حسان. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (غربت الشمس) في نسخة: "غابت الشمس". (بطحان) واد بالمدينة (¬2). 4113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرًا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَحْزَابِ: "مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ القَوْمِ" فَقَال الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَال: "مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ القَوْمِ". فَقَال الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَال: "مَنْ يَأْتِينَا ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 406. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 1/ 446.

بِخَبَرِ القَوْمِ" فَقَال الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَال: "إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا (¬1)، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ". [انظر: 2846، 2847 - مسلم: 631 - فتح: 7/ 405] (سفيان) أي: الثوري. (ابن المنكدر) هو محمَّد. ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: فضل الطليعة (¬2). 4114 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ". [مسلم: 2724 - فتح: 7/ 406] (أعزَّ) أي: الله. 4115 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا الفَزَارِيُّ، وَعَبْدَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الأَحْزَابِ فَقَال: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ". [انظر: 2818 - مَسلم: 1742 - فتح: 7/ 406] (محمَّد) أي: ابن سلام البيكندي. (الفزاري) هو مروان بن معاوية الكوفي. (وعبدة) أي: ابن سليمان. ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة (¬3). 4116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، وَنَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنَ الغَزْو أَو الحَجِّ أَو العُمْرَةِ يَبْدَأُ فَيُكَبِّرُ ثَلاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ ¬

_ (¬1) في الأصل حواري، هكذا بدون الألف. (¬2) سبق برقم (2846) كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل الطليعة. (¬3) سبق برقم (2933) كتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة.

30 - باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب، ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم

المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ". [انظر: 2818 - مسلم: 1742 - فتح: 7/ 406] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر. (قفل) أي: رجع. (آيبون) أي: نحن راجعون. ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: التكبير إذا علا شرفا، وفي باب: ما يقول إذا رجع من الغزو (¬1). 30 - بَابُ مَرْجِعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَحْزَابِ، وَمَخْرَجِهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَمُحَاصَرَتِهِ إِيَّاهُمْ (باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم) أي: بضعًا وعشرين ليلة. 4117 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الخَنْدَقِ، وَوَضَعَ السِّلاحَ وَاغْتَسَلَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَال: "قَدْ وَضَعْتَ السِّلاحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ، فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ قَال: فَإِلَى أَيْنَ؟ قَال: هَا هُنَا، وَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ. [انظر: 463 - مسلم: 1769 - فتح: 7/ 407] (ابن نمير) هو عبد الله. ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: من اغتسل بعد الحرب (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2995) كتاب: الجهاد والسير، باب: التكبير إذا علا شرفًا. وبرقم (3084) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما يقول إذا رجع من الغزو. (¬2) سبق برقم (2813) كتاب: الجهاد والسير، باب: الغسل بعد الحرب والغبار.

4118 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الغُبَارِ سَاطِعًا فِي زُقَاقِ بَنِي غَنْمٍ، مَوْكِبَ جِبْرِيلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ حِينَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ". [فتح: 7/ 407] (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (بني غنم) بضم المعجمة وفتحها وسكون النون: أبو حي من تغلب. (موكب جبريل) برفع (موكب) خبر مبتدإِ محذوف، وبنصبه بأعني، وبجره بدل من الغبار، ومعناه: أركاب الخيل والإبل للزينة، وزاد في نسخة: بعد (جبريل): "صلوات الله عليه". ومرَّ الحديث في كتاب: بدء الخلق، في باب: ذكر الملائكة (¬1). 4119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَحْزَابِ: "لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ" فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ العَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَال بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ. [انظر: 946 - مسلم: 1770 - فتح: 7/ 407] (لا يصلين أحد العصر) في مسلم غيره "الظهر" (¬2) وجمع بنيهما باحتمال أن بعضهم كان صلى الظهر وبعضهم لم يصلها فقال لمن لم يصلها: "لا يصلين أحد الظهر"، ولمن صلاها: "لا يصلين أحد العصر" وبأن الاختلاف من حفظ بعض الرواة. (حتى نأتيها) أي: بني ¬

_ (¬1) سبق برقم (3207) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. (¬2) "صحيح مسلم" (1770) كتاب: الجهاد، باب: المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين المتعارضين. و"صحيح بن حبان" 4/ 320 (1462) كتاب: الصلاة، باب: الوعيد على ترك الصلاة و "سنن البيهقي" 10/ 119 كتاب: آداب القاضي، باب: اجتهاد الحاكم فيما يسوغ فيه الاجتهاد.

قريظة. ومرَّ الحديث، في صلاة الخوف، في باب: صلاة الطالب والمطلوب (¬1). 4120 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، ح وحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخَلاتِ، حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، وَإِنَّ أَهْلِي أَمَرُونِي أَنْ آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْأَلَهُ الَّذِي كَانُوا أَعْطَوْهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ فِي عُنُقِي، تَقُولُ: كَلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إلا هُوَ لَا يُعْطِيكَهُمْ وَقَدْ أَعْطَانِيهَا، أَوْ كَمَا قَالتْ: وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَكِ كَذَا" وَتَقُولُ: كَلَّا وَاللَّهِ، حَتَّى أَعْطَاهَا - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَال - عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ، أَوْ كَمَا قَال. [انظر: 2630 - مسلم: 1771 - فتح: 7/ 410] (ابن أبي الأسود) هو عبد الله بن محمَّد بن أبي الأسود. (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (خليفة) أي: ابن خياط. ومرَّ الحديث في الخمس وغيره (¬2). 4121 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدٍ فَأَتَى عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ المَسْجِدِ قَال لِلْأَنْصَارِ: "قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ، أَوْ خَيْرِكُمْ". فَقَال: "هَؤُلاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ". فَقَال: تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَتَسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ، قَال: "قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ" وَرُبَّمَا قَال: "بِحُكْمِ المَلِكِ". [انظر: 3043 - مسلم: 1768 - فتح: 7/ 411] ¬

_ (¬1) سبق برقم (946) كتاب: صلاة الخوف، باب: صلاة الطالب والمطلوب، راكبا وإيماء. (¬2) سبق برقم (3128) كتاب: فرض الخمس، باب: كيف قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قريظة والنضير، وما أعطى من ذلك في نوائبه. وبرقم (2630) كتاب: الهبة، باب: فضل المنيحة.

(غندر) هو محمَّد بن جعفر. (عن سعد) أي: ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. (أبا أمامة) هو أسعد، أو سعد بن سهل بن حنيف الأنصاري. (أو خيركم) في نسخة: "أو أخيركم" والشك من الراوي. (وربما قال: بحكم الله الملك) بكسر اللام أي: الله تعالى، وبفتحها أي: جبريل - عليه السلام -، والشك من الراوي. ومرّ الحديث في باب: إذ نزل العدو على حكم رجل (¬1). 4122 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ بْنُ العَرِقَةِ وَهُوَ حِبَّانُ بْنُ قَيْسٍ، مِنْ بَنِي مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ رَمَاهُ فِي الأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي المَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاحَ وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الغُبَارِ، فَقَال: "قَدْ وَضَعْتَ السِّلاحَ، وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَيْنَ فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ " فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَرَدَّ الحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ، قَال: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ: أَنْ تُقْتَلَ المُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ قَال هِشَامٌ، فَأَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ سَعْدًا قَال: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي لَهُ، حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الحَرْبَ فَافْجُرْهَا وَاجْعَلْ مَوْتَتِي فِيهَا، فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ فَلَمْ يَرُعْهُمْ، وَفِي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، إلا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3043) كتاب: الجهاد والسير، باب: إذا نزل العدو على حكم رجل.

31 - باب غزوة ذات الرقاع

يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ مِنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [انظر: 463 - مسلم: 1769 - فتح: 7/ 411] (حبان بن العرقة) بفتح المهملة وكسر الراء وبالقاف: اسم أمه سميت به؛ لطيب ريحها، وقيل: اسمها قلابة بنت أسعد، فعليه تكون العرقة لقبًا لها، زاد في نسخة: "وهو حبان بن قيس من بني معيص بن عامر بن لؤي" (في الأكحل) هو عرق في وسط اليد يقصد. (من لبته) بفتح اللام وتشديد الموحدة: موضع القلادة من الصدر، وفي نسخة: "من ليلته". ومرَّ الحديث آنفا، وفي الجهاد. 4123 - حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ، أَنَّهُ سَمِعَ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ: "اهْجُهُمْ - أَوْ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ". [انظر: 3213 - مسلم: 2486 - فتح: 7/ 416] (الحجاج) أي: "ابن منهال" كما في نسخة. (عدي) أي: ابن ثابت. (أو هاجهم) شك من الراوي. 4124 - وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: "اهْجُ المُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ". [انظر: 3213 - مسلم: 2486 - فتح: 7/ 416] (عن الشيباني) هو سليمان. 31 - بَابُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَهِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ، فَنَزَلَ نَخْلًا، وَهِيَ بَعْدَ خَيْبَرَ، لِأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ. (باب: غزوة ذات الرقاع) سيأتي في المتن وجه تسميتها بذلك. (محارب خصفة) بالإضافة للتمييز؛ لأن محاربًا في العرب جماعة،

ومحارب هذا: هو ابن خصفة بن قيس بن غيلان بن إلياس بن مضر. (من بني ثعلبة) ذِكْرُه بكلمة (من) يقتضي أن ثعلبة جد لمحارب وليس كذلك، والصواب ما ذكره بعد كغيره: محارب خصفة (وبني ثعلبة) بواو العطف فإن غطفان: هو ابن سعد بن قيس بن غيلان، فمحارب وغطفان ابنا عم، فكيف يكون الأعلى منسوبًا إلى الأدنى، وقد عبر هو أيضًا بواو العطف بعد في حديث جابر، نبه على ذلك شيخنا (¬1). (فنزل) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (نخلا) هو موضع على يومين من المدينة بواد يقال له: شدخ (¬2). (قال أبو عبد الله) أي: البخاري، وهذا ساقط من نسخة. 4125 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وقَال لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ القَطَّانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الخَوْفِ فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ، غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ. [4126، 4127، 4130، 4137 - مسلم: 843 - فتح: 7/ 416] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخَوْفَ بِذِي قَرَدٍ. 4126 - وَقَال بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ: حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ يَوْمَ مُحَارِبٍ، وَثَعْلَبَةَ. [انظر: 4125 - مسلم: 843 - فتح: 7/ 417] 4127 - وَقَال ابْنُ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ، سَمِعْتُ جَابِرًا، خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ، فَلَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ، فَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ، وَأَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيِ الخَوْفِ. [انظر: 4125 - مسلم: 843 - فتح: 7/ 417] وَقَالَ يَزِيدُ: عَنْ سَلَمَةَ، غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ القَرَدِ. [4194 - مسلم: 1806] ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 420. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 3/ 328.

(في غزوة السابعة) أي: غزوة السفرة السابعة وقدره بعضهم بغزوة [السنة] (¬1) السابعة، وردَّ بأنّه ليس بصحيح؛ لاستلزامه أن غزوة ذات الرقاع بعد غزوة خيبر وليس كذلك. (غزوة ذات الرقاع) بالجر بدل مما قبله، أو عطف بيان له. (بذي قرد) موضع على نحو يوم من المدينة مما يلي غطفان (¬2). 4128 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ، بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا، وَنَقِبَتْ قَدَمَايَ، وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي، وَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الخِرَقَ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ مِنَ الخِرَقِ عَلَى أَرْجُلِنَا"، وَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا ثُمَّ كَرِهَ ذَاكَ، قَال: مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرَهُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ. [مسلم: 1816 - فتح: 7/ 417] 4129 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَمَّنْ شَهِدَ " رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى صَلاةَ الخَوْفِ: أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ وجَاهَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وجَاهَ العَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ. [مسلم: 842 - فتح: 7/ 421] (وجاه العدو) بضم الواو وكسرها، أي: محاذهم ومقابلهم أي: جعلوا وجوههم بلقاء وجوههم. ومرَّ الحديث في صلاة الخوف. 4130 - وَقَال مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلٍ، فَذَكَرَ صَلاةَ الخَوْفِ. [انظر: 4125 - مسلم: 843 - فتح: 7/ 421] ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 321 - 322.

قَال مَالِكٌ: "وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي صَلاةِ الخَوْفِ". تابَعَهُ اللَّيْثُ، عَنْ هِشامٍ، عَنْ زَيدِ بن أَسلَمَ، أَنَّ القاسِمَ بن مُحَمَّدٍ حَدَثَهُ: صَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَة بَنِي أَنمار. (معاذ) أي: ابن هشام، أو ابن فضالة. (تابعه) أي: معاذًا. (أنمار) بفتح الهمزة وسكون النون: قبيلة من بجيلة بفتح الموحدة. 4131 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَال: "يَقُومُ الإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ العَدُوِّ، وُجُوهُهُمْ إِلَى العَدُوِّ، فَيُصَلِّي بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ فِي مَكَانِهِمْ، ثُمَّ يَذْهَبُ هَؤُلاءِ إِلَى مَقَامِ أُولَئِكَ، فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً، فَلَهُ ثِنْتَانِ، ثُمَّ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ" حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِثْلَهُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَحْيَى، سَمِعَ القَاسِمَ، أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلٍ: حَدَّثَهُ: قَوْلَهُ. [مسلم: 841 - فتح: 7/ 422] (يحيى) أي: "ابن سعيد القطان" كما في نسخة. (عن يحيى) أي: "ابن سعيد الأنصاري" كما في نسخة: (يحيى) أي: ابن سعيد. (حدثه قوله) أي: قول سهل السابق. 4132 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا العَدُوَّ، فَصَافَفْنَا لَهُمْ". [انظر: 942 - مسلم: 839 - فتح: 7/ 422] (أبو اليمان) إلى آخره، مرَّ في صلاة الخوف (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (942) كتاب: صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف.

4133 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى مُوَاجِهَةُ العَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَقَامُوا فِي مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ أُولَئِكَ، فَجَاءَ أُولَئِكَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَامَ هَؤُلاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ، وَقَامَ هَؤُلاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ". [انظر: 942 - مسلم: 839 - فتح: 7/ 422] (يزيد) أي: ابن زريع. (معمر) أي: ابن راشد. (فقضوا) أي: أدوا. 4134 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سِنَانٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ جَابِرًا أَخْبَرَ: أَنَّهُ "غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ". [انظر: 2910 - مسلم: 843 - فتح: 7/ 426] 4135 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي العِضَاهِ، يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ سَمُرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ. قَال جَابِرٌ: فَنِمْنَا نَوْمَةً، ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَا فَجِئْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَال لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ " ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2910 - مسلم: 843 - فتح: 7/ 426] (الدؤلي) بضم الدال وبالهمز، وفي نسخة: "الديلي" بكسر الدال وبالتحتية. (العضاه) بكسر المهملة وتخفيف المعجمة: كل شجر عظيم [له شوك] (¬1) كالعوسج. (اخترط سيفي) أي: سلبه. (فها) للتنبيه. (هو) ¬

_ (¬1) من (س).

مبتدأ. (ذا) مبتدأ ثان. (جالس) خبره، والجملة خبر هو، وإنما لم يعاقبه رجاء لإسلامه. وقد ذكر الواقدي: أنه أسلم ورجع إلى قومه فاهتدى به خلق كثير واسمه: غورث بن الحارث كما ذكره بعد. ومرَّ الحديث في باب: تفرق الناس عن الإمام عند القائلة (¬1). 4136 - وَقَال أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَسَيْفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلَّقٌ بِالشَّجَرَةِ، فَاخْتَرَطَهُ، فَقَال: تَخَافُنِي؟ قَال: "لَا"، قَال: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَال: "اللَّهُ" فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعٌ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ وَقَال مُسَدَّدٌ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، اسْمُ الرَّجُلِ غَوْرَثُ بْنُ الحَارِثِ، وَقَاتَلَ فِيهَا مُحَارِبَ خَصَفَةَ. [انظر: 2910 - مسلم: 843 - فتح: 7/ 426] (وقال أبان) أي: ابن يزيد العطار. (ظليلة) أي: مظلة. (فصلى بطائفة ركعتين ثمَّ تأخروا) أي: ليتموا صلاتهم أربعًا. (وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين) أي: ثمَّ أتموا صلاتهم أربعًا. (وكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع وللقوم ركعتان) أي: مع الإمام وإلا فلهم أيضًا أربع. فسقط بما قررته ما قيل: كيف صلَّى بكل طائفة ركعتين وصلَّى هو أربعًا مع أن الإمام إذا أتم لزم المأموم الإتمام؟ (عن أبي عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن أبي بشر) ¬

_ (¬1) سبق برقم (2913) كتاب: الجهاد والسير، باب: تفرق الناس من الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر.

32 - باب غزوة بني المصطلق، من خزاعة، وهي غزوة المريسيع

هو جعفر بن أبي وحشية. (اسم الرجل: غورث) بفتح المعجمة وسكون الواو وفتح الراء بمثلثة. 4137 - وَقَال أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلٍ، فَصَلَّى الخَوْفَ. [انظر: 4125 - مسلم: 843 - فتح: 7/ 426] وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ نَجْدٍ صَلاةَ الخَوْفِ" وَإِنَّمَا جَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ خَيْبَرَ. [انظر: 4125 - مسلم: 843 - فتح: 7/ 426] (فصلى الخوف) أي: صلاته. 32 - بَابُ غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، مِنْ خُزَاعَةَ، وَهِيَ غَزْوَةُ المُرَيْسِيعِ قَال ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ وَقَال مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقَال النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَانَ حَدِيثُ الإِفْكِ فِي غَزْوَةِ المُرَيْسِيعِ. (باب: غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع) هي بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتيتن وبسين وعين مهملتلين من ناحية قديد والمصطلق: لقب خزيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة: بطن من خزاعة. 4138 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، أَنَّهُ قَال: دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ العَزْلِ، قَال أَبُو سَعِيدٍ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ العَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا العُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا العَزْلَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ، وَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال: "مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ إلا وَهِيَ كَائِنَةٌ". [انظر: 2229 - مسلم: 1438 - فتح: 7/ 428]

33 - باب غزوة أنمار

(عن ابن محيريز) هو عبد الله، ومرَّ الحديث في البيوع، في باب: بيع الرقيق (¬1). 4139 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ نَجْدٍ، فَلَمَّا أَدْرَكَتْهُ القَائِلَةُ، وَهُوَ فِي وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ، فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَاسْتَظَلَّ بِهَا وَعَلَّقَ سَيْفَهُ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الشَّجَرِ يَسْتَظِلُّونَ، وَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْنَا، فَإِذَا أَعْرَابِيٌّ قَاعِدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَال: "إِنَّ هَذَا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاخْتَرَطَ سَيْفِي، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، مُخْتَرِطٌ صَلْتًا، قَال: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَشَامَهُ ثُمَّ قَعَدَ، فَهُوَ هَذَا " قَال: وَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2910 - مسلم: 843 - فتح: 7/ 429] (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. ومرَّ الحديث آنفا قبل ذكره هنا في غزوة بني المصطلق مع أن قصته كانت في غزوة ذات الرقاع؛ لأنهما متقاربتان فكانهما غزوة واحدة. 33 - بَابُ غَزْوَةِ أَنْمَارٍ (باب: غزوة أنمار) بفتح الهمزة وسكون النون: قبيلة وقد يقال: غزوة بني أنمار. 4140 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ أَنْمَارٍ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ مُتَوَجِّهًا قِبَلَ المَشْرِقِ مُتَطَوِّعًا". (ابن أبي ذئب) نسبة إلى جد له وإلا فهو محمَّد بن عبد الرحمن بن ¬

_ (¬1) سبق برقم (2226) كتاب: البيوع، باب: بيع الرقيق.

34 - باب حديث الإفك

المغيرة بن أبي ذئب. ومرّ الحديث في الصلاة، في باب: صلاة التطوع على الدواب (¬1)، وفي باب: ينزل للمكتوبة (¬2). 34 - بَابُ حَدِيثِ الإِفْكِ والأَفَكِ بِمَنْزِلَةِ النِّجْسِ والنَّجَسِ. يُقالُ: {إِفْكِهِمْ} [الأحقاف: 28]. (باب) ساقط من نسخة. (حديث الإفك) أي: الكذب. (الإفك والأفك بمنزلة النِّجس والنَّجَس) في أن فتح الهمزة وكسرها لغتان. (يقال: إفكهم) بكسر الهمزة وسكون الفاء. (وأفكهم) بفتح الهمزة وسكون الفاء. (وأفكهم) بفتحهما. (كما يقال: {يُؤْفَكُ عَنْهُ}) [الذاريات: 9] أي: عن القرآن. 4141 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَال لَهَا: أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالُوا: قَالتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1094) كتاب: أبواب تقصير الصلاة، باب: صلاة التطوع على الدواب، وحيثما توجهت به. (¬2) سبق برقم (1097) كتاب: أبواب تقصير الصلاة، باب: ينزل للمكتوبة.

بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ [و] دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قَالتْ: وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ فَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَوَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ، وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ، قَالتْ: فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، قَال عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ، وَقَال عُرْوَةُ أَيْضًا: لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إلا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، فِي نَاسٍ آخَرِينَ لَا عِلْمَ لِي بِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ، كَمَا قَال اللَّهُ تَعَالى، وَإِنَّ كِبْرَ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، قَال عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وَتَقُولُ: إِنَّهُ الَّذِي قَال:

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وقَاءُ قَالتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: "كَيْفَ تِيكُمْ"، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَلِكَ يَرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا، وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إلا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، قَالتْ: وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ فِي البَرِّيَّةِ قِبَلَ الغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قَالتْ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ، خَالةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ المُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقَالتْ: أَيْ هَنْتَاهْ وَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَال؟ قَالتْ: وَقُلْتُ: مَا قَال؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، قَالتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "كَيْفَ تِيكُمْ"، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قَالتْ: وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهُ، مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالتْ: يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إلا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قَالتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، قَالتْ: وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي

يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ، فَقَال أُسَامَةُ: أَهْلَكَ، وَلَا نَعْلَمُ إلا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقَال: "أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟ ". قَالتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قَالتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَال: "يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلا خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إلا مَعِي". قَالتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَقَال: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، قَالتْ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ، فَقَال لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقَال لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، قَالتْ: فَثَارَ الحَيَّانِ الأَوْسُ، وَالخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، قَالتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالتْ:

وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ، قَالتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ، إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ"، قَالتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِّي فِيمَا قَال: فَقَال أَبِي: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَال: قَالتْ أُمِّي: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ: لَا أَقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرًا: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ: لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ، لَا تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَاللَّهِ لَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إلا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالتْ: فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَال: "يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ". قَالتْ: فَقَالتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّي لَا أَحْمَدُ إلا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالتْ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قَال لِعَائِشَةَ مَا قَال، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:

{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ} - إِلَى قَوْلِهِ - {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]، قَال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَال: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، قَالتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَال لِزَيْنَبَ: "مَاذَا عَلِمْتِ، أَوْ رَأَيْتِ". فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إلا خَيْرًا، قَالتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالوَرَعِ، قَالتْ: وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ، فِيمَنْ هَلَكَ قَال ابْنُ شِهَابٍ: "فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هَؤُلاءِ الرَّهْطِ" ثُمَّ قَال عُرْوَةُ، قَالتْ عَائِشَةُ: "وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قَالتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح: 7/ 431] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (طائفة) أي: قطعة. (أوعى) أي: أحفظ عنهم. (الحديث) أي: بعضه. (فأيهن) في نسخة: "فأيتهن" (في هودجي) في نسخة: "في هودج". (آذن) بالمد، أي: أعلم. (حين آذنوا بالرحيل) أي: حين أعلم السامعون منه غيرهم بالرحيل، وإلا فالقياس أن يقال: حين أوذنوا بالرحيل بالبناء للمفعول، أي: حين أعلموا به. (من جزع ظفار) بفتح الجيم وسكون الزاي وفتح الظاء المعجمة، وفي نسخة: "من جزع أظفار" بهمزة مفتوحة وصوَّب الخطابي حذفها، والجزع: الخرز اليماني الواحدة جزعة، و (ظفار) اسم مدينة بحمير باليمن قاله ابن الأثير (¬1). (يرحلون) بضم التحتية وفتح الراء وكسر الحاء المشددة، وفي ¬

_ (¬1) انظر: "النهاية في غريب الحديث" 3/ 185، ظفار: مدينة باليمن في موضعين إحداهما قرب صنعاء، وهي التي ينسب إليها الجزع الظفاري وبها كان مسكن ملوك حمير. انظر: "معجم البلدان" 4/ 60.

نسخة: "يرحلون بي" بفتح التحتية والحاء وسكون الراء وزيادة موحدة. (لم يهبلن) بفتح التحتية وضم الموحدة أي: لم يكثر لحمهن من: هبله اللحم إذا أكثر عليه وركب بعضه بعضا. (ولم يغشهن اللحم) العطف للتفسير. (العلقة) أي: القليل. (فبعثوا الجمل) أي: أثاروه. (بعد ما استمر الجيش) أي: في سيره (فتيممت) أي: قصدت. (باسترجاعه) أي: بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون. (فخمرت وجهي) أي: غطيته. (فهوى) أي: توجه إليَّ. (موغرين) بضم الميم أي: داخلين في الوغرة: وهي شدة الحر. (في نحر الظهيرة) أي: حين بلغت الشمس منتهاها من الارتفاع كأنها وصلت إلى النحر وهو أعلى الصدر. (فهلك من هلك) في نسخة: "فهلك في" أي: في شأني من هلك. (ويستوشيه) أي: يستخرجه بالبحث والسؤال. (يقال عبد الله) في نسخة: "يقال له عبد الله" (فإن أبي) أي: ثابتًا (ووالده) أي: منذرًا. (وعِرضي العِرضِ) بكسر العين: موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه، أو فيمن نسب إليه. (فاشتكيت) أي: مرضت (وهو يريبني) بفتح التحتية وضمها أي: يوهنني. (نقهت) بفتح القاف وكسرها، أي: أفقت. (قبل المناصع) هي مواضع خارج المدينة كانوا يتبرزون فيها. (نتأذى بالكنف أن نتخذها) أي: باتخاذها: وهي ما ستر من بناء، أو حظيرة. (عند بيوتنا) لأجل رائحتها الكريهة. (في مرطها) بكسر الميم، أي: كسائها. (تعس) بكسر العين وفتحها (أي هنتاه) بفتح الهاء الأولى وسكون الثانية، وفي نسخة: بضم الثانية أي: يا هذه. (وضيئة) أي: حسنة جميلة. (إلا أكثرن عليها) أي: في عيبها ونقصها. (لا يرقأ) بالقاف والهمز أي: لا ينقطع. (أهلك) بالرفع أي: هي أهلك

وبالنصب، أي: أمسك أهلك. (لم يضيق الله عليك) لم يرد به علي عداوة ولا نقصًا، بل رفع انزعاج النبي بهذا الأمر وإراحة خاطره. (أغمصه) بفتح الهمزة وكسر الميم، أي: أعيبه. (من يعذرني) أي: من يقوم بعذري. (وكان قبل ذلك رجلًا صالحا) أي: كاملًا في الصلاح. (إنك منافق) لم يرد نفاق الكفر، بل إظهاره الود للأوس. (قلص) أي: انقطع. (من البرحاء) بضم الموحدة وفتح الراء والمد أي: ثقل الوحى. (مثل الجمان) بضم الجيم وتخفيف الميم أي: اللؤلؤ. (تساميني) أي: تضاهيني وتفاخرني بجمالها عند النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ما كشفت من كنف أنثى) أي: من سترها، وهو كناية عن عدم الجماع، وقد روي أنه كان حصورًا وأن ما معه مثل الهدبة (¬1). 4142 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: أَمْلَى عَلَيَّ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ حِفْظِهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: قَال لِي الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ: أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ؟ قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلانِ مِنْ قَوْمِكَ، أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ لَهُمَا: "كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا فَرَاجَعُوهُ، فَلَمْ يَرْجِعْ وَقَال: مُسَلِّمًا، بِلا شَكٍّ فِيهِ وَعَلَيْهِ، كَانَ فِي أَصْلِ العَتِيقِ كَذَلِكَ. [فتح: 7/ 435] (مسلمًا) بكسر اللام المشددة، وفي نسخة: "مسلمًا" بفتحها، وفي أخرى: "مسيئا"، فالأولى: من التسليم، يعني: تسليم الأمر بمعنى: السكوت، والثانية: من السلامة من الخوض فيه، والثالثة: من الإساءة. بمعنى ترك التحزن لها فهو مثل قوله: والنساء سواها كثير. إذ هو منزه عن أن يقول بمقالة أهل الإفك. (فراجعوه) قال شيخنا: أي: ¬

_ (¬1) روى ذلك الطبري 23/ 123 (162). وذكره الهيثمي في "مجمعه" 9/ 236 كتاب: المناقب باب: حديث الإفك. وقال: رواه الطبري، وفيه: إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، وهو متروك.

هشام لا الزهري كما زعمه الكرماني (¬1). (فلم يرجع) أي: عن ما حدث به. (وقال) أي: في رواية (مسلِما) بكسر اللام. (بلا شك فيه) أي: في أنه بالفتح، أو بلفظ مسيئا. (وكان في أصل العتيق كذلك) أي: مرويًّا بلفظ: (مسلما) لكن هذا ساقط من نسخة. ومرَّ الحديث في كتاب الشهادات (¬2). 4143 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ، قَال: حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ، وَهِيَ أُمُّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالتْ بَيْنَا أَنَا قَاعِدَةٌ أَنَا وَعَائِشَةُ، إِذْ وَلَجَتْ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالتْ: فَعَلَ اللَّهُ بِفُلانٍ وَفَعَلَ، فَقَالتْ أُمُّ رُومَانَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالتْ: ابْنِي فِيمَنْ حَدَّثَ الحَدِيثَ، قَالتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالتْ: كَذَا وَكَذَا، قَالتْ عَائِشَةُ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالتْ: نَعَمْ، قَالتْ: وَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالتْ: نَعَمْ: فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إلا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا فَغَطَّيْتُهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَتْهَا الحُمَّى بِنَافِضٍ، قَال: "فَلَعَلَّ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ"، قَالتْ: نَعَمْ، فَقَعَدَتْ عَائِشَةُ فَقَالتْ: وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لَا تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنْ قُلْتُ لَا تَعْذِرُونِي، مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ: {وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] قَالتْ: وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهَا، قَالتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِ أَحَدٍ وَلَا بِحَمْدِكَ. [انظر: 3388 - فتح: 7/ 435] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله. (عن حصين) بالتصغير أي: ابن عبد الرحمن الواسطي. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (مسروق) أي: ابن الأجدع. ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 437، و"البخاري بشرح الكرماني" 16/ 61. (¬2) سبق برقم (2661) كتاب: الشهادات، باب: تعديل النساء بعضهن بعضا.

(بنافض) أي: برعدة. (قالت) أي: أم رومان. (وانصرف ولم يقل لي شيئًا فأنزل الله عذرها) أي: عذر عائشة، وقوله: (فأنزل الله عذرها) مقول (قالت)، وجملة: (وانصرف ولم يقل لي شيئًا) معترضة بينهما؛ لتوافق ما مرَّ من قول عائشة: ما رام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه إلى آخره. 4144 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "كَانَتْ تَقْرَأُ: إِذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ، وَتَقُولُ: الوَلْقُ الكَذِبُ " قَال ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: "وَكَانَتْ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا". [4752 - فتح: 7/ 436] (يحيى) أي: ابن جعفر البيكندي. (وكيع) أي: ابن الجراح. (كانت تقرأ: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} بكسر اللام وضم القاف المخففة، وأصله: تولقونه حذفت الواو؛ لوقوعها بين تاء وكسرة كما في يلد. (ويقول: الولق) بفتح الواو وسكون اللام معناه: (الكذب)، وقيل: الإسراع فيه، وقيل: الاستمرار فيه، وأما قراءة غيرها بفتح اللام وتشديد القاف فمن التلقي. 4145 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالتْ: لَا تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالتْ عَائِشَةُ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ المُشْرِكِينَ، قَال "كَيْفَ بِنَسَبِي؟ " قَال: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِينِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ فَرْقَدٍ، سَمِعْتُ هِشَامًا، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَبَبْتُ حَسَّانَ وَكَانَ مِمَّنْ كَثَّرَ عَلَيْهَا. [انظر: 3531 - مسلم: 2487، 2489 - فتح: 7/ 436] (عبدة) أي: ابن عبد الرحمن الكلابي. (ينافح) بمهملة أي: يخاصم. (محمد) أي: ابن عقبة. (سببت)

بموحدتين. (ممن كثَّر عليها) بتشديد المثلثة، أي: الحديث في قصة الإفك. 4146 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا، يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ: وَقَال: حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ فَقَالتْ لَهُ عَائِشَةُ: لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ، قَال مَسْرُوقٌ: فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ؟ وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11] فَقَالتْ: "وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى؟ قَالتْ لَهُ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ، أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [4755، 4756 - مسلم: 2488 - فتح: 7/ 436] (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح. (يشبب) أي: ينسب، يقال شبب بفلانة، أي: نسب بها أي: تغزل بها. (حصان) أي: عفيفة. (رزان) أي: صاحبة وقار وعقل ثابت. (ما تزن) أي: ما تتهم. (بريبة) أي: تهمة. (وتصبح غرثى) أي: جيعانة خالية البطن. (من لحوم الغوافل) يعني: أنها لا تغتاب أحدًا من الغوافل، أو غيرهم يقال: رجل غفل، أي: لم يجرب الأمور، وإنما قيد بالغوافل إشارة إلى مقابلة مرتكبي الإفك؛ لأنهم اغتابوا الغافلة عن التجربة وارتكاب ما يشينها (تأذني له) بحذف نون الرفع مع التجرد من ناصب وجازم تخفيفًا، وهو وارد في الكلام الفصيح كما قال ابن مالك (¬1). ¬

_ (¬1) ووردت منه شواهد كثيرة، وبخاصة من الحديث الشريف، وللنحاة فيها كلام، مَرَّ ذكره.

35 - باب غزوة الحديبية

35 - بَابُ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]. (باب غزوة) وفي نسخة: "باب عمرة". (الحديبية) بتخفيف التحتية الثانية وتشديدها: وهي بئر قرب مكة. (وقول الله) بالجر عطف عليها (غزوة). 4147 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَال: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَال: "أَتَدْرُونَ مَاذَا قَال رَبُّكُمْ؟ ". قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَال: "قَال اللَّهُ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي، فَأَمَّا مَنْ قَال: مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَبِرِزْقِ اللَّهِ وَبِفَضْلِ اللَّهِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي، كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَال: مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ كَافِرٌ بِي". [انظر: 846 - مسلم: 71 - فتح: 7/ 439] (عن عبيد الله بن عبد الله) أي: ابن عتبة بن مسعود. (خرجنا مع النبي) أي: من المدينة قاصدين العمرة. ومرَّ شرح الحديث في الصلاة، في باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلم (¬1). 4148 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُ قَال: "اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلَّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَةِ، إلا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. [انظر: 1778 - مسلم: 1253 - فتح: 7/ 439] ¬

_ (¬1) سبق برقم (846) كتاب: الأذان، باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلم.

(همام) إلى آخره، مرّ شرحه في كتاب: الحج في باب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 4149 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ قَال: انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ أُحْرِمْ. [انظر: 1821 - مسلم: 1196 - فتح: 7/ 439] (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (انطلقنا) إلى آخره، مرَّ شرحه في الحج (¬2). 4150 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَالحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، فَنَزَحْنَاهَا فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهَا، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا ثُمَّ "دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا، فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا". [انظر: 3577 - فتح: 7/ 441] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (على شفيرها) أي: حرفها. (أصدرتنا) أي: أرجعتنا. (وركابنا) بالنصب على أنه مفعول معه. 4151 - حَدَّثَنِي فَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ أَبُو عَلِيٍّ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: أَنْبَأَنَا البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَنَزَلُوا عَلَى بِئْرٍ فَنَزَحُوهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى البِئْرَ وَقَعَدَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ قَال: "ائْتُونِي بِدَلْوٍ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1779) كتاب: العمرة، باب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (1821) كتاب: جزاء الصيد، باب: وإذا صاد حلال فأهدى للمحرم الصيد أكله.

مِنْ مَائِهَا"، فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ فَدَعَا، ثُمَّ قَال: "دَعُوهَا سَاعَةً". فَأَرْوَوْا أَنْفُسَهُمْ وَرِكَابَهُمْ حَتَّى ارْتَحَلُوا. [انظر: 3557 - فتح: 7/ 441] (زهير) أي: ابن معاوية. (فبصق) بصاد مهملة، وفي نسخة: "فبسق" بسين. 4152 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لَكُمْ؟ " قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا نَشْرَبُ، إلا مَا فِي رَكْوَتِكَ، قَال: "فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ العُيُونِ". قَال: فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا فَقُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَال: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. [انظر: 3576 - مسلم: 1856 - فتح: 7/ 441] (ابن فضيل) هو محمَّد. (حصين) أي: ابن عبد الرحمن. (عن سالم) أي: ابن أبي الجعد. (يفور) في نسخة: "يثور". 4153 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ: بَلَغَنِي أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ: "كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً"، فَقَال لِي سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ: "كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً، الَّذِينَ بَايَعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ". [انظر: 3576 - مسلم: 1856 - فتح: 7/ 443] تَابَعَهُ أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ قَتَادَةَ. تابَعَهُ محمد بن بَشَّار حَدَّثَنا أَبُو داوُدَ حَدَّثَنا شُعْبَةُ. (عن سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (تابعه) أي: الصلت بن محمَّد. (أبو داود) أي: الطيالسي. (قرة) أي: ابن خالد. (تابعه محمَّد بن بشار حدثنا أبو داود حدثنا شعبة) ساقط من نسخة.

4154 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: عَمْرٌو، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ: "أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ" وَكُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ، وَلَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ اليَوْمَ لَأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَةِ تَابَعَهُ الأَعْمَشُ، سَمِعَ سَالِمًا، سَمِعَ جَابِرًا أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ. [انظر: 3576 - مسلم 1856 - فتح: 7/ 443] (علي) أي: ابن عبد الله المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (تابعه) أي: سفيان. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. 4155 - وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلاثَ مِائَةٍ، وَكَانَتْ أَسْلَمُ، ثُمْنَ المُهَاجِرِينَ " تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. [مسلم: 1857 - فتح: 7/ 443] (كان أصحاب الشجرة ألف وثلاثمائة) لا ينافي ما قبله؛ لأنَّ كُلًّا من الراويين أخبر بما رأى، والعدد لا ينفى الزائد عليه. (تابعه) أي: عبيد الله بن معاذ. 4156 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مِرْدَاسًا الأَسْلَمِيَّ، يَقُولُ: وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ: "يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ، الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَتَبْقَى حُفَالةٌ كَحُفَالةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ شَيْئًا". [6434 - فتح: 7/ 444] (أبو داود) هو سليمان الطيالسي. (عيسى) أي: ابن يونس. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (مرداسا) أي: ابن مالك. (الأول فالأول) بالرفع على البدلية، ومعناه: الأصلح فالأصلح قاله الكرماني (¬1). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 16/ 68.

(ويبقى حفالة كحفالة التمر والشعير) أي: رداءة من الناس كردءاة التمر والشعير. (لا يعبأ الله بهم شيئًا) أي: ليست لهم عنده تعالى منزلة. 4157، 4158 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ، وَالمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالا: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الهَدْيَ، وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ مِنْهَا" لَا أُحْصِي كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ سُفْيَانَ، حَتَّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَا أَحْفَظُ مِنَ الزُّهْرِيِّ الإِشْعَارَ وَالتَّقْلِيدَ، فَلَا أَدْرِي، يَعْنِي مَوْضِعَ الإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ، أَو الحَدِيثَ كُلَّهُ. [انظر: 169، 694 - فتح: 7/ 444] (سفيان) أي: ابن عيينة. 4159 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ خَلَفٍ، قَال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَال: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ " قَال: نَعَمْ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ، وَهُوَ بِالحُدَيْبِيَةِ، لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ". [انظر: 1814 - مسلم: 1201 - فتح: 7/ 444] (عن أبي بشر ورقاء) بالمد أي: ابن عمر بن كليب اليشكري. (ابن أبي نجيح) هو عبد الله بن يسار. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. (أيؤذيك هوام رأسك؟) الهوام: جمع هامة وهي الرأس، والمراد هنا: القمل. ومرَّ شرح الحديث في باب: النسك شاة (¬1). 4160، 4161 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى السُّوقِ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1817) كتاب: المحصر، باب: النسك شاة.

امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، فَقَالتْ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، هَلَكَ زَوْجِي وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، وَاللَّهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا، وَلَا لَهُمْ زَرْعٌ وَلَا ضَرْعٌ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ، وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ الغِفَارِيِّ، "وَقَدْ شَهِدَ أَبِي الحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الدَّارِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلَأَهُمَا طَعَامًا، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ، ثُمَّ قَال: اقْتَادِيهِ، فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بِخَيْرٍ، فَقَال رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَكْثَرْتَ لَهَا؟ قَال عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا، قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ. [فتح: 7/ 445] (ما ينضجون كراعا) بضم التحتية أي: يطبخونه، والمعنى: لا كراع لهم حتى ينضجوه، والكراع بالضم في الغنم والبقر بمنزلة الوظيف في الفرس، والبعير وهو مستدق الساق قاله الجوهري (¬1). (ولا ضرع) كناية عن النعم، أي: ليس لهم ما يحلبونه. (أن يأكلهم الضبع) بفتح المعجمة وضم الموحدة أي: يهلكهم العام المجدب الشديد. (بنت خفاف) بضم المعجمة وتخفيف الفاء الأولى. (ظهير) أي: قوي. (اقتاديه) أي: قوديه (ثكلتك أمك) أي: فقدتك. (نستفيء) أي: نطلب الفيء. (سهمانهما) أي: من سهمانهما التي كانت. (فيه) أي: في الحصن. 4162 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ أَبُو عَمْرٍو الفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "لَقَدْ رَأَيْتُ الشَّجَرَةَ، ثُمَّ أَتَيْتُهَا بَعْدُ فَلَمْ أَعْرِفْهَا". قَال مَحمُودٌ: ثُمَّ أُنسِيتُها بَعدُ. [4163، 4164، 4165 - مسلم: 1859 - فتح: 7/ 447] ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [كرع] 3/ 1275.

(قال محمود) أي: ابن غيلان، وفي نسخة: "قال أبو عبد الله: قال محمود" معنى (فلم أعرفها): (ثمّ أنسيتها بعد)، وقوله: (قال أبو عبد الله) إلا آخره ساقط من نسخة. 4163 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: انْطَلَقْتُ حَاجًّا، فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ، قُلْتُ: مَا هَذَا المَسْجِدُ؟ قَالُوا: هَذِهِ الشَّجَرَةُ، حَيْثُ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال سَعِيدٌ، حَدَّثَنِي أَبِي " أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَال: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ العَامِ المُقْبِلِ نَسِينَاهَا، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا"، فَقَال سَعِيدٌ: "إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ". [انظر: 4162 - مسلم: 1859 - فتح: 7/ 447] (عبيد الله) أي: ابن موسى العبسي، وهو أيضًا شيخ البخاريّ. (عن إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (ما هذا المسجد؟) يعني: ما سبب بنائه هنا؟. (قالوا: هذه الشجرة) إلى آخره، هذا ليس جوابًا لقوله: (ما هذا المسجد؟) المفسر بما قلته؛ لعدم صحة حمله عليه، وإنّما جوابه ما تضمنته قصة ذلك من أنه - صلى الله عليه وسلم - لما بايع القوم تحت الشجرة بنوا تحتها مسجدًا يصلون فيه. (فنسيناها فلم نقدر عليها) الضمير فيهما للشجرة. (فقال سعيد) إلى آخره قاله تهكمًا، قال شيخنا: وإنكار سعيد بن المسيَّب على من زعم أنه عرفها معتمدًا على قول أبيه إنهم لم يعرفوها في العام المقبل لا يدلُّ على رفع معرفتها أصلًا فقد وقع عند المصنِّف في حديث جابر السابق قريبًا قوله: (لو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة) فهذا يدلُّ على أنه كان يضبط مكانها بعينه (¬1). ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 448.

4164 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا طَارِقٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، "أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَرَجَعْنَا إِلَيْهَا العَامَ المُقْبِلَ فَعَمِيَتْ عَلَيْنَا". [انظر: 4162 - مسلم 1859 - فتح: 7/ 447] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله. (طارق) أي: ابن عبد الرّحمن. (فعميت علينا) أي: اشبهت علينا وسبب خفائها أن لا يفتتن النَّاس بها؛ لما وقع تحتها من الخير ونزول الرضوان فلو بقيت ظاهرة لخيف تعظيم الجهال إياها وعبادتهم لها. 4165 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ طَارِقٍ، قَال: ذُكِرَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ الشَّجَرَةُ فَضَحِكَ، فَقَال: أَخْبَرَنِي أَبِي: "وَكَانَ شَهِدَهَا". [انظر: 4162 - مسلم: 1859 - فتح: 7/ 447] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثّوريّ. (فضحك) أي: تعجبًا من سؤالهم عن معرفة الشجرة مع أنها لم تكن معروفة في الإسلام عنده (فقال: أخبرني أبي وكان شهدها) قال شيخنا: زاد الإسمعيلي أنهم أتوها من العام المقبل فأُنسوها (¬1). فقوله: (إنهم ...) إلى آخره مفعول أخبرني. 4166 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَةٍ قَال: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ". فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَال: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى". [انظر: 1497 - مسلم: 1078 - فتح: 7/ 448] ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 447 - 448.

(اللَّهُمَّ صل عليهم) أي: ارحمهم واغفر لهم. ومرَّ شرح الحديث في الزَّكاة (¬1). 4167 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الحَرَّةِ، وَالنَّاسُ يُبَايِعُونَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، فَقَال ابْنُ زَيْدٍ: عَلَى مَا يُبَايِعُ ابْنُ حَنْظَلَةَ النَّاسَ؟ قِيلَ لَهُ: عَلَى المَوْتِ، قَال: "لَا أُبَايِعُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ شَهِدَ مَعَهُ الحُدَيْبِيَةَ". [انظر: 2959 - مسلم: 1861 - فتح: 7/ 448] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عن أخيه) هو عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (لما كان يوم الحرة) إلى آخره. مرَّ شرحه في الجهاد، في باب: البيعة في الحرب (¬2). 4168 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى المُحَارِبِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، قَال: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ، وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ فِيهِ". [مسلم: 860 - فتح: 7/ 449] (كنا نصلّي مع النَّبيّ) إلى آخره. مرَّ شرحه في كتاب الجمعة. 4169 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَال: قُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ: "عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ؟ قَال: عَلَى المَوْتِ. [انظر: 2960 - مسلم: 1860 - فتح: 7/ 449] (حاتم) أي: ابن إسماعيل الكُوفيُّ. 4170 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ العَلاَءِ بْنِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1497) كتاب: الزَّكاة، باب: صلاة الإمام ودعائه. (¬2) سبق برقم (2959) كتاب: الجهاد، باب: البيعة في الحرب.

المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: لَقِيتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقُلْتُ: "طُوبَى لَكَ، صَحِبْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعْتَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَقَال: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثْنَا بَعْدَهُ. [فتح: 7/ 449] (طوبى لك) مثل: هنيئا لك أي: طبت العيش. (فقال يا ابن أخي) في نسخة: "يا ابن أخ" أي: في الإسلام. (إنك لا تدري ما أحَدَّثَنَا بعده) قاله تواضعًا، أو نظرا إلا ما وقع من الفتن بينهم - رضي الله عنهم -. 4171 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَال: حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ "بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ". [انظر: 1363 - مسلم: 110 - فتح: 7/ 449] (إسحاق) أي: ابن منصور، وهو شيخ البخاريّ أيضًا. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن أبي قلابة) هو عبد الله. 4172 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]. قَال: الحُدَيْبِيَةُ قَال أَصْحَابُهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا، فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [الفتح: 5] قَال شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الكُوفَةَ، فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ عَنْ قَتَادَةَ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَال أَمَّا: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} [الفتح: 1]. فَعَنْ أَنَسٍ وَأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا، فَعَنْ عِكْرِمَةَ. [4843 - فتح: 7/ 450] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (قال: الحديبية) أي: قال أنس: الفتح في قوله تعالى: ({إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}) هو الحديبية أي: فيها. (قال أصحابه) أي: أصحاب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (هنيئا) أي: له؛ أي: لا إثم في الفتح. (مريئا) أي: لا داء فيه. (فما لنا) أي: أي شيء لنا، وما حكمنا فيه؟. 4173 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَجْزَأَةَ

بْنِ زَاهِرٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ، قَال: إِنِّي لَأُوقِدُ تَحْتَ القِدْرِ بِلُحُومِ الحُمُرِ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ". [الفتح: 7/ 451] (أبو عامر) هو عبد الملك العقدي. (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن مجزأة) بفتح الميم وسكون الجيم وبهمزة مفتوحة. 4174 - وَعَنْ مَجْزَأَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ اسْمُهُ أُهْبَانُ بْنُ أَوْسٍ: "وَكَانَ اشْتَكَى رُكْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا سَجَدَ جَعَلَ تَحْتَ رُكْبَتِهِ وسَادَةً". [فتح: 7/ 451] (عن رجل منهم) أي: منْ أسلم، أو منْ الصّحابة. 4175 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ أُتُوا بِسَويقٍ فَلاكُوهُ" تَابَعَهُ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ. [انظر: 209 فتح: 7/ 451] (ابْن أبي عدي) هو محمّد. (تابعه) أي: ابن أبي عدي. (معاذ) أي: ابن معاذ. ومرَّ شرح الحديث في الطّهارة (¬1). 4176 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا شَاذَانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَال: سَأَلْتُ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، هَلْ يُنْقَضُ الوتْرُ؟ قَال: "إِذَا أَوْتَرْتَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلَا تُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ". [فتح: 7/ 451] (شاذان) هو الأسود بن عامر الشامي. (عن أبي جمرة) هو نصر بن عمران الضُّبَعيُّ. 4177 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا، ¬

_ (¬1) سبق برقم (209) كتاب: الوضوء، باب: من مضمض من السويق.

فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ، قَال عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ المُسْلِمِينَ، وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي، قَال: فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، وَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: "لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ، لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ" ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]. [4833، 5012 - فتح: 7/ 452] (وقال عمر بن الخطاب) أي: مخاطبًا لنفسه. (ثكلتك أمك) أي: فقدك. (يا عمر) ساقط من نسخة. (نزرت رسول الله) بتخفيف الزاي وقد تشدد للمبالغة؛ أي: ألححت عليه. (فما نشبت) بكسر المعجمة (ثمّ قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}) الفتح: الظفر بالبلدة عَنْوَةَ، أو صلحًا بحرب، أو بغيره، ثمّ قيل: هو فتح مكّة وقد نزلت في مرجعه - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية، كما مرَّ عِدة له بالفتح، وجئ به ماضيًا؛ لأنه في تحققه كالواقع. وقيل: هو صلح الحديبية، وقيل: هو القضاء له على أهل مكّة أن يدخلها هو وأصحابه من العام القابل؛ ليطوفوا بالبيت، وعليه فالفتح مأخوذ من الفتاحة بالضم: وهي الحُكومة. 4178، 4179 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، حِينَ حَدَّثَ هَذَا الحَدِيثَ، حَفِظْتُ بَعْضَهُ، وَثَبَّتَنِي مَعْمَرٌ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَالا: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ الهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ، وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ أَتَاهُ عَيْنُهُ، قَال: إِنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا، وَقَدْ جَمَعُوا لَكَ

الأَحَابِيشَ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ، وَصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، وَمَانِعُوكَ، فَقَال: "أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيَّ، أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالِهِمْ وَذَرَارِيِّ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ البَيْتِ، فَإِنْ يَأْتُونَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنَ المُشْرِكِينَ، وَإِلَّا تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ"، قَال أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا البَيْتِ، لَا تُرِيدُ قَتْلَ أَحَدٍ، وَلَا حَرْبَ أَحَدٍ، فَتَوَجَّهْ لَهُ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ. قَال: "امْضُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ". [انظر: 1694، 1615 - فتح: 7/ 453] (سفيان) أي: ابن عيينة. (وبعث علينا) أي: جاسوسا واسمه: بسر بن سفيان بضم الموحدة وسكون المهملة. (بغدير الأشطاط) الغدير: قطعة من الماء فعيل بمعنى: فاعل؛ لأنه يغدر بأهله أي: ينقطع عند شدة الحاجة إليه قاله الجوهري (¬1)، (والأشطاط) بفتح الهمزة والمعجمة وبطاءين مهملتين بينهما ألف: موضع تلقاء الحديبية. (الأحابيش) جماعات من قبائل شتى واحدهم أحبوش. (فإن يأتونا) إلى آخره، قال الكرماني: أي إن يأتونا كان الله قد قطع منهم جاسوسًا يعني: الّذي بعثه رسول الله أي: غايته أنا كنا كمن لم يبعث الجاسوس ولم يعبر الطريق وواجههم بالقتال، وإن لم يأتونا نهبنا عيالهم وأموالهم. (وتركناهم محروبين) بالمهملة والراء أي: مسلوبين منهوبين (¬2) انتهى. 4180، 4181 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ: يُخْبِرَانِ خَبَرًا مِنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةِ الحُدَيْبِيَةِ، فَكَانَ فِيمَا أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [غدر] 2/ 766 - 767. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 16/ 77.

عَنْهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ عَلَى قَضِيَّةِ المُدَّةِ، وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ قَال: لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إلا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَأَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عَلَى ذَلِكَ، فَكَرِهَ المُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامَّعَضُوا، فَتَكَلَّمُوا فِيهِ، فَلَمَّا أَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عَلَى ذَلِكَ، كَاتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلٍ يَوْمَئِذٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إلا رَدَّهُ فِي تِلْكَ المُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَتِ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، فَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى فِي المُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ". [انظر: 1695، 1694 - فتح: 7/ 453] (إساحق) أي: ابن راهويه. (يعقوب) أي: ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف. (ابْن أخي ابن شهاب) هو محمّد بن عبد الله مسلم. (عن عمه) هو محمّد بن مسلم بن شهاب. (وامعضوا) بتشديد الميم وأصله: انمعضوا قلبت النون ميمًا وأدغمت في الميم؛ أي: وشق عليهم، وفي نسخة: "وامتعضوا". (وهي عاتق) أي: شابة. (حتّى أنزل الله تعالى في المؤمنات ما أنزل) أي: من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} الآية فنقض العهد بينه وبين المشركين في النِّساء خاصّة. 4182 - قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ "يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ": {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12] وَعَنْ عَمِّهِ قَال: "بَلَغَنَا حِينَ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرُدَّ إِلَى المُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ،

وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ: فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ. [انظر: 2713 - مسلم: 1866 - فتح: 7/ 455] ({يُبَايِعْنَكَ}) ساقط من نسخة. (فذكره بطوله) كما مرَّ في آخر كتاب: الصلح (¬1). 4183 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، خَرَجَ مُعْتَمِرًا فِي الفِتْنَةِ، فَقَال: إِنْ صُدِدْتُ عَنِ البَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ". [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 7/ 555] (قتبية) أي: ابن سعيد. (خرج) في نسخة: "حين خرج". (في الفتنة) أي: في أيامها (إن صددت) أي: منعت. ومرَّ شرح الحديث في كتاب: الحجِّ، في باب: إذا أحصر المعتمر (¬2). 4184 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَهَلَّ وَقَال: "إِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حِينَ حَالتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ " وَتَلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 7/ 555] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (أهلَّ) أي: أحرم بعمرة. (وبينه) أي: وبين البيت الحرام ومرَّ شرح الحديث في الباب المذكور آنفًا. 4185 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2713) كتاب: الشروط، باب: ما يجوز من الشروط في الإسلام. (¬2) سبق برقم (1806) كتاب: المحصر، باب: إذا أحصر المعتمر.

عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَاهُ: أَنَّهُمَا كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ بَعْضَ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، قَال لَهُ: لَوْ أَقَمْتَ العَامَ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا تَصِلَ إِلَى البَيْتِ قَال: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَال كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ البَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَايَاهُ، وَحَلَقَ وَقَصَّرَ أَصْحَابُهُ، وَقَال: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَوْجَبْتُ عُمْرَةً، فَإِنْ خُلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ البَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ البَيْتِ، صَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَال: مَا أُرَى شَأْنَهُمَا إلا وَاحِدًا، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِي، فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، وَسَعْيًا وَاحِدًا، حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. [انظر: 1639 - مسلم: 1230 - فتح: 7/ 555] (جويرية) أي: ابن أسماء بن عبيد البصري. (أنّ بعض بني عبد الله) هو عبد الله، أو عبيد الله، أو سالم. ومرَّ شرح الحديث في الباب المذكور آنفا أيضًا. 4186 - حَدَّثَنِي شُجَاعُ بْنُ الوَلِيدِ، سَمِعَ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا صَخْرٌ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ عُمَرُ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ إِلَى فَرَسٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، يَأْتِي بِهِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعُ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، وَعُمَرُ لَا يَدْرِي بِذَلِكَ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الفَرَسِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ، وَعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ لِلْقِتَالِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُبَايِعُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ"، قَال: فَانْطَلَقَ، فَذَهَبَ مَعَهُ حَتَّى بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهِيَ الَّتِي يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ. [انظر: 3916 - فتح: 7/ 555] (صخر) أي: ابن جويرية النميري. (يستلئم) أي: يلبس. (لَأمَتَه) بالهمز: وهي السلاح يعني: الدرع. 4187 - وَقَال هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، " أَنَّ النَّاسَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ تَفَرَّقُوا فِي ظِلالِ الشَّجَرِ، فَإِذَا النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا عبد

اللَّهِ، انْظُرْ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَدْ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَوَجَدَهُمْ يُبَايِعُونَ، فَبَايَعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ فَخَرَجَ فَبَايَعَ. [انظر: 3916 - فتح: 7/ 456] (محدقون) أي: محيطون به ناظرون إليه بأحداقهم. (فبايع ثمّ رجع إلى عمر فخرج فبايع) قال شيخنا: كذا أورده مختصرًا، وتوضحه الرِّواية الّتي قبله، وهي أنّ ابن عمر لما رأى النَّاس يبايعون بايع، ثمّ رجع [إلى عمر] (¬1) فأخبره بذلك، فخرج، وخرج معه، فبايع عمر، وبايع ابن عمر مرّة أخرى (¬2). 4188 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ اعْتَمَرَ "فَطَافَ فَطُفْنَا مَعَهُ، وَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ لَا يُصِيبُهُ أَحَدٌ بِشَيْءٍ". [انظر: 160 - فتح: 7/ 457] (ابْن نمير) هو محمّد بن عبد الله بن نمير. (يعلى) أي: ابن عبيد الطنَافِسي. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد الأحمسي. (كنا مع النَّبيّ) إلى آخره، مرَّ شرحه في كتاب: الحجِّ، في باب: متى يحل المعتمر (¬3). 4189 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا حَصِينٍ، قَال: قَال أَبُو وَائِلٍ: لَمَّا قَدِمَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ مِنْ صِفِّينَ أَتَيْنَاهُ نَسْتَخْبِرُهُ، فَقَال: "اتَّهِمُوا الرَّأْيَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ لَرَدَدْتُ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، وَمَا وَضَعْنَا أَسْيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا لِأَمْرٍ يُفْظِعُنَا إلا أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ قَبْلَ هَذَا الأَمْرِ، مَا نَسُدُّ مِنْهَا خُصْمًا إلا انْفَجَرَ عَلَيْنَا خُصْمٌ مَا نَدْرِي كَيْفَ نَأْتِي لَهُ". [انظر: 3181 - مسلم: 1785 - فتح: 7/ 457] ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "الفتح" 7/ 456. (¬3) سبق برقم (1791) كتاب: العمرة، باب: متى يحل المعتمر.

(أبا حصين) بفتح المهملة هو عثمان بن عاصم الأسدي الكُوفيُّ. (أبو وائل) هو شقيق بن سلمة. (من صفين) بكسر المهملة والفاء: موضع بين العراق والشام قاتل فيه معاويةُ عليًّا رضي الله عنهما (¬1). (فقال) أي: سهل وقد اتُّهم بالتقصير في الجهاد. (اتِهموا الرأي) أي: رأيكم في هذا الجهاد فإني لا أقصد، وما كنت مقصرًا وقت الحاجة كما في الحديبية، فإني رأيت نفسي يومئذ بحيث لو قدرت مخالفة حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلت قتالًا لا مزيد عليه؛ لكني أتوقف اليوم؛ لمصلحة المسلمين. (منها) أي: من هذه الفتنة المفهومة من الأمر، وفي نسخة: "منه" أي: من هذا الأمر. (خُصْمًا) بضم المعجمة وسكون المهملة؛ أي: جانبًا، وأصله: خصم القربة وهو طرفها، ولهذا استعاره هنا مع ذكر الانفجار كما يتفجر الماء من نواحي القربة. ومرَّ شرح الحديث في آخر كتاب: الجهاد. 4190 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَال: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً" قَال أَيُّوبُ: "لَا أَدْرِي بِأَيِّ هَذَا بَدَأَ". [انظرنا: 1814 - مسلم: 1201 - فتح: 7/ 457] (هوام رأسك) المراد: قمل رأسك كما مَرَّ (¬2). (لا أدري بأي هذا) أي: أي هذا المذكور من الصِّيام، والإطعام، والنسك. ¬

_ (¬1) صفين: هو موضع بقرب الرقة على شاطيء الفرات من الجانب الغربي بين الرقة وبالس. انظر: "معجم البلدان" 3/ 414. (¬2) سبق برقم (4159) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية.

36 - باب قصة عكل وعرينة

4191 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحُدَيْبِيَةِ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنَا المُشْرِكُونَ، قَال: وَكَانَتْ لِي وَفْرَةٌ، فَجَعَلَتِ الهَوَامُّ تَسَّاقَطُ عَلَى وَجْهِي، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]. (هشيم) أي: ابن بشير بن القاسم بن دينار السُّلمُّي. (عن أبي بشر) بكسر الموحدة: جعفر بن أبي وحشية. (وفرة) بفتح الواو وسكون الفاء أي: شعرٌ يضرب إلى شحمة الأذن. (تساقط) بتشديد السين. 36 - بَابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ (باب) ساقط من نسخة. (قصة عكل) بضم العين وسكون الكاف: قبيلة من تيم الرباب. (وعرينة) مصغر عرنة: بطن من بجيلة. 4192 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُمْ: أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا المَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلامِ، فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ: إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا المَدِينَةَ، "فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا"، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا نَاحِيَةَ الحَرَّةِ، كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، "فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ. [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح: 7/ 458].

قَال قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عَنِ المُثْلَةِ وَقَال شُعْبَةُ: وَأَبَانُ، وَحَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، مِنْ عُرَيْنَةَ، وَقَال يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: وَأَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (أهل ضرع) أي: ماشية. (ريف) بكسر الراء: أرض فيها زرع وخصب. (بذود) بمعجمة ومهملة بينهما واو ساكنة: من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر. (وراع) اسمه: يسار النوبي. (فسمروا) بتخفيف الميم وتشديدها أي: أحموا المسامير وفقئوا بها أعينهم مجازاة لهم. (كان يحث) لفظ (كان) ساقط من نسخة. (المثلة) بضم الميم وسكون المثلثة: جدع الأطراف أو بعضها يقال: مثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه وأذنه ومذاكيره وشيئًا من أطرافه. ومرَّ شرح الحديث في باب: أبو ال الإبل (¬1). (وقال شعبة) أي: ابن الحجاج، وفي نسخة: "قال أبو عبد الله: وقال شعبة". (وأبان) أي: ابن يزيد العطار. (حماد) أي: ابن سلمة. (من عرينة) أي: فلم يقل من عكل. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد. (من عكل) أي: ولم يقل من عرينة. 4193 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَالحَجَّاجُ الصَّوَّافُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ، مَوْلَى أَبِي قِلابَةَ، وَكَانَ مَعَهُ بِالشَّأْمِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ، اسْتَشَارَ النَّاسَ يَوْمًا، قَال: مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ القَسَامَةِ؟ فَقَالُوا: "حَقٌّ قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَضَتْ بِهَا الخُلَفَاءُ قَبْلَكَ" قَال: وَأَبُو قِلابَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ، فَقَال عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ ¬

_ (¬1) سبق برقم (233) كتاب: الوضوء، باب: أبوال الإبل والدواب والغنم.

37 - باب غزوة ذي قرد

فَأَيْنَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي العُرَنِيِّينَ قَال أَبُو قِلابَةَ، إِيَّايَ حَدَّثَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَال عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، مِنْ عُرَيْنَةَ، وَقَال أَبُو قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، مِنْ عُكْلٍ ذَكَرَ القِصَّةَ. [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح: 7/ 458] (أَيّوب) أي: السختياني. (والحجاج) أي: ابن أبي عثمان. 37 - بَابُ غَزْوَةِ ذِي قَرَدَ وَهِيَ الغَزْوَةُ الَّتِي أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلاثٍ. (باب غزوة ذات القرد) في نسخة: "ذي قرد" مع سقوط لفظ: (باب) (وقرد) بفتح القاف والراء، وحكي ضمهما، وحكي ضم القاف وفتح الراء ما على نحو بريد ممّا يلي غطفان. (على لقاح النبيِّ) بكسر اللام جمع لقحة: وهي الناقة ذات اللبن. (قبل خيبر بثلاث) أي: من الليالي. 4194 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، يَقُولُ: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْعَى بِذِي قَرَدَ، قَال: فَلَقِيَنِي غُلامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَال: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَال: غَطَفَانُ، قَال: فَصَرَخْتُ ثَلاثَ صَرَخَاتٍ يَا صَبَاحَاهْ، قَال فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لابَتَيِ المَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ، وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنَ المَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِي، وَكُنْتُ رَامِيًا، وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ ... وَاليَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ وَأَرْتَجِزُ، حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلاثِينَ بُرْدَةً، قَال: وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ حَمَيْتُ القَوْمَ المَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ،

38 - باب غزوة خيبر

فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ، فَقَال: "يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ" قَال: ثُمَّ رَجَعْنَا وَيُرْدِفُنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا المَدِينَةَ. [انظر: 3041 - مسلم 1806 - فتح: 7/ 460] (حاتم) أي: ابن إسماعيل. (أن يؤذن بالأولى) يعني: بالأول من أذاني صلاة الصُّبح وأنث الأذان باعتبار الصّلاة المؤذن لها. (فصرخت) أي: بعد صعودي إلى سطح كما في الطَّبرانيِّ (¬1) (يا صباحاه) كلمة تقال عند الغارة. (اليوم يوم الرضع) بضم الراء وفتح المعجمة المشددتين جمع راضع أي: لئيم، وأصله: أنّ رجلًا كان يرضع إبله، أو غنمه ولا يحلبها؛ لئلا يسمع صوتَ الحلبِ الفقيرُ فيطمع فيه؛ أي: اليوم يوم هلاك اللئام. (وأرتجز) أي: وأنا مستمر على الرجز بقولي (أنا ابن الأكوع) إلى آخره. (حميت القوم الماء) أي: منعتهم من شربه. (ملكت) أي: قدرت عليهم. (فأسجح) بفتح الهمزة وسكون المهملة وكسر الجيم أي: فارفق ولا تأخذ بالشدة. ومرَّ شرح الحديث في الجهاد، في باب: من رأى العدو فنادى يا صباحاه (¬2). 38 - بَابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ (باب) ساقط من نسخة. (غزوة خيبر) هي مدينة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة إِلى جهة الشّام (¬3). 4195 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ، ¬

_ (¬1) "المعجم الكبير" للطبراني 7/ 28 (6278). (¬2) سبق برقم (3041) كتاب: الجهاد، باب: من رأى العدو فنادى يا صباحاه. (¬3) انظر: "معجم البلدان" 2/ 409.

حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ، وَهِيَ مِنْ أَدْنَى خَيْبَرَ، "صَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إلا بِالسَّويقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ، فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى المَغْرِبِ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [انظر: 209 - فتح: 7/ 463] (فثري) بضم المثلثة وكسر الراء المشددة، وقد تخفف أي: بُلَّ بالماء واللبن. ومرَّ شرح الحديث في الوضوء، في باب: من مضمض من السويق (¬1). 4196 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لِعَامِرٍ: يَا عَامِرُ أَلا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالقَوْمِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ هَذَا السَّائِقُ"، قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَال: "يَرْحَمُهُ اللَّهُ" قَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ؟ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ اليَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟ " قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ، قَال: "عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟ " قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا"، فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَال: "أَوْ ذَاكَ". فَلَمَّا تَصَافَّ القَوْمُ كَانَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (209) كتاب: الوضوء، باب: من مضمض من السويق.

سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ، فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، قَال: فَلَمَّا قَفَلُوا قَال سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي، قَال: "مَا لَكَ" قُلْتُ لَهُ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَذَبَ مَنْ قَالهُ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ"، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ قَال: "نَشَأَ بِهَا". [انظر: 2477 - مسلم: 1802 - فتح: 7/ 463] (من هنيهاتك) جمع هنيهة مصغر هنة وأصل هنة: هنو وقد تبدل من الهاء الثّانية ياءً فيقال: هنية، والجمع هنيات، والمراد هنا: الأراجيز. (رجلًا شاعرًا) في نسخة: "رجلا حداء". (يحدو بالقوم) أي: يسوق إبلهم ويغني لها. (اللَّهُمَّ لولا أنت) إلى آخره نقله هنا عن عامر، وفي الجهاد عن عبد الله بن رواحة (¬1)، لكن في بعض اختلاف فيحتمل تواردهما على ما اتفق عليه. (فداء لك) بكسر الفاء وفتحها والمد، والمخاطب به النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أي: اغفر لنا تقصيرنا في حقك ونصرك إذ لا يقال ذلك لله تعالى كما قاله المازري، فالجملة معترضة بين ما قبلها وما بعدها؛ لأنَّ المخاطب فيهما هو الله تعالى. (ما أبقينا) من الإبقاء بموحدة؛ أي: ما خلفناه وراءنا من المناهي، وفي نسخة: "ما اتقينا" من الاتقاء بفوقية مشددة؛ أي: ما تركناه من الأوامر، وفي أخرى: "ما لقينا" من اللِّقاء أي: ما وجدنا من المناهي. (قال رجل) هو عمر بن الخطاب. (وجبت) أي: الشّهادة، أو الجنَّة. (مخمصة) أي: مجاعة. (الإنسية) بكسر الهمزة وسكون النون وبفتحهما. (فقال الرَّجل) هو عمر ¬

_ (¬1) سبق برقم (3034) كتاب: الجهاد، باب: الرجز في الحرب.

أيضًا. (أجرين) في نسخة: "لأجرين" أي: أجر الجهد في الطّاعة، وأجر المجاهدة في سبيل الله (لجاهد) أي: في طاعة الله (مجاهد) أي: في سبيل الله، وكلاهما اسم فاعل، وفي نسخة الأوّل بلفظ الماضي، والثّاني بفتح الميم: جمع مجهدة. (مشى بها) أي: بالخصلة المذكورة. (قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد. (حاتم) أي: ابن إسماعيل الكُوفيُّ. (وقال) بدل (مشى بها): (فنشأ بها) بنون مفتوحة وهمزة أي: نشأ بالأرض، أو بالمدينة. 4197 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى خَيْبَرَ لَيْلًا، وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ بِهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتِ اليَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ، وَمَكَاتِلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ}. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 7/ 467] (لم يغر بهم) بضم التحتية وكسر المعجمة من الإغارة. (ومكاتلهم) أي: (قففهم)، ومرَّ شرح الحديث واللذيْنِ بعده في الجهاد، في باب: دعاء النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام (¬1). 4198 - أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَبَّحْنَا خَيْبَرَ بُكْرَةً، فَخَرَجَ أَهْلُهَا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا بَصُرُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ} [الصافات: 177] " فَأَصَبْنَا مِنْ لُحُومِ الحُمُرِ، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ". [انظر: 371 - مسلم: 1365، 1940 - فتح: 7/ 467] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2945) كتاب: الجهاد والسير، باب: دعاء النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى الإسلام والنبوة.

(أَيّوب) أي: السختياني. 4199 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ جَاءٍ، فَقَال: أُكِلَتِ الحُمُرُ، فَسَكَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَقَال: أُكِلَتِ الحُمُرُ، فَسَكَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَال: أُفْنِيَتِ الحُمُرُ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ". فَأُكْفِئَتِ القُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ. [انظر: 371 - مسلم: 1940 - فتح: 7/ 467] (عبد الوهّاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (عن محمّد) أي: ابن سيرين. 4200 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ قَال: "اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ} [الصافات: 177] " فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فَقَتَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وَكَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ، فَصَارَتْ إِلَى دَحْيَةَ الكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقَال عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، آنْتَ قُلْتَ لِأَنَسٍ: مَا أَصْدَقَهَا؟ فَحَرَّكَ ثَابِتٌ رَأْسَهُ تَصْدِيقًا لَهُ. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 7/ 469] (عن ثابت) أي: البناني. (فقتل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - المقاتلة) إلى آخره قضيته: أنه دفع ذلك عقب الدُّعاء عليهم وليس مرادًا، بل بينهما مدة الحصار وهي بضع عشرة ليلة كما قاله ابن إسحاق (¬1) وقيل أكثر من ذلك. ومرَّ الحديث بشرحه في صلاة الخوف، في باب: التكبير والغلس بالصبح (¬2). 4201 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ¬

_ (¬1) انظر: "السيرة النبوية" 4/ 303. (¬2) سبق برقم (947) كتاب: صلاة الخوف، باب: التكبير والغلس بالصبح.

أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "سَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا" فَقَال ثَابِتٌ لِأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا؟ قَال: "أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 7/ 469] (أصدقها نفسها) هو من خصائصه وجزم به الماوردي. 4202 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَقَى هُوَ وَالمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسْكَرِهِ وَمَال الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إلا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ: مَا أَجْزَأَ مِنَّا اليَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلانٌ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ"، فَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ، قَال: فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ، قَال: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَال: "وَمَا ذَاكَ؟ " قَال: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ". [انظر: 2898 - مسلم: 112 - فتح: 7/ 471] (قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد. (يعقوب) أي: ابن عبد الرّحمن الإسكندراني. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (وفي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل) هو قزمان بضم القاف وسكون الزاي: الظفري وكنيته: أبو الغيداق. (لا يدع لهم) أي: لا يترك لليهود. (شاذة) هي الّتي تكون مع الجماعة ثمّ تفارقهم. (ولا فاذة)

بمعجمة: هي المنفردة، ويحتمل أن يكون تأكيدًا لشاذه. (إلا اتبعها) بتشديد الفوقية. (فقيل) في نسخة: "فقالوا" (أما إنّه من أهل النّار) أي: لنفافه باطنا. (فقال الرَّجل) هو أكثم بن أبي الجون الخزاعي. ومرَّ شرح الحديث والذي بعده في الجهاد (¬1). 4203 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: شَهِدْنَا خَيْبَرَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الإِسْلامَ: "هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ". فَلَمَّا حَضَرَ القِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ القِتَالِ، حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الجِرَاحَةُ، فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الجِرَاحَةِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَسْهُمًا فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ، انْتَحَرَ فُلانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَال: "قُمْ يَا فُلانُ، فَأَذِّنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلا مُؤْمِنٌ، إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ" تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 3062 - مسلم: 111 - فتح: 7/ 471] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (فلما حضر القتال) بالرفع على الفاعلية، ويجوز النصب على المفعولية؛ أي: حضر الرَّجل القتال. (يرتاب) أي: يشكّ في صدقه - صلى الله عليه وسلم -. (قم يا فلان) هو بلال، أو عمر بن الخطاب أو عبد الرّحمن بن عوف. (يؤيد) في نسخة: "ليؤيد". (تابعه) أي: شعيبًا. (معمر) أي: ابن راشد. 4204 - وَقَال شَبِيبٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ المُسَيِّبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: "شَهِدْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا"، وَقَال ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. تَابَعَهُ صَالِحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال: الزُّبَيْدِيُّ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَيْدَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2898) كتاب: الجهاد، باب: لا يقول فلان شهيد.

اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَال: "أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ"، قَال لزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3062 - مسلم: 111 - فتح: 7/ 471] (عن يونس) أي: ابن يزيد. (تابعه) أي: ابن المبارك. (صالح) أي: ابن كيسان. (الزبيدي) هو محمّد بن الوليد. 4205 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، أَوْ قَال: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ"، وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ، فَقَال لِي: "يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ" قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، قَال: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ". [انظر: 2992 - مسلم: 2704 - فتح: 7/ 470]. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عن عاصم) أي: الأحول. (عن أبي عثمان) هو عبد الرّحمن بن مل. (أشرف النَّاس) قضيته: أنّ ذلك وقع وهم ذاهبون إلى خيبر، وليس مرادًا، بل إنّما وقع حال رجوعهم، فيقدر في الكلام ما يناسبه. (اربعوا) بكسر الهمزة وفتح الموحدة؛ أي: ارفقوا، أو امسكوا عن الجهد. (لا حول ولا قوة إلا بالله). أي: لا نصل إلى تدبير أمر إلا بمشيئتك ومعونتك (كنز من كنوز الجنَّة) لفظ: (من كنوز) ساقط من نسخة. ومرَّ الحديث بشرحه في الجهاد، في باب: ما يكره من رفع الصوت بالتكبير (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2992) كتاب: الجهاد، باب: ما يكره من رفع الصوت في التكبير.

4206 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، قَال: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ فَقَال: هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَال النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ". [فتح: 7/ 475] (يا أبا مسلم) هي كنية سلمة. (حتّى السّاعة) بجرها على أن (حتى) جارة، وبنصبها على أنها عاطفة؛ أي: فما اشتكيتها زمانًا حتى السّاعة. 4207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، قَال: التَقَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَاقْتَتَلُوا، فَمَال كُلُّ قَوْمٍ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي المُسْلِمِينَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ مِنَ المُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إلا اتَّبَعَهَا فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَجْزَأَ أَحَدٌ مَا أَجْزَأَ فُلانٌ، فَقَال: "إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ"، فَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: لَأَتَّبِعَنَّهُ، فَإِذَا أَسْرَعَ وَأَبْطَأَ كُنْتُ مَعَهُ، حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَال: "وَمَا ذَاكَ". فَأَخْبَرَهُ، فَقَال: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ". [انظر: 2898 - مَسلم: 112 - فتح: 7/ 475] (ابْن أبي حازم) هو عبد العزيز. (عن سهل) أي: ابن سعد الساعدي. (فمال كلّ قوم إلى عسكرهم) أي: بعد فراغ قتال ذلك اليوم. (رجل) هو قزمان كما مرَّ، ومرَّ الحديث مرارا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2898) كتاب: الجهاد، باب: لا يقول: فلان شهيد، وبرقم (4203) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.

4208 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، قَال: نَظَرَ أَنَسٌ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَرَأَى طَيَالِسَةً، فَقَال: "كَأَنَّهُمُ السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ". [فتح: 7/ 475] (عن أبي عمران) هو عبد الملك بن حبيب الجوني. 4209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ رَمِدًا، فَقَال: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَحِقَ بِهِ، فَلَمَّا بِتْنَا اللَّيْلَةَ الَّتِي فُتِحَتْ قَال: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يُفْتَحُ عَلَيْهِ" فَنَحْنُ نَرْجُوهَا، فَقِيلَ: هَذَا عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ، فَفُتِحَ عَلَيْهِ. [انظر: 2976 - مسلم: 2407 - فتح: 7/ 476] (حاتم) أي: ابن إسماعيل الكُوفيُّ. (كان علي) زاد في نسخة: "ابن أبي طالب". (وكان رمِدًا) بكسر الميم. (فلحق) أي: به. (الّتي فتحت) أي: خيبر صبيحتها. 4210 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال يَوْمَ خَيْبَرَ: "لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"، قَال: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَال: "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ". فَقِيلَ: هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قَال: "فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ". فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَال عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَال: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ". [انظر: 2942 - مسلم: 2406 - فتح: 7/ 476]

(يدوكون) أي: يخوضون ويتحدثون في ذلك. (مثلنا) أي: مسلمين. ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1). 4211 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ح وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمْنَا خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الحِصْنَ، ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَال لِي: "آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ". فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَتَهُ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 7/ 478] (ح) لتحويل السند. (عن عمرو) أي: ابن أبي عمرو. (زوجها) هو كنانة بن الربيع ابن أبي الحقيق. (سد الصهباء) هو موضع أسفل خيبر (¬2). (حيسًا) أي: تمر يخلط بسمن وأقط. ومرَّ شرح الحديث في البيع، في باب: هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها (¬3). 4212 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَامَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ بِطَرِيقِ خَيْبَرَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، حَتَّى أَعْرَسَ بِهَا، وَكَانَتْ فِيمَنْ ضُرِبَ عَلَيْهَا الحِجَابُ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 7/ 479] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو أبو بكر بن عبد ¬

_ (¬1) سبق برقم (2942) كتاب: الجهاد، باب: دعاء النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 3/ 435. (¬3) سبق برقم (2235) كتاب: البيوع، باب: هل يسافر بالجارية.

الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (عن يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (وكانت) صفية (فيمن ضرب عليها الحجاب) أي: كانت من أمهات المؤمنين. 4213 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ، وَالمَدِينَةِ ثَلاثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ"، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ، وَمَا كَانَ فِيهَا إلا أَنْ أَمَرَ بِلالًا بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ، فَقَال المُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ؟ قَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الحِجَابَ. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 7/ 479] 4214 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا مُحَاصِرِي خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لِآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَحْيَيْتُ". [انظر: 3153 - مسلم: 1772 - فتح: 7/ 481] (وهب) أي: ابن جرير. (فنزوت) أي: وثبت مسرعًا. (فاستحييت) أي: منه؛ لكونه اطلع على حرصي عليه. ومرَّ شرح الحديث في الخمس، في باب: ما يصيب من الطّعام في أرض الحرب (¬1). 4215 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3153) كتاب: فرض الخمس، باب: ما يصيب من الطّعام في أرض الحرب.

وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ الثُّومِ، وَعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ". [انظر: 853 - مسلم: 561 - فتح: 7/ 481] نَهَى عَنْ أَكْلِ الثُّومِ "هُوَ عَنْ نَافِعٍ وَحْدَهُ، وَلُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ: عَنْ سَالِمٍ. (عن أبي أُسامة) هو حماد بن أُسامة. (عن عبيد الله) أي: العمري. 4216 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالحَسَنِ، ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ". [5115، 553، 6961 - مسلم: 1407 - فتح: 7/ 481] 4217 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ". [انظر: 853 - مسلم: 561 - فتح: 7/ 481] (عبد الله) أي: ابن المبارك. 4218 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ". [انظر: 853 - مسلم: 561 - فتح: 7/ 481] 4219 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وَرَخَّصَ فِي الخَيْلِ". [5520، 5524 - مسلم: 1941 - فتح: 7/ 481] (عن عمرو) أي: ابن دينار. 4220 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ يَوْمَ خَيْبَرَ فَإِنَّ القُدُورَ لَتَغْلِي، قَال: وَبَعْضُهَا نَضِجَتْ، فَجَاءَ مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِ الحُمُرِ شَيْئًا، وَأَهْرِقُوهَا". قَال ابْنُ أَبِي أَوْفَى: "فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ، وَقَال بَعْضُهُمْ: نَهَى عَنْهَا البَتَّةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ العَذِرَةَ". [انظر: 3155 - مسلم: 1938 - فتح: 1/ 481]

(عباد) أي: ابن العوام ابن عمر الواسطي. (عن الشيباني) هو سليمان بن فيروز الكُوفيُّ. (البتة) أي: قطعا. 4221، 4222 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابُوا حُمُرًا، فَطَبَخُوهَا فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْفِئُوا القُدُورَ". [3155، 4223، 4225، 4226، 5525 - مسلم: 1938 - فتح: 7/ 481] 4223، 4224 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، سَمِعْتُ البَرَاءَ، وَابْنَ أَبِي أَوْفَى، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، يُحَدِّثَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: يَوْمَ خَيْبَرَ وَقَدْ نَصَبُوا القُدُورَ: "أَكْفِئُوا القُدُورَ". [انظر: 3155، 4221 - مسلم: 1938 - فتح: 7/ 482] (إسحاق) أي: ابن منصور الكوسج. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (شعبة) أي: ابْن الحجاج. (أكفئوا القدور) أي: اقلبوها. 4225 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ قَال: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [انظر: 4221 - مسلم: 1938 - فتح: 2/ 482] (مسلم) أي: ابن إبراهيم الفراهيدي. (نحوه) أي: نحو الحديث السابق. 4226 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ "أَنْ نُلْقِيَ الحُمُرَ الأَهْلِيَّةَ نِيئَةً وَنَضِيجَةً، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِأَكْلِهِ بَعْدُ". [انظر: 4221 - مسلم: 1938 - فتح: 7/ 482] (بن أبي زائدة) هو يحيى بن زكريا المعدَّل المعروف بحيكويه الرَّازيّ. (عاصم) أي: الأحول. (عن عامر) أي: الشّعبيّ (ثمّ يأمرنا بأكله) أي: فبقي محرمًا.

4227 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَا أَدْرِي أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ، أَوْ حَرَّمَهُ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ لَحْمَ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ". [مسلم: 1939 - فتح: 7/ 482] (أبي) هو حفص بن غياث الكُوفيُّ أحد شيوخ البخاريّ. (أنهى عنه) أي: عن أكل لحم حمر الإنسية. (من أجل أنه) أي: ما ذكر من الحمر الإنسية. (كان حمولة النَّاس) بفتح المهملة أي: يحملون عليه أثقالهم. (أو حرَّمه في يوم خيبر) عطف على أنه بتقدير محذوف؛ أي: لا أدري أنهى - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الحمر الإنسية من أجل أنّ الحمر كان حمولة النَّاس، أو من أجل أنه - صلى الله عليه وسلم - حرَّمه في يوم خيبر. 4228 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا" قَال: فَسَّرَهُ نَافِعٌ فَقَال: "إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ". [انظر: 2863 - مسلم: 1762 - فتح: 7/ 484] (زائدة) أي: ابن قدامة ومرَّ شرح الحديث في الجهاد في باب: سهام الفرس (¬1). 4229 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ، أَخْبَرَهُ قَال: مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: أَعْطَيْتَ بَنِي المُطَّلِبِ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ، وَتَرَكْتَنَا، وَنَحْنُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْكَ، فَقَال "إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو المُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ" قَال جُبَيْرٌ: "وَلَمْ يَقْسِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا". [انظر: 314 - فتح: 7/ 484] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2863) كتاب: الجهاد، باب: سهام الفرس.

(يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بكير. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. ومرَّ شرح الحديث في باب: ومن الدّليل على أنّ الخمس للإمام (¬1). 4230 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِاليَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ، إِمَّا قَال: بِضْعٌ، وَإِمَّا قَال: فِي ثَلاثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَو اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا، يَعْنِي لِأَهْلِ السَّفِينَةِ: سَبَقْنَاكُمْ بِالهِجْرَةِ، وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا، عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَةً، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَال عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، قَال عُمَرُ: الحَبَشِيَّةُ هَذِهِ البَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ قَالتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ، قَال: سَبَقْنَاكُمْ بِالهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكُمْ، فَغَضِبَتْ وَقَالتْ: كَلَّا وَاللَّهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ - أَوْ فِي أَرْضِ - البُعَدَاءِ البُغَضَاءِ بِالحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا، حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُهُ، وَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ، وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ. [انظر: 3136 - مسلم: 2502، 2503 - فتح: 7/ 484] (بضع) هو ما بين الثّلاثة إلى التسعة، أو ما بين الواحد إلى ¬

_ (¬1) سبق برقم (3140) كتاب: فرض الخمس، باب: ومن الدّليل على أنّ الخمس للإمام.

العشرة، وفي نسخة: "بضعًا" وفي أخرى: "في بضع". (من قومي) في نسخة: "من قومه". (الحبشية هذه البحرية هذه؟) باستفهام مقدر فيهما، ونسبها إلى الحبشة؛ لملابسة هجرتها إليها، وإليها البحر؛ لملابسة ركوبها السفينة في البحر. (نؤذى ونخاف) ببنائهما للمفعول. 4231 - فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَال: كَذَا وَكَذَا؟ قَال: "فَمَا قُلْتِ لَهُ؟ " قَالتْ: قُلْتُ لَهُ: كَذَا وَكَذَا، قَال: "لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ - أَهْلَ السَّفِينَةِ - هِجْرَتَانِ"، قَالتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالًا، يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَال لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال أَبُو بُرْدَةَ: قَالتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الحَدِيثَ مِنِّي. [مسلم: 2503 - فتح: 7/ 485] (هجرتان) أي: هجرة إلى النجاشي، وهجرة إليَّ. (يأتوني) في نسخة: "يأتون". (أرسالا) بفتح الهمزة؛ أي: ناسًا بعد ناس. 4232 - قَال أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ، إِذَا لَقِيَ الخَيْلَ، أَوْ قَال: العَدُوَّ، قَال لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ". [مسلم: 2499 - فتح: 7/ 485] (من أصواتهم) أي: بها فـ (من) بمعنى: الباء كما في قوله تعالى: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} أي: به (¬1). (ومنهم حكيم) بمهملة وكاف أي: رجل حكيم أي: شجاع متقن للأمور. ¬

_ (¬1) مجيء (من) بمعنى: الباء، قال به الكوفيون، وتبعهم ابن قُتَيْبَةُ وابن مالك وغيرهما، وحُكي عن يونس في قوله تعالى: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}. والبصريون يجعلون ذلك على التضمين.

4233 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: "قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَقَسَمَ لَنَا، وَلَمْ يَقْسِمْ لِأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدِ الفَتْحَ غَيْرَنَا". [انظر: 3136 - مسلم: 2502 - فتح: 7/ 487] (إسحاق بن إبراهيم) أي: ابن راهويه. (فقسم لنا) أي: أيها الأشعريون. 4234 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَال: حَدَّثَنِي ثَوْرٌ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ، وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا البَقَرَ وَالإِبِلَ وَالمَتَاعَ وَالحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي القُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ، حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ العَبْدَ، فَقَال النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا" فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَال: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شِرَاكٌ - أَوْ شِرَاكَانِ - مِنْ نَارٍ". [6707 - مسلم: 115 - فتح: 7/ 487] (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن محمّد الفزاري. (سالم) هو أبو الغيث (مولى ابن مطيع). (افتتحنا خيبر) أي: افتتحها المسلمون وإلا فأبو هريرة لم يحضر فتحها. (والحوائط) أي: البساتين. (وادي القرى) بضم القاف والقصر موضع بقرب المدينة (¬1). (أحد بني الضباب) هو رفاعة بن ¬

_ (¬1) وادي القرى: وهو واد بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثير القرى، فتحها النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، سنة سبع عنوة ثمّ صولحوا على الجزية، انظر: "معجم البلدان" 5/ 345.

زيد بن وهب الجذامي. (عائر) بمهملة وهمزة بعد الألف أي: حائد عن قصده، وقيل: لا يدري من أين أتى (بلى) في نسخة: (بل) وهي الصواب، والأولى تصحيف كما قاله شيخنا (¬1) (أو شِراكان) شك في الراوي. 4235 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: "أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ، مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إلا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا". [انظر: 2334 - فتح: 7/ 490] (زيد) أي: ابن أسلم مولى عمر بن الخطاب. (ببَّانا) بفتح الموحدتين وتشديد الثّانية وبعد الألف نون أي: (ليس لهم شيء) أي: يعيشون به. 4236 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَوْلَا آخِرُ المُسْلِمِينَ، مَا فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ قَرْيَةٌ إلا قَسَمْتُهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ". [انظر: 2334 - فتح: 7/ 490] (ابْن مهدي) هو عبد الرّحمن. (كما قسم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - خيبر) أي: مالها. 4237 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، وَسَأَلَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، قَال: أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ، قَال لَهُ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ العَاصِ لَا تُعْطِهِ، فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ فَقَال: "وَا عَجَبَاهْ لِوَبْرٍ، تَدَلَّى مِنْ قَدُومِ الضَّأْنِ". [انظر: 2827 - فتح: 7/ 491] (سفيان) أي: ابن عيينة. ¬

_ (¬1) "الفتح" 7/ 489.

(بعض بني سعيد) هو أبان بن قوقل بقافين بينهما واو ساكنة اسمه: النعمان بن مالك بن ثعلبة. (واعجباه) اسم فعل بمعنى: أعجب. (لِوَبْرٍ) بسكون الموحدة: دويبة أصغر من السنور لا ذنب لها. (تدلَّي) أي: انحدر علينا. (من قدوم) بفتح القاف وضم الدال المخففة أي: من رأس، أو طرف. (الضأن) بفتح الضاد المعجمة وبالهمز: جبل بأرض دوس (¬1)، وهم قوم أبي هريرة، وأراد أبان ذلك تحقير أبي هريرة، وأنه ليس في قدر من يشير بعطاء ولا منع. 4238 - وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُخْبِرُ سَعِيدَ بْنَ العَاصِ قَال: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ المَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحَهَا، وَإِنَّ حُزْمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَقْسِمْ لَهُمْ، قَال أَبَانُ: وَأَنْتَ بِهَذَا يَا وَبْرُ، تَحَدَّرَ مِنْ رَأْسِ ضَأْنٍ. فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَانُ اجْلِسْ" فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ. [انظر: 2827 - فتح: 7/ 491] (عن الزبيدي) هو محمّد بن الوليد. (حزم خيلهم) بضم المهملة مع ضم الزاي وسكونها جمع حزام. (لليف) في نسخة: "ليف" بلا لام التأكيد. (لا تقسم لهم) قيل: قائله: أبو هريرة، وقائلة في الّذي قبله: أبان فما الجمع بينهما؟ وأجيب: بأنه تارة سأل أبو هريرة النبيَّ فمنع أبان وتارة بالعكس. (وأنت بهذا) أي: بهذا المكان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أنك لست من أهله ولا من بلاده. (قال أبو عبد الله) أي: البخاريّ. (الضال) أي: باللام، السدر، ذكره؛ لمناسبته الضأن بالنون من حيث أنّ اللام قد تبدل من النون مع أنّ قوله ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 450.

(قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة. 4239 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي جَدِّي، أَنَّ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ، وَقَال أَبَانُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: "وَاعَجَبًا لَكَ، وَبْرٌ تَدَأْدَأَ مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ يَنْعَى عَلَيَّ امْرَأً أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِيَدِي، وَمَنَعَهُ أَنْ يُهِينَنِي بِيَدِهِ". [انظر: 2827 - فتح: 7/ 491] (وبر) مبتدأ وصف بقوله (تدأدأ) بمهملتين وهمزتين من الدأدأة: وهي وقع الحجارة في السيل كأنه يقول: (وبر) هجم علينا، وخبر المبتدإ: (ينعى عليَّ) أي: يعيب علي. يقال: نعى فلان على فلان أمرًا إذا عابه به. 4240، 4241 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ، بِنْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا المَالِ"، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنِ ائْتِنَا وَلَا يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ، فَقَال عُمَرُ: لَا وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ، فَقَال

أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي، وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَقَال: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصِيبًا، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهَا إلا صَنَعْتُهُ، فَقَال عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ العَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى المِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ البَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَحَدَّثَ: أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَكِنَّا كنا (¬1) نَرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ المُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ. [انظر: 3092، 3093 - مسلم: 1759 - فتح: 7/ 493] (عن عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (فوجدت فاطمة على أبي بكر) أي: غضبت عليه على مقتضى البشرية ثمّ سكن غضبها، أو كانت مؤولةً للحديث بما فضل عن ضرورات معاش الورثة. (فهجرته) بأن انقبضت عن لقائه. (وعاشت بعد النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر) وقيل: سبعين يومًا (¬2)، وقيل: ثلاثة أشهر (¬3)، ¬

_ (¬1) المثبت بالأصل: كُنَّا، وهي ليست في (س). (¬2) روى ذلك الطَّبرانيُّ في: "التاريخ" 2/ 253، وذكره ابن عبد البرّ في: "الاستيعاب" 4/ 448 - 449، والمزي في "تهذيب الكمال" 35/ 253. (¬3) روى ذلك ابن سعد في: "الطبقات" 8/ 28، والطبراني 22/ 398.

39 - باب استعمال النبي صلى الله عليه وسلم على أهل خيبر

[وقيل: شهرين] (¬1) وقيل: ثمانية أشهر (¬2). (ليلا) أي: بوصية منها؛ لإرادة زيادة التستر. (ولم ننفس) بفتح أوله وسكون ثانيه أي: لم نحسدك على الخلافة. (وعذره) بفتح العين والذال فعل ماض، وفي نسخة: بالضم والسكون بعطفه على (تخلفه). ومرَّ شرح الحديث في باب: فرض الخمس (¬3). 4242 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ". [فتح: 7/ 495] (حرمي) أي: ابن عمارة العتكي. (الآن نشبع من التّمر) أي: لكثرة ما كان فيها من النخل. 4243 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ". [فتح: 7/ 495] (الحسن) أي: ابن محمّد بن الصباح الزعفراني. 39 - بَابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ (باب) ساقط من نسخة. (استعمال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر) أي: استعماله رجلًا على أهلها بعد فتحها؛ لتنمية الثمار. 4244، 4245 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ المَجِيدِ بْنِ ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) ذكره ابن عبد البرّ في: "الاستيعاب" 4/ 448 - 449، والمزي في: "تهذيب الكمال" 35/ 253. (¬3) سبق برقم (3092) كتاب: فرض الخمس، باب: فرض الخمس.

40 - باب معاملة النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر

سُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا"، فَقَال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، بِالثَّلاثَةِ، فَقَال: "لَا تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا". [انظر: 2201، 2202 - مسلم: 1593 - فتح: 7/ 496] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عن عبد المجيد) أي: ابن سهيل. (استعمل رجلا) هو سواد بن غزية. (بع الجمع) هو نوع رديء من التّمر. ومرَّ الحديث في البيوع، في باب: إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه (¬1). 4246، 4247 - وَقَال عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ المَجِيدِ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَمَّرَهُ عَلَيْهَا، وَعَنْ عَبْدِ المَجِيدِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ مِثْلَهُ. [انظر: 2201، 2202 - مسلم: 1593 - فتح: 7/ 496] (أخا بني عدي) هو سواد بن غزية. 40 - بَابُ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ (باب: معاملة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر) أي: على ما يخرج منها من تمرٍ أو زرع. 4248 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ اليَهُودَ: أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. [انظر: 2285 - مسلم: 1551 - فتح: 7/ 496] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2251 - 2202) كتاب: البيوع، باب: إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه.

41 - باب الشاة التي سمت للنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر

(جويرية) أي: ابن أسماء الضُّبَعيُّ، ومرَّ الحديث في المزراعة (¬1). 41 - بَابُ الشَّاةِ الَّتِي سُمَّتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ رَوَاهُ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: الشاة الّتي سُمَّت للنبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر) أي: بيان حال الشاة المذكورة. (رواه) أي: حديث السم. 4249 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ". [انظر: 3169 - فتح: 7/ 497] (سعيد) أي: ابن أبي سعيد المقبري. (أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة) أهدتها له زينب بنت الحارث اليهودية فأكل منها هو وبشر بن البراء، ومات منها بشر، وروى البيهقي: أنه - صلى الله عليه وسلم - أكل، وقال لأصحابه: "أمسكوا فإنها مسمومة" (¬2). 42 - بَابُ غَزْوَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ (باب) ساقط من نسخة. (غزوة زيد بن حارثة) أي: بيانها. 4250 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ عَلَى قَوْمٍ فَطَعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَال: "إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ خَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2329) كتاب: المزراعة، باب: إذا لم يشترط السنين في المزارعة. (¬2) "سنن البيهقي" 8/ 46 كتاب: الجراح، باب: من سقى رجلا سما.

43 - باب عمرة القضاء

النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ". [انظر: 3730 - مسلم: 2426 - فتح: 7/ 498] (سفيان بن سعيد) هو الثّوريّ. (أُسامة) أي: ابن زيد. (فطعنوا) أي: بعض القوم. (في إمارته) بكسر الهمزة. ومرَّ الحديث في باب: مناقب زيد بن حارثة (¬1). 43 - بَابُ عُمْرَةِ القَضَاءِ ذَكَرَهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب) ساقط من نسخة. (عمرة) في نسخة: "غزوة". (القضاء) أي: بيانها، وسميت بذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قاضى فيها قريشًا؛ أي صالحهم فيها، لا لأنها قضاء عن عمرة أخرى. (ذكره) أي: حديث (عمرة القضاء). 4251 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي القَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الكِتَابَ، كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا: لَا نُقِرُّ لَكَ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَال "أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ"، ثُمَّ قَال: لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "امْحُ رَسُولَ اللَّهِ"، قَال عَلِيٌّ: لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلاحَ إلا السَّيْفَ فِي القِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3730) كتاب: فضائل الصّحابة، باب: مناقب زيد بن حارثة.

أَحَدًا، إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا. فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ، تُنَادِي يَا عَمِّ يَا عَمِّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَال لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ حَمَلَتْهَا، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ، قَال عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا، وَهِيَ بِنْتُ عَمِّي، وَقَال جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالتُهَا تَحْتِي، وَقَال زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي. فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالتِهَا، وَقَال: "الخَالةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ" وَقَال لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ" وَقَال لِجَعْفَرٍ: "أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي"، وَقَال لِزَيْدٍ: "أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلانَا"، وَقَال عَلِيٌّ: أَلا تَتَزَوَّجُ بِنْتَ حَمْزَةَ؟ قَال: "إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ". [انظر: 1781 - مسلم: 1783 - فتح: 7/ 499] (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (لما اعتمر النَّبيّ) أي: أحرم بالعمرة. (فأبى) أي: امتنع وهو جواب (لمَّا) والفاء زائدة. (يدعوه) أي: يتركوه (كتبوا هذا) إلى آخره بيان لما قبله. (قالوا) جواب (لما) (لا نُقِرُّ بهذا) في نسخة: "لا نقر لك بهذا". (فكتب) أي: فأمر عليا أن يكتب، وقيل: كتب بنفسه ويكون معجزة له. (فتبعته ابنة حمزة) اسمها: عمارة، أو فاطمة، أو أمامة، أو أمة الله، أو سلمى، ولا ينافي تبعيتها له كتاب العهد؛ لأن تبعيتها له لا تستلزم أنه خرج بها، أو لأنه أريد بمن يخرج به المكلفون، أو الذكور. (حملتها) أي: فحملتها كما في رواية، وفي نسخة: "احملها" بصيغة الأمر. (لخالتها) اسمها: أسماء. ومرَّ الحديث في كتاب: الصلح (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2698) كتاب: الصلح، باب: كيف يكتب: هذا ما صالح فلان بن فلان.

4252 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَال كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ العَامَ المُقْبِلَ، وَلَا يَحْمِلَ سِلاحًا عَلَيْهِمْ إلا سُيُوفًا، وَلَا يُقِيمَ بِهَا إلا مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالحَهُمْ، فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلاثًا، أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ". [انظر: 2701 - فتح: 7/ 499] (شريح) أي: ابن النُّعمان البغدادي، وهو أحد شيوخ البخاريِّ. (فليح) لقب عبد الملك بن سليمان. (إلا سيوفًا) أي: في قرابها. 4253 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ المَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ ثُمَّ قَال: "كَمُ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " قَال: أَرْبَعًا. [انظر: 1775 - مسلم: 1255 - فتح: 7/ 508] (جرير) أي: ابن عبد الحميد الرَّازيُّ. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن مجاهد) أي: ابن جبر. 4254 - ثُمَّ سَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ، قَال عُرْوَةُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ أَلا تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، فَقَالتْ: "مَا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةً إلا وَهُوَ شَاهِدُهُ. وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ". [انظر: 1776 - مسلم: 1255 - فتح: 7/ 508] (استنان عائشة) أي: [حس] (¬1) مرور السِّواك على أسنانها. (ألا تسمعين) وفي نسخة "ألم تسمعي". (أبو عبد الرّحمن) كنية ابن عمر. ¬

_ (¬1) من (د).

ومر الحديث في الحجِّ، في باب: كم اعتمر النّبي - صلى الله عليه وسلم -؟ (¬1) 4255 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ سَمِعَ ابْنَ أَبِى أَوْفَى يَقُولُ: لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَتَرْنَاهُ مِنْ غِلْمَانِ الْمُشْرِكِينَ وَمِنْهُمْ، أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. [انظر: 1600 - فتح: 7/ 508] (سفيان) أي: ابن عيينة. ومر الحديث في غزوة الحديبية (¬2). 4256 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَقَال المُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَفْدٌ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، "وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ، أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إلا الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَزَادَ ابْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَامِهِ الَّذِي اسْتَأْمَنَ، قَال: "ارْمُلُوا" لِيَرَى المُشْرِكُونَ قُوَّتَهُمْ، وَالمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ. [انظر: 1602 - مسلم: 1266 - فتح: 7/ 508] (عن أَيّوب) أي: السختياني. ومر الحديث في باب: كيف كان بدء الرمل؟ (¬3) 4257 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "إِنَّمَا سَعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، لِيُرِيَ المُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ". [انظر: 1602 - مسلم: 1266 - فتح: 7/ 509] (محمّد) أي: ابن سلام. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (عن عطاء) أي: ابن رباح. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1775) كتاب: العمرة، باب: كم اعتمر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (4188) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية. (¬3) سبق برقم (1652) كتاب: الحجِّ، باب: كيف كان بدء الرمل؟

44 - باب غزوة مؤتة من أرض الشأم

(قعيقعان) بضم القاف الأولى وكسر الثاينة جبل بمكة (¬1)، ويقال لجبل بالأهواز أيضًا قاله الجوهري (¬2). 4258 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلالٌ، وَمَاتَتْ بِسَرِفَ. [انظر: 1837 - مسلم: 1410 - فتح: 7/ 509] (بسرف) موضع بين الحرمين (¬3). ومرَّ الحديث في الحجِّ، في باب: تزويج المحرم (¬4). 4259 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَزَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَأَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: "تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ فِي عُمْرَةِ القَضَاءِ". [انظر: 1837 - مسلم: 1410 - فتح: 7/ 509] (وزاد ابن إسحاق) زاد قبله في نسخة: "قال أبو عبد الله". 44 - بَابُ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّأْمِ (باب) ساقط من نسخة. (غزوة مؤتة) بضم المهملة وسكون الواو بلا همز. (من أرض الشّام) صفة لمؤتة، أو حال. 4260 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلالٍ، قَال: وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ: "أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جَعْفَرٍ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ قَتِيلٌ، فَعَدَدْتُ بِهِ ¬

_ (¬1) قعيقعان: هو اسم جبل بمكة، قيل: سمي بذلك؛ لأن قطوراء وجرهم لما تحاربوا قعقعت الأسلحة فيه. انظر: "معجم البلدان" 4/ 379. (¬2) "الصحاح" مادة [قعع] 3/ 1269. (¬3) سرف: هو موضع على ستة أميال من مكّة، وقيل: سبعة، وتسعة، واثني عشر، تزوج به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ميمونة بنت الحارث، وهناك بنى بها وهناك توفيت. انظر: "معجم البلدان" 3/ 212. (¬4) سبق برقم (1837) كتاب: جزاء الصَّيد، باب: تزويج المحرم.

خَمْسِينَ، بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ، لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي دُبُرِهِ" يَعْنِي فِي ظَهْرِهِ. [4261 - فتح: 7/ 510] (أحمد) أي: ابن صالح أبو جعفر المصري. (ليس منها) في نسخة: "ليس فيها". (يعني في ظهره) ساقط من نسخة. 4261 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ" قَال عَبْدُ اللَّهِ: كُنْتُ فِيهِمْ فِي تِلْكَ الغَزْوَةِ، فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ فِي القَتْلَى، وَوَجَدْنَا مَا فِي جَسَدِهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ، مِنْ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ". [انظر: 4260 - فتح: 7/ 510] 4262 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى زَيْدًا، وَجَعْفَرًا، وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَال: "أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ" وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ: "حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ". [انظر: 1246 - فتح: 7/ 512] (سيف من سيوف الله) هو خالد بن الوليد. ومرَّ الحديث في الجنائز، والجهاد وغيرهما (¬1). 4263 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَال: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: لَمَّا جَاءَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ، قَالتْ عَائِشَةُ: وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ صَائِرِ البَابِ، تَعْنِي مِنْ شَقِّ البَابِ، فَأَتَاهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1246) كتاب: الجنائز، باب: الرَّجل ينعى إلى أهل الميِّت بنفسه. وبرقم (2798) كتاب: الجهاد، باب: تمني الشهادة.

رَجُلٌ، فَقَال: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، قَال: وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، قَال: فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى، فَقَال: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُطِعْنَهُ، قَال: فَأَمَرَ أَيْضًا، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَال: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنَا، فَزَعَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ" قَالتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ تَفْعَلُ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ العَنَاءِ. [انظر: 1299 - مسلم: 935 - فتح: 7/ 512] (عبد الوهّاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (من العناء) أي: التعب. ومرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 4264 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَيَّا ابْنَ جَعْفَرٍ قَال: "السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ". [انظر: 3709 - فتح: 7/ 515] (عن عامر) أي: الشّعبيّ. (كان ابن عمر ...) إلخ. مرَّ في مناقب جعفر (¬2). 4265 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَال: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ، يَقُولُ: "لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إلا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ". [4266 - فتح: 7/ 515] (إبراهيم) أي: ابن المنذر الحزامي المدني، وفي نسخة بدل (إبراهيم) "أبو نعيم" أي: الفضل بن دكين وعليها جربها شيخنا. (سفيان) أي: الثوري. 4266 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، قَال: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ، يَقُولُ: "لَقَدْ دُقَّ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1299) كتاب: الجنائز، باب: من جلس عند المصيبة. (¬2) سبق برقم (3709) كتاب: فضائل الصّحابة، باب: مناقب جعفر بن أبي طالب.

45 - باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة

وَصَبَرَتْ فِي يَدِي صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَةٌ". [انظر: 4265 - فتح: 7/ 515] (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد الأحمسي. (صفيحة) أي: سيف عريض. 4267 - حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي وَاجَبَلاهْ، وَاكَذَا وَاكَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَال حِينَ أَفَاقَ: "مَا قُلْتِ شَيْئًا إلا قِيلَ لِي: آنْتَ كَذَلِكَ؟ [4268 - فتح: 7/ 516] (عن حصين) أي: ابن عبد الرّحمن. (تعدد عليه) أي: تذكر محاسنه. (أأنت كذلك؟) همزة الاستفهام الإنكاري. 4268 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْثَرُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، " قَال أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ بِهَذَا فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ. [انظر: 4267 - فتح: 7/ 516] (قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد. (عبثر) بسكون الموحدة وفتح المثلثة أي: ابن القاسم. (بهذا) أي: بما مَرَّ في الحديث السابق. 45 - بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الحُرُقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ (باب: بعث النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أُسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة) الحرقات: بضم المهملة وفتح الراء: نسبة إلى الحرقة واسمه: جهينة بن عامر بن ثعلبة بن مودعة بن جهينة، وسمي بالحرقة؛ لأنه حرق قومًا بالقتل وبالغ في ذلك، وجمعه باعتبار بطون تلك القبيلة.

4269 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو ظَبْيَانَ، قَال: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا القَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ، قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَال لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ" قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَمَا زَال يُكَرِّرُهَا، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ. [6872 - مسلم: 96 - فتح: 7/ 517] (عمرو بن محمّد) أي: الناقد. (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (حصين) أي: ابن عبد الرّحمن (أبو ظبيان) بفتح المعجمة وكسرها وسكون الموحدة: هو حصين بن جندب الكُوفيُّ. (رجلًا منهم) هو مرداس بن عمرو. (متعوذ) أي: من القتل. (حتى تمنيت) إلخ. قاله على سبيل المبالغة لا الحقيقة. 4270 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ، يَقُولُ: "غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ البُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ". [4271، 4272، 4273 - مسلم: 1815 - فتح: 7/ 517] (حاتم) أي: ابن إسماعيل المدني. (مرّة علينا) أي: مرّة يبعث علينا. 4271 - وَقَال عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ سَلَمَةَ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ البَعْثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، عَلَيْنَا مَرَّةً أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً أُسَامَةُ. [انظر: 4270 - مسلم: 1815 - فتح: 7/ 517] 4272 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَغَزَوْتُ مَعَ ابْنِ حَارِثَةَ اسْتَعْمَلَهُ

46 - باب غزوة الفتح

عَلَيْنَا. [انظر: 4270 - مسلم: 1815 - فتح: 7/ 517] (ابْن الأكوع) ساقط من نسخة. 4273 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَال " غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، فَذَكَرَ: خَيْبَرَ، وَالحُدَيْبِيَةَ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ، وَيَوْمَ القَرَدِ " قَال يَزِيدُ: "وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ". [انظر: 4270 - مسلم: 1815 - فتح: 7/ 517] (ونسيت بقيتهم) يعني: بقية الغزوات فذكر باعتبار أربابها. 46 - بَابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ وَمَا بَعَثَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِغَزْو النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب) ساقط من نسخة. (غزوة الفتح) أي: فتح مكّة. (وما بعث به حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكّة يخبرهم بغزو النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) عطف على غزوة الفتح. 4274 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَال: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ، وَالمِقْدَادَ، فَقَال: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوا مِنْهَا" قَال: فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، قُلْنَا لَهَا: أَخْرِجِي الكِتَابَ، قَالتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ، أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، قَال: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، إِلَى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنَ المُشْرِكِينَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟ " قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي

47 - باب غزوة الفتح في رمضان

كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، يَقُولُ: كُنْتُ حَلِيفًا، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، وَلَا رِضًا بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلامِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ"، فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، فَقَال: "إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْرًا فَقَال: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الحَقِّ} [الممتحنة: 1]- إِلَى قَوْلِهِ - {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [البقرة: 108] [انظر: 3007 - مسلم: 2494 - فتح: 7/ 519] (سفيان) أي: ابن عيينة. (فإن بها ظعينة) أي: امرأة في هودج اسمها: سارة، أو كنود. (أو لنُلقين) إلخ. ساقط من نسخة. ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: الجاسوس (¬1). 47 - بَابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ فِي رَمَضَانَ (باب: غزوة الفتح في رمضان) أَي: بيانها. 4275 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا غَزْوَةَ الفَتْحِ فِي رَمَضَانَ"، قَال: وَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الكَدِيدَ - المَاءَ الَّذِي بَيْنَ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ - أَفْطَرَ، فَلَمْ يَزَلْ مُفْطِرًا حَتَّى انْسَلَخَ الشَّهْرُ". [انظر: 1944 - مسلم: 1113 - فتح 8/ 3] (عن عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3007) كتاب: الجهاد، باب: الجاسوس.

(غزوة الفتح) أي: فتح مكة. (الماء) بدل من (الكديد) أو عطف بيان له. ومرَّ الحديث في الصوم في باب: إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر (¬1). 4276 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَال: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ المَدِينَةِ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلافٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ المَدِينَةَ، فَسَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ، يَصُومُ وَيَصُومُونَ، حَتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ، وَهُوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ، وَقُدَيْدٍ أَفْطَرَ وَأَفْطَرُوا"، قَال الزُّهْرِيُّ: "وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآخِرُ فَالْآخِرُ". [انظر: 1944 - مسلم: 1113 - فتح: 8/ 3] (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (وذلك على رأس ثمان سنين ونصف، من مقدمه المدينة) استشكل بأنه قدم المدينة في هجرته في ربيع الأول، فإن كان قد أرخ به فيكون سبع سنين ونصف، أو بأول المحرم فيكون سبع سنين وتسعة أشهر فما وجه ثمان سنين ونصف؟ فأجاب عنه شيخنا بما فيه تكلف وبعد أن ذكر أن رواية ثمان سنين ونصف وَهْمٌ وأن الصواب: سبع سنين ونصف (¬2). (فسار هو ومن معه) في نسخة: "فسار بمن معه". ومرَّ الحديث في الباب المذكور آنفا. 4277 - حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1944) كتاب: الصوم، باب: إذا صام أياما من رمضان. (¬2) "الفتح" 8/ 504.

عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ، وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ، فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ، دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ، فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحَتِهِ، أَوْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ فَقَال المُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ: أَفْطِرُوا. [انظر: 1944 - مسلم: 1113 - فتح 8/ 3] (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الله السامي. (خالد) أي: الحذاء. (خرج) النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان إلى حنين) استشكل بأن المحفوظ أنَّ خروجه إلى حنين كان في شوال؛ لأن مكة فتحت في سابع عشر رمضان، وأقام بها تسعة عشر يومًا يصلي ركعتين فيكون خروجه في شوال لا في رمضان، وأجيب: بأن المراد من خروجه في رمضان: قصد خروجه، وأما خروجه فكان في شوال. و (حنين) بالتصغير: واد بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا (¬1). (والناس مختلفون فصائم ومفطر) أي: فبعضهم صائم وبعضهم مفطر، ويحتمل أنهم مختلفون في أنه - صلى الله عليه وسلم - صائم أو مفطر. (أو ماء) الشك فيه وفيما بعده من الراوي. (للصوام) في نسخة: (للصوم) بلا ألف. 4278 - وَقَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ، وَقَال حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1944 - مسلم: 1113 - فتح 8/ 3] (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (عن ابن عباس) ساقط من نسخة. (عن أيوب) أي: السختياني. ¬

_ (¬1) حنين: وادٍ قريب من مكة وقيل: قبل الطائف، وقيل: وادٍ بجنب ذي المجاز، بينه وبين مكة ثلاث ليال، ويذكر ويؤنث إن قصد به البلد ذكرته وصرفته، وإنْ قصد به البلدة أنثته ولم تصرفه. انظر: "معجم البلدان" 2/ 313.

48 - باب: أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح؟

4279 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَشَرِبَ نَهَارًا لِيُرِيَهُ النَّاسَ، فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ" قَال: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ، وَأَفْطَرَ فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ". [انظر: 1944 - مسلم: 1113 - فتح 8/ 3] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. ومرَّ الحديث في باب: من أفطر في السفر ليراه الناس (¬1). 48 - بَابٌ: أَيْنَ رَكَزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ يَوْمَ الفَتْحِ؟ (باب) ساقط من نسخة. (أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح) أي: فتح مكة. 4280 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ، يَلْتَمِسُونَ الخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَال أَبُو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ، لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ؟ فَقَال بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو، فَقَال أَبُو سُفْيَانَ: عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَال لِلْعَبَّاسِ: "احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الخَيْلِ، حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى المُسْلِمِينَ". فَحَبَسَهُ العَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ القَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ، قَال: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ؟ قَال: هَذِهِ غِفَارُ، قَال: مَا لِي وَلِغِفَارَ، ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ، قَال مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ فَقَال مِثْلَ ذَلِكَ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1948) كتاب: الصوم، باب: من أفطر في السفر ليراه الناس.

وَمَرَّتْ سُلَيْمُ، فَقَال مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، قَال: مَنْ هَذِهِ؟ قَال: هَؤُلاءِ الأَنْصَارُ، عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ، فَقَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، اليَوْمَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ، اليَوْمَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ، فَقَال أَبُو سُفْيَانَ: يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ، ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ، وَهِيَ أَقَلُّ الكَتَائِبِ، فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي سُفْيَانَ قَال: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَال: "مَا قَال؟ " قَال: كَذَا وَكَذَا، فَقَال: "كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الكَعْبَةُ" قَال: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالحَجُونِ قَال عُرْوَةُ، وَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَال: سَمِعْتُ العَبَّاسَ، يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ؟ [انظر: 297] قَال: "وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُدَا، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ رَجُلانِ: حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ جابِرٍ الفِهْرِيُّ. [فتح 8/ 5] (عن هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. (وبديل) بضم الموحدة وفتح المهملة. (مرَّ الظهران) موضع بقرب مكة (¬1). (قال للعباس: احبس أبا سفيان عند حطم) بحاء وطاء ساكنة مهملتين. (الخيل) بخاء معجمة وتحتية أي: عند ازدحامها، وفي نسخة: "خطم الجبل" بخاء معجمة وجيم وموحدة أي: عند أنفه: وهو البارز منه إذا حطم، أي: ثلم وإنما أمر بحبسه ثم؛ لأنه موضع ضيق فلا يفوته رؤية أحد من المارين به. (ما ¬

_ (¬1) الظهران: هو فعلان ثم يحتمل أن يكون من أشياء كثيرة، فيجوز أن يكون من الظهر ضد البطن ومن الظاهر ضد الباطن، ومن قولهم: هو بين أظهرنا وظهرانينا. انظر: "معجم البلدان" 4/ 63.

لي ولغفار) أي: ما كان بيني وبينهم حرب. (اليوم يوم الملحمة) بفتح ميم الملحمة أي: يوم الحرب. (تستحل الكعبة) بالبناء للمفعول أي: يحل القتل عندها. (يوم الدمار) بمهملة أي: يوم الهلاك، أما بالمعجمة: فهو ما يحق على الرجل أن يحميه، ومنه قوله: فلان حامي الذمار ذكره الجوهري (¬1) وبذلك علم أن ضبطه هنا بالمعجمة سهو. (وراية النبي) في نسخة: "وراية رسول الله". (من كداء) بفتح الكاف والمد وهو أعلى مكة. (ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - من كدا) بضم الكاف والقصر وهو أسفل مكة (¬2)، وهذا مخالف لما يأتي من أنه - صلى الله عليه وسلم - يدخل من أعلى مكة. (فقتل من خيل خالد) أي: من ركابها. 4281 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، يَقُولُ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ، وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ يُرَجِّعُ". وَقَال: لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِي لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ. [4835، 5034، 5047، 7540 - مسلم: 794 - فتح: 8/ 13] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (وقال) أي: معاوية بن قرة الراوي. (كما رجع) أي: ابن مغفل. 4282 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ قَال زَمَنَ الفَتْحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ؟ ". [انظر: 1588 - مسلم: 1351 - فتح 8/ 13] ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [ذمر] 2/ 665. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 439.

4283 - ثُمَّ قَال: "لَا يَرِثُ المُؤْمِنُ الكَافِرَ، وَلَا يَرِثُ الكَافِرُ المُؤْمِنَ" قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: وَمَنْ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ؟ قَال: "وَرِثَهُ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ"، قَال مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: "أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا فِي حَجَّتِهِ؟ " وَلَمْ يَقُلْ يُونُسُ: "حَجَّتِهِ وَلَا زَمَنَ الفَتْحِ". [6764 - مسلم: 1614 - فتح: 8/ 14] (وهل ترك لنا عقيل) إلخ مرَّ في الحج في باب: توريث دور مكة وبيعها وشرائها (¬1). 4284 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْزِلُنَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِذَا فَتَحَ اللَّهُ - الخَيْفُ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ". [انظر: 1589 - مسلم: 1314 - فتح: 8/ 14] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن عبد الرحمن) أي: ابن هرمز الأعرج. (الخيف) ما انحدر عن غلظ الجبل. (تقاسموا) أي: تحالفوا. 4285 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا: "مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ". [انظر: 1589 - مسلم: 1314 - فتح: 8/ 14] 4286 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ المِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَال: ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ، فَقَال: "اقْتُلْهُ"، قَال مَالِكٌ: "وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا". [انظر: 1846 - مسلم: 1357 - فتح: 8/ 15] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1588) كتاب: الحج، باب: توريث دور مكة.

(المغفر) زرد ينسج على قدر الرأس يلبس تحته القلنسوة (ابن خطل) هو عبد الله. 4287 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَحَوْلَ البَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاثُ مِائَةِ نُصُبٍ فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ: "جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ، جَاءَ الحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ البَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ" [سبأ: 49]. [انظر: 2478 - مسلم: 1781 - فتح: 8/ 15] (ابن أبي نجيح) هو عبد الله. (عن أبي معمر) هو عبد الله بن سخبرة. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (يطعنها) بضم العين على الراجح. ومرَّ الحديث في كتاب: المظالم في باب: هل تكسر الدنان (¬1). 4288 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، أَبَى أَنْ يَدْخُلَ البَيْتَ وَفِيهِ الآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ، فَأُخْرِجَ صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا مِنَ الأَزْلامِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، لَقَدْ عَلِمُوا: مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ"، ثُمَّ دَخَلَ البَيْتَ، فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِي البَيْتِ، وَخَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَال: وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 398 - مسلم: 1331 - فتح 8/ 16] (إسحاق) أي: ابن منصور الكوسج. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (وفيه الآلهة) أي: الأصنام التي يسميها المشركون بالآلهة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2478) كتاب: المظالم، باب: هل تكسر الدنان التي فيها الخمر.

49 - باب دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعلى مكة

(قاتلهم الله) أي: لعنهم، ومز الحديث في الحج وغيره (¬1). (تابعه) أي: عبد الصمد. (وهيب) أي: ابن خالد العجلاني. 49 - باب دُخُولُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ. (باب ساقط من نسخة. دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعلى مكة) أي: عام الفتح. 4289 - وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ يَوْمَ الفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُرْدِفًا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَمَعَهُ بِلالٌ، وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ مِنَ الحَجَبَةِ، حَتَّى أَنَاخَ فِي المَسْجِدِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِفْتَاحِ البَيْتِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَمَكَثَ فِيهِ نَهَارًا طَويلًا، ثُمَّ خَرَجَ" فَاسْتَبَقَ النَّاسُ، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ، فَوَجَدَ بِلالًا وَرَاءَ البَابِ قَائِمًا، فَسَأَلَهُ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَشَارَ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ؟ [انظر: 397 - مسلم: 1392 - فتح: 8/ 18] (من الحجبة) أي: حجبة الكعبة الذين معهم مفتاحها. (من سجدة) أي: من ركعة. ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: الردف على الحمار (¬2). 4290 - حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَامَ الفَتْحِ مِنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1601) كتاب: الحج، باب: من كبر في نواحي مكة. وبرقم (3352) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)} [النساء: 125]. (¬2) سبق برقم (2988) كتاب: الجهاد، باب: الردف على الحمار.

50 - باب منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح

كَدَاءٍ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَوُهَيْبٌ، فِي كَدَاءٍ. [انظر: 1577 - مسلم: 1258 - فتح: 8/ 18] 4291 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، "دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ". [انظر: 1577 - مسلم: 1258 - فتح: 8/ 18] (من كداء) بفتح الكاف والمد. (تابعه) أي: حفص بن ميسرة. (ووهيب) أي: ابن خالد. 50 - بَابُ مَنْزِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفَتْحِ (باب: منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح) أي: فتح مكة. 4292 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرَ أُمِّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا ذَكَرَتْ: "أَنَّهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ"، قَالتْ: "لَمْ أَرَهُ صَلَّى صَلاةً أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ". [انظر: 1103 - مسلم: 336 - فتح 8/ 19] (عن عمرو) أي: ابن مرة. (ما أخبرنا أحد) إلخ مرَّ في الصلاة في باب: صلاة الضحى في السفر (¬1). 51 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. 4293 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1176) كتاب: التهجد، باب: صلاة الضحى في السفر.

أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي". [انظر: 794 - مسلم: 484 - فتح: 8/ 19] (غندر) لقب محمد بن جعفر. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (وبحمدك) الواو للحال ومرَّ الحديث في باب: الدعاء في الركوع (¬1). 4294 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الفَتَى مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَال: "إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ" قَال: فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ قَال: وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إلا لِيُرِيَهُمْ مِنِّي، فَقَال: مَا تَقُولُونَ فِي إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا نَدْرِي، أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا، فَقَال لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَكَذَاكَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: لَا، قَال: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَاكَ عَلامَةُ أَجَلِكَ: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا. قَال عُمَرُ: "مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إلا مَا تَعْلَمُ". [انظر: 3627 - فتح: 8/ 20] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (وما رُويته) بضم الراء في نسخة: "أريته" بهمزة مضمومة، وفي أخرى: "رأيته" أي: ظننته. (ليريهم مني) أي: سبب دخولي معهم، أو ¬

_ (¬1) سبق برقم (794) كتاب: الأذان، باب: الدعاء في الركوع.

بعض فضيلتي فمن سببية، أو تبعيضية. (يا ابن عباس) في نسخة: "ابن عباس،. (وقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم) وروي عنه أنه لما سمعها بكى، وقال: الكمال دليل الزوال، أراد بالكمال: النصر والفتح. 4295 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ العَدَويِّ، أَنَّهُ قَال: لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ يَبْعَثُ البُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ، أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغَدَ يَوْمَ الفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَال: "إِنْ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرًا، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ " فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ مَاذَا قَال لَكَ عَمْرٌو؟ قَال: قَال: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلَا فَارًّا بِدَمٍ، وَلَا فَارًّا بِخَرْبَةٍ قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الخَرْبَةُ: البَلِيَّةُ. [انظر: 104 - مسلم: 1354 - فتح: 8/ 20] (عن المقبري) هو سعيد بن كيسان. (عن أبي شريح) هو خويلد. (سمعته أذناي ...) إلخ تأكيد لقوله: (قولًا قام به). (حمد الله ...) إلخ، بيان لقوله: (قولا قام به ...) إلخ (بخربةٍ) بفتح المعجمة وضمها وسكون الراء أي: بسببها. ومرَّ الحديث بشرحه في باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب (¬1). 4296 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (104) كتاب: العلم، باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب.

52 - باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح

الفَتْحِ: وَهُوَ بِمَكَّةَ "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ". [انظر: 2236 - مسلم: 1581 - فتح: 8/ 20] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (إن الله ورسوله حرَّم) أي: حرم كلًّا منهما، ومرَّ الحديث في كتاب: البيع في باب: بيع الميتة (¬1). 52 - بَابُ مَقَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ زَمَنَ الفَتْحِ (باب: مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمن الفتح) بضم الميم، أي: بيان إقامته بها. 4297 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، ح حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَقَمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرًا نَقْصُرُ الصَّلاةَ". [انظر: 1081 - مسلم: 693 - فتح 8/ 21] (سفيان) أي: الثَّوريُّ. ومرَّ الحديث والذي بعده في الصلاة، في باب: ما جاء في التقصير (¬2). 4298 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ". [انظر: 1080 - فتح: 8/ 21] (عبدان) لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة. (عبد الله) أي: ابن المبارك (عاصم) أي: الأحول. 4299 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "أَقَمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ تِسْعَ عَشْرَةَ نَقْصُرُ الصَّلاةَ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "وَنَحْنُ نَقْصُرُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا زِدْنَا أَتْمَمْنَا". [انظر: 1080 - فتح: 8/ 21] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2236) كتاب: البيوع، باب: بيع الميتة والأصنام. (¬2) سبق برقم (1081) كتاب: تقصير الصلاة، باب: ما جاء في التقصير.

53 - باب

(ما بيننا) أي: من الصلوات فإذا زدنا، أي: في الإقامة على (تسعة عشر يوما). 53 - باب (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه، بل هو ساقط من نسخة. 4300 - وَقَال اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَسَحَ وَجْهَهُ عَامَ الفَتْحِ. [6356 - فتح: 8/ 22] 4302 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَال: قَال لِي أَبُو قِلابَةَ: أَلا تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ؟ قَال فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَال: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ، مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ، أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْ: أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الكَلامَ، وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي، وَكَانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلامِهِمُ الفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الفَتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلامِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَال: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا، فَقَال: "صَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا". فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقَالتِ امْرَأَةٌ مِنَ الحَيِّ: أَلا تُغَطُّوا عَنَّا

اسْتَ قَارِئِكُمْ؟ فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ القَمِيصِ. [فتح: 8/ 22] (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي. (ألا تلقاه) أي: عمرو بن سلمة. (ما هذا الرجل؟) سألوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن حال العرب معه. (فكأنما يغرى) (¬1) بالبناء للمفعول من التغرية وهي الإلصاق بالغراء أي: يلصق في صدري فأحفظه وفي نسخة بدل (يغرى): "يقر" بضم الياء وفتح القاف وتشديد الراء، وفي أخرى: "يقرى" بزيادة ألف مقصورة من التقرية وهي الجمع، وفي أخرى: "يقرأ" بسكون القاف وبالهمز من القراءة. (تلوم) بفتح الفوقية واللام وتشديد الواو وأصله: تتلوم فحذفت إحدى التائين وهو مشتق من التلوم وهو الانتظار أي: تنتظر (بإسلامهم الفتح) أي: فتح مكة. (وبدر أبي قومي بإسلامهم) أي: عاجلهم، أو عجلهم به قال في "القاموس" بدر غيره وإليه عاجله وبدره الأمر، وإليه عجل إليه واستبق (¬2). (فقدموني بين أيديهم) أي: لأصلي بهم. (بردة) أي: شملة مخططة. (ألا تغطوا) بحذف النون حالة الرفع في لغة، وفي نسخة: "ألا تغطون" بإثباتها على الأصل. 4303 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ¬

_ (¬1) كذا رواية الإسماعيلي بغين معجمة وراء ثقيلة، أي: يلصق بالغِراء، ورجحها القاضي عياض، وعند الكشميهيني "يقر" بضم أوله وفتح القاف وتشديد الراء من القرار. (¬2) "القاموس" مادة [بدر] ص 347.

عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ: أَنْ يَقْبِضَ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وَقَال عُتْبَةُ: إِنَّهُ ابْنِي، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي الفَتْحِ، أَخَذَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلَ مَعَهُ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَال سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: هَذَا ابْنُ أَخِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، قَال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَخِي هَذَا ابْنُ زَمْعَةَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ" مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ" لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَال ابْنُ شِهَابٍ: قَالتْ عَائِشَةُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ" وَقَال ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَصِيحُ بِذَلِكَ. [انظر: 2053 - مسلم: 1457 - فتح: 8/ 23] (واحتجبي منه يا سودة) الأمر فيه للندب والإحتياط. ومرَّ الحديث في باب: تفسير المشبهات (¬1). 4304 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ الفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ، قَال عُرْوَةُ: فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فِيهَا، تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَتُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ"، قَال أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا كَانَ العَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ خَطِيبًا، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ: أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا " ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتِلْكَ المَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَتَزَوَّجَتْ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2053) كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات.

قَالتْ عَائِشَةُ: "فَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 2648 - مسلم: 1688 - فتح: 8/ 24] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (أن امرأة) اسمها: فاطمة المخزومية. ومرَّ الحديث في باب: شهادة القاذف (¬1). 4305، 4306 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي مُجَاشِعٌ، قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَخِي بَعْدَ الفَتْحِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الهِجْرَةِ. قَال: "ذَهَبَ أَهْلُ الهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا". فَقُلْتُ: "عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟ قَال: "أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلامِ، وَالإِيمَانِ، وَالجِهَادِ" فَلَقِيتُ مَعْبَدًا بَعْدُ، وَكَانَ أَكْبَرَهُمَا، فَسَأَلْتُهُ فَقَال: "صَدَقَ مُجَاشِعٌ". [انظر: 2962، 2963 - مسلم: 1863 - فتح: 8/ 25] (زهير) أي: ابن معاوية. (عاصم) أي: ابن سليمان. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل النهدي. (مجاشع) أي: ابن مسعود بن ثعلبة السلمي. (بأخي) اسمه: مجالد. 4307، 4308 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ، انْطَلَقْتُ بِأَبِي مَعْبَدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الهِجْرَةِ قَال: "مَضَتِ الهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا، أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلامِ وَالجِهَادِ" فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَال: "صَدَقَ مُجَاشِعٌ" وَقَال خَالِدٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُجَاشِعٍ، أَنَّهُ جَاءَ بِأَخِيهِ مُجَالِدٍ. [فتح: 8/ 25] (أبا معبد) كنيته: مجالد، وفي نسخة: بدل (أبا معبد): "معبدا" ¬

_ (¬1) سبق برقم (2648) كتاب: الشهادات، باب: شهادة القاذف.

ومرَّ الحديث، والذي بعده في الجهاد، في باب: البيعة في الحرب أن لا يفروا (¬1). 4309 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُهَاجِرَ إِلَى الشَّأْمِ، قَال: "لَا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ، فَانْطَلِقْ فَاعْرِضْ نَفْسَكَ، فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا وَإِلَّا رَجَعْتَ". [انظر: 3899 - فتح: 8/ 25] (غندر) لقب محمد بن جعفر. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (فإن وجدت شيئًا) أي: من الجهاد، أو من القدرة عليه فذاك. 4310 - وَقَال النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: فَقَال: "لَا هِجْرَةَ اليَوْمَ أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" مِثْلَهُ. [انظر: 3899 - فتح: 8/ 25] (النضر) أي: ابن شميل. 4311 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ المَكِّيِّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَقُولُ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ". [انظر: 3899 - فتح: 8/ 25] (أبو عمرو) هو الأوزاعي. 4312 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَسَأَلَهَا عَنِ الهِجْرَةِ، فَقَالَتْ: «لاَ هِجْرَةَ اليَوْمَ، كَانَ المُؤْمِنُ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا اليَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الإِسْلاَمَ، فَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2962) كتاب: الجهاد، باب: البيعة في الحرب.

54 - باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم}

شَاءَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ". [انظر: 3080 - مسلم: 1864 - فتح: 8/ 25] (كان المؤمن) المناسب لما بعده "المؤمنون" كما وجد في نسخة مصلحًا، ومرَّ الحديث في الهجرة (¬1). 4313 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ الفَتْحِ فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحْلِلْ لِي قَطُّ إلا سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ، لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلاهَا، وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلا لِمُنْشِدٍ". فَقَال العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ: إلا الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْقَيْنِ وَالبُيُوتِ، فَسَكَتَ ثُمَّ قَال: "إلا الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ حَلالٌ" وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الكَرِيمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمِثْلِ هَذَا أَوْ نَحْو هَذَا. [انظر: 1349 - مسلم: 1353 - فتح: 8/ 26] رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1112 - مسلم: 1355] (إسحاق) أي: ابن منصور، أو ابن نصر. (أبو عاصم) أي: النبيل. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عبد الكريم) أي: ابن مالك الجزري. ومرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬2). 54 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ¬

_ (¬1) سبق برقم (3080) كتاب: الجهاد والسير، باب: لا هجرة بعد الفتح. (¬2) سبق برقم (112) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم.

ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ} [التوبة: 25 - 27] إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)} [التوبة: 27] [فتح: 8/ 27] (باب: قول الله تعالى: ({وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ} [التوبة: 25]) (إذ) بدل من (يوم) أي: واذكر يوم حنين إذ أعجبتكم ({كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ}) [التوبة: 25، 26] إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)} [التوبة: 27] في نسخة: "باب: غزوة حنين وقول الله - عزَّ وجلَّ -: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} [التوبة: 25]- إلى - {غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)} [التوبة: 27] 4314 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى ضَرْبَةً قَال: "ضُرِبْتُهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ" قُلْتُ: شَهِدْتَ حُنَيْنًا؟ قَال: قَبْلَ ذَلِكَ. [فتح: 8/ 27] (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد (ابن أبي أوفى) هو عبد الله. 4315 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَال: يَا أَبَا عُمَارَةَ أَتَوَلَّيْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَال: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ، وَلَكِنْ عَجِلَ سَرَعَانُ القَوْمِ، فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، يَقُولُ: "أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ". [انظر: 2864 - مسلم: 1776 - فتح: 8/ 27] (سفيان) أي: الثَّوريُّ. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (يا أبا عمارة) كنية البراء. (سرعان القوم) أي: أوائلهم. (فرشقتهم) أي: رمتهم. (هوازن) قبيلة معروفة. (أنا النبي ...) إلخ. فيه: دليل على جواز قول الإنسان في الحرب: أنا فلان وأنا ابن فلان.

ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 4316 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قِيلَ لِلْبَرَاءِ: وَأَنَا أَسْمَعُ أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَال: أَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا كَانُوا رُمَاةً، فَقَال: "أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ". [انظر: 2864 - مسلم: 1776 - فتح: 8/ 28] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (كانوا) أي: هوازن. 4317 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ البَرَاءَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَال: لَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفِرَّ، كَانَتْ هَوَازِنُ رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ انْكَشَفُوا، فَأَكْبَبْنَا عَلَى الغَنَائِمِ، فَاسْتُقْبِلْنَا بِالسِّهَامِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الحَارِثِ آخِذٌ بِزِمَامِهَا، وَهُوَ يَقُولُ: "أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ" قَال إِسْرَائِيلُ، وَزُهَيْرٌ: "نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَغْلَتِهِ". [انظر: 2864 - مسلم: 1776 - فتح: 8/ 28] (انكشفوا) أي: انهزموا. (فأكببنا) أي: وقعنا. (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (زهير) أي: ابن معاوية. 4318، 4319 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ح وحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، قَال: مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ، وَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ مَرْوَانَ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا المَال، وَقَدْ كُنْتُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2873) كتاب: الجهاد، باب: بغلة النّبي - صلى الله عليه وسلم - البيضاء.

اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ". وَكَانَ أَنْظَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إلا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ" فَقَال النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ" فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ. [انظر: 2307، 2308 - فتح: 8/ 32] (سعيد بن عفير) هو سعيد بن كثير بن عفير. (عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (أن مروان) أي: ابن الحكم الأموي. (ابن أخي ابن شهاب) هو محمد بن شهاب الزهريّ. (معي من ترون) أي: من الصحابة. (استأنيت بكم) أي: أخرت قسم السبي بسببكم؛ لتحضروا وفي نسخة: "لكم" بدل (بكم). (حين قفل) أي: رجع. ومرَّ الحديث في باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين (¬1). 4320 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. ح حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا قَفَلْنَا مِنْ حُنَيْنٍ، سَأَلَ عُمَرُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3131) كتاب: فرض الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين.

النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَذْرٍ كَانَ نَذَرَهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ، اعْتِكَافٍ: "فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَفَائِهِ" وَقَال: بَعْضُهُمْ، حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2032 - مسلم: 1656 - فتح: 8/ 34] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (عن أيوب) أي: السختياني. (أن ابن عمر قال: يا رسول الله) مرَّ تامًّا في الخمس بلفظ: "رسول الله". (إنه كان على اعتكاف يوم في الجاهلية) (¬1) إلخ. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (وقال بعضهم) هو أحمد بن عبدة الضبي. (حماد) أي: ابن زيد بن درهم. 4321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا التَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ المُشْرِكِينَ قَدْ عَلا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَضَرَبْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ بِالسَّيْفِ فَقَطَعْتُ الدِّرْعَ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ المَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ المَوْتُ فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَال: أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ رَجَعُوا، وَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ" فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ، قَال: ثُمَّ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ، قَال: ثُمَّ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، فَقُمْتُ، فَقَال: "مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ ". فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال رَجُلٌ: صَدَقَ، وَسَلَبُهُ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنِّي، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: لاهَا اللَّهِ إِذًا، لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعْطِيَكَ سَلَبَهُ، فَقَال ¬

_ (¬1) سبق برقم (3144) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم.

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ، فَأَعْطِهِ". فَأَعْطَانِيهِ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلامِ. [انظر:. 2100 - مسلم: 1751 - فتح: 8/ 34] (جولة) أي: اضطراب وتقدم وتأخر. (ريح الموت) أي: شدة كشدة الموت. (فأرسلني) أي: أطلقني. (ثم رجعوا) أي: المسلمون. (فأرضِه مني) في نسخة: "فأرضه منه". (لاها الله) بقطع الهمزة ووصلها وكلاهما مع إثبات الهاء وحذفها فهي أربعة أوجه: والهاء للتنبيه وقد يقسم بها كما هنا. ومرَّ الحديث في الجهاد في باب: من لم يخمس الأسلاب (¬1). 4322 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنَ المُشْرِكِينَ، وَآخَرُ مِنَ المُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَأَسْرَعْتُ إِلَى الَّذِي يَخْتِلُهُ، فَرَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَنِي وَأَضْرِبُ يَدَهُ فَقَطَعْتُهَا، ثُمَّ أَخَذَنِي فَضَمَّنِي ضَمًّا شَدِيدًا، حَتَّى تَخَوَّفْتُ، ثُمَّ تَرَكَ، فَتَحَلَّلَ، وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ، وَانْهَزَمَ المُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ، فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَال: أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ" فَقُمْتُ لِأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِي، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سِلاحُ هَذَا القَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: كَلَّا لَا يُعْطِيهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللَّهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدَّاهُ إِلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلامِ. [انظر: 2100 - مسلم: 1751 - فتح: 8/ 36] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3142) كتاب: فرض الخمس، باب: من لم يخمس الأسلاب.

(حتى تخوفت) أي: الهلاك. (ثم ترك) أي: تركني. (أصيبغ) بضم الهمزة وفتح المهملة وكسر الموحدة بعدها غين معجمة تصغير أصبغ وهو: نوع من الطير ضعيف، شبهه به؛ لعجزه وهوانه، وفي نسخة: بمعجمة ثم مهملة تصغير ضبع على غير قياس شبهه به؛ لضعف افتراسه وما يوصف به من العجز. (فأداه) أي: السلب. (فاشتريت منه خِرافا) هو اسم ما يخرف من الثمار، وأراد بستان خراف فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. (تأثلته) أي: قنيته. ومرَّ الحديث في الباب المذكور آنفا.

55 - باب غزوة أوطاس

55 - بَابُ غَزْوَةِ أَوْطَاسٍ (باب) ساقط من نسخة: (غزاة أوطاس)، وفي نسخة: "غزوة أوطاس" وهو وادٍ في ديار هوازن (¬1). 4323 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ، قَال أَبُو مُوسَى: وَبَعَثَنِي مَعَ أَبِي عَامِرٍ، فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ، رَمَاهُ جُشَمِيٌّ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ فِي رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا عَمِّ مَنْ رَمَاكَ؟ فَأَشَارَ إِلَى أَبِي مُوسَى فَقَال: ذَاكَ قَاتِلِي الَّذِي رَمَانِي، فَقَصَدْتُ لَهُ فَلَحِقْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى، فَاتَّبَعْتُهُ وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ: أَلا تَسْتَحْيِي، أَلا تَثْبُتُ، فَكَفَّ، فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ لِأَبِي عَامِرٍ: قَتَلَ اللَّهُ صَاحِبَكَ، قَال: فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ المَاءُ، قَال: يَا ابْنَ أَخِي أَقْرِئِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلامَ، وَقُلْ لَهُ: اسْتَغْفِرْ لِي. وَاسْتَخْلَفَنِي أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ، فَمَكُثَ يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ، فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ، وَقَال: قُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِي، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ". وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ". فَقُلْتُ: وَلِي فَاسْتَغْفِرْ، فَقَال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا" قَال أَبُو بُرْدَةَ: إِحْدَاهُمَا لِأَبِي عَامِرٍ، وَالأُخْرَى لِأَبِي مُوسَى. [انظر: 2884 - مسلم: 2498 - فتح: 8/ 41] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (أبا عامر) هو عبيد بن سليم بن ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 281.

56 - باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان

حصار الأشعري. (فقتل دريد) قتله ربيعة بن رفيع بن وهبان بن ثعلبة السلمي، أو الزبير بن العوام. (وهزم الله أصحابه) أي: أصحاب دريد. (وبعثني) أي: رسول الله - صلى الله عليه سلم-. (جشمي) أي: رجل جشمي بضم الجيم نسبة إلى بني جشم واسمه: سلمة بن دريد بن الصفة أو أوفى أو العلاء بن الحارث. (مرسل) اسم مفعول من أرمل، أو من رمَّل بالتشديد، أي: منسوج بالرمال: وهي جبال الحصير التي يظفر (¬1) بها الأسرة. 56 - بَابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ قَالهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. (باب: غزوة الطائف في شوال سنة ثمان) الطائف: بلد كبير مشهور كثير الأعناب والنخيل على ثلاث مراحل أو ثنتين من مكة من جهة المشرق (¬2). 4324 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، سَمِعَ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدِي مُخَنَّثٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ [أَبِي] أُمَيَّةَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلاءِ عَلَيْكُنَّ" قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ: المُخَنَّثُ: هِيتٌ، حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ: بِهَذَا، وَزَادَ وَهُوَ مُحَاصِرُ الطَّائِفِ يَوْمَئِذٍ. [5235، 5887 - مسلم: 2180 - فتح: 8/ 43] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (هشام) ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي "الفتح" "يضفر". (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 8.

أي: ابن عروة بن الزبير. (أبو أمية) في نسخة: "ابن أبي أمية". (أرأيت) أي: أخبرني (فعليك بابنه غيلان) اسمها: بادية ضد الحاضرة، وقيل: بادنة بنون بدل الياء. (فإنها تقبل بأربع) أي: من العكن. (وتدبر بثمان) أي: منها، والعكنة بضم العين: ما انطوى وتثنى من لحم البطن سِمنا، والمراد: إن أطراف العكن الأربع التي في بطنها تظهر في الوراء ثمانية، وإنما شاع حذف الثامن بأربعة وثمانية مع أن الأطراف مذكر لعدم ذكر المعدود. (المخنث: هيت) بكسر الهاء أي: اسمه: هيت. (محمود) أي: ابن غيلان. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. 4325 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ الشَّاعِرِ الأَعْمَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّائِفَ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا، قَال: "إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: نَذْهَبُ وَلَا نَفْتَحُهُ، وَقَال مَرَّةً: "نَقْفُلُ". فَقَال: "اغْدُوا عَلَى القِتَالِ". فَغَدَوْا فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَال: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَأَعْجَبَهُمْ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال سُفْيَانُ مَرَّةً، فَتَبَسَّمَ، قَال: قَال الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الخَبَرَ كُلَّهُ. (سفيان) أي: عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (الخير كله) في نسخة: "بالخير كله". 4326، 4327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ سَعْدًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَبَا بَكْرَةَ، وَكَانَ تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِي أُنَاسٍ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالا: سَمِعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ".وَقَال هِشَامٌ: وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، أَوْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَال: سَمِعْتُ سَعْدًا وَأَبَا بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَال: عَاصِمٌ قُلْتُ: "لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلانِ حَسْبُكَ بِهِمَا، قَال: أَجَلْ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَنَزَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَالِثَ ثَلاثَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الطَّائِفِ. [6766، 6767 - مسلم: 63 - فتح: 8/ 45] (تسور حصن الطائف) أي: سعد إلى أعلاه. (وأبا بكرة) كني بذلك؛ لأنه تدلى من حصن الطائف ببكرة. (قال: أجل) أي: نعم. (من الطائف) أي: من أهله. 4328 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، وَمَعَهُ بِلالٌ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ فَقَال: أَلا تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي؟ فَقَال لَهُ: "أَبْشِرْ" فَقَال: قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنْ أَبْشِرْ، فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلالٍ كَهَيْئَةِ الغَضْبَانِ، فَقَال: "رَدَّ البُشْرَى، فَاقْبَلا أَنْتُمَا" قَالا: قَبِلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَال: "اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا وَأَبْشِرَا". فَأَخَذَا القَدَحَ فَفَعَلا، فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: أَنْ أَفْضِلا لِأُمِّكُمَا، فَأَفْضَلا لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً. [انظر: 188 - مسلم: 2498 - فتح: 8/ 46] (عن أبي بردة) هو عامر. (بالجعرانة بين مكة والمدينة) قيل: هو وهْمٌ، وصوابه: بين مكة والطائف، وبه جزم النووي (¬1). (ألا تنجز) أي: ألا توفَّ. (لأمكما) تعني: نفسها. ومرَّ الحديث في فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم -. 4329 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، قَال: فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ ¬

_ (¬1) "تهذيب الأسماء واللغات" 3/ 59.

أُظِلَّ بِهِ، مَعَهُ فِيهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِالطِّيبِ؟ فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى بِيَدِهِ: أَنْ تَعَال، فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْمَرُّ الوَجْهِ، يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَال: "أَيْنَ الَّذِي يَسْأَلُنِي عَنِ العُمْرَةِ آنِفًا" فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَأُتِيَ بِهِ، فَقَال: "أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ". [انظر: 1536 - مسلم: 1180 - فتح: 8/ 47] (إسماعيل) أي: ابن إبراهيم. (يغظُّ) أي: يردد صوت نفسه كالنائم من شدة ثقل الوحي. ومرَّ الحديث في كتاب: الحج في باب: غسل الخلوق (¬1). 4330 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، قَال: لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، فَخَطَبَهُمْ فَقَال: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي، وَعَالةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي" كُلَّمَا قَال شَيْئًا قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَال: "مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". قَال: كُلَّمَا قَال شَيْئًا، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَال: "لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا، أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رِحَالِكُمْ، لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى ¬

_ (¬1) سبق برقم (1536) كتاب: الحج، باب: غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب.

تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ". [7245 - مسلم: 1061 - فتح: 8/ 47] (وهيب) أي: ابن خالد البصري. (عن عباد) أي: ابن تميم المازني. (قسم في الناس) أي: المجاهدين. (في المؤلفة قلوبهم) بدل بعض من: (في الناس) (وجدوا) أي: حزنوا. (عالة) أي: فقراء. (لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا) أي: جئتنا مكذبًا فصدقناك ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فأويناك، وعائلًا فواسيناك كما ورد ما يدل على ذلك؛ وإنما قال لهم ذلك تواضعًا منه وإنصافًا وإلا ففي الحقيقة الحجة البالغة والمنة له عليهم. ومرَّ الحديث في فضل الأنصار (¬1). 4331 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ، حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَفَاءَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي رِجَالًا المِائَةَ مِنَ الإِبِلِ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، قَال أَنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ"، فَقَال فُقَهَاءُ الأَنْصَارِ: أَمَّا رُؤَسَاؤُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا نَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رِحَالِكُمْ، فَوَاللَّهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا، فَقَال لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَجِدُونَ أُثْرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3779) كتاب مناقب الأنصار، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لولا الهجرة لكنت آمرًا من الأنصار".

وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي عَلَى الحَوْضِ" قَال أَنَسٌ: "فَلَمْ يَصْبِرُوا". [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 8/ 52] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (فحدث) بالبناء للمفعول أي: أخبر. (من آدم) أي من جلد مدبوغ. (إلى رحالكم) أي: إلى بيوتكم. (أثرة شديدة) بضم الهمزة وكسرها وسكون المثلثة وبفتحهما من الاستئثار: وهو الافراد بالشيء يعني: ستجدون من ينفرد عنكم بما لكم فيه اشتراك في الاستحقاق، أو يفضل نفسه عليكم في الفيء. 4332 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ، فَغَضِبَتِ الأَنْصَارُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -" قَالُوا: بَلَى، قَال: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ". [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 8/ 53] (عن أبي التياح) هو يزيد بن حميد. (قالوا بلى) أي: رضينا. ومرَّ الحديث والذي قبله مرارًا (¬1). 4333 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، التَقَى هَوَازِنُ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ آلافٍ، وَالطُّلَقَاءُ، فَأَدْبَرُوا، قَال: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ". قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ لَبَّيْكَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (3146) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم. وبرقم (3528) كتاب: المناقب، باب: ابن أخت القوم منهم ومولى القوم منهم. وبرقم (3778) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب الأنصار.

فَانْهَزَمَ المُشْرِكُونَ، فَأَعْطَى الطُّلَقَاءَ وَالمُهَاجِرِينَ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالُوا، فَدَعَاهُمْ فَأَدْخَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ، فَقَال: "أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لاخْتَرْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ". [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 8/ 53] (أزهر) أي: ابن أسعد السماني. (عن ابن عون) هو عبد الله. (عشرة آلاف) أي: من المهاجرين. (والطلقاء) بالمد جمع طليق: فعيل بمعنى: مفعول، وهم الذين منَّ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة فلم يأسرهم ولم يقتلهم. (لبيك يا رسول الله وسعديك) بنصبها على المصدرية بفعل لا يظهر في الاستعمال كأنك قلت: الباب بعد الباب أي: إجابة بعد إجابة وإسعادًا بعد إسعاد أي: طاعة بعد طاعة، نبه على ذلك ابن الأثير (¬1). ومرَّ الحديث في الزكاة. 4334 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ فَقَال: "إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَمُصِيبَةٍ، وَإِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَجْبُرَهُمْ وَأَتَأَلَّفَهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بُيُوتِكُمْ" قَالُوا: بَلَى، قَال: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ، أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ". [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 8/ 53] (أن أجبرهم) من الجبر، وفي نسخة: "أن أجيزهم" بتحتية وزاي من الجائزة. 4335 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: لَمَّا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِسْمَةَ حُنَيْنٍ، قَال: رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث"2/ 366.

اللَّهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَال: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". [انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح: 8/ 55] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (قال رجل من الأنصار) هو معتب بن قشير المنافق. 4336 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا، أَعْطَى الأَقْرَعَ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى نَاسًا، فَقَال رَجُلٌ: مَا أُرِيدَ بِهَذِهِ القِسْمَةِ وَجْهُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". [انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح: 8/ 55] (رحم الله موسى ...) إلخ. مرَّ في الخمس في باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم (¬1). 4337 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ وَغَيْرُهُمْ بِنَعَمِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ آلافٍ، وَمِنَ الطُّلَقَاءِ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ، فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا، التَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ فَقَال: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ". قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، ثُمَّ التَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ فَقَال: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ" قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ فَنَزَلَ فَقَال: "أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ". فَانْهَزَمَ المُشْرِكُونَ، فَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي المُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ وَلَمْ يُعْطِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3150) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم.

الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالتِ الأَنْصَارُ: إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةٌ فَنَحْنُ نُدْعَى، وَيُعْطَى الغَنِيمَةَ غَيْرُنَا، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ، فَقَال: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ" فَسَكَتُوا، فَقَال: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ" قَالُوا: بَلَى، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لَأَخَذْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ" وَقَال هِشَامٌ: قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ وَأَنْتَ شَاهِدٌ ذَاكَ قَال: "وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْهُ"؟! [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 8/ 53] (حتى بقي وحده) أي: متقدما مباشرا لقتال العدو، فلا ينافي الحديث الدال على أنه بقي معه جماعة، فالوحدة بالنسبة لمباشرة القتال والذين بقوا معه كانوا وراءه، وأبو سفيان بن الحارث وغيره كانوا يخدمونه في إمساك البغلة ونحو ذلك. (فنزل) أي: عن بغلته ثم قنص قنصة من تراب، وهذا لا ينافي خبر الحاكم فحادت به بغلته فمال على السرج (¬1). (فقال) أي: لزمعة ناولني كفًّا من تراب فضرب به وجوهم فامتلأت أعينهم ترابًا لاحتمال أنه أولًا قال لزمعة: ناولني ثم نزل عن بغلته فناوله. فقبضه ورماهم. (فسكتوا) أي: مطلقًا. إن تعددت الواقعة؛ لأنهم أقروا بما قال لهم كما مرَّ في الباب، أو (فسكتوا) ساعة ثم أقروا إن أتحدت الواقعة، أو المراد: فسكت بعضهم. (تحوزونه) في نسخة: "تجبرونه" بتاء مضمومة وجيم وراء. ومرَّ الحديث مرارًا (¬2). ¬

_ (¬1) "المستدرك" كتاب: الجهاد. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، تعقبه الذهبي بقوله: الحارث وعبد الله ذو مناكير، هذا منها، ثم فيه إرسال. (¬2) سبق برقم (3146) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم. وبرقم (3528) كتاب: المناقب، باب: ابن أخت القوم منهم. وبرقم (3778) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب الأنصار.

57 - باب السرية التي قبل نجد

57 - بَابُ السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ (باب: السرية التي قبل نجد) أي: بيانها. 4338 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فَكُنْتُ فِيهَا، فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَرَجَعْنَا بِثَلاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا". [انظر: 3134 - مسلم: 1749 - فتح: 8/ 56] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل. (حماد) أي: ابن زيد. (عن أيوب) أي: السختياني. (سرية) قال ابن الأثير: هي طائفة من الجيش، يبلغ أقصاها أربعمائة (¬1) وقال صاحب "القاموس" هي من خمسة أنفس إلى ثلاثمائة، أو أربعمائة (¬2). وقال شيخنا: من مائة إلى خمسمائة وما زاد عليها يقال له: منسر، فإن زاد على الثمانمائه سمي جيشًا، فإن زاد على أربعة آلاف سمي جحفلا؛ فإن زاد فجيش جرار، وما دون السرية يسمي: خفيرة؛ والأربعون عصبة (¬3) انتهى. ومرَّ الحديث في الخمس (¬4). 58 - بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ (باب: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد على بني جذيمة) بفتح الجيم وكسر المعجمة. ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 2/ 363. (¬2) "القاموي" مادة [سرا] ص 1294. (¬3) انظر: "الفتح" 8/ 56. (¬4) سبق برقم (3134) كتاب: فرض الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين.

59 - [باب] سرية عبد الله بن حذافة السهمي، وعلقمة بن مجزز المدلجي

4339 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، ح وحَدَّثَنِي نُعَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَاهُ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَقَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ مَرَّتَيْنِ". [7189 - فتح: 8/ 56] (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (نعيم) بالتصغير أي: ابن حماد. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (صبأنا صبأنا) أي: خرجنا من الشرك إلى دين الإسلام. 59 - [باب] سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ المُدْلِجِيِّ وَيُقَالُ: إِنَّهَا سَرِيَّةُ الأَنْصَارِ. (باب) ساقط من نسخة. (سرية عبد الله بن حذافة (¬1) السهمي وعلقمة بن مجزز) بكسر الزاي الأولى المشددة سمي به؛ لأنه جزّ نواصي أساري من العرب. (المدلجي) بضم الميم وسكون المهملة. (ويقال: أنها) أي: هذه السرية (سرية الأنصاري) أي: فقط، وهو كما سيأتي عبد الله بن حذافة السهمي. 4340 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ¬

_ (¬1) في الأصل: حذيفة.

60 - [باب] بعث أبي موسى، ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع

سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ، فَقَال: أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَال: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا، فَجَمَعُوا، فَقَال: أَوْقِدُوا نَارًا، فَأَوْقَدُوهَا، فَقَال: ادْخُلُوهَا، فَهَمُّوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا، وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّارِ، فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ". [7145، 7257 - مسلم: 1840 - فتح: 8/ 58] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عن أبي عبد الرحمن) هو عبد الله بن حبيب. (رجلًا من الأنصار) هو عبد الله بن حذافة السهمي. (فهموا) أي: قصدوا، وقيل: حزنوا. (لو دخلوها ما خرجوا منها) أي: لموتهم بها، أو لدخولها مستحلين لقتل أنفسهم ما خرجوا من نار الآخرة، فالضميران مختلفان. (الطاعة في المعروف) أشار به إلى أن الأمر المطلق لا يعم جميع الأحوال؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - وإن أمرهم أن يطيعوا الأمير فالأمر فيه محمولٌ على ما لا معصية فيه. 60 - [باب] بَعْثِ أَبِي مُوسَى، وَمُعَاذٍ إِلَى اليَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ (بعث) في نسخة: "باب: بعث" (أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع) أي: بيان ذلك. 4341، 4342 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَال: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مُوسَى، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى اليَمَنِ، قَال: وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلافٍ، قَال: وَاليَمَنُ مِخْلافَانِ، ثُمَّ قَال: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا"، فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا

سَارَ فِي أَرْضِهِ كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَسَارَ مُعَاذٌ فِي أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَبِي مُوسَى، فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَقَال لَهُ مُعَاذٌ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَيُّمَ هَذَا؟ قَال: هَذَا رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلامِهِ، قَال: لَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَال: إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لِذَلِكَ فَانْزِلْ، قَال: مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ نَزَلَ فَقَال: يَا عَبْدَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قَال: أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قَال: فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ قَال: أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنَ النَّوْمِ، فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي. [انظر: 2661، 4345 - مسلم: 1733 - فتح: 8/ 60] (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عبد الملك) أي: ابن عمير. (عن أبي بردة) هو عامر بن أبي موسى. (على مخلاف) بكسر الميم أي: على إقليم. (أيم هذا) أي: أي شيء هذا، وأصله: أيما فأي استفهامية. وما بمعنى: شيء حذفت الألف تخفيفًا. (أتفوقه تفوقًا) أي: أقرأه شيئًا بعد شيء في آناء الليل والنهار، أي: لا أقرأ وردي دفعة واحدة، مأخوذ من فواق الناقة وهو أن تحلب ثم تترك حتى تدر ثم تحلب. (فأحتسبت نومتي) إلخ أي: أطلب الثواب في الراحة كما أطلبه في التعب؛ لأنَّ الراحة إذا قصد بها على الإعانة حصلت الثواب، وفي نسخة: "فاحتسبت" بصيغة الماضي في الموضعين. 4343 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِهَا، فَقَال: "وَمَا هِيَ؟ " قَال: البِتْعُ وَالمِزْرُ، فَقُلْتُ لِأَبِي بُرْدَةَ: مَا البِتْعُ؟

قَال: نَبِيذُ العَسَلِ، وَالمِزْرُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ، فَقَال: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" رَوَاهُ جَرِيرٌ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ. [انظر: 2261 - مسلم: 1733 - فتح: 8/ 62] (إسحاق) أي: ابن منصور، أو ابن شاهين. (خالد) هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد الطحان. (عن الشيباني) هو سليمان بن فيروز. (يصنع بها) أي: باليمن. (البتع) بكسر الموحدة وسكون الفوقية. (المزر) بكسر الميم وسكون الزاي. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عبد الواحد) أي: ابن ذياد. 4344، 4345 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّهُ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَال: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا"، فَقَال أَبُو مُوسَى: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أَرْضَنَا بِهَا شَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ المِزْرُ، وَشَرَابٌ مِنَ العَسَلِ البِتْعُ، فَقَال: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ". فَانْطَلَقَا، فَقَال مُعَاذٌ لِأَبِي مُوسَى: كَيْفَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قَال: قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِي، وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قَال: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي، وَضَرَبَ فُسْطَاطًا، فَجَعَلا يَتَزَاوَرَانِ، فَزَارَ مُعَاذٌ أَبَا مُوسَى فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ، فَقَال: مَا هَذَا؟ فَقَال أَبُو مُوسَى: يَهُودِيٌّ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ، فَقَال مُعَاذٌ: لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ تَابَعَهُ العَقَدِيُّ، وَوَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ، وَقَال وَكِيعٌ، وَالنَّضْرُ، وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ. [انظر: 2261، 4342 - مسلم: 1733 - فتح: 8/ 62] (مسلم) أي: ابن إبراهيم الفراهيدي. (فسطاطًا) بضم الفاء: بيت من شعر. (تابعه) أي: مسلمًا. (العقدي) بفتح العين والقاف: عبد الملك بن عمرو. (ووهب) أي: ابن جرير. (وقال وكيع) أي: ابن

الجراح. (والنضر) أي: ابن شميل. (وأبو داود) هو هشام بن عبد الملك. (عن سعيد) أي: ابن المسيب ابن حزن بن وهب (¬1) القرشي، وبذلك عرف اسم أبيه وجده في قوله. (عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). وقوله: (وقال وكيع ...) إلخ ساقط من نسخة. (عن الشيباني) هو سليمان بن فيروز. 4346 - حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الوَلِيدِ هُوَ النَّرْسِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَال: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَرْضِ قَوْمِي، فَجِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنِيخٌ بِالأَبْطَحِ، فَقَال: "أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ" قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "كَيْفَ قُلْتَ؟ " قَال: قُلْتُ: لَبَّيْكَ إِهْلالًا كَإِهْلالِكَ، قَال: "فَهَلْ سُقْتَ مَعَكَ هَدْيًا" قُلْتُ: لَمْ أَسُقْ، قَال: "فَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَاسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حِلَّ". فَفَعَلْتُ حَتَّى مَشَطَتْ لِي امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ، وَمَكُثْنَا بِذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ. [انظر: 1559 - مسلم: 1221 - فتح: 8/ 63] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (منيخ) أي: نازل. (ثم حل) بكسر المهملة وتشديد اللام، أي: من إحرامك. (استخلف) بالبناء للمفعول، ومرَّ الحديث في الحج (¬2). 4347 - حَدَّثَنِي حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: "إِنَّكَ سَتَأْتِي ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي "تهذيب الكمال": ابن أبي وهب 11/ 66. (¬2) سبق برقم (1559) كتاب: الحج، باب: من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ. [انظر: 1395 - مسلم: 19 - فتح: 8/ 64] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: طَوَّعَتْ طَاعَتْ، وَأَطَاعَتْ لُغَةٌ، طِعْتُ وَطُعْتُ وَأَطَعْتُ. (حبان) أي: ابن موسى المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن أبي معبد) هو نافذ. (ليس بينه) أي: بين المظلوم أي: دعوته. ومرَّ الحديث في أول كتاب: الحج (¬1). (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (طوعت) أي: في قوله تعالى: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ} [المائدة: 30] معناه: (طاعت) أي: انقادت، وقال غيره: معناه: زينت. (وأطاعت) لغة في طاعت وتقول إذا أخبرت عن نفسك: (طعت) بالكسر. (وطعت) بالضم (وأطعت) بالهمزة. وقوله: (قال أبو عبد الله ...) إلخ ساقط من نسخة. 4348 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، أَنَّ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا قَدِمَ اليَمَنَ، صَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ، فَقَرَأَ: " {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] فَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ " زَادَ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ ¬

_ (¬1) كذا بالأصل والصواب أنه في أول الزكاة، سبق برقم (1395) كتاب: باب: وجوب الزكاة.

61 - [باب] بعث علي بن أبي طالب عليه السلام، وخالد بن الوليد رضي الله عنه، إلى اليمن قبل حجة الوداع

مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَرَأَ مُعَاذٌ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ سُورَةَ النِّسَاءِ، فَلَمَّا قَال: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] قَال رَجُلٌ خَلْفَهُ: قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ. [فتح: 8/ 65] (وقال رجل من القوم لقد قرت عين أم إبراهيم) أي: بردت دمعتها وهو كناية عن السرور، لأنَّ دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة، وقال ذلك خارج الصلاة، أو فيها لكن جاهلًا ببطلان الصلاة به. (زاد معاذ) أي: ابن معاذ. 61 - [بَابُ] بَعْثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَخَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى اليَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ (بعث) بسكون العين أي: هذا بعث، وفي نسخة: "باب: بعث". (علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما قبل حجة الوداع) وكان بعثهما مرتبًا كما يعلم من الحديث. 4349 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ إِلَى اليَمَنِ، قَال: ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ مَكَانَهُ فَقَال: "مُرْ أَصْحَابَ خَالِدٍ، مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَكَ فَلْيُعَقِّبْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُقْبِلْ" فَكُنْتُ فِيمَنْ عَقَّبَ مَعَهُ، قَال: فَغَنِمْتُ أَوَاقٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ. [فتح: 8/ 65] (مكانه) أي: مكان خالد بعد رجوعه. (أن يعقب) بضم التحتية وفتح المهملة وتشديد القاف المكسورة، أي: يرجع. (معك) أي: مع خالد، ففيه التفات من الغيبة إلى الخطاب. (ومن شاء فليقبل) أي: فليمكث معنا. 4350 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ

بْنِ مَنْجُوفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الخُمُسَ، وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا وَقَدِ اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: أَلا تَرَى إِلَى هَذَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال: "يَا بُرَيْدَةُ أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "لَا تُبْغِضْهُ فَإِنَّ لَهُ فِي الخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ". [فتح: 8/ 66] (بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - عليًّا إلى خالد) أي: إلى اليمن مكان خالد؛ لأنَّ خالدًا قد رجع كما مرَّ (وكنت أبغض عليًّا) أي: لأنه رآه أخذ من المغنم جارية. (وقد اغتسل) فظن أنه غلها ووطئها فلما أعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه أخذ أقل من حقه أحبه، واستشكل ذلك عليًّا قسم لنفسه وبأنه وطيء الجارية قبل استبرائها، وأجيب عن الأول: بأن لنائب الإمام- كالإمام- أن يقسم الغنائم بين أهلها وهو شريكهم فيها. وعن الثاني: باحتمال أن تكون الجارية غير بالغة، أو عذراء وأدى اجتهاده إلى عدم لزوم استبرائها. (إلى هذا) أي: إلى علي. 4351 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، يَقُولُ: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اليَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ، لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا، قَال: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ، بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَأَقْرَعَ بْنِ حابِسٍ، وَزَيْدِ الخَيْلِ، وَالرَّابِعُ: إِمَّا عَلْقَمَةُ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَال رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاءِ، قَال: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَلا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً"، قَال: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَال يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، قَال: "وَيْلَكَ، أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ" قَال: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، قَال خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَال: "لَا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي" فَقَال خَالِدٌ: وَكَمْ

مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ" قَال: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ، فَقَال: "إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لَا يُجَاوزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ"، وَأَظُنُّهُ قَال: "لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ". [انظر: 3344 - مسلم: 1064 - فتح: 8/ 167] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (مقروظ) أي: مدبوغ بالقرظ. (لم يحصل من ترابها) أي: لم تخلص منه. (وزيد) أي: ابن مهلهل. (علقمة) أي: ابن علاثة. (وإما عامر بن الطفيل) قال شيخنا كغيره: ذكره غلط من عبد الواحد فإنه كان مات قبل ذلك (¬1)، قال الحافظ الدمياطي: مات كافرًا. (فقام رجل) اسمه: ذو الخويصرة التميمي، أو نافع، أو حرقوص بن زهير. (ناشز الجبهة) أي: مرتفعها. (كثُّ اللحية) أي: كثير شعرها. (محلوق الرأس) وجه ذمه بالحلق: أن حلق جميع الرأس طريقة الخوارج، وكان السلف يوفورون شعورهم ولا يحلقونها. (قال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه) مرَّ في علامات البنوة (¬2)، فقال عمر: يا رسول الله ائذن في فأضرب عنقه ولا منافاة، لاحتمال أن كلًّا منهما قال ذلك كما مرَّ ثم. (مقفِّ) أي: مول قفاه. (من ضئضي هذا) بمعجمتين وبمهملتين وكلاهما بمعنى، أي: من أصله أي: نسله كما مرَّ إيضاحه في علامات النبوة. (رطبًا) أي: ¬

_ (¬1) "الفتح" 8/ 68. (¬2) سبق برقم (3610) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة.

محسنين أصواتهم بالتلاوة، أو جارية ألسنتهم مع مواظبتهم عليها. (حناجرهم) الحنجرة: الحلقوم أي: لا ترفع في الأعمال الصالحة. (يمرقون من الدين) أي: الإسلام. ومرَّ الحديث في أحاديث الأنبياء في باب: قول الله تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا} [الحاقة: 6] (¬1). 4352 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: عَطَاءٌ، قَال جَابِرٌ: "أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ"، زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: عَطَاءٌ، قَال: جَابِرٌ، فَقَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِسِعَايَتِهِ، قَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ " قَال: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "فَأَهْدِ، وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ"، قَال: وَأَهْدَى لَهُ عَلِيٌّ هَدْيًا. [انظر: 1557 - مسلم: 1216 - فتح: 8/ 69] (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (بسعايته) أي: بولايته. (فأمسك) أي: على إحرامك، ومرَّ الحديث والذي قبله في الحج (¬2). 4353، 4354 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ، أَنَّهُ ذَكَرَ لِابْنِ عُمَرَ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، فَقَال: أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَجِّ وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَال: "مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً"، وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيٌ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ اليَمَنِ حَاجًّا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِمَ أَهْلَلْتَ؟، فَإِنَّ مَعَنَا أَهْلَكَ" قَال: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "فَأَمْسِكْ فَإِنَّ مَعَنَا هَدْيًا". [مسلم: 1232 - فتح: 8/ 70] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3344) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: 65]. (¬2) سبق برقم (1557) كتاب: الحج، باب: من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -.

62 - [باب] غزوة ذي الخلصة

62 - [بَابُ] غَزْوَةِ ذِي الخَلَصَةِ (غزوة) في نسخة: "باب: غزوة" (ذي الخلصة) بفتح الخاء وتالييها وحكي سكون ثانيها وحكي ضمه مع فتح أولها وضمه، وذو الخلصة: اسم البيت الذي كان فيه الصنم، وقيل: اسم البيت: الخلصة، واسم الصنم: ذو الخلصة. وقيل: هو اسم لصنم لدوس سيعبد في آخر الزمان لخبر ورد فيه (¬1). 4355 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا بَيَانٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَال: كَانَ بَيْتٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُ ذُو الخَلَصَةِ، وَالكَعْبَةُ اليَمانِيَةُ، وَالكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ، فَقَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ"، فَنَفَرْتُ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَاكِبًا فَكَسَرْنَاهُ، وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ. [انظر: 3020 - مسلم: 2476 - فتح: 8/ 70] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (خالد) أي: ابن عبد الله الطحان. (بيانٌ) أي: ابن بشر. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (عن جرير) أي: ابن عبد الله البجلي. (يقال له: ذو الخلصة) مرَّ بيانه. (والكعبة اليمانية) باعتبار كونها باليمن. (والكعبة الشامية) باعتبار أن بابها مقابل الشام. (فنفرت) أي: خرجت له مسرعًا. (ولأحمس) هم أخوة بجيلة ينتسبون إلى أحمس بن العوث، وبجيلة: اسم امرأة نسبت إليها القبيلة المشهورة. 4356 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَال: قَال لِي جَرِيرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ"، وَكَانَ بَيْتًا فِي خَثْعَمَ، يُسَمَّى الكَعْبَةَ اليَمانِيَةَ، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7116) كتاب: الفتن، باب: تغيير الزمان حتى تعبد الأوثان.

وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، وَقَال: "اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا"، فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَسُولُ جَرِيرٍ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، قَال: فَبَارَكَ فِي خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. [انظر: 3020 - مسلم: 2475، 2476 - فتح: 8/ 70] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد البجلي. (في صدري) أي: عليه كما صرَّح به بعد. 4357 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَال: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ" فَقُلْتُ: بَلَى، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ يَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَال: "اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا" قَال: فَمَا وَقَعْتُ عَنْ فَرَسٍ بَعْدُ، قَال: وَكَانَ ذُو الخَلَصَةِ بَيْتًا بِاليَمَنِ لِخَثْعَمَ، وَبَجِيلَةَ، فِيهِ نُصُبٌ تُعْبَدُ، يُقَالُ لَهُ الكَعْبَةُ، قَال: فَأَتَاهَا فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ وَكَسَرَهَا، قَال: وَلَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ اليَمَنَ، كَانَ بِهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلامِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَا هُنَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ، قَال: فَبَيْنَمَا هُوَ يَضْرِبُ بِهَا إِذْ وَقَفَ عَلَيْهِ جَرِيرٌ، فَقَال: لَتَكْسِرَنَّهَا وَلَتَشْهَدَنَّ: أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، أَوْ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ؟ قَال: فَكَسَرَهَا وَشَهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلًا مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا جِئْتُ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، قَال: فَبَرَّكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. [انظر: 3020 - مسلم: 2475، 2476 - فتح: 8/ 70] (وشهد) أي: أقر بأن لا إله إلا الله. (يكنى أبا أرطأة) واسمه:

63 - [باب] غزوة ذات السلاسل

حصين بن ربيعة. ومرّت أحاديث الباب في الجهاد في باب: البشارة بالفتوح (¬1). 63 - [باب] غَزْوَةِ ذَاتِ السُّلاسِلِ وَهِيَ غَزْوَةُ لَخْمٍ وَجُذَامَ، قَالهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَقَال ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عُرْوَةَ هِيَ بِلادُ بَلِيٍّ وَعُذْرَةَ وَبَنِي القَيْنِ. (غزوة) في نسخة: "باب: غزوة". (ذات السلاسل) سميت بذلك؛ لأن المشركين فيما قيل: ارتبط بعضهم ببعض، مخافة أن يفروا، أو لأن بها ماء يقال له: السلسل. (لخم) بفتح اللام وسكون المعجمة: قبيلة تنسب إلى لخم، واسمه: مالك بن عدي. (وجذام) بضم الجيم وفتح الذال المعجمة: قبيلة باليمن تنسب إلى جذام المسمي عامر بن عدي. (عن يزيد) أي: ابن رومان المدني. (عن عروة) أي: ابن الزبير بن العوام. (هي) أي: ذات السلاسل. (بلاد بليّ) بفتح الموحدة وكسر اللام وتشديد الياء: قبيلة تنسب إلى بلى بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. (وعذرة) بضم المهملة وسكون المعجمة ينسبون إلى عذرة بن سعد بن زيد. (وبني القين) القين: بفتح القاف وسكون التحتية: النعمان بن جبر بفتح المهملة وسكون الموحدة: ابن شيع الله بكسر المعجمة وسكون التحتية، أي: أنصار الله بمعنى: ناصر الله أي: ناصر دينه. 4358 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ العَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاسِلِ، قَال: ¬

_ (¬1) سبق برقم (3076) كتاب: الجهاد، باب: البشارة في الفتوح.

64 - [باب] ذهاب جرير إلى اليمن

فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَال: "عَائِشَةُ" قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَال: "أَبُوهَا" قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: "عُمَرُ" فَعَدَّ رِجَالًا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ. [انظر: 3662 - مسلم: 2384 - فتح: 8/ 74] (إسحاق) أي: ابن شاهين أبو بشر الواسطي. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل النهدي. 64 - [باب] ذَهَابِ جَرِيرٍ إِلَى اليَمَنِ (ذهاب) في نسخة: (باب: ذهاب). (جرير إلى اليمن) أي: أهله. 4359 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَال: كُنْتُ بِاليَمَنِ، فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، ذَا كَلاعٍ، وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَهُ: ذُو عَمْرٍو: لَئِنْ كَانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ، لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلاثٍ، وَأَقْبَلا مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ المَدِينَةِ فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقَالُوا: "قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقَالا: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرَجَعَا إِلَى اليَمَنِ، فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ، قَال: أَفَلا جِئْتَ بِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَال لِي ذُو عَمْرٍو: يَا جَرِيرُ إِنَّ بِكَ عَلَيَّ كَرَامَةً، وَإِنِّي مُخْبِرُكَ خَبَرًا: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ، لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا، يَغْضَبُونَ غَضَبَ المُلُوكِ وَيَرْضَوْنَ رِضَا المُلُوكِ. [فتح 8/ 76] (ابن إدريس) هو عبد الله الأودي. (كنت بالبحر) في نسخة: "كنت باليمن". (ذا كلاع) بفتح الكاف واللام المخففة وعين مهملة. (وذا عمرو) وكانا من ملوك اليمن. (فجعلت أحدثهم) أي: أحدثهما ومن معهما. (لئن كان الذي تذكر من

65 - باب غزوة سيف البحر، وهم يتلقون عيرا لقريش، وأميرهم أبو عبيدة

أمر صاحبك) جواب الشرط يعلم من جواب القسم وهو (لقد مرَّ على أجله منذ ثلاث) أي: من الأيام لا يقال: شرط الشرط أن يكون سببًا للجواب وهو مفقود لأنا نقول ليس مفقودًا؛ لأن مثل ذلك مؤول بالإخبار، أي إن يخبرني بذلك أخبرك بهذا فالأخبار سبب للإخبار، وعرف ذو عمرو وفاته - صلى الله عليه وسلم - إما بإطلاعه عليه من الكتب القديمة، أو بطريق الكهانة، أو بسماع من بعض القادمين سرًّا، أو أنه كان من المحدثين. (فقالا) أي: ذو كلاع وذو عمرو. (أخبر صاحبك) أي: أبا بكر. (فلما كان بعد) أي: بعد هذا الأمر في خلافة عمر. "تآمرتم" بمد الهمزة وتخفيف الميم أي: تشاورتم. وفي نسخة: "تأمرتم" بالقصر وتشديد الميم، أي: أقمتم أميرًا منكم برضًا منكم، أو بعهد من الأول. 65 - بَابُ غَزْوَةِ سِيفِ البَحْرِ، وَهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَأَمِيرُهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ. (غزوة) في نسخة: "باب: غزوه" (سيف البحر) بكسر المهملة، أي: ساحله وقد بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثًا قبل ساحل البحر فخرجوا. (وهم يتلقون عيرًا لقريش، وأميرهم أبو عبيدة - رضي الله عنه -) اسمه: عامر، وقيل: عبد الله بن الجراح، والعير بكسر العين: الإبل التي تحمل الميرة. 4360 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَال: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ" وَهُمْ ثَلاثُ مِائَةٍ، فَخَرَجْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ الجَيْشِ، فَجُمِعَ فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، فَكَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلٌ قَلِيلٌ حَتَّى فَنِيَ فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إلا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: مَا تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَةٌ؟!

فَقَال: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ، ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى البَحْرِ فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهَا القَوْمُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلاعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا. [انظر: 2483 - مسلم: 1935 - فتح: 8/ 77] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (بعث) في نسخة: "لما بعث". (فخرجنا) فيه التفات من الغيبة إلى التكلم. (فكان) أي: الجموع. (مزودي تمر) أي: ملئهما والمزود بكسر الميم: ما يجعل فيه الزاد. (يقوتنا) بفتح الياء وضم القاف، وفي نسخة: "يُقَوّتنا" بضم الياء وفتح القاف وتشديد الواو. (قليلًا قليلًا) في نسخة: "قليل قليل" على لغة ربيعة. (لقد وجدنا فقدها) أي: مؤثرًا. (مثل الظرب) بفتح الظاء المعجمة وكسر الراء، أي: الجبل الصغير، وفي نسخة: "الضرب" بضاد معجمة. 4361 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: "بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ مِائَةِ رَاكِبٍ أَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْشٍ"، فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الخَبَطَ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الجَيْشُ جَيْشَ الخَبَطِ، فَأَلْقَى لَنَا البَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا العَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ حَتَّى ثَابَتْ إِلَيْنَا أَجْسَامُنَا، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاعِهِ، فَنَصَبَهُ فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ مَعَهُ، قَال سُفْيَانُ: "مَرَّةً ضِلَعًا مِنْ أَضْلاعِهِ فَنَصَبَهُ وَأَخَذَ رَجُلًا وَبَعِيرًا فَمَرَّ تَحْتَهُ" قَال جَابِرٌ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ نَحَرَ ثَلاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلاثَ جَزَائِرَ ثُمَّ نَحَرَ ثَلاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ نَهَاهُ وَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ، أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَال لِأَبِيهِ: كُنْتُ فِي الجَيْشِ فَجَاعُوا، قَال انْحَرْ، قَال: نَحَرْتُ، قَال: ثُمَّ جَاعُوا، قَال: انْحَرْ، قَال: نَحَرْتُ، قَال: ثُمَّ جَاعُوا، قَال انْحَرْ قَالَ: نَحَرْتُ، ثُمَّ جَاعُوا، قَالَ: انْحَرْ،

قَال: نُهِيتُ. [انظر: 2483 - مسلم: 1935 - فتح 8/ 77] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ثلاثمائة راكب) بدل من ضمير (بعثنا). (أكلنا الخبط) أي: ورق السلم. (نصف شهر) كأنه الفيء الزائد المذكور في الرواية السابقة. (من ودكه) أي: من شحمه. (حتى ثابت إلينا أجسامنا) أي: رجعت إلى ما كانت عليه من القوة والسمن. (من أضلاعه) في نسخة: "من أعضائه". (إلى أطول رجل معه) هو قيس بن سعد بن عبادة. (نهاه) أي: عن النحر؛ لأجل قلة الظهر. (نهيت) بالبناء للمفعول، والناهي له أبو عبيدة. (عمرو) أي: ابن دينار. (صالح) هو ذكوان السمان. 4362 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: غَزَوْنَا جَيْشَ الخَبَطِ، وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا، فَأَلْقَى البَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ نَرَ مِثْلَهُ، يُقَالُ لَهُ العَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ، فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ فَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: قَال أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُوا فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "كُلُوا، رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ، أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ" فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ [بِعُضْوٍ] فَأَكَلَهُ. [انظر: 2483 - مسلم: 1935 - فتح: 8/ 78] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: القطان. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (يقال له: العنبر) قيل: إن العنبر الذي يشم رجيع هذه الدابة وأولى منه قول الشافعي: سمعت من قال: إن العنبر نبات في البحر ملتويًا مثل عنق الشاة، وله رائحة ذكية، وفي البحر دويبة تقصده؛ لذكاء ريحه وهو سمها فتأكله فتقتلها ويلفظها البحر فيخرج العنبر من بطنها. (فآتاه) بالمد أي: فأعطاه.

66 - [باب] حج أبي بكر بالناس في سنة تسع

66 - [باب] حَجِّ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ (حج أبي بكر بالناس في سنة تسع) أي: بيانه، ولا خلاف في أن حجه كان في سنة تسع، وإنما اختلف في أي شهر حج، فقيل: في ذي القعدة، وقيل: في ذي الحجة (¬1). 4363 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَهُ، فِي الحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، يَوْمَ النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ "لَا يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ". [انظر: 369 - مسلم: 1347 - فتح: 8/ 82] (فليح) أي: ابن سليمان. (عن الزهري) هو محمد بن مسلم بن شهاب. (لا يحج ...) إلخ مرَّ في الحج في باب: لا يطوف بالبيت عريان (¬2). 4364 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ ¬

_ (¬1) قال ابن حجر في "الفتح " 8/ 82: وإنما وقع الاختلاف في أي شهر حج أبو بكر، فذكر ابن سعد في "الطبقات" 2/ 168 وغيره بإسناد صحيح عن مجاهد أن حجة أبي بكر وقعت في ذي القعدة ووافقه عكرمة بن خالد فيما أخرجه الحاكم في "الإكليل" ومن عدا هذين إما مصرح بان حجة أبي بكر كانت في ذي الحجة، كالداودي وبه جزم من المفسرين الرماني والثعلبي والماوردي وتبعهم جماعة وإما ساكت، والمعتمد ما قاله مجاهد به جزم الأزرقي. ويؤيده أن ابن إسحاق صرح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بعد أن رجع من تبوك رمضان وشوالًا وذا القعدة ثم بعث أبا بكر أميرا على الحج، فهو ظاهر في أن بعث أبي بكر كان بعد إنسلاخ ذي القعدة، فيكون حجه في ذي الحجة على هذا والله أعلم. (¬2) سبق برقم (1622) كتاب: الحج، باب: لا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج مشرك.

البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ، وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالةِ} [النساء: 176]. [4605،4654، 6744 - مسلم: 1618 - فتح 8/ 82] (آخر سورة نزلت كاملة براءة) استشكل قوله (كاملة) بأن (براءة) نزلت شيئًا فشيئًا، وأجيب: بأن المراد بنزلت: نزل بعضها، أو معظهما، ولفظ: (كاملة) زائدة ولهذا حذفها من الحديث في التفسير (¬1). (وآخر سورة نزلت خاتمة سورة النساء ...) إلخ. قال الكرماني: فإن قلت: ({يَسْتَفْتُونَكَ}) ليس آخر سورة نزلت بل آخر آية من السورة كما صرح به في التفسير، قلت: المراد من السورة فيه: القطعة من القرآن، أو الإضافة فيهما يعني: في الجملتين المذكورتين بمعنى: من والأولى: من البيانية نحو: شجر الآراك أي: آخر هو سورة، والثانية: من التبعيضية أي: الآخر في السورة أو الخاتمة منصوب على التمييز. انتهى (¬2). واعلم أنه قد روي عن ابن عباس آخر سورة نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} (¬3) وسيأتي في التفسير عنه آخر آية نزلت: آية الربا (¬4)، ويجمع بين الروايات بأن الأولى: آخر ما نزل فيما يتعلق بحكم القتال، والثانية: آخر ما نزل فيما يتعلق بحكم الإرث، ¬

_ (¬1) سيأتي الحديث برقم (4654) كتاب: التفسير، باب: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1)}. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 17/ 185. (¬3) رواه مسلم (3024) كتاب: التفسير. (¬4) سيأتي برقم (4544) كتاب: التفسير، باب: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}.

67 - [باب] وفد بني تميم

والثالثة: آخر ما نزل فيما يتعلق بالإعلام بالمغيبات، والرابعة: آخر ما نزل فيما يتعلق بحكم الربا. 67 - [باب] وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ (وفد بني تميم) أي: ابن مُرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار. 4365 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي صَخْرَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ المَازِنِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَتَى نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "اقْبَلُوا البُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَرُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَجَاءَ نَفَرٌ مِنَ اليَمَنِ، فَقَال: "اقْبَلُوا البُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ" قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. [انظر: 3190 - فتح 8/ 83] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي صخرة) هو جامع بن شداد الحارثي. (نفر) هو من ثلاثة إلى عشرة. (فرِئ) بكسر الراء، وبالهمز، وفي نسخة: "فَرُؤِيَ" بضم الراء، ومرَّ الحديث في أوائل بدء الخلق (¬1). 68 - باب. قَال ابْنُ إِسْحَاقَ: غَزْوَةُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ بَنِي العَنْبَرِ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَأَغَارَ وَأَصَابَ مِنْهُمْ نَاسًا، وَسَبَى مِنْهُمْ نِسَاءً. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه (قال ابن إسحاق) هو ¬

_ (¬1) سلف برقم (3190) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ}.

محمد صاحا المغازي. (فأغار) أي: عليهم. (نساء) في نسخة: "سباء". 4366 - حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلاثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهَا فِيهِمْ: "هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ" وَكَانَتْ فِيهِمْ سَبِيَّةٌ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَال: "أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ"، وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ، فَقَال: "هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمٍ، أَوْ: قَوْمِي. [انظر: 2543 - مسلم: 2525 - فتح 8/ 84] (جرير) أي: ابن عبد الحميد الرازي. (عن أبي زرعة) هو هرم البجلي. (بعد ثلاث) أي: ثلاث خصال. (وكانت فيهم) في نسخة: "وكانت منهم". (سبية) أي: جارية مسبية. ومرَّ الحديث في باب: من ملك من العرب رقيقًا (¬1). 4367 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُمْ: "أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَمِّرِ القَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ، قَال عُمَرُ: بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، قَال أَبُو بَكْرٍ: مَا أَرَدْتَ إلا خِلافِي، قَال عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلافَكَ، فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا} [الحجرات: 1] حَتَّى انْقَضَتْ. [4845، 4847، 7302 - فتح: 8/ 84] (إبراهيم) أي: ابن موسى الفراء. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (فتماريا) أي: تجادلا. (حتى انقضت) أي: الآية. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2543) كتاب: العتق، باب: من ملك من العرب رقيقًا.

69 - باب وفد عبد القيس

69 - بَابُ وَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ (وفد) في نسخة: "باب: وفد" (عبد القيمس) أي: ابن أفصح بن دُعْمِي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. 4368 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ لِي جَرَّةً يُنْتَبَذُ لِي نَبِيذٌ، فَأَشْرَبُهُ حُلْوًا فِي جَرٍّ، إِنْ أَكْثَرْتُ مِنْهُ، فَجَالسْتُ القَوْمَ فَأَطَلْتُ الجُلُوسَ، خَشِيتُ أَنْ أَفْتَضِحَ، فَقَال: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَرْحَبًا بِالقَوْمِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا النَّدَامَى"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ المُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّا لَا نَصِلُ إِلَيْكَ إلا فِي أَشْهُرِ الحُرُمِ، حَدِّثْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ: إِنْ عَمِلْنَا بِهِ دَخَلْنَا الجَنَّةَ، وَنَدْعُو بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَال: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ، هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ؟ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ المَغَانِمِ الخُمُسَ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، مَا انْتُبِذَ فِي الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالحَنْتَمِ، وَالمُزَفَّتِ". [انظر: 53 - مسلم: 17 - فتح 8/ 84] (إسحاق) أي: ابن إبراهيم بن راهويه. (أبو عامر) هو عبد الملك بن عمرو. (قرة) أي: ابن خالد السدوسي. (عن أبي جمرة) هو نصر بن عمران الضبعي. (إن لي جرَّة) في نسخة: "إن لي جارية". (تنتبذ لي نبيذًا) بفتح الفوقية بالبناء للفاعل، وأسند الفعل إلى "الجرة" مجازًا، وفي نسخة: "إن لي جرة ينتبذ لي نبيذ" بضم التحتية بالبناء للمفعول، والمعنى عليها: ينتبذ لي فيها نبيذ. (في جر) بفتح الجيم وتشديد الراء جمع (جرة). ومرَّ الحديث في الإيمان في باب: أداء الخمس من الإيمان (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (53) كتاب: الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان.

4369 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا هَذَا الحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَدْ حَالتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إلا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بِأَشْيَاءَ نَأْخُذُ بِهَا، وَنَدْعُو إِلَيْهَا مَنْ وَرَاءَنَا، قَال: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، - وَعَقَدَ وَاحِدَةً - وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا لِلَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالحَنْتَمِ، وَالمُزَفَّتِ". [انظر: 53 - مسلم: 17 - فتح: 8/ 85] 4370 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، وَقَال: بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، أَنَّ كُرَيْبًا، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَرْسَلُوا إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالُوا: اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلامَ مِنَّا جَمِيعًا، وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، وَإِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّيهَا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "وَكُنْتُ أَضْرِبُ مَعَ عُمَرَ النَّاسَ عَنْهُمَا"، قَال كُرَيْبٌ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا وَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي، فَقَالتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَأَخْبَرْتُهُمْ فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهُمَا، وَإِنَّهُ صَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَصَلَّاهُمَا، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الخَادِمَ، فَقُلْتُ: قُومِي إِلَى جَنْبِهِ، فَقُولِي: تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ أَسْمَعْكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ؟ فَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي، فَفَعَلَتِ الجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: "يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، إِنَّهُ أَتَانِي أُنَاسٌ مِنْ عَبْدِ القَيْسِ بِالإِسْلامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ". [انظر: 1233 - مسلم: 834 - فتح 8/ 86] (ابن وهب) هو عبد الله المصري. (عمرو) أي: ابن دينار. (أخبرنا) بالبناء للمفعول. (تصليها) أي: صلاة الركعتين، وفي

70 - باب وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال

نسخة: "تصليهما" أي: الركعتين. (سألت عن الركعتين) أي: عن حكمهما. ومرَّ الحديث في باب: إذا كُلِّم في الصلاة (¬1). 4371 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ المَلِكِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ، بَعْدَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَسْجِدِ عَبْدِ القَيْسِ بِجُوَاثَى، يَعْنِي قَرْيَةً مِنَ البَحْرَيْنِ. [انظر: 892 - فتح: 8/ 86] (أول جمعة جمعت) إلخ مرَّ في كتاب الجمعة (¬2). 70 - بَابُ وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ، وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ (وفد) في نسخة: "باب: وفد" (بني حنيفة) أي: ابن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل: قبيلة باليمامة بين مكة والمدينة (¬3). (وحديث ثمامة بن أُثال) أي: ابن النعمان بن مسلمة الحنفي. 4372 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ " فَقَال: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ المَال فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الغَدُ، ثُمَّ قَال لَهُ: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ " قَال: مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ ¬

_ (¬1) سلف برقم (1233) كتاب: السهو، باب: إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع. (¬2) سلف برقم (892) كتاب: الجمعة، باب: الجمعة في القرى والمدن. (¬3) كذا في الأصل المعتمد عليه، وفي "الفتح"، و"عمدة القاري": بين مكة واليمن.

تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الغَدِ، فَقَال: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ " فَقَال: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ، فَقَال: "أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ" فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَال: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلادِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ العُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَال لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ، قَال: لَا، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا وَاللَّهِ، لَا يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ، حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 462 - مسلم: 1764 - فتح: 8/ 87] (خيلًا) أي: فرسان خيل. (ما عندك) في نسخة: "ماذا عندك" أي: ما الذي استقر عندك من الظن فيما أفعل بك. (إن تقتلني تقتل ذا دم) بمهملة وتخفيف الميم أي: إن تقتلني تقتل من عليه دم مطلوب به مستحق عليه، فلا عيب عليك في قتله، وفي نسخة: بمعجمة وتشديد الميم أي: إن تقتلني تقتل ذا ذمة، ورد بأن المعنى ينقلب؛ لأنه إذا كان ذا ذمة يمتنع قتله، وأجيب: بأن المراد بالذمة: الحرمة في قومه. (لا والله) أي: ما صبوت أي: ما خرجت من دين إلى دين؛ لأن عبادة الأوثان ليست بدين حتى إذا تركتها أكون خارجًا من دين، بل دخلت في دين الإسلام كما ذكره بقوله: (ولكن أسلمت مع محمد - صلى الله عليه وسلم -) بمعنى: وافقته على دينه الحق فصرنا متصاحبين في الإسلام. (ولا والله) فيه تقديم وتأخير وحذف، أي: والله لا أرجع إلى دينكم. ومرَّ الحديث في باب: ربط الأسير في المسجد (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (462) كتاب: الصلاة، باب: الاغتسال إذا أسلم، وربط الأسير أيضًا في المسجد.

4373 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ، وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِطْعَةُ جَرِيدٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَال: "لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ القِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ، مَا رَأَيْتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي" ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ. [انظر: 3620 - مسلم: 2273 - فتح: 8/ 89] 4374 - قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ أُرَى الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا أَرَيْتُ"، فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي المَنَامِ: أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي: أَحَدُهُمَا العَنْسِيُّ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ. [انظر: 3621 - مسلم: 2274 - فتح: 8/ 89] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (على عهد رسول الله) في نسخة: "على عهد النبي". (من بعده) في نسخة: "الأمر من بعده" (ولن تعدو أمر الله فيك) أي: لن تجاوز حكمه. (ولئن أدبرت) أي: عن طاعته. (ليعقرنك الله) أي: ليهلكك. ومرَّ الحديث في علامات النبوة (¬1). 4375 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي كَفِّي سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ أَنِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (3620) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا، صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبَ اليَمَامَةِ". [انظر: 3621 - مسلم: 2274 - فتح: 8/ 89] (إسحاق) أي: ابن نصر. (عن معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (فكبرا) بضم الموحدة، أي: عظما وثقلا. (فأوحي إليّ) في نسخة: "فأوحى الله إلي". (صاحب صنعاء) هو الأسود العنسي بنون. (وصاحب اليمامة) هو مسيلمة الكذاب. 4376 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: سَمِعْتُ مَهْدِيَّ بْنَ مَيْمُونٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ العُطَارِدِيَّ، يَقُولُ: "كُنَّا نَعْبُدُ الحَجَرَ، فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ، وَأَخَذْنَا الآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُفْنَا بِهِ، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ قُلْنَا: مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ، فَلَا نَدَعُ رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ، وَلَا سَهْمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ، إلا نَزَعْنَاهُ وَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ". [فتح: 8/ 90] (أبا رجاء العطاردي) هو عمران بن ملحان. (جثوة) بجيم مضمومة ومثلثة أي: قطعة. (فحلبناه عليه) أي: ليصير كالحجر الذي يعبدونه. (ثم طفنا به) أي: تعبدًا كما يطاف بالكعبة. (قلنا: منصل) أي: هو (منصل الأسنة) بفتح النون وتشديد الصاد وبالسكون والتخفيف أي: نازعها كما يؤخذ من قوله. (فلا ندع رمحًا ...) إلخ. وفي نسخة: "ننصل" بنون بدل الميم أي: ننصلها نحن. 4377 - وَسَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُولُ: "كُنْتُ يَوْمَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامًا أَرْعَى الإِبِلَ عَلَى أَهْلِي، فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوجِهِ فَرَرْنَا إِلَى النَّارِ، إِلَى مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ". [فتح: 8/ 90] (يوم بُعث النبي) بضم الموحدة وكسر العين ورفع النبي، وفي نسخة: بالفتح والسكون وجر النبي (فررنا) أي: خوفًا من النبي. (إلى النار) التي من شأنها أن تحرق غيرها. (إلى مسيلمة الكذاب) بدل من (إلى النار).

71 - [باب] قصة الأسود العنسي

71 - [باب] قِصَّةِ الأَسْوَدِ العَنْسِيِّ (قصة الأسود العنسي) بنون، واسمه: عبهلة بن كعب، ويقال له: ذو الخمار؛ لأنه كان يخمر وجهه أي: يغطيه. 4378 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ، وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَال: بَلَغَنَا أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابَ قَدِمَ المَدِينَةَ فَنَزَلَ فِي دَارِ بِنْتِ الحَارِثِ، وَكَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ الحَارِثِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: خَطِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضِيبٌ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُ، فَقَال لَهُ مُسَيْلِمَةُ: إِنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الأَمْرِ، ثُمَّ جَعَلْتَهُ لَنَا بَعْدَكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ سَأَلْتَنِي هَذَا القَضِيبَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ، وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ، وَهَذَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، وَسَيُجِيبُكَ عَنِّي". فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3620 - مسلم: 2273 - فتح: 8/ 91] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (بنت الحارث) بمثلثة: هي امرأة من بني النجار واسمها: كيسة. (ابن كريز) مصغر كرز بكاف فراء فزاي. (وهي أم عبد الله) قيل: صوابه: أم ولد عبد الله لا أمه قال شيخنا: وهو اعتراض متجه (¬1). وأطال في بيانه مع زيادة. 4379 - قَال: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي ذَكَرَ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: ذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِي ¬

_ (¬1) "الفتح" 8/ 92.

72 - باب قصة أهل نجران

فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ" فَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: أَحَدُهُمَا العَنْسِيُّ، الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِاليَمَنِ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ. [انظر: 3621 - مسلم: 2274 - فتح: 8/ 92] (ففظعتهما) بكسر الظاء المعجمة يقال: فظعت الأمر بالكسر ففظع بالضم من قولك: شيء فظيع أي: شديد شنيع جاوز المقدار، قال ابن الأثير: كذا روي متعديًا والمعروف فظعت به أو منه، والتعدية تكون حملًا على المعنى؛ لأنه بمعنى: أكبرتهما وخفتهما (¬1). وذكر حديث الباب مرسلًا وذكره فيما قبله متصلًا. 72 - بَابُ قِصَّةِ أَهْلِ نَجْرَانَ (قصة أهل نجران) هي بلاد معروفة من اليمن على سبع مراحل من مكة، كانت منزلًا للنصارى (¬2). 4380 - حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَال: جَاءَ العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، صَاحِبَا نَجْرَانَ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدَانِ أَنْ يُلاعِنَاهُ، قَال: فَقَال أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا تَفْعَلْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلاعَنَّا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ، وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا، قَالا: إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا، وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا، وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إلا أَمِينًا. فَقَال "لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ"، فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ" فَلَمَّا قَامَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ". [انظر: 3745 - مسلم: 2420 - فتح: 8/ 93] ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 459. (¬2) نجران: موضع بالبحرين فيما قيل. ونجران موضع بحوران من نواحي دمشق. انظر: "معجم البلدان" 5/ 270.

73 - [باب] قصة عمان والبحرين

(عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (حذيفة) أي: ابن اليمان. (العاقب) اسمه: عبد المسيح. (والسيد) اسمه: الأيهم بفتح الهمزة وسكون التحتية ويقال: شرحبيل. (فلاعنا) بتشديد النون، وفي نسخة: "فلاعننا" بفك الإدغام. (فاستشرف له أصحاب رسول الله) إلخ. مرَّ هو وما بعده في المناقب (¬1). 4381 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: ابْعَثْ لَنَا رَجُلًا أَمِينًا فَقَال: "لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ، فَاسْتَشْرَفَ لَهُ النَّاسُ فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ". [انظر: 3745 - مسلم: 2420 - فتح: 8/ 94] 4382 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ". [انظر: 3744 - مسلم: 2419 - فتح: 8/ 94] 73 - [باب] قِصَّةِ عُمَانَ وَالبَحْرَيْنِ (قصة عمان) بضم العين وتخفيف الميم باليمن (¬2) (والبحرين) تثنية بحر في الأصل: موضع بين البصرة وعمان والنسبة إليه بحراني (¬3). ¬

_ (¬1) سلف برقم (3547) كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) وهي اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند. انظر: "معجم البلدان" 4/ 150. (¬3) هكذا يتلفظ بها في حال الرفع والنصب والجر ولم يسمع على لفظ: المرفوع من أحد منهم، إلا أن الزمخشري قد حكى: أنه بلفظ التثنية: هذه البحران وانتهينا إلى البحرين. انظر: "معجم البلدان" 1/ 346.

4383 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، سَمِعَ ابْنُ المُنْكَدِرِ، جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا، وَهَكَذَا". ثَلاثًا، فَلَمْ يَقْدَمْ مَالُ البَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي، قَال: جَابِرٌ: فَجِئْتُ أَبَا بَكْرٍ فَأَخْبَرْتُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَوْ جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا" ثَلاثًا، قَال: فَأَعْطَانِي، قَال جَابِرٌ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَأَلْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَلَمْ يُعْطِنِي، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي، فَقَال: أَقُلْتَ تَبْخَلُ عَنِّي؟ وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ البُخْلِ، قَالهَا ثَلاثًا، مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إلا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ، وَعَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: "جِئْتُهُ، فَقَال لِي أَبُو بَكْرٍ: عُدَّهَا، فَعَدَدْتُهَا، فَوَجَدْتُهَا خَمْسَ مِائَةٍ، فَقَال: خُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ. [انظر: 2296 - مسلم: 2314 - فتح: 8/ 95] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابن المنكدر) هو محمد. (عني) أي: عليَّ. ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). (وعن عمرو) أي: ابن أبي دينار. (عن محمد بن علي) هو المعروف بالباقر بن زين العابدين بن علي بن الحسين بن علي، ووهم من زعم أنه ابن الحنفية ذكره شيخنا (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2296) كتاب: الكفالة، باب: من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع. و (2598) كتاب: الكفالة، باب: الدين. (¬2) "الفتح" 8/ 96.

74 - باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن

74 - بَابُ قُدُومِ الأَشْعَرِيِّينَ وَأَهْلِ اليَمَنِ وَقَال أَبُو مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ". [انظر: 2486] (باب) ساقط من نسخة. (قدوم الأشعريين وأهل اليمن) العطف فيه من عطف العام على الخاص؛ لأن أشعر المنسوب إليه الأشعريين: قبيلة باليمن. (هم) أي: الأشعريون. (مني وأنا منهم) أي: في الاتفاق على طاعة الله. و (من) اتصالية كما مرَّ. 4384 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ، فَمَكَثْنَا حِينًا، مَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ، إلا مِنْ أَهْلِ البَيْتِ، مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ لَهُ". [انظر: 3763 - مسلم: 2460 - فتح: 8/ 96] (ابن أبي زائدة) هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. (وأخي) هو أبو رهم، أو أبو بردة. ومرَّ الحديث في مناقب ابن مسعود (¬1). 4385 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ زَهْدَمٍ، قَال: لَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى أَكْرَمَ هَذَا الحَيَّ مِنْ جَرْمٍ، وَإِنَّا لَجُلُوسٌ عِنْدَهُ، وَهُوَ يَتَغَدَّى دَجَاجًا، وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ، فَدَعَاهُ إِلَى الغَدَاءِ، فَقَال: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَقَال: هَلُمَّ، فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُهُ، فَقَال: إِنِّي حَلَفْتُ لَا آكُلُهُ، فَقَال: هَلُمَّ أُخْبِرْكَ عَنْ يَمِينِكَ، إِنَّا أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَأَبَى أَنْ يَحْمِلَنَا، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُتِيَ بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ، فَلَمَّا قَبَضْنَاهَا قُلْنَا: تَغَفَّلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ، لَا ¬

_ (¬1) سلف برقم (3763) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

نُفْلِحُ بَعْدَهَا أَبَدًا، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا وَقَدْ حَمَلْتَنَا؟ قَال: "أَجَلْ، وَلَكِنْ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا". [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح: 8/ 97] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (عبد السلام) أي: ابن حرب بن سلمة (¬1) النهدي. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي. (عن زهدم) أي: ابن مضرِب. (لما قدم أبو موسى) قال الكرماني وغيره: أي: إلى اليمن، وقال شخينا: أي: إلى الكوفة، ووهم من قال: أراد اليمن؛ لأنَّ زهدمًا لم يكن من أهل اليمن (¬2) انتهى. وللنظر فيه مجال. ومرَّ الحديث في الخمس (¬3). 4386 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ المَازِنِيُّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَال: جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَبْشِرُوا يَا بَنِي تَمِيمٍ" قَالُوا: أَمَّا إِذْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ فَقَال: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اقْبَلُوا البُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ" قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. [انظر: 3190 - فتح: 8/ 98] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد. (سفيان) أي: الثوري. (جاءت بنو تميم) إلخ مرَّ في بدء الخلق (¬4). ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي "تهذيب الكمال": ابن حرب بن سَلْم 18/ 66. (¬2) "الفتح" 8/ 98. (¬3) سبق برقم (3133) كتاب: فرض الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين. (¬4) سبق برقم (3190) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ}.

4387 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الإِيمَانُ هَا هُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى اليَمَنِ، وَالجَفَاءُ وَغِلَظُ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ". [انظر: 3302 - مسلم: 51 - فتح: 8/ 98] (عن أبي مسعود) هو عقبة بن عمروٍ البدري. ومرَّ الحديث أواخر بدء الخلق. 4388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالفَخْرُ وَالخُيَلاءُ فِي أَصْحَابِ الإِبِلِ، وَالسَّكِينَةُ وَالوَقَارُ فِي أَهْلِ الغَنَمِ"، وَقَال: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3301 - مسلم: 52 - فتح: 8/ 98] (ابن أبي عدي) هو محمد. (عن سليمان) هو الأعمش. (عن ذكوان) أي: السمان. (هم أرق أفئدة وألين قلوبًا) الرقة: ضد الغلظ، واللين: ضد القسوة، قال الخطابي: وصف الأفئدة بالرقة والقلوب باللين؛ لأنَّ الفؤاد غشاء القلب فإذا رق نفذ القول فيه إلى ما وراءه، وإذا غلظ تعذر وصوله إلى داخله، وإذا صادف القلب شيئًا أي: لينا علق به (¬1). وظاهره: أن الفؤاد غير القلب كما قيل به؛ لأن غشاءه كما ذكر، أو ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 3/ 1780.

باطنه كما قيل به، لكن المشهور أنه هو، وعليه تكرار القلب بلفظين أولى تكرره بلفظ واحد. 4389 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالفِتْنَةُ هَا هُنَا، هَا هُنَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ". [انظر: 3301 - مسلم: 52 - فتح: 8/ 99] (الإيمان يمان) أصله: يمني بياء النسبة فحذفت الياء؛ تخفيفًا وعوض عنها الألف. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو أبو بكر عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (عن أبي الغيث) هو سالم مولى عبد الله بن مطيع. 4390 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الفِقْهُ يَمَانٍ وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ". [انظر: 3301 - مسلم: 52 - فتح: 8/ 99] (أبو اليمان) أي: الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن. 4391 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: "كُنَّا جُلُوسًا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَجَاءَ خَبَّابٌ، فَقَال: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَيَسْتَطِيعُ هَؤُلاءِ الشَّبَابُ أَنْ يَقْرَءُوا كَمَا تَقْرَأُ؟ قَال: أَمَا إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ عَلَيْكَ؟ قَال: أَجَلْ، قَال: اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ، فَقَال زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ، أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ: أَتَأْمُرُ عَلْقَمَةَ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا؟ قَال: أَمَا إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ؟ فَقَرَأْتُ خَمْسِينَ آيَةً مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ: كَيْفَ تَرَى؟ قَال: قَدْ أَحْسَنَ، قَال عَبْدُ اللَّهِ: مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إلا وَهُوَ يَقْرَؤُهُ، ثُمَّ التَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَال: أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى، قَال: أَمَا إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ عَلَيَّ بَعْدَ اليَوْمِ، فَأَلْقَاهُ " رَوَاهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ. [فتح: 8/ 100]

75 - [باب] قصة دوس، والطفيل بن عمرو الدوسي

(عبدان) لقب عبد الله بن عثمان. (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون السكري. (أجل) أي: نعم. (ثم التفت إلى خباب وعليه خاتم من ذهب ...) إلخ كان خباب يعتقد أن النهي عن خاتم الذهب؛ للتنزيه فنبهه ابن مسعود على أنه للتحريم. 75 - [باب] قِصَّةِ دَوْسٍ، وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ (قصة دوس والطفيل بن عمرو) أي: بيانها. 4392 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنَّ دَوْسًا قَدْ هَلَكَتْ عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَقَال: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ". [انظر: 2937 - مسلم: 2524 - فتح: 8/ 101] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن ابن ذكوان) هو عبد الله. (وائت بهم) أي: مهديين. 4393 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ: يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ وَأَبَقَ غُلامٌ لِي فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الغُلامُ، فَقَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلامُكَ" فَقُلْتُ: هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَأَعْتَقْتُهُ. [انظر: 2530 - فتح: 8/ 101] (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (وعنائها) بالمد أي: تعبها. ومرَّ الحديث في كتاب: العتق (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2530) كتاب: العتق، باب: إذا قال رجل لعبده: هو لله.

76 - باب قصة وفد طيئ وحديث عدي بن حاتم

76 - بَابُ قِصَّةِ وَفْدِ طَيِّئٍ وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ (باب) ساقط من نسخة. (قصة) ساقط من أخرى. (وفد طيء) سمي طيئًا؛ لأنه أول من طوى بئرًا واسمه جلهمة. (وحديث عدي بن حاتم) أي: ابن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن أمرئ القيس بن عدي الطائي. 4394 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: أَتَيْنَا عُمَرَ فِي وَفْدٍ، فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلًا رَجُلًا وَيُسَمِّيهِمْ، فَقُلْتُ: أَمَا تَعْرِفُنِي يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ قَال: بَلَى "أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا". فَقَال عَدِيٌّ: فَلَا أُبَالِي إِذًا. [مسلم: 2523 - فتح: 8/ 102] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عبد الملك) أي: ابن عمير (فلا أبالي إذًا) أي: لمعرفتك قدري. 77 - بَابُ حَجَّةِ الوَدَاعِ (باب: حجة الوداع) سميت بذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ودع الناس فيها. 4395 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا"، فَقَدِمْتُ مَعَهُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالحَجِّ، وَدَعِي العُمْرَةَ" فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ،

فَقَال: "هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ"، قَالتْ: فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 8/ 103] (فليهل) في نسخة: "فليهلل" بفك الإدغام. (انقضي رأسك) حلي ضفر شعر رأسك. (وامتشطي) أي: سرحيه بالمشط. ومرَّ الحديث في باب: كيف تهل الحائض (¬1). 4396 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ؟ قَال: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَال: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ} [الحج: 33] وَمِنْ "أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ"، قُلْتُ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ المُعَرَّفِ قَال: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "يَرَاهُ قَبْلُ وَبَعْدُ". [مسلم: 1245 - فتح: 8/ 104] (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزبز. (إنما كان ذلك بعد المعرَّف) أي: بعد الوقوف بعرفة. 4397 - حَدَّثَنِي بَيَانٌ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُ طَارِقًا، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَال: "أَحَجَجْتَ" قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "كَيْفَ أَهْلَلْتَ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلالٍ كَإِهْلالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "طُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا، وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حِلَّ" فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ، فَفَلَتْ رَأْسِي. [انظر 1559 - مسلم: 1221 - فتح: 8/ 104] (بيان) بموحدة فتحتية: أبو محمد بن عمرو البخاري. (النضر) أي: ابن شميل. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قيس) أي: ابن مسلم. (طارقًا) أي: ابن شهاب. (فَفَلَت: رأسي) بالتخفيف أي: أخرجت القمل منه. ومرَّ ¬

_ (¬1) سلف برقم (319) كتاب: الحيض، باب: كيف تهل الحائض بالحج والعمرة.

الحديث في باب: من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإهلاله (¬1). 4398 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَقَالتْ حَفْصَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ؟ فَقَال: "لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَسْتُ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ هَدْيِي". [انظر: 1566 - مسلم: 1229 - فتح: 8/ 105] (فما يمنعك) أي: أن تحل من عمرتك المضمومة إلى الحج. ومرَّ الحديث في باب: التمتع والإقران (¬2). 4399 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: حَدَّثَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، وَالفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَويَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِي أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَال: "نَعَمْ". [انظر: 1513 - مسلم: 1334 - فتح: 8/ 105] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (فهل يقضي) أي: يجري. ومرَّ الحديث في باب: الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة (¬3). ¬

_ (¬1) سلف برقم (1557) كتاب: الحج، باب: من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سلف برقم (1566) كتاب: الحج، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج. (¬3) سلف برقم (1854) كتاب: جزاء الصيد، باب: الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة.

4400 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ، وَهُوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ عَلَى القَصْوَاءِ، وَمَعَهُ بِلالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، حَتَّى أَنَاخَ عِنْدَ البَيْتِ، ثُمَّ قَال لِعُثْمَانَ: "ائْتِنَا بِالْمِفْتَاحِ". فَجَاءَهُ بِالْمِفْتَاحِ فَفَتَحَ لَهُ البَابَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُسَامَةُ، وَبِلالٌ، وَعُثْمَانُ، ثُمَّ أَغْلَقُوا عَلَيْهِمُ البَابَ، فَمَكَثَ نَهَارًا طَويلًا، ثُمَّ خَرَجَ وَابْتَدَرَ النَّاسُ الدُّخُولَ، فَسَبَقْتُهُمْ فَوَجَدْتُ بِلالًا قَائِمًا مِنْ وَرَاءِ البَابِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال: صَلَّى بَيْنَ ذَيْنِكَ العَمُودَيْنِ المُقَدَّمَيْنِ، وَكَانَ البَيْتُ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ سَطْرَيْنِ، صَلَّى بَيْنَ العَمُودَيْنِ مِنَ السَّطْرِ المُقَدَّمِ، وَجَعَلَ بَابَ البَيْتِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَاسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الَّذِي يَسْتَقْبِلُكَ حِينَ تَلِجُ البَيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِدَارِ، قَال: "وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى وَعِنْدَ المَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَرْمَرَةٌ حَمْرَاءُ". [انظر: 397 - مسلم: 1329 - فتح: 8/ 105] (محمد) أي: ابن رافع بن أبي زيد القشيري، أو ابن يحيى الذهلي. (فليح) أي: ابن سليمان. (على القصواء) بالمد هي ناقته - صلى الله عليه وسلم - وسميت بذلك؛ لعلوها. (مرمرة) هي واحدة المرمر: جنس من الرخام نفيس. ومرَّ الحديث في الصلاة والحج وغيرهما (¬1). 4401 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُمَا أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَاضَتْ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَابِسَتُنَا هِيَ" فَقُلْتُ: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَلْتَنْفِرْ". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 8/ 106] ¬

_ (¬1) سلف برقم (397) كتاب: الصلاة، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}. و (1598) كتاب: الحج، باب: إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء.

(فلتنفر) بكسر الفاء. ومرَّ الحديث في باب: إذا حاضت بعد ما أفاضت (¬1). 4402 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا نَتَحَدَّثُ بِحَجَّةِ الوَدَاعِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَلَا نَدْرِي مَا حَجَّةُ الوَدَاعِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ المَسِيحَ الدَّجَّال فَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ، وَقَال: "مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ إلا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ، أَنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ، فَمَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ: أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عَلَى مَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ ثَلاثًا، إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ. [انظر: 3057 - مسلم: 169 - فتح: 8/ 106] 4403 - أَلا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلا هَلْ بَلَّغْتُ " قَالُوا: نَعَمْ، قَال: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ - ثَلاثًا - وَيْلَكُمْ، أَوْ وَيْحَكُمْ، انْظُرُوا، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [انظر: 1743 - مسلم: 66 - فتح: 8/ 106] (ابن وهب) هو عبد الله. (طافية) أي: بارزة. ومرَّ الحديث في كتاب الحج (¬2). 4404 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَأَنَّهُ حَجَّ بَعْدَ مَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً، لَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا حَجَّةَ الوَدَاعِ"، قَال أَبُو إِسْحَاقَ: "وَبِمَكَّةَ أُخْرَى". [انظر: 3949 - مسلم: 1354 - فتح: 8/ 107] (زهير) أي: ابن معاوية. (وأنه حج بعدما هاجر حجة واحدة لم ¬

_ (¬1) سلف برقم (328) كتاب: الحيض، باب: المرأة تحيض بعد الإفاضة. (¬2) سلف برقم (1742) كتاب: الحج، باب: الخطبة أيام منى.

يحج بعدها) لأنه توفي في أوائل العام الثاني لعامها. (حجة الوداع) بالنصب بدل من حجة واحدة. ومرَّ الحديث في أول المغازي (¬1). 4405 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ لِجَرِيرٍ: "اسْتَنْصِتِ النَّاسَ" فَقَال: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [انظر: 121 - مسلم: 65 - فتح: 8/ 107] (عن أبي زرعة) هو هرم. ومرَّ الحديث في كتاب العلم (¬2). 4406 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَيُّ شَهْرٍ هَذَا"، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال: "أَلَيْسَ ذُو الحِجَّةِ"، قُلْنَا: بَلَى، قَال: "فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا". قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال: "أَلَيْسَ البَلْدَةَ". قُلْنَا: بَلَى، قَال: "فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا". قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال: "أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ". قُلْنَا: بَلَى، قَال: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ، - قَال مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَال - وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3949) كتاب: المغازي، باب: غزوة العُشيرة أو العُسيرة. (¬2) سلف الحديث برقم (121) كتاب: العلم، باب: الإنصات للعلماء.

بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ". فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ: صَدَقَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "أَلا هَلْ بَلَّغْتُ" مَرَّتَيْنِ. [انظر: 67 - مسلم: 1679 - فتح: 8/ 108] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد. (أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (عن ابن أبي بكرة) هو عبد الرحمن. (عن أبي بكرة) هو نفيع بن الحارث. (الزمان) المراد به هنا: العام. (قد استدار) أي: دار وذلك لأن العرب كانوا يسمون المحرم صفرًا، أو بالعكس؛ ليقاتلوا فيه، ويفعلون ذلك كل سنة فينتقل المحرم من شهر إلى شهر حتى جعلوه في جميع شهور السنة فلما كانت تلك السنة قد عاد إلى زمنه المختص به قبل، دارت السنة كهيئتها الأولى. (ثلاثة متواليات) الأولى متوالية. (أي شهر هذا؟) أراد به هنا وفيما يأتي: تذكارهم حرمة ما ذكر من الشهر والبلد واليوم وتقرير ما في نفوسهم؛ ليبني عليه ما أراد تقريره، ومرَّ الحديث في كتاب: العلم وغيره (¬1). 4407 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أُنَاسًا، مِنَ اليَهُودِ قَالُوا: لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا لاتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا، فَقَال عُمَرُ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ فَقَالُوا: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3]. فَقَال عُمَرُ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ مَكَانٍ أُنْزِلَتْ أُنْزِلَتْ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ". [انظر: 45 - مسلم: 3017 - فتح: 8/ 108] (أن أناسًا من اليهود) إلى آخره، مرَّ في كتاب: الإيمان في باب: زيادة الإيمان ونقصانه (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (67) كتاب: العلم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رب مبلغ أوعى من سامع". و (1741) كتاب: الحج، باب: الخطبة أيام منى. (¬2) سلف برقم (45) كتاب: الإيمان، باب: زيادة الإيمان ونقصانه.

4408 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، "وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَجِّ"، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالحَجِّ أَوْ جَمَعَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، وَقَال: مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ مِثْلَهُ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 8/ 109] (خرجنا مع رسول الله ...) إلخ مرَّ الحديث في الحج في باب: التمتع والقران (¬1). 4409 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى المَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إلا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَال: "لَا" قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قَال: "لَا". قُلْتُ: فَالثُّلُثِ؟، قَال: "وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَال: "إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إلا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ" رَثَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ. [انظر: 56 - مسلم: 1628 - فتح: 8/ 109] ¬

_ (¬1) سلف برقم (1561) كتاب: الحج، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج.

(أشفيت) أي: أشرفت. ومرَّ الحديث في الجنائز وغيرها (¬1). 4410 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُمْ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ". [انظر: 1726 - مسلم: 1304 - فتح: 8/ 109] 4411 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَخْبَرَهُ ابْنُ عُمَرَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ". [1726 - مسلم: 1304 - فتح: 8/ 109] (أبو ضمرة) هو أنس بن عياض. ومرَّ الحديث والذي بعده في كتاب: الحج (¬2). 4412 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ "أَنَّهُ أَقْبَلَ يَسِيرُ عَلَى حِمَارٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ بِمِنًى فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَسَارَ الحِمَارُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ فَصَفَّ مَعَ النَّاسِ". [انظر: 76 - مسلم: 504 - فتح: 8/ 109] (أقبل يسير على حمار) إلى آخره، مرَّ في كتاب: الصلاة في باب: سترة الإمام (¬3). 4413 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي قَال: سُئِلَ أُسَامَةُ وَأَنَا شَاهِدٌ عَنْ سَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ؟ فَقَال: "العَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ". [انظر: 1666 - مسلم: 1286 - فتح: 8/ 110] ¬

_ (¬1) سلف برقم (1295) كتاب: الجنائز، باب: رثي النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة. و (2742) كتاب: الوصايا، باب: أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس. (¬2) سلف برقم (1726) كتاب: الحج، باب: الحلق والتقصير عند الإحلال. (¬3) سلف برقم (493) كتاب: الصلاة، باب: سترة الإمام سترة من خلفه.

78 - باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة

(يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن هشام) أي: ابن عروة. (العنق) بالنصب: ضرب من السير متوسط. ومرَّ الحديث في الحج في باب: السير إذا دفع من عرفة (¬1). 4414 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الخَطْمِيِّ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ "صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ جَمِيعًا". [انظر: 1674 - مسلم: 1287 - فتح: 8/ 110] (جميعًا) أي: في وقت واحد؛ لأنَّه جمع بينهما؛ لأنه كان مسافرًا. ومرَّ الحديث في الحج (¬2). 78 - بَابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهِيَ غَزْوَةُ العُسْرَةِ (باب: غزوة تبوك) هي موضع بينه وبين الشام إحدى عشرة مرحلة (¬3)، وهي غزوة العسرة بضم العين وسكون السين والمهملتين سميت بذلك؛ لما وقع فيها العسر في الماء والظهر والنفقة. 4415 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ الحُمْلانَ لَهُمْ، إِذْ هُمْ مَعَهُ فِي جَيْشِ العُسْرَةِ، وَهِيَ غَزْوَةُ تَبُوكَ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ أَصْحَابِي أَرْسَلُونِي إِلَيْكَ لِتَحْمِلَهُمْ، فَقَال "وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَيْءٍ وَوَافَقْتُهُ، وَهُوَ غَضْبَانُ وَلَا أَشْعُرُ" وَرَجَعْتُ حَزِينًا مِنْ مَنْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ عَلَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَأَخْبَرْتُهُمُ الَّذِي ¬

_ (¬1) سلف برقم (1666) كتاب: الحج، باب: إذا دفع من عرفه. (¬2) سلف برقم (1674) كتاب: الحج، باب: من جمع بينهما ولم يتطوع. (¬3) انظر: "معجم البلدان" 2/ 14 - 15.

قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ أَلْبَثْ إلا سُوَيْعَةً، إِذْ سَمِعْتُ بِلالًا يُنَادِي: أَيْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، فَأَجَبْتُهُ، فَقَال: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكَ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ قَال: "خُذْ هَذَيْنِ القَرِينَيْنِ، وَهَذَيْنِ القَرِينَيْنِ - لِسِتَّةِ أَبْعِرَةٍ ابْتَاعَهُنَّ حِينَئِذٍ مِنْ سَعْدٍ -، فَانْطَلِقْ بِهِنَّ إِلَى أَصْحَابِكَ، فَقُلْ: إِنَّ اللَّهَ، أَوْ قَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلاءِ فَارْكَبُوهُنَّ". فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِمْ بِهِنَّ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلاءِ، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لَا أَدَعُكُمْ حَتَّى يَنْطَلِقَ مَعِي بَعْضُكُمْ إِلَى مَنْ سَمِعَ مَقَالةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا تَظُنُّوا أَنِّي حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا لَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا لِي: وَاللَّهِ إِنَّكَ عِنْدَنَا لَمُصَدَّقٌ، وَلَنَفْعَلَنَّ مَا أَحْبَبْتَ، فَانْطَلَقَ أَبُو مُوسَى بِنَفَرٍ مِنْهُمْ، حَتَّى أَتَوُا الَّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْعَهُ إِيَّاهُمْ، ثُمَّ إِعْطَاءَهُمْ بَعْدُ فَحَدَّثُوهُمْ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ أَبُو مُوسَى. [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح: 8/ 110] (الحملان) بضم الميم المهملة وسكون الميم أي: الحمل. "القرينين" تثنية قرين: وهو البعير المقرون بآخر. (وهاتين القرينتين) تثنية قرينة: وهي الناقة المقرونة بأخرى، وفي نسخة: "وهذين القرينيين". (بستة أبعرة) لعله ذكر الستة ثلاث مرات فاقتصر الراوي على مرتين فصار المجموع ستة. ومرَّ الحديث في باب: قدوم الأشعريين (¬1). 4416 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فَقَال: أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ؟ قَال: "أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِنْ مُوسَى إلا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي"، وَقَال أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، سَمِعْتُ مُصْعَبًا. [انظر: 3706 - مسلم: 2404 - فتح: 8/ 112] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن ¬

_ (¬1) سلف برقم (4385) كتاب: المغازي، باب: قدوم الأشعرين وأهل اليمن.

79 - [باب] حديث كعب بن مالك

شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (أبو داود) هو سليمان بن داود الطيالسي. 4417 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: سَمِعْتُ عَطَاءً، يُخْبِرُ قَال: أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العُسْرَةَ، قَال: كَانَ يَعْلَى يَقُولُ: تِلْكَ الغَزْوَةُ أَوْثَقُ أَعْمَالِي عِنْدِي، قَال عَطَاءٌ: فَقَال صَفْوَانُ: قَال يَعْلَى: فَكَانَ لِي أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا يَدَ الآخَرِ، قَال عَطَاءٌ: فَلَقَدْ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ: أَيُّهُمَا عَضَّ الآخَرَ فَنَسِيتُهُ، قَال: فَانْتَزَعَ المَعْضُوضُ يَدَهُ مِنْ فِي العَاضِّ، فَانْتَزَعَ إِحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ، قَال عَطَاءٌ: وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفَيَدَعُ يَدَهُ فِي فِيكَ تَقْضَمُهَا، كَأَنَّهَا فِي فِي فَحْلٍ يَقْضَمُهَا؟! ". [انظر: 1848 - مسلم: 1674 - فتح: 8/ 112] 79 - [باب] حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118]. (تقضمها) القضم: الأكل بأطراف الأسنان. ومرَّ الحديث في كتاب: الجهاد (¬1). (باب) ساقط من نسخة (حديث كعب بن مالك) أي: ({وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}). هم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية. 4418 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ، قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ، حِينَ عَمِيَ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ ¬

_ (¬1) سلف برقم (2973) كتاب: الجهاد، باب: الأجير.

عَنْ قِصَّةِ، تَبُوكَ، قَال كَعْبٌ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إلا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ، أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، كَانَ مِنْ خَبَرِي: أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ، فِي تِلْكَ الغَزَاةِ، وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ، حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الغَزْوَةِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَةً إلا وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا، وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ، وَالمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرٌ، وَلَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ، يُرِيدُ الدِّيوَانَ، قَال كَعْبٌ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إلا ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ، مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللَّهِ، وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلالُ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ، فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِي حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا، فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لِأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطُفْتُ فِيهِمْ، أَحْزَنَنِي أَنِّي لَا أَرَى إلا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَال: وَهُوَ جَالِسٌ فِي القَوْمِ بِتَبُوكَ: "مَا فَعَلَ كَعْبٌ" فَقَال رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ، وَنَظَرُهُ فِي عِطْفِهِ، فَقَال مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إلا

خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلًا حَضَرَنِي هَمِّي، وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الكَذِبَ، وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا، وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي، فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلانِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَال: "تَعَال" فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَال لِي: "مَا خَلَّفَكَ، أَلَمْ تَكُنْ قَدْ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ". فَقُلْتُ: بَلَى، إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ، لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي، لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ، تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ، لَا وَاللَّهِ، مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى، وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ". فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي، فَقَالُوا لِي: وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ المُتَخَلِّفُونَ، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ، فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلانِ، قَالا مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ، فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ، وَهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ، قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِمَا أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُسْلِمِينَ عَنْ كَلامِنَا أَيُّهَا الثَّلاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي

الأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا، فَكُنْتُ أَشَبَّ القَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاةَ مَعَ المُسْلِمِينَ، وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلامِ عَلَيَّ أَمْ لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ، وَإِذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا طَال عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ، مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ، فَقَال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ، قَال: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ المَدِينَةِ، إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ، مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ، يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا جَاءَنِي دَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ، وَلَا مَضْيَعَةٍ، فَالحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ، فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا: وَهَذَا أَيْضًا مِنَ البَلاءِ، فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الخَمْسِينَ، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينِي، فَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا؟ أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَال: لَا، بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلَا تَقْرَبْهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الحَقِي بِأَهْلِكِ، فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ، حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي هَذَا الأَمْرِ، قَال كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ هِلال بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ، لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَال: "لَا، وَلَكِنْ لَا يَقْرَبْكِ". قَالتْ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللَّهِ مَا زَال يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا، فَقَال لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَو اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ؟ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟ فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ، حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلامِنَا، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاةَ الفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ، أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ، قَال: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، فَأَوْفَى عَلَى الجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا، بِبُشْرَاهُ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، قَال كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْولُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَال كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: "أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ"، قَال: قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَال: "لَا، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لَا أُحَدِّثَ إلا صِدْقًا، مَا بَقِيتُ. فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ أَبْلاهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلانِي، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا، وَإِنِّي لَأَرْجُو

أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ} [التوبة: 117] إِلَى قَوْلِهِ {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِي لِلْإِسْلامِ، أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَال لِلَّذِينَ كَذَبُوا - حِينَ أَنْزَلَ الوَحْيَ - شَرَّ مَا قَال لِأَحَدٍ، فَقَال تَبَارَكَ وَتَعَالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ} [التوبة: 95] إِلَى قَوْلِهِ {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفَاسِقِينَ} [التوبة: 95، 96]، قَال كَعْبٌ: وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَال اللَّهُ: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118]. وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَنِ الغَزْو، إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا، وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا، عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ. [انظر: 2757 - مسلم: 716، 2769 - فتح: 8/ 113] (عن عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (أذكر) أي: أشهر عند الناس بالفضيلة. (حتى ورى بغيرها) أي: أوهم غيرها (فجلّى) بلام مشددة أي: أوضح. (أهبة غزوهم) أي: ما يحتاجون إليه في سفرهم، وفي نسخة: "أهبة عدوهم". (مغموصًا عليه النفاق) أي: مطعونًا عليه في دينه متهمًا بالنفاق. (في عطفيه) بكسر العين أي: جانبيه، كناية عن كونه متعجبًا بنفسه. (فطفقت) أي: أخذت. (وثار رجال) أي: وثبوا. (يؤنبونني) أي: يلومونني لومًا عنيفًا. (أسوة) بضم الهمزة وكسرها أي: قدوة. (من جفوة الناس) أي: من اعتراضهم. (ملك غسان) هو جبلة بن الأيهم، أو الحارث بن أبي شمر. (لما قرأتها) أي: الصحيفة. (فتيممت) أي: قصدت. (فسجرته) أي: أوقدته. (امرأتك) هي عميرة بنت جبير بن صخر بن أمية. (فقال لي بعض أهلي) إلى آخره استشكل بنهيه - صلى الله عليه وسلم - الناس عن كلام الثلاثة، وأجيب: بأنه

80 - [باب] نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر

يحتمل أن يكون عبر عن الإشارة بالقول، وبأن النهي كان خاصًّا بالرجال، أو كان ممن يخدم المنهي (¬1) عن كلامه فلم يدخل في النهي. (يا كعب بن مالك) بقطع الهمزة. (ولا أنساها) أي: الخصلة وهي بشارته إياي بالتوبة. (أن أنخلع من مالي صدقة) بالنصب على الحال (من مالي) أو على المفعولية بتضمين (أنخلع) أخرج لا على المصدرية بجعل (أنخلع) بمعنى: أتصدق، كما قيل: لأنه ليس بمصدر، بل هو اسم لما يتصدق به. ({لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ}) أي: تجاوز عنه. (ألا أكون). بفتح الهمزة بدل من (صدقي) أي: ما أنعم الله عليَّ أعظم من عدم كذبي ثم عدم هلاكي. ومرَّ الحديث في الوصايا وغيرها (¬2). 80 - [باب] نُزُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحِجْرَ (باب) ساقط من نسخة. (نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجر) بكسر الحاء: منازل ثمود بين المدينة والشام (¬3). 4419 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحِجْرِ قَال: "لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ، إلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الوَادِيَ". [انظر: 433 - مسلم: 2980 - فتح: 8/ 125] 4420 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (2757) كتاب: الوصايا، باب: إذا تصدق أو أوقف بعض ماله أو بعض رقيقه أو دوابه فهو جائز. (¬2) كتاب: الجهاد والسير، باب: الصلاة إذا قدم من سفر. (¬3) انظر: "معجم البلدان" 2/ 220 - 221.

81 - باب

عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِ الحِجْرِ: "لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاءِ المُعَذَّبِينَ إلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ". [انظر: 433 - مسلم: 2980 - فتح: 8/ 125] (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم ...) إلى آخره مرَّ هو والذي بعده في كتاب: الأنبياء، في باب: قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} (¬1). 81 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. 4421 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَال: "ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقُمْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ المَاءَ، - لَا أَعْلَمُهُ إلا قَال فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَذَهَبَ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ، فَضَاقَ عَلَيْهِ كُمُّ الجُبَّةِ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ جُبَّتِهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ". [انظر: 182 - مسلم: 274 - فتح: 8/ 125] (ذهب النبي ...) إلخ مرَّ في باب: المسح على الخفين (¬2). 4422 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، قَال: أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ قَال: هَذِهِ طَابَةُ، وَهَذَا أُحُدٌ، جَبَلٌ يُحِبُّنَا ¬

_ (¬1) سلف برقم (3380) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا}. (¬2) سلف برقم (203) كتاب: الضوء، باب: المسح على الخفين.

82 - باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر

وَنُحِبُّهُ. [انظر: 1481 - مسلم: 1392 - فتح: 8/ 125] (سليمان) أي: ابن بلال. (عن أبي حميد) هو عبد الرحمن الساعدي. ومرَّ الحديث في الحج وغيره (¬1). 4423 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّويلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ المَدِينَةِ، فَقَال: "إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلا كَانُوا مَعَكُمْ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَال: "وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ". [انظر: 2838 - فتح: 8/ 126] (عبد الله) أي: ابن المبارك. ومرَّ الحديث في الجهاد في باب: من حبسه العذر عن الغزو (¬2). 82 - بَابُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ (باب) ساقط من نسخة. (كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى) بكسر الكاف وفتحها لقب كل من ملك الفرس. (وقيصر) هو هرقل. 4424 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ " فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ، قَال: "فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ". [انظر: 64 - فتح: 8/ 126] ¬

_ (¬1) سلف برقم (1872) كتاب: فضائل المدينة، باب: المدينة طابة. و (3161) كتاب: الجزية والموادعة، باب: إذا وادع الإمام ملك القرية. (¬2) سلف برقم (2838) كتاب: الجهاد والسير، باب: من حبسه العذر عن الغزو.

إسحاق) أي: ابن راهويه. (عن صالح) أي: ابن كيسان. ومرَّ الحديث في العلم في باب: ما يذكر في المناولة (¬1). (فلما قرأه) في نسخة: "فلما قرأ" بحذف الضمير. 4425 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَال: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الجَمَلِ، بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَال: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ، قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَال: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً". [7099 - فتح: 8/ 126] (عوف) أي: الأعرابي. (عن أبي بكرة) هو نفيع بن الحارث. (أيام الجمل) أي: أيام وقعته. 4426 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، يَقُولُ: أَذْكُرُ أَنِّي "خَرَجْتُ مَعَ الغِلْمَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ، نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَقَال سُفْيَانُ مَرَّةً: "مَعَ الصِّبْيَانِ". [انظر: 3083 - فتح: 8/ 126] 4427 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ، أَذْكُرُ أَنِّي "خَرَجْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ نَتَلَقَّى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ مَقْدَمَهُ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ". [انظر: 3083 - فتح: 8/ 126] (سفيان) أي: ابن عيينة. ومرَّ الحديث والذي بعده في الجهاد، في باب استقبال الغزاة (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (64) كتاب: العلم، باب: ما يذكر في المناولة وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان. (¬2) سلف برقم (3083) كتاب: الجهاد والسير، باب: استقبال الغزاة.

83 - باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته

83 - بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 30 - 31]. [فتح: 8/ 129] (باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته) أي: بيانهما. ({إِنَّكَ مَيِّتٌ}) أي: ستموت (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)}) ساقط من نسخة. 4428 - وَقَال يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال عُرْوَةُ: قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: "يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ". [فتح: 8/ 131] (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (أبهري) بفتح الهمزة وسكون الموحدة: عرق متصل بالقلب إن أنقطع مات صاحبه. (من ذلك السم) بتشديد السين. 4429 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ، قَالتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا، ثُمَّ مَا صَلَّى لَنَا بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ". [انظر: 763 - مسلم: 462 - فتح: 8/ 130] 4430 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُدْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَال لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ، فَقَال: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ، فَسَأَلَ عُمَرُ، ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ} [النصر: 1]. فَقَال: "أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ" فَقَال: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إلا مَا تَعْلَمُ. [انظر: 3627 - فتح: 8/ 130]

(عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (يدني ابن عباس) أي: يقربه، ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 4431 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمُ الخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الخَمِيسِ؟ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ، فَقَال: "ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا"، فَتَنَازَعُوا وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ، أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ؟ فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ، فَقَال: "دَعُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ" وَأَوْصَاهُمْ بِثَلاثٍ، قَال: "أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَأَجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْو مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ" وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ أَوْ قَال فَنَسِيتُهَا. [انظر: 114 - مسلم: 1637 - فتح: 8/ 132] 4432 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي البَيْتِ رِجَالٌ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمُّوا أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ"، فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ حَسْبُنَا، كِتَابُ اللَّهِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالاخْتِلافَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا" قَال عُبَيْدُ اللَّهِ، فَكَانَ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: "إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ، مَا حَال بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الكِتَابَ، لِاخْتِلافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ". [انظر: 114 - مسلم: 1637 - فتح: 8/ 132] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (سفيان) أي: ابن عيينة. (فقال: ائتوني) شك من الراوي، ومرَّ الحديث والذي بعده في الجهاد (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (3627) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام. (¬2) سلف برقم (3053) كتاب: الجهاد والسير، باب: جوائز الوفد.

4433، 4434 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَضَحِكَتْ، فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالتْ: "سَارَّنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِهِ يَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ". [انظر: 3623، 3624 - مسلم: 2450 - فتح: 8/ 135] (دعا النبي) إلخ مرَّ في علامات النبوة. 4435 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ: "أَنَّهُ لَا يَمُوتُ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ، يَقُولُ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 69] الآيَةَ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ". [4436، 4437، 4463، 4586، 6348، 6509 - مسلم: 2444 - فتح: 8/ 136] (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سعد) أي: ابن إبراهيم (بُحَّةٌ) هي ثقل في مجاري النفس. 4436 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَرَضَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَعَلَ يَقُولُ: "فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى". [انظر: 4435 - مسلم: 2444 - فتح: 8/ 136] (مسلم) أي: ابن إبراهيم القصاب. (بالرفيق الأعلى) أي: الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين. 4437 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، إِنَّ عَائِشَةَ، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ صَحِيحٌ يَقُولُ: "إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُحَيَّا أَوْ يُخَيَّرَ، فَلَمَّا اشْتَكَى وَحَضَرَهُ القَبْضُ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِ عَائِشَةَ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ شَخَصَ بَصَرُهُ نَحْوَ سَقْفِ البَيْتِ، ثُمَّ

قَال: "اللَّهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى" فَقُلْتُ: إِذًا لَا يُجَاورُنَا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حَدِيثُهُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ. [انظر: 4435 - مسلم: 2444 - فتح: 8/ 136] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. 4438 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، عَنْ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَصَمْتُهُ، وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَال "فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى". ثَلاثًا، ثُمَّ قَضَى، وَكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي. [انظر: 890 - فتح: 8/ 138] (محمد) أي: ابن سعد الذهلي (¬1). (عفان) أي: ابن مسلم الصفار. (حاقنتي) بمهملة: هي النقرة بين الترقوة وحبل العنق (¬2) (زاقنتي) بمعجمة: طرف الحلقوم. 4439 - حَدَّثَنِي حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى ¬

_ (¬1) كذا في جميع الأصول المعتمد عليها، وأظنه تصحيف من الناسخ، والصواب كما ورد في كتب الشروح، والرجال أنه: محمد بن يحيى الذهلي، وأبهمه البخاري ومن ثَمَّ وقع الاختلاف فيه، ولهذا نقل العيني هذا الخلاف عن الكرماني: قوله: "محمد" هو ابن يحيى الذهلي، وفي كتاب: "رجال الصحيحين": محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس أبو عبد الله الذهلي، روى عن البخاري في غير موضع في قريب من ثلاثين موضعًا، ولم يقل محمد بن يحيى الذهلي مصرحًا به ويقول حَدَّثَنَا محمد ولا يزيد عليه. (¬2) كذا في الأصل، وفي "عمدة القارئ": حبل العاتق.

نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ، فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، طَفِقْتُ أَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ الَّتِي كَانَ يَنْفِثُ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ". [5016، 5735، 5751 - مسلم: 2192 - فتح: 8/ 131] (حبان) أي: ابن موسى المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك (اشتكى) أي: مرض. (نفث) بمثلثة. أي: أخرج الريح من فمه مع شيء من ريقه. 4440 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَهُوَ مُسْنِدٌ إِلَيَّ ظَهْرَهُ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ". [5674 - مسلم: 2444 - فتح: 8/ 138] 4441 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلالٍ الوَزَّانِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: "لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، قَالتْ عَائِشَةُ: "لَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا". [انظر: 435 - مسلم: 529 - فتح: 8/ 140] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (لأبرز قبره) أي: لكشف. ومرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 4442 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ وَهُوَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاهُ فِي الأَرْضِ، بَيْنَ عَبَّاسِ بْنِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (1330) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، و (3453، 3454) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.

عَبْدِ المُطَّلِبِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ، قَال عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بِالَّذِي قَالتْ عَائِشَةُ: فَقَال لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: "هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ " قَال: قُلْتُ: لَا، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ" وَكَانَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ بَيْتِي وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ قَال: "هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ، لَمْ تُحْلَلْ، أَوْكِيَتُهُنَّ لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ" فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ القِرَبِ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا بِيَدِهِ، "أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ" قَالتْ: ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى بِهِمْ وَخَطَبَهُمْ. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 8/ 141] (عن عقيل) أي: ابن خالد. 4443، 4444 - وأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالا: لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ يَقُولُ: "لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ، وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ" يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا". [انظر: 435، 436 - مسلم: 531 - فتح: 8/ 140] 4445 - أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالتْ: "لَقَدْ رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، وَمَا حَمَلَنِي عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ إلا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِي: أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلًا، قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا، وَلَا كُنْتُ أُرَى أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ أَحَدٌ مَقَامَهُ إلا تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَعْدِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ " رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو مُوسَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 8/ 140] (كنت أرى) بضم الهمزة أي: أظن. ومرَّ الحديث في باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (679) كتاب: الأذان، باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة.

4446 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لَبَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي، فَلَا أَكْرَهُ شِدَّةَ المَوْتِ لِأَحَدٍ أَبَدًا، بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 890 - مسلم: 2443 - فتح: 8/ 140] 4447 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَال النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ، " كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَقَال: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا"، فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَال لَهُ: أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلاثٍ عَبْدُ العَصَا، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ عِنْدَ المَوْتِ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ، إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ، فَأَوْصَى بِنَا، فَقَال عَلِيٌّ: إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [6266 - فتح: 8/ 142] (إسحاق) أي: ابن راهويه. 4448 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ المُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي صَلاةِ الفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الاثْنَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي لَهُمْ، لَمْ يَفْجَأْهُمْ إلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ "كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلاةِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ"، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاةِ، فَقَال أَنَسٌ: وَهَمَّ المُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاتِهِمْ، فَرَحًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْ أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ ثُمَّ دَخَلَ الحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ". [انظر: 680 - مسلم: 419 - فتح: 8/ 143]

(عقيل) أي: ابن خالد الأيلي (أن المسلمين) إلخ مرَّ في الباب المذكور آنفًا. 4449 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ أَبَا عَمْرٍو ذَكْوَانَ، مَوْلَى عَائِشَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: "أَنْ نَعَمْ" فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: "أَنْ نَعَمْ" فَلَيَّنْتُهُ، فَأَمَرَّهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أَوْ عُلْبَةٌ - يَشُكُّ عُمَرُ - فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ" ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: "فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى" حَتَّى قُبِضَ وَمَالتْ يَدُهُ. [انظر: 890 - مسلم: 2443 - فتح 8/ 144] (أو علبة) بضم العين هي المحلب من الجلد والشك من الراوي. 4450 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، يَقُولُ: "أَيْنَ أَنَا غَدًا، أَيْنَ أَنَا غَدًا" يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ، فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالطَ رِيقُهُ رِيقِي، ثُمَّ قَالتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَضِمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي. [انظر: 890 - مسلم: 2443 - فتح 8/ 144] 4451 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ

أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَكَانَتْ إِحْدَانَا تُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَال: "فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى، فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى"، وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً، فَأَخَذْتُهَا، فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا، وَنَفَضْتُهَا، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَ مُسْتَنًّا، ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا، فَسَقَطَتْ يَدُهُ، أَوْ: سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ. [انظر: 890 - مسلم: 2443 - فتح 8/ 144] 4452، 4453 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ، حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمُ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَيَمَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُغَشًّى بِثَوْبِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَال: "بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَاللَّهِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَمَّا المَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ، فَقَدْ مُتَّهَا". [انظر: 1241، 1242 - فتح: 8/ 145] (بالسنح) بضم المهملة وسكون النون وضمها وحاء مهملة من عوالي المدينة من منازل بني الحارث بن الخزرج (¬1). 4454 - قَال الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَال: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: "أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَال اللَّهُ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إلا ¬

_ (¬1) السنح: موضع بنجد قرب جبل طيء، نزله خالد في حرب الردة فجاءه عدي بن حاتم بإسلام طيء وحسن طاعتهم. انظر: "معجم البلدان" 3/ 265.

رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] إِلَى قَوْلِهِ {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، وَقَال: وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى تَلاهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إلا يَتْلُوهَا " فَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ قَال: "وَاللَّهِ مَا هُوَ إلا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاهَا فَعَقِرْتُ، حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلايَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاهَا، عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ". [انظر: 1242 - فتح 8/ 145] (فعقرت) بكسر القاف أي: دهشت وتحيرت. 4455، 4456، 4457 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. [5709 وانظر: 1241، 1242 - فتح 8/ 46] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. 4458 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَزَادَ قَالتْ عَائِشَةُ: لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: "أَنْ لَا تَلُدُّونِي" فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَال: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي"، قُلْنَا كَرَاهِيَةَ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَقَال: "لَا يَبْقَى أَحَدٌ فِي البَيْتِ إلا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إلا العَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ" رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [6897، 6886، 5712 - مسلم: 2213 - فتح 8/ 147] (علي) أي: ابن المديني. (يحيى) أي: ابن القطان. (لددناه) أي: جعلنا الدواء في فمه بغير اختياره. 4459 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالتْ: مَنْ قَالهُ؟ "لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَمُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَانْخَنَثَ فَمَاتَ فَمَا شَعَرْتُ فَكَيْفَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ؟! انظر: 2741 - مسلم: 1636 - فتح 8/ 148] (فانحنث) بمعجمة ومثلثة: أي: استرخى.

4460 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ، قَال: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَوْصَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال: لَا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ، أَوْ أُمِرُوا بِهَا؟ قَال: "أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ". [انظر: 2740 - مسلم: 1634 - فتح: 8/ 148] (قال أوصى بكتاب الله) استشكل بأنه كيف أتت هنا الوصية ونفاها قبله؟ وأجيب: بأن المثبت الوصية بكتاب الله تعالى، والمنع الوصية بالمال، أو بالإمامة. ومرَّ الحديث في أول الوصايا (¬1). 4462 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ: وَا كَرْبَ أَبَاهُ (¬2)، فَقَال لَهَا: "لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ"، فَلَمَّا مَاتَ قَالتْ: يَا أَبَتَاهُ (¬3)، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ (¬4)، يَا أَبَتَاهْ، مَنْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ، مَأْوَاهْ (¬5) يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ، فَلَمَّا دُفِنَ، قَالتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ: يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ؟! [فتح: 8/ 149] (واكرب أباه) ليس هذا من النياحة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أقرها عليه. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2745) كتاب: الوصايا، باب: الوصايا. (¬2) كذا في الأصل، وفي (س) أباهُ. (¬3) كذا في الأصل، وفي (س): أبتاهُ. (¬4) كذا في الأصل، وفي (س): دعاهُ. (¬5) كذا في الأصل، وفي (س): مأواهُ.

84 - باب آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم

84 - بَابُ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: آخر ما تكلم به النبي - صلى الله عليه وسلم -) لفظ: (به) ساقط من نسخة. 4463 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال يُونُسُ: قَال الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: "إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرَ" فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ، وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ البَيْتِ، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى". فَقُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ، قَالتْ: فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى". [انظر: 4435 - مسلم: 2444 فتح 8/ 150] (اللهم الرفيق الأعلى) بالنصب بأختار مقدر. 85 - بَابُ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بيان وقتها، وبهذا فارق ذكرها في باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته، وفي نسخة: "باب: وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومتى توفي وابن كم". 4464، 4465 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، يُنْزَلُ عَلَيْهِ القُرْآنُ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا". الحديث 4464 [4978 - فتح 8/ 150] الحديث 4465 [انظر: 3851 - مسلم: 2351 - فتح 8/ 150] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. 4466 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ

86 - باب

شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ" قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ مِثْلَهُ. [انظر: 3536 - مسلم: 2349 - فتح: 150/ 8] 86 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. 4467 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلاثِينَ". [يَعْنِي صَاعًا مِن شَعِيرٍ]. [انظر: 2068 - مسلم: 1603 - فتح 8/ 151] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. 87 - بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ (باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد رضي الله عنهما في مرضه الذي توفي فيه) أي: بيان ذلك. 4468 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنِ الفُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ، فَقَالُوا فِيهِ: فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ قُلْتُمْ فِي أُسَامَةَ وَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ". [انظر: 3730، مسلم: 2426 - فتح 8/ 152] (إنكم قلتم في أسامة) أي: طعنتم فيه. (وإنه أحب الناس) أي:

88 - باب

الذين طعنوا فيه. (إليَّ) متعلق بـ (أحب). 4469 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ". [انظر:.3730 - مسلم: 2426 - فتح 8/ 152] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس (إن كان) (إن) مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير محذوف. 88 - باب (باب) بلا ترجمة. 4470 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ الصُّنَابِحِيِّ، أَنَّهُ قَال لَهُ: مَتَى هَاجَرْتَ؟ قَال: خَرَجْنَا مِنَ اليَمَنِ مُهَاجِرِينَ، فَقَدِمْنَا الجُحْفَةَ، فَأَقْبَلَ رَاكِبٌ، فَقُلْتُ لَهُ: الخَبَرَ؟ فَقَال: "دَفَنَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ خَمْسٍ"، قُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ شَيْئًا؟ قَال: نَعَمْ، أَخْبَرَنِي بِلالٌ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ فِي السَّبْعِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ". [فتح 8/ 153] (أصبغ) أي: ابن الفرج المصري. (ابن وهب) هو عبد الله. (عمرو) أي: ابن الحارث. (عن أبي حبيب) هو يزيد المصري. (عن الصنابحي) هو عبد الرحمن بن عسيلة. (الخبر) بالنصب، أي: أخبرني الخبر، وبالرفع خبر مبتدإِ محذوفٍ، أي: ما الخبر؟ (أنه) أي: وقتها. (في العشر الأواخر) أي: من رمضان.

89 - باب: كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم؟

89 - بَابٌ: كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ (باب) ساقط من نسخةٍ. (كم غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: غزوة. 4471 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَمْ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: سَبْعَ عَشْرَةَ، قُلْتُ: "كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: تِسْعَ عَشْرَةَ. [انظر: 3949 - مسلم: 1254 - فتح 8/ 153] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (سألت ابن أرقم) إلخ مرَّ في أول كتاب: المغازي (¬1). 4472 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا البَرَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ عَشْرَةَ". [فتح 8/ 153] 4473 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلالٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً". [مسلم 1814 - فتح 8/ 153] (عن كهمس) بمهملة: ابن الحسن النمري. (عن ابن بريدة) هو عبد الله. ¬

_ (¬1) سلف برقم (3949) كتاب: المغازي، باب: غزوة العشيرة أو العسيرة.

65 - كتاب التفسير

65 - كِتَابُ التَّفْسِيرِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 65 - كِتَابُ التَّفْسِيرِ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}: "اسْمَانِ مِنَ الرَّحْمَةِ، الرَّحِيمُ وَالرَّاحِمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كَالعَلِيمِ وَالعَالِمِ". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مؤخرة في نسخةٍ عن (كتاب: تفسير القرآن)، وفي نسخةٍ: "كتاب: التفسير" أي لألفاظ من القرآن، والتفسير لغة: البيان واصطلاحًا: علم يعرف به معاني كلام الله تعالى من الأوامر والنواهي وغيرهما، وفائدته: الاطلاع علي عجائب كلامه تعالى، وامتثال أوامره ونواهيه. (الرحمن الرحيم) اسمان من الرحمة، أي: مشتقان منها والرحمة لغة: رقة القلب تقتضي التفضيل، فالتفضيل غايتها، وأسماء الله تعالى المأخوذة من نحو ذلك إنما تؤخذ باعتبار الغاية دون المبدأ، والرحمن أبلغ من الرحيم: لأن زيادة البناء تدل علي زيادة المعنى، كما في: قطع، قطع، وقد بسطت الكلام علي ذلك في "شرح البهجة، وغيره، (والرحيم) فعيل بمعنى: فاعل، فرحيم بمعنى: راحم أي: في أصل المعنى، وإلا ففعيل أبلغ من فاعل كما هو معروف في محله.

1 - [سورة الفاتحة]

1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَاتِحَةِ الكِتَابِ وَسُمِّيَتْ أُمَّ الكِتَابِ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي المَصَاحِفِ، وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلاةِ، وَالدِّينُ: الجَزَاءُ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَمَا تَدِينُ تُدَانُ " وَقَال مُجَاهِدٌ: " {بِالدِّينِ} [الانفطار: 9]: بِالحِسَابِ، {مَدِينِينَ} [الواقعة: 86]: مُحَاسَبِينَ. [فتح: 8/ 155] (باب) ساقط من نسخة. (ما جاء في فاتحة الكتاب). أي: في تفسيرها. (وسميت أم الكتاب) أي: وأم القرآن كما قرن بينهما الترمذي في رواية صححها (¬1). (أنه يبدأ (¬2) بكتابتها في المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصلاة) اعترض بأنه إنما يناسب فاتحة الكتاب لأم القرآن، لا أم الكتاب قلت: بل يناسبه أيضًا: لأن المعنى: إن الفاتحة مبدأ ما ذكر، كما أن الأم مبدأ الولد، وعلل أيضًا بأن الفاتحة تؤم غيرها كالرجل يؤم غيره فيتقدم عليه، ولفاتحة الكتاب أربعة وعشرون اسمًا ذكر منها البيضاوي أربعة عشرة (¬3)، وزاد غيره عليها عشرة وقد بينت ذلك فيِ "حاشيتي علي تفسيره". و ({الدِّينِ}) أي: في قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} معناه: (الجزاء في الخير والشر) أي: في كل منهما. (كما تدين تدان) أي: ما تفعله تجازى به. ({بِالدِّينِ}) أي: في قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)} أي: ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (3124) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة الحجر. وقال: هذا حديث حسن صحيح وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬2) في الأصل: لا يبدأ بكتابتها، وما أثبتناه هو ما جرى عليه البخاري. (¬3) "تفسير البيضاوي" 1/ 13.

(بالحساب) أي: يوم القيامة. ({مَدِينِينَ}) أي: في قوله: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} أي: (محاسبين) أي: فيه. 4474 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، قَال: كُنْتُ أُصَلِّي فِي المَسْجِدِ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَال: "أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]. ثُمَّ قَال لِي: "لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي القُرْآنِ، قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ". ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، قُلْتُ لَهُ: "أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ"، قَال: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ} [الفاتحة: 2] "هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ" [2647، 4703، 5006 - فتح 8/ 156] (عن مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (ألم يقل الله: {اسْتَجِيبُوا} إلخ). استدل به علي أن إجابته واجبة، وأنها تبطل الصلاة كما في قوله: السلام عليك. (هي أعظم السور) في نسخة: "هي أعظم سورة"، واستدل به علي جواز تقديم القرآن علي بعض بمعنى: أن ثواب بعضه أعظم من بعض، لا بمعنى: أن صفة بعضه أفضل من صفة بعض: إذ لا نقص فيها، والخيرية في قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} ليست بالذات، بل بواسطة أنها منفعة للعبادة (هي السبع المثاني) أما كونها سبعًا فلأنها سبع آيات، وأما كونها مثاني فلأنها تثنى في الصلاة، وقد بسطت الكلام علي ذلك في الحاشية المذكورة، (والقرآن العظيم) عطف علي (السبع المثاني) وفيه: تشبيه بليغ كأنه قيل: الفاتحة هي السبع المثاني وكالقرآن العظيم في الاشتمال علي ثلاثة علوم هي مناط الدين: علم أصول الدين المقيد لمعرفة الله تعالى وصفاته، وعلم

2 - باب {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7]

الفروع، وعلم التصوف، وإلى الأول أشار بقوله في الفاتحة: {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} وإلى الثاني بقوله فيها: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} وإلى الثالث بقوله فيها: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)} إلى آخره. وقد بسطت الكلام على ذلك مع زيادة في الحاشية المذكورة. 2 - بَابُ {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] (باب: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}) المغضوب عليهم: اليهود، والضالين: النصارى، وخصَّ اليهود بالغضب: لأنهم علموا وتركوا بخلاف النصارى فإنهم إنما تركوا؛ لعدم إهتدائهم إلى الطريق؛ لأنهم لم يأتوا الأمر من بابه. 4475 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا قَال الإِمَامُ: {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقُولُوا آمِينَ، فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [انظر: 780 - مسلم: 410 - فتح 8/ 159] (عن سُمَيِّ) هو مولى أبي بكر. (إذا قال الإمام ...) إلخ مرَّ شرحه في باب: جهر الإمام بالتأمين (¬1). (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (سورة البقرة) أي: بيان بعض ما فيها. 2 - سُورَةُ البَقَرَةِ 1 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] ¬

_ (¬1) سلف برقم (782) كتاب: الأذان، باب: جهر المأموم بالتأمين.

(باب) ساقط من نسخة: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} أي: بخلق علم ضروري فيه، أو بإلقاء في روعه. 4476 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وقَال لِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَجْتَمِعُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ: لَو اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ ذَنْبَهُ فَيَسْتَحِي، ائْتُوا نُوحًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ سُؤَالهُ رَبَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ فَيَسْتَحِي، فَيَقُولُ: ائْتُوا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُوسَى، عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ نَفْسٍ، فَيَسْتَحِي مِنْ رَبِّهِ، فَيَقُولُ: ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، وَكَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنَ لِي، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَيْهِ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ، فَأَقُولُ مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إلا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ " قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إلا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ، يَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ تَعَالى: {خَالِدِينَ فِيهَا} [البقرة: 162] [انظر: 44 - مسلم: 193 - فتح 8/ 160]

2 - باب

(هشام) أي: الدستوائي. (قتادة) أي: ابن دعامة. (خليفة) أي: ابن خياط. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (ويذكر ذنبه) هو قربان الشجرة وأكله منها. (فإنه أول رسول بعثه الله في أهل الأرض) خرج بأهل الأرض آدم، فإنه وإن كان رسولًا؛ لكنه لم يرسل إلا أهل الأرض، إذ لم يكن بها أهل، أو المراد: يكون نوح أول رسول أو أول رسول بعد الطوفان أو أنه أرسل، لإنذار قومه وإهلاكهم. وآدم إنما كانت رسالته بمنزلة التربية والإرشاد للأولاد (فيستحي) بيائين، وفي نسخة: بياء واحدة. (عبدًا) بدل من (موسى) (وكلمة الله) أي: لأنه وجد بكلمة الله بلا واسطة أب (وروحه) أي: لقوله تعالى: {فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} (فيؤذن) بالرفع عطف علي (أنطلق) وبالنصب عطف على (أستاذن). (فيحد لي حدًّا) أي: يعين لي قومًا. (مثله) أي: أفعل مثل ما ذكر من أني أقع ساجدًا ... إلخ، واستشكل سياق الحديث من جهة كون المطلوب الشفاعة للإراحة من موقف العرصات لما يحصل لهم من ذلك الكرب الشديد لا لإخراج من النار. وأجيب: بأنه قد انتهت حكاية الإراحة عند لفظ: (فيؤذن لي) وما بعده زيادة علي ذلك وبأن المراد بالنار: الجنس، وما يكون منه من الشدة ودنوا الشمس إلى رءوسهم وحرها وإلجامهم بالعرق، وبالخروج: الخلاص منها. 2 - باب. قَال مُجَاهِدٌ: {إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} [البقرة: 14] "أَصْحَابِهِمْ مِنَ المُنَافِقِينَ وَالمُشْرِكِينَ" {مُحِيطٌ بِالكَافِرِينَ} [البقرة: 19]: "اللَّهُ جَامِعُهُمْ" {عَلَى الخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]: "عَلَى المُؤْمِنِينَ حَقًّا" قَال

مُجَاهِدٌ: {بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63]: "يَعْمَلُ بِمَا فِيهِ" وَقَال أَبُو العَالِيَةِ: {مَرَضٌ} [البقرة: 10]: "شَكٌّ" {وَمَا خَلْفَهَا} [البقرة: 66]: "عِبْرَةٌ لِمَنْ بَقِيَ" {لَا شِيَةَ} [البقرة: 71]: "لَا بَيَاضَ" وَقَال غَيْرُهُ: {يَسُومُونَكُمْ} [البقرة: 49]: "يُولُونَكُمُ الوَلايَةُ، - مَفْتُوحَةٌ - مَصْدَرُ الوَلاءِ، وَهِيَ الرُّبُوبِيَّةُ، إِذَا كُسِرَتِ الوَاوُ فَهِيَ الإِمَارَةُ، وَقَال بَعْضُهُمْ: الحُبُوبُ الَّتِي تُؤْكَلُ كُلُّهَا فُومٌ " وَقَال قَتَادَةُ: {فَبَاءُوا}: "فَانْقَلَبُوا" وَقَال غَيْرُهُ: {يَسْتَفْتِحُونَ} [البقرة: 89]: يَسْتَنْصِرُونَ، {شَرَوْا} [البقرة: 102]: بَاعُوا، {رَاعِنَا} [البقرة: 104]: مِنَ الرُّعُونَةِ، إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُحَمِّقُوا إِنْسَانًا، قَالُوا: رَاعِنًا، {لَا يَجْزِي} [لقمان: 33]: لَا يُغْنِي، {خُطُوَاتِ} [البقرة: 168]: مِنَ الخَطْو، وَالمَعْنَى: آثَارَهُ {ابْتَلَى} [البقرة: 124]: اخْتَبَرَ. [فتح: 8/ 161] (باب) بلا ترجمة {إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} أي: في قوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} أي: أصحابهم من المنافقين والمشركين، وسموا شياطين لمماثلتهم لهم في التمرد. {مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} معناه: (جامعهم). {صِبْغَةَ} أي: في قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ} أي: (دين) والمعنى: صبغنا الله صبغته: وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها. {عَلَى الْخَاشِعِينَ} أي: في قوله تعالى: {إلا عَلَى الْخَاشِعِينَ} معناه: (علي المؤمنين حقًّا). {بِقُوَّةٍ} أي: في قوله تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} معناه: يعمل بما فيه، الأولى اعملوا بما فيه. ({مَرَضٌ}) أي: في قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} معناه: (شك) {وَمَا خَلْفَهَا} أي: في قوله تعالى: {نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} معناه: (عبرة

(لمن بقى) حقه أن يقول لما بقى إذ العبرة إنما هي تفسير للنكال لا لمن خلفها إذا المعنى: فجعلناها نكالا، أي: عبرة لما بين يديها وما خلفها يعني: للأمم التي في زمانها وبعدها. ({لَا شِيَةَ}) أي (لا بياض، وقال غيره) أي: غير أبي العاليه: وهو أبو عبيد ابن سلام. ({يَسُومُونَكُمْ}) معناه: (يولونكم). أوضح منه قول غيره: يذيقونكم. {الْوَلَايَةُ} (مفتوحة) أي: بفتح الواو في قوله تعالى: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ} (مصدر الولاء) بفتح الواو والمد، أي: مصدر فعله وهو ولي، (وهي) أي: الولاية بالفتح: (الربوبية). (وإذا كسرت الواو فهي الإمارة) بكسر الهمزة وذكر قوله: {الْوَلَايَةُ} إلخ هنا لمناسبة (يولونكم). (وقال بعضهم) هو الفراء الحبوب التي تؤكل كلها فوم) فعليه عطف عدسها علي فومها في القرآن من عطف الخاص على العام، ومن فسر الفوم بالحنطة فالمتعاطفات متغايرات. {فَبَاءُوا} أي: في قوله تعالى: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ} معناه: (فانقلبوا) وفي نسخة: "انقلبوا" بحذف الفاء. (وقال غيره) أي: غير قتادة وهو أبو عبيدة: {يَسْتَفْتِحُونَ} أي: في قوله تعالى: {يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} معناه: (يستنصرون). {شَرَوْا} أي: في قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} معناه: (باعوا) {رَاعِنَا}. أي: في قوله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} مأخوذ (من الرعونة) وهو الحمق كانوا (إذا أرادوا أن يحمقوا إنسانًا) أي: ينسبونه إلى الحمق (قالوا: {رَاعِنَا}) (¬1) بالتنوين علي قراءة الحسن البصري، أي: قولا ذا رعونة. ¬

_ (¬1) {رَاعِنَا} بالتنوين، قراءة شاذة، قرأها الحسن والأعمش، وابن محيض، قال ابن قتية (راعنًا) بالتنوين هو اسم مأخوذ من الرعن والرعونة. انظر: "مختصر في شواذ القرآن" لابن خالويه ص 16، "زاد المسير"1/ 126.

3 - باب قوله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} [البقرة: 22]

3 - بَابُ قَوْلِهِ تَعَالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22] وقول: (باب) إلى قوله {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ساقط من نسخة. 4477 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَال: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ". قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَال: "وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ". قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَال: "أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ". [4761، 6001، 6811، 6816، 7520، 7532 - مسلم 86 - فتح 8/ 163] (ندًّا) أي: مثلًا. 4 - بَابٌ: وَقَوْلُهُ تَعَالى: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ المَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [البقرة: 57] وَقَال مُجَاهِدٌ: المَنُّ: صَمْغَةٌ، وَالسَّلْوَى: الطَّيْرُ. وقوله تعالى: ({وَظَلَّلْنَا}) إلخ لم يذكر له تفسيرًا غير ما ذكره عن مجاهد بقوله: و (قال مجاهد) إلخ، ولو حذف الواو كان أنسب، والمراد بالطير: السمان بتخفيف الميم، وفسر غير مجاهد {الْمَنَّ} الترنجيبل (¬1)، {وَالسَّلْوَى} بالعسل (¬2). ¬

_ (¬1) أثر ذلك عن السدي. أخرجه ابن جرير في "تفسيره" 1/ 334 (974). وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 114 (555). (¬2) قال بدر الدين العيني: وقد غلط الهذلي في قوله: إنه العسل وقال القرطبي: دعوى الإجماع لا يصح: لأن المؤرخ أحد علماء اللغة والتفسير قال: إنه العسل. انظر: "عمدة القاري" 14/ 425.

5 - باب {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين} [البقرة: 58]

4478 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ". [4639، 5708 - مسلم 2049 - فتح: 8/ 163] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري (عن عبد الملك) أي: ابن عمير. (الكمأة) شيء ينبت بنفسه. 5 - بَابُ {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ القَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا البَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ المُحْسِنِينَ} [البقرة: 58] {رَغَدًا} [البقرة: 58]: وَاسِعٌ كَثِيرٌ. (باب) ساقط من نسخة. {وَإِذْ قُلْنَا} في نسخة: "باب: قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} " هي بيت المقدس. {فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ} سنذكر تفسيره ({وَقُولُوا حِطَّةٌ}) أي: مسألتنا حطة، أو أمرك حطة، أي: شأنك حط الذنوب ومغفرتها ({وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}) أي: ثوابًا، وفي نسخة: {حَيْثُ شِئْتُمْ} - إلى قوله- {الْمُحْسِنِينَ} ". {رَغَدًا} معناه: (واسع كثير). 4479 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: {ادْخُلُوا البَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58]. فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، فَبَدَّلُوا، وَقَالُوا: حِطَّةٌ، حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ. [انظر: 3403 - مسلم: 3015 - فتح 8/ 164] (محمد) أي: ابن سلام، أو ابن يحيى الذهلي، أو ابن بشار، أو

6 - باب {من كان عدوا لجبريل} [البقرة: 97]

ابن المثنى. {سُجَّدًا} أي: ركعا، أو متضرعين. (على أستاههم) أي: أوراكهم. {لِجِبْرِيلَ} (جبر) من جبريل. (وميك) من ميكائيل (وسرف) بفتح السين من سرافيل، معنى الثلاثة: (عبد)، وذكر (سراف) هنا استطراد وحذف همزته، لزيادتها (إيل) معناه: في الثلاثة: (الله). 6 - بَابُ {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} [البقرة: 97] وَقَال عِكْرِمَةُ: جَبْرَ وَمِيكَ وَسَرَافِ: عَبْدٌ، إِيلْ: اللَّهُ. 4480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهْوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إلا نَبِيٌّ: فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟، وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الجَنَّةِ؟، وَمَا يَنْزِعُ الوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَال: "أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا" قَال: جِبْرِيلُ؟: قَال: "نَعَمْ"، قَال: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلائِكَةِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 97]. "أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ المَرْأَةِ نَزَعَ الوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ نَزَعَتْ"، قَال: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ يَبْهَتُونِي، فَجَاءَتِ اليَهُودُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ فِيكُمْ". قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، قَال: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ". فَقَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَال: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَانْتَقَصُوهُ، قَال: فَهَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. [انظر: 3329 - فتح 8/ 165]

7 - باب قوله: {ما ننسخ من آية أو ننسها} [البقرة: 106]

(حميد) أي: الطويل. (بقدوم) في نسخة: "بمقدم" (في أرض يخترف) أي: يجتني أثمارها. (وما ينزع) أي: ما السبب في أن الولد يشبه أباه، أو أمه وعدى (ينزع) بإلى: لتضمنه معنى: الجذب أي: ينجذب شبه الولد إلى شبه أبيه وأمه. (وقرأ هذه الآية) أي: قرأها الراوي، استشهادا بها لا أنها نزلت عقب هذه القصة، وقيل: قرأها النبي - صلى الله عليه وسلم - ردًّا علي اليهود، ولا يلزم نزولها حينئذ. (بهت) أي: كذابون. ومرَّ الحديث قبيل المغازي (¬1). 7 - بَابُ قَوْلِهِ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] (باب: قوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} بفتح أوله وثالثه، أي: نزل حكمها، وفي قراءة: بضم أوله وكسر ثالثه أي: نأمرك، أو جبريل بنسخها. ({أَوْ نُنْسِهَا}) (¬2). بفتح أوله وثالثه وبالهمز أي: نؤخر نسخها ونزول بدلها وفي قراءة بلا همز، وفي أخرى: كذلك مع ضم أوله وكسر ثالثة من النسيان فهما بمعنى: الترك أو المحو، أي: نتركها، أي: نمحها من قلبك. وبسط الكلام على ذلك يطلب من كتب التفسير. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3938) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "اللهم أمض لأصاحبي هجرتهم". وبرقم (3911) كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة. (¬2) {نُنْسِأهَا} قرأها ابن كثير، وأبو عمرو، جعلاه من التأخير على معنى: أو نؤخر نسخة لفظها نأت بخير منها، وقرأ باقي السبعة: {نُنْسِهَا} بضم النون جعلوه من النسيان علي معنى: أو ننسكها قال أبو محمد القيسي: فكان يجب أن تكون القراءة بفتح النون الأولى والسين ولم يأت ذلك. انظر: "الكشف عن وجوه القراءات السبع" لمكي 1/ 258 - 259.

8 - باب {وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه} [البقرة: 116]

4481 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ، وَأَقْضَانَا عَلِيٌّ، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أُبَيٍّ، وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ: لَا أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106]. [5005 - فتح: 8/ 167] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (عن حبيب) أي: بن أبي ثابت. 8 - بَابُ {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} [البقرة: 116] (باب: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} نزل ردًّا علي النصارى لما قالوا: المسيح ابن الله، وعلى اليهود لما قالوا: عزير ابن الله، وعلى مشركي العرب لما قالوا: الملائكة بنات الله. 4482 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: قَال اللَّهُ: "كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَزَعَمَ أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ، فَقَوْلُهُ لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا". [فتح 8/ 168] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (كذبني ابن آدم) بالتشديد أي: نسبني إلى الكذب، والمراد: بعض بني آدم. (وشتمني) أي: وصفني بما هو إذراء نقص. وهذا الحديث من الأحاديث القدسية.

9 - باب قوله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125]

9 - بَابُ قوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] {مَثَابَةً} [البقرة: 125]: يَثُوبُونَ يَرْجِعُونَ. (باب) ساقط من نسخة. {وَاتَّخِذُوا} بكسر الخاء أمرٌ، وبفتحها خبرٌ. {مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} هو الحجر الذي قام عليه عند بناء البيت. ({مُصَلًّى}) أي: مكان صلاة بأن يصلي خلفه ركعتا الطواف. ({مَثَابَةً}) أي: مرجعًا. (يثوبون) أي: (يرجعون) أي: إلى البيت. 4483 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: قَال عُمَرُ: "وَافَقْتُ اللَّهَ فِي ثَلاثٍ، أَوْ وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلاثٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَو اتَّخَذْتَ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِالحِجَابِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الحِجَابِ، قَال: وَبَلَغَنِي مُعَاتَبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ نِسَائِهِ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِنَّ، قُلْتُ: إِنِ انْتَهَيْتُنَّ أَوْ لَيُبَدِّلَنَّ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا مِنْكُنَّ، حَتَّى أَتَيْتُ إِحْدَى نِسَائِهِ، قَالتْ: يَا عُمَرُ، أَمَا فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ، حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ) الآيَةَ. وَقَال ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعْتُ أَنَسًا، عَنْ عُمَرَ. [انظر: 402 - مسلم: 2399 - فتح: 8/ 168] (في ثلاث) أي: من القضايا قاله قبل الموافقة في غيرها، أو التخصيص بالعدد لا ينافي الزائد، وإلا فقد وافق ربه في أزيد منها كمنع الصلاة على المنافقين (¬1)، وقصة أسارى بدر (¬2). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4670) كتاب: التفسير، باب: قوله: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}. (¬2) "سنن أبي داود" (2690) كتاب: الجهاد، باب: في فداء الأسير بالمال. و"سنن الترمذي" (3081) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة الأنفال، =

10 - باب قوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت، وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم} [البقرة: 127]

وتحريم الخمر (¬1). (أو وافقني) شك من الراوي. (حتى أتيت إحدى نسائه) هي أم سلمة، ومرَّ الحديث في كتاب الصلاة في باب: ما جاء في القبلة (¬2). 10 - باب قَوْلُهُ تَعَالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة: 127] القَوَاعِدُ: أَسَاسُهُ، وَاحِدَتُهَا قَاعِدَةٌ، {وَالقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ} [النور: 60]: وَاحِدُهَا قَاعِدٌ". (قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} في نسخة: "باب: قوله تعالى" إلخ. (القواعد: أساسه) أي: أساس البيت. (واحداتها) أي: واحدة القواعد من البيت. (قاعدة) بتاء، و ({وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ}) واحدها: قاعد) بلا تاء كحائض. 4484 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ ¬

_ = وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه من حديث عمر إلا من حديث عكرمة بن عمار عن أبي زميل. وحسنه الألباني في: "صحيح الترمذي". (¬1) "سنن أبي داود" (3670) كتاب: الأشربة، باب: في تحريم الخمر، و "سنن الترمذي" (3049) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة المائدة وقال: وقد رُوي عن إسرائيل هذا الحديث مرسل، وصححه الألباني في: "صحيح الترمذي". (¬2) سلف برقم (402) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القبلة.

11 - باب {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} [البقرة: 136]

اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَلَمْ تَرَيْ أَنْ قَوْمَكِ بَنَوْا الكَعْبَةَ، وَاقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَال: "لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ" فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: "لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الحِجْرَ، إلا أَنَّ البَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ". [انظر: 126 - مسلم: 1333 - فتح: 8/ 170] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (لولا حدثان) بكسر الحاء مصدر حدث يحدث حدوثًا وحدثانًا، والمراد: قرب عهدهم بالكفر. ومرَّ الحديث في الحج وغيره (¬1). 11 - بَابُ {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] (باب) ساقط من نسخة. ({قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}) الخطاب فيه للمؤمنين، ويجوز أن يكون للكافرين. 4485 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلامِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] الآيَةَ. [7362، 7542 - فتح 8/ 170] (لا تصدقوا) إلى آخره محله: إذا كان ما يخبرون به لم يرد شرعنا به ولا بخلافه وإلا فهم مصدقون في الأول مكذبون في الثاني {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}. في نسخة: "الآية" بدل ({إِلَيْنَا}). ¬

_ (¬1) سلف برقم (1583، 1584، 1585، 1586) كتاب: الحج، باب: فضل مكة وبنيانها. و (3368) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {يَزِفُّونَ}.

12 - باب: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [البقرة: 142]

12 - بَابُ: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142] (باب) ساقط من نسخة. {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} قوله: {الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} إلخ) ساقط من نسخة. 4486 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، سَمِعَ زُهَيْرًا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى، أَوْ صَلَّاهَا، صَلاةَ العَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ" فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ المَسْجِدِ وَهُمْ رَاكِعُونَ، قَال: أَشْهَدُ بِاللَّهِ، لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ، وَكَانَ الَّذِي مَاتَ عَلَى القِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ قِبَلَ البَيْتِ رِجَالٌ قُتِلُوا، لَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [انظر: 40 - مسلم: 525 - فتح: 8/ 171] (فخرج رجل) هو عباد بن بشر الأشهلي، أو عباد بن نهيك الخطمي. ومرَّ الحديث في كتاب: الإيمان في باب: الصلاة من الإيمان (¬1). 13 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] ¬

_ (¬1) سلف برقم (40) كتاب: الإيمان: الصلاة من الإيمان.

14 - باب قوله: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم}

باب: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ} أي: صيرناكم. {أُمَّةً وَسَطًا} أي: عدولًا كما أفاده بعد. ({لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}) أي: يوم القيامة. {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} أي: فيه، وزاد في نسخة: "إلى قوله: {لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} ". 4487 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، وَأَبُو أُسَامَةَ وَاللَّفْظُ لِجَرِيرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَقَال أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] وَالوَسَطُ: العَدْلُ. [انظر: 3339 - فتح 8/ 171] (يدعى نوح ...) إلى آخره، مرَّ في كتاب: الأنبياء في باب: قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} (¬1). 14 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (باب) ساقط من نسخة. ({وَمَا جَعَلْنَا}) أي: صيرنا. ({الْقِبْلَةَ}) ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3339) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}.

15 - باب قوله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة: 144]

لك الآن. {الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا} أولًا وهي الكعبة فـ ({الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا}) مفعول ثان لجعل. ({لِنَعْلَمَ}) أي: علم ظهور أو لتختبر. {مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} أي: ممن يرتد عن دينة. ({وَإِنْ كَانَتْ}) أي: التولية. {لَكَبِيرَةً} أي: شاقة على الناس. ({إلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}) أي: صلاتكم إلى بيت المقدس. ({إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ}) أي: المؤمنين. ({لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}). في عدم إضاعته أعمالهم. وقوله: ({مِمَّنْ يَنْقَلِبُ}) إلا آخره ساقط من نسخة. 4488 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بَيْنَا النَّاسُ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، إِذْ جَاءَ جَاءٍ فَقَال: "أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرْآنًا: أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، فَتَوَجَّهُوا إِلَى الكَعْبَةِ". [انظر: 403 - مسلم: 526 - فتح: 8/ 173] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (بينا الناس يصلون الصبح ...) إلخ مرَّ في الصلاة في باب: ما جاء في القبلة (¬1). 15 - بَابُ قَوْلِهِ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} [البقرة: 144] باب: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} أي: تحبها ({فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}) أي: نحوه وفي نسخة: "باب: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} الآية". ¬

_ (¬1) سلف برقم (403) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القبلة.

16 - باب {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك} إلى قوله: {إنك إذا لمن الظالمين} [البقرة: 145]

4489 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ صَلَّى القِبْلَتَيْنِ غَيْرِي". [فتح 8/ 173] (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (عن أنس قال: لم يبق ممن صلّى القبلتين غيري) لعله أراد أنه آخر من مات بالبصرة، وإلا فقد ثبت لجماعة ممن سكن البوادي من الصحابة أنهم تأخروا عن أنس. 16 - بَابُ {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} إلى قوله: {إنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145] (باب) ساقط من نسخة: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ} أي: برهان. {مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} إلى قوله: {إنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} أي: الكافرين، وفي نسخة: بدل إلى "قوله: {إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} الآية". 4490 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بَيْنَمَا النَّاسُ فِي الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ، جَاءَهُمْ رَجُلٌ فَقَال: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ، أَلا فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَ وَجْهُ النَّاسِ إِلَى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا بِوُجُوهِهِمْ إِلَى الكَعْبَةِ". [انظر: 403 - مسلم: 526 - فتح 8/ 174] (سليمان) أي: ابن بلال. 17 - بَابُ {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ} - إِلَى قَوْلِهِ - {مِنَ المُمْتَرِينَ} [البقرة: 146 - 147]

18 - باب {ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير} [البقرة: 148]

(باب) ساقط من نسخة. ({الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ}) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل: القرآن، وقيل: تحويل القبلة ({كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}) إلى ({فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}) أي: الشاكين. وقوله إلى ({فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}) ساقط من نسخة، وفي أخرى: {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. إلى قوله: ({مِنَ الْمُمْتَرِينَ}). 4491 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقَال: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الكَعْبَةِ". [انظر: 403 - مسلم 526 - فتح 8/ 174] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (قد أنزل عليه الليلة) أي: قرآن. تكرار هذا الحديث قيل: للتأكيد؛ لأنه أول ناسخ في الإسلام، وقيل: الأول لمشاهد الكعبة، والثاني: لغير مشاهدها ممن بمكة، والثالث: لمن في بقية البلدان. وقيل: الأول لمن بمكة، والثاني: لمن في بقية الأمصار، والثالث: لمن خرج في الأسفار. 18 - بَابُ {وَلِكُلٍّ وجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 148] (باب: {وَلِكُلٍّ وجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} في نسخة: "باب: {وَلِكُلٍّ وجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} الآية". 4492 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو

19 - باب {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون} [البقرة: 149]

إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صَرَفَهُ نَحْوَ القِبْلَةِ". [انظر: 40 - مسلم: 525 - فتح 8/ 174] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (أبو إسحاق) أي: عمرو بن عبد الله السبيعي. (ثم صرفه) أي: نبيه، وفي نسخة: "ثم صرفوا". أي: النبي وأصحابه. 19 - بَابُ {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 149] شَطْرُهُ: تِلْقَاؤُهُ. 4493 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: بَيْنَا النَّاسُ فِي الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ، إِذْ جَاءَهُمْ رَجُلٌ فَقَال: "أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، فَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَاسْتَدَارُوا كَهَيْئَتِهِمْ فَتَوَجَّهُوا إِلَى الكَعْبَةِ وَكَانَ وَجْهُ النَّاسِ إِلَى الشَّأْمِ". [انظر: 403 - مسلم 526 - فتح 8/ 175] (باب) ساقط من نسخة {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} في نسخة: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}. 20 - بَابُ {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ} إِلَى قَوْلِهِ {وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [البقرة: 150]

21 - باب قوله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم} [البقرة: 158]

4494 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: بَيْنَمَا النَّاسُ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَال: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى القِبْلَةِ". [انظر: 403 - مسلم 526 - فتح 8/ 175] (باب) ساقط من نسخة {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} إلى قوله {وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} ومرَّ حديث الباب آنفا. {شَطْرَهُ} أي: (تلقاءه). 21 - بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَو اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158] شَعَائِرُ: عَلامَاتٌ، وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "الصَّفْوَانُ: الحَجَرُ، وَيُقَالُ: الحِجَارَةُ المُلْسُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَالوَاحِدَةُ صَفْوَانَةٌ، بِمَعْنَى الصَّفَا، وَالصَّفَا لِلْجَمِيعِ". (باب) ساقط من نسخة {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَو اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} أي: بما ذكر وغيره. {شَعَائِرِ} أي: (علامات) والأجود فيه الهمز عكس معائش. (قال ابن عباس) إلى آخره ساقط من نسخة. وقوله: (والصفا للجميع) أي: "للجمع" كما في نسخة: أي: لجمع صفاة: وهي الصخرة الصماء قاله الكرماني (¬1). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني"17/ 19.

4495 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَال: قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَو اعْتَمَرَ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]. فَمَا أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا؟ فَقَالتْ عَائِشَةُ: "كَلَّا، لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ، كَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَو اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] {انظر: 1643 - مسلم: 1277 - فتح: 8/ 175] (عن هشام) أي: ابن عروة. (فما أرى) بضم الهمزة أي: فما أظن. (حَذَو) بذال معجمة أي: مقابل. (قديد) بالنصب: موضع من منازل طريق مكة (¬1) (وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة) أي: كراهية لصنمي غيرهم إساف الذي كان علي الصفا، ونائلة الذي كان بالمروة. ومرَّ الحديث في الحج في باب: وجوب الصفا والمروة (¬2). 4496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ الصَّفَا، وَالمَرْوَةِ فَقَال: "كُنَّا نَرَى أَنَّهُمَا مِنْ أَمْرِ ¬

_ (¬1) وهو تصغير القد من قولهم: قددت الجلد، أو من القِد بالكسر، وهو جلد السخلة، أو يكون تصغير القدد من قوله: {طَرَائِقَ قِدَدًا} وهي الفرق، وسئل كثير فقيل له: لم سمي قديد قديدًا؟ ففكر ساعة ثم قال: ذهب سيله قددا. انظر: "معجم البلدان: 4/ 313. (¬2) سبق برقم (1643) كتاب: الحج، باب: وجوب الصفا والمروة.

22 - باب قوله: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا} [البقرة: 165]

الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا" فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ} [البقرة: 158] إلى قوله: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]. 22 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 165] يَعْنِي أَضْدَادًا، وَاحِدُهَا نِدٌّ. (باب: قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا} أي: أضدادًا. 4497 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ" وَقُلْتُ أَنَا: مَنْ مَاتَ وَهْوَ لَا يَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الجَنَّةَ. [انظر: 1238 - مسلم: 92 - فتح: 8/ 176] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن شقيق) أي: ابن سلمة. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود - رضي الله عنه -. (وقلت أنا من مات وهو لا يدعو لله ندًّا دخل الجنة) أخذه من مفهوم ما قبله وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من مات وهو يدعو من دون الله ندًّا دخل النار). 23 - بَابُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ} [البقرة: 178] إِلَى قَوْلِهِ {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178] {عُفِيَ} [البقرة: 178] تُرِكَ. (باب) ساقط من نسخة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} إلى قوله: {عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: باب ذكر ذلك،

والمراد بـ (كتب): فرضًا {عُفِيَ} أي: (ترك) ورد البيضاوي هذا التفسير بما سيأتي عنه. وهذا ساقط من نسخة. 4498 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَال: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ القِصَاصُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ". فَقَال اللَّهُ تَعَالى لِهَذِهِ الأُمَّةِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ، وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى، فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] "فَالعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي العَمْدِ" {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] "يَتَّبِعُ بِالْمَعْرُوفِ وَيُؤَدِّي بِإِحْسَانٍ" {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178] "مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ" {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178] "قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ" [6881 - فتح: 8/ 176] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (مجاهدًا) أي: ابن جبر. ({فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}) قال البيضاوي أي: شيء من العفو؛ لأن عفى لازم، وفائدته الإشعار بأن بعض العفو كالعفو التام في إسقاط القصاص، وقيل: (عفى) بمعنى: ترك. (وشيء) مفعول به وهو ضعيف إذ لم يثبت عفى الشيء بمعنى: تركه بل أعفاه وعفى يعدى بعن إلى الجاني وإلى الذنب قال الله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ}، وقال {عَفَا اللَّهُ عَنْهَا} فإذا عُدِّي به إلى الذنب عُدَّي إلى الجاني باللام، وعليه ما في الآية كأنه قيل: فمن عفي له عن جنايته من جهة أخيه يعني ولي الدم (¬1)، انتهى. (يتبع) بتشديد الفوقية وكسر الموحدة، وفي نسخة: بسكون الفوقية وفتح الموحدة أي: يطلب الدية (بالمعروف ويؤدي بإحسان) أي: من غير مطل ولا بخس. ¬

_ (¬1) "تفسير البيضاوي" 1/ 457.

24 - باب {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183)} [البقرة: 183]

4499 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ". [انظر: 2703 - مسلم: 1675 - فتح 8/ 177] (حميد) أي: الطويل. (كتاب الله القصاص) مرَّ مع ما بعده في الصلح (¬1). 4500 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ السَّهْمِيَّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا إِلَيْهَا العَفْوَ فَأَبَوْا، فَعَرَضُوا الأَرْشَ فَأَبَوْا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَوْا، إلا القِصَاصَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالقِصَاصِ، فَقَال أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ؟ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ". فَرَضِيَ القَوْمُ فَعَفَوْا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ". [انظر: 2703 - مسلم: 1675 - فتح 8/ 177] (الربيع) أي: بنت النضر. (لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها) قيل: كيف أنكر القصاص ومنع قول النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وأجيب: بأنه لم يرد ذلك وإنما أراد الاستشفاع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أن ذلك قبل أن يعرف أن كتاب الله القصاص علي التغيير، بل ظن التخيير بينه وبين الدية. 24 - باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [البقرة: 183] (باب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ¬

_ (¬1) سبق برقم (2703) كتاب: الصلح، باب: الصلح في الدية.

{الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)}) التشبيه في أصل الوجوب لا في قدر الواجب وكان الصوم على آدم - عليه السلام -: صوم أيام البيض، وعلى قوم موسى: صوم عاشوراء، وعلى كل أمة صوم والتشبيه لا يقتضي التسوية من كل وجه، وقيل: في الأصل والقدر والوقت جميعا، وكان علي الأولين صوم رمضان، لكنهم زادوا في العدد ونقلوا من أيام الحر إلى أيام الاعتدال (¬1). 4501 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ عَاشُورَاءُ يَصُومُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَال: "مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ". [انظر: 1892 - مسلم: 1126 - فتح 8/ 177] 4502 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَانَ عَاشُورَاءُ يُصَامُ قَبْلَ رَمَضَانَ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَال: "مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ". [انظر: 1562 - مسلم: 1125 - فتح 8/ 177] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (كان عاشوراء) إلخ مر هو والذي بعده في باب: صوم عاشوراء (¬2). 4503 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: دَخَلَ عَلَيْهِ الأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ فَقَال: اليَوْمُ عَاشُورَاءُ؟ فَقَال: "كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ فَادْنُ فَكُلْ". [مسلم: 1127 - فتح 8/ 178] ¬

_ (¬1) انظر هذه الأقوال في "تفسير الطبري" 2/ 43 - 136 (2727 - 2739)، "وتفسير ابن أبي حاتم" 1/ 304 - 306 (1622 - 1630). (¬2) سبق برقم (2000) كتاب: الصوم، باب: صوم يوم عاشوراء.

25 - باب قوله: {أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون (184)} [البقرة: 184]

(محمود) أي: ابن غيلان. (عبيد الله) أي: ابن موسى الكوفي. (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (دخل عليه الأشعث) أي: ابن قيس الكندي. (وهو) أي: عبد الله. (يطعم) أي: يأكل. 4504 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ رَمَضَانُ الفَرِيضَةَ، وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ". [انظر: 1592 - مسلم: 1125 - فتح 8/ 178] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (هشام) أي: ابن عروة. 25 - باب قَوْلِهِ: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)} [البقرة: 184] وَقَال عَطَاءٌ: "يُفْطِرُ مِنَ المَرَضِ كُلِّهِ، كَمَا قَال اللَّهُ تَعَالى" وَقَال الحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ: "فِي المُرْضِعِ أَو الحَامِلِ، إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ، وَأَمَّا الشَّيْخُ الكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ، كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، خُبْزًا وَلَحْمًا، وَأَفْطَرَ" قِرَاءَةُ العَامَّةِ: {يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184]: وَهْوَ أَكْثَرُ.

(باب: قوله {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} أي: موقتات بعدد معلوم {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} وأجهده الصوم. ({أَوْ عَلَى سَفَرٍ}) أي: مسافرًا سفرا القصر. {فَعِدَّةٌ} أي: فعليه عدد ما أفطر من أيام أخر وعلى الذين لا يطيقونه: لكبر، أو مرض لا يرجى برؤه {فِدْيَةٌ} هي طعام مسكين، وعلى تقدير (لا) كما قدرته، لا نسخ في الآية، وقيل: (لا) غير مقدرة وكانوا مخيرين في صدر الإسلام بين الصوم والفدية ثم نسخ بتعين الصوم بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} قال ابن عباس: إلا الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفًا على الولد فإنها باقية بلا نسخ في حقهما، أي: وإلا الشيخ والمرأة الكبيران اللذان لا يستطيعان الصوم (¬1): ليوافق ما يأتي عنه فيهما ({فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا}) أي: بالزيادة علي مقدار الفدية. ({فَهُوَ}) أي: التطوع. {خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} أي: من الإفطار والفدية. {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: إنه خير: وجواب الشرط علي مذهب الكوفيين ما قبله، وعلى مذهب البصريين محذوف دلَّ عليه ما قبله أي: فهو خير لكم. (عطاء) أي: ابن أبي رباح. (الحسن) أي: البصري. (وإبراهيم) أي: النخعي. (فقد أطعم أنس بعد ما كبر) بكسر الموحدة أي: أسن، وقوله: (فقد ...) إلخ ليس جوابًا لـ (أما) بل دليل عليه أي: فيفطر ويطعم، وكالكبير المذكور، المريض الذي لا يطيق الصوم ولا يرجى برؤه. 4505 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقْرَأُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الكَبِيرُ، وَالمَرْأَةُ ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسير" 2/ 141 (2759). وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 307 (1635).

26 - باب {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة:185]

الكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا". [فتح 8/ 179] (إسحاق) أي: ابن راهويه. (روح) أي: ابن عبادة. {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} بفتح الطاء وتشديد الواو، من طوقتك الشيء أي: كلفتك، وزاد في نسخة: "ولا يطيقونه" (قال: ابن عباس: ليست منسوخة ...) إلخ خالف فيه الجمهور وكذا قالوه وعليه يلزم الجمهور: أن الشيخ والمرأة العاجزان عن الصوم يلزمهما الصوم إذا شهدا الشهر ولا يخفى ما فيه. 26 - باب {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] (باب) ساقط من نسخة: ({فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}) أي: من حضر فيه ولم يكن مسافرًا فليصم فيه، فالشهر والضمير منصوبان على الظرفية لا على المفعولية بهما قاله الزمخشري (¬1) رادًّا به على من عكس ذلك. 4506 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَرَأَ: (فِدْيَةُ طَعَامِ مَسَاكِينَ) قَال: "هِيَ مَنْسُوخَةٌ". [انظر: 1949 - فتح 8/ 180] ({فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}) إلخ علم تفسيره مما قدمته. (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي. (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (هي منسوخة) أي: بقوله: ({فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}) كما قدمته. 4507 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ ¬

_ (¬1) "الكشاف" 1/ 207.

27 - باب {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم} [البقرة: 187]

بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ، مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ سَلَمَةَ، قَال: "لَمَّا نَزَلَتْ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]. "كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ، حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا. [مسلم: 1145 - فتح 8/ 181] مَاتَ بُكَيْرٌ، قَبْلَ يَزِيدَ". (قتبية) أي: ابن سعيد الثقفي. (عن يزيد) أي: ابن أبي عبيد الأسلمي. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (مات بكير) أي: ابن عبد الله بن الأشج. (قبل يزيد) وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى هنا ساقط من نسخة. 27 - باب {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187] (باب) ساقط من نسخة. ({أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ}) أي: الجماع، وضمن الرفث معنى: الإفضاء فعداه بـ (إلى) في قوله: {إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} هو كناية عن المعانقة {تَخْتَانُونَ} أي: تخونون. ({أَنْفُسَكُمْ}) بالجماع ليلة الصيام. ({فَتَابَ عَلَيْكُمْ}) أي: قبل توبتكم. ({وَابْتَغُوا}) أي: اطلبوا ({مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}) أي: أباحه من الجماع، أو قدره من الولد، وقوله: ({هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ}) إلخ ساقط من نسخ. 4508 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لَا يَقْرَبُونَ

28 - باب قوله: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187] إلى قوله: {يتقون} [البقرة: 187]

النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} [البقرة: 187] [انظر: 1915 - فتح 8/ 181] (عبيد الله) أي: ابن موسى العبسي. (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (عن البراء) أي: ابن عازب. (وعفا عنكم) ساقط من نسخة. 28 - باب قَوْلِهِ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] إِلَى قَوْلِهِ: {يَتَّقُونَ} [البقرة: 187] الْعَاكِفُ: المُقِيمُ. (باب) ساقط من نسخة ({وَكُلُوا وَاشْرَبُوا}) أي: جميع الليل. ({حَتَّى يَتَبَيَّنَ}) أي: يظهر لكم ({الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ}) هو أول ما يبدوا من الفجر المعترض بالأفق كالخيط الممدود. ({مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}) هو ما يمتد معه من الغبش، شبهًا بخيطين أبيض وأسود و (من) لابتداء الغاية. ({مِنَ الْفَجْرِ}) أي: الصادق. بيان للخيط الأبيض، واكتفى به عن بيان الخيط الأسود؛ لدلالته عليه أي: من الليل. ({ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ}) أي: من الفجر إلى الليل أي: إلى دخوله بغروب الشمس. ({وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ}) أي: ولا تجامعوهن. ({وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}) إلى قوله: ({يَتَّقُونَ}) أي: محارمه. وقوله: ({ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ}) إلخ ساقط من نسخة. {الْعَاكِفُ} معناه: (المقيم) والمراد: المقيم للاعتكاف.

4509 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيٍّ، قَال: أَخَذَ عَدِيٌّ عِقَالًا أَبْيَضَ، وَعِقَالًا أَسْوَدَ حَتَّى كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ نَظَرَ فَلَمْ يَسْتَبِينَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَال يَا رَسُولَ اللَّهِ: جَعَلْتُ تَحْتَ وسَادِي عِقَاليْنِ، قَال: "إِنَّ وسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ أَنْ كَانَ الخَيْطُ الأَبْيَضُ، وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وسَادَتِكَ". [انظر 1916 - مسلم: 1090 - فتح 8/ 182] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن حصين) أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (عن عدي) أي: ابن حاتم. (عقالا) أي: خيطا أبيض. (وعقالا أسود) أي: وجعلهما تحت وسادته. (إن وسادك إذًا لعريض) قال ابن الأثير: الوساد والوسادة: المخدة، وكنى بالوساد عن النوم: لأنَّه مظنته أراد أن نومك إذًا كثير، وكنى بذلك عن عرض قفاه وعظم رأسه، وذلك دليل الغباوة ويشهد له الراوية الأخرى: (إنك لعريض القفا) (¬1). انتهى (أن كان ...) إلخ بفتح الهمزة تعليل لما قبله وبكسرها استئناف بياني يرجع إلى التعليل أيضًا. ومرَّ الحديث والذين بعده في كتاب: الصوم (¬2). 4510 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا الخَيْطُ الأَبْيَضُ، مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ أَهُمَا الخَيْطَانِ، قَال: "إِنَّكَ لَعَرِيضُ القَفَا، إِنْ أَبْصَرْتَ الخَيْطَيْنِ"، ثُمَّ قَال: "لَا بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ، وَبَيَاضُ النَّهَارِ". [انظر 1916 - مسلم: 1090 - فتح 8/ 182] (عن مطرف) أي: ابن طريف الكوفي. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين) بفتح الهمزة وكسرها كنظيره السابق. ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 5/ 182. (¬2) سبق برقم (196) كتاب: الصوم، باب: قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا}.

29 - باب قوله: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون} [البقرة: 189]

4511 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: وَأُنْزِلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187] وَلَمْ يُنْزَلْ: {مِنَ الفَجْرِ} [البقرة: 187] " وَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَا يَزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهُ: {مِنَ الفَجْرِ} [البقرة: 187] "فَعَلِمُوا أَنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ". [انظر: 1917 - مسلم: 1091 - فتح 8/ 182] (ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم المصري. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. 29 - باب قَوْلِهِ: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة: 189] (باب) أي: ساقط من نسخة. {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} أي: بأن تتسوروا الجدار، أو تنقبوا فيها نقبًا يدخلون منه ويخرجون ويتركوا الباب وكانوا يفعلون ذلك ويزعمونه برًّا. {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى}) الله بترك مخالفته. {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي تفوزون. وقوله: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ} إلخ ساقط من نسخة وأبدل فيها بقوله: "الآية". 4512 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: "كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا فِي الجَاهِلِيَّةِ أَتَوْا البَيْتَ مِنْ ظَهْرِهِ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَيْسَ البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] [انظر: 1803 - مسلم: 3026 - فتح: 8/ 183]

30 - باب قوله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين (193)} [البقرة: 193]

30 - باب قَولِهِ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إلا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)} [البقرة: 193] (باب) ساقط من نسخة. {وَقَاتِلُوهُمْ} أي: أهل مكة. {فَإِنِ انْتَهَوْا} أي: عن الشرك وقتال المؤمنين. ({فَلَا عُدْوَانَ إلا عَلَى الظَّالِمِينَ}) أي: ومن انتهى فليس بظالم فلا عدوان عليه. 4513 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَتَاهُ رَجُلانِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالا: إِنَّ النَّاسَ صَنَعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ، وَصَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ فَقَال "يَمْنَعُنِي أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي" فَقَالا: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39]، فَقَال: "قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ. [انظر: 3130 - فتح 8/ 183] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (رجلان) هما العلاء بن عرار بكسر العين وحبان بكسر المهملة صاحب الدثينة قال ابن الأثير: بكسر المثلثة وسكون التحتية: ناحية قرب عدن (¬1)، وقيل: الثاني نافع بن الأزرق. (صنعوا) بمهملة ونون أي: ما ترى من الاختلاف، وفي نسخة: "ضيعوا" بمعجمة فتحتية، قيل: بالبناء للمفعول والأولى بالبناء للفاعل أي: ضيعوا أنفسهم بالاختلاف. 4514 - وَزَادَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي فُلانٌ، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو المَعَافِرِيِّ، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 2/ 101.

ابْنَ عُمَرَ فَقَال: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَامًا، وَتَعْتَمِرَ عَامًا وَتَتْرُكَ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ، قَال: "يَا ابْنَ أَخِي بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ، إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالصَّلاةِ الخَمْسِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ" قَال يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَلا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] {قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39] قَال: "فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الإِسْلامُ قَلِيلًا، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ: إِمَّا قَتَلُوهُ، وَإِمَّا يُعَذِّبُونَهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ". [انظر: 8، 3130 - مسلم: 16 - فتح: 8/ 184] (وزاد عثمان بن صالح) هو أحد شيوخ البخاري. (عن ابن وهب) (¬1) هو عبد الله. (فلان) هو عبد الله بن لهيعة. (إما قتلوه وإما يعذبوه) بلفظ الماضي في الأول والمضارع في الثاني إشارة إلى استمرار التعذيب بخلاف القتل. 4515 - قَال: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟ قَال: "أَمَّا عُثْمَانُ فَكَأَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَعْفُوا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَتَنُهُ" وَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَقَال: "هَذَا بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ". [انظر: 3130 - فتح: 184] (فما قولك في علي وعثمان) أي: في تخلفهما عن الجهاد وهو محظور فردَّ ابن عمر على قائل ذلك بذكر مناقبهما ومنزلتهما من النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: (أما عثمان) إلى آخره. (وختنه) أي: زوج ابنته. (حيث ترون) أي: أن بيت علي بين أبيات النبي - صلى الله عليه وسلم -، يريد بيان قربه وقرابته منه منزلًا ومنزلة. ¬

_ (¬1) في الأصل: ابن موهب وما أثبتناه الصواب وهو ما عليه متن البخاري.

31 - باب قوله: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} [البقرة: 195]

31 - باب قَولِهِ: {وَأَنْفِقُوا في سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195] التَّهْلُكَةُ وَالهَلاكُ وَاحِدٌ. (باب:) ساقط من نسخة. {وَأَنْفِقُوا في سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}) أي: يثيبهم (التهلكة، والهلاك) معناهما (واحد) لاتحادهما في المصدرية. 4516 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] قَال: "نَزَلَتْ فِي النَّفَقَةِ". [فتح 8/ 185] (إسحاق) أي: ابن راهوية. (النضر) أي: ابن شميل. (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش (أبا وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن حذيفة) أي: ابن اليمان. (قال: نزلت في النفقة) قصتها: أن الله لمَّا أعز دينه وكثر ناصروه قالت الأنصار فيما بينهم: لو أقبلنا على أموالنا فأصلحناها فنزلت الآية (¬1). ¬

_ (¬1) ورد هذا التأويل في حديث رواه: أبو داود (2512) كتاب: الجهاد، باب: في قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}. والترمذي (2972) كتاب: تفسير القرآن، باب: من سورة البقرة. وقال: حديث حسن صحيح غريب. والحاكم في "المستدرك"2/ 275 كتاب: التفسير. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود". (2269).

32 - باب قوله: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه} [البقرة: 196]

32 - باب قَوْلِهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] باب قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ}) أي: بيان سبب نزوله. 4517 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ، قَال: قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي هَذَا المَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الكُوفَةِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، فَقَال: حُمِلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَال: "مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ بِكَ هَذَا، أَمَا تَجِدُ شَاةً". قُلْتُ: لَا، قَال: "صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، وَاحْلِقْ رَأْسَكَ" فَنَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً وَهْيَ لَكُمْ عَامَّةً. [انظر: 1814 - مسلم: 1201 - فتح 8/ 186] (آدم) أي: ابن أبي إلياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (ما كنت أرى) بضم الهمزة أي: أظن، ومرَّ الحديث في الحج في باب: الإطعام في الفدية (¬1). 33 - باب {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] (باب) ساقط من نسخة {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} أي: بيان ما جاء في ذلك 4518 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عِمْرَانَ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أُنْزِلَتْ آيَةُ المُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ، قَال: رَجُلٌ بِرَأْيِهِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (1816) كتاب: المحصر، باب: الإطعام في الفدية نصف صاع.

34 - باب {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} [البقرة: 198]

مَا شَاءَ. [انظر: 1571 - مسلم: 1226 - فتح: 8/ 186] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عمران) أي: ابن مسلم (أبو رجاء) هو عمران بن ملحان العطاردي. (ففعلناها) أي: المتعة. (يحرمه) أي: التمتع. (عنها) أي: المتعة (حتى مات) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - (قال رجل) هو عثمان، وقيل: عمر (¬1). 34 - باب {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] (باب:) ساقط من نسخة {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} أي: عطاء منه تفضلًا: وهو الربح بالتجارة. 4519 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَتْ عُكَاظُ، وَمَجَنَّةُ، وَذُو المَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي المَوَاسِمِ، فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]. فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ". [انظر: 1770 - فتح: 8/ 186] (محمد) أي: ابن سلام البيكندي. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (فتأثموا) أي: تجنبوا الإثم. (في المواسم) جمع موسم: وهو الوقت الذي يجتمع فيه الناس للبيع والشراء كل سنة، أو غيرها كأنه وسم بذلك الوسم. {فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} أي: في مواسم الحج، ومرَّ الحديث في الحج في باب: ¬

_ (¬1) قال ابن حجر في "الفتح" 3/ 433 بعد أن ساق اختلافًا بإزاء اسم الرجل: والأولى أن يفسر بعمر، فإنه أول من نهى عنها، وكأن من بعده كان تابعًا له في ذلك.

35 - باب {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} [البقرة: 199]

التجارة أيام الموسم (¬1). 35 - باب {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] (باب {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4520 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ العَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا" فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199]. (هشام) أي ابن عروة (ومن دان دينها) (¬2) أي: اتبعهم في دينهم ووافقهم عليه. ومرَّ الحديث في كتاب: الحج (¬3). 4521 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "يَطَّوَّفُ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ حَلالًا حَتَّى يُهِلَّ بِالحَجِّ، فَإِذَا رَكِبَ إِلَى عَرَفَةَ فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنَ الإِبِلِ أَو البَقَرِ أَو الغَنَمِ، مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ فَعَلَيْهِ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ الثَّلاثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَنْطَلِقْ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَاتٍ مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى أَنْ يَكُونَ الظَّلامُ، ثُمَّ لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ إِذَا أَفَاضُوا مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا الَّذِي يُتَبَرَّرُ فِيهِ، ثُمَّ لِيَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا، أو ¬

_ (¬1) سلف برقم (1770) كتاب: الحج، باب: التجارة أيام الموسم. (¬2) في الأصل: دينهم. (¬3) سلف برقم (1665) كتاب: الحج، باب: الوقوف بعرفة.

َأَكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا، ثُمَّ أَفِيضُوا فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ، وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] حَتَّى تَرْمُوا الجَمْرَةَ". [فتح: 8/ 187] (كريب) أي: ابن أبي مسلم الهاشمي. (تطوف الرجل) بفتح الفوقية والطاء المخففة وضم الواو المشددة والإضافة، وفي نسخة: (يطوف الرجل) بفتح التحتية وضم الطاء ورفع الرجل بالفاعلية. (ما كان حلالًا) (ما) مصدرية ظرفية أي: مدة كونه حلالًا بأن كان مقيمًا بمكة غير محرم. والجملة على النسخة الأولى في محل الخبر، وعلى الثانية متعلقة بـ (يطوف). (هدية) بكسر الدال وتشديد التحتية وتاء التأنيث، وفي نسخة: بسكون الدال وتخفيف التحتية والإضافة إلا الضمير. (ما تيسر) أي: فعليه، أو ففديته ما تيسر. (غير إن لم) لا حاجة لذكر (غير إن) بل الأولى: فمن لم يتيسر له (فعليه ثلاثة أيام) أي: يصومهن. (وذلك قبل يوم عرفة) قيد به ابن عباس الآية إذ يسن للحاج فطر يوم عرفة. (فلا جناح عليه) أي: أن يصوم يوم عرفة للحاجة حينئذ إلى صومه. (ثم لينطلق) في نسخة: "ثم ينطلق". (من صلاة العصر إلى أن يكون الظلام) سئل: إن أول وقت الوقوف زوال الشمس يوم عرفة، وآخره صبح العيد، وأجيب: بأنه اعتبر في الأول الأشرف؛ لأن وقت العصر أشرف، وفي الآخر العادة المشهورة (جمعًا) أي: مزدلفة. (وأكثروا التكبير والتهليل) عطفه على ما قبله من عطف الخاص على العام، وفي نسخة: "أو أكثروا" بالشك من الراوي. (حتى ترموا الجمرة) غاية لقوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا. . .}.

36 - باب {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} [البقرة: 201]

36 - باب {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] (باب) ساقط من نسخة. {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} أي: بيان ما جاء في ذلك، وفي نسخة: "باب: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: 201] الآية". 4522 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ". [6389 - مسلم: 2690 - فتح: 8/ 187] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد بن ذكوان العنبري. (عن عبد العزيز) أي: ابن صهيب البناني. (اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة) إلخ جمعت هذه الدعوة كل خير، وصرفت كل شر في الدنيا والآخرة، إذ الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب فيها كعافية، ورزق واسع، وعلم نافع، وفي الآخرة تشمل النظر إلا وجهه الكريم، ودخول الجنة، وتوابعه، والنجاة من النار. 37 - باب {وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ} [البقرة: 204] وَقَال عَطَاءٌ: النَّسْلُ الحَيَوَانُ. (باب) ساقط من نسخة. {وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ} أي: شديد العداوة والجدال للمسلمين. (النسل) أي: في قوله تعالى: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} معناه: (الحيوان) أي: وإن لم يكن ولدًا فالحرث مقابل الحيوان زرعًا كان أو غيره.

38 - باب {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء} [البقرة: 214] إلى {قريب} [البقرة: 214]

4523 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، تَرْفَعُهُ قَال: "أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ" وَقَال عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2457 - مسلم: 2668 - فتح: 8/ 188] (قبيصة) أي: ابن عقبة السوائي. (سفيان) أي: ابن سعيد بن مسروق الثوري. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله. (الألد) أي: شديد الخصومة. (الخصم) بفتح المعجمة وكسر المهملة تأكيد للأول أو أبلغ منه في الخصومة فهو أخص منه. (سفيان) أي: الثوري. 38 - باب {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ} [البقرة: 214] إِلَى {قَرِيبٌ} [البقرة: 214] (باب) ساقط من نسخة. {أَمْ} بمعنى: بل. {حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ} أي: شبه ما أتى المؤمنين. {الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} من المحن فتصبروا كما صبروا {مَسَّتْهُمُ} جملة مستأنفة مبينة لما قبلها. {البَأْسَاءُ} أي: شدة الفقر والبلاء {وَالضَّرَّاءُ} أي: المرض والألم. (إلى {قَرِيبٌ}) في نسخة: بدله: "الآية". 4524 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يَقُولُ: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] خَفِيفَةً، ذَهَبَ بِهَا هُنَاكَ، وَتَلا:

{حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]. [فتح: 8/ 188] فَلَقِيتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ. (هشام) أي: ابن حسان القردوسي. {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} ذكره هنا مع أنه في سورة يوسف لشبهه بقوله هنا: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} و {حَتَّى} ثم غاية لمقدر، أي: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالًا فتراخى نصرهم حتى {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} (خفيفة) أي: بتخفيف الذال. (ذهب بها) أي: بهذه الآية ابن عباس (هناك) أي: في سورة يوسف إلى الآية التي هنا أي: في سورة البقرة يعني: فهم من هذه الآية ما فهمه من تلك لكون الاستفهام في {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} للاستبعاد والاستبطاء فهما متناسبتان في مجيء النصر بعد اليأس والاستبعاد. (وتلا) أي: ابن عباس. (فلقيت عروة) مقول ابن أبي مليكة. 4525 - فَقَال: قَالتْ عَائِشَةُ: "مَعَاذَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا وَعَدَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ إلا عَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَلِ البَلاءُ بِالرُّسُلِ، حَتَّى خَافُوا أَنْ يَكُونَ مَنْ مَعَهُمْ يُكَذِّبُونَهُمْ" فَكَانَتْ تَقْرَؤُهَا: (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا) مُثَقَّلَةً. [انظر: 3389 - فتح: 8/ 188] (إلا علم أنه كائن) أي: موجود. (قبل أن يموت). ظرف للعلم لا للكون، قيل: لم أنكرت عائشة على ابن عباس بقولها: معاذ الله إلى آخره، مع أن قراءة التخفيف يحتمل معها ما قالته بأن يقال: خافوا أن يكون من معه يكذبونه؟ وأجيب: بأن ظاهر ما قاله أن الرسل ظنوا أنهم مكذبون من عند الله لا من عند أنفسهم بقرينة الاستشهاد بآية البقرة. فقيل: لو كان كما قالت عائشة لقيل: وتيقنوا أنهم قد كذبوا؛ لأن

39 - باب {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم} [البقرة: 223] الآية

تكذيب القوم لهم كان متيقنًا، وأجيب: بأن تكذيب أتباعهم من المؤمنين كان مظنونًا والمتيقن هو تكذيب الذين لم يؤمنوا أصلًا. فقيل: فما وجه كلام ابن عباس؟! قيل: وجهه أنه ليس المراد بالكذب حقيقته بأن يظنوا أنهم كذبوا بما أوحي إليهم من قبل الله بل لما تطاول البلاء وأبطأ إنجاز الوعد. توهموا أن ما أوحي إليهم كان غلطًا منهم فالمراد بالكذب: الغلط كما في قوله: كذبتك نفسك. 39 - باب {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 223] الآيَةَ. (باب: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}) أي: محل زرعكم: المني المتولد منه الولد {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} أي: محله وهو القبل ({أَنَّى شِئْتُمْ}) أي: من أي جهة شئتم من أمامهن أو خلفهن، نزل ذلك ردًّا لقول اليهود: من أتى امرأة في قبلها من جهة دبرها جاء الولد أحول ({وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ}) ساقط من نسخة أي: قدموا لها بالعمل الصالح كالتسمية عند الجماع. 4526 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَرَأَ سُورَةَ البَقَرَةِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ، قَال: تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ؟ قُلْتُ: لَا، قَال: أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ مَضَى. [4527 - فتح: 8/ 189] (إسحاق) أي: ابن راهوية. (ابن عون) هو عبد الله. (إلى مكان) هو ({نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}) (في كذا وكذا) أي: في إتيان النساء من أدبارهن وجوانبهن. (ثم مضى) أي: في قراءته. 4527 - وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ

{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]. قَال: يَأْتِيهَا فِي، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. [انظر: 4526 - فتح: 8/ 189] (وعن عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (أيوب) أي: السختياني. (يأتيها في) أي: في محل الحرث وهو قبلها وإن كان من خلفها ومن فسره بقوله: أي: في دبرها أخذًا مما وقع في رواية (¬1) حتى قيل: إنه رخصة وإن عليه جماعة تخالف لما عليه الجمهور من تحريم ذلك؛ لورود النهي عن فعله في أخبار كثيرة كخبر الإمام أحمد: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي الرجل امرأته في دبرها (¬2)، وخبر الترمذي: "لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأة في دبرها" (¬3)، وخبر الطبراني: "إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن" (¬4) وبذلك تؤول الرواية المذكورة بأن (في) بمعنى: من، كما في قوله: هذا ذراع في الثوب أي: منه والمعنى: يأتيها من جهة دبرها في قبلها. 4528 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الوَلَدُ أَحْوَلَ، ¬

_ (¬1) أخرج ابن جرير في "تفسيره" عن ابن عمر: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال: في الدبر. "تفسير الطبري" 2/ 407 (4334). (¬2) "مسند أحمد" 24009/ 36. وهو من حديث علي بن طلق. طبعة مؤسسة الرسالة 39/ 472. (¬3) "سنن الترمذي" (1165) كتاب: الرضاع، باب: ما جاء في كراهية إتيان النساء في أدبارهن قال: هذا حديث حسن غريب من حديث ابن عباس. وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬4) "المعجم الكبير" 4/ 84 (3716).

40 - باب {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} [البقرة: 232]

فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]. [مسلم: 1435 - فتح: 8/ 189] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (عن ابن المنكدر) هو محمد {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} مرَّ الكلام عليه. 40 - باب {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] (باب: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}) أي: انقضت عدتهن. ({فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}) أي: فلا تمنعوهن ({أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}) المخاطب بذلك أولياؤهن. 4529 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ، قَال: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، قَال: كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ، وَقَال إِبْرَاهِيمُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، ح حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ، "أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَخَطَبَهَا، فَأَبَى مَعْقِلٌ" فَنَزَلَتْ: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232]. [5130، 5330، 5331 - فتح: 8/ 192] (كانت لي أخت) اسمها: فاطمة، أو جميلة بالتصغير، أو ليلى. (تخطب إليّ) بالبناء للمفعول. (وإليّ) بمعنى: من الابتدائية أي: تخطب خطبة مبتدأه مني. (أبو معمر) هو عبد الله. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (يونس) أي: ابن عبيد. (عن الحسن) أي: البصري. (طلقها زوجها) قيل: هو عبد الله بن رواحة، وقيل: البَدّاحُ بن عاصم، وقيل: أبو البداح بن عاصم.

41 - باب {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} [البقرة: 234]

41 - بَابُ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] إلى {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 234] {يَعْفُونَ} [البقرة: 237]: يَهَبْنَ. (باب) ساقط من نسخة ({وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ}) أي: يتركون ({أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}) أي: من الليالي وهذا في غير الحوامل. {أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} لآية الطلاق، وفي الأحرار فعدة الإماء نصف ذلك. {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي: انقضت مدة تربصهن. {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} أيها الأولياء {فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} أي: من التزين والتعرض للخُطَّاب. ({بِالْمَعْرُوفِ}) شرعًا. {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} أي: عالم بذلك {يَعْفُونَ} أي: في قوله تعالى: {إلا أَنْ يَعْفُونَ} معناه: (يهبن) فلا يأخذن شيئًا، والصيغة تحتمل التذكير والتأنيث يقال: الرجال يعفون والنساء يعفون، قالوا: وفي الأول ضمير الرجال، والنون علامة الرفع، وبقيت على لغة، وفي الثاني لام الفعل والنون ضمير النساء. وقوله: ({يَعْفُونَ}: يهبن) ساقط من نسخة. 4530 - حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ: لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] قَال: قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى، فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟ أَوْ تَدَعُهَا؟ قَال: "يَا ابْنَ أَخِي لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ". [5236 - فتح: 8/ 193] (عن حبيب) أي: ابن الشهيد الأزدي. (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله.

(قلت لعثمان بن عفان: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} أي: ما تقول في آية الوصية مع آية التربص، فإن ظاهرهما التنافي فأجابه: بأنها ناسخة لها حيث (قال: قد نسختها الآية الأخرى) أي: وهي آية التربص. 4531 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] قَال: كَانَتْ هَذِهِ العِدَّةُ، تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} قَال: جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً، إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 240] فَالعِدَّةُ كَمَا هِيَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَال عَطَاءٌ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] قَال عَطَاءٌ: "إِنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهِ وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ} [البقرة: 234] " قَال عَطَاءٌ: "ثُمَّ جَاءَ المِيرَاثُ، فَنَسَخَ السُّكْنَى، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلَا سُكْنَى لَهَا" وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا، وَعَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: "نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا فِي أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، لِقَوْلِ اللَّهِ {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] نَحْوَهُ. [5344 - فتح: 8/ 193] (إسحاق) أي: ابن راهوية. (روح) أي: ابن عبادة. (شبل) أي: ابن عياد. (عن ابن أبي نجيح) هو عبد الله المكي.

(كانت هذه العدة) أي: المذكورة في آية التربص. {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ} بالنصب يوصون وصية، وبالرفع أي: عليهم وصية. {مَتَاعًا} أي: ويعطون ما يتمتعن به من النفقة والكسوة. {إِلَى الْحَوْلِ} أي: إلى تمامه. {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} أي غير مخرجات من مسكنهن. {فَإِنْ خَرَجْنَ} أي بأنفسهن. {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} أي: أيها الأولياء. {فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} شرعًا كالتزين وترك الإحداد. (قال) أي: ابن أبي نجيح. (جعل الله لها) أي: للمعتدة. (فالعدة كما هي) أي: تمامها. (واجب) الأولى واجبة؛ لأنه خبر العدة، قال الكرماني في تفسير ذلك: يعني: العدة الواجبة عند أهل زوجها هي الأربعة الأشهر والعشر، والزائد إلى تمام الحول هو بحسب الوصية فإن شاءت قبلت الوصية وتعتد في بيت أهل الزوج إلى التمام وإن شاءت اكتفت بالواجب (¬1). (زعم) أي: قال شبل: زعم ابن أبي نجيح. (ذلك) أي: اعتدادها بحول. (عن مجاهد) فهو لا يرى نسخ الآية (وقال عطاء: قال ابن عباس: نسخت هذه الآية) أي: آية الوصية. (عدتها عند أهلها فتعتد حيث شاءت وهو) أي: الناسخ لذلك. (قول الله تعالى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} قال عطاء) مفسرا لما رواه عن ابن عباس. (إن شاءت اعتدت عند أهله) أي: أهل زوجها بأن تعتد في سكنها، وفي نسخة: "عند أهلها" والأول أنسب بقوله: (وسكنت في وصيتها) إلخ. (ورقاء) أي: ابن عمر الخوارزمي. 4532 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَال: "جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عُظْمٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 17/ 37 - 38.

لَيْلَى، فَذَكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَلَكِنَّ عَمَّهُ كَانَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَجَرِيءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي جَانِبِ الكُوفَةِ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ، قَال: ثُمَّ خَرَجْتُ فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ، أَوْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهْيَ حَامِلٌ؟ فَقَال: قَال ابْنُ مَسْعُودٍ: "أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ، وَلَا تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ، لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ القُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى، وَقَال أَيُّوبُ: عَنْ مُحَمَّدٍ، لَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ. [4910 - فتح: 8/ 193] (حبان) أي: ابن موسى المروزي. (في شأن سبيعة) بالتصغير، وقصتها: أن زوجها سعد بن خولة توفي عنها بمكة، فقال لها أبو السنابل بن بُعْكك، وقد وضعت بعد وفاة زوجها بليالٍ: إن أجلك أبيبعة أشهر وعشرا. فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال لها: "قد حللت فانكحي من شئت" (¬1). (ولكن عمه) بتشديد النون ونصب (عمه) وفي نسخة: بالتخفيف والرفع أي: عم عبد الله بن عتبة، واسم العم: عبد الله بن مسعود. (كان لا يقول ذلك) أي: المتوفى عنها زوجها إذا وضعت تعتد باربعة أشهر وعشر، بل يقول يعتد بآخر الأجلين. (فقلت: إني لجريء إن كذبت على رجل) هو عبد الله بن عتبة. (ورفع) أي: ابن سيرين. (أو مالك بن عوف) شك من الرواي. (فقال) أي: مالك بن عامر، أو مالك بن عوف. (أتجعلون عليها التغليظ) أي: وهو طول زمن عدة الحمل إذا زادت على أربعة أشهر وعشر. (ولا تجعلون لها الرخصة) هي خروجها من العدة إذا وضعت لأقل من ذلك. (لنزلت) اللام تأكيد لقسم محذوف. (سورة النساء القصرى) هي سورة الطلاق، ومراده منها: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ ¬

_ (¬1) سبقت قصة سبيعة بنت الحارث برقم (3991) كتاب: المغازي، باب: ما قبل باب: فضل من شهد بدرًا.

42 - باب {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238]

يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}. (بعد الطولى) هي سورة البقرة، ومراده: آية التربص. وقد يفهم كلام ابن مسعود أن المتأخر فيما ذكر ناسخ للمتقدم، والجمهور على أنه مخصص له. (أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (لقيت أبا عطية مالك بن عامر) أراد به أن رواه بغير شك. 42 - باب {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] (باب: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ}) قيل: حافظوا بمعنى: احفظوا كما في سافر، وقيل: على بابه من كونه بين اثنين إما بينهم وبين الله أي: احفظوا الصلوات يحفظكم الله، أو بينهم وبين الصلاة، أي: احفظوها يحفظكم، وضمَّن حافظوا معنا: واظبوا فعداه بـ (على) {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} من ذكر الخاص بعد العام: وهي صلاة العصر كما في الحديث رواه الشيخان (¬1) وأفردها بالذكر، لفضلها، وقيل: هي الصبح (¬2)، وقيل: الظهر (¬3)، ¬

_ (¬1) جاء التصريح بها في "صحيح مسلم" فقط: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر"، (628) كتاب: المساجد، باب: الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر. ولم أقف على التصريح بها في "صحيح البخاري". (¬2) أثر ذلك عن: جابر ومجاهد وابن عباس وأبي العالية وعطاء وعكرمة وعبد الله بن شداد بن الهاد وأنس وعبيد بن عمير والربيع بن أنس. رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 579 (5492، 5475)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 448 (2373). (¬3) أثر ذلك عن زيد بن ثابت وابن عمر. رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 576 (5461، 5449) وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 448 (2373).

وقيل: المغرب (¬1)، وقيل: العشاء (¬2)، وقيل: الصبح والعصر (¬3)، وقيل: الصبح والعشاء (¬4)، وقيل: واحدة من الخمس مبهمة (¬5)، وقيل: غير ذلك. 4533 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَوْمَ الخَنْدَقِ "حَبَسُونَا عَنْ صَلاةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ، أَوْ أَجْوَافَهُمْ - شَكَّ يَحْيَى - نَارًا". [انظر: 2931 - مسلم: 627 - فتح: 8/ 195] (يزيد) أي: ابن هارون. (هشام) أي: ابن حسان القردوسي. (محمد) أي: ابن سيرين. (حسبونا) أي: منعونا. ومرَّ الحديث في غزوة الخندق (¬6). ¬

_ (¬1) أثر ذلك عن قبيصة بن ذؤيب. رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 579 (5474)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 448 (2375). (¬2) قال ابن حجر في "الفتح" 8/ 197: نقله ابن التين والقرطبي واحتجَّ له بأنها بين صلاتين لا تقصران، ولأنها تقع عند النوم، فلذلك أمر بالمحافظة عليها، واختاره الواحدي. (¬3) قال ابن حجر في "الفتح" 8/ 197: لقوة الأدلة في أن كلًّا منهما قيل: إنه الوسطى، فظاهر القرآن: الصبح، ونص السنة: العصر. (¬4) قال ابن حجر في الفتح: 8/ 197: وذلك للحديث الصحيح: "ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء. . . . .". قلت: رواه البخاري (657) كتاب: الأذان، باب: فضل العشاء في الجماعة. (¬5) أثر ذلك عن ابن عمر والربيع بن خثيم وسعيد بن المسيب. رواه ابن جرير الطبري في "تفسير" 2/ 581 (5495، 5493). (¬6) سلف برقم (4111) كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق.

43 - باب {وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238]: أي مطيعين

43 - باب {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]: أَيْ مُطِيعِينَ (باب: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (أي: مطيعين) وقيل: مصلين (¬1)، وقيل: عابدين (¬2) وقيل: ذاكرين (¬3)، وقيل: داعين (¬4)، وقيل: صامتين (¬5) وقيل: خاشعين (¬6)، وقيل: مقرين بالعبودية. 4534 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَال: "كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاةِ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا أَخَاهُ فِي حَاجَتِهِ" حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] "فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ". [انظر: 1200 - مسلم: 539 - فتح: 8/ 198] (فأمرنا بالسكوت) أي: عن كلام الأميين. ومرَّ الحديث في الصلاة في باب: ما ينهى من الكلام (¬7). ¬

_ (¬1) أثر ذلك عن ابن عباس وابن عمر، رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 585 (5530). وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 449 (2379). (¬2) أثر ذلك عن عبد الله بن عمر. رواه ابن أبي شيبة 2/ 100 كتاب: الصلاة، من كان لا يقنت في الوتر. (¬3) أثر ذلك عن ابن مسعود. رواه الطبراني في "تفسيره" 2/ 585 (5529). (¬4) أثر ذلك عن ابن عباس. رواه الطبراني في "تفسيره" 2/ 586 (5536). (¬5) أثر ذلك عن السدي وابن مسعود وزيد بن أبيقم وعكرمة. ودلَّ على ذلك حديث الباب. ورواه الطبري في "تفسيره" 2/ 585 (5524 - 5530). وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 449 (2377). (¬6) أثر ذلك عن مجاهد والربيع. رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" 2/ 585 (5531 - 5535). وابن أبي حاتم 2/ 449 (2381). (¬7) سلف برقم (1200) كتاب: العمل في الصلاة، باب: ما ينهى من الكلام في الصلاة.

44 - باب قوله -عز وجل -: {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون (239)} [البقرة: 239]

44 - باب قَوْلِهِ -عزَّ وجلَّ -: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)} [البقرة: 239] وَقَال ابْنُ جُبَيْرٍ: {كُرْسِيُّهُ} [البقرة: 255]: "عِلْمُهُ"، يُقَالُ {بَسْطَةً} [البقرة: 247]: "زِيَادَةً وَفَضْلًا"، {أَفْرِغْ} [البقرة: 250]: "أَنْزِلْ"، {وَلَا يَئُودُهُ}: "لَا يُثْقِلُهُ، آدَنِي أَثْقَلَنِي، وَالآدُ وَالأَيْدُ القُوَّةُ" السِّنَةُ: "نُعَاسٌ" {يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259]: "يَتَغَيَّرْ"، {فَبُهِتَ} [البقرة: 258]: "ذَهَبَتْ حُجَّتُهُ"، {خَاويَةٌ} [البقرة: 259]: "لَا أَنِيسَ فِيهَا"، {عُرُوشُهَا} [البقرة: 259]: "أَبْنِيَتُهَا" (نُنْشِرُهَا): "نُخْرِجُهَا"، {إِعْصَارٌ} [البقرة: 266]: "رِيحٌ عَاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {صَلْدًا} [البقرة: 264]: "لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ" وَقَال عِكْرِمَةُ: {وَابِلٌ} [البقرة: 264]: "مَطَرٌ شَدِيدٌ، الطَّلُّ: النَّدَى، وَهَذَا مَثَلُ عَمَلِ المُؤْمِنِ " {يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259]: "يَتَغَيَّرْ". (باب) ساقط من نسخة. {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا} أي: فصلوا رجالا. {أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ} أي: من العدو. {فَاذْكُرُوا اللَّهَ} أي: صلوا له {كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} في نسخة: " {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} الآية" وسقط منها الباقي. {كُرْسِيُّهُ} معناه: (علمه) وفسره كثير بأنه جسم بين يدي العرش محيط بالسماوات (¬1) ¬

_ (¬1) انظر: "تفسير البيضاوي" 1/ 555. و"تفسير أبي مسعود" 1/ 248. و"تفسير المعاني" للألوسي 3/ 9.

لخبر: "والذي نفسي بيده ما السماوات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة" (¬1). وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة، وزعم بعض أهل الهيئة: أن الكرسي هو الفلك الثامن، وهو فلك الثوابت الذي فوقه الفلك التاسع، والتاسع هو الأطلس. {بَسْطَةً} أي: (زيادة وفضلًا). {أَفْرِغْ} أي: (أنزل). {وَلَا يَئُودُهُ} أي: (لا يثقله). (آدني) هذا الأمر أي: (أثقلني). (والآد) بفتح الهمزة وبالمد وتخفيف المهملة. (والأيد) بفتح الهمزة وسكون التحتية معناهما: (القوة): يقال: رجل آد. (وأيد) أي: شديد قوي. (السنة) معناها: (النعاس) وهو أول النوم {يَتَسَنَّهْ} أي: (يتغير) عن هيئته. {فَبُهِتَ} في قوله تعالى: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} أي: (ذهبت حجته) وتحير. {خَاويَةٌ} أي: (لا أنيس فيها) وقيل: ساقطة والأنيس: المؤانس. {عُرُوشِهَا} أي: (أبنيتها) وقيل: سقوفها (¬2). {ننشرها} بضم النون وكسر الراء من أنشر، وبفتح النون وضم الراء من نشر وهما لغتان وقراءتان أي: (نخرجها) وقيل: ¬

_ (¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 167. ترجمة: أبي ذر الغفاري. وابن حبان 2/ 77 (361) كتاب: البر والإحسان، باب: ما جاء في الطاعات وثوابها. وأبو الشيخ في "العظمة" (254) ذكر: عرش الرب -تبارك وتعالى- وكرسيه وعظم خلقهما وعلو الرب تبارك وتعالى فوق عرشه. والبيهقي في "الأسماء والصفات" 2/ 299 - 300 (861). وذكر ابن عدي طرفه ثم قال: وهذا حديث منكر من هذا الطريق. "الكامل" 9/ 107 ترجمة: يحيى بن سعيد السعدي. وصححه الألباني في "الصحيحة" (109). (¬2) أثر ذلك عن السدي. رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" 3/ 33 (5910).

(نحيبها) وقرئ {نُنْشِزُهَا} (¬1) بضم النون وبزاي مكسورة أي: نحركها ونرفعها. {إِعْصَارٌ} أي: (ريح عاصف تهب من الأرض إلى السماء) هذا محله بعد عند ذكر آيته وهي: " {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ. . .} إلخ والغرض من منها: تمثيل حال من ينفق رياء ومنًّا في ذهاب نفقته وعدم نفعها حالة كونه أحوج ما يكون إليها في الآخرة بحال من هذا شأنه، والاستفهام بمعنى: النفي. {صَلْدًا} معناه: (ليس عليه شيء) من تراب. {وَابِلٌ} أي: (مطر شديد، والطل) معناه: (الندى)، وهو مراد من قال معناه: المطر الصغير. {يَتَسَنَّهْ} أي: (يتغير) كما مرَّ فهو تكرار. 4535 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاةِ الخَوْفِ قَال: "يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُصَلِّي بِهِمُ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ العَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا، فَإِذَا صَلَّى الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا، وَلَا يُسَلِّمُونَ، وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الإِمَامُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَيَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الإِمَامُ، فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ، صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا، مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا" قَال مَالِكٌ: قَال نَافِعٌ: لَا أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إلا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 942 - مسلم: 839 - فتح: 8/ 199] ¬

_ (¬1) قرأ الكوفيون وابن عامر (ننشزها) بالزاي، أي: وانظر إلى العظام كيف ترفع بعضها على بعض في التركيب للإحياء؛ لأن النشر الارتفاع وقرأها باقي السبعة بالراء من النشور: وهو الإحياء. انظر: "الكشف عن وجوه القراءات السبع" لأبي طالب القيسي 1/ 310 - 311.

45 - باب {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} [البقرة: 234]

(كان إذا سئل عن صلاة الخوف. . . إلخ) مرَّ في صلاة الخوف (¬1). 45 - باب {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] 4536 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالا: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: قَال ابْنُ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ: هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي فِي البَقَرَةِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] إِلَى قَوْلِهِ {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى، فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟ قَال: "تَدَعُهَا يَا ابْنَ أَخِي، لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ"، قَال حُمَيْدٌ: أَوْ نَحْوَ هَذَا. [انظر: 4530 - فتح: 8/ 201] (باب) ساقط من نسخة. {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} ساقط من نسخة أخرى. وحديث الباب مرَّ بترجمته قبل ثلاثة أبواب (¬2)، لكن زاد هنا قوله: (قال حميد) أو نحو هذا. 46 - باب {وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260] (باب) ساقط من نسخة. {وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} أي: بيان ما جاء في ذلك {فَصُرْهُنَّ} بكسر الصاد وضمها معناه: (قطعهن) وأملهن إليك. 4537 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (942) كتاب: صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف. (¬2) سلف برقم (4530) كتاب: التفسير، باب: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ}.

47 - باب قوله: قوله: {أيود أحدكم أن تكون له جنة} [البقرة: 266] إلى قوله: {تتفكرون} [البقرة: 266]

شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ"، إِذْ قَال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]. (ابن وهب) هو عبد الله المصري. (يونس) أي: يزيد الأيلي. (نحن أحق بالشك من إبراهيم) أي: لو كان الشك يتطرق إلى الأنبياء لكنت أحق به، وقد علمتم أني لم أشك، فإبراهيم لم يشك، ومرَّ الحديث في كتاب الأنبياء، في باب: قول الله -عزَّ وجلَّ -: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)} (¬1). 47 - باب قَوْلِهِ: قَوْلِهِ: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} [البقرة: 266] إِلَى قَوْلِهِ: {تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: 266] (باب: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} أي: (مادها، أو أراد بالأنهار الماء تسمية له باسم محله. {لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} -إلى قوله- {تَتَفَكَّرُونَ} ساقط من نسخة، وذكر فيها بدله: إلى " {تَتَفَكَّرُونَ} ". 4538 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: وَسَمِعْتُ أَخَاهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَال: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَوْمًا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} [البقرة: 266]؟ قَالُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَال: "قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لَا نَعْلَمُ"، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا ¬

_ (¬1) سلف برقم (3372) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: وقوله -عزَّ وجلَّ -: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)} وقوله: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}.

48 - باب {لا يسألون الناس إلحافا} [البقرة: 273]

أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَال عُمَرُ: "يَا ابْنَ أَخِي قُلْ وَلَا تَحْقِرْ نَفْسَكَ"، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: ضُرِبَتْ مَثَلًا لِعَمَلٍ، قَال عُمَرُ: "أَيُّ عَمَلٍ؟ " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لِعَمَلٍ، قَال عُمَرُ: "لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ، فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالهُ". {فصرهن} [البقرة: 260]: قطعهن. [فتح: 8/ 201] (إبراهيم) أي: ابن موسى (¬1) الفراء. (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. (فيم ترون) بضم الفوقية وفتحها. (فغضب عمر) لا لأنهم وكلوا العلم إلى الله؛ بل لأنه قصد منهم تعيين ما سأل عنه فأجابوه بما يصلح صدروه من العالم والجاهل به، فلم يحصل المقصود كما أفاده بقوله: (قولوا: نعلم أو لا نعلم حتى أغرق أعماله) أي: الصالحة بما ارتكبه من المعاصي ({فَصُرْهُنَّ}: قطعهن) ساقط من نسخة؛ لأنه مرَّ في الباب السابق فذكره هنا تكرار. 48 - باب {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] يُقَالُ: أَلْحَفَ عَلَيَّ، وَأَلَحَّ عَلَيَّ، وَأَحْفَانِي بِالْمَسْأَلَةِ، {فَيُحْفِكُمْ} [محمد: 37]: يُجْهِدْكُمْ". (باب) ساقط من نسخة. {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} أي: شيئًا فيحلفون (إلحافًا) أي: لا يسألونهم أصلًا، فلا يقع منهم إلحاف وهو الإلحاح، فهو كقولهم: فلان لا يرجى خيره أي: لا خير عنده أصلًا فيرجى. {فَيُحْفِكُمْ} أي: في قوله تعالى {فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا} معناه: (يجهدكم) بطلب الأموال ويبالغ فيه. ¬

_ (¬1) في الأصل: يونس، وما أثبتناه هو ما عليه سند البخاري.

49 - باب {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: 275]

4539 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيَّ، قَالا: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَا اللُّقْمَةُ وَلَا اللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا المِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ" يَعْنِي قَوْلَهُ: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]. (ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم. ومرَّ حديث الباب في الزكاة في باب: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (¬1). 49 - باب {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] {الْمَسِّ} [البقرة: 275]: الجُنُونُ. (باب) ساقط من نسخة. ({وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}) أي: بيان ما جاء في ذلك {الْمَسِّ} أي: في قوله قبل: {الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} معناه: (الجنون). 4540 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "لَمَّا نَزَلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي الرِّبَا، قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ". [انظر: 459 - مسلم: 1580 - فتح: 8/ 203] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (مسلم) أي: ابن صبيح الكوفي. (منصور) أي: ابن المعتمر. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. ¬

_ (¬1) سلف برقم (1476) كتاب: الزكاة، باب: قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}.

50 - باب {يمحق الله الربا} [البقرة: 276]: يذهبه

ومرَّ الحديث في البيع في باب: آكل الربا (¬1). 50 - باب {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} [البقرة: 276]: يُذْهِبُهُ. (باب {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا}: يذهبه) 4541 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى، يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالتْ: "لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ الأَوَاخِرُ مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلاهُنَّ فِي المَسْجِدِ، فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ". [انظر: 459 - مسلم: 1580 - فتح: 8/ 204] (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. ومرَّ الحديث في كتاب: الصلاة، في باب: تحريم تجارة الخمر (¬2). 51 - باب {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ} [البقرة: 279]: فَاعْلَمُوا. 4542 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، قَرَأَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فِي المَسْجِدِ، وَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ". [انظر: 459 - مسلم: 1580 - فتح: 8/ 204] (باب: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ}) أي: (فاعلموا) بأن الله محارب لكم. ومرَّ حديث الباب مرارا. 52 - باب {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} [البقرة: 280] ¬

_ (¬1) سلف برقم (2084) كتاب: البيوع، باب: آكل الربا وشاهده وكاتبه. (¬2) سلف برقم (459) كتاب: الصلاة، باب: تحريم تجارة الخمر في المسجد.

53 - باب {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} [البقرة: 281]

(باب) ساقط من نسخة. {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} أي: يسار {وَأَنْ تَصَدَّقُوا} أي: بالإبراء {خَيْرٌ لَكُمْ} أي: من الإنظار. {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: ما في ذلك من الثواب، وفي نسخة: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} الآية". 4543 - وَقَال لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُنَّ عَلَيْنَا، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ". [انظر: 459 - مسلم: 1580 - فتح: 8/ 204] (عن سفيان) أي: الثوري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح. ومرَّ الحديث آنفًا. 53 - باب {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]. (باب: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}). أي: بيان ما جاء في ذلك. 4544 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال "آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةُ الرِّبَا". [فتح: 8/ 205] (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (آخر آية نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - آية الربا). المناسب للترجمة آية: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} ولعله أراد بآية ما يشمل ذلك، يعني: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} بترككم الربا. ومرَّ في المعازي أن آخر آية نزلت: {يَسْتَفْتُونَكَ} (¬1) وبيان أنه لا منافاة بينهما مع زيادة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4364) كتاب: المغازي، باب: حج أبي بكر بالناس في سنة تسع.

54 - باب {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير} [البقرة: 284]

54 - باب {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284] (باب: {وَإِنْ تُبْدُوا}) أي: تظهروا ({مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ}) أي: تسروه. {يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. ساقط من نسخة. 4545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهْوَ ابْنُ عُمَرَ: "أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} [البقرة: 284] الآيَةَ. [4546 - فتح: 8/ 205] (محمد) أي: ابن يحيى الذهلي، أو ابن إبراهيم البوشنجي، أو ابن إدريس الرازي. (النُّفيلي) هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل. (مسكين) أي: ابن بكير الحراني. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (أنها) ساقط من نسخة وضميرها للقصة. (قد نسخت) بالبناء للمفعول. ({وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} الآية) الناسخ لها قوله تعالى بعد: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا. . .} إلخ. 55 - باب {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِصْرًا} [البقرة: 286]: "عَهْدًا، وَيُقَالُ: {غُفْرَانَكَ} [البقرة: 285]: مَغْفِرَتَكَ"، {فَاغْفِرْ لَنَا} [البقرة: 286]. (باب: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ}) أي: بيان ما جاء

3 - سورة آل عمران

في ذلك. {إِصْرًا} أي: (عهدًا) يعني: أمرًا يثقل علينا حمله. (ويقال: {غُفْرَانَكَ}) أي: (مغفرتك). 4546 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} [البقرة: 284] قَال: "نَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا". [انظر: 4545 - فتح: 8/ 207] (روح) أي: ابن عبادة. (أحسبه ابن عمر) ظنه مروان هنا، وجزم به فيما مرَّ، لاحتمال أنه علمه بعد أن ظنه. 3 - سورة آلِ عِمْرَانَ تُقَاةٌ وَتَقِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، {صِرٌّ} [آل عمران: 117]: بَرْدٌ، {شَفَا حُفْرَةٍ} [آل عمران: 103]: مِثْلُ شَفَا الرَّكِيَّةِ، وَهْوَ حَرْفُهَا، {تُبَوِّئُ} [آل عمران: 121]: تَتَّخِذُ مُعَسْكَرًا، المُسَوَّمُ: الَّذِي لَهُ سِيمَاءٌ بِعَلامَةٍ، أَوْ بِصُوفَةٍ أَوْ بِمَا كَانَ، {رِبِّيُّونَ} [آل عمران: 146]: الجَمِيعُ، وَالوَاحِدُ رِبِّيٌّ، {تَحُسُّونَهُمْ} [آل عمران: 152]: تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلًا، {غُزًّا}: وَاحِدُهَا غَازٍ، {سَنَكْتُبُ} [آل عمران: 181]: سَنَحْفَظُ، {نُزُلًا} [آل عمران: 198]: ثَوَابًا، وَيَجُوزُ: وَمُنْزَلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، كَقَوْلِكَ: أَنْزَلْتُهُ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {وَالخَيْلُ المُسَوَّمَةُ} [آل عمران: 14]: "المُطَهَّمَةُ الحِسَانُ" قَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى: "الرَّاعِيَةُ المُسَوَّمَةُ" وَقَال ابْنُ جُبَيْرٍ: {وَحَصُورًا} [آل عمران: 39]: "لَا يَأْتِي النِّسَاءَ" وَقَال عِكْرِمَةُ: {مِنْ فَوْرِهِمْ} [آل عمران: 125]: "مِنْ غَضَبِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ" وَقَال مُجَاهِدٌ: "يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ: مِنَ النُّطْفَةِ تَخْرُجُ مَيِّتَةً، وَيُخْرِجُ مِنْهَا الحَيَّ، الإِبْكَارُ: أَوَّلُ الفَجْرِ، {وَالعَشِيُّ} [الأنعام: 52]: مَيْلُ الشَّمْسِ - أُرَاهُ - إِلَى أَنْ تَغْرُبَ".

(سورة آل عمران). ترجمة: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({تُقَاةً} وتقية) (¬1) كما قريء به معناهما واحد، لاتحادهما في المصدرية. {صِرٌّ} أي: في قوله تعالى: {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} معناه: (برد). {شَفَا حُفْرَةٍ} أي: في قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ} (مثل شفا الرَّكية) في كل منها طرف كما نبه عليه بقوله: (وهو) أي: شفا الركية: حرفها، والركية: البئر. {تُبَوِّئُ} أي: في قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ} معناه: (تتخذ). وقوله: (معسكرًا) لا دخل له في التفسير. (المسوم) أي: المأخوذ من قوله تعالى: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} معناه: (الذي له سيما) بالقصر وقد تمد {رِبِّيُّونَ} أي: في قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ} معناه: (الجميع) بمعنى: الجمع أي: الربيون جمع (والواحد: ربي) بكسر الراء نسبة إلى الرب، وكسرت، للمناسبة. {تَحُسُّونَهُمْ} أي: في قوله تعالى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} معناه: (تستأصلونهم قتلًا). {غُزًّى} أي: في قوله تعالى: {أَوْ كَانُوا غُزًّى}، (واحدها غاز)، وقوله: {تَحُسُّونَهُمْ}. إلى هنا ساقط من نسخة. {سَنَكْتُبُ} أي: في قوله تعالى: {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} معناه: ¬

_ (¬1) قرأ الكسائي {تُقَاةً} حمالة، وأمالها حمزة إشمامًا من غير مبالغة، وحجتها: أن (فعلت) منها بالياء إذا قلت: (وقيت) فأبقيا في لام الفعل دلالة على أصله في (فعلتُ) وهي الإمالة، وقرأ باقي السبعة بغير إمالة غير أن نافعًا كانت قراءته بين الفتح والكسر، وحجتهم: أن فتحة القاف تغلب على الألف فتمنعها من الإمالة. انظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 159، "والسبعة في القراءات" لابن مجاهد ص 204.

1 - باب {منه آيات محكمات} [آل عمران: 7]

سنحفظ هو تفسير بلازم الكتابة، لاستلزامها الحفظ. {نُزُلًا} أي: ثوابًا، وفسره غيره بما يعد للضيف، ونصبه على الحال من جنات، والعامل فيهما معنا الظرف وهو (لهم). (ويجوز ومنزل من عند الله كقولك: أنزلته) المناسب ويجوز نزلا من عند الله من أنزلته؛ لأن مراده: أن نزل الذي هو مصدر منصوب يكون بمعنى: منزلًا بصيغة اسم المفعول. من قولك: أنزلته، ويكون المعنى: منزلة من عند الله. {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} أي: (المطهمة الحسان) بضم الميم وتشديد الهاء أي: تامة الخلق. {وَحَصُورًا} معناه: (لا يأتي النساء) أي: لا يطؤهن. {مِنْ فَوْرِهِمْ} أي: في قوله تعالى: {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ}. معناه: (من غضبهم). {يُخْرِجُ الْحَيَّ}. معناه: (النطفة تخرج ميتة، ويخرج منها الحي). {وَالْإِبْكَارِ} أي: في قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} (هو أول الفجر) {بِالْعَشِيِّ} هو ميل الشمس. (أراه) أي: أظنه. 1 - باب {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7] وَقَال مُجَاهِدٌ: "الحَلالُ وَالحَرَامُ، {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7]: يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كَقَوْلِهِ تَعَالى: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلا الفَاسِقِينَ} [البقرة: 26]، وَكَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [يونس: 100] وَكَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17] {زَيْغٌ} [آل عمران: 7]: شَكٌّ، {ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ} [آل عمران: 7]: المُشْتَبِهَاتِ، {وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ} [آل عمران: 7]: يَعْلَمُونَ {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7].

(باب:) ساقط من نسخة: {مِنْهُ} أي: من الكتاب وهو القرآن. {آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} أي: واضحات الدلالة. و (قال مجاهد): هو (الحلال والحرام) أي: آياتهما {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} أي: لا تفهم معانيها كأوائل السور (وقال مجاهد: أي: (يصدق بعضه بعضا) وما فسرت به المحكم والمتشابه يرجع إلى تفسير الأصوليين لهما بقولهم: المحكم هو المشترك بين النص والظاهر، والمتشابه هو المشترك بين المجمل والموؤل (¬1). ثم شبه مجاهد ما ذكره بثلاث آيات ذكرها بقوله: (كقوله تعالى: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلا الْفَاسِقِينَ} إلخ). وموجهًا إلى أن {الْفَاسِقِينَ} أي: الضالين في الأولى. {الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} في الثانية. ¬

_ (¬1) اعلم أن القرآن كله محكم بمعنى: إحكام ألفاظه ومعانيه، أي: إتقانها وعدم وجود التناقض والاختلاف فيه. والقرآن كله متشابه بمعنى: أن آياته متشابهة في الكمال والإعجاز والإحكام والنفع والصدق والهداية إلى الخير. وأما كون بعض آياته محكما وبعضها متشابها فالمراد بالمحكم: ما لا يحتمل إلا معنى واحدا، والمتشابه: ما احتمل معنيين فأكثر. واعلم أن أسماء الله تعالى وصفاته من هذا الباب، يمكن معرفة تفسيرها. وهذا هو القول الأول في المحكم والمتشابه. وهناك قول آخر: فقد سلم بعض العلماء أن في القرآن متشابها لا يعلمه أحد من الناس، بل يعلمه الله وحده، فيكون المراد بالمتشابه على هذا: معرفة حقائق بعض الأمور، لا تفسير ألفاظها، فليست آيات صفات الله تعالى متشابهة من حيث فهم معانيها، بل معانيها مفهومة حقًّا، ولكن تكون متشابهة من حيث حقائقهما فإن حقائقها لا يعلمها إلا الله. وهناك قول ثالث وهو مردود، فقد زعم بعض الناس أن تأويل متشابه القرآن الذي لا يعلمه أحد من الناس هو تفسير الألفاظ ثم جعلوا من ذلك صفات الله تعالى. أ. هـ بتصرف. انظر: "الواضح في أصول الفقه" لأبي الوفاء بن عقيل الحنبلي 1/ 166 - 182. و"الفتاوى الكبرى" لابن تيمية 13/ 272 - 283.

{الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ} المفهوم من الثالثة إنما ضلالتهم، وعدم تعقلهم، وعدم اهتدائهم من جهة اتباعهم المتشابه المفسر بما قاله؛ طلبا لافتتان غيرهم عن دينه، ومعنى: {الرِّجْسَ} في الثانية: السخط (¬1) وقيل: الإثم (¬2)، وقيل: العذاب (¬3)، وقيل: النجاسة (¬4). {زَيْغٌ} أي: شك وخروج من الحق إلى الباطل. {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} أي: طلبا أن يفتنوا الناس عن دينهم {وَالرَّاسِخُونَ} أي: "في العلم". كما في نسخة أي: المتمكنون فيه، وهو مبتدأ خبره (يعلمون)، أي: (تأويله). {يَقُولُونَ آمَنَّا} حال أو هو الخبر (ويعلمون) حال. 4547 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: تَلا رَسُولُ ¬

_ (¬1) أثر ذلك عن ابن عباس: رواه ابن جرير الطبري في: "تفسيره" 6/ 616 (17925). وابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1990 (10612). (¬2) أثر ذلك عن سعيد بن جبير. رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1990 (10613). (¬3) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 574 لأبي الشيخ عن قتادة. (¬4) قال ابن منظور في "لسان العرب" 3/ 1590: الرِّجْسُ: القَذَرُ. وَقِيلَ: الشَّيْءُ القَذِرُ. ورَجُسَ الشيءُ يَرْجُسُ رَجاسَةً، وإِنه لَرِجْسٌ مَرْجُوس، وكلُّ قَذَر رِجْسٌ. وَرَجُلٌ مَرْجوسٌ ورِجْس: نِجْس، وقَال ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسبهم قد قالوا: رَجَس: نَجَس، وَهِيَ الرَّجاسَةُ والنَّجاسَة. وفي الحديث: "أَعوذ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ"، الرِّجْسُ: الْقَذِرُ، وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْحَرَامِ وَالْفِعْلِ الْقَبِيحِ وَالْعَذَابِ وَاللَّعْنَةِ وَالْكُفْرِ، وَالْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: الأَول، قَال الْفَرَّاءُ: إِذا بدأُوا بالرِّجْسِ ثُمَّ أَتبعوه النِّجْسَ، كَسَرُوا النون، وإذا بدأوا بالنجَس ولم يذكروا معه الرجس فتحوا الجيم والنون، ومنه الحديث: نهى أن يُسْتَنَجى بَرْوثَة، وقال: "إنها رجس" أي: مستقذرة.

2 - باب {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} [آل عمران: 36]

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ، وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ، وَابْتِغَاءَ تَأْويلِهِ، وَمَا يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إلا اللَّهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلا أُولُو الأَلْبَابِ قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ". [مسلم: 2665 - فتح: 8/ 209] (ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله (¬1). {هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ} أي: أصله، وأفرد (أم) على أن الكل بمنزلة واحدة، أو على تأويل كل واحدة. {وَمَا يَعْلَمُ تَأْويلَهُ} إلى آخره ساقط من نسخة، وذكر فيها بدله إلى قوله: " {وَمَا يَذَّكَّرُ إلا أُولُو الْأَلْبَابِ} " (فاحذروهم) في نسخة: "فاحذرهم" بالإفراد. 2 - باب {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] (باب: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4548 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إلا وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إلا مَرْيَمَ وَابْنَهَا"، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] [انظر: 3286 - مسلم: 2366 - فتح: 8/ 212]. ¬

_ (¬1) في الأصل: بدل (عبيد الله)، (عبد الرحمن) انظر: "تهذيب الكمال" 5/ 256.

3 - باب {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا، أولئك لا خلاق لهم} [آل عمران: 77]

(عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (ما من مولد يولد) إلخ. مرَّ في كتاب الأنبياء (¬1). 3 - باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا، أُولَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ} [آل عمران: 77] لَا خَيْرَ. {أَلِيمٌ} [البقرة: 10]: "مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ مِنَ الأَلَمِ، وَهْوَ فِي مَوْضِعِ مُفْعِلٍ". (باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا، أُولَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ} (أي: (لاخير) لهم فيها. {أَلِيمٌ} أي: (مؤلم موجع) بكسر ثالثهما وهو الأولى فهو أي: (أليم) (في موضع مفعل) بضم الميم وكسر العين كالسميع في قول الشاعر: .................. ... أمن ريحانة الداعي السميع أي: المسمع. 4549 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا، أُولَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَى آخِرِ الآيَةِ. 4550 - قَال: فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَال: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قُلْنَا: كَذَا وَكَذَا، قَال: فِيَّ أُنْزِلَتْ كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ" فَقُلْتُ: إِذًا يَحْلِفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ ¬

_ (¬1) سلف برقم (3431) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًّا).

عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ". [انظر: 2356، 2357 - مسلم: 138 - فتح: 8/ 212] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (من حلف على يمين صبر) بالإضافة وبدونها، قال ابن الأثير: أي: ألزم بها وحبس عليها (¬1). (أبو عبد الرحمن) كنية عبد الله بن مسعود. (ابن عم لي) اسمه: معدان. ومر الحديث في كتاب: الشهادات (¬2). 4551 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ هُوَ ابْنُ أَبِي هَاشِمٍ، سَمِعَ هُشَيْمًا، أَخْبَرَنَا العَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ فِيهَا، لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهِ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ"، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. (أن رجلا أقام سلعة) إلخ. مرَّ في كتاب: البيع، في باب: ما يكون من الحلف في البيع (¬3)، ولا منافاة بينه وبين سابقه من حيث أن ذاك في البئر وهذا في السلعة؛ لأن الآية نزلت في السببين جميعًا مع أنه لا منافاة بينهما؛ لأن البئر فرد من أفراد السلعة. 4552 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ امْرَأَتَيْنِ، كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِي بَيْتٍ أَوْ فِي الحُجْرَةِ، ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 8. (¬2) سلف برقم (2667، 2666) كتاب: الشهادات، باب: سؤال الحاكم المدعي: هل لك بينة؟ قبل اليمين. (¬3) سلف برقم (2088) كتاب: البيوع، باب: ما يكره من الحلف في البيع.

4 - باب {قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله} [آل عمران: 64]

فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفَى فِي كَفِّهَا، فَادَّعَتْ عَلَى الأُخْرَى، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ"، ذَكِّرُوهَا بِاللَّهِ وَاقْرَءُوا عَلَيْهَا: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 77] فَذَكَّرُوهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ". [انظر: 2514 - مسلم: 1711 - فتح: 8/ 213] (ابن جريج) في نسخة: "هو عبد الملك بن عبد العزيز". (تخرزان) بضم الراء وكسرها. (في بيت أو في الحجرة) في نسخة: "في بيت وفي حجرة" بأن تكون الحجرة في البيت فيصدق أن المرأتين كانتا فيهما. (فخرجت) بالبناء للفاعل من الخروج، وفي نسخة: (فجرحت) بالبناء للمفعول من الجرح. (بإشفى) بكسر الهمزة وسكون المعجمة وبالفاء مقصورًا: آلة الخرز للإسكاف. (فادَّعت على الأخرى) أي: إنها أنفدت الإشفاء في كفها. (فرفع) أي: أمرهما. (ذكروها بالله) أي: خوفوها من اليمين بالله؛ لأنَّ فيها هتك حرمة اسم الله عند الحلف الباطل. ومرَّ الحديث في الرهن وغيره (¬1). 4 - باب {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ} [آل عمران: 64]. سَوَاءٌ: قَصْدٌ. (باب: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ}). أي: بيان ما جاء في ذلك، وفي نسخة: ({أَلَّا نَعْبُدَ ¬

_ (¬1) سلف برقم (2514) كتاب: الرهن، باب: إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه. و (2668) كتاب: الشهادات باب: اليمين على المدعى عليه.

إلا اللَّهَ} الآية) {سَوَاءٍ} بالجر على الحكاية، وفي نسخة: "سواء" بالنصب على المصدر بمعنى استوت الكلمة استواء، وعلى التقديرين محله رفع على أنه مبتدأ خبره (قصد) المفسر هو به بالرفع والجر والنصب، ومحله في الأخيرين رفع، ومعناه: عدل، فهو تفسير و (سواء) وفسره غيره بمستو أمرها أي: الكلمة. 4553 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ، مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ، قَال: انْطَلَقْتُ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ، إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ، قَال: وَكَانَ دَحْيَةُ الكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ، فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ، قَال: فَقَال هِرَقْلُ: هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، قَال: فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَال: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَال أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي، ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَال: قُلْ لَهُمْ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ، قَال أَبُو سُفْيَانَ: وَايْمُ اللَّهِ، لَوْلَا أَنْ يُؤْثِرُوا عَلَيَّ الكَذِبَ لَكَذَبْتُ، ثُمَّ قَال: لِتَرْجُمَانِهِ، سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قَال: قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ، قَال: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ؟ قَال: قُلْتُ: لَا، قَال: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَال؟ قُلْتُ: لَا، قَال: أَيَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قَال: قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَال: يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ قَال: قُلْتُ لَا بَلْ يَزِيدُونَ، قَال: هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ؟ قَال: قُلْتُ: لَا، قَال: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قَال: قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قَال: قُلْتُ: تَكُونُ الحَرْبُ

بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ، قَال: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قَال: قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ المُدَّةِ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا، قَال: وَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ، قَال: فَهَلْ قَال هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا، ثُمَّ قَال لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ، قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ، فَقُلْتَ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَال، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالطَ بَشَاشَةَ القُلُوبِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يُزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ، فَتَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لَا يَغْدِرُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَال أَحَدٌ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ قَال هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ، قُلْتُ: رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ، قَال: ثُمَّ قَال: بِمَ يَأْمُرُكُمْ؟ قَال: قُلْتُ: يَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالعَفَافِ، قَال: إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَكُ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ، قَال: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُ: "فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ، وَ: {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، أَنْ لَا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ} إِلَى قَوْلِهِ:

{اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] " فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ، ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا، قَال: فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ، فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلامَ، قَال الزُّهْرِيُّ: فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ، فَقَال: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاحِ وَالرَّشَدِ آخِرَ الأَبَدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ، قَال: فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَقَال: عَلَيَّ بِهِمْ، فَدَعَا بِهِمْ فَقَال: إِنِّي إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أَحْبَبْتُ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ. [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح: 8/ 214] (عن هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (وبين رسول الله) في نسخة: "وبين النبي". (فدعيت في نفر) (في) بمعنى: مع كما في قوله تعالى: {قَال ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} (فإن كذبني) بتخفيف المعجمة أي: نقل إليَّ الكذب. "تكذبوه" بتشديدها وهو يتعدى إلى مفعول واحد، والمخفف إلى مفعولين نقول: كذبني الحديث، وهو من النوادر. (كيف حسبه) الحسب: ما يعده المرء من مفاخر آبائه، ولا ينافي ذلك قوله: في كتاب: بدء الوحي كيف نسبه، لاستلزام الحسب النسب الذي يحصل به الإدلاء إلى جهة الآباء. (في آبائه ملك) في نسخة: "في آبائه من ملك". (فحاصوا) أي: نفروا. ومرَّ الحديث في أول الكتاب (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (7) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي؟

5 - باب {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92] إلى {به عليم} [آل عمران: 92]

5 - باب {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] إِلَى {بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92]. (باب: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}) أي: تحبونه. إلى {بِهِ عَلِيمٌ} في نسخة: بدله (الآية). 4554 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ نَخْلًا، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَخْ ذَلِكَ مَالٌ رَايِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَايِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ" قَال أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَفِي بَنِي عَمِّهِ، قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: "ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ"، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ "مَالٌ رَايِحٌ". [انظر: 1461 - مسلم: 998 - فتح: 8/ 223] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أبو طلحة) هو زيد بن سهل. (وكان أحب أمواله إليه بيرحاء) إلخ مرَّ بشرحه في كتاب: الزكاة (¬1). 4555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ، وَأُبَيٍّ وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِي مِنْهَا شَيْئًا. [انظر: 1461 - مسلم: 998 - فتح: 8/ 223] ¬

_ (¬1) سلف برقم (1461) كتاب: الزكاة، باب: الزكاة على الأقارب.

6 - باب {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} [آل عمران: 93]

(حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني أبي، عن ثمامة عن أنس قال: فجعلها لحسان وأبي وأنا أقرب إليه ولم يجعل لي منها شيئًا) ساقط من نسخة (وثمامة) هو ابن عبد الله بن أنس. 6 - باب {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]. (باب: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4556 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا، فَقَال لَهُمْ: "كَيْفَ تَفْعَلُونَ بِمَنْ زَنَى مِنْكُمْ؟ " قَالُوا: نُحَمِّمُهُمَا وَنَضْرِبُهُمَا، فَقَال: "لَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ؟ " فَقَالُوا: لَا نَجِدُ فِيهَا شَيْئًا، فَقَال لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: كَذَبْتُمْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا الَّذِي يُدَرِّسُهَا مِنْهُمْ كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَطَفِقَ يَقْرَأُ مَا دُونَ يَدِهِ، وَمَا وَرَاءَهَا وَلَا يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ، فَنَزَعَ يَدَهُ عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَال: مَا هَذِهِ؟ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا: هِيَ آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ مَوْضِعُ الجَنَائِزِ عِنْدَ المَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ صَاحِبَهَا يَحْنِي عَلَيْهَا يَقِيهَا الحِجَارَةَ. [انظر: 1329 - مسلم: 1699 - فتح: 8/ 224] (أبو ضمرة) هو أنس بن عياض. (وامرأة) أسمها: بسرة. (كيف تفعلون بمن زنى منكم؟) لم يرد به - صلى الله عليه وسلم - معرفة الحكم منهم، بل إلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم. "نحمها" بضم النون وفتح المهملة من التحميم وهو تسويد الوجه. (مدراسها) بكسر الميم أي: من يدرسها، وهو عبد الله بن صوريا، وفي

7 - باب {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: 110]

نسخة: "مدراسها" بضم الميم من الدراسة، قال شيخنا: والأول أوجه (¬1) (يجنأ) بفتح أوله وسكون الجيم، وبعد النون المفتوحة همزة مفتوحة أي: يكب، وفي نسخة: "يحني" بفتح أوله وسكون المهملة وكسر النون أي: يميل ويعطف، ومرَّ الحديث بشرحه في الجنائز (¬2). 7 - باب {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]. (باب: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}) أي: كنتم يا أمة محمد في علم الله خير أمة أظهرت للناس. 4557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، قَال: "خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلامِ". [انظر: 3010 فتح: 8/ 224] (عن سفيان) أي: الثوري. (عن ميسرة) أي: ابن عمار الأشجعي. (عن أبي حازم) هو سليمان الأشجعي. (قال) أي: أبو هريرة (خير الناس للناس) أي: خير بعضهم لبعض أي: أنفعهم لهم. (يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام) مرَّ ذلك في أواخر الجهاد بلفظ: "عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل" (¬3) يعني: الأسارى الذين يقدم بهم المسلمون في السلاسل والقيود ثم يسلمون وتصلح سرائرهم وأعمالهم فيكونون من أهل الجنة. ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 8/ 224. (¬2) سلف برقم (1329) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد. (¬3) سلف برقم (3010) كتاب: الجهاد والسير، باب: الأسارى في السلاسل.

8 - باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا} [آل عمران: 122]

8 - باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} [آل عمران: 122]. (باب) ساقط من نسخة: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4558 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "فِينَا نَزَلَتْ: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا، وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [آل عمران: 122] قَال: نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ بَنُو حَارِثَةَ، وَبَنُو سَلِمَةَ وَمَا نُحِبُّ - وَقَال سُفْيَانُ مَرَّةً - وَمَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لَمْ تُنْزَلْ لِقَوْلِ اللَّهِ: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [آل عمران: 122] [انظر: 4051 - مسلم: 2505 - فتح: 8/ 225] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. {أَنْ تَفْشَلَا} أن تضعفا وتجبنا {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} أي: ناصرهما. (بنو حارثة وبنو سلمة). بكسر اللام: قبيلتان من الأنصار، الأولى: من الأوس، والثانية: من الخزرج. (وما نحب) يحتمل أن تكون (ما) بمعنى: (من) أو تكون نافية، والمعنى: وما نحب أن نجاهد بضعفنا. ومرَّ الحديث بشرحه في غزوة أحد (¬1). 9 - باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]. (باب: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}) أي: بل هو لله. 4559 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (4051) كتاب: المغازي، باب: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا}.

الآخِرَةِ مِنَ الفَجْرِ، يَقُولُ: "اللَّهُمَّ العَنْ فُلانًا وَفُلانًا وَفُلانًا، بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] إِلَى قَوْلِهِ {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 4069 - فتح: 8/ 225] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (سالم) أي: ابن عبد الله ابن عمر. (فلانًا وفلانا وفلانا) هم صفوان بن أمية، وسهيل بن عمير، والحارث بن هشام. ومرَّ الحديث في غزوة أحد (¬1). 4560 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَال: "إِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ " يَجْهَرُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلاتِهِ فِي صَلاةِ الفَجْرِ: "اللَّهُمَّ العَنْ فُلانًا وَفُلانًا، لِأَحْيَاءٍ مِنَ العَرَبِ" حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] الآيَةَ. (عن سعيد) أي: "ابن المسيب" كما في نسخة. (على مضر) بضم الميم وفتح المعجمة. ومرَّ الحديث في أول الاستسقاء (¬2) (الآية) ساقطة من نسخة. ¬

_ (¬1) سلف برقم (4069) كتاب: المغازي، باب: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ}. (¬2) سلف برقم (1006) كتاب: الاستسقاء، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلها عليهم سنين كسني يوسف".

10 - باب قوله: {والرسول يدعوكم في أخراكم} [آل عمران: 153]

10 - باب قَوْلِهِ: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} [آل عمران: 153]. وَهْوَ تَأْنِيثُ آخِرِكُمْ. وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52] فَتْحًا أَوْ شَهَادَةً". (باب: قوله {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ}) أي: بيان ما جاء فيه، ولفظ: (قوله) ساقط من نسخة. (وهو) أي: أخراكم تأنيث آخراكم بكسر الخاء، ليدل أخراكم على التأخير المراد كما في قوله تعالى: {وَقَالتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ}. لا بفتحها؛ لأن (أخراكم) حينئذ يدل على المغايرة، تقول: مررت برجل حسن وآخر أي: مغاير للأول لا على التأخير فسقط ما قلنا: إنه بالفتح لا بالكسر ({إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}) (فتحًا أو شهادة) محله: سورة براءة، ولعل ذكره هنا، لمناسبة لـ (إحدى) في التأنيث بالغة (¬1). 4561 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجَّالةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا". [انظرن: 3039 - فتح: 8/ 227] (حدثنا عمرو) إلخ. مرَّ في غزوة أحد في باب: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} (¬2). ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، ويحتمل أن تكون مبالغة، فيكون شطح قلم من الناسخ. (¬2) سلف برقم (4067) كتاب: المغازي، باب: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ}.

11 - باب قوله: {أمنة نعاسا} [آل عمران: 154]

11 - باب قَوْلِهِ: {أَمَنَةً نُعَاسًا} [آل عمران: 154]. (باب) ساقط من نسخة. قوله: ({أَمَنَةً}) أي: أمنًا ({نُعَاسًا}) بدل من ({أَمَنَةً}). 4562 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، قَال: "غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، قَال: فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ". [انظر: 4068 - فتح: 8/ 228] (إسحاق) أي: ابن إبراهيم بن عبد الرحمن. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن التميمي. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (أن أبا طلحة) هو زيد بن سهل. (في مصافنا) جمع: مصف، أي: في مواقفنا. ومرَّ الحديث في: غزوة أحد (¬1). 12 - باب قَوْلِهِ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)} [آل عمران: 172] {الْقَرْحُ} [آل عمران: 172] الجِرَاحُ {اسْتَجَابُوا} [آل عمران: 172] أَجَابُوا. يَسْتَجِيبُ يُجِيبُ. (باب قوله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}. {الْقَرْحُ}: (الجراح) بكسر الجيم جمع جراحة. {اسْتَجَابُوا} أي: (أجابوا) {يَسْتَجِيبُ} أي: (يجيب) فالسين للمبالغة؛ لأنها تدل على أن الفعل بعدها واقع قطعا. ¬

_ (¬1) سلف برقم (4068) كتاب: المغازي، باب: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ}.

13 - باب {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم} [آل عمران: 173] الآية

ومحل {يَسْتَجِيبُ} سورة الشورى وذكره هنا، لمناسبته ما قبله. 13 - باب {الَّذِينَ قَال لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173] الآية. (باب: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} الآية) أي: بيان ما جاء في ذلك، وفي نسخة: بدل (الآية): {فَاخْشَوْهُمْ}. 4563 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، أُرَاهُ قَال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، "قَالهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا، وَقَالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ} [آل عمران: 173]. [4564 - فتح: 8/ 229] (أراه) بضم الهمزة أي: أظنه وهو من قول البخاري. (عن أبي حصين) هو عثمان بن عاصم. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح. {وَنِعْمَ الوَكِيلُ} المخصوص بالمدح محذوف، أي: الله. 4564 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "كَانَ آخِرَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ. [انظر: 4563 - فتح: 8/ 229] (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (كان آخر قول إبراهيم) إلى آخره لا ينافيه ما روي أن ذلك كان أول ما قال (¬1). لاحتمال أنه قاله أولًا وآخرًا. ¬

_ (¬1) قال ابن حجر: وعند أبي نعيم في "المستخرج" من طريق عبيد الله بن موسى بهذا الإسناد "أنها أول ما قال" فيمكن أن يكون أول شيء قال، وآخر شيء قال. والله أعلم. "الفتح" 8/ 229.

14 - باب {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} [آل عمران: 180] الآية

14 - باب {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 180] الآيَةَ. {سَيُطَوَّقُونَ} [آل عمران: 180] كَقَوْلِكَ طَوَّقْتُهُ بِطَوْقٍ. (باب: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} أي: بركاته (هو) أي: بخلهم وهو ضمير الفصل {خَيْرًا لَهُمْ} مفعول ثانٍ ليحسبن والأول مقدر أي: بخلهم {بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} أي: فيجازيكم به (سيطوقون) هو (كقولك: طوقته بطوق) فهو تفسير له، وحاصله: أن ما بخلوا به في الدنيا يجعل أطواقًا يوم القيامة فيطوقون بها. 4565 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ - يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ " ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: (وَلَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح: 8/ 230] (أبا النضر) هو هاشم بن القاسم. (عن أبي صالح) ذكوان السمان. (شجاعا) أي: ثعبانا. (أقرع) أي: لا شعر على رأسه، لكثرة سمه وطول عمره. (له ذبيبتان) أي: نقطتان سوداوان فوق عينيه. (يطوقه) أي: يجعل طوقًا في عنقه. (بلهزمته) بكسر اللام والزاي، وبالإفراد وفي نسخة: "بلهزمتيه" بالتثنية. يعني: بشدقيه. هذا التفسير يناسب النسخة الثانية، لكنه لما أعاده للأولى أتى بلفظ (يعني) لا بلفظ أي. ومرَّ الحديث بشرحه في باب: إثم مانع الزكاة (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (1402) كتاب: الزكاة، باب: إثم مانع الزكاة.

15 - باب {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا} [آل عمران: 186]

15 - باب {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186]. (باب: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} أخبره تعالى ذلك عند مقدمه المدينة قبل وقعة بدر. 4566 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، قَال: حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي المَجْلِسِ أَخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ وَالمُسْلِمِينَ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَال: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا المَرْءُ إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ، إِنْ كَانَ حَقًّا فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَال أَبُو حُبَابٍ؟ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قَال: كَذَا وَكَذَا"، قَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ، لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالعِصَابَةِ، فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ

شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ، وَأَهْلِ الكِتَابِ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] الآيَةَ، وَقَال اللَّهُ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ العَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَال ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ، فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمُوا. [انظر: 2987 - مسلم: 1798 - فتح 8/ 230] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (على قطيفة) هي دثار مخمل. (فدكية) نسبة إلى فدك، بلد على مرحلتين من المدينة. (قبل أن يسلم عبد الله بن أبي) أي: قبل أن يظهر الإسلام، وإلا فهو لم يسلم قط. (أخلاط) بفتح الهمزة أي: أنواع. (وللمسلمين) ذكره تكرار لذكره، قيل: فحذفه أولى. (عجاجة الدابة) أي: غبارها. (خمَّر) أي: غطى. (فسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم) لعله نوى به المسلمين منهم. (لا أحسن مما تقول) بفتح الهمزة والسين والنون أفعل تفضيل وهو اسم (لا) وخبرها مقدر أي: متى و (من) في (مما) متعلقة به، وفي نسخة: "لا أحسن ما يقول" بضم الهمزة والنون وكسر السين وحذف من فعل مضارع و (ما يقول) منصوب به (يتشاورون) أي: يقومون للقتال. (أبو حباب) كنية عبد الله بن أبيّ. (هذه البحيرة) بالتصغير أي: البليدة، والمراد بها: المدينة النبوية. (فيعصبوه بالعصابة) أي: فيعممونه بعمامة الملوك، وفي نسخة: "يعصبونه" بحذف الفاء. (شَرِق بذلك) أي:

16 - باب {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} [آل عمران: 188]

غص به. (ما رأيت) أي: من فعله وقوله القبيحين. (حتى أذن الله فيهم) أي: في قتالهم فترك العفو عنهم. (صناديد كفار قريش) أي: من ساداتهم. (وعبدة الأوثان) عطف على المشركين من عطف الخاص على العام، وفائدته: الإنذار بأن إيمانهم كان أبعد وضلالهم أشد. (هذا أمر قد توجه) أي: ظهر وجهه. (فبايعوا الرسول) بصيغة الماضي، وفي نسخة: "فبايعوا لرسول الله" بصيغة الأمر. ومرَّ الحديث بشرحه في الجهاد (¬1). 4567 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رِجَالًا مِنَ المُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الغَزْو تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ، وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا"، فَنَزَلَتْ: {لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} [آل عمران: 188] الآيَةَ. [مسلم: 4567 - فتح: 8/ 233] 16 - باب {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} [آل عمران: 188] (باب) ساقط من نسخة {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} أي: بيان ما جاء في ذلك. {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}. ساقط من نسخة فنزلت ({لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} الآية) كذا ذكر أبو سعيد الخدري أنها نزلت في المنافقين، وفي الحديث الذي بعده، عن ابن عباس: إنها نزلت في اليهود، وقال القرطبي: إنها نزلت فيهما ولا منافاة، لاحتمال أنها نزلت في كل منهما والآية تشملهما وغيرهما ممن ¬

_ (¬1) سلف برقم (2860) كتاب: الجهاد والسير، باب: الخيل لثلاثة.

أتى بحسنة ففرح بها فرح إعجاب وأحب أن يحمده الناس عليها (¬1). 4568 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ مَرْوَانَ قَال لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا، لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ "إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ، بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ"، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ} [آل عمران: 187] كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: 188] تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ح حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا الحَجَّاجُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ مَرْوَانَ: بِهَذَا. [مسلم: 2778 - فتح: 8/ 233] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (أن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله. (مروان) أي: ابن الحكم بن أبي وقاص. (فسألهم عن شيء) أي: عن نعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (ثم قرأ ابن عباس: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} لذلك أي: قرأه لغيره بالواو كما رواه أولًا بها (حتى قوله: {يَفْرَحُون بما أوتوا) هو بالواو أيضًا وقرأه الجمهور: {بِمَا أتوَا} و (حتى) جارة فما بعدها مجرور ويجوز أن تكون عاطفة على جملة: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ} فما بعدها منصوب. (تابعه) أي: هشام بن يوسف. (ابن مقاتل) هو محمد المروزي. (الحجاج) أي: ابن محمد الأعور. ¬

_ (¬1) "تفسير القرطبي" 4/ 306 - 307.

17 - باب قوله {إن في خلق السماوات والأرض} [آل عمران: 190] الآية

17 - باب قَوْلِه {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 190] الآيَةَ (باب: قوله {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِـ (190)} أي: لذوي العقول، وفي نسخة: "باب {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية". 4569 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بِتُّ عِنْدَ خَالتِي مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً، ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَال: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ}، ثُمَّ "قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً"، ثُمَّ أَذَّنَ بِلالٌ، "فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ". (بت عند خالتي ميمونة) إلخ. مرَّ مع أحاديث الأبواب الثلاثة الآتية بشرحه في كتاب: الوتر (¬1). 4570 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بِتُّ عِنْدَ خَالتِي مَيْمُونَةَ، فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطُرِحَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسَادَةٌ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طُولِهَا، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ "قَرَأَ الآيَاتِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، حَتَّى خَتَمَ ثُمَّ أَتَى شَنًّا مُعَلَّقًا، فَأَخَذَهُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِي فَجَعَلَ يَفْتِلُهَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ". [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 8/ 236] ¬

_ (¬1) سلف برقم (922) كتاب: الوتر، باب: ما جاء في الوتر.

18 - باب {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض} [آل عمران: 191]

18 - باب {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 191] (باب: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: بيان ما جاء في ذلك. 19 - باب {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (19} [آل عمران: 192] (باب) ساقط من نسخة {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} أي: أهنته. ({وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}) أقام المظهر مقام المضمر للدلالة على أن ظلمهم سبب؛ لإدخالهم النار و (من) زائدة للتأكيد. 4571 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهْيَ خَالتُهُ - قَال: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الوسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ - أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ "قَرَأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ بِأُذُنِي بِيَدِهِ اليُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ

20 - باب {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} [آل عمران: 193] الآية

فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ". [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 8/ 236] (شن معلقة) دل مثله في الباب بعده وقال فما قبله: (شنًا معلقًا) فذُكر مرة باعتبار اللفظ، وأُنث أخرى باعتبار المعنى: وهو القربة. 4572 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهْيَ خَالتُهُ - قَال: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الوسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ - أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ - اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ ثُمَّ " قَرَأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي - قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ - ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ بِأُذُنِي اليُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 8/ 237] 20 - باب {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} [آل عمران: 193] الآَيَةَ. (باب: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا} هو محمد، أو القرآن. ({ينُادِى}) أي: الناس {لِلْإِيمَانِ} أي: إليه. (الآية) ساقطة من نسخة. 4 - سورة النِّسَاءِ قَال ابن عَبَّاسٍ: {يَسْتَنْكِفْ} يَسْتَكْبِرُ. {قِوَامًا}: قِوَامُكُم مِنْ

1 - باب {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى} [النساء: 3]

مَعَايِشِكُمْ {لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15]: يَعْنِي الرَّجْمَ لِلثَّيِّبِ، وَالجَلْدَ لِلْبِكْرِ " وَقَال غَيْرُهُ: {مَثْنَى وَثُلاثَ} [النساء: 3]: "يَعْنِي اثْنَتَيْنِ وَثَلاثًا وَأَرْبَعًا، وَلَا تُجَاوزُ العَرَبُ رُبَاعَ". (سورة النساء) مدنية إلا آية {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فمكية. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (قال ابن عباس: {يستنكف}: يستكبر) ساقط من نسخة وقوله: (يستكبر) تفسير لـ (يستنكف (فعطف قوله في الآية (ويستكبر) على (يستنكف) عطف تفسير. ({قِوَمًا}) أي: في قراءة ابن عمر ذلك بدل {قيامًا} في قوله تعالى: {التي جَعَلَ اللهُ لَكمُ قِيامًا}. معناه: (قوامكم من معايشكم) أي: قوامكم ما تقيمون به معايشكم و (من) ابتدائية أو زائدة، قال: ({سَبِيلًا}) أي: في قوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (يعني الرجم للثيب والجلد للبكر) قيل قوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} ناسخ لما قبله المفسر بما كان في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا زنت حبست في بيت إلى أن تموت (¬1) وقوله: {لَهُنَّ سَبِيلًا} إلى آخره ساقط من نسخة. {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (يعني: أثنتين وثلاثا وأربعًا) المناسب اثنتين اثنتين وثلاثًا ثلاثًا وأربعا أربعًا. (ولا تجاوز العرب رباع) أي: على الصحيح المختار وإلا فقد جوز بعضهم ذلك إلى عشارٍ. 1 - بَابُ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} [النساء: 3] (باب: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} أي: أن لا تعدلوا. ({فِي الْيَتَامَى}) الترجمة ساقطة من نسخة. ¬

_ (¬1) وقد أخرج الطبراني في "الكبير" 11/ 365 عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما نزلت سورة النساء قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا حبس بعد سورة النساء".

4573 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ يَتِيمَةٌ فَنَكَحَهَا، وَكَانَ لَهَا عَذْقٌ، وَكَانَ يُمْسِكُهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ شَيْءٌ فَنَزَلَتْ فِيهِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} أَحْسِبُهُ قَال: كَانَتْ شَرِيكَتَهُ فِي ذَلِكَ العَذْقِ وَفِي مَالِهِ. [انظر: 2494 - مسلم: 3018 - فتح: 8/ 238] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (كان له) أي: عنده. (عذق) بفتح المهملة وسكون المعجمة أي: النخلة وبكسر المهملة القنو (فيمسكها عليه) أي: على العذق أي: لأجله فـ (على) للتعليل كما في قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}. (ولم يكن لها من نفسه شيء). أي: من التمتع. 4574 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} فَقَالتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذِهِ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، تَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ، وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا عَنْ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إلا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا لَهُنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ، فَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ، قَال عُرْوَةُ: قَالتْ عَائِشَةُ: وَإِنَّ النَّاسَ " اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: 127] "، قَالتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالى فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127]: رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ، حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ المَالِ وَالجَمَالِ، قَالتْ: فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا عَنْ مَنْ رَغِبُوا فِي مَالِهِ وَجَمَالِهِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ إلا بِالقِسْطِ، مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذَا كُنَّ قَلِيلاتِ المَالِ وَالجَمَالِ. [انظر: 2494 - مسلم: 3018 - فتح: 8/ 239]

2 - باب {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف، فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا} [النساء: 6] الآية

(بعد هذه الآية) أي: بعد نزولها، ومرَّ الحديث بشرحه في الشركة في باب: شركة اليتيم (¬1). 2 - بَابُ {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: 6] الآيَةَ {وَبِدَارًا} [النساء: 6]: "مُبَادَرَةً"، {أَعْتَدْنَا} [النساء: 18]: "أَعْدَدْنَا أَفْعَلْنَا مِنَ العَتَادِ". (باب) ساقط من نسخة. {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} أي: محاسبا ({أعتدنا}) أي: "عددنا. {وَبِدَارًا} أي: (مبادرة) وفي نسخة: تقديم ({وَبِدَارًا}). (مبادرة) على ({أعتَدنَا}) إلخ. وهو المناسب لنظم القرآن. 4575 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] أَنَّهَا "نَزَلَتْ فِي وَالِي اليَتِيمِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا، أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ مَكَانَ قِيَامِهِ عَلَيْهِ بِمَعْرُوفٍ". [انظر: 2212 - مسلم: 3019 - فتح: 8/ 241] (إسحاق) أي: ابن منصور، وقيل: ابن راهوية. (هشام) أي: ابن عروة بن الزبير. ({بِالْمَعْرُوفِ}) أي: بقدر حاجته بحيث لا يتجاوز أجرة مثله (في مال اليتيم) في نسخة: "في والي اليتيم". ¬

_ (¬1) سلف برقم (2494) كتاب: الشركة، باب: شركة اليتيم وأهل الميراث.

3 - باب {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} [النساء: 8] الآية

3 - بَابُ {وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ} [النساء: 8] الآَيَةَ (باب) ساقط من نسخة: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} أي: من الموروث، والأمر فيه للندب وقيل: للوجوب. 4576 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، {وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ}، قَال: "هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ" تَابَعَهُ سَعِيدٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. [انظر: 2759 - فتح: 8/ 242] (عن سفيان) أي: الثوري. (عن الشيباني) هو سليمان بن أبي سليمان فيروز الكوفي. (تابعه) أي: عكرمة. (سعيد) أي: ابن جبير. (قال) أي: ابن عباس. (هي محكمة وليست بمنسوخة) وروي عنه رواية ضعيفة أنها منسوخة بآية المواريث (¬1). 4 - باب {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] (باب: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} أي: العدل فيهم فإن أهل الجاهلية كانوا يورثون الذكور دون الإناث، فأمر الله تعالى بالتسوية ¬

_ (¬1) قال ابن أبي حاتم في: "تفسيره" 3/ 875 (4864): عن ابن عباس قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} نسختها آية الميراث، فجعل لكل إنسان نصيبه مما ترك قل منه أو كثر- قال أبو محمد: وروي عن سعيد بن المسيب، وعكرمة، وأبي الشعثاء والقاسم بن محمد، والضحاك، وأبي صالح، وأبي مالك، وعطاء الخرساني، وزيد بن أسلم، وربيعة بن أبي ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومقاتل بن حيان نحو ذلك.

5 - باب {ولكم نصف ما ترك أزواجكم} [النساء: 12]

بينهم في أصل الميراث وفاوت بين الصنفين فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لاحتياجه إلا مؤنة النفقة والكلفة؛ ولفظ: (باب: {فِي أَوْلَادِكُمْ}. ساقط من نسخة. 4577 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي بَنِي سَلِمَةَ مَاشِيَيْنِ، فَوَجَدَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَعْقِلُ شَيْئًا، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ رَشَّ عَلَيَّ فَأَفَقْتُ"، فَقُلْتُ: مَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي مَالِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَنَزَلَتْ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] [انظر: 194 - مسلم: 1616 - فتح: 8/ 243] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (ابن منكدر) في نسخة: "ابن المنكدر". (لا أعقل) أي: لا أفهم، وزاد في نسخة: "شيئًا". 5 - باب {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] (باب) ساقط من نسخة. {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} أي: بشرطه المذكور في الآية. 4578 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ المَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ: لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، وَالثُّلُثَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَللزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ. [انظر: 2747 - فتح: 8/ 244] (عن ورقاء) أي: ابن عمر اليشكري. وحديث الباب مرَّ في الوصايا (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2747) كتاب: الوصايا، باب: لا وصية لوارث.

6 - باب {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها} [النساء: 19] الآية

6 - باب {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19] الآيَةَ. وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19]: "لَا تَقْهَرُوهُنَّ"، {حُوبًا} [النساء: 2]: "إِثْمًا"، {تَعُولُوا} [النساء: 3]: "تَمِيلُوا"، {نِحْلَةً} [النساء: 4]: "النِّحْلَةُ المَهْرُ". (باب) ساقط من نسخة. {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} أي: بيان ما جاء في ذلك: ({وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}) أي (لا تقهروهن) وفي نسخة: "لا تنهروهن". ({حوبا}) أي: (إنّما) ({تَعُولوا}) أي: (تميلوا) وقال الشافعي: أي: يكثر عيالكم (¬1)، وقال غيره: أي: تجوروا (¬2) والكل صحيح؛ لأن عال يأتي لازمًا ومتعديًا وكل منهما يكون تارة من ذوات الياء بمعنى: أكثر، وتارة من ذوات الواو بمعنى: مال وجار فسقط ما رد به قول الشافعي من أن عال بمعنى: أكثر عياله يائي وبمعنى: مال وجار واوي. ¬

_ (¬1) انظر: "السنن" للبيهقي 7/ 466، وقال الزمخشري في "الكشاف" 1/ 410 - 411: والذي يحكي عن الشافعي -رحمه الله- أنه فسَّر {ألا تعولوا} ألا تكثر عيالكم؛ فوجهه أن يجعل من قولك: عال الرجل عياله يعولهم كقولهم: مانهم يمونهم إذا أنفق عليهم؛ لأن من أكثر عياله لزَمَه أن يعولهم، وفي ذلك ما يصعب عليه المحافظة على حدود الورع وكسب الحلال والرزق الطيب، وكلامُ مثله من أعلام العلم وأئمة الشرع، حقيق بالحمل على الصحة والسداد وألا يظن به تحرف تعيلوا إلى تعولوا فقد روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لا تظنَّنَّ بكلمة خرجت من في أخيك سوءا وأنت تجدُ لها في الخير محملا وكفى بكتابنا المترجم بكتاب "شافي العِيِّ من كلام الشافعي" شاهدا بأنه كان أعلى كعبًا وأطول باعا في علم كلام العرب من أن يخفى عليه مثلُ هذا، ولكن للعلماء طرقا وأساليب، فسلك في تفسير هذه الكلمة طريقة الكنايات. (¬2) أثر ذلك عن أبي مالك. رواه الطبري في "تفسيره" 3/ 582 (8504 - 8505). وابن أبي حاتم في "تفسيره" 3/ 860 (4761).

7 - باب {ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون} [النساء: 33] الآية

({نِخلَةً) النحلة: هي المهر أي: الصداق. 4579 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال الشَّيْبَانِيُّ: وَذَكَرَهُ أَبُو الحَسَنِ السُّوَائِيُّ وَلَا أَظُنُّهُ ذَكَرَهُ، إلا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا، وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] قَال: "كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ". [6948 - فتح: 8/ 245] (أخبرنا أسباط) في نسخة: "حدثنا أسباط". (الشيباني) هو سليمان. (أبو الحسن) هو عطاء. (كانوا) أي: أهل الجاهلية. 7 - باب {ولِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: 33] الآيَةَ. وَقَال مَعْمَرٌ: "أَوْلِيَاءُ مَوَالِي، وَأَوْلِيَاءُ وَرَثَةٌ، (عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ): هُوَ مَوْلَى اليَمِينِ، وَهْوَ الحَلِيفُ وَالمَوْلَى أَيْضًا ابْنُ العَمِّ، وَالمَوْلَى المُنْعِمُ المُعْتِقُ، وَالمَوْلَى المُعْتَقُ، وَالمَوْلَى المَلِيكُ، وَالمَوْلَى مَوْلًى فِي الدِّينِ. (باب) ساقط من نسخة. {ولِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} الآية) أي: ولكل من الرجال والنساء جعلنا موالي يعطون مما ترك الوالدان والأقربون لهم. (معمر) أي: ابن راشد، أو ابن المثنى. (موالي) أي: أولياء ورثة وفسر غيره (الموالي) بالعصبة وهو قاصر (¬1). {عاقدت أيمَانكُم} (هو ¬

_ (¬1) أثر ذلك عن ابن عباس ومجاهد وقتادة. رواه الطبراني في "تفسيره" 4/ 52 (9260 - 9261 - 9263 - 9264).

مولى اليمين: وهو الحليف) ظاهره: أن التفسير لـ (عاقدت أيمانكم) وليس مرادًا، بل هو تفسير للذين عاقدت أيمانكم وعليه فالأولى أن يقال: والذين عاقدت أيمانكم هم موالي الأيمان، وهم الحلفاء. (والمولى أيضًا ابن العم ...) إلى آخره أشار به إلى أن للمولى معاني غير الحليف وهي ظاهرة من كلامه وله معان أخر مذكورة في مجالها وسيأتي بعضها في الكتاب. 4580 - حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِدْرِيسَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33]، قَال: وَرَثَةً. (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ): "كَانَ المُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ يَرِثُ المُهَاجِرِيُّ الأَنْصَارِيَّ، دُونَ ذَوي رَحِمِهِ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ"، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] نُسِخَتْ، ثُمَّ قَال: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) مِنَ النَّصْرِ وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ المِيرَاثُ وَيُوصِي لَهُ، سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ، إِدْرِيسَ، وَسَمِعَ إِدْرِيسُ، طَلْحَةَ. [انظر: 2292 - فتح: 8/ 247] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن إدريس) أي: ابن يزيد الأودي. (نسخت) بالبناء للمفعول، أي: نسخت وارثة الحليف بآية ({وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}). ({والذين عاقدت إيمانكم} من النصر). (من) متعلقة بمحذوف أي: {فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (والرفادة) أي: المعاونة. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الكفالة (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2292) كتاب: الكفالة، باب: قول الله تعالى: {والذين عاقدت أيمانكم}.

8 - (باب {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} [النساء: 40] يعني زنة ذرة

8 - (باب {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ} [النساء: 40] يَعْنِي زِنَةَ ذَرَّةٍ. (باب) ساقط من نسخة {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ} يعني: (زنة ذرة) هي في الأصل أصغر النمل، وقيل: ما يرفعه الريح من التراب، وقيل: كل جزء من أجزاء الهباء في الكوة (¬1). 4581 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أُنَاسًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَعَمْ، هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ"، قَالُوا: لَا، قَال "وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟ ": قَالُوا: لَا، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ، إلا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ، إلا يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ بَرٌّ أَوْ فَاجِرٌ، وَغُبَّرَاتُ أَهْلِ الكِتَابِ فَيُدْعَى اليَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ: مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ، فَمَاذَا تَبْغُونَ؟ فَقَالُوا: عَطِشْنَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا، فَيُشَارُ أَلا تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى فَيُقَالُ لَهُمْ: مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَاذَا تَبْغُونَ؟ فَكَذَلِكَ مِثْلَ الأَوَّلِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ، أَوْ فَاجِرٍ، أَتَاهُمْ رَبُّ العَالمِينَ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا، فَيُقَالُ: مَاذَا تَنْتَظِرُونَ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، قَالُوا: فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ ¬

_ (¬1) انظر: في تفسير معنى كلمة: الذرة: "التبيان في تفسير غريب القرآن" 1/ 671.

9 - باب {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (41)} [النساء: 41]

نُصَاحِبْهُمْ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِي كُنَّا نَعْبُدُ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. [انظر: 22 - مسلم: 183 - فتح: 8/ 249] (تضارون) بتشديد الراء أي: هل تضارون غيركم حال الرؤية بمزاحمة أو خفاء أو نحوه؟ وبتخفيفها أي: هل يلحقكم في رؤيته ضير؟ وهو الضرر. (ضوء) بالجر بدل مما قبله في الموضعين، وفي نسخة هنا: "صواءَ" بوزن فعلى، والتشبيه إنما وقع في الوضوح، وزوال الشك والمشقة والاختلاف لا في المقابلة والجهة ونحوهما مما جرت به العادة غير الرؤية. (يتبع) بسكون التاء وفي نسخة: بتشديدها. (وغبرات أهل الكتاب) بضم المعجمة وتشديد الموحدة المفتوحة أي: بقاياهم (فيقال لهم كذبتم) أي: في قولكم: إن عزيرًا ابن الله (أتاهم رب العالمين) أي: ظهر لهم. (في أدنى سورة) أي: أقرب صفة. (لا نشرك بالله شيئًا) فائدته في القيامة مع أنها ليست دار تكليف: الاستلذاذ والافتخار وتذكار سبب النعمة التي وجدوها وإنما قالوا ذلك؛ لأنه تعالى تجلي لهم بصفة لم يعرفوها؛ ولأنهم حجبوا عن تحقيق الرؤية في هذه المرة من أجل من معهم من المنافقين الذين لا يستحقون الرؤية، وهم عن ربهم محجوبون. 9 - باب {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء: 41]. المُخْتَالُ وَالخَتَّالُ وَاحِدٌ، {نَطْمِسَ وُجُوهًا} [النساء: 47]: نُسَوِّيَهَا حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ، طَمَسَ الكِتَابَ: مَحَاهُ جَهَنَّمَ، {سَعِيرًا} [النساء: 10]: وُقُودًا. (باب: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ

شَهِيدًا (41)} أي: فكيف حال الكفار إذ جئنا من كل أمة بشهيد يشهد عليها وهو نبيها وجئنا بك يا محمد على هؤلاء شهيدا ({يَؤمَئِذٍ}) أي: يوم القيامة الذي هو يوم المجيء. (المختال) المذكور هنا. (والختال) المزيد من عنده معناهما واحد لاشتراكهما في اسم الفاعل، من الختل وهو الخداع كما قاله الجوهري وغيره (¬1) وفسر كثير المختال: بالمتكبر (¬2) أخدًا من الخيلاء، فالمختال يقال على المتكبير وعلى المخادع لا على المتكبر فقط فسقط ما قيل إن قوله واحد فيه نظر؛ لأن المختال من الخيلاء، والختال من الختل. {نَطْمِسَ وُجُوهًا} أي: (نسويها حتى تعود كأقفائهم). يقال: (طمس الكتاب) أي: (محاه). ({سَعِيرًا}) أي: (وقودا) بفتح الواو. 4583 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، - قَال يَحْيَى: بَعْضُ الحَدِيثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ - قَال: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ عَلَيَّ" قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَال: "فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي" فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] قَال: "أَمْسِكْ" فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. [5049، 5050، 5505، 5056 - مسلم: 800 - فتح: 8/ 250] (صدقة) أي: ابن الفضل المروزي. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (إبراهيم) أي: النخعي. (عن عبيدة) أي: ابن عمرو السلماني. (عن عبد ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [ختل] 4/ 1682. (¬2) أثر ذلك عن مجاهد. رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" 4/ 87 (9493).

10 - باب قوله: {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط} [النساء: 43]

الله) أي: ابن مسعود. (فإني أحب أن أسمعه من غيري) أي: ليكون عرض القرآن على الغير سنة؛ ولأن السامع أقوى على التدبر من القارئ؛ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها. (تذرفان) بمعجمة أي: يسيل منها الدمع. 10 - باب قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] {صَعِيدًا} [النساء: 43]: "وَجْهَ الأَرْضِ" وَقَال جَابِرٌ: "كَانَتِ الطَّوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا، فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ، وَفِي أَسْلَمَ وَاحِدٌ، وَفِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِدٌ، كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ" وَقَال عُمَرُ: "الجِبْتُ: السِّحْرُ، وَالطَّاغُوتُ: الشَّيْطَانُ، وَقَال عِكْرِمَةُ: "الجِبْتُ: بِلِسَانِ الحَبَشَةِ شَيْطَانٌ، وَالطَّاغُوتُ: الكَاهِنُ. (باب: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} أي: بيان ما جاء في ذلك، والغائط: المكان المطمئن من الأرض. {صَعِيدًا} أي: (وجه الأرض). (وقال جابر ..) إلخ حاصله: أن جابر قال: إن الطاغوت: هو الكاهن وسكت عن الجبت، وأن عمر قال: إن الجبت: السحر، وأن الطاغوت: الشيطان. وأن عكرمة قال: (الجبت) الشيطان؛ و (الطاغوت): الكاهن. (وجهينة) مصغر جهنة قبيلة. 4583 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: هَلَكَتْ قِلادَةٌ لِأَسْمَاءَ، "فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهَا رِجَالًا، فَحَضَرَتِ

11 - باب {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59]: ذوي الأمر

الصَّلاةُ، وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ، وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَصَلَّوْا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ"، يَعْنِي آيَةَ التَّيَمُّمِ. [انظر: 334 - مسلم: 367 - فتح: 8/ 251] (محمد) أي: ابن سلام البيكندي (عبدة) أي: ابن سليمان الكوفي. (عن هشام) أي: ابن عروة. (قلادة لأسماء) أي: بنت أبي بكر، ومرَّ في التيمم: أنها لعائشة (¬1) وجمع بينهما بأنها ملك لأسماء واستعارتها عائشة فنسبت إليها بالاعتبارين. ومرَّ الحديث بشرحه. (¬2). 11 - باب {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]: ذَوي الأَمرِ. (باب قوله تعالى: ({وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}) (ذوي الأمر) ساقط من نسخة. 4584 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، قَال: "نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ". [مسلم: 1834 - فتح: 8/ 253] (نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي) مرَّ حديثه في السرايا، والمراد بنزول الآية في عبد الله: نزول قوله فيها: ({فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}). ¬

_ (¬1) سلف برقم (334) كتاب: التيمم. (¬2) سلف برقم (336) كتاب: التيمم، باب: إذا لم يجد ماءً ولا ترابا.

12 - باب {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} [النساء: 65]

12 - باب {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]. (باب) ساقط من نسخة. {فَلَا وَرَبِّكَ} أي: فوربك بزيادة (لا) لتأكيد القسم. {لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} أي: اختلط بسبب اختلافهم. 4585 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَال: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ فِي شَرِيجٍ مِنَ الحَرَّةِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إِلَى جَارِكَ"، فَقَال الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إِلَى جَارِكَ"، وَاسْتَوْعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِيُّ، كَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ، قَال الزُّبَيْرُ: فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَاتِ إلا نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] انظر: 2360 - فتح: 8/ 254] (معمر) أي: ابن راشد. (رجلا) هو ثابت بن قيس بن شماس، وقيل: حميد، وقيل: حاطب بن أبي بلتعة (في شريج) بفتح أوله وبجيم في آخره، أي: في مسيل الماء يكون في الجبل وينزل إلى أسفله. (أحفظه) بحاء مهملة أي: أغضبه. ومرَّ الحديث بشرحه في المزارعة في باب: سكر الأنهار (¬1). 4586 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ ¬

_ (¬1) سلف برقم (2360، 2359) كتاب: المساقاة، باب: سكر الإنهار.

13 - باب {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين} [النساء: 69]

سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إلا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"، وَكَانَ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النساء: 69] فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ. [انظر: 4435 - مسلم: 2444 - فتح: 8/ 255]. 13 - باب {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} [النساء: 69]. (باب: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ}) تتمة الآية: ({وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}) ومرَّ حديث الباب بشرحه في باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته (¬1). 14 - باب قَوْلُهُ {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 75] إِلَى {الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [النساء: 75] (باب) قوله: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ} [النساء: 75] استفهام توبيخ، أي: ولا مانع من القتال في سبيل الله وفي تخليص المستضعفين من الرجال والنساء (الآية) أي: في تخليصهم من الكفار الذين منعوهم من الهجرة وآذوهم. 4587 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ. [انظر: 1357 - فتح: 8/ 255] (سفيان) أي: ابن عيينة. "عن عبد الله" أي: ابن يزيد المكي. ¬

_ (¬1) سلف برقم (4435) كتاب: المعازي، باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته.

15 - باب {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم} [النساء: 88]

4588 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، تَلا {إلا المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالولْدَانِ} [النساء: 98]، قَال: "كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ". [انظر: 1357 - فتح: 8/ 255] وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {حَصِرَتْ} [النساء: 90]: ضَاقَتْ، {تَلْوُوا} [النساء: 135]: أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ وَقَال غَيْرُهُ: "المُرَاغَمُ: المُهَاجَرُ، رَاغَمْتُ: هَاجَرْتُ قَوْمِي. {مَوْقُوتًا} [النساء: 103]: مُوَقَّتًا وَقْتَهُ عَلَيْهِمْ. (ممن عذر الله) أي: ممن جعلهم الله من المعذورين. ({حَصِرَت}) أي: (ضاقت). ({تَلْوُوا} أي: تحرفوا (ألسنتكم بالشهادة) أشار به إلى تفسير {تَلْوُوا} في قوله تعالى: {وَإِن تَلوُوا}. (وقال غيره) أي: غير ابن عباس. (المراغم) معناه: (المهاجر) بفتح الجيم أي: إليه. (راغمت) أي: (هاجرت). ({موقوتا}) أي: (موقتا). 15 - باب {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ} [النساء: 88]. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: بَدَّدَهُمْ. فِئَةٌ: جَمَاعَةٌ. (باب) ساقط من نسخة. {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ} أي: (بددهم) كما سيأتي {بِمَا كَسَبُوا} أي: من الكفر والمعاصي. (بددهم) أي: معنى: {أَرْكَسَهُمْ}: بددهم): (فئة) مفرد قوله تعالى: {فِئَتَيْنِ} أي: (جماعة). 4589 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88] رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُحُدٍ، وَكَانَ النَّاسُ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ: فَرِيقٌ يَقُولُ: اقْتُلْهُمْ، وَفَرِيقٌ يَقُولُ: لَا، فَنَزَلَتْ: {فَمَا لَكُمْ

[16 - باب {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} [النساء: 83]: أفشوه

فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88] وَقَال: "إِنَّهَا طَيْبَةُ تَنْفِي الخَبَثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الفِضَّةِ". [انظر: 1884 - مسلم: 1384 - فتح: 8/ 256] (عندر) هو محمد بن جعفر. (عن عدي) أي: ابن ثابت (وقال: إنها) أي: المدينة. (خبث الفضة) في نسخة: "خبث الحديد" ومرَّ الحديث بشرحه في الحج في باب: المدينة تنفي الخبث (¬1). (باب) ساقط من نسخة. {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَو الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} أي: (أفشوه) وكانت إذاعتهم مفسدة. ({مريدًا}) أي: (متمردًا) هذا مذكور في نسخة آخر الباب وهو المناسب. ({فَلَيُبَتِكُنَّ}) يقال: (بتكه) أي: (قطعه) وقوله: ({فَلَيُبَتِّكُنَّ}) حكاية قول الشيطان في قوله: {وَقَال لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} إلخ وقد كانوا يشقون أذني الناقة إذا ولدت خمسة أبطن وجاء الخامس ذكرا ويحرمون على أنفسهم الانتفاع بها ولا يردونها عن ماء ولا مرعى. ({قِيلًا} وقولا) معناهما واحد أي: لاتحادهما في المصدرية. ({طَبَعَ}) أي: (ختم). [16 - باب {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَو الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} [النساء: 83]: أَفْشَوهُ. {يَسْتَنْبِطُونَهُ} [النساء: 83]: "يَسْتَخْرِجُونَهُ"، {حَسِيبًا} [النساء: 6]: "كَافِيًا"، {إلا إِنَاثًا} [النساء: 117]: "يَعْنِي المَوَاتَ، حَجَرًا أَوْ مَدَرًا، وَمَا أَشْبَهَهُ"، {مَرِيدًا} [النساء: 117]: "مُتَمَرِّدًا"، {فَلَيُبَتِّكُنَّ} [النساء: 119]: "بَتَّكَهُ ¬

_ (¬1) سلف برقم (1883) كتاب: فضائل المدينة، باب: المدينة تنفي الخبث.

17 - باب {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} [النساء: 93]

قَطَّعَهُ"، {قِيلًا} [النساء: 122]: "وَقَوْلًا وَاحِدٌ"، {طَبَعَ}: "خَتَمَ". [انظر: 1884] 17 - باب {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93]. (باب: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} أي: هي جزاؤه ثم إن شاء الله يتجاوز عن جزائه فعل. وسيأتي له زيادة بيان. 4590 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَال: آيَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الكُوفَةِ، فَرَحَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَال: "نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] هِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ، وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (فدخلت فيها) أي: في الآية أي: في حكمها. (إلى ابن عباس) متعلق بمحذوف، أي: دخلت بعد رحلتي إلى ابن عباس، أو تدخلت بجعل (إلى) بمعنى: عند، وفي نسخة: "فرحلت إلى ابن عباس" وهو أوضح. (هي آخر ما نزل) أي: فيما يتعلق بحكم قتل الآدمي. (وما نسخها شيء) هو كما قال، لكنها محمولة عند الجمهور على الزجر والتغليظ، أو على من استحل ذلك، أو على من لم يتب، أو المراد بالخلود فيها: المكث الطويل للدلائل الدالة على أن مرتكب الكبائر غير الشرك لا يخلد في النار، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.

18 - باب {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} [النساء: 94]

18 - باب {ولَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94] السِّلْم، وَالسَّلَم، وَالسَّلَامُ وَاحِدٌ. (باب: {ولَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} أي: فتقتلوه. (السلم) بكسر السين وسكون اللام. (والسلام والسلم) بفتحهما فيهما معناها واحد، وإن كان الثاني أشهرها. 4591 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94] قَال: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ فَلَحِقَهُ المُسْلِمُونَ، فَقَال: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94] تِلْكَ الغُنَيْمَةُ " قَال: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ السَّلامَ. [مسلم: 3025 - فتح: 8/ 258] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. 19 - باب لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهدُونَ فِي سَبِيلِ الله. (باب: {لَا يَسْتَوي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية). بجرها ونصبها ورفعها، ولفظ (قوله) ساقط من نسخة. 4592 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ فِي المَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلَى عَلَيْهِ: {لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ}

{وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95]، فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهْوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ، وَكَانَ أَعْمَى، "فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ). [انظر: 2831 - فتح: 8/ 259] (ابن أم مكتوم) هو عبد الله، أو عمرو. (ترض) بالبناء للمفعول، أي: تدق. 4593 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "لَمَّا نَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوي} [النساء: 95] القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا فَكَتَبَهَا، فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَشَكَا ضَرَارَتَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ) [النساء: 95]. [انظر: 2831 - مسلم: 1898 - فتح: 8/ 259] (ضرارته) أي: عماه. 4594 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ادْعُوا فُلانًا" فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ، أَو الكَتِفُ، فَقَال: "اكْتُبْ: {لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] {وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. وَخَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا ضَرِيرٌ، فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا (لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) [النساء: 95]. [انظر: 2831 - مسلم: 1898 - فتح: 8/ 259] (ادعوا فلانًا) هو زيد بن ثابت. (هشام) أي: ابن يوسف. 4595 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ، ح وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الكَرِيمِ، أَنَّ مِقْسَمًا، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ:

20 - باب {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها} [النساء: 97] الآية

{لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} [النساء: 95]: "عَنْ بَدْرٍ، وَالخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ". [انظر: 3954 - فتح: 8/ 260] (ح) لتحويل السند. (إسحاق) أي: ابن منصور. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (عبد الكريم) أي: ابن مالك أبو سعيد الجزري. ومرت أحاديث الباب الراجعة إلى واحد في كتاب: الجهاد (¬1). وأولها مشعر بأن ابن أم مكتوم جاء حالة الإملاء. والثاني: بأنه جاء بعد الكتابة، والثالث: بأنه كان جالسا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وجمع بينها بأن معنى كتبها: كتب بعضها وإن جاء إما حقيقة بأن جاء وجلس خلف النبي، أو مجاز عن تكلم ودخل في البحث. 20 - باب {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97] الآيَةَ. (باب) ساقط من نسخة {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} الآية). أي: بيان ما جاء في ذلك، وفي نسخة: "باب: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} الآية". 4596 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، وَغَيْرُهُ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الأَسْوَدِ، قَال: قُطِعَ عَلَى أَهْلِ المَدِينَةِ بَعْثٌ، فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ، فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ، ثُمَّ قَال: ¬

_ (¬1) سلف برقم (2831) و (2832) كتاب: الجهاد والسير، باب: قول الله تعالى: {لَا يَسْتَوي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

21 - باب {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا (98)} [النساء: 98]

أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَنَّ نَاسًا مِنَ المُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ المُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ المُشْرِكِينَ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى بِهِ فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ، فَيَقْتُلُهُ - أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ" - فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] الآيَةَ رَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ. [7085 - فتح: 8/ 262] (حيوة) أي: ابن شريح. (وغيره) هو ابن لهيعة. (قطع على أهل المدينة بعث) أي: ألزموا بإخراج جيش لقتال أهل الشام. ({ظَالِمِي أَنفُسِهم}) أي: بخروجهم مع المشركين. (رواه) أي: الحديث المذكور. 21 - باب {إلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْولْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)} [النساء: 98]. (باب) ساقط فن نسخة. {إلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْولْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4597 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {إلا المُسْتَضْعَفِينَ} [النساء: 98] قَال: "كَانَتْ أُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ". [انظر: 1357 - فتح: 8/ 263] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (ممن عذر الله) أي: ممن جعله الله من المعذورين. ومرَّ الحديث في باب: قوله: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (4588، 4587) كتاب: التفسير، باب: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.

22 - باب {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا (99)} [النساء: 99]

22 - باب {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)} [النساء: 99]. (باب: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} الآية) أي: يتجاوز عنهم. 4598 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي العِشَاءَ إِذْ قَال: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَال قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ: اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ نَجِّ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، اللَّهُمَّ نَجِّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ. [اانظر: 804 - مسلم: 675 - فتح: 264] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. (وطأتك) الوطاة: الدوسة والضغطة. والمراد: الأخذة الشديدة ومرَّ الحديث بشرحه في الاستسقاء وغيره (¬1). 23 - باب {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} [النساء: 102]. (باب) ساقط من نسخة. {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} أي: بيان ما جاء في ذلك، وفي نسخة: "الآية" بدل قوله: {أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ}. 4599 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ¬

_ (¬1) سلف برقم (1006) كتاب: الاستسقاء، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.

24 - باب قوله {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} [النساء: 127]

قَال: أَخْبَرَنِي يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ، أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 102] قَال: "عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ كَانَ جَرِيحًا". [فتح: 8/ 264] (حجاج) أي: ابن محمد الأعور (¬1). (يعلى) أي: ابن مسلم بن هرمز. (قال) أي: عباس. (عبد الرحمن بن عوف كان جريحا) أي: فنزلت فيه الآية. 24 - باب قَوْلِهِ {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} [النساء: 127] (باب) ساقط من نسخة. (قوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} أي: بيان ما جاء فيه، وقوله: ({فِيهن) أي: في تورثهن. 4600 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ، قُلْ: اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127] إِلَى قَوْلِهِ {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] قَالتْ عَائِشَةُ: "هُوَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ اليَتِيمَةُ هُوَ وَلِيُّهَا وَوَارِثُهَا، فَأَشْرَكَتْهُ فِي مَالِهِ حَتَّى فِي العَذْقِ، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا، فَيَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ بِمَا شَرِكَتْهُ فَيَعْضُلُهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ". [انظر: 2494 - مسلم: 3018 - فتح: 8/ 265] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (فيعضلها) بضم المعجمة، أي: يمنعها. ومرَّ الحديث في باب: ¬

_ (¬1) في الأصل: الأغر، والصواب ما أثبتناه.

25 - باب {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} [النساء: 128]

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} (¬1). 25 - باب {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {شِقَاقٌ} [البقرة: 137]: "تَفَاسُدٌ"، {وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: 128]: "هَوَاهُ فِي الشَّيْءِ يَحْرِصُ عَلَيْهِ"، {كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129]: "لَا هِيَ أَيِّمٌ، وَلَا ذَاتُ زَوْجٍ". {نُشُوزًا} [النساء: 128]: "بُغْضًا". (باب: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}) أي: بيان ما جاء في ذلك. ({شِقَاق}) أي في قوله: {شِقَاقَ بَينِهِما} معناه: (تفاسد. {وَأخُضِرَتِ الأَنفسٌ الشُّحَّ}) فسر كثير الشح: بشدة البخل، أي: جبلت الأنفس عليه وفسره البخاري تبعا لابن عباس بقوله: (هواه في الشيء يحرص عليه) أي: حب الشخص في الشيء: حرصه عليه ولو قال بدله: الحرص على الشيء كان أوضح. {كَالْمُعَلَّقَةِ} أي: لا هي أيم ولا ذات زوج. {نُشُوزًا} أي: بغضَا لها. فالنشوز هنا من قبل الزوج. 4601 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] قَالتْ: "الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ. [انظر: 245 - مسلم: 3021 - فتح: 8/ 265] ¬

_ (¬1) سلف برقم (4573) كتاب: التفسير، باب: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}.

26 - باب {إن المنافقين في الدرك الأسفل} [النساء: 145]

(عبد الله) أي: ابن المبارك. ومرَّ الحديث في الصلح (¬1). 26 - باب {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ} [النساء: 145] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: أَسْفَلَ النَّارِ، {نَفَقًا} [الأنعام: 35]: سَرَبًا. (باب) ساقط من نسخة. {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ} أي: بيان ما جاء في ذلك. (وقال ابن عباس) أي: في تفسير الدرك الأسفل من النار إنها: (أسفل النار) أي: دركها السفلي وهي السابقة. {نَفَقا} أي: (سربا) وهذا ذكره أستطرادا، فإنه ليس في السورة، بل في سورة الأنعام في قوله تعالى: {نَفَقا فِي الأَرضِ}. 4602 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال: كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَجَاءَ حُذَيْفَةُ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ"، قَال الأَسْوَدُ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: (إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)، فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللَّهِ، وَجَلَسَ حُذَيْفَةُ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، فَرَمَانِي بِالحَصَا، فَأَتَيْتُهُ، فَقَال حُذَيْفَةُ: "عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ، وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ، لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ ثُمَّ تَابُوا، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ". [فتح: 8/ 266] (إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد النخعي. (عبد الله) أي: ابن مسعود. (لقد أنزل النفاق على قوم خير منكم) أي: ابتلو به وخيرتهم على المخاطبين الذين هم من التابعين باعتبار أنهم من طبقة الصحابة، لكن ¬

_ (¬1) سلف برقم (2694) كتاب: الصلح، باب: قول الله تعالى: {أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}.

27 - باب قوله {إنا أوحينا إليك} [النساء: 163] إلى قوله: {ويونس وهارون وسليمان} [النساء: 163]

الله تعالى ابتلاهم فارتدوا أو نافقوا فذهبت الخيرية منهم ثم تابوا فعادت الخيرية. (قال الأسود) أي: ابن يزيد. (فتبسم عبد الله) يحتمل أن يكون تبسمه تعجبا من حذيفة وما قام به من القول بالحق وما حذر منه. 27 - باب قَوْلِهِ {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [النساء: 163] إِلَى قَوْلِهِ: {وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ} [النساء: 163]. (باب) ساقط من نسخة. {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} إلى قوله: {وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ}، وفي نسخة: "باب: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}، وبدأ بنوح لأنه أول نبي قاسى الشدة من أمته. 4603 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى". [انظر: 3412 - فتح: 8/ 267] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. (الأعمش) هو سليمان. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود - رضي الله عنه -. (لا ينبغي لأحد) في نسخة: "لا ينبغي لعبد". (أن يقول: أنا خير من يونس بن متى) أي: لا ينبغي له أن يفضل نفسه عليه. ومرَّ الحديث بشرحه في باب: قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)} [الصافات: 139] (¬1). 4604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ قَال: أَنَا خَيْرٌ مِنْ ¬

_ (¬1) سلف برقم (3412) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)}.

28 - باب {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد} [النساء: 176]

يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ". [انظر: 3415 - مسلم: 2376 - فتح: 8/ 267] (من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب) أراد به الزجر عن توهم حط مرتبة يونس لقوله تعالى: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} وهذا هو السبب في تخصيص يونس بالذكر من بين الأنبياء. 28 - باب {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 176]. وَالكَلالةُ: مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَو ابْنٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ. (باب) ساقط من نسخة {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} أي: بيان ما جاء في ذلك (تكلله النسب) أي: تطرفه كأنه أخذ طرفيه من جهة الولد والوالد وليس له فيهما أحد. 4605 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةَ، وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: {يَسْتَفْتُونَكَ}. [انظر: 4364 - مسلم: 1618 - فتح: 8/ 268] (آخر سورة نزلت) إلى آخره مرَّ في تفسير سورة البقرة (¬1) ¬

_ (¬1) سلف الكلام على ذلك في معرض الشرح لحديث (4540) كتاب: التفسير، باب: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}.

5 - المائدة

5 - المَائِدَةُ [قَال سُفْيَانُ مَا فِي القرآنِ آية أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68] مَخْمَصَةٌ: مَجَاعَة. {ومن أحياها} [المائدة: 32] يَعني مَنْ حَرَّمَ قَتْلها إلا بِحَق حَيِيَ الناسُ مِنْهُ جَمِيعًا. {شِرعَهً وَمِنْهاجًا} [المائدة: 48]: سَبِيلًا وَسنَّةً] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة، وفي نسخة: تأخرها عن قوله. (سورة المائدة) أي: تفسير آياتها. 1 - باب {حُرُمٌ} [البقرة: 173]: "وَاحِدُهَا حَرَامٌ". {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} [النساء: 155]: "بِنَقْضِهِمْ". {الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ} [المائدة: 21]: "جَعَلَ اللَّهُ". {تَبُوءُ} [المائدة: 29]: "تَحْمِلُ". {دَائِرَةٌ} [المائدة: 52]: "دَوْلَةٌ" وَقَال غَيْرُهُ: "الإِغْرَاءُ: التَّسْلِيطُ. {أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24]: مُهُورَهُنَّ " قَال سُفْيَانُ: "مَا فِي القُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ: {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68] " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَخْمَصَةٍ} [المائدة: 3]: "مَجَاعَةٍ"، {مَنْ أَحْيَاهَا} [المائدة: 32]: "يَعْنِي مَنْ حَرَّمَ قَتْلَهَا إلا بِحَقٍّ، حَيِيَ النَّاسُ مِنْهُ جَمِيعًا". {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]: "سَبِيلًا وَسُنَّةً"، المُهَيْمِنُ: "الأَمِينُ، القُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ". [فتح: 8/ 268] (باب) ساقط من نسخة (قوله تعالى) ساقط من أخرى. ({فبَمَا نَقضِهِم}) أي: (بنقضهم) أي: لسببه فما زائدة {التي كتب الله} أي: (جعل الله) ({تَبُوَأَ}) أي: (تحمل) {دائرةٌ} يعني: في قوله

2 - باب قوله: {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3]

تعالى: {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} أي: (دولة). (وقال غيره) أي: غير البخاري، وقائله: المستملي عنه. (الإغراء) أي: في قوله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ} معناه: (التسليط). ({أُجُورَهُنَّ}) أي: (مهورهن) (المهيمن) أي: (الأمين) (قال سفيان) أي: الثوري. (ما في القرآن آية أشد عليّ ..) إلى آخره أي: لما فيها من التكليف من العمل بأحكامها. ({مخمصة}) أي: (مجاعة). ({شِرعَة وَمِنهاجًا}) أي: (سبيلا وسنة) الثاني تفسير للأول والأول تفسير الثاني ففيه: لف ونشر غير مرتب. ({عُثِرَ}) أي: (ظهر). (وقال غيره) أي: أطلع، وهما متقاربان. ({الأَولَيَان}) (واحدهما أولى) ساقط من نسخة. 2 - بَابُ قَوْلِهِ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] وَقَال ابن عَبَّاسٍ: مَخْمَصَة: مَجَاعَة. (باب) ساقط من نسخة. {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} أي: بيان ما جاء فيه. 4606 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالتِ اليَهُودُ لِعُمَرَ: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لاتَّخَذْنَاهَا عِيدًا، فَقَال عُمَرُ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُنْزِلَتْ: يَوْمَ عَرَفَةَ وَإِنَّا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ - قَال سُفْيَانُ: وَأَشُكُّ - كَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَمْ لَا " {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] [انظر: 45 - مسلم: 3017 - فتح: 8/ 270] (حيث أنزلت وأين أنزلت) (حيث) هنا للزمان في لغة. (وأين) للمكان فلا تكرار، ومرَّ الحديث في كتاب: الإيمان (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (45) كتاب: الإيمان، باب: زيادة الإيمان ونقصانه.

3 - باب قوله: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا} [المائدة: 6]

3 - بَابُ قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] تَيَمَّمُوا: تَعَمَّدُوا، {آمِّينَ} [المائدة: 2]: عَامِدِينَ، أَمَّمْتُ وَتَيَمَّمْتُ وَاحِدٌ، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: (لَمَسْتُمْ) وَ {تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 236] وَ {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23]، وَالإِفْضَاءُ: النِّكَاحُ. (باب قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} أي: ترابًا طاهرًا، ({تَيممُوا}) أي: (تعمدوا)، أي: اقصدوا. {آمِينَ}) أي: (عامدين) أي: قاصدين، (أممت وتيممت) معناهما واحد ومثلهما: آممت بالمد. ({لَمَسْتُم} و {تمسُوهُنَ} {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} والإفضاء) معنى الأربعة: (النكاح) أي: المراد منها ذلك، والمراد به: الجماع. 4607 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ، أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ؟ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَال: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَال: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، وَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إلا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ "فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا" فَقَال أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا العِقْدُ تَحْتَهُ. [انظر: 334 - مسلم: 367 - فتح: 8/ 271]

4 - باب قوله: {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} [المائدة: 24]

(خرجنا مع رسول الله ...) إلخ مرَّ مع ما بعده بشرحهما في التيمم وغيره (¬1). 4608 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، سَقَطَتْ قِلادَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ وَنَحْنُ دَاخِلُونَ المَدِينَةَ، فَأَنَاخَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ فَثَنَى رَأْسَهُ فِي حَجْرِي رَاقِدًا، أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً، وَقَال: حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلادَةٍ فَبِي المَوْتُ، لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَوْجَعَنِي، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ، فَالْتُمِسَ المَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ " فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الآيَةَ"، فَقَال أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، مَا أَنْتُمْ إلا بَرَكَةٌ لَهُمْ. [انظر: 334 - مسلم: 367 - فتح: 8/ 272] (في الموت) مبتدأ وخبر مقدم، أي: فالموت نازل بي، والمراد: تشبيه شدة الوجع بالموت مما حصل لها من لكز أبيها. 4 - باب قَوْلِهِ: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] (باب) ساقط من نسخة. {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} في نسخة: "فاذهب" إلى آخره. 4609 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: شَهِدْتُ مِنَ المِقْدَادِ، ح وَحَدَّثَنِي حَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (334) في أول كتاب: التيمم. وبرقم (3673) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذا خليلا". وبرقم (4583) كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {وَإن كنُتم مرضى أَوْ على سَفَرٍ}.

5 - باب {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا، أن يقتلوا أو يصلبوا} [المائدة: 33] إلى قوله {أو ينفوا من الأرض} [المائدة: 33]

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ المِقْدَادُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِنِ امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ، «فَكَأَنَّهُ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، أَنَّ المِقْدَادَ قَالَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3952 - فتح: 8/ 273] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (إسرائيل) أي: ابن يونس السبيعي. (مخارق) بضم الميم وكسر الراء: ابن عبيد الله الأحمسي الكوفي. (أبو النضر) هو هاشم بن القاسم التميمي. (الأشجعي) هو عبيد الله بن عبد الرحمن الكوفي. (عن سفيان) أي: الثوري. (فكأنه سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: أزيل عنه المكروهات كلها. (ورواه وكيع ..) إلخ بواو، وفي نسخة: تقديمه بدونها على قوله: (حدَّثنا أبو نعيم) قال شيخنا: وتأخيره عنه أشبه بالصواب (¬1). 5 - بَابُ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا، أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: 33] إِلَى قَوْلِهِ {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] المُحَارَبَةُ لِلَّهِ: الكُفْرُ بِهِ. (باب) ساقط من نسخة. {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} إلى قوله: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} أي: من أرض الخيانة إلى غيرها، و (أو) للتنويع؛ إذ القتل لمن قتل فقط، والصلب لمن قتل وأخذ المال، ¬

_ (¬1) "الفتح" 8/ 273.

والقطع لمن أخذ المال ولم يقتل، والنفي لمن أخاف فقط وعلى هذا الشافعي وكثير. وأصح قوليه: إن الصلب ثلاثًا بعد القتل، وقيل: قبله قليلًا. (المحاربة لله: الكفر به) تبع فيه سعيد بن جبير، وقال غيره: ما حاصله أنها الخروج عن الطاعة، وقال كثير من المفسرين: المراد من محاربة الله ورسوله: محاربة أوليائهما وهم المسلمون جعل محاربتهم محاربتهما تعظيمًا لهم أخذًا من خبر: "من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب" (¬1). أي: أعلمته بأني محارب له، والمراد هنا عند الجمهور: قطع الطريق. 4610 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَال: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ أَبُو رَجَاءٍ، مَوْلَى أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا خَلْفَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ فَذَكَرُوا وَذَكَرُوا، فَقَالُوا وَقَالُوا، قَدْ أَقَادَتْ بِهَا الخُلَفَاءُ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي قِلابَةَ وَهْوَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَقَال: مَا تَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ؟ - أَوْ قَال: مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلابَةَ؟ - قُلْتُ: مَا عَلِمْتُ نَفْسًا حَلَّ قَتْلُهَا فِي الإِسْلامِ، إلا رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ، أَوْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، بِكَذَا وَكَذَا، قُلْتُ: إِيَّايَ حَدَّثَ أَنَسٌ، قَال: قَدِمَ قَوْمٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمُوهُ، فَقَالُوا: قَدْ اسْتَوْخَمْنَا هَذِهِ الأَرْضَ، فَقَال: "هَذِهِ نَعَمٌ لَنَا تَخْرُجُ، فَاخْرُجُوا فِيهَا فَاشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا"، فَخَرَجُوا فِيهَا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، وَاسْتَصَحُّوا وَمَالُوا عَلَى الرَّاعِي فَقَتَلُوهُ، وَاطَّرَدُوا النَّعَمَ، فَمَا يُسْتَبْطَأُ مِنْ هَؤُلاءِ؟ قَتَلُوا النَّفْسَ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَخَوَّفُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: تَتَّهِمُنِي؟ قَال: حَدَّثَنَا بِهَذَا أَنَسٌ، قَال: وَقَال: "يَا أَهْلَ كَذَا، إِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا أُبْقِيَ هَذَا فِيكُمْ أَوْ مِثْلُ هَذَا". [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح: 8/ 273] ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6502) كتاب: الرقاق، باب: التواضع.

6 - باب قوله: {والجروح قصاص} [المائدة: 45]

(ابن عوان) هو عبد الله. (سلمان) بفتح السين، وفي نسخة: "سليمان" بضمّها مصغرًا. (فذكروا وذكروا). أي: فذكروا القسامة لما استشارهم عمر فيها وذكروا له شأنهما. (فقالوا وقالوا) أي: فقالوا له تقول فيها القود (وقالوا قد أقادت بها الخلفاء) قبلك. (أو قال ...) إلخ شك من الراوي. (فقال عنبسة) أي: ابن سعيد بن العاص. (بكذا وكذا) أي: بحديث العرنيين وما يتعلق به. (نعم) أي: إبل. (فما يستبطأ من هؤلاء؟) بالبناء للمفعول وبالهمز من البطء الذي هو نقيض السرعة أي: أي شيء يستبطأ من هؤلاء؟ وفي نسخة: "فما يستقى" بالقاف بدل الطاء وبالقصر أي: ما يترك من هؤلاء؟! استفهام فيه معنى التعجب قاله الكرماني (¬1). (يتهمني) أي: فيما رويته. ومرَّ الحديث؛ بشرحه في الطهارة وفي المغازي في باب: قصة عكل وعرينة (¬2) (هذا) أي: أبو قلابة. 6 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] (باب) ساقط من نسخة. (قوله) ساقط من أخرى. {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} أي: ذات قصاص. 4611 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ وَهْيَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَطَلَبَ القَوْمُ القِصَاصَ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالقِصَاصِ، فَقَال أَنَسُ بْنُ ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 17/ 97. (¬2) سبق برقم (233) كتاب: الطهارة، باب: أبوال الإبل والغنم ومرابضها. وبرقم (4192) كتاب: المغازي، باب: قصة عكل وعرينة.

7 - باب {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} [المائدة: 67]

النَّضْرِ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: لَا وَاللَّهِ، لَا تُكْسَرُ سِنُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ" فَرَضِيَ القَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ". [انظر: 2703 - مسلم: 1675 - فتح: 8/ 274] (الفزاري) هو مروان بن معاوية. (عن حميد) أي: الطويل. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الصلح (¬1). 7 - بَابُ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] (باب) ساقط من نسخة. {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} أي: إلى كافة الناس. 4612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَدْ كَذَبَ"، وَاللَّهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] الآيَةَ. [انظر: 3234 - مسلم: 177 - فتح: 8/ 275] (سفيان) أي: الثوري. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. 8 - بَابُ قَوْلِهِ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] 4613 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] فِي قَوْلِ الرَّجُلِ: لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ. [6663 - فتح: 8/ 275] (باب) ساقط من نسخة. {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ} اللغو ¬

_ (¬1) سبق برقم (2703) كتاب: الصلح، باب: الصلح في الدية.

9 - باب: {لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}

فيها هو قول الحالف: لا والله، أو بلى والله، فإن جمع بينهما كانت الثانية منعقدة قاله الماوردي. 4614 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ أَبَاهَا كَانَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينٍ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ اليَمِينِ، قَال أَبُو بَكْرٍ: "لَا أَرَى يَمِينًا أُرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا قَبِلْتُ رُخْصَةَ اللَّهِ وَفَعَلْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ". [6621 - فتح: 8/ 275] (النضر) أي: ابن شميل. (لا أرى) بفتح الهمزة أي: لا أعلم يمينًا. (أرى) بضمها أي: أظن. 9 - بَابُ: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87] (باب: قوله) ساقط من نسخة. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} أي: ما أطاب ولذَّ منه. 4615 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلا نَخْتَصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، فَرَخَّصَ لَنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ نَتَزَوَّجَ المَرْأَةَ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ قَرَأَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87] [5071، 5075 - مسلم: 1404 - فتح: 8/ 276] (خالد) أي: ابن عبد الله الطحان. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (ألا نختصي؟) من الخصاء بالمد: وهو الشق على الأنثيين وسلهما. (أن يتزوج بالثوب) أي: أو نحوه، والمراد بذلك: نكاح المتعة. (ثم قرأ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} في

10 - باب قوله: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} [المائدة: 90]

استشهاد ابن مسعود بالآية أنه كان يعتقد إباحة المتعة كابن عباس، ولعله لم يكن حينئذ بلغه الناسخ، ثم بلغه فرجع بَعْدُ. قاله النَّووي (¬1). 10 - بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "الأَزْلامُ: القِدَاحُ يَقْتَسِمُونَ بِهَا فِي الأُمُورِ، وَالنُّصُبُ: أَنْصَابٌ يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا " وَقَال غَيْرُهُ: "الزَّلَمُ: القِدْحُ لَا رِيشَ لَهُ وَهُوَ وَاحِدُ، الأَزْلامِ وَالاسْتِقْسَامُ: أَنْ يُجِيلَ القِدَاحَ فَإِنْ نَهَتْهُ انْتَهَى وَإِنْ أَمَرَتْهُ فَعَلَ مَا تَأْمُرُهُ بِهِ، يُجِيلُ: يُدِيرُ، وَقَدْ أَعْلَمُوا القِدَاحَ أَعْلامًا، بِضُرُوبٍ يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا، وَفَعَلْتُ مِنْهُ قَسَمْتُ، وَالقُسُومُ: المَصْدَرُ. (باب) ساقط من نسخة. (قوله {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} لأنه مسبب من تزيينه والخمر: المسكر، والميسر: القمار، والأنصاب: الأصنام، والأزلام: القداح التي يستقسم بها، وسيأتي الأخيران في كلامه، والرجس: الخبيث. {وَالْأَزْلَامُ}: القداح) أي: السهام. (النصب: أنصاب يذبحون عليها) فينصب عليها دماء الذبائح. (وقال غيره) أي: غير ابن عباس. (الزلم) بفتحتين (القِدح) بكسر القاف وسكون الدال هو سهم. (لا ريش له وهو) أي: الزلم. (واحد الأزلم) كلام غير ابن عباس كالشرح لكلامه. (والاستقسام أن يجيل القداح) بجيم أي: يديرها. (فإن نهته) بأن خرج منها نهاني ربي انتهى (وإن أمرته) بأن خرج منها أمرني ربي. (فعل ما ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 182.

تأمره به وقد أعلموا القداح) وكانت سبعة مستوية موضوعة في جوف الكعبة. (أعلامًا بضروب) أي: بأنواع من الأمور فعلى واحد أمرني ربي، وعلى آخر نهاني ربي وعلى آخر واحد منكم، وعلى آخر واحد من غيركم، وعلى آخر ملصق، وعلى آخر العقل، والسابع غفل أي: ليس عليه شيء. وكانوا (يستقسمون بها) أي: يطلبون بيان قسمهم من الأمر الذي يريدونه كسفر، أو نكاح، أو تجارة، أو نسب، أو أمر قتيل، أو حمل عقل وهو الدية، فإن أجالوه على نسب مثلًا، وخرج منك: كان وسطًا فيه، أو من غيركم: كان حلفًا فيه، أو ملصقًا: كان على حاله، أو عقلًا: أجالوه ثانيًا حتى يخرج المكتوب عليه وقد نهاهم الله عن ذلك وحرمه وسماه فسقًا، وفي نسخة: تقديم قوله: (وقد أعلموا القداح ...) إلخ على قوله: (قال ابن عباس). 4616 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، وَإِنَّ فِي المَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ لَخَمْسَةَ أَشْرِبَةٍ مَا فِيهَا شَرَابُ العِنَبِ". [5579 - فتح: 8/ 276] (لخمسة أشربة) هي شراب العسل، والتمر، والحنطة، والشعير، والذرة. (ابن علية) هو إسماعيل بن إبراهيم. 4617 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، قَال: قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "مَا كَانَ لَنَا خَمْرٌ غَيْرُ فَضِيخِكُمْ هَذَا الَّذِي تُسَمُّونَهُ الفَضِيخَ، فَإِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَفُلانًا وَفُلانًا، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَال: وَهَلْ بَلَغَكُمُ الخَبَرُ؟ فَقَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَال: حُرِّمَتِ الخَمْرُ، قَالُوا: أَهْرِقْ هَذِهِ القِلال يَا أَنَسُ، قَال: فَمَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلَا رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ. [انظر: 2464 - مسلم: 1980 - فتح: 8/ 277]

11 - باب {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} [المائدة: 93] إلى قوله: {والله يحب المحسنين} [المائدة: 93]

(فضيخكم) هو شراب يتخذ من البسر وحده من غير أن تمسه النار. (أهرق) بهمزة مفتوحة فهاء ساكنة أمر من أهرق، وفي نسخة: "هرق" بحذف الهمزة وفتح الهاء، وفي أخرى: "أرق" بحذف الهاء. 4618 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، قَال: "صَبَّحَ أُنَاسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الخَمْرَ، فَقُتِلُوا مِنْ يَوْمِهِمْ جَمِيعًا شُهَدَاءَ وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا". [انظر: 2815 - فتح: 8/ 277] (عن عمرو) أي: ابن دينار. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: المغازي، وغيره (¬1). 4619 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، وَهْيَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنْ: العِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالعَسَلِ وَالحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ. [5581، 558، 5589، 733 - مسلم: 3032 - فتح: 8/ 277] (عيسى) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. (وابن إدريس) هو عبد الله الأزدي. (عن أبي حيان) هو يحيى بن سعيد التميمي. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (ما خامر العقل) أي: ستره. 11 - باب {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 93]. (باب) ساقط من نسخة. {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} إلى قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ما بعد الباب ¬

_ (¬1) سبق برقم (4044) كتاب: المغازي، باب: غزوة أحد.

12 - باب قوله: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة: 101]

ساقط من نسخة؛ فالباب كالفصل من سابقه. 4620 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ الخَمْرَ الَّتِي أُهْرِيقَتْ الفَضِيخُ، وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ البِيكَنْدِيُّ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ، قَال: كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى، فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ، قَال: فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ: هَذَا مُنَادٍ يُنَادِي: "أَلا إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ"، فَقَال لِي: اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا، قَال: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ، قَال: وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، فَقَال بَعْضُ القَوْمِ: قُتِلَ قَوْمٌ وَهْيَ فِي بُطُونِهِمْ، قَال: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93]. [انظر: 2464 - مسلم: 1980 - فتح: 8/ 278] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (ثابت) أي: البناني. (وزادني محمد) أي: ابن سلام البيكندي. (فنادى) أي: بتحريمها. (فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} المقيد بقوله: {إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} إلخ وكرره؛ للتأكيد، أو ليشمل الأوقات الثلاثة: الماضي والحال والاستقبال، أو الحالات الثلاث: استعمال الإنسان التقوى والإيمان بينه وبين نفسه، وبينه وبين الناس، وبينه وبين الله، أو المنفيات الثلاث المحرمات: توقيًا من العذاب والشبهات تحرزًا عن الوقوع في الحرام وبعض المباحات، تحفظا للنفس عن الخسة، وتهذيبًا لها عن دنس الطبيعة. 12 - باب قَوْلِهِ: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] (باب) ساقط من نسخة. (قوله: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ

13 - باب {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام} [المائدة: 103]

تَسُؤْكُمْ} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4621 - حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَارُودِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، قَال: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا"، قَال: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ، فَقَال رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَال: فُلانٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] رَوَاهُ النَّضْرُ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ. [انظر: 93 - مسلم: 2359 - فتح: 8/ 280] (لهم خنين) بخاء معجمة، وفي نسخة: "لهم حنين) بمهملة أي: صوت مرتفع من الأنف على الأولى، ومن الصدر على الثانية مع بكاء فيهما وغُنة في الأول. (فقال رجل) هو عبد الله بن حذافة، أو قيس بن حذافة أو خارجة بن حذافة. 4622 - حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الجُوَيْرِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا. [فتح: 8/ 280] (أبو النضر) هو هاشم بن القاسم (أبو خيثمة) هو زهير بن معاوية الجعفي. (أبو الجويرية) هو حطان بن خُفاف الجرمي. 13 - باب {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103] {وَإِذْ قَال اللَّهُ} [المائدة: 116] يَقُولُ: قَال الله. {وَإِذْ}

[المائدة: 116] هَا هُنَا صِلَةٌ. الْمَائِدَةُ: أَصْلُهَا مَفْعُولَةٌ، كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ، وَتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ، وَالمَعْنَى: مِيدَ بِهَا صَاحِبُهَا مِنْ خَيْرٍ، يُقَالُ: مَادَنِي يَمِيدُنِي. وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55]: "مُمِيتُكَ". (باب: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} سيأتي في كلامه تفسيرها. ({وإذ قال الله}) معناه: (يقول: قال) الأولى: "يقول الله" بحذف قال (إذ) غرضه: أن لفظ: قال في الآية بمعنى: يقول؛ لأنه تعالى إنما قال ذلك في القيامة، توبيخًا للنصارى بقرينة قوله: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} وقيل: قاله في الدنيا حين رفع عيسى إلى السماء فـ (قال) على بابها. (و {إِذ} هاهنا صلة) أي: زائدة؛ للتأكيد على القول الأول، وأصلية على الثاني؛ لأنها للماضي أيضًا. (المائدة) أي: في قوله: {أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} (أصلها مفعولة) غرضه أن مائدة بزنه فاعلة بمعنى: مفعولة، أي: مميودة؛ لأن ماد أصله ميد قلبت الياء ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها فالمفعول فيها للمؤنث مميودة. (كعيشة راضية) فإن راضية بمعنى: مرضية بامتناع وصف العيشة بكونها راضية، وإنما الراضي صاحبها فهي مرضية لا راضية. (وتطليقة) أي: وكمطلقة. (بائنة) أي: مباينة ففاعله بمعنى: مفعولة فالمصدر في كلامه بمعنى اسم المفعول، وبعضهم أبقاه على ظاهره، فاعترض بأن التمثيل به ليس بواضح؛ لأن (بائنة) حينئذ بمعنى قاطعة؛ لأن التطليقة البائنة تقطع حكم العقد ({مُتَوَفِيك}) معناه: (مميتك) ذكره هنا؛ لتعلقه بعيسى - عليه السلام - وإلا فمحله في سورة آل عمران لذكره ثمّ.

4623 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، قَال: "البَحِيرَةُ: الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ، فَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَالسَّائِبَةُ: كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ " قَال: وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ" وَالوَصِيلَةُ: النَّاقَةُ البِكْرُ، تُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ نِتَاجِ الإِبِلِ، ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى، وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ، إِنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ، وَالحَامِ: فَحْلُ الإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ المَعْدُودَ، فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ، وَأَعْفَوْهُ مِنَ الحَمْلِ، فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَسَمَّوْهُ الحَامِيَ " وقَال لِي أَبُو اليَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعْتُ سَعِيدًا، قَال: يُخْبِرُهُ بِهَذَا، قَال: وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ الهَادِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3521 - فتح: 8/ 283] 4624 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الكَرْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَرَأَيْتُ عَمْرًا يَجُرُّ قُصْبَهُ، وَهْوَ أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ". [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح: 8/ 283] (يمنع درها) أي: لبنها. (عمرو بن عامر) مرَّ في الصلاة في باب: إذا انفلتت الدابة؟ ورأيت فيها عمرو بن لُحي قال الكرماني: جمعًا بينهما لعل عامرًا اسم، ولحي لقب، أو بالعكس، أو أحدهما اسم للجد (¬1). (يجر قصبه) أي: أمعاءه. (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (سعيدًا) أي: ابن المسيب. (يخبره بهذا) ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 17/ 104.

14 - باب {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد} [المائدة: 117]

بتحتية مضمومة وخاء معجمة ساكنة من الإخبار، أي: سعيد يخبر الزهريّ، وفي نسخة: "بحيرة" بموحدة مفتوحة وحاء مهملة مكسورة، قال شيخنا: وكأنه أشار إلى تفسير البحيرة وغيرها كما في رواية إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان. عن الزهري (¬1). 14 - باب {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 117] (باب: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} أي: مطلع وقوله: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} إلخ ذكر بدله في نسخة: "الآية". 4625 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا المُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا"، ثُمَّ قَال: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ، وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، ثُمَّ قَال: "أَلا وَإِنَّ أَوَّلَ الخَلائِقِ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلا وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَال العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 117] فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ. [انظر: 3349 - مسلم: 2860 - فتح: 8/ 286] (أبو الوليد) هو هشام. (أصيحابي) في نسخة: "أصحابي". ¬

_ (¬1) "الفتح" 8/ 285. والرواية سبقت برقم (4623) كتاب: التفسير، باب: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ}.

15 - باب قوله {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم (118)} [المائدة: 118]

15 - باب قَوْلِهِ {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} [المائدة: 118] باب قوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} أي: بيان ما جاء في ذلك. وفي نسخة: "باب قوله: {إنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} الآية". 4626 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا المُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ وَإِنَّ نَاسًا يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ كَمَا قَال العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 117] إِلَى قَوْلِهِ {العَزِيزُ الحَكِيمُ} [البقرة: 129]. [انظر: 3349 - مسلم: 2860 - فتح: 8/ 286] (سفيان) أي: الثوري. (وإن ناسًا) في نسخة: "كان رجالا". ومرَّ الحديث بشرحه في أحاديث الأنبياء (¬1). 6 - سُورَةُ الأَنْعَام قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} [الأنعام: 23]: "مَعْذِرَتُهُمْ" {مَعْرُوشَاتٍ} [الأنعام: 141]: "مَا يُعْرَشُ مِنَ الكَرْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ"، {حَمُولَةً} [الأنعام: 142]: "مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا"، {وَلَلَبَسْنَا} [الأنعام: 9]: ¬

_ (¬1) سبق برقم (3349) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}.

"لَشَبَّهْنَا"، {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} [الأنعام: 19]: "أَهْلَ مَكَّةَ" {يَنْأَوْنَ} [الأنعام: 26]: "يَتَبَاعَدُونَ". {تُبْسَلُ} [الأنعام: 70]: "تُفْضَحُ". {أُبْسِلُوا} [الأنعام: 70]: "أُفْضِحُوا"، {بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ}: "البَسْطُ الضَّرْبُ"، وَقَوْلُهُ: {اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ} [الأنعام: 128]: "أَضْلَلْتُمْ كَثِيرًا"، {مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ "} [الأنعام: 136]: "جَعَلُوا لِلَّهِ مِنْ ثَمَرَاتِهِمْ وَمَالِهِمْ نَصِيبًا، وَلِلشَّيْطَانِ وَالأَوْثَانِ نَصِيبًا"، {أَكِنَّةً} [الأنعام: 25]: "وَاحِدُهَا كِنَانٌ"، {أَمَّا اشْتَمَلَتْ} [الأنعام: 143]: "يَعْنِي هَلْ تَشْتَمِلُ إلا عَلَى ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، فَلِمَ تُحَرِّمُونَ بَعْضًا وَتُحِلُّونَ بَعْضًا؟ " {مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145]: مُهْرَاقًا، {صَدَفَ} [الأنعام: 157]: "أَعْرَضَ، أُبْلِسُوا: أُويِسُوا"، وَ {أُبْسِلُوا} [الأنعام: 70]: "أُسْلِمُوا"، {سَرْمَدًا} [القصص: 71]: "دَائِمًا"، {اسْتَهْوَتْهُ} [الأنعام: 71]: "أَضَلَّتْهُ"، {تَمْتَرُونَ} [الأنعام: 2]: "تَشُكُّونَ"، {وَقْرٌ} [فصلت: 5]: "صَمَمٌ، وَأَمَّا الوقْرُ: فَإِنَّهُ الحِمْلُ"، {أَسَاطِيرُ} [الأنعام: 25]: "وَاحِدُهَا أُسْطُورَةٌ وَإِسْطَارَةٌ، وَهْيَ التُّرَّهَاتُ"، {البَأْسَاءُ} [البقرة: 177]: "مِنَ البَأْسِ، وَيَكُونُ مِنَ البُؤْسِ". {جَهْرَةً} [البقرة: 55]: "مُعَايَنَةً"، {الصُّوَرُ} [الأنعام: 73]: "جَمَاعَةُ صُورَةٍ، كَقَوْلِهِ سُورَةٌ وَسُوَرٌ" {مَلَكُوتٌ} [الأنعام: 75]: "مُلْكٌ، مِثْلُ: رَهَبُوتٍ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، وَيَقُولُ: تُرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُرْحَمَ"، {وَإِنْ تَعْدِلْ} [الأنعام: 70]: "تُقْسِطْ، لَا يُقْبَلْ مِنْهَا فِي ذَلِكَ اليَوْمِ"، {جَنَّ} [الأنعام: 76]: "أَظْلَمَ"، {تَعَالى} [النحل: 3]: "عَلا، يُقَالُ: عَلَى اللَّهِ حُسْبَانُهُ أَيْ حِسَابُهُ"، وَيُقَالُ: {حُسْبَانًا} [الأنعام: 96]: "مَرَامِيَ"، وَ {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: 5]، {مُسْتَقِرٌّ} [البقرة: 36]: "فِي الصُّلْبِ"، {وَمُسْتَوْدَعٌ} [الأنعام: 98]: "فِي الرَّحِمِ، القِنْوُ العِذْقُ، وَالاثْنَانِ قِنْوَانِ، وَالجَمَاعَةُ أَيْضًا قِنْوَانٌ مِثْلُ صِنْوٍ" وَ {صِنْوَانٍ} [الرعد: 4]. (سورة الأنعام) وقوله (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} أي: (معذرتهم) التي يتوهمون أنهم يتخلصون

بها. وقوله: ({مَعْرُوشَاتٍ}) أي: (ما يعرش من الكرم وغير ذلك) ساقط من نسخة {حَمُولَةً} أي: (ما يحمل عليها)، من كبار الإبل والخيل وغيرهما والفرش في الآية: ما لا يحمل عليه من صغار ذلك، وقيل: هو الغنم، وقيل: غير ذلك {وَلَلَبَسْنَا} أي: (لشبهنا) ({وَيَنْأَوْنَ}) أي: (يتباعدون). {تُبْسَلَ} أي: (تفضح) {أبْسِلُوا} أي: (افضحوا). ({بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ}) أي: بالضرب. ففي قوله: (البسط: الضرب) تجوز إذ البسط ليس نفس الضرب {اسْتَكْثَرْتُمْ} أي: في قوله تعالى: {قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ} معناه: (أضللتم كثيرًا) {مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ} أي: (جعلوا لله ...) إلخ روي أنهم كانوا يصرفون ما عينوه لله إلى الضيفَان. والمساكين، والذي لأوثانهم ينفقونه على سدنتها ثم إن رأوا ما عينوه لله أذكى بدلوه لآلهتهم وإن رأوا ما لآلهتهم أذكى تركوه لها حياتها. و {ذَرَأَ} معناه: خلق. {أَكِنَّةً} واحدها كنان) ساقط من نسخة. {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} أشار به إلى قوله: {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ}: إلخ وفسره بقوله: (يعني: هل تشتمل) أي: الأرحام (إلا علي ذكر أو أنثى. فلم تحرمون بعضًا وتحلون بعضا؟) أي: فمن أين جاء التحريم: لأنه إن كان من قبل الذكورة فجميع الذكور حرام، أو الأنوثة فجميع الإناث حرام، أو اشتمال الرحم فالجميع حرام: لأن الرحم لا يشتمل إلا على ذكر، أو أنثى والاستفهام: للإنكار. ({مَسْفُوحًا}) أي: (مهراقًا) {وَصَدَفَ} أي: (أعرض) ({أُبْسِلُوا}) أي: (أويسوا). ({أُبْسِلُوا}) أي: (أسلموا) أي: إلى

الهلاك بسبب أعمالهم القبيحة وهذا لازم: لإفضاحهم المفسر به الإبسال فيما مرَّ فلا منافاة بين التفسيرين. ({سَرْمَدًا}) أي: (دائما) ذكره هنا مع أنه إنما هو في سورة القصص قال الكرماني (¬1): لمناسبته {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا}. ({اسْتَهْوَتْهُ}) أي: (أضلته) ({تَمْتَرُونَ}) أي: (تشكون). {وَقْرًا} بفتح الواو أي: (صمم، وأما الوقر) بكسرها (فإنه الحمل). ({أَسَاطِيرُ}). واحدها أسطورة) ذكر هذا عقب ما قبله. لبيان الفرق بين مفتوح الواو ومكسورها بضم أوله. (وإسطارة) بكسره (وهي الترهات). بضم الفوقية وتشديد الراء أي: الإباطيل وهي في الأصل الطرق الصغار المتشعبة عن الطريق الأعظم، قاله ابن الأثير (¬2). {الْبَأْسَاءِ} مأخوذ (من البأس) وهو الشدة وقيل: القتال. (ويكون) أي: ويجوز أن يكون ({الْبَأْسَاءِ}) مأخوذًا (من البؤس) وهو الضر. ({جَهْرَةً}) أي: (معاينة)، ثم أشار إلى ما يتعلق بالصور في قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} [الأنعام: 73] فقال: (الصُّوَر) بفتح الواو. (جماعة) أي: جمع (صورة) (كقوله) أي: كقول القائل: (سورة وسور) بفتح واو (سور) واختلف في الصور بسكون الواو فقيل: المراد به: صور الأموات أي: ينفخ فيها فتحيا. وقيل: القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام وهو الصحيح لخبر الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال: أعرابي: يا رسول الله ما الصور؟ قال: "قرن بنفخ فيه" (¬3). ({مَلَكُوتَ}) ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 16/ 107 - 108. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 189. (¬3) "مسند أحمد" 2/ 62.

1 - باب {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} [الأنعام: 59]

أي: (ملك) لا بزيادة الواو والتاء. (مثل رهبوت خير من رحموت)، في زيادة الواو والتاء فيهما. (وتقول: ترهب خير من أن ترحم) أي: رهبة خيرًا من رحمة، وقيل: الملكوت عالم الغيب كما أن الملك عالم الشهادة. ({جَنَّ}) أي: (أظلم). ({تَعَالى}) أي: في قوله {تَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} معناه (علا). ({وَإِنْ تَعْدِلْ}) أي: وإن (تقسط) بضم الفوقية من الإقساط: وهو العدل وقوله: {وَإِنْ تَعْدِلْ} إلى قوله: (ذلك اليوم) ساقط من نسخة، وأشار إلى تفسير {حُسْبَانًا} في قوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} بقوله: (ويقال: على الله حسبانه أي: حسابه)، ظاهره: أن حسبانًا مفرد، لكن في نسخة قيل: يقال: حسبانًا جمع حساب حتى قيل عليها: إنه أشار إلى أن حسبانًا يكون جمعًا ويكون مفردًا ({مُسْتَقَرٌّ}) أي: (في الصلب) ({وَمُسْتَوْدَعٌ}) أي: (في الرحم) وقيل: بالعكس، وقيل: مستقر في الدنيا ومستودع في الآخرة، وقيل مستقر في الرحم ومستودع في الأرض. (القنو) أي: (العذق) بكسر المهملة وسكون المعجمة وهو العرجون (والاثنان قنوان) إلى آخر، بين به أن تثنية القنو وجمعه سيان لفظًا ويفرق بينهما بأن نون التثنية مكسورة ونون الجمع يجري عليها أنواع الإعراب. 1 - باب {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إلا هُوَ} [الأنعام: 59] 4627 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " {مَفَاتِحُ الغَيْبِ} [الأنعام: 59] خَمْسٌ: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنْزِلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). [انظر: 1039 - فتح 8/ 291]

2 - باب قوله: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} [الأنعام: 65] الآية

باب {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إلا هُوَ} (مفاتح) جمع مفتح بكسر الميم وهو ما يفتح به وبفتحها وهو الخزانة وقرئ شاذًا، مفاتيح جمع مفتاح وهو ما يفتح به ومرَّ حديث الباب بشرحه في الاستسقاء (¬1). 2 - باب قَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65] الآيَةَ. {يَلْبِسَكُمْ} [الأنعام: 65]: "يَخْلِطَكُمْ مِنَ الالْتِبَاسِ"، {يَلْبِسُوا} [الأنعام: 82]: "يَخْلِطُوا"، {شِيَعًا} [الأنعام: 65]: "فِرَقًا". (باب: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} أي: من السماء كالحجارة والصيحة. ({أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}) أي: من الأرض كالخسف والإغراق ({يَلْبِسَكُمْ}) أي: (يخلطكم من الالتباس) وهو الاختلاط يقال: (يلبسوا) أي: (يخلطوا) وفي نسخة: "تلبسون" تخلطون بنون {شِيَعًا} أي: (فرقا). 4628 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65]، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ"، قَال: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]، قَال: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ" {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65] قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا أَهْوَنُ - أَوْ هَذَا أَيْسَرُ -". [7313، 7406 - فتح: 8/ 291] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1039) كتاب: الاستسقاء، باب: لا يدري متى يجيء المطر إلا الله.

3 - باب {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} [الأنعام: 82]

(هذا أهون) أي: لأن الفتن بين المخلوقين وعذابهم أهون من عذاب الله. (أو هذا أيسر) شك من الراوي. 3 - باب {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] (باب: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} أي: بشرك. 4629 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمَّا نَزَلَتْ: {وَلَمْ يَلْبِسُوا} [الأنعام: 82] إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قَال أَصْحَابُهُ: وَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الشِّرْكَ} [لقمان: 13] لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. [انظر: 32 - مسلم 124 - فتح 8/ 294] (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس النخعي. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود - رضي الله عنه - ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الإيمان (¬1). 4 - باب قَولِه: {وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالمِينَ} [الأنعام: 86] (باب: قوله) لفظ: (قوله) ساقط من نسخة. ({وَيُونُسَ وَلُوطًا}) أي: ابن هاران. {وَكُلًّا} أي: منهما وممن ذكر قبلهما. {فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالمِينَ} أي: بالنبوة. 4630 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ، يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ¬

_ (¬1) سبق برقم (32) كتاب: الإيمان، باب: ظلم دون ظلم.

5 - باب قوله {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90]

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى. [انظر: 3395 - مسلم: 2377 - فتح 8/ 294] 4631 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى". (انظر: 3415 - مسلم 2376 - فتح 8/ 294] (ابن مهدي) هو عبد الرحمن. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (عن أبي العالية) هو رفيع بن مهران الرياحي. ومرَّ الحديث والذي بعده في كتاب: الأنبياء (¬1). 5 - باب قَوْلِهِ {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] (باب: قوله عزَّ وجلَّ) لفظ: (قوله عزَّ وجلَّ) ساقط من نسخة. {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} هاء السكت. 4632 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ، أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ: أَفِي ص سَجْدَةٌ؟ فَقَال: "نَعَمْ"، ثُمَّ تَلا: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [الأنعام: 84] إِلَى قَوْلِهِ {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، ثُمَّ قَال: "هُوَ مِنْهُمْ"، زَادَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ العَوَّامِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَال: "نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ". [انظر: 3421 - فتح 8/ 294] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (سليمان) أي: ابن مسلم الأحول. ¬

_ (¬1) سبق برقم (335) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)}.

6 - باب قوله: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما} [الأنعام: 146] الآية

(هو) أي: داود. (منهم) أي: من الأنبياء المذكورين في الآية. وسيأتي الحديث في تفسير سورة ص (¬1). 6 - باب قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: 146] الآيَةَ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "كُلَّ ذِي ظُفُرٍ: البَعِيرُ وَالنَّعَامَةُ. {الحَوَايَا} [الأنعام: 146]: "المَبْعَرُ" وَقَال غَيْرُهُ: "هَادُوا: صَارُوا يَهُودًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: {هُدْنَا} [الأعراف: 156]: تُبْنَا، هَائِدٌ: تَائِبٌ". (باب: قوله) عزَّ وجلَّ لفظ: (عزَّ وجلَّ) ساقط من نسخة. ({وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا}) هي شحم الكلى وشحم الثروب بمثلثة مضمومة: وهو ما غشي الكرش والأمعاء من الشحم الرقيق، واستثنى من الشحوم ثم استثنى من الشحم ما ذكره بقول: ({إلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا}) إلخ أي: إلا ما علق بظهورهما منه، أو بالأمعاء المعبر عنها ({الْحَوَايَا}) جمع: حاوٍ، أو حاوية، أو ما اختلط بعظم منه وهو شحم الإلية فإنه أجل لهم. ({الْحَوَايَا}) أي: (المبعر) أي: الأمعاء، وفي نسخة: "المباعر" جمع مبعر. (وأما قوله: {هُدنَا} فمعناه: (تبنا). (هائد) أي: (تائب) عن الذنب. 4633 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَال عَطَاءٌ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ لَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوهَا". ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4807) كتاب: التفسير، باب: سورة ص.

7 - باب قوله: {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} [الأنعام: 151]

وَقَال أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ، سَمِعْتُ جَابِرًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [انظر: 2236 - مسلم: 1581 - فتح 8/ 295] (عن يزيد) أي: (ابن أبي حبيب). (جملوها) أي: أذابوه. (أبو عاصم) هو الضحاك النبيل. ومرَّ الحديث في باب: بيع الميتة والأصنام، وفي غيره (¬1). 7 - باب قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151] (باب) قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ} أي: المعاصي. {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} أي: علانيتها وسرها. 4634 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ" قُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَال: نَعَمْ. [4637، 5220، 7403 - مسلم: 2760 - فتح 8/ 295] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عمرو) أي: ابن مرة. (عن أبي وائل) هو شقيق ابن سلمة. (لا أحد أغير من الله) أغير أفعل تفضيل من الغيرة بفتح الغين وهي: الأنفة والحمية في حق المخلوق، وفي حق الخالق: تحريمه ومنعه أن يأتي المؤمن ما حرمه عليه. (ولا شيء أحب إليه المدح من الله) برفع أحب ونصبه وهو أفعل تفضيل بمعنى المفعول والمدح فاعله ¬

_ (¬1) سبق برقم (2236) كتاب: البيوع، باب: بيع الميتة والأصنام.

8 - باب {وكيل} [الأنعام: 102] حفيظ ومحيط به

نحو: ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد، واستنبط منه جواز مدحنا له تعالى وردَّ بأنه ليس صريحا؛ لاحتمال أن يكون المراد: أن الله يحب أن يمدح غيره، ترغيبًا للعبد في الازدياد مما يقتضي المدح، لا أن المراد: يجب أن يمدحه غيره هنا، والظاهر كما قيل الجواز ولهذا مدح نفسه، ومدحُنا له لا لينتفع به، بل لننتفع نحن به. 8 - باب {وَكِيلٌ} [الأنعام: 102] حَفِيظ وَمُحِيطٌ بِهِ. {قُبُلًا} [الأنعام: 111]: "جَمْعُ قَبِيلٍ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ ضُرُوبٌ لِلْعَذَابِ، كُلُّ ضَرْبٍ مِنْهَا قَبِيلٌ". {زُخْرُفَ القَوْلِ} [الأنعام: 112]: "كُلُّ شَيْءٍ حَسَّنْتَهُ وَوَشَّيْتَهُ، وَهُوَ بَاطِلٌ فَهُوَ زُخْرُفٌ"، {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138]: "حَرَامٌ، وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهْوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ، وَالحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ، وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى مِنَ الخَيْلِ: حِجْرٌ، وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ: حِجْرٌ وَحِجًى، وَأَمَّا الحِجْرُ فَمَوْضِعُ ثَمُودَ، وَمَا حَجَّرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ فَهُوَ حِجْرٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ البَيْتِ حِجْرًا، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ، مِثْلُ: قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ، وَأَمَّا حَجْرُ اليَمَامَةِ فَهْوَ مَنْزِلٌ. ({وَكِيلٌ}) أي: (حفيظ)، وفي نسخة: " {وكيل حفيظ} " بزيادة واو {زُخْرُفَ الْقَوْلِ} معناه: تزيينه وتحسينه وإليه أشار بقوله: (كل شيء حسنته وزينته) وهو باطل فهو زخرف) (فكل) مبتدأ وخبره (فهو زخرف) ودخلت الفاء فيه؛ لتضمن المبتدأ معنى الشرط (¬1) (ووشَّيته) من ¬

_ (¬1) تدخل الفاء جوازًا علي خبر المبتدأ في صور: إحداها: أن يكون المبتدأ (ال) الموصولة بمستقبل عام، نحو: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا}. الثانية: أن =

9 - باب قوله: {هلم شهداءكم} [الأنعام: 150]

التوشية وهي التزيين. {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} أي: (حرام) وهذا إلى آخر الباب ساقط من نسخة اكتفاءَ عنه بذكره له في قصة هود في باب: قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا}. 9 - بَابُ قَوْلِهِ: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} [الأنعام: 150] لُغَةُ أَهْلِ الحِجَازِ: هَلُمَّ لِلْوَاحِدِ وَالاثْنَيْنِ وَالجَمِيعِ. (باب: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} أي: احضروهم. (لغة أهل الحجاز) ¬

_ = يكون المبتدأ اسمًا موصولًا -غير ال- وصلته ظرف أو مجرور أو فعل صالح للشرطية، نحو قول الشاعر: ما لدى الحازم اللبيب معارًا ... فمصون وماله قد يضيع. الثالثة: أن يكون المبتدأ نكرة عامة موصوفة بظرف أو مجرور أو فعل صالح للشرطية نحو: رجل مع الله ففائز، وعبدُ للكريم فما يضيع. الرابعة: أن يكون المبتدأ معرفة موصوفة بالموصول المذكور، أي: الذي صلته ظرف أو مجرور أو فعل صالح للشرطية. نحو {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ}. الخامسة: أن يكون المبتدأ اسمًا لـ (إن) وهو موصوف بالموصوف نحو: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ}. السادسة: أن يكون المبتدأ (كل) مضافًا إلى غير موصوف أو مضافا إلى موصوف بغير الظرف والمجرور والفعل نحو: كل رجل فله درهم، وكل رجل عالم فله جائزة السابعة: أن يكون المبتدأ مضافًا إلى النكرة الموصوفة بالظرف أو المجرور أو الفعل الصالح للشرطية، وهو مُشعِرٌ بمحازاة، نحو قول الشاعر: نرجو فواضلَ ربِّ سَيْبُهُ حسنٌ ... وكل خيرٍ لديه فهو مسئول الثامنة: أن يكون المبتدأ مضافًا إلى الموصول الذي صلته ظرف أو جار ومجرور أو فعل صالح الشرطية، نحو قول الشاعر: يسرَّك مظلومًا ويرضيك ظالمًا ... وكل الذي حَمّلته فهو حامله

10 - باب {لا ينفع نفسا إيمانها} [الأنعام: 158]

إلى آخره هو الشائع، وأهل نجد يقولون لاثنين: هلما، وللجمع: هلموا، وللمرأة: هلمي، وللمرأتين: هلمتا، وللنساء: هلممن. 10 - بَابُ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} [الأنعام: 158] (باب: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} أي: يوم يأتي بعض آيات ربك كالدخان، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج. {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ}. 4635 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام: 158]. [انظر: 85 - مسلم: 157 - فتح 8/ 296] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عمارة) أي: ابن القعقاع. (أبو زرعة) هو هرم بن عمرو البجلي. 4636 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا" ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ. [انظر: 85 - مسلم: 157 - فتح 8/ 297] (إسحاق) أي: ابن نصر. (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (سورة الأعراف) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (قال ابن عباس) زاد قبله في نسخة: "باب" (ورياشا) معناه: (المال) يقال: تريش أي: تمول. ({إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}) أي: في

الدنيا. ({افْتَحْ بَيْنَنَا}) أي: (افض بيننا). ({نَتَقْنَا الْجَبَلَ}) أي: (رفعناه) {فَانْبَجَسَتْ} أي: (انفجرت). {مُتَبَّرٌ} أي: (خسران). {ءَاسَى} بالمد أي: (أحزن) ({تَأْسَ}) أي: (تحزن). ذكره هنا؛ لمناسبته (آسى). وإلا فهو ليس مذكورًا هنا، بل في سورة المائدة. ({مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} يقول) بمعنى يعني: (ما منعك أن تسجد). أي: فلا: زائدة، وقال غيره: ليست بزائدة؛ لتضمن منعك معنى: حملك. ({يَخْصِفَانِ}) معناه: (أخذا الخصاف ..) إلخ الخصاف بكسر الخاء جمع خصفة بالفتح: وهي الجلة التي تعمل من الخوص للتمر قاله الجوهري (¬1). ({وَقَبِيلُهُ}) أي: (جيله) يقال: جيل من الناس أي: صنف منهم. ({ادَّارَكُوا}) أي: (اجتمعوا). (ومشاق) في نسخة: "ومسام الإنسان والدابة" المأخوذ من السم في قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] بتثليث السين. و (كلهم) أي: كل متعد فيهم وجمع الضمير مذكرًا باعتبار تعدد الإنسان والدابة وتغليبًا له عليها، وفي نسخة: "كلها" أي: كل أفراد الإنسان والدابة (تسمى سمومًا ...) إلخ ({غَوَاشٍ}) أي: (ما غشوا به) ({نَشْرًا}) أي: (متفرقة). ({نَكِدًا}) أي: (قليلًا) ({يَغْنَوْا}) أي: (يعيشوا). ({حَقِيقٌ}) أي: (حق) {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} مأخوذ (من الرهبة) وهي الخوف (تلقَّفُ) أي: (تلقم) {طَائِرُهُمْ} أي: (حظهم). (طوفان) أي: ماء (من السيل). {وَالْقُمَّلَ} أي: (الحمنان يشبه صغار الحلم) وهو القراد، أو البراغيث، أو السود الذي يخرج من الحنطة (عروش) أي: المأخوذ من قوله: {وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} معناه: ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [خصف] 4/ 1350.

7 - سورة الأعراف

(بناء) {سُقِطَ} أي: في قوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} معناه: ندموا على عبادة العجل كما أشار إليه بقوله: (كل من ندم فقد سقط في يده) أي: ندم. (الأسباط) هم (قبائل بني إسرائيل). {يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} أي: يتعمدون فيه. {شُرَّعًا} أي: (شوارع) أي: ظاهرة على وجه الماء {بَئِيسٍ} أي: (شديد). ({سَنَسْتَدْرِجُهُمْ}) أي: (نأتيهم من مأمنهم) وفسره غيره بقوله: نأخذهم قليلا قليلا. {مِنْ جِنَّةٍ} أي: (من جنون) {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} أي: (متى خروجها) {فَمَرَّتْ} أي: (استمر بها). {طيف} (¬1) أي: (ملم) أي: (به لمم) أي: طرف من الجنون، أو صغار الذنوب. (ويقال: {طَائِفٌ} وهو) أي: وطيف. (واحد) أي: في المعنى وهما قراءتان مشهورتان ({وَخِيفَةً}) أي: (خوفًا). 7 - سورة الأَعْرَافِ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: (وَرِيَاشًا): "المَالُ"، {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55]: "فِي الدُّعَاءِ وَفِي غَيْرِهِ"، {عَفَوْا} [النساء: 43]: "كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ"، {الفَتَّاحُ} [سبأ: 26]: "القَاضِي"، {افْتَحْ بَيْنَنَا} [الأعراف: 89]: "اقْضِ بَيْنَنَا"، {نَتَقْنَا} [الأعراف: 171]: "الجَبَلَ رَفَعْنَا"، {انْبَجَسَتْ}: "انْفَجَرَتْ"، {مُتَبَّرٌ} [الأعراف: 139]: "خُسْرَانٌ"، {آسَى} [الأعراف: 93]: "أَحْزَنُ"، {تَأْسَ} [المائدة: 26]: "تَحْزَنْ" وَقَال غَيْرُهُ: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12]: "يَقُولُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ"، ¬

_ (¬1) قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، والكسائي، وقرأ باقي السبعة {طَائِفٌ} وهما بمعنى واحد وهما ما كان كالخيال، وقيل: غير ذلك. انظر: "زاد المسير" 3/ 209.

{يَخْصِفَانِ} [الأعراف: 22]: "أَخَذَا الخِصَافَ مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ، يُؤَلِّفَانِ الوَرَقَ، يَخْصِفَانِ الوَرَقَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ"، {سَوْآتِهِمَا} [طه: 121]: "كِنَايَةٌ عَنْ فَرْجَيْهِمَا"، {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 36]: "هُوَ هَا هُنَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَالحِينُ عِنْدَ العَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَالا يُحْصَى عَدَدُهُ، الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ وَاحِدٌ، وَهْوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ". {قَبِيلُهُ} [الأعراف: 27]: "جِيلُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ". {ادَّارَكُوا} [الأعراف: 38]: "اجْتَمَعُوا. وَمَشَاقُّ الإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهَا يُسَمَّى سُمُومًا، وَاحِدُهَا سَمٌّ، وَهِيَ: عَيْنَاهُ وَمَنْخِرَاهُ وَفَمُهُ وَأُذُنَاهُ وَدُبُرُهُ وَإِحْلِيلُهُ"، {غَوَاشٍ} [الأعراف: 41]: "مَا غُشُّوا بِهِ" (نُشُرًا): "مُتَفَرِّقَةً"، {نَكِدًا} [الأعراف: 58]: "قَلِيلًا"، {يَغْنَوْا} [الأعراف: 92]: "يَعِيشُوا"، {حَقِيقٌ} [الأعراف: 105]: "حَقٌّ"، {اسْتَرْهَبُوهُمْ} [الأعراف: 116]: "مِنَ الرَّهْبَةِ"، (تَلَقَّفُ): "تَلْقَمُ"، {طَائِرُهُمْ} [الأعراف: 131]: "حَظُّهُمْ، طُوفَانٌ مِنَ السَّيْلِ، وَيُقَالُ لِلْمَوْتِ الكَثِيرِ الطُّوفَانُ"، {القُمَّلُ} [الأعراف: 133]: "الحُمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الحَلَمِ، عُرُوشٌ وَعَرِيشٌ بِنَاءٌ"، {سُقِطَ} [الأعراف: 149]: "كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ. الأَسْبَاطُ قَبَائِلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ". {يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} [الأعراف: 163]: "يَتَعَدَّوْنَ لَهُ، يُجَاوزُونَ تَجَاوُزٌ بَعْدَ تَجَاوُزٍ"، {تَعْدُ} [الكهف: 28]: "تُجَاوزْ"، {شُرَّعًا} [الأعراف: 163]: "شَوَارِعَ"، {بَئِيسٍ} [الأعراف: 165]: "شَدِيدٍ"، {أَخْلَدَ} [الأعراف: 176]: "إِلَى الأَرْضِ قَعَدَ وَتَقَاعَسَ"، {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} [الأعراف: 182]: "أَيْ نَأْتِيهِمْ مِنْ مَأْمَنِهِمْ"، كَقَوْلِهِ تَعَالى: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} [الحشر: 2]، {مِنْ جِنَّةٍ} [الأعراف: 184]: "مِنْ جُنُونٍ أَيَّانَ مُرْسَاهَا مَتَى خُرُوجُهَا"، {فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: 189]: "اسْتَمَرَّ بِهَا الحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ"، {يَنْزَغَنَّكَ} [الأعراف: 200]: "يَسْتَخِفَّنَّكَ"، (طَيْفٌ): "مُلِمٌّ بِهِ لَمَمٌ"، وَيُقَالُ: {طَائِفٌ} [الأعراف: 201]: "وَهُوَ وَاحِدٌ"، {يَمُدُّونَهُمْ} [الأعراف: 202]: "يُزَيِّنُونَ"، {وَخِيفَةً} [الأعراف: 205]: "خَوْفًا، وَخُفْيَةً مِنَ الإِخْفَاءِ"، {وَالآصَالُ} [الأعراف: 205]: "وَاحِدُهَا أَصِيلٌ، وَهُوَ مَا بَيْنَ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ"، كَقَوْلِهِ: {بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: 5]. [فتح: 8/ 297]

1 - باب قول الله عز وجل: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن}

1 - باب قَوْلِ الله عزَّ وجلَّ: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (باب) ساقط من نسخة. قوله عزَّ وجلَّ: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} أي: علانيتها وسرها. 4637 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَال: قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَال: نَعَمْ - وَرَفَعَهُ، قَال: "لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ فَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ". [انظر: 463 - مسلم: 2760 - فتح 8/ 301] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة. (عبد الله) أي: ابن مسعود فإن قلت: القائل: هو عمرو بن مرة. والمخاطب: أبو وائل، ومرَّ الحديث آنفًا (¬1). 2 - باب {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَال لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَال سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143] قَال ابن عَبَّاسٍ: {أَرِنِي}: أَعْطِني. (باب) قوله ساقط من نسخة: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4634) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}.

3 - باب: المن والسلوى

قَال رَبِّ أَرِنِي} الآية) في نسخة: {قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} الآية" وساق في أخرى الآية بتمامها وتفسيرها يطلب من كتب التفسير. (أرني) أي: (أعطني) قوة النظر إليك. 4638 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ، وَقَال: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ فِي وَجْهِي، قَال: "ادْعُوهُ" فَدَعَوْهُ، قَال: "لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟ " قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِاليَهُودِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى البَشَرِ، فَقُلْتُ: وَعَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ، قَال: "لَا تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ؟ ". [انظر: 2412 - مسلم: 2374 - فتح 8/ 302] (سفيان) أي: ابن عيينة. (جاء رجل) قيل: اسمه فنحاص. (يصعقون) أي: يغشى عليهم لا أنهم يموتون، ومرَّ الحديث بشرحه في باب: الإشخاص والملازمة (¬1). 3 - باب: المَنَّ وَالسلْوى [160] (باب) ساقط من نسخة. {الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} في نسخة: {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى}. 4639 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءُ العَيْنِ". [انظر: 4478 - مسلم: 2049 - فتح 8/ 303] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2412) كتاب: الخصومات، باب: الإشخاص والملازمة.

4 - باب {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} [الأعراف: 158]

(مسلم) أي: ابن إبراهيم الفراهيدي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عبد الملك) أي: ابن عمير. (الكمأة من المن) عُلِمَ من ذكر المن ذِكْرُ السلوى كما عُلِم ذكر البرد من {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} فقوله في الترجمة. (المن والسلوى) معناه: ما جاء في ذكر المن لفظًا والسلوى إشارة. (وماؤها شفاء للعين) في نسخة: "من العين" أي: من وجعها. ومرَّ الحديث في سورة البقرة (¬1). 4 - باب {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] 4640 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالا: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ العَلاءِ بْنِ زَبْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلانِيُّ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، يَقُولُ: كَانَتْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ، فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال أَبُو الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ" قَال: وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخَبَرَ، قَال أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (4478) كتاب: التفسير، باب: سورة البقرة.

5 - باب [قوله: {وقولوا حطة} [الأعراف: 161]

وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي، إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَال أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ " قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "غَامَرَ: سَبَقَ بِالخَيْرِ". [انظر: 3661 - فتح 8/ 303] (باب: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية). وساق في نسخة الآية بتمامها. (عبد الله) أي: ابن حماد. (فقد غامر) أي: غاضب، وفسره البخاري بعد في نسخة بقوله: (سبق بالخير)، ومرَّ الحديث في مناقب أبي بكر (¬1). 5 - باب [قَوْلِهِ: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [الأعراف: 161] (باب) ساقط من نسخة. (قوله: ({حِطَّةٌ}) أي: مسألتنا حطة. 4641 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: {ادْخُلُوا البَابَ سُجَّدًا، وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة: 58]، فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ. [انظر: 3403 - مسلم: 3015 - فتح 8/ 304] (إسحاق) أي: ابن إبراهيم الحنظلي. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (في شعرة) بفتحات وفي نسخة: "في شعيرة" ومرَّ الحديث في سورة البقرة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3661) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذا خليلا". (¬2) سبق برقم (4479) كتاب: التفسير، باب {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ}.

6 - باب {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199]

6 - باب {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] {العرف} [الأعراف: 199]: المَعْرُوفُ. (باب: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}) أي: بيان ما جاء فيه ({العرف}) أي: (المعروف). 4642 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ، كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا"، فَقَال عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي، هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ، فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ، قَال: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "فَاسْتَأْذَنَ الحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ"، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَال: هِيْ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الجَزْلَ وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ، فَقَال لَهُ الحُرُّ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالى قَال لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ، "وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ". [7286 - فتح 8/ 304] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (يدنيهم) أي: يقربهم. (كهولًا) بضم الكاف، والكهل: الذي خالطه الشيب، قيل: وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. (أو شبانًا) بضم الشين وتشديد الموحدة وجمع شاب، وفي نسخة: "شبابًا" بفتح الشين وبموحدتين أولاهما مخففة. (هِيْ) بكسر الهاء وسكون الياء: كلمة تهديد، وقيل: هي ضمير وثَمَّ محذوف أي: داهية، وفي نسخة: "هيه"

بهاء في آخره، وفي أخرى "إيه" وهما بمعنى كما قال ابن الأثير (¬1). يقال: إيه بالكسر بلا تنوين أي: زدني من الحديث المعهود بيننا، وإيهٍ بالتنوين، أي: زدني من حديثٍ ما غير معهود. (الجزل) أي: العطاء الكثير. 4643 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، {خُذِ العَفْوَ} [الأعراف: 199] وَأْمُرْ بِالعُرْفِ قَال: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلا فِي أَخْلاقِ النَّاسِ". [4644 - فتح 8/ 305] (يحيى) أي: ابن موسى المعروف بخت، أو ابن جعفر البيكندي ورجحه شيخنا (¬2). (وكيع) أي: ابن الجراح. (عن هشام) أي: ابن عروة. (ما أنزل الله) أي: هذه الآية إلا في أخلاق الناس، جمع خلق وهو ملكة تصدر بها الأفعال بلا رؤية. 4644 - وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَال: "أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ العَفْوَ مِنْ أَخْلاقِ النَّاسِ، أَوْ كَمَا قَال". [انظر: 4643 - فتح 8/ 305] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة، أو كما قال: شك من الراوي. (سورة الأنفال). قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 87. (¬2) "الفتح" 8/ 305.

8 - سورة الأنفال

8 - سُورَةُ الأنفَالِ 1 - باب قَوْلُهُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "الأَنْفَالُ: المَغَانِمُ، قَال قَتَادَةُ: {رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]: "الحَرْبُ يُقَالُ نَافِلَةٌ عَطِيَّةٌ". (باب قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} أي: عن حكمها. {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} أي: الحالة التي بينكم و (باب) ساقط وحده من نسخة، ومع ما بعده من أخرى. {رِيحُكُمْ} معناه: الحرب. نافلة، أي: (عطية). 4645 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سُورَةُ الأَنْفَالِ، قَال: "نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ" {الشَّوْكَةُ} [الأنفال: 7]: "الحَدُّ"، (مُرْدَفِينَ): "فَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ، رَدِفَنِي وَأَرْدَفَنِي: جَاءَ بَعْدِي". ذُوقُوا: "بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَوْقِ الفَمِ"، {فَيَرْكُمَهُ} [الأنفال: 37]: "يَجْمَعَهُ شَرِّدْ: فَرِّقْ"، {وَإِنْ جَنَحُوا} [الأنفال: 61]: "طَلَبُوا، السِّلْمُ وَالسَّلْمُ وَالسَّلامُ وَاحِدٌ"، {يُثْخِنَ} [الأنفال: 67]: "يَغْلِبَ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {مُكَاءً} [الأنفال: 35]: "إِدْخَالُ أَصَابِعِهِمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ". {وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35]: "الصَّفِيرُ"، {لِيُثْبِتُوكَ} [الأنفال: 30]: "لِيَحْبِسُوكَ". (سعيد) أي: ابن سليمان. (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (أبو بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (سورة الأنفال) أي: ما سبب نزولها. (نزلت في بدر) أي: في غزوة بدر، وقيل: فيمن سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا من المغنم قبل قسمته فلم

2 - باب {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} [الأنفال: 22]

يعطه {الشَّوْكَةِ} (الحد) ساقط من نسخة، ومعنى الآية: تحبون أن الطائفة التي لا حد لها ولا منعة ولا قتال تكون لكم وهي العير. ({مُرْدِفِينَ}) أي: (فوجًا بعد فوجٍ) يقال: (ردفني وأردفني) أي: (جاء بعدي) فردف بالكسر وأردف بمعنى: وجعلهما الجوهري بمعنيين، حيث جعل ردف بمعنى: تبع أي: ركب خلف غيره وأردف بمعنى: أركب غيره خلفه (¬1). (ذوقوا) أي: في قوله تعالى: {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ} معناه: (باشروا وجربوا. وليس هذا من ذوق الفم). بَيَّن بهذا أن في تفسير الذوق المتعلق بالأجسام بالمباشرة والتجربة اللذين هما معنيان تجوزًا كما في قوله تعالى: {فَذَاقُوا وَبَال أَمْرِهِمْ} ({فَيَرْكُمَهُ}) (يجمعه). (شَرِّد) أي: في قوله تعالى: {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} معناه: (فرق) وفسره غيره بقوله: غلظ عقوبتهم؛ ليخاف غيرهم من الأعداء. {وَإِنْ جَنَحُوا} أي: (طلبوا) ({يُثْخِنَ}) أي: (يغلب). {مُكَاءً} معناه: (إدخال أصابعهم في أفواههم) ({وَتَصْدِيَةً}) معناه: (الصفير)، وفسر غيره المكاء: بالصفير، والتصدية: بالتصفيق. ({لِيُثْبِتُوكَ}) أي: (ليحبسوك). وهذه الألفاظ وقعت في النسخ مختلفة بتقديم بعضها على بعض وبالعكس. 2 - باب {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22] (باب) ساقط من نسخة. ({إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}) أي: بيان ما جاء فيه. ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [ردف] 4/ 1363.

3 - باب {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون (24)} [الأنفال: 24]

4646 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ البُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22] قَال: "هُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ". [فتح 8/ 307] (ورقاء) أي: ابن عمرو بن كليب. (عن ابن أبي نجيح) هو عبد الله. 3 - باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)} [الأنفال: 24] {اسْتَجِيبُوا} [الأنفال: 24] أَجِيبُوا {لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] يُصْلِحُكُمْ. (باب) ساقط من نسخة. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)} فيجازيكم على ما اطلع عليه في قلوبكم، وفي نسخة: "الآية"بدل قوله: ({وَاعْلَمُوا}) إلى آخره ({اسْتَجِيبُوا}) أي: (أجيبوا) فالسين زائدة؛ للتأكيد ({لِمَا يُحْيِيكُمْ}) أي: يصلحكم. 4647 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ أُصَلِّي فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَانِي، فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَال: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ؟ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] " ثُمَّ قَال: "لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ"، فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْرُجَ فَذَكَرْتُ لَهُ.

4 - باب قوله: {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم (32)} [الأنفال: 32]

وَقَال مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ حَفْصًا، سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا، وَقَال: "هِيَ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ السَّبْعُ المَثَانِي". [انظر: 4447 - فتح 8/ 307] (إسحاق) أي: "ابن إبراهيم" كما في نسخة، ابن راهويه. (روح) أي: ابن عبادة (شعبة) أي ابن الحجاج. (أعظم سورة) أي: في ثواب قراءتها أولما تجمع من الثناء والدعاء والسؤال. ومرَّ الحديث في تفسير سورة الفاتحة (¬1). (وقال معاذ) أي: ابن معاذ العنبري. (السبع المثاني) بدل من (الحمد لله) أو عطف بيان له. 4 - باب قَولِهِ: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَو ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32)} [الأنفال: 32] قَال ابن عُيَيْنَةَ: مَا سَمَّى الله تَعَالى مَطَرًا في القُرْآنِ إلا عَذَابًا، وَتُسَمِّيهِ العَرَبُ الغَيْثَ، وَهْوَ قَوْلُهُ تَعَالى: {يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا} [الشورى: 28]. (باب: قوله) ساقط من نسخة: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَو ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32)} أي: مؤلم، وفي نسخة: "الآية" بدل قوله: (علينا) إلى آخره. (قال ابن عيينة: ما سمى الله مطرًا في القرآن إلا عذابًا) أي: إلا قوله ¬

_ (¬1) سبق برقم (4474) كتاب: التفسير، باب: ما جاء في فاتحة الكتاب.

5 - باب [وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون (33)} [الأنفال: 33]

{أَذًى مِنْ مَطَرٍ} فإن المراد هنا: المطر المعروف قطعًا ومعنى التأذي به: البلل والوحل وغيرهما الحاصلة منه ومطرت وأمطرت بمعنى، عند كثير وقال أبو عبيدة: مطرت في الرحمة وأمطرت في العذاب. 4648 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ هُوَ ابْنُ كُرْدِيدٍ صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال أَبُو جَهْلٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَو ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، " فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ، وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ} الآيَةَ [الأنفال: 33، 34] [4649 - مسلم: 2796 - فتح: 8/ 308] (أحمد) أي: ابن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عبد الحميد) أي: ابن دينار. 5 - باب [وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} [الأنفال: 33] (باب قوله) ساقط من نسخة {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} [الأنفال: 33] هذا مع حديث الباب تقدم في الباب السابق. 4649 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ، صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَال: قَال أَبُو جَهْلٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ،

6 - باب {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}

أَو ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ، وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، وَمَا لَهُمْ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إلا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)} الآية [الأنفال: 33، 34] [انظر: 4648 - مسلم: 2796 - فتح: 8/ 309] 6 - باب {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (باب) ساقط من نسخة. {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ} فسر ابن عباس الفتنة: بالشرك. 4650 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا، جَاءَهُ فَقَال: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ لَا تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ؟ فَقَال: "يَا ابْنَ أَخِي أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلَا أُقَاتِلُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ، الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] إِلَى آخِرِهَا"، قَال: فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39]، قَال ابْنُ عُمَرَ: "قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ كَانَ الإِسْلامُ قَلِيلًا، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا يَقْتُلُونَهُ وَإِمَّا يُوثِقُونَهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ"، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ، قَال: "فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ؟ " قَال ابْنُ عُمَرَ: "مَا قَوْلِي فِي عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ؟ أَمَّا عُثْمَانُ: فَكَانَ اللَّهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ: فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنُهُ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ - وَهَذِهِ ابْنَتُهُ - أَوْ بِنْتُهُ - حَيْثُ تَرَوْنَ. [انظر: 3130 - فتح 8/ 309] (حيوة) أي: ابن شريح. (عن بكير) أي: ابن عبد الله بن الأشجع. (أن رجلًا) هو حبان، أو نافع بن الأزرق. (إما يقتلوه وإما يوثقوه) بحذف النون فيهما بلا ناصب ولا جازم في لغة (وختنه) هو روح ابنته.

7 - باب {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون (65)} [الأنفال: 65]

ومرَّ الحديث في تفسير سورة البقرة (¬1). 4651 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا بَيَانٌ، أَنَّ وَبَرَةَ حَدَّثَهُ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَال: خَرَجَ عَلَيْنَا - أَوْ إِلَيْنَا - ابْنُ عُمَرَ، فَقَال رَجُلٌ: كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الفِتْنَةِ؟ فَقَال: وَهَلْ تَدْرِي مَا الفِتْنَةُ؟ "كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُ المُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى المُلْكِ". [انظر: 3130 - فتح 8/ 310] (زهير) أي: ابن معاوية. (بيان) أي: ابن بشر. (أن وبرة) أي: ابن عبد الرحمن السلمي. 7 - باب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65)} [الأنفال: 65] (باب) ساقط من نسخة. {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} الآية) في نسخة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} الآية) وساق في أخرئ: الآية بتمامها. 4652 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، " لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ " - فَقَال سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ: أَنْ لَا يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنْ مِائَتَيْنِ - " ثُمَّ نَزَلَتْ: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: 66] الآيَةَ، فَكَتَبَ أَنْ لَا يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ، وَزَادَ سُفْيَانُ مَرَّةً: نَزَلَتْ: {حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ، إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: 65]، قَال سُفْيَانُ: وَقَال ابْنُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4514) كتاب: التفسير، باب: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}.

8 - باب {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} [الأنفال: 66] إلى قوله: {والله مع الصابرين} [الأنفال: 66]

شُبْرُمَةَ: "وَأُرَى الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ مِثْلَ هَذَا". [4653 - فتح 8/ 311] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. 8 - باب {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الأنفال: 66] إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66] 4653 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَال: أَخْبَرَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ خِرِّيتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ، حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، فَجَاءَ التَّخْفِيفُ"، فَقَال: (الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا، فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) قَال: "فَلَمَّا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ العِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ". [انظر: 4652 - فتح 8/ 312] (باب) ساقط من نسخة. {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} الآية) وساق في نسخة الآية بتمامها. {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}. وهو خبر بمعنى الأمر أي: قاتلوا مثليكم واثبتوا لهم. 9 - سورة بَرَاءَةَ {وَلِيجَةً} [التوبة: 16]: "كُلُّ شَيْءٍ أَدْخَلْتَهُ فِي شَيْءٍ"، {الشُّقَّةُ} [التوبة: 42]: "السَّفَرُ، الخَبَالُ: الفَسَادُ، وَالخَبَالُ: المَوْتُ"، {وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: 49]: "لَا تُوَبِّخْنِي"، {كَرْهًا} [النساء: 19] وَ {كُرْهًا} [النساء: 19]: "وَاحِدٌ"، {مُدَّخَلًا} [النساء: 31]: "يُدْخَلُونَ فِيهِ"، {يَجْمَحُونَ} [التوبة: 57]: "يُسْرِعُونَ"، {وَالمُؤْتَفِكَاتِ} [التوبة: 70]: "ائْتَفَكَتْ: انْقَلَبَتْ بِهَا الأَرْضُ "، {أَهْوَى}

[النجم: 53]: "أَلْقَاهُ فِي هُوَّةٍ"، {عَدْنٍ} [التوبة: 72]: "خُلْدٍ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ: أَيْ أَقَمْتُ، وَمِنْهُ: مَعْدِنٌ، وَيُقَالُ: فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ، فِي مَنْبَتِ صِدْقٍ"، {الخَوَالِفُ} [التوبة: 87]: "الخَالِفُ الَّذِي خَلَفَنِي، فَقَعَدَ بَعْدِي، وَمِنْهُ يَخْلُفُهُ فِي الغَابِرِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النِّسَاءُ مِنَ الخَالِفَةِ، وَإِنْ كَانَ جَمْعَ الذُّكُورِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَلَى تَقْدِيرِ جَمْعِهِ إلا حَرْفَانِ فَارِسٌ، وَفَوَارِسُ وَهَالِكٌ وَهَوَالِكُ"، {الخَيْرَاتُ} [البقرة: 148]: "وَاحِدُهَا خَيْرَةٌ وَهِيَ الفَوَاضِلُ" (مُرْجَئُونَ): "مُؤَخَّرُونَ، الشَّفَا: شَفِيرٌ، وَهُوَ حَدُّهُ، وَالجُرُفُ مَا تَجَرَّفَ مِنَ السُّيُولِ وَالأَوْدِيَةِ"، {هَارٍ} [التوبة: 109]: "هَائِرٍ، يُقَالُ: تَهَوَّرَتِ البِئْرُ إِذَا انْهَدَمَتْ، وَانْهَارَ مِثْلُهُ". {لَأَوَّاهٌ} [التوبة: 114]: "شَفَقًا، وَفَرَقًا، وَقَال الشَّاعِرُ: إِذَا قُمْتُ أَرْحَلُهَا بِلَيْلٍ ... تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الحَزِينِ (باب) ساقط من نسخة ولم يذكر له ترجمة {وَلِيجَةً} أي: بطانة وإليه أشار بقوله: (كل شي أدخلته في شيء) أي: آخر. ({الشُّقَّةُ}) أي: (السفر). والمراد به: مسافته. (الخبال) أي: الفساد والخبال أيضًا (الموت) قيل صوابه: الموته بضم الميم وبهاء آخره: وهي نوع من الجنون والصرع. ({وَلَا تَفْتِنِّي}) أي: (لا توبخني) في نسخة: "لا توهني" بهاء ونون مشددتين من الوهن وهو الضعف {كرها} بفتح الكاف {وكرها} بضمها. (واحد) أي: في المعنى {مُدَّخَلًا} أي: موضعًا يدخلون فيه، أي: للتحصين. {يَجْمَحُونَ} أي: (يسرعون) في مشيهم. ({والمؤتفكات}) قرى قوم لوط وأشار إلى بيان وضعها بقوله: (أئتفكت) أي: القرى أي: (انقلبت بها الأرض). ثم استطرد فقال: {أهوى} في قوله في سورة النجم: {والمؤتفكة أهوى (53)} أي: (ألقاه في هوة) بضم الهاء أي: مكان

عميق. ({عَدنٍ}) أي: (خلد) يقال: (عدنت بأرض أي: أقمت) بها وعدن بفتح الدال يعدن بضمها كنصر وينصر. ({الْخَوَالِفِ}) معناه: (الخالف) أي: المتخلف عن القوم قيل: الخوالف جمع خالفة كما ذكره بقوله: بعد. (ويجوز أن يكون النساء من المخالفة) لا جمع خالف إذ جمعه خالفون لا خوالف كما في قوله تعالى {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [التوبة: 83] ويرد بمنع ذلك فإنه يجمع أيضًا علي خوالف كسابق وسوابق وداجن ودواجن، وكاهل وكواهل، وناكس ونواكس وبهذا علم بطلان الحصر في قوله: بعد. (وإن كان) أي: الخوالف (جمع الذكور فإنه لم يوجد علي تقدير جمعه إلا حرفان فارس وفوارس وهالك وهوالك). (الذي خلفني فقعد بعدي) تفسير للخالف. ({مُرْجَئُونَ}) أي: (مؤخرون) لأمر الله أي: ليقضي فيهم ما يشاء وهذا ساقط من نسخة: (الشفا) بفتح الشين والقصر في قوله: {شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} [التوبة: 109] معناه: (الشفير وهو حدّه) أي: "حرفه" كما في نسخة. (والجرف) معناه (ما تجرف من السيول والأودية). ({هَارٍ}) أي: (هائر). ({لأواه}) أي: متأوه ومتضرع. (شفقًا وفرقًا) أي: لأجل الشفقة والفرق وهو الخوف. (وقال الشاعر) هو حجاش بن عائد بن محصن. (إذا ما قمت أرحلها بليل) بفتح الهمزة من رحلت الناقة أي: شددت الرحل عليها. (تأوه) أي: تتأوه بحذف إحدى التاءين (آهة الرجل الحزين) يريد ذلك الاحتجاج على أن أواه بالتشديد من التأوه وقوله: آهة بالمد ويروى بالقصر وتشديد الهاء من قولهم: آه، أي: ليس توجع.

1 - باب قوله {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين} [التوبة:1]

1 - باب قَوْلِهِ {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1] {أَذَانٌ} [التوبة: 3]: "إِعْلامٌ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُذُنٌ} [التوبة: 61]: يُصَدِّقُ، {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]: "وَنَحْوُهَا كَثِيرٌ، وَالزَّكَاةُ: الطَّاعَةُ وَالإِخْلاصُ"، {لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 7]: "لَا يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ (يُضَاهُونَ) يُشَبِّهُونَ". (باب توله: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1)}) أي: بيان ما جاء في نزولها. {وأُذُنٌ} أي: (إعلام). ({أُذُنٌ}) أي: في قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} أي: يصدق كل من حدثه بشيء. (وقال ابن عباس: {لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} أي: (لا يشهدون أن لا إله إلا الله) وغيره أبقاه علي ظاهره وهو الظاهر وهذا مذكور في فصلت فذكره هنا استطرادًا. ({يضاهون}) أي: (يشبهون). 4654 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ: اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالةِ} [النساء: 176] وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ. [انظر: 4364 - مسلم: 1618 - فتح: 8/ 316] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (آخر آية نزلت) إلى آخره بشرحه في سورة البقرة (¬1). 2 - باب قَوْلِهِ {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4544) كتاب: التفسير، باب: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}.

3 - باب قوله {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم (3)}

اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)} [التوبة: 2]. {سيحوا} [التوبة: 2]: سِيرُوا. (باب قوله عزَّ وجلَّ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)}) أي: مزلهم ومعذبهم. ({فَسِيحُوا}) أي: سيروا هذا مذكور في نسخة عقب قوله: {فِي الْأَرْضِ}. 4655 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَأَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى، أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، قَال حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ "أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ"، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ يَوْمَ النَّحْرِ فِي أَهْلِ مِنًى بِبَرَاءَةَ، "وَأَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ". [انظر: 369 - مسلم: 1347 - فتح 8/ 317] (عقيل) أي: ابن خالد الأيلي. (أن يؤذن ببراءة) أي: ببعضها. ومرَّ الحديث في الصلاة، والحج وغيرهما (¬1). 3 - باب قَوْلِهِ {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3)} ¬

_ (¬1) سبق برقم (369) كتاب: الصلاة، باب: ما يستر العورة. وبرقم (1622) كتاب: الحج، باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك. وبرقم (3177) كتاب: الجزية والموادعة، باب: كيف ينبذ إلى أهل العهد.

4 - باب {إلا الذين عاهدتم من المشركين} [التوبة: 4]

[التوبة: 3]، آذَنَهُمْ: أَعْلَمَهُمْ. (باب: قوله) عزَّ وجلَّ لفظ: (قوله عزَّ وجلَّ) ساقط من نسخة. {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} إلى {الْمُتَّقِينَ} ساق في نسخة الآية بتمامها. 4656 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الحَجَّةِ فِي المُؤَذِّنِينَ، بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى، أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، قَال حُمَيْدٌ: ثُمَّ "أَرْدَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ"، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ بِبَرَاءَةَ، "وَأَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ". [انظر: 369 - مسلم: 1347 - فتح 8/ 317] (آذنهم) أي: أعملهم. ومرَّ حديث الباب والذي بعده بشرحهما في الحج (¬1). 4 - بَابُ {إلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ} [التوبة: 4] 4657 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَعَثَهُ فِي الحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُونَ فِي النَّاسِ: "أَنْ لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ" فَكَانَ حُمَيْدٌ يَقُولُ: يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ، مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. [انظر: 369 - ¬

_ (¬1) سبق برقم (1622) كتاب: الحج، باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك.

5 - باب {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم} [التوبة: 12]

مسلم: 1347 - فتح 8/ 320] (إسحاق) أي: ابن منصور. (عن صالح) أي: ابن كيسان. 5 - بَابُ {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} [التوبة: 12] (باب قوله عزَّ وجلَّ: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} بفتح همزة أيمان جمع: يمين، وقري بكسرها على أنه مصدر أمن. 4658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ، فَقَال: "مَا بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الآيَةِ إلا ثَلاثَةٌ، وَلَا مِنَ المُنَافِقِينَ إلا أَرْبَعَةٌ"، فَقَال أَعْرَابِيٌّ: إِنَّكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تُخْبِرُونَا فَلَا نَدْرِي، فَمَا بَالُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَبْقُرُونَ بُيُوتَنَا وَيَسْرِقُونَ أَعْلاقَنَا؟ قَال: "أُولَئِكَ الفُسَّاقُ، أَجَلْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلا أَرْبَعَةٌ، أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَوْ شَرِبَ المَاءَ البَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ". [فتح: 8/ 322] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (هذه الآية) أي: أنه وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم. (إنكم أصحاب محمد) بنصب (أصحاب) بدل من الضمير في (إنكم) أو منادى حذفت منه الأداة. (تحبرونا) بسكون الحاء وكسر الباء مخففة، وبفتح الخاء وكسر الباء مشددة وبحذف نون الرفع على لغة، وفي نسخة: "تحبروننا" بثبوت النون علي الأصل. (يبقرون) بفتح التحتية وسكون الموحدة وضم القاف، وبضم التحتية وفتح الموحدة وكسر القاف مشددة، أي: يفتحون. (أعلاقنا) بمهملة جمع علق أي: نفائس أموالنا. (لما وجد برده) أي: لذهاب شهوته، وفساد معدته.

6 - باب قوله: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} [التوبة: 34]

6 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] (باب) ساقط من نسخة. (قوله: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} أي: مكنوزاتهما. ({فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}) أي: مؤلم. 4659 - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ قَال: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ". [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح 8/ 322] (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (أن عبد الرحمن) أي: ابن هرمز. (شجاعًا أقرع) أي: ثعبانًا تمعط شعر رأسه؛ لكثرة السم وطول العمر. ومرَّ الحديث في الزكاة في باب: إثم مانع الزكاة (¬1). 4660 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَال: مَرَرْتُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ فَقُلْتُ: مَا أَنْزَلَكَ بِهَذِهِ الأَرْضِ؟ قَال: "كُنَّا بِالشَّأْمِ فَقَرَأْتُ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ، وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] " قَال مُعَاويَةُ: مَا هَذِهِ فِينَا، مَا هَذِهِ إلا فِي أَهْلِ الكِتَابِ، قَال: قُلْتُ: "إِنَّهَا لَفِينَا وَفِيهِمْ". [انظر: 1406 - فتح 8/ 322] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن حصين) أي: ابن عبد الرحمن. (عن أبي ذر) هو جندب بن جنادة. (بالربذة) موضع قريب من المدينة. (قال معاوية) أي: ابن أبي ¬

_ (¬1) سبق برقم (1403) كتاب: الزكاة، باب: إثم مانع الزكاة.

7 - باب قوله: {يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون} [التوبة: 35]

سفيان. (ما هذه) أي: نزلت (إنها لفينا وفيهم) أي: نزلت، ومرَّ الحديث في الزكاة في باب: ما أدى زكاته فليس بكنز (¬1) 7 - بَابُ قَوْلِهِ: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ، هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 35] (باب) ساقط من نسخة. (قوله عزَّ وجلَّ: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} أي: جزاء الذي كنتم تكنزون، وفي نسخة، بدل (جباههم) إلى آخر الآية. 4661 - وَقَال أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَال: "هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلْأَمْوَالِ". [انظرنا 1404 - فتح 8/ 324] (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (هذا) أي: تبشير الكافرين بالعذاب الأليم. (قبل أن تنزل الزكاة فلما أنزلت جعلها الله طهرًا للأموال) أي: لأموال مخرجيها ولا يخفى في ذلك كثير فائدة فاللائق أن يقال: هذا بعد نزول الآية أما قبلها فلا حكم حتى يبشروا بالعذاب الأليم. ومرَّ الحديث في الزكاة في باب: ما أدى زكاته فليس بكنز (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1406) كتاب: الزكاة، باب: ما أدى زكاته فليس بكنز. (¬2) سبق برقم (1404) كتاب: الزكاة، باب: ما أدى زكاته فليس يكنز.

8 - باب قوله: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله، يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم} ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم} هو القائم

8 - بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ، يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} هُوَ القَائِمُ. (باب) ساقط من نسخة. (قوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} أي: بيان ما جاء في ذلك ({الْقَيِّمُ}) أي: (القائم) أي: المستقيم. 4662 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ، مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى، وَشَعْبَانَ". [انظر: 67 - مسلم: 1679 - فتح 8/ 324] (عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (عن أبي بكرة) هو عبد الرحمن. (كهيئته) أي: كحالته التي كان عليها قبل النسيء. ومرَّ الحديث بشرحه في أوائل بدء الخلق (¬1). 9 - بَابُ قَوْلِهِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ} [التوبة: 40] {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] نَاصِرُنَا. السَّكِينَةُ: فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ. (باب) ساقط من نسخة. ({ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3197) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في سبع أرضين.

يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4663 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ المُشْرِكِينَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا، قَال: "مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا". [انظر: 3653 - مسلم: 2381 - فتح: 8/ 325] (حبان) أي: ابن هلال الباهلي. (همام) أي: ابن يحيى بن دينار العوذي. (ثابت) أي: ابن أسلم البناني. (الله ثالثهما) أي: بالنصر. 4664 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ قَال حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ: "أَبُوهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَخَالتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ"، فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِسْنَادُهُ؟ فَقَال: حَدَّثَنَا، فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ، وَلَمْ يَقُلْ ابْنُ جُرَيْجٍ. [4665، 4666 - فتح: 8/ 326] (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله. (حين وقع بينه وبين ابن الزبير) أي: بسبب امتناعه من بيعة ابن الزبير. (قلت) أي: لابن عباس منكرًا عليه ذلك (فقلت: لسفيان) أي: ابن عيينة. (إسناده) أي: ما إسناده؟ قال الكرماني: إن قلت قد ذكر الإسناد أولًا فما معنى السؤال عنه، قلت: السؤال عن كيفية العنعنة بأنها بواسطة أو بدونها (¬1). انتهى ومن ثم استظهر أي: البخاري فذكر بعد الحديث من وجهين بيَّن بهما أنه لا واسطة فقال: حدَّثنا (فشغله إنسان) أي: بكلام، أو نحوه. (ولم يقل: ابن جريج) أي: ولم يقل: ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 17/ 134.

حدثنا ابن جريج فاحتمل أن يكون بينهما واسطة كما احتمله التعبير بعن في الإسناد السابق. 4665 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: قَال ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَتُحِلَّ حَرَمَ اللَّهِ؟ فَقَال: "مَعَاذَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَبَنِي أُمَيَّةَ مُحِلِّينَ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُحِلُّهُ أَبَدًا"، قَال: قَال النَّاسُ: بَايِعْ لِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقُلْتُ: "وَأَيْنَ بِهَذَا الأَمْرِ عَنْهُ، أَمَّا أَبُوهُ: فَحَوَارِيُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ الزُّبَيْرَ - وَأَمَّا جَدُّهُ: فَصَاحِبُ الغَارِ - يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ - وَأُمُّهُ: فَذَاتُ النِّطَاقِ - يُرِيدُ أَسْمَاءَ - وَأَمَّا خَالتُهُ: فَأُمُّ المُؤْمِنِينَ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - وَأَمَّا عَمَّتُهُ: فَزَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ خَدِيجَةَ - وَأَمَّا عَمَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَجَدَّتُهُ - يُرِيدُ صَفِيَّةَ - ثُمَّ عَفِيفٌ فِي الإِسْلامِ، قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ، وَاللَّهِ إِنْ وَصَلُونِي وَصَلُونِي مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ رَبُّونِي رَبُّونِي أَكْفَاءٌ كِرَامٌ، فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ وَالْأُسَامَاتِ وَالْحُمَيْدَاتِ يُرِيدُ أَبْطُنًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ بَنِي تُوَيْتٍ وَبَنِي أُسَامَةَ وَبَنِي أَسَدٍ، إِنَّ ابْنَ أَبِي العَاصِ بَرَزَ يَمْشِي القُدَمِيَّةَ - يَعْنِي عَبْدَ المَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ - وَإِنَّهُ لَوَّى ذَنَبَهُ - يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ -". [انظر: 4664 - فتح 8/ 326] (حجاج) أي: ابن محمد المصيصي. (شيء) أي: مخاصمة. (كتب) أي: قدر. (محلين) أي: القتال في الحرم. (وأين بهذا الأمر عنه) أي: أثر الخلافة أي: إنها ليست بعيدة عنه؛ لشرفه. وأما عمته المراد عمة أبيه. (والله إن وصلوني) أي: بنو أمية (وصلوني من قريب) أي: من أجل القرابة. (وإن ربوني أكفاء) بضم الموحدة المشددة فيهما، والثاني مع أكفاء جاء على لغة: أكلوني البراغيث وفي رواية: "ربني أكفاء" علي اللغة المشهورة والمعنى: دبروا أمري وكانوا على أمر وسادة مقدمين، وأكفاء جمع: كفء: وهو المثل.

(فآثر) بالمد أي: اختار. (التويتات) جمع تويت مصغر توت بفوقيتين أولاهما مضمومة بينهما واو ساكنة. (والحميدات) جمع حميد مصغر حمد. (والأسامات) جمع أسامة. (يريد) أي: ابن عباس من المذكورات. (ابطنا من بني أسد: بني تويت، وبني أسامة، وبني أسيد) في الثالث حذف أي، وبني حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى فالنسبة فيه إلى جد أعلى، وبني تويت في الأول بدل من بني أسد ومن ثم قال في "القاموس"، والتويتات بني تويت فعليه أسد وتويتا اسمان لمسمى واحد، أو أحدهما اسم والآخر لقب. (برز) أي: ظهر. (يمشي القدمية) بضم القاف وفتح المهملة وسكونها وكسر الميم وتشديد التحتية أي: يمشي مشية المتبختر وهو مثل أن يريد أنه ركب معالي الأمور، وتقدم في الشرف والفضل على أصحابه. (إنه) بكسر الهمزة (لوى ذنبه) بتشديد الواو وتخفيفها يعني: تخلف. (ابن الزبير) عن معالي الأمور كما تفعل السباع إذا أرادت النوم، أو وقف فلم يتقدم ولم يتأخر ولا وضع الأشياء مواضعها. 4666 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَال: "أَلا تَعْجَبُونَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ قَامَ فِي أَمْرِهِ هَذَا"، فَقُلْتُ: "لَأُحَاسِبَنَّ نَفْسِي لَهُ مَا حَاسَبْتُهَا لِأَبِي بَكْرٍ، وَلَا لِعُمَرَ، وَلَهُمَا كَانَا أَوْلَى بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْهُ"، وَقُلْتُ: "ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ، وَابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ، فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي، وَلَا يُرِيدُ ذَلِكَ"، فَقُلْتُ: "مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَعْرِضُ هَذَا مِنْ نَفْسِي، فَيَدَعُهُ وَمَا أُرَاهُ يُرِيدُ خَيْرًا، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَأَنْ يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي غَيْرُهُمْ". [انظر: 4646 - فتح 8/ 326] (عيسى) أي: ابن يونس.

10 - باب قوله: {والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب}

(أعرض) أي: أظهر. (فيدعه) أي: يتركه ولا يرض به مبني. (وما أراه) أي: ما أظنه. (وإن كان لا بد) أي: من رضائي بمن يقوم بأمور الناس. 10 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] قَال مُجَاهِدٌ: "يَتَأَلَّفُهُمْ بِالعَطِيَّةِ". (باب) ساقط من نسخة. (قوله عزَّ وجلَّ {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، وَقَال: أَتَأَلَّفُهُمْ؟ فَقَال رَجُلٌ: مَا عَدَلْتَ، فَقَال: "يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ". [انظرنا 3344 - مسلم: 1064 - فتح 8/ 330] (سفيان) أي: ابن سعيد بن مسروق الثوري. (عن ابن أبي نعيم) هو عبد الرحمن. (بعث إلى النبي) الباعث هو علي بن أبي طالب (فقال رجل) هو ذو الخويصرة. (من ضئضئ هذا) أي: من نسله. 11 - بَابُ قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 79] {يَلْمِزُونَ} [التوبة: 79]: "يَعِيبُونَ"، وَ {جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79]: "وَجَهْدَهُمْ: طَاقَتَهُمْ". (باب قوله عزَّ وجلَّ) ساقط من نسخة. {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} زاد في نسخة " {فِي الصَّدَقَاتِ} " الآية". ({يَلْمِزُونَ}) أي: (يعيبون). ({جُهْدَهُمْ}) بضم الجيم. (وجهدهم) بفتحهما معناهما:

12 - باب قوله: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} [التوبة: 80]

(طاقتهم). 4668 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَال: "لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ كُنَّا نَتَحَامَلُ، فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ، وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَال المُنَافِقُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الآخَرُ إلا رِئَاءً، فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ، وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إلا جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79] الآيَةَ. [انظر: 1415 - مسلم 1018 - فتح: 8/ 330] (عن سليمان) أي: ابن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (كنا نتحامل) أي: يحمل بعضنا بعضًا بالأجرة. (بنصف صاع) أي: من تمر. 4669 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ زَائِدَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ، فَيَحْتَالُ أَحَدُنَا حَتَّى يَجِيءَ بِالْمُدِّ، وَإِنَّ لِأَحَدِهِمُ اليَوْمَ مِائَةَ أَلْفٍ. كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ". [انظر: 1415 - مسلم 1018 - فتح 8/ 330] (زائدة) أي: ابن قدامة (كان رسول الله) إلخ مرَّ شرحه في أوائل الزكاة: (¬1). 12 - بَابُ قَوْلِهِ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] (باب: قوله) ساقط من نسخة. {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1415) كتاب: الزكاة، باب: اتقوا النار ولو بشق تمرة، والقليل من الصدقة.

تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} قوله: ({فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}) ساقط من نسخة. 4670 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ، فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُصَلِّي عَلَيْهِ، وَقَدْ نَهَاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: 80]، وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ " قَال: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، قَال: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا، وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84]. [مسلم: 2400 - فتح 8/ 333] (عن أبي أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن عبد الله) أي: ابن عمر العمري. (وسأزيده) حمل - صلى الله عليه وسلم - عدد السبعين على حقيقته وعمر على المبالغة. 4671 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، وقَال غَيْرُهُ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ، وَقَدْ قَال يَوْمَ كَذَا: كَذَا وَكَذَا، قَال: أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال: "أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ" فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَال: "إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرْ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا" قَال: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إلا يَسِيرًا، حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] إِلَى قَوْلِهِ {وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84] قَال: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى

13 - باب قوله: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا، ولا تقم على قبره} [التوبة: 84]

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. [التوبة: 84] (وقال غيره) هو أبو صالح عبد الله بن صالح. (عن عقيل) أي: ابن خالد. (أخر عني) أي: نفسك. 13 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا، وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] (باب: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4672 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ بِثَوْبِهِ، فَقَال: تُصَلِّي عَلَيْهِ وَهُوَ مُنَافِقٌ، وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ؟ قَال: "إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ - أَوْ أَخْبَرَنِي اللَّهُ - فَقَال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ، أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] فَقَال سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ، قَال: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا، وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84] [انظر: 1296 - مسلم: 2400 - فتح 8/ 337] (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (إنما خيرني الله) أي: بين الاستغفار وعدمه. (أو أخبرني الله) شك من الراوي. 14 - بَابُ قَوْلِهِ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ، فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 95]

15 - باب {يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم} إلى قوله {الفاسقين} [التوبة: 96]

(باب: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95)} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4673 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ: "وَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ بَعْدَ إِذْ هَدَانِي أَعْظَمَ مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أُنْزِلَ الوَحْيُ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} [التوبة: 95] إِلَى قَوْلِهِ {الفَاسِقِينَ} [التوبة: 96]. [انظر: 2757 - مسلم 716، 2769 - فتح: 8/ 340] (يحيى) أي: ابن عبد الله بن بكير المخزومي. (أن لا أكون كذبته) بدل من صدقي فلا ليست زائدة فسقط ما قيل: إنها زائدة. ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 15 - باب {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ} إلى قوله {الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 96]. (باب: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ} إلى قوله: {الْفَاسِقِينَ} ساقط من نسخة. باب قَوْلِهِ {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)} [التوبة: 102] [فتح: 8/ 340] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3951) كتاب: المغازي، باب: قصة غزوة بدر.

16 - باب قوله {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113]

(باب) ساقط من نسخة، وفي أخرى بدله: "قوله عزَّ وجلَّ" {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)} أي: بيان ما جاء في ذلك، وفي نسخة: عقب ({بِذُنُوبِهِمْ}) "الآية". 4674 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ هُوَ ابْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فَابْتَعَثَانِي، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ، وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، قَالا لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ، فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا، قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالا: أَمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ، وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ، فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ. [انظر: 845 - مسلم: 2275 - فتح 8/ 341] (مؤمل) أي: ابن هشام اليشكري. (أبو رجاء) هو عمران العطاردي. (آتيان) أي: ملكان. (فابتعثاني) أي: من النوم. (أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن) كان تامة، والجملة بعدها حال بدون الواو نحو {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36]. 16 - باب قَوْلِهِ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] (باب قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} أي: بيان ما جاء في ذلك.

17 - باب قوله: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم (117)} [التوبة: 117]

4675 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْ عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ"، فَقَال أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ"، فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى، مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ} [التوبة: 113]. (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (أبو جهل) هو عمرو بن هشام. ومرَّ الحديث في كتاب: الجنائز، في باب: إذا قال المشرك عند المغرب لا إله إلا الله (¬1). 17 - باب قَوْلِهِ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)} [التوبة: 117] (باب قوله) ساقطة من نسخة. {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} الآية) ساقها في نسخة بتمامها. 4676 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال أَخْبَرَنِي يُونُسُ، ح قَال أَحْمَدُ: وَحَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فِي حَدِيثِهِ: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] قَال: فِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (1360) كتاب: الجنائز، باب: إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا الله.

18 - باب {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم (118)} [التوبة: 118]

آخِرِ حَدِيثِهِ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". [انظر: 2757 - مسلم: 716، 2769 - فتح: 8/ 341] (ابن وهب) هو عبد الله المصري. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (قال أحمد) أي: ابن صالح. (عنبسة) أي: ابن خالد بن يزيد الأيلي، والحاصل: أن ابن صالح روى الحديث عن ابن وهب، وعن عنبسة. (وكان قائد كعب من بنيه) أي: وكان عبد الله بن كعب قائد أبيه كعب من بين أبنائه وهم عبد الله، وعبد الرحمن، وعبيد الله، ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 18 - باب {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)} [التوبة: 118] (باب قوله) ساقط من نسخة. ({وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ}) الآية) ساق في نسخة الآية بتمامها والثلاثة الذين خلفوا هم: كعب، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية. 4677 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، أَنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَهُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - وَهُوَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ، أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ، غَيْرَ غَزْوَتَيْنِ غَزْوَةِ العُسْرَةِ، وَغَزْوَةِ بَدْرٍ - قَال: فَأَجْمَعْتُ صِدْقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى، وَكَانَ قَلَّمَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (3951) كتاب: المغازي، باب: قصة غزوة بدر.

يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إلا ضُحًى، وَكَانَ يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلامِي، وَكَلامِ صَاحِبَيَّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ كَلامِ أَحَدٍ مِنَ المُتَخَلِّفِينَ غَيْرِنَا، فَاجْتَنَبَ النَّاسُ كَلامَنَا، فَلَبِثْتُ كَذَلِكَ حَتَّى طَال عَلَيَّ الأَمْرُ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فَلَا يُصَلِّي عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ يَمُوتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكُونَ مِنَ النَّاسِ بِتِلْكَ المَنْزِلَةِ فَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلَا يُصَلِّي وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَنَا عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ بَقِيَ الثُّلُثُ الآخِرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي مَعْنِيَّةً فِي أَمْرِي، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ تِيبَ عَلَى كَعْبٍ" قَالتْ: أَفَلا أُرْسِلُ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ؟ قَال: "إِذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ فَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ" حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الفَجْرِ آذَنَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا، وَكَانَ إِذَا اسْتَبْشَرَ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ القَمَرِ، وَكُنَّا أَيُّهَا الثَّلاثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا عَنِ الأَمْرِ الَّذِي قُبِلَ مِنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ اعْتَذَرُوا، حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ لَنَا التَّوْبَةَ، فَلَمَّا ذُكِرَ الَّذِينَ كَذَبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المُتَخَلِّفِينَ وَاعْتَذَرُوا بِالْبَاطِلِ، ذُكِرُوا بِشَرِّ مَا ذُكِرَ بِهِ أَحَدٌ، قَال اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ، قُلْ: لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ، وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 94] الآيَةَ. [مسلم: 746، 2769 - فتح: 8/ 342] (محمد) أي: ابن النضر النيسابوري. (غزوة العسرة) هي غزوة تبوك. (ولا يصلي علي) في نسخة: ولا يسلم علي. (معنية) بفتح الميم وسكون المهملة، وكسر التحتية وفتح النون من الإعتناء، وفي نسخة: بضم الميم وكسر المهملة وسكون التحتية وفتح النون من الإعانة. (يحطمكم) بحاء مهملة من الحطم وهو الدوس، وفي نسخة: "يخطفكم" بخاء معجمة وفاء بدل الميم من الخطف وهو مجاز عن الازدحام. (كأنه قطعة من القمر) شبهه به دون الشمس؛ لأنه يملأ الأرض بنوره. ومرَّ الحديث بشرحه في المغازي (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4418) كتاب: المغازي، باب: حديث كعب بن مالك.

19 - باب {يا أيها الذين آمنوا، اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119]

19 - بَابُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] 4678 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ " فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَبْلاهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الحَدِيثِ أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلانِي، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ، وَالأَنْصَارِ} [التوبة: 117] إِلَى قَوْلِهِ {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]. [مسلم: 716 - فتح 8/ 343] (باب) ساقط من نسخة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)}. أي: بيان ما جاء في ذلك مع أنه مَرَّ في المغازي (¬1). 20 - باب قَوْلِهِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128] مِنَ الرَّأفَةِ. (باب قوله - عزَّ وجلَّ -: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} أي: بيان ما جاء في ذلك. (من الرأفة) هي أشد الرحمة، واقتصر في نسخة على "قوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ} ". ¬

_ (¬1) التخريج السابق.

4679 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الوَحْيَ - قَال: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ اليَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي، فَقَال: إِنَّ القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بِالقُرَّاءِ فِي المَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ إلا أَنْ تَجْمَعُوهُ، وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ القُرْآنَ"، قَال أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ لِعُمَرَ: "كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " فَقَال عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي، وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَال زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، وَلَا نَتَّهِمُكَ، "كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ، قُلْتُ: "كَيْفَ تَفْعَلانِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " فَقَال أَبُو بَكْرٍ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ، وَالعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} [التوبة: 128] إِلَى آخِرِهِمَا، وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا القُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وَاللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَال: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَقَال مُوسَى: عَنْ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ، وَتَابَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَال أَبُو ثَابِتٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ. وَقَال: مَعَ خُزَيْمَةَ أَوْ أَبِي خُزَيْمَةَ. [انظر: 2807 - فتح 8/ 344] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع (أخبرنا شعيب) أي: ابن أبي حمزة.

10 - سورة يونس

(مقتل أهل اليمامة) بالنصب (¬1) أي: في أيام مقاتلة الصحابة مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة. (أن يستحر القتل) أي: يكثر. (إنك رجل شاب) أشار به إلى نشاطه وقوته. (والعسب) بضم المهملتين جمع عسيب: وهو عريض سعف النخل أي: جريده (تابعه) أي: شعيبًا. (عن إبراهيم) أي: ابن سعيد. (أو أبي خزيمة) شك من الراوي. 10 - سُورة يُونُس 1 - باب وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ} [يونس: 24]: "فَنَبَتَ بِالْمَاءِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ" وَ {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الغَنِيُّ} [يونس: 68] وَقَال زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} [يونس: 2]: "مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَقَال مُجَاهِدٌ: "خَيْرٌ"، يُقَالُ: {تِلْكَ آيَاتُ} [البقرة: 252]: "يَعْنِي هَذِهِ أَعْلامُ القُرْآنِ"، وَمِثْلُهُ: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]: "المَعْنَى بِكُمْ"، يُقَالُ: {دَعْوَاهُمْ} [الأعراف: 5] "دُعَاؤُهُمْ"، {أُحِيطَ بِهِمْ} [يونس: 22]: "دَنَوْا مِنَ الهَلَكَةِ"، {أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} [البقرة: 81]، فَاتَّبَعَهُمْ: "وَأَتْبَعَهُمْ وَاحِدٌ"، {عَدْوًا} [البقرة: 97]: "مِنَ العُدْوَانِ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالهُمْ بِالخَيْرِ} [يونس: 11]: "قَوْلُ الإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ وَمَالِهِ إِذَا غَضِبَ: اللَّهُمَّ لَا تُبَارِكْ فِيهِ وَالعَنْهُ". {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس: 11]: "لَأُهْلِكُ مَنْ دُعِيَ ¬

_ (¬1) فهي منصوبة على الظرفية.

عَلَيْهِ وَلَأَمَاتَهُ"، {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى} [يونس: 26]: "مِثْلُهَا حُسْنَى". {وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]: "مَغْفِرَةٌ وَرِضْوَانٌ" وَقَال غَيْرُهُ: "النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ الكِبْرِيَاءُ المُلْكُ". [فتح: 8/ 345] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مؤخرة في نسخة عن قوله: (سورة يونس) أي: بيان ما جاء في آيات منها. (وقال ابن عباس) في نسخة "باب، وقال ابن عباس". (وقال زيد بن أسلم) إلى آخره، فسر فيه ({قَدَمَ صِدْقٍ}) بـ (محمد - صلى الله عليه وسلم -) وفسره مجاهد بالخير. (يقال: {تِلْكَ آيَاتُ} يعني: هذه أعلام القرآن) فسر فيه (تلك) بهذه. (مثله) أي: مثل ما ذكر قبله ({حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}) (المعنى: بكم). وجه المماثلة بينهما: أن (تلك) بمعنى: هذه، فكذا (بهم) بمعنى: بكم حيث صرف الكلام فيه عن الخطاب إلى الغيبة كما صرف في الأول اسم الإشارة عن القريب إلى البعيد. ({فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ}) أي: (فنبت بالماء من كل لون) أي: من كل ذي لون كحنطة وشعير وغيرهما. ({قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ}) ساقط من نسخة. ({دَعْوَاهُمْ}) أي: (دعاؤهم). ({أُحِيطَ بِهِمْ}) أي: (دنوا من الهلكة) أي: قربوا منها. ({وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}) أي: استولت عليه ({فَاتَّبعَهُم}) بتشديد التاء من الاتِّباع بتشديدها أيضًا. (وأتبعهم) بفتح الهمزة وسكون التاء من الإتباع بسكونها أيضًا. (واحد) أي: في المعنى. ({عَدُوًّا}) في قوله تعالى: {بَغْيًا وَعَدْوًا}. (من العدوان) أي: مأخوذا منه. (قول الإنسان) خبر مبتدإٍ محذوف أي: هو قول الإنسان. (وقال مجاهد) إلى آخره أي: في آية ({وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ}) معناه: ولو يعجل الله للناس الشر إذا دعوه على أنفسهم وإهلهم وأموالهم عند الغضب كما يعجل لهم

2 - باب {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر، فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا، حتى إذا أدركه الغرق قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} [يونس: 90]

الخير. ({لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}) أي: (لأهلك من دعي عليه ولأماته) وعَطْفُ (لأماته) على (لأهلك) من عطف الخاص على العام. ({لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى}) معناه: (مثلها حسنى) أي: مثل حسناهم حسنى، وفسر غيره الحسنى بالجنة. ({وَزِيَادَةٌ}) هي (مغفرة ورضوان وقال غيره) هي (النظر إلى وجهه) الكريم وهذا ساقط من نسخة ({الْكِبْرِيَاءُ}) أي: (الملك). 2 - بَابُ {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ البَحْرَ، فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا، حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الغَرَقُ قَال: آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ} [يونس: 90] {نُنَجِّيكَ} [يونس: 92]: "نُلْقِيكَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَهُوَ النَّشَزُ: المَكَانُ المُرْتَفِعُ. (باب) ساقط من نسخة. ({وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَال آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ} أي: أتؤمن وقت الاضطرار. {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} وقوله: ({فَأَتْبَعَهُمْ}) إلخ ساقط من نسخة. (النشز) بفتح النون والمعجمة أي: (المكان المرتفع) عن جوانبه. 4680 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَاليَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوا". [انظر: 2004 - مسلم: 1130 - فتح: 8/ 348]

11 - سورة هود

(غندر) هو محمد بن حفص. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي بشر) هو جعفر ابن أبي وحشية. (قد النبي ..) إلخ، مرَّ شرحه في كتاب: الصيام وغيره (¬1). 11 - سورة هُودٍ وَقَال أَبُو مَيْسَرَةَ: "الأَوَّاهُ: الرَّحِيمُ بِالحَبَشِيَّةِ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: (بَادِئَ الرَّأْيِ): "مَا ظَهَرَ لَنَا" وَقَال مُجَاهِدٌ: {الجُودِيُّ} [هود: 44]: "جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ" وَقَال الحَسَنُ: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الحَلِيمُ} [هود: 87]: "يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَقْلِعِي} [هود: 44]: "أَمْسِكِي"، {عَصِيبٌ} [هود: 77]: "شَدِيدٌ". {لَا جَرَمَ} [هود: 22]: "بَلَى". {وَفَارَ التَّنُّورُ} [هود: 40]: "نَبَعَ المَاءُ" وَقَال عِكْرِمَةُ: "وَجْهُ الأَرْضِ". [فتح: 8/ 848] (سورة هود) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (عصيب) أي: (شديد). ({لَا جَرَمَ}) أي: (بلى). (وقال غيره) أي: حقًّا. ({وَحَاقَ}) أي: (نزل). (من يئست) مشتق من اليأس أي: انقطاع الرجاء. ({تَبْتَئِسْ}) تحزن ({يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ}) من الثني وهو (شك وامتراء في الحق. {ليستخفوا منه}) أي: (من الله) وقيل: من النبي. ({الأواه}) أي: (الرحيم). ({بادئ الرَّأي}) أي: (ما ظهر لنا). ({إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ}) أي: (يستهزؤن به) أي: قال قوم شعيب ذلك له استهزاء به. ({أَقْلِعِي}) أي: (أمسكي). ({عَصِيبٌ}) .. إلخ تكرار. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2004) كتاب: الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء. وبرقم (3397) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)}.

1 - باب {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور (5)} [هود: 5]

({وَفَارَ التَّنُّورُ} أي: (نبع الماء) فيه وارتفع. (وقال عكرمة) التنور (وجه الأرض) وهو أشرف موضع فيها. 1 - باب {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5)} [هود: 5]. وَقَال غَيْرُهُ: {وَحَاقَ} [هود: 8]: "نَزَلَ". {يَحِيقُ} [فاطر: 43]: "يَنْزِلُ". {يَئُوسٌ}: "فَعُولٌ مِنْ يَئِسْتُ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {تَبْتَئِسْ} [هود: 36]: "تَحْزَنْ". {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هود: 5]: "شَكٌّ وَامْتِرَاءٌ فِي الحَقِّ". {لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ} [هود: 5]: "مِنَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا". ({أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ}) إلخ ظاهره: أنه ترجمة ويؤيده أن في نسخة: (باب) ({أَلَا إِنَّهُمْ} لكن يبعده قوله: (وقال غيره) أي: غير عكرمة ({وَحَاقَ} نزل) والحق أن هذا مع ما قبله وما بعده تكرار، وفي ({يَثْنُونَ}) قراءة. 4681 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَال: قَال ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقْرَأُ: "أَلا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ" قَال: سَأَلْتُهُ عَنْهَا. فَقَال: "أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ". [4682، 4683 - فتح: 8/ 349] (حجاج) أي: ابن محمد الأعور. (أنه سمع ابن عباس يقرأ {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ}. بفوقية أو تحتية مفتوحة، وبفتح النون الأولى وكسر الثانية بعدها ياء ورفع صدورهم بالفاعلية أي: تلتوي.

2 - باب قوله {وكان عرشه على الماء} [هود: 7]

4682 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَرَأَ: أَلا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ قُلْتُ: يَا أَبَا العَبَّاسِ مَا تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ؟ قَال: "كَانَ الرَّجُلُ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ فَيَسْتَحِي أَوْ يَتَخَلَّى فَيَسْتَحِي" فَنَزَلَتْ: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هود: 5]. [فتح: 8/ 349] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. 4683 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَال: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ، أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} [هود: 5]- وَقَال غَيْرُهُ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - {يَسْتَغْشُونَ} [هود: 5]: "يُغَطُّونَ رُءُوسَهُمْ" {سِيءَ بِهِمْ} [هود: 77]: "سَاءَ ظَنُّهُ بِقَوْمِهِ"، {وَضَاقَ بِهِمْ} [هود: 77]: "بِأَضْيَافِهِ". {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 81]: "بِسَوَادٍ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {إِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88]: "أَرْجِعُ". [فتح: 8/ 350] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. (وقال غيره) أي: ابن عيينة. ({يستغيثون}) أي: (يغطون رءوسهم سيء بهم}) أي: ساء ظنه بقومه ({وَضَاقَ بِهِمْ}) أي: (بأضيافه) ({بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}) أي: (بسواد). ({وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}) أي: (أرجع). 2 - باب قَوْلِهِ {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] (باب) ساقط من نسخة ({وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4684 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَقَال: يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَال: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى

المَاءِ، وَبِيَدِهِ المِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ". [5352، 7411، 7419، 7496 - مسلم: 993 - فتح: 8/ 352] {اعْتَرَاكَ} [هود: 54]: "افْتَعَلَكَ، مِنْ عَرَوْتُهُ أَيْ أَصَبْتُهُ، وَمِنْهُ يَعْرُوهُ وَاعْتَرَانِي" {آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: 56]: "أَيْ فِي مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ"، {عَنِيدٌ} [هود: 59]: "وَعَنُودٌ وَعَانِدٌ وَاحِدٌ، هُوَ تَأْكِيدُ التَّجَبُّرِ"، {اسْتَعْمَرَكُمْ} [هود: 61]: "جَعَلَكُمْ عُمَّارًا، أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهِيَ عُمْرَى جَعَلْتُهَا لَهُ"، {نَكِرَهُمْ} [هود: 70]: "وَأَنْكَرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ"، {حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73]: "كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ، مَحْمُودٌ مِنْ حَمِدَ"، {سِجِّيلٌ} [هود: 82]: "الشَّدِيدُ الكَبِيرُ، سِجِّيلٌ وَسِجِّينٌ، وَاللَّامُ وَالنُّونُ أُخْتَانِ، وَقَال تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ: وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ البَيْضَ ضَاحِيَةً ... ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّينَا (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (لا تغيضها) أي: لا تنقصها. (سحاء الليل والنهار) بنصبها على الظرفية، وسحاء، أي: دائمة الصب بالعطاء، ووزنها فعلاء ولا أفعل لها كهطلاء ويروى سحاء بالتنوين على المصدر. (وبيده الميزان) كناية عن العدل بين الخلق. ({اعْتَرَاكَ}) وزنه: (افتعلت) لا معنى لذكر التاء في الوزن فيكفي افتعل، وهذا مع قوله ساقط من نسخة. ({آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}) (أي: في ملكه وسلطانه). الآن أي: مالكها وقاهرها وخصَّ (الناصية) بالذكر؛ لأن من أخذ بناصيته يكون في غاية الذل ({حَمِيدٌ مَجِيدٌ}) لا فائدة لذكرها بلا تفسير ويذكر ما يتعلق بها ({سِجِّيلٍ}) أي: (الشديد الكبير سجيل) ... إلخ أشار به إلى ان سجيلًا وسجينا واحد في

3 - باب {وإلى مدين أخاهم شعيبا} [هود: 84]

المعنى، وقوله: (أختان) أي: من حيث أنهما من حروف الزوائد وأن كلًّا منهما يقلب عن الآخر. (ورجلة) بالجر أي: ورب رجلةٍ قاله الكرماني. بمعنى رجالة ضد الفرسان (¬1). (يضربون البيض) بكسر الموحدة جمع أبيض وهو السيف، أي: يضربون بها. (صاحية) أي: ظاهرة. (تواصى) أي: تتواصى فحذفت إحدى التاءين وروي: تواصت بالتاء. (سجينا) الشاهد فيه إذ أصله سجيل فأبدلت اللام نونًا. ({وَاسْتَعْمَرَكُمْ}) أي: (جعلكم عمارًا) فالسين زائدة. ({نَكِرَهُمْ} وأنكرهم واستنكرهم واحدٌ) أي: في المعنى والسين زائدة. ({حَمِيدٌ مَجِيدٌ}) كأنه أي: كلا من حميد ومجيد وحقه أن يقول: هو فعيل بلا شك فمجيؤه (من ماجد) أي: بمعناه حميد بمعنى: محمود، وهو المراد بقوله: (محمود من حمد) بالبناء للمفعول ففي كلامه لف ونشر غير مرتب. 3 - باب {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [هود: 84] إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، لِأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ"، وَمِثْلُهُ {وَاسْأَلِ القَرْيَةَ} [يوسف: 82]: "وَاسْأَلِ العِيرَ، يَعْنِي أَهْلَ القَرْيَةِ وَأَصْحَابَ العِيرِ"، {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [هود: 92]: "يَقُولُ لَمْ تَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ، وَيُقَالُ: إِذَا لَمْ يَقْضِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ، ظَهَرْتَ بِحَاجَتِي، وَجَعَلْتَنِي ظِهْرِيًّا، وَالظِّهْرِيُّ هَا هُنَا: أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ"، {أَرَاذِلُنَا} [هود: 27]: "سُقَّاطُنَا إِجْرَامِي هُوَ مَصْدَرٌ مِنْ أَجْرَمْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ جَرَمْتُ". ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 7/ 154.

4 - باب قوله: {ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: 18]

{الفُلْكَ} [الأعراف: 64]: "وَالفَلَكُ وَاحِدٌ، وَهْيَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ" (مُجْرَاهَا) " مَدْفَعُهَا، وَهُوَ مَصْدَرُ أَجْرَيْتُ، وَأَرْسَيْتُ: حَبَسْتُ"، وَيُقْرَأُ: (مَرْسَاهَا): "مِنْ رَسَتْ هِيَ" (وَمَجْرَاهَا): "مِنْ جَرَتْ هِيَ"، وَ (مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا): "مِنْ فُعِلَ بِهَا"، {رَاسِيَاتٌ} [سبأ: 13]: "ثَابِتَاتٌ". [فتح: 8/ 353] ({أَرَاذِلُنَا}) أي: (سقاطنا). (الفلك والفلك) بضم الفاء وسكون اللام فيها أي: مفردة وجمعه. (واحد) أي: في الوزن لكن ضمة المفرد ضمة فُعْل وضمة الجمع ضمة أُسد، قال تعالى: ({فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}) وقال: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} ({مَجْرَاهَا}) أي: (مدفعها). (الراسيات) أي: في قوله تعالى في سورة سبأ. {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} أي: (ثابتات) ذكره هنا؛ لمناسبته قوله: ({وَمُرْسَاهَا}) أي: منتهى سيرها (عنيد، وعنود، وعاند واحد) أي: في المعنى هو أي: عنيد تأكيد (التجبر) القائم بجبار في قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ}. {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} هذا مع بعده إلى قوله: (يستظهر به) ساقط من نسخة. 4 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] وَاحِدُ الأَشْهَادِ: شَاهِدٌ مِثْلُ: صَاحِب وَأَصْحَابٍ. (باب) ساقط من نسخة. ({وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4685 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، قَالاَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، قَالَ: بَيْنَا ابْنُ عُمَرَ يَطُوفُ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا

5 - باب قوله: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} [هود: 102]

أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ - أَوْ قَال: يَا ابْنَ عُمَرَ - سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّجْوَى؟ فَقَال سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يُدْنَى المُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ - وَقَال هِشَامٌ: يَدْنُو المُؤْمِنُ - حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ يَقُولُ: أَعْرِفُ، يَقُولُ: رَبِّ أَعْرِفُ مَرَّتَيْنِ، فَيَقُولُ: سَتَرْتُهَا فِي الدُّنْيَا، وَأَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، ثُمَّ تُطْوَى صَحِيفَةُ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الآخَرُونَ - أَو الكُفَّارُ - فَيُنَادَى عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ: {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] " وَقَال شَيْبَانُ: عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ. [انظر: 2441 - مسلم: 2768 - فتح 8/ 353] (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (وهشام) أي: ابن أبي عبد الله الدستوائي. (قتادة) أي: ابن دعامة. (حتى يضع عليه كنفه) أي: يستره والكنف في الأصل الجانب والناحية فهو والدنو في الحديث مجازان؛ لاستحالة حقيقتهما على الله تعالى (وقال شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. ومرَّ الحديث في المظالم باب: قوله {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (¬1). 5 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] {الرِّفْدُ المَرْفُودُ} [هود: 99]: "العَوْنُ المُعِينُ، رَفَدْتُهُ: أَعَنْتُهُ"، {تَرْكَنُوا} [هود: 113]: "تَمِيلُوا"، {فَلَوْلا كَانَ} [هود: 116]: "فَهَلَّا كَانَ"، {أُتْرِفُوا} [هود: 116] "أُهْلِكُوا" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ شَدِيدٌ وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (2441) كتاب المظالم، باب: قول الله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}.

6 - باب قوله {: وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل، إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} [هود: 114]

(باب) ساقط من نسخة. ({وكَذَلِكَ أَخذُ رَبِك إذا أخَذَ القُرى وَهْيَ ظالمةٌ إن أَخْذَهُ أليمٌ شديدٌ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. ({الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ}) أي: (العون المعين) يقال: (رفدته) أي: (أعنته) ({تَرْكَنُوا}) أي: (تميلوا). ({فَلَوْلَا كَانَ}) أي: (فهلا كان) ({أُتْرِفُوا}) أي: (أهلكوا) ({زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ}) أي: (صوت شديد وصوت ضعيف). 4686 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ" قَال: ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102]. [مسلم: 2583 - فتح: 8/ 354] (معاوية) هو محمد بن خازم. 4687 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ هُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] قَال الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ؟ قَال: "لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي". [انظر: 526 - مسلم: 2763 - فتح: 8/ 355] 6 - بَابُ قَوْلِهِ {: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] وَزُلَفًا: سَاعَاتٍ بَعْدَ سَاعَاتٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ المُزْدَلِفَةُ، الزُّلَفُ مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ، وَأَمَّا {زُلْفَى} [سبأ: 37]: فَمَصْدَرٌ مِنَ القُرْبَى، ازْدَلَفُوا: اجْتَمَعُوا، {أَزْلَفْنَا} [الشعراء: 64]: جَمَعْنَا.

12 - سورة يوسف

(باب) ساقط من نسخة. ({وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}) .. إلخ أي: بيان ما جاء في ذلك. ({وَزُلَفًا}) أي: (ساعات بعد ساعات، ومنه سميت المزدلفة) أي: لمجيء الناس إليها في ساعات من الليل أو لأزدلافهم وأقترابهم إليها. (الزلف: منزلة بعد منزلة) أشار به إلى أن الزلف تأتي بمعنى: المنازل ({وَأَزْلَفْنَا}) أي: (جمعنا). 12 - سورة يُوسُفَ وَقَال فُضَيْلٌ: عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {مُتَّكَأً} [يوسف: 31]: "الأُتْرُجُّ"، قَال فُضَيْلٌ: "الأُتْرُجُّ بِالحَبَشِيَّةِ: مُتْكًا " وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: "مُتْكًا، قَال: كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ بِالسِّكِّينِ " وَقَال قَتَادَةُ: {لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} [يوسف: 68]: "عَامِلٌ بِمَا عَلِمَ" وَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: {صُوَاعَ} [يوسف: 72]: "المَلِكِ مَكُّوكُ الفَارِسِيِّ الَّذِي يَلْتَقِي طَرَفَاهُ، كَانَتْ تَشْرَبُ بِهِ الأَعَاجِمُ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {تُفَنِّدُونِ} [يوسف: 94]: "تُجَهِّلُونِ" وَقَال غَيْرُهُ: {غَيَابَةٌ} [يوسف: 10]: "كُلُّ شَيْءٍ غَيَّبَ عَنْكَ شَيْئًا فَهُوَ غَيَابَةٌ، وَالجُبُّ الرَّكِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ"، {بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17]: "بِمُصَدِّقٍ"، {أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152]: "قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي النُّقْصَانِ، يُقَالُ: بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغُوا أَشُدَّهُمْ، وَقَال بَعْضُهُمْ: وَاحِدُهَا شَدٌّ. وَالمُتَّكَأُ: مَا اتَّكَأْتَ عَلَيْهِ لِشَرَابٍ أَوْ لِحَدِيثٍ أَوْ لِطَعَامٍ، وَأَبْطَلَ الَّذِي قَال: الأُتْرُجُّ، وَلَيْسَ فِي كَلامِ العَرَبِ الأُتْرُجُّ، فَلَمَّا احْتُجَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ المُتَّكَأُ مِنْ نَمَارِقَ، فَرُّوا إِلَى شَرٍّ مِنْهُ، فَقَالُوا: إِنَّمَا هُوَ المُتْكُ، سَاكِنَةَ التَّاءِ، وَإِنَّمَا المُتْكُ طَرَفُ البَظْرِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا: مَتْكَاءُ وَابْنُ المَتْكَاءِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أُتْرُجٌّ فَإِنَّهُ بَعْدَ المُتَّكَإِ"، {شَغَفَهَا} [يوسف: 30]: "يُقَالُ: بَلَغَ شِغَافَهَا، وَهُوَ غِلافُ قَلْبِهَا، وَأَمَّا شَعَفَهَا

فَمِنَ المَشْعُوفِ"، {أَصْبُ} [يوسف: 33] "أَمِيلُ، صَبَا مَال". {أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} [يوسف: 44]: "مَا لَا تَأْويلَ لَهُ، وَالضِّغْثُ: مِلْءُ اليَدِ مِنْ حَشِيشٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَمِنْهُ " {وخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} [ص: 44] "لَا مِنْ قَوْلِهِ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ، وَاحِدُهَا ضِغْثٌ"، {نَمِيرُ} [يوسف: 65]: "مِنَ المِيرَةِ"، {وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} [يوسف: 65]: "مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ"، أَوَى إِلَيْهِ: "ضَمَّ إِلَيْهِ"، {السِّقَايَةُ} [يوسف: 70]: "مِكْيَالٌ"، {تَفْتَأُ} [يوسف: 85]: "لَا تَزَالُ"، {حَرَضًا} [يوسف: 85]: "مُحْرَضًا، يُذِيبُكَ الهَمُّ"، {تَحَسَّسُوا}: "تَخَبَّرُوا"، {مُزْجَاةٍ} [يوسف: 88]: "قَلِيلَةٍ"، {غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} [يوسف: 107]: "عَامَّةٌ مُجَلِّلَةٌ". (سورة يوسف) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (وقال فضيل) أي: ابن عياض. (عن حصين) أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (عن مجاهد: متكأ) بضم الميم وسكون الفوقية وفتح الكاف وتنوين الهمزة فيما قرأ به مجاهد. (الأترج) في نسخة: "الأترنج" وهي الأصل لكنهم قد يدغمون النون في الجيم، وأما على قراءة ({مُتَّكَأً}) بتشديد الفوقية وفتح الكاف والهمزة فسيأتي تفسيره. ({لَذُو عِلْمٍ}) أي: (عامل بما علم) حمل العلم على العمل؛ لأنه المقصود ونفاه غيره على ظاهره. ({صُوَاعَ}) أي: في قوله تعالى: {نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} أي: (مكوك الفارسي الذي يلتقي طرفاه كانت تشرب به الأعاجم) وهو بتشديد الكاف الأولى مكيال معروف، قيل: كان من فضة، وقيل: من ذهب، وقيل: من فضة مرصعة بالجواهر، وقيل: من زبرجد. ({تُفَنِّدُونِ}) أي: (تجهلون) (وقال غيره) أي: غير ابن عباس في تفسير: ({غَيَابَتِ الْجُبِّ} كل شيء غيب عنك شيئًا فهو غيابة) (والجب) هو (الركية) وهي البئر (التي لم تطو) بالبناء ({بِمُؤْمِنٍ لَنَا}) أي: (بمصدق لنا). (والمتكأ معناه: ما اتكأت عليه من الوسائد؛ لشراب، أو لحديث، أو لطعام وأبطل) إلى آخره أي: وأبطل البخاريٌ قول الذي

1 - باب قوله: {ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق} [يوسف: 6]

قال: إنه الأترج (وليس في كلام العرب الأترج) رُدَّ بأن فيه ذلك كما صرَّح به صاحب "المحكم" ونقله الجوهري عن الأخفش (¬1) فعليه يكون المتكأ بالتشديد مشتركًا (هو غلاف قلبها) أي: وهو جلدة رقيقة. ({أَصْبُ}) أي: (أميل) ({أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} ما لا تأويل له، والضعث) أي: في قوله تعالى في سورة ص: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} هو (ملء اليد من حشيش أو نحوه) وذكره هنا لمناسبته ({أَضْغَاثُ}) لفظًا ({وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ}) أي: (ما يحمل بعير) ({اسْتَيْأَسُوا}) أي: (يئسوا) ({خَلَصُوا}) أي: (اعترفوا) هو تعريف باللازم وإلا فالأولى "اعتزلوا" كما في نسخة. ({نَجِيًّا}) مصدر يصلح للواحد وغيره كما ذكر بعد، أي: يناجي بعضهم بعضًا (والجمع أنجية) بمعنى: أنهم (يتناجون) في أنفسهم (الواحد: نجي والاثنان والجمع نجي)؛ لكونه مصدرًا كما علم، و (أنجية) أشار به إلى أن (نجيا) إذا جُمِعَ، جُمِعَ على (أنجية) مع أنه علم مما قبله. ({تَفْتَؤُأ}) أي: (لا تزال) ({مُزْجَاةٍ}) أي: (قليلة) ({غَاشِيَةٌ} من عذاب الله) أي: نقمة (عامة مجلله) لهم، وقوله: ({غَاشِيَةٌ}) إلخ تقدم في نسخة على قوله: ({مُزْجَاةٍ}: قليلة) ونسخ البخاري مختلفة هنا أيضًا في غير ذلك بالتقديم والتأخير ({حَرَضًا}) أي: (محرضًا) بفتح الراء أي: (يذيبك. الهم). ({فَتَحَسَّسُوا}) أي: (تخيروا) أي: اطلبوا الخير. 1 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} [يوسف: 6] (باب) ساقط من نسخة. (قوله: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [وكأ] 1/ 82.

2 - باب قوله: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} [يوسف: 7]

يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} الآية) أي بيان ما جاء في ذلك. 4688 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الكَرِيمُ ابْنُ الكَرِيمِ ابْنِ الكَرِيمِ ابْنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ". [انظر: 3382 - فتح: 8/ 361] (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (الكريم ابن الكريم ...) إلخ مرَّ مرارًا في كتاب: الأنبياء (¬1). 2 - بَابُ قَوْلِهِ: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7] (باب) ساقط من نسخة. (قوله: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)} أي: بيان ما جاء ذلك. 4689 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ قَال: "أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ" قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَال: "فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ"، قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَال: "فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي" قَالُوا: نَعَمْ، قَال: "فَخِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقِهُوا" تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. [انظر: 3353 - مسلم: 2378 - فتح: 8/ 362] (محمد) أي: ابن سلام. (عبدة) أي: ابن سليمان. (عن عبيد الله) ¬

_ (¬1) سبق برقم (3382) كتاب: الأنبياء، باب: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ}.

3 - باب قوله: {قال: بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل} [يوسف: 18]

أي: العمري. (تابعه) أي: عبدة. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. ومرَّ الحديث في كتاب: الأنبياء أيضًا (¬1). 3 - بَابُ قَوْلِهِ: {قَال: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف: 18] {سَوَّلَتْ} زَيَّنَتْ. (باب) ساقط من نسخة. ({قَال بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا}) أي: بيان ما جاء في ذلك. (سولت) أي: زينت. 4690 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: ح وَحَدَّثَنَا الحَجَّاجُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَال لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ، كُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ"، قُلْتُ: إِنِّي وَاللَّهِ لَا أَجِدُ مَثَلًا، إلا أَبَا يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ. [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح: 8/ 362] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (الحجاج) أي: ابن منهال الأنماطي. (قال لها أهل الإفك ..) إلخ مرَّ شرحه في باب: الإفك (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3353) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا}. (¬2) سبق برقم (4141) كتاب: المغازي، باب: حديث الإفك.

4 - باب قوله: {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب، وقالت: هيت لك} [يوسف: 23]

4691 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ، قَال: حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَهْيَ أُمُّ عَائِشَةَ، قَالتْ: بَيْنَا أَنَا وَعَائِشَةُ أَخَذَتْهَا الحُمَّى، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَلَّ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ" قَالتْ: نَعَمْ، وَقَعَدَتْ عَائِشَةُ، قَالتْ: مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ، {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]. [انظر: 3388 - فتح: 8/ 363] (موسى) أي: ابن إسماعيل. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن حصين) أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن مسروق) أي: (ابن الأجدع). (بينا أنا وعائشة) إلخ مرَّ في غزوة أنمار (¬1)، وقوله: (لعل في حديث) أي: لعل الذي حصل لعائشة من أجل حديث تحدث به في حقها. 4 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ، وَقَالتْ: هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23] وَقَال عِكْرِمَةُ: "هَيْتَ لَكَ بِالحَوْرَانِيَّةِ: هَلُمَّ. وَقَال ابْنُ جُبَيْرٍ: "تَعَالهْ". (باب) ساقط من نسخة. {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالتْ هَيْتَ لَكَ} أي: بيان ما جاء في ذلك. ({هَيْتَ لَكَ}) بالحوارنية أي: بلغتها معناه: (هلم). (وقال ابن جبير) معناه: (تعاله) بهاء السكت، وقوله: بالحوارنية هو على قول من رأى (هيت) ¬

_ (¬1) سبق برقم (4140) كتاب: المغازي، باب: غزوة أنمار.

معربة والجمهور على أنها عربية، وفيها خمس قراءات متواترة وأربع شواذ: كسر الهاء وفتحها وسكون الياء وفتح التاء، وفتح الهاء وسكون الياء وضم التاء، وكسر الهاء وهمزة ساكنة وتاء مفتوحة أو مضمومة، وفتح الهاء وسكون الياء وكسر التاء، وكسر الهاء وسكون التاء وضمها، وضم الهاء والتاء بينهما ياءان أولاهما مكسورة، فمن فتح التاء بناها على الفتح؛ تخفيفًا كأين وكيف، ومن ضمها شبهها بتاء حيت في لغة، ومن كسرها فعلى أصل التقاء الساكنين وهي فعل على القراءة الأخيرة، واسم فعل على ما عداها. ({مَثْوَاهُ}) أي (مقامه) ({بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12)}) ليس لذكره هنا فائدة مع أنه ليس في هذه السورة، بل في سورة {وَالصَّافَّاتِ}). 4692 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَال: {هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23]. قَال: "وَإِنَّمَا نَقْرَؤُهَا كَمَا عُلِّمْنَاهَا" {مَثْوَاهُ} [يوسف: 21]: "مُقَامُهُ". {وَأَلْفَيَا} [يوسف: 25]: "وَجَدَا"، {أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ} [الصافات: 69]: "أَلْفَيْنَا" وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ) [الصافات: 12]. [فتح: 8/ 363] 4693 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا أَبْطَئُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالإِسْلامِ، قَال: "اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ" فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَكَلُوا العِظَامَ، حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِثْلَ الدُّخَانِ، قَال اللَّهُ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، قَال اللَّهُ: {إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 15]، أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ وَقَدْ مَضَى الدُّخَانُ، وَمَضَتِ البَطْشَةُ. [انظر: 1007 - مسلم: 2798 - فتح: 8 / 363]

5 - باب قوله: {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله} [يوسف: 49، 50]

(الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن مسلم) أي: ابن صبيح بالتصغير، وكنيته: أبو الضحي. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (حصت) أي: أذهبت. ({إِنَّكُمْ عَائِدُونَ}) أي: إلى الكفر. 5 - بَابُ قَوْلِهِ: {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَال ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ قَال مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ} [يوسف: 49، 50] وَحَاشَ وَحَاشَى: تَنْزِيهٌ وَاسْتِثْنَاءٌ {حَصْحَصَ} [يوسف: 51]: وَضَحَ. (باب) ساقط من نسخة. ({فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَال ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ}) إلخ أي: باب بيان ما جاء في ذكر ذلك. ({حَصْحَصَ}) أي: (وضح). 4694 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القَاسِمِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ، وَنَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَال لَهُ: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ، قَال: بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}. [انظر: 3372 - مسلم: 151 - فتح: 8/ 366]. "يرحم الله لوطًا .. " إلى آخره مرَّ بشرحه في كتاب: الأنبياء (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3372) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قوله - عزَّ وجلَّ -: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)}.

6 - باب قوله: {حتى إذا استيأس الرسل} [يوسف: 110]

6 - بَابُ قَوْلِهِ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} [يوسف: 110] (باب) ساقط من نسخة. ({حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ}) أي: باب بيان ما جاء ذلك. 4695 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ لَهُ وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} [يوسف: 110] قَال: قُلْتُ: أَكُذِبُوا أَمْ كُذِّبُوا؟ قَالتْ عَائِشَةُ: "كُذِّبُوا" قُلْتُ: فَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ؟ قَالتْ: "أَجَلْ لَعَمْرِي لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ" فَقُلْتُ لَهَا: وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا، قَالتْ: "مَعَاذَ اللَّهِ لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا" قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الآيَةُ؟ قَالتْ: "هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ، وَصَدَّقُوهُمْ فَطَال عَلَيْهِمُ البَلاءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَظَنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ، جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ". [انظر: 3389 - فتح: 8/ 367] 4696 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، فَقُلْتُ لَعَلَّهَا كُذِبُوا مُخَفَّفَةً، قَالتْ: "مَعَاذَ اللَّهِ". [انظر: 3389 - فتح: 8/ 367] (وظنوا) أي: تيقن الرسل. ({أن قد كذبوا}) بالتشديد تكذيبًا لا إيمان بعده، وبالتخفيف أي: ظن الأمم أن الرسل أخلفوا ما وعدوا به من النصر. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الأنبياء في باب: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)} (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3389) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)}.

13 - سورة الرعد

13 - سورة الرَّعْدِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ} [الرعد: 14]: "مَثَلُ المُشْرِكِ الَّذِي عَبَدَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ غَيْرَهُ، كَمَثَلِ العَطْشَانِ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى ظِلِّ خَيَالِهِ فِي المَاءِ مِنْ بَعِيدٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَلَا يَقْدِرُ" وَقَال غَيْرُهُ: {سَخَّرَ} [التوبة: 79]: "ذَلَّلَ"، {مُتَجَاورَاتٌ} [الرعد: 4]: "مُتَدَانِيَاتٌ"، وَقَال غَيْرُهُ: {المَثُلاتُ} [الرعد: 6]: "وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ، وَهِيَ الأَشْبَاهُ وَالأَمْثَالُ"، وَقَال: {إلا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا} [يونس: 102] {بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8]: "بِقَدَرٍ"، يُقَالُ: {مُعَقِّبَاتٌ} [الرعد: 11]: "مَلائِكَةٌ حَفَظَةٌ، تُعَقِّبُ الأُولَى مِنْهَا الأُخْرَى، وَمِنْهُ قِيلَ العَقِيبُ، أَيْ عَقَّبْتُ فِي إِثْرِهِ"، {المِحَالِ} [الرعد: 13]: "العُقُوبَةُ"، {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى المَاءِ} [الرعد: 14]: "لِيَقْبِضَ عَلَى المَاءِ"، {رَابِيًا} [الرعد: 17]: "مِنْ رَبَا يَرْبُو"، {أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ} [الرعد: 17]: "المَتَاعُ مَا تَمَتَّعْتَ بِهِ"، {جُفَاءً} [الرعد: 17]: "يُقَالُ أَجْفَأَتِ القِدْرُ، إِذَا غَلَتْ فَعَلاهَا الزَّبَدُ، ثُمَّ تَسْكُنُ فَيَذْهَبُ الزَّبَدُ بِلا مَنْفَعَةٍ، فَكَذَلِكَ يُمَيِّزُ الحَقَّ مِنَ البَاطِلِ"، {المِهَادُ} [البقرة: 206]: "الفِرَاشُ"، {يَدْرَءُونَ}: "يَدْفَعُونَ، دَرَأْتُهُ عَنِّي: دَفَعْتُهُ". {سَلامٌ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 54]: "أَيْ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ"، {وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الرعد: 30]: "تَوْبَتِي"، {أَفَلَمْ يَيْئَسْ}: "أَفَلَمْ يَتَبَيَّنْ"، {قَارِعَةٌ} [الرعد: 31]: "دَاهِيَةٌ"، {فَأَمْلَيْتُ} [الرعد: 32]: "أَطَلْتُ مِنَ المَلِيِّ وَالمِلاوَةِ، وَمِنْهُ" {مَلِيًّا} [مريم: 46]: "وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّويلِ مِنَ الأَرْضِ مَلًى مِنَ الأَرْضِ"، {أَشَقُّ} [الرعد: 34]: "أَشَدُّ مِنَ المَشَقَّةِ"، {مُعَقِّبَ} [الرعد: 41]: "مُغَيِّرٌ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {مُتَجَاورَاتٌ} [الرعد: 4]: "طَيِّبُهَا وَخَبِيثُهَا السِّبَاخُ"، {صِنْوَانٌ} [الرعد: 4]: "النَّخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ"، {وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} [الرعد: 4]: "وَحْدَهَا"، {بِمَاءٍ وَاحِدٍ} [الرعد: 4]: "كَصَالِحِ بَنِي آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ، أَبُوهُمْ وَاحِدٌ"، {السَّحَابُ الثِّقَالُ} [الرعد: 12]: "الَّذِي فِيهِ المَاءُ"، {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ} [الرعد: 14]: "إِلَى المَاءِ يَدْعُو المَاءَ بِلِسَانِهِ، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، فَلَا يَأْتِيهِ أَبَدًا" {فَسَالتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: 17]: "تَمْلَأُ بَطْنَ كُلِّ وَادٍ" {زَبَدًا رَابِيًا} [الرعد: 17]: "الزَّبَدُ زَبَدُ السَّيْلِ". {زَبَدٌ مِثْلُهُ} [الرعد: 17]: "خَبَثُ الحَدِيدِ وَالحِلْيَةِ".

(سورة الرعد) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (قال ابن عباس) أي: في تفسير التشبيه في قوله: ({كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ}) مثل المشرك ..) إلى آخره وقوله: ({يَقْدِرَ}) هو بالراء، وفي نسخة: بالميم، قيل: وهو تصحيف وإن كان له وجه من حيث المعنى. ({سَخَّرَ}) أي: (ذلل) بمعنى: ذلل الشمس والقمر لمنافع خلقه ومصالح عباده. ({مُتَجَاورَاتٌ}) أي: (متدانيات) ({بِمِقْدَارٍ}) أي: (بقدر) ({مُعَقِّبَاتٌ}) أي: (ملائكة حفظه يعقب الأولى منها الأخرى) أي: كما في "يتعاقبون فيكم ملائكة" (¬1) (يقال: عقبت في أثره) يقال السفاقسي: هو بفتح القاف وتخفيفها وبعضهم ضبطه بالتشديد ولا وجه له إلا أن يكون لغة، قلت: التشديد لغة ويدل له كلام الجوهري وغيره (¬2)، وثبوت لفظ التعقيب المستلزم لذلك وقد يدل له أيضًا قوله تعالى: {وَلَمْ يُعَقِّبْ} ({الْمِحَالِ}) أي: (العقوبة) ({رَابِيًا}) في قوله تعالى: {زَبَدًا رَابِيًا} مأخوذ (من ربا يربوا) أي: علا وارتفع فوق الماء. ({مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ}) أي: ومما توقدون عليه في النار مثل: زبد السيل وهو خبثه ثم فسر المتاع. فقال: (المتاع: ما تمتعت به) أي: انتفعت به. ({جُفَاءً}) أي: باطلًا مرميًا كما لوح له بقوله: (أجفأت القدر: إذا غلت فعلاها الزبد) الذي لا ينتفع به، ويقال: في أجفى جفاء. ({الْمِهَادُ}) أي: (الفراش) ({يدرئون}) أي: (يدفعون) يقال: (درأته عني) أي: (دفعته عني). ({وَإِلَيْهِ مَتَابِ}) أي: (توبتي). ¬

_ (¬1) سبق برقم (555) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر. (¬2) انظر: "الصحاح" مادة [عقب] 1/ 184.

1 - باب قوله: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام} [الرعد: 8]

({قَارِعَةٌ}) أي: (داهية). ({فَأَمْلَيْتُ}) أي: (أطلت) بمعنى: أمهلت. ({مُعَقِّبَ}) أي: (مُغَيِّرٌ) ({صِنْوَانٌ}) هي (النخلتان أو أكثر في أصل واحد) وهي جمع صنو بكسر الصاد وضمها فالمفرد: صنو، والمثنى: صنوان بكسر النون الأخيرة، والجمع صنوان بتنوينها وإطلاقه صنوان على النخلتين جرى على أن أقل الجمع اثنان ولا يختص ذلك بالنخيل كما يدل له خبر: "عم الرجل صنو أبيه" (¬1) ({السَّحَابَ الثِّقَال}) أي: (الذي فيه الماء) الأنسب: التي فيها الماء والسحاب جمع سحابة ووصف بـ (الثقال)؛ لثقله بالمطر. 1 - بَابُ قَوْلِهِ: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ} [الرعد: 8] {وَغِيضَ} [هود: 44]: نُقِصَ. (باب) ساقط من نسخة. ({اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ}). أي: بيان ما جاء في ذلك. (غيض) أي: (نقص) بضم النون وكسر القاف وغاض يأتي لازمًا ومتعديًا يقال: غاض الماء وغضته أنا ومعنى الآية: الله تعالى يعلم ما تنقصه الأرحام وما تزداده من الجثة، والمدة، والعدد، أن الولد يكون نحيفًا تارة وجسيمًا أخرى ومدة حمله تكون ستًّا تارة وأزيد أخرى إلى أربع سنين، والعدد يكون واحدًا تارة وأكثر أخرى حتى حكي أن امرأة ولدت أربعين ولدًا في كيس. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (983) كتاب: الزكاة، باب: في تقديم الزكاة ومنعها. وأبو داود (1623) كتاب: الزكاة، باب: تعجيل الزكاة، والترمذي (3761) كتاب: المناقب، باب: مناقب سعيد بن زيد.

14 - سورة إبراهيم

4697 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَفَاتِحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إلا اللَّهُ: لَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إلا اللَّهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إلا اللَّهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي المَطَرُ أَحَدٌ إلا اللَّهُ، وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إلا اللَّهُ. [انظر: 1039 - فتح: 8/ 375] (معن) أي: ابن عيسى القزاز (مفاتيح الغيب خمس ..) إلخ مرَّ بشرحه في الاستسقاء وفي سورة الأنعام (¬1). وقوله: (المطر) فاعل يأتي و (أحد) فاعل (¬2). 14 - سورة إِبْرَاهِيمَ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَادٍ} [الرعد: 7]: "دَاعٍ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {صَدِيدٌ} [إبراهيم: 16]: "قَيْحٌ وَدَمٌ" وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 20]: "أَيَادِيَ اللَّهِ عِنْدَكُمْ وَأَيَّامَهُ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إبراهيم: 34] "رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيهِ"، {يَبْغُونَهَا عِوَجًا} [الأعراف: 45]: "يَلْتَمِسُونَ لَهَا عِوَجًا"، {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} [إبراهيم: 7]: "أَعْلَمَكُمْ، آذَنَكُمْ" {رَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ}: "هَذَا مَثَلٌ، كَفُّوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ"، {مَقَامِي} [يونس: 71]: "حَيْثُ يُقِيمُهُ اللَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ"، {مِنْ وَرَائِهِ} [إبراهيم: 16]: "قُدَّامَهُ جَهَنَّمُ"، {لَكُمْ تَبَعًا} [إبراهيم: 21]: "وَاحِدُهَا تَابِعٌ مِثْلُ غَيَبٍ وَغَائِبٍ"، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1039) كتاب: الاستسقاء، باب: لا يدري متى المطر إلا الله. وبرقم (4677) كتاب: التفسير، باب: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إلا هُوَ}. (¬2) أي: أن (أحدٌ) فاعل يعلم.

1 - باب قوله: {كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء (24) تؤتي أكلها كل حين}

{بِمُصْرِخِكُمْ} [إبراهيم: 22]: "اسْتَصْرَخَنِي اسْتَغَاثَنِي"، {يَسْتَصْرِخُهُ} [القصص: 18]: "مِنَ الصُّرَاخِ" (وَلَا خِلال): "مَصْدَرُ خَاللْتُهُ خِلالًا، وَيَجُوزُ أَيْضًا جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلالٍ"، {اجْتُثَّتْ} [إبراهيم: 26]: "اسْتُؤْصِلَتْ". (سورة إبراهيم) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب) ساقط من نسخة. ({هاد}) أي: (داع) لا وجه لذكره هنا إذ هو في سورة الرعد وكان ذكره هنا في بعض النساخ. ({صَدِيدٍ}) أي: (قيح ودم) ({مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ}) أي: (دعيتم إليه فيه). ({تَبْغُونَهَا عِوَجًا}) أي: (تلتمسون بها) عدة. ({وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ}) أي: (أعملكم: آذنكم) فسر بهما (تأذن) وأحدهما كان في التفسير والأَوْلَى الاقتصار على الأول ويؤيده أن في نسخة: "ربكم" بدل (آذنكم). ({مِنْ وَرَائِهِ}) أي: (قدامه). (استصرخني) المأخوذ من قوله تعالى: {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} أي: (استغاثني)، وقوله: ({بِمُصْرِخِكُمْ}) إلى قوله: (من الصراخ) ساقط من نسخة. ({اجْتُثَّتْ}) أي: (استؤصلت). 1 - بَابُ قَوْلِهِ: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 24، 25] (باب) ساقط من نسخة ({كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّماء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ}) أي: كل وقت أقته الله لإثمارها، وقوله: ({وَفَرْعُهَا}) إلخ ساقط من نسخة. 4698 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ: كَالرَّجُلِ المُسْلِمِ لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا، وَلَا وَلَا وَلَا تُؤْتِي أُكْلَهَا

2 - باب {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت} [إبراهيم: 27]

كُلَّ حِينٍ". قَال ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ النَّخْلَةُ" فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَاهُ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَقَال: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَال: لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا، قَال عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. [انظر: 61 - مسلم: 2811 - فتح: 8/ 377] (عن أبي أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (لا يتحات ورقها) أي: لا يتساقط. (ولا) أي: ولا تنقطع ثمرها. (ولا) أي: ولا يلقح بلا ذكر ثمرها. (ولا) أي: ولا يبطل نفعها. (كذا وكذا) أي: من حمر النعم كما في رواية (¬1). 2 - باب {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27]. (باب) ساقط من نسخة. ({يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}) هو كلمة التوحيد. 4699 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، قَال: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "المُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي القَبْرِ: يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ"، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]. [انظر: 1369 - مسلم: 2871 - فتح: 8/ 378] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. ¬

_ (¬1) رواه الحميدي 1/ 546 (693)، وابن حبان 1/ 478 - 479 (243) كتاب: الإيمان، باب: صفة المؤمنين.

3 - باب {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا} [إبراهيم: 28]

(المسلم إذا سئل ..) إلى آخره، مرَّ بشرحه في كتاب: الجنائز (¬1). 3 - باب {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28] أَلَمْ تَرَ: أَلَمْ تَعْلَمْ؟ كَقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} [إبراهيم: 24]، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا} [البقرة: 243]، {البَوَارُ} [إبراهيم: 28]: الهَلاكُ، بَارَ يَبُورُ، {قَوْمًا بُورًا} [الفرقان: 18]: هَالِكِينَ. (باب) ساقط من نسخة. ({أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا}) أي: بيان ما جاء في ذلك. ({الْبَوَارِ}) أي: (الهلاك). 4700 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28] قَال: "هُمْ كُفَّارُ أَهْلِ مَكَّةَ". (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (سمع ابن عباس ..) إلى آخره، مرَّ في غزوة بدر (¬2). 15 - سورة الحِجْرِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحجر: 41]: "الحَقُّ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ وَعَلَيْهِ طَرِيقُهُ"، {لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} [الحجر: 79]: "عَلَى الطَّرِيقِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72]: "لَعَيْشُكَ"، {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الحجر: 62]: "أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ" وَقَال غَيْرُهُ: {كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4]: "أَجَلٌ"، {لَوْ مَا تَأْتِينَا} [الحجر: 7]: "هَلَّا تَأْتِينَا"، {شِيَعٌ} [الحجر: 10]: "أُمَمٌ، وَلِلْأَوْلِيَاءِ أَيْضًا شِيَعٌ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {يُهْرَعُونَ} [هود: 78]: "مُسْرِعِينَ". {لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75]: "لِلنَّاظِرِينَ"، {سُكِّرَتْ} [الحجر: 15]: "غُشِّيَتْ"، {بُرُوجًا} [الحجر: 16]: "مَنَازِلَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1369) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في عذاب القبر. (¬2) سبق برقم (3977) كتاب: المغازي، باب: قتل أبي جهل.

لِلشَّمْسِ وَالقَمَرِ"، {لَوَاقِحَ} [الحجر: 22]: "مَلاقِحَ مُلْقَحَةً"، {حَمَإٍ} [الحجر: 26]: "جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ، وَهُوَ الطِّينُ المُتَغَيِّرُ، وَالمَسْنُونُ المَصْبُوبُ"، {تَوْجَلْ} [الحجر: 53]: "تَخَفْ"، {دَابِرَ} [الأنعام: 45]: "آخِرَ" {لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} [الحجر: 79]: "الإِمَامُ كُلُّ مَا ائْتَمَمْتَ وَاهْتَدَيْتَ بِهِ"، {الصَّيْحَةُ} [هود: 67]: "الهَلَكَةُ". (سورة الحجر) في نسخة: "تفسير سورة الحجر". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ}) معناه: (الحق يرجع إلى الله، وعليه طريقه) أي: بيانه والإشارة في قوله: ({هَذَا صِرَاطٌ}) راجعة إلى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} أي: قوة (وقال ابن عباس: {لَعَمْرُكَ}) خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: (لعيشك). (وقال غيره) أي: وحياتك (¬1) ({قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}) أي: (أنكرهم لوط). وقوله: (وقال ابن عباس) إلى هنا ساقط من نسخة. ({كِتَابٌ مَعْلُومٌ}) أي: (أجل) معلوم. ({لَوْ مَا تَأْتِينَا}) معناه: (هلا تأتينا) ({شيع}) أي (أمم) ({يُهْرَعُونَ}) أي: (مسرعين) عبر به منصوبًا؛ ليفيد أن الجملة حال، وذكر هذا هنا مع أنه في سورة هود؛ لمناسبة ذكر قوم لوط. ({للمتوسمين}) أي: (للناظرين). وقال غيره: أي: للمتفكرين، وقال الزمخشري: حقيقة المتوسمين النظار المتثبتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سمت الشيء (¬2). ({سُكِّرَتْ}) أي: (غشيت) ({بُرُوجًا}) أي: (منازل للشمس والقمر) ({لَوَاقِحَ}) أي: (ملاقح) ({حمأ}) أي: (جماعة) بمعنى ¬

_ (¬1) أثر ذلك عن ابن عباس، رواه الطبري في "تفسيره" 7/ 526 (21231) وابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 2269 - 2270 (12420). (¬2) "الكشاف" 2/ 564.

1 - باب قوله {إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين (18)} [الحجر: 18]

جمع (حمأة) وهو أي: الحمأ: الطين المتغير. (والمسنون) أي: (المصبوب) ({تَوْجَلْ}) أي: ({تَخَفْ}) {دَابِرُ}) أي: (آخر) وهذا ساقط من نسخٍ ({لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ}) أي: لبطريق واضح، وإليه أشار بقوله: (الإمام: كلُّ ما أئتممت واهتديت به) ({الصَّيْحَةُ}) أي: الهلكة. 1 - باب قَوْلِهِ {إلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)} [الحجر: 18] (باب) ساقط من نسخة {إلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4701 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ - قَال عَلِيٌّ: وَقَال غَيْرُهُ: صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ - فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، قَالُوا: مَاذَا قَال رَبُّكُمْ، قَالُوا لِلَّذِي قَال: الحَقَّ، وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ اليُمْنَى، نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ - فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ المُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ، وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ، إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ، حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الأَرْضِ - وَرُبَّمَا قَال سُفْيَانُ: حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الأَرْضِ - فَتُلْقَى عَلَى فَمِ السَّاحِرِ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُصَدَّقُ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا؟ لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ " حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ"، وَزَادَ "وَالكَاهِنِ"، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فَقَال: قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَال: "إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ"،

وَقَال: "عَلَى فَمِ السَّاحِرِ" قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَأَنْتَ سَمِعْتَ عَمْرًا؟ قَال: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْكَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَرْفَعُهُ أَنَّهُ قَرَأَ: "فُرِّغَ"، قَال سُفْيَانُ: هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو، فَلَا أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لَا، قَال سُفْيَانُ: وَهِيَ قِرَاءَتُنَا. [4800، 7481 - فتح 8/ 380] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (خضعانا) أي: انقيادًا وطاعة. (لقوله) أي: لكلامه تعالى، ثم شبه قوله المسموع بقوله: (كالسلسلة) أي: ولقوله صوت كصوت السلسلة الواقعة. (صفوان) وهو الحجر الأملس كما شبهه في بدء الوحي بقوله: "كصلصلة الجرس" (¬1). (قال علي) أي: ابن المديني. (وقال غيره) أي: غير سفيان. (صفوان ينفذهم ذلك) أي: ينفذ الله ذلك القول إلى الملائكة. (فإذا فزع عن قلوبهم) أي: أزيل الخوف عن قلوب الملائكة. (قالوا) أي: قال بعضهم لبعض. (ماذا قال ربكم؟) أي: في الشفاعة. (قالوا) أي: البعض الآخر. (للذي قال) أي: سأل. (الحق) أي: القول الحق (مسترقوا السمع) في نسخة: "مسترق السمع" بالإفراد (ومسترقو السمع) مبتدأ خبره (هكذا) وفسر به مع ما بعده من قوله: (واحد فوق آخر) ما قبله وقوله: (ووصف سفيان) أي: ابن عيينة. (بيده وفرج بين أصابع يده اليمنى) وقد (نصبها بعضها فوق بعض) بيَّن به كيفية ركوب بعض المستمعين على بعض، وقوله: (بعضها فوق بعض) بدل من بضمير (نصبها) وفيه معنى التشبيه أي: ركوب بعض مسترقي السمع فوق بعض كركوب بعض أصابعي هذه فوق بعض (إلى ¬

_ (¬1) سبق برقم (2) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله.

2 - باب قوله {ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين (80)} [الحجر: 80]

الذي يليه إلى الذي هو أسفل منه). الثاني بدل من الأول، وقوله: (فتلقى) أي: الكلمة. (على فم الساحر) أي: المنجم ومتصل بقوله: و (مسترقو السمع هكذا واحد فوق آخر) فقوله: (ووصف) إلى قوله: (إلى الأرض) اعتراض بينهما. 2 - باب قَوْلِهِ {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)} [الحجر: 80]. (باب) ساقط من نسخة ({وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4702 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِأَصْحَابِ الحِجْرِ: "لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاءِ القَوْمِ إلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ". [انظر: 433 - مسلم: 2980 - فتح: 8/ 381] (معن) أي: بن عيسى بن يحيى القزاز. (قال لأصحابي الحجر) أي: لأصحابه - صلى الله عليه وسلم - الذين قدموا الحجر، فأصحاب الحجر مشترك بينهم وبين الذين كذبوا الرسل، والحجر هي مدينة ثمود -قوم صالح- فيما بين المدينة والشام (¬1). (لا تدخلوا على هؤلاء القوم) أي: على منازلهم. (أن يصيبكم) أي: أن لا يصيبكم، أو كراهة أن يصيبكم، ومرَّ الحديث بشرحه في باب: الصلاة في مواضع الخسف (¬2). ¬

_ (¬1) وهو بالكسر ثم السكون وراء، "معجم البلدان" 2/ 221. (¬2) سبق برقم (433) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في مواضع الخسف.

3 - باب قوله {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم (87)} [الحجر: 87]

3 - باب قَوْلِهِ {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)} [الحجر: 87] (باب) ساقط من نسخة. ({وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)}) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 4703 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، قَال: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُصَلِّي، فَدَعَانِي فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ، فَقَال: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنِي؟ " فَقُلْتُ: كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَال: "أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] ثُمَّ قَال: "أَلا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ" فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ فَذَكَّرْتُهُ، فَقَال: "الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ. هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ". [انظر: 4474 - فتح: 8/ 381] (غندر) هو لقب محمد بن جعفر الهذلي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (مرَّ بى النبي - صلى الله عليه وسلم - ..) إلخ مرَّ بشرحه في باب: ما جاء في فاتحة الكتاب (¬1). 4704 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمُّ القُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالقُرْآنُ العَظِيمُ". [فتح: 8/ 381] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (سعيد) أي: ابن أبي سعيد المقبري. (أم القرآن) مبتدأ (هي ¬

_ (¬1) سبق برقم (4474) كتاب: التفسير، باب: ما جاء في فاتحة الكتاب.

4 - باب قوله {الذين جعلوا القرآن عضين (91)} [الحجر: 91]

السبع المثاني) خبره (والقرآن العظيم) مبتدأ خبره محذوف، أي: جميع القرآن، والجملة معطوفة على جملة (أم القرآن). 4 - باب قَوْلهِ {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)} [الحجر: 91] {المُقْتَسِمِينَ} [الحجر: 90]: "الَّذِينَ حَلَفُوا، وَمِنْهُ" {لَا أُقْسِمُ} [القيامة: 1]: "أَيْ أُقْسِمُ، وَتُقْرَأُ" (لَأُقْسِمُ)، {وَقَاسَمَهُمَا} [الأعراف: 21]: "حَلَفَ لَهُمَا وَلَمْ يَحْلِفَا لَهُ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {تَقَاسَمُوا} [النمل: 49]: "تَحَالفُوا". (باب) ساقط من نسخة. ({الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)}) أي: أعضاء مفرقة من عضيت الشيء أي: فرقته ({المقتسمين}) أي: (الذين حلفوا) ({وَقَاسَمَهُمَا}) أي: (حلف لهما ولما يحلفا له) أشار به إلى أن هذا ليس من باب المفاعلة، بل من باب فعل (تقاسموا) أي: (تحالفوا). 4705 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] قَال: "هُمْ أَهْلُ الكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ". [فتح: 8/ 372] (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (أبو بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. 4706 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ} [الحجر: 90] قَال: "آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى". [فتح: 8/ 382] (عن أبي ظبيان) هو حُصَين بن جُنْدب المذْحِجِي.

5 - باب قوله: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين (99)} [الحجر: 99]

5 - باب قَوْلِهِ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)} [الحجر: 99] قَال سَالِمٌ: {الْيَقِينُ} [الحجر: 99]: المَوْتُ. (باب) ساقط من نسخة. ({وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)}) (قال سالم) أي: ابن عبد الله ({الْيَقِينُ}: الموت) لفظ: ({الْيَقِينُ}) ساقط من نسخة. 16 - سورة النَّحْلِ {رُوحُ القُدُسِ} [النحل: 102]: "جِبْرِيلُ"، {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} [الشعراء: 193]، {فِي ضَيْقٍ} [النحل: 127]: "يُقَالُ: أَمْرٌ ضَيْقٌ وَضَيِّقٌ، مِثْلُ هَيْنٍ وَهَيِّنٍ، وَلَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: (تَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ): "تَتَهَيَّأُ"، {سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} [النحل: 69]: "لَا يَتَوَعَّرُ عَلَيْهَا مَكَانٌ سَلَكَتْهُ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {فِي تَقَلُّبِهِمْ} [النحل: 46]: "اخْتِلافِهِمْ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {تَمِيدُ} [النحل: 15]: "تَكَفَّأُ"، {مُفْرَطُونَ} [النحل: 62]: "مَنْسِيُّونَ" وَقَال غَيْرُهُ: {فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]: "هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ القِرَاءَةِ، وَمَعْنَاهَا الاعْتِصَامُ بِاللَّهِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {تُسِيمُونَ} [النحل: 10]: "تَرْعَوْنَ شَاكِلَتِهِ نَاحِيَتِهِ"، {قَصْدُ السَّبِيلِ} [النحل: 9]: "البَيَانُ الدِّفْءُ مَا اسْتَدْفَأْتَ"، {تُرِيحُونَ} [النحل: 6]: "بِالعَشِيِّ"، وَ {تَسْرَحُونَ} [النحل: 6]: "بِالْغَدَاةِ"، {بِشِقِّ} [النحل: 7]: "يَعْنِي المَشَقَّةَ"، {عَلَى تَخَوُّفٍ} [النحل: 47]: "تَنَقُّصٍ"، {الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً} [النحل: 66]: "وَهِيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَكَذَلِكَ: النَّعَمُ الأَنْعَامُ جَمَاعَةُ النَّعَمِ"، أَكْنَانٌ: "وَاحِدُهَا كِنٌّ مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ"، {سَرَابِيلَ} [النحل: 81]: "قُمُصٌ". {تَقِيكُمُ الحَرَّ} [النحل: 81] "وَأَمَّا" {سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [النحل: 81]: "فَإِنَّهَا الدُّرُوعُ"، {دَخَلًا

بَيْنَكُمْ} [النحل: 92]: "كُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَصِحَّ فَهُوَ دَخَلٌ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {حَفَدَةً} [النحل: 72]: "مَنْ وَلَدَ الرَّجُلُ، السَّكَرُ مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتِهَا، وَالرِّزْقُ الحَسَنُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ" وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ، "عَنْ صَدَقَةَ"، {أَنْكَاثًا} [النحل: 92]: "هِيَ خَرْقَاءُ، كَانَتْ إِذَا أَبْرَمَتْ غَزْلَهَا نَقَضَتْهُ" وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: الأُمَّةُ مُعَلِّمُ الخَيْرِ، [وَالقَانِتُ المُطِيعُ]. (سورة النحل) أي: بيان ما جاء فيها (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة ({رُوحُ الْقُدُسِ}) هو جبريل - عليه السلام - والإضافة فيه بيانيه ({نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193)}) ذكره استشهادًا لصحة تفسير: ({رُوحُ الْقُدُسِ}) بجبريل، وردًّا لما قيل: إنه الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى (¬1). (قال ابن عباس): {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ} أي: (تتهيأ) هو قريب من قول غيره أي: تتميل وقوله: (قال ..) إلخ ساقط من نسخة. {سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} أي: (لا يتوعر عليها مكان سلكته) ({وذللا}) جمع ذلول: حائل من السيل أي: مسخرة لك فلا تعسر عليك، وإن توعرت، أو من الضمير في (اسلكي) أي: منقادة لما يراد منك بمعنى أن أهلها ينقلونها من مكان إلى مكان. ({فِي تَقَلُّبِهِمْ}) أي: (اختلافهم) ({تُسِيمُونَ}) أي: (تريحون) ({شَاكِلَتِهِ}) أي: (ناحيته) لا مناسبة له هنا مع أنه إنما هو في سورة الإسراء ({تَمِيدَ}) في قوله تعالى: {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} أي: (تكفأ) بتشديد الفاء والهمزة أي: تقلب ({مُفْرَطُونَ}) أي: (منسيون) أي: متروكون في النار. ({قَصْدُ السَّبِيلِ}) أي: البيان، أي: بيان طريق الحكم (الدفء) هو (ما استدفأت) أي: به من كساء ونحوه ¬

_ (¬1) أثر ذلك عن ابن عباس. رواه الطبري في: "تفسيره" 1/ 449 (1494). وابن أبي حاتم في: "تفسيره" 1/ 169 (886).

1 - باب قوله {ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} [النحل: 70]

{تُرِيحُونَ} أي: (بالعشي) ({وتسرحون}) أي: (بالغداة) ({عَلَى تَخَوُّفٍ}) أي: (تنقص) شيئًا فشيئًا حتى يهلك الجميع ({الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً}) أي: (لعظة) (وهي) أي: الأنعام تؤنث كما في قوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ} وتذكر كما في قوله تعالى: ({وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ}) (وكذلك النعم) أي: تؤنث وتذكر (للأنعام) بلام الجر وفي نسخة: "والأنعام" بواو وفي آخرى: "الأنعام" بدونها، والأوجه الثانية أي: "والأنعام" (جماعة النعم) أي: جمعها (السَّكر) المذكور في قوله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} هو (ما حرم من ثمرتها) في نسخة: "من ثمرها" والمراد: ما حرم من سكر ثمرها ({وَرِزْقًا حَسَنًا}) (هو ما أحل الله) أي: من ثمرات النخيل والأعناب (الأمة) في قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} هو (معلم الخير). 1 - باب قَوْلِهِ {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النحل: 70] (باب) ساقط من نسخة ({وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ}) أي: أردؤه وهو الخرف، وهو خمس وسبعون سنة، أو ثمانون، أو خمس وثمانون، أو تسعون، أو خمس وتسعون، أو مائة. 4707 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَعْوَرُ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: "أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ وَالكَسَلِ، وَأَرْذَلِ العُمُرِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَفِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ". [انظر 2823 - مسلم: 2706 - فتح: 8/ 387] (شعيب) أي: ابن الحبحاب (أعوذ بك من البخل ..) إلخ مرَّ بشرحه في كتاب: الجمعة.

17 - سورة بني إسرائيل

17 - سورة بَنِي إِسْرَائِيلَ (سورة بني إسرائيل) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). 1 - باب. (باب): ساقط من نسخة. 4708 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفِ، وَمَرْيَمَ: إِنَّهُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلادِي، {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ} " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "يَهُزُّونَ" وَقَال غَيْرُهُ: "نَغَضَتْ سِنُّكَ: أَيْ تَحَرَّكَتْ. [4739، 4994 - فتح: 8/ 388] (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي (من العتاق) بكسر العين جمع: عتيق، وهو ما بلغ الغاية في الجودة (الأول) بضم الهمزة وفتح والواو، وأوليتها باعتبار حفظها، أو نزولها؛ لأنها مكيات. 2 - باب {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الإسراء: 4] " أَخْبَرْنَاهُمْ أَنَّهُمْ سَيُفْسِدُونَ، وَالقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ"، {وَقَضَى رَبُّكَ} [الإسراء: 23]: "أَمَرَ رَبُّكَ، وَمِنْهُ الحُكْمُ". {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ} [يونس: 93]، " وَمِنْهُ: الخَلْقُ". {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ}: "خَلَقَهُنَّ"، {نَفِيرًا} [الإسراء: 6]: "مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ"، {وَلِيُتَبِّرُوا} [الإسراء: 7]: "يُدَمِّرُوا"، {مَا عَلَوْا} [الإسراء: 7]، {حَصِيرًا} [الإسراء: 8]: "مَحْبِسًا: مَحْصَرًا"، حَقَّ: "وَجَبَ"، {مَيْسُورًا} [الإسراء: 28]: "لَيِّنًا"، {خِطْئًا} [النساء: 92]: "إِثْمًا، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ خَطِئْتَ، وَالخَطَأُ مَفْتُوحٌ مَصْدَرُهُ مِنَ الإِثْمِ، خَطِئْتُ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ تَخْرِقَ تَقْطَعَ"، {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [الإسراء: 47]: "مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا، وَالمَعْنَى: يَتَنَاجَوْنَ

3 - باب قوله {أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام}

{رُفَاتًا} [الإسراء: 49]: "حُطَامًا"، {وَاسْتَفْزِزْ} [الإسراء: 64]: "اسْتَخِفَّ"، {بِخَيْلِكَ} [الإسراء: 64]: "الفُرْسَانِ، وَالرَّجْلُ: وَالرِّجَالُ، الرَّجَّالةُ، وَاحِدُهَا رَاجِلٌ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ"، {حَاصِبًا} [الإسراء: 68]: "الرِّيحُ العَاصِفُ، وَالحَاصِبُ أَيْضًا: مَا تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ"، وَمِنْهُ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98]: "يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ، وَهُوَ حَصَبُهَا، وَيُقَالُ: حَصَبَ فِي الأَرْضِ ذَهَبَ، وَالحَصَبُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الحَصْبَاءِ وَالحِجَارَةِ"، {تَارَةً} [الإسراء: 69]: "مَرَّةً، وَجَمَاعَتُهُ تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ"، {لَأَحْتَنِكَنَّ} [الإسراء: 62]: "لَأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ، يُقَالُ: احْتَنَكَ فُلانٌ مَا عِنْدَ فُلانٍ مِنْ عِلْمٍ اسْتَقْصَاهُ"، {طَائِرَهُ} [الإسراء: 13]: "حَظَّهُ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "كُلُّ سُلْطَانٍ فِي القُرْآنِ فَهُوَ حُجَّةٌ"، {وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} [الإسراء: 111]: "لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا" بحاء مهملة أي: لم يوال (أحدًا) لأجل مذلة به؛ ليدفعها بموالاته. 3 - باب قَوْلِهِ {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. (باب: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}) ساقط من نسخة، وسبحان علم للتسبيح، أي: تنزيه الذي أسرى بعيده، وأسرى وسرى لغتنان، ومعناهما: السير ليلًا. ففائدة ذكر الليل: الإشارة بتذكيره إلى تقليل مدته.

4 - باب قوله تعالى {ولقد كرمنا بني آدم} [الإسراء: 70]

4709 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال ابْنُ المُسَيِّبِ: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ، وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ، قَال جِبْرِيلُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ. [انظر: 3394 - مسلم: 168 - فتح: 8/ 391] (عبدان) لقب عبد الله بن عثمان المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (عنبسة) أي: ابن خالد. (أتي) بالبناء للمفعول. (بإيلياء) هي بيت المقدس ومحلها حال. (بقدحين) متعلق بـ (أتي) ولا ينافي ذلك ما مرَّ في حديث المعراج من أن المأتي به ثلاثة أقداح، والثالث فيه عسل (¬1)؛ لأن ذكر القليل لا ينفي ذكر الكثير. 4710 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال أَبُو سَلَمَةَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الحِجْرِ فَجَلَّى اللَّهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ" زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، "لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِيَ بِي إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ" نَحْوَهُ. [انظر: 3886 - مسلم: 170 - فتح: 8/ 391] {قَاصِفًا} [الإسراء: 69]: "رِيحٌ تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ". (أبو سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (فجلى الله لي بيت المقدس) .. إلخ مرَّ بشرحه في الجهاد. 4 - باب قَوْلِهِ تَعَالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3887) كتاب: مناقب الأنصار، باب: المعراج.

كَرَّمْنَا وَأَكْرَمْنَا وَاحِدٌ"، {ضِعْفَ الحَيَاةِ} [الإسراء: 75]: "عَذَابَ الحَيَاةِ"، {وَضِعْفَ المَمَاتِ} [الإسراء: 75]: "عَذَابَ المَمَاتِ"، {خِلافَكَ} [الإسراء: 76]: "وَخَلْفَكَ سَوَاءٌ"، {وَنَأَى} [الإسراء: 83]: "تَبَاعَدَ"، {شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84]: "نَاحِيَتِهِ، وَهِيَ مِنْ شَكْلِهِ"، {صَرَّفْنَا} [الإسراء: 41]: "وَجَّهْنَا"، {قَبِيلًا} [الإسراء: 92]: "مُعَايَنَةً وَمُقَابَلَةً، وَقِيلَ: القَابِلَةُ لِأَنَّهَا مُقَابِلَتُهَا وَتَقْبَلُ وَلَدَهَا"، {خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ} [الإسراء: 100]: "أَنْفَقَ الرَّجُلُ: أَمْلَقَ، وَنَفِقَ الشَّيْءُ ذَهَبَ"، {قَتُورًا} [الإسراء: 100]: "مُقَتِّرًا"، {لِلْأَذْقَانِ} [الإسراء: 107]: "مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَالوَاحِدُ ذَقَنٌ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {مَوْفُورًا} [الإسراء: 63]: "وَافِرًا"، {تَبِيعًا} [الإسراء: 69]: "ثَائِرًا" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "نَصِيرًا"، {خَبَتْ} [الإسراء: 97]: "طَفِئَتْ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَا تُبَذِّرْ} [الإسراء: 26]: "لَا تُنْفِقْ فِي البَاطِلِ"، {ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ} [الإسراء: 28]: "رِزْقٍ"، {مَثْبُورًا} [الإسراء: 102]: "مَلْعُونًا"، {لَا تَقْفُ} [الإسراء: 36]: "لَا تَقُلْ"، {فَجَاسُوا} [الإسراء: 5]: "تَيَمَّمُوا، يُزْجِي الفُلْكَ يُجْرِي الفُلْكَ، {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} [الإسراء: 107]: "لِلْوُجُوهِ". [فتح: 8/ 392] (باب ({وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}) ساقط من نسخة. (كرمنا وأكرمنا) معناهما (واحد) ({ضِعْفَ الْحَيَاةِ}) أي: عذاب الله. ({وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}) أي: عذاب الممات. (خلافك وخلفك) معناهما (واحد) ({شَاكِلَتِهِ}) أي: (ناحيته) وهذا قد مرَّ في تفسير سورة النحل ({صَرَّفْنَا}) أي: (وجهنا) ({قَبِيلًا}) أي: (معاينة). ({قَتُورًا}) أي: (مقترًا) ({لِلْأَذْقَانِ}) أي: (مجتمع اللحيين). ({مَوْفُورًا}) أي: (وافرا). ({يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ}) أي: (للوجوه) فهو من باب إطلاق الجزء على الكل.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «لَا يشْكر الله مَنْ لَا يشْكر النَّاسَ» الحمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِه تتمُ الصالحاتُ فإنَّ إِخْرَاج هَذَا الْكتاب بِهَذِهِ الصُّورَة فِي فَتْرَة وجيزة كَانَ ثمرةَ تعاونٍ مَعَ: "مَرْكَز الْفَلاح للبحوث العلمية" لصَاحبه الشَّيْخ خَالِد الرِّبَاط وَالَّذِي عاون فِي الإشراف على هَذَا الْكتاب، بمشاركة الْأُخوة: خَالِد بُكير، وعصام حمدي (فِي الْمُقَابلَة وَالتَّعْلِيق والمراجعات) نَادِي فكري، وَمُحَمّد رَمَضَان (فِي التَّخْرِيج وَالتَّعْلِيق) كَمَا قَامَ بمراجعة متن البُخَارِيّ وَضَبطه: الدكتور جُمُعَة فتحي، وَالْأَخ أَحْمد روبي فجزاهم الله خيرًا وكل من شَارك مَعَهم على مَا بذلوه من جهد وَعون، أسأَل الله أَن يَجْعله فِي ميزَان حسناتهم، إنَّهُ سميع مُجيب. سُلَيْمَان بن دريع العازمي الكويت هَاتِف: 009659532016

منْحَةُ البَارِي بِشَرْح صَحِيح البُخَارِي [8]

جَمِيع الحقُوق مَحفُوظَة الطَّبعَة الأولى 1426 - هـ - 2005 م مكتبة الرشد ناشرون المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض - شَارِع الْأَمِير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن (طَرِيق الْحجاز) ص. ب: 17522 - الرياض: 11494 - هَاتِف: 4593451 - فاكس: 4573381 Email : [email protected] Website : www.rushd.com * فرع طَرِيق الْملك فَهد: الرياض - هَاتِف: 2051500 - فاكس: 2052301 * فرع مَكَّة المكرمة: هَاتِف: 5585401 - فاكس: 5583506 * فرع الْمَدِينَة المنورة: شَارِع أبي ذَر الْغِفَارِيّ - هَاتِف: 8340600 - فاكس: 8383427 * فرع جدة: ميدان الطائرة - هَاتِف: 6776331 - فاكس: 6776354 * فرع القصيم: بُرَيْدَة - طَرِيق الْمَدِينَة - هَاتِف: 3242214 - فاكس: 3241358 * فرع أَبِهَا: شَارِع الْملك فيصل - تلفاكس: 2317307 * فرع الدمام: شَارِع الْخزَّان - هَاتِف: 8150566 - فاكس: 8418473 وكلاؤنا فِي الْخَارِج * الْقَاهِرَة: مكتبة الرشد - هَاتِف: 2744605 * بيروت: دَار ابْن حزم هَاتِف: 701974 * الْمغرب: الدَّار الْبَيْضَاء - وراقة التَّوْفِيق - هَاتِف: 303162 - فاكس: 303167 * الْيمن: صنعاء - دَار الْآثَار - هَاتِف: 603756 * الْأُرْدُن: عمان - الدَّار الأثرية: 6584092 - جوال: 796841221 * الْبَحْرين: مكتبة الغرباء - هَاتِف: 957833 - 945733 * الإمارات: مكتبة دبي للتوزيع - هَاتِف: 43339998 - فاكس: 43337800 * سوريا: دَار البشائر: 231668 * قطر: مكتبة ابْن الْقيم - هَاتِف: 4863533

باقي كتاب التفسير

5 - باب {ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا (3)} [الإسراء: 3]

- باب قَوْلِهِ {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} الآيَةَ [الإسراء: 16]. (باب: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} الآية) ساقط من نسخة. 4711 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "كُنَّا نَقُولُ لِلْحَيِّ إِذَا كَثُرُوا فِي الجَاهِلِيَّةِ: أَمِرَ بَنُو فُلانٍ" حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَقَال: "أَمَرَ". [فتح: 8/ 394] (سفيان) أي: ابن عيينة. (منصور) أي: ابن المعتمر. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (للحي) أي: للقبيلة. (أمر بنو فلان) بكسر الميم وفتحها أي: كثروا، وفتحها بهذا المعنى ثابت لغة، فسقط ما قيل: إنه ممتنع. 5 - باب {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)} [الإسراء: 3] (باب) ساقط من نسخة: ({ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)}) أي: بيان ما جاء في ذلك و ({ذُرِّيَّةٌ}) منصوب على النداء، وقرئ بالرفع على أنه بدل من واو يتخذوا. 4712 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَحْمٍ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَشَ مِنْهَا نَهْشَةً، ثُمَّ قَال: "أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الغَمِّ وَالكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ وَلَا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَلا تَرَوْنَ مَا

قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاثَ كَذِبَاتٍ - فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الحَدِيثِ - نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى فَيَأْتُونَ، مُوسَى فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَضَّلَكَ اللَّهُ بِرِسَالتِهِ وَبِكَلامِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟

فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا، لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ، كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ - أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى -". [انظر: 3340 - مسلم: 194 - فتح: 8/ 395] (أبو حيان) هو يحيى بن سعيد بن حيان. (فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه) (الذراع) تُذكر وتؤنث، وقد استعملهما البخاري مؤنثًا فيما ذكر. (فنهس) من النهس بمهملة: وهو أخذ اللحم بأطراف الأسنان، وبمعجمة: وهو أخذه بجميعها. (وحمير) هي باليمن (¬1) (وبصرى) مدينة بالشام (¬2)، ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الأنبياء (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 306. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 1/ 441. (¬3) سبق برقم (3340) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}.

6 - باب قوله {وآتينا داوود زبورا} [الإسراء: 55]

6 - باب قَوْلِهِ {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [الإسراء: 55]. (باب): ساقط من نسخة ({وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}) أي: كتابًا مزبورًا أي: مكتوبًا. 4713 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ القِرَاءَةُ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ لِتُسْرَجَ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ - يَعْنِي - القُرْآنَ". [انظر: 2073 - فتح: 8/ 317] (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (عن معمر) أي: ابن راشد. (القراءة) في نسخة: "القرآن" والمراد به وبما بعده: الزبور، ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الأنبياء (¬1). 7 - باب {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْويلًا (56)} [الإسراء: 56]. (باب): ساقط من نسخة. {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْويلًا (56)} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4714 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ} [الإسراء: 57] قَال: "كَانَ نَاسٌ مِنَ الإِنْسِ يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنَ الجِنِّ، فَأَسْلَمَ الجِنُّ وَتَمَسَّكَ هَؤُلاءِ بِدِينِهِمْ" زَادَ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} [الإسراء: 56]. [4715 - مسلم: 3030 - فتح: 8/ 397] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3417) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}.

8 - باب قوله {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} [الإسراء: 57]

(يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري (سلمان) أي: الأعمش (عن إبراهيم). أي: النخعي. (عن أبي معمر) هو عبد الله بن سخبرة الأزدي (عن عبد الله) أي: ابن مسعود (إلى) أي: قال (قال) أي: عبد الله تفسيرا لذلك (كان ناس ..) إلخ. 8 - باب قَوْلِهِ {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء: 57]. 4715 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي هَذِهِ الآيَةِ: {الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ} [الإسراء: 57] قَال: "كَانَ نَاسٌ مِنَ الجِنِّ يُعْبَدُونَ فَأَسْلَمُوا". [انظر: 4714 - مسلم: 3030 - فتح: 8/ 398] 9 - باب {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60]. (باب) ساقط من نسخة. ({وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}) أي: اختبارًا وامتحانا لهم. 4716 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] قَال: "هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، {وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ} [الإسراء: 60]: شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. [انظر: 3888 - فتح: 8/ 398] (سفيان) أي: ابن عيينة (عن عمرو) أي: ابن دينار. ({وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ}) أي: شجرة الزقوم.

10 - باب قوله {إن قرآن الفجر كان مشهودا} [الإسراء: 78]

10 - باب قَوْلِهِ {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]. قَال مُجَاهِدٌ: صَلَاةَ الفَجْرِ. (باب) ساقط من نسخة ({إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}) أي: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار. 4717 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "فَضْلُ صَلاةِ الجَمِيعِ عَلَى صَلاةِ الوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَتَجْتَمِعُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ" يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: "اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]. [انظر: 176 - مسلم: 362، 649 - فتح: 8/ 399] (فضل صلاة الجميع ..) إلخ مرَّ بشرحه في كتاب: الصلاة في باب: فضل صلاة الفجر مع الجماعة (¬1)، وفي نسخة: "الجمع" بدل (الجميع). 11 - باب قَوْلِهِ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] ({عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}) هو مقام الشفاعة. 4718 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ جُثًا، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يَقُولُونَ: يَا فُلانُ اشْفَعْ، يَا فُلانُ اشْفَعْ، حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ المَقَامَ المَحْمُودَ. [انظر: 1475 - فتح: 8/ 399] (أبو الأحوص) هو سلام بن سليم الحنفي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (648) كتاب: الصلاة، باب: فضل صلاة الفجر مع الجماعة.

12 - باب {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا (81)} [الإسراء: 81] يزهق: يهلك

(جثا) بضم الجيم وفتح المثلثة مخففة ومشددة وبالقصر، أي: جماعات، فهو جمع جاثٍ بالتخفيف والتشديد، أي: جالس على ركبتيه. 4719 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ قَال حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ. [انظر: 614 - فتح: 8/ 399] رَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1474] (من قال حين يسمع النداء ..) إلخ مرَّ بشرحه في كتاب: الصلاة في باب: الدعاء عند الأَذان (¬1). 12 - باب {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)} [الإسراء: 81] يَزْهَقُ: يَهْلِكُ. (باب): ساقط من نسخة. ({وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}) أي: مضمحلًا هالكًا. 4720 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، وَحَوْلَ البَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاثُ مِائَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ: " {جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ، إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]، {جَاءَ الحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ البَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]. [انظر: 2478 - مسلم: 1781 - فتح: 8/ 400] ¬

_ (¬1) سبق برقم (614) كتاب: الأذان، باب: الدعاء عند النداء.

13 - باب {ويسألونك عن الروح} [الإسراء: 85]

(الحميدي) هو عبد الله بن الزبير (سفيان) أي: ابن عيينة. (نصب) بضم الصاد وسكونها، وبالرفع صفة لقوله: (ستون وثلاثمائة) كذا قيل، ورده الزركشي حيث قال: والوجه نصبه على التمييز إذ لو رفع لكان صفة، والواحد لا يكون صفة للجمع انتهى. ويوجه الأول بأن نُصبًا اسم جنس، أو مصدر، فيصح وصف الجمع بكل منهما تنزيلا له منزلة أنصاب أي: أصنام. (يطعنها) بضم العين. ومرَّ حديث الباب في: غزوة الفتح (¬1). 13 - باب {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85]. (باب) ساقط من نسخة ({وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}) هي النفس وحقيقتها لم يتكلم عليها نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وقد سُئل عنها لعدم نزول الأمر ببيانها، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} فنمسك نحن عنها ولا نعبر عنها بأكثر من موجود، كما قال الجنيد وغيره: والخائضون فيها اختلفوا، فقال جمهور المتكلمين ونقله النووي في: "شرح مسلم" (¬2) عن تصحيح أصحابنا: إنها جسم لطيف مشبك بالبدن اشتباك الماء بالعود الأخضر. وقال كثير منهم: إنها عرض، وهي الحياة التي صار البدن بوجودها حيًّا، وقال الفلاسفة وكثير من الصوفية: إنها ليست بجسم ولا عرض، بل جوهر مجرد قائم بنفسه غير متحيز متعلق بالبدن للتدبير والتحريك غير داخل فيه ولا خارج عنه. وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح اللب" بعض البسط. 4721 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (4287) كتاب: المغازي، باب: غزوة الفتح. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 17/ 138.

14 - باب {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110]

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ، إِذْ مَرَّ اليَهُودُ، فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَقَال: مَا رَأْيُكُمْ إِلَيْهِ؟ وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالُوا: سَلُوهُ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِي فَلَمَّا نَزَلَ الوَحْيُ، قَال: " {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ، قُلْ: الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]. [انظر: 125 - مسلم: 2794 - فتح: 8/ 401] (ما رابكم؟) بفتحتين أي: ما حاجتكم؟ وفي نسخة: "ما رابكم؟ من الريب" هو الشك. والأول هو الصواب ({وَمَا أُوتِيتُمْ}) في نسخة: {وما أوتوا} ومرَّ الحديث في كتاب: العلم، في باب: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا} (¬1). 14 - باب {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]. (باب) ساقط من نسخة. ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4722 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] قَال: "نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَهُ المُشْرِكُونَ سَبُّوا القُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَال اللَّهُ تَعَالى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} [الإسراء: 110] أَيْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ المُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا القُرْآنَ {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعْهُمْ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110]. [7490، 7525، 7547 - ¬

_ (¬1) سبق برقم (125) كتاب: العلم، باب: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ}.

18 - سورة الكهف

مسلم: 446 - فتح: 8/ 404] (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي (أبو بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. 4723 - حَدَّثَنِي طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "أُنْزِلَ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ". [6327، 7526 - مسلم: 447 - فتح: 8/ 405] (عن هشام) أي: ابن عروة: (أنزل ذلك) أي: قوله: {وَلَا تَجْهَرْ} إلى آخره. (في الدعاء) أي: في الصلاة، فهو من باب إطلاق الجزء على الكل إذ الدعاء جزء من الصلاة. 18 - سورة الكَهْفِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {تَقْرِضُهُمْ} [الكهف: 17]: "تَتْرُكُهُمْ" (وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ): "ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ" وَقَال غَيْرُهُ: "جَمَاعَةُ الثَّمَرِ" {بَاخِعٌ} [الكهف: 6]: "مُهْلِكٌ"، {أَسَفًا} [الأعراف: 150]: "نَدَمًا" {الكَهْفُ} [الكهف: 9]: "الفَتْحُ فِي الجَبَلِ"، وَالرَّقِيمُ: "الكِتَابُ"، {مَرْقُومٌ} [المطففين: 9]: "مَكْتُوبٌ، مِنَ الرَّقْمِ" {رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} [الكهف: 14]: "أَلْهَمْنَاهُمْ صَبْرًا"، {لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} [القصص: 10]، {شَطَطًا} [الكهف: 14]: "إِفْرَاطًا"، الوَصِيدُ " الفِنَاءُ، جَمْعُهُ: وَصَائِدُ وَوُصُدٌ، وَيُقَالُ الوَصِيدُ البَابُ، {مُؤْصَدَةٌ} [البلد: 20]: "مُطْبَقَةٌ، آصَدَ البَابَ وَأَوْصَدَ"، {بَعَثْنَاهُمْ} [الكهف: 12]: "أَحْيَيْنَاهُمْ"، {أَزْكَى} [البقرة: 232]: "أَكْثَرُ،، وَيُقَالُ: أَحَلُّ، وَيُقَالُ: أَكْثَرُ رَيْعًا " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: (أُكْلَهَا)، {وَلَمْ تَظْلِمْ} [الكهف: 33]: "لَمْ تَنْقُصْ" وَقَال سَعِيدٌ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {الرَّقِيمُ} [الكهف: 9]: "اللَّوْحُ مِنْ رَصَاصٍ، كَتَبَ عَامِلُهُمْ أَسْمَاءَهُمْ، ثُمَّ طَرَحَهُ فِي خِزَانَتِهِ، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ فَنَامُوا" وَقَال غَيْرُهُ: "وَأَلَتْ تَئِلُ: تَنْجُو، وَقَال مُجَاهِدٌ: {مَوْئِلًا} [الكهف: 58]: "مَحْرِزًا"، {لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} [الكهف: 101]: "لَا يَعْقِلُونَ".

(سورة الكهف) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({تَقْرِضُهُمْ}) أي: (تتركهم). ({وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ}) أي: (ذهب وفضة) (وقال غيره) أي: غير مجاهد: الثمر بالضم (جماعة) أي: جمع (الثمر) بالفتح ({بَاخِعٌ}) أي: (مهلك) ({أَسَفًا}) أي: (ندمًا) ({الْكَهْفِ}) أي: (الفتح في الجبل). ({وَالرَّقِيمِ}) أي: (الكتاب) وقيل: الطاق في الجبل، وقيل غير ذلك، ومنه ما يأتي عن ابن عباس. ({مَرْقُومٌ}) أي: (مكتوب) ({وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ}) معناه: (ألهمناهم صبرا). ({لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا}) ذكره هنا مع أنه في سورة القصص، استطرادًا لأنه من مادة: ربطنا على قلوبهم ({شَطَطًا}) أي: (إفراطا) وقيل: جورًا (الوصيد) أي: (الفناء) ({مُؤْصَدَةٌ}) أي: (مطبقة) ({بَعَثْنَاهُمْ}) أي: (أحييناهم). ({أَزْكَى}) أي: (أكثر). ({وَلَمْ تَظْلِمْ}) أي: (لم تنقص). (وقال سعيد) أي: ابن جبير عن ابن عباس: ({وَالرَّقِيمِ}) هو (اللوح من رصاص) (كتب) أي: فيه. (في خزانته) بكسر الخاء، وقوله: (وقال سعيد) إلى آخره ساقط من نسخة. (وضرب الله على آذانهم) أي: أنامهم إنامة لا تنبههم الأصوات (فناموا وألت) بفتح الواو والهمزة واللام المأخوذ من ({مَوْئِلًا}) في قوله تعالى: {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} فعل ماض من الوأل وهو النجاد، مضارعه تئل بكسر الهمزة، وحاصله: أن ذلك من باب: فعل يفعل بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع، وأصل (تئل): توئل كتعد أصله: توعد ({مَوْئِلًا}) أي: (محرِزا) ({لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا}) أي: (لا يعقلون) ما يتلوا عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بغضًا له فلا يؤمنون.

1 - باب {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} [الكهف: 54]

1 - باب {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]. (باب) ساقط من نسخة. ({وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}) أي: خصومة. 4724 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ قَال: "أَلا تُصَلِّيَانِ" {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} [الكهف: 22]: "لَمْ يَسْتَبِنْ"، {فُرُطًا} [الكهف: 28]: "يُقَالُ نَدَمًا"، {سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29]: "مِثْلُ السُّرَادِقِ، وَالحُجْرَةِ الَّتِي تُطِيفُ بِالفَسَاطِيطِ". {يُحَاورُهُ} [الكهف: 34]: "مِنَ المُحَاوَرَةِ"، {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38]: "أَيْ لَكِنْ أَنَا، هُوَ اللَّهُ رَبِّي، ثُمَّ حَذَفَ الأَلِفَ وَأَدْغَمَ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الأُخْرَى"، {وَفَجَّرْنَا خِلالهُمَا نَهَرًا} [الكهف: 33]: "يَقُولُ: بَيْنَهُمَا"، {زَلَقًا} [الكهف: 40]: "لا يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ"، {هُنَالِكَ الوَلايَةُ} [الكهف: 44]: "مَصْدَرُ الوَلِيِّ"، {عُقْبًا} [الكهف: 44]: "عَاقِبَةً وَعُقْبَى وَعُقْبَةً وَاحِدٌ، وَهِيَ الآخِرَةُ"، {قِبَلًا} [الأنعام: 111]: "وَقُبُلًا وَقَبَلًا اسْتِئْنَافًا"، {لِيُدْحِضُوا} [الكهف: 56]: "لِيُزِيلُوا الدَّحْضُ: الزَّلَقُ. (عن صالح) أي: ابن كيسان. (طرقه وفاطمة) أي: أتاهما ليلًا (قال ألا تصليان؟) ذكره هنا مختصرًا، وقد مرَّ بتمامه في الصلاة في باب: تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل (¬1) وفي آخره {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}. وفيه: مطابقة الحديث للترجمة. (رجما بالغيب) أي: ({لم يستبن}) وهذا ساقط من نسخة: ({فُرُطًا}) أي: (ندمًا) وقال غيره: أي: إشرافًا ({سُرَادِقُهَا}) أي: في قوله تعالى: {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}. أي: النار (مثل السرادق والحجرة التي تطيف بالفساطيط) جمع فسطاط: وهي الخيمة العظيمة، أي: أن ¬

_ (¬1) سبق برقم (1127) كتاب: التهجد، باب: تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل والنوافل.

2 - باب {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا (60)} [الكهف: 60]

سرادق النار مثل السرادق والحجرة التي تحيط بالفساطيط والسرادق: هو الذي يمد فوق صحن الدار ويحيط به والحجرة هنا دخان النار كما نقل عن القتبي ({يُحَاورُهُ}) مشتق (من المحاورة) وهي المراجعة ({لكنا هو الله ربي}) أي: (لكن أنا هو الله ربي) أشار به إلى أن أصله أنا حذفت همزته تخفيفًا وأدغمت النون في النون كما ذكر بقوله: (ثم حذف الألف وأدغم إحدى النونين في الأخرى) ({وَفَجَّرْنَا خِلَالهُمَا نَهَرًا}) أي: (بينهما)، هو تفسير لـ ({خلالهما}) أي: شققنا وسطهما نهرًا، وهذا ساقط من نسخة. ({زَلَقًا}) أي: (لا يثبت فيه قدم) بمعنى: أنه أملس ({هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ}) بفتح الواو وكسرها (مصدر الولي) في نسخة: "مصدر ولي". بدون (أل) وفي أخرى: "مصدر ولي المولى ولاءً". ({عُقْبًا}) أي: (عاقبه وعقبى وعقبة) معناهما (واحد) ومثلهما عاقبة بقرينة قوله: (وهي) أي: الثلاثة (الآخرة). قال الجوهري: عاقبة كل شيء: آخره ({قُبُلًا}) بكسر القاف وفتح الباء و ({قُبُلًا}) بضمهما و ({قُبُلًا}) بفتحهما أي: (استئنافًا) أي: استقبالًا، وقيل: فجأة، وقيل: غير ذلك ({لِيُدْحِضُوا}) أي: (ليزيلوا، الدحض) أي: (الزَّلق). 2 - باب {وَإِذْ قَال مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)} [الكهف: 60]. زَمَانًا وَجَمْعُهُ: أَحْقَابٌ. (باب) ساقط من نسخة ({وَإِذْ قَال مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)}) أي: (زمانا) أي: طويلا (وجمعه أحقاب) أي: وأحقب وحقاب.

4725 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البِكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الخَضِرِ، لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ، فَقَال: أَنَا، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قَال مُوسَى: يَا رَبِّ فَكَيْفَ لِي بِهِ، قَال: تَأْخُذُ مَعَكَ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ، فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَهُوَ، ثَمَّ فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَنَامَا، وَاضْطَرَبَ الحُوتُ فِي المِكْتَلِ، فَخَرَجَ مِنْهُ فَسَقَطَ فِي البَحْرِ، {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبًا} [الكهف: 61]، وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الحُوتِ جِرْيَةَ المَاءِ، فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلَ الطَّاقِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالحُوتِ، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتَهُمَا حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الغَدِ، قَال مُوسَى {لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62]، قَال: وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَا المَكَانَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، فَقَال لَهُ فَتَاهُ: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ عَجَبًا)، قَال: فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا، وَلِمُوسَى وَلِفَتَاهُ عَجَبًا، فَقَال مُوسَى: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)، قَال: رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى ثَوْبًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى، فَقَال الخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلامُ، قَال: أَنَا مُوسَى، قَال: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَال: نَعَمْ، أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا، قَال: (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا)، يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُهُ، فَقَال مُوسَى: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: 69]، فَقَال لَهُ الخَضِرُ: {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا

تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: 70]، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ فَمَرَّتْ سَفِينَةٌ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا الخَضِرَ فَحَمَلُوهُمْ بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَلَمَّا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ لَمْ يَفْجَأْ إلا وَالخَضِرُ قَدْ قَلَعَ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ بِالقَدُومِ، فَقَال لَهُ مُوسَى: قَوْمٌ قَدْ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا (لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَال أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا قَال لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا) "، قَال: وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا، قَال: وَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ فِي البَحْرِ نَقْرَةً، فَقَال لَهُ الخَضِرُ: مَا عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إلا مِثْلُ مَا نَقَصَ هَذَا العُصْفُورُ مِنْ هَذَا البَحْرِ، ثُمَّ خَرَجَا مِنَ السَّفِينَةِ فَبَيْنَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ إِذْ أَبْصَرَ الخَضِرُ غُلامًا يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الخَضِرُ رَأْسَهُ بِيَدِهِ فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَال لَهُ مُوسَى: (أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا). (قَال أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا) قَال: وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الأُولَى، قَال: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي، قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77]- قَال: مَائِلٌ - فَقَامَ الخَضِرُ فَأَقَامَهُ بِيَدِهِ، فَقَال مُوسَى: قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا، {لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77]، قَال: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78] إِلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ تَأْويلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 82] فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا " قَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ (وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا) وَكَانَ يَقْرَأُ: (وَأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ). [انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح: 8/ 409] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (إن

3 - باب قوله: {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا (61)} [الكهف: 61]

نوفًا البكالي ..) إلخ. مرَّ في كتاب: العلم (¬1). 3 - باب قَوْلِهِ: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)} [الكهف: 61]. مَذْهَبًا يَسْرُبُ: يَسْلُكُ، وَمِنْهُ {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: 10] (باب) ساقط من نسخة. {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)} أي: شقًّا طويلا لا نفاذ له. 4726 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَغَيْرُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَيْتِهِ، إِذْ قَال: سَلُونِي، قُلْتُ: أَيْ أَبَا عَبَّاسٍ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، بِالكُوفَةِ رَجُلٌ قَاصٌّ يُقَالُ لَهُ: نَوْفٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَمَّا عَمْرٌو فَقَال لِي: قَال: قَدْ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، وَأَمَّا يَعْلَى فَقَال لِي: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَال: ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْمًا حَتَّى إِذَا فَاضَتِ العُيُونُ، وَرَقَّتِ القُلُوبُ، وَلَّى فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ فَقَال: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ؟ قَال: لَا، فَعَتَبَ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَى اللَّهِ، قِيلَ: بَلَى، قَال: أَيْ رَبِّ، فَأَيْنَ؟ قَال: بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، قَال: أَيْ رَبِّ، اجْعَلْ لِي عَلَمًا أَعْلَمُ ذَلِكَ بِهِ - فَقَال لِي عَمْرٌو - قَال: حَيْثُ يُفَارِقُكَ الحُوتُ - وَقَال لِي يَعْلَى - قَال: خُذْ نُونًا مَيِّتًا، حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ، فَقَال لِفَتَاهُ: لَا أُكَلِّفُكَ إلا أَنْ تُخْبِرَنِي بِحَيْثُ يُفَارِقُكَ الحُوتُ، قَال: مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَإِذْ قَال ¬

_ (¬1) سبق برقم (74) كتاب: العلم، باب: ما ذكر في ذهاب موسى - عليه السلام- في البحر إلى الخضر.

مُوسَى لِفَتَاهُ} [الكهف: 60] يُوشَعَ بْنِ نُونٍ - لَيْسَتْ عَنْ سَعِيدٍ - قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ظِلِّ صَخْرَةٍ فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ، إِذْ تَضَرَّبَ الحُوتُ وَمُوسَى نَائِمٌ، فَقَالَ فَتَاهُ: لاَ أُوقِظُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ أَنْ يُخْبِرَهُ، وَتَضَرَّبَ الحُوتُ حَتَّى دَخَلَ البَحْرَ، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ البَحْرِ، حَتَّى كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ - قَالَ لِي عَمْرٌو: هَكَذَا كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ، وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ تَلِيَانِهِمَا - {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62]، قَالَ: قَدْ قَطَعَ اللَّهُ عَنْكَ النَّصَبَ - لَيْسَتْ هَذِهِ عَنْ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ - فَرَجَعَا فَوَجَدَا خَضِرًا - قَالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ - عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ، عَلَى كَبِدِ البَحْرِ - قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ - مُسَجًّى بِثَوْبِهِ قَدْ جَعَلَ طَرَفَهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ، وَطَرَفَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ: هَلْ بِأَرْضِي مِنْ سَلاَمٍ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا، قَالَ: أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ، وَأَنَّ الوَحْيَ يَأْتِيكَ يَا مُوسَى، إِنَّ لِي عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ، وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ، فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا عِلْمِي وَمَا عِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ، حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ وَجَدَا مَعَابِرَ صِغَارًا، تَحْمِلُ أَهْلَ هَذَا السَّاحِلِ إِلَى أَهْلِ هَذَا السَّاحِلِ الآخَرِ، عَرَفُوهُ فَقَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ - قَالَ: قُلْنَا لِسَعِيدٍ: خَضِرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ - لاَ نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ، فَخَرَقَهَا وَوَتَدَ فِيهَا وَتِدًا، قَالَ مُوسَى: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} [الكهف: 71]- قَالَ مُجَاهِدٌ: مُنْكَرًا - (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا)، كَانَتِ الأُولَى نِسْيَانًا وَالوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا، {قَالَ: لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 73]، لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ - قَالَ يَعْلَى: قَالَ سَعِيدٌ: وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَأَخَذَ غُلاَمًا كَافِرًا ظَرِيفًا

فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ - {قَال: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: 74] لَمْ تَعْمَلْ بِالحِنْثِ - وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا زَكِيَّةً (زَاكِيَةً): مُسْلِمَةً كَقَوْلِكَ غُلامًا زَكِيًّا - فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، فَأَقَامَهُ - قَال سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَرَفَعَ يَدَهُ فَاسْتَقَامَ، قَال يَعْلَى: حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَال: فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ - {لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77]- قَال سَعِيدٌ: أَجْرًا نَأْكُلُهُ - {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ} [الكهف: 79] وَكَانَ أَمَامَهُمْ - قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَامَهُمْ مَلِكٌ، يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَدَ، وَالغُلامُ المَقْتُولُ اسْمُهُ يَزْعُمُونَ جَيْسُورٌ - {مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79]، فَأَرَدْتُ إِذَا هِيَ مَرَّتْ بِهِ أَنْ يَدَعَهَا لِعَيْبِهَا، فَإِذَا جَاوَزُوا أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا - وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالقَارِ - {كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ} وَكَانَ كَافِرًا {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا، وَكُفْرًا} [الكهف: 80] أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ، (فَأَرَدْنَا أَنْ يُبَدِّلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً) لِقَوْلِهِ: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} [الكهف: 74] {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 81] هُمَا بِهِ أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالأَوَّلِ، الَّذِي قَتَلَ خَضِرٌ -وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ: أَنَّهُمَا أُبْدِلا جَارِيَةً، وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فَقَال: عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: إِنَّهَا جَارِيَةٌ-. (وغيرهما) مبتدأ خبره (قد سمعته) أي: سمعت غيرهما (يحدثه) أي: الحديث السابق، في نسخة: "يحدث" والجملة الاسمية من كلام ابن جريج، ويجوز نصب (غير) بما تفسره سمعت (بالكوفة رجل قاص) في نسخة: "إن بالكوفة رجلًا قاصًّا" أي: يقص على الناس الأخبار (نونًا) أي: "حوتًا" كما في نسخة. (في مكان ثريان) بمثلثة مفتوحة وراء ساكنة وبنون غير منونة؛ لكونه غير منصرف؛ لأنه من باب: فعلان فعلى، بالجر صفة لـ (مكان). وبالنصب حال من الضمير المستتر في الجار والمجرور، يقال: مكان ثريان وأرض ثريا إذا كان في ترابهما

4 - باب قوله {فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا (62)} [الكهف: 62] إلى قوله: {عجبا} [الكهف: 63]

بلل وندى، قاله ابن الأثير (¬1). (إذ تضرَّب الحوت) أي: تحرك (في حجر) بفتح الحاء والجيم، ويروى: "في جحر" بجيم مضمومة فحاء ساكنة. (قال لي عثمان) هو مقول ابن جريج (هل بأرضي من سلام؟) معناه: أنى بأرض السلام؟ وفي نسخة: "هل بأرض؟ " بحذف الياء (لا ينبغي لي أن أعلمه) أي: لأنه إن كان نبيًّا فلا يجب عليه تعلم شريعة نبي غيره أو وليًّا فلعله مأمور بمتابعة نبي غيره (معابر) أي: سفنا (قرأها) في نسخة: "يقرؤها". (زكية) أي: (زاكية مسلمة) ({وَكَانَ وَرَاءَهُمْ}) أي: (وكان أمامهم) (هُدد بن بُدد) بضم أولهما، وحكي فتحهما. (هما) أي: الأبوان. (به) أي: بالذي تبدل من المقتول. (أرحم منهما بالأول) أي: (الذي قتله خضر). وقوله: (وزعم سعيد) من كلام ابن جريج (أنهما) أي: الأبوان (أبدلا جارية) مكان المقتول، فولدت نبيًّا من الأنبياء، رواه النسائي (¬2) واسم النبي شمعون، واسم أمه: حنة. وهذا الحديث كالحديث السابق لكن بزيادة ونقص. 4 - باب قَوْلِهِ {فَلَمَّا جَاوَزَا قَال لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)} [الكهف: 62] إِلَى قَوْلِهِ: {عَجَبًا} [الكهف: 63] {صُنْعًا} [الكهف: 104]: "عَمَلًا"، {حِوَلًا} [الكهف: 108]: "تَحَوُّلًا" {قَال: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64]، {إِمْرًا} [الكهف: 71] وَ {نُكْرًا} ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 211. (¬2) عزاه ابن حجر في: "الفتح" 8/ 412 للنسائي ولم أقف عليه لا في المجتبى ولا في الكبرى.

[الكهف: 74]: "دَاهِيَةً"، {يَنْقَضَّ} [الكهف: 77]: "يَنْقَاضُ كَمَا تَنْقَاضُ السِّنُّ"، (لَتَخِذْتَ): "وَاتَّخَذْتَ وَاحِدٌ"، {رُحْمًا} [الكهف: 81]: "مِنَ الرُّحْمِ، وَهِيَ أَشَدُّ مُبَالغَةً مِنَ الرَّحْمَةِ، وَنَظُنُّ أَنَّهُ مِنَ الرَّحِيمِ، وَتُدْعَى مَكَّةُ أُمَّ رُحْمٍ أَيِ الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ بِهَا". [فتح: 8/ 422] (باب) ساقط من نسخة. ({فَلَمَّا جَاوَزَا قَال لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)}) أي: تعبا. ({إمرًا ونكرا}) أي: (داهية). (لتخذت واتخذت واحد) أي: في المعنى (ويظن) بالبناء للمفعول، في نسخة: "ونظن" بنون وبالبناء للفاعل، وحديث الباب كالحديث المذكور آنفًا لكن بزيادة ونقص. - باب قولهُ {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} [الكهف: 63] 4727 - حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ لَيْسَ بِمُوسَى الخَضِرِ، فَقَال: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَامَ مُوسَى خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقِيلَ لَهُ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ قَال: أَنَا، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، وَأَوْحَى إِلَيْهِ: بَلَى عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قَال: أَيْ رَبِّ، كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْهِ؟ قَال: تَأْخُذُ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَاتَّبِعْهُ، قَال: فَخَرَجَ مُوسَى وَمَعَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَمَعَهُمَا الحُوتُ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَنَزَلا عِنْدَهَا، قَال: فَوَضَعَ مُوسَى رَأْسَهُ فَنَامَ، - قَال سُفْيَانُ: وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ عَمْرٍو، قَال: وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: الحَيَاةُ لَا يُصِيبُ مِنْ مَائِهَا شَيْءٌ إلا حَيِيَ، فَأَصَابَ الحُوتَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ العَيْنِ - قَال: فَتَحَرَّكَ،

وَانْسَلَّ مِنَ المِكْتَلِ، فَدَخَلَ البَحْرَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مُوسَى قَال لِفَتَاهُ: {آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: 62] الآيَةَ، قَال: وَلَمْ يَجِدِ النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ مَا أُمِرَ بِهِ، قَال لَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ} [الكهف: 63] الآيَةَ، قَال: فَرَجَعَا يَقُصَّانِ فِي آثَارِهِمَا، فَوَجَدَا فِي البَحْرِ كَالطَّاقِ مَمَرَّ الحُوتِ، فَكَانَ لِفَتَاهُ عَجَبًا، وَلِلْحُوتِ سَرَبًا، قَال: فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذْ هُمَا بِرَجُلٍ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى، قَال: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلامُ، فَقَال: أَنَا مُوسَى، قَال: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا؟ قَال لَهُ الخَضِرُ: يَا مُوسَى، إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُهُ، وَأَنَا عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لَا تَعْلَمُهُ، قَال: بَلْ أَتَّبِعُكَ، قَال: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ فَمَرَّتْ بِهِمْ سَفِينَةٌ فَعُرِفَ الخَضِرُ فَحَمَلُوهُمْ فِي سَفِينَتِهِمْ بِغَيْرِ نَوْلٍ - يَقُولُ بِغَيْرِ أَجْرٍ - فَرَكِبَا السَّفِينَةَ، قَال: وَوَقَعَ عُصْفُورٌ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَغَمَسَ مِنْقَارَهُ فِي البَحْرِ، فَقَال الخَضِرُ لِمُوسَى: مَا عِلْمُكَ وَعِلْمِي وَعِلْمُ الخَلائِقِ فِي عِلْمِ اللَّهِ إلا مِقْدَارُ مَا غَمَسَ هَذَا العُصْفُورُ مِنْقَارَهُ، قَال: فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى إِذْ عَمَدَ الخَضِرُ إِلَى قَدُومٍ فَخَرَقَ السَّفِينَةَ، فَقَال لَهُ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا {لَقَدْ جِئْتَ} [الكهف: 71] الآيَةَ، فَانْطَلَقَا إِذَا هُمَا بِغُلامٍ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَعَهُ، قَال لَهُ مُوسَى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَال أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا} [الكهف: 75] إِلَى قَوْلِهِ {فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77]- فَقَال بِيَدِهِ: هَكَذَا - فَأَقَامَهُ، فَقَال لَهُ مُوسَى: إِنَّا دَخَلْنَا هَذِهِ القَرْيَةَ فَلَمْ يُضَيِّفُونَا وَلَمْ يُطْعِمُونَا، {لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا، قَال: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ، سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْويلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 77]، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ

5 - باب قوله {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا (103)} [الكهف: 103]

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا " قَال: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: "وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ كَافِرًا". [انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح: 8/ 422] 5 - باب قَوْلِهِ {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)} [الكهف: 103]. (باب) ساقط من نسخة. ({قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)}) زاد في نسخة: "الآية". 4728 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: سَأَلْتُ أَبِي: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} [الكهف: 103]: هُمُ الحَرُورِيَّةُ؟ قَال: "لَا هُمُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، أَمَّا اليَهُودُ فَكَذَّبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا النَّصَارَى فَكَفَرُوا بِالْجَنَّةِ وَقَالُوا: لَا طَعَامَ فِيهَا وَلَا شَرَابَ، وَالحَرُورِيَّةُ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ"، وَكَانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمُ الفَاسِقِينَ. [فتح: 8/ 425] (مصعب) أي: ابن سعد بن أبي وقاص. (هم الحرورية؟) بنية الاستفهام أي: أهم الحرورية؟ وهم طائفة من الخوارج ينسبون إلى حروراء قرية بقرب الكوفة. 4729 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا المُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَقَال: اقْرَءُوا، {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: 105] وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مِثْلَهُ. [مسلم: 2785 - فتح: 8/ 426] 6 - باب {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} الآيَةَ [الكهف: 105].

19 - كهيعص

(باب) - ساقط من نسخة. ({أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ}) (الآية مثله) أي: مثل الحديث السابق. 19 - كهيعص قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: 38] "اللَّهُ يَقُولُهُ، وَهُمُ اليَوْمَ لَا يَسْمَعُونَ وَلَا يُبْصِرُونَ"، {فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 74]: "يَعْنِي قَوْلَهُ: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: 38]: الكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ أَسْمَعُ شَيْءٍ وَأَبْصَرُهُ"، {لَأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: 46]: "لَأَشْتِمَنَّكَ"، {وَرِئْيًا} [مريم: 74]: "مَنْظَرًا" وَقَال أَبُو وَائِلٍ: "عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ"، حَتَّى قَالتْ: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: 18] وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83]: "تُزْعِجُهُمْ إِلَى المَعَاصِي إِزْعَاجًا" وَقَال مُجَاهِدٌ: {إِدًّا} [مريم: 89] "عِوَجًا" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {ورْدًا} [مريم: 86]: "عِطَاشًا"، {أَثَاثًا} [النحل: 80]: "مَالًا"، {إِدًّا} [مريم: 89]: "قَوْلًا عَظِيمًا"، {رِكْزًا} [مريم: 98]: "صَوْتًا غَيًّا خُسْرَانًا" وَقَال مُجَاهِدٌ: {فَلْيَمْدُدْ} [مريم: 75]: "فَلْيَدَعْهُ" وَقَال غَيْرُهُ: {بُكِيًّا} [مريم: 58]: "جَمَاعَةُ بَاكٍ" {صِلِيًّا} [مريم: 70]: "صَلِيَ يَصْلَى"، {نَدِيًّا} [مريم: 73]: "وَالنَّادِي وَاحِدٌ مَجْلِسًا". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة (سورة كهيعص) في نسخة: "باب: سورة مريم" وفي أخرى: "كهيعص" ({أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}) صيغتا تعجب أي: ما أسمعهم وما أبصرهم يوم القيامة حين لا ينفعهم سمعهم ولا بصرهم (الله يقوله) لهم إذ ذاك. ({لَأَرْجُمَنَّكَ}) أي: (لأشتمنك) وقال غيره أي: لأرمينك بالحجارة (¬1). ({وَرِئْيًا}) أي: (منظرًا). (وقال أبو وائل) إلى آخره ساقط من نسخة. ({تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}) ¬

_ (¬1) ذكره الزمخشري في: "الكشاف" 3/ 108.

1 - باب قوله {وأنذرهم يوم الحسرة} [مريم: 39]

أي: (تزعجهم إلى المعاصي إزعاجًا). ({إِدًّا}) أي: (عوجًا) وهذا ساقط من نسخة: ({ورْدًا}) أي: (عطاشا). ({أَثَاثًا}) أي: (مالًا) ({رِكْزًا}) أي: (صوتا) خفيًّا. ({غيا}) أي: (خسرانًا). ({إِدًّا}) أي: (قولا عظيمًا) كما نقله بعد عن ابن عباس. ({وَبُكِيًّا}) (جماعة) أي: جمع (باك). ({صِلِيًّا}) أي: دخولا واحترافًا وهو مصدر (صلي) بكسر اللام. (يصلى) بفتحها مثل لقي يلقى لقيًا. ({نَدِيًّا}) (والنادي واحد) أي: في المعنى وفسر ({نَدِيًّا}) المساوى للنادي بقوله: (مجلسا) فمعناهما مجلس القوم ومجتمعهم. 1 - باب قَوْلِهِ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم: 39]. (باب) ساقط من نسخة. ({وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ}) أي: يوم القيامة. 4730 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: وهَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} [مريم: 39]، وَهَؤُلاءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا {وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39]. [مسلم: 2849 - فتح: 8/ 428] (أبو صالح) هو ذكوان السمان. (فيشرئبون) بفتح التحتية، وسكون المعجمة، وفتح الراء وكسر

2 - باب قوله {وما نتنزل إلا بأمر ربك} [مريم: 64]

الهمزة، وتشديد الموحدة المضمومة أي: يمدون أعناقهم ويرفعون رءوسهم (فيذبح) أي: بين الجنة والنار، وقيل: على الصراط وذابحه يحيى بن زكريا بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: جبريل - عليه السلام - (¬1) (خلود) مصدر أو جمع خالد وعلى الأول وصف الجمع به مبالغة ({وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ}) أي: (وهؤلاء في غفلة) أي: أهل الدنيا، حاصله أنه فسر الضمير الذي ظاهره أنه راجع إلى أهل الجنة والنار بقوله: (هؤلاء) وفسر (هؤلاء) (بأهل الدنيا) والحامل له على ذلك أن الآخرة ليست دار غفلة. 2 - باب قَوْلِهِ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64]. (باب) ساقط من نسخة: ({وَمَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4731 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ: "مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا"، فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64]. [فتح: 8/ 428] ¬

_ (¬1) قال القرطبي في "التذكرة" ص 513: وذكر صاحب كتاب"خلع النعلين" أن هذا الكبش المذبوح بين الجنة والنار أن الذي يتولى ذبحه يحيى بن زكريا عليهما السلام بين يدي النبي (- صلى الله عليه وسلم -) وذكر صاحب كتاب "العروس" أن الذي يذبحه جبريل - عليه السلام -. وقال الذهبي في: "سير أعلام النبلاء"20/ 316: أحمد بن قسي مؤلف كتاب: "خلع النعلين" فيه مصائب وبدع. وقال ابن حجر في: "لسان الميزان" 1/ 372 ترجمة (782): فلسفي التصوف مبتدع، وقتل بين الخمسين والستين وخمسمائة.

3 - باب قوله {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا (77)} [مريم: 77]

(ما يمنعك أن تزورنا ..) إلى آخره مرّ في بدء الخلق (¬1) وكانت مدة عدم نزول الآية أربعين يومًا، وقيل: خمس عشرة ليلة، وقيل: اثنتي عشرة (¬2). 3 - باب قَوْلِهِ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)} [مريم: 77] (باب) ساقط من نسخة. ({أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)}) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 4732 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: سَمِعْتُ خَبَّابًا، قَال: جِئْتُ العَاصَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ أَتَقَاضَاهُ حَقًّا لِي عِنْدَهُ، فَقَال: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: "لَا حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ"، قَال: وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: إِنَّ لِي هُنَاكَ مَالًا وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال: لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77]. [انظر: 2091 - مسلم: 2795 - فتح: 8/ 429] رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَحَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ. (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (خبابًا) أي: ابن الأرت. (حتى تموت ثم تبعث) قيل: مفهوم كلامه إنه يكفر بعد الموت ¬

_ (¬1) سبق برقم (3218) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. (¬2) ذكر هذه الأقوال الزمخشري في "الكشاف" 3/ 144. وروى الطبري في "تفسيره" 8/ 359 (23811) القول الأول عن مجاهد.

4 - باب قوله: {أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا (78)} [مريم: 78] قال: موثقا

وليس مرادا، وأجيب: بأنه لا يتصور الكفر بعد الموت، فكأنه قال: لا أكفر أبدًا، فهو كقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} في أن ذكره للتأكيد. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: البيوع (¬1). 4 - باب قَوْلِهِ: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)} [مريم: 78] قَال: مَوْثِقًا. (باب) ساقط من نسخة. ({أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)}) (قال) أي: البخاري أي: (موثقًا) قال الجوهري: الموثق الميثاق (¬2)، الإستفهام فيه للإنكار. 4733 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَال: كُنْتُ قَيْنًا بِمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ سَيْفًا فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَال: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ قُلْتُ: "لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ يُحْيِيَكَ"، قَال: إِذَا أَمَاتَنِي اللَّهُ ثُمَّ بَعَثَنِي وَلِي مَالٌ وَوَلَدٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال: لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا، أَطَّلَعَ الغَيْبَ أَمُ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: 77، 78]. قَال: "مَوْثِقًا لَمْ يَقُلِ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ: سَيْفًا وَلَا مَوْثِقًا". [انظر: 2091 - مسلم: 2795 - فتح: 8/ 430] (سفيان) أي: الثوري. (قينًا) أي: حدادًا، وهذا الحديث رواه بطريق آخر في الباب السابق. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2091) كتاب: البيوع، باب: ذكر القين والحداد. (¬2) "الصحاح" مادة [وثق] 4/ 1563.

5 - باب {كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا (79)} [مريم: 79]

5 - باب {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79)} [مريم: 79]. 4734 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى، يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَال: كُنْتُ قَيْنًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي دَيْنٌ عَلَى العَاصِ بْنِ وَائِلٍ، قَال: فَأَتَاهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَال: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "وَاللَّهِ لَا أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثَكَ"، قَال: فَذَرْنِي حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ أُبْعَثَ، فَسَوْفَ أُوتَى مَالًا وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال: لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77]. [انظر: 2091 - مسلم: 2795 - فتح: 8/ 430] (باب) ساقط من نسخة. ({كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79)}) أي: نزيده عذابًا فوق العذاب. ومرَّ حديث الباب آنفا (¬1). 6 - باب قَوْلِهِ عزَّ وجلَّ {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)} [مريم: 80]. وَقَال ابن عَبَّاسٍ: {الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: 90]: هَدْمًا. 4735 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَال: كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا، وَكَانَ لِي عَلَى العَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَال لِي: لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، قَال: قُلْتُ: "لَنْ أَكْفُرَ بِهِ حَتَّى تَمُوتَ، ثُمَّ تُبْعَثَ"، قَال: وَإِنِّي لَمَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ المَوْتِ، فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالٍ وَوَلَدٍ، قَال: فَنَزَلَتْ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (2091) كتاب: البيوع، باب: ذكر القين والحداد.

20 - سورة طه

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال: لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا أَطَّلَعَ الغَيْبَ أَمُ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا، كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العَذَابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا} [مريم: 77 - 80]. [انظر: 2091 - مسلم: 2795 - فتح: 8/ 431] (باب) ساقط من نسخة. ({وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)}) أي: من المال والولد. ومرَّ حديث الباب آنفًا أيضًا. 20 - سورة طه قَال عِكْرِمَةُ، وَالضَّحَّاكُ: "بِالنَّبَطِيَّةِ أَيْ {طَهْ} [طه: 1]: يَا رَجُلُ، يُقَالُ كُلُّ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ فَهِيَ عُقْدَةٌ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {أَلْقَى} [النساء: 94]: "صَنَعَ أَزْرِي ظَهْرِي" (فَيَسْحَتَكُمْ): "يُهْلِكَكُمْ" {المُثْلَى} [طه: 63]: "تَأْنِيثُ الأَمْثَلِ يَقُولُ بِدِينِكُمْ، يُقَالُ: خُذِ المُثْلَى خُذِ الأَمْثَلَ " {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} [طه: 64]: "يُقَالُ: هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ اليَوْمَ، يَعْنِي المُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ"، {فَأَوْجَسَ} [طه: 67]: "فِي نَفْسِهِ خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} [هود: 70] لِكَسْرَةِ الخَاءِ " {فِي جُذُوعِ} [طه: 71]: "أَيْ عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ"، {خَطْبُكَ} [طه: 95]: "بَالُكَ"، {مِسَاسَ} [طه: 97]: "مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا"، {لَنَنْسِفَنَّهُ} [طه: 97]: "لَنَذْرِيَنَّهُ"، {قَاعًا} [طه: 106]: "يَعْلُوهُ المَاءُ وَالصَّفْصَفُ المُسْتَوي مِنَ الأَرْضِ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {أَوْزَارًا} [طه: 87]: "أَثْقَالًا" {مِنْ زِينَةِ القَوْمِ} [طه: 87]: "وَهِيَ الحُلِيُّ الَّتِي اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَهِيَ الأَثْقَالُ" {فَقَذَفْتُهَا} "فَأَلْقَيْتُهَا"، {أَلْقَى} [النساء: 94]: "صَنَعَ"، {فَنَسِيَ} [طه: 88]: "مُوسَى هُمْ يَقُولُونَهُ أَخْطَأَ الرَّبَّ"، لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا: "العِجْلُ"، {هَمْسًا} [طه: 108]: "حِسُّ الأَقْدَامِ"، {حَشَرْتَنِي أَعْمَى} [طه: 125]: "عَنْ حُجَّتِي"، {وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} [طه: 125]: "فِي الدُّنْيَا" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِقَبَسٍ} [طه: 10]: "ضَلُّوا الطَّرِيقَ، وَكَانُوا شَاتِينَ، فَقَال: إِنْ لَمْ أَجِدْ عَلَيْهَا مَنْ يَهْدِي الطَّرِيقَ آتِكُمْ بِنَارٍ تُوقِدُونَ " وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: {أَمْثَلُهُمْ} [طه: 104]: "أَعْدَلُهُمْ طَرِيقَةً" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَضْمًا} [طه: 112]: "لَا يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ مِنْ حَسَنَاتِهِ"، {عِوَجًا} [آل عمران: 99]: "وَادِيًا"،

{أَمْتًا} [طه: 107]: "رَابِيَةً"، {سِيرَتَهَا} [طه: 21]: "حَالتَهَا"، وَ {النُّهَى} [طه: 54]: "التُّقَى"، {ضَنْكًا} [طه: 124]: "الشَّقَاءُ"، {هَوَى} [طه: 81]: "شَقِيَ"، (بِالوَادِي المُقَدَّسِ): "المُبَارَكِ" {طُوًى} [طه: 12]: "اسْمُ الوَادِي (بِمِلْكِنَا): "بِأَمْرِنَا" (مَكَانًا سِوًى): "مَنْصَفٌ بَيْنَهُمْ" {يَبَسًا} [طه: 77]: "يَابِسًا" {عَلَى قَدَرٍ} [طه: 40]: "مَوْعِدٍ"، {يَفْرُطَ} [طه: 45] عُقُوبَةً " {لَا تَنِيَا} [طه: 42] تَضْعُفَا. واصطنعتك لنفسي. (طه) في نسخة: "سورة طه". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة (قال ابن جبير) في نسخة: "قال عكرمة والضحاك". (بالنبطية) أي: بلغتها، وهي منسوبة إلى النبط: وهم قوم ينزلون البطائح بين العراقيين. ({طه (1)}) معناه: (يا رجل). (وقال مجاهد): ({أَلْقَى}) أي: في قوله تعالى: {وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} معناه: (صنع) وقوله: (وقال ..) إلخ ساقط من نسخة. ({أزري}) أي: (ظهري). ({فَيُسْحِتَكُمْ}) أي: (يهلككم) وهو بضم الياء من أسحت، وبفتحها من سحت، وهما لغتان بمعنى واحد وقرئ بهما. ({المثلى}) (تأنيث الأمثل) أي: الأشرف. (يقول) أي: يعني في تفسير ({بِطَرِيقَتِكُمُ}) (بدينكم) أيها المخاطبون. (خذ المثلى) أي: الطريقة الفضلى. (خذ الأمثل) أي: الطريق الأفضل ({ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}) أي: محلًا كما بينه بقوله: (يقال ..) إلى آخره. ({فَأَوْجَسَ}) أي: (أضمر) ({فِي جُذُوعِ}) أي: (على جذوع) بَيَّن به أن في (في جذوع) النخل بمعنى: على. ({خطبك}) أي: (بالك) ({لَنَنْسِفَنَّهُ}) أي: (لنذرينه) ({قاعا}) أي: ما (يعلوه الماء). (وقال غيره) أي: منبسطًا. (الصفصف) هو (المستوى من الأرض) وقيل: هو الأملس الذي لا نبات فيه (أوزارا) أي: (أثقالًا). ({مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ}) هي (الحلي الذي استعاروا) أي: استعاره بنو إسرائيل (من آل فرعون) أي: وقومه. ({فقذفتها}) أي:

(فألقيتها) ({أَلْقَى}) أي: (صنع) هذا مرَّ فهو تكرار. ({فنسى موسى}) أي: ربه، وهذا من كلام السامري وأتباعه، وإليهم يرجع الضمير في قوله: (هم يقولونه) أي: يقولون أن موسى نسى ربه أي: (أخطأ الرب) حيث لم يخبركم أن هذه إلاهه، وقيل: قالوا: نسى موسى الطريق إلى ربه. ({لا يرجع إليهم قولًا}) أي: لا يرجع العجل إليهم قولًا. ({هَمْسًا}) هو (حسُ الأقدام) ({حَشَرْتَنِي أَعْمَى}) أي: (عن حجتى). ({بِقَبَسٍ}) أي: في قوله تعالى: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} أي: بشعلة في رأس فتلية أو عود، وإنما يرجى ذلك لهم؛ لأنهم ضلوا الطريق فهذا تعليل للترجي لا تفسير للقبس ({أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً}) أي: (أعدلهم). ({هَضْمًا}) أي: (لا يظلم) ظاهره: أنه تفسير للهضم وليس مرادًا، بل هو تفسير لقوله: {وَلَا هَضْمًا} مع أن تفسيره بذلك تكرار مع قوله: ({لا يخاف ظلما}) فالأوجه تفسير الآية بما فسرها به غيره من قوله: {لا يخاف ظلمًا} أي: بزيادته في سيئاته. ({وَلَا هَضْمًا}) أي: ينقص من حسناته. ({عِوَجًا}) أي: (واديًا). وقال غيره أي: انخفاضًا. ({أَمْتًا}) أي: (رابية). وقال غيره: ارتفاعا (¬1). ({سِيرَتَهَا}) أي: (حالتها). ({النهي}) أي: (التقى). ({هوى}) أي: (شقى). ({بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ}) أي: (المبارك). ({بِمَلْكِنَا}) أي: (بأمرنا) أو بقدرتنا. ({مكانًا سوى}) معناه: (منصف بينهم) أي: مكانا تستوي مسافته على الفريقين. ({يَبَسًا}) أي: (يابسا). ({عَلَى قَدَرٍ}) ¬

_ (¬1) أثر ذلك عن مجاهد رواه الطبري في "تفسيره" 8/ 458 (24326). ذكره البغوي 5/ 295. وذكره ابن كثير في "تفسيره" 9/ 367.

1 - باب قوله {واصطنعتك لنفسي (41)} [طه: 41]

أي: (موعد). ({وَلَا تَنِيَا}) أي: (تضعفا). ({يَفْرُطَ}) أي: (عقوبة) الأولى قول غيره أي: نعجل بالعقوبة (¬1) مع أن هذا ساقط من نسخة. 1 - باب قَوْلِهِ {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)} [طه: 41] (باب): ساقط من نسخة ({وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)}) أي: اصطفيتك واختصصتك بالرسالة والنبوة. 4736 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " التَقَى آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى لِآدَمَ: آنْتَ الَّذِي أَشْقَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الجَنَّةِ؟ قَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ، وَاصْطَفَاكَ لِنَفْسِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَجَدْتَهَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي، قَالَ: نَعَمْ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى. {الْيَمِّ} [طه: 39]: البَحْرُ. [انظر: 3409 - مسلم: 2652 - فتح: 8/ 434] (فحج آدم موسى) أي: غلبه في الحجة، وظهر عليه بها، ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الأنبياء، باب: وفاة موسى (¬2). 2 - باب قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)} [طه: 77 - 79]. ¬

_ (¬1) أثر عن ابن زيد، رواه الطبري في: "تفسيره" 8/ 420 (24154) وذكره البغوي في "تفسيره" 5/ 276. (¬2) سبق برقم (3409) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: وفاة موسى، وذكره بعده.

3 - باب قوله {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} [طه: 117]

(باب) ساقط من نسخة. ({وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي}) إلخ أي: بيان ما جاء في ذلك. 4737 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَاليَهُودُ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: هَذَا اليَوْمُ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوهُ". [انظر: 2004 - مسلم: 1130 - فتح: 8/ 434] (روح). أي: ابن عبادة. (أبو بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. ومرَّ حديث الباب بشرحه في باب: صيام يوم عاشوراء (¬1). 3 - باب قَوْلِهِ {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117]. 4738 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "حَاجَّ مُوسَى آدَمَ، فَقَال لَهُ: أَنْتَ الَّذِي أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الجَنَّةِ بِذَنْبِكَ وَأَشْقَيْتَهُمْ، قَال: قَال آدَمُ: يَا مُوسَى، أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالتِهِ وَبِكَلامِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي - أَوْ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي - " قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى". [انظر: 3409 - مسلم: 2652 - فتح: 8/ 434] (باب) ساقط من نسخة. ({فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}) أي: فتتعب بالحرث والزرع، والحصد والطحن، والخبز وغيرها. واقتصر على شقائه؛ لأنه الرجل يسعى على زوجته. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2004) كتاب: الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء.

21 - سورة الأنبياء

21 - سورة الأنبياء 1 - باب (سورة الأنبياء). قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. 4739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلادِي، وَقَال قَتَادَةُ: {جُذَاذًا} [الأنبياء: 58]: "قَطَّعَهُنَّ" وَقَال الحَسَنُ: {فِي فَلَكٍ} [يس: 40]: "مِثْلِ فَلْكَةِ المِغْزَلِ"، {يَسْبَحُونَ} [يس: 40]: "يَدُورُونَ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {نَفَشَتْ} [الأنبياء: 78]: "رَعَتْ لَيْلًا"، {يُصْحَبُونَ} [الأنبياء: 43]: "يُمْنَعُونَ"، {أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الأنبياء: 92]: "قَال: دِينُكُمْ دِينٌ وَاحِدٌ " وَقَال عِكْرِمَةُ: {حَصَبُ} [الأنبياء: 98]: "حَطَبُ بِالحَبَشِيَّةِ" وَقَال غَيْرُهُ: {أَحَسُّوا} [الأنبياء: 12]: "تَوَقَّعُوا مِنْ أَحْسَسْتُ"، {خَامِدِينَ} [الأنبياء: 15]: "هَامِدِينَ"، {وَالحَصِيدُ}: "مُسْتَأْصَلٌ، يَقَعُ عَلَى الوَاحِدِ وَالاثْنَيْنِ وَالجَمِيعِ"، {لَا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء: 19]: "لَا يُعْيُونَ، وَمِنْهُ {حَسِيرٌ} [الملك: 4]: وَحَسَرْتُ بَعِيرِي"، {عَمِيقٌ} [الحج: 27]: "بَعِيدٌ"، {نُكِسُوا} [الأنبياء: 65]: "رُدُّوا"، {صَنْعَةَ لَبُوسٍ} [الأنبياء: 80]: "الدُّرُوعُ"، {تَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ} [الأنبياء: 93]: "اخْتَلَفُوا، الحَسِيسُ وَالحِسُّ، وَالجَرْسُ وَالهَمْسُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مِنَ الصَّوْتِ الخَفِيِّ"، {آذَنَّاكَ} [فصلت: 47]: "أَعْلَمْنَاكَ"،

{آذَنْتُكُمْ} [الأنبياء: 109]: "إِذَا أَعْلَمْتَهُ، فَأَنْتَ وَهُوَ عَلَى سَوَاءٍ لَمْ تَغْدِرْ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 13]: "تُفْهَمُونَ"، {ارْتَضَى} [الأنبياء: 28]: "رَضِيَ"، {التَّمَاثِيلُ} [الأنبياء: 52]: "الأَصْنَامُ"، {السِّجِلُّ} [الأنبياء: 104]: "الصَّحِيفَةُ". [فتح: 8/ 435] (غندر) هو محمد بن جعفر الهذلي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (بني إسرائيل) أي: سورة بني. (وهن من تلادي). أي: من محفوظاتي القديمة. ومرَّ الحديث مختصرًا في أول سورة بني إسرائيل (¬1). ({جُذَذًا}) بضم الجيم وكسرها، قراءتان أي: (قطعهن) والأَوْلى قول غيره أي: قطعًا. ({يُسَبِّحُونَ}) أي: (يدورون). ({نَفَشَتْ}) أي: (رعت). (يصحبون) أي: (يمنعون)، وقال غيره: أي: يجارون (¬2)، وكلاهما صحيح. ({أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}) أي: (دينكم دين واحد). (وقال عكرمة {حَصَبُ}) أي: (حطب بالحبشة) ساقط من نسخة ({أَحَسُّوا}) أي: (توقعوا) الأولى قول غيره أي: شعروا. ({خَامِدِينَ}) أي (هامدين) الأَوْلى قول غيره: أي: ميتين. ({وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ}) أي: (لا يعيون). ({عَمِيِقٍ}) أي: (بعيد) ذكره هنا استطرادًا، وإلا فمحله في سورة الحج. ({نكسو}) أي: (ردوا) بمعنى: قلبوا. ({صَنْعَةَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4708) كتاب: التفسير، سورة بني إسرائيل. (¬2) أثر عن ابن عباس، رواه الطبري في: "تفسيره" 9/ 31 (24604).

2 - باب {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا} [الأنبياء: 104]

لَبُوسٍ}) أي: (الدروع) أي: صنعة الدروع. ({وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ}) أي: (اختلفوا) في أمر دينهم. ({آذَنَّاكَ}) أي: (أعلمناك) ذكره استطرادًا، وإلا فمحله في سورة فصلت. ({تُسْأَلُونَ}) أي: (تفهمون) بتشديد الهاء، وبالبناء للمفعول أي: يفهمون السؤال فيجيبون عنه. ({التَّمَاثِيلُ}) أي: (الأصنام). ({السِّجِلِّ}) أي: في قوله تعالى: {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} معناه: (الصحيفة) جرى على أن السجل اسم للمكتوب فيه، والكتاب: اسم للمكتوب وغيره جرى على أن السجل اسم لملك يطوي الكتاب، والكتاب اسم للمكتوب فيه وهو (الصحيفة). 2 - باب {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا} [الأنبياء: 104] (باب): ساقط من نسخة. (قوله) ساقط من أخرى. ({كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا}) أي: إعادة ({عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}) قوله: ({نُعِيدُهُ}) إلخ ساقط من نسخة. 4740 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، شَيْخٌ مِنَ النَّخَعِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ، وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104]، ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلا إِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَال العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا، مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 117] إِلَى قَوْلِهِ {شَهِيدٌ} [المائدة: 117] فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ. [انظر: 3349 -

22 - سورة الحج

مسلم: 2860 - فتح: 8/ 437] (سليمان) أي: ابن حرب. (من النخع) بفتح النون، والمعجمة قبيلة من مذحج، ومرَّ حديث الباب بشرحه في كتاب: الأنبياء، وفي آخر سورة المائدة (¬1). 22 - سورة الحَجِّ وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: {المُخْبِتِينَ} [الحج: 34]: "المُطْمَئِنِّينَ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "فِي إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ، إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ، فَيُبْطِلُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ وَيُحْكِمُ آيَاتِهِ، وَيُقَالُ: أُمْنِيَّتُهُ قِرَاءَتُهُ"، {إلا أَمَانِيَّ} [البقرة: 78]: "يَقْرَءُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {مَشِيدٌ} [الحج: 45]: "بِالقَصَّةِ جِصٌّ" وَقَال غَيْرُهُ: {يَسْطُونَ} [الحج: 72]: "يَفْرُطُونَ، مِنَ السَّطْوَةِ"، وَيُقَالُ: {يَسْطُونَ} [الحج: 72]: "يَبْطِشُونَ"، {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ} [الحج: 24]: "أُلْهِمُوا" وَقَال ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: إِلَى القُرْآنِ {وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الحَمِيدِ} [الحج: 24]: "الإِسْلامِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِسَبَبٍ} [الحج: 15]: "بِحَبْلٍ إِلَى سَقْفِ البَيْتِ"، {ثَانِيَ عِطْفِهِ} [الحج: 9]: "مُسْتَكْبِرٌ"، {تَذْهَلُ} [الحج: 2]: "تُشْغَلُ". (سورة الحج). قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({الْمُخْبِتِينَ}) أي: (المطمئنين)، وقال غيره: أي: المطيعين، والمتواضعين (¬2)، والكل صحيح. ({إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}) أي: (إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه). (ويقال أمنيته) معناه: (قراءته) ما ليس قرآنا. ({إلا أَمَانِيَّ}) معناه: (يقرءون ولا يكتبون) أي: يقرءون ما ليس قرآنا، استشهد بهذا على أن (تمنى) بمعنى: ¬

_ (¬1) سبق برقم (3349) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}. وبرقم (4625) كتاب: التفسير، باب: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} الآية. (¬2) أثر عن قتادة، رواه الطبري في: "تفسيره" 9/ 151 (25176) وذكره البغوي في: "تفسيره" 5/ 386 عن ابن عباس وقتادة.

1 - باب {وترى الناس سكارى}

قرأ. ({مشيد}) أي: في قوله تعالى: {وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} معناه: ما عمل. (بالقصة) بفتح القاف وتشديد المهملة، أي: الجص أي: الجبس، وهو معنى قول بعضهم: ما عُمل بالمشيد. بكسر المعجمة أي: الجص. ({يَسْطُونَ}) أي: (يفرطون) بضم الراء. ({وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}) أي: الإسلام. ({تَذْهَلُ}) أي: (تشغل) بفتح أوله، وقال غيره: أي: تنسى وتغفل (¬1)، وكلاهما صحيح. 1 - باب {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} (باب: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى}) ساقط من نسخة. 4741 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ: يَا آدَمُ، يَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ، قَال: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَال: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ - أُرَاهُ قَال - تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الحَامِلُ حَمْلَهَا، وَيَشِيبُ الوَلِيدُ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ " فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ، ثُمَّ أَنْتُمْ فِي النَّاسِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأَبْيَضِ - أَوْ كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ - وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ" فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَال: "ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ" فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَال: "شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ" فَكَبَّرْنَا قَال أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، {تَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} [الحج: 2]، وَقَال: "مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ" وَقَال جَرِيرٌ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَأَبُو مُعَاويَةَ: (سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى). ¬

_ (¬1) أثر عن سفيان، رواه ابن أبي حاتم 8/ 2473 (13773).

2 - باب {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة} [الحج: 11] إلى قوله: {ذلك هو الضلال البعيد} [الحج: 12]

[انظر: 3348 - مسلم: 222 - فتح: 8/ 441] (الأعمش) هو: سليمان بن مهران. (أبو صالح) هو ذكوان الزيات. (فينادى) بفتح الدال ويروى بكسرها. (بعثًا) أي: مبعوثًا، وجمعه: بعوث، أي: اخرج من بين الناس الذين هم أهل النار، وابعثهم إليها، فحينئذ تضع الحامل حملها ويشيب الولد هذا فرض أو تمثيل إذ الهموم تضعف القوى وتسرع بالشيب أو حقيقة؛ لأن كل أحد يبعث على ما مات عليه فتبعث الحامل حاملًا، والمرضع مرضعًا، والطفل طفلا، فإذا وقعت زلزلة الساعة، وقيل ذلك لآدم وسمعوا ما قيل له وقع بهم من الوجل ما تسقط معه الحامل، ويشيب له الطفل وتذهل المرضعة. (تسعمائة) بالنصب فيخرج مقدرًا، أي: يخرج الله من يأجوج ومأجوج تسعمائة. (وتسعة وتسعين) عطف على تسعمائة. (أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود) (أو) للتنويع. ومرَّ الحديث في كتاب: الأنبياء (¬1). 2 - باب {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ} [الحج: 11] إِلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} [الحج: 12] {وَأَتْرَفْنَاهُمْ} [المؤمنون: 33]: وَسَّعْنَاهُمْ. (باب): ساقط من نسخة. ({وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ}) أي: شك. وقال غيره: أي على طرف وجانب من الدين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3348) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قصة يأجوج ومأجوج.

3 - باب قوله {هذان خصمان اختصموا في ربهم} [الحج: 19]

4742 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} [الحج: 11] قَال: "كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ المَدِينَةَ، فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلامًا، وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ، قَال: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ، وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ، قَال: هَذَا دِينُ سُوءٍ. [فتح: 8/ 442] (إسرائيل) أي: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. 3 - باب قَوْلِهِ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] (باب): ساقط من نسخة. ({هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4743 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يُقْسِمُ قَسَمًا، إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] نَزَلَتْ فِي حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ، يَوْمَ بَرَزُوا فِي يَوْمِ بَدْرٍ " رَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، وَقَال عُثْمَانُ: عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَوْلَهُ. [انظر: 3966 - مسلم: 3033 - فتح: 8/ 443] (يقسم فيها) في نسخة: "بها" وفي أخرى: "قسما" بدلها وهي الصواب. (وصاحبيه) هما: علي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث. ومرَّ الحديث بشرحه في المغازي (¬1). 4744 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ، قَال قَيْسٌ: وَفِيهِمْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3965 - 3966) كتاب: المغازي، باب: قتل أبي جهل.

23 - سورة المؤمنين

نَزَلَتْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] قَال: هُمُ الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ عَلِيٌّ، وَحَمْزَةُ، وَعُبَيْدَةُ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ. [انظر: 3965 - فتح: 8/ 443] (من يجثو) بجيم ومثلثة أي: يجلس على ركبتيه. (قيس) أي: ابن عباد. 23 - سورة المُؤْمِنِينَ قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: {سَبْعَ طَرَائِقَ} [المؤمنون: 17]: "سَبْعَ سَمَوَاتٍ" {لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61]: "سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ"، {قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]: "خَائِفِينَ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ} [المؤمنون: 36]: "بَعِيدٌ بَعِيدٌ"، {فَاسْأَلِ العَادِّينَ} [المؤمنون: 113]: "المَلائِكَةَ"، {لَنَاكِبُونَ} [المؤمنون: 74]: "لَعَادِلُونَ"، {كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104]: "عَابِسُونَ" وَقَال غَيْرُهُ: {مِنْ سُلالةٍ} [المؤمنون: 12]: "الوَلَدُ، وَالنُّطْفَةُ السُّلالةُ، وَالجِنَّةُ وَالجُنُونُ وَاحِدٌ، وَالغُثَاءُ الزَّبَدُ، وَمَا ارْتَفَعَ عَنِ المَاءِ، وَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ. (سورة المؤمنين) في نسخة: "سورة المؤمنون" (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب) ساقط من أخرى. ({سَبْعَ طَرَائِقَ}) أي: (سبع سماوات). ({لَهَا سَابِقُونَ}) أي: (سبقت لهم السعادة). ({وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}) أي: (خائفين) الأولى خائفون. ({هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ}) أي: (بعيد بعيد) هو تفسير معنى، والإفـ (هيهات) اسم فعل هو بَعُدَ. ({فاسئل العادين}) أي: (الملائكة)، في نسخة: "فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} " قال: الملائكة أي: "قال مجاهد" كما في نسخة. ({لَنَاكِبُونَ}) أي: (لعادلون) من العدول لا من العدل. ({مِنْ سُلَالةٍ}) زاد قبله في نسخة: "وقال غيره". (والغثاء) أي: الزبد. ({يَجْأَرُونَ}) أي: (يرفعون أصواتهم) هذا ساقط من نسخة.

24 - سورة النور

24 - سُورَةُ النُّورِ {مِنْ خِلالِهِ} [النور: 43]: "مِنْ بَيْنِ أَضْعَافِ السَّحَابِ"، {سَنَا بَرْقِهِ} [النور: 43]: "وَهُوَ الضِّيَاءُ"، {مُذْعِنِينَ} [النور: 49]: "يُقَالُ لِلْمُسْتَخْذِي مُذْعِنٌ"، {أَشْتَاتًا} [النور: 61]: "وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} [النور: 1]: "بَيَّنَّاهَا" وَقَال غَيْرُهُ: "سُمِّيَ القُرْآنُ لِجَمَاعَةِ السُّوَرِ، وَسُمِّيَتِ السُّورَةُ لِأَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ مِنَ الأُخْرَى، فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ سُمِّيَ قُرْآنًا" وَقَال سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمَالِيُّ: "المِشْكَاةُ: الكُوَّةُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ " وَقَوْلُهُ تَعَالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17]: "تَأْلِيفَ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ"، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18]: "فَإِذَا جَمَعْنَاهُ وَأَلَّفْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، أَيْ مَا جُمِعَ فِيهِ، فَاعْمَلْ بِمَا أَمَرَكَ وَانْتَهِ عَمَّا نَهَاكَ اللَّهُ، وَيُقَالُ: لَيْسَ لِشِعْرِهِ قُرْآنٌ، أَيْ تَأْلِيفٌ، وَسُمِّيَ الفُرْقَانَ، لِأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: مَا قَرَأَتْ بِسَلًا قَطُّ، أَيْ لَمْ تَجْمَعْ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا"، وَيُقَالُ فِي (فَرَّضْنَاهَا): "أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً"، وَمَنْ قَرَأَ: {فَرَضْنَاهَا} [النور: 1]: "يَقُولُ: فَرَضْنَا عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {أَو الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} [النور: 31]: "لَمْ يَدْرُوا، لِمَا بِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ". (سورة النور). قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({مِنْ خِلَالِهِ}) أي: (من بين أصناف السحاب). ({سَنَا بَرْقِهِ}) أي: (الضياء) في نسخة: "وهو ضياؤه". ({مذعنين}) أي: في قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49)} أي: مستخذين، وهو أولى من قوله: يقال للمستخذي مذعن، والمستخذي بمهملة، ومعجمتين اسم فاعل من استخذى أي: خضع وقال غيره: {مذعنين} أي:

1 - باب قوله عز وجل {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين (6)} [النور: 6]

مسرعين (¬1)، وكلاهما صحيح. ({أَنْزَلْنَاهَا}) أي: (بيناها)، قال القاضي عياض: كذا في النسخ، والصواب {أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا}: بيناها فقوله: (بيناها) تفسير فرضناها. (وقال غيره) أي: غير ابن عباس. (سمي القرآن) أي: قرآنا. لجماعة السور أي: (لجمعه السور). (وسميت السورة) أي: سورة. (لأنها مقطوعة من الأخرى) أي: من السورة الأخرى إذ السور قطع. (فلما قرن بعضها) أي: السور. (إلى بعض سمي) أي: المجموع (قرآنا) كما (سمي) بعضه (قرآنا) وذكره تسمية القرآن هنا؛ ليفرق بين وجه تسميته (قرآنا) تسمية السورة سورة فذكره هنا استطرادا، وكذا قوله بعد (وسمي الفرقان) إلى آخره. (الثمالي) بضم المثلثة، وتخفيف الميم نسبة إلى ثمالة قبيلة من الأزد. (المشكاة) أي: (الكوة) بفتح الكاف، وضمها: طاقة غير نافذة، (ويقال للمرأة: ما قرأت بسلا) إلى آخره، بَيَّن به أن القرآن مأخوذ من قرأ بمعنى جمع لا بمعنى تلا والسلا بالقصر: الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد كما مرَّ. (وقال الشعبي: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} من ليس له أرب، وقال طاوس: هو الأحمق) الذي لا حاجة له في النساء ساقط من نسخة. 1 - باب قَوْلِهِ عزَّ وجلَّ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6)} [النور: 6]. (باب) ساقط من نسخة أيضًا. (قوله) ساقط من أخرى ({وَالَّذِينَ ¬

_ (¬1) أثر عن مجاهد، رواه الطبري 9/ 340 (26177) وعن عبد الرحمن بن زيد، رواه ابن أبي حاتم 8/ 2622 (14741).

يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} .. إلخ. أي: بيان ما جاء في ذلك. 4745 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عُوَيْمِرًا، أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي عَجْلانَ، فَقَال: كَيْفَ تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَتَى عَاصِمٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسَائِلَ، فَسَأَلَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، قَال عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ عُوَيْمِرٌ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ القُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ"، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُلاعَنَةِ بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَلاعَنَهَا، ثُمَّ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ حَبَسْتُهَا فَقَدْ ظَلَمْتُهَا فَطَلَّقَهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا فِي المُتَلاعِنَيْنِ، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ، أَدْعَجَ العَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إلا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إلا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا"، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ، فَكَانَ بَعْدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ. (إسحاق) أي: ابن منصور. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (أن عويمرًا) تصغير عامر (فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسائل) أي: لما فيها من البشاعة والإشاعة على المسليمن والمسلمات، وتسليط العدو في الدين بالخوض في أعراضهم. (وعابها) ساقط من نسخة. (قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك) هي زوجته خولة بنت قيس، وقيل: بنت عاصم المذكور، وما ذكر ليس صريحًا في أن عويمرًا أول من لاعن لما سيأتي: أن هلال بن أمية لاعن قبله. (بالملاعنة) هي مصدرًا لاعن،

2 - باب {والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين (7)} [النور: 7]

وأمَّا لعنًا فمصدر لعن، واللعان لغة: الطرد، والإبعاد وشرعًا: كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به، أو إلى نفي ولد. وإنما سمي لعانًا؛ لأن كلًّا من الزوجين يبعد عن صاحبه. (فطلقها) أي: ثلاثًا كما في رواية (¬1) وأخذ بظاهره بعضهم فقال: إنما تحصل البينونة بالطلاق لا باللعان، وقال الشافعي: إنها تحصل بلعان الزوج (¬2)، وقيل: بلعانها بعده، وإنما طلق عويمر امرأته بعد اللعان ظنًّا منه أن اللعان لا يحرمها، فأراد تحريمها بالطلاق، والحاصل: أنها حرمت عليه باللعان لا بالطلاق، وإن فرقها باللعان فرقة فسخٍ لا طلاق. (أسحم) بسين وحاء مهملتين أي: أسود. (أدعج العينين) أي: شديد سواد الحدقة (خدلج) بفتح المعجمة والمهملة واللام المشددة المفتوحة أي: عظيم. (الساقين) أي: ساقي القدمين. (وَحرَة) بفتح الواو والمهملة، والراء دويبة تترمى على الطعام وهي نوع من أنواع الوزغ وشبهه بها لحمرتها وقصرها. 2 - باب {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)} [النور: 7]. (باب) ساقط من نسخة ({وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4746 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2245) كتاب: الطلاق، باب: اللعان. (¬2) "الأم" 5/ 280.

3 - باب قوله: {ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين (8)} [النور: 8]

سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ، فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ فِي القُرْآنِ مِنَ التَّلاعُنِ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ قُضِيَ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ"، قَال: فَتَلاعَنَا وَأَنَا شَاهِدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَارَقَهَا فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلاعِنَيْنِ، وَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي المِيرَاثِ أَنْ يَرِثَهَا وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا. [انظر: 423 - مسلم: 1492 - فتح: 8/ 448] (أن رجلًا) هو عويمر العجلاني. ومرَّ غالب الحديث في الباب السابق. 3 - باب قَوْلِهِ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8)} [النور: 8] (باب): ساقط من نسخة ({وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8)}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4747 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ هِلال بْنَ أُمَيَّةَ، قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ"، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "البَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ" فَقَال هِلالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَجَاءَ هِلالٌ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ" ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا

4 - باب قوله {والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين (9)} [النور: 9]

تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ اليَوْمِ، فَمَضَتْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ"، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ". [انظر: 2671 - فتح: 8/ 449] (البينة) بالنصب أي: أحضر البينة. (أَوْحَدُّ) أي: أو عليك حَدُّ، ويجوز رفع (البينة) أي: عليك (البينة أوحد). (فتلكأت) بتشديد الكاف أي: فتبطأت. (سائر اليوم) أي: جميع الأيام. (فمضت) أي: في تمام اللعان. (أكحل العينين). الكحل أن يعلو جفون العينين سواد مثل الكحل بغير كحل. (سابغ الإليتين). أي: ضخمهما (لكان لي ولها شأن) أي: في إقامة الحد وما يتبعه، قال النووي: اختلف في نزول آية اللعان هل هو في هلال، أو عويمر؟ الأكثر على أنه هلال وأمَّا قوله - صلى الله عليه وسلم - لعويمر: "أنزل الله فيك وفي صاحبتك" فقالوا: معناه: الإشارة إلى ما نزل في هلال؛ لأن الحكم عام لجميع الناس، أو أنهما سألا في وقتين متقاربين فنزلت الآية فيهما، وسبق هلال باللعان فيصدق أنهما نزلت في ذا وذاك (¬1). 4 - باب قَوْلِهِ {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور: 9] (باب): ساقط من نسخة ({وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4748 - حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَمِّي القَاسِمُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 10/ 119 - 120.

5 - باب قوله: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} [النور: 11] أفاك: كذاب

عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَجُلًا رَمَى امْرَأَتَهُ فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلاعَنَا، كَمَا قَال اللَّهُ، ثُمَّ قَضَى بِالوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلاعِنَيْنِ". [5306, 5313، 5314، 5315، 6748 - مسلم: 1494 - فتح: 8/ 451] (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (أن رجلًا) هو عويمر العجلاني. 5 - باب قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11] أَفَّاكٌ: كَذَّابٌ. (باب) ساقط من نسخة: ({إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}) ذكر الآية بتمامها. واقتصر في نسخة على: " {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} ". (أفاك) أي: (كذاب). 4749 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} [النور: 11] قَالتْ: "عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ". [انظر: 2593 - فتح: 8/ 451] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (عن معمر). أي: ابن راشد. وحديث الباب ظاهر.

6 - باب {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين (12)} {قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم} {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون (13)} [النور: 12، 13]

6 - باب {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)} {قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)}. [النور: 12، 13] 4750 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَال لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا، وَكُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ الَّذِي حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا نَزَلَ الحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي، وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي وَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ رَكِبْتُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا تَأْكُلُ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ

وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ، وَلَا مُجِيبٌ فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَوَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي، أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّطَفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ: "كَيْفَ تِيكُمْ؟ " ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الَّذِي يَرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَمَا نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إلا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ فِي التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا، فَقَالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ قَالتْ: أَيْ هَنْتَاهْ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَال؟ قَالتْ: قُلْتُ: وَمَا قَال؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْنِي سَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "كَيْفَ تِيكُمْ" فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ

لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، قَالتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهْ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ إلا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قَالتْ: فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى أَصْبَحْتُ أَبْكِي، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهْلَكَ وَلَا نَعْلَمُ إلا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَإِنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقَال: "أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟ " قَالتْ بَرِيرَةُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَعْذَرَ يَوْمَئِذٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قَالتْ: فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: "يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إلا مَعِي" فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ، فَقَال لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَال لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى

سَكَتُوا، وَسَكَتَ، قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ: فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي، وَأَنَا أَبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ «لَبِثَ» شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيثَ، حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ، قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، قَالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي يُنْزَلُ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: «يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ بَرَّأَكِ» فَقَالَتْ أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ:

7 - باب قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم (14)} [النور: 14]

لَا وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إلا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسِبُوهُ) العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَال لِعَائِشَةَ مَا قَال، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى وَالمَسَاكِينَ وَالمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا، أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قَال أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَال: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، قَالتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَال: "يَا زَيْنَبُ مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ؟ " فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، مَا عَلِمْتُ إلا خَيْرًا، قَالتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالوَرَعِ وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الإِفْكِ. (باب) ساقط من نسخة ({وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}) كذا في نسخة، وزاد قبله في أخرى. " {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا إلي قوله الكاذبون} ". ومر حديث الباب بشرحه في كتاب: الشهادات وغيره (¬1). 7 - باب قَوْلِهِ {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14)} [النور: 14]. وَقَال مُجَاهِدٌ: {تَلَقَّوْنَهُ} [النور: 15]: "يَرْويهِ بَعْضُكُمْ عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2637) كتاب: الشهادات، باب: إذا عدل رجل أحدًا.

8 - باب {إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم} [النور: 15]

بَعْضٍ" {تُفِيضُونَ} [يونس: 61]: "تَقُولُونَ". (باب): ساقط من نسخة (قوله) ساقط من أخرى. {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14)}) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. ({إِذْ تَلَقَّوْنَهُ}) أي: (يرويه بعضكم من بعض). ({تُفِيضُونَ}) أي: (تقولون). 4751 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُمِّ رُومَانَ أُمِّ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالتْ: "لَمَّا رُمِيَتْ عَائِشَةُ خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا". [انظر: 3388 - فتح: 8/ 482] (سليمان) أي: ابن كثير. (عن حصين) أي: ابن عبد الرحمن الكوفي. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (عن أم رومان) هي بنت عامر بن عويمر. (خرت مغشيًّا عليها) لفظ: (عليها) ساقط من نسخة، لكنه مراد وإلا لقال: مغشية وما يلوم عليها من حذف النائب عن الفاعل، أجيب عنه: بأنه جائز عند الكسائي. 8 - باب {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15]. (باب) ساقط من نسخة. ({إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} الآية) ذكر في نسخة: بدل قوله (الآية): " {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} ". 4752 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقْرَأُ: {إِذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} [انظر: 4144 - فتح 8/ 482].

(هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (أن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (سمعت عائشة تقرأ ({تَلَقَّوْنَهُ}) بكسر اللام وتخفيف القاف مضمومة من ولق الرجل إذا كذب، وأصله: تولقونه حذفت منه الواو؛ لتوسطها بين فتحة وكسرة، كما في (يلد) وإن كانت الفتحة هنا على فوقية، وثم على تحتية. وأما على القراءة المشهورة بفتح اللام والقاف مشددة فمعناه يرويه بعضكم عن بعض. كما مرَّ آنفًا (¬1). - باب {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)} [النور: 16] (باب): ساقط من نسخة. ({وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)} لفظ: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}) ساقط من نسخة، بل هو مع ما قبله ساقط من أخرئ لتقدمه آنفًا. 4753 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِهَا عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ، قَالتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَيَّ، فَقِيلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ وُجُوهِ المُسْلِمِينَ، قَالتْ: ائْذَنُوا لَهُ، فَقَال: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ، قَال: "فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ" وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلافَهُ، فَقَالتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا. [انظر: 3771 - فتح 8/ 482] (يحيى) أن: ابن سعيد القطان. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4144) كتاب: المغازي، باب: حديث الإفك.

9 - باب {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا} [النور:17]

(أخشى أن يثنى علي) أي: لأن الثناء يورث العجب. (فقيل) أي: لعائشة. (ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقائله: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم-، وإنما قاله؛ لأنه فهم منها أن تمنعه، والمستأذن لابن عباس ذكوان مولى عائشة (إن اتقيت) من التقوى، وفي نسخة: "إن أبقيت" بالبناء للمفعول من البقاء. (خلافه) أي: بعد خروجه. 4754 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ المَجِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ القَاسِمِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، اسْتَأْذَنَ عَلَى عَائِشَةَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ نِسْيًا مَنْسِيًّا. [فتح: 8/ 483] (عن القاسم) أي: ابن محمد بن أبي بكر الصديق. (نحوه) أي: نحو الحديث المذكور. 9 - باب {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا} [النور: 17] (باب): ساقط من نسخة. ({يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ} الآية) لفظ: (الآية) ساقط من نسخة. (سفيان) أي: الثوري. 4755 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: جَاءَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، قُلْتُ: أَتَأْذَنِينَ لِهَذَا؟ قَالتْ: "أَوَلَيْسَ قَدْ أَصَابَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ" - قَال سُفْيَانُ: تَعْنِي ذَهَابَ بَصَرِهِ. فَقَال: وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ ... حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ قَالتْ: لَكِنْ أَنْتَ .... [انظر: 4146 - مسلم: 2488 - فتح: 8/ 484] (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع.

10 - باب {ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم (18)} [النور: 18]

(حصان) أي: عفيفة. (رزان) أي: كاملة العقل. (ما تزن) أي: ما تهتم. (بريبة) أي: تهمة. (وتصبح غرثى) أي: جائعة. (من لحوم الغوافل) أي: العفيفات. (لكن أنت) أي: لم تصبح غرثان من لحوم الغوافل، أشارت به إلى أنه خاض في الإفك ولم يسلم من أكل لحوم الغوافل. ومرَّ الحديث بشرحه في المغازي (¬1). 10 - باب {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)} [النور: 18] (باب): ساقط من نسخة. {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4756 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: دَخَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ فَشَبَّبَ، وَقَال: وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ ... حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ قَالتْ: "لَسْتَ كَذَاكَ"، قُلْتُ: تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} [النور: 11] فَقَالتْ: "وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى" وَقَالتْ: "وَقَدْ كَانَ يَرُدُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 4146 - مسلم 2488 - فتح 8/ 485] (فشبب) أي: أنشد الشعر على وجه التغزل. (تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ}) هو جار على قول، وإلا فالمشهور أن الذي (تولى كبره) إنَّما عبد الله بن أُبي، وحمنة بنت جحش كما سيأتي (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4146) كتاب: المغازي، باب: حديث الإفك. (¬2) سيأتي برقم (6662) كتاب: الأيمان والنذور، باب: قول الرجل لعمر الله.

11 - باب قوله: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون (19) ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم (20)} [النور: 19، 20]، وقوله: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم (22)} [النور: 22]

11 - باب قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)} [النور: 19، 20]، وَقَوْلِهِ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)} [النور: 22]. (باب): ساقط من نسخة. ({إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ}) إلى آخره، وفي نسخة: " {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا} الآية". (تشيع) أي (تظهر)، وهذا ساقط من نسخة. (باب): ساقط من نسخة. {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ}) إلخ ساقط من أخرى. 4757 - وَقَال أَبُو أُسَامَةَ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيَّ خَطِيبًا، فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي، وَايْمُ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَلَا يَدْخُلُ بَيْتِي قَطُّ إلا وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلَا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إلا غَابَ مَعِي"، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَال: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ نَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَال: كَذَبْتَ أَمَا وَاللَّهِ أَنْ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ، حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ شَرٌّ فِي المَسْجِدِ، وَمَا عَلِمْتُ فَلَمَّا

كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ اليَوْمِ، خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ فَعَثَرَتْ، وَقَالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: أَيْ أُمِّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ وَسَكَتَتْ ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيَةَ، فَقَالتْ: تَعَسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: أَيْ أُمِّ أَتَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ فَسَكَتَتْ ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ، فَقَالتْ: تَعَسَ مِسْطَحٌ فَانْتَهَرْتُهَا، فَقَالتْ: وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إلا فِيكِ، فَقُلْتُ فِي أَيِّ شَأْنِي؟ قَالتْ: فَبَقَرَتْ لِي الحَدِيثَ، فَقُلْتُ: وَقَدْ كَانَ هَذَا، قَالتْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي كَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لَا أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، وَوُعِكْتُ، فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي، فَأَرْسَلَ مَعِي الغُلامَ فَدَخَلْتُ الدَّارَ، فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ فِي السُّفْلِ، وَأَبَا بَكْرٍ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ، فَقَالتْ أُمِّي: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ فَأَخْبَرْتُهَا وَذَكَرْتُ لَهَا الحَدِيثَ، وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مِثْلَ مَا بَلَغَ مِنِّي، فَقَالتْ: يَا بُنَيَّةُ، خَفِّفِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إلا حَسَدْنَهَا، وَقِيلَ فِيهَا: وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي، قُلْتُ: وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي؟ قَالتْ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: نَعَمْ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَعْبَرْتُ وَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي، وَهُوَ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ فَقَال لِأُمِّي: مَا شَأْنُهَا؟ قَالتْ: بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، قَال: أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ أَيْ بُنَيَّةُ إلا رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ فَرَجَعْتُ، وَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتِي فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمَتِي، فَقَالتْ: لَا وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا إلا أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ، فَتَأْكُلَ خَمِيرَهَا - أَوْ عَجِينَهَا - وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَقَال: اصْدُقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ، فَقَالتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إلا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ، وَبَلَغَ الأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي قِيلَ لَهُ، فَقَال: سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَلَمْ يَزَالا حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ صَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَقَدْ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا أَوْ ظَلَمْتِ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنْ عِبَادِهِ" قَالتْ: وَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَهِيَ جَالِسَةٌ بِالْبَابِ،

فَقُلْتُ: أَلا تَسْتَحْيِ مِنْ هَذِهِ المَرْأَةِ، أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا، فَوَعَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْتَفَتُّ إِلَى أَبِي، فَقُلْتُ لَهُ: أَجِبْهُ، قَال: فَمَاذَا أَقُولُ؟ فَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّي، فَقُلْتُ: أَجِيبِيهِ، فَقَالتْ: أَقُولُ مَاذَا؟ فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ تَشَهَّدْتُ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ، بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ، مَا ذَاكَ بِنَافِعِي عِنْدَكُمْ، لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ بِهِ وَأُشْرِبَتْهُ قُلُوبُكُمْ، وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ لَتَقُولُنَّ قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا، وَالتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ إلا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَاعَتِهِ فَسَكَتْنَا فَرُفِعَ عَنْهُ، وَإِنِّي لَأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ، وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ، وَيَقُولُ: "أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ"، قَالتْ: وَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا، فَقَال لِي أَبَوَايَ: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُهُ وَلَا أَحْمَدُكُمَا، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ وَلَا غَيَّرْتُمُوهُ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: أَمَّا زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِدِينِهَا، فَلَمْ تَقُلْ إلا خَيْرًا، وَأَمَّا أُخْتُهَا حَمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَالمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ، هُوَ وَحَمْنَةُ قَالتْ: فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لَا يَنْفَعَ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ - يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ - {وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى وَالمَسَاكِينَ} [النور: 22]: يَعْنِي مِسْطَحًا إِلَى قَوْلِهِ: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] حَتَّى قَال أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبَّنَا، إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا، وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ. [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح: 8/ 487] (قال أبو أسامة) هو حماد بن أسامة، وزاد قبله في نسخة: "قال أبو عبد الله" أي: البخاري. (أبنوا) بهمزة وموحدة مخففة مفتوحتين، وقد تمد الهمزة أي:

12 - باب {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}

اتهموا. (بمن) هو صفوان. (إلا فيك) أي: بسببك. (فبقرت لي الحديث) أي: فتحته لي. (وقد كان هذا) الواو. ساقطة من نسخة. (في السفل) أي: سفل البيت. (واستعبرت) من العبرة أي: تجلبت الدمع. (خادمتي) هي بريرة. (حتى أسقطوا لهابه) أي: صرحوا لبريرة بالأمر، وقيل: أي: أتوا بسقط من القول في سؤالها وانتهارها بالحديث، أو بالرجل الذي اتهموا عائشة به، فضمير (به) على هذا الحديث، أو للرجل، وعلى الأول للأمر إلا ذلك الرجل وهو صفوان (الذي قيل له) أي: عنه. (ماذا) منصوب بمقدر بعده يفسره ما قبله؛ لأن للاستفهام صدر الكلام. (قد باءت) أي: أقرت. (فهلكت فيمن هلك) أي: حدت فيمن حد. وقد مرَّ الحديث بشرحه بزيادة ونقص (¬1). 12 - باب {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (باب) ساقط من نسخة. {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 4758 - وَقَال أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا. [4759 - فتح: 8/ 489] (عن يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (مروطهن) أي: أزرهن. (فاختمرن به) أي: تغطت كل منهن (به) أي: بشق مرطها، وفي نسخة: "بها" وهي أوفق. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2661) كتاب: الشهادات، باب: تعديل النساء بعضهن بعضا.

25 - سورة الفرقان

4759 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] "أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا". [انظر: 4758 - فتح 8/ 489] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (أخذن أزرهن) جمع إزار: وهي الملاءة بضم الميم وتخفيف اللام وبالمد: وهي الملحفة. 25 - سورة الفُرْقَانِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]: "مَا تَسْفِي بِهِ الرِّيحُ"، {مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان: 45]: "مَا بَيْنَ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ"، {سَاكِنًا} [الفرقان: 45]: "دَائِمًا"، {عَلَيْهِ دَلِيلًا} [الفرقان: 45]: "طُلُوعُ الشَّمْسِ"، {خِلْفَةً} [الفرقان: 62]: "مَنْ فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، أَوْ فَاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ" وَقَال الحَسَنُ: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74]: "فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَمَا شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَرَى حَبِيبَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {ثُبُورًا} [الفرقان: 13]: وَيْلًا وَقَال غَيْرُهُ: السَّعِيرُ مُذَكَّرٌ، وَالتَّسَعُّرُ وَالا ضْطِرَامُ التَّوَقُّدُ الشَّدِيدُ، {تُمْلَى عَلَيْهِ} [الفرقان: 5]: "تُقْرَأُ عَلَيْهِ، مِنْ أَمْلَيْتُ وَأَمْلَلْتُ، {الرَّسُّ} [الفرقان: 38]: المَعْدِنُ، جَمْعُهُ رِسَاسٌ " {مَا يَعْبَأُ} [الفرقان: 77]: "يُقَالُ: مَا عَبَأْتُ بِهِ شَيْئًا لَا يُعْتَدُّ بِهِ"، {غَرَامًا} [الفرقان: 65]: هَلاكًا وَقَال مُجَاهِدٌ: {وَعَتَوْا} [الأعراف: 77]: طَغَوْا وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: {عَاتِيَةٍ} [الحاقة: 6]: "عَتَتْ عَنِ الْخُزَّانِ". (سورة الفرقان). قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({هَبَاءً مَنْثُورًا}) معناه: (ما تسفى به الريح)، وهو بمعنى ما قاله غيره معناه: ما يرى في الكوى التي عليها الشمس. ({مَدَّ الظِّلَّ}) هو عدم الضوء عمَّا من شأنه أن يضيء، والمراد به هنا: ما ذكره بقوله:

1 - باب قوله {الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا (34)} [الفرقان: 34]

(ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) وجعله ممدودًا؛ لأنه ظل لا شمس معه كما قال في مدح الجنة (وظل ممدود) ({سَاكِنًا}) أي: (دائمًا). ({ثُبُورًا}) أي: (ويلًا). (السعير) وهو النار الشديدة الاستعار. (مذكر) أي: لفظًا، وإلا فهو مؤنث في المعنى موافقة للنار. (والتسعير والاضْطِرامُ) معناهما: التوقد الشديد. ({تُمْلَى عَلَيْهِ}) أي: تقرأ عليه ({الرَّسِّ}) في قوله تعالى: {وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} معناه: (المعدِن). (ما يعبأ) أي: ما يكترث بكم، وإليه أشار بقوله: (يقال: ما عبأت به شيئًا لا يعتد به). ({غَرَامًا}) في قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} أي: (هلاكًا). ({وَعَتَوْا}) أي: (طغوا). ({عَاتِيَةٍ}) أي: (عتت) أي: عصت (على الخزان). وذكر هذا هنا استطرادًا بقوله: (وعتوا) وإلا فمحله سورة الحاقة، ووقع في هذه التفاسير في النسخ تقديم وتأخير وزيادة ونقصان. 1 - باب قَوْلِهِ {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)} [الفرقان: 34] (باب) ساقط من نسخة. ({الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4760 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا قَال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ يُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَال: "أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ" قَال قَتَادَةُ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا. [6533 - مسلم: 2806 - فتح 8/ 492] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي.

2 - باب قوله {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68)} [الفرقان: 68] العقوبة

(بلى وعزة ربنا) أي: إنه لقادر على ذلك. 2 - باب قَوْلِهِ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)} [الفرقان: 68] العُقُوبَةَ. (باب): ساقط من نسخة. ({وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}) إلى ({أَثَامًا}) أي: باب بيان ما جاء في ذلك وقوله ولا يقتلون (إلا آثاما) ساقط من نسخة. 4761 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، وَسُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، ح قَال: وَحَدَّثَنِي وَاصِلٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَأَلْتُ - أَوْ سُئِلَ - رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ، قَال: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: "ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ" قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: "أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ" قَال: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68]. (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. (منصور) أي: ابن المعتمر. (وسليمان) أي: الأعمش. (عن أبي ميسرة) هو عمرو بن شرحبيل الهمداني. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (واصل) أي: ابن حيان بفتح المهملة وتشديد التحتية. (عن أبي وائل) وهو شقيق بن سلمة. (أو سئل) شك من الراوي. ومر الحديث بشرحه في سورة البقرة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4477) كتاب: التفسير، باب: قول الله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

4762 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي القَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ: هَلْ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالحَقِّ} [الفرقان: 68] فَقَال سَعِيدٌ: قَرَأْتُهَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا قَرَأْتَهَا عَلَيَّ، فَقَال: "هَذِهِ مَكِّيَّةٌ نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ". [انظر: 3855 - مسلم: 3023 - فتح: 8/ 492] (ابن أبي بزَّة) بفتح الموحدة وتشديد الزاي. (التي في سورة النساء) هي قوله تعالى: ({وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}). 4763 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: اخْتَلَفَ أَهْلُ الكُوفَةِ فِي قَتْلِ المُؤْمِنِ، فَرَحَلْتُ فِيهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَال: "نَزَلَتْ فِي آخِرِ مَا نَزَلَ وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ". [انظر: 3855 - مسلم: 3023 - فتح 8/ 493] (فقال: نزلت) أي: آية النساء. (في آخر ما نزل) أي: من القرآن. 4764 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] قَال: "لَا تَوْبَةَ لَهُ"، وَعَنْ قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68]، قَال: "كَانَتْ هَذِهِ فِي الجَاهِلِيَّةِ". [انظر: 3855 - مسلم: 3023 - فتح: 8/ 493] (كانت هذه) أي: آية ({لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}) وما ذكره ابن عباس في تفسير الآيتين هو مذهبه، وحملها الجمهور وما في معناهما على التغليظ والتهديد وصححوا توبة القاتل كغيره إلا أن يكون مستحلا لذلك، وعليه أيضًا يحمل ما ذكر ويؤيد كلامهم الاستثناء في آية: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} بقوله: ({إلا مَنْ تَابَ

3 - باب قوله {يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69)}

وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا}). ومرَّ الحديث بشرحه في سورة النساء (¬1). 3 - باب قَوْلِهِ {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)} (باب) ساقط من نسخة. ({يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4765 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قَال ابْنُ أَبْزَى: سَلْ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93]، وَقَوْلِهِ: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالحَقِّ} [الفرقان: 68] حَتَّى بَلَغَ {إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} [مريم: 60] فَسَأَلْتُهُ فَقَال: "لَمَّا نَزَلَتْ قَال أَهْلُ مَكَّةَ: فَقَدْ عَدَلْنَا بِاللَّهِ، وَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالحَقِّ، وَأَتَيْنَا الفَوَاحِشَ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} [الفرقان: 70] إِلَى قَوْلِهِ {غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23]. [الفرقان: 70] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. (سئل ابن عباس) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "سل ابن عباس" بضيغة الأمر. (فقد عدلنا بالله) أي: أشركنا به، وجعلنا له مثلًا. (إلا بالحق) ساقط من نسخة. 4 - باب {إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [الفرقان: 70] ¬

_ (¬1) سبق برقم (4590) كتاب: التفسير، باب: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} الآية.

5 - باب {فسوف يكون لزاما}: هلكة

(باب): ساقط من نسخة. ({إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}) إلى آخره أي: بيان ما جاء في ذلك. 4766 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى، أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] فَسَأَلْتُهُ فَقَال: "لَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ"، وَعَنْ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] قَال: "نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ". [انظر: 3855 - مسلم: 3023 - فتح: 8/ 495] (عثمان) هو عثمان بن جبلة الأزدي. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (أمرني عبد الرحمن) مرَّ بشرحه في تفسير سورة النساء (¬1). 5 - باب {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا}: هَلَكَةً. (باب): ساقط من نسخة. ({فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا}) أي: (هلكة) بفتح اللام. 4767 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: "خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: الدُّخَانُ، وَالقَمَرُ، وَالرُّومُ، وَالبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ ": {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان: 77]. [انظر: 1007 - مسلم: 2798 - فتح: 8/ 496] (مسلم) أي: ابن صبيح الكوفي. (خمس) أي: من علامات الساعة. ومرَّ الحديث بشرحه في الاستسقاء (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4590) كتاب: التفسير، باب: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}. (¬2) سبق برقم (1007) كتاب: الاستسقاء، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.

26 - سورة الشعراء

26 - سورة الشُّعَرَاءِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]: "تَبْنُونَ"، {هَضِيمٌ} [الشعراء: 148]: "يَتَفَتَّتُ إِذَا مُسَّ، مُسَحَّرِينَ: المَسْحُورِينَ " (لَيْكَةَ) " وَالأَيْكَةُ جَمْعُ أَيْكَةٍ، وَهِيَ جَمْعُ الشَّجَرٍ " {يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: 189]: "إِظْلالُ العَذَابِ إِيَّاهُمْ"، {مَوْزُونٍ} [الحجر: 19]: "مَعْلُومٍ"، {كَالطَّوْدِ} [الشعراء: 63]: "كَالْجَبَلِ" وَقَال غَيْرُهُ: {لَشِرْذِمَةٌ} [الشعراء: 54]: "الشِّرْذِمَةُ: طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ " {فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 219]: "المُصَلِّينَ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: 129]: "كَأَنَّكُمْ، الرِّيعُ: الأَيْفَاعُ مِنَ الأَرْضِ، وَجَمْعُهُ رِيَعَةٌ وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُهُ رِيعَةٌ"، {مَصَانِعَ} [الشعراء: 129]: "كُلُّ بِنَاءٍ فَهُوَ مَصْنَعَةٌ" (فَرِهِينَ): "مَرِحِينَ"، {فَارِهِينَ} [الشعراء: 149]: "بِمَعْنَاهُ، وَيُقَالُ {فَارِهِينَ} [الشعراء: 149]: حَاذِقِينَ"، {تَعْثَوْا} [البقرة: 60]: "هُوَ أَشَدُّ الفَسَادِ، عَاثَ يَعِيثُ عَيْثًا" {الجِبِلَّةَ} [الشعراء: 184]: "الخَلْقُ، جُبِلَ: خُلِقَ، وَمِنْهُ جُبُلًا وَجِبِلًا، وَجُبْلًا: يَعْنِي الخَلْقَ. (سورة الشعراء). لفظ: (سورة). ساقط من نسخة. قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من أخرى ({تَعْبَثُونَ}) أي: (تبنون) وقال غيره: أي: تسخرون بمن يمر بكم (¬1). (الليكة {والأيكة}: جمع أيكة وهي جمع الشجر) الأولى وهي شجر قال الجوهري: الأيك الشجر المجتمع الملتف الكثير (¬2). ({يَوْمِ الظُّلَّةِ}) أي: هي (إظلال) أي: يوم إظلال (العذاب إياهم) وقيل: الظلة السحابة التي أظلتهم ({مَوْزُونٍ}) أي: (معلوم) ذكره هنا في غير محله إذ محله سورة الحجر. (الريع) هو (الأيفاع) بفتح الهمزة، وسكون التحتية أي: المرتفع ({مَصَانِعَ}) جمع مصنعة كما نبه عليه بقوله: (كل بناء فهو مصنعة). ¬

_ (¬1) ذكره البغوي في: "تفسيره" 6/ 122. (¬2) "الصحاح" مادة [أيك] 4/ 1573.

1 - باب {ولا تخزني يوم يبعثون (87)} [الشعراء: 87]

({فرهين}) أي: (مرحين). ({فارهين}) بمعناه أي: بمعنى: (فرهين) فكلاهما بمعنى (مرحين). ({تَعْثَوْا}) من العثو (وهو أشد الفساد). ({وَالْجِبِلَّةَ}) أي: الخلق وقوله: (قاله ابن عباس) ساقط من نسخة. 1 - باب {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87)} [الشعراء: 87] (باب) ساقط من نسخة. ({وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87)}) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 4768 - وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ: عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ يَرَى أَبَاهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، عَلَيْهِ الغَبَرَةُ وَالقَتَرَةُ" الغَبَرَةُ هِيَ القَتَرَةُ. [انظر: 335 - فتح: 8/ 499] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (الغبرة: هي القترة) وهي سواد كالدخان. وفيها وفي قوله: ({وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86)}). مطابقة للترجمة من حيث إنهما في قصة سؤال إبراهيم - عليه السلام - ورؤيته أباه على الهيئة المذكورة. 4769 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَخِي، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: إِنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الكَافِرِينَ. [انظر: 3350 - فتح: 8/ 499] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخى) هو عبد الحميد. (يلقى إبراهيم أباه ..) إلى آخره، قيل: إذا أدخل أباه في النار فقد أخزاه لقوله: {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} وخزي الوالد خزي

2 - باب {وأنذر عشيرتك الأقربين (214) واخفض جناحك} [الشعراء:214، 215]: ألن جانبك

الولد فيلزم الخلف في الوعد وأنه محال. وأجيب: بأنه لو لم يدخله النار لزم الخلف في الوعيد، وبأن الوعد مشروط بالإيمان، وأبوه لم يؤمن. فذلك عمل بالوعد والوعيد، ومرَّ حديث الباب في كتاب: الأنبياء (¬1). 2 - باب {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ} [الشعراء: 214، 215]: أَلِنْ جَانِبَكَ. (باب): ساقط من نسخة. ({وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ}) أي: بيان ما جاء في ذلك (ألن جانبك) تفسير لـ {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ}). 4770 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ" - لِبُطُونِ قُرَيْشٍ - حَتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَال: "أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلا صِدْقًا، قَال: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ" فَقَال أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: 1، 2] [انظر: 1394 - مسلم: 208 - فتح 8/ 501] 4771 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3350) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}.

27 - سورة النمل

المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] قَال: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا" تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. [انظر: 2753 - مسلم: 206 - فتح: 8/ 501] (تبًا لك) مصدر أي: ألزمك الله هلاكًا وخسرانًا. وحديث الباب مرَّ في كتاب الأنبياء أيضًا. 27 - سورة النَّمْلِ وَالخَبْءُ: "مَا خَبَأْتَ"، {لَا قِبَلَ} [النمل: 37]: "لَا طَاقَةَ"، {الصَّرْحُ} [النمل: 44]: "كُلُّ مِلاطٍ اتُّخِذَ مِنَ القَوَارِيرِ، وَالصَّرْحُ: القَصْرُ، وَجَمَاعَتُهُ صُرُوحٌ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَلَهَا عَرْشٌ} [النمل: 23]: "سَرِيرٌ كَرِيمٌ حُسْنُ الصَّنْعَةِ، وَغَلاءُ الثَّمَنِ"، " يَأْتُونِي {مُسْلِمِينَ} [البقرة: 128]: طَائِعِينَ"، {رَدِفَ} [النمل: 72]: "اقْتَرَبَ"، {جَامِدَةً} [النمل: 88]: "قَائِمَةً"، {أَوْزِعْنِي} [النمل: 19]: "اجْعَلْنِي" وَقَال مُجَاهِدٌ: {نَكِّرُوا} [النمل: 41]: "غَيِّرُوا"، {وَأُوتِينَا العِلْمَ} [النمل: 42]: "يَقُولُهُ سُلَيْمَانُ، الصَّرْحُ بِرْكَةُ مَاءٍ، ضَرَبَ عَلَيْهَا سُلَيْمَانُ قَوَارِيرَ، أَلْبَسَهَا إِيَّاهُ". (النمل) في نسخة: "سورة النمل". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. ({الْخَبْءَ}) هو (ما خبأت). {لَا قِبَلَ} أي: (لا طاقة). {الصَّرْحَ} هو (كل ملاط) بميم مكسورة: وهو طين يوضع بين البنيان. وفي نسخة: بموحدة مفتوحة وهو ما تُكسى به الأرض من

28 - سورة القصص

حجارة أو رخام، وسيأتي للصرح تفسير آخر مع تفسير القوارير (¬1). ({والصَّرْحَ}) هو (القصر {وَلَهَا عَرْشٌ} أي: (سرير كريم) أي: في قوله تعالى: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} معناه: (حسن الصنعة) {مُسْلِمَيْنِ} أي: (طائعين. ({رَدِفَ}) أي: (اقترب) ({جَامِدَةً}) أي: (قائمة). ({أَوْزِعْنِي}) أي: (اجعلني). {نَكِّرُوا} أي: (غيروا). ({الصَّرْحَ}). (بركة ماء ضرب عليها سليمان) أي: بني عليها أي: على مائها. (قوارير) أي: زجاج. (ألبسها) أي: البركة أي: ماءها (إياه) أي: القوارير، وذكر ضميرها باعتبار معناها، وهو الزجاج، وفي نسخٍ: "إياها". 28 - سورة القَصَصِ {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} [القصص: 88]: "إلا مُلْكَهُ، وَيُقَالُ: إلا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ " وَقَال مُجَاهِدٌ: "فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ {الأَنْبَاءُ}: الحُجَجُ. (القصص) في نسخة: "سورة القصص". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة {إلا وَجْهَهُ} أي: (إلا ملكه) وقال بعضهم: إلا إياه، وبعضهم أي: إلا ذاته والكل صحيح. 1 - باب قَوْلهِ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (باب): ساقط من نسخة. ({إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4772 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ ¬

_ (¬1) في الأصل كلمة تحتمل القواير، أو القراين، وما أثبتناه أظنه المراد.

أَبَا جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ، فَقَال: "أَيْ عَمِّ قُلْ: لا إِلَهَ إلا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ " فَقَال أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ المَقَالةِ، حَتَّى قَال أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لا إِلَهَ إلا اللَّهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَبِي طَالِبٍ، فَقَال لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56]. [انظر: 1360 - مسلم: 24 - فتح 8/ 506] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُولِي القُوَّةِ} [القصص: 76]: "لا يَرْفَعُهَا العُصْبَةُ مِنَ الرِّجَالِ"، {لَتَنُوءُ} [القصص: 76]: "لَتُثْقِلُ"، {فَارِغًا} [القصص: 10]: "إلا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى"، {الفَرِحِينَ} [القصص: 76]: "المَرِحِينَ"، {قُصِّيهِ} [القصص: 11]: "اتَّبِعِي أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ يَقُصَّ الكَلامَ"، {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} [يوسف: 3]، {عَنْ جُنُبٍ} [القصص: 11]: "عَنْ بُعْدٍ، عَنْ جَنَابَةٍ وَاحِدٌ، وَعَنِ اجْتِنَابٍ أَيْضًا"، {يَبْطِشُ} [القصص: 19]: "وَيَبْطُشُ" {يَأْتَمِرُونَ} [القصص: 20]: "يَتَشَاوَرُونَ، العُدْوَانُ وَالعَدَاءُ وَالتَّعَدِّي وَاحِدٌ"، {آنَسَ} [القصص: 29]: "أَبْصَرَ. الجَذْوَةُ: قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الخَشَبِ لَيْسَ فِيهَا لَهَبٌ، وَالشِّهَابُ فِيهِ لَهَبٌ، وَالحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ، الجَانُّ وَالأَفَاعِي وَالأَسَاودُ"، {رِدْءًا} [القصص: 34]: "مُعِينًا"، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "يُصَدِّقُنِي" وَقَال غَيْرُهُ: {سَنَشُدُّ} [القصص: 35]: "سَنُعِينُكَ، كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيْئًا، فَقَدْ جَعَلْتَ لَهُ عَضُدًا مَقْبُوحِينَ: مُهْلَكِينَ"، {وَصَّلْنَا} [القصص: 51]: "بَيَّنَّاهُ وَأَتْمَمْنَاهُ"، {يُجْبَى} [القصص: 57]: "يُجْلَبُ"، {بَطِرَتْ} [القصص: 58]: "أَشِرَتْ"، {فِي أُمِّهَا رَسُولًا} [القصص: 59]: "أُمُّ القُرَى: مَكَّةُ وَمَا حَوْلَهَا"، {تُكِنُّ} [القصص: 69]: "تُخْفِي، أَكْنَنْتُ الشَّيْءَ أَخْفَيْتُهُ، وَكَنَنْتُهُ: أَخْفَيْتُهُ وَأَظْهَرْتُهُ". {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} [القصص: 82]: "مِثْلُ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ: يُوَسِّعُ عَلَيْهِ، وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ. [فتح 8/ 506] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة.

2 - باب {إن الذي فرض عليك القرآن} [القصص: 85] الآية

(لما حضرت أبا طالب الوفاة) أي: علامتها. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الجنائز (¬1). ({أُولِي الْقُوَّةِ}) معناه مع ما قبله من قوله: {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} (لا يرفعها) أي: المفاتيح. (العصبة من الرجال) الأقوياء ({لَتَنُوءُ}) أي: (لتثقل) وهذا يعني به ما قبله ({فَارِغًا}) أي: (إلا من ذكر موسى). ({الْفَرِحِينَ}) أي: (المرحين). (وقد يكون أن يقص الكلام) أي: وقد يكون ({قُصِّيهِ}) مأخوذًا من قصَّ الكلام لا من اتبع الأثر. ({يَأْتَمِرُونَ}) أي: (يتشاورون). (العدوان والعداء والتعدي) معناها: (واحد). ({عَنْ جُنُبٍ}) أي: (بعد). ({كَأَنَّهَا جَانٌّ})، وفي آية أخرى: {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} ساقط من نسخة. ({رِدْءًا}) أي: (معينا). ({سَنَشُدُّ}) في قوله تعالى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ} أي: (سنعينك). ({مَقْبُوحِينَ}) أي: (مهلكين). وقال غيره، أي: مطرودين. ({بَطِرَتْ}) أي: (أشرت). ({تَكُن}) أي: (تخفي). ({وَيْكَأَنَّ اللَّهَ}) مثل ألم تر أن الله) أي: في كونه للاستفهام التقريري. 2 - باب {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} [القصص: 85] الآيَةَ. (باب) ساقط من نسخة. ({إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}) ساقط من أخرى. 4773 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ العُصْفُرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85] قَال: "إِلَى مَكَّةَ". [فتح: 8/ 509] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1360) كتاب: الجنائز، باب: إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا الله.

29 - سورة العنكبوت

(يعلى) أي: ابن عبيد الطنافسي. (سفيان) أي: ابن دينار. ({لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}) قال) أي: البخاري أي: (إلى مكة). 29 - سورة العَنْكَبُوتِ قَال مُجَاهِدٌ: {وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ}: "ضَلَلَةً". {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} عَلِمَ اللَّهُ ذَلِكَ، إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ فَلِيَمِيزَ اللَّهُ"، كَقَوْلِهِ: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}، {وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} أَوْزَارِهِمْ. سورة العنكبوت (العنكبوت) في نسخة: "سورة العنكبوت". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. ({مُسْتَبْصِرِينَ}) أي: (ضللة). وقال غيره، أي: عقلاء ذوي بصائر. ({الْحَيَوَانُ}) (والحي واحد) أي: في المعنى ({فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ}) أي: في قوله تعالى: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا} معناه (علم الله). ({وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}) أي: (أوزارا مع أوزارهم). 30 - سورة الرُّوم 1 - باب. {فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} [الروم: 39]: "مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً يَبْتَغِي أَفْضَلَ مِنْهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ فِيهَا" قَال مُجَاهِدٌ: {يُحْبَرُونَ} [الروم: 15]: "يُنَعَّمُونَ"، {يَمْهَدُونَ} [الروم: 44]: "يُسَوُّونَ المَضَاجِعَ" {الوَدْقُ} [النور: 43]: "المَطَرُ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}: "فِي الآلِهَةِ، وَفِيهِ {تَخَافُونَهُمْ} [الروم: 28]: أَنْ يَرِثُوكُمْ كَمَا يَرِثُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا"، {يَصَّدَّعُونَ} [الروم: 43]: "يَتَفَرَّقُونَ"، {فَاصْدَعْ} [الحجر: 94] وَقَال غَيْرُهُ:

{ضُعْفٌ} [الأعراف: 38]: "وَضَعْفٌ لُغَتَانِ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {السُّوأَى} [الروم: 10]: "الإِسَاءَةُ جَزَاءُ المُسِيئِينَ". ({الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)}) في نسخة: "سورة {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} ". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({فَلَا يَرْبُو}) معناه: (من أعطى عطية يبتغي أفضل). منها (فلا أجر له فيها). ({يُحْبَرُونَ}) أي: (ينعمون). ({يَمْهَدُونَ}) أي: (يسوون المضاجع). ({الْوَدْقَ}) هو (المطر). ({هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}) أي: (في الآلهة) التي كانوا يعبدونها من شركاء. ({يَصَّدَّعُونَ}) أي: (يتفرقون). (فاصدع) أي: في قوله تعالى: في سورة الحجر. {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} أي: فاجهر به وامضه، وذكره هنا لمناسبته ({يَصَّدَّعُونَ}) لفظًا. (ضعف وضعف) بضم الضاد وفتحها، وسكون العين، فيهما لغتان. ({السُّوأَى}) في قوله تعالى: {أَسَاءُوا السُّوأَى} معناه: الإساءة. 4774 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ، فَقَال: يَجِيءُ دُخَانٌ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ المُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، يَأْخُذُ المُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ، فَفَزِعْنَا، فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَغَضِبَ فَجَلَسَ، فَقَال: مَنْ عَلِمَ فَلْيَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ: لَا أَعْلَمُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَال لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ}، وَإِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلامِ، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ" فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وَأَكَلُوا المَيْتَةَ وَالعِظَامَ، وَيَرَى الرَّجُلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأْمُرُنَا بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ، فَقَرَأَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ

2 - باب {لا تبديل لخلق الله} [الروم: 30] لدين الله

مُبِينٍ} [الدخان: 10] إِلَى قَوْلِهِ: {عَائِدُونَ} [الدخان: 15] أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمْ عَذَابُ الآخِرَةِ إِذَا جَاءَ ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى} [الدخان: 16]: يَوْمَ بَدْرٍ وَلِزَامًا: يَوْمَ بَدْرٍ {الم غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 2] إِلَى {سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 3]: وَالرُّومُ قَدْ مَضَى. [انظر: 1007 - مسلم: 2798 - فتح 8/ 511] (سفيان) أي: الثوري. (منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي الضحى) هو مسلم بن صبيح ومرَّ حديث الباب بشرحه في كتاب: الاستسقاء في باب: إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط (¬1). 2 - باب {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] لِدِينِ الله. {خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: 137]: دِينُ الأَوَّلينَ. وَالْفِطْرَةُ: الإِسْلَامُ. (باب): ساقط من نسخة. ({الم * غُلِبَتِ الرُّومُ}) إلى ({سَيَغْلِبُونَ}) (والروم قد مضى). ساقط من نسخة، بل لا فائدة لذكره هنا ({لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}) أي: (لدين الله). 4775 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ"، ثُمَّ يَقُولُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ} [الروم: 30]. [انظر: 1358 - مسلم: 2658 - فتح: 8/ 512] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1020) كتاب: الاستسقاء، باب: إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط.

31 - سورة لقمان

(عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (كما تنتج) بالبناء للمفعول وهو (البهيمةُ بهيمة) مفعول ثان لـ (تنتج). ومرَّ حديث الباب بشرحه في كتاب: الجنائز في باب: إذا أسلم الصبي فمات (¬1). 31 - سُورةُ لُقْمَانَ (لقمان). في نسخة: "سورة لقمان". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. 1 - باب {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] ({لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}) هذا ترجمة. 4776 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. ومرَّ حديث الباب بشرحه في كتاب: الإيمان، وفي سورة الأنعام (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1358) كتاب الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يُصلى عليه؟. (¬2) سبق برقم (32) كتاب: الإيمان، باب: ظلم دون ظلم، (4629) كتاب: التفسير، باب: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}.

2 - باب قوله {إن الله عنده علم الساعة} [لقمان:34]

2 - باب قَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] (باب) ساقط من نسخة. ({إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}) أي: علم وقت قيامها ظاهرًا. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الإيمان (¬1). 4777 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِيمَانُ؟ قَال: "الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِسْلامُ؟ قَال: "الإِسْلامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِحْسَانُ؟ قَال: الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَال: "مَا المَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ المَرْأَةُ رَبَّتَهَا، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا كَانَ الحُفَاةُ العُرَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إلا اللَّهُ: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنْزِلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ) ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَقَال: "رُدُّوا عَلَيَّ" فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوا فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَقَال: "هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ". [انظر: 50 - مسلم: 9، 10 - فتح 8/ 513] (بارزًا) (إسحاق) أي: ابن راهوية (عن أبي زرعة) هو هرم بن عمرو. 4778 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (50) كتاب: الإيمان، باب: سؤال جبريل النبي عن الإسلام والإيمان والإحسان.

32 - سورة السجدة

اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَفَاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34]. [انظر: 1039 - فتح: 8/ 513] (مفاتيح الغيب ..) إلخ مرَّ بشرحه في الاستسقاء، وفي تفسير سورة الأنعام، والرعد (¬1). 32 - سورة السَّجْدَةِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {مَهِينٍ} ضَعِيفٍ: نُطْفَةُ الرَّجُلِ، {ضَلَلْنَا} هَلَكْنَا. وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {الجُرُزُ} "الَّتِي لَا تُمْطَرُ إلا مَطَرًا لَا يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا"، {يَهْدِ} "يُبَيِّنْ". (تنزيل السجدة) في نسخة: "سورة السجدة" ساقطة من نسخة. ({مَهِينٍ}) أي: (ضعيف). ({ضَلَلْنَا}) في قوله: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} أي: (هلكنا) فيها. وقال غيره أي: عبثا فيها. ({الْجُرُزِ}) هي (التي لا تمطر) بفتح الطاء، وقيل: هي أرض يابسة لا تنبت. {يَهدِ}) أي: (يبين). 1 - باب قَوْلِهِ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]. (باب) ساقط من نسخة. ({فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ}) زاد في نسخة: " {مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} " وفي نسخة: بدل ذلك: " {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} " وهو من أقر الله عينه أي: أعطاه حتى تقر فلا يطمح إلى من هو فوقه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1039) كتاب: الاستسقاء، باب: لا يدري متى يجيء المطر إلا الله. (4627) كتاب: التفسير، باب: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ}. (4697) كتاب: التفسير، باب: قوله: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى}.

4779 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] " وحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "قَال اللَّهُ" مِثْلَهُ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: رِوَايَةً؟ قَال: فَأَيُّ شَيْءٍ. [انظر: 3244 - مسلم: 2824 - فتح: 8/ 515] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (تبارك وتعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ". 4780 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: "أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا بَلْهَ، مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] قَال أَبُو مُعَاويَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قُرَّاتِ أَعْيُنٍ. [انظر: 3244 - مسلم: 2824 - فتح 8/ 515] (دخرًا) منصوب بـ (أعددت) أي: أعددت ذلك لهم مدخورًا. (بله ما أطلعتم عليه) بضم الهمزة وكسر اللام وفي نسخة: "أطلعتهم" بفتحهما وزيادة هاء بعد التاء و (وبله) بفتح الموحدة والهاء وسكون اللام، وفي نسخة: "من بَله" بزيادة (من) وكسر الهاء فكسرتها على هذه كسرة إعراب، وفتحها في الأولى فتحة بناء وهي عليها اسم فعل بمعنى: دع (¬1) (ما أطلعتم عليه) فإنه سهل يسير في جنب ما ادخرته ¬

_ (¬1) (بَله) تكون اسم فعل بمعنى (دَعْ)، فتنصب المفعول وهي مبنية، نحو: بله =

33 - سورة الأحزاب

لهم، وعلى الثانية مصدر بمعنى الترك، أو بمعنى سوى أي: ترك أو سوى (ما أطلعتم عليه) ومحل (ما اطلعتم) عليه) على الأولى نصب، وعلى الثانية جر. 33 - سُورَةُ الأحْزَابِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: 26]: قُصُورِهِمْ. (الأحزاب) في نسخة: "سورة الأحزاب". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. ({صَيَاصِيهِمْ}) أي: (قصورهم). 4781 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلا وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، فَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا، أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلاهُ. [انظر: 2298 - مسلم: 1619 - فتح 8/ 517] ¬

_ = زيدًا. وتكون مصدرًا بمعنى (ترك) فتستعمل مضافة، نحو: بله زيدٍ. وأجاز قطرب والأخفش أن تكون بمعنى (كيف)، فتقول: بَله زيدٌ؟ بالرفع. وقيل: هي اسم فعل بمعنها (بقى). وعدَّها الكوفيون والبغداديون من أدوات الاستثناء وأجازوا النصب بعدها على الاستثناء نحو: أكرمت العبيد بله الأحرار وذهب البصريون إلى أنها لا يستثنى بها، وأنه لا يجوز فيما بعدها إلا الخفض. قيل: وليس بصحيح؛ إذ النصب مسموع من كلام العرب وذهب بعض الكوفيين إلى أن (بله) بمعنى غير، وذهب الأخفش إلى أنها حرف جر. والجمهور على أنها ليست مشتقة، وذهب بعضهم إلى أنها مشتقة من البَلَه.

1 - باب {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}

1 - بَابُ {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} ({النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}) هذا ترجمة في نسخة، وساقط من أخرى. (ضياعًا) بفتح الضاد أي: عيالًا ضائعين لا شيء لهم. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الاستقراض، في باب: الصلاة على من ترك دينًا (¬1). 2 - بَابُ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5] (باب) ساقط من نسخة. ({ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4782 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُخْتَارِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إلا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ القُرْآنُ"، {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]. [مسلم: 2445 - فتح: 8/ 517] (حتى نزل القرآن ({ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}) أمر فيه برد نسبهم إلى آبائهم الحقيقيين ونسخ ما كان في ابتداء الإسلام من جواز دعاء الأبناء الأجانب لمن تبناهم. 3 - باب {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] نَحْبَهُ: عَهْدَهُ، {أَقْطَارِهَا} [الأحزاب: 14]: جَوَانِبُهَا، {الفِتْنَةَ لآتَوْهَا} [الأحزاب: 14]: لَأَعْطَوْهَا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2396) كتاب: الاستقراض، باب: الصلاة على من ترك دينًا.

4 - باب قوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا} [الأحزاب: 28]

(باب) ساقط من نسخة. ({فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} أي: باب بيان ما جاء في ذلك. ({نَحْبَهُ}) أي: (عهده). 4783 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نُرَى هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]. [انظر: 2805 - مسلم: 1903 - فتح: 8/ 518] (نرى) أي: نظن، ومعنى الحديث ظاهر. 4784 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، قَال: "لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي المَصَاحِفِ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ، كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ، إلا مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ": {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]. [انظر: 2807 - فتح: 8/ 518] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. ومرَّ حديث الباب بشرحه في أوائل الجهاد (¬1). 4 - بَابُ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَاليْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28] التَّبَرُّجُ: "أَنْ تُخْرِجَ مَحَاسِنَهَا"، {سُنَّةَ اللَّهِ} [الأحزاب: 38]: "اسْتَنَّهَا جَعَلَهَا". (باب) ساقط من نسخة. ({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2807) كتاب: الجهاد والسير، باب: قول الله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا}.

5 - باب قوله: {وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما} [الأحزاب: 29]

الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَاليْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} زاد في نسخة: "الآية" واقتصر في أخرى على قوله: " {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَاليْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} الآية". (قال معمر) ساقط من نسخة. (التبرج) معناه: (أن تخرج المرأة محاسنها). ({سُنَّةَ اللَّهِ}) (استنها) أي: (جعلها) سنة. 4785 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهَا حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ، فَبَدَأَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلا عَلَيْكِ أَنْ لا تَسْتَعْجِلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ" وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالتْ: ثُمَّ قَال: "إِنَّ اللَّهَ قَال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28]. إِلَى تَمَامِ الآيَتَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ: فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. [4786 - مسلم: 1475 - فتح 8/ 519] (حتى تستأمري أبويك) أي: تطلبي منهما المشورة، ومعنى الحديث ظاهر. 5 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 29] وَقَال قَتَادَةُ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34]: "القُرْآنِ وَالحِكْمَةُ السُّنَّةُ". (باب) ساقط من نسخة. ({وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)} أي: بيان ما جاء في ذلك.

6 - باب {وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} [الأحزاب: 37]

4786 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِي، فَقَال: "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ" قَالتْ: وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالتْ: ثُمَّ قَال: "إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28] إِلَى {أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40] قَالتْ: فَقُلْتُ: فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، وَقَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو سُفْيَانَ المَعْمَرِيُّ: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. [انظر: 4785 - مسلم: 1475 - فتح: 8/ 520] (وقال الليث) إلى آخره طريق آخر للحديث المذكور في الباب قبله. (تابعه) أي: الليث. 6 - باب {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37] 4787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37] نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ. [7420 - فتح 8/ 523] (باب) ساقط من نسخة. ({وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} أي: باب: بيان ما جاء في ذلك وهو ظاهر.

7 - باب قوله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك} [الأحزاب: 51]

7 - باب قَوْلِهِ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 51] قَال ابن عَبَّاسٍ: {تُرْجِي} تُؤَخِّرُ. {أَرْجِئهْ} [الأعراف: 111] و [الشعراء: 36]: أَخِّرْهُ. 4788 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال هِشَامٌ: حَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقُولُ أَتَهَبُ المَرْأَةُ نَفْسَهَا؟ " فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: (تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ) قُلْتُ: مَا أُرَى رَبَّكَ إلا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ. [5113 - مسلم: 1464 - فتح: 8/ 524] 4789 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَأْذِنُ فِي يَوْمِ المَرْأَةِ مِنَّا، بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ، وَتُؤْوي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ، وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ) " فَقُلْتُ لَهَا: مَا كُنْتِ تَقُولِينَ؟ قَالتْ: كُنْتُ أَقُولُ لَهُ: إِنْ كَانَ ذَاكَ إِلَيَّ فَإِنِّي لَا أُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ أُوثِرَ عَلَيْكَ أَحَدًا تَابَعَهُ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، سَمِعَ عَاصِمًا. [مسلم: 1476 - فتح: 8/ 525] (باب) ساقط من نسخة. ({تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}) أي: باب: بيان ما جاء في ذلك وهو ظاهر. ({تُرْجِيء}) أي: (تؤخر). (أرجئه) أي: (آخره). 8 - باب قَوْلِهِ: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا

يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: 53]. يُقَالُ: إِنَاهُ: إِدْرَاكُهُ، أَنَى يَأْنِي أَنَاةً فَهُوَ آنٍ"، {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: 63]: "إِذَا وَصَفْتَ صِفَةَ المُؤَنَّثِ قُلْتَ: قَرِيبَةً وَإِذَا جَعَلْتَهُ ظَرْفًا وَبَدَلًا، وَلَمْ تُرِدِ الصِّفَةَ، نَزَعْتَ الهَاءَ مِنَ المُؤَنَّثِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُهَا فِي الوَاحِدِ وَالاثْنَيْنِ، وَالجَمِيعِ، لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى. (باب) ساقط من نسخة. ({لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ} هذا ترجمة ({غَيْرَ نَاظِرِينَ}) إلى ({عَظِيمًا}) ساقط من نسخة. ({إِنَاهُ}) أي: (إدراكه) وهو نضجه. (أنى يأني أناة) أراد به تصريف (إناه) من ماض ومضارع ومصدر ولفعله مصدران آخران فله ثلاثة وأناء بالمد فيهما. وأنا بالقصر وهو المذكور في الآية. (باب) ساقط من نسخة." {لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} "كذا في نسخة مع زيادة لا يليق ذكرها هنا، بل ولا تصح أصلًا. 4790 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَيْكَ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِالحِجَابِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الحِجَابِ". [انظر: 402 - مسلم: 239 - فتح 8/ 527] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن حميد) أي: الطويل (فلو أمرت أمهات المؤمنين) إلى آخره هذا مما وافق فيه عمر ربه.

4791 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، دَعَا القَوْمَ فَطَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، وَإِذَا هُوَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ، فَلَمْ يَقُومُوا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ، وَقَعَدَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَدْخُلَ فَإِذَا القَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا، فَانْطَلَقْتُ فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ، فَأَلْقَى الحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] [4792، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 6238، 6239، 6271، 7421 - مسلم: 1428 - فتح 8/ 527] 4792 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الآيَةِ: آيَةِ الحِجَابِ. لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ مَعَهُ فِي البَيْتِ صَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا القَوْمَ، فَقَعَدُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ ثُمَّ يَرْجِعُ، وَهُمْ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] إِلَى قَوْلِهِ {مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] فَضُرِبَ الحِجَابُ وَقَامَ القَوْمُ. [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 8/ 527] 4793 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ، قَال: "ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ" وَبَقِيَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي البَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَقَال: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ"، فَقَالتْ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ، يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا يَقُولُ لِعَائِشَةَ، وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ رَجَعَ

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا ثَلاثَةٌ مِنْ رَهْطٍ فِي البَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدَ الحَيَاءِ، فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَمَا أَدْرِي آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ القَوْمَ خَرَجُوا فَرَجَعَ، حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ البَابِ دَاخِلَةً، وَأُخْرَى خَارِجَةً أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الحِجَابِ. [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 8/ 527] 4794 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَنَى بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حُجَرِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ صَبِيحَةَ بِنَائِهِ، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ وَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ، وَيَدْعُو لَهُنَّ وَيَدْعُونَ لَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ رَأَى رَجُلَيْنِ جَرَى بِهِمَا الحَدِيثُ، فَلَمَّا رَآهُمَا رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلانِ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ وَثَبَا مُسْرِعَيْنِ، فَمَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ بِخُرُوجِهِمَا أَمْ أُخْبِرَ، فَرَجَعَ حَتَّى دَخَلَ البَيْتَ وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الحِجَابِ"، وَقَال ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعَ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 47941 - مسلم: 1428 - فتح 8/ 528] 4795 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فَقَال: يَا سَوْدَةُ، أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ، قَالتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ، فَدَخَلَتْ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، فَقَال لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا، قَالتْ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ، وَإِنَّ العَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ، فَقَال: "إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ". [انظر: 146 - مسلم: 2170 - فتح 8/ 528] (فتقرئ) بفتح الفوقية والقاف والراء المشددة مقصورًا، أي: تتبع.

9 - باب قوله: {إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما (54) لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا (55)} [الأحزاب: 54، 55]

9 - باب قَوْلِهِ: {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54) لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)} [الأحزاب: 54، 55] (باب) ساقط من نسخة. {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ} إلى {شَهِيدًا}). 4796 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي القُعَيْسِ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَقُلْتُ: لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا القُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي عَمُّكِ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَقَال: "ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ" قَال عُرْوَةُ: فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: "حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ". [انظرن 2644 - مسلم: 1445 - فتح 8/ 531] (أبي القعيس) اسمه: وائل الأشعري. (تربت يمينك) هي كلمة تقولها العرب ولا يريدون حقيقتها وهي: افتقرت إن لم تفعلي. 10 - باب قَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب: 56] قَال أَبُو العَالِيَةِ: "صَلاةُ اللَّهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ المَلائِكَةِ، وَصَلاةُ المَلائِكَةِ الدُّعَاءُ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "يُصَلُّونَ:

[الأحزاب: 56]: يُبَرِّكُونَ {لَنُغْرِيَنَّكَ} [الأحزاب: 60]: لَنُسَلِّطَنَّكَ. (باب) ساقط من نسخة. {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} أي: بيان ما جاء في ذلك، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} إلى آخره ساقط من نسخة، وأضيفت الصلاة إلى الله وملائكته دون السلام، بل أُمر المؤمنون بهما؛ لاحتمال أن السلام لما كان له معنيان: التحية والانقياد أمر به المؤمنون لصحتهما منهم والله وملائكته لا يجوز منهم الانقياد فلم يُضف إليهم دفعًا للإيهام قاله شيخنا (¬1). ({لَنُغْرِيَنَّكَ}) أي: (لنسلطنك). 4797 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ الصَّلاةُ عَلَيْكَ؟ قَال: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. [انظر: 3370 - مسلم: 406 - فتح: 8/ 532] (مسعر) أي: ابن كدام. 4798 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا التَّسْلِيمُ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَال: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 8/ 533.

11 - باب قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} [الأحزاب:69]

عَلَى إِبْرَاهِيمَ. قَال أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ: "عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ" حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، وَقَال: "كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ". [6358 - فتح 8/ 532] 11 - باب قَوْلِهِ {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} [الأحزاب: 69] (باب) ساقط من نسخة. ({لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى}) هذا ترجمة. 4799 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، وَخِلاسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا، وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69]. [انظر: 278 - مسلم: 339 - فتح: 8/ 534] (عوف) هو الأعرابي. (إن موسى كان رجلا حييًا) إلى آخره، مرَّ بشرحه في كتاب الأنبياء (¬1). 34 - سورة سَبَإٍ يُقَالُ: {مُعَاجِزِينَ} [الحج: 51]: مُسَابِقِينَ، {بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام: 134]: بِفَائِتِينَ مُعَاجِزِيَّ: مُسَابِقِيَّ، {سَبَقُوا} [الأنفال: 59]: فَاتُوا، {لَا يُعْجِزُونَ} [الأنفال: 59]: لَا يَفُوتُونَ، {يَسْبِقُونَا} [العنكبوت: 4]: يُعْجِزُونَا، وَقَوْلُهُ: {بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام: 134]: بِفَائِتِينَ، وَمَعْنَى {مُعَاجِزِينَ} ¬

_ (¬1) سلف برقم (3404) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: حديث الخضر مع موسى عليهما السلام.

مُغَالِبِينَ، يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُظْهِرَ عَجْزَ صَاحِبِهِ، {مِعْشَارٌ} [سبأ: 45]: عُشْرٌ، يُقَالُ الأُكُلُ: الثَّمَرُ، {بَاعِدْ} [سبأ: 19]: وَبَعِّدْ وَاحِدٌ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {لَا يَعْزُبُ} [سبأ: 3]: "لَا يَغِيبُ"، {سَيْلَ العَرِمِ} [سبأ: 16]: "السُّدُّ: مَاءٌ أَحْمَرُ أَرْسَلَهُ اللَّهُ فِي السُّدِّ، فَشَقَّهُ وَهَدَمَهُ، وَحَفَرَ الوَادِيَ، فَارْتَفَعَتَا عَنِ الجَنْبَيْنِ، وَغَابَ عَنْهُمَا المَاءُ فَيَبِسَتَا، وَلَمْ يَكُنِ المَاءُ الأَحْمَرُ مِنَ السُّدِّ، وَلَكِنْ كَانَ عَذَابًا أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ " وَقَال عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ: {العَرِمُ} [سبأ: 16]: "المُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ اليَمَنِ" وَقَال غَيْرُهُ: "العَرِمُ: الوَادِي، السَّابِغَاتُ: الدُّرُوعُ " وَقَال مُجَاهِدٌ: (يُجَازَى): "يُعَاقَبُ"، {أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} [سبأ: 46]: "بِطَاعَةِ اللَّهِ"، {مَثْنَى وَفُرَادَى} [سبأ: 46]: "وَاحِدٌ وَاثْنَيْنِ"، {التَّنَاوُشُ} [سبأ: 52]: "الرَّدُّ مِنَ الآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا"، {وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54]: "مِنْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَهْرَةٍ"، {بِأَشْيَاعِهِمْ} [سبأ: 54]: "بِأَمْثَالِهِمْ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَالْجَوَابِ} [سبأ: 13]: "كَالْجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ. الخَمْطُ: الأَرَاكُ، وَالأَثَلُ: الطَّرْفَاءُ"، العَرِمُ: "الشَّدِيدُ". (سبأ) في نسخة: "سورة سبأ". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. ({بِمُعْجِزِينَ}) أي: (بفائتين). ({مِعْشَارَ}) أي: (عشر) (الأُكُل) في قوله تعالى: {ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} معناه: (الثمر). {لَا يَعْزُبُ} أي: (لا يغيب) ({الْعَرِمِ}) أي: (السد) وله ثلاثة تفاسير أخر تأتي. (فارتفعتا) أي: شقتي السد. (عن الجنتين) أي: عن اسمهما أو مائهما، وفي نسخة: "فارتفعت" أي: السد، وأنث ضميره باعتبار أنه بمعنى السدة، وقيل: صوابه: يعني الجنتين بدل على الجنتين أي:

1 - باب {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: 23]

فارتفعت الجنتان عن اسمهما أو مائهما، وفي نسخة: "فارتفعت عن الجنتين" تثنية جنة ولا يخفى ما فيها. (وقال عمرو بن شرحبيل: {الْعَرِمِ} أي: (المسناة) بضم الميم وفتح المهملة والنون المشددة: ما بني في عرض الوادي ليرتفع السيل ويفيض على الأرض. وفي نسخة: "المسناة" بفتح الميم وسكون المهملة وتخفيف النون ({الْعَرِمِ}) هو (الوادي). (السابغات) أي: (الدروع). {يُجازى} أي: (يعاقب) ({مَثْنَى وَفُرَادَى}) أي: (واحدًا واثنين) في ذلك لف ونشر معكوس، والقياس: واحدًا واحدًا واثنين اثنين. ({التَّنَاوُشُ}) هو (الرد من الآخرة إلى الدنيا) وقال غيره: هو تناول الإيمان أي. من أين لهم تناوله ({بِأَشْيَاعِهِمْ}) أي: (بأمثالهم). (وقال ابن عباس: {كَالْجَوَابِ} أي: (كالجوبة من الأرض). (الخمط) هو (الأراك). (والأثل) هو (الطرفاء). ({الْعَرِمِ}) هو (الشديد). 1 - باب {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] (باب) ساقط من نسخة. ({حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ}) إلخ أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 4800 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَال: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَال رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَال: الحَقَّ، وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا، وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ - فَيَسْمَعُ الكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ

2 - باب قوله {إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد} [سبأ: 46]

يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَو الكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَال لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا، فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ. [انظر: 4701 - فتح 8/ 537] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (خضعانًا) بفتح أوله وثانيه، وفي نسخة: بضم أوله وسكون ثانيه وهو مصدر بمعنى خاضعين. ومرَّ حديث الباب بشرحه في الحجر (¬1). 2 - باب قَوْلِهِ {إِنْ هُوَ إلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ: 46] (باب: ساقط من نسخة. {إِنْ هُوَ إلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 4801 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَال: "يَا صَبَاحَاهْ"، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، قَالُوا: مَا لَكَ؟ قَال: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ العَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ، أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ " قَالُوا: بَلَى، قَال: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ" فَقَال أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1]. [انظر: 1394 - مسلم: 208 - فتح: 8/ 539] (يا صباحاه) شعار الغارة إذ كان الغالب منه أنه يقال في الصباح. ومرَّ الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (4701) كتاب: التفسير، باب: قوله: {إلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)}. (¬2) سلف برقم (1394) كتاب: الجنائز، باب: ذكر شرار الموتى.

35 - الملائكة

35 - المَلَائِكَةُ قَال مُجَاهِدٌ: "القِطْمِيرُ: لِفَافَةُ النَّوَاةِ، {مُثْقَلَةٌ} [فاطر: 18]: مُثَقَّلَةٌ " وَقَال غَيْرُهُ: {الحَرُورُ} [فاطر: 21]: "بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْسِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {الحَرُورُ} [فاطر: 21]: "بِاللَّيْلِ وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ"، {وَغَرَابِيبُ} [فاطر: 27]: أَشَدُّ سَوَادٍ، الغِرْبِيبُ: الشَّدِيدُ السَّوَادِ. (الملائكة) في نسخة: "سورة الملائكة". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (القطمير) هو (لفافة النواة). ({مُثْقَلَةٌ}) بسكون المثلثة أي: (مثقَّلة) بفتحها وتشديد القاف أي: تثقل بذنوبها ({الْحَرُورُ}) هو الحر بالنهار مع الشمس أي: عند شدة حرها فالظل مقابله، وغيره فسر الظل بالجنة والحرور بالنار. وقوله: (وقال ابن عباس ..) إلى آخره ساقط من نسخة. ({وَغَرَابِيبُ سُودٌ} هي الصخور أشد سوادًا من غيرها والمفرد: (غربيب) بكسر الغين. 36 - سورة {يس} وَقَال مُجَاهِدٌ: {فَعَزَّزْنَا} [يس: 14]: "شَدَّدْنَا"، {يَا حَسْرَةً عَلَى العِبَادِ} [يس: 30]: "كَانَ حَسْرَةً عَلَيْهِمُ اسْتِهْزَاؤُهُمْ بِالرُّسُلِ"، {أَنْ تُدْرِكَ القَمَرَ} [يس: 40]: "لَا يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآخَرِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا ذَلِكَ"، {سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: 40]: "يَتَطَالبَانِ حَثِيثَيْنِ"، {نَسْلَخُ} [يس: 37]: "نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، وَيَجْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا"، {مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23]: "مِنَ الأَنْعَامِ" (فَكِهُونَ): "مُعْجَبُونَ" {جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يس: 75]: "عِنْدَ الحِسَابِ" وَيُذْكَرُ عَنْ عِكْرِمَةَ: {المَشْحُونِ} [الشعراء: 119]: "المُوقَرُ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ:

{طَائِرُكُمْ} [النمل: 47]: "مَصَائِبُكُمْ"، {يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]: "يَخْرُجُونَ" {مَرْقَدِنَا} [يس: 52]: "مَخْرَجِنَا"، {أَحْصَيْنَاهُ} [يس: 12]: "حَفِظْنَاهُ"، {مَكَانَتُهُمْ} [يس: 67]: "وَمَكَانُهُمْ وَاحِدٌ". (سورة يس) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({فَعَزَّزْنَا}) أي: (شددنا) وقال غيره: أي: قوينا وهما متقاربان. ({يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}) هي (استهزاؤهم بالرسل) في الدنيا، وإليه أشار بقوله: (وكان) في نسخة: "كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل"، وفي نسخة: "كان" بحذف الواو. (تدرك القمر) أي: (لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك). أي: ستر أحدهما الآخر؛ لأن لكل منهما حدًّا لا يعدوه ولا يقصر دونه فإذا اجتمعا وأدرك كل واحد صاحبه قامت القيامة. ({سَابِقُ النَّهَارِ}) في قوله: {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَار} أي: (يتطالبان حثيثين) فلا فترة بينهما بل كل منهما يعقب الآخر بلا مهلة ولا تراخ فلا يجتمعان إلا في وقت قيام الساعة. ({نَسْلَخُ}) أي: (نخرج أحدهما من الآخر) وأشار بقوله: (ويجرى كل واحد منهما) إلى تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] لكن اقتصر في الآية على الشمس لذكر حكم القمر بعدها، وقوله: (أن تدرك القمر) إلى آخره ساقط من نسخة. ({مِنْ مِثْلِهِ}) أي: في قوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)} [يس: 42] أي: (من الأنعام) أي: الأَوْلى قول غيره من مثل فلك نوح. ({فكهون}) في نسخة: "فاكهون" أي: (معجبون) بفتح الجيم وقال بعضهم: أي: ناعمون أي: منعمون وبعضهم أي: فرحون. ({جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}) أي: (عند الحساب). ({الْمَشْحُونِ}) أي: (الموقر) بفتح القاف أي: المملوء وقوله: {جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} إلى هنا ساقط من نسخة. ({طَائِرُكُمْ}) أي: (مصائبكم)

1 - باب قوله {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم (38)} [يس: 38]

وقيل: أي: طيركم. ({يَنْسِلُونَ}) أي: (يخرجون). ({مَرْقَدِنَا}) أي: مخرجنا، وقال غيره: أي: قبورنا ({أَحْصَيْنَاهُ}) أي: (حفظناه). ({مَكَانَتِهِمْ}) ومكانهم واحد) أي: في المعنى. 1 - باب قَوْلِهِ {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)} [يس: 38]. (باب) ساقط من نسخة. {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)}. أي: بيان ما جاء في ذلك. 4802 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَال: "يَا أَبَا ذَرٍّ أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟ " قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ"، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ} [يس: 38] لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ. [انظر: 3199 - مسلم: 159 - فتح 8/ 541] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (عن إبراهيم) أي: ابن يزيد. (حتى تسجد) أي: تنقاد لله تعالى انقياد الساجدين (تحت العرش) وهو فوق العالم وليس بكرة كما يزعمه كثير من أهل الهيئة بل هو قبة ذات قوائم تحمله الملائكة. 4803 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] قَال: "مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ العَرْشِ". [انظر: 3199 - مسلم: 159 - فتح 8/ 541] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (وكيع) أي: ابن الجراح.

37 - سورة الصافات

(الأعمش) هو سليمان بن مهران. 37 - سورة الصَّافَّاتِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [سبأ: 53]: "مِنْ كُلِّ مَكَانٍ"، {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ} [الصافات: 8]: "يُرْمَوْنَ"، {وَاصِبٌ} [الصافات: 9]: "دَائِمٌ"، {لازِبٌ} [الصافات: 11]: "لازِمٌ"، {تَأْتُونَنَا عَنِ اليَمِينِ} [الصافات: 28]: "يَعْنِي الحَقَّ، الكُفَّارُ تَقُولُهُ لِلشَّيْطَانِ"، {غَوْلٌ} [الصافات: 47]: "وَجَعُ بَطْنٍ"، {يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47]: "لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ"، {قَرِينٌ} [الصافات: 51]: "شَيْطَانٌ"، {يُهْرَعُونَ} [هود: 78]: "كَهَيْئَةِ الهَرْوَلَةِ"، {يَزِفُّونَ} [الصافات: 94]: "النَّسَلانُ فِي المَشْيِ"، {وَبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَبًا} [الصافات: 158]: "قَال: كُفَّارُ قُرَيْشٍ المَلائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَأُمَّهَاتُهُمْ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الجِنِّ"، وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات: 158]: "سَتُحْضَرُ لِلْحِسَابِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات: 165]: "المَلائِكَةُ"، {صِرَاطِ الجَحِيمِ} [الصافات: 23]، {سَوَاءِ الجَحِيمِ} [الصافات: 55]: "وَوَسَطِ الجَحِيمِ"، {لَشَوْبًا} [الصافات: 67]: "يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ، وَيُسَاطُ بِالحَمِيمِ"، {مَدْحُورًا} [الأعراف: 18]: "مَطْرُودًا"، {بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: 49]: "اللُّؤْلُؤُ المَكْنُونُ"، {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} [الصافات: 78]: "يُذْكَرُ بِخَيْرٍ"، وَيُقَالُ {يَسْتَسْخِرُونَ} [الصافات: 14]: "يَسْخَرُونَ"، {بَعْلًا} [الصافات: 125]: "رَبًّا". (والصافات) في نسخة: "سورة الصافات". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}) وقال غيره: أي: من قولهم في النبي: هو ساحر كاهن شاعر، وفي القرآن: هو سحر شعر كهانة وذكر هذا هنا مع أنه في سورة سبأ لمناسبته قوله هنا. ({وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ}) أي: يرمون من كل جانب، وفي نسخة: " {مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا} يرمون". ({وَاصِبٌ}) أي: (دائم). وقيل: شديد. ({لَازِبٍ}) أي: (لازم) وقو له: (وقال

مجاهد) إلى هنا ساقط من نسخة. ({تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ}) يعني بها: الصراط (الحق) فمن أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الحق فلبسه عليه، وفي نسخة: "يعني: الجن". والمراد بهم فيها: بيان المقول لهم وهم الشياطين وبـ (الحق) في الأولى بيان لفظ: (اليمين). (الكفار تقوله للشيطان) وقد كانوا يحلفون لهم أنهم على الحق، وفي نسخة: "للشيطان" بدل (للشياطين). ({غَوْلٌ}) أي: (وجع بطن) وقال غيره: أي: صداع، وهذا ساقط من نسخة. ({يُنْزَفُونَ}) بفتح الزاي وكسرها قراءتان (¬1). أي: (لا تذهب عقولهم) هو بمعنى قول غيره: لا يسكرون بخلاف خمر الدنيا. ({قَرِينٌ}) أي: (شيطان) وقال غيره: أي: صاحب ينكر البعث وهما متقاربان. ({يُهْرَعُونَ}) في قوله تعالى: {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70)} أي: (كهيئة الهرولة) أي: يتبعونهم بسرعة من غير نظر وتأمل. ({يَزِفُّونَ}) من الزف وهو (النسلان) بفتحتين (في المشي) أي: الإسراع فيه. ({وَبَيْنَ الْجِنَّةِ}) أي: (الملائكة) جنا، وسميت الملائكة جناة لاختفائهم عن الأبصار. (قال كفار قريش: الملائكة بنات الله وأمهاتهم بنات سروات الجن) بفتح السين والراء أي: بنات خواصهم. ({لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}) هم (الملائكة) والمراد: صافون أجنحتهم أو أقدامهم. ({صِرَاطِ الْجَحِيمِ}) أي: (سواء الجحيم ووسط الجحيم) بسكون السين على المشهور، فالثلاثة بمعنى واحد. وقوله: (وبين الجنة) إلى هنا ساقط من نسخة. ({لَشَوْبًا}) أي: خلطا أي: (يخلط ¬

_ (¬1) قرأ حمزة والكسائي بكسر الزاي، وقرأها باقي السعبة بفتح الزاي، والقراءتان بمعنى. انظر: "الكشف عن وجوه القراءات السبع" 2/ 224 - 225.

1 - باب قوله {وإن يونس لمن المرسلين (139)} [الصافات: 139]

طعامهم) (يساط) بمهملتين، أي: يخلط (بالحميم) أي: بالماء الحار الشديد، فإذا شربوا قطع أمعاءهم (مدحورًا) أي: (مطرودًا) هذا في سورة الأعراف وذكره هنا لمناسبته ما أخذه وهو الدحور المذكور في قوله هنا: {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا} بنصبه مصدرًا من دحره أي: طرده. ({بَيْضٌ مَكْنُونٌ}) هو (اللؤلؤ المكنون) أي: المصون ({وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (78)}) أي: ثناء حسنًا، وإليه أشار بقوله: (يذكر بخير). (يستسخرون) أي: (يسخرون). (بعلًا) أي: (ربا) وهو اسم لصنم كانوا يعبدونه، ومنه سميت مدينتهم: بعلبك (¬1) وهذا ساقط من نسخة. 1 - باب قَوْلِهِ {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)} [الصافات: 139] (باب) ساقط من نسخة {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)} أي: بيان ما جاء في ذلك. 4804 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى". [انظر: 3412 - فتح 8/ 543] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. ¬

_ (¬1) بَعْلبَك: بالفتح ثم السكون، وفتح اللام، والباء الموحدة، والكاف مشددة: مدينة قديمة فيها أبنية عجيبة وآثار عظيمة وقصور على أساطين الرخام لا نظير لها في الدنيا، بينها وبين دمشق ثلاثة أيام وقيل اثنا عشر فرسخًا من جهة الساحل. وهو اسم مركب من بَعْل اسم صنم وبكّ أصله من بكّ عُنُقَه أي دقها، وتَباك القومُ أي ازدحموا، فإما أن يكون نُسب الصنم إلى بك وهو اسم رجل، أو جعلوه يبك الأعناق، هذا إن كان عربيا، وإن كان عجميًّا فلا اشتقاق، ولهذا الاسم ونظائره من المركبات أحكام. انظر: "معجم البلدان" 1/ 453.

38 - سورة ص

(عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (من ابن متى) في نسخة: "من يونس بن متى". ومرَّ الحديث بشرحه في سورة النساء (¬1). 4805 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ قَال: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ. [انظر: 2415 - مسلم: 2376 - فتح: 8/ 543] (من قال أنا خير) إلخ مرَّ أيضًا (¬2). 38 - سُورَةُ ص 1 - باب - صلى الله عليه وسلم - في نسخة: "سورة ص". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. 4806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ العَوَّامِ، قَال: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا، عَنِ السَّجْدَةِ، فِي ص، قَال: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] "وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْجُدُ فِيهَا". [انظر: 1341 - فتح: 8/ 544] (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن العوام) أي: ابن حوشب بن يزيد الشيباني. ({فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}) بهاء السكت. ومرَّ الحديث في: سورة الأنعام (¬3). ¬

_ (¬1) سلف برقم (4603) كتاب: التفسير، باب: قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ}. (¬2) سلف برقم (4604) كتاب: التفسير، باب: قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ}. (¬3) سبق الحديث برقم 46321) كتاب: التفسير، باب: قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.

4807 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، عَنِ العَوَّامِ، قَال: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا، عَنْ سَجْدَةٍ فِي ص، فَقَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ؟ فَقَال: أَوَمَا تَقْرَأُ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ}. {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] "فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ، فَسَجَدَهَا دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 3421] {عُجَابٌ} [ص: 5]: "عَجِيبٌ. القِطُّ: الصَّحِيفَةُ هُوَ هَا هُنَا صَحِيفَةُ الحِسَابِ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {فِي عِزَّةٍ} [ص: 2]: "مُعَازِّينَ"، {المِلَّةِ الآخِرَةِ} [ص: 7]: "مِلَّةُ قُرَيْشٍ، الا خْتِلاقُ: الكَذِبُ"، {الأَسْبَابُ} [البقرة: 166]: "طُرُقُ السَّمَاءِ فِي أَبْوَابِهَا"، قَوْلُهُ: {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ} [ص: 11]: "يَعْنِي قُرَيْشًا"، {أُولَئِكَ الأَحْزَابُ} [ص: 13]: "القُرُونُ المَاضِيَةُ"، {فَوَاقٍ} [ص: 15]: "رُجُوعٍ"، {قِطَّنَا} [ص: 16]: "عَذَابَنَا" (اتَّخَذْنَاهُمْ سُخْرِيًّا): "أَحَطْنَا بِهِمْ"، {أَتْرَابٌ} [ص: 52]: "أَمْثَالٌ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {الأَيْدُ} [ص: 17]: "القُوَّةُ فِي العِبَادَةِ"، {الأَبْصَارُ} [ص: 45]: "البَصَرُ فِي أَمْرِ اللَّهِ"، {حُبَّ الخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} [ص: 32]: "مِنْ ذِكْرِ"، {طَفِقَ مَسْحًا}: "يَمْسَحُ أَعْرَافَ الخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا"، {الأَصْفَادِ} [إبراهيم: 49]: "الوَثَاقِ". [فتح: 8/ 544] (محمد بن عبد الله) أي: ابن المبارك ونسبه إلى جده، وإلا فهو بن يحيى، أو ابن محمد بن عبد الله. (من أين سجدت؛) أي: من أي دليل. ومرَّ الحديث أيضًا (¬1). {عُجُابٌ} أي: (عجيب). (القِط) هو (الصحيفة) لأنها قطعة من القرطاس من قطه إذا قطعه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3421) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.

(صحيفة الحسنات) في نسخة: "صحيفة الحساب". {في عزة}) أي: (معازين). وقال غيره: أي: في حمية وتكبر عن الإيمان. ومعنى: معازين: مغالبين. ({فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ}) هي (ملة قريش). (الاختلاق) هو (الكذب) المختلق. {الأَسْبَاب}) هي: (طرق السماء في أبوابها) الجار والمجرور في محل الحال من طرق. ({جُندٌ ما}) أي: هم جند حقير ({هُنَالِك}) أي: في تكذيبهم لك. ({مَهزُومٌ}) صفة (جند) يعني بالجند (قريشًا) ({أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ}) أي: القرون الماضية. ({فَوَاقٍ}) أي: (رجوع) من أفاق المريض إذا رجع إلى صحته. ({قِطَّنَا}) أي: (عذابنا) هذا تفسير مجاهد وتقدم تفسيره لغيره بالصحيفة. ({اتَّخَذْنَاهُمْ سُخْرِيًّا} بضم السين وكسرها قراءتان أي: (أحطنا بهم) وقال غيره أي: كنا نسخر بهم في الدنيا وهو الأوجه، ومن ثم قال الحافظ الدمياطي: لعله أحطناهم وحذف مع ذلك القول الذي هذا تفسيره: وهو {أَم زَاغَتْ عَنهُمُ الأبَصارُ}. ({أَتْرابٌ}) أي: (أمثال) أي: أسنانهم واحدة وهن بنات ثلاث وثلاثين سنة. ({الأَيدِ}) في قوله: {أولى الأيدي والأبصار} هي (القوة في العبادة) والأكثر على ثبوت الياء بعد الدال وحَذَفَها بعضهم اكتفاء بالكسرة. ({الأَبصْارُ}) هي (البصر في الله) أي: في (أمره). ({حُبَّ الخيرِ عَن ذِكرِ ربِّي}) أي: فسر عن بمن. وظاهر أنه لا حاجة لذلك، والمراد بـ (الخير) الخيل ومن (ذكر ربي) صلاة العصر. ({طفق مسحا}) أي: (يمسح أعراف الخيل وعراقيبها) أي: يمسحها بالسيف، وتضمن تفسيره ذلك تفسير السوق بالعراقيب، والأعناق بالأعراف ({الأصفَادِ}) أي: الوثاق، وقال غيره: أي: القيود وهو الأوجه،

2 - باب قوله: {هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، إنك أنت الوهاب} [ص: 35]

وقوله (طفق) إلى هنا ساقط من نسخة. 2 - بَابُ قَوْلِهِ: {هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ} [ص: 35] (باب) ساقط من نسخة. ({وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}). أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 4808 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ البَارِحَةَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاةَ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: {رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}، قَال رَوْحٌ: فَرَدَّهُ خَاسِئًا. [انظر: 461 - مسلم: 541 - فتح 8/ 546] (روح) أي: ابن عبادة (تفلت على) أي: تعرض علي فجأة. (أو كلمة نحوها) أي: نحو (تفلت) وهو شك من الراوي. (أن أربطه) بكسر الموحدة. (خاسئا) أي: مطرودًا، ومز الحديث بشرحه في الصلاة، وفي بدء الخلق (¬1). 3 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] (باب) ساقط من نسخة: ({وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}) أي: من المتقولين القرآن من تلقاء نفسي، أو من المتصنعين الذين يتصنعون ¬

_ (¬1) سبق برقم (461) كتاب: الصلاة، باب: الأسير أو الغريم يُربط في المسجد. وبرقم (3284) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

ويتحلون بما ليسوا من أهله. 4809 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ، قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنِ الدُّخَانِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا قُرَيْشًا إِلَى الإِسْلامِ، فَأَبْطَئُوا عَلَيْهِ، فَقَال: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ" فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ فَحَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا المَيْتَةَ وَالجُلُودَ، حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ دُخَانًا مِنَ الجُوعِ، قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: 10، 11] قَال: فَدَعَوْا: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ، أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى، وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ، ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ، وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ، إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلًا، إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 12] أَفَيُكْشَفُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَال: فَكُشِفَ ثُمَّ عَادُوا فِي كُفْرِهِمْ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ، قَال اللَّهُ تَعَالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 16]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (فحصَّت) أي: أذهبت وأفنت. ({وَقَالوا مُعَلَّمٌ}) أي: يعلمه غلام أعجمي. {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} أي: إلى الكفر. (فكشف) بالبناء للمفعول أي: العذاب، وفي نسخة: "فكشف" بالبناء للفاعل. (قال الله) في نسخة: "وقال الله". ومرَّ الحديث بشرحه في: سورة الروم (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4774) كتاب: التفسير، سورة الروم.

39 - سورة الزمر

39 - سُورَةُ الزُّمَرِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ} [الزمر: 24]: "يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ"، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالى: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ القِيَامَةِ} [فصلت: 40]، {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28]: "لَبْسٍ"، {وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} [الزمر: 29]: "مَثَلٌ لِآلِهَتِهِمُ البَاطِلِ وَالإِلَهِ الحَقِّ"، {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: 36]: "بِالأَوْثَانِ، خَوَّلْنَا: أَعْطَيْنَا". {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} [الزمر: 33]: "القُرْآنُ"، {وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33]: "المُؤْمِنُ يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَقُولُ: هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ " وَقَال غَيْرُهُ: {مُتَشَاكِسُونَ} [الزمر: 29]: "الرَّجُلُ الشَّكِسُ: العَسِرُ لَا يَرْضَى بِالإِنْصَافِ"، {وَرَجُلًا سِلْمًا} [الزمر: 29]: "وَيُقَالُ: (سَالِمًا) صَالِحًا"، {اشْمَأَزَّتْ} [الزمر: 45]: "نَفَرَتْ"، {بِمَفَازَتِهِمْ} [الزمر: 61]: "مِنَ الفَوْزِ"، {حَافِّينَ} [الزمر: 75] "أَطَافُوا بِهِ"، مُطِيفِينَ: "بِحِفَافَيْهِ، بِجَوَانِبِهِ"، {مُتَشَابِهًا} [البقرة: 25]: "لَيْسَ مِنَ الا شْتِبَاهِ، وَلَكِنْ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي التَّصْدِيقِ". (الزمر) في نسخة: "سورة الزمر". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({يتقِى}) في نسخة: " {أَفَمَن شقِى} أي (يجر على وجهه في النار) بضم الياء وبجيم مفتوحة، وفي نسخة: "يخر" بفتح الياء وبخاء معجمة مكسورة. {ذِي عِوَجٍ} في نسخة: " {غَيرَ ذِى عِوجَ} " أي: ليس هو تفسير لـ (عوج). ({ورجلًا سالما لرجل}) (¬1). هو مثل، وفي ¬

_ (¬1) قرأ ابن كثير وأبو عمرو إلا عبد الوارث في غير رواية القزاز، أبان عن عاصم {ورجلًا سالما} والمعنى: ورجلًا خالصًا لرجل، وقرأ عبد الوارث إلا القزاز بالرفع {ورجل سالم}، وقرأ ابن أبي عبلة بكسر السين والرفع {ورجل سلم} وقرأ الباقون بفتح السين واللام {سُلَّمًا}. انظر: "زاد المسير" 7/ 16.

1 - باب قوله: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر: 53]

نسخة: " {وَرَجُلًا سَلَمًا} " ({وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}) أي: (بالأوثان). {خولنا}) أي: (أعطينا). ({وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ}) أي: (القرآن) بالجر، وفي نسخة: بالرفع بتقدير هو الذي جاء بالصدق جبريل والمصدق به محمد، وقيل: الذي جاء به وصدق به: محمد، وقيل: الذي جاء به: محمد، والمصدق به أبو بكر وقيل: الذي جاء به محمد والمصدق به المؤمنون، وقيل: الذي جاء به الأنبياء، والمصدق به الأتباع وعليه يكون الذي بمعنى: الذين كما في قوله تعالى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} (¬1) [التوبة: 69]، ({مُتَشَاكِسُونَ}) أي: متنازعون سببه أخلاقهم وإليه أشار بقوله: (الرجل الشكس) بكسر الكاف هو. (العسر الذي لا يرضى بالإنصاف). ({وَرَجُلًا سِلمًا} ويقال: سالمًا) أي: (صالحًا) وهذا ساقط من نسخة؛ لأنه مرَّ ما عدا (صالحَا). ({اشمَأزَّت}) أي: (نفرت) وقال غيره أي: زعرت أي: فزعت. ({بمَفَازَتهِم}) مأخوذ (من الفوز) أي: ينجيهم بفوزهم من النار بأعمالهم الحسنة. ({حَافِّينَ}) أي: (أطافوا به) أي: (مطيفين بحفافيه) أي: (بجوانبه) لفظ: (بجوانبه) ساقط من نسخة. 1 - بَابُ قَوْلِهِ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] (باب) ساقط من نسخة. ({يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا}) إلى قوله: ¬

_ (¬1) وذهب بعض النحاة -منهم يونس وابن مالك- إلى أن (الذي) في هذه الآية حرف مصدري يؤول مع ما بعده بمصدر، والتقدير: وخضتم كخوضهم.

2 - باب قوله: {وما قدروا الله حق قدره} [الأنعام: 91]

{الرَّحِيمُ} وسقط من نسخة قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} إلخ. 4810 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَال يَعْلَى: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ نَاسًا، مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا، وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالحَقِّ، وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] وَنَزَلَتْ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]. [فتح: 8/ 549] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (أن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (يعلى) أي: ابن مسلم بن هرمز. (وأكثروا) أي: من القتل. (وزنوا وأكثروا) أي: من الزنا. 2 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] (باب) ساقط من نسخة ({وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}) أي: ما عظموه حق عظمته. 4811 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ إِنَّا نَجِدُ: أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ أَنَا المَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَالسَّمَوَاتُ مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ}. [7414، 7415، 7451، 7513 - مسلم: 2786 - فتح: 8/ 550] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. (عن

3 - باب قوله {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون (67)} [الزمر: 67]

منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن عبيدة) أي: السلماني. (عن عبد الله) أي: مسعود. (جاء حبر من الأحبار) أي: عالم من علماء اليهود. (إنا نجد) أي: في التوراة. (أن الله يجعل السموات على إصبع) إلخ المراد بالإصبع: القدرة، أو إصبع بعض مخلوقاته إذ إرادة الجارحة مستحيلة عليه تعالى. (فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتا بدت نواجذه) بذال معجمة أي: أنيابه التي تبدو عند الضحك. (تصديقًا) أي: ضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - تصديقًا لقول الحبرة بدليل قوله: (ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} فإنه يدل على صحة ما قاله الحبر. والحديث ذكره أيضًا في التوحيد، ومسلم في التوية (¬1) وبما تقرر علم أن ما زعمه بعضهم من أن قوله تصديقًا لقول الحبر باطل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يصدق المحال مردود. 3 - باب قَوْلِهِ {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67] (باب) ساقط من نسخة. ({وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}) إلى قوله: {يُشْرِكُونَ} وسقط من نسخة قوله: {والسموات} إلى آخره. 4812 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ، وَيَطْوي السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟ ". [6519، 7382، 7413 - مسلم: 2787 - ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7414) كتاب: التوحيد، باب: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ورواه مسلم (2786) كتاب: صفة القيامة والجنة والنار.

4 - باب قوله {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} [الزمر: 68]

فتح: 8/ 551] (ويطوي السموات) في نسخة. "ونطوي السماء" والطي يقال للإفناء بقول العرب: طويت فلانًا بسيفي أي: أفنيته وللإدراج كطي القرطاس كما قال تعالى: {يَوْمَ نَطْوي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} وكل منهما صحيح هنا. 4 - باب قَوْلِهِ {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68] (باب) ساقط من نسخة. ({وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}) إلى آخره أي: بيان ما جاء في ذلك، واختلفوا في الصعقة فقيل: هي غير الموت لقوله تعالى: في موسى {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} وهو لم يمت فهذه النفخة تورث الفزع الشديد، وعلى هذا فالمراد من نفخ الصعقة ومن نفخ الفزع واحد وهو المذكور في سورة النمل في قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} وعلى هذا القول فنفخ الصور ليس إلا مرتين، وقيل: هي الموت والقائلون به قالوا: المراد بالفزع: إنهم كادوا يموتون من شدة الصوت وعلى هذا فالنفخة ثلاث مرات: أولها: نفخة الفزع وهي المذكورة في النمل، والثانية: نفخة الصعق، والثالثة: نفخة القيام: وهما المذكورتان هنا الأولى منهما: للإماتة، والثانية: للإحياء. 4813 - حَدَّثَنِي الحَسَنُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنِّي أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بَعْدَ النَّفْخَةِ الآخِرَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى مُتَعَلِّقٌ بِالعَرْشِ، فَلَا

أَدْرِي أَكَذَلِكَ كَانَ أَمْ بَعْدَ النَّفْخَةِ؟ ". [انظر: 2411 - مسلم: 2373 - فتح: 8/ 551] (حدثني) في نسخة: "حدثنا". (الحسن) أي: ابن شجاع البلخي. (عبد الرحيم) أي: ابن سليمان الرازي. (عن عامر) أي: ابن شراحيل. (فلا أدري أكذلك كان؟) أي: إنه لم يمت عند النفخة الأولى واكتفى بصعقة الطور. (أم بعد النفخة؟) أي: أم أحمى بعد النفخة الثانية قبلي وتعلق بالعرش. 4814 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ" قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، قَال: أَبَيْتُ، قَال: أَرْبَعُونَ سَنَةً، قَال: أَبَيْتُ، قَال: أَرْبَعُونَ شَهْرًا، قَال: "أَبَيْتُ وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الإِنْسَانِ، إلا عَجْبَ ذَنَبِهِ، فِيهِ يُرَكَّبُ الخَلْقُ". [4935 - مسلم: 2955 - فتح: 8/ 551] (أبا صالح) هو ذكوان السمان. (بين النفختين) في نسخة: "ما بين النفختين". (أبيت) أي: امتنعت من تعيين ذلك. (ويبلى) بفتح أوله أي: يفنى. (كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه) بفتح العين المهملة وسكون الجيم بعدها موحدة، ويقال: عجم بالميم أيضًا وهو عظم لطيف في أصل الصلب وهو رأس العصعص بين الإليتين، وخص بعدم البلى؛ لأن أصل الخلق منه وهو قاعدة بدء الإنسان وأُسه وهو أصلب من البقية، واستثني مع العجب الأنبياء، لأن الأرض لا تأكل أجسادهم وألحق بهم ابن عبد البر: الشهداء (¬1)، والقرطبي: المؤذن المحتسب (¬2). ¬

_ (¬1) "التمهيد" 18/ 173. (¬2) "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" ص 185 باب: لا تأكل الأرض أجساد الأنبياء ولا الشهداء وأنهم أحياء.

40 - المؤمن

40 - المُؤْمِنُ 1 - باب قال مجاهدٌ: مَجَازُهَا مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ اسْمٌ، لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِي أَوْفَى العَبْسِيِّ فَهَلَّا تَلا حاميم قَبْلَ التَّقَدُّمِ يُذَكِّرُنِي ... حاميم وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ {الطَّوْلِ} [التوبة: 86] التَّفَضُّلُ، {دَاخِرِينَ} [النمل: 87] خَاضِعِينَ " وَقَال مُجَاهِدٌ: " {إِلَى النَّجَاةِ} [غافر: 41] الإِيمَانُ، {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} [غافر: 43] يَعْنِي الوَثَنَ، {يُسْجَرُونَ} [غافر: 72] تُوقَدُ بِهِمُ النَّارُ، {تَمْرَحُونَ} [غافر: 75] تَبْطَرُونَ "، وَكَانَ العَلاءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ، فَقَال" رَجُلٌ لِمَ تُقَنِّطِ النَّاسَ، قَال: وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] وَيَقُولُ {وَأَنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: 43] وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مَسَاوئِ أَعْمَالِكُمْ، وَإِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَمُنْذِرًا بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ. (المؤمن) في نسخة: "سورة المؤمن" وفي أخرى: "سورة حم". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (قال مجاهد: مجازها) في نسخة: "حم مجازها". (مجاز أوائل السور) فعليها حم مبتدأ ومجازها مبتدأ ثان، وما بعده خبره، والجملة خبر (حم) و (مجازها) بالجيم والزاي أي: طريقها أي: حكمها حكم سائر الحروف المقطعة التي في أوائل السور في أنها للتنبيه على أن القرآن من جنس هذه الحروف، ولقرع العصا عليهم وعلى أنه اسم علمٍ للسورة، وقيل: للقرآن.

(ويقال: بل هو) أي: حم. (اسم) أي: من أسماء القرآن. القول شريح بن أبي أوفى) قال شيخنا: الصواب: أبي العبسي بموحدة (¬1). (والرمح شاجر) أي: مشتبك مختلط بالمذكر. والجملة حال. (فهلا) حرف تحضيض. (تلا) أي: قرأ. (قبل التقدم) أي: إلى الحرب، وجه الاستدلال به: أنه أعرب (حم) ولو لم يكن اسمًا لما دخل عليه الإعراب، وقد اختلف في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فقيل: هي للتنبيه على ما ذكر، وقيل: اسم من أسماء القرآن كما تقرر فيهما، وقيل: علم مستور، وسر محجوب استأثر الله بعلمه، وقيل: غير ذلك. وقد بسط العلماء الكلام على ذلك في أول تفسير سورة البقرة. {الطَّوْلِ} أي: التفضل. ({دَاخِرينَ}) أي: (خاضعين) وقال غيره: أي: صاغرين، وكلاهما صحيح. {إِلَى النَّجَاةِ} أي: إلا (الإيمان). ({لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ}) يعني: أي: بضمير له. (الوثن) أي: ليس له استجابة دعوة أو ليس له عبادة في الدنيا. {يُسْجَرُونَ} أي: (توقد بهم النار). ({تَمْرَحُونَ}) أي: (تطرون) وقال غيره: أي: يتوسعون في الفرح وكلاهما صحيح. (يذكر النار) بفتح الياء وضم الكاف أي: يذكرها للناس، وفي نسخة: بضم الياء وكسر الكاف مشددة أي: يخوفهم بها. (لِمَ تقنط الناس؟) أي: تيئسهم من رحمة الله. 4815 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَال: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ المُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِفِنَاءِ الكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ ¬

_ (¬1) "الفتح" 8/ 554.

41 - سورة حم السجدة

عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28]. [انظر: 3678 - فتح: 8/ 553]. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن. (ما صنع) في نسخة: "ما صنعه" ومرَّ الحديث في: مناقب أبي بكر (¬1). 41 - سورة حم السجْدَةِ وَقَال طَاوُسٌ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت: 11]: أَعْطِيَا، {قَالتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11]: أَعْطَيْنَا وَقَال المِنْهَالُ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قَال رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي أَجِدُ فِي القُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ، قَال: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101]، {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 27] {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 42]، {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23]، فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الآيَةِ؟ وَقَال: {أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات: 27] إِلَى قَوْلِهِ: {دَحَاهَا} [النازعات: 30] فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ، ثُمَّ قَال: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 9] إِلَى قَوْلِهِ: {طَائِعِينَ} [فصلت: 11] فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ؟ وَقَال: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96]، {عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 56]، {سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58] فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى؟ فَقَال: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: 101]: "فِي النَّفْخَةِ الأُولَى، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ فِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (3678) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنتُ متخذًا خليلًا".

النَّفْخَةِ الآخِرَةِ، {أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 27] وَأَمَّا قَوْلُهُ: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23]، {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 42]، فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِأَهْلِ الإِخْلاصِ ذُنُوبَهُمْ، وَقَال المُشْرِكُونَ: تَعَالوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا، وَعِنْدَهُ: {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 105] الآيَةَ، وَخَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ، وَدَحْوُهَا: أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا المَاءَ وَالمَرْعَى، وَخَلَقَ الجِبَال وَالجِمَال وَالآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {دَحَاهَا} [النازعات: 30]. وَقَوْلُهُ: {خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 9]. فَجُعِلَتِ الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَخُلِقَتِ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ، {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96] سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ، أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إلا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ، فَلَا يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ القُرْآنُ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ المِنْهَالِ بِهَذَا، وَقَال مُجَاهِدٌ: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [فصلت: 8]: "مَحْسُوبٍ"، {أَقْوَاتَهَا} [فصلت: 10]: "أَرْزَاقَهَا" {فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: 12]: "مِمَّا أَمَرَ بِهِ"، {نَحِسَاتٍ} [فصلت: 16]: "مَشَائِيمَ"، {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ} [فصلت: 25]: "قَرَنَّاهُمْ بِهِمْ"، {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ} [فصلت: 30]: "عِنْدَ المَوْتِ"، {اهْتَزَّتْ} [الحج: 5]: "بِالنَّبَاتِ"، {وَرَبَتْ} [الحج: 5]: "ارْتَفَعَتْ"، {مِنْ أَكْمَامِهَا} [فصلت: 47]: "حِينَ تَطْلُعُ"، {لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} [فصلت: 50]: "أَيْ بِعَمَلِي أَنَا مَحْقُوقٌ بِهَذَا" وَقَال غَيْرُهُ: {سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10]: "قَدَّرَهَا سَوَاءً"، {فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت: 17]: "دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَقَوْلِهِ: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}

[البلد: 10] وَكَقَوْلِهِ: {هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسان: 3]: وَالهُدَى الَّذِي هُوَ الإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَصْعَدْنَاهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، {يُوزَعُونَ} [النمل: 17]: يُكَفُّونَ، {مِنْ أَكْمَامِهَا} [فصلت: 47]: قِشْرُ الكُفُرَّى هِيَ الكُمُّ " وَقَال غَيْرُهُ: "وَيُقَالُ لِلْعِنَبِ إِذَا خَرَجَ أَيْضًا كَافُورٌ وَكُفُرَّى، {وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]: القَرِيبُ، {مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم: 21]: حَاصَ عَنْهُ أَيْ حَادَ، {مِرْيَةٍ} [هود: 17]: وَمُرْيَةٌ وَاحِدٌ، أَيْ امْتِرَاءٌ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]: "هِيَ وَعِيدٌ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون: 96]: "الصَّبْرُ عِنْدَ الغَضَبِ وَالعَفْوُ عِنْدَ الإِسَاءَةِ، فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمَهُمُ اللَّهُ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ" {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]. (حم السجدة) في نسخة: "سورة حم السجدة". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (عن ابن عباس: {ائْتِيَا طَوْعًا} زاد في نسخة: " {أَوْ كَرْهًا} " أي: (أعطيا {قَالتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}) أي: (أعطينا) استشكل تفسير ائتيا وأتينا بالقصر بالإعطاء مع أن معناهما المجيء وإنما يفسرا به إذا كانا بالمد، وأجب: قال ابن عباس: قرأ ذلك بالمد والمعنى: أعطيا الطاعة قالتا: أعطيناها، كما يقال: فلان يعطي الطاعة لفلان. (المنهال) أي: ابن عمرو الأسدي. (عن سعيد) أي: "ابن جبير" كما في نسخة. (قال رجل) هو نافع بن الأزرق. (إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي) أي: لتدافع ظواهرها أو لإفادة بعضها ما لا يصح عقلًا وقد ذكرها البخاري فأجاب ابن عباس عن الأول وهو أنه في آية: {وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} وفي أخرى: {يَتَسَاءَلُونَ} بأن التساؤل بعد النفخة الثانية وعدمه قبلها، وعن الثاني: وهو أنه في آية: {يَكتُمُونَ} وفي أخرى: {وَلَا يَكْتُمُونَ} بأن الكتمان قبل إنطاق الجوارح وعدمه، وعن الثالث:

وهو أنه في آية: (خلق السماء قبل خلق الأرض) وفي أخرى: بعده بأن خلق الأرض قبل خلق السماء ودحوها بعده، وعن الرابع: وهو أن قوله تعالى (وكان الله غفورًا رحيمًا}) (وكان الله {سميعًا بصيرًا}) يدل على أنه كان موصوفًا بهذه الصفات في الماضي فقط مع أنه لم يزل كذلك بأنه سمى نفسه غفورًا رحيمًا، وهذه التسمية مضت، لأن التعليق انقطع، وأما معنى الغفورية والرحيمية فلا يزال كذلك لا ينقطع، على أن النحاة: قالوا كان في حقه تعالى لثبوت جرها دائمًا، وأجاب بعضهم عن الثالث أيضًا: بأن (ثم) لتفاوت ما بين الخلقين لا للتراخي في الزمان، وبأنها لترتيب الخبر على الخبر وبأن (خلق) بمعنا (قدر). (وذلك) أي: تسمية نفسه بذلك. هو (قوله: أي) إنه (لم يزل كذلك فإن الله لم يرد شيئًا إلا أصاب به الذي أراد) لأن ما أراده لا بد من وقوعه وهذا يرجع في الحقيقة إلى قول النحاة السابق. (يوسف) أي: ابن عدي التيمي. {مَمْنُونٍ} أي: (محسوب) وقال غيره: مقطوع. ({أَقوَاتَهَا}) أي: (أرزاقها). {فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} أي: (مما أمر به) والمعنى: أمرها الذي أمر به من فيها. ({نَحِسَاتٍ}) أي: (مشائيم) جمع مشئومة. {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ} أي: (قرناهم بهم) وهذا ساقط من نسخة. {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} أي: (عند الموت)، وقال غيره: أي: عند القيام من القهور. {اهْتَزَّتْ} أي: (بالبنات). ({وَرَبَتْ}) أي: (ارتفعت). {أَكْمَامِهَا} في قوله: {وما تخرج من ثمرة من أكمامها} أي: (حتى تطلع) وفي نسخة بدله: "حين تطلع". (قشر الكفرى) هي الكم فسر فيها {أَكمَامِهَا}: بـ (قشر الكفرى) بضم الكاف وفتح الفاء وضمها وتشديد الراء مقصورة أي: الطلع،

1 - باب قوله: {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم، ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون} [فصلت: 22]

وفسر (قشر الكفرى) بقوله: (هي الكم) الأَوْلى هو الكم بكسر الكاف، وقيل: بضمها ككم القميص، والظاهر: أنهما لغتان. ({لَيَقُولَنَ هَذَا لِي}) يعني: (أي بعملي) أي: (أنا محقوق بهذا) أي: مستحق له لعملي، وقال غيره: أي: غير مجاهد. وهذا ساقط من نسخة. {سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}) أي: (قدرها) الله (سواء) بمعنى قدر في الأرض أقوات أهلها و (سواء) بالنصب مصدر أي: استوت استواء وقيل: حال. ({فَهَدَينَاهُمْ}) أي: (دللناهم على الشر والخير) أي: على طريقهما (والهدى) أي: الذي هو الإرشاد بمنزلة (أصعدناه) بالصاد، وفي نسخة: "أسعدناه" بالسين أشار بهذا إلى أن الهداية هي الدلالة الموصله إلى البغية وبما قبله إلى أنها مطلق الدلالة، وهما قولان مشهوران، ويطلق أيضًا على خلق الاهتداء. ({يُوزَعُونَ}) أي: (يكفون) بضم الياء والفاء وفتح الكاف، وقال غيره: أي: يدفعون ({وَليٌّ حَمِيمٌ}) هو (القريب) ({مِن مَحِيصٍ}) أي: مهرب ومحيد كما أشار إليه بقوله: حاص أي: حاد عنه. (مرية) بكسر الميم (ومُرية) بضمها (واحد) أي: في المعنى وهو ما ذكره بقوله: (أي: امتراء). {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} معناه: (الوعيد). ({بِالتى هِىَ أَحْسَنُ}) معناه: (الصبر عند الغضب ..) إلى آخره، وقوله: ({كأنَّهُ وَليُّ حَمِيمٌ}) ساقط من نسخة. 1 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ، وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22] (باب) ساقط من نسخة. ({وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ}) إلى آخره أي: بيان ما جاء في ذلك. 4816 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ القَاسِمِ،

2 - باب {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين} [فصلت: 23]

عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ، عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ} [فصلت: 22] الآيَةَ، قَال: "كَانَ رَجُلانِ مِنْ قُرَيْشٍ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ ثَقِيفَ - أَوْ رَجُلانِ مِنْ ثَقِيفَ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ - فِي بَيْتٍ، فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ حَدِيثَنَا؟ قَال: بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ بَعْضَهُ، وَقَال بَعْضُهُمْ: لَئِنْ كَانَ يَسْمَعُ بَعْضَهُ لَقَدْ يَسْمَعُ كُلَّهُ، فَأُنْزِلَتْ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ} [فصلت: 22] الآيَةَ. [4817، 7521 - مسلم: 2775 - فتح: 8/ 561] (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي معمر) هو عبد الله بن سخبرة الكوفي. (وختن لهما) الختن: كل ما كان من قبل المرأة. 2 - بَابُ {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الخَاسِرِينَ} [فصلت: 23] (باب) ساقط من نسخة. ({وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}) في نسخة: " {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ} الآية". 4817 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "اجْتَمَعَ عِنْدَ البَيْتِ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ - أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ - كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، فَقَال أَحَدُهُمْ: أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَال الآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا، وَقَال الآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} [فصلت: 22] الآيَةَ وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُنَا بِهَذَا، فَيَقُولُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، أَوْ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، أَوْ حُمَيْدٌ أَحَدُهُمْ أَو اثْنَانِ مِنْهُمْ، ثُمَّ ثَبَتَ عَلَى مَنْصُورٍ وَتَرَكَ ذَلِكَ مِرَارًا غَيْرَ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. [1475، 4816 - مسلم: 2755 - فتح: 8/ 562]

3 - باب قوله {فإن يصبروا فالنار مثوى لهم} الآية [فصلت:24]

(الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود، وهذا طريق آخر لحديث الباب السابق. 3 - باب قَوْلُهُ {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} الآية [فصلت: 24]. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بِنَحْوهِ. (كثيرة) في نسخة: "كثير". (قليلة) في نسخة: "قليل". (وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا) بيان الملازمة أن نسبة جميع المسموعات إليه تعالى واحدة والتخصيص في حقه تحكم ({فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ}) هذا ترجمة. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (بنحوه) أي: بنحو الحديث السابق. 42 - حم عسق وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، {عَقِيمًا} [الشورى: 50]: "الَّتِي لَا تَلِدُ" {رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52]: "القُرْآنُ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} [الشورى: 11]: "نَسْلٌ بَعْدَ نَسْلٍ"، {لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [الشورى: 15]: "لَا خُصُومَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ"، {مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45]: "ذَلِيلٍ" وَقَال غَيْرُهُ: {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشورى: 33]: "يَتَحَرَّكْنَ وَلَا يَجْرِينَ فِي البَحْرِ"، {شَرَعُوا} [الشورى: 21]: "ابْتَدَعُوا". (حم عسق) في نسخة: "سورة حم عسق". (قوله: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({عَقِيمًا}) أي: (لا تلد) {رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} أي: (القرآن). ({يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ})

1 - باب: {إلا المودة في القربى}

معناه: (نسل بعد نسل) هذا تفسير لضمير ({يَذْرَؤُكُم}) وإلا فحقه أن يقول: يخلقكم فيه نسلًا بعد نسل. ({ولَا حُجَّةَ بَيْنَنَا}) أي: (لا خصومة) زاد في نسخة: "بيننا وبينكم". ({طَرفٍ خَفي}) أي: (ذليل) بمعجمة ولا ينافي قوله: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} إنهم يحشرون عميًا، لأنهم ينظرون في وقت ثم يعمون بعد. ({فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ}) أي: (يتحركن) بمعنى يضطربن بالأمواج. (ولا يجرين في البحر) بسكون الريح. ({شَرَعُوا}) أي: (ابتدعوا). 1 - بَابُ: {إلا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى} (باب) ساقط من نسخة. ({إلا المودة في القربى}) أي: في قوله {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} وضمير عليه لما آتاهم به من البينات والهدى، أو لتبليغ الرسالة، فالاستثناء على الأول متصل، أي: الآن يؤدوا لله تعالى ويقربوا إليه بطاعته، وعلى الثاني منقطع، أي: لكن اللائق بكم أن تؤدوا قرابتي التي هي قرابتكم أيضًا فإن له في كل بطن من قريش قرابة، وهذا موافق للتفسير الواقع في الحديث، وظاهر الآية: أنه يجوز طلب الأجر على تبليغ الوحي مع أنه غير جائز. وأجيب: بأنه من باب: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنَّ فلول من قراع الكتائب أي: أنا لا أطلب أجرًا أصلًا، كما أن معنى البيت: لا عيب فيهم أصلًا. 4818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَال: سَمِعْتُ طَاوُسًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {إلا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى} [الشورى: 23]- فَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: عَجِلْتَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ، إلا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ،

43 - سورة حم الزخرف

فَقَال: "إلا أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ القَرَابَةِ". [انظر: 3497 - فتح: 8/ 564] (طاوس) أي: ابن كيسان. (عجلت) أي: أسرعت في تفسيرها. 43 - سُورَةُ حم الزُّخْرُفِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: 22]: "عَلَى إِمَامٍ"، {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ}: "تَفْسِيرُهُ، أَيَحْسِبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ، وَلَا نَسْمَعُ قِيلَهُمْ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الزخرف: 33]: "لَوْلَا أَنْ جَعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ كُفَّارًا، لَجَعَلْتُ لِبُيُوتِ الكُفَّارِ" (سَقْفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ): "مِنْ فِضَّةٍ، وَهِيَ دَرَجٌ، وَسُرُرَ فِضَّةٍ" {مُقْرِنِينَ} [إبراهيم: 49]: "مُطِيقِينَ"، {آسَفُونَا} [الزخرف: 55]: "أَسْخَطُونَا"، {يَعْشُ} [الزخرف: 36]: "يَعْمَى" وَقَال مُجَاهِدٌ: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ} [الزخرف: 5]: "أَيْ تُكَذِّبُونَ بِالقُرْآنِ، ثُمَّ لَا تُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ؟ " {وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ} [الزخرف: 8]: "سُنَّةُ الأَوَّلِينَ" {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13]: "يَعْنِي الإِبِلَ وَالخَيْلَ وَالبِغَال وَالحَمِيرَ". (يَنْشَأُ فِي الحِلْيَةِ): "الجَوَارِي، جَعَلْتُمُوهُنَّ لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا، فَكَيْفَ تَحْكُمُونَ؟ "، {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20]: "يَعْنُونَ الأَوْثَانَ"، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} [الزخرف: 20]: "أَيِ الأَوْثَانُ، إِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"، {فِي عَقِبِهِ} [الزخرف: 28]: "وَلَدِهِ"، {مُقْتَرِنِينَ} [الزخرف: 53]: "يَمْشُونَ مَعًا"، {سَلَفًا} [الزخرف: 56]: "قَوْمُ فِرْعَوْنَ سَلَفًا لِكُفَّارِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". {وَمَثَلًا} [النور: 34]: "عِبْرَةً"، {يَصِدُّونَ} [النساء: 61]: "يَضِجُّونَ"، {مُبْرِمُونَ} [الزخرف: 79]: "مُجْمِعُونَ"، {أَوَّلُ العَابِدِينَ} [الزخرف: 81]: "أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ" وَقَال غَيْرُهُ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [الزخرف: 26]: "العَرَبُ تَقُولُ: نَحْنُ مِنْكَ البَرَاءُ وَالخَلاءُ، وَالوَاحِدُ وَالاثْنَانِ وَالجَمِيعُ، مِنَ المُذَكَّرِ وَالمُؤَنَّثِ، يُقَالُ فِيهِ: بَرَاءٌ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَلَوْ قَال: بَرِيءٌ لَقِيلَ فِي الاثْنَيْنِ: بَرِيئَانِ، وَفِي الجَمِيعِ: بَرِيئُونَ " وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: "إِنَّنِي بَرِيءٌ" بِاليَاءِ، وَالزُّخْرُفُ: الذَّهَبُ.

مَلاَئِكَةً يَخْلُفُونَ: يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. (حم الزخرف) في نسخة: "سورة حم الزخرف". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. ({أمَّة}) في قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي: (على إمام) وقال غيره: أي: على ملة. {وَقِيلَهُ ياربِّ} تفسيره: أيحسبون ..) إلخ فسر (أم) في قوله: ({أَم تحسَبُونَ}) بهمزة الاستفهام، وفسر (قيله) بما قاله وجعله منصوبًا بفعل مقدر هو نسمع لك، وكان الأولى أن يقول: ولا نسمع قيله بالإفراد؛ ليوافق المفسر؛ إذ الضمير فيه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وفي (قيله) ثلاث قراءات، ثالثها شاذة بالنصب عطف على (سرهم) أو على محل الساعة، أو بإضمار (نسمع) كما فعل، أو بإضمار فعله أي: وقال قيله، وبالجر عطف على (الساعة)، وبالرفع مبتدأ خبره: يا رب هؤلاء قوم لا يؤمنون، أو معطوف على علم الساعة بتقدير مضاف، وقيل: غير ذلك {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي: (لولا أن جعل الناس كلهم كفارًا ..) إلخ يعني: لولا أن نرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة وتنعم لحبهم الدنيا فيجتمعوا عليه (لجعلت لبيوت الكفار سقفا ..) إلخ {مُقَرنِينَ} (مطيقين) ({ءَاسَفُونَا}) أي: (أسخطونا) وقال غيره: أي: أغضبونا وكلاهما صحيح. ({يَعْشُ}) أي: (يعمى). (قال مجاهد: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ} أي: تكذبون بالقران ثم لا تعاقبون عليه). وقال غيره: أفنترككم سدًّا لا نأمركم ولا ننهاكم. ({وَمَضَى مَثَلُ الأوَلينَ}) أي: سنة الأولين ({وَمَا كنَّا لَهُ مُقرِنينَ}) يعني بضمير (له) (الإبل والخيل والبغال والحمير) هذا تفسير لضمير (له) وما مرَّ تفسير لـ (مقرنين) فلا تكرار ولا منافاة. (يَنْشَأ في الحِلْيَةِ) أي: (الجواري جعلتموهن للرحمن

1 - باب قوله: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك}

ولدًا) فسر ({يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ}) أي: الزينة بقوله: (الجواري ..) إلخ يعني: جعلتم الإناث ولدًا لله حيث قلتم: الملائكة بنات الله. (فكيف تحكمون) بذلك ولا ترضون به لأنفسكم، ولا يخفى أن تفسير ما ذكر بما قاله تفسير باللازم وإلا فمعنى الآية أو يجعلون ({أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18)} [الزخرف: 18] أي: غير مظهر لحجته لضعفه عنها بالأنوثة، فالهمزة للإنكار والواو للعطف على مقدر ({مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ}) أي: (الأوثان إنهم لا يعلمون) نزل الأوثان منزلة من يعقل فذكر الضمير. ({فِي عَقبِه}) أي: (ولده) ({مقترنين}) أي: (يمشون معًا). ({سَلَفًا}) أي: (قوم فرعون سلفا لكفار أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أي: سالفين لهم، لأن سلفًا جمع سالف. ({وَمَثَلًا}) أي: (عبرة). لهم ({يصدون}) بكسر الصاد وضمها أي: (يضجون). ({مُبرِمُونَ}) أي: (مجمعون) ({أول العَابدِينَ}) أي: (أول المؤمنين) ({إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ}) بيَّن بما بعده أن (براء) مصدر وأنه يطلق على الواحد والمذكر وغيرهما. (والزخرف) أي: (الذهب). ({ملائكة يخلفون}) أي: (يخلف بعضهم بعضًا). 1 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] (باب) ساقط من نسخة. ({وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} الآية) أي: ليميتنا فنستريح. 4819 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَى المِنْبَرِ: " {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77]. [انظر: 3230 - مسلم: 871 - فتح: 8/ 568]

وَقَال قَتَادَةُ: {مَثَلًا لِلْآخِرِينَ} [الزخرف: 56]: "عِظَةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ" وَقَال غَيْرُهُ: {مُقْرِنِينَ} [إبراهيم: 49]: "ضَابِطِينَ، يُقَالُ: فُلانٌ مُقْرِنٌ لِفُلانٍ ضَابِطٌ لَهُ، وَالأَكْوَابُ الأَبَارِيقُ الَّتِي لا خَرَاطِيمَ لَهَا"، {أَوَّلُ العَابِدِينَ} [الزخرف: 81]: "أَيْ مَا كَانَ، فَأَنَا أَوَّلُ الآنِفِينَ، وَهُمَا لُغَتَانِ رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبِدٌ" وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: "وَقَال الرَّسُولُ: يَا رَبِّ" وَيُقَالُ: {أَوَّلُ العَابِدِينَ} [الزخرف: 81]: "الجَاحِدِينَ، مِنْ عَبِدَ يَعْبَدُ" وَقَال قَتَادَةُ: "فِي أُمِّ الكِتَابِ: جُمْلَةِ الكِتَابِ أَصْلِ الكِتَابِ. (عن عمرو) أي: ابن دينار. ومرَّ حديث الباب في كتاب: بدء الخلق في باب: صفة النار (¬1) ({مثلًا للآخرين}) أي: (عظة لمن بعدهم) ({مُقَرَّنِينَ}) أي: (ضابطين) هذا تفسير لقتادة، وتفسيره بمطيقين كما مرَّ لابن عباس. (والأكواب) هي (الأباريق التي لا خراطيم لها) أي: لا عرى لها وقال الجوهري وغيره: الأكواب جمع كوب وهو كوز لا عروة له (¬2) ({فِي أُمِّ الْكِتَاب}). أي: (أصل الكتاب). ({أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}) في قوله: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)} (أي ما كان) له ولد، يريد أن في قوله: (إن كان) نافية لا شرطية إذ لو أراد ذلك لما ذكر (ما كان) وعلى القول بأنها نافية فالمعنى صحيح أي: (فأنا أول الآنفين) بالمد أي: المستنكفين لذلك. (من عبد) بالكسر. يعبد بالفتح إذا أنف وقيل: فأنا أول الجاحدين، من عبد يعبد أيضًا، إذا جحد، وقيل: فأنا أول العابدين من عبد بالفتح يعبد بالضم إذا أطاع والمعنى: لو كان للرحمن ولد فأنا أول من عبده بذلك ولكن لا ولد له. (وقال قتادة: {فِي أُمِّ الْكِتَابِ} جملة الكتاب أصل الكتاب فسر (أم الكتاب) بما بعده، فقوله: (أصل الكتاب) تفسير بـ (جملة) الكتاب، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3266) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة النار. (¬2) "الصحاح" مادة [كوب] 1/ 215، "القاموس" ص 133.

2 - باب {أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين} [الزخرف: 5]

وقال غيره من المفسرين: (أم الكتاب) اللوح المحفوظ والذي عند الله منه نسخ. 2 - باب {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} [الزخرف: 5] " مُشْرِكِينَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ هَذَا القُرْآنَ رُفِعَ حَيْثُ رَدَّهُ أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ لَهَلَكُوا"، {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ} [الزخرف: 8]: "عُقُوبَةُ الأَوَّلِينَ"، {جُزْءًا} [البقرة: 260]: "عِدْلًا". {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} أي: أفنمسك عنكم القرآن إمساكًا. ({أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ}) أي: (مشركين) و (أن) بالفتح علة أي: بأن وبالكسر بمعنى: إذ، كما في قوله تعالى: {وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} أو شرطية وهي وإن كانت للشك -وهو منتفٍ هنا- لكن شبهت به هنا استجهالًا لهم كما يقول الأجير: إن كنت عملت لك عملًا فوفني حقي وهو عالم بذلك، ولكنه يخيل في كلامه: إن تفريطك في إيصالي حقي فِعْلُ من له شكٌّ في استحقاقه إياه تجهيلًا له. ({وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ}) أي: (عقوبة الأولين). ({جُزْءًا}) في قوله تعالى: {وجعلوا له من عباده جزءًا} أي: عدلًا بكسر العين أي: مثلًا. 44 - سُورَةُ حم الدُّخَانِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {رَهْوًا} [الدخان: 24]: "طَرِيقًا يَابِسًا"، وَيُقَالُ: {رَهْوًا} [الدخان: 24]: "سَاكِنًا"، {عَلَى عِلْمٍ عَلَى العَالمِينَ} [الدخان: 32]: "عَلَى مَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ". {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 54]: "أَنْكَحْنَاهُمْ حُورًا عِينًا يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ"، (فَاعْتُلُوهُ): "ادْفَعُوهُ، وَيُقَالُ أَنْ {تَرْجُمُونِ} [الدخان: 20]: القَتْلُ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَالْمُهْلِ} [الكهف: 29]: "أَسْوَدُ كَمُهْلِ

الزَّيْتِ" وَقَال غَيْرُهُ: {تُبَّعٍ} [البقرة: 38]: "مُلُوكُ اليَمَنِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُسَمَّى تُبَّعًا، لِأَنَّهُ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ، وَالظِّلُّ يُسَمَّى تُبَّعًا لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ". (الدخان) بتخفيف الخاء، وفي نسخة: "سورة حم الدخان". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. {رَهْوًا} أي: (طريقًا يابسًا) زاد في نسخة: "ويقال: رهوًا ساكنًا {عَلَى عِلْمٍ} حال من فاعل (اختر) في قوله: ({اختَرْنَاهُم}). ({على العالمين} متعلق بـ (اختر) أي: ولقد اخترنا بني إسرائيل عالمين بهم على عالمي زمانهم، فقوله: (على من بين ظهريه) تفسير لقوله: ({على العالمين}) وضميره راجع إلى مقدر معلوم من الكلام، أي: العالم، والمعنى: على من بين جانبي عالم زمان بني إسرائيل. {فَاعْتِلُوهُ} أي: (ادفعوه). ({وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ}) أي: (أنكحناهم حورًا عينًا يحار فيها الطرف) و (العين) جمع عيناء: وهي عظيمة العينين سِعَة. ({تَرجُمُونِ}) من الرجم وهو: (القتل) وقال غيره: في تفسير ({تَرجُمُونِ}) أي: تشتموني وتقولون: إني ساحر. {كَالْمُهْلِ} هو (أسود كمهل الزيت) وهو درديه، ويقال لكل ما أذيب من رصاص أو نحاس أو فضة: مهل، ويقال أيضًا للسم. ولضرب من القطران. ({تَبِعَ}) في قوله تعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} هم (ملوك اليمن). (كل واحد منهم يسمى تبعًا؛ لأنه يتبع صاحبه) أو لأن أهل الدنيا كانوا يتبعونه، وفي تفسير (تبع) بملوك اليمن تجوُّز فإنه رجل واحد وكان رجلًا صالحًا، غير أنه يقال: لكل من ملك اليمن تبع، كما إنه يقال لكل من ملك فارسًا: كسرى، ولكل من ملك الروم: قيصر، ولكل من ملك

1 - باب {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} [الدخان: 10]

الحبشة: نجاشي، ولكل من ملك الترك: خاقان. 1 - بَابُ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] قَالَ قَتَادَةُ: " فَارْتَقِبْ: فَانْتَظِرْ. (باب) ساقط من نسخة. {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)} [الدخان: 10] أي: بيان ما جاء في ذلك. ({فَارتَقِب}) أي: (فانتظر). 4820 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " مَضَى خَمْسٌ: الدُّخَانُ، وَالرُّومُ، وَالقَمَرُ، وَالبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ. [انظر: 1007 - مسلم 2798 - فتح: 8/ 571] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان المروزي. (عن أبي حمزة) بمهملة وزاي محمد بن ميمون السكري. (عن مسلم) أي: ابن صبيح. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (مضى خمس) أي: من علامات الساعة. (واللزام) أي: المذكورة في قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} أي: هلكة، وقيل: أسرى. ومر الحديث في سورة الفرقان (¬1). 2 - بَابُ {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: 11] (باب) ساقط من نسخة. ({يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)}) أي: مؤلم. 4821 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّمَا كَانَ هَذَا، لِأَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَوْا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَيْهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ حَتَّى أَكَلُوا العِظَامَ، فَجَعَلَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4767) كتاب: التفسير، باب: {فسوف يكون لزامًا}.

3 - باب قوله: {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} [الدخان: 12]

الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الجَهْدِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: 11] قَال: فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ، فَإِنَّهَا قَدْ هَلَكَتْ، قَال: "لِمُضَرَ؟ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ" فَاسْتَسْقَى لَهُمْ فَسُقُوا، فَنَزَلَتْ: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 15] فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلَى حَالِهِمْ حِينَ أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 16] قَال: يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ. [انظر: 1007 - مسلم 2798 - فتح: 8/ 571] (يحيى) أي: ابن موسى البلخي. (أبو معاوية) هو محمد بن خازم. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (إنك لجريء) أي: ذو جرأة حيث تشرك بالله وتطلب رحمته. (الرفاهية) أي: التوسع والراحة. 3 - بَابُ قَوْلِهِ: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان: 12] (باب) ساقط من نسخة. {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)} أي: عذاب القحط والجهد. 4822 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَال: إِنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ تَقُولَ لِمَا لَا تَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ، إِنَّ اللَّهَ قَال لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] إِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا غَلَبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ، قَال: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ أَكَلُوا فِيهَا العِظَامَ وَالمَيْتَةَ مِنَ الجَهْدِ، حَتَّى جَعَلَ أَحَدُهُمْ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الجُوعِ، قَالُوا: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان: 12] فَقِيلَ لَهُ: إِنْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَادُوا، فَدَعَا رَبَّهُ فَكَشَفَ عَنْهُمْ فَعَادُوا، فَانْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] إِلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {إِنَّا

4 - باب {أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين} [الدخان: 13]

مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 16]. [انظر: 1007 - مسلم: 2798 - فتح: 8/ 572] (يحيى) أي: ابن موسى البلخي. (وكيع) أي: ابن الجراح. ومرَّ حديث الباب وحديثا البابين الآتيين في سورة ص (¬1). 4 - بَابُ {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ} [الدخان: 13] الذِّكْرُ وَالذِّكْرَى وَاحِدٌ. (باب) ساقط من نسخة. ({أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين}) أي: ظاهر الصدق. 4823 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ قَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَا قُرَيْشًا كَذَّبُوهُ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ، فَقَال: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ" فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ، يَعْنِي كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى كَانُوا يَأْكُلُونَ المَيْتَةَ، فَكَانَ يَقُومُ أَحَدُهُمْ فَكَانَ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخَانِ مِنَ الجَهْدِ وَالجُوعِ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ، يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: 11]، حَتَّى بَلَغَ {إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 15]، قَال عَبْدُ اللَّهِ أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَال: وَالبَطْشَةُ الكُبْرَى يَوْمَ بَدْرٍ. [انظر: 1007 - مسلم 2798 - فتح: 8/ 573] (حصت) أي: أذهبت. 5 - بَابُ {ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ} [الدخان: 14] (باب) ساقط من نسخة. ({ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)}) ¬

_ (¬1) سبق برقم (4809) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}.

6 - باب {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} [الدخان: 16]

أي: بيان ما جاء في ذلك. 4824 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى قُرَيْشًا اسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ، فَقَال: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ" فَأَخَذَتْهُمُ السَّنَةُ حَتَّى حَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا العِظَامَ وَالجُلُودَ، فَقَال أَحَدُهُمْ: حَتَّى أَكَلُوا الجُلُودَ وَالمَيْتَةَ، وَجَعَلَ يَخْرُجُ مِنَ الأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ، فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَال: أَيْ مُحَمَّدُ، إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ، فَدَعَا، ثُمَّ قَال: تَعُودُونَ بَعْدَ هَذَا - فِي حَدِيثِ مَنْصُورٍ - ثُمَّ قَرَأَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] إِلَى {عَائِدُونَ} [الدخان: 15] أَنَكْشِفُ عَنْهُمْ عَذَابَ الآخِرَةِ؟ فَقَدْ مَضَى: الدُّخَانُ، وَالبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ، وَقَال أَحَدُهُمْ: القَمَرُ، وَقَال الآخَرُ: وَالرُّومُ. [انظر: 1007 - مسلم 2798 - فتح: 8/ 573] (محمد) أي: ابن جعفر. (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (ومنصور) أي: ابن المعتمر. (فقال أحدهم) القياس: (أحدهما) أي: سليمان ومنصور وكأنه مشى على أن أقل الجمع اثنان، أو أرادهما ومن معهما. (القمر) أي: انشقاقه. 6 - بَابُ {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 16] (باب) ساقط من نسخة ({يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)}) مرَّ آنفًا. 4825 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: اللِّزَامُ، وَالرُّومُ، وَالبَطْشَةُ، وَالقَمَرُ، وَالدُّخَانُ. [انظر: 1007 - مسلم: 2798 - فتح: 8/ 574]

45 - سورة حم الجاثية

(يحيى) أي: ابن موسى البلخي. ومرَّ حديث الباب آنفًا. 45 - سُورَةُ حم الجَاثِيَةِ {جَاثيَةً} [الجاثية: 28] مُسْتَوْفِزِينَ عَلَى الرُّكَبِ. وَقَال مُجَاهِدٌ: {نَسْتَنْسِخُ} [الجاثية: 29]: "نَكْتُبُ"، {نَنْسَاكُمْ} [الجاثية: 34]: "نَتْرُكُكُمْ". (الجاثية) في نسخة: "سورة حم الجاثية". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. ({جَاثِيَة}) أي: (مستوفزين على الركب) من الخوف. ({نَسْتَنْسِخُ}) أي: (نكتب) فالسين زائدة للتأكيد. ({نَنْسَاكُمْ} أي: (نترككم). 1 - بَابُ {وَمَا يُهْلِكُنَا إلا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] (باب) ساقط من نسخة. ({وَمَا يُهْلِكُنَا إلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إلا يَظُنُّونَ}) أي: إن الذي يهلكهم إنما هو الدهر أي مرور الزمان، وهو ظن فاسد. 4826 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. [6181، 6182، 7491 - مسلم: 2246 - فتح: 8/ 574] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: عيينه. (يؤذيني ابن آدم) أي: يقول في مما يتاذى به من يصح في حقه التأذي، لا أنه تعالى يتأذى؛ لأن ذلك محال في حقه (يسب الدهر وأنا الدهر) أي: وأنا خالقه.

46 - سورة حم الأحقاف

46 - سورة حم الأحقَافِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {تُفِيضُونَ} [يونس: 61]: "تَقُولُونَ" وَقَال بَعْضُهُمْ: "أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَأَثَارَةٍ: بَقِيَّةٌ مِنْ عِلْمٍ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9]: "لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ" وَقَال غَيْرُهُ: {أَرَأَيْتُمْ} [الأنعام: 46]: "هَذِهِ الأَلِفُ إِنَّمَا هِيَ تَوَعُّدٌ، إِنْ صَحَّ مَا تَدَّعُونَ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ: {أَرَأَيْتُمْ} [الأنعام: 46]: بِرُؤْيَةِ العَيْنِ، إِنَّمَا هُوَ: أَتَعْلَمُونَ، أَبَلَغَكُمْ أَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَلَقُوا شَيْئًا. (الأحقاف) في نسخة: "سورة حم الأحقاف". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({تُفِيضُونَ}) أي: (تقولون). (أَثَرة) بفتحات (وأُثرة) بضمة فسكون وأثارة بفتح الهمزة وبألف بعد المثلثة معناه الثالث. (بقية علم) في نسخة: "بقية من علم". ({بِدْعًا}) مراده: ما كنت بدعًا. ({مِنَ الرُّسُلِ} أي: لست بأول الرسل. (وقال غيره) إلى قوله: (شيئًا) ساقط من نسخة، ومعناه: وقال غير ابن عباس: ({أرءَيْتُمْ}) أي: أخبروني إن كان القرار من عند الله وكفرتم به، ألستم ظالمين؟ فجواب الشرط محذوف وهو ما قدرته وأشار بقوله: (هذه الألف) إلخ أي: الألف الأولى في ({أرءَيْتُمْ}) إلى أنها إنما هي توعد لكفار مكة حيث ادعوا صحة ما عبدوه من دون الله وإنْ صحَّ ذلك في زعمهم فلا يستحق أن يعبد؛ لأنه مخلوق. وبقوله: (وليس قوله ..) إلخ إلا أن الرؤية المذكورة ليست من رؤية العين التي هي الإبصار وإنما هي ما ذكره بقوله: (أتعلمون أبلغكم ..) إلخ.

1 - باب {والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين (17)} [الأحقاف: 17]

1 - باب {وَالَّذِي قَال لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إلا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)} [الأحقاف: 17]. (باب) ساقط من نسخة ({وَالَّذِي قَال لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ} إلى قوله: ({أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}) كذا في نسخة وذكر في أخرى الآية تمامها. 4827 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، قَال: كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاويَةُ فَخَطَبَ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاويَةَ لِكَيْ يُبَايَعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَال لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا، فَقَال: خُذُوهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا، فَقَال مَرْوَانُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ، {وَالَّذِي قَال لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي} [الأحقاف: 17]، فَقَالتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ إلا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عُذْرِي". [فتح: 8/ 576] (عن أبي بشر) هو جعفر ابن أبي وحشية. (مروان) أي: ابن الحكم. (معاوية) أي: ابن أبي سفيان. (فقال عبد الرحمن بن أبي بكر شيئًا) لم يبين. (خذوه) أي: عبد الرحمن. (فلم يقدروا عليه) أي: امتنعوا أن يخرجوه من بيت عائشة إكرامًا لها. (ما أنزل الله فينا) أي: في بنا أبي بكر. (إلا أن الله أنزل عذري) أي: في آية {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ}. 2 - باب {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)} [الأحقاف: 24] قَال ابن عَباسٍ: ({عَارِضٌ}: السَّحَابُ. (باب) ساقط من نسخة. ({فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} إلى آخره. (عارضٌ) هو (السحاب).

47 - سورة محمد - صلى الله عليه وسلم -

4828 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، أَنَّ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. [6092 - فتح: 8/ 578] (ابن وهب) هو عبد الله. (عمرو) أي: ابن الحارث. (أن أبا النضر) هو سالم. (حتى أرى منه لهواته) بفتح الهاء جمع لهات: وهي اللحمة الحمراء المعلقة في أعلى الحنك. 4829 - قَالتْ: وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ المَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الكَرَاهِيَةُ، فَقَال: "يَا عَائِشَةُ مَا يُؤْمِنِّي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ؟ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ العَذَابَ، فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا. [انظر: 3206 - مسلم: 899 - فتح: 8/ 578] (عرف في وجهه) أي: الكراهية لذلك. 47 - سورة مُحَمدٍ - صلى الله عليه وسلم - {أَوْزَارَهَا} [محمد: 4]: "آثَامَهَا، حَتَّى لَا يَبْقَى إلا مُسْلِمٌ"، {عَرَّفَهَا} [محمد: 6]: "بَيَّنَهَا" وَقَال مُجَاهِدٌ: {مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} [محمد: 11]: "وَلِيُّهُمْ. فَإِذَا {عَزَمَ الأَمْرُ} [محمد: 21]: أَيْ جَدَّ الأَمْرُ، {فَلَا تَهِنُوا} [محمد: 35]: لَا تَضْعُفُوا " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَضْغَانَهُمْ} [محمد: 29]: "حَسَدَهُمْ"، {آسِنٍ} [محمد: 15]: "مُتَغَيِّرٍ". ({الَّذِين كَفَرُوا}) في نسخة: "سورة محمد - صلى الله عليه وسلم -. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. {أَوْزَارَهَا} أي: (آثامها) أي: أثام أهلها. (وقال غيره) أي: أثقالها من السلاح وغيره. (حتى لا يبقى إلا مسلم) أي: أو مسالم ({عرفها}) أي: (بينها) {مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا})

1 - باب {وتقطعوا أرحامكم}

أي: (وليهم). ({عَزَمَ الأَمرُ}) أي: جدَّ الأمر. ({فَلَا تَهِنُوا}) أي: إلا تضعفوا). ({أَضغَانَهُم}) أي: (حسدهم) وقيل: بغضهم وعداوتهم ({ءَاسِنٍ}) أي: (متغير) وهذا ساقط من نسخة. 1 - باب {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}. (باب) ساقط من نسخة. ({وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4830 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَال: حَدَّثَنِي مُعَاويَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْو الرَّحْمَنِ، فَقَال لَهُ: مَهْ، قَالتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَال: أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَال: فَذَاكِ " قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] [4831، 4832، 5987، 7502 - مسلم: 2554 - فتح: 8/ 579]. (سليمان) أي: ابن بلال. (قامت الرحم) أي: القرابة أي: قامت حقيقة بأن تجسمت، وقيل: المراد بقيامها: أن ملكًا قام وتعلق بالعرش وتكلم على لسانها بذلك بأمر الله تعالى. (فأخذت) أي: الرحم. (بحقو الرحمن) ساقط من نسخة، وهو بفتح المهملة وكسرها وسكون القاف: الإزار ومعقده، وقال الطيبي: هذا مبني على الاستعارة التمثيلية، كأنه شبه حالة الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذب عنها بحال مستجير يأخذ بحقو المستجار به، ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم المشبه به من القيام؛ ليكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة، ثم رشحت الاستعارة

48 - سورة الفتح

بالقول، والأخذ، وبلفظ: الحقو استعارة أخرى. (فقال: مه) هو اسم فعل بمعنى: اكفف وانزجر، وقيل: ما استفهامية حذف ألفها ووقف عليها بهاء السكت، وعليه فالمراد بالاستفهام: إظهار الحاجة لا الاستعلام؛ لأنه تعالى يعلم السر وأخفى. 4831 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ مُعَاويَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو الحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} [محمد: 22]. [انظر: 4830 - مسلم: 2554 - فتح 8/ 580] (حاتم) أي: ابن إسماعيل الكوفي. 4832 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُعَاويَةُ بْنُ أَبِي المُزَرَّدِ بِهَذَا، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} [محمد: 22]. [انظر: 480 - مسلم: 2554 - فتح: 8/ 580] (عن معاوية) أي: ابن أبي مزرد. (بهذا) أي: بالحديث السابق. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (آسن: متغير) هذا مكرر. 48 - سورة الفَتْح وَقَال مُجَاهِدٌ: {بُورًا} [الفرقان: 18]: "هَالِكِينَ"، {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29]: "السَّحْنَةُ" وَقَال مَنْصُورٌ: عَنْ مُجَاهِدٍ، " التَّوَاضُعُ {شَطْأَهُ} [الفتح: 29]: فِرَاخَهُ، {فَاسْتَغْلَظَ} [الفتح: 29]: غَلُظَ، {سُوقِهِ} [الفتح: 29]: السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرَةِ " وَيُقَالُ: {دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: 98] كَقَوْلِكَ: رَجُلُ السَّوْءِ، وَدَائِرَةُ السُّوءِ: العَذَابُ، {تُعَزِّرُوهُ} [الفتح: 9] تَنْصُرُوهُ، {شَطْأَهُ} [الفتح: 29] شَطْءُ السُّنْبُلِ، تُنْبِتُ الحَبَّةُ عَشْرًا، أَوْ ثَمَانِيًا، وَسَبْعًا، فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَذَاكَ قَوْلُهُ تَعَالى {فَآزَرَهُ} [الفتح: 29] قَوَّاهُ، وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَةً لَمْ تَقُمْ عَلَى سَاقٍ، وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَوَّاهُ بِأَصْحَابِهِ، كَمَا قَوَّى الحَبَّةَ بِمَا يُنْبِتُ مِنْهَا.

1 - باب {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} [الفتح: 1]

(سورة الفتح) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (قال مجاهد: {بُورًا}) أي: (هالكين) وقوله: (قال مجاهد ..) إلخ ساقطة من نسخة. {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} هي (السحنة) بفتح المهملة وكسرها وفتح الثانية وسكونها: وهي لين البشرة والنعمة في المنظر، وهو المراد بقول بعضهم: هي الهيئة (وقال منصور عن مجاهد) فيما نقله بعد: هي (التواضع) وما قررته من الضبط بعضه في "الصحاح" "والقاموس"، وبعضه في نهاية ابن الأثير (¬1) وبه سقط قول من قال: إن الصواب فتح المهملتين عند أهل اللغة، وفي نسخة: بدل السحنة "السجدة" أي: أثر السجدة في الوجه. ({شَطْأَهُ}) أي: (فراخه) يقال: شطأ الزرع إذا أخرج. {فَاسْتَغْلَظَ} أي: (غلظ) فالسين زائدة للتأكيد. ({سُوقِه}) أي: أصوله جمع ساق، وإليه أشار بقوله: (الساق: حاملة الشجر) بالإضافة البيانية كشجر أراك. (ويقال: {دَائرَةُ السَّوءِ} كقولك: رجل السوء) نظر دائرة السوء بما بعده، ثم فسره بالعذاب في قوله: (ودائرة السوء: العذاب). (يعزروه) أي: (ينصروه) ({فآزره}) أي: (قواه). (ولو كانت) أي: السنبلة. (واحدة لم تقم على ساق) أي: لم تحتج إليه. (وهو) أي: ما ذكر. (مثل) إلخ. (إذا خرج وحده) أي: على كفار مكة يدعوهم إلى الله، وقوله: ({شَطْأَهُ}) إلخ ساقطة من نسخة. 1 - باب {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] (باب) ساقط من نسخة ({إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}) أي: فتح ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 2/ 348.

مكة وغيرها المستقبل بجهادك، وعبَّر عنه بالماضي لتحقق وقوعه كما في {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}. 4833 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ، قَال عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ، وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي، فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَال: "لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]. [انظر: 4177 - فتح: 8/ 582] 4834 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]، قَال: "الحُدَيْبِيَةُ". [انظر: 4172 - فتح: 8/ 583] (في بعض أسفاره) هو سفر الحديبية. (ثكلتك) بفتح المثلثة وكسر الكاف الأولى أي: فقدتك. (أمك عمر) أي: يا عمر، دعا على نفسه بسبب ما وقع منه من الإلحاح. (نزرت رسول الله) أي: ألححت عليه. (فما نشبت) بفتح النون وكسر المعجمة أي: لبثت. 4835 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَال: "قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، سُورَةَ الفَتْحِ فَرَجَّعَ فِيهَا"، قَال مُعَاويَةُ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَحْكِيَ لَكُمْ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفَعَلْتُ. [انظر: 4281 - مسلم: 794 - فتح: 8/ 583] (فرجع فيها) من الترجيع: وهو ترديد الصوت في الحلق كقراءة

2 - باب {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما} [الفتح: 2]

أصحاب الألحان وهو محمول على إشباع المد في موضع. ومرَّ الحديث وتالياه بشرحها في المغازي (¬1). 2 - باب {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [الفتح: 2] (باب) ساقط من نسخة. (قوله) ساقط من أخرى. ({لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}) إلخ ساقط من أخرى، والمعنى: ليغفر لك جميع ما فرط منك مما يصح أن يعاتب عليه، واللام للعلة الغائبة فمدخولها مسبب لا سبب. 4836 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ هُوَ ابْنُ عِلاقَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ المُغِيرَةَ، يَقُولُ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَال: "أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا"؟ [انظر: 1130 - مسلم: 2819 - فتح: 8/ 584] (زياد) زاد في نسخة: "هو ابن علاقة". (المغيرة) أي: ابن شعبة. 4837 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، سَمِعَ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَال: "أَفَلا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ". [انظر: 1118 - مسلم: 731، 2820 - فتح: 8/ 584] (الحسن) في نسخة: "حسن". (حيوة) أي: ابن شريح. (عن أبي الأسود) هو محمد بن عبد الرحمن النوفلي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4177) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية.

3 - باب {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (8)} [الفتح: 8]

(فلما كثر لحمه) بضم المثلثة: من الكثرة وأنكر بعضهم هذه اللفظة، وقال المحفوظ: بدُن أي: كبر. 3 - باب {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8)} [الفتح: 8] (باب) ساقط من نسخة: ({إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}) أي: مخوفا لمن عصاك بالعذاب. 4838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي فِي القُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45]، قَال فِي التَّوْرَاةِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا سَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ فَيَفْتَحَ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا. [انظر: 2125 - فتح: 8/ 585] (عبد الله) أي: ابن مسلمة. (وحرزًا للأميين) أي: للعرب. (ليس بفظ) أي: بسيء الخلق. (ولا غليظ) أي: قاسي القلب. (ولا سخاب) أي: صياح: (ولن يقبضه) أي: "الله" كما في نسخة. (غلفا) بضم المعجمة: جمع أغلف أي: مغطى أو مغشى. ومرَّ الحديث بشرحه في أوائل كتاب: البيع (¬1). 4 - باب {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ} [الفتح: 4] (باب) ساقط من نسخة: ({هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ}) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2125) كتاب: البيوع، باب: كراهية السخب في السوق.

5 - باب {إذ يبايعونك تحت الشجرة} [الفتح: 18]

4839 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وَفَرَسٌ لَهُ مَرْبُوطٌ فِي الدَّارِ، فَجَعَلَ يَنْفِرُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، وَجَعَلَ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالقُرْآنِ". [انظر: 3614 - مسلم: 795 - فتح: 8/ 586] (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (بينما رجل) هو أسيد بن حضير. (يقرأ) أي: سورة الكهف كما في رواية (¬1) أو سورة البقرة كما في أخرى (¬2). (فخرج الرجل) أي: ليرى ما ينفر فرسه. (تلك) أي: التي نفرت منها الفرس (السكينة) قيل: هي ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان، وقيل: ملك يسكن قلب المؤمن، والمختار كما قاله النووي: إنها شيء من المخلوقات فيه طمأنينة ورحمة ومعه الملائكة (¬3). 5 - باب {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] (باب) ساقط من نسخة. ({إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}) هي سمرة وقيل: سدرة، والسمرة واحدة السمر بضم الميم فيهما: ضرب من شجر الطلح وهو شجر عظام من شجر العضاة، والعضاة: كل شجر يعظم وله شوك، قاله الجوهري، قال: والطلح لغة في الطلع. 4840 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، قَال: "كُنَّا يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ". [انظر: 3576 - مسلم: 1856 - فتح: 8/ 587] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3614) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام. (¬2) رواه الطبراني 1/ 206 - 207 (561). (¬3) "صحيح مسلم بشرح النووي" 6/ 82.

(سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (الحديبية) بتخفيف الياء وتشديدها لغتان. 4841 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ صُهْبَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ، إِنِّي مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ، "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَذْفِ". [5479، 6220 - مسلم: 1954 - فتح: 8/ 587] (شبابة) بفتح المعجمة، أي: ابن سوار. (عن الخذف) بفتح الخاء وسكون الذال المعجمتين: الرمي بالحصاء بين الإبهام والسبابة أو غيرها. 4842 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ المُزَنِيَّ "فِي البَوْلِ، فِي المُغْتَسَلِ، يَأْخُذُ مِنْهُ الوَسْوَاسُ". [فتح: 8/ 587] (سمعت عبد الله بن المغفل المزني) (في المغتسل) زاد في نسخة: "يأخذ منه الوسواس" والمعنى: سمعته يقول في البول في المغتسل: إنه ينشأ منه الوسواس. 4843 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ". [انظر: 1363 - مسلم: 110 - فتح: 8/ 587] (عن خالد) أي: الحذاء. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد. (وكان من أصحاب الشجرة) اقتصر عليه؛ لأنه المطابق للترجمة وإلا فلفظ الحديث كما قدمه في باب: غزوة الحديبية: أن ثابت بن الضحاك أخبره: أنه بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة (¬1). 4844 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4171) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية.

49 - سورة الحجرات

سِيَاهٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَال: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ أَسْأَلُهُ، فَقَال: كُنَّا بِصِفِّينَ فَقَال رَجُلٌ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَال عَلِيٌّ: نَعَمْ، فَقَال سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ - يَعْنِي الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُشْرِكِينَ - وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ فَقَال: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ عَلَى البَاطِلِ؟ أَلَيْسَ قَتْلانَا فِي الجَنَّةِ، وَقَتْلاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَال: "بَلَى" قَال: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ، وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا، فَقَال: "يَا ابْنَ الخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا" فَرَجَعَ مُتَغَيِّظًا فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى جَاءَ أَبَا بَكْرٍ فَقَال: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ عَلَى البَاطِلِ؟ قَال: يَا ابْنَ الخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ. [انظر: 3181 - مسلم: 1785 - فتح: 8/ 587] (يعلى) أي: ابن عبيد الطنافسي. (أبا وائل) هو شقيق بن سلمة. (أسألهم) أي: عن القوم الذي قتلهم علي من الخوارج. (فقال رجل) هو عبد الله بن الكواء. (فقال علي: نعم) أي: أنا أولى بالإجابة إذا دعيت إلى العمل بكتاب الله. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: المغازي (¬1). 49 - سُورَة الحُجُرَاتِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {لَا تُقَدِّمُوا} [الحجرات: 1]: "لَا تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ"، {امْتَحَنَ} [الحجرات: 3]: "أَخْلَصَ"، {وَلَا تَنَابَزُوا} [الحجرات: 11]: "يُدْعَى بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلامِ"، {يَلِتْكُمْ} [الحجرات: 14]: "يَنْقُصْكُمْ أَلَتْنَا: نَقَصْنَا. (الحجرات) في نسخة: "سورة الحجرات". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. ({لَا نُقَدِّمُوا}) بضم الفوقية وكسر الدال وبفتحهما على حذف إحدى التاءين أي: (لا تفتاتوا على رسول الله) ¬

_ (¬1) سلف برقم (3189) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية.

1 - باب {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} الآية

أي: لا تختلقوا عليه الباطل. {يَلِتْكُمْ} أي: (ينقصكم) وقوله: (ألتنا) أي: (نقصنا) ذكره هنا لمناسبته: (يلتكم) وإلا فمحله سورة الطور. {امْتَحَنَ} أي: (أخلص). {وَلَا تَنَابَزُوا} أي: لا (يُدْعى) أحد (بالكفر بعد الإسلام). 1 - باب {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية. {تَشْعُرُونَ} تَعْلَمُونَ وَمِنْهُ الشَّاعِرُ. (باب) ساقط من نسخة. ({لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية) أي: بيان ما جاء فيها. ({تَشْعُرُونَ}) أي: (تعلمون). (ومنه الشاعر) أي: ومن الشعور اشتق الشاعر. 4845 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: "كَادَ الخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ - قَال نَافِعٌ لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ - فَقَال أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: مَا أَرَدْتَ إلا خِلافِي، قَال: مَا أَرَدْتُ خِلافَكَ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: 2] " الآيَةَ قَال ابْنُ الزُّبَيْرِ: "فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ". (كاد الخيران) بتشديد التحتية. (يهلكا) بحذف النون في لغة، أو بأن مقدرة بل مذكورة في نسخة، وفي أخرى: "يهلكان" بثبوت النون. (بالأقرع) أي: بإمرته. ومرَّ الحديث بشرحه في وفد بني تميم (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4367) كتاب: المغازي، باب: وفد بني تميم.

2 - باب ({إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون (4)})

4846 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَال: أَنْبَأَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ، مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَال لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَال: شَرٌّ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَال كَذَا وَكَذَا، فَقَال مُوسَى: فَرَجَعَ إِلَيْهِ المَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَال: "اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ". (فقال رجل) هو سعد بن معاذ (أنا أعلم لك علمه) أي: خبره. ومرَّ الحديث في علامات النبوة (¬1). 2 - باب ({إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}). (باب) ساقط من نسخة ({إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}) أي: فيما فعلوه إذ الفعل يقتضي حسن الأدب. 4847 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ: أَنَّهُ " قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَمِّرِ القَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدٍ، وَقَال عُمَرُ: بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: مَا أَرَدْتَ إِلَى، أَوْ إلا خِلافِي، فَقَال عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلافَكَ، فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا"، فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] حَتَّى انْقَضَتْ الآيَةُ. (حجاج) أي ابن محمد المصيصي. ومرَّ حديث الباب آنفًا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3613) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

3 - باب {ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم}

3 - باب {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} (باب) ساقط من نسخة. وذكر في أخرى بدله: قوله {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} لم يذكر له حديثًا ولعله لم يظفر بشيء على شرطه. 50 - سورة ق {رَجْعٌ بَعِيدٌ} [ق: 3]: "رَدٌّ"، {فُرُوجٍ} [ق: 6]: "فُتُوقٍ، وَاحِدُهَا فَرْجٌ"، {مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ} [ق: 16]: "وَرِيدَاهُ فِي حَلْقِهِ، وَالحَبْلُ: حَبْلُ العَاتِقِ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ} [ق: 4]: "مِنْ عِظَامِهِمْ"، {تَبْصِرَةً} [ق: 8]: "بَصِيرَةً"، {حَبَّ الحَصِيدِ} [ق: 9]: "الحِنْطَةُ"، {بَاسِقَاتٍ} [ق: 10]: "الطِّوَالُ"، {أَفَعَيِينَا} [ق: 15]: "أَفَأَعْيَا عَلَيْنَا، حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلْقَكُمْ"، {وَقَال قَرِينُهُ} [ق: 23]: "الشَّيْطَانُ الَّذِي قُيِّضَ لَهُ"، {فَنَقَّبُوا} [ق: 36]: "ضَرَبُوا"، {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} [ق: 37]: "لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ"، {رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]: "رَصَدٌ"، {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: 21]: "المَلَكَانِ: كَاتِبٌ وَشَهِيدٌ"، {شَهِيدٌ} [البقرة: 282]: "شَاهِدٌ بِالْغَيْبِ، مِنْ {لُغُوبٍ} [فاطر: 35]: النَّصَبُ " وَقَال غَيْرُهُ: {نَضِيدٌ} [ق: 10]: "الكُفُرَّى مَا دَامَ فِي أَكْمَامِهِ، وَمَعْنَاهُ: مَنْضُودٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ فَلَيْسَ بِنَضِيدٍ"، {وَإِدْبَارِ النُّجُومِ} [الطور: 49]، {وَأَدْبَارِ السُّجُودِ} [ق: 40]: "كَانَ عَاصِمٌ يَفْتَحُ الَّتِي فِي ق وَيَكْسِرُ الَّتِي فِي الطُّورِ، وَيُكْسَرَانِ جَمِيعًا وَيُنْصَبَانِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَوْمَ الخُرُوجِ} [ق: 42]: "يَوْمَ يَخْرُجُونَ إِلَى البَعْثِ مِنَ القُبُورِ". (سورة ق). قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({رَجعٌ بعَيدٌ}) أي: (رد) في غاية البعد. ({فروج}) أي: (فتوق) أي: شقوق. ({حَبلِ الوَرِيد}) الإضافة فيه للبيان (وريداه) عرقان (في حلقه

أي: عنقه. و (الحبل حبل العاتق) الإضافة فيه للبيان ({مَا تَنقُصُ الأرْضُ}) زاد في نسخة: " {مِنْهُم} " أي: من عظامهم، فالتفسير إنما هو لقوله: (منهم) على حذف مضاف. {تَبْصِرَةً} أي: (بصيرة) {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} أي: (الحنطة) وقال غيره: أي: حب الزرع الذي من شأنه أن يحصد كالبر والشعير وهو أعم من الأول. ({بَاسِقَاتٍ}) هي (الطوال). ({أَفَعَيِينَا}) أي: "أفأعيا علينا" بالبناء للمفعول أي: أفعجزنا عن الإبداء حتى نعجز عن الإعادة، وقوله: ({أَفَعَيِينَا}) أفأعيا علينا) ساقط من نسخة. ({وقال قرينه}) أي: (الشيطان الذي قيض له). ({فَنَقَبُوا}) أي: (ضربوا) بمعنى ساروا، وقال غيره: أي: فتشوا وكلاهما صحيح. ({أو أَلقَى السَّمْعَ}) أي: إلا يحدث نفسه بغيره) وقال غيره: أي: استمع الوعظ وهما متلازمان. (حين أنشأكم وأنشأ خلقكم) ساقط من نسخة، وهو بقية تفسير قوله تعالى: ({أَفَعَيِينَا}) وكان حقه أن يكتب ثَمَّ. ({رَقِيبٌ عَتِيدٌ}) أي: (رصد) وهو الذي يرصد أي: يرقب وينظر، وظاهر كلامه: أنه تفسير لـ (رقيب وعتيد)، وقال غيره: ({رَقِيبٌ}) أي: حافظ. ({عَتِيدٌ}) أي: حاضر وهو أولى، وكل من رقيب وعتيد بمعنى المثنى. ({سَائقٌ وَشَهِيدٌ}) هما (الملكان: كاتب وشهيد) وشهيد بمعنى شاهد كما بينه مع زيادة في قوله: (شهيد شاهد بالقلب). ({لُغُوب}) هو (النصب) أي: التعب. ({النضيد}) هو (الكفرى) بضم الكاف وفتح الفاء وتشديد الراء مقصورًا أي: الطلع. (ما دام في أكمامه) جمع كم بالكسر وهو وعاء الطلع وغطاء النواء. (وينصبان) أي: يفتحان، والقراء العشر متفقون على كسر ما في الطور، ففتحه من الشواذ. {يَوْمُ الْخُرُوجِ} أي: (يوم يخرجون من القبور).

1 - باب {وتقول هل من مزيد} [ق: 30]

1 - باب {وَتَقُوُل هَل مِن مزِيدٍ} [ق: 30] (باب) ساقط من نسخة. ({وَتَقُوُل هَل مِن مزِيد}) الاستفهام في السؤال والجواب في قوله تعالى: {هَلِ امتلأْتِ} إلخ ليس للاستخبار بل الأول: لتحقيق وعده بملئها في قوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ}. والثاني: لنفي الزيادة أي: لا أَسَعُ غير ما امتلأت به أي: قد امتلأت، أو للتقرير بمعنى زدني لأمتليء وهذا أنسب بالحديث الآتي. 4848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يُلْقَى فِي النَّارِ وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ، فَتَقُولُ قَطْ قَطْ. [6661، 7384 - مسلم: 2848 - فتح: 8/ 514] (حتى يضع) أي: رب العزة. (قدمه) أي: فيها أي: حتى يذللها تذليل من يوضع تحت الرجل، والمراد بالقدم: المتقدم أي: يضع الله تعالى فيها من قدمه لها أو مخلوق مسمى بالقدم أو قدم بعض المخلوقين، والضمير فيها للمخلوق. (قط قط) بكسر الطاء وسكونها فيهما ويجوز التنوين مع الكسر والمعنى: حسبي حسبي قد اكتفيت. 4849 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الحِمْيَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يُوقِفُهُ أَبُو سُفْيَانَ " يُقَالُ لِجَهَنَّمَ: هَلِ امْتَلَأْتِ، وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، فَيَضَعُ الرَّبّ تَبَارَكَ وَتَعَالى قَدَمَهُ عَلَيْهَا، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ. [4850، 7449 - مسلم: 2846 - فتح: 8/ 595] (عوف) أي: الأعرابي. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (رفعه) أي: الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (يوقفه) من أوقف، والفصيح: يقفه من وقف.

2 - باب {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [ق: 39]

4850 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تَحَاجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالتِ الجَنَّةُ: مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إلا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ، قَال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَال لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ: فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الجَنَّةُ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا [انظر: 4849 - مسلم: 2846 - فتح: 8/ 595] (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (تحاجت الجنة والنار) أي: بلسان المقال أو الحال. (أوثرت) أي: خصصت. (بالمتكبرين والمتجبرين) الثاني تأكيد للأول. (حتى يضع رجله) مؤول بما أول به قدمه، وبأن المراد به: الجماع؛ كرجل من جراد. (ويروى بعضها إلى بعض) أي: يضم. 2 - باب {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] (باب) ساقط من نسخة، وذكر في أخرى بدله قوله: " {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} " هذا ترجمة. 4851 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنَّا جُلُوسًا لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَقَال: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا"، ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ} [ق: 39]. [انظر: 554 - مسلم: 633 - فتح 8/ 597]

51 - سورة والذاريات

(عن جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. ومرَّ الحديث في باب: فضل صلاة العصر (¬1). 4852 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ، فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا"، يَعْنِي قَوْلَهُ: {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40]. [فتح: 8/ 597] (ورقاء) أي: ابن عمر اليشكري. (عن ابن أبي نجيح) هو عبد الله. 51 - سورة وَالذَّارِيَاتِ قَال عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ: "الذَّارِيَاتُ: الرِّيَاحُ " وَقَال غَيْرُهُ: {تَذْرُوهُ} [الكهف: 45]: "تُفَرِّقُهُ"، {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]: "تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ فِي مَدْخَلٍ وَاحِدٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ"، {فَرَاغَ} [الصافات: 91]: "فَرَجَعَ"، {فَصَكَّتْ} [الذاريات: 29]: "فَجَمَعَتْ أَصَابِعَهَا، فَضَرَبَتْ بِهِ جَبْهَتَهَا، وَالرَّمِيمُ: نَبَاتُ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ". {لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47]: "أَيْ لَذُو سَعَةٍ، وَكَذَلِكَ {عَلَى المُوسِعِ قَدَرَهُ} [البقرة: 236]: يَعْنِي القَويَّ"، {خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49]: "الذَّكَرَ وَالأُنْثَى، وَاخْتِلافُ الأَلْوَانِ، حُلْوٌ وَحَامِضٌ، فَهُمَا زَوْجَانِ"، {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: 50]: "مَعْنَاهُ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ"، {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]: "مَا خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الفَرِيقَيْنِ إلا لِيُوَحِّدُونِ" وَقَال بَعْضُهُمْ: "خَلَقَهُمْ لِيَفْعَلُوا، فَفَعَلَ بَعْضٌ وَتَرَكَ بَعْضٌ، وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ القَدَرِ، وَالذَّنُوبُ، الدَّلْوُ العَظِيمُ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {صَرَّةٍ} [الذاريات: 29]: "صَيْحَةٍ"، {ذَنُوبًا} [الذاريات: 59]: "سَبِيلًا، العَقِيمُ: الَّتِي لَا تَلِدُ وَلَا تُلْقِحُ شَيْئًا " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "وَالحُبُكُ: اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا {فِي غَمْرَةٍ} [المؤمنون: 63]: فِي ضَلالتِهِمْ يَتَمَادَوْنَ " وَقَال غَيْرُهُ: {تَوَاصَوْا} [البلد: 17]: "تَوَاطَئُوا، وَقَال: {مُسَوَّمَةً} [هود: 83]: مُعَلَّمَةً، مِنَ السِّيمَا. ¬

_ (¬1) سلف برقم (554) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر.

(والذاريات) في نسخة: "سورة الذاريات". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (قال عليّ) زاد في نسخة: " - صلى الله عليه وسلم - " وفي أخرى: " - عليه السلام - " وهو وإن كان صحيحًا لكن الأولى تركه؛ لأنه لا يستعمل في الغائب ولا يفرد به غير الأنبياء. (الذاريات) أي: (الرياح)، ولفظ: (الذاريات) ساقط من نسخة. ({تَذْرُوُه}) في قوله تعالى ({تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}) أي: (تفرَّقه) وذكره هنا مع أنه في سورة الكهف، لمناسبته الذاريات. ({وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)}) أي: أفلا تنظرون بعين الاعتبار حيث (تأكل) يا أيها الإنسان (وتشرب في مدخل واحد ويخرج ما أكلته وشربته من موضعين) الدبر والقبل. ({فَرَاغَ}) أي: (فرجع) ({فَصَكَّتْ}) أي: (جمعت أصابعها، فضربت به جبهتها). (والرميم) هو (نبات الأرض إذا يبس وديس) بكسر الدال من الدوس وهو وطء الشيء بالأقدام حتى يتفتت. ({لَمُوسِعُونَ}) أي: (لذو سعة) الأولى لذووا سعة بواوين. ({زَوْجَيْنِ}) هما (الذكر والأنثى) فكل منهما يسمى زوجًا لتضادهما. (واختلاف الألوان) أي: في قوله في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: 22] أي: قال: فيها زوجين أيضًا كأحمر وأسود كما يقال في الإنسان: ذكر وأنثى، وقاس باختلاف الألوان اختلاف الأطعمة، فقال: (حلو وحامض) وكأنه قال: ويقال: زوجين في اختلاف الألوان كأحمر وأسود، وفي اختلاف الأطعمة كحلو وحامض. (فهما) أي: الحلو والحامض. (زوجان) لتضادهما ولا يخفى ما في كلامه من التكلف مع أن ذكره هنا استطراد لما مرَّ ({فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}) أي: (من الله إليه) أي: فروا من عذاب الله إلى ثوابه بالإيمان والطاعة. ({إلا لِيَعْبُدُونِ}) أي: (ما خلقت أهل السعادة من أهل

52 - سورة والطور

الفريقين) أي: الجن والإنس. (إلا ليوحدون. وقال بعضهم: خلقهم ليفعلوا) أي: التوحيد. (ففعل بعض وترك بعض) أشار بذلك إلا أن قوله: ({إلا لِيَعْبُدُونِ}) لا ينافي عدم عبادة الكافرين على أن الغاية لا يلزم وجودها كما في قولك: بريت القلم؛ لأكتب به فإنك قد لا تكتب به. (وليس فيه حجة لأهل القدر) أي: المعتزلة على أن إرادة الله لا تتعلق إلا بالخير إذ لا يلزم من كون الشيء معللًا بشيء أن يكون ذلك الشيء مرادًا ولا أن يكون غيره مرادًا. (والذنوب) في قوله: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا} [الذاريات: 59] هو (الدلو العظيم) أي: الممتليء ماء وهذا معناه في اللغة، وأما في الآية فقيل: معناه: (سبيلًا) وقيل: نصيبًا، وقيل: دولة، وقيل: عذابًا، وقيل: خطًّا وكلها متقاربة، وقد نقل البخاري أولها عن مجاهد. ({صَرَّةٍ}) أي: (صيحة) ({العَقِيمَ}) أي: (التي لا تلد). ({والحبك}) هو (استواؤها وحسنها) أي: السماء. ({فِي غَمْرَةٍ}) في نسخة: " {فِي غَمْرَتِهمْ} " أي: (في ضلالتهم يتمادون). ({وَتَوَاصَوْا}) (أي: (تواطئوا) ({مُسَوَّمَةً}) أي: (معلمة). (من السيما) بكسر المهملة والقصر وهي العلامة. (قتل الإنسان) أي: (لعين). ولم يذكر البخاري في هذه السورة حديثًا وكأنه لم يجده على شرطه. 52 - سورة وَالطورِ وَقَال قَتَادَةُ: {مَسْطُورٍ} [الطور: 2]: "مَكْتُوبٍ" وَقَال مُجَاهِدٌ: "الطُّورُ: الجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، {رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 3]: صَحِيفَةٍ، {وَالسَّقْفِ المَرْفُوعِ} [الطور: 5]: سَمَاءٌ، {المَسْجُورِ} [الطور: 6]: المُوقَدِ " وَقَال الحَسَنُ: "تُسْجَرُ حَتَّى يَذْهَبَ

1 - باب

مَاؤُهَا فَلَا يَبْقَى فِيهَا قَطْرَةٌ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {أَلَتْنَاهُمْ} [الطور: 21]: "نَقَصْنَا" وَقَال غَيْرُهُ: {تَمُورُ} [الطور: 9]: "تَدُورُ"، {أَحْلامُهُمْ} [الطور: 32]: "العُقُولُ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {البَرُّ} [البقرة: 177]: "اللَّطِيفُ"، {كِسْفًا} [الإسراء: 92]: "قِطْعًا"، {المَنُونُ} [الطور: 30]: "المَوْتُ" وَقَال غَيْرُهُ: {يَتَنَازَعُونَ} [الكهف: 21]: "يَتَعَاطَوْنَ". (سورة الطور). قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. {مَسْطُورٍ} أي: (مكتوب). ({رَقٍّ مَنْشُورٍ}) أي: (صحيفة) منشورة، وقيل: أي: اللوح المحفوظ. ({وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5)}) (سماء) ساقط من نسخة وهو تفسير لما قبله. ({والمسجور}) أي: (الموقد). (تسجر) أي: البحار (حتى يذهب ماؤها حتى لا يبقى فيها قطرة). ({أَلَتْناهُم}) أي: (نقصناهم). ({تَمُورُ}) أي: (تدور). ({أَحْلَامُهُمْ}) هي (العقول). وقوله: ({الْبِرَّ}: اللطيف) ساقط من نسخة، واللطيف تفسير للبر. ({كِسْفًا}) (أي: (قطعًا) ({الْمَنُونِ}) (أي: (الموت). ({يَتَنَازَعُونَ}) أي: يتعاطون). 1 - باب 4853 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ البَيْتِ، يَقْرَأُ: بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. [انظر: 464 - مسلم: 1276 - فتح 8/ 603] (أني أشتكي) أي: أني مريضة لا أقدر على الطواف ماشية. ومرَّ الحديث بشرحه في الحج (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1619) كتاب: الحج، باب: طواف النساء مع الرجال.

53 - سورة والنجم

4854 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ، أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ المُسَيْطِرُونَ} [الطور: 35 - 37] قَال: كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ، قَال سُفْيَانُ: فَأَمَّا أَنَا، فَإِنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ زَادَ الَّذِي قَالُوا لِي. [انظر: 765 - مسلم: 463 - فتح 8/ 603] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (كاد قلبي أن يطير) أي: مما تضمنته الآية. (لم أسمعه) أي: الذي. (زاد الذي قالوا لي) أي: قالوه لي وهو قوله: (فلما بلغ) .. إلخ. 53 - سورة وَالنَّجْمِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {ذُو مِرَّةٍ} [النجم: 6]: "ذُو قُوَّةٍ"، {قَابَ قَوْسَيْنِ} [النجم: 9]: "حَيْثُ الوَتَرُ مِنَ القَوْسِ"، {ضِيزَى} [النجم: 22]: "عَوْجَاءُ"، {وَأَكْدَى} [النجم: 34]: "قَطَعَ عَطَاءَهُ"، {رَبُّ الشِّعْرَى} [النجم: 49]: "هُوَ مِرْزَمُ الجَوْزَاءِ"، {الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37]: "وَفَّى مَا فُرِضَ عَلَيْهِ"، {أَزِفَتْ الآزِفَةُ} [النجم: 57]: "اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ"، {سَامِدُونَ} [النجم: 61]: "البَرْطَمَةُ" وَقَال عِكْرِمَةُ: "يَتَغَنَّوْنَ، بِالحِمْيَرِيَّةِ" وَقَال إِبْرَاهِيمُ: {أَفَتُمَارُونَهُ} [النجم: 12]: "أَفَتُجَادِلُونَهُ، وَمَنْ قَرَأَ: (أَفَتَمْرُونَهُ): يَعْنِي أَفَتَجْحَدُونَهُ " وَقَال: {مَا زَاغَ البَصَرُ} [النجم: 17]: "بَصَرُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، {وَمَا طَغَى} [النجم: 17]: "وَمَا جَاوَزَ مَا رَأَى"، {فَتَمَارَوْا} [القمر: 36]: "كَذَّبُوا" وَقَال الحَسَنُ: {إِذَا هَوَى} [النجم: 1]: "غَابَ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم: 48]: "أَعْطَى فَأَرْضَى".

(سورة والنجم). قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({ذُو مِرَّةٍ}) أي: (ذو قوة). وقال ابن عباس: أي: ذو منظر حسن، وبعضهم أي: ذو خلق طويل حسن، وبعضهم أي: ذو كمال في العقل والدين جميعًا، واستشكل الأول بأنه وصفه بالقوة فيهم من شديد القوى فكيف وصف به ثانيًا، وأجيب: بأنه بدل مما قبله لا وصف له وبأن المراد بالأول: شدة القوى، وبالثاني: شدة الذات، ولك أن تجيب: المقصود بالأول: الوصف بالشدة، وبالثاني: الوصف بالقوة. ({قَابَ قَوْسَيْنِ}) أي: (حيث الوتر من القوس) قوله: {قَابَ} إلخ ساقط من نسخة. وفسر {قَابَ قَوْسَيْنِ} بأن مقدار دنوه - صلى الله عليه وسلم - من ربه مقدار ما بين الوتر إلى مقبض القوس في وسطه، ففيه كما قال ابن معادل: مضافان محذوفان أي: فكان مقدار مسافة قربه منه مثل مقدار مسافة قاب قوسين. ({ضِيزَى}) أي: (عوجاء) " {وَأَكْدَى} أي: (قطع عطاءه) أي: منعه ({رب الشعرى}) (هو) أي: الشعرى (مرزم الجوزاء). بكسر الميم الأول: وهو الكوكب الذي يطلع وراء الجوزاء وهما شعريان: الغميصاء والعبور. فالأولى: في الأسد، والثاني: في الجوزاء. ({الذي وفى}) أي: (وفى ما فرض عليه) ({سَامِدُونَ}) من السمود وهو (البرطمة). أي: الإعراض ولو قال كغيره: سامدون: لاهون كان أوضح وفي نسخة: "البرطنة" بنون بدل الميم ومعناهما واحد. (وقال عكرمة) أي: مولى ابن عباس معنى: سامدون. (يتغنون بالحميرية) أي: بلغتهم. (وقال إبراهيم) أي: النخعي {أَفَتُمَارُونَهُ} أي: (أفتجادلونه). {مَا زَاغَ الْبَصَرُ} أي: (بصر محمَّد - صلى الله عليه وسلم - ({وما طغى}) أي: ولا (جاوز ما رأى) ({فَتَمَارَوْا}) أي: كذبوا، ذكره هنا

1 - باب

مع أنه في سورة ({اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}) لمناسبته: ({أَفَتُمَارُونَهُ}) ({أَغْنَى وَأَقْنَى}) أي: (أعطى فأرضى) 1 - باب 4855 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: يَا أُمَّتَاهْ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ؟ فَقَالتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلاثٍ، مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ} [الأنعام: 103]، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51]. وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: 34]. وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] الآيَةَ وَلَكِنَّهُ "رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ". [انظر: 3234 - مسلم: 177 - فتح 8/ 610] (يحيى) أي: ابن موسى الختي. (وكيع) أي: ابن الجراح. (عن عامر) أي: الشعبي. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (يا أماه) بضم الهمزة وتشديد الميم وسكون الهاء. (قفَّ شعري) أي: قام هيبة من الله. (من حدثك أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه فقد كذب ثم قرأت ({لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}) إلى آخر الآيتين، وفي مسلم: أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)} فقال: "إنما هو جبريل" (¬1) وقد خالفها غيرها من الصحابة كابن عباس؛ ففي ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (177) كتاب: الإيمان, باب: معنى قول الله عزَّ وجلَّ {ولقد رآه نزلة أخرى} وهل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة الإسراء؟

2 - باب {فكان قاب قوسين أو أدنى (9)} [النجم: 9]

الترمذي عنه: أنه قال: رأى محمَّد ربه مرتين (¬1). وروى ابن خزيمة بإسناد قوي عن أنس قال: رأى محمَّد ربه (¬2). وأجيب عن الآيتين: بأنهما لا يستلزمان عدم رؤيته مطلقًا، وما رواه ابن مردويه: من أنها قالت: يا رسول الله، هل رأيت ربك؟! فقال: "لا إنما رأيت جبريل" محمول على نفي رؤية الإحاطة أما الأولى؛ فلأن المراد بالإدراك فيها الإحاطة ونفيها لا يستلزم عدم الرؤية، وأمّا الثانية؛ فلأن نفي الرؤية فيها مقيد بحالة التكلم ولا يلزم منه نفي الرؤية في غير هذه الحالة. 2 - باب {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)} [النجم: 9] حَيْثُ الوَتَرُ مِنَ القَوْسِ. (باب) في نسخة بدل قوله: ({فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)}) أي: حيث الوتر من القوس. من بيان ذلك، وهو ساقط هنا من نسخة. 4856 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، قَال: سَمِعْتُ زِرًّا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10]، قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ، "أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ". [انظر: 3232 - مسلم: 174 - فتح 8/ 610] (أبو النعمان) هو محمَّد بن الفضل السدوسي. (عبد الواحد) أي: ابن زياد والشيباني هو سليمان الكوفي. (زرًا) بكسر الزاي أي: ابن حبيش. ومرّ حديث الباب في كتاب: بدء الخلق في ذكر الملائكة (¬3). ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (3278) كتاب: تفسير القرآن، باب: من سورة النجم. والحديث ضعف الألباني إسناده في: "ضعيف الترمذي". (¬2) "كتاب التوحيد" 1/ 487 (280) وفيه عبد الرحمن بن عثمان البكراوي وهو ضعيف. (¬3) سبق برقم (3232) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين.

3 - باب قوله {فأوحى إلى عبده ما أوحى (10)} [النجم: 10]

3 - باب قَوْلِهِ {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)} [النجم: 10] (باب) ساقط من نسخة. ({فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4857 - حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَال: سَأَلْتُ زِرًّا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 9، 10] قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: "أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ". [انظر: 3232 - مسلم: 174 - فتح: 8/ 610] (زائدة) أي: ابن قدامة. ومرّ الحديث آنفًا. 4 - باب {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)} [النجم: 18] (باب) ساقط من نسخة. ({لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)}) ساقط من أخرى. 4858 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى} [النجم: 18] قَال: "رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الأُفُقَ". [انظر: 3233 - فتح 8/ 611] (قبيصة) أي: ابن عقبة السوائي. (سفيان) أي: الثوري. (رفرفًا) هو البساط، وقيل: الحلة. 5 - باب {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)} [النجم: 19] (باب) ساقط من نسخة. {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)} هما صنمان من حجارة كان المشركون يعبدونها، وفسر البخاري اللات فيما يأتي: برجل يلت سويق الحاج، أي: السمن، وسيأتي بيان ما فيه. 4859 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، حَدَّثَنَا أَبُو الجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ

6 - باب {ومناة الثالثة الأخرى (20)} [النجم: 20]

عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: {اللَّاتَ وَالعُزَّى} [النجم: 19] "كَانَ اللَّاتُ رَجُلًا يَلُتُّ سَويقَ الحَاجِّ". [فتح: 8/ 611] (أبو الأشهب) هو جعفر بن حبان العطاردي. (أبو الجوزاء) هو أوس بن عبد الله الربعي. (كان اللات رجلًا يلت سويق الحاج) قيل: هذا تفسير على قراءة رويس (¬1) بتشديد التاء (¬2)، أما على قراءة من خففها فلا تلائمها (¬3). 4860 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ فَقَال فِي حَلِفِهِ: وَاللَّاتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَمَنْ قَال لِصَاحِبِهِ: تَعَال أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ". [6107، 6301، 6650 - مسلم: 1647 - فتح: 8/ 611] (هشام) أي: ابن يوسف. (معمر) أي: ابن راشد. (فليقل: لا إله إلا الله) أي: لأنه ضاهى بحلفه باللات والعزى الكفار. (فليتصدق) أي: بشيء؛ ليكفر عنه ما اكتسبه. 6 - باب {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} [النجم: 20] (باب) ساقط من نسخة. ({وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)}) الثالثة صفة ¬

_ (¬1) هو أبو عبد الله محمَّد بن المتوكل اللؤللؤي البصري، المعروف برويس وهو ممن اشتهر بالرواية عن يعقوب، توفي بالبصرة سنة ثمان وثلاثين ومئتين. (¬2) في الأصل: الياء. (¬3) قراءة التشديد هي قراءة ابن عباس، وأبو رزين، وأبو عبد الرحمن السلمي، والضحاك، وابن السميفع، ومجاهد، وابن يعمر، والأعمش وريوس عن يعقوب كما ذكر المصنف، وقرأ الجمهور بتخفيف التاء. انظر: "زاد المسير" 7/ 231.

7 - باب {فاسجدوا لله واعبدوا (62)} [النجم: 62]

مناة؛ للتأكيد كقوله: يطير بجناحيه، والأخرى من التأخير في الرتبة وهي صفة ذم، وظاهره: أنها صفة لمناة، وقال بعضهم: إنها صفة للات والعزى ومناة. 4861 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، سَمِعْتُ عُرْوَةَ، قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالتْ: "إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ بِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ، لَا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُسْلِمُونَ " قَال سُفْيَانُ: "مَنَاةُ بِالْمُشَلَّلِ مِنْ قُدَيْدٍ" وَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال عُرْوَةُ: قَالتْ عَائِشَةُ: "نَزَلَتْ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا هُمْ وَغَسَّانُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ مِثْلَهُ" وَقَال مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ - وَمَنَاةُ صَنَمٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ - قَالُوا: "يَا نَبِيَّ اللَّهِ كُنَّا لَا نَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ تَعْظِيمًا لِمَنَاةَ نَحْوَهُ". [انظر: 1643 - مسلم: 1277 - فتح 8/ 613] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (بالمشلَّل) هو موضع من قديد (¬1) كما أشار إليه بقوله: (من قديد) وهو بالتصغير: جبل من ناحية البحر يهبط إلى مناة منه. 7 - باب {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)} [النجم: 62] (باب) ساقط من نسخة. {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)}) العطف فيه من عطف العام على الخاص. 4862 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ المُسْلِمُونَ ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 136.

54 - سورة اقتربت الساعة

وَالمُشْرِكُونَ وَالجِنُّ وَالإِنْسُ" تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُلَيَّةَ ابْنَ عَبَّاسٍ. [انظر: 1071 - فتح: 8/ 614] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (أيوب) أي: السختياني. (وسجد معه المسلمون والمشركون) سبب سجود المشركين أن سجدة النجم أول سجدة نزلت (¬1) فارادوا معارضة المسلمين بالسجود لمعبودهم، أو أنهم توهموا أن سجوده - صلى الله عليه وسلم - كان للات والعزى ومناة. (تابعه) أي: عبد الوارث. (ابن طهمان) هو إبراهيم. 4863 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ وَالنَّجْمِ، قَال: فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ إلا رَجُلًا رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ"، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا، وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. [انظر: 1067 - مسلم 576 - فتح: 8/ 614] (أبو أحمد) هو محمَّد بن عبد الله. (إسرائيل) أي: ابن يونس. ومعنى الحديث ظاهر. 54 - سُورَةُ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ قَال مُجَاهِدٌ: {مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2]: "ذَاهِبٌ"، {مُزْدَجَرٌ} [القمر: 4]: "مُتَنَاهٍ"، {وَازْدُجِرَ} [القمر: 9]: "فَاسْتُطِيرَ جُنُونًا"، {دُسُرٍ} [القمر: 13]: "أَضْلاعُ السَّفِينَةِ"، {لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} [القمر: 14]: "يَقُولُ: كُفِرَ لَهُ جَزَاءً مِنَ اللَّهِ"، {مُحْتَضَرٌ} [القمر: 28]: "يَحْضُرُونَ المَاءَ" وَقَال ابْنُ جُبَيْرٍ: {مُهْطِعِينَ} [إبراهيم: 43] " النَّسَلانُ: الخَبَبُ السِّرَاعُ. وَقَال غَيْرُهُ: ¬

_ (¬1) أن سجدة النجم أول سجدة نزلت يدل عليه حديث سيأتي برقم (4863) كتاب: التفسير، باب: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)}.

{فَتَعَاطَى} [القمر: 29]: "فَعَاطَهَا بِيَدِهِ فَعَقَرَهَا"، {المُحْتَظِرِ} [القمر: 31]: "كَحِظَارٍ مِنَ الشَّجَرِ مُحْتَرِقٍ"، {ازْدُجِرَ} [القمر: 9]: "افْتُعِلَ مِنْ زَجَرْتُ"، {كُفِرَ} [البقرة: 102]: "فَعَلْنَا بِهِ وَبِهِمْ مَا فَعَلْنَا جَزَاءً لِمَا صُنِعَ بِنُوحٍ وَأَصْحَابِهِ"، {مُسْتَقِرٌّ} [البقرة: 36]: "عَذَابٌ حَقٌّ، يُقَالُ: الأَشَرُ المَرَحُ وَالتَّجَبُّرُ. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مقدمة في نسخة على قوله: (سورة اقتربت الساعة)، ومؤخرة عنه في أخرى، وساقطة من أخرى. ({مُسْتَمِرٌّ}) أي: (ذاهب) وقال غيره: أي: دائم. ({مُزْدَجَرٌ}) أي: (متناهي) بكسر الهاء، وفي نسخة: بفتحها أي: نهاية وغاية في الزجر. ({وَازْدُجِرَ}) أي: (استُطير جنونا) من قولهم: ازدجرته الجن وذهبت بُلبِّه أي: بعقله، وفسر غيره: ازدجر فانتهر بالسب وغيره، وفي نسخة: "فاستطير" بفاء. {وَدُسُرٍ} هي (أضلاع السفينة) وقال غيره: هي ما يشد به الألواح من المسامير وغيرها. ({لِمَنْ كَانَ كُفِرَ}) بالبناء للمفعول. (جزاء من الله) المعنى: إغراق قوم نوح جزاء وانتصارًا له؛ لأنه نعمة كفروها إذ كل نبي نعمة من الله ورحمة، فمن كان كفر هو نوح وقرئ (كفر) بالبناء للفاعل فمن كفرهم الكافرون، والمعنى: أغرقوا جزاء لهم أي: لكفرهم، وفي كلام البخاري تقديم وتأخير مع حذفٍ، أي: أغرقوا جزاء من الله لمن كان كفر على القراءتين. ({مُحْتَضَرٌ}) أي: (يحضرون الماء) أي: يحضره القوم يومهم، والناقة يومها. ({مُهْطِعِينَ}) من الإهطاع وهو (النسلان) بفتح النون والسين مشية الذئب إذا عنق وفسره هنا بقوله: (الخبب) وهو كالعنق ضرب من العدو وأكده بقوله: (السراع) وبالجملة فقوله: ({مُهْطِعِينَ}) أي: مسرعين، وقيل: ناظرين في ذل وخشوع، والداعي في قوله: مهطعين إلى الداعي هو

1 - باب

إسرافيل. ({فتعاطى}) أي: (فعاطها) أي: تناولها يعني: تناول لها السيف (بيده فعقرها) به وقوله: (فعاطها) ساقط من نسخة. ({الْمُحْتَظِرِ}) أي: (كحظار من الشجرة محترق) وقال غيره: المحتظر هو الذي يجعل لغنمه حظيرة من يابس الشجر والشوك. بحفظهن فيها من الذئاب والسباع وما سقط من ذلك. فداسه هو الهشيم. ({وَازْدُجِرَ}) مر تفسيره وذكر هنا وزنه مع بيان مأخذه بقوله: (افتعل من زجرت) أي: منعت ولهبت. ({كُفِرَ}) في قوله: {جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} أي: (فعلنا به وبهم) أي: بنوح وبقومه. (جزاء لما صنع بنوح وأصحابه) أي: من الأذى. ومرَّ بيان ذلك ولو ذكره ثَمَّ كان أولى. ({مُسْتَقِرٌّ}) أي: (عذاب حق) وقال غيره: أي: دائم ({الْأَشِرُ}) هو (المرح والتجبر). 1 - باب: (باب) ساقط من نسخة. {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا} ساقط من أخرى. 4864 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَال: انْشَقَّ القَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةً فَوْقَ الجَبَلِ، وَفِرْقَةً دُونَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْهَدُوا". [انظر: 3636 - مسلم: 2800 - فتح: 8/ 617] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن أبي معمر) هو عبد الله بن سخبرة. ومرَّ الحديث والثلاثة بعده في باب: علامات النبوة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3636) كتاب: المناقب، باب: سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية فأراهم انشقاق القمر.

2 - باب {تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر (14) ولقد تركناها آية فهل من مدكر (15)} [القمر: 14، 15]

4865 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: انْشَقَّ القَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ فَقَال لَنَا: "اشْهَدُوا اشْهَدُوا". [انظر: 3636 - مسلم: 2800 - فتح: 8/ 617] (ابن أبي نجيح) هو عبد الله. 4866 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي بَكْرٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "انْشَقَّ القَمَرُ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 3638 - مسلم: 2803 - فتح: 8/ 617] 4867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً "فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ". [انظر: 3637 - مسلم: 2802 - فتح: 8/ 617] 4868 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "انْشَقَّ القَمَرُ فِرْقَتَيْنِ". (بكر) أي: ابن مضر. (عن جعفر) أي: ابن ربيعة بن شرحبيل. 2 - باب {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)} [القمر: 14، 15]. قَال قَتَادَةُ: "أَبْقَى اللَّهُ سَفِينَةَ نُوحٍ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ". (باب) ساقط من نسخة. "تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ولقد تركناها آية) أي: علامة لمن يعتبر. 4869 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15]. [انظر: 3341 - مسلم: 823 - فتح: 8/ 617] (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. ({فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}) بالدال المهملة.

3 - باب {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (17)} [القمر: 17]

3 - باب {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)} [القمر: 17]. قَال مُجَاهِدٌ: {يَسَّرْنَا} هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ. 4870 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15]. (باب) ساقط من نسخة. ({وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)}) أي: متعظ والاستفهام استفهام تعظيم وطلب. 4 - باب {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21)} [القمر: 20، 21] (باب) ساقط من نسخة. ({أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ}) الاستفهام فيه استفهام تعظيم ووعيد. 4871 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا، سَأَلَ الأَسْوَدَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] أَوْ (مُذَّكِرٍ)؟ فَقَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقْرَؤُهَا: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] قَال: وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا: "فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" دَالًا. [انظر: 3341 - مسلم: 823 - فتح: 8/ 618] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين (زهير) أي: ابن معاوية. (فهل من مدكر) أي: بدال مهملة. (أو مذكر) أي: بمعجمة. (دالا) أي: مهملة في الموضعين، وأصل (مذَّكر): مذتكر بتاء بعد ذالٍ معجمةٍ فأبدلت التاء ذالًا مهملة، ثم أبدلت المعجمة مهملة ثم أدغمت الأول في الثانية.

5 - باب {فكانوا كهشيم المحتظر (31) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (32)} [القمر: 31، 32]

5 - باب {فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32)} [القمر: 31، 32] (باب) ساقط من نسخة. ({فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ}) إلى آخره ترجمة. 4872 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] الآيَةَ. [انظر: 3341 - مسلم: 823 - فتح: 8/ 618] (عبدان) أي: ابن عثمان الأزدي. 6 - باب {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر: 38، 39] (باب) ساقط من نسخة. {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 4873 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15]. [انظر: 3341 - مسلم: 823 - فتح: 8/ 618] (محمَّد) أي: ابن المثنى، أو ابن بشار. (غندر) هو محمَّد بن جعفر. 7 - باب {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51)} [القمر: 51] (باب) ساقط من نسخة. ({وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51)}) أي: متعظ.

8 - باب قوله {سيهزم الجمع ويولون الدبر (45)} [القمر: 45]

4874 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ) فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15]. [انظر: 3341 - مسلم: 823 - فتح: 8/ 618] (يحيى) أي: ابن موسى الختي. (وكيع) أي: الرؤاسي. (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم -) ({فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}) أي: بالمهملة. 8 - باب قَوْلِهِ {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} [القمر: 45] (باب {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ}) لفظ (باب) ساقط من نسخة. 4875 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ وُهَيْبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: وَهُوَ فِي قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ لَا تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ" فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَال: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ، وَهُوَ يَثِبُ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45]. [انظر: 2915 - فتح: 8/ 619] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (خالد) أي: الحذاء. (محمَّد) أي: ابن يحيى الذهلي. (عن وهيب) أي: ابن خالد. (إن تشأ) أي: هلاك المؤمنين (لا تعبد) جواب (إن). (ألححت) أي: بالغت. ومرَّ الحديث في الجهاد، في باب: ما قيل في درع النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2915) كتاب: الجهاد، باب: ما قيل في درع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

9 - باب قوله {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر (46)} [القمر: 46]

9 - باب قَوْلِهِ {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)} [القمر: 46]. يَعْنِي مِنَ المَرَارَةِ. (باب) ساقط من نسخة. (قوله) ساقط من أخرى. {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)} يعني: من المرارة) أي: أمر مأخوذ من المرارة. والحديث مع ما بعده مختصر وسيأتي مطولًا في فضائل القرآن (¬1). 4876 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مَاهَكٍ، قَال: إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، قَالتْ: "لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ، {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46]. [4993 - فتح: 8/ 619] 4877 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ يَوْمَ بَدْرٍ: "أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ أَبَدًا" فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، وَقَال: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ، وَهُوَ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ، بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 45، 46]. [انظر: 2915 - فتح: 8/ 611] 55 - سورة الرَّحْمَنِ {وَأَقِيمُوا الوَزْنَ} [الرحمن: 9]: "يُرِيدُ لِسَانَ المِيزَانِ، وَالعَصْفُ: بَقْلُ الزَّرْعِ إِذَا قُطِعَ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ فَذَلِكَ العَصْفُ"، {وَالرَّيْحَانُ} ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (4993) كتاب: فضائل القرآن، باب: تأليف القرآن.

"رِزْقُهُ"، {وَالحَبُّ} [الرحمن: 12]: "الَّذِي يُؤْكَلُ مِنْهُ، وَالرَّيْحَانُ فِي كَلامِ العَرَبِ الرِّزْقُ، وَقَال بَعْضُهُمْ: وَالعَصْفُ يُرِيدُ: المَأْكُولَ مِنَ الحَبِّ، وَالرَّيْحَانُ: النَّضِيجُ الَّذِي لَمْ يُؤْكَلْ " وَقَال غَيْرُهُ: "العَصْفُ وَرَقُ الحِنْطَةِ" وَقَال الضَّحَّاكُ: "العَصْفُ: التِّبْنُ " وَقَال أَبُو مَالِكٍ: "العَصْفُ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ، تُسَمِّيهِ النَّبَطُ: هَبُورًا " وَقَال مُجَاهِدٌ: "العَصْفُ وَرَقُ الحِنْطَةِ، وَالرَّيْحَانُ: الرِّزْقُ، وَالمَارِجُ: اللَّهَبُ الأَصْفَرُ وَالأَخْضَرُ الَّذِي يَعْلُو النَّارَ إِذَا أُوقِدَتْ " وَقَال بَعْضُهُمْ: عَنْ مُجَاهِدٍ، {رَبُّ المَشْرِقَيْنِ} [الرحمن: 17]: "لِلشَّمْسِ: فِي الشِّتَاءِ مَشْرِقٌ، وَمَشْرِقٌ فِي الصَّيْفِ"، {وَرَبُّ المَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17]: "مَغْرِبُهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ"، {لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 20]: "لَا يَخْتَلِطَانِ"، {المُنْشَآتُ} [الرحمن: 24]: "مَا رُفِعَ قِلْعُهُ مِنَ السُّفُنِ، فَأَمَّا مَا لَمْ يُرْفَعْ قَلْعُهُ فَلَيْسَ بِمُنْشَأَةٍ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {كَالفَخَّارِ} [الرحمن: 14]: "كَمَا يُصْنَعُ الفَخَّارُ، الشُّوَاظُ: لَهَبٌ مِنْ نَارٍ"، {وَنُحَاسٌ} [الرحمن: 35]: "النُّحَاسُ الصُّفْرُ يُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ، فَيُعَذَّبُونَ بِهِ"، {خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} [الرحمن: 46]: "يَهُمُّ بِالْمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيَتْرُكُهَا"، {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64]: "سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ"، {صَلْصَالٍ} [الحجر: 26]: "طِينٌ خُلِطَ بِرَمْلٍ فَصَلْصَلَ كَمَا يُصَلْصِلُ الفَخَّارُ، وَيُقَالُ: مُنْتِنٌ، يُرِيدُونَ بِهِ: صَلَّ، يُقَالُ: صَلْصَالٌ كَمَا يُقَالُ: صَرَّ البَابُ عِنْدَ الإِغْلاقِ وَصَرْصَرَ، مِثْلُ: كَبْكَبْتُهُ يَعْنِي كَبَبْتُهُ"، {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68]: "وَقَال بَعْضُهُمْ: لَيْسَ الرُّمَّانُ وَالنَّخْلُ بِالفَاكِهَةِ، وَأَمَّا العَرَبُ فَإِنَّهَا تَعُدُّهَا فَاكِهَةً"، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى} [البقرة: 238]: "فَأَمَرَهُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى كُلِّ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ أَعَادَ العَصْرَ تَشْدِيدًا لَهَا، كَمَا أُعِيدَ النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ، وَمِثْلُهَا: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} ثُمَّ قَال: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العَذَابُ} [الحج: 18] وَقَدْ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوَّلِ قَوْلِهِ: {مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} " وَقَال غَيْرُهُ: {أَفْنَانٍ} [الرحمن: 48]: "أَغْصَانٍ"، {وَجَنَى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن: 54]: "مَا

يُجْتَنَى قَرِيبٌ" وَقَال الحَسَنُ: {فَبِأَيِّ آلاءِ} [النجم: 55]: "نِعَمِهِ" وَقَال قَتَادَةُ: {رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13]: "يَعْنِي الجِنَّ وَالإِنْسَ" وَقَال أَبُو الدَّرْدَاءِ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]: "يَغْفِرُ ذَنْبًا، وَيَكْشِفُ كَرْبًا، وَيَرْفَعُ قَوْمًا، وَيَضَعُ آخَرِينَ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {بَرْزَخٌ} [المؤمنون: 100]: "حَاجِزٌ الأَنَامُ: الخَلْقُ"، {نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن: 66]: "فَيَّاضَتَانِ"، {ذُو الجَلالِ} [الرحمن: 27]: "ذُو العَظَمَةِ" وَقَال غَيْرُهُ: {مَارِجٌ} [الرحمن: 15]: "خَالِصٌ مِنَ النَّارِ، يُقَالُ: مَرَجَ الأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ إِذَا خَلَّاهُمْ يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَيُقَالُ: مَرَجَ أَمْرُ النَّاسِ " {مَرِيجٍ} [ق: 5]: "مُلْتَبِسٌ"، {مَرَجَ البَحْرَيْنِ} [الفرقان: 53]: "اخْتَلَطَ البَحْرَانِ مِنْ مَرَجْتَ دَابَّتَكَ تَرَكْتَهَا"، {سَنَفْرُغُ لَكُمْ} [الرحمن: 31]: "سَنُحَاسِبُكُمْ، لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي كَلامِ العَرَبِ، يُقَالُ: لَأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ، وَمَا بِهِ شُغْلٌ، يَقُولُ: لآخُذَنَّكَ عَلَى غِرَّتِكَ. (سورة الرحمن). قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). ساقط من نسخة ({بِحُسْبَانٍ}) أي: (كحسبان الرحى) أي: يدور الشمس والقمر في مثل قطب الرحى ({وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ}) (يريد) به (لسان الميزان). ({والعصف}) هو (بقل الزرع إذا قطع منه شيء قبل أن يدرك) أي: الزرع، وفي تفسير {الْعَصْفِ} خلاف ذكره في كلامه الآتي (والريحان في كلام العرب الرزق) وفي تفسيره خلاف ذكره بعد. (النبط) هم الفلاحون من الأعاجم ينزلون بالبطائح بين العراقيين. (هبورا) بفتح الهاء هو ذقاق الزرع. (والمارج) هو (اللهب الأصفر والأخضر الذي يعلوا النار إذا أوقدت) ({لَا يَبْغِيَانِ}) أي: (لا يختلطان) ({المنشآت}) هي (ما رفع قلعه) بكسر القاف وسكون اللام من السفن ({كَالْفَخَّارِ}) أي: (كما يصنع الفخار) ({الشواظ}) هو (لهب من نار). ({وَنُحَاسٌ}) النحاس هو (الصفر) ({وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ}) أي: (يهم بالمعصية ..) إلخ

{مُدْهَامَّتَانِ} أي: (سوداوان من الري). مرَّ بيان ذلك في بدء الخلق (¬1). ({صَلْصَالٍ}) أي: (طين ..) إلخ (ويقال) أي: في تفسير صلصال. (منتن، يريدون به: صل) أي: صل اللحم أي: أنتن ومثله. أصل. (يقال: صلصال ..) إلخ أشار به إلى أن صلصل مضاعف صل. (كما يقال: صرصر الباب) وصرَّ إذا صوت، وكما يقال: (كبكبته) و (كببته) ومنه قوله: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا} [الشعراء: 94] أي: كُبوا. وقوله: ({صَلْصَالٍ} خلط برمل ..) إلى آخره ساقط من نسخة. (قال بعضهم: ليس الرمان ..) إلخ. قيل: يريد أبا حنيفة إذ مذهبه أن من حلف لا يأكل فاكهة فأكل رمانًا أو رطبًا. لا يحنث فاحتج عليه بأن (العرب تعدهما فاكهة) وأن عطفها على الفاكهة في الآية من عطف الخاص على العام كما في ({وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}) وكما في {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج: 18] وقوله: (تشديدًا لها) أي: تأكيدًا وتعظيمًا لها. {أَفْنَانٍ} أي: (أغصان). ({وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}) أي: (ما يجتنى قريب). ({فَبِأَيِّ آلَاءِ}) أي: (نعمة). الأنسب نعم، كما فسرها غيره به وفسرها آخرون بالقدرة {رَبِّكُمَا} فسر ضميره بقوله: (يعني: الجن والإنس)، وآية: ({فَبِأَيِّ}) ذكرت في السورة إحدى وثلاثين مرة والاستفهام فيها؛ للتقرير. ({كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}) أي: (يغفر ذنبًا) إلخ والأمور المذكورة فيه لا تنافي ما صح من أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة (¬2)؛ لأنها شئون يبديها لا شئون يبتدئها ({بَرْزَخٌ}) أي: (حاجز) من قدرة الله وحكمته. ({الأنام}) أي: (الخلق). ({ذُو الْجَلَالِ}) أي: (ذو العظمة) ({مارج}) أي: (خالص من النار) ¬

_ (¬1) سبق في كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة. (¬2) سيأتي برقم (5076) كتاب: النكاح، باب: ما يكره من التبتل والخصاء.

1 - باب قوله {ومن دونهما جنتان (62)} [الرحمن: 62]

{مَرِيجٍ} في قوله في سورة ق: {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} أي: (ملتبس) ذكر هنا لمناسبته (مارج). ({سَنَفْرُغُ لَكُمْ}) أي: (سنحاسبكم) وقال غيره: أي: سنقصد لحسابكم. 1 - باب قَوْلِهِ {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62)} [الرحمن: 62] (باب) ساقط من نسخة. (قوله) ساقط من أخرى. ({وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62)}) أي: ومن دون الجنتين الأوليين الموعود بهما من خاف مقام ربه جنتان أخريان، والمراد بالدون هنا: الفضل، أو القرب درجة. 4878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إلا رِدَاءُ الكِبْرِ، عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ". [4880 , 7444 - مسلم: 1800 - فتح: 8/ 623] (جنتان) مبتدأ. (من فضة) خبر لقوله (آنيتهما وما فيهما) عطف على (آنيتهما) والجملة خبر المبتدأ الأول. (إلا رداء الكبر) الرداء شيء يشبه الرداء من صفاته اللازمة لذاته المقدسة عمَّا يشبه المخلوقات وهو كما جاء "الكبرياء ردائي" (¬1)، والرداء هنا كناية عن العظمة. (على وجهة) أي: على ذاته. (في جنة عدن) ظرف للقوم، أو حال منهم، قيل: وقوله: (إلا رداء الكبر) إلخ يشعر بأن رؤية الله تعالى غير واقعة، وأجيب: بأنه لا يلزم من عدمها في جنة عدن أو في ذلك الوقت عدمها مطلقًا. ¬

_ (¬1) "الكبرياء ردائي" جزء من حديث رواه مسلم (2620) كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الكبر. وأبو داود (4090) كتاب: اللباس، باب: ما جاء في الكبر. وابن ماجه (4174) كتاب: الزهد، باب: البراءة من الكبر، والتواضع.

2 - باب {حور مقصورات في الخيام (72)} [الرحمن: 72]

2 - باب {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} [الرحمن: 72] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "الحُورُ: السُّودُ الحَدَقِ " وَقَال مُجَاهِدٌ: "مَقْصُورَاتٌ: مَحْبُوسَاتٌ، قُصِرَ طَرْفُهُنَّ وَأَنْفُسُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، {قَاصِرَاتٌ} [الصافات: 48]: لَا يَبْغِينَ غَيْرَ أَزْوَاجِهِنَّ. (باب) ساقط من نسخة. {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} أي: محبوسات فيها كما ذكره بعد والحور جمع حوراء هي شديدة بياض العين شديدة سوادها. 4879 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاويَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُونَ. [انظر: 3243 - مسلم: 2838 - فتح: 6/ 624] (ستون ميلا) الميل: أربعة آلاف خطوة. 4880 - وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إلا رِدَاءُ الكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ". [انظر: 4878 - مسلم: 180 - فتح: 8/ 624] 56 - سورة الوَاقِعَةِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {رُجَّتْ} [الواقعة: 4]: "زُلْزِلَتْ"، {بُسَّتْ} [الواقعة: 5]: "فُتَّتْ لُتَّتْ كَمَا يُلَتُّ السَّويقُ المَخْضُودُ: المُوقَرُ حَمْلًا، وَيُقَالُ أَيْضًا: لَا شَوْكَ لَهُ " {مَنْضُودٍ} [هود: 82]: "المَوْزُ، وَالعُرُبُ المُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ"، {ثُلَّةٌ} [الواقعة: 13]: "أُمَّةٌ"، {يَحْمُومٍ} [الواقعة: 43]: "دُخَانٌ أَسْوَدُ"، {يُصِرُّونَ} [الواقعة: 46]: "يُدِيمُونَ"، {الهِيمُ} [الواقعة: 55]: "الإِبِلُ الظِّمَاءُ"، {لَمُغْرَمُونَ} [الواقعة: 66]: "لَمَلُومُونَ مَدِينِينَ مُحَاسَبِينَ"، {رَوْحٌ} [يوسف: 87]: "جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ"، {وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: 89]: "الرَّيْحَانُ الرِّزْقُ"، {وَنُنْشِئَكُمْ فِيمَا لَا تَعْلَمُونَ}: "فِي أَيِّ خَلْقٍ نَشَاءُ" وَقَال غَيْرُهُ: {تَفَكَّهُونَ}

[الواقعة: 65]: "تَعْجَبُونَ"، {عُرُبًا} [الواقعة: 37]: "مُثَقَّلَةً، وَاحِدُهَا عَرُوبٌ، مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ العَرِبَةَ، وَأَهْلُ المَدِينَةِ الغَنِجَةَ، وَأَهْلُ العِرَاقِ الشَّكِلَةَ"، وَقَال فِي {خَافِضَةٌ} [الواقعة: 3]: "لِقَوْمٍ إِلَى النَّارِ"، وَ {رَافِعَةٌ} [الواقعة: 3]: "إِلَى الجَنَّةِ"، {مَوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15]: "مَنْسُوجَةٍ، وَمِنْهُ: وَضِينُ النَّاقَةِ وَالكُوبُ: لَا آذَانَ لَهُ وَلَا عُرْوَةَ وَالأَبَارِيقُ: ذَوَاتُ الآذَانِ وَالعُرَى"، {مَسْكُوبٍ} [الواقعة: 31]: "جَارٍ"، {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: 34]: "بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ"، {مُتْرَفِينَ} [الواقعة: 45]: "مُمَتَّعِينَ"، {مَا تُمْنُونَ} [الواقعة: 58]: "مِنَ النُّطَفِ يَعْنِي هِيَ النُّطْفَةُ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ"، {لِلْمُقْوينَ} [الواقعة: 73]: "لِلْمُسَافِرِينَ، وَالقِيُّ القَفْرُ"، {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75]: "بِمُحْكَمِ القُرْآنِ، وَيُقَالُ: بِمَسْقِطِ النُّجُومِ إِذَا سَقَطْنَ، وَمَوَاقِعُ وَمَوْقِعٌ وَاحِدٌ"، {مُدْهِنُونَ} [الواقعة: 81]: "مُكَذِّبُونَ، مِثْلُ {لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9]، {فَسَلامٌ لَكَ} [الواقعة: 91]: أَيْ مُسَلَّمٌ لَكَ: إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ، وَأُلْغِيَتْ إِنَّ وَهُوَ مَعْنَاهَا، كَمَا تَقُولُ: أَنْتَ مُصَدَّقٌ، مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ، إِذَا كَانَ قَدْ قَال: إِنِّي مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ، وَقَدْ يَكُونُ كَالدُّعَاءِ لَهُ، كَقَوْلِكَ فَسَقْيًا مِنَ الرِّجَالِ، إِنْ رَفَعْتَ السَّلامَ فَهُوَ مِنَ الدُّعَاءِ"، {تُورُونَ} [الواقعة: 71]: "تَسْتَخْرِجُونَ أَوْرَيْتُ: أَوْقَدْتُ " {لَغْوًا} [مريم: 62]: "بَاطِلًا"، {تَأْثِيمًا} [الواقعة: 25]: "كَذِبًا". (الواقعة) في نسخة: "سورة الواقعة". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. ({رُجَّتِ}) أي: (زلزلت). ({وَبُسَّتِ}) أي: (فتت). (المخضود) هو (الموقر حملا) ({مَنْضُودٍ}) معناه: (الموز) أي: شجرة، وهذا في الحقيقة إنما هو تفسير للطلح، وقد اختلف في تفسيره فقيل: هو شجر الموز، وقيل: شجر له ظل بارد رطب، وقيل: هو شجر عظام له شوك وأما ({مَنْضُودٍ}) فمعناه: مركب بعضه على بعض، وقوله: ({مَنْضُودٍ}): الموز) ساقط من نسخة. (والعُرُبُ) أي: (المحببات إلى أزواجهن). ({ثُلَّةٌ}) أي: (أمة). ({يَحْمُومٍ}) هو (دخان أسود) ({يُصِرُّونَ}) أي:

1 - باب قوله {وظل ممدود (30)} [الواقعة: 30]

(يديمون) ({الْهِيمِ}) أي: (الإبل الظماء) بكسر الظاء والمد. ({لَمُغْرَمُونَ}) أي: (لملزمون). نفقة زرعنا. ({رَوْحٌ}) أي: (جنة ورخاء). ({وَرَيْحَانٌ}) في نسخة: "والريحان" (الرزق) وقوله: ({رَوْحٌ}) إلى هنا ساقط من نسخة ({وننشئكم}) أي: (في أي خلق نشاء). ({تَفَكَّهُونَ}) أي: (تعجبون) ({عُرُبًا}) أي: (مثقلة) فهن كما أنهن محببات لأزواجهن كما مر مثقلات باللحم ولو ذكر هذا ثم كان أولى. ({خَافِضَةٌ}) أي: القوم إلى النار) و ({رَافِعَةٌ}) أي: لآخريين (إلى الجنة) ({مَوْضُونَةٍ}) أي: (منسوجة ومنه وضين الناقة) أي: حزامها، (والكوب) المأخوذ من قوله تعالى: {بِأَكْوَابٍ} هو ما (لا أذن له ولا عروة) {مُتْرَفِينَ} أي: (متمتعين) بالحرام ({للمقوين}) أي: (للمسافرين). والقي) بكسر القاف (القفر) وهو مفازة لا نبات فيها ولا ماء. {مُدْهِنُونَ} أي: (مكذبون). 1 - باب قَوْلِه {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)} [الواقعة: 30] (باب) ساقط من نسخة. {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)} معناه: دائم بأن لا يزول. 4881 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، لَا يَقْطَعُهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30] ". [انظر: 3252 - مسلم 2826 - فتح: 7/ 627] (سفيان) أي: ابن عيينة (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (شجرة) قيل: هي طوبى، ومرّ الحديث في كتاب: بدء الخلق، في باب: صفة الجنة (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (3251) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة.

57 - الحديد

57 - الحَدِيدُ وَقَال مُجَاهِدٌ: {جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ} [الحديد: 7]: "مُعَمَّرِينَ فِيهِ"، {مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]: "مِنَ الضَّلالةِ إِلَى الهُدَى"، {فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25]: "جُنَّةٌ وَسِلاحٌ" {مَوْلاكُمْ} [آل عمران: 150]: "أَوْلَى بِكُمْ"، {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ} [الحديد: 29]: "لِيَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ، يُقَالُ: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَالبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا " (أَنْظِرُونَا): "انْتَظِرُونَا". 1 - باب: (الحديد) في نسخة: "سورة الحديد". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة {مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} أي: (من الضلالة إلبها الهدى) وهذا ساقط من نسخة. ({وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}) أي: (جنة) بضم الجيم (وسلاح) ({لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}). أي: (ليعلم أهل الكتاب). فلا: زائدة للتأكيد. 58 - المُجَادِلَةُ وَقَال مُجَاهِدٌ: {يُحَادُّونَ} يُشَاقُّونَ الله. {كُبِتُوا} أُخْزِيُوا، مِنَ الخِزي {اسْتَحْوَذَ} غَلَبَ. المجادلة ({يُحَادُّونَ}) أي: (يشاقون الله). ({كُبِتُوا}) أي: (أخزيوا) بكسر الزاي. 59 - سورة الحَشْرِ {الْجَلَاءَ} {الإِخْرَاجُ} مِنْ أَرْضٍ إلى أَرْضٍ. (الحشر) في نسخة: "سورة الحشر". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة.

2 - باب {ما قطعتم من لينة} [الحشر: 5]

4882 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ التَّوْبَةِ، قَال: "التَّوْبَةُ هِيَ الفَاضِحَةُ، مَا زَالتْ تَنْزِلُ، وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ، حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا لَنْ تُبْقِيَ أَحَدًا مِنْهُمْ إلا ذُكِرَ فِيهَا"، قَال: قُلْتُ: سُورَةُ الأَنْفَالِ، قَال: "نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ"، قَال: قُلْتُ: سُورَةُ الحَشْرِ، قَال: "نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِيرِ". [انظر: 4029 - مسلم: 3013 - فتح: 8/ 628] (أبو بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (قال) أي: ابن عباس. 4883 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سُورَةُ الحَشْرِ، قَال: قُلْ: سُورَةُ النَّضِيرِ. [انظر: 4029 - مسلم: 3031 - فتح: 8/ 629] (قل: سورة النضير) كره ابن عباس تسميتها بالحشر؛ لئلا نظن أن المراد: يوم القيامة وليس مرادًا، بل المراد به: إخراج بني النضير. 2 - باب {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: 5]. نَخْلَةٍ مَا لَمْ تكنْ عَجْوَةً أَوْ بَرْنيَّةً. 4884 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِيَ البُوَيْرَةُ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ} [انظر: 2326 - مسلم: 1746 - فتح: 8/ 629]. (باب) ساقط من نسخة. ({مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}) أي: (نخلة ما لم تكن عجوة أو برنية) بتشديد الياء: نوع من التمر، ومرَّ حديث الباب في كتاب: المغازي (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (4031) كتاب: المغازي، باب: حديث بني النضير.

3 - باب قوله: {وما أفاء الله على رسوله} [الحشر: 6]

3 - باب قَوْلُهُ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 6] (باب) ساقط من نسخة. ({وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} الآية). 4885 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا لَمْ يُوجِفِ المُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي السِّلاحِ وَالكُرَاعِ، عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 2904 - مسلم: 1757 - فتح: 8/ 629] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. ومرَّ حديث الباب في الهجاد والخمس وغيرهما (¬1). 4 - باب {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] (باب) ساقط من نسخة. ({وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}). 4886 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُوتَشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ" فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَال: وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ، قَال: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]؟ قَالتْ: بَلَى، قَال: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ، قَالتْ: فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قَال: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِنْ ¬

_ (¬1) سلف برقم (3094) كتاب: فرض الخمس، باب: فرض الخمس. وبرقم (4033) كتاب: المغازي، باب: حديث بني النضير.

حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَال: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا. [4887 , 5931، 5939، 5943، 5944، 5948 - مسلم: 2125 - فتح: 8/ 630] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (لعن الله الواشمات) من الوشم: وهو أن يغرز عضو من الأعضاء بنحو الإبرة حتى يسيل الدم ثم يحشى بنحو كحل فيصير أخضر. (والموتشمات) جمع موتشمة: وهي التي يُفعل بها ذلك. (والمتنمصات) جمع متنمصة: وهي الطالبة إزالة شعر وجهها بالنتف ونحوه، وهذا في شعر ينبت للنساء عادة، بخلاف نحو اللحية والشارب. (والمتفلجات) جمع متفلجة: وهي التي تفرق ما بين ثناياها بالمبرد؛ إظهارًا؛ للصغر وهي عجوز. (للحسن) أي: لأجله وقياس ما ذكره في الأول أن يقول في الأخيرين، والنامصات والفالجات أي: وهما الفاعلتان لما ذكر فيهما (ما بين اللوحين) هما دفتا المصحف. (ما جامعتنا) (¬1) أي: ما صاحبتنا. 4887 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، حَدِيثَ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ"، فَقَال: سَمِعْتُهُ مِنَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَ حَدِيثِ مَنْصُورٍ. [انظر: 4886 - مسلم: 2125 - فتح: 8/ 630] (علي) أي: ابن عبد الله الديني. (عبد الرحمن) أي: ابن مهدي. (عن سفيان) أي: الثوري (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواصلة) هي التي تصل شعرها بآخر. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل وهي رواية الكشميهيني.

5 - باب {والذين تبوءوا الدار والإيمان} [الحشر: 9]

5 - باب {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9] (باب) ساقط من نسخة. ({وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ}) أي: لزموها، والمراد بالدار: المدينة النبوية. 4888 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَال: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أُوصِي الخَلِيفَةَ بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ: أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأُوصِي الخَلِيفَةَ بِالأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ. [انظر: 1392 - فتح: 8/ 631] (عن حصين) بالتصغير أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (ويعفو عن مسيئهم). أي: ما عدا الحدود وحقوق العباد. 6 - باب قَوْلِهِ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] الخَصَاصَةُ: الفَاقَةُ، {المُفْلِحُونَ} [البقرة: 5]: الفَائِزُونَ بِالخُلُودِ، وَالفَلاحُ: البَقَاءُ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ: عَجِّلْ " وَقَال الحَسَنُ: {حَاجَةً} [يوسف: 68]: "حَسَدًا". (باب) ساقط من نسخة ({وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآية) المراد بها: ما ذكر مع قوله: {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (حي على الفلاح) أي: (عجل) ذكره لمناسبة المفلحون ({حَاجَةً}) يعني في قوله تعالى: {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً} أي: (حسدًا). 4889 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَنِي الجَهْدُ، فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا رَجُلٌ يُضَيِّفُهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، يَرْحَمُهُ اللَّهُ؟ " فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَال: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَال لِامْرَأَتِهِ: ضَيْفُ

60 - سورة الممتحنة

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا، قَالتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدِي إلا قُوتُ الصِّبْيَةِ، قَال: فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ العَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ، وَتَعَاليْ فَأَطْفِئِي السِّرَاجَ وَنَطْوي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - أَوْ ضَحِكَ - مِنْ فُلانٍ وَفُلانَةَ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]. (أتي رجل) هو أبو هريرة. (لا تدخريه شيئًا) أي: لا تمسكي عنه شيئًا من الطعام. ومرَّ الحديث في مناقب الأنصار، في باب: قول الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} (¬1). 60 - سورة المُمْتَحِنَةِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً} [يونس: 85]: "لَا تُعَذِّبْنَا بِأَيْدِيهِمْ، فَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ عَلَى الحَقِّ مَا أَصَابَهُمْ هَذَا"، {بِعِصَمِ الكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]: "أُمِرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِرَاقِ نِسَائِهِمْ كُنَّ كَوَافِرَ بِمَكَّةَ". (الممتحنة) في نسخة: "سورة الممتحنة". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. 1 - باب {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] (باب) ساقط من نسخة. ({لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}). أي: بيان ما جاء في ذلك. 4890 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَال: حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ، كَاتِبَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: ¬

_ (¬1) سلف برقم (3798) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قول الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ}.

سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالمِقْدَادَ، فَقَالَ: «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا» فَذَهَبْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ مِمَّنْ بِمَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا يَا حَاطِبُ؟» قَالَ: لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِنْ قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِمَكَّةَ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَصْطَنِعَ إِلَيْهِمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا، وَلاَ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ» فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: " إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " قَالَ عَمْرٌو: وَنَزَلَتْ فِيهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] قَالَ: «لاَ أَدْرِي الآيَةَ فِي الحَدِيثِ أَوْ قَوْلُ عَمْرٍو». [انظر: 3007 - مسلم: 2494 - فتح: 8/ 633] حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: قِيلَ لِسُفْيَانَ: فِي هَذَا فَنَزَلَتْ: {لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] الآيَةَ، قَالَ سُفْيَانُ: هَذَا فِي حَدِيثِ النَّاسِ حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو، مَا تَرَكْتُ مِنْهُ حَرْفًا وَمَا أُرَى أَحَدًا حَفِظَهُ غَيْرِي. (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (تعادى) أي: تتباعد وتتجارى. (من عقاصها) بكسر العين أي: شعرها المضفور. (يدًا) أي: منة عليهم. (فقد غفرت لكم) عبَّر عن الآتي بالواقع مبالغة في تحققه. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: المغازي، في باب: الجاسوس (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (3007) كتاب: الجهاد والسير، باب: الجاسوس.

2 - باب {إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} [الممتحنة: 10]

2 - باب {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] (باب) ساقط من نسخة. ({إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} الآية). 4891 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12] إِلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]، قَال عُرْوَةُ: قَالتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ، قَال لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ بَايَعْتُكِ" كَلامًا، وَلَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي المُبَايَعَةِ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إلا بِقَوْلِهِ: "قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكِ" تَابَعَهُ يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَمْرَةَ. [انظر: 2713 - مسلم: 1866 - فتح: 8/ 636] (إسحاق) أي: ابن منصور الكوسج. (كلامًا) أي: بالكلام لا تأكيد. (تابعه) أي: ابن أخي ابن شهاب. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (ومعمر) أي: ابن راشد. 3 - باب {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12] (باب) ساقط من نسخة. ({إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} الآية). 4892 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْنَا: {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12]، "وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ"، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ يَدَهَا، فَقَالتْ: أَسْعَدَتْنِي فُلانَةُ، أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا، فَمَا قَال لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ، فَبَايَعَهَا. [انظر: 1306 - مسلم: 936 - فتح: 8/ 637]

(أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المقعد. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن النياحة) هي رفع الصوت بالندب على الميت (فقبضت امرأة) هي أم عطية. (أسعدتني فلانة) أي: بالنياحة على الميت. (فما قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - (شيئًا) استشكل بأن النياحة حرام فكيف لم ينكر عليها؟! وأجاب النووي بأنه ترخيص لأم عطية خاصة (¬1) وغيره بأن النهي إذ ذاك كان؛ للتنزيه، والتحريم إنما كان بعد المبايعة. 4893 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَال: حَدَّثَنَا أَبِي، قَال: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]، قَال: "إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ شَرَطَهُ اللَّهُ لِلنِّسَاءِ". [فتح: 8/ 637] (للنساء) أي: عليهن. 4894 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَاهُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ، سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَتُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَقَرَأَ آيَةَ النِّسَاءِ - وَأَكْثَرُ لَفْظِ سُفْيَانَ: قَرَأَ الآيَةَ - فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ، فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ " تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ فِي الآيَةِ. [انظر: 18 - مسلم: 1709 - فتح: 8/ 637] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أبو إدريس) هو عائذ الله الخولاني بذال معجمة. (أتبايعوني) في نسخة: "أتبايعونني؟ " بزيادة نون. (تابعه) أي: سفيان. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 6/ 238.

61 - سورة الصف

4895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَال: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّ الحَسَنَ بْنَ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَهُ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: شَهِدْتُ الصَّلاةَ يَوْمَ الفِطْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ، فَنَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَال بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ، حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ مَعَ بِلالٍ، فَقَال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ، وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} [الممتحنة: 12] حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا، ثُمَّ قَال حِينَ فَرَغَ: "أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ؟ " فَقَالتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ - لَا يَدْرِي الحَسَنُ مَنْ هِيَ - قَال: "فَتَصَدَّقْنَ" وَبَسَطَ بِلالٌ ثَوْبَهُ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الفَتَخَ وَالخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ. [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح: 8/ 638] (يصليها) أي: صلاة العيد. (على ذلك) بكسر الكاف؛ لأنه خطاب لمؤنث أي: على المذكور في الآية (الفتح) بفتح الفوقية وبمعجمة هي الخواتيم العظام، أو حلق من فضة لا فص فيها. 61 - سورة الصف وَقَال مُجَاهِدٌ: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52] مَنْ يَتَّبِعُنِي إِلَى اللَّهِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]: "مُلْصَقٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ" وَقَال يَحْيَى: "بِالرَّصَاصِ". (سورة الصف) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة، وقال غيره (بالرصاص) بفتح الراء أي؛ ملصق به. 1 - باب قَوْلُهُ تَعَالى {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6] (باب) ساقط من نسخة. ({مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}) أي: بيان ما جاء في ذلك.

62 - سورة الجمعة

4896 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ لِي أَسْمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الكُفْرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا العَاقِبُ". [انظر: 3532 - مسلم: 2354 - فتح: 8/ 640] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (على قدمي) بكسر الميم أي: أثري. 62 - سورة الجمعة 1 - باب قَوْلُهُ {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] وَقَرَأَ عُمَرُ: فَامْضُوا إلى ذِكْرِ الله. (سورة الجمعة) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (وقرأ عمر) أي: ابن الخطاب ({فامضوا إلى ذِكْرِ الله}) بدل {فَاسْعَوْا} إلى ذكر الله، وهذا ساقط من نسخة. 4897 - حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الجُمُعَةِ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] قَال: قُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاثًا، وَفِينَا سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ، وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ، ثُمَّ قَال: "لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالهُ رِجَالٌ - أَوْ رَجُلٌ - مِنْ هَؤُلاءِ". [4898 - مسلم: 2546 - فتح: 8/ 641] 4898 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، أَخْبَرَنِي ثَوْرٌ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَنَالهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاءِ". [4897 - مسلم: 2546 - فتح: 8/ 641]

2 - باب {وإذا رأوا تجارة} [الجمعة: 11]

(عن ثور) أي: ابن زيد الديلي. (عن أبي الغيث) هو سالم مولى عبد الله بن مطيع. 2 - باب {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} [الجمعة: 11] (باب) ساقط من نسخة. ({وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً}) زاد في نسخة "أو لهوًا". 4899 - حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَقْبَلَتْ عِيرٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَثَارَ النَّاسُ إلا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]. [انظر: 936 - مسلم: 863 - فتح: 8/ 643] (حفص بن عمر) أي: الحوصي. (حصين) أي: ابن عبد الرحمن. (فثار الناس) أي: تفرقوا. 63 - سُورةُ المُنافِقين 1 - باب قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} إلى {لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] (سورة المنافقين) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب) ساقط من نسخة. ({إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} إلى {لَكَاذِبُونَ}) ساق في نسخةٍ الآية بتمامها، وفي أخرى: " {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} ".

2 - باب {اتخذوا أيمانهم جنة} [المنافقون: 2] يجتنون بها

4900 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَال: كُنْتُ فِي غَزَاةٍ فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، يَقُولُ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، وَلَئِنْ رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِهِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي أَوْ لِعُمَرَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَانِي فَحَدَّثْتُهُ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَكَذَّبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَهُ، فَأَصَابَنِي هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِي البَيْتِ، فَقَال لِي عَمِّي: مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَتَكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1] فَبَعَثَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ". [4901، 4902، 4903، 4904 - مسلم: 2772 - فتح: 8/ 644] (كنت في غزاة) هي غزوة تبوك (ذكرت ذلك لعمي) هو سعد بن عبادة. 2 - باب {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المنافقون: 2] يَجْتَنُّونَ بِهَا 4901 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ مَعَ عَمِّي، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا، وَقَال أَيْضًا: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي، فَذَكَرَ عَمِّي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَصَدَّقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَنِي، فَأَصَابَنِي هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1] إِلَى قَوْلِهِ {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} [المنافقون: 7] إِلَى قَوْلِهِ {لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} [المنافقون: 8] فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيَّ، ثُمَّ قَال: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ". [4901، 4902، 4903، 4904 - مسلم: 2772 - فتح: 8/ 644] (باب {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً}) لفظ: (باب) ساقط من نسخة. (يجتنون بها) أي: يستترون بها.

3 - باب قوله {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون (3)} [المنافقون: 3]

3 - باب قَوْلِهِ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)} [المنافقون: 3] (باب) ساقط من نسخة. {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)}) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 4902 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، قَال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ القُرَظِيَّ، قَال: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، وَقَال أَيْضًا: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ، أَخْبَرْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلامَنِي الأَنْصَارُ، وَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ مَا قَال ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ إِلَى المَنْزِلِ فَنِمْتُ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ، وَنَزَلَ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا} [المنافقون: 7] " الآيَةَ وَقَال ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 4900 - مسلم: 2772 - فتح: 8/ 646] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. - باب {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون: 4] (باب) ساقط من نسخة. ({وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ}) ساق في نسخة الآية بتمامها، وفي أخرى: " {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} الآية". 4903 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ لِأَصْحَابِهِ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى

4 - باب قوله {وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون} [المنافقون: 5]

يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، وَقَال: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَسَأَلَهُ، فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ، قَالُوا: كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِمَّا قَالُوا شِدَّةٌ، حَتَّى " أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقِي فِي: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1] فَدَعَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ"، وَقَوْلُهُ: {خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4] قَال: كَانُوا رِجَالًا أَجْمَلَ شَيْءٍ. [انظر: 4900 - مسلم: 2772 - فتح: 8/ 647] (فاجتهد يمينه) أي: بذل وسعه وبالغ فيها. 4 - باب قَوْلِهِ {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [المنافقون: 5]. حَرَّكُوا، اسْتَهْزَءُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ لَوَيْتُ". 4904 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَال: كُنْتُ مَعَ عَمِّي فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، يَقُولُ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا، وَلَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي، فَذَكَرَ عَمِّي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَانِي فَحَدَّثْتُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، وَكَذَّبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَهُمْ، فَأَصَابَنِي غَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي، وَقَال عَمِّي: مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَتَكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1] وَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا، وَقَال: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ". [انظر: 4900 - مسلم: 2772 - فتح: 8/ 648] (باب) ساقط من نسخة. {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ} إلى قوله: ({وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}) كذا في نسخة، وساق الآية بتمامها.

5 - باب قوله {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين (6)} [المنافقون: 6]

5 - باب قَوْلِهِ {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6)} [المنافقون: 6] باب) ساقط من نسخة. {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} الآية) كذا في نسخة، وساق في أخرى الآية بتمامها. 4905 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا فِي غَزَاةٍ - قَال سُفْيَانُ: مَرَّةً فِي جَيْشٍ - فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَال المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَال: فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عُمَرُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ" وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنَ المُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ، ثُمَّ إِنَّ المُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ، قَال سُفْيَانُ: فَحَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو، قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرًا: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 2506 - فتح: 8/ 650] (علي) أي: ابن عبد الله المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (في غزاة) هي غزوة بني المصطلق. (فكسع) أي: ضرب. (فإنها منتنة) أي: كلمة خبيثة. باب {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 7]. 4906 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الفَضْلِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ،

6 - باب قوله {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا}

يَقُولُ: حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالحَرَّةِ، فَكَتَبَ إِلَيَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِي، يَذْكُرُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ، وَلِأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ" وَشَكَّ ابْنُ الفَضْلِ فِي: "أَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ"، فَسَأَلَ أَنَسًا بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ، فَقَال: هُوَ الَّذِي يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا الَّذِي أَوْفَى اللَّهُ لَهُ بِأُذُنِهِ". [مسلم 2506 - فتح: 8/ 650] 6 - باب قَوْلِهِ {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} وَيَتَفَرَّقُوا (باب) ساقط من نسخة. ({هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}) كذا في نسخة، وساق في أخرى الآية بتمامها. 7 - باب قَوْلِهِ: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)} [المنافقون: 8] (باب) ساقط من نسخة. ({يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}) كذا في نسخة، وساق في أخرى الآية بتمامها. 4907 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَال المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمَّعَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا هَذَا؟ " فَقَالُوا كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَال المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" قَال جَابِرٌ: وَكَانَتِ الأَنْصَارُ حِينَ

64 - سورة التغابن

قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ، ثُمَّ كَثُرَ المُهَاجِرُونَ بَعْدُ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَوَقَدْ فَعَلُوا، وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ". [انظر: 3518 - مسلم: 2584 - فتح: 8/ 652] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه). أدخل في أصحابه عبد الله بن أبي مع أنه منافق باعتبار الظاهر؛ لنطقه بالشهادتين، وفي قتله تنفير غيره عن الإِسلام. وأحاديث أبواب هذه السور ظاهرة. 64 - سورة التَّغَابُنِ وَقَال عَلْقَمَةُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11]: "هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ". (سورة التغابن) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({التَّغَابُنِ}) هو (غبن أهل الجنة أهل النار) فالتغابن الذي هو تفاعل بمعنى الفعل هنا. (علقمة) أي: ابن قيس. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. 65 - سورةُ الطلاقِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [المائدة: 106]: "إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا: أَتَحِيضُ أَمْ لَا تَحِيضُ فَاللَّائِي قَعَدْنَ عَنِ المَحِيضِ، وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ بَعْدُ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ. {وَبَال أَمْرِهَا} جَزَاءَ أمْرِهَا. (سورة الطلاق) جمع في نسخة بين ترجمة هذا الباب وترجمة ما قبلة فقال: "سورة التغابن والطلاق" والأولى أولى. {إِنِ ارْتَبْتُمْ} أي: إن لم تعلموا أتحيض أم لا تحيض؟ ({وَبَال أَمْرِهَا}) أي: جزاء أمرها.

1 - باب

1 - باب 4908 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَال: "لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ العِدَّةُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ". [5251، 5252، 5253، 5258، 5264، 5332، 5333، 7160 - مسلم: 1471 - فتح: 8/ 653] (يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير. (كما أمر الله) زاد في نسخة: "عزَّ وجلَّ". 2 - باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4] {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} وَاحِدُهَا: ذَاتُ حَمْلٍ. (باب) ساقط من نسخة. ({وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}) ترجمة، وقوله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} ..) إلخ ساقط من نسخة. 4909 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ عِنْدَهُ، فَقَال: أَفْتِنِي فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً؟ فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الأَجَلَيْنِ، قُلْتُ أَنَا: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي - يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ - فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلامَهُ كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا، فَقَالتْ: "قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا". [5318 - مسلم: 1485 - فتح: 8/ 653]

66 - سورة التحريم

(بعد زوجها) أي: بعد وفاته. (آخر الأجلين) أي: هو آخرهما نزولًا عن آية {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] فهي ناسخة لتلك، والأوجه أنها مخصصة لها، وعليه فتخصيصها لا يختص بتأخرها، بل لو كانت سابقة كانت مخصصة لها أيضًا. 4910 - وَقَال سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَال: كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ، فَذَكَرُوا لَهُ فَذَكَرَ آخِرَ الأَجَلَيْنِ، فَحَدَّثْتُ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَال: فَضَمَّزَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِهِ، قَال مُحَمَّدٌ: فَفَطِنْتُ لَهُ فَقُلْتُ: إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الكُوفَةِ، فَاسْتَحْيَا وَقَال: لَكِنْ عَمُّهُ لَمْ يَقُلْ ذَاكَ، فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ فَسَأَلْتُهُ فَذَهَبَ يُحَدِّثُنِي حَدِيثَ سُبَيْعَةَ، فَقُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِيهَا شَيْئًا؟ فَقَال: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَال: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ، وَلَا تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ، لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ القُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]. [انظر: 4532 - فتح: 8/ 654] (لنزلت سورة النساء القصرى) يعني: سورة الطلاق وفيها آية ({وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} ولام (لنزلت) لام قسم محذوف. (بعد الطولى) يعني: سورة البقرة، وفيها آية: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ}. 66 - سُورةُ التحريم (سورة التحريم) في نسخة: "سورة {لِمَ تُحَرِّمُ} " وفي أخرى: "سورة المتحرم" (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. 1 - باب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} [التحريم: 1]

(باب) ساقط من نسخة. ({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}). أي: من شرب العسل، أو مارية القبطية. 4911 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ حَكِيمٍ هُوَ يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "فِي الحَرَامِ يُكَفَّرُ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: " (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ". [5266 - مسلم: 1473 - فتح: 8/ 656] (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن ابن حكيم) في نسخة: "عن يعلى" بن حكيم". (في الحرام) أي: في قوله: هذا علي حرام، أو أنت علي حرام. (يكفر) بكسر الفاء المشددة أي: كفارة يمين. 4912 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَوَاطَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ عَلَى، أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، قَال: "لَا، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ، لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا". [5216، 5267، 5268، 5431، 5599، 5614 , 5682 , 6691, 6972 - مسلم: 1474 - فتح: 8/ 656] (فواطأت) بهمزة ساكنة، وفي نسخة: "فواطيت" بياء بدل الهمزة، وفي أخرى: "فتواطأت" بتاء بعد الفاء أي: توافقت. (أنا وحفصة) وأنهما وقع منهما ذلك مع أنه حرام؛ لغلبة المغيرة على النساء وهو صغيرة. (أكلت) فيه استفهام مقدر أي: أأكلت. (مغافير) بفتح الميم وبمعجمة جمع مغفور بضم الميم، وقيل: مغفر، وقيل: مغفار بكسرها فيهما وهو صمغ حلو له رائحة كريهة ينضحه شجر يسمى: العرفط.

2 - باب {تبتغي مرضات أزواجك} [التحريم: 1]

(قال: لا) أي: ما أكلتها، (ولكني كنت أشرب) إلخ واختلف في التي شرب عندها العسل فقيل: زينب وهو ما في الحديث، وقيل: حفصة (¬1)، وقيل: سودة (¬2). 2 - باب {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1]. {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2]. (باب) ساقط من نسخة. ({تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}) .. إلخ. 4913 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ أَنَّهُ قَال: مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ، حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ، قَال: فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْوَاجِهِ؟ فَقَال: تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ، قَال: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ، قَال: فَلَا تَفْعَلْ مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَاسْأَلْنِي، فَإِنْ كَانَ لِي عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ بِهِ، قَال: ثُمَّ قَال عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا فِي الجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ، قَال: فَبَيْنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ، إِذْ قَالتِ امْرَأَتِي: لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا، قَال: فَقُلْتُ لَهَا: مَا لَكَ، وَلِمَا هَا هُنَا وَفِيمَ تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ، فَقَالتْ لِي: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَقَال لَهَا: يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ. ¬

_ (¬1) دل عليه رواية ستأتي برقم (5268) كتاب: الطلاق، باب: لم تحرم ما أحل الله لك. (¬2) دل عليه حديث رواه ابن أبي حاتم 10/ 3362 (18920).

فَقَالتْ حَفْصَةُ: وَاللَّهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ، فَقُلْتُ: تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللَّهِ، وَغَضَبَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَا بُنَيَّةُ لَا يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قَال: ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا، فَكَلَّمْتُهَا فَقَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَبْتَغِيَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ، فَأَخَذَتْنِي وَاللَّهِ أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا، وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غِبْتُ أَتَانِي بِالخَبَرِ، وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالخَبَرِ، وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا، فَقَدِ امْتَلَأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ، فَإِذَا صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَدُقُّ البَابَ، فَقَال: افْتَحِ افْتَحْ فَقُلْتُ: جَاءَ الغَسَّانِيُّ، فَقَال: بَلْ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجَهُ، فَقُلْتُ: رَغَمَ أَنْفُ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ، فَأَخَذْتُ ثَوْبِي فَأَخْرُجُ حَتَّى جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ يَرْقَى عَلَيْهَا بِعَجَلَةٍ، وَغُلامٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: قُلْ: هَذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فَأَذِنَ لِي، قَال عُمَرُ: فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الحَدِيثَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ، فَقَال: "مَا يُبْكِيكَ؟ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَال: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ؟ ". [انظر: 89 - مسلم: 1479 - فتح: 8/ 657] (يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري (تظاهرتا) أي: تعاونتا. (فقال: تلك) الأَوْلى هما (والله إن كنت أريد) في نسخة: "لاريد" بلام التأكيد وإن مخففة من الثقيلة (والله إن كن) إن: لتأكيد النفي المفاد من الكلام. (لا) مخففة من الثقيلة لعدم اللام و (لا) نافية وإلا لزم ثبوت فيما قاله؛ لأن نفي النفي إثبات (أتأمره)

3 - باب {وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير (3)} [التحريم: 3]

أي: أتفكر فيه (يرقى) أي: يصعد (وغلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هو رباح. (قرظا) هو ورق السلم الذي يدبغ به. (أهب) بفتح الهمزة والهاء وبضمها جمع إهاب: وهو الجلد الذي لم يدبغ. 3 - باب {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَال نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)} [التحريم: 3] فِيهِ: عَائِشَةُ، عَنِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -. [انظر: 4912] (باب {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا}) .. إلخ لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 4914 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَمَا أَتْمَمْتُ كَلامِي حَتَّى قَال: "عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ". [انظر: 89 - مسلم: 1479 - فتح: 8/ 659] 4915 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ المَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَكَثْتُ سَنَةً، فَلَمْ أَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُ حَاجًّا، فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرَانَ ذَهَبَ عُمَرُ لِحَاجَتِهِ، فَقَال: أَدْرِكْنِي بِالوَضُوءِ فَأَدْرَكْتُهُ بِالإِدَاوَةِ، فَجَعَلْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ المَاءَ، وَرَأَيْتُ مَوْضِعًا فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا؟ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمَا أَتْمَمْتُ كَلامِي حَتَّى قَال: "عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ". [انظر: 89 - مسلم: 1479 - فتح: 8/ 659] (علي) أي: ابن المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة، وحديث الباب ظاهر.

4 - باب قوله {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} [التحريم: 4]

4 - باب قَوْلِهِ {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]. صَغَوْتُ وَأَصْغَيْتُ: مِلْتُ {لِتَصْغَى} [الأنعام: 113]: لِتَمِيلَ {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ، وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ وَالمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]: عَوْنٌ تَظَاهَرُونَ تَعَاوَنُونَ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ} [التحريم: 6]: "أَوْصُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأَدِّبُوهُمْ". (باب) ساقط من نسخة. ({إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}). فسر ({صَغَتْ}) بقوله. (صغوت وأصغيت: ملت) فالفعل ثلاثي مجرد وثلاثي مزيد فيه (¬1). ({وَلِتَصْغَى}) أي: (لتميل) ذكره هنا مع أنه في سورة الأنعام؛ لمناسبته {صَغَتْ} ({ظَهِيرٌ}) أي: (عون) (تظاهرون) أي: (تعاونون) أصله: يتعاونون ({قُوا أَنْفُسَكُمْ}) في نسخة: "أوصوا أنفسكم" بفتح الهمزة من الإيصاء. (بتقوى الله) بَيَّن به متعلق (أوصوا). (وأدّبوهم). عطف على الفعل، والضمير للأهل أو للأنفس والأهل وعليه كان الأولى وأدبوهما. (سفيان) أي: ابن عيينة. (بظهران) هو موضع بين مكة والمدينة (¬2). 5 - باب قَوْلِهِ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)} [التحريم: 5] (باب) ساقط من نسخة. {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا ¬

_ (¬1) في حاشية على البخاري يقول: فالأول ثلاثي مجرد، والثاني ثلاثي مزيد فيه. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 4/ 63.

67 - سورة الملك

مِنْكُنَّ} الآية). ذكر في نسخة الآية بتمامها ومعنى (سائحات) فيها: صائمات، أو مهاجرات. 4916 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ "فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ". [انظر: 402 - مسلم: 2399 - فتح: 8/ 660] (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. ومرَّ حديث الباب في كتاب: الصلاة، في باب: ما جاء في القبلة (¬1). 67 - سورة المُلْكِ التَّفَاوُتُ: الاخْتِلافُ، وَالتَّفَاوُتُ وَالتَّفَوُّتُ وَاحِدٌ، {تَمَيَّزُ} [الملك: 8]: تَقَطَّعُ، {مَنَاكِبِهَا} [الملك: 15]: جَوَانِبِهَا، {تَدَّعُونَ} [الأنعام: 40]: وَتَدْعُونَ وَاحِدٌ، مِثْلُ تَذَّكَّرُونَ وَتَذْكُرُونَ، {وَيَقْبِضْنَ} [الملك: 19]: يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {صَافَّاتٍ} [النور: 41]: "بَسْطُ أَجْنِحَتِهِنَّ"، {وَنُفُورٌ} [الملك: 21]: "الكُفُورُ". (سورة تبارك الذي بيده الملك) في نسخة: "سورة الملك" وفي أخرى: "سورة تبارك". ({تَدْعُونَ}) بتشديد الدال. ({تَدْعُونَ}) بسكونها (واحد) أي: في المعنى. ({وَيَقْبِضْنَ}) أي: (يضربن بأجنحتهن). ({وَنُفُورٍ}) هو (الكفور). أي: البعد من الإيمان وهو بضم الكاف مصدر كفره يقال: كفره كفورا وكفرانا، أو جمع كفر مثل برد وبرود، والأول أنسب بما هنا. ¬

_ (¬1) سلف برقم (402) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القبلة.

68 - سورة ن القلم

68 - سورة ن القَلَمِ وَقَال قَتَادَةُ: {حَرْدٍ} [القلم: 25]: "جِدٍّ فِي أَنْفُسِهِمْ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَتَخَافَتُونَ} [طه: 103]: "يَنْتَجُونَ السِّرَارَ وَالكَلامَ الخَفِيَّ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَضَالُّونَ} [القلم: 26]: "أَضْلَلْنَا مَكَانَ جَنَّتِنَا" وَقَال غَيْرُهُ: {كَالصَّرِيمِ} [القلم: 20]: "كَالصُّبْحِ انْصَرَمَ مِنَ اللَّيْلِ، وَاللَّيْلِ انْصَرَمَ مِنَ النَّهَارِ، وَهُوَ أَيْضًا: كُلُّ رَمْلَةٍ انْصَرَمَتْ مِنْ مُعْظَمِ الرَّمْلِ، وَالصَّرِيمُ أَيْضًا: المَصْرُومُ، مِثْلُ قَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ. (سورة نون والقلم) قوله (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة ({عَلَى حَرْدٍ}) أي: (على جد في أنفسهم) وعلى في الموضعين ساقط من نسخة. (وقال ابن عباس) ({يَتَخَافَتُونَ}) أي: (ينتجون) بضم الياء (السار والكلام الخفي). أي: ينشؤنها فالمراد بالتخافت: الإسرار. قال الجوهري: المخافتة والتخافت: إسرار المنطق (¬1) وقوله: (وقال ابن عباس) إلخ ساقط من نسخة. (قال ابن عباس {إِنَّا لَضَالُّونَ}) أي: (أضللنا مكان جنتنا) ({تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}): ترخص فيرخصون، (مكظوم، وكطيم: مغموم) ساقط من نسخة. 1 - باب {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)} [القلم: 13] (باب) ساقط من نسخة. ({عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)}) أي: دعي ينتسب إلى قوم ليس منهم مأخوذ من زنمتي الشاة وهما المتدليتان من تحت حنكها. 4917 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 13] قَال: "رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ زَنَمَةٌ مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ". [فتح: 8/ 662] ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [خفت] 1/ 248.

2 - باب {يوم يكشف عن ساق} [القلم: 42]

(محمود) أي: ابن غيلان. (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي حصين) هو عثمان بن عاصم الأسدي. (رجل من قريش) هو الوليد بن المغيرة أو الأسود بن عبد يغوث، أو عبد الرحمن بن الأسود، أو أبو جهل عمرو بن هشام. (مثل زنمة الشاة) أي: مثل ذنمتيها، أو مثل إحديهما. 4918 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، قَال: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الخُزَاعِيَّ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ: كُلُّ عُتُلٍّ، جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ". [6071، 6657 - مسلم: 2853 - فتح: 8/ 662] (أبو نعيم). هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (متضعف) بكسر العين أي: متواضع وبفتحها أي: يستضعفه الناس ويحتقرونه (كل عتل) أي: (جواظ مستكبر) وقال غيره أي: كل فظ غليظ والفظ: سيء الخلق، والغليظ: كبير الجثة. 2 - باب {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] (باب) ساقط من نسخة. ({يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}) أي: عن أمر شديد. 4919 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، فَيَبْقَى كُلُّ مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ، فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا". [انظر: 22 - مسلم: 183 - فتح: 8/ 663] (آدم) أي: ابن أبي إياس.

69 - سورة الحاقة

(عن ساقه) هو نور عظيم كما في رواية (¬1)، أو شدة، وأمر مهول. (طبقًا واحدا) أي: لا ينثني للسجود. 69 - سورة الحَاقَّةِ {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]: "يُرِيدُ فِيهَا الرِّضَا"، {القَاضِيَةَ} [الحاقة: 27]: "المَوْتَةَ الأُولَى الَّتِي مُتُّهَا لَمْ أُحْيَ بَعْدَهَا"، {مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 47]: "أَحَدٌ يَكُونُ لِلْجَمْعِ وَلِلْوَاحِدِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {الوَتِينَ} [الحاقة: 46]: "نِيَاطُ القَلْبِ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {طَغَى} [طه: 24]: "كَثُرَ، وَيُقَالُ: {بِالطَّاغِيَةِ} [الحاقة: 5]: بِطُغْيَانِهِمْ، وَيُقَالُ: طَغَتْ عَلَى الخَزَّانِ كَمَا طَغَى المَاءُ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ. {أَعْجَازُ نَخْلٍ} أُصُولُهَا {بَاقِيَةٍ} بَقِيَّةٍ. (سورة الحاقة) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة (وقال ابن جبير) إلى آخره ساقط من نسخة (أحد يكون للجمع وللواحد) أي: والمراد هنا الجمع لوصفه بـ (حاجزين). 70 - سورة سَأَلَ سَائِلٌ الفَصِيلَةُ: أَصْغَرُ آبَائِهِ القُرْبَى، إِلَيْهِ يَنْتَمِي مَنِ انْتَمَى، {لِلشَّوَى} [المعارج: 16]: اليَدَانِ وَالرِّجْلانِ وَالأَطْرَافُ، وَجِلْدَةُ الرَّأْسِ يُقَالُ لَهَا شَوَاةٌ، ¬

_ (¬1) رواها: أبو يعلى في: "مسنده" 13/ 269 (7283). وابن جرير في: "تفسيره" 12/ 200 (34688). والبيهقي في: "الأسماء والصفات" 2/ 187 (752) باب: ما ذكر في الساق. وأورده الهيثمي في: "مجمع الزوائد" 7/ 128 كتاب: التفسير وقال: رواه أبو يعلى، وفيه روح بن جناح، وثقة دحيم، وقال فيه: ليس بالقوي، وبقية رجاله ثقات. وقال عنه الألباني في: "الضعيفة" (1339): منكر.

71 - سورة نوح

وَمَا كَانَ غَيْرَ مَقْتَلٍ فَهُوَ شَوًى، عِزِينَ وَالعِزُونَ: الحِلَقُ وَالجَمَاعَاتُ، وَوَاحِدُهَا عِزَةٌ. (سورة سأل سائل) وتسمى سورة المعارج (الفصيلة) هي (أصغر آبائه) (القربي). أي: عشيرته الأدنون. ({لِلشَّوَى}) جمع شواة كما أشار إليه بقوله. (اليدان) إلى آخره وقوله (يقال لها) أي: لكل منها، وقال غيره {لِلشَّوَى} أي: لجلد الرأس (¬1)، وقيل: لمحاسن الوجه (¬2) وقيل: للعصب والعقب (¬3) وقيل: للأطراف اليدين والرجلين والرأس (¬4)، وقيل: للحمٍ دون العظم (¬5). (والعزون) المأخوذ من قوله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} هم الجماعات. 71 - سورة نُوحٍ {أَطْوَارًا} [نوح: 14]: "طَوْرًا كَذَا وَطَوْرًا كَذَا، يُقَالُ: عَدَا طَوْرَهُ أَيْ قَدْرَهُ، وَالكُبَّارُ أَشَدُّ مِنَ الكِبَارِ، وَكَذَلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ لِأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالغَةً، وَكُبَّارٌ الكَبِيرُ، وَكُبَارًا أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ، وَالعَرَبُ تَقُولُ: رَجُلٌ حُسَّانٌ وَجُمَّالٌ وَحُسَانٌ، مُخَفَّفٌ. وَجُمَالٌ، مُخَفَّفٌ ¬

_ (¬1) دل عليه حديث رواه ابن جرير في: "تفسيره" 12/ 232 (34883) وعزاه السيوطي في: "الدر المنثور" 6/ 418 لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬2) دل عليه حديث رواه ابن جرير في: "تفسيره" 12/ 232 (34892). وعزاه السيوطي في: "الدر المنثور" 6/ 418 لعبد بن حميد وابن المنذر. (¬3) دل عليه حديث رواه ابن أبي شيبة 7/ 78 كتاب: ذكر النار. وابن جرير في: "تفسيره" 12/ 232 (34888). (¬4) دل عليه حديث رواه ابن أبي شيبة 7/ 78 كتاب: ذكر النار، وعزاه السيوطي في: "الدر المنثور" 6/ 419 لابن المنذر. (¬5) دل عليه حديث رواه ابن جرير في: "التفسير" 12/ 232 (34887).

1 - باب {ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق} [نوح: 23]

{دَيَّارًا} [نوح: 26]: مِنْ دَوْرٍ، وَلَكِنَّهُ فَيْعَالٌ مِنَ الدَّوَرَانِ " كَمَا قَرَأَ عُمَرُ: "الحَيُّ القَيَّامُ: وَهِيَ مِنْ قُمْتُ " وَقَال غَيْرُهُ: {دَيَّارًا} [نوح: 26]: "أَحَدًا"، {تَبَارًا} [نوح: 28]: "هَلاكًا" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {مِدْرَارًا} [الأنعام: 6]: "يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا"، {وَقَارًا} [نوح: 13]: "عَظَمَةً". (سورة إنا أرسلنا) في نسخة: "سورة نوح". (عدا طوره أي: قدره) أي: جاوزه (والكبار) بتشديد الموحدة. (أشد) أي: أبلغ. (من الكبار) بتخفيفها. ({دَيَّارًا}) مأخوذ (من دور لكنه فيعال) إذ أصله ديوار فأبدلت الواو ياءً، وأدغمت الياء في الياء، ولو قيل: دوارًا، كما قرأ به عمر، لقيل: فعال وعلى ما قررته ينزل كلام البخاري ({تَبَارًا}) أي: (هلاكا). ({وَقَارًا}) أي: (عظمة). 1 - باب {وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ} [نوح: 23] (باب) ساقط من نسخة. ({وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ}) ساقط من أخرى. وصرف بعضهم يغوث ويعوق؛ لمناسبة ما قبلهما، ومنع صرفها الجمهور، للعلمية والعجمة أو للعلمية والوزن إن كانا عربيين. 4920 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَقَال عَطَاءٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي العَرَبِ بَعْدُ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ، عِنْدَ سَبَإٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الكَلاعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ، أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ". [فتح: 8/ 667]

(عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (بعد) أي: بعد الطوفان. (كانت لكلب) جواب (أما) بحذف الفاء فيه وفيما يليه وهو جائز (¬1)، (وكلب) هو ابن وبرة بن قضاعة. (بدومة الجندل) بفتح دال دومة، وفي نسخة: بضمها، والجندل: مدينة من الشام مما يلي العراق (¬2). (لهذيل) بضم الهاء وفتح المعجمة أي: ابن مدركة بن إلياس بن مضر. (لمراد) هو أبو قبيلة من اليمن. (ثم لبني غطيف) بضم المعجمة وفتح المهملة بطن من مراد. (بالجرف) بجيم مفتوحة المطهر من الأرض، أو واد باليمن. (عند سبأ) هي مدينة بلقيس. (لهمدان) بسكون الميم: قبيلة لحمير بكسر المهملة وسكون الميم أبو قبيلة. (ذي الكلاع) بفتح الكاف: اسم ملك من ملوك اليمن. (أسماء رجال) أي: هذه الخمسة أسماء رجال. (فلما هلكوا) ¬

_ (¬1) النحاة في حذف الفاء من جواب أما على قولين: أحدهما: أن الفاء لا تحذف إلا في ضرورة أو ندور أو مع قولٍ أغنى عنه المحكيُّ به - فالأول نحو قول الشاعر: فأما الصدور لا صدور لجعفر ... ولكن أعجازًا شديدًا صريرها والثاني نحو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما بعد، ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله" والثالث نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} وهذا كله مذهب الجمهور. الثاني: أن الفاء يجوز حذفها في الاختيار، وهذا اختيار ابن مالك ومذهبه، واستشهد عليه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أما بعدما بال رجال .. " وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أما موسى كأني أنظر إليه" وغير ذلك كثير. وظاهر كلام المصنف هو اختيار مذهب ابن مالك ومتابعته إذ أجاز حذف الفاء من جواب أما وقال: وهو جائز. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 2/ 487.

72 - سورة قل أوحي إلي

أي: الرجال الصالحون. (إلى مجالسهم) أي: إلى جهتها، أو عليها، فـ (إلى) بمعنى: على. (أنصابًا) جمع نصب وهو ما نصب؛ لغرض كالعبادة. (حتى إذا هلك أولئك) أي: الذين نصبوها و (تنسخ) بضم الفوقية والنون وكسر المهملة المشددة أي: تغير، وفي نسخة: "ونسخ العلم بها" بحيث لا يعرف (عبدت) حينئذ. 72 - سُورَةُ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {لِبَدًا} [الجن: 19]: "أَعْوَانًا". (سورة قل أوحي). وتسمى سورة الجن. ({لِبَدًا}) أي: (أعوانا). 4921 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَال: مَا حَال بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إلا مَا حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي حَدَثَ، فَانْطَلَقُوا فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، يَنْظُرُونَ مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي حَال بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، قَال: فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلَةَ، "وَهُوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلاةَ الفَجْرِ فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ تَسَمَّعُوا لَهُ"، فَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَال بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 2] " وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} [الجن: 1] وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ. [انظر: 773 - مسلم: 449 - فتح: 8/ 669] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (عكاظ) بالصرف وعدمه موسم معروف للعرب.

73 - سورة المزمل

ومرَّ الحديث بشرحه في الصلاة في باب: الجهر بقراءة صلاة الصبح (¬1). 73 - سورة المُزَّمِّلِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {وَتَبَتَّلْ} [المزمل: 8]: "أَخْلِصْ" وَقَال الحَسَنُ: {أَنْكَالًا} [المزمل: 12]: "قُيُودًا"، {مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: 18]: "مُثْقَلَةٌ بِهِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَثِيبًا مَهِيلًا} [المزمل: 14]: "الرَّمْلُ السَّائِلُ وَبِيلًا شَدِيدًا". (سورة المزمل). ({وَتَبَتَّلْ}) أي: (أخلص) وقال غيره: أي: انقطع ومنه امرأة بتول أي: انقطعت عن النكاح، وتبتلت الحبل قطعته. ({وَبِيلًا}) أي: شديدًا. 1 - باب 74 - سورة المُدَّثِّرِ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {عَسِيرٌ} [المدثر: 9]: "شَدِيدٌ"، {قَسْوَرَةٌ} [المدثر: 51]: "رِكْزُ النَّاسِ وَأَصْوَاتُهُمْ، وَكُلُّ شَدِيدٍ قَسْوَرَةٌ" وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: القَسْوَرَةُ: "قَسْوَرٌ الأَسَدُ، الرِّكْزُ: الصَّوْتُ"، {مُسْتَنْفِرَةٌ} [المدثر: 50]: "نَافِرَةٌ مَذْعُورَةٌ". (سورة المدثر). قوله (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). ساقطة من نسخة. 1 - باب: ({قَسْوَرَةٍ}) أي: (ركز الناس وأصواتهم). والركز الحسن ففسر ({قَسْوَرَةٍ}) بما ذكره، وفسره غيره بالأسد كما ذكره بقوله: (وقال أبو هريرة: ..) إلخ. ¬

_ (¬1) سلف برقم (773) كتاب: الصلاة، باب: الجهر بقراءة صلاة الفجر.

2 - باب قوله {قم فأنذر} [المدثر: 2]

4922 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، قَال: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] قُلْتُ: يَقُولُونَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] فَقَال أَبُو سَلَمَةَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ ذَلِكَ، وَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ الَّذِي قُلْتَ: فَقَال جَابِرٌ: لَا أُحَدِّثُكَ إلا مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ عَنْ شِمَالِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ أَمَامِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ شَيْئًا، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، قَال: فَدَثَّرُونِي وَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، قَال: فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1 - 3] ". [انظر: 4 - مسلم: 161 - فتح: 8/ 676] (يحيى) أي: ابن موسى البلخي، أو ابن أبي جعفر (جواري) بكسر الجيم أي: اعتكافي وليس في الحديث أن أول ما نزل {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} وإنما استخرج ذلك جابر باجتهاده وظنه، فلا يعارض الحديث الصحيح الصريح السابق أول الكتاب أنه: {اقْرَأْ} (¬1) وهو ما عليه الجمهور، أو يقال: إن لفظ: (أول) حقيقي وإضافي فـ {اقْرَأْ} حقيقي و {الْمُدَّثِّرُ} إضافي أي: بالإضافة إلى ما نزل بعدها. 2 - باب قَوْلُهُ {قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 2] 4923 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَغَيْرُهُ، قَالا: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (3) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

3 - باب قوله {وربك فكبر (3)} [المدثر: 3]

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ" مِثْلَ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ المُبَارَكِ. [انظر: 4 - مسلم: 161 - فتح: 8/ 677] ({قُمْ فَأَنْذِرْ (2)}) ترجمة. (وغيره) هو أبو دواد الطيالسي (مثل حديث عثمان بن عمر عن علي بن المبارك) لم يخرج البخاري رواية عثمان المذكور التي أحال عليها وهي مذكورة في مسلم (¬1). 3 - باب قَوْلِهِ {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} [المدثر: 3] 4924 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَرْبٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَال: سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ: أَيُّ القُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ؟ فَقَال: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} [المدثر: 1]، فَقُلْتُ: أُنْبِئْتُ أَنَّهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]، فَقَال أَبُو سَلَمَةَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ القُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ؟ فَقَال: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] فَقُلْتُ: أُنْبِئْتُ أَنَّهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]، فَقَال: لَا أُخْبِرُكَ إلا بِمَا قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جَاوَرْتُ فِي حِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ، فَاسْتَبْطَنْتُ الوَادِيَ فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي، وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1 - 3] ". [انظر: 4 - مسلم: 161 - فتح: 8/ 677] {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)}. ترجمة. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث (حرب) أي: ابن شداد (يحيى) أي: ابن أبي كثير، وهذا طريق في حديث جابر السابق آنفا. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (161) -258 - كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

4 - باب قوله: {وثيابك فطهر (4)} [المدثر: 4]

4 - باب قَوْلِهِ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} [المدثر: 4] (باب) ساقط من نسخة. (وثيابك فطهر) أي: عن النجس. 4925 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَال الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ، فَقَال فِي حَدِيثِهِ: "فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} إِلَى (وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ) [المدثر: 1 - 5] قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلاةُ وَهِيَ الأَوْثَانُ - قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ- وَهْيَ الأَوْثَانُ". [انظر: 4 - مسلم: 161 - فتح: 8/ 678] (عقيل) أي: ابن أبي خالد. (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (فجئثت) بضم الجيم وفتحها أي: فزعت. 5 - باب قَوْلِهِ: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} [المدثر: 5] يُقَالُ: الرِّجْزُ وَالرِّجْسُ العَذَابُ. (باب) ساقط من نسخة. ({وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)}) أي: دم على هجره. 4926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ " فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُونِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ}

75 - سورة القيامة

[المدثر: 1 - 5] إِلَى قَوْلِهِ {فَاهْجُرْ} -قَال أَبُو سَلَمَةَ: وَالرِّجْزَ الأَوْثَانَ- ثُمَّ حَمِيَ الوَحْيُ وَتَتَابَعَ". [انظر: 4 - مسلم: 161 - فتح: 8/ 679] (حتى هويت) بفتح الواو أي: سقطت. 75 - سُورَةُ القِيَامةِ 1 - باب وَقَوْلُهُ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} [القيامة: 16] وَقَال ابن عَبَّاسٍ: {سُدًى} [القيامة: 36] هَمَلًا {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} [القيامة: 5] سَوْفَ أَتُوبُ، سَوْفَ أَعْمَلُ {لَا وَزَرَ} [القيامة: 11]: لَا حِصْنَ. (سورة القيامة) ({لِتَعْجَلَ بِهِ}) أي: مخافة أن يتفلت منك. (سُدًى}) أي: (هملا).) ({لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ}) أي: (سوف أتوب ثم أعمل) هو منقول عن ابن عباس، وحاصله: أن الإنسان يريد أن يدوم على فجوره فيما يستقبله من الزمان، ويقول: سوف أتوب، سوف أعمل عملًا صالحًا. ({لَا وَزَرَ}) أي: (لا حصن) أي: لا ملجأ. 4927 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ وَكَانَ ثِقَةً، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ حَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ - يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16]. [انظر: 5 - مسلم: 448 - فتح: 8/ 680] (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. ومرَّ الحديث في بدء الوحي (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (5) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

2 - باب {إن علينا جمعه وقرآنه (17)} [القيامة:17]

2 - باب {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} [القيامة: 17] 4928 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16] قَال: وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "كَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16] يَخْشَى أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْهُ، {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} [القيامة: 17] وَقُرْآنَهُ، أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ وَقُرْآنَهُ، أَنْ تَقْرَأَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} [القيامة: 18] يَقُولُ: أُنْزِلَ عَلَيْهِ: {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 18 - 19]: أَنْ نُبَيِّنَهُ عَلَى لِسَانِكَ. [انظر: 5 - مسلم: 448 - فتح: 8/ 681] (باب) ساقط من نسخة {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} أي: علينا بمقتضى الوعد جمع القرآن وقراءته، فقراءته مصدر مضاف للمفعول {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} أن نبينه على لسانك) استدل به على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب. 3 - باب قَوْلِهِ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)} [القيامة: 18] قَال ابن عَبَّاس: {قَرَأْنَاهُ} [القيامة: 18]: بَيَّنَّاهُ {فَاتَّبِعْ} [القيامة: 18]: اعْمَلْ بِهِ. (باب) ساقط من نسخة. ({فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)}) فإذا قرأناه عليك بلسان جبريل فاتبع قرآنه. 4929 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16]، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالوَحْيِ، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِي فِي: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ

76 - سورة هل أتى على الإنسان

وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 16، 17] قَال: عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ، {وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 17]: فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19]: عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ، قَال: فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 34] تَوَعُّدٌ". [انظر: 5 - مسلم: 448 - فتح: 8/ 682] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (أطرق) أي: سكت. {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34)} توعد) أشار به إلى جملة: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)} وفسرها بقوله: (توعد) أي: هذا وعيد من الله تعالى علي وعيد لأبي جهل، وهي كلمة موضوعة؛ للتهديد والوعيد، وقيل: أولى مقلوب ويل من الويل، كما يقال ما أطيبه، وأيطبه، وعليه فالمعنى: كأنه يقول لأبي جهل: الويل لك يوم تحيى، والويل لك يوم تموت، والويل لك يوم تبعث، والويل لك يوم تدخل النار. 76 - سورة هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ يُقَالُ: مَعْنَاهُ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ، وَهَلْ تَكُونُ جَحْدًا، وَتَكُونُ خَبَرًا، وَهَذَا مِنَ الخَبَرِ، يَقُولُ: كَانَ شَيْئًا، فَلَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا، وَذَلِكَ مِنْ حِينِ خَلَقَهُ مِنْ طِينٍ إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ، {أَمْشَاجٍ} [الإنسان: 2]: الأَخْلاطُ، مَاءُ المَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ، الدَّمُ وَالعَلَقَةُ، وَيُقَالُ: إِذَا خُلِطَ مَشِيجٌ كَقَوْلِكَ: خَلِيطٌ، وَمَمْشُوجٌ مِثْلُ: مَخْلُوطٍ، وَيُقَالُ: (سَلاسِلًا وَأَغْلالًا): وَلَمْ يُجْرِ بَعْضُهُمْ، {مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: 7]: مُمْتَدًّا البَلاءُ، وَالقَمْطَرِيرُ: الشَّدِيدُ، يُقَالُ: يَوْمٌ قَمْطَرِيرٌ وَيَوْمٌ قُمَاطِرٌ، وَالعَبُوسُ وَالقَمْطَرِيرُ وَالقُمَاطِرُ وَالعَصِيبُ: أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ

77 - سورة والمرسلات

الأَيَّامِ فِي البَلاءِ. وَقَال مَعْمَرٌ: {أَسْرَهُمْ} [الإنسان: 28]: "شِدَّةُ الخَلْقِ، وَكُلُّ شَيْءٍ شَدَدْتَهُ مِنْ قَتَبٍ وَغَبِيطٍ فَهُوَ مَأْسُورٌ". (سورة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة (يقال: معناه أتى علي الإنسان) ظاهره: أن (هل) زائدة، ويحتمل أنها مرادة، وأنه بيَّنها بقوله. (وهل تكون جحدًا) أي: نفيًا (وتكون خبرًا) أي: إثباتا يخبر بها عن أمر مقدر فيكون بمعنى: قدر، وهو المراد هنا كما أشار إليه بقوله. (وهذا) أي: لفظها هنا. من الخبر والمراد بالإنسان: آدم (يقول) أي: الله: كان شيئًا ولم يكن مذكورا، بل كان نسيا منسيا. (وذلك من حين خلقه من طين إلى أن نفخ فيه الروح). وهو المراد بقوله تعالى: {حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} وهو أربعون سنة وفي نسخة: بدل (قوله تعالى) "وقال يحيى" أي: ابن زياد الفراء (وقال معمر: {أَسْرَهُمْ}: شدة الخلق) إلخ ساقط من نسخة. (أمشاج) هي (الأخلاط: ماء الرجل وماء المرأة) أي: مائهما و (الأمشاج) جمع مشيج بفتح الميم وكسرها، وقيل: جمع مَشْيج بكسر فسكون كعدل وأعدال. 77 - سورة وَالْمُرْسَلاتِ وَقَال مُجَاهِدٌ: (جِمَالاتٌ): "حِبَالٌ"، {ارْكَعُوا} [الحج: 77]: "صَلُّوا"، {لَا يَرْكَعُونَ} [المرسلات: 48]: "لَا يُصَلُّونَ" وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَا يَنْطِقُونَ} [النمل: 85]، {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23]، {اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} [يس: 65] فَقَال: "إِنَّهُ ذُو أَلْوَانٍ، مَرَّةً يَنْطِقُونَ، وَمَرَّةً يُخْتَمُ عَلَيْهِمْ". (والمرسلات) في نسخة: "سورة والمرسلات". ({جِمَالتٌ}) أي: (حبال). والمراد: حبال السفن كما ذكره بعد هذا على قراءة من

1 - باب

قرأ بضم الجيم، أما من قرأ بالكسر: فهي الإبل؛ لأنها جمع جمالة، جمع جمل (¬1). (وسئل ابن عباس {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)} ..) إلخ أي: سئل عن التوفيق بين قوله: ({لَا يَنْطِقُونَ}) و ({الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ}). وقوله: ({وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}) لدلالة الأولين علي أنهم لا ينطقون، والثالث على أنهم ينطقون. (فقال إنه) أي: يوم القيامة. (ذو ألوان) أي: أزمنة مختلفة. (مرة ينطقون) في زمن (ومرة يختم عليهم) في آخر. 1 - باب 4930 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: وَالمُرْسَلاتِ وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ، فَابْتَدَرْنَاهَا، فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا. [انظر: 1830 - مسلم: 2234 - فتح: 8/ 685] (محمود) أي: ابن غيلان. (عبيد الله) أي: ابن موسى. (من فيه) أي: من فمه. 4931 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ ¬

_ (¬1) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر عن عاصم {جِمَالتٌ}، وقرأ حمزة، والكسائي وحفص عن عاصم {جمالة}، وقرأ رويس عن يعقوب {جِمَالتٌ}. وقرأ أبو رزين وحميد وأبو حيوة {جمالة}. انظر: في زاد المسير" 8/ 451.

2 - باب قوله {إنها ترمي بشرر كالقصر (32)} [المرسلات: 32]

مَنْصُورٍ بِهَذَا. وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ، وَتَابَعَهُ أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَقَال حَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاويَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَال ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: وَالمُرْسَلاتِ فَتَلَقَّيْنَاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُمُ اقْتُلُوهَا" قَال: فَابْتَدَرْنَاهَا فَسَبَقَتْنَا، قَال: فَقَال: "وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا". [انظر: 1830 - مسلم: 2234 - فتح: 8/ 685] (عبدة) أي: الصفار الخزاعي. (وتابعه) أي: يحيى بن آدم (حفص) أي: ابن غياث. (ابن إسحاق) هو محمد صاحب المغازي. 2 - باب قَوْلِهِ {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32)} [المرسلات: 32] (باب) ساقط من نسخة. ({إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32)}) أي: من البناء في عظمها. 4932 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصَرِ} [المرسلات: 32] قَال: "كُنَّا نَرْفَعُ الخَشَبَ بِقَصَرٍ ثَلاثَةَ أَذْرُعِ أَوْ أَقَلَّ، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ القَصَرَ". [4933 - فتح: 8/ 687] (سفيان) أي: ابن عيينة (بقصر) بكسر الموحدة والقاف وفتح المهملة أي: بقدر ثلاثة أذرع.

3 - باب قوله {كأنه جمالت صفر} [المرسلات: 33]

3 - باب قَوْلِهِ {كَأَنَّهُ جِمَالتٌ صُفْرٌ} [المرسلات: 33] (باب) ساقط من نسخة. ({كَأَنَّهُ جِمَالتٌ صُفْرٌ}) جمع صفراء. 4933 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، {تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصَرِ} [المرسلات: 32]، قَال: "كُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الخَشَبَةِ ثَلاثَةَ أَذْرُعٍ، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ، فَنُسَمِّيهِ القَصَرَ، (كَأَنَّهُ جِمَالاتٌ صُفْرٌ) حِبَالُ السُّفُنِ تُجْمَعُ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ". [انظر: 4932 - فتح: 8/ 688] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري ({كَأَنَّهُ جِمَالتٌ}) .. إلى آخره هو من تتمة الحديث لا مدرج كما قيل. 4 - باب قَوْلِهِ {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)} [المرسلات: 35] 4934 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: وَالمُرْسَلاتِ فَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْتُلُوهَا" فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا" قَال عُمَرُ: حَفِظْتُهُ مِنْ أَبِي فِي غَارٍ بِمِنًى. [انظر: 1830 - مسلم: 2234 - فتح: 8/ 688] (باب) ساقط من نسخة. ({هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)}) أي: فيه. 78 - سورة عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ قَال مُجَاهِدٌ: {لَا يَرْجُونَ حِسَابًا} لَا يَخَافُونَهُ. {لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} لَا يُكَلِّمُونَهُ إلا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ. وَقَال ابن عَبَّاسٍ: {وَهَّاجًا} مُضِيئًا. {عَطَاءً حِسَابًا} جَزَاءً كَافِيًا، أَعْطَانِي مَا أَحْسَبَنِي أَيْ كَفَانِي.

1 - باب {يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا (18)} [النبأ:18]: زمرا

(سورة {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)}) وتسمى سورة النبأ ولفظ (سورة) ساقط من نسخة. وقال ابن عباس ({ثَجَّاجًا}) مُنصبا. {أَلْفَافًا} ملتفة)، ساقط من نسخة (وقال ابن عباس {وَهَّاجًا} أي: (مضيئا). 1 - باب {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18)} [النبأ: 18]: زُمَرًا. (باب) ساقط من نسخة. ({يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18)}) أي: زمرًا. 4935 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ" قَال: أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَال: أَبَيْتُ، قَال: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَال: أَبَيْتُ، قَال: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَال: أَبَيْتُ، قَال: "ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ البَقْلُ، لَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَيْءٌ إلا يَبْلَى، إلا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلْقُ يَوْمَ القِيَامَةِ". [انظر: 4814 - مسلم: 2955 - فتح: 8/ 689] (محمد) أي: ابن سلام البيكندي. (أبيت) أي: أمتنعت عن الإخبار بما لا أعلم، ومرَّ الحديث بشرحه في سورة الزمر (¬1). 79 - سورة وَالنَّازِعَاتِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {الآيَةَ الكُبْرَى} [النازعات: 20]: "عَصَاهُ وَيَدُهُ، يُقَالُ: النَّاخِرَةُ وَالنَّخِرَةُ سَوَاءٌ، مِثْلُ الطَّامِعِ وَالطَّمِعِ، وَالبَاخِلِ وَالبَخِيلِ " وَقَال بَعْضُهُمْ: "النَّخِرَةُ البَالِيَةُ، وَالنَّاخِرَةُ: العَظْمُ المُجَوَّفُ الَّذِي تَمُرُّ فِيهِ الرِّيحُ فَيَنْخَرُ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {الحَافِرَةِ} [النازعات: 10]: "الَّتِي أَمْرُنَا الأَوَّلُ إِلَى الحَيَاةِ" وَقَال غَيْرُهُ: {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [الأعراف: 187]: "مَتَى مُنْتَهَاهَا، وَمُرْسَى السَّفِينَةِ حَيْثُ تَنْتَهِي". ¬

_ (¬1) سلف برقم (4814) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}.

1 - باب

(سورة النازعات) وتسمى سورة الساهرة. ({زَجْرَةٌ}: صيحة) ساقط من نسخة. (وقال مجاهد: {تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} هي الزلزلة) ساقط من نسخة. ({سَمْكَهَا}: بناؤها بغير عمد. {طَغَى}: عصى) ساقط من نسخة. و (يقال: الناضرة والنخرة سواء) أي: في المعنى وهما قراءتان لكن بدون أل. ({أَيَّانَ مُرْسَاهَا}) أي: (متى منتهاها). 1 - باب. 4936 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا، بِالوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ "بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ". [5301، 6503 - مسلم: 2950 - فتح: 8/ 691] (بعثت والساعة) بالنصب والرفع. (قال ابن عباس: {وَأَغْطَشَ}: أظلم. {الطَّامَّةُ}: تطم كل شيء) ساقط من نسخة. 80 - سورة عَبَسَ عَبَسَ {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس: 1]: "كَلَحَ وَأَعْرَضَ" وَقَال غَيْرُهُ: {مُطَهَّرَةٍ} [البقرة: 25]: "لَا يَمَسُّهَا إلا المُطَهَّرُونَ، وَهُمُ المَلائِكَةُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات: 5]: جَعَلَ المَلائِكَةَ وَالصُّحُفَ مُطَهَّرَةً، لِأَنَّ الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ، فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ لِمَنْ حَمَلَهَا أَيْضًا، {سَفَرَةٍ} [عبس: 15]: المَلائِكَةُ وَاحِدُهُمْ سَافِرٌ، سَفَرْتُ: أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، وَجُعِلَتِ المَلائِكَةُ - إِذَا نَزَلَتْ بِوَحْيِ اللَّهِ وَتَأْدِيَتِهِ - كَالسَّفِيرِ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ

1 - باب

القَوْمِ. وَقَال غَيْرُهُ: {تَصَدَّى} [عبس: 6]: "تَغَافَلَ عَنْهُ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {لَمَّا يَقْضِ} [عبس: 23]: "لَا يَقْضِي أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {تَرْهَقُهَا} [عبس: 41]: "تَغْشَاهَا شِدَّةٌ"، {مُسْفِرَةٌ} [عبس: 38]: "مُشْرِقَةٌ"، {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} [عبس: 15] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "كَتَبَةٍ أَسْفَارًا، كُتُبًا {تَلَهَّى} [عبس: 10]: تَشَاغَلَ، يُقَالُ: وَاحِدُ الأَسْفَارِ سِفْرٌ". (سورة عبس) وتسمى سورة السفرة. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. ({عَبَسَ}) أي: (كلح) بفتح اللام أي: تكشر في عبوس. ({سَفَرَةٍ}) هم (الملائكة) (سفرت) بين القوم أي: (أصلحت بينهم) وقوله: (وقال مجاهد: الغلب: الملتف، والأب: ما يأكل الأنعام) ساقط من نسخة. ({تَصَدَّى}) أي: (تغافل عنه) وأصلهما: تتصدى وتتغافل بحذف إحدى التاءين. وقال الزمخشري: أي: يتعرض له بالإقبال عليه (¬1) وهذا هو المناسب المشهور. وقال الحافظ أبو ذر: إن تفسيره بيتغافل عنه ليس بصحيح؛ لأنه إنما يقال: تصدى للأمر إذا رفع رأسه إليه. ({لَمَّا يَقْضِ}) أي: (لا يقضي أحد ما أمر به). (ترهقها) أي: (تغشاها). ({تَلَهَّى}) أي: (تشاغل) وأصلها: تتلهى وتتشاغل بحذف إحدى التاءين تخفيفًا. 1 - باب. 4937 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَال: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى، يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ ¬

_ (¬1) "الكشاف" 4/ 545.

81 - سورة إذا الشمس كورت

القُرْآنَ، وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ، وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ". [مسلم: 798 - فتح: 8/ 691] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (مثل الذي يقرأ القرآن) لفظ: (مثل) زائد للتأكيد (وهو حافظ له) أي: ماهر فيه لا يشق عليه (فله أجران) أجر القراءة وأجر التعب، وليس المراد أن أجره أكثر من أجر الماهر؛ بل الماهر أكثر، ولذا كان مع السفرة. 81 - سورة إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ {انْكَدَرَتْ} [التكوير: 2]: "انْتَثَرَتْ" وَقَال الحَسَنُ: {سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]: "ذَهَبَ مَاؤُهَا فَلَا يَبْقَى قَطْرَةٌ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {المَسْجُورُ} [الطور: 6]: "المَمْلُوءُ" وَقَال غَيْرُهُ: {سُجِرَتْ} [التكوير: 6]: "أَفْضَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا، وَالخُنَّسُ: تَخْنِسُ فِي مُجْرَاهَا، تَرْجِعُ، وَتَكْنِسُ: تَسْتَتِرُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّبَاءُ"، {تَنَفَّسَ} [التكوير: 18]: "ارْتَفَعَ النَّهَارُ، وَالظَّنِينُ المُتَّهَمُ، وَالضَّنِينُ يَضَنُّ بِهِ" وَقَال عُمَرُ: {النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التكوير: 7]: "يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ قَرَأَ: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات: 22]، {عَسْعَسَ} [التكوير: 17]: أَدْبَرَ. (سورة {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)}) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({سُجِّرَتْ}) أي ذهب ماؤها فلا يبقى فيها قطرة (وقال مجاهد {الْمَسْجُورِ}: المملوء) ذكره هنا مع أنه في سورة الطور لمناسبته (سجرت) لفظًا؛ ليبين أن فعله من الأضداد (والخنس) وهي النجوم الخمسة بهرام، وزحل وعطارد، والزهرة، والمشتري مأخوذة من تخنس. (في مجراها) أي: ترجع وراءها {تَنَفَّسَ} أي: (ارتفع النهار) (والظنين) هو (المتهم) و (الضنين) البخيل من ضن بالشيء (يضن به)

82 - سورة إذا السماء انفطرت

أي: يبخل به. ({النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}) أي: قرنت بمثلها كما أشار إليه بقوله: (يزوج الرجل نظيره من أهل الجنة والنار) فمن هو من أهل الجنة يقرن بمثله من الرجال والنساء ومن هو من أهل النار كذلك. ({عَسْعَسَ}) أي (أدبر) ويقال عسعس اليل إذا أقبل وعسس إذا أدبر فعليه يكون مشتركًا بين الضدين. 82 - سورة إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ وَقَال الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: {فُجِّرَتْ} [الانفطار: 3]: "فَاضَتْ" وَقَرَأَ الأَعْمَشُ، وَعَاصِمٌ: {فَعَدَلَكَ} [الانفطار: 7]: "بِالتَّخْفِيفِ"، "وَقَرَأَهُ أَهْلُ الحِجَازِ بِالتَّشْدِيدِ" وَأَرَادَ: مُعْتَدِلَ الخَلْقِ، وَمَنْ خَفَّفَ يَعْنِي {فِي أَيِّ صُورَةٍ} [الانفطار: 8]: شَاءَ، إِمَّا حَسَنٌ، وَإِمَّا قَبِيحٌ، أَوْ طَويلٌ، أَوْ قَصِيرٌ". (سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)}). قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. انفطارها: انشقاقها، ويذكر عن ابن عباس (بعثرت: يخرج من فيها من الأموات، وقال غيره بعثرت: أثيرت. بعثرت حوضي: أي: جعلت أسفله أعلاه) ساقط من نسخة. (وقرأ الأعمش وعاصم بالتخفيف) لا يختص ذلك بهما، بل قراءة جميع الكوفيين (وأراد) أي: من شدد. (معتدل الخلق) بأن خلقك متناسب الأطراف فلم يجعل إحدى يديك أو رجليك أطول ولا إحدى عينيك أوسع. (ومن خفف) أدار صرفك إلى ما شاء من الهيئات والأشباه وإليه أشار بقوله. (يعني) .. إلخ. قيل: ويحتمل رجوعه إلى معنى التشديد أيضًا. (أي): عدل بعض أعضائك ببعض وهو معنى قوله: (يعني) أي: ذلك ولفظ: (في أي صورة) ... إلخ لا يكون متعلقًا به، بل هو مستأنف تفسير لقوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)}.

83 - سورة ويل للمطففين

83 - سورة وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَقَال مُجَاهِدٌ: {رَانَ} ثَبْتُ الخَطَايَا. {ثُوِّبَ} جُوزِيَ، وَقَال غَيْرُهُ: المُطَفِّفُ لَا يُوَفِّي غَيْرَهُ. (سورة {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)}) في نسخة: "سورة المطففين". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({بَلْ رَانَ} من الرين وهو (ثبت الخطايا) بسكون الموحدة وفتحها أي: ثبوتها، والمعنى: بل ثبت الخطايا وغلبت علي قلوبهم وأحاطت بها حتى غمرتها وغشيتها. (التسنيم) شراب (يعلو شراب أهل الجنة) أي: ينصب عليه من علو غرفهم ومنازلهم. (المطفف) هو من (لا يوفي غيره) حقه. 1 - باب ({يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالمِينَ (6)}) ترجمة. 4938 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالمِينَ} [المطففين: 6] "حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ". [6531 - مسلم: 2862 - فتح: 8/ 696] (معن) أي: ابن عيسى. (في رشحه) بسكون المعجمة وفتحها أي: عرقه. (إلى أنصاف أذنيه) من إضافة الجمع إلى المثنى لا إلى الجمع كما قيل وعدل عن تثنية المضاف إلى جمع كراهة اجتماع تثنيتين. 84 - سُورةُ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} قَال مُجَاهِدٌ: {كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} [الحاقة: 25]: يَأْخُذُ كِتَابَهُ مِنْ

1 - باب {فسوف يحاسب حسابا يسيرا (8)} [الانشقاق:8]

وَرَاءِ ظَهْرِهِ {وَسَقَ} [الانشقاق: 17]: جَمَعَ مِنْ دَابَّةِ. {ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14]: لَا يَرْجعَ إِلَيْنَا. (سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} لفظ: (سورة) ساقط من نسخة. ({كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ}) أي: (يأخذ كتابه من وراء ظهره) بأن تغل يمناه إلى عنقه وتخلع يسراه وراء ظهره فيأخذ بها كتابه. ({وَسَقَ}) في قوله تعالى: {وَمَا وَسَقَ} أي: (جمع من دابة ظن أن لن يحور) ترجمة (لا يرجع إلينا) تفسير لقوله: {لَنْ يَحُورَ}. 1 - باب {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8] (باب) ساقط من نسخة. {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} ساقط من أخرى. 4939 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي يُونُسَ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إلا هَلَكَ" قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 7 - 8] قَال: "ذَاكَ العَرْضُ يُعْرَضُونَ وَمَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ هَلَكَ". [انظر: 103 - مسلم: 2876 - فتح: 8/ 697] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن القاسم) أي: ابن محمد. (ذاك) بكسر الكاف أي: الحساب اليسير. (العرض يعرضون) أي: العرض الذي يعرضونه.

2 - باب {لتركبن طبقا عن طبق}

2 - باب {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19]. 4940 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] "حَالًا بَعْدَ حَالٍ"، قَال: "هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [فتح: 8/ 698] (باب) ساقط من نسخة. {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)} أي: حالًا بعد حال. كما سيأتي وأصل لتركبن: لتركبونن فحذفت نون الرفع؛ لتوالي الأمثال، والواو؛ لالتقاء الساكنين، وما ذكر في الباب ظاهر. 85 - سورة البُرُوجِ 1 - باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} قَال أَبُو العَاليَةِ: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} ارْتَفَعَ، {فَسَوَّاهُنَّ} خَلَقَهُنَّ. وَقَال مُجَاهِدٌ: {اسْتَوَى} عَلَا عَلَى العَرْشِ. وَقَال ابن عَبَّاسٍ: {الْوَدُودُ} الحَبِيبُ. {الْمَجِيدُ} الكَرِيمُ. (سورة البروج) لفظ: (سورة) ساقط من نسخة ({الْمَجِيدُ}) الكريم. ساقط من أخرى. 86 - سورة الطَّارِقِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {ذَاتِ الرَّجْعِ} سَحَابٌ يَرْجِعُ بِالْمَطَرِ {ذَاتِ الصَّدْعِ} تتصَدَّعُ بِالنَّبَاتِ. 87 - سُورةُ الأعلى وَقَال مُجَاهِدٌ: {قَدَّرَ فَهَدَى} قَدَّرَ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، وَهَدى الأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا.

1 - باب

(سورة الطارق) لفظ: (سورة) ساقط من نسخة (هو النجم وما أتاك ليلًا فهو طارق) ({النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)}: المضيء وقال مجاهد: الثاقب الذي يتوهج) ساقط من نسخة. (وقال ابن عباس: {لَقَوْلٌ فَصْلٌ}) أي: (لحق). {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} في قوله: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)} بتشديد (ما) معناه: (إلا عليها حفاظ) من الملائكة يحفظ عملها من خير وشر وبتخفيفها فهي مزيدة، وأن مخففة من الثقيلة، واسمها: محذوف أي: إنه، واللام فارقة وقوله: (وقال ابن عباس) .. إلخ ساقط من نسخة. 1 - باب. (سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} أي: نزهه عما لا يليق به، ولفظ: (اسم) زائد والأعلى صفة لربك (وقال مجاهد {قَدَّرَ فَهَدَى} قدر للإنسان الشقاء والسعادة وهدى الأنعام لمراتعها. وقال ابن عباس {غُثَاءً أَحْوَى}: هشيمًا متغيرًا) ساقط من نسخة. 4941 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَجَعَلا يُقْرِئَانِنَا القُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ، وَبِلالٌ، وَسَعْدٌ ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ ثُمَّ " جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ المَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ، فَرَحَهُمْ بِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الوَلائِدَ وَالصِّبْيَانَ، يَقُولُونَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَاءَ فَمَا جَاءَ، حَتَّى قَرَأْتُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] فِي سُوَرٍ مِثْلِهَا. [فتح: 8/ 699] (عبدان) أي: ابن عثمان. (الولائد) جمع وليدة: وهي الأمة. 88 - سورة هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَقَال ابن عَبَّاسٍ: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3)} النَّصَارى. وَقَال مُجَاهِدٌ: {عَيْنٍ آنِيَةٍ} بَلَغَ إِنَاهَا وَحَانَ شُرْبُهَا {حَمِيمٍ آنٍ} بَلَغَ

89 - سورة والفجر

إِنَاهُ"، {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً} [الغاشية: 11]: "شَتْمًا، وَيُقَالُ: الضَّرِيعُ: نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ، يُسَمِّيهِ أَهْلُ الحِجَازِ: الضَّرِيعَ إِذَا يَبِسَ، وَهُوَ سُمٌّ، {بِمُسَيْطِرٍ}: بِمُسَلَّطٍ، وَيُقْرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِيَابَهُمْ} [الغاشية: 25]: "مَرْجِعَهُمْ". (سورة {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)}) في نسخة: "سورة {هَلْ أَتَاكَ} " وفي أخرى: "هل أتاك" وفي أخرى: "سورة الغاشية". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3)}) هما (النصارى) زاد في رواية: "واليهود" و ({عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3)}) صفتان لوجوه ولا يخفى ما في تفسيرهما فيما ذكر ومن ثم فسرهما غيره بقوله: ذات نصب وتعب بالسلاسل والأغلال، ولعله أراد بالنصارى تفسير الوجوه، لكن عبارته قاصرة عن ذلك، ومعنى ({خَاشِعَةٌ}) في الآية: ذليلة. ({عَيْنٍ آنِيَةٍ}) في قوله {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5)} أي: (بلغ إناها) بكسر الهمزة وبألف غير مهموزة أي: وقتها (وحان شربها) أي: أدرك ({حَمِيمٍ آنٍ}) أي: (بلغ إناه) ذكره هنا مع أنه في سورة الرحمن لمناسبته آنية ({لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11)}) يعني: (شتمًا) ولو قال: شتم لكان أنسب بالمفسر ({بِمُصَيْطِرٍ}) أي: (بمسلط) بفتح اللام. 89 - سورة وَالْفَجْرِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {الوَتْرُ} [الفجر: 3]: "اللَّهُ"، {إِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ} [الفجر: 7]: "يَعْنِي القَدِيمَةَ، وَالعِمَادُ: أَهْلُ عَمُودٍ لَا يُقِيمُونَ"، {سَوْطَ عَذَابٍ} [الفجر: 13]: "الَّذِي عُذِّبُوا بِهِ"، {أَكْلًا لَمًّا} [الفجر: 19]: "السَّفُّ"، وَ {جَمًّا} [الفجر: 20]: "الكَثِيرُ" وَقَال مُجَاهِدٌ: "كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهُوَ شَفْعٌ، السَّمَاءُ شَفْعٌ، وَالوَتْرُ: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى " وَقَال غَيْرُهُ: {سَوْطَ عَذَابٍ} [الفجر: 13]: "كَلِمَةٌ تَقُولُهَا العَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ

العَذَابِ يَدْخُلُ فِيهِ السَّوْطُ"، {لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14]: "إِلَيْهِ المَصِيرُ"، {تَحَاضُّونَ} [الفجر: 18]: "تُحَافِظُونَ"، وَ (تَحُضُّونَ): "تَأْمُرُونَ بِإِطْعَامِهِ"، {المُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: 27]: "المُصَدِّقَةُ بِالثَّوَابِ" وَقَال الحَسَنُ: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: 27]: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْضَهَا اطْمَأَنَّتْ إِلَى اللَّهِ وَاطْمَأَنَّ اللَّهُ إِلَيْهَا، وَرَضِيَتْ عَنِ اللَّهِ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَأَمَرَ بِقَبْضِ رُوحِهَا، وَأَدْخَلَهَا اللَّهُ الجَنَّةَ، وَجَعَلَهُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ" وَقَال غَيْرُهُ: {جَابُوا} [الفجر: 9]: "نَقَبُوا، مِنْ جِيبَ القَمِيصُ: قُطِعَ لَهُ جَيْبٌ، يَجُوبُ الفَلاةَ يَقْطَعُهَا، {لَمًّا} [البقرة: 41]: لَمَمْتُهُ أَجْمَعَ أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهِ. (سورة {وَالْفَجْرِ (1)}: الوتر) أي: (الله) {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7)} في قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7)} أي: (القديمة) ظاهره: أنه تفسير لـ (إرم) وهو صحيح وإن كان في الحقيقة تفسيرًا و (عاد)، لأن (إرم) بدل من (عاد) أو عطف بيان له وهو غير منصرف؛ للعلمية والتأنيث، وكانت عاد قبيلتين: عاد الأولى: وهي القديمة، وعاد الأخيرة. وقيل لعقب عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح: عاد، كما يقال لبني هاشم: هاشم، وإرم تسمية لهم باسم جدهم واختلف في (إرم ذات العماد) فقيل: دمشق (¬1). وقيل: الإسكندرية (¬2) وقيل: أمة قديمة (¬3) (والعماد) هم (أهل عمود) أي: خيام (لا يقيمون) ¬

_ (¬1) دل على ذلك حديث رواه ابن جرير في: "تفسيره" 12/ 566 (37125). وعزاه السيوطي في: "الدر المنثور" 6/ 583 لعبد بن حميد. (¬2) دل على ذلك حديث رواه ابن جرير في: "تفسيره" 12/ 566 (37124) وعزاه السيوطي في: "الدر المنثور" 6/ 583 لابن المنذر. (¬3) دل على ذلك حديث رواه: ابن جرير في: "تفسيره" 12/ 566 (37126) وابن أبي حاتم 10/ 3425 (19253). وعزاه السيوطي في: "الدر المنثور" للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.

في بلد وفسر غيره العماد بالطول؛ لأن طول الطويل منهم كان أربعمائة ذراع، وما ذكر من تفسير {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7)} بغير ما ذكر كمدينة مبنية بلبن الذهب والفضة وإن حصباءها لآلئ وجواهر وترابها بنادق المسك إلى غير ذلك من الأوصاف (¬1) فلا أصل له. ({سَوْطَ عَذَابٍ}) (هو الذي) في نسخة: "الذين" (عذبوا به) ({أَكْلًا لَمًّا}) هو (السف) بالمهملة من سففت الدواء أسفه سفًا إذا أكثرت من شربه من غير أن تروى، ويُروى بالمعجمة، وقيل: هو الجمع بين الحلال والحرام (وجما) معناه: (الكثير) وهذا ساقط من نسخة. (وقال مجاهد كل شيء خلقه الله تعالى فهو شفع السماء شفع) أي: للأرض كالذكر والأنثى. (و {وَالْوَتْرِ}) هو (الله تبارك وتعالى) ومثله كل اسم مختص به ويحمل تفسير الآية علي ذلك؛ لأنها في القسم وإلا فالشفع كل عدد ينقسم بلا كسر، والوتر بخلافه، ويقال: الشفع: هو الزوج، والوتر: الفرد (¬2). ({سَوْطَ عَذَابٍ}) هو (كلمة تقولها العرب) إلى آخره، ولو ذكر هذا عند قوله: {سَوْطَ عَذَابٍ} الذي عذبو به لكان أنسب ({لَبِالْمِرْصَادِ}) أي: إليه المصير ({تَحَاضُّونَ}) في قراءة الكوفيين وأبي جعفر أي: (تحافظون وتحضون) في قراءة أبي عمرو يعقوب، أي: تأمرون بإطعامه أي: المسكين. ({الْمُطْمَئِنَّةُ}) أي: (المصدقة بالثواب) ({لَمًّا}) مأخوذ أي: (لممته أجمع) أي: (أتيت على آخره) ولو ذكر هذا عند قوله: {أَكْلًا لَمًّا} هو السف لكان أنسب مع أنه ساقط من نسخة والنسخ هنا مختلفة بتقديم وتأخير. ¬

_ (¬1) انظر: "تفسير ابن كثير" 14/ 344. (¬2) عزى هذا التأويل السيوطي في: "الدر المنثور" 6/ 581 لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر.

90 - سورة لا أقسم

90 - سورة لَا أُقْسِمُ وَقَال مُجَاهِدٌ: {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ} [البلد: 2]: "بِمَكَّةَ لَيْسَ عَلَيْكَ مَا عَلَى النَّاسِ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ"، {وَوَالِدٍ} [البلد: 3]: "آدَمَ"، {وَمَا وَلَدَ} [البلد: 3]: "لُبَدًا كَثِيرًا"، وَ {النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10]: "الخَيْرُ وَالشَّرُّ"، {مَسْغَبَةٍ} [البلد: 14]: "مَجَاعَةٍ مَتْرَبَةٍ السَّاقِطُ فِي التُّرَابِ"، يُقَالُ: {فَلَا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ} [البلد: 11]: "فَلَمْ يَقْتَحِمِ العَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ فَسَّرَ العَقَبَةَ"، فَقَال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ، فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}. ({لَا أُقْسِمُ}) في نسخة: "سورة {لَا أُقْسِمُ} " وتسمى سورة البلد. (قال مجاهد). ({وَأَنْتَ حِلٌّ}) .. إلخ أي: قال: إن البلد (مكة) وأنت يا محمد يحل لك فيها في المستقبل ما تريد من القتل والأسر وذلك أن الله تعالى أحل له يوم الفتح حتى قتل من قتل كابن خطل وحرم ما شاء كدار أبي سفيان ({وَوَالِدٍ}) هو (آدم) ({وَمَا وَلَدَ}) هم أولاده من الأنبياء والصالحين من ذريته، وحذفه للعلم به ({النَّجْدَيْنِ}) أي: (الخير والشر) أي: سبيلهما وقيل أي: الثديين. (يقال: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)}) إلى آخره أي: فهلا اقتحم العقبة. أي: جاوزها. ({وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12)}) جملة معترضة وبين سبب جواز العقبة بقوله: ({فَكُّ رَقَبَةٍ (13)}) من الرق بإعتاقها ({أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14)}) أي: مجاعة، وفي قراءة بدل المصدرين فعلان أي: فك وأطعم، وقوله في الآية: ({ثُمَّ كَانَ}) عطف على (اقتحم) و (ثم) للترتيب الذكري، والمعنى كان وقت الإقتحام من الذين آمنوا.

91 - سورة والشمس وضحاها

91 - سورة وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَقَال مُجَاهِدٌ: {ضُحَاهَا} ضَوؤُها {طَحَاهَا} دَحَاهَا. {بِطَغْوَاهَا} بِمَعَاصِيهَا. {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)} عُقْبَى أَحَدٍ. (سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)}) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (وقال مجاهد {ضُحَاهَا}: ضوءها {إِذَا تَلَاهَا}: تبعها {طَحَاهَا}: دحاها {دَسَّاهَا}: أغوها {فَأَلْهَمَهَا}: عرفها الشقاء والسعادة) ساقط من نسخة، وأصل {دَسَّاهَا}: دسسها أبدلت السين الأخيرة ألفا تخفيفا {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)} قال مجاهد: عقبى أحد) فسر ضمير (عقباها) وهو مؤنث بأحد وهو مذكر؛ نظرًا إلى معنى (أحد)؛ لأنه بمعنى الجماعة كما سلكه الزمخشري في قوله تعالى: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ} وفسره جمع بالدمدمة؛ أخذًا من قوله تعالى: ({فَدَمْدَمَ}) وفي نسخة: "أخذ" بمعجمتين وهو معنى الدمدمة، وبالجملة فمعنى (عقباها) عاقبة الجماعة، أو الدمدمة أي: الهلاك العام. 1 - باب 4942 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [الشمس: 12] انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ، مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ، مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ "وَذَكَرَ النِّسَاءَ، فَقَال: "يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ، فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ" ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ، وَقَال: "لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ" وَقَال أَبُو مُعَاويَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، قَال: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ. [انظر: 3377 - مسلم: 2855 - فتح: 8/ 705]

92 - سورة والليل إذا يغشى

(وهيب) أي: ابن خالد. (هشام) أي: ابن عروة. (عزيز) أي: شديد قوي (عارم) أي: جبار مفسد خبيث (منيع) بفتح الميم أي: ذو منعة. (في رهطه) أي: قومه (لم يضحك أحدكم مما يفعل) كانوا في الجاهلية إذا وقع ذلك من أحدٍ منهم في مجلس يضحكون فيها فنهاهم عن ذلك. 92 - سورة وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى} [الليل: 9]: "بِالخَلَفِ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {تَرَدَّى} [الليل: 11]: "مَاتَ"، وَ {تَلَظَّى} [الليل: 14]: "تَوَهَّجُ" وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: "تَتَلَظَّى". (سورة {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)}) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({بِالْحُسْنَى}) أي: (بالخلف) أي: بأن الله سيخلف عليه ما أنفقه في طاعته، وقال غيره أي: بلا إله إلا الله (¬1). ({تَرَدَّى}) أي: (مات) و ({تَلَظَّى}) أي: (توهج) وأصلهما: {تَتَلَظَّى}، وتتوهج بحذف إحدى التاءين تخفيفا. 1 - باب {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل: 2] (باب) ساقط من نسخة. ({وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)}) أي: تكشف وظهر. 4943 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: دَخَلْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّأْمَ فَسَمِعَ بِنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَأَتَانَا فَقَال: أَفِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، قَال: فَأَيُّكُمْ أَقْرَأُ؟ فَأَشَارُوا إِلَيَّ، فَقَال: اقْرَأْ، ¬

_ (¬1) دل على ذلك حديث رواه ابن جرير في: "التفسير" 12/ 615 (37466).

2 - باب {وما خلق الذكر والأنثى (3)} [الليل: 3]

فَقَرَأْتُ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل: 2]، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، قَال: أَنْتَ سَمِعْتَهَا مِنْ فِي صَاحِبِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "وَأَنَا سَمِعْتُهَا مِنْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَهَؤُلاءِ يَأْبَوْنَ عَلَيْنَا. [انظر: 3287 - مسلم: 824 - فتح: 8/ 706] (سفيان) أي: ابن سعيد بن مسروق الثوري. (عبد الله) أي: ابن مسعود. (أبو الدرداء) هو عويمر بن مالك (اقرأ) أي: احفظ، أو أكثر قرآنا (وهؤلاء) أي: أهل الشام. 2 - باب {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)} [الليل: 3] (باب) ساقط من نسخة. ({وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)}) 4944 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَال: قَدِمَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَطَلَبَهُمْ فَوَجَدَهُمْ، فَقَال: أَيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَال: كُلُّنَا، قَال: فَأَيُّكُمْ أَحْفَظُ؟ فَأَشَارُوا إِلَى عَلْقَمَةَ، قَال: كَيْفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1]؟ قَال عَلْقَمَةُ: وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، قَال: "أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَكَذَا"، وَهَؤُلاءِ يُرِيدُونِي عَلَى أَنْ أَقْرَأَ: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل: 3] وَاللَّهِ لَا أُتَابِعُهُمْ. [انظر: 3287 - فتح: 8/ 707] (أصحاب عبد الله) أي: ابن مسعود. (فأيكم يحفظ) في نسخة: "فأيكم أحفظ". (والله لا أُتابعهم) استشكل بأن قراءتهم هي المتواترة فكيف لا يتابعهم هو وابن مسعود. فيها، وأجيب: بأن سماعهما ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - كالمتواتر عنه فهو طريق آخر في اليقين وبأنهما لن تبلغهما الزيادة. 3 - باب قَوْلُهُ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)} [الليل: 5] (باب) ساقط من نسخة. {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)} أي: أعطى الطاعة واتقى المعصية.

4 - باب {وصدق بالحسنى (6)} [الليل: 6]

4945 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ فِي جَنَازَةٍ، فَقَال: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا نَتَّكِلُ؟ فَقَال: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ" ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} [الليل: 6] إِلَى قَوْلِهِ {لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10]. [انظر: 1362 - مسلم: 2647 - فتح: 8/ 708] (سفيان) أي: ابن عيينة. (في بقيع الغرقد) هي مقبرة بالمدينة. (فقال يا رسول الله أفلا نتكل) أي: نعتمد على كتابنا والقائل له ذلك هو سراقة بن جعشم، أو أبو بكر، أو عمر، أو على الراوي. (فكل ميسر) أي: لما خلق له. 4 - باب {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} [الليل: 6] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ نَحْوَهُ. [فتح: 8/ 708] (باب) ساقط من نسخة. قوله: ({وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)}) ساقط من أخرى، ومرَّ بيان الحسنى. (عبد الواحد) أي: ابن زياد (فذكر الحديث) أي: السابق في الباب قبله. 5 - باب {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} [الليل: 7]. (باب) ساقط من نسخة. ({فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)}) أي: الجنة. 4946 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي جَنَازَةٍ، فَأَخَذَ عُودًا يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ، فَقَال: "مَا مِنْكُمْ مِنْ

6 - باب قوله {وأما من بخل واستغنى (8)} [الليل: 8]

أَحَدٍ إلا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، أَوْ مِنَ الجَنَّةِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا نَتَّكِلُ؟ قَال: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} [الليل: 5 - 6] الآيَةَ، قَال شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنِي بِهِ مَنْصُورٌ فَلَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ. (ينكت) بمثناة أي: يضرب. {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} الآية). هذا ترجمة (قال شعبة) أي: ابن الحجاج (منصور) أي: ابن المعتمر. (فلم أنكره من حديث سليمان) أي: فلم أنكر من حديثه شيئًا. 6 - باب قَوْلِهِ {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)} [الليل: 8] (باب) ساقط من نسخة. ({وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)}) أي: بخل بحق الله واستغنى عن ثوابه. 4947 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَال: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ" فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا نَتَّكِلُ؟ قَال: "لَا، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ" ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: 5] إِلَى قَوْلِهِ {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10]. [انظر: 1362 - مسلم: 2647 - فتح: 8/ 708] (يحيى) أي: ابن موسى البلخي. (وكيع) أي: ابن الجراح. وأسانيد هذا الحديث واللذين بعده في البابين الآتيين طرق في الحديث السابق. 7 - باب قَوْلِهِ {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)} [الليل: 9] (باب) ساقط من نسخة. {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)} مرَّ بيانها. 4948 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي

8 - باب {فسنيسره للعسرى (10)} [الليل: 10]

بَقِيعِ الغَرْقَدِ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَال: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ وَمَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلَّا قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً" قَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟ فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ، فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ، فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، قَال: "أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاءِ"، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} الآيَةَ [الليل: 5 - 6]. [انظر: 1362 - مسلم: 2647 - فتح: 8/ 709] (مخصرة) بكسر الميم أي: عصى. (منفوسة) أي: مولودة. 8 - باب {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} [الليل: 10] 4949 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَال: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ، فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الأَرْضَ، فَقَال: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟ قَال: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ"، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} الآيَةَ [الليل: 5 - 6]. [انظر: 1362 - مسلم: 2647 - فتح: 8/ 709] (باب) ساقط من نسخة. ({فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)}) أي للنار والكلام على ما بعده. ظاهر مما مرَّ.

93 - سورة والضحى

93 - سورة وَالضُّحَى وَقَال مُجَاهِدٌ: {إِذَا سَجَى} اسْتَوى. وَقَال غَيْرُهُ أَظْلَمَ وَسَكَنَ. {عَائِلًا} ذُو عِيَالٍ. (سورة {وَالضُّحَى (1)}) قوله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. ({إِذَا سَجَى}) أي: (استوى) (نصفًا) وذلك وقت نصفه. (وسكن) أي: سكن الناس فيه. ({عَائِلًا} هو (ذو عيال). 1 - باب {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} [الضحى: 3] (باب {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}) ساقط من نسخة، اكتفاءً بذكره بعد. 4950 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاثًا -"، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالتْ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاثَةٍ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 2] قَوْلُهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3]. [انظر: 1124 - مسلم: 1797 - فتح: 8/ 710] (اشتكى) أي: مرض. (فلم يقم) أي: للتهجد. (فجاءت امرأة) هي العوراء بنت حرب. 2 - باب قَوْلُهُ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} [الضحى: 3] تُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ. وَقَال ابن عَبَّاسٍ: مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ. (باب) ساقط من نسخة، وذكر في أخرى بدله قوله: ({مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}) سيذكر تفسيره (تقرأ) أي: ودعك. 4951 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،

94 - سورة ألم نشرح

عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُ جُنْدُبًا البَجَلِيَّ، قَالتْ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أُرَى صَاحِبَكَ إلا أَبْطَأَكَ " فَنَزَلَتْ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3]. [انظر: 1124 - مسلم: 1797 - فتح: 8/ 711] (قالت: امرأة) هي خديجة أم المؤمنين. (صاحبك). هو جبريل (إلا أبطأك) أي: جعلك بطيئًا في القراءة. ومرَّ الحديث في باب: ترك القيام للمريض (¬1). 94 - سورة أَلَمْ نَشْرَحْ وَقَال مُجَاهِدٌ: {وزْرَكَ} [الشرح: 2]: "فِي الجَاهِلِيَّةِ"، {أَنْقَضَ} [الشرح: 3]: "أَثْقَلَ"، {مَعَ العُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5] قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: "أَيْ مَعَ ذَلِكَ العُسْرِ يُسْرًا آخَرَ كَقَوْلِهِ: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إلا إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52]: وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ " وَقَال مُجَاهِدٌ: {فَانْصَبْ} [الشرح: 7]: "فِي حَاجَتِكَ إِلَى رَبِّكَ" وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1]: "شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ". (سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ}). لفظ: (سورة) ساقط من نسخة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من أخرى (وزرك) أي: الكائن. (في الجاهلية) من ترك الأفضل والذهاب إلى الفاضل وقيل: الوزر: الخطأ والسهو (¬2)، وقيل: ذنوب أمته، وأضيفت إليه؛ لاشتغال قلبه بها واهتمامه لها. ({أَنْقَضَ}) أي: (أثقل) وهذا كقوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]. (مع ذلك العسر يسرا آخر). أي: مع ذلك العسر الأول في الآية يسرًا آخر فيها وهو الثاني. ({هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} ولن يغلب عسر يسرين) وجه التشبيه ما هنا أن ¬

_ (¬1) سلف برقم (1124) أبواب التهجد، باب: ترك القيام للمريض. (¬2) انظر: "تفسير القرطبي" 20/ 106.

95 - سورة والتين

للمؤمن في التربص حسنين: حسن الظفر، وحسن الثواب، وفي العسر يسرين يسر متقدم، ويسر متأخر، والحسنيان واليسران مختلفان فكذا اليسران هنا، وهذا موافق لقولهم: إن النكرة إذا أعيدت نكرة تكون غيرها، والمعرفة إذا أعيدت معرفة تكون الثانية غير الأولى ({فَانْصَبْ}) أي: فاتعب (في حاجتك إلى ربك). الأنسب أن يقول: لربك، أو يقول: وإلى ربك. ({فَارْغَبْ}) أي: تضرع؛ لأن نصب بالكسر بمعنى: تعب، يتعدى باللام، ورغب بمعنى: تضرع يتعدى بإلى، وإن كانت الحروف تتعارض. (ويذكر عن ابن عباس: {أَلَمْ نَشْرَحْ}) .. إلخ أشار به إلى أن الاستفهام، للتقرير. 95 - سورة وَالتِّينِ وَقَال مُجَاهِدٌ: "هُوَ التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الَّذِي يَأْكُلُ النَّاسُ، يُقَالُ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ} [التين: 7]: فَمَا الَّذِي يُكَذِّبُكَ بِأَنَّ النَّاسَ يُدَانُونَ بِأَعْمَالِهِمْ؟ كَأَنَّهُ قَال: وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِكَ بِالثَّوَابِ وَالعِقَابِ؟ " (سورة {وَالتِّينِ} قال مجاهد هو التين والزيتون الذي يأكل الناس). الأولى: اللذان يأكلهما الناس وقيل: التين: مسجد نوحٍ الذي بني على الجودي، والزيتون: مسجد بيت المقدس (¬1). وقيل: التين: المسجد الحرام، والزيتون: المسجد الأقصى (¬2). وقيل: التين: مسجد دمشق، والزيتون: مسجد بيت المقدس (¬3) وقيل: التين: الجبل الذي ¬

_ (¬1) رواه ابن جرير في: "التفسير" 12/ 632 (37572). وابن أبي حاتم 10/ 3447 (19402). (¬2) عزاه السيوطي في: "الدر المثور" 6/ 619 لابن مردويه. (¬3) رواه ابن جرير في: "التفسير" 12/ 632 (37570).

1 - باب

عليه دمشق، والزيتون: الجبل الذي عليه بيت المقدس (¬1) وقيل: التين مسجد أصحاب الكهف، والزيتون: مسجد إيلياء (¬2)، وقيل: التين: دمشق، والزيتون: بيت المقدس (¬3) وقيل: هما جبلان بالشام يقال لهما: طور تيناء وطور زيناء، سُميا بذلك؛ لأنهما منبتا التين والزيتون (¬4) وبكل حال أقسم الله بالتين والزيتون، وقد يقال: التقدير ورب التين والزيتون فيكون القسم بربهما لا بهما. (يدانون بأعمالهم) أي: يجازون بها، وفي نسخة: "يدالون" باللام يدل النون. 1 - باب 4952 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ، فَقَرَأَ فِي العِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ" {تَقْويمٍ} [التين: 4]: "الخَلْقِ". [انظر: 767 - مسلم: 464 - فتح: 8/ 713] (أن النبي) .. إلخ مرَّ بشرحه في: الصلاة، في باب: القراءة في العشاء (¬5). ¬

_ (¬1) رواه ابن جرير في: "التفسير" 12/ 632 (37569). وابن أبي حاتم 10/ 3447 (19403). وابن عساكر في: "تاريخ دمشق" 1/ 216 أبواب: ما جاء من النصوص في فضل دمشق من الخصوص. وعزاه السيوطي في: "الدر المنثور" 6/ 619 لعبد بن حميد. (¬2) رواه ابن أبي حاتم 10/ 3447 (9404). وعزاه السيوطي في: "الدر المنثور" 6/ 619 لعبد بن حميد. (¬3) رواه ابن جرير في: "التفسير" 12/ 632 (37566). وعزاه السيوطي في: "الدر المنثور" 6/ 619 لعبد بن حميد. (¬4) انظر: "تفسير القرطبي" 20/ 111، و"معجم البلدان" 2/ 69. (¬5) سلف برقم (767) كتاب: الأذان، باب: الجهر في العشاء.

96 - سورة العلق

96 - سورةُ العَلق وقال قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَال: "اكْتُبْ فِي المُصْحَفِ فِي أَوَّلِ الإِمَامِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا " وَقَال مُجَاهِدٌ: {نَادِيَهُ} [العلق: 17]: "عَشِيرَتَهُ"، {الزَّبَانِيَةَ} [العلق: 18]: "المَلائِكَةَ" وَقَال مَعْمَرٌ: {الرُّجْعَى} [العلق: 8]: "المَرْجِعُ"، {لَنَسْفَعَنْ}: "قَال: لَنَأْخُذَنْ وَلَنَسْفَعَنْ بِالنُّونِ وَهِيَ الخَفِيفَةُ، سَفَعْتُ بِيَدِهِ: أَخَذْتُ". [فتح: 8/ 714] (سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}) وتسمى سورة العلق. (حماد) أي: ابن زيد. (عن الحسن). أي: البصري (قال: اكتب في المصحف) .. إلخ أي: قال اكتب فيه (في أول الإمام) أي: القرآن البسملة فقط، ثم اجعل بين كل سورتين (خطًّا) علامة فاصلة بينهما، والمشهور خلاف ذلك. ({نَادِيَهُ}) أي: (عشيرته) ({الزَّبَانِيَةَ}) أي: (الملائكة) ({الرُّجْعَى} أي: (المرجع) بمعنى: الرجوع. ({لَنَسْفَعًا}) أي: (لنأخذن، ولنسفعن بالنون) أي: بنون التوكيد، وفي رسم المصحف بالألف وهي الحقيقة. وروي عن أبي عمرو: أنها ثقيلة (¬1). (سفعت بيده: أخذت). أشار به إلى أن معنى السفع لغةً: الأخذ، وقيل: القبض بشدة. 1 - باب (باب) ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) قراءة شاذة قرأها محبوب عن أبي عمرو. انظر: "مختصر في شواذ القرآن" لابن خالويه ص 176.

4953 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ح وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ سَلْمَوَيْهِ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: كَانَ أَوَّلَ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلاءُ، فَكَانَ يَلْحَقُ بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - قَال: وَالتَّحَنُّثُ: التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ، قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ بِمِثْلِهَا حَتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ، وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ المَلَكُ، فَقَال: اقْرَأْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ"، قَال: "فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَال: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَال: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ} [العلق: 1 - 4]- الآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ - {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 5]. فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَال: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي"، فَزَمَّلُوهُ، حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، قَال لِخَدِيجَةَ: "أَيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي"، فَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، قَالتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا، أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالتْ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، قَال وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَال وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا، ذَكَرَ حَرْفًا، قَال

2 - باب قوله {خلق الإنسان من علق} [العلق: 2]

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ " قَال وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إلا أُوذِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً، حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3 - مسلم: 160 - فتح: 8/ 715] 4954 - قَال مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ، قَال فِي حَدِيثِهِ: "بَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَفَرِقْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي"، فَدَثَّرُوهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: (يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ) - قَال أَبُو سَلَمَةَ: وَهِيَ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَ - قَال: "ثُمَّ تَتَابَعَ الوَحْيُ". [انظر: 4 - مسلم: 161 - فتح: 8/ 715] (الخلاء) بالمد أي: الاختلاء (فرجع بها) أي: بالآيات. (بوادره) جمع بادرة وهي اللحمة التي بين الكتف والعنق (يا عم) في نسخة: يا ابن العم. (جذعا) أي: شابًّا. ومرَّ الحديث بشرحه، في باب: بدء الوحي (¬1). 2 - باب قَوْلِهِ {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: 2] 4955 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 1 - 3]. [انظر: 3 - مسلم: 160 - 8/ 722] 3 - باب قَوْلِهِ {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق: 3] ¬

_ (¬1) سلف برقم (3) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله.

4 - باب {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية (15) ناصية كاذبة خاطئة (16)}

4956 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، قَال مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ جَاءَهُ المَلَكُ، فَقَال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ} [العلق: 1 - 4]. [انظر: مسلم: 160 - فتح: 8/ 723] (باب) ساقط من نسخة. {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)} جمع علقة: وهي القطعة اليسيرة من الدم الغليظ. وحديث الباب قطعة من حديث الباب السابق. - باب {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)} [العلق: 4] 4957 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: سَمِعْتُ عُرْوَةَ، قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَدِيجَةَ فَقَال: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي" فَذَكَرَ الحَدِيثَ. [انظر: 3 - مسلم: 160 - فتح: 8/ 723] (باب) ساقط من نسخة. ({الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)}) ساقط من أخرى. 4 - باب {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)} (باب) ساقط من نسخة. ({كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ}) .. إلخ. 4958 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الكَعْبَةِ لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَوْ فَعَلَهُ لَأَخَذَتْهُ المَلائِكَةُ" تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ. [فتح: 8/ 724] (يحيى) أي: ابن موسى، أو ابن جعفر. (تابعه) أي: عبد الرزاق. 97 - سورة إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ يُقَالُ: المَطْلَعُ: هُوَ الطُّلُوعُ، وَالمَطْلِعُ: المَوْضِعُ الَّذِي يُطْلَعُ مِنْهُ، {أَنْزَلْنَاهُ} [الأنعام: 92]: الهَاءُ كِنَايَةٌ عَنِ القُرْآنِ، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [يوسف: 2]: خَرَجَ مَخْرَجَ الجَمِيعِ، وَالمُنْزِلُ

98 - سورة لم يكن

هُوَ اللَّهُ، وَالعَرَبُ تُوَكِّدُ فِعْلَ الوَاحِدِ فَتَجْعَلُهُ بِلَفْظِ الجَمِيعِ، لِيَكُونَ أَثْبَتَ وَأَوْكَدَ. (سورة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}) في نسخة: "سورة القدر" (المطلع) بفتح اللام (وهو الطلوع)، (والمطلع) بكسرها. (الموضع) الذي يطلع منه. 98 - سورة لَمْ يَكُنِ {مُنْفَكِّينَ} [البينة: 1]: "زَائِلِينَ"، {قَيِّمَةٌ} [البينة: 3]: "القَائِمَةُ"، {دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة: 5]: "أَضَافَ الدِّينَ إِلَى المُؤَنَّثِ". (سورة {لَمْ يَكُنِ}) وتسمى سورة المنفكين، وسورة القيامة، وسورة البينة. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). ساقطة من نسخة. {الْقَيِّمَةٌ} أي: القائمة والأَوْلى تأخير هذا عن ({دِينُ الْقَيِّمَةِ}) وقوله: (مخرج الجميع) أي خرج. ({إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}) مخرج الجمع؛ للتأكيد والتعظيم، وكان القياس أن يكون بلفظ المفرد. (أضاف الدين إلى المؤنث) الأَوْلى إلى القيامة؛ لأنها صفة محذوف مؤنث أيضًا، أي: دين الملة القيمة أي: المستقيمة، فالدين في الحقيقة مضاف إلى الملة. 1 - باب 4959 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1] قَال: وَسَمَّانِي؟ قَال: "نَعَمْ" فَبَكَى. [انظر: 3809 - مسلم: 799 - فتح: 8/ 725] (فبكى) أي: فرحًا وسرورًا. 2 - باب 4960 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ القُرْآنَ". قَال

3 - باب

أُبَيٌّ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَال: "اللَّهُ سَمَّاكَ لِي" فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي، قَال قَتَادَةُ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ} [البينة: 1]. [انظر: 3809 - مسلم: 799 - فتح: 8/ 725]. 3 - باب 4961 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ المُنَادِي، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ القُرْآنَ" قَال: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَال: "نَعَمْ" قَال: وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ العَالمِينَ؟ قَال: "نَعَمْ" فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ. [انظر: 3809 - مسلم: 799 - فتح: 8/ 726] (فذرفت عيناه) أي: سال دمعهما. وفي الحديث: استحباب القراءة على أهل العلم وإن كان القارئ أفضل، ومنقبة شريفة لأبي بقراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبذكر الله تعالى في هذه المنزلة الرفيعة، والبكاء؛ للسرور والفرح بما يُبشر به الإنسان. 99 - سورة {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالهَا} ({إِذَا زُلْزِلَتِ}) في نسخة. "سورة {إِذَا زُلْزِلَتِ} " وتسمى سورة الزلزلة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. 1 - باب قَوْلِهِ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} يُقَالُ {أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 5]: أَوْحَى إِلَيْهَا، وَوَحَى لَهَا وَوَحَى إِلَيْهَا وَاحِدٌ. (باب {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} لفظ: (باب) ساقط من نسخة. 4962 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الخَيْلُ لِثَلاثَةٍ:

2 - باب {ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره (8)}

لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ: فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَال لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ فِي المَرْجِ وَالرَّوْضَةِ، كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِيَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِئَاءً وَنِوَاءً، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وزْرٌ "فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الحُمُرِ، قَال: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فِيهَا إلا هَذِهِ الآيَةَ الفَاذَّةَ الجَامِعَةَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8]. [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح: 8/ 726] (الفاذة) أي: الفردة. ومرَّ الحديث في الشرب، وفي الجهاد وغيرهما (¬1). 2 - باب {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} (باب) ساقط من نسخة. ({وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 4963 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الحُمُرِ، فَقَال: "لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إلا هَذِهِ الآيَةُ الجَامِعَةُ الفَاذَّةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8] [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح: 8/ 727] (عن الحمر) أي: عن صدقتها. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2371) كتاب: المساقاة، باب: شرب الناس والدواب من الأنهار. وبرقم (2860) كتاب: الجهاد والسير، باب: الخيل لثلاثة.

100 - سورة والعاديات

100 - سورة وَالْعَادِيَاتِ وَقَال مُجَاهِدٌ: "الكَنُودُ: الكَفُورُ، يُقَالُ: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 4]: رَفَعْنَا بِهِ غُبَارًا، {لِحُبِّ الخَيْرِ} [العاديات: 8]: مِنْ أَجْلِ حُبِّ الخَيْرِ، {لَشَدِيدٌ} [الرعد: 6]: لَبَخِيلٌ، وَيُقَالُ لِلْبَخِيلِ: شَدِيدٌ، {حُصِّلَ} [العاديات: 10]: مُيِّزَ. 101 - سورة القَارِعَةِ {كَالفَرَاشِ المَبْثُوثِ} [القارعة: 4]: "كَغَوْغَاءِ الجَرَادِ، يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُولُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ"، {كَالعِهْنِ} [المعارج: 9]: "كَأَلْوَانِ العِهْنِ" وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: "كَالصُّوفِ". (سورة القارعة {كَالْفَرَاشِ}) هو الطير الذي يتساقط في النار، وقيل: هو الهمج من البعوض والجراد وغيرهما. ({الْمَبْثُوثِ}) أي: المتفرق، وفسر الفراش المبثوث بقوله: (كغوغاء الجراد) .. إلخ وإنما شبه الناس بذلك عند البعث؛ لأن الفراش إذا ثار لم يتجه لجهة واحدة، بل كل واحدة تذهب إلى غير جهة الأخرى، وغوغاء الجراد جولانه، وظاهر كلام "القاموس" وغيره أن الغوغاء نفس الجراد حيث قالوا: والغوغاء الجراد بعد أن ينبت جناحه، وبه سمي الغوغاء من الناس (¬1). وعليه فالإضافة فيه؛ للبيان ({كَالْعِهْنِ}) أي: (كألوان العهن) أي: الصوف ({الْمَنْفُوشِ}) أي: المندوف، والمراد بألوانه: أحواله. (كالصوف) أي: بدل قوله: ({كَالْعِهْنِ}). ¬

_ (¬1) انظر: "القاموس" مادة [غوى] ص 1320، و"الصحاح" 6/ 2450.

102 - سورة ألهاكم

102 - سورة ألْهَاكُمُ وَقَال ابن عَبَّاسٍ: {التَّكَاثُرُ} مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ. (سورة {أَلْهَاكُمُ}) وتسمى سورة التكاثر. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. التكاثر هو (التكاثر من الأموال والأولاد). 103 - سورة وَالْعَصْرِ وَقَال يَحْيَى: العَصر الدَّهْرُ أَقْسَمَ بِهِ. (سورة {وَالْعَصْرِ (1)}) (وقال يحيى) أي: ابن زياد الفراء لفظ: (وقال يحيى) ساقط من نسخة. (العصر: الدهر، أقسم به) تعالى، وقيل التقدير: ورب العصر. (وقال مجاهد: {خَسِرَ} ضلال ثم استثنى إلّا مَنْ آمن). ساقط من نسخة. 104 - سورة وَيْل لِكُل هُمَزَةٍ {الْحُطَمَةِ} اسْمُ النَّارِ، مِثْلُ سَقَرَ وَلَظَى. وَقَال يَحْيَى الدَّهْرُ أَقْسَمَ بِهِ. (سورة {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}) في نسخة: "سورة الهمزة". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة ({الْحُطَمَةِ}: اسم النار) سميت بـ (الحطمة)؛ لأنها تحطم أي: تكسر. 105 - أَلَم تَرَ قَال مُجَاهِدٌ: {أَبَابِيلَ} مُتَتَابِعَةً مُجْتَمِعَةً. وَقَال ابن عَبَّاسٍ: {مِنْ سِجِّيلٍ} هِيَ سَنْكِ وَكِلْ. ({أَلَمْ تَرَ}) في نسخة: "سورة ألم تر" ({أَبَابِيلَ}) أي: (متتابعة مجتمعة) وقال غيره، أي: جماعات، جماعات، وهما متقاربان. ({مِنْ سِجِّيلٍ}: هي) أي: السجيل، أنثه باعتبار الحجارة.

106 - سورة لإيلاف قريش

(سَنْكِ) بفتح المهملة وسكون النون، وكسر الكاف أي: حجر. (وكل) بكسر الكاف أي: طين، وكلاهما فارسي معرب، والحاصل: أنه فسر الـ (سجيل) بالحجر والطين، وأولي منه تفسير غيره: بأنه الطين المطبوخ. 106 - سورة لإِيلافِ قُرَيْشٍ وَقَال مُجَاهِدٌ: {لإِيلافِ} [قريش: 1]: "أَلِفُوا ذَلِكَ، فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ"، {وَآمَنَهُمْ} [قريش: 4]: "مِنْ كُلِّ عَدُوِّهِمْ فِي حَرَمِهِمْ" قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: {لإِيلافِ} [قريش: 1]: "لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ". ({لإِيلَافِ}) في نسخة: "سورة لإيلاف} ". (وقال مجاهد {لإِيلَافِ}) أي: (ألفوا ذلك) أي: الارتحال. (فلا يشق عليهم في الشتاء) أي: إلى اليمن. وفي (الصيف) أي: إلى الشام في كل عام، فيستعينون بالرحلتين للتجارة على المقام بمكة؛ لخدمة البيت التي هي فخرهم. (وقال ابن عيينة: ({لإِيلَافِ}) معناه؛ (لنعمتي على قريش). (على) مبني القول بأن هذه السورة متصلة بما قبلها أي: أهلكنا أصحاب الفيل الذين أرادوا تخريب الكعبة؛ لنعمة منا على قريش الذين لم يتعرضوا لها، وما قبله مبني على القول بأنها منفصلة عنها أي: (ألفوا ذلك) .. إلخ، وعليه فالعامل في اللام: ({يعبدوا}) ولا يمنع منه فصل الفاء كما في قوله: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}. 107 - سورة أَرَأَيْتَ وَقَال مُجَاهِدٌ: {يَدُعُّ} [المؤمنون: 117]: "يَدْفَعُ عَنْ حَقِّهِ، يُقَالُ: هُوَ مِنْ دَعَعْتُ"، {يُدَعُّونَ} [البقرة: 221]: "يُدْفَعُونَ"، {سَاهُونَ} [الذاريات: 11]: "لاهُونَ"، وَ {المَاعُونَ} [الماعون: 7]: "المَعْرُوفَ كُلُّهُ، وَقَال بَعْضُ العَرَبِ: المَاعُونُ: المَاءُ " وَقَال عِكْرِمَةُ: "أَعْلاهَا الزَّكَاةُ المَفْرُوضَةُ، وَأَدْنَاهَا عَارِيَّةُ المَتَاعِ".

108 - سورة إنا أعطيناك الكوثر

({أَرَأَيْتَ} في نسخة: "سورة أرأيت" ووقع في نسخة هنا: "وقال ابن عيينة: {لإِيلَافِ} لنعمتي على قريش" والوجه ذكره في سورة قريش كما مَرَّ، وحذفه هنا. (يقال: هو من دععت) أشار به إلى أن ماضي (يدع) (دععت) في الأصل. ({يَدْعُونَ}) أي: (يدفعون) ذكره هنا مع أنه في سورة الطور؛ لمناسبته (يدع). {الْمَاعُونَ} أي: (المعروف كله). وهو ما يتعاطاه الناس بينهم، كالدلو، والفأس، والقدر، والقداحة ونحوها. (وقال عكرمة: أعلاها) أي: الخصلة المعروفة بالخير. 108 - سُورَةُ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ وَقَال ابن عَباس: {شَانِئَكَ} عَدُوَّكَ. (سورة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}) قوله: (قال ابن عباس) ساقط من نسخة. 1 - باب 4964 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ، قَال: "أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَال: هَذَا الكَوْثَرُ. [انظر: 3570 - مسلم: 162 - فتح: 8/ 731] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن التيمي. (حافتاه) أي: جانباه. 4965 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الكَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَال: سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] قَالتْ: "نَهَرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَاطِئَاهُ عَلَيْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ" رَوَاهُ زَكَرِيَّاءُ، وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَمُطَرِّفٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. [فتح: 8/ 731] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (شاطئاه) أي: جانباه (زكريا) أي: ابن

109 - سورة قل يا أيها الكافرون

زائدة. (وأبو الأحوص) هو سلام ابن سليم. (ومطرف) أي: ابن طريف. 4966 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَال: "فِي الكَوْثَرِ: هُوَ الخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ"، قَال أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الجَنَّةِ، فَقَال سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِي فِي الجَنَّةِ مِنَ الخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. [6578 - فتح: 8/ 731] (فقال سعيد: النهر ..) إلخ جمع به بين حديثي عائشة وابن عباس، إذا النهر فرد من أفراد الخير الكثير. 109 - سُورَةُ قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ يُقَالُ: {لَكُمْ دِينُكُمْ} [المائدة: 3]: "الكُفْرُ"، {وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6]: "الإِسْلامُ، وَلَمْ يَقُلْ دِينِي، لِأَنَّ الآيَاتِ بِالنُّونِ، فَحُذِفَتِ اليَاءُ"، كَمَا قَال: {يَهْدِينِ} [الكهف: 24] وَ {يَشْفِينِ} [الشعراء: 80] وَقَال غَيْرُهُ: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: 2]: "الآنَ، وَلَا أُجِيبُكُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي"، {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون: 3]: وَهُمُ الَّذِينَ قَال: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا}. (سورة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}) لفظ (سورة) ساقط من نسخة. (وقال غيره) ساقط من أخرى. ({لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)}) أي: لأنه قيل في العامليْنِ المذكورين قبله وبعده، كما أن الاستقبال وإن لم يذكره قيد فيهما أيضًا في قوله: ({وَلَا أَنَا عَابِدٌ}) إلخ، وعبارته لا تقي بذلك. 110 - سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} 1 - باب (سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)}) لفظ: (والفتح) ساقط من نسخة. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من أخرى.

2 - باب

4967 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: مَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ} إلا يَقُولُ فِيهَا: "سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي". (أبو الأحوص) هو سلام ابن سليم. (إلا يقول فيها) أي: في الصلاة. 2 - باب. 4968 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا، وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، يَتَأَوَّلُ القُرْآنَ". [انظر: 794 - مسلم: 484 - فتح: 8/ 733] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. وحديثا الباب مرّا بشرحهما في الصلاة في باب: التسبيح والدعاء في السجود (¬1). 3 - باب {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 2] (باب): ساقط من نسخة. ({وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)}) أي: جماعات. 4969 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ} [النصر: 1]، قَالُوا: ¬

_ (¬1) سبق برقم (817) كتاب: الأذان، باب: التسبيح والدعاء في السجود.

4 - باب {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا (3)} [النصر: 3]

فَتْحُ المَدَائِنِ وَالقُصُورِ، قَال: "مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ " قَال: "أَجَلٌ، أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ". [انظر: 3627 - فتح: 8/ 734] (عن سفيان) أي: الثوري. (نعيت له نفسه) بالبناء للمفعول من نعى الميت ينعاه، إذا أذاع موته، وأخبر به. 4 - باب {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [النصر: 3] تَوَّابٌ عَلَى العِبَادِ وَالتَّوَّابُ مِنَ النَّاسِ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ". (باب:) ساقط من نسخة ({فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}) أي: غفارًا. 4970 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَقَال: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ، فَقَال عُمَرُ: إِنَّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ، فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إلا لِيُرِيَهُمْ، قَال: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ} [النصر: 1]؟ فَقَال بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا، وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَال لِي: أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَال: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: "هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ"، قَال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ} [النصر: 1] "وَذَلِكَ عَلامَةُ أَجَلِكَ"، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3]، فَقَال عُمَرُ: "مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إلا مَا تَقُولُ". [انظر: 3627 - فتح: 8/ 734] (مع أشياخ بدر) أي: الذين شهدوا وقعتها. (من حيث علمتم) أي: من جهة ذكائه، وزيادة معرفته. (فما رئيت) بالبناء للمفعول أي: ما ظننت ليريهم. ومَرَّ الحديث بشرحه في كتاب: المغازي (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4294) كتاب: المغازي، باب: منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح.

111 - سورة تبت يدا أبي لهب

111 - سُورَةُ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ تَبَابٌ: "خُسْرَانٌ"، تَتْبِيبٌ: "تَدْمِيرٌ". (سورة {تَبَّتْ}) ترجمة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)}) أي: (خسر)، ولفظ (وتب) ساقط من أخرى. ({تَتْبِيبٍ}) أي: (تدمير) ذكره هنا مع أنه في سورة هودة لمناسبته (تب) لفظًا. 1 - باب 4971 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ: "يَا صَبَاحَاهْ" فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَال: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الجَبَلِ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ " قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا، قَال: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ" قَال أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، مَا جَمَعْتَنَا إلا لِهَذَا؟ ثُمَّ قَامَ، فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] وَقَدْ تَبَّ، هَكَذَا قَرَأَهَا الأَعْمَشُ يَوْمَئِذٍ. [انظر: 1394 - مسلم: 208 - فتح: 8/ 737] (ورهطك منهم المخلصين) بنصب (رهطك) بالعطف على (عشيرتك) ويجوز رفعه بالعطف على ({وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}) وبالجملة فهو قراءة شاذة، أو منسوخة. (فهتف) أي: صاح. (تبًّا لك) بالنصب مصدر.

2 - باب قوله: {وتب (1) ما أغنى عنه ماله وما كسب (2)} [المسد: 1، 2]

2 - باب قَوْلِهِ: {وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)} [المسد: 1، 2] 4972 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى البَطْحَاءِ، فَصَعِدَ إِلَى الجَبَلِ فَنَادَى: "يَا صَبَاحَاهْ" فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، فَقَال: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ، أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَال: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ" فَقَال أَبُو لَهَبٍ: أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا تَبًّا لَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] " إِلَى آخِرِهَا. [انظر: 1394 - مسلم: 208 - فتح: 8/ 737] (باب) ساقط من نسخة. ({وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)}) (فاعل (تب) ضمير -أبي لهب-وهو: إخبار عن وقوع ما دعا به عليه في قوله: ({تَبَّتْ يَدَا}) فالجملة الأولى دعائية، والثانية خبرية، وقيل: هما دعائيتان، فتكونان من باب ذكر العام بعد الخاص ظاهرًا، وقيل: خبريتان وأراد بالأولى: هلاك عمله، وبالثانية: هلاك نفسه، وخصت اليدان بالذكر؛ لأن الأعمال غالبًا تزاول بهما. ومرّ حديث الباب والذي بعده آنفا. 3 - باب قَوْلِهِ: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)} 4973 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ " فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] إِلَى آخِرِهَا. [انظر: 1394 - مسلم: 208 - فتح: 8/ 738] (باب) ساقط من نسخة. ({سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)}) أي: تلهب وتوقد.

4 - باب {وامرأته حمالة الحطب} [المسد: 4]

4 - باب {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4]. وَقَال مُجَاهِدٌ: حَمَّالةُ الحَطَبِ: "تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ"، {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: 5]: "يُقَالُ: مِنْ مَسَدٍ: لِيفِ المُقْلِ، وَهِيَ السِّلْسِلَةُ الَّتِي فِي النَّارِ". [فتح: 8/ 738] (باب) ساقط من نسخة {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالةَ الْحَطَبِ (4)}) ترجمة، (يقال: مسد: ليف المقل وهي السلسلة التي في النار) هما كما قال شيخنا: قولان في تفسير المسد حكاهما الفراء أحدهما: أنه ليف المقل، وثانيهما: أنه السلسلة التي في النار (¬1)، وعليه فكان الأوجه أن يقول البخاري: أو هي بدل، وهي والحبل المذكور في الآية يقال: إنه هو الذي كانت تحتطب به امرأة أبي لهب، وهذا إنما يليق بالقول الأول. 112 - سُورةُ الإخلاص {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} قوله قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُقَالُ: لَا يُنَوَّنُ {أَحَدٌ}: أَيْ وَاحِدٌ. (سورة الصمد) في نسخة: "سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} " وتسمى: سورة الإخلاص. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (لا ينون {أَحَدٌ}) أي قد يحذف التنوين من (أحد) في حال الوصل فيقال: {اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} بحذف تنوين (أحد) كما قال الشاعر: فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكرِ الله إلا قليلًا (¬2) بحذف تنوين (ذاكر) ونصب (الله). (أي: واحد) تفسير لأحد فهما ¬

_ (¬1) "الفتح" 8/ 738. (¬2) هذا بيت من المتقارب، يستشهد به بعض النحاة على حذف التنوين من (ذاكر) لالتقاء الساكنين ونصب ما بعده وإن كان الوجه الإضافة.

1 - باب

واحد في المعنى، وهو صحيح إن ورد حذف التنوين من واحد في الوصل أيضًا، وإلا فبينهما فرق كما فرق غيره بينهما بغير ذلك أيضًا فقيل: أحد بالذات وواحد بالصفات، وقيل: أحد لا يستعمل في الإثبات لغير الله تعالى، فلا يقال: زيد أحد ويقال: الله أحد، بخلاف الواحد فإنه يستعمل فيه لهما، وقيل نفي الأحد يعم، ونفي الواحد قد لا يعم، وقيل: الأحد لا يبتدأ به العدد بخلاف الواحد لا تلحقه التاء. 1 - باب 4974 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال اللَّهُ: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي، كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْئًا أَحَدٌ". [انظر: 3193 - فتح: 8/ 739] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (كذبني ابن آدم) أي: بعض بنيه وهم منكرو البعث (ذلك) أي: التكذيب (وأنا الأحد الصمد) سيأتي تفسير الصمد. (لم ألد ولم أولد) وفي نسخة: "لم يلد ولم يولد". (ولم يكن لي) في نسخة: "له" (كفوًا أحد) أي: مكافئا واللام متعلقة بـ (كفوًا)، وأحد اسم (يكن) وأخر عن خبرها، رعاية للفاصلة.

2 - باب قوله {الله الصمد (2)} [الإخلاص: 2]

2 - باب قَوْلِهِ {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} [الإخلاص: 2] وَالعَرَبُ تُسَمِّي أَشْرَافَهَا الصَّمَدَ" قَال أَبُو وَائِلٍ: "هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى سُودَدُهُ". (باب) ساقط من نسخة ({اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}) ترجمة. 4975 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَال: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَال اللَّهُ: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤًا أَحَدٌ " (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُؤًا أَحَدٌ) " كُفُؤًا وَكَفِيئًا وَكِفَاءً وَاحِدٌ. [انظر: 3193 - فتح: 8/ 739] (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد (كفوًا) بضمتين (وكفيئًا) بوزن فعيل. (وكفاءً) بكسر الكاف وفتح الفاء وبالمد (واحد) أي: في المعنى. 113 - سورة قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وَقَال مُجَاهِدٌ: "الفَلَقُ: الصُّبْحُ، وَ {غَاسِقٍ} [الفلق: 3]: اللَّيْلُ، {إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3]: غُرُوبُ الشَّمْسِ، يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ، {وَقَبَ} [الفلق: 3]: إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ". (سورة: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}) في نسخة: "قل أعوذ برب الفلق" وفي أخرى: "سورة الفلق". (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. ({غَاسِقٍ}) أي: (الليل) شديد الظلام (إذا وقب) من الوقوب وهو (غروب الشمس) أو القمر ويقال: (وقب) أي: الليل. (إذا دخل في كل شيء وأظلم) لغروب الشمس أو القمر.

1 - باب

1 - باب 4976 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، وَعَبْدَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَال: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ؟ فَقَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "قِيلَ لِي فَقُلْتُ" فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [4977 - فتح 8/ 741] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عاصم) أي: ابن أبي النجود. (وعبدة) أي: ابن أبي لبابة. (عن المعوذتين) أي: عن كونهما قرآنا، أولًا. (فقال) أي: أُبي. (سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: عنهما. (فقال: قيل لي) أي: قال لي جبريل {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} (فقلت) أي: ما قاله، قال أبي: (فنحن نقول كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هي، والسر في السؤال عن المعوذتين أن ابن مسعود كان لا يقرأهما ويقول: ليستا من كتاب الله وإنما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتعوذ بهما (¬1) وأوِّل كلامه بأنه لم ينكر قرآنيتهما، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيء إلا إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن في كتابته فيه وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك فليس فيه حجة لقرآنيتها وأراد بكتاب الله: المصحف، والحاصل أنه كان فيهما اختلاف بين الصحابة ثم رفع ووقع الإجماع على أنهما من القرآن فمن أنكر شيئًا منهما كفر قاله النووي (¬2)، لكنه قال: ما نقل عن ابن مسعود باطل، وتعقبه شيخنا: بأن فيه طعنًا في الروايات الصحيحة بغير مستند فالمصير إلى التأويل أولى (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الطبراني 9/ 235 (9151)، وأحمد في "مسنده" 5/ 129 - 130، وذكره الهيثمي في "مجمعه" 7/ 311 وقال: رواه عبد الله بن أحمد والطبراني، ورجال عبد الله رجال الصحيحين ورجال الطبراني ثقات. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 6/ 109. (¬3) "الفتح" 8/ 743.

114 - سورة قل أعوذ برب الناس

114 - سورة قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {الوَسْوَاسِ} [الناس: 4]: "إِذَا وُلِدَ خَنَسَهُ الشَّيْطَانُ، فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَهَبَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ ثَبَتَ عَلَى قَلْبِهِ". (سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)}) في نسخة: " {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} " وفي أخرى: "سورة الناس". ({الْوَسْوَاسِ}) أي: الشيطان (إذا ولد) أي: المولود (خَنَسَه الشيطان) استعمل متعديًا مع أنه قاصر أي: خنس له بمعنى: انقبض وتأخر عنه. (فإذا ذكر الله) بالبناء للمفعول. (عزَّ وجلَّ) ساقطة من نسخة. (ذهب) عن مكانه. (وإذا لم يذكر الله ثبت على قلبه) أي: قلب المولود وقوله: (خنسه) موافق لقوله تعالى: {الْخَنَّاسِ} فالتعبير به صحيح بل هو المراد؛ لأنه الآن لم يصب المولود لقوله بعده: (فإذا ذكر الله ..) إلخ فالقول: بأنه الأَوْلى أن يقال: نخسه مردود. 1 - باب 4977 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، ح وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، قَال: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، قُلْتُ: يَا أَبَا المُنْذِرِ إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَقَال أُبَيٌّ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال لِي: "قِيلَ لِي فَقُلْتُ" قَال: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 4976 - فتح: 8/ 741] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عاصم) أي: ابن أبي النجود. (إن أخاك) أي: في الدين. (يقول كذا وكذا) أي: أن المعوذتين ليستا من كتاب الله. ومرّ الحديث آنفًا.

66 - كتاب فضائل القرآن

66 - كتَابُ فَضَائِلِ القُرْآنِ

1 - باب: كيف نزل الوحي، وأول ما نزل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 66 - [كتاب] فَضَائِلِ القرآن (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (كتاب) ساقط من نسخة. (فضائل القرآن) هي جمع فضيلة، واختلف هل في القرآن شيء أفضل من شيء؟ فقيل: لا، وعليه الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني؛ لأنه يشعر بنقص المفضول، وكلامه تعالى حقيقة واحدة لا نقص فيه، وقيل: نعم لظواهر الأخبار، كخبر "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن" (¬1) وخبر: أن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} تعدل ثلث القرآن (¬2). والتفضيل يرجع إلى عظم الأجر والثواب أو إلى اللفظ، لا إلى الصفة؛ لأنَّ ما تضمنه نحو آية الكرسي، وسورة الإخلاص ليس موجودا في نحو: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} والتحقيق أنه لا خلاف في المعنى، بل الأول محمول على ذات القرآن وحقيقته، والثاني على غيرهما كما علم. 1 - بَابٌ: كَيْفَ نَزَلَ الوَحْيُ، وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "المُهَيْمِنُ: الأَمِينُ، القُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ". (باب: كيفية نزول الوحي) في نسخة: "كيف نزل الوحي وأول ما نزل؟ " أي: منه ¬

_ (¬1) سبق برقم (4703) كتاب: التفسير، باب: ولقد أتينك سبعا من المثاني. (¬2) سيأتي برقم (6643) كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -.

4978 - 4979 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَال: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالا: "لَبِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، يُنْزَلُ عَلَيْهِ القُرْآنُ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ". [انظر: 4464، 3851 - فتح: 9/ 3] (عن شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير (عشرًا) في نسخة: "عشر سنين". ومرّ الحديث في آخر المعازي (¬1). 4980 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: "مَنْ هَذَا؟ " أَوْ كَمَا قَال، قَالتْ: هَذَا دِحْيَةُ، فَلَمَّا قَامَ، قَالتْ: وَاللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إلا إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ، أَوْ كَمَا قَال، قَال أَبِي: قُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَال: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. [انظر: 3633 - مسلم: 2541 - فتح: 9/ 3] (معتمر) أي: ابن سليمان. (وفيه) أي: الكلبي. 4981 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إلا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ". [7274 - مسلم: 152 - فتح: 9/ 3] (إلا أعطي) أي: من المعجزات. (ما) مبتدأ مفعول ثان لأعطي. (مثله) مبتدأ. (آمن عليه البشر) خبر المبتدأ والجملة صلة الموصول وعُدى (آمن) بعلى مع أنه إنما يتعدى بالباء، أو باللام لتضمنه معنى الغلبة أي: مغلوبًا عليه، أو على أن حروف الجر يقوم بعضها مقام بعض. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4464) كتاب: المغازي، باب: وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

واختلف في معنى الحديث فقيل: إن نبي أعطي من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء فآمن به البشر، وأما معجزتي العظيمة الظاهرة فهي القرآن الذي لم يعط أحد مثله فلهذا أنا أكثرهم تبعًا، وقيل: إن الذي أوتيته لا يتطرق إليه تخييل بسحر أو شبهه بخلاف معجزة غيرى، وقيل: إن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم ولم يشاهدها إلا من حضرها بحضرتهم ومعجزة نبينا - صلى الله عليه وسلم - المستمر إلى يوم القيامة، وقيل: إن القرآن ليس له مثل ولا صورة ولا حقيقة قال تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23] بخلاف معجزات غيره. 4982 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ اللَّهَ تَعَالى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ، حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيُ، ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ". [مسلم: 3016 - فتح: 9/ 3] (تابع على رسوله الوحي) أي: أنزله الله تعالى عليه متتابعا متواترا. 4983 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُ جُنْدَبًا، يَقُولُ: "اشْتَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً - أَوْ لَيْلَتَيْنِ - فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالتْ: يَا مُحَمَّدُ مَا أُرَى شَيْطَانَكَ إلا قَدْ تَرَكَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3]. (أبو نعيم) هو الفضل ابن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (جندبًا) أي: ابن عبد الله البجلي (فلم يقم) أي: للتهجد. (فأتته امرأة) هي العوراء بنت حرب.

2 - باب نزل القرآن بلسان قريش والعرب {قرآنا عربيا}

2 - باب نَزَلَ القُرْآنُ بلِسَانِ قُرَيْشٍ وَالْعَرَب. {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} [الشعراء: 195]. (باب: نزل القرآن بلسان قريش والعرب) أي: بلغتهما والعطف في ذلك من عطف العام على الخاص. ({قُرْآنًا عَرَبِيًّا} {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)}) ذكره مستدلا به على أن القرآن نزل بلغة العرب. 4984 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَال: "فَأَمَرَ عُثْمَانُ، زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَسَعِيدَ بْنَ العَاصِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنْ يَنْسَخُوهَا فِي المَصَاحِفِ"، وَقَال لَهُمْ: "إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي عَرَبِيَّةٍ مِنْ عَرَبِيَّةِ القُرْآنِ فَاكْتُبُوهَا بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا". [انظر: 3056 - فتح: 9/ 8] (ينسخوها) أي: الآيات، أو السور، أو الصحف، فإن القرآن نزل بلسانهم، ذكره مستدلًا به على أن القرآن نزل بلغة قريش ولا ينافي ما مَرَّ من أنه نزل بلغة العرب؛ لأن العرب تشمل قريشًا كما مرَّ؛ أو لأنه كما قيل: نزل أولًا بلغة قريش ثم أبيح أن يُقرأ بلغة غيرهم من بقية العرب. ومرَّ الحديث بشرحه في باب: نزول القرآن بلسان قريش (¬1). 4985 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، وَقَال: مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَال: أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ يَعْلَى، كَانَ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ، فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ عَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ أَظَلَّ عَلَيْهِ، وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ، بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً فَجَاءَهُ الوَحْيُ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3506) كتاب: المناقب، باب: نزل القرآن بلسان قريش.

3 - باب جمع القرآن

فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى: أَنْ تَعَال، فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا هُوَ مُحْمَرُّ الوَجْهِ، يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَال: "أَيْنَ الَّذِي يَسْأَلُنِي عَنِ العُمْرَةِ آنِفًا" فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَجِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ". [انظر: 1536 - مسلم: 1180 - فتح: 9/ 9] (همام) أي: ابن يحيى بن دينار العوذي. (يحيى) أي: القطان. (جاءه رجل) قيل: هو عطاء بن منبه، قال شيخنا: والصواب: أنه يعلى بن أمية راوي الحديث كما أخرجه الطحاوي (¬1). ومَرَّ الحديث بشرحه في كتاب: العمرة (¬2). 3 - باب جَمْعِ القُرْآنِ. (باب: جمع القرآن) أي: في صحيفة بعد تفرقه في صحائف. 4986 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عِنْدَهُ"، قَال أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَال: إِنَّ القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمَامَةِ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بِالقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ القُرْآنِ، قُلْتُ لِعُمَرَ: "كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " قَال عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ، "فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِذَلِكَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ"، قَال زَيْدٌ: قَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، "فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ ¬

_ (¬1) انظر: "شرح معاني الآثار" 2/ 139. و"الفتح" 3/ 394. (¬2) سبق برقم (1789) كتاب: العمرة، باب: يفعل في العمرة ما يفعل في الحج.

مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ"، قُلْتُ: "كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ "، قَال: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، " فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ العُسُبِ وَاللِّخَافِ، وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128] حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. [انظر: 2807 - فتح: 9/ 10] (مقتل أهل اليمامة) أي: محل قَتْل مَنْ قُتل من الصحابة في وقعة مسيلمة الكذاب. (استحر) أي: اشتد وكَثُرَ. (من العسب) بضم العين والسين المهملتين: جريد النخل العريض. (واللخاف) بكسر اللام وبالمعجمة: الحجارة الرقاق. ومرّ الحديث في سورة براءة (¬1). 4987 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ: أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ، قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَةَ، وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ العِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلافُهُمْ فِي القِرَاءَةِ، فَقَال حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ، قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الكِتَابِ اخْتِلافَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: "أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي المَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ"، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ العَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي المَصَاحِفِ"، وَقَال عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثَّلاثَةِ: "إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ" فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي المَصَاحِفِ، رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4679) كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ}.

أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ القُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ، أَنْ يُحْرَقَ. [انظر: 3506 - فتح: 9/ 11] 4988 - قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَال: "فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا المُصْحَفَ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي المُصْحَفِ. [انظر: 2807 - فتح: 9/ 11] (موسى) أي: ابن إسماعيل المنقري. (إبراهيم) أي: ابن سعد. (إرمينية) بكسر الهمزة وفتحها: مدينة عظيمة بين بلاد الروم وخِلاط (¬1). (وأذربيجان) بهمزة مفتوحة مقصورة ومعجمة ساكنة وراء مفتوحة، وبهمزة ممدودة ومعجمة مفتوحة وراء ساكنة: إقليم واسع ومن مشهور مدنه تبريز (¬2). (أن يحرق) بمهملة أو معجمة ساكنة وراء مفتوحة والمراد به: حرق ما هو منشرح أو مختلط بغيره من التفسير، أو القراءات الشاذة، أو ما كان بلغة غير العرب. ومرَّ الحديث في الجهاد وفي تفسير سورة الأحزاب (¬3). ¬

_ (¬1) إرمينية: بكسر أوله وإسكان ثانية، بعده ميم مكسورة وياء ثم نون مكسورة: بلد معروف، يضم كورا كثيرًا، سميت بكون الأمن فيها، وهي أمةٌ كالروم وغيرها. وقيل: سميت بأرمون بن لمطي وقيل: لنطى بن يومن ابن يافث بن نوح. انظر: "معجم ما استعجم" 1/ 142، "معجم البلدان" 1/ 159 - 160. (¬2) وأذربيجان وقزوين وزنجان كورتلي الجبل من بلاد العراق وتلي كور إرمينية من جهة المغرب: انظر "معجم ما استعجم" 1/ 129، "معجم البلدان" 1/ 128. (¬3) سبق برقم (2807) كتاب: الجهاد، باب: قول الله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ}. و (4784) كتاب: التفسير، باب: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ}.

4 - باب كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم -

4 - باب كَاتِبِ النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 4989 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ ابْنَ السَّبَّاقِ، قَال: إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، قَال: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: إِنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاتَّبِعِ القُرْآنَ، " فَتَتَبَّعْتُ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128] إِلَى آخِرِهِ. [انظر: 2807 - فتح: 9/ 22] 4990 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوي} [النساء: 95] القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ {وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95]، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادْعُ لِي زَيْدًا وَلْيَجِئْ بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ وَالكَتِفِ - أَو الكَتِفِ وَالدَّوَاةِ -" ثُمَّ قَال: "اكْتُبْ {لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ} [النساء: 95] وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِي، فَإِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ؟ فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا: {لَا يَسْتَوي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] {وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]. [انظر: 2831 - مسلم: 1898 - فتح: 9/ 22] (باب: كاتب): في نسخة: "باب: ذكر". (النبي - صلى الله عليه وسلم -) والمراد: ذكر أشهر كُتَابه وهو زيد بن ثابت؛ لأنه كان أكثر كتابة للوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلا فله كُتَّابٌ كثيرون كالخلفاء الأربعة، وأُبيّ بن كعب، والزبير بن العوام، وخالد وأبان ابني سعيد بن العاص بن أمية، وحنظلة بن الربيع الأسيدي، ومعيقيب بن أبي فاطمة. 5 - بَابُ أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ (باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 4991 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ

شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ". [انظر: 3219 - مسلم: 819 - فتح: 9/ 23] (سعيد بن عفير) نسبة إلى جده وإلا فهو سعيد بن كثير بن عفير. (أقرأني جبريل) أي: القرآن. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: بدء الخلق (¬1). 4992 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ القَارِيَّ، حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكِدْتُ أُسَاورُهُ فِي الصَّلاةِ، فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَال: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: كَذَبْتَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ" فَقَرَأَ عَلَيْهِ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ"، ثُمَّ قَال: "اقْرَأْ يَا عُمَرُ" فَقَرَأْتُ القِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ". [انظر: 2419 - مسلم: 818 - فتح: 9/ 23] (فكدت (¬2) أساوره) أي: أواثبه وأقاتله. ومر الحديث بشرحه في كتاب: الخصومات (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3219) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. (¬2) في الأصل: قلت أساوره. (¬3) سبق برقم (2419) كتاب: الخصومات، باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض.

6 - باب تأليف القرآن

6 - بَابُ تَأْلِيفِ القُرْآنِ (باب: تأليف القرآن) أي: جمع آيات سوره. 4993 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مَاهَكٍ (¬1) قَال: إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ، فَقَال: أَيُّ الكَفَنِ خَيْرٌ؟ قَالتْ: وَيْحَكَ، وَمَا يَضُرُّكَ؟ " قَال: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، أَرِينِي مُصْحَفَكِ؟ قَالتْ: لِمَ؟ قَال: لَعَلِّي أُوَلِّفُ القُرْآنَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ، قَالتْ: وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ؟ " إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ، فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلامِ نَزَلَ الحَلالُ وَالحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: لَا تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ: لَا تَزْنُوا، لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا، لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46] وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ البَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إلا وَأَنَا عِنْدَهُ"، قَال: فَأَخْرَجَتْ لَهُ المُصْحَفَ، فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ. [انظر: 4876 - فتح: 9/ 38] (ابن ماهك) بفتح الهاء وكسرها، يصرف، أو لا يصرف. (إذ جاءها عراقي) لم يعرف اسمه. (أي الكفن خير؟ قالت: ويحك، وما يضرك؟) قال شيخنا: لعل هذا العراقي كان سمع ما رواه الترمذي وصححه: "البسوا من ثيابكم البياض وكفنوا فيها موتاكم فإنها أطهر وأطيب" (¬2) فأراد أن يستثبت عائشة في ذلك، فقالت له: وما يضرك؟ تعني: أي كفن كفنت فيه أجزأ (¬3). (لم) أي: لم أريكه. (فإنه ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، بتصريف كلمة ماهك. (¬2) "سنن الترمذي" (994) كتاب: الجنائز، باب: ما يستحب من الأكفان، عن ابن عباس. وقال: حديث حسن صحيح وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬3) "الفتح" 9/ 39.

يقرأ غير مؤلف) كأن مقصود العراقي: إنه كان يقرأه كقرآن ابن مسعود، وأراد أن يرجع إلى قراءة غيره المشهورة فيؤلف القرآن عليه. (أيه) بنصب الياء المشددة. (قرأت قبل) أي: قبل قراءة السورة الأخرى. (إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار) التي فيها ذكرهما هي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أو المدثر، أما ذكرهما في {اقْرَأْ} فلزوم من قوله فيها: {إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى}، وقوله: {إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} و {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)} لكن الذي نزل أولًا منها خمس آيات فقط، وأما في المدثر فصريح بقوله فيها: {جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ}، وقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27)} (حتى إذا ثاب الناس) أي: رجعوا. (إلى الإِسلام نزل الحلال والحرام) لاقتضاء الحكمة الإلهية في ترتيب النزول على ما ذكر حيث نزل أولًا الدعاء إلى التوحيد والتبشير للمؤمنين بالجنة، والتخويف للكافرين بالنار، فلما اطمأنت النفوس على ذلك أنزلت الأحكام ولهذا قالت عائشة: (ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر) إلى آخره لانطباع النفوس على النفرة عن ترك المألوف. (أي السورة) في نسخة: "آي السور". 4994 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ، سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفِ، وَمَرْيَمَ، وَطه، وَالأَنْبِيَاءِ: "إِنَّهُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلادِي" [انظر: 4708 - فتح: 9/ 39] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن أبي إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (العتاق) جمع: عتيق، وهو ما بلغ الغاية في الجودة؛ إذ تفضيل هذه السور لما يتضمن مفتتح كل منها أمرًا غريبًا. (الأول) هي أولية باعتبار حفظها، أو نزولها. (من تلادي) أي: من محفوظاتي القديمة.

ومرَّ الحديث في سورة بني إسرائيل وغيرها (¬1). 4995 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعَ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "تَعَلَّمْتُ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (قبل أن يقدم النبي) أي: إلى المدينة. 4996 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: "لَقَدْ تَعَلَّمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهُنَّ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ"، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَدَخَلَ مَعَهُ عَلْقَمَةُ، وَخَرَجَ عَلْقَمَةُ فَسَأَلْنَاهُ، فَقَال: عِشْرُونَ سُورَةً مِنْ أَوَّلِ المُفَصَّلِ عَلَى تَأْلِيفِ ابْنِ مَسْعُودٍ، آخِرُهُنَّ الحَوَامِيمُ: حم الدُّخَانِ وَ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1]. [انظر: 775 - مسلم 8224 - فتح: 9/ 39] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (عن أبي حمزة) هو محمَّد بن ميمون السكري. (عن شقيق) أي: ابن سلمة. (عبد الله) أي: ابن مسعود. (آخرهن الحواميم حم الدخان و {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)}) أي: على ترتيب تأليف ابن مسعود، وإلا فعلى التأليف المشهور ليس أخرهن (حم الدخان) لأنها ليست من المفصل على المشهور. ومرّ سرد السور العشرين في الصلاة في باب: الجمع بين السورتين (¬2). واختلف في ترتيب المصحف العثماني هل كان باجتهاد من الصحابة، أو توقيفي، أو بعضه توقيفي وبعضه باجتهاد منهم، والجمهور على الأول، وأما ترتيب الآيات: فتوقيفي بلا شك ¬

_ (¬1) سبق برقم (4708) كتاب: التفسير، باب: سورة بني إسرائيل، وبرقم (4739) كتاب: التفسير، باب: سورة الأنبياء. (¬2) سبق برقم (775) كتاب: الأذان، باب: الجمع بين السورتين في الركعة.

7 - باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم

لخبرٍ فيه رواه البيهقي والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين (¬1). 7 - بَابُ كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ القُرْآنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال مَسْرُوقٌ: عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ: أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ جِبْرِيلَ [كَانَ] يُعَارِضُنِي بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أُرَاهُ إلا حَضَرَ أَجَلِي". [انظر: 3623] (باب: كان جبريل يعرض القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: يستعرض منه ما أقرأه آياه. (مسروق) أي: ابن الأجدع. (عارضني العام) أي: في هذا العام. 4997 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ". [انظر: 6 - مسلم: 2308 - فتح: 9/ 43] (يعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن) أي: ما نزل منه. ومرَّ الحديث أول الكتاب، وفي الصوم (¬2). 4998 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ ¬

_ (¬1) "المستدرك" 2/ 221، 330 كتاب: التفسير، و "سنن البيهقي" 2/ 42 كتاب: الصلاة. (¬2) سبق برقم (6) كتاب: الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وبرقم (1902) كتاب: الصوم، باب: أجود ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون في رمضان.

8 - باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي العَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا، فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ فِي العَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ". [انظر: 2044 - فتح: 9/ 43] (في العام الذي قبض) أي: "فيه" كما في نسخة. ومر الحديث بشرحه في كتاب: الاعتكاف (¬1). 8 - بَابُ القُرَّاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: القراء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: باب: ذكرهم. 4999 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَال: لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "خُذُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ". [انظر: 3758 - مسلم: 2464 - فتح: 9/ 46] (عن عمرو) أي: ابن مرة. (وسالم) أي: ابن معقل. (ومعاذ) أي: ابن جبل. ومر الحديث في المناقب (¬2). 5000 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ، قَال: خَطَبَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَال: "وَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ"، قَال شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي الحِلَقِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ، فَمَا سَمِعْتُ رَادًّا يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ. [مسلم: 2462 - فتح: 9/ 46] (بعضًا) بكسر الموحدة، وسكون المعجمة: ما بين الثلاث إلى التسع. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2044) كتاب: الاعتكاف، باب: الاعتكاف في العشر الأوسط من رمضان. (¬2) سبق برقم (3806) كتاب: المناقب، باب: مناقب معاذ بن جبل - رضي الله عنه -.

5001 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: كُنَّا بِحِمْصَ فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ يُوسُفَ، فَقَال رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ، قَال: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَحْسَنْتَ" وَوَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الخَمْرِ، فَقَال: أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَتَشْرَبَ الخَمْرَ فَضَرَبَهُ الحَدَّ. [مسلم: 801 - فتح: 9/ 47] (فقال رجل) قيل: هو نهيك بن سنان. (فضربه الحد) أي: رفعه إلى من له ولاية فضربه. 5002 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إلا أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَلَا أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إلا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللَّهِ، تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ". [مسلم: 2463 - فتح: 9/ 47] (مسلم) هو أبو الضحى بن صبيح. (تبلغه الإبل) بسكون الموحدة، وضم اللام وفي ذلك إشارة لإخراج نحو جبريل فإنه في السماء. 5003 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ. تَابَعَهُ الفَضْلُ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ. [انظر: 3810 - مسلم: 2465 - فتح: 9/ 47] (وأبو زيد) هو سعد بن عبيد بن النعمان. (تابعه) أي: حفصًا. (الفضل) أي: ابن موسى الشيباني. 5004 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَثُمَامَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْمَعِ القُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ. قَال: "وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ". [انظر: 4481 - فتح: 9/ 47]

9 - باب [فضل] فاتحة الكتاب

(عن أنس قال: مات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجمع القرآن غير أربعة) أي: لم يجمعه غيرهم في علمي، أو من الأوس وإلا فقد كان ممن يجمعه إذ ذاك كثير من الصحابة كما هو معلوم. (ونحن ورثناه) أي: أبا زيد؛ لأنه مات ولم يترك وارثًا غيرنا فورثناه بالعمومة. 5005 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال عُمَرُ: أُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ لَحَنِ أُبَيٍّ، وَأُبَيٌّ يَقُولُ: "أَخَذْتُهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَتْرُكُهُ لِشَيْءٍ"، قَال اللَّهُ تَعَالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]. [انظر: 4481 - فتح: 9/ 47] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (وإنا لندع) أي: لنترك. (من لحن أبي) أي: من قراءته ما نسخت تلاوته. و (أبي) أي: والحالة أن أبيا. (يقول: أخذته) أي: ما يتركه عمر من لحني. (لشيء) أي: لشيء يقوله لي بخبر للنبي - صلى الله عليه وسلم - من نسخ أو غيره. (قال الله تعالى: {مَا نَنْسَخْ}) إلى آخره استدل به عمر على أبي. ومرَّ الحديث في سورة البقرة (¬1). 9 - بَابُ [فَضْلِ] فَاتِحَةِ الكِتَابِ (باب: فاتحة الكتاب) في نسخة: "باب: فضل فاتحة الكتاب". 5006 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، قَال: كُنْتُ أُصَلِّي، فَدَعَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4481) كتاب: التفسير، باب: قوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا}.

أُصَلِّي، قَال: "أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ؟ "، ثُمَّ قَال: "أَلا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ"، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ قُلْتَ: "لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ" قَال: "الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ، هِيَ السَّبْعُ المَثَاني، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ". [انظر: 4474 - فتح: 9/ 54] (أعظم سورة في القرآن). أي: في الأجر والثواب. ومرّ الحديث في أول التفسير وفي سورة الأنفال (¬1). 5007 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ، فَقَالتْ: إِنَّ سَيِّدَ الحَيِّ سَلِيمٌ، وَإِنَّ نَفَرَنَا غَيْبٌ، فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ؟ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ، فَرَقَاهُ فَبَرَأَ، فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِينَ شَاةً، وَسَقَانَا لَبَنًا، فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً - أَوْ كُنْتَ تَرْقِي؟ - قَال: لَا، مَا رَقَيْتُ إلا بِأُمِّ الكِتَابِ، قُلْنَا: لَا تُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نَأْتِيَ - أَوْ نَسْأَلَ - النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ" وَقَال أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ بِهَذَا. [انظر: 2276 - مسلم: 2201 - فتح: 9/ 54] (وهب) أي: ابن جرير الأزدي. (هشام) أي: ابن حسان. (عن محمَّد) أي: ابن سيرين. (عن معبد) أي: ابن سيرين. (سليم) أي: لديغ بعقرب. (غيب) بفتح الغين والياء جمع غائب ¬

_ (¬1) سبق برقم (4474) كتاب: التفسير، باب: ما جاء في فاتحة الكتاب. وبرقم (4647) كتاب: التفسير، باب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ}.

10 - [باب] فضل البقرة

كخدم وخادم. (رجل) هو أبو سعيد كما في مسلم (¬1). (نأبنه) بنون فهمزة ساكنة فموحدة مضمومة، أي: نتهمه. (ما رقيت) بفتح القاف. ومرَّ الحديث في أول الإجارة (¬2). 10 - [باب] فَضْلُ البَقَرَةِ. (باب): ساقط من نسخة. (فضل سورة البقرة) أي: باب بيان ما جاء في فضلها. 5008 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ. [انظر: 4008 - مسلم: 807 , 808 - فتح: 9/ 55] (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (عن عبد الرحمن) أي: ابن يزيد النخعي. (من قرأ بالآيتين) ضمن (قرأ) معنى تبرك فعداه بالباء وقيل: إنها زائدة مع أنها ساقطة من نسخة. 5009 - وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ". [انظر: 4008 - مسلم: 807، 808 - فتح: 9/ 55] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن منصور) أي: ابن المعتمر، (كفتاه) أي: من الآفات في ليلته، أو عن القيام فيها. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2201) كتاب: السلام، باب: جواز أخذ الأجرة على الرقية. (¬2) سبق برقم (2276) كتاب: الإجارة، باب: ما يعطي في الرقية على أحياء العرب.

11 - [باب] فضل الكهف

5010 - وَقَال عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَصَّ الحَدِيثَ، فَقَال: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَال مَعَكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ". [انظر: 2311 - فتح: 9/ 55] (عوف) أي: ابن جميلة الأعرابي. (فقص الحديث) أي: ذكره بنحو ما مرَّ في الوكالة (¬1). (صدقك) أي: في نفع قراءة آية الكرسي. (وهو كذوب) أي: شأنه الكذب، والكذوب قد يصدق. 11 - [باب] فَضْلُ الكَهْفِ. (باب: فضل الكهف) في نسخة: "باب: فضل سورة الكهف". 5011 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَال: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفِ، وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَال: "تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالقُرْآنِ". [انظر: 3614 - مسلم: 795 - فتح: 9/ 57] (زهير) أي: ابن معاوية. (كان رجل) قيل: هو أسيد بن حضير. (وإلى جانبه حصان) بكسر الحاء المهملة: الذكر من الخيل. (بشطنين) بفتح الشين والطاء أي: حبلين. (فتغشته سحابة) أي: أحاطت به. ومرّ الحديث في تفسير سورة الفتح (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (2311) كتاب: الوكالة، باب: إذا وكل رجلًا ... (¬2) سبق برقم (4839) كتاب: التفسير، باب: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ}.

12 - [باب] فضل سورة الفتح

12 - [باب] فَضْلُ سُورَةِ الفَتْحِ. (باب: فضل سورة الفتح) أي: باب بيان ما جاء في فضلها. 5012 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَال عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ، قَال عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي حَتَّى كُنْتُ أَمَامَ النَّاسِ، وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي، قَال: فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، قَال: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: "لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]. [انظر: 4177 - فتح: 9/ 58] (نزرت رسول الله) أي: ألححت عليه. (فما نشبت) أي: لبثت. ومرَّ الحديث في تفسير سورة الفتح (¬1). 13 - [باب] فَضْلُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]. [فِيهِ عَمْرَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النِّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -]. [7375] (باب) ساقط من نسخة. (فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}) أي: باب بيان ما جاء في فضلها. (فيه) أي: في فضلها. 5013 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4833) كتاب: التفسير، باب: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}.

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ". [6643، 7374 - فتح: 9/ 58] (أن رجلًا) هو أبو سعيد. (سمع رجلًا) قيل: هو قتادة بن النعمان. (يتقالها) أي: يعدها قليلة في العمل. (إنها لتعدل ثلث القرآن) أي: باعتبار معانيه؛ لأنه أحكام وأخبار وتوحيد وقد اشتملت على الثالث فكانت ثلثًا لذلك. 5014 - وَزَادَ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَخِي قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ: أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [فتح: 9/ 59] (نحوه) أي: فذكر نحوه أي: نحو الحديث السابق 5015 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، وَالضَّحَّاكُ المَشْرِقِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ؟ " فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَال: "اللَّهُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ القُرْآنِ". [فتح: 9/ 59] (الضحاك) أي: ابن شرحيل، وقيل: شرحبيل (وراق أبي عبد الله) أي: كاتبه. (عن إبراهيم مرسلًا) أي: الذي رواه إبراهيم النخعي عن أبي سعيد مرسل. (وعن الضحاك المشرقي: مسند) أي: الذي يرويه الضحاك عن أبي سعيد مسند وظاهر ذلك: أن البخاري أطلق على المنقطع لفظ المرسل وعلى المتصل لفظ المسند وهو خلاف المشهور عند المحدثين.

14 - [باب فضل] المعوذات

14 - [باب فَضْلِ] المُعَوِّذَاتِ (باب: فضل المعوذات) أي: باب بيان ما جاء في فضلها. 5016 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا". [انظر: 4439 - مسلم: 2192 - فتح: 9/ 62] 5017 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بْنُ فَضَالةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ". [5748، 6319 - فتح: 9/ 62] (ثم نفث فيهما فقرأ فيهما) إن كانت القراءة بعد النفث فذاك، أو قبله وهو -الظاهر فالكلام فيه تقدير كما في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} والمعنى هنا: جمع كفيه ثم عزم على النفث فيهما فقرأ فيهما. 15 - بَابُ نُزُولِ السَّكِينَةِ وَالمَلائِكَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ القُرْآنِ (باب: نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن) في نسخة: "عند القرآن". أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 5018 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، قَال: بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ البَقَرَةِ، وَفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ، إِذْ جَالتِ الفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ، فَقَرَأَ فَجَالتِ الفَرَسُ، فَسَكَتَ وَسَكَتَتِ الفَرَسُ، ثُمَّ قَرَأَ فَجَالتِ الفَرَسُ فَانْصَرَفَ، وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا، فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ فَلَمَّا

16 - باب من قال: "لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدفتين"

اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى مَا يَرَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، قَال: فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ المَصَابِيحِ، فَخَرَجَتْ حَتَّى لَا أَرَاهَا، قَال: "وَتَدْرِي مَا ذَاكَ؟ "، قَال: لَا، قَال: "تِلْكَ المَلائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا، لَا تَتَوَارَى مِنْهُمْ"، قَال ابْنُ الهَادِ: وَحَدَّثَنِي هَذَا الحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ. [فتح: 9/ 63] (إذ جالت الفرس) أي: اضطربت. (فأشفق) أي: خاف. (أمثال المصابيح) أي: السرج. (لصوتك) أي: لسماعه. (ولو قرأت) أي: لودمت على قراءتك. 16 - بَابُ مَنْ قَال: "لَمْ يَتْرُكِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ" (باب: من قال: لم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين الدفتين) بفتح المهملة والفاء المشددتين أي: اللوحين. 5019 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَال: دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ، عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَال لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَال: "مَا تَرَكَ إلا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ" قَال: وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَسَأَلْنَاهُ، فَقَال: "مَا تَرَكَ إلا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ". [فتح: 9/ 64] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ما ترك إلا ما بين الدفتين) لأن فيه ما هو معلوم من أنه ترك من الحديث مثل ما بين الدفتين أو أكثر ولا ما مرَّ في باب: كتابة العلم عن علي: ما عندنا إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة (¬1) , لأن المراد هنا: ما ترك مكتوبا بأمره إلا ما بين الدفتين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (111) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم.

17 - باب فضل القرآن على سائر الكلام

وقال الكرماني: وقد يجاب بأن بعض الناس كان يزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أوصى إلى علي - رضي الله عنه - فالسؤال أي: هنا إنما هو عن شيء يتعلق بالإمامة فأجاب: بأنه ما ترك إلا ما بين الدفتين من الآيات التي يتمسك بها في الإمامة وهذا أحسن (¬1) انتهى. 17 - بَابُ فَضْلِ القُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الكَلامِ (باب: فضل القرآن على سائر الكلام) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 5020 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ، وَلَا رِيحَ لَهَا". [5059، 5427، 7560 - مسلم: 797 - فتح: 9/ 65] (همام) أي: ابن يحيى ابن دينار الشيباني. (قتادة) أي: ابن دعامة. (كالأترجة) بفتح الجيم مشددة ومخففة وبنون قبل الجيم المخففة كما في نسخة، وعلى الثلاثة بحذف الهمزة وتذكر مضمومة. وحاصل الحديث: أن المؤمن إما مخلص أو منافق، وعلى التقديرين إما أن يقرأ أو لا والطعم بالنسبة إلى القاري والريح بالنسبة إلى السامع قال التوربشتي: الأترجة أفضل الثمار لما فيها من خواص ككبر جرمها وحسن منظرها وطيب طعمها ولين ملمسها وتفريح لونها تسر الناظرين ثم أكلها يفيد بعد الألتذاذ طيب النكهة ودباغ المعدة ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 19/ 28.

18 - باب الوصية بكتاب الله عز وجل

وقوة الهضم واشتراك الحواس الأربع البصر والذوق والشم واللمس في الاحتظاء بها ثم إن أجزاءها تنقسم عليها طبائع: قشرها حار يابس ولحمها حار رطب وحماضها بارد يابس وبزرها حار مجفف وفيها من المنافع ما هو مذكور في الكتب الطبية. 5021 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلا مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلاةِ العَصْرِ، وَمَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَمَثَلُكُمْ وَمَثَلُ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا، فَقَال: مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتِ اليَهُودُ، فَقَال: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى العَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتِ النَّصَارَى، ثُمَّ أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنَ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ بِقِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، قَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَال: "هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ " قَالُوا: لَا، قَال: "فَذَاكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ شِئْتُ". [انظر: 557 - فتح: 9/ 66] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى). أي ابن سعيد الأنصاري. (عن سفيان) أي: الثوري. ومرَّ الحديث بشرحه في باب: من أدرك ركعة من العصر (¬1). 18 - بَابُ الوَصِيَّةِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (باب: الوصاة بكتاب الله عزَّ وجلَّ) بفتح الواو وكسرها وبهمزة أو تحتية بعد الألف أي: "الوصيَّة" كما في نسخة، والمراد بها: حفظ كتاب الله وإكرامه وصونه عما يشينه والعمل بمقتضاه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (557) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من أدرك ركعة من العصر قبل المغرب.

19 - باب من لم يتغن بالقرآن

5022 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ، قَال: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى: آوْصَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال: لَا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ أُمِرُوا بِهَا وَلَمْ يُوصِ؟ قَال: "أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ". [انظر: 2740 - مسلم: 1634 - فتح: 9/ 67] (طلحة) أي: ابن مصرف. (أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بالخلافة لأحد، والاستفهام فيه مقدر إن كان الفعل من الإيصاء، ومذكور إن كان من التوصية، والواو ساكنة والصاد مخففة على الأول ومفتوحة ومشددة على الثاني. ومرَّ الحديث بشرحه في: الوصايا (¬1). 19 - بَابُ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ وَقَوْلُهُ تَعَالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: 51]. (باب: من لم يتغن بالقرآن وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}) أي: يدوم تلاوته عليهم فلا يزال معهم آية ثابتة، والمراد بالتغني: تحسين الصوت أو الاستغناء به عن السؤال أو عن أخبار الأمم الماضية، لكن في ذكر الآية بعده إشارة إلى أن معنى التغني: الاستغناء، والترجمة بـ (من لم يتغن بالقرآن) لفظ حديثٍ أخرجه البخاري في الأحكام بلفظ: "من لم يتغن بالقرآن فليس منا" (¬2). 5023 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2740) كتاب: الوصايا، باب: الوصايا. (¬2) سيأتي برقم (7527) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَو اجْهَرُوا بِهِ}.

20 - باب اغتباط صاحب القرآن

قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ"، وَقَال صَاحِبٌ لَهُ: يُرِيدُ يَجْهَرُ بِهِ. [5024، 7482، 7544 - مسلم: 792 - فتح: 9/ 68] (لم يأذن الله لشيءٍ ما أذن للنبي) في نسخة: "لنبي" أي: ما استمع الله لشيء ما استمع للنبي - صلى الله عليه وسلم - من حيث أنه (يتغنى بالقرآن) أي: يحسن صوته به، أو يتغنى به، واستماع الله تعالى مجاز عن تقريبه القاريء وإجزال ثوابه. (وقال صاحب) هو عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب. (له) أي: لأبي سلمة. (يريد) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (يتغنى بالقرآن) (يجهر به). 5024 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ" قَال سُفْيَانُ: تَفْسِيرُهُ يَسْتَغْنِي بِهِ. [انظر: 5023 - مسلم: 712 - فتح: 9/ 68] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أن يتغنى بالقرآن) قال ابن الجوزي: ذكر كلمة: (أن) زيادة من بعض الرواة وهي خطأ لاقتضاء ثبوتها، فإن (أذن) من الإذن بكسر الهمزة وسكون المعجمة: وهو الإباحة والإطلاق وليس مرادًا، وإنما هو من الأذَن بفتحتين: وهو الاستماع كما تقرر. (وقال سفيان) أي: ابن عيينة. (تفسيره) أي: تفسير قوله: (يتغنى بالقرآن). (يستغني به) أي: عن غيره. 20 - بَابُ اغْتِبَاطِ صَاحِبِ القُرْآنِ (باب: اغتباط صاحب القرآن) الاغتباط من الغبطة: وهي أن تشتهي أن يكون لك مثل ما لغيرك، وأن يدوم عليه ما هو فيه. 5025 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

21 - باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه

"لَا حَسَدَ إلا عَلَى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الكِتَابَ، وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ". [7529 - مسلم: 815 - فتح: 9/ 73] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (على اثنتين) أي: خصلتين. (رجل آتاه الله الكتاب) أي: القرآن. (وقام به) أي: تلاوة وعملًا. (آناء الليل) جمع آني كمعي أي: ساعاته. 5026 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ، فَقَال: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الحَقِّ، فَقَال رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ. [7232، 7528 - فتح: 9/ 73] (روح) أي: ابن عبادة (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (ذكوان) هو أبو صالح السمان. 21 - بَابٌ: خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ (باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه) أي: غيره. (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وجهه مع أن الجهاد وكثيرا من الأعمال أفضل: أن الخيرية بحسب المقامات فاللائق بأهل ذلك المجلس التحريض على التعلم والتعليم، أو أن المراد: خير المتعلمين المعلمين من كان تعلمه وتعليمه في القرآن لا في غيره؛ لأن خير الكلام كلام الله تعالى فكذلك خير الناس بعد النبيين من اشتغل به، أو المراد خيرية خاصة من هذه الجهة ولا يلزم أفضليتهم مطلقًا.

5027 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ"، قَال: وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ، حَتَّى كَانَ الحَجَّاجُ قَال: وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا. [5028 - فتح: 9/ 74] (قال) أي: سعد بن عبيدة (وأقرأ أبو عبد الرحمن) أي: الناس القرآن. (قال) أي: أبو عبد الرحمن. (وذاك) أي: فضل القرآن (أقعدني مقعدي هذا) أي: الذي اقرئ الناس فيه. 5028 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ". [انظر: 5027 - فتح: 9/ 74] (سفيان) أي: الثوري. 5029 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ، فَقَالتْ: إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ"، فَقَال رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا، قَال: "أَعْطِهَا ثَوْبًا"، قَال: لَا أَجِدُ، قَال: "أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ"، فَاعْتَلَّ لَهُ، فَقَال: "مَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ " قَال: كَذَا وَكَذَا، قَال: "فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح: 9/ 74] (حماد) أي: ابن زيد. (عن أبي حازم) هو سلمة بن ينار. (امرأة) قيل: هي خولة بنت حكيم، وقيل: أم شريك الأزدية، وقيل: ميمونة. (بما معك من القرآن) الباء للتعريض بمعنى: المقابلة بتقدير مضاف، أي: زوجتكها لتعليمك إياها ما معك من القرآن فيجوز كون التعليم مهرًا، وخالف الحنفية فقالوا: إنها للتشبيه. والمعنى زوجتكها بسبب ما معك من القرآن.

22 - باب القراءة عن ظهر القلب

22 - بَابُ القِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ القَلْبِ (باب: القراءة عن ظهر القلب) أي: بغير تلقين ونظر في المصحف. 5030 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَال: "هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ " فَقَال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا؟ " فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، قَال: "انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ" فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي - قَال سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ، إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ" فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَال مَجْلِسُهُ ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَلَمَّا جَاءَ قَال: "مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ " قَال: مَعِي سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا - عَدَّهَا - قَال: "أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح: 9/ 78] (لأهب لك نفسي) أي: لأكون لك زوجة بلا مهر. (فصعد النظر إليها) أي: رفعه. (وصوبه) أي: خفضه. (هذا إزاري) أي: أصدقها إياه. (موليا) أي: معرضا ذاهبًا مدبرًا. (فقد ملكتكها) رواية الأكثر: "فقد زوجتكها" قال الدارقطني: وهو الصواب (¬1). وجمع النووي بينهما ¬

_ (¬1) عزاه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/ 214 للدارقطني، وقال: قد نقل عن الدارقطني: أن الصواب رواية من روى: "زوجتكها" وإنهم أكثر وأحفظ.

23 - باب استذكار القرآن وتعاهده

بأنه يحتمل صحة اللفظين ويكون جرى لفظ التزويج أولًا فملكها، ثم قال له: اذهب فقد ملكتكها بالتزويج السابق (¬1). 23 - بَابُ اسْتِذْكَارِ القُرْآنِ وَتَعَاهُدِهِ (باب: استذكار القرآن أي: طلب قارئ القرآن من نفسه ذكره بالمحافظة على قراءته. 5031 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ القُرْآنِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ المُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ". [مسلم: 789 - فتح: 9/ 79] (المعلقة) بفتح العين وتشديد القاف أي: المشدودة بالعقال: وهو الحبل الذي يشد في ركبة البعير. 5032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِئْسَ مَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ نُسِّيَ وَاسْتَذْكِرُوا القُرْآنَ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ". [5039 - مسلم: 790 - فتح: 9/ 79] (بئس ما) (ما) نكرة موصوفة مفسرة لفاعل (بئس). (لأحدهم) أي: أحد الناس. (أن يقول) هو المخصوص بالذم، أي: بئس الشيء شيئًا كائنًا لأحدهم قوله: (نسيت) بفتح النون وكسر السين مخففة. (آية ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 214.

24 - باب القراءة على الدابة

كيت وكيت) بفتح التاء وكسرها كلمتان يعبر بهما عن الجمل الكثيرة، وسبب الذم ما في ذلك من الإشعار بعدم الاعتناء بالقرآن والتعهد له. (بل نسي) بضم النون وتشديد السين المكسورة. وفي الحديث: كراهة أن يقول: نسيت كذا لتضمنه التساهل والتغافل في تلاوة القرآن. (واستذكروا القرآن) عطف على جملة: (بئس ما) أي: واطلبوا من أنفسكم ذكره بالمحافظة على قراءته كما مرَّ. (تفصيا) بفتح الفاء وتشديد المهملة أي: تفلتًا. (من صدور الرجال) متعلق بـ (تفصيًا) (من النعم) متعلق بـ (أشد) والنعم هنا: الإبل. (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (نحوه) أي: نحو الحديث السابق. (تابعه) أي: محمَّد بن عرعرة. (بشر) أي: ابن عبد الله المروزي. (وتابعه) أي: ابن عرعرة أيضًا. (عن عبدة) أي: ابن لبابة. 5033 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "تَعَاهَدُوا القُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا". [مسلم: 791 - فتح: 9/ 79] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن بريد) أي: ابن عبد الله. 24 - بَابُ القِرَاءَةِ عَلَى الدَّابَّةِ (باب القراءة على الدابة) أي: باب بيان جوازها. 5034 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو إِيَاسٍ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَى رَاحِلَتِهِ سُورَةَ الفَتْحِ". [انظر: 4281 - مسلم: 794 - فتح: 9/ 83] (أبو إياس) هو معاوية بن قرة المزني، وأراد البخاري بهذا

25 - باب تعليم الصبيان القرآن

الحديث الرد على من كره القراءة على الدابة. ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). (باب: تعليم الصبيان القرآن) أي: باب بيان جواز تعليمه لهم، بل هو أحسن؛ لأنه أدعى إلى ثبوته ورسوخه كما قيل: التعليم في الصغر كالنقش في الحجر. 25 - بَابُ تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ القُرْآنَ 5035 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ المُفَصَّلَ هُوَ المُحْكَمُ، قَال: وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَقَدْ قَرَأْتُ المُحْكَمَ". [5036 - فتح: 9/ 83] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (هو المحكم) أي: الذي لم ينسخ. (توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم) استشكل القاضي عياض قوله: وأنا ابن عشر، بما مرَّ في الصلاة: من أنه كان في حجة الوداع ناهز الاحتلام. وأجاب: باحتمال أن يكون قوله: وأنا ابن عشر سنين راجع إلى حفظ القرآن لا إلى الوفاة النبوية، فالتقدير: توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد جمعت المحكم وأنا ابن عشر سنين، ففيه تقديم وتأخير (¬2). انتهى. على أن التقييد بالعشر استشكل أيضًا بما نقل: من أنه كان عند الوفاة النبوية ابن اثنتي عشرة، أو ثلاثة عشرة، أو أربع عشرة، أو خمس عشرة أو ست عشرة، وأجاب شيخنا بما فيه تكلف (¬3)، وجواب عياض السابق يأتي هنا أيضًا، والظاهر: أن المعتمد ما هنا كما يؤخذ من كلامه ¬

_ (¬1) سبق برقم (4281) كتاب: المغازي، باب: أين ركز النبي الراية يوم الفتح؟ (¬2) "إكمال المعلم" 2/ 417. (¬3) "الفتح" 9/ 84.

26 - باب نسيان القرآن، وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا؟

السابق وإن زعم بعضهم أنه وهم، وأراد البخاري به الرد على من كره تعليم القرآن للصبيان كسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي؛ لضعف قواهم عن التعلم. 5036 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "جَمَعْتُ المُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا المُحْكَمُ؟ قَال: "المُفَصَّلُ". [انظر: 5035 - فتح: 9/ 83] (هشيم) أي: ابن بشير، وهذا طريق في الحديث السابق. 26 - بَابُ نِسْيَانِ القُرْآنِ، وَهَلْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا؟ وَقَوْلِ الله تَعَالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إلا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعلى: 6، 7] (باب: نسيان القرآن وهل يقول) أي: الشخص: (نسيت آية كذا وكذا، وقوله الله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إلا مَا شَاءَ اللَّهُ} بجر (قول) عطف على نسيان. 5037 - حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي المَسْجِدِ، فَقَال: "يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا، آيَةً مِنْ سُورَةِ كَذَا" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ هِشَامٍ، وَقَال: أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا، تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَعَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ. [انظر: 2655 - مسلم: 788 - فتح: 9/ 84] 5038 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي سُورَةٍ بِاللَّيْلِ، فَقَال: "يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا، آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا". [انظر: 2655 - مسلم: 788 - فتح: 9/ 84]

27 - باب من لم ير بأسا أن يقول: سورة البقرة، وسورة كذا وكذا

(زائدة) أي: ابن قدامة. (رجلًا) هو عبد الله بن يزيد الأنصاري. (عيسى) أي: ابن يونس (أسقطتهن) أي: نسيانًا. ومر الحديث بشرحه في كتاب: الشهادات (¬1). 5039 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِئْسَ مَا لِأَحَدِهِمْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ". [اانظر: 5032 - مسلم: 710 - فتح: 9/ 85] (سفيان) أي: ابن عيينة (عبد الله) أي: ابن مسعود. (بئس ما لأحدهم) مرَّ بشرحه في كتاب: استذكار القرآن (¬2). 27 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَقُولَ: سُورَةُ البَقَرَةِ، وَسُورَةُ كَذَا وَكَذَا (باب: من لم ير بأسا أن يقول: سورة البقرة وسورة كذا وكذا) أراد به: الرد على من رأى بذلك بأسًا. وقال: لا يقال: إلا السورة التي تذكر فيها البقرة ونحو ذلك. 5040 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ". [انظر: 4008 - مسلم: 807، 808 - فتح: 9/ 87] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (إبراهيم) أي: النخعي. ومرَّ الحديث في سورة البقرة (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2655) كتاب: الشهادات، باب: شهادة الأعمى. (¬2) سبق برقم (5032) كتاب: فضائل القرآن، باب: استذكار القرآن وتعاهده. (¬3) سبق برقم (5009) كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل سورة البقرة.

5041 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ حَدِيثِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكِدْتُ أُسَاورُهُ فِي الصَّلاةِ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَبْتُهُ فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَال: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ، الَّتِي سَمِعْتُكَ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُودُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَإِنَّكَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الفُرْقَانِ، فَقَال: "يَا هِشَامُ اقْرَأْهَا" فَقَرَأَهَا القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَكَذَا أُنْزِلَتْ" ثُمَّ قَال: "اقْرَأْ يَا عُمَرُ" فَقَرَأْتُهَا الَّتِي أَقْرَأَنِيهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَكَذَا أُنْزِلَتْ" ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ". [انظر: 2419 - مسلم: 818 - فتح: 9/ 87] (أساوره) أي: أواثبه وأقاتله. (فلببته) بتشديد الموحدة الأولى وسكون الثانية أي: جمعت عليه ثبابه لئلا ينفلت مني. ومرَّ الحديث في باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف (¬1). 5042 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِئًا يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فِي المَسْجِدِ، فَقَال: "يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا". [انظر: 2655 - مسلم: 788 - فتح: 9/ 87] (أسقطتها) أي: نسيانًا. ومرَّ الحديث في باب: نسيان القرآن (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4992) كتاب: فضائل القرآن، باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف. (¬2) سبق برقم (5038) كتاب: فضائل القرآن، باب: نسيان القرآن.

28 - باب الترتيل في القراءة

28 - بَابُ التَّرْتِيلِ فِي القِرَاءَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] وَقَوْلِهِ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106]، "وَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُهَذَّ كَهَذِّ الشِّعْرِ فِيهَا"، {يُفْرَقُ} [الدخان: 4]: "يُفَصَّلُ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَرَقْنَاهُ} [الإسراء: 106]: "فَصَّلْنَاهُ". (باب: الترتيل في القراءة وقوله تعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ". {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} أي: أقرأه على تؤدة وتبيين حروفه بحيث يتمكن السامع من عدها. وقوله: ({وَقُرءَانًا فَرَقنَاهُ}) أي: نزَّلناه متفرقًا. ({لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}) أي: على تؤدة. (وما يكره أن يهذ كهذ الشعر) بذال معجمة أي: في الإسراع المفرط بحيث يخفى كثير من الحروف. (فقال رجل) هو نهيك بن سنان. 5043 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: غَدَوْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَال رَجُلٌ: قَرَأْتُ المُفَصَّلَ البَارِحَةَ، فَقَال: "هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ إِنَّا قَدْ سَمِعْنَا القِرَاءَةَ، وَإِنِّي لَأَحْفَظُ القُرَنَاءَ الَّتِي كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سُورَةً مِنَ المُفَصَّلِ، وَسُورَتَيْنِ مِنْ آلِ حم". [انظر: 775 - مسلم: 822 - فتح: 9/ 88] (لأحفظ القرناء) أي: النظائر في الطول والقصر. ومرَّ الحديث في باب: الجمع بين السورتين (¬1). 5044 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16]، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالوَحْيِ، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ، فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (775) كتاب: الآذان، باب: الجمع بين السورتين في الركعة.

29 - باب مد القراءة

الَّتِي فِي: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ} [القيامة: 1]، {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} [القيامة: 17] فَإِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ {وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 17] فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19] " قَال: "إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ"، قَال: "وَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهُ". [انظر: 5 - مسلم: 448 - فتح: 9/ 88] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. ومرّ الحديث في سورة القيامة (¬1). 29 - باب مَدِّ القِرَاءَةِ. (باب: مد القراءة) أي: بيان مدها: وهو إشباع الحرف الذي بعده ألف أو واو أو ياء. 5045 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "كَانَ يَمُدُّ مَدًّا". [5046 - فتح: 9/ 90] 5046 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال: "كَانَتْ مَدًّا"، ثُمَّ قَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ. [انظر: 5045 - فتح: 9/ 91] (ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم) أي: مدًّا طبيعيًّا، وهو الذي لا يمكن النطق بالحرف إلا به. 30 - بَابُ التَّرْجِيعِ (باب: الترجيع) أي: في القراءة. 5047 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِيَاسٍ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ أَوْ جَمَلِهِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (4928) كتاب: التفسير، باب: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)}.

وَهِيَ تَسِيرُ بِهِ، وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ - أَوْ مِنْ سُورَةِ الفَتْحِ - قِرَاءَةً لَيِّنَةً يَقْرَأُ وَهُوَ يُرَجِّعُ". [انظر: 4281 - مسلم: 794 - فتح: 9/ 92] (وهو يرجع) بيّن معاوية الترجيح في كتاب: التوحيد (¬1). بأن يقول: (آآآ) بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة في الثلاثة، قال شيخنا (¬2). قالوا: ترجيع النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتمل أمرين: أن يكون حصل من هز الناقة، أو أن يكون هو أشبع المدَّ في موضعه فحدث ذلك، والثاني: أشبه بالسياق (¬3). انتهى. ويؤيد الثاني خبر: "زَيِّنُوا القرآن بأصواتكم" (¬4). وخبر النسائي عن أم هاني: كنت أسمع صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ يرجِّع القرآن (¬5). فإنهما ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7540) كتاب: التوحيد، باب: ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وروايته عن ربه. (¬2) انظر: "سنن النسائي" 2/ 178 كتاب: الافتتاح، باب: رفع الصوت بالقرآن. وقد ورد الحديث بلفظ: كنت أسمع قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا على عريستي. دون لفظة: وهو يقرأ يرجع القرآن. (¬3) "الفتح" 9/ 92. (¬4) رواه البخاري في "خلق أفعال العباد" (195) ص 72، باب: التعرب بعد الهجرة. وأبو داود (1468) كتاب: الصلاة، باب: استحباب الترتيل في القراءة. والنسائي 2/ 179 كتاب: الافتتاح، تزيين القرآن بالصوت. وابن ماجة (1342) كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: في حسن الصوت بالقرآن. والحاكم 1/ 571 كتاب: فضائل القرآن. وعلقه البخاري في "صحيحه" في كتاب: التوحيد، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الماهر بالقرآن مع الكرام البررة، وزينوا القرآن بأصواتكم". وقال الألباني في "صحيح أبي داود" 5/ 208 (1320): إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي وابن كثير. (¬5) "سنن النسائي" 2/ 178 كتاب: الافتتاح، باب: رفع الصوت بالقرآن. وقد ورد الحديث بلفظ: كنت أسمع قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا على عريشي. دون لفظة: وهو يقرأ يرجع القرآن. وحسنه الألباني في "صحيح النسائي".

31 - باب حسن الصوت بالقراءة

يدلان على أن الترجيح كان منه - صلى الله عليه وسلم - اختيارًا لا اضطرار ليتأسى، ولو كان من هزِّ الناقة لكان اضطرارًا لا اختيارًا وبكل حال فالمراد بالترجيع: إشباع المد في محله، لا ترجيع الغناء الذي أحدثه بعض القراء؛ لأنه حرام مُذهب للخشوع الذي هو المقصود من التلاوة. ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 31 - باب حُسْنِ الصوتِ بالْقِرَاءَةِ. (باب: حسن الصوت بالقراءة) أي: "بالقرآن" كما في نسخة. 5048 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَهُ: "يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ". [مسلم: 793 (م) - فتح: 9/ 92] (أبو يحيى) هو عبد الحميد بن عبد الرحمن. (الحماني) بكسر المهملة. (آل داود) أراد داود نفسه. و (آل) مقحمة؛ لأن أحدًا منهم لم يُعْطَ من حسن الصوت ما أعطي داود. 32 - بَابُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ القُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ 5049 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ عَلَيَّ القُرْآنَ"، قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قَال: "إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي". [انظر: 4582 - مسلم: 800 - فتح: 9/ 93] ¬

_ (¬1) سبق برقم (4281) كتاب: المغازي، باب: أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح.

33 - باب قول المقرئ للقارئ حسبك

(باب: من أحب أن يسمع القرآن). أي: "القراءة" كما في نسخة. (من غيره) مرَّ حديث الباب والباب الذي بعده في سورة النساء (¬1). 33 - بَابُ قَوْلِ المُقْرِئِ لِلْقَارِئِ حَسْبُكَ 5050 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَال: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ عَلَيَّ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قَال: "نَعَمْ" فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، قَال: "حَسْبُكَ الآنَ" فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. [انظر: 4582 - مسلم: 800 - فتح: 9/ 94] (باب: قول المقرئ للقاريء: حسبك) أي: يكفيك. (سفيان) أي: ابن عيينة. (تذرفان) أي: يسيل دمعهما كما مرَّ. 34 - بَابٌ: فِي كَمْ يُقْرَأُ القُرْآنُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20]. (باب: في كم يقرأ القرآن) أي: في كم يوم. (وقول الله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}) استدل به على عدم تحديد قراءة القرآن، خلافًا لمن حددها بأربعين يومًا بأن يجزئها فيها أربعين جزءًا. 5051 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال لِي ابْنُ شُبْرُمَةَ: نَظَرْتُ كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ القُرْآنِ، فَلَمْ أَجِدْ سُورَةً أَقَلَّ مِنْ ثَلاثِ آيَاتٍ، فَقُلْتُ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ أَقَلَّ مِنْ ثَلاثِ آيَاتٍ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4582) كتاب: التفسير، باب: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ}.

قَال عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، أَخْبَرَهُ عَلْقَمَةُ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ - وَلَقِيتُهُ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ - فَذَكَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ". [انظر: 4008 - مسلم: 807 , 808 - فتح: 9/ 94] (علي) أي: ابن عبد الله المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابن شبرمة) بضم أوله: هو عبد الله بن شبرمة الضبي (كم يكفي الرجل من القرآن) أي: في صلاته. (فلم أجد سورة أقل من ثلاث آيات) صادقٌ بجميع سور القرآن حتى سورة الكوثر، وليس مرادًا، بل مراده: أنه لم يجد سورة قدر ثلاث إلا سورة الكوثر و (كم) في كلام ابن شبرمة إن حملت على كمية الأيام وهو بعيد، طابق الحديث الترجمة، أو على كمية آيات كل سورة كما يدل له آخر كلامه، لم يطابقها إلا أن يقال: إنه أراد بقوله: (لم أجد سورة أقل من ثلاث آيات) قياس الآيات أي: فكما أن أقل السور ثلاث آيات فليكن أقل قراءة القرآن ثلاثة أيام فتحصل المطابقة. (سفيان) أي: ابن عيينة. (من قرأ بالآيتين) .. إلخ مرَّ بشرحه في باب: فضل سورة البقرة (¬1). والمراد بذكره هنا: مقابلة قول ابن شبرمة السابق: إنه لا يكتفي بأقل من ثلاث. 5052 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَال: أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ، فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ، فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا، فَتَقُولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ، فَلَمَّا طَال ذَلِكَ عَلَيْهِ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "القَنِي بِهِ"، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ، فَقَال: "كَيْفَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5509) كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل سورة البقرة.

تَصُومُ؟ " قَال: كُلَّ يَوْمٍ، قَال: "وَكَيْفَ تَخْتِمُ؟ "، قَال: كُلَّ لَيْلَةٍ، قَال: "صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةً، وَاقْرَإِ القُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ"، قَال: قُلْتُ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَال: "صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الجُمُعَةِ"، قُلْتُ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَال: "أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا" قَال: قُلْتُ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَال: "صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمَ دَاوُدَ صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ، وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً" فَلَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَاكَ أَنِّي كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ، فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ السُّبْعَ مِنَ القُرْآنِ بِالنَّهَارِ، وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ، لِيَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا وَأَحْصَى، وَصَامَ مِثْلَهُنَّ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا، فَارَقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَقَال بَعْضُهُمْ: فِي ثَلاثٍ وَفِي خَمْسٍ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ. [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح 9/ 94]. (موسى) أي: ابن إسماعيل. (عن مغيرة) أي: ابن مقسم. (ذات حسب) أي: شرف. (كَنَّتَهُ) أي: زوجة ابنه. (لم يطأ لنا فِراشًا) أي: لم يضاجعنا. (ولم يفتش لنا كنفًا) أي: ساترًا، وفي نسخة: "ولم يغش لنا كنفًا" وهو كناية عن تركه الجماع. (كبرت) بكسر الموحدة. (أن يتقوى) أي: على الصيام. (وأحصى) أي: عدد أيام الفطر. (وقال بعضهم) أي: قال بعض الرواة عقب كل شهر في قوله قبل: (اقرأ القرآن في كل شهر). (في ثلاث وفي خمس) أي: من الليالي، وفي نسخة: "أو في خمس" أكثر الرواة على سبع أي: على قوله: "في سبع ليال". 5053 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فِي كَمْ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ ". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح 9/ 95]. (شيبان) أي: ابن معاوية. (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بدل قوله فيما مرَّ (وكيف يختم؟). (في كم يقرأ القرآن؟) أي: في كم ليلة.

35 - باب البكاء عند قراءة القرآن

5054 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَال: وَأَحْسِبُنِي، قَال: سَمِعْتُ أَنَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اقْرَإِ القُرْآنَ فِي شَهْرٍ" قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً حَتَّى قَال: "فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح 9/ 95]. (إسحاق) أي: ابن منصور. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (ولا تزد على ذلك) النهي فيه ليس للتحريم، كما أن الأمر فيما مرَّ ليس للوجوب خلافًا لبعض الظاهرية. 35 - بَابُ البُكَاءِ عِنْدَ قِرَاءَةِ القُرْآنِ (باب: البكاء عند قراءة القرآن) أي: حسن البكاء عندها. 5055 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال يَحْيَى: بَعْضُ الحَدِيثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال الأَعْمَشُ: وَبَعْضُ الحَدِيثِ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ عَلَيَّ" قَال: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَال: "إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي" قَال: فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] قَال لِي: "كُفَّ - أَوْ أَمْسِكْ -" فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ. [انظر: 4582 - مسلم: 800 - فتح 9/ 98]. 5056 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ عَلَيَّ" قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قَال: "إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي". [انظر: 4582 - مسلم: 800 - فتح 9/ 98].

36 - باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به

(صدقة) أي: ابن الفضل. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (إني أشتهي أن أسمعه من غيري) أي: لأن المستمع أقوى على التدبر من القاري لاشتغاله بالقراءة وأحكامها. (كف أو أمسك) شك من الراوي. ومر الحديث في باب: قول المقرئ للقارئ: حسبك (¬1). 36 - بَابُ إِثْمِ مَنْ رَاءَى بِقِرَاءَةِ القُرْآنِ أَوْ تَأَكَّلَ بِهِ أَوْ فَخَرَ بِهِ (باب: من رايا) في نسخة: "إثم من راءى". (بقراءة القرآن، أو تأكل به) أي: طلب الأكل بالقرآن. (أو فخر به) بخاء معجمة من الفخر، أو بجيم من الفجور. 5057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يُجَاوزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ". [انظر: 3611 - مسلم: 1066 - فتح 9/ 99]. (سفيان) أي: الثوري. (عن خيثمة) أي: ابن عبد الرحمن الكوفي. (كما يمرق السهم من الرمية) بكسر الميم وتشديد التحتية: فعيلة بمعنى: مفعولة أي: من المرمى إليه من صيد وغيره، أراد أن دخول من ذكر في الإِسلام ثم خروجهم منه كالسهم الذي دخل في الرمية ثم خرج منها: في أنه لم يحصل به غرض. (لا يجاوز إيمانهم حناجرهم) جمع ¬

_ (¬1) سبق برقم (5055) كتاب: فضائل القرآن، باب: قول المقرئ للقارئ: حسبك.

حنجرة: وهي رأس الغَلْصَمة. حيث تراه ناتئًا من خارج الحلق. قاله ابن الأثير (¬1). ومعنى: (لا تجاوز حناجرهم) لا تفقهه قلوبهم. 5058 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاتَكُمْ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ، وَيَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ فِي القِدْحِ فَلَا يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ فِي الرِّيشِ فَلَا يَرَى شَيْئًا، وَيَتَمَارَى فِي الفُوقِ". [انظر: 3344 - مسلم: 1064 - فتح 9/ 99] (ويتمارى) أي: يشك. ومرّ الحديث والذي بعده في: علامات النبوة (¬2). 5059 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "المُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ: كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالمُؤْمِنُ الَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ، وَيَعْمَلُ بِهِ: كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ - أَوْ خَبِيثٌ - وَرِيحُهَا مُرٌّ". [انظر: 5020 - مسلم: 797 - فتح 9/ 100] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (قتادة) أي: ابن دعامة. ومرَّ الحديث في باب: فضل القراءة على سائر الكلام (¬3). ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير 1/ 449. (¬2) سبق برقم (3610) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإِسلام. (¬3) سبق برقم (5020) كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل القرآن على سائر الكلام.

37 - باب اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم

37 - بَابُ اقْرَءُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ (باب: اقْرءوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم عليه) في نسخة: "ما ائتلفت عليه قلوبكم". أي: ما اجتمعت عليه. 5060 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اقْرَءُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ". [5061، 7364، 7365 - مسلم: 2267 - فتح 9/ 101] (حماد) أي: ابن زيد. (فإذا اختلفتم) أي: اختلفت قلوبكم في فهم معناه. (فقوموا عنه) أي: تفرقوا عنه لئلا يؤدي الاختلاف إلى التخاصم والتشويش. 5061 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، عَنْ جُنْدَبٍ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَءُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ". [انظر: 5060 - مسلم: 2667 - فتح 9/ 101] تَابَعَهُ الحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَأَبَانُ، وَقَال غُنْدَرٌ: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، سَمِعْتُ جُنْدَبًا، قَوْلَهُ، وَقَال ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ عُمَرَ قَوْلَهُ وَجُنْدَبٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ. (حدَّثَنا عمر بن علي) هذا طريق آخر في الحديث السابق. (تابعه) أي: سلام. (وجندب أصح) أي: روايته أصح إسنادًا، وأكثر طرقا من رواية ابن عون عن عمر. 5062 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلافَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "كِلاكُمَا مُحْسِنٌ فَاقْرَآ" أَكْبَرُ عِلْمِي، قَال: "فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَأُهْلِكُوا". [انظر: 2410 - فتح 9/ 101].

(عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (سمع رجلًا) قيل: هو أُبي بن كعب. (سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافها) أي: يقرأ خلافها (كِلاكما محسن) أي: فيما قرأه. (فأهلكهم) أي: الله، وفي نسخة: "فأهلكوا". ومرَّ الحديث في الإشخاص (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2410) كتاب: الخصومات، باب: يذكر في الإشخاص والملازمة.

67 - كتاب النكاح

67 - كِتَابُ النِّكَاحِ

1 - [باب] الترغيب في النكاح لقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} [النساء: 3]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 67 - كِتَابُ النِّكَاحِ (كتاب: النكاح) هو لغة: الضم والجمع، ويقال: الوطء وعند أصحابنا: هو حقيقة في العقد مجاز في الوطء، وقيل: بالعكس، وقيل: مشترك بينهما. 1 - [باب] التَّرْغِيبُ في النِّكَاحِ. لِقَولِهِ تَعَالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخ. (باب: الترغيب في النكاح لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} استدل به على الترغيب في النكاح يحمل الأمر فيه على الندب. 5063 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّويلُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَال أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَال آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَال آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَال: "أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي". [مسلم: 104 - فتح 9/ 104]. (ثلاثة وهي) يعني: ثلاثة رجال: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن

عمرو بن العاص، وعثمان بن مظعون، وإلا فالرهط لغة: من ثلاثة إلى عشرة كما مرَّ. (تقالوها) أي: عدوها قليلة. (أما والله) .. إلخ أراد - صلى الله عليه وسلم - بذلك ردَّ ما بنى القوم المذكورون عليه أمرهم حيث أعلمهم أنه مع كونه يبالغ في التشديد في العبادة أخشى لله وأتقى من الذين يشددون؛ لأن المشدِّد منهم لا يأمن منه الملل، بخلاف المقتصد فإنه يأمن منه فيستمر عمله، وخير العمل ما دام عليه صاحبه. (رغب) أي: أعرض. (عن سنتي) أي: طريقتي. (فليس مني) من هذه تسمى اتصالية أي: فليس متصل أبي، قريبًا مني، والسنة مفرد مضاف إلى معرفة فتعم على الراجح فتشمل الشهادتين وسائر أركان الإِسلام، فيكون الراغب عن ذلك مرتدا. وفي الحديث: الترغيب النكاح، وهو سنة بشروط مذكورة في كتب الفقه، وسيأتي بعضها. واختلف في أنه من العبادات، أو من المباحات، والصحيح عندنا أنه من المباحات ولهذا يصح من الكافر. 5064 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ، فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] قَالتْ: "يَا ابْنَ أُخْتِي اليَتِيمَةُ، تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا، يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ صَدَاقِهَا، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إلا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، فَيُكْمِلُوا الصَّدَاقَ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ". [انظر: 2494 - مسلم: 3018 - فتح 9/ 104]. (عليّ) أي: ابن عبد الله الديني. (أنه سأل عائشة) إلخ مرَّ بشرحه في سورة النساء (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4573) التفسير، باب: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}.

2 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج، لأنه أغض للبصر وأحصن للفرج" وهل يتزوج من لا أرب له في النكاح؟

2 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، لِأَنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ" وَهَلْ يَتَزَوَّجُ مَنْ لَا أَرَبَ لَهُ فِي النِّكَاحِ؟ (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ لأنه أغض للبصر وأحصن للفرج، وهل يتزوج من لا أرب له في النكاح؟) أي: من لا حاجة له في التزوج. 5065 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنًى، فَقَال: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَخَلَوَا، فَقَال عُثْمَانُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَنْ نُزَوِّجَكَ بِكْرًا، تُذَكِّرُكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى هَذَا أَشَارَ إِلَيَّ، فَقَال: يَا عَلْقَمَةُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، لَقَدْ قَال لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وجَاءٌ". [انظر: 1905 - مسلم: 1400 - فتح 9/ 106]. (مع عبد الله) أي: ابن مسعود. (فخليا) بياء، وفي نسخة: "فخلوا" بواو، وصوبها بعضهم أي: دخلا في موضع خالٍ. (يا معشر الشباب) جمع شاب وهو عند [أصحابنا] (¬1): من بلغ إلى أن يكمل ثلاثين سنة. (الباءة) بالمد أي؛ الجماع. (فليتزوج) الأمر فيه للندب وصَرَفه عن الوجوب قولُه تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} إذ الواجب لا يُعَلَّق بالاستطابة. (فعليه بالصوم) الضمير في (عليه) وإن كان للغائب لكنه من الحاضرين في قوله: (من استطاع منكم) فساغ الإغراء فيه (فإنه) أي: الصوم. (له) أي: لمن يستطع. (وجاء) بكسر الواو وبالجيم والمد وبفتح الواو والقصر، أي: رضُّ الخصيتين، وله متعلق بـ (وجاء) قاطع الشهوة، أو تفسيره برض الخصيتين مجاز علاقته ¬

_ (¬1) ساقطة من الأصل، والسياق يقتضيها.

3 - باب من لم يستطع الباءة فليصم

المشابهة بين رضهما ورض الذكر؛ إذ كل منهما قاطع للشهوة، فإن نزعت الخصيتان فهو خصاء وله متعلق بوجاء. 3 - بَابُ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ البَاءَةَ فَلْيَصُمْ (باب: من لم يستطع الباء فليصم) أي: لما مرَّ آنفًا. 5066 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: دَخَلْتُ مَعَ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا، فَقَال لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وجَاءٌ". [انظر: 1905 - مسلم: 1400 - فتح 9/ 112]. (على عبد الله) أي: ابن مسعود. (وأحصن للفرج) هو أفعل تفضيل تشبيهًا لفعله بالثلاثي، وقيل: ليس أفعل تفضيل؛ لأنه لا يكون من رباعي، وهذا طريق آخر في الحديث السابق. 4 - بَابُ كَثْرَةِ النِّسَاءِ (باب: كثرة النساء) أي: بيان ما يدل على جواز كثرتهن. 5067 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَال: حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جِنَازَةَ مَيْمُونَةَ بِسَرِفَ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلَا تُزَعْزِعُوهَا، وَلَا تُزَلْزِلُوهَا، وَارْفُقُوا فَإِنَّهُ "كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعٌ، كَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ، وَلَا يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ". [مسلم: 1465 - فتح 9/ 112]. (ولا يقسم لواحدة) هي سودة؛ لأنها وهبت ليلتها عائشة. 5068 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ.

5 - باب من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى

وَقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 268 - مسلم: 309 - فتح 9/ 112]. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (وقال لي خليفة) أي: ابن خياط العصفري. (عن رقبة) بالراء والقاف والموحدة المفتوحات أي: ابن مصقلة. 5069 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحَكَمِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ طَلْحَةَ اليَامِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قَال لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ تَزَوَّجْتَ؟ قُلْتُ: لَا، قَال: "فَتَزَوَّجْ فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً". [فتح 9/ 113]. (عن طلحة) أي: ابن مصرف اليامي. (فإن خير هذه) إلخ هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: من هو أكثر نساء من غيره إذا تساووا في الفضائل، وقيد بهذه الأمة احترازًا عن داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام فإنهما أكثر زوجات من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد قيل: كان لداود تسع وتسعون امرأة، ولسليمان ألف امرأة: ثلثمائة حرائر، والبقية إماء. 5 - بَابُ مَنْ هَاجَرَ أَوْ عَمِلَ خَيْرًا لِتَزْويجِ امْرَأَةٍ فَلَهُ مَا نَوَى 5070 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَمَلُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ". [انظر: 1 - مسلم: 1907 - فتح 9/ 115]. (باب: من هاجر أو عمل خيرًا لتزويج امرأة فله ما نوى) أي: باب بيان ذلك. ومرَّ حديث الباب بشرحه في أول الكتاب (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

6 - باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام

6 - بَابُ تَزْويجِ المُعْسِرِ الَّذِي مَعَهُ القُرْآنُ وَالإِسْلامُ فِيهِ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2310] (باب: تزويج المعسر الذي معه القرآن والإِسلام) أي: وليس له مال. (فيه) أي: في الباب. 5071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا نَسْتَخْصِي؟ "فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ". [انظر: 4615 - مسلم: 1404 - فتح 9/ 116]. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (إسماعيل) أي: ابن خالد. ومرَّ الحديث في التفسير (¬1). 7 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ: انْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ شِئْتَ حَتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْهَا؟ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. [انظر: 2048] (باب: قول الرجل لأخيه: انظر أني زوجتي شئت حتى أنزل لك عنها) أي: باب ذكر ذلك. (رواه) أي: ما ذكر في الترجمة. 5072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَال: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ وَعِنْدَ الأَنْصَارِيِّ امْرَأَتَانِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالهُ، فَقَال: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَأَتَى السُّوقَ فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ، وَشَيْئًا مِنْ سَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَال: "مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ"، فَقَال: تَزَوَّجْتُ أَنْصَارِيَّةً، قَال: "فَمَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟ " قَال: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَال: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [انظر 2049 - مسلم: 1427 - فتح 9/ 116]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4615) كتاب: التفسير، باب: قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}.

8 - باب ما يكره من التبتل والخصاء

(سفيان) أي: الثوري. (وضر) أي: لطخ. (مهيم) أي: ما شأنك؟ (وزن نواة) هو اسم لخمسة دراهم أي: مقدارها وزنا من الذهب. ومرّ الحديث في البيع (¬1). 8 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّبَتُّلِ وَالخِصَاءِ 5073 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقُولُ: "رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاخْتَصَيْنَا". [5074 - مسلم: 1402 - فتح 9/ 117]. (باب: ما يكره من التبتل والخصاء) التبتل: هو الانقطاع عن النساء، والخصاء: الشق على الأنثيين وانتزاعهما كما مرَّ. (ولو أذن له) أي: في ترك النكاح. (لاختصينا) الأنسب لاختصى والمراد: لفعلنا ما يزيل الشهوة لا الخصاء حقيقة؛ لأنه حرام، أو كان ذلك قبل النهي عن الاختصاء، ولو قال بدل لاختصينا: لتبتلنا لما احتيج إلى ذلك؛ لكنه عدل عنه إلى الاختصاء إرادة المبالغة؛ إذ الاختصاء أبلغ من التبتل؛ لأن وجود الآلة لا ينافي استمرار وجود الشهوة بخلاف لاختصاء. 5074 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقُولُ: لَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَلَوْ أَجَازَ لَهُ التَّبَتُّلَ لاخْتَصَيْنَا. [انظر: 5073 - مسلم: 1402 - فتح 9/ 117] (رد ذلك) أي: اعتقاد مشروعية التبتل، وهذا طريق آخر في الحديث السابق. 5075 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (2049) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في قوله الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}.

قَال عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ لَنَا شَيْءٌ، فَقُلْنَا: أَلا نَسْتَخْصِي؟ " فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ المَرْأَةَ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ، وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} [المائدة: 87] [انظر: 4615 - مسلم: 1404 - فتح 9/ 117]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (وليس لنا شيء) أي: من المال. (ثم رخص لنا أن تنكح المرأة بالثوب) أي: إلى أجل، وهذا نكاح المتعة وهو يدل على أن ابن مسعود يرى بجوازه، وقيل: لعله لم يكن حينئذٍ بلغه الناسخ ثم بلغه فرجع. 5076 - وَقَال أَصْبَغُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ، وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي العَنَتَ، وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ: مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ: مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ القَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاقٍ فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ". [فتح 9/ 177]. (وقال أصبغ) أي: ابن الفرج. (وأنا أخاف) في نسخة: "وإني أخاف". (العنت) أي: الزنا، وأصله: الإثم والشدة. (فاختص على ذلك) أي: فاختص حال استعلائك على العلم بأن كل شيء بقضاء الله وقدره، وأمره بالاختصاء يحمل على أنه كان قبل النهي عنه، أو المراد به: ما مرَّ مع أن ذكره لا يناسب الترجمة بل يضادها، فإن قلت: لم أمره بالاختصاء ولم يأمره بالصوم مع أنه السنة؟ قلت: لأنه كان في سفر الغزو والسنة فيه الفطر لمن يتضرر به، ولعله رأى من أبي هريرة أنه كان يتضرر به.

9 - باب نكاح الأبكار

9 - بَابُ نِكَاحِ الأَبْكَارِ وَقَال ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَائِشَةَ: "لَمْ يَنْكِحِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكْرًا غَيْرَكِ". [انظر: 4753] (باب: نكاح الأبكار) أي: بيان مطلوبيته. 5077 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَال: "فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا" تَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا. [فتح 9/ 120]. (أخي) هو عبد الحميد أبي بكر الأعشى. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (في أيها) أي: في أي الشجر (ترتع بعيرك) بضم الفوقية الأولى وكسر الثانية. (قال: في التي لم يرتع منها) أي: لم يؤكل منها كما عبَّر به أبو نعيم، وزاد عقبه: قالت: فأنا هيه. بهاء السكت، وإليه أشار بقوله: (تعني) أي: عائشة (أن رسول الله ...) إلخ. 5078 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ". [انظر: 3815 - مسلم: 2438 - فتح 9/ 120]. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (إذا رجل) أي: ملك، وهو جبريل كما في الترمذي (¬1). (في سرقة ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (3880) كتاب: المناقب، باب: فضل عائشة.

10 - باب الثيبات

حرير) بفتح السين والراء أي: قطعة منه. (إن يكن هذا) أي: ما رأيته. (من عند الله يمضه) وأتي بـ (إن) الدالة على الشك مع أن رؤيا الأنبياء وحي؛ لاحتمال أنها كانت قبل النبوة. 10 - بَابُ الثَّيِّبَاتِ وَقَالتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: قَال [لِي] النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ". [انظر: 5101] (باب: الثيبات) في نسخة: "باب: تزويج الثيبات" أي: بيان حكمه. (لا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن) أي: لا أتزوجهن لحرمتهن عليّ؛ لأن بناتهن ربائبي، وأخواتهن أخوات زوجاتي. 5079 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَفَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةٍ، فَتَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي، فَنَخَسَ بَعِيرِي بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَانْطَلَقَ بَعِيرِي كَأَجْوَدِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإِبِلِ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا يُعْجِلُكَ" قُلْتُ: كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرُسٍ، قَال: "أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ "، قُلْتُ: ثَيِّبًا، قَال: "فَهَلَّا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ"، قَال: فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، قَال: "أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا - أَيْ عِشَاءً - لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح 9/ 121]. (أبو النعمان) هو محمَّد بن الفضل السدوسي. (هشيم) أي: ابن بشير بتصغيرهما. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (قفلنا من غزوة) هي غزوة تبوك. (حديث عهد بعرس) أي: قريب البناء بامرأة. (لندخل) أي: المدينة. (أمهلوا حتى تدخلوا ليلًا) لا يعارضه خبر: "لا يطرق أحدكم أهله ليلا" الآتي (¬1)؛ لأن هذا في من ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5244) كتاب: النكاح، باب: لا يطرق أهله ليلًا.

11 - باب تزويج الصغار من الكبار

عُلم خبر مجيئة ليلًا، وذلك من قدم فيه بغتة. (لكي تمتشط الشعثة) بفتح المعجمة وكسر المهملة وفتح المثلثة: منتشرة الشعر. (وتستحد المغيبة) بضم الميم وكسر المعجمة: من غاب عنها زوجها فهي كما في "الصحاح" وغيره: مِن أغابت المرأة إذا غاب عنها زوجها (¬1). وحكمة امتشاط المراة واستحدادها بالحديدة وهي الموسى تزينها لزوجها بالتنظف. ومرَّ الحديث في البيع والاستقراض وغيرهما (¬2). 5080 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَارِبٌ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: تَزَوَّجْتُ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَزَوَّجْتَ؟ " فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا، فَقَال: "مَا لَكَ وَلِلْعَذَارَى وَلِعَابِهَا" فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فَقَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلَّا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ". (شعبة) أي: ابن الحجاج. (محارب) أي: ابن دثار. (وللعذارى) أي: الأبكار. (ولعابها) بكسر اللام أي: ملاعبتها. 11 - بَابُ تَزْويجِ الصِّغَارِ مِنَ الكِبَارِ (باب: تزويج الصغار من الكبار) أي: بيان ما جاء فيه. 5081 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ عَائِشَةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَال لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ، فَقَال: "أَنْتَ أَخِي فِي دِينِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ، وَهِيَ لِي حَلالٌ". [فتح 9/ 123]. (عن عراك) أي: ابن مالك الغفاري. (إلى أبي بكر) أي: منه. فإلى بمعنى: من، أو ضمَّن (خطب) معنى: أنهى فعدَّاه بإلى. ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [بغيب] 1/ 196، و"اللسان" 6/ 3322. (¬2) سبق برقم (2097) كتاب: البيوع، باب: شراء الدواب والحمير. و (2385) كتاب: الاستقراض، باب: من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه.

12 - باب إلى من ينكح، وأي النساء خير؟ وما يستحب أن يتخير لنطفه من غير إيجاب

12 - بَابُ إِلَى مَنْ يَنْكِحُ، وَأَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ وَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَخَيَّرَ لِنُطَفِهِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ (باب: إلى من ينكح؟) أي: إذا أراد أن ينكح ينهي أمره إلى من ينكح من النساء، أو إلى من يعقد. (وأي النساء خير؟ وما يستحب) أي: للرجل (أن يتخير) أي: من النساء. (لنطفه من غير إيجاب) أي: في المسائل الثلاث. 5082 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ". [انظر: 3434 - مسلم: 2527 - فتح 9/ 125] (صالحو نساء قريش) أي: في الدين وحسن المعاشرة للزوج، والقياس: صالحات نساء قريش، لكن صلاحية النساء متابعة لصلاحية الرجال غالبًا فنزلن منزلتهم. (أحناه) أي: أشفقه. (وأرعاه) أي: أحفظه، و (أحناه) بدل من (صالحو) و (أرعاه) عطف عليه، والقياس بالنظر إليه: أحناهم وأرعاهم وإلى الأصل: أحناهن وأرعاهن لكنه أفرد الضمير وذكره بالنظر لمفرد (صالحو) أو للفظ (خير) (في ذات يده) أي: صاحبة يده وهي ماله والمراد: أرعاهن على ما في يده من المال. 13 - بَابُ اتِّخَاذِ السَّرَارِيِّ، وَمَنْ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا (باب: اتخاذ السراري) أي: من الإماء المتخذات للوطء. (ومن أعتق جارية ثم تزوجها) عطف على (اتخاذ). 5083 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ صَالِحٍ الهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ، فَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ مَوَالِيهِ وَحَقَّ رَبِّهِ فَلَهُ أَجْرَانِ" قَال الشَّعْبِيُّ: خُذْهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، قَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى المَدِينَةِ وَقَال أَبُو بَكْرٍ: عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْتَقَهَا ثُمَّ أَصْدَقَهَا". [انظر: 97 - مسلم: 154 - فتح 9/ 126] (إسماعيل) أي: التبوذكي. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (وليدة) أي: أمة. (فعلمها) أي: ما يجب تعليمه. (من أهل الكتاب) أي: التوراة أو الإنجيل. (خذها) أي: المسألة. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: العلم (¬1). 5084 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إلا ثَلاثَ كَذَبَاتٍ: بَيْنَمَا إِبْرَاهِيمُ مَرَّ بِجَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ فَذَكَرَ الحَدِيثَ، فَأَعْطَاهَا هَاجَرَ، قَالتْ: كَفَّ اللَّهُ يَدَ الكَافِرِ وَأَخْدَمَنِي آجَرَ. قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ". (عن محمَّد) أي: ابن سيرين. (عن أبي هريرة: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات) كذا رواه موقوفًا، وفي نسخة: "عن أبي هريرة قال: النبي - صلى الله عليه وسلم -: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات" فرواه مرفوعًا، (بجبار) اسمه: صادوق، قيل: كان ملك حران، وقيل: ملك مصر. (فتلك) أي: هاجر. (يا بني ماء السماء) أضيفوا إليه لكثرة ملازمتهم الفلوات ¬

_ (¬1) سبق برقم (97) كتاب: العلم، باب: تعليم الرجل أمته وأهله.

13 - باب من جعل عتق الأمة صداقها

التي بها مواقع المطر لرعي دوابهم. ومرَّ الحديث بشرحه في أحاديث الأنبياء (¬1). 5085 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالمَدِينَةِ ثَلاثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ أُمِرَ بِالأَنْطَاعِ، فَأَلْقَى فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالسَّمْنِ، فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ" فَقَال المُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ "فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 9/ 126]. (عن حميد) أي: الطويل. ومرَّ الحديث في كتاب: المغازي (¬2). 13 - بَابُ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الأَمَةِ صَدَاقَهَا (باب: من جعل عتق الأمة صداقها) أي: هل يصح أو لا؟ 5086 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَشُعَيْبِ بْنِ الحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 9/ 129]. (حماد) أي: ابن زيد. (عن ثابت) أي: البناني. (وجعل عتقها صداقها) هو من خصائصه كما مرَّ، وحمله بعضهم على أنه أعتقها تبرعًا ثم تزوجها بلا صداق لا في الحال ولا فيما بعده، وهو من خصائصه أيضًا. ومرَّ الحديث في كتاب: الصلاة، وفي غزوة خيبر (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3358) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}. (¬2) سبق برقم (4213) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر. (¬3) سبق برقم (371) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة بغير رداء. (4200 - 4201) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.

14 - باب تزويج المعسر لقوله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} [النور: 32]

14 - بَابُ تَزْويجِ المُعْسِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32] (باب: تزويج المعسر) أي: بيان جوازه. (لقوله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}) حيث قيد به قوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} إلى آخره. 5087 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي، قَال: فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَال: "وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ " قَال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال: "اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا"، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَال: لَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ"، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي - قَال سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ"، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَال مَجْلِسُهُ قَامَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَلَمَّا جَاءَ قَال: "مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". قَال: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، عَدَّدَهَا، فَقَال: "تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ" قَال: نَعَمْ، قَال: "اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح 9/ 131]. (وصعد النظر) أي: رفع نظره إليها. (وصوبه) أي: خفض نظره عنها. (حتى إذا طال مجلسه) بفتح اللام أي: جلوسه. ومرَّ الحديث بشرحه في باب: القراءة عن ظهر قلب (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5030) كتاب: فضائل القرآن، باب: القراءة عن ظهر القلب.

15 - باب الأكفاء في الدين

15 - بَابُ الأَكْفَاءِ فِي الدِّينِ وَقَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)} [الفرقان: 54]. (باب: الأكفاء في الدين) أي: المشروعة فيه؛ لجواز النكاح. و (الأكفاء) جمع كفء، وهو المثل والنظير. (وقوله) بالجر عطف على (الأكفاء). 5088 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبَنَّى سَالِمًا، وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، كَمَا " تَبَنَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] إِلَى قَوْلِهِ {وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5] فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ، كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ " فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو القُرَشِيِّ ثُمَّ العَامِرِيِّ - وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ - النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ فَذَكَرَ الحَدِيثَ. [انظر: 400 - مسلم: 1453 - فتح 9/ 131]. (أن أبا حذيفة) اسمه: مهشم على المشهور. (تبنى سالما) أي: ابن معقل. (ذكر الحديث) هو أنها أي: سهلة قالت: يا رسول الله، إن سالما بلغ مبلغ الرجال وإنه يدخل علي وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئًا فقال: "أرضعيه تحرمي عليه. ويذهب ما في نفسه، فيرضعته وذهب الذي في نفسه (¬1). وهذا من خصائصهما. قال ¬

_ (¬1) "مسلم" (1453) كتاب: الرضاع، باب: رضاعة الكبير.

القاضي عياض: لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها (¬1). قال النووي: وهو حسن ويحتمل أنه عفي عن مسه للحاجة، كما خص بالرضاعة مع الكبر (¬2). 5089 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَال لَهَا: "لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الحَجَّ؟ " قَالتْ: وَاللَّهِ لَا أَجِدُنِي إلا وَجِعَةً، فَقَال لَهَا: "حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي " وَكَانَتْ تَحْتَ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ. [انظر: 1207 - مسلم: 1207 - فتح 9/ 132]. (على ضباعة) بضم المعجمة وتخفيف الموحدة. (وكانت تحت المقداد بن الأسود) نسب إلى الأسود لكونه تبناه، وإلا وابن عمرو بن ثعلبة بن مالك الكندي. واستدل بالحديث أي: أن النسب لا يغير في الكفاءة؛ لأن ضباعة هاشمية؛ لأنها بنت عمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمقداد كندي إن نسبت لأبيه ومولى حَليف لقريش إن نسب لمن تبناه. وأجيب: باحتمال أنها وأولياءها أسقطوا حقهم من الكفاءة. 5090 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ". [مسلم: 1466 - فتح 9/ 132]. (تنكح المرأة لأربع) أي: من الخصال. (لما لها) بدل من (الأربع) وإنما طلب نكاح ذات المال؛ لأنها لا تكلف زوجها في الإنفاق. (ولحسبها) أي: شرفها بشرف آبائها. (وجمالها) لأنه أدعى للدوام. (ولدينها) لأن به يحصل خيري الدنيا والآخرة، وحذف اللام من ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 4/ 641. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي"10/ 31.

16 - باب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية

(جمالها) مع أنه أثبتها فيما قبله وما بعده لمخالفته لهما جنسًا إذ منشؤه ذات المرأة ومنشؤهما خارج عنها مع أن داعيه الشخص إلى جمال الزوجة أميل غالبًا منها إلى غيره فلا تحتاج إلى تأكيد بزيادة اللام. 5091 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، قَال: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ " قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَال أَنْ يُسْتَمَعَ، قَال: ثُمَّ سَكَتَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، فَقَال: "مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ " قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَال أَنْ لَا يُسْتَمَعَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا". [6447 - فتح 9/ 132]. (حري) أي: حقيق. (أن ينكح) بالبناء للمفعول، أي: لأن ينكح، وكذا القول في (يشفع) و (يستمع). (قال) أي: سهل (مر رجل على رسول الله فقال) أي: رسول الله لمن حضره وهو أبو ذر ومن معه (قال) أي: سهل. (ثم سكت) أي: رسول الله. (فمر رجل) أي: آخر، واسمه: جعيل بن سراقة. (فقال) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 16 - بَابُ الأَكْفَاءِ فِي المَالِ وَتَزْويجِ المُقِلِّ المُثْرِيَةَ (باب: الأكفاء في المال) أي: المشروعة فيه عند القائل بها لجواز النكاح، والمشهور عند الشافعية: أنها ليست معتبرة في جوازه. (وتزويج المقل المثرية) بالجر عطف على (الأكفاء) و (المقل) الفقير، و (المثرية) بضم الميم وسكون المثلثة أي: الغنية وهي التي لها ثراء بفتح المثلثة وبالمد وهو الغنى. 5092 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي

17 - باب ما يتقي من شؤم المرأة وقوله تعالى: {إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم} [التغابن: 14]

اليَتَامَى} [النساء: 3]، قَالتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذِهِ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ صَدَاقَهَا "فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إلا أَنْ يُقْسِطُوا فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ". قَالتْ: "وَاسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: 127] إِلَى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] فَأَنْزَلَ اللَّهُ لَهُمْ: أَنَّ اليَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا وَسُنَّتِهَا فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ المَالِ وَالجَمَالِ، تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ " قَالتْ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إلا أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا، وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى فِي الصَّدَاقِ. [انظر: 2494 - مسلم: 3018 - فتح 9/ 136]. (في إكمال الصداق) أي: به. ومرَّ الحديث في التفسير (¬1). 17 - باب مَا يُتَّقَي مِنْ شُؤْمِ المَرْأَةِ. وَقَوْلِهِ تَعَالى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} [التغابن: 14]. (باب: ما يتقى) أي يجتنب. (من شؤم المرأة، وقوله تعالى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ}) أشار به إلى المقصود منه، وهو {فَاحْذَرُوهُمْ}. 5093 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ، وَسَالِمٍ، ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الشُّؤْمُ فِي المَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالفَرَسِ". [انظر: 2099 - مسلم: 2225 - فتح 9/ 137]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (الشؤم) هو ضد اليمن. (في المرأة) بسوء خلقها وغلو مهرها أو ¬

_ (¬1) سبق برقم (4600) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}.

عقمها. (والدار) بضيقها. (والفرس) بكونه حرونًا، كما أن اليمن في الثلاثة المفسرة بضد ذلك. ومرَّ الحديث في كتاب: الجهاد (¬1). وقد روى الإِمام أحمد وابن حبان: "من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح. ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء" (¬2). 5094 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ العَسْقَلانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ، وَالمَرْأَةِ، وَالفَرَسِ". [انظر: 2099 - مسلم: 2225 - فتح 9/ 137]. (إن كان الشؤم) أي: موجودًا. 5095 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ، فَفِي الفَرَسِ وَالمَرْأَةِ وَالمَسْكَنِ". [انظر: 2859 - مسلم: 2226 - فتح 9/ 137]. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار الأعرج. (إن كان) أي: الشؤم وحذفه للعلم به مما قبله. وسنداهما طريقان في الحديث المذكور قبلهما. 5096 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ". [مسلم: 2740 - فتح 9/ 137]. (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) ¬

_ (¬1) سلف برقم (2858) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما يذكر من شؤم الفرس. (¬2) "مسند أحمد" 1/ 168 و"صحيح ابن حبان" 9/ 340 (4032) كتاب: النكاح، قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، ورجاله رجال الشيخين غير محمَّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، فمن رجال البخاري.

18 - باب الحرة تحت العبد

أي: ابن طرخان. (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) أي: لأنهن ناقصات عقل ودين، وقد قال الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} [آل عمران: 14] فقدمهن لشدة فتنتهن وغالبًا يرغبن أزواجهن عن طلب الدين، وأي فساد أضر من ذلك. 18 - بَابُ الحُرَّةِ تَحْتَ العَبْدِ (باب: الحرة تحت العبد) أي: بيان جواز نكاحه لها. 5097 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ: عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ، وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبُرْمَةٌ عَلَى النَّارِ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ البَيْتِ، فَقَال: "أَلَمْ أَرَ البُرْمَةَ"، فَقِيلَ: لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، قَال: "هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ". [انظر: 456 - مسلم: 1075، 1504 - فتح 9/ 138]. (ثلاث سنن) أي: طرق. (فخيرت) أي: خيرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في فسخ نكاحها من زوجها مغيث، وبين المقام معه، وكان عبدًا فاختارت نفسها. (لم أر البرمة) أي: على النار، وفي نسخة: "ألم أر البرمة؟ " بهمزة الاستفهام التقديري. ومرَّ الحديث في كتاب: الكتابة (¬1). 19 - بَابُ لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] وَقَال عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلامُ: "يَعْنِي مَثْنَى أَوْ ثُلاثَ أَوْ رُبَاعَ" وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1]: "يَعْنِي مَثْنَى أَوْ ثُلاثَ أَوْ رُبَاعَ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (2561 - 2563) كتاب: المكاتب، باب: ما يجوز من شروط المكاتب.

(باب: لا يتزوج) أحد من أمته - صلى الله عليه وسلم - (أكثر من أربع) اتفاقًا, ولا التفات إلى قول من قال: يتزوج إلى تسع، أو أكثر (لقوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}) استدل به على امتناع الزيادة على الأربع بجعل الثلاثة في الآية للتخيير كما أنها في آية ({أُولِي أَجْنِحَةٍ}) لذلك إذ لو كانت للجمع لقال: تسعًا. لأنه أحصر، واستدل على ذلك أيضًا بأن الواو في الآية بمعنى: أو (¬1) التي للتنويع كما أشار إليه بقوله: (وقال علي بن الحسين) إلى آخره وهو قريب من الأول، والحامل على ذلك الاتفاق على المنع من الزيادة كما مرَّ. وقوله - صلى الله عليه وسلم - في خبر ابن حبان والحاكم وغيرهما وصححوه لغيلان بن سلمة وقد أسلم وتحته عشر نسوة: "أمسك أربعًا وفارق سائرهن" (¬2). 5098 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} [النساء: 3]، قَالتْ: "اليَتِيمَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وَهُوَ وَلِيُّهَا، فَيَتَزَوَّجُهَا عَلَى مَالِهَا، وَيُسِيءُ صُحْبَتَهَا، وَلَا يَعْدِلُ فِي مَالِهَا، فَلْيَتَزَوَّجْ مَا طَابَ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهَا، مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ". [انظر: 2494 - مسلم: 3018 - فتح 9/ 139]. (محمَّد) أي: ابن سلام البيكندي. (عبدة) أي: ابن سليمان ({وَإِنْ خِفْتُمْ}) في نسخة: "فإن خفتم" (على مالها) أي: لأجل مالها. ومرَّ الحدث في سورة النساء (¬3). ¬

_ (¬1) مجيء الواو بمعنى (أو) قال به بعض النحاة، واستدلوا عليه يقول الشاعر: وقالوا: نَأت فاخْتَرْ لها الصَّبْرَ والبُكَا ... فقلت البكا أشفى إذًا لغليلي أي: الصبر أو البكا؛ لأنها لا يجتمعان؛ بدليل قوله: فاختر لها. (¬2) "صحيح ابن حبان" (4157) كتاب: النكاح، باب: نكاح الكفار، و"المستدرك" 2/ 192 - 193 كتاب: النكاح. (¬3) سبق برقم (4573 - 4574) كتاب: التفسير، باب: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}.

20 - باب {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم} [النساء: 23] ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب

20 - باب {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23]. وَيحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَب. (باب: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} لفظ: (أمهاتكم) عطف على أمهاتكم في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} وقوله: (ويحرم) إلى آخره قطعة من حديث عائشة الآتي. 5099 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُرَاهُ فُلانًا"، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ فُلانٌ حَيًّا - لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ - دَخَلَ عَلَيَّ؟ فَقَال: "نَعَمْ، الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الولادَةُ". [انظر: 2646 - مسلم: 1444 - فتح 9/ 139]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس". (لو كان فلان حيًّا - لعمها) أي: لعم عائشة وقولها: (لو كان حيًّا) يدل على أنه مات، فيحتمل أن يكون عمًّا لها آخر أو أنها ظنت أنه مات بعد عهدها به، ثم قدم بعد فاستأذن. ومرَّ الحديث في كتاب: الشهادات في باب: الشهادة على الأنساب (¬1). 5100 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلا تَتَزَوَّجُ ابْنَةَ حَمْزَةَ؟ قَال: "إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ" وَقَال بِشْرُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ، مِثْلَهُ. [انظر: 2645 - مسلم: 1447 - فتح 9/ 140]. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (قيل للنبي) القائل له: هو علي بن أبي طالب. (ألا تزوج؟) أي: تتزوج بحذف إحدى التاءين. (شعبة) أي: ابن الحجاج. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2646) كتاب: الشهادات، باب: الشهادة على الأنساب.

5101 - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، أَخْبَرَتْهَا: أَنَّهَا قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَال: "أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ"، فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ ذَلِكِ لَا يَحِلُّ لِي". قُلْتُ: فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ قَال: "بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ"، قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَال: "لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ"، قَال عُرْوَةُ، وثُوَيْبَةُ مَوْلاةٌ لِأَبِي لَهَبٍ: كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ، قَال لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَال أَبُو لَهَبٍ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ. [5106، 5107 , 5123، 5372 - مسلم: 1449 - فتح 9/ 140]. (بمخلية) بضم الميم وسكون المعجمة من أخليت بمعنى: خلوت من الضرة، والمعنى: لست بمنفردة عنك ولا خالية من ضرة، وفي نسخة: بفتح الميم من خلوت. (وأحب من شاركني في خير أختي) بفتح همزة (أحب) أفعل تفضيل وهو مبتدأ خبره (أختي) أو بالعكس، والخير: صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - المتضمنة لسعادة الدارين أو ذاته - صلى الله عليه وسلم -. (إن ذلك) بكسر الكاف؛ لأنه خطاب لمؤنث. (تحدث) بالبناء للمفعول. (بنت أبي سلمة) اسمها: درة. (لو أنها لم تكن ربيبتي ..) إلخ أي: لو كان بها مانع واحد لكفى في التحريم فكيف وبها مانعان كونها ربيبتي وكونها ابنة أخي من الرضاعة. (ثويبة) مصغر ثوبة واختلف في إسلامها. (فلا تعرضن) بفتح الفوقية وسكون الضاد والنون مخففة وهي نون النسوة (أريه بعض أهله) أي: في المنام والرائي له قيل: العباس (بشرِّ حيبة) بكسر الحاء المهملة أي: على أسوأ حالة. (لم ألق بعدكم)

21 - باب من قال: لا رضاع بعد حولين

أي: راحة. (سقيت) بالبناء للمفعول. (في هذه) أي: النقرة بين الإبهام والسبابة، وأشار بذلك إلى حقارة ما سقي من الماء في جهنم. وقال القرطبي: سقي نطفة من ماء في جهنم بسبب ذلك (¬1). (بعتاقتي ثويبة) بفتح العين أي: بسبب عتقي لها. 21 - بَابُ مَنْ قَال: لَا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] وَمَا يُحَرِّمُ مِنْ قَلِيلِ الرَّضَاعِ وَكَثِيرِهِ. (باب: من قال. لا رضاع بعد حولين لقوله تعالى: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} وما يحرم من قليل الرضاع وكثيره). لام (لمن أراد) لبيان من توجه إليه الحكم قبلها كقوله تعالى {هَيْتَ لَكَ} فإن لامه متوجهة إلى المهيَّت له. 5102 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَشْعَثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ، فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، فَقَالتْ: إِنَّهُ أَخِي، فَقَال: "انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ". [انظر: 2647 - مسلم: 1455 - فتح 9/ 146]. (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. "شعبة" أي: ابن الحجاج. (عن الأشعث) أي: ابن أبي الشعثاء (عن مسروق) أي: ابن الأجدع .. (وعندها رجل) قال شيخنا: أظنه ابنا لأبي القعيس (¬2) (إنه أخي) أي: الرضاعة. (من إخوانكن) في نسخة: "ما إخوانكن". (فإنما الرضاعة من المجاعة) تعليل للحث على إمعان النظر ¬

_ (¬1) "المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم" 4/ 182. (¬2) "الفتح" 9/ 147.

22 - باب لبن الفحل

والتفكر؛ فإن الرضاعة تجعل الرضيع محرمًا كالنسب ولا يثبت ذلك إلا بإثبات اللحم وتسوية العظم فلا يكفي مصة ولا مصتان بل لا بد أن تكون الرضاعة دافعة للمجاعة فيشبع الولد بذلك، ومن ثَم اعتبر الشافعي خمس رضعات في حولين. ومرَّ الحديث في كتاب: الشهادات (¬1). 22 - بَابُ لَبَنِ الفَحْلِ (باب: لبن الفحل) أي: بيان تحريم شرب لبنه، ونسبة اللبن إليه مجاز؛ لكونه سببًا فيه. 5103 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَفْلَحَ، أَخَا أَبِي القُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الحِجَابُ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ "فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ". [انظر: 2644 - مسلم: 1445 - فتح 9/ 150]. (أخا أبي القعيس) اسم أبي القعيس: وائل بن أفلح الأشعري. ومرَّ الحديث في كتاب: الشهادات (¬2). 23 - بَابُ شَهَادَةِ المُرْضِعَةِ (باب: شهادة المرضعة) أي: برضاعها. 5104 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، - قال: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عُقْبَةَ لَكِنِّي لِحَدِيثِ عُبَيْدٍ أَحْفَظُ - قَال: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2647) كتاب: الشهادات، باب؛ الشهادة على الأنساب. (¬2) سلف برقم (2644) كتاب: الشهادات، باب: الشهادة على الأنساب

24 - باب ما يحل من النساء وما يحرم

سَوْدَاءُ، فَقَالتْ: أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ فُلانَةَ بِنْتَ فُلانٍ، فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالتْ لِي: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، وَهِيَ كَاذِبَةٌ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، قُلْتُ: إِنَّهَا كَاذِبَةٌ، قَال: "كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا، دَعْهَا عَنْكَ" وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، يَحْكِي أَيُّوبَ. [انظر: 88 - فتح 9/ 152]. (وقد سمعته) أي: هذا الحديث. (تزوجت امرأة) هي أم يحيى بنت أبي إهاب. (كيف بها) أي: باجتماعه بها. (دعها عنك) قاله تورعًا واحتياطًا لا حكمًا بثبوت الرضاع وفساد النكاح، بمجرد قول المرضعة، إذ لم يكن ثم ترافع ولا ثم نصاب الشهادة. (وأشار إسماعيل) أي: ابن علية. (يحكي أيوب) أي: يحكي إشارته. ومرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬1). 24 - بَابُ مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} - إِلَى آخِرِ الآيَتَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ - {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 23 - 24]. وَقَالَ أَنَسٌ: {وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24] «ذَوَاتُ الأَزْوَاجِ الحَرَائِرُ حَرَامٌ» {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] «لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ» وَقَالَ: {وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]. وَقَال ابن عَبَّاسٍ: مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ فَهْوَ حَرَامٌ، كَأمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأخْتِهِ. (باب: ما يحل من النساء وما يحرم) أي: بيان حكمها. (وقوله تعالى) بالجر عطف على (ما يحل). ¬

_ (¬1) سلف برقم (88) كتاب: العلم، باب: الرحلة في المسألة النازلة، وتعليم أهله.

5105 - وَقَال لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي حَبِيبٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ" ثُمَّ قَرَأَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] الآيَةَ. وَجَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، بَيْنَ ابْنَةِ عَلِيٍّ وَامْرَأَةِ عَلِيٍّ وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: "لَا بَأْسَ بِهِ" وَكَرِهَهُ الحَسَنُ مَرَّةً، ثُمَّ قَال: "لَا بَأْسَ بِهِ". وَجَمَعَ الحَسَنُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمٍّ فِي لَيْلَةٍ، وَكَرِهَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، لِلْقَطِيعَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] وَقَال عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، "إِذَا زَنَى بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ" وَيُرْوَى عَنْ يَحْيَى الكِنْدِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وأَبِي جَعْفَرٍ، فِيمَنْ يَلْعَبُ بِالصَّبِيِّ: "إِنْ أَدْخَلَهُ فِيهِ فَلَا يَتَزَوَّجَنَّ أُمَّهُ" وَيَحْيَى هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. وَقَال عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "إِذَا زَنَى بِهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ" وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي نَصْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، حَرَّمَهُ "وَأَبُونَصْرٍ هَذَا لَمْ يُعْرَفْ بِسَمَاعِهِ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ" وَيُرْوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالحَسَنِ، وَبَعْضِ أَهْلِ العِرَاقِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ. وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "لَا تَحْرُمُ حَتَّى يُلْزِقَ بِالأَرْضِ" يَعْنِي يُجَامِعَ وَجَوَّزَهُ ابْنُ المُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ، وَالزُّهْرِيُّ وَقَال الزُّهْرِيُّ: قَال عَلِيٌّ: "لَا تَحْرُمُ" وَهَذَا مُرْسَلٌ. [فتح 9/ 153]. (عن سفيان) أي: الثوري. (حبيب) أي: ابن أبي ثابت. (عن سعيد) أي: ابن جبير. (حرم من النسب سبع) فهن المذكورات في الآية إلى قوله ({وَبَنَاتُ الْأُخْتِ}) (ومن الصهر سبع) هن المذكورات بعد ذلك إلى ({وَالْمُحْصَنَاتُ}) وفيه تغليب الصهر على الرضاع وغيره، ممَّا ذكر في الآية، لقصر لفظه، كما غلب عمر على أبي بكر في العُمَريْنِ. (وجمع عبد الله بن جعفر بين ابنة عليِّ وامرأة عليِّ) استدل به على الشق الأول من الترجمة؛ إذ فيه حل الجمع بين المرأة وبين زوجها. (بين ابنتي عم) أي: ابنتي عمين هما: محمَّد وعمر، ابنا علي فهما: عَمَّان لأبي الحسن لا له. (للقطيعة) أي: لوقوع التنافس بينهما في الخظوة عند

25 - باب {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن} [النساء: 23]

الزوج فيؤدي ذلك إلى قطيعة الرحم. (عن يحيى) أي: ابن قيس. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحبيل. (وأبي جعفر) في نسخة: "وابن جعفر" والأول هو المعتمد كما قاله شيخنا (¬1). (فيمن يلعب بالصبي: إن أدخله) أي: ذكره: (فيه) أي: لاط به فلا يتزوجن أمه؛ وهو مذهب الحنابلة، والجمهور على خلافه (ويحيى هذا غير معروف) أي: مجهول الحال، لكن ذكره ابن حبان في: "الثقات" (¬2). (ولم يتابع عليه) أي: على ما رواه هنا. (إذا زنا بها) أي: بأم امرأته. (لا تحرم عليه امرأته)؛ لأن الزنا لا حرمة له. (وهذا مرسل) في نسخة: "وهو مرسل" أي: منقطع. 25 - بَابُ {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "الدُّخُولُ وَالمَسِيسُ وَاللِّمَاسُ هُوَ الجِمَاعُ" وَمَنْ قَال: بَنَاتُ وَلَدِهَا مِنْ بَنَاتِهِ فِي التَّحْرِيمِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ حَبِيبَةَ: "لَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ" وَكَذَلِكَ حَلائِلُ وَلَدِ الأَبْنَاءِهُنَّ حَلائِلُ الأَبْنَاءِ، وَهَلْ تُسَمَّى الرَّبِيبَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِهِ وَدَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبِيبَةً لَهُ إِلَى مَنْ يَكْفُلُهَا وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ ابْنَتِهِ ابْنًا. (باب: ({وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}) قوله: ({مِنْ نِسَائِكُمُ}) متعلق بـ {وَرَبَائِبُكُمُ}. (ومن قال: بنات ولدها من بناته في نسخة: "هنا بناتها" أي: هن كبناته، أو بناتها. (في التحريم) أي: على الزوج. (يقول النبي ..) إلخ، وجه دلالته على أن بنت ولد المرأة حرام كبنتها: أن لفظ البنات يشمل بنات البنات. (وهل ¬

_ (¬1) "الفتح" 9/ 156. (¬2) "الثقات" 7/ 608.

26 - باب {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} [النساء: 23]

تسمى الربيبة، وإن لم تكن في حجره). الجمهور على أنها تسمى به، وإن لم تكن في حجره والتقيد به في الآية جري على الغالب، فلا يعتبر مفهومه بدليل عدم التقيد بعدمه في قوله: ({فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}) إلى آخره. (ربيبة له) هي زينب بنت أم سلمة، وقوله: (ومن قال: بنات ولدها) إلى هنا ساقط من نسخة. 5106 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ؟ قَال: "فَأَفْعَلُ مَاذَا؟ " قُلْتُ: تَنْكِحُ، قَال: "أَتُحِبِّينَ؟ " قُلْتُ: لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِيكَ أُخْتِي، قَال: "إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي"، قُلْتُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَخْطُبُ، قَال: "ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ"، قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي مَا حَلَّتْ لِي، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ" وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ: دُرَّةُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ. [انظر: 5101 - مسلم: 1449 - فتح 9/ 158]. (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (هل لك في بنت أبي سفيان) أي: هل لك في نكاحها. (قال: فأفعل ماذا؟) تقدر بعده -أفعل- دل عليه الأولى؛ لأن ماذا له صدر الكلام فلا يعمل فيه ما قبله. ومرَّ الحديث في باب: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} (¬1). 26 - بَابُ {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] 5107 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، قَالتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، قَال: "وَتُحِبِّينَ؟ " قُلْتُ: ¬

_ (¬1) سلف برقم (5101) كتاب: النكاح، باب: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}.

27 - باب لا تنكح المرأة على عمتها

نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ ذَلِكِ لَا يَحِلُّ لِي"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، قَال: "بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ"، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ". [انظر: 5101 - مسلم: 1441 - فتح 9/ 159]. (باب: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إلا مَا قَدْ سَلَفَ}) الاستثناء منقطع أي: لكن ما سلف من الجمع بينهما معفو عنه. ومرَّ حديث الباب مرارًا. 27 - بَابُ لَا تُنْكَحُ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا (باب: لا تنكح المرأة على عمتها) أي: ولا خالتها، والمراد بالعمة والخالة: ما يشمل الحقيقة والمجاز، فتدخل عمة الأب وخالته وإن علا. 5108 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُنْكَحَ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالتِهَا". [انظر: 5108 - مسلم: 1408 - فتح 9/ 160]. وَقَال دَاوُدُ، وَابْنُ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (وقال داود) أي: ابن أبي هند. 5109 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يُجْمَعُ بَيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ المَرْأَةِ وَخَالتِهَا". [انظر: 5108 - مسلم: 1408 - فتح 9/ 160]. 5110 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُنْكَحَ المَرْأَةُ

28 - باب الشغار

عَلَى عَمَّتِهَا، وَالمَرْأَةُ وَخَالتُهَا. فَنُرَى خَالةَ أَبِيهَا بِتِلْكَ المَنْزِلَةِ. [انظر: 5108 - مسلم: 1408 - فتح 9/ 160]. 5111 - لِأَنَّ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ". [انظر: 2644 - مسلم: 1445 - فتح 9/ 160]. 28 - بَابُ الشِّغَارِ (باب: الشغار) أي: نكاحه، سمي بذلك؛ لشغوره أي: خلوه عن المهر، أو عن بعض الشرائط، أو لرفعه المهر من قولهم شغر الكلب برجله، إذا رفعها ليبول، فكأن المتناكحين رفعا المهر بينهما. 5112 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ. [6960 - مسلم: 1415 - فتح 9/ 162]. (والشغار: أن يزوج الرجل ابنته ...) إلخ تفسير (الشغار) بهذا قيل: إنه من الحديث، وقيل: من قول ابن عمر، وقيل: من قول نافع، وهو ما صرَّح به البخاري في ترك الحيل، وبالجملة فيعمل به فيبطل به النكاح، ومعنى البطلان به: التشريك في البضع حيث جعل مورد النكاح امرأة وصداقا لأخرى، فأشبه تزويج واحدة من اثنين، وقيل: التعليق والتوقيف. 29 - بَابُ هَلْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِأَحَدٍ (باب: هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد؟) جواب الاستفهام محذوف، أي: نعم. ومرَّ بيانه في باب: القراءة عن ظهر القلب (¬1). ¬

_ (¬1) سبق في (5030) كتاب: فضائل القرآن، باب: القراءة عن ظهر القلب.

30 - باب نكاح المحرم

5113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: كَانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ مِنَ اللَّائِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ عَائِشَةُ: أَمَا تَسْتَحِي المَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ." فَلَمَّا نَزَلَتْ: (تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ) قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَرَى رَبَّكَ إلا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ" رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ المُؤَدِّبُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. [انظر: 4788 - مسلم: 1464 - فتح 9/ 164]. (ترجي) أي: تؤخر. (يسارع في هواك) أي: مرادك. (رواه) أي: الحديث. (أبو سعيد) هو محمَّد بن مسلم بن أبي الوضاح. (وعبدة) أي: ابن سليمان (يزيد بعضهم على بعض) أي: في الرواية. 30 - بَابُ نِكَاحِ المُحْرِمِ (باب: نكاح المحرم) أي: بالحج والعمرة، أو بهما، هل يجوز له أم لا؟، ومذهب الشافعي الثاني. 5114 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، قَال: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ". [انظر: 1837 - مسلم: 141 - فتح 9/ 165]. (عمرو) أي: ابن دينار (أنبأنا) في نسخة: "أخبرنا". (تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم) هذا من خصائصه، على أن أكثر الروايات على أنه تزوجها وهو حلال (¬1)، وقد قال في م: "لا ينكح المحرم ولا ¬

_ (¬1) منها ما روي، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة بنت الحارث، أن رسول - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال، قال: وكانت خالتي، وخالة ابن عباس. رواه مسلم (1411) كتاب: النكاح باب: تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته، والترمذي (845) كتاب: الحج، باب: ما جاء في الرخصة في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ذلك، وابن الجارود في: "المنتقى" 2/ 76 - 77 (446). والدارقطني في: "السنن" 3/ 261 - 262 كتاب: النكاح، باب: المهر، والبيهقي في: "السنن" 5/ 66 كتاب: الحج، باب: لا ينكح ولا يُنكح. وقال ابن عبد البر في: "التمهيد" 3/ 152 - 153: والرواية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة، وهو حلال، متواترة عن ميمونة بعينها، وعن أبي رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن سليمان بن يسار مولاها، وعن يزيد بن الأصم، وهو ابن أختها، وهو قول سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وابن شهاب، وجمهور علماء المدينة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينكح ميمونة، إلا وهو حلال، قبل أن يحرم. وما أعلم أحدا من الصحابة روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكح ميمونة وهو محرم؛ إلا عبد الله بن عباس، ورواية من ذكرنا معارضة لروايته، والقلب إلى رواية الجماعة أميل؛ لأن الواحد أقرب إلى الغلط، وأكثر أحوال حديث ابن عباس أن يجعل متعارضا مع رواية من ذكرنا، فإذا كان كذلك سقط الاحتجاج بجميعها، ووجب طلب الدليل على هذه المسئلة من غيرها. فوجدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن نكاح المحرم، "وقال لا ينكح المحرم ولا ينكح" فوجب المصير إلى هذا الرواية التي لا معارض لها؛ لأنه يستحيل أن ينهى عن شيء ويفعله، مع عمل الخلفاء الراشدين لها وهم: عمر وعثمان، وعلى - رضي الله عنهم -، وهو قول ابن عمر، وأكثر أهل المدينة هذا إن شاء الله. وقال ابن حجر في: "الفتح" 9/ 165: قال الأثرم: قلت لأحمد: إن أبا ثور يقول: بأي شيء يدفع حديث ابن عباس أي: مع صحته؟ قال: فقال: الله المستعان: ابن المسيب يقول: وهم ابن عباس، وميمونة تقول: تزوجني وهو حلال. أهـ وقد عارض حديث ابن عباس حديث عثمان: "لا ينكح المحرم ولا ينكح" أخرجه مسلم، ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس يحمل حديث ابن عباس على أنه من خصائص النبي.

31 - باب نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخرا

يُنكح" (¬1)، والفعل إذا عارض القول قدم القول. ومرَّ الحديث في كتاب الحج (¬2). 31 - بَابُ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ المُتْعَةِ آخِرًا (باب: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة أخيرًا) وهو المؤقت بمدة معلومة، أو مجهولة، وسمي بذلك؛ لأن الغرض منه مجرد التمتع دون التوالد، وسائر أغراض النكاح، وقد كان جائزًا في صدر الإسلام ثم نسخ كما ذكره آخرًا. 5115 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال لِابْنِ عَبَّاسٍ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ المُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، زَمَنَ خَيْبَرَ". [انظر: 4216 - مسلم: 1407 - فتح 9/ 166]. (عن أبيهما) هو محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية. ومرَّ الحديث في: غزوة خيبر (¬3). 5116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ "فَرَخَّصَ"، فَقَال لَهُ مَوْلًى لَهُ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1409) كتاب: النكاح، باب: تحريم نكاح المحرم وكراهية خطبته. وبرقم (1841) كتاب: المناسك, باب: المحرم يتزوج, وابن ماجة (1966) كتاب: النكاح، باب: المحرم يتزوج. والنسائي 5/ 192 كتاب: المناسك، باب: النهي عن ذلك، أي: الرخصة في النكاح للمحرم. وأحمد 1/ 57، 64. (¬2) سلف برقم (1837) كتاب: جزاء الصيد، باب: تزويج المحرم. (¬3) سلف برقم (4216) كتاب: المغازي. باب: غزوة خيبر.

32 - باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح

الحَالِ الشَّدِيدِ، وَفِي النِّسَاءِ قِلَّةٌ؟ أَوْ نَحْوَهُ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "نَعَمْ". [فتح 9/ 167]. (غندر) هو محمد بن جعفر. (مولى له) قيل: إنه عكرمة. 5117، 5118 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو، عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالا: كُنَّا فِي جَيْشٍ، فَأَتَانَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا". [مسلم: 1405 - فتح 9/ 167]. (عليّ) أي: ابن عبد الله المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (فأتانا رسول الله) قيل: إنه بلال. 5119 - وَقَال ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَوَافَقَا، فَعِشْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلاثُ لَيَالٍ، فَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَتَزَايَدَا، أَوْ يَتَتَارَكَا تَتَارَكَا" فَمَا أَدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَبَيَّنَهُ عَلِيٌّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ". [فتح 9/ 167]. (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري، وهذا ساقط من نسخة. (وقد بينه) أي: حكم المتعة. 32 - بَابُ عَرْضِ المَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ (باب: عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح) أي: ليتزوجها. 5120 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مِهْرَانَ، قَال: سَمِعْتُ ثَابِتًا البُنَانِيَّ، قَال: كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، قَال أَنَسٌ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَكَ بِي حَاجَةٌ؟ " فَقَالتْ بِنْتُ أَنَسٍ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا، وَا سَوْأَتَاهْ وَا سَوْأَتَاهْ، قَال: "هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا". [6123 - فتح 9/ 174]. (مرحوم) أي: ابن عبد العزيز بن مهران. 5121 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ

33 - باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير

زَوِّجْنِيهَا، فَقَال: "مَا عِنْدَكَ؟ " قَال: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَال: "اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ"، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَال: لَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي وَلَهَا نِصْفُهُ - قَال سَهْلٌ: وَمَا لَهُ رِدَاءٌ - فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ، إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ"، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَال مَجْلِسُهُ قَامَ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَاهُ - أَوْ دُعِيَ لَهُ - فَقَال لَهُ: "مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ " فَقَال: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا - لِسُوَرٍ يُعَدِّدُهَا - فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمْلَكْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح 9/ 175]. (أبو غسان) هو محمد بن مطرف. (أملكناكها) في نسخة: "أملكناها لك"، وكل منهما مؤول بأنه قال ذلك بعد قوله: زوجناكها كما مرّ، أي: زوجناكها اذهب فقد ملكناكها، أو أملكناها لك بالتزويج السابق على أنه روي بدلهما: "زوجتكها"، وهي رواية الأكثر وصوبها الدارقطني (¬1). ومرَّ الحديث في باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. وفي غيره. 33 - بَابُ عَرْضِ الإِنْسَانِ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ عَلَى أَهْلِ الخَيْرِ (باب: عرض الإنسان ابنته، أو أخته على أهل الخير) أي: ليتزوجوها. 5122 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، ¬

_ (¬1) سبق التعليق عليها في حديث رقم (5030). كتاب: فضائل القرآن، باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.

فَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقَال: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي، فَقَال: قَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا، قَال عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ زَوَّجْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، وَكُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيْهِ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ "خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ"، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَال: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قَال عُمَرُ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَال أَبُو بَكْرٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ عَلَيَّ، إلا أَنِّي كُنْتُ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ تَرَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلْتُهَا. [انظر: 4005 - فتح 9/ 175]. (حين تأيمت حفصة بنت عمر) أي: صارت أيمًا أي: خالية عن الزوج. (وكنت أوجد عليه) أي: أشد موجدة أي: غضبًا عليه. (مني على عثمان). ومرَّ الحديث في كتاب: المغازي (¬1). (لعلك وجدت عليّ) في نسخة: "لقد وحدت علي". 5123 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، قَالتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ لَوْ لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ". [انظر: 5101 - مسلم: 1449 - فتح 9/ 176]. (قتيبة) أي: ابن سعيد (درة) بضم الدال. ومرَّ الحديث في باب: وأن تجمعوا بين الأختين (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (4005) كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا. (¬2) سلف برقم (5107) كتاب: النكاح، باب: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إلا مَا قَدْ سَلَفَ}.

34 - باب قول الله جل وعز: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله} الآية إلى قوله: {غفور حليم} [البقرة: 235]

34 - باب قَوْلِ الله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ} الآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235]. {أَكْنَنْتُمْ} أَضْمَرْتُمْ، وَكُل شَيْءٍ صُنْتَهُ فَهْوَ مَكْنُونٌ. (باب: قول الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ} الآية) أي: إلى قوله: {قَوْلًا مَعْرُوفًا} في نسخة: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} الآية" (أكننتم) أي: (أضمرتم). 5124 - وَقَال لِي طَلْقٌ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] يَقُولُ: "إِنِّي أُرِيدُ التَّزْويجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ تَيَسَّرَ لِي امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ" وَقَال القَاسِمُ: "يَقُولُ إِنَّكِ عَلَيَّ كَرِيمَةٌ، وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا، أَوْ نَحْوَ هَذَا" وَقَال عَطَاءٌ: "يُعَرِّضُ وَلَا يَبُوحُ، يَقُولُ: إِنَّ لِي حَاجَةً، وَأَبْشِرِي، وَأَنْتِ بِحَمْدِ اللَّهِ نَافِقَةٌ، وَتَقُولُ هِيَ: قَدْ أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، وَلَا تَعِدُ شَيْئًا، وَلَا يُوَاعِدُ وَلِيُّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا، وَإِنْ وَاعَدَتْ رَجُلًا فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا " وَقَال الحَسَنُ، {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] "الزِّنَا" وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235]: "تَنْقَضِيَ العِدَّةُ". [فتح 9/ 178]. (طلق) أي: ابن غنام. (زائدة) أي: ابن قدامة. (ولوددت) أي: لأحببت. (أنه) أي: الشأن. (تيسر لي) بفتح الفوقية، وبالرفع وأصله: تتيسر بفوقيتين فحذفت إحداهما تخفيفًا. (القاسم) أي: ابن محمد. (أو نحو هذا) أي: من ألفاظ التعريض، كإذا حللت فآذنيني، ومن يجد مثلك. (ولا يبوح) أي: لا يصرح، والتصريح: مما يقطع بالرغبة في النكاح، كإذا انقضت عدتك نكحتك،

35 - باب النظر إلى المرأة قبل التزويج

وحكمة النهي عنه: أنها قد تكذب في انقضاء العدة. (إن لي حاجة وأبشري وأنت بحمد الله نافقة). أي: رائجة. (ولا تعد) بفتح الفوقية، وكسر العين، من الوعد أي: لا تعده بالعقد، بل تقتصر على قولها، قد أسمع ما تقول. 35 - بَابُ النَّظَرِ إِلَى المَرْأَةِ قَبْلَ التَّزْويجِ (باب: النظر إلى المرأة قبل التزويج) أي: بيان جوازه. 5125 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُكِ فِي المَنَامِ يَجِيءُ بِكِ المَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقَال لِي: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ". [انظر: 3895 - مسلم: 2438 - فتح 9/ 180] (فإذا أنت هي) فإذا أنت الآن تلك الصورة أي: كهي، وهو تشبيه بليغ، واستدل بالحديث على جواز النظرة لأن رؤيا الأنبياء وحي، بل هو مندوب لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للمغيرة وقد خطب امرأة: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" أي: أن تدوم بينكما المودة والألفة. رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه (¬1)، قيس بما فيه عكسه والمنظور إليه ما عدا العورة. ومرَّ الحديث في باب: نكاح الأبكار (¬2). ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (1087) كتاب: النكاح، باب: ما جاء في النظر إلى المخطوبة، وقال: هذا حديث حسن. "المستدرك" للحاكم 2/ 165 وقال: هذا حديث صحبح على شرط الشيخين. ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬2) سلف برقم (5077) كتاب: النكاح، باب: نكاح الأبكار.

36 - باب من قال: لا نكاح إلا بولي

5126 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَال: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَال: "هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ " قَال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا" فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، قَال: "انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ"، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَال: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي - قَال سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ" فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَال مَجْلِسُهُ، ثُمَّ قَامَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَلَمَّا جَاءَ قَال: "مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ " قَال: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا - عَدَّدَهَا - قَال: "أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح 9/ 180]. (عن أبي حازم) هو سلمة ابن دينار. ومز الحديث في باب: تزويج المعسر وفيما قبله (¬1). 36 - بَابُ مَنْ قَال: لَا نِكَاحَ إلا بِوَلِيٍّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] فَدَخَلَ فِيهِ الثَّيِّبُ، وَكَذَلِكَ البِكْرُ، وَقَال: {وَلَا تُنْكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] وَقَال: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32]. ¬

_ (¬1) سلف برقم (5029) كتاب: فضائل القرآن، باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. وبرقم (5030) كتاب: فضائل القرآن، باب: القراءة عن ظهر قلب. وبرقم (5087) كتاب: النكاح، باب: تزويج المعسر.

(باب: من قال: لا نكاح إلا بولي لقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} في نسخة: "لقول الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} " قال الشافعي: هذه الآية أصرح دليل في القرآن على اعتبار الولي وإلا لما كان لعضله معنى (¬1). 5127 - قَال يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ النِّكَاحَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ اليَوْمَ: يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَو ابْنَتَهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاسْتِبْضَاعِ. وَنِكَاحٌ آخَرُ: يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ، فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلانُ، تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ، وَنِكَاحُ الرَّابِعِ: يَجْتَمِعُ النَّاسُ الكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ البَغَايَا، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ القَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَ بِهِ، وَدُعِيَ ابْنَهُ، لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ "فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، ¬

_ (¬1) "الأم" 5/ 11.

هَدَمَ نِكَاحَ الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إلا نِكَاحَ النَّاسِ اليَوْمَ". [فتح 9/ 183] (ابن وهب) هو عبد الله. (عنبسة) أي: ابن خالد (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (أنحاء) أي: أنواع. (طهرت) بفتح الهاء وضمها. (من طمثها) أي: حيضها. (فاستبضعي) أي: اطلبي منه المباضعة: هي الجماع. (ونكاح الرابع) أي: النوع الرابع. 5128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ، اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ، وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] قَالتْ: "هَذَا فِي اليَتِيمَةِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ شَرِيكَتَهُ فِي مَالِهِ، وَهُوَ أَوْلَى بِهَا، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أَنْ يَنْكِحَهَا، فَيَعْضُلَهَا لِمَالِهَا، وَلَا يُنْكِحَهَا غَيْرَهُ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشْرَكَهُ أَحَدٌ فِي مَالِهَا". [انظر: 2494 - مسلم: 308 - فتح 9/ 183]. (يحيى) أي: ابن موسى المشهور بخت، أو ابن حفص البيكندي. (فيعضلها) أي: يمنعها أن تتزوج. ومرَّ الحديث في سورة النساء (¬1). 5129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُمَرَ، حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ ابْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَال عُمَرُ: "لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ " فَقَال: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي، "فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي" فَقَال: بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا، قَال عُمَرُ: "فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ. [انظر: 4005 - فتح 9/ 183]. (هشام) أي: ابن يوسف (معمر) أي: ابن راشد. ¬

_ (¬1) سلف برقم (4573) كتاب: التفسير، باب: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}.

37 - باب إذا كان الولي هو الخاطب

ومرَّ الحديث في باب: عرض الإنسان ابنته، أو أخته على أهل الخير (¬1). 5130 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحَسَنِ، {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] قَال: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ، قَال: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ، فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لَا وَاللَّهِ لَا تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلًا لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتِ المَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] فَقُلْتُ: الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ". [انظر: 4529 - فتح 9/ 183]. (إبراهيم) أي: ابن طهمان. (عن يونس) أي: ابن عبيد البصري. (زوجت أختًا لي) اسمها: جُميل بالتصغير بنت يسار بن عبد الله المزني، أو ليلى، أو فاطمة. (من رجل) اسمه: أبو البداح (فزوجها إياه) أي: بعقد جديد. 37 - بَابُ إِذَا كَانَ الوَلِيُّ هُوَ الخَاطِبَ وَخَطَبَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، امْرَأَةً هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا، فَأَمَرَ رَجُلًا فَزَوَّجَهُ وَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، لِأُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ قَارِظٍ: "أَتَجْعَلِينَ أَمْرَكِ إِلَيَّ؟ " قَالتْ: نَعَمْ، فَقَال: "قَدْ زَوَّجْتُكِ" وَقَال عَطَاءٌ: "لِيُشْهِدْ أَنِّي قَدْ نَكَحْتُكِ، أَوْ لِيَأْمُرْ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِهَا" وَقَال سَهْلٌ: قَالتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَهَبُ لَكَ نَفْسِي، فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. ¬

_ (¬1) سلف برقم (5122) كتاب: النكاح، باب: عرض الإنسان ابنته، أو أخته على أهل الخير.

(باب: إذا كان الولي هو الخاطب) أي: كابن العم هل يزوج نفسه أو يزوجه ولي غيره، والشافعي على الثاني. (وخطب المغيرة بن شعبة امرأة) هي ابنة عمه عروة بن مسعود (فأمر رجلًا) هو عثمان بن أبي العاص. 5131 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فِي قَوْلِهِ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالتْ: "هِيَ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ الرَّجُلِ، قَدْ شَرِكَتْهُ فِي مَالِهِ، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَهُ، فَيَدْخُلَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، فَيَحْبِسُهَا، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ". [انظر: 2494 - مسلم: 3018 - فتح 9/ 188]. (ابن سلام) هو محمد. (أبو معاوية) هو محمد بن خازم. ومرَّ الحديث في سورة النساء (¬1). 5132 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسًا، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، فَخَفَّضَ فِيهَا النَّظَرَ وَرَفَعَهُ، فَلَمْ يُرِدْهَا، فَقَال رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: زَوِّجْنِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "أَعِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ " قَال: مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ، قَال: "وَلَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ؟ " قَال: وَلَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ أَشُقُّ بُرْدَتِي هَذِهِ فَأُعْطِيهَا النِّصْفَ، وَآخُذُ النِّصْفَ، قَال: "لَا، هَلْ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "اذْهَبْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح 9/ 188]. (كنا عند النبي) إلى آخره مرَّ مرارًا (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (4574) كتاب: التفسير، باب: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}. (¬2) برقم (5126) كتاب: النكاح، باب: النظر إلى المرأة قبل التزويج.

38 - باب إنكاح الرجل ولده الصغار

38 - بَابُ إِنْكَاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصِّغَارَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] "فَجَعَلَ عِدَّتَهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ قَبْلَ البُلُوغِ". (باب: إنكاح الرجل ولده الصغار) بضم الواو وسكون اللام، وبفتحهما. {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} أي: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ}. (فجعل عدتها ثلاثة أشهر) فدل على أن نكاحها قبل البلوغ، جائز. 5133 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا". [انظر: 3894 - مسلم: 1422 - فتح 9/ 190]. (سفيان) أي: ابن عيينة. 39 - بَابُ تَزْويجِ الأَبِ ابْنَتَهُ مِنَ الإِمَامِ وَقَال عُمَرُ: "خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ حَفْصَةَ فَأَنْكَحْتُهُ" [انظر: 4005]. (باب: تزويج الأب ابنته من الإمام) أي: الأعظم. 5134 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ" قَال هِشَامٌ: وَأُنْبِئْتُ "أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِينَ". [انظر: 3894 - مسلم: 1422 - فتح 9/ 190]. (وهيب) أي: ابن خالد. 40 - باب السُّلْطَانُ وَلِيٌّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "زَوَّجْنَاكهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". (باب: السلطان ولي) أي: لمن لا ولي لها.

41 - باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها

5135 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: إِنِّي وَهَبْتُ مِنْ نَفْسِي، فَقَامَتْ طَويلًا، فَقَال رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، قَال: "هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا؟ " قَال: مَا عِنْدِي إلا إِزَارِي، فَقَال: "إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا" فَقَال: مَا أَجِدُ شَيْئًا، فَقَال: "التَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ" فَلَمْ يَجِدْ، فَقَال: "أَمَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟ " قَال: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَال: "قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح 9/ 190]. (وهبت من نفسي) (من) زائدة مع أنها ساقطة من نسخة، ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 41 - بَابُ لَا يُنْكِحُ الأَبُ وَغَيْرُهُ البِكْرَ وَالثَّيِّبَ إلا بِرِضَاهَا (باب: لا ينكح الأب، وغيره البكر والثيب إلا برضاها) الأولى برضاهما، وهذا جري على الغالب، وإلا فله أن ينكحهما بغير رضاهما، إذا لم يتأت الرضا كان تكون غير مميزة، (وينكح) بضم التحتية. 5136 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدَّثَهُمْ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَال: "أَنْ تَسْكُتَ". [6968، 6970 - مسلم: 1419 - فتح 9/ 191]. (هشام) أي: الدستوائي (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (قال: أن تسكت) أي: لأنها تستحي أن تفصح. ¬

_ (¬1) انظر: التخريج السالف.

42 - باب إذا زوج ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود

5137 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، قَال: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ البِكْرَ تَسْتَحِي؟ قَال: "رِضَاهَا صَمْتُهَا". [انظر: 6946، 6971 - مسلم: 1420 - فتح 9/ 191]. (عن أبي عمرو) هو ذكوان. 42 - بَابُ إِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ كَارِهَةٌ فَنِكَاحُهُ مَرْدُودٌ (باب: إذا زوج) الرجل (ابنته، وهي كارهة فنكاحه مردود)؛ لعدم الرضا حيث اعتبر. 5138 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ، ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ، أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهْيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَرَدَّ نِكَاحَهُ". [انظر: 5139. 6945، 6169 - فتح 9/ 194]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عن خنساء) بالمد. (بنت خذام) بكسر الخاء وبالذال المعجمتين. 5139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، أَنَّ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، وَمُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ، حَدَّثَاهُ: أَنَّ رَجُلًا يُدْعَى خِذَامًا أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ، نَحْوَهُ. [انظر: 5138 - فتح 9/ 194]. (إسحاق) أي: ابن راهويه. (أخبرنا يزيد) أي: ابن هارون. (يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. 43 - بَابُ تَزْويجِ اليَتِيمَةِ لِقَوْلِهِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا} [النساء: 3] وَإِذَا قَال لِلْوَلِيِّ: زَوِّجْنِي فُلانَةَ، فَمَكُثَ سَاعَةً، أَوْ قَال: مَا مَعَكَ؟ فَقَال: مَعِي كَذَا وَكَذَا - أَوْ لَبِثَا - ثُمَّ قَال: زَوَّجْتُكَهَا، فَهُوَ جَائِزٌ " فِيهِ سَهْلٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2310].

(باب: تزويج اليتيمة) أي: بيان حكمه. 5140 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَال لَهَا: يَا أُمَّتَاهْ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} [النساء: 3]- إِلَى قَوْلِهِ - {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] قَالتْ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذِهِ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ صَدَاقِهَا "فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إلا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ" قَالتْ عَائِشَةُ: "اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: 127]- إِلَى قَوْلِهِ - {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ: أَنَّ اليَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ وَجَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا وَالصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبًا عَنْهَا فِي قِلَّةِ المَالِ وَالجَمَالِ تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ " قَالتْ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إلا أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ. [انظر: 2494 - مسلم: 3018 - فتح 9/ 197]. (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (يا أمتاه) بزيادة التاء والألف والهاء، بدلًا عن ياء المتكلم. (يا ابن أختي، هذه اليتيمة) .. إلى آخره. فيه: دلالة على أن للولي غير الأب أن يزوج اليتيمة بكرًا كانت أو ثيبًا، وهو معارض بأخبار منها خبر الترمذي: "لا تنكحوا اليتامى حتى تستأمرونهن" (¬1)، وهو مذهب الشافعي. ومرَّ الحديث في سورة النساء (¬2). ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (1109) كتاب: النكاح، باب: ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن. وقال الألباني في: "صحيح الترمذي": حسن صحيح. (¬2) سلف برقم (4573) كتاب: التفسير، باب: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}.

44 - باب إذا قال الخاطب للولي: زوجني فلانة، فقال: قد زوجتك بكذا وكذا جاز النكاح، وإن لم يقل للزوج: أرضيت أو قبلت

44 - بَابُ إِذَا قَال الخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: زَوِّجْنِي فُلانَةَ، فَقَال: قَدْ زَوَّجْتُكَ بِكَذَا وَكَذَا جَازَ النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلزَّوْجِ: أَرَضِيتَ أَوْ قَبِلْتَ (باب: إذا قال الخاطب للولي زوجني، فقال: قد زوجتك بكذا، وكذا جاز النكاح، وإن لم يقل للزوج: رضيت أو قبلت) اكتفاء بقوله: (زوجني) ولفظ: اللولي) ساقط من نسخة. 5141 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، فَقَال: "مَا لِي اليَوْمَ فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ" فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا، قَال: "مَا عِنْدَكَ؟ " قَال: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَال: "أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ" قَال: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَال: "فَمَا عِنْدَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ " قَال: كَذَا وَكَذَا، قَال: "فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [انظر: 2319 - مسلم: 1425 - فتح 9/ 198]. (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (فقال: ما لي اليوم في النساء من حاجة) زائد على ما مرَّ من قوله: فنظر إليها فصعد النظر إليها وصوبه، واستشكل بأن نظره إليها يقتضي أنه كانت له حاجة، وأجيب: باحتمال أن جواز النظر من خصائصه، وإن لم يرد التزوج، ويجاب بمنع أن الإنسان لا يتزوج إلا لحاجة له، وبأنها ما أعجبته، فقال ذلك تطييبًا لخاطرها، ويحمل قوله: في النساء على المماثلة لها. 45 - بَابُ لاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَدَعَ (باب: لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع) أي: يترك، ومفهوم الغاية به معمول به دون مفهومها بالنكاح.

46 - باب تفسير ترك الخطبة

5142 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: سَمِعْتُ نَافِعًا، يُحَدِّثُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَقُولُ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَتْرُكَ الخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الخَاطِبُ". [انظر: 2139 - مسلم: 1412 - فتح 9/ 198]. (سمعت نافعًا ..) إلى آخره مرَّ في باب: البيع (¬1). 5143 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: يَأْثُرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا. [6064، 6066، 6724 - مسلم: 2563 - فتح: 9/ 198]. 5144 - وَلَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ". [انظر: 2140 - مسلم: 1413، 1515، 1520 - فتح 9/ 199]. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (إياكم والظن) أي: السوء. (ولا تجسسوا) بالجيم أي: لا تبحثوا عن العورات. (ولا تحسسوا) بالحاء المهملة أي: لا تستمعوا لحديث القوم، فهو أعم من الأول، وقيل: بالجيم أن تطلبه لغيرك، وبالحاء أن تطلبه لنفسك، وقيل: هما بمعنى وهو: طلب الإخبار، والأحوال الغائبتين. 46 - باب تَفْسِيرِ تَرْكِ الخِطْبَةِ (باب: تفسير ترك الخطبة) قال ابن بطال أي: تفسير تركها صريحًا، وهو ما قدمه من قوله: حتى ينكح أو يترك (¬2)، وقال الكرماني: الاعتذار عن تركها ثم قال: قال شارح التراجم: مراد البخاري: الاعتذار عن ترك إجابة الولي؛ إذا خطب (¬3) رجلًا على وليته لما في ذلك من ألم عار ¬

_ (¬1) سلف برقم (2139) كتاب: البيوع، باب: لا يبيع على بيع أخيه. (¬2) "شرح ابن بطال" 7/ 261. (¬3) أي الولي.

47 - باب الخطبة

الرد على الولي، وانكسار القلب، وقلة الحرمة (¬1). 5145 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ، قَال عُمَرُ: لَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ "خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَال: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ، إلا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا تَابَعَهُ يُونُسُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 4005 - فتح 9/ 201]. (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيبًا) أي: ابن أبي حمزة. (تابعه) أي: شعيبًا. (يونس) أي: ابن يزيد. 47 - بَابُ الخُطْبَةِ (باب: الخطبة) بضم الخاء أي: استحبابها. 5146 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلانِ مِنَ المَشْرِقِ فَخَطَبَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا". [5767 - فتح: 9/ 201]. (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (جاء رجلان) هما الزبرقان بن بدر التميمي، وعمرو بن الأهتم. (فخطبا) أي: خطبتين بليغتين يأتيان في الطب (¬2). (إن من البيان سحرا) في نسخة: "لسحرا" بزيادة لام للتأكيد (¬3)، و (من) تبعيضية؛ لأن البيان ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 19/ 107 - 108، و"مناسبات تراجم البخاري" ص 98. (¬2) سيأتي برقم (5767) كتاب: الطب، باب: إن من البيان سحرًا. (¬3) وهي التي تسمى اللام المزحلقة.

48 - باب ضرب الدف في النكاح والوليمة

نوعان: بيان تحصل به الإبانة عن المراد بأي وجه كان، وبيان بلاغة وحذف وهو ما دخلته الصنعة بحيث يروق للسامعين، وهو الذي يشبه بالسحر إذا جلب القلوب، وغلب على النفوس حتى ربما حول الشيء عن ظاهر صورته وصرفه عن جهة قصده فأبرزه للناظر في معرض غيره، وهذا يُمدحُ إذا صرف للحق ويذم إذا قصد به الباطل. 48 - باب ضَرْبِ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ وَالوَلِيمَةِ (باب: ضرب الدف في النكاح والوليمة) أَي: جوازه. 5147 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، قَال: قَالتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا، يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ قَالتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، فَقَال: "دَعِي هَذِهِ، وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ". [انظر: 4001 - فتح 9/ 202]. (حين بني عليّ) بالبناء للمفعول أي: حين دخل عليَّ زوجي. (فجلس على فراشي كمجلسك مني) قيل: كيف جاز له ذلك مع أنها أجنبية؟ وأجيب: بأنه جلس من وراء حجاب أو كان قبل نزول آية الحجاب مع أن ذلك المجلس لا خلوة فيه. (وقولي بالذي كنت تقولين) أي: من المدح والثناء المتعلقين بالمغازي والشجاعة ونحوهما. ومرَّ الحديث في غزوة بدر (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (4001) كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا.

49 - باب قول الله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} [النساء: 4]

49 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] وَكَثْرَةِ المَهْرِ، وَأَدْنَى مَا يَجُوزُ مِنَ الصَّدَاقِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236] وَقَال سَهْلٌ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ". [انظر: 2310] (باب: قول الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}). أي: عطية. (وكثرة المهر) بالجر عطف على (قول الله) وكذا قوله: (وأدنى ما يجوز من الصداق) وما بعده. (ولو خاتمًا من حديد) دال كالحديث بعده على أدنى الصداق، والآية الأولى من الآثنين قبله دالة على أكثره، والضابط: أن كل ما جاز أن يكون ثمنًا جاز أن يكون صداقًا. 5148 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ، فَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَاشَةَ العُرْسِ، فَسَأَلَهُ، فَقَال: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ. [انظر: 2049 - مسلم: 1427 - فتح 9/ 204]. وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. (بشاشة العرس) أي: فرحته. 50 - بَابُ التَّزْويجِ عَلَى القُرْآنِ وَبِغَيْرِ صَدَاقٍ (باب: التزويج على القرآن وبغير صداق) أي: بغير ذكره. 5149 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، يَقُولُ: إِنِّي لَفِي القَوْمِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ قَامَتِ امْرَأَةٌ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ، فَلَمْ

51 - باب المهر بالعروض وخاتم من حديد

يُجِبْهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَامَتْ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ، فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَامَتِ الثَّالِثَةَ فَقَالتْ: إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْكِحْنِيهَا، قَال: "هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ " قَال: لَا، قَال: "اذْهَبْ فَاطْلُبْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ" فَذَهَبَ فَطَلَبَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَال: مَا وَجَدْتُ شَيْئًا وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَقَال: "هَلْ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟ " قَال: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، قَال: "اذْهَبْ فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح 9/ 205]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (فرأ) (¬1) بمهمزة بقلبها ألفًا. ومرَّ الحديث مرارًا بزيادة ونقص. 51 - بَابُ المَهْرِ بِالعُرُوضِ وَخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ (باب: المهر بالعروض) جمع عرض بفتح فسكون: وهو ما يقابل النقد. (وخاتم من حديد) من عطف الخاص على العام. 5150 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِرَجُلٍ: "تَزَوَّجْ وَلَوْ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ". [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح 9/ 216]. (يحيى) أي: ابن موسى. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. والحديث مرَّ مرارًا. 52 - بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ وَقَال عُمَرُ: "مَقَاطِعُ الحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ" وَقَال المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَنَ، قَال: "حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي". ¬

_ (¬1) للأكثر براء واحدة مفتوحة بعدها فاء التعقيب، وهي فعل أمر من الرأي، ولبعضهم بهمزة ساكنة بعد الراء وكلٌّ صواب، ووقع بإثبات الهمزة في حديث ابن مسعود أيضًا.

53 - باب الشروط التي لا تحل في النكاح

5151 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنَ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ". [انظر: 2721 - مسلم: 1418 - فتح 9/ 217]. (باب: الشروط في النكاح) أي: بيانها (مقاطع الحقوق عند الشروط) أي: عند وجودها. ومرَّ التعليق والحديث في كتاب: الشروط (¬1). 53 - بَابُ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَحِلُّ فِي النِّكَاحِ وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: "لَا تَشْتَرِطِ المَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا". (باب: الشروط التي لا تحل في النكاح) أي: بيانها. 5152 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ زَكَرِيَّاءَ هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلاقَ أُخْتِهَا، لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا". [انظر: 2140 - مسلم: 1413، 1515، 1520 - فتح 9/ 219]. (لتستفرغ صحفتها) أي: تجعلها فارغة؛ لتفوز بحظها من النفقة والمعروف والمعاشرة. (ما قدر لها) أي: في الأزل. والحديث محمول على التغليظ، عليها أن لا تسأل طلاق أختها. 54 - بَابُ الصُّفْرَةِ لِلْمُتَزَوِّجِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2048] (باب: الصفرة للمتزوج) أي: بيان جوازها له بأن يتخلق بشيء من الزعفران أو نحوه. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2721) كتاب: الشروط، باب: الشروط في المهر عند عقدة النكاح.

55 - باب

5153 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، قَال: "كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا؟ " قَال: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [انظر: 2049 - مسلم: 1427 - فتح 9/ 221]. (كم سقت؟) أي: كم أعطيت. (أولم ولو بشاة) الأمر فيه للندب كسائر الأطعمة. ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 55 - باب. (باب: بلا ترجمة). 5154 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "أَوْلَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ فَأَوْسَعَ المُسْلِمِينَ خَيْرًا، فَخَرَجَ كَمَا يَصْنَعُ إِذَا تَزَوَّجَ، فَأَتَى حُجَرَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ يَدْعُو وَيَدْعُونَ لَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَرَأَى رَجُلَيْنِ فَرَجَعَ" لَا أَدْرِي: آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ بِخُرُوجِهِمَا. [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 9/ 221]. (فخرج كما يصنع إذا تزوج) أي: بجديدة. (يدعو) أي: لهن. (ويدعون) أي: "له" كما في نسخة. (ثم انصرف) أي: عنهن. (فرأى رجلين) أي: من الذين حضروا الوليمة تأخرا في البيت يتحدثان وذلك قبل نزول الحجاب، ولما رجع - صلى الله عليه وسلم - من بيوتهن إلى بيت الجديدة رآهما في البيت فرجع. فقال أنس: لما رأيا النبي - صلى الله عليه وسلم - وثبا مسرعين. (لا أدري أخبرته أو أخبر بخروجهما) فرجع حتى دخل البيت وأرخى الستر بيني وبينه، فنزلت آية الحجاب. ومرَّ الحديث في سورة الأحزاب (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (5148) كتاب: النكاح، باب: قول الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}. (¬2) سلف برقم (4791) كتاب: التفسير، باب: قوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}.

56 - باب: كيف يدعى للمتزوج

56 - بَابٌ: كَيْفَ يُدْعَى لِلْمُتَزَوِّجِ 5155 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، قَال: "مَا هَذَا؟ " قَال: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَال: "بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [انظر: 2049 - مسلم: 1427 - فتح 9/ 221]. (باب: كيف يدعى للمتزوج) أي: بيان كيفية الدعاء له بأن يقول: (بارك الله لك)، أو بارك الله لكل منكما في صاحبه. ومرَّ حديث الباب في سورة الأحزاب أيضًا. 57 - بَابُ الدُّعَاءِ لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي يَهْدِينَ العَرُوسَ وَلِلْعَرُوسِ (باب: الدعاء للنساء) في نسخة: "للنسوة" (اللاتي يهدين العروس وللعروس) بضم (يهدين) وفتحها. 5156 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَتْنِي أُمِّي فَأَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي البَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ. [انظر: 3894 - مسلم: 1422 - فتح 9/ 222]. (وعلى خير طائر) أي: حظ ونصيب. ومطابقة الحديث للترجمة: في قولهن على الخير والبركة؛ فإنه يتناسل لهن وللعروس. 58 - بَابُ مَنْ أَحَبَّ البِنَاءَ قَبْلَ الغَزْوِ (باب: من أحب البناء) أي: الدخول على الزوجة. (قبل الغزو) أي: ليكون فكره مجتمعًا. 5157 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ،

59 - باب من بنى بامرأة، وهي بنت تسع سنين

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَال لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، وَلَمْ يَبْنِ بِهَا". [انظر: 3124 - مسلم: 1747 - فتح 9/ 223]. (عن معمر) أي: ابن راشد. (غزا نبي) هو يوشع، أو داود عليهما السلام، ومرَّ الحديث في الخمس (¬1). 59 - بَابُ مَنْ بَنَى بِامْرَأَةٍ، وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ (باب: من بنى بامرأة وهي بنت تسع سنين) أي: بيان ذلك. 5158 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا". [انظر: 3894 - مسلم: 1422 - فتح 9/ 224] (سفيان) أي: الثوري. ومرَّ حديث الباب في باب: نكاح الرجل ولده الصغير (¬2). 60 - باب البنَاءِ فِي السَّفَرِ. 5159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالمَدِينَةِ ثَلاثًا، يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ، أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَأُلْقِيَ فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالسَّمْنِ، فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ" فَقَال المُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ "فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ¬

_ (¬1) سلف برقم (3124) كتاب: فرض الخمس، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أحلت لكم الغنائم". (¬2) سلف برقم (5133) كتاب: النكاح، باب: إنكاح الرجل ولده الصغار.

61 - باب البناء بالنهار بغير مركب ولا نيران

النَّاسِ. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 9/ 224]. (باب: البناء في السفر) في نسخة: "باب: بناء العروس في السفر". ومرَّ حديث الباب في غزوة خيبر (¬1). 61 - بَابُ البِنَاءِ بِالنَّهَارِ بِغَيْرِ مَرْكَبٍ وَلَا نِيرَانٍ (باب: البناء بالنهار بغير مركب ولا نيران) توقد كالشموع ونحوها بين يدي العروس. 5160 - حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَتْنِي أُمِّي فَأَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَلَمْ يَرُعْنِي إلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى". [انظر: 3894 - مسلم: 1422 - فتح 9/ 224]. (فلم يرعني) أي: لم يفجأني ولم يخوفني. (ضحى) أي: وقت الضحى. 62 - بَابُ الأَنْمَاطِ وَنَحْوهَا لِلنِّسَاءِ (باب: الأنماط ونحوها للنساء) الأنماط بفتح الهمزة جمع نمط بفتحتين: ضرب من البسط له خمل رقيق يستر به المخدع ونحوه. 5161 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلِ اتَّخَذْتُمْ أَنْمَاطًا؟ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَّى لَنَا أَنْمَاطٌ؟ قَال: "إِنَّهَا سَتَكُونُ". [انظر: 3631 - مسلم: 2083 - فتح 9/ 225]. (سفيان) أي: الثوري. ومرَّ حديث الباب في علامات النبوة (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (4211) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر. (¬2) سلف برقم (3631) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

63 - باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها

63 - بَابُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي يَهْدِينَ المَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا (باب: النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها) أي: بيانهن. 5162 - حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ، مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ؟ فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ". [فتح 9/ 225]. (إسرائيل) أي: ابن يونس. (إلى رجل) اسمه نبيط بن جابر. (ما كان معكم لهو) ما استفهامية بدليل قوله في رواية: "فهل بعثتم جارية تضرب بالدف وتغني" (¬1). 64 - باب الهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ. (باب: الهدية للعروس) أي: صبيحة البناء. 5163 - وَقَال إِبْرَاهِيمُ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ واسْمُهُ الجَعْدُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: مَرَّ بِنَا فِي مَسْجِدِ بَنِي رِفَاعَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُلَيْمٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرُوسًا بِزَيْنَبَ، فَقَالتْ لِي أُمُّ سُلَيْمٍ: لَوْ أَهْدَيْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً، فَقُلْتُ لَهَا: افْعَلِي، فَعَمَدَتِ إلى تَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً فِي بُرْمَةٍ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا مَعِي إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَال لِي: "ضَعْهَا" ثُمَّ أَمَرَنِي فَقَال: "ادْعُ لِي رِجَالًا - سَمَّاهُمْ - وَادْعُ لِي مَنْ لَقِيتَ" قَال: فَفَعَلْتُ الَّذِي أَمَرَنِي، فَرَجَعْتُ فَإِذَا البَيْتُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى تِلْكَ الحَيْسَةِ وَتَكَلَّمَ بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَعَلَ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً يَأْكُلُونَ مِنْهُ، وَيَقُولُ لَهُمْ: "اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ" قَال: حَتَّى ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في: "الأوسط" 3/ 315 (3265) بهذا اللفظ وقال الهيثمي في: "مجمع الزوائد" 4/ 289: رواه الطبراني في: "الأوسط" وفيه: رواد بن الجراح، وثقه أحمد وابن معين وابن حبان، وفيه ضعف. وحسنه الألباني في: "الإرواء" (1995).

65 - باب استعارة الثياب للعروس وغيرها

تَصَدَّعُوا كُلُّهُمْ عَنْهَا، فَخَرَجَ مِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ، وَبَقِيَ نَفَرٌ يَتَحَدَّثُونَ، قَال: وَجَعَلْتُ أَغْتَمُّ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ الحُجُرَاتِ وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ قَدْ ذَهَبُوا، فَرَجَعَ فَدَخَلَ البَيْتَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ وَإِنِّي لَفِي الحُجْرَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ، إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ، وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا، فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ، إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ، وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ} [الأحزاب: 53] قَال أَبُو عُثْمَانَ: قَال أَنَسٌ: "إِنَّهُ خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ". [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 9/ 226]. (وقال إبراهيم) أي: ابن طهمان. (قال) أي: أبو عثمان. (مرَّ بنا) أي: أنس (بجنبات أم سليم) بفتح الجيم والنون والباء أي: نواحيها. (فعمدت) بفتح الميم (إلى تمر وسمن وأقط فاتخذت منها حيسة) بفتح الحاء مفرد الحيس: وهو طعام يتخذ من الثلاثة، وقد يعوض عن الأقط الدقيق، أو الفتيت. (غاص) بتشديد الصاد أي: ممتلئ. (حتى تصدعوا) أي: تفرقوا. (أغتم) بتشديد الميم، أي: أحزن من عدم خروج النفر. ({غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ}) أي: إدراكه ونضجه. (إنه) أي: أنسًا. (خدم) في ذلك التفات. 65 - بَابُ اسْتِعَارَةِ الثِّيَابِ لِلْعَرُوسِ وَغَيْرِهَا (باب: استعارة الثياب للعروس وغيرها) أي: وغير الثياب مما يتجمل به العروس من الحلي. 5164 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلادَةً فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ" فَقَال أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا،

66 - باب ما يقول الرجل إذا أتى أهله

فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إلا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجُعِلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةٌ. [انظر: 334 - مسلم: 376 - فتح 9/ 228]. (فهلكت) أي: ضاعت. ومرَّ الحديث في باب: التيمم وغيره (¬1). 66 - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ (باب: ما يقول الرجل إذا أتى أهله) أي: أراد جماع أهله. بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ. [انظر: 141 - مسلم: 1434 - فتح 9/ 28]. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (لم يضره) بفتح الراء وضمها، وكل مولود وإن كان يمسه الشيطان، إلا مريم وابنها، ولا بد له من وسوسته (¬2)، فالمراد هنا: لم يسلط عليه بحيث لا يكون له عمل صالح، وقيل: لا يصرعه شيطان، وقيل: لا يطعن فيه عند ولادته. ومرَّ الحديث في أول الوضوء (¬3). 67 - باب الوَلِيمَةُ حَقٌّ. وَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [2048] (باب: الوليمة حق) أي: ثابت في الشرع. ¬

_ (¬1) سلف برقم (334) كتاب: التيمم. (¬2) سلف برقم (3286) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده. (¬3) سلف برقم (141) كتاب: الوضوء، باب: التسمية على كل حال، وعند الوقاع.

68 - باب الوليمة ولو بشاة

5166 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ، مَقْدَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، فَكَانَ أُمَّهَاتِي يُوَاظِبْنَنِي عَلَى خِدْمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: "أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَرُوسًا، فَدَعَا القَوْمَ فَأَصَابُوا مِنَ الطَّعَامِ، ثُمَّ خَرَجُوا وَبَقِيَ رَهْطٌ مِنْهُمْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَطَالُوا المُكْثَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ لِكَيْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَشَيْتُ، حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ لَمْ يَقُومُوا، فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ وَظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا، فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ بِالسِّتْرِ، وَأُنْزِلَ الحِجَابُ". [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 9/ 230]. (مقدم رسول الله) أي: زمن قدومه. (يواظبني) في نسخة: "يواظبنني" أي: يحرصن. ومرَّ الحديث في باب: الهدية للعروس (¬1). 68 - بَابُ الوَلِيمَةِ وَلَوْ بِشَاةٍ (باب: الوليمة ولو بشاة) أي: بيان فعلها، ولو بشاة. 5167 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ: "كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟ " قَال: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَنْ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسًا، قَال: لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ، نَزَلَ المُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ، فَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَال: أُقَاسِمُكَ مَالِي، وَأَنْزِلُ لَكَ عَنْ إِحْدَى امْرَأَتَيَّ، قَال: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، فَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (5163) كتاب: النكاح، باب: الهدية للعروس.

69 - باب من أولم على بعض نسائه أكثر من بعض

فَبَاعَ وَاشْتَرَى، فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَتَزَوَّجَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [انظر: 2049 - مسلم: 1365 - فتح 9/ 232]. (عليّ) أي: ابن عبد الله المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. 5168 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "مَا أَوْلَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ، أَوْلَمَ بِشَاةٍ". [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 9/ 232]. 5169 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَتَزَوَّجَهَا، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 9/ 232]. 5170 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ بَيَانٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: "بَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ، فَأَرْسَلَنِي فَدَعَوْتُ رِجَالًا إِلَى الطَّعَامِ". [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 9/ 232]. (بامرأة) هي زينب بنت جحش. وأحاديث الباب ظاهرة. 69 - بَابُ مَنْ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ 5171 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، قَال: ذُكِرَ تَزْويجُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ عِنْدَ أَنَسٍ، فَقَال: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَيْهَا، أَوْلَمَ بِشَاةٍ". [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 9/ 237]. (باب: من أولم على بعض نسائه أكثر من بعض) أي: بيان ذلك، وحديث الباب ظاهر. 70 - بَابُ مَنْ أَوْلَمَ بِأَقَلَّ مِنْ شَاةٍ (باب: من أولم بأقل من شاة) أي: بيان ذلك. 5172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالتْ: "أَوْلَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ". [فتح 9/ 238].

71 - باب حق إجابة الوليمة والدعوة

(سفيان) أي: الثوري. (صفية بنت شيبة) اختلف في صحبتها، قال شيخنا: والحديث مرسل؛ لأن صفية ليست بصحابية، أو صحابية لكنها لم تحضر القصة؛ لأنها كانت بمكة طفلة، أولم تولد، وتزويج المرأة كان بالمدينة (¬1). 71 - بَابُ حَقِّ إِجَابَةِ الوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ وَمَنْ أَوْلَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ. وَلَمْ يُوَقِّتِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ. (باب: إجابة) في نسخة: "باب حق إجابة". (الوليمة) أي: إجابة الدعوة إليها: وهي الطعام المتخذ؛ لسرور حادث من عرس وإملاك وغيرهما، لكن استعمالها مطلقة في العرس أشهر، وفي غيره بقيد فيقال: وليمة ختان، أو غيره. (والدعوة) عطف على (حق)، أو على إجابة، وهي بفتح الدال أشهر من ضمها طلب الناس إلى الوليمة. (ومن أولم سبعة أيام) عطف على (حق). (ونحوه) الأَوْلى ونحوها أي: نحو الـ (سبعة) (ولم يوقت النبي) أي: للوليمة والدعوة. (يومًا ولا يومين) غير أنه أولم قبل الدخول. 5173 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا". [انظر: 5179 - مسلم: 1429 - فتح 9/ 240]. (فليأتها) أي: الوليمة. 5174 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "فُكُّوا العَانِيَ، وَأَجِيبُوا الدَّاعِيَ، وَعُودُوا المَرِيضَ". [مسلم: 3046 - فتح 9/ 240]. ¬

_ (¬1) "الفتح" 9/ 239.

(عن سفيان) أي: الثوري. (فكوا العاني) أي: الأسير. (وأجيبوا الداعي) أي: لوليمة العرس وجوبًا، ولغيرها ندبًا، فالأمر فيه مستعمل في حقيقته ومجازه. (وعودوا المريض) في نسخة: "وعودوا المرض" أي: ندبًا. ومرَّ الحديث في باب: فكاك الأسير (¬1). 5175 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَشْعَثِ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ سُوَيْدٍ، قَال البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَإِبْرَارِ القَسَمِ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلامِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ آنِيَةِ الفِضَّةِ، وَعَنِ المَيَاثِرِ، وَالقَسِّيَّةِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَالدِّيبَاجِ " تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَالشَّيْبَانِيُّ، عَنْ أَشْعَثَ: "فِي إِفْشَاءِ السَّلامِ". [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 9/ 240]. (عن الأشعث) أي: ابن أبي الشعثاء. (وإبرار القسم) في نسخة: "وإبرار المقسم". (وعن المياثر) جمع ميثرة: وهي فراش من حرير محشو بالقطن يجلعها الراكب تحته على الرحل، والسرج. (والقسية) بتشديد السين. والياء: ضرب من ثياب كتان مخلوط بحرير يؤتى به من مصر، نسب إلى قس: قرية على ساحل البحر بالقرب من دمياط درسها البحر (¬2) (وعن الإستبرق) هو غليظ الحرير. (والديباج) بكسر الدال وقد تفتح الإبربسم، وترك من المنهيات السابع، وهو الحرير كما سيأتي في كتاب: اللباس (¬3). (تابعه) أي: أبا الأحوص. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. ¬

_ (¬1) سلف برقم (3046) كتاب: الجهاد والسير، باب: فكاك الأسير. (¬2) انظر: "معجم ما استعجم" 3/ 1074، و"معجم البلدان" 4/ 346. (¬3) سيأتي برقم (5849) كتاب: اللباس، باب: الميثرة الحمراء.

72 - باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله

5176 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُرْسِهِ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ، وَهِيَ العَرُوسُ، قَال سَهْلٌ: "تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَكَلَ، سَقَتْهُ إِيَّاهُ". [انظر: 5182، 5183، 5519، 5597، 6685 - مسلم: 2006 - فتح 9/ 240]. 72 - بَابُ مَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ 5177 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [مسلم: 1432 - فتح 9/ 244]. (باب: من ترك الدعوة) أي: إجابتها. (فقد عصى الله ورسوله) محمول على ترك الإجابة؛ لدعوى وليمة العرس. 73 - بَابُ مَنْ أَجَابَ إِلَى كُرَاعٍ (باب: من أجاب إلى كراع) في نسخة: "بَاب من دعي إلى كراع". 5178 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ". [انظر: - مسلم: - فتح 9/ 245]. (عبدان) لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة. (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون المروزي. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (إلى كراع) بضم الكاف: مستدق الساق من الرجل، وهو في

74 - باب إجابة الداعي في العرس وغيرها

الأصل لراعي الغنم وهو موضع على مراحل من جهة مكة (¬1). (ذراع) بكسر المعجمة هو في يد الغنم، وهو أفضل من الكراع في الرجل ومرَّ حديث الباب في كتاب: الهبة (¬2). 74 - باب إِجَابَةِ الدَّاعِي فِي العُرْسِ وَغَيرِهَا. (باب: إجابة الداعي) أي: طلبها (في العرس وغيره) أي: من بقية الولائم، وفي نسخة: "وغيرها" باعتبار تقدير مضاف إلي العرس أي: في وليمة العرس وغيرها. 5179 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَال: قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا" قَال: "وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي العُرْسِ وَغَيْرِ العُرْسِ وَهُوَ صَائِمٌ". [انظر: 5173 - مسلم: 1429 - فتح 9/ 246]. (وهو صائم) حال من المجيب أي: ليجب كل منكم الدعوة، وإن كان صائمًا. وفيه: أن الصوم ليس بعذر في الإجابة، وفائدة حضور الصائم أن ¬

_ (¬1) كراع: بضم أوله، وبالعين المهملة في آخره: منزل من منازل بني عبس قال زهير بن جذيمة يرثي ابنه شأسًا: طال ليلي ببطن ذات كراع ... إذ نعى فارس الجرادة ناع وهو موضع بناحية بين مكة والمدينة، وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال، وهذا الكراع جبل أسود في طرف الحرة يمتد إليه، ومنها أيضًا، كراع ربه: وهي ديار جذام. انظر: "معجم ما استعجم" 4/ 1122، و"معجم البلدان" 4/ 442. (¬2) سلف برقم (2568) كتاب: الهبة، باب: القليل من الهبة.

75 - باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس

صاحب الوليمة قد يريد التبرك به والتجمل، والانتفاع بدعائه أو بإشارته، أو الصيانه عمَّا لا يصان في غيبتة ثم إن كان صومه واجبًا لزمه البقاء عليه، أو نفلًا فإن شق على الداعي صومه، فالفطر أفضل، وإلا فالصوم. 75 - بَابُ ذَهَابِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِلَى العُرْسِ (باب: ذهاب النساء والصبيان إلى العرس) أي: إلى وليمته. 5180 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَبْصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءً وَصِبْيَانًا مُقْبِلِينَ مِنْ عُرْسٍ، فَقَامَ مُمْتَنًّا، فَقَال: "اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ". [انظر: 3785 - مسلم: 5208 - فتح 9/ 248]. (فقام ممتنًا) بميم مضمومة فميم ساكنة، فمثناة مفتوحة فنون مشددة، من المنة بالضم: وهي القوة، أي: قام إليهم مسرعًا مشتدًا في ذلك فرحًا بهم، أو من المنة بالكسر: وهي الامتنان والإكرام؛ لأنَّ من قام إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأكرمه بذلك فقد امتن عليه بشيء لا أعظم منه، وفي نسخة: بكسر المثناة وتخفيف النون أي: طويلًا أو منتصبًا. 76 - بَابُ هَلْ يَرْجِعُ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا فِي الدَّعْوَةِ؟ وَرَأَى أَبُو مَسْعُودٍ، صُورَةً فِي البَيْتِ فَرَجَعَ وَدَعَا ابْنُ عُمَرَ أَبَا أَيُّوبَ، فَرَأَى فِي البَيْتِ سِتْرًا عَلَى الجِدَارِ، فَقَال ابْنُ عُمَرَ: غَلَبَنَا عَلَيْهِ النِّسَاءُ، فَقَال: "مَنْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْهِ فَلَمْ أَكُنْ أَخْشَى عَلَيْكَ، وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُ لَكُمْ طَعَامًا، فَرَجَعَ". (باب: هل يرجع إذا رأى منكرًا في الدعوة) أي: في مجلسها، وجواب الاستفهام محذوف، أي: نعم.

77 - باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس

(فرأى في البيت سترًا على الجدار) فأنكر على ابن عمر. (فقال ابن عمر: غلبنا) بفتحات. (عليه) أي: على وضع الستر على الجدار. (النساء). (فقال) أي: أبو أيوب لابن عمر. (من كنت أخشى عليه) أي: إن كنت أخشى على أحد يعمل في بيته مثل هذا المنكر، فلم أكن أخشى عليك ذلك. 5181 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاويرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟ " قَالتْ: فَقُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ" وَقَال: "إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ المَلائِكَةُ". [انظر: 2105 - مسلم: 2107 - فتح 9/ 249]. (اشترت نمرقة) بضم النون، أي: وسادة صغيرة. (لا تدخله الملائكة) أي: غير الحفظة، إذ هم لا يفارقون المكلف. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (قام على الباب فلم يدخل)، ومحل رجوع المدعو؛ إذا لم يزل ذلك المنكر؛ لأجله وإلا وجبت إجابته للدعوة وإزالة المنكر. 77 - بَابُ قِيَامِ المَرْأَةِ عَلَى الرِّجَالِ فِي العُرْسِ وَخِدْمَتِهِمْ بِالنَّفْسِ (باب: قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس) أي: بنفسها. 5182 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَال: لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، فَمَا صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَلَا قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ إلا امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ، بَلَّتْ تَمَرَاتٍ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ مِنَ اللَّيْلِ

78 - باب النقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس

"فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّعَامِ أَمَاثَتْهُ لَهُ فَسَقَتْهُ، تُتْحِفُهُ بِذَلِكَ". [انظر: 5176 - مسلم: 2006 - فتح 9/ 251]. (أبو غسان) هو محمد بن مطرف. (أبو حازم) هو سلمان الأشجعي. (في تور) بفتح الفوقية أي: قدح. 78 - بَابُ النَّقِيعِ وَالشَّرَابِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ فِي العُرْسِ (باب: النقيع والشراب الذَي لا يسكر في العرس) أي: بيان جوازه. 5183 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَال: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ: أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَهِيَ العَرُوسُ فَقَالتْ، أَوْ قَال: "أَتَدْرُونَ مَا أَنْقَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِي تَوْرٍ". [انظر: 5176 - مسلم: 2006 - فتح 9/ 251]. (فقالت) أي: العروس. (أو قال) أي: سهل، وهو شك من الراوي ولفظ: (أو قال) ساقط من نسخة فلا شك. (أنقعت له تمرات) أي: في ماء، وأنقعت في الموضعين بسكون التاء على لفظ الماضي، وبضمها على لفظ المضارع. 79 - بَابُ المُدَارَاةِ مَعَ النِّسَاءِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا المَرْأَةُ كَالضِّلَعِ". (باب: المداراة مع النساء وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما المرأة كالضلع) بكسر المعجمة وفتح اللام أفصح من سكونها. 5184 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "المَرْأَةُ كَالضِّلَعِ، إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنِ

80 - باب الوصاة بالنساء

اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ". [انظر: 3331 - مسلم: 1468 - فتح 9/ 252]. (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (وفيها عوج) بكسر العين أكسر من فتحها، وبفتح الواو، وقيل: بفتح العين فيما كان منتصبًا كالحائط والعود، وبكسرها ما كان غير منتصب كبساط أو دين يقال في دينه: عوج. وقال تعالى: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا}. [طه: 107] وقيل: بالفتح في كل مرئي، وبالكسر فيما ليس بمرئي كالرائي والكلام. 80 - باب الوَصَاةِ بِالنِّسَاءِ. (باب: الوصاة بالنساء) بفتح الواو وكسرها أي: الوصية بهن، وفي نسخة: "باب: الوصاية". 5185 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ". [6018، 6136، 6138، 6475، مسلم: 47 - فتح 9/ 252]. 5186 - وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا". [انظر: 3331 - مسلم: 1468 - فتح 9/ 253]. (حسين) أي: ابن علي. (عن زائدة) أي: ابن قدامة. (عن ميسرة) أي: ابن عمَّار الأشجعي. وفي الحديث وفي الذي قبله: الندب إلى مداراة النساء، وسياستهن والصبر على عوجهن. 5187 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كُنَّا نَتَّقِي الكَلامَ وَالانْبِسَاطَ إِلَى نِسَائِنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَيْبَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا شَيْءٌ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمْنَا وَانْبَسَطْنَا". [فتح 9/ 254].

81 - باب {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} [التحريم: 6]

(أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (نتقي) أي: نتجنب. ومرَّ الحديث في الجنائز. 81 - بَابُ {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] (باب: {قُوا} من الوقاية أي: احفظوا ({أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}) أي: بترك المعاصي. 5188 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَهِيَ مَسْئُولَةٌ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ". [انظر: 893 - مسلم: 1829 - فتح 9/ 254]. (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (أيوب) أي: السختياني. ومرَّ الحديث في كتاب: الصلاة، والاستقراض وغيرهما (¬1). 82 - بَابُ حُسْنِ المُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ (باب: حسن المعاشرة مع الأهل) أي: حسن المخالطة والصحبة لهن. 5189 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ¬

_ (¬1) سلف برقم (893) كتاب: الجمعة، باب: الجمعة في القرى والمدن، و (2409) كتاب: في الاستقراض، باب: العبد راع في مال سيده، ولا يعمل إلا بإذنه.

جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا، قَالتِ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ: لَا سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلَا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ، قَالتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ، قَالتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِيَ العَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ، قَالتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ، وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ، قَالتِ الخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ، قَالتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ التَفَّ، وَلَا يُولِجُ الكَفَّ لِيَعْلَمَ البَثَّ. قَالتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ - أَوْ عَيَايَاءُ - طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ، قَالتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي المَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، قَالتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ العِمَادِ، طَويلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النَّادِ، قَالتِ العَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ المَبَارِكِ، قَلِيلاتُ المَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ، أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ، قَالتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ، وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا، قَالتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وَقَال: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ، قَالتْ: فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ، قَالتْ عَائِشَةُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ".

قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَال سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ، "وَلَا تُعَشِّشُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَقَال بَعْضُهُمْ: فَأَتَقَمَّحُ بِالْمِيمِ وَهَذَا أَصَحُّ. [مسلم: 2448 - فتح 9/ 254]. (قالت) حديثها موقوف، إلا قوله - صلى الله عليه وسلم - لها: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع). (قالت الأولى) لم يعرف اسمها. (زوجي لحم جمل غث) برفع (غث) صفة للحم، وبالجر صفة لـ (جمل) أي: شديد الهزال. (على رأس جبل) زاد في رواية "وعر" (¬1) أي: كثير الضجر، شديد الغلظة يصعب الرقي إليه. (لا سهل) بالجر مع التنوين صفة لجبل، وبالفتح بلا تنوين على إعمال (لا) عمل إن، وحذف الخبر أي: لا سهل فيه، وبالرفع مع التنوين خبر مبتدإٍ محذوف. (ولا سمين) فيه ما مرَّ في لا سهل. (فينتقل) أي: لا ينقله واحدٌ لهزاله. (قالت الثانية) واسمها: عمرة بنت عمرو التميمي. (زوجي لا أبث) بضم الموحدة والمثلثة أي: لا أشيع (خبره) لطوله (إني أخاف أن لا أذره) أي: أن لا أتركه، والهاء للخبر أي: إنه لطوله وكثرته إن شرعت فيه لا أقدر على إتمامه، أو للزوج و (لا) زائدة أي: أخاف أن يطلقني. (فأذره) أي: فأتركه أي: أفارقه. (عجره وبجره) أي: عيوبه الظاهرة والباطنة. (قالت الثالثة) واسمها: حُيّا بضم المهملة وتشديد التحتية وبالقصر بنت كعب اليماني. (زوجي العشنق) بتشديد النون أي: الطويل المذموم السيء الخلق. (إن أنطق) أي: إن أذكر عيوبه، فيبلغه (أطلق) ¬

_ (¬1) رواه مسلم (2448) كتاب: فضائل الصحابة، باب: ذكر حديث أم زرعٍ.

بالبناء للمفعول. (وإن أسكت) أي: عنها (أعلق) أي: يتركني معلقة لا أيِّمًا فأتفرغ لغيره ولا ذات بعلٍ فانتفع به. (قالت الرابعة) واسمها: مهدد بنت أبي هرومة. (زوجي كليل تهامه) بكسر الفوقية، ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، وقيل: مكة (¬1)، تريد أنه ليس فيه أذى، بل راحة ولذاذة عيش (كليل تهامة) لذيذ معتدل. (لا حر) أي: مفرط. (ولا قر) بضم القاف وفتحها أي: برد، وأرادت بعدم الحر والبرد عدم الأذى. (ولا مخافة) أي: لا أخاف له غائلة لحسن أخلاقه. (ولا سآمة) أي: ملالة بصحبتي له. (قالت الخامسة) واسمها: كبشة. (إن زوجي إن دخل) أي: البيت. (فهد) بكسر الهاء، وصفته بالإغماض والإعراض عن معايب البيت التي تلزمها على إصلاحها، وشبهته بالفهد؛ لكثرة نومه تعني: إذا دخل في البيت يكون في الاستراحة معرضًا عما تلف من أمواله وما بقي منها. (وإن خرج أسد) بكسر السين أي: إذا صار بين الناس كان كالأسد أي: سهل مع الأحباب، صعب مع الأعداء. (ولا يسأل عما عهد) أي: عما رآه في البيت، وعرفه من مطعم ومشرب؛ لسخاوة نفسه وسعة قلبه. (قالت السادسة) واسمها: هند. (زوجي إن أكل لف) أي: أكثر من الطعام وخلط من صنوفه حتى لا يبقي معه شيئًا. (وإن شرب اشتف) بمعجمة أي: استوعب جميع ما في الإناء. (وإن اضطجع التف) أي: ¬

_ (¬1) تهامة: هي على ليلتين من مكة، وطرفها من قبل الحجاز، وأولها من قبل نجد ذات عرق، وسميت تهامة، لشدة حرها، وركود ريحها، ويقال: سميت بذلك لتغير هوائها. انظر: "معجم ما استعجم" 1/ 322، و"معجم البلدان" 2/ 64.

في ثيابه في ناحية من البيت، ولم يضاجعني. (ولا يولج الكف) أي: لا يدخل كفه داخل ثوبي. (ليعلم البث) بمثلثة أي: ما عندي من محبته وحزني من مفارقته. (قالت السابعة) واسمها: حي بنت علقمة. (زوجي عياياء) بمهملة وتحتيتين بينهما ألف وبالهمز ممدودًا من العي بكسر المهملة أي: هو عي عن مباضعة النساء. (أو غياياء) بمعجمة وبالمد من الغي بفتح المعجمة وهو الخيبة و (أو) للشك من الراوي عيسى بن يونس، أو للتنويع من الزوجة. (طباقاء) بالمد أي: المطبقة عليه الأمور حمقًا أو، العاجز عن الكلام فينطبق معناه، أو العاجز عن الجماع، وعلى الأخير هو مثل: (عياياء) بالمهملة فالتكرار؛ لاختلاف اللفظ. (كل داء) أي: كل ما في الناس من الأدواء والمعائب. (له داء) أي: موجود فيه، وله متعلق بـ (داء) واللام بمعنى في كما في قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47]. (شجك) أي: أصابك بشجة في رأسك. (أو فلك) أي: طعنك في جراحتك فشقها. (أو جمع كلا) أي: من الشج والفل. (لك) في رواية: "إن حدثته سبك وإن مازحته فلك وإلا جمع كلًّا لك"، فوصفته بالحمق والتناهي في سوء العشرة، وجميع النقائص وعجزه عن مضاجعتها مع ضربه وأذاه إياها، وأنه إذا حدثته سبها، أو مازحته شجها و (أو) للشك من الراوي، أو للتنويع من الزوجة كما مرَّ نظيره، والكاف في المذكورات مكسورة؛ لأن الخطاب لمؤنث. (قالت الثامنة) واسمها ياسر بنت أوس بن عبد. (زوجي المس) أي: منه. (مس أرنب) أي: ناعم الجسد كوبر الأرنب. (والريح) منه (ريح زرنب) هو نبت طيب الريح، وهو محتمل لطيب ريح جسده، أو طيب الثناء عليه في الناس.

(قالت التاسعة) ولم تسم. (زوجي رفيع العماد) هو العمود الذي يدعم به البيت يعني: أن البيت الذي يسكنه رفيع العماد؛ ليراه الضيفان وأصحاب الحوائج فيقصدونه، كما كانت بيوت الأجواد يعلونها ويضربونها في المواضع المرتفعة؛ ليقصدهم الطارقون والطالبون، أو هو مجاز عن زيادة شرفه وعلو ذكره. (طويل النجاد) بكسر النون: حمائل السيف أي: طويل القامة. (عظيم الرماد) وصفته بإطعام الضيف؛ لأنه إذا كثر ذلك منه كثر رماده، أو أن ناره لا تطفأ ليلًا، بل توقدة. ليهتدي الأضياف إليها. (قريب البيت من الناد) أي: من مجلس القوم حتى إذا اشتوروا في أمر اعتمدوا على رأيه؛ لشرفه في قومه، أو وصفته بقرب البيت من النادي للضيفان؛ ليظهر لهم بخلاف اللئيم فإنه يتباعد عنه فرارًا من نزول الضيف، وحذفت الياء من النادي؛ ليتم السجع. (قالت العاشرة) واسمها: كبشة بنت الأرقم. (زوجي مالك وما) استفهام تعجب وتعظيم، وهي مبتدأ خبره. (مالك) أي: أي شيء هو (مالك) ما أعظمه وأكرمه!. (مالك خير من ذلك) زيادة في الإعظام، وإنه خير مما أشير إليه من الثناء وطيب الذكر. (له إبل كثيرات المبارك) جمع مبرك بفتح الميم: وهو موضع البروك، وهو كناية عن كثرتها وكثرة مباركها، وإنه يتركها معظم أوقاتها بفناء داره لا يوجهها تسرح، إلا قيلًا قدر الضرورة حتى إذا نزل به الضيف كانت حاضرة فيقريه من ألبانها ولحومها، وإلى ذلك أشار بقوله: (قليلات المسارح) أي: ليستعد بها للضيفان لا يوجه منها إلى المرعى إلا قليلًا، ويترك سائرها بفنائه فإن فاجأه ضيف وجد عنده ما يقربه من لحومها وألبانها. (إذا سمعت) أي: الإبل. (صوت المزهر) بكسر الميم أي: عود الغناء عند ضربه به فرحًا

بالضيفان عند قدومهم عليه. (أيقن أنهن هوالك) أي: ينحرهن للضيفان. (قالت الحادية عشرة) في نسخة: "الحادية عشر" وفي أخرى: "الحادي عشرة" واسمها: عاتكة، وكنيتها: أم زرع بنت أكيمل بن ساعدة. (زوجي أبو زرع) (وما) في نسخة: "فما" بالفاء. (أبو زرع) في ذلك تعظيم، كما مرَّ نظيره. (أناس) أي: حرك، وقيل: أثقل. (من حلي) بضم الحاء جمع حَلْي بفتحها وسكون اللام، وهو اسم لكل ما يتزين به من مصاغ الذهب والفضة. (أذني) بفتح النون وتشديد الياء أرادت حلاني صنوفًا مما جرت به عادة النساء من التحلي به في الأذنين. (وملأ من شحم عضدي) تثنية عضد بتثليث الضاد: وهو ما بين المرفق والكتف، وهما إذا سمنا سمن الجسد كله فذكرهما للسجع، ودلالتهما على الباقي فكأنها قالت: أسمنني: ملأ بدني شحمًا. (وبجحني) بتشديد الجيم من التبجيح وبتخفيفها من البجح أي: فرحني، وقيل: عظمني. (فبجحت) بكسر الجيم وفتحها. (إلى نفسي) بتشديد ياء (إلى) بمعنى: عندي، وذكرها تأكيد. (وجدني في أهل غنيمة) هي تصغير غنم، وأنث على إرادة الجماعة، تقول: إن أهلها كانوا ذوي غنم لا ذوي خيلٍ وإبل، والعرب إنَّما تقيد بأصحابهما لا بأصحاب الغنم. (بشق) بكسر المعجمة وفتحها: اسم موضع، وقيل: شق جبل أي: غنمهم قليلة، وقيل: بمشقة وشظف من العيش. (فجعلني في أهل صهيل) أي: صوت خيل، (وأطيط) أي: صوت إبل. (ودائس) أي: بقر يدوس الزرع؛ ليخرج الحب من السنبل. (ومنق) أي: مخرج للطعام من قشره كالغربال والمنخل. (فعنده) أي:

عند زوجي. (أقول) أي: أتكلم. (فلا أقبح) بالبناء للمفعول أي: لا يقبح قولي فيرد، بل يقبل مني؛ لمحبة لي. (وأرقد فأتصبح) أي: أنام الصبحة: وهي نوم أول النهار فلا أوقظ؛ لأن لي من يكفيني مؤنته. (وأشرب فأتقنح) بقاف فنون فمهملة، وفي نسخة. "فأتقمح" بميم بدل النون أي: أروى حتى لا أجد مساغًا. (أم أبي زرع فما أم أبي زرع؟) عرف معناه مما مرَّ. (عكومها) أي: غرائرها التي يجمع فيها أمتعتها. (رداح) أي: ثقيل وصح الخبر به عن الجمع؛ لأنه مصدر يوصف به المفرد والجمع، أو المراد: أن كل عكم رداح، ووصفها بالثقل لما فيها من الأمتعة. (وبيتها فساح) أي: واسع. (ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع؟) عرف معناه مما مرَّ. (مضجعه) أي: موضعه الذي ينام فيه في الصغر. (كمسل شطبة) بفتح الميم مصدر ميمي بمعنى: السلول، والشطبة: بفتح المعجمة السعفة الخضراء، من سعف النخل، وبضمها مفرد الشطب وهي الطرائق التي في متن السيف، أرادت أن موضع نومه دقيق؛ لنحافته وهو مما يمدح به الرجل، وقيل: أرادت أنه كسيف سل من غمد، وسيوف اليمن كلها ذات شطب. (ويشبعه ذراع الجفرة) وصفته بقلة الأكل، وهو مما يمدح به الرجل و (الجفرة) الأنثى من ولد المعز، وهي التي بلغت أربعة أشهر، والذكر: جفر. (بنت أبي زرع، فما بنت أبي زرع؟) عرف معناه مما مرَّ. (طوع أبيها وطوع أمها) وصفتها ببرهما. (وملء كسائها) أي: لامتلاء جسمها وسمنها. (وغيظ جارتها) أي: ضرتها لما يرى من جمالها وأدبها وعفتها. (جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع؟) عرف معناه مما مرَّ. (لا تبث) بتشديد المثلثة أي: لا تفشي (حديثنا تبثيثًا) بل تكتمه. (ولا تنقث) بقاف مشددة فمثلثة أي: لا تفسد. (ميرتنا) أي:

زادنا. (تنقيثا) بل تصلحه بأماناتها. (ولا تملأ بيتنا تعشيشًا) بمعجمات أي: لا تترك الكناسة والقمامة مفرقة في البيت، كعش الطائر. (قالت) أي: أم زرع، خرج أبو زرع. (والأوطاب) جمع وطب بسكون الطاء: وهو سقاء اللبن، ويجمع أيضًا على وطاب في الكثرة وأوطب في القلة. (تمخض) بالبناء للمفعول أي: تحرك؛ ليؤخذ زبد لبنها، وهذا كما قيل يحتمل وجهين: أحدهما: إنكار خروجه من منزلها غدوة، وعندهم خبز كثير، ولبن غزير يشرب صريحًا ومخيضًا ويفضل عندهم ما يمخضونه في الأوطاب، والآخر: أنها أرادت أن خروجه كان في استقبال الربيع وطيبه، وأن خروجه إما لشعر أو غيره، فلم تدر ما ترتب عليها بسبب خروجه من تزوج غيرها. (يلعبان من تحت خصرها) أي: وسطها. (برمانتين) لعظم كفلها، فإذا استلقت على ظهرها، ارتفع كفلها بها من الأرض حتى يصير تحتها فجوة يجري فيها الرمان، وحمل بعضهم الرمانتين على النهدين؛ لأن العادة لم تجر بلعب الصبيان ورميهم الرمان تحت أصلاب أمهاتهم. (فطلقني ونكحها) أي: لما رأي من نجابة ولديها. (سريا) بمهملة أي: سيدًا شريفًا. (ركب) أي: فرسًا (شريًا) بمعجمة أي: يستشرى في سيره أي: يمضي فيه بلا فتور. (وأخذ) أي: رمحًا. (خطيًّا) بفتح المعجمة وتشديد المهملة والتحتية: نسبة إلى موضع يقال له الخط بناحية البحرين على ساحل عمان (¬1). (وأراح) من الإراحة وهي الإتيان إلى موضع المبيت بعد الزوال. (عليّ) بتشديد الياء. (نعما) بفتح النون والعين: الإبل والبقر، والغنم، وقيل: ¬

_ (¬1) انظر: "معجم ما استعجم" 2/ 502، و"معجم البلدان" 2/ 378.

المراد هنا: الإبل. (ثريا) بمثلثة أي: كثيرًا. (وأعطاني من كل رائحة) من الأموال تأتيه وقت الرواح، وهو بعد الزوال، مع أن الرواح يطلق على ما قبل الزوال أيضًا. (زوجًا) أي: اثنين. (وميري أهلك) أي: صليهم وأوسعي عليهم بالميرة: وهي الطعام. (ما بلغ أصغر آنية أبي زرع) حاصله: أنها وصفت الثاني بالسؤدد في ذاته والثروة والشجاعة والفضل والجود، حيث أباح لها أن تأكل ما شاءت من ماله، وتهدي ما شاءت لأهلها مبالغة في إكرامها، ومع ذلك لم يقع عندها موقع أبي زرع مع إساءته لها في تطليقها، لكن حبها له بغض إليها الأزواج؛ لأنه أول أزواجها فسكنت محبته في قلبها (كنت لك كأبي زرع لأم زرع) قاله - صلى الله عليه وسلم -، تطييبًا لها، وإيضاحًا لحسن عشرته إياها، وروى النسائي: أنها قالت له: يا رسول الله بل أنت خير من أبي زرع (¬1) وكان في كتب زائدة أي: أنا لك كقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110]، وقيل: هو على ظاهره أي: كنت لك في علم الله. وفي الحديث: أن كنايات الطلاق لا يقع بها الطلاق إلا بالنية؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة: (كنت لك كأبي زرع) ومن أفعاله إنه طلق امرأته، ولم يقع عليه - صلى الله عليه وسلم - طلاق بتشبيهه؛ لكونه لم ينو الطلاق، وفي بعض الروايات: "غير أني لا أطلقك" (¬2) (ولا تعشش) أي: بدل قوله: (ولا ¬

_ (¬1) "السنن الكبرى" 5/ 360 - 361 (9138) كتاب: عشرة النساء، باب: شكر المرأة زوجها. (¬2) رواها الطبراني 23/ 173 (270)، والخطيب البغدادي في: "الفصل للوصل" 1/ 282 - 283 (18) وأورده الهيثمي في: "المجمع" 9/ 241 كتاب: المناقب، باب: حديث أم زرع. وقال: هو في الصحيح غير قوله: "إلا أن أبا زرع طلق وأنا لا أطلق" رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه. وعبد الجبار بن =

83 - باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها

تملأ). (وقال بعضهم: فأتقمح) بالميم بدل (أتقنح) بالنون قال البخاري: (وهذا أصح) أي: من الرواية بالنون. 5190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "كَانَ الحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فَسَتَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَنْظُرُ، فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ"، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، تَسْمَعُ اللَّهْوَ. [انظر: 454 - مسلم: 892 - فتح 9/ 255]. (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (فاقدروا) بضم الدال وكسرها أي: قدروا رغبتها في ذلك إلى أن تنتهي. (قدر الجارية) بسكون الدال وفتحها. (الحديثة السن تسمع اللهو) أي: إنها تطيل المقام؛ لأنها مشتهية للنظر. 83 - بَابُ مَوْعِظَةِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ لِحَالِ زَوْجِهَا (باب: موعظة الرجل ابنته لحال زوجها) أي: لأجله. 5191 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّتَيْنِ قَال اللَّهُ تَعَالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] حَتَّى حَجَّ وَحَجَجْتُ مَعَهُ، وَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ مَنِ المَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّتَانِ قَال اللَّهُ تَعَالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]؟ قَال: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، هُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الحَدِيثَ يَسُوقُهُ قَال: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ ¬

_ = سعيد المساحقي، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة. وعبد العزيز بن محمد بن زبالة لم أعرفه. وعبد الرحمن بن أبي الزناد فيه: ضعف.

الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُمْ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الوَحْيِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصَخِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، قَالتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ، فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهَا: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكِ مِنْهُنَّ، ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا: أَيْ حَفْصَةُ، أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ قَالتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ، أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَهْلِكِي؟ لَا تَسْتَكْثِرِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلَا تَهْجُرِيهِ، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قَال عُمَرُ: وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الخَيْلَ لِغَزْونَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَال: أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَال: قَدْ حَدَثَ اليَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هُوَ، أَجَاءَ غَسَّانُ؟ قَال: لَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ، طَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، - وَقَال عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - فَقَال: اعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجَهُ فَقُلْتُ: خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلاةَ الفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هَذَا، أَطَلَّقَكُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالتْ: لَا أَدْرِي، هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي المَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى المِنْبَرِ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ المَشْرُبَةَ الَّتِي فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ الغُلاَمُ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: كَلَّمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ،

فَجِئْتُ فَقُلْتُ لِلْغُلاَمِ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الغُلاَمَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا، قَالَ: إِذَا الغُلاَمُ يَدْعُونِي، فَقَالَ: قَدْ أَذِنَ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ إِلَيَّ بَصَرَهُ فَقَالَ: «لاَ» فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا: لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَسُّمَةً أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ البَصَرَ، غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: «أَوَفِي هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي، فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ قَالَ: «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا» مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّمَا أَصْبَحْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً» فَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّخَيُّرِ، فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فَاخْتَرْتُهُ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. [انظر: 89 - مسلم: 1479 - فتح 9/ 278].

84 - باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعا

(أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (واعجبًا لك يا ابن عبّاس) أي: كيف خفي عليك هذا القدر، مع حرصك على العلم. ومرَّ الحديث بشرحه في: كتاب المظالم وسورة التّحريم (¬1). 84 - بَابُ صَوْمِ المَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا تَطَوُّعًا (باب: صوم المرأة بإذن زوجها تَطوعًا) أي: بيان جواز ذلك. 5192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَصُومُ المَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إلا بِإِذْنِهِ". [انظر: 2066 - مسلم: 1026 - فتح 9/ 293] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (شاهد) أي: حاضر. والحديث خبر بمعنى النّهي. 85 - بَابُ إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا (باب: إذا باتت المرأة مهاجرة) أي: تاركة (فراش زوجها) أي: بلا سبب وجواب (إذا) محذوف أي: حرم عليها. 5193 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ، لَعَنَتْهَا المَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ". [انظر: 3237 - مسلم: 1436 - فتح 9/ 293] (ابْن أبي عدي) هو محمّد. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (عن أبي حازم) هو سلمان الأشجعي. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2468) كتاب: المظالم، باب: الغرفة، والعلية المشرفة في السطوح، وغيرها. و (4913) كتاب: التفسير، باب: {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}.

86 - باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه

(إذا دعا الرَّجل امرأته) أي: ليجامعها (حتّى تصبح) المراد: حتّى ترجع كما في الرِّواية الآتية. 5194 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ". [انظر: 3237 - مسلم: 1436 - فتح 9/ 294]. (عن زرارة) بضم الزاي أي: ابن أبي أوفى. (حتّى ترجع) أي: عن هجره. 86 - بَابُ لَا تَأْذَنِ المَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا لِأَحَدٍ إلا بِإِذْنِهِ (باب: لا تأذن المرأة في) دخول (بيت زوجها لأحد إلا بإذنه) أي: فيه. 5195 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إلا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ" وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ، أَيْضًا عَنْ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي الصَّوْمِ. [انظر: 2066 - مسلم: 1026 - فتح 9/ 295] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزِّناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرّحمن بن هرمز. (عن غير أمره) أي: أمر الزوج. (شطره) أي: نصف أجره. 87 - باب. (باب) بلا ترجمة، بل هو ساقط من نسخة. 5196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قُمْتُ عَلَى بَابُ الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينُ،

88 - باب كفران العشير

وَأَصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابُ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ". [انظر: 6547 - مسلم: 2736 - فتح 9/ 298]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (التيمي) هو سليمان بن طرخان. (عن أبي عثمان) هو عبد الرّحمن بن مل. (عن أُسامة) أي: ابن زيد بن حارثة. (وأصحاب الجد) بكسر الجيم أي: الغني: (محبوسون) أي: على باب الجنَّة؛ للحساب. (عامة من دخلها) مبتدأ. (النِّساء) خبره، والجملة مضاف إليها إذا الفجائية. ومطابقة الحديث للترجمة السابقة: من حيث إنّه يشتمل على أحكام متعلّقة بالنساء. 88 - بَابُ كُفْرَانِ العَشِيرِ وَهُوَ الزَّوْجُ، وَهُوَ الخَلِيطُ، مِنَ المُعَاشَرَةِ. فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (باب: كفران العشير، وهو الزوج، وهو) أي: العشير في الموضعين. (الخليط) أي: المخالط؛ لأنه مخالط زوجته. (من المعاشرة) بيان لمآخذ العشير أي: هو من المعاشرة الّتي بمعنى: المصاحبة. (فيه) أي: في الباب. 5197 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَال: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا،

89 - باب: لزوجك عليك حق

وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ؟ فَقَال: "إِنِّي رَأَيْتُ الجَنَّةَ، أَوْ أُرِيتُ الجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَرَأَيْتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ" قَالُوا: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "بِكُفْرِهِنَّ" قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَال: "يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ". [انظر: 29 - مسلم: 907 - فتح 9/ 298]. 5198 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ" تَابَعَهُ أَيُّوبُ، وَسَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ. [انظر: 3241 - مسلم: 2738 - فتح 9/ 298]. (خسفت الشّمس) إلخ مَرَّ بشرحه في الكسوف وغيره (¬1). 89 - بَابٌ: لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ قَالهُ أَبُو جُحَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1968] (باب: لزوجك عليك حق). أي: باب ما جاء في ذلك. 5199 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ ¬

_ (¬1) سلف برقم (1052) كتاب: الكسوف، باب: صلاة الكسوف جماعة. و (3202) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة الشّمس والقمر بحسبان.

90 - باب: المرأة راعية في بيت زوجها

النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ " قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح 9/ 299]. (أبو جحيفة) هو وهب بن عبد الله. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (الأوزاعي) هو عبد الرّحمن. ومرَّ حديث الباب في كتاب: الصوم (¬1). 90 - بَابٌ: المَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا (باب: المرأة راعية في بيت زوجها) أي: على ماله فيه. 5200 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". [انظر: 893 - مسلم: 1829 - فتح 9/ 299]. (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (عبد الله) أي: ابن المبارك. ومرَّ حديث الباب في كتاب: الجمعة، والاستقراض، وغيرهما (¬2). 91 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} إِلَى قَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34] (باب: قول الله تعالى ({الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}) إلى قوله: ({إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}). في نسخة: "باب: قول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} "، زيد عليه في أخرى: " {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ} ". ¬

_ (¬1) سلف برقم (1974) كتاب: الصوم، باب: حق الضيف في الصوم. (¬2) سبق تخريجه.

92 - باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في غير بيوتهن

5201 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَال: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَقَعَدَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، فَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ آلَيْتَ عَلَى شَهْرٍ؟ قَال: "إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ". [انظر: 378 - مسلم: 411 - فتح 9/ 300]. (سليمان) أي: ابن بلال. (حميد) أي: الطَّويل. (لتسع وعشرين) أي: عندها. (إنك آليت على شهر) في نسخة: "إنك آليت شهرًا". وحديث الباب مرَّ في كتاب: الصوم (¬1). 92 - بَابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ فِي غَيْرِ بُيُوتِهِنَّ وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ حَيْدَةَ، رَفْعُهُ: "غَيْرَ أَنْ لَا تُهْجَرَ إلا فِي البَيْتِ" وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. (باب: هجرة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - نساءه في غير بيوتهن) أي: باب بيان إعراضه عنهن، وسكناه في (غير بيوتهن) رفعه جملة حالية، وما بعدها متعلّق بما قبلها أي: (يذكر عن معاوية) (لا تهجر إلا في البيت). (والأول) أي: الهجر في غير البيوت. (أصح) أي: من الهجر فيها. 5202 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا عَلَيْهِنَّ أَوْ رَاحَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، حَلَفْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا؟ قَال: "إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا". [انظر: 1910 - مسلم: 1085 - فتح 9/ 300]. ¬

_ (¬1) سلف برقم (1911) كتاب: الصوم، باب: قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصوموا .. ".

93 - باب ما يكره من ضرب النساء

5203 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْفُورٍ، قَال: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ أَبِي الضُّحَى، فَقَال: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، قَال: أَصْبَحْنَا يَوْمًا وَنِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِينَ، عِنْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ أَهْلُهَا، فَخَرَجْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا هُوَ مَلْآنُ مِنَ النَّاسِ، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَصَعِدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي غُرْفَةٍ لَهُ، فَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَنَادَاهُ، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَقَال: "لَا، وَلَكِنْ آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا" فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ. [فتح 9/ 300]. (أبو عاصم) هو الضحاك النبيل. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. ومرَّ حديث الباب في كتاب: الصوم (¬1). 93 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ وَقَوْلِ اللَّهِ: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34]: "أَيْ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ". (باب: ما يكره من ضرب النِّساء وقوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ}) أي: ضربًا غير مبرح. جمع به بين الكتاب والسُّنَّة فقوله فيها: (لا يجلد) أي: جلدًا غير مبرح. 5204 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ اليَوْمِ". [انظر: 3277 - مسلم: 2855 - فتح 2/ 301]. (سفيان) أي: الثوري. ومرَّ حديث الباب في سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (1910) كتاب: الصوم، باب: قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصوموا .. ". (¬2) سلف برقم (4942) كتاب: التفسير، سورة الشّمس.

94 - باب لا تطيع المرأة زوجها في معصية

94 - بَابُ لَا تُطِيعُ المَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي مَعْصِيَةٍ (باب: لا تطيع المرأة زوجها في معصية) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 5205 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الحَسَنِ هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالتْ: إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ فِي شَعَرِهَا، فَقَال: "لَا، إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ المُوصِلاتُ". [5934 - مسلم: 2123 - فتح 4/ 309]. (لعن الموصلات) ببناء (لعن) للمفعول، وضم الميم مع سكون الواو وكسر الصاد أو فتحها، أو مع فتح الواو وكسر الصاد، أو فتحها مشددة فيهما، وفي نسخة: "الموصلات" وهي نصّ في المفعول بها، وما قبلها أيضًا على فتح الصاد، وفي الفاعلة على كسرها. 95 - باب {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128]. (باب: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}) لفظ ({أَوْ إِعْرَاضًا}) ساقط من نسخة أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 5206 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] قَالتْ: "هِيَ المَرْأَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لَا يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا، فَيُرِيدُ طَلاقَهَا وَيَتَزَوَّجُ غَيْرَهَا، تَقُولُ لَهُ: أَمْسِكْنِي وَلَا تُطَلِّقْنِي، ثُمَّ تَزَوَّجْ غَيْرِي، فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيَّ وَالقِسْمَةِ لِي، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]. [انظر: 2450 - مسلم: 3021 - فتح 9/ 305]. (ابْن سلام) هو محمّد.

96 - باب العزل

ومرَّ حديث الباب في سورة النِّساء (¬1) 96 - باب العَزْلِ. (باب: العزل) أي: عن الزوجة، أو الأمة بعد الإيلاج؛ لينزل منيه خارج الفرج تجوزًا من الولد، وهو جائز، لكنه مكروه، وإنْ أذنت فيه المعزول عنها؛ لأنه طريق إلى قطع النسل. 5207 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: "كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [5280، 5209 - مسلم: 1440 - فتح 9/ -305]. 5208 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا نَعْزِلُ وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ". [انظر: 5207 - مسلم: 1440 - فتح 9/ 305]. (سفيان) أي: ابن عيينة. 5209 - وَعَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: "كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ". [انظر: 5207 - مسلم: 1440 - فتح 9/ 305]. (عن عمرو) أي: ابن دينار. 5210 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: أَصَبْنَا سَبْيًا، فَكُنَّا نَعْزِلُ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ - قَالهَا ثَلاثًا - مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ إلا هِيَ كَائِنَةٌ". [انظر: 2229 - مسلم: 1438 - فتح 5/ 309]. (جويرية) أي: ابن أسماء بن عبيد. (عن ابن محيريز) هو عبد الله. ¬

_ (¬1) سلف برقم (4651) كتاب: التفسير، باب: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}.

97 - باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرا

ومرَّت الأحاديث في كتاب: البيوع في باب: بيع الرّقيق (¬1). 97 - بَابُ القُرْعَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا (باب: القرعة بين النِّساء إذا أراد) أي: الرَّجل. (سفرًا) أي: ببعضهن. 5211 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ القُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ، فَقَالتْ حَفْصَةُ: أَلا تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِي وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ، تَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ؟ فَقَالتْ: بَلَى، فَرَكِبَتْ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا، وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ، وَتَقُولُ: يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي، وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئًا. [مسلم: 2445 - فتح 9/ 310]. (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (يتحدث) أي: معها؛ لما حصل لها من الغيرف (تنظرين) أي: إلى ما لم تنظري إليه. (فركبت) أي: كلّ واحدة منهما بعير الأخرى. (جعلت) أي: عائشة. (يا رب) لفظ: (يا) ساقط من نسخة. (تلدغني) بمهملة فمعجمة، وإنّما قالت عائشة ذلك؛ لأنها عرفت أنها الجانية فيما أجابت إليه حفصة. (ولا أستطيع) أي: (أقول له شيئًا) أي: لأنه لا يعذرني. 98 - بَابُ المَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا مِنْ زَوْجِهَا لِضَرَّتِهَا، وَكَيْفَ يَقْسِمُ ذَلِكَ؟. (باب: المرأة تهب) بفتح الهاء. (يومها من زوجها لضرتها، وكيف يقسم) أي: الزوج. (ذلك) أي: ما وهبته له. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2229) كتاب: البيوع، باب: بيع الرّقيق.

99 - باب العدل بين النساء

5212 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ "وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ". [انظر: 2593 - مسلم: 1463 - فتح 9/ 312]. (ابْن إسماعيل) هو مالك أبو غسان النهدي (زهير) أي: ابن معاوية. (ويقسم لعائشة) أي: يومين. (بيومها) أي: بسبب يومها. (ويوم سودة) ويقسم لسائرهن يومًا يومًا. 99 - باب العَدْلِ بَينَ النِّسَاءِ. {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ {وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 129 - 130] [فتح 9/ 313]. (باب: العدل بين النِّساء) أي: في القسم، وغيره. ({وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ، {وَاسِعًا حَكِيمًا}) أبي: لن تطيقوا أن تسووا بين نسائكم في حبهن حتى تعدلوا بينهن في ذلك؛ لأن ذلك ممّا لا تملكونه ({وَلَوْ حَرَصْتُمْ}) في تسويتكم بينهن في ذلك، ولا يؤأخذ بذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم ويقول: "اللَّهُمَّ هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (2134) كتاب: النِّكاح، باب: في القسم بين النِّساء، والترمذي (1140) كتاب: النِّكاح، باب: ما جاء في التسوية بين الضرائر، وقال: حديث عائشة هكذا؛ رواه غير واحد عن حماد بن سلمة، عن أَيّوب، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد، عن عائشة؛ أنّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم، ورواه حماد بن زيد وغير واحد عن أَيّوب عن أبي قلابة، مرسلًا؛ أنّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم، وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة. والنسائي 7/ 64 كتاب: عشرة النِّساء، ميل الرَّجل إلى بعض نسائه دون =

100 - باب إذا تزوج البكر على الثيب

100 - باب إذا تزوج البكر على الثيب (باب: إذا تزوج البكر على الثيب) جواب (إذا) محذوف أي: أقام عندها سبعًا. 5213 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ قَال: "السُّنَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ البِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا". [انظر: 5214 - مسلم: 1461 - فتح 9/ 313]. (بشر) أي: ابن المفضل. (خالد) أي: الحذاء. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي. (قال) أبو قلابة. (ولو شئت أن أقوله) أي: بدل قولي عن أنس، قال من السنة. (قال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ولكن قال) أي: أنس. (السنة إذا تزوج ..) إلخ أي: لو قلت ذلك؛ لكنت صادقًا في تصريحه برفعه إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولكن المحافظة على اللّفظ أولى. (أقام عندها سبعًا) أي: من الليالي بأيامها متواليات. 101 - بَابُ إِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى البِكْرِ (باب: إذا تزوج الثيب على البكر) جواب (إذا) محذوف أي: أقام عندها ثلاثًا. 5214 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَخَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ البِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى البِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا ثُمَّ قَسَمَ". ¬

_ = بعض. وابن ماجة (1971) كتاب: النِّكاح، باب: القسمة بين النِّساء، وأحمد 6/ 144، وابن حبّان في: "صحيحه" 10/ 5 (4205) كتاب: النكاح، باب: القسم. وضعفه الألباني في: "ضعيف الترغيب والترهيب" (1220).

102 - باب من طاف على نسائه في غسل واحد

قَال أَبُو قِلابَةَ: وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ: إِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، وَخَالِدٍ، قَال خَالِدٌ: وَلَوْ شِئْتُ قُلْتُ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 5213 - مسلم: 1461 - فتح 9/ 314]. (أبو أُسامة) هو حماد بن أُسامة. (سفيان) أي: الثّوريّ. (عن أَيّوب) أي: السختياني. (خالد) أي: الحذاء. (أقام عندها ثلاثًا) أي: من الليالي بأيامها متواليات. ومرَّ الحديث في الباب السابق. 102 - بَابُ مَنْ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ (باب: من طاف على نسائه في غسل واحد) أي: جامعهن، واكتفى في ذلك بغسل واحد. 5215 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُمْ "أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ". [انظر: 268 - مسلم: 309 - فتح 9/ 316]. (سعيد) أي: ابن عروبة. (وله يومئذ تسع نسوة) أي: وسريتان مارية وريحانة، ومرَّ الحديث مع زيادة في كتاب: الغسل في باب: إذا جامع ثمّ عاد، ومن دار على نسائه في غسل واحد (¬1). 103 - بَابُ دُخُولِ الرَّجُلِ عَلَى نِسَائِهِ فِي اليَوْمِ (باب: دخول الرَّجل على نسائه في اليوم) أي: باب بيان جواز ذلك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (268) كتاب: الغسل، باب: إذا جامع ثمّ عاد، ومن دار على نسائه في غسل واحد.

104 - باب إذا استأذن الرجل نساءه في أن يمرض في بيت بعضهن فأذن له

5216 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ العَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ". [انظر: 4912 - مسلم: 1474 - فتح 9/ 316]. (فروة) أي: ابن أبي المغراء. (إذا انصرف من العصر) أي: من صلاته. (فيدنو من إحداهن) زاد في رواية: "بغير وقاع". (فاحتبس أكثر ما كان يحتبس) تمامه يأتي في الطّلاق في باب: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} وروى الإمام أحمد والحاكم وصححه خبر أنّ عائشة قالت: كان النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يطوف علينا جميعًا فيدنو من كلّ امرأة من غير مسيس حتّى يبلغ إلى الّتي في يومها فيبيت عندها (¬1). 104 - بَابُ إِذَا اسْتَأْذَنَ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ بَعْضِهِنَّ فَأَذِنَّ لَهُ (باب: إذا أستأذن الرَّجل نساءه في أن يمرض في بيت بعضهن فأذن له) جواب (إذا) محذوف أي: جاز ذلك. 5217 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَال هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: "أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ " يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالطَ رِيقُهُ رِيقِي. [انظر: 890 - مسلم: 2443 - فتح 9/ 317]. ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 6/ 107 - 108. والحاكم في: "المستدرك" للحاكم 2/ 186 كتاب: النِّكاح، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد.

105 - باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض

(إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. ومرَّ حديث الباب في باب: الوفاة النبوية (¬1) 105 - بَابُ حُبِّ الرَّجُلِ بَعْضَ نِسَائِهِ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ (باب: حب الرَّجل بعض نسائه أفضل من بعض) أي: أزيد من حبه لبعض. 5218 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَقَال: يَا بُنَيَّةِ، لَا يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَتَبَسَّمَ". [انظر: 89 - مسلم: 1479 - فتح 9/ 317]. (سليمان) أي: ابن بلال. (يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. ومرَّ حديث الباب في باب: موعظة الرَّجل ابنته (¬2). 106 - باب المُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يَنَلْ، وَمَا يُنْهَى مِنَ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ (باب: المتشبع بما لم ينل، وما ينهى من افتخار الضرة) أي: بادعائها الحظوة عند زوجها. 5219 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ، عَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّ امْرَأَةً قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِينِي؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ". [مسلم: 2130 - فتح 9/ 317]. ¬

_ (¬1) سلف برقم (4438) كتاب: المغازي، باب: مرض النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ووفاته. (¬2) سبق برقم (5191) كتاب: النِّكاح، باب: موعظة الرَّجل ابنته.

107 - باب الغيرة

(عن فاطمة) أي: بنت المنذر بن الزُّبير. (إنَّ لي ضرة) هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. (من زوجي) هو الزُّبير بن العوام. (المتشبع) أي: المتكثر بما ليس عنده. (كلابس ثوبي زور) بأن يلبس ثوبي وديعة، أو عارية، فيظن النَّاس أنهما له، ولباسهما لا يدوم أو بأن يلبس ثياب أهل الزهد وقصده أنّ يظهر للناس أنه متصف به، وليس كذلك. 107 - باب الغَيْرَةِ. وَقَال وَرَّادٌ: عَنِ المُغِيرَةِ، قَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي". (باب: الغيرة) بفتح المعجمة مأخوذة من تغير القلب، وهيجان الغضب، بسبب المشاركة فيما به الاختصاص. (وراد) بتشديد الراء هو مولى المغيرة. (عن المغيرة) أي: ابن شعبة. (غير مصفح) بضم الميم وفتح الفاء وكسرها؛ أي: غير ضارب بعرضه بل بحده للقتل والإهلاك فمن فتح، جعل غير مصفح حالًا من السيف، ومن كسر جعله حالًا من الضارب. 5220 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللَّهِ". [انظر: 4634 - مسلم: 2760 - فتح 9/ 319]. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (ما من أحد أغير من الله) (من) الأولى زائدة و (أغير) بالنصب والرفع، ومرَّ الكلام عليه في سورة الأنعام (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4634) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}.

5221 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَى عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ تَزْنِي، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح 9/ 319]. (يا أمة محمّد) إلى آخره مرَّ بشرحه في باب: في صلاة الكسوف (¬1). 5222 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا شَيْءَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ". [مسلم: 2762 - فتح 9/ 319]. 5223 - وَعَنْ يَحْيَى، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،. حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: "إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ المُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ". [مسلم: 2761 - فتح 9/ 319]. 5224 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ، وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي المَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَال: "إِخْ إِخْ" لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، ¬

_ (¬1) سلف برقم (1044) كتاب: الكسوف، باب: الصَّدقة في الكسوف.

فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَال: وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي. [انظر: 3151 - مسلم: 2182 - فتح 9/ 319]. (محمود) أي: ابن غيلان. (أبو أُسامة) هو حماد بن أُسامة. (واستقى الماء) أي: لفرسه. (وأخرز غربه) أي: أخيط دلوه العظيمة. (ثمّ قال) أي: لبعيره. (إخْ، إخْ) بكسر الهمزة، وسكون الخاء: كلمة تقال عند أناخة البعير. (وكان أغير النَّاس) أي: بالنسبة إلى أبناء جنسه. (والله لحمُلكِ النَّوي كان أشدَّ عليَّ من ركوبكِ معَه) إذ لا عار فيه بخلاف حمل النوي؛ لأنه ربما يتوهم منه خسة نفسي، ودناءة همتي. 5225 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: "غَارَتْ أُمُّكُمْ" ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ. [انظر: 2481 - فتح 9/ 320]. (علي) أي: ابن عبد الله المديني. (ابْن علية) هو إسماعيل. (عند بعض نسائه) هي عائشة. (إحدى أمهات المؤمنين) هي

صفية (¬1)، وقيل: أم سلمة (¬2)، وقيل: زينب (¬3). (فدفع الصحفة ...) إلخ قيل: كانت القصعتان له - صلى الله عليه وسلم - فله التصرف بما يشاء منهما. 5226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ أَوْ أَتَيْتُ الجَنَّةَ، فَأَبْصَرْتُ قَصْرًا، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي إلا عِلْمِي بِغَيْرَتِكَ. قَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَوَعَلَيْكَ أَغَارُ؟!. [انظر: 3679 - مسلم: 2394 - فتح 9/ 320]. (معتمر) أي: ابن سليمان. (دخلت الجنَّة ...) إلخ مرَّ في مناقب عمر (¬4). 5227 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسٌ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ ¬

_ (¬1) ورد ذلك في حديث رواه أبو داود (3568) كتاب: البيوع، باب: فيمن أفسد شيئًا يغرم مثله. والنَّسائيّ 7/ 71 كتاب: عشرة النِّساء، باب: الغيرة وضعفه الألباني في: "ضعيف أبي داود". (¬2) ورد ذلك في حديث رواه النَّسائيُّ 7/ 70 كتاب: عشرة النِّساء، باب: الغيرة، والطبراني في: "الأوسط" 4/ 275 (4184)، وصححه الألباني في: "صحيح النَّسائيِّ". (¬3) ورد ذلك في حديث رواه ابن حزم في: "المحلى" 8/ 141. وقال ابن حجر في معرض الكلام عن حديث الباب بعد أن ساق جميع رواياته: وتحرر من ذلك أنّ المراد بمن أبهم في حديث الباب هي زينب؛ لمجئ الحديث من مخرجه، وهو حميد عن أنس. انظر: [الفتح 5/ 125]. (¬4) سلف برقم (3679) كتاب: فضائل الصّحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب.

108 - باب غيرة النساء ووجدهن

هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا " فَبَكَى عُمَرُ وَهُوَ فِي المَجْلِسِ ثُمَّ قَال: أَوَعَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ؟!. [انظر: 3242 - مسلم: 2395 - فتح 9/ 320]. (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (عبد الله) أي: ابن المبارك. وهذا طريق آخر في الحديث قبله. 108 - بَابُ غَيْرَةِ النِّسَاءِ وَوَجْدِهِنَّ (باب: غيرة النِّساء ووجدهن) بسكون الجيم أي: غضبهن وحزنهن. 5228 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى" قَالتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَال: "أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ " قَالتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إلا اسْمَكَ. [انظر: 6078 - مسلم: 2439 - فتح 9/ 325]. (إذا كنت عني راضية ...) إلخ فيه الحكم بالقرائن؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - حكم برضا عائشة وغضبها بمجرد ذكرها اسمه الشريف في الأوّل، وسكوتها عنه في الثّاني. 5229 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالتْ: "مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، لِكَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا وَثَنَائِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ لَهَا فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ". [انظر: 3816 - مسلم: 2434، 2435 - فتح 9/ 336]. (النضر) أي: ابن شميل. ومرَّ الحديث في المناقب في باب: تزويج خديجة (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (3816) كتاب: فضائل الصّحابة، باب: تزويج النَّبيّ خديجة.

109 - باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف

109 - بَابُ ذَبِّ الرَّجُلِ عَنِ ابْنَتِهِ فِي الغَيْرَةِ وَالإِنْصَافِ (باب: ذب الرَّجل) بمعجمة فموحدة أي: دفعه. (عن ابنته في الغيرة والإنصاف) أي: وطلب الإنصاف لها. 5230 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: "إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ المُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، إلا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا" هَكَذَا قَال. [انظر: 926 - مسلم: 2449 - فتح 9/ 327]. (قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد. (استأذنوا) في نسخة: "استأذنوني". (فلا آذن) أي: لهم في ذلك. (يريبني) بفتح الياء أكثر من ضمها. (ما أرابها) على لغة الضم ومارابها على لغة الفتح، يقال: رابني وأربني فلان، إذا رأيت منه ما يكرهه. ومرَّ الحديث مبسوطًا في كتاب الخمس. 110 - بَابُ يَقِلُّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النِّسَاءُ وَقَال أَبُو مُوسَى: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَتَرَى الرَّجُلَ الوَاحِدَ، يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ، مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ". [انظر: 1414]. (باب: يقل الرَّجل ويكثر النِّساء) أي: بسبب رفع العلم. 5231 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَكْثُرَ الجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ". [انظر: 80 - مسلم: 2671 - فتح 9/ 330].

111 - باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم، والدخول على المغيبة

(ويقل الرجال) أي: بقتلهم بسبب الفتن. (حتّى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) أي: من يقوم بأمرهن، ويتولى مصالحهن، وقوله: لخمسين لا ينافي الأربعين في التعليق السابق في كلامه؛ لأن الأربعين داخلة في الخمسين، أو أنّ العدد غير مراد، بل المراد: المبالغة في كثرة النِّساء بالنسبة إلى الرجال. ومرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬1). 111 - بَابُ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلا ذُو مَحْرَمٍ، وَالدُّخُولُ عَلَى المُغِيبَةِ (باب: لا يخلو رجل بامرأة إلا ذو محرم، والدخول على المغيبة) بضم الميم أي: الّتي غاب زوجها، كما مَرَّ. 5232 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ" فَقَال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَال: "الحَمْوُ المَوْتُ". [مسلم: 2172 - فتح 9/ 330]. (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله اليزني. (إياكم والدخول) بالنصب على التحذير. (أفرأيت) أي: أخبرني. (الحمو) أي: عن حكم دخوله على المرأة. (قال: الحمو الموت) أي: مثل لقائه، إذ الخلوة به تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية، أو النفس إن وجب الرجم، والمراد بالحمو: أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه؛ لأنهم محارم الزوجة يجوز لهم الخلوة بها، ومعناه: أنّ الخوف منه أكثر؛ لتمكنه من الخلوة معها من غير أن ينكر عليه، وهو تحذير ممّا عليه عادة النَّاس من المساهلة فيه، كالخلوة بامرأة أخيه، وفي الحمو أربع لغات مثل: يد، وخبء، ودلو، وعصا. ¬

_ (¬1) سلف برقم (80) كتاب: العلم، باب: رفع العلم وظهور الجهل.

112 - باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس

5233 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ" فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قَال: "ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ". [انظر: 1862 - مسلم: 1341 - فتح 9/ 333]. (سفيان) أي: ابن عيينة. ومرَّ الحديث مبسوطًا في كتاب الحجِّ (¬1). 112 - بَابُ مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ (باب: ما يجوز أن يخلو الرَّجل بالمرأة عند النَّاس). أي: لتسأله عن بواطن أمرها في دينها وغيره. 5234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَلا بِهَا، فَقَال: "وَاللَّهِ إِنَّكُنَّ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ". [انظر: 3786 - مسلم: 2509 - فتح 9/ 333]. (غندر) هو محمّد بن جعفر. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن هشام) أي: ابن زيد بن أنس. (فخلا بها) أي: بحيث لا يسمع من حضر شكواها، لا بحيث غاب عن أبصار من حضر. (إنكن) في نسخة: "إنكم" وعلى الأوّل قال الكرماني: الخطاب، لنسوة الأنصار وليس المراد أنهن أحب إليه من نساء أهله بل نساء هذه القبيلة أحب من نساء سائر القبائل في الجملة (¬2). ومرَّ الحديث في فضل الأنصار (¬3). 113 - بَابُ مَا يُنْهَى مِنْ دُخُولِ المُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ عَلَى المَرْأَةِ (باب: ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة) أي: باب بيان ذلك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1862) كتاب: جزاء الصَّيد، باب: حج النساء. (¬2) "البخاريّ بشرح الكرماني" 19/ 168. (¬3) سلف برقم (3786) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "أنتم أحب النَّاس إليَّ".

114 - باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة

5235 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا وَفِي البَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَال المُخَنَّثُ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: إِنْ فَتَحَ اللَّهُ لَكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُنَّ". [انظر: 4324 - مسلم: 2180 - فتح 9/ 333]. (مخنث) بفتح النون وكسرها: وهو من يشبه النِّساء في أخلاقهن، وهو نوعان: من خلق كذلك وليس مذمومًا، ومن يتكلف ذلك وهو المذموم. ومرَّ الحديث في باب: غزوة الطائف (¬1). 114 - بَابُ نَظَرِ المَرْأَةِ إِلَى الحَبَشِ وَنَحْوهِمْ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ (باب: نظر المرأة إلى الحبش وغيرهم من غير ريبة) أي: تهمة. 5236 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، عَنْ عِيسَى، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ"، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْو. (فاقدروا قدر الجارية) من قدرت لأمر كذا، إذا نظرت فيه ودبرته، يريد به طول لبثها، ومصابرة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - معها على لك. ومرَّ الحديث في باب: الحرب والدراق يوم العيد وفي غيره (¬2). 115 - بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ لِحَوَائِجِهِنَّ (باب: خروج النِّساء لحوائجهن) أي: باب بيان جوازه. ¬

_ (¬1) سلف برقم (4324) كتاب: المغازي، باب: غزوة الطائف. (¬2) سلف برقم (950) كتاب: العيدين، باب: الحراب والدرق يوم العيد و (5190) كتاب: النِّكاح، باب: حسن المعاشرة مع الأهل.

116 - باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره

5237 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلًا، فَرَآهَا عُمَرُ فَعَرَفَهَا، فَقَال: إِنَّكِ وَاللَّهِ يَا سَوْدَةُ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، وَهُوَ فِي حُجْرَتِي يَتَعَشَّى، وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَعَرْقًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَرُفِعَ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: "قَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ". (حَدَّثَنَا) وفي نسخة: "حدثني". (ابْن أبي المغراء) بفتح الميم وسكون المعجمة وبالمد. (لعرْقا) بفتح المهملة وسكون الراء وبالقاف: عظم عليه لحم. ومرَّ الحديث في سورة الأحزاب (¬1). 116 - بَابُ اسْتِئْذَانِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي الخُرُوجِ إِلَى المَسْجِدِ وَغَيْرِهِ (باب: استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 5238 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى المَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا". (سفيان) أي: ابن عيينة. (إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد) أي: في الخروج إليه. ومرَّ الحديث في باب: خروج النِّساء إِلى المساجد (¬2). 117 - بَابُ مَا يَحِلُّ مِنَ الدُّخُولِ وَالنَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ فِي الرَّضَاعِ (باب: ما يحل من الدخول، والنظر إلى النِّساء في الرضاع) أي: في وجوده بين الداخل، والمدخول إليها؛ لأن وجوده يبيح ذلك، وقد ¬

_ (¬1) سلف برقم (4795) كتاب: التفسير، باب: قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}. (¬2) سلف برقم (865) كتاب: الأذان.

118 - باب: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها

تنازع فيه الدخول والنظر. ومرَّ حديث الباب في أوائل كتاب: النكاح (¬1). 5239 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال: "إِنَّهُ عَمُّكِ، فَأْذَنِي لَهُ" قَالتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي المَرْأَةُ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ، قَالتْ: فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ" قَالتْ عَائِشَةُ: وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ضُرِبَ عَلَيْنَا الحِجَابُ، قَالتْ عَائِشَةُ: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الولادَةِ". 118 - باب: لَا تُبَاشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا (باب: لا تباشر المرأة فتنعتها) بالنصب، جواب النّهي أي: فتصفها. (لزوجها) أي: لزوج الناعتة. 5240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُبَاشِرُ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا". 5241 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُبَاشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا". (سفيان) أي: الثّوريّ. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (لا تباشر المرأة المرأة) إلخ؛ أي: خشية أن تعجبه إن وصفتها بحسن؛ فيفضي ذلك إلى تطليق الناعتة، والافتتان بالمنعوتة، أو بقبح فتكون غيبة. ¬

_ (¬1) سلف برقم (5153) كتاب: النِّكاح باب: لبن الفحل.

119 - باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائي

119 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي (باب: قول الرَّجل: لأطوفن اللَّيلة على نسائه) في نسخة: "نسائي". 5242 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "قَال سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَال لَهُ المَلَكُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ، فَأَطَافَ بِهِنَّ، وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إلا امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ " قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قَال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ". (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزّاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن ابن طاوس) هو عبد الله. (لأطوفن) أي: لأجامعن. (ونسى) أي: أن يقولها بلسانه. (لم يحنث) أي: في يمينه. 120 - بَابُ لَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا إِذَا أَطَال الغَيْبَةَ، مَخَافَةَ أَنْ يُخَوِّنَهُمْ أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ (باب: لا يطرق أهله ليلًا إذا طال الغيبة مخافة أن يخونهم أو يلتمس عثراتهم) أي: زلاتهم. 5243 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا". (آدم) أي: ابن إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (طروقًا) بضم الطاء أي: إتيانًا من سفر، أو غيره على غفلة. 5244 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَطَال أَحَدُكُمُ الغَيْبَةَ فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا".

121 - باب طلب الولد

(عبد الله) أي: ابن المبارك (عن الشّعبيّ) هو عامر بن شراحيل. (إذا طال أحدكم الغيبة) ذكر الطول ليس بقيد. ومرَّ الحديث في الحجِّ (¬1). 121 - باب طَلَبِ الوَلَدِ. (باب: طلب الولد) أي: بالنِّكاح، بأن يكون غرضه به طلب الولد لا مجرد التلذذ بالوطء. 5245 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا، تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَا يُعْجِلُكَ" قُلْتُ: إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَال: "فَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَمْ ثَيِّبًا؟ " قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَال: "فَهَلَّا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ" قَال: فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقَال: "أَمْهِلُوا، حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا - أَيْ عِشَاءً - لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ - قَال: وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ: أَنَّهُ قَال فِي هَذَا الحَدِيثِ - الكَيْسَ الكَيْسَ يَا جَابِرُ. يَعْنِي الوَلَدَ. (مسدد) أي: ابن مسرهد. (عن هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (عن سيار) هو وردان. (في غزوة) هي غزوة تبوك. (فلما قفلنا) بفتح القاف أي: رجعنا. (تعجلت) أي: أسرعت بالسير. (قطوف) أي: بطيء. (حديث عهد بعرس) أي: قريب زمن بتزوج. ومرَّ الحديث في الجهاد وغيره (¬2). (الكيس الكيس) بفتح الكاف، وبالنصب على الإغراء، والكيس: الجماع والعقل، والمراد: حثه على ابتغاء الولد. 5246 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا ¬

_ (¬1) سلف برقم (1801) كتاب: العمرة، باب: لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة. (¬2) سبق برقم (2861) كتاب: الجهاد، باب: من ضرب دابة غيره في الغزو. وبرقم (4052) كتاب: المغازي، باب: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا}.

122 - باب تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة

دَخَلْتَ لَيْلًا، فَلَا تَدْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ، حَتَّى تَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ، وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ" قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَعَلَيْكَ بِالكَيْسِ الكَيْسِ" تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي الكَيْسِ. (الشّعبيّ) هو عامر بن شراحيل. وهذا طريق آخر في الحديث السابق. 122 - بَابُ تَسْتَحِدُّ المُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطُ الشَّعِثَةُ (باب: تستحد المغيبة، وتمتشط الشعثة) أي: بيان ما جاء فيهما. 5247 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا، كُنَّا قَرِيبًا مِنَ المَدِينَةِ، تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي، فَنَخَسَ بَعِيرِي بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَسَارَ بَعِيرِي كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإِبِلِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَال: "أَتَزَوَّجْتَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ " قَال: قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَال: "فَهَلَّا بِكْرًا تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ" قَال: فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقَال: "أَمْهِلُوا، حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا - أَيْ عِشَاءً - لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ". (بعنزة) هي: عصا نحو نصف الرمح، ومرَّ حديث الباب مرارًا. 123 - باب: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31]. (باب: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}) أي: لم يطلعوا عليها لعدم الشهوة. 5248 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَال: اخْتَلَفَ النَّاسُ بِأَيِّ شَيْءٍ دُوويَ جُرْحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَسَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَال: "وَمَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، كَانَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ،

124 - باب: {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} [النور: 58]

وَعَلِيٌّ يَأْتِي بِالْمَاءِ عَلَى تُرْسِهِ، فَأُخِذَ حَصِيرٌ فَحُرِّقَ، فَحُشِيَ بِهِ جُرْحُهُ". (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الطّهارة (¬1). 124 - بَابُ: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: 58] (باب: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ}) أي: باب ما جاء في ذلك. 5249 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، سَأَلَهُ رَجُلٌ: شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِيدَ، أَضْحًى أَوْ فِطْرًا؟ قَال: نَعَمْ، وَلَوْلا مَكَانِي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ - يَعْنِي مِنْ صِغَرِهِ - قَال: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلَا إِقَامَةً، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ، يَدْفَعْنَ إِلَى بِلالٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ هُوَ وَبِلالٌ إِلَى بَيْتِهِ". (عبد الله) أي: ابن المبارك. (سفيان) أي: الثّوريّ. ومرَّ حديث الباب في باب: صلاة العيدين (¬2). والغرض منه هنا: مشاهدة ابن عبّاس، وكان صغيرًا ما وقع للنساء، حين تصدقهن. 125 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ هَلْ أَعْرَسْتُمُ اللَّيلَةَ. وَطَعْنِ الرَّجُلِ ابنتَهُ فِي الخَاصِرَةِ عِنْدَ العِتَاب. (باب: قول الرَّجل لصاحبه: هل أعرستم اللّيلةَ؟ وطعن الرَّجل ابنته عند العتاب) أي: لها. ومرَّ حديث الباب مبسوطًا في أول كتاب: التَّيمُّم (¬3). ¬

_ (¬1) سلف برقم (243) كتاب: الوضوء، باب: غسل المرأة أباها الدَّم عن وجهه. (¬2) سلف برقم (962) كتاب: العيدين، باب: الخطبة بعد العيد. (¬3) سلف برقم (334) كتاب: التَّيمُّم.

68 - كتاب الطلاق

68 - كِتَابُ الطَّلَاقِ

1 - [باب] قول الله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة} [الطلاق: 1]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الطَّلَاقِ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب الطّلاق) هو لغةً: حل القيد، وشرعًا: حل عقد النِّكاح بلفظ الطّلاق ونحوه. 1 - [باب] قَوْلُ الله تَعَالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1] {أَحْصَيْنَهُ] [يس: 12]: حَفِظْنَاهُ وَعَدَدْنَاهُ، وَطَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَيُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ. (وقول الله تعالى) بالجر عطف على الطّلاق. ({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}) خص النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالنداء؛ لأنه المخاطب أصالة، وعم بالخطاب؛ لأن الحكم يعمه وأمته. وقوله: ({إِذَا طَلَّقْتُمُ}) أي: أردتم الطّلاق ({فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}) أي: لوقت شروعهن في العدة. ({وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}) أي: اضبطوها بالحفظ والعد. (وطلاق السنة) إلى آخره مفهومه، أنه إن طلقها في الحيض، أو في طهر وطأها فيه، أولم يُشهد يكون بدعيًّا، والكلام على السني، والبدعي مبسوط في كتب الفقه. 5251 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

2 - باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق

فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ". [انظر: 4908 - مسلم: 1147]- فتح 9/ 345] (أنه طلق امرأته) هي آمنة بنت غفار أو بنت عمار. قال شيخنا: والأول أَوْلى (¬1). (فليراجعها) الأمر فيه للندب عند الشّافعيّة، وبعض الأئمة. ومرَّ الحديث بشرحه في سورة الطّلاق (¬2). وقد بسطت الكلام على ذلك في: "شرح الإعلام". 2 - بَابُ إِذَا طُلِّقَتِ الحَائِضُ تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطَّلاقِ (باب: إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطّلاق) وإن كان بدعيًّا. 5252 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، قَال: طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لِيُرَاجِعْهَا" قُلْتُ: تُحْتَسَبُ؟ قَال: فَمَهْ؟ وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا" قُلْتُ: تُحْتَسَبُ؟ قَال: أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ؟ [انظر: 4908 - مسلم: 1471 - فتح 9/ 351] (فمه) أصل مه: ما استفهامية أدخل عليها هاء السكت. في الوقف مع أنها غير مجرورة، وهو قليل. أي: فما يكون إن لمْ تحتسب أو هي كلمة كفٍّ وزجر؛ أي: انزجر عنه، فإنّه لا يشكّ في وقوع الطّلاق. (قلت: تحتسب) بالبناء للمفعول أي: التطليقة. (وعن قتادة) أي: ابن دعامة. (أرأيت) أي: أخبرني، وفي نسخة: "أريته" أي: ابن عمر. ¬

_ (¬1) "الفتح" 9/ 347. (¬2) سلف برقم (4908) كتاب: التفسير، سورة الطّلاق.

3 - باب من طلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟

(إن عجز واستحمق؟) قال الخطابي: يريد أرأيت إن عجز واستحمق أيسقط عجزه وحمقه حكم الطلاق الذي أوقعه في الحيض، وهذا من المحذوف الجواب الّذي يدلُّ عليه الفحوى (¬1)، وقال النووي: أي أفيرتفع عنه الطّلاق وإن عجز واستحمق؟ وهو استفهام إنكار، وتقديره: يعم يحتسب، ولا يمتنع احتسابه، لعجزه وحماقته، وقائل هذا الكلام هو ابن عمر صاحب القصة، وإن أعاد الضمير بلفظ الغيبة، وقد جاء في رواية مسلم أنّ ابن عمر قال: ما لي لا أعتد بها أي: بالطلقة، وإن كنت قد عجزت واستحمقت (¬2). 5253 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ". [انظر: 4908 - مسلم: 1471 - فتح 9/ 351]. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (أيوب) أي: السختياني. 3 - بَابُ مَنْ طَلَّقَ، وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلاقِ؟ (باب: من طلق) أي: امرأته جاز. (وهل يواجه الرَّجل امرأته بالطلاق) جواب الاستفهام محذوف؛ أي: نعم، كما في الحديث الأوّل، أو لا كما في الثّاني. 5254 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ، أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ، لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَنَا مِنْهَا، قَالتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 3/ 2031. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 10/ 66، ورواية مسلم برقم (1471) 11 - كتاب: الطّلاق باب: تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، وأنه لو خالف وقع الطّلاق، ويؤمر برجعتها.

مِنْكَ، فَقَال لَهَا: "لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الحَقِي بِأَهْلِكِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عُرْوَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالتْ. [فتح 9/ 356] (الحميدي) هو عبد الله بن الزُّبير. (الوليد) أي: ابن مسلم (الأوزاعي) هو عبد الرّحمن بن عمرو. (أن ابنة الجون) هي أميمة بنت النعمان بن شراحيل على الصّحيح. (ودنا منها) أي: قرب منها. (الحقي) بكسر الهمزة وفتح الحاء، وقيل: بالعكس. (بأهلك) الجملة كناية عن الطّلاق. (عن جده) هو أبو منيع عبد الله بن أبي زياد. 5255 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ: لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْلِسُوا هَا هُنَا" وَدَخَلَ، وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "هَبِي نَفْسَكِ لِي" قَالتْ: وَهَلْ تَهَبُ المَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ قَال: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ، فَقَالتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَال: "قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ" ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَال: "يَا أَبَا أُسَيْدٍ، اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا". [انظر: 5257 - فتح 9/ 356] 5256 - وَقَال الحُسَيْنُ بْنُ الوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي أُسَيْدٍ، قَالا: "تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ". [انظر: 5255 - فتح 9/ 356] 5257 - ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الوَزِيرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذَا. [5637 - فتح 9/ 356]

(أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (إلى حائط) أي: بستان (يقال له: الشوط) بفتح المعجمة وسكون الواو وبطاء مهملة. (بالجونية) بفتح الجيم نسبة إلى جون: قبيلة من الأزد. (شراحيل) بفتح المعجمة، وكسر المهملة. (ومعها دايتها) الداية: هي الّتي تولد النِّساء، وقيل: هي المرضعة. (حاضنة) بالرفع والنصب. (للسُّوقة) بضم المهملة أي: لواحد من الرعية. (رازقيين) صفة محذوف أي: ثوبين بقرينة ذكرهما في الحديث الآتي، وفي نسخة: "رازقيتين" أي: جبتين رازقيتين يقال: ثياب رازقية: وهي من كتان بيض طوال. وقوله: (أكسها رازقيتين) أي: متعها بهما، تفضلًا منه عليها بناءً على أنها ليست بزوجة، كما قيل به أو ذلك متعة. بحمل الحديث على أنها كانت زوجة مفوضة لم يفوض لها شيء، والقول: بأنها كانت زوجة له مأخوذ من قول الأوزاعي: سألت الزّهريَّ أي أزواج النَّبيّ؟ إلخ، والقول: بأنها لم تكن زوجة مأخوذ من قوله - صلى الله عليه وسلم - لها: (هبي نفسك لي) إلى آخره. 5258 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي غَلَّابٍ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَال: "تَعْرِفُ ابْنَ عُمَرَ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، " فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا"، قُلْتُ: فَهَلْ عَدَّ ذَلِكَ طَلاقًا؟ قَال: "أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ؟ ". [انظر: 4908 - مسلم: 1471 - فتح 9/ 356]. (إن ابن عمر طلق امرأته) إلخ مرَّ بشرحه آنفًا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5252) كتاب: الطّلاق، باب: إذا طُلِّقت الحائض تعتد بذلك الطّلاق.

4 - باب من أجاز طلاق الثلاث

4 - بَابُ مَنْ أَجَازَ طَلاقَ الثَّلاثِ (¬1) لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَقَال ابْنُ الزُّبَيْرِ، فِي مَرِيضٍ طَلَّقَ: "لَا أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَتُهُ" وَقَال الشَّعْبِيُّ: "تَرِثُهُ" وَقَال ابْنُ شُبْرُمَةَ، " تَزَوَّجُ إِذَا انْقَضَتِ العِدَّةُ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: "أَرَأَيْتَ إِنْ مَاتَ الزَّوْجُ الآخَرُ؟ " فَرَجَعَ عَنْ ذَلِكَ. (باب: من أجاز الطّلاق الثلاث) في نسخة: "باب: من جَوَّز الطّلاق الثلاث" أي: دفعة أو مفرقة. ({الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}) قال الكرماني: ما حاصله وجه الاستدلال بالآية على جواز إيقاع الثلاث دفعة واحدة: أنه إذا جاز الجمع بين اثنتين جاز الجمع بين الثلاث، أو أنّ التسريح بإحسان عام يتناول إيقاع الثلاث دفعة، قال الأئمة الأربعة: فيمن قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا تقع الثلاث، وقال الظاهرية: يقع واحدة، وقيل: لا يقع به شيء أصلًا (¬2) انتهى. وبالجملة فقد اختلفوا وإن اتفقت الأربعة على الوقوع هل يكره، أو يحرم، أو يباح، أو لا يقع شيء، والشّافعيّة على الجواز؛ لإطلاق ¬

_ (¬1) قال: ابن جماعة في مناسبات تراجم البخاريّ ص 101: مراده توجيه إيقاع الطّلاق الثلاث إذا وقع دفعة، خلافًا لمن قال: لا يقع، وهو الحجاج بن أرطأة وقوله: وما يلزم منه هو البتات وهو يحتمل للثلاث ولم يعين في الحديث الإشارة بالخلع هل كان في دفعة أو دفعات، فدل على تساوي الحكم فيها. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 19/ 182.

قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: 236] وقوله: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، ولأن الصّحابة كانوا يطلقون كذلك من غير نكير. نعم الأفضل أن لا يطلق أكثر من واحدة خروجًا من الخلاف. (لا أرى أن ترث مبتوتة) بمثناتين وبالرفع، من البت بأن قال لها: أنت طالق البتة. (وقال الشّعبيّ: ترثه) أي: إذا كانت في العدة. (وقال ابن شبرمة) هو عبد الله قاضي الكُوفيُّ. (تزوج) بفتح أوله وضم آخره، وهو استفهام محذوف الأداة. (انقضت العدة؟ قال: نعم) أي: تزوج. (قال: أرأيت إن مات الزوج الآخر؟) ومات الأوّل أيضًا أترث زوجين قال: لا. (فرجع عن ذلك أي: عن ما قاله، فقال: ترثه ما دامت في العدة. وحاصله أنها على قوله ترث الأوّل ما دامت في عدته وترث الثّاني مطلقًا. ولا يخفى ما في كلام البخاريّ من الإجحاف مع أن قوله: (فرجع عن ذلك) إنّما يفيد رجوعه عن التزوج لا عن الإرث. 5259 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُوَيْمِرًا العَجْلانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، فَقَال لَهُ: يَا عَاصِمُ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ، جَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَال: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَال لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال عَاصِمٌ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، قَال عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسْطَ النَّاسِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا،

أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا" قَال سَهْلٌ: فَتَلاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرَغَا، قَال عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال ابْنُ شِهَابٍ: "فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ المُتَلاعِنَيْنِ". [انظر: 423 - مسلم: 1492 - فتح 9/ 361]. (أن عويمرًا العجلاني ...) إلخ مرَّ بشرحه في تفسير سورة النور (¬1). 5260 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ القُرَظِيِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي، وَإِنِّي نَكَحْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ القُرَظِيَّ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ الهُدْبَةِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ". [انظر: 2639 - مسلم: 1433 - فتح 9/ 361]. 5261 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا، فَتَزَوَّجَتْ فَطَلَّقَ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ قَال: "لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا كَمَا ذَاقَ الأَوَّلُ". [انظر: 2639 - مسلم: 1433 - فتح 9/ 362]. (ابْن الزُّبير) بفتح الزاي وكسر الموحدة. (مثل الهدبة) بضم الهاء، وفي رواية: مثل هدبة الثّوب أي: طرفه. ومرَّ الحديث في كتاب: الشهادات (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4745) كتاب: التفسير، باب: قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ}. (¬2) سبق برقم (2639) كتاب: الشهادات، باب: شادة المختبي.

5 - باب من خير نساءه

5 - بَابُ مَنْ خَيَّرَ نِسَاءَهُ وَقَوْلِ الله تَعَالى: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَاليْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28] (باب: من خيَّر نساءه) في نسخة: "باب: من خير أزواجه" أي: بين طلاقهن واستمرارهن في العصمة. (وقول الله تعالى) بالجر عطف على (مَنْ خيَّر). ({أُمَتِّعْكُنَّ}) أي: أعطكن متعة الطّلاق ({وَأُسَرِّحْكُنَّ}) أي: أطلقكن. 5262 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاخْتَرْنَا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا شَيْئًا". [5263 - مسلم 1477 - فتح 9/ 367]. (خيرنا رسول الله) أي: بين الدنيا والآخرة (فلم يَعُدَّ) بضم العين وتشديد الدال من العدد، وفي رواية: "فلم يعتد" (¬1) من الاعتداد. (ذلك) أي: التخيير (شيئًا) أي: طلاقًا. 5263 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنِ الخِيَرَةِ، فَقَالتْ: "خَيَّرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفَكَانَ طَلاقًا؟ " قَال مَسْرُوقٌ: "لَا أُبَالِي أَخَيَّرْتُهَا وَاحِدَةً أَوْ مِائَةً، بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِي". [انظر: 5262 - مسلم: 1447 - فتح 9/ 367]. (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن عامر) أي: ابن شراحيل. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (عن الخيرة) بكسر الخاء وفتح التحتية، واختلف فيما إذا اختارت نفسها هل يقع واحدة رجعية أو بائنًا، أو ثلاث؟ ¬

_ (¬1) ذكرها الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/ 368 ولم أقف عليها مسندة.

6 - باب إذا قال: فارقتك، أو سرحتك، أو الخلية، أو البرية، أو ما عني به الطلاق، فهو على نيته

ومذهبنا أنّ التخيير كناية فإذا خير الزوج امرأته، وأراد بذلك تخييرها بين أن تطلق منه وبين أن تستمر في عصمته فاختارت نفسها، وأرادت بذلك الطّلاق طلقت، وأما كونه رجعيًّا أو بائنًا فهو بحسب نيتهما، فإن نويا واحدة أو اثنتين كان رجعيًّا، أو ثلاثًا فبائن وإن اختلفت بينهما وقع ما اتفقا عليه. 6 - بَابُ إِذَا قَال: فَارَقْتُكِ، أَوْ سَرَّحْتُكِ، أَو الخَلِيَّةُ، أَو البَرِيَّةُ، أَوْ مَا عُنِيَ بِهِ الطَّلاقُ، فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49] وَقَال: {وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28] وَقَال: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَقَال: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] وَقَالتْ عَائِشَةُ: "قَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ". [فتح 9/ 369]. (باب: إذا قال) أي: لامرأته. (فارقتك أو سرحتك أو البرية) أي: مني. (أو ما عُنِي به الطّلاق فهو على نيته) إن نوى الطّلاق فيما هو كناية وقع وإلا فلا، بخلاف الصريح كفارقتك وسرحتك لا تحتاج إلى نيّة. (قول الله تعالى: ({وَسَرِّحُوهُنَّ ...}) إلى آخره لما ذكر في التّرجمة لفظ المطلقة والتسريح ذكرهما في مواضع من القرآن وبقية ما في الباب ظاهر. 7 - بَابُ مَنْ قَال لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَقَال الحَسَنُ: "نِيَّتُهُ" وَقَال أَهْلُ العِلْمِ: إِذَا طَلَّقَ ثَلاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، فَسَمَّوْهُ حَرَامًا بِالطَّلاقِ وَالفِرَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا كَالَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِطَعَامِ الحِلِّ حَرَامٌ، وَيُقَالُ لِلْمُطَلَّقَةِ حَرَامٌ. وَقَال فِي الطَّلاقِ ثَلاثًا: لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى

تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. (باب: من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام) أي: ونوى به الطّلاق وقع، وقيل: لا يحتاج فيه إلى نيّة. (نيته) أي: معتبرة في قوله: أنت عليَّ حرام فإن نوى به طلاقًا أو ظهارًا وقع وإلا فلا، وإن نواهما معًا أو مرتبًا مخير وثبت ما اختاره منهما. 5264 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ، إِذَا سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلاثًا، قَال: "لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِهَذَا، فَإِنْ طَلَّقْتَهَا ثَلاثًا حَرُمَتْ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ". [انظر: 4908 - مسلم: 1471 - فتح 9/ 371]. (وقال اللَّيث ..) إلخ أورده، تأييدًا لما قاله أهل العلم قبله، وجواب (لو) محذوف أي: لكان خيرًا، أو لكان لك الرجعة، أو أنها للتمني فلا جواب لها. 5265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فَطَلَّقَهَا، وَكَانَتْ مَعَهُ مِثْلُ الهُدْبَةِ، فَلَمْ تَصِلْ مِنْهُ إِلَى شَيْءٍ تُرِيدُهُ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ طَلَّقَهَا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي، وَإِنِّي تَزَوَّجْتُ زَوْجًا غَيْرَهُ فَدَخَلَ بِي، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلا مِثْلُ الهُدْبَةِ، فَلَمْ يَقْرَبْنِي إلا هَنَةً وَاحِدَةً، لَمْ يَصِلْ مِنِّي إِلَى شَيْءٍ، فَأَحِلُّ لِزَوْجِي الأَوَّلِ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحِلِّينَ لِزَوْجِكِ الأَوَّلِ حَتَّى يَذُوقَ الآخَرُ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ". [انظر: 2639 - مسلم: 1433 - فتح 9/ 371]. (محمّد) أي: ابن سلام. (أبو معاوية) هو محمّد بن خازم. (وكانت معه) أي: جارحة مسترخية. (مثل الهدبة) بضم الهاء. (فلم يقربني إلا هنة واحدة) بفتح الهاء والنون أي: مرّة واحدة. (لم يصل مني إلى شيء) أي: من الوطء. (فأحل) في نسخة: "أفأحل". ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2639)، كتاب: الشهادات، باب: شهادة المختبي.

8 - باب {لم تحرم ما أحل الله لك} [التحريم: 1]

8 - بَابُ {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] (باب: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}) أي: باب ما جاء في ذلك. 5266 - حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ، سَمِعَ الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: "إِذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ" وَقَال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. [انظر: 4911 - مسلم: 1473 - فتح 9/ 374]. (معاوية) أي: ابن سلام. (إذا حرم امرأته) أي: ونوى عينها. (ليس بشيء) أي: ليس بطلاق ولأن الأعيان لا توصف بذلك. (وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}) أشار به إلى قصة مارية الّتي أنزل الله فيها: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} حتّى حرَّمها النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - على نفسه. 5267 - حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: زَعَمَ عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ: أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَال: "لَا، بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ" فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1]- إِلَى - {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} [التحريم: 4] لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ} [التحريم: 3] لِقَوْلِهِ: "بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا". [انظر: 4912 - مسلم: 1474 - فتح 9/ 374]. 5268 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ العَسَلَ وَالحَلْوَاءَ، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ العَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَغِرْتُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِي:

9 - باب لا طلاق قبل النكاح

أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ، فَسَقَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالنَّ لَهُ، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: إِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَإِذَا دَنَا مِنْكِ فَقُولِي: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: لَا، فَقُولِي لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي أَجِدُ مِنْكَ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ، وَسَأَقُولُ ذَلِكِ، وَقُولِي أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ ذَاكِ، قَالتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إلا أَنْ قَامَ عَلَى البَابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُبَادِيَهُ بِمَا أَمَرْتِنِي بِهِ فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا قَالتْ لَهُ سَوْدَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَال: "لَا" قَالتْ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي أَجِدُ مِنْكَ؟ قَال: "سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ" فَقَالتْ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَيَّ قُلْتُ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى صَفِيَّةَ قَالتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى حَفْصَةَ قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَال: "لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ" قَالتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَاللَّهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ، قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي. [انظر: 4912 - مسلم: 1474 - فتح 9/ 374]. (حجاج) أي: ابن محمّد الأعور. (ريح مغافير) جمع مغفور بضم الميم، وقيل: مغفار بكسرها. ومرَّ الحديث في سورة التّحريم وغيرها (¬1). 9 - بَابُ لَا طَلاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ، فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا، فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "جَعَلَ اللَّهُ الطَّلاقَ بَعْدَ النِّكَاحِ" وَيُرْوَى فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (4912) كتاب: التفسير، باب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك}.

10 - باب إذا قال لامرأته وهو مكره: هذه أختي، فلا شيء عليه

وَعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَشُرَيْحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَطَاوُسٍ، وَالحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، وَالشَّعْبِيِّ: أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ. [فتح 9/ 381]. (باب: لا طلاق قبل النِّكاحِ) في نسخة: (باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ}) وجه استدلاله بالآية على أنه لا طلاق قبل النِّكاح. أنّ مفهوم ترتب الطّلاق على النِّكاح بـ (ثمّ) يقتضي أنه لا يكون قبله، وغرض البخاريّ بما قاله في الباب الرَّدِّ على الحنفية في قولهم: إنّه يقع قبله. 10 - بَابُ إِذَا قَال لِامْرَأَتِهِ وَهُوَ مُكْرَهٌ: هَذِهِ أُخْتِي، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَال إِبْرَاهِيمُ لِسَارَةَ: هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ". [فتح 9/ 387] (باب: إذا قال لامرأته وهو مكره: هذه أختي فلا شيء عليه) من طلاق أو ظهار أو غيرهما. (هذه أختي) مرَّ حديث الباب مبسوطًا في كتاب: الأنبياء (¬1). 11 - بَابُ الطَّلاقِ فِي الإِغْلاقِ وَالكُرْهِ، وَالسَّكْرَانِ وَالمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا، وَالغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" وَتَلا الشَّعْبِيُّ: {لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} ¬

_ (¬1) سبق برقم (3358) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}.

[البقرة: 286] " وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ المُوَسْوسِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ: "أَبِكَ جُنُونٌ" وَقَال عَلِيٌّ: بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَيَّ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَال حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إلا عَبِيدٌ لِأَبِي، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ وَقَال عُثْمَانُ: "لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلاقٌ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "طَلاقُ السَّكْرَانِ وَالمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ" وَقَال عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: "لَا يَجُوزُ طَلاقُ المُوَسْوسِ" وَقَال عَطَاءٌ: "إِذَا بَدَا بِالطَّلاقِ فَلَهُ شَرْطُهُ" وَقَال نَافِعٌ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ البَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ فَقَال ابْنُ عُمَرَ: "إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ" وَقَال الزُّهْرِيُّ: "فِيمَنْ قَال: إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلاثًا: يُسْأَلُ عَمَّا قَال وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ بِتِلْكَ اليَمِينِ؟ فَإِنْ سَمَّى أَجَلًا أَرَادَهُ وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ، جُعِلَ ذَلِكَ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ " وَقَال إِبْرَاهِيمُ: "إِنْ قَال: لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ، نِيَّتُهُ، وَطَلاقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانهِمْ " وَقَال قَتَادَةُ: "إِذَا قَال: إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلاثًا، يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، فَإِنِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ " وَقَال الحَسَنُ: "إِذَا قَال: الحَقِي بِأَهْلِكِ، نِيَّتُهُ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "الطَّلاقُ عَنْ وَطَرٍ، وَالعَتَاقُ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ" وَقَال الزُّهْرِيُّ: "إِنْ قَال: مَا أَنْتِ بِامْرَأَتِي، نِيَّتُهُ، وَإِنْ نَوَى طَلاقًا فَهُوَ مَا نَوَى " وَقَال عَلِيٌّ: "أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ القَلَمَ رُفِعَ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ " وَقَال عَلِيٌّ: "وَكُلُّ الطَّلاقِ جَائِزٌ، إلا طَلاقَ المَعْتُوهِ". [فتح 9/ 388].

(باب: الطّلاق في الإغلاق) أي: الإكراه، وقيل: الغضب. (والمكره) بضم الميم وفتح الراء عطف على (الطّلاق) بحذف مضاف أي، وحكم المكره وكذا يقال في قوله: (والسكران، والمجنون وأمرهما، والغلط، والنِّسيان). قوله: (في الطّلاق) تنازع فيه العاملان أو جميع العوامل قبله، لكن يلزم على الثّاني التكرار في المكره إن فسَّر الإغلاق بالإكراه. (والشرك) عطف على (الطّلاق) بحذف مضاف أيضًا. (وغيره) أي: غير الشرك كالخطأ وسبق اللسان والهزل. (لقول النَّبيّ) إلى آخره أشار به إلى أنّ حكم وقوع الطّلاق وغيره إنّما يتوجه إلى العاقل، المختار، العامد، الذاكر، والمكره غير مختار، والسكران، والمجنون غير عاقلين والغالط غير ذاكر والناسي غير عامد لكن ما ذكر في السكران إن كان متعديًا بسكره قولٌ، والصّحيح عند الشّافعيّة وقوع طلاقه؛ لعصيانه وإن كان غير مكلف بزوال عقله فجعل كأنه لم يزل ونفوذ طلاقه من قبيل ربط الأحكام بالأسباب، وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح البهجة" وغيره (¬1). (وما لا يجوز من إقرار الموسوس) عطف على (الطّلاق) بحذف مضاف أيضًا (ثمل) أي: سكر. (إذا بدأ بالطلاق فله شرطه) أي: فله أن يشرط له شرطًا بعده كعكسه، فلا فرق بين تقدّم الشرط عليه وتأخره عنه، خلافًا لمن قال: إن تأخره لا يفيد شيئًا. (وقال نافع) أي: لابن عمر. (طلق رجل امرأته البتة) أي: بائنًا. (إن خرجت) أي: من الدَّار مثلًا، ما حكمه إِذًا؟ إذا (قال ابن عمر: إن خرجت فقد بتت منه) بضم الموحدة أي: قطعت عن الزوج فلا رجعة له فيها، وفي نسخة: "فقد بانت منه". ¬

_ (¬1) انظر: "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" 3/ 281.

(جعل في دينه وأمانته) أي: دين فيما بينه وبين الله تعالى. (إبراهيم) أي: النخعي. (نيته) أي: تعتبر فيه؛ لأنه كناية. (وطلاق كلّ قوم بلسانهم) أي: جائز به. (يغشاها) جملة حالية. (الطّلاق عن وطر) أي: لا يبتغي وقوعه إلا عن وطر أي: حاجة كنشوز. (والعتاق) بفتح العين. (ما أريد به وجه الله) أي: لا ينبغي وقوعه إلا إن أريد به وجه الله؛ ليثاب عليه. (نيته) أي: تعتبر فيه؛ لأنه كناية. (وقال عليّ بن أبي طالب: ألم تعلم ...) إلى آخره خاطب به عمر بن الخطاب حين أتي بمجنونة حبلها قد زنت فأراد أن يرجمها، وذكره بصيغة الجزم؛ لأنه حديثٌ ثابتٌ مرفوعٌ في أبي دواد وابن حبّان (¬1). (إلا طلاق المعتوه) أي: ناقص العقل وهو شامل للسكران، لكن قدمنا صحة طلاق السكران المتعدي لعصيانه. 5269 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ" قَال قَتَادَةُ: "إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ". [انظر: 2528 - مسلم: 127 - فتح 9/ 388]. (هشام) أي: الدستوائي. (قتادة) أي: ابن دعامة. (أنفسها) بالنصب على المفعولية، وبالرفع على الفاعلية. 5270 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (4402) كتاب: الحدود، باب: في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا وابن حبّان 1/ 356 (143) كتاب: الإيمان، باب: التكليف. وفيه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن ثلاثة ... " ومنهم "عن المعتوه حتّى يبرأ". وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" دون قوله: لعلّ الّذي أتاها وهي في بلائها.

12 - باب الخلع وكيف الطلاق فيه؟

أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَقَال: إِنَّهُ قَدْ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّهِ الَّذِي أَعْرَضَ، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَدَعَاهُ فَقَال: "هَلْ بِكَ جُنُونٌ؟ هَلْ أَحْصَنْتَ" قَال: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أُدْرِكَ بِالحَرَّةِ فَقُتِلَ. [5272، 6814، 6816، 6820، 6826، 7168 - مسلم: 1691 م- فتح 9/ 388]. 5271 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: أَتَى رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَنَادَاهُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الآخَرَ قَدْ زَنَى - يَعْنِي نَفْسَهُ - فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الآخَرَ قَدْ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقَال لَهُ ذَلِكَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لَهُ الرَّابِعَةَ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ فَقَال: "هَلْ بِكَ جُنُونٌ؟ " قَال: لَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ" وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ. [6815، 6825، 7167 - مسلم: 1691 - فتح 9/ 389] 5272 - وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ، قَال: "كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالحَرَّةِ، فَرَجَمْنَاهُ حَتَّى مَاتَ". [انظر: 5270 - مسلم: 1691 م- فتح 9/ 389] (أصبغ) أي: ابن الفرج المصري. (ابن وهب) هو عبد الله. (أن رجلا من أسلم) هو ماعز بن مالك الأسلمي. (فلما أذلقته الحجارة) بذال معجمة أي: أصابته بعدها فعقرته. (جمز) بجيمٍ وزاي أي: أسرع هاربًا من القتل. (حتى أدرك) بالبناء للمفعول. 12 - بَابُ الخُلْعِ وَكَيْفَ الطَّلاقُ فِيهِ؟ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229]- إِلَى قَوْلِهِ - {الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] وَأَجَازَ عُمَرُ

الخُلْعَ دُونَ السُّلْطَانِ وَأَجَازَ عُثْمَانُ، الخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا وَقَال طَاوُسٌ: {إلا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] فِيمَا افْتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي العِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ، وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ السُّفَهَاءِ: لَا يَحِلُّ حَتَّى تَقُولَ لَا أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ. (باب: الخلع) بضم الخاء، من الخلع بفتحها، وهو لغةً: النزع، سمي به؛ لأن كلا من الزوجين لباس الآخر قال تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187]، فكأنه بمفارقة الآخر نزع لباسه، وشرعًا: فرقة بعوضٍ مقصودٍ يحصل للزوج أو لسيده. (وكيف الطلاق فيه) أي: في الخلع. (وقول الله تعالى) بالجر عطف على الخلع. ({وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلا أَنْ يَخَافَا} الآية) في نسخة: عقب {شَيْئًا}: "إلى قوله: {الظَّالِمُونَ} ". (دون السلطان) أي: دون حضوره بنفسه أو بنائبه. (وأجاز عثمان الخلع) أي: أجازه ببذل جميع ما تملكه المرأة. (دون عقاص رأسها) وهو الخيط الذي يعقص به أطراف رأسها. {إلا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} أي: (فيما افترض لكل واحد منهما على صاحبه في العشرة والصحبة، ولم يقل) أي: طاوس. (لا يحل) أي: الخلع. (حتى تقول) أي: الزوجة لا أغتسل لك من جنابة، تريد بذلك منعه من وطئها، لتكون ناشزًا. 5273 - حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلامِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " قَالتْ: نَعَمْ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً". [5274، 5275، 5276، 5276، 5277 - فتح 9/ 395].

(خالد) أي: الحذاء. (ما أعتب) بضم الفوقية وكسرها. (في خلق) بضم الخاء واللام. (ولا دين، ولكن أكره الكفر) أي: الوقوع فيما يقتضيه في الإسلام، لكوني أكرهه طبعًا. (حديقته) أي: بستانه الذي أصدقها إياه. (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) الأمر فيهما للإرشاد والإصلاح لا للإيجاب. (قال: أبو عبد الله) أي: البخاري. (لا يتابع) بالبناء للمفعول أي: أزهر بن جميل. (فيه) أي: في الحديث. (عن ابن عباس). وقوله: (قال: أبو عبد الله. . .) إلخ ساقط من نسخة. 5274 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ أُخْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ: بِهَذَا، وَقَال: "تَرُدِّينَ حَدِيقَتَهُ؟ " قَالتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْهَا، وَأَمَرَهُ يُطَلِّقْهَا وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَطَلِّقْهَا". [انظر: 5273 - فتح 9/ 395]. (خالد) أي: الطحان. 5275 - وَعَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال: جَاءَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَعْتِبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ، وَلَكِنِّي لَا أُطِيقُهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ" قَالتْ: نَعَمْ. [انظر: 5273 - فتح 9/ 395]. 5276 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المُبَارَكِ المُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: جَاءَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ، إلا أَنِّي أَخَافُ الكُفْرَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " فَقَالتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا. [انظر: 5273 - فتح 9/ 395].

13 - باب الشقاق، وهل يشير بالخلع عند الضرورة؟

(قراد) بضم القاف وتخفيف الراء، لقب عبد الرحمن بن غزوان. (أبو نوح) لقبه. (عن أيوب) أي: السختياني. (شماس) بفتح المعجمة وتشديد الميم. 5277 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ جَمِيلَةَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ. [انظر: 5273 - فتح 9/ 395] (سليمان) أي: ابن حرب. (حماد) أي: ابن زيد. 13 - بَابُ الشِّقَاقِ، وَهَلْ يُشِيرُ بِالخُلْعِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ؟ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} إِلَى قَوْلِهِ: {خَبِيرًا} [النساء: 35]. (باب: الشقاق) أي: باب بيان حكمه. (وهل يشير) أي: الولي أو الحاكم. (بالخلع عند الضرورة؟) جواب الاستفهام محذوف أي: نعم (وقول الله تعالى) عطف على (الشقاق) وفي نسخة: "وقوله تعالى" {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} أي: خلافًا، وأصله: شقاقًا بينهما فحذف تنوينه وأضيف إلى الظرف اتساعًا. 5278 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيِّ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ بَنِي المُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يَنْكِحَ عَلِيٌّ ابْنَتَهُمْ، فَلَا آذَنُ". [انظر: 926 - مسلم: 2449 - فتح 9/ 403]. (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبد الرحمن. ومرَّ حديث الباب بشرحه في باب: ذَبّ الرجل عن ابنته (¬1). قال الكرماني: ومطابقة الحديث للترجمة: أن ¬

_ (¬1) سبق برقم (5230) كتاب: النكاح، باب: ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف.

14 - باب لا يكون بيع الأمة طلاقا

فاطمة رضي الله عنها لم تكن راضية بما ذكر فيه وكان الشقاق بينها وبين عليّ - رضي الله عنه - متوقعًا فأراد - صلى الله عليه وسلم - دفع وقوعه (¬1). 14 - بَابُ لَا يَكُونُ بَيْعُ الأَمَةِ طَلاقًا 5279 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ: إِحْدَى السُّنَنِ أَنَّهَا أُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا، وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالبُرْمَةُ تَفُورُ بِلَحْمٍ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ البَيْتِ، فَقَال: "أَلَمْ أَرَ البُرْمَةَ فِيهَا لَحْمٌ" قَالُوا: بَلَى، وَلَكِنْ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ قَال: "عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ". [انظر: 456 - مسلم: 1075، 1504 - فتح 9/ 404]. (باب: لا يكون بيع الأمة طلاقًا) أي: عند الأكثر، وفي نسخة: بدل (طلاقًا) "طلاقها". ومرَّ حديث الباب في أوئل كتاب: الصلاة وغيرها (¬2). 15 - بَابُ خِيَارِ الأَمَةِ تَحْتَ العَبْدِ (باب: خيار الأمة تحت العبد) أي: بيان جوازه إذا عتقت؛ لأنها تتغير به. 5280 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَهَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "رَأَيْتُهُ عَبْدًا" يَعْنِي زَوْجَ بَرِيرَةَ. [5281، 5282، 5283 - فتح 9/ 406]. (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني " 19/ 200. (¬2) سبق برقم (456) كتاب: الصلاة، باب: البيع والشراء على المنبر في المسجد.

16 - باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة

(وهمام) أي: ابن يحيى البصري. (رأيته عبدًا) فائدته: الرد على من زعم أنه كان حرًّا حين أُعتقت بريرة. 5281 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "ذَاكَ مُغِيثٌ عَبْدُ بَنِي فُلانٍ - يَعْنِي زَوْجَ بَرِيرَةَ - كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ المَدِينَةِ، يَبْكِي عَلَيْهَا". [انظر: 5280 - فتح 9/ 407]. (وهيب) أي: ابن خالد. 5282 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا أَسْوَدَ، يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، عَبْدًا لِبَنِي فُلانٍ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ وَرَاءَهَا فِي سِكَكِ المَدِينَةِ". [انظر: 5280 - فتح 9/ 407]. (عبد الوهاب) أي: الثقفي. 16 - بَابُ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ (¬1). (باب: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في زوج بريرة) أي: لترجع إلى عصمته. 5283 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعبَّاسٍ: "يَا عَبَّاسُ، أَلا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا" فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ رَاجَعْتِهِ" قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي؟ قَال: "إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ" قَالتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ. [انظر: 5280 - فتح 9/ 408]. ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 101: مقصوده أن شفاعة الحاكم بالصلح بين الزوجين أو لأحد الخصمين عند الآخر جائز ولا يعد ذلك ميلا منه معه، ولذلك أشار به بالخلع والشفاعة إلى الزوج فيه، لا يعد عند الحاجة إليه.

17 - باب

(محمد) أي: ابن سلام البيكندي. (خالد) أي: الحذاء. (لو راجعته؟) في نسخة: "لو راجعتيه؟ " بتحتية بعد الفوقية وهي لغة قليلة. (قال: إنما) في نسخة: "قال: لا إنما". 17 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. 5284 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَأَبَى مَوَالِيهَا إلا أَنْ يَشْتَرِطُوا الوَلاءَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" وَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: إِنَّ هَذَا مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَال: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ" حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَزَادَ: فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا. [انظر: 456 - مسلم: 1075، 1504 - فتح 9/ 410]. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (عن إبراهيم) أي: النخعي. 18 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221] (باب: قول الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} جواب (لو) معلوم مما قبله. 5285 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ النَّصْرَانِيَّةِ وَاليَهُودِيَّةِ، قَال: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ المُشْرِكَاتِ عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَلَا أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيْئًا أَكْبَرَ مِنْ أَنْ تَقُولَ المَرْأَةُ: رَبُّهَا عِيسَى، وَهُوَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ. [فتح 9/ 416] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (إن الله حرم المشركات على المؤمنين) محمول على عبدة الأوثان والمجوس، أو أخذ ابن عمر بعموم آية البقرة

19 - باب نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن

وجعل آية المائدة وهي {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} من منسوخه وبه جزم بعضهم، والجمهور على أن ما في البقرة مخصوص بآية المائدة. (أكبر) يقرأ بموحدة ومثلثة. 19 - بَابُ نِكَاحِ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ المُشْرِكَاتِ وَعِدَّتِهِنَّ (باب: نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن) أي: بيان حكمها. 5286 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَقَال عَطَاءٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " كَانَ المُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُؤْمِنِينَ: كَانُوا مُشْرِكِي أَهْلِ حَرْبٍ، يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَمُشْرِكِي أَهْلِ عَهْدٍ، لَا يُقَاتِلُهُمْ وَلَا يُقَاتِلُونَهُ، وَكَانَ إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ، فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إِلَيْهِ، وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ، وَلَهُمَا مَا لِلْمُهَاجِرِينَ - ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَهْلِ العَهْدِ مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ - وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَهْلِ العَهْدِ لَمْ يُرَدُّوا، وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ". [فتح 9/ 417]. (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (لم تخطب) حتى تحيض وتطهر، لاحتمال أنها حامل. (منهم) أي: من أهل الحرب. (ولهما) أي: للعبد والأمة بعد هجرتهما. (ما للمهاجرين) الأحرار من الاحترام كما يحترم المعاهد. 5287 - وَقَال عَطَاءٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "كَانَتْ قَرِيبَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا مُعَاويَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَتْ أُمُّ الحَكَمِ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ تَحْتَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ الفِهْرِيِّ، فَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمانَ الثَّقَفِيُّ". [فتح 9/ 418]. (قريبة) بالتصغير والتكبير. (فتزوجها عبد الله بن عثمان الثقفي) استشكل عدم ردها إلى أهل مكة مع وقوع الصلح بيننا وبينهم في الحديبية على أن من جاء إلينا رددناه، ومن جاء منا لم يردوه. وأجيب:

20 - باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي

بأن النساء لم يدخلن في أصل الصلح، ويؤيده ما في رواية: على أن لا يأتيك منا رجل إلا رددته (¬1)، وبأن حكم النساء منسوخ بآية -أي: بمفهوم آية. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10]، إذ فيها {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ} أي: المؤمنات {إِلَى الْكُفَّارِ}. 20 - بَابُ إِذَا أَسْلَمَتِ المُشْرِكَةُ أَو النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الذِّمِّيِّ أَو الحَرْبِيِّ وَقَال عَبْدُ الوَارِثِ: عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "إِذَا أَسْلَمَتِ النَّصْرَانِيَّةُ قَبْلَ زَوْجِهَا بِسَاعَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ" وَقَال دَاوُدُ: عَنْ إِبْراهِيمَ الصَّائِغِ، سُئِلَ عَطَاءٌ: عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ العَهْدِ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا فِي العِدَّةِ، أَهِيَ امْرَأَتُهُ؟ قَال: "لَا، إلا أَنْ تَشَاءَ هِيَ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَصَدَاقٍ" وَقَال مُجَاهِدٌ: "إِذَا أَسْلَمَ فِي العِدَّةِ يَتَزَوَّجُهَا" وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] وَقَال الحَسَنُ، وَقَتَادَةُ: فِي مَجُوسِيَّيْنِ أَسْلَمَا: هُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَأَبَى الآخَرُ بَانَتْ، لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: امْرَأَةٌ مِنَ المُشْرِكِينَ جَاءَتْ إِلَى المُسْلِمِينَ، أَيُعَاوَضُ زَوْجُهَا مِنْهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] قَال: "لَا، إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَهْلِ العَهْدِ وَقَال مُجَاهِدٌ: هَذَا كُلُّهُ فِي صُلْحٍ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ. (باب: إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي) ¬

_ (¬1) أخرجها أبو داود (2765) كتاب: الجهاد، باب: في صلح العدو، وابن حبان 11/ 223 (4872) كتاب: السير، باب: الموادعة والمهادنة.

21 - باب قول الله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} إلى قوله {سميع عليم} [البقرة: 226 - 227]

جواب إذا محذوف أي: حصلت الفرقة عند البخاري كما يعلم مما يأتي، وكذا عند الشافعية: إن أسلمت قبل الدخول أو بعده ولم يسلم هو في العدة وإلا فالفرقة من الإسلام. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن خالد) أي: الحذاء. (داود) أي: ابن الفرات. (عن إبراهيم) أي: ابن ميمون. (أيعاوض؟) في نسخة: "أيعاض؟ " من المعاوضة أي: أيعطى؟ زوجها منها عِوَضَ صداقها. 5288 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: كَانَتِ المُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ، قَال لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ" لَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غَيْرَ أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِالكَلامِ، وَاللَّهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ إلا بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ: "قَدْ بَايَعْتُكُنَّ" كَلامًا. [انظر: 2713 - مسلم: 1866 - فتح 9/ 420] (إذا أخذ عليهن) أي: عهد المبايعة. 21 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} إِلَى قَوْلِهِ {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226 - 227] فَإِنْ فَاءُوا رَجَعُوا. (باب: قول الله تعالى) في نسخة: بدل (تعالى) "-عزَّ وجلَّ -". {لِلَّذِينَ

{يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)} [البقرة: 226، 227] أي: بنيتهم {فَاءُوا} أي: رجعوا، والإيلاء لغة: الحلف وهو الذي صدر من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشرعًا: حلف زوج يصح طلاقه على امتناع من وطء الزوجة مطلقًا أو أكثر من أربعة أشهر وكان الإيلاء طلاقًا في الجاهلية فخصه الشرع بذلك والكلام على ما يتعلق به يطلب من كتب الفقه. والترجمة بتمام الآية هو ما في كثير من النسخ، وفي نسخة: "باب: قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}، وفي أخرى: "باب: الإيلاء، وقول الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ. . .} الآية. 5289 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: "آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتْ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلَيْتَ شَهْرًا؟ فَقَال: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ". [انظر: 378 - مسلم: 411 - فتح 9/ 25]. (عن أخيه) هو عبد الحميد. (سليمان) أي: ابن بلال. (آلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه) أي: شهرًا. (في مشربة) أي: غرفة. ومر الحديث في كتاب: النكاح (¬1). 5290 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَقُولُ فِي الإِيلاءِ الَّذِي سَمَّى اللَّهُ: "لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَ الأَجَلِ إلا أَنْ يُمْسِكَ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَعْزِمَ بِالطَّلاقِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ". [فتح 9/ 426]. 5291 - وقَال لِي إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، إِذَا مَضَتْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5201) كتاب: النكاح، باب: قول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}.

22 - باب حكم المفقود في أهله وماله

أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ: يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ. وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَائِشَةَ، وَاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (يوقف) أي: الحكم. وقوله: (حدثنا قتيبة بن سعيد) إلى آخر الباب ساقط من نسخة. 22 - باب حُكْمِ المَفْقُودِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ (¬1) وَقَال ابْنُ المُسَيِّبِ: "إِذَا فُقِدَ فِي الصَّفِّ عِنْدَ القِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً" وَاشْتَرَى ابْنُ مَسْعُودٍ جَارِيَةً، وَالتَمَسَ صَاحِبَهَا سَنَةً، فَلَمْ يَجِدْهُ، وَفُقِدَ، فَأَخَذَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ، وَقَال: "اللَّهُمَّ عَنْ فُلانٍ فَإِنْ أَتَى فُلانٌ فَلِي وَعَلَيَّ، وَقَال: هَكَذَا فَافْعَلُوا بِاللُّقَطَةِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: نَحْوَهُ وَقَال الزُّهْرِيُّ: فِي الأَسِيرِ يُعْلَمُ مَكَانُهُ: "لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ، وَلَا يُقْسَمُ مَالُهُ، فَإِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ المَفْقُودِ. (باب: حكم المفقود في أهله وماله) أي: الذي فقد أهله أو ماله. (تربص) أي: تتربص فحذفت إحدى التاءين. (اللهم عن فلان) أي: هذا عنه (فإن أتى فلان على) أي: فثواب ذلك لي وعلي أن أدفع إليه الثمن ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 102: مقصوده بما ذكر من الأخبار والآثار أن المفقود زوجها تعارضت فيها الأدلة، هل تصبر بمدة ثم تفسخ؟ أو تصبر أبدًا؟ وذلك أن حديث اللقطة يشتمل على الغنم الذي يخاف ضياعه، فإن فيه الإذن في التصرف فيه فكذلك المرأة تبقى سنة ثم تتصرف في نفسها بعد اتفاق الحاكم بتطليقة وبه قال ابن المسيب، واشتمل أيضًا على الإبل التي لا يخاف ضياعها وتستمر على حالها فكذلك المرأة تستمر على بقاء النكاح إلى أن يتحقق وفاته أو عدم تعميره وهو ظاهر. اختيار البخاري؛ لأن بقاء النكاح ممكن كما أن بقاء الإبل ممكن فكما لا يتصرف الملتقط في الإبل فكذلك لا تتصرف المرأة في نفسها، لكن يعارض ما فيه من خوف المرأة كما لا يخفى، لعدم القدرة على حقوقها وغير ذلك.

23 - باب الظهار وقول الله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} إلى قوله {فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} [المجادلة:1 - 4]

وهذا التعليق ساقط من نسخة. (وقال ابن عباس) ساقط من أخرى. 5292 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الغَنَمِ، فَقَال: "خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ" وَسُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ، فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَقَال: "مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا الحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ، تَشْرَبُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا" وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَال: "اعْرِفْ وكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، وَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُهَا، وَإِلَّا فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ" قَال سُفْيَانُ: فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَال سُفْيَانُ: وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا - فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ حَدِيثَ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ فِي أَمْرِ الضَّالَّةِ، هُوَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ؟ قَال: نَعَمْ، قَال يَحْيَى: وَيَقُولُ رَبِيعَةُ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَال سُفْيَانُ: فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ فَقُلْتُ لَهُ. [انظر: 91 - مسلم: 1722 - فتح 9/ 430]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (والسقاء) هو قربة الماء والمراد: بطن ضالة الإبل. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: اللقطة (¬1). 23 - باب الظِّهَارِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إِلَى قَوْلِهِ {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 1 - 4]. وَقَال لِي إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ، عَنْ ظِهَارِ العَبْدِ، فَقَال: نَحْوَ ظِهَارِ الحُرِّ قَال مَالِكٌ: "وَصِيَامُ العَبْدِ شَهْرَانِ" وَقَال الحَسَنُ بْنُ الحُرِّ: "ظِهَارُ الحُرِّ وَالعَبْدِ، مِنَ الحُرَّةِ وَالأَمَةِ، سَوَاءٌ" وَقَال عِكْرِمَةُ: "إِنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ إِنَّمَا الظِّهَارُ مِنَ النِّسَاءِ" وَفِي العَرَبِيَّةِ: لِمَا قَالُوا: أَيْ فِيمَا قَالُوا، وَفِي بَعْضِ مَا قَالُوا، وَهَذَا أَوْلَى، لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى ¬

_ (¬1) سبق برقم (2428) كتاب: اللقطة، باب: ضالة الغنم.

24 - باب الإشارة في الطلاق والأمور

المُنْكَرِ وَقَوْلِ الزُّورِ. [فتح 9/ 432]. (باب: الظهار) مأخوذ من الظهر؛ لأن صورته الأصلية أن يقول لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي، وكان طلاقًا في الجاهلية كالإيلاء فغير الشرع حكمه إلى تحريمها بعد العود ولزوم الكفارة، وحقيقته الشرعية تشبيه الزوج زوجته في الحرمة بمحرمه، والكلام على ما يتعلق به يطلب من كتب الفقه. (وقول الله تعالى) عطف على الظهار. (وصيام العبد شهران) أي: كالحر. (من النساء) أي: الزوجات. (وفي العربية) تستعمل اللام في نحو: قوله تعالى: {لِمَا قَالُوا} بمعنى: في (¬1). (أي: فيما قالوا). (وفي بعض ما قالوا) بموحدة ومهملة، وفي نسخة: بنون وقاف وهي أصح. (وهذا) أي: معنى {يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ينقضون ما قالوا. (أولى) من قول داود الظاهري معنى العود: تكرير كلمة الظهار. (لأن الله تعالى لم يدل على المنكر وقول الزور). ولو كان المعنى ما قاله داود لكان الله دالًا عليهما وهو محال، والواو في قوله: (وفي) بمعنى: أو على نسخة. (بعض) ولا تفسير على نسخة: "نقض". 24 - بَابُ الإِشَارَةِ فِي الطَّلاقِ وَالأُمُورِ (¬2) وَقَال ابْنُ عُمَرَ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا" فَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ [انظر: 1304].وَقَال كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَيْ: "خُذِ النِّصْفَ" ¬

_ (¬1) مجيء اللام بمعنى: (في) قال به الكوفيون ووافقهم ابن قتيبة وابن مالك وغيرهما. والبصريون يردون ذلك، ويجعلونه على التضمين. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 102 - 103: مقصوده بما ذكر من الحديث والآثار أن الإشارة إذا فهمت من الأخرس وغيره نزلت منزلة اللفظ في ترتب الأحكام عليها وأن الشرع اعتبرها في الحكم كاللفظ.

[انظر 457]. وَقَالتْ أَسْمَاءُ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الكُسُوفِ، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ وَهِيَ تُصَلِّي، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى الشَّمْسِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ نَعَمْ. [انظر: 86] وَقَال أَنَسٌ، أَوْمَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ. [انظر: 680] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ، أَوْمَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ: "لَا حَرَجَ". [انظر: 84] وَقَال أَبُو قَتَادَةَ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ: "آحَدٌ مِنْكُمْ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا" قَالُوا: لَا، قَال: "فَكُلُوا". [انظر: 1821 - فتح: 9/ 435] (باب: الإشارة في الطلاق والأمور) أي: بيان حكمها فيهما. 5293 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَكَانَ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ، أَشَارَ إِلَيْهِ وَكَبَّرَ". [انظر: 1607 - مسلم: 1267 - فتح: 9/ 436] وَقَالتْ زَيْنَبُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فُتِحَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ" وَعَقَدَ تِسْعِينَ. [انظر: 3346 - مسلم: 2880] (إبراهيم) أي: ابن طهمان. (عن خالد) أي: الحذاء. 5294 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فِي الجُمُعَةِ سَاعَةٌ، لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَسَأَلَ اللَّهَ خَيْرًا إلا أَعْطَاهُ" وَقَال بِيَدِهِ، وَوَضَعَ أُنْمُلَتَهُ عَلَى بَطْنِ الوُسْطَى وَالخِنْصِرِ، قُلْنَا: يُزَهِّدُهَا. [انظر: 935 - مسلم: 852 - فتح: 9/ 436] (لا يوافقها مسلم) في نسخة: "عبد مسلم" (يزهدها) من التزهيد: وهو التقليل.

5295 - وَقَال الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الحَجَّاجِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: عَدَا يَهُودِيٌّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَارِيَةٍ، فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا، وَرَضَخَ رَأْسَهَا، فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِي آخِرِ رَمَقٍ وَقَدْ أُصْمِتَتْ، فَقَال لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَتَلَكِ؟ " فُلانٌ لِغَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ لَا، قَال: فَقَال لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ: أَنْ لَا، فَقَال: "فَفُلانٌ" لِقَاتِلِهَا، فَأَشَارَتْ: أَنْ نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. [انظر: 2413 - مسلم: 1672 - فتح: 9/ 436] (فأخذ أوضاحًا) أي: حليًا. (رمق) أي: نفس. (أصمتت) بالبناء للمفعول أي: اعتقل لسانها فلم تستطع النطق. (فأمر به رسول الله. .) إلى آخره أي بعد قيام الحجة عليه بأنه قتلها بدليل رواية: فاعترف فأمر به فرضخ رأسه (¬1) (أن لا) لفظة (أن) في المواضع الثلاثة تفسيرية. 5296 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الفِتْنَةُ مِنْ [هَا هُنَا] " وَأَشَارَ إِلَى المَشْرِقِ. [انظر: 3104 - مسلم: 2905 - فتح: 9/ 436] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. ومر الحديث في بدء الخلق، في باب: صفة إبليس وجنوده (¬2). 5297 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا غَرَبَتِ ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد 3/ 203 وأبو داود (4527) كتاب: الديات، باب: يقاد من القاتل والترمذي (1394) كتاب: الديات، باب: ما جاء فيمن رضخ رأسه بصخرة. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "صحيح أبو داود" صحيح. (¬2) سبق برقم (3279) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

الشَّمْسُ، قَال لِرَجُلٍ: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ، ثُمَّ قَال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ، إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، ثُمَّ قَال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ" فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى المَشْرِقِ، فَقَال: "إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ". [انظر: 1941 - مسلم: 11014 - فتح: 9/ 436] (عن أبي إسحاق) هو سليمان بن فيروز. (فاجدح لي) أي: بلَّ السويق بالماء أو اللبن. (لو أمسيت) جواب (لو) محذوف أي: لكنت متمًّا للصوم أو هي للتمني فلا جواب لها، ومرَّ الحديث في الصوم (¬1). 5298 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ نِدَاءُ بِلالٍ - أَوْ قَال أَذَانُهُ - مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّمَا يُنَادِي - أَوْ قَال يُؤَذِّنُ - لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ - كَأَنَّهُ يَعْنِي - الصُّبْحَ أَو الفَجْرَ" وَأَظْهَرَ يَزِيدُ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَدَّ إِحْدَاهُمَا مِنَ الأُخْرَى. [انظر: 621 - مسلم: 1093 - فتح: 9/ 436] (عن سليمان) أي: ابن طرخان. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل النهدي. (ليرجع قائمكم) بالنصب على أن يرجع من الرجع، وبالرفع على أنه من الرجوع، والمعنى: ليعود إلى الاستراحة بأن ينام ساعة قبل الصبح. (وليس) أي: في أذان بلال. (أن يقول) طلع الصبح أو الفجر كما أشار إليه بقوله: (كأنه) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (يعني) بإخباره عن بلال. (الصبح أو الفجر) أي: طلوعه. (وأظهر يزيد يديه) من الظهور بمعنى: ¬

_ (¬1) سبق برقم (1941) كتاب: الصوم، باب: الصوم في السفر والإفطار.

25 - باب اللعان

العلو أي: رفع يديه إشارة إلى سورة الفجر الكاذب. (ثم مدَّ إحداهما من الأخرى) إشارة إلى الفجر الصادق. ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 5299 - وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ البَخِيلِ وَالمُنْفِقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ لَدُنْ ثَدْيَيْهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا المُنْفِقُ: فَلَا يُنْفِقُ شَيْئًا إلا مَادَّتْ عَلَى جِلْدِهِ، حَتَّى تُجِنَّ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا البَخِيلُ: فَلَا يُرِيدُ يُنْفِقُ إلا لَزِمَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا، فَهُوَ يُوسِعُهَا فَلَا تَتَّسِعُ " وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى حَلْقِهِ. [انظر: 1443 - مسلم: 1021 - فتح: 9/ 436] (من لدن ثدييهما) أي: من عندهما. (ماذت) بتشديد الدال أي: الجنة أي: طالت. (حتى تجن) بضم الفوقية وكسر الجيم أي: تستر. (بنانه) أي: أطراف أصابعه. (وتعفو) أي: تمحو. (أثره) الحادث في الأرض من مشيه. (كل حلقة) بسكون اللام. ومر الحديث في الزكاة (¬2). 25 - باب اللِّعَانِ. وَقَوْلِ اللهِ تَعَالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلا أَنْفُسُهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنَ الصَّادِقِينَ} فَإِذَا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ، بِكِتَابَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ بِإِيمَاءٍ مَعْرُوفٍ، فَهُوَ كَالْمُتَكَلِّمِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَازَ الإِشَارَةَ فِي الفَرَائِضِ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الحِجَازِ وَأَهْلِ العِلْمِ، " وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا؟} وَقَال الضَّحَّاكُ، {إلا رَمْزًا} [آل عمران: 41] "إلا إِشَارَةً" وَقَال بَعْضُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (621) كتاب: الآذان، باب: الآذان قبل الفجر. (¬2) سبق برقم (1443) كتاب: الزكاة، باب: مثل المتصدق والبخيل.

النَّاسِ: لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ، ثُمَّ زَعَمَ: أَنَّ الطَّلاقَ بِكِتَابٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ إِيمَاءٍ جَائِزٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ الطَّلاقِ وَالقَذْفِ فَرْقٌ، فَإِنْ قَال: القَذْفُ لَا يَكُونُ إلا بِكَلامٍ، قِيلَ لَهُ: كَذَلِكَ الطَّلاقُ لَا يَجُوزُ إلا بِكَلامٍ، وَإِلَّا بَطَلَ الطَّلاقُ وَالقَذْفُ، وَكَذَلِكَ العِتْقُ، وَكَذَلِكَ الأَصَمُّ يُلاعِنُ " وَقَال الشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ: "إِذَا قَال أَنْتِ طَالِقٌ، فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ، تَبِينُ مِنْهُ بِإِشَارَتِهِ" وَقَال إِبْرَاهِيمُ: "الأَخْرَسُ إِذَا كَتَبَ الطَّلاقَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ" وَقَال حَمَّادٌ: "الأَخْرَسُ وَالأَصَمُّ إِنْ قَال بِرَأْسِهِ، جَازَ". (باب: اللعان) هو لغة مصدر لاعن وقد يستعمل جمعًا للعن: وهو الطرد والإبعاد، وشرعا: كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به، أو إلى نفي ولد، والكلام على ما يتعلق به يطلب من كتب الفقه. (وقول الله) عطف على (اللعان). (الضحاك) هو ابن مزاحم الهلالي. {إلا رَمْزًا} أي: إلا (إشارة). (لا حد ولا لعان) أي: بالإشارة. ثم أشار البخاري إلى رده بقوله: (زعم. . .) إلى آخره. (تبين) أي: تطلق. 5300 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو سَاعِدَةَ" ثُمَّ قَال بِيَدِهِ فَقَبَضَ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ بَسَطَهُنَّ كَالرَّامِي بِيَدِهِ، ثُمَّ قَال: "وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ". [انظر: 3789 - مسلم: 2511 - فتح: 9/ 439] (قتيبة) أي: ابن سعيد البغلاني. ومرَّ الحديث في مناقب الأنصار (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3789) كتاب: مناقب الأنصار، باب: فضل دور الأنصار.

5301 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال أَبُو حَازِمٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ، أَوْ: كَهَاتَيْنِ. وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى. [انظر: 4936 - مسلم: 2950 - فتح: 9/ 439] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار الأعرج. ومر الحديث بشرحه في تفسير سورة {وَالنَّازِعَاتِ} (¬1). 5302 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:: "الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا" - يَعْنِي: ثَلاثِينَ - ثُمَّ قَال: "وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا" - يَعْنِي تِسْعًا وَعِشْرِينَ - يَقُولُ: مَرَّةً ثَلاثِينَ، وَمَرَّةً تِسْعًا وَعِشْرِينَ. [انظر: 1900 - مسلم: 1080 - فتح: 9/ 439] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. ومرَّ الحديث بشرحه في الصوم (¬2). 5303 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَال: وَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ اليَمَنِ: "الإِيمَانُ هَا هُنَا - مَرَّتَيْنِ - أَلا وَإِنَّ القَسْوَةَ وَغِلَظَ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ - حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ - رَبِيعَةَ وَمُضَرَ". [انظر: 3302 - مسلم: 51 - فتح: 9/ 439] (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم (في الفدادين) جمع فداد وهو المصوت عند أو ثاب الإبل. ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4936) كتاب: التفسير، باب: سورة {وَالنَّازِعَاتِ}. (¬2) سبق برقم (1908) كتاب: الصوم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "إذا رأيتم الهلال. . . ." (¬3) سبق برقم (3302) كتاب: بدء الخلق، باب: خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال.

26 - باب إذا عرض بنفي الولد

5304 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، قَال: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا" وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. [6005 - فتح: 9/ 439] (عن سهل) أي: ابن سعد الساعدي. 26 - باب إِذَا عَرَّضَ بِنَفْيِ الوَلَدِ. (¬1). (باب: إذا عرَّض بنفي الولد) أي: بيان حكم ما إذا عرض رجل في سؤاله بنفي الولد، والتعريض: ذكر شيء يفهم منه شيء آخر لم يذكر. 5305 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ لِي غُلامٌ أَسْوَدُ، فَقَال: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "مَا أَلْوَانُهَا؟ " قَال: حُمْرٌ، قَال: "هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "فَأَنَّى ذَلِكَ؟ " قَال: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ، قَال: "فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ". [6847 - 7314 - مسلم: 1500 - فتح: 9/ 442] (أن رجلا) اسمه: ضمضم بن قتادة. (من أورق) هو ما في لونه بياض إلى سواد. 27 - باب إِحْلافِ المُلاعِنِ. (باب: إحلاف الملاعن) أي: تحليفه، والمراد به هنا: نطقه بكلمات اللعان المعروفة. ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 103: ظاهر مقصوده بالباب أن التعريض بالطلاق ليس له حكم التصريح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتبر ذلك من الرجل ولا رتب عليه حكمه، وما قدمه من اعتبار الإشارة بمقتضى اعتبار التعريض، وهو مذهب مالك، وأجاب عن الحديث أن الرجل لم يعرض بالقذف بل كان متريبًا في النسب ريبة يضرب المثل له.

28 - باب يبدأ الرجل بالتلاعن

5306 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَأَحْلَفَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا". [انظر: 4748 - مسلم: 1494 - فتح: 9/ 444] (جويرية) أي: ابن أسماء. (أن رجلا من الأنصار) هو عويمر العجلاني. ومرَّ الحديث مع حديثي البابين الآتيين في سورة النور (¬1). 28 - بَابُ يَبْدَأُ الرَّجُلُ بِالتَّلاعُنِ 5307 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ هِلال بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَجَاءَ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ " ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ. [انظر: 2671 - فتح: 9/ 445] (باب: يبدأ الرجل بالتلاعن) أي: وجوبًا. 29 - بَابُ اللِّعَانِ، وَمَنْ طَلَّقَ بَعْدَ اللِّعَانِ. (باب: اللعان ومن طلق بعد اللعان) ذكر اللعان الأول هنا ليس مقصودًا. 5308 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُوَيْمِرًا العَجْلانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، فَقَال لَهُ: يَا عَاصِمُ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَجَعَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4748) كتاب: التفسير، باب: قوله {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)}.

30 - باب التلاعن في المسجد

عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَال: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَال لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَال عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَطَ النَّاسِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا" قَال سَهْلٌ: فَتَلاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلاعُنِهِمَا، قَال عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ سُنَّةَ المُتَلاعِنَيْنِ. [انظر: 423 - مسلم: 1492 - فتح: 9/ 446] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (لا أنتهي) في نسخة: (ما أنتهي). 30 - بَابُ التَّلاعُنِ فِي المَسْجِدِ (باب: التلاعن في المسجد) أي: بيان حكمه. 5309 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ المُلاعَنَةِ، وَعَنِ السُّنَّةِ فِيهَا، عَنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ مَا ذَكَرَ فِي القُرْآنِ مِنْ أَمْرِ المُتَلاعِنَيْنِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ قَضَى اللَّهُ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ" قَال: فَتَلاعَنَا فِي المَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَلَمَّا فَرَغَا قَال: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَا مِنَ التَّلاعُنِ، فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: ذَاكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ كُلِّ مُتَلاعِنَيْنِ قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتِ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلاعِنَيْنِ. وَكَانَتْ حَامِلًا، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لِأُمِّهِ، قَال: ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ، قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي هَذَا الحَدِيثِ، إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنْ

31 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت راجما بغير بينة"

جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلَا أُرَاهَا إلا قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ، ذَا أَلْيَتَيْنِ، فَلَا أُرَاهُ إلا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا" فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى المَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ. [انظر: 423 - مسلم: 1492 - فتح: 9/ 452] (يحيى) أي: ابن جعفر البخاري. (عبد الرزاق) أي: ابن همام الصنعاني. (أعين) أي: واسع العين، ومرَّ الحديث في التفسير (¬1). 31 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت راجمًا بغير بينة") جواب (لو) محذوف أي: لرجمت هذه. 5310 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ ذُكِرَ التَّلاعُنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، فَقَال عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا الأَمْرِ إلا لِقَوْلِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلًا آدَمَ كَثِيرَ اللَّحْمِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ بَيِّنْ" فَجَاءَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ، فَلاعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا. قَال رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي المَجْلِسِ: هِيَ الَّتِي قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، رَجَمْتُ هَذِهِ" فَقَال: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلامِ السُّوءَ قَال أَبُو صَالِحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: آدَمَ خَدِلًا. [5316، 6855، 6856، 7238 - مسلم: 1497 - فتح: 9/ 454] (مصفرًا) أي: كثيرة الصفرة. (خدلًا) بفتح المعجمة وسكون ¬

_ (¬1) سبق برقم (4746) كتاب: التفسير، باب: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)}.

32 - باب صداق الملاعنة

المهملة وكسرها أي: ضخمًا. (آدم) بالمد أي: أسمر. 32 - باب صَدَاقِ المُلاعَنَةِ. (باب: صداق الملاعنة) أي: بيان حكمه. 5311 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَقَال: فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي العَجْلانِ، وَقَال: "اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ" فَأَبَيَا، وَقَال: "اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ" فَأَبَيَا، فَقَال: "اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ" فَأَبَيَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَال أَيُّوبُ: فَقَال لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، إِنَّ فِي الحَدِيثِ شَيْئًا لَا أَرَاكَ تُحَدِّثُهُ؟ قَال: قَال الرَّجُلُ مَالِي؟ قَال: قِيلَ: "لَا مَال لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْتَ بِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْكَ". [5312، 5349، 5350 - مسلم: 1493 - فتح: 9/ 456] (إسماعيل) أي: ابن علية. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن سعيد) أي: ابن جبير. (كاذب) في نسخة: "لكاذب". (لا مال لك) لام (لك) للبيان كما في آية: {هَيْتَ لَكَ}. 33 - بَابُ قَوْلِ الإِمَامِ لِلْمُتَلاعِنَيْنِ: "إِنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ"؟ (باب: قول الإمام للمتلاعنين: إن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5312 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، عَنْ حَدِيثِ المُتَلاعِنَيْنِ، فَقَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَلاعِنَيْنِ: "حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا" قَال: مَالِي؟ قَال: "لَا مَال لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ

34 - باب التفريق بين المتلاعنين

كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ" قَال سُفْيَانُ: حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو وَقَال أَيُّوبُ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ لاعَنَ امْرَأَتَهُ، فَقَال: بِإِصْبَعَيْهِ - وَفَرَّقَ سُفْيَانُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى - فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي العَجْلانِ"، وَقَال: "اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ" ثَلاثَ مَرَّاتٍ " قَال سُفْيَانُ: حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو وَأَيُّوبَ كَمَا أَخْبَرْتُكَ. [انظر: 5311 - مسلم: 1493 - فتح: 9/ 457] (سفيان) أي: ابن عيينة. (فقال بإصبعيه) هو من إطلاق القول على الفعل. 34 - بَابُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ المُتَلاعِنَيْنِ (باب: التفريق بين المتلاعنين) ساقط من نسخة، ولفظ: (باب) ساقط من أخرى، والترجمة ساقطة من أخرى. 5313 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ قَذَفَهَا، وَأَحْلَفَهُمَا". [انظر: 4748 - مسلم: 1494 - فتح: 9/ 458] (وأحلفها) أي: لاعنها. 5314 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "لاعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا". [انظر: 4748 - مسلم: 1494 - فتح: 9/ 458] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عبيد الله) أي: العمري. وهذا طريق في الحديث قبله. 35 - بَابُ يَلْحَقُ الوَلَدُ بِالْمُلاعِنَةِ 5315 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الوَلَدَ

36 - باب قول الإمام: اللهم بين

بِالْمَرْأَةِ. [انظر: 4748 - مسلم: 1494 - فتح: 9/ 460] (باب: يلحق الولد بالملاعنة) أي: إن انتفاه الزوج، وحديث الباب ظاهر. 36 - بَابُ قَوْلِ الإِمَامِ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ (باب: قول الإمام: اللهم بيِّن) أي: بيان ما جاء فيه. 5316 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القَاسِمِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَال: ذُكِرَ المُتَلاعِنَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، فَقَال عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا الأَمْرِ إلا لِقَوْلِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِي وَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ آدَمَ خَدْلًا كَثِيرَ اللَّحْمِ، جَعْدًا قَطَطًا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ بَيِّنْ" فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَهَا، فَلاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، فَقَال رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي المَجْلِسِ: هِيَ الَّتِي قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ هَذِهِ"؟ فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ السُّوءَ فِي الإِسْلامِ. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (قال في ذلك قولًا) هو لو وجد الرجل مع امرأته رجلًا أيضربه بالسيف حتى يقتله؟ (فأتاه رجل) هو عويمر. (ما ابتليت بهذا) أي: في رجل من قومي. (إلا لقولي) أي: لسؤالي عما لم يقع. (قططا) بفتحات، أي: شديد الجعودة. (كانت تظهر السوء) أي: الفاحشة، ومر الحديث في باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت راجمًا أحدا بغير بينة" (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5310) كتاب: الطلاق، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة".

37 - باب إذا طلقها ثلاثا، ثم تزوجت بعد العدة زوجا غيره، فلم يمسها

37 - بَابُ إِذَا طَلَّقَهَا ثَلاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ العِدَّةِ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَلَمْ يَمَسَّهَا (باب: إذ طلقها ثلاثًا ثم تزوجت بعد العدة زوجًا غيره فلم يمسها) جواب (إذا) محذوف أي: لا تحل للأول. 5317 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رِفَاعَةَ القُرَظِيَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إلا مِثْلُ هُدْبَةٍ، فَقَال: "لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ". [انظر: 2639 - مسلم: 1433 - فتح: 9/ 464] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عبدة) هو لقب عبد الرحمن بن سليمان الكوفي. (مثل هدبة) أي: هدبة الثوب أي: طرفه في الارتخاء. ومرَّ الحديث، في باب: أجاز طلاق الثلاث (¬1). 38 - باب {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4]. قَال مُجَاهِدٌ: "إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا يَحِضْنَ أَوْ لَا يَحِضْنَ، وَاللَّائِي قَعَدْنَ عَنِ المَحِيضِ، وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4]. (باب) ساقط من نسخة. وفي أخرى: "كتاب: العدد". (باب: قول الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ} جواب قوله تعالى: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} وإليه أشار مع زيادة، بقوله: (قال: مجاهد. . .) إلى آخره. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5260) كتاب: الطلاق، باب: من أجاز طلاق الثلاث.

39 - باب {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق: 4]

39 - باب {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]. (باب) ساقط من نسخة. {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} أي: سواء المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن. 5318 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا سُبَيْعَةُ، كَانَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا، تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ حُبْلَى، فَخَطَبَهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَهُ، فَقَال: "وَاللَّهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ تَنْكِحِيهِ حَتَّى تَعْتَدِّي آخِرَ الأَجَلَيْنِ"، فَمَكُثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ، ثُمَّ جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "انْكِحِي". [انظر: 4909 - مسلم: 1485 - فتح: 9/ 469] (ابنة أبي سلمة) في نسخة: "بنت أبي سلمة". (سبيعة) بالتصغير بنت الحارث. (كانت تحت زوجها) هو سعد بن خولة. (آخر الأجلين) أي: أربعة أشهر وعشرا. (انكحي) أي: لأن عدتك انقضت بوضع الحمل. 5319 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الأَرْقَمِ، أَنْ يَسْأَلَ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ، كَيْفَ أَفْتَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالتْ: "أَفْتَانِي إِذَا وَضَعْتُ أَنْ أَنْكِحَ". [انظر: 3991 - مسلم: 1484 - فتح: 9/ 469] (إلى ابن الأرقم) هو عمر بن عبد الله. 5320 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ: أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، "فَأَذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ". [فتح: 9/ 470] (نفست) بضم النون أكثر من فتحها أي: ولدت.

40 - باب قول الله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228]

40 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالى: {وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]. وَقَال إِبْرَاهِيمُ: "فِيمَنْ تَزَوَّجَ فِي العِدَّةِ، فَحَاضَتْ عِنْدَهُ ثَلاثَ حِيَضٍ: بَانَتْ مِنَ الأَوَّلِ، وَلَا تَحْتَسِبُ بِهِ لِمَنْ بَعْدَهُ " وَقَال الزُّهْرِيُّ: "تَحْتَسِبُ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَى سُفْيَانَ" يَعْنِي قَوْلَ الزُّهْرِيِّ " وَقَال مَعْمَرٌ: "يُقَالُ: أَقْرَأَتِ المَرْأَةُ إِذَا دَنَا حَيْضُهَا، وَأَقْرَأَتْ إِذَا دَنَا طُهْرُهَا، وَيُقَالُ: مَا قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ، إِذَا لَمْ تَجْمَعْ وَلَدًا فِي بَطْنِهَا. [فتح: 9/ 476] (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} وهو خبر بمعنى: الأمر (وقال إبراهيم) أي: النخعي. (فيمن تزوج في العدة) امرأة طلقها زوجها طلاقًا رجعيًّا (فحاضت عنده) أي: عند الثاني (ثلاث حيض: بانت من الأول) لانقضاء عدتها منه. (ولا تحتسب) هي. (به) أي: بحيضها. (لمن بعده) أي: للثاني تعتد عدة أخرى له، لتعدد المستحق. (وقال الزهري) هو محمد بن مسلم. (تحتسب) بحيضها للثاني كالأول فتكفي لهما عدة واحدة. (وهذا أحب إلى سفيان) أي: الثوري. (وقال معمر) هو أبو عبيدة بن المثنى. (يقال: أقرأت المرأة. .) إلى آخره غرضه: أن القرء يستعمل بمعنى: الحيض والطهر فهو من الأضداد، لكن المراد بالقرء عند الشافعية: الطهر وهو ما احتوشه (دمان) أي: دما حيضتين أو حيض ونفاس. (ويقال: ما قرأت) أي: المرأة (بسلًا) بفتح المهملة والتنوين أي: بغشاء الولد. (إذا لم يجمع ولدًا في بطنها) فإن جمعته فيه قرأت بسلاه.

41 - باب قصة فاطمة بنت قيس

41 - بَابُ قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَقَوْلِ اللَّهِ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ، وَلَا يَخْرُجْنَ إلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]، {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ، وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} - إِلَى قَوْلِهِ - {بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 6 - 7]. (باب) ساقط من نسخة. (قصة فاطمة بنت قيس) أي: ابن خالد بن وهب بن ثعلبة. (وقول الله -عزَّ وجلَّ -) عطف على (قصة فاطمة). {وَاتَّقُوا اللَّهَ} كذا في نسخة، وفي أخرى: " {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} "، وفي أخرى عقب ذلك: "الآية" وفي أخرى عقبه "آايات" أولها: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} وآخرها: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}. 5321، 5322 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ: أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَكَمِ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيِنَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ، وَهُوَ أَمِيرُ المَدِينَةِ: "اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدْهَا إِلَى بَيْتِهَا" قَال مَرْوَانُ - فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ -: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَكَمِ غَلَبَنِي، وَقَال القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَوَمَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟ قَالتْ: "لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ"، فَقَال مَرْوَانُ بْنُ الحَكَمِ: إِنْ كَانَ بِكِ شَرٌّ، فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ. [5323، 5324، 5325، 5326، 5327، 5328 - مسلم: 1481 - فتح: 9/ 477] (إسماعيل). أي: ابن أبي أويس. (أنه) يحيى بن سعيد.

(فانتقلها) أي: نقلها. (لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة) أرادت عائشة بذلك أنك لا تحتج في تركك نقلها إلى بيت زوجها بحديث فاطمة بنت قيس؛ لأن انتقالها من بيت زوجها كان لعلة. (فحسبك ما بين هذين) أي: عمرة وزوجها يحيى بن سعيد. 5323، 5324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالتْ: "مَا لِفَاطِمَةَ أَلا تَتَّقِي اللَّهَ" يَعْنِي فِي قَوْلِهَا: لَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ. [انظر: 5321، 5322 - مسلم: 1481 - فتح: 9/ 477] (يعني في قولها: لا سكنى ولا نفقة) أي: للمطلقة البائن على الزوج، والحال أنها تعرف قصتها يقينًا في أنها إنما أمرت بالانتقال لعذر وعلة كانت بها. 5325، 5326 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، قَال عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِعَائِشَةَ: أَلَمْ تَرَيْ إِلَى فُلانَةَ بِنْتِ الحَكَمِ، طَلَّقَهَا زَوْجُهَا البَتَّةَ فَخَرَجَتْ؟ فَقَالتْ: "بِئْسَ مَا صَنَعَتْ" قَال: أَلَمْ تَسْمَعِي فِي قَوْلِ فَاطِمَةَ؟ قَالتْ: "أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا خَيْرٌ فِي ذِكْرِ هَذَا الحَدِيثِ" وَزَادَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَابَتْ عَائِشَةُ، أَشَدَّ العَيْبِ، وَقَالتْ: "إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ، فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" [انظر: 5321، 5322 - مسلم: 1481 - فتح: 9/ 477] (ابن مهدي) هو عبد الرحمن. (سفيان) أي: الثوري. (ألم ترين) في نسخة: "ألم ترى". (ليس لها خير في ذكر هذا الحديث) أي: لأن الشخص لا ينبغي له أن ينكر شيئًا عليه فيه غضاضة. (رخص لها النبي) أي: في انتقالها.

42 - باب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها: أن يقتحم عليها أو تبذو على أهلها بفاحشة

42 - بَابُ المُطَلَّقَةِ إِذَا خُشِيَ عَلَيْهَا فِي مَسْكَنِ زَوْجِهَا: أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيْهَا أَوْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْلِهَا بِفَاحِشَةٍ (¬1) (باب: المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها أن يقتحم) أي: يهجم. (عليها أو تبذو) بمعجمة أي: تصول. (على أهلها) في نسخة: "على أهله". (بفاحشة) متعلق بـ (تبذو) من البذاءة بالمد: وهي الفحش. قاله الجوهري (¬2) وجواب (إذا) محذوف أي: تنتقل إلى مسكن آخر. 5327، 5328 - حَدَّثَنِي حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، "أَنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ". [انظر: 5321، 5322 - مسلم: 1481 - فتح: 9/ 481] (حبان) بكسر المهملة أي: ابن موسى المرزوي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أنكرت ذلك) أي: القول بأنه: لا نفقة ولا سكنى للمطلقة البائن. (على فاطمة) أي: بنت قيس. 43 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228]: مِنَ الحَيْضِ وَالحَبَلِ. (¬3) ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 103: ذكر في الترجمة الخوف عليها والخوف منها، والحديث يقتضي عليها وقاس الخوف منها على الخوف عليها ويؤيده قول عائشة لها في بعض طرق الحديث: أخرجك هذا اللسان فكان الزيادة لم تكن على شرطه فضمتها الترجمة قياسًا. (¬2) "الصحاح" مادة [بذا] 6/ 2279. (¬3) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 104: استنبط اعتبار قولها في الحيض والحمل بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أحابستنا هي" فرتب حبس الحاج على مجرد قولها، فدل على أنه معتبر في العدة والحمل والحيض.

44 - باب {وبعولتهن أحق بردهن} [البقرة: 228] في العدة، وكيف يراجع المرأة إذا طلقها واحدة أو ثنتين؟

(باب: قول الله تعالى: {أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} أي: من (الحيض والحبل) بموحدة مفتوحة، وفي نسخة: (والحمل) بميم ساكنة ومعناهما واحد. 5329 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْفِرَ، إِذَا صَفِيَّةُ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً، فَقَال لَهَا: "عَقْرَى أَوْ حَلْقَى، إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قَالتْ: نَعَمْ، قَال: "فَانْفِرِي إِذًا". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 9/ 481] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (أن ينفر) أي: في حجة الوداع. (كئيبة) أي: حزينة. (عقرى) أي: عقرك الله في جسدك. (أو حلقى) أي: حلقك الله أي: أصابك بوجع في حلقك، والشك من الرواي. (فانفري إذا) أي: لأن طواف الوداع لا يلزم الحائض. ومرَّ الحديث في كتاب: الحج (¬1). 44 - بَابُ {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] فِي العِدَّةِ، وَكَيْفَ يُرَاجِعُ المَرْأَةَ إِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ؟ (باب: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} في العدة، وكيف يراجع المرأة إذا طلقها وحداةً أو ثنتين؟) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5330 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ، قَال: "زَوَّجَ مَعْقِلٌ أُخْتَهُ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً". [انظر: 4529 - فتح: 9/ 482] (محمد) أي: ابن سلام. (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1650) كتاب: الحج، باب: تقضي الحائض المناسك كلها.

(يونس) أي: ابن عبيد البصري. (معقل) أي: ابن يسار. (أخته) هي جميلة بالتصغير. 5331 - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ، أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ، كَانَتْ أُخْتُهُ تَحْتَ رَجُلٍ، فَطَلَّقَهَا ثُمَّ خَلَّى عَنْهَا، حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ خَطَبَهَا، فَحَمِيَ مَعْقِلٌ مِنْ ذَلِكَ أَنَفًا، فَقَال: خَلَّى عَنْهَا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَخْطُبُهَا، فَحَال بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] إِلَى آخِرِ الآيَةِ "فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ"، فَتَرَكَ الحَمِيَّةَ وَاسْتَقَادَ لِأَمْرِ اللَّهِ. [انظر: 4529 - فتح: 9/ 482] (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (ثم خلى عنها) بمعجمة ولام مشددة أي: تركها. (فحمي) بكسر الميم (معقل من ذلك أنفًا) بفتح النون والفاء منونة، يقال: حميمت عن كذا حمية بالتشديد إذا أنفت منه وداخلك عار (وهو يقدر عليها) أي: على رجعتها قبل إنقضاء عدتها، ومرَّ الحديث في سورة البقرة (¬1). 5332 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ عِنْدَهُ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضِهَا، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا حِينَ تَطْهُرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجَامِعَهَا: "فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ" وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَال لِأَحَدِهِمْ: "إِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلاثًا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ" وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ، عَنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، قَال ابْنُ عُمَرَ: "لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4529) كتاب: التفسير، باب: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}.

45 - باب مراجعة الحائض

النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِهَذَا". [انظر: 4908 - مسلم: 1471 - فتح: 9/ 482] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (أمر الله) أي: أمر ندب عند الشافعية. ومرَّ الحديث في باب: من قال لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمي (¬1). 45 - باب مُرَاجَعَةِ الحَائِضِ. (باب: مراجعة الحائض) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5333 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَال: "طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُطَلِّقَ مِنْ قُبُلِ عِدَّتِهَا" قُلْتُ: فَتَعْتَدُّ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ؟ قَال: أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ؟. (حجاج) أي: ابن منهال. (سألت ابن عمر) أي: عمَّن طلق امرأته وهي حائض. (أرأيت) أي: أخبرني، أيرتفع عنه الطلاق؟ (إن عجز واستحمق) وهو استفهام إنكار. والمعنى: نعم يحتسب ولا يمنع احتسابه، لعجزه وحماقته، ومرَّ الحديث في أول الطلاق (¬2). 46 - بَابُ تُحِدُّ المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَقَال الزُّهْرِيُّ: "لَا أَرَى أَنْ تَقْرَبَ الصَّبِيَّةُ المُتَوَفَّى عَنْهَا الطِّيبَ، لِأَنَّ عَلَيْهَا العِدَّةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ الثَّلاثَةَ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5264) كتاب: الطلاق، باب: من قال لامرأته: أنت علي حرام. (¬2) سبق برقم (5251) كتاب: الطلاق، باب: قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}.

(باب: تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرًا). (تُحد) بضم التاء وكسر الحاء وبالفتح والضم يقال: أحدت المرأة على زوجها فهي مُحِدَّةٌ، وحدَّت فهي حادَّة إذا تركت الزينة. 5334 - قَالتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ، خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالتْ: وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، إلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا". [انظر: 1280 - مسلم: 1486 - فتح: 9/ 484] 5335 - قَالتْ زَيْنَبُ، فَدَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالتْ: أَمَا وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، إلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا". [انظر: 1282 - مسلم: 1487 - فتح: 9/ 484] (أخوها) هو عبد الله بن جحش. (أربعة أشهر وعشرًا) أي: بلياليها. 5336 - قَالتْ زَيْنَبُ، وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ، تَقُولُ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَتَكْحُلُهَا؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا" مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: "لَا" ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ". [5338، 5706 - مسلم: 1488 - فتح: 9/ 484] (اشتكت عينها) بالرفع على الفاعلية، وبالنصب على المفعولية والفاعل مستتر أي: المرأة. (أفتكحلها؟) بضم الحاء.

47 - باب الكحل للحادة

5337 - قَال حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ، وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ؟ فَقَالتْ زَيْنَبُ: "كَانَتِ المَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ، حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ، فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إلا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً، فَتَرْمِي، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ" سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ؟ قَال: "تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا". [مسلم: 1489 - فتح: 9/ 484] (حفشًا) بكسر المهملة: بيت صغير (تفتض به) بفاء ومعجمة من فضضت الشيء إذا كسرته أو فرقته أي: كانت تكسر ما كانت فيه من الحداد بتلك الدابة، وقيل: معناه: تتنطف أخذًا من الفضة تشبيها له بنقائها وبياضها. ومعنى الرمي بالبعرة: أن حداد السنة في جنب ما للزوج عليهن من الحرمة بمنزلة البعرة أو أنهن يرين أن مقامهن سنة كان أهون من رمي بعرة، والغرض مما ذكر أنك لا تستكثرين العدة الإسلامية ومنع الاكتحال فإنها مدة قليلة بالنسبة إلى ما كانت في الجاهلية. 47 - بَابُ الكُحْلِ لِلْحَادَّةِ (باب: الكحل للحادَّة) أي: بيان حكمه. 5338 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا، أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا، فَخَشُوا [عَلَى] عَيْنَيْهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الكُحْلِ، فَقَال: "لَا تَكَحَّلْ، قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ أَحْلاسِهَا أَوْ شَرِّ بَيْتِهَا، فَإِذَا كَانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعَرَةٍ، فَلَا حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ". [انظر: 5336 - مسلم: 1488 - فتح: 9/ 490] 5339 - وَسَمِعْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ، تُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، إلا عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا". [انظر: 1280 - مسلم: 1486 - فتح: 490]

48 - باب القسط للحادة عند الطهر

(فخشوا عينيها) أي: خافوا عليها، وأصله: خشيوا بوزن: علموا استثقلت الضمة على الياء فحذفت، فاجتمع ساكنان، فحذفت الياء لذلك، وضمت الشين، لتصح الواو. (أحلاسها) جمع حلس وهو الثوب أو الكساء الرقيق تحت البردعة. (أو شر بيتها) شك من الرواي. (فمر كلب) أي: عليها. (رمت ببعرة) أي: لترمي من حضرها فإن مقامها حولًا أهون عليها من بعرة ترمي بها كلبًا. 5340 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: "نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثٍ إلا بِزَوْجٍ". [انظر: 313 - مسلم: 938 - فتح: 9/ 490] (بشر) أي: ابن المفضل. (إلا بزوج) أي: لسببه، وفي نسخة: "إلا على زوج". 48 - بَابُ القُسْطِ لِلْحَادَّةِ عِنْدَ الطُّهْرِ (باب: القسط) بضم القاف: عود تتبخر به (الحادة عن الطهر) أي: بيان حكم ذلك. 5341 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالتْ: "كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إلا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا نَكْتَحِلَ، وَلَا نَطَّيَّبَ، وَلَا نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ، إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا، فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ". [انظر: 313 - مسلم: 938 - فتح: 9/ 491] (عن أيوب) أي: السختياني. (عن حفصة) أي: بنت سيرين. (إلا ثوب عصب) بفتح العين وسكون الصاد المهملتين: برود اليمن. (في نبذة) أي: شيء قليل. (من كست) بكاف وتاء بدل القاف والطاء في قسط فهما لغتان. (أظفار) صوابه: "ظفار" كما في نسخة.

49 - باب تلبس الحادة ثياب العصب

وهو موضع بساحل عدن (¬1). ومر الحديث في كتاب: الحيض (¬2). 49 - بَابُ تَلْبَسُ الحَادَّةُ ثِيَابَ العَصْبِ (باب: تلبس الحادة ثياب العصب) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 5342 - حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالتْ: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاثٍ إلا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا لَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إلا ثَوْبَ عَصْبٍ". [انظر: 313 - مسلم: 938 - فتح: 9/ 492] (عن هشام) أي: ابن حسان القردوسي. ومرَّ الحديث في كتاب: الجنائز (¬3). 5343 - وَقَال الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَتْنَا حَفْصَةُ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ عَطِيَّةَ، "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَمَسَّ طِيبًا، إلا أَدْنَى طُهْرِهَا إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ". [انظر: 313 - مسلم: 938 - فتح: 9/ 492] (إلا أدنى طهرها إذا) بمعنى: أول، أو بمعنى: عند أي: في أول طهرها أو عنده. (نبذة) بالنصب بدل من (طيبًا). (قال أبو عبد الله:) إلى آخره ساقط من نسخة، وأشار به إلى أن الكاف في الكست تبدل من القاف كما أنها أبدلت منها في الكافور. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 60. (¬2) سبق برقم (313) كتاب: الحيض، باب: الطيب للمرأة عند غسلها من الحيض. (¬3) سبق برقم (1278) كتاب: الجنائز، باب: اتباع النساء الجنائز.

50 - باب {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} إلى قوله: {بما تعملون خبير} [البقرة: 234]

50 - باب {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} إلى قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 234]. (باب: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} إلى قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 5344 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] قَال: "كَانَتْ هَذِهِ العِدَّةُ تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} قَال: "جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً، إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 240] فَالعِدَّةُ كَمَا هِيَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا " زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَال عَطَاءٌ: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] وَقَال عَطَاءٌ: "إِنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهَا، وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 234] قَال عَطَاءٌ: "ثُمَّ جَاءَ المِيرَاثُ فَنَسَخَ السُّكْنَى، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلَا سُكْنَى لَهَا". [انظر: 4531 - فتح: 9/ 493] 5345 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، لَمَّا جَاءَهَا نَعِيُّ أَبِيهَا، دَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَحَتْ ذِرَاعَيْهَا، وَقَالتْ: مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا". [انظر: 1280 - مسلم: 1486 - فتح: 9/ 493]

51 - باب مهر البغي والنكاح الفاسد

(وقال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهلها. . .) إلى آخره حاصله: أن المعتدة لا يلزمها سكنى منزلها، وهو مذهب أبي حنيفة، والمشهور عند الشافعي: أنه يلزمها ذلك، وقد مرَّ بيانه أيضًا في تفسير سورة البقرة (¬1). 51 - بَابُ مَهْرِ البَغِيِّ وَالنِّكَاحِ الفَاسِدِ وَقَال الحَسَنُ: "إِذَا تَزَوَّجَ مُحَرَّمَةً وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَهَا مَا أَخَذَتْ، وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُ" ثُمَّ قَال بَعْدُ: "لَهَا صَدَاقُهَا". (باب: مهر البغي والنكاح الفاسد) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5346 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ". [انظر: 2237 - مسلم: 1567 - فتح: 9/ 494] (سفيان) أي: ابن عيينة. 5347 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَنَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَكَسْبِ البَغِيِّ، وَلَعَنَ المُصَوِّرِينَ". [انظر: 2086 - فتح: 9/ 494] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (وكسب البغي) أي: كسب الزانية بزناها. 5348 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ". [انظر: 2283 - فتح: 9/ 494] (عن أبي حازم) هو سلمان الأشجعي. (عن كسب الإماء) أي: من ¬

_ (¬1) سبق برقم (4531) كتاب: التفسير، باب: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا}.

52 - باب المهر للمدخول عليها، وكيف الدخول، أو طلقها قبل الدخول والمسيس

وجه محرم كالزنا. ومرَّت الأحاديث الثلاثة في كتاب: البيع (¬1). 52 - بَابُ المَهْرِ لِلْمَدْخُولِ عَلَيْهَا، وَكَيْفَ الدُّخُولُ، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالمَسِيسِ (¬2) (باب: المهر للمدخول عليها، وكيف الدخول؟ أو إذا طلقها قبل الدخول والمسيس) (كيف الدخول؟) عطف على (المهر) وما بعد على الدخول. 5349 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ؟ فَقَال: فَرَّقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي العَجْلانِ، وَقَال: "اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ " فَأَبَيَا، فَقَال: "اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ " فَأَبَيَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا - قَال أَيُّوبُ: فَقَال لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: فِي الحَدِيثِ شَيْءٌ لَا أَرَاكَ تُحَدِّثُهُ قَال - قَال الرَّجُلُ: مَالِي؟ قَال: "لَا مَال لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْتَ بِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْكَ". [انظر: 5311 - مسلم: 1493 - فتح: 9/ 495] (إسماعيل) أي: ابن علية. (عن أيوب) أي: السختياني. ¬

_ (¬1) الحديث الأول سبق برقم (2237) كتاب: البيوع، باب: بيع الميتة والأصنام. الحديث الثاني سبق برقم (2086) كتاب: البيوع، باب: موكل الربا. الحديث الثالث سبق برقم (2283) كتاب: البيوع، باب: كسب البغي والإماء. (¬2) قال بن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 104: استنبط من حديث بنى عجلان كمال المهر بالدخول بها وهو منطوق من قوله: إن كنت صادقًا فقد دخلت بها. ثم استنبط عدم كماله قبل الدخول من مفهوم قوله: إن كنت دخلت ومفهومه: إن لم يكن دخل لم يستكمل وعليه بالنصف من الآية.

53 - باب المتعة للتي لم يفرض لها

(مالي؟) أي: أطلب مالي. ومرَّ الحديث بشرحه في اللعان (¬1). 53 - بَابُ المُتْعَةِ لِلَّتِي لَمْ يُفْرَضْ لَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ، أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} - إِلَى قَوْلِهِ - {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 236 - 237] وَقَوْلِهِ: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ (241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)} [البقرة: 241 - 242] وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي المُلاعَنَةِ مُتْعَةً حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا. (باب: المتعة للتي لم يفرض لها) أي: مهر. 5350 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِلْمُتَلاعِنَيْنِ: "حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي؟ قَال: "لَا مَال لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا، فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا، فَذَاكَ أَبْعَدُ وَأَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا". [انظر: 5311 - مسلم: 1493 - فتح: 9/ 496] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. ومرَّ الحديث أيضًا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5213) كتاب: الطلاق، باب: صداق الملاعنة.

69 - كتاب النفقات

69 - كِتَابُ النَّفَقَاتِ

1 - [باب] وفضل النفقة على الأهل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 69 - كِتَابُ النَّفَقَاتِ 1 - [باب] وفَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ العَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [البقرة: 219 - 220] وَقَال الحَسَنُ: العَفْوُ: الفَضْلُ. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب النفقات) جمع نفقة من الإنفاق وهو الإخراج وجمعته باعتبار تعدد أنواعها من نفقة زوجة وقريب وغيرهما. (وفضل النفقة على الأهل) عطف على النفقات. وكذا قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ} إلى آخره. وفي نسخة: "كتاب النفقات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب: فضل النفقة على الأهل. . ." إلى آخره. ({الْعَفْوَ} الفضل) أي: الفاضل عن الحاجة. 5351 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، فَقُلْتُ: عَنِ النَّبِيِّ؟ فَقَال: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أَنْفَقَ المُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ، وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً". [انظر: 55 - مسلم: 1002 - فتح: 9/ 497] (على أهله) أي: من زوجة وولد. (كانت له صدقة) أي: كالصدقة في الثواب. ومرَّ الحديث في كتاب: الإيمان، في باب: ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (54) كتاب: الإيمان، باب: ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة.

5352 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال اللَّهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ". [انظر: 4684 - مسلم: 993 - فتح: 9/ 497] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. وحديثه مرَّ في تفسير سورة هود (¬1). 5353 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَو القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ". [6006، 6007 - مسلم: 2982 - فتح: 9/ 497] (على الأرملة) بفتح الهمزة والميم: من لا زوج لها. 5354 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ: لِي مَالٌ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَال: "لَا" قُلْتُ: فَالشَّطْرِ؟ قَال: "لَا" قُلْتُ: فَالثُّلُثِ؟ قَال: "الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ، يَنْتَفِعُ بِكَ نَاسٌ، وَيُضَرُّ بِكَ آخَرُونَ". [انظر: 56 - مسلم: 1628 - فتح: 9/ 497] (سفيان) أي: الثوري. (عن سعد) أي: ابن أبي وقاص، ومرَّ حديثه بشرحه في كتاب: الجنائز (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4684) كتاب: التفسير، باب: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}. (¬2) سبق برقم (1295) كتاب: الجنائز، باب: رثى النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة.

2 - باب وجوب النفقة على الأهل والعيال

2 - بَابُ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ وَالعِيَالِ (باب: وجوب النفقة على الأهل والعيال) عيال الرجل: من يقوتهم، فالعطف فيه من عطف العام على الخاص. 5355 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ" تَقُولُ المَرْأَةُ: إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي، وَيَقُولُ العَبْدُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي، وَيَقُولُ الابْنُ: أَطْعِمْنِي، إِلَى مَنْ تَدَعُنِي"، فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "لَا، هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ". [انظر: 1426 - فتح: 9/ 500] (الأعمش) هو سليمان. (أفضل الصدقة ما ترك) أي: للمتصدق. (غنى) أي: ما يغنيه بحيث لا يجحف به، وهو معنى: قوله في الرواية الأخرى: "ما كان عن ظهر غنى". ومرَّ الحديث في الزكاة (¬1). (تقول المرأة. . .) إلا آخره استئناف. (تدعني) أي: تكلني. (من كيس أي هريرة) بكسر الكاف أي: من كلامي لا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. 5356 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ". [انظر: 1426 - فتح: 9/ 500] (خير الصدقة. . .) إلى آخره مرَّ في الزكاة أيضًا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1426) كتاب: الزكاة، باب: لا صدقة إلا عن ظهر غِنى.

3 - باب حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله، وكيف نفقات العيال؟

3 - بَابُ حَبْسِ نَفَقَةِ الرَّجُلِ قُوتَ سَنَةٍ عَلَى أَهْلِهِ، وَكَيْفَ نَفَقَاتُ العِيَالِ؟ (باب: حبس الرجل قوت سنة على أهله، وكيف نفقات العيال) أي: باب بيان ذلك. 5357 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَال: قَال لِي مَعْمَرٌ، قَال لِي الثَّوْرِيُّ: هَلْ سَمِعْتَ فِي الرَّجُلِ يَجْمَعُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ أَوْ بَعْضِ السَّنَةِ؟ قَال مَعْمَرٌ: فَلَمْ يَحْضُرْنِي، ثُمَّ ذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ". [انظر: 2904 - مسلم: 1757 - فتح: 9/ 509] (وكيع) أي: ابن الجراح. (معمر) أي: ابن راشد. (ويحبس لأهله قوت سنتهم) أي: تطييبا لقلوبهم وتشريعًا لأمته. 5358 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَال مَالِكٌ: انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، إِذْ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا، فَقَال: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ، قَال: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، قَال: فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا فَجَلَسُوا، ثُمَّ لَبِثَ يَرْفَا قَلِيلًا، فَقَال لِعُمَرَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ قَال: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَلَمَّا دَخَلا سَلَّمَا وَجَلَسَا، فَقَال عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا، فَقَال: الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، فَقَال عُمَرُ: اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ، قَال الرَّهْطُ: قَدْ قَال ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ، فَقَال: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال ذَلِكَ؟ قَالا: قَدْ قَال ذَلِكَ. قَال عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي

هَذَا المَالِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، قَال اللَّهُ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ} [الحشر: 6] - إِلَى قَوْلِهِ - {قَدِيرٌ} [الحشر: 6]، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا المَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَال لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ يَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ، وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَذَا وَكَذَا، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَأَتَى هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ، لَتَعْمَلانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ بِهِ فِيهَا مُنْذُ وُلِّيتُهَا وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي فِيهَا، فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ فَقَال الرَّهْطُ: نَعَمْ، قَال: فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَال: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ، قَال: أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا فَأَنَا أَكْفِيَكُمَاهَا. [انظر: 2904 - مسلم: 1757 - فتح: 2/ 509] (حتى أدخل على عمر) أي: حتى دخلت عليه. (يرفأ) بفاءٍ مهموز، أو غير مهموز. (وبين هذا) أي: على. (اتَّئدوا) أي: تأنوا ولا تعجلوا.

4 - باب

(أنشدكم) أيها الرهط. (الذي به) في نسخة: "الذي بإذنه". (يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: بقوله: (نورث): (نفسه) فقط. (مجعل مال الله) أي: موضع جعله. (تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا؟) أي: منعكما ميراثكما منه - صلى الله عليه وسلم -. (وأمركما جميع) أي: مجتمع. ومرَّ الحديث في باب: فرض الخمس (¬1). 4 - باب. وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} إِلَى قَوْلِهِ: {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وَقَال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] وَقَال: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ، وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 6 - 7] وَقَال يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، " نَهَى اللَّهُ أَنْ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، وَذَلِكَ: أَنْ تَقُولَ الوَالِدَةُ: لَسْتُ مُرْضِعَتَهُ، وَهِيَ أَمْثَلُ لَهُ غِذَاءً، وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْبَى، بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يُضَارَّ بِوَلَدِهِ وَالِدَتَهُ، فَيَمْنَعَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ ضِرَارًا لَهَا إِلَى غَيْرِهَا، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْتَرْضِعَا عَنْ طِيبِ نَفْسِ الوَالِدِ وَالوَالِدَةِ، {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233] بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ " {فِصَالُهُ} [لقمان: 14]: "فِطَامُهُ". [فتح: 9/ 504] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3094) كتاب: فرض الخمس، باب: فرض الخمس.

5 - باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها، ونفقة الولد

(باب قَوْلِهِ: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} إِلَى قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (وهي أمثل) الواو للحال. (فليس لها أن تأبى) أي: إرضاعه. (إلى غيرها) أي: منتهيًا إلى رضاع غيرها. 5 - بَابُ نَفَقَةِ المَرْأَةِ إِذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَنَفَقَةِ الوَلَدِ (باب: نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ونفقة الولد) أي: بيان حكمهما. 5359 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالنَا؟ قَال: "لَا، إلا بِالْمَعْرُوفِ". [انظر: 2211 - مسلم: 1714 - فتح: 9/ 504] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (مسيك) بكسر الميم وتشديد المهملة وبالفتح والتخفيف أي: بخيل. (إلا بالمعروف) أي: بين الناس أنه قدر الكفاية. ومرَّ الحديث في المناقب (¬1). 5360 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا، عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ". [انظر: 2066 - مسلم: 1026 - فتح: 9/ 504] (يحيى) أي: ابن موسى البلخي، أو ابن جعفر البيكندي. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (عن معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3825) كتاب: مناقب الأنصار، باب: هند بنت عتبة ...

6 - باب عمل المرأة في بيت زوجها

(من غير أمره) أي: الصريح في القدر المنفق، بل فهمت ذلك من القرائن، ووقع في نسخة: تقديم هذا الباب على الباب قبله. 6 - بَابُ عَمَلِ المَرْأَةِ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا (باب: عمل المرأة في بيت زوجها) أي: باب بيانه. 5361 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي الحَكَمُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَال: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقَال: "عَلَى مَكَانِكُمَا" فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَال: "أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا - أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا - فَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ". [انظر: 3113 - مسلم: 2727 - فتح: 6/ 501] (مسدد) أي: ابن مسرهد. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (الحكم) أي: ابن عتيبة. (عن ابن أبي ليلى) هو عبد الرحمن. (فهو خير لكما من خادم) قيل: كيف يكون خيرًا من خادم بالنسبة إلى مطلوبها وهو الاستخدام؟ وأجيب: بأنه تعالى لعله يعطي للمسبح قوة يقدر بها على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم عليه، أو يسهل الأمور عليه بحيث يكون فعل ذلك بنفسه أسهل عليه من أمر الخادم بذلك، أو أن نفع التسبيح في الآخرة، ونفع الخادم في الدنيا والآخرة خير وأبقى. ومرَّ حديث الباب في الخمس، وفي المناقب (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3113) كتاب: فرض الخمس، باب: قول الله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} وبرقم (3705) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب علي بن أبي طالب.

7 - باب خادم المرأة

7 - باب خَادِمِ المَرْأَةِ. (باب: خادم المرأة) أي: بيان ما جاء فيه. 5362 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ مُجَاهِدًا، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَقَال: "أَلا أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ؟ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ" ثُمَّ قَال سُفْيَانُ: إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ، فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قِيلَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَال: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ. [انظر: 3113 - فتح: 9/ 506] (الحُميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. 8 - بَابُ خِدْمَةِ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ (باب: خدمة الرجل في أهله) أي: بيان ما جاء فيها. 5363 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَصْنَعُ فِي البَيْتِ؟ قَالتْ: "كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الأَذَانَ خَرَجَ". [انظر: 676 - فتح: 9/ 507] (في مهنة أهله) بكسر الميم أكثر من فتحها وسكون الهاء أي: خدمتهم، ففيه: أن خدمة الدار وأهلها سنة عباد الله الصالحين. ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (676) كتاب: الأذان، باب: من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة.

9 - باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف

9 - بَابُ إِذَا لَمْ يُنْفِقِ الرَّجُلُ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ (باب: إذا لم ينفق الرجل) أي: على أهله. (فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف) أي: بين الناس. 5364 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إلا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَال: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ، بِالْمَعْرُوفِ". [انظر: 2211 - مسلم: 1714 - فتح: 9/ 507] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. ومرَّ حديث الباب في باب: نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ونفقة الولد (¬1). 10 - بَابُ حِفْظِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي ذَاتِ يَدِهِ وَالنَّفَقَةِ (باب: حفظ المرأة وزوجها في ذات يده) يعني: في ماله وفي النفقة من عطف الخاص على العام. 5365 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ - وَقَال الآخَرُ: صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ - أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ " وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاويَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3434 - مسلم: 2527 - فتح: 9/ 511] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابن طاوس) هو عبد الله. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز. (وقال ¬

_ (¬1) سبق برقم (5359) كتاب: النفقة، باب: نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ....

11 - باب كسوة المرأة بالمعروف

الآخر) هو ابن طاوس. ومر حديث الباب بشرحه في كتاب: النكاح (¬1). 11 - بَابُ كِسْوَةِ المَرْأَةِ بِالْمَعْرُوفِ (¬2) (باب: كسوة المرأة بالمعروف) أي: بين الناس من كسوة أمثالها. 5366 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ المَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَال: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "آتَى إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي". [انظر: 2614 - مسلم: 2071 - فتح: 9/ 512]. (آتى) بالمد بمعنى: أعطى، وإن ضمن معنى بعث كما يأتي. (إليَّ) بتشديد الياء. (حلة) بالنصب يأتي بتضمينه معنى: بعث. ومرَّ الحديث بشرحه في كتاب: الهبة (¬3). 12 - بَابُ عَوْنِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي وَلَدِهِ (باب: عون المرأة زوجها في ولده) أي: في أمره. 5367 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: هَلَكَ أَبِي وَتَرَكَ سَبْعَ بَنَاتٍ أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ثَيِّبًا، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ" فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَال: "بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ " قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَال: "فَهَلَّا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ، وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ" قَال: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ، وَتَرَكَ بَنَاتٍ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5082) كتاب: النكاح، باب: إلى من ينكح. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 104: استنبط المعتبر المعروف بما يقتضيه الحال من رضي فاطمة بالقطعة من الحلة لما كانوا عليه من ضيق الحال فدل على اعتباره من غير إسراف ولا تقتير. (¬3) سبق برقم (2614) كتاب: الهبة، باب: هدية ما يكره لبسه.

13 - باب نفقة المعسر على أهله

أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ، فَقَال: "بَارَكَ اللَّهُ [لَكَ] ". أَوْ [قَال]: خَيْرًا. [انظر: 443 - مسلم: 751 - فتح: 9/ 513] (عن عمرو) أي: ابن دينار. (أو خيرًا) شك من الراوي. ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 13 - بَابُ نَفَقَةِ المُعْسِرِ عَلَى أَهْلِهِ (¬2) (باب: نفقة المعسر على أهله) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 5368 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَال: هَلَكْتُ، قَال: "وَلِمَ؟ " قَال: وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، قَال: "فَأَعْتِقْ رَقَبَةً" قَال: لَيْسَ عِنْدِي، قَال: "فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ" قَال: لَا أَسْتَطِيعُ، قَال: "فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا" قَال: لَا أَجِدُ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَال: "أَيْنَ السَّائِلُ؟ " قَال: هَا أَنَا ذَا، قَال: "تَصَدَّقْ بِهَذَا" قَال: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، قَال: "فَأَنْتُمْ إِذًا". [انظر: 1936 - مسلم: 1111 - فتح: 9/ 513]. (فأنتم إذًا) أي: فأنتم أحق حينئذ. ومر حديث الباب بشرحه في الصوم (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5247) كتاب: النكاح، باب: تستحد المغيب. (¬2) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 104: استنبط وجوب النفقة على المعسر من حديث الواقع على أهله في رمضان؛ لأنه كان معسرًا أسقط عنه الكفارة لمعارضة ما هو واجب منها وهو حق الزوجة بدليل صرف ذلك إلى نفقة أهله فدل على وجوبها. (¬3) سبق برقم (1936) كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان.

14 - باب {وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة: 233]

14 - بَابُ {وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] (¬1) وَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْهُ شَيْءٌ؟ {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} إِلَى قَوْلِهِ: {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 76]. (باب: {وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}). أي: مثل ما كان على أبيه في حياته. (وهل على المرأة منه شيء) عطف على الجملة قبله، وكذا قوله: ({وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} إِلَى قَوْلِ: {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}) قال الكرماني: شَبَّه منزلة المرأة من الوارث بمنزلة الأبكم الذي لا يقدر على النطق من المتكلم، وجعلها كَلًّا على من يعولها. 5369 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا، إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ؟ قَال: "نَعَمْ، لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ". [انظر: 1467 - مسلم: 1001 - فتح: 4/ 519] (وهيب) أي: ابن خالد. (ولست بتاركتهم هكذا وهكذا) أي: محتاجين. ومرَّ الحديث في كتاب: الزكاة (¬2). ¬

_ (¬1) قال: ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 105: مقصود البخاري الرد على من أوجب النفقة والإرضاع على الأم بعد الأب لحديث أم سلمة وهند وذلك: لأن كلام كل على الابن ومن تجب نفقته على غيره، كيف تجب عليه لغيره. وحمل حديث أم سلمة على التطوع؛ لقوله: "لك أجر ما أنفقت". وحديث هند وأباح لها أخذ نفقتها لبنيها من ماله فدل على سقوطها عنها فكذلك بعد وفاته، وفي استدلال البخاري نظر، فإنه لا يلزم من سقوطها بعد وفاته: لوجود المنفق سواها في حياته وعدمه بعد موته فبقيت النفقة مع القدرة. (¬2) سبق برقم (1467) كتاب: الزكاة، باب: الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر.

15 - [باب] قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترك كلا أو ضياعا فإلي"

5370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالتْ هِنْدُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ؟ قَال: "خُذِي بِالْمَعْرُوفِ". [انظر: 2211 - مسلم: 1714 - فتح: 9/ 514] (سفيان) أي: ابن عيينة. ومرَّ حديثه آنفًا (¬1). 15 - [باب] قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَرَكَ كَلًّا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ" (باب) ساقط من نسخة. (قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من ترك كلا) بفتح الكاف أي: ثقلا من دين ونحوه. (أو ضياعًا) بفتح المعجمة أي: من لا يستقل بنفسه. (فإلي) أي: فينتهي ذلك إليَّ فأتداركه. 5371 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ المُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: "هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا؟ " فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلَّا قَال لِلْمُسْلِمِينَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ" فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الفُتُوحَ، قَال: "أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ". [انظر: 2298 - مسلم: 1619 - فتح: 9/ 515] (فضلا) أي: قدرًا زائدًا على مؤنة تجهيزه يفي بدينه. ومر الحديث في الكفالة (¬2). 16 - بَابُ المَرَاضِعِ مِنَ المَوَالِيَاتِ وَغَيْرِهِنَّ (¬3). (باب: المراضع من المواليات) بفتح الميم جمع موالاة وهي الأمة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5364) كتاب: النفقات، باب: إذا لم ينفق الرجل. (¬2) سبق برقم (2298) كتاب: الكفالة، باب: الدين. (¬3) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 105: استنبط من حديث أم حبيبة أن الرضاع من الإماء كما هو من الحرائر في التحريم وآثاره: لأن تويبة كانت أمة لأبي لهب، أعتقها حين بشرته بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

5372 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، قَال: "وَتُحِبِّينَ ذَلِكِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي الخَيْرِ أُخْتِي، فَقَال: "إِنَّ ذَلِكِ لَا يَحِلُّ لِي" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَقَال: "بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ" فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا بِنْتُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ" وَقَال شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال عُرْوَةُ: "ثُوَيْبَةُ أَعْتَقَهَا أَبُو لَهَبٍ". [انظر: 5101 - مسلم: 1449 - فتح: 1/ 516]. (أم حبيبة) اسمها: رملة بنت أبي سفيان، واسم اختها: عزة بفتح المهملة وتشديد الزاي. ومرَّ حديث الباب بشرحه في أوائل كتاب: النكاح (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5101) كتاب: النكاح، باب: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}.

70 - كتاب الأطعمة

70 - كِتَابُ الأَطْعِمَةِ

1 - [باب] وقول الله تعالى: {كلوا من طيبات ما رزقناكم}

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 70 - كِتَابُ الأَطْعِمَةِ 1 - [باب] وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} وَقَوْلِهِ: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} وَقَوْلِهِ: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). ساقطة من نسخة. (كتاب: الأطعمة) أي: بيان ما يحل منها وما يحرم. (وقول الله) هو وتالياه بالجر عطف على الأطعمة ({أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}) هذا على وفق الآية. وفي نسخة: " (كلوا من طيبات ما كسبتم) " وهو وَهْمٌ من الكاتب. 5373 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ" قَال سُفْيَانُ: "وَالعَانِي: الأَسِيرُ". [انظر: 3046 - فتح: 9/ 517]. (سفيان) أي: الثوري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (وفكوا) أي: خلصوا. (العاني) أي: الأسير. ومرَّ الحديث في الجهاد، وفي النكاح (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3046) كتاب: الجهاد والسير، باب: فكاك العاني. وبرقم (5174) كتاب: النكاح، باب: حق إجابة الوليمة والدعوة.

5374 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَعَامٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قُبِضَ". [مسلم: 2976 - فتح: 9/ 517]. 5375 - وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَصَابَنِي جَهْدٌ شَدِيدٌ، فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، فَاسْتَقْرَأْتُهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَدَخَلَ دَارَهُ وَفَتَحَهَا عَلَيَّ، فَمَشَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ فَخَرَرْتُ لِوَجْهِي مِنَ الجَهْدِ وَالجُوعِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَقَال: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ" فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَقَامَنِي وَعَرَفَ الَّذِي بِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَحْلِهِ، فَأَمَرَ لِي بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَال: "عُدْ يَا أَبَا هِرٍّ" فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ، ثُمَّ قَال: "عُدْ" فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ، حَتَّى اسْتَوَى بَطْنِي فَصَارَ كَالقِدْحِ، قَال: فَلَقِيتُ عُمَرَ، وَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِي، وَقُلْتُ لَهُ: فَوَلَّى اللَّهُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ يَا عُمَرُ، وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَقْرَأْتُكَ الآيَةَ، وَلَأَنَا أَقْرَأُ لَهَا مِنْكَ، قَال عُمَرُ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَكُونَ أَدْخَلْتُكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ حُمْرِ النَّعَمِ. [انظر: 6246 - مسلم: 6452 - فتح: 9/ 517] (فاستقرأته) بالهمز وبدونه أي: سألته أن يقرأ عليَّ. (وفتحها) أي: الآية أي: قرأها على وفهمني إياها. (فأمر لي بعس) بضم العين وتشديد السين أي: بقدح ضخم. (كالقدح) بكسر القاف وسكون الدال أي: كالسهم الذي لا رأس له في الاستواء والاعتدال. (تولى الله ذلك) أي: إشباعي أي: ولَّاه (من كان أحق منك يا عمر) وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالجملة في محل نصب مفعول ثانٍ لـ (تولى الله) بالمعنى المذكور، وهذا أولى، وفي نسخة: "تولى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، فـ"رسول الله": فاعل (تولَّى) و (ذلك) مفعوله وتولى باقٍ على معناه. (لأن أكون أدخلتك) أراد به: لأن أكون ضيفتك. (أحب إليَّ من حمر النعم) أي: الإبل وخصها بالذكر؛ لأنها أشرف أموال العرب.

2 - باب التسمية على الطعام والأكل باليمين

2 - بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ وَالأَكْلِ بِاليَمِينِ (باب: التسمية على الطعام والأكل باليمين) أي: بيان ما جاء فيهما. 5376 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَال الوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، يَقُولُ: كُنْتُ غُلامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا غُلامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" فَمَا زَالتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ. (سفيان): أي: ابن عيينة. (في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: تحت نظره (تطيش في الصحيفة) أي: تتحرك وتمتد في نواحيها. (سَمِّ الله) أي: ندبًا طردًا للشيطان عن الأكل معك وهو سنة كفاية. (وكل بيمينك) لأن الشيطان يأكل بالشمال. (وكل مما يليك) لأن في أكله من غيره سوء عشرة وتقذر نفس وإظهارًا للحرص على كثرة الأكل. (فمازالت تلك) أي: المذكورات من تسميتي وأكلي بيميني ومما يليني. (طعمتي) بكسر الطاء أي: صفة أكلي. 3 - [باب] الأَكْلِ مِمَّا يَلِيهِ وَقَال أَنَسٌ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ" [انظر: 5163]. (باب) ساقط من نسخة. 5377 - حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَهُوَ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: أَكَلْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا، فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ نَوَاحِي الصَّحْفَةِ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلْ مِمَّا يَلِيكَ".

4 - باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه، إذا لم يعرف منه كراهية

[انظر: 5376 - مسلم: 2022 - فتح: 9/ 523]. 5378 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِي نُعَيْمٍ، قَال: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ، وَمَعَهُ رَبِيبُهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَال: "سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ". [انظر: 5376 - مسلم: 2022 - فتح: 9/ 523] (الأكل مما يليه) أي: بيان ما جاء فيه. ومرَّ حديثًا الباب آنفًا. 4 - بَابُ مَنْ تَتَبَّعَ حَوَاليْ القَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ، إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً (باب: من تتبع حوالي القصعة) بفتح اللام أي: بيان ما جاء في ذلك. 5379 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَال أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُهُ "يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَاليِ القَصْعَةِ"، قَال: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ. [انظر: 2092 - مسلم: 2041 - فتح: 9/ 524] (قتيبة) أي: ابن سعيد. ومرَّ حديث الباب في البيوع (¬1). (قال عمر بن أبي سلمة: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: كل بيمينك) ساقط من نسخة. 5 - بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الأَكْلِ وَغَيْرِهِ [قَال عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلْ بِيَمِينِكَ"] [انظر: 5376]. (باب: التيمن في الأكل وغيره) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5380 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2092) كتاب: البيوع، باب: ذكر القين والحداد.

6 - باب من أكل حتى شبع

عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طُهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ - وَكَانَ قَال: بِوَاسِطٍ قَبْلَ هَذَا - فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ. [انظر: 186 - مسلم: 268 - فتح: 9/ 526] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن أشعث) أي: ابن أبي الشعثاء سليم المحاربي. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع الهمداني. (وترجله) أي: تسريح شعره وكان أي أشعث. ومرَّ الحديث في الوضوء (¬1). 6 - باب مَنْ أَكَلَ حَتَّى شَبِعَ. (باب: من أكل حتى شبع) أي: بيان حاله. 5381 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَال أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي، وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "بِطَعَامٍ؟ " قَال: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَعَهُ: "قُومُوا" فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ، فَقَالتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ أَبُو طَلْحَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا عِنْدَكِ" فَأَتَتْ بِذَلِكَ الخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (168) كتاب: الوضوء، باب: التيمن في الوضوء والغسل.

فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَال فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ أَذِنَ لِعَشَرَةٍ فَأَكَلَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالقَوْمُ ثَمَانُونَ رَجُلًا. [انظر: 422 - مسلم: 2040 - فتح: 9/ 526]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (قال أبو طلحة لأم سليم) اسم أبي طلحة: زيد الأنصاري، واسم أم سليم: سهلة أو رميصاء زوجة أبي طلحة أم أنس. (آرسلك) بمد الهمزة للاستفهام. (ما نطعمهم) أي: ما يكفيهم. ومرَّ الحديث بشرحه في علامات النبوة (¬1). 5382 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: وَحَدَّثَ أَبُو عُثْمَانَ، أَيْضًا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثِينَ وَمِائَةً، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ" فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَويلٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبَيْعٌ أَمْ عَطِيَّةٌ" أَوْ قَال: "هِبَةٌ" قَال: لَا، بَلْ بَيْعٌ، قَال: فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ، فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوَادِ البَطْنِ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ، مَا مِنَ الثَّلاثِينَ وَمِائَةٍ إلا قَدْ حَزَّ لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَهَا لَهُ، ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلْنَا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، وَفَضَلَ فِي القَصْعَتَيْنِ، فَحَمَلْتُهُ عَلَى البَعِيرِ، أَوْ كَمَا قَال. [انظر: 2216 - مسلم: 2056 - فتح: 9/ 527] (موسى) أي: ابن إسماعيل المنقري. (معتمر) أي: ابن سليمان. (قال: وحدث أبو عثمان أيضًا). (مشعان) بنون مشددة أي: طويل. (فصنعت) أي: ذبحت. (بسواد ¬

_ (¬1) سبق برقم (3578) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة.

7 - باب {ليس على الأعمى حرج} إلى قوله: {لعلكم تعقلون} [النور: 61]

البطن) أي: بالكبد. (ثم جعل فيها) أي: منها كما في رواية. ومرَّ الحديث في البيع والهبة (¬1) 5383 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ: التَّمْرِ وَالمَاءِ". [انظر: 5442 - مسلم: 2975 - فتح: 9/ 527] (مسلم) أي: ابن إبراهيم. (وهيب) أي: ابن خالد. (منصور) أي: ابن عبد الرحمن التيمي. (عن أمه) هي صفية بنت شيبة. (حين شبعنا) ظرف. لـ (توفي) أي: توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت كوننا شابعين. (من الأسودين) فيه تغليب التمر على الماء. 7 - باب {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [النور: 61]. (باب: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ، وَلَا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلَا عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي: تفهمون، وفي نسخة: " {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} [النور: 61] إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ". 5384 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ بُشَيْرَ بْنَ يَسَارٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ - قَال يَحْيَى: وَهِيَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى رَوْحَةٍ - دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ، فَمَا أُتِيَ إلا بِسَويقٍ، فَلُكْنَاهُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، فَصَلَّى بِنَا المَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ "قَال سُفْيَانُ: "سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَوْدًا وَبَدْءًا". [انظر 209 - فتح: 9/ 529]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2216) كتاب: البيوع، باب: الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب. وبرقم (2681) كتاب: الهبة، باب: قبول الهدية من المشركين.

8 - باب الخبز المرقق والأكل على الخوان والسفرة

(سفيان) أي: ابن عيينة. (بشير) بالتصغير. (قال يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (روحة) هي ضد الغدوة. (فلكناه) بضم اللام أي: علكناه. (قال سفيان) أي: ابن عيينة. (سمعته) أي: الحديث. (منه) أي: من يحيى. (عودًا وبدءًا) أي: مبتدأ وعائدًا أي: أولًا وآخرًا. ومرَّ الحديث في الوضوء (¬1). 8 - بَابُ الخُبْزِ المُرَقَّقِ وَالأَكْلِ عَلَى الخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ (باب: الخبز المرقق والأكل على الخوان) هو بكسر الخاء وضمها: ما يؤكل عليه الطعام. وعلى (السفرة) بضم السين: ما يوضع عليه الطعام، وتفارق الخوان بأنه مرتفع عن الأرض بقوائم والأكل عليه من شأن المترفهين. 5385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ، وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ، فَقَال: "مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا مُرَقَّقًا، وَلَا شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ". [5421، 6457 - فتح: 9/ 530]. (همام) أي: ابن يحيى بن دينار الشيباني. (ولا شاة مسموطة) هي التي أزيل شعرها بعد الذبح بالماء المسخن ثم شويت. 5386 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُونُسَ - قَال عَلِيٌّ: هُوَ الإِسْكَافُ - عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "مَا عَلِمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ عَلَى سُكْرُجَةٍ قَطُّ، وَلَا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قَطُّ، وَلَا أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ" قِيلَ لِقَتَادَةَ: فَعَلامَ كَانُوا يَأْكُلُونَ؟ قَال: "عَلَى السُّفَرِ". [5415، 6450 - فتح 9/ 530]. (عن يونس) أي: ابن أبي الفرات. (قال علي) أي: ابن المديني. ¬

_ (¬1) سبق برقم (209) كتاب: الوضوء، باب: من مضمض من السويق ولم يتوضأ.

(هو) أي: يونس. (الإسكاف) بكسر الهمزة. (سكرجة) بضم المهملة والكاف مع ضم الراء وفتحها مشددة، وقال بعض اللغويين: صوابه: أسكرجة بهمزة وفتح الراء، وهي قِصَاعٌ صغار يؤكل فيها، وقيل: قصعة ذات قوائم. (فعلى ما) بألف، وفي نسخة: "فعلام" بحذفها وهو الأكثر. (كانوا يأكلون) الأصل: كان يأكل، لكنه جمع باعتبار أصحابه؛ لإقتدائهم به - صلى الله عليه وسلم -. 5387 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا، يَقُولُ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْنِي بِصَفِيَّةَ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا التَّمْرُ وَالأَقِطُ وَالسَّمْنُ " وَقَال عَمْرٌو: عَنْ أَنَسٍ، "بَنَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 9/ 530]. (والأقط) هو اللبن الجامد. (وقال عمرو) أي: ابن أبي عمرو ومولى المطلب بن عبد الله بن حنطب. ومرَّ الحديث في كتاب: المغازي (¬1). 5388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، قَال: كَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ يُعَيِّرُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُونَ: يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، فَقَالتْ لَهُ أَسْمَاءُ: "يَا بُنَيَّ إِنَّهُمْ يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ، هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ النِّطَاقَانِ؟ إِنَّمَا كَانَ نِطَاقِي شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ، فَأَوْكَيْتُ قِرْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَحَدِهِمَا، وَجَعَلْتُ فِي سُفْرَتِهِ آخَرَ" قَال: فَكَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ إِذَا عَيَّرُوهُ بِالنِّطَاقَيْنِ، يَقُولُ: إِيهًا وَالإِلَهِ، تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا. [انظر: 2979 - فتح 9/ 530]. (محمد) أي: ابن سلام. (أبو معاوية) هو محمد بن خازم. (ما كان النطاقان) في نسخة: "النطاقين". ووجه بأن التقدير: ما كان شأن النطاقين، أو ما كان في النطاقين، فهو على حذف مضاف ¬

_ (¬1) سبق برقم (4197) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.

أو جار، والنطاق بكسر النون: ما تشد به المرأة وسطها. (يقول: إيها) بكسر الهمزة وسكون التحتية معناه: الاعتراف بما كانوا يقولون: كأنه قال: صدقتم، وفي نسخة: "ابنها" بموحدة ونون أي: ابن أسماء. (والإله) تعالى قسم. (تلك شكاة) بفتح المعجمة، وقيل: بكسرها: رفعه الصوت بالقول القبيح. (ظاهر) أي: زائل. (عنك عارها) أي: لا عار في ذلك وهذا مصراع بيت لأبي ذؤيب الهذلي، تمثل به ابن الزبير وصدره مع عجزه: وعيرني الواشون أنى أحبها ... وتلك شكاة ظاهر عنك عارها بواو قبل تلك أسقطها المتمثل: لأنها غير مرادة له. 5389 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، "أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ، خَالةَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ، فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَتَرَكَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْمُسْتَقْذِرِ لَهُنَّ، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ". [انظر: 371 - مسلم: 1947 - فتح: 9/ 530] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل (¬1). (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن أبي بشر) هو جعفر بن إياس اليشكري. (أن أم حفيد) اسمها: هزيلة بالتصغير فيهما والدال مهملة. (وأضُبًّا) بفتح الهمزة وضم المعجمة وتشديد الموحدة جمع ضب. ومرَّ الحديث في كتاب: الهبة (¬2). (كالمتقذر لهن) بذال معجمة أي: كإنكاره لهن من القذارة وهي خلاف النظافة. ¬

_ (¬1) في الأصل: محمد بن النعمان وهو تصحيف. (¬2) سبق برقم (2575) كتاب: الهبة، باب: قبول الهبة.

9 - باب السويق

9 - باب السَّويقِ. (باب: السويق) أي: بيان ما جاء فيه. 5390 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّهْبَاءِ، وَهِيَ عَلَى رَوْحَةٍ مِنْ خَيْبَرَ، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، "فَدَعَا بِطَعَامٍ فَلَمْ يَجِدْهُ إلا سَويقًا، فَلاكَ مِنْهُ، فَلُكْنَا مَعَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ، ثُمَّ صَلَّى وَصَلَّيْنَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [انظر: 209 - فتح 9/ 534]. (حماد) (¬1) أي: ابن زيد. (عن يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. ومرَّ حديث الباب آنفًا (¬2). 10 - بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُسَمَّى لَهُ، فَيَعْلَمُ مَا هُوَ (باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأكل حتى يسمى له) أي: ما أحضر له. (فيعلم ما هو؟) أي: ليعلمه. 5391 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَيْفُ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَيْمُونَةَ، وَهِيَ خَالتُهُ وَخَالةُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا، قَدْ قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فَقَدَّمَتِ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قَلَّمَا يُقَدِّمُ يَدَهُ لِطَعَامٍ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ وَيُسَمَّى لَهُ، فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ إِلَى الضَّبِّ، فَقَالتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ الحُضُورِ: أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ، هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَنِ الضَّبِّ، فَقَال خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ: أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: ¬

_ (¬1) في الأصل: عمار. (¬2) سبق برقم (5384) كتاب: الأطعمة، باب: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ}.

11 - باب: طعام الواحد يكفي الاثنين

"لَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ" قَال خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيَّ. [5400، 5537 - مسلم: 1946 - فتح: 9/ 534]. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. (محنوذًا) بفتح الميم وسكون المهملة وبذال معجمة أي: مشويًّا. (أعافه) أي: أكرهه. 11 - بَابٌ: طَعَامُ الوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ (باب: طعام الواحد يكفي الاثنين) أي: بيان ما جاء فيه. 5392 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طَعَامُ الاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلاثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاثَةِ كَافِي الأَرْبَعَةِ". [مسلم: 2058 - فتح 9/ 535]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (طعام الاثنين) أي: المشبع لهما. (كافي الثلاثة) أي: لقوتهم، وكذا الكلام فيما بعده، والمراد: أن البركة تنشأ عن كثرة الجماعة. 12 - بَابٌ: المُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ (باب: المؤمن يأكل في معيً واحد) بكسر الميم والتنوين: وهو المصران. 5393 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ، لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ فَأَكَلَ كَثِيرًا، فَقَال: يَا نَافِعُ، لَا تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "المُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ". [5394، 5395 - مسلم: 2061، 2061 - فتح: 9/ 536].

(عبد الصمد) (¬1) أي: ابن عبد الوارث. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (باب: المؤمن يأكل في معى واحد) مرَّ تفسيره آنفًا. (فيه أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) ساقط من نسخة وهي أولى؛ إذ لا فائدة مستقلة؛ لإعادته. (والكافر يأكل في سبعة أمعاء) قيل: هو على ظاهره. وقيل: للمبالغة في التكثير كما في قوله تعالى: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} [لقمان: 27]. وقال النووي: الصفات السبع في الكافر وهي الحرص والشره، وطول الأمل، والطمع، وسوء، الطبع، والحسد، وحب السمن (¬2). وقال القرطبي: شهوات الطعام سبع: شهوة الطبع، وشهوة النفس، وشهوة العين، وشهوة الفم، وشهوة الأنف، وشهوة الجوع. وهي الضرورية التي يأكل بها المؤمن، وأما الكافر فيأكل بالجميع (¬3). 5394 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ المُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَإِنَّ الكَافِرَ أَو المُنَافِقَ - فَلَا أَدْرِي أَيَّهُمَا قَال عُبَيْدُ اللَّهِ - يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ". [انظر: 5393 - مسلم: 2060 - فتح: 9/ 536] وَقَال ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ. (عبدة) أي: ابن سليمان. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (وقال ابن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير. ¬

_ (¬1) في الأصل: عبد الله، وقد كرر السند مرة بهذا اللفظ ومرة بعبد الله، والظاهر أنه مقحم. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 14/ 24. (¬3) "المفهم" 5/ 343.

13 - باب الأكل متكئا

5395 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال: كَانَ أَبُو نَهِيكٍ رَجُلًا أَكُولًا، فَقَال لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ الكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ" فَقَال: فَأَنَا أُومِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. [انظر: 5393 - مسلم: 2060، 2061 - فتح: 9/ 536]. 5396 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَأْكُلُ المُسْلِمُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ". [انظر: 5397 - مسلم: 2062، 2063 - فتح: 9/ 536]. 5397 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا كَثِيرًا، فَأَسْلَمَ، فَكَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا قَلِيلًا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنَّ المُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ" [انظر: 5396 - مسلم: 2062، 2063 - فتح: 9/ 536]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (أبو نهيك) بفتح النون وكسر الهاء. وهذا والحديثان بعده طرق في الحديث قبله وذكر المؤمن والكافر فيها جري على الغالب والمعنى: أن من شان المؤمن والكافر ما ذكر فيهما، وإلا فقد ينعكس الحكم؛ لعارض كمرض. 13 - باب الأَكْلِ مُتَّكِئًا. (باب: الأكل متكئًا) أي: على أحد جنبيه، أي: بيان النهي عن ذلك. 5398 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا آكُلُ مُتَّكِئًا". [5399 - فتح 9/ 540] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (مسعر) أي: ابن كدام. (أبا جحيفة) هو وهب بن عبد الله السوائي. 5399 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَال: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال لِرَجُلٍ عِنْدَهُ: "لَا آكُلُ وَأَنَا مُتَّكِئٌ". [انظر: 5389 - فتح: 9/ 540]

14 - باب الشواء

(جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (لا آكل وأنا متكيء) أي: خوفًا من أن تعظم بطنه، أو من أن لا ينحدر الطعام مجاريه سهلًا، وربَّما يتاذى الآكل لذلك به. 14 - باب الشِّوَاءِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: فَجَاءَ {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}: "أَيْ مَشْويٍّ". 5400 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَبٍّ مَشْويٍّ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ لِيَأْكُلَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ ضَبٌّ، فَأَمْسَكَ يَدَهُ، فَقَال خَالِدٌ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَال: "لَا، وَلَكِنَّهُ لَا يَكُونُ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ" فَأَكَلَ خَالِدٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ قَال مَالِكٌ: عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: "بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ". [انظر: 5391 - مسلم: 1946 - فتح: 9/ 542]. (باب: الشواء) أي: جواز أكله. (وقول الله تعالى: {فجاء بعجل حنيذ} أي: (مشوي) لفظ: (أي) ساقط من نسخة، ومرَّ حديث الباب آنفًا (¬1). 15 - بَابُ الخَزِيرَةِ قَالَ النَّضْرُ: الخَزِيرَةُ مِنَ النُّخَالَةِ، وَالحَرِيرَةُ مِنَ اللَّبَنِ. (باب: الخزيرة) أي: بيان ما جاء فيها وهي بفتح المعجمة وبزاي، أن يؤخذ اللحم فيقطع صغارًا ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج رد عليه الدقيق، وإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة. قاله الجوهري (¬2)، وقيل: هي مرقة تصفى من بلالة النخالة ثم تطبخ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5391) كتاب: الأطعمة، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأكل حتى يسمَّى له فيعلم ما هو. (¬2) "الصحاح" مادة [خزر] 2/ 644.

(وقال النضر: الخزيرة من النخالة) أي: من بلالتها. (والحريرة) بمهملات. (من اللبن) أي: والدقيق. 5401 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي، فَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَال الوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ لَهُمْ، فَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي فِي بَيْتِي فَأَتَّخِذُهُ مُصَلًّى، فَقَال: "سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" قَال عِتْبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ البَيْتَ، ثُمَّ قَال لِي: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ " فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ فَصَفَفْنَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ صَنَعْنَاهُ، فَثَابَ فِي البَيْتِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ فَاجْتَمَعُوا، فَقَال قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟ فَقَال بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ مُنَافِقٌ، لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُلْ، أَلا تَرَاهُ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ؟ " قَال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: قُلْنَا: فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى المُنَافِقِينَ، فَقَال: "فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ " قَال ابْنُ شِهَابٍ: ثُمَّ سَأَلْتُ الحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيَّ، أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ، وَكَانَ مِنْ سَرَاتِهِمْ، عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودٍ، فَصَدَّقَهُ. [انظر: 424 - مسلم: 33 - فتح: 9/ 542] (أنكرت بصري) أي: ضعف (فوددت) أي: تمنيت على خزيرة. (صنعناه) الأَوْلى صنعناها، وفي نسخة: "على خزير" فالضمير على الأصل. (فتاب) أي: جاء، ومر الحديث في باب: المساجد في البيوت، وفي باب: الرخصة في المطر، وفي غيرهما (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (425) كتاب: الصلاة، باب: المساجد في البيوت. وبرقم (677) كتاب: الصلاة، باب: الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحلة.

16 - باب الأقط

16 - باب الأَقِطِ. وَقَال حُمَيْدٌ: سَمِعْتُ أَنَسًا، بَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ، فَأَلْقَى التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ وَقَال عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ: "صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْسًا". [انظر: 371]. (باب: الأقط) هو اللبن الجامد كما مرَّ. 5402 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَهْدَتْ خَالتِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضِبَابًا وَأَقِطًا وَلَبَنًا، فَوُضِعَ الضَّبُّ عَلَى مَائِدَتِهِ، فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُوضَعْ، وَشَرِبَ اللَّبَنَ، وَأَكَلَ الأَقِطَ". [انظر: 2575 - مسلم: 1947 - فتح: 9/ 544] (ضبابًا) بكسر الضاد جمع ضب. ومر الحديث في كتاب: الهبة (¬1). 17 - باب السِّلْقِ وَالشَّعِيرِ. 5403 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: "إِنْ كُنَّا لَنَفْرَحُ بِيَوْمِ الجُمُعَةِ، كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ أُصُولَ السِّلْقِ، فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ لَهَا، فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، إِذَا صَلَّيْنَا زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْنَا، وَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى، وَلَا نَقِيلُ إلا بَعْدَ الجُمُعَةِ، وَاللَّهِ مَا فِيهِ شَحْمٌ وَلَا وَدَكٌ". [انظر: 938 - مسلم: 859 - فتح: 9/ 544]. (باب: السلق) هو بقلة معروفة. (والشعر) أي: باب: ما جاء فيهما. (يتغدى) بدال مهملة. ومرَّ حديث الباب في كتاب: الجمعة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (425) كتاب: الهبة، باب: قبول الهدية. (¬2) سبق برقم (939) كتاب: الجمعة، باب: قول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ}.

18 - باب النهس وانتشال اللحم

18 - بَابُ النَّهْسِ وَانْتِشَالِ اللَّحْمِ (باب: النهس) بمهملة الأخذ بمقدم الأسنان، وبمعجمة: الأخذ بالأضراس، كما قاله صاحب "القاموس" وغيره. وقال الأصمعي والجوهري: هما بمعنى (¬1) (وانتشال اللحم) أي: استخراجه من المرق. 5404 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "تَعَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتِفًا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [انظر: 207 - مسلم: 354 - فتح: 9/ 545]. 5405 - وَعَنْ أَيُّوبَ، وَعَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "انْتَشَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرْقًا مِنْ قِدْرٍ، فَأَكَلَ ثُمَّ صَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [انظر: 207 - مسلم: 354 - فتح: 9/ 545]. (وقال محمد) أي: ابن سيرين. (تعرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتفًا) أي: أكل ما كان عليه من اللحم. 19 - باب تَعَرُّقِ العَضُدِ. (باب: تعرق العضد). مرَّ تفسير التعرق، والعضد: العظم الذي بين الكتف والمرفق، ومراده: أكل ما كان على العضد من اللحم. 5406 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ المَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ مَكَّةَ". [انظر: 1821 - مسلم: 354 - فتح: 9/ 545]. (فليح) بالتصغير أي: ابن سليمان. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. ¬

_ (¬1) انظر: "الصحاح" مادة [نهس] 3/ 987، و"اللسان" 8/ 4558، و"القاموس" ص 579.

20 - باب قطع اللحم بالسكين

ومرَّ الحديث في كتاب: الحج (¬1). 5407 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَال: كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلٌ أَمَامَنَا، وَالقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي لَهُ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، فَقُمْتُ إِلَى الفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاولُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا ثُمَّ رَكِبْتُ، فَشَدَدْتُ عَلَى الحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا، وَخَبَأْتُ العَضُدَ مَعِي، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال: "مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ " فَنَاوَلْتُهُ العَضُدَ فَأَكَلَهَا حَتَّى تَعَرَّقَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ قَال مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: وَحَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، مِثْلَهُ. [انظر: 1821 - مسلم: 1196 - فتح: 9/ 546]. (عن أبي حازم) مرَّ آنفًا. (فلم يؤذنوني له) أي: فلم يعلموني به. (فوقعوا فيه) أي: في الصيد بعد طبخه وإصلاحه. (شكُّوا) أي: في أنه حلال، أو حرام. ومرَّ الحديث في كتاب: الحج أيضًا. 20 - باب قَطْعِ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ. (باب: قطع اللحم بالسكين) أي: بيان جواز قطعه بها. 5408 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ "رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1821) كتاب: جزاء الصيد، باب: وإذا صار الحلال فأهدى للمحرم الصيدَ أَكَلَه.

21 - باب ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما

فِي يَدِهِ، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلاةِ، فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ الَّتِي يَحْتَزُّ بِهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [انظر: 208 - مسلم: 355 - فتح: 9/ 547]. (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (يحتز) أي: يقطع اللحم بالسكين، فيه جواز قطعه بها وكذا يجوز قطع الخبر بها إذ لم يأت نهي صحيح بذلك وأما خبر: "لا تقطعوا الخبز بالسكين كما يقطعه الأعاجم وإذا أراد أحدكم أن يأكل اللحم فلا يقطعه بالسكين، ولكن ليأخذه بيده فلينهشه بفيه". فضعيف (¬1). 21 - بَابُ مَا عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا (باب: ما عاب النبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا) أي: مباحًا. 5409 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "مَا عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ". [انظر: 3563 - مسلم: 2064 - فتح: 9/ 547]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي حازم) هو سلمان الأشجعي. ومر الحديث في باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (3778) كتاب: الأطعمة، باب: في أكل اللحم. من طريق عائشة، والنسائي 2/ 172 كتاب: الصيام، باب: ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم، والبيهقي 7/ 180 (14626) كتاب: الصداق، باب: كيف يأكل اللحم، وفي "شعب الإيمان" 5/ 91 (5898) باب: في المطاعم والمشارب، أكل اللحم، وقال: تفرد به أبو معشر المدني وليس بالقوي، وقال الهيثمي في "مجمعه" 5/ 37: رواه الطبراني [23/ 285] وفيه عباد بن كثير الثقفي وهو ضعيف، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود". (¬2) سبق برقم (3563) كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

22 - باب النفخ في الشعير

22 - بَابُ النَّفْخِ فِي الشَّعِيرِ (باب: النفخ في الشعير) أي: بعد طحنه؛ ليطير منه قشوره. 5410 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ: أَنَّهُ سَأَلَ سَهْلًا: هَلْ رَأَيْتُمْ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّقِيَّ؟ قَال: "لَا" فَقُلْتُ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَنْخُلُونَ الشَّعِيرَ؟ قَال: "لَا، وَلَكِنْ كُنَّا نَنْفُخُهُ". [5413 - فتح: 9/ 548]. (أبو غسان) هو محمد بن مطرف الليثي. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. (سهلًا) أي: ابن سعد الأنصاري. (النقي) بفتح النون وكسر القاف: الخبز الحواري الأبيض. 23 - باب مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَأْكُلُونَ. (باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يأكلون) أي: منه. 5411 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبَّاسٍ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ تَمْرًا، فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَانِي سَبْعَ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِنَّ تَمْرَةٌ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْهَا، شَدَّتْ فِي مَضَاغِي". [5441، 5441 م - فتح: 9/ 549]. (إحداهن حشفة) هي من أردأ التمر (شدت) بفتح المعجمة. (في مضاغي) بفتح الميم وكسرها وبمعحمتين: المضغ أو موضعه وهو الأسنان. 5412 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَال: "رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لَنَا طَعَامٌ إلا وَرَقُ الحُبْلَةِ، أَو الحَبَلَةِ، حَتَّى يَضَعَ أَحَدُنَا مَا تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلامِ، خَسِرْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِي". [انظر: 3728 - مسلم: 2966 - فتح: 9/ 549]. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم.

(عن سعد) أي: ابن أبي وقاص. (سابع سبعة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: كنت من السابقين إلى الإسلام. (الحبلة) بضم المهملة وفتحها وسكون الموحدة، أو الحبلة بفتحهما وبضمهما، وهو تمر العضاة، أو عروقها. (تعزرني على الإسلام) أي: تؤدبني عليه وتعلمني أحكامه. (حسرت إذن) جواب مقدر، أي: إن كنت كما قالوا محتاجًا إلى تأديبهم وتعليمهم خسرت حينئذ. ومرَّ الحديث في مناقب سعد (¬1). 5413 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَال: سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، فَقُلْتُ: هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّقِيَّ؟ فَقَال سَهْلٌ: "مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّقِيَّ، مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ" قَال: فَقُلْتُ: هَلْ كَانَتْ لَكُمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَاخِلُ؟ قَال: "مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْخُلًا، مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ" قَال: قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قَال: كُنَّا نَطْحَنُهُ وَنَنْفُخُهُ، فَيَطِيرُ مَا طَارَ، وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْنَاهُ فَأَكَلْنَاهُ. [انظر: 5410 - فتح: 9/ 549]. (يعقوب) أي: ابن عبد الرحمن القاري. (عن أبي حازم) هو سلمة ابن دينار. (النقي) بفتح النون أي: الخبز الأبيض. (ثريناه) أي: نديناه بالماء. 5414 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَدَعَوْهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، وَقَال: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ". [فتح: 9/ 549]. (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (مصلية) أي: مشوية. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3728) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب سعد.

24 - باب التلبينة

(من الخبز) في نسخة: "من خبز". 5415 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ، وَلَا فِي سُكْرُجَةٍ، وَلَا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ" قُلْتُ لِقَتَادَةَ: عَلامَ يَأْكُلُونَ؟ قَال: "عَلَى السُّفَرِ". [انظر: 5386 - فتح: 9/ 549]. (معاذ) أي: ابن هشام الدستوائي. (عن يونس) أي: ابن أبي الفرات القرشي. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. ومرَّ الحديث بلفظ آخر في باب: الخبز المرقق (¬1). 5416 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِنْ طَعَامِ البُرِّ ثَلاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا، حَتَّى قُبِضَ". [6454 - مسلم: 2970 - فتح: 9/ 549]. (قتيبة) أي: ابن سعيد. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. ومعنى حديثه ظاهر. 24 - بَابُ التَّلْبِينَةِ (باب: التلبينة) هي طعام يتخذ من الدقيق واللبن، أو من الدقيق، أو من النخالة. وقد يجعل فيه العسل. سميت بذلك؛ لشبهها باللبن في بياضه ورقته. 5417 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ المَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا، فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إلا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالتْ: كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (5386) كتاب: الأطعمة، باب: الخبز المرقق.

25 - باب الثريد

"التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ". [انظر: 5689، 5690 - مسلم: 2216 - فتح: 9/ 550]. (ببرمة) أي: بقدر فيها طعام من تلبينته. (فطبخت) أي: التلبينة. (ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها) الأَوْلى عليه أي: على الثريد. (مجمَّة) بفتح الميم الأولى والجيم والميم الثانية مشددة أي: مريحة. (لفؤاد المريض) أي: قلبه. 25 - باب الثَّرِيدِ. (باب: الثريد) هو بمثلثة أن يثرد الخبز بمرق اللحم، وقد يكون معه لحم. 5418 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الجَمَلِيِّ، عَنْ مُرَّةَ الهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إلا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ". [انظر: 3411 - مسلم: 2431 - فتح: 9/ 551]. (غندر) هو محمد بن جعفر. ومرَّ الحديث في أحاديث الأنبياء (¬1). 5419 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي طُوَالةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ". [انظر: 3770 - مسلم: 2446 - فتح: 9/ 551]. (عن أبي طوالة) بضم المهملة عبد الله بن عبد الرحمن بن حزم الأنصاري، وهذا طريق آخر في الحديث قبله. 5420 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ أَبَا حَاتِمٍ الأَشْهَلَ بْنَ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3411) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا}.

26 - باب شاة مسموطة، والكتف والجنب

عَوْنٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غُلامٍ لَهُ خَيَّاطٍ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ قَصْعَةً فِيهَا ثَرِيدٌ، قَال: وَأَقْبَلَ عَلَى عَمَلِهِ، قَال: "فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ" قَال: فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُهُ فَأَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَال: فَمَا زِلْتُ بَعْدُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ. [انظر: 2092 - مسلم: 2041 - فتح: 9/ 551]. (ابن عون) هو عبد الله البصري. ومرَّ حديثه في باب: من تتبع حوالي القصعة (¬1). 26 - بَابُ شَاةٍ مَسْمُوطَةٍ، وَالكَتِفِ وَالجَنْبِ (باب: شاة مسموطة والكتف والجنب) أي: بيان ما جاء فيها، لكنه لم يذكر فيه الجنب وكأنه قاسه بالكتف. 5421 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ، قَال: كُلُوا، "فَمَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، وَلَا رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ". [انظر: 5385 - فتح: 9/ 551]. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. ومرَّ حديثه في باب: الخبز المرقق (¬2). 5422 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلاةِ، فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [انظر: 208 - مسلم: 355 - فتح: 9/ 552]. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. ومرَّ حديثه بشرحه في كتاب: الوضوء (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5379) كتاب: الأطعمة، باب: من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه ... (¬2) سبق برقم (5385) كتاب: الأطعمة، باب: الخبز المرقق. (¬3) سبق برقم (208) كتاب: الوضوء، باب: من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق.

27 - باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم، من الطعام واللحم وغيره

27 - بَابُ مَا كَانَ السَّلَفُ يَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِهِمْ وَأَسْفَارِهِمْ، مِنَ الطَّعَامِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَقَالتْ عَائِشَةُ، وَأَسْمَاءُ: "صَنَعْنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ سُفْرَةً". [انظر: 3905]. (باب: ما كان السلف يدخرون) أي: يدخرونه. (في بيوتهم وأسفارهم من الطعام من اللحم وغيره) (من) الأولى متعلقة بـ (يدخرون)، والثانية بيانية لما قبلها. (صنعنا للنبي .. إلخ) أي: صنعنا له طعامًا ووضعناه في سفرة. 5423 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلاثٍ؟ قَالتْ: "مَا فَعَلَهُ إلا فِي عَامٍ جَاعَ النَّاسُ فِيهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الغَنِيُّ الفَقِيرَ، وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الكُرَاعَ، فَنَأْكُلُهُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ" قِيلَ: مَا اضْطَرَّكُمْ إِلَيْهِ؟ فَضَحِكَتْ، قَالتْ: "مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ"، وَقَال ابْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، بِهَذَا. [5438، 5570، 6687 - مسلم: 2170 - فتح: 2/ 552]. (سفيان) أي: الثوري. (قالت: ما فعله إلا في عام جاع الناس فيه) أراد به أن النهي عن ادخار لحوم الأضاحي بعد الثلاث نسخ، وأن سبب النهي كان خاصًّا بذلك العام، لجوع الناس فيه. (لنرفع الكيل) بضم الكاف: مستدق الساق. (سفيان) أي: الثوري. (بهذا) أي: الحديث. 5424 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: "كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الهَدْيِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ" تَابَعَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَقَال حَتَّى جِئْنَا المَدِينَةَ قَال: "لَا". [انظر: 1719 - مسلم: 1972 - فتح: 9/ 552].

28 - باب الحيس

(سفيان) أي: ابن عيينة. ومرَّ حديثه في كتاب: الحج (¬1). 28 - باب الحَيْسِ. (باب: الحيس) هو ثمر يخلط بسمن وأقط. 5425 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ: "التَمِسْ غُلامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي" فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ يُرْدِفُنِي وَرَاءَهُ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ" فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ حَتَّى أَقْبَلْنَا مِنْ خَيْبَرَ، وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَدْ حَازَهَا، فَكُنْتُ أَرَاهُ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ أَوْ بِكِسَاءٍ، ثُمَّ يُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَدَعَوْتُ رِجَالًا فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِكَ بِنَاءَهُ بِهَا " ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أُحُدٌ، قَال: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى المَدِينَةِ قَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا، مِثْلَ مَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 9/ 553]. (والجبن) هو ضد الشجاعة. (وضلع الدين) بفتح المعجمة واللام أي: ثقله. ومر الحديث في البيوع (¬2). 29 - بَابُ الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ (باب: الأكل في إناء مفضَّض) أي: جعل فيه الفضة بالتنضبيب، أو بالخلط، أو بالطلاء. وسكت في الترجمة عن الذهب مع أنه في الحديث. والمراد: بيان حكم الأكل من إناء من ذهب أو فضة أو متصف بهما أو بأحدهما. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1719) كتاب: الحج، باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق. (¬2) سبق برقم (2235) كتاب: البيوع، باب: هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها.

30 - باب ذكر الطعام

5426 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ حُذَيْفَةَ، فَاسْتَسْقَى فَسَقَاهُ مَجُوسِيٌّ، فَلَمَّا وَضَعَ القَدَحَ فِي يَدِهِ رَمَاهُ بِهِ، وَقَال: لَوْلَا أَنِّي نَهَيْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَمْ أَفْعَلْ هَذَا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآخِرَةِ". [5632, 5633, 5831, 5837 - مسلم: 2067 - فتح: 9/ 554] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (ولا الديباج) هو بكسر الدال وقد تفتح: ثياب متخذة من إبريسم. (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها) ذكر الآنية في الشرب وصحافها في الأكل مثال، نظر فيه إلى الغالب. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث قياس المضبب بالذهب والفضة محملة على ما إذا حصل منه على إنائهما، إذا المعنى في حرمة ذلك استعمال عينهما مع الخيلاء، فذلك موجود في المضبب محمله على ما إذا حصل منه شيء بالعرض على النار وكانت الضبة كبيرة؛ مع أن التفضيل عند الشافعية إنما هو في المضبب بفضة، أما المضبب بالذهب فحرام مطلقًا. 30 - باب ذِكْرِ الطَّعَامِ. (باب: ذكر الطعام) أي: بيان وصفه بالطيب وضده. 5427 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ". [انظر: 5020 - مسلم: 797 - فتح: 9/ 555].

31 - باب الأدم

(أبو عوانة) هو الوضاح اليشكري. (قتادة) أي ابن دعامة. ومر حديثه في فضائل القرآن (¬1). 5428 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ". [انظر: 3770 - مسلم: 2446 - فتح: 9/ 555]. (خالد) أي: ابن عبد الله الطحان. ومرَّ حديثه في مناقب عائشة (¬2). 5429 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ". [انظر: 1804 - مسلم: 1927 - فتح: 9/ 555]. (عن سمي) أي: ابن عبد الرحمن المخزومي. (نهمته) بضم النون أي: حاجته، ومرَّ الحديث في الحج، والجهاد (¬3). 31 - باب الأُدْمِ. (باب: الأدم) بضم الهمز ما يؤكل به الخبز. 5430 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ: أَرَادَتْ عَائِشَةُ، أَنْ تَشْتَرِيَهَا فَتُعْتِقَهَا، فَقَال أَهْلُهَا: وَلَنَا الوَلاءُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَوْ شِئْتِ شَرَطْتِيهِ لَهُمْ، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" قَال: وَأُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي أَنْ تَقِرَّ تَحْتَ زَوْجِهَا أَوْ تُفَارِقَهُ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَيْتَ عَائِشَةَ وَعَلَى النَّارِ بُرْمَةٌ تَفُورُ، فَدَعَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (5020) كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل القرآن على سائر الكلام. (¬2) سبق برقم (3770) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضل عائشة. (¬3) سبق برقم (1804) كتاب: العمرة، باب: السفر قطعة من العذاب، وبرقم (3001) كتاب: الجهاد، باب: السرعة في السير.

32 - باب الحلواء والعسل

بِالْغَدَاءِ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ البَيْتِ، فَقَال: "أَلَمْ أَرَ لَحْمًا؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَأَهْدَتْهُ لَنَا، فَقَال: "هُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا، وَهَدِيَّةٌ لَنَا". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 9/ 556]. (فقال أهلها: ولنا الولاء) الواو فيه للعطف على مقدر، أي قال أهلها: نبيعها ولنا الولاء، ومرَّ حديث الباب في النكاح والطلاق وغيرهما (¬1). 32 - باب الحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ. (باب: الحلواء والعسل) أي: بيان ما جاء فيهما. (والحلواء) يقصر ويمد. 5431 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الحَلْوَاءَ وَالعَسَلَ". [انظر: 4912 - مسلم: 1474 - فتح: 9/ 557]. (يحب الحلواء والعسل) العطف فيه من عطف الخاص على العام، إذ الحلواء تشمل كل ما فيها حلو، وقيل: هي ما دخلته الصنعة، وقيل: الحلواء التي كان يحبها النبي - صلى الله عليه وسلم - هي المجيع بفتح الميم وكسر الجيم: وهو ثمر يعجن بلبن وعليهما فالمتعاطفان متغايران. 5432 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الفُدَيْكِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "كُنْتُ أَلْزَمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشِبَعِ بَطْنِي، حِينَ لَا آكُلُ الخَمِيرَ وَلَا أَلْبَسُ الحَرِيرَ، وَلَا يَخْدُمُنِي فُلانٌ وَلَا فُلانَةُ، وَأُلْصِقُ بَطْنِي بِالحَصْبَاءِ، وَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ، وَهِيَ مَعِي، كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي، وَخَيْرُ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5097) كتاب: النكاح، باب: الحرة تحت العبد، برقم (5279) كتاب: الطلاق، باب: لا يكون بيع الأمة طلاقًا.

33 - باب الدباء

جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا العُكَّةَ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، فَنَشْتَقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا". [انظر: 3708 - فتح: 9/ 557]. (ابن أبي فديك) هو محمد بن إسماعيل. (ولا ألبس الحرير) في نسخة: "الحبير" بموحدة بدل الراء الأولى. (فنشتقها) بمعجمة وقاف من الشق. وفي نسخة: بمهملة وفاء من السف أي: فنستف ما فيها. قيل: والأولى أوجه؛ لقوله: (فنلعق ما فيها). إذ لا يمكن لعقه إلا بشقها. ومرَّ الحديث في مناقب جعفر (¬1). 33 - باب الدُّبَّاءِ. (باب: الدباء) بالمد: وهي القرع. 5433 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى مَوْلًى لَهُ خَيَّاطًا: "فَأُتِيَ بِدُبَّاءٍ، فَجَعَلَ يَأْكُلُهُ"، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُهُ. [انظر: 2092 - مسلم: 2041 - فتح: 9/ 559]. (عن ابن عون) هو عبد الله. (عن ثمامة) أي: ابن عبد الله بن أنس. ومرَّ حديث الباب في البيوع، وفي الأطعمة (¬2). 34 - بَابُ الرَّجُلِ يَتَكَلَّفُ الطَّعَامَ لِإِخْوَانِهِ (باب: الرجل يتكلف الطعام لإخوانه) أي: بيان ما جاء في ذلك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3708) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب جعفر بن أبي طالب. (¬2) سبق برقم (2092) كتاب: البيوع، باب: ذكر الخياط.

35 - باب من أضاف رجلا إلى طعام وأقبل هو على عمله

5434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَال: كَانَ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلامٌ لَحَّامٌ، فَقَال: اصْنَعْ لِي طَعَامًا، أَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ دَعَوْتَنَا خَامِسَ خَمْسَةٍ، وَهَذَا رَجُلٌ قَدْ تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ. [انظر: 2081 - مسلم: 2036 - فتح: 9/ 559]. (سفيان) أي ابن عيينة. (عن الأعمش) هو سليمان. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (لحام) أي: يبيع اللحم. (قال محمد بن يوسف ..) إلخ ساقط من نسخة. ومرَّ الحديث في البيوع (¬1). 35 - بَابُ مَنْ أَضَافَ رَجُلًا إِلَى طَعَامٍ وَأَقْبَلَ هُوَ عَلَى عَمَلِهِ (باب: من أضاف رجلًا إلى طعام، وأقبل هو على عمله) أي: فلم يأكل معه. 5435 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ النَّضْرَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنْتُ غُلامًا أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غُلامٍ لَهُ خَيَّاطٍ، فَأَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ وَعَلَيْهِ دُبَّاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ" قَال: "فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ جَعَلْتُ أَجْمَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ" قَال: فَأَقْبَلَ الغُلامُ عَلَى عَمَلِهِ، قَال أَنَسٌ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مَا صَنَعَ. [انظر: 2092 - مسلم: 2041 - فتح: 9/ 562]. (بقصعة) بفتح القاف (فيه) الأَوْلى فيها. ومرَّ الحديث في باب: من تتبع حوالي القصعة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2081) كتاب: البيوع، باب: ما قيل في اللحام والجزارة. (¬2) سبق برقم (5379) كتاب: الأطعمة، باب: من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه.

36 - باب المرق

36 - باب المَرَقِ. (باب: المرق) أي: بيان ما جاء فيه. 5436 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَنَّ خَيَّاطًا دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، فَذَهَبْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَّبَ خُبْزَ شَعِيرٍ، وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَاليِ القَصْعَةِ"، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ يَوْمِئِذٍ. [انظر: 2092 - مسلم: 2041 - فتح: 9/ 562]. (وقديد) هو لحم يقدد ويشمس كما مرَّ ومرَّ الحديث في الأطعمة. 37 - باب القَدِيدِ. (باب: القديد) أي: بيان ما جاء فيه. 5437 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمَرَقَةٍ فِيهَا دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ يَأْكُلُهَا". [انظر: 2092 - مسلم: 2041 - فتح: 9/ 563]. (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. 5438 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا فَعَلَهُ إلا فِي عَامٍ جَاعَ النَّاسُ، أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الغَنِيُّ الفَقِيرَ، وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الكُرَاعَ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَمَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاثًا". [انظر: 5423 - مسلم: 2970 - فتح: 9/ 563]. (قبيصة) أي: ابن عقبة السوائي. (سفيان) أي: الثوري. (ما فعله) أي: ادخار لحوم الأضاحي، أي: ما نهى عنه. (إلا في عام جاع الناس) أي: فيه. ومرَّ الحديث في باب: ما كان السلف يدخرون (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5423) كتاب: الأطعمة، باب: ما كان السلف يدخرون.

38 - باب من ناول أو قدم إلى صاحبه على المائدة شيئا

38 - بَابُ مَنْ نَاوَلَ أَوْ قَدَّمَ إِلَى صَاحِبِهِ عَلَى المَائِدَةِ شَيْئًا قَال: وَقَال ابْنُ المُبَارَكِ: "لَا بَأْسَ أَنْ يُنَاولَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا يُنَاولُ مِنْ هَذِهِ المَائِدَةِ إِلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى". (باب: من ناول، أو قدم إلى صاحبه على المائدة شيئًا) أي: من الطعام. (قال) أي: البخاري. 5439 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَال أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ، وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، قَال أَنَسٌ: "فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ الصَّحْفَةِ"، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَقَال ثُمَامَةُ: عَنْ أَنَسٍ: "فَجَعَلْتُ أَجْمَعُ الدُّبَّاءَ بَيْنَ يَدَيْهِ". [انظر: 2092 - مسلم: 2041 - فتح: 9/ 563]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. ومرَّ حديث الباب في باب: من أضاف رجلًا (¬1). 39 - باب الرُّطَبِ بِالقِثَّاءِ. 5440 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالقِثَّاءِ". [انظر: 2047، 5449 - مسلم: 2043 - فتح 9/ 564]. (باب: الرطب بالقثاء) بالمد، وفي نسخة: "باب: القثاء بالرطب" أي: بيان ما جاء في أكله بها. وهو ظاهر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5435) كتاب: الأطعمة، باب: من أضاف رجلًا إلى طعام وأقبل هو على عمله.

40 - باب

40 - باب. (باب) بلا ترجمة. 5441 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبَّاسٍ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، سَبْعًا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلاثًا: يُصَلِّي هَذَا، ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابهِ تَمْرًا، فَأَصَابَنِي سَبْعُ تَمَرَاتٍ، إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ". [انظر: 5411 - فتح: 9/ 564]. 5442 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَنَا تَمْرًا، فَأَصَابَنِي مِنْهُ خَمْسٌ: أَرْبَعُ تَمَرَاتٍ وَحَشَفَةٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ الحَشَفَةَ هِيَ أَشَدُّهُنَّ لِضِرْسِي. [انظر: 5411 - فتح: 9/ 564]. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل النهدي. (تضيفت أبا هريرة) أي: نزلت به ضيفًا. (فكان هو) أي: أبو هريرة. (وامرأته) بسرة بنت غزوان. (يعتقبون الليل) أي: يتناوبونه. (وأصابني سبع تمرات) لا ينافي قوله بعد: (فأصابني منه خمس) لأنَّ القليل لا ينفي الكثير، أو لتعدد القصة. 41 - باب الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تَسَّاقَطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: 25]. (باب: الرطب والثمر) أي: بيان حكمها. (وقول الله) عطف على (الرطب). وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، حَدَّثَتْنِي أُمِّي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ: التَّمْرِ وَالمَاءِ. [انظر: 5383 - مسلم: 2975 - فتح: 9/ 566]. (سفيان) أي: الثوري. ومرَّ حديثه في باب: من أكل حتى شبع (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5383) كتاب: الأطعمة، باب: من أكل حتى شبع.

5443 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ بِالْمَدِينَةِ يَهُودِيٌّ، وَكَانَ يُسْلِفُنِي فِي تَمْرِي إِلَى الجِدَادِ، وَكَانَتْ لِجَابِرٍ الأَرْضُ الَّتِي بِطَرِيقِ رُومَةَ، فَجَلَسَتْ، فَخَلا عَامًا، فَجَاءَنِي اليَهُودِيُّ عِنْدَ الجَدَادِ وَلَمْ أَجُدَّ مِنْهَا شَيْئًا، فَجَعَلْتُ أَسْتَنْظِرُهُ إِلَى قَابِلٍ فَيَأْبَى، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لِأَصْحَابِهِ: "امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنَ اليَهُودِيِّ" فَجَاءُونِي فِي نَخْلِي، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ اليَهُودِيَّ، فَيَقُولُ: أَبَا القَاسِمِ لَا أُنْظِرُهُ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ فَكَلَّمَهُ فَأَبَى، فَقُمْتُ فَجِئْتُ بِقَلِيلِ رُطَبٍ، فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَال: "أَيْنَ عَرِيشُكَ يَا جَابِرُ؟ " فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: "افْرُشْ لِي فِيهِ" فَفَرَشْتُهُ، فَدَخَلَ فَرَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَجِئْتُهُ بِقَبْضَةٍ أُخْرَى فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَ فَكَلَّمَ اليَهُودِيَّ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَامَ فِي الرِّطَابِ فِي النَّخْلِ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَال: "يَا جَابِرُ جُدَّ وَاقْضِ" فَوَقَفَ فِي الجَدَادِ، فَجَدَدْتُ مِنْهَا مَا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ مِنْهُ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرْتُهُ، فَقَال: "أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ" [عُرُوشٌ: وَعَرِيشٌ: بِنَاءٌ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَعْرُوشَاتٍ} [الأنعام: 141]: مَا يُعَرَّشُ مِنَ الكُرُومِ وَغَيْرِ ذَلِكَ يُقَالُ: {عُرُوشُهَا} [البقرة: 259]: أَبْنِيَتُهَا. [فتح 9/ 566]. (غسان) هو محمد بن مطرف. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. (إلى الجذاذ) بكسر الجيم وفتحها وإعجام الذال وإهمالها أي: قطع ثمر النخل. (رومة) بضم الراء: بئر بالمدينة اشتراها عثمان وسبلها (¬1). (فجلست) بلفظ الغيبة أي: تأخرت أرض رومة عن الإثمار، وفي نسخة: بلفظ المتكلم أي: فتأخرت أنا عن قضائه. (فخلَّا) بتشديد اللام من التخلية وبتخفيفها من الخلو أي: فتأخر أو مضى إلى عام ثان ¬

_ (¬1) رومة: بضم الراء، وسكون الواو: أرض بالمدينة بين الجرف وزغابة. نزلها المشركون عام الخندق. انظر: "معجم البلدان" 3/ 104.

42 - باب أكل الجمار

(نستنظر) بالجزم جواب: (امشوا) أي: يطلب الإنظار. (أين عريشك) أي: المكان الذي اتخذته في بستانك لنستظل به. (في الرطاب) جمع رطب. (في النخل) بيان لذلك، أي: في رطب النخل. (الثانية) أي: المرة الثانية. (جذ) أي: أقطع. (عرش وعريش: بناء وقال ابن عباس: معروشات: ما يعرش من الكرم، وغير ذلك، يقال: عروشها: أبنيتها. قال محمد بن يوسف: قال أبو جعفر) هو محمد بن أبي حاتم ورَّاق البخاري. (قال محمد بن إسماعيل) أي: البخاري. (فخلا ليس عندي مقيدًا) أي: مضبوطا بتشديد أو تخفيف، (ثم قال: فجلَّى) أي: بالتشديد. (ليس منه شك) عندي الآن، وقوله: (عرش) إلى هنا ساقط من نسخة. 42 - بَابُ أَكْلِ الجُمَّارِ (باب: أكل الجمار) بتشديد الميم ويسمى شحم النخل وهو قلبها. 5444 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسٌ إِذَا أُتِيَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ المُسْلِمِ" فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِي النَّخْلَةَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ التَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرَةٍ أَنَا أَحْدَثُهُمْ فَسَكَتُّ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ النَّخْلَةُ". [انظر: 61 - مسلم: 2811 - فتح: 9/ 569]. (إن من الشجر لما بركته) اللام للتأكيد و (ما) زائدة، وفي نسخة: "لها بركة" أي: من الشجر، شجرة لها بركة، ومرَّ الحديث في مواضع من كتاب: العلم (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (61) كتاب: العلم، باب: قول المحدث: حدثنا أو أخبرنا.

43 - باب العجوة

43 - باب العَجْوَةِ. (باب: العجوة) أي: بيان فضل أكلها. 5445 - حَدَّثَنَا جُمْعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ". [انظر: 5768، 5769، 5779 - مسلم: 2047 - فتح: 9/ 569]. (من تصبح) أي: أكل صباحًا قبل أن يأكل شيئًا. (سبع تمرات عجوة) بإضافة (تمرات) إلى (عجوة) إضافة بيانية، وبتنوينها، ونصب (عجوة) على التميز وبتنوينهما مجرورين بجعل الثاني صفة للأول، وقيد التمرات في رواية بتمر المدينة (¬1)، وفي أخرى: بتمر عواليها (¬2). فيحتمل الأخذ بذلك، ويحتمل التعميم وهو أكثر فائدة. ويكون التقييد بذلك خرج مخرج الغالب إذ ذاك. 44 - بَابُ القِرَانِ فِي التَّمْرِ (باب: القرآن في التمر) هو بكسر القاف: ضم تمرة إلى أخرى أي: بيان ما جاء في النهي عنه إذا كان مع القارن غيره. 5446 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، قَال: أَصَابَنَا عَامُ سَنَةٍ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَرَزَقَنَا تَمْرًا، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، يَمُرُّ بِنَا وَنَحْنُ نَأْكُلُ، وَيَقُولُ: لَا تُقَارِنُوا، "فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ القِرَانِ"، ثُمَّ يَقُولُ: إلا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ، قَال شُعْبَةُ: "الإِذْنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ". [انظر: 2455 - مسلم: 2045 - فتح: 9/ 569]. ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في "الأوسط" 6/ 130 (6000)، والبيهقي 8/ 135 كتاب: القسامة، باب: من قال: السحر له حقيقة. (¬2) رواه النسائي في "الكبري" 4/ 165 (6714) كتاب: الأطعمة باب: عجوة العارية.

45 - باب القثاء

(آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عام سنة) أي: قحط. (رزقنا) حال بتقدير: وقد رزقنا، وفي نسخة: "فرزقنا" بالفاء. ومر الحديث في الشركة، والمظالم (¬1). 45 - باب القِثَّاءِ. 5447 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالقِثَّاءِ". [انظر: 5440 - مسلم: 2043 - فتح: 9/ 572]. (باب: القثاء) أي: أكل الرطب بها؛ لأنه الذي في الحديث، فالترجمة ناقصة، وبتقدير تمامها فذلك تكرار لذكره له فيما مرَّ. 46 - بَابُ بَرَكَةِ النَّخْلِ (باب: بركة النخل) أي: بيانها. 5448 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً، تَكُونُ مِثْلَ المُسْلِمِ، وَهِيَ النَّخْلَةُ". [انظر: 61 - مسلم: 2811 - فتح: 9/ 572]. (زبيد) أي: ابن الحارث اليامي. (قال: من الشجر شجرة) في نسخة: "إن من الشجر شجرة". (تكون مثل المسلم) أي: في بركتها وكثرة نفعها، ومرَّ الحديث في باب: أكل الجمار (¬2). 47 - بَابُ جَمْعِ اللَّوْنَيْنِ أَوِ الطَّعَامَيْنِ بِمَرَّةٍ (باب: جمع اللونين من الفاكهة وغيرها، أو الطعامين في الأكل ¬

_ (¬1) سبق برقم (2455) كتاب: المظالم، باب: إذا أذن إنسان لآخر شيئًا جازه، ورقم (2489) كتاب: الشركة، باب: القرآن في التمر بين الشركاء. (¬2) سبق برقم (5444) كتاب: الأطعمة، باب: أكل الجمار.

48 - باب من أدخل الضيفان عشرة عشرة، والجلوس على الطعام عشرة عشرة

بمرة) أي: في حالة واحدة، أي: باب بيان حكم ذلك، وهذه الترجمة وحديثها ساقطان من نسخة. 5449 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالقِثَّاءِ". [انظر: 5440 - مسلم: 2043 - فتح: 9/ 573]. (ابن مقاتل) هو محمد المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يأكل الرطب بالقثاء) بأن يأكل هذا أولًا والآخر عقبه، وذلك يتضمن جواز الجمع بين اللونين وطعامين ولا خلاف في ذلك، وما روي عن السلف من خلف ذلك محمولٌ على كراهية اعتياد التوسع والترفع، لغير مصلحة دينية، والباب وما ذكر فيه ساقطان من نسخة، ومرَّ بيانهما في باب: القثاء، وفي باب: الرطب بالقثاء (¬1). 48 - بَابُ مَنْ أَدْخَلَ الضِّيفَانَ عَشَرَةً عَشَرَةً، وَالجُلُوسِ عَلَى الطَّعَامِ عَشَرَةً عَشَرَةً (باب: من أدخل الضيفان عشرة عشرة، والجلوس على الطعام عشرة عشرة) أي: بيانهما. 5450 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ، ح وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ سِنَانٍ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ أُمَّهُ، عَمَدَتِ إلى مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ جَشَّتْهُ، وَجَعَلَتْ مِنْهُ خَطِيفَةً، وَعَصَرَتْ عُكَّةً عِنْدَهَا، ثُمَّ بَعَثَتْنِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5440) كتاب: الأطعمة، باب: القثاء بالرطب. ورقم (5447) كتاب: الأطعمة، باب: القثاء.

49 - باب ما يكره من الثوم والبقول

فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ فَدَعَوْتُهُ، قَال: "وَمَنْ مَعِي؟ " فَجِئْتُ فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَقُولُ: وَمَنْ مَعِي؟ فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَنَعَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَدَخَلَ فَجِيءَ بِهِ، وَقَال: "أَدْخِلْ عَلَيَّ عَشَرَةً" فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَال: "أَدْخِلْ عَلَيَّ عَشَرَةً" فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَال: "أَدْخِلْ عَلَيَّ عَشَرَةً" حَتَّى عَدَّ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ، هَلْ نَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ. [انظر: 422 - مسلم: 2040 - فتح: 9/ 574]. (عن هشام) أي: ابن حسان الأزدي. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (عمدت) أي: قصدت. (إلى مد) أي: مكيال. (جشته) بفتح الجيم والمعجمة المشددة أي: طحنته طحنًا غير ناعم. (خطيفة) بفتح المعجمة لبن يذر على الدقيق ويطبخ فتلعقه الناس ويختطفونه بسرعة، ومرَّ الحديث في علامات النبوة (¬1). 49 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الثُّومِ وَالبُقُولِ فِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 853] (باب: ما يكره من الثوم والبقول) أي: من أكلها. 5451 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، قَال: قِيلَ لِأَنَسٍ: مَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [يَقُولُ] فِي الثُّومِ؟ فَقَال: "مَنْ أَكَلَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا". [انظر: 856 - مسلم: 562 - فتح: 9/ 575]. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن عبد العزيز) أي: ابن صهيب. 5452 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (3572) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

50 - باب الكباث، وهو ثمر الأراك

يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: زَعَمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا". [انظر: 854 - مسلم: 2050 - فتح: 9/ 575]. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي، ومرَّ الحديثان في مواضع من كتاب: الصلاة (¬1). 50 - بَابُ الكَبَاثِ، وَهُوَ ثَمَرُ الأَرَاكِ (باب: الكباث وهو ثمر الأراك) أي: بيان ما جاء في أكله. 5453 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْنِي الكَبَاثَ، فَقَال: "عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَيْطَبُ" فَقَال: أَكُنْتَ تَرْعَى الغَنَمَ؟ قَال: "نَعَمْ، وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إلا رَعَاهَا". [انظر: 3406 - مسلم: 2050 - فتح: 9/ 575]. (بمرِّ الظهران) هو مكان على مرحلة من مكة. (نجني الكباث) أي: نقطعه، لنأكله. (أكنت ترعى الغنم) أي: حتى عرفت أطيبه، ومرَّ الحديث في أحاديث الأنبياء (¬2). 51 - بَابُ المَضْمَضَةِ بَعْدَ الطَّعَامِ (باب: المضمضة بعد الطعام) أي: بيان ما جاء فيها. 5454 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا ¬

_ (¬1) سبقا برقم (855) (856) كتاب: الأذان، باب: ما جاء في الثوم النبي والبصل والكراث. (¬2) سبق برقم (3406) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ}.

52 - باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل

بِالصَّهْبَاءِ دَعَا بِطَعَامٍ، فَمَا أُتِيَ إلا بِسَويقٍ، فَأَكَلْنَا، فَقَامَ إِلَى الصَّلاةِ فَتَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا. [انظر: 209 - فتح: 9/ 576]. 5455 - قَال يَحْيَى: سَمِعْتُ بُشَيْرًا، يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ"، قَال يَحْيَى: وَهِيَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى رَوْحَةٍ، "دَعَا بِطَعَامٍ فَمَا أُتِيَ إلا بِسَويقٍ، فَلُكْنَاهُ، فَأَكَلْنَا مَعَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا المَغْرِبَ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ" وَقَال سُفْيَانُ: كَأَنَّكَ تَسْمَعُهُ مِنْ يَحْيَى .. [انظر: 209 - فتح: 9/ 577]. (عليّ) أي: ابن عبد الله المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة، ومرَّ حديث الباب في الأطعمة (¬1). 52 - بَابُ لَعْقِ الأَصَابِعِ وَمَصِّهَا قَبْلَ أَنْ تُمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ (باب: لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5456 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا". [مسلم: 2031 - فتح: 9/ 577]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (أو يلعقها) بضم الياء وكسر العين أي: يلحسها غيره مما لا يتقذر ذلك. 53 - باب المِنْدِيلِ. (باب: المنديل) بكسر الميم أي: بيان ما جاء فيه. 5457 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5390) كتاب: الأطعمة، باب: السويق.

54 - باب ما يقول إذا فرغ من طعامه

الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ؟ فَقَال: "لَا، قَدْ كُنَّا زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَجِدُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الطَّعَامِ إلا قَلِيلًا، فَإِذَا نَحْنُ وَجَدْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لَنَا مَنَادِيلُ إلا أَكُفَّنَا وَسَوَاعِدَنَا وَأَقْدَامَنَا، ثُمَّ نُصَلِّي وَلَا نَتَوَضَّأُ". [فتح: 9/ 579]. (مثل ذلك) أي: مما مست النار. 54 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ (باب: ما يقول إذا فرغ من طعامه) أي: بيان ما جاء فيه. 5458 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَال: "الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا". [مسلم: 5459 - فتح: 9/ 580]. (سفيان) أي: الثوري. (عن ثور) أي: ابن يزيد الشامي (عن أبي أمامة) هو صدي بن عجلان. (غير) بالنصب والرفع. (مكفي) من كفإت الإناء أي: غير مردود ولا مقلوب. فالضمير للطعام المفهوم من السياق، أو من الكفاية بمعنى: أنه تعالى غير مكفي رزق عباده، أي: ليس أحد يرزقهم غيره فالضمير لله تعالى، أو بمعنى أن الحمد غير مكفي عنه فالضمير للحمد. (ولا مودع) بضم الميم وفتح الواو وتشديد الدال أي: غير متروك. (ربنا) بالنصب على المدح أو الاختصاص أو النداء ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف أي: هو. 5459 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ - وَقَال مَرَّةً: إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ - قَال: "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ" وَقَال مَرَّةً: "الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى، رَبَّنَا". [انظر: 5458 - فتح: 9/ 580]. (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد النبيل، وهذا طريق آخر في الحديث قبله.

55 - باب الأكل مع الخادم

55 - بَابُ الأَكْلِ مَعَ الخَادِمِ (باب: الأكل مع الخادم) أي: بيان ندبه. 5460 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاولْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلاجَهُ". [انظر: 2557 - مسلم: 1663 - فتح: 9/ 581]. (أو لقمة أو لقمتين) شك من الرواي. (وحرَّه وعلاجه) أي: إصلاحه، ومرَّ الحديث في العتق (¬1). 56 - بَابٌ: الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ [فِيهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -]. [فتح 9/ 582]. (باب: الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر) أي: في أصل الأجر لا في مقداره. إذ المشبه به أعظم أجرًا من المشبه كما يقتضيه التشبيه. 57 - بَابُ الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى طَعَامٍ فَيَقُولُ: وَهَذَا مَعِي وَقَال أَنَسٌ: "إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مُسْلِمٍ لَا يُتَّهَمُ، فَكُلْ مِنْ طَعَامِهِ وَاشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ". (باب: الرجل يدعى إلى طعام فيقول: وهذا معي) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ، قَال: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلامٌ لَحَّامٌ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، فَعَرَفَ الجُوعَ فِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (2557) كتاب: العتق، باب: إذا أتاه خادمه بطعامه.

58 - باب إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه

وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبَ إِلَى غُلامِهِ اللَّحَّامِ، فَقَال: اصْنَعْ لِي طَعَامًا يَكْفِي خَمْسَةً، لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَصَنَعَ لَهُ طُعَيِّمًا، ثُمَّ أَتَاهُ فَدَعَاهُ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا شُعَيْبٍ، إِنَّ رَجُلًا تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ" قَال: لَا، بَلْ أَذِنْتُ لَهُ. [انظر: 2081 - مسلم: 2036 - فتح: 9/ 583]. (شقيق) أي: ابن سلمة. ومرَّ حديث الباب، في باب: الرجل يتكلف الطعام لإخوانه (¬1). 58 - بَابُ إِذَا حَضَرَ العَشَاءُ فَلَا يَعْجَلْ عَنْ عَشَائِهِ (باب: إذا حضر العشاء) بفتح العين والمد، ضد الغداء. (فلا يعجل عن عشائه) أقام الظاهر مقام المضمر والأصل عنه. 5462 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ، أَخْبَرَهُ: "أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِي يَدِهِ، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلاةِ، فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ الَّتِي كَانَ يَحْتَزُّ بِهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ". [انظر: 208 - مسلم: 355 - فتح: 9/ 574]. (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (وهيب) أي: ابن خالد البصري. 5463 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا وُضِعَ العَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ". [انظر: 672 - مسلم: 557 - فتح: 9/ 584]. وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [انظر: 673 - مسلم: 559]. 5664 - وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهُ تَعَشَّى مَرَّةً، وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ" [انظر: 673 - مسلم: 559 - فتح: 9/ 584]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5434) كتاب: الأطعمة، باب: الرجل يتكلف الطعام لإخوانه.

59 - باب قول الله تعالى: {فإذا طعمتم فانتشروا} [الأحزاب: 53]

5465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ وَحَضَرَ العَشَاءُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ" قَال وُهَيْبٌ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ: "إِذَا وُضِعَ العَشَاءُ". [انظر: 671 - مسلم: 558 - فتح: 9/ 584]. (أيوب) أي: السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي. ومطابقة الحديث الباقي للترجمة ظاهرة. وأما مطابقة الأول لها فتؤخذ من استنباط البخاري من اشتغاله - صلى الله عليه وسلم - بالأكل وقت الصلاة. 59 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: 53] (باب: قول الله تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} أي: بيان ما جاء في ذلك. 5466 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَنَسًا، قَال: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالحِجَابِ، كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عَنْهُ "أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرُوسًا بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِالْمَدِينَةِ، فَدَعَا النَّاسَ لِلطَّعَامِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسَ مَعَهُ رِجَالٌ بَعْدَ مَا قَامَ القَوْمُ، حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَشَى وَمَشَيْتُ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ مَكَانَهُمْ، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ الثَّانِيَةَ، حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ قَدْ قَامُوا، فَضَرَبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتْرًا، وَأُنْزِلَ الحِجَابُ". [انظر: 4791 - مسلم: 1482 - فتح: 9/ 585]. (عن صالح) أي: ابن كيسان. (أنا أعلم الناس بالحجاب) أي: بسبب نزول آيته. (وأنزل الحجاب) أي: آيته، ومرَّ الحديث في سورة الأحزاب (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4791) كتاب: التفسير، باب: قوله: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم}.

71 - كتاب العقيقة

71 - كِتَابُ العَقِيقَةِ

1 - باب تسمية المولود غداة يولد، لمن لم يعق [عنه]، وتحنيكه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 71 - كِتَابُ العَقِيقَةِ [فتح 9/ 586] 1 - بَابُ تَسْمِيَةِ المَوْلُودِ غَدَاةَ يُولَدُ، لِمَنْ لَمْ يَعُقَّ [عَنْهُ]، وَتَحْنِيكِهِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب العقيقة) هو لغة: الشعر الذي على رأس الولد حين يولد، وشرعًا: ما يذبح عند حلق شعره. سُمِّي بذلك؛ لأنه مذبحه يعق أي: يشق ويقطع؛ ولأن الشعر يحلق إذ ذاك وهي سنة مؤكدة عند الشافعية كالأضحية بجامع أن كلا منهما إراقة دم بغير جناية. (باب: تسمية المولود غدا؛ يولد لمن لم يعق) في نسخة: "لمن لم يعق عنه" وفي أخرى: "وإن لم يعق عنه". (وتحنيكه) بجره بالعطف على تسمية المولود، وأراد (بغداة الولادة) عقبها؛ لأنه الذي دلَّ عليه الحديث. 5467 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: حَدَّثَنِي بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "وُلِدَ لِي غُلامٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ"، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي مُوسَى. [انظر: 6198 - مسلم: 2145 - فتح: 9/ 587]. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن بريد) بضم الموحدة أي: ابن عبد الله بن أبي بردة (يحيى) أي: ابن سعيد.

5468 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ يُحَنِّكُهُ، فَبَال عَلَيْهِ، فَأَتْبَعَهُ المَاءَ". [انظر: 222 - مسلم: 286 - فتح: 9/ 587]. (عن هشام) أي: ابن عروة (فأتبعه بالماء) أي: فأتبع البول بالماء. ومرَّ الحديث في كتاب: الطهارة (¬1). 5469 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، قَالتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ المَدِينَةَ فَنَزَلْتُ قُبَاءً، فَوَلَدْتُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ "أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ فَبَرَّكَ عَلَيْهِ" وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلامِ، فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، لِأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ اليَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلَا يُولَدُ لَكُمْ. [انظر: 3909 - مسلم: 2146 - فتح: 9/ 587]. (أنا مُتم) أي: مشارف لتمام حملي، ومرَّ الحديث في الهجرة (¬2). 5470 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبِيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ، قَال: مَا فَعَلَ ابْنِي، قَالتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالتْ: وَارُوا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَال: "أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا" فَوَلَدَتْ غُلامًا، قَال لِي أَبُو طَلْحَةَ: احْفَظْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْسَلَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَمَعَهُ شَيْءٌ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، تَمَرَاتٌ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (232) كتاب: الوضوء، باب: بول الصبيان. (¬2) سبق برقم (3709) كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ...

2 - باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة

فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ فِيهِ، فَجَعَلَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ وَحَنَّكَهُ بِهِ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ. [انظر: 1301، 1502 - مسلم: 2144، 2144 - فتح: 9/ 587]. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَسَاقَ الحَدِيثَ. (يشتكي) أي: مشتكيًا أي: مريضًا. (فقبض) أي: مات (ثم أصاب منها) أي: جامعها. (وارِ الصبي) أي: ادفنه. (أعرستم) بسكون العين من الإعراس وهو الوطء، والاستفهام مقدر. 2 - بَابُ إِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الصَّبِيِّ فِي العَقِيقَةِ (باب: إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة) أي: إزالة الشعر أو قلفة الختان عنه في وقت العقيقة. 5471 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، قَال: "مَعَ الغُلامِ عَقِيقَةٌ" وَقَال حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، وَقَتَادَةُ، وَهِشَامٌ، وَحَبِيبٌ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، وَهِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنِ الرَّبَابِ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ سَلْمَانَ قَوْلَهُ. [5472 - فتح 9/ 590]. (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (مع الغلام عقيقة) أي: عقيقته مصاحبة له وقت ولادته فيعق عنه. (حماد) أي: ابن سلمة. (وهشام) أي: ابن حسان. (وحبيب) أي: ابن الشهيد. (عن الرباب) أي: بنت صُلَيْع. 5472 - وَقَال أَصْبَغُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، حَدَّثَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبِّيُّ، قَال: سَمِعْتُ

3 - باب الفرع

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَعَ الغُلامِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى". [انظر: 5471 - فتح 9/ 590]. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَال: أَمَرَنِي ابْنُ سِيرِينَ: أَنْ أَسْأَلَ الحَسَنَ: مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ العَقِيقَةِ؟ فَسَأَلْتُهُ فَقَال: "مِنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ". (أصبغ) أي: ابن الفرح. 3 - باب الفَرَعِ. (باب: الفرع) بفتح الفاء والراء وبمهملة أول ولد تنتجه الناقة، أو الغنم كانوا يذبخونه لآلهتهم كما سيأتي. 5473 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ" وَالفَرَعُ: أَوَّلُ النِّتَاجِ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ، وَالعَتِيرَةُ فِي رَجَبٍ. [انظر: 5474 - مسلم: 1976 - فتح: 9/ 596]. (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (والعتيرة) بمهملة وفوقية: النسيكة التي كانوا يذبحونها (ق) العشر الأول من شهر (رجب). 4 - باب العَتِيرَةِ. (باب: العتيرة) أي: بيان ما جاء فيها. 5474 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ" قَال: "وَالفَرَعُ: أَوَّلُ نِتَاجٍ كَانَ يُنْتَجُ لَهُمْ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيَتِهِمْ، وَالعَتِيرَةُ فِي رَجَبٍ. [انظر: 5474 - مسلم: 1976 - فتح: 9/ 597]. (سفيان) أي: ابن عيينة.

72 - كتاب الذبائح والصيد

72 - كِتَابُ الذَّبَائِحِ وَالصَّيْدِ

1 - [باب] والتسمية على الصيد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 72 - كِتَابُ الذَّبَائِحِ وَالصَّيْدِ 1 - [بَابُ] والتَّسْمِيَةِ عَلَى الصَّيْدِ (¬1) وَقَوْلِهِ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94]- إِلَى قَوْلِهِ - {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 10] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: 1]- إِلَى قَوْلِهِ - {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 3] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: العُقُودُ: "العُهُودُ، مَا أُحِلَّ وَحُرِّمَ" {إلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: 1]: "الخِنْزِيرُ"، {يَجْرِمَنَّكُمْ} [المائدة: 2]: "يَحْمِلَنَّكُمْ"، {شَنَآنُ} [المائدة: 2]: "عَدَاوَةُ"، {المُنْخَنِقَةُ} [المائدة: 3]: "تُخْنَقُ فَتَمُوتُ"، {المَوْقُوذَةُ} [المائدة: 3]: "تُضْرَبُ بِالخَشَبِ يُوقِذُهَا فَتَمُوتُ"، {وَالمُتَرَدِّيَةُ} [المائدة: 3]: "تَتَرَدَّى مِنَ الجَبَلِ"، {وَالنَّطِيحَةُ} [المائدة: 3]: "تُنْطَحُ الشَّاةُ، فَمَا أَدْرَكْتَهُ يَتَحَرَّكُ بِذَنَبِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَاذْبَحْ وَكُلْ". ¬

_ (¬1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 106: ترجم الباب بالتسمية وليس في الآثار ما يطابقها، ولكن في حديث عدي ذلك، فيجوز أن يكون قصد بالآثار الشرط على كتاب: الصيد؛ ليطابقه. وبحديث عدي في كيفية الصيد والتسمية الرد على باب: التسمية؛ ليطابقه؛ ويجوز أن يكون قصد بالآثار بيان إجمالها وبحديث على بيانها منه.

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (كتاب) في نسخة: "باب" وهما ساقطان من أخرى. (الذبائح والصيد والتسمية على الصيد) أي: بيان ما جاء فيها. وقوله جل ذكره: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} إلى قوله: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} ساقط من نسخة. (وقال ابن عباس) أي: مرة [فسر] (¬1) (العقود) أي: في قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} هي (العهود). ومرة هي (ما أحل وحرم) ببنائهما للمفعول {إلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} أي: الخنزير {يَجْرِمَنَّكُمْ} أي: (يحملنكم). {شَنَآنُ} أي: (عداوة). {وَالْمُنْخَنِقَةُ} هي التي (تخنق فتموت). {وَالْمَوْقُوذَةُ} هي التي تضرب بالخشب بحيث يوقذها أي: يثخنها (فتموت). ويوقذ من أوقذ. و {وَالْمَوْقُوذَةُ} من وقذ، يقال: وقذه وأوقذه، والوقذ بالمعجمة: الضرب المثخن. {وَالْمُتَرَدِّيَةُ} هي التي (تتردى من الجبل) فتموت {وَالنَّطِيحَةُ} هي التي (تنطح الشاة) بالبناء للمفعول. وأقام الظاهر مقام المضمر المستتر. 5475 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَيْدِ المِعْرَاضِ، قَال: "مَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْهُ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَهُوَ وَقِيذٌ" وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ الكَلْبِ، فَقَال: "مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ، فَإِنَّ أَخْذَ الكَلْبِ ذَكَاةٌ، وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلْبِكَ أَوْ كِلابِكَ كَلْبًا غَيْرَهُ، فَخَشِيتَ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مَعَهُ، وَقَدْ قَتَلَهُ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تَذْكُرْهُ عَلَى غَيْرِهِ". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح: 9/ 599]. (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (زكريا) أي: ابن أبي زائدة. (عن عامر) أي: الشعبي. (المعراض) بكسر الميم خشبة ثقيلة، أو عصا في ¬

_ (¬1) من حاشيته على البخاري.

2 - باب صيد المعراض

طرفها حديدة غالبًا، وقيل: سهم بلا ريش دقيق الطرفين غليظ الوسط يصيب بعرضه دون حده، وقيل غير ذلك. ومرَّ حديث الباب في البيوع في باب: تفسير المشتبهات (¬1). 2 - باب صَيْدِ المِعرَاضِ. وَقَال ابْنُ عُمَرَ، فِي المَقْتُولَةِ بِالْبُنْدُقَةِ: تِلْكَ المَوْقُوذَةُ وَكَرِهَهُ سَالِمٌ، وَالقَاسِمُ، وَمُجَاهِدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَعَطَاءٌ، وَالحَسَنُ، وَكَرِهَ الحَسَنُ: رَمْيَ البُنْدُقَةِ فِي القُرَى وَالأَمْصَارِ، وَلَا يَرَى بَأْسًا فِيمَا سِوَاهُ. (باب: صيد المعراض) أي: بيان حكم مصيده (وكرهه) أي: القتل بالبندقة. (سالم) أي: ابن عبد الله. (والقاسم) أي: ابن محمد. (وكره الحسن رمي البندقة في القرى والأمصار) أي: خوف إصابة الناس بخلاف الرمي بها في البرية، وهي المراد بقوله: (ولا نرى بأسًا فيما سواه) أي: سوى ما ذكر من القرى والأمصار. 5476 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَال: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المِعْرَاضِ، فَقَال: "إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، فَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ فَلَا تَأْكُلْ" فَقُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي؟ قَال: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَكُلْ" قُلْتُ: فَإِنْ أَكَلَ؟ قَال: "فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ لَمْ يُمْسِكْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ" قُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ؟ قَال: "لَا تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى آخَرَ". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح: 9/ 603]. (عن الشعبي) هو عامر بن شرحبيل. (عن المعراض) أي: عن حكم الصيد به، وهذا طريق آخر في الحديث قبله. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2054) كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات.

3 - باب ما أصاب المعراض بعرضه

3 - بَابُ مَا أَصَابَ المِعْرَاضُ بِعَرْضِهِ (باب: ما أصاب المعراض بعرضه) أي: بيان حكمه. 5477 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نُرْسِلُ الكِلابَ المُعَلَّمَةَ؟ قَال: "كُلْ مَا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ" قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَال: "وَإِنْ قَتَلْنَ" قُلْتُ: وَإِنَّا نَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ؟ قَال: "كُلْ مَا خَزَقَ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح: 9/ 604]. (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (خرق) بمعجمة فزاي فقاف أي: جرح ونفذ. 4 - باب صَيدِ القَوْسِ. وَقَال الحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ: "إِذَا ضَرَبَ صَيْدًا، فَبَانَ مِنْهُ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ، لَا تَأْكُلُ الَّذِي بَانَ وَكُلْ سَائِرَهُ" وَقَال إِبْرَاهِيمُ: "إِذَا ضَرَبْتَ عُنُقَهُ أَوْ وَسَطَهُ فَكُلْهُ"، وَقَال الأَعْمَشُ: عَنْ زَيْدٍ: "اسْتَعْصَى عَلَى رَجُلٍ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ حِمَارٌ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَضْرِبُوهُ حَيْثُ تَيَسَّرَ، دَعُوا مَا سَقَطَ مِنْهُ وَكُلُوهُ". (باب: صيد القوس) أي: بيان حكم مصيد سهمه، والقوس يذكر فتصغيره قويس، ويؤنث فتصغيره قويسة، ويجمع على قسي وأقواس وقياس. (إذا ضرب صيدًا فبان منه يد أو رجل لا يأكل الذي بان ويأكل سائره) أي: باقيه، ومحله عند الشافعية إذا تراخى الموت عن الإبانة وإلا فيؤكل كله. (حمار) أي: وحشي. 5478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ

5 - باب الخذف والبندقة

الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، قَال: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِقَوْسِي، وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ وَبِكَلْبِي المُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ قَال: "أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ، فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ مُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ". [انظر: 4588، 5496 - مسلم: 1930 - فتح: 9/ 604]. (حيوة) أي: ابن شريح. (عن أبي إدريس) أي: الخولاني. (عن أبي ثعلبة) اسمه: جرثوم، ومعنى الحديث ظاهر. 5 - بَابُ الخَذْفِ وَالبُنْدُقَةِ (باب: الخذف) بمعجمتين: الرمي بحصى، أو نوى بين سبابتيه أو السبابة والإبهام. (والبندقة) هي المتخذة من الطين وتيبس فيرمى بها. 5479 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ - وَاللَّفْظُ لِيَزِيدَ - عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَخْذِفُ، فَقَال لَهُ: لَا تَخْذِفْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الخَذْفِ، أَوْ كَانَ يَكْرَهُ الخَذْفَ وَقَال: "إِنَّهُ لَا يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ وَلَا يُنْكَى بِهِ عَدُوٌّ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ العَيْنَ" ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ، فَقَال لَهُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الخَذْفِ أَوْ كَرِهَ الخَذْفَ، وَأَنْتَ تَخْذِفُ لَا أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا. [انظر: 4841 - مسلم: 1954 - فتح: 9/ 607]. (وكيع) أي: ابن الجراح الكوفي. (أو كان يكره الخذف) شك من الراوي. (ولا ينكأ به عدو) بالهمز رواية كما قاله القاضي عياض (¬1)، ثم ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 6/ 393 - 394.

6 - باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية

قال: والأشهر بالقصر ومعناه: المبالغة في الإصابة والتشديد في التأثير أي: وهو المناسب هنا، أما على الأول: فهو من نكات القرحة إذا قشرتها ولا مناسبة له هنا. (ولكنها) أي: البندقة. 6 - بَابُ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ (باب: من أقتنى كلبًا ليس بكلب صيد أوَ ماشية) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5480 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، لَيْسَ بِكَلْبِ مَاشِيَةٍ، أَوْ ضَارِيَةٍ، نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطَانِ". [انظر: 5481، 5481 - مسلم: 1574 - فتح: 9/ 608]. (أو ضارية) من ضرى الكلب بالصيد ضراوة أي: تعود، وكان حقه أن يقول: أو ضار، لكنه أنَّث؛ لتناسب لفظ: (ماشية) نحو: لا دريت ولا تليت، وحقه تلوت. 5481 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، قَال: سَمِعْتُ سَالِمًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إلا كَلْبًا ضَارِيًا لِصَيْدٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ". [انظر: 5480 - مسلم: 1574 - فتح: 9/ 608]. (إلا كلب ضار) بنصب (كلب) وإضافته إلى (ضار) إضافة بيانية من باب إضافة الموصوف إلى صفته. (قيراطان) بالرفع فاعل (ينقص) وفي رواية: "قيراطين (¬1) " بالنصب على استعمال (نقص) متعد، وكرر أحاديث الباب؛ لاختلاف أسانيدها، ولزيادة في الثانيين منها. ¬

_ (¬1) أخرجها الطبراني 12/ 295، وفي "الأوسط" 1/ 122 (389).

7 - باب إذا أكل الكلب

7 - بَابُ إِذَا أَكَلَ الكَلْبُ وَقَوْلُهُ تَعَالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ؟ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}: "الصَّوَائِدُ وَالكَوَاسِبُ" {اجْتَرَحُوا} [الجاثية: 21]: "اكْتَسَبُوا" {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4]- إِلَى قَوْلِهِ - {سَرِيعُ الحِسَابِ} [البقرة: 202] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "إِنْ أَكَلَ الكَلْبُ فَقَدْ أَفْسَدَهُ، إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَاللَّهُ يَقُولُ: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: 4] فَتُضْرَبُ وَتُعَلَّمُ حَتَّى يَتْرُكَ. وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ وَقَال عَطَاءٌ: "إِنْ شَرِبَ الدَّمَ وَلَمْ يَأْكُلْ فَكُلْ". (باب: إذا أكل الكلب) أي: من الصيد، حَرُمَ أكله. {مُكَلِّبِينَ} جمع مكلب: وهو مؤدَّب الجوارح ومعلَّمها، مأخوذ من الكلب؛ لأن التأديب أكثر ما يكون في الكلاب. ({اجْتَرَحُوا}) أي: (اكتسبوا) ذكر ذلك هنا استطرادًا؛ لبيان الاجتراح المأخوذ منه الجوارح يطلق على الاكتساب. 5483 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ بَيَانٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: إِنَّا قَوْمٌ نَصِيدُ بِهَذِهِ الكِلابِ؟ فَقَال: "إِذَا أَرْسَلْتَ كِلابَكَ المُعَلَّمَةَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَإِنْ قَتَلْنَ، إلا أَنْ يَأْكُلَ الكَلْبُ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالطَهَا كِلابٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَأْكُلْ". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح: 9/ 609]. (عن بيان) أي: ابن بشر. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل ومَرَّ الحديث مرارًا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5477) كتاب: الذبائح، باب: ما أصاب المعراض بعرضه.

8 - باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة

8 - بَابُ الصَّيْدِ إِذَا غَابَ عَنْهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً (باب: الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة) أي: باب بيان ما جاء في ذلك. 5484 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَأَمْسَكَ وَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا خَالطَ كِلابًا، لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا، فَأَمْسَكْنَ وَقَتَلْنَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّهَا قَتَلَ، وَإِنْ رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِهِ إلا أَثَرُ سَهْمِكَ فَكُلْ، وَإِنْ وَقَعَ فِي المَاءِ فَلَا تَأْكُلْ". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح: 9/ 610]. (عاصم) أي: ابن سليمان، ومَرّ أول حديث الباب، وباقيه ظاهر، قال الرافعي: ويؤخذ منه أنه لو جرح صيدا ثم غاب ثم وجده ميتًا لا يحل، وهو ظاهر نص الشافعي في "المختصر" (¬1). وقال النووي: الحل أصح دليل وأطال في بيانه. وسبقه إلى ذلك البيهقي (¬2). 5485 - وَقَال عَبْدُ الأَعْلَى: عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيٍّ، أَنَّهُ قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَقْتَفِرُ أَثَرَهُ اليَوْمَيْنِ وَالثَّلاثَةَ، ثُمَّ يَجِدُهُ مَيِّتًا وَفِيهِ سَهْمُهُ، قَال: "يَأْكُلُ إِنْ شَاءَ". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح: 9/ 610]. (فيقتفر) بقاف ساكنة ففوقية مفتوحة ففاء مكسورة فراء، وفي نسخة: "فيقتفي" بتحتية بدل الراء، وهما بمعنى، أي: تتبع أثره. ¬

_ (¬1) انظر: "الشرح الكبير" للرافعي 12/ 34. (¬2) انظر: "السنن الكبرى" 9/ 242. كتاب: الصيد والذبائح، باب: الإرسال على الصيد يتوارع عنك ثم تجده مقتولا.

9 - باب إذا وجد مع الصيد كلبا آخر

9 - بَابُ إِذَا وَجَدَ مَعَ الصَّيْدِ كَلْبًا آخَرَ (باب: إذا وجد مع الصيد كلبًا آخر) لا يحل أكله. 5486 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرْسِلُ كَلْبِي وَأُسَمِّي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ، فَأَخَذَ فَقَتَلَ فَأَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ" قُلْتُ: إِنِّي أُرْسِلُ كَلْبِي، أَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ، لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَهُ؟ فَقَال: "لَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ" وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ المِعْرَاضِ، فَقَال: "إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَبْتَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ، فَلَا تَأْكُلْ". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح: 9/ 612]. (آدم) أي: ابن أبي إياس. (وقيذٌ) أي: ميتة، ومَرَّ الحديث في باب: صيد المعراض (¬1). 10 - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّصَيُّدِ (باب: ما جاء في التصيُّد) أي: في التكلف بالصيد والاشتغال به للتكسب. 5487 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنِي ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّا قَوْمٌ نَتَصَيَّدُ بِهَذِهِ الكِلابِ، فَقَال: "إِذَا أَرْسَلْتَ كِلابَكَ المُعَلَّمَةَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ، إلا أَنْ يَأْكُلَ الكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالطَهَا كَلْبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَأْكُلْ". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح: 9/ 612]. (محمد) أي: ابن سلام. (ابن فضيل) هو محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي. (عن عامر) أي: الشعبي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5476) كتاب: الذبائح، باب: صيد المعراض.

5488 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، ح وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، قَال: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيَّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الكِتَابِ، نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، وَأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي، وَأَصِيدُ بِكَلْبِي المُعَلَّمِ وَالَّذِي لَيْسَ مُعَلَّمًا، فَأَخْبِرْنِي: مَا الَّذِي يَحِلُّ لَنَا مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَال: "أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الكِتَابِ تَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ: فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ صَيْدٍ: فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، ثُمَّ كُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ مُعَلَّمًا فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ". [انظر: 5478 - مسلم: 1930 - فتح: 9/ 612]. (وأرض صيد) أي: ذات صيد. (فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها) النهي للتنزيه (وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها) الأمر بغسلها للندب. (فاذكر اسم الله) الأمر للندب. 5489 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَوْا عَلَيْهَا حَتَّى لَغِبُوا، فَسَعَيْتُ عَلَيْهَا حَتَّى أَخَذْتُهَا، فَجِئْتُ بِهَا إِلَى أَبِي طَلْحَةَ، "فَبَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَرِكَيْهَا أَوْ فَخِذَيْهَا فَقَبِلَهُ". [انظر: 2572 - مسلم: 1953 - فتح: 9/ 612]. (يحيى) أي: القطان. (أنفجنا أرنبًا) أي: هيجناه، والأرنب حيوان قصير اليدين طويل الرجلين. (فسعوا عليها) أي: على الأرنب. (حتى لغبوا) بفتح الغين أفصح من كسرها. أي: "تعبوا" كما في نسخة. 5490 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ، تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ،

11 - باب التصيد على الجبال

فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، ثُمَّ سَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاولُوهُ سَوْطًا فَأَبَوْا، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا، فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الحِمَارِ فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَى بَعْضُهُمْ، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال: "إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ". [انظر: 1821 - مسلم: 1116 - فتح: 9/ 613] 5491 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: مِثْلَهُ، إلا أَنَّهُ قَال: "هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ؟ ". [انظر: 1821 - مسلم: 1196 - فتح: 9/ 613]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (فسألهم رمحه) أي: أن يناولوه له. (طعمة) بضم الطاء أي: أكلة، ومَرَّ أول أحاديث الباب في باب: إذا أكل الكلب (¬1)، وثانيها في باب: ما أصاب المعراض بعرضه (¬2)، وثالثها في باب: قبول هدية الصيد (¬3)، ورابعها وخامسها: في الحج والجهاد (¬4). 11 - بَابُ التَّصَيُّدِ عَلَى الجِبَالِ (باب: التصيد على الجبال) بجيم وموحدة. 5492 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الجُعْفِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، أَنَّ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، وَأَبِي صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَأَنَا رَجُلٌ حِلٌّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5483) كتاب: الذبائح والصيد، باب: إذا أكل الكلب. (¬2) سبق برقم (5477) كتاب: الذبائح، باب: ما أصاب المعراض بعرضه. (¬3) سبق برقم (2572) كتاب: الهبة، باب: قبول هدية الصيد. (¬4) سبق برقم (1821) كتاب: جزاء الصيد، باب: وإذا صار الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله، وبرقم (2854) كتاب: الجهاد، باب: اسم الفرس والحمار.

12 - باب قول الله تعالى: {أحل لكم صيد البحر} [المائدة: 96]

عَلَى فَرَسٍ، وَكُنْتُ رَقَّاءً عَلَى الجِبَالِ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ رَأَيْتُ النَّاسَ مُتَشَوِّفِينَ لِشَيْءٍ، فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ حِمَارُ وَحْشٍ، فَقُلْتُ لَهُمْ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: لَا نَدْرِي، قُلْتُ: هُوَ حِمَارٌ وَحْشِيٌّ، فَقَالُوا: هُوَ مَا رَأَيْتَ، وَكُنْتُ نَسِيتُ سَوْطِي، فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاولُونِي سَوْطِي، فَقَالُوا: لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ، فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ ضَرَبْتُ فِي أَثَرِهِ، فَلَمْ يَكُنْ إلا ذَاكَ حَتَّى عَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ إِلَيْهِمْ، فَقُلْتُ لَهُمْ: قُومُوا فَاحْتَمِلُوا، قَالُوا: لَا نَمَسُّهُ، فَحَمَلْتُهُ حَتَّى جِئْتُهُمْ بِهِ، فَأَبَى بَعْضُهُمْ، وَأَكَلَ بَعْضُهُمْ، فَقُلْتُ لَهُمْ: أَنَا أَسْتَوْقِفُ لَكُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَدْرَكْتُهُ فَحَدَّثْتُهُ الحَدِيثَ، فَقَال لِي: "أَبَقِيَ مَعَكُمْ شَيْءٌ مِنْهُ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَال: "كُلُوا، فَهُوَ طُعْمٌ أَطْعَمَكُمُوهُ اللَّهُ". [انظر: 1821 - مسلم: 1196 - فتح: 9/ 613]. (عمرو) أي: ابن الحارث المصري. (أبا النضر) هو سالم. (أبي صالح) هو نبهان. (مولى التوأمة) بفتح الفوقية، وحي ضمها، وحكي أيضًا ضمها مع حذف الواو. لفظًا بوزن حطمة. (وكنت رقاء) أي: كثير الترقي. (حمار وحشي) في نسخة: "حمار وحش". (في أثره) بفتح الهمزة والمثلثة وبكسرها وسكون المثلثة. (إلا ذاك) في نسخة: "إلا ذلك" أي: إلَّا أني أدركته. (أستوقف لكم النبي) أي: أسأله أن يقف لكم؛ لأساله عن ذاك. 12 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ} [المائدة: 96] وَقَال عُمَرُ: صَيْدُهُ مَا اصْطِيدَ، وَ {طَعَامُهُ} [عبس: 24]: مَا رَمَى بِهِ وَقَال أَبُو بَكْرٍ: الطَّافِي حَلالٌ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "طَعَامُهُ مَيْتَتُهُ، إلا مَا قَذِرْتَ مِنْهَا، وَالجِرِّيُّ لَا تَأْكُلُهُ اليَهُودُ، وَنَحْنُ نَأْكُلُهُ" وَقَال شُرَيْحٌ، صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ شَيْءٍ فِي البَحْرِ مَذْبُوحٌ" وَقَال عَطَاءٌ: "أَمَّا الطَّيْرُ فَأَرَى أَنْ يَذْبَحَهُ" وَقَال

ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: "صَيْدُ الأَنْهَارِ وَقِلاتِ السَّيْلِ، أَصَيْدُ بَحْرٍ هُوَ؟ قَال: نَعَمْ، ثُمَّ تَلا: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} [فاطر: 12] وَرَكِبَ الحَسَنُ، عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى سَرْجٍ مِنْ جُلُودِ كِلابِ المَاءِ وَقَال الشَّعْبِيُّ: "لَوْ أَنَّ أَهْلِي أَكَلُوا الضَّفَادِعَ لَأَطْعَمْتُهُمْ" وَلَمْ يَرَ الحَسَنُ، بِالسُّلَحْفَاةِ بَأْسًا وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "كُلْ مِنْ صَيْدِ البَحْرِ نَصْرَانِيٍّ أَوْ يَهُودِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ" وَقَال أَبُوالدَّرْدَاءِ، فِي المُرِي: "ذَبَحَ الخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ". (باب: قول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} أي صيد الماء، وزاد في نسخة: {وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ}. و (طعامه ما رمى به) أي: قذفه. (الطافي) بلا همز: وهو ما على الماء ميتًا. (حلال) أي: أكله. (وقال ابن عباس: طعامه) أي: ميتته، قذفه أو لم يقذفه. (إلا ما قذرت) بكسر المعجمة (منها) أي: من الميتة، وفي نسخة: "منه" أي: مما مات. (وقال شريح صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -: كل شيء في البحر مذبوح) ساقط من نسخة. (والجري) بكسر الجيم وفتحها وتشديد الراء والياء: ضرب من السمك يشبه الحيات، وقيل: سمك لا قشر له، وقيل: نوع عريض الوسط دقيق الطرفين مذبوح، أي: حلال كالمذكى. (وقلات السيل) بكسر القاف وتخفيف اللام آخره فوقية جمع قلة وهي: نقرة في صخرة يستنقع فيها الماء. (وقال الشعبي: لو أن أهلي أكلوا الضفادع) أي: أرادوا أكلها. (لأطعمتهم) بناء على جواز أكلها. (كُلْ من صيد البحر نصراني، أو يهودي، أو مجوسي) بجر الثلاثة على البدل من مضافٍ محذوف، أي: كل من صيد صائد البحر، وفي نسخة: "كُلْ من صيد البحر، وإن صاده نصراني، أو يهودي، أو مجوسي" برفعها على

الفاعلية، وبالجملة ففي حيوان البحر خلاف وتفصيل، والمفتى به عند الشافعية حله مطلقا إلا السرطان والضفدع، والتمساح والسلحفاة؛ لخبث طعمها وللنهي عن قتل الضفدع. رواه أبو داود وصححه الحاكم (¬1). (وقال أبو الدرداء في المري) بضم الميم وسكون الراء بعدها تحتية، وبكسر الراء المشددة بعدها تحتية مشددة: وهو أن يجعل في الخمر الملح والسمك ويوضع في الشمس فيتغير عن طعم الخمر، فيغلب طعم السمك بما أضيف إليه على ضراوة الخمر، ويزيل ما فيه من الشدة مع تأثير الشمس في تخليله، والقصد منه: هضم الطعام، وكان أبو الدرداء أو جماعة من الصحابة يأكلونه، وهو رأي من يجوز تخليل الخمر وهو قول جماعة، واحتج له أبو الدرداء بقوله: (ذبح) بالبناء للفاعل. (الخمر) مفعول. (النينان) فاعل، وهو جمع نون: وهو الحوت. (والشمس) عطف على (النينان)، استعار الذبح بهما للإحلال كأنه يقول: كما أن الذبح يحل المذبوح فكذلك هذان إذا وضعا في الخمر قاما مقام الذبح فأحلاه. 5493 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "غَزَوْنَا جَيْشَ الخَبَطِ، وَأُمِّرَ أَبُوعُبَيْدَةَ، فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا، فَأَلْقَى البَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ، يُقَالُ لَهُ العَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ، فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ". [انظر: 2483 - مسلم: 1935 - فتح: 9/ 615]. (الخبط) بفتح المعجمة والموحدة: ورق السلم. ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (5269) كتاب: الأدب، باب: في قتل الضفدع. والحاكم 3/ 445 كتاب: معرفة الصحابة، ذكر مناقب عبد الرحمن بن عثمان التيمي. وسكت عنه. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

13 - باب أكل الجراد

5494 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَال: سَمِعْتُ جَابِرًا، يَقُولُ: "بَعَثَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ مِائَةِ رَاكِبٍ، وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ، نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الخَبَطَ، فَسُمِّيَ جَيْشَ الخَبَطِ، وَأَلْقَى البَحْرُ حُوتًا يُقَالُ لَهُ العَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا نِصْفَ شَهْرٍ وَادَّهَنَّا بِوَدَكِهِ، حَتَّى صَلَحَتْ أَجْسَامُنَا" قَال: "فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاعِهِ فَنَصَبَهُ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ، وَكَانَ فِينَا رَجُلٌ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الجُوعُ نَحَرَ ثَلاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ ثَلاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ". [انظر: 2483 - مسلم: 1935 - فتح: 9/ 615]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (ثم نهى أبو عبيدة) أي: عن البحر، ومَرَّ الحديث في المغازي، في باب: غزوة سيف البحر (¬1). 13 - باب أَكْلِ الجَرَادِ. (باب: أكل الجراد) أي: جواز أكله. 5495 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَوْ سِتًّا، كُنَّا نَأْكُلُ مَعَهُ الجَرَادَ" قَال سُفْيَانُ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَإِسْرَائِيلُ: عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: "سَبْعَ غَزَوَاتٍ". [مسلم: 1952 - فتح: 9/ 620]. (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (عن أبي يعقوب) هو وفدان. (كنا نأكل معه الجراد) زاد في رواية: ويأكل معنا (¬2). وأما خبر ¬

_ (¬1) سبق برقم (4362) كتاب: المغازي، باب: غزوة سيف البحر. (¬2) عزاها ابن حجر لأبي نعيم في "الطب" انظر: "الفتح" 9/ 621 - 622.

14 - باب آنية المجوس والميتة

أبي داود: أنه - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الجراد فقال: "لا آكله ولا أحرمه" فمرسل (¬1). 14 - بَابُ آنِيَةِ المَجُوسِ وَالمَيْتَةِ (باب: آنية المجوس والميتة) أي: بيان حكمهما. 5496 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، قَال: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلانِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيُّ، قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ الكِتَابِ، فَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، وَبِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِقَوْسِي، وَأَصِيدُ بِكَلْبِي المُعَلَّمِ وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ أَهْلِ كِتَابٍ: فَلَا تَأْكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ إلا أَنْ لَا تَجِدُوا بُدًّا، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا بُدًّا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكُمْ بِأَرْضِ صَيْدٍ: فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْهُ". [انظر: 5478 - مسلم: 1930 - فتح: 9/ 622] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد. (بُدًّا) أي: غير 5497 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (3813) و (3814) كتاب: الأطعمة، باب: في أكل الجراد. وقال: رواه المعتمر عن أبيه عن أبي عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر سلمان. ورواه حماد بن سلمة عن أبي العوام عن أبي عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر سلمان. وأخرجه ابن ماجه (3219) كتاب: الصيد، باب: صيد الحيتان والجراد. والبيهقي 9/ 431 كتاب: الصيد والذبائح، باب: ما جاء في أكل الجراد. وقال: كذلك رواه الأنصاري عن سليمان، كان صح: ففيه أيضًا دلالة على الإباحة فإنه إذا لم يحرمه فقد أحله، وإنما لم يأكله تقذرًا. والله أعلم. وقال الألباني في "الضعيفة" (1533): حديث ضعيف لإرساله.

15 - باب التسمية على الذبيحة، ومن ترك متعمدا

بْنِ الأَكْوَعِ، قَال: لَمَّا أَمْسَوْا يَوْمَ فَتَحُوا خَيْبَرَ، أَوْقَدُوا النِّيرَانَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلامَ أَوْقَدْتُمْ هَذِهِ النِّيرَانَ؟ " قَالُوا: لُحُومِ الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ، قَال: "أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا، وَاكْسِرُوا قُدُورَهَا" فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقَال: نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْ ذَاكَ". [انظر: 2477 - مسلم: 1802 - فتح: 9/ 622]. (أو ذاك) فيه إشارة إلى التخيير بين الكسر والغسل. وحديثا الباب مَرَّ أولهما في باب: التصيد (¬1)، وثانيهما في المظالم (¬2). 15 - بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَمَنْ تَرَكَ مُتَعَمِّدًا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "مَنْ نَسِيَ فَلَا بَأْسَ" وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]: "وَالنَّاسِي لَا يُسَمَّى فَاسِقًا" وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ، وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121]. (باب: التسمية على الذبيحة ومن ترك) أي: التسمية. (متعمدًا) أي: بيان حكمهما. {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} بأن مات أو ذبح على اسم غيره، وإلا فما ذبح ولم يسم فيه عمدًا أو نسيانًا، فهو حلالٌ عند الشافعية. ({وَإِنَّهُ}) أي: الأكل منه. {لَفِسْقٌ} أي: خروج عما يحل. 5498 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا القُدُورَ، فَدُفِعَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِالقُدُورِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5488) كتاب: الذبائح والصيد، باب: ما جاء في التصيد. (¬2) سبق برقم (2477) كتاب: المظالم، باب: هل تكسر الدنان التي فيها الخمر.

16 - باب ما ذبح على النصب والأصنام

فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَكَانَ فِي القَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِهَذِهِ البَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا" قَال: وَقَال جَدِّي: إِنَّا لَنَرْجُو، أَوْ نَخَافُ، أَنْ نَلْقَى العَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالقَصَبِ؟ فَقَال: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْهُ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ". [انظر: 2488 - مسلم: 1968 - فتح: 9/ 623]. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (فأصبنا) أي: غنمنا. (فعجلوا) أي: من الجوع. (فدفع إليهم النّبي) أي وصل إليهم، ومَرَّ الحديث في الجهاد، في باب: ما يكره من ذبح الإبل والغنم (¬1). 16 - بَابُ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَالأَصْنَامِ (باب: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}) أي: حجارة كانت منصوبة حول الكعبة يعظمونها بالذبح عليها (¬2)، وقيل: ما يعبد من دون الله (¬3). (والأصنام) عطف على (النصب) وهي جمع صنم: وهو ما اتخذ إلهًا من دون الله. 5499 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ المُخْتَارِ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ، يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3075) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم. (¬2) دل على ذلك ما رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 410 (11059) عن مجاهد. (¬3) روى ذلك الطبري في "التفسير"4/ 414 (11056). وذكره السيوطي في: "الدر المنثور" 2/ 454.

17 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فليذبح على اسم الله"

لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ، وَذَاكَ قَبْلَ أَنْ يُنْزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَحْيُ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةً فِيهَا لَحْمٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَال: "إِنِّي لَا آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلَا آكُلُ إلا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ". [انظر 3826 - فتح: 9/ 630]. (بلدح) بالصرف وعدمه: موضع بالحجاز قريب من مكة (¬1). (فقدم إليه) أي: إلى زيد. (رسول الله) فاعل (قدم) وفي نسخة: "فقدم إلى رسول الله" بالبناء للمفعول. (سفرة) بالنصب على النسخة الأولى، وبالرفع على الثانية، وجمع بينهما بأن القوم الذين كانوا هناك قدموا إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سفرة، فقدمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى زيد. (فيها لحم) في نسخة بدل قوله: (سفرة فيها لم): "سفرة لحم". ومَرَّ الحديث في آخر المناقب في باب: حديث زيد بن عمرو بن نفيل (¬2). 17 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ" 5500 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ البَجَلِيِّ، قَال: ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُضْحِيَةً ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا أُنَاسٌ قَدْ ذَبَحُوا ضَحَايَاهُمْ قَبْلَ الصَّلاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، رَآهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدْ ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلاةِ، فَقَال: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ". (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: فليذبح على اسم الله) أي بيان ما جاء في ذلك، وقد مرَّ في صلاة العيد (¬3). ¬

_ (¬1) بلدح: واد قبل مكة من جهة، وفيه المثل: لكن على بلدح قوم عَجْفَى. انظر: "معجم البلدان" 1/ 480. (¬2) سبق برقم (3826) كتاب: مناقب الأنصار، باب: حديث زيد بن عمرو بن نفيل. (¬3) سبق برقم (985) كتاب: العيدين، باب: كلام الإمام والناس في خطبة العيد.

18 - باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد

18 - بَابُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ مِنَ القَصَبِ وَالمَرْوَةِ وَالحَدِيدِ (باب: ما أنهر الدم) أي: أساله. (من القصب والمروة) هي حجر أبيض، أو الذي يقدح منه النار. (والحديد) شاملٌ لكل محدد. 5501 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، يُخْبِرُ ابْنَ عُمَرَ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا، فَقَال لِأَهْلِهِ: لَا تَأْكُلُوا حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ - أَوْ حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ - "فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَعَثَ إِلَيْهِ - فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِهَا". [انظر: 2304 - فتح: 9/ 630] (معتمر) أي ابن سلمان التيمي. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. (جارية) أي: أمة كما جاء في رواية (¬1). (بسلع) هو جبل بالمدينة (¬2)، ومَرَّ الحديث في الوكالة في باب: إذا أبصر الراعي، أو الوكيل شاة تموت (¬3). 5502 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي سَلِمَةَ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ: أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِالْجُبَيْلِ الَّذِي بِالسُّوقِ، وَهُوَ بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، "فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهَا". [انظر: 2304 - فتح 9/ 631] (موسى) أي: ابن إسماعيل، وهذا طريق في الحديث قبله. ¬

_ (¬1) أخرجها عبد الرزاق 4/ 483 (8560) كتاب: المناسك، باب: ذبيحة المرأة، والصبي، والأعرابي. (¬2) سلع: بفتح أوله، وسكون ثانية، السلوع: شقوق في الجبال، واحدها سَلْع وسِلْع وهو جبل بسوق المدينة، قال الأزهري: سَلعٌ موضع بقرب المدينة. انظر: "معجم البلدان" 3/ 236. (¬3) سبق برقم (2304) كتاب: الوكالة، باب: إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت.

19 - باب ذبيحة المرأة والأمة

5503 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لَنَا مُدًى، فَقَال: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ الظُّفُرَ وَالسِّنَّ، أَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ، وَأَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ" وَنَدَّ بَعِيرٌ فَحَبَسَهُ، فَقَال: "إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا". [انظر: 2488 - مسلم: 1968 - فتح 9/ 631] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان، ومَرَّ حديثه آنفًا. 19 - بَابُ ذَبِيحَةِ المَرْأَةِ وَالأَمَةِ (باب: ذبيحة المرأة والأمة) أي: بيان جواز أكلها. 5504 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ امْرَأَةً ذَبَحَتْ شَاةً بِحَجَرٍ، "فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَ بِأَكْلِهَا" وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا، مِنَ الأَنْصَارِ: يُخْبِرُ عَبْدَ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبٍ: بِهَذَا. [انظر: 2304 - فتح 9/ 632] 5505 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ أَوْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهَا فَذَبَحَتْهَا بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "كُلُوهَا". [فتح 9/ 632] (صدقة) أي: ابن الفضل المروزي. (عبدة) أي: ابن سليمان، ومَرَّ الحديث آنفا. 20 - بَابُ لَا يُذَكَّى بِالسِّنِّ وَالعَظْمِ وَالظُّفُرِ (باب: لا يذكى بالسن والعظم والظفر) اي: بيان عدم جواز التذكية بها. 5506 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلْ - يَعْنِي - مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، إلا السِّنَّ وَالظُّفُرَ". [انظر: 2488 - مسلم: 1968 - فتح 9/ 633]

21 - باب ذبيحة الأعراب ونحوهم

(قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (كل يعني من ما أنهر) (¬1) من المحدد. (والدم) أي: دمه. 21 - بَابُ ذَبِيحَةِ الأَعْرَابِ وَنَحْوهِمْ (باب: ذبيحة الأعراب ونحوهم) في نسخة: "ونحرهم" بالراء بدل الواو. 5507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ المَدَنِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ، لَا نَدْرِي: أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فَقَال: "سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ" قَالتْ: وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالكُفْرِ تَابَعَهُ عَلِيٌّ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَتَابَعَهُ أَبُو خَالِدٍ، وَالطُّفَاويُّ. [انظر: 2057 - فتح 9/ 634] (تابعه) أي: أسامة. (عليّ) أي: ابن المديني. (عن الداروردي) هو عبد العزيز بن محمد. (أبو خالد) هو سليمان بن حبان الأحمر. (والطفاوي) بضم المهملة: محمد بن عبد الرحمن. 22 - بَابُ ذَبَائِحِ أَهْلِ الكِتَابِ وَشُحُومِهَا، مِنْ أَهْلِ الحَرْبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5] وَقَال الزُّهْرِيُّ: "لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ نَصَارَى العَرَبِ، وَإِنْ سَمِعْتَهُ يُسَمِّي لِغَيْرِ اللَّهِ فَلَا تَأْكُلْ، وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْهُ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَكَ وَعَلِمَ كُفْرَهُمْ وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ، نَحْوُهُ وَقَال الحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ: "لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ الأَقْلَفِ". ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي متن البخاري: ما أنهر.

23 - باب ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش

(باب: ذبائح أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب وغيرهم) (من) بيانية لأهل الكتاب، وأراد بـ (أهل الحرب) من لم يعط الجزية من (أهل الكتاب) وبغيرهم من يعطيها منهم إذ أهل الحرب الذين لا كتاب لهم فلا تصح ذبيحتهم مطلقًا. (الأقلف) هو الذي لم يختتن. (وقال ابن عباس ... إلخ) ساقط من نسخة. 5508 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لِآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ". [انظر: 3153، مسلم: 1772 - فتح 9/ 636] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (فنزوت) أي: وثبت. (فاستحييت منه) أي لكونه اطَّلع على حرصي، ومَرَّ الحديث في الخمس (¬1). 23 - بَابُ مَا نَدَّ مِنَ البَهَائِمِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الوَحْشِ وَأَجَازَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "مَا أَعْجَزَكَ مِنَ البَهَائِمِ مِمَّا فِي يَدَيْكَ فَهُوَ كَالصَّيْدِ، وَفِي بَعِيرٍ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ: مِنْ حَيْثُ قَدَرْتَ عَلَيْهِ فَذَكِّهِ. وَرَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ. (باب: ما ندّ) أي: شرد. (من البهائم) الإنسية المأكولة. (فهو بمنزلة الوحش) أي: في حل أكله. (كالصيد) في حله بعقره. 5509 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2153) كتاب: فرض الخمس، باب: ما يصيب من الطعام في أرض الحرب.

24 - باب النحر والذبح

لاقُو العَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى، فَقَال: "اعْجَلْ، أَوْ أَرِنْ، مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ " وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا". [انظر: 2488 - مسلم: 1968 - فتح 9/ 638] (يحيى) أي: القطان. (سفيان) أي: ابن سعيد بن مسروق الثوري. (اعجل) بكسر الهمزة وفتح الجيم أمر من العجلة. (أو أرن) شكٌّ من الراوي، وهو بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون النون بوزن: اطع أي: أهلكها ذبحًا من ران القوم إذا هلكت ماشيتهم، وقيل: بسكون الراء بوزن أعط أي: أدم القطع ولا تفتر، من رنوت إذا أدمت النظر، قيل: غير ذلك. والمراد بكل حال: عجل ذبحها؛ لئلا تموت خنقًا. (وأصبنا ..) إلخ مقول ابن جريج، ومَرَّ الحديث في باب: التسمية على الذبيحة (¬1). 24 - بَابُ النَّحْرِ وَالذَّبْحِ وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: "لَا ذَبْحَ وَلَا مَنْحَرَ إلا فِي المَذْبَحِ وَالمَنْحَرِ" قُلْتُ: أَيَجْزِي مَا يُذْبَحُ أَنْ أَنْحَرَهُ؟ قَال: "نَعَمْ، ذَكَرَ اللَّهُ ذَبْحَ البَقَرَةِ، فَإِنْ ذَبَحْتَ شَيْئًا يُنْحَرُ جَازَ، وَالنَّحْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَالذَّبْحُ قَطْعُ الأَوْدَاجِ" قُلْتُ: فَيُخَلِّفُ الأَوْدَاجَ حَتَّى يَقْطَعَ النِّخَاعَ؟ قَال: "لَا إِخَالُ" وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، نَهَى عَنِ النَّخْعِ، يَقُولُ: "يَقْطَعُ مَا دُونَ العَظْمِ، ثُمَّ يَدَعُ حَتَّى تَمُوتَ" وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَإِذْ قَال مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5498) كتاب: الذبائح والصيد، باب: التسمية على الذبيحة.

تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] وَقَال: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] وَقَال سَعِيدٌ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "الذَّكَاةُ فِي الحَلْقِ وَاللَّبَّةِ" وَقَال ابْنُ عُمَرَ: وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٌ: "إِذَا قَطَعَ الرَّأْسَ فَلَا بَأْسَ". (باب: النحر والذبح) أي: بيانهما، وفي نسخة بدل (والذبح): "والذبائح". (لا ذبح ولا نحر في المذبح) بفتح الميم: مكان الذبح بغير الإبل (والمنحر) بفتحها: مكان النحر للإبل، ويجوز العكس عند الجمهور لكن مع الكراهة، وإليه أشار ابن جريج بقوله: قلت: (أيجزئ ..) إلخ. (فيخلف الأوداج) أي: لتركها بلا قطع. (حتى يقطع النخاع) بتثليث النون: خيط أبيض داخل عظم الرقبة ممتد إلى القلب حتى يبلغ عجب الذنب. (والأوداج) جمع ودج بفتح الدال: وهو عرق في الأجدع ولكل حيوان ودجان، ويسميان بالوريدين: وهما عرقان متقابلان في صفحتي العنق، وقطعهما مستحب لا واجب. (لا إخال) بكسر الهمزة أي: لا أظن إذا قطع، أي: من البهيمة فلا بأس أن يأكلها. 5510 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَال: أَخْبَرَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ، امْرَأَتِي، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: "نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ". [5511، 5512، 5519 - مسلم: 1942 - فتح 9/ 640] (سفيان) أي: الثوري 5511 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، سَمِعَ عَبْدَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالتْ: "ذَبَحْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا، وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ، فَأَكَلْنَاهُ". [انظر:. 5510 - مسلم: 1942 - فتح 9/ 640] (إسحاق) أي: ابن راهويه. (عبدة) أي: ابن سليمان.

25 - باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة

5512 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، قَالتْ: "نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ" تَابَعَهُ وَكِيعٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامٍ: فِي النَّحْرِ. [انظر: 5510 - مسلم 1942 - فتح 9/ 640] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (نحرنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا فأكلناه) ذكر في هذا وفي الأول: النحر، وفي الثاني: الذبح إما لأن هشاما رواه تارة كذا وتارة كذا؛ لبيان أن كلًّا منهما يطلق على الآخر مجازًا، وإما لتعدد القصة لتغايرهما، وإن كان الأولى في الخيل الذبح كما مَرَّ. (تابعه) أي: جريرًا. (وكيع) أي: ابن الجراح. 25 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ المُثْلَةِ وَالمَصْبُورَةِ وَالمُجَثَّمَةِ (باب: ما يكره من المثلة) بضم الميم: قطع أطراف الحيوان، أو بعضها. (والمصبورة) هي الدابة التي تجلس لتقتل بالرمي ونحوه. (والمجثمة) هي التي تجثم أي: تربط، ثم ترمي حتى تقتل فهي كما قيل: هي المصبورة، وقيل: هي في الطير والأرنب ونمحوه خاصة فعليه هي أخص من المصبورة. 5513 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، قَال: دَخَلْتُ مَعَ أَنَسٍ، عَلَى الحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ، فَرَأَى غِلْمَانًا، أَوْ فِتْيَانًا، نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَقَال أَنَسٌ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُصْبَرَ البَهَائِمُ". [مسلم: 1956 - فتح 9/ 642] 5514 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَغُلامٌ مِنْ بَنِي يَحْيَى رَابِطٌ دَجَاجَةً يَرْمِيهَا، فَمَشَى إِلَيْهَا ابْنُ عُمَرَ حَتَّى حَلَّهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا وَبِالْغُلامِ مَعَهُ فَقَال: ازْجُرُوا غُلامَكُمْ عَنْ أَنْ يَصْبِرَ هَذَا الطَّيْرَ لِلْقَتْلِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى أَنْ تُصْبَرَ بَهِيمَةٌ أَوْ غَيْرُهَا لِلْقَتْلِ". [5515 - مسلم: 1958 - فتح 9/ 642]

26 - باب الدجاج

(حلها) في نسخة: "حملها". (أن يصبر) في نسخة: "أن يصبروا". 5515 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَمَرُّوا بِفِتْيَةٍ، أَوْ بِنَفَرٍ، نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْهَا، وَقَال ابْنُ عُمَرَ: "مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ " إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هَذَا " تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا المِنْهَالُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَثَّلَ بِالحَيَوَانِ". [انظر: 5514 - مسلم: 1958 - فتح 9/ 643] وَقَال عَدِيٌّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 1957] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (بفتية) جمع فتى. 5516 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى عَنِ النُّهْبَةِ وَالمُثْلَةِ". [انظر: 2474 - فتح 9/ 643] (نهى عن النهبة) بضم النون: أخذ مال الغير قهرا، ومَرَّ الحديث في المظالم (¬1). 26 - باب الدَّجَاجِ. (باب: أكل الدجاج) بتثليث الدال، وفي نسخة: "باب: الدجاج". وفي أخرى: "باب: لحم الدجاج". 5517 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ زَهْدَمٍ الجَرْمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى يَعْنِي الأَشْعَرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ دَجَاجًا". [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح 9/ 645] (يحيى) أي: ابن موسى البلخي، أو ابن جعفر البيكندي. (وكيع) ¬

_ (¬1) سبق برقم (2474) كتاب: المظالم، باب: النهي بغير إذن صاحبه.

أي: ابن الجراح. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي. (عن زهدم) أي: ابن مُضرَب. 5518 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ زَهْدَمٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذَا الحَيِّ مِنْ جَرْمٍ إِخَاءٌ، فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ أَحْمَرُ، فَلَمْ يَدْنُ مِنْ طَعَامِهِ، قَال: ادْنُ، فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهُ، قَال: إِنِّي رَأَيْتُهُ أَكَلَ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لَا آكُلَهُ، فَقَال: ادْنُ أُخْبِرْكَ، أَوْ أُحَدِّثْكَ: إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ، وَهُوَ يَقْسِمُ نَعَمًا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا، قَال: "مَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" ثُمَّ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْبٍ مِنْ إِبِلٍ، فَقَال: "أَيْنَ الأَشْعَرِيُّونَ؟ أَيْنَ الأَشْعَرِيُّونَ" قَال: فَأَعْطَانَا خَمْسَ ذَوْدٍ غُرَّ الذُّرَى، فَلَبِثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: نَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ لَا نُفْلِحُ أَبَدًا، فَرَجَعْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا اسْتَحْمَلْنَاكَ، فَحَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا، فَظَنَنَّا أَنَّكَ نَسِيتَ يَمِينَكَ، فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ حَمَلَكُمْ، إِنِّي وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا". [انظر: 4133 - مسلم: 1649 - فتح 9/ 645] (أبو معمر) هو عبد الله. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (وعن القاسم) أي: ابن عاصم الكُلَيْني. (إخاء) بكسر الهمزة والمد أي: مؤاخاة (وفي القوم رجل جالس أحمر) هو زهدم الراوي أبهم نفسه، ووصف في رواية أنه من بني تيم الله (¬1) مع أنه من بني جرم، ولا بُعد في ذلك؛ لجواز انتسابه إليهما. (خمس ذود) بالإضافة أي: خمسة عشر بعيرًا كما يدل له بعض طرق الحديث لصدق الذود بثلاثة فخمسة بخمسة ¬

_ (¬1) سبقت برقم (3133) كتاب: فرض الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين.

27 - باب لحوم الخيل

عشر، فسقط قول من أنكر صحة الإضافة؛ لفهمه أن الإبل لم تكن خمسة عشر بل خمسة أبعرة حتى قال: والصواب: تنوين خمس ورفع ذود بدلا من خمس. (غُرّ) بالنصب: صفة لخمس، وبالجر: صفة لذود وهو جمع أغر: وهو الأبيض. (الذرى) بضم الذال مقصورًا: جمع ذورة، وذروة كل شيء: أعلاه، والمراد هنا: أسنمة الإبل، ومَرَّ الحديث في الجهاد، والمغازي (¬1). 27 - باب لُحُومِ الخَيلِ. (باب: لحوم الخيل) أي: بيان حل أكلها. 5519 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالتْ: "نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلْنَاهُ". [انظر: 5510 - مسلم: 142 - فتح 9/ 648] (الحميدي) هو عبد الله بن حميد. (سفيان) أي: ابن عيينة. (هشام) أي: ابن عروة. (عن فاطمة) أي: بنت المنذر. (عن أسماء) هي بنت أبي بكر الصديق، ومَرَّ حديثها في باب: النحر والذبح (¬2). 5520 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الخَيْلِ". [انظر: 4219 - مسلم: 1941 - فتح 9/ 648] (عن لحوم الحمر) أي: الأهلية، ومَرَّ الحديث بشرحه في غزوة خيبر (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4385) كتاب: المغازي، باب: قدوم الأشعريين وأهل اليمن. (¬2) سبق برقم (5510) كتاب: الذبائح، باب: النحر والذبح. (¬3) سبق برقم (4219) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.

28 - باب لحوم الحمر الإنسية

28 - بَابُ لُحُومِ الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ فِيهِ عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2477] (باب: لحوم الحمر الإنسية) أي: بيان تحريم أكلها. (فيه) أي: في الباب. (عن سلمة) أي: ابن الأكوع. 5521 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَالِمٍ، وَنَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ". [انظر: 853 - مسلم: 561 - فتح 9/ 653] 5522 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ" تَابَعَهُ ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، وَقَال أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَالِمٍ. [انظر: 853 - مسلم: 561 - فتح 9/ 653] (تابعه) أي: يحيى. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. 5523 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالحَسَنِ، ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ". [انظر: 4216 - مسلم: 1407 - فتح 9/ 653] (صدقة) أي: ابن الفضل. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. ومَرَّ الحديث في غزوة خيبر. (عن المتعة) هي النكاح المؤقت. (ولحوم) في نسخة: "عن لحوم" ومَرَّ الحديث في كتاب: النكاح (¬1). 5524 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (5115) كتاب: النكاح، باب: نهي رسول الله عن نكاح المتعة.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الخَيْلِ". [انظر: 4219 - مسلم: 1941 - فتح 9/ 653] (حماد) أي: ابن زيد. (عن عمرو) أي: ابن دينار. 5525, 5526 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عَدِيٌّ، عَنِ البَرَاءِ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالا: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ". [انظر: 4221، 3155 - مسلم: 1938 - فتح 9/ 653] (وابن أبي أوفى) هو عبد الله. 5527 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ، قَال: "حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ" تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ، وَعُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَال مَالِكٌ، وَمَعْمَرٌ، وَالمَاجِشُونُ، وَيُونُسُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ". [مسلم: 1936 - فتح 9/ 653] (إسحاق) أي: ابن راهويه. (عن صالح) أي: ابن كيسان (تابعه) أي: صالح بن كيسان (الزبيدي) بضم الزاي أي: ابن الوليد. 5528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ جَاءٍ، فَقَال: أُكِلَتِ الحُمُرُ، ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ، فَقَال: أُكِلَتِ الحُمُرُ، ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ، فَقَال: أُفْنِيَتْ الحُمُرُ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ" فَأُكْفِئَتْ القُدُورُ، وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ. [انظر: 371 - مسلم: 1940 - فتح 9/ 653] (فنيت الحمر) لكثرة ما ذبح منها، ومرَّ الحديث والذي قبله في غزوة خيبر (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4220) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.

29 - باب أكل كل ذي ناب من السباع

5529 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: يَزْعُمُونَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ حُمُرِ الأَهْلِيَّةِ؟ " فَقَال: قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الغِفَارِيُّ، عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ وَلَكِنْ أَبَى ذَاكَ البَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145]. [فتح 9/ 654] (سفيان) أي: ابن عيينة. (وقرأ {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الآية) قد استثنى منها مع استثنى فيها أشياء غيرها كالحمر ولحم القردة. 29 - بَابُ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ (باب: أكل كل ذي ناب من السباع) أَي: يعدو به كأسد، ونمر، وذئب ودب، وفيل، قرد. 5530 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ" تَابَعَهُ يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالمَاجِشُونُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 5780، 5781 - مسلم: 1932 - فتح 9/ 657] (تابعه) أي: مالكًا. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (ومعمر) أي: ابن راشد. 30 - بَابُ جُلُودِ المَيْتَةِ (باب جلود الميتة) أي: بيان حكمها قبل دبغها. 5531 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ، فَقَال: "هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟ " قَالُوا: إِنَّهَا مَيِّتَةٌ، قَال: "إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا". [انظر: 1492 - مسلم: 363 - فتح 9/ 658] (عن صالح) أي: ابن كيسان.

31 - باب المسك

(هلا استمتعتم) أي: انتفعتم. (بإهابها) أي: بجلدها، وهذا عند الشافعية في جلد كل حيوان طاهر، بخلاف جلد الكلب والخنزير، وما يولد منهما، أو من أحدهما مع غيره، ومَرَّ الحديث في الزكاة (¬1). 5532 - حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلانَ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَنْزٍ مَيِّتَةٍ، فَقَال: "مَا عَلَى أَهْلِهَا لَو انْتَفَعُوا بِإِهَابِهَا". [انظر: 1492 - مسلم: 363 - فتح 9/ 658] (ما على أهلها) أي: خرج لو انتفعوا بإهابها. 31 - باب المِسْكِ. (باب: المسك) بكسر الميم: الطيب المعروف، أي: بيان ما جاء فيه. 5533 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ". [انظر: 237 - مسلم: 1876 - فتح 9/ 660] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (ما من مكلوم) أي: مجروح. (يكلم) أي: يجرح. (في الله) أي: في سبيله. (وكلمه) أي: جرحه. (يدمى) بفتح الياء والميم، أي: يسيل منه الدم، ومرَّ الحديث في الجهاد (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1492) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة على موالي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (2803) كتاب: الجهاد، باب: من يجرح في سبيل الله عزَّ وجلَّ.

32 - باب الأرنب

5534 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً". [انظر: 2101 - مسلم: 2628 - فتح 9/ 660] (عن بريدة) أي: ابن عبد الله. (ونافخ الكير) أي: كير الحداد: وهو زق ينفخ فيه الحداد، ومَرَّ الحديث في كتاب: البيع، في باب: العطار وبيع المسك (¬1). 32 - باب الأرنَبِ. (باب: الأرنب) أي: بيان حِل أكله: وهي دويبة تشبه العناق، لكن رجلاها أطول من يديها. 5535 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا وَنَحْنُ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى القَوْمُ فَلَغِبُوا، فَأَخَذْتُهَا فَجِئْتُ بِهَا إِلَى أَبِي طَلْحَةَ، " فَذَبَحَهَا فَبَعَثَ بِوَرِكَيْهَا - أَوْ قَال: بِفَخِذَيْهَا - إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَهَا". [انظر: 2572 - مسلم: 1953 - فتح 9/ 661] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (أو قال: بفخذيها) شك من الراوي، ومرَّ الحديث في الهبة وغيرها (¬2). 33 - باب الضَّبِّ. (باب: الضب) أي بيان حِلِّ أكله: وهو حيوان بري يشبه الورل بفتح الواو والراء واحد الورلان والأرول. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2101) كتاب: البيوع، باب: في العطار وبيع المسك. (¬2) سبق برقم (2572) كتاب: الهبة، باب: قبول هدية الصيد.

34 - باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب

5536 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الضَّبُّ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ". [مسلم: 1943 - فتح 9/ 662] 5537 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ: أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ، فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، فَقَال بَعْضُ النِّسْوَةِ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ، فَقَالُوا: هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَال: "لَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ" قَال خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ. [انظر: 5391 - مسلم: 1946 - فتح 9/ 663] (فقال بعض النسوة) هي ميمونة، ومَرَّ الحديث في الأطعمة (¬1). 34 - بَابُ إِذَا وَقَعَتِ الفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ الجَامِدِ أَو الذَّائِبِ (باب: إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد، أو الذائب) جواب (إذا) محذوف، أي: ماذا حكمه؟ 5538 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يُحَدِّثُهُ: عَنْ مَيْمُونَةَ: أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَال: "أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ" قِيلَ لِسُفْيَانَ: فَإِنَّ مَعْمَرًا يُحَدِّثُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ قَال: مَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ إلا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مِرَارًا". [انظر: 235 - فتح 9/ 667] ¬

_ (¬1) سبق برقم (5391) كتاب: الأطعمة، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل حتى يُسمَّى له.

35 - باب الوسم والعلم في الصورة

(الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (ألقوها وما حولها وكلوه) أي: إذا كان جامدًا، بخلاف ما إن كان مائعًا، ومَرَّ الحديث في باب: ما يقع من النجاسات في السمن (¬1). 5539 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الدَّابَّةِ تَمُوتُ فِي الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ، وَهُوَ جَامِدٌ أَوْ غَيْرُ جَامِدٍ، الفَأْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا، قَال: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَمَرَ بِفَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي سَمْنٍ، فَأَمَرَ بِمَا قَرُبَ مِنْهَا فَطُرِحَ، ثُمَّ أُكِلَ" عَنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. [انظر: 235 - فتح 9/ 668] 5540 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَال: "أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ". [انظر: 235 - فتح 9/ 668] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن يونس) أي: ابن يزيد، وهذا طريق آخر في الحديث السابق مع زيادة. (ثم أكل) ما بقي من السمن الجامد. (عن حديث عبيد الله) متعلق بـ (بلغنا). 35 - بَابُ الوَسْمِ وَالعَلَمِ فِي الصُّورَةِ (باب: الوسم) بمهملة، وفي نسخة: بمعجمة. (والعلم) بفتح العين واللام، أي: العلامة. (في الصُّورة) تنازع فيه العاملان قبله، والمراد بالصورة: وجه البهيمة، أي: باب بيان النهي عن ذلك. 5541 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (235) كتاب: الوضوء، باب: ما يقع من النجاسات في السمن والماء.

36 - باب إذا أصاب قوم غنيمة، فذبح بعضهم غنما أو إبلا، بغير أمر أصحابهم، لم تؤكل

كَرِهَ أَنْ تُعْلَمَ الصُّورَةُ، وَقَال ابْنُ عُمَرَ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُضْرَبَ" تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا العَنْقَزِيُّ، عَنْ حَنْظَلَةَ، وَقَال: "تُضْرَبُ الصُّورَةُ". [فتح 9/ 670] (عن حنظلة) أي: ابن سفيان الجمحي. (أن تعلم الصورة) أي: أن يجعل فيها علامة بنحو كيٍّ. وفي نسخة: "أن تعلم الصور". (أن تضرب) أي: الصورة. (تابعه) أي: عبيد الله. (العنقزي) نسبة إلى بيع العنقز: وهو نبت طيب الريح، واسمه: عمرو بن محمد الكوفي. 5542 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَخٍ لِي يُحَنِّكُهُ، وَهُوَ فِي مِرْبَدٍ لَهُ، "فَرَأَيْتُهُ يَسِمُ شَاةً - حَسِبْتُهُ قَال - فِي آذَانِهَا". [انظر: 1502 - مسلم: 2119 - فتح 9/ 670] (بأخ لي) اسمه: عبد الرحمن بن أبي طلحة. (وهو) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. (في مربد) بكسر الميم: موضع الإبل. (حسبته قال في آذانها) فيه حجة للجمهور على جواز الكي في غير الوجه. 36 - بَابُ إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ غَنِيمَةً، فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ غَنَمًا أَوْ إِبِلًا، بِغَيْرِ أَمْرِ أَصْحَابِهِمْ، لَمْ تُؤْكَلْ لحَدِيثِ رَافِعٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2488] وَقَال طَاوُسٌ، وَعِكْرِمَةُ: فِي ذَبِيحَةِ السَّارِقِ: "اطْرَحُوهُ". (باب: إذا أصاب قوم غنيمة فذبح بعضهم غنمًا، أو إبلًا بغير أمر أصحابه لم تؤكل) أي: منه شيء. الحديث رافع) أي: الآتي والسابق في باب: التسمية على الذبيحة (¬1). (اطرحوه) أي: مذبوحة. 5543 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5498) كتاب: الذبائح والصيد، باب: التسمية على الذبيحة.

37 - باب إذا ند بعير لقوم، فرماه بعضهم بسهم فقتله، فأراد إصلاحهم، فهو جائز

عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَال: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّنَا نَلْقَى العَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، فَقَال: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلُوهُ، مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ وَلَا ظُفُرٌ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ " وَتَقَدَّمَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَأَصَابُوا مِنَ الغَنَائِمِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ النَّاسِ، فَنَصَبُوا قُدُورًا فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ، وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ وَعَدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ، ثُمَّ نَدَّ بَعِيرٌ مِنْ أَوَائِلِ القَوْمِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ خَيْلٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَال: "إِنَّ لِهَذِهِ البَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا فَعَلَ مِنْهَا هَذَا فَافْعَلُوا مِثْلَ هَذَا". [انظر: 2488 - مسلم: 1968 - فتح 9/ 672] (أبو الأحوص) هو سلام بن سليم. 37 - بَابُ إِذَا نَدَّ بَعِيرٌ لِقَوْمٍ، فَرَمَاهُ بَعْضُهُمْ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَأَرَادَ إِصْلاحَهُمْ، فَهُوَ جَائِزٌ لِخَبَرِ رَافِعٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (باب: إذا ندَّ بعير لقوم فرماه بعضهم بسهم فقتله فأراد) أي: بقتله. (صلاحهم) أي: إصلاحه لهم لا إفساده عليهم، وفي نسخة: "إصلاحه". (فهو جائز) له. 5544 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَنَدَّ بَعِيرٌ مِنَ الإِبِلِ، قَال: فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، قَال: ثُمَّ قَال: "إِنَّ لَهَا أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا" قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَكُونُ فِي المَغَازِي وَالأَسْفَارِ، فَنُرِيدُ أَنْ نَذْبَحَ فَلَا تَكُونُ مُدًى، قَال: "أَرِنْ، مَا نَهَرَ - أَوْ أَنْهَرَ - الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، غَيْرَ السِّنِّ وَالظُّفُرِ، فَإِنَّ السِّنَّ عَظْمٌ، وَالظُّفُرَ مُدَى الحَبَشَةِ". [انظر: 2488 - مسلم: 1968 - فتح 9/ 673]

38 - باب أكل المضطر

(أرن) بوزن أعط ويروى: أرن بوزن أطع، والمعنى: أعجل ذبحها؛ لئلا تموت خنقًا، ومَرَّ الحديث الباب في باب: ما ندَّ من البهائم (¬1). 38 - بَابُ أَكْلِ المُضْطَرُّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ، وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] وَقَال: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} [المائدة: 3] وَقَوْلِهِ: (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ. وَمَا لَكُمْ أَنْ لَا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فُصِّلَ لَكُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ إلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "مُهْرَاقًا" {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 145] وَقَال: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا، وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 114، 115] [فتح 9/ 673] ¬

_ (¬1) سبق برقم (5509) كتاب: الذبائح، باب: ما ند من البهائم.

(باب: أكل المضطر) أي: جواز أكله من الميتة. وفي نسخة: "باب: إذا أكل المضطر" لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إلى آخره الدلالة في قوله: ({فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ}) أي: غير خارج عن سبيل المسلمين. ({وَلَا عَادٍ}) أي: متعد عليهم بقطع الطريق، أو فوق مقدار الحاجة، وفي نسخة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} إلى قوله: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (وقال ابن عباس) في تفسير: ({مسفُوحًا}) في قوله تعالى: ({أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}) أي: (مهراقًا) أي: سائلًا. ({وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}) أي: ذبح للأصنام، ولم يذكر في الباب حديثًا اكتفاء بالآيات المذكورة، أو إشارة إلى أنه لم يجد فيه ما هو بشرطه.

73 - كتاب الأضاحي

73 - كِتَابُ الأَضَاحِيِّ

1 - باب سنة الأضحية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 73 - كِتَابُ الأَضَاحِيِّ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب: الأضاحي) بفتح الهمزة وتشديد الياء وتخفيفها: جمع أضحية بضم الهمزة وكسرها مع تخفيف الياء وتشديدها، ويقال: ضحية بفتح الضاد وكسرها وجمعها: ضحايا، ويقال أضحاة بفتح الهمزة وكسرها وجمعها: أضحى كأرطاة وأرطى: وهي ما يذبح من النعم تقربًا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق. 1 - بَابُ سُنَّةِ الأُضْحِيَّةِ وَقَال ابْنُ عُمَرَ: "هِيَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ". (باب: سنة الأضحية) من إضافة الصفة إلى الموصوف، وفي نسخة: "الأضحية سنة" أي: لكل بيت على الكفاية. 5545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ الإِيَامِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ" فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، وَقَدْ ذَبَحَ، فَقَال: إِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً، فَقَال: "اذْبَحْهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ" قَال مُطَرِّفٌ: عَنْ عَامِرٍ، عَنِ البَرَاءِ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ". [انظر: 951 - مسلم: 1961 - فتح 10/ 3] (غندر) هو محمد بن جعفر. (شعبة) أي ابن الحجاج.

2 - باب قسمة الإمام الأضاحي بين الناس

(الإياميّ) بكسر الهمزة قبل التحتية المخففة. (نصلي) أي: صلاة العيد، وفي نسخة: "أن نصلي". (من فعله) أي: تأخير النحر عن الصلاة. (فقد أصاب سنتنا) أي: طريقتنا. (فإنما هو) أي المذبوح. (وقد ذبح) أي: قبل الصلاة (وعندي جذعة) أي: جذعة معز؛ إذ جذعة الضأن تجزئ لكل أحد: وهي الطاعنة في السنة الثانية، أما في المعز فلا تصلح للتضحية حتى تطعن في الثالثة وهي الثني. (لن تجزي) بفتح الفوقية من جزى يجزي أي: لن تكفي كقوله تعالى: {وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ} [لقمان: 33] ومرَّ الحديث في صلاة العيدين (¬1). 5546 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ". [انظر: 954 - مسلم: 1962 - فتح 10/ 3] (إسماعيل) أي: ابن علية. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن محمد) أي: ابن سيرين، ومرَّ حديثه في الحج وغيره. 2 - بَابُ قِسْمَةِ الإِمَامِ الأَضَاحِيَّ بَيْنَ النَّاسِ (باب: قسمة الإمام الأضاحي بين الناس) أي: بيان ما جاء فيها. 5547 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ بَعْجَةَ الجُهَنِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ، قَال: قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا، فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَارَتْ لِي جَذَعَةٌ؟ قَال: "ضَحِّ بِهَا". [انظر: 2300 - مسلم: 1965 - فتح 10/ 4] (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عن بعجة) بفتح الموحدة والجيم ¬

_ (¬1) سبق برقم (951) كتاب: العيدين، باب: سنة العيدين لأهل الإسلام.

3 - باب الأضحية للمسافر والنساء

بينهما مهملة ساكنة: ابن عبد الله الجهني. (فصارت) أي: حصلت لعقبة (جذعة) أي: من المعز. (صارت جذعة) في نسخة: "صارت لي جذعة". 3 - بَابُ الأُضْحِيَّةِ لِلْمُسَافِرِ وَالنِّسَاءِ (باب: الأضحية للمسافر والنساء) أي: بيان ما جاء فيها. 5548 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا، وَحَاضَتْ بِسَرِفَ، قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ مَكَّةَ، وَهِيَ تَبْكِي، فَقَال: "مَا لَكِ أَنَفِسْتِ؟ " قَالتْ: نَعَمْ، قَال: "إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ" فَلَمَّا كُنَّا بِمِنًى، أُتِيتُ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ بِالْبَقَرِ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح 10/ 5] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أنفست؟) بفتح النون أفصح من ضمها، وبكسر الفاء أي: أحِضتِ؟، وأما النفاس الذي هو الولادة فيقال فيه: نفست بالضم فقط. (ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بالبقر) استدل به على أن الإنسان قد يلحقه من عمل غيره ما يحمله عنه بغير أمره ولا عمله، ومَرَّ الحديث في الحيض (¬1). 4 - بَابُ مَا يُشْتَهَى مِنَ اللَّحْمِ يَوْمَ النَّحْرِ (باب: ما يشتهي من اللحم يوم النحر) (ما) مصدرية، أو موصولة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (294) كتاب: الحيض، باب: الأمر بالنفاس إذا نُفسن.

5 - باب من قال الأضحى يوم النحر

5549 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ: "مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلْيُعِدْ" فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ - وَذَكَرَ جِيرَانَهُ - وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ؟ فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَلَا أَدْرِي بَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لَا، ثُمَّ انْكَفَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كَبْشَيْنِ فَذَبَحَهُمَا، وَقَامَ النَّاسُ إِلَى غُنَيْمَةٍ فَتَوَزَّعُوهَا، أَوْ قَال: فَتَجَزَّعُوهَا. [انظر: 954 - مسلم: 1962 - فتح 10/ 6] (ابن علية) هو إسماعيل. (عن أيوب) أي: السختياني. (رجل) هو أبو بردة بن دينار. (ثم انكفأ النبي - صلى الله عليه وسلم -) بالهمز، أي: رجع من مكان الخطبة. (إلى كبشين) أي: إلى مكان ذبحهما. (فتوزعوها) أي: تفرقوها حصصًا. (أو قال: فتجزعوها) من الجزع وهو القطع أي: اقتسموها حصصًا، والشك من الرواي، ومَرَّ الحديث في كتاب: العيدين (¬1). 5 - بَابُ مَنْ قَال الأَضْحَى يَوْمُ النَّحْرِ (باب: من قال: الأضحى) أي: التضحية. (يوم النحر) أي: دون أيام التشريق. 5550 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال: "أَلَيْسَ ذَا الحِجَّةِ؟ " قُلْنَا: بَلَى، قَال: "أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال: "أَلَيْسَ البَلْدَةَ؟ " قُلْنَا: بَلَى، قَال: "فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (954) كتاب: العيدين، باب: الأكل يوم النحر.

فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال: "أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قُلْنَا: بَلَى، قَال: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ - قَال مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَال - وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ - وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ قَال: صَدَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال - أَلا هَلْ بَلَّغْتُ، أَلا هَلْ بَلَّغْتُ مَرَّتَيْنِ؟ ". [انظر: 67 - مسلم: 1679 - فتح 10/ 7] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (عن ابن أبي بكرة) هو عبد الرحمن بن أبي بكرة نفيع بن الحارث. (الزمان) في نسخة: "إن الزمان". (ورجب مضر) بضم الميم: قبيلة منسوبة إلى مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وخصَّ رجب بها؛ لأنها كانت تعظمه غاية التعظيم ولم تغيره عن موضعه الذي بين جمادى الآخرة وشعبان. (أي: شهر هذا؟) أي: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للحاضرين: (أي شهر هذا؟). (أليس البلدة؟) أي: مكة. (قال أليس يوم النحر) تمسك به مَن خصَّ النحر بيوم العيد وبه حصلت المطابقة، وأجاب الجمهور بأن المراد: النحر الكامل الفضل؛ لأن (أل) كثيرًا ما يأتي للكمال في قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ} [البقرة: 189] وإلا فالنحر جائز في أيام التشريق أيضًا لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 28]. (قال محمد) أي: ابن سيرين. (إذا ذكره) في نسخة: "إذا ذكر" بحذف الضمير، ومَرَّ الحديث في العلم، والحج وغيرهما (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (67) كتاب: العلم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "رب مبلغ أوعى من سامع". وبرقم (1741) كتاب: الحج، باب: الخطبة أيام منى.

6 - باب الأضحى والمنحر بالمصلى

6 - بَابُ الأَضْحَى وَالمَنْحَرِ بِالْمُصَلَّى (باب: الأضحى) أي: التضحية. (والمنحر) أي: "النحر" كما في نسخة. (بالمصلى) هو موضع صلاة العيدين، وذكر المنحر بعد الأضحى من ذكر الخاص بعد العام. 5551 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: "كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَنْحَرُ فِي المَنْحَرِ" قَال عُبَيْدُ اللَّهِ: "يَعْنِي مَنْحَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 982 - فتح 10/ 9] 5552 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ، قَال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ بِالْمُصَلَّى". [انظر: 982 - فتح 10/ 9] (يذبح وينحر بالمصلى) أخذ بظاهره مالك، وقد هجر الآن ذلك. 7 - بَابٌ فِي أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، وَيُذْكَرُ سَمِينَيْنِ وَقَال يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ، قَال: "كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ". (باب: في أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أقرنين) أي: لكل منهما قرنان معتدلان، ويذكر بدل (أقرنين) أو معهما (سمينين). 5553 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ، وَأَنَا أُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ". [5554, 5558, 5564, 5565, 7399, مسلم: 1966 - فتح 10/ 9] (آدم) أي: "ابن أبي إياس" كما في نسخة. 5554 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ،

8 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة: "ضح بالجذع من المعز، ولن تجزي عن أحد بعدك"

عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ" تَابَعَهُ وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَال إِسْمَاعِيلُ، وَحَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ. [انظر: 5553 - مسلم: 1966 - فتح 10/ 9] (انكفأ) أي: رجع. (أملحين) تثنية أملح: وهو الذي يخالط سواده بياض، والبياض أكثر، وقيل: هو الأبيض الخالص. (تابعه) أي: عبد الرحمن. (وهيب) أي: ابن خالد. (عن أيوب) أي: السختياني. (إسماعيل) أي: ابن علية. 5555 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "ضَحِّ أَنْتَ بِهِ". [انظر: 2300 - مسلم: 1965 - فتح 10/ -9] (عن زيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله اليزني. (على صاحبته) أي: صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو صحابة عقبة. (عتود) هو ما بلغ حولًا من ولد المعز. ومَرَّ الحديث في الوكالة والشركة (¬1). 8 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بُرْدَةَ: "ضَحِّ بِالْجَذَعِ مِنَ المَعَزِ، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة: ضح بالجذع من [المعز] (¬2)، ولن تجزي عن أحد بعدك). بفتح تاء "تجزي" كما مَرَّ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2300) كتاب: الوكالة، باب: وكالة الشريك. وبرقم (2500) كتاب: الشركة، باب: قسمة الغنم والعدل فيها. (¬2) في الأصل: من الضأن.

5556 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: ضَحَّى خَالٌ لِي، يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ، قَبْلَ الصَّلاةِ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ" فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ المَعَزِ، قَال: "اذْبَحْهَا، وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ" ثُمَّ قَال: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ". [انظر: 951 - مسلم: 1961 - فتح 10/ 12]. تَابَعَهُ عُبَيْدَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَتَابَعَهُ وَكِيعٌ، عَنْ حُرَيْثٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَقَال عَاصِمٌ، وَدَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: "عِنْدِي عَنَاقُ لَبَنٍ" وَقَال زُبَيْدٌ، وَفِرَاسٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: "عِنْدِي جَذَعَةٌ" وَقَال أَبُو الأَحْوَصِ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ: "عَنَاقٌ جَذَعَةٌ" وَقَال ابْنُ عَوْنٍ: "عَنَاقٌ جَذَعٌ، عَنَاقُ لَبَنٍ". (عن عامر) أي: الشعبي. (إن عندي داجنًا) أي: شاة تألف البيوت. (جذعة من المعز) بيان لـ (داجنًا) (تابعه) أي: مطرفًا. (عبيدة) بضم العين أي: ابن معتَّب بتشديد الفوقية. (إبراهيم) أي: النخعي. (عن حريث) بضم الحاء وبمثلثة: ابن أبي مطر، واسم أبي مطر: عمر. (وقال عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (وداود) أي: ابن أبي هند. (زبيد) بضم الزاي وفتح الموحدة، أي: ابن الحارث اليامي. (وفراس) أي: ابن يحيى الكوفي. (أبو الأحوص) هو سلام بن سليم الحنفي. (منصور) أي: ابن المعتمر. (ابن عون) هو عبد الله. 5557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: ذَبَحَ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاةِ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْدِلْهَا" قَال: لَيْسَ عِنْدِي إلا جَذَعَةٌ - قَال شُعْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قَال: هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ - قَال: "اجْعَلْهَا مَكَانَهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ". [انظر: 951 - مسلم: 1961 - فتح 10/ 12]

9 - باب من ذبح الأضاحي بيده

وَقَال حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: "عَنَاقٌ جَذَعَةٌ". (أبدلها) أي: بغيرها. (هي) أي: الجذعة. (مكانها) أي: مكان المسنة. (ولن تجزي عن أحد بعدك) قال شيخنا ما ملخصه: فيه تخصيص أبي بردة بذلك، لكن وقع في عدة أحاديث التصريح بنظر ذلك لغيره كحديث عقبة السابق (¬1)، وأطال في ذلك، ثم قال: وأقرب ما يقال في جوابه أن خصوصية المتقدم منسوخة بخصوصية المتأخر (¬2). 9 - بَابُ مَنْ ذَبَحَ الأَضَاحِيَّ بِيَدِهِ (باب: من ذبح الأضاحي بيده) أي: بيان ما جاء فيه. 5558 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ". [انظر: 5553 - مسلم: 1966 - فتح 10/ 18] (على صفاحهما) بكسر الصاد جمع صفحة، وصفحة كل شيء: جانبه وجمعها مع أن البهيمة ليس لها إلا صفحتان باعتبار مذهب أن أقل اثنان، أو هو من باب قطعت رءوس الكبشين، ومنه: {فَقَد صَغَت قُلُوُبكُمَا} [التحريم: 4]. 10 - بَابُ مَنْ ذَبَحَ ضَحِيَّةَ غَيْرِهِ وَأَعَانَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ، فِي بَدَنَتِهِ وَأَمَرَ أَبُو مُوسَى، بَنَاتِهِ أَنْ يُضَحِّينَ بِأَيْدِيهِنَّ. (باب: من ذبح ضحية غيره) أي: بيان ما جاء فيه. (في بدنته) أي: في نحرها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5546) كتاب: الأضاحي، باب: سنة الأضحية. (¬2) "الفتح" 10/ 14.

11 - باب الذبح بعد الصلاة

5559 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَرِفَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَال: "مَا لَكِ أَنَفِسْتِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، اقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ" وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح 10/ 19] (سفيان) أي: ابن عيينة، ومَرَّ الحديث في الحيض، وفي باب: الأضحية للمسافر والنساء (¬1). 11 - بَابُ الذَّبْحِ بَعْدَ الصَّلاةِ (باب: الذبح بعد الصلاة) أي: بيان حكمه. 5560 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ المِنْهَالِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي زُبَيْدٌ، قَال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَال: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ يُقَدِّمُهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ" فَقَال أَبُو بُرْدَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ، وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ؟ فَقَال: "اجْعَلْهَا مَكَانَهَا، وَلَنْ تَجْزِيَ - أَوْ تُوفِيَ - عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ". [انظر: 951 - مسلم: 1961 - فتح 10/ 19] (أو توفي) بسكون الواو، والشك من الراوي. 12 - بَابُ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ أَعَادَ (باب: من ذبح قبل الصلاة أعاد) أي: الذبح. 5561 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلْيُعِدْ" فَقَال رَجُلٌ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (294) كتاب: الحيض، باب: الأمر بالنفساء إذا نفسن. وبرقم (5548) كتاب: الأضاحي، باب: الأضحية للمسافر والنساء.

13 - باب وضع القدم على صفح الذبيحة

هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ، - وَذَكَرَ هَنَةً مِنْ جِيرَانِهِ - فَكَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَذَرَهُ، وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْنِ؟ فَرَخَّصَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا أَدْرِي بَلَغَتِ الرُّخْصَةُ أَمْ لَا، ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ، يَعْنِي فَذَبَحَهُمَا، ثُمَّ انْكَفَأَ النَّاسُ إِلَى غُنَيْمَةٍ فَذَبَحُوهَا. [انظر: 954 - مسلم: 1962 - فتح 10/ 20] (هنة) أي: حاجة. (عذره) أي: قيل عذره. (فرخص له النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: في الأضحية بالجذعة. ومرَّ الحديث في باب: ما يشتهي من اللحم (¬1). 5562 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، سَمِعْتُ جُنْدَبَ بْنَ سُفْيَانَ البَجَلِيَّ، قَال: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَال: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ". [انظر: 985 - مسلم: 1960 - فتح 10/ 20] 5563 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ البَرَاءِ، قَال: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَال: "مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، فَلَا يَذْبَحْ حَتَّى يَنْصَرِفَ" فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَلْتُ. فَقَال: "هُوَ شَيْءٌ عَجَّلْتَهُ" قَال: فَإِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ، آذْبَحُهَا؟ قَال: "نَعَمْ، ثُمَّ لَا تَجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ" قَال عَامِرٌ: هِيَ خَيْرُ نَسِيكَتَيْهِ. [انظر: 951 - مسلم: 1961 - فتح 10/ 20] 13 - بَابُ وَضْعِ القَدَمِ عَلَى صَفْحِ الذَّبِيحَةِ (باب: وضع القدم على صفحة الذبيحة) أي: بيان ما جاء فيه. 5564 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ". [انظر: 5553 - مسلم: 1966 - فتح 10/ 22] ¬

_ (¬1) سبق برقم (5549) كتاب: الأضاحي، باب: ما يشتهى من اللحم.

14 - باب التكبير عند الذبح

(همام) أي: ابن يحيى الشيباني. (على صفحتيهما) أي: العليا والسفلى، ومَرَّ الحديث بالمعنى آنفا (¬1). 14 - بَابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الذَّبْحِ (باب: التكبير عند الذبح) أي: للأضحية. 5565 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا". [انظر: 5553 - مسلم: 1966 - فتح 10/ 23] (أبو عوانة) هو الوضاح. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار، ومَرَّ الحديث آنفا. 15 - بَابُ إِذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ لِيُذْبَحَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ (باب: إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء) أي: مما يحرم على المحرم، وباء (بهديه) زائدة (¬2). 5566 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَال لَهَا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَجُلًا يَبْعَثُ بِالهَدْيِ إِلَى الكَعْبَةِ وَيَجْلِسُ فِي المِصْرِ، فَيُوصِي أَنْ تُقَلَّدَ بَدَنَتُهُ، فَلَا يَزَالُ مِنْ ذَلِكِ اليَوْمِ مُحْرِمًا حَتَّى يَحِلَّ النَّاسُ، قَال: فَسَمِعْتُ تَصْفِيقَهَا مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ، فَقَالتْ: لَقَدْ "كُنْتُ أَفْتِلُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إِلَى الكَعْبَةِ، فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا حَلَّ لِلرِّجَالِ مِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ". [انظر: 1696 - مسلم: 1321 - فتح 10/ 23] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5558) كتاب: الأضاحي، باب: من ذبح الأضاحي بيده. (¬2) هي زائدة في المفعول به.

16 - باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها

(إن رجلا) هو زياد بن أبي سفيان. (ويجلس في المصر) أي: الذي هو فيه. (قال) أي: مسروق. (فسمعت تصفيقها) أي: تصفيق عائشة فعلته؛ تعجبا من ذلك، أو تأسفا على وقوعه. (فقالت: لقد كنت أفتل ..) إلى آخره، فيه رد على من قال: إن من بعث بهديه إلى الحرم لزمه الإحرام إذا قلده ويجتنب ما يجتنبه المحرم حتى ينحر هديه، وهو مروي عن جماعة، والفتوى على خلافه، ومرَّ الحديث في كتاب: الحج (¬1). 16 - بَابُ مَا يُؤْكَلُ مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ وَمَا يُتَزَوَّدُ مِنْهَا (باب: ما يؤكل من لحوم الأضاحي، وما يتزود منها) أي: بيان جواز ذلك. 5567 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: عَمْرٌو أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ" وَقَال غَيْرَ مَرَّةٍ: "لُحُومَ الهَدْيِ". [انظر: 1719 - مسلم: 1972 - فتح 10/ 23] (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال عمرو) أي: ابن دينار، ومرَّ حديثه في الجهاد (¬2). 5568 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ القَاسِمِ، أَنَّ ابْنَ خَبَّابٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ، يُحَدِّثُ: "أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فَقَدِمَ، فَقُدِّمَ إِلَيْهِ لَحْمٌ، قَالُوا: هَذَا مِنْ لَحْمِ ضَحَايَانَا، فَقَال: أَخِّرُوهُ لَا أَذُوقُهُ"، قَال: "ثُمَّ قُمْتُ فَخَرَجْتُ، حَتَّى آتِيَ أَخِي أَبَا قَتَادَةَ، وَكَانَ أَخَاهُ لِأُمِّهِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ. [انظر: 3997 - فتح 10/ 23] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1696) كتاب: الحج، باب: من أشعر وقلد بذي الحليفة. (¬2) سبق برقم (2980) كتاب: الجهاد، باب: حمل الزاد في الغزو.

(إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (سليمان) أي: ابن بلال. (عن القاسم) أي: ابن محمد بن أبي بكر الصديق. (أن ابن خَبّاب) هو عبد الله الأنصاري. (أخي أبا قتادة) صوابه: أخي قتادة، كما ذكره فيما مَرَّ في باب: عدة من شهد أحد قال: فانطلق لأخيه لأمه قتادة بن النعمان (¬1). (أنه قد حدث بعدك أمر) أي: ناقض لحرمة أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام. 5569 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ" فَلَمَّا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ المَاضِي؟ قَال: "كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا، فَإِنَّ ذَلِكَ العَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا". [مسلم: 1974 - فتح 10/ 24] (أبو عاصم) هو الضحاك. (كان بالناس جهد) بفتح الجيم أي: مشقة. 5570 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: الضَّحِيَّةُ كُنَّا نُمَلِّحُ مِنْهُ، فَنَقْدَمُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَال: "لَا تَأْكُلُوا إلا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ" وَلَيْسَتْ بِعَزِيمَةٍ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [انظر: 5423 - فتح 10/ 24] (أخي) هو أبو بكر بن عبد الحميد. (نملح فيه) أي: من لحم الضحية أي: يجعل فيه الملح (ونقدم) (¬2) وفي نسخة منها: "فنقدم" بفتح النون وسكون القاف. (وليست) أي: النهية عن ذلك (بعزيمة) أي: ليست للتحريم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3997) كتاب: المغازي. (¬2) في الأصل: ونقدده.

5571 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ: أَنَّهُ شَهِدَ العِيدَ يَوْمَ الأَضْحَى مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَاكُمْ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ العِيدَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَأَمَّا الآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ مِنْ نُسُكِكُمْ". [انظر: 1990 - مسلم: 1137 - فتح 10/ 24] 5572 - قَال أَبُو عُبَيْدٍ: ثُمَّ شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ العَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ". [فتح 10/ 24] 5573 - قَال أَبُو عُبَيْدٍ: ثُمَّ شَهِدْتُهُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَال: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لُحُومَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلاثٍ" وَعَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، نَحْوَهُ. [مسلم: 1969 - فتح 10/ 24] (أبو عبيد) هو سعد بن عبيد. (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث) رواه الشافعي أيضًا (¬1)، وحكى عنه البيهقي أن النهي عن أكل ذلك كان في الأصل للتنزيه، قال وهو كالأمر في قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا} (¬2). 5574 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ¬

_ (¬1) "مسند الشافعي" 1/ 161 (470). (¬2) حكى هذا القول في كتابه "السنن الكبرى" 9/ 293 كتاب: الضحايا. حيث قال: قال الشافعي -رحمه الله- في موضع آخر: يشبه أن يكون نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث إذا كانت الدافة على معنى الاختيار لا على معنى الفرض لقول الله تعالى في البدن {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} وهذه الآية في البدن التي يتطوع بها أصحابها.

ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُوا مِنَ الأَضَاحِيِّ ثَلاثًا" وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْكُلُ بِالزَّيْتِ حِينَ يَنْفِرُ مِنْ مِنًى، مِنْ أَجْلِ لُحُومِ الهَدْيِ. [مسلم: 1970 - فتح 10/ 24] (عن ابن أخي ابن شهاب) هو محمد بن عبد الله بن مسلم. (حين ينفر) في نسخة: "حتى ينفر".

74 - كتاب الأشربة

74 - كِتَابُ الأَشْرِبَةِ

1 - [باب] وقول الله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان، فاجتنبوه لعلكم تفلحون} [المائدة: 90]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 74 - كِتَابُ الأَشْرِبَةِ 1 - [باب] وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (كتاب: الأشربة) أي: بيان ما يحل منها وما يحرم. (وقول الله تعالى) بالجر عطف على (الأشربة)، ذكر في نسخة الآية بتمامها، وفي أخرى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ} الآية" ({الخمر}) هو المعتصر من العنب إذا غلا وقذف بالزبد {وَالْمَيْسِرُ} أي: القمار. ({وَالْأَنْصَابُ}) أي: الأصنام. ({وَالْأَزْلَامُ}) أي: القداح، كانوا إذا أردوا أمرًا عمدوا إلى قدح ثلاثة مكتوب على واحد منها: أمرني ربي، وعلى الآخر: نهاني ربي، والثالث: عقل فإن خرج الأمر مضوا لحاجتهم، أو النهي أمسكوا، أو عقل أعادوا (¬1). ({رِجْسٌ}) أي: قذر أو نجس. ({فَاجْتَنِبُوهُ}) أي: الرجس، أو عمل الشيطان 5575 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ". [مسلم: 2003 - فتح 10/ 30] ¬

_ (¬1) ذكر ذلك السيوطي في: "الدر المنثور" 2/ 566 وعزاه لأبي الشيخ عن سلمة وهرام.

(حرمها) بالبناء للمفعول مخففًا، وفي الجنة أنهار من خمر لذة للشاربين فيدخل من ذكر الجنة لكن لا يشرب منها بأن لا تشتهيها نفسه فلا يرد قوله تعالى: {وَفيهَا مَا تشتهي الأَنفُسُ} (¬1) [الزخرف: 71] وقيل: لا يدخلها؛ لأن الخمر شراب أهلها فإذا حرم شربها دل على أنه لا يدخلها؛ ولأنه إن حرمها عقوبة له لزم وقوع الهم والحزن له والجنة لا هم فيها ولا حزن، فالمعنى: أنه لا يدخلها ويشرب من خمرها إلَّا إن عفا الله عنه كما في سائر الكبائر. 5576 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ أَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَال جِبْرِيلُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، وَلَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ " تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَابْنُ الهَادِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وَالزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 3394 - مسلم: 168 - فتح 10/ 30] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (بإيلياء) بالهمز: مدينة ببيت المقدس (¬2). (للفطرة) أي: فطرة الإسلام. (ولو أخذت الخمر غوت أمتك) أي: بشربها. قال ذلك لفهمه أنها ¬

_ (¬1) قرأ نافع وابن عامر وحفص بالهاء على الأصل؛ لأنها تعود على الموصول، وقرأ باقي السبغة بغيرها، حذفوها لطول الاسم استخفافًا. انظر: "الكشف عن وجوه القراءات السبع" للقيسي 2/ 262، "زاد المسير" 7/ 105. (¬2) إيليا: اسم مدينة بيت المقدس؛ قيل: معناه بيت الله، وقد سمي البيت المقدس إيلياء. يقول الفرزدق: وبيتان بيت الله لحن ولاته ... وقصر بأعلى إيلياء مشرف انظر: "معجم البلدان" 1/ 293.

ستحرم، وإنما عدل عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اللبن مع أنها إذ ذاك كانت مباحة لعدم اعتياده شربها فوافق بطبعه ما سيقع من تحريمها، واللبن مألوف سهل طيب سائغ للشاربين سليم العاقبة. (تابعه) أي: شعيبًا. (معمر) أي: ابن راشد. (وابن الهاد) هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد. (والزبيدي) بضم الزاي: محمد بن الوليد. 5577 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ غَيْرِي، قَال: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَقِلَّ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمُهُنَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ". [انظر: 80 - مسلم: 2671 - فتح 10/ 30] (هشام) أي: الدستوائي. (لا يحدثكم به أحد غيري) أي: لعلمه بأن غيره ممن سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مات. (من أشراط الساعة) أي: علاماتها. (حتى يكون لخمسين امرأة قيمهن رجل واحد) في نسخة: "حتى يكون خمسون امرأة قيمهن رجل واحد" ومَرَّ الحديث بشرحه في كتاب: العلم (¬1). 5578 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنَ المُسَيِّبِ، يَقُولانِ: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَزْنِي [الزَّانِي] حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ" قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ المَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، كَانَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (80) كتاب: العلم، باب: رفع العلم وظهور الجهل.

2 - باب الخمر من العنب

يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ يَقُولُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُلْحِقُ مَعَهُنَّ: "وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ فِيهَا، حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ". [انظر: 2475 - مسلم: 57 - فتح 10/ 35] (ابن وهب) هو عبد الله. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي، ومَرَّ حديثه بشرحه في كتاب: المظالم (¬1). 2 - باب الخَمْرُ مِنَ العِنَبِ. (باب: الخمر من العنب) أي: بيان أنها من عصير العنب وليس بالمدينة منها شيء أي: لقلة الأعناب بها. 5579 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ هُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَقَدْ حُرِّمَتِ الخَمْرُ وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَيْءٌ". [انظر: 4616 - فتح 10/ 35] 5580 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الخَمْرُ حِينَ حُرِّمَتْ، وَمَا نَجِدُ - يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ - خَمْرَ الأَعْنَابِ إلا قَلِيلًا، وَعَامَّةُ خَمْرِنَا البُسْرُ وَالتَّمْرُ". [انظر: 2464 - مسلم: 1980 - فتح 10/ 35] (عن يونس) أي: ابن عبيد البصري. (وعامة خمرنا الثمر والبسر) أي: خمرها، والمراد: نبيذهما، فتسميته خمرًا مجاز إذ الخمر حقيقة: ما اتخذ من عصير العنب كما مرَّ، والثمر بالمثلثة وبفتح الميم وهو المرتبة الخامسة لثمرة النخل أولها طلع، ثم خلال، ثم بلح، ثم بسر، ثم رطب، وإن ضبط الثمر بمثناة وسكون الميم فهو المرتبة السادسة؛ لأنه بعد الرطب. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2475) كتاب: المظالم، باب: النهي بغير إذن صاحبه.

3 - باب نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر

5581 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَامَ عُمَرُ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَال: "أَمَّا بَعْدُ، نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ: العِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالعَسَلِ وَالحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ. [انظر: 4619 - مسلم: 3032 - فتح 10/ 35] (يحيى) أي: القطان. (عن أبي حيان) هو يحيى بن سعيد. (من خمسة العنب ..) إلى آخره (العنب) مع ما عطف عليه بالجر بدل من (خمسة) ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدإٍ محذوف، وتسمية ما أخذ ما عطف على العنب خمرًا مجاز كما مرَّت الإشارة إليه. (والخمر ما خامر العقل) أي: غطاه، وهو بهذا المعنى شامل للنبيذ. 3 - بَابُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ وَهِيَ مِنَ البُسْرِ وَالتَّمْرِ (باب: نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر) الواو للحال، ومَرَّ بيان ذلك. 5582 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ، فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَال: إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: قُمْ يَا أَنَسُ فَأَهْرِقْهَا، فَأَهْرَقْتُهَا. [انظر: 2464 - مسلم: 1980 - فتنح 10/ 36] (من فضيخ زهو) أي: بسر (وتمر) والفضيخ بخاء معجمة بمعنى المفضوخ من الفضخ وهو الشدخ والكسر: شراب يتخذ من البسر والتمر بأن يشدخا ويصب عليهما الماء ويتركا حتى يغليا، وقيل: من البسر. 5583 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَال: "كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الحَيِّ أَسْقِيهِمْ، عُمُومَتِي وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ، الفَضِيخَ، فَقِيلَ: حُرِّمَتِ

4 - باب: الخمر من العسل، وهو البتع

الخَمْرُ، فَقَالُوا: أَكْفِئْهَا، فَكَفَأْتُهَا " قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَا شَرَابُهُمْ؟ قَال: "رُطَبٌ وَبُسْرٌ" فَقَال أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ: وَكَانَتْ خَمْرَهُمْ، فَلَمْ يُنْكِرْ أَنَسٌ وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: "كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ". [انظر: 2464 - مسلم: 1980 - فتح 10/ 37] (معتمر) أي: ابن سليمان. (أسقيهم) أي: الحي. (عمومتي) بدل من الضمير، أو نصب على الاختصاص. (قال: رطب وبسر) أي: خمر يتخذ منهما. (كانت) أي: خمرة الرطب والبسر. 5584 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ أَبُو مَعْشَرٍ البَرَّاءُ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُمْ: "أَنَّ الخَمْرَ حُرِّمَتْ، وَالخَمْرُ يَوْمَئِذٍ البُسْرُ وَالتَّمْرُ". [انظر: 2464 - مسلم: 1980 - فتح 10/ 37] (البراء) بتشديد الراء والمد كان يبري السهام. (الخمر يومئذ البسر والتمر) أي: ما يؤخذ منهما. 4 - بَابٌ: الخَمْرُ مِنَ العَسَلِ، وَهُوَ البِتْعُ وَقَال مَعْنٌ: سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، عَنِ الفُقَّاعِ، فَقَال: "إِذَا لَمْ يُسْكِرْ فَلَا بَأْسَ" وَقَال ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ: سَأَلْنَا عَنْهُ فَقَالُوا: "لَا يُسْكِرُ، لَا بَأْسَ بِهِ". (باب: الخمر من العسل وهو البتع) بكسر الموحدة وسكون الفوقية وكسرها وقد تفتح الموحدة وتسكن الفوقية: شراب يتخذ من عسل النحل. (وقال معن) أي: ابن عيسى القزاز. (عن الفقاع) هو شراب يتخذ من الزبيب. (ابن الدراوردي) هو عبد العزيز بن محمد. 5585 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي

سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ البِتْعِ، فَقَال: "كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ". [انظر: 242 - مسلم: 2001 - فتح 10/ 41] 5586 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ البِتْعِ، وَهُوَ نَبِيذُ العَسَلِ، وَكَانَ أَهْلُ اليَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ". [انظر: 242 - مسلم: 2001 - فتح 10/ 41] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. 5587 - وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَنْتَبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَلَا فِي المُزَفَّتِ" وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ، يُلْحِقُ مَعَهَا: "الحَنْتَمَ وَالنَّقِيرَ". [مسلم: 1993 - فتح 10/ 41] (وكان أبو هريرة يلحق معهما الحنتم والنقير) أي: يلحقهما في روايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من قبل نفسه ليوافق بقية الأحاديث كحديث ابن عباس السابق في كتاب: الإيمان في قصة وفد عبد القيس (¬1)، وحديث مسلم عن زاذان قال: سألت ابن عمر عن الأوعية فقلت: أخبرناه بلغتكم، وفسره لنا بلغتنا فقال: نهى رسول - صلى الله عليه وسلم - عن الحنتمة وهي الحرة، وعن الدباء، وهي القرعة، وعن النقير وهي أصل النخلة تنقر، وعن المزفت: هو المقير (¬2). ومَرَّ حديثًا الباب في كتاب: الطهارة (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (53) كتاب: الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان. (¬2) مسلم (1997) 57 - كتاب: الأشربة، باب: النهي عن الانتباذ في المزفت. (¬3) سبق برقم (242) كتاب: الوضوء، باب: لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر.

5 - باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب

5 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَّ الخَمْرَ مَا خَامَرَ العَقْلَ مِنَ الشَّرَابِ (باب: ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب) أي: بيان ذلك. 5588 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: خَطَبَ عُمَرُ، عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: العِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالعَسَلِ، وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ. وَثَلاثٌ، وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا: الجَدُّ، وَالكَلالةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا " قَال: قُلْتُ يَا أَبَا عَمْرٍو، فَشَيْءٌ يُصْنَعُ بِالسِّنْدِ مِنَ الأُرْزِ؟ قَال: "ذَاكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَال: - عَلَى عَهْدِ عُمَرَ " وَقَال حَجَّاجٌ: عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ: "مَكَانَ العِنَبِ الزَّبِيبَ". [انظر: 4619 - مسلم: 3032 - فتح 10/ 45] (يحيى) أي: بن سعيد القطان. (عن أبي حيان) هو يحيى بن سعيد. (وثلاث) أي: من المسائل. (حتى يعهد إلينا) أي: فيها. (عهدًا) أي: يبين لنا حكمها. (الجد) أي: هل يحجب الأخ، أو يحجب به، أو يقاسمه. (والكلالة) من لا والد له ولا ولد. (وأبواب من أبواب الربا) أي ربا الفضل: وهو البيع مع زيادة أحد العوضين على الآخر، وربا اليد: وهو البيع مع تأخر قبضهما أو قبض أحدهما، وربا النسيء: وهو البيع لأجل، وقد اختلف فيها اختلافًا كثيرًا حتى قيل: لا ربا إلا في النسيئة، ومَرَّ الحديث في تفسير سورة المائدة (¬1). (يا أبا عمرو) هي كنية الشعبي. (فشيء) مبتدأ. (من الرز) صفته، وخبره محذوف أي: ما ¬

_ (¬1) سبق برقم (4619) كتاب: التفسير، باب: قوله: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ}.

6 - باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه

حكمه؟ وفي الرز سبع لغات: رز، وريز، وأرز بفتح الهمزة وضم الراء وسكونها، وبضمها مع تشديد الزاي، وبضم الهمزة وسكون الراء وضمها. (قال: ذاك) أي: الخمر المتخذ من الأرز. (أو قال على عهد عمر) شك من الراوي. (حجاج) أي: ابن المنهال. (عن حماد) أي: ابن سلمة. 5589 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَال: "الخَمْرُ يُصْنَعُ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالعَسَلِ. [انظر: 4619 - مسلم: 3032 - فتح 10/ 46] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن الشعبي) هو عامر، ومَرَّ الحديث في باب: الخمر من العنب (¬1). 6 - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ (باب: ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه) ذكَّر ضمير الخمر مع أنها مؤنثة باعتبار أنها شراب. 5590 - وَقَال هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الكِلابِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ - يَعْنِي الفَقِيرَ - لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". [فتح 10/ 51] (يستحلون الحِر) بكسر الحاء وتخفيف الراء على الأشهر: الفرج ¬

_ (¬1) سبق برقم (5581) كتاب: الأشربة، باب: الخمر من العنب.

7 - باب الانتباذ في الأوعية والتور

أي: يعتقدون حل الزنا. (والمعازف) أي: الملاهي أو الغناء واحدها عزف أو معزف كبير قاله في "القاموس". (علم) بفتح العين واللام أي: جبل عال. (يروح) أي: الراعي أي: يرجع. (بسارحة لهم) أي: بغنم تسرح بالغداة إلى رعيها وتروح بالعشي إلى مألفها. (يأتيهم) أي: القصر. (فيبيتهم الله) من التبييت وهو هجوم العدو ليلًا، والمراد: فيهلكهم الله. (ويوضع العلم) أي: ويوقع عليهم الجبل، ولم يذكر لجزء الترجمة الباقي حديثًا لعله لم يجده على شرطه، وهو ما رواه أبو داود وصححه ابن حبان: "ليشربن ناس الخمر يسمونها بغير اسمها" (¬1). 7 - بَابُ الانْتِبَاذِ فِي الأَوْعِيَةِ وَالتَّوْرِ (باب: الانتباذ في الأوعية والتور) بفتح الفوقية: إناء من حجارة أو نحاس أو خشب أي: بيان جواز ذلك. 5591 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَال: سَمِعْتُ سَهْلًا، يَقُولُ: أَتَى أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُرْسِهِ، فَكَانَتْ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ، وَهِيَ العَرُوسُ، قَال: "أَتَدْرُونَ مَا سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَنْقَعْتُ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِي تَوْرٍ". [انظر: 5176 - مسلم: 2006 - فتح 10/ 56] (سهلا) أي: ابن سعد الأنصاري، ومَرَّ الحديث في كتاب: النكاح (¬2). ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (3688 - 3689) كتاب: الأشربة، باب: في الداذي. وابن حبان 15/ 160 (6758) كتاب: التاريخ، باب: إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما يكون في أمته من الفتن والحوادث. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود". (¬2) سبق برقم (5176) كتاب: النكاح، باب: حق إجابة الوليمة والدعوة.

8 - باب ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم في الأوعية والظروف بعد النهي

8 - بَابُ تَرْخِيصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأَوْعِيَةِ وَالظُّرُوفِ بَعْدَ النَّهْيِ (باب: ترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأوعية والظروف) أي: في الانتباذ فيها. (بعد النهي) عنه. 5592 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الظُّرُوفِ، فَقَالتِ الأَنْصَارُ: إِنَّهُ لَا بُدَّ لَنَا مِنْهَا، قَال: "فَلَا إِذًا" وَقَال خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، بِهَذَا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِهَذَا. وَقَال فِيهِ: "لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الأَوْعِيَةِ". [فتح 10/ 57] (سفيان) أي: الثوري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن سالم) أي: ابن أبي الجعد. (عن الظروف) أي: عن الانتباذ فيها. (فلا إذن) أي فلا نهي عن الانتباذ فيها إذن. (وقال خليفة) أي: ابن خياط شيخ البخاري. (سفيان) أي: ابن عيينة (بهذا) أي: بالحديث المذكور. 5593 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الأَسْقِيَةِ، قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ سِقَاءً، فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الجَرِّ غَيْرِ المُزَفَّتِ. [مسلم: 2000 - فتح 10/ 57] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي عياض) هو عمرو بن الأسود. (عن الأسقية) هي جمع سقاء وهو ظرق الماء من الجلد فهو مساوٍ لرواية عن الأوعية. (يجد سقاء) أي: وعاء. (فرخص لهم في الجر) بفتح الجيم جمع جرة: وهي إناء يُتَّخذُ من فَخَّار.

5594 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ" حَدَّثَنَا عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا. [مسلم: 1994 - فتح 10/ 57] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: ابن عيينة. (سليمان) أي: ابن مهران. ومرَّ الحديث مرارًا. 5595 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قُلْتُ لِلْأَسْوَدِ: هَلْ سَأَلْتَ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ، عَمَّا يُكْرَهُ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ؟ فَقَال: نَعَمْ، قُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، عَمَّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ؟ قَالتْ: "نَهَانَا فِي ذَلِكَ أَهْلَ البَيْتِ أَنْ نَنْتَبِذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالمُزَفَّتِ" قُلْتُ: أَمَا ذَكَرَتِ الجَرَّ وَالحَنْتَمَ؟ قَال: إِنَّمَا أُحَدِّثُكَ مَا سَمِعْتُ، أَفَأُحَدِّثُ مَا لَمْ أَسْمَعْ؟ [مسلم: 1995 - فتح 10/ 58] (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (أحدث ما لم أسمع) في نسخة: "أفأحدث ما لم أسمع؟ " بالاستفهام الإنكاري وزيادة فاء. 5596 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الجَرِّ الأَخْضَرِ" قُلْتُ: أَنَشْرَبُ فِي الأَبْيَضِ؟ قَال: لَا. [فتح 10/ 58] (عبد الواحد) أي: ابن زياد البصري. (الشيباني) هو سليمان بن أبي سليمان. (عن الجر الأخضر، قلت: أنشرب في الأبيض؟ قال: لا) أي: لأن حكمه كالأخضر، وحينئذ فالوصف بالخضرة لا مفهوم له، والنهي عن ذلك محمول على ما إذا صار المنتبذ خمرا.

9 - باب نقيع التمر ما لم يسكر

9 - بَابُ نَقِيعِ التَّمْرِ مَا لَمْ يُسْكِرْ (باب: نقيع) أي: جواز شرب. (نقيع التمر ما لم يسكر) لأنه إذا أسكر حرم شربه كما مَرَّ. 5597 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَال: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ: أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُرْسِهِ، فَكَانَتْ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَهِيَ العَرُوسُ، فَقَالتْ: "مَا تَدْرُونَ مَا أَنْقَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَنْقَعْتُ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِي تَوْرٍ". [انظر: 5176 - مسلم: 2006 - فتح 10/ 62] (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (أبا أسيد) هو مالك بن ربيعة. (فقالت: أنقعت له تمرات من الليل في تور) هو محمول على ما إذا لم يسكر، فيوافق منطوق الترجمة، ومَرَّ الحديث في باب: الانتباذ في الأوعية (¬1). 10 - بَابُ البَاذَقِ، وَمَنْ نَهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ مِنَ الأَشْرِبَةِ وَرَأَى عُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذٌ، "شُرْبَ الطِّلاءِ عَلَى الثُّلُثِ" وَشَرِبَ البَرَاءُ، وَأَبُو جُحَيْفَةَ، عَلَى النِّصْفِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "اشْرَبِ العَصِيرَ مَا دَامَ طَرِيًّا" وَقَال عُمَرُ: "وَجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ رِيحَ شَرَابٍ، وَأَنَا سَائِلٌ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ". (باب: الباذق) بفتح المعجمة وكسرها: ما طبخ من عصير العنب. (ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة) عطف على الباذق. (ومعاذ) أي: ابن جبل. (شرب الطلاء) بكسر الطاء: ما طبخ من عصير العنب حتى صار (على الثلث) وذهب ثلثاه (شرب البراء وأبو جحيفة) أي: الطلاء إذا ¬

_ (¬1) سبق برقم (5591) كتاب: الأشربة، باب: الانتباذ في الأوعية.

صار على النصف، وذهب نصفه. 5598 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الجُوَيْرِيَةِ، قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ البَاذَقِ فَقَال: سَبَقَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَاذَقَ: "فَمَا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ" قَال: الشَّرَابُ الحَلالُ الطَّيِّبُ، قَال: "لَيْسَ بَعْدَ الحَلالِ الطَّيِّبِ إلا الحَرَامُ الخَبِيثُ". [فتح 10/ 62] (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي الجويرية) هو حطان بن خفاف الجرمي. (عن الباذق) أي: عن حكمه. (سبق محمد - صلى الله عليه وسلم - الباذق) بالنصب مفعول (سبق) أي: سبق حكم محمد بتحريم الخمر تسميتهم إياها بالباذق، وتغيير اسمها لا ينفعهم في تحريمها إذا أسكرت، فليس التحريم منوطًا بالاسم حتى يكون تغييره مغيرًا للحكم بل بالإسكار. (قال) أي: أبو الجويرة (الباذق) هو الشراب الحلال الطيب، أي: لأنه عصير العنب وهو طيب. (قال) أي: ابن العباس. (ليس بعد الحلال الطيب إلى الحرام الخبيث) أي: حيث تغير عن حاله إلى الخبيث. 5599 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الحَلْوَاءَ وَالعَسَلَ". [انظر: 4912 - مسلم: 1474 - فتح 10/ 62] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (يحب الحلواء) بالمد والقصر. ومَرَّ الحديث في الأطعمة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5431) كتاب: الأطعمة، باب: الحلواء والعسل.

11 - باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرا، وأن لا يجعل إدامين في إدام

11 - بَابُ مَنْ رَأَى أَنْ لَا يَخْلِطَ البُسْرَ وَالتَّمْرَ إِذَا كَانَ مُسْكِرًا، وَأَنْ لَا يَجْعَلَ إِدَامَيْنِ فِي إِدَامٍ (باب: من رأى أن لا يخلط البسر والتمر) بنصبهما على المفعولية. (إذا كان) أي: خلطهما بماء أو نحوه. (مسكرًا) أي: من شأنه أن يسكر. (وأن لا) عطف على (أن لا يجعل) بالبناء للفاعل. (إدامين في إدام) بأن يخلط أحدهما بالآخر مع ماء أو نحوه، فيصير المجموع إدامًا. 5600 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "إِنِّي لَأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا دُجَانَةَ وَسُهَيْلَ بْنَ البَيْضَاءِ، خَلِيطَ بُسْرٍ وَتَمْرٍ، إِذْ حُرِّمَتِ الخَمْرُ، فَقَذَفْتُهَا، وَأَنَا سَاقِيهِمْ وَأَصْغَرُهُمْ، وَإِنَّا نَعُدُّهَا يَوْمَئِذٍ الخَمْرَ" وَقَال عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، سَمِعَ أَنَسًا. [انظر: 2464 - مسلم: 1980 - فتح 10/ 66] (مسلم) أي: ابن إبراهيم الأزدي. (هشام) أي: الدستوائي. (وأبا دجانة) بضم الدال وتخفيف الجيم: سماك الأنصاري. (إذ حرمت الخمر) (إذ) للمفاجأة أي: بينما أنا أسقي هؤلاء فاجأني تحريم الخمر. ومَرَّ الحديث في باب: نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر (¬1). 5601 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالبُسْرِ وَالرُّطَبِ". [مسلم: 1986 - فتح 10/ 67] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد. (عن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. 5602 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5583) كتاب: الأشربة، باب: نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر.

12 - باب شرب اللبن، وقول الله تعالى: {من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين} [النحل: 66]

بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْو، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَلْيُنْبَذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ". [مسلم: 1988 - فتح 10/ 67] (نهى النبي) أي: نهي تنزيه إن لم يسكر الخليط، ونهي تحريم إن أسكر، (والزهو) أي: البسر كما مرَّ. 12 - بَابُ شُرْبِ اللَّبَنِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66] (باب: شرب اللبن) أي: بيان جوازه. (وقول الله) عطف على شرب اللبن. ({مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}) أي: سهل المرور في الحلق. وفي نسخة: " {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} " وفي أخرى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} ". 5603 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَقَدَحِ خَمْرٍ". [انظر: 3394 - مسلم: 168 - فتح 10/ 69] (عبدان) لقب عبد الله بن عثمان المروزي. "أتى النبي" إلى آخره هو يقص حديث مَرَّ بتمامه في الحج والصوم وغيرهما (¬1). 5604 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، سَمِعَ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَيْرًا، مَوْلَى أُمِّ الفَضْلِ، يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ الفَضْلِ، قَالتْ: "شَكَّ النَّاسُ فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِإِنَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبَ"، فَكَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا قَال: "شَكَّ النَّاسُ فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الفَضْلِ" فَإِذَا وُقِّفَ عَلَيْهِ، قَال: هُوَ عَنْ أُمِّ الفَضْلِ. [انظر: 1658 - مسلم: 1123 - فتح 10/ 69] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3394) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)}.

5605 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَّا خَمَّرْتَهُ: وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا". [5606 - مسلم: 2011 - فتح 10/ 70] 5606 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، يَذْكُرُ، - أُرَاهُ - عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ، رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، مِنَ النَّقِيعِ بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَّا خَمَّرْتَهُ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا" وَحَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. [انظر: 5605 - مسلم: 2011 - فتح 10/ 70] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي صالح) هو ذكوان. (وأبي سفيان) هو طلحة بن نافع القرشي. (أبو حميد) هو عبد الرحمن الساعدي. (من النقيع) بفتح النون: موضع بوادي العقيق (¬1). (ألا) أي: هلا. (خمرته) أي: غطيته. (ولو أن تعرض) بضم الراء وكسرها كما في "القاموس" (¬2). 5607 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، قَال أَبُو بَكْرٍ: "مَرَرْنَا بِرَاعٍ وَقَدْ عَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" قَال أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "فَحَلَبْتُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ فِي قَدَحٍ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، وَأَتَانَا سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ فَدَعَا عَلَيْهِ، فَطَلَبَ إِلَيْهِ سُرَاقَةُ أَنْ لَا يَدْعُوَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَرْجِعَ، فَفَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 2439 - مسلم: 2009 - فتح 10/ 70] (محمود) أي ابن غيلان. (النضر) أي: ابن شميل. (مررنا براع ...) إلى آخره مَرَّ تامًّا في الهجرة (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 301. (¬2) "القاموس" مادة [عرض] ص 645. (¬3) سبق برقم (3917) كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة.

5608 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "نِعْمَ الصَّدَقَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، تَغْدُو بِإِنَاءٍ، وَتَرُوحُ بِآخَرَ". [انظر: 2629 - مسلم: 1019، 1020 - فتح 10/ 70] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عن عبد الرحمن) أي: ابن هرمز. (اللقحة) بكسر اللام أكثر من فتحها: الناقة الحلوب. (الصفي) أي: الكثيرة اللبن. (منحة) أي: عطية، ومَرَّ الحديث في العارية في باب: فضل المنحة (¬1). 5609 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ، وَقَال: "إِنَّ لَهُ دَسَمًا". [انظر: 211 - مسلم: 358 - فتح 10/ 70] (عن الأوزاعي) هو عبد الرحمن، ومرَّ الحديث في كتاب: الوضوء (¬2). 5610 - وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ، فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ وَالفُرَاتُ، وَأَمَّا البَاطِنَانِ: فَنَهَرَانِ فِي الجَنَّةِ، فَأُتِيتُ بِثَلاثَةِ أَقْدَاحٍ: قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ عَسَلٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ، فَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ، فَقِيلَ لِي: أَصَبْتَ الفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ " قَال هِشَامٌ، وَسَعِيدٌ، وَهَمَّامٌ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي الأَنْهَارِ نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرُوا: "ثَلاثَةَ أَقْدَاحٍ". [انظر: 3570 - مسلم: 162 - فتح 10/ 70] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2629) كتاب: الهبة وفضلها، باب: فضل المنيحة. (¬2) سبق برقم (211) كتاب: الوضوء، باب: هل يمضمض من اللبن؟

13 - باب استعذاب الماء

(نهران في الجنة) هما السلسبيل والكوثر. (أصبت الفطرة) أي: علامة الإسلام والاستقامة. 13 - بَابُ اسْتِعْذَابِ المَاءِ (باب: استعذاب الماء) أي: طلبَ الماء العذب، أي: الحلو. 5611 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَال أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ مَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، أَوْ رَايِحٌ - شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ - وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ" فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَفِي بَنِي عَمِّهِ وَقَال إِسْمَاعِيلُ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى: "رَايِحٌ". [انظر: 1461 - مسلم: 998 - فتح 10/ 74] (بيرحاء) بالمد والقصر، ومَرَّ الحديث في الزكاة، والوصايا، وغيرهما (¬1). 14 - بَابُ شَوْبِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ (باب: شوب اللبن بالماء) (¬2) أي: خلطه به، وفي نسخة: "باب: ¬

_ (¬1) سبق برقم (1461) كتاب: الزكاة، باب: الزكاة على الأقارب. وبرقم (2752) كتاب: الوصايا، باب: إذا وقف أو أوصى لأقاربه ومن الأقارب. (¬2) وهي راوية الكشميهيني.

شرب اللبن بالماء" بالراء بدل الواو. 5612 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ لَبَنًا، وَأَتَى دَارَهُ، فَحَلَبْتُ شَاةً، فَشُبْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ البِئْرِ، فَتَنَاوَلَ القَدَحَ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ، ثُمَّ قَال: "الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ". [انظر: 2352 - مسلم: 2029 - فتح 10/ 75] (وأتى داره) أي: دار أنس. (فشبت) بضم المعجمة أي: خلطته. (الأيمن) بالنصب بمقدار، أي: نقدم الأيمن، وبالرفع مبتدأ لخبر مقدر أي: الأيمن مقدم، ومَرَّ الحديث في الهبة (¬1). 5613 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي شَنَّةٍ وَإِلَّا كَرَعْنَا" قَال: وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ المَاءَ فِي حَائِطِهِ، قَال: فَقَال الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي مَاءٌ بَائِتٌ، فَانْطَلِقْ إِلَى العَرِيشِ، قَال: فَانْطَلَقَ بِهِمَا، فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ، قَال: فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ شَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ. [5621 - فتح 10/ 75] (أبو عامر) هو عبد الملك العقدي. (دخل على رجل) قيل: هو أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري. (ومعه صاحب له) هو أبو بكر الصديق. (في شنة) أي: قربة. (كرعنا) بفتح الراء أكثر من كسرها أي: شربنا إناء أو كف (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2571) كتاب: الهبة، باب: من استسقى. (¬2) كذا في الأصل، وأظنه من غير إناء أو كف وبهذا يتضح المعنى ويستقيم الأسلوب.

15 - باب شراب الحلواء والعسل

15 - بَابُ شَرَابِ الحَلْوَاءِ وَالعَسَلِ وَقَال الزُّهْرِيُّ: "لَا يَحِلُّ شُرْبُ بَوْلِ النَّاسِ لِشِدَّةٍ تَنْزِلُ، لِأَنَّهُ رِجْسٌ، قَال اللَّهُ تَعَالى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ، فِي السَّكَرِ: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ". (باب: شرب الحلواء) أي: ما ينقع مما فيه حلاوة. (والعسل) من عطف الخاص على العام. (وقال الزهريّ: لا يحل شرب بول الناس لشدة ..) إلخ هذا مذهبه، والجمهور على جواز شرب البول للتداوي كما يجوز أكل الميتة عند الشدة. (في السكر) بفتحتين أي: المسكر. (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم) أي: فيحرم التداوي بالمسكر، وإنما لم يجز كما في إساغة اللقمة لمن شرق بها بجرعة من الخمر؛ ليتحقق المراد بالإساغة، بخلاف الشفاء، وألحق بالإساغة بالخمر لمن شرق تناولها لمن اضطر إلى إزالة عقله لقطع عضو من الأكل. 5614 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الحَلْوَاءُ وَالعَسَلُ". [انظر: 4912 - مسلم: 1474 - فتح 10/ 78] (هشام) أي: ابن عروة، ومَرَّ حديثه في الأطعمة (¬1). 16 - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا (باب: الشرب قائما) أي: بيان جوازه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5431) كتاب: الأطعمة، باب: الحلواء والعسل.

17 - باب من شرب وهو واقف على بعيره

5615 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ، قَال: أَتَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى بَابِ الرَّحَبَةِ "فَشَرِبَ قَائِمًا" فَقَال: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِنِّي "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ". [5616 - فتح 10/ 81] 5616 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، سَمِعْتُ النَّزَّال بْنَ سَبْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي رَحَبَةِ الكُوفَةِ، حَتَّى حَضَرَتْ صَلاةُ العَصْرِ، ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ، فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ "فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ" ثُمَّ قَال: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قِيَامًا، "وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ". [انظر: 5615 - فتح 10/ 81] (مسعر) أي: ابن كدام. (عن النزال) بفتح النون والزاي المشددتين: ابن سبرة. (الرحبة) أي: رحبة المسجد. 5617 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "شَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ". [انظر: 1637 - مسلم: 2027 - فتح 10/ 81] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري، وقيل: ابن عيينة. واستدل بأحاديث الباب على جواز الشرب قائما، وهو ما عليه الجمهور، وحملوا أحاديث النهي عنه في مسلم وغيره (¬1) على التنزيه. 17 - بَابُ مَنْ شَرِبَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ (باب: من شرب وهو واقف على بعيره) أي: وهو راكب عليه. 5618 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ: "أَنَّهَا أَرْسَلَتْ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2024) كتاب: الأشربة، باب: كراهية الشرب قائما، من حديث أنس بن مالك.

18 - باب الأيمن فالأيمن في الشرب

إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَرِبَهُ" زَادَ مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ: "عَلَى بَعِيرِهِ". [انظر: 1658 - مسلم: 1123 - فتح 10/ 85] (أبو النضر) هو سالم مولى أبي أمية، ومَرَّ الحديث في الحج (¬1). 18 - بَابُ الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ فِي الشُّرْبِ (باب: الأيمن فالأيمن، في الشرب) بنصب (الأيمن) ورفعه (¬2)، وتنوين (باب) وبجره بإضافة باب إليه. 5619 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، وَعَنْ شِمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَشَرِبَ ثُمَّ أَعْطَى الأَعْرَابِيَّ، وَقَال: "الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ". [انظر: 2352 مسلم: 2029 - فتح 10/ 86] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (قد شيب بماء) أي: خلط به، ومَرَّ الحديث مرارًا (¬3). 19 - بَابٌ: هَلْ يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ فِي الشُّرْبِ لِيُعْطِيَ الأَكْبَرَ؟ (باب: هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب ليعطي الأكبر؟) جواب الاستفهام محذوف أي: نعم. 5620 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَال لِلْغُلامِ: "أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاءِ؟ " فَقَال الغُلامُ: وَاللَّهِ يَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (658) كتاب: الحج، باب: صوم يوم عرفة. (¬2) نصبه بفعل مقدر، أي: تقدم الأيمن، ورفعه على أنه مبتدأ خبره مقدر أي: الأيمنُ مقدّمٌ. (¬3) سبق برقم (5612) كتاب: الأشربة، باب: شرب اللبن بالماء.

20 - باب الكرع في الحوض

رَسُولَ اللَّهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، قَال: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ. [انظر: 2351 - مسلم: 2030 - فتح 10/ 86] (إسماعيل) أي: الأوسي. (وعن يمينه غلام) هو ابن عباس. (فَتَلَّهُ) أي: وضعه، ومَرَّ الحديث في المظالم (¬1). 20 - بَابُ الكَرْعِ فِي الحَوْضِ (باب: الكرع في الحوض) أي: شرب الماء منه بالفم بلا واسطة. 5621 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَسَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ، فَرَدَّ الرَّجُلُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَهِيَ سَاعَةٌ حَارَّةٌ، وَهُوَ يُحَوِّلُ فِي حَائِطٍ لَهُ، يَعْنِي المَاءَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ فِي شَنَّةٍ، وَإِلَّا كَرَعْنَا" وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ المَاءَ فِي حَائِطٍ، فَقَال الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي مَاءٌ بَاتَ فِي شَنَّةٍ، فَانْطَلَقَ إِلَى العَرِيشِ، فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ مَاءً، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَعَادَ فَشَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ. [انظر: 5613 - فتح 10/ 88] (بأبي أنت وأمي) أي: مفدي بهما. (وهي) أي: الساعة التي أنت فيها. (ساعة حارة). الرجل (يحول الماء في حائط) كرره للتأكيد ولاختلاف عاملي الجملتين، إذ عامل الأول: قال، والثاني: كرع. ومَرَّ الحديث في باب: شرب اللبن بالماء (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2451) كتاب: المظالم، باب: إذا أذن له أو أحله ولم يبين كم هو. (¬2) سبق برقم (5613) كتاب: الأشربة، باب: شرب اللبن بالماء.

21 - باب خدمة الصغار الكبار

21 - بَابُ خِدْمَةِ الصِّغَارِ الكِبَارَ (باب: خدمة الصغار الكبار) أي: بيان ما جاء فيها. 5622 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الحَيِّ أَسْقِيهِمْ، عُمُومَتِي وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ، الفَضِيخَ، فَقِيلَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ، فَقَال: اكْفِئْهَا، فَكَفَأْنَا " قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَا شَرَابُهُمْ؟ قَال: "رُطَبٌ وَبُسْرٌ" فَقَال أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ: وَكَانَتْ خَمْرَهُمْ، فَلَمْ يُنْكِرْ أَنَسٌ، وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: "كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ". [انظر: 2464 - مسلم: 1980 - فتح 10/ 88] (معتمر) أي: ابن سليمان. (عمومتي) بدل من ضمير أسقيهم. (الفضيخ) هو الخمر المتخذ من البسر والتمر. (فلم ينكر أنس) أي: ذلك. (قال: رطب وبسر) أي: مُتَّخَذٌ منهما. (وحدثني) يقول معتمر فيما يظهر. (بعض أصحابي) هو قتادة، ومَرَّ الحديث في أول الأشربة (¬1). 22 - بَابُ تَغْطِيَةِ الإِنَاءِ (باب: تغطية الإناء) أي: بيان حكمها. 5623 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، فَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا ¬

_ (¬1) سبق برقم (5580) كتاب: الأشربة، باب: الخمر من العنب.

23 - باب اختناث الأسقية

مَصَابِيحَكُمْ". [انظر: 3280 - مسلم: 2012 - فتح 10/ 88] (إذا كان جنح الليل) بكسر الجيم وضمها، أي: ظلامه. (أو أمسيتم) شك من الراوي. (فكفوا صبيانكم) أي: امنعوهم من الخروج، ومَرَّ الحديث بشرحه في باب: صفة إبليس (¬1). 5624 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَطْفِئُوا المَصَابِيحَ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ - وَأَحْسِبُهُ قَال - وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ". [انظر: 3280 - مسلم: 2012 - فتح 10/ 89] (همام) أي: ابن يحيى. (عطاء) أي: ابن أبي رباح، ومَرَّ الحديث في باب: شرب اللبن. 23 - بَابُ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ (باب: اختناث الأسقية) بمثلثة من اختنثت السقاء: إذا ثنيت فيه إلى خارج لتشرب منه، قال ابن الأثير وغيره: خنثت السقاء: إذا ثنيت فيه إلى خارج وشربت منه وقبعته: إذا ثنيته إلا داخل (¬2). 5625 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ" يَعْنِي أَنْ تُكْسَرَ أَفْوَاهُهَا فَيُشْرَبَ مِنْهَا. [5626 - مسلم: 2023 - فتح 10/ 89] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (ابن أبي ذئب) هو محمَّد بن عبد الرحمن. (عن اختناث الأسقية) يعني: أن تكسر، أي: تثني أفواهها فيشربون منها، وإنما نهى عنه؛ لئلا تتغير رائحة مائها بنفس الشارب، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3283) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 2/ 82. و"غريب الحديث" للهروي 1/ 362.

24 - باب الشرب من فم السقاء

ولجواز أن يكون في أفواهها بعض الهوام لا يراها الشارب فتدخل جوفه. 5626 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، يَقُولُ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ. قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَال مَعْمَرٌ، أَوْ غَيْرُهُ: "هُوَ الشُّرْبُ مِنْ أَفْوَاهِهَا". [انظر: 5625 - مسلم: 2023 - فتح 10/ 89] (هو) أي: الاختناث. 24 - بَابُ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ (باب: الشرب من فم السقاء) أي: بيان حكمه. 5627 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، قَال لَنَا عِكْرِمَةُ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْيَاءَ قِصَارٍ حَدَّثَنَا بِهَا أَبُو هُرَيْرَةَ؟ "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ القِرْبَةِ أَو السِّقَاءِ، وَأَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي دَارِهِ". [انظر: 2463 - مسلم: 1601 - فتح 10/ 90] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أيوب) أي: السختياني. (وأن يمنع جاره أن يغرز خشبة في داره) لم يذكر من الأشياء إلا شيئين بناء على أن أقل الجمع اثنان، أو لعله أخبرهم بها ولم يذكره بعض الرواة، واحتج بالثاني للقول بأن الجار لا يمنع جاره من وضع خشبة على جداره لحاجته لذلك، والمشهور عند الشافعية: أن يمنعه لخبر ابن حبان والحاكم "لا يحل لامرئ أن يأخذ عصى أخيه بغير طيب نفس منه" (¬1). ¬

_ (¬1) "صحيح ابن حبان" 13/ 317 (5978) كتاب: الجنايات. من حديث أبي حميد الساعدي. والحاكم 1/ 93 كتاب: العلم، خطبته - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع. من حديث ابن عباس بلفظ: (... لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس". وقال: قد احتج البخاري بأحاديث عكرمة واحتج مسلم بأبي =

25 - باب [النهي عن] التنفس في الإناء

وأجابوا عن الحديث بأنه محمول على الندب بأن الضمير في (جداره) لجاره لقربه أي: لا يمنعه أن يضع خشبة على جدار نفسه وإن تضرر هو به من جهة منع الضوء والهواء ورؤية الأماكن المستطرقة ونحوها. 5628 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ". [انظر: 2463 - مسلم: 1609 - فتح 10/ 90] (إسماعيل) أي: ابن علية. (أيوب) أي: السختياني. 5629 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ". [فتح 10/ 90] (خالد) أي: الحذاء. 25 - بَابُ [النَّهْيِ عَنِ] التَّنَفُّسِ فِي الإِنَاءِ (باب: التنفس في الإناء) أي: بيان النهي عنه. 5630 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ، وَإِذَا بَال أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا تَمَسَّحَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ". [انظر: 153 - مسلم: 267 - فتح 10/ 92] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير، ومَرَّ حديث الباب بشرحه في الطهارة في باب: النهي عن الاستنجاء (¬1). ¬

_ = أويس وسائر رواته متفق عليهم وهذا الحديث لخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - متفق على إخراجه في الصحيح "يا أيها الناس إني قد تركت فيكهم ما لن تضلوا بعده ... " ووافقه الذهبي وقال: وله أصل في الصحيح. (¬1) سبق برقم (153) كتاب: الوضوء، باب: النهي عن الاستنجاء باليمين.

26 - باب الشرب بنفسين أو ثلاثة

26 - بَابُ الشُّرْبِ بِنَفَسَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ (باب: الشرب بنفسين أو ثلاثة). أي: بيان حكمه. 5631 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كَانَ أَنَسٌ، يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، وَزَعَمَ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَنَفَّسُ ثَلاثًا". [مسلم: 2028 - فتح 10/ 92] (يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثًا) بأن يبينه من فيه ثم يتنفس خارجه. (وزعم) أي: قال. 27 - بَابُ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ (باب: الشرب في آنية الذهب) أي: بيان حكمه. 5632 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَال: كَانَ حُذَيْفَةُ، بِالْمَدَايِنِ، فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِقَدَحِ فِضَّةٍ فَرَمَاهُ بِهِ، فَقَال: إِنِّي لَمْ أَرْمِهِ إلا أَنِّي نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، " وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَقَال: "هُنَّ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ لَكُمْ فِي الآخِرَةِ". [انظر: 5426 - مسلم: 2067 - فتح 10/ 94] (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (عن ابن أبي ليلى) هو عبد الرحمن. (بالمدائن) هي مدينة عظيمة على دجلة (¬1). (فاستسقى) أي: طلب ماء ليشربه. (فأتاه دِهقان) بكسر الدال المهملة أي: كبير القرية. (فرماه به) فانكسر. (فقال) أي: معتذرًا لحاضريه. (إلا أني نهيته) أي: عن أن يسقيني فيه. (عن الحرير والديباج) أي: عن استعمالها. (هن) أي المذكورات. (لهم) أي: للكفار، ومَز الحديث بشرحه في الأطعمة في باب: الأكل في إناء مفضض (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 74. (¬2) سبق برقم (5426) كتاب: الأطعمة، باب: الأكل في إناء مفضض.

28 - باب آنية الفضة

28 - باب آنِيَةِ الفِضَّةِ. (باب: آنية الفضة) أي: بيان حكم استعمالها. 5633 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَال: خَرَجْنَا مَعَ حُذَيْفَةَ، وَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ". [انظر: 5426 - مسلم: 2067 - فتح 10/ 96] (ابن أبي عدي) هو محمَّد بن إبراهيم. (عن ابن عون) هو عبد الله. 5634 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ". [مسلم: 2065 - فتح 10/ 96] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (في إناء الفضة) في نسخة: "في آنية الفضة". (إنما يجرجر) بكسر الجيم الثانية وحكي فتحها. (نار) بالنصب مفعول يجرجر، وقيل: بالرفع على الفاعلية؛ لأن الجرجرة هي التي تصوت في البطن. 5635 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلامِ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ المُقْسِمِ، وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنِ الشُّرْبِ فِي الفِضَّةِ، أَوْ قَال: آنِيَةِ الفِضَّةِ، وَعَنِ المَيَاثِرِ وَالقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالإِسْتَبْرَقِ. [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 10/ 96] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (وعن المياثر) جمع ميثرة بكسر الميم من الورثارة وهي اللين

29 - باب الشرب في الأقداح

، وأصلها: موثرة قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها: وهي مراكب للعجم تعمل من حرير أو ديباج وتتخذ كالفراش الصغير, وتحشى بقطن أو صوف تجعل فوق الرجل والسرج. (والقسي) بفتح القاف وتشديد السين والياء: ثياب من كتان مخلوط بحرير منسوب إلى قرية بساحل البحر تسمى قس بفتح القاف وحكي بكسرها. (والإستبرق) ضرب من الديباج، ومَرَّ الحديث بشرحه في أوائل الجنائز (¬1). 29 - بَابُ الشُّرْبِ فِي الأَقْدَاحِ (باب: الشرب في الأقداح) أي: بيان حكم الشرب منها. 5636 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى أُمِّ الفَضْلِ، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ: أَنَّهُمْ شَكُّوا فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، "فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهُ". [انظر: 1658 - مسلم: 1123 - فتح 10/ 89] (عبد الرحمن) أي: ابن مهدي. (سفيان) أي: ابن عيينة، ومَرَّ حديث الباب في الحج والصوم (¬2). 30 - بَابُ الشُّرْبِ مِنْ قَدَحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآنِيَتِهِ وَقَال أَبُو بُرْدَةَ: قَال لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: "أَلا أَسْقِيكَ فِي قَدَحٍ شَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ"؟. (باب: الشرب من قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - وآنيته) عطفها على القدح من ¬

_ (¬1) سبق برقم (1239) كتاب: الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز. (¬2) سبق برقم (1658) كتاب: الحج، باب: صوم يوم عرفة. وبرقم (1988) كتاب: الصوم، باب: صوم يوم عرفة.

عطف العام على الخاص لشمولها ما يؤكل أو يشرب فيه وغيره، والقدح خاص بما يؤكل أو يشرب فيه كما أفاده بعض أئمة اللغة (¬1). 5637 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنَ العَرَبِ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَقَدِمَتْ، فَنَزَلَتْ فِي أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَهَا، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا، فَلَمَّا كَلَّمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَال: "قَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّي" فَقَالُوا لَهَا: أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا؟ قَالتْ: لَا، قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ لِيَخْطُبَكِ، قَالتْ: كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَلَسَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَال: "اسْقِنَا يَا سَهْلُ" فَخَرَجْتُ لَهُمْ بِهَذَا القَدَحِ فَأَسْقَيْتُهُمْ فِيهِ، فَأَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذَلِكَ القَدَحَ فَشَرِبْنَا مِنْهُ قَال: ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لَهُ. [انظر: 5256 - مسلم: 2007 - فتح 10/ 98] (أبي مريم) هو سالم الجمحي. (أبو غسان) هو محمَّد بن مطرف. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. (امرأة من العرب) هي أميمة الجونية. (في أجم بني ساعدة) بضم الهمزة والجيم: بناء يشبه القصر وهو من حصون المدينة. (فخرجت لهم بهذا القدح) في نسخة: "فأخرجت لهم هذا القدح". 5638 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، قَال: رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَدْ انْصَدَعَ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ، قَال: وَهُوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ مِنْ نُضَارٍ، قَال: قَال أَنَسٌ: "لَقَدْ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا القَدَحِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا". [انظر: 3109 - فتح 10/ 99] ¬

_ (¬1) انظر: "اللسان" مادة [قدح] 6/ 3541 - 3542.

31 - باب شرب البركة والماء المبارك

قَال: وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: إِنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَقَال لَهُ أَبُو طَلْحَةَ: لَا تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَرَكَهُ .. (من نضار) هو بضم النون: خشب معروف قاله ابن الأثير (¬1)، وقال: وقيل: هو من الأثل الورسي اللون، وجزم به الجوهري وزاد فقال: هو الخالص من كل شيء (¬2)، ومَرَّ بعض الحديث في الجهاد في باب: ما جاء في درع النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). 31 - بَابُ شُرْبِ البَرَكَةِ وَالمَاءِ المُبَارَكِ (باب: شرب البركة والماء المبارك) أراد بالبركة الماء؛ لأنه مبارك فيه فعطف ما بعدها عليها عطف تفسير. 5639 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، هَذَا الحَدِيثَ قَال: قَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ حَضَرَتِ العَصْرُ، وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ غَيْرَ فَضْلَةٍ، فَجُعِلَ فِي إِنَاءٍ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ قَال: "حَيَّ عَلَى أَهْلِ الوُضُوءِ، البَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ" فَلَقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ وَشَرِبُوا، فَجَعَلْتُ لَا آلُو مَا جَعَلْتُ فِي بَطْنِي مِنْهُ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ. قُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَال: أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَقَال حُصَيْنٌ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ: "خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً" وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ جَابِرٍ. [انظر: 3576 - مسلم: 1856 - فتح 10/ 101] ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 5/ 71. (¬2) "الصحاح" مادة [نضر] 2/ 830. (¬3) سبق برقم (3109) كتاب: فرض الخمس، باب: ما ذكر في درع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

(جرير) أي: ابن عبد الحميد. (هذا الحديث) أشار به إلى الذي بعده كما قاله الكرماني (¬1). (فجعل) أي ما فضل. (حي على أهل الوضوء) في نسخة: "حي على الوضوء" قيل: هو الصواب، ووجه الأول بأن (حي) معناه: أسرعوا و (أهل) منصوب على النداء، وأن ياء (عليَّ) مشددة يعني: اسرعوا إليَّ يا أهل الوضوء. (لا آلو) بالمد أي: لا أقصر في الاستكثار. (ما جعلت في بطني منه) فمن الأولى متعلقة بمحذوف. (تابعه) أي: سالما. (خمس عشرة مائة) عدل إليه عن (ألف وخمسمائة) ليشير إلى كمية عدد الفرق. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 20/ 173.

75 - كتاب المرضى

75 - كِتَابُ المَرْضَى

1 - [باب] ما جاء في كفارة المرض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 75 - كِتَابُ [الطب] المَرْضَى (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (كتاب: الطب) هو علم يعرف به أحوال بدن الإنسان من صحة ومرض وأخلاط وغيرها، مع أسبابها من المأكل وغيرها، وفائدته: استعمال أسباب الصحة والإعلام بها. وفي نسخة: "كتاب: المرضى". 1 - [باب] مَا جَاءَ فِي كَفَّارَةِ المَرَضِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (باب) ساقط من أخرى. (ما جاء في كفارة المرض) الإضافة فيه للبيان أو من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ لأن المرض هو المكفر لغيره لا أن له كفارة. (وقول الله تعالى: ({مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}) وجه مناسبته للباب أن قوله: ({يُجْزَ بِهِ}) أعم من الجزاء في الآخرة وفي الدنيا بأن يكون مرضه عقوبة لتلك السيئة مع أنه كفارة لها كسائر العقوبات الجزائية، وبذلك سقط ما قيل: إنه تعالى لا يعفو عن شيء من السيئات. 5640 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ المُسْلِمَ إلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا". [مسلم: 2572 - فتح 10/ 103]

(شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عن الزهريّ) هو محمَّد بن مسلم. (إلا كفر الله بها عنه) أي: من سيئاته، فإن صبر عليها ورضى بها أُثيب على الصبر والرضا. (يشاكها) أي: يصاب بها. 5641، 5642 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ". [مسلم: 2573 - فتح 10/ 103] (من نصب) أي: تعب. (ولا وصب) أي: مرض، ومَرَّ الحديث في الجنائز. 5643 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَثَلُ المُؤْمِنِ كَالخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً، وَتَعْدِلُهَا مَرَّةً، وَمَثَلُ المُنَافِقِ كَالأَرْزَةِ، لَا تَزَالُ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً" وَقَال زَكَرِيَّاءُ: حَدَّثَنِي سَعْدٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 2810 - فتح 10/ 103] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن سفيان) أي: الثوري (عن سعيد) أي: ابن إبراهيم. (كالخامة) بالمعجمة وتخفيف الميم: الغضة الرطبة من النبات أول ما نبت. (تفيئها) بضم الفوقية وفتح الفاء أي: تميلها، وفي نسخة: بفتحهما، ووجه التشبيه: أن المؤمن إذا جاءه أمر الله انطاع له، فإن كان خيرًا فرح به وشكر، أو مكروهًا صبر ورجى فيه الأجر، فإذا اندفع عنه اعتدل شاكرًا. (وتعدلها) بفتح الفوقية وكسر الدال. (كالأرزة) بفتح الهمزة مع سكون الراء وفتحها: شجرة الأرزن، وهو خشب معروف،

وقيل: هو الصنوبر. قاله ابن الأثير (¬1)، وبالثاني جزم الجوهري (¬2)، وقيل: ليس هو من نبات أرض العرب ولا السباخ بل يطول طولا شديدًا أو يغلظ حتى لو أن عشرين نفسًا مسك بعضهم بيد بعض لم يقدروا على أن يحضنوها. (انجعافها) أي: انقلاعها، ووجه التشبيه أن المنافق لا يتفقده الله باختياره بل ييسر له دنياه؛ ليتعسر عليه الحال في المعاد حتى إذا أراد إهلاكه قصمه فيكون موته أشد عذابًا عليه، وأكثر ألمًا في خروج نفسه. (وقال زكريا) أي: ابن أبي زائدة. (ابن كعب) هو عبد الله. 5644 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ الخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا، فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلاءِ، وَالفَاجِرُ كَالأَرْزَةِ، صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً، حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ". [7466 - فتح 10/ 103] (كفأتها) بفتح الكاف والفاء والهمزة أي: أمالتها. (تكفأ) بفتح الفوقية والكاف وتشديد الفاء أي: تنقلب بالبلاء. قال الكرماني: فإن قلت: البلاء إنما يستعمل في المؤمن، فالمناسب أن يقال بالريح. قلت: الريح أيضًا بلاء بالنسبة إلى الخامسة، أو أراد بالبلاء ما يضر بالخامة أو لما شبه المؤمن بالخامة أثبت للمشبه به ما هو من خواص المشبه (¬3). (صماء) بالمد والهمز أي: صلبة شديدة. 5645 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 38. (¬2) "الصحاح" مادة [أرز] 3/ 863. (¬3) "البخاري بشرح الكرماني" 20/ 177.

2 - باب شدة المرض

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الحُبَابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ". [فتح 10/ 103] (يصب منه) بالبناء للفاعل أي: يوصله مصيبة؛ ليطهره بها من الذنوب؛ وليرفع بها درجته، وروي بالبناء للمفعول. 2 - بَابُ شِدَّةِ المَرَضِ (باب: شدة المرض) أي: بيان ما جاء فيها من الفضل. 5646 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، ح حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ عَلَيْهِ الوَجَعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [مسلم: 2570 - فتح 10/ 110] (قبيصة) أي ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (الوجع) أي: المرض. 5647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ، وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قُلْتُ: إِنَّ ذَاكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَال: "أَجَلْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إلا حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ". [5648, 5660، 5661، 5667 - مسلم: 2571 - فتح 10/ 110] (سفيان) أي: الثوري. (يوعك) بفتح المهملة. (وعكًا) بسكونها. (قال: أجل) أي: نعم. (إلا حاتَّ) بتشديد الفوقية أي: نثر.

3 - باب أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأول فالأول

3 - بَاب أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأوَّلُ فَالأوَّلُ. (باب: أشد الناس بلاءً الأنبياء) ثَم الأول فالأول، في نسخة: "ثم الأمثل فالأمثل" وأمثل القوم: خيارهم. 5648 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟ قَال: "أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ" قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَال: "أَجَلْ، ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا". [انظر: 5647 - مسلم: 2571 - فتح 10/ 111] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان. (عن أبي حمزة) هو محمَّد بن ميمون السكري. 4 - بَابُ وُجُوبِ عِيَادَةِ المَرِيضِ (باب: وجوب عيادة المريض) عبَّر بالوجوب؛ تبعًا لظاهر الحديث، وإلا فهو محمول على الندب المؤكد كما في خبر: "غسل الجمعة واجب" (¬1). 5649 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ". [انظر: 3046 - فتح 10/ 112] (أبو عوانة) هو الوضاح اليشكري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (العاني) أي: الأسير. ¬

_ (¬1) سبق برقم (858) كتاب: الأذان، باب: وضوء الصبيان.

5 - باب عيادة المغمى عليه

5650 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَال: سَمِعْتُ مُعَاويَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَلُبْسِ الحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَعَنِ القَسِّيِّ، وَالمِيثَرَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَتْبَعَ الجَنَائِزَ، وَنَعُودَ المَرِيضَ، وَنُفْشِيَ السَّلامَ. [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 10/ 112] (أمرنا رسول الله) إلى آخره مَرَّ مرارا وفيه هنا اختصار (¬1). 5 - بَابُ عِيَادَةِ المُغْمَى عَلَيْهِ (باب: عيادة المغمى عليه) وهو من قام به الإغماء: وهو الغشي وهو تعطل جل القوى الحساسة لضعف القلب واجتماع الروح إليه، واستفراغه وتخلله. 5651 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: مَرِضْتُ مَرَضًا، فَأَتَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، وَأَبُو بَكْرٍ، وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَوَجَدَانِي أُغْمِيَ عَلَيَّ، "فَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَيَّ، فَأَفَقْتُ" فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي، كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي؟ فَلَمْ يُجِبْنِي بِشَيْءٍ، حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ المِيرَاثِ. [انظر: 194 - مسلم: 1616 - فتح 10/ 114] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن ابن المنكدر) هو محمَّد، ومَرَّ حديث الباب في الطهارة، وتفسير سورة النساء (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1239) كتاب: الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز. وبرقم (2445) كتاب: المظالم، باب: نصر المظلوم. وبرقم (5175) كتاب: النكاح، باب: حق إجابة الوليمة والدعوة. (¬2) سبق برقم (194) كتاب: الوضوء، باب: صب النبي - صلى الله عليه وسلم - وضوءه على المغمى عليه. وبرقم (4577) كتاب: التفسير، باب قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}.

6 - باب فضل من يصرع من الريح

6 - بَابُ فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ مِنَ الرِّيحِ (باب: فضل من يصرع من الريح) أي: من ذا يكون فيها. 5652 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عِمْرَانَ أَبِي بَكْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، قَال: قَال لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَال: هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَال: "إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ" فَقَالتْ: أَصْبِرُ، فَقَالتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: "أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأَةً طَويلَةً سَوْدَاءَ، عَلَى سِتْرِ الكَعْبَةِ". [مسلم: 2576 - فتح 10/ 114] (هذه المرأة السوداء) اسمها: سعيرة بضم المهملة الأولى وفتح الثانية وسكون التحتية: الأسدية. (محمَّد) أي: ابن سلام. (مخلد) أي: ابن يزيد. (عن ابن جريح) هو عبد الملك. (أم زفر) بضم الزاي وفتح الفاء: كنية المرأة السوداء، قاله الكرماني (¬1). (تلك امرأة) ق نسخة: (تلك المرأة). وفي الحديث الأول: فضل الصرع وأن اختياره والصبر عليه يورث الجنة، وأن الأخذ بالشدة أفضل من الأخذ بالرخصة. 7 - بَابُ فَضْلِ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ (باب: فضل من ذهب بصره) أي: بيانه. 5653 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ قَال: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ " يُرِيدُ: عَيْنَيْهِ، تَابَعَهُ أَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ، وَأَبُو ظِلالٍ هِلالٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح 10/ 116] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 20/ 183.

8 - باب عيادة النساء الرجال

(ابن الهاد) هو يزيد بن عبد الله بن أسامة الليثي. (بحبيبتيه) أي: بذهاب محبوبتيه. (يريد) أي: بحبيبتيه عينيه خصهما بذلك؛ لأنهما أحب أعضاء الإنسان إليه. (تابعه) أي: عمرًا. (وأبو ظلال) اسمه: هلال. 8 - بَابُ عِيَادَةِ النِّسَاءِ الرِّجَال وَعَادَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ، رَجُلًا مِنْ أَهْلِ المَسْجِدِ، مِنَ الأَنْصَارِ. 5654 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، قُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالتْ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى، يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكَانَ بِلالٌ إِذَا أَقْلَعَتْ عَنْهُ يَقُولُ: أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ ... وَهَلْ تَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ". [انظر: 1889 - مسلم: 1376 - فتح 10/ 117] (باب: عيادة النساء الرجال) أي: بيان حكمها. (وعادت أم الدرداء) هي الصغرى، واسمها: هجيمة بنت حيي، ومَرَّ حديث الباب في باب: مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3926) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة.

9 - باب عيادة الصبيان

9 - بَابُ عِيَادَةِ الصِّبْيَانِ (باب: عيادة الصبيان) أي: بيان حكمها. 5655 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَاصِمٌ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ ابْنَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ، وَهُوَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَعْدٌ وَأُبَيٌّ، نَحْسِبُ: أَنَّ ابْنَتِي قَدْ حُضِرَتْ فَاشْهَدْنَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا السَّلامَ، وَيَقُولُ: "إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى، فَلْتَحْتَسِبْ وَلْتَصْبِرْ" فَأَرْسَلَتْ تُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْنَا، فَرُفِعَ الصَّبِيُّ فِي حَجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَفْسُهُ جُئِّثُ، فَفَاضَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، وَلَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ إلا الرُّحَمَاءَ". [انظر: 1284 - مسلم: 923 - فتح 10/ 118] (سعد) أي: ابن عبادة. (وأبي) أي: ابن كعب. (يحسب) أي: يظن؟ (قد حضرت) أي: حضرها الموت. (فاشهدنا) أي: أحضرنا إلينا. (يقعقع) أي: يضطرب ويتحرك، ومَرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 10 - بَابُ عِيَادَةِ الأَعْرَابِ (باب: عيادة الأعراب) أي: بيان حكمها. 5656 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَال: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَقَال لَهُ: "لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" قَال: قُلْتَ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَنَعَمْ إِذًا". [انظر: 3616 - فتح 10/ 118] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1284) كتاب: الجنائز، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه".

11 - باب عيادة المشرك

(خالد) أي: الحذاء. (على أعرابي) اسمه: قيس بن أبي حازم. (قلت) أي: قال الأعرابي: أقلت. (كلَّا) أي: ليس بطهور. (تفور أو تثور) شك من الراوي، ومعناهما واحد، أي: تغلي ويظهر حرها ووهجها. (فنعم إذًا) (نعم) تقرير لما قاله الأعرابي. قال الكرماني: الفاء مرتبة على محذوف (¬1)، و (إذًا) جواب وجزاء أي: إذن أبيت كان كما زعمت، وروى الطبراني: أن الأعرابي أصبح ميتًا (¬2)، ومَرَّ الحديث في علامات النبوة (¬3). 11 - بَابُ عِيَادَةِ المُشْرِكِ (باب: عيادة المشرك) أي: بيان حكمها. 5657 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ غُلامًا لِيَهُودَ، كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَال: "أَسْلِمْ" فَأَسْلَمَ. [انظر: 1356 - فتح 10/ 119] وَقَال سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ: لَمَّا حُضِرَ أَبُو طَالِبٍ جَاءَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (أن غلامًا ليهود) قيل: اسمه عبدوس، ومَرَّ حديث الباب في الجنائز، وفي سورة براءة (¬4). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 20/ 187. (¬2) "المعجم الكبير" 6/ 306 (7213). (¬3) سبق برقم (3616) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة. (¬4) سبق برقم (1360) كتاب: الجنائز، باب: إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله. وبرقم (4675) كتاب: التفسير، باب: قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}.

12 - باب إذا عاد مريضا، فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعة

12 - بَابُ إِذَا عَادَ مَرِيضًا، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً (باب: إذا عاد مريضا، فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعة) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ يَعُودُونَهُ فِي مَرَضِهِ، فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا، فَجَعَلُوا يُصَلُّونَ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ: "اجْلِسُوا" فَلَمَّا فَرَغَ قَال: "إِنَّ الإِمَامَ لَيُؤْتَمُّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِنْ صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا". [انظر: 688 - مسلم: 412 - فتح 10/ 120] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَال الحُمَيْدِيُّ: "هَذَا الحَدِيثُ مَنْسُوخٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ مَا صَلَّى صَلَّى قَاعِدًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ". (يحيى) أي: القطان، ومَرَّ حديث الباب في الصلاة (¬1). 13 - بَابُ وَضْعِ اليَدِ عَلَى المَرِيضِ (باب: وضع اليد على المريض) أي: ليتعرف حال مرضه. 5659 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الجُعَيْدُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَاهَا، قَال: تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا، فَجَاءَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا، وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إلا ابْنَةً وَاحِدَةً، فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ؟ فَقَال: "لَا" قُلْتُ: فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قَال: "لَا" قُلْتُ: فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ؟ قَال: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ" ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِي وَبَطْنِي، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ" فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَهُ عَلَى كَبِدِي - فِيمَا يُخَالُ إِلَيَّ - حَتَّى السَّاعَةِ. [انظر: 56 - مسلم: 1628 - فتح 10/ 120] ¬

_ (¬1) سبق برقم (688) كتاب: الأذان، باب: إنما جعل الإِمام ليؤتم به.

14 - باب ما يقال للمريض، وما يجيب

(الجعيد) أي: ابن عبد الرحمن الكندي. (شكوًا شديدًا) ذكره على إرادة المرض، وفي نسخة: "شديدة" فهي على الأصل. (فيما يخال إلى) أي: فيما أتخيله، ومَرَّ الحديث في كتاب: الوصايا (¬1). 5660 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ" فَقُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَجَلْ" ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إلا حَطَّ اللَّهُ لَهُ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا". [انظر: 5647 - مسلم: 2571 - فتح 10/ 120] (جرير) أي: ابن عبد الحميد، ومَرَّ حديثه في باب: أشد الناس بلاءً الأنبياء (¬2). 14 - بَابُ مَا يُقَالُ لِلْمَرِيضِ، وَمَا يُجِيبُ (باب: ما يقال للمريض وما يجيب) أي: بيان ذلك. 5661 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ فَمَسِسْتُهُ، وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَال: "أَجَلْ، وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، إلا حَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ". [انظر: 5647 - مسلم: 2571 - فتح 10/ 121] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (عن الأعمش) هو ¬

_ (¬1) سبق برقم (2744) كتاب: الوصايا، باب: الوصية بالثلث. (¬2) سبق برقم (5648) كتاب: المرضى، باب: أشد الناس بلاءً الأنبياء.

15 - باب عيادة المريض، راكبا وماشيا، وردفا على الحمار

سليمان بن مهران، ومَرَّ حديثه آنفًا. 5662 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ، فَقَال: "لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" فَقَال: كَلَّا، بَلْ حُمَّى تَفُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، كَيْمَا تُزِيرَهُ القُبُورَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَنَعَمْ إِذًا". [انظر: 3616 - فتح 10/ 121] (إسحاق) أي: ابن شاهين الواسطي. (عن خالد) أي: الحذاء، ومَرَّ حديثه في باب: عيادة الأعراب (¬1). 15 - بَابُ عِيَادَةِ المَرِيضِ، رَاكِبًا وَمَاشِيًا، وَرِدْفًا عَلَى الحِمَارِ (باب: عيادة المريض راكبًا وماشيًا وردفًا على الحمار) أي: بيان ما جاء فيها. 5663 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى إِكَافٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَ حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ، وَفِي المَجْلِسِ أَخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، قَال: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَفَ، وَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَال لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: يَا أَيُّهَا المَرْءُ، إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا، وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ، قَال ابْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَكَتُوا، فَرَكِبَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5656) كتاب: المرضى، باب: عيادة الأعراب.

16 - باب قول المريض: " إني وجع، أو وا رأساه، أو اشتد بي الوجع

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَال لَهُ: "أَيْ سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَال أَبُو حُبَابٍ؟ " - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قَال سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَلَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مَا أَعْطَاكَ، وَلَقَدِ اجْتَمَعَ أَهْلُ هَذِهِ البَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ، فَلَمَّا رَدَّ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ الَّذِي فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. [انظر: 2978 - مسلم: 1798 - فتح 10/ 122] (على إكاف) هي البردعة. (على قطيفة) أي على دثار مخمل، والأول بدل من على الحمار، والثاني بدل من الأول. (فَدَكية) نسبة إلى فدك قريبة بخيبر (¬1)، ومَرَّ الحديث في سورة آل عمران (¬2). 5664 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "جَاءَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، لَيْسَ بِرَاكِبِ بَغْلٍ وَلَا بِرْذَوْنٍ". [انظر: 194 - مسلم: 1616 - فتح 10/ 122] (عبد الرحمن) أي: ابن مهدي. (ولا برذون) بكسر الموحدة وفتح المعجمة: نوع من الخيل. 16 - بَابُ قَوْلِ المَرِيضِ: " إِنِّي وَجِعٌ، أَوْ وَا رَأْسَاهْ، أَوِ اشْتَدَّ بِي الوَجَعُ وَقَوْلِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]. ¬

_ (¬1) فدك: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاثة، أفاءها الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنة سبع صلحا. انظر: "معجم البلدان" 4/ 238. (¬2) سبق برقم (4566) كتاب: التفسير، باب: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}.

(باب: قول المريض: إني وجع) في نسخة: "باب: ما رخصت للمريض أن يقول: إني وجع" (أو وارأساه). قوله: (إذا اشتد بي الوجع) ساقط من نسخة (وقول أيوب) عطف على قول المريض. 5665 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَأَيُّوبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ القِدْرِ، فَقَال: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَا الحَلَّاقَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ أَمَرَنِي بِالفِدَاءِ. [انظر: 1814 - مسلم: 1201 - فتح 10/ 123] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن ابن أبي نجيح) هو عبد الله، ومَرَّ حديثه في الحج في باب: النسك شاة (¬1). 5666 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَبُو زَكَرِيَّاءَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، قَال: قَالتْ عَائِشَةُ: وَا رَأْسَاهْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرَ لَكِ وَأَدْعُوَ لَكِ" فَقَالتْ عَائِشَةُ: وَا ثُكْلِيَاهْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ، لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ، لَقَدْ هَمَمْتُ - أَوْ أَرَدْتُ - أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ: أَنْ يَقُولَ القَائِلُونَ - أَوْ يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ - ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى المُؤْمِنُونَ". [7217 - مسلم: 2387 - فتح 10/ 123] (ذاك) بكسر الكاف أي: إن مت (وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك) (فقالت عائشة: واثكلياه) بضم المثلثة وسكون الكاف وكسر اللام، وحكي فتحها؛ لأنه مصدر وإن جعل صفة لفاقدة ولدها، فالثاء واللام مفتوحتان، وبكل حال هو مندوب، والثكل: فقدان المرأة ¬

_ (¬1) سبق برقم (1817) كتاب: المحصر، باب: النسك شاة.

ولدها, وليس هو مرادًا، بل هو كلام يجري على ألسنة العرب عند حصول المصيبة أو توقعها. (بل أنا وارأساه) لفظ: (بل) ساقط من نسخة أي: دعي ذكر ما تجدينه من وجع رأسك واشتغلي بي فإنك لا تموتين في هذه الأيام بل تعيشين بعدي. (وأعهد) أي: أوصي بالخلافة لأبي بكر. (أن يقول القائلون ..) إلخ أي: كراهة ذلك. (يأبى الله) أي: إلا خلافة أبي بكر. (ويدفع المؤمنون) أي: خلافة غيره (أو يدفع الله ويأبى المؤمنون) شك من الراوي، وفائدة إحضار ابن أبي بكر معه في العهد بالخلافة مع أنه ليس فيها دخل: أن المقام مقام استمالة قلب عائشة يعني: كما أن الأمر مفوض إلى أبيك كذلك الائتمار يكون بحضور أخيك وأقاربك، أو أنه لما أراد تفويض الأمر إليه بحضورها أراد إحضار بعض محارمه حتى لو أحتاج إلى رسالة إلى أحد أو قضاء حاجة لتصدى لذلك. 5667 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ، فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَال: "أَجَلْ، كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ" قَال: لَكَ أَجْرَانِ؟ قَال: "نَعَمْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إلا حَطَّ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا". [انظر: 5647 - مسلم: 2571 - فتح 10/ 123] (موسى) أي: ابن إسماعيل. (دخلت على النبي) إلخ مَرَّ مرارًا (¬1). 5668 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5648) كتاب: المرضى، باب: أشد الناس بلاءً الأنبياء. وبرقم (5660) كتاب: المرضى، باب: وضع اليد على المريض.

17 - باب قول المريض قوموا عني

يَعُودُنِي مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، زَمَنَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَقُلْتُ: بَلَغَ بِي مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إلا ابْنَةٌ لِي، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَال: "لَا" قُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ قَال: "لَا" قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَال: "الثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ". [انظر: 56 - مسلم: 1628 - فتح 10/ 123] (جاءنا رسول الله ..) إلخ مَرَّ بشرحه في الوصايا وغيرها (¬1) 17 - بَابُ قَوْلِ المَرِيضِ قُومُوا عَنِّي (باب: قول المريض قوموا عني) أي: إذا وقع منهم ما يقتضي ذلك. 5669 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي البَيْتِ رِجَالٌ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ" فَقَال عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. فَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَال عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالاخْتِلافَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا" قَال عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: "إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَال بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الكِتَابَ، مِنَ اخْتِلافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ". [انظر: 114 - مسلم: 1637 - فتح 10/ 126] (معمر) أي: ابن راشد. (هشام) أي: الصنعاني. (عبد الرزاق) ¬

_ (¬1) سبق برقم (2744) كتاب: الوصايا، باب: الوصية بالثلث.

18 - باب من ذهب بالصبي المريض ليدعى له

أي: ابن همام. (قوموا) أي: "عني" كما في رواية (¬1)، ومَرَّ الحديث في كتاب: العلم. 18 - بَابُ مَنْ ذَهَبَ بِالصَّبِيِّ المَرِيضِ لِيُدْعَى لَهُ (باب: من ذهب بالصبي المريض ليدعي له) في نسخة: "ليدعو له". 5670 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الجُعَيْدِ، قَال: سَمِعْتُ السَّائِبَ، يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ، "فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، وَقُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ". [انظر: 190 - مسلم: 2345 - فتح 10/ 127] (السائب) أي: ابن يزيد، ومَرَّ حديثه في الطهارة والمناقب (¬2). 19 - بَابُ تَمَنِّي المَرِيضِ المَوْتَ (باب: تمني المريض الموت) أي: بيان حكمه. 5671 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي". [6351 - 7233 - مسلم: 2680 - فتح 10/ 127] 5672 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَال: دَخَلْنَا عَلَى خَبَّابٍ، نَعُودُهُ، وَقَدْ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ، فَقَال: "إِنَّ أَصْحَابَنَا ¬

_ (¬1) سبقت هذه الرواية برقم (114) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم. (¬2) سبق برقم (190) كتاب: الوضوء، باب: استعمال فضل وضوء الناس. وبرقم (3540) كتاب: المناقب، باب: كنية النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا، وَإِنَّا أَصَبْنَا مَا لَا نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إلا التُّرَابَ، وَلَوْلا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ" ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى، وَهُوَ يَبْنِي حَائِطًا لَهُ، فَقَال: "إِنَّ المُسْلِمَ لَيُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُنْفِقُهُ، إلا فِي شَيْءٍ يَجْعَلُهُ فِي هَذَا التُّرَابِ". [6349، 6350، 6430، 6431، 7234 - مسلم: 2681 - فتح 10/ 127] (وقد اكتوى) أي: في بطنه، والنهي عن الكي محله: فيمن يعتقد أن الشفاء منه، أو في القادر على مداواة أخرى مع أن النهي عنه للتنزيه، فلا ينافي الجواز (¬1). (ولم تنقصهم والدنيا) أي: من أجورهم شيئًا، بل صارت مدخرة لهم في الآخرة. (في هذا التراب) أي: البنيان. 5673 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ" قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "لَا، وَلَا أَنَا، إلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ: إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ". [انظر: 39 - مسلم: 2816 - فتح 10/ 127] (ولا يتمنينَّ) في نسخة: "ولا يتمنى" بحذف النون الأخيرة والياء؛ لأنه (إما) أن يكون (محسنًا فلعله أن يزداد خيرا وإما) أن يكون (مسيئًا فلعله أن يستعتب) أي: أن يطلب العتبى وهو الإرضاء بأن يطلب ¬

_ (¬1) أما عن خبر النهي عن الكي فسوف يأتي برقم (5681) كتاب: الطب، باب: الشفاء في ثلاث. ووردت أخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بجواز الكي منها ما ما رواه ابن أبي شيبة 5/ 51 كتاب: الطب، باب: في الكي من رخص فيه. وأحمد 3/ 139، وعند الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كوى سعد بن زرارة بن الشوكة (2050) كتاب: الطب، باب: ما جاء في الرخصة في ذلك. وقال: وفي الباب عن أبي جابر وهذا حديث حسن غريب، والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".

20 - باب دعاء العائد للمريض

رضي الله بالتوبة لتدارك الفائت. 5674 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَال: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَيَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ". [انظر: 4440 - مسلم: 2444 - فتح 10/ 127] (عن هشام) أي: ابن عروة. (بالرفيق الأعلى) هم الملائكة المبشرة له بكمال الدرجة الرفعية، ومَرَّ الحديث في المغازي (¬1). 20 - بَابُ دُعَاءِ العَائِدِ لِلْمَرِيضِ وَقَالتْ عَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهَا: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا". [انظر: 5659] (باب: دعاء العائد للمريض) أي: بالشفاء ونحوه. 5675 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ، قَال: "أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا" قَال عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبِي الضُّحَى: "إِذَا أُتِيَ بِالْمَرِيضِ" وَقَال جَرِيرٌ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، وَحْدَهُ، وَقَال: "إِذَا أَتَى مَرِيضًا". [5743، 5744 , 5750 - مسلم: 2191 - فتح 10/ 131] (أبو عوانة) هو الوضاح. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4440) كتاب: المغازي، باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته.

21 - باب وضوء العائد للمريض

(وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك) اعتراض بين الفعل ومفعوله. (لا يغادر) أي: لا يترك. (سقما) بفتحتين وبضم وسكون أي: مرضًا. 21 - بَابُ وُضُوءِ العَائِدِ لِلْمَرِيضِ (باب: وضوء العائد للمريض) أي: عند دخوله عليه. 5676 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ، فَتَوَضَّأَ فَصَبَّ عَلَيَّ أَوْ قَال: "صُبُّوا عَلَيْهِ" فَعَقَلْتُ، فَقُلْتُ: لَا يَرِثُنِي إلا كَلالةٌ، فَكَيْفَ المِيرَاثُ؟ فَنَزَلَتْ آيَةُ الفَرَائِضِ. [انظر: 194 - مسلم: 1616 - فتح 10/ 132] (غندر) لقب محمَّد بن جعفر. (فعقلت) أي أفقت، ومَرَّ الحديث في باب: عيادة المغمى عليه (¬1). 22 - بَابُ مَنْ دَعَا بِرَفْعِ الوَبَاءِ وَالحُمَّى (باب: من دعا برفع الوباء) بالمد، أي: المرض العام. (والحمى) بالقصر مرض معروف. 5677 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلالٌ، قَالتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالتْ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكَانَ بِلالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ فَيَقُولُ: أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5651) كتاب: المرضى، باب: عيادة المغمى عليه.

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ ... وَهَلْ تَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَال: قَالتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ". [انظر: 1889 - مسلم: 1376 - فتح 10/ 132] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عقيرته) أي: صوته، ومَرَّ الحديث في باب: مقدم النبي المدينة، وفي غيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3926) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة. وبرقم (5654) كتاب: المرضى، باب: عيادة النساء الرجال.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «لَا يشْكر الله مَنْ لَا يشْكر النَّاسَ» الحمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِه تتمُ الصالحاتُ فإنَّ إِخْرَاج هَذَا الْكتاب بِهَذِهِ الصُّورَة فِي فَتْرَة وجيزة كَانَ ثمرةَ تعاونٍ مَعَ: "مَرْكَز الْفَلاح للبحوث العلمية" لصَاحبه الشَّيْخ خَالِد الرِّبَاط وَالَّذِي عاون فِي الإشراف على هَذَا الْكتاب، بمشاركة الْأُخوة: خَالِد بُكير، وعصام حمدي (فِي الْمُقَابلَة وَالتَّعْلِيق والمراجعات) نَادِي فكري، وَمُحَمّد رَمَضَان (فِي التَّخْرِيج وَالتَّعْلِيق) كَمَا قَامَ بمراجعة متن البُخَارِيّ وَضَبطه: الدكتور جُمُعَة فتحي، وَالْأَخ أَحْمد روبي فجزاهم الله خيرًا وكل من شَارك مَعَهم على مَا بذلوه من جهد وَعون، أسأَل الله أَن يَجْعله فِي ميزَان حسناتهم، إنَّهُ سميع مُجيب. سُلَيْمَان بن دريع العازمي الكويت هَاتِف: 009659532016

منْحَةُ البَارِي بِشَرْح صَحِيح البُخَارِي [9]

جَمِيع الحقُوق مَحفُوظَة الطَّبعَة الأولى 1426 - هـ - 2005 م مكتبة الرشد ناشرون المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض - شَارِع الْأَمِير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن (طَرِيق الْحجاز) ص. ب: 17522 - الرياض: 11494 - هَاتِف: 4593451 - فاكس: 4573381 Email : [email protected] Website : www.rushd.com * فرع طَرِيق الْملك فَهد: الرياض - هَاتِف: 2051500 - فاكس: 2052301 * فرع مَكَّة المكرمة: هَاتِف: 5585401 - فاكس: 5583506 * فرع الْمَدِينَة المنورة: شَارِع أبي ذَر الْغِفَارِيّ - هَاتِف: 8340600 - فاكس: 8383427 * فرع جدة: ميدان الطائرة - هَاتِف: 6776331 - فاكس: 6776354 * فرع القصيم: بُرَيْدَة - طَرِيق الْمَدِينَة - هَاتِف: 3242214 - فاكس: 3241358 * فرع أَبِهَا: شَارِع الْملك فيصل - تلفاكس: 2317307 * فرع الدمام: شَارِع الْخزَّان - هَاتِف: 8150566 - فاكس: 8418473 وكلاؤنا فِي الْخَارِج * الْقَاهِرَة: مكتبة الرشد - هَاتِف: 2744605 * بيروت: دَار ابْن حزم هَاتِف: 701974 * الْمغرب: الدَّار الْبَيْضَاء - وراقة التَّوْفِيق - هَاتِف: 303162 - فاكس: 303167 * الْيمن: صنعاء - دَار الْآثَار - هَاتِف: 603756 * الْأُرْدُن: عمان - الدَّار الأثرية: 6584092 - جوال: 796841221 * الْبَحْرين: مكتبة الغرباء - هَاتِف: 957833 - 945733 * الإمارات: مكتبة دبي للتوزيع - هَاتِف: 43339998 - فاكس: 43337800 * سوريا: دَار البشائر: 231668 * قطر: مكتبة ابْن الْقيم - هَاتِف: 4863533

76 - كتاب الطب

76 - كِتَابُ الطِّبِّ

1 - باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء

76 - كِتَابُ الطِّبِّ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (كتاب: الطب) هذا مكرر فقد مَرَّ مع تعريف الطب. 1 - بَابُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إلا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً 5678 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إلا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً". [فتح 10/ 134] (باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء) المراد بالإنزال: التقدير، وبالشفاء: الدواء؛ لأنه سببه وبه عبر في خبر مسلم (¬1)، واستثنى من ذلك الهرم والسام أي: الموت كما رواه الترمذي وغيره (¬2). ومعنى حديث الباب ظاهر. 2 - بَابٌ: هَلْ يُدَاوي الرَّجُلُ المَرْأَةَ أَو المَرْأَةُ الرَّجُلَ؟. 5679 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ رُبَيِّعَ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، قَالتْ: "كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَسْقِي ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2204) كتاب: السلام، باب: لكل داء دواء. (¬2) "سنن الترمذي" (2041) كتاب: الطب، باب: ما جاء في الحبة السوداء. وقال أبو عيسى: وفي الباب عن بريدة وابن عمر وعائشة، وهذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في: "صحيح الترمذي".

3 - باب: الشفاء في ثلاث

القَوْمَ وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ القَتْلَى وَالجَرْحَى إِلَى المَدِينَةِ. [انظر: 2882 - فتح 10/ 136] (باب: هل يداوي الرجل المرأة والمرأة الرجل؟) جواب الاستفهام محذوف أي: نعم، ومَرَّ حديث الباب في باب: مداواة النساء الجرحى (¬1)، ودلالته على الجزء الثاني من الترجمة ظاهرة، وعلى الأول منها بالقياس. 3 - بَابٌ: الشِّفَاءُ فِي ثَلاثٍ (باب: الشفاء في ثلاث) ساقط من نسخة. 5680 - حَدَّثَنِي الحُسَيْنُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ الأَفْطَسُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ " رَفَعَ الحَدِيثَ وَرَوَاهُ القُمِّيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فِي العَسَلِ وَالحَجْمِ". [5681 - فتح 10/ 136] (الحسين) أي: ابن محمَّد بن زياد النيسابوري. وقيل: ابن يحيى بن جعفر البيكندي. (الشفاء في ثلاثة ..) إلى آخره، قيل: هذه القسمة تنظم معظم جملة أنواع التداوي؛ لأن الأمراض الامتلائية: دموية، وصفرواية, وبلغمية، وسوداوية، فشفاء الأول بإخراج الدم المنبه عليه بالحجامة، والثلاثة الأخرى بالمسهل اللائق بكل خلط منها المنبه عليه بالعسل، وأما الكي: فإنما هو في الداء العضال الذي لا تحسم مادته إلا بالكي، وإنما نهى عنه لما فيه من الألم الشديد والخطر العظيم؛ ولأنهم كانوا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2882) كتاب: الجهاد والسير، باب: مداواة النساء الجرحى في الغزو.

4 - باب الدواء بالعسل

يرون إنه يحسم الدواء ويبرئه بطبعه فيبادرون إليه، قيل: حصول الاضطرار إليه فنهى عنه لذلك مع أن النهي عنه للتنزيه كما مَرَّ فلا ينافي الجواز. (محجم) بكسر الميم: الآلة التي يجتمع فيها دم الحجامة عند المص، والمراد به هنا: الحديدة التي يشرط بها موضع الحجامة. (القمي) بضم القاف وكسر الميم المشددة: يعقوب بن عبد الله بن سعد بن مالك من أهل قم مدينة عظيمة في عراق المعجم (¬1). 5681 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ أَبُو الحَارِثِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ". [انظر:. 5680 - فتح 10/ 136] (الشفاء في ثلاثة) هو على حذف مضاف أي: في إحدى ثلاثة ليوافر العطف بعده بـ (أو)، فإن جعلت (أو) بمعنى: الواو كما في الحديث السابق. فلا حذف. 4 - بَابُ الدَّوَاءِ بِالعَسَلِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] (باب: الدواء بالعسل) أي: عسل النحل، وهو المراد عند الإطلاق. (وقول الله ..) إلى آخره عطف على الدواء. 5682 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الحَلْوَاءُ وَالعَسَلُ". [انظر: 4912 - مسلم: 1474 - فتح 10/ 139] ¬

_ (¬1) قُمَّ: هي مدينة مستحدثة إسلامية لا أثر للأعاجم فيها، وأول من مصّرها طلحة بن الأحوص الأشعري، وبها آبار ليس في الأرض مثلها عذوبة وبردًا. انظر: "معظم البلدان" 4/ 396 - 397.

5 - باب الدواء بألبان الإبل

(أبو أسامة) هو حماد بن أسامة، ومَرَّ حديثه في الأشربة (¬1). 5683 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الغَسِيلِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْويَتِكُمْ - أَوْ: يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْويَتِكُمْ - خَيْرٌ، فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَويَ". [5697، 5702، 5704 - مسلم: 2205 - فتح 10/ 139] (أو لذعة) بمعجمة فمهملة: والخفيف من حرق النار، وأما اللدغ فبدال مهملة فغين معجمة: فهو عض ذات السمّ. 5684 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ، فَقَال: "اسْقِهِ عَسَلًا" ثُمَّ أَتَى الثَّانِيَةَ، فَقَال: "اسْقِهِ عَسَلًا" ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَال: "اسْقِهِ عَسَلًا" ثُمَّ أَتَاهُ فَقَال: قَدْ فَعَلْتُ؟ فَقَال: "صَدَقَ اللَّهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ، اسْقِهِ عَسَلًا" فَسَقَاهُ فَبَرَأَ. [5716 - مسلم: 2217 - فتح 10/ 139] (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي. (يشتكي بطنه) أي: من إسهال. (فقال: فعلت) أي: سقيته فلم يزده إلا استطلاقًا. (وكذب بطن أخيك) أي لأنه لم يصلح لقبول الشفاء، وفيه: إطلاق الكذب على عدم المطابقة في غير القول. (فسقاه فبرأ) لأنه لما تكرر استعمال الدواء قاوم الداء فأذهبه. 5 - بَابُ الدَّوَاءِ بِأَلْبَانِ الإِبِلِ (باب: الدواء بألبان الإبل) أي: بيان جواز الدواء بها. 5685 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ نَاسًا كَانَ بِهِمْ سَقَمٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ آونَا وَأَطْعِمْنَا، فَلَمَّا صَحُّوا ¬

_ (¬1) سبق برقم (5614) كتاب: الأشربة، باب: شراب الحلوى والعسل.

6 - باب الدواء بأبوال الإبل

قَالُوا: إِنَّ المَدِينَةَ وَخِمَةٌ، فَأَنْزَلَهُمُ الحَرَّةَ فِي ذَوْدٍ لَهُ، فَقَال: "اشْرَبُوا أَلْبَانَهَا" فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا ذَوْدَهُ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَكْدِمُ الأَرْضَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَمُوتَ قَال سَلَّامٌ: فَبَلَغَنِي أَنَّ الحَجَّاجَ قَال لِأَنَسٍ: حَدِّثْنِي بِأَشَدِّ عُقُوبَةٍ عَاقَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَدَّثَهُ بِهَذَا فَبَلَغَ الحَسَنَ، فَقَال: "وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ بِهَذَا". [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 10/ 141] (ثابت) أي: البناني. (آونا) أي: أنزلنا في مأوى. (وسمر أعينهم) بتخفيف الميم ويجوز تشديدها. (وددت أنه لم يحدثه) أي: الحجاج. (بهذا) أي: لأنه كان طالما يتمسك في الظلم بأدنى شيء، ومَرَّ الحديث في كتاب: الطهارة (¬1). 6 - بَابُ الدَّوَاءِ بِأَبْوَالِ الإِبِلِ (باب: الدواء بأبوال الإبل) أي: بيان جواز الدواء بها. 5686 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِي المَدِينَةِ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ - يَعْنِي الإِبِلَ - فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ، فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَسَاقُوا الإِبِلَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ فَجِيءَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ" قَال قَتَادَةُ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: "أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الحُدُودُ". [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 10/ 142] (اجتووا المدينة) أي: استوخموها. (حتى صلحت) بفتح اللام وحكي ضمها، وفي نسخة: "حتى صحت". (أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود) الجمهور على أنه كان بعده، وإنما فعل ذلك قصاصًا منهم لفعلهم ذلك بالراعي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (233) كتاب: الوضوء، باب: أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها.

7 - باب الحبة السوداء

7 - بَابُ الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ (باب: الحبة السوداء) أي: بيان جواز الدواء بها. 5687 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: خَرَجْنَا وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَعَادَهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، فَقَال لَنَا: عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ، فَخُذُوا مِنْهَا خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا، ثُمَّ اقْطُرُوهَا فِي أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ، فِي هَذَا الجَانِبِ وَفِي هَذَا الجَانِبِ، فَإِنَّ عَائِشَةَ، حَدَّثَتْنِي: أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ هَذِهِ الحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، إلا مِنَ السَّامِ" قُلْتُ: وَمَا السَّامُ؟ قَال: المَوْتُ. [فتح 10/ 143] 5688 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُمَا: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "فِي الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، إلا السَّامَ" قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَالسَّامُ المَوْتُ، وَالحَبَّةُ السَّوْدَاءُ: الشُّونِيزُ. [مسلم: 2215 - فتح 10/ 143] (عبد الله) أي: ابن موسى الكوفي (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (السوداء) في نسخة: "السويداء". (إن في الحبة السوداء شفاء) في نسخة: "إن في هذه الحبة شفاء" (من كل داء) أي: يحدث من الرطوبة والبرودة؛ لأنها حار يابس فهي شفاء للداء المقابل لها في الرطوبة والبرودة؛ لأن الدواء أبدًا بالمضاد، كما أن الغذاء بالمشاكل، قال الكرماني: ويحتمل إرادة العموم لكن بتركبه مع غيره بل يتعين العموم بدليل الاستثناء؛ لأن جواز الاستثناء معيار جواز العموم، وأما وقوع الاستثناء فهو معيار وقوع العموم (¬1). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 20/ 211.

8 - باب التلبينة للمريض

8 - بَابُ التَّلْبِينَةِ لِلْمَرِيضِ (باب: التلبينة للمريض) هي ما تتخذ من نخالة ولبن وعسل. 5689 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ لِلْمَرِيضِ وَلِلْمَحْزُونِ عَلَى الهَالِكِ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ المَرِيضِ، وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ". [انظر: 5417 - مسلم: 2216 - فتح 10/ 146] (تجم) بضم الفوقية أي: تريح، ومَرَّ الحديث في الأطعمة (¬1). 5690 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينَةِ وَتَقُولُ: "هُوَ البَغِيضُ النَّافِعُ". [انظر: 5417 - مسلم: 2216 - فتح 10/ 146] (عن هشام) أي: ابن عروة. (البغيض) بمعنى: المبغوض للمريض (النافع) أي: لمرضه. 9 - باب السَّعُوطِ. (باب: السعوط) بفتح السين: دواء يصب في الأنف أي: باب بيان حكمه. 5691 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْتَجَمَ وَأَعْطَى الحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَاسْتَعَطَ". [انظر: 1835 - مسلم: 1202 (سيأتي بعد الحديث 1577) - فتح: 10/ 147] (وهيب) أي: ابن خالد الباهلي. (عن ابن طاوس) هو عبد الله. (واستعط) أي: استعمل السعوط. ومَرَّ الحديث في الإجارة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5417) كتاب: الأطعمة، باب: التلبينة. (¬2) سبق برقم (2278) كتاب: الإجارة، باب: خراج الحجام.

10 - باب السعوط بالقسط الهندي والبحري

10 - بَابُ السَّعُوطِ بِالقُسْطِ الهِنْدِيِّ وَالبَحْرِيِّ وَهُوَ الكُسْتُ، مِثْلُ الكَافُورِ وَالقَافُورِ، مِثْلُ {كُشِطَتْ} [التكوير: 11] وَقُشِطَتْ: نُزِعَتْ"، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: "قُشِطَتْ". (باب: السعوط بالقسط) بضم القاف (الهندي البحري وهو) أي: القسط: (الكُست) بضم الكاف فهما لغتان. (مثل الكافور، والقافور، ومثل {كُشِطَتْ} وقشطت) أي: (نزعت) (وقرأ عبد الله) أي: ابن مسعود. (قشطت) أي: بالقاف فالقسط. (الهندي البحري) نوع واحد صادق بالأسود وبالأرض وبهما، وفي نسخة: "والبحري" بواو فالقسط كما قال أبو بكر بن العربي نوعان: هندي وهو أسود، وبحري: وهو أرض والهندي أشد حرارة (¬1). 5692 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ، قَالتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "عَلَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ: يُسْتَعَطُ بِهِ مِنَ العُذْرَةِ، وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الجَنْبِ. [5713، 5715، 5718 - مسلم: 2214 - فتح 10/ 148] 5693 - وَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنٍ لِي لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ، فَبَال عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّ عَلَيْهِ. [انظر: 223 - مسلم: 287 - فتح 10/ 148] (من العذرة) بضم العين وسكون المعجمة: وجع يأخذ الطفل في حلقه تهيج من الدم، وقيل: قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق تعرض للصبيان عند طلوع العذرة وهي (خمسة) كواكب تحت الشعرى العبور. (من ذات الجنب) أي: من وجعها: وهي قروح تحدث في داخل الجنب بوجع شديد ثم تنفتح في الجنب ويسكن الوجع ومن ¬

_ (¬1) "عارضة الأحوذي" 8/ 204.

11 - باب أي ساعة يحتجم؟

علاماتها: ضيق النفس، والسعال، والحمى اللازمة، ومَرَّ الحديث في الطهارة (¬1). 11 - بَابُ أَيَّ سَاعَةٍ يَحْتَجِمُ؟ وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى، لَيْلًا. (باب: أية ساعة يحتجم) أي: الشخص فيها. 5694 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ". [انظر: 1835 - فتح 10/ 149] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (أيوب) أي: السختياني. (احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صائم) حاصله مع التعليق قبله: أن الحجامة لا تتعين في وقت بل تكون عند الحاجة إليها. 12 - بَابُ الحَجْمِ فِي السَّفَرِ وَالإِحْرَامِ قَالهُ ابْنُ بُحَيْنَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1836] (باب: الحجم في السفر والإحرام) أي: بيان ما جاء فيه. (قاله) أي: الحجم في حالتي السفر والإحرام. 5695 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، وَعَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ". [انظر: 1835 - مسلم 1202 - فتح 10/ 150] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (عن طاوس) أي: ابن كيسان. ومَرَّ الحديث في كتاب: الحج (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (223) كتاب: الوضوء، باب: بول الصبيان. (¬2) سبق برقم (1835) كتاب: جزاء الصيد، باب: الحجامة للمحرم.

13 - باب الحجامة من الداء

13 - بَابُ الحِجَامَةِ مِنَ الدَّاءِ (باب: الحجامة من الداء) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5696 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّويلُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الحَجَّامِ، فَقَال: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ، وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ، وَقَال: "إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الحِجَامَةُ، وَالقُسْطُ البَحْرِيُّ" وَقَال: "لَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ العُذْرَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالقُسْطِ". [انظر: 2102 - مسلم: 1577 - فتح 10/ 150] (من طعام) أي: تمر. (أمثل) أي: أفضل (القسط) بضم القاف، ومَرَّ بيانه. (بالغمز) أي: بالعصر باليد. (من العذرة) مَرَّ بيانها. (وعليكم بالقسط) أي: لأنه دواء للعذرة لا مشقة فيه. 5697 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، وَغَيْرُهُ: أَنَّ بُكَيْرًا، حَدَّثَهُ: أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، حَدَّثَهُ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَادَ المُقَنَّعَ ثُمَّ قَال: لَا أَبْرَحُ حَتَّى تَحْتَجِمَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ فِيهِ شِفَاءً". [انظر: 5683 - مسلم: 2205 - فتح 10/ 150] (عمرو) أي: ابن الحارث. (أن بكيرًا) هو عبد الله بن الأشج. (المقنع) بفتح القاف والنون المشددة: ابن سنان التابعي. (لا أبرح) أي: لا أخرج من عندك. 14 - بَابُ الحِجَامَةِ عَلَى الرَّأْسِ (باب: الحجامة على الرأس) أي: بيان ما جاء فيها. 5698 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ، يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "احْتَجَمَ بِلَحْيِ جَمَلٍ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فِي وَسَطِ رَأْسِهِ". [انظر: 1836 - مسلم: 1203 - فتح 10/ 152] (سليمان) أي: ابن بلال. (عن علقمة) أي: ابن بلال المدني.

15 - باب الحجامة من الشقيقة والصداع

(بلحمى جمل) بفتح اللام وسكون المهملة وكسر التحتية، وبفتح الجيم والميم عقبة معروفة بالحجفة. 5699 - وَقَال الأَنْصَارِيُّ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ". [انظر: 1835 - فتح 10/ 152] (الأنصاري) هو محمد بن عبد الله بن المثنى. 15 - بَابُ الحِجَامَةِ مِنَ الشَّقِيقَةِ وَالصُّدَاعِ (باب: الحجم من الشقيقة وَالصدل) ساقط من نسخة. (والشقيقة) وجع في أحد شقي الرأس، والصدل: وجع في أعضاء الرأس، فعطف الصداع عليها من عطف العام على الخاص. 5700 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ، بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ لُحْيُ جَمَلٍ". [انظر: 1835 - مسلم: 1202 - فتح 10/ 153] (بماء) أي: في منزل فيه ماء. 5701 - وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ، مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ". [انظر: 1835 - مسلم: 1202 - فتح 10/ 153] (هشام) أي: ابن حسان. 5702 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الغَسِيلِ، قَال: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْويَتِكُمْ خَيْرٌ، فَفِي شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ لَذْعَةٍ مِنْ نَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَويَ". [انظر: 5683 - مسلم: 2205 - فتح 10/ 153] (ابن الغسيل) هو عبد الرحمن بن سليمان، ومَرَّ حديثه في باب: الدواء بالعسل (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5683) كتاب: الطب، باب: الدواء بالعسل.

16 - باب الحلق من الأذى

16 - بَابُ الحَلْقِ مِنَ الأَذَى (باب: الحلق من الأذى) أي: بيان حلق الرأس وغيره بسبب الأذى. 5703 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، قَال: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ هُوَ ابْنُ عُجْرَةَ، قَال: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ بُرْمَةٍ، وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَنْ رَأْسِي، فَقَال: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةً، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً" قَال أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بِأَيَّتِهِنَّ بَدَأَ. [انظر: 1814 - مسلم: 1201 - فتح 10/ 154] (حماد) أي: ابن زيد. (عن أيوب) أي: السختياني. (ستة) أي: من المساكين، ومَرَّ الحديث في الحج (¬1). 17 - بَابُ مَنِ اكْتَوَى أَوْ كَوَى غَيْرَهُ، وَفَضْلِ مَنْ لَمْ يَكْتَو (باب: من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتو) أي: بيان ذلك. 5704 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الغَسِيلِ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْويَتِكُمْ شِفَاءٌ، فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَويَ". [انظر: 5683 - مسلم: 2205 - فتح 10/ 154] (أو لذعة) أي: كية، ومَرَّ الحديث في باب: الدواء بالعسل (¬2). 5705 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: لَا رُقْيَةَ إلا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1814) كتاب: المحصر، باب: قول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا} الآية. (¬2) سبق برقم (5683) كتاب: الطب، باب: الدواء بالعسل.

فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَال: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ أُمَّتِي هَذِهِ؟ قِيلَ: بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، قِيلَ: انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ، فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلَأُ الأُفُقَ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ، فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلَأَ الأُفُقَ، قِيلَ: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَيَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ. ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ، فَأَفَاضَ القَوْمُ، وَقَالُوا: نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ، فَنَحْنُ هُمْ، أَوْ أَوْلادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلامِ، فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ، فَقَال: "هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" فَقَال عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "نَعَمْ" فَقَامَ آخَرُ فَقَال: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ قَال: "سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ". [انظر: 3410 - مسلم: 220 - فتح 10/ 155] (حصين) أي: ابن عبد الرحمن الواسطي. (عن عامر) أي: ابن شراحيل. (أو حمة) بضم المهملة وتخفيف الميم أي: ذات سم. (حتى رفع لي سواد عظيم) في نسخة: "حتى وقع في سواد عظيم". (ولم يبين لهم) أي: للصحابة مَنْ السبعون؟. (ولا يتطيرون) أي: يتشاءمون بالطيور. (ولا يكتوون) أي: معتقدين أن الشفاء من الكي. (فقال عكاشة) بضم العين وتشديد الكاف وتخفيفها. (قال سبقك) أي: في الفضل إلى منزلة أصحاب هذه الأوصاف. (عكاشة) قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك حسمًا للمادة؛ لأنه لو قال: نعم لأوشك أن يقوم ثالث ورابع وهلَّم جرًا، وليس كل الناس يصلح لذلك، ومَرَّ الحديث مختصرًا في باب: وفاة موسى - عليه السلام - (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3415) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: وفاة موسى وذكره بعد.

18 - باب الإثمد والكحل من الرمد

18 - بَابُ الإِثْمِدِ وَالكُحْلِ مِنَ الرَّمَدِ فِيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ. [انظر: 313] (باب: الإثمد والكحل من الرَّمد) عطف الكحل على الإثمد، وهو بكسر الهمزة والميم: حجر يتخذ منه الكحل من عطف العام على الخاص. (فيه) أي: في الباب. (عن أم عطيَّة) هي نسيبة بالتصغير بنت كعب. 5706 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا، فَاشْتَكَتْ عَيْنَهَا، فَذَكَرُوهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرُوا لَهُ الكُحْلَ، وَأَنَّهُ يُخَافُ عَلَى عَيْنِهَا، فَقَال: "لَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي بَيْتِهَا، فِي شَرِّ أَحْلاسِهَا - أَوْ: فِي أَحْلاسِهَا فِي شَرِّ بَيْتِهَا - فَإِذَا مَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بَعْرَةً، فَهَلَّا، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا". [انظر: 5336 - مسلم: 1488 - فتح 10/ 157] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (أن امرأة) هي عاتكة (فلا) أي: فلا تؤخر الاكتحال حتى تمكث. (أربعة أشهر وعشرا) بتقدير الاستفهام الإنكاري، ومَرَّ حديثها في باب: الكحل للحادة (¬1). 19 - باب الجُذَامِ. (باب: الجُذَام) هو كما في "القاموس" بضم الجيم وفتح المعجمة علَّة تحدث من انتشار السوداء في البدن فتفسد مزاج الأعضاء وهيئتها، وربما انتهى إلى تآكل الأعضاء وسقوطها (¬2). 5707 - وَقَال عَفَّانُ: حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (5338) كتاب: الطلاق، باب: الكحل للحادة. (¬2) "القاموس" مادة [جذم] ص 1086.

وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ". [5717، 5757، 5770، 5773، 5775 - مسلم: 2220 - فتح 10/ 158] (عفَّان) أي: ابن مسلم الصغار. (لا عدوى) أي: لا سراية للمرض عن صاحبه إلى غيره. (ولا طيرة) بكسر الطاء وفتح التحتية، وقد تسكن من التطير: وهو التشاؤم بالطيور، كانوا يتشاءمون بها فتصدهم عن مقاصدهم. (ولا هامة) بتخفيف الميم على الصحيح: وهي الرَّأس، واسم طائر، وهو المراد هنا؛ لأنهم كانوا يتشاءمون بالطيور فتصدهم عن مقاصدهم، وهي من طير الليل، قيل: هي البومة، وقيل: كانت العرب تزعم أن عظام الميت، وقيل: روحه (تصير) هامة فتطير ويسمونها الصدى، وقيل: كانت تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة، فتقول: اسقوني اسقوني، فإذا أدرك بثأره طارت. (ولا صفر) هو تأخير المحرم إلى صفر، وهو النسيء (¬1)، أو أن العرب كانت تزعم أن في البطن حيَّة يقال لها: الصفر تصيب الإنسان إذا جاع وأنها تؤذيه، وأنها تعدي، فنقَّى الإسلام بما ذكر اعتقاداتهم المذكورة وأخبر أنَّه ليس لها تأثير في جلب نفع أو دفع ضر. وكل مما ذكر خبر أريد به النَّهي. (وفر من المجزوم كما تفر من الأسد) أي: كفرراك منه ولا يشكل هذا بقوله: (لا عدوى) وبأنه أكل مع مجذوم (¬2)، وقال: ثقة بالله وتوكلا عليه؛ لأن المراد بنفي العدوي المستلزم لأكله مع المجذوم أن ¬

_ (¬1) دل على ذلك ما رواه الطبري في "التفسير" 6/ 370 (16727) عن قتادة. وابن أبي حاتم في "التفسير" (10015) عن ابن عباس. (¬2) حديث أكله - صلى الله عليه وسلم - مع المجذوم رواه الترمذي (1817) كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في الأكل مع المجذوم. من حديث جابر بن عبد الله. وقال: هذا =

20 - باب: المن شفاء للعين

شيئًا لا يعدي بطبعه نفيًا لما كانت الجاهلية تعتقده من أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله تعالى، فأبطل - صلى الله عليه وسلم - اعتقادهم ذلك، وأكل مع المجذوم ليبين لهم أن الله هو الذي يمرض ويشفي ونهاهم عن الدنو من المجذوم ليبين أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بانها تقضي إلى مسبباتها، وقد يتخلف ذلك عن سبب. 20 - بَابٌ: المَنُّ شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ (باب: المن شفاء للعين) في نسخة: "شفاء من العين" أي: من دائها، والمن: الترنجبين بتاء أو طاء (¬1)، وقيل: هو شيء كالصمغ يقع على الأشجار طعمه كالشهد (¬2)، وقيل: الخبز الرقاف (¬3)، وقيل: عسل يقع على الشجر من الليل (¬4). ¬

_ = حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يونس بن محمد عن المفضل بن فضالة، والمفضل بن فضالة هذا شيخ مصري، والمفضل بن فضالة شيخ آخر مصري أوثق من هذا وأشهر. وقد روى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن الشهيد عن ابن بريدة: أن ابن عمر أخذ بيد مجذوم وحديث شعبة أثبت عندي وأصح. ورواه أيضًا ابن أبي شيبة 5/ 141 كتاب: الطب، باب: الأكل مع المجذوم. والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 309. وقال: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: روى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن الشهيد عن عبد الله بن بريدة: أن عمر أخذ بيد مجذوم شيئًا من هذا، ولا أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن المفضل بن فضالة غير يونس بن محمد. وضعفه الألباني في: "ضعيف الترمذي". (¬1) روى ذلك الطبري في: "التفسير" 1/ 334 (978) عن عامر. (¬2) روى ذلك ابن أبي حاتم في "التفسير" 1/ 114 (553). (¬3) روى ذلك الطبري في "التفسير" 1/ 334 (973). (¬4) روى ذلك ابن أبي حاتم 1/ 114 (552) عن ابن عباس، والطبري 1/ 334 (971).

21 - باب اللدود

5708 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، سَمِعْتُ عَمْرُو بْنَ حُرَيْثٍ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ" قَال شُعْبَةُ: وَأَخْبَرَنِي الحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنِ الحَسَنِ العُرَنِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " قَال شُعْبَةُ: لَمَّا حَدَّثَنِي بِهِ الحَكَمُ لَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ المَلِكِ. [انظر: 4478 - مسلم: 2049 - فتح 10/ 163] (غندر) هو محمد بن جعفر (عن عبد الملك) أي: ابن عمير. (الكمأة) بفتح الكاف وسكون الميم بعدها همزة: ضرب من المنّ بتشديد النون، ومَرَّ بيانه آنفا. (وماؤها شفاء للعين) وحده، أو مع غيره ككحل وتوتيا. (قال شعبة) في نسخة: "وقال شعبة". (لمَّا حدثني به) أي: بالحديث السابق. (لم أنكره من حديث عبد الملك) نبه به على أن عبد الملك لما كبر وتغير حفظه توقف شعبة في حفظه فلما تابعه الحكم في روايته زال عن شعبة التوقف. 21 - باب اللَّدُودِ. (باب: اللدود) بفتح اللام وبمهملتين: ما يصب من الدواء في أحد جانبي فم المريض. 5709، 5710، 5711 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَيِّتٌ". [انظر: 1241، 1242، 4456 - فتح: 10/ 166] (سفيان) أي: الثوري. 5712 - قَال: وَقَالتْ عَائِشَةُ: لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: "أَنْ لَا تَلُدُّونِي"، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَال: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي؟ " قُلْنَا:

كَرَاهِيَةَ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَقَال: "لَا يَبْقَى فِي البَيْتِ أَحَدٌ إلا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إلا العَبَّاسَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ". [انظر: 4458 - مسلم: 2213 - فتح 10/ 166] (لا يبقى في البيت أحد إلَّا لُدَّ) أي: في حضوري وحال نظري إليه قاله تأديبًا لهم ومكافأة لفعلهم لئلا يعودوا، ومَرَّ الحديث في باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 5713 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ، قَالتْ: دَخَلْتُ بِابْنٍ لِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ مِنَ العُذْرَةِ، فَقَال: "عَلَى مَا تَدْغَرْنَ أَوْلادَكُنَّ بِهَذَا العِلاقِ، عَلَيْكُنَّ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الجَنْبِ: يُسْعَطُ مِنَ العُذْرَةِ، وَيُلَدُّ مِنْ ذَاتِ الجَنْبِ " فَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: بَيَّنَ لَنَا اثْنَيْنِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا خَمْسَةً، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: فَإِنَّ مَعْمَرًا يَقُولُ: أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ؟ قَال: لَمْ يَحْفَظْ [إِنَّمَا قَال] أَعْلَقْتُ عَنْهُ، حَفِظْتُهُ مِنْ فِي الزُّهْرِيِّ، وَوَصَفَ سُفْيَانُ الغُلامَ يُحَنَّكُ بِالإِصْبَعِ، وَأَدْخَلَ سُفْيَانُ فِي حَنَكِهِ، إِنَّمَا يَعْنِي رَفْعَ حَنَكِهِ بِإِصْبَعِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: أَعْلِقُوا عَنْهُ شَيْئًا. [انظر: 5692 - مسلم: 2214 - فتح 10/ 166] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أعلقت عليه من العذرة) العلاق بتثليث العين: أن يؤخذ خرقة فتفتله فتلًا شديدًا أو يدخل في أنواء الصبي ويطعن ذلك الموضع فينفجر منه دم أسود وتدخل الإصبع في حلقه ويرفع ذلك الموضع ويكبس، والعذرة بضم المهملة وسكون المعجمة: وجع الحلق كما مَرَّ. (تدغرن) بفتح المعجمة أي: تولجن، بهذا العلاق مَرَّ تفسيره. (ووصف سفيان) إلى آخره الغرض منه: أن الإعلاق: رفع الحنك لا تعليق شيء فيه كما يتبادر للذهن. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4458) كتاب: المغازي، باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته.

22 - باب

22 - باب. (باب) بلا ترجمة. 5714 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَيُونُسُ: قَال الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاهُ فِي الأَرْضِ، بَيْنَ عَبَّاسٍ وَآخَرَ، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَال: هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لَا، قَال: هُوَ عَلِيٌّ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا دَخَلَ بَيْتَهَا، وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ: "هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ" قَالتْ: فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ القِرَبِ، حَتَّى جَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: "أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ" قَالتْ: وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ، فَصَلَّى لَهُمْ وَخَطَبَهُمْ. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح 10/ 167] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (يونس) أي: ابن يزيد. (قال) هو علي إنما لم تذكره عائشة؛ لأنه لم يكن ملازمًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الحالة بل كان يخلفه فيها غيره كأسامة، والفضل بن عباس، وثوبان. (لعلَّي أعهد) أي: أوصي. (مخضب) أي: إجانة، ومَرَّ الحديث في الوفاة (¬1). 23 - باب العُذْرَةِ. (باب: العُذْرَة) مَرَّ بيانها. 5715 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4442) كتاب: المغازي، باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته.

24 - باب دواء المبطون

بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ الأَسَدِيَّةَ، أَسَدَ خُزَيْمَةَ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللَّاتِي بَايَعْنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ أُخْتُ عُكَاشَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنٍ لَهَا قَدْ أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ مِنَ العُذْرَةِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى مَا تَدْغَرْنَ أَوْلادَكُنَّ بِهَذَا الْعِلاقِ، عَلَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الجَنْبِ" يُرِيدُ الكُسْتَ، وَهُوَ العُودُ الهِنْدِيُّ، وَقَال يُونُسُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: "عَلَّقَتْ عَلَيْهِ". [انظر: 5692 - مسلم: 2214 - فتح 10/ 167] (أبواليمان) هو الحكم بن نافع، ومَرَّ حديثه في باب: اللدود (¬1). 24 - باب دَوَاءِ المَبْطُونِ. (باب: دواء المبطون) أي: من الإسهال. 5716 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ، فَقَال: "اسْقِهِ عَسَلًا" فَسَقَاهُ فَقَال: إِنِّي سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إلا اسْتِطْلاقًا، فَقَال: "صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ" تَابَعَهُ النَّضْرُ، عَنْ شُعْبَةَ. [انظر: 5684 - مسلم: 2217 - فتح 10/ 168] (عن أبي المتوكل) هو علي بن داود الناجي بنون. (استطلق بطنه) أي: تواتر إسهاله. (تابعه) أي: محمد بن جعفر. (النضر) أي: ابن شميل. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج، ومَرَّ الحديث تامًّا في باب: الدواء بالعسل (¬2). 25 - بَابُ لاَ صَفَرَ، وَهُوَ دَاءٌ يَأْخُذُ البَطْنَ (باب: لا صفر، وهو داء يأخذ البطن) مَرَّ تحرير تفسير الصفر في ¬

_ (¬1) سبق برقم (5713) كتاب: الطب، باب: اللدود. (¬2) سبق برقم (5684) كتاب: الطب، باب: الدواء بالعسل.

26 - باب ذات الجنب

باب: الجذام (¬1)، وما هنا اختيار للبخاري. 5717 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ" فَقَال أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا بَالُ إِبِلِي، تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَأْتِي البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا؟ فَقَال: "فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟ " رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ. [انظر: 5707 - مسلم: 2220 - فتح 10/ 171] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (كأنها الظباء) بكسر الظاء وبالمد، ومرَّ الحديث في باب: لا عدوى (¬2). 26 - بَابُ ذَاتِ الجَنْبِ (باب: ذات الجنب) أي: بيان دوائها، ومَرَّ تعريفها. 5718 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللَّاتِي بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنٍ لَهَا قَدْ عَلَّقَتْ عَلَيْهِ مِنَ العُذْرَةِ، فَقَال: "اتَّقُوا اللَّهَ، عَلَى مَا تَدْغَرُونَ أَوْلادَكُمْ بِهَذِهِ الأَعْلاقِ، عَلَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الجَنْبِ" يُرِيدُ الكُسْتَ، يَعْنِي القُسْطَ. قَال: وَهِيَ لُغَةٌ. [انظر: 5692، 2214 - فتح 10/ 171] (محمد) أي: ابن يحيى بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري. (عن إسحاق) أي: ابن راشد الجزري. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5707) كتاب: الطب، باب: الجذام. (¬2) سيأتي برقم (5772) كتاب: الطب، باب: لا عدوى.

27 - باب حرق الحصير ليسد به الدم

(أن أم قيس) هي آمنة. (علام تدغرون أولادكم) في نسخة: "علام تدغرن أولادكن". (يريد) أي: بالعود الهندي. (الكست) بضم الكاف، ومَرَّ الحديث في باب: اللدود (¬1). (قال) أي: الزهري. 5719، 5720، 5721 - حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَال: قُرِيءَ عَلَى أَيُّوبَ، مِنْ كُتُبِ أَبِي قِلابَةَ، - مِنْهُ مَا حَدَّثَ بِهِ وَمِنْهُ مَا قُرِئَ عَلَيْهِ، وَكَانَ هَذَا فِي الكِتَابِ - عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَأَنَسَ بْنَ النَّضْرِ كَوَيَاهُ، وَكَوَاهُ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِهِ. [5721 - فتح 10/ 172] وَقَال عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَنْ يَرْقُوا مِنَ الحُمَةِ وَالأُذُنِ" قَال أَنَسٌ: "كُويتُ مِنْ ذَاتِ الجَنْبِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ، وَشَهِدَنِي أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو طَلْحَةَ كَوَانِي". [انظر: 5719 - فتح 10/ 172] (عارم) بمهملة وراء: أبو النعمان محمد بن الفضل السَّدوسي. (حماد) أي: ابن زيد. (أيوب) أي: السختياني. (أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد الجرمي. (منه) أي: من المقروء. (وكان هذا في الكتب). في نسخة: "وكان هذا قرأ الكتاب"، قيل: وهو تصحيف. (من الحُمة) أي: السم (والأذن) أي: ومن وجعها. (ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ) أي: ولم ينكر عليه. 27 - بَابُ حَرْقِ الحَصِيرِ لِيُسَدَّ بِهِ الدَّمُ (باب: حرق الحصير ليسد به) أي: برماده. (الدم) أي: بيان ما جاء فيه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5713) كتاب: الطب، باب: اللدود.

28 - باب الحمى من فيح جهنم

5722 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال: "لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْضَةُ، وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي المِجَنِّ، وَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى المَاءِ كَثْرَةً، عَمَدَتِ إلى حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا، وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَقَأَ الدَّمُ". [انظر: 243 - مسلم: 1790 - فتح 10/ 173] (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (البيضة) هي قلنسوة من حديد. (رباعيته) هي السن التي بين الثنتين. (يختلف بالماء) أي: تذهب وتجيء به. (في المجن) بكسر الميم، أي: الترس. (فأحرقتها) أي: قطعة منها (فرقأ الدم) بالهمز أي: انقطع، ومَرَّ الحديث في غزوة أحد (¬1). 28 - بَابُ الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ (باب: الحمى من فيح جهنم) أي: من سطوع حرها. 5723 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ" قَال نَافِعٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ، يَقُولُ: "اكْشِفْ عَنَّا الرِّجْزَ". [انظر: 3264 - مسلم: 2209 - فتح 10/ 174] (فأطفئوها بالماء) أي: شربًا وغسلًا. (عبد الله) أي: ابن عمر. (الرجز) أي: العذاب. 5724 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِالْمَرْأَةِ قَدْ حُمَّتْ تَدْعُو ¬

_ (¬1) سبق برقم (4075) كتاب: المغازي، باب: ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد.

لَهَا، أَخَذَتِ المَاءَ، فَصَبَّتْهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا، قَالتْ: "وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَبْرُدَهَا بِالْمَاءِ". [مسلم: 2211 - فتح 10/ 174] (وبين جيبها) بفتح الجيم وسكون التحتية وكسر الموحدة: ما يكوم مفرجًا من الثوب كالطرف (نبردها) بفتح النون وسكون الموحدة وضم الراء على المشهور: بالماء شربًا وغسلا، وظاهره ولو بغسل جميع البدن الصادق بالانغماس كما ورد في حديث وبالجملة فالحديث كما قال ابن بطال: محمول على الحمى الحادثة من الحر (¬1)، وبذلك سقط ما قيل: إن المحموم إذا انغمس في الماء اختنفت الحرارة في باطنه، فتحدث له مهلكًا، وقد يحمل الحديث أيضًا على الغسل بغير الانغماس، لكون حديث الانغماس فيه مقال، فلا يسقط ذلك، ومَرَّ الحديث في صفة النار (¬2). 5725 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ". [انظر: 3263 - مسلم: 2210 - فتح 10/ 174] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (فابردوها) بهمزة وصل وضم الراء. (بالماء) أي: شربًا وغسلًا كما مَرَّ، وقيل: تصدقًا به عن المريض ليشفيه الله تعالى لما روي: أن أفضل الصدقة سقي (¬3). ¬

_ (¬1) "شرح ابن بطال" 9/ 421. (¬2) سبق برقم (3264) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة النار وأنها مخلوقة. (¬3) رواه أبو داود (1680) كتاب: الزكاة، باب: في فضل سقي الماء. والنسائي 6/ 255 كتاب: الوصايا، باب: فضل الصدقة. وابن ماجه (3684) كتاب: الأدب، باب: فضل صدقة الماء. وأحمد 5/ 285. وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" (1474) وغيره.

29 - باب من خرج من أرض لا تلايمه

5726 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الحُمَّى مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ". [انظر: 3262 - مسلم: 2212 - فتح 10/ 174] (أبوالأحوص) هو سلام بن سليم. (سعيد بن مسروق) هو والد سفيان الثوري. (من فوح) بواو على المشهور، وفي نسخة: بياء. 29 - بَابُ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَرْضٍ لَا تُلايِمُهُ (باب: من خرج من أرض لا تلائمه) في نسخة: "من خرج من الأرض التي لا تلائمه" أي: لا توافقه. 5727 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُمْ: "أَنَّ نَاسًا، أَوْ رِجَالًا، مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ، قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلامِ، وَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا المَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَوْدٍ وَبِرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى كَانُوا نَاحِيَةَ الحَرَّةِ، كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، وَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الحَرَّةِ، حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ. [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 10/ 178] (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (قتادة) أي: ابن دعامة. (أهل ضرع) أي: مواشي. (أهل ريف) أي: أهل أرض فيها زرع. (فيه) أي: في الذود أي: معه. (من ألبانها وأبوالها) أي: الإبل. (ناحية الحرة) هي أرض ذات حجارة سود (¬1)، ومَرَّ الحديث في المغازي والجهاد (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 245. (¬2) سبق برقم (4162) كتاب: المغازي، باب: قصة عكل وعرينة. وبرقم (3018) كتاب: الجهاد، باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق.

30 - باب ما يذكر في الطاعون

30 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ (باب: ما يذكر في الطاعون) هو بثر مؤلم جدًّا يخرج غالبا في الإباط مع لهب واسوداد حواليه وخفقان القلب والقيء، وقال الجوهري: هو الموت من الوباء، وصاحب "القاموس": هو الوباء؛ وقال ابن شيبان: هو مادة سُميه تحدث ورمًا قتالًا يحدث في المواضع الرخوة والمغابن من البدن، وأغلب ما يكون تحت الإبط أو خلف الإذن أو عند الأرنبة، قال: والوباء: فساد جوهر الهواء الذي هو مادة الروح ومدده؛ وظاهره: أن بين الطاعون والوباء تغاير، أو أن الطاعون أخص وظاهر كلام "القاموس" أن بينهما ترادفًا وموافقة وظاهر قول ابن سينا: أن كلًّا منهما يطلق على الآخر، والحق ما أفاده شيخنا: إن الطاعون أخصّ من الوباء؛ لأنه طعن الجن، والوباء بالمد والقصر: المرض العام لخبر "الصحيحين": عن أبي هريرة: "على أبواب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال" (¬1) مع خبرهما عن عائشة قالت: قدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله .. الحديث، وفيه: قول بلال: اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء (¬2)، فلو كان الطاعون هو الوباء لتعارض الخبران، وهذا لا ينافي إطلاق أحدهما على الآخر مجازًا (¬3) كما يعلم مما يأتي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1880) كتاب: فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة. و"صحيح مسلم" (1379) كتاب: الحج، باب: صيانة المدينة من دخول الطاعون والدجال إليها. (¬2) سبق برقم (1889) كتاب: فضائل المدينة، باب: كراهية أن تعرى المدينة. و"صحيح مسلم" (1376) كتاب: الحج، باب: الترغيب في سكنى المدينة. (¬3) انظر: "الفتح" 10/ 180.

5728 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، يُحَدِّثُ سَعْدًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا" فَقُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ يُحَدِّثُ سَعْدًا، وَلَا يُنْكِرُهُ؟ قَال: نَعَمْ؟. [انظر: 3473 - مسلم: 2218 - فتح 10/ 178] (يحدث سعدًا) أي: ابن أبي وقاص. (فقلت: أنت سمعته يحدث سعدًا) أي: قال حبيب: قلت لإبراهيم: أنت سمعته، أي: أسامة يحدث سعدًا، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 5729 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ، أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَال عُمَرُ: ادْعُ لِي المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفُوا، فَقَال بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ، وَلَا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَقَال بَعْضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ، فَقَال: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَال: ادْعُوا لِي الأَنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلافِهِمْ، فَقَال: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَال: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلانِ، فَقَالُوا: نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلَا تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ: إِنِّي مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. قَال أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ فَقَال عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ قَالهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟ نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟ وَإِنْ

رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟ قَال: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ - فَقَال: إِنَّ عِنْدِي فِي هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ" قَال: فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ. [5730، 6973 - مسلم: 2219 - فتح 10/ 179] (حتى إذا كان بسرغ) بفتح المهملة وسكون الراء وبمعجمة: قرية بوادي تبوك قريبة من الشام (¬1). (فأخبروه أن الوباء) يعني: الطاعون. (من مشيخة قريش) بكسر المعجمة وسكون التحتية، قال بعضهم: أو بسكون المعجمة وفتح التحتية، وعلى التقديرين هو جمع شيخ. (من مهاجرة الفتح) بضم الميم وفتح الجيم، أي: الذين هاجروا إلى المدينة عام الفتح. (إني مصبح) بفتح الصاد وكسر الباء المشددة أي: مسافر في الصباح. (وعلى ظهر) أي: على ظهر الدابة راجعًا إلى المدينة. (فأصبحوا) راكبين. (عليه) أي: على الظهر متأهبين للرجوع. (أفرارًا؟) أي: أفنرجع فرارًا؟. (لو غيرك قالها) جواب (لو) محذوف أي: لأدبته لاعتراضه عليَّ في مسألة اجتهادية اتفق عليها الأكثر، أو لم أتعجب منه، وإنما أتعجب منك مع فضلك وعملك، أو هي للتمني فلا جواب لها. (عدوتان) بضم العين وكسرها وسكون الدال، أي: حافتان (خصيبة) بفتح المعجمة وسكون المهملة وكسرها أي: ذات خصب وكلإٍ. (جَدْبَه) بفتح الجيم وسكون المهملة وكسرها. (قال) أي: ابن عباس. (به) أي: بالطاعون. (بأرض) أي: فيها. (فحمد الله عمر) أي: على موافقة اجتهاده واجتهاد أصحابه حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (ثم انصرف) أي: راجعًا إلى المدينة. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 211 - 212.

5730 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ - أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ - فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ". [انظر: 5729 - مسلم: 2219 - فتح 10/ 179] (أن الوباء) يعني: الطاعون. (إذا سمعتم به. .) إلخ النهي فيه للتحريم، وقيل: للتنزيه. وقد بسطت الكلام على ذلك في "تحفة الراغبين في بيان أمر الطواعين". 5731 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ المَدِينَةَ المَسِيحُ، وَلَا الطَّاعُونُ". [انظر: 1880 - مسلم: 1379 - فتح 10/ 179] (عن نعيم) أي: ابن عبد الله القرشي. (لا يدخل المدينة المسيح) أي: الدجال. (ولا الطاعون) أي: لأن كفار الجن وشياطينهم ممنوعون من دخولها، وجزم النووي في "أذكاره" بأنهما لا يدخلان مكة أيضًا. 5732 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، قَالتْ: قَال لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَحْيَى بِمَ مَاتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الطَّاعُونِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [انظر: 2830 - مسلم: 1916 - فتح 10/ 180] (عبد الواحد) أي: ابن زياد العبدي. (عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (يحيى) هو ابن سيرين أخو حفصة، ومَرَّ الحديث في الجهاد (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2830) كتاب: الجهاد، باب: الشهادة سبع سوى القتل.

31 - باب أجر الصابر في الطاعون

5733 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "المَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالمَطْعُونُ شَهِيدٌ". [انظر: 653 - مسلم: 1914 - فتح 10/ 180] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد النبيل. (عن سمي) وهو مولى أبي بكر بن عبد الرحمن المخزومي. (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان. (المبطون) هو الذي يموت بمرض البطن كالاستسقاء. (والمطعون) هو الذي يموت بالطاعون، ومَرَّ الحديث في الجهاد أيضًا (¬1). 31 - بَابُ أَجْرِ الصَّابِرِ فِي الطَّاعُونِ (باب: أجر الصابر في الطاعون) أي: بيانه. 5734 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الفُرَاتِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْنَا: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إلا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ" تَابَعَهُ النَّضْرُ، عَنْ دَاوُدَ. [انظر: 3474 - فتح 10/ 192] (إسحاق) أي: ابن راهويه. (حبان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة، أي: ابن هلال الباهلي. (على من يشاء) في نسخة: "على من شاء" أي: من كافرٍ أو عاصٍ بارتكاب كبيرة. (رحمة للمؤمنين) أي: غير مرتكبي الكبيرة. (فليس من عبد يقع الطاعون) أي: به، أو في بلده. (تابعه) أي: حبان بن هلال، ومَرَّ الحديث في سورة بني إسرائيل. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2829) كتاب: الجهاد والسير، باب: الشهادة سبع سوى القتل.

32 - باب الرقى بالقرآن والمعوذات

32 - بَابُ الرُّقَى بِالقُرْآنِ وَالمُعَوِّذَاتِ (باب: الرقى) بضم الراء والقصر جمع رقية. (بالقرآن والمعوذات) أي: الإخلاص والفلق والناس. 5735 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي المَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا" فَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ: كَيْفَ يَنْفِثُ؟ قَال: "كَانَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ". [انظر: 4439 - مسلم: 2192 - فتح 10/ 195] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (ينفث) بضم الفاء وكسرها وبمثلثة: من النفث وهو شبه النفخ، وأقل من التفل. (كنت أنفث عنه) في نسخة: "عليه وفيه: جواز الرقية بكلام الله تعالى والآية وصفاته. 33 - بَابُ الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 5737] (باب: الرقى بفاتحة الكتاب) أي: بيان الرقية بها. (ويذكر) أي: ذلك. (عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) حيث أقر الذي رقى الرقية بالفاتحة على رقيته. 5736 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ، فَقَالُوا: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ؟ فَقَالُوا: إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، وَلَا نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ، فَبَرَأَ فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا: لَا نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَال: "وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ". [انظر: 2276 - مسلم: 2201 - فتح: 10/ 198]

34 - باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم

(غندر) لقب محمد بن جعفر. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (عن أبي المتوكل) هو علي بن داود الشامي. (فلم يقروهم) بفتح الياء، أي: يضيفوهم. (فبينما) في نسخة "فبينا". (لدغ) بمهملة فمعجمة، أي: لسع. (لا نأخذه حتى نسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -) كانوا عالمين بجواز الرقية على جعل، ولهذا ارتكبوه لكن سألوا عنه اطمئنانا لقلوبهم كقول سيدنا إبراهيم: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] فسقط ما قيل: إن كانوا عالمين بجوازها فما وجه سؤالهم؟ أو جاهلين بها فكيف ارتكبوها؟ (بسهم) أي: نصيب. ومَرَّ الحديث في الإجارة (¬1). 34 - بَابُ الشَّرْطِ فِي الرُّقْيَةِ بِقَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ (باب: الشروط في الرقية بقطيع من الغنم) أي: بيان جوازه. 5737 - حَدَّثَنِي سِيدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ أَبُو مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ البَصْرِيُّ هُوَ صَدُوقٌ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ البَرَّاءُ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَخْنَسِ أَبُو مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ، فَقَال: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ، إِنَّ فِي المَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ". [فتح 10/ 198] (مروا بماء) أي: بقوم نزول على ماء (في الماء) أي: في القوم النازلين عليه. (على شاء) جمع شاة. (فبرأ) أي: الملدوغ. (إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله) فيه: جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2276) كتاب: الإجارة، باب: ما يعطى في الرقية على أحياء العرب.

35 - باب رقية العين

35 - بَابُ رُقْيَةِ العَيْنِ (باب: رقية العين) أي: بيان جواز رقية من أصيب بنظر العين. 5738 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ العَيْنِ". [مسلم: 2195 - فتح 10/ 199] (سفيان) أي: الثوري. (الزهري) هو محمد بن مسلم. (من العين) أي: من أصابتها لغيرها. 5739 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ، فَقَال: "اسْتَرْقُوا لَهَا، فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ" تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ وَقَال عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 2197 - فتح 10/ 199] (في وجهها سفعة) بفتح المهملة وضمها وسكون الفاء، أي: سواد، أو حمرة يعلوها سواد، أو صفرة حصل ذلك بنظر العين. (استرقوا لها) أي: اطلبوا من ترقها. (تابعه) أي: محمد بن حرب. 36 - بَابٌ: العَيْنُ حَقٌّ (باب: العين حق) أي: الإصابة بها ثابتة مؤثرة في النفوس بقدرته تعالى. 5740 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "العَيْنُ حَقٌّ" وَنَهَى عَنِ الوَشْمِ. [5944 - مسلم: 2187 - فتح 10/ 203]

37 - باب رقية الحية والعقرب

(عبد الرزاق) أي: ابن همام. (عن الوشم) هو بفتح الواو، وسكون المعجمة: أن يغرز الجلد بإبرة أو نحوها حتى يسيل الدم، ثم يحشى بنحو كحل فيخضر. ومرَّ الحديث في اللباس (¬1). 37 - بَابُ رُقْيَةِ الحَيَّةِ وَالعَقْرَبِ (باب: رقية الحية والعقرب) أي: مشروعتها عند لدغها. 5741 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنِ الرُّقْيَةِ مِنَ الحُمَةِ، فَقَالتْ: "رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّقْيَةَ مِنْ كُلِّ ذِي حُمَةٍ". [مسلم: 2193 - فتح 10/ 205] (عبد الواحد) أي: ابن زياد (من الحمة) بضم المهملة وتخفيف الميم، أي: ذات السُّمِّ. 38 - بَابُ رُقْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: رقية النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بيانها. 5742 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، قَال: دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَال ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، اشْتَكَيْتُ، فَقَال أَنَسٌ: أَلا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: بَلَى، قَال: "اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شَافِيَ إلا أَنْتَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا". [فتح 10/ 206] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (اشتكيت) أي: مرضت. (ألا أرقيك) بفتح الهمزة. (لا يغادر) أي: لا يترك. (سقما) بفتح السين والقاف، وبضم فسكون، أي: مرضا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5499) كتاب: اللباس، باب: الواشمة.

5743 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ اليُمْنَى وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا" قَال سُفْيَانُ: حَدَّثْتُ بِهِ مَنْصُورًا، فَحَدَّثَنِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، نَحْوَهُ. [انظر: 5675 - مسلم: 2191 - فتح 10/ 206] (سفيان) أي: الثوري. (سليمان) أي: ابن مهران (عن مسلم) أي: ابن صبيح الهمداني، وهو المشهور بأبي الضحى. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (واشفه) أي: المريض. 5744 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْقِي يَقُولُ: "امْسَحِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ، لَا كَاشِفَ لَهُ إلا أَنْتَ". [انظر: 5675 - مسلم: 2191 - فتح 10/ 206] 5745 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ: "بِسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا". 5746 - حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الرُّقْيَةِ: "تُرْبَةُ أَرْضِنَا، وَرِيقَةُ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا". [انظر: 5745 - مسلم: 2194 - فتح: 10/ 206] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرة) هي بنت عبد الرحمن التابعية. (تربة أرضنا) خبر مبتدإِ محذوف، أي: هذه (بريقة بعضنا) في نسخة: "وريقة بعضنا" والباء والواو بمعنى: مع. (يشفى سقيمنا) بالبناء للمفعول، ورفع (سقيمنا) وبالبناء للفاعل ونصب (سقيمنا).

39 - باب النفث في الرقية

39 - بَابُ النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ (باب: النفث في الرقية) مَرَّ تفسير النفث. 5747 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ حِينَ يَسْتَيْقِظُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ". [انظر: 3292 - مسلم: 2261 - فتح 10/ 208] وَقَال أَبُو سَلَمَةَ: "وَإِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنَ الجَبَلِ، فَمَا هُوَ إلا أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ فَمَا أُبَالِيهَا". (سليمان) أي: ابن بلال. (فإن كنت) في نسخة: "إن كنت" بلا فاء. (الرؤيا) أي: الصالحة. (والحلم) بضم الحاء مع ضم اللام وسكونها، أي: الكاذبة. (من الشيطان) نسبتها إليه مجاز من حيث أن الله تعالى يخلق في قلب النائم اعتقادات، فيخلق الاعتقاد الذي هو علامة الخير في غيبة الشيطان، والذي هو علامة الشر بحضرته، وإلا فالكل من الله تعالى، مع أن في نسبتها إليه تأدبا معه تعالى. 5748 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ، نَفَثَ فِي كَفَّيْهِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ" قَالتْ عَائِشَةُ: "فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ" قَال يُونُسُ: كُنْتُ أَرَى ابْنَ شِهَابٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ إِذَا أَتَى إِلَى فِرَاشِهِ. [انظر: 5017 - فتح 10/ 209] (عن يونس) أي: ابن يزيد ومَرَّ حديثه في المغازي.

40 - باب مسح الراقي الوجع بيده اليمنى

5749 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقُوا فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قَدْ نَزَلُوا بِكُمْ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، فَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ؟ فَقَال بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَرَاقٍ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ حَتَّى لَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي مَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَال: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَال الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَال: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ". [انظر: 2276 - مسلم: 2201 - فتح 10/ 209] (عن أبي بشر) هو جعفر بن إياس اليشكري. (عن أبي المتوكل) هو علي بن داود الناجي بالنون والجيم، ومَرَّ الحديث آنفًا (¬1). 40 - بَابُ مَسْحِ الرَّاقِي الوَجَعَ بِيَدِهِ اليُمْنَى (باب: مسح الراقي الوجع بيده اليمنى). 5750 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ بَعْضَهُمْ، يَمْسَحُهُ بِيَمِينِهِ: "أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، ¬

_ (¬1) سبق برقم (5736) كتاب: الطب، باب: الرقى بفاتحة الكتاب.

41 - باب في المرأة ترقي الرجل

لَا شِفَاءَ إلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا" فَذَكَرْتُهُ لِمَنْصُورٍ فَحَدَّثَنِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، بِنَحْوهِ. [انظر: 5675 - مسلم: 2191 - فتح 10/ 210] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن مسلم) هو أبو الضحى. (بعضهم) أي: بعض أهله. 41 - بَابٌ فِي المَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ (باب: في المرأة ترقي الرجل) أي: بيان جواز ذلك. 5751 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كَانَ يَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنَا أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، فَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا" فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ: كَيْفَ كَانَ يَنْفِثُ؟ قَال: "يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ". [انظر: 4439 - مسلم: 2192 - فتح 10/ 210] (هشام) أي: أبن يوسف الصنعاني. ومَرَّ الحديث في باب: الرقى بالقرآن (¬1). 42 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرْقِ (باب: من لم يرق) أي: بيانه. 5752 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَال: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلانِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي، فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5735) كتاب: الطب، باب: الرقى بالقرآن والمعوذات.

43 - باب الطيرة

فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ لِي: انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ " فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ، فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ، وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنْ هَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "هُمُ الَّذِينَ لَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَال: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "نَعَمْ" فَقَامَ آخَرُ فَقَال: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ فَقَال: "سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ". [انظر: 3410 - مسلم: 220 - فتح 10/ 211] (عرضت عليّ الأمم) أي: في مقامي. ومَرَّ الحديث في باب: النفث بالرقية (¬1). 43 - باب الطِّيَرَةِ. (باب: الطيرة) بكسر الطاء، وفتح التحتية وقد تسكن: التشاؤم بالشيء. 5753 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَالشُّؤْمُ فِي ثَلاثٍ: فِي المَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالدَّابَّةِ". [انظر: 2099 - مسلم: 2225 - فتح 10/ 212] (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (والشؤم في ثلاث) إلى آخره معارض في الظاهر لقوله: (لا طيرة) وأجيب: بأن لا طيرة عام مخصوص إذ قوله: (والشؤم) إلى آخره في معنى الاستثناء من الطيرة، أي: الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار ¬

_ (¬1) سبق برقم (5749) كتاب: الطب، باب: النفث في الرقية.

44 - باب الفأل

ضيقة، أو سيئة الجوار، أو امرأة سلطة اللسان، أو لا تلد، أو دابة جموح، فليفارقها. قلت: لكن الشؤم فيها ليس في الحقيقة من الطيرة التي يعتقدها أهل الجاهلية. 5754 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَأْلُ" قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَال: "الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ". [5755 - مسلم: 2223 - فتح 10/ 212] (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (وخيرها) أي: الطيرة فإن قلت: إضافة الخير إليها مشعر بأن الفأل من جملتها، وليس كذلك. قلت: الإضافة لمجرد التوضيح فلا يلزم أن يكون منها وأيضًا هي في الأصل تعم الخير والشر كالفأل، ثم خصصها العرف بالشر، قاله الكرماني (¬1). 44 - باب الفَأْلِ. (باب: الفال) بالهمز ودونه، واحد الفُئُول والأفْؤُل. 5755 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَأْلُ" قَال: وَمَا الفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ". [انظر: 5754 - مسلم: 2223 - فتح 10/ 214] 5756 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ الصَّالِحُ: الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ". [5776 - مسلم: 2224 - فتح 10/ 214] (هشام) أي: الدستوائي. وحديثا الباب عُرفا مما مَرَّ. ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 21/ 32.

45 - باب لا هامة

45 - باب لَا هَامَةَ. (باب: لا هامة) زاد في نسخة: "ولا صفر". 5757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الحَكَمِ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ". [انظر: 5707 - مسلم: 2220 - فتح 10/ 215] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (أبو حفص) هو عثمان بن عاصم. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. ومَرَّ الحديث بشرحه في باب: لا صفر (¬1). 46 - باب الكَهَانَةِ. (باب: الكهانة) بفتح الكاف وكسرها: ادعاء علم الغيب في الأخبار بما يكون في أقطار الأرض. 5758 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَأَصَابَ بَطْنَهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَقَتَلَتْ وَلَدَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى: أَنَّ دِيَةَ مَا فِي بَطْنِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، فَقَال وَلِيُّ المَرْأَةِ الَّتِي غَرِمَتْ: كَيْفَ أَغْرَمُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ، وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الكُهَّانِ". [5759، 5760، 6740، 6904، 6909، 6910 - مسلم: 1681 - فتح 10/ 216] (فرمت إحداهما) هي أم عفيف بنت مشروح. (الأخرى) هي مليكة بنت عويمر. (غرَّة) هي (عبد أو أمة). (ولا استهل) أي: صاح عند ¬

_ (¬1) سبق برقم (5717) كتاب: الطب، باب: لا صفر وهو داء يأخذ البطن.

الولادة (فمثل ذلك بطل) بموحدة ومهملة مفتوحتين من البطلان، وفي نسخة: "يطل" بتحتية مضمومة ولام مشددة، أي: يهمر. يقال: طلَّه وأطلَّه. (إنما هذا من إخوان الكهان) لمشابهة كلامه كلامهم. 5759 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ، أَوْ وَلِيدَةٍ. [انظر: 5758 - مسلم: 1681 - فتح 10/ 216] 5760 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الجَنِينِ يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ، أَوْ وَلِيدَةٍ، فَقَال الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ: كَيْفَ أَغْرَمُ مَا لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ، وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الكُهَّانِ". [انظر: 5758 - مسلم: 1681 - فتح 10/ 216] (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن. 5761 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ". [انظر: 2237 - مسلم: 1567 - فتح 10/ 216] (ومهر البغي) أي: الزانية. (وحلوان الكاهن) بضم المهملة: ما يأخذه الكاهن على كهانته، والكاهن من يدعي معرفة الأسرار، ومَرَّ الحديث في البيوع (¬1). 5762 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسٌ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَال: "لَيْسَ بِشَيْءٍ" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أَحْيَانًا بِشَيْءٍ فَيَكُونُ حَقًّا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2237) كتاب: البيوع، باب: ثمن الكلب.

47 - باب السحر

الحَقِّ، يَخْطَفُهَا مِنَ الجِنِّيِّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ، فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ" قَال عَلِيٌّ: قَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مُرْسَلٌ: "الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ" ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ أَسْنَدَهُ بَعْدَهُ. [انظر: 3210 - مسلم: 2228 - فتح 10/ 216] (ليس) أي: قولهم. (يخطفها) يخطفها بفتح الطاء أي: يأخذها الكاهن، وماضي يخطف خطف بالكسر، ويقال: خطف يخطف بالفتح في الماضي، والكسر في المضارع، وهي لغة رديئة قاله الجوهري (¬1). (في أذن وليه) هو الذي يواليه وهو الكاهن وغيره ممن يوالي الجن. (وقال عليّ) أي: ابن المديني. (قال عبد الرزاق) أي: ابن همام (مرسلٌ: الكلمة من الحق) أي: أن عليًّا قال: إن عبد الرزاق كان يرسل هذا القدر من الحديث. (ثم بلغني أنه) أي: أن عبد الرزاق. (أسنده) أي: وصله. 47 - باب السِّحْرِ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ، وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ، وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة: 102] وَقَوْلِهِ تَعَالى: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69] وَقَوْلِهِ: {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} [الأنبياء: 3] وَقَوْلِهِ: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66] وَقَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ} [الفلق: 4] وَالنَّفَّاثَاتُ: السَّوَاحِرُ، {تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 89]: تُعَمَّوْنَ. ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [خطف] 4/ 1352.

(باب: السحر) هو أمر خارق للعادة صادر عن نفس شريرة، لا يتعذر معارضته، ويقال: علم بكيفيَّة استعدادات يقتدر بها النفوس البشرية على ظهور التأثير في عالم العناصر. (وقول الله تعالى) عطف على السحر. {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} إلى آخره سقط من نسخة قوله: {وَمَا يُعَلِّمَانِ} إلا آخره وزاد فيها ما يدل على بعضه بقوله: قبله "الآية". 5763 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ عِنْدِي، لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا، ثُمَّ قَال: "يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِي رَجُلانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَال أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ فَقَال: مَطْبُوبٌ، قَال: مَنْ طَبَّهُ؟ قَال: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَال: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَال: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ. قَال: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَال: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ " فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ فَقَال: "يَا عَائِشَةُ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلا اسْتَخْرَجْتَهُ؟ قَال: "قَدْ عَافَانِي اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا" فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو ضَمْرَةَ، وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، وَقَال: اللَّيْثُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامٍ: "فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ" يُقَالُ: المُشَاطَةُ: مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ، وَالمُشَاقَةُ: مِنْ مُشَاقَةِ الكَتَّانِ. [انظر: 3175 - مسلم: 2189 - فتح 10/ 221] (لبيد) بفتح اللام. (يخيل) بالبناء للمفعول. (كان يفعل الشيء) أي: يأتي النساء كما سيأتي (¬1) (ذات يوم) بالنصب خبر كان، وبالرفع ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (5765) كتاب: الطب، باب: هل يستخرج السحر.

بكان على أنها تامة، و (ذات) معجمة، للتأكيد أو من إضافة المسمى إلى اسمه. (وهو عندي ولكنه دعا ودعا) أي: لكنه لم يكن مشتغلًا بي بل بالدعاء والمستدرك منه قوله: (وهو عندي) أو قوله: (كان يخيل إليه) أي: كان السحر أضر في بدنه لا في عقله وفهمه بحيث أنه توجَّه إلى الله ودعا. (أفتاني فيما استفتيته فيه) أي: أجابني عنه (أتاني رجلان) أي: ملكان جبريل وميكائيل. (مطبوب) أي: مسحور. (مشط) بتثليث الميم: الآلة التي يسرح بها الشعر. (ومشاطة) بضم الميم: ما يخرج من الشعر عند التسريح. (وجف طلع نخلة) بضم الجيم وتشديد الفاء: غشاء الطلع، وفي نسخة: "وجب" بموحدة بدل الفاء. (ذروان) بفتح المعجمة وسكون الراء وفي نسخة: "ذي أروان" بزيادة ذي وبهمزة بدل الذال: بئر بالمدينة في بستان بني ذريق (¬1)، وعلى النسختين فإضافة بئر على (ذروان) وإلى "ذي أروان" إضافة بيانية. (نقاعة الحناء) بضم النون وتخفيف القاف وتشديدها ومَد الحناء أي: الماء الذي ينقع فيه الحناء. يعني: أن ماء البئر تغير لرداءته واحمرّ حتى صار كالماء الذي ينقع فيه الحناء. (وكأنَّ رءوس نخلها رءوس الشياطين) أي: في التناهي في كراهتها وقبح منظرها. (أثور) بضم الهمزة وفتح المثلثة وكسر الواو مشددة. (فيه) في نسخة: "منه". (فأمر بها) أي: بالبئر. (فدفنت). (تابعه) أي: عيسى. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (وأبو ضمرة) هو أنس بن عياض. (وابن أبي الزناد) هو عبد الرحمن. (عن هشام) أي: ابن عروة. (وابن عيينة) هو سفيان. (ومشاقة) بالقاف بدل الطاء. (يقال) في نسخة: "ويقال" (إذا مشط) أي: سرَّح. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 5.

48 - باب: الشرك والسحر من الموبقات

48 - بَابٌ: الشِّرْكُ وَالسِّحْرُ مِنَ المُوبِقَاتِ (باب: الشرك والسحر من الموبقات) أي: المهلكات. 5764 - حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اجْتَنِبُوا المُوبِقَاتِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ". [انظر: 2766 - مسلم: 89 - فتح 10/ 232] (سليمان) أي: ابن بلال. (عن أبي الغيث) هو عبد الله بن مطيع. (اجتنبوا الموبقات: الشركُ بالله) بالرفع مبتدأ لخبر محذوف أي: منها وبالنصب على البدل. (والسحر (عطف على الشرك، ومَرَّ الحديث تامًّا في الوصايا (¬1). 49 - بَابٌ: هَلْ يَسْتَخْرِجُ السِّحْرَ؟. وَقَال قَتَادَةُ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ: رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ، أَوْ: يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ، أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ؟ قَال: "لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الإِصْلاحَ، فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ". (باب: هل يُستخرج السحر) أي: هل يطلب استخراجه، أو هل يُخرج من محلِّه. (به طب) أي: سحر (يؤخذ) بهمزة مفتوحة ومعجمتين أولاهما مشددة مفتوحة أي: يجلس. (عن امرأته) أي: عن مباشرتها. (أو ينشر) بضم التحتية وسكون النون وفتح المعجمة، أو بفتح النون والمعجمة المشددة، من النشرة وهي: الرقية يعالج بها الجنون ومن يظن أن به سحرًا. 5765 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2766) كتاب: الوصايا، باب: قوله الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا}.

50 - باب السحر

حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي آلُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، فَسَأَلْتُ هِشَامًا، عَنْهُ، فَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأْتِيهِنَّ، قَال سُفْيَانُ: وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ، إِذَا كَانَ كَذَا، فَقَال: "يَا عَائِشَةُ، أَعَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِي رَجُلانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَال الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلْآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَال: مَطْبُوبٌ، قَال: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَال: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ كَانَ مُنَافِقًا - قَال: وَفِيمَ؟ قَال: فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ، قَال: وَأَيْنَ؟ قَال: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ " قَالتْ: فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ، فَقَال: "هَذِهِ البِئْرُ الَّتِي أُرِيتُهَا، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ" قَال: فَاسْتُخْرِجَ، قَالتْ: فَقُلْتُ: أَفَلا؟ - أَيْ تَنَشَّرْتَ - فَقَال: "أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِي، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا". [انظر: 3175 - مسلم: 2189 - فتح 10/ 232] (قال) أي: ابن المسيب. (حتى كان يرى) بفتح الياء، وفي نسخة بضمها، أي: يظن. (سفيان) أي: ابن عيينة (إذا كان كذا) أي: كمن يرى أنه ليفعل الشيء ولم يفعله. (أفلا أي: تنشرت) لفظ: (أي) ساقط من نسخة، ومعنى: (تنشرت) نشرت ما طوى الساحر وفرقت ما جمعه، ومَرَّ الحديث آنفًا. 50 - باب السِّحْرِ. (باب: السحر) ساقط من نسخة، وهي أولى؛ لأنه مع حديثه مكرر. 5766 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عِنْدِي، دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ، ثُمَّ قَال: "أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ" قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "جَاءَنِي

51 - باب من البيان سحرا

رَجُلانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، ثُمَّ قَال أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَال: مَطْبُوبٌ، قَال: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَال: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ اليَهُودِيُّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، قَال: فِيمَا ذَا؟ قَال: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قَال: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَال: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ " قَال: فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى البِئْرِ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَال: "وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ؟ قَال: "لَا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِيَ اللَّهُ وَشَفَانِي، وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا" وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ. [انظر: 3175 - مسلم: 2189 - فتح 10/ 235] (أنه يفعل الشيء وما يفعله) في نسخة: "أنه فعل الشيء وما فعله". (وأمر بها) أي: بالبئر. 51 - باب مِنَ البَيَانِ سِحْرًا. (باب: من البيان سحرًا) بالنصب بتقدير: إن من البيان سحرًا (¬1). وفي نسخة: بالرفع فلا حاجة إلى تقدير، وفي أخرى: "السحر" بزيادة (الـ). 5767 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ المَشْرِقِ فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا، أَوْ: إِنَّ بَعْضَ البَيَانِ لَسِحْرٌ". [انظر: 5146 - فتح 10/ 237] (قدم رجلان) قيل: هما الزبرقان بكسر الزاي والراء: ابن بدر بن امرئ القيس. (أو إن بعض البيان لسحر) شك من الراوي واختلف في ¬

_ (¬1) وهذا ضعيف؛ لأن الحروف ضعيفة في العمل فلا تعمل محذوفة.

52 - باب الدواء بالعجوة للسحر

تأويل ذلك فقيل: هو ذم للبيان بدليل أن مالكًا أدخله في باب: ما يكره من الكلام (¬1)؛ ولأنَّ السحر مذموم فكذا ما شُبِّهَ به، وقيل: مدح له، لقوله في الحديث: (فعجب الناس لبيانهما) والإعجاب لا يكون إلا بما يحسن ويطيب سماعه عادة؛ ولأن تشبيهه بالسحر مدح له؛ لأنَّ معنى السحر: الاستمالة، وكل من استمالك فقد سحرك، والأحسن ما قيل: إن ذلك ليس ذمًّا للبيان كله، ولا مدحا له، بدليل (من) التبعيضية، أو التصريح بالبعض وكيف يذم البيان كلُّه وقد عدَّه الله تعالى نعمة على عبيده فقال: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)} [الرحمن: 3، 4] وكيف يمدح كله وفيه ما يصير الباطل حقًّا بتكلف وتصنع؟ الحاصل: أنه اقترن بالبيان ما يذم كان مذمومًا وإلَّا كان ممدوحًا، فهو بالإصالة ممدوح، وبالفرض قد يكون مذمومًا، ومَرَّ الحديث في كتاب: النكاح (¬2). 52 - بَابُ الدَّوَاءِ بِالعَجْوَةِ لِلسِّحْرِ (باب: الدواء بالعجوة للسحر) أي: لدفعه وتبطيله. 5768 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، أَخْبَرَنَا هَاشِمٌ، أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اصْطَبَحَ كُلَّ يَوْمٍ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ، وَلَا سِحْرٌ ذَلِكَ اليَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ" وَقَال غَيْرُهُ: "سَبْعَ تَمَرَاتٍ". [انظر: 5445 - مسلم: 2047 - فتح 10/ 238] (عليّ) أي: ابن المديني. (مروان) أي: ابن معاوية الفزاري. (هاشم) أي: ابن هاشم بن عيينة. ¬

_ (¬1) "الموطأ" (7) كتاب: الكلام، باب: ما يكره من الكلام بغير ذكر الله. (¬2) سبق برقم (5146) كتاب: النكاح، باب: الخطبة.

53 - باب لا هامة

5769 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، قَال: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ، سَمِعْتُ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ تَصَبَّحَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ اليَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ". [انظر: 5445 - مسلم: 2047 - فتح 10/ 238] (سبع) في نسخة: "بسبع". (تمرات عجوة) بنصب (عجوة) صفة لتمرات، أو عطف بيان لها، وبجرها بإضافة (تمرات) غليها، ومَرَّ الحديث في كتاب: الأطعمة (¬1). 53 - باب لَا هَامَةَ. (باب: لا هامة) مَرَّ بيانها. 5770 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ، وَلَا هَامَةَ" فَقَال أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا بَالُ الإِبِلِ، تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيُخَالِطُهَا البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟ ". [انظر: 5707 - مسلم: 2220 - فتح 10/ 241] (معمر) أي: ابن راشد. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن، ومَرَّ حديثه في باب: لا صفر (¬2). 5771 - وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، بَعْدُ يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ" وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأَوَّلِ، قُلْنَا: أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ: "لَا عَدْوَى" فَرَطَنَ بِالحَبَشِيَّةِ، قَال أَبُو سَلَمَةَ: فَمَا رَأَيْتُهُ نَسِيَ حَدِيثًا غَيْرَهُ. [5774 - مسلم: 2221 - فتح 10/ 241] (بعد) أي: بعد أن سمع من أبي هريرة (لا عدوى. .) إلخ. (لا ¬

_ (¬1) سبق برقم (5445) كتاب: الأطعمة، باب: العجوة. (¬2) سبق برقم (5717) كتاب: الطب، باب: لا صفر وهو داء يأخذ البطن.

54 - باب لا عدوى

يوردن) بكسر الراء وبنون التأكيد الثقيلة. (ممرض) بكسر الراء أي: من له إبل مرضى. (على مصح) بكسر الصاد أي: من له إبل صحيحة. و (لا يوردن) من له إبل مرضى على إبل غيره الصحيحة. ولا يعارض هذا قوله: (لا عدوى)؛ لأن المراد كما قال النووي (¬1) بذاك: نفي ما كانوا يعتقدونه، أن المرض يعدي بطبعه ولم يَنْفِ حصول الضرر عند ذلك بقدر الله وفعله، وبقوله: (لا يوردن) الإرشاد إلى مجانبة ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله وقدره، وقيل: (لا يوردن) منسوخ بـ (لا عدوى) (حديث الأول) الإضافة فيه من إضافة الموصوف إلى صفته، وفي نسخة: "الحديث الأول". (فرطن بالحبشية) أي: بما لا يفهم. (فما رأيته نسي حديثًا غيره) قيل: لعل هذا من الأحاديث التي سمعها أبو هريرة قبل بسط ردائه وضمه (¬2). 54 - باب لَا عَدْوَى. (باب: لا عدوى) أي: باب ذكر ذلك. 5772 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَحَمْزَةُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاثٍ: فِي الفَرَسِ، وَالمَرْأَةِ، وَالدَّارِ". [انظر: 2099 - مسلم: 2225 - فتح 10/ 243] (ابن وهب) هو عبد الله. (إنما الشؤم في ثلاث) الحصر فيه هنا بالنظر إلى العادة لا إلى الواقع، ومَرَّ الحديث في باب: لا طيرة (¬3). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 14/ 213 - 214. (¬2) سبق برقم (119) كتاب: العلم، باب: حفظ العلم. (¬3) سبق برقم (5753) كتاب: الطب، باب: الطيرة.

55 - باب ما يذكر في سم النبي صلى الله عليه وسلم

5773 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا عَدْوَى". [انظر: 5707 - مسلم: 2220 - فتح 10/ 243] 5774 - قَال أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تُورِدُوا المُمْرِضَ عَلَى المُصِحِّ". [انظر: 5771 - مسلم: 2221 - فتح 10/ 243] 5775 - وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا عَدْوَى" فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَال: أَرَأَيْتَ الإِبِلَ، تَكُونُ فِي الرِّمَالِ أَمْثَال الظِّبَاءِ، فَيَأْتِيهَا البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَتَجْرَبُ؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟ ". [انظر: 5707 - مسلم: 2220 - فتح 10/ 243] (شعيب) أي: ابن أبي حمزة، ومَرَّ الحديث في باب: لا صفر (¬1). 5776 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ" قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَال: "كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ". [انظر: 5756 - مسلم: 2224 - فتح 10/ 244] (ابن جعفر) هو محمد المشهور بغندر، وصرح باسمه في نسخة، ومَرَّ حديثه في باب: الفأل (¬2). 55 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي سُمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 4428] (باب: ما يذكر في سم النبي - صلى الله عليه وسلم -) بتثليث سين (سُمِّ). 5777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (5757) كتاب: الطب، باب: لا هامة ولا صفر. (¬2) سبق برقم (5756) كتاب: الطب، باب: الفأل.

56 - باب شرب السم والدواء به وبما يخاف منه

أَنَّهُ قَال: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ، أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سَمٌّ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْمَعُوا لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنَ اليَهُودِ" فَجُمِعُوا لَهُ، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ". فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِمِ، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَبُوكُمْ" قَالُوا: أَبُونَا فُلانٌ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلانٌ" فَقَالُوا: صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ، فَقَال: "هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ" فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا، قَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَهْلُ النَّارِ" فَقَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا، ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْسَئُوا فِيهَا، وَاللَّهِ لَا نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا". ثُمَّ قَال لَهُمْ: "فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ" قَالُوا: نَعَمْ، فَقَال: "هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سَمًّا؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَال: "مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ" فَقَالُوا: أَرَدْنَا: إِنْ كُنْتَ كَذَّابًا نَسْتَرِيحُ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. [انظر: 3169 - فتح 10/ 244] (أهديت) بالبناء للمفعول، والمُهِدي: امرأة يهودية اسمها: زينب بنت الحارث. (وبررت) بكسر الأولى وحكي فتحها: أحسنت، ومَرَّ حديث الباب في الجزية والمغازي (¬1). 56 - بَابُ شُرْبِ السُّمِّ وَالدَّوَاءِ بِهِ وَبِمَا يُخَافُ مِنْهُ (باب: شرب السم والدواء) أي: والتداوي بها. (وما يخاف) أي: (منه). (والخبيث) أي: وبالخبيث. 5778 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3169) كتاب: الجزية والموادعة، باب: إذا غدر المشركون بالمسلمين، هل يعفى عنهم؟ و (4249) كتاب: المغازي، باب: الشاة التي سُمت للنبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر.

57 - باب ألبان الأتن

تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا". [انظر: 1365 - مسلم: 109 - فتح 10/ 247] (عن سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (ذكوان) هو أبو صالح السمان. (من تردى) أي: أسقط نفسه (فيه) القياس: (فيها) أي: في نار جهنم. (ومن تحسى) أي: تجرع. (يجأ) بفتح التحتية والجيم وبالهمز مقصورًا، وأصله: يوجأ حذفت الواو، لوقوعها بين ياء وكسرة، ثم فتحت الجيم؛ لأجل الهمزة. (خالدًا مخلدًا فيها أبدًا) هو مع الذين قبله محمول على المكث الطويل، أو على من استحل ذلك. 5779 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ أَبُو بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتِ عَجْوَةٍ، لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ اليَوْمَ سَمٌّ، وَلَا سِحْرٌ". [انظر: 5445 - مسلم: 2047 - فتح 10/ 247] (محمد) أي: "ابن سلام" كما في نسخة. (عجوة) بالجر عطف بيان، وبالنصب على الحال، ومَرَّ الحديث آنفا (¬1). 57 - بَابُ أَلْبَانِ الأُتُنِ (باب: ألبان الأتن) بضم الهمزة والفوقية وقد تسكن: جمع أتان: وهي الحمارة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5769) كتاب: الطب، باب: الداء بالعجوة للسحر.

58 - باب إذا وقع الذباب في الإناء

5780 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ" قَال الزُّهْرِيُّ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ حَتَّى أَتَيْتُ الشَّأْمَ. [انظر: 5530 - مسلم: 1932 - فتح 10/ 249] (سفيان) أي: ابن عيينة. (من السبع) في نسخة: "من السباع". (ولم أسمعه) أي: الحديث المذكور. 5781 - وَزَادَ اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: وَسَأَلْتُهُ هَلْ نَتَوَضَّأُ أَوْ نَشْرَبُ أَلْبَانَ الأُتُنِ، أَوْ مَرَارَةَ السَّبُعِ، أَوْ أَبْوَال الإِبِلِ؟ قَال: قَدْ كَانَ المُسْلِمُونَ يَتَدَاوَوْنَ بِهَا، فَلَا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا، فَأَمَّا أَلْبَانُ الأُتُنِ: فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُحُومِهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَلْبَانِهَا أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ، وَأَمَّا مَرَارَةُ السَّبُعِ: قَال ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلانِيُّ، أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيَّ، أَخْبَرَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ". [انظر: 5530 - مسلم: 1932 - فتح 10/ 249] (وسألته) أي: أبا إدريس، ومَرَّ الحديث في الذبائح (¬1). 58 - بَابُ إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي الإِنَاءِ (باب: إذا وقع الذباب في الإناء) جواب (إذا) محذوف أي: فليغمسه أخذًا مما يأتي، و (الذباب) بمعجمة: جمع ذُبَابَة لا ذِبَّانَة كما تقوله العامة ويجمع (الذباب) على أذبَّة، وذِبَّان بالكسر، كغِربَان، وذُبّ بالضم قاله في "القاموس" (¬2). 5782 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (5530) كتاب: الذبائح والصيد، باب: أكل كل ذي ناب من السباع. (¬2) "القاموس" مادة [ذبب] ص 85.

مَوْلَى بَنِي تَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، مَوْلَى بَنِي زُرَيْقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً، وَفِي الآخَرِ دَاءً". [انظر: 3320 - فتح 10/ 250] (قتيبة) أي: ابن سعيد، ومَرَّ حديث الباب في بدء الخلق (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3320) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه.

77 - كتاب اللباس

77 - كتاب اللِّبَاسِ

1 - باب قول الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده} [الأعراف: 32]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 77 - كتاب اللِّبَاسِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (كتاب اللباس) أي: بيان حكمه. 1 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32]. قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ. وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "كُلْ مَا شِئْتَ، وَالبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ. (باب: قول الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}) في نسخة: "باب: قال الله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} الآية" (في غير إسراف) أي: مجاوزة حد. (ولا مخيلة) بفتح الميم أي: تكبر (ما أخطأتك) أي: تجاوزت عنك. 5783 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: يُخْبِرُونَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ". [انظر: 3665 - مسلم: 2085 - فتح 10/ 252] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (يخبرونه) أي: مالكا. (خيلاء) أي: عجبًا وكبرا. 2 - بَابُ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ مِنْ غَيْرِ خُيَلاءَ (باب: من جر إزاره من غير خيلاء) أي: لا بأس به. 5784 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ

3 - باب التشمير في الثياب

إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ" قَال أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي، إلا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلاءَ". [انظر: 3665 - مسلم: 2085 - فتح 10/ 254] (زهير) أي: ابن معاوية. (قال أبو بكر: يا رسول الله، إن أحد شقي إزاري يسترخي) سبب استرخائه أن أبا بكر كان رجلًا أحنى نحيفًا لا يستمسك بإزاره؛ وأحنى بمهملة، وبجيم، يقال: رجل أحنى الظهر وإحناؤه بالهمز أي: في ظهره أحديداب، ومَر الحديث في فضائل أبي بكر (¬1). 5785 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلًا، حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ، وَثَابَ النَّاسُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَجُلِّيَ عَنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، وَقَال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا، وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا". [انظر: 1040 - فتح 10/ 254] (محمد) أي: ابن سلام، أو ابن المثنى. (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي. (عن يونس) أي: ابن عبيد. (عن أبي بكرة) هو نفيع بن الحارث الثقفي. (فجلى) أي: كشف. (عنها) أي: عن الشمس، ومَر الحديث في كتاب: الكسوف (¬2). 3 - بَابُ التَّشْمِيرِ فِي الثِّيَابِ (باب: التشمير في الثياب) أي: بيان حكم رفع أسفلها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3665) كتاب: فضائل الصحابة، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذا خليلا". (¬2) سبق برقم (1040) كتاب: الكسوف، باب: الصلاة في كسوف الشمس.

4 - باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار

5786 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَال: فَرَأَيْتُ بِلالًا جَاءَ بِعَنَزَةٍ فَرَكَزَهَا، ثُمَّ أَقَامَ الصَّلاةَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "خَرَجَ فِي حُلَّةٍ مُشَمِّرًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ إِلَى العَنَزَةِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ وَرَاءِ العَنَزَةِ". [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح 10/ 256] (إسحاق) أي: ابن راهويه. (ابن شميل) هو النضر. (فرأيت) معطوف على مقدر، ذكره مع ذكر الحديث بتمامه في أوائل الصلاة (¬1). 4 - بَابُ مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّارِ (باب: ما أسفل من الكعبين فهو في النار) أي: إذا كان ذلك للخيلاء. 5787 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ". [فتح 10/ 256] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) (ما) موصولة وبعض صلته محذوف وهو كان، و (أسفل) بالنصب خبر كان، وبالرفع خبر مبتدإِ محذوف أي: ما هو أسفل، خبره (ففي النار)، ودخلت الفاء فيه لتضمن (ما) معنى الشرط، ومن الأولى؛ لابتداء الغاية، والثانية للبيان، والمراد: كما قال الخطابي: إن الموضع الذي يناله الإزار من أسفل الكعبين من رجله في النار كنى بالثوب عن بدن لابسه، وقد أولوا على وجهين: أن ¬

_ (¬1) سبق برقم (376) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في الثوب الأحمر.

5 - باب من جر ثوبه من الخيلاء

ما دون الكعبين من قدم صاحبه في النار عقوبة له، أو أن فعله ذلك محسوب في جملة أفعال أهل النار (¬1). 5 - بَابُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الخُيَلاءِ (باب: من جر ثوبه من الخيلاء) (مِنْ) للتعليل (¬2). 5788 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا". [مسلم: 2087 - فتح 10/ 257] (عن أبي الزناد) وهو عبد الله بن ذكوان. (بطرًا) أي: تكبرًا. 5789 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". [5790 - مسلم: 2088 - فتح 10/ 258] (بينما رجل) هو قارون، أو الهيزن: رجل من أعراب فارس وهم الترك. (مرجل) أي: مسرح شعره. (جمته) بضم الجيم وتشديد الميم: مجتمع شعر رأسه المتدلي إلى المنكبين. (يتجلجل) بجيمين مفتوحتين أي: يتحرك أو يسوخ في الأرض، ومَرَّ الحديث في ذكر سورة بني إسرائيل. 5790 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ، إِذْ خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلَّلُ فِي الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" تَابَعَهُ يُونُسُ، عَنِ ¬

_ (¬1) انظر: "أعلام المحدثين" 3/ 2144. (¬2) ومجيء (من) للتعليل أي: للسبب، قال به الكوفيون، وتبعهم بعض النحاة، ورد ذلك البصريون.

6 - باب الإزار المهدب

الزُّهْرِيِّ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 3485 - فتح 10/ 258] حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ، قَال: كُنْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - عَلَى بَابِ دَارِهِ - فَقَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [انظر: 5789 - مسلم: 2088 - فتح 10/ 258] (تابعه) أي: عبد الرحمن بن خالد. 5791 - حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: لَقِيتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ - عَلَى فَرَسٍ، وَهُوَ يَأْتِي مَكَانَهُ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ - فَحَدَّثَنِي فَقَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مَخِيلَةً لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ" فَقُلْتُ لِمُحَارِبٍ: أَذَكَرَ إِزَارَهُ؟ قَال: مَا خَصَّ إِزَارًا وَلَا قَمِيصًا تَابَعَهُ جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَزَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال: اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَقُدَامَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ". [انظر: 3665 - مسلم: 2085 - فتح 10/ 258] (شبابة) أي: ابن سوار الفزاري. (لم ينظر الله إليه) أي: لم يرحمه. (أذكر) أي: عبد الله بن عمر. (ما خص إزارا ولا قميصًا) أي: بل عبر بالثوب الشامل لهما ولغيرهما. (تابعه) أي: محارب بن دثار. (وتابعه) أي: نافعا. 6 - بَابُ الإِزَارِ المُهَدَّبِ وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَحَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَمُعَاويَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: "أَنَّهُمْ لَبِسُوا ثِيَابًا مُهَدَّبَةً". (باب: الإزار المهدب) بضم الميم وفتح الهاء، والمهملة المشددة أي: الذي له هدب جمع هدبة: وهي ما على أطراف الثياب من سدي بلا لحمة.

7 - باب الأردية

5792 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ القُرَظِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَالِسَةٌ، وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ تَحْتَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي، فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إلا مِثْلُ هَذِهِ الهُدْبَةِ، وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ جِلْبَابِهَا، فَسَمِعَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَوْلَهَا وَهُوَ بِالْبَابِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، قَالتْ: فَقَال خَالِدٌ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلا تَنْهَى هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَلَا وَاللَّهِ مَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّبَسُّمِ، فَقَال لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ، لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ" فَصَارَ سُنَّةً بَعْدُ. [انظر: 2639 - مسلم: 1433 - فتح 10/ 264] (امرأة رفاعة) اسمها: تميمة بنت وهب. (فبت طلاقي) أي: طلقني ثلاثا. (ابن الزبير) بفتح الزاي. (من جلبابها) قال النضر: هو ثوب أقصر من الخمار وأعرض منه. (حتى يذوق) إلى آخر كناية عن الجماع. (بعد) في نسخة: "بعده" ومَر الحديث في كتاب: الطلاق (¬1). 7 - بَابُ الأَرْدِيَةِ وَقَال أَنَسٌ: "جَبَذَ أَعْرَابِيٌّ رِدَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 3149] (باب: الأردية) جمع رداء بالمد: وهو ما يوضع من الثياب بين الكتفين. (جبذ) بجيم فموحدة فمعجمة وهو بمعنى: جذب. 5793 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (5260) كتاب: الطلاق، باب: من أجاز طلاق الثلاث.

8 - باب لبس القميص

فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ". [انظر: 2089 - مسلم: 1979 - فتح 10/ 265] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد. (فدعا) عطف على مقدر، مَر بيانه مع الحديث في باب: فرض الخمس (¬1). (فأذنوا) أي: حمزة ومن معه، وفي نسخة: "فأذن" أي: حمزة. 8 - باب لُبْسِ القَمِيصِ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى حِكَايَةً عَنْ يُوسُفَ: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} [يوسف: 93]. (باب: لُبسِ القميص) أراد أن لبسه ليس بحادث، وإن كان الشائع في العرب لبس الإزار والرداء. (وقول الله) عطف على لُبْس. 5794 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيصَ، وَلَا السَّرَاويلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا الخُفَّيْنِ، إلا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنَ الكَعْبَيْنِ". [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح 10/ 266] (حماد) أي: ابن زيد. (عن أيوب) أي: السختياني. (ما) مبتدأ، أي: أي شيء. (يلبس المحرم) خبره. ومَر الحديث في العلم، والحج (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3091) كتاب: فرض الخمس، باب: فرض الخمس. (¬2) سبق برقم (134) كتاب: العلم، باب: من أجاب السائل بأكثر مما سأله. و (1542) كتاب: الحج، باب: ما لا يلبس المحرم من الثياب.

9 - باب جيب القميص من عند الصدر وغيره

5795 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، وَوُضِعَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ". [انظر: 1270 - مسلم: 2773 - فتح 10/ 266] (والله أعلم) في نسخة: "فالله أعلم" بالفاء، أي: الله أعلم بسبب فعله - صلى الله عليه وسلم - مع ابن أبي ما ذكر، ومَر الحديث في الجنائز (¬1). 5796 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، جَاءَ ابْنُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ. فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، وَقَال: "إِذَا فَرَغْتَ مِنْهُ فَآذِنَّا" فَلَمَّا فَرَغَ آذَنَهُ بِهِ، فَجَاءَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَجَذَبَهُ عُمَرُ فَقَال: أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى المُنَافِقِينَ، فَقَال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] فَنَزَلَتْ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] فَتَرَكَ الصَّلاةَ عَلَيْهِمْ. [انظر: 1269 - مسلم: 2400 - فتح 10/ 266] (صدقة) أي: ابن الفضل. (عن عبيد الله) أي: ابن عمر العمري، ومَرَّ الحديث في سورة براءة (¬2). 9 - بَابُ جَيْبِ القَمِيصِ مِنْ عِنْدِ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ (باب: جيب القميص من عند الصدر وغيره) أي: يقور عندهما. 5797 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1270) كتاب: الجنائز، باب: الكفن في القميص الذي يُكف أو لا يُكف. (¬2) سبق برقم (4670) كتاب: "التفسير"، باب: قوله: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ}.

عَنْ الحَسَنِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلَ البَخِيلِ وَالمُتَصَدِّقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، قَدِ اضْطُرَّتْ أَيْدِيهِمَا إِلَى ثُدِيِّهِمَا وَتَرَاقِيهِمَا، فَجَعَلَ المُتَصَدِّقُ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ انْبَسَطَتْ عَنْهُ، حَتَّى تَغْشَى أَنَامِلَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَجَعَلَ البَخِيلُ كُلَّمَا هَمَّ بِصَدَقَةٍ قَلَصَتْ، وَأَخَذَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ بِمَكَانِهَا" قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِإِصْبَعِهِ "هَكَذَا فِي جَيْبِهِ، فَلَوْ رَأَيْتَهُ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَوَسَّعُ" تَابَعَهُ ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الأَعْرَجِ: "فِي الجُبَّتَيْنِ" وَقَال حَنْظَلَةُ: سَمِعْتُ طَاوُسًا: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: "جُبَّتَانِ" وَقَال جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ الأَعْرَجِ: "جُبَّتَانِ". [انظر: 1443 - مسلم: 1021 - فتح 10/ 267] (عن الحسن) أي: ابن مسلم بن يَنَّاق. (عن طاوس) أي: اليماني. (قد اضطرت) بالبناء للمفعول. (أيديهما) نائب الفاعل، أي: أمسكت أيديهما في الموضع الذي ضاق عليهما وهو الثدي والتراقي، وفي نسخة: بالبناء للفاعل، ونصب أيديهما على المفعولية أي: أمسكت الجبة أيديهما في الموضع المذكور. (إلى ثديها) بضم المثلثة وكسر المهملة وتشديد التحتية؛ جمع ثدي، وفي نسخة: (إلى ثديهما) بفتح المثلثة وسكون المهملة وفتح الياء الأولى تثنية ثدي. (وتراقيهما) جمع ترقوة بفتح القاف. العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق (وتعفو أثره) بفتح الهمزة والمثلثة أي: تمحو أثر مشيه لطولها. (قلصت) أي: تأخرت وانضمت. (في جيبه) بجيم مفتوحة فتحتية ساكنة، وفي نسخة: "جبه" بجيم مضمومة فباء مشددة. (فلو رأيته) جواب (لو) محذوف أي: لتعجب منه، أو نحو ذلك، ومَرَّ الحديث في الزكاة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1443) كتاب: الزكاة، باب: مثل المتصدق والبخيل.

10 - باب من لبس جبة ضيقة الكمين في السفر

(تابعه) أي: الحسن بن مسلم. (وقال حنظلة) أي: ابن أبي سفيان المكي. (جعفر) أي: ابن ربيعة، وقيل: ابن حبان. (جنتان) بنون بدل الموحدة: تثنية جنة: وهي الوقاية. 10 - بَابُ مَنْ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ (باب: من لبس جبة ضيقة الكمين في السفر) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5798 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو الضُّحَى، قَال: حَدَّثَنِي مَسْرُوقٌ، قَال: حَدَّثَنِي المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَال: "انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَتَلَقَّيْتُهُ بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ، فَكَانَا ضَيِّقَيْنِ، فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الجُبَّةِ فَغَسَلَهُمَا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَعَلَى خُفَّيْهِ". [انظر: 182 - مسلم: 274 - فتح 10/ 268] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (مسروق) أي: ابن الأجدع. (شامية) بتشديد الياء ويجوز تخفيفها، ومَرَّ حديث الباب والذي بعده في الوضوء (¬1). 11 - بَابُ لُبْسِ جُبَّةِ الصُّوفِ فِي الغَزْو 5799 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي سَفَرٍ، فَقَال: "أَمَعَكَ مَاءٌ" قُلْتُ: نَعَمْ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فِي سَوَادِ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ، فَأَفْرَغْتُ عَلَيْهِ الإِدَاوَةَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا، حَتَّى أَخْرَجَهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الجُبَّةِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (182) كتاب: الوضوء، باب: الرجل يوضئ صاحبه.

12 - باب القباء وفروج حرير

أَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَال: "دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ" فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. [انظر: 182 - مسلم: 274 - فتح 10/ 268] (باب: لبس جبة الصوف في الغزو) لفظ (لبس) ساقط من نسخة، (وفي الغزو) ساقط من أخرى. 12 - بَابُ القَبَاءِ وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ وَهُوَ القَبَاءُ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَهُ شَقٌّ مِنْ خَلْفِهِ. (باب: القباء) بفتح القاف والموحدة المخففة وبالمد. (وفروج) بفتح الفاء، وضم الراء مشددة، وبالجيم بالإضافة إلى حرير وعدمها. (وهو) أي: فروج الحرير. (القباء) وسوَّغَ عطفه عليه مع ترادفهما اختلافُ لفظيهما كما في قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157]. (ويقال هو) أي: فروج الحرير. (الذي له شق من خلفه) بفتح الشين وتشديد القاف، وفي نسخة: "الذي شق من خلفه". 5800 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَال: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةً وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا، فَقَال مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيِّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَقَال: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي، قَال: فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، فَقَال: "خَبَأْتُ هَذَا لَكَ" قَال: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَال: رَضِيَ مَخْرَمَةُ. [انظر: 2599 - مسلم: 1058 - فتح 10/ 269] (فقال) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو مخرمة ورجحه شيخنا (¬1)، ومَرَّ الحديث في الهبة، وفي الشهادات (¬2). ¬

_ (¬1) "الفتح " 10/ 270. (¬2) سبق برقم (2599) كتاب: الهبة، باب: كيف يقبض العبد والمتاع. و (2657) كتاب: الشهادات، باب: شهادة الأعمى.

13 - باب البرانس

5801 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ، ثُمَّ صَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا، كَالكَارِهِ لَهُ، ثُمَّ قَال: "لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ" تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ اللَّيْثِ، وَقَال غَيْرُهُ: "فَرُّوجٌ حَرِيرٌ". [انظر: 375 - مسلم: 2075 - فتح 10/ 269] (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله اليزني. (فنزعه نزعا شديدا كالكاره له) أي: لوقوع تحريمه حينئذ ومفهوم (المتقين) حل ذلك للنساء ولو متقيات كما يدل له أيضًا منطوق خبر "هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم" (¬1). ويحل للصبيان أيضًا كما هو معروف في كتب الفقه، ومَرَّ الحديث في الصلاة (¬2). (تابعه) أي: قتيبة بن سعيد. (وقال غيره: فروج حرير) أي: بالتنوين. 13 - باب البَرَانِسِ. (باب: البرانس) جمع برنس بضم الموحدة والنون وهو قلنسوة طويلة من خز بفتح المعجمة وتشديد الزاي: ما غلظ من الديباج، وأصله: من وبر الأرنب. 5802 - وَقَال لِي مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِي قَال: "رَأَيْتُ عَلَى أَنَسٍ، ¬

_ (¬1) رواه النسائي 8/ 160 كتاب: الزينة، باب: تحريم الذهب على الرجال، وابن ماجه (3595) كتاب: اللباس، باب: لبس الحرير والذهب للنساء، وأحمد 1/ 96، وابن حبان 12/ 249 - 250 (5434) كتاب: اللباس وآدابه. وصححه الألباني في: "صحيح ابن ماجه" وغيره. (¬2) سبق برقم (375) كتاب: الصلاة، باب: من صلى في فروج من حرير ثم نزعه.

14 - باب السراويل

بُرْنُسًا أَصْفَرَ مِنْ خَزٍّ". [فتح 10/ 271] 5803 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلْبَسُوا القُمُصَ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاويلاتِ، وَلَا البَرَانِسَ، وَلَا الخِفَافَ، إلا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الوَرْسُ". [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح 10/ 271] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس، ومَرَّ حديث الباب في كتاب: الحج (¬1). 14 - باب السَّرَاويلِ. (باب: السراويل) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5804 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاويلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ". [انظر: 1740 - مسلم: 1178 - فتح 10/ 272] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار، ومَرَّ حديثه في الحج (¬2). 5805 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ إِذَا أَحْرَمْنَا؟ قَال: "لَا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، وَالسَّرَاويلَ، وَالعَمَائِمَ، وَالبَرَانِسَ، وَالخِفَافَ، إلا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ نَعْلانِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا وَرْسٌ". [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح 10/ 272] (لَا تلبسوا القميص) إلى آخره، سئل - صلى الله عليه وسلم - عما يجوز لبسه، فأجاب ¬

_ (¬1) سبق برقم (1542) كتاب: الحج، باب: ما لا يلبس المحرم من الثياب. (¬2) سبق برقم (1740) كتاب: الحج، باب: الخطبة أيام منى.

15 - باب العمائم

بما لا يجوز ليدل بمفهومه على ما يجوز، وإنما عدل عنه إلى ما لا يجوز؛ لأنه أَخْصَرُ وأَحْصَرُ. 15 - باب العَمَائِم. (باب: العمائم) في نسخة: "باب: في العمائم". 5806 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاويلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا وَرْسٌ، وَلَا الخُفَّيْنِ إلا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا فَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ". [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح 10/ 273] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ولا العمامة) لم يذكر في حديثها شيئًا، وقد ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - تعمم بعمامة سوداء أرخى طرفها من كتفيه، وأنه عمم عبد الرحمن بن عوف بعمامة وأرخاها من خلفه قدر أربع أصابع (¬1). وقيل: يرخي من الجانب الأيمن لخبر رواه الطبراني بسند ضعيف (¬2)، لكن قال الحافظ الزين العراقي: المشروع من الأيسر، قلت: وهو الذي تلقيناه من المشايخ فعليه يتخير بين إرخائها بين الكتفين، وبين ¬

_ (¬1) رواه مسلم (1359) كتاب: الحج، باب: جواز دخول مكة بغير إحرام. وأبو داود (4077) كتاب: اللباس، باب: في العمائم. والنسائي 8/ 211 كتاب: الزينة، باب: إرخاء طرف العمامة بين الكتفين. وابن ماجه (3587) كتاب: اللباس، باب: إرخاء العمامة بين الكتفين. (¬2) "المعجم الكبير" 8/ 144 (7641) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي. وذكره الهيثمي في "مجمعه" 5/ 120، كتاب: اللباس، باب: ما جاء في العمائم. وقال: رواه الطبراني، وفيه: جميع بن ثوب، وهو متروك، وضعفه الألباني في: "الضعيفة" (4256).

16 - باب التقنع

الجانب الأيسر وإن كان الأول أولى، ومَرَّ الحديث آنفًا. 16 - بَابُ التَّقَنُّعِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ". [انظر: 3800] وَقَال أَنَسٌ: "عَصَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ". [انظر: 3799] (باب: التقنع) أي: تغطية الرأس أو بعضه. (دسماء) أي: سوداء. (عصب) بتخفيف الصاد (على رأسه حاشية برد). وجه مطابقته للترجمة: أن في عصب الرأس تغطية. 5807 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: هَاجَرَ نَاسٌ إِلَى الحَبَشَةِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي" فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَوَتَرْجُوهُ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَال: "نَعَمْ" فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصُحْبَتِهِ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. قَال عُرْوَةُ: قَالتْ عَائِشَةُ: فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِنَا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَقَال قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، قَال أَبُو بَكْرٍ: فِدًا لَكَ أَبِي وَأُمِّي، وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إلا لِأَمْرٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَال حِينَ دَخَلَ لِأَبِي بَكْرٍ: "أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ" قَال: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَال: "فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ" قَال: فَالصُّحْبَةُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "نَعَمْ" قَال: فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِالثَّمَنِ" قَالتْ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الجِهَازِ، وَضَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَأَوْكَأَتْ بِهِ الجِرَابَ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقِ. ثُمَّ لَحِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ، فَمَكُثَ فِيهِ ثَلاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ

غُلامٌ شَابٌّ لَقِنٌ ثَقِفٌ، فَيَرْحَلُ مِنْ عِنْدِهِمَا سَحَرًا، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكَادَانِ بِهِ إلا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ العِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلِهِمَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلاثِ. [انظر: 476 - فتح 10/ 273] (هشام) أي: ابن يوسف. (على رسلك) أي: على هينتك. (أن يؤذن لي) أي: في الهجرة. (في نحر الظهيرة) أي: في أولها. (فِدا له) في نسخة: "فِدَا لك" (إن جاء به في هذه الساعة إلا لأمر) بكسر اللام وفي نسخة بفتحها فـ (إن) على الأول نافية واللام للتعليل، وعلى الثانية مخففة من الثقيلة، واللام للتأكيد. (فالصحبة) أي: أطلب أو أريد الصحبة. (أحث الجهاز) بمثلثة وجيم مفتوحة أي: أسرعه. (ووضعنا لهما) أي: للنبي وأبي بكر. (سفرة) يأكلان عليها. (من نطاقها) بكسر النون، قال الجوهري: هو شُقَّة تلبسها المرأة، وتشد وسطها، ثم ترسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة والأسفل ينجر على الأرض، وليس لها حُجْزَةٌ ولا نَيْفَقٌ ولا ساقان (¬1). (فأوكت) أي: شدت. (لقن) بكسر القاف أي: سريع الفهم (ثقف) بفتح المثلثة وكسر القاف أي: حاذق. (إلا وعاه) أي: حفظه. (منحة) بكسر الميم أي: شاة تحلب؛ ليشرب لبنها. (فيريحها) أي: يردها إلى المراح، وفي نسخة: "فيريحه" أي: الذي يرعاه (في رسلها) بكسر الراء أي: في لبنها أي: في شربه. (حتى ينعق بهما) بكسر العين أي: يصبح، وفي نسخة: "في رسلهما". بتثنية الضمير بجعله راجعًا ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة [نطق] 4/ 1559.

17 - باب المغفر

إلى النبي وأبي بكر، ومَرَّ الحديث تامًّا في الهجرة (¬1). 17 - باب المِغْفَرِ. (باب: المغفر) بكسر الميم: زرد من الدروع يلبس تحت القلنسوة. 5808 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "دَخَلَ [مَكَّةَ] عَامَ الفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ المِغْفَرُ". [انظر: 1846 - مسلم: 1357 - فتح 10/ -273] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (دخل) أي: "مكة" كما في نسخة، ومَرَّ حديث الباب في الحج والجهاد (¬2). 18 - بَابُ البُرُودِ وَالحِبَرَةِ وَالشَّمْلَةِ وَقَال خَبَّابٌ: "شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ". [انظر: 3612] (باب: البرود) جمع برد وهو: ثوب مخطط تلبسه الأعراب. (والحبر) بكسر المهملة وفتح الموحدة: ضَرْبٌ من بُرُود اليمن. (والشملة) بفتح الشين: كساء يتغطى به (خباب) أي: ابن الأرت. 5809 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ"، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى "نَظَرْتُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3906) كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. (¬2) سبق برقم (1846) كتاب: جزاء الصيد، باب: دخول الحرم ومكة بغير إحرام. و (3044) كتاب: الجهاد والسير، باب: قتل الأسير، وقتل الصبر.

إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ البُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ"، ثُمَّ قَال: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، "فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ". [انظر: 3149 - مسلم: 1057 - فتح 10/ 275] (نجراني) بفتح النون نسبة إلى نجران: بلد باليمن (¬1)، ومَرَّ الحديث في الخمس (¬2). 5810 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ، قَال سَهْلٌ: هَلْ تَدْرِي مَا البُرْدَةُ؟ قَال: نَعَمْ، هِيَ الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا لَإِزَارُهُ، فَجَسَّهَا رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْسُنِيهَا، قَال: "نَعَمْ" فَجَلَسَ مَا شَاءَ اللَّهُ فِي المَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَال لَهُ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلًا، فَقَال الرَّجُلُ: وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهَا إلا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ. قَال سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ. [انظر: 1277 - فتح 10/ 275] (منسوج في حاشيتها) يعني: كأن له حاشية، وفي نسجها مخالفة لنسج أصلها لونا ودقة ورقة. (فجسَّها) بجيم أي: مسها. (رجل من القوم) هو عبد الرحمن بن عوف، ومَرَّ الحديث في الجنائز (¬3). ¬

_ (¬1) نجران بفتح أوله وإسكان ثانيه: مدينة بالحجاز من شق اليمن معروفة، سميت نسبة إلا نجران بن زيد، وهو أول من نزلها. انظر: "معجم ما استعجم" 2/ 1298، "معجم البلدان" 5/ 226. (¬2) سبق برقم (3149) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم. (¬3) سبق برقم (1277) كتاب: الجنائز، باب: من استعد الكفن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر عليه.

19 - باب الأكسية والخمائص

5811 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هِيَ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ القَمَرِ" فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ، يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ، قَال: ادْعُ اللَّهَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ" ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ: "سَبَقَكَ عُكَاشَةُ". [6542 - مسلم: 216 - فتح 10/ 276] (نمرة) أي: شملة. (ثم قام رجل من الأنصار) هو سعد ابن عبادة، ومَرَّ الحديث في الطب. 5812 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: قُلْتُ لَهُ: أَيُّ الثِّيَابِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَهَا؟ قَال: "الحِبَرَةُ". [انظر: 5813 - مسلم: 2079 - فتح 10/ 276] (همام) أي: ابن يحيى. 5813 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَهَا الحِبَرَةَ". [انظر: 5812 - مسلم: 2079 - فتح 10/ 276] (معاذ) أي: الدستوائي. 5814 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ". [مسلم: 942 - فتح 10/ 276] (سجي) أي: غطي. (ببرد حبرة) فالإضافة والصفة. 19 - بَابُ الأَكْسِيَةِ وَالخَمَائِصِ (باب: الأكسية والخمائص) جمع خميصة: وهي كساء من

صوف أسود مرقعة لها أعلام. 5815، 5816 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالا: لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَال وَهُوَ كَذَلِكَ: "لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ" يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. [انظر: 435، 436 - مسلم: 531 - فتح 10/ 277] (نزل) بالبناء للمفعول، ويجوز بناؤه للفاعل وهو مقدر، أي: المرض، ومَرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 5817 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمِيصَةٍ لَهُ لَهَا أَعْلامٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا سَلَّمَ قَال: "اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاتِي، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ، مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ". [انظر: 373 - مسلم: 556 - فتح 10/ 277] (ألهتني) أي: شغلتني. (آنفا) أي: قريبا. (بأنجبانية أبي جهم) بفتح الهمزة: كساء غليظ لا علم له، ومَرَّ الحديث في الصلاة (¬2). 5818 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَال: أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ كِسَاءً وَإِزَارًا غَلِيظًا، فَقَالتْ: "قُبِضَ رُوحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَيْنِ". [انظر: 3108 - مسلم: 2080 - فتح 10/ 277] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1330) كتاب: الجنائز، باب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور. (¬2) سبق برقم (373) كتاب: الصلاة، باب: إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها.

20 - باب اشتمال الصماء

(إسماعيل) أي: ابن علية. (أيوب) أي: السختياني، ومَرَّ حديثه في الخمس (¬1). 20 - بَابُ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ (باب: اشتمال الصماء) هو أن يشتمل الرجل بكساء واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه، فيبدو منه فرجه، أو أن يرده من قبل يمينه على يده وعاتقه الأيسرين، ثم يرده ثانيا من خلفه على يده وعاتقه الأيمنين، فيغطيهما جميعًا، وإنما قيل للهيئة المذكورة. (الصماء) بالمد؛ لأن فاعلها يسد على يديه ورجليه المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع، وهذا واضح على التعريف الثاني دون الأول. 5819 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ، وَعَنْ صَلاتَيْنِ: بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ بِالثَّوْبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ. [انظر: 368 - مسلم: 825، 1511 - فتح 10/ 278] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (عبيد الله) أي: العمري. (عن خبيب) أي: ابن عبد الرحمن. (نهى النبي ..) إلى آخره، مَرَّ في الصلاة (¬2). (وأن يحتبي الرجل) إلى آخره، الاحتباء: أن يجمع الإنسان ظهره وساقيه بعمامته، وقيل: أن يقعد على أليتيه وينصب ساقيه ويحتوي عليهما بثوب واحد. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3108) كتاب: فرض الخمس، باب: ما جاء في بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - وما نسب من البيوت إليهن. (¬2) سبق برقم (368) كتاب: الصلاة، باب: ما يستر من العورة.

21 - باب الاحتباء في ثوب واحد

5820 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ، نَهَى عَنِ المُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ فِي البَيْعِ" وَالمُلامَسَةُ: لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ وَلَا يُقَلِّبُهُ إلا بِذَلِكَ. وَالمُنَابَذَةُ: أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ بِثَوْبِهِ، وَيَنْبِذَ الآخَرُ ثَوْبَهُ، وَيَكُونَ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا عَنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا تَرَاضٍ، وَاللِّبْسَتَيْنِ: اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ، وَالصَّمَّاءُ: أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ، فَيَبْدُو أَحَدُ شِقَّيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ. وَاللِّبْسَةُ الأُخْرَى: احْتِبَاؤُهُ بِثَوْبِهِ وَهُوَ جَالِسٌ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ. [انظر: 367 - مسلم: 1512 - فتح 10/ 278] (نهى رسول الله ..) إلى آخره، مَرَّ في البيوع (¬1)، وقوله: (ولا تراض) أي: بلفظ يدل عليه من إيجاب وقبول. 21 - بَابُ الاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ (باب: الاحتباء في ثوب واحد) مَرَّ بيانه مع حديثي الباب آنفا. 5821 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ: أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ، وَعَنِ المُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ. [انظر: 368 - مسلم: 1511 - فتح 10/ 279] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. 5822 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَال: أَخْبَرَنِي مَخْلَدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ". [انظر: 367 - مسلم: 1512 - فتح 10/ 279] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2144) كتاب البيوع، باب: بيع الملامسة.

22 - باب الخميصة السوداء

(محمد) أي: ابن سلام. (مخلد) بفتح الميم، أي: ابن يزيد الحراني. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. 22 - بَابُ الخَمِيصَةِ السَّوْدَاءِ (باب: الخميصة السوداء) مَر تفسيرها آنفا. 5823 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ فُلانٍ هُوَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ، فَقَال: "مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ" فَسَكَتَ القَوْمُ، قَال: "ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ" فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ، فَأَخَذَ الخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا، وَقَال: "أَبْلِي وَأَخْلِقِي" وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ، فَقَال: "يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَاهْ" وَسَنَاهْ بِالحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ. [انظر: 3071 - فتح 10/ 279] (هو عمرو بن سعيد بن العاص) ساقط من نسخة. (تحمل) بالبناء للمفعول، وإنما حملت؛ لصغرها حينئذ. (وأخلقي) عطفه على (أبْلي) مع أنهما بمعنى؛ لتغاير لفظيهما، وهو عطفُ تفسير. (هذا سناه) إلى آخره كلمها بلسان الحبشية؛ لأنها ولدت بأرضهم، ومَرَّ الحديث في الجهاد (¬1). 5824 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "لَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ، قَالتْ لِي: يَا أَنَسُ، انْظُرْ هَذَا الغُلامَ، فَلَا يُصِيبَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَنِّكُهُ، فَغَدَوْتُ بِهِ، فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ، وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ حُرَيْثِيَّةٌ، وَهُوَ يَسِمُ الظَّهْرَ الَّذِي قَدِمَ عَلَيْهِ فِي الفَتْحِ". [انظر: 1502 - مسلم: 2119 - فتح 10/ 279] (ابن عدي) هو محمد. (عن ابن عون) هو عبد الله. (عن محمد) ¬

_ (¬1) سبق برقم (3071) كتاب: الجهاد والسير، باب: من تكلم بالفارسية والرطانة.

23 - باب ثياب الخضر

أي: ابن سيرين. (حائط) أي: بستان. (حريثية) بضم المهملة وكسر المثلثة: نسبة إلى حريث رجل من قضاعة، وفي نسخة: "حوتكية" بمهملة مفتوحة فواو ساكنة ففوقية مفتوحة فكاف مكسورة أي: صغيرة كرجل حوتكي أي: صغير، وفي أخرى: "جونية" بجيم مفتوحة ونون مكسورة نسبة إلى الجون وهو قبيلة، أو إلى لونها من السواد والبياض؛ لأن الجون لغة مشتركة بين الأسود والأبيض، ومَرَّ الحديث في العقيقة (¬1). 23 - بَابُ ثِيَابِ الخُضْرِ (باب: ثياب الخضر) بالإضافة. 5825 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ القُرَظِيُّ، قَالتْ عَائِشَةُ: وَعَلَيْهَا خِمَارٌ أَخْضَرُ، فَشَكَتْ إِلَيْهَا وَأَرَتْهَا خُضْرَةً بِجِلْدِهَا، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، قَالتْ عَائِشَةُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا يَلْقَى المُؤْمِنَاتُ؟ لَجِلْدُهَا أَشَدُّ خُضْرَةً مِنْ ثَوْبِهَا. قَال: وَسَمِعَ أَنَّهَا قَدْ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا، قَالتْ: وَاللَّهِ مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ، إلا أَنَّ مَا مَعَهُ لَيْسَ بِأَغْنَى عَنِّي مِنْ هَذِهِ، وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهَا، فَقَال: كَذَبَتْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأَدِيمِ، وَلَكِنَّهَا نَاشِزٌ، تُرِيدُ رِفَاعَةَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ تَحِلِّي لَهُ، أَوْ: لَمْ تَصْلُحِي لَهُ حَتَّى يَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِكِ " قَال: وَأَبْصَرَ مَعَهُ ابْنَيْنِ لَهُ، فَقَال: "بَنُوكَ هَؤُلاءِ" قَال: نَعَمْ، قَال: "هَذَا الَّذِي تَزْعُمِينَ مَا تَزْعُمِينَ، فَوَاللَّهِ، لَهُمْ أَشْبَهُ بِهِ مِنَ الغُرَابِ بِالْغُرَابِ". [انظر: 2639 - مسلم: 1433 - فتح 10/ 281] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (أيوب) أي: ¬

_ (¬1) سبق برقم (5470) كتاب: العقيقة، باب تسمية المولود.

24 - باب الثياب البيض

السختياني. (بنوك). أطلق الجمع على الاثنين بناء على أن أقل الجمع اثنان، ومَرَّ الحديث في الطلاق (¬1). 24 - بَابُ الثِّيَابِ البِيضِ (باب: الثياب البيض) أي: بيان ما جاء فيها. 5826 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ، قَال: "رَأَيْتُ بِشِمَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَمِينِهِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يَوْمَ أُحُدٍ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ". [انظر: 4054 - مسلم: 2306 - فتح 10/ 282] (مسعر) أي: ابن كدام. (عن سعد) أي: ابن أبي وقاص. (رجلين) أي: ملكين تشكلا بشكل رجلين: وهما جبريل، وميكائيل، ومَر الحديث في غزوة أحد (¬2). 5827 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنِ الحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ، وَهُوَ نَائِمٌ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقَال: "مَا مِنْ عَبْدٍ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إلا دَخَلَ الجَنَّةَ " قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَال: "وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ" قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَال: "وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ" قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَال: "وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ" وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا قَال: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا عِنْدَ المَوْتِ، أَوْ قَبْلَهُ إِذَا تَابَ وَنَدِمَ، وَقَال: ¬

_ (¬1) سبق برقم (5260) كتاب: الطلاق، باب: من أجاز طلاق الثلاث. (¬2) سبق برقم (4054) كتاب: المغازي، باب: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا}.

25 - باب لبس الحرير وافتراشه للرجال، وقدر ما يجوز منه

لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، غُفِرَ لَهُ. [انظر: 1237 - مسلم: 94 - فتح 10/ 283] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. 25 - بَابُ لُبْسِ الحَرِيرِ وَافْتِرَاشِهِ لِلرِّجَالِ، وَقَدْرِ مَا يَجُوزُ مِنْهُ (باب: لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه) لفظ (وافتراشه) ساقط من نسخة. 5828 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ، وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ بِأَذْرَبِيجَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنِ الحَرِيرِ إلا هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَ، قَال: فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الأَعْلامَ. [5829، 5830، 5834، 5835 - مسلم: 2069 - فتح 10/ 284] (بأذربيجان) بفتح الهمزة والقصر وسكون المعجمة وفتح الراء وبفتح الهمزة وبالمد وفتح المعجمة وسكون الراء، وقال الكرماني: وأهلها يقولون: بفتح الهمزة والمد وفتح المعجمة وإسكان الراء وفتح الموحدة وبالألف وكسر التحتية: وهو إقليم معروف وراء العراق (¬1). 5829 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ، وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ إلا هَكَذَا، وَصَفَّ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِصْبَعَيْهِ، وَرَفَعَ زُهَيْرٌ الوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ". [انظر: 5828 - مسلم: 2069 - فتح 10/ 284] 5830 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يُلْبَسُ الحَرِيرُ فِي الدُّنْيَا إلا لَمْ يُلْبَسْ فِي الآخِرَةِ مِنْهُ". ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 21/ 79، انظر: "معجم البلدان" 1/ 128.

حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ وَأَشَارَ أَبُو عُثْمَانَ، بِإِصْبَعَيْهِ: المُسَبِّحَةِ وَالوُسْطَى. [انظر: 5828 - مسلم: 2069 - فتح 10/ 284] (يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (عن التيمي) هو سليمان بن طرخان. (عن أبي عثمان) أي: النهدي. (لا يلبس) بالبناء للمفعول. 5831 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَال: كَانَ حُذَيْفَةُ، بِالْمَدَايِنِ، فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ، فَرَمَاهُ بِهِ وَقَال: إِنِّي لَمْ أَرْمِهِ إلا أَنِّي نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ، وَالحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ، هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ". [انظر: 5426 - مسلم: 2067 - فتح 10/ 284] (عن ابن أبي ليلى) هو عبد الرحمن. (حذيفة) أي: ابن اليمان. (بالمدائن) هو اسم مدينة كانت دار مملكة الأكاسرة (¬1). (دهقان) بكسر الدال على المشهور، وبضمها وقيل: بفتحها وهو غريب: وهو زعيم الفلاحين، وقيل: زعيم القرية. (هي لهم في الدنيا) بيان للواقع لا تجويز لهم؛ لأنهم مكلفون بالفروع كالمسلمين، ومَرَّ الحديث في كتاب: الأشربة (¬2). 5832 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَال شُعْبَةُ: فَقُلْتُ: أَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال شَدِيدًا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا فَلَنْ يَلْبَسَهُ فِي الآخِرَةِ". [مسلم: 2073 - فتح 10/ 284] (فقلت) أي: لعبد العزيز بن صهيب. (فقال شديدًا) أي: فقال عبد العزيز على سبيل الغضب الشديد. (عن النبي) يعني: أن رفع الحديث شديد. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 74. (¬2) سبق برقم (5632) كتاب: الأشربة، باب: الشرب في آنية الذهب.

26 - باب مس الحرير من غير لبس

5833 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، يَخْطُبُ يَقُولُ: قَال مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ". [فتح 10/ 284] 5834 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي ذِبْيَانَ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ". وَقَال أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ، قَالتْ مُعَاذَةُ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ: سَمِعَ عُمَرَ: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. [انظر: 5828 - مسلم: 2069 - فتح 10/ 284] (عن أبي ذبيان) بضم المعجمة وكسرها وسكون الموحدة. (لم يلبسه) في نسخة: "لن يلبسه". (وقالت معاذة) أي: بنت عبد الله العدوية. (بنت عبد الله) أي: ابن الزبير. 5835 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الحَرِيرِ فَقَالتْ: ائْتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْهُ، قَال: فَسَأَلْتُهُ فَقَال: سَلْ ابْنَ عُمَرَ، قَال: فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَال: أَخْبَرَنِي أَبُو حَفْصٍ يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ" فَقُلْتُ: صَدَقَ، وَمَا كَذَبَ أَبُو حَفْصٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا حَرْبٌ، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي عِمْرَانُ، وَقَصَّ الحَدِيثَ. [انظر: 5828 - مسلم: 2069 - فتح 10/ 285] (جرير) أي: ابن حرب. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. 26 - بَابُ مَسِّ الحَرِيرِ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ وَيُرْوَى فِيهِ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

27 - باب افتراش الحرير

(باب: مس الحرير من غير لبس) أي: له. (ويروى) أي: مس الحرير. (عن الزبيدي) بضم الزاي محمد بن الوليد. 5836 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبُ حَرِيرٍ، فَجَعَلْنَا نَلْمُسُهُ وَنَتَعَجَّبُ مِنْهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا" قُلْنَا: نَعَمْ، قَال: "مَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا". [انظر: 3249 - مسلم: 2468 - فتح 10/ 291] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) هو عمرو السبيعي. (تلمسه) بضم الميم أكثر من فتحها وكسرها، ومَر الحديث في مناقب سعد (¬1). 27 - بَابُ افْتِرَاشِ الحَرِيرِ وَقَال عَبِيدَةُ: "هُوَ كَلُبْسِهِ". (باب: افتراش الحرير) أي: للجلوس عليه. (وقال عبيدة) بفتح العين، أي: ابن عمرو السلماني. (هو) أي: افتراش الحرير. 5837 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ". [انظر: 5426 - مسلم: 2067 - فتح 10/ 291] (عليّ) أي: ابن المديني، ومَر الحديث في الأطعمة والأشربة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3802) كتاب: المناقب، باب: مناقب سعد بن معاذ. (¬2) سبق برقم (5426) كتاب: الأطعمة، باب: الأكل في إناء مفضض. و (5632) كتاب: الأشربة، باب: الشرب في آنية الذهب.

28 - باب لبس القسي

28 - بَابُ لُبْسِ القَسِّيِّ وَقَال عَاصِمٌ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَال: قُلْتُ: لِعَلِيٍّ: مَا القَسِّيَّةُ؟ قَال: ثِيَابٌ أَتَتْنَا مِنَ الشَّأْمِ، أَوْ مِنْ مِصْرَ، مُضَلَّعَةٌ فِيهَا حَرِيرٌ وَفِيهَا أَمْثَالُ الأُتْرُنْجِ، وَالمِيثَرَةُ: كَانَتِ النِّسَاءُ تَصْنَعُهُ لِبُعُولَتِهِنَّ، مِثْلَ القَطَائِفِ يُصَفِّرْنَهَا " وَقَال جَرِيرٌ: عَنْ يَزِيدَ فِي حَدِيثِهِ: القَسِّيَّةُ: ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ يُجَاءُ بِهَا مِنْ مِصْرَ فِيهَا الحَرِيرُ، وَالمِيثَرَةُ: جُلُودُ السِّبَاعِ قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "عَاصِمٌ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ فِي المِيثَرَةِ". (باب: لبس القسي) بفتح القاف وتشديد المهملة: نسبة إلى القس بلد على ساحل البحر بالقرب من دمياط. (عاصم) أي: ابن كليب. (مثل القطائف) جمع قطيفة: وهي الكساء المخمل. (يصفرنها) بصاد مهملة من التصغير، وفي نسخة: "يصفونها" أي: يجعلونها مصفوفة تحت السرج يوطئون بها تحته، وقيل: هي أغطية السروج. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن يزيد) أي: ابن أبي زياد (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (عاصم) روايته (أكثر) طرقًا. (وأصح في الميثرة) أي: في تفسيرها من تفسير جرير: بجلود السباع، وقوله: (قال أبو عبد الله) إلخ ساقط من نسخة. 5838 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَال: "نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المَيَاثِرِ الحُمْرِ وَالقَسِّيِّ". [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 10/ 292] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (سفيان) أي: الثوري. (والقسي) في نسخة: "عن القسي" ومَرَّ الحديث في كتاب: المرضى (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5650) كتاب: المرضى، باب: وجوب عيادة المريض.

29 - باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة

29 - بَابُ مَا يُرَخَّصُ لِلرِّجَالِ مِنَ الحَرِيرِ لِلْحِكَّةِ (باب: ما يرخص للرجال من الحرير للحكة) هو نوع من الجرب. 5839 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي لُبْسِ الحَرِيرِ، لِحِكَّةٍ بِهِمَا". [انظر: 2919 - مسلم: 2076 - فتح 10/ 295] (محمد) أي: ابن سلام. (وكيع) أي: ابن الجراح. (للزبير) أي: ابن العوام. (وعبد الرحمن) أي ابن عوف، ومَرَّ الحديث في الجهاد (¬1). 30 - باب الحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ. (باب: الحرير للنساء) أي: بيان جواز استعماله لهن. 5840 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "كَسَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً سِيَرَاءَ، فَخَرَجْتُ فِيهَا، فَرَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي". [انظر: 2614 - مسلم: 2071 - فتح 10/ 296] (ح) للتحويل. (غندر) هو لقب محمد بن جعفر. (على نسائي) في رواية: "على الفواطم" (¬2) أي: فاطمة الزهراء، وفاطمة بنت أسد بن هاشم والدة عليّ، وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب، وفي عد الأخيرتين من نسائه تجوز، فالمراد بنسائه: اللاتي ¬

_ (¬1) سبق برقم (2919) كتاب: الجهاد والسير، باب: الحرير في الحرب. (¬2) رواها مسلم (2071) كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال. وابن ماجه (3596) كتاب: اللباس، باب: لبس الحرير والذهب.

31 - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجوز من اللباس والبسط

يقربن منه، ففيه: جمع بين الحقيقة والمجاز هو جائز عند الشافعي -رحمه الله- ومَر الحديث في: الهبة (¬1). 5841 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنِي جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ تُبَاعُ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَو ابْتَعْتَهَا تَلْبَسُهَا لِلْوَفْدِ إِذَا أَتَوْكَ وَالجُمُعَةِ؟ قَال: "إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ" وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ حُلَّةً سِيَرَاءَ حَرِيرٍ كَسَاهَا إِيَّاهُ، فَقَال عُمَرُ: كَسَوْتَنِيهَا، وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَقُولُ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ فَقَال: "إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَبِيعَهَا، أَوْ تَكْسُوَهَا". [انظر: 886 - مسلم: 2068 - فتح 10/ 296] (جويرية) أي: ابن أسماء الضبعي. (عن عبد الله) أي: ابن عمر. (أو تكسوها) أي: نساءك. ومَرَّ الحديث في الجمعة والعيدين (¬2). 5842 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "أَنَّهُ رَأَى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ عَلَيْهَا السَّلامُ، بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بُرْدَ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ". [فتح 10/ 296] (رأى على أم كلثوم) بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (برد حرير سيراء) رواية أنس للبرد على أم كلثوم لا يستلزم رؤيته لها، ولو سلم فيحتمل أنه رآها قبل بلوغه، أو قبل نزول الحجاب. 31 - بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَجَوَّزُ مِنَ اللِّبَاسِ وَالبُسْطِ (باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتجوز من اللباس والبسط) معنى التجوز ¬

_ (¬1) سبق برقم (2614) كتاب: الهبة، باب: هدية ما يكره لبسه. (¬2) سبق برقم (886) كتاب: الجمعة، باب: يلبس أحسن ما يجد. و (948) كتاب: العيدين، باب: في العيدين والتجمل فيهما.

منهما: التخفيف، والمعنى: أنه كان يتوسع فيهما فلا يضيق بالاقتصار على صنف منهما. 5843 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: لَبِثْتُ سَنَةً وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ، عَنِ المَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلْتُ أَهَابُهُ، فَنَزَلَ يَوْمًا مَنْزِلًا فَدَخَلَ الأَرَاكَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَأَلْتُهُ فَقَال: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ قَال: كُنَّا فِي الجَاهِلِيَّةِ لَا نَعُدُّ النِّسَاءَ شَيْئًا، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ وَذَكَرَهُنَّ اللَّهُ، رَأَيْنَا لَهُنَّ بِذَلِكَ عَلَيْنَا حَقًّا، مِنْ غَيْرِ أَنْ نُدْخِلَهُنَّ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِنَا، وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ امْرَأَتِي كَلامٌ، فَأَغْلَظَتْ لِي، فَقُلْتُ لَهَا: وَإِنَّكِ لَهُنَاكِ؟ قَالتْ: تَقُولُ هَذَا لِي وَابْنَتُكَ تُؤْذِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُ حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا: إِنِّي أُحَذِّرُكِ أَنْ تَعْصِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهَا فِي أَذَاهُ، فَأَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ لَهَا، فَقَالتْ: أَعْجَبُ مِنْكَ يَا عُمَرُ، قَدْ دَخَلْتَ فِي أُمُورِنَا، فَلَمْ يَبْقَ إلا أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ؟ فَرَدَّدَتْ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدْتُهُ أَتَيْتُهُ بِمَا يَكُونُ، وَإِذَا غِبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدَ أَتَانِي بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَقَامَ لَهُ، فَلَمْ يَبْقَ إلا مَلِكُ غَسَّانَ بِالشَّأْمِ، كُنَّا نَخَافُ أَنْ يَأْتِيَنَا، فَمَا شَعَرْتُ إلا بِالأَنْصَارِيِّ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، قُلْتُ لَهُ: وَمَا هُوَ، أَجَاءَ الغَسَّانِيُّ؟ قَال: أَعْظَمُ مِنْ ذَاكَ، طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، فَجِئْتُ فَإِذَا البُكَاءُ مِنْ حُجَرِهِنَّ كُلِّهَا، وَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَعِدَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَعَلَى بَابِ المَشْرُبَةِ وَصِيفٌ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِي، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ، "فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ مِرْفَقَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِذَا أُهُبٌ مُعَلَّقَةٌ وَقَرَظٌ" فَذَكَرْتُ الَّذِي قُلْتُ لِحَفْصَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَالَّذِي رَدَّتْ عَلَيَّ أُمُّ سَلَمَةَ، "فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَبِثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ثُمَّ نَزَلَ". [انظر: 89 - مسلم: 1479 - فتح 10/ 301] (وإنك لهناك) أي: في هذا المقام حتى تغلظي عليّ. (وتقدمت

32 - باب ما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا

إليها) أي: ودخلت إلى حفصة أولًا قبل الدخول على غيرها. (في أذاه) أي: في قصة إيذائه - صلى الله عليه وسلم -، والمعنى: تقدمت إليها في أذى شخصها وإيلام بدنها بضرب ونحوه. (فجئت) أي: إلى النبي. (فإذا البكاء) موجود. (من حجرها) أي: من حجر نسائه. (وصيف) أي: خادم. (مرفقة) بكسر الميم وفتح الفاء والقاف أي: مخدة. (أهب) بفتحتين: جمع إهاب، وهو الجلد ما لم يدبغ، ومَرَّ الحديث في سورة التحريم (¬1). 5844 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتْنَةِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الخَزَائِنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ، كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ القِيَامَةِ" قَال الزُّهْرِيُّ: "وَكَانَتْ هِنْدٌ لَهَا أَزْرَارٌ فِي كُمَّيْهَا بَيْنَ أَصَابِعِهَا". [انظر: 115 - فتح 10/ 302] (هشام) أي: الصنعاني. (معمر) أي: ابن راشد. (وكانت هند لها أزرار في كميها بين أصابعها) أي: فتزررها خشية أن يبدو من جسدها شيء لِسعة كميها فتدخل في الوعيد المذكور، ومَرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬2). 32 - بَابُ مَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا (باب: ما يدعى لمن لبس ثوبًا جديدًا) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5845 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَتْنِي أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدٍ، قَالتْ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ، قَال: "مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الخَمِيصَةَ" فَأُسْكِتَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4913) كتاب: التفسير، باب: {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}. (¬2) سبق برقم (15) كتاب: العلم، باب: العلم والعظة بالليل.

33 - باب النهي عن التزعفر للرجال

القَوْمُ، قَال: "ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ" فَأُتِيَ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ، وَقَال: "أَبْلِي وَأَخْلِقِي" مَرَّتَيْنِ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الخَمِيصَةِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَيَّ وَيَقُولُ: "يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَا وَيَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَا" وَالسَّنَا بِلِسَانِ الحَبَشِيَّةِ الحَسَنُ قَال إِسْحَاقُ: حَدَّثَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِي: أَنَّهَا رَأَتْهُ عَلَى أُمِّ خَالِدٍ. [انظر: 3071 - فتح 10/ 303] (نكسوها) في نسخة: "نكسو". (رأته) أي: الثوب المفهوم من الخميصة. 33 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ (باب: التزعفر للرجال) أي: النهي عنه في حق الرجال. 5846 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ". [مسلم: 2101 - فتح 10/ 304] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (أن يتزعفر الرجل) أي: أو أن يتعصفر ومثله الخنثى، وخرج به المرأة. 34 - بَابُ الثَّوْبِ المُزَعْفَرِ (باب: الثوب المزعفر) أي: بيان حكم صبغ الثوب بالزعفران. 5847 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَ المُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِوَرْسٍ أَوْ بِزَعْفَرَانٍ". [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح 10/ 305] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: ابن عيينة، ومَرَّ الحديث تامًّا في الحج (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1542) كتاب: الحج، باب: ما لا يلبس المحرم من الثياب.

35 - باب الثوب الأحمر

35 - بَابُ الثَّوْبِ الأَحْمَرِ (باب: الثوب الأحمر) أي: بيان جواز لبسه. 5848 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا، وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ". [انظر: 3551 - مسلم: 2337 - فتح 10/ 305] (وقد رأيته في حلة حمراء) يجمع بينه وبين خبر النهي عن المزعفر والمعصفر (¬1) بحمل النهي على التنزيه أو على أن المنهي عنه كلَّه أصفر أو أحمر، وحمل ما هنا على الجواز وإن كان مكروها في حقنا، أو على أن الحلة لم تكن كلها حمراء ولم يكن الأحمر أكثر من غيره. 36 - بَابُ المِيثَرَةِ الحَمْرَاءِ (باب: الميثرة الحمراء) أي: بيان حكم استعمالها. 5849 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: عِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالقَسِّيِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَالمَيَاثِرِ الحُمْرِ". [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 10/ 307] ¬

_ (¬1) ورد في هذا النهي أحاديث عدة: منها ما أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثوبين معصفرين فقال: "إن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها". وعنه أيضًا أنه قال: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - علي ثوبين معصفرين، فقال: "أمك أمرتك بهذا؟ " قلت: أغسلهما. قال: "بل احرقهما". "صحيح مسلم" (2077، 2078) كتاب: اللباس والزينة، باب: النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر.

37 - باب النعال السبتية وغيرها

(قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أشعث) أي: ابن أبي الشعثاء. (ومياثر الحمر) في نسخة: "والمياثر الحمر" ومَرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 37 - بَابُ النِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ وَغَيْرِهَا (باب: النعال السبتية) بكسر المهملة: المدبوغة بالقرظ، أو التي سبتت أي: قطع ما عليها من شعر. (وغيرها) أي: ممّا يشبهها. 5850 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ أَبِي مَسْلَمَةَ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسًا: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَال: "نَعَمْ". [انظر: 386 - مسلم: 555 - فتح 10/ 308] (حماد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة. (عن سعيد) أي: ابن يزيد. (قال: نعم) أي: نصلي فيهما إذا لم يكن فيهما نجاسة. 5851 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ: أَنَّهُ قَال لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا، قَال: مَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ؟ قَال: رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إلا اليَمَانِيَيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَال السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ، أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلال، وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْويَةِ. فَقَال لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَمَّا الأَرْكَانُ: "فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إلا اليَمَانِيَيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ: فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَال الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ: فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا، وَأَمَّا الإِهْلالُ: فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ". [انظر: 166 - مسلم: 1187، 1267 - فتح 10/ 308] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1239) كتاب: الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز.

38 - باب يبدأ بالنعل اليمنى

5852 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَ المُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ. وَقَال: "مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ". [انظر: 134 - مسلم: 117 - فتح 10/ 308] 5853 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِزَارٌ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاويلَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَعْلانِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ". [انظر: 1740 - مسلم: 1178 - فتح 10/ 308] (سفيان) أي: الثوري. وأحاديث الباب أربعة: مَرَّ الأولان منهما في الصلاة (¬1)، والأخيران في الحج (¬2). 38 - بَابُ يَبْدَأُ بِالنَّعْلِ اليُمْنَى (باب: يبدأ بالنعل اليمنى) أي: في اللبس. 5854 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يُحَدِّثُ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي طُهُورِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَتَنَعُّلِهِ". [انظر: 168 - مسلم: 268 - فتح 10/ 309] (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (وترجله) أي: تسريح شعره، ومَر الحديث في الوضوء (¬3). ¬

_ (¬1) سبقا برقم (386) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في النعال. (¬2) سبقا برقم (1740) كتاب: الحج، باب: الخطبة أيام منى. (¬3) سبق برقم (168) كتاب: الوضوء، باب: التيمن في الوضوء والغسل.

39 - باب ينزع نعله اليسرى

39 - بَابُ يَنْزِعُ نَعْلَهُ اليُسْرَى (باب) إذا أراد الرجل نزع نعليه (ينزع نعل اليسرى) أي: قبل نعل اليمنى. 5855 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِاليَمِينِ، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، لِيَكُنِ اليُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ". [انظر: 5855 - مسلم: 2097 - فتح 10/ 311] (لتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع) ببناء الفعلين للمفعول، وبنصب أولهما وآخرهما، الأول بأنه خبر كان، والثاني بالعطف عليه. 40 - بَابُ لَا يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ (باب: لا يمشي في نعل واحد) في نسخة: "نعل واحدة" وهي الأصل. 5856 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا". [5856 - مسلم: 2097 - فتح 10/ 309] (لا يمشي أحدكم في نعل واحدة) قال الخطابي لمشقة ذلك ولعدم الأمن من العثار مع سماجته في الشكل وقبح منظره في العيون إذ يخيل للناس أن إحدى رجليه أقصر من الأخرى (¬1). (ليحفهما) بمهملة من الإحفاء أي: ليجردهما. (أو لينعلهما) بضم التحتية لقول أهل اللغة: أنعل رجله إذا ألبسها نعلا وبفتحها لقولهم: نعل بفتح العين وحكي كسرها. ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 3/ 2149.

41 - باب قبالان في نعل، ومن رأى قبالا واحدا واسعا

41 - بَابُ قِبَالانِ فِي نَعْلٍ، وَمَنْ رَأَى قِبَالًا وَاحِدًا وَاسِعًا (باب: قبالان) بكسر القاف: يكونان. (في نعل) أي: في كل فرد. (ومن رأى قبالا واحدا واسعا) أي: جائزا وقبال النعل: الزمام الذي يكون بين الإصبعين الوسطى والتي تليها ويشد فيه الشسع وهو أحد شسوع النعل ذكر ذلك الجوهري مفرقا (¬1)، والمراد بالتي تليها: التالية للإبهام وما ذكر هو أحد القبالين والآخر يكون بين الإبهام والتي تليه. 5857 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ نَعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهَا قِبَالانِ". [5858 - فتح 10/ 312] (همام) أي: ابن يحيى العوذي. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. 5858 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ، قَال: خَرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، بِنَعْلَيْنِ لَهُمَا قِبَالانِ فَقَال ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: "هَذِهِ نَعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 5857 - فتح 10/ 312] (محمد) أي: ابن مقاتل. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أن نعلي النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لهما) أي: لكل منهما (قبالان) في نسخة: "أن نعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لها قبالان". 42 - بَابُ القُبَّةِ الحَمْرَاءِ مِنْ أَدَمٍ 5859 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلالًا أَخَذَ وَضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ يَبْتَدِرُونَ الوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا، أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ". [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح 10/ 313] ¬

_ (¬1) "الصحاح" مادة: [قبل] 5/ 1795.

43 - باب الجلوس على الحصير ونحوه

5860 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْأَنْصَارِ وَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ". [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح 10/ 313] (باب: القبة الحمراء من أدم) بفتحتين: جلد دبغ وصبغ بحمرة (وَضوء النبي) بفتح الواو، وفي الباب حديثان مَرَّ أولهما في الصلاة (¬1)، وثانيهما في الخمس (¬2) وغزوة الطائف. 43 - بَابُ الجُلُوسِ عَلَى الحَصِيرِ وَنَحْوهِ (باب: الجلوس على الحصر) بضمتين، وفي نسخة: "على الحصير" (ونحوه) أي: نحو الحصر، والإنسب بالنسخة الأولى ونحوها. 5861 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْتَجِرُ حَصِيرًا بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ حَتَّى كَثُرُوا، فَأَقْبَلَ فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ". [انظر: 729، 1970 - مسلم: 782، 761 - فتح 10/ 314] (معتمر) أي: ابن سليمان. (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري. ¬

_ (¬1) سبق برقم (376) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في الثوب الأحمر. (¬2) سبق برقم (3146) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم.

44 - باب المزرر بالذهب

(يحتجر) بمهملة ساكنة وراء. (حصيرا) أي: يتخذه حجرة قال ابن الأثير: أي: يجعله لنفسه دون غيره يقال: حجرت الأرض واحتجزتها. إذا ضربت عليها منارًا تمنعها به. عن غيرك (¬1). (فيصلي) أي: "عليه" كما في نسخة. (يثوبون) بمثلثة أي: يرجعون. (ما دام) في نسخة: "ما داوم" والمراد: الدوام العرفي؛ لأنه المقدور. 44 - بَابُ المُزَرَّرِ بِالذَّهَبِ (باب: المزرر بالذهب) أي: بيان حكم لبسه. 5862 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ أَبَاهُ مَخْرَمَةَ قَال لَهُ: يَا بُنَيِّ، إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَتْ عَلَيْهِ أَقْبِيَةٌ فَهُوَ يَقْسِمُهَا، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ، فَذَهَبْنَا فَوَجَدْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلِهِ، فَقَال لِي: يَا بُنَيِّ ادْعُ لِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْظَمْتُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَدْعُو لَكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال: يَا بُنَيِّ، إِنَّهُ لَيْسَ بِجَبَّارٍ، فَدَعَوْتُهُ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرٌ بِالذَّهَبِ، فَقَال: "يَا مَخْرَمَةُ، هَذَا خَبَأْنَاهُ لَكَ" فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. [انظر: 2599 مسلم: 1058 - فتح 10/ 314] (أدعو لك رسول الله؟) استفهام إنكار. (فخرج وعليه قباء من ديباج مزرر بالذهب) كان هذا قبل تحريم ذلك، وقوله: (وعليه) بمعنى: ومعه، كما في مسلم (¬2). ومَرَّ الحديث في: الجهاد. 45 - بَابُ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ 5863 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَال: سَمِعْتُ مُعَاويَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: "نَهَانَا ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 341. (¬2) "صحيح مسلم" (1058) 130 كتاب: الزكاة، باب: إعطاء من سأل بفحش وغلظة.

46 - باب خاتم الفضة

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَبْعٍ: نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ " أَوْ قَال: "حَلْقَةِ الذَّهَبِ، وَعَنِ الحَرِيرِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالمِيثَرَةِ الحَمْرَاءِ، وَالقَسِّيِّ، وَآنِيَةِ الفِضَّةِ. وَأَمَرَنَا بِسَبْعٍ: بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَرَدِّ السَّلامِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِبْرَارِ المُقْسِمِ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ". [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 10/ 315] 5864 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ "نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ" وَقَال عَمْرٌو، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعَ النَّضْرَ: سَمِعَ بَشِيرًا، مِثْلَهُ. [مسلم: 2089 - فتح 10/ 315] 5865 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ، فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ، فَرَمَى بِهِ وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ أَوْ فِضَّةٍ". [5866، 5867، 5873، 5876، 6651، 7298 - مسلم: 2091 - فتح 10/ 315] (باب: خواتيم الذاهب) أي: بيان حكم لبسها، كما في مسلم (¬1) وفي الخاتم ست لغات: خاتم بكسر التاء وفتحها، وخاتام وخيتام وختم بفتح التاء وخايتام، وفي الباب ثلاث أحاديث مَرَّ أولها في الجنائز (¬2)، والآخران ظاهران. 46 - باب خَاتَم الفِضَّةِ. (باب: خاتم الفضة) أي: بيان حكم لبسه. 5866 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2090) كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم خاتم الذهب على الرجال. (¬2) سبق برقم (1239) كتاب: الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز.

47 - باب

فِضَّةٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ، وَنَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ مِثْلَهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدِ اتَّخَذُوهَا رَمَى بِهِ وَقَال: "لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا". ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الفِضَّةِ قَال ابْنُ عُمَرَ: فَلَبِسَ الخَاتَمَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ أَرِيسَ. [انظر: 5865 - مسلم: 2091 - فتح 10/ 318] (مما يلي كفه) في نسخة: "ما يلي باطن كفه" وفي أخرى: "مما يلي بطن كفه". (ونقش فيه) أي: أمر بالنقش فيه. (قد اتخذوها) أي: الخواتم. (رمى به) أي: بالخاتم، والباء زائدة (¬1)؛ لأن الفعل يتعدى بنفسه. (حتى وقع) أي: إلى أن وقع (في بئر أريس) بمنع صرف (أريس) على الأصح، وهو موضع بالمدينة قرب مسجد قباء (¬2). 47 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه. 5867 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَنَبَذَهُ فَقَال: "لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا" فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. [انظر: 5865 - مسلم: 2091 - فتح 10/ 318] 5868 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اصْطَنَعُوا الخَوَاتِيمَ مِنْ وَرِقٍ وَلَبِسُوهَا، فَطَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَهُ، فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ" تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَزِيَادٌ، وَشُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال ابْنُ مُسَافِرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَرَى: خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ. [مسلم: 2093 - فتح 10/ 318] ¬

_ (¬1) لأنها في المفعول به وهو من مواضع زيادتها. (¬2) "معجم ما استعجم" 1/ 143 - 144، "معجم البلدان" 1/ 298.

48 - باب فص الخاتم

(فطرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتمه ..) إلخ قيل: لِمَ طرح الخاتم الذي من ورق وهو حلال؟ وأجيب: بأن هذا وَهْم من ابن شهاب؛ لأن المطروح ما كان إلا خاتم الذهب، وبأن الحديث مؤول، بأن الضمير في (خاتمه) راجع إلى الذهب، وبأنه ليس في الحديث: أن الخاتم المطروح كان من الورق، بل هو مطلق فيحمل على خاتم من ذهب ولا يخفى كل من الجوابين الأخيرين. (تابعه) أي: يونس. (وزياد) أي: ابن سعد. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (ابن مسافر) هو عبد الرحمن بن خالد بن مسافر. 48 - باب فَص الخَاتَم. (باب: فص الخاتم) بفتح الفاء أكثر من ضمها وكسرها. 5869 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، قَال: سُئِلَ أَنَسٌ، هَلِ اتَّخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا؟ قَال: أَخَّرَ لَيْلَةً صَلاةَ العِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ، قَال: "إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا". [انظر: 572 - مسلم: 640 - فتح 10/ 321] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان. (حميد) أي: الطويل. (وبيص خاتمه) أي: بريقه ولمعانه، ومَرَّ الحديث في كتاب: الصلاة (¬1). 5870 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ حُمَيْدًا، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ" وَقَال يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ: سَمِعَ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 65 - مسلم: 2092 - فتح 10/ 322] ¬

_ (¬1) سبق برقم (572) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت العشاء إلى نصف الليل.

49 - باب خاتم الحديد

(إسحاق) أي: ابن إبراهيم بن راهويه. (معتمر) أي: ابن سليمان. 49 - باب خَاتَم الحَدِيدِ. (باب: خاتم الحديد) أي: بيان حكم لبسه. 5871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلًا، يَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالتْ: جِئْتُ أَهَبُ نَفْسِي، فَقَامَتْ طَويلًا، فَنَظَرَ وَصَوَّبَ، فَلَمَّا طَال مُقَامُهَا، فَقَال رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، قَال: "عِنْدَكَ شَيْءٌ تُصْدِقُهَا؟ " قَال: لَا، قَال: "انْظُرْ" فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَال: وَاللَّهِ إِنْ وَجَدْتُ شَيْئًا، قَال: "اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ" فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ قَال: لَا وَاللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَعَلَيْهِ إِزَارٌ مَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ، فَقَال: أُصْدِقُهَا إِزَارِي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِزَارُكَ إِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ" فَتَنَحَّى الرَّجُلُ فَجَلَسَ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَقَال: "مَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ" قَال: سُورَةُ كَذَا وَكَذَا، لِسُوَرٍ عَدَّدَهَا، قَال: "قَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح 10/ 322] (سهلا) أي: ابن عبد الله الأنصاري. (جاءت امرأة) قيل: هي خولة بنت حكيم. (إن) أي ما، ومَرَّ الحديث في كتاب: النكاح (¬1). 50 - باب نَقْشِ الخَاتَم. (باب: نقش الخاتمِ) أي: بيان حكمه. 5872 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى رَهْطٍ، أَوْ أُنَاسٍ مِنَ الأَعَاجِمِ"، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إلا عَلَيْهِ خَاتَمٌ، " فَاتَّخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5087) كتاب: النكاح، باب: تزويج المعسر.

51 - باب الخاتم في الخنصر

فِضَّةٍ، نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَكَأَنِّي بِوَبِيصِ، أَوْ بِبَصِيصِ الخَاتَمِ فِي إِصْبَعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ فِي كَفِّهِ. [انظر: 65 - مسلم: 2092 - فتح 10/ 323] (عبد الأعلى) أي: ابن حماد. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. 5873 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، وَكَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ فِي يَدِ عُمَرَ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ فِي يَدِ عُثْمَانَ، حَتَّى وَقَعَ بَعْدُ فِي بِئْرِ أَرِيسَ، نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. [انظر: 5865 - مسلم: 2091 - فتح 10/ 323] (من ورق) بفتح الواو وكسر الراء أي: فضة. 51 - باب الخَاتَم فِي الخِنْصَرِ. (باب: الخاتم في الخنصر) بكسر المعجمة وفتح المهملة وكسرها. 5874 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا، قَال: "إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا، وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا، فَلَا يَنْقُشَنَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ" قَال: فَإِنِّي لَأَرَى بَرِيقَهُ فِي خِنْصَرِهِ. [انظر: 65 - مسلم: 2092 - فتح 10/ 324] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (فلا ينقش عليه) أي: مثل نقشه. 52 - بَابُ اتِّخَاذِ الخَاتَمِ لِيُخْتَمَ بِهِ الشَّيْءُ، أَوْ لِيُكْتَبَ بِهِ إِلَى أَهْلِ الكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ (باب) ساقط من نسخة. (اتخَاذ الخاتم ليختم به الشيء أو ليكتب به) أي: لأجل ختم الكتاب الذي يكتب ويرسل به. (إلى أهل الكتاب

53 - باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه

وغيرهم) أي: بيان اتخاذ الخاتم لأحد الأمرين. 5875 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ قِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَنْ يَقْرَءُوا كِتَابَكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ". (ونقشه) بفتحات، وفي نسخة: بسكون القاف وضم الشين. 53 - بَابُ مَنْ جَعَلَ فَصَّ الخَاتَمِ فِي بَطْنِ كَفِّهِ (باب) ساقط من نسخة. (من جعل فص الخاتم في بطن كفه) أي: باب بيان ذلك. 5876 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ، فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَقِيَ المِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَال: "إِنِّي كُنْتُ اصْطَنَعْتُهُ، وَإِنِّي لَا أَلْبَسُهُ" فَنَبَذَهُ، فَنَبَذَ النَّاسُ قَال جُوَيْرِيَةُ: وَلَا أَحْسِبُهُ إلا قَال: فِي يَدِهِ اليُمْنَى. [انظر: 5865 - مسلم: 2091 - فتح 10/ 325] (فرقِيَ) بكسر القاف أي: صعد. (ولا أحسبه) أي: نافعا. 54 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَنْقُشُ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِهِ (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا ينقش) أحدٌ (على نقش خاتمه) أي: خاتمي، ففيه التفات. 5877 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَال: "إِنِّي اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، وَنَقَشْتُ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَلَا يَنْقُشَنَّ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ". [انظر: 65 - مسلم: 2092 - فتح 10/ 327] (حماد) أي: ابن زيد.

55 - باب: هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر؟

55 - بَابٌ: هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الخَاتَمِ ثَلاثَةَ أَسْطُرٍ؟. (باب: هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر؟) جواب الاستفهام محذوف أي: نعم. 5878 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا اسْتُخْلِفَ كَتَبَ لَهُ، وَكَانَ نَقْشُ الخَاتَمِ ثَلاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ. [انظر: 1448 - فتح 10/ 328] (كتب له) أي: مقادير الزكوات. (محمد سطر، ورسوله سطر، والله سطر) قيل: وكتابتها كانت من أسفل إلى فوق لتكون الجلالة أعلى؛ ورسول بالتنوين وبدونه حكاية. (واللَّه) بالرفع وبالجر حكاية. 5879 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَزَادَنِي أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ، وَفِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَفِي يَدِ عُمَرَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ، جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ قَال: فَأَخْرَجَ الخَاتَمَ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ فَسَقَطَ، قَال: فَاخْتَلَفْنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مَعَ عُثْمَانَ، فَنَزَحَ البِئْرَ فَلَمْ يَجِدْهُ. [انظر: 65 - مسلم: 2092 - فتح 10/ 328] (وزاد في أحمد) قال شيخنا (¬1): جزم المزّي في "الأطراف" بأنه أحمد بن حنبل لكن لم أر هذا الحديث في "مسند أحمد" من هذا الوجه أصلا (¬2). وزاد في نسخة قبل قوله: (وزاد أحمد): "قال أبو عبد اللَّه". (الأنصاري) هو محمد بن عبد اللَّه. (فسقط) أي: في البئر. (فاختلفنا) أي: في الذهاب والرجوع والنزول إلى البئر والطلوع منها، ومن يومئذ خرج على عثمان الخارجون وكان ذلك مبتدأ الفتنة التي أفضت إلى قتله فكان في هذا ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 10/ 329. (¬2) "الفتح" 10/ 329.

56 - باب الخاتم للنساء

الخاتم النبوي من السر شيء مما كان في خاتم سليمان عليه الصلاة والسلام؛ لأن سليمان لما فقد خاتمه اختلط عليه أمر ملكه. 56 - باب الخَاتَمِ لِلنِّسَاءِ. وَكَانَ عَلَى عَائِشَةَ، خَوَاتِيمُ ذَهَبٍ. (باب: الخاتم للنساء) أي: بيان حكم لبسه لهن. (خواتيم ذهب) في نسخة: "خواتيم الذهب". 5880 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَزَادَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: "فَأَتَى النِّسَاءَ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الفَتَخَ وَالخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ". [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح 10/ 330] (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد النبيل. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (شهدت العيد) أي: صلاة عيد الفطر. (الفتخ) بفتح الفاء والتاء وبمعجمة: خواتيم لا فص لها. (والخواتيم) عطفها على ما قبلها من عطف العام على الخاص. 57 - بَابُ القَلاَئِدِ وَالسِّخَابِ لِلنِّسَاءِ يَعْنِي قِلاَدَةً مِنْ طِيبٍ وَسُكٍّ. (باب: القلائد والسخاب) بكسر المهملة. (يعني: قلادة من طيب وسُكَّ) بضم المهملة وتشديد الكاف: طيب معروف يضاف إلى غيره من الطيب، وقيل طيب عربي، فعطفه على الطيب من عطف الخاص على العام، وسمي ذلك بـ (السخاب): لتصويت خرزه عند الحركة من السخب: وهو اختلاط الأصوات، وفي نسخة: "ومسك" بميم قبل

58 - باب استعارة القلائد

المهملة، وعطف (السخاب) على (القلائد) من عطف الخاص على العام. 5881 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تَصَدَّقُ بِخُرْصِهَا وَسِخَابِهَا". [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح 10/ 330] (بخرصها) بضم المعجمة وكسرها: حلقة صغيرة تعلَّق في الأذن، ومَرَّ الحديث في العيدين (¬1). 58 - بَابُ اسْتِعَارَةِ القَلائِدِ (باب: استعارة القلائد) أي: بيان حكمها. 5882 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "هَلَكَتْ قِلادَةٌ لِأَسْمَاءَ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهَا رِجَالًا، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ، وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَصَلَّوْا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ" زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ. [انظر: 334 - مسلم: 367 - فتح 10/ 330] (عبدة) أي: ابن سالم. (هلكت) أي: ضاعت، ومَرَّ الحديث في التيمم (¬2). 59 - باب القُرْطِ [لِلنِّسَاءِ]. وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَمَرَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (964) كتاب: العيدين، باب: الخطبة بعد العيد. (¬2) سبق برقم (334) أول كتاب: التيمم.

60 - باب السخاب للصبيان

(باب: القرط) بضم القاف وسكون الراء: ما تحلى به الأذن من ذهب أو فضة. (يهوين) بضم الياء. (إلى آذانهن) أي: ليأخذن الأقراط. (وحلوقهن) أي: ليأخذن القلائد. 5883 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "صَلَّى يَوْمَ العِيدِ رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلالٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي قُرْطَهَا". [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح 10/ 331] (عدي) أي: ابن ثابت، ومَرَّ الحديث في صلاة العيدين (¬1). 60 - بَابُ السِّخَابِ لِلصِّبْيَانِ (باب: السخاب للصبيان) أي: بيان حكمه. 5884 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ المَدِينَةِ، فَانْصَرَفَ فَانْصَرَفْتُ، فَقَال: "أَيْنَ لُكَعُ - ثَلاثًا - ادْعُ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ". فَقَامَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَمْشِي وَفِي عُنُقِهِ السِّخَابُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَقَال الحَسَنُ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَالْتَزَمَهُ فَقَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ" وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، بَعْدَ مَا قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَال. [انظر: 2122 - مسلم: 2421 - فتح 10/ 332] (في سوق من أسواق المدينة) هو سوق بني قينقاع. (أين لكع؟) بضم اللام وفتح الكاف، ومعناه: الصغير. (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده هكذا) أي: بسطها كما هو عادة من يريد المعانقة. (فأحبه) بفتح الهمزة وتشديد ¬

_ (¬1) سبق برقم (975) كتاب: العيدين، باب: خروج الصبيان إلى المصلَّى.

61 - باب: المتشبهون بالنساء، والمتشبهات بالرجال

الموحدة، وفي نسخة: "فأحببه" أي: اجعله محبوبًا، ومَرَّ الحديث في البيع في باب: ما ذكر في الأسواق (¬1). 61 - بَابٌ: المُتَشَبِّهُونَ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتُ بِالرِّجَالِ (باب: المتشبهين بالنساء والمتشبهات بالرجال) أي: بيان ذم ذلك، و (باب) مضاف إلى ما بعده، وفي نسخة: ما بعده مرفوع بالابتداء فـ (باب) منون وخبر المبتدأ محذوف أي: يحرم عليهم التشبيه. 5885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ" تَابَعَهُ عَمْرٌو، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ. [5886، 6834 - فتح 10/ 332] (غندر) لقب محمد بن جعفر وصرَّح باسمه في نسخة. (تابعه) أي: غندرًا. (عمرو) أي: ابن مرزوق الباهلي. 62 - بَابُ إِخْرَاجِ المُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنَ البُيُوتِ (باب: إخراج الرجال المتشبهين بالنساء من البيوت) أي: بيان ذلك. 5886 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَال: "أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ" قَال: فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلانًا، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلانًا. [فتح 10/ 333] 5887 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2122) كتاب: البيوع، باب: ما ذكر في الأسواق.

عِنْدَهَا وَفِي البَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَال لِعَبْدِ اللَّهِ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنْ فَتَحَ اللَّهُ لَكُمْ غَدًا الطَّائِفَ، فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلاءِ عَلَيْكُنَّ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ، يَعْنِي أَرْبَعَ عُكَنِ بَطْنِهَا، فَهِيَ تُقْبِلُ بِهِنَّ، وَقَوْلُهُ: وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، يَعْنِي أَطْرَافَ هَذِهِ العُكَنِ الأَرْبَعِ، لِأَنَّهَا مُحِيطَةٌ بِالْجَنْبَيْنِ حَتَّى لَحِقَتْ، وَإِنَّمَا قَال بِثَمَانٍ، وَلَمْ يَقُلْ بِثَمَانِيَةٍ، وَوَاحِدُ الأَطْرَافِ، وَهُوَ ذَكَرٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ثَمَانِيَةَ أَطْرَافٍ. [انظر: 4324 - مسلم: 2180 - فتح 10/ 333] (هشام) أي: الدستوائي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (المخنثين) بفتح النون مشددة على المشهور، وبكسرها على القياس: من التخنث وهو التثني والتكسر. (والمترجلات) أي: المتكلفات التشبه بالرجال. (فلانًا) هو أنجشة العبد الأسود كان يتشبه بالنساء. وقيل: هو ماتع. (وأخرج عمر فلانة) هو ماتع (¬1) وقيل: هدم (¬2) (زهير) أي: ابن معاوية. (وفي البيت مخنث) هو هيت، أو ماتع أو منون. (بنت غيلان) اسمها بادية. (لا يدخلن هؤلاء عليكن) في نسخة: "عليكم" ووجه بأنه جمع مع النساء من يلوذ بهن من صبي ووصيف، ففيه تغليب. (قال أبو عبد اللَّه) إلخ ساقط من نسخة، ومعناه: (تقبل بأربع عكن بطنها وتدبر بثمان) وهي أطرافها المنتهية إلى جنبيها أي: خاصرتيها. وقوله: (حتى لحقت) أي: الثمان جنبيها. وقوله: (هو ذكر) أي: مذكور. وقوله: (لأنه لم يقل: ثمانية أطراف) أي: بل (قال: بثمان) بحذف المميز فجاز ¬

_ (¬1) قال ابن حجر في: "الفتح": كذا في رواية أبي ذر "فلانة" بالتأنيث وكذا وقع في "شرح ابن بطال" والباقيان "فلانًا" بالتذكير "الفتح". (¬2) في (د): هرم.

63 - باب قص الشارب

حذف الثامنة، ومن قوله: (بأربع) ولأنه أراد بذلك (العكن) وهي مؤنثة، ومَرَّ الحديث في كتاب: النكاح وغيره (¬1). 63 - باب قَصِّ الشَّارِبِ. وَكَانَ [ابْنُ] عُمَرَ، يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى يُنْظَرَ إِلَى بَيَاضِ الجِلْدِ، وَيَأْخُذُ هَذَيْنِ، يَعْنِي بَيْنَ الشَّارِبِ وَاللِّحْيَةِ. (باب: قص الشارب) أي: بيان استحبابه. (يُحفي) بضم أول من الإحفاء: وهو الاستقصاء في أخذ الشارب. (ويأخذ هذين) أي طرفي الشفتين المشار إليهما بقوله: (يعني: بين الشارب واللحية). 5888 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ نَافِعٍ، ح قَال أَصْحَابُنَا: عَنِ المَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مِنَ الفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ". [5890 - فتح 10/ 334]. (عن حنظلة) أي: ابن أبي سفيان. (قال أصحابنا) أي: قال البخاري: رواه أصحابنا منقطعًا. (عن المكي عن ابن عمر) بإسقاط ما بينهما. (من الفطرة) أي: من السنة القديمة التي اختارها الأنبياء. 5889 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً: "الفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ". [5891، 6297 - مسلم: 257 - فتح 10/ 334] ¬

_ (¬1) سبق برقم (5235) كتاب: النكاح، باب: ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة. و (4324) كتاب: المغازي، باب: غزوة الطائف.

64 - باب تقليم الأظفار

(علي) أي: ابن عبد اللَّه المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (رواية) أي: عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. (الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة) شك من سفيان، ولا حصر فيها بل زيد عليها ما رواه مسلم: من إعفاء اللحية، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق، والاستنجاء، وغسل البراجم (¬1)، وهي كما قال ابن الأثير وغيره عقد الأصابع يجتمع فيه الوسخ (¬2). (الختان) هو قطع القلفة التي تغطي الحشفة من الرجل، وقطع بعض الجلدة التي في أعلى الفرج من المرأة كالنواة. (والاستحداد) هو حلق العانة بالموسى. (ونتف الإبط) في نسخة: "ونتف الإباط". 64 - بَابُ تَقْلِيمِ الأَظْفَارِ (باب: تقليم الأظافر) أي بيان استحبابه. 5890 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مِنَ الفِطْرَةِ: حَلْقُ العَانَةِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ". [انظر: 5888 - فتح 10/ 349] 5891 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الفِطْرَةُ خَمْسٌ: الخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الآبَاطِ". [انظر: 5889 - مسلم: 257 - فتح 10/ 349] 5892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَالِفُوا المُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (261) كتاب: الطهارة، باب: خصال الفطرة. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 113.

65 - باب إعفاء اللحى

اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: "إِذَا حَجَّ أَو اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ". [5893 - مسلم: 259 - فتح 10/ 349] (خالفوا المشركين) أي: "المجوس" كما في رواية (¬1)؛ لأنهم كان يقصرون لحاهم ومنهم من يحلقها. (وكان [ابن] (¬2) عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه) روي مثله عن أبي هريرة (¬3)، وحمل النهي على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصها وتخفيفها، ليس في حديث: (خالفوا المشركين) مطابقة للترجمة بل محله في الباب الآتي وهو: 65 - بَابُ إِعْفَاءِ اللِّحَى (باب: إعفاء اللحى) أي: بيان ما جاء في ذلك. (عفوا) أي: في قوله تعالى في الأعراف: {حَتَّى عَفَوْا} معناه: (كثروا وكثرت أموالهم). 5893 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْهَكُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى". [انظر: 5892 - مسلم: 259 - فتح 10/ 351] (محمد) أي: ابن سلام. (عبدة) (¬4) أي: ابن سليمان. (عبيد اللَّه) أي: ابن عمر العمري. (أنهكوا الشوارب) أي: بالغوا في قصها. ¬

_ (¬1) رواها مسلم (260) كتاب: الطهارة، باب: خصال الفطرة. (¬2) ساقطة من الأصول. (¬3) رواه ابن أبي شيبة 5/ 227 كتاب: الأدب، ما قالوا في الأخذ من اللحية. والبيهقي في "الشعب" 5/ 219 (6432) باب: في الملابس والأواني فصل: في الأخذ من اللحية والشارب. (¬4) في الأصول: عبد اللَّه، والصواب ما أثبتناه.

66 - باب ما يذكر في الشيب

66 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الشَّيْبِ (باب: ما يذكر في الشيب) أي: من الأحاديث. 5894 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسًا: أَخَضَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "لَمْ يَبْلُغِ الشَّيْبَ إلا قَلِيلًا". [انظر: 3550 - مسلم: 2341 - فتح 10/ 351] (وهيب) أي: ابن خالد. (عن أيوب) أي: السختياني. 5895 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، قَال: سُئِلَ أَنَسٌ، عَنْ خِضَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ مَا يَخْضِبُ، لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتِهِ فِي لِحْيَتِهِ". [انظر: 3550 - مسلم: 2341 - فتح 10/ 351] (ثابت) أي: البناني. (سئل أنس) السائل هو محمد بن سيرين. (ما يخضب) بفتح التحتية وكسر المعجمة. (لو شئت أن أعد شمطاته في لحيته) أي: لفعلت، قيل: كانت تسع عشرة (¬1)، وقيل: عشرون (¬2)، وقيل: غير ذلك (¬3). 5896 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ¬

_ (¬1) رواية "تسع عشرة شعرة بيضاء" رواها الطبري في "التاريخ" 2/ 233. (¬2) رواية "عشرين" سبقت برقم (3547) كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) وردت رواية من حديث أنس بن مالك: أنه كان في رأسه ولحيته خمس عشرة شعرة بيضاء. رواها الطبراني في "الأوسط" 5/ 260 (5259). وأخرى من حديث أنس: أن الشيب الذي كان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - سبع عشرة شعرف رواها الضياء في "المختارة" 7/ 276 (2730). وأخرى: بأنها ثمان عشرة، وأربع عشرة شعرة بيضاء. رواها ابن حبان 14/ 202 - 203 (6292 - 6293) كتاب: التاريخ، باب: صفته - صلى الله عليه وسلم - وأخباره. وعند أحمد 3/ 145 بأنها كانت ثلاثون شعرة بيضاء.

بْنِ مَوْهَبٍ، قَال: أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ - وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلاثَ أَصَابِعَ مِنْ قُصَّةٍ - فِيهِ شَعَرٌ مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ إِذَا أَصَابَ الإِنْسَانَ عَيْنٌ أَوْ شَيْءٌ بَعَثَ إِلَيْهَا مِخْضَبَهُ، فَاطَّلَعْتُ فِي الجُلْجُلِ، فَرَأَيْتُ شَعَرَاتٍ حُمْرًا. [5897، 5898 - فتح 10/ 352] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (من الماء) (¬1) بيان لمحذوف صفة لـ (قدح) أي بقدح مملوء من ماء. (وقبض إسرائيل ثلاث أصابع) إشارة إلى عدد إرسال عثمان إلى أم سلمة. (من قصة) بضم القاف وبمهملة: بيان للقدح، بأن جعلت القصة -وهي الخصلة من الشعر- قدحًا مضفرًا بحيث يحمل الماء، وفي نسخة: "من فضة" بكسر الفاء وبمعجمة، وحمل على أن القدح لم يكن كله فضة بل كان مموها بها. (فيه) أي: في القدح، وفي نسخة: (فيها) أي: في الفضة. (بعث إليها) أي: إلى أم سلمة. (مخضبة) بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة، الإجانة الآتي بيانها. (فاطلعت) قائله: عثمان المذكور. (في الجلجل) بضم الجيمين: شيء يشبه الجرس يتخذ من ذهب أو فضة أو نحاس، ومعنى القضية: أن أم سلمة كان عندها شعيرات من شعر النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - حمر في شيء مثل جلجلة، وكان الناس عند مرضهم يتبركون بها، ويستشفون من بركتها، فتارة يجعلونها في قدح من الماء فيشربون ماءه، وتارة في إجانة ملأى من الماء يجلسون في الماء الذي فيه تلك الجلجلة التي فيها الشعر. 5897 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سَلَّامٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، قَال: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا شَعَرًا مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْضُوبًا". [انظر: 5896 - فتح 10/ 352] ¬

_ (¬1) كذا في الأصول.

67 - باب الخضاب

(سلام) أي: ابن مطيع الخزاعي. (مخضوبًا) أي: بالحناء والكتم، والحناء: يخرج الصبغ أحمر، والكتم بفتحتين يخرجه أسود يميل إلى الحمرة. 5898 - وَقَال لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا نُصَيْرُ بْنُ أَبِي الأَشْعَثِ، عَنْ ابْنِ مَوْهَبٍ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، أَرَتْهُ "شَعَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْمَرَ". [انظر: 5896 - فتح 10/ 352] (نصير) بالتصغير. (عن ابن موهب) عبد اللَّه. 67 - باب الخِضَابِ. (باب: الخضاب) أي: لشيب شعر الرأَس واللحية بنحو حناء. 5899 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ". [انظر: 3462 - مسلم: 2103 - فتح 10/ 354] (الحميدي) هو عبد اللَّه بن مكي. (سفيان) أي: ابن عيينة. 68 - باب الجَعْدِ. (باب: الجعد) بفتح الجيم وسكون المهملة وبدال مهملة. 5900 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالطَّويلِ البَائِنِ، وَلَا بِالقَصِيرِ، وَلَيْسَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ، وَلَيْسَ بِالْآدَمِ، وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ القَطَطِ، وَلَا بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ". [انظر: 3547 - مسلم: 2347 - فتح 10/ 356] (البائن) أي: المفرط المتجاوز للحد. (الأمهق) أي: الذي يضرب بياضه إلا الزرقة. (بالجعد) أي: المنقبض الشعر كهيئة الحبش والزنج. (القطط) أي: شديد الجعودة. (بالسبط) أي الذي يسترسل شعره فلا ينكسر فيه شيء لغلظه، ومَرَّ

الحديث في المناقب (¬1). 5901 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ البَرَاءَ، يَقُولُ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" قَال بَعْضُ أَصْحَابِي، عَنْ مَالِكٍ: "إِنَّ جُمَّتَهُ لَتَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ" قَال أَبُو إِسْحَاقَ: - "سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، مَا حَدَّثَ بِهِ قَطُّ إلا ضَحِكَ -" قَال شُعْبَةُ: "شَعَرُهُ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ". [انظر: 3551 - مسلم: 2337 - فتح 10/ 356] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (إن جمته) بضم الجيم: مجتمع شعر الرأس. (تابعه) أي: أبا إسحاق. (شعبة) في نسخة: بدل (تابعه): "قال" وهي أوضح في المعنى من الأولى. 5902 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أُرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ، كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ قَدْ رَجَّلَهَا، فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً، مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ، أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، وَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ، أَعْوَرِ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: المَسِيحُ الدَّجَّالُ". [انظر: 3440 - مسلم: 169 - فتح 10/ 356] (له لمة) بكسر اللام وتشديد الميم: الشعر الذي ألمَّ إلى المنكبين (من اللمم) بكسر اللام (قدر رَجَّلَها) أي: سرَّحها. (طافية) بتحتية بلا همز أي: بارزة، ومَرَّ الحديث في كتاب: الأنبياء (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3547) كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (3340) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا}.

5903 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حِبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُهُ مَنْكِبَيْهِ". [انظر: 5904 - فتح 10/ 356] 5904 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، "كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْكِبَيْهِ". [انظر: 5903 - فتح 10/ 356] (إسحاق) أي: ابن منصور، أو ابن راهويه. (حبَّان) أي: ابن هلال البصري. (همام) أي: ابن يحيى العوذي، ومَرَّ حديثه في فضائل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (¬1). 5905 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ شَعَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجِلًا، لَيْسَ بِالسَّبِطِ وَلَا الجَعْدِ، بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ". [5906 - مسلم: 2338 - فتح 10/ 356] (رَجلا) بفتح الراء وكسر الجيم. (ليس بالسبط ولا الجعد) تفسير لـ (رجلا). 5906 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ اليَدَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ شَعَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجِلًا، لَا جَعْدَ وَلَا سَبِطَ". [انظر: 5905 - مسلم: 2338 - فتح 10/ 357] (مسلم) أي: ابن إبراهيم. (جرير) أي: ابن حازم. (ضخم الثدي) أي: غليظهما. 5907 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ اليَدَيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، حَسَنَ الوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ وَلَا قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ بَسِطَ الكَفَّيْنِ". [5908، 5910، 5911 - فتح 10/ 357] (وكان بسط الكفين) بسكون السين، أي: مبسوطهما. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3551) كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

69 - باب التلبيد

5908، 5909 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ القَدَمَيْنِ، حَسَنَ الوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ". [انظر: 5907 - فتح 10/ 357] (أو عن رجل) قال شيخنا: يحتمل أنه سعيد بن المسيب (¬1). 5910 - وَقَال هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَثْنَ القَدَمَيْنِ وَالكَفَّيْنِ". [انظر: 5907 - فتح 10/ 357] (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. 5911، 5912 - وَقَال أَبُو هِلالٍ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَوْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ شَبَهًا لَهُ". [انظر: 5907 - فتح 10/ 357] (أبو هلال) هو محمد بن سليم. 5913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَذَكَرُوا الدَّجَّال، فَقَال: إِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ أَسْمَعْهُ قَال ذَاكَ، وَلَكِنَّهُ قَال: "أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ، وَأَمَّا مُوسَى فَرَجُلٌ آدَمُ جَعْدٌ، عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذِ انْحَدَرَ فِي الوَادِي يُلَبِّي". [انظر: 1555 - فتح 10/ 357] (بخلبة) بضم المعجمة أي: قطعة من ليف، ومَرَّ الحديث في كتاب: الحج (¬2). 69 - باب التَّلْبِيدِ. (باب: التلبيد) هو جمع الشعر بما يلصق بعضه ببعض كالصمغ. 5914 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ ¬

_ (¬1) "الفتح" 10/ 359. (¬2) سبق برقم (1555) كتاب: الحج باب: التلبية إذا انحدر في الوادي.

عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: "مَنْ ضَفَّرَ فَلْيَحْلِقْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيدِ" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: "لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُلَبِّدًا". [انظر: 1540 - فتح 360] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (من ضفر) بفتح المعجمة والفاء المخففة وتشدد أي: ضفر شعر رأسه. (فليحلق) أي: شعر رأسه ولا يجزئه التقصير؛ لأنه فعل ما يشبه التلبيد. (ولا تشبهوا) أي: لا تتشبهوا. (بالتلبيد) أي: بمن يلبد شعره قال الكرماني: لأن التلبيد مكروه في غير الإحرام مندوب إليه فيه (¬1). (وكان ابن عمر يقول: لقد رأيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ملبدًا) كان ابن عمر فهم عن أبيه أنه كان يرى أن ترك التلبيد في الإحرام أولى، فأخبر بأنه رأى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - يفعله. 5915 - حَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا يَقُولُ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ" لَا يَزِيدُ عَلَى هَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ. [انظر: 1540 - مسلم: 1184 - فتح 10/ 360] (يهل) أي: يرفع صوته بالتلبية. 5916 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قَال: "إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ". [انظر: 1566 - مسلم: 1229 - فتح 10/ 360] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 21/ 118.

70 - باب الفرق

(إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (حتى أنحر) أي: الهدي. ومَرَّت أحاديث الباب في الحج (¬1). 70 - باب الفَرْقِ. (باب: الفرق) بسكون الراء، أي: فرق شعر الرأس، وهو قسمته في المفرق، وهو وسط الرأس. 5917 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ، وَكَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ المُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، فَسَدَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ". [انظر: 3558 - مسلم: 2336 - فتح 10/ 361] (يسدلون) بفتح التحتية وضم الدال وكسرها من سدل ثوبه: إذا أرخاه، وشعر منسدل ضد متفرق؛ لأن السدل يستلزم عدم الفرق وبالعكس. قاله الكرماني وغيره (¬2). (فسدل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - ناصيته، ثم فرق بعد) أي: فكان الفرق آخر الأمرين، ومَرَّ الحديث في الهجرة (¬3). 5918 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ" قَال عَبْدُ اللَّهِ: فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. [انظر: 271 - مسلم: 1190 - فتح 10/ 361] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (عن إبراهيم) أي: النخعي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1566) كتاب: الحج، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 21/ 120. (¬3) سبق برقم (3944) كتاب: مناقب الأنصار، باب: كيف آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه.

71 - باب الذوائب

(عن الأسود) أي: ابن يزيد النخعي. (وبيص الطيب) أي: بريقه. 71 - باب الذَّوَائِبِ. (باب: الذوائب) جمع ذؤابة بذال معجمة مضمومة فهمزة فألف: ما تدلى من شعر الرأس مضفورًا. 5919 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ خَالتِي، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا، قَال: "فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ" قَال: "فَأَخَذَ بِذُؤَابَتِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ" حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ: بِهَذَا، وَقَال: بِذُؤَابَتِي، أَوْ بِرَأْسِي. [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح 10/ 363] (هشيم) أي: ابن بشير. (أبو بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (ح) للتحويل، ومَرَّ الحديث في كتاب: العلم وغيره (¬1). 72 - باب القَزَعِ. (باب: القزع) بفتح القاف والزاي: حلق بعض الرأس وترك بعضه كما يعلم مما يأتي. 5920 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَخْلَدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَفْصٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ نَافِعٍ، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (117) كتاب: العلم، باب: السمر في العلم. و (138) كتاب: الوضوء، باب: التخفيف في الوضوء.

73 - باب تطييب المرأة زوجها بيديها

ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ القَزَعِ" قَال عُبَيْدُ اللَّهِ: قُلْتُ: وَمَا القَزَعُ؟ فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَال: إِذَا حَلَقَ الصَّبِيَّ، وَتَرَكَ هَا هُنَا شَعَرَةً وَهَا هُنَا وَهَا هُنَا، فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى نَاصِيَتِهِ وَجَانِبَيْ رَأْسِهِ. قِيلَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ: فَالْجَارِيَةُ وَالغُلامُ؟ قَال: لَا أَدْرِي، هَكَذَا قَال: الصَّبِيُّ. قَال عُبَيْدُ اللَّهِ: وَعَاوَدْتُهُ، فَقَال: أَمَّا القُصَّةُ وَالقَفَا لِلْغُلامِ فَلَا بَأْسَ بِهِمَا، وَلَكِنَّ القَزَعَ أَنْ يُتْرَكَ بِنَاصِيَتِهِ شَعَرٌ، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ شَقُّ رَأْسِهِ هَذَا وَهَذَا. [5921 - مسلم: 2120 - فتح 10/ 363] (محمد) أي: ابن سلام. (مخلد) أي: ابن يزيد الحراني. (إذا حلق الصبي) ذكر الصبي مثالًا وإلا فغيره مثله. 5921 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ القَزَعِ". [انظر: 5920 - مسلم: 2120 - فتح 10/ 364] (نهى عن القزع) أي: نهي تنزيه. 73 - بَابُ تَطْيِيبِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا بِيَدَيْهَا (باب: تطييب المرأة زوجها بيديها) أي: بيان ذلك. 5922 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "طَيَّبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي لِحُرْمِهِ، وَطَيَّبْتُهُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ". [انظر: 1539 - مسلم: 1189 - فتح 10/ 366] (بيدي) بكسر الدال وتخفيف الياء على الإفراد، وبالفتح والتشديد على التثنية. (لحرمه) بكسر المهملة وفتحها وسكون الراء أي: لأجل إحرامه. 74 - بَابُ الطِّيبِ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ (باب: الطيب) أي: مشروعيته في اللحية والرأس. 5923 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ

75 - باب الامتشاط

أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ". [انظر: 271 - مسلم: 1190 - فتح 10/ 366] (إسرائيل) أي: ابن يونس. (ما نجد) أي: نحن. 75 - باب الامْتِشَاطِ. (باب: الامتشاط) أي: تسريح الشعر بالمشط. 5924 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي دَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُكُّ رَأْسَهُ بِالْمِدْرَى فَقَال: "لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الأَبْصَارِ". [6241، 6901 - مسلم: 2156 - فتح 10/ 366] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (أن رجلًا) قيل: هو الحكم بن أبي العاص. (من جحر) أي: نقب. (بالمدرى) بكسر الميم وسكون المهملة مقصورًا: حديدة يسرح بها الشعر، ويقال: هي المشط. (أنك تنظر) أي: إليّ، وفي نسخة: "تنتظر" وفي أخرى: "تطلع عليّ". (من قبل) أي: جهة. (الأبصار) بفتح الهمزة: جمع بصر، وبكسرها: مصدر أبصر. 76 - بَابُ تَرْجِيلِ الحَائِضِ زَوْجَهَا (باب: ترجيل الحائض زوجها) أي: تسريحها شعره. 5925 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا حَائِضٌ" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: مِثْلَهُ. [انظر: 295 - مسلم: 297 - فتح 10/ 368]

77 - باب الترجيل [والتيمن]

(مثله) أي: مثل الحديث السابق، ومَرَّ في كتاب: الحيض (¬1). 77 - بَابُ التَّرْجِيلِ [وَالتَّيَمُّنِ] 5926 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ مَا اسْتَطَاعَ، فِي تَرَجُّلِهِ وَوُضُوئِهِ". [انظر: 168 - مسلم: 268 - فتح 10/ 368] (باب: الترجيل والتيمن) أي: استحباب التسريح في الشعر، والتيمن في كل شيء يُطلب فيه التيمن، وفي نسخة: "باب: الترجل" ومَرَّ حديث الباب في كتاب: الوضوء (¬2). 78 - باب مَا يُذْكَرُ فِي المِسْكِ. 5927 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ". [انظر: 1894 - مسلم: 1151 - فتح 10/ 361] (باب: ما يذكر في المسك) أي: بيان ما جاء في ذلك، ومَرَّ حديث الباب في كتاب: الصوم (¬3). 79 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الطِّيبِ (باب: ما يستحب من الطيب) أي: بيان ما جاء فيه. 5928 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: "كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ". [انظر: 1539 - مسلم: 1189 - فتح 10/ 370] ¬

_ (¬1) سبق برقم (295) كتاب: الحيض، باب: غسل الحائض رأس زوجها. (¬2) سبق برقم (168) كتاب: الوضوء، باب: التيمن في الوضوء والغسل. (¬3) سبق برقم (1894) كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم.

80 - باب من لم يرد الطيب

(موسى) أي: ابن إسماعيل. (وهيب) أي: ابن خالد. (عن هشام) أي: ابن عروة، ومَرَّ حديث الباب مرارًا (¬1). 80 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرُدَّ الطِّيبَ 5929 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ". [انظر: 2582 - فتح 10/ 370] (باب: من لم يرد الطيب) أي: بيانه، ومَرَّ حديث الباب في الهبة (¬2). 81 - باب الذَّرِيرَةِ. (باب: الذريرة) هي بمعجمة: نوع من الطيب. 5930 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، سَمِعَ عُرْوَةَ، وَالقَاسِمَ، يُخْبِرَانِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ بِذَرِيرَةٍ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، لِلْحِلِّ وَالإِحْرَامِ". [انظر: 1539 - مسلم: 1189 - فتح 10/ 371] (أو محمد) أي: ابن يحيى الذهلي. (عنه) أي: عن عثمان، وحديث الباب ظاهر. 82 - بَابُ المُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ (باب: المتفلجات للحسن) أي: لأجله، والفلج: تفويق ما بين الثنايا والرباعيات بنحو مبرد. 5931 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال عَبْدُ اللَّهِ: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (5922) كتاب: اللباس، باب: تطييب المرأة زوجها بيديها. (¬2) سبق برقم (2582) كتاب: الهبة، باب: ما لا يرد من الهبة.

83 - باب الوصل في الشعر

المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالى" مَالِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]. [انظر: 4886 - مسلم: 2125 - فتح 10/ 372] (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (ما لي) استفهام، ومَرَّ حديثه في سورة الحشر (¬1). 83 - بَابُ الوَصْلِ فِي الشَّعَرِ (باب: الوصل في الشعر) أي: بآخر ليطول. 5932 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاويَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، عَامَ حَجَّ، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ، وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعْرٍ كَانَتْ بِيَدِ حَرَسِيٍّ: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ، وَيَقُولُ: "إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ". [انظر: 3468 - مسلم: 2127 - فتح 10/ 373] (وتناول قصة) بضم القاف. (بيد حرسي) بفتح المهملتين: من خدم معاوية الذي يحرسونه، والجملة حال معترضة بين القول ومقوله. 5933 - وَقَال ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ". [فتح 10/ 374] (فليح) هو عبد الملك. 5934 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَال: سَمِعْتُ الحَسَنَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ، وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4886) كتاب: التفسير، باب: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ" تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ. [انظر: 5025 - مسلم: 2123 - فتح 10/ 374] (ابن يناق) بفتح التحتية وتشديد النون. (تابعه) أي: شعبة. (أن يصلوها) أي: أن يصلوا شعرها. 5935 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: حَدَّثَتْنِي أُمِّي، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالتْ: إِنِّي أَنْكَحْتُ ابْنَتِي، ثُمَّ أَصَابَهَا شَكْوَى، فَتَمَرَّقَ رَأْسُهَا، وَزَوْجُهَا يَسْتَحِثُّنِي بِهَا، أَفَأَصِلُ رَأْسَهَا؟ " فَسَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ. [5936، 5941 - مسلم: 2122 - فتح 10/ 374] 5936 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالتْ: "لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ". [انظر: 5935 - مسلم: 2122 - فتح 10/ 374] (فتمرق) براء مشددة أي: تقطع. (فسب) أي: لعن. 5937 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ" وَقَال نَافِعٌ: "الوَشْمُ فِي اللِّثَةِ". [5940، 5942، 5947 - مسلم: 21240 - فتح 10/ 374] 5938 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، قَال: قَدِمَ مُعَاويَةُ المَدِينَةَ، آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ، قَال: مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ اليَهُودِ "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ الزُّورَ. يَعْنِي الوَاصِلَةَ فِي الشَّعَرِ". [انظر: 3468 - مسلم: 2127 - فتح 10/ 374] (الوشم في اللثة) أي: قد يقع فيها لغرض، ومرَّت أحاديث الباب في كتاب: الأنبياء (¬1)، والنهي فيها للتحريم، ومحله: في وصل الشعر ¬

_ (¬1) سبق برقم (3468) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر من بني إسرائيل.

84 - باب المتنمصات

إذا وصله بشعر آدمي مطلقًا أو بشعر غيره إن لم يكن للمرأة حليل أو لها حليل ولم يأذن لها فإن أذن جاز إن كان الشعر طاهرًا. 84 - بَابُ المُتَنَمِّصَاتِ (باب: المتنمصات) جمع متنمصة: وهي من تطلب إزالة ما في وجهها من شعر ينبت غالبًا. 5939 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: "لَعَنَ عَبْدُ اللَّهِ، الوَاشِمَاتِ وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ" فَقَالتْ أُمُّ يَعْقُوبَ: مَا هَذَا؟ قَال عَبْدُ اللَّهِ: "وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ، وَفِي كِتَابِ اللَّهِ؟ " قَالتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ، قَال: "وَاللَّهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. [انظر: 4886 - مسلم: 2125 - فتح 10/ 377] (عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (ما بين اللوحين) أي: الدفتين، ومَرَّ الحديث في سورة الحشر وفي غيرها (¬1). 85 - باب المَوْصُولَةِ. (باب: الموصولة) هي من تطلب أن يوصل شعرها. 5940 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ". [انظر: 5937 - مسلم: 2124 - فتح 10/ 378] (محمد) أي: ابن سلام. (عبدة) أي: ابن سليمان. 5940 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ" ¬

_ (¬1) سبق برقم (4886، 4887) كتاب: التفسير، باب: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}. و (5931) كتاب: اللباس، باب: المتفلجات بالحسن.

ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الحَصْبَةُ، فَامَّرَقَ شَعَرُهَا، وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا، أَفَأَصِلُ فِيهِ؟ فَقَال: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ وَالمَوْصُولَةَ". [انظر: 5935 - مسلم: 2122 - فتح 10/ 378] (أصابتها الحصبة) في نسخة: "أصابها الحصبة" أي: حبَّها، والحصبة: بثرات حمر تخرج في الجسد متفرقة. (فامرق) بهمزة وصل وميم مشددة وراء، وأصله: "انمرق" كما في نسخة؛ أبدلت النون ميمًا وأدغمت في الميم. 5942 - حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَاشِمَةُ وَالمُوتَشِمَةُ، وَالوَاصِلَةُ وَالمُسْتَوْصِلَةُ" يَعْنِي: لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 5937 - مسلم: 2124 - فتح 10/ 378] (الفضل بن دكين) في نسخة: "ابن زهير" ولا منافاة أن زهير جد دكين؛ لأن دكينا بن حماد ابنُ زهير فنسب الفضل إلى أبيه تارة، وإلى جد أبيه أخرى وهو شيخ البخاري، وروى عنه هنا بواسطة. 5943 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ" مَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. [انظر: 4886 - مسلم: 2125 - فتح 10/ 378] (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (سفيان) أي: الثوري، ومَرَّ الحديثان مرارًا (¬1). ¬

_ (¬1) سلف الأول برقم (5937) كتاب: اللباس، باب: الوصل. و (5940) كتاب: اللباس، باب: الموصولة. والثاني برقم (5931) كتاب: اللباس، باب: المتفلجات للحسن. و (5939) كتاب: اللباس، باب: المتنمصات.

86 - باب الواشمة

86 - باب الوَاشِمَةِ. (باب: الواشمة) أي: بيان ما جاء فيها. 5944 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَيْنُ حَقٌّ" وَنَهَى عَنِ الوَشْمِ. [انظر: 5740 - مسلم: 2187 - فتح 10/ 379] حَدَّثَنِي ابْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، حَدِيثَ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَال: سَمِعْتُهُ مِنْ أُمِّ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَ حَدِيثِ مَنْصُورٍ. [انظر: 4886 - مسلم: 2125 - فتح 10/ 379] (يحيى) أي: ابن موسى البلخي، أو ابن جعفر البيكندي. (العين) أي: الإصابة بها، ومَرَّ الحديث في الطب (¬1). (ابن مهدي) هو عبد الرحمن. (سفيان) أي: الثوري. 5945 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَال: رَأَيْتُ أَبِي، فَقَال: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الكَلْبِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَالوَاشِمَةِ وَالمُسْتَوْشِمَةِ". [انظر: 2086 - فتح 10/ 379] (نهى عن ثمن الدم) أي: عن أجرة الحجام، ومَرَّ الحديث في البيوع (¬2). 87 - باب المُسْتَوْشِمَةِ. (باب: المستوشمة) هي التي تطلب أن يفعل بها الوشم. 5946 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: أُتِيَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ تَشِمُ، فَقَامَ فَقَال: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، مَنْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (5740) كتاب: الطب، باب: العين حق. (¬2) سبق برقم (2086) كتاب: البيوع، باب: موكل الربا.

88 - باب التصاوير

الوَشْمِ؟ فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُمْتُ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَنَا سَمِعْتُ، قَال: مَا سَمِعْتَ؟ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تَشِمْنَ وَلَا تَسْتَوْشِمْنَ". [فتح 10/ 380] (عن عمارة) أي: ابن القعقاع. (أنشدكم) أي: أسألكم. 5947 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ". [انظر: 5937 - مسلم: 2124 - فتح 10/ 380] 5948 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ" مَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. [انظر: 4886 - مسلم: 2125 - فتح 10/ 380] (سفيان) أي: الثوري، وحديثا الباب ظاهران مما مرَّ. 88 - باب التَّصَاويرِ. (باب: التصاوير) أي: بيان حكمها. 5949 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا تَصَاويرُ" وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3225 - مسلم: 2106 - فتح 10/ 380] (لا تدخله الملائكة) أي: ملائكة الرحمة إذ الحفظة لا يفارقون بني آدم. (ولا تصاوير) أي مصورات تشبه الحيوانات، ومَرَّ الحديث في المغازي (¬1). (يونس) أي: ابن يزيد. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4002) كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا.

89 - باب عذاب المصورين يوم القيامة

89 - بَابُ عَذَابِ المُصَوِّرِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ (باب: عذاب المصورين يوم القيامة) أي بيان ذلك. 5950 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، قَال: كُنَّا مَعَ مَسْرُوقٍ، فِي دَارِ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ، فَرَأَى فِي صُفَّتِهِ تَمَاثِيلَ، فَقَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ". [مسلم: 2109 - فتح 10/ 382] (الحميدي) هو عبد اللَّه بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن مسلم) هو أبو الضحى بن صبيح. (مسروق) أي: ابن الأجدع. (فرأى) أي: مسروق. (تماثيل) أي: صورًا تشبه الحيوانات. (عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. 5951 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ". [7558 - مسلم: 2108 - فتح 10/ 382] (يوم القيامة) ساقط من نسخة. (يقال لهم: أحيوا ما خلقتم) الأمر فيه للتعجيز. 90 - باب نَقْضِ الصُّوَرِ. (باب: نقض الصور) أي تغيير هيئتها. 5952 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدَّثَتْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إلا نَقَضَهُ". [فتح 10/ 385] (هشام) أي: ابن عبد اللَّه الدستوائي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير.

91 - باب ما وطئ من التصاوير

(تصاليب) أي: "تصاوير" كما في نسخة. (إلا نقضه) أي غيَّر صورته. 5953 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، قَال: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، دَارًا بِالْمَدِينَةِ، فَرَأَى أَعْلاهَا مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً" ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إِبْطَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: مُنْتَهَى الحِلْيَةِ. [7559 - مسلم: 2111 - فتح 10/ 385] (موسى) أي: ابن إسماعيل المنقري. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عمارة) أي: ابن القعقاع. (حبة) أي: من بُر. (ذرة) أي: نملة صغيرة. (بتور) أي: بإناء مملوء من ماء. (أشيء؟) أي: أتبليغ الماء على [الإبط] (¬1) شيء؟ سمعته من رسول - صلى اللَّه عليه وسلم -؟ (قال: منتهى الحلية) أي: تنتهي حلية المؤمن في الجنة حيث يبلغ ماء الوضوء، فأشار بالحلية إلى التحجيل، والمعنى: سمعت تبليغ ما ذكر من النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. 91 - بَابُ مَا وُطِئَ مِنَ التَّصَاويرِ (باب: ما وطئ من التصاوير) أي: بالأقدام. 5954 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ، وَمَا بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْهُ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، قَال: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لِي عَلَى سَهْوَةٍ لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَتَكَهُ وَقَال: "أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ" قَالتْ: فَجَعَلْنَاهُ وسَادَةً أَوْ وسَادَتَيْنِ. [انظر: 2479 - مسلم: 2107 (92) فتح 10/ 386] ¬

_ (¬1) في الأصول: الأرض وهو تصحيف.

92 - باب من كره القعود على الصورة

(سفيان) أي: ابن عيينة. (بقرام) بكسر القاف: ستر فيه رقم ونقش. (على سهوة) بفتح المهملة وسكون الهاء أي: صفة. (فيها تماثيل) أي تصاوير. (هتكه) أي: نزعه. (يضاهون) أي: يشابهون. (وسادة أو وسادتين) تؤخذ المطابقة منه؛ لأن الوسادة توطأ أو في معنى ما يوطأ. 5955 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ، وَعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْزِعَهُ فَنَزَعْتُهُ". [انظر: 2479 - مسلم: 2107 - فتح 10/ 387] 5956 - وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ. [انظر: 250 - مسلم: 319 - فتح 10/ 387] (درنوكا) بضم المهملة وسكون الراء وضم النون أي: سترًا له خمل. 92 - بَابُ مَنْ كَرِهَ القُعُودَ عَلَى الصُّورَةِ (باب: من كره القعود على الصور) أي: بيانه. 5957 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاويرُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَقُلْتُ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِمَّا أَذْنَبْتُ، قَال: "مَا هَذِهِ النُّمْرُقَةُ" قُلْتُ: لِتَجْلِسَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، قَال: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَإِنَّ المَلائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ". [انظر: 2105 - مسلم: 2107 (96) - فتح 10/ 389] (نمرقة) أي وسادة صغيرة. (بكير) أي: ابن عبد اللَّه بن الأشج. 5958 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ

93 - باب كراهية الصلاة في التصاوير

المَلائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ" قَال بُسْرٌ: ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ، فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ، رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَوْمَ الأَوَّلِ؟ فَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قَال: "إلا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ" وَقَال ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو هُوَ ابْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَهُ بُكَيْرٌ، حَدَّثَهُ بُسْرٌ، حَدَّثَهُ زَيْدٌ، حَدَّثَهُ أَبُو طَلْحَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3225 - مسلم: 2106 - فتح 10/ 389] (فيه الصورة) في نسخة: "فيه صور" بدون (أل) وهاء. (يوم الأول) من باب: إضافة الموصوف إلى صفته، والمراد به: الوقت الماضي، وفي نسخة: "يوم أول". (ألم تسمعه حين قال: إلا رقما في ثوب) جمع النووي بين الأحاديث: بأن المراد باستثناء الرقم في الثوب ما كانت الصورة فيه من غير ذوات الأرواح كصورة الشجر ونحوها، ومحل التحريم في غير لعب البنات (¬1)، ومَرَّ الحديث في بدء الخلق (¬2). 93 - بَابُ كَرَاهِيَةِ الصَّلاةِ فِي التَّصَاويرِ (باب: كراهية الصلاة في التصاوير) أي: في الثوب الذي فيه تصاوير. 5959 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ، سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَال لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمِيطِي عَنِّي، فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاويرُهُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلاتِي". [انظر: 374 - فتح 10/ 391] (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. ومَرَّ حديث الباب في الصلاة (¬3). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 14/ 82. (¬2) سبق برقم (3225) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين. (¬3) سبق برقم (274) كتاب: الصلاة، باب: إن صلى في ثوب مصلب أو تصاوير.

94 - باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة

94 - بَابُ لَا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ (باب: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة) أي: تشبه صورة الحيوان. 5960 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَرُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "وَعَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ، فَرَاثَ عَلَيْهِ، حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيَهُ، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا وَجَدَ، فَقَال لَهُ: إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ". [انظر: 3227 - فتح 10/ 391] (فراث عليه) بمثلثة أي: أبطأ، ومَرَّ حديث الباب في بدء الخلق (¬1). 95 - بَابُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ 5961 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاويرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفَتْ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ قَال: "مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ" فَقَالتْ: اشْتَرَيْتُهَا لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ " وَقَال: "إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ المَلائِكَةُ". [انظر: 2105 - مسلم: 2107 (96) - فتح 10/ 392] (باب: من لم يدخل بيتًا فيه صورة) أي: تشبه صورة الحيوان، وحديث الباب ظاهر مما مَرَّ. 96 - باب مَنْ لَعَنَ المُصَوِّرَ. (باب: من لعن المصور) أي: بيان ذكره. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3227) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين.

97 - باب من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ

5962 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ اشْتَرَى غُلامًا حَجَّامًا، فَقَال: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الكَلْبِ، وَكَسْبِ البَغِيِّ، وَلَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ وَالمُصَوِّرَ". [انظر: 2086 - فتح 10/ 393] (غندر) هو محمد بن جعفر، وصرَّح باسمه في نسخة، ومَرَّ حديثه في كتاب: البيوع وغيره (¬1). 97 - بَابُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ (باب) ساقط من نسخة. (من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ) ساقط من أخرى. 5963 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَال: سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ قَتَادَةَ قَال: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُمْ يَسْأَلُونَهُ، وَلَا يَذْكُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سُئِلَ، فَقَال: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ". [انظر: 2225 - مسلم: 2110 - فتح 10/ 393] (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (وهم يسألونه) أي: يستفتونه عمَّا يحتاجون إليه. (حتى سئل) أي: عمَّن يصور الصور؟ والحديث ظاهر مما مَرَّ. 98 - بَابُ الِارْتِدَافِ عَلَى الدَّابَّةِ (باب: الارتداف على الدابة) هو أن يركب الراكب شخصًا خلفه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2086) كتاب: البيوع، باب: موكل الربا. و (5945) كتاب: اللباس، باب: الواشمة.

99 - باب الثلاثة على الدابة

5964 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى إِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ". [انظر: 2987 - مسلم: 1798 - فتح 10/ 395] (أبو صفوان) هو عبد اللَّه بن سعيد الأموي. (على إكاف) أي: بردعة. (فدكيّةٌ) نسبة إلى فدك: قرية بخيبر (¬1)، ومَرَّ الحديث في كتاب: العلم. 99 - باب الثَّلَاثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ. (باب: الثلاثة على الدابة) أي: بيان جواز ركوبهم عليها. 5965 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: "لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، اسْتَقْبَلَهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالآخَرَ خَلْفَهُ". [انظر: 1798 - فتح 10/ 395] (خالد) أي: ابن مهران الحذاء. (أغيلمة) بتصغير أغلمة: جمع غلام، وهو شاذ والقياس: غليمة (فحمل واحدًا بين يديه وآخر خلفه) هما الفضل وقثم ابنا العباس بن عبد المطلب كما سماهما بعد، ومَرَّ الحديث في الحج (¬2). ¬

_ (¬1) فدك: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان، أفاءها اللَّه على رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنة سبع صلحًا، وحصنها يقال له الشمروخ، وأقرب الطرق من المدينة إليها من النقرة. انظر: "معجم ما استعجم" 3/ 1014. "معجم البلدان" 4/ 238. (¬2) سبق برقم (1798) كتاب: العمرة، باب: استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة.

100 - باب حمل صاحب الدابة غيره بين يديه

100 - بَابُ حَمْلِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ غَيْرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَال بَعْضُهُمْ: صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِ الدَّابَّةِ، إلا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ. (باب: حمل صاحب الدابة غيره بين يديه) أي: أمامه. (بعضهم) هو عامر الشعبي. 5966 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ: - ذُكِرَ شَرُّ الثَّلاثَةِ عِنْدَ - عِكْرِمَةَ، فَقَال: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ حَمَلَ قُثَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالفَضْلَ خَلْفَهُ، أَوْ قُثَمَ خَلْفَهُ، وَالفَضْلَ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَأَيُّهُمْ شَرٌّ أَوْ أَيُّهُمْ خَيْرٌ؟. [انظر: 1798 - فتح 10/ 396] (الأشر الثلاثة) بالإضافة كالضارب الرجل، وبرفعهما على الابتداء والخبر، وفي نسخة: "أشر الثلاثة" وفي أخرى: "شر الثلاثة" بدون ألف، وما ذكر عند عكرمة من أن ركوب الثلاثة شر (¬1)، وأن أحدهم أشر، أنكره واستدل بفعل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - له على جوازه. 101 - باب [إِرْدَافِ الرَّجُلِ خَلْفَ الرَّجُلِ]. (باب: إرداف الرجل خلف الرجل) أي: بيان ما جاء فيه. 5967 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إلا أَخِرَةُ الرَّحْلِ، فَقَال: "يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَال: "يَا مُعَاذُ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَال: "يَا مُعَاذُ" ¬

_ (¬1) قال الحافظ: في رواية الكشميهيني "أشر" بزيادة ألف أوله وفي رواية الحموي: "الأشر" فأمر "أشر" بزيادة ألف فهي لغة اهـ انظر: "الفتح" 10/ 397.

102 - باب إرداف المرأة خلف الرجل

قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَال: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ" قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا" ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَال: "يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَقَال: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ" قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ". [انظر: 2856 - مسلم: 30 - فتح 10/ 397] (همام) أي: ابن يحيى البصري. (إلَّا آخرة الرحل) هي التي يستند إليها الراكب، وحديث الباب ظاهر. 102 - بَابُ إِرْدَافِ المَرْأَةِ خَلْفَ الرَّجُلِ (باب: إرداف المرأة خَلف الرجل) زاد في نسخة: "ذا محرم". 5968 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ، وَإِنِّي لَرَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ وَهُوَ يَسِيرُ، وَبَعْضُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدِيفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَقُلْتُ: المَرْأَةَ، فَنَزَلْتُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا أُمُّكُمْ" فَشَدَدْتُ الرَّحْلَ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا دَنَا، أَوْ: رَأَى المَدِينَةَ قَال: "آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ". [انظر: 371 - مسلم: 1345 - فتح 10/ 398] (وبعض نساء رسول اللَّه) هي صفية بنت حيي. (فقلت: المرأة) بالنصب أي: احفظها. (آيبون) أي: راجعون، ومَرَّ الحديث في الجهاد (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2893) كتاب: الجهاد، باب: من غزا بصبي للخدمة.

103 - باب الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى

103 - بَابُ الاسْتِلْقَاءِ وَوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَى الأُخْرَى (باب: الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى) أي: بيان حكم ذلك. 5969 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ: أَنَّهُ أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَضْطَجِعُ فِي المَسْجِدِ، رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى". [انظر: 475 - مسلم: 2100 - فتح 10/ 399] (عن عمه) هو عبد اللَّه بن زيد الأنصاري. (رافعًا إحدى رجليه على الأخرى) هو ناسخ للنهي عنه في مسلم (¬1)، ومَرَّ الحديث في كتاب: الصلاة (¬2). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2099) (73) كتاب: اللباس والزينة، باب: في منع الاستلقاء على الظهر. (¬2) سبق برقم (475) كتاب: الصلاة، باب: الاستلقاء في المسجد، ومد الرجل.

78 - كتاب الأدب

78 - كِتَابُ الأَدَبِ

1 - باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه} [العنكبوت: 8]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 78 - كِتَابُ الأَدَبِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (كتاب الأدب) هو الوقوف مع المستحسنات، وقيل: الاتصاف بمكارم الأخلاق وهما متقاربان. 1 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [العنكبوت: 8] (باب: البر والصلة) أي: للأرحام، أو لهم ولغيرهم. (وقول اللَّه) بالجر عطفٌ على (البر) وفي نسخة: "باب: قول اللَّه تعالى" بحذف الزائد عليه. ({وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْه}) زاد في نسخة: " {حُسْنًا} ". 5970 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: الوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ، أَخْبَرَنِي قَال: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا - صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ - عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَال: "الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا" قَال: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: "بِرُّ الوَالِدَيْنِ" قَال: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: "الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" قَال: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَو اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي. [انظر: 527 - مسلم: 85 - فتح: 10/ 400] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (الصلاة على وقتها) إلى آخره جمع بينه وبين ما مَرَّ في الإيمان: من أن إطعام الطعام خير أعمال الإسلام (¬1)، وأن أحب الأعمال ¬

_ (¬1) سبق برقم (12) كتاب: الإيمان، باب: إطعام الطعام من الإسلام.

2 - باب: من أحق الناس بحسن الصحبة؟

أدومه (¬1) ونحو ذلك: بأن الجواب اختلف باختلاف أحوال السائلين، فأعلم كلَّ قوم بما يحتاجون إليه، أو باختلاف الأوقات، والمراد بالأعمال: الأعمال البدنية فلا يعارض ذلك خبر: "أفضل الأعمال إيمان باللَّه" (¬2) ومَرَّ الحديث في مواقيت الصلاة (¬3). 2 - بَابٌ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ (باب: من أحق الناس بحسن الصحبة) أي: بيان ذلك. 5971 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَال: "أُمُّكَ" قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: "ثُمَّ أُمُّكَ" قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: "ثُمَّ أُمُّكَ" قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: "ثُمَّ أَبُوكَ" وَقَال ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَهُ. [مسلم: 2548 - فتح: 10/ 401] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (جاء رجل) قيل: هو معاوية بن حيدة. 3 - بَابُ لَا يُجَاهِدُ إلا بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ (باب: لا يجاهد إلا بإذن الأبوين) أي: باب ذكر ذلك. 5972 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، قَالا: حَدَّثَنَا حَبِيبٌ، قَال: ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (43) كتاب: الإيمان، باب: أحب الدين إلى اللَّه عزَّ وجلَّ أدومه. (¬2) سبق برقم (26) كتاب: الإيمان، باب: من قال: إن الإيمان هو العمل. (¬3) سبق برقم (527) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها.

4 - باب: لا يسب الرجل والديه

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَال: قَال رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُجَاهِدُ؟ قَال: "لَكَ أَبَوَانِ؟ " قَال: نَعَمْ، قَال: "فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ". [انظر: 3004 - مسلم: 2549 - فتح: 10/ 403] (يحيى) أي: ابن سعيد. (عن سفيان) أي: الثوري. (حبيب) أي: ابن ثابت. (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي العباس) هو السائب الشاعر، ومَرَّ حديث الباب في الجهاد، في باب: لا يجاهد إلا بإذن الأبوين (¬1). 4 - بَابٌ: لَا يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ (باب: لا يسب الرجل والديه) أي: بيان ما جاء في ذلك. 5973 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَال: "يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ". [مسلم: 90 - فتح: 10/ 403] (أن يسب) هذا الإسناد مجازي، لأنه سبب لمسبته والديه. 5 - بَابُ إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ (باب: إجابة دعاءَ مْن بَرَّ والديه) أي: بيان قبول دعائه. 5974 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَمَا ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَاشَوْنَ أَخَذَهُمُ المَطَرُ، فَمَالُوا إِلَى غَارٍ فِي الجَبَلِ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يَفْرُجُهَا. فَقَال أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ، كُنْتُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3004) كتاب: الجهاد، باب: الجهاد بإذن الأبوين.

أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ وَلَدِي، وَإِنَّهُ نَاءَ بِيَ الشَّجَرُ، فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَجِئْتُ بِالحِلابِ فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً حَتَّى يَرَوْنَ مِنْهَا السَّمَاءَ. وَقَال الثَّانِي: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَلَقِيتُهَا بِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفْتَحِ الخَاتَمَ، فَقُمْتُ عَنْهَا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا. فَفَرَجَ لَهُمْ فُرْجَةً. وَقَال الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَال: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ فَتَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، فَجَاءَنِي فَقَال: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَظْلِمْنِي وَأَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ البَقَرِ وَرَاعِيهَا، فَقَال: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَهْزَأْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَهْزَأُ بِكَ، فَخُذْ ذَلِكَ البَقَرَ وَرَاعِيَهَا، فَأَخَذَهُ فَانْطَلَقَ بِهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ مَا بَقِيَ. فَفَرَجَ اللَّهُ عَنْهُمْ. [انظر: 2215 - مسلم: 2743 - فتح: 10/ 404] (على فم غارهم) في نسخة: "على باب غارهم". (فأطبقت) في نسخة: "فتطابقت". (صالحة) أي: خالصة. (يفرجها) بفتح التحتية وضم الراء. (أرعى عليهم). ضمن (أرعى) معنى: أنفق فعداه بعلى. (نأى بي الشجر) بمعجمة وجيم أي: بعد عن مكاننا الشجر التي ترعاها مواشينا، وفي نسخة: بمهملتين أي: زمن "السحر" أي: بعد. (يتضاغون) أي: يضجون من الجوع. (ما يحب الرجال) في نسخة: "ما يحب الرجل".

6 - باب: عقوق الوالدين من الكبائر

(فطلبت إليها) ضمَّن (طلب) معنى: أتى فعداه بإلي. (اذهب إلى تلك البقر) ذكر اسم الإشارة باعتبار ما رأى من البقر. (وراعيها) وأنث الضمير فيها (¬1) بعد على الأصل، ومَرَّ الحديث في كتاب: البيوع وغيره (¬2). 6 - بَابٌ: عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ مِنَ الكَبَائِرِ [قَالهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (باب: عقوق الوالدين من الكبائر) أي: بيان تحريم عقوقهما وهو إيذاؤهما. 5975 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ المُسَيِّبِ، عَنْ وَرَّادٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَمَنْعًا وَهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقَال، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ". [انظر: 844 - مسلم: - فتح: 10/ 405] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن المسيب) أي: ابن رافع الكاهلي. (ومنع) في نسخة: "ومنعًا" بالتنوين أي: وحرم عليكم منع ما عليكم إعطاؤه. (وهات) بكسر التاء فعل أمر أي: وحرم عليكم طلب ما ليس لكم أخذه. (ووأد البنات) بفتح الواو وسكون الهمزة أي: دفنهن أحياء. (وكره قيل وقال) ببنائهما على الفتح، وفي نسخة: "قيلًا وقالًا" بالتنوين أي: كره ما يكون من فضول المجالس مما يُتحدَّث به فيها ¬

_ (¬1) في الأصول: في بها. (¬2) سبق برقم (2215) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فرضي. و (3465) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: حديث الغار.

مما لا تعلم حقيقته. (وكثرة السؤال) أي: عن المسائل التي لا حاجة إليها. (وإضاعة المال) أي: بصرفه في غير ما أذن فيه شرعًا. 5976 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الوَاسِطِيُّ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ" قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَال: أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ. فَمَا زَال يَقُولُهَا، حَتَّى قُلْتُ: لَا يَسْكُتُ. [انظر: 2654 - مسلم: 87 - فتح: 10/ 405] 5977 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكَبَائِرَ، أَوْ سُئِلَ عَنِ الكَبَائِرِ فَقَال: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، فَقَال: أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ قَال: قَوْلُ الزُّورِ، أَوْ قَال: شَهَادَةُ الزُّورِ. قَال شُعْبَةُ: وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَال: "شَهَادَةُ الزُّورِ". [انظر: 2653 - مسلم: 88 - فتح: 10/ 405] (إسحاق) أي: ابن شاهين الواسطي (خالد) أي: ابن عبد اللَّه الطحان. (عن الجريري) بالتصغير: سعيد بن إياس. (ألا) بالتخفيف: حرف استفتاح. (وشهادة الزور) العطف فيه من عطف الخاص على العام، ويحتمل أنه عطف تفسير وكرر ذلك مرتين في أكثر النسخ تنبيهًا على قبح الزور، وأحاديث الباب ثلاثة: مَرَّ أولها: في الزكاة (¬1) والآخران: في الشهادات (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1477) كتاب: الزكاة، باب: قول اللَّه تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}. (¬2) سبقا برقم (2654) كتاب: الشهادات، باب: ما قيل في شهادة الزور.

7 - باب صلة الوالد المشرك

7 - بَابُ صِلَةِ الوَالِدِ المُشْرِكِ (باب: صلة الوالد المشرك) أي: بيان مشروعيتها. 5978 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَخْبَرَنِي أَبِي، أَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالتْ: أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً، فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آصِلُهَا؟ قَال: "نَعَمْ" قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى فِيهَا: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8]. [انظر: 2620 - مسلم: 1003 - فتح: 10/ 413] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أتتني أمي) اسمها: قيلة بنت عبد العزى على الأصح (¬1) (راغبة) أي: في بري وصلتي لها، ومَرَّ الحديث في الهبة (¬2). 8 - بَابُ صِلَةِ المَرْأَةِ أُمَّهَا وَلَهَا زَوْجٌ (باب: صلة المرأة أمها ولها زوج) أي: وللمرأة التي تصل أمها. 5979 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي هِشَامٌ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَال: قَدِمَتْ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَمُدَّتِهِمْ إِذْ عَاهَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ ابْنِهَا، فَاسْتَفْتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ؟ [أَفَأَصِلُهَا؟] قَال: "نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ". [انظر: 2620 - مسلم: 1003 - فتح: 10/ 413] (وقال الليث) (ولها) إلى آخره هو طريق في حديث الباب السابق. ¬

_ (¬1) وهي أم أسماء قتيلة -بالقاف والمثناة مصغرة- بنت عبد العزى بن سعد، من بني مالك بن حسل -بكسر الحاء وسكون المهملتين، وقد قدمت على ابنتها أسماء بنت أبي بكر في الهدنة. وجاء التصريح باسمها عند ابن سعد في "الطبقات" 8/ 252. وعند الحاكم في "المستدرك" 2/ 485 كتاب: التفسير. وذكره الهيثمي في "المجمع" 7/ 123. (¬2) سبق برقم (2620) كتاب: الهبة، باب: الهدية للمشركين.

9 - باب صلة الأخ المشرك

5980 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَال: - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "يَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالعَفَافِ، وَالصِّلَةِ". [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح: 10/ 413] (يحيى) أي: ابن عبد اللَّه بن بكير، ومَرَّ حديثه في أوائل البخاري (¬1). 9 - بَابُ صِلَةِ الأَخِ المُشْرِكِ (باب: صلة الأخ المشرك) أي: بيان مشروعيتها. 5981 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: رَأَى عُمَرُ حُلَّةَ سِيَرَاءَ تُبَاعُ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ وَالبَسْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الوُفُودُ. قَال: "إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ" فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بِحُلَّةٍ، فَقَال: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ قَال: "إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا، وَلَكِنْ تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا" فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ. [انظر: 886 - مسلم: 2068 - فتح: 10/ 414] (إلى أخ له) اسمه: عثمان بن حكيم، ومَرَّ الحديث في الهبة (¬2). 10 - بَابُ فَضْلِ صِلَةِ الرَّحِمِ (باب: فضل صلة الرحم) أي: بيان ما جاء فيه. 5982 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُثْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَال: قِيلَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ". [انظر: 1396 - مسلم: 13 - فتح: 10/ 414] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (2612) كتاب: الهبة، باب: هدية ما يكره لبسه.

11 - باب إثم القاطع

(ابن عثمان) هو محمد بن عثمان بن عبد اللَّه بن موهب. 5983 - وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، وَأَبُوهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُمَا سَمِعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، فَقَال القَوْمُ: مَا لَهُ مَا لَهُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَبٌ مَا لَهُ" فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، ذَرْهَا" قَال: كَأَنَّهُ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. [انظر: 1396 - مسلم: 13 - فتح: 10/ 414] (حدثني) في نسخة: "وحدثني". (عبد الرحمن) أي ابن بشر. (بهز) أي: ابن أسد. (أرب ما له) بفتح الهمزة، والراء أي: له حاجة. (ذرها) بفتح المعجمة وسكون الراء أي: دع الراحلة تمشي إلى منزلك لانقضاء حاجتك، ومَرَّ الحديث في أول الزكاة (¬1). 11 - بَابُ إِثْمِ القَاطِعِ 5984 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَال: إِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ". [مسلم: 2556 - فتح: 10/ 415] (باب: إثم القاطع) أي: للرحم وحديث الباب ظاهر. 12 - بَابُ مَنْ بُسِطَ لَهُ فِي الرِّزْقِ بِصِلَةِ الرَّحِمِ (باب: من بسط له في الرزق لصلة الرحم) أي: بسببها. 5985 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1396) كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة.

13 - باب من وصل وصله الله

يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". [فتح: 10/ 415] 5986 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". [انظر: 2067 - مسلم: 2557 - فتح: 10/ 415] (وأن ينسأ) من النسيء بفتح النون وسكون المهملة وبالهمز وهو التأخير. (في أثره) أي: أجله وحديثا الباب ظاهران. 13 - بَابُ مَنْ وَصَلَ وَصَلَهُ اللَّهُ (باب: من وصل وصله اللَّه) أي: بيان ذلك. 5987 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُعَاويَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ، قَال: سَمِعْتُ عَمِّي سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَال: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَال: فَهُوَ لَكِ " قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (حتى إذا فرغ من خلقه) أي: قضاه وأَتَمه. 5988 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَال اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ". [مسلم: 2554 - فتح: 10/ 417] 5989 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مُعَاويَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الرَّحِمُ شِجْنَةٌ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ". [مسلم: 2555 - فتح: 10/ 417]

14 - باب تبل الرحم ببلالها

(شجنة) بكسر المعجمة أكثر من ضمها وفتحها وبسكون الجيم: عروق الشجر المشتبكة، والمراد به هنا: قرابة مشتبكة كالعروق المتداخلة والأغصان المتشابكة وهي مأخوذة (من الرحمن) أي: من لفظه، والمعنى: الرحمن أثر من آثار رحمته مشتبكة بها فقاطعُها قاطع نفسه من رحمة اللَّه، ومرَّت أحاديث الباب في سورة القتال (¬1). 14 - بَابُ تُبَلُّ الرَّحِمُ بِبَلالِهَا (باب: تبل الرحم) بضم الفوقية وفتح الموحدة (ببلالها) بفتح الموحدة الثانية وكسرها، والبلال بمعنى البلل وهو الندواة، ومعنى ذلك: الوصل بالصلة، شبهت قطيعة الرحم بالحرارة التي تطفأ بالبرد والماء. 5990 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ العَاصِ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ يَقُولُ: "إِنَّ آلَ أَبِي - قَال عَمْرٌو: فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بَيَاضٌ - لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ " زَادَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلاهَا" يَعْنِي أَصِلُهَا بِصِلَتِهَا قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "بِبَلاهَا كَذَا وَقَعَ، وَبِبَلالِهَا أَجْوَدُ وَأَصَحُّ، وَبِبَلاهَا لَا أَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا". [مسلم: 215 - فتح: 10/ 419] (جهارًا) أي: جهرًا كما فسره بقوله: (غير سر). (إن آل أبي) بحذف ما أضيف إليه (أبي) وفي نسخة: "أن آل أبي فلان" بذكره، والمراد بفلان: أبو طالب، أو العاص بن أمية. (في كتاب محمد بن جعفر بياض) بالرفع أي: موضع خال من الكتابة بعد (أبي) وقيل: بالجر بإضافة (أبي) إليه بمعنى: في كتاب محمد بن جعفر: إن آل أبي بياض، وردَّ بأنه لا يعرف في العرب قبيلة يقال لها بياض. (ليسوا ¬

_ (¬1) سبق برقم (4830) كتاب: التفسير، باب: {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}.

15 - باب: ليس الواصل بالمكافئ

بأوليائي) في نسخة: "ليسوا بأولياء" والمراد: من لم يسلم منهم. (عن بيان) أي: ابن بشر. (ولكن لهم) أي: لآل أبي. (رحم) أي: قرابة. 15 - بَابٌ: لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ (باب: ليس الواصل بالمكافئ) أي: لصاحبه بمثل فعله إذ ذاك نوع معاوضة، بل الواصل من يصل غيره بلا بدل أو وصل من قطعه، وهو ما في الحديث. 5991 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَالحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: - قَال سُفْيَانُ: لَمْ يَرْفَعْهُ الأَعْمَشُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَفَعَهُ حَسَنٌ وَفِطْرٌ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا". [فتح: 10/ 423] (سفيان) أي: الثوري. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (وفطر) بكسر الفاء وسكون الطاء: ابن خليفة المخزومي. (قطعت) بالبناء للفاعل، وفي نسخة: بالبناء للمفعول. 16 - بَابُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ (باب: من وصل في الشرك ثم أسلم) أي: هل يثاب عليه أولًا؟ 5992 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، مِنْ صِلَةٍ، وَعَتَاقَةٍ، وَصَدَقَةٍ، هَلْ لِي فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ قَال حَكِيمٌ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ" وَيُقَالُ أَيْضًا: عَنْ أَبِي اليَمَانِ: "أَتَحَنَّثُ" وَقَال مَعْمَرٌ، وَصَالِحٌ، وَابْنُ المُسَافِرِ: "أَتَحَنَّثُ" وَقَال ابْنُ إِسْحَاقَ: "التَّحَنُّثُ التَّبَرُّرُ" وَتَابَعَهُمْ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ. [انظر: 1436 - مسلم: 123 - فتح: 10/ 424] (أرأيت أمورًا) أي: أخبرني عن أمور. (أتحنث) بمثلثة أي:

17 - باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به، أو قبلها أو مازحها

أتعبد، ومَرَّ الحديث في الزكاة (¬1). (ويقال أيضًا عن أبي اليمان: أتحنت) بفوقية بدل المثلثة وأنكر بعضهم الفوقية. (وصالح) هو ابن كيسان. (وابن المسافر) بأل، والمشهور حذفها. (التبرر) من البر. (وتابعهم) أي: المذكور، وفي نسخة: "وتابعه" أي: ابن إسحاق في تفسيره المذكور. 17 - بَابُ مَنْ تَرَكَ صَبِيَّةَ غَيْرِهِ حَتَّى تَلْعَبَ بِهِ، أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَازَحَهَا (باب: من ترك صبية غيره حتى تلعب به) أي: ببعض بدنه. (أو قبلها أو مازحها) أي: الصبية. 5993 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَنَهْ سَنَهْ" قَال عَبْدُ اللَّهِ: وَهِيَ بِالحَبَشِيَّةِ: حَسَنَةٌ، قَالتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ فَزَبَرَنِي أَبِي، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهَا" ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي" قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ، يَعْنِي مِنْ بَقَائِهَا. [انظر: 3071 - فتح: 10/ 425] (حبان) بكسر المهملة وتشديد الموحدة، أي: ابن موسى السلمي. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (فزبرني أبي) أي: منعني. (أبلي) من أبليت الثوب: إذا جعلته عتيقًا. (وأخلقي) من الإخلاق، أو من الخلق أي: وقطعي، فهمزته على الأول همزة قطع، وعلى الثاني همزة وصل وروي بالفاء (¬2) فمعناه: وعوضي بدله. (فبقيت) أي: أم خالد، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1436) كتاب: الزكاة، باب: من تصدق في الشرك ثم أسلم. (¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 4/ 99. =

18 - باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته

وفي نسخة: "فبقي" أي: القميص. (حتى ذكر) بالبناء للمفعول أي: صار القميص مذكورًا بين الناس لخروج بقائه عن العادة. وفي نسخة: "حتى دكن" بفتح المهملة وكسر الكاف وبنون أي: تغير لونه إلى السواد من الدكنة: وهي لون يضرب إلى السواد. (من بقائها) أي: من أجل بقاء أم خالد حيث طال عمرها بدعاء النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لها. 18 - بَابُ رَحْمَةِ الوَلَدِ وَتَقْبِيلِهِ وَمُعَانَقَتِهِ وَقَال ثَابِتٌ: عَنْ أَنَسٍ: "أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ". (باب: رحمة الولد وتقبيله ومعانقته) أي: بيان ما جاء فيها. (ثابت) أي: ابن أسلم البناني. 5994 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، قَال: كُنْتُ شَاهِدًا لِابْنِ عُمَرَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ البَعُوضِ، فَقَال: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَال: مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ، قَال: انْظُرُوا إِلَى هَذَا، يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ البَعُوضِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا". [انظر: 3753 - فتح: 10/ 426] (مهدي) أي: ابن ميمون. (شاهدًا لابن عمر) أي: حاضرًا عنده. (دم البعوض) مَرَّ في مناقب الحسن والحسين (¬1). "دم الذباب" فيحتمل أنه سأله عنهما معًا، أو أطلق الراوي الذباب على البعوض مجازًا. (ممن أنت؟) أي: من ¬

_ = وقال ابن حجر: وقع في رواية أبي زيد المروزي عن الفربري "وأخلفي" بالفاء وهي أوجه من التي بالقاف. انظر: "الفتح" 10/ 280. (¬1) سبق برقم (3753) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الحسن والحسين رضي اللَّه عنهما.

أي: البلاد أنت؟ (هما) أي: الحسن والحسين. (ريحانتاي) في نسخة: "ريحانتي" وفي أخرى: "ريحاني" بتخفيف الياء وكسر ما قبلها فيهما، ووجه التسمية بذلك: أن الأولاد يشمّون فكأنهم من جملة الرياحين، والعادة في الأولاد أنهم يشمون ويقبلون. 5995 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهُ قَالتْ: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ، فَقَال: "مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ". [انظر: 1418 - مسلم: 2629 - فتح: 10/ 426] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (من يلي) بفتح التحتية من الولاية. (سترًا) أي: حجابًا. 5996 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ، قَال: "خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي العَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَصَلَّى، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهَا". [انظر: 516 - مسلم: 543 - فتح: 10/ 426] (أبوالوليد) هو هشام بن عبد الملك. (وضع) في نسخة: "وضعها" ومَرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 5997 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَال الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (516) كتاب: الصلاة، باب: إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة.

أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَال: "مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ". [مسلم: 2318 - فتح: 10/ 426] (من لا يرحم لا يرحم) بالرفع فيهما خبرًا ويجوز بجرهما بجعل (من) شرطية وإن كان النفي في الشرط بـ (لم) أكثر منه فيه بـ (لا) نحو: {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ} [الفتح: 13] {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ} [الحجرات: 11]. 5998 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ؟ ". [مسلم: 2317 - فتح: 10/ 426] (سفيان) أي: الثوري. (جاء أعرابي) قال شيخنا: يحتمل أن يكون هو الأقرع بن حابس (¬1) (تقبلون) أي: "أتقبلون؟ " كما في نسخة. (فما نقبلهم) وفي نسخة: "فوالله ما نقبلهم". (أو أملك لك) بفتح الواو والهمزة الأولى للاستفهام الإنكاري، والواو للعطف على مقدر بعد الهمزة. (أن نزع اللَّه من قلبك الرحمة) بفتح الهمزة مفعول (أملك) أي: لا أقدر أن أجعل الرحمة في قلبك بعد أن نزعها اللَّه منه، ويجوز أن يكون تعليلًا للنفي المستفاد من الاستفهام الإنكاري، ومفعول (أملك) محذوف، أي: لا أملك وضعَ الرحمة في قلبك لأجل أن اللَّه نزعها منه. 5999 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَال لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ" قُلْنَا: لَا، ¬

_ (¬1) "الفتح" 10/ 430.

19 - باب: جعل الله الرحمة مائة جزء

وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَال: "لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا". [مسلم: 2754 - فتح: 10/ 426] (ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم. (أبو غسان) هو محمد بن مطرف. (إذا ظرف لـ (تحلب). (أخذته) أي: لترضعه. (لله) بفتح اللام وزاد في نسخة قبله: "والله" فاللام عليها لام القسم، وعلى الأول لام التوكيد، ويحتمل أن تكون لام القسم أيضًا. 19 - بَابٌ: جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ (باب: جعل اللَّه الرحمة مائة جزء) وفي نسخة: "في مائة جزء" بزيادة (في). 6000 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ البَهْرَانِيُّ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلْقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ". [6469 - مسلم: 2752 - فتح: 10/ 431] (جعل اللَّه الرحمة مائة جزء) في نسخة: "في مائة جزء" بزيادة (في) نظير في ما مَرَّ في الترجمة، وذكر العدد مثال إذ رحمة اللَّه من حيث التعلق غير متناهية. (وأنزل في الأرض) أي: إليها أو ضمَّن (أنزل) معنى: وضع فعدَّاه بفي. 20 - بَابُ قَتْلِ الوَلَدِ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ (باب: قتل الولد خشية أن يأكل معه) أي: بيان النهي عنه، وتبع في ذكر الخشية في الترجمة الحديث. ومفهومها ليس بمعتبر؛ لأنها خرجت مخرج الغالب مع أنه إذا نهي عن قتل ولده لأجل أكله معه، فالنهي عنه لغير ذلك أولى.

21 - باب وضع الصبي في الحجر

6001 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَال: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَال: "أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ" قَال: ثُمَّ أَيُّ؟ قَال: "أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ" وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68]. [انظر: 4477 - مسلم: 86 - فتح: 10/ 433] (سفيان) أي: الثوري، ومَرَّ حديث الباب في سورة الفرقان (¬1). 21 - بَابُ وَضْعِ الصَّبِيِّ فِي الحِجْرِ (باب: وضع الصبي في الحجر) أي: بيان ما جاء فيه. 6002 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَضَعَ صَبِيًّا فِي حَجْرِهِ يُحَنِّكُهُ، فَبَال عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ". [انظر: 222 - مسلم: 286 - فتح: 10/ 433] (في حجره) بفتح المهملة وكسرها، ومَرَّ الحديث في كتاب: الطهارة، في باب: بول الصبيان (¬2). 22 - بَابُ وَضْعِ الصَّبِيِّ عَلَى الفَخِذِ (باب: وضع الصبي على الفخذ) أي: بيان ما جاء فيه. 6003 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا تَمِيمَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، - يُحَدِّثُهُ أَبُو عُثْمَانَ - عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُنِي فَيُقْعِدُنِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (4761) كتاب: التفسير، باب: قوله {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}. (¬2) سبق برقم (222) كتاب: الوضوء، باب: بول الصبيان.

عَلَى فَخِذِهِ، وَيُقْعِدُ الحَسَنَ عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا" وَعَنْ عَلِيٍّ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال التَّيْمِيُّ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ، قُلْتُ: حَدَّثْتُ بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي عُثْمَانَ، فَنَظَرْتُ فَوَجَدْتُهُ عِنْدِي مَكْتُوبًا فِيمَا سَمِعْتُ. [انظر: 3735 - فتح: 10/ 434] (عارم) هو محمد بن الفضل السدوسي، وهو من مشايخ البخاري روى عنه هنا بواسطة. (أبا تميمة) هو طريف بن مجالد الهجيمي. (الأخرى) في نسخة: "الآخر" بالتذكير، ومَرَّ الحديث في فضائل أسامة والحسن (¬1). (علي) أي: ابن المديني. (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سليمان) أي: ابن طرخان. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل. (فوقع في قلبي منه شيء) أي: شك (فقلت) في نفسي. (حدثت) بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول. (به) أي: بهذا الحديث. (كذا وكذا) ابن كثير (فلم أسمعه من أبي عثمان). (فنظرت) في كتابي (فوجدته) أي: الحديث (مكتوبًا) فيه. (فيما سمعت) منه فزال الشك من عندي اعتمادًا على خطه، فسليمان يروي بالطريق الأول عن أبي عثمان بواسطة وبهذا الطريق بدونها (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3735) كتاب: فضائل الصحابة، باب: ذكر أسامة بن زيد -رضي اللَّه عنه-. وبرقم (3747) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الحسن. (¬2) قال الحافظ: شك هل سمعه من أبي تميمة عن أبي عثمان، أو سمعه من أبي عثمان بغير واسطة، وقوله: (فيما سمعت) فكأنه سمعه من أبي تميمة عن أبي عثمان ثم لقي أبا عثمان فسمعه منه، أو كان سمعه من أبي عثمان فثبته فيه أبو تميمة، "الفتح" 10/ 435.

23 - باب: حسن العهد من الإيمان

23 - بَابٌ: حُسْنُ العَهْدِ مِنَ الإِيمَانِ (باب: حسن العهد من الإيمان) أي: من كماله. 6004 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلاثِ سِنِينَ، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِي فِي خُلَّتِهَا مِنْهَا". [انظر: 3816 - مسلم: 2434، 2435 - فتح: 10/ 435] (وإن كان) (إن) مخففة من الثقيلة، وأصله: وإنه كان. (من قصب) أي: لؤلؤ مجوف. (في خلتها) بالضم أي: أهل ودِّها وصداقتها، والخلة: الصداقة والمحبة فهي مصدر، وتطلق الخلة على الخليل ويستوي فيه المذكر والمؤنث؛ لأنه في الأصل مصدر يقول: خليل بين الخلة والخلولة. قاله ابن الأثير وغيره (¬1)، ومَرَّ الحديث في المناقب (¬2). ومطابقته للترجمة: إهداء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصدقاء خديجة ومعارفها رعاية، وحفظًا لعهدها مع أن لفظ الترجمة ورد في حديث الحاكم والبيهقي: عن عائشة قالت: جاءت عجوز إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟ " قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه. فلما خرجت قلت: يا رسول اللَّه، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال، فقال: "يا عائشة، إنها كانت تأتينا زمان خديجة فإن حسن العهد من الإيمان" (¬3). فاكتفى البخاري في المطابقة بالإشارة على عادته. ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 2/ 72. (¬2) سبق برقم (3816) كتاب: مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة وفضلها رضي اللَّه عنها. (¬3) "المستدرك" 1/ 16 كتاب: الإيمان، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد اتفقا على الاحتجاج برواته في أحاديث كثيرة وليس له علة. =

24 - باب فضل من يعول يتيما

24 - بَابُ فَضْلِ مَنْ يَعُولُ يَتِيمًا (باب: فضل من يعول يتيما) بأن يربيه ويقوم بمصالحه. 6005 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا" وَقَال بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى. [انظر: 5304 - فتح: 10/ 436] (وقال) أي: أشار. (بإصبعيه السبابة والوسطى) زاد في اللعان: وفرج بينهما؛ إشارة إلا أن بين درجتي النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين الإصبعين، وفي نسخة: "السباحة" بدل السبابة. ومَرَّ الحديث في كتاب: الطلاق (¬1). 25 - بَابُ السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ (باب: الساعي على الأرملة) بفتح الميم: مَنْ لا زوج لها وعلى التعليل كما في قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] والمعنى: بيان فضل الساعي لأجل الأرملة. 6006 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ: كَالَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [انظر: 5353 - مسلم: 2982 - فتح: 10/ 437] ¬

_ = ووافقه الذهبي. والبيهقي في: "شعب الإيمان" 6/ 517. (1122) باب: في رد السلام. (¬1) سبق برقم (5304) كتاب: الطلاق، باب: اللعان.

26 - باب الساعي على المسكين

(يرفعه إلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) هذا مرسل؛ لأن صفوان تابعي، لكن لما قال يرفعه إلى النبي صار مستندًا مجهولًا ولم يذكر اسم شيخه لنسيان أو غيره ولا قدح بسببه. (كالمجاهد في سبيل اللَّه) أي: في الأجر. (أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل) شك من الرواي، وفي نسخة: "وكالذي" بواو بدل (أو) فيحتمل أن تكون لفًّا ونشرا وأن يكون كل واحد من الساعيين ككلا الأمرين. (إسماعيل) أي: ابن عبد اللَّه. 26 - بَابُ السَّاعِي عَلَى المِسْكِينِ (باب: الساعي على المسكين) أي: بيان ما جاء فيه. 6007 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" وَأَحْسِبُهُ قَال - يَشُكُّ القَعْنَبِيُّ -: "كَالقَائِمِ لَا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ". [انظر: 5353 - مسلم: 2982 - فتح: 10/ 374] (وأحسبه) أَي: مالكا. (يشك القعنبي) جملة معترضة بين القول ومقوله. (لا يفتر) أي: لا يضعف من قيام الليل للتعبد والتهجد وهو صفة للقائم كقوله: ولقد أمرُّ على اللئيم يسبني (¬1) ... ....................... ¬

_ (¬1) هذا صدر بيت لرجل من بني سلول، وعجزه: ......................... ... فمضيت ثم قلت لا يعنيني والشاهد فيه: قوله (اللئيم يسبني) حيث وقعت الجملة نعتًا للمعرفة، وهو المقرون بأل، وإنما ساغ ذلك؛ لأن أل فيه جنسية، فهو قريب من النكرة. وهذا ما عبر عنه ابن مالك بقوله: ونعتوا بجملة منكرًا ... فأُعطيت ما أُعطيته خبرًا انظر: "شرح ابن عقيل مع منحة الجليل" 3/ 196.

27 - باب رحمة الناس والبهائم

27 - بَابُ رَحْمَةِ النَّاسِ وَالبَهَائِمِ (باب: رحمة الناس بالبهائم) الباء بمعنى: مع، وفي نسخة: "والبهائم" بواو بدل الباء. 6008 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ، قَال: أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا، فَقَال: "ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ". [انظر: 628 - مسلم: 674 - فتح: 10/ 437] (إسماعيل) أي: ابن إبراهيم. (أيوب) أي: السختياني. (متقاربون) أي: في السن. (اشتقنا أهلنا) في نسخة: "إلى أهلينا". (رفيقا) بفاء من الرفق، وفي نسخة: بقاف من الرقة ومَرَّ الحديث في باب: الأذان للمسافرين (¬1). 6009 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَال الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ بِي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، فَسَقَى الكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ أَجْرًا؟ فَقَال: "نَعَمْ، فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". [انظر: 173 - مسلم: 2244 - فتح: 10/ 437] (الثرى) أي: التراب الندي. (في كل) أي: في إرواء كلِّ (ذات ¬

_ (¬1) سبق برقم (635) كتاب: الأذان، باب: الأذان للمسافر.

كبد رطبة أجر) والرطوبة كناية عن الحياة، وقيل: الكبد إذا ظمئت ترطبت، وما ذكر هنا من أن فاعل ذلك رجل لا ينافي ما مَرَّ في بدء الخلق من أنه امرأة (¬1)؛ لاحتمال وقوعه منهما، ومَرَّ الحديث في باب: فضل سقي (¬2). 6010 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلاةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَال أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا. فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِلْأَعْرَابِيِّ: "لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا" يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ. [فتح: 10/ 438] (فقال أَعرابي) هو الأقرع بن حابس، وقيل: ذو الخويصرة. (حجرت) أي: ضيقت. 6011 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى". [مسلم: 2586 - فتح: 10/ 438] (زكريا) أي ابن أبي زائدة. (عن عامر) أي: الشعبي. 6012 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْسًا، فَأَكَلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ، إلا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ". [انظر: 2320 - مسلم: 1553 - فتح: 10/ 438] (ما من مسلم) إلخ مَرَّ في المزارعة (¬3). ¬

_ (¬1) سلف برقم (3321) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه. (¬2) سبق برقم (2363) كتاب: المساقاة، باب: فضل سقي الماء. (¬3) سبق برقم (2320) كتاب: المزارعة، باب: فضل الزرع والغرس.

28 - باب الوصاة بالجار

6013 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، قَال: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ". [7376 - مسلم: 2319 - فتح: 10/ 438] (من لا يرحم لا يرحم) مَرَّ في باب: رحمة الولد وتقبيله (¬1). 28 - بَابُ الوَصَاةِ بِالْجَارِ وَقَوْلِ اللَّه تَعَالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} إِلَى قَوْلِهِ: {مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36]. (باب) في نسخة: "كتاب" (الوصاءة بالجار) هو بفتح الواو والصاد والمد لغة في الوصية، وفي نسخة: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب: البر والصلة باب: الوصاة بالجار"، وفي أخرى: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب: الوصاة بالجار". ({وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}) ساقط من نسخة إلى قوله: ({مُخْتَالًا فَخُورًا}) ساقط من أخرى، وفي أخرى عقب ({إِحْسَانًا}): "الآية". والمختال: المتبكر، والفخور: من يفخر على غيره بما أتاه اللَّه من أنواع نعمه. 6014 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا زَال يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ". [مسلم: 2624 - فتح: 10/ 441] 6015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا زَال جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ". [مسلم: 2625 - فتح: 10/ 441] ¬

_ (¬1) سبق برقم (5997) كتاب: الأدب، باب: رحمة الولد وتقبيله.

29 - باب إثم من لا يأمن جاره بوايقه

(عن عمرة) أي: بنت عبد الرحمن. (يوصيني بالجار) أي: لأن له حق الجوار، وقد يزيد عليه ففي الطبراني: "الجيران ثلاثة: جار له حق وهو المشرك له حق الجوار، وجار له حقان، وهو المسلم له حق الجوار، وحق الإسلام، وجار له ثلاثة حقوق، جار مسلم ذو رحم له حق الجوار والإسلام والرحم" (¬1) وحد الجوار أربعون دارًا من كل جانب. 29 - بَابُ إِثْمِ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ {يُوبِقْهُنَّ} [الشورى: 34]: يُهْلِكْهُنَّ. {مَوْبِقًا} [الكهف: 52]: مَهْلِكًا. (باب: إثم من لا يأمن جاره بوائقه) جمع بائقة: وهي الغائلة. ({يُوبِقْهُنَّ}) في قوله تعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} أي: (يهلكهن). ({مَوْبِقًا}) في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا} أي: (مهلكا). 6016 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ" قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ" تَابَعَهُ شَبَابَةُ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَقَال حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. [فتح: 10/ 443] (واللَّه لا يؤمن) إلخ أي: لا يؤمن إيمانًا كاملًا، أو هو في حق المستحيل، أو إن خرج مخرج الزجر والتغليظ. (قيل: ومن يا رسول اللَّه؟) الواو زائدة، أو استئنافية، أو عاطفة على مقدر أي: سمعنا قولك وما عرفنا من هو؟ وقائل ذلك: هو ابن مسعود كما في "مسند ¬

_ (¬1) "مسند الشاميين" 3/ 339 (2430).

30 - باب: لا تحقرن جارة لجارتها

أحمد" (¬1). (تابعه) أي: عاصمًا. (شبابة) أي: ابن سوار الفزاري. 30 - بَابٌ: لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا (باب: لا تحقرن جارة لجارتها) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6017 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ هُوَ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ". (يا نساء المسلمات) من إضافة الموصوف إلى صفته (ولو فرسن شاة) بكسر الفاء: ما فوق حافرها أي: ولو كان المهدي مما لا وقع له، والنهي للمعطية أي: لا تمنع جارة من الصدقة لجارتها لاستقلاها واحتقارها للمعطاة أي: لا تمنع جارة من أخذ ما تصدقت به عليها جارتها لاستقلاله واحتقاره، وخصَّ النهي بالنساء؛ لأنهن محل الموادة والبغضاء؛ ولأنهن أسرع انفعالًا فيهما. 31 - بَابٌ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ (باب: من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) التقييد بالإيمان جري على الغالب. 6018 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". [انظر: 5185 - مسلم: 47 - فتح: 10/ 445] ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 1/ 388.

(أبوالأحوص) هو سلام بن سليم. (عن أبي حصين) بفتح المهملة: عثمان بن عاصم الأزدي. (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان. (من كان يؤمن) إلى آخره اقتصر على الإيمان باللَّه واليوم الآخر دون بقية الواجبات؛ لأنها المبدأ والمعاد أي: يؤمن بمن خلقه وباليوم الذي يجازيه فيه بالخير والشر، وأما اقتصاره على الثلاثة المذكورة فمن جوامع الكلم؛ لأنها الأصول، فالثالث إشارة إلا القوليات والأولان إلى الفعليات: أولهما التخلية عن الرذيلة، والثاني: التحلية بالفضيلة، فعلى من يؤمن باللَّه وباليوم الآخر أن يتصف بالشفقة على خلق اللَّه إما قولا بالخير أو سكوتا عن الشر، وفِعْلًا لما ينفع أو تَرْكًا لما يضر. 6019 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ العَدَويِّ، قَال: سَمِعَتْ أُذُنَايَ، وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ، حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ" قَال: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". [6135، 6476 - مسلم: 48 - فتح: 10/ 445] (جائزته) أي: عطاؤه؛ مشتقة من الجواز؛ لأن ذلك حق جواره عليه. (قال: يوم وليلة) وجه وقوع الزمان خبرًا عن الجثة: إما باعتبار أن يكون له حكم الظرف أو بتقدير زمان في المبتدأ أي: زمان جائزته يوم وليلة. قال الخطابي: معنى الحديث لمنه يتكلف له يومًا وليلة فيزيده في البر، وفي اليومين الآخرين يقدم له ما يحضره، وإذا مضى الثلاث فقد انقضى حقه فإن زاد عليها فهو صدقة (¬1). ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 3/ 2172.

32 - باب حق الجوار في قرب الأبواب

32 - بَابُ حَقِّ الجِوَارِ فِي قُرْبِ الأَبْوَابِ (باب: حق الجوار في قرب الأبواب) أي: فمن كان بابه أقرب كان الحق له؛ لأنه يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها فيتشوق لها. 6020 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو عِمْرَانَ، قَال: سَمِعْتُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَال: "إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا". [انظر: 2259 - فتح: 10/ 447] (أبو عمران) هو عبد الملك الجوني، ومَرَّ حديث الباب في الشفعة (¬1). 33 - بَابٌ: كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ (باب: كل معروف) من الخير فعلًا أو تركا (صدقة) يكتب لها ثوابها. 6021 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ". (أبو غسان) هو محمد بن مطرف. 6022 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ" قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَال: "فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ" قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَال: "فَيُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ" قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَال: "فَيَأْمُرُ بِالخَيْرِ" أَوْ قَال: "بِالْمَعْرُوفِ" قَال: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَال: "فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ". [انظر: 1445 - مسلم: 1008 - فتح: 10/ 447] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2259) كتاب: الشفعة، باب: أي الجوار أقرب.

34 - باب طيب الكلام

(على كل مسلم) أي: في مكارم الأخلاق. (فينفع نفسه) أي: بما يكسبه من صناعة وتجارة ونجوهما. (أولم يفعل) شك من الراوي. (الملهوف) أي: المظلوم المستغيث. (فإن لم يفعل) أي: عجزًا، أو كسلًا، ومَرَّ الحديث في كتاب: الزكاة (¬1). 34 - بَابُ طِيبِ الكَلامِ وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ". [انظر: 2989] (باب: أطيب الكلام) أي: بيان مشروعيته، وأصل الطيب: ما تستلذه الحواس وتختلف باختلاف متعلقها. 6023 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ، - قَال شُعْبَةُ: أَمَّا مَرَّتَيْنِ فَلَا أَشُكُّ - ثُمَّ قَال: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ". [انظر: 1413 - مسلم: 1016 - فتح: 1/ 448] (عمرو) أي: ابن مرة. (عن خيثمة) أي: ابن عبد الرحمن. (وأشاح) بمعجمة ومهملة أي: أعرض كفعل الحذِر من الشيء الكاره له. (أما مرتين فلا أشك) معادلة محذوف أي: وأما ثلاث مرات فأشك، ومَرَّ الحديث في صفة النار (¬2). 35 - بَابُ الرِّفْقِ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ (باب: الرفق في الأمر كله) الرفق بكسر الراء: لين الجانب والأخذ بالأسهل. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1445) كتاب: الزكاة، باب: على كل مسلم صدقة، فمن لم يجد فليعمل بالمعروف. (¬2) سبق برقم (6563) كتاب: الرقاق، باب: صفة الجنة والنار.

36 - باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا

6024 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالتْ: فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ". [انظر: 2935 - مسلم: 2165 - فتح: 10/ 449] (السّام) بمهملة: الموت. (ففهمتها) أي: فهمت معناها. (مهلا) بالنصب على المصدرية يستوي فيه الواحد والمذكر وضديهما أي: تأني. (ولم تسمع) في نسخة: "أولم تسمع". (قد قلت: وعليكم) استشكل بأن العطف يقتضي الشريك وهو ممتنع هنا، وأجيب: بأن المشاركة في الموت أي: نحن وأنتم كلنا نموت، وبأن الواو استئنافية لا عاطفة وإنما اختار هذه الصفة؛ لأنها أبعد من الإيحاش وأقرب إلى الرفق. 6025 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَال: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَال فِي المَسْجِدِ، فَقَامُوا إِلَيْهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُزْرِمُوهُ" ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ. [انظر: 221 - مسلم: 284 - فتح: 10/ 449] (عن ثابت) في نسخة: "قال: حدثنا ثابت". (عن أنس بن مالك) لفظ: (ابن مالك) ساقط من نسخة. (فقاموا إليه) أي: لينالوا منه ضربًا، أو غيره. (لا تزرموه) أي: لا تقطعوا عليه بوله ومَرَّ الحديث في الوضوء (¬1). 36 - بَابُ تَعَاوُنِ المُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا (باب: تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا) بجر (بعضهم) بدلا من (المؤمنين) بدل بعض من كل، وبنصب (بعضًا) بالمفعولية لـ (تعاون). ¬

_ (¬1) سبق برقم (220) كتاب: الوضوء، باب: صب الماء على البول في المسجد.

37 - باب قول الله تعالى: {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها، وكان الله على كل شيء مقيتا} [النساء: 85]

6026 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي جَدِّي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. [انظر: 481 - مسلم: 2585 - فتح: 10/ 441] (سفيان) أي: الثوري. (يشد بعضه بعضًا) بيان لوجه التشبيه في كالبنيان. (ثم شبك بين أصابعه) كالبيان لوجه التشبيه أي: شدًّا مثل هذا الشد. 6027 - وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ، أَوْ طَالِبُ حَاجَةٍ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَال: "اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ". [انظر: 1432 - مسلم: 2627 - فتح: 10/ 450] (إذ) في نسخة: "إذا" بجعل (جالسا) حال من النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وخبر (كان) الجملة الشرطية. (أو طالب حاجة) بالإضافة، وفي نسخة: بتنوين (طالب) ونصب (حاجة) مفعول لـ (طالب) والشك من الراوي. (فلتؤجروا) الفاء للسببية التي ينتصب المضارع بعدها واللام بالكسر بمعنى: كي، وجاز اجتماعهما؛ لأنهما لأمر واحد أو هي زائدة على مذهب الأخفش، أو عاطفة على المفعول واللام بالسكون للأمر، أو على مقدر أي: اشفعوا لتؤجروا (فلتؤجروا) نحو: إياي فارهبون، وقيل: الفاء واللام زائدتان ويوافقه سقوطهما من نسخة. 37 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا، وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا، وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85] {كِفْلٌ} [النساء: 85]: نَصِيبٌ قَال أَبُو مُوسَى: {كِفْلَيْنِ} [الحديد: 28]: أَجْرَيْنِ، بِالحَبَشِيَّةِ.

38 - باب "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا"

(باب: قول اللَّه تعالى: ({مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا}) وقوله: ({وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا}) ساقط من نسخة، و (مقيتا) أي: مقتدرًا، من أقات الشيء: اقتدر عليه، أو حفيظا من القوت؛ لأنه يحفظ النفس أو شاهدًا ومطلعًا على كل شيء، من أقات الشيء إذا شهد عليه. ({كِفْلٌ}) أي: (نصيب) ({كِفْلَيْنِ}) في قوله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ} أي: أجرين (بالحبشية) أي: باللغة الحبشية الموافقة للعربية، وأراد البخاري بما ذكره: أن الكفل يطلق على النصيب وعلى الأجر سواء كان النصيب خيرًا أم شرًّا وإن كان أستعمالُ الكفل في الشر أكثر. 6028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَتَاهُ السَّائِلُ أَوْ صَاحِبُ الحَاجَةِ قَال: "اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ". [انظر: 1432 - مسلم: 2627 - فتح: 10/ 451] (أو صاحب الحاجة) في نسخة: "أو صاحب حاجة". 38 - بَابُ "لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا" (باب: لم يكن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - فاحشًا) أي: بالطبع. (ولا متفحشا) أي: بالتكلف. 6029 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، سَمِعْتُ مَسْرُوقًا، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، حِينَ قَدِمَ مَعَ مُعَاويَةَ إِلَى الكُوفَةِ، فَذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَقَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ

أَخْيَرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ خُلُقًا". [انظر: 3559 - مسلم: 2321 - فتح: 10/ 452] (من أخيركم) جاء على الأصل، وفي نسخة: "من خيركم" على الأكثر، والمعنى: من أفضلكم. (خلقًا) بضم المعجمة واللام: ملكة يصدر بها الأفعال بسهولة من غير تفكر، ومَرَّ الحديث في باب: صفة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (¬1). 6030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالتْ عَائِشَةُ: عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ. قَال: "مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالعُنْفَ وَالفُحْشَ" قَالتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَال: "أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؟ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ". [انظر: 2935 - مسلم: 2165 - فتح: 10/ 452] (عن أيوب) أي: السختياني. (أتوا النبي) في نسخة: "أتوا رسول اللَّه". (والعنف) بتثليث العين ضد اللطف، ومَرَّ الحديث في باب: الرفق في الأمر كله (¬2). 6031 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى هُوَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابًا، وَلَا فَحَّاشًا، وَلَا لَعَّانًا، كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ المَعْتِبَةِ: "مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ". [6046 - فتح: 10/ 452] (أصبغ) أي: ابن الفرج المصري. (ولا فحَّاشًا) في نسخة: "ولا فاحشا" وفرق بين الثلاثة باحتمال أن السب متعلق بالنسب كالقذف، والفحش بالحسب، واللعن بالآخرة؛ لأنه البعد عن رحمة اللَّه، وعبَّر ¬

_ (¬1) سبق برقم (3559) كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سلف برقم (6024) كتاب: الأدب، باب: الرفق في الأمر كلِّه.

39 - باب حسن الخلق والسخاء، وما يكره من البخل

فيها بصيغة فعال، والمراد: صيغة فاعل؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يتصف بشيء منها أصلا فهو كقوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]. (عند المعتبة) بفتح الفوقية وكسرها أي: العتاب. (ما له؟) استفهام. (ترب جبينه) كلمة جرت على لسان العرب لا يريدون حقيقتها من إصابة التراب جبينه، أو دعا له بالطاعة ليصلي فيصب جبينه بالتراب، أو دعا عليه بالسقوط على رأسه على الأرض من جهة جبينه. 6032 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ القَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَال: "بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ" فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ، مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ". [6054، 6131 - مسلم: 2591 - فتح 10/ 452] (أن رجلا) هو مخرمة بن نوفل أو عيينة بن حصن الفزاري. (تطلق) بفتح الفوقية والطاء واللام المشددة أي: انشرح وهش. (فحَّاشا) في نسخة: "فاحشا". 39 - بَابُ حُسْنِ الخُلُقِ وَالسَّخَاءِ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ البُخْلِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ" وَقَال أَبُو ذَرٍّ، لَمَّا بَلَغَهُ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الوَادِي فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَرَجَعَ فَقَال: "رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاقِ". [انظر: 3522] (باب: حسن الخلق والسخاء) هو بالمد وإعطاء ما ينبغي لمن ينبغي. (وما يكره من البخل) عطف على حسن الخلق. (أبو ذر) هو جندب بن جنادة. (فاسمع من قوله) أي: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -.

6033 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ يَقُولُ: "لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا" وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقَال: "لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا. أَوْ: إِنَّهُ لَبَحْرٌ". [انظر: 2627 - مسلم: 2307 - فتح 10/ 455] (فزع) بكسر الزاي أي: خاف. "لن تراعوا لن تراعوا" بالنون فيهما، وفي نسخة: بميم فيهما، والمعنى: لا تراعوا، فهو جحد بمعنى النهي أي: لا تفزعوا. (وهو على فرس) اسمه: مندوب. (بحرًا) أي: كبحر في جريه، ومَرَّ الحديث في: الجهاد (¬1). 6034 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "مَا سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قَطُّ فَقَال: لَا". [مسلم: 2311 - فتح 10/ -455] (سفيان) أي: الثوري. (ما سئل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - عن شيء) أي: ما طلب منه شيء من أمور الدنيا. (فقال: لا) قال الفرذدق: ما قال: لا قط إلا في تشهده ... لولا التشهد كانت لاؤه نعم وفي رواية: لم ينطق بذاك، والمراد: ولم يقلها مريدًا منع الإعطاء بل معتذرًا من الفقد لما في قوله تعالى: {قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92]. 6035 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (2908) كتاب: الجهاد والسير، باب: الحمائل وتعليق السيف بالعنق.

شَقِيقٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، يُحَدِّثُنَا، إِذْ قَال: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا". [انظر: 3559 - مسلم: 2321 - فتح 10/ 456] (شقيق) أي: ابن سلمة. (إن خياركم) أي: "من خياركم" كما مَرَّ في رواية (¬1). 6036 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ، فَقَال سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ فَقَال القَوْمُ: هِيَ الشَّمْلَةُ، فَقَال سَهْلٌ: هِيَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكْسُوكَ هَذِهِ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَ هَذِهِ، فَاكْسُنِيهَا، فَقَال: "نَعَمْ" فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لامَهُ أَصْحَابُهُ، قَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ، فَقَال: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا. [انظر: 1277 - فتح 10/ 456] (سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم. (أبو غسان) هو محمد بن مطرف. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. (فرآها عليه رجل) هو عبد الرحمن بن عوف، أو سعد بن أبي وقاص، ومَرَّ الحديث في الجنائز (¬2). 6037 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ العَمَلُ، ¬

_ (¬1) سبقت برقم (3559) كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبقت برقم (1277) كتاب: الجنائز، باب: من استعد الكفن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر عليه.

40 - باب: كيف يكون الرجل في أهله؟

وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ". قَالُوا: وَمَا الهَرْجُ؟ قَال: "القَتْلُ القَتْلُ". [انظر: 85 - مسلم: 157 - فتح 10/ 456] (يتقارب الزمان) أي: في الشر حتى يشبه أوله آخره، أو في أحوال أهله في غلبة الفساد عليهم، أو في قصر أعمارهم. (وينقص العمل) في نسخة: "وينقص العلم". (ويلقى) بالبناء للمفعول أي: يطرح. (الشح) وهو البخل مع الحرص. 6038 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعَ سَلَّامَ بْنَ مِسْكِينٍ، قَال: سَمِعْتُ ثَابِتًا، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: "خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَال لِي: أُفٍّ، وَلَا: لِمَ صَنَعْتَ؟ وَلَا: أَلَّا صَنَعْتَ؟. [انظر: 2768 - مسلم: 2309 - فتح 10/ 456] (خدمت النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - عشر سنين) لا ينافي خبر مسلم: خدمته تسع سنين (¬1)؛ لأنه خدمه تسع سنين وأشهرا. ففي رواية: العشر جبر الكسر، وفي رواية: التسع الغاؤه (أفٍ) هو صوت، إذا صوت به الإنسان علم أنه متضجر متكره، وفيه على المشهور ست لغات بالحركات الثلاث مع التنوين وعدمه. (ولا ألا صنعت) بفتح الهمزة وتشديد اللام، أي: هلا صنعت. 40 - بَابٌ: كَيْفَ يَكُونُ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ؟. (باب: كيف يكون الرجل في أهله) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6039 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ؟ قَالتْ: "كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ". [انظر: 676 - فتح 10/ 461] ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2309) (53) كتاب: الفضائل، باب: كان رسول اللَّه أحسن الناس خلقا.

41 - باب المقة من الله تعالى

(في مهنة أهله) بفتح الميم وكسرها، أي: في خدمتهم، ومَرَّ الحديث في كتاب: الصلاة (¬1). 41 - بَابُ المِقَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالى (باب: المقة) بكسر الميم وفتح القاف المخففة أي: المحبة كائنة من اللَّه، وأصلها: ومق؛ حذف الواو وعوض عنها الهاء يقال: ومق يمق مقة مثل: وعد يعد عدة. 6040 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ". [انظر: 3209 - مسلم: 2637 - فتح 10/ 461] (نادى) أي: اللَّه. (جبريل: إن اللَّه يحب فلانًا فأحبه) بفتح الهمزة مع فتح الموحدة المشددة وضمها تبعًا لضمة الهاء، وفي نسخة: "فأحببه" بفك الإدغام، ومَرَّ الحديث في بدء الخلق (¬2). 42 - باب الحُبِّ فِي اللَّه. (باب: الحب في اللَّه) أي: في ذاته بحيث لا يشوبه هواء ولا رياء. 6041 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: ¬

_ (¬1) سبق برقم (676) كتاب: الأذان، باب: من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج. (¬2) سبق برقم (3209) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة.

43 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم} إلى قوله: {فأولئك هم الظالمون} [الحجرات: 11]

قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَجِدُ أَحَدٌ حَلاوَةَ الإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إلا لِلَّهِ، وَحَتَّى أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، وَحَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا". [انظر: 16 - مسلم: 43 - فتح 10/ 463] (حلاوة الإيمان) شبه الإيمان بالعسل بجامع ميل القلوب إليهما وأسند إليه ما هو من خواص العسل، فهو استعارة بالكناية. (إليه) فَصَلَ به بين (أحب) و (من) لأن في الظرف توسعة. (وحتى يكون اللَّه ورسوله أحب إليه مما سواهما) محبة اللَّه: إرادة طاعته، ومحبة رسوله: إرادة متابعته، والمحبة وإن كانت طبيعية لا تدخل تحت الاختيار، لكن المراد: الحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل رجحانه ويستدعي اختياره، وإن كان على خلاف الهوى كالمريض يعاف الدواء ويميل إليه باختياره، وجمع بين تثنية الضمير هنا، ورد على الخطيب ارتكابهما في قوله: ومن يعصهما فقد غوى (¬1): بأن المعتبر هنا هو المجموع المركب من المحبتين لا كل واحدة فإنها وحدها ضائعة بخلافه، ثم لأن كل من العصيانين يستقل باستلزام الغواية. 43 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11]. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (870) كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة، والخطبة ولفظه: أن رجلا خطب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من يطع اللَّه ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى. فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص اللَّه ورسوله" قال ابن نمير: فقد غوى. والنسائي 6/ 90 كتاب: النكاح، باب: ما يكره من الخطبة. وابن حبان 7/ 37 (2798) كتاب: الصلاة، باب: صلاة الجمعة.

(باب: قول اللَّه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ}) نهى عن السخرية وهي أن لا ينظر الإنسان إلى أخيه المسلم إلا بعين الإجلال ولا يلتفت إليه ويسقطه عن درجته. ({عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ}) إلى قوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}) ساقط من نسخة، وفي أخرى: عقب ({مِنْ قَوْمٍ}): "الآية" وفي أخرى عقبه: "إلى قوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ". 6042 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، قَال: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضْحَكَ الرَّجُلُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الأَنْفُسِ، وَقَال: "بِمَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الفَحْلِ، أَو العَبْدِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ يُعَانِقُهَا" وَقَال الثَّوْرِيُّ، وَوُهَيْبٌ، وَأَبُومُعَاويَةَ، عَنْ هِشَامٍ: "جَلْدَ العَبْدِ". [انظر: 3377 - مسلم: 2855 - فتح 10/ 463] (سفيان) أي: ابن عيينة. (مما يخرج من الأنفس) أي: من الضراط؛ لأنه قد يكون لا اختيار؛ ولأنه أمر مشترك بين الكل. (ضرب الفحل) أي: كضربه، ومَرَّ الحديث في أواخر النكاح (¬1). 6043 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى: "أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "بَلَدٌ حَرَامٌ، أَتَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "شَهْرٌ حَرَامٌ" قَال: "فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا". [انظر: 1742 - فتح 1/ 463] ¬

_ (¬1) سبق برقم (5204) كتاب: النكاح، باب: ما يكره من ضرب النساء.

44 - باب ما ينهى من السباب واللعن

(يوم حرام) إلخ ليس المراد بالحرام عين اليوم والبلد والشهر، بل ما يقع فيها من القتال ونحوه. بقرينة قوله: (فإن اللَّه حرم عليكم) إلخ. والأعراض جمع عرض بكسر العين: وهو موضع المدح والذم من الإنسان، ومَرَّ الحديث في الحج (¬1). 44 - بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ (باب: ما ينهى) أي: عنه. (من السباب واللعن) في نسخة: "عن" بدل (من) فَعَليها (ما) مصدرية ولا تحتاج إلى تقدير: (عنه). 6044 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ" تَابَعَهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ. [انظر: 48 - مسلم: 64 - فتح 10/ 464] (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (وقتاله كفر) ذكر الكفر مبالغة في التحذير، أو المراد: الكفر اللغوي، وهو الستر، كأنه بقتاله له ستر ماله من حق الإعانة وكف الأذى، أو المراد: من قاتل مستحلًا، ومَرَّ الحديث في كتاب: الإيمان (¬2). (تابعه) أي: سليمان بن طرخان. (غندر) هو محمد بن جعفر. 6045 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنِ الحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ، أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالفُسُوقِ، وَلَا يَرْمِيهِ بِالكُفْرِ، إلا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ". [انظر: 3508 - مسلم: 61 - فتح 10/ 464] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1742) كتاب: الحج، باب: الخطبة أيام منى. (¬2) سبق برقم (48) كتاب: الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر.

(أبو معمر) هو عبد اللَّه بن عمرو البصري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن الحسين) أي: المعلم. (إلا ارتدت) أي: الرمية. 6046 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا، وَلَا لَعَّانًا، وَلَا سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: "مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ". [انظر: 6031 - فتح 10/ 464] (لم يكن رسول اللَّه) إلخ مَرَّ في باب: لم يكن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - فاحشا (¬1). 6047 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ: أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلامِ فَهُوَ كَمَا قَال، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ". [انظر: 1363 - مسلم: 110 - فتح 10/ 464] (من حلف على ملة غير الإسلام) بتنوين (ملة) وجر (غير) بالصفة وتجوز الإضافةُ (وعلى) بمعنى: الباء أو ضمَّن (حلف) معنا: استعلى فعداه بعلى. (نذر) أي: وفاء ندرٍ. (فيما لا يملك) كأن تقول: إن شفى اللَّه مريضي فعبد فلان حر. (فهو كقتله) أي: في الإثم. 6048 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ، رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: اسْتَبَّ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى انْتَفَخَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ: فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (6031) كتاب: الأدب، باب: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا متفحشا.

فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال: "تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ" فَقَال: أَتُرَى بِي بَأْسٌ، أَمَجْنُونٌ أَنَا، اذْهَبْ. [انظر: 3282 - مسلم: 2610 - فتح 10/ 465] (الذي يجد) أي: يجده من الغضب. (بأس) أي: شدة من مرض ونحوه. (أمجنون؟) همزته للاستفهام الإنكاري. (أنا) مبتدأ خبره: (مجنون). (اذهب) أمر من الرجل المأمور بالتعوذ أي: انطلق في شغلك، وهذا كلام من لم يفقه في دين اللَّه ولم يعرف أن الغضب من نزغات الشيطان، وتوهم أن الاستعاذة مختصة بالمجانين، ومَرَّ الحديث في بدء الخلق، في باب: صفة إبليس (¬1). 6049 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: قَال أَنَسٌ، حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَ النَّاسَ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ المُسْلِمِينَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ، فَتَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، وَإِنَّهَا رُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالخَامِسَةِ". [انظر: 49 - فتح 10/ 465] (فتلاحى) أي: تنازع. (رجلان) هما عبد اللَّه بن حدرد، وكعب بن مالك. (رفعت) أي: من قلبي فنسيتها. (وعسى أن يكون رفعها خيرا لكم) أي: لاستلزامه مزيد الثواب بسبب زيادة الاجتهاد في طلبها. (في التاسعة) أي: التاسعة والعشرين من رمضان. ومَرَّ الحديث في الإيمان والحج (¬2). 6050 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ المَعْرُورِ هُوَ ابْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَال: رَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا، وَعَلَى غُلامِهِ بُرْدًا، فَقُلْتُ: لَوْ أَخَذْتَ هَذَا فَلَبِسْتَهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3282) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده. (¬2) سبق برقم (49) كتاب: الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر.

45 - باب ما يجوز من ذكر الناس، نحو قولهم: الطويل والقصير

كَانَتْ حُلَّةً، وَأَعْطَيْتَهُ ثَوْبًا آخَرَ، فَقَال: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَنِلْتُ مِنْهَا، فَذَكَرَنِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لِي: "أَسَابَبْتَ فُلانًا" قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "أَفَنِلْتَ مِنْ أُمِّهِ" قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ" قُلْتُ عَلَى حِينِ سَاعَتِي: هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ؟ قَال: "نَعَمْ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا يُكَلِّفُهُ مِنَ العَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ". [انظر: 30 - مسلم: 1661 - فتح 10/ 465] (عن المعرور) أي: ابن سويد. (قال) أي: المعرور. (عليه) أي: على أبي ذر. (فنلت منها) أي: تكلمت في عرضها. (فذكرني) أي: شكاني. (جاهلية) أي: أخلاق أهلها. (هم) أي: الخدم، ومرَّ الحديث في الإيمان والعتق (¬1). 45 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ: الطَّويلُ وَالقَصِيرُ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَقُولُ ذُو اليَدَيْنِ" وَمَا لَا يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ. (باب: ما يجوز من ذكر الناس، نحو قولهم: الطويل والقصير) أي: بيان ما جاء في ذلك. (وقال النبي) إلخ هو طرف من حديث مَرَّ في باب: تشبيك الأصابع في المسجد (¬2). (وما لا يراد به شين الرجل) عطف على (ما يجوز) و (شين الرجل) عيبه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (30) كتاب: الإيمان، باب: المعاصي من أمر الجاهلية، (2545) كتاب: العتق، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العبيد إخوانكم .. ". (¬2) سبق برقم (482) كتاب: الصلاة، باب: تشبيك الأصابع في المسجد.

46 - باب الغيبة

6051 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ المَسْجِدِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَفِي القَوْمِ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ، فَقَالُوا: قَصُرَتِ الصَّلاةُ. وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ ذَا اليَدَيْنِ، فَقَال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ؟ فَقَال: "لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ" قَالُوا: بَلْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "صَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ" فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. [انظر: 482 - مسلم: 573 - فتح 10/ 468] (محمد) أي: ابن سيرين. (لم أنس) أي: في ظني، ومَرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 46 - باب الْغِيبَةِ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]. (باب: الغيبة) هي بكسر المعجمة: ذكر الإنسان مما يكره. (وقول اللَّه) بالجر عطف على (الغيبة). (أيحب أحدكِم) إلخ ساقط من نسخة. 6052 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَال: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يُحَدِّثُ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَال: "إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا: فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا هَذَا: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ " ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ، فَغَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا، ثُمَّ قَال: "لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا". [انظر: 216 - مسلم: 292 - فتح 10/ 469] ¬

_ (¬1) سبق برقم (714) كتاب: الأذان، باب: هل يأخذ الإمام إذا شكَّ بقول الناس.

47 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خير دور الأنصار"

(يحيى) أي: ابن موسى الحُدَّاني، أو ابن جعفر البلخي. (وكيع) أي: ابن الجراح. (إنهما) أي: صاحبي القبرين. (باثنين) الباء زائدة. ومطابقة الحديث للترجمة: من جهة قياس الغيبة على النميمة بجامع تحريمها، وإلا فالغيبة: ذكر الإنسان بما يكره كما مرَّ، والنميمة: نقل الكلام على سبيل الإفساد، ومَرَّ الحديث في الطهارة والجنازة (¬1). 47 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ" (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: خير دور الأنصار" أي: خير قبائلهم وهو مبتدأ خبره محذوف أي: بنو النجار. 6053 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ". [انظر: 3789 - مسلم: 2511 - فتح 10/ 471] (قبيصة) أي ابن عتبة. (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (عن أبي سلمة) هو عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن عوف، ومَرَّ حديث الباب في باب: فضل دور الأنصار (¬2). 48 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ اغْتِيَابِ أَهْلِ الفَسَادِ وَالرِّيَبِ (باب: ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب) جمع ريبة: وهي التهمة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (216) كتاب: الوضوء، باب: من الكبائر أن لا يستتر من بوله. و (1361) كتاب: الجنائز، باب: الجريد على القبر. (¬2) سبق برقم (3789) كتاب: مناقب الأنصار، باب: فضل دور الأنصار.

6054 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعْتُ ابْنَ المُنْكَدِرِ، سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ قَالتْ: اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "ائْذَنُوا لَهُ، بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ، أَو ابْنُ العَشِيرَةِ" فَلَمَّا دَخَلَ أَلانَ لَهُ الكَلامَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الكَلامَ؟ قَال: "أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ، أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ، اتِّقَاءَ فُحْشِهِ". [انظر: 6032 - مسلم: 2591 - فتح 10/ 471] (ابن المنذر) هو محمد. (استأذن رجل) هو عيينة بن حصن، أو مخرمة بن نوفل. (على رسول اللَّه) أي: في الدخول عليه. (ألان له الكلام) أي: ليتآلفه وليقتدي به في المداراة. (أو ودعه الناس) شك من الراوي، وفي قوله: (ودعه) مع قوله في خبر: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات" (¬1) (¬2) تصريح بأن ماضي (يدع) ومصدره مستعملان، ولا يعارضه قول بعض النحاة: إن بعض الحرب أماتوا مصدر (يدع) وماضيه؛ لأن استعمالها جاء على لغة البعض الآخر مع أن معنى أماتوهما: تركوا استعمالهما غالبا بدليل أنهما لم ينقلا في الحديث إلا في هذين الحديثين، ومَرَّ حديث الباب في باب: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا متفحشا (¬3). ¬

_ (¬1) رواه مسلم (865) كتاب: الجمعة، باب: التغليظ في ترك الجمعة. والنسائي 3/ 88 كتاب: الجمعة، باب: التشديد في التخلف عن الجمعة. وابن ماجه (794) كتاب: المساجد، باب: التغليظ في التخلف عن الجماعة. وأحمد 1/ 239. (¬2) كذا في الأصول وفي الحديث عند ابن ماجة بهذا اللفظ، ولكن المشهور من الرواية الجمعات. (¬3) سبق برقم (6032) كتاب: الأدب، باب: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا متفحشا.

49 - باب: النميمة من الكبائر

49 - بَابٌ: النَّمِيمَةُ مِنَ الكَبَائِرِ (باب: النميمة) وهي نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد. (من الكبائر) من الذنوب. 6055 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْضِ حِيطَانِ المَدِينَةِ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَال: "يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ، كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ" ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا بِكِسْرَتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ، فَجَعَلَ كِسْرَةً فِي قَبْرِ هَذَا، وَكِسْرَةً فِي قَبْرِ هَذَا، فَقَال: "لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا". [انظر: 216 - مسلم: 912 - فتح 10/ 472] (ابن سلام) هو محمد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (حيطان المدينة) أي: بساتينها. (في كبيرة) في نسخة: "في كبير" أي: عندكم. (وإنه لكبير) أي: عند اللَّه. (لا يستتر من البول) أي: لا يتنزه منه أو لا يحترز من كشف عورته. (بجريدة) هي السعفة المجردة من الورق، ومَرَّ الحديث في كتاب: الوضوء (¬1). 50 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّمِيمَةِ وَقَوْلِهِ: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 11] {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: 1]: يَهْمِزُ وَيَلْمِزُ: وَيَعِيبُ. (باب: ما يكره من النميمة) زاد هنا على الترجمة السابقة ذكر الكراهية مع أنها مكروهة أبدًا؛ لأن القصد بها الإفساد كما مَرَّ. (يهمز ويلمز) معناهما: (يعيب) من العيب، وفي نسخة: "يغتاب" من ¬

_ (¬1) سبق برقم (216) كتاب: الوضوء، باب: من الكبائر أن لا يستتر من بوله.

51 - باب قول الله تعالى {واجتنبوا قول الزور} [الحج: 30]

الاغتياب بمعنى الغيبة. قال شيخنا: وأظنه تصحيفا (¬1)، وفي أخرى: "يهمز ويلمز" ويعيب واحد. 6056 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَال: كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا يَرْفَعُ الحَدِيثَ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَال لَهُ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ". [مسلم: 105 - فتح 10/ 472] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن همام) أي: ابن الحارث. (قال: كنا من حذيفة) زاد في نسخة: "فقال له حذيفة". (سمعت) إلخ. (لا يدخل الجنة) أي: مع الفائزين، أو ذلك محمول على المستحل لذلك. (قتات) أي: نمام، وقيل: النمام الذي يحضر الغيبة وينقلها بقصد الإفساد، والقتات الذي يتسمع من حديث مَنْ لا يعلم به ثم ينقل ما سمعه كذلك. 51 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30]. (باب: قول اللَّه تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}) أي: الكذب، أو شهادة الزور. 6057 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، [عَنْ أَبِيهِ] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" قَال أَحْمَدُ: أَفْهَمَنِي رَجُلٌ إِسْنَادَهُ. [انظر: 1903 - فتح 10/ 473] (أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد اللَّه بن يونس اليربوعي. (ابن ¬

_ (¬1) "الفتح" 10/ 472.

52 - باب ما قيل في ذي الوجهين

أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (عن المقبري) هو سعيد بن أبي سعيد. (فليس للَّه حاجة) إلخ أي: لا يقبل صومه وإن سقط عنه الفرض. (قال أحمد) أي: ابن يونس. (أفهمني رجل إسناده) أي: لما حدثني ابن أبي ذئب لم أتيقن إسناده من لفظه حتى أفهمنيه رجل، ومَرَّ الحديث في الصوم (¬1). 52 - بَابُ مَا قِيلَ فِي ذِي الوَجْهَيْنِ (باب: ما قيل في ذي الوجهين) أي: من الأحاديث. 6058 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاءِ بِوَجْهٍ". [انظر: 3494 - مسلم: 2526 - فتح 10/ 474] (من شر الناس) في نسخة: "من أشر الناس" وفي أخرى: "من شرار الناس". (ذا الوجهين) مفعول (تجد). (الذي يأتي) إلخ. تفسير لـ (ذي الوجهين) ووجه كونه أشر: أن فعله يشبه النفاق. 53 - بَابُ مَنْ أَخْبَرَ صَاحِبَهُ بِمَا يُقَالُ فِيهِ (باب: مَنْ أخبر صاحبه بما يقال فيه) أَي: في حقه للنصيحة. 6059 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِسْمَةً، فَقَال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: وَاللَّهِ مَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ بِهَذَا وَجْهَ اللَّهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ، وَقَال: ¬

_ (¬1) سبق برقم (1903) كتاب: الصوم، باب: من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم.

54 - باب ما يكره من التمادح

"رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى، لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". [انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح 10/ 475] (سفيان) أي: الثوري. (فقال رجل) هو معتب بن قشير المنافق. (فتمعر وجهه) بمهملة، أي: تغير، وفي نسخة: بمعجمة أي: صار لون المغرة، ومَرَّ الحديث في كتاب: الجهاد، في باب: ما كان النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - يعطي المؤلفة (¬1). 54 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّمَادُحِ (باب: ما يكره من التمادح) أي: بين الناس مما فيه مجاوزة الحد في المدح. 6060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِي المِدْحَةِ فَقَال: "أَهْلَكْتُمْ، أَوْ: قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ". [انظر: 2663 - مسلم: 3001 - فتح 10/ 476] (ويطريه) من الإطراء: وهي مجازوة الحد. 6061 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيْحَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ - يَقُولُهُ مِرَارًا - إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالةَ فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا، إِنْ كَانَ يُرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَحَسِيبُهُ اللَّهُ، وَلَا يُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا. [انظر: 2662 - مسلم: 3000 - فتح 10/ 476] قَال وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ: "وَيْلَكَ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (3150) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم.

55 - باب من أثنى على أخيه بما يعلم

(ويحك) كلمة ترحم وتوجع يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها كما مَرَّ. (قطعت عنق صاحبك) أي: أهلكته؛ استعارة من قطع العنق الذي هو القتل لاشتراكهما في الهلاك، لكن هذا الهلاك هلاك في الدين، وهلاك القتل قد يكون في الدنيا. (يقوله) أي: (مرارا). (لا محالة) بفتح الميم أي: لا بد. (وحسيبه) أي: يحاسبه على عمله، والجملة اعتراضية بين المتعاطفين. (ولا يزكي على اللَّه أحدًا) بنصب (أحدا) بـ (يزكي) مبنيا للفاعل، وفي نسخة: برفعه مبنيا للمفعول، والغرض منه: منعهن الجزم بالتزكية على اللَّه؛ لأنه الذي يعلم السرائر. (وهيب) أي ابن خالد. (ويلك) أي؛ بدل: (ويحك) وهي كلمة حزن وهلاك، ومَرَّ الحديث في الشهادات (¬1). 55 - بَابُ مَنْ أَثْنَى عَلَى أَخِيهِ بِمَا يَعْلَمُ وَقَال سَعْدٌ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ: "إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ إلا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ". [انظر: 3812] (باب: مَنْ أثنى على أخيه بما يعلم) أي: من غير مبالغة. (وقال سعد) أي: ابن أبي وقاص. (ما سمعت) إلخ استشكل الحصر بأنه - صلى الله عليه وسلم - بشر العشرة بتلك (¬2)، وأجيب: بأن التخصيص بالعدد لا ينفي الزائد، وبأن المراد بالعشرة: الذين بشروا بالجنة دفعة واحدة، وبأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل ذلك لغير ابن سلام حال المشي على الأرض. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2662) كتاب: الشهادات، باب: إذا زكى الرجل رجلا كفاه. (¬2) سبق برقم (3812) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب عبد اللَّه بن سلام -رضي اللَّه عنه-.

56 - باب قول الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (90)} [النحل: 90] وقوله: {إنما بغيكم على أنفسكم} [يونس: 23] {ثم بغي عليه لينصرنه الله} [الحج: 60]

6062 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ذَكَرَ فِي الإِزَارِ مَا ذَكَرَ، قَال أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ إِزَارِي يَسْقُطُ مِنْ أَحَدِ شِقَّيْهِ؟ قَال: "إِنَّكَ لَسْتَ مِنْهُمْ". [انظر: 3665 - مسلم: 2085 - فتح 10/ 478] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ذكر في الإزار ما ذكر) أي: من قوله: "مَنْ جر ثوبه خيلاء لم ينظر اللَّه إليه". (يسقط) أي: يسترخي. (لست منهم) أي: ممن يصنعه خيلاء، وفيه: جواز مدح الإنسان بما فيه من الفضل على وجه الإعلام ليقتدي به فيه، ومَرَّ الحديث في اللباس (¬1). 56 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل: 90] وَقَوْلِهِ: {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس: 23] {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} [الحج: 60] وَتَرْكِ إِثَارَةِ الشَّرِّ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ. (باب: قول اللَّه تعالى: ({إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}). ترجم بأربعة أشياء ظاهرة من كلامه. ({وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}) إلى قوله: ({تَذَكَّرُونَ}) ساقط من نسخة، وزاد فيها بدله: "الآية". ({ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ}) في نسخة: "و {بُغِيَ عَلَيْهِ} " بواو العطف بتقدير. وقوله: {بُغِيَ عَلَيْهِ}. ({لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ}) زاد في نسخة "الآية". ¬

_ (¬1) سبق برقم (5784) كتاب: اللباس، باب: مَنْ جر إزاره من غير خيلاء.

6063 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: مَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا، يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِي أَهْلَهُ وَلَا يَأْتِي، قَالتْ عَائِشَةُ: فَقَال لِي ذَاتَ يَوْمٍ: "يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِي أَمْرٍ اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ: أَتَانِي رَجُلانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رِجْلَيَّ وَالآخَرُ عِنْدَ رَأْسِي، فَقَال الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَال: مَطْبُوبٌ، يَعْنِي مَسْحُورًا، قَال: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَال: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ، قَال: وَفِيمَ؟ قَال: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ، تَحْتَ رَعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ " فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "هَذِهِ البِئْرُ الَّتِي أُرِيتُهَا، كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ" فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُخْرِجَ، قَالتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلَّا، تَعْنِي تَنَشَّرْتَ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِي، وَأَمَّا أَنَا فَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا" قَالتْ: وَلَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، حَلِيفٌ لِيَهُودَ. [انظر: 3175 - مسلم: 91 - فتح 10/ 479] (الحميدي) هو عبد اللَّه بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (كذا وكذا) أي: من الأيام المبينة في رواية: بشهرين، وفي أخرى: بأربعين ليلة (¬1)، وفي أخرى: بستة أشهر (¬2)، وفي أخرى بسنة (¬3) وهي أقواها. (تحت رعوفة) (¬4) براء وعين مهملة وفاء أي: تحت ¬

_ (¬1) عزاها ابن حجر للإسماعيلي من رواية أبي ضمرة. انظر: "الفتح" 10/ 226. (¬2) ونقل ابن حجر عن السهيلي قوله: لم أقف في شيء من الأحاديث المشهورة على قدر المدة التي مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها في السحر حتى ظفرت به في "جامع معمر" عن الزهري: أنه لبث ستة أشهر. انظر: "الفتح" 10/ 226. (¬3) رواه معمر في "الجامع" 11/ 14 (19765) كتاب: الجامع، باب: النشر وما جاء فيه. (¬4) في رواية الكشميهيني "راعوفة" بزيادة ألف بعد الراء وهو كذلك لأكثر الرواة، وعكس ابن التين وزعم أن راعوفة للأصيلي فقط وهو المشهور في اللغة، وفي لغة أخرى "أرعوفة" ووقع كذلك في مرسل عمر بن الحكم. انظر: "الفتح" 10/ 234.

57 - باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر

حجر في أسفل البئر. (في بئر ذَرْوان) بفتح المعجمة وسكون الراء: بستان فيه بئر بالمدينة (¬1). (فأخرج) أي السحر من تحت الرعوفة. (فهلا تعني) أي: عائشة بقولها: (تنشرت) أي: أظهرت السحر للناس، أو رقيت نفسك؟ فهو من النشرة بضم النون، قال ابن الأثير: وهي ضربٌ من الرقية والعلاج يعالج به من كان يظن أن به شيئًا من الجن، قال: وقال الحسن: النشرة من السحر (¬2) انتها. والأليق بتمام الحديث التفسير الأول، والحاصل: إنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أخرج السحر من تحت الراعوفة لكنه لم ينشره ولم يفرق أجزاءه ولم يظهره للناس. (حليف) أي: معاهد، ومَرَّ الحديث بشرحه في الطب في باب: السحر (¬3). ووجه مطابقته للترجمة: إنه تعالى لما نها عن البغي، وضمن النصر لمن بُغي عليه؛ كان حق من بغي عليه أن يشكر اللَّه على إحسانه إليه بأن يعفو عمَّن بَغى عليه، وقد امتثل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - ذلك فلم يعاقب الذي كاده بالسحر مع قدرته على ذلك. 57 - بَابُ مَا يُنْهَى عَنِ التَّحَاسُدِ وَالتَّدَابُرِ وَقَوْلِهِ تَعَالى {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)} [الفلق: 5]. (باب: ما ينهى) أي: عنه. (من التحاسد) في نسخة: "باب: ما ¬

_ (¬1) وذروان أيضًا: حصن باليمن من حصون الحقل قريب من صنعاء، وقال القتبي: هي بئر أروان، بالهمزة مكان الذال. وقال الأصمعي: وبعضهم يخطئ فيقول: ذروان. انظر: "معجم ما استعجم" 2/ 613، "معجم البلدان" 3/ 5. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 5/ 54. (¬3) سبق برقم (5763) كتاب: الطب، باب: السحر.

ينهى عن التحاسد" فـ (ما) على الأولى: موصولة، وعلى الثانية: مصدرية. (والتدابر) بأن يجعل كل من الناس دبره وقفاه إلى صاحبه، وهو كناية عن إعراضه عنه وهجره إياه. (وقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}) عطف على (ما ينهى). 6064 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا". [انظر: 5143 - مسلم: 2563 - فتح 10/ 481] (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (فإن الظن أكذبُ الحديث) أي: أكثر كذبا من الكلام، والكذب وإن كان من صفات الأقوال إلا أن المراد هنا عدم مطابقة الواقع سواء أكان قولا أم لا، ومَرَّ الحديث في النكاح، في باب: لا يخطب على خطبة أخيه (¬1). 6065 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ". [6076 - مسلم: 2559 - فتح 10/ 481] (وكونوا عباد اللَّه إخوانًا) بنصب (عباد) خبر كان أو منادى، و (إخوانًا) حال على الأول، وخبر كان على الثاني، والمراد: كالإخوة في التعاطف والتراحم. (ولا يحل لمسلم .. إلخ) محله: إذا لم يكن لأمر ديني. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5143) كتاب: النكاح، باب: لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع.

58 - باب {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا} [الحجرات: 12]

58 - باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12]. (باب) ساقط من نسخة. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}) أي: مؤثم كظن السوء بأهل الخير، بخلافه بالفساق لا إثم فيه. ({وَلَا تَجَسَّسُوا}) بالجيم أي: تتبعوا معايب المسلمين، أو لا تبحثوا عن بواطن أمورهم، وبالحاء، أي: لا تستمعوا، أو لا تبحثوا عمَّا يدرك بحاسة العين، أو الأذن. 6066 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا". [انظر: 5143 - مسلم: 2563 - فتح 10/ 484] (عن أبي الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز، ومَرَّ حديث الباب في البيوع وبعضه آنفا. 59 - بَابُ مَا يَكُونُ مِنَ الظَّنِّ (باب: ما يكون) في نسخة: "ما يجوز" وفي أخرى: "ما يكره". (من الظن) كظن السوء بالفساق. 6067 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَظُنُّ فُلانًا وَفُلانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا" قَال اللَّيْثُ: "كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ المُنَافِقِينَ". [6068 - فتح 10/ 485] 6068 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، بِهَذَا وَقَالتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، وَقَال: "يَا عَائِشَةُ، مَا أَظُنُّ فُلانًا وَفُلانًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ". [انظر: 6067 - فتح 10/ 485]

60 - باب ستر المؤمن على نفسه

(ما أظن) .. إلخ النفي فيه لظن نفي الصادق بظن السوء وبعدم الظن فيجامع إثبات ظن السوء في الترجمة. 60 - بَابُ سَتْرِ المُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ (باب: سِتر المؤمن على نفسه) أي: لما صدر منه من العيوب. 6069 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إلا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلانُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ". [مسلم: 2990 - فتح 10/ 486] (عن ابن أخي ابن شهاب) هو محمد بن عبد اللَّه بن مسلم. (معافى) أي: معفو عن ذنبهم (إلا المجاهرون) في نسخة: "المجاهرين" وهو الأصل، ووجه الرفع: أن العفو متضمن معنى الترك [..] (¬1) وهو استثناء من منفي أو أن (إلا) بمعنى: لكن وما بعدها مبتدأ حذف خبره، أي: لا يعافون، والمجاهر هو الذي جاهر بمعصية وأظهرها. (المجانة) بميم مفتوحة وجيم ونون مخففة: عدم المبالاة بقول أو فعل. في نسخة: "المجاهرة". (عملًا) أي: ذنبًا (البارحة) هي أقرب ليلة مضت من وقت القول من برح إذا زال. 6070 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ قَال: "يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَرِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، ¬

_ (¬1) كلمة غير واضحة بالأصل.

61 - باب الكبر

فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ". [انظر: 2441 - مسلم: 2768 - فتح 10/ 486] (في النجوى) هي المسارة التي تقع بين اللَّه وعبده المؤمن يوم القيامة، ومَرَّ الحديث في المظالم، وبدء الخلق والتفسير (¬1). ومطابقة حديثي الباب للترجمة: من حيث أن ستر اللَّه على عبده مستلزم لستر العبد على نفسه 61 - باب الكِبْرِ. وَقَال مُجَاهِدٌ: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} [الحج: 9]: "مُسْتَكْبِرٌ فِي نَفْسِهِ، عِطْفُهُ: رَقَبَتُهُ". (باب: الكبر) أي: بيان حكم التكبر. ({ثَانِيَ عِطْفِهِ}) معناه: (مستكبر) أي: متكبر. ({عِطْفِهِ}) أي: رقبته. 6071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ القَيْسِيُّ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الخُزَاعِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَاعِفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ. أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ". [انظر: 4918 - مسلم: 2853 - فتح 10/ 489] (سفيان) أي: الثوري. (بأهل الجنة) أي: بأغلبهم. (كل ضعيف) أي: ضعيف الحال لا البدن. (متضاعف) في نسخة: "متضعف" ويروى: "مستضعف" (¬2) ¬

_ (¬1) سبق برقم (2441) كتاب: المظالم، باب: قول اللَّه تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} و (4685) كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ}. (¬2) رواية: "كل ضعيف مستعضف" رواها الطبراني 20/ 84. والبيهقي في "شعب الإيمان" 7/ 333 (10488).

62 - باب الهجرة

ومعنى الكل يستضعفه الناس ويحتقرونه، أو متواضع متذلل. (لو أقسم) في نسخة: "لو يقسم". (بأهل الجنة) أي: باغلبهم. (عتل) أي: غليظ جاف. (جواظ) بتشديد الواو أي: جموع منوع، أو مختال في مشيته، ومَرَّ الحديث في تفسير سورة ن (¬1). 6072 - وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّويلُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَال: "إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ، لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ". [فتح 10/ 489] (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. 62 - باب الهِجْرَةِ. وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ". (باب: الهجرة) أي: بيان ذمها، والمراد بها: مفارقة أخيه المؤمن لا مفارقة الوطن. (وقول رسول اللَّه) بالجر عطف على (الهجرة). 6073 - و 6074 و 6075 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الطُّفَيْلِ هُوَ ابْنُ الحَارِثِ، - وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّهَا - أَنَّ عَائِشَةَ، حُدِّثَتْ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَال: فِي بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا، فَقَالتْ: أَهُوَ قَال هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالتْ: هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ، أَنْ لَا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا. فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا، حِينَ طَالتِ الهِجْرَةُ، فَقَالتْ: لَا وَاللَّهِ لَا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا، وَلَا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي. فَلَمَّا طَال ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، كَلَّمَ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4918) كتاب: التفسير، باب: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)}.

يَغُوثَ، وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، وَقَال لَهُمَا: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ، فَإِنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي. فَأَقْبَلَ بِهِ المِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَيْنِ بِأَرْدِيَتِهِمَا، حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالا: السَّلامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَنَدْخُلُ؟ قَالتْ عَائِشَةُ: ادْخُلُوا، قَالُوا: كُلُّنَا؟ قَالتْ: نَعَمِ، ادْخُلُوا كُلُّكُمْ، وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الحِجَابَ، فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي، وَطَفِقَ المِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إلا مَا كَلَّمَتْهُ، وَقَبِلَتْ مِنْهُ، وَيَقُولَانِ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنَ الهِجْرَةِ، فَإِنَّهُ: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ" فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَى عَائِشَةَ مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ، طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمَا [نَذْرَهَا] وَتَبْكِي وَتَقُولُ: إِنِّي نَذَرْتُ، وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ، فَلَمْ يَزَالا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتْ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَتَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا. [انظر: 3503 - فتح: 10/ 491] (عوف بن مالك بن الطفيل هو ابن الحارث وهو ابن أخي عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمها) لفظ: (هو) في الموضعين للطفيل، ولفظ: (ابن مالك) مع لفظ: (هو ابن الحارث) ساقط من نسخة، وقال عليّ بن المديني: قد اختلفوا في ذلك أي: في أن عوفًا هو ابن مالك، أو ابن الحارث وفي أن الطفيل بن الحارث، أو ابن غيره، والصواب عندي وهو المعروف: أنه عوف بن الحارث بن الطفيل بن سخبرة، فعلى ما قاله قول البخاري: (ابن مالك) .. إلخ ليس بجيد. (حدثت) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "حدثته" بالبناء للفاعل وزيادة الضمير. (حين طالت الهجرة) في نسخة: "حتى طالت الهجرة". (لا أشفع فيه) بتشديد الفاء. (أبدًا) في نسخة: "أحدا". (إلى نذري) أي: في نذري أي: يميني (أنشدكما) أي: أسألكما. (لما) بتخفيف الميم وما زائدة، وبتشديدها بمعنى: (إلا) كما في {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)} [الطارق: 4]. (فإنها)

63 - باب ما يجوز من الهجران لمن عصى

أي: عائشة، وفي نسخة: "فإنه" أي: الشأن. (قطيعتي) أي: قطع صلة رحمي؛ لأنه كان ابن أخيها وساغ لها هجرة علي ما صدر منه؛ لأنها رأت أنه ارتكب به أمرًا عظيمًا لما فيه من تنقيصها ونسبتها إلى التبذير الموجب لمنعها من التصرف مع كونها أم المؤمنين، فكأنها رأت ما صدر منه نوع عقوق، ومَرَّ الحديث في كتاب: الأنبياء. 6076 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ". [انظر: 6065 - مسلم: 2559 - فتح: 10/ 412] (لا تباغضوا) إلى آخره مَرَّ آنفًا. 6077 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ". [6237 - مسلم: 2560 - فتح: 10/ 492] 63 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الهِجْرَانِ لِمَنْ عَصَى وَقَال كَعْبٌ، حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُسْلِمِينَ عَنْ كَلامِنَا، وَذَكَرَ خَمْسِينَ لَيْلَةً". [انظر: 4418] (باب: ما يجوز من الهجران لمن عصى) أي: اللَّه تعالى. (كعب) أي: ابن مالك الأنصاري، وقصته المذكورة أصل في هجران أهل المعاصي وإنما لم يهجر الكافر مع أن معصيته أشد للاكتفاء فيه بهجر القلب وترك التودد؛ ولأنه لا يرتدع بهجر اللسان عن كفر، بخلاف المسلم العاصي فإنه يرتدع به غالبًا.

64 - باب: هل يزور صاحبه كل يوم، أو بكرة وعشيا؟

6078 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَعْرِفُ غَضَبَكِ وَرِضَاكِ" قَالتْ: قُلْتُ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "إِنَّكِ إِذَا كُنْتِ رَاضِيَةً قُلْتِ: بَلَى وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ سَاخِطَةً قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ. قَالتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، لَسْتُ أُهَاجِرُ إلا اسْمَكَ. [انظر: 5228 - مسلم: 2439 - فتح 10/ 497] (محمد) أي: ابن سلام. (عبدة) أي: ابن سليمان. (أجل) هي كنعم وزنًا ومعنى، إلا أن (نعم) أحسن في جواب الاستفهام، و (أجل) أحسن في التصديق كما هنا فإن قلت: غضب عائشة عليه - صلى اللَّه عليه وسلم - معصية فكيف صدر منها؟ قلت: الحامل لها على ذلك إنما هو الغيرة التي جبلت عليها النساء، وهي لا تقع إلا عن فرط المحبة، فغضبها عليه لا يستلزم البُغضَ وقد دل على ذلك قولها: (لا أهجر إلا اسمك) لأنه يدل على أن قلبها مملوء بمحبته - صلى اللَّه عليه وسلم -. 64 - بَابٌ: هَلْ يَزُورُ صَاحِبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا؟ (باب: هل يزور صاحبه كل يوم، أو بكرة) أي: من أول النهار إلى الزوال. (وعشية) أي: من الزوال إلى الغروب، وقيل: إلى الفجر، وفي نسخة: "وبكرة" بالواو فالعطف للتفسير. 6079 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِمَا يَوْمٌ إلا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَال قَائِلٌ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، قَال أَبُو بَكْرٍ: مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إلا أَمْرٌ، قَال: "إِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي بِالخُرُوجِ". [انظر: 476 - فتح: 10/ 498]

65 - باب الزيارة، ومن زار قوما فطعم عندهم

(عن معمر) أي: ابن راشد. (ح) للتحويل. (عُقيل) أي: ابن خالد. (يدينان الدين) أي: دين الإسلام. (عليهما) في نسخة: (علينا). (وعشية) في نسخة: "وعشيًّا". (فبينما) في نسخة: "فبينا". (في نحر الظهرية) أي: في أول الزوال عند شدة الحر، ومَرَّ الحديث في هجرة النبي وغيرها (¬1). 65 - بَابُ الزِّيَارَةِ، وَمَنْ زَارَ قَوْمًا فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ وَزَارَ سَلْمَانُ، أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَ عِنْدَهُ. [انظر: 1968] (باب: الزيارة ومن زار قومًا فطعم عندهم) أي: بيان ما جاء فيهما. (أبوالدرداء) اسمه: عويمر. 6080 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَارَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ طَعَامًا، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، أَمَرَ بِمَكَانٍ مِنَ البَيْتِ فَنُضِحَ لَهُ عَلَى بِسَاطٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُمْ". [انظر: 670 - فتح 10/ 499] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (على بساط) أي: حصير، ومَرَّ الحديث في كتاب: الصلاة، في باب: صلاة الضحى (¬2). 66 - بَابُ مَنْ تَجَمَّلَ لِلْوُفُودِ (باب: من ما تجمل للوفود) أي: بيان ما جاء فيه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3905) كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -. و (4093) كتاب: المغازي، باب: غزوة الرجيع. (¬2) سبق برقم (1178) كتاب: التهجد، باب: صلاة الضحى في الحضر.

67 - باب الإخاء والحلف

6081 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: قَال لِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: - مَا الإِسْتَبْرَقُ؟ قُلْتُ: مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيبَاجِ، وَخَشُنَ مِنْهُ - قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، يَقُولُ: رَأَى عُمَرُ عَلَى رَجُلٍ حُلَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ، فَأَتَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْتَرِ هَذِهِ، فَالْبَسْهَا لِوَفْدِ النَّاسِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ. فَقَال: "إِنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ" فَمَضَى مِنْ ذَلِكَ مَا مَضَى، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِحُلَّةٍ، فَأَتَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: بَعَثْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ، وَقَدْ قُلْتَ فِي مِثْلِهَا مَا قُلْتَ؟ قَال: "إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتُصِيبَ بِهَا مَالًا" فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَكْرَهُ العَلَمَ فِي الثَّوْبِ لِهَذَا الحَدِيثِ. [انظر: 886 - مسلم: 2068 - فتح: 10/ 500] (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (على رجل) هو عطارد بن حاجب التميمي. (يكره العلم) بفتحتين أي: من الحرير وإن كان ذلك تورُّعًا، ومَرَّ الحديث في اللباس (¬1). 67 - بَابُ الإِخَاءِ وَالحِلْفِ وَقَال أَبُو جُحَيْفَةَ: "آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ". [1968] وَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: "لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ". [انظر: 2048] (باب: الإخاء والحلف) بكسر المهملة وسكون اللام أي: العهد. 6082 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [انظر: 2049 - مسلم: 1427 - فتح: 10/ 501] ¬

_ (¬1) سبق برقم (5841) كتاب: اللباس، باب: الحرير للنساء.

68 - باب التبسم والضحك

6083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَال: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا حِلْفَ فِي الإِسْلامِ" فَقَال: "قَدْ حَالفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي". [انظر: 2294 - مسلم: 2529 - فتح: 10/ 501] (عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (لا حلف في الإسلام) أي: لأن الحلف للاتفاق، والإسلام قد جمعهم وألَّف بين قلوبهم فلا حاجة إليه؛ لأنهم كانوا يتحالفون في الجاهلية على نصر الحليف ولو كان ظالمًا وعلى أخذ الثأر من القبيلة بقتل واحد منها ونحو ذلك. (قد حالف النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بين قريش والأنصار) أي: على أن ينصروا المظلوم ويقيموا الدين فلا يعارض قوله: (لا حلف في الإسلام)؛ لأن المنفيَّ: معاهدة الجاهلية والمُثْبَت: ما عداها، وحديثا الباب مَرَّ أولهما: في البيع (¬1)، وثانيهما في الكفالة (¬2). 68 - بَابُ التَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ وَقَالتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ: "أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكْتُ". [انظر: 3623] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى". [انظر: 1288] (باب: التبسم والضحك) أي: بيان جوازهما، والتبسم: ظهور الأسنان بلا صوت، والضحك: ظهورها مع صوت لا يسمع من بُعد ¬

_ (¬1) سبق برقم (2049) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في قول اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}. (¬2) سبق برقم (2294) كتاب: الكفالة، باب: ما جاء في قول اللَّه تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}.

فإن سمع منه فقهقهة. (أسرَّ إلي النبي) أي: في مرض موته أني أول أهله لحوقًا. (فضحكت) أي: لذلك. 6084 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رِفَاعَةَ القُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلاقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلاثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إلا مِثْلُ هَذِهِ الهُدْبَةِ، لِهُدْبَةٍ أَخَذَتْهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، قَال: وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنُ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الحُجْرَةِ لِيُؤْذَنَ لَهُ، فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِي أَبَا بَكْرٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلا تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّبَسُّمِ، ثُمَّ قَال: "لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ، لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ". [انظر: 2639 - مسلم: 1433 - فتح: 10/ 502] (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (طلق امرأته) هي تميمة بنت وهب (¬1)، وقيل: سهيمة (¬2)، وقيل: ¬

_ (¬1) جاء التصريح باسمها في رواية عبد الرزاق 6/ 348 (11134) كتاب: الطلاق، باب: ما يحلها لزوجها الأول. وعند ابن الجارود 3/ 23 (682) أول كتاب: النكاح. وعند ابن حبان 9/ 430 (4121) كتاب: النكاح، باب: حرمة المناكحة. والبيهقي 7/ 375 كتاب: الرجعة، باب: نكاح المطلقة ثلاثًا. (¬2) قال الحافظ: قيل: سهيمة، بسين مهملة مصغر أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3913) وكأنه تصحيف. أهـ انظر: "الفتح" 9/ 464. وقال محمد بن طاهر المقدسي في "إيضاح الإشكال": هي امرأة، ركانة بن عبد يزيد التي طلقها ثلاثا، وهي سهيمة المزنية سماها الشافعي عن أجداده. انظر: "إيضاح الإشكال" ص 145 (205).

أميمة بنت الحارث (¬1)، وقيل: غير ذلك. 6085 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْأَلْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ تَبَادَرْنَ الحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ، فَقَال: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ فَقَال: "عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، لَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ تَبَادَرْنَ الحِجَابَ" فَقَال: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِنَّ، فَقَال: يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِي وَلَمْ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْنَ: إِنَّكَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيهٍ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ". [انظر: 3294 - مسلم: 2396 - فتح: 10/ 503] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (إبراهيم) أي: ابن سعد بن إبراهيم. (وعنده نسوة) أي: من أزواجه. (ويستكثرنه) أي: يطلبن منه أكثر ما يعطيهن. (إنك أفظ وأغلظ من رسول اللَّه) صيغة أفعل ليست على بابها لآية {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا} [آل عمران: 159] ولخبر: ليس بفظ ولا غليظ (¬2) ولا ينافي ذلك: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التحريم: 9] فالنفي بالنسية لما جبل عليه، والأمر محمول على المعالجة أو النفي بالنسبة إلى ¬

_ (¬1) قال الحافظ: وعند ابن منده: أميمة بألف أخرجها من طريق أبي صالح عن ابن عباس وسمى أباها الحارث وهي واحدة اختلف في التلفظ باسمها، والراجح الأول. انظر: "الفتح" 9/ 464. (¬2) سبق برقم (2125) كتاب: البيوع، باب: كراهية السخب في السوق.

المؤمنين، والأمر بالنسبة إلى الكفار والمنافقين (إيه) بكسر الهمزة وتنوين الهاء أي: حدثنا ما شئت وأعرض عن الإنكار عليهن. (فجًّا) أي: طريقًا واسعًا. 6086 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّائِفِ، قَال: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ" فَقَال نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا نَبْرَحُ أَوْ نَفْتَحَهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَاغْدُوا عَلَى القِتَالِ" قَال: فَغَدَوْا فَقَاتَلُوهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَثُرَ فِيهِمُ الجِرَاحَاتُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ" قَال: فَسَكَتُوا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: بِالخَبَرِ كُلِّهِ. [انظر: 4325 - مسلم: 1778 - فتح: 10/ 503] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن العاص، وفي نسخة: "عن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب" وفاقا لما في مسلم وهو الصواب (¬1). (قافلون) أي: راجعون. (لا نبرح) أي لا نفارق. (أو نفتحها) بالنصب أي: إلا أن نفتحها. (فيهم) أي: في المسلمين. (قال الحميدي) هو عبد اللَّه بن الزبير شيخ البخاري. (سفيان) أي: ابن عيينة. (بالخبر) أي: بلفظ الأخبار في جميع السند، لا بلفظ العنعنة. 6087 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: هَلَكْتُ، وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، قَال: "أَعْتِقْ رَقَبَةً" قَال: لَيْسَ لِي، قَال: "فَصُمْ شَهْرَيْنِ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1778) كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة الطائف.

مُتَتَابِعَيْنِ" قَال: لَا أَسْتَطِيعُ، قَال: "فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا" قَال: لَا أَجِدُ، فَأُتِيَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - قَال إِبْرَاهِيمُ: العَرَقُ المِكْتَلُ - فَقَال: "أَيْنَ السَّائِلُ، تَصَدَّقْ بِهَا" قَال: عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي، وَاللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، قَال: "فَأَنْتُمْ إِذًا". [انظر: 1936 - مسلم: 1111 - فتح: 10/ 503] (موسى) أي: ابن إسماعيل. (إبراهيم) أي: ابن سعد. (العرق) بفتح الراء. (المكتل) بكسر الميم: مكيال من الخوص يسع خمسة عشر صاعًا لا رطلا كما وقع لبعضهم. (حتى بدت نواجذه) بجيم فمعجمة: أواخر الأسنان الشاملة للأضراس، فأولها في مقدم الفم الثنايا، ثم الرباعيات، ثم الأنياب، ثم الضواحك، ثم النواجذ، ولا ينافي هذا ما يأتي من قول عائشة: ما رأيته مستجمعًا قط ضاحكًا حتى أرى منه لهواته (¬1)؛ لأن أبا هريرة أخبر بما رأى ولا يلزم من نفي عائشة رؤيته أن لا يكون غيرها رأى، والمثبت مقدم على النافي، أو المراد هنا: المبالغة في وصف ما وجد من الضحك النبوي، أو أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كانت نواجذه تبدو نادرًا على أن بعضهم يسمي الأنياب والضواحك: نواجذًا. 6088 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ"، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، قَال أَنَسٌ: "فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ"، ثُمَّ قَال: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، "فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ". [انظر: 3149 - مسلم: 1057 - فتح: 10/ 503] 6089 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَال: مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إلا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي. [انظر: 3035 - مسلم: 2475 - فتح: 10/ 504] ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6092) كتاب: الأدب، باب: التبسم والضحك.

6090 - وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَال: "اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا". [انظر: 3020 - مسلم: 2475، 2476 - فتح: 10/ 504] (ابن نمير) هو عبد اللَّه. (ابن إدريس) هو عبد اللَّه. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (عن جرير) أي: ابن عبد اللَّه البجلي. 6091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَال: "نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ" فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالتْ: أَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَبِمَ شَبَهُ الوَلَدِ". [انظر: 130 - مسلم: 313 - فتح: 10/ 504] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. 6092 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، أَنَّ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضَاحِكًا، حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ". [انظر: 4828 - فتح: 10/ 504] (عمرو) أي: ابن الحارث. (مستجمعا) أي: مجتمعًا. (ضاحكا) تمييز أي: مجتمعًا من جهة الضحك. (لهواته) جمع لهات: وهي اللحمة التي بأعلى الحنجرة من أقصى الفم. 6093 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، ح وَقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهُوَ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ، فَقَال: قَحَطَ المَطَرُ، فَاسْتَسْقِ رَبَّكَ. فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَمَا نَرَى مِنْ سَحَابٍ، فَاسْتَسْقَى، فَنَشَأَ السَّحَابُ بَعْضُهُ إِلَى

بَعْضٍ، ثُمَّ مُطِرُوا حَتَّى سَالتْ مَثَاعِبُ المَدِينَةِ، فَمَا زَالتْ إِلَى الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ مَا تُقْلِعُ، ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَال: غَرِقْنَا، فَادْعُ رَبَّكَ يَحْبِسْهَا عَنَّا، فَضَحِكَ ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ حَوَاليْنَا وَلَا عَلَيْنَا" مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَصَدَّعُ عَنِ المَدِينَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا، يُمْطَرُ مَا حَوَاليْنَا وَلَا يُمْطِرُ مِنْهَا شَيْءٌ، يُرِيهِمُ اللَّهُ كَرَامَةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجَابَةَ دَعْوَتِهِ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 10/ 504] (خليفة) أي: ابن خياط. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (قحط المطر) بالبناء للمفعول أي: احتبس. (مثاعب المدينة) بفتح الميم والمثلثة وكسر المهملة بعدها موحدة: جمع مثعب أي: مسائل الماء التي بالمدينة، وأحاديث الباب تسعة مَرَّ أولها: في الطلاق (¬1)، وثانيها: في فضل عمر (¬2)، وثالثها: في غزوة الطائف (¬3)، ورابعها: في الصوم (¬4)، وخامسها: في الخمس (¬5)، وسادسها: في الجهاد (¬6)، وسابعها: في الطهارة (¬7)، وثامنها: في تفسير سورة الأحقاف (¬8)، وتاسعها: في الاستسقاء (¬9). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5260) كتاب: الطلاق، باب: من أجاز طلاق الثلاث. (¬2) سبق برقم (3683) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب. (¬3) سبق برقم (4325) كتاب: المغازي، باب: غزوة الطائف. (¬4) سبق برقم (1936) كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان. (¬5) سبق برقم (3149) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم. (¬6) سبق برقم (3035) كتاب: الجهاد، باب: من لا يثبت على الخيل. (¬7) سبق برقم (282) كتاب: الغسل، باب: إذا احتملت المرأة. (¬8) سبق برقم (4828) كتاب: التفسير، باب: قوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ}. (¬9) سبق برقم (1013) كتاب: الاستسقاء، باب: الاستسقاء في المسجد الجامع.

69 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (119)} [التوبة: 119] وما ينهى عن الكذب

69 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة: 119] وَمَا يُنْهَى عَنِ الْكَذِبِ. (باب: قول اللَّه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}) أي: في الأيمان والعهود بأن تلزموا الصدق فيها. (وما يُنهى عن الكذب) عطف على (قول اللَّه). 6094 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا. وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا". [مسلم: 2607 - فتح: 10/ 507] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند اللَّه) في نسخة: "حتى يكون عند اللَّه". (كذابًا) أي: يحكم له بذلك، ويظهره للمخلوقين من الملإِ الأعلى ويلقى ذلك في قلوب أهل الأرض وألسنتهم فيستحق بذلك صفة الكذابين وعقابهم، ولا ينافي ذلك قوله - صلى اللَّه عليه وسلم - في جواب من سأله: أيكون المؤمن كذابًا؟ لأن المراد بالمؤمن فيه: المؤمن الكامل. 6095 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ". [انظر: 23 - مسلم: 51 - فتح: 10/ 507] (ابن سلام) هو محمد.

70 - باب في الهدي الصالح

(آية المنافق ثلاث) إلخ مَرَّ في كتاب: الإيمان (¬1). 6096 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، قَالا: الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ، يَكْذِبُ بِالكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". [انظر: 845 - مسلم: 2275 - فتح: 10/ 507] (جرير) أي: ابن أبي حازم. (أبو رجاء) هو عمران العطاردي. (رأيت رجلين) إلخ مَرَّ تامًّا في: الجنائز (¬2). 70 - بَابٌ فِي الهَدْيِ الصَّالِحِ (باب: في الهدي الصالح) بفتح الهَاء وسكون المهملة: السيرة والهيئة والطريقة. 6097 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمُ الأَعْمَشُ: سَمِعْتُ شَقِيقًا، قَال: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ، يَقُولُ: "إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ دَلًّا وَسَمْتًا وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ، لَا نَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ إِذَا خَلا؟ ". [انظر: 3762 - فتح: 10/ 509] (لأبي أسامة) هو حماد بن أسامة. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (إن أشبه) أي: "الناس" كما في نسخة. (دلًّا) بفتح المهملة وتشديد اللام أي: حسن الحركة في المشي، والحديث وغيرهما. (وسمتا) بفتح المهملة وسكون الميم، أي: حسن النظر في أمر الدين. (وهديًا) مَرَّ تفسيره آنفا. (لابن أم عبد) هو عبد اللَّه بن مسعود. (من حين ¬

_ (¬1) سبق برقم (33) كتاب: الإيمان، باب: علامة المنافق. (¬2) سبق برقم (1386) كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المشركين.

71 - باب الصبر على الأذى

يخرج) إلخ أراد به أن حذيفة قال: الشاهد ما قلته عن ابن مسعود من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه، لكني لا أدري ما يصنع في أهله إذا خلا بهم، هل يزيد انبساطه معهم على هيئة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -أو ينقص عنها؟ 6098 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُخَارِقٍ، سَمِعْتُ طَارِقًا، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: "إِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [7277 - فتح: 10/ 509] (أبوالوليد) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن مخارق) أي: ابن عبد اللَّه. (طارقًا) أي: ابن شهاب. (قال عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (وأحسن الهدي هدي محمد) بفتح الهاء وسكون الدال أي: سيرته، ويروى بضم الهاء وفتح الدال: ضد الضلال، ومَرَّ الحديث في كتاب: الإيمان. 71 - باب الصَّبْرِ عَلَى الأذَى. وَقَوْلِ اللَّه تَعَالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]. (باب: الصبر على الأذى) أي: بيان فضله. (وقول اللَّه) إلخ عطف على (الصبر). 6099 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيْسَ أَحَدٌ، أَوْ: لَيْسَ شَيْءٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا، وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ". [7378 - مسلم: 2804 - فتح: 10/ 511]

72 - باب من لم يواجه الناس بالعتاب

(سفيان) أي: الثوري. (أوليس شيء) شك من الراوي. (أصبر على أذى) الصبر في حقنا: حبس النفس عن شهواتها، وفي حقه تعالى: الحلم وتأخير العقوبة عن مستحقها. (من اللَّه) متعلق بـ (أصبر) (إنهم ليدعون له ولدًا) أي: ينسبون إليه ما هو منزهٌ عنه، وهو تفسير للأذى. (وإنه ليعافيهم ويرزقهم) صفة فعلية من صفاته تعالى. 6100 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: سَمِعْتُ شَقِيقًا، يَقُولُ: قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِسْمَةً كَبَعْضِ مَا كَانَ يَقْسِمُ، فَقَال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، قُلْتُ: أَمَّا أَنَا لَأَقُولَنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ فَسَارَرْتُهُ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَغَضِبَ، حَتَّى وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَخْبَرْتُهُ، ثُمَّ قَال: "قَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ". [انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح: 10/ 511] (عبد اللَّه) أي ابن مسعود. (كبعض ما كان يقسم) أي من أنه كان في قسمته يوم حنين يعطي ناسًا من أشراف العرب ولا يعطي الأنصار. (فقال رجل) هو معتب بن قشير المنافق. (أما) بفتح الهمزة وتشديد الميم، وفي نسخة: "أم" بالتخفيف وحذف الألف: حرف تنبيه، ومَرَّ الحديث في كتاب: الأنبياء (¬1). 72 - بَابُ مَنْ لَمْ يُوَاجِهِ النَّاسَ بِالعِتَابِ (باب: من لم يواجه الناس بالعتاب) أي: حياء منهم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3405) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: حديث الخضر مع موسى عليهما السلام.

6101 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ: قَالتْ عَائِشَةُ: صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ، فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَال: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ، وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً". [7301 - مسلم: 2356 - فتح: 10/ 513] (مسلم) أي: ابن صبيح أبوالضحى، وقيل: ابن عمران البطين. (مسروق) أي: ابن الأجدع. (فتنزه عنه قوم) أي: عن أخذ شيء منه. (ما بال أقوام) إلخ فيه مطابقة للترجمة؛ حيث لم يواجههم بأن يقول: ما بالكم ... إلخ. (إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية) أشار بالأول إلى القوة العلمية، وبالثاني: إلى القوة العملية. 6102 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ هُوَ ابْنُ أَبِي عُتْبَةَ مَوْلَى أَنَسٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ". [انظر: 3562 - مسلم: 2320 - فتح: 10/ 513] (عبدان) هو لقب عبد اللَّه بن عثمان. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (حياء) هو تغيُّر وانكسار عند خوف ما يُعَابُ أو يُذَمُّ أو خُلقٌ يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في الحسن وهما متقاربان. (من العذراء) بسكون المعجمة، أي: البكر سميت بذلك؛ لأن عذرتها وهي جلدة البكارية باقية. (في خدرها) بسكون المهملة أي: سترها، والمعنى: أنه كان أشد حياء من البكر حين الدخول عليها في سترها.

73 - باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال

73 - بَابُ مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ بِغَيْرِ تَأْويلٍ فَهُوَ كَمَا قَال (باب: من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال له). 6103 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا قَال الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا"، وَقَال عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ: سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح: 10/ 514] (محمد) أي: ابن يحيى الذهلي، وقيل: ابن بشار، وقيل: ابن المثنى. (وأحمد بن سعيد) أي: ابن صخر الدارمي. (فقد باء) أي: رجع. (به) أي: بالكفر. (أحدهما) لأن القائل إن كان صادقًا فالمقول له كافر، أو كاذبًا فهو الكافر، لأنه جعل الإيمان كفرًا ومحله فيمن استحل ذلك فالكفر في الحديث باق على حقيقته وهو الموافق للترجمة. (عكرمة) أي: ابن عمار. 6104 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَيُّمَا رَجُلٍ قَال لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا". [مسلم: 60 - فتح: 10/ 514] (إسماعيل) أي: ابن عبد اللَّه بن أبي أويس. (فقد باء بها) أي: بكلمة الكفر. 6105 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَال، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ". [انظر: 1363 - مسلم: 110 - فتح: 10/ 514]

74 - باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا

(وهيب) أي: ابن خالد. (أيوب) أي: السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبد اللَّه بن زيد الجرمي. (من حلف بملة غير الإسلام) أي: كان يقول: إن فعلت كذا فأنا يهودي. (فهو كما قال) أي: كاذب لا كافر. (فهو كقتله) أي: في التحريم، أو التألم له، ومَرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 74 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَال ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا أَوْ جَاهِلًا وَقَال عُمَرُ لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَال: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". [انظر: 3007] (باب من لم ير إكفار من قال ذلك) أي: القول السابق في الترجمة السابقة. (أو جاهلا) بحكمه فهو كما رأى. 6106 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا سَلِيمٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الصَّلاةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ البَقَرَةَ، قَال: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلاةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا، فَقَال: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا البَارِحَةَ، فَقَرَأَ البَقَرَةَ، فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ - ثَلاثًا - اقْرَأْ: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَنَحْوَهَا". [انظر: 700 - مسلم: 465 - فتح: 10/ 515] (عبادة) بفتح العين وتخفيف الموحدة. (يزيد) أي: ابن هارون. (سليم) أي: ابن حبان الهذلي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1363) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قاتل النفس.

(فتجوز رجل) هو حزم بن أبي كعب، أو سالم بن الحارث، أو حرام بن ملحان، وتجوز بالجيم أي: خفف، وقيل: يحتمل أن يكون بالحاء أي: انحاز وصلى وحده. (فقال: إنه منافق) في نسخة: "إنه نافق" بصيغة الفعل. قال ذلك متأولًا ظانًّا أن التارك للجماعة منافق. ومرَّ الحديث في الصلاة في باب: إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة فخرج (¬1). 6107 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو المُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ، فَقَال فِي حَلِفِهِ: بِاللَّاتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَمَنْ قَال لِصَاحِبهِ: تَعَال أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ". [انظر: 4860 - مسلم: 465 - فتح: 10/ 515] (إسحاق) أي: ابن راهويه، أو ابن منصور (أبوالمغيرة) هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني من شيوخ البخاري. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (عن حميد) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (تعال أقامرك) بالجزم. (فليتصدق) أي: بما تيسر، وقيل: بمقدار ما أراد أن يقامر به، والسر في ذلك أن الداعي إلى القمار لما أراد إخراج المال في الباطل أمر بإخراجه في الحق، ومرَّ الحديث في تفسير سورة النجم (¬2). 6108 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا، إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، وَإِلَّا فَلْيَصْمُتْ". [انظر: 2679 - مسلم: 1646 - فتح: 10/ 516] ¬

_ (¬1) سلف برقم (700) كتاب: الأذان، باب: إذا طول الإمام، وكان للرجل حاجة فخرج فصلى. (¬2) سلف برقم (4860) كتاب: التفسير، باب: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)}.

75 - باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله

(قتيبة) أي: ابن سعيد. (أو فليصمت) في نسخة: "أو ليصمت". (إن اللَّه نهاكم أن تحلفوا بآبائكم) لا ينافي ذلك نحو "أفلح، وأبيه إن صدق" (¬1)؛ لأن ذاك لم يقصد به القسم، بل هو مما يزاد في الكلام للتقرير ونحوه، وحكمة النهي عن ما ذكر: أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى فلا يضاهي به غيره، قال الكرماني: وقد عذر - صلى اللَّه عليه وسلم - عمر -رضي اللَّه عنه- في حلفه بأبيه؛ لتأويله بالحق الذي للآباء، وبه ظهرت مناسبته للترجمة (¬2) انتهى. ومرَّ الحديث في سورة النجم. 75 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الغَضَبِ وَالشِّدَّةِ لِأَمْرِ اللَّهِ وَقَال اللَّهُ: {جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73]. (باب: ما يجوز من الغضب والشدة لأمر اللَّه) أي: لأجل مخالفة حكمه تعالى. 6109 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي البَيْتِ قِرَامٌ فِيهِ صُوَرٌ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ، وَقَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ". [انظر: 2479 - مسلم: 2107 (91) - فتح: 10/ 517] ¬

_ (¬1) رواه مسلم (11) كتاب: الإيمان، باب: بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام. وأبو داود (392) كتاب: الصلاة، باب: ما قبل باب: في المواقيت. وابن خزيمة في "صحيحه" 1/ 158 (306) كتاب: الصلاة، باب: فرض الصلوات الخمس. والبيهقي 4/ 201 كتاب: الصيام، باب: لا يجب صوم بأصل الشرع غير صوم رمضان. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 21/ 228.

(إبراهيم) أي: ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. (قرام) أي: ستر. (فيه صور) أي: صور الحيوانات. (فهتكه) أي: جذبه فقطعه، وهذا لا ينافي ما مرَّ في اللباس من أمره عائشة بنزعه (¬1) لجواز الجمع بينهما، ومرَّ الحديث في اللباس (¬2). 6110 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاةِ الغَدَاةِ، مِنْ أَجْلِ فُلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا، قَال: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، قَال: فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ". [انظر: 90 - مسلم: 466 - فتح: 10/ 517] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (أتى رجل) هو حزم بن أبي كعب، أو غيره كما مرَّ آنفًا. (في صلاة الغداة) أي: الصبح. (من أجل فلان) هو معاذ، أو أبي بن كعب. (فأيكم ما صلى) ما: زائدة، ومرَّ الحديث في صلاة الجماعة (¬3). 6111 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، رَأَى فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ نُخَامَةً، فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، فَتَغَيَّظَ، ثُمَّ قَال: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاةِ، فَإِنَّ اللَّهَ حِيَال وَجْهِهِ، فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ حِيَال وَجْهِهِ فِي الصَّلاةِ". [انظر: 406 - مسلم: 547 - فتح: 10/ 517]. (جويرية) أي: ابن أسماء. (نخامة) هي النخاعة الصادقة بما يخرج من الصدر ومن ¬

_ (¬1) سلف برقم (5955) كتاب: اللباس، باب: ما وطئ من التصاوير. (¬2) سلف الحديث برقم (5954) كتاب: اللباس، باب: ما وطئ من التصاوير. (¬3) سلف برقم (702) كتاب: الأذان، باب: تخفيف الإمام في القيام، وإتمام الركوع والسجود. و (704) كتاب: الأذان، باب: من شكا إمامه إذا طول.

الخيشوم، وقيل: النخامة ما يخرج من الصدر، والنخاعة: ما يخرج من الخيشوم. (حيال وجهه) بكسر المهملة، أي مقابله. ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 6112 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللُّقَطَةِ، فَقَال: "عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَال: "خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَال: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ - أَو احْمَرَّ وَجْهُهُ - ثُمَّ قَال: "مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا". [انظر: 91 - مسلم: 1722 - فتح 10/ 517]. (محمد) أي: ابن سلام. (أن رجلًا) هو عمير أبو مالك، أو يزيد بن خالد الجهني، أو بلال، أو سويد والد عقبة. قال شيخنا: وهو الأولى (¬2)، ومرَّ الحديث في اللقطة (¬3). 6113 - وَقَال المَكِّيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَيْرَةً مُخَصَّفَةً، أَوْ حَصِيرًا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيهَا، فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ، ثُمَّ جَاءُوا لَيْلَةً فَحَضَرُوا، وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَحَصَبُوا ¬

_ (¬1) سلف برقم (406) كتاب: الصلاة، باب: حك البزاق باليد في المسجد. (¬2) "الفتح" 10/ 518. (¬3) سبق برقم (2438) كتاب: في اللقطة، باب: من عرف اللقطة.

76 - باب الحذر من الغضب

البَابَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مُغْضَبًا، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا زَال بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلاةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلا الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ". [انظر: - مسلم: 781 - فتح 10/ 517] (وقال المكي) أي: ابن إبراهيم شيخ البخاري. (وحدثني محمد) أي: قال البخاري: (حدثني محمد). (احتجر) براء، وفي نسخة: بزاي. (حجيرة) بالتصغير والتكبير براء أو زاي، والمعنى على نسخة الراء: حوط موضعًا من المسجد بحصير يستره؛ ليصلّي فيه وليتفرغ قلبه، وعلى نسخة الزاي: بنى حاجزًا يمنعه من الناس. (مخصفة) بتشديد الصاد أي: متخذة من سعف. (فتتبع إليه رجال) أي: طلبوا موضعه، واجتمعوا إليه. (أو حصير) الشك من الراوي. (وحصبوا الباب) أي: رموه بالحصى: وهي الحصى الصغار تنبيها له؛ لظنهم أنه نسها. (مغضبا) بفتح الضاد المعجمة، أي: لكونهم اجتمعوا بغير أمره، وحصبوا بابه، أو لظنهم أنه إنَّما تأخر لغير الإشفاق عليهم، مع أنه إنما تأخر إشفاقًا عليهم، لئلا تفرض عليهم الصلاة. (حتى ظننت) أي: خفت، ومرَّ الحديث في كتاب: الصلاة، في باب: صلاة الليل (¬1). 76 - باب الحَذَرِ مِنَ الغَضَبِ. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)} [الشورى: 37] {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} [آل عمران: 134]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (731) كتاب الأذان، باب: صلاة الليل.

(باب: الحذر من الغضب) أي: لغير اللَّه، والغضب: غيلان دم القلب؛ لإرادة الانتقام كما مرَّ. ({كَبَائِرَ الْإِثْمِ}) جمع كبيرة: وهي ما يوعد عليه، والفواحش جمع فاحشة: وهي ما يوجب الحد فالعطف من عطف البعض على الكل ({وَإِذَا مَا غَضِبُوا}) أي: من أمور دنياهم، و (ما) زائدة. ({وَالَّذِينَ}) الواو عاطفة على (قول اللَّه) وني نسخة: "وقوله عزَّ وجلَّ: {الَّذِينَ} ". ({وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}) أي: الكافين عن إمضائه مع القدرة، والغيظ: توقد حرارة القلب من الغضب. ووجه دلالة الآيتين على الترجمة: أن منطوق كل منهما مدح لمن اتصف بما فيها فيكون مفهومها ذما لمن اتصف بضده وعدم كظم الغيظ وعدم العفو مستلزمان للغضب فدلَّ كل منهما على التحذير منه. 6114 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ". [مسلم: 2609 - فتح: 10/ 518]. (بالصرعة) بضم الصاد وفتح الراء: الذي يكثر من صرع غيره، فهو مبالغة كهمزة ولمزة. (إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) فيه: أن مجاهدة النفس التي هي الجهاد الأكبر أشد من مجاهدة غيرها من الأعداء. 6115 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ، قَال: اسْتَبَّ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ، وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ، مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَال: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. فَقَالُوا لِلرَّجُلِ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: إِنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ. [انظر: 3282 - مسلم: 261 - فتح: 10/ 518].

77 - باب الحياء

(إني لست بمجنون) كأنه لم يعلم أن الغضب من مس الشيطان، قال النووي: ولعله كان من المنافقين، أو من جفاة الأعراب (¬1). ومرَّ الحديث في صفة إبليس (¬2). 6116 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ هُوَ ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَال: "لَا تَغْضَبْ" فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَال: "لَا تَغْضَبْ". [فتح: 10/ 519]. (عن أبي حصين) هو عثمان بن عاصم الأسدي. (أن رجلا) هو جارية بالجيم ابن قدامه. (لا تغضب) أي: اجتنب أسباب الغضب، أو لا تفعل ما يأمرك به الغضب؛ لأن نفس الغضب مطبوع في الإنسان، لا يمكن إخراجه من جبلته. وأما تخصص الرجل بالنهي عن الغضب فلعله؛ لكونه كان غضوبًا. 77 - باب الحَيَاءِ. (باب الحياء) أي: بيان فضله، ومرَّ تعريفه في باب: من لم يواجه الناس [بالعتاب] (¬3). 6117 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي السَّوَّارِ العَدَويِّ، قَال: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحَيَاءُ لَا يَأْتِي إلا بِخَيْرٍ" فَقَال بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: "مَكْتُوبٌ فِي الحِكْمَةِ: إِنَّ مِنَ الحَيَاءِ وَقَارًا، وَإِنَّ مِنَ الحَيَاءِ سَكِينَةً " فَقَال لَهُ عِمْرَانُ: "أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صَحِيفَتِكَ". [مسلم: 37 - فتح: 10/ 521]. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 16/ 163. (¬2) سبق برقم (3282) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس. (¬3) في الأصول: بالغضب.

78 - باب إذا لم تستحي فاصنع ما شئت

(عن أبي السوار) بفتح المهملة، وتشديد الواو: حسان بن حريث. (مكتوب في الحكمة) هي العلم الذي يبحث فيه عن أحوال حقائق الموجودات، وقيل: العلم المتقن الوافي. (وقارًا) أي: حلمًا ورزانة. (سكينة) أي: سكونا. (فقال له عمران) إلخ أي: قاله غضبًا، وإنما غضب؛ لأن الحجة إنما هي في سنة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، لا فيما يروى عن كتب الحكمة؛ لأنه لا يدري ما حقيقتها ولا نعرف صدقها. 6118 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ، وَهُوَ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، يَقُولُ: إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي، حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ أَضَرَّ بِكَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُ، فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ". [انظر: 24 - مسلم: 36 - فتح: 10/ 521]. (من الإيمان) أي: من كماله. 6119 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مَوْلَى أَنَسٍ - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ - سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ، يَقُولُ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا". [انظر: 3562 - مسلم: 232 - فتح: 10 /]. (كان النبي ..) إلى آخره، مرَّ في باب: من لم يواجه الناس بالعتاب (¬1). 78 - بَابُ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ (باب: إذا لم تستح فاصنع ما شئت) أي: لأن من لا حياء له يفعل ما يشاء. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6102) كتاب: الأدب، باب: من لم يواجه الناس بالعتاب.

79 - باب ما لا يستحيا من الحق للتفقه في الدين

6120 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ". [انظر: 3483 - فتح: 10/ 523]. (زهير) أي: ابن معاوية الجعفي. (منصور) أي: ابن المعتمر. (أبو مسعود) هو عقبة بن عامر البدري. (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) أي: مما تأمرك به النفس، فالأمر للتهديد كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40] أو بمعنى الخبر أي: إذا لم تستح صنعت ما شئت. ومر الحديث في بني إسرائيل (¬1). 79 - بَابُ مَا لَا يُسْتَحْيَا مِنَ الحَقِّ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ (باب: ما لا يستحيا) بالبناء للمفعول بيائين أو بواحدة. (من الحق للتفقة في الدين) أي: لأجله، و (ما) مصدرية، أو زائدة. 6121 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَال: "نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ". [انظر: 130 - مسلم: 313 - فتح: 10/ 523]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (إن اللَّه لا يستحي من الحق) قالته اعتذارًا عن تصريحها بما تنقبض عنه النفوس البشرية، لا سيما بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (إذا رأت الماء) أي: علمته جاوز فرجها، ومر الحديث في الغسل (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3483) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل. (¬2) سبق برقم (282) كتاب: الغسل، باب: إذا احتلمت المرأة.

6122 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَلَا يَتَحَاتُّ" فَقَال القَوْمُ: هِيَ شَجَرَةُ كَذَا، هِيَ شَجَرَةُ كَذَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، وَأَنَا غُلامٌ شَابٌّ فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَال: "هِيَ النَّخْلَةُ" وَعَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: مِثْلَهُ، وَزَادَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ فَقَال: لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. [انظر: 61 - مسلم: 2811 - فتح: 10/ 523]. (مثل المؤمن كمثل شجرة) لفظ: (مثل) زائد في الموضعين؛ للتفخيم والتأكيد، ومرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬1) وجه مطابقته للترجمة: بأنها، تفهم من كلام عمر؛ لأن ولده كان صغيرًا فاستحيا أن يتكلم عند الأكابر، فكلام عمر له يدل على أن سكوته غير حسن فبالنظر لهذا يطابق الترجمة. 6123 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مَرْحُومٌ، سَمِعْتُ ثَابِتًا: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، فَقَالتْ: هَلْ لَكَ حَاجَةٌ فِيَّ؟ فَقَالتِ ابْنَتُهُ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا، فَقَال: "هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، عَرَضَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهَا". [انظر: 5120 - فتح: 10/ 524]. (مرحوم) أي: ابن عبد العزيز البصري. (ابنته) أي: ابنة أنس، واسمها: أمينة. (هي خير منك) أي: لأنها رغبت؛ لتكون من أمهات المؤمنين، ومرَّ الحديث في كتاب: النكاح (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (61) كتاب: العلم، باب: قول المحدث حدثنا، أو أخبرنا وأنبأنا. (¬2) سبق برقم (5120) كتاب: النكاح، باب: عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح.

80 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يسروا ولا تعسروا"

80 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا" وَكَانَ يُحِبُّ التَّخْفِيفَ وَاليُسْرَ عَلَى النَّاسِ. (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: يسروا ولا تعسروا) أي: بيان ذلك. 6124 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، قَال لَهُمَا: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا" قَال أَبُو مُوسَى: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ يُصْنَعُ فِيهَا شَرَابٌ مِنَ العَسَلِ، يُقَالُ لَهُ البِتْعُ، وَشَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ، يُقَالُ لَهُ المِزْرُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ". [انظر: 2261 - مسلم: 1733 - فتح: 10/ 524]. 6125 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا". [انظر: 69 - مسلم: 1743 - فتح: 10/ 524]. (إسحاق) أي: ابن راهويه، أو ابن منصور. (النضر) أي: ابن شميل. (وتطاوعا) أي: توافقا في الأمور. 6126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: "مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ قَطُّ، إلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ بِهَا لِلَّهِ". [انظر: 3560 - مسلم: 2327 - فتح: 10/ 524]. 6127 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، قَال: كُنَّا عَلَى شَاطِئِ نَهَرٍ بِالأَهْوَازِ، قَدْ نَضَبَ عَنْهُ المَاءُ، فَجَاءَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ عَلَى فَرَسٍ، فَصَلَّى وَخَلَّى فَرَسَهُ، فَانْطَلَقَتِ الفَرَسُ، فَتَرَكَ صَلاتَهُ وَتَبِعَهَا حَتَّى أَدْرَكَهَا، فَأَخَذَهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَضَى صَلاتَهُ، وَفِينَا رَجُلٌ لَهُ رَأْيٌ، فَأَقْبَلَ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، تَرَكَ صَلاتَهُ مِنْ أَجْلِ فَرَسٍ، فَأَقْبَلَ فَقَال: مَا عَنَّفَنِي أَحَدٌ مُنْذُ فَارَقْتُ رَسُولَ

81 - باب الانبساط إلى الناس

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: إِنَّ مَنْزِلِي مُتَرَاخٍ، فَلَوْ صَلَّيْتُ وَتَرَكْتُهُ، لَمْ آتِ أَهْلِي إِلَى اللَّيْلِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ "قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى مِنْ تَيْسِيرِهِ". [انظر: 1211 - فتح: 10/ 525]. (بالأهواز) هو موضع بين العراق وفارس (¬1). (فقضى صلاته) أي: أداها. (له رأي) أي: فاسد. 6128 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَال فِي المَسْجِدِ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ". [انظر: 220 - فتح: 10/ 525]. (سجلا) أي: دلوًا فيه ماء، وفي الباب خمسة أحاديث: مر أولها في آخر المغازي (¬2)، وثانيها: في العلم (¬3)، وثالثها: في صفة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (¬4)، ورابعها: في أواخر كتاب: الصلاة (¬5)، وخامسها: الطهارة (¬6). 81 - بَابُ الانْبِسَاطِ إِلَى النَّاسِ وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: "خَالِطِ النَّاسَ وَدِينَكَ لَا تَكْلِمَنَّهُ وَالدُّعَابَةِ مَعَ الأَهْلِ". (باب: الانبساط إلى الناس) في نسخة: "مع الناس". (لا تكلمنه) ¬

_ (¬1) "معجم البلدان" 1/ 284. (¬2) سبق برقم (4341) كتاب: المغازي، باب: بعث أبي موسى. (¬3) سبق برقم (69) كتاب: العلم، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولهم بالموعظة. (¬4) سبق برقم (3560) كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬5) سبق برقم (1211) كتاب العمل في الصلاة، باب: إذا انفلتت الدابة في الصلاة. (¬6) سبق برقم (220) كتاب: الوضوء، باب: صب الماء على البول في المسجد.

بفتح الفوقية، وكسر اللام من الكلم بفتح الكاف وسكون اللام: وهو الحرج. (والدعابة) بضم المهملة: الملاطفة في القول بالمزاج، وهو عطف على الانبساط. والمراد: بيان جواز المزاح، وأما خبر الترمذي: "لا تمار أخاك ولا تمازحه) (¬1) فمحمول على ما فيه إفراط؛ لأنه يؤول إلى الإيذاء والمخاصمة، وسقوط المهابة والوقار. 6129 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُخَالِطُنَا، حَتَّى يَقُولَ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ ". [انظر: 6203 - مسلم: 2510 - فتح: 10/ 526]. (أبوالتياح) هو يزيد بن حميد الضبعي. (إن كان) إن مخففة من الثقلية. (لأخ لي) أي: من أمي. (ما فعل النغير) تصغير نغر بضم ففتح. وهو طير كالعصفور محمر المنقار، وأهل المدينة يسمونه البلبل أي: ما شأنه وحاله. وفيه: جواز تكنية من لم يولد له، وجواز المزح وملاطفة الصبيان وتأنيبهم، وبيان ما كان عليه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - من حسن الخلق وكرم الشمائل والتواضع وتمكين الولي الصغير من لعبه. بالعصفور بحيث لا يؤلمه، وجواز صيد المدينة. 6130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، "فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي". [مسلم: 2440 - فتح: 10/ 526]. (محمد) أي: ابن سلام. (أبو معاوية) هو محمد بن حازم، وقيل: ابن المثنى. ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (1995) كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في المراء.

82 - باب المداراة مع الناس

(كنت ألعب بالبنات) أي: بالتماثيل المسماه بلعب البنات، أو الباء بمعنى: مع أي: كنت ألعب مع البنات باللعب. (يتقمعن) بفتح الفوقية وتشديد الميم أي: يتغيبن ويدخلن وراء الستر. (فيُسر بهنَّ) بمهملة مفتوحة وراء مشددة أي: يرسلهن. واستدل بالحديث على جواز اتخاذ اللعب من أجل لعب البنات بهن وخصَّ ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور وبه جزم القاضي عياض (¬1)؛ ونقله عن الجمهور، وإنهم أجازوا بيع اللعب للبنات؛ لتدربيهن مع صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن. 82 - بَابُ المُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: "إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ، وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ". (باب: المداراة مع الناس) هي لين الكلام، وهي من أخلاق المؤمنين؛ وتفارق المراءاة بأنها: الرفق بالجاهل في التعليم والفاسق في النهي عن فعله. والمراءاة معاشرة المعلن بالفسق وإظهار الرضا بما هو فيه. (عن أبي الدرداء) هو عويمر بن مالك. (إنا لنشكر) أي: نكشف عن أسناننا: وهو كناية عن التبسم. (لتلعنهم في نسخة: "لتقليهم" من القلاء وهو البغض، يقال: قلى يقلى بالفتح فيهما وهو نادر لخلو عينه، أو لامه عن حرف حلقٍ. 6131 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَال: "ائْذَنُوا لَهُ، فَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ - أَوْ بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ -" فَلَمَّا دَخَلَ أَلانَ لَهُ الكَلامَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم بفوائد مسلم" 7/ 447 - 448.

83 - باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين

رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ مَا قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ فِي القَوْلِ؟ فَقَال: "أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ - أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ - اتِّقَاءَ فُحْشِهِ". [انظر: 6032 - مسلم: 2591 - فتح: 10/ 528]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (رجل) هو عيينة بن حصن الفزاري، أو مخرمة بن نوفل (أو بئس أخو العشيرة) شك من الراوي. 6132 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ، مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ، فَلَمَّا جَاءَ قَال: "قَدْ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ" قَال أَيُّوبُ: "بِثَوْبِهِ وَأَنَّهُ يُرِيهِ إِيَّاهُ، وَكَانَ فِي خُلُقِهِ شَيْءٌ" رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَال حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةٌ. [انظر: 2599 - مسلم: 1058 - فتح: 10/ 528]. (ابن علية) هو ابن زهير، ومر الحديث في كتاب: اللباس (¬1). 83 - بَابٌ: لَا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ وَقَال مُعَاويَةُ: "لَا حَكِيمَ إلا ذُو تَجْرِبَةٍ". (باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) اللدغ بمهملة فمعجمة، ما يكون من ذوات السموم، وبمعجمة فمهملة، ما يكون من النار كما مرَّ. (لا حليم) بلام ورواه في "الأدب المفرد"، بكاف، وفي نسخة: "لا حلم" بكسر المهملة، وسكون اللام. (إلا ذو تجربة) في نسخة: "إلا لذي تجربة". والمعنى: أن المرء لا يوصف بالحلم، أو بالحكمة حتى يجرب الأمور، وقيل: المعنى لا يكون حليمًا، أو حكيما إلا من وقع في أمور عثر فيها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5800) كتاب: اللباس، باب: القباء وفروج حرير.

84 - باب حق الضيف

6133 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: "لَا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ". [مسلم: 2998 - فتح: 10/ 529]. (عن عقيل) أي: ابن خالد. (لا يلدغ المؤمن) برفع يلدغ على صفة الخبر، ومعناه: الأمر أي: ليكن المؤمن حازمًا حذرًا لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى، وروي بالكسر بجعل (لا) ناهية. وسبب هذا الحديث: أن أبا عزة الشاعر أسر يوم بدر فمنَّ عليه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - وعاهده ألا يحرض عليه ولا يهجوه فأطلقه فلحق بقومه، ثم رجع إلى التحريض والهجاء ثم أسر يوم أحد فسأله المن فقال - صلى اللَّه عليه وسلم -: (لا يلدغ المؤمن) الحديث. 84 - بَابُ حَقِّ الضَّيْفِ (باب: حق الضيف) أي: بيان ما جاء فيه. 6134 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَال: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ" قُلْتُ: بَلَى، قَال: "فَلَا تَفْعَلْ، قُمْ وَنَمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّكَ عَسَى أَنْ يَطُولَ بِكَ عُمُرٌ، وَإِنَّ مِنْ حَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَذَلِكَ الدَّهْرُ كُلُّهُ" قَال: فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ غَيْرَ ذَلِكَ، قَال: "فَصُمْ مِنْ كُلِّ جُمُعَةٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ" قَال: فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: أُطِيقُ غَيْرَ ذَلِكَ، قَال: "فَصُمْ صَوْمَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ" قُلْتُ: وَمَا صَوْمُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ؟ قَال: "نِصْفُ الدَّهْرِ". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 10/ 531].

85 - باب إكرام الضيف، وخدمته إياه بنفسه

(حسين) أي: المعلم. (وإن لزورك) بفتح الزاي أي: لضيفك، ومرَّ الحديث في الصوم (¬1). 85 - بَابُ إِكْرَامِ الضَّيْفِ، وَخِدْمَتِهِ إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ وَقَوْلِهِ: {ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ المُكْرَمِينَ} [الذاريات: 24] قَال: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "يُقَالُ: هُوَ زَوْرٌ، وَهَؤُلاءِ زَوْرٌ وَضَيْفٌ، وَمَعْنَاهُ أَضْيَافُهُ وَزُوَّارُهُ، لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ، مِثْلُ: قَوْمٍ رِضًا وَعَدْلٍ. يُقَالُ: مَاءٌ غَوْرٌ، وَبِئْرٌ غَوْرٌ، وَمَاءَانِ غَوْرٌ، وَمِيَاهٌ غَوْرٌ. وَيُقَالُ: الغَوْرُ الغَائِرُ لَا تَنَالُهُ الدِّلاءُ، كُلَّ شَيْءٍ غُرْتَ فِيهِ فَهُوَ مَغَارَةٌ (تَزَّاوَرُ): تَمِيلُ، مِنَ الزَّوَرِ، وَالأَزْوَرُ الأَمْيَلُ". (باب: إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه) أي: بيان ما جاء في ذلك. (وقوله) بالجر عطف على (إكرام الضيف). ({ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}) قيل: هم اثنا عشر ملكا، وقيل: تسعة، عاشرهم: جبريل (¬2)، والضيف يطلق على الواحد، وعلى الجمع كما هنا. وقد بينه مع زيادة بقوله: (قاله أبو عبد اللَّه) إلى آخره فقوله: (لأنها) أي: صيغة (زور). وقوله: (ويقال: الغور الغائر) أشار به إلى أن المصدر يطلق على اسم الفاعل، وأراد بالغائر: بعيد القعر، كما بينه بقوله: (لا تناوله الدلاء). وأراد بقوله: (كل شيء غرت فيه) أي: ذهبت فيه فهو مغارة، إذ الغار تسمى مغارة كما يسمى: كهفًا، وقوله: ({تَزَاوَرُ}) يعني في قوله تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ} [الكهف: 17] أي: تميل من الزور أي: الميل. وقوله: (قال أبو عبد اللَّه) إلى هنا ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1974) كتاب: الصوم، باب: حق الضيف في الصوم. (¬2) انظر: "تفسير البغوي" 4/ 187.

6135 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الكَعْبِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْويَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ"، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ: مِثْلَهُ، وَزَادَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". [انظر: 6019 - مسلم: 48 - فتح: 10/ 531]. (عن أبي شريح) هو خويلد بن عمرو بن صخر الكعبي الخزاعي. (فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة) برفع (جائزته) وتالييها على الابتداء والخبر، وبنصبها على أن (جائزته) بدل اشتمال من: (ضيفه) وتاليها على الظرفية. (فما بعد ذلك فهو صدقة) يشعر بأن جائزة الضيف واجبة، وحمل على أن ذلك كان في أول الإسلام، حين كانت المواساة واجبة، ثم صارت مندوبة فهي صدقة أيضًا. (أن يثوي) بفتح التحتية وكسر الواو، مضارع ثوى بفتحها أي: أن يقيم (حتى يحرجه) أي: يضيق صدره. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. 6136 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". [انظر: - مسلم: - فتح: 10/ 532]. (ابن مهدي) هو عبد الرحمن. (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي حصين) هو عثمان بن عاصم الأسدي. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات. ومرَّ الحديث في باب: من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يؤذ جاره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6018) كتاب: الأدب، باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.

86 - باب صنع الطعام والتكلف للضيف

6137 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تَبْعَثُنَا، فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَنَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَال لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ". [انظر: 2461 - مسلم: 1727 - فتح: 10/ 532]. 6138 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". [انظر: 5185 - مسلم: 47 - فتح: 10/ 532]. (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد اللَّه اليزني. (يقروننا) أي: يضيفوننا. (فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم) ظاهره الوجوب، وبه قال الليث، وحمله الجمهور على المضطرين، وبعضهم على من مرَّ بأهل الذمة الذين شرط عليهم ضيافة من مرَّ بهم من المسلمين وأحاديث الباب ظاهرة. 86 - بَابُ صُنْعِ الطَّعَامِ وَالتَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ (باب: صنع الطعام والتكلف للضيف) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6139 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَال لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالتْ: أَخُوكَ أَبُوالدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُوالدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَال: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ، قَال: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، فَقَال: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَال: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ، قَال سَلْمَانُ:

87 - باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف

قُمِ الآنَ، قَال: فَصَلَّيَا، فَقَال لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ سَلْمَانُ" أَبُو جُحَيْفَةَ وَهْبٌ السُّوَائِيُّ يُقَالُ: وَهْبُ الخَيْرِ. [انظر: 1968 - فتح: 10/ 534]. (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (أبوالعميس) بالتصغير هو عتبة بن عبد اللَّه. (فرأى أم الدرداء) هي خيرة بنت أبي حدرد. متبذلة بفتح الفوقية والموحدة وكسر المعجمة المشددة أي: لابسة ثياب البذلة (لا حاجة له في الدنيا) عنت به عدم حاجته إلى مباشرتها استحياءا من أن تصرح بذلك. (ولنفسك) في نسخة: "وإن لنفسك". (أبو جحيفة) إلى آخره ساقط من نسخة. وقوله: (السوائي) بضم السين والمد. وفي الحديث: زيارة الصديق، ودخول داره في غيبته والإفطار للضيف، وكراهية التشدد في العبادة، وأن الأفضل التوسط، وأن الصلاة آخر الليل أولى. 87 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الغَضَبِ وَالجَزَعِ عِنْدَ الضَّيْفِ (باب: ما يكره من الغضب والجزعَ عند الضيف) أي: بيان ذلك. (والجزع) ضد الصبر. 6140 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَضَيَّفَ رَهْطًا، فَقَال لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: "دُونَكَ أَضْيَافَكَ، فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَافْرُغْ مِنْ قِرَاهُمْ قَبْلَ أَنْ أَجِيءَ"، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَتَاهُمْ بِمَا عِنْدَهُ، فَقَال: اطْعَمُوا، فَقَالُوا: أَيْنَ رَبُّ مَنْزِلِنَا، قَال: اطْعَمُوا، قَالُوا: مَا نَحْنُ بِآكِلِينَ حَتَّى يَجِيءَ رَبُّ مَنْزِلِنَا، قَال: اقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ جَاءَ وَلَمْ تَطْعَمُوا لَنَلْقَيَنَّ مِنْهُ، فَأَبَوْا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَجِدُ

88 - باب قول الضيف لصاحبه: لا آكل حتى تأكل

عَلَيَّ، فَلَمَّا جَاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ، فَقَال: مَا صَنَعْتُمْ، فَأَخْبَرُوهُ، فَقَال: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ"، فَسَكَتُّ، ثُمَّ قَال: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ"، فَسَكَتُّ، فَقَال: "يَا غُنْثَرُ، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوْتِي لَمَّا جِئْتَ"، فَخَرَجْتُ، فَقُلْتُ: سَلْ أَضْيَافَكَ، فَقَالُوا: صَدَقَ، أَتَانَا بِهِ، قَال: "فَإِنَّمَا انْتَظَرْتُمُونِي، وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ"، فَقَال الآخَرُونَ: وَاللَّهِ لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ، قَال: "لَمْ أَرَ فِي الشَّرِّ كَاللَّيْلَةِ، وَيْلَكُمْ، مَا أَنْتُمْ؟ لِمَ لَا تَقْبَلُونَ عَنَّا قِرَاكُمْ؟ هَاتِ طَعَامَكَ"، فَجَاءَهُ، فَوَضَعَ يَدَهُ فَقَال: "بِاسْمِ اللَّهِ، الأُولَى لِلشَّيْطَانِ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا". [انظر: 602 - مسلم: 2057 - فتح: 10/ 534]. (حدثنا عياش) في نسخة: "حدثني عياش". (سعيد) أي: ابن أبي إياس. (الجريري) بالتصغير. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل. (دونك أضيافك) أي: الزمهم. (من قراهم) بكسر القاف أي: من ضيافتهم. (فقال) أي: لهم. (اطعموا) بهمزة وصل، وفتح العين أي: كلوا. (عنا) في نسخة: "عني". (لنلقين منه) أي: أذى. (يجد) أي: يغضب. (فقال) في نسخة: "قال". (يا غنثر) أي: يا جاهل، أو يا لئيم أو يا ثقيل. (لما) أي: ألا، أو (ما) زائدة (جئت) في نسخة: "أجئت". (لم أر في الشر كالليلة) أي: لم أر ليلة مثل هذه الليلة في الشر (ويلكم) لم يقصد به الدعاء عليهم. (ما أنتم؟) استفهام عن حالهم في نسخة: "لم لا". (هات) أي: يا عبد الرحمن (طعامك) أي: للضيفان. (الأولى) أي: الحالة الأولى أو الكلمة: التسمية، واللقمة الأولى التي أحنث نفسه بها، أو حال غضبه وحلفه. (فأكل) إنما خالف يمينه، لأنه أتى بالأفضل كما ورد في الحديث. 88 - بَابُ قَوْلِ الضَّيْفِ لِصَاحِبِهِ: لاَ آكُلُ حَتَّى تَأْكُلَ فِيهِ حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1968] (باب: قول الضيف لصاحبه: لا آكل حتى تأكل) أي: بيان ذلك.

(فيه) أي: في الباب (حديث أبي جحيفة) أي: السابق في باب: صنع الطعام والتكلف للضيف. 6141 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِضَيْفٍ لَهُ أَوْ بِأَضْيَافٍ لَهُ، فَأَمْسَى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جَاءَ، قَالتْ لَهُ أُمِّي: احْتَبَسْتَ عَنْ ضَيْفِكَ - أَوْ عَنْ أَضْيَافِكَ - اللَّيْلَةَ، قَال: مَا عَشَّيْتِهِمْ؟ فَقَالتْ: عَرَضْنَا عَلَيْهِ - أَوْ عَلَيْهِمْ - فَأَبَوْا - أَوْ فَأَبَى - فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ، فَسَبَّ وَجَدَّعَ، وَحَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ، فَاخْتَبَأْتُ أَنَا، فَقَال: يَا غُنْثَرُ، فَحَلَفَتِ المَرْأَةُ لَا تَطْعَمُهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ، فَحَلَفَ الضَّيْفُ أَو الأَضْيَافُ، أَنْ لَا يَطْعَمَهُ أَوْ يَطْعَمُوهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: كَأَنَّ هَذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَدَعَا بِالطَّعَامِ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا، فَجَعَلُوا لَا يَرْفَعُونَ لُقْمَةً إلا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، فَقَال: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ، مَا هَذَا؟ فَقَالتْ: "وَقُرَّةِ عَيْنِي، إِنَّهَا الآنَ لَأَكْثَرُ قَبْلَ أَنْ نَأْكُلَ، فَأَكَلُوا، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْهَا". [انظر: 602 - مسلم: 2057 - فتح: 10/ 535]. (ابن أبي عدي) هو محمد، واسم أبي عدي إبراهيم (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن النهدي. (أو بأضياف) في نسخة: "أو أضياف". بحذف الباء، والشك من الراوي. (قالت أمي) في نسخة: "قالت له أمي" (أو أضيافك) في نسخة: "أو عن أضيافك" (أو فأبى) شك من الراوي. (وجدع) بدال مهملة مشددة أي: قال: يا مجدوع الأذن أو الأنف أو الشفة، دعا عليه بذلك (فحلفت المرأة) أي: أم عبد الرحمن. (حتى يطعمه) أي: أبو بكر، وفي نسخة: "حتى تطعموا" أي: أبو بكر وزوجته وابنه. (كان هذه) أي: الحالة، أو اليمين. (إلا ربًا) أي: زاد الطعام، وفي نسخة: "إلا ريت" أي: اللقمة، أو البقية. (أكثر منها) أي: من اللقمة المرفوعة. (يا أختا بني فراس) بكسر الفاء، وبسين

89 - باب إكرام الكبير، ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال

مهملة هي بنت عبد دهمان أحد بني فراس، واسمها: زينب، واشتهرت بأم رومان. (ما هذا؟) استفهام عن زيادة الطعام. (فقالت: وقرة عيني) بالجر، أرادت به القسم بالنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولعلَّ ذلك كان قبل النهي عن الحلف بغير اللَّه، أولم تعلمه. (لأكثر) أي: منها. (قبل أن تأكل) أي: منها، وهذه كرامة من آياته - صلى اللَّه عليه وسلم - ظهرت على يد أبي بكر -رضي اللَّه عنه-. 89 - بَابُ إِكْرَامِ الكَبِيرِ، وَيَبْدَأُ الأَكْبَرُ بِالكَلامِ وَالسُّؤَالِ (باب: إكرام الكبير) أي: في السن. (ويبدأَ الأكبر بالكلام والسؤال) أي: يقدم بهما على من دونه سنًّا، ومحله: إذا تساويا فضلًا، والأقدم الأفضل. 6142، 6143 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، مَوْلَى الأَنْصَارِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ أَتَيَا خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمْ، فَبَدَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ أَصْغَرَ القَوْمِ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَبِّرِ الكُبْرَ" - قَال يَحْيَى: يَعْنِي: لِيَلِيَ الكَلامَ الأَكْبَرُ - فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَسْتَحِقُّونَ قَتِيلَكُمْ - أَوْ قَال: صَاحِبَكُمْ - بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْرٌ لَمْ نَرَهُ. قَال: "فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ فِي أَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْمٌ كُفَّارٌ. فَوَدَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِهِ، قَال سَهْلٌ: فَأَدْرَكْتُ نَاقَةً مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ، فَدَخَلَتْ مِرْبَدًا لَهُمْ فَرَكَضَتْنِي بِرِجْلِهَا، قَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرٍ، عَنْ سَهْلٍ: قَال يَحْيَى: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَال: مَعَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرٍ، عَنْ سَهْلٍ، وَحْدَهُ. [انظر: 2702 - مسلم: 1669 - فتح: 10/ 535]. (أبي حثمة) بمثلثة: هو عامر بن ساعدة الأنصاري. (وحويصة،

ومحيصة) بتشديد الياء وقد تخفف. (كبِّر الكُبر) بضم الكاف وسكون الموحدة جمع الأكبر أي: قدم الأكبر سنًّا للتكلم كما أشار أليه بقوله: (قال يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (ليلي الكلام الأكبر) أي: ليتولاه الأكبر سنًّا، وإنما أمر أن يتكلم الأكبر سنًّا؛ ليحقق صورة القضية وكيفيتها، لا أنه يدعيها إذ حقيقة الدعوى إنما هي لأخيه عبد الرحمن. (أتستحقون قتيلكم) أي: ديته، (أمر لم نره) أي: فكيف نحلف عليه (قوم كفار) أي: فكيف نأخذ بأيمانهم. (فوداهم) أي: أعطاهم ديته (من قبله) بكسر القاف، وفتح الموحدة أي: من عنده، أو من بيت المال. (مربدا) بكسر الميم، وفتح الموحدة: هو الموضع الذي يجتمع فيه الإبل. (فركضتني) أي: رفستني (عن بشير) أي: ابن يسار. 6144 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ مَثَلُهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَلَا تَحُتُّ وَرَقَهَا" فَوَقَعَ فِي نَفْسِي [أَنَّهَا] النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، وَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّمَا، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ النَّخْلَةُ"، فَلَمَّا خَرَجْتُ مَعَ أَبِي قُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ، وَقَعَ فِي نَفْسِي [أَنَّهَا] النَّخْلَةُ، قَال: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَهَا، لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، قَال: مَا مَنَعَنِي إلا أَنِّي لَمْ أَرَكَ وَلَا أَبَا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُمَا فَكَرِهْتُ. [انظر: 61 - مسلم: 2811 - فتح: 10/ 2536]. (تؤتي أكلها) أي: تعطي ثمرها. (كل حين) أي: كل وقتٍ، أقته اللَّه؛ لإثمارها، ومرَّ الحديث في كتاب: العلم وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (61) كتاب العلم، باب: قول المحدث حدثنا أو، أخبرنا وأنبأنا.

90 - باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه

90 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشِّعْرِ وَالرَّجَزِ وَالحُدَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَقَوْلِهِ: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 225] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "فِي كُلِّ لَغْوٍ يَخُوضُونَ". (باب: ما يجوز من الشعر) وهو كلام مقفى موزون بالقصد. (والرجز) وهو نوع من الشعر عند الأكثر، فعطفه على الشعر من عطف الخاص على العام، وقيل: ليس بشعر؛ لأنه يقال في منشئه راجز لا شاعر. (والحداء) بضم الحاء وكسرها، وبدال مهملة يمد ويقصر: وهو سوق الإبل والغناء لها. (وما يكره منه) أي: من الشعر، وهو عطف على ما يجوز. (وقوله تعالى) بالجر عطف على ذلك أيضًا. ({فِي كُلِّ وَادٍ}) أي: من الكلام. ({يَهِيمُونَ}) أي: يتحدثون، أو يخوضون كما فسر به ابن عباس. بعدُ، أكثر النسخ على ذكر ({وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224)}). إلى آخر السورة، وفي نسخة عقب قوله: ({الْغَاوُونَ}) إلى آخر السورة مع ذكر شيء عقبه لا حاجة إليه. 6145 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً". [10/ 537]. (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (إن من الشعر حكمة) أي: قولًا مطابقًا للواقع.

6146 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، سَمِعْتُ جُنْدَبًا، يَقُولُ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ، فَعَثَرَ، فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَال: "هَلْ أَنْتِ إلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ" (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري (جندبًا) أي: ابن عبد اللَّه البجلي. (فقال) أي: متمثلا بقول عبد اللَّه بن رواحة: هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل اللَّه ما لقيت بسكون التحتية، وكسر الفوقية، ومنه: أن له - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يتمثل بشعر غيره كما قال: ألا كل شيء ما خلا اللَّه باطل. كما سيأتي (¬1)، ومرَّ الحديث في الجهاد (¬2). 6147 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلُ". وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ. [انظر: 3841 - مسلم: 2256 - فتح: 10/ 537]. (ابن بشار) هو محمد. (ابن مهدي) هو عبد الرحمن. (سفيان) أي: الثوري. (عن عبد الملك) أي: ابن عمير. (أبو سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (كلمة لبيد) هو ابن ربيعة بن عامر العامري الصحابي من فحول الشعراء. (ألا) بالتخفيف استفتاحية، (وكاد أمية) أي: قارب (أن يسلم) أي: في شعره. 6148 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6489) كتاب: الرقاق، باب: الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك. (¬2) سبق برقم (2852) كتاب: الجهاد، باب: من ينكب في سبيل اللَّه.

عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ: أَلا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ قَال: وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالقَوْمِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ هَذَا السَّائِقُ" قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، فَقَال: "يَرْحَمُهُ اللَّهُ" فَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ، قَال: فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ، حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ اليَوْمَ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا هَذِهِ النِّيرَانُ، عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ" قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ، قَال: "عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟ " قَالُوا: عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَهْرِقُوهَا وَاكْسِرُوهَا" فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَال: "أَوْ ذَاكَ" فَلَمَّا تَصَافَّ القَوْمُ، كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ، فَتَنَاوَلَ بِهِ يَهُودِيًّا لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ، فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، فَلَمَّا قَفَلُوا قَال سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاحِبًا، فَقَال لِي: "مَا لَكَ" فَقُلْتُ: فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، قَال: "مَنْ قَالهُ؟ " قُلْتُ: قَالهُ فُلانٌ وَفُلانٌ وَفُلانٌ وَأُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ الأَنْصَارِيُّ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَذَبَ مَنْ قَالهُ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِيٌّ نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ". [انظر: 2477 - مسلم: 1802 - فتح: 10/ 537]. (فقال رجل) هو أسيد بن حضير. (هنيهاتك) في نسخة: "هنياتك" بتحتية مشددة، بدل الهاء الثانية أي: كلماتك، أو أراجيزك. (فداء) بالقصر والمد والرفع والنصب. (لك) أي: لرسولك: إذ لا يقال لله فداء

لك؛ لأنه إنما يستعمل في مكروه يتوقع حلوله بالشخص فيختار شخص أن يحل ذلك به ويفديه، فهو إنما قيل لرسوله كما مرَّ، أو له تعالى فيكون مجازًا عن الرضا كأنه قال: نفسي مبذولة لرضاك. (ما اقتفينا) أي: ما اتبعنا أثره، في نسخة: "ما أبقينا" أي: افدنا من عقابك فداء ما أبقينا من الذنوب أي: ما تركناه مكتوبا علينا. (إن لقينا) أي: العدو. (إذا صيح بنا) أي: دعينا للقتال. (وبالصياح) أي: لا بالشجاعة. (عولوا علينا) أي: حملوا علينا (فقال رجل) هو عمر بن الخطاب. (وجبت) أي: له الشهادة؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - ما كان يدعوا لأحد بالرحمة إلا استشهد. (لولا) أي: هلا. (أمتعتنا به) أي: أبقيت لنا؛ لنتمتع به. (مخمصة) أي: مجاعة. (فلما أمسى الناس اليوم) في نسخة: "فلما أمسى الناس مساء اليوم". (أهريقوها) بسكون الهاء وفتحها، وفي نسخة: "هريقوها". وفي أخرى: "أريقوها" أي: صبوها. (فلما تصاف القوم) أي: للقتال. (ويرجع) في نسخة: "فرجع" بفاء وبلفظ الماضي. (ذباب سيفه) أي: طرفه. (فلما قفلوا) أي رجعوا من خيبر. (شاحبًا) بمعجمة، ومهملة، وموحدة أي: متغير اللون. (إن له لأجرين) أي: أجر الجهاد في الطاعة، وأجر الجهاد في سبيل اللَّه. (لجاهد) أي: في طلب الأجر. (مجاهد) أي: مبالغ في طلبه (نشأ) أي: في الدنيا. (بها) أي: بالحرب، أو ببلاد العرب. (مثله) أي: مثل عامر، ومرَّ الحديث في خيبر (¬1). 6149 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ وَمَعَهُنَّ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَقَال: "وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ سَوْقًا بِالقَوَارِيرِ" قَال أَبُو قِلابَةَ: فَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4196) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.

91 - باب هجاء المشركين

بِكَلِمَةٍ، لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: "سَوْقَكَ بِالقَوَارِيرِ". [انظر: 6161، 6202، 6209، 6210، 6211 - مسلم: 2323 - فتح: 10/ 538]. (إسماعيل) أي: ابن علية. (أيوب) أي: السختياني. (عن أبي قلابة) هو عبد اللَّه بن زيد الجرمي. (ويحك) ويح كلمة ترحم وتوجع كما مر (يا أنجشة) كنيته: أبو مارية. (رويدك) مصدر، والكاف اسم في محل جر بالإضافة، أو اسم فعل والكاف حرف خطاب، أي: أردد بمعنى أمهل. (سوقا) ساقط من نسخة، وفي أخرى: "سوقك" وهو منصوب بنزع الخافض أي: ارفق في سوقك. (بالقوارير) جمع قارورة سميت بذلك؛ لاستقرار الشراب فيها، والمراد هنا: النساء شبههن بالقوارير من الزجاج؛ لضعف بنيتهن، ورقتهن، أو لسرعة انقلابهن عن الرضا وقلة دوامهن على الوفاء، كالقوارير يسرع الكسر إليها، ولا تقبل الخير، والمعنى. ولا تحسن صوتك فإن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واشتدت فأزعجت الراكب ولم يُؤمن على النساء السقوط. 91 - بَابُ هِجَاءِ المُشْرِكِينَ (باب هجاء المشركين) أي: ذمهم في الشعر والهجاء، والهجو مصدر أهجا يهجو. 6150 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ المُشْرِكِينَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَكَيْفَ بِنَسَبِي" فَقَال حَسَّانُ: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِينِ. وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ،

فَقَالتْ: "لَا تَسُبُّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 3531 - مسلم: 2487، 2489 - فتح 10/ 546] (محمد) أي: ابن سلام. (عبدة) أي: ابن سليمان. (فكيف بنسبي) أي: كيف يهجوهم ونسبي فيهم. (لأسلنك) الخ أي: لا تلطفن في تخليص نسبك من هجوهم، ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). ينافح أي: يدافع ويخاصم. 6151 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ الهَيْثَمَ بْنَ أَبِي سِنَانٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، فِي قَصَصِهِ، يَذْكُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَخًا لَكُمْ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ" يَعْنِي بِذَاكَ ابْنَ رَوَاحَةَ، قَال: وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الفَجْرِ سَاطِعُ أَرَانَا الهُدَى بَعْدَ العَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَال وَاقِعُ يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالكَافِرِينَ المَضَاجِعُ تَابَعَهُ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَال الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَالأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. [انظر: 1155 - فتح 10/ 546] (أصبغ) أي: ابن فرج المصري. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (في قصصه) بفتح القاف وكسرها، فبالفتح الاسم، وبالكسر جمع قصة، والقص في الأصل: البيان. (لا يقول الرفث) أي: الفحش. (فينا) في نسخة: "وفينا". (ساطع) أي: مرتفع صفة لمعروف. (بعد العمى) أي: الضلالة. (فقلوبنا به) أي: بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. (موقنات أنَّ ما قال) أي: ما قاله من أمور الغيب. (يجافي جنبه عن فراشه) أي: برفعه عنه وهو كناية عن تهجده، وأشار بالبيت الأول إلى علم رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وبالثالث: ¬

_ (¬1) سبق برقم (4145) كتاب: المغازي، باب: حديث الإفك.

إلى عمله، وبالثاني إلى تكميله غيره، فهو كامل مكمل علمًا وعملًا. ومرَّ الحديث في باب: فضل من تعار من الليل (¬1). (تابعه) أي: يونس. 6152 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ: يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَيَقُولُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَا حَسَّانُ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ" قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ. [انظر: 453 - مسلم: 2485 - فتح 10/ 546] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (تابعه) أي: يونس. (أخي) اسمه عبد الحميد، وكنيته: أبو بكر (عن سليمان) أي: ابن بلال. (نشدتك باللَّه) في نسخة: "نشدتك اللَّه، بالنصب بدون باء أي: أقسمت عليك بالله. (أيده) أي: قوه. (بروح القدس) هو جبريل، وفي ذلك أشار إلى أن هجو الكفار من أفضل الأعمال. ومحله: إذا كان جوابًا كما هنا، وإلا فهو منهي عنه لآية: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأنعام: 108] ومرَّ الحديث في كتاب الصلاة (¬2). 6153 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِحَسَّانَ: "اهْجُهُمْ - أَوْ قَال: هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ". [انظر: 3213 - مسلم: 2483 - فتح 10/ 546] (أو قال: هاجهم) شك من الراوي، ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬3). ¬

_ (¬1) سبق (1155) كتاب: التهجد، باب: فضل من تعار من الليل فصلى. (¬2) سبق برقم (453) كتاب: الصلاة، باب: الشعر في المسجد. (¬3) سبق برقم (3213) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة.

92 - باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر، حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن

92 - بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الغَالِبَ عَلَى الإِنْسَانِ الشِّعْرُ، حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالعِلْمِ وَالقُرْآنِ (باب: ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر) برفع (الغالب) ونصب (الشعر) وبالعكس. (حتى يصده عن ذكر اللَّه والعلم والقرآن) أي: بمنعه عنها، وحتى تعليلية نحو: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ} [البقرة: 217]. 6154 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا". [فتح 10/ 458] (حنظلة) أي: ابن أبي سفيان الجمحي. (عن سالم) أي: ابن عبد اللَّه بن عمر. (لأن يمتلئ). إلى آخره، محمول على ما يكن حقًّا بخلاف ما كان حقًّا؛ كمدح اللَّه ورسوله، وما يشتمل على الذكر، والزهد، وسائر المواعظ، والقيح: هو الصديد الذي يسيل من الدم والجرح، ويقال: هو المدة التي لا يخالطها دم (حتى) ساقط من نسخة. 6155 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا". [مسلم: 2257 - فتح 10/ 548] (يريه) بفتح أوله، وهو منصوب على ثبوت (حتى) ومرفوع على سقوطها، ومنصوب عليه أيضًا بجعله بدل من يمتلئ والمعنى: حتى يأكل من امتلاء جوفه شعرًا القيح، أو حتى يأكل القيح جوفه أي: يفسده قال الجوهري: ورى القيح جوفه يريه وريا أكله، وقال الأزهري: الورى داء بداخل الجوف.

93 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تربت يمينك، وعقرى حلقى"

93 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَرِبَتْ يَمِينُكِ، وَعَقْرَى حَلْقَى" (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: تريت يمينك) أي: افتقرت، ولصقت بالتراب إن لم تفعل ما أمرت به، لكنها كلمة تقال ولا يراد بها الدعاء بل التحريض على الفعل، والمدح عليه عند المبالغة كقولهم للشاعر: قاتله اللَّه لقد أجاد. (عقرى حلقي) أي: عقرها اللَّه وأصابها بوجع في حلقها، لكنها كلمة تقال ولا يراد بها الدعاء، بل التعجب فيما يتعجب منه. 6156 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ بَعْدَ مَا نَزَلَ الحِجَابُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ؟ قَال: "ائْذَنِي لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ" قَال عُرْوَةُ: فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ، تَقُولُ: "حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ". [انظر: 2644 - مسلم: 1445 - فتح 10/ 550] (نزل الحجاب) في نسخة: "أنزل الحجاب" ومرَّ الحديث في النكاح (¬1). 6157 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْفِرَ، فَرَأَى صَفِيَّةَ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً حَزِينَةً، لِأَنَّهَا حَاضَتْ، فَقَال: "عَقْرَى حَلْقَى - لُغَةٌ لِقُرَيْشٍ - إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا" ثُمَّ قَال: "أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ" - يَعْنِي الطَّوَافَ - قَالتْ: نَعَمْ، قَال: "فَانْفِرِي إِذًا". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح 10/ 550] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (الحكم) أي: ابن عتيبة. (عن إبراهيم) ¬

_ (¬1) سبق برقم (5103) كتاب: النكاح، باب: لبن الفحل.

94 - باب ما جاء في زعموا

أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد النخعي. (أن ينفر) أي: يرجع من الحج. (كئيبة) أي: سيئة الحال. (لأنها حاضت) أي: ولم تطف طواف الوداع فطننت أنه كطواف الزيارة في تمام الحج، وأنه لا يجوز تركه مع العذر، وظن - صلى اللَّه عليه وسلم - أنها لم تطف طواف الزيارة. (فقال: عقرى) إلخ. فقوله: (لغة قريش) خبر مبتدإ محذوف، أي: هو اللفظة أي: عقرى حلقى، ومرَّ الحديث في الحج (¬1). 94 - بَابُ مَا جَاءَ فِي زَعَمُوا (باب ما جاء في: زعموا) الزعم بالضم والفتح قريبًا من الظن، قاله ابن الأثير (¬2) والأصل فيه: أن يقال في الأمر الذي لا تعلم حقيقته، وفي المثل: زعموا مطية الكذب. وفي خبر أبي داود وغيره: "زعموا بئس الرجل" (¬3)، ومعناه: أن من أكثر الحديث بما يعلم صدقه لم يؤمن عليه الكذب فقد يستعمل في القول المحقق. 6158 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: "مَنْ هَذِهِ" فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَال: "مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ" فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1516) كتاب: الحج، باب: الحج على الرحل. (¬2) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 303. (¬3) "سنن أبي داود" (4972) كتاب: الأدب، باب: في قول الرجل زعموا. رواه البخاري في "الأدب المفرد" ص 266 (763). وابن المبارك في "الزهد" ص 127 (377). وأحمد 5/ 401. وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (866).

95 - باب ما جاء في قول الرجل ويلك

مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ، فُلانُ بْنُ هُبَيْرَةَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ" قَالتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَاكَ ضُحًى. [انظر: 280 - مسلم: 336 - فتح 10/ 551] (مرحبا بأم هانئ) أي: لقيت رحبًا وسعة. (زعم ابن أمي) أي: علي بن أبي طالب، وخصت الأم بالذكر مع أنه شقيقها؛ لاقتضاء مزيد الشفقة والرعاية، واستعملت (زعم) هنا في قول المحقق. (أنه قاتل رجلا) أي: أنه سيقتله. (فلان بن هبيرة) اسمه: الحارث بن هشام، أو عبد اللَّه بن أبي ربيعة، أو زهير بن أمية وذلك أي: ما ذكر من الغسل والصلاة وغيرهما. (ضحى) أي: وقته، ومرَّ الحديث في باب الصلاة، في الثوب الواحد ملتحفًا به (¬1). 95 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ وَيْلَكَ (باب: قول الرجل: ويلك) ويل كلمة عذاب كما مرَّ. 6159 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَال: "ارْكَبْهَا" قَال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَال: "ارْكَبْهَا" قَال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَال: "ارْكَبْهَا وَيْلَكَ". [انظر: 1690 - مسلم: 1323 - فتح 10/ 551] 6160 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَال لَهُ: "ارْكَبْهَا" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَال: "ارْكَبْهَا وَيْلَكَ" فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ. [انظر: 1689 - مسلم: 1322 - فتح 10/ 551] (همام) أي: ابن يحيى بن دينار. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (قال: اركبها ويلك) قاله له تأديبا؛ لمراجعته له مع عدم خفاء ¬

_ (¬1) سبق برقم (357) كتاب الصلاة، باب: الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به.

الحال عليه، أولم يرد بها الدعاء بل جرت على لسانه في المخاطبة كما مر في: "تربت يداك". 6161 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ مَعَهُ غُلامٌ لَهُ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، يَحْدُو، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ بِالقَوَارِيرِ". [انظر: 6149 - مسلم: 2323 - فتح 10/ 552] (حماد) أي: ابن زيد. ومر حديثه في باب: ما يجوز من الشعر والرجز (¬1). 6162 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "وَيْلَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ أَخِيكَ - ثَلاثًا - مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالةَ فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلانًا، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا، إِنْ كَانَ يَعْلَمُ". [انظر: 2662 - مسلم: 3000 - فتح 10/ 552] (وهيب) أي: ابن خالد. (عن خالد) أي: ابن مهران الحذاء. ومرَّ حديثه في الشهادات في باب: ما يكره من التمادح (¬2). 6163 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ ذَاتَ يَوْمٍ قِسْمًا، فَقَال ذُو الخُوَيْصِرَةِ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، قَال: "وَيْلَكَ، مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ" فَقَال عُمَرُ: ائْذَنْ لِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَال: "لَا، إِنَّ لَهُ أَصْحَابًا، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمُرُوقِ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (6149) كتاب: الأدب، باب: ما يجوز من الشعر والرجز. (¬2) سبق برقم (2662) كتاب: الشهادات، باب: إذا زكى رجل رجلا كفاه.

فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الفَرْثَ وَالدَّمَ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ" قَال أَبُو سَعِيدٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ قَاتَلَهُمْ، فَالْتُمِسَ فِي القَتْلَى فَأُتِيَ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3344 - مسلم: 1064 - فتح 10/ 552] (الوليد) أي: ابن مسلم. (عن الأوزاعي) هو عبد الرحمن. (والضحاك) أي: ابن شراحيل. (فلأضرب) بالنصب والجزم وكسر اللام. (كمروق السهم من الرمية) أي: من الصيد في إنه لا يعلق به شيء منه، لسرعة مروقه. (رصافة) بكسر الراء جمع رصف بفتحها: شيء يلوى على النصل يدخل في السم. (نضيه) بفتح النون وكسر المعجمة: ما بين النصل والريش. (فذذة) بضم القاف وفتح المعجمة الأولى: جمع قذة بتشديد المعجمة: وهي ريش السهم. (سبق) أي: السهم. (الفرث) أي: ما في الكرش. (والدم) فلم يظهر أثرهما فيه، كما أن هؤلاء لا يتعلقون بشيء من الإسلام. (على حين فرقة) بضم الفاء، أي: على زمان افتراق، وفي نسخة: "على خير فرقة" بكسر الفاء وإبدال (حين) بـ (خير) أي: على أفضل طائفة. (من الناس) هم على النسخة الثانية: علي بن أبي طالب، وأصحابه. (آيتهم) بالمد، أي: علامتهم. (رجل) هو: نافع، أو ذو الخويصرة. البضعة بفتح الموحدة: القطعة من اللحم. (تدردر) بفتح الفوقية وبمهملتين، وأصله: تتدردر فحذفت إحدى التاءين، أي: تتحرك. (فالتمس) بالبناء للمفعول، أي: طلب الرجل المذكور. (على النعت) أي: الوصف، ومرَّ الحديث في علامات النبوة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3610) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

6164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ، قَال: "وَيْحَكَ" قَال: وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، قَال: "أَعْتِقْ رَقَبَةً" قَال: مَا أَجِدُهَا، قَال: "فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ" قَال: لَا أَسْتَطِيعُ، قَال: "فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا" قَال: مَا أَجِدُ، فَأُتِيَ بِعَرَقٍ، فَقَال: "خُذْهُ فَتَصَدَّقْ بِهِ" فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعَلَى غَيْرِ أَهْلِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا بَيْنَ طُنُبَيْ المَدِينَةِ أَحْوَجُ مِنِّي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، قَال: "خُذْهُ" تَابَعَهُ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: "وَيْلَكَ". [انظر: 1936 - مسلم: 1111 - فتح 10/ 552] (أن رجلا) هو سلمة بن صخر، أو سلمان بن صخر، أو أعرابي. (ما بين طنبي المدينة) بضم الطاء والنون تثنية طنب بضمهما: وهو إحدى أطناب الخيمة. استعير للناحية فالمراد: ما بين ناحيتي المدينة. ومرَّ الحديث في الصيام (¬1). (تابعه) أي: الأوزاعي. 6165 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الهِجْرَةِ، فَقَال: "وَيْحَكَ، إِنَّ شَأْنَ الهِجْرَةِ شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ" قَال: نَعَمْ، قَال: "فَهَلْ تُؤَدِّي صَدَقَتَهَا" قَال: نَعَمْ، قَال: "فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ البِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا". [انظر: 1452 - مسلم: 1865 - فتح 10/ 553] (إن شأن الهجرة) أي: القيام بحقها (من وراء البحار) جمع بحرة: وهي القرية، سميت بذلك لاتساعها، والمعنى: فاعمل من وراء ¬

_ (¬1) سبق برقم (1936) كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان.

القرى والمدن. ومر الحديث في الزكاة والهجرة (¬1). 6166 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، سَمِعْتُ أَبِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَيْلَكُمْ أَوْ وَيْحَكُمْ - قَال شُعْبَةُ: شَكَّ هُوَ - لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ. وَقَال النَّضْرُ، عَنْ شُعْبَةَ: "وَيْحَكُمْ" وَقَال عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: "وَيْلَكُمْ، أَوْ وَيْحَكُمْ". [انظر: 1742 - مسلم: 66 - فتح 10/ 553] (شكَّ هو) أي: واقد بن محمد. هل قال: النبي (ويلكم أو يحكم). (لا ترجعوا بعدي كفارا) يعني: بتكفير الناس كفعل الخوارج. (يضرب بعضكم) بالرفع والجزم. ومرَّ الحديث في باب: حجة الوداع (¬2). (وقال النضر عن شعبة: ويحكم) أي: ولم يشك. 6167 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ قَائِمَةٌ؟ قَال: "وَيْلَكَ، وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا" قَال: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إلا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَال: "إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ" فَقُلْنَا: وَنَحْنُ كَذَلِكَ؟ قَال: "نَعَمْ" فَفَرِحْنَا يَوْمَئِذٍ فَرَحًا شَدِيدًا، فَمَرَّ غُلامٌ لِلْمُغِيرَةِ وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِي، فَقَال: "إِنْ أُخِّرَ هَذَا، فَلَنْ يُدْرِكَهُ الهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ" وَاخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3688 - مسلم: 2639، 2953 - فتح 10/ 553] (همام) أي: ابن يحيى. (متى الساعة قائمة؟) برفع قائمة على أنه خبر الساعة، وبنصبه على أنه حال منها. (ففرحنا) سبب فرحهم؛ أن كونهم مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) سبق برقم (1452) كتاب: الزكاة، باب: زكاة الإبل. و (3923) كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (4403) كتاب: المغازي، باب: حجة الوداع.

96 - باب علامة حب الله عز وجل

يدلُّ على أنهم من أهل الجنة. (فمرَّ غلام للمغيرة) هو محمد، أو سعيد، أو سعد السدوسي، وحمل ذلك على التعدد. (إن أخر هذا) أي: الغلام بأن لم يمت في صغره. (فلن يدركه) في نسخة: "فلم يدركه". (الهرم) وهو جواب (إن) ويجوز أن يكون معطوفا على مدخولها، وجوابها محذوف، أي: إن أخر هذا فلن يدركه الهرم قامت ساعته. (حتى تقوم الساعة) أي: ساعة الحاضرين عنده - صلى اللَّه عليه وسلم -. (واختصره) أي: اختصر الحديث. (شعبة عن قتادة) أشار بذلك إلى شيئين أولهما: أن شعبة اختصر من الحديث ما رواه قتادة فيه من قوله: (فقلنا ونحن كذلك) إلى آخره، والآخر: تصريح قتادة لسماعه من أنس بقوله: (سمعت أنسا) إلخ. 96 - بَابُ عَلامَةِ حُبِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِقَوْلِهِ {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]. (باب: علامة حب اللَّه عزَّ وجلَّ) في نسخة: "علامة الحب في اللَّه" يحتمل على الأول أن يكون المراد: محبة اللَّه للعبد، أو محبة العبد للَّه، وعلى الثاني: يرجع إلى الثانية إن حملت على حب العبد للَّه لا على المحبة بين العباد للَّه تعالى، ومعنى المحبة من اللَّه تعالى: إرادة الثواب، ومن العبد: إرادة الطاعة. 6168 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ". [6169 - مسلم: 2640 - فتح 10/ 557] (المرء مع من أحب) عام، والمراد: من أحب من المؤمنين أحدا منهم للَّه تعالى كان معه في الجنة بحسن نيته، لأنها الأصل والعمل تابع لها، أو من أحب اللَّه كان معه، أي: مع رسوله.

97 - باب قول الرجل للرجل اخسأ

6169 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ" تَابَعَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 6168 - مسلم: 2640 - فتح 10/ 557] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (جاء رجل) هو أبو ذر. (تابعه) أي: جرِير بن عبد الحميد. 6170 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قَال: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ" تَابَعَهُ أَبُو مُعَاويَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. [مسلم: 2641 - فتح 10/ 551] (سفيان) أي: الثوري. (تابعه) أي: سفيان الثوري. 6171 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "مَا أَعْدَدْتَ لَهَا" قَال: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاةٍ وَلَا صَوْمٍ وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَال: "أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ". [انظر: 3688 - مسلم: 2639 - فتح 10/ 557] (عبدان) لقب عبد اللَّه بن عثمان. 97 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ اخْسَأْ (باب: قول الرجل للرجل: اخسأ) هو في الأصل: زجر للكلب وإبعاد له، ثم استعمل في كل من قال، أو فعل ما لا ينبغي له ممَّا يسخط اللَّه تعالى.

6172 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ، سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ صَائِدٍ: "قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا، فَمَا هُوَ؟ " قَال: الدُّخُّ، قَال: "اخْسَأْ". [فتح 10/ 560] (أبوالوليد) هو هشام بن عبد الملك. (سلم) هو بفتح السين وسكون اللام: ابن زرير بفتح الزاي وبراءين بينهما ياء ساكنة. (أبو رجاء) هو عمران بن ملحان. (لابن صائد) في نسخة: "لابن صياد". (قد خبأت لك خبيئًا) في نسخة: "خبأ" أي: أضمرت لك، وكان - صلى اللَّه عليه وسلم - قد أضمر له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}. (قال: الدخ) أراد أن يقول الدخان فلم يستطع أن يتمها على عادة كالكهان من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم الجن. 6173 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ: انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ فِي أُطُمِ بَنِي مَغَالةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَال: "أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ" فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ، ثُمَّ قَال ابْنُ صَيَّادٍ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَرَضَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَال: "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ" ثُمَّ قَال لِابْنِ صَيَّادٍ: "مَاذَا تَرَى" قَال: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ" قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا" قَال: هُوَ الدُّخُّ، قَال: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" قَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَأْذَنُ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ يَكُنْ هُوَ لَا تُسَلَّطُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ". [انظر: 1354 - مسلم: 2930 - فتح 10/ 560] (في أطم) بضم الهمزة والطاء، أي: حصن. (بني مغالة) بفتح الميم والمعجمة: قبيلة من الأنصار.

(فرضَّهُ) بتشديد المعجمة، أي: دفعه، وفي نسخة: "فرصَّه" بتشديد المهملة، أي: قبض عليه بثوبه وضم بعضه إلى بعضٍ، قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (فلن تعدو قدرك) بقوقية ونصب (قدرك) أي: لا تتجاوزه، وبتحتية ورفع (قدرك) أي: لا يبلغ قدرك أن تطالع بالغيب من قبل الوحي المخصوص بالأنبياء ولا من قِبل الإلهام. 6174 - قَال سَالِمٌ: فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِيُّ، يَؤُمَّانِ النَّخْلَ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ، أَوْ زَمْزَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: أَيْ صَافِ - وَهُوَ اسْمُهُ - هَذَا مُحَمَّدٌ، فَتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ". [انظر: 1355 - مسلم: 2931 - فتح 10/ 561] (يؤُمَّان) أي يقصدان. (يَخْتِلُ) أي: يطلب مستغفلًا له ليسمع شيئًا من كلامه الذي يقوله في خلوته؛ ليظهر للصحابة حاله في أنه كاهنٌ. 6175 - قَال سَالِمٌ: قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّال، فَقَال: "إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "خَسَأْتُ الكَلْبَ: بَعَّدْتُهُ {خَاسِئِينَ} [البقرة: 65]: مُبْعَدِينَ". [انظر: 3057 - مسلم: 169 (سيأتي بعد حديث 2931) - فتح 10/ 561] (إلَّا وقد أنذر قومه) في نسخة: "إلا وقد أنذره قومه". ومرَّ حديث ابن صيَّاد في الجهاد وغيره.

98 - باب قول الرجل: مرحبا

98 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَرْحَبًا وَقَالتْ عَائِشَةُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ: "مَرْحَبًا بِابْنَتِي" وَقَالتْ أُمُّ هَانِئٍ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ". [انظر: 357] (باب: قول الرجل مرحبًا) في نسخة: "باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: مرحبًا" أي: لقيت رَحْبًا وسعة كما مرَّ. 6176 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَرْحَبًا بِالوَفْدِ، الَّذِينَ جَاءُوا غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مُضَرُ، وَإِنَّا لَا نَصِلُ إِلَيْكَ إلا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نَدْخُلُ بِهِ الجَنَّةَ، وَنَدْعُو بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، فَقَال: "أَرْبَعٌ وَأَرْبَعٌ: أَقِيمُوا الصَّلاةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ. وَلَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالمُزَفَّتِ". [انظر: 53 - مسلم: 17 - فتح 10/ 562] (غير خزايا) جمع خزيان: وهو المفتضح، أو الذليل، أو المستحي. (ولا ندامى) جمع ندمان بمعنى: نادم. (بأمرٍ فصل) بين بالحق والباطل. (وأعطوا خمس ما غنمتم) ذكره؛ لكونهم كانوا أصحاب غنائم؛ لأنه لم يكن فرض، أو لعلمه أنه لا يستطيعونه (في الدباء) بتشديد الموحدة والمد: اليقطين، وحكي فيه القصر وهو جمع دباءة، ومرَّ الحديث في كتاب: الإيمان. 99 - بَابُ مَا يُدْعَى النَّاسُ بِآبَائِهِمْ (باب: ما يدعى الناس بآبائهم) أي: بأسمائهم و (ما) مصدرية. 6177 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

100 - باب لا يقل: خبثت نفسي

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ الغَادِرَ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانِ بْنِ فُلانٍ". [انظر: 3188 - مسلم: 1735 - فتح 10/ 563] 6178 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ الغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانِ بْنِ فُلانٍ". [انظر: 3188 - مسلم: 1735 - فتح 10/ 563] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن عبيد اللَّه) أي: العمري. (إن الغادر) أي: ناقض العهد. (يرفع له لواء) أي: ينصب له عَلم؛ ليعرف به. (يوم القيامة) كما كان يفعل ذلك له في الجاهلية أيام المواسم؛ ليعرف فيجتنب. (هذه غدرة فلان ابن فلان) دعاه بأبيه؛ موافقة لخبر أبي داود: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم واسماء آبائكم فأحسنوا أسمائكم" وإن كان منقطعًا، وفي ذلك رد على من قال: إنه لا يدعى الناس يوم القيامة إلَّا بأمهاتكم تسترًا على آبائهم، أو ذاك إن فِي "الصَّحِيحِ" محمولٌ على غير الغادرين. 100 - بَابُ لَا يَقُلْ: خَبُثَتْ نَفْسِي (باب: لا يقل) أي: أحدكم (خبثت نفسي) بضم الموحدة. 6179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي". [مسلم: 2250 - فتح 10/ 563] (سفيان) أي: ابن عيينة. (لقست نفسي) بفتح اللام وكسر القاف بمعنى: خبثت لكنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه الاسم الحسن ويتفاءل به، ويكره الاسم القبيح ويغيره، والنهي في الحديث محمول على الأدب.

101 - باب لا تسبوا الدهر

6180 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي" تَابَعَهُ عُقَيْلٌ. [مسلم: 2251 - فتح 10/ 563] (عبدان) هو لقب عبد اللَّه بن عثمان. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (تابعه) أي: يونس. 101 - باب لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ. (باب: لا تسبوا الدهر) رواه مسلم بهذا اللفظ، وزاد "فإن اللَّه هو الدهر" أي: خالقه، أو مدبره، أو مصرفه. 6181 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَال اللَّهُ: يَسُبُّ بَنُو آدَمَ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ". [انظر: 4826 - مسلم: 2246 - فتح 10/ 564] (يسب بنو آدم الدهر) بأن يقول: يا خيبة الدهر، أو نحوه، نهاهم عن ذلك؛ لأنهم يزعمون أن الدهر هو المؤثر في هلاك الأنفس. (وأنا الدَّهر) أي: خالقه، أو مدبره، أو مصرفه كما مرَّ. 6182 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تُسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ، وَلَا تَقُولُوا: خَيْبَةَ الدَّهْرِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ". [انظر: 4826، 6183 - مسلم: 2246، 2247 - فتح 10/ 564] (لا تسموا العنب الكرم) أي: لأنه متخذ منه الخمر فكره تسميته به؛ لأن فيه تقريرًا لما كانوا يتوهمونه من تكرم شاربها. (ولا تقولوا خيبة الدهر) في نسخة: "يا خيبة الدهر" قيل: هو دعاء على الدهر بالخيبة ونصب على الندبة كأنه فقد الدهر لما يصدر عنه مما يكره فندبه تفجعًا عليه، أو متوجعًا منه.

102 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الكرم قلب المؤمن"

102 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ" وَقَدْ قَال: "إِنَّمَا المُفْلِسُ الَّذِي يُفْلِسُ يَوْمَ القِيَامَةِ" كَقَوْلِهِ: "إِنَّمَا الصُّرَعَةُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ" كَقَوْلِهِ: "لَا مُلْكَ إلا لِلَّهِ" فَوَصَفَهُ بِانْتِهَاءِ المُلْكِ، ثُمَّ ذَكَرَ المُلُوكَ أَيْضًا فَقَال: {إِنَّ المُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} [النمل: 34]. (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: إنما الكرم قلب المؤمن) الكرم بسكون الراء وفتحها مصدر يوصف به المفرد والمذكر وضدهما، يقال: رجل كرم وامرأة كرم وهكذا بمعنى: كريم وصف به للمبالغة كعدل، والحصر ادعائي لا حقيقي؛ إذ المعنى: الأحمق باسم الكرم قلب المؤمن؛ لأن غيره لا يسمى به وكذا القول في الحصر في قوله: (إنما المفلس الذي يفلس يوم القيامة) وفي قوله: (إنما الصُرعة الذي يملك نفسه عند الغضب) وفي قوله: (لا مُلك إلا للَّه) سواء قرئ بضم الميم وسكون اللام كما في قوله: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] أم بالفتح كما في قوله تعالى: ({إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا}) إذ الملوك جمع ملك بالفتح والكسر. 6183 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيَقُولُونَ الكَرْمُ، إِنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ". [انظر: 6182 - مسلم: 2247 - فتح 10/ 566] (سفيان) أي: ابن عيينة. (وتقولون) عطف على محذوف، أي: لا تقولون الكرم قلب المؤمن، وتقولون (الكرم) هو مبتدإِ خبر محذوف أي: شجر العنب. (إنما الكرم قلب المؤمن) أي: لما فيه من نور الإيمان وتقوى الإسلام.

103 - باب قول الرجل: فداك أبي وأمي

103 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي فِيهِ الزُّبَيْرُ [عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -]. [انظر: 3720] (باب: قول الرجل: فداك) بفتح الفاء والقصر، وبالكسر والمد (أبي وأمي) أي: أنت مفدي بهما. 6184 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَدِّي أَحَدًا غَيْرَ سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "ارْمِ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي" أَظُنُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ. [انظر: 2905 - مسلم: 2411 - فتح 10/ 568] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (يُفدِّي) بضم التحتية وفتح الفاء وتشديد المهملة، وبالفتح والسكون والتخفيف. (غير سعد) أي: ابن أبي وقاص. (أظنه) أي: صدور ذلك (يوم أحد) أي: يوم غزوته، ومرَّ الحديث في الجهاد والمغازي. 104 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ وَقَال أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا". [انظر: 3904] (باب: قول الرجل) أي: لغيره. (جعلني اللَّه فداءك) مرَّ ضبطه آنفًا. 6185 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةُ، مُرْدِفُهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَصُرِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمَرْأَةُ، وَأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ - قَال: أَحْسِبُ - اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَال: "لَا، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ" فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَصَدَ قَصْدَهَا، فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا، فَقَامَتِ المَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ المَدِينَةِ - أَوْ قَال: أَشْرَفُوا عَلَى

105 - باب أحب الأسماء إلى الله عز وجل

المَدِينَةِ - قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ" فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ. [انظر: 371 - مسلم: 1345 - فتح 10/ 569] (فُصرع) أي: سقط. (أحسب) أي: النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (اقتحم) أي: رمى نفسه من غير روية، أي: تفكر في رميه. (عليك بالمرأة) أي: احفظها. (بظهر المدينة) أي: بظاهرها، ومرَّ الحديث في الجهاد. 105 - بَابُ أَحَبِّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (باب أحب الأسماء إلا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ) أي: بيانه. 6186 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلامٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقُلْنَا: لَا نَكْنِيكَ أَبَا القَاسِمِ وَلَا كَرَامَةَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ". [انظر: 3114 - مسلم: 2133 - فتح 10/ 570] (لا نكنيك) بفتح النون وسكون الكاف. 106 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي" قَالهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2120] (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي) أي: بأبي القاسم، واختلف في حكم ذلك، فقيل: لا يجوز التكني به مطلقًا، وقيل: يجوز مطلقًا، وقيل: يمتنع لمن اسمه محمد أن يجمع بينه وبين التكني، وبذلك قيل: إن ذلك كان في زمنه، وبالجملة فالغرض من النهي: التوقير والإجلال. 6187 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلامٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقَالُوا: لَا نَكْنِيهِ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي". [انظر: 3114 - مسلم: 2133 - فتح 10/ 571]

107 - باب اسم الحزن

(خالد) أي: ابن عبد اللَّه الطحان. (حصين) بالتصغير، أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (عن سالم) أي: ابن أبي الجعد. (لا نكنيه) بفتح النون. (ولا تكتنوا) بسكون الكاف وضم النون وبفوقية بينهما، وفي نسخة: "ولا تكنوا" بفتح الكاف وتشديد النون المفتوحة، ومرَّ الحديث في الخمس. 6188 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ: قَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي". [انظر: 110 - مسلم: 2134 - فتح 10/ 571] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أيوب) أي: السختياني. 6189 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ المُنْكَدِرِ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلامٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقَالُوا: لَا نَكْنِيكَ بِأَبِي القَاسِمِ وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال: "أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ". [انظر: 3114 - مسلم: 2133 - فتح 10/ 571] (سفيان) أي: ابن عيينة. (ابن المنكدر) هو محمد. (ولا ننعمك عينًا) أي: لا نقر عينك بذلك. (إسم ابنك) بهمزة قطع وبالسين، وفي نسخة: (سم ابنك) بحذف الهمزة. 107 - باب اسْم الحَزْنِ. (اسم الحزن) بفتح المهملة وسكون الزاي، أي: باب ذكر من اسمه الحزن. 6190 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَا اسْمُكَ" قَال: حَزْنٌ، قَال: "أَنْتَ سَهْلٌ" قَال: لَا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي قَال ابْنُ المُسَيِّبِ: "فَمَا زَالتِ الحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ".

108 - باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمَحْمُودٌ هُوَ ابْنُ غَيْلانَ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، بِهَذَا. [6193 - فتح 10/ 574] (عبد الرزاق) أي: ابن همام اليماني. (معمر) أي: ابن راشد. (أن أباه) اسمه: حزن بن أبي وهب. (فما زالت الحزونة) [..] (¬1) (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. 108 - بَابُ تَحْويلِ الاسْمِ إِلَى اسْمٍ أَحْسَنَ مِنْهُ (باب: تحويل الاسم إلى اسم احسن منه) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6191 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَال: أُتِيَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ، فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ، وَأَبُو أُسَيْدٍ جَالِسٌ، فَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَمَرَ أَبُو أُسَيْدٍ بِابْنِهِ، فَاحْتُمِلَ مِنْ فَخِذِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفَاقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَيْنَ الصَّبِيُّ" فَقَال أَبُو أُسَيْدٍ: قَلَبْنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "مَا اسْمُهُ" قَال: فُلانٌ، قَال: "وَلَكِنْ أَسْمِهِ المُنْذِرَ" فَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ المُنْذِرَ. [مسلم: 2149 - فتح 10/ 575] (أبو غسان) هو محمد بن مطرف. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار الأعرج. (عن سهل) أي: ابن سعد الساعدي. (فلها النبي) بكسر الهاء أشهر من فتحها، أي: اشتغل (قلبناه) أي. رددناه إلى المنزل (قال: فلان) لم يعرف بعينه (قال) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. ليس هذا اسم يليق به (ولكن اسمه المنذر) في نسخة: لكن بحذف الواو. ¬

_ (¬1) بياض بالأصل.

109 - باب من سمى بأسماء الأنبياء

6192 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ، فَقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ". [مسلم: 2141 - فتح 10/ 575] (أن زينب) هي بنت جحش أم المؤمنين. (فقيل: تزكي نفسها) أي: لأن لفظ: (برة) مشتق من البر. 6193 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، قَال: جَلَسْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، فَحَدَّثَنِي: أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَا اسْمُكَ" قَال: اسْمِي حَزْنٌ، قَال: "بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ" قَال: مَا أَنَا بِمُغَيِّرٍ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي قَال ابْنُ المُسَيِّبِ: "فَمَا زَالتْ فِينَا الحُزُونَةُ بَعْدُ". [انظر: 6190 - فتح 10/ 575] (أن جده) فيه انقطاع؛ لإسقاط أبيه المذكور فيما مرَّ في الباب قبله. 109 - بَابُ مَنْ سَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ وَقَال أَنَسٌ: "قَبَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ، يَعْنِي ابْنَهُ". [انظر: 1303] (باب: من سمى ابنه أو غيره بأسماء الأنبياء) أي: اسم منها. 6194 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: قُلْتُ لِابْنِ أَبِي أَوْفَى: رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "مَاتَ صَغِيرًا، وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ عَاشَ ابْنُهُ، وَلَكِنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ". [فتح 10/ 577] (ابن نمير) هو محمد بن عبد اللَّه بن نمير. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (ولو قضي) أي: قدر. 6195 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ، قَال: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الجَنَّةِ". [انظر: 1382 - فتح 10/ 577]

(إن له مرضعا في الجنة). مرَّ في الجنائز (¬1). 6196 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ" وَرَوَاهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3114 - مسلم: 2133 - فتح 10/ 577] (سموا باسمي) إلخ. مرَّ آنفًا. 6197 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، وَمَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". [انظر: 110 - مسلم: 3، 2134 - 2266 فتح 10/ 577] (أبو حصين) بفتح الحاء، وكسر الصاد، هو عثمان بن عاصم الأسدي. (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان. (من رآني في المنام فقد رآني) قيل: فيه اتحاد الشرط والجزاء، فيدل التناهي في المبالغة، أي: من رآني في منامه فقد رأى حقيقتي، وقيل: الجزاء محذوف، أي: فليستبشر فإنه قد رآني وبالجملة لمعنى (رآني) رأى مثالي كما يشير إليه قوله: (فإن الشيطان لا يتمثل صورتي) أي: بها، وفي نسخة: "في صورتي". ومرَّ الحديث في العلم (¬2). 6198 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: وُلِدَ لِي غُلامٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ"، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (1382) كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المسلمين. (¬2) سبق برقم (110) كتاب: العلم، باب: إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -.

110 - باب تسمية الوليد

مُوسَى. [انظر: 5467 - مسلم: 2145 - فتح 10/ 578] (قال ولد لي غلام) إلخ مرَّ في العقيقة (¬1). 6199 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاقَةَ، سَمِعْتُ المُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، قَال: "انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ. [انظر: 1043 - مسلم: 915 - فتح 10/ 578] رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (أبوالوليد) هو هشام بن عبد الملك. ومرَّ الحديث في الكسوف (¬2). 110 - باب تَسْمِيَةِ الوَلِيدِ. (باب: تسمية الولد) أي: بيان التسمية به. 6200 - أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: لَمَّا رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَال: "اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ". [انظر: 804 - مسلم: 675 - فتح 10/ 580] (والمستضعفين) من عطف العام على الخاص. (وطأتك) أي: بأسك. (على مضر) أي: كفارها. (اللهم اجعلها) أي: الوطأة، أو السنين (كسني يوسف) أي: مثلها في القحط، وغاية الجهد. ومرَّ الحديث في الصلاة (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5467) كتاب: العقيقة، باب: تسمية المولود. (¬2) سبق برقم (1043) كتاب: الكسوف، باب: الصلاة في كسوف الشمس. (¬3) سبق برقم (797) كتاب: الأذان.

111 - باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفا

111 - بَابُ مَنْ دَعَا صَاحِبَهُ فَنَقَصَ مِنَ اسْمِهِ حَرْفًا وَقَال أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا هِرٍّ". [انظر: 5375] (باب: من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا) أي: من آخره على جهة التعظيم أو الترخيم، والمراد بالحرف: الجنس فيشمل ما فوق الواحد وإن غيرت صورته، كما في ترخيم أبي هريرة بأبي هر. 6201 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ" قُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، قَالتْ: وَهُوَ يَرَى مَا لَا نَرَى. [انظر: 3217 - مسلم 2474 - فتح 10/ 581] (أبو حازم) هو سلمان الأشجعي. (وهو يرى ما لا نرى) بنون، وفي نسخة: "ما لا أرى" والرؤية أمر يخلقه اللَّه في الرائي، فإن خلقها فيه رأى، وإلا فلا. ومرَّ الحديث في المناقب (¬1). 6202 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ فِي الثَّقَلِ، وَأَنْجَشَةُ غُلامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسُوقُ بِهِنَّ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَنْجَشُ، رُوَيْدَكَ سَوْقَكَ بِالقَوَارِيرِ". [انظر: 6149 - مسلم: 2323 - فتح 10/ 581] (وهيب) أي: ابن خالد. (في الثقل) بفتح المثلثة والقاف: متاع المسافر. (يسوق بهن) أي: ¬

_ (¬1) سبق برقم (3768) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضل عائشة رضي اللَّه عنها.

112 - باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل

بالنساء. ومرَّ الحديث في باب: ما يجوز من الشعر (¬1). 112 - بَابُ الكُنْيَةِ لِلصَّبِيِّ وَقَبْلَ أَنْ يُولَدَ لِلرَّجُلِ (باب: الكنية للصبي، وقبل) في نسخة: بحذف الواو. (أن يولد للرجل) فعلى نسخة حذف الواو الترجمة واحدة، وعلى نسخة ثبوتها الترجمة شيئان، بمعنى أنها جزءان، إن جعلت الواو عاطفة، وواحدة إن جعلت حالية، والرجل اسم للصبي، إذ هو رجل في مقابلة المرأة، ثم لا يخفى أن الواو إذا حذفت أو كانت للحال لا تحتاج إلى الشيء الثاني اكتفاء بذكر الصبي. 6203 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قَال: أَحْسِبُهُ - فَطِيمًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَال: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ" نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ، فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاةَ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا. [انظر: 6129 - مسلم: 659، 2150، 2310 - فتح 10/ 582] (عن أبي التياح) هو: يزيد بن حميد. (أبو عمير) هو عبد اللَّه. (قال: أحسبه) أي: أظنه. (فطيم) أي: مفطوم، وهو صفة لأخ لي، وما بينهما اعتراض، ومطابقة الحديث للجزء الأول من الترجمة على جعلها جزأين ظاهرة، وللثاني بالقياس عليه بطريق الأولى. 113 - بَابُ التَّكَنِّي بِأَبِي تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ كُنْيَةٌ أُخْرَى (باب: التكني بأبي تراب، وإن كانت له كنية أخرى) أي: بيان ذلك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6149) كتاب: الأدب، باب: ما يجوز من الشعر والرجز والحداد وما يكره منه.

114 - باب أبغض الأسماء إلى الله

6204 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: إِنْ كَانَتْ أَحَبَّ أَسْمَاءِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَيْهِ لَأَبُو تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ أَنْ يُدْعَى بِهَا، وَمَا سَمَّاهُ أَبُو تُرَابٍ إلا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَاضَبَ يَوْمًا فَاطِمَةَ فَخَرَجَ، فَاضْطَجَعَ إِلَى الجِدَارِ إِلَى المَسْجِدِ، فَجَاءَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْبَعُهُ، فَقَال: هُوَ ذَا مُضْطَجِعٌ فِي الجِدَارِ، فَجَاءَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَامْتَلَأَ ظَهْرُهُ تُرَابًا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ وَيَقُولُ: "اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ". [انظر: 441 - مسلم: 2409 - فتح 10/ 587] (سليمان) أي: ابن بلال. (أبو حازم) هو سلمة ابن دينار. (إن كانت أحب أسماء علي -رضي اللَّه عنه- إليه لأبو تراب) إن مخففة من الثقيلة، وأحب بالنصب اسمها و (لأبو تراب) خبرها و (كانت) زائدة، وأنثها باعتبار الأسماء أو الكنية، وفي ذلك إطلاق الاسم على الكنية. (وإن كان) إن مخففة من الثقيلة. (وما سماه أبو تراب) برفع (أبو) على الحكاية وفي نسخة: بالنصب بسماه. وفي الحديث: كرم خلق النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - حيث توجه نحو علي؛ ليترضاه ومسح التراب عن ظهره ليبسطه وداعبه بالكنية المذكورة، ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته مع رفيع منزلتها عنده. وفيه: استحباب الرفق بالأصهار وترك معاتبتهم؛ إبقاء لمودتهم، وجواز تكنية الشخص بأكثر من كنية، فإن عليا كان كنيته أبا الحسن. 114 - بَابُ أَبْغَضِ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ (باب: أبغض الأسماء إلى اللَّه) أي: بيانه. 6205 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاكِ". [6206 - مسلم: 2143 - فتح 10/ 588]

(أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (أبو الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (أخنى) بالهمز، أي: أفحش من الخنى بالفتح والقصر: وهو الفحش، وفي نسخة: "أخنع" بمهملة في آخره، أي: أذل وأوضع (ملك) بكسر لامه (الأملاك) جمع ملك بكسر لامه وفتحها وسكونها. 6206 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، - رِوَايَةً - قَال: "أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ" - وَقَال سُفْيَانُ: غَيْرَ مَرَّةٍ -: "أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاكِ". [انظر: 6205 - مسلم: 2143 - فتح 10/ 588] قَال سُفْيَانُ: يَقُولُ غَيْرُهُ: تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شَاهْ. [انظر: 6205 - مسلم: 2143 - فتح 10/ 588] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (رواه) أي: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ونصبه على التمييز. (بقول غيره) أي: غير أبي الزناد. (تفسيره) أي: تفسير ملك الأملاك بالفارسية. (شاهان شاه) بهاء ساكنة في الأخير. ويؤخذ من الحديث تحريم التسمي بهذا الاسم ومثله نحو أحكم الحاكمين، وسلطان السلاطين، وليس من ذلك قاضي القضاة ولا أقضى القضاة، وإن كان القضاء بمعنى الحكم إذ لا يلزم من كراهة ذكر أحد المترادفين كراهة ذكر الآخر، كما أنه لا يلزم من كراهة قول الإنسان خبثت نفسي كراهة لقست نفسي وإن كانا مترادفين، كما مرَّ لكن عيب تسمية نائب القاضي أقضى القضاة، وتسمية منيبه قاضي القضاة؛ لأن أقضى أبلغ من قاضي.

115 - باب كنية المشرك

115 - بَابُ كُنْيَةِ المُشْرِكِ وَقَال مِسْوَرٌ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إلا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ". [انظر: 5230] (باب: كنية المشرك) أي: بيان حكم تكنيته (المسور) بكسر الميم، أي: ابن مخرمة. (سمعت النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول) أي: لما استأذنه بنو هاشم بن المغيرة أن ينكحوا عليا ابنتهم (لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب) أي: أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم. ومطابقته للترجمة في ذكره أبا طالب المشرك بكنيته، وكان اسمه عبد مناف. 6207 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأُسَامَةُ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي حَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَا حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي المَجْلِسِ أَخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ، وَفِي المُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ ابْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ وَقَال: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَال لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا المَرْءُ، لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ، فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْ سَعْدُ،

أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَال أَبُو حُبَابٍ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قَال كَذَا وَكَذَا" فَقَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ البَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَال اللَّهُ تَعَالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ} [آل عمران: 186] الآيَةَ. وَقَال: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ} [البقرة: 109] فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ فِي العَفْو عَنْهُمْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهَا مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ، فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مَنْصُورِينَ غَانِمِينَ، مَعَهُمْ أُسَارَى مِنْ صَنَادِيدِ الكُفَّارِ، وَسَادَةِ قُرَيْشٍ، قَال ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ، فَبَايِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلامِ، فَأَسْلَمُوا. [انظر: 2987 - مسلم: 1798 - فتح 10/ 591] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عن الزهري) هو محمد بن مسلم. (حدثنا) في نسخة: "وحدثنا". (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (عليه قطيفة) في نسخة: "على قطيفة" أي: كساء. (فسارا) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسامة. (ابن سلول) بالرفع صفة لعبد اللَّه. (أخلاط) أي: أنواع. (واليهود) عطف على (عبدة) أو على (المشركين). (وفي المسلمين) في نسخة: "وفي المجلس". (عجاجة الدابة) أي: غبارها. (خمر) بتشديد الميم أي: غطى. (لا تغبروا علينا) بتشديد الموحدة، أي: لا تثيروا علينا الغبار. (لا أحسن) أفعل تفضيل، وهو اسم (لا)

وخبرها محذوف، أي: لا أحسن من القرآن شيء (إن كان حقا) جواب (إن) ما قبلها، أو ما دلَّ عليه، أو قوله: (فلا تؤذنا) (يتساورون) أي: يتواثبون. (يخفضهم) أي: يسكنهم. (أي رسول اللَّه) في نسخة: "برسول اللَّه" (هذه البحرة) بفتح الموحدة، وسكون المهملة، أي: البلدة وهي المدينة النبوية. وفي نسخة: "البحيرة" بالتصغير. (ويعصبوه بالعصابة) أي: بعصابة الملك (شرف بذلك) أي: غص به (يتأول) من التأول، والتأويل تفسير ما يؤول إليه الشيء. (حتى أذن له فيه) أي: بقتالهم (صناديد) جمع صنديد وهو السيد الشجاع. (قد توجه) أي: أقبل على التمام. (فبايعوا) بكسر التحتية. (فاسلموا) بفتح اللام، وفي نسخة: بكسرها. ومرَّ الحديث في تفسير سورة آل عمران (¬1). 6208 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَال: "نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، لَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ". [انظر: 3883 - مسلم: 209 - فتح 10/ 592] (أبو عوانة) هو الوضاح ابن عبد اللَّه اليشكري. (يحوطك) بضم المهملة وسكون الواو أي: يحفظك ويرعاك. (في ضحضاح من نار) أي: في موضع قريب القعر، خفيف العذاب. (في الدرك الأسفل من النار) أي: في الطبقة التي في قعر جهنم، ولها سبع دركات. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3213) كتاب: التفسير، باب: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}.

116 - باب: المعاريض مندوحة عن الكذب

116 - بَابٌ: المَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الكَذِبِ وَقَال إِسْحَاقُ: سَمِعْتُ أَنَسًا: مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ، فَقَال: كَيْفَ الغُلامُ؟ قَالتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هَدَأَ نَفَسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ. وَظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ. [انظر: 1301] (باب: المعاريض) جمع معراض من التعريض، وهو خلاف التصريح. (مندوحة) أي: متسعة. (عن الكذب) يقال: انتدح فلان بكذا إذا اتسع به. (إسحاق) أي: ابن عبد اللَّه بن أبي طلحة. (هدأ) بالهمز. (نفسه) بفتح النون والفاء، أي: سكن وانقطع بالموت، وفي نسخة: "هدأت نفسه" بتاء التأنيث، وبسكون الفاء. ومطابقة الحديث للترجمة: في ذلك وفي قولها: (وأرجو أن يكون قد استراح) أي: من وجعه في الظاهر، ومن بلاء الدنيا، وألم أمراضها في الحقيقة. 6209 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَحَدَا الحَادِي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْفُقْ يَا أَنْجَشَةُ، وَيْحَكَ بِالقَوَارِيرِ". [انظر: 6149 - مسلم: 2323 - فتح 10/ 593] (فحدى الحادي) هو أنجشة الحبشي. (ويحك بالقوارير) أي: بالنساء، وهو من المعاريض وإن سمي مجازا. 6210 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَأَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ غُلامٌ يَحْدُو بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ سَوْقَكَ بِالقَوَارِيرِ" قَال أَبُو قِلابَةَ: يَعْنِي النِّسَاءَ. [انظر: 6149 - مسلم: 2323 - فتح 10/ 593] (حماد) أي: ابن زيد.

117 - باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء، وهو ينوي أنه ليس بحق

6211 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَال: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، لَا تَكْسِرِ القَوَارِيرَ" قَال قَتَادَةُ: يَعْنِي ضَعَفَةَ النِّسَاءِ. [انظر: 6149 - مسلم: 2323 - فتح 10/ 594] (إسحاق) قيل: لعله ابن منصور. (حبان) بفتح المهملة والموحدة، أي: ابن هلال الباهلي. (يحيى) أي: ابن القطان. 6212 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ، فَقَال: "مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا". [انظر: 2627 - مسلم: 2307 - فتح 10/ 594] (ما رأينا من شيء) أي: يقتضي فزعًا. ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1). 117 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلشَّيْءِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهُوَ يَنْوي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ (باب: قول الرجل للشيء: ليس بشيء، وهو ينوي أنه ليس بحق) أي: والحالة أنه ينوي ذلك. (قال للقبرين) أي: في حق صاحبيهما. (يعذبان بلا كبير) نفي. (وإنه لكبير) إثبات فكأنه قال لشيء: ليس بشيء. 6213 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ، يَقُولُ: قَالتْ عَائِشَةُ: سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسُوا بِشَيْءٍ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ، يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2820) كتاب: الجهاد والسير، باب: الشجاعة في الحرب والجبن.

118 - باب رفع البصر إلى السماء

أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ". [انظر: 3210 - مسلم: 2228 - فتح 10/ 595] (يخطفها) بفتح الطاء، أشهر من كسرها. (قر الدجاجة) بتثليث الدال المهملة. وفي نسخة: "الزجاجة" بزاي بدل الدال. ومرَّ الحديث في الطب في باب: الكهانة (¬1). 118 - بَابُ رَفْعِ البَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [الغاشية: 18] وَقَال أَيُّوبُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. [انظر: 4451] (باب: رفع البصر إلى السماء) أي: بيان جوازه. (وقوله تعالى) إلى آخره، عطف على (رفع البصر). 6214 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الوَحْيُ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ، قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ". [انظر: 4 - مسلم: 161 - فتح 10/ 595] (ابن بكير) هو يحيى. (ثم فتر عني الوحي) أي: احتبس. (فبينما) في نسخة: "فبينا". ومرَّ الحديث في بدء الوحي (¬2). 6215 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5762) كتاب: الطب، باب: الكهانة. (¬2) سبق برقم (4) كتاب: بدء الوحي.

119 - باب نكت العود في الماء والطين

كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، أَوْ بَعْضُهُ، قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَرَأَ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]. [انظر: 117 - مسلم 7634 - فتح 10/ 596] (شريك) أي: ابن عبد اللَّه بن أبي نمر. (عن كريب) أي: ابن أبي مسلم. (فنظر إلى السماء) فيه وفيما قبله ردٌّ على من قال: لا ينبغي النظر إلى السماء. ومرَّ الحديث في الوتر (¬1). 119 - بَابُ نَكْتِ العُودِ فِي المَاءِ وَالطِّينِ (باب: نكت العود في الماء والطين) بفتح النون، وبفوقية، أي: ضربه فيهما. 6216 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ، وَفِي يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ المَاءِ وَالطِّينِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "افْتَحْ [لَهُ] وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" فَذَهَبْتُ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَال: "افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" فَإِذَا عُمَرُ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَال: "افْتَحْ [لَهُ] وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ، أَوْ تَكُونُ" فَذَهَبْتُ فَإِذَا عُثْمَانُ، فَقُمْتُ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَال، قَال: اللَّهُ المُسْتَعَانُ. [انظر: 3674 - مسلم: 2403 - فتح 10/ 597] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (أبو عثمان) هو عبد الرحمن بن مل. ¬

_ (¬1) سبق برقم (992) كتاب: الوتر، باب: ما جاء في الوتر.

120 - باب الرجل ينكت الشيء بيده في الأرض

(في حائط) أي: بستان. (يستفتح) أي: يطلب أن يفتح له الباب. ومرَّ الحديث في المناقب (¬1). وفيه: علم من أعلام النبوة حيث وقع ما أشار إليه - صلى اللَّه عليه وسلم -. 120 - بَابُ الرَّجُلِ يَنْكُتُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ فِي الأَرْضِ (باب: الرجل ينكت الشيء بيده في الأرض) أي: بيان ذلك. 6217 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ الأَرْضَ بِعُودٍ، فَقَال: "لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا وَقَدْ فُرِغَ مِنْ مَقْعَدِهِ مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ" فَقَالُوا: أَفَلا نَتَّكِلُ؟ قَال: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} الآيَةَ [الليل: 5] [انظر: 1362 - مسلم: 2647 - فتح 10/ 597] (عن سليمان) أي: الأعمش، لا التيمي كما وقع لبعضهم. (ومنصور) أي: ابن المعتمر. (فجعل ينكت الأرض بعود) هذا الفعل يقع غالبا ممن يتفكر في شيء يريد استحضار معانيه. (ميسر) أي: لما خلق له. (أفلا نتكل؟) أي: نعتمد. ومرَّ الحديث في الجنائز (¬2). 121 - بَابُ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ (باب: التكبير والتسبيح عند التعجب) أي: ببان استحبابها. 6218 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الحَارِثِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (3663) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب. (¬2) سبق برقم (1362) كتاب: الجنائز، باب: موعظة المحدث عند القبر، وقعود أصحابه حوله.

أُنْزِلَ مِنَ الخَزَائِنِ، وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الفِتَنِ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجَرِ - يُرِيدُ بِهِ أَزْوَاجَهُ حَتَّى يُصَلِّينَ - رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ فِي الآخِرَةِ". [انظر: 115 - فتح 10/ 598] وَقَال ابْنُ أَبِي ثَوْرٍ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، قَال: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَال: "لَا" قُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. (أبواليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (من الخزائن) أي: خزائن الرحمة. (من الفتن) أي: العذاب، عبَّر عنه بها؛ لأنها أسبابه. (ابن أبي ثور) هو عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن أبي ثور. 6219 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي المَسْجِدِ، فِي العَشْرِ الغَوَابِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً مِنَ العِشَاءِ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ مَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ المَسْجِدِ، الَّذِي عِنْدَ مَسْكَنِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ بِهِمَا رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَفَذَا، فَقَال لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ" قَالا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا مَا قَال: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا". [انظر: 2035 - مسلم: 2175 - فتح 10/ 598] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (الغوابر) أي: البواقي. (نفذا) بمعجمة، أي: مضيا. (على رسلكما) أي: هينتكما. ومرَّ الحديث في الاعتكاف، وفي الخمس، وفي صفة إبليس (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2035) كتاب: الاعتكاف، باب: هل يخرج المعتكف؛ لحوائجه إلى باب المسجد، و (3101) كتاب: فرض الخمس، باب: ما جاء في =

122 - باب النهي عن الخذف

122 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الخَذْفِ (باب: النهي عن الخذف) بفتح الخاء، وسكون الذال المعجمتين: رمي الحصى بالأصابع، وقال ابن بطال: هو الرمي بالسبابة والإبهام (¬1)، والمقصود: النهي عن أذى المسلمين. 6220 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ صُهْبَانَ الأَزْدِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ، قَال: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَذْفِ، وَقَال: "إِنَّهُ لَا يَقْتُلُ الصَّيْدَ، وَلَا يَنْكَأُ العَدُوَّ، وَإِنَّهُ يَفْقَأُ العَيْنَ، وَيَكْسِرُ السِّنَّ". [انظر: 4841 - مسلم: 1954 - فتح 10/ 591] (ولا ينكأ العدو) بفتح التحتية، والكاف، وبالهمز، أي: لا يقتله، وفي رواية: "يُنكي" (¬2) بكسر الكاف وترك الهمز، ومعناه: المبالغة في الأذى. (يفقأ العين) أي: يقلعها. ومرَّ الحديث في الصيد وغيره (¬3). 123 - باب الحَمْدِ لِلْعَاطِسِ. (باب: الحمد للعاطس) أي: بيان مشروعيته، وحكمته: إنه في مقابلة نعمة جليلة، وهي دفع الأذى من الدماغ، إذ العطاس يدفع الأذى منه. 6221 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ ¬

_ = بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما نسب من البيوت إليهن، و (3281) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده. (¬1) "شرح ابن بطال" 9/ 364. (¬2) سبق برقم (5479) كتاب: الذبائح والصيد، باب: الخذف والبندقة. (¬3) سبق برقم (5479) كتاب: الذبائح والصيد، باب: الخذف والبندقة. و (4841) كتاب: التفسير، باب: قوله {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}.

124 - باب تشميت العاطس إذا حمد الله

مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: عَطَسَ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَال: "هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَهَذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ". [6225 - مسلم: 2991 - فتح 10/ 599] (سفيان) أي: الثوري. (سليمان) أي: ابن طرخان التيمي. (عطس رجلان) هما: عامر بن الطفيل، وابن أخيه، والذي حمد منهما هو ابن أخيه كما في الطبراني (¬1). (فشمت أحدهما) بمعجمة وبمهملة بدلها، أي: دعا له بالرحمة، وقيل: معناه بالمهملة. دعا له بالبركة، أو بأن يكون على سمت حسن. (وهذا لم يحمد اللَّه) لفظ: (اللَّه) ساقط من نسخة. 124 - بَابُ تَشْمِيتِ العَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ [فِيهِ أبُو هُرَيرَةَ] [انظر: 3289، 6224] (باب: تشميت العاطس إذا حمد اللَّه) أي: بيان مشروعية ذلك. (فيه أبو هريرة) ساقط من نسخة. 6222 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، قَال: سَمِعْتُ مُعَاويَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَرَدِّ السَّلامِ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ المُقْسِمِ. وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، أَوْ قَال: حَلْقَةِ الذَّهَبِ، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالسُّنْدُسِ، وَالمَيَاثِرِ". [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 10/ 603] (والسندس) هو ما رقَّ من الديباج. ومرَّ الحديث في الجنائز، والمظالم، وغيرهما (¬2). ¬

_ (¬1) الطبراني 6/ 125 (5724)، وذكره الهيثمي في: "المجمع" 8/ 58 وقال: وفيه عبد المهيمن بن عباس وهو ضعيف. (¬2) سبق برقم (1239) كتاب: الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز، و (2445) كتاب: المظالم، باب: نصر المظلوم.

125 - باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب

125 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ العُطَاسِ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّثَاؤُبِ (باب: ما يستحب من العطاس، وما يكره من التثاؤب) (ما) مصدرية، و (التثاؤب) بفوقية فمثلثة مهموزا: تنفس ينفتح منه الفم من الامتلاء، وثقل النفس، وكدورة الحواس. 6223 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ: فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا قَال: هَا، ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ". [انظر: 3289 - مسلم: 2994 - فتح 10/ 607] (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن. (إن اللَّه يحب العطاس) لأنه ينشأ من خفة البدن المقتضية للنشاط لفعل الطاعة. (ويكره التثاؤب) لأنه ينشأ من غلبة امتلاء البدن المقتضية للكسل والتقاعد عن العبادة. (ها) حكاية صوت المتثائب ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬1). 126 - بَابُ إِذَا عَطَسَ كَيْفَ يُشَمَّتُ؟ (باب: إذا عطس كيف يشمت؟) ببنائه للمفعول. 6224 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَال لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالكُمْ". [فتح 10/ 608] (أو صاحبه) شكٌّ من الراوي. (يرحمك اللَّه) مثله يرحمكم اللَّه، ورحمك اللَّه، ورحمكم اللَّه كما قاله النووي (¬2). (ويصلح بالكم) أي: حالكم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3289) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 18/ 120 - 121.

127 - باب لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله

127 - بَابُ لَا يُشَمَّتُ العَاطِسُ إِذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ (باب) ساقط من نسخة: (لا يشمت العاطس إذا لم يحمد اللَّه) (لا) نافية فيشمت مرفوع، أو ناهية فهو مجزوم، لكنه كسر؛ لالتقاء الساكنين. 6225 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: عَطَسَ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقَال الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَمَّتَّ هَذَا وَلَمْ تُشَمِّتْنِي، قَال: "إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَلَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ". [انظر: 6221 - مسلم: 2991 - فتح 10/ 610] (سليمان) أي: ابن طرخان. (فقال الرجل) هو: عامر بن الطفيل. (يا رسول اللَّه) قيل: عامر مات كافرا فكيف قال: (يا رسول اللَّه)؟ قال شيخنا: يحتمل أنه قالها غير معتقد، بل باعتبار ما يخاطبه المسلمون (¬1)، قلت: ويحتمل أنه كان حين قال ذلك مسلما، ثم ارتد ومات مرتدا. 128 - بَابُ إِذَا تَثَاءَبَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ (باب: إذا تثاوب فليضع يده على فمه) أي: ليستر ما انفتح منه. 6226 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ، كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ: فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ". [انظر: 3289 - مسلم: 2994 - فتح 10/ 611] (ضحك منه الشيطان) أي: حقيقة، وقيل: مجازا عن الرضا بالتثاؤب. ومرَّ الحديث في باب: ما يستحب من العطاس. ¬

_ (¬1) "الفتح" 10/ 602.

1 - باب بدء السلام

79 - كِتَابُ الاسْتِئْذَانِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). (كتاب الاستئذان) أي: طلب الإذن في الدخول على غيره 1 - بَابُ بَدْءِ السَّلامِ (باب: بدء السلام) بفتح الموحدة، وسكون المهملة، وبالهمز بمعنى: الابتداء. 6227 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَال: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ، النَّفَرِ مِنَ المَلائِكَةِ، جُلُوسٌ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَال: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ". (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (عن معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (على صورته) أي: صورة نفسه تامًّا مستويًا، وقيل: على صورة اللَّه، أي: على صفته من كونه حيا عالما سميعا بصيرا متكلما. (طوله ستون ذراعا) سكت عن عرضه، وقد ورد إنه كان سبعة أذرع (¬1). (فاستمع) في نسخة: "فاسمع". (ما يحيونك) من التحية، ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة كتاب: الجنة، باب: ما ذكر في الجنة وما فيها مما أعد لأهلها. وأحمد 2/ 295. والطبراني في "الصغير" 2/ 75 (808).

2 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون (27) فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم (28) ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون (29)} [النور: 27 - 29]

في نسخة: "ما يجيبونك" من الإجابة. (فإنها) أي: الكلمات (فلم يزل الخلق ينقص) أي: من طوله وجماله. (بعد) أي: بعد آدم. (حتى الآن) فإذا أدخلوا الجنة عادوا إلى ما كان عليه أبوهم من الحسن والجمال وطول القامة. ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬1). 2 - باب قَوْلِ اللَّه تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)} [النور: 27 - 29]. وَقَال سَعِيدُ بْنُ أَبِي الحَسَنِ، لِلْحَسَنِ: إِنَّ نِسَاءَ العَجَمِ يَكْشِفْنَ صُدُورَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ؟ قَال: "اصْرِفْ بَصَرَكَ عَنْهُنَّ"، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30] وَقَال قَتَادَةُ: "عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31] {خَائِنَةَ الأَعْيُنِ} [غافر: 19]: مِنَ النَّظَرِ إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ " وَقَال الزُّهْرِيُّ: فِي النَّظَرِ إِلَى الَّتِي لَمْ تَحِضْ مِنَ النِّسَاءِ: لَا يَصْلُحُ النَّظَرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُنَّ، مِمَّنْ يُشْتَهَى النَّظَرُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَكَرِهَ عَطَاءٌ، النَّظَرَ إِلَى الجَوَارِي الَّتِي يُبَعْنَ بِمَكَّةَ إلا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَشْتَرِيَ. (باب: قول اللَّه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3326) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته.

بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} أي: تستعملوا باستئذان أو بتنحنح، أو ذكر، والسنة للمستأذن أن لا يقف تلقاء الباب بوجهه بل يقف بجانبه للإتباع رواه أبو داود (¬1). ({ذَلِكُمْ}) أي: الاستئذان والتسليم ({خَيْرٌ لَكُمْ}) من الدخول بلا أذن، ومن تحية الجاهلية بقوله: جئتم صباحا وجئتم مساءا. (للحسن) أي: البصري. (من ينظر) لفظ: (من) ساقط من نسخة. (ما نهى عنه) بضم النون، وفي نسخة: "ما نهى اللَّه عنه". 6228 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ النَّحْرِ خَلْفَهُ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ، وَكَانَ الفَضْلُ رَجُلًا وَضِيئًا، فَوَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ يُفْتِيهِمْ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ تَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَفِقَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِذَقَنِ الفَضْلِ، فَعَدَلَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ، أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَويَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَال: "نَعَمْ". [انظر: 1513 - مسلم: 1334 - فتح 11/ 8] (من خثعم) قبيلة مشهورة. (فأخلف بيده) أي: مدها إلى خلفه. (فهل يقضي) أي: يجزي ومرَّ الحديث في الحج (¬2). 6229 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِيَّاكُمْ ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (5186) كتاب: الأدب، باب: كم مرة يسلم في الاستئذان؟. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود". وفي "الجامع الصغير" (4638). (¬2) سبق برقم (1513) كتاب: الحج، باب: وجوب الحج وفضله.

3 - باب السلام اسم من أسماء الله تعالى {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} [النساء: 86]

وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَال: "إِذْ أَبَيْتُمْ إلا المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ" قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ". [انظر: 2465 - مسلم: 2121 - فتح 11/ 8] (زهير) أي: ابن محمد التيمي. (بالطرقات) في نسخة: "في الطرقات". (إلا المجلس) بفتح الميم مصدر ميمي، أي: إلا الجلوس. ومرَّ الحديث في المظالم (¬1). 3 - باب السَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]. (باب: السلام اسم من أسماء اللَّه تعالى) كما في قوله تعالى: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ} [الحشر: 23] وفي "الأدب المفرد" للبخاري. "السلام من أسماء اللَّه وصفة اللَّه في الأرض فأفشوه بينكم (¬2) " ولا ينافي ذلك قول من قال: إنه مصدر نعت به والمعنى ذو السلامة من كل آفة. 6230 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: السَّلامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، السَّلامُ عَلَى جِبْرِيلَ، السَّلامُ عَلَى مِيكَائِيلَ، السَّلامُ عَلَى فُلانٍ وَفُلانٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلامُ، فَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّهُ إِذَا قَال ذَلِكَ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2465) كتاب: المظالم، باب: أفنية الدور، والجلوس فيها. (¬2) "الأدب المفرد" ص 374 (1039).

4 - باب تسليم القليل على الكثير

وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنَ الكَلامِ مَا شَاءَ". [انظر: 831 - مسلم: 402 - فتح 11/ 13] (فإنه إذا قال ذلك) إلى آخره اعتراض بين الصالحين وأشهد. ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 4 - بَابُ تَسْلِيمِ القَلِيلِ عَلَى الكَثِيرِ (باب تسليم القليل على الكثير) أي: بيان ما جاء فيه. 6231 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ، وَالمَارُّ عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ". [6232، 6233، 6234 - مسلم: 2160 - فتح 11/ 14] (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (معمر) أي: ابن راشد. (يسلم الصغير على الكبير) إلى آخره نظر فيه إلى جانب التواضع؛ لأن حق الكبير والقاعد والكثير أعظم. 5 - بَابُ تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ عَلَى المَاشِي (باب: تسليم الراكب) في نسخة: "يسلم الراكب على الماشي" أي: بيان ما جاء في ذلك. 6232 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ثَابِتًا، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ". [انظر: 6231 - مسلم: 2160 - فتح 11/ 15] (محمد) أي: ابن سلام. (مخلد) أي: ابن يزيد الحراني. (ابن ¬

_ (¬1) سبق برقم (831) كتاب: الأذان، باب: التشهد في الآخرة.

6 - باب تسليم الماشي على القاعد

جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (زياد) أي: ابن سعد الخراساني. (ثابتًا) أي: ابن عياض الأحنف. 6 - بَابُ تَسْلِيمِ المَاشِي عَلَى القَاعِدِ (باب: تسليم الماشي) في نسخة: "باب: يسلم الماشي على القاعد" أي: بيان ما جاء في ذلك. 6233 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ، أَنَّ ثَابِتًا، أَخْبَرَهُ وَهُوَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: "يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ". [انظر: 6231 - مسلم: 2160 - فتح 11/ 15] (زياد) أي: ابن سعد. (أن ثابتًا) أي: ابن عياض. 7 - بَابُ تَسْلِيمِ الصَّغِيرِ عَلَى الكَبِيرِ 6234 - وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ، وَالمَارُّ عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ". [انظر: 6231 - مسلم: 2160 - فتح 11/ 16] (باب: تسليم الصغير) في نسخة: "باب: يسلم الصغير على الكبير" أي: بيان ما جاء في ذلك. وأحاديث هذه الأبواب يغني بعضها على بعض. 8 - بَابُ إِفْشَاءِ السَّلامِ (باب) ساقط من نسخة: (إفشاء السلام) أَي: إظهاره بين الناس. 6235 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ،

9 - باب السلام للمعرفة وغير المعرفة

وَنَصْرِ الضَّعِيفِ، وَعَوْنِ المَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلامِ، وَإِبْرَارِ المُقْسِمِ. وَنَهَى عَنِ الشُّرْبِ فِي الفِضَّةِ، وَنَهَانَا عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ رُكُوبِ المَيَاثِرِ، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالقَسِّيِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ". [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 11/ 18] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. ومرَّ حديث الباب في الجنائز، واللباس وغيرهما (¬1). 9 - بَابُ السَّلامِ لِلْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِ المَعْرِفَةِ (باب: السلام للمعرفة وغير المعرفة) أي: على من يعرف، ومن لا يعرف، فاللام بمعنى: على كما في قوله: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: 107]. 6236 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي يَزِيدُ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلامِ خَيْرٌ؟ قَال: "تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَعَلَى مَنْ لَمْ تَعْرِفْ". [انظر: 12 - مسلم: 39 - فتح 11/ 21] (يزيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن أبي الخير) هو: مرثد بن عبد اللَّه اليزني. (أن رجلا) قيل: هو أبو ذر. (أي الإسلام) أي: أي خصاله. ومرَّ الحديث في كتاب الإيمان (¬2). 6237 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1239) كتاب: الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز. و (5849) كتاب: اللباس، باب: الميثرة والحمر. (¬2) سبق برقم (12) كتاب: الإيمان، باب: إطعام الطعام من الإسلام.

10 - باب آية الحجاب

فَوْقَ ثَلاثٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ " وَذَكَرَ سُفْيَانُ: أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. [انظر: 6077 - مسلم: 2560 - فتح 11/ 21] (سفيان) أي: ابن عيينة. ومرَّ الحديث في كتاب: الأدب في باب: الهجرة (¬1). 10 - باب آيَةِ الحِجَاب. (باب: آية الحجاب) أي: بيان نزولها في أمر نساء النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بالاحتجاب من الرجال. 6238 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ، مَقْدَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، فَخَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرًا حَيَاتَهُ، وَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، وَقَدْ كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عَنْهُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، "أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَرُوسًا، فَدَعَا القَوْمَ فَأَصَابُوا مِنَ الطَّعَامِ ثُمَّ خَرَجُوا، وَبَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطَالُوا المُكْثَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ كَيْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَشَيْتُ مَعَهُ، حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ، فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ لَمْ يَتَفَرَّقُوا، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَظَنَّ أَنْ قَدْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا، فَأُنْزِلَ آيَةُ الحِجَابِ، فَضَرَبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتْرًا". [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 11/ 22] (سليمان) أي: الجعفي. (يسألني عنه) أي: عن سبب نزوله. 6239 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسٍ ¬

_ (¬1) سبق برقم (6077) كتاب: الأدب، باب: الهجرة.

11 - باب: الاستئذان من أجل البصر

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ، دَخَلَ القَوْمُ فَطَعِمُوا، ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ مِنَ القَوْمِ وَقَعَدَ بَقِيَّةُ القَوْمِ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ لِيَدْخُلَ، فَإِذَا القَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقُوا، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَلْقَى الحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] الآيَةَ [قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "فِيهِ مِنَ الفِقْهِ: أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْذِنْهُمْ حِينَ قَامَ وَخَرَجَ، وَفِيهِ: أَنَّهُ تَهَيَّأَ لِلْقِيَامِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَقُومُوا] [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 11/ 22] (قال أبو عبد اللَّه) إلى آخره ساقط من نسخة. 6240 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْجُبْ نِسَاءَكَ، قَالتْ: فَلَمْ يَفْعَلْ، " وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجْنَ لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَويلَةً، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَهُوَ فِي المَجْلِسِ، فَقَال: عَرَفْتُكِ يَا سَوْدَةُ، حِرْصًا عَلَى أَنْ يُنْزَلَ الحِجَابُ " قَالتْ: "فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ الحِجَابِ". [انظر: 146 - مسلم: 2170 - فتح 11/ 23] (إسحاق) أي: ابن راهويه. (فأنزل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ آية الحجاب) لفظ: (آية) ساقط من نسخة. ومرَّت أحاديث الباب في سورة الأحزاب (¬1). 11 - بَابٌ: الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَرِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (باب: الاستئذان من أجل البصر) أي: بيان مشروعيته لأجل ذلك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4795) كتاب: التفسير، باب: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}.

12 - باب زنا الجوارح دون الفرج

6241 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: الزُّهْرِيُّ، - حَفِظْتُهُ كَمَا أَنَّكَ هَا هُنَا - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَال: "لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَرِ". [انظر: 5924 - مسلم: 2156 - فتح 11/ 24] 6242 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِشْقَصٍ، أَوْ: بِمَشَاقِصَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخْتِلُ الرَّجُلَ لِيَطْعُنَهُ". [6889، 6900 - مسلم: 2157 - فتح 11/ 24] (سفيان) أي: ابن عيينة. (كما أنك ها هنا) أي: حفظا ظاهرا، كالمحسوس بلا شك فيه. (اطلع رجل) هو: الحكم بن أبي العاص بن أمية. (من جحر) بضم الجيم، أي: ثقب. (مدرى) بكسر الميم مقصورا: حديدة يسرح بها الشعر. (أنك تنظر) أي: إليّ. ومرَّ الحديث في كتاب اللباس (¬1). 12 - بَابُ زِنَا الجَوَارِحِ دُونَ الفَرْجِ (باب: زنا الجوارح) أي: الأعضاء، كاللسان، والعين دون الفرج، أشار بذلك إلا أن الزنا لا يختص بالفرج، كما يعلم من الحديث. 6243 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمْ أَرَ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، ح حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (5924) كتاب: اللباس، باب: الامتشاط.

13 - باب التسليم والاستئذان ثلاثا

قَال: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَال أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ". [6612 - مسلم: 2657 - فتح 11/ 26] (الحميدي) هو عبد اللَّه بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبيه) هو كيسان. (باللمم) أي: ما يلم به الشخص من شهوات النفس، وقيل: هي صغائر الذنوب (وحدثني) في نسخة: "حدثني" بحذف الواو. (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن ابن طاوس) هو عبد اللَّه. (لا محالة) بفتح الميم، أي: لا حيلة في التخلص من إدراك ما كتب عليه، ولا بد منه. (فزنا العين) في نسخة: "فزنا العينين". (المنطق) أي: "النطق" كما في نسخة: (تتمنى) بحذف إحدى التاءين، وفي نسخة: (نتمنى) بإثباتها. (ويكذبه) في نسخة: "أو يكذبه" قال الكرماني: فإن قلت التصديق والتكذيب من صفات الإخبار فما معناهما هنا؟ قلت: لما كان التصديق هو الحكم بمطابقة الخبر للواقع، والتكذيب الحكم بعدمها فكأنه هو الموقع أو الرافع فهو تشبيه، أولما كان الإيقاع مستلزما للحكم بها عادة فهو كناية (¬1). 13 - بَابُ التَّسْلِيمِ وَالِاسْتِئْذَانِ ثَلاَثًا (باب: التسليم والاستئذان ثلاثا) أي: بيان ما جاء فيهما. 6244 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى، ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 22/ 84 - 85.

14 - باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن؟

حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلاثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاثًا". [انظر: 94 - فتح 11/ 26] (إسحاق) أي: ابن منصور. (أخبرنا) في نسخة: "حدثنا" (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. ومرَّ الحديث في كتاب العلم (¬1). 6245 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ، إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ، فَقَال: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ ثَلاثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ، فَقَال: مَا مَنَعَكَ؟ قُلْتُ: اسْتَأْذَنْتُ ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ، وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ" فَقَال: وَاللَّهِ لَتُقِيمَنَّ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ، أَمِنْكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَال أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: وَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إلا أَصْغَرُ القَوْمِ، فَكُنْتُ أَصْغَرَ القَوْمِ فَقُمْتُ مَعَهُ، فَأَخْبَرْتُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال ذَلِكَ وَقَال ابْنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ، بِهَذَا. [انظر: 2062 - مسلم: 2153 - فتح 11/ 26] (سفيان) أي: ابن عيينة. (مذعور) بذال معجمة، أي: مفزوع من ذعرته، أي: أفزعته (ليقيمن عليه) أي: على ما رويته. (بينة) فقال أبو موسى: (أمنكم) إلى آخره وفي الموطأ: أن عمر قال لأبي موسى. أما إني لا أتهمك، ولكني أردت أن لا يتجرأ الناس على الحديث عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - (¬2). 14 - بَابُ إِذَا دُعِيَ الرَّجُلُ فَجَاءَ هَلْ يَسْتَأْذِنُ؟ قَال سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "هُوَ إِذْنُهُ". (باب: إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن؟) جواب الاستفهام ¬

_ (¬1) سبق برقم (94) كتاب: العلم، باب: من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه. (¬2) "الموطأ" (2030) 2/ 141 - 142 كتاب: الجامع، باب: الاستئذان.

15 - باب التسليم على الصبيان

محذوف، أي: لا إن لم يطل العهد بين الدعاء والمجيء، وبه جمع بين حديثي الباب. (قال سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (هو) أي: الدعاء. (إذنه) أي: أذن له. 6246 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، أَخْبَرَنَا مُجَاهِدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَال: "أَبَا هِرٍّ، الحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ إِلَيَّ" قَال: فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا، فَأُذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا. [انظر: 5375 - فتح 11/ 31] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (وحدثنا) في نسخة: " ح وحدثنا". (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. 15 - بَابُ التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ (باب) ساقط من نسخة. (التسليم على الصبيان) أي: مشروعيته. 6247 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ" وَقَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ". [مسلم: 2168 - فتح 11/ 32] (عن سيَّار) هو أبوالحكم بن وردان الواسطي. ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة. 16 - بَابُ تَسْلِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ (باب: تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال) أي: مشروعيته لهما عند عدم الفتنة. 6248 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، قَال: "كُنَّا نَفْرَحُ يَوْمَ الجُمُعَةِ" قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَال: "كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ، تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ - قَال ابْنُ مَسْلَمَةَ: نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ - فَتَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ السِّلْقِ، فَتَطْرَحُهُ فِي قِدْرٍ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ

17 - باب إذا قال: من ذا؟ فقال: أنا

مِنْ شَعِيرٍ، فَإِذَا صَلَّيْنَا الجُمُعَةَ انْصَرَفْنَا، وَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَتُقَدِّمُهُ إِلَيْنَا، فَنَفْرَحُ مِنْ أَجْلِهِ، وَمَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إلا بَعْدَ الجُمُعَةِ. [انظر: 938 - مسلم: 859 - فتح 11/ 33] (بضاعة) بضم الموحدة، وحكي كسرها. (نخل) بالجر بدل من (بضاعة)، أو عطف بيان لها، وبالرفع خبر مبتدإِ محذوف، أي: هي (في قدر) في نسخة: "في القدر"، (وتكركر) أي: تطحن، ومرَّ الحديث في الجمعة، في باب: قول اللَّه تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ} (¬1). 6249 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلامَ" قَالتْ: قُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، تَرَى مَا لَا نَرَى، تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَابَعَهُ شُعَيْبٌ، وَقَال يُونُسُ، وَالنُّعْمَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَبَرَكَاتُهُ. [انظر: 3217 - مسلم: 2447 - فتح 11/ 33] (ابن مقاتل) هو محمد المروزي. (يقرأ) بفتح أوله. (ترى) خطاب للنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -كما يعرف مما بعده. (تابعه) أي: معمرا. 17 - بَابُ إِذَا قَال: مَنْ ذَا؟ فَقَال: أَنَا (باب) ساقط من نسخة. (إذا قال) أي: صاحب المنزل لمن علمه ببابه. (من ذا فقال: أنا) جواب (إذا) محذوف، أي: ما حكمه. 6250 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي، فَدَقَقْتُ البَابَ، فَقَال: "مَنْ ذَا" فَقُلْتُ: أَنَا، فَقَال: "أَنَا أَنَا" كَأَنَّهُ كَرِهَهَا. [انظر: 2127 - مسلم: 2155 - فتح 11/ 35] ¬

_ (¬1) سبق برقم (938) كتاب: الجمعة، باب: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ}.

18 - باب من رد فقال: عليك السلام

(فدققت) في نسخة: "فضربت" وفي أخرى: "فدفعت" (كأنه كرهها) أي: لفظة: (أنا) وإنما كرهها؛ لأنه لم يستفد بها علم من سأل عنه. 18 - بَابُ مَنْ رَدَّ فَقَال: عَلَيْكَ السَّلامُ وَقَالتْ عَائِشَةُ: "وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ". [انظر: 6249]. وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَدَّ المَلائِكَةُ عَلَى آدَمَ: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ". [انظر: 3217] (باب: من ردَّ) أي: على المسلم. (فقال: عليك السلام) بغير واو، وبالإفراد وتأخير السلام عن قوله: (عليك) أي: (باب) بيان إِجزاء ذلك. وإذا أجزأ مع حذف الواو كما في رواية فمع ثبوتها كما في أخرى أولى. 6251 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَعَلَيْكَ السَّلامُ، ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ، فَقَال: "وَعَلَيْكَ السَّلامُ، فَارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" فَقَال فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا: عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال: "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَويَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا" وَقَال أَبُو أُسَامَةَ، فِي الأَخِيرِ: "حَتَّى تَسْتَويَ قَائِمًا". [انظر: 757 - مسلم: 397 - فتح 11/ 36]

19 - باب إذا قال: فلان يقرئك السلام

6252 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا". [انظر: 757 - مسلم: 397 - فتح 11/ 36] (أن رجلا) هو خلاد بن رافع. (فصلى) أي: ركعتين، ومرَّ الحديث في كتاب: الصلاة (¬1). 19 - بَابُ إِذَا قَال: فُلانٌ يُقْرِئُكَ السَّلامَ (باب: إذ قال: فلان يقرئك السلام) بضم التحتية، وبالهمز أي: يبلغك إياه، وفي نسخة: "يقرأ عليك" بدل (يقرئك) وجواب (إذا) محذوف أي: يلزم المخاطب المكلف الرد. 6253 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، قَال: سَمِعْتُ عَامِرًا، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَهَا: "إِنَّ جِبْرِيلَ يُقْرِئُكِ السَّلامَ" قَالتْ: وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. [انظر: 3217 - مسلم: 2447 - فتح 11/ 38] (زكريا) أي: ابن أبي زائدة. (عامرًا) أي: الشعبي. (قالت: وللَّه) بواو، والرد واجب ولو بدونها، ويستحب أن يسلم على المخاطب، بأن يقول: وعليك وللَّه، ولما بلغ - صلى الله عليه وسلم - خديجة عن جبريل سلام اللَّه تعالى عليها قالت: إن اللَّه هو السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام رواه الطبراني (¬2)، وزاد النسائي في رواية: وعليك يا رسول اللَّه السلام ورحمة اللَّه وبركاته (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (757) كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم. (¬2) الطبراني 23/ 37 (93). (¬3) النسائي 7/ 69 كتاب: عشرة النساء، باب: حب الرجل بعض نسائه أكثر من بعض.

20 - باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين

20 - بَابُ التَّسْلِيمِ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ (باب: التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين) أي: بيان حكمه. 6254 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَال: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ حِمَارًا، عَلَيْهِ إِكَافٌ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ وَرَاءَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَهُوَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَال: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا المَرْءُ، لَا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَلَا تُؤْذِنَا فِي مَجَالِسِنَا، وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عَلَيْهِ، قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: اغْشَنَا فِي مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَتَوَاثَبُوا، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَال: "أَيْ سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا قَال أَبُو حُبَابٍ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قَال كَذَا وَكَذَا" قَال: اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاصْفَحْ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ الَّذِي أَعْطَاكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ البَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ، فَيُعَصِّبُونَهُ بِالعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2987 - مسلم: 1798 - فتح 11/ 38] (هشام) أي: ابن يوسف. (عن معمر) أي: ابن راشد. (فسلم عليهم) أي: قاصد المسلمين، ومرَّ الحديث في أواخر كتاب: الأدب (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6207) كتاب: الأدب، باب: كنية المشرك.

21 - باب من لم يسلم على من اقترف ذنبا، ولم يرد سلامه، حتى تتبين توبته، وإلى متى تتبين توبة العاصي؟

21 - بَابُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا، وَلَمْ يَرُدَّ سَلامَهُ، حَتَّى تَتَبَيَّنَ تَوْبَتُهُ، وَإِلَى مَتَى تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ العَاصِي؟ وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: "لَا تُسَلِّمُوا عَلَى شَرَبَةِ الخَمْرِ". (باب: من لم يسلم على من اقترف ذنبا) أي: اكتسبه. (ومن لم يرد سلامه حتى تتبين توبته، والا متى تتبين توبة العاصي؟) أي: بيان أحكام الثلاثة، والغرض من الثالث: ظهور صحة توبته من غير تقدير مدة معينة، نعم شرط لها معنا عام في محذور فعلي، وشهادة زور وقذف إيذاء كما هو مبين في كتب الفقه. (شربة الخمر) بفتح المعجمة والراء شارب، كفسقة وكذبة جمع فاسق، وكاذب. 6255 - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ: "يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلامِنَا، وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلامِ أَمْ لَا؟ حَتَّى كَمَلَتْ خَمْسُونَ لَيْلَةً، وَآذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى الفَجْرَ". [انظر: 2757 - مسلم: 2769 - فتح 11/ 40] (ابن بكير) هو يحيى. (وآذن) بمد الهمزة، وفتح المعجمة أي: أعلم، ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 22 - بَابٌ: كَيْفَ يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ السَّلاَمُ؟. (باب: كيف الرد على أهل الذمة السلام) أي: إذا سلموا عليه. 6256 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3951) كتاب: المغازي، باب: قصة بدر.

23 - باب من نظر في كتاب من يحذر على المسلمين ليستبين أمره

عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَقَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ". (السلام عليك) معنى: السام: الموت. (ففهمتها) أي: قالت عائشة: ففهمتها، أي: فهمت معناها، ومرَّ الحديث في كتاب: الأدب (¬1). 6257 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ اليَهُودُ، فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقُلْ: وَعَلَيْكَ". [6928 - مسلم: 2164 - فتح 11/ 42] (وعليك) بإثبات الواو، وذكره في استتابة المرتدين بحذفها، فكل منها جائز كما قاله النووي (¬2). قال: والإتيان أجود ولا مفسدة فيه، أي: من جهة التشريك؛ لأن السام الموت وهو علينا وعليهم. 6258 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ". [6926 - مسلم: 2163 - فتح 11/ 42] (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. 23 - بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ مَنْ يُحْذَرُ عَلَى المُسْلِمِينَ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ (باب: من نظر في كتاب من يحذر) بالبناء للمفعول أي: منه. (على المسلمين ليستبين أمره) بنصب (أمره) أي: ليعرف أمره ويرفعه ¬

_ (¬1) سبق برقم (6024) كتاب: الأدب، باب: الرفق في الأمر كله. (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 14/ 144 - 145.

أي: ليظهر أمره، والغرض: بيان جواز النظر فيما ذكر؛ ليعلم الحال. 6259 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَال: حَدَّثَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ وَأَبَا مَرْثَدٍ الغَنَويَّ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ، فَقَال: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ"، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ المُشْرِكِينَ، مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى المُشْرِكِينَ، قَال: فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهَا حَيْثُ قَال لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: قُلْنَا: أَيْنَ الكِتَابُ الَّذِي مَعَكِ؟ قَالتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَأَنَخْنَا بِهَا، فَابْتَغَيْنَا فِي رَحْلِهَا فَمَا وَجَدْنَا شَيْئًا، قَال صَاحِبَايَ: مَا نَرَى كِتَابًا، قَال: قُلْتُ: لَقَدْ عَلِمْتُ مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ، لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ، قَال: فَلَمَّا رَأَتِ الجِدَّ مِنِّي أَهْوَتْ بِيَدِهَا إِلَى حُجْزَتِهَا، وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ، فَأَخْرَجَتِ الكِتَابَ، قَال: فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا حَمَلَكَ يَا حَاطِبُ عَلَى مَا صَنَعْتَ" قَال: مَا بِي إلا أَنْ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا غَيَّرْتُ وَلَا بَدَّلْتُ، أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِي عِنْدَ القَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ هُنَاكَ إلا وَلَهُ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، قَال: "صَدَقَ، فَلَا تَقُولُوا لَهُ إلا خَيْرًا" قَال: فَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، قَال: فَقَال: "يَا عُمَرُ، وَمَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَال: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ " قَال: فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. [انظر: 3007 - مسلم: 2494 - فتح 11/ 46] (بهلول) بضم الموحدة. (ابن إدريس) هو عبد اللَّه الأزدي. ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1)، لكن مريم بدل قوله: (أبا مرثد المقداد) ولا منافاة لاحتمال اجتماعهما. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3007) كتاب: الجهاد والسير، باب: الجاسوس.

24 - باب: كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب؟

(خاخ) بعجمتين موضع بين مكة والمدينة (¬1). (امرأة) اسمها: سارة. (الجد) بكسر الجيم وتشديد المهملة. (حجزتها) بضم المهملة وإسكان الجيم: معقد إزارها، وحجزة السراويل التي فيها التكة. (فأخرجت الكتاب) أي: من حجزتها، ولا ينافي ذلك ما مرَّ في باب: الجاسوس من كتاب: الجهاد من أنها أخرجته من عقاصها، لاحتمال أنه كان في الحجزة فأخرجته وأخفته في العقاص، فأخرجته منه ثانيا، أو بالعكس. (خان اللَّه) إلخ قيل: كيف قال ذلك مع قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: (لا تقولوا له إلا خيرا). وأجيب: بأنه محمول على أنه لم يسمع ذلك، أو أنه قاله قبل قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - ذلك. (يد) أي: منة ونعمة. (فأضرب) بالفاء والنصب، وفي نسخة: بحذفها وبالجزم. (اعملوا ما شئتم) أي: من المداراة ونحوها مما لا إثم فيه. (فدمعت) بكسر الميم وفتحها، مرَّ الحديث مرارا. وفيه: هتك ستر المذنب، وكشف المرأة العاصية، والنظر في كتاب الغير إذا كان فيه مفسدة على المسلمين، فإنه حينئذ لا حرمة للكتاب ولا لصاحبه. 24 - بَابٌ: كَيْفَ يُكْتَبُ الكِتَابُ إِلَى أَهْلِ الكِتَابِ؟ (باب: كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب؟) هم اليهود والنصارى. ولفظ: (الكتاب) الأول ساقط من نسخة. 6260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تِجَارًا ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 335.

25 - باب: بمن يبدأ في الكتاب

بِالشَّأْمِ، فَأَتَوْهُ - فَذَكَرَ الحَدِيثَ - قَال: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُرِئَ، فَإِذَا فِيهِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، السَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ". [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح 11/ 47] (تجارا) بضم الفوقية، وتشديد الجيم، وبالكسر والتخفيف، ومرَّ حديث الباب أول الكتاب (¬1). 25 - بَابٌ: بِمَنْ يُبْدَأُ فِي الكِتَابِ (باب: بمن يبدأ في الكتاب) أي: هل يبدأ بالكاتب، أو بالمكتوب إليه، وكل سائغ، لكن جرت العادة في الرسائل بالابتداء بالكاتب. (سمع أبا هريرة) في نسخة: "عن أبي هريرة". 6261 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ"، وَقَال عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَجَرَ خَشَبَةً، فَجَعَلَ المَال فِي جَوْفِهَا، وَكَتَبَ إِلَيْهِ صَحِيفَةً: مِنْ فُلانٍ إِلَى فُلانٍ". [انظر: 1498 - فتح 11/ 48] (نجر) في نسخة: "نقر" بالقاف. 26 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ" (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: قوموا إلى سيدكم) أي: بيان مشروعية قيام القاعد للداخل احترمًا له. 6262 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، فَأَرْسَلَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (7) كتاب: بدء الوحي.

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ فَجَاءَ، فَقَال: "قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ أَوْ قَال: خَيْرِكُمْ " فَقَعَدَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "هَؤُلاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ" قَال: فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، فَقَال: "لَقَدْ حَكَمْتَ بِمَا حَكَمَ بِهِ المَلِكُ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَفْهَمَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي، عَنْ أَبِي الوَلِيدِ، مِنْ قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ: "إِلَى حُكْمِكَ" [انظر: 3043 - مسلم: 1768 - فتح 11/ 49] (أبو الوليد) هو هشام بن عبد الملك. (على حكم سعد) أي: ابن معاذ. ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1)، وفيه: إكرام أهل الفضل بالقيام لهم، وأما خبر أبي داود: عن أبي أمامة خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - متوكئًا على عصى فقمنا له فقال: "لا تقوموا كما يقوم الأعاجم بعضهم لبعض" (¬2) فضعيف، ولو صح حمل على ما إذا قاموا لمن لم يجب القيام له (بحكم الملك) بكسر اللام أي: اللَّه تعالى، وروي بفتحها أي: جبريل - عليه السلام -. (قال أبو عبد اللَّه) أي: البخاري. (أفهمني بعض أصحابي) قال شيخنا: يحتمل أن يكون هو محمد بن سعد كاتب الواقدي (¬3). (إلى حكمك) أي: بدل على حكمك، ومرَّ الحديث في الجهاد وفضل ابن سعد، والمغازي (¬4). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3043) كتاب: الجهاد والسير، باب: إذا نزل العدو على حكم رجل. (¬2) "سنن أبي داود" (5230) كتاب: الأدب، باب: في قيام الرجل للرجل. وضعفه الألباني في: "ضعيف أبي داود". (¬3) "الفتح" 11/ 49. (¬4) سبق برقم (3986) كتاب: المغازي.

27 - باب المصافحة

27 - بَابُ المُصَافَحَةِ وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: "عَلَّمَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ، وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ". [انظر: 6265] وَقَال كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: "دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْولُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي". [انظر: 4418] (باب: المصافحة) أي: بيان مشروعيتها. 6263 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَكَانَتِ المُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "نَعَمْ". [فتح 11/ 54] 6264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ، قَال: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ". [انظر: 3694 - فتح 11/ 54] (ابن وهب) هو عبد اللَّه. (حيوة) أي: شريح المصري. (وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب) به تحصل المطابقة؛ لأن الأخذ باليد تكون بالمصافحة غالبًا. 28 - بَابُ الأَخْذِ بِاليَدَيْنِ وَصَافَحَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ابْنَ المُبَارَكِ بِيَدَيْهِ. (باب: الأخذ باليدين) في نسخة "باليد". 6265 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَيْفٌ، قَال: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ أَبُو مَعْمَرٍ قَال: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ، التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ: "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا: السَّلامُ - يَعْنِي - عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 831 - مسلم: 402 - فتح 11/ 56]

29 - باب المعانقة، وقول الرجل كيف أصبحت؟

(سيف) أي: ابن أبي سليمان المخزومي. (بين ظهرانينا) أي: بيننا، وما عداه يزيد للتأكيد. (فلما قبض قلنا: السلام على النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي: تركوا بعد موته - صلى اللَّه عليه وسلم - الخطاب بالسلام، وذكروه بلفظ الغيبة، وقائل يعني: البخاري وفاعله المسلم، ولفظ: الباب، والترجمة، والأثر والحديث، ساقط من نسخة. 29 - بَابُ المُعَانَقَةِ، وَقَوْلِ الرَّجُلِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟. (باب: المعانقة) لم يذكر فيها حديثًا، بل ذكره في البيع، في معانقته - صلى اللَّه عليه وسلم - للحسن (¬1) فيحتمل أنه اكتفى هنا بذلك، أو أنه كما قيل: قصد أن يسوقه هنا فلم يستحضر له غير السند السابق، وليس من عادته غالبًا إعادة السند الواحد فأدركه الموت قبل أن يقع له ما يوافق ذلك، فصار ما ترجم له بالمعانقة، خاليا من الحديث، وعطف على المعانقة قوله: (وقول الرجل) أي: لغيره (كيف أصبحت؟). 6266 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيًّا يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَال النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا" فَأَخَذَ بِيَدِهِ العَبَّاسُ فَقَال: أَلا تَرَاهُ، أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ الثَّلاثِ عَبْدُ العَصَا، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيُتَوَفَّى فِي وَجَعِهِ، وَإِنِّي لَأَعْرِفُ فِي وُجُوهِ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ المَوْتَ، فَاذْهَبْ بِنَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2122) كتاب: البيوع، باب: ما ذكر في الأسواق.

30 - باب من أجاب بلبيك وسعديك

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَسْأَلَهُ: فِيمَنْ يَكُونُ الأَمْرُ، فَإِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا أَمَرْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا، قَال عَلِيٌّ: "وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَمْنَعُنَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ أَبَدًا، وَإِنِّي لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَدًا". [انظر: 4447 - فتح 11/ 57] (إسحاق) أي: ابن راهويه. (عنبسة) أي: ابن خالد الأيلي. (بارئا) من برأ بفتح الراء مهموزًا، علها لغة الحجازيين، أو من بري، بالكسر وترك الهمز، على لغة تميم. (ألا تراه) أي: ما يرى إلى الموت. (عبد العصا) أي: مأمورًا بسبب موته جم، وولاية غيره. (لأعرف في وجوه بني عبد المطلب الموت) أي: علامته. (فيمن يكون الأمر) أي: الخلافة بعده. (آمرناه) بمد الهمزة أي: شاورناه، وبقصرها وهو المشهور أي: طلبنا منه الوصية بنا. 30 - بَابُ مَنْ أَجَابَ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ (باب: من أجاب بلبيك وسعديك) أي: بيان ما جاء في ذلك، ومعنى لبيك، إجابة بعد إجابة بمعنى أنا مقيم على طاعتك، من لب فلان بالمكان، إذا أقام به، ومعنى سعديك: إسعاد بعد إسعاد، بمعنى: أنا متبع أمرك، وكل من لبيك وسعديك، من المصادر المنصوبة بفعل لا يظهر في الاستعمال. 6267 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مُعَاذٍ، قَال: أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "يَا مُعَاذُ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ قَال مِثْلَهُ ثَلاثًا: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ" قُلْتُ: لَا، قَال: "حَقُّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا" ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، فَقَال: "يَا مُعَاذُ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَال: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ: أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ " حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مُعَاذٍ، بِهَذَا. [انظر: 2856 - مسلم: 30 - فتح 11/ 60]

(همام) أي: ابن يحيى. (عن معاذ) أي: ابن جبل، ومرَّ حديثه في آخر اللباس (¬1). (هدبة) أي: ابن خالد. 6268 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا وَاللَّهِ أَبُو ذَرٍّ، بِالرَّبَذَةِ قَال: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرَّةِ المَدِينَةِ عِشَاءً، اسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فَقَال: "يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا لِي ذَهَبًا، يَأْتِي عَلَيَّ لَيْلَةٌ أَوْ ثَلاثٌ، عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إلا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إلا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا" وَأَرَانَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَال: "يَا أَبَا ذَرٍّ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "الأَكْثَرُونَ هُمُ الأَقَلُّونَ، إلا مَنْ قَال هَكَذَا وَهَكَذَا" ثُمَّ قَال لِي: "مَكَانَكَ لَا تَبْرَحْ يَا أَبَا ذَرٍّ حَتَّى أَرْجِعَ" فَانْطَلَقَ حَتَّى غَابَ عَنِّي، فَسَمِعْتُ صَوْتًا، فَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَبْرَحْ" فَمَكُثْتُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْتُ صَوْتًا، خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لَكَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَكَ فَقُمْتُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَاكَ جِبْرِيلُ، أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، قَال: "وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ" قُلْتُ لِزَيْدٍ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَقَال: أَشْهَدُ لَحَدَّثَنِيهِ أَبُو ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ. قَال الأَعْمَشُ، وَحَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، نَحْوَهُ، وَقَال أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الأَعْمَشِ: "يَمْكُثُ عِنْدِي فَوْقَ ثَلاثٍ". [انظر: 1237 - مسلم: 94 سيأتي بعد 991 - فتح 11/ 61] (بالربذة) بذال معجمة: موضع على ثلاث مراحل من المدينة (¬2)، وذكر (زيد) السم تأكيد أو مبالغة دفعًا لما قيل له: أن الراوي لهذا الحديث أبو الدرداء لا أبو ذر كما نبه عليه بعد. (استقبلنا أحد) بفتح ¬

_ (¬1) سبق برقم (5827) كتاب: اللباس، باب: الثياب البيض. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 3/ 24 - 25.

31 - باب: لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه

اللام. (أرصده) بفتح الهمزة، وضم الصاد، وبالضم والكسر وعليه اقتصر شيخنا (¬1). (الأكثرون) أي: مالًا. (هم الأقلون) أي: ثوابًا. (عرض لرسول اللَّه) بالبناء للمفعول أي: ظهر عليه أحد أو أصابته آفة. (بلغني أنه) أي: راوي الحديث. (أبو شهاب) هو عبد ربه الحناط بمهملتين (يمكث عندي فوق ثلاث) أي: بدل قوله: (تأتي على ليلة)، أو ثلاث ومرَّ الحديث في الاستقراض (¬2). 31 - بَابٌ: لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ 6269 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ". [انظر: 911 - مسلم: 2177 - فتح 11/ 62] (باب: لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه) هو لفظ الحديث، وهو خبر بمعنى: النهي، والمراد بالمجلس: المجلس المباح، ومرَّ حديث الباب في الجمعة (¬3). 32 - باب ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا}) [المجادلة: 11] الآيَةَ. (باب: {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا} أي: توسعوا. ({يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا}) الآية) ¬

_ (¬1) "الفتح" 11/ 61. (¬2) سبق برقم (2388) كتاب: الاستقراض، باب: أداء الديون. (¬3) سبق برقم (911) كتاب: الجمعة، باب: لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد في مكانه.

33 - باب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه، أو تهيأ للقيام ليقوم الناس

ساقط من نسخة، ومعنى انشزوا: قوموا إلى قتال عدو، أو صلاة، أو عمل خير. 6270 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ آخَرُ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ "يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسَ مَكَانَهُ". [انظر 911 - مسلم: 2177 - فتح 11/ 62] (سفيان) أي: الثوري. (ولكن تفسحوا وتوسعوا) العطف للتفسير وكل من الفعلين أمر، وإنما كان استدراكا من الخبر مع أنه أمر؛ لأن لفظ: قال مقدر بعد لكن. (وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلس ثم يجلس مكانه) بضم التحتية وفتح اللام، وفي نسخة: بفتح الياء وكسر اللام، وفي "الأدب المفرد": وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه (¬1)، وهذا منه تورع؛ لاحتمال أن يكون الذي قام لأجله استحى منه فقام من غير طيب قلب، ومن ثم كان يكره ما ذكره. 33 - بَابُ مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ أَوْ بَيْتِهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ أَصْحَابَهُ، أَوْ تَهَيَّأَ لِلْقِيَامِ لِيَقُومَ النَّاسُ (باب: من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه، أو تهيأ للقيام؛ ليقوم الناس) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6271 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِي، يَذْكُرُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ دَعَا النَّاسَ، طَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ" قَال: "فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا ¬

_ (¬1) "الأدب المفرد" ص 420 (1153) باب: إذا قام له رجل من مجلس لم يقعد فيه. والأثر صححه الألباني في "الصحيحة" (228).

34 - باب الاحتباء باليد، وهو القرفصاء

رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ وَبَقِيَ ثَلاثَةٌ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ لِيَدْخُلَ فَإِذَا القَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقُوا" قَال: "فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَرْخَى الحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ" وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53]- إِلَى قَوْلِهِ - {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: 53]. [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 11/ 64] (معتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان، ومرَّ حديث الباب في تفسير سورة الأحزاب، وفي غيره (¬1). 34 - بَابُ الاحْتِبَاءِ بِاليَدِ، وَهُوَ القُرْفُصَاءُ (باب: الاحتباء باليد) أي: باليدين بأن يجلس على إليتيه ويلصق فخذيه ببطنه ويدير يديه مثلًا على ساقيه ويمسك إحديهما بالأخرى. (وهو) في نسخة: "وهي". (القرفصاء) بالمد والقصر. 6272 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِنَاءِ الكَعْبَةِ، مُحْتَبِيًا بِيَدِهِ" هَكَذَا. [فتح 11/ 65] (محتبيا بيده هكذا) يعني بيديه، قيل: واضعا اليمنى على رسغ اليسرى. 35 - بَابُ مَنِ اتَّكَأَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ قَال خَبَّابٌ: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً، قُلْتُ: أَلا تَدْعُو اللَّهَ، فَقَعَدَ. [انظر: 3612] ¬

_ (¬1) سبق برقم (4791 - 4794) كتاب: التفسير، باب: قوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}. وبرقم (5154) كتاب: النكاح:، باب: الصفرة للمتزوج، وبرقم (1563) كتاب: النكاح، باب: الهدية للعروس.

36 - باب من أسرع في مشيه لحاجة أو قصد

(باب: من اتكأ بين يدي أصحابه) الاتكاء هنا بقرينة حديث الباب: الاضطجاع على الجنب، وفي حديث "لا آكل متكئًا" (¬1): الاستواء قاعدًا متمكنًا، قال ابن الأثير: المتكئ في العربية: كل من استوى قاعدًا على وطاء متمكنًا، والعامة لا تعرف المتكيء إلا من مال في قعوده معتمدًا على أحد شقية قال: ومعنى الحديث أي: حديث: "لا آكل متكئا" أي: إذا أكلت لم أقعد متكئًا فعل من يريد الاستنكار منه ولكن آكل بلْغة فيكون قعودي له مستوفزًا (¬2). (وقال خباب) أي: ابن الأرت الصحابي. (متوسد بردة) في نسخة: "متوسد ببردة". 6273 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ" قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ". [انظر: 2654 - مسلم: 87 - فتح 11/ 66] 6274 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، مِثْلَهُ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَال: "أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ" فَمَا زَال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. [انظر: 2654 - مسلم: 87 - فتح 11/ 66] (الجريري) هو سعيد بن إياس، ومرَّ الحديث في أول الأدب (¬3). 36 - بَابُ مَنْ أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ لِحَاجَةٍ أَوْ قَصْدٍ (باب: من أسرع في مشيه، لحاجة أو قصد) أي: أو لا من مقصود ولا حاجة إليه لدخوله في الحاجة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5398) كتاب: الأطعمة، باب: الأكل متكئا. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 193. (¬3) سبق برقم (5976) كتاب: الأدب، باب: عقوق الوالدين من الكبائر.

37 - باب السرير

6275 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الحَارِثِ، حَدَّثَهُ قَال: "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَصْرَ، فَأَسْرَعَ ثُمَّ دَخَلَ البَيْتَ". [انظر: 851 - فتح 11/ 67] (أبو عاصم) هو الضحاك النبيل، ومرَّ الحديث في كتاب الصلاة (¬1). 37 - باب السَّرِيرِ. (باب: السرير) أي: بيان حكم اتخاذه. 6276 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَسْطَ السَّرِيرِ، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، تَكُونُ لِي الحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَقُومَ فَأَسْتَقْبِلَهُ، فَأَنْسَلُّ انْسِلالًا". [انظر: 382 - مسلم: 512، 744 - فتح 11/ 67] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن أبي الضحى) هو سالم، ومرَّ الحديث في الصلاة (¬2). 38 - بَابُ مَنْ أُلْقِيَ لَهُ وسَادَةٌ (باب: من ألقى له وسادة) أي: مخدة؛ ليتكئ عليها. 6277 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو المَلِيحِ، قَال: دَخَلْتُ مَعَ أَبِيكَ زَيْدٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَحَدَّثَنَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وسَادَةً مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ وَصَارَتِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (851) كتاب: الأذان، باب: من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم. (¬2) سبق برقم (382) كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على الفراش.

الوسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَقَال لِي: "أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "خَمْسًا" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "سَبْعًا" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "تِسْعًا" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "إِحْدَى عَشْرَةَ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "لَا صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ، شَطْرَ الدَّهْرِ: صِيَامُ يَوْمٍ، وَإِفْطَارُ يَوْمٍ". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح 11/ 68] (إسحاق) أي: ابن شاهين الواسطي. (خالد) أي: الطحان. (عن خالد) أي: الحذاء. (أبوالمليح) هو عامر، وقيل: زيد الهذلي. (قلت: يا رسول اللَّه) أي: أطيق أكثر من ذلك، ومرَّ الحديث في الصوم (¬1). 6278 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ - أَنَّهُ قَدِمَ الشَّأْمَ - ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَال: ذَهَبَ عَلْقَمَةُ، إِلَى الشَّأْمِ، فَأَتَى المَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقَال: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي جَلِيسًا، فَقَعَدَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَال: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَال: مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ؟ قَال: "أَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي كَانَ لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ - يَعْنِي حُذَيْفَةَ - أَلَيْسَ فِيكُمْ - أَوْ كَانَ فِيكُمْ - الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِي عَمَّارًا - أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّوَاكِ وَالوسَادِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] قَال: وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى " فَقَال: مَا زَال هَؤُلاءِ حَتَّى كَادُوا يُشَكِّكُونِي، وَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3287 - مسلم: 824 - فتح 11/ 68] (يزيد) أي: ابن هارون الواسطي. (عن مغيرة) أي: ابن مقسم الضبي. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن علقمة) أي: ابن قيس النخعي. (ارزقني جليسا) أي: صالحًا كما في مناقب عمار. (إلى أبي الدرداء) هو عويمر. (صاحب السر) أي: سر النفاق. (الذي كان لا يعلمه غيره) ¬

_ (¬1) سبق برقم (1974) كتاب: الصوم، باب: حق الضيف في الصوم.

39 - باب القائلة بعد الجمعة

لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - عين له أسماء المنافقين ولم يطلع غيره عليها، ومرَّ الحديث في مناقب عمار (¬1). 39 - بَابُ القَائِلَةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ (باب: القائلة بعد الجمعة) القائلة القيلولة: وهي الاستراحة في وقت الهاجرة، والمراد: بيان الاستراحة بعد صلاة الجمعة. 6279 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: "كُنَّا نَقِيلُ وَنَتَغَدَّى بَعْدَ الجُمُعَةِ". [انظر: 938 - مسلم: 859 - فتح 11/ 69] (سفيان) أي: الثوري. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار، ومرَّ حديث الباب في كتاب: الجمعة (¬2). 40 - بَابُ القَائِلَةِ فِي المَسْجِدِ (باب: القائلة في المسجد) أي: بيانها. 6280 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: مَا كَانَ لِعَلِيٍّ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِي تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ بِهِ إِذَا دُعِيَ بِهَا، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ، فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي البَيْتِ، فَقَال: "أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ" فَقَالتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإِنْسَانٍ: "انْظُرْ أَيْنَ هُوَ" فَجَاءَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِي المَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ فَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: "قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ". [انظر: 441 - مسلم: 2409 - فتح 11/ 70] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3742) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمار وحذيفة رضي اللَّه عنهما. (¬2) سبق برقم (938) كتاب: الجمعة، باب: قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ}.

41 - باب من زار قوما فقال عندهم

(إذا دعي بها) أي: بالكنية، ومرَّ الحديث في آخر كتاب: الأدب (¬1). 41 - بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَقَال عِنْدَهُمْ (باب: من زار قوما فقال عندهم) أي: فقيل عندهم. 6281 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ كَانَتْ تَبْسُطُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِطَعًا، فَيَقِيلُ عِنْدَهَا عَلَى ذَلِكَ النِّطَعِ" قَال: "فَإِذَا نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَتْ مِنْ عَرَقِهِ وَشَعَرِهِ، فَجَمَعَتْهُ فِي قَارُورَةٍ، ثُمَّ جَمَعَتْهُ فِي سُكٍّ" قَال: فَلَمَّا حَضَرَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الوَفَاةُ، أَوْصَى إِلَيَّ أَنْ يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ، قَال: فَجُعِلَ فِي حَنُوطِهِ. [مسلم: 2331 - فتح 11/ 70] (أخذت) أي: شيئًا. (من عرقه وشعره) أي: بعد حلقه، فقد روى ابن سعد بسند صحيح عن أنس: أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لما حلق شعره بمن أخذ أبو طلحة شعره فأتى به أم سليم فجعلته في سكها (¬2) وقد بين ذلك بقوله: (فجمعته) أي: ما أخذته من العرق والشعر. (في قارورة ثم جمعته في سك) بضم المهملة وتشديد الكاف: طيب مركب. 6282، 6283 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءٍ، يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ، قَالتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَال: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ قَال: مِثْلَ المُلُوكِ عَلَى ¬

_ (¬1) سبق برقم (6204) كتاب: الأدب، باب: التكني بأبي تراب وإن كانت له كنية أخرى. (¬2) انظر: "طبقات ابن سعد" 8/ 428 - 429.

42 - باب الجلوس كيفما تيسر

الأَسِرَّةِ" - شَكَّ إِسْحَاقُ - قُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ: مِثْلَ المُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ " فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَال: "أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ" فَرَكِبَتِ البَحْرَ زَمَانَ مُعَاويَةَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْرِ، فَهَلَكَتْ. [انظر: 2788، 2789 - مسلم: 1912 - فتح 11/ 70] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (يضحك) أي: إعجابا وفرحا بما رأي. (ثبج هذا البحر) بفتح المثلثة والموحدة والجيم أي: هوله أو وسطه. (ملوكًا) بالنصب بنزع الخافض أي: مثل ملوكه، وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف (على الأسرة) أي: في الجنة، أو في الدنيا بمعنى: أنهم كملوك الدنيا على أسرته. (زمان معاوية) أي: في زمن إمارته لا زمن ولايته الكبرى. (فهلكت) أي: ماتت، ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1). 42 - بَابُ الجُلُوسِ كَيْفَمَا تَيَسَّرَ (باب) ساقط من نسخة. (الجلوس كيفما تيسر) ما زائدة. 6284 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَالاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِ الإِنْسَانِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَالمُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ. [انظر: 367 - مسلم: 1512 - فتح 11/ 79] تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 367 - مسلم: 1512 - فتح 10/ 79] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2788، 2789) كتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء.

43 - باب من ناجى بين يدي الناس، ومن لم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به

(سفيان) أي: ابن عيينة، ومرَّ حديث الباب في البيع (¬1). (تابعه) أي: سفيان. 43 - بَابُ مَنْ نَاجَى بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ، وَمَنْ لَمْ يُخْبِرْ بِسِرِّ صَاحِبِهِ، فَإِذَا مَاتَ أَخْبَرَ بِهِ (باب: من ناجى) أي: حدث غيره سرًّا. (بين يدي الناس) بزيادة (يدي) تأكيدًا. (ولم يخبر بسر صاحبه فإذا مات أخبر به) أي: غيره. 6285، 6286 - حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا فِرَاسٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيِنَ، قَالتْ: إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ جَمِيعًا، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ تَمْشِي، لَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَال: "مَرْحَبًا بِابْنَتِي" ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ، فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟ قَالتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِي، قَالتْ: أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي، قَالتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي: "أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أَرَى الأَجَلَ إلا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ" قَالتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، قَال: "يَا فَاطِمَةُ، أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ؟ ". [انظر: 3623، 3624 - مسلم: 2450 - فتح 11/ 79] (موسى) أي: ابن إسماعيل. (عن أبي عوانة) هو الوضاح. (يونس) ¬

_ (¬1) سبق برقم (2144) كتاب: البيوع، باب: بيع الملامسة.

44 - باب الاستلقاء

أي: ابن يحيى المكتب. (عن عامر) أي: ابن شراحيل. (عن مسروق) أي: ابن الأجدع. (لم تغادر) بضم الفوقية مبنيًّا للمفعول أي: لم تترك (ولا) لا زائدة والواو للحال (رحب) فسره بقوله: (وقال) إلى آخر ولو قال: فقال بالفاء كان أنسب. (عزمت) أي: أقسمت. (لما) بفتح اللام وتشديد الميم أي: إلا، ومرَّ الحديث في باب: كان جبريل يعرض القرآن على النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وفي باب: أجود ما كان النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - وفي غيرهما (¬1). 44 - بَابُ الاسْتِلْقَاءِ (باب: الاستلقاء) هو الاضطجاع على القفا. 6287 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ مُسْتَلْقِيًا، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى". [انظر: 475 - مسلم: 2100 - فتح 11/ 81] (سفيان) أي: ابن عيينة. (مستلقيا واضعا إحدى رجليه على الأخرى) فيه جواز ذلك فالنهي عنه في مسلم (¬2) محمول على أنه حيث يخشى أن تبدو به العورة مع أن الظاهر أن فعله ذلك كان في وقت الاستراحة لا عند مجتمع الناس؛ لشدة حيائه، ومرَّ الحديث في أبواب المساجد (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4998) كتاب: فضائل القرآن، باب: كان جبريل يعرض القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورقم (1902) كتاب: الصوم، باب: أجود ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون في رمضان. (¬2) انظر: "صحيح مسلم" (2099) كتاب: اللباس والزينة، باب: في منع الاستلقاء على الظهر. (¬3) سبق برقم (475) كتاب: الصلاة، باب: الاستلقاء في المسجد.

45 - باب لا يتناجى اثنان دون الثالث

45 - بَابُ لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. إِلَى قَوْلِهِ {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة: 9 - 10] وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المجادلة: 12 - 13]. (باب) ساقط من نسخة. (لا يتناجى اثنان دون الثالث) أي: إلا بإذنه. وقوله: ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا}) عطف على (لا يتناجى)، ({بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}) إلى آخره ساقط من نسخة. (وقوله) عطف على (لا يتناجى) أيضًا. ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ}) أي: إذا أردتم مناجاته. 6288 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، ح وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا كَانُوا ثَلاثَةٌ، فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ". [مسلم: 2183 - فتح 11/ 81] (إذا كانوا ثلاثة) بالرفع على لغة أكلوني البراغيث وجعل (كان) تامة، وبالنصب على أنه خبر كان. (فلا يتناجى اثنان دون الثالث) أي: لأنه ربما يتوهم أنهما يريدان به غائلة بخلاف تناجيهما بحضرة لا بأس به كما سيأتي. 46 - باب حِفْظِ السِّرِّ. (باب: حفظ السر) أي: لأنه أمانة وحفظها واجب. 6289 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ

47 - باب إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارة والمناجاة

أَبِي، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: "أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرًّا، فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ أَحَدًا بَعْدَهُ، وَلَقَدْ سَأَلَتْنِي أُمُّ سُلَيْمٍ فَمَا أَخْبَرْتُهَا بِهِ". [مسلم: 2482 - فتح 10/ 82] (فما أخبرت به أحدا بعده) قيل: كان هذا السر يختص بنساء النبي وإلا فلو كان من العلم ما وسع أنسًا كتمه. 47 - بَابُ إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةٍ فَلَا بَأْسَ بِالْمُسَارَّةِ وَالمُنَاجَاةِ (باب) ساقط من نسخة. (إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارة والمناجاة) أي: لعدم التوهم الحاصل فيما إذا كانوا ثلاثة، وعطف (المناجاة) على (المسارة) للتأكيد، وسوغ العطف مع اتحادهما اختلاف لفظيهما. 6290 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كُنْتُمْ ثَلاثَةً، فَلَا يَتَنَاجَى رَجُلانِ دُونَ الآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ، أَجْلَ أَنْ يُحْزِنَهُ". [مسلم: 2184 - فتح 11/ 82] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن أبي وائل) هو شقيق ابن سلمة. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (فلا تتناجى) بألف وفي نسخة: "فلا تتناج" بدونها. (حتى تختلطوا بالناس) بفوقية قبل الخاء. (أجل) بسكون الجيم وفتح اللام، أي: من أجل. (أن يحزنه) بضم التحتية وكسر الزاي من أحزن، وبفتح ثم ضم من حزن. 6291 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قِسْمَةً، فَقَال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، قُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لآتِيَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي مَلَإٍ فَسَارَرْتُهُ، فَغَضِبَ

48 - باب طول النجوى

حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ ثُمَّ قَال: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". [انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح 11/ 83] (عبدان) هو لقب عبد اللَّه بن عثمان. (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون. (عن الأعمش) هو سليمان. (عن شقيق) هو أبو وائل بن سلمة. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (قلت أما) بالتخفيف وفي نسخة: "قال ابن مسعود قلت: أما"، ومرَّ الحديث في أحاديث الأنبياء عليهم السلام (¬1). 48 - بَابُ طُولِ النَّجْوَى وَقَوْلُهُ: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [الإسراء: 47]: مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا، وَالمَعْنَى: يَتَنَاجَوْنَ. (باب) ساقط من نسخة (طول النجوى) وقوله: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (مصدر من ناجيت، فوصفهم والمعنى: يتناجون) بين بذلك أن نجوى مصدر كما في الآية الأولى، ويطلق على الاسم كما في الثانية، والذي يبقيها على المصدرية يضمر في الثانية فيقول: إذا هم ذو نجوى. 6292 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، وَرَجُلٌ يُنَاجِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا زَال يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى". [انظر: 642 - مسلم: 376 - فتح 11/ 85] (حدثنا محمد) في نسخة. (حدثني محمد). (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (أقيمت الصلاة) أي: صلاة العشاء. ومرَّ الحديث في كتاب الصلاة، في باب: الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3405) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: حديث الخضر. (¬2) سبق برقم (642) كتاب: الأذان، باب: الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة.

49 - باب: لا تترك النار في البيت عند النوم

49 - بَابٌ: لَا تُتْرَكُ النَّارُ فِي البَيْتِ عِنْدَ النَّوْمِ (باب: لا تترك النار في البيت عند النوم) ببناء تترك للمفعول. 6293 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ". [مسلم: 2015 - فتح 11/ 85] (حين تنامون) قيد به لحصول الغفلة، نعم إن أمن الضرر كالقناديل المعلقة فلا بأس. 6294 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ". [مسلم: 2016 - فتح 11/ 85] (عن أبي بردة) هو عامر، وقيل: الحارث. (يحدث) بالبناء للمفعول. (إنما هي عدو لكم) أي: من حيث أنها تؤذي أبدانكم وأموالكم كالعدو. 6295 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ كَثِيرٍ هُوَ ابْنُ شِنْظِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ، وَأَطْفِئُوا المَصَابِيحَ، فَإِنَّ الفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتِ الفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ البَيْتِ". [انظر: 3280 - مسلم: 2012 - فتح 11/ 85] (حماد) أي: ابن زيد. (عن كثير) أي: "ابن شنظير" كما في نسخة. (وأجيفوا الأبواب) أي: أغلقوها. ومرَّ الحديث في باب بدء الخلق (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3280) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

50 - باب إغلاق الأبواب بالليل

50 - بَابُ إِغْلاقِ الأَبْوَابِ بِاللَّيْلِ (باب إغلاق الأبواب بالليل) أي: بيان مشروعيته. 6296 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَطْفِئُوا المَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ - قَال هَمَّامٌ: وَأَحْسِبُهُ قَال - وَلَوْ بِعُودٍ يَعْرُضُهُ". [انظر: 3280 - مسلم: 2012 - فتح 11/ 87] (حسان بن أبي عباد) اسم أبي عباد حسان أيضًا. (همام) أي: ابن يحيى. (قال رسول اللَّه) في نسخة: "قال النبي. (وغلقوا) في نسخة: "وأغلقوا" ومرَّ الحديث في كتاب: الأشربة، في باب: تغطية الإناء (¬1). 51 - بَابُ الخِتَانِ بَعْدَ الكِبَرِ وَنَتْفِ الإِبْطِ (باب: الختان بعد الكبر ونتف الإبط) أي: بيان مشروعيتهما. 6297 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الفِطْرَةُ خَمْسٌ: الخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ". [انظر: 5889 - مسلم: 257 - فتح 11/ 88] (الفطرة) أي: خصالها. (خمس) إلخ كلها سنة إلا الختان فواجب عند الشافعية. ومرَّ الحديث في أواخر اللباس (¬2). 6298 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً، ¬

_ (¬1) سبق برقم (5623) كتاب: الأشربة، باب: تغطية الإناء. (¬2) سبق برقم (5889) كتاب: اللباس، باب: قص الشارب.

وَاخْتَتَنَ بِالقَدُومِ" مُخَفَّفَةً، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا المُغِيرَةُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَقَال: "بِالقَدُّومِ وَهُوَ مَوْضِعٌ مُشَدَّدٌ". [انظر: 3356 مسلم: 2370 - فتح 11/ 88] (أبو الزناد) هو عبد اللَّه بن ذكوان. (اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنة) لكن في "الموطأ" عن أبي هريرة موقوف أن إبراهيم أول من اختتن وهو ابن عشرين ومائة (¬1) وجمع بين الروايتين بما لا يجدي كما نقله شيخنا مع بيان ما فيه، ثم جمع بما حاصله أن المراد بالثمانين: مضيها من وقت فراق قومه وهجرته من العراق إلى الشام، وبالمائة والعشرين: مضيها من مولده (¬2). قيل: وعاش مائتي سنة، وقيل: مائة وخمسا وسبعين. (واختتن بالقدوم) بفتح القاف وضم المهملة مخففة أو مشددة كما يأتي. قيل: هو آلة النجار، وقيل اسم موضع، وقيل بالتخفيف: الآلة، وبالتشديد: الموضع. ولعل إبراهيم للَّه اتفق له الأمران. (وقال: بالقدوم) أي: بتشديد المهملة. 6299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: "أَنَا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ" قَال: وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ. [6300 - فتح 11/ 88] (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (قال) أي: أبو إسحاق أو إسرائيل. 6300 - وَقَال ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا خَتِينٌ". [انظر: 6299 - فتح 11/ 88] (ابن إدريس) هو عبد اللَّه بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن ¬

_ (¬1) "الموطأ" 2/ 94 (1929) كتاب: الجامع. (¬2) "الفتح" 11/ 89.

52 - باب: كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله

الكوفي. (وأنا ختين) أي: مختون كقتيل ومقتول، ولم يصرح بقدر سنه حين الوفاة النبوية. والصحيح أنه ولد بالشعب قبل الهجرة بثلاث سنين وأطال في بيانه مع زيادة. 52 - بَابٌ: كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ إِذَا شَغَلَهُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَمَنْ قَال لِصَاحِبِهِ: تَعَال أُقَامِرْكَ. وَقَوْلُهُ تَعَالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6]. (باب: كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة اللَّه، ومن قال لصاحبه: تعالى أقامرك، وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6301 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَال فِي حَلِفِهِ: بِاللَّاتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَمَنْ قَال لِصَاحِبِهِ: تَعَال أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ". [انظر: 4860 - مسلم: 1647 - فتح 11/ 91] (فليقل: لا إلله إلا اللَّه) أي: لأنه قد شابه بحلفه بما ذكر الكفار، فكفارته كلمة التوحيد. (فليتصدق) أي: بما يطلق عليه اسم الصدقة؛ ليكون كفارة لما قاله. ووجه تعلق الحديث بالترجمة: أن الحلف باللات والعزى بل أو بأحدهما شاغل عن الحلف بالحق فيكون باطلًا، وأما تعلق الباب بكتاب الاستئذان فلعله؛ لأن الدعاء للقمار لا يكون إذنا في الدخول في منزلة؛ لأنه يحتاج إلى كفارة فلا اعتداد به شرعًا. قاله الكرماني (¬1): ومرَّ الحديث في تفسير سورة النجم (¬2). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 22/ 120 - 121. (¬2) سبق برقم (4860) كتاب: التفسير، باب: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)}.

53 - باب ما جاء في البناء

53 - بَابُ مَا جَاءَ فِي البِنَاءِ قَال أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ البَهْمِ فِي البُنْيَانِ". [انظر: 50] (باب: ما جاء في البناء) أي: من الأحاديث: (رعاء) بكسر الراء وبالهمز ممدودًا. وفي نسخة: "رعاة" بضم الراء وبهاء تأنيث بعد الألف. (البهم) بفتح الموحدة جمع بهمة: وهو ولد الضأن والمعز، وبضمها جمع أبهم: وهو ما فيه لون غير لونه. (في البنيان) أي: الزائد على ما يكتتم من الحر والبرد ويسترهم عن غيرهم. 6302 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "رَأَيْتُنِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنَيْتُ بِيَدِي بَيْتًا يُكِنُّنِي مِنَ المَطَرِ، وَيُظِلُّنِي مِنَ الشَّمْسِ، مَا أَعَانَنِي عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ". [فتح 10/ 92] 6303 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: قَال ابْنُ عُمَرَ: "وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ، وَلَا غَرَسْتُ نَخْلَةً، مُنْذُ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" قَال سُفْيَانُ: فَذَكَرْتُهُ لِبَعْضِ أَهْلِهِ، قَال: وَاللَّهِ لَقَدْ بَنَى [بيتًا]. قَال سُفْيَانُ: قُلْتُ: فَلَعَلَّهُ قَال قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ. [فتح 11/ 92] (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال عمرو:) أي: ابن دينار. (فذكرته) أي: الحديث. (لبعض أهله) أي: أهل ابن عمر. (قال:) أي: بعض أهله. (والله لقد بنى) أي: ابن عمر أي: بنى بيتًا كما في نسخة. (قبل أن يبني) أي: البيت المذكور.

80 - كتاب الدعوات

80 - كِتَابُ الدَّعَوَاتِ

1 - [باب] ولكل نبي دعوة مستجابة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 80 - كِتَابُ الدَّعَوَاتِ قَوْلُهُ تَعَالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]. [فتح 11/ 94] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. كتاب الدعوات) جمع دعوة وهو مصدر يراد به الدعاء، وهو هنا السؤال يقال: دعوت اللَّه أي: سألته وهو مستحب، وقيل: يستحب تركه استسلاما للقضاء، وقيل: أنه يستحب أن يدعوا لغيره لا لنفسه، وقيل: يستحب إن وجد في نفسه، وقيل: يستحب إن وجد في نفسه باعثًا له وإلا فلا. (وقول اللَّه تعالى) بالجر عطف على الدعوات. (ادعوني استجب لكم) لما كان الدعاء من أشرف الطاعات أمر تعالى عباده به فضلا وتكرما وتكفل لهم بالإجابة. {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ساقط من نسخة وفيها بدله: "الآية" 1 - [باب] ولِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ (ولكل نبي دعوة مستجابة) في نسخة: "باب: لكل نبي" إلى آخره. 6304 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ يَدْعُو بِهَا، وَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الآخِرَةِ". [7474 - مسلم: 198، 199 - فتح 11/ 96] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس.

2 - باب أفضل الاستغفار

6305 - وَقَال لِي خَلِيفَةُ: قَال مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كُلُّ نَبِيٍّ سَأَلَ سُؤْلًا" أَوْ قَال: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا فَاسْتُجِيبَ، فَجَعَلْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ". [مسلم: 200 - فتح 11/ 96] (معتمر) أي: ابن سليمان التيمي. (أو قال:) إلى آخره شك من الراوي. 2 - بَابُ أَفْضَلِ الاسْتِغْفَارِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح: 10 - 11] {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)} [آل عمران: 135]. (باب:) ساقط من نسخة. (أفضل الاستغفار) أي: بيان أفضله. (وقوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}) عطف على (أفضل). ({يُرْسِلِ السَّمَاءَ}) إلى قوله: {أَنْهَارًا} ساقط من نسخة فيها بدله "الآية". {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} عطف على {أفضل} {ذَكَرُوا اللَّهَ} إلى آخره ساقط من نسخة فيها بدله "الآية". 6306 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَال: حَدَّثَنِي بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ العَدَويُّ، قَال: حَدَّثَنِي شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ " قَال: "وَمَنْ قَالهَا

3 - باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة

مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ". [6323 - فتح 11/ 97] (عبد الوراث) أي: ابن سعيد. (الحسين) أي: ابن ذكوان. (سيد الاستغفار) أي: أفضله وأعظمه نفعا. (على عهدك) أي: ما عاهدتك عليه. (ووعدك) أي: ما واعدتك من الإيمان بك وإخلاص الطاعة لك. (أن تقول) بفوقية أي: أنت، وبتحتية أي: العبد. (أبوء) أي: أعترف. وفي الحديث: ذكر اللَّه بأكمل الأوصاف، وذكر العبد نفسه بأنقص الحالات وهو أقصى غاية للتضرع ونهاية الاستكانة لمن لا يستحقها إلا هو. 3 - بَابُ اسْتِغْفَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ (باب: استغفار النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - في اليوم والليلة) أي: بيان كمية استغفاره فيهما. 6307 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ [إِلَيْهِ] فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً". [فتح 11/ 101] (وأتوب) أَي: "إليه" كما في نسخة. (في اليوم) سكت عن الليلة مع ذكرها في الترجمة للعلم بها من اليوم كما في قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] ولأنها أدعى للاستغفار منه في اليوم. (أكثر من سبعين مرة) فعله إظهارًا للعبودية وافتقارًا لكرم الربوبية، أو تعليمًا لأمته، أو تواضعًا، أو أنه لمَّا كان دائم الترقي في معارج القرب، كان كلما ارتقى درجة ورأى ما قبلها دونها استغفر منها، وذكر

4 - باب التوبة

السبعين قيل: هو على ظاهره، وقيل: المراد التكثير وهو الظاهر: إذ العرب تضع السبع والسبعين والسبعمائة موضع الكثرة. 4 - بَابُ التَّوْبَةِ قَال قَتَادَةُ: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]: "الصَّادِقَةُ النَّاصِحَةُ". (باب) ساقط من نسخة. (التوبة) هي ترك الذنب والندم عليه والعزم على ترك العود ورد الظلامة لذويها كما مر. ({تَوْبَةً نَصُوحًا}) أي: (الصادقة الناصحة) أي: الخالصة. 6308 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ، قَال: "إِنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ" فَقَال بِهِ هَكَذَا، قَال أَبُو شِهَابٍ: بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ ثُمَّ قَال: "لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ، حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الحَرُّ وَالعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَال: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي، فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ " تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَجَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَقَال أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ، سَمِعْتُ الحَارِثَ، وَقَال شُعْبَةُ، وَأَبُو مُسْلِمٍ اسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ كُوفِيٌّ، قَائِدُ الأَعْمَشِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَقَال أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. [مسلم: 2744 - فتح 11/ 102] (قال) أي: ابن مسعود. (يخاف أن يقع عليه) أي: لقوة إيمانه وشدة خوفه. (فقال به هكذا) أي: نحاه بيده وهو من إطلاق القول على

الفعل، والغرض: أن الفاجر لا يبالي بذنوبه؛ لاعتقاده عدم حصول كبير ضرر بسببها، ولهذا عبر في التشبيه بالذباب؛ لخفته وحقارته ولدفعه بالأقل. (ثم قال) أي: ابن مسعود (للَّه أفرح) أي: أرضى. (مهلكة) بفتح الميم واللام أي: محل الهلاك، وبالضم والكسر اسم فاعل أي: تهلك هي من جعل فيها. (تابعه) أي: أبا شهاب. (وقال أبو أسامة ..) إلى آخره حاصله كما قال شيخنا: إنه قد اختلف في الحديث على عمارة في شيخه هل هو الحارث بن سويد، أو الأسود؟ واختلف على الأعمش في شيخه هل عمارة، أو إبراهيم التيمي؟ والراجح من الاختلاف كله ما قاله أبو شهاب ومن تبعه، ولذا اقتصر عليه مسلم (¬1)، وصدر به البخاري كلامه فأخرجه موصولا، وذكر الإسناد معلقا كعادته في الإسناد (¬2)، وقوله: (حدثنا عبد اللَّه حديثين: أحدهما عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، والآخر عن نفسه) لم يبين المرفوع من الموقوف بينهما، وقد قال النووي، كغيره: إن المرفوع قوله: (للَّه أفرح) إلى آخره والموقوف ما قبله (¬3). 6309 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ، سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلاةٍ". [مسلم: 2747 - فتح 11/ 102] (إسحاق) أي: ابن منصور. (حبان) بفتح المهملة والموحدة ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح مسلم" (2744) كتاب: التوبة، باب: في الحض على التوبة. (¬2) "الفتح" 11/ 107. (¬3) "صحيح مسلم بشرح النووي" 16/ 61 - 62.

5 - باب الضجع على الشق الأيمن

المشددة أي: ابن هلال الباهلي. (همام) أي: ابن يحيى. (هدبة) أي: ابن خالد. (سقط على بعيره) أي: صادفه وعثر عليه من غير قصد. (وقد أضله) أي: ذهب منه. (في أرض فلاة) بالإضافة أي: مفازة ليس فيها ما يؤكل ويشرب. 5 - بَابُ الضَّجْعِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ (باب: الضجع على الشق الأيمن) بفتح الضاد وسكون الجيم، أي: بيان استحباب النوم على الشق الأيمن. 6310 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَإِذَا طَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَجِيءَ المُؤَذِّنُ فَيُؤْذِنَهُ". [انظر: 619 - مسلم: 724، 736 - فتح 11/ 108] (معمر) أي: ابن راشد. (فيؤذنه) بسكون الواو أي: يعلمه بصلاة الصبح، ومرَّ الحديث في أبواب: الوتر (¬1)، ووجه تعلقه بكتاب الدعوات ما علم من بعض الأحاديث: إنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يدعو عند الاضطجاع. 6 - بَابُ إِذَا بَاتَ طَاهِرًا (باب: إذا بات طاهرًا) زاد في نسخة: "وفضله" أي: فضل كونه طاهرًا عند نومه، وجواب (إذا) محذوف أي: فحسن. 6311 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ مَنْصُورًا، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَال: حَدَّثَنِي البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، وَقُلْ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (994) كتاب: الوتر، باب: ما جاء في الوتر.

7 - باب ما يقول إذا نام

اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إلا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ " فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ: وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. قَال: لَا، "وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ". [انظر: 247 - مسلم: 271 - فتح 11/ 109] (إذا أتيت) أي: إذا أردت أن تأتي. (مضجعك) بفتح الجيم وكسرها أي: موضع نومك. (فتوضأ) أي: لئلا يأتيك الموت بغتة فتكون على هيئة كاملة، والأمر للندب. (على شقك الأيمن) أي: لأنه أسرع للاستيقاظ، ولأن القلب في جهة اليسار فلا يثقل بالنوم. (أسلمت نفسي) في نسخة: "أسلمت وجهي". أي: جعلت نفسي منقادة لك تابعة لأمرك. (وألجأت ظهري إليك) أي: اعتمدت في أموري عليك. (رهبة) أي: خوفًا من عقابك. (ورغبة إليك) أي: طمعًا في رفدك وثوابك. (لا ملجأ) أي: لا مهرب. (ولا منجا) بلا همز ويجوز همزه للازدواج أي: لا مخلص. (على الفطرة) أي: على دين الإسلام الكامل. (فقلت) أي: قال البراء: فقلت، وفي نسخة: "فجعلت". (أستذكرهن) أي: أتحفظهن (قال: لا) أي: لا تقل: ورسولك بل قل: ونبيك؛ لأنه دعاء فينبغي أن تقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه، لأن الإجابة ربما تعلقت به، ومرَّ الحديث في كتاب الوضوء (¬1). 7 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا نَامَ (باب: ما يقول إذا نام) أي: إذا أراد النوم. 6312 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (247) كتاب: الغسل، باب: فضل من بات على الوضوء.

8 - باب وضع اليد اليمنى تحت الخد الأيمن

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ، قَال: "بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا" وَإِذَا قَامَ قَال: "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ". [6314، 6324، 7394 - فتح 11/ 113] 6313 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا، ح وَحَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيُّ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى رَجُلًا، فَقَال: "إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ، فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَا وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إلا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ". [انظر: 247 - مسلم: 2710 - فتح 11/ 113] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (عن عبد الملك) أي: ابن عمير. (باسمك أموت وأحيا) بفتح الهمزة. وفيه: أن الاسم عين المسمى كقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1] والقائل بأنه غيره يقول: الاسم مقحم. 8 - بَابُ وَضْعِ اليَدِ اليُمْنَى تَحْتَ الخَدِّ الأَيْمَنِ (باب: وضع اليد اليمنى تحت الخد الأيمن) أي: بيان مشروعيته. 6314 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ، وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا" وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَال: "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ". [انظر: 6312 - فتح 11/ 115] (أبو عوانة) أي: الوضاح بن عبد اللَّه. (وضع يده تحت خده) أي: وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن أخذًا من أنه كان يحب التيمن في شأن كله، وكذلك تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة.

9 - باب النوم على الشق الأيمن

9 - بَابُ النَّوْمِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ (باب: النوم على الشق الأيمن) أي: بيان مشروعيته. 6315 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا العَلاءُ بْنُ المُسَيِّبِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إلا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ" وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالهُنَّ ثُمَّ مَاتَ تَحْتَ لَيْلَتِهِ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ" {اسْتَرْهَبُوهُمْ} [الأعراف: 116]: مِنَ الرَّهْبَةِ. {مَلَكُوتٌ} [الأنعام: 75]: مُلْكٌ، مَثَلُ: رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، تَقُولُ: تَرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْحَمَ. [انظر: 247 - مسلم: 2710 - فتح 11/ 151] (إذا أوى إلى فراشه) بقصر الهمزة على الأفصح أي: دخل فيه وضابطه أن (أوى) إذا كان لازمًا كما هنا كان القصر أفصح، وإذا كان متعديًا كما في قوله: "الحمد للَّه الذي آوانا" (¬1). كان المد أفصح عكس ما وقع لبعضهم. (تحت ليلته) أي: في ليلته، ومرَّ الحديث آنفًا. (ملكوت) أي: (ملك) (وملكوت مثل رهبوت) أي: في الوزن (خير من رحموت) فسره بقوله: (تقول ترهب خير من أن ترحم) بالبناء للمفعول فيهما وقوله: (استرهبوهم) إلى آخره ساقط من نسخة، وفي صدره مناسبة للحديث دون باقيه. 10 - بَابُ الدُّعَاءِ إِذَا انْتَبَهَ بِاللَّيْلِ (باب: الدعاء إذا انتبه بالليل) في نسخة: "من الليل". ¬

_ (¬1) أبو داود (5058) كتاب: الأدب، باب: ما يقال عند النوم، أحمد 2/ 117 وصحح الألباني إسناده في "صحيح أبي داود".

6316 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى حَاجَتَهُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَأَتَى القِرْبَةَ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ وُضُوءَيْنِ لَمْ يُكْثِرْ وَقَدْ أَبْلَغَ، فَصَلَّى، فَقُمْتُ فَتَمَطَّيْتُ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَرَى أَنِّي كُنْتُ أَتَّقِيهِ، فَتَوَضَّأْتُ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَتَتَامَّتْ صَلاتُهُ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، فَآذَنَهُ بِلالٌ بِالصَّلاةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا" قَال كُرَيْبٌ: وَسَبْعٌ فِي التَّابُوتِ، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ وَلَدِ العَبَّاسِ، فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ، فَذَكَرَ عَصَبِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعَرِي وَبَشَرِي، وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ. [انظر: 117 - مسلم: 304، 763 - فتح 11/ 116] (عن سفيان) أي: الثوري. (عن سلمة) أي: ابن كهيل (عن كريب) هو مولى ابن عباس. (غسل) في نسخة: "فغسل". (شناقها) أي: رباطها. (لم تكثر) أي: بل اكتفى بدون ثلاثة وهو في الحقيقة تفسير لما قبله. (فتمطيت) أي: تمددت كراهية أن يرى أني كنت (أرقبه) أي: انتظره. وفي نسخة: "أنقبه" بهمزة مضمومة ونون مفتوحة وقاف مشدة مكسورة وموحدة، أي: أفتش حاله، وفي أخرى: "أتقيه" بهمزة مفتوحة وفوقية مشددة وقاف مكسورة أي: أرقبه وأنتظره. (فتتامت صلاته) أي: تكاملت. (فآذنه) بالمد أي: أعلمه. (اللهم اجعل في قلبي نورًا) إلى آخره. قيل: خصَّ القلب والبصر والسمع بـ (في)، لأن القلب مقرُّ الفكر في آلاء اللَّه، والبصر مسرح آيات اللَّه المصونة، والسمع مرسى أنوار وحي اللَّه ومحط آياته المنزلة وخصَّ اليمين والشمال بـ (في) إيذانًا

بتجاوز الأنوار عن قلبه وسمعه وبصره إلى من عن يمينه وشماله من أتباعه (واجعل لي نورًا) من عطف العام على الخاص أي: اجعل لي نورًا شاملًا للأنوار السابقة وغيرها وهذا منه - صلى اللَّه عليه وسلم - دعاء بدوام ذلك؛ لأنه حاصل له، أو هو تعليم لأمته. (قال كريب: وسبع) أي: من الأعضاء مكتوبة. (في التابوت) أي: الصدر الذي هو وعاء القلب، شبهه بالتابوت الذي يخزن فيه المتاع. ولم يحفظ كريب السبع حينئذ لكنه أو سلمة الراوي عنه (قال: فلقيت رجلا من ولد العباس) هو علي بن عبد اللَّه بن العباس. (فحدثني بهن) أي: بالسبع (وذكر خصلتين) هما من السبع، والمراد بهما: اللسان والنفس كما في مسلم، وقيل: هما العظم والمخ. 6317 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ، قَال: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ، أَوْ: لَا إِلَهَ غَيْرُكَ". [انظر: 1120 - مسلم: 769 - فتح 11/ 116] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أنت نور السموات والأرض) أي: منورهما. (قيم) أي: مدبر. (ومحمد حق) من عطف الخاص على العام. (وإليك أنبت) أي: رجعت (وبك) أي: بما أعطيتني من البرهان. (أنت المقدم) أي: لي في البعث. (وأنت المؤخر) أي: لي فيه. (أو لا إله

11 - باب التكبير والتسبيح عند المنام

غيرك) في نسخة: "ولا إله غيرك" بالواو. ومرَّ الحديث في آخر كتاب الصلاة (¬1). 11 - بَابُ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ المَنَامِ (باب: التكبير والتسبيح) أي: والتحميد. (عند المنام) أي: بيان استحبابها عنده. 6318 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ شَكَتْ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تَجِدْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ، قَال: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ أَقُومُ، فَقَال: "مَكَانَكِ" فَجَلَسَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَال: "أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ؟ إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا، أَوْ أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، فَكَبِّرَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَهَذَا خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ" وَعَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَال: "التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ". [انظر: 3113 - مسلم: 2727 - فتح 11/ 191] (قدميه) في نسخة: "قدمه" بالإفراد. (خير لكما من خادم) أي: في الأجر، ومرَّ الحديث في كتاب: الخمس (¬2). (عن خالد) أي: الحذاء. 12 - باب التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْمَنَامِ. (باب: التعوذ والقراءة عند المنام) أي: استحبابهما عنده. 6319 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابن ¬

_ (¬1) سبق برقم (1120) كتاب: التهجد، باب: التهجد بالليل. (¬2) سبق برقم (3113) كتاب: فرض الخمس، باب: الدليل على أن الخمس لنوائب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - والمساكين.

13 - باب

شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ فِي يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ". [انظر: 5017 - فتح 11/ 125] (نفث) بمثلثة. (بالمعوذات) يريد بها المعوذتين وسورة الإخلاص تغليبًا، ومرَّ الحديث في آخر فضائل القرآن (¬1). 13 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل مما قبله، بل هو ساقط أيضًا من نسخة. 6320 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ " تَابَعَهُ أَبُو ضَمْرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَال يَحْيَى، وَبِشْرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَاهُ مَالِكٌ، وَابْنُ عَجْلانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [7393 - مسلم: 2714 - فتح 11/ 125] (زهير) أي: ابن معاوية الجعفي. (بداخلة إزاره) أي: بطرفه. (فإنه لا يدري ما خلفه عليه) بتخفيف اللام أي: حدث بعده (إن أمسكت نفسي) أي: توفيتها. (به الصالحين) في نسخة: "به عبادك الصالحين". (تابعه) أي: زهير. (أبو ضمرة) هو أنس ابن عياض. (عن سعيد) أي: المقبري. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5017) كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل المعوذات.

14 - باب الدعاء نصف الليل

14 - بَابُ الدُّعَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ (باب: الدعاء نصف الليل) أي: بيان فضله فيه. 6321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ". [انظر: 1145 - مسلم: 758 - فتح 11/ 128] "يتنزل" في نسخة: "ينزل". (ربنا) أي: أمره أو رحمته أو ملائكته. (حين يبقى ثلث الليل) معناه: قبل ثلث الليل وهو المراد بـ (نصفه) في الترجمة. (الآخر) بالرفع صفة لثلث. (فأستجيب له) بالنصب جواب الاستفهام، ويجوز الرفع أي: فأنا أستجيب له وكذا القول في تالييه. ومرَّ الحديث في باب: التهجد (¬1). وفيه: أن الدعاء مجاب في وقته، ولا ينافيه تخلف الإجابة عن دعاء بعض الداعين فقد يكون؛ لخلل في شرط من شروط الدعاء، أو لاستعجال الداعي، أو يدخر له بدله إلى الآخرة، أو لأنه لم يقدر في الأذل قبول دعائه في الدنيا ليعطى عوضه في الآخرة، وقد بينت ذلك في "تلخيص الأزهية في أحكام الأدعية". 15 - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الخَلاءِ (باب: الدعاء عند الخلاء) أي: عند إرادة دخوله. 6322 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1145) كتاب: التهجد، باب: الدعاء والصلاة من آخر الليل.

16 - باب ما يقول إذا أصبح

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الخَلاءَ قَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ". [انظر: 142 - مسلم: 375 - فتح 11/ 129] (من الخبث والخبائث) استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم؛ لأنهم يحضرون الأخلية؛ لأنه يهجر فيها ذكر اللَّه تعالى، واستعاذته - صلى اللَّه عليه وسلم - منهم مع أنه معصوم؛ إظهارًا للعبودية؛ وتعليمًا للأمة، ومرَّ الحديث في الطهارة (¬1). 16 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ (باب: ما يقول إذا أصبح) أي: دخل في الصباح. 6323 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ. إِذَا قَال حِينَ يُمْسِي فَمَاتَ دَخَلَ الجَنَّةَ - أَوْ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ - وَإِذَا قَال حِينَ يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ مِثْلَهُ". [انظر: 6306 - فتح 11/ 130] (حسين) أي: المعلم، ومرَّ حديثه في باب: أفضل الاستغفار (¬2) 6324 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَال: "بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا" وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَال: "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ". [6312 - فتح 11/ 130] ¬

_ (¬1) سبق برقم (142) كتاب: الوضوء، باب: ما يقول عند الخلاء. (¬2) سبق برقم (6306) كتاب: الدعوات، باب: أفضل الاستغفار.

17 - باب الدعاء في الصلاة

(سفيان) أي: ابن عيينة. (الحمد للَّه الذي أحيانا بعد ما أماتنا) أطلق الموت على النوم كما أطلقت الوفاة عليه في آية {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} [الزمر: 42] لما بينهما من الشبه بجامع عدم الإدراك والانتفاع بما شرع من القربات (وإليه النشور) أي: الإحياء للبعث. ومرَّ الحديث مع ما بعده في باب: ما يقول إذا نام (¬1). 6325 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الحُرِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَال: "اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا" فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَال: "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ". [7395 - فتح 11/ 130] (عبدان) هو لقب عبد اللَّه بن عثمان المروزي (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون السكري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. 17 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلاةِ (باب: الدعاء في الصلاة) أي: بيان كيفيته فيها. 6326 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي يَزِيدُ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي، قَال: "قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَقَال عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، إِنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، قَال أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 834 - مسلم: 2705 - فتح 11/ 131] ¬

_ (¬1) سبق برقم (6312) كتاب: الدعوات، باب: ما يقول إذا نام.

(يزيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد اللَّه اليزني. (فاغفر لي) إلخ فيه لف ونشر مرتب، إذ التقدير: اغفر لي إنك أنت الغفور، وارحمني إنك أنت الرحيم، وعين بعضهم هذا الدعاء في التشهد وبعضهم في السجود. قيل: والجمع بينهما أولى. (وقال عمرو) أي: ابن الحارث. 6327 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] "أُنْزِلَتْ فِي الدُّعَاءِ". [انظر: 4723 - مسلم: 447 - فتح 11/ 131] (علي) أي: ابن سلمة. (أنزلت في الدعاء) لم يبين أنه في الصلاة أو عقبها، لكن روى الحاكم الحديث وزاد فيه في التشهد (¬1) فهو مخصص لما هنا. 6328 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلاةِ: السَّلامُ عَلَى اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى فُلانٍ، فَقَال لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلامُ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ - إِلَى قَوْلِهِ - الصَّالِحِينَ، فَإِذَا قَالهَا أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ صَالِحٍ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الثَّنَاءِ مَا شَاءَ". [انظر: 831 - مسلم: 402 - فتح 11/ 131] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. ¬

_ (¬1) "المستدرك" 1/ 230 كتاب: الصلاة من حديث عائشة وقال: إسناده صحيح ووافقه الذهبي.

18 - باب الدعاء بعد الصلاة

(ثم يتخير من الثناء) أي: الدعاء كما في رواية (¬1). ومرَّ الحديث في الصلاة (¬2). 18 - بَابُ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلاةِ (باب: الدعاء بعد الصلاة) أي: بيان مشروعيته بعدها. 6329 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ. قَال: "كَيْفَ ذَاكَ؟ " قَالُوا: صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا، وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا، وَأَنْفَقُوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ. قَال: "أَفَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ، وَلَا يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ بِهِ إلا مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ؟ تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا" تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سُمَيٍّ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلانَ، عَنْ سُمَيٍّ، وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَرَوَاهُ جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 843 - مسلم: 595 - فتح 11/ 132] (إسحاق) أي: ابن منصور أو ابن راهويه. (يزيد) أي: ابن هارون. (ورقاء) مؤنث الأورق أي: ابن عمر اليشكري (عن سمي) هو مولى أبي بكر. (أبي صالح) هو ذكوان السمان. (الدثور) جمع دثر. وهو المال الكثير. (في دبر كل صلاة) في نسخة: "في دبر صلاته". (تابعه) أي: ورقاء في أصل الحديث لا في العدد المذكور، ومرَّ الحديث في آخر صلاة الجماعة (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (835) كتاب: الأذان، باب: ما يتخير من الدعاء بعد التشهد. (¬2) سبق برقم (831) كتاب: الأذان، باب: التشهد في الآخرة. (¬3) سبق برقم (843) كتاب: الأذان، باب: الذكر بعد الصلاة.

19 - باب قول الله تعالى: {وصل عليهم} [التوبة: 103]

6330 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ المُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَال: كَتَبَ المُغِيرَةُ، إِلَى مُعَاويَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ إِذَا سَلَّمَ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ" وَقَال شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَال: سَمِعْتُ المُسَيِّبَ. [انظر: 844 - مسلم: 593 - فتح 11/ 133] (لما أعطيت) أي: لما أردت إعطاءه. (ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم فيهما، أي: الاجتهاد و (من) بدلية أي: بدلك. ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 19 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] وَمَنْ خَصَّ أَخَاهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ نَفْسِهِ. وَقَال أَبُو مُوسَى: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ". [انظر: 2884] (باب: قول اللَّه تعالى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} وزاد في نسخة: " {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} " والمراد بالصلاة هنا: الدعاء. (ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه) عطف على (قول اللَّه) (لعبيد) هو أبو عامر عم أبي موسى الأشعري. 6331 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، قَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَيَا عَامِرُ لَوْ أَسْمَعْتَنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ، فَنَزَلَ يَحْدُو بِهِمْ يُذَكِّرُ: تَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا. وَذَكَرَ شِعْرًا غَيْرَ هَذَا، وَلَكِنِّي لَمْ أَحْفَظْهُ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ هَذَا السَّائِقُ"؟ ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (4196) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.

قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَال: "يَرْحَمُهُ اللَّهُ" وَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْلَا مَتَّعْتَنَا بِهِ، فَلَمَّا صَافَّ القَوْمَ قَاتَلُوهُمْ، فَأُصِيبَ عَامِرٌ بِقَائِمَةِ سَيْفِ نَفْسِهِ فَمَاتَ، فَلَمَّا أَمْسَوْا أَوْقَدُوا نَارًا كَثِيرَةً، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا هَذِهِ النَّارُ، عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ" قَالُوا: عَلَى حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ، فَقَال: "أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا وَكَسِّرُوهَا" قَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَال: "أَوْ ذَاكَ". [انظر: 2477 - مسلم: 1802 - فتح 11/ 135] (هنيهاتك) في نسخة: "هنياتك" أي: أراجيزك. (وذكر) أي: قال يحيى القطان: وذكر يزيد بن أبي عبيد. (وقال رجل) هو عمر بن الخطاب. (لولا) أي: هلا. "واكسروها" في نسخة: (وكسروها). ومرَّ الحديث في غزوة خيبر وغيرها (¬1). 6332 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ مُرَّةَ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ قَال: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلانٍ" فَأَتَاهُ أَبِي فَقَال: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى". [انظر: 1497 - مسلم: 1078 - فتح 11/ 136] (مسلم) أي: ابن إبراهيم. (عن عمرو) أي: ابن مرة. (بصدقة) أي: زكاة. (اللهم صلى على آل فلان) فيه مشروعية الدعاء لدافع الزكاة، والجمهور على سنيته (على آل أبي أوفى) لفظ (آل) مقحم، ومرَّ الحديث في الزكاة (¬2). 6333 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُ جَرِيرًا، قَال: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟ ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (1497) كتاب: الزكاة، باب: صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة. (¬2) سبق برقم (4196) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.

وَهُوَ نُصُبٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، يُسَمَّى الكَعْبَةَ اليَمَانِيَةَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَصَكَّ فِي صَدْرِي، فَقَال: "اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا" قَال: فَخَرَجْتُ فِي خَمْسِينَ فَارِسًا مِنْ أَحْمَسَ مِنْ قَوْمِي، وَرُبَّمَا قَال سُفْيَانُ: فَانْطَلَقْتُ فِي عُصْبَةٍ مِنْ قَوْمِي فَأَتَيْتُهَا فَأَحْرَقْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا مِثْلَ الجَمَلِ الأَجْرَبِ، فَدَعَا لِأَحْمَسَ وَخَيْلِهَا. [انظر: 3020 - مسلم: 2475، 2476 - فتح 11/ 136] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (وهو نصب) بضم النون والصاد: صنم أو حجر (الكعبة اليمانية) في نسخة: "كعبة اليمانية" وأصل الياء التشديد فخففوها عند النسبة. (فصك) بفتح المهملة، أي: ضرب. (واجعله هاديًا) أي: لغيره. (مهديا) أي: في نفسه. (فخرجت في خمسين) أي: "فارسًا" كما في نسخة. (في عصبة) هي ما بين عشرة إلى أربعين رجلا. (فأتيتها) أي: ذا الخلصة به، ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 6334 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَال: قَالتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَسٌ خَادِمُكَ، قَال: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ". [انظر: 1982 - مسلم: 2480 - فتح 11/ 136] (اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته) قد استجاب اللَّه دعاءه فقد كثر ماله، وكان له بالبصرة بستان يثمر في السَّنة مرتين، وكان فيه ريحان ريحه ريح المسك، وكان له مائة وعشرون ولدًا، وطال عمره فقيل: عاش تسعة وتسعين سنة، وقيل: مائة وثلاث سنين، وقيل: مائة وسبع سنين، وقيل: مائة وعشر سنين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (843) كتاب: المغازي، باب: غزوة ذي الخلصة.

20 - باب ما يكره من السجع في الدعاء

6335 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي المَسْجِدِ فَقَال: "رَحِمَهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهَا فِي سُورَةِ كَذَا وَكَذَا". [انظر: 2655 - مسلم: 788 - فتح 11/ 136] (حدَّثنا عثمان) في نسخة: "حدَّثني عثمان" (عبدة) أي: ابن سليمان. (رجلا) هو عبد اللَّه بن زيد الأنصاري، ومرَّ الحديث في فضائل القرآن (¬1). 6336 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا، فَقَال رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ، حَتَّى رَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، وَقَال: "يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". [انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح 11/ 136] (سليمان) أي: ابن مهران الأعمش. (قسما) بفتح القاف، أي: مالا. (فقال رجل) هو معتب بن قشير، ومرَّ الحديث في كتاب الأدب (¬2). 20 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ (باب: ما يكره من السجع في الدعاء) هو بفتح المهملة وسكون الجيم: كلام مقفى من غير مراعاة وزن، وقيل: مراعاة الكلام على روي واحد، وإنما كره؛ لأن في طلبه في الدعاء تكلف ومشقة وذلك ¬

_ (¬1) سبق برقم (5037) كتاب: فضائل القرآن، باب: نسيان القرآن. (¬2) سبق برقم (6059) كتاب: الأدب، باب: من أخبر صاحبه بما يقال فيه.

21 - باب ليعزم المسألة، فإنه لا مكره له

يذهب الخشوع المطلوب فيه، وظاهرٌ أن محله إذا أراد أن ينشئه في الدعاء وإلا فالمحفوظ لا كراهة فيه. 6337 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ أَبُو حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الخِرِّيتِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلاثَ مِرَارٍ، وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا القُرْآنَ، وَلَا أُلْفِيَنَّكَ تَأْتِي القَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ، فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ، فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ فَتُمِلُّهُمْ، وَلَكِنْ أَنْصِتْ، فَإِذَا أَمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ، فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ"، فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إلا ذَلِكَ يَعْنِي لَا يَفْعَلُونَ إلا ذَلِكَ الاجْتِنَابَ. [فتح 11/ 138] (ابن الخريت) بمعجمة مكسورة أوله وفوقية آخره. (ولا تمل الناس) من الإملال: وهو السآمة. (ولا ألفينك) أي: لا أجدنك. (فتملهم) بالرفع، ويجوز النصب بتقدير (فإن). (أنصت) بهمزة قطع، أي: اسكت. (فإذا أمروك) أي: بأن تقص عليهم. (فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه) أي: لا تقصده ولا تشغل فكرك به؛ لما فيه من التكلف المانع للخشوع المطلوب في الدعاء كما مرَّ. (لا يفعلون إلا ذلك) لفظ (إلا) ساقط من نسخة: يعني. لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب هو تفسير لما قبله، وهو واضح على نسخة سقوط إلا. 21 - بَابُ لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ (باب: ليعزم المسألة) أَي: للَّه تعالى. (فإنه) أي: الشأن أو اللَّه. (لا مكره له) أي: للَّه تعالى على إجابة المسألة أي: الدعاء. 6338 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، وَلَا يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي، فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ". [7464 - مسلم: 2678 - فتح 11/ 139]

22 - باب يستجاب للعبد ما لم يعجل

6339 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ". [7477 - مسلم: 2679 - فتح 11/ 139] (إسماعيل) أي: ابن علية. (فليعزم المسألة) أي: فليقطع بها. (ولا تقولن) النهي فيه للتنزيه، وقيل: للتحريم (اللهم إن شئت فأعطني) أي: بلا جزم بوقوع مطلوبه ولا تعلقه بمشية اللَّه تعالى. (فإنه لا مستكره له) ولأن في التعليق صورة استغناء عن المطلوب منه والمطلوب وسين مستكره مزيدة للتأكيد والمبالغة. 22 - بَابُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَعْجَلْ (باب: يستجاب للعبد) أي: دعاؤه. [(ما لم يعجل) أي: إجابته. (يستجاب) أي: يجاب (لأحدكم) أي: لكل واحد منكم في دعائه] (¬1). 6340 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي". [مسلم: 2735 - فتح 11/ 140] (ما لم يعجل) بفتح التحتية والجيم. (حيث يقول) بلفظه أو في نفسه (دعوت فلم يستجب لي) بالبناء للمفعول ففي مسلم خبر: "يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء" (¬2) وقوله: (فيستسحسر) بزيادة السين الأولى والتاء من حسر إذا أعيا وتعب. ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "صحيح مسلم" رقم (2735) كتاب: الذكر والدعاء، باب: بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل.

23 - باب رفع الأيدي في الدعاء

23 - بَابُ رَفْعِ الأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ وَقَال أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ: "دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ" [انظر: 4323] وَقَال ابْنُ عُمَرَ: رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ". [انظر: 4339] (باب) ساقط من نسخة. (رفع الأيدي في الدعاء) أي: بيان مشروعيته. (اللهم) أي: قائلا: اللهم. (إني أبرأ إليك مما صنع خالد) أي: ابن الوليد، أي: ما صنعه من قتل الذين قالوا: صبأنا ولم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا. 6341 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَشَرِيكٍ: سَمِعَا أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ". [انظر: 1030 - مسلم: 895 - فتح 11/ 141] (الأويسي) هو عبد العزيز بن عبد اللَّه. (رفع يديه حتى رأيت بياض أبطيه) فيه سن رفع اليدين في الدعاء، وأما خبر البخاري عن أنس: كان النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء (¬1). فالمنفي فيه خاصة وهي المبالغة في الرفع لا في أصل الرفع. 24 - بَابُ الدُّعَاءِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ القِبْلَةِ (باب: الدعاء غير مستقبل القبلة) أي: بيان جوازه. 6342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَتَغَيَّمَتِ السَّمَاءُ وَمُطِرْنَا، حَتَّى مَا كَادَ الرَّجُلُ يَصِلُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ تَزَلْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1031) كتاب: الاستسقاء، باب: رفع الإمام يده في الاستسقاء.

25 - باب الدعاء مستقبل القبلة

تُمْطَرُ إِلَى الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ، فَقَال: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا فَقَدْ غَرِقْنَا. فَقَال: "اللَّهُمَّ حَوَاليْنَا وَلَا عَلَيْنَا" فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَقَطَّعُ حَوْلَ المَدِينَةِ، وَلَا يُمْطِرُ أَهْلَ المَدِينَةِ. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح 11/ 143] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد اللَّه اليشكري. (حوالينا) أي: أمطر حوالينا. ومرَّ الحديث في الاستسقاء (¬1). 25 - بَابُ الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ (باب: الدعاء مستقبل القبلة) أي: بيان استحبابه. 6343 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَال: "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا المُصَلَّى يَسْتَسْقِي، فَدَعَا وَاسْتَسْقَى، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ". [انظر: 1005 - مسلم: 894 - فتح 11/ 144] (ثم استقبل القبلة) (ثم) للترتيب في الإخبار لا في الوجود؛ ليوافق الترجمة، وما مرَّ في الاستسقاء (¬2) من باب: الاستسقاء من أن الاستقبال كان قبل الدعاء. 26 - بَابُ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَادِمِهِ بِطُولِ العُمُرِ، وَبِكَثْرَةِ مَالِهِ (باب: دعوة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله) أي: بيانها. 6344 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَالتْ أُمِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَادِمُكَ أَنَسٌ، ادْعُ اللَّهَ لَهُ، قَال: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ". [انظر: 1982 - مسلم: 2480 - فتح 11/ 144] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1013) كتاب: الاستسقاء، باب: الاستسقاء في المسجد الجامع. (¬2) سبق برقم (1005) كتاب: الاستسقاء، باب: الاستسقاء.

27 - باب الدعاء عند الكرب

(حرمي) أي: ابن عمارة. ومرَّ حديث الباب في قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} (¬1). 27 - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الكَرْبِ (باب: الدعاء عند الكرب) أي: بيان استحبابه عنده. 6345 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ". [6346، 7426، 7431 - مسلم: 2730 - فتح 11/ 145] (هشام) أي: الدستوائي. (عن أبي العالية) هو رفيع الرياحي. (رب العرش العظيم) بجر (العظيم) صفة لـ (للعرش) وبرفعه صفة لـ (رب) وهو أولى ووصف العرش بالعظيم؛ لأنه أعظم خلق اللَّه أو لنسبته إلى أعظم الأعظمين و (رب العرش الكريم) بجر (الكريم) ورفعه نظير ما قبله، ووصف العرش بالكريم؛ لنزول الرحمة منه أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين. 6346 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ" وَقَال وَهْبٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ. [انظر: 6345 - مسلم: 2730 - فتح 11/ 145] (وقال وهب) هو ابن جرير، وفي نسخة: بالتصغير، أي: ابن خالد. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6334) كتاب: الدعوات، باب: قول اللَّه تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}.

28 - باب التعوذ من جهد البلاء

28 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ (باب: التعوذ من جهد البلاء) أي: بيان ما جاء فيه. 6347 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي سُمَيٌّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ" قَال سُفْيَانُ: "الحَدِيثُ ثَلاثٌ، زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً، لَا أَدْرِي أَيَّتُهُنَّ هِيَ". [6616 - مسلم: 2707 - فتح 11/ 148] (سفيان) أي: ابن عيينة. (سمي) هو مولى أبي بكر. (أبو صالح) هو ذكوان الزيات. (ودرك) بفتح الراء ويجوز سكونها، أي: إدراك. (الشقاء) بالمد أي: الشدة والعسر. (وسوء القضاء) أي: المقضي إذ حكم اللَّه من حيث هو كله حسن لا سوء فيه و (شماتة الأعداء) هي الحزن بفرح عدوه والفرح بحزنه، وإنما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ذكر، إظهارًا للعبودية وتعليمًا للأمة، وما دعا به - صلى الله عليه وسلم - كلامه جامع؛ لأن المكروه إما أن يلاحظ من جهة المبدأ وهو سوء القضاء، أو من جهة المعاد وهو درك الشقاء، أو من جهة المعاش وهو جهد البلاء إن كان المكروه من جهة نفسه، وإلا فهو شماتة الأعداء وقد مرَّ. (سفيان) أي: ابن عيينة. (الحديث) فيه (ثلاث زدت أنا واحدة لا أدري أيتهن هي) قيل: كيف استجاز أن يخلط من كلامه كلمة في كلمات النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تشبه عليه بعد؟ وأجيب بأنه كان يعرفها بعينها، لكن اشتبه عليه بعد ذلك، وفي نسخة: "قال سفيان أشكُّ أني زدت واحدة" ويشهد لذلك أن البخاري روى عنه الحديث في كتاب:

29 - باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم الرفيق الأعلى"

القدر (¬1)، وأسند الأربعة للنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -[جزمًا] (¬2) بلا تردد فيحتمل أنه شكَّ في وقت هل فيه زيادة؟ ثم ينتفي نفي الزيادة. 29 - بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى" (باب: دعاء النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي: بقوله: (اللهم الرفيق الأعلى) في نسخة: "باب" بلا ترجمة، (والرفيق) منصوب بمقدر كأخترت أو اختار أو بنزع الخافض، أي: ألحقني بالرفيق الأعلى، قيل: وهو الجنة، وقيل: الأنبياء، وقيل: الملائكة. 6348 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: "لَنْ يُقْبَضَ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ" فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى" قُلْتُ إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ الحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ، قَالتْ: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى". [انظر: 4435 - مسلم: 2444 - فتح 11/ 149] (ثم يخير) أي: بين الموت والانتقال إلى ذلك المقعد وبين البقاء والحياة في الدنيا. (فلما نزل) بالبناء للمفعول أي: حضره الموت. ومرَّ الحديث في آخر المغازي وفي غيره (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6616) كتاب: القدر، باب: من تعوذ باللَّه من درك الشقاء، وسوء القضاء. (¬2) من (م). (¬3) سبق برقم (4435) كتاب: المغازي، باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته. وبرقم (4586) كتاب: التفسير، باب: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ}.

30 - باب الدعاء بالموت والحياة

30 - بَابُ الدُّعَاءِ بِالْمَوْتِ وَالحَيَاةِ (باب: الدعاء بالموت والحياة) أي: بيان حكمه. 6349 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: أَتَيْتُ خَبَّابًا، وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا، قَال: "لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ". [انظر: 5672 - مسلم: 2861 - فتح 11/ 150] (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (لولا أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -) إلى آخره مرَّ في الطّب (¬1). 6350 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، قَال: أَتَيْتُ خَبَّابًا، وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا فِي بَطْنِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ". [انظر: 5672 - مسلم: 2681 - فتح 11/ 150] (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". 6351 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي". [انظر: 5671 - مسلم: 2680 - فتح 11/ 150] (حدثنا) في نسخة: "حدثني". (لا يتمنين) في نسخة: "أحدكم" أي: لأنه كالتبرم من قضاء اللَّه في أمر ينفعه في آخرته، نعم لا يكره التمني لخوف فساد الدين. 31 - بَابُ الدُّعَاءِ لِلصِّبْيَانِ بِالْبَرَكَةِ، وَمَسْحِ رُءُوسِهِمْ وَقَال أَبُو مُوسَى: "وُلِدَ لِي غُلامٌ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَرَكَةِ". [انظر: 5467] ¬

_ (¬1) سبق برقم (5672) كتاب: المرضى، باب: نهي تمنِّي المريض الموت.

(باب: الدعاء للصبيان بالبركة ومسح رؤسهم) أي: بيان ذلك. (ولد لي) في نسخة: "فولد لي". (ودعا له) عطف على محذوف ذكر في باب: العقيقة بلفظ: ولد لي غلام فأتيت بها النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - فسماه إبراهيم وحنكه بثمرة ودعا له. 6352 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنِ الجَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ، "فَمَسَحَ رَأْسِي، وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ". [انظر: 190 - مسلم: 2345 - فتح 11/ 150] (حاتم) أي: ابن إسماعيل. (إن ابن أختي) اسمها: علية. (وجع) بفتح الواو وكسر الجيم، أي: مريض (الحجلة) بفتح المهملة والجيم: بيت للعروس كالقبة يتزين بالثياب والستور ولها أزرار كبار، وقيل: المراد بالحجلة القبجة، أي: الطائر المعروف قدر الدجاجة وزرها بيضها. 6353 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عُقَيْلٍ: أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ مِنَ السُّوقِ - أَوْ: إِلَى السُّوقِ - فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ عُمَرَ، فَيَقُولانِ: "أَشْرِكْنَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ" فَيُشْرِكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى المَنْزِلِ. [انظر: 2502 - فتح 11/ 151] (من السوق) أي: من جهته. ومرَّ الحديث في الطهارة في باب: استعمال فضل الوضوء (ابن وهب) هو عبد اللَّه. (عن أبي عقيل) بفتح المهملة هو زهرة بن معبد. (فيشركهم) بفتح التحتية والراء وفي نسخة: "فيشركهم" بالضم

والكسر. (الراحلة) كما هي أي: بتمامها. 6354 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهُوَ الَّذِي "مَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ غُلامٌ مِنْ بِئْرِهِمْ". [انظر: 77 - فتح 11/ 151] (مجّ رسول اللَّه) في نسخة: "مجَّ النبي" ومرَّ الحديث في العلم وغيره (¬1). 6355 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ، فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَال عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ". [انظر: 222 - مسلم: 286 - فتح 11/ 151] (فأتي بصبي) أي: لم يأكل ولم يشرب غير اللبن للتغذي، وهو ابن أم قيس أو الحسن أو الحسين كما في الطبراني (¬2). ومرَّ الحديث في الوضوء (¬3). 6356 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ " وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَسَحَ عَنْهُ: أَنَّهُ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ". [انظر: 4300 - فتح 11/ 151] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عن الزهري) هو محمد بن مسلم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (77) كتاب: العلم، باب: متى يصح سماع الصغير. وبرقم (189) كتاب: الوضوء، باب: استعمال فضل وضوء الناس. (¬2) "المعجم الأوسط" 1/ 251 (824) وقال: لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إلا أسامة بن زيد، تفرّد به عبد اللَّه بن موسى. (¬3) سبق برقم (222) كتاب: الوضوء، باب: بول الصبيان.

32 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

32 - بَابُ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: الصلاة على النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي: بيان كيفيتها. 6357 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، قَال: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَال: أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَال: "فَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". [انظر: 3370 - مسلم: 406 - فتح 11/ 152] (شعبة) أي: ابن الحجاج. (الحكم) أي: ابن عتيبة. 6358 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا السَّلامُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي؟ قَال: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ". [انظر: 4798 - فتح 11/ 152] (ابن أبي حازم) هو عبد العزيز، واسم أبي حازم: سلمة. (والدراوردي) هو عبد العزيز بن محمد. (عن يزيد) أي: ابن عبد اللَّه بن أسامة. (هذا السلام عليك) أي: قد عرفناه بما علمتنا من أن نقول: السلام عليك أيها النبي. (كما صليت) التشبيه وإن كان شرطه أن يكون المشبه به أقوى وهنا بالعكس، لكن قصد هنا إلحاق ما لا يعرف بما يعرف، فهو أقوى من حيث كونه معروفًا أو قاله تواضعًا وتعليمًا لأمته، أو التشبيه إنما هو في أصل الصلاة لا في قدرها كقوله تعالى {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} [النساء: 163] وكقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ

33 - باب هل يصلى على غير النبي صلى الله عليه وسلم؟

الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183]، أو المجموع مشبه بالمجموع، ولا شك أن آل إبراهيم أفضل من آل محمد؛ إذ فيهم الأنبياء عليهم السلام، ولا نبي في آل محمد - صلى اللَّه عليه وسلم -. ومرَّ الحديث في سورة الأحزاب (¬1). 33 - بَابُ هَلْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]. (باب: هل يصلى على غير النبي - صلى الله عليه وسلم -؟) أي: وغير سائر الأنبياء، أما الصلاة على الأنبياء فسنة؛ للأمر بها في حديث الترمذي والحاكم (¬2)، بل هي واجبة في الصلاة على نبينا - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير، ¬

_ (¬1) سبق برقم (4798) كتاب: التفسير، باب: قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)}. (¬2) "سنن الترمذي" (3570) كتاب: الدعوات، باب: في دعاء الحفظ. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم. وانظر: "المستدرك" 1/ 316 - 317 كتاب: صلاة التطوع، صلاة حفظ القرآن ودعاؤه. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الذهبي: هذا حديث منكر شاذ أخاف أن يكون موضوعًا، وقد حيرني -والله- جودة سنده، فإن الحاكم قال فيه: حدثنا أبو النضر محمد بن محمد الفقيه وأحمد بن محمد العنزي قالا: ثنا عثمان بن سعيد الدارمي (ح) وحدثني أبو بكر بن محمد بن جعفر المزكي، ثنا محمد بن إبراهيم العبدي قالا: ثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم فذكره مصرحًا بقوله: ثنا ابن جريج فقد حدث به سليمان قطعا وهو ثبت، فالله أعلم اهـ. وقد حكم عليه الألباني بالوضع. في "ضعيف سنن الترمذي".

وجواب الاستفهام محذوف، أي: نعم يجوز وإن لم يسن في غير الأنبياء وعليه عامة أهل العلم كما قاله القاضي عياض (¬1). (وقول اللَّه) في نسخة: "وقوله". ({وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}) أي: ادع لهم. ({إِنَّ صَلَاتَكَ}) في نسخة: " {صلواتك} ". ({سَكَنٌ لَهُمْ}) أي: يسكنون إليها وتطهر قلوبهم بها. 6359 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَال: كَانَ إِذَا أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَتِهِ قَال: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ" فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَال: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى". [انظر: 1497 - مسلم: 1078 - فتح 11/ 169] (عن ابن أبي أوفي) هو عبد اللَّه الأسلمي. (بصدقته) في نسخة: "بصدقة". (اللهم صل على آل أبي أوفى) تمسك به من جوز الصلاة على غير الأنبياء استقلالًا وهو مقتضى صنيع البخاري، وعليه عامة أهل العلم كما مرَّ. وقيل: لا يجوز استقلالا ويجوز تبعا، وأجاب قائله عن حديث أبي أوفى: بأن للَّه ورسوله أن يخصا من شاءا بما شاءا، وعن ابن عباس: اختصاص الصلاة بالنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، لخبر ورد فيه. 6360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَال: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". [انظر: 3369 - مسلم: 407 - فتح 11/ 169] (حميد) يعني: محمود. (مجيد) بمعنى: ما جد، أي: ظاهر الكرم. ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 2/ 305.

34 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة"

34 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ آذَيْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً" (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة) أي: بيان ذلك، وضمير (فاجعله) للآدمي المفهوم من (آذيته) وقوله: (زكاة) أي: طهارة أو صلاحًا. 6361 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ القِيَامَةِ". [مسلم: 2601 - فتح 11/ 171] (ابن وهب) هو عبد اللَّه. (يونس) هو ابن يزيد الأيلي. (فأيما) الفاء فيه جزائية حذف شرطها، أي: إن كنت سببت مؤمنًا، وقد أوضح مسلم الحديث حيث قال: "اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فأيما مؤمن سببته أو جلدته فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة" (¬1). 35 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الفِتَنِ (باب: التعوذ من الفتن) جمع فتنة وهي في الأصل: الامتحان والاختبار، ثم كثر استعمالها في الإثم ونحوه. 36 - باب التَّعَوُّذِ مِنْ غَلَبَةِ الرِّجَالِ. 6363 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَال ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2601) كتاب: البر والصلة، باب: من لعنه النبي - صلى الله عليه وسلم -أو سبه أو دعا عليه.

37 - باب التعوذ من عذاب القبر

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ: "التَمِسْ لَنَا غُلامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي" فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ يُرْدِفُنِي وَرَاءَهُ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ، وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ" فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ حَتَّى أَقْبَلْنَا مِنْ خَيْبَرَ، وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَدْ حَازَهَا، فَكُنْتُ أَرَاهُ يُحَوِّي وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ أَوْ كِسَاءٍ ثُمَّ يُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَدَعَوْتُ رِجَالًا فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِكَ بِنَاءَهُ بِهَا " ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أُحُدٌ، قَال: "هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى المَدِينَةِ قَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا، مِثْلَ مَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 11/ 173] 37 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ (باب: التعوذ من عذاب القبر) أي من عذاب في القبر. 6364 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَال: سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدٍ، قَال: وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهَا، قَالتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ". [انظر: 1376 - فتح 11/ 174] (الحميدي) هو عبد اللَّه بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (أم خالد) اسمها أمة. 6362 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ المَسْأَلَةَ، فَغَضِبَ فَصَعِدَ المِنْبَرَ، فَقَال: "لَا تَسْأَلُونِي اليَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إلا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ" فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لافٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَإِذَا رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاحَى الرِّجَال يُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِي؟ قَال: "حُذَافَةُ" ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَال: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الفِتَنِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا رَأَيْتُ فِي

الخَيْرِ وَالشَّرِّ كَاليَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِي الجَنَّةُ وَالنَّارُ، حَتَّى رَأَيْتُهُمَا وَرَاءَ الحَائِطِ" وَكَانَ قَتَادَةُ، يَذْكُرُ عِنْدَ هَذَا الحَدِيثِ هَذِهِ الآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] [انظر: 93 - مسلم: 2359 - فتح 11/ 172]. (لاحى الرجال) أي: خاصمهم من الملاحاة وهي: المخاصمة. (ثم أنشأ) أي: طفق. (باب: التعوذ من البخل) هذا مع حديثه الأول ساقط من نسخة. وهو الوجه؛ لأنه ذكره بعد ثلاثة أبواب، وأما حديثه الثاني فمختص بعذاب القبر لا تعلق له بالبخل فهو من الباب السابق وهو اللائق به، وبالجملة فنسخ الكتاب هنا مختلفة بتقديم بعض الأبواب على بعض وتأخيره. 6365 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ مُصْعَبٍ: كَانَ سَعْدٌ، يَأْمُرُ بِخَمْسٍ، وَيَذْكُرُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِنَّ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا - يَعْنِي فِتْنَةَ الدَّجَّالِ - وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ". [انظر: 2822 - فتح 11/ 174] (عبد الملك) أي: ابن عمر. (عن مصعب) أي: ابن سعد بن أبي وقاص. (من الجبن) هو ضد الشجاعة (إلى أرذل العمر) أي: أخسه، وهو الهرم والخرف. (يعني فتنة الدجال) قائله عبد الملك كما قاله شيخنا (¬1) رادًّا على من قال: إنه شعبة. ¬

_ (¬1) "الفتح" 11/ 175.

38 - باب التعوذ من فتنة المحيا والممات

6366 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ، فَقَالتَا لِي: إِنَّ أَهْلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَكَذَّبْتُهُمَا، وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا، فَخَرَجَتَا، وَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَجُوزَيْنِ، وَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَال: "صَدَقَتَا، إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ البَهَائِمُ كُلُّهَا" فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِي صَلاةٍ إلا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ. [انظر: 1049 - مسلم: 586 - فتح 11/ 174] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (دخلت على عجوزان) لا ينافي قوله: في الجنائز: إن يهودية دخلت فتكلمت؛ لأن العدد لا مفهوم له على قول أو لاحتمال أن إحداهما دخلت وتكلمت الأخرى على الباب سامعة لكلام الداخلة ونسب الدخول والتكلم إليها مجازًا. (ولم أنعم) بالبناء للمفعول، أي: لم أحسن. (أن أصدقهما) أي: في تصديقهما. (إن عجوزين) خبر إن محذوف، أي: دخلتا عليَّ. (وذكرت له) أي: ما قالتا. (إنهم) أي: أهل القبور. (تسمعه البهائم) أي: تسمع أصوات المعذبين وإلا فالعذاب نفسه لا يسمع، وقيل: بعض العذاب يسمع كالضرب. ومرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 38 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ (باب: التعوذ من فتنة المحيا والممات) أي: الحياة والموت. 6367 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ وَالهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ". [انظر: 2823 - مسلم: 2706 - فتح 11/ 176] ¬

_ (¬1) سبق برقم (1372) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في عذاب القبر.

39 - باب التعوذ من المأثم والمغرم

(المعتمر) أي: ابن سليمان بن طرخان. (من العجز) هو عدم القدرة. (والكسل) هو التثاقل والفتور. (والهرم) هو أقصى الكبر. (من عذاب القبر) الإضافة فيه من إضافة المصدر إلى فاعله مجازًا، أو من إضافته إلى ظرفه بتقدير في، أي: من عذاب في القبر. (من فتنة المحيا) هي ما يعرض للإنسان في مدة حياته من الافتتان بالدنيا وشهواتها. (والممات) هي فتنة عذاب القبر كسؤال الملكين، والمراد: من شر ذلك وإلا فأصل السؤال واقع لا محالة فلا يدعا برفعه. ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1). 39 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ (باب: التعوذ من المأثم والمغرم) أي: الإثم والغرم. 6368 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالهَرَمِ، وَالمَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ". [انظر: 832 - مسلم: 589 - فتح 11/ 176] (وهيب) أي: ابن خالد. (ومن فتنة القبر وعذاب القبر) أحدهما يغني عن الآخر ومثله ما يليه. (ومن شر فتنة الغنى) أي: كالبطر والطغيان وعدم تأدية الزكاة. (من ¬

_ (¬1) سبق برقم (2823) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما يتعوذ من الجبن.

40 - باب الاستعاذة من الجبن والكسل

فتنة الفقر) أي: من شر فتنته كاكتساب الحرام والتكلم بما يوقع فيه، وإنما قدمت لفظ (شر) في الفقراء أخذا مما صرح به في باب يأتي، ومن قسيمه وهو الغنى. (الدجال) من الدجل وهو: التغطية؛ لأنه يغطي الأرض بالجمع الكثير أو الحق بالكذب. (بماء الثلج والبرد) بفتح الموحدة والراء: هو حب الغمام. ومرَّ في أوائل الصلاة. (بالماء والثلج البرد) أي: طهرني من الخطايا بأنواع المغفرة التي هي في تمحيص الذنوب بمثابة هذه الأنواع الثلاثة في إزالة الأرجاس ورفع الجنابة والأحداث، وذكر الثلج والبرد بعد الماء للمبالغة في إطفاء النار المذهب للخطايا حيث ترقى من الماء إلى أبرد منه وهو الثلج ثم إلى أبرد منه وهو البرد. (وباعد) أي: أبعد. ومرَّ الحديث في صفة الصلاة (¬1). 40 - بَابُ الاسْتِعَاذَةِ مِنَ الجُبْنِ وَالْكَسَلِ. (باب: الاستعاذة من الجبن والبخل والكسل) أي: بيانها ({كُسَالى} وكسالى) أي: بضم أحدهما وفتح الآخر معناهما (واحد) وهذا التفسير ساقط من نسخة. 6369 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 11/ 178] (سليمان) أي: ابن بلال. (وضلع الدين) بفتح المعجمة واللام، أي: ثقله. (وغلبة الرجال) أي: تسلطهم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (832) كتاب: الأذان، باب: الدعاء قبل السلام.

41 - باب التعوذ من البخل

41 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ البُخْلِ البُخْلُ وَالبَخَلُ وَاحِدٌ، مِثْلُ الحُزْنِ وَالحَزَنِ. (باب: التعوذ من البخل) أي: بيانه. (البخل والبخل) بالضم والسكون في أحدهما وبفتحهما في الآخر معناهما واحد مثل: (الخزن والحزن) والتفسير مع النظير ساقط من نسخة. 6370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنِي غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ يَأْمُرُ بِهَؤُلاءِ الخَمْسِ: وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ". [انظر: 2822 - فتح 11/ 178] (أن أرد) في نسخة: "من أن أرد". (من فتنة الدنيا) أي: "الدجال" كما فسرت به في نسخة، وإطلاق الدنيا على الدجال؛ لكون فتنته أعظم الفتن الكائنة فيها. 42 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ أَرْذَلِ العُمُرِ {أَرَاذِلُنَا} [هود: 27] أَسْقَاطُنَا. (باب: التعوذ من أرذل العمر) مرَّ تفسير {أَرَاذِلُنَا} في قوله تعالى: {إلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} أي: (أسقاطنا) في نسخة: "سقاطنا" وهما جمع سقطى جمع ساقط: وهو اللئيم في حسبه ونسبه. 6371 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ". [انظر: 2823 - مسلم: 2706 - فتح 11/ 179] (أبو معمر) هو عبد اللَّه بن عمرو المنقري.

43 - باب الدعاء برفع الوباء والوجع

(يتعوذ يقول) جملتان محلهما نصب الأولى على أنها خبر كان، والثانية على أنها حال. (اللهم إني أعوذ بك) إلخ ليس فيه أرذل العمر المترجم به لكن فيه معناه وهو (الهرم) وهو كافٍ في المطابقة. 43 - بَابُ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الوَبَاءِ وَالوَجَعِ (باب: الدعاء برفع الوباء) بالمد والقصر: المرض العام الناشئ عن فساد الهواء، وقيل: الموت الذريع، وقيل: هو مرادف للطاعون، وقد بسطت الكلام على ذلك في "تحفة الراغبين في بيان أمر الطواعين". (والوجع) عطف على (الوباء) من عطف العام على الخاص. 6372 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الجُحْفَةِ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا وَصَاعِنَا". [انظر: 1889 - مسلم: 1376 - فتح 11/ 179] (سفيان) أي: الثوري. (اللهم حبب إلينا المدينة ...) إلخ مرَّ في الحج (¬1). 6373 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ، قَال: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، مِنْ شَكْوَى أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى المَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ بِي مَا تَرَى مِنَ الوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إلا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَال: "لَا" قُلْتُ: فَبِشَطْرِهِ؟ قَال: "الثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلا أُجِرْتَ، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (1889) كتاب: فضائل المدينة، باب: كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة.

44 - باب الاستعاذة من أرذل العمر، ومن فتنة الدنيا وفتنة النار

فِي امْرَأَتِكَ" قُلْتُ: أَأُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَال: "إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إلا ازْدَدْتَ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ" قَال سَعْدٌ: رَثَى لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ. [انظر: 56 - مسلم: 1628 - فتح 11/ 179] (من شكوى) أي: مرض. (أشفيت) أي: أشرفت. (أمض) أي: أتمم. (رثى) أي: تحزن وتوجع. ومرَّ الحديث في كتاب الوصايا (¬1). 44 - بَابُ الاسْتِعَاذَةِ مِنْ أَرْذَلِ العُمُرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَفِتْنَةِ النَّارِ (باب: الاستعاذة من أرذل العمر ومن فتنة الدنيا وفتنة النار) مرَّ بيان الثلاثة. 6374 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: تَعَوَّذُوا بِكَلِمَاتٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ القَبْرِ". [انظر: 2822 - فتح 11/ 181] 6375 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالهَرَمِ، وَالمَغْرَمِ وَالمَأْثَمِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَفِتْنَةِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذَابِ القَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ". [انظر: 832 - مسلم: 589 - فتح 11/ 181] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2742) كتاب: الوصايا، باب: أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس.

45 - باب الاستعاذة من فتنة الغنى

(الحسن) هو الزاهد المشهور. (عن زائدة) أي: ابن قدامة. (وكيع) أي: ابن الجراح الرقاشي ومرَّ حديثًا الباب آنفًا. 45 - بَابُ الاسْتِعَاذَةِ مِنْ فِتْنَةِ الغِنَى (باب: الاستعاذة من فتنة الغنى) أي: شرها كما مرَّ مع حديث الباب آنفًا. 6376 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالتِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ". [انظر: 832 - مسلم: 587، 589 - فتح 11/ 181] 46 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ (باب: التعوذ من فتنة الفقر) أي: شرها كما مرَّ مع حديث الباب آنفًا. 6377 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذَابِ القَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى وَشَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ قَلْبِي بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وَالمَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ". [انظر: 832 - مسلم: 589 - فتح 11/ 181] (محمد) أي: ابن سلام.

47 - باب الدعاء بكثرة المال مع البركة

47 - بَابُ الدُّعَاءِ بِكَثْرَةِ المَالِ مَعَ البَرَكَةِ 6378، 6379 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، أَنَّهَا قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسٌ خَادِمُكَ، ادْعُ اللَّهَ لَهُ، قَال: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ" وَعَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، مِثْلَهُ. [انظر: 1982 - مسلم: 2480 - فتح 11/ 182] (باب: الدعاء بكثرة المال والولد مع البركة) ساقط من نسخة، مع أن حديث الباب مرَّ في باب: دعوة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لخادمه بطول العمر (¬1). [باب الدعاء بكثرة الولد مع البركة] 6380، 6381 - حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَالتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: أَنَسٌ خَادِمُكَ، قَال: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ". [انظر: 1982 - مسلم: 2480 - فتح 11/ 183] (باب: الدعاء بكثرة الولد مع البركة) ساقط من نسخة، مع أن حديث الباب مرَّ في الباب المذكور آنفًا. 48 - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الاسْتِخَارَةِ (باب: الدعاء عند الاستخارة) أي: طلب الخيرة بوزن العنبة: اسم من قولك: اختاره اللَّه تعالى. 6382 - حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي المَوَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (6344) كتاب: الدعوات، باب: دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لخادمه بطول العمر.

فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ: "إِذَا هَمَّ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَال: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَال: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ". [انظر: 1162 - فتح 11/ 183] (إذا هم) أي: قصد الإتيان بفعل أو ترك وهو متعلق بمحذوف، أي: كان - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة ويقول: (إذا هم)، قيل: الوارد على القلب مراتب: الهم ثم اللم ثم الخطرة ثم النية ثم الإرادة ثم العزيمة والثلاثة الأخيرة يؤاخذ بها بخلاف الأولى. (وأستقدرك بقدرتك) أي: أطلب منك أن تجعل لي على ذلك قدرة. (فإنك تقدر) إلى آخره فيه لف ونشر غير مرتب. (إن كانت تعلم) إلى آخره الشك الحاصل بأن هو في معنى أن العلم متعلق بالخير أو الشر لا في أصل العلم فإنه عالم به يقينًا. (ثم رضني به) أي: اجعلني راضيًا به. (وشممي حاجته) أي: ينطق بها بعد الدعاء وينويها بقلبه عنده. ومرَّ الحدث في آخر صلاة التطوع (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1162) كتاب: أبواب التهجد، باب: ما جاء في التطوع مثنى مثنى.

49 - باب الدعاء عند الوضوء

49 - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الوُضُوءِ (باب: الدعاء عند الوضوء) أي: بيان مشروعيته. 6383 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ" وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، فَقَال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ". [انظر: 2884 - مسلم: 2498 - فتح 11/ 187] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة، ومرَّ حديث الباب في غزوة أوطاس (¬1). 50 - بَابُ الدُّعَاءِ إِذَا عَلا عَقَبَةً (باب: الدعاء إذا على عقبة) أي: صعدها. 6384 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا" ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ، فَقَال: "يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ " أَوْ قَال: "أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ". [انظر: 2992 - مسلم: 2704 - فتح 11/ 187] (أيوب) أي: السختياني. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل. (إذا علونا) أي: شرفًا (أربعوا) بفتح الموحدة. (عن أنفسكم) أي: ارفقوا بها ولا تبالغوا في الجهر. وأما خبر الترمذي وغيره: "أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم ¬

_ (¬1) سبق برقم (4323) كتاب: المغازي، باب: غزوة أوطاس.

51 - باب الدعاء إذا هبط واديا

بالتلبية والتكبير" (¬1) فمحمول على رفع لا مبالغة فيه، وقد يقال: ذاك في التلبية وما يتعلق بها وهذا في غير ذلك. (فإنكم لا تدعون) يوجد فيه مطابقة الحديث للترجمة. 51 - بَابُ الدُّعَاءِ إِذَا هَبَطَ وَادِيًا فيهِ حَدِيثُ جَابِرٍ. [انظر: 2993 - فتح 11/ 188] (باب: الدعاء إذا هبط واديا) أي: نزله. (فيه حديث جابر) أي: السابق في الجهاد. 52 - بَابُ الدُّعَاءِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَوْ رَجَعَ (باب: الدعاء إذا أراد سفرًا أو رجع) أي: منه. 6385 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ. صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ". [انظر: 1797 - مسلم: 1344 - فتح 11/ 188] (إذا قفل) أي: رجع. (أيبون) أي: راجعون إلى اللَّه تعالى، ولم ¬

_ (¬1) "سنن الترمذي" (829) كتاب: الحج، باب: ما جاء في رفع الصوت بالتلبية من حديث خلاد عن أبيه. وقال: حديث خلاد عن أبيه، حديث حسن صحيح، وروى بعضهم هذا الحديث عن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد عن النبي (ولا يصح، والصحيح هو عن خلاد بن السائب عن أبيه وهو خلاد بن الساثب بن خلاد بن سويد الأنصاري. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

53 - باب الدعاء للمتزوج

يذكر في الحديث (الدعاء إذا أراد سفرًا) صريحًا اكتفى بقوله: (آيبون تائبون). (ونصر عبده) أراد به نفسه. 53 - بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمُتَزَوِّجِ (باب: الدعاء للمتزوج) أي: بيان مشروعيته. 6386 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَال: "مَهْيَمْ، أَوْ مَهْ" قَال: قَال: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَال: "بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". [انظر: 2049 - مسلم: 1427 - فتح 11/ 190] (مهيم) كلمة يمانية تقام مقام الاستفهام أي: ما شأنك؟ (على وزن نواة) هي اسم لقدر معروف عندهم فسروه بخمسة دراهم. (أولم) الوليمة فعيلة من الولم، وهو الجمع؛ لأن الزوجين يجتمعان ثم نقلت في الشرع لطعام العرس. (ولو بشاة) (لو) للتقليل وجوابها محذوف والتقدير: أصنع وليمة وإن قلت أو للتمني فلا تحتاج إلى جواب. ومرَّ الحديث في البيع وغيره (¬1). 6387 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: هَلَكَ أَبِي وَتَرَكَ سَبْعَ أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ" قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا" قُلْتُ: ثَيِّبًا، قَال: "هَلَّا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ، أَوْ تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ" قُلْتُ: هَلَكَ أَبِي فَتَرَكَ سَبْعَ أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَال: ¬

_ (¬1) سبق برقم (2049) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في قول اللَّه تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ ...} وبرقم (2293) كتاب: الكفالة، باب: قول اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}.

54 - باب ما يقول إذا أتى أهله

"فَبَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ" لَمْ يَقُلْ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرٍو: "بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ". [انظر: 443 - مسلم: 715 - فتح 11/ 190] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (فترك) في نسخة: "وترك". (فبارك اللَّه عليك) يقال: بارك اللَّه عليك ولك وفيك. ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 54 - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ (باب: ما يقول إذا أتى أهله) أي: إذا أراد أن يجامع امرأته. 6388 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَال: بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا". [انظر: 141 - مسلم: 1434 - فتح 11/ 191] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن سالم) أي: ابن أبي الجعد. ومرَّ حديث الباب في كتاب: النكاح (¬2). 55 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ({رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}) قيل: الحسنة في الدنيا العلم والعبادة، وقيل: العافية، وقيل غير ذلك، وفي الآخرة الجنة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4052) كتاب: المغازي، باب: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا}. (¬2) سبق برقم (5165) كتاب: النكاح، باب: ما يقول الرجل إذا أتى أهله.

56 - باب التعوذ من فتنة الدنيا

6389 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ". [انظر: 4522 - مسلم: 2690 - فتح 11/ 191] (عبد الوراث) أي: ابن سعيد. (عن عبد العزيز) أي: ابن صهيب. ومرَّ حديث الباب في تفسير سورة البقرة (¬1). 56 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا (باب: التعوذ من فتنة الدنيا) مرَّ أنها فتنة الدجال. 6390 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ، كَمَا تُعَلَّمُ الكِتَابَةُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ القَبْرِ". [انظر: 2822 - فتح 11/ 192] كما نعلم بضم الفوقية وفتح العين واللام المشددة. (الكتابة) في نسخة: "الكتاب". (أن أرد) في نسخة: "من أن أرد". ومرَّ الحديث مرارًا (¬2). 57 - بَابُ تَكْرِيرِ الدُّعَاءِ (باب: تكرير الدعاء) أي: بيان مشروعيته. 6391 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْذِرٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4522) كتاب: التفسير، باب: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)}. (¬2) سبق برقم (2822) كتاب: الجهاد، باب: ما يتعوذ من الجبن. وبرقم (6370) كتاب: الدعوات، باب: التعوذ من البخل.

58 - باب الدعاء على المشركين

أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُبَّ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ صَنَعَ الشَّيْءَ وَمَا صَنَعَهُ، وَإِنَّهُ دَعَا رَبَّهُ، ثُمَّ قَال: "أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ" فَقَالتْ عَائِشَةُ: فَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "جَاءَنِي رَجُلانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَال أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَال: مَطْبُوبٌ، قَال: مَنْ طَبَّهُ؟ قَال: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَال: فِي مَاذَا؟ قَال: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ، قَال: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَال: فِي ذَرْوَانَ " - وَذَرْوَانُ بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ - قَالتْ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَال: "وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ" قَالتْ: فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهَا عَنِ البِئْرِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلَّا أَخْرَجْتَهُ؟ قَال: "أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا" زَادَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا وَدَعَا" وَسَاقَ الحَدِيثَ. [انظر: 3175 - مسلم: 2189 - فتح 11/ 192] (طب) بضم المهملة أي: سحر. (فدعا ودعا) به تحصل المطابقة ومرَّ الحديث بدء الخلق (¬1). 58 - بَابُ الدُّعَاءِ عَلَى المُشْرِكِينَ وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ" وَقَال: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ" وَقَال ابْنُ عُمَرَ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاةِ: "اللَّهُمَّ العَنْ فُلانًا وَفُلانًا" حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] [انظر: 4069]. (باب: الدعاء على المشركين) أي: الذين لا عهد لهم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3268) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

6392 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الأَحْزَابِ، فَقَال: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ". [انظر: 2818 - مسلم: 1742 - فتح 11/ 193] (ابن سلام) هو محمد. (وكيع) أي: ابن الجراح. (عن ابن أبي خالد) هو إسماعيل. (ابن أبي أوفى) هو عبد اللَّه. 6393 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاةِ العِشَاءِ قَنَتَ: "اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ". [انظر: 804 - مسلم: 675 - فتح 11/ 193] (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. 6394 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً يُقَالُ لَهُمْ القُرَّاءُ فَأُصِيبُوا، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ عَلَى شَيْءٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا فِي صَلاةِ الفَجْرِ، وَيَقُولُ: "إِنَّ عُصَيَّةَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح 14/ 194] (أبوالأحوص) هو سلام بن سليم (عن عاصم) أي: الأحول. 6395 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ اليَهُودُ يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَطِنَتْ عَائِشَةُ إِلَى قَوْلِهِمْ، فَقَالتْ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ" فَقَالتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا يَقُولُونَ؟ قَال: "أَوَلَمْ تَسْمَعِي أَنِّي أَرُدُّ ذَلِكِ عَلَيْهِمْ، فَأَقُولُ: وَعَلَيْكُمْ". [انظر: 2935 - مسلم: 2165 - فتح 11/ 194]

59 - باب الدعاء للمشركين

6396 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، فَقَال: "مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا، كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلاةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ" وَهِيَ صَلاةُ العَصْرِ. [انظر: 2931 - مسلم: 627 - فتح 11/ 194] (الأنصاري) هو محمد بن عبد اللَّه شيخ البخاري روى عنه هنا بواسطة. (عبيدة) أي: ابن عمرو السلماني، وقيل: ابن قيس الكوفي. وفي الباب خمسة أحاديث مرَّ أولها: في الجهاد (¬1)، وثانيها: في سورة النساء (¬2)، وثالثها: في المغازي (¬3)، ورابعها: في السلام (¬4)، وخامسها: في غزوة الخندق (¬5). 59 - بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ (باب: الدعاء للمشركين) أي: بالهدى. 6397 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِمْ، فَقَال: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ". [انظر: 2937 - مسلم: 2524 - فتح 11/ 196] (عليّ) أي: ابن عبد اللَّه المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2933) كتاب: الجهاد، باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة. (¬2) سبق برقم (4598) كتاب: التفسير، باب: قوله: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)}. (¬3) سبق برقم (4088) كتاب: المغازي، باب: غزوة الرجيع. (¬4) سبق برقم (6230) كتاب: الاستئذان، باب: السلام من أسماء اللَّه تعالى. (¬5) سبق برقم (4111) كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق.

60 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت"

(الطفيل) أي: ابن عمرو. ومرَّ حديث الباب في الجهاد (¬1). 60 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ" (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت" أي: بيانه. 6398 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: "رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ، وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، وَحَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوهِ. [6399 - مسلم: 2719 - فتح 11/ 196] (أنت المقدم) أي: لمن تشاء. 6399 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ المَجِيدِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي بُرْدَةَ، أَحْسِبُهُ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي وَجِدِّي وَخَطَايَايَ وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي". [انظر: 6398 - مسلم: 2719 - فتح 11/ 196] (اللهم اغفر لي) إلى آخره قاله - صلى الله عليه وسلم - تواضعًا وشكرًا لربه وتعليمًا لأمته، وقوله: (خطيئتي) بالإفراد وفي نسخة: "خطاياي" بالجمع. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2937) كتاب: الجهاد، باب: الدعاء للمشركين بالهدى.

61 - باب الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة

61 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ (باب: الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة) أي: بيان ما جاء فيه. 6400 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ سَاعَةٌ، لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا إلا أَعْطَاهُ" وَقَال بِيَدِهِ، قُلْنَا: يُقَلِّلُهَا، يُزَهِّدُهَا. [انظر: 935 - مسلم: 852 - فتح 11/ 199] (يقللها: يزهدها) جمع بينهما؛ تأكيدًا واختلف في تعيين الساعة فقيل: ساعة الصلاة، وقيل: آخر ساعة عند الغروب. ومرَّ الحديث في الجمعة (¬1). 62 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُسْتَجَابُ لَنَا فِي اليَهُودِ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا" (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يستجاب لنا في اليهود ولا يستجاب لهم فينا" أي: لأنا ندعو بالحق وهم يدعون بالظلم. 6401 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ اليَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، قَال: "وَعَلَيْكُمْ" فَقَالتْ عَائِشَةُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالعُنْفَ، أَو الفُحْشَ" قَالتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَال: "أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ، رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ". [انظر: 2935 - مسلم: 2165 - فتح 11/ 199] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد. ومرَّ حديث الباب في الاستئذان (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (935) كتاب: الجمعة، باب: الساعة التي في يوم الجمعة. (¬2) سبق برقم (6256) كتاب: الاستئذان، باب: كيف الرد على أهل الذمة بالسلام.

63 - باب التأمين

63 - باب التَّأْمِينِ. (باب: التأمين) أي: بيان مشروعيته. 6402 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَاهُ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا أَمَّنَ القَارِئُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّ المَلائِكَةَ تُؤَمِّنُ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [انظر: 780 - مسلم: 410 - فتح 11/ 200] (سفيان) أي: ابن عيينة. ومرَّ حديث الباب في الصلاة (¬1). 64 - باب فَضْلِ التَّهْلِيلِ. (باب: فضل التهليل) أي: بيان فضل لا إله إلا اللَّه. 6403 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ إلا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ". [انظر: 3293 - مسلم: 2691 - فتح 11/ 201] (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان. (من قال: لا إله إلا اللَّه) أي: لا إله لنا أو في الوجود إلا اللَّه؛ لأن (إله) في محل عند سيبويه واسم لا عند غيره فلا بد من خبر للمبتدأ أو لـ (لا) كما قررته، ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬2). 6404 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عُمَرُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (780) كتاب: الأذان، باب: جهر الإمام بالتأمين. (¬2) سبق برقم (3293) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَال: "مَنْ قَال عَشْرًا، كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ" قَال عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، مِثْلَهُ. فَقُلْتُ لِلرَّبِيعِ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فَقَال: مِنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، فَأَتَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، فَقُلْتُ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فَقَال: مِنَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، فَقُلْتُ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فَقَال: مِنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، يُحَدِّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَوْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلَهُ. وَقَال آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، سَمِعْتُ هِلال بْنَ يَسَافٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَوْلَهُ. وَقَال الأَعْمَشُ، وَحُصَيْنٌ: عَنْ هِلالٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَوْلَهُ. وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَالصَّحِيحُ قَوْلُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عَمْرٍو". [مسلم: 2693 - فتح 11/ 201] (من قال) أي: لا إلله إلا اللَّه وحده إلى آخره. (مثله) أي: مثل حديث أبي إسحاق. (فقلت) أي: قال ابن أبي السفر. (فقلت للربيع: ممن سمعته؟ قال: من عمرو بن ميمون فقلت) أي: قال الربيع، فقلت لعمرو: (ممن سمعته؟ قال: من ابن أبي ليلى فقلت) أي: قال عمرو: (فقلت) لابن أبي يعلى (ممن سمعته؟ قال من أبي أيوب الأنصاري) قال شيخنا: حاصل ذلك أن مع ما مرَّ أن عمر بن أبي زائدة أسنده عن شيخين أحدهما: عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون موقوفًا، والثاني: عن عبد اللَّه بن أبي السفر، عن الشعبي، عن الربيع، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي أيوب مرفوعًا (¬1). انتهى. ¬

_ (¬1) "الفتح" 11/ 202.

65 - باب فضل التسبيح

وقوله: (عن الشعبي) زيادة لا تليق بالحاصل المذكور؛ لأن الشعبي إنما روى عنه إسماعيل في رواية بعد، لا ابن أبي السفر. (وقال موسى) أي: ابن إسماعيل المنقري. (وهيب) أي: ابن خالد (عن داود) أي: ابن أبي هند. (وقال إسماعيل) أي: ابن أبي خالد الأحمسي. (قوله) بالنصب بقال، أي قول الربيع: إن الحديث موقوف. (ورواه): الحديث المذكور. (قال أبو عبد اللَّه) أي: البخاري. (والصحيح قول عمرو). قال شيخنا: كذا وقع في رواية أبي ذر عن المستملي وحده، ووقع عنده أي: عن غيره. (عمرو) بفتح العين، ونبه على أن الصواب عمر بضم العين، وهو كما قال وهو مراد البخاري بدليل قوله أولًا. (قال عمر بن أبي زائدة) (¬1). يعني: فالواو في عمرو في قوله: (والصحيح قول عمرو) سبق قلم هذا مع أن قوده: (قال: أبو عبد اللَّه) إلى آخره ساقط من نسخة، وفي بعض النسخ تقديم وتأخير في التعاليق السابقة. 65 - بَابُ فَضْلِ التَّسْبِيحِ (باب: فضل التسبيح) أي: بيان فضل سبحان اللَّه. 6405 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ قَال: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ". [مسلم: 2691 - فتح 11/ 206] (وإن كانت مثل زبد البحر) هذا ونحوه كنايات عبر بها عن الكثرة، قيل: وهذا يشعر بأن التسبيح أفضل من التهليل من حيث أن عدد زبد البحر أضعاف أضعاف ما قوبل به التهليل من كتب مائة حسنة ¬

_ (¬1) "الفتح" 11/ 205.

ومحو مائة سيئة، وأجيب: بأن ما جعل في مقابلة التهليل من عتق الرقاب يزيد على فضل التسبيح وتكفير الخطايا، إذ ورد أن: "من أعتق رقبة أعتق اللَّه بكل عضو منها عضوًا منه من النار" (¬1)، فحصل بهذا العتق تكفير جميع الخطايا مع زيادة كتب مائة حسنة ومحو مائة سيئة، ويؤيده أخبار منها: حديث الترمذي وابن حبان وصححه: "أفضل الذكر لا إله إلا اللَّه" (¬2). 6406 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ". [6682، 7563 - مسلم: 2694 - فتح 11/ 206] (ابن فضيل) هو محمد. (عن عمارة) أي: ابن القعقاع. (عن أبي زرعة) هو هرم بن عمرو البجلي. (كلمتان) أراد بالكلمة الكلام. (ثقيلتان في الميزان) بأن تجسم الأعمال أو الموزون صحائفها. (حبيبتان) أي: محبوبتان. (سبحان اللَّه العظيم، سبحان اللَّه وبحمده) (سبحان) لازم النصب على المصدرية ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (6715) كتاب: كفارات الأيمان، باب: قول اللَّه تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} من حديث أبي هريرة، بلفظ: "من أعتق رقبة مسلمة أعتق اللَّه بكل عضو منه عضوًا من النار، حتى فرجه بفرجه". (¬2) "سنن الترمذي" (3383) كتاب: الدعوات، باب: ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم وقد روى علي بن المديني وغير واحد عن موسى بن إبراهيم هذا الحديث. و"صحيح ابن حبان" 3/ 126 (846) كتاب: الرقائق، باب: الأذكار. وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي".

66 - باب فضل ذكر الله عز وجل

بإضمار فعل وهو علم جنسي على التسبيح، وإنما أضيف إلى علم مع أنه علم؛ لأنه نكر ثم أضيف والتسبيح معناه: التنزيه، أي: أنزه اللَّه تعالى عما لا يليق به، والواو في (وبحمده) لعطف جملة، على جملة، أي: والتسبت بحمده أو للحال أي: سبحت اللَّه ملتبسًا بحمدي له؛ من أجل توفيقه لي، ويجوز أن الحمد يضاف إلى الفاعل، وعليه فالمراد من الحمد: لازمه مجازًا، وهو ما يوجب الحمد من التوفيق ونحوه، وكرر التسبيح؛ طلبًا للتأكيد، وسيأتي الكلام على ذلك أيضًا مع زيادة في آخر الكتاب. وقدم هنا (سبحان اللَّه العظيم) على (سبحان اللَّه وبحمده) عكس ما يأتي ثَمَّ؛ لاختلاف نسخ البخاري فيهما. 66 - بَابُ فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (باب: فضل ذكر اللَّه عزَّ وجلَّ) أي: بما ورد من الألفاظ التي ورد الترغيب فيها والإكثار منها، وقد يطلق الذكر على العمل المأمور به أيضًا كالتنفل بالصلاة وغيرها. 6407 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ". [مسلم: 779 - فتح 11/ 208] (مثل الذي يذكر) إلى آخره وجه التشبيه بين الذاكر والحي الاعتداد بكل منهما والنصرة ونحوهما، وبين تارك الذكر والميت التعطيل في الظاهر والبطلان في الباطن. 6408 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ. قَال:

67 - باب قول: لا حول ولا قوة إلا بالله

"فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا" قَال: "فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالُوا: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ " قَال: "فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ " قَال: "فَيَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ؟ " قَال: "فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ " قَال: "يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا " قَال: "يَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونِي؟ " قَال: "يَسْأَلُونَكَ الجَنَّةَ" قَال: "يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ " قَال: "يَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا " قَال: "يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا؟ " قَال: "يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً، قَال: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ " قَال: "يَقُولُونَ: مِنَ النَّارِ " قَال: "يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ " قَال: "يَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا " قَال: "يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ " قَال: "يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً " قَال: "فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ " قَال: "يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةِ: فِيهِمْ فُلانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَال: هُمُ الجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ " رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 2689 - فتح 11/ 208] (يلتمسون أهل الذكر) أي: يطلبون مجالسهم. (هلموا) أي: تعالوا. (فيحفونهم) أي: يطوَّفونهم (بأجنحتهم). بأن يدنوها حولهم. (إلى السماء الدنيا) في نسخة: "إلى سماء الدنيا" ويوضح ذلك رواية: "قعدوا معهم وحف بعضهم بعضًا بأجنحتهم حتى يملؤا ما بينهم وبين سماء الدنيا" (¬1). (لا يشقى بهم جليسهم) في نسخة: "لا يشقى بهم جلساؤهم". 67 - بَابُ قَوْلِ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (باب: قول: لا حول ولا قوة إلا باللَّه) أي: بيان فضله. ¬

_ (¬1) رواها مسلم (2689) كتاب: الذكر والدعاء، باب: فضل مجالس الذكر.

68 - باب: لله مائة اسم غير واحد

6409 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَقَبَةٍ - أَوْ قَال: فِي ثَنِيَّةٍ - قَال: فَلَمَّا عَلا عَلَيْهَا رَجُلٌ نَادَى، فَرَفَعَ صَوْتَهُ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، قَال: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ، قَال: "فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا" ثُمَّ قَال: "يَا أَبَا مُوسَى - أَوْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ - أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الجَنَّةِ " قُلْتُ: بَلَى، قَال: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ". [انظر: 2992 - مسلم: 2704 - فتح 11/ 213] (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (سليمان) أي: ابن طرخان. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل. ومرَّ الحديث في باب: الدعاء إذا على عقبة (¬1). 68 - بَابٌ: لِلَّهِ مِائَةُ اسْمٍ غَيْرَ وَاحِدٍ (باب: للَّه مائة اسم غير واحد) أي: باب: بيان ذلك. 6410 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَفِظْنَاهُ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً، قَال: "لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا، مِائَةٌ إلا وَاحِدًا، لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إلا دَخَلَ الجَنَّةَ، وَهُوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الوَتْرَ". [انظر: 2736 - مسلم: 2677 - فتح 11/ 214] (سفيان) أي: ابن عيينة. (إلا واحدًا) في نسخة: "إلا واحدة" باعتبار معنى التسمية أو الصفة أو الكلمة. (يحب الوتر) أي: الذي شرعه وأثاب عليه. 69 - بَابُ المَوْعِظَةِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ (باب: الموعظة ساعة بعد ساعة) أي: خوف السآمة. 6411 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (6384) كتاب: الدعوات، باب: الدعاء إذا على عقبة.

شَقِيقٌ، قَال: كُنَّا نَنْتَظِرُ عَبْدَ اللَّهِ، إِذْ جَاءَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاويَةَ، فَقُلْنَا: أَلا تَجْلِسُ؟ قَال: لَا، وَلَكِنْ أَدْخُلُ فَأُخْرِجُ إِلَيْكُمْ صَاحِبَكُمْ وَإِلَّا جِئْتُ أَنَا فَجَلَسْتُ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِهِ، فَقَامَ عَلَيْنَا فَقَال: أَمَا إِنِّي أُخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ، وَلَكِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهِيَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا". [انظر: 68 - مسلم: 2821 - فتح 11/ 228] (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (شقيق) هو أبو وائل (عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (أما إني أخبر) بالبناء للمفعول (بمكانكم) أي: بكونكم هنا. (يتخولنا) أي: يتعهدنا. (كراهية السآمة علينا) عدى السآمة بعلى مع إنها إنما تعدى بمن؛ لأنه ضمنها معنى المشقة.

81 - كتاب الرقاق

81 - كِتَابُ الرِّقَاقِ

1 - باب ما جاء في الرقاق، وأن لا عيش إلا عيش الآخرة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 81 - [كِتَابُ الرِّقَاقِ] 1 - باب مَا جَاءَ فِي الرِّقَاقِ، وَأَنْ لَا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخِرَةِ. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب الرقاق) بكسر الراء وفي نسخة: "الرقائق" وكلاهما جمع رقيق، وهو: الذي فيه رقة وهي الرحمة، أي: كتاب بيان الكلمات المرققة للقلوب. (ولا عيش إلا عيش الآخرة) عطف على الرقاق وهو ساقط من نسخة. وفي أخرى: "باب: لا عيش إلا عيش الآخرة". 6412 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ " قَال عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [فتح 11/ 229] 6413 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخِرَهْ، فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ". [انظر: 2834 - مسلم: 1805 - فتح 11/ 229] 6414 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَنْدَقِ، وَهُوَ يَحْفِرُ وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ، وَيَمُرُّ بِنَا، فَقَال: "اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ

2 - باب مثل الدنيا في الآخرة

وَالمُهَاجِرَهْ" تَابَعَهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [انظر: 3797 - مسلم: 1804 - فتح 11/ 229] (مغبون فيهما) خبر لقوله: (كثير من الناس) و (الغبن) بسكون الموحدة وهو النقص في البيع أو بفتحها وهو: النقص في الرأي فكأنه. قال: هذان الأمران إذا لم يستعملا فيما ينبغي فقد غبن صاحبهما، أي: باعهما ببخس لا تحمد عاقبته أو ليس له في ذلك رأي ألبتة، فإن الإنسان إذا لم يعمل الطاعة في زمن صحته ففي زمن المرض بالطريق الأولى، وكذا الفراغ فيبقى بلا عمل خاسرًا مغبونًا. وقد يكون الإنسان صحيحًا ولا يتفرغ للعبادة؛ لانشغاله بأسباب المعاش وبالعكس. فإذا اجتمعا للعبد وقصر في نيل الفضائل غبن كل الغبن؛ لأن الدنيا سوق الأرباح ومزرعة الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة مولاه، فهو المغبوط ومن استعملهما في معصية اللَّه، فهو المغبون؛ لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها المرض ولو لم يكن إلا الهرم والمهاجرة بكسر الجيم. ومرَّ الحديث في مناقب الأنصار (¬1). 2 - بَابُ مَثَلِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)} [الحديد: 20]. 6415 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3795) كتاب: الأنصار، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - "أصلح الأنصار والمهاجرة".

3 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"

أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". [انظر: 2794 - مسلم: 1881 - فتح: 13/ 232]. (باب: مثل الدنيا في الآخرة) (في) بمعنى إلى وهي متعلقة بمحذوف، وقيل: مبتدأ خبره محذوف، والتقدير: مثل الدنيا بالنسبة إلى الآخرة كمثل إصبع جعلت في اليم ثم رجعت، أو كمثل دون قدر السوط أخذا لتقدير الخبر الأول من حديث في مسلم (¬1) وللثاني من حديث الباب إذ قدر كل من السوط في الجنة والغدوة والروحة في سبيل اللَّه إذا كان خيرًا من الدنيا وما فيها يكون للذي يساويهما مما في الجنة وسبيل اللَّه دون قدر السوط. (وقوله تعالى) عطف على (مثل الدنيا). ({أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ}) إلى آخره الحصر فيه إضافي؛ لأنه بالنسبة إلى الانشغال بالمذكورات، أما الانشغال فيها بالطاعات فمن أمور الآخرة. ({كَمَثَلِ غَيْثٍ}) أي: مطر ({أَعْجَبَ الْكُفَّارَ}) أي: الجاحدين لنعمة اللَّه مما رزقهم من الغيث والنبات، وقيل: الزراع. ({ثُمَّ يَهِيجُ}) أي: ييبس. ({ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا}) أي: فتاتا يضمحل بالرياح. ({وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}). أي: التمتع فيها وقوله: ({وَزِينَةٌ}) إلى آخره ساقط من نسخة. ومرَّ حديث الباب في الجهاد (¬2). 3 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" أي: طريق. وقوله: (أو عابر سبيل) ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2858) كتاب: الجنة ونعيمها، باب: فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة. (¬2) سبق برقم (2794) كتاب: الجهاد، باب: الغدوة والروحة في سبيل اللَّه.

4 - باب في الأمل وطوله

6416 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو المُنْذِرِ الطُّفَاويُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، قَال: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي، فَقَال: "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: "إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ". [فتح: 11/ 233]. (بمنكبي) بكسر الكاف مجمع العضد والكتف. (وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت) إلا آخره أي: سِرْ دائمًا ولا تفتر عن السير ساعة، فإنك إنْ قصرت في السير انقطعت عن المقصود، وهذا معنى المشبه به في قوله: (كن في الدنبا) إلى آخره، ومعنى المشبه في قوله: (وخذ من صحتك لمرضك) أي: خذ بعض أوقات صحتك لوقت مرضك يعني: اشتغل في الصحة بالطاعة بقدر ما لو وقع في المرض تقصير يجبر بها. (ومن حياتك) أي: وخذ وقت حياتك. (لموتك) يعني: اغتنم وقت حياتك لا يمر عنك في سهو وغفلة؛ لأن من مات قد انقطع عمله. 4 - بَابُ فِي الأَمَلِ وَطُولِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ، وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ، وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا مَتَاعُ الغُرُورِ} [آل عمران: 185] وَقَوْلِهِ: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا، وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 3] وَقَال عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: "ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً، وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اليَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ" {بِمُزَحْزِحِهِ} [البقرة: 96]: "بِمُبَاعِدِهِ".

(باب: في الأمل وطوله) الأمل بالفتح: رجاء ما تحبه النفس من نحو: طول عُمْرٍ، وزيادة غني وهو قريب من التمني، وقيل: الأمل: ما تقدم له سبب، والتمني بخلافه، وقيل: لا ينفك الإنسان عن الأمل فإن فاته ما أمله عوَّل على التمني. (وقول اللَّه تعالى) بالجر عطف على الأمل. ({فَمَنْ زُحْزِحَ}) بعد ({فَازَ}) أي: ظفر بالخير. ({بِمُزَحْزِحِهِ}) أي: (بمباعده) وهو ساقط من نسخة وقوله: ({ذَرْهُمْ}) عطف على (الأمل) أيضًا. (فإن اليوم عمل) إلى آخره جعل اليوم عملا والغد حسابًا، وإن كانا ظرفين لهما مبالغة كقولهم: نهاره صائم. 6417 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مُنْذِرٍ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الوَسَطِ، وَقَال: "هَذَا الإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ - أَوْ: قَدْ أَحَاطَ بِهِ - وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الخُطَطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا". [فتح: 11/ 235] (عن سفيان) أي: ابن سعيد الثوري. (عن منذر) أي: ابن يعلى. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (خط النبي - صلى الله عليه وسلم - خطأ مربعًا وخط خطا في الوسط خارجًا منه) أي: من الخط المربع. (وخط خططا) في نسخة: "خطوطا". (صغارا إلى هذا الذي) أي: إلى جانب هذا الخط الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط وصورته هكذا: (وقال: هذا الإنسان) أي: هذا الخط الوسط هو الإنسان. (وهذا

5 - باب من بلغ ستين سنة، فقد أعذر الله إليه في العمر

أجله) أي: هذا الخط المربع أجله. (وهذا الذي هو خارج) أي: من وسط الخط المربع. (أمله وهذه الخطط) أي: التي على الخارج من الخط المذكور. (الأعراض) أي: الآفات العارضة له كمرض. (فإن أخطأه) أي: فإن تجاوز عنه. (هذا نهشه هذا) أي: أخذه. 6418 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطُوطًا، فَقَال: "هَذَا الأَمَلُ وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الخَطُّ الأَقْرَبُ". [فتح: 11/ 236]. (مسلم) أي: ابن إبراهيم الفراهيدي. (خط النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - خطوطا) أي: ثلاثة ثالثها أبعد لما رواه الإمام أحمد (¬1). (فقال هذا) أي: الثالث. (الأمل وهذا) أي: الثاني. (أجله) وسكت عن الثالث، وتقديره: وهذا أي: الأول الإنسان. (فبينما هو كذلك) أي: طالب لأمله البعيد. (إذ جاءه الخط الأقرب) أي: إليه وهو الأجل. 5 - بَابُ مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً، فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي العُمُرِ لِقَوْلِهِ: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37]. (باب: من بلغ ستين سنة فقد أعذر اللَّه إليه في العمر) أي: أزال عذره فلم يبق له اعتذارًا حيث أمهله هذه المدة ولم يعتذر، فالهمزة للسلب. ({أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ}) هو توبيخ من اللَّه واختلف في مقدار العمر المراد هنا، فقيل: أربعون سنة، وقيل: ست وأربعون، وقيل: سبعون، وقيل: ستون وهو الصحيح. ({مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ}) (ما) نكرة موصوفة أي: تعميرا يتذكر فيه من تذكر. ({وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}) اختلف فيه، فقيل: الرسول، وقيل: القرآن، وقيل: الشيب، وهو الصحيح. ¬

_ (¬1) "المسند" 3/ 18.

6419 - حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الغِفَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ، حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً" تَابَعَهُ أَبُو حَازِمٍ، وَابْنُ عَجْلانَ، عَنِ المَقْبُرِيِّ. [فتح: 11/ 238]. (أخر أجله) أي: أطال حياته. (حتى بلغ ستين سنة) هي رابع الأسنان كما قاله الأطباء: سن الطفولية: وهو ما قبل البلوغ، وسن الشباب: وهو خمس وثلاثون، وسن الكهولة: وهو خمسون، وسن الشيخوخة: وهو سبعون، وفيه يظهر ضعف القوة ويتبين النقص والانحطاط ويأتيه نذير الموت فهو وقت الإنابة إلى اللَّه عزَّ وجلَّ. (تابعه) أي: معن بن محمد. 6420 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَزَالُ قَلْبُ الكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الأَمَلِ. قَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، وَابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ. [مسلم: 1046 - فتح: 11/ 239]. (لا يزال قلب الكبير) أي: الشيخ. (شابا) أي: قويا. (في اثنتين) أي: خصلتين. (في حب الدنيا) أي: المال. (وطول الأمل) أي: العمر. (يونس) أي: ابن يزيد. 6421 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ المَالِ، وَطُولُ العُمُرِ " رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ. [مسلم: 1047 - فتح: 11/ 239]. (يكبر ابن آدم) بفتح الموحدة، أي: يطعن في السن و (يكبر) بضمها، أي: يعظم، ويجوز فتحها، وعليه فالجمع بينه وبين الحديث

6 - باب العمل الذي يبتغى به وجه الله

السابق المعبر فيه بالشباب أن المراد بالشباب، ثَمَّ: الزيادة في القوة، وبالكبر هنا: الزيادة في العدد فذاك باعتبار الكيف، وهذا باعتبار الكم. 6 - بَابُ العَمَلِ الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فِيهِ سَعْدٌ. [انظر: 56]. (باب: العمل الذي يبتغى به وجه اللَّه) أي: يطلب به ذاته. (فيه) أي: في الباب. (سعد) أي: حديث سعد بن أبي وقاص السابق في الجنائز (¬1). 6422 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ - وَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ دَلْوٍ، كَانَتْ فِي دَارِهِمْ -. [انظر: 77 - فتح: 11/ 241]. 6423 - قَال: سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصارِيَّ، ثُمَّ أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ، قَال: غَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ". [انظر: 424 - مسلم: 33 - فتح: 11/ 241]. (لن يوافي) أي: لن يأتي. 6424 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ، إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ، إلا الجَنَّةُ". [فتح: 11/ 241]. (قتيبة) أي: ابن سعيد. (عن عمرو) أي: ابن أبي عمرو مولى المطلب. (جزاء) أي: ثواب. (إذا قبضت صفيه) أي: روح صفيه وهو الحبيب. ¬

_ (¬1) كتاب: الجنائز، باب: رثى النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة.

7 - باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها

7 - بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهَرَةِ الدُّنْيَا وَالتَّنَافُسِ فِيهَا (باب: ما يحذر من زهرة الدنيا) أي: بهجتها ونضارتها (والتنافس فيها) أي: الرغبة فيها. 6425 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ، وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، كَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ [إِلَى البَحْرَيْنِ] يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالحَ أَهْلَ البَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ العَلاءَ بْنَ الحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ، فَوَافَتْهُ صَلاةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ، وَقَال: "أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ" قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ". [انظر: 3158 - مسلم: 2961 - فتح: 11/ 243]. (بعث أبا عبيدة بن الجراح) أي: "إلى البحرين" كما في نسخة. (يأتي بجزيتها) أي: بجزية أهلها. (ما الفقر أخشى عليكم) بنصب (الفقر) بـ (أخشى) (فتنافسوها كما تنافسوها) بحذف إحدى التائين فيهما، أي: فترغبوا فيها كما رغبوا فيها. ومرَّ الحديث في الجزية (¬1) قيل: تقديم المفعول في قوله: (ما الفقر أخشى عليكم) يؤذن بأن المقصود من الكلام المفعول لا الفعل والاستدراك. وقع ¬

_ (¬1) سبق برقم (3164) كتاب: الجزية والموادعة، باب: ما أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - من البحرين.

بالعكس، وأجيب: بأن المنظور إليه في الاستدراك المفعول وهو المنافسة في الدنيا عند بسطها عليهم لا الفعل؛ ولهذا يقال: ما زيدا ضربت ولكن عمرا، ولا يقال: ولكن أكرمته. 6426 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاتَهُ عَلَى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المِنْبَرِ، فَقَال: "إِنِّي فَرَطُكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا". [انظر: 1344 - مسلم: 2296 - فتح: 11/ 243]. (إني فرطكم) أي: سابقكم إلى الحوض أهيئه لكم. ومرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 6427 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ" قِيلَ: وَمَا بَرَكَاتُ الأَرْضِ؟ قَال: "زَهْرَةُ الدُّنْيَا" فَقَال لَهُ رَجُلٌ: هَلْ يَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَصَمَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ، فَقَال: "أَيْنَ السَّائِلُ؟ " قَال: أَنَا - قَال أَبُو سَعِيدٍ: لَقَدْ حَمِدْنَاهُ حِينَ طَلَعَ ذَلِكَ - قَال: "لَا يَأْتِي الخَيْرُ إلا بِالخَيْرِ، إِنَّ هَذَا المَال خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ، إلا آكِلَةَ الخَضِرَةِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ وَبَالتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ. وَإِنَّ هَذَا المَال حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ". [انظر: 921 - مسلم: 1052 - فتح: 11/ 244]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1344) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد.

(هل يأتي الخير بالشر؟) أي: هل تصير النعمة عقوبة؟ لأن زهرة الدنيا نعمة من اللَّه فهل تعود هذه النعمة نقمة؟ (لقد حمدناه) أي: الرجل. (حين طلع ذلك) أي: ظهر، وحاصله: إنهم لاموه أولًا حيث رأوا سكوت النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - وظنوا أنه أغضبه ثم حمدوه آخرًا لما رأوا مسألته سببًا لاستفادة جواب سؤاله وهو قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: (لا يأتي الخير إلا بالخير) لأنه المناسب. (الربيع) أي: الجدول وهو النهير الصغير. (أو يلم) أي: يقرب من الهلاك. (إلا آكلة) بمد الهمزة. (الخضرة) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين: ضرب من الكلأ تحبه الماشية وتستلذ به فتستكثر منه، والهاء فيه للمبالغة كعلامة، أو هو صفة محذوف نحو البقلة الخضرة. (خاضرتاها) أي: جنباها و (اجترت) أي: استرجعت ما أدخلته في كرشها من العلف فمضغته ثانيًا. (وتلطت) أي: ألقت ما في بطنها من السرقين. ومرَّ الحديث في الزكاة (¬1). 6428 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ، قَال: حَدَّثَنِي زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ، قَال: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قَال عِمْرَانُ: فَمَا أَدْرِي: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قَوْلِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا - ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ". [انظر: 2651 - مسلم: 2535 - فتح: 11/ 244]. (أبا جمرة) بالجيم: هو نصر بن عمران الضبعي. (خيركم) فيه تغليب المخاطبين على غيرهم أي: خيركم يا أمتي (قرني) أي: أهل زمني وهم الصحابة. ومرَّ الحديث في الشهادات ¬

_ (¬1) سبق برقم (1465) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة على اليتامى.

ومناقب الصحابة (¬1). 6429 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ، وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ". [انظر: 2652 - مسلم: 2533 - فتح: 11/ 244]. (عبدان) هو لقب عبد اللَّه بن عثمان. (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون السكري. (عن عبيدة) أي: السلماني. ومرَّ حديثه في الشهادات أيضًا (¬2). 6430 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُ خَبَّابًا، وَقَدِ اكْتَوَى يَوْمَئِذٍ سَبْعًا فِي بَطْنِهِ، وَقَال: "لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِالْمَوْتِ، إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضَوْا، وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ، وَإِنَّا أَصَبْنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا لَا نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إلا التُّرَابَ". [انظر: 5672 - مسلم: 2681 - فتح: 11/ 244]. 6431 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَال: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، قَال: أَتَيْتُ خَبَّابًا، وَهُوَ يَبْنِي حَائِطًا لَهُ، فَقَال: "إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ مَضَوْا لَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا شَيْئًا، وَإِنَّا أَصَبْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ شَيْئًا، لَا نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا إلا التُّرَابَ". [انظر: 5672 - مسلم: 2681 - فتح: 11/ 244]. (وكيع) أي: ابن الجراح. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (سمعت خبابًا) أي: ابن الأرت، ومرَّ حديثه في الجنائز. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2651) كتاب: الشهادات، باب: لا يشهد على شهادة جورٍ إذا أشْهِدَ. وبرقم (3650) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) سبق برقم (6252) كتاب: الشهادات، باب: لا يشهد على شهادة جورٍ إذا أُشْهِدَ.

8 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور (5) إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير (6)} [فاطر: 5 - 6]

6432 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1276 - مسلم: 940 - فتح: 11/ 245]. (عن سفيان) أي: ابن عيينة. 8 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)} [فاطر: 5 - 6]. جَمْعُهُ سُعُرٌ، قَال مُجَاهِدٌ: {الْغَرُورُ} [فاطر: 5] الشَّيْطَانُ. (باب قول اللَّه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}) أي: لا تخدعنكم بزهرتها ومنافعها عن العمل للآخرة. ({وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}) إلخ ساقط من نسخة. (قال مجاهد الغرور: الشيطان) ساقط من نسخة. 6433 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ القُرَشِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ، أَخْبَرَهُ قَال: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، بِطَهُورٍ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى المَقَاعِدِ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَهُوَ فِي هَذَا المَجْلِسِ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ قَال: "مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ هَذَا الوُضُوءِ، ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" قَال: وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَغْتَرُّوا". [انظر: 226، 232 - مسلم: 159 - فتح: 11/ 250]. (شيبان) أي: أبو معاوية النحوي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (عثمان) أي: ابن عفان (بطهور) أي: بماء يتطهر به. (على المقاعد) هو موضع بالمدينة (¬1). ¬

_ (¬1) المقَاعِدُ: جمع مَقْعَد: عند باب الأقبر بالمدينة، وقيل: مساقف حولها، وقيل: هي دكاكين عند دار عثمان بن عفان، رضي اللَّه عنه، وقال الداودي: هي الدرج. انظر: "معجم البلدان" 5/ 164.

9 - باب ذهاب الصالحين

9 - باب ذَهَاب الصَّالِحِينَ. (باب: ذهاب الصالحين) بفتحَ الذال المعجمة، أي: بالموت. (ويقال: الذهاب) أي: بالكسر (المطر) وهو ساقط من نسخة. 6434 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مِرْدَاسٍ الأَسْلَمِيِّ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ، الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَيَبْقَى حُفَالةٌ كَحُفَالةِ الشَّعِيرِ، أَو التَّمْرِ، لَا يُبَالِيهِمُ اللَّهُ بَالةً" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "يُقَالُ حُفَالةٌ وَحُثَالةٌ". [انظر: 4156 - فتح: 11/ 251]. (عن بيان) أي: [ابن بشر] الأحمسي. (عن مرداس) بكسر الميم أي: ابن مالك. (حفالة) بضم المهملة، وبفاء: الرديء، من كل شيء (قال أبو عبد اللَّه: يقال: حفالة وحثالة) ساقط من نسخة. ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 10 - بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ المَالِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]. (باب: ما يتقى) بالبناء للمفعول. (من فتنة المال) هي الالتهاء به. و (قوله تعالى) عطف على (ما يتقى). 6435 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ". [انظر: 2886 - فتح: 11/ 253]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4156) كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية.

(أبو بكر) أي: ابن عياش. (عن أبي حصين) هو عثمان بن عاصم. (تعس) أي: سقط والمراد: هلك أو بعد عن الخير. (عبد الدينار) أي: خادمه والحريص على جمعه. (والقطيفة) هي دثار له خمل. (والخميصة) هي كساء أسود مربع. ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1). 6436 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لابْتَغَى ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ". [انظر: 6437 - مسلم: 1049 - فتح: 11/ 253]. (ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب) كناية عن الموت لاستلزامه الامتلاء كأنه قال: لا يشبع من الدنيا حتى يموت، وفيه تقرير لسابقه كأنه قيل: ولا يشبع من خلق من التراب إلا بالتراب. 6437 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلَا يَمْلَأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إلا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ" قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "فَلَا أَدْرِي مِنَ القُرْآنِ هُوَ أَمْ لَا"، قَال: وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى المِنْبَرِ. [انظر: 6436 - مسلم: 1049 - فتح: 11/ 253]. (محمد) أي: ابن المثنى. (مخلد) أي: ابن يزيد. (على المنبر) أي: بمكة المشرفة. 6438 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الغَسِيلِ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، عَلَى المِنْبَرِ بِمَكَّةَ فِي خُطْبَتِهِ، يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِيَ وَادِيًا مَلْئًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَلَوْ أُعْطِيَ ثَانِيًا أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَالِثًا، وَلَا يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ". [فتح: 11/ 253]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2886) كتاب: الجهاد، باب: الحراسة في الغزو في سبيل اللَّه.

(أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (ملأ) بفتح الميم وسكون اللام وبالهمز منونًا، وفي نسخة: "ملأن". 6439 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إلا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ". [مسلم: 1048 - فتح: 11/ 253]. (ولن يملأ فاه إلا التراب) عبَّر في الرواية الأولى، والثالثة: بالجوف، وفي الثانية: بالعين وفي هذه بالفم، وعبر غيره في رواية: بالبطن، وفي أخرى: بالنفس (¬1)، قال شيخنا: نسبة الامتلاء للجوف والبطن واضحة، وإلى النفس باعتبار أنه عبر بها عن الذات وأراد بها البطن من إطلاق الكل على البعض، وإلى الفم باعتبار أنه طريق الوصول إلى الجوف، وإلى العين باعتبار أنها الأصل في الطلب؛ لأنه يرى بها ما يعجبه فيطلبه ليحوزه (¬2). 6440 - وَقَال لَنَا أَبُو الوَلِيدِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُبَيٍّ، قَال: "كُنَّا نَرَى هَذَا مِنَ القُرْآنِ، حَتَّى نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] [فتح: 11/ 253]. (كنا نرى) أي: نعتقد (هذا) أي: الحديث. (حتى نزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}) أي: السورة التي هي متضمنة معنى الحديث في ما ¬

_ (¬1) رواه مسلم برقم (1046) كتاب: الزكاة، باب: كراهية الحرص على الدنيا. والبيهقي في "شعب الإيمان" 7/ 270 (10275) باب: في الزهد وقصر الأمل. (¬2) "فتح الباري" 11/ 255.

11 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا المال خضرة حلوة"

تضمنه من ذم الحرص على الاستكثار من جمع المال والتقريع بالموت، فلما نزلت هذه السورة وتضمنت معنى ذلك مع الزيادة عليه علموا أن الحديث من كلامه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأنه ليس قرآنًا، وبذلك علم أن الآية ليست ناسخة له؛ لأن شرط النسخ التعارض، ولا تعارض. 11 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا المَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ" وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [آل عمران: 14]. قَال عُمَرُ اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ إلا أَنْ نَفْرَحَ بِمَا زَيَّنْتَهُ لَنَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ أُنْفِقَهُ فِي حَقِّهِ. (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - هذا المال خضرة حلوة) التاء فيهما للمبالغة أو التأنيث باعتبار أنواع المال. (وقال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ}) إلى آخره. المزين هو اللَّه تعالى؛ للابتلاء، وقيل: الشيطان ولا منافاة؛ إذ نسبة ذلك إليه تعالى باعتبار الخلق والتقدير وإلى الشيطان باعتبار الكسب الذي أقدره اللَّه عليه. {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} إلى آخره ساقط من نسخة، ومعناه: الكثيرة بعضها فوق بعض، وفيه مبالغة كألوف مؤلفة ودراهم مدرهمة. (بما زينته لنا) أي: في آية {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} [آل عمران: 14] (وقوله: قال عمر) إلى آخره ساقط من نسخة. 6441 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَال: "هَذَا المَالُ" - وَرُبَّمَا قَال سُفْيَانُ: قَال لِي - "يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَال خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ

12 - باب ما قدم من ماله فهو له

بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى". [انظر: 1472 - مسلم: 1053 - فتح: 11/ 258]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (وربما قال سفيان: قال لي) أي: النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (يا حكيم) فالقائل قال لي: هو حكيم لا سفيان؛ لأن سفيان لم يدرك حكيمًا. ومرَّ الحديث في الزكاة في باب: الاستعفاف (¬1). 12 - بَابُ مَا قَدَّمَ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ لَهُ (باب: ما قدم) أي: [المكلف] (¬2) المسلم. (من ماله) في وجوه الخير. (فهو) خير (له) أي: عند اللَّه. 6442 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إلا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ، قَال: "فَإِنَّ مَالهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ". [فتح: 11/ 260]. (عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. ومعنى حديث الباب ظاهر. 13 - بَابٌ: المُكْثِرُونَ هُمُ المُقِلُّونَ وَقَوْلُهُ تَعَالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)} [هود: 15 - 16]. (باب: المكثرون هم المقلون) في نسخة: "هم الأقلون"، وفي ¬

_ (¬1) سبق برقم (1472) كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة. (¬2) من (م).

أخرى: "هم الأخسرون" أي: الأكثرون مالًا هم الأقلون ثوابًا. (وقوله تعالى) بالرفع عطف على (المكثرون)، وبالجر عطف على الجملة. ({مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}) إلى قوله: ({مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}) ساق الآيتين [بتمامهما] (¬1) معًا وفي نسخة: " {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} الآيتين" وفي أخرى: " {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا} " إلى قوله {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ". 6443 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي وَحْدَهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ، قَال: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ، قَال: فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي ظِلِّ القَمَرِ، فَالْتَفَتَ فَرَآنِي، فَقَال: "مَنْ هَذَا" قُلْتُ: أَبُو ذَرٍّ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَال: "يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَالهْ" قَال: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَال: "إِنَّ المُكْثِرِينَ هُمُ المُقِلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، إلا مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا" قَال: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَال لِي: "اجْلِسْ هَا هُنَا" قَال: فَأَجْلَسَنِي فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ، فَقَال لِي: "اجْلِسْ هَا هُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ" قَال: فَانْطَلَقَ فِي الحَرَّةِ حَتَّى لَا أَرَاهُ، فَلَبِثَ عَنِّي فَأَطَال اللُّبْثَ، ثُمَّ إِنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ، وَهُوَ يَقُولُ: "وَإِنْ سَرَقَ، وَإِنْ زَنَى" قَال: فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، مَنْ تُكَلِّمُ فِي جَانِبِ الحَرَّةِ، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قَال: "ذَلِكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الحَرَّةِ، قَال: بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، وَإِنْ سَرَقَ، وَإِنْ زَنَى؟ قَال: نَعَمْ " قَال: قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ، وَإِنْ زَنَى؟ قَال: "نَعَمْ، وَإِنْ شَرِبَ الخَمْرَ" قَال النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالأَعْمَشُ، وَعَبْدُ العَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، بِهَذَا، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ ¬

_ (¬1) من (م).

14 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا»

أَبِي الدَّرْدَاءِ، مُرْسَلٌ لَا يَصِحُّ، إِنَّمَا أَرَدْنَا لِلْمَعْرِفَةِ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ"، قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: "حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَال: مُرْسَلٌ أَيْضًا لَا يَصِحُّ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ " وَقَال: "اضْرِبُوا عَلَى حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ هَذَا: إِذَا مَاتَ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، عِنْدَ المَوْتِ". [انظر: 1237 - مسلم: 94 سيأتي بعد 991 برقم (33) - فتح: 11/ 260]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (أمشي في ظل القمر) أي: لأختفي عنه، وإنما مشى خلفه لاحتمال أن يطرأ له - صلى اللَّه عليه وسلم - حاجة فيكون قريبًا منه. (تعاله) بهاء السكت. وفي نسخة: "تعال" بحذفها. (إلا من أعطاه اللَّه خيرًا) أي: مالًا. قال اللَّه تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا}. (فنفح) بمهملة أي: أعطى. (في قاع) أي: أرض سهلة مطمئنة انفرجت عنها الجبال. (من تكلم) بضم الفوقية. (ذلك) في نسخة: "ذاك". قال: (وإن زنى وإن سرق) أي: يدخلها بعد المجازاة على المعصية أو مع الفائزين إن تاب عند الموت. ومرَّ الحديث في الاستقراض والاستئذان (¬1). (قال أبو عبد اللَّه) إلى قوله: (عند الموت) ساقط من نسخة. 14 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا» (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - ما أحب أن لي مثل أحد ذهبًا) في نسخة: "ما أحب أن لي أحدًا ذهبًا". وفي أخرى: "ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبًا" وهو الموافق للفظ حديث الباب. 6444 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرَّةِ المَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَنَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2388) كتاب: الاستقراض، باب: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها. وبرقم (6268) كتاب: الاستئذان، باب: من أجاب بلبيك وسعديك.

أُحُدٌ، فَقَال: "يَا أَبَا ذَرٍّ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "مَا يَسُرُّنِي أَنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا، تَمْضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إلا شَيْئًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إلا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا" عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ مَشَى فَقَال: "إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، إلا مَنْ قَال هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ" ثُمَّ قَال لِي: "مَكَانَكَ لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ" ثُمَّ انْطَلَقَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ حَتَّى تَوَارَى، فَسَمِعْتُ صَوْتًا قَدِ ارْتَفَعَ، فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَضَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ لِي: "لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ" فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى أَتَانِي، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتًا تَخَوَّفْتُ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَال: "وَهَلْ سَمِعْتَهُ" قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِي، فَقَال: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَال: وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ". [انظر: 1237 - مسلم: 94 - فتح: 11/ 263]. (أبوالأحوص) هو سلام بن سليم. (أرصده) بضم الصاد، أي: أعده. (هكذا وهكذا وهكذا) زاد في رواية: "وهكذا"؛ ليعم جهات الإنفاق الأربع. (عن يمينه وعن شماله ومن خلفه) قياس تلك الرواية أن يقال: ومن بين يديه، وغاير في حرف الجر حيث عبر في الأولين بعن، وفي الزائد عليهما بمن عملا بتقارب الحروف كما في آية: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 17]. 6445 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، لَسَرَّنِي أَنْ لَا تَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاثُ لَيَالٍ وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ، إلا شَيْئًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ". [انظر: 2389 - مسلم: 991 - فتح: 11/ 264]. (عن يونس) أي: ابن يزيد. ومرَّ الحديث في الاستقراض (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2389) كتاب: الاستقراض، باب: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها.

15 - باب الغنى غنى النفس

15 - بَابُ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55)} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالى: {مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} [المؤمنون: 55 - 63]. قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَعْمَلُوهَا لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا. (باب: الغنى) بكسر المعجمة والقصر أي: الغنى المعد لثواب الآخرة. غني النفس لا غنى المال، وأما الغناء بالفتح والمد: فهو الكفاية، وبالكسر والمد: ما طرب به من الصوت. (وقوله تعالى) بالرفع عطف على (الغني) وبالجر عطف على الجملة. ({أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55)}) إلى قوله تعالى: {مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63} بقية الآية الأولى: {نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56)} [المؤمنون: 56] ومن بعدها إلى: {هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} ثمان آيات فالجملة تسع وغرض البخاري فيها أن المال في نفسه ليس خيرًا، أي: معدًا لثواب الآخرة كما مرَّ وإلا فهو خير في الجملة كالبنين، ولهذا دعا النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لأنس بكثرتهما (¬1)، وقال اللَّه تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 185] أي: مالا. (قال ابن عيينة) أي: في تفسير قوله: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} لمؤمنون: من الآية 63] (لم يعملوها لا بد أن يعملوها) حاصله: كتبت عليهم أعمال سيئة لا بد أن يعملوها قبل موتهم ليحق عليهم كلمة العذاب. 6446 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ". [مسلم: 1051 - فتح: 11/ 271]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1982) كتاب: الصوم، باب: من زار قومًا فلم يفطر عندهم.

16 - باب فضل الفقر

(أبو حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين: هو عثمان بن عاصم. (ولكن الغنى غنى النفس) أي: بما أوتيت ورضاها به؛ لأنها إذا استغنت بذلك كفت عن المطامع فعزت وعظمت عند اللَّه وعند الخلق. 16 - باب فَضْلِ الفَقْرِ. (باب) ساقط من نسخة. (فضل الفقر) أي: بيانه. 6447 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ قَال: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: "مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا" فَقَال: رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، قَال: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا" فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَال أَنْ لَا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا". [انظر: 5091 - فتح: 11/ 273]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (لرجل عنده) هو أبو ذر الغفاري كما في صحيح ابن حبان (¬1). (حري) أي: حقيق. (ثم مرَّ رجل) قيل: هو جعيل بن سراقة. ومرَّ الحديث في النكاح (¬2). 6448 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، قَال: عُدْنَا خَبَّابًا، فَقَال: "هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى ¬

_ (¬1) "صحيح ابن حبان" 2/ 460، 461 (685) كتاب: الرقائق، باب: الفقر والزهد. (¬2) سبق برقم (5591) كتاب: النكاح، باب: الأكفاء في الدين.

اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَإِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الإِذْخِرِ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهُوَ يَهْدِبُهَا". [انظر: 1276 - مسلم: 940 - فتح: 11/ 273]. (الحميدي) هو عبد اللَّه بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (يريد وجه اللَّه) أي: ما عنده من الثواب. (أينعت) أي: أدركت. (يهدبها) بكسر المهملة ويجوز ضمها، أي: يقطعها. ومرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 6449 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ". [انظر: 3241 - مسلم: 2738 - فتح: 11/ 273]. تَابَعَهُ أَيُّوبُ، وَعَوْفٌ، وَقَال صَخْرٌ، وَحَمَّادُ بْنُ نَجِيحٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. (أبو رجاء) هو عمران العطاردي. ومرَّ حديثه في باب: كفران العشير، وفي بدء الخلق (¬2). (تابعه) أي: أبا رجاء. (أيوب) أي: السختياني. (وعوف) أي: الأعرابي. (وقال صخر) أي: ابن جويرية. 6450 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَمْ يَأْكُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ". [انظر: 5386 - فتح: 11/ 273]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1276) كتاب: الجنائز، باب: إذا لم يجد كفنًا. (¬2) سبق برقم (3241) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وإنها مخلوقة.

17 - باب: كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتخليهم من الدنيا

(خوان) بكسر الخاء وضمها، ويقال له: أخوان. ومرَّ بيانه في كتاب الأطعمة (¬1). 6451 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "لَقَدْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فِي رَفِّي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إلا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي، فَأَكَلْتُ مِنْهُ، حَتَّى طَال عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ". [انظر: 3097 - مسلم: 2973 - فتح: 11/ 274]. (وما في رفيِّ) هو خشب يرفع عن الأرض في البيت؛ ليوضع عليه ما يراد حفظه. (شطر شعير) أي: بعض شعير. (فكلته ففني) ظاهره أن الكيل سبب عدم البركة ولا ينافيه خبر: "كيلو طعامكم يبارك اللَّه لكم فيه" (¬2) لأن ذاك في البيع وهذا في الإنفاق، أو المراد بذاك: أن يكيله بشرط أن يبقي الباقي مجهولا. وفي الحديث: فضل الفقر من المال واختلف في تفضيل الغني على الفقير. وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح رسالة العارف باللَّه أبي القاسم القشيري"، وبينت فيه: أن الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر إذا كان فقره من الزائد على كفايته ليتم أمره وشأنه بذلك في ديانته، ولتكون نفسه به مطمئنة راغبة فيما عند ربها راضية مرضية. 17 - بَابٌ: كَيْفَ كَانَ عَيْشُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَتَخَلِّيهِمْ مِنَ الدُّنْيَا (باب: كيف كان عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وتخليهم عن الدنيا؟) أي: عن شهواتها وملاذها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5386) كتاب: الأطعمة، باب: ليس على الأعمى حرج. (¬2) سبق برقم (2128) كتاب: البيوع، باب: ما يستحب من الكيل.

6452 - حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ - بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِ هَذَا الحَدِيثِ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، كَانَ يَقُولُ: أَللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إلا هُوَ، إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إلا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إلا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي، وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي وَمَا فِي وَجْهِي، ثُمَّ قَال: "يَا أَبَا هِرٍّ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "الحَقْ" وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلَ، فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَال: "مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟ " قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلانٌ أَوْ فُلانَةُ، قَال: "أَبَا هِرٍّ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "الحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي" قَال: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلامِ، لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَلَا عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ، كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاءَ أَمَرَنِي، فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ البَيْتِ، قَال: "يَا أَبَا هِرٍّ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "خُذْ فَأَعْطِهِمْ" قَال: فَأَخَذْتُ القَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَويَ القَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ القَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَال: "أَبَا هِرٍّ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ" قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "اقْعُدْ فَاشْرَبْ" فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَال: "اشْرَبْ" فَشَرِبْتُ، فَمَا زَال يَقُولُ: "اشْرَبْ" حَتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَال: "فَأَرِنِي" فَأَعْطَيْتُهُ القَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الفَضْلَةَ. [انظر: 5375 - فتح: 11/ 281].

(أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (بنحو من نصف هذا الحديث) قد رواه النسائي والحاكم وأبو نعيم في "الحلية" بتمامه (¬1) وهذا الموضوع كما قيل من عقد الكتاب فإنه لم يذكر من حدثه بالنصف الآخر ويمكن أن يقال: اعتمد على ما ذكر بالسند الآخر المذكور في كتاب: الاستئذان (¬2). (كان يقول: اللَّه) بالجر بحذف حرف القسم وإبقاء عمله وبالنصب بنزع الخافض، وثبت في رواية والله (¬3) بواو القسم. (لأعتمد بكبدي على الأرض) أي: ألصق بطني بها. (وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع) أي: لثقل حرارة الجوع ببرد الحجر أو للمساعدة على الاعتدال؛ لأنَّ البطن إن أخوى لم يكن معه اعتدال. (على طريقهم) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه. (الحق) أي: بي أي: أتبعني. (دخل) أي: النبي. أي: أراد الدخول. (فاستأذن) أي: النبي من في البيت. (فأذن لي) أي: في الدخول بعد أن أذن له فيه. (فدخل) أي: النبي. في نسخة: "فاستأذن" أي: بصيغة المتكلم من المضارع وروي فاستأذنت وعليهما فالضمير فيهما لأبي هريرة على سبيل الالتفات. (إلحق إلى أهل الصفة) أي: انطلق إليهم. ¬

_ (¬1) النسائي في "الكبرى" كتاب: الرقائق كما في تحفة الأشراف 10/ 315، ورواه الحاكم في "المستدرك" 3/ 15 - 16 كتاب: الهجرة وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة. وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 338 - 339 ذكر أهل الصفة. (¬2) سبق برقم (6242) كتاب: الاستئذان، باب: إذا دُعي الرجل فجاء هل يستأذنُ. (¬3) رواه الحاكم في "المستدرك" 3/ 15 - 16 ذكر معاشرة أهل الصفة، كتاب: الهجرة.

(فساءني ذلك) أي: قوله: ادعهم لي. (فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة؟) الواو عاطفة على محذوف تقديره هذا قليل. 6453 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَال: سَمِعْتُ سَعْدًا، يَقُولُ: "إِنِّي لَأَوَّلُ العَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَأَيْتُنَا نَغْزُو وَمَا لَنَا طَعَامٌ إلا وَرَقُ الحُبْلَةِ، وَهَذَا السَّمُرُ، وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ، مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلامِ، خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِي". [انظر: 3728 - مسلم: 2966 - فتح: 11/ 282]. (يحيى) أي: ابن القطان. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (إلا ورق الحبلة) بضم المهملة وسكون الموحدة وضمها ثمر السلم وبعضهم عبر بفتح الموحدة بدل ضمها. (ما له خلط) أي: لا يختلط بعضه ببعض لجفافه. (تعزرني على الإسلام) أي: توقفني عليه وتقوني بتعليمه، وقيل: توبخني على التقصير فيه وذلك أنهم قالوا لعمر: إنه لا يحسن يصلى فقال: إن كنت محتاجًا إلى تعليمهم فقد خبت وضل عملي وضاع سعيي فيما مضى وفيما صليت مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ومرَّ الحديث والذي بعده في الأطعمة (¬1). 6454 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا، حَتَّى قُبِضَ". [انظر: 5416 - مسلم: 2970 - فتح: 11/ 282]. (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (تباعًا) أي: متتابعة. 6455 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هُوَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5412) كتاب: الأطعمة، باب: ما كان النبي وأصحابه يأكلون.

الأَزْرَقُ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ هِلالٍ الوَزَّانِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا أَكَلَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْلَتَيْنِ فِي يَوْمٍ إلا إِحْدَاهُمَا تَمْرٌ". [مسلم: 2971 - فتح: 11/ 282]. (إسحاق) أي: ابن يوسف بن يعقوب. (عن هلال) أي: ابن حميد، ومرَّ حديثه في الوضوء. 6456 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَدَمٍ، وَحَشْوُهُ مِنْ لِيفٍ". [مسلم: 2082 - فتح: 11/ 282]. 6457 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَال: كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ، وَقَال: "كُلُوا، فَمَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، وَلَا رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ". [انظر: 5385 - فتح: 11/ 282]. (كنا نأتي أنس بن مالك ...) إلح مر في الأطعمة (¬1). 6458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ يَأْتِي عَلَيْنَا الشَّهْرُ مَا نُوقِدُ فِيهِ نَارًا، إِنَّمَا هُوَ التَّمْرُ وَالمَاءُ، إلا أَنْ نُؤْتَى بِاللُّحَيْمِ". [انظر: 2567 - مسلم: 2972 (28) - فتح: 11/ 282]. (باللحيم) بالتصغير للتقليل. 6459 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالتْ لِعُرْوَةَ: "ابْنَ أُخْتِي، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الهِلالِ ثَلاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ" فَقُلْتُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالتْ: "الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالمَاءُ، إلا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبْيَاتِهِمْ فَيَسْقِينَاهُ". [انظر: 2567 - مسلم: 2972 (28) - فتح: 11/ 283]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5385) كتاب: الأطعمة، باب: الخبز المرقق.

18 - باب القصد والمداومة على العمل

(إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين) المراد بالهلال: الهلال الثالث وهو يرى عند انقضاء الشهرين، وبرؤيته يدخل أول الشهر الثالث. (يعيشكم) من الإعاشة وفي نسخة: "يعيشكم" بفتح المهملة وتشديد التحتية من التعيش، ومرَّ الحديث في الهبة (¬1). 6460 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتًا". [مسلم: 1055 - فتح: 11/ 283]. (عن عمارة) أي: ابن القعقاع. 18 - بَابُ القَصْدِ وَالمُدَاوَمَةِ عَلَى العَمَلِ (باب: القصد والمداومة على العمل) أي: الصالح. 6461 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَشْعَثَ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، قَال: سَمِعْتُ مَسْرُوقًا، قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَيُّ العَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالتْ: "الدَّائِمُ" قَال: قُلْتُ: فَأَيَّ حِينٍ كَانَ يَقُومُ؟ قَالتْ: "كَانَ يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ". [انظر: 1132 - مسلم: 741 - فتح 11/ 294]. (عبدان) هو لقب عبد اللَّه بن عثمان. (عن أشعث) أي: بن أبي الشعثاء سليم بن الأسود. (الصارخ) أي: الديك، ومرَّ الحديث في التهجد (¬2). 6462 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالتْ: "كَانَ أَحَبُّ العَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ". [انظر: 1132 - فتح: 11/ 294]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2567) كتاب: الهبة، باب: فضل الهبة. (¬2) سبق برقم (1132) كتاب: التهجد، باب: من نام عند السحر.

(قتيبة) أي: ابن سعيد. 6463 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ" قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "وَلَا أَنَا، إلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا". [انظر: 39 - مسلم: 2816 - فتح: 11/ 294]. (إلا أن يتغمدني اللَّه) أي: يسترني، قال الكرماني (¬1): الاستثناء منقطع ويحتمل أن يكون متصلًا من قبيل قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] ولا ينافي الحديث قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} [الزخرف: 72]، وقوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32] لأن السببية في مثل ذلك عادته، وفي الحديث حقيقية ولا يلزم من نفيها نفي العادية، وقيل: لأن السبب في ذلك محمول على سبب دخول منازل الجنة، وفي الحديث: محمول على دخول الجنة والخلود فيها (سددوا) من السداد وبالمهملة: وهو القصد من القول والعمل اختيار الصواب منهما. (وقاربوا) أي: لا تبلغوا النهاية في العمل بل تقربوا منها؛ لئلا تملوا. (واغدوا) أي: سيروا أول النهار. (وروحوا) أي: سيروا أول النصف الثاني من النهار. (وشيء) بالجر أي: واستعينوا بشيء، وفي نسخة: "شيئًا" أي: وافعلوا شيئًا. (من الدلجة) بضم الدال المهملة وسكون اللام أي: من سير الليل. (والقصد القصد) بالنصب على الإغراء أي: ألزموا الطريق الأوسط المعتدل. (تبلغوا) أي: مقصدكم، ومرَّ الحديث في باب: الدين يسر (¬2). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 22/ 222. (¬2) سبق برقم (39) كتاب: الإيمان، باب: الدين يسر.

6464 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ". [انظر: 1970، 6465، 6467 - مسلم: 782، 2818 - فتح: 11/ 294]. (سليمان) أي: ابن بلال. (أن لن) في نسخة: "أنه لن". (وأن أحب الأعمال أدومها إلى اللَّه وإن قل) (إلى) متعلقة بـ (أحب) قيل: أدومها كيف يكون قليلًا، ومعنى الدوام: شمول الأزمنة مع أنه غير مقدور أيضًا؟ وأجيب: بأن المراد من الدوام: الدوام العرفي لا الدوام الشامل لجميع الأزمنة. 6465 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَال: "أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ" وَقَال: "اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ". [انظر: 1970 - مسلم: 782، 783 - فتح: 11/ 294]. (وقال: اكلفوا) بهمزة وصل وبضم اللام وفتحها. 6466 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَال: سَأَلْتُ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، قُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ؟ قَالتْ: "لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطِيعُ؟!. [انظر: 1987 - مسلم: 783 - فتح: 11/ 294]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (ديمة) بكسر الدال أي: دائمًا. 6467 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "سَدِّدُوا وَقَارِبُوا

19 - باب الرجاء مع الخوف

وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لا يُدْخِلُ أَحَدًا الجَنَّةَ عَمَلُهُ" قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "وَلا أَنَا، إلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ" قَال: أَظُنُّهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَقَال عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا" قَال مُجَاهِدٌ: {قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]: "وَسَدَادًا: صِدْقًا". [انظر: 6464 - مسلم: 2818 - فتح: 11/ 294]. ({سَدِيدًا}) أي: في قوله تعالى: {وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} أي: صدقًا. 6468 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى لَنَا يَوْمًا الصَّلاةَ، ثُمَّ رَقِيَ المِنْبَرَ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ قِبْلَةِ المَسْجِدِ، فَقَال: "قَدْ أُرِيتُ الآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمُ الصَّلاةَ، الجَنَّةَ وَالنَّارَ، مُمَثَّلَتَيْنِ فِي قُبُلِ هَذَا الجِدَارِ، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ". [انظر: 93 - مسلم: 2359 - فتح: 11/ 295] (في قبل هذا الجدار) أي: قدامه. (فلم أر كاليوم) إلخ كرره للتأكيد. ومر الحديث في الصلاة (¬1). 19 - بَابُ الرَّجَاءِ مَعَ الخَوْفِ وَقَال سُفْيَانُ: مَا فِي القُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ: {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ، وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68]. (باب: الرجاء مع الخوف) أي: بيان استحباب ذلك فلا يقتصر على أحدهما إذ ربما يفضي الرجاء إلى المكر، والخوف إلى القنوط ¬

_ (¬1) سبق برقم (540) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت الظهر عند الزوال.

20 - باب الصبر عن محارم الله

وكل منهما مذموم، والمقصود من الرجاء أن من وقع منه تقصير فليحسن ظنه باللَّه ويرجُ أن يمحو عنه ذنوبه، ومن الخوف أن من وقع منه طاعة فليرجُ قبولها، والرجاء بالمد: تعليق القلب بمحبوبات من جلب نفع أو دفع ضرر سيحصل في المستقبل، ويفارق التمني: وهو طلب ما لا طمع في وقوعه بأن التمني يصحبه الكسل ولا يسلك صاحبه طريق الجد في الطاعات، والرجاء بعكسه. (وقال سفيان) أي: ابن عيينة. ({وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}) أي: القرآن. ووجه مناسبة الآية للترجمة: أن الآية تدل على أن من لم يعمل بما تضمنه الكتاب، لم تحصل له النجاة ولا ينفعه رجاؤه بلا عمل. 6469 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ العَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ". [انظر: 6000 - مسلم: 2752 - فتح: 11/ 301]. خلق الرحمة) أي: الرحمة التي جعلها في عبادة، أمَّا الرحمة التي هي صفة من صفاته تعالى فهي قديمة لا مخلوقة. (مائة رحمة) أي: مائة نوع من الرحمة، أو مائة جزء منها. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث إنه اشتمل على الوعد والوعيد المقتضيين للرجاء والخوف. 20 - بَابُ الصَّبْرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]. وَقَال عُمَرُ: وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ.

(باب: الصبر عن محارم اللَّه) أي: بيانه. ({إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ}) زاد في نسخة قبله: "وقوله عزَّ وجلَّ". 6470 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلا أَعْطَاهُ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَال لَهُمْ حِينَ نَفِدَ كُلُّ شَيْءٍ أَنْفَقَ بِيَدَيْهِ: "مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ لَا أَدَّخِرْهُ عَنْكُمْ، وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ". [انظر: 1469 - مسلم: 1053 - فتح: 11/ 303]. (أنفق بيديه) في نسخة: "بيده". والجملة حالية، أو اعتراضية، أو استئنافية. (يعفه اللَّه) أي: يرزقه العفة، ومرَّ الحديث في الزكاة (¬1). 6471 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاقَةَ، قَال: سَمِعْتُ المُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ، أَوْ تَنْتَفِخَ قَدَمَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: "أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا". [انظر: 1130 - مسلم: 2819 - فتح: 11/ 303]. (مسعر) أي: ابن كدام. (حتى ترم) بكسر الراء مضارع: ورم يرم مثل: ورث يرث وهو على غير القياس، وقياسه: تورم بإثبات الواو وفتح الراء كرجل برجل. (أو تنتفخ) (أو) للتنويع أو للشك قاله الكرماني (¬2). (فيقال له) أي: قد غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. ومر الحديث في التهجد (¬3). ومطابقته للترجمة: من حيث أنه - صلى الله عليه وسلم - صبر على الطاعة حتى ¬

_ (¬1) سبق برقم (1496) كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 20/ 228. (¬3) سبق برقم (1130) كتاب: التهجد، باب: قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ترم قدماه.

21 - باب: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق: 3]

تورمت قدماه، والصبر على ثلاثة أقسام: صبر عن المعصية؛ فلا يرتكبها، وصبر على الطاعة حتى يؤديها، وصبر على البلية، فلا يشكون به فيها. 21 - بَابٌ: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] قَال الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: "مِنْ كُلِّ مَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ". (باب: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}) أي: كافيه في الدارين. (من كل ما ضاق على الناس). كما ذكره بقوله: (قال الربيع) إلا آخره. 6472 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَال: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَال: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ". [انظر: 3410 - مسلم: 220 - فتح: 11/ 305]. (إسحاق) أي: ابن منصور لا ابن إبراهيم كما قيل. (لا يسترقون) أي: برقى الجاهلية. (ولا يتطيرون) أي: يتشاءمون بالطيور، ومرَّ الحديث في الطب (¬1). 22 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ قِيلَ وَقَالَ (باب: ما يكره من قيل وقال) هما فعلان، والمراد بهما: حكاية أقاويل الناس أو الإكثار مما لا فائدة فيه من الكلام، وقيل: هما ¬

_ (¬1) سبق برقم (5705) كتاب: الطب، باب: من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتو.

23 - باب حفظ اللسان

مصدران منونان يقال قال قولا وقيلا وقالا. 6473 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: مُغِيرَةُ، وَفُلانٌ وَرَجُلٌ ثَالِثٌ أَيْضًا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّ مُعَاويَةَ كَتَبَ إِلَى المُغِيرَةِ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَكَتَبَ إِلَيْهِ المُغِيرَةُ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلاةِ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ثَلاثَ مَرَّاتٍ، قَال: وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَال، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَعُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ البَنَاتِ. [انظر: 844 - مسلم: 593 - فتح: 11/ 306]. وَعَنْ هُشَيْمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَال: سَمِعْتُ وَرَّادًا، يُحَدِّثُ هَذَا الحَدِيثَ، عَنِ المُغِيرَةِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (مغيرة) أي: ابن مقسم. (وفلان) هو مجالد بن سعيد. (ورجل ثالث) هو داود بن أبي هند، أو زكريا بن أبي زائدة، أو إسماعيل بن أبي خالد. (وكثرة السؤال) أي: عن المسائل التي لا حاجة إليها أو سؤال الأموال. (ومنع) أي: منع ما شرع إعطاؤه. (وهات) أي: طلب ما منع أخذه شرعًا. (ووأد البنات) أي: دفنهن بالحياة. ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 23 - باب حِفْظِ اللِّسَانِ. وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ" وَقَوْلِهِ تَعَالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]. (باب: حفظ اللسان) أي: عن النطق بما لا يسوغ شرعًا. (أو ليصمت) أي: ليسكت. ({عَتِيدٌ}) أي: حاضر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (844) كتاب: الأذان، باب: الذكر بعد الصلاة.

6474 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ". [انظر: 6807 - فتح: 11/ 308]. (ما بين لحييه) بفتح اللام: العظمان في جانبي الفم وما بينهما هو اللسان. (حدثنا محمد) في نسخة: "حدثني محمد". (وما بين رجليه) هو الفرج، والمراد بالضمان: الأول والثاني لازمهما: وهو أداء الحق الأول، والمجازاة في الثاني أي: من أدى الحق الذي على لسانه من النطق بما يجب عليه أو الصمت عمَّا لا يعنيه وأدى الحق الذي على فرجه من وضعه في الحلال وكفه عن الحرام، جازيته بالجنة. 6475 - حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ". [انظر: 5185 - مسلم: 47 - فتح: 11/ 308]. 6476 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الخُزَاعِيِّ، قَال: سَمِعَ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي: النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ، جَائِزَتُهُ" قِيلَ: مَا جَائِزَتُهُ؟ قَال: "يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ". [انظر: 6019 - مسلم: 48 - فتح: 11/ 308]. (جائزته) بالنصب أي: أعطوا الضيف جائزته، وبالرفع أي: منها جائزته. (قال: يوم وليلة) أي: جائزته بمعنى: زمان جائزته يوم وليلة. والجملة مستأنفة مبينة للأولى أي: بره مطلوب زيادته في اليوم الأول

وليلته وفي اليومين لآخرين يقدم له ما تيسر وحمل بعضهم اليوم والليلة على اليوم الأخير وليلته. 6477 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ". [انظر: 6478 - مسلم: 2988 - فتح: 11/ 308]. (ابن أبي حازم) هو عبد العزيز. (يزيد) أي: ابن عبد اللَّه، ومرَّ الحديث في الأدب (¬1). (ليتكلم) في نسخة: "يتكلم". (بالكلمة) أي: بالكلام. (ما يتبين فيها) أي: لا يتدبر فيما يترتب عليها. (ما بين المشرق) أي: بين محلي الشروق: إذ مشرق الصيف غير مشرق الشتاء، وقد روي: "بين المشرق والمغرب" (¬2) واكتفى بأحدهما عن الآخر كما في {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81]. 6478 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْني ابْنَ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوي بِهَا فِي جَهَنَّمَ". [انظر: 6477 - مسلم: 2988 - فتح: 11/ 308]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6019) كتاب: الأدب، باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره. (¬2) رواه ابن حبان (5709) 13/ 16 كتاب: الحظر والإباحة، باب: ما يكره من الكلام وما لا يكره. والبيهقي في "السنن" 8/ 164 كتاب: قتال أهل البغي، باب: ما يكره من ثناء السلطان. وفي "شعب الإيمان" 4/ 247 (4956) باب: في حفظ اللسان، فصل السكوت عما لا يعنيه.

24 - باب البكاء من خشية الله

(سمع أبا النضر) هو هاشم ابن القاسم التيمي. (من رضوان اللَّه) أي: مما يرضاه. (بالا) أي: قلبا. (من سخط اللَّه) أي: مما لا يرضاه. (يهوي) بفتح التحتية وكسر الواو. 24 - بَابُ البُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (باب: البكاء من خشية اللَّه) أي: بيان فضله. 6479 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ: رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ". [انظر: 660 - مسلم: 1031 - فتح: 11/ 312]. (يحيى) أي: القطان. (يظلهم اللَّه) أي: تحت ظل عرشه (ففاضت عيناه) أي: سالتا، وأسند الفيض إليهما مع أن الفائض هو الدمع مبالغة. ومر الحديث في الزكاة وغيرها (¬1). 25 - باب الخَوْفِ مِنَ اللَّه. (باب: الخوف من اللَّه) أي: بيان فضله. 6480 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ، فَقَال لِأَهْلِهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَخُذُونِي فَذَرُّونِي فِي البَحْرِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَفَعَلُوا بِهِ، فَجَمَعَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَال: مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِي صَنَعْتَ؟ قَال: مَا حَمَلَنِي إلا مَخَافَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ". [انظر: 3452 - فتح: 11/ 312]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1423) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة باليمين.

(عن ربعي) أي: ابن حراش. (صائف) أي: حار، ومرَّ الحديث في بني إسرائيل (¬1). 6481 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الغَافِرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَجُلًا فِيمَنْ كَانَ سَلَفَ، أَوْ قَبْلَكُمْ، آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا - يَعْنِي أَعْطَاهُ - قَال: فَلَمَّا حُضِرَ قَال لِبَنِيهِ: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ، قَال: فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا - فَسَّرَهَا قَتَادَةُ: لَمْ يَدَّخِرْ - وَإِنْ يَقْدَمْ عَلَى اللَّهِ يُعَذِّبْهُ، فَانْظُرُوا فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا فَاسْحَقُونِي - أَوْ قَال: فَاسْهَكُونِي - ثُمَّ إِذَا كَانَ رِيحٌ عَاصِفٌ فَأَذْرُونِي فِيهَا، فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ - وَرَبِّي - فَفَعَلُوا، فَقَال اللَّهُ: كُنْ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ، ثُمَّ قَال: أَيْ عَبْدِي مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ قَال: مَخَافَتُكَ - أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ - فَمَا تَلافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ"، فَحَدَّثْتُ أَبَا عُثْمَانَ، فَقَال: سَمِعْتُ سَلْمَانَ، غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ: "فَأَذْرُونِي فِي البَحْرِ" أَوْ كَمَا حَدَّثَ وَقَال مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ عُقْبَةَ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3478 - مسلم: 2757 - فتح: 11/ 312]. (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (لم يبتئر) بتحتية مفتوحة فموحدة ساكنة ففوقية مفتوحة فهمزة مكسورة (فسرها قتادة) بقوله: (لم يدخر) أي: عند اللَّه خيرًا. (أو قال: فاسهكوني) من السهك: وهو دون السحق، والشك من الراوي. (وربي) أي: قال لكل من أوصاه قل وربي لأفعلن ذلك قيل: أو هو قسم من المخبر بذلك عنهم؛ ليصحيح خبره. (أو فرق) أي: خوف، والشك من الراوي. (فما تلافاه) أي: تداركه. و (ما) موصول، والمبتدأ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3452) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.

26 - باب الانتهاء عن المعاصي

خبره (أن رحمه) فـ (أن) مصدرية والمعنى الذي تداركه: هو الرحمة. (فحدثت) مقول سليمان، أو قتادة. (فاذروني) بهمزة قطع أو وصل. (أو كما حدث) شك في الراوي. (وقال معاذ) أي: ابن معاذ التميمي. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (عقبة) أي: ابن عبد الغافر، ومرَّ حديثه في بني إسرائيل (¬1). 26 - بَابُ الانْتِهَاءِ عَنِ المَعَاصِي (باب: الانتهاء عن المعاصي) أي: بيان وجوبه. 6482 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَال: رَأَيْتُ الجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ العُرْيَانُ، فَالنَّجَا النَّجَاءَ، فَأَطَاعَتْهُ طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فَصَبَّحَهُمُ الجَيْشُ فَاجْتَاحَهُمْ". [انظر: 3478 - مسلم: 2757 - فتح: 11/ 316]. (ما بعثني اللَّه) أي: به. (أنا النذير العريان) قيل: الأصل فيه: أن رجلًا لقى جيشًا فسلبوه وأسروه فانفلت إلى قومه فقال: إني رأيت الجيش وسلبوني فرأوه عريانًا فتحققوا صدقه؛ لأنهم كانوا يعرفونه ولا يتهمونه في النصيحة، ولا جرت عادته بالتعري، فقطعوا بصدقه، فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه ولما جاء به مثلًا بذلك، وقيل: غير ذلك. (فالنجاء النجاء) بالمد فيهما وبالقصر كذلك وبمد الأول، وقصر الثاني تخفيفًا، والنصب فيهما على الإغراء، أي: اطلبوا النجاء. (فأطاعته طائفة) في نسخة: "فأطاعه طائفة". (فأدلجوا) بهمزة قطع وسكون الدال أي: ساروا أول الليل. (على مهلهم) بفتحتين أي: بالتأني (فأجتاحهم) أي: استأصلهم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3478) كتاب: أحاديث الأنبياء.

6483 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا". [انظر: 3426 - مسلم: 2284 - فتح: 11/ 316]. (مثلي) أي: حالي. (استوقد) أي: أوقد. (بحجزكم) جمع حجزة: وهي معقد الإزار من السروايل موضع التكة، مثَّل حالة منعه الأمة عن الهلاك بحالة رجل أخذ بحجزة صاحبه الذي كان يهوي في مهلكة. (عن النار) أي: عن المعاصي التي هي سبب للولوج فيها. (وهم) فيه التفات، ومر الحديث في باب: قول اللَّه تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ} (¬1). 6484 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ". [انظر: 10 - مسلم: 40 - فتح: 11/ 316]. (المسلم) أي: الكامل. (من لسانه ويده) خصهما بالذكر؛ لأن سلطة الأقوال والأفعال إنما تظهر بهما وعبر باللسان دون القول؛ ليدخل فيه من أخرج لسانه استهزاء بصاحبه، ومرَّ الحديث في الإيمان (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3426) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ}. (¬2) سبق برقم (10) كتاب: الإيمان، باب: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

27 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا"

27 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا" 6485 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". 6486 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". [انظر: 93 - مسلم: 2359 - فتح: 11/ 319]. (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا) أي: ما أعلم من الأهوال والأحوال التي بين يدينا عند النزع؛ وفي البرزخ ويوم القيامة، وفي (لضحكتم) إلى آخره من البديع مقابلة الضحك بالبكاء، والقلة بالكثرة، ومطابقة كل منهما بالآخر. 28 - بَابٌ: حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ 6487 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ". [مسلم: 2823 - فتح: 11/ 320]. (باب: حجبت النار بالشهوات) زاد في نسخة: "وحجبت الجنة بالمكاره" وروى "حفت" (¬1) بدل: (حجبت) والمعنى على "حفت" التي هي من الحفاف: وهو الإحاطة بالشيء حتى لا يتوصل إليه إلا بتخطيه، أو ¬

_ (¬1) رواه مسلم برقم (2822) كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها. وابن حبان 2/ 494 (718) كتاب: الرقائق، باب: الفقر والزهد والقناعة.

29 - باب: "الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك"

إزالته أن الجنة لا يتوصل إليها إلا بقطع مفاوز المكاره، وعلى (حجبت) أن من هتك الحجاب بارتكاب الشهوات المحرمة كان ذلك سببًا لوقوعه في النار. ومن هتكه بفعله الطاعات المستلزمة للمكاره كان ذلك سببًا لدخوله، وسميت مكاره، لمشقتها على العامل وصعوبتها عليه. 29 - بَابٌ: "الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ" (باب: الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك) أي: أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والشراك: السير الذي يدخل فيه إصبع الرجل. 6488 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ". [فتح: 11/ 321]. (سفيان) أي: الثوري. 6489 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَصْدَقُ بَيْتٍ قَالهُ الشَّاعِرُ أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلُ". [انظر: 3841 - مسلم: 2256 - فتح: 11/ 321]. (غندر) لقب محمد بن جعفر. (أصدق بيت قاله الشاعر) أراد بالبيت بعضه، لاقتصاره على المصراع الأول وهو قوله: (ألا كل شيء ما خلا اللَّه باطل) أي: فانٍ، أو المراد هو ومصراعه الآخر وهو: وكل نعيم لا محالة زائل أو بناه على أن كل مصراع بيت كما عليه بعضهم، وأراد بالنعيم: النعيم الدنيوي إذ الأخروي لا يزول، ومرَّ الحديث في الأدب (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6147) كتاب: الأدب، باب: ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه.

30 - باب: لينظر إلى من هو أسفل منه، ولا ينظر إلى من هو فوقه

ومطابقته للترجمة: من حيث إن كل شيء مما ذكر إذا كان باطلًا يكون اشتغال العبد به مبعدًا من الجنة كما أن اشتغاله بضده مبعد من النار مع أن كلا منهما أقرب إليه من شراك نعله. 30 - بَابٌ: لِيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ، وَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ (باب: لينظر) بالجزم. (إلى من هو أسفل منه، ولا ينظر إلا من هو فوقه) أي: في الأمور الدنيوية، أما الأخروية فينظر إلى من فوقه لا إلى من دونه، لتزيد رغبته في اكتساب الفضائل. 6490 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي المَالِ وَالخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ". [مسلم: 2963 - فتح: 11/ 322]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (إلى من فضل عليه) بالبناء للمفعول. (والخلق) أي: الصورة، أو الولد (فلينظر إلى من هو أسفل منه) أي: ليسهل عليه نقصانه ويفرح بما أنعم اللَّه تعالى عليه ويشكره عليه. 31 - بَابُ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ بِسَيِّئَةٍ (باب: من هم بحسنة أو بسيئة) جواب (من) محذوف يعلم من حديث الباب. 6491 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا جَعْدُ بْنُ دِينَارٍ أَبُو عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَرْوي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَال: قَال: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ

32 - باب ما يتقى من محقرات الذنوب

بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً". [مسلم: 131 - فتح: 11/ 323]. (أبو معمر) هو عبد اللَّه بن عمرو. (عبد الوراث) أي: ابن سعيد. (جعد) أي: ابن دينار. (إن اللَّه كتب الحسنات والسيئات) أي: قدرهما في علمه على وفق الواقع، أو أمر الحفظة أن تكتب ذلك. (ثم بيَّن ذلك) أي: فصله بقوله: (فمن هم بحسنة) إلخ. (فإن هو هم بها) أي: بالسيئة. (فعملها كتبها اللَّه له سيئة واحدة) فرق اللَّه بينه وبين قسيمه في الهم بالحسنة حيث عفا عن عامل السيئة فلم يضاعفها كما ضاعف الحسنة لعاملها؛ تفضلًا منه على عباده كما تفضل عليهم بأن الحسنة بعشر أمثالها قال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] فأتي في الشر بالافتعال الذي لا بد فيه من المعالجة والتكلف. 32 - بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ (باب: ما يتقي) أي: يجتنب. (من محقرات الذنوب) أي: من الذنوب التي يحتقرها فاعلها و (ما) مصدرية. 6492 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ غَيْلانَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا، هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المُوبِقَاتِ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "يَعْنِي بِذَلِكَ المُهْلِكَاتِ". [فتح: 11/ 329]. (مهدي) أي: ابن ميمون. (عن غيلان) أي: ابن جرير لا ابن جامع كما قيل. (هي أدق) أي: أهون وأحقر. (إن كنا) (إن) مخففة من الثقيلة. (نعد) في نسخة: "نعدها"، وفي أخرى: "لنعدها" (الموبقات) في نسخة: "من الموبقات".

33 - باب: الأعمال بالخواتيم، وما يخاف منها

33 - بَابٌ: الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ، وَمَا يُخَافُ مِنْهَا (باب: الأعمال بالخواتيم) أي: بخواتيمها عند الموت (وما يخاف منها) عطف على الأعمال. 6493 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الأَلْهَانِيُّ الحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال: نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ المُشْرِكِينَ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ المُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنْهُمْ، فَقَال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا" فَتَبِعَهُ رَجُلٌ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَقَال بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ، فِيمَا يَرَى النَّاسُ، عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ، عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا". [انظر: 2898 - مسلم: 112 - فتح: 11/ 330]. (أبو غسان) هو محمد بن مطرف. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. (إلى رجل) اسمه: قزمان. (غناء عنهم) بفتح المعجمة وبالمد أي: كفاية. (فتبعه رجل) اسمه: أكثم بن أبي الجون. ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1). وفيه: أن العمل السابق لا عبرة به، بل بالعمل الخاتم والحث على مواظبة الطاعات، وعلى حفظ الأوقات عن معاصي اللَّه؛ خوفًا أن يكون ذلك آخر عمره. 34 - بَابٌ: العُزْلَةُ رَاحَةٌ مِنْ خُلَّاطِ السُّوءِ (باب: العزلة راحة من خُلاط السوء) جمع خليط وهو غريب، ويجمع أيضًا على خلطاء وخلط بضمتين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2898) كتاب: الجهاد والسير، باب: لا يقول: فلان شهيد.

6494 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، حَدَّثَهُ قَال: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَال: "رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ: يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ " تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، وَالنُّعْمَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَال مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال يُونُسُ، وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2786 - مسلم: 1888 - فتح: 11/ 330]. (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (عطاء) أي: ابن يزيد الليثي. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو. (في شعيب) بكسر المعجمة: وهو طريق في الجبل وما انفرج بين الجبلين ومسيل الماء، ولا ينافي ما في الحديث: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" (¬1)، "وخير الناس من طال عمره وحسن عمله" ونحوهما (¬2)؛ لأن هذا الاختلاف بحسب الأوقات والأقوام والأحوال. (تابعه) أي: شعيبًا. (الزبيدي) هو محمد بن الوليد. (والنعمان) أي: ابن راشد. (وقال يونس) أي: ابن يزيد. (وابن مسافر) هو عبد الرحمن بن خالد. (عن بعض أصحاب النبي) قيل: لعله أبو سعيد الخدري. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5027) كتاب: فضائل القرآن، باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. (¬2) رواه الترمذي (2329، 2330) كتاب: الزهد، باب: ما جاء في طول العمر للمؤمن. والحاكم 1/ 339 كتاب الجنائز. والمقدسي في "الأحاديث المختارة" 9/ 43 (20).

35 - باب رفع الأمانة

6495 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا المَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، خَيْرُ مَالِ الرَّجُلِ المُسْلِمِ الغَنَمُ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ". [انظر: 19 - فتح: 11/ 331]. (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (الماجشون) هو عبد العزيز بن عبد اللَّه. (شعف الجبال) أي: رءوسها، وفي العزلة فوائد: التفرغ للعبادة، وانقطاع طمع الناس عنه، وعتبهم عليه، والخلاص من مشاهدة الثقلاء. 35 - باب رَفْعِ الأَمَانَةِ. (باب: رفع الأمانة) أي: بيان ذهابها من بين الناس. 6496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ" قَال: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ". [انظر: 59 - فتح: 11/ 333]. (إذا أسند) أي: فوض. (الأمر) أي: المنصب كالخلافة والإمارة والقضاء، ومرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬1). 6497 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ، قَال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ: حَدَّثَنَا: "أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ" وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَال: "يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (59) كتاب: العلم، باب: من سئل علمًا وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل.

قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلانٍ رَجُلًا أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ " وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الإِسْلامُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا اليَوْمَ: فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إلا فُلانًا وَفُلانًا. [قَال الْفِرَبْرِيُّ: قَال أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَال: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولُ: قَال الأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عَمْرو وَغَيْرُهُمَا: جَذْرُ قُلُوبِ الرِّجَالِ، الْجَذْرُ: الأَصْلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْوَكْتُ: أَثَرُ الشَّيْءِ الْيَسِيرُ مِنْهُ، وَالْمَجْلُ: أَثَرُ الْعَمَلِ فِي الْكَفِّ إِذَا غَلُظَ]. [انظر: 7086، 7276 - مسلم: 143 - فتح: 11/ 333]. (سفيان) أي: الثوري. (في جذر قلوب الرجال) بفتح الجيم وكسرها وسكون المعجمة أي: أصلها كما ذكره بعد في نسخة، (ثم) أي: بعد نزول الأمانة في قلوبهم بالفطرة. (علموا) أي: علموها. (من القرآن) بآية: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] (ثم علموا) أي: علموها من السنة بالحديث المذكور، والحاصل: أن الأمانة كانت لهم بحسب الفطرة وحصَّلت لهم أيضًا؛ بالكسب من الكتاب والسنة. (مثل أثر الوكت) بفتح الواو وسكون الكاف وبفوقية أي: النقطة في الشيء من غير لونه، وسيأتي الإشارة إليه في نسخة. (مثل المجل) بفتح الميم وسكون الجيم أي: التنفط الذي يحصل في اليدين من العمل بفاس ونحوه. (منتبرا) أي: مرتفعًا. (قال الفربري) هو محمد بن يوسف. (قال أبو جعفر) هو محمد بن حاتم وراق البخاري أي: الذي يكتب له كتبه. (حدثت أبا عبد اللَّه) أي: البخاري. (فقال) أي: البخاري (أثر الشيء اليسير منه) أي: من

36 - باب الرياء والسمعة

الشيء، وقوله: (قال الفربري) إلى آخره ساقط من نسخة. 6498 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً". [مسلم: 2547، فتح: 11/ 333]. (لا تكاد تجد فيها راحلة) وهي التي ترحل لتركب أي: كلها تصلح للحمل ولا تصلح للرحل والركوب عليها أو المعنى: أن الناس كثير والمرضى منهم قليل. 36 - باب الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ. (باب: الرياء والسمعة) أي: بيان ذمهما، والرياء بالمد: إظهار العبادة ليراها الناس فيحمدوا صاحبها، والسمعة بضم السين وسكون الميم: التنويه بالعمل؛ ليسمعه الناس. 6499 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، قَال: سَمِعْتُ جُنْدَبًا، يَقُولُ: - قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: - قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ". [انظر: 7152 - مسلم: 2987 - فتح: 11/ 335]. (يحيى) أي: القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. (ولم أسمع أحدًا يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - غيره) أي: غير جندب أي: لم يبق من الصحابة حينئذ غيره في ذلك المكان. (من سمع سمع اللَّه به) بتشديد الميم فيهما أي: من أظهر عمله للناس ليسمعوه أظهر اللَّه نيته الفاسدة في عمله يوم القيامة، وفضحه على رءوس الأشهاد. (ومن يرائي يرائي اللَّه به) أي: ومن أظهر عمله ليروه أطلعهم على أنه فعل

37 - باب من جاهد نفسه في طاعة الله

ذلك لهم لا لوجه اللَّه، فاستحق سخط اللَّه عليه. والاختلاف في التعبير في الماضي في (من سمع) وبالمضارع في (ومن يرائي) من الرواة وإلا فقد روي الثاني بالماضي أيضًا (¬1). 37 - بَابُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ (باب: من جاهد نفسه في طاعة اللَّه) أي: بيان فضله. 6500 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إلا آخِرَةُ الرَّحْلِ، فَقَال: "يَا مُعَاذُ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَال: "يَا مُعَاذُ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَال: "يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَال: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟ " قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا" ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَال: "يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَال: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ" قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ". [انظر: 2856 - مسلم: 30 - فتح: 11/ 337]. (همام) أي: ابن يحيى. (إذا فعلوه) أي: ما ذكر من العبادة، ومرَّ الحديث في اللباس (¬2). 38 - بَابُ التَّوَاضُعِ (باب: التواضع) أي: بيان فضله، و (التواضع) خفض الجناح ولين الجانب. ¬

_ (¬1) رواه مسلم برقم (2986) كتاب: الزهد والرقائق، باب: الصدقة في المساكين. وأبو يعلى 3/ 93 (1524). والطبراني 9/ 150 (8751). (¬2) سبق برقم (5967) كتاب: اللباس، باب: إرداف الرجل خلف الرجل.

6501 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةٌ - قَال: ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا الفَزَارِيُّ، وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّويلِ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: كَانَتْ نَاقَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُسَمَّى: العَضْبَاءَ، وَكَانَتْ لَا تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَهَا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَقَالُوا: سُبِقَتِ العَضْبَاءُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إلا وَضَعَهُ". (زهير) أي: ابن معاوية. (حميد) أي: الطويل. (محمد) أي: ابن سلام. (العضباء) هي: المشقوقة الأذن، لكن ناقته - صلى اللَّه عليه وسلم - لم تكن مشقوقة الأذن، لكنه صار لقبًا لها، ومرَّ الحديث في كتاب: الجهاد (¬1). 6502 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَال: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ". [فتح: 11/ 340]. (عن عطاء) أي: ابن يسار. (آذنته بالحرب) أي: أعلمته بأني محارب له والمراد: لازمه أي: أعمل به ما يعمله العدو المحارب من الإيذاء ونحوه. (يتقرب إلي بالنوافل) أي: مع الفرائض. (كنت سمعه) إلى آخره. مجاز عن نصرة العبد وتأييده وإعانته، حتى كأنه سبحان ينزل ¬

_ (¬1) سبق برقم (2871، 2872) كتاب: الجهاد والسير، باب: ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

39 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بعثت أنا والساعة كهاتين" {وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير (77)} [النحل: 77]

نفسه من عبده منزلة الآلات التي يستعين بها، وقوله (استعاذني) بنون، وفي نسخة بموحدة. (وأنا أكره مساءته) أي: حياته؛ لأنه بالموت يبلغ النعيم المقيم، أو لأن حياته تؤدي إلى أرذل العمر وتنكيس الخلق والرد إلى أسفل سافلين، أو أكره مكروهه الذي هو الموت، فلا أسرع بقبض روحه قاله الكرماني (¬1). 39 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ" {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77)} [النحل: 77] (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بعثت أنا والساعة) بالنصب والرفع. (كهاتين) أي: كهاتين الإصبعين: السبابة والوسطى. ({وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ}) عطف على قول النبي. ({إلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ}) أي: إلا كرجع الطرف. ({أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}) ساقط من نسخة (هكذا) في نسخة: "كهاتين". 6503 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ هَكَذَا" وَيُشِيرُ بِإِصْبَعَيْهِ فَيَمُدُّ بِهِمَا. [انظر: 4936 - مسلم: 2950 - فتح: 11/ 347]. (ويشير بإصبعيه) أي: السبابة والوسطى كما مرَّ (¬2). (فيمدهما) أي: ليميزهما عن بقية الأصابع. 6504 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، وَأَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بُعِثْتُ [أَنَا] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 23/ 23. (¬2) سبق برقم (5301) كتاب: الطلاق، باب: اللعان.

40 - باب

وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ". [مسلم: 2951 - فتح: 11/ 347]. (وأبي التياح) هو يزيد. 6505 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ" يَعْنِي إِصْبَعَيْنِ، تَابَعَهُ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ. [فتح: 11/ 347]. (حدثني يحيى) في نسخة: "حَدَّثَنَا يحيى" (أخبرنا) في نسخة: "حدثنا" (أبو بكر) أي: ابن عباس. (تابعه) أي: أبا بكر. (إسرائيل) أي: ابن يونس. 40 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه، وفي نسخة: "باب: طلوع الشمس من مغربها". 6506 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ، وَلَا يَطْويَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَحَدُكُمْ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا". [انظر: 85 - مسلم: 2954 - فتح: 11/ 352]. (فذلك حين {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} أي: لا ينفع الإيمان حين طلوع الشمس من المغرب. (نفسًا) غير مقدمة إيمانها، أو مقدمة إيمانها غير كاسبة فيه خيرًا. (يليط حوضه) من لاط الرجل حوضه، وألاطه: أصلحه وطيبه، والقصد: أن قيام الساعة يقع بغتة.

41 - باب: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

41 - بَابٌ: مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ (باب: من أحب لقاء اللَّه أحب اللَّه لقاءه) أي: ومن كره لقاء اللَّه كره اللَّه لقاءه كما سيأتي في الحديث، واللقاء: إيثار العبد ما يحبه على غيره. 6507 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ" قَالتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ، قَال: "لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ" اخْتَصَرَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَعَمْرٌو، عَنْ شُعْبَةَ، وَقَال سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [مسلم: 2683، 2684 - فتح: 11/ 257]. (همام) أي: ابن يحيى. (اختصره) أي: الحديث. (أبو داود) هو سليمان الطيالسي. (وعمرو) أي: ابن مرزوق. 6508 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ". [مسلم: 2686 - فتح: 11/ 357]. (عن بريد) أي: ابن عبد اللَّه. 6509 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: "إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ" فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ

42 - باب سكرات الموت

سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى" قُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ، قَالتْ: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى". (عقيل) أي: ابن خالد. (الرفيق الأعلى) بالنصب بمقدر أي: أختار أو أريد، ومرَّ الحديث في الدعوات (¬1). 42 - بَابُ سَكَرَاتِ المَوْتِ (باب: سكرات الموت) أي: بيانها، وهي جمع سكرة بفتح السين وسكون الكاف: وهي شدة الموت. 6510 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ أَبَا عَمْرٍو ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ - أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، يَشُكُّ عُمَرُ - فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ" ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: "فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى" حَتَّى قُبِضَ وَمَالتْ يَدُهُ قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "العُلْبَةُ مِنَ الخَشَبِ، وَالرَّكْوَةُ مِنَ الأَدَمِ". [انظر: 890 - مسلم: 2443 - فتح: 11/ 361]. (ابن أبي مليكة) هو عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي مليكة. (ركوة) بفتح الراء: إناء صغير من جلد متخذ للشرب. (يشك) في نسخة: "شك". (عمر) أي: ابن سعيد. (في الرفيق الأعلى) وهم الأنبياء، أو الملائكة أي: اجعلني في جملتهم أي: اخترت الموت. 6511 - حَدَّثَنِي صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَعْرَابِ جُفَاةً، يَأْتُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْأَلُونَهُ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَكَانَ يَنْظُرُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (6348) كتاب: الدعوات، باب: دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - "اللهم الرفيق الأعلى".

إِلَى أَصْغَرِهِمْ فَيَقُولُ: "إِنْ يَعِشْ هَذَا لَا يُدْرِكْهُ الهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ"، قَال هِشَامٌ: يَعْنِي مَوْتَهُمْ. [مسلم: 2952 - فتح: 11/ 361]. (صدقة) أي: ابن الفضل. (عبدة) أي: ابن سليمان. (جفاة) بضم الجيم جافٍ من الجفاء: وهو غلظ الطبع؛ لقلة مخالطة الناس، وروي بالحاء المهملة بدل الجيم جمع حافٍ: وهو الذي يمشي بلا شيء في رجليه، وكلا المعنيين غالب على أهل البادية (إلى أصغرهم) اسمه: محمد. (يعني) أي: بقوله: ساعتكم. (موتهم) لأن ساعة كل إنسان موته: وهي الساعة الصغرى لا الكبرى التي هي بعث الناس؛ للمحاسبة، ولا الوسطى التي هي موت أهل القرن الواحد. قال الكرماني: وهذا الجواب من باب أسلوب الحكيم أي: دعوا السؤال عن وقت القيامة الكبرى فإنه لا يعلمه إلا اللَّه، واسألوا عن الموت الذي يقع فيه انقراض فهو أولى لكم؛ لأن معرفتكم به تبعثكم على ملازمة العمل بالصالح قبل فوته؛ لأن أحدكم لا يدري من الذي يسبق الآخر (¬1). ومطابقة الحديث للترجمة: تؤخذ من قوله: (موتهم) لأن كل موت فيه سكرة، ومرَّ الحديث آخر الأدب. 6512 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَال: "مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَال: "العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلادُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ". [انظر: 6513 - مسلم: 950 - فتح: 11/ 361]. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 23/ 28.

(إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (مستريح ومستراح منه) (الواو) بمعنى أو فهي للتنويع أي: لا يخلوا ابن آدم عن هذين المعنيين. (من نصب الدنيا) أي: تعبها. (وأذاها) من عطف العام على الخاص. (والعبد الفاجر) أي: الكافر، أو العاصي. (يستريح منه العباد) أي: لما يأتي به من المنكر؛ لأنهم إن أنكروا عليه آذاهم وإن تركوه أثموا (والبلاد) أي: لما يأتي به من العاصي إذ يحصل به الجدب. (والشجر) أي: لقلعه إياها غصبًا. (والدواب) أي: لاستعماله لها فوق طاقتها وتقصيره في علفها وسقيها. 6513 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ، المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ". [انظر: 6512 - مسلم: 950 - فتح: 11/ 362]. (ابن كعب) هو معبد. (المؤمن يستريح) أي: من نصب الدنيا كما مر. ومطابقته مع الذي قبله للترجمة: تؤخذ من أن الميت المؤمن إما مستريح أو مستراح منه، وكل منهما مشدد عليه عند الموت؛ ليزداد ثوابًا إن كان متقيًا، وليكفَّر عنه إن كان غيره. 6514 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ: يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ". [مسلم: 2690 - فتح: 11/ 362]. (الحميدي) هو عبد اللَّه بن الزبير (سفيان) أي: ابن عيينة. (يتبع الميت) في نسخة: "يتبع المرء" وفي أخرى: "يتبع المؤمن" وإطلاق

43 - باب نفخ الصور

التبعية والرجوع على المال مجاز ففي الكلام جمع بين الحقيقة والمجاز، وهو جائز عند الشافعي رحمه اللَّه. 6515 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ، غُدْوَةً وَعَشِيًّا، إِمَّا النَّارُ وَإِمَّا الجَنَّةُ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ إِلَيْهِ". [انظر: 1379 - مسلم: 2866 - فتح: 11/ 362]. (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (إما النار وإما الجنة) هو مانعة خلو ليشمل الجمع بينهما. (حتى يبعث) أي: "إليه" كما في نسخة، وفي أخرى: "عليه" بدل (إليه). 6516 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا". [مسلم: 1393 - فتح: 11/ 362]. (عن مجاهد) أي: ابن جبر، ومرَّ حديثه في آخر الجنائز (¬1). 43 - باب نَفْخِ الصُّورِ. قَال مُجَاهِدٌ: "الصُّورُ كَهَيْئَةِ البُوقِ" {زَجْرَةٌ} [الصافات: 19]: "صَيْحَةٌ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {النَّاقُورِ} [المدثر: 8]: "الصُّورِ" {الرَّاجِفَةُ} [النازعات: 6]: "النَّفْخَةُ الأُولَى" وَ {الرَّادِفَةُ} [النازعات: 7]: "النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ". (باب: نفخ الصور) أي: بيانه. (كهيئة البوق) أي: الذي يزمر به. ({زَجْرَةٌ}) في قوله تعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} أي: (صيحة). ({الرَّاجِفَةُ}) هي (النفخة الأولى). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1393) كتاب: الجنائز، باب: ما ينهى عن سب الأموات.

6517 - حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: اسْتَبَّ رَجُلانِ: رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ، فَقَال المُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى العَالمِينَ، فَقَال اليَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى العَالمِينَ، قَال: فَغَضِبَ المُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ اليَهُودِيِّ، فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ المُسْلِمِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ فِي أَوَّلِ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ مُوسَى فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ". [انظر: 2411 - مسلم: 2373 - فتح: 11/ 367]. (لا تخيروني) أي: لا تفضلوني على موسى، قاله تواضعًا وإرداعا لمن يخير بين الأنبياء من قبل نفسه. (فلا أدري أكان موسى فيمن صعق فأفاق قبلي) يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - قاله قبل علمه بأنه أول من تنشق عنه الأرض إن كان على ظاهره. (أو كان مما استثنى اللَّه) أي: بقوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68] واختلف في المستثني فقيل: هم الأنبياء وقيل: موسى (¬1)، وقيل: الشهداء (¬2)، وقيل: الموتى كلهم؛ لأنهم لا إحساس لهم فلا يصعقون، وقيل: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت (¬3)، وقيل: الأربعة وحملة العرش (¬4)، وقيل: الملائكة كلهم؛ لأنهم أرواح لا أرواح فيها فلا يموتون أصلًا، وقيل: الولدان الذين في الجنة والحور العين (¬5)، ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "التفسير" 11/ 29 (30239). (¬2) رواه الطبري في "التفسير" 11/ 28 (30235). (¬3) رواه الطبري في "التفسير" 11/ 27 (30233). (¬4) انظر: "الدر المنثور" 7/ 251. (¬5) انظر: "تفسير القرطبي" 15/ 280.

44 - باب: يقبض الله الأرض

وقيل: خزان الجنة، وقيل: خزان النار وما فيها الحيات العقارب، ومرَّ الحديث في باب: ما يذكر في الإشخاص (¬1). 6518 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَصْعَقُ النَّاسُ حِينَ يَصْعَقُونَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ قَامَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالعَرْشِ، فَمَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ" رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2411 - مسلم: 2373 - فتح: 11/ 367]. (رواه) أي: الحديث المذكور. 44 - بَابٌ: يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ رَوَاهُ نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 7412] (باب: يقبض اللَّه الأرض) زاد في نسخة: "يوم القيامة". 6519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ، وَيَطْوي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ". (ويطوي السماء) أي: يذهبها. (بيمينه) أي: بقدرته. 6520 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَتَكَفَّؤُهَا الجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ، نُزُلًا لِأَهْلِ الجَنَّةِ" فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ فَقَال: بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ يَا أَبَا القَاسِمِ، أَلا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَال: "بَلَى" قَال: تَكُونُ الأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً، كَمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى ¬

_ (¬1) سبق برقم (2411) كتاب: الخصومات، باب: ما يذكر في الإشخاص والملازمة.

بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَال: أَلا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ؟ قَال: إِدَامُهُمْ بَالامٌ وَنُونٌ، قَالُوا: وَمَا هَذَا؟ قَال: ثَوْرٌ وَنُونٌ، يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا. [مسلم: 2792 - فتح: 11/ 372]. (عن خالد) أي: ابن يزيد. (تكون الأرض يوم القيامة خبزة) بضم المعجمة وسكون الموحدة أي: طلمة بضم المهملة وسكون اللام: وهي عجين يوضع في الحفرة بعد إيقاد النار فيها. (يتكفؤها الجبار) أي: يقلبها ويميلها (بيده) أي: بقدرته. (كما يكفأ) أي: يقلب. (نزلًا لأهل الجنة) يأكلونه قبل دخولها، والنزل بضمتين: ما يعد للضيف عند نزوله. (ثم ضحك) أي: تعجبًا من إخبار اليهودي عن كتابهم، نظير ما أخبر به - صلى اللَّه عليه وسلم - من جهة الوحي، وقد كان يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه، فكيف بموافقتهم فيما أنزل عليه. (بإدامهم) بكسر الهمزة. (بالام) بسكون الميم وبرفعه منونا وغير منون. (ونون) عطف على (بالام). (قالوا) أي: الصحابة. (وما هذا) أي: ما معنى ذلك. (قال ثور) بمثلثة. (ونون) أي: حوت. (من زائدة كبدهما) هي القطعة المنفردة المتعلقة بكبدهما وهي أطيبه. (سبعون ألفا) هم الذين يدخلون الجنة بلا حساب أولم يرد الحصر بل العدد الكثير. 6521 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، قَال: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ، كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ" قَال سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ: "لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لِأَحَدٍ". [مسلم: 2790 - فتح: 11/ 372]. (أبو حازم) هو سلمة بن دينار. (عفراء) بالمد أي: ليس بياضها بالناصع. (كقرصة نقي) أي: كقرصة خبز سالم دقيقه من الغش (أو غيره) شك من الراوي. (ليس فيها) أي: في الأرض. (معلم) بفتح

45 - باب: كيف الحشر؟

الميم، أي: علامة. (لأحد) يستدل بها على الطريق، وفيه: إشارة إلى أن أرض الدنيا ذهبت وانقطعت العلامة منها. 45 - بَابٌ: كَيْفَ الحَشْرُ؟ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة. (باب: كيف الحشر) أي: الجمع في الآخرة، ولفظ: (كيف) ساقط من نسخة. 6522 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلاثِ طَرَائِقَ: رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ، وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا". [مسلم: 2861 - فتح: 11/ 377]. (وهيب) أي: ابن خالد. (على ثلاث طرائق) أي: فرق. (راغبين) أي: راجين. (راهبين) أي: خائفين، بنصبهما على البدلية من (طرائق) وهما الطريقة الأولى. (واثنان على بعير ..) إلى آخره: هي الطريقة الثانية وقطعه عن البدلية؛ ليخبر عنه بقوله: (على بعير) وسكت عن ذكر ما بين الأربعة والعشرة؛ إيجازًا واكتفاء بما ذكره وركوب الأربعة فما فوقها إما حمله بأن يخلق اللَّه في البعير قوة يقوى بها على حملهم، أو المراد: أنهم يركبونه مناوبة بأن يركب بعض تارة، ويمشي أخرى. (ويحشر بقيتهم النار) هي الطريقة الثالثة، والمراد بـ (النار): نار الدنيا، أو نار الفتنة التي يعقبها قيام الساعة، فالمراد بالحشر: هو الذي يكون قبل الساعة، ويدل له ما في الحديث الآتي، وقيل: هو الذي يكون عند الخروج من القبور، وجزم به الغزالي وغيره. (تقيل معهم حيث قالوا) إلى آخره مستأنف لبيان ما قبله.

6523 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا قَال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟ قَال: "أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ" قَال قَتَادَةُ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا. [انظر: 4760 - مسلم: 2806 - فتح: 11/ 377]. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (كيف يحشر الكافر على وجهه) إشارة إلى قوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} [الإسراء: 97] وفي نسخة: "يحشر الكافر" بتقدير حذف أداة الاستفهام، ومرَّ الحديث في التفسير (¬1). 6524 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّكُمْ مُلاقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً مُشَاةً غُرْلًا" قَال سُفْيَانُ: هَذَا مِمَّا نَعُدُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ. [انظر: 3349 - مسلم: 2860 - فتح: 11/ 337]. 6525 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى المِنْبَرِ، يَقُولُ: "إِنَّكُمْ مُلاقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا". [انظر: 3349 - مسلم: 2860 - فتح: 11/ 377]. (علي) أي: ابن المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال عمرو) أي: ابن دينار. (حفاة عراة) استشكل بخبر أبي داود وغيره: أن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها (¬2)، وأجيب: بأنهم يخرجون من القبور بأثوابهم ¬

_ (¬1) سبق برقم (4760) كتاب: التفسير، باب: الذين يحشرون على وجوههم. (¬2) رواه أبو داود (3114) كتاب: الجنائز، باب: ما يستحب من تطهير ثياب الميت عند الموت.

التي دفنوا فيها، ثم تتناثر عنهم عند ابتداء الحشر، فيحشرون عراة. (غرلا) جمع أغرل: وهو الأقلف. (سفيان) أي: ابن عيينة. 6526 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَال: "إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] الآيَةَ، وَإِنَّ أَوَّلَ الخَلائِقِ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَال العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 117]- إِلَى قَوْلِهِ - {الحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118]. قَال: فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ". [انظر: 3349 - مسلم: 2860 - فتح: 11/ 377]. ({كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ}) القصد منه: بيان صحة الإعادة بالقياس على الإبداء لشمول القدرة الأزلية لهما على السواء. (وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم) أي: لأنه أول من وضع سنة الختان، وفيه كشف لبعض العورة، أو لأنه أول من عري في ذات اللَّه حين أرادوا إلقاءه في النار، أو لأنه أول من استن التستر بالسراويل، أو لأنه لم يكن في الأرض أخوف للَّه منه فعجلت له كسوته مجازاة له على ذلك، وإما ناله أيضًا في الآخرة ليطهر قلبه، ولا يلزم من ذلك أفضلية إبراهيم على نبينا؛ لأن الاختصاص بفضيلة لا يلزم منه التفضيل المطلق، ومرَّ الحديث في أحاديث الأنبياء (¬1). 6527 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: حَدَّثَنِي القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3349) كتاب: أحاديث الأنبياء باب: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}.

عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا" قَالتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَال: "الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ". [مسلم: 2859 - فتح: 11/ 377]. (من أن يهمهم) بضم الياء وكسر الهاء: من أهمني الشيء أي: أحزنني وأقلقني. (ذاك) أي: نظر بعضهم إلا بعض. 6528 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ فِي قُبَّةٍ، فَقَال: "أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ" قُلْنَا: نَعَمْ، قَال: "أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ" قُلْنَا: نَعَمْ، قَال: "أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ" قُلْنَا: نَعَمْ، قَال: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إلا كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ". [انظر: 6642 - مسلم: 221 - فتح: 11/ 378]. (أو كالشعرة السوداء) تنويع، أو شك من الراوي. 6529 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ القِيَامَةِ آدَمُ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ، فَيُقَالُ: هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ كَمْ أُخْرِجُ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا؟ قَال: "إِنَّ أُمَّتِي فِي الأُمَمِ كَالشَّعَرَةِ البَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ". [فتح: 11/ 378]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (عن ثور) أي: ابن زيد الأيلي. (عن أبي الغيث) هو سالم، ومرَّ حديثه في كتاب: الأنبياء.

46 - باب قوله عز وجل: {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} [الحج: 1]

46 - بَابُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1] {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57)} [النجم: 57] {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: 1]. (باب قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}) أي: هائل. {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57)} أي: ({اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}). 6530 - حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، قَال: يَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَال: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَال: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ (وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) " فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ قَال: "أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا وَمِنْكُمْ رَجُلٌ" ثُمَّ قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ" قَال: فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَو الرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الحِمَارِ". [انظر: 3348 - مسلم: 222 - فتح: 11/ 388]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن أبي صالح) هو ذكوان الزيات (والخير في يديك) أي: والشر؛ لكنه اقتصر على الخير رعاية للأدب. (من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين) أي: فالمتأخر واحد من الألف ولا ينافي هذا ما مرَّ في الباب السابق من قوله: "كل مائة تسعة وتسعين"؛ لأن المقصود من العددين تقليل عدد المؤمنين وتكثير عدد الكافرين، أو أن هذا الحديث محمول على جميع ذرية آدم، وما مر على أمة محمد أو على من عدا يأجوج ومأجوج بقرينة ذكرهم في هذا دون ما مرَّ. (أينا ذلك الرجل؟) أي: الذي يبقى من الألف. (فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجلا) قضيته: أن المجموع ألف وواحد فلا يناسب ما قبله، وأجيب: باحتمال أن ذكر

47 - باب قول الله تعالى: {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون (4) ليوم عظيم (5) يوم يقوم الناس لرب العالمين (6)} [المطففين: 4 - 6]

(الألف) من جبر الكسر في قوله: (تسع مائة وتسعة وتسعين) ورفع (ألف) على أنه مبتدأ خبره ما قبله، والجملة خبر (إن) واسمها محذوف أي: الشأن، وقوله: (ومنكم) جملة معطوفة على الجملة قبلها، وقيل تقديره: والمخرج منكم رجل، وفي نسخة: "ألفًا ورجلا" بنصبهما وهو ظاهر، وروي رفع (الألف) وقد عرف وجهه مما ذكر، ونصب (الرجل) بمقدر أي: أخرج. (أو الرقمة في ذراع الحمار) الرقمة بفتح القاف وسكونها: قطعة بيضاء تكون في باطن عضد الحمار والفرس، وقيل: دائرة في ذراعهما، ومرَّ الحديث في قصة يأجوج ومأجوج (¬1). 47 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالمِينَ (6)} [المطففين: 4 - 6]. وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166] قَال: الْوُصُلَاتُ فِي الدُّنْيَا. (باب: قول اللَّه تعالى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالمِينَ (6)}). أي: لفصل القضاء، والظن هنا بمعنى: اليقين. (قال: الوصلات) لفظ: (قال) تكرار. 6531 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالمِينَ} [المطففين: 6] قَال: "يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ". [انظر: 4938 - مسلم: 2862 - فتح: 11/ 392]. (ابن عون) هو عبد اللَّه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3348) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قصة يأجوج ومأجوج.

48 - باب القصاص يوم القيامة

(يقوم أحدهم في رشحه) أي: عرقه (إلى أنصاف أذنيه) ذكر الأنصاف لبعض الناس لا لكلهم، كما سيأتي إيضاحه. 6532 - حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ". [مسلم: 2863 - فتح: 11/ 392]. (سليمان) أي: ابن بلال. (عن أبي الغيث) هو سالم. (يعرق) بفتح الراء، (حتى يذهب عرقهم) أي: يجري. (ويلجمهم) من ألجمه الماء إذا بلغ فاه، وسببُ كثرة العرق تراكم الأهوال ودنوا الشمس من رءوسهم والازدحام (حتى يبلغ آذانهم) هو لبعض الناس أيضًا. لتفاوت الناس في الطول والقصر فقد روى الحاكم خبر عقبة بن عامر: مرفوعًا: "فمنهم من يبلغ عرقه عقبه ومنهم من يبلغ نصف ساقه ومنهم من يبلغ ركبته، ومنهم من يبلغ فخذيه، ومنهم من يبلغ خاصرته، ومنهم من يبلغ فاه، ومنهم من يغطيه عرقه، وضرب بيده فوق رأسه" (¬1)، واستثنى من ذلك الأنبياء والشهداء، أو من شاء اللَّه من المؤمنين والمؤمنات، ثم أشد الناس عرقًا الكفار، ثم أصحاب الكبائر، ثم من بعدهم. 48 - بَابُ القِصَاصِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَهِيَ الحَاقَّةُ؛ لِأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ الأُمُورِ. الحَقَّةُ وَالحَاقَّةُ وَاحِدٌ، وَالقَارِعَةُ، وَالغَاشِيَةُ، وَالصَّاخَّةُ، وَالتَّغَابُنُ: غَبْنُ أَهْلِ الجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ. ¬

_ (¬1) رواه الحاكم 4/ 571 كتاب: الأهوال. وقال: هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

(باب: القصاص يوم القيامة) أي: بيانه مع كيفيته. (وهي) أي: القيامة. (الحقة والحاقة واحد) أي: في المعنى. (والقارعة والغاشية والصاخة) عطف على (الحاقة) الأولى وسميت قارعة؛ لأنها تقرع القلوب بأهوالها، وغاشية؛ لأنها تغشي الناس بإقراعها أي: تعمهم بذلك، وصاخة؛ لأن صخة القيامة مصمة عن أمور الدنيا ومسمعة لأمور الآخرة. (والتغابن) أي: في قوله تعالى: {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن: 9] (غبن أهل الجنة أهل النار) أي: لنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء، فـ (التغابن) هنا من طرف واحد لعدم تأتيه من الطرفين كما في سافر. 6533 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ بِالدِّمَاءِ". [انظر: 6864 - مسلم: 1678 - فتح: 11/ 395]. (الأعمش) هو سليمان. (شقيق) أي: ابن سلمة. (عبد اللَّه) أي: مسعود. (أول ما يقضى بين الناس بالدماء) في نسخة: "في الدماء" وذلك؛ لعظم شأنها، ولا ينافيه خبر أبي داود وغيره: "أول ما يحاسب به يوم القيامة صلاته" (¬1)؛ لأن ذاك في الحساب وهذا في القضاء. 6534 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ". [انظر: 2449 - فتح: 11/ 395]. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (864) كتاب: الصلاة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "كل صلاة لا يتمها صاحبها تتمُ من تطوعه". والنسائي 1/ 233 - 234 كتاب: الصلاة، باب: المحاسبة على الصلاة. وأحمد 4/ 103، والحاكم 1/ 262 - 263، وصححه الألباني في: "صحيح أبي داود" وغيره.

49 - باب: من نوقش الحساب عذب

(إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (مظلمة) بكسر اللام أشهر من فتحها: ما أخذه المرء بغير حق. (فليتحلله منها) أي: فليسأله أن تجعله في حل منها ويطلب منه براءة ذمته. (فإنه) أي: الشأن. (من قبيل) متعلق بقوله: (فليتحلله) وما بينهما اعتراض. (من حسناته) أي: من ثوابها. 6535 - حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] قَال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَخْلُصُ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا". [انظر: 2440 - فتح: 11/ 395]. ({وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}) ذكره بين رجال الإسناد؛ لأن الحديث كالتفسير له. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (عن أبي المتوكل) هو علي بن داود الناجي بنون وجيم. (على قنطرة) قيل: أنها صراط غير الصراط الذي على متن جهنم، وقيل: أنها من تتمته وأنها طرفه الذي يلي الجنة. (أهدى بمنزلة) قيل: (أهدى) لا يتعدى بالباء بل باللام، أو بإلى، فكأنه ضمن معنى اللصوق فعداه بالباء. 49 - بَابٌ: مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ عُذِّبَ (باب: من نوقش الحساب عذب) لأن المناقشة في الحساب: وهي الاستقصاء والتفتيش فيه يقتضي ذلك العرض أي: عرض الأعمال

عليه، ومرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬1). 6536 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ عُذِّبَ" قَالتْ: قُلْتُ: أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8] قَال: "ذَلِكِ العَرْضُ"، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَيُّوبُ، وَصَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 103 - مسلم: 2786 - فتح: 11/ 400]. 6537 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، حَدَّثَنِي القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ القِيَامَةِ إلا هَلَكَ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ قَدْ قَال اللَّهُ تَعَالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8] فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا ذَلِكِ العَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الحِسَابَ يَوْمَ القِيَامَةِ إلا عُذِّبَ". [انظر: 103 - مسلم: 2876 - فتح: 11/ 400]. (وتابعه) أي: عثمان. (رستم) بضم الراء والفوقية بينهما سين مهملة. 6538 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "يُجَاءُ بِالكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا، أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ كُنْتَ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ". [انظر: 3334 - مسلم: 2805 - فتح: 11/ 400]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (153) كتاب: العلم، باب: من سمع شيئًا فراجع حتى يعرفه.

50 - باب: يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب

(ما هو أيسر من ذلك) أي: وهو التوحيد، ومرَّ الحديث في كتاب: الأنبياء (¬1). 6539 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي خَيْثَمَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا وَسَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلَا يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ". [انظر: 1413 - مسلم: 1016 - فتح: 11/ 400]. (خيثمة) أي: ابن عبد الرحمن. (ما منكم من أحد ..) إلخ مرَّ في الزكاة (¬2). 6540 - قَال الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي عَمْرٌو، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اتَّقُوا النَّارَ" ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاح، ثُمَّ قَال: "اتَّقُوا النَّارَ" ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلاثًا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَال: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ". [انظر: 1413 - مسلم: 1016 - فتح: 11/ 400]. (عمرو) أي: ابن مرة. (وأشاح) أي: وصرف وجهه. 50 - بَابٌ: يَدْخُلُ الجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ (باب: يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب) أي: من هذه الأمة، وفي نسخة: "يدخلون" وهي على لغة أكلوني البراغيث. 6541 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، ح قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَدَّثَنِي أَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، قَال: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3334) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته. (¬2) سبق برقم (1413) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة قبل الرد.

فَقَال: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ العَشَرَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الخَمْسَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، هَؤُلاءِ أُمَّتِي؟ قَال: لَا، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قَال: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَال: كَانُوا لَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَال: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ" ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَال: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَال: "سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ". [انظر: 3247 - مسلم: 216 - فتح: 11/ 406]. 6542 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدَّثَهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ" وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ" ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَال: "سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ". [انظر: 6548 - مسلم: 2850 - فتح: 11/ 406]. (ابن فضيل) هو محمد. (حصين) أي: ابن عبد الرحمن. (أسيد) بفتح الهمزة وكسر السين. (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (عرضت عليَّ الأمم) أي: ليلة الإسراء. (تمر معه الأمة) أي: العدد الكثير. (رجل آخر) هو سعد بن عبادة. (سبقك بها عكاشة) قال ذلك له؛ لأنه أوحي إليه أنه مجاب في عكاشة ولم يوح إليه في غيره، وقيل: لأن الساعة التي سأل فيها عكاشة ساعة إجابة ثم انقضت، وقيل: لأنه أراد بذلك حسم المادة إذ لو أجاب الثاني لأوشك أن يقوم

51 - باب صفة الجنة والنار

رابع وخامس وهلم جرا، وليس كل أحد يصلح لذلك. 6543 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا، أَوْ سَبْعُ مِائَةِ أَلْفٍ - شَكَّ فِي أَحَدِهِمَا - مُتَمَاسِكِينَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمُ الجَنَّةَ، وَوُجُوهُهُمْ عَلَى ضَوْءِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ". [انظر: 3247 - مسلم: 219 - فتح: 11/ 406]. (شك) أي: أبو حازم. 6544 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ: يَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ الجَنَّةِ لَا مَوْتَ، خُلُودٌ". [انظر: 6548 - مسلم: 2850 - فتح: 11/ 406]. 6545 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُقَالُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ، وَلِأَهْلِ النَّارِ: يَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ". [فتح: 11/ 406]. (عن صالح) أي: ابن كيسان. (قال: إذا دخل) في نسخة: "قال: يدخل". (خلود) بالرفع مصدر، أو جمع خالد أي: هذا الحال خلود. 51 - بَابُ صِفَةِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ وَقَال أَبُو سَعِيدٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ" [انظر: 6520]. {عَدْنٌ} [التوبة: 72]: "خُلْدٌ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ: أَقَمْتُ، وَمِنْهُ المَعْدِنُ {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} [القمر: 55]: فِي مَنْبِتِ صِدْقٍ". (باب: صفة أهل الجنة والنار) أي: بيانها. (كبد حوت) في

نسخة: "كبد الحوت". ({عَدْنٍ}) في قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ} [التوبة: 72] أي: (خلد)، ويقال: (عدنت بأرض) أي: (أقمت) بها وهذا التفسير أخص من الأول. (فِي معدن صِدْقٍ) بكسر دال معدن أي. (في منبت صدق) في نسخة: " {فِي مَقْعَدِ} " بدل (في معدن). 6546 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ". [انظر: 3241 - مسلم: 2738 - فتح: 11/ 415]. (عوف) أي: ابن أبي جميلة. (عن أبي رجاء) هو عمران العطاردي. (عن عمران أي: ابن الحصين. (اطلعت في الجنة) ضمن (أطلعت) معنى: تأملت فعداه بـ (في). (فرأيت) أي: علمت، ومرَّ الحديث في بدء الخلق والنكاح (¬1). 6547 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قُمْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينَ، وَأَصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ". [انظر: 5196 - مسلم: 2736 - فتح: 11/ 415]. (إسماعيل) أي: ابن علية. (سليمان) أي: ابن طرخان (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل النهدي. (عن أسامة) أي: ابن زيد. (الجد) بفتح الجيم هنا أي: الغني والحظ، أما بكسرها فهو: الاجتهاد وضد الهزل. وبضمها: ساحل البحر بمكة والبئر في موضع كثير الكلإٍ (محبوسون) أي: ممنوعون مع الفقراء لأجل الحساب، ومرَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3241) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة. وبرقم (5198) كتاب: النكاح، باب: كفران العشير.

الحديث في الزكاة، وهذا الحديث والذي قبله ساقطان من نسخة. 6548 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا صَارَ أَهْلُ الجَنَّةِ إِلَى الجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ". [انظر: - مسلم: 2850 - فتح: 11/ 415]. (جئ بالموت) هو وإن كان عرضًا لا يوصف بالمجيء، لكن اللَّه جسمه على هيئة كبش أملح. (ثم يذبح) ذابحه: يحيى بن زكريا عليهما السلام بحضرة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقيل: جبريل للَّه على باب الجنة. (حزنا إلى حزنهم) بضم المهملة وسكون الزاي فيهما، وفي نسخة: بفتحهما فيهما. 6549 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى يَقُولُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ؟ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا". [انظر: 7518 - مسلم: 2829 - فتح: 11/ 415]. (أحل) أي: أنزل. 6550 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ غُلامٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُ فِي الجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ؟ فَقَال: "وَيْحَكِ، أَوَهَبِلْتِ، أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ لَفِي جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ". [انظر: - مسلم: - فتح: 11/ 415].

(أبو إسحاق) هو إبراهيم (حميد) أي: الطويل. (وإن تكن الأخرى) أي: النار (تر ما أصنع) أي: من الحزن الشديد. (ويحك) كلمة ترحم وإشفاق. (أو هبلت) أي: أفقدت عقلك؟ (لفي جنة الفردوس) هي أعلى الجنان. 6551 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الفُضَيْلُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ المُسْرِعِ". [مسلم: 2852 - فتح: 11/ 415]. (الفضل) أي: ابن غزوان لا ابن عياض كما قيل. (عن أبي حازم) هو سلمان الأشجعي. (ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاث أيام للراكب المسرع) وروي: خمسة أيام، وروي: "بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام" (¬1). وذلك لتعظيم عذابه ويضاعف ألمه. 6552 - وَقَال إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا المُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا". [مسلم: 2827 - فتح: 11/ 415]. 6553 - قَال أَبُو حَازِمٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ الجَوَادَ المُضَمَّرَ السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا". [مسلم: 2828 - فتح: 11/ 416]. (وهيب) أي: ابن خالد. 6554 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا، أَوْ سَبْعُ مِائَةِ أَلْفٍ، لَا يَدْرِي ¬

_ (¬1) رواه أحمد 2/ 26.

أَبُو حَازِمٍ أَيُّهُمَا قَال - مُتَمَاسِكُونَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ". [انظر: 3247 - مسلم: 219 - فتح: 11/ 416]. (لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم) بأن يدخلوا معًا صفًّا واحد فسقط ما قيل أن فيه دور التوقف دخول الأول على دخول الآخر وبالعكس نعم فيه دور معية لا محذور فيه، ومرَّ الحديث في الباب السابق (¬1). 6555 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ الغُرَفَ فِي الجَنَّةِ، كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ فِي السَّمَاءِ". [مسلم: 2830 - فتح: 11/ 416]. (عبد العزيز) أي: ابن أبي حازم. 6556 - قَال أَبِي، فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَال: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ، يُحَدِّثُ وَيَزِيدُ فِيهِ: "كَمَا تَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الغَارِبَ فِي الأُفُقِ: الشَّرْقِيِّ وَالغَرْبِيِّ". [انظر: 3256 - مسلم: 2831 - فتح: 11/ 416]. (الغارب) في نسخة: "الغابر" بتقديم الموحدة على الراء شبه رؤية الرائي في الجنة صاحب الغرفة برؤية الرائي الكوكب المضيء الباقي في جانب الشرق والغرب في الاستضاءة مع البعد، وعليه يحمل نسخة الغارب إذ ليس المراد منه غروبه، بل المراد: لازمه وهو البعد كما قاله الكرماني (¬2) وبذلك علم أن (الغابر) هنا بمعنا: الباقي وإن كان يستعمل فيه وفي الماضي، ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6543) كتاب: الرقائق، باب: يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 23/ 51. (¬3) سبق برقم (3256) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة.

6557 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا، وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا، فَأَبَيْتَ إلا أَنْ تُشْرِكَ بِي". [انظر: 3334 - مسلم: 2805 - فتح: 11/ 416]. (أبي عمران) هو عبد الملك بن حبيب الجوني. (لأهون أهل النار عذابًا) قيل: هو أبو طالب (¬1) ومعنى أهون: أسهل. (أن لا تشرك بي شيئًا) بفتح الهمزة بدل من (أهون من هذا). (فأبيت) أي: امتنعت، ومرَّ الحديث في باب {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ} (¬2). 6558 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ"، قُلْتُ: مَا الثَّعَارِيرُ؟ قَال: "الضَّغَابِيسُ، وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ" فَقُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ" قَال: نَعَمْ. [مسلم: 191 - فتح: 11/ 416]. (حماد) أي: ابن زيد. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (يخرج) أي: "قوم" كما في نسخة: (كأنهم الثعارير) بمثلثة فمهملة جمع ثعرور بالضم: كعصفور وهو صغار القثاء شبهوا بها؛ لسرعة نموها. وقيل: الشعارير بمعجمة بدل المثلثة. (قلت) أي: قال حماد لعمرو. (وما الثعارير؟ قال: الضغابيس) بمعجمتين وموحدة ¬

_ (¬1) رواه مسلم (212) كتاب: الإيمان، باب: أهون أهل النار عذابًا. (¬2) سبق برقم (3334) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}.

ومهملة جمع ضغبوس بالضم: وهو صغار القثاء أيضًا، وقيل: هو نبت في أصول الثمام بمثلثة مضمومة: نبت ضعيف له خوص، أو شبيه بالخوص قاله الجوهري (¬1). (وكان) أي: عمرو. (قد سقط فمه) أي: أسنانه فنطق بالشين مثلثة قال الكرماني: ولذلك لقب بالأثرم (¬2). (أبا محمد) أي: يا أبا محمد. وفي الحديث: إبطال قول المعتزلة لا شفاعة في العصاة متمسكين بقوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)} [المدثر: 48] وأجيب: بأن ذلك في الكفار. 6559 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ، فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الجَنَّةِ: الجَهَنَّمِيِّينَ". [7450 - فتح: 11/ 416]. (همام) أي: ابن يحيى العوذي. (سفع) مهملتين بينهما فاء ساكنة: سواد فيه زرقة أو صفرة يقال: سفعته النار إذا لفحته فغيرت لون بشرته. 6560 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، يَقُولُ اللَّهُ: مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيَخْرُجُونَ قَدْ امْتُحِشُوا وَعَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ - أَوْ قَال: حَمِيَّةِ السَّيْلِ - " وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّهَا تَنْبُتُ صَفْرَاءَ مُلْتَويَةً؟ ". [انظر: 22 - مسلم: 183، 184 - فتح: 11/ 416]. (موسى) أي: ابن إسماعيل. (وهيب) أي: ابن خالد. (امتحشوا) بالبناء للمفعول، ويروى بالبناء للفاعل أي: احترقوا. ¬

_ (¬1) "الصحاح" 3/ 942، 943 مادة: [ضغبس]. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 23/ 52.

(حمما) أي: فحما. (الحبة) بكسر المهملة: بذر العشب، أو البقلة الحمقاء. (في حميل السيل) أي: محموله: وهو ما جاء به من طين، أو غثاء. (أو قال: حمية) شك من الراوي. وحمي السيل بفتح المهملة وكسر الميم: جريه واشتداده. (صفراء ملتوية) هذا مما يزيد الرياحين حسنًا بتميله. والمعنى: فمن كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، يخرج من ذلك النهر نضرا متبخترا كخروج هذه من جانب السيل صفراء متميلة ولسرعة نباتها يكون ما نبت منها ضعيفًا ولضعفه يكون أصفر ملتويًا ثم تشتد قوته قاله النووي (¬1)، ومر الحديث في كتاب: الإيمان (¬2). 6561 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ، تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ". (أبا إسحاق) هو عمرو بن عبد اللَّه السبيعي. (في أخمص قدميه) أي: فيما دخل في باطنها فلم يصب الأرض. 6562 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ رَجُلٌ، عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي المِرْجَلُ وَالقُمْقُمُ". [انظر: 6561 - مسلم: 213 - فتح: 11/ 417]. (إسرائيل) أي: ابن يونس: (المرجل) بكسر الميم وسكون الراء وفتح الجيم: القدر من النحاس. (والقمقم) إناء معروف من زجاج. 6563 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ ¬

_ (¬1) "مسلم بشرح النووي" 3/ 38. (¬2) سبق برقم (22) كتاب: الإيمان، باب: تفاضل أهل الإيمان في الأعمال.

عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ قَال: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ". [انظر: 1413 - مسلم: 1016 - فتح: 11/ 417]. (شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عمرو) أي: ابن مرة (عن خيثمة) أي: ابن عبد اللَّه الجعفي. (فأشاح بوجهه) أي: صرفه، وقال ابن الأثير: المشيح: الحذر والجاد في الأمر (¬1)، ومرَّ الحديث في باب: من نوقش الحساب عذب (¬2). 6564 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، فَقَال: "لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ". [انظر: 3885 - مسلم: 210 - فتح: 11/ 417]. (والدراوردي) هو عبد العزيز بن محمد نسبة إلى دراورد: قرية من قرى خراسان (¬3). (عن يزيد) أي: ابن عبد اللَّه بن الهاد. (لعله تنفعه شفاعتي) هو مخصص لقوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)} [المدثر: 48] أو محمول على التخفيف. (في ضحضاح من النار) هو ما رقَّ من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين فاستعير للنار. (أم دماغه) أي: أصله وما به موامه، وقيل: جليدة رقيقة تحيط بالدماغ، ومرَّ الحديث في باب: قصة أبي طالب (¬4). ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 517. (¬2) سبق برقم (6539) كتاب: الرقائق، باب: من نوقش الحساب عذب. (¬3) انظر: "معجم البلدان" 2/ 447. (¬4) سبق برقم (3885) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قصة أبي طالب.

6565 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ: لَو اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّنَا. فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، وَيَقُولُ: ائْتُوا نُوحًا، أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا عِيسَى فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ: سَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِي، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ، أَو الرَّابِعَةِ، حَتَّى مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إلا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ " وَكَانَ قَتَادَةُ، يَقُولُ عِنْدَ هَذَا: "أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ". 6566 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، يُسَمَّوْنَ الجَهَنَّمِيِّينَ". [فتح: 11/ 418]. (لو استشفعنا على ربنا) ضمن (استشفعنا) معنى: شفعنا، فعداه بـ (على) وجواب (لو) محذوف أي: لكان خيرًا، أو هي للتمني فلا جواب لها. (بيده) أي: بقدرته. (فسجدوا لك) أي: سجود خضوع لا سجود عبادة. (لست هنا كم) أي: في هذه المرتبة قاله تواضعًا. (أو رسول بعثه اللَّه) أي: بعد آدم وشيث وإدريس أو بناه على أنهم أنبياء لا رسل. (ويذكر خطيئته) هي في آدم: أكله من الشجرة، وفي نوح: دعوته

على قومه، وفي إبراهيم: معاريضه الثلاث، وفي موسى: قتله القبطي. قالوا ذلك؛ تواضعًا وهضمًا لنفوسهم وإلا ففي الحقيقة هم معصومون مطلقًا، ولم يذكر عيسى لنفسه خطيئة لكن في مسلم: "إني عبدت من دون اللَّه" (¬1) (ما شاء اللَّه) روي: "قدر جمعة" (¬2). (فيحد لي حدا) كأن يقول: شفعتك في من أخل بالجماعة، ثم فيمن أخل بالصلاة، ثم فيمن شرب الخمر، ثم فيمن زنى وهكذا. قال شيخنا كذا حكاه الطيبي، والذي يدل عليه سياق الأخبار أن المراد به: تفضيل مراتب المخرجين في الأعمال الصالحة كما وقع عند أحمد عن يحيى القطان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في هذا الحديث بعينه (¬3). وأطال في بيان ذلك (¬4)، ويمكن رجوع ما قاله إلى ما حكاه الطيبي. (أي وجب عليه الخلود) أي: بنحو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] ومرَّ الحديث في تفسير سورة البقرة (¬5). 6567 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ، فَقَالَتْ: يَا ¬

_ (¬1) لم أجده في مسلم ولكن رواه الترمذي (3148) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة بني إسرائيل. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في: "صحيح الترمذي". (¬2) "مسند أحمد" 1/ 4 - 5. وأبو يعلى 1/ 57 (56). وأبو عوانة 1/ 151 - 152 (443) كتاب: الإيمان، باب: في صفة الشفاعة. وابن حبان 14/ 393 (6476) كتاب: التاريخ، باب: الحوض والشفاعة. (¬3) "فتح الباري" 11/ 437. والحديث في "مسند أحمد" 3/ 116. (¬4) انظر: "مسند أحمد" 3/ 116. (¬5) سبق برقم (4476) كتاب: التفسير، باب: قول اللَّه {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}.

رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِنْ قَلْبِي، فَإِنْ كَانَ فِي الجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا سَوْفَ تَرَى مَا أَصْنَعُ؟ فَقَال لَهَا: "هَبِلْتِ، أَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي الفِرْدَوْسِ الأَعْلَى". [مسلم: 2809 - فتح: 11/ 418]. 6568 - وَقَال: "غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ، أَوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الجَنَّةِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا - يَعْنِي الخِمَارَ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". [انظر: 44 - مسلم: 1880 - فتح: 11/ 418]. (غرب سهم) أي: لا يدري من رماه، ومرَّ الحديث أول الجهاد (¬1). 6569 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الجَنَّةَ إلا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ، لِيَزْدَادَ شُكْرًا، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إلا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ، لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً". [فتح: 11/ 418]. (ليزداد شكرًا) استشكل بأن الجنة ليست دار شكر، بل دار جزاء، وأجيب: بأن الشكر ليس على سبيل التكليف، بل على سبيل التلذذ، وبأن المراد: ليزدادوا فرحًا ورضًا، فعبَّر عنهما بلازمهما؛ لأن الفرحان بالشيء والراضي به يشكر من فعله له. 6570 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقَال: "لَقَدْ ظَنَنْتُ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2809) كتاب: الجهاد والسير، باب: من أتاه سهم غرب فقتله.

بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ". [انظر: 99 - فتح: 11/ 418]. (عن عمرو) أي: ابن أبي عمرو، ومرَّ حديثه في كتاب: العلم (¬1). 6571 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا، رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ كَبْوًا، فَيَقُولُ اللَّهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَأْتِيهَا، فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى، فَيَقُولُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى، فَيَقُولُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا - أَوْ: إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا - فَيَقُولُ: تَسْخَرُ مِنِّي - أَوْ: تَضْحَكُ مِنِّي - وَأَنْتَ المَلِكُ " فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَكَانَ يَقُولُ: "ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً". [انظر: 7511 - مسلم: 186 - فتح: 11/ 418]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن عبيدة) أي: السلماني. (حبوًا) أي: زحفًا، وفي نسخة: "كبوًا" وهو بمعناه. (أتسخر مني) إلى آخره قاله فرحًا ودهشةً ببلوغ ما لم يخطر بباله وجرى على عادته في الدنيا من مخاطبة المخلوق، وأراد بالاستهزاء لازمه من الإهانة ونحوها. (وكان يقال ذلك أدنى أهل الجنة منزلة) قال الكرماني: ليس من تتمة كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل من كلام الراوي نقلًا عن الصحابة وأمثالهم من أهل العلم - رضي الله عنهم - أجمعين (¬2)، وقال شيخنا: الذي من كلام الراوي هو: (وكان يقال) أما ما بعده فمن كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواه مسلم بلفظ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (99) كتاب: العلم، باب: الحرص على الحديث. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 23/ 59.

52 - باب الصراط جسر جهنم

"أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف اللَّه وجهه عن النار" (¬1). 6572 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنِ العَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ؟. [انظر: 3883 - مسلم: 209 - فتح: 11/ 419]. (عن عبد الملك) أي: ابن عمير. (هل نفعت أبا طالب بشيء) حذف الجواب اختصارًا، ومرَّ ذكره في الأدب بلفظ: "قال: نعم هو في ضحضاح من النار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار" (¬2). 52 - بَابُ الصِّرَاطُ جَسْرُ جَهَنَّمَ (باب: الصراط جسر جهنم) أي: منصوب عليه؛ لعبور المسلمين إلى الجنة. 6573 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرهُمَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقَال: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ" قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ" قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ القَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 11/ 444. والحديث في: مسلم (188) كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها. (¬2) سبق برقم (6208) كتاب: الأدب، باب: كنية المشرك.

فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ، وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ " قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَبِهِ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إلا اللَّهُ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، مِنْهُمُ المُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ المُخَرْدَلُ، ثُمَّ يَنْجُو حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ، مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، أَمَرَ المَلائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلامَةِ آثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنَ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدْ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الحِبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مِنْهُمْ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَاصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، فَلا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ، فَيَقُولُ: لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ، فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: يَا رَبِّ قَرِّبْنِي إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ، وَيْلَكَ ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو، فَيَقُولُ: لَعَلِّي إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ تَسْأَلُنِي غَيْرَهُ، فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، فَيُعْطِي اللَّهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ، فَيُقَرِّبُهُ إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: رَبِّ أَدْخِلْنِي الجَنَّةَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَوَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قِيلَ لَهُ: تَمَنَّ مِنْ كَذَا، فَيَتَمَنَّى، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: تَمَنَّ مِنْ كَذَا، فَيَتَمَنَّى، حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِيُّ، فَيَقُولُ لَهُ: هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ " قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا". [انظر: 806 - مسلم: 182 - فتح: 11/ 444].

6574 - قَال عَطَاءٌ، وَأَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: "هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ"، قَال أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ"، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: حَفِظْتُ "مِثْلُهُ مَعَهُ". [انظر: 22 - مسلم: 183 - فتح: 11/ 446]. (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (سعيد) أي: ابن المسيب. (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (هل تضارون؟) بتشديد الراء من الضرر، وبتخفيفها من الضير بمعنى: الضرر. (الطواغيت) جمع طاغوت بفوقية آخره وهو الشيطان والمحض، ويطلق أيضًا على رؤساء الضلال. (فيأتيهم اللَّه في غير الصورة التي يعرفون) أي: لأجل من معهم من المنافقين الذين لا يستحقون الرؤية وهم عن ربهم محجوبون، أو أن ذلك ابتلاء، والدنيا وإن كانت هي دار الابتلاء فقد توجد آثاره في الآخرة، كالذي يقع في القبر والموقف. (في الصورة التي يعرفون) أي: في صفته التي هو عليها من الجلال والكمال والتعالي عن صفات الحدث. (فيقولن أنت ربنا) يعرفهم اللَّه حينئذٍ بخلق علم فيهم، أو بما عرفوا من وصف الأنبياء لهم، أو تصير يوم القيامة جميع المعلومات ضروريًّا. (فيتبعونه) أي: أمره، أو ملائكته الذين وكلوا بذلك. (فأكون) أي: أنا مع أمتي. (أول من يجيز) من أجزت الوادي وجزته بمعنى: سرت عليه وقطعته، وفي رواية: "أول من يجوز بأمتي" (¬1). وعلى الأولى فالمجيز هو النبي، ¬

_ (¬1) سبق برقم (806) كتاب: الأذان، باب: فضل السجود.

53 - باب في الحوض

وقيل: اللَّه تعالى. (وبه) أي: بالجسر. (كلاليب) أي: معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به. قيل: وهي الشهوات المشار إليها في خبر: "حفت النار بالشهوات" (¬1). (مثل شوك السعدان) جمع سعدانة وهي نبات ذو شوك. (فتخطف) بفتح الطاء وكسرها. (بأعمالهم) أي: القبيحة أي: بسببها. (الموبق) بفتح الموحدة أي: المهلك. (المخردل) بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة أي: المقطع كالخردل، وفي نسخة: "بجيم" بدل الخاء من الجردلة: وهي الإشراف على السقوط. (قد امتحشوا) بالبناء للمفعول وللفاعل أي: احترقوا غير آثر السجود بقرينة ما قبله. (ويبقى رجل) زاد في نسخة: "منهم". (قشبني) بفتح القاف والمعجمة، أي: آذاني وأهلكني. (ذكاها) بالقصر وقد يمد أي: شدة حرها ولهبها واشتعالها (أغدرك) فعل تعجب من الغدر، وهو نقض العهد. (فإذا رأى ما فيها) قيل: كيف رأى ما فيها ولم يدخلها؟ وأجيب: بأنها شفافة يرى باطنها من ظاهرها، أو المراد بالرؤية: العلم الحاصل له من سطوع رائحتها الطيبة، أو غيره، ومرَّ الحديث في باب: فضل السجود وغيره (¬2). 53 - باب فِي الْحَوْضِ. وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} [الكوثر: 1]. وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ". [انظر: 4430]. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (2822) كتاب: الجنة ونعيمها. وسبق برقم (6487) كتاب: الرقاق، باب: حفت النار بالشهوات. (¬2) سبق برقم (806) كتاب: الأذان، باب: فضل السجود.

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب: في الحوض) في نسخة: "كتاب في الحوض" واختلف في محله فقيل: قبل الصراط، وقيل: بعده، وقيل: له حوضان حوض قبله وحوض بعده كل منهما يسمى كوثرًا (¬1)، والصحيح: أن حوضه كغيره، وقد روى الترمذي: "أن لكل نبي حوضًا وهو قائم على حوضه بيده عصا يدعو من عرف من أمته ألا وإنهم يتباهون أيهم أكثر تبعًا، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تبعًا" (¬2). (وقول اللَّه) بالجر عطف على الحوض. ({إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)}) هو نهر في الجنة، أو الخير الكثير من النبوة والقرآن وغيرهما كما سيأتي. وجمع بينهما سعيد بن جبير فيما يأتي بأن النهر من الخير الذي أعطاه اللَّه إياه (¬3). 6575 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ". [6576، 7409 - مسلم: 3297 - فتح: 11/ 463]. (عن سليمان) أي: ابن مهران. (عن شقيق) أي: ابن سلمة (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. 6576 - وحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ المُغِيرَةِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى ¬

_ (¬1) انظر: "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" ص 347. (¬2) رواه الترمذي (2443) كتاب: صفة القيامة، باب: ما جاء في صفة الحوض، وقال: هذا حديث غريب وقد روى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا ولم يذكر فيه عن سمرة وهو أصح. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". (¬3) سيأتي برقم (6578) كتاب: الرقائق، باب: في الحوض.

الحَوْضِ، وَلَيُرْفَعَنَّ مَعِي رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ " تَابَعَهُ عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَقَال حُصَيْنٌ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 6575 - مسلم: 2297 - فتح: 11/ 463]. (وليرفعن رجال) بالبناء للمفعول أي: ليظهرهم اللَّه لي حتى أراهم. (ثم ليختلجن) بالبناء للمفعول أي: ليعدل بهم عن الحوض ويجذبون من عندي. (تابعه) أي: الأعمش. (عاصم) أي: ابن أبي النجود. 6577 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَمَامَكُمْ حَوْضٌ كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ". [مسلم: 2299 - فتح: 11/ 463]. (عن عبيد اللَّه) أي: ابن عمر العمري. (حوض) في نسخة: "حوضي". (جربا) بالقصر وقد تمد، قرية بالشام (¬1). و (وأذرح) (¬2) بذال معجمة وحاء مهملة: قرية بينها وبين (جربا) غلوة سهم كما قاله ابن الصلاح العلائي، قيل: في الحديث حذف وقع من بعض الرواة صرَّحَ بمعناه الدارقطني وغيره، وتقديره كما بين مقامي وبين جربا وأذرح فسقط مقامي وبين. 6578 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: الكَوْثَرُ: الخَيْرُ الكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ " قَال أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ: إِنَّ أُنَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الجَنَّةِ؟ فَقَال سَعِيدٌ: ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 118. (¬2) أذرح: اسم بلد في أطراف الشام من أعمال الشراة، ثم من نواحي البلقاء وعمَّان مجاورة لأرض الحجاز. قال ابن الوضاح: هي من فلسطين وهو غلط منه، وإنما هي في قبلي فلسطين من ناحية الشراة. انظر: "معجم ما استعجم" 1/ 130. و"معجم البلدان" 1/ 129.

"النَّهَرُ الَّذِي فِي الجَنَّةِ مِنَ الخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ". [مسلم: 4966 - فتح: 11/ 463]. (هشيم) أي: ابن بشير. (أبو بشر) هو جعفر بن أبي وحشية واسمه: إياس. 6579 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا". [مسلم: 2292 - فتح: 11/ 463]. (حوضي مسيرة شهر) أي: في طوله وعرضه لخبر طوله وعرضه سواء (¬1)، وما ذكر لا ينافي خبر: "كما بين أيلة وصنعاء من اليمن"، ولا خبر: "كما بين المدينة وصنعاء" (¬2)، ولا خبر "أبعد من أيلة إلى عدن" (¬3)؛ لأن هذه الأماكن متقاربة؛ لأنها نحو شهر، غايته: أنه خاطب كل أحد من تلك الجهات بما يعرفه منها. (أبيض من اللبن) أي: أشد بياضًا منه كما في مسلم (¬4)، ففيه: مجيء أفعل التفضيل من اللون وهو قول الكوفيين، والبصريون يوجبون التوصل إليه بأشد وأزيد ونحوهما، وقال ابن مالك: أن أبيض شاذ وقال غيره: هو بمعنى مبيض. (وكيزانه كنجوم السماء) أي: في الإشراق والكثرة. ¬

_ (¬1) انظر: "كتاب الفتنة" لنعيم بن حماد 2/ 592 (1647). (¬2) سيأتي برقم (6591) كتاب: الرقاق، باب: في الحوض. (¬3) رواه مسلم (247) كتاب: الطهارة، باب: استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء. وأبو عوانة (358) كتاب: الإيمان، باب: أبواب في الرد على الجهمية. (¬4) رواه مسلم (247) كتاب: الطهارة، باب: استحباب إطالة الغرة، والتحجيل في الوضوء.

6580 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ اليَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ". [مسلم: 2303 - فتح: 11/ 463]. (أيلة) مدينة كانت عامرة بطرف بحر القلزم من طرف الشام، وهي الآن خراب وإليها تنسب العقبة المشهورة عند أهل مصر (وصنعاء) بالمد (من اليمن) خرج به صنعاء الشام (¬1). 6581 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَال: هَذَا الكَوْثَرُ، الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ - أَوْ طِيبُهُ - مِسْكٌ أَذْفَرُ " شَكَّ هُدْبَةُ. [انظر: 3570 - مسلم: 162 - فتح: 11/ 464]. (أبوالوليد) هو هشام بن عبد الملك. (همام) أي: ابن يحيى. (أسير في الجنة) أي: ليلة الإسراء. (قباب الدر) أي: اللؤلو، والقباب بكسر القاف جمع قبة من البناء. 6582 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي الحَوْضَ، حَتَّى عَرَفْتُهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ". [مسلم: 2304 - فتح: 11/ 464]. (عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (ليردن) بتشديد النون. (اختلجوا) بالبناء للمفعول، أي: جذبوا. (دوني) أي: بالقرب مني. (أصحابي) في نسخة: (أصيحابي) بالتصغير. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 292.

6583 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ". [انظر: 7050 - مسلم: 2290 - فتح: 11/ 464]. 6584 - قَال أَبُو حَازِمٍ: فَسَمِعَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَال: هَكَذَا سَمِعْتَ مِنْ سَهْلٍ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَال: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، لَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَزِيدُ فِيهَا: "فَأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: سُحْقًا: بُعْدًا يُقَالُ: {سَحِيقٌ} [الحج: 31]: بَعِيدٌ، سَحَقَهُ وَأَسْحَقَهُ أَبْعَدَهُ. (الخدري) ساقط من نسخة. (فيها) أي: في هذه المقالة. (مني) أي: من أمتي. (سحقا سحقا) بالنصب على المصدرية أي: بعدًا بعدًا. (وأسحقه: أبعده) ساقط من نسخة. 6585 - وَقَال أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الحَبَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ القِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَيُحَلَّئُونَ عَنِ الحَوْضِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ القَهْقَرَى". [6586 - فتح: 11/ 464]. (الحبطي) بفتح المهملة والموحدة. (فيحلون) بمهملة فلام مشددة مفتوحة فهمزة مضمومة أي: يمنعون، وبجيم ساكنة فلام مفتوحة، ويعرف بذلك ضبط ما يأتي أي: يصرفون. (القهقرى) أي: الرجوع إلى خلف، فإذا قلت: رجعت القهقرى فكأنك قلت: رجعت الرجوع المعروف بهذا الاسم، وقال ابن الأثير: (القهقرى) مصدر فيكون منصوبًا على المصدرية من غير لفظه، كما في قولك: قعدت جلوسًا (¬1). ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 4/ 129.

6586 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَرِدُ عَلَى الحَوْضِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَيُحَلَّئُونَ عَنْهُ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ القَهْقَرَى " وَقَال شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَيُجْلَوْنَ" وَقَال عُقَيْلٌ: "فَيُحَلَّئُونَ"، وَقَال الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 6585 - فتح: 11/ 464]. (عن أصحاب النبي) يحتمل أن يكون بينهم أبو هريرة المذكور في الطريق السابق مع أن إبهامهم لا يضر؛ لأن كلهم عدول. (وقال عقيل) أي: ابن خالد بدل (فيحلون): (فيحلؤن) بفتح المهملة واللام المشددة والهمز. 6587 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَال: حَدَّثَنِي هِلالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ، فَقَال: هَلُمَّ، فَقُلْتُ: أَيْنَ؟ قَال: إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ، قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهُمْ؟ قَال: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمْ القَهْقَرَى. ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ، فَقَال: هَلُمَّ، قُلْتُ أَيْنَ؟ قَال: إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ، قُلْتُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ قَال: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمْ القَهْقَرَى، فَلَا أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إلا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ". [فتح: 11/ 465]. (هلال) أي: ابن علي. (بينا أنا قائم) أي: على الحوض، وفي نسخة: بدل (قائم) "نائم". (هلم) أي: تعالوا. (فلا أراه) أي: الشأن. (يخلص) بضم اللام. (منهم) أي: من هؤلاء الذين دنوا من الحوض، وكادوا يردونه. (إلا مثل همل النعم) بفتح الهاء والميم أي: طوال الإبل، واحدها هامل، أو الإبل بلا راع يعني: لا تزال هملا لا تتعهد

ولا ترعى حتى تضيع وتهلك أي: لا يخلص منهم من النار إلا قليل، وهذا مشعر بأنهم صنفان: كفار وعصاة. 6588 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي". [انظر: 1169 - مسلم: 1391 - فتح: 11/ 465]. (عن عبيد اللَّه) أي: ابن عمر العمري. (عن خبيب) أي: ابن عبد الرحمن. (روضة من رياض الجنة) أي: ينقل ذلك الموضع بعينه إلى الجنة فهو حقيقة، أو أن العبادة فيه تؤدي إلى روضة في الجنة فهو مجاز مآلي. (ومنبري) أي: الذي في الدنيا يوضع. (على حوضي) أي: الذي في الآخرة. 6589 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، قَال: سَمِعْتُ جُنْدَبًا، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ". [مسلم: 2289 - فتح: 11/ 465]. (عبدان) أي: ابن عثمان بن جبلة. (عن عبد الملك) أي: ابن عمير. 6590 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاتَهُ عَلَى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَال: "إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ، أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا". [انظر: 1344 - مسلم: 2296 - فتح: 11/ 465]. (عن يزيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن أبي الخير) هو مرثد. (عن

عقبة) أي: ابن عامر. (ثم انصرف) أي: بعد صلاته فصعد. (على المنبر) ليعظ الناس (فيها) أي: في الخزائن المذكورة. 6591 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الحَوْضَ فَقَال: "كَمَا بَيْنَ المَدِينَةِ وَصَنْعَاءَ". [مسلم: 2298 - فتح: 11/ 465]. 6592 - وَزَادَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَارِثَةَ: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: "حَوْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالمَدِينَةِ" فَقَال لَهُ المُسْتَوْرِدُ: أَلَمْ تَسْمَعْهُ قَال: الأَوَانِي؟ قَال: لَا، قَال المُسْتَوْرِدُ: "تُرَى فِيهِ الآنِيَةُ مِثْلَ الكَوَاكِبِ". [مسلم: 2298 - فتح: 11/ 465]. (المستورد) أي: ابن شداد بن عمرو. 6593 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي عَلَى الحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي، فَيُقَالُ: هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ " فَكَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا، أَوْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنَا" {أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ} [المؤمنون: 66]: "تَرْجِعُونَ عَلَى العَقِبِ". [انظر: 7048 - مسلم: 2293 - فتح: 11/ 466]. (ما برحوا) أي: ما زالوا. (أعقابهم ينكصون) في نسخة: " {أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ} " وهو ما في الآية أي: (ترجعون على العقب) بكسر القاف.

82 - كتاب القدر

82 - كِتَابُ القَدَرِ

1 - باب في القدر

82 - كِتَابُ القَدَرِ 1 - باب فِي الْقَدَرِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب: القدر) زاد في نسخة: "بابٌ: في القدر" قسيم القضاء وهو حكم اللَّه الكلي الإجمالي في الأزل (والقدر) هو جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله. قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} [الحجر: 21] ومذهب أهل الحق أنَّ الأمور كلَّها من الإيمان والكفر والخير والشر والنفع والضر بقضاء اللَّه وقدره، ولا يجري في ملكه شيء إلا بقدره وإرادته. 6594 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَنْبَأَنِي سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، قَال: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ، قَال: "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ: بِرِزْقِهِ وَأَجَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ - أَوْ: الرَّجُلَ - يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ بَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا. وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا " قَال آدَمُ: "إلا ذِرَاعٌ". [انظر: 3208 - مسلم: 2643 - فتح: 11/ 477]. (عن عبد اللَّه) أي: ابن مسعود. (الصادق) هو المخبر بالقول الحق. (المصدوق) أي: الذي صدقه اللَّه وعده. (قال: إن أحدكم) بكسر همزة (إن) على الأصل فيها بعد القول وبفتحها مفعول: (حدثنا).

(يجمع في بطن أمه أربعين يومًا) الذي يجمع هو النطفة وهو مني الرجل ومني المرأة بعد اختلاطهما (ثم علقة) أي: ثم يكون علقة. (ثم يبعث اللَّه ملكًا) في نسخة: "ثم يبعث إليه ملك". (بأربع) في نسخة: "بأربعة". (وشقي أو سعيد) بالرفع: خبر مبتدإٍ محذوف، ويجوز الجر بالعطف على سابقه. (بعمل) الباء زائدة. (حتى ما يكون) بالنصب بـ (حتى) و (ما) نافية غير مانعة لها من العمل، وجوز بعضهم أن (حتى) ابتدائية فيكون ذلك مرفوعًا. (أو ذراعين) في نسخة بدله: "أو باع" والباع: قدر مد اليدين. (قال آدم) أي: ابن أبي إياس. (إلا ذراع) أي: فلم يشك، والتعبير بالذراع والباع تمثيل بقرب حاله من الموت، فيحال بينه وبين المقصود بمقدار ذراع أو باع من المسافة، وضابطه في الحس: الغرغرة التي هي علامة لعدم قبول التوبة. 6595 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَكَّلَ اللَّهُ بِالرَّحِمِ مَلَكًا، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ، أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ، أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهَا، قَال: أَيْ رَبِّ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى، أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، فَمَا الرِّزْقُ، فَمَا الأَجَلُ، فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ". [انظر: 3208 - مسلم: 2646 - فتح: 11/ 477]. (حماد) أي: ابن زيد. (فيقول: أي رب) أي: يا رب. (نطفة) بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف، وبالنصب بفعل محذوف. (أن يقضي خلقها) أي: يتمه. (فيكتب كذلك) أي: ما ذكر من الشقاء وغيره على جبهته أو رأسه مثلًا، والسر في تحول الإنسان في بطن أمه حالة بعد حالة مع أنه تعالى قادر على أن يخلقه في لمحة: أن فيه فوائد منها: أنه لو خلقه دفعة لشق على الأم؛ لعدم اعتيادها بذلك، فجعل أولًا نطفة؛ لتعتاد بها ثم علقة وهكذا، ومنها: إظهار قدرته

2 - باب: جف القلم على علم الله

تعالى ونعمته، ليعبدوه حيث قلب كلًّا منهم من تلك الأطوار إلى كونه إنسانًا كاملًا حسن الصورة متحليًا بالعقل والشهامة، ومنها: تنبيه الناس على كمال قدرته على الحشر والنشر؛ لأن من قدر على خلق الإنسان من ماء مهين، ثم من علقة ومضغة يقدر على صيرورته ترابًا ونفخ الروح فيه وحشره في المحشر للحساب والجزاء. 2 - بَابٌ: جَفَّ القَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23] وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جَفَّ القَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاقٍ". [انظر: 5076]. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61]: "سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ". (باب: جف القلم على علم اللَّه) أي: على حكمه؛ لأن معلومه لا بد من وقوعه فالعلم به يستلزم الحكم بوقوعه وجفاف القلم أراد به الفراغ من الكتابة فهو مجاز من إطلاق اللازم على الملزوم. لأن الفراغ من الكتابة يستلزم جفاف القلم عن مداده مخاطبة لنا بما نعهد. ({وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}) أي: منه تعالى أي: عالما بأنه من أهل الضلالة، وأشار بهذه الجملة إلى أنها في معنى ما قبلها من حيث الجار والمجرور حال، لكنه فيها حال من الجلالة المذكورة وفيما قبلها من المقدرة. ({لَهَا سَابِقُونَ}) أي: في قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)} [المؤمنون: 61]. (سبقت لهم السعادة) أي: تقديرها فالسعادة سبقتهم فقوله: ({لَهَا سَابِقُونَ}) أي: لأجلها لا أنهم سبقوها. 6596 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ، قَال: سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، يُحَدِّثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَال: قَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُعْرَفُ أَهْلُ الجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَال: "نَعَمْ" قَال: فَلِمَ يَعْمَلُ العَامِلُونَ؟ قَال: "كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَوْ: لِمَا يُسِّرَ لَهُ". [7551 - مسلم: 2649 - فتح: 11/ 491].

3 - باب: الله أعلم بما كانوا عاملين

(الرشك) صفة ليزيد وهو بكسر الراء وسكون المعجمة وبكاف قيل: معناه: القسام، وقيل: كبير اللحية، ولقب به؛ لكبرها حتى قيل: إن عقربًا دخلت فيها ومكثت ثلاثة أيام لا يدري بها (قال رجل) هو عمران بن حصين أبهم نفسه لغرض (فلم يعمل العاملون؟) أي: إذا سبق القلم بذلك فلا يحتاج العامل إلى العمل؛ لأنه سيصير إلى ما قدر له. و (لما يسر له) بكسر السين، وفي نسخة: "ولما ييسر" بتحتيتين وفتح السين. 3 - بَابٌ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ (باب: اللَّه أعلم بما كانوا عاملين) أي: من خير وشر. 6597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلادِ المُشْرِكِينَ، فَقَال: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ". [انظر: 1383 - مسلم: 2660 - فتح: 11/ 493]. (سئل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - عن أولاد المشركين) أي: أيدخلون الجنة؟. (اللَّه أعلم بما كانوا عاملين) قيل: قال ذلك قبل علمه بأنهم من أهل الجنة على الصحيح من ثلاثة أوجه: ثانيها: أنهم من أهل النار وعليه الأكثر. وثالثها: الوقف، وقوله: (أعلم بما كانوا عاملين) أي: أعلم بما لا يكون أن لو كان كيف يكون فأحرى أن يعلم ما يكون، ومرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 6598 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: وَأَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (1384) كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المشركين.

ذَرَارِيِّ المُشْرِكِينَ، فَقَال: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ". [انظر: 1384 - مسلم: 2660 - فتح: 11/ 493]. (عن ذراري) بتشديد الياء وتخفيفها. 6599 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، كَمَا تُنْتِجُونَ البَهِيمَةَ، هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ، حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا؟ ". [انظر: 1358 - مسلم: 2658 - فتح: 11/ 493]. (إسحاق) أي: "ابن إبراهيم" كما في نسخة. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (ما من مولود) أي: يوجد. (إلا يولد على الفطرة) أي: الخلقة الإسلامية. (كما تنتجون) بالبناء للفاعل من الإنتاج يقال: أنتجت الناقة إذا أعنتها على النتاج، وقوله: (كما) صفة مصدر محذوف أي: فأبواه يغيرانه تغييرًا مثل تغييرهم البهيمة السليمة، أو حال من الضمير المنصوب في (يهودانه) مثلًا أي: يهودانه بعد أن خلق على الفطرة شبيهًا بالبهيمة التي جذعت بعد أن خلقت سليمة. (هل تجدون فيها من جدعاء؟) حال أي: بهيمة سليمة مقولا في حقها ذلك، وقوله: (جدعاء) بدال مهملة والمد أي: مقطوعة الأطراف أو شيء منها. (تجدعونها) بفتح الفوقية والدال المهملة أي: تقطعون أطرافها أو شيئًا منها. 6600 - قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ؟ قَال: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ". [انظر: 1384 - مسلم: 2658، 2659 - فتح: 11/ 493]. (أفرأيت؟) أي: أخبرنا. (من يموت وهو صغير) أي: أيدخل الجنة؟.

4 - باب {وكان أمر الله قدرا مقدورا} [الأحزاب: 38]

4 - بَابُ {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] (باب: ({وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}). أي: قضاءً مقطوعًا بوقوعه، فالقدر الدال وسكونها: ما يقدره اللَّه من القضاء. 6601 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسْأَلِ المَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، وَلْتَنْكِحْ، فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا". [انظر: 1284 - مسلم: 923 - فتح: 11/ 494]. (طلاق أختها) أي: في نسب، أو رضاع، أو دين، أو بشرية. (تستفرغ صحفتها) أي: لتطلب أن تكون صحفة أختها فارغة؛ لتفوز بحظها. (ولتنكح) أي: زوج أختها وهو ما قبله علة للنهي، ومرَّ الحديث في النكاح (¬1). 6602 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ، قَال: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ، وَعِنْدَهُ سَعْدٌ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذٌ، أَنَّ ابْنَهَا يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا: "لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلِلَّهِ مَا أَعْطَى، كُلٌّ بِأَجَلٍ، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ". [انظر: 1284 - مسلم: 923 - فتح: 11/ 494]. (إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن النهدي. (عن أسامة) أي: ابن زيد. (سعد) أي: ابن عبادة. (ومعاذ) أي: ابن جبل. (أن ابنها) هو علي بن العاص، أو عبد اللَّه بن عثمان بن عفان من رقية بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو محسن من فاطمة بنته. (يجود بنفسه) يعني: في سياق الموت. (ولتحتسب) أي: ولتجعل الولد في حسابها ¬

_ (¬1) سبق برقم (5144) كتاب: النكاح، باب: لا يخطب على خطبة أخيه.

للَّه فتقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] ومرَّ في الجنائز (¬1). 6603 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ الجُمَحِيُّ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا وَنُحِبُّ المَال، كَيْفَ تَرَى فِي العَزْلِ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ، لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إلا هِيَ كَائِنَةٌ". [انظر: 2229 - مسلم: 1438 - فتح: 11/ 494]. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (جاء رجل) هو أبو صرمة بن قيس، أو سعيد، أو مجدي بن عمرو الضمري. (إنا نصيب سبيا) أي: جواري مسبيات. (في العزل) هو نزع الذكر من الفرج قبل الإنزال وهو مكروه عندنا؛ لأنه طريق إلى قطع النسل. (نسمة) أي: نفس. 6604 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لَقَدْ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً، مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إلا ذَكَرَهُ"، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الشَّيْءَ قَدْ نَسِيتُ، فَأَعْرِفُ مَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ. [مسلم: 2891 - فتح: 11/ 494]. (سفيان) أي: الثوري. (ما ترك فيها شيئًا) أي: هو كائن. (إن كنت لأرى الشيء) إن: مخففة من الثقيلة. (قد نسيت) في نسخة: "قد نسيته ثم أتذكره" (فأعرف ¬

_ (¬1) سبق برقم (1284) كتاب: الجنائز، باب: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه.

5 - باب العمل بالخواتيم

ما) في نسخة: "فأعرف كما" (يعرف الرجل) أي: غيره يعني: أنسى شيئًا ثم أذكره فأعرف أنه هو بعينه. 6605 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ، وَقَال: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الجَنَّةِ" فَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَلا نَتَّكِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "لَا، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ. ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: 5] الآيَةَ". [انظر: 1362 - مسلم: 2647 - فتح: 11/ 494]. (عبدان) هو لقب عبد اللَّه بن عثمان. (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون السكري (ينكت) بفوقية آخره أي: يضرب. (وقال) في نسخة: "قال" بلا واو. (من النار أو من الجنة) (أو) للتنويع أو بمعنى: الواو. (فقال رجل) هو سراقة بن مالك بن جعشم كما في مسلم (¬1). (ميسر) أي: لما خلق له، ومرَّ الحديث في الجنائز (¬2). 5 - باب العَمَلُ بِالْخَوَاتِيمِ. (باب: العمل بالخواتيم) جمع خاتمة. 6606 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الإِسْلامَ: "هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ" فَلَمَّا حَضَرَ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2648) كتاب: القدر، باب: كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه. (¬2) سبق برقم (1362) كتاب: الجنائز، باب: موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله.

القِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ مِنْ أَشَدِّ القِتَالِ، وَكَثُرَتْ بِهِ الجِرَاحُ فَأَثْبَتَتْهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي تَحَدَّثْتَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، قَدْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَشَدِّ القِتَالِ، فَكَثُرَتْ بِهِ الجِرَاحُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ" فَكَادَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ يَرْتَابُ، فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ وَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الجِرَاحِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ فَانْتَزَعَ مِنْهَا سَهْمًا فَانْتَحَرَ بِهَا، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ، قَدِ انْتَحَرَ فُلانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بِلالُ، قُمْ فَأَذِّنْ: لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلا مُؤْمِنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ". [انظر: 3062 - مسلم: 111 - فتح: 11/ 498]. (هذا من أهل النار) أي: لنفاقه، أو لأنه سيرتد ويقتل نفسه مستحلًا لذلك. (من أشد القتال) صفة لمصدر محذوف أي: قتالًا لرجل اسمه: قزمان بضم القاف وسكون. (فأثبتته) أي: أثخنته. (الرجل الفاجر) أي: الخبيث، ومرَّ الحديث، والذي بعده في الجهاد (¬1). 6607 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَعْظَمِ المُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنِ المُسْلِمِينَ، فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا" فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الحَالِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى المُشْرِكِينَ، حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَجَعَلَ ذُبَابَةَ سَيْفِهِ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْرِعًا، فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَال: "وَمَا ذَاكَ" قَال: قُلْتَ لِفُلانٍ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ" وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِنَا غَنَاءً عَنِ المُسْلِمِينَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا ¬

_ (¬1) سبق برقم (3062) كتاب: الجهاد والسير، باب: إن اللَّه يؤيد الدين بالرجل الفاجر.

6 - باب إلقاء النذر العبد إلى القدر

جُرِحَ اسْتَعْجَلَ المَوْتَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: "إِنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ". [انظر: 2898 - مسلم: 112 - فتح: 11/ 499]. (أبو غسان) هو محمد بن مطرف. (في غزوة غزاها) هي غزوة خيبر. (فاتبعه رجل) هو أكثم بن أبي الجون. (وإنما الأعمال) أي: اعتبارها. 6 - بَابُ إِلْقَاءِ النَّذْرِ العَبْدَ إِلَى القَدَرِ (باب: إلقاء النذر العبد إلى القدر) بنصب (العبد) بالمصدر المضاف إلى الفاعل، وفي نسخة: "باب إلقاء العبد النذر" برفع (النذر) بالمصدر المضاف إلى المفعول. 6608 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ، وَقَال: "إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ". [6692، 6693 - مسلم: 1639 - فتح: 11/ 499]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (نهى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - عن النذر) أي: نهي تنزيه. (لا يرد شيئًا) أي: من القدر. (إنما يستخرج به من البخيل) يدل على وجوب الوفاء بالنذر، واستشكل النهي عنه مع وجوب الوفاء به عند حصول المقصود، وأجيب: بأن المنهي عنه النذر الذي يعتقد أنه يغني عن القدر بنفسه كما زعموا، وأما إذا نذر واعتقد أن اللَّه هو الضار والنافع، والقدر كالوسائل فالوفاء به طاعة، وهو غير منهي عنه. 6609 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَأْتِ ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قَدْ

7 - باب لا حول ولا قوة إلا بالله

قَدَّرْتُهُ، وَلَكِنْ يُلْقِيهِ القَدَرُ وَقَدْ قَدَّرْتُهُ لَهُ، أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ". [6694 - مسلم: 1640 - فتح: 11/ 499]. (لا يأت ابن آدم) بالنصب على المفعولية. (النذر) بالرفع على الفاعلية. (بشيء لم تكن قد قدرته) صفة لشيء. (وقدرته) بفوقية قبل الهاء: حكاية من تقدير اللَّه تعالى، وروي (قدر به) بالبناء للمفعول وبموحدة قبل الهاء. (ولكن يلقيه القدر) أي: إلى النذر لا يقال: هذا يقتضي أن الترجمة مقلوبة على النسخة الأولى إذ القدر هو الملقي إلى النذر لا عكسه؛ لأنا نقول: هما صادقان إذ بالحقيقة القدر هو الموصل، وبالظاهر هو النذر لكن كان الأَوْلى في الترجمة ما يوافق الحديث إلا أن يقال: إنهما متلازمان قاله الكرماني (¬1). وفي نسخة: "يلقيه النذر" بنون ومعجمة فيطابق الترجمة وعليها فلا حاجة إلى ما تكلفه الكرماني. 7 - باب لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ. (باب: لا حول ولا قوة إلا بالله) أي: لا حول عن معصية اللَّه إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته قال النووي: وهي كلمة استسلام وتفويض (¬2). 6610 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ، فَجَعَلْنَا لَا نَصْعَدُ شَرَفًا، وَلَا نَعْلُو شَرَفًا، وَلَا نَهْبِطُ فِي وَادٍ إلا رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ، قَال: فَدَنَا مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 23/ 81. (¬2) "مسلم بشرح النووي" 17/ 26.

8 - باب: المعصوم من عصم الله

تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا" ثُمَّ قَال: "يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً هِيَ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ". [انظر: 2992 - مسلم: 2704 - فتح: 11/ 500]. (في غزاة) هي غزوة خيبر. (شرفًا) أي: موضعًا عاليًا. (اربعوا) بفتح الموحدة أي: ارفقوا. (لا تدعون) أطلق على التكبير دعاء؛ لأنه بمعنى النداء، إذا القصد به الإنشاء فكأنه قيل: يا اللَّه أنت أكبر، ومرَّ الحديث في كتاب: الدعوات (¬1). 8 - بَابٌ: المَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ {عَاصِمٌ} [يونس: 27]: مَانِعٌ قَال مُجَاهِدٌ: {سَدًّا} [الكهف: 94]: عَنِ الحَقِّ، يَتَرَدَّدُونَ فِي الضَّلالةِ. {دَسَّاهَا} [الشمس: 10]: أَغْوَاهَا. (باب: المعصوم من عصم اللَّه) أي: من حماه اللَّه عن الوقوع في الهلاك، وفرق بين عصمة الأنبياء وعصمة المؤمنين بأن عصمة الأنبياء واجبة، وعصمة المؤمنين جائزة. ({عَاصِمٍ} مانع). ({سَدًّا}) بالتشديد في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا} [يس: 9] وعليه جرى شيخنا (¬2)، وفي نسخة: "سدا" بالتخفيف في قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)} [القيامة: 36] ومعناه على التقدير [الثاني] (¬3) مهلًا (عن الحق) أي: مميلين عنه. (يترددون في الضلالة) فقوله: (عن الحق) متعلق بمبتدإِ. ({دَسَّاهَا}) أي: في قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} [الشمس: 10] معناه: (أغواها) وأصله: ¬

_ (¬1) سبق برقم (6384) كتاب: الدعوات، باب: الدعاء إذا على عقبةً. (¬2) "فتح الباري" 11/ 501. (¬3) من (م): الثاني، وفي (س): التقديرين.

9 - باب {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون (95)} [الأنبياء: 95] {أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} [هود: 36] {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} [نوح: 27]

دسَّسَها فكثرت الأمثال فأبدل من الثالث حرف علة. 6611 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إلا لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ". [7198 - فتح: 11/ 501]. (إلا له بطانتان) بطانة الرجل: خاصته الذي يباطنهم في الأمور، ولا يظهر غيرهم عليها. (بطانة تأمره) يدل على أن الأمر لا يشترط فيه علو ولا استعلاء. 9 - باب {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)} [الأنبياء: 95] {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: 36] {وَلَا يَلِدُوا إلا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 27]. وَقَال: مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَحِرْمٌ بِالْحَبَشِيَّةِ: وَجَبَ. (باب {وَحَرَامٌ}) في نسخة " {وَحَرَّمَ} " بكسر الحاء وسكون الراء: وهما قراءتان مشهورتان (¬1). ({وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}) أي: عدم رجوعهم إلينا يوم القيام، وقيل: لا زائدة أي: ممتنع رجوعهم إلى دنيا وكل صحيح. ({أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلا مَنْ قَدْ آمَنَ}) ({وَلَا يَلِدُوا إلا فَاجِرًا كَفَّارًا}) الآية الأولى: في هود والثانية: في نوح، والغرض من ذكرهما: أن الإيمان والكفر بتقدير اللَّه تعالى، فدخولها في باب القدر ظاهر لاقتضائهما سبق علم اللَّه بما يقع من عبيده. (وحرم بالحبشية) أي: (وجب). ¬

_ (¬1) وهي قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر عن عاصم.

10 - باب {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} [الإسراء: 60]

6612 - حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ، مِمَّا قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ" وَقَال شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 6243 - مسلم: 2657 - فتح: 11/ 502]. (ابن طاوس) هو عبد اللَّه. (اللمم) هي صغار الذنوب كالنظر إلى الحرام، والنطق به وأصله: ما قل وصغر. (كتب) أي: قدر. (حظه) أي: نصيبه. (فزنا العين: النظر) أي: إلى ما يحرم. (وزنا اللسان: المنطق) في نسخة: "النطق" أي: بما يحرم. (تمنى) بحذف إحدى التاءين أي: تتمني. (يصدق ذلك) أي: بأنه يفعله. (ويكذبه) أي: بأن يمتنع منه، واستشكل ذلك بأن التصديق والتكذيب من صفات الأخبار وهنا بخلافه، وأجيب: بأن إطلاقهما هنا على سبيل التشبيه فهو مجاز. (وشبابة) أي: سوار. (ورقاء) أي: ابن عمر. 10 - باب {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}. [الإسراء: 60]. (باب: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ}) أي: أريناكها ليلة الإسراء. ({إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}) أي: اختبارًا وامتحانًا لهم، والمراد بالناس: أهل مكة، ويفتنتهم: إنكار بعضهم الرؤيا وارتداد آخرين حين أخبروا بها. 6613 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60]، قَال: "هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ" قَال: {وَالشَّجَرَةَ

11 - باب تحاج آدم وموسى عند الله

المَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ} [الإسراء: 60] قَال: "هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ". [انظر: 3888 - فتح: 11/ 504]. (الحميدى) هو عبد اللَّه بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: ابن دينار. ({وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ}) أي: الملعون آكلوها، والمعنى: جعلناها فتنة للناس حيث قالوا: النار تحرق الشجر فكيف تنبته بما دل عليه قوله: تخرج في أصل الجحيم أي: تنبت فيه مخلوقة من جوهر لا تأكله النار كسلاسلها وأغلالها وعقاربها وحياتها، ومرَّ الحديث في سورة الإسراء (¬1). 11 - بَابُ تَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى عِنْدَ اللَّهِ (باب: تحاج آدم وموسى عند اللَّه) أي: بيان ذلك، والعنديه عندية اختصاص وتشريف لا عندية مكان. 6614 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَال لَهُ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الجَنَّةِ، قَال لَهُ آدَمُ: يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلامِهِ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى " ثَلاثًا قَال سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [انظر: 3409 - مسلم: 2652 - فتح: 11/ 505]. (سفيان) أي: ابن عيينة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4716) كتاب: التفسير، باب: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}.

(حفظناه) أي: الحديث. (من عمرو) أي: ابن دينار. (خيبتنا) أي: أوقعتنا في الخيبة وهي الحرمان أي: كنت سببًا في ذلك. (وخط لك بيده) أي: بقدرته، والغرض من ذلك: كتابة ألواح التوراة. (قدر اللَّه) في نسخة: "قدره اللَّه". (قبل أن يخلقني بأربعين سنة) هي مدة ما بين قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]. ونفخ الروح فيه، أو مدة لبثه طينًا إلى نفخ الروح فيه، ولا ينافي ذلك خبر البزار: قبل خلق السموات والأرض (¬1)؛ لأن ذاك في التقدير الأزلي وما هنا في التقدير بالكتابة في اللوح المحفوظ، أو في صحف التوراة. (فحج آدم موسى، فحج آدم موسى، ثلاثًا) أي: قال: فحج آدم موسى ثلاثًا ولا ينافي ما مرَّ في كتاب: الأنبياء: أنه قاله مرتين (¬2)؛ لأن الإخبار بالقليل لا ينفي الإخبار بالكثير، واختلف في وقت هذه المحاجة فقيل: كانت في زمن موسى فأحيا اللَّه آدم معجزة له فكلمه، وقيل: وقت كشف له فيه عن قبر آدم فتحدثا، وقيل: وقت رأى فيه روح آدم كما أرى النبي - صلى الله عليه وسلم - أرواح الأنبياء، وقيل: وقت رآه فيه في نومه ورؤيا الأنبياء وحي، وقيل: غير ذلك وخصَّ موسى بالذكر؛ لأنه أول نبي بعث بالتكاليف الشديدة، ووجه غلبة آدم موسى: أنه في دار الآخرة وليس لأحد أن يلوم غيره فيما قدره اللَّه عليه إذ ليس فيه فائدة سوى التخجيل ونحوه بخلاف ما لو كان ذلك في دار الدنيا، فإنها تكليف للوم، فيها فائدة: وهي زجر مرتكب المعاصي، وزجر غيره عن ارتكابها. (قال سفيان) أي: ابن عيينة. ¬

_ (¬1) "مسند البزار" 6/ 426 (2456). (¬2) سبق برقم (3409) كتاب: أحاديث الانبياء، باب: وفاة موسى وذكره بعد.

12 - باب لا مانع لما أعطى الله

12 - بَابُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ (باب: لا مانع لما أعطى اللَّه) في نسخة: "لما أعطاه اللَّه". 6615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَال: كَتَبَ مُعَاويَةُ، إِلَى المُغِيرَةِ: اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خَلْفَ الصَّلاةِ، فَأَمْلَى عَلَيَّ المُغِيرَةُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خَلْفَ الصَّلاةِ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ" وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ: أَنَّ وَرَّادًا، أَخْبَرَهُ بِهَذَا ثُمَّ وَفَدْتُ بَعْدُ إِلَى مُعَاويَةَ، فَسَمِعْتُهُ: يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ القَوْلِ. [انظر: 844 - مسلم: 593 - فتح: 11/ 512]. (فليح) هو عبد الملك بن سليمان. (لا مانع) ببنائه على الفتح. (لما أعطيت) أي: لما أردت إعطاءه وهو متعلق بمحذوف أي: استقر فيكون خبرًا لـ (لا) إذ لو علقته بـ (مانع) كان مطولًا، فيجب نصب (مانع) لكن الرواية بالفتح كما تقرر. (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم فيهما على المشهور و (من) بدلية متعلقة بـ (ينفع) (بذلك القول) هو (لا إله إلا اللَّه) إلى آخره، ومرَّ الحديث في الصلاة والدعوات (¬1). 13 - بَابُ مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)} [الفلق: 1 - 2]. (باب: من تعوذ باللَّه من درك الشقاء) أي: الشدة (وسوء القضاء) أي: المقضى. (وقوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}) عطف على (من تعوذ). ¬

_ (¬1) سبق برقم (844) كتاب: الأذان، باب: الذكر بعد الصلاة. وبرقم (6330) كتاب: الدعوات، باب: الدعاء بعد الصلاة.

14 - باب {يحول بين المرء وقلبه} [الأنفال: 24]

6616 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ". [انظر: 6347 - مسلم: 2707 - فتح: 11/ 513]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن سمي) هو مولى أبي بكر. (وشماتة الأعداء) هي فرح العدو بنكبة تنزل بمن يعاديه، ومرَّ الحديث في الدعوات (¬1). 14 - باب {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24]. (باب: يحول بين المرء وقلبه) أي: في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] أي: فلا يستطيع أن يؤمن ولا أن يكفر إلَّا بإرادته. 6617 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كَثِيرًا مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِفُ: "لَا وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ". [6628، 7391 - فتح: 11/ 513]. (عن عبد اللَّه) أي: ابن عمر. (لا ومقلب القلوب) أي: مقلب أعراضها وأحوالها من الإرادة ونحوها إذ حقيقة القلب لا ينقلب. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ، وَبِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ صَيَّادٍ: "خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئَا" قَال: الدُّخُّ، قَال: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" قَال عُمَرُ: ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، قَال: "دَعْهُ، إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَا تُطِيقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ". [انظر: 1354 - مسلم: 2930 - فتح: 11/ 513]. (فلا تطيقه) أي: لأنه لا بد أن يخرج آخر الزمان فيفسد ويقتله ¬

_ (¬1) سبق برقم (6347) كتاب: الدعوات، باب: التعوذ من جهد البلاء.

15 - باب {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} [التوبة: 162]

عيسى عليه الصلاة والسلام لسبق ذلك في علم اللَّه، فلا تقدر على قتل من سبق في علمه تعالى أنه يخرج ويفسد، ومرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 15 - باب {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 162] قَضَى. قَال مُجَاهِدٌ: {بِفَاتِنِينَ} [الصافات: 162]: "بِمُضِلِّينَ إلا مَنْ كَتَبَ اللَّهُ أَنَّهُ يَصْلَى الجَحِيمَ {قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: 3]: "قَدَّرَ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، وَهَدَى الأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا". 6619 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَقَال: "كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَكُونُ فِي بَلَدٍ يَكُونُ فِيهِ، وَيَمْكُثُ فِيهِ لَا يَخْرُجُ مِنَ البَلَدِ، صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إلا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ". [انظر: 3474 - فتح: 11/ 514]. (باب {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} قضى) أي: قضاه لنا فـ (قضى) تفسير لكتب. ({بِفَاتِنِينَ}) في قوله تعالى: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162)} [الصافات: 162] أي: (بمضلين إلا من كتب اللَّه أنه يصلى الجحيم) أي: فإنه يصلاها أي: يدخلها، ومرَّ حديث الباب في كتاب: الطب (¬2). 16 - بَابُ {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57)} [الزمر: 57]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1354) كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه. (¬2) سبق برقم (5734) كتاب: الطب، باب: أجر الصابر على الطاعون.

6620 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ هُوَ ابْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الخَنْدَقِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ، وَهُوَ يَقُولُ: "وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا صُمْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا وَالمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا". [انظر: 2836 - مسلم: 1803 - فتح: 11/ 515]. (باب: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} هاتان الآيتان وحديث الباب نص على أن اللَّه تعالى انفرد بخلق الهدى والضلال، وأنه أقدر العباد على اكتساب ما أراد منهم من إيمان وكفر وهو مذهب أهل السنة، ومرَّ حديث الباب في الجهاد (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2836) كتاب: الجهاد والسير، باب: حفر الخندق.

83 - كتاب الأيمان والنذور

83 - كِتَابُ الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

1 - [باب] قول الله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 83 - كِتَابُ الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ 1 - [باب] قَوْلُ اللَّه تَعَالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)} [المائدة: 89]. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب: الأيمان والنذور). (الأيمان) جميع يمين: وهو تحقيق الأمر المحتمل، أو توكيده بذكر اسم من أسماء اللَّه تعالى، أو صفة من صفاته. (والنذور) جمع نذر وهو لغة: الوعد بخير أو شر، وشرعًا: التزام قربة غير لازمة بأصل الشرع. (قول اللَّه) في نسخة: "باب قول اللَّه تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ} " هو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد نحو: لا والله، وبلى واللَّه. ({فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}) بأن يملك كلًّا منهم مدًّا من حسب من غالب قوت بلده. وقوله: ({وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ}) إلى آخره ساقط من نسخة، وقال بدله إلى قوله: ({لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}). 6621 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ

عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمْ يَكُنْ يَحْنَثُ فِي يَمِينٍ قَطُّ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ اليَمِينِ، وَقَال: "لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتُ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي". [انظر: 4614 - فتح: 11/ 516]. (لم يكن يحنث) أي: لم يكن من شأنه أن يحنث، ولهذا ذكر الكون ولم يقل: لم يحنث لقصد امتناعه من ذلك. (لا أحلف على يمين) أي: بها أو على محلوفها. (فرأيت) أي: علمت. (وكفرت عن يميني) أي: عن حكمها وما يترتب عليها من الإثم. 6622 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ". [6722، 7146، 7147 - مسلم: 1652 - فتح: 11/ 516]. (فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير) الواو لا تقتضي الترتيب فيجوز تقديم التكفير على إتيان المحلوف عليه وإن كان تأخيره أفضل واستثنى الشافعي من جواز تقديم التكفير بالصوم؛ لأنه عبادة بدنية فلا تقدم قبل وقتها كصوم رمضان، ووجه مناسبة هذه الجملة لما قبلها: أن الممتنع من الإمارة قد تؤدي به الحال إلى الحلف إلى عدم القبول مع كون المصلحة في ولايته. 6623 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ، فَقَال: "وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" قَال: ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ نَلْبَثَ، ثُمَّ أُتِيَ بِثَلاثِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَحَمَلَنَا عَلَيْهَا، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا، أَوْ قَال بَعْضُنَا: وَاللَّهِ لَا يُبَارَكُ لَنَا، أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا، ثُمَّ حَمَلَنَا، فَارْجِعُوا بِنَا

إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُذَكِّرُهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَال: "مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، بَلِ اللَّهُ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ -أَوْ: أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي-". [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح: 11/ 517]. (عن أبي بردة) هو الحارث بن أبي موسى الأشعري. (غرّ) جمع: أغر: وهو الأبيض الحسن. (الذرى) جمع ذروة بكسر المعجمة وضمها وذروة كل شيء: أعلاه، والمراد بالذرى هنا: الأسنمة. (أو أتيت الذي هو خير) شك من الراوي في تقديم (أتيت) على (كفرت) وبالعكس، أو تنويع منه - صلى اللَّه عليه وسلم -، إشارة إلى جواز كل من الأمرين، ومرَّ الحديث في كتاب: الخمس (¬1). 6624 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَال: هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ". [انظر: 238 - مسلم: 855 - فتح: 11/ 517]. (إسحاق بن إبراهيم) أي: ابن راهويه. 6625 - وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ، لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ، آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ". [انظر: 6626 - مسلم: 1655 - فتح: 11/ 517]. (لأن يلج) بفتح الياء واللام وكسرها وتشديد الجيم أي: لأن يصبر ويتمادى أحدكم بيمينه في أهله وهم يتضررون بعدم حنثه ولم يكن معصية. (آثم) بالمد أي: أكثر إثما له. (عند اللَّه من أن يعطي) أي: من أن يحنث. (ويعطي كفارته التي أفترض اللَّه عليه) أي: فينبغي له أن ¬

_ (¬1) سبق رقم (3133) كتاب: فرض الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين.

يحنث ويكفر ليزيل ضرر أهله، إذ الحنث في اليمين أفضل من التمادي إذا كان في الحنث مصلحة، ومرَّ الحديث في الوضوء، والجمعة وغيرهما (¬1). 6626 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اسْتَلَجَّ فِي أَهْلِهِ بِيَمِينٍ، فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمًا، لِيَبَرَّ" يَعْنِي الكَفَّارَةَ. [انظر: 6625 - مسلم: 1655 - فتح: 11/ 517]. (يعني ابن إبراهيم) ساقط من نسخة وهو الوجه؛ لأن ذلك لا يرفع الإبهام؛ لأن في مشايخ البخاري: إسحاق بن إبراهيم بن نصر، وإسحاق بن عبد الرحمن، وإسحاق بن إبراهيم الصواف، وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه، فالوجه أنه ابن منصور كما نقله شيخنا (¬2) عن جزم أبي علي الغساني. (معاوية) أي: ابن سلام الحبشي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (من استلج) أي: طلب يمين اللجاج بأن حلف على شيء كائن في أهله يضرهم. (فهو) أي: استمراره على يمينه. (أعظم إثما) أي: من حنثه. (ليبر) بلفظ أمر للغائب من البر أي: ليفعل البر أي: الخير بترك اللجاج. (يعني) أي: النبي بالبر الكفارة عن يمينه، وإنما فسره بذلك؛ لئلا يظن أن البر هو البقاء على اليمين، وذكر الأهل في الحديثين خرج مخرج الغالب وإلا فغيرهم مثلهم إذا وجد الضرر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (238) كتاب: الوضوء، باب: البول في الماء الدائم. وبرقم (876) كتاب: الجمعة، باب: فرض الجمعة. وبرقم (2956) كتاب: الجهاد والسير، باب: يقاتل من وراء الإمام. (¬2) "الفتح" 11/ 519.

2 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وايم الله"

2 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَايْمُ اللَّهِ" (باب: قول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: وايم اللَّه) هو من ألفاظ القسم، وقيل: جمع يمين، لكنه عند الشافعية: إنما ينعقد إذا نوى به اليمين، وهو مبتدأ خبره محذوف أي: قسمي أو يمني وهمزته همزة وصل، وقيل: همزة قطع. 6627 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمْرَتِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ". [انظر: 373 - مسلم: 2426 - فتح: 11/ 521]. (لخليقا) أي: لجديرا، ومرَّ الحديث في مناقب زيد (¬1). 3 - بَابٌ: كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَقَال سَعْدٌ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ". [انظر: 3294]. وَقَال أَبُو قَتَادَةَ: قَال أَبُو بَكْرٍ، عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاهَا اللَّهِ إِذًا" يُقَالُ: وَاللَّهِ وَبِاللَّهِ وَتَاللَّهِ". [انظر: 3142]. (باب: كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بيان كيفيتها. (سعد) أي: ابن أبي وقاص. (لا ها اللَّه) (لا) زائدة، و (ها اللَّه) قسم أي: والله. (إذا) جواب وجزاء أي: واللَّه لا يكون ذا، أو ما الأمر ذا فحذف تخفيفًا، وألف (ها) ثابتة في الوصل عند قوم ومحذوفة عند آخرين، وفي نسخة: "ذا" بدل (إذا) اسم إشارة أي: والله لا يكون هذا، وقصته تقدمت في ¬

_ (¬1) سبق برقم (3730) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب زيد بن حارثة مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الجهاد في باب: من لم يخمس الأسلاب (¬1)، وذكر (ها اللَّه) مع أنه من كلام أبي بكر؛ لمناسبته الحلف من النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - في الجملة، وحسنها ذكر (عند النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -). (يقال: والله) إلى آخره أشار إلى أن الحروف في الثلاثة حروف قسم، لكن الثالث إنما يدخل على الجلالة نعم سمع شاذًا: ترب الكعبة، وتالرحمن. 6628 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ". [انظر: 6617 - فتح: 11/ 523]. (عن سفيان) أي: الثوري. 6629 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 3027 - مسلم: 2918 - فتح: 11/ 523]. (عبد الملك) أي: ابن عمير. 6630 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 3027 - مسلم: 2918 - فتح: 11/ 523]. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. 6631 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا". [انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح: 11/ 523]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3142) كتاب: فرض الخمس، باب: من لم يخمس الأسلاب.

(محمد) أي: ابن سلام. (عبدة) أي: ابن سليمان. 6632 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَال لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلا مِنْ نَفْسِي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ" فَقَال لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الآنَ يَا عُمَرُ". [انظر: 3694 - فتح: 11/ 523]. (حيوة) أي: ابن شريح. (الآن يا عمر) أي: الآن كمل إيمانك. 6633، 6634 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال أَحَدُهُمَا: اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَقَال الآخَرُ، وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ، قَال: "تَكَلَّمْ" قَال: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - قَال مَالِكٌ: وَالعَسِيفُ الأَجِيرُ - زَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَجَارِيَةٍ لِي، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ" وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَأُمِرَ أُنَيْسٌ الأَسْلَمِيُّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الآخَرِ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. [انظر: 2314، 2315 - مسلم: 1697، 1698 - فتح: 11/ 523]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (بكتاب اللَّه) قيل: هو قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ}. (أنيس) بالتصغير أي: ابن الضحاك.

6635 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ تَمِيمٍ، وَعَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَغَطَفَانَ، وَأَسَدٍ خَابُوا وَخَسِرُوا؟ " قَالُوا: نَعَمْ، فَقَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ". [انظر: 3515 - مسلم: 2522 - فتح: 11/ 524]. (وهب) أي: ابن جرير. (خابوا وخسروا) خبر إن. (قالوا: نعم) أي: خابوا وخسروا. (إنهم) أي: (أسلم) ومن عطف عليه. (خيرًا منهم) أي: من (تميم) ومن عطف عليه. 6636 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ عَامِلًا، فَجَاءَهُ العَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. فَقَال لَهُ: "أَفَلا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لَا؟ " ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاةِ، فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ العَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ، فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ: هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ: هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ، فَقَدْ بَلَّغْتُ " فَقَال أَبُو حُمَيْدٍ: ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، حَتَّى إِنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ، قَال أَبُو حُمَيْدٍ: وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مَعِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلُوهُ. [انظر: 925 - مسلم: 18312 - فتح: 11/ 524]. (عروة) أي: ابن الزبير. (منها) أي: من الصدقة. 6637 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ هُوَ ابْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ،

لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا". [انظر: 6485 - فتح: 11/ 524]. 6638 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ المَعْرُورِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَال: انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، يَقُولُ: "هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الكَعْبَةِ" قُلْتُ: مَا شَأْنِي أَيُرَى فِيَّ شَيْءٌ، مَا شَأْنِي؟ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ، فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَسْكُتَ، وَتَغَشَّانِي مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقُلْتُ: مَنْ هُمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "الأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا، إلا مَنْ قَال هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا". [انظر: 1460 - مسلم: 990 - فتح: 11/ 524]. (المعرور) بعين مهملة أي: ابن سويد السويدي. (أيرى في شيء) بالبناء للمفعول أي: أيظن أن في نفسي شيئًا يوجب الأخسرية، وفي نسخة: بالبناء للفاعل أي: أتعلم ذلك؟ وقوله: (شيء) قيل: مرفوع بيرى والوجه نصبه. 6639 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَال سُلَيْمَانُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلُّهُنَّ تَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَال لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إلا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ". [انظر: 2819 - مسلم: 1654 - فتح: 11/ 524]. (فإن سليمان) أي: ابن داود عليهما السلام. (إن شاء اللَّه) في نسخة: "قل: إن شاء اللَّه". 6640 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَال: أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَةٌ مِنْ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَدَاوَلُونَهَا بَيْنَهُمْ وَيَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهَا وَلِينِهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَعْجَبُونَ مِنْهَا؟ " قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا" لَمْ يَقُلْ شُعْبَةُ،

وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ". [انظر: 3249 - مسلم: 2468 - فتح: 11/ 524]. (محمد) أي: ابن سلام. (أبوالأحوص) هو سلام بن سليم. (سرقة) أي: قطعة. 6641 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: إِنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ مِمَّا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ أَخْبَاءٍ، أَوْ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ، أَوْ خِبَائِكَ شَكَّ يَحْيَى، ثُمَّ مَا أَصْبَحَ اليَوْمَ أَهْلُ أَخْبَاءٍ، أَوْ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ، أَوْ خِبَائِكَ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَيْضًا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ" قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ؟ قَال: "لَا إلا بِالْمَعْرُوفِ". [انظر: 6528 - مسلم: 1714 - فتح: 11/ 525]. (وأيضًا) أي: ستزيدين من ذلك أن يتمكن الإيمان من قلبك فيزيد حبك لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وأصحابه. 6642 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضِيفٌ ظَهْرَهُ إِلَى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ يَمَانٍ، إِذْ قَال لِأَصْحَابِهِ: "أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ" قَالُوا: بَلَى، قَال: "أَفَلَمْ تَرْضَوْا أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ" قَالُوا: بَلَى، قَال: "فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ". [انظر: 6528 - مسلم: 221 - فتح: 11/ 525]. (مضيف) بضم الميم أي: مسد. 6643 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ

ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ". [انظر: 5013 - فتح: 11/ 525]. (عن عبد الرحمن) أي: ابن عبد اللَّه بن صعصعة. (أن رجلًا) هو أبو سعيد. (سمع رجلا) هو أبو قتادة بن النعمان. (يتقالها) أي: يعتقد أنها قليلة. 6644 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي إِذَا مَا رَكَعْتُمْ، وَإِذَا مَا سَجَدْتُمْ". [انظر: 419 - مسلم: 425 - فتح: 11/ 525]. (إسحاق) أي: ابن راهويه. (حبان) أي: ابن هلال. (همام) أي: بن يحيى. (من بعد ظهري) أي: من وراءه. 6645 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا أَوْلادٌ لَهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ" قَالهَا ثَلاثَ مِرَارٍ. [انظر: 3786 - مسلم: 2509 - فتح: 11/ 525] (إسحاق) أي: ابن راهويه. وأحاديث الباب ستة عشر مرَّ أولها (¬1): في باب: يحول بين المرء وقلبه، وثانيها (¬2): في الخمس. وعلامات النبوة، وثالثها (¬3): في علامات النبوة، ورابعها (¬4): في الرقاق، ¬

_ (¬1) سبق برقم (6617) كتاب: القدر، باب: يحول بين المرء وقلبه. (¬2) سبق برقم (3121) كتاب: فرض الخمس، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "أحلت لكم الغنائم". وبرقم (3618) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام. (¬3) سبق برقم (3619) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام. (¬4) سبق برقم (6485) كتاب: الرقاق، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو تعلمون ما أعلم".

وخامسها (¬1): في المناقب، وسادسها (¬2): في الصلح، وسابعها (¬3): في الهبة، وثامنها (¬4): في الرقاق، وتاسعها (¬5): في الزكاة، وعاشرها (¬6): في الجهاد وكتاب: الأنبياء، وحادي عشرها (¬7): في المناقب، وثاني عشرها (¬8): في النفقات، وثالث عشرها: في الرقاق (¬9)، ورابع عشرها (¬10): في فضائل القرآن، وخامس عشرها (¬11): في الصلاة، وسادس عشرها (¬12): في فضل الأنصار. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3694) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب. (¬2) سبق برقم (2695، 2696) كتاب: الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود. (¬3) سبق برقم (2597) كتاب: الهبة، باب: من لم يقبل الهدية لعلة. (¬4) سبق برقم (6485) كتاب: الرقاق، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لو تعلمون ما أعلم). (¬5) سبق برقم (1460) كتاب: الزكاة، باب: زكاة البقر. (¬6) سبق برقم (2819) كتاب: الجهاد، باب: من طلب الولد للجهاد. وبرقم (3424) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)}. (¬7) سبق برقم (3802) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب سعد بن معاذ. (¬8) سبق برقم (5359) كتاب: النفقات، باب: نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها، ونفقة الولد. (¬9) سبق برقم (6528) كتاب: الرقاق، باب: كيف الحشر. (¬10) سبق برقم (5013) كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}. (¬11) سبق برقم (419) كتاب: الصلاة، باب: عظة الإمام الناس. (¬12) سبق برقم (3786) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "أنتم أحب الناس إليَّ".

4 - باب لا تحلفوا بآبائكم

4 - بَابُ لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ (باب: لا تحلفوا بآبائكم) أي: بيان ما جاء فيه. 6646 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ، يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَال: "أَلا إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ". [انظر: 2679 - مسلم: 1646 - فتح: 11/ 530] (ألا إن اللَّه ينهاكم) أي: نهي تنزيه. (أن تحلفوا بآبائكم) لأن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه وحقيقة العظمة مختصة باللَّه تعالى فلا يضاهى به غيره، وأما الحلف بنحو الصافات والطور فمن اللَّه تعالى وله أن يقسم بما شاء من خلقه، وأما خبر: "أفلح وأبيه إن صدق" (¬1). فأجيب عنه: بأن لفظة: (وأبيه) كلمة تجري على الألسنة عمودًا للكلام أو زينة لا يقصد بها اليمين، بل قيل: أنها منكرة، وقيل: إنها مصحفة من قوله: والله. (فليحلف بالله) أي: أو بصفته. (أو ليصمت) أي: أو ليسكت. 6647 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: قَال سَالِمٌ: قَال ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ" قَال عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا قَال مُجَاهِدٌ: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4]: يَأْثُرُ عِلْمًا تَابَعَهُ عُقَيْلٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَإِسْحَاقُ الكَلْبِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ. [انظر: 2679 - مسلم: 1646 - فتح: 11/ 530] 6648 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ". [انظر: 2679 - مسلم: 1646 - فتح 11/ 530] (سعيد بن عفير) هو سعيد بن كثير بن عفير. (ذاكرًا) أي: قابلًا لها من قبل نفسي. (أو آثرًا) بالمد أي: حاكيًا لها عن غيري لكن الحاكي لا يكون حالفًا فلا يناسب العامل فيه وهو حلفت فيقدر له عامل آخر بأن يقال ولا ذكرتها آثرًا عن غيري، أو يضمن حلفت معنى: تكلمت. ({أَوْ أَثَارَةٍ}) في نسخة: "أو أثرة". (يأثر علمًا) بضم المثلثة تفسير لما قبله أي: ينقل خبرًا، فما قبله مأخوذ من الأثر وهو الرواية، وقيل: من الأثر: وهو العلامة، وقيل: من الإثارة وهي البقية فكأنها بقية تستخرج فتثار. (تابعه) أي: يونس. (عقيل) أي: ابن خالد. (والزبيدي) هو محمد بن الوليد. (وإسحق) أي: ابن يحيى الكلبي. 6649 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، وَالقَاسِمِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ زَهْدَمٍ، قَال: كَانَ بَيْنَ هَذَا الحَيِّ مِنْ جَرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإِخَاءٌ، فَكُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ، أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ المَوَالِي، فَدَعَاهُ إِلَى الطَّعَامِ، فَقَال: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لَا آكُلَهُ، فَقَال: قُمْ فَلَأُحَدِّثَنَّكَ عَنْ ذَاكَ، إِنِّي أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَال: "وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا، فَقَال: "أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ" فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا؟ حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْمِلُنَا وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا، ثُمَّ حَمَلَنَا، تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لَا نُفْلِحُ أَبَدًا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّا أَتَيْنَاكَ لِتَحْمِلَنَا، فَحَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا، وَمَا عِنْدَكَ مَا تَحْمِلُنَا، فَقَال: "إِنِّي لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَاللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا". [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح: 11/ 530]

5 - باب لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت

(والقاسم) أي: ابن عاصم التميمي. (عن زهدم) أي: ابن مضرب. (ود) أي: محبة (فقذرته) أي: كرهت أكله. (بنهب إبل) أي: من غنيمة. (وتحللتها) أي: كفرتها. 5 - بَابُ لَا يُحْلَفُ بِاللَّاتِ وَالعُزَّى وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ (باب: لا يحلف) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "لا تحلفوا". (باللات والعزى) هما صنمان. (ولا بالطواغيت) بفوقية جمع طاغوت: وهو صنم، وقيل: شيطان (¬1)، وقيل: كل رأس ضلال. 6650 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ حَلَفَ، فَقَال فِي حَلِفِهِ: بِاللَّاتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَمَنْ قَال لِصَاحِبِهِ: تَعَال أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ". [انظر: 4860 - مسلم: 1647 - فتح: 11/ 536] (فليقل: لا إله إلا اللَّه) أي: لشبهه بالكفار وهو على سبيل الندب إن لم يكن حلفه بذلك؛ لكونه معبودًا وإلا فعلى سبيل الوجوب. (فليتصدق) أي: ندبًا تكفيرًا للخطيئة التي دعا إليها، ومرَّ الحديث في تفسير سورة النجم (¬2). 6 - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى الشَّيْءِ وَإِنْ لَمْ يُحَلَّفْ (باب: من حلف على الشيء وإن لم يحلف) بالبناء للمفعول. 6651 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَكَانَ يَلْبَسُهُ، فَيَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ، ¬

_ (¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 4/ 134 (9771). (¬2) سبق برقم (4860) كتاب: التفسير، باب: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)}.

7 - باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام

فَصَنَعَ النَّاسُ [خَوَاتِيمَ] ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ فَنَزَعَهُ، فَقَال: "إِنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الخَاتِمَ، وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ" فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَال: "وَاللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا" فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. [انظر: 5865 - مسلم: 2091 - فتح 11/ 537] (اصطنع خاتما) أي: أمر أن يصنع له. (فصه) بفتح الفاء أشهر من كسرها. (في باطن كفه) لبسه كذلك؛ لبيان أنه لم يكن للزينة، بل للختم ومصالح أخرى. (واللَّه لا ألبسه أبدًا) حلف بغير تحليف تأكيدًا للكراهة، ومرَّ الحديث في اللباس (¬1). 7 - بَابُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى مِلَّةِ الإِسْلامِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالعُزَّى فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ " وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى الكُفْرِ. [انظر: 4860] (باب: من حلف بملة سوى الإسلام) في نسخة: "سوى ملة الإسلام" كاليهودية والنصرانية، والمراد: بيان حكم من حلف بذلك كأن يقول: إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني. 6652 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلامِ فَهُوَ كَمَا قَال، قَال: وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ". [انظر: 1363 - مسلم: 110 - فتح 11/ 537] (وهيب) أي: ابن خالد. (فهو كما قال) ظاهره: أنه يكفر بذلك، وهو كذلك إن قصد الرضى بما قال، وإلا فإن قصد إبعاد نفسه من الفعل أو أطلق فلا يكفر، لكنه ارتكب مكروهًا. (ولعن المؤمن كقتله) ¬

_ (¬1) سبق برقم (5865) كتاب: اللباس، باب: خواتيم الذهب.

8 - باب لا يقول: ما شاء الله وشئت، وهل يقول أنا بالله ثم بك؟

أي: في التحريم، أو في الإبعاد إذ اللعن تبعيد من رحمة اللَّه. والقتل تبعيد من الحياة الحسية، ومر الحديث في الأدب (¬1). 8 - بَابُ لَا يَقُولُ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، وَهَلْ يَقُولُ أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ؟ (باب: لا يقول) أي: الشخص. (ما شاء اللَّه وشئت) بفتح التاء وضمها؛ لأن فيه تشريكًا في المشيئة مع أنها مختصة في الحقيقة بالله تعالى. (وهل يقول: أنا باللَّه ثم بك؟) جواب الاستفهام محذوف أي: نعم لانتفاء التشريك، ومثله ما شاء اللَّه ثم شئت. 6653 - وَقَال عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ ثَلاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ مَلَكًا، فَأَتَى الأَبْرَصَ، فَقَال: تَقَطَّعَتْ بِيَ الحِبَالُ، فَلَا بَلاغَ لِي إلا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ". فَذَكَرَ الحَدِيثَ. [انظر: 3464 - مسلم: 2964 - فتح: 11/ 540] (الحبال) بمهملة أي: الأسباب، وفي نسخة: بالجيم، ومرَّ الحديث في بني إسرائيل (¬2). 9 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ فِي الرُّؤْيَا، قَال: "لَا تُقْسِمْ". [انظر: 7046] (باب: قول اللَّه تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}) أي: حلف المنافقون باللَّه وهو جهد اليمين؛ لأنهم بذلوا فيها مجهودهم. (في ¬

_ (¬1) سبق برقم (6047) كتاب: الأدب، باب: ما ينهى به السباب واللعن. (¬2) سبق برقم (3464) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: أبرص وأعمى وأقرع.

الرؤيا) أي: في تعبيرها. (لا تقسم) قال الكرماني ما حاصله: لا منافاة بين هذا وبين أمره - صلى الله عليه وسلم - بإبرار القسم؛ لأن ذاك محله عند عدم المانع وهذا كان له - صلى الله عليه وسلم - فيه مانع (¬1)، وقيل: كان في بيانه مفاسد، وسيأتي إيضاحه في التعبير (¬2). 6654 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ البَرَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِبْرَارِ المُقْسِمِ". [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 11/ 541] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: الثوري. (بإبرار المقسم) بكسر السين أي: الحالف، وبفتحها بمعنى: القسم فهو مصدر. 6655 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، يُحَدِّثُ: عَنْ أُسَامَةَ: أَنَّ بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَسَعْدٌ، وَأُبَيٌّ، أَنَّ ابْنِي قَدْ احْتُضِرَ فَاشْهَدْنَا، فَأَرْسَلَ يَقْرَأُ السَّلامَ وَيَقُولُ: "إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَتَحْتَسِبْ" فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا قَعَدَ رُفِعَ إِلَيْهِ، فَأَقْعَدَهُ فِي حَجْرِهِ، وَنَفْسُ الصَّبِيِّ جُئِّثُ، فَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال سَعْدٌ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "هَذِهِ رَحْمَةٌ يَضَعُهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ". [انظر: 1284 - مسلم: 923 - فتح 11/ 541] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 23/ 109. (¬2) سيأتي برقم (7046) كتاب: التعبير، باب: من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب.

(أن ابنة) هي زينب. (وسعد) أي: ابن عبادة. (تقعقع) بحذف إحدى التاءين أي: تتقعقع بمعنى: تضطرب. 6656 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ ثَلاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ تَمَسُّهُ النَّارُ، إلا تَحِلَّةَ القَسَمِ". [انظر: 1251 - مسلم: 2632 - فتح 11/ 541] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (إلا تحلة القسم) أي: تحليله، والمراد بالقسم: ما هو مقدر في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا} [مريم: 71] أي: والله ما منكم، والمستثنى منه قوله: تمسه النار؛ لأنه في حكم البدل من (لا يموت) أي: لا تمس النار من مات له ثلاثة إلا بقدر الورود. 6657 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنِي غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، وَأَهْلِ النَّارِ: كُلُّ جَوَّاظٍ عُتُلٍّ مُسْتَكْبِرٍ". [انظر: 4918 - مسلم: 2853 - فتح 11/ 541] (كل ضعيف) أي: فقير. (متضعف) بكسر العين أي: متواضع، وبفتحها: أي: الذي يحتقره الناس؛ لضعف حاله في الدنيا. (جواظ) أي: غليظ. (عتل) أي: شديد الخصومة. (مستكبر) أي: متكبر عن الحق، وأحاديث الباب أربعة مرَّ أولها: في الجنائز والمظالم وغيرهما (¬1)، وثانيها (¬2) وثالثها: في الجنائز (¬3)،، ورابعها: في تفسير ¬

_ (¬1) سبق برقم (1239) كتاب: الجنائز، باب: الأمر بإتباع الجنائز. وبرقم (2445) كتاب: المظالم، باب: نصر المظلوم. (¬2) سبق برقم (1284) كتاب: الجنائز، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه". (¬3) سبق برقم (1251) كتاب: الجنائز، باب: فضل من مات له ولد فاحتسب.

10 - باب إذا قال: أشهد بالله، أو شهدت بالله

سورة نون (¬1). 10 - بَابُ إِذَا قَال: أَشْهَدُ بِاللَّهِ، أَوْ شَهِدْتُ بِاللَّهِ (باب: إذا قال: أشهد بالله، أو شهدت بالله) أي: لأفعلن كذا وجواب (إذا) محذوف أي: هل يكون حالفًا كما قاله الحنفية والحنابلة أو لا كما قاله غيرهم كالشافعية، لكن الراجح عندهم أنه كناية فيحتاج إلى قصد كونه حلفًا، وإلا بأن قصد بالأول: الوعد، وبالثاني: الإخبار عن حلف ماض، أولم يقصد شيئًا فلا يكون حلفًا. 6658 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَال: "قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ: تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ " قَال إِبْرَاهِيمُ: "وَكَانَ أَصْحَابُنَا يَنْهَوْنَا - وَنَحْنُ غِلْمَانٌ - أَنْ نَحْلِفَ بِالشَّهَادَةِ وَالعَهْدِ". [انظر: 2652 - مسلم: 2533 - فتح 11/ 543] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن عبيدة) أي: السلماني. (تسبق شهادة أحدهم) إلى آخره لا دور فيه؛ لأن المراد بيان حرصهم على الشهادة، فتارة يحلفون قبلها على ما يشهدون وتارة يعكسون. (أصحابنا) أي: مشايخنا. (أن نحلف بالشهادة والعهد) أي: بأن يقول أحدنا: أشهد بالله، أو على عهد الله، ومرَّ الحديث في الرقاق (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4918) كتاب: التفسير، باب: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)}. (¬2) سبق برقم (6429) كتاب: الرقاق، باب: ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها.

11 - باب عهد الله - عز وجل -

11 - باب عَهْدِ الله - عزَّ وجلَّ -. (باب: عهد الله) أي: بيان الحلف به. (- عزَّ وجلَّ -) ساقط من نسخة. 6659 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ، يَقْتَطِعَ بِهَا مَال رَجُلٍ مُسْلِمٍ - أَوْ قَال: أَخِيهِ - لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 77]. [انظر: 2356 - مسلم: 1380 - فتح 11/ 544] (أبن أبي عدي) هو محمد. (عن سليمان) أي: ابن مهران. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (رجل مسلم) أي: أو ذمي أو معاهد. 6660 - قَال سُلَيْمَانُ، فِي حَدِيثِهِ: فَمَرَّ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَال: مَا يُحَدِّثُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ؟ قَالُوا لَهُ، فَقَال الأَشْعَثُ: نَزَلَتْ فِيَّ وَفِي صَاحِبٍ لِي، فِي بِئْرٍ كَانَتْ بَيْنَنَا. [انظر: 2357 - مسلم: 138 - فتح 11/ 544] (قالوا له) أي: يحدثنا بكذا وكذا، ومرَّ الحديث في كتاب: الشرب (¬1). 12 - بَابُ الحَلِفِ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ". [انظر: 7383] وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا". [انظر: 806] وَقَال أَبُو سَعِيدٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَال اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ". [انظر: 806] وَقَال ¬

_ (¬1) سبق برقم (2357) كتاب: الشرب، باب: الخصومة في البئر والقضاء فيها.

13 - باب قول الرجل: لعمر الله

أَيُّوبُ: "وَعِزَّتِكَ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ". [انظر: 279] (باب: الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته) في نسخة: "وكلامه" أي: كالقرآن وما أنزل الله. (أعوذ بعزتك). وجه مطابقته للترجمة: مع أنه دعاء لا قسم: أنه لا يستعاذ إلا بصفة قديمة فالحلف كذلك. (لا غنى لي عن بركتك) بكسر المعجمة والقصر أي: لا استغناء. (وقال أبو سعيد: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال الله: لك ذلك وعشرة أمثاله) ساقط من نسخة مع أنه لا يناسب الترجمة. 6661 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ العِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ. رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ. [انظر: 4848 مسلم: 2848 - فتح 11/ 545] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (قدمه) قيل: هم قوم من الكفار قد حولهم الله إلى جهنم، وقيل: خلق يخلقهم الله يوم القيامة ويسميهم قدما، وقيل: غير ذلك. ومرَّ الحديث في تفسير سورة ق (¬1). 13 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: لَعَمْرُ الله. قَال ابن عَبَّاسٍ: {لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72] لَعَيْشُكَ. (باب: قول الرجل: لعمر الله) أي: لأفعلن كذا ومعناه: لحياته وبقائه (¬2) كما سيأتي الإشارة إليه في كلام ابن عباس، وحكمه: أنه قسم لكنه عند الشافعية كناية عنه، وهو مرفوع بالابتداء وخبره ¬

_ (¬1) سبق برقم (4848) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}. (¬2) في الأصل: بقاؤه.

14 - باب {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم (225)} [البقرة: 225]

محذوف أي: قسمي أو يميني فإن حذفت اللام نصبته نصب المصادر، وهو في الأصل بضم العين وكسرها، لكن التزموا فتحها في القسم؛ تخفيفًا لكثرة ورده على ألسنتهم. (لعمرك) أي: (لعيشك). 6662 - حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ح وَحَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، قَال: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَال لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ، - وَكُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ وَفِيهِ - "فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ" فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَقَال لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ. [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح 11/ 546] (الأويسي) هو عبد العزيز المدني. (إبراهيم) أي: ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. (عن صالح) أي: ابن كيسان. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. (فستعذر) أي: طلب من يعذره، ومرَّ الحديث في المغازي والتفسير (¬1). 14 - باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)} [البقرة: 225]. (باب: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)}) في نسخة: "باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ} إلى قوله: {بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (4025) كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا. وبرقم (4690) كتاب: التفسير، باب: قوله {قَال بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}.

15 - باب إذا حنث ناسيا في الأيمان

6663 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] قَال: قَالتْ: "أُنْزِلَتْ فِي قَوْلِهِ: لَا وَاللَّهِ، بَلَى وَاللَّهِ. [انظر: 4613 - فتح 11/ 547] (يحيى) أي: القطان. (عن هشام) أي: ابن عروة. 15 - بَابُ إِذَا حَنِثَ نَاسِيًا فِي الأَيْمَانِ وَقَوْلِ الله تَعَالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب: 5]. وَقَال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} [الكهف: 73]. (باب: إذا حنث ناسيًا في الأيمان) جواب (إذا) محذوف أي: ما حكمه؟. 6664 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ قَال: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ، أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ". [انظر: 2528 - مسلم: 127 - فتح 11/ 548] (مسعر) أي: ابن كدام. (قتادة) أي: ابن دعامة. (عما حدثت) في نسخة: "عما وسوست". (أنفسها) بالنصب والرفع. (أو تكلم) بحذف إحدى التاءين والجزم أي: تتكلم به. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث أن الوسوسة من متعلقات عمل القلب كالنسيان. 6665 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ، إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَال: كُنْتُ أَحْسِبُ - يَا رَسُولَ اللَّهِ - كَذَا وَكَذَا قَبْلَ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ قَامَ آخَرُ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنْتُ أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا، لِهَؤُلاءِ الثَّلاثِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "افْعَلْ وَلَا حَرَجَ" لَهُنَّ

كُلِّهِنَّ يَوْمَئِذٍ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ إلا قَال: "افْعَلْ وَلَا حَرَجَ". [انظر: 83 - مسلم: 1306 - فتح 11/ 541] (أو محمد) أي: ابن يحيى الذهلي. (عنه) أي: عن عثمان، وكل من عثمان ومحمد شيخ البخاري. (كذا وكذا قبل كذا وكذا) أي: حلقت قبل أن أنحر، أو قبل أن أرمي. (لهؤلاء) أي: لأجل هؤلاء. (الثلاث) أي: الحلق والنحر والرمي. (لهن) أي: لأجل هؤلاء الثلاث. (افعل أفعل) ثانيهما ساقط من نسخة. 6666 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَال: "لَا حَرَجَ" قَال آخَرُ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ قَال: "لَا حَرَجَ" قَال آخَرُ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَال: "لَا حَرَجَ". [انظر: 84 - مسلم: 1307 - فتح 11/ 541] (أبو بكر) أي: ابن عياش. (زرت) أي: طفت طواف الزيارة. 6667 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ فَصَلَّى، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فَجَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَال لَهُ: "ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَال: "وَعَلَيْكَ، ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" قَال فِي الثَّالِثَةِ: فَأَعْلِمْنِي، قَال: "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ، فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ، فَكَبِّرْ وَاقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَويَ وَتَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَويَ قَائِمًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا". [انظر: 757 - مسلم: 397 - فتح 11/ 541] (أن رجلا) هو خلاد بن رافع.

6668 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "هُزِمَ المُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ هَزِيمَةً تُعْرَفُ فِيهِمْ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ، فَقَال: أَبِي أَبِي " قَالتْ: "فَوَاللَّهِ مَا انْحَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَال حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ " قَال عُرْوَةُ: فَوَاللَّهِ مَا زَالتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. [انظر: 3290 - فتح 11/ 549] (أخراكم) أي: احذروا الذين من ورائكم واقتلوهم. (فقال: أبي أبي) أي: لا تقتلوه. (ما انحجزوا) في نسخة: "ما احتجزوا" أي: ما انفصلوا. (منها) أي: من قتلة أبيه (بقية) أي: من حزن وتحسر من قتل أبيه بذلك الوجه، وفي نسخة: "بقية خير" أي: استمر الخير فيه من الدعاء والاستغفار لقاتل أبيه. 6669 - حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: حَدَّثَنِي عَوْفٌ، عَنْ خِلاسٍ، وَمُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ". [انظر: 1933 - مسلم: 115 - فتح 11/ 549] (عوف) أي: الأعرابي. (عن خلاس) أي: ابن عمرو الهجري. (ومحمد) أي: ابن سيرين. 6670 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، قَال: "صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ، فَمَضَى فِي صَلاتِهِ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ انْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، فَكَبَّرَ وَسَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَسَلَّمَ". [انظر: 829 - مسلم: 570 - فتح 11/ 549] (ابن بحينة) هي اسم أمه. (فلما قضى صلاته) أي: قارب الفراغ منها.

6671 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ عَبْدَ العَزِيزِ بْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ صَلاةَ الظُّهْرِ، فَزَادَ أَوْ نَقَصَ مِنْهَا، قَال مَنْصُورٌ: لَا أَدْرِي إِبْرَاهِيمُ وَهِمَ أَمْ عَلْقَمَةُ، قَال: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقَصُرَتِ الصَّلاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ قَال: "وَمَا ذَاكَ؟ " قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، قَال: فَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَال: "هَاتَانِ السَّجْدَتَانِ لِمَنْ لَا يَدْرِي: زَادَ فِي صَلاتِهِ أَمْ نَقَصَ، فَيَتَحَرَّى الصَّوَابَ، فَيُتِمُّ مَا بَقِيَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ". [انظر: 401 - مسلم: 572 - فتح 11/ 550] (وهْمٌ) أي: غلط. 6672 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ: لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَال: حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ، وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 73] قَال: "كَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا". [انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح 11/ 550] (سفيان): ابن عيينة. (قال: قلت) حذف مقول (قال) أي: سعيد، وهو كما في تفسير سورة الكهف: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر إلى آخره (¬1). 6673 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَال: قَال البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: "وَكَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ لَهُمْ، فَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يَذْبَحُوا قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ، لِيَأْكُلَ ضَيْفُهُمْ، فَذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلاةِ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الذَّبْحَ" فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي عَنَاقٌ جَذَعٌ، عَنَاقُ لَبَنٍ، هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ فَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ، يَقِفُ فِي هَذَا المَكَانِ عَنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (4725) كتاب: التفسير، باب: {وَإِذْ قَال مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)}.

وَيُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، بِمِثْلِ هَذَا الحَدِيثِ، وَيَقِفُ فِي هَذَا المَكَانِ، وَيَقُولُ: "لَا أَدْرِي أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ غَيْرَهُ أَمْ لَا". [انظر: 951 - مسلم: 1916 - فتح 11/ 550] رَوَاهُ أَيُّوبُ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (كتب إلا محمد) في نسخة: "كتب إليَّ من محمد". (ابن عون) هو محمد. (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل. (قبل أن يرجع) في نسخة: "قبل أن يرجعهم" أي: يرجع إليهم، وظاهر الحديث: أن ذلك وقع للبراء، لكن المشهور أن ذلك لأبي بردة. (عناق لبن) بالإضافة وبالرفع منونًا بجعل (لبن) بدلًا من (عناق). 6674 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، قَال: سَمِعْتُ جُنْدَبًا، قَال: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ عِيدٍ، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ قَال: "مَنْ ذَبَحَ فَلْيُبَدِّلْ مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ". [انظر: 985 - مسلم: 1960 - فتح 11/ 550] (يوم عيد) أي: يوم عيد الأضحى. ومطابقة الحديث والذي قبله للترجمة: من حيث تنزيل الجاهل بالحكم منزلة الناسي، وأحاديث الباب أحد عشر مر أولها (¬1): في الطلاق، وثانيها (¬2): في العلم، وثالثها (¬3): في الحج، ورابعها (¬4): في الصلاة، وخامسها (¬5): في آخر المناقب، وسادسها (¬6): في الصوم، ¬

_ (¬1) سبق برقم (5269) كتاب: الطلاق، باب: الطلاق في الإغلاق والكره. (¬2) سبق برقم (83) كتاب: العلم، باب: الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها. (¬3) سبق برقم (1722) كتاب: الحج، باب: الذبح قبل الحلق. (¬4) سبق برقم (757) كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم. (¬5) سبق برقم (3824) كتاب: مناقب الأنصار، باب: ذكر حذيفة بن اليمان. (¬6) سبق برقم (1933) كتاب: الصوم، باب: الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا.

16 - باب اليمين الغموس

وسابعها وثامنها: في الصلاة، وتاسعها (¬1): في كتاب: العلم، وعاشرها (¬2): في صلاة العبد، وحادي عشرها (¬3): في الأضاحي. 16 - بَابُ اليَمِينِ الغَمُوسِ {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94)} [النحل: 94] {دَخَلًا}: مَكْرًا وَخِيَانَةً. (باب: اليمين الغموس) سميت بذلك؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم في الدنيا وفي النار في الآخرة. ({دَخَلًا}) أي: مكرًا أو خيانة. 6675 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا فِرَاسٌ، قَال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ". [6870، 6920 - فتح 11/ 555] (فراس) أي: ابن يحيى المكتب. (الكبائر ..) إلى آخرها ذكر منها أربعة للاهتمام بها وإلا فهي أكثر كما يعلم من كتاب: الحدود. ¬

_ (¬1) سبق برقم (829) كتاب: الأذان، باب: من لم ير التشهد الأول واجبًا. وبرقم (401) كتاب: الصلاة، باب: التوجه نحو القبلة حيث كان. وبرقم (74) كتاب: العلم، باب: ما ذكر في ذهاب موسى عليه السلام في البحر إلى الخضر. (¬2) سبق برقم (951) كتاب: العيدين، باب: سنة العيدين لأهل الإسلام. (¬3) سبق برقم (985) كتاب: العيدين، باب: كلام الإمام والناس في خطبة العيد.

17 - باب قول الله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (77)} [آل عمران: 77]

17 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)} [آل عمران: 77]. وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)} [البقرة: 224] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95)} [النحل: 95] {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: 91] (باب: قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} آخره الآيات الأربع ومحل تفسيرها تفاسير القرآن، وفي نسخة: اختصار لبعضها. 6676 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. [انظر: 2356 - مسلم: 138 - فتح 11/ 558] (يمين صبر) أي: التي تصبر أي: يلزم بها الحالف ويحبس عليها، ومنهم من نون. (يمين) أي: يمين مصبورة على التجوز إذ المصبور في الحقيقة صاحبها، أو المراد: أن الحالف هو الذي صبَّر نفسه وحبسها على هذه اليمين، فاليمين مصبورة أي: مصبور عليها. (ما

18 - باب اليمين فيما لا يملك، وفي المعصية وفي الغضب

لامريء مسلم) أي: أو ذمي ونحوه. (إلى آخر الآية) ساقط من نسخة. 6677 - فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَال: مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالُوا: كَذَا وَكَذَا، قَال: فِيَّ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ" قُلْتُ: إِذًا يَحْلِفُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ". [انظر: 2357 - مسلم: 138 - فتح 11/ 558] (أبو عبد الرحمن) هي كنية عبد الله بن مسعود. (ابن عم لي) هو معدان، وقيل: جرير بن الأسود. (كان لي بئر) في نسخة: "كانت لي بئر". (بينتك) بالنصب بمقدر أي: أحضر، أو أطلب، وبالرفع خبر مبتدإٍ محذوف أي: المطلوب، ومرَّ الحديث في كتاب: الشرب (¬1). 18 - بَابُ اليَمِينِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَفِي المَعْصِيَةِ وَفِي الغَضَبِ (باب: اليمين فيما لا يملك وفي المعصية وفي الغضب) أي: بيان ما جاء في حكمها. 6678 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ الحُمْلانَ، فَقَال: "وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَيْءٍ" وَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ، قَال: "انْطَلِقْ إِلَى أَصْحَابِكَ فَقُلْ: إِنَّ اللَّهَ، أَوْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُكُمْ". [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح: 11/ 564] (عن بريد) أي: ابن عبد الله. (الحملان) بضم الحاء أي: أن يحملنا على إبل، ومرَّ الحديث ¬

_ (¬1) سبق برقم (2357) كتاب: المساقاة، باب: الخصومة في البئر والقضاء فيها.

في غزوة تبوك (¬1). 6679 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ح وَحَدَّثَنَا الحَجَّاجُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، قَال: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَال لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا، كُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ} العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا فِي بَرَاءَتِي، فَقَال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قَال لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ، أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى} الآيَةَ قَال أَبُو بَكْرٍ: "بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَال: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا عَنْهُ أَبَدًا". [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح 11/ 564] (عبد العزيز) أي: ابن عبد الله الأوشمي. (إبراهيم) أي: ابن سعد. (عن صالح) أي: ابن كيسان، ومرَّ حديثه في آخر المغازي (¬2). 6680 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ زَهْدَمٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا، ثُمَّ قَال: "وَاللَّهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا". [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح 11/ 564] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (عن القاسم) أي: ابن عاصم، ومرَّ حديثه آنفًا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4415) كتاب: المغازي، باب: غزوة تبوك. (¬2) سبق برقم (4141) كتاب: المغازي، باب: حديث الإفك.

19 - باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم، فصلى، أو قرأ، أو سبح، أو كبر، أو حمد، أو هلل، فهو على نيته

19 - بَابُ إِذَا قَال: وَاللَّهِ لَا أَتَكَلَّمُ اليَوْمَ، فَصَلَّى، أَوْ قَرَأَ، أَوْ سَبَّحَ، أَوْ كَبَّرَ، أَوْ حَمِدَ، أَوْ هَلَّلَ، فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْضَلُ الكَلامِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ " قَال أَبُو سُفْيَانَ: كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ: {تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] وَقَال مُجَاهِدٌ: {كَلِمَةُ التَّقْوَى} [الفتح: 26]: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ". (باب: إذا قال: والله لا أتكلم اليوم مثلًا فصلَّى أو قرأ أو سبح أو كبر أو حمد أو هلل فهو على نيته) فإن قصد التعميم حنث وإلا فلا. 6681 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "قُلْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ". [انظر: 1360 - مسلم: 24 - فتح: 11/ 566] (أبواليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن حمزة، ومرَّ حديثه في آخر فضائل الصحابة (¬1). 6682 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ". [انظر: 6406 - مسلم: 2694 - فتح 11/ 566] (كلمتان ..) إلى آخره مرَّ في الدعوات (¬2)، وسيأتي آخر الكتاب (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3884) كتاب: فضائل الأنصار، باب: قصة أبي طالب. (¬2) سبق برقم (6406) كتاب: الدعوات، باب: فضل التسبيح. (¬3) سبق برقم (6406) كتاب: الدعوات، باب: فضل التسبيح. وسيأتي برقم (7563) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}.

20 - باب من حلف أن لا يدخل على أهله شهرا، وكان الشهر تسعا وعشرين

6683 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى: "مَنْ مَاتَ يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا أُدْخِلَ النَّارَ" وَقُلْتُ أُخْرَى: "مَنْ مَاتَ لَا يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا أُدْخِلَ الجَنَّةَ". [انظر: 1238 - مسلم: 92 - فتح 11/ 566] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (وقلت: أخرى) أي: كلمة أخرى. (من مات لا يجعل لله ندًّا) أي: مثلًا. (أدخل الجنة) أي: وإن دخل النار لذنب، وإنَّما قال ابن مسعود ذلك؛ لأنه [إن] (¬1) انتفى الشرك لزم دخول الجنة، ومرَّ الحديث في الجنائز (¬2). 20 - بَابُ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى أَهْلِهِ شَهْرًا، وَكَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ (باب: من حلف أن لا يدخل على أهله شهرًا، وكان الشهر تسعًا وعشرين) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6684 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتْ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلَيْتَ شَهْرًا؟ فَقَال: "إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ". [انظر: 378 - مسلم: 411 - فتح 11/ 568] (آلي) أي: حلف. (في مشربة) بضم الراء وفتحها أي: غرفة ولا يخفى أن الحالف إذا حلف على شهر في أثنائه لا يبرأ إلا أن يُمضي ثلاثين يومًا من وقت حلفه كما عليه الجمهور، فيتعين أن يكون حلفه ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (1238) كتاب: التوحيد، باب: في الجنائز.

21 - باب إن حلف أن لا يشرب نبيذا، فشرب طلاء، أو سكرا، أو عصيرا، لم يحنث في قول بعض الناس، وليست هذه بأنبذة عنده"

- صلى الله عليه وسلم - وقع مقارنًا لابتداء الشهر، ومرَّ الحديث في الصوم والإيلاء (¬1). 21 - بَابُ إِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ نَبِيذًا، فَشَرِبَ طِلاءً، أَوْ سَكَرًا، أَوْ عَصِيرًا، لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ بِأَنْبِذَةٍ عِنْدَهُ" (باب: إذا حلف ألا يشرب نبيذًا) بمعجمة: ما اتخذ من نحو تمر أو زبيب بأن وضع عليه ماء وترك حتى خرجت حلاوته. (فشرب طلاء) بالمد، وفي نسخة: "الطلاء" وهو ما طبخ من عصير العنب، زاد الحنفية: وذهب ثلثه. (أو سكرًا) بفتحتين: نبيذ يتخذ من التمر. (أو عصيرًا) هو ما عصر من العنب (لم يحنث في قول بعض الناس) أي: الحنفي. (وليست) في نسخة: "وليس". (هذه) أي: المذكورات من الطلاء وتالييه. (بأنبذة عنده) لأن كلًّا منها له اسم خاص وإن أطلق عليه اسم النبيذ. 6685 - حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، سَمِعَ عَبْدَ العَزِيزِ بْنَ أَبِي حَازِمٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَسَ، فَدَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ العَرُوسُ خَادِمَهُمْ، فَقَال سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا سَقَتْهُ؟ " قَال: "أَنْقَعَتْ لَهُ تَمْرًا فِي تَوْرٍ مِنَ اللَّيْلِ، حَتَّى أَصْبَحَ عَلَيْهِ، فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ". [انظر: 5176 - مسلم: 2006 - فتح 11/ 568] (علي) أي: ابن عبد الله المديني. (أعرس) في نسخة: "عرس" أي: اتخذ عروسًا والعروس أم أسيد بن وهب بن سلام. (ما سقته؟) في نسخة: "ماذا سقته؟ ". (في تور) بفتح الفوقية أي: في إناء من صفر، أو حجر. (حتى أصبح) أي: التمر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1911) كتاب: الصوم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصوموا ... " وبرقم (5289) كتاب: الطلاق، باب: قوله تعالى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}.

22 - باب إذا حلف أن لا يأتدم، فأكل تمرا بخبز، وما يكون من الأدم

(عليه) أي: على التور أي: على مائه، ومرَّ الحديث في الأشربة (¬1). 6686 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ سَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: "مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ، فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا، ثُمَّ مَا زِلْنَا نَنْبِذُ فِيهِ حَتَّى صَارَ شَنًّا". [فتح 11/ 569] (عن سودة) أي: بنت زمعة. (مسكها) بفتح الميم وسكون السين أي: جلدها. (شنًّا) أي: قربة خلقة. 22 - بَابُ إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْتَدِمَ، فَأَكَلَ تَمْرًا بِخُبْزٍ، وَمَا يَكُونُ مِنَ الأُدْمِ (باب: إذا حلف أن لا يأتدم فأكل تمرًا بخبز) فجواب (إذا) محذوف أي: هل يكون مؤتدمًا فيحنث أو لا؟ والأقرب أنه مؤتدم فيحنث أخذًا من الحديث أبي داود والترمذي رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ كسرة من خبر شعير فوضع عليها تمرة وقال: "هذه إِدام هذا" (¬2). (وما يكون من الأدم) عطف على جملة الشرط. 6687 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ". [انظر: 5423 - مسلم: 970 - فتح: 11/ 570] وَقَال ابْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَال لِعَائِشَةَ: بِهَذَا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5591) كتاب: الأشربة، باب: الانتباذ في الأوعية والتور. (¬2) رواه أبو داود (3830) كتاب: الأطعمة، باب: في التمر. والترمذي في "الشمائل" ص 77 - 78 (184) باب: ما جاء في إدام رسول الله (وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".

(سفيان) أي: ابن عيينة. (مأدوم) أي: مأكول بالأدم. (ابن كثير) هو محمد أبو عبد الله العبدي. (سفيان) أي: الثوري. (عبد الرحمن) أي: ابن عابس. 6688 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَال: قَال أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ: سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبْتُ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ" فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَعَهُ: "قُومُوا" فَانْطَلَقُوا وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ، فَقَالتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ حَتَّى دَخَلا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ" فَأَتَتْ بِذَلِكَ الخُبْزِ، قَال: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ الخُبْزِ فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَال فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَال: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَكَلَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا. [انظر: 422 - مسلم: 2040 - فتح 11/ 570] (فيه) أي: في الخبز بعد فته وعصر ما في العكة عليه. (ما شاء الله أن يقول) هو كما عند الإمام أحمد: "بسم الله اللهم أعظم فيها البركة" (¬1) أي: في المائدة المفهومة من الكلام، ومرَّ الحديث في علامات النبوة (¬2). ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 3/ 242. (¬2) سلف برقم (3578) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الاسلام.

23 - باب النية في الأيمان

23 - بَابُ النِّيَّةِ فِي الأَيْمَانِ (باب: النية في الأيمان) بفتح الهمزة وقيل: بكسرها وكلاهما صحيح. 6689 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَال: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ". [انظر: 1 - مسلم: 1907 - فتح 11/ 572] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد. (بالنية) الباء سببية أي: إنما ثواب الأعمال بسبب النية؛ أي: أو إلصاقية لأن كل عمل يلتصق به نيته غالبًا. (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله) أي: قصدًا. (فهجرته إلى الله ورسوله) أي: ثوابًا، ومرَّ الحديث أول الكتاب (¬1). ومناسبته للترجمة: من حيث أن الإيمان من جملة الأعمال الصالحة. 24 - بَابُ إِذَا أَهْدَى مَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَالتَّوْبَةِ (باب: إذا أهدى ماله على وجه النذر والتوبة) بفوقية فواو، وفي نسخة: "والقربة" بقاف فراء وهي الأنسب، ومرَّ بيان النذر في أول كتاب: الأيمان والنذور. ¬

_ (¬1) سلف برقم (1) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

25 - باب إذا حرم طعامه

6690 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فِي حَدِيثِهِ: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] فَقَال فِي آخِرِ حَدِيثِهِ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنِّي أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". [انظر: 2757 - مسلم: 2769 - فتح 11/ 572] (ابن وهب) هو عبد الله. (يونس) أي: ابن يزيد. (إلى الله) أي: لله. (فهو) أي: إمساكك بعض مالك. (خير لك) أي: من انخلاعك من مالك كله. ومطابقة الحديث للترجمة: من حيث إن كعب بن مالك جعل من توبته انخلاعه من ماله صدقة إلى الله ورسوله إذ في الإنخلاع معنى الالتزام، وفي الالتزام معنى النذر، واختلف فيما إذا نذر التصدق بجميع ماله كما هو في الترجمة فقيل: يلزمه الثلث، وقيل: الجميع، وقيل: إن علقه بشرط لزمه الجميع، وقيل: إن كان نذر تبرر لزمه الجميع، أو لجاج تخير بين إخراج الجميع وكفارة اليمين وهو قول الشافعي. 25 - بَابُ إِذَا حَرَّمَ طَعَامَهُ وَقَوْلُهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ، تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} وَقَوْلُهُ: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87]. (باب: إذا حرم طعامه) في نسخة: (طعامًا) كان قال: طعام كذا حرام عليَّ وجواب (إذا) محذوف أي: لم يحرم بل إن علق التحريم بنذر أو حلف انعقد نذره ويمينه، ولزمته الكفارة إن خالفهما. (وقوله تعالى) عطف على جملة الشرط. ({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ})

أي: تمنع نفسك. ({تَبْتَغِيَ}) تفسير لتحرم، أو استئناف بياني، أو حال بجعل الإنكار على القيد والمقيد كما في قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130]. 6691 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: زَعَمَ عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ: تَزْعُمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ: أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال: "لَا، بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ" فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} [التحريم: 4]. لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 3]. لِقَوْلِهِ: "بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا"، وقَال لِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: عَنْ هِشَامٍ: "وَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ، فَلَا تُخْبِرِي بِذَلِكِ أَحَدًا". [انظر: 4912 - مسلم: 1474 - فتح 11/ 574] (الحجاج) أي: ابن محمد المصيصي. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (مغافير) بميم مفتوحة فمعجمة جمع مغفور بضم الميم: وهو صمغ له رائحة كريهة. (ولن أعود له) أي: قال: والله لا أعود له بقرينة قوله بعد: (وقد حلفت). (وقال لي) لفظ: (لي) ساقط من نسخة، ومرَّ الحديث في الطلاق (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (5267) كتاب: الطلاق، باب: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}.

26 - باب الوفاء بالنذر وقوله: {يوفون بالنذر} [الإنسان: 7]

26 - بَابُ الوَفَاءِ بِالنَّذْرِ. وَقَوْلِهِ: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7]. (باب: الوفاء بالنذر) أي: بيان فضله. 6692 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الحَارِثِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: أَوَلَمْ يُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ، إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّرُ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ مِنَ البَخِيلِ". [انظر: 6608 - مسلم: 1639 - فتح 11/ 576] (أولم ينهوا عن النذر؟) بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل. قال ابن عمر ذلك؛ جوابًا لقول مسعود بن عمرو له: يا أبا عبد الرحمن، إن ابني كان مع عمر بن عبيد الله بن معمر بأرض فارس فوقع فيها وباء وطاعون شديد فجعلت على نفسي لئن الله سلم ابني ليمشين إلى بيت الله تعالى فقدم علينا وهو مريض ثم مات فما تقول؟ قال ابن عمر: أولم تنهوا عن النذر. (لا يقدم شيئًا) أي: مما قدره الله على وقته. (وإنما يستخرج بالنذر من البخيل) أي: لأنه لم يأت بهذه القربة ابتداء بل في مقابلة، بل شفاء المريض ونحوه. ومطابقة الحديث للترجمة: تؤخذ من (يستخرج). 6693 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ، وَقَال: "إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ". [انظر: 6608 - مسلم: 1639 - فتح 11/ 576] (سفيان) أي: الثوري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النذر) علل بأن الناذر لم يبذل القربة إلا بشرط أن يفعل له ما يريد صار كالمعاوضة التي تقدح في نية المتقرب وإلى ذلك أشار بقوله: (إنه لا يرد شيئًا) والنهي للتنزيه إذ لو كان للتحريم لبطل النذور وسقط

27 - باب إثم من لا يفي بالنذر

لزوم الوفاء به، ولا ينافي ذلك قول أصحابنا: أن النذر قربة ولهذا لا تبطل به الصلاة؛ لأن النهي محمول على من ظن أنه لا يقوم بما التزمه أو أن للنذر تأثيرًا كما يلوح به الحديث، أو على المعلق بشيء فالقول بأنه قربة محله في غير ذلك وبذلك علم ضعف إطلاق قول الكرماني: المكروه التزام القربة لا القربة إذ ربما لا يقدر على الوفاء (¬1)، ومرَّ الحديث في القدر (¬2). 6694 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَأْتِي ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ، وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إِلَى القَدَرِ قَدْ قُدِّرَ لَهُ، فَيَسْتَخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ، فَيُؤْتِي عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِي عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ". [انظر: 6609 - مسلم: 1640 - فتح: 11/ 576] (لم يكن قدر له) في نسخة: "لم أكن قدرته". (فيؤتى عليه) في نسخة: "فيؤتيني عليه" أي: فيعطيني على ذلك الأمر الذي بسببه نذرت كالشفاء. (ما لم يكن يؤتى عليه من قبل) أي: من قبل النذر، وفي نسخة: بدل (يؤتى) "يؤتيني"، وفي أخرى: "يؤتني" بالجزم بدل من قوله: (يكن). 27 - بَابُ إِثْمِ مَنْ لَا يَفِي بِالنَّذْرِ (باب: إثم من لا يفي بالنَذر) لفظ: (إثم) ساقط من نسخة. 6695 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، حَدَّثَنَا زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ، قَال: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 23/ 80. (¬2) سلف الحديث برقم (6608) كتاب: القدر، باب: إلقاء النذر العبد إلى القدر.

28 - باب النذر في الطاعة

"خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قَال عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي: ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا بَعْدَ قَرْنِهِ - ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ، يَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ". [انظر: 2651 - مسلم: 2535 - فتح 11/ 580] (أبو جمرة) هو نصر بن عمران. (ينذرون) بكسر المعجمة وضمها. (ولا يفون) في نسخة: "ولا يوفون". (ويظهر فيهم السمن) أي: حقيقة، أو يكثرون بما ليس فيهم من الشرف، أو يجمعون الأموال، أو يغفلون عن أمر الدين، ومرَّ الحديث في الشهادات، وفضائل الصحابة، والرقاق (¬1). 28 - بَابُ النَّذْرِ فِي الطَّاعَةِ {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ، وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [البقرة: 270]. (باب: النذر في الطاعة) أي: بيان ما جاء فيه. ({فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [البقرة: 270]) ساقط من نسخة. 6696 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ". [6700 - فتح 11/ 581] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (فلا يعصه) لأن شرط النذر أن يكون قربة. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2651) كتاب: الشهادات، باب: لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد. و (3650) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. و (6428) كتاب: الرقاق، باب: ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها.

29 - باب إذا نذر، أو حلف: أن لا يكلم إنسانا في الجاهلية، ثم أسلم

29 - بَابُ إِذَا نَذَرَ، أَوْ حَلَفَ: أَنْ لَا يُكَلِّمَ إِنْسَانًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَسْلَمَ (باب: إذا نذر أو حلف لا يكلم إنسانًا في الجاهلية ثم أسلم) جواب (إذا) محذوف أي: هل يلزمه الوفاء أو لا؟. 6697 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، قَال: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ". [انظر: 2032 - مسلم: 1656 - فتح 11/ 582] (عبد الله) أي: ابن المبارك. (أو بنذرك) أي: ندبًا؛ لأن شرط صحة النذر الإسلام، وتسمية ذلك نذرًا من مجاز التشبيه، ومرَّ الحديث في آخر الاعتكاف (¬1). 30 - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ وَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ، امْرَأَةً، جَعَلَتْ أُمُّهَا عَلَى نَفْسِهَا صَلاةً بِقُبَاءٍ، فَقَال: "صَلِّي عَنْهَا" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ، نَحْوَهُ. (باب: من مات وعليه نذر) جواب (من) محذوف أي: قضى عنه لكن لا يقضي عنه صلاة ولا اعتكاف عند الشافعية؛ لعدم ورودهما في الحديث، والكلام على ذلك مبسوطًا في كتب الفقه. (صل عنها) في نسخة: "عليها" بجعل على بمعنى: عن. 6698 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيَّ، اسْتَفْتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، "فَأَفْتَاهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهَا"، فَكَانَتْ سُنَّةً بَعْدُ. [انظر: 2761 - مسلم: 1638 - فتح: 11/ 583] ¬

_ (¬1) سلف برقم (2032) كتاب: الاعتكاف، باب: الاعتكاف ليلًا.

31 - باب النذر فيما لا يملك وفي معصية

(على أمه) أسمها: عمرة، واختلف في نذرها فقيل: صيام، وقيل: عتق، وقيل: صدقة، وقيل: نذر مطلق (فكانت) أي: توفية الوارث ما على الموروث، أو فتوى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (سنة) أي: طريقة يعمل بها. 6699 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال لَهُ: إِنَّ أُخْتِي قَدْ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ" قَال: نَعَمْ، قَال: "فَاقْضِ اللَّهَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِالقَضَاءِ". [انظر: 1852 - فتح 11/ 584] (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية. (نذرت) في نسخة: "قد نذرت" ومرَّ الحديث في الحج (¬1). 31 - بَابُ النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَفِي مَعْصِيَةٍ (باب: النذر فيها لا يملك وفي معصية) أي: بيان ما جاء فيهما. 6700 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ". [انظر: 6696 - فتح 11/ 585] (أبو عاصم) أي: النبيل. (عن القاسم) أي: ابن محمد، ومرَّ حديثه آنفًا. 6701 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ" وَرَآهُ يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ وَقَال الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ. [انظر: 1865 - مسلم: 1642 - فتح 11/ 585] ¬

_ (¬1) سلف برقم (1852) كتاب: جزاء الصيد، باب: الحج والنذور عن الميت، والرجل يحج عن المرأة.

(يحيى) أي: القطان. (عن حميد) أي: الطويل. (عن ثابت) أي: البناني. (ورآه يمشي بين ابنيه) أي: فقال: ما بال هذا؟ قالوا: نذر أن يمشي فأمره أن يركب؛ لعجزه عن المشي، ومرَّ الحديث في الحج (¬1). (الفزاري) هو مروان بن معاوية. 6702 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَطَعَهُ". [انظر: 1620 - فتح 11/ 586] (عن طاوس) أي: ابن كيسان. (يطوف بالكعبة) أي: وآخره يقوده (بزمام أو غيره فقطعه) أي: زجرًا له. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن الشخص لا يملك تعذيب نفسه ولا التزام مشقة لا تلزمه. 6703 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَال: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ يَقُودُ إِنْسَانًا بِخِزَامَةٍ فِي أَنْفِهِ، فَقَطَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ". [انظر: 1620 - فتح 11/ 586] (بخزامة في أنفه) بكسر المعجمة: حلقة شعر أو وبر تجعل في الحاجز الذي بين منخري البعير يشد بها الزمام؛ ليسهل انقياده إذا كان صعبًا، ومرَّ الحديث في الحج (¬2). 6704 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ ¬

_ (¬1) سلف برقم (1856) كتاب: جزاء الصيد، باب: من نذر المشي إلى الكعبة. (¬2) سلف برقم (1620) كتاب الحج، باب: الكلام في الطواف.

32 - باب من نذر أن يصوم أياما، فوافق النحر أو الفطر

عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ. فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ" قَال عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح 11/ 586] (وهيب) أي: ابن خالد. (أيوب) أي: السختياني. (أبو إسرائيل) قيل: اسمه قشير بقاف ومعجمة، وقيل: يسير بتحتية، وقيل: غير ذلك. 32 - بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَيَّامًا، فَوَافَقَ النَّحْرَ أَو الفِطْرَ (باب: من نذر أن يصوم أيامًا فوافق النحر أو الفطر) جواب (من) محذوف أي: لم يدخل في نذره؛ لأنه لا يقبل الصوم. 6705 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ أَبِي حُرَّةَ الأَسْلَمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ لَا يَأْتِيَ عَلَيْهِ يَوْمٌ إلا صَامَ، فَوَافَقَ يَوْمَ أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَقَال: " {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] لَمْ يَكُنْ يَصُومُ يَوْمَ الأَضْحَى وَالفِطْرِ، وَلَا يَرَى صِيَامَهُمَا". [انظر: 1994 - مسلم: 1139 - فتح 590] (ولا يرى) بتحتية أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. 6706 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَال: نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثَلاثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ مَا عِشْتُ، فَوَافَقْتُ هَذَا اليَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَال: "أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ" فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَال مِثْلَهُ، لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ. [انظر: 1994 - مسلم: 1139 - فتح: 11/ 591]

33 - باب: هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض، والغنم، والزروع، والأمتعة؟

33 - بَابٌ: هَلْ يَدْخُلُ فِي الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ الأَرْضُ، وَالغَنَمُ، وَالزُّرُوعُ، وَالأَمْتِعَةُ؟ وَقَال ابْنُ عُمَرَ: قَال عُمَرُ، لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ؟ قَال: "إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا" وَقَال أَبُو طَلْحَةَ، لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، لِحَائِطٍ لَهُ، مُسْتَقْبِلَةِ المَسْجِدِ. (باب: هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزروع والأمتعة؟) جواب الاستفهام محذوف أي: نعم عند الجمهور. (أنفس منه) أي: أجود سمي نفيسًا؛ لأنه يأخذ بالنفس. 6707 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، إلا الأَمْوَال وَالثِّيَابَ وَالمَتَاعَ، فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ، يُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ، لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامًا، يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي القُرَى، حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي القُرَى، بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَال النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الجَنَّةُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا" فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ - أَوْ شِرَاكَيْنِ - إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ - أَوْ: شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ -". [انظر: 4234 - مسلم: 115 - فتح 11/ 592] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (مدعم) بكسر الميم وسكون المهملة. (وجه) بالبناء للفاعل، أو للمفعول وهو الأنسب بالحديث.

(وادي القرى) موضع بقرب المدينة (¬1). (عائر) بمهملة وتحتية أي: لا يدري من رماه، ومرَّ الحديث في المغازي (¬2). ¬

_ (¬1) هو واد بين الشام والمدينة وهو بين تيماء وخيبر فيه قرى كثيرة وبها سمي وادي القرى؛ لأن الوادي من أوله إلى آخره قرى منظومة. انظر: "معجم البلدان" 4/ 338. (¬2) سلف برقم (4234) كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.

84 - كتاب كفارات الأيمان

84 - كِتَابُ كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ

1 - باب كفارات الأيمان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [84 - كِتَابُ كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ] 1 - باب كَفَّارَاتِ الأيْمَانِ. وَقَوْلِ الله تَعَالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89]. وَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ نَزَلَتْ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَيُذْكَرُ عَنِ ابن عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ: مَا كَانَ فِي القُرْآنِ: أَوْ أَوْ، فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ، وَقَدْ خَيَّرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - كَعْبًا فِي الفِدْيَةِ. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب: كفارات الأيمان) في نسخة: "كتاب: الكفارات". (وقول الله تعالى) بالجر عطف على (كفارات الأيمان). وكذا قوله: (وما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: به، (وما) موصولة أي: والذي أمر به - صلى الله عليه وسلم -. (حين نزلت) أي: آية: ({فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ}) وأشار بما أمر به إلى حديث كعب بن عجرة الآتي. (ما كان في القرآن: أو أو) أي: لقوله تعالى: ({فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}). 6708 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَال: أَتَيْتُهُ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَال: "ادْنُ" فَدَنَوْتُ، فَقَال: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ" قُلْتُ: نَعَمْ، قَال: "فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ" وَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَال: "صِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ، وَالمَسَاكِينُ سِتَّةٌ". [انظر: 1814 - مسلم: 1201 - فتح 11/ 593]

2 - باب قوله تعالى: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم، والله مولاكم وهو العليم الحكيم} [التحريم: 2] متى تجب الكفارة على الغني والفقير؟

(أبو شهاب) هو عبد ربه بن نافع الأصغر. (عن ابن عون) هو عبد الله. (ادن) أي: أقرب. (هوامك) جمع هامة بتشديد الميم فيهما. (قال: فدية) أي: احلق وعليك فدية. (واخبرني) مقول أبي شهاب، ومرَّ الحديث في الحج (¬1). 2 - بَابُ قَوْلِهِ تَعَالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ، وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ} [التحريم: 2] مَتَى تَجِبُ الكَفَّارَةُ عَلَى الغَنِيِّ وَالفَقِيرِ؟ (باب: قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)} (متى) أي: ومتى. (تجب الكفارة على الغني والفقير؟) في نسخة: "باب: متى تجب الكفارة على الغني والفقير وقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} إلى قوله {الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} ". 6709 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: سَمِعْتُهُ مِنْ فِيهِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: هَلَكْتُ. قَال: "وَمَا شَأْنُكَ؟ " قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَال: "تَسْتَطِيعُ تُعْتِقُ رَقَبَةً" قَال: لَا. قَال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ" قَال: لَا. قَال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا" قَال: لَا. قَال: "اجْلِسْ" فَجَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ الضَّخْمُ - قَال: "خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ" قَال: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، قَال: "أَطْعِمْهُ عِيَالكَ". [انظر: 1936 - مسلم: 1111 - فتح 11/ 595] ¬

_ (¬1) سلف برقم (1814) كتاب: المحصر، باب: قول الله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا}.

3 - باب من أعان المعسر في الكفارة

(سفيان) أي: ابن عيينة. (جاء رجل) قيل: هو سلمة بن صخر البياضي. (تعتق) في نسخة: "أن تعتق". (فضحك) أي: متعجبًا من حال السائل. (نواجذه) بمعجمة آخر الأسنان، وأولها: الثنايا ثم الرباعيات، ثم الأنياب، ثم الضواحك، ثم الأرحاء، ثم النواجذ: وهي الأضراس، ومرَّ الحديث في الصوم (¬1)، وفيه: أن كفارة الوقاع مرتبة ويجب نيتها بأن ينوي بما فعله الكفارة. 3 - بَابُ مَنْ أَعَانَ المُعْسِرَ فِي الكَفَّارَةِ (باب: من أعان المعسر في الكفارة) (في) متعلقة بأعان أو بالمعسر. 6710 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: هَلَكْتُ، فَقَال: "وَمَا ذَاكَ؟ " قَال: وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ، قَال: "تَجِدُ رَقَبَةً" قَال: لَا، قَال: "هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ" قَال: لَا، قَال: "فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا" قَال: لَا، قَال: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ - فِيهِ تَمْرٌ، فَقَال: "اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ" قَال: أَعَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، ثُمَّ قَال: "اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ". [انظر: 1936 - مسلم: 1111 - فتح 11/ 596] (عبد الواحد) أي: ابن زياد، ومرَّ حديث الباب آنفًا. ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (1936) كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان.

4 - باب يعطي في الكفارة عشرة مساكين، قريبا كان أو بعيدا

4 - بَابُ يُعْطِي فِي الكَفَّارَةِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا (باب: يعطي في الكفارة) أي: إذا كانت عن يمين. (عشرة مساكين قريبًا كان) أي: المسكين. (أو بعيدًا) أي: ممن لا يلزمه مؤنته. 6711 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: هَلَكْتُ، قَال: "وَمَا شَأْنُكَ؟ " قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَال: "هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً" قَال: لَا، قَال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ" قَال: لَا، قَال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا" قَال: لَا أَجِدُ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَال: "خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ" فَقَال: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَفْقَرُ مِنَّا، ثُمَّ قَال: "خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ". [انظر: 1936 - مسلم: 1111 - فتح 11/ 596] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن حميد) أي: ابن عبد الرحمن. (هل تجد ما تعتق رقبة) أي: شيئًا تعتق به رقبة بأن تشتريها وتعتقها، ويجوز أن يكون رقبة بدلًا مما تعتق، وهذا الحديث لا يناسب الترجمة وكأنه ذكره ليقيس عليه صرف كفارة اليمين في جواز صرفها للقريب؛ نظرًا لظاهر لفظ (فأطعمه أهلك) وإن كان الصرف للأهل في الحقيقة صدقة لا كفارة. 5 - بَابُ صَاعِ المَدِينَةِ، وَمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَرَكَتِهِ، وَمَا تَوَارَثَ أَهْلُ المَدِينَةِ مِنْ ذَلِكَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ (باب: صاع المدينة ومد النبي صلى الله عليه وسلم وبركته، وما توارث أهل المدينة من ذلك قرنًا بعد قرن) ضمير (وبركته) للمد، أو لكل منه ومن الصاع. 6712 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ المُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا

الجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: "كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمُ اليَوْمَ، فَزِيدَ فِيهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ". [انظر: 1859 - فتح 11/ 597] (فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز) لم يعلم قدر ما زاده قاله ابن بطال (¬1)، وهو صحيح إن خالف صاع زمن عمر بن عبد العزيز صاع زمننا فإن وافقه فالزائد معلوم وهو مدان وثلثا مد. 6713 - حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الوَلِيدِ الجَارُودِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ وَهْوَ سَلْمٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ، يُعْطِي زَكَاةَ رَمَضَانَ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُدِّ الأَوَّلِ، وَفِي كَفَّارَةِ اليَمِينِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" قَال أَبُوقُتَيْبَةَ: قَال لَنَا مَالِكٌ: "مُدُّنَا أَعْظَمُ مِنْ مُدِّكُمْ، وَلَا نَرَى الفَضْلَ إلا فِي مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَقَال لِي مَالِكٌ: لَوْ جَاءَكُمْ أَمِيرٌ فَضَرَبَ مُدًّا أَصْغَرَ مِنْ مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ؟ قُلْتُ: كُنَّا نُعْطِي بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: أَفَلا تَرَى أَنَّ الأَمْرَ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح 11/ 597] (المد الأول) بالجر صفة لازمة لمد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ هو الأول، وأما الثاني فهو الذي زيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز، وأراد نافع بذلك أنه كان لا يعطي بالمد الذي أحدثه هشام وهو أكثر من مد النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلثي مد، إذ مد هشام رطلان والصاع منه ثمانية أرطال. (مدنا أعظم) أي: بركة. (من مدكم) بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -. 6714 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَصَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ". [انظر: 2130 - مسلم: 1368 - فتح 11/ 597] (بارك لهم) أي: لأهل المدينة. (في مكيالهم وصاعهم ومدهم) أي: فيما يقدر بها. ¬

_ (¬1) "شرح ابن بطال" 6/ 174.

6 - باب قول الله تعالى: {أو تحرير رقبة} [المائدة: 89] وأي الرقاب أزكى؟

6 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] وَأَيُّ الرِّقَابِ أَزْكَى؟ (باب: قول الله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} أي: بيانه. (وأي الرقاب أزكى؟) أشار به إلى حديث أبي ذر السابق في أوائل العتق (¬1). (قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلها). 6715 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً، أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ". [انظر: 2517 - مسلم: 1509 - فتح 11/ 599] (أعتق الله بكل عضو منه) أي: من العتيق. (عضوًا) أي: من المعتق. (من النار) متعلق بأعتق، ومرَّ الحديث في أوائل العتق (¬2). 7 - بَابُ عِتْقِ المُدَبَّرِ وَأُمِّ الوَلَدِ وَالمُكَاتَبِ فِي الكَفَّارَةِ، وَعِتْقِ وَلَدِ الزِّنَا وَقَال طَاوُسٌ: "يُجْزِئُ المُدَبَّرُ وَأُمُّ الوَلَدِ". (باب: عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة وعتق ولد الزنا) أي: فيها لم يذكر حكم شيء من الأربعة في حديث الباب، نعم ذكر عن طاوس أجزاء المدبر وأم الولد، وحكمها عند الشافعية: إجزاء المدبر وولد الزنا دون أم الولد والمكاتب كتابة صحيحة. 6716 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَنْ ¬

_ (¬1) سلف برقم (2518) كتاب: العتق، باب: أي الرقاب أفضل. (¬2) سلف برقم (2517) كتاب: العتق، باب: ما جاء في العتق وفضله.

8 - باب إذا أعتق في الكفارة، لمن يكون ولاؤه

يَشْتَرِيهِ مِنِّي" فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: عَبْدًا قِبْطِيًّا، مَاتَ عَامَ أَوَّلَ. [انظر: 2141 - مسلم: 997 - فتح 11/ 600] (أن رجلًا من الأنصار) هو أبو مذكور. (دبر مملوكًا له) اسمه: يعقوب. (نعيم بن النحام) قال الكرماني: الصواب حذف (ابن) (¬1). ومرَّ الحديث في البيع (¬2). (باب: إذا أعتق عبدًا بينه وبين آخر) أي: عن الكفارة جواب (إذا) محذوف أي: يجزئه إن كان موسرًا ويضمن لشريكه حصته وإلا فلا يجزئ، والباب مع ترجمته ساقط من نسخة ولم يذكر فيه حديثًا؛ لكونه لم يجده على شرطه. 8 - بَابُ إِذَا أَعْتَقَ فِي الكَفَّارَةِ، لِمَنْ يَكُونُ وَلاؤُهُ (باب: إذا أعتق في الكفارة) أي: رفيقًا. (لمن يكون ولاؤه) جواب (إذا) وجواب الجواب محذوف أي: لمن أعتقه. 6717 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهَا الوَلاءَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح 11/ 601] (عن الحكم) أي: ابن عتيبة، ومرَّ حديث الباب في الطلاق وغيره (¬3). ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 23/ 146. (¬2) سلف برقم (2141) كتاب: البيوع، باب: بيع المزايدة. (¬3) سلف برقم (456) كتاب: الصلاة، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد.

9 - باب الاستثناء في الأيمان

9 - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الأَيْمَانِ (باب: الاستثناء في الأيمان) أي: بيانه، والمراد الاستثناء: بالمشيئة. 6718 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ، فَقَال: "وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ، مَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ" ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ فَأُتِيَ بِإِبِلٍ، فَأَمَرَ لَنَا بِثَلاثَةِ ذَوْدٍ، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قَال بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: لَا يُبَارِكُ اللَّهُ لَنَا، أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا فَحَمَلَنَا، فَقَال أَبُو مُوسَى: فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَال: "مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، بَلِ اللَّهُ حَمَلَكُمْ، إِنِّي وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ". [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح 11/ 601] (حماد) أي: ابن زيد، ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 6719 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَقَال: "إلا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ - أَوْ: أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ -". [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح 11/ 602] (أبوالنعمان) هو محمد بن الفضل. (حماد) أي: ابن زيد. 6720 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: "قَال سُلَيْمَانُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلٌّ تَلِدُ غُلامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَال لَهُ صَاحِبُهُ - قَال سُفْيَانُ: يَعْنِي المَلَكَ - قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَنَسِيَ، فَطَافَ بِهِنَّ فَلَمْ تَأْتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ بِوَلَدٍ إلا وَاحِدَةٌ بِشِقِّ غُلامٍ. ¬

_ (¬1) سلف برقم (3133) كتاب: فرض الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين. و (6623) كتاب: الأيمان والنذور، باب: قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو}.

10 - باب الكفارة قبل الحنث وبعده

فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْويهِ: قَال: "لَوْ قَال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكًا لَهُ فِي حَاجَتِهِ " - وَقَال مَرَّةً: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "لَو اسْتَثْنَى"، وَحَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ: مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. [انظر: 2819 - مسلم: 1654 - فتح 11/ 602] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن طاوس) أي: ابن كيسان. (سليمان) أي: ابن داود عليهما السلام. (وحدثنا أبوالزناد) مقول سفيان، ومرَّ الحديث في الجهاد وغيره (¬1). 10 - بَابُ الكَفَّارَةِ قَبْلَ الحِنْثِ وَبَعْدَهُ (باب: الكفارة قبل الحنث وبعده) أي: بيان جوازها فيهما. 6721 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ القَاسِمِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ زَهْدَمٍ الجَرْمِيِّ، قَال: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذَا الحَيِّ مِنْ جَرْمٍ إِخَاءٌ وَمَعْرُوفٌ، قَال: فَقُدِّمَ طَعَامٌ، قَال: وَقُدِّمَ فِي طَعَامِهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، قَال: وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ، أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مَوْلًى، قَال: فَلَمْ يَدْنُ، فَقَال لَهُ أَبُو مُوسَى: ادْنُ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهُ، قَال: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا قَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَطْعَمَهُ أَبَدًا، فَقَال: ادْنُ أُخْبِرْكَ عَنْ ذَلِكَ، أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ، وَهُوَ يَقْسِمُ نَعَمًا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ - قَال أَيُّوبُ: أَحْسِبُهُ قَال: وَهُوَ غَضْبَانُ - قَال: "وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ"، قَال: فَانْطَلَقْنَا، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَقِيلَ: "أَيْنَ هَؤُلاءِ الأَشْعَرِيُّونَ" فَأَتَيْنَا، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، قَال: فَانْدَفَعْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَحْمِلُهُ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْنَا فَحَمَلَنَا، نَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ لَا نُفْلِحُ أَبَدًا، ارْجِعُوا بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ¬

_ (¬1) سلف برقم (3424) كتاب: أحاديث الانبياء، باب: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)}.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْنُذَكِّرْهُ يَمِينَهُ، فَرَجَعْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْنَاكَ نَسْتَحْمِلُكَ فَحَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا، ثُمَّ حَمَلْتَنَا، فَظَنَنَّا - أَوْ: فَعَرَفْنَا أَنَّكَ نَسِيتَ يَمِينَكَ - قَال: "انْطَلِقُوا، فَإِنَّمَا حَمَلَكُمُ اللَّهُ، إِنِّي وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا". [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح 11/ 608] تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، وَالقَاسِمِ بْنِ عَاصِمٍ الكُلَيْبِيِّ. حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، وَالقَاسِمِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ زَهْدَمٍ، بِهَذَا. حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ زَهْدَمٍ، بِهَذَا. (عن أيوب) أي: السختياني. (عن القاسم) أي: ابن عاصم. (عن زهدم) أي: ابن مضرب. (إخاء) بالمد أي: صداقة. (ومعروف) أي: إحسان. (فقدم طعام) في نسخة: "فقدم طعامه". (أحسبه) أي: القاسم. (فاندفعنا) أي: سرنا مسرعين. (وتحللتها) أي: كفرتها وهو ظاهر في أنه يكفر عن يمينه وبه صرَّح القرطبي في "تفسير" (¬1) خلافًا لقول الحسن البصري: إنه لم يكفر وإنما نزلت كفارة اليمين تعليمًا للأمة، ومرَّ الحديث في الخمس والمغازي وغيرهما (¬2). (تابعه) أي: إسماعيل. (أبو معمر) هو عبد الله، ومرَّ حديثه في أول كتاب: الأيمان والنذور (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: "تفسير القرطبي" 6/ 281. (¬2) سلف برقم (3133) كتاب: فرض الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين. و (4415) كتاب: المغازي، باب: غزوة تبوك وهي غزوة العسرة. (¬3) سلف برقم (6223) كتاب: الأيمان والنذور، باب: قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ}.

6722 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ" [انظر: 6622 - مسلم 1652 - فتح 11/ 608] تَابَعَهُ أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، وَتَابَعَهُ يُونُسُ، وَسِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَحُمَيْدٌ، وَقَتَادَةُ، وَمَنْصُورٌ، وَهِشَامٌ، وَالرَّبِيعُ. (تابعه) أي: عثمان (أشهل) هو أبو عمرو، وقيل: أبو حاتم. (وهشام) أي: ابن حسان. (والربيع) أي: ابن مسلم كما جزم به الحافظ الدمياطي، ونقله عنه شيخنا ثم قال: والذي يغلب على ظني أنه ابن صبيح ثم ذكر أحاديث تدل له (¬1). ¬

_ (¬1) "الفتح" 11/ 615.

85 - كتاب الفرائض

85 - كِتَابُ الفَرَائِضِ

1 - [باب] قول الله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين}

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 85 - كِتَابُ الفَرَائِضِ 1 - [باب] قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ، وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ، إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ، آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا، وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ، وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالةً أَو امْرَأَةٌ، وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا، أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 11 - 12]. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب الفرائض) جمع فريضة بمعنى:

مفروضة، أي: مقدرة لما فيها من السهام المقدرة فغلبت على غيرها. (وقول الله) عطف على الفرائض. ({فَإِنْ كَانَ}) أي: الأولاد. {فَوْقَ} قيل: زائدة، وقيل: لدفع توهم زيادة النصيب بزيادة العدد ({وَإِنْ كَانَتْ}) أي: المولودة. ({وَلِأَبَوَيْهِ}) أي: الميت. ({لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}) بدل من {وَلِأَبَوَيْهِ} ({وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ}) هو اسم كان. ({يُورَثُ}) أي منه صفة له ({كَلَالةً}) خبر كان، أو خبرها: {يُورَثُ} و ({كَلَالةً}) حال من ضمير {يُورَثُ} وهي تقال لمن لم يخلف ولدًا ولا والدًا ولورثة لا والد فيهم ولا ولد، وهي في الأصل مصدر بمعنى الكلال: وهو ذهاب القوة، وأكثر النسخ على ذكر الإناث إلى قوله: {عَلِيمٌ حَلِيمٌ} وسقط من نسخة قوله {لِلذَّكَرِ} إلى آخره وقال بدله (إلى قوله: {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ}. 6723 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: "مَرِضْتُ فَعَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَأَتَانِي وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَبَّ عَلَيَّ وَضُوءَهُ فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي؟ كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي؟ فَلَمْ يُجِبْنِي بِشَيْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ المَوَارِيثِ". [انظر: 194 - مسلم: 1616 - فتح 12/ 3] (سفيان) أي: ابن عيينة. (فأتاني) أي: النبي، وفي نسخة: "فأتياني" أي: النبي وأبو بكر. (فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية المواريث) نزولها في جابر لا ينافي ما روي: أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص (¬1)؛ لاحتمال أن بعضها نزل ¬

_ (¬1) روى ذلك ابن سعد في "الطبقات" 3/ 146، والبيهقي 9/ 18 كتاب: السير، باب: من كره أن يموت بالأرض.

2 - باب تعليم الفرائض

في هذا وبعضها نزل في ذاك، أو أنها نزلت فيهما معًا في وقت واحد، ومرَّ الحديث في الطب (¬1). 2 - بَابُ تَعْلِيمِ الفَرَائِضِ وَقَال عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: "تَعَلَّمُوا قَبْلَ الظَّانِّينَ" يَعْنِي: الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالظَّنِّ". (باب: تعليم الفرائض) أي: بيان الحث على تعليمها لخبر التّرمذيّ وغيره: "تعلموا الفرائض وعلموها النَّاس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض حتّى يختلف اثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما" (¬2) لكن تركه البخاريّ لأنه ليس على شرطه واكتفى بأثر عقبة: ¬

_ (¬1) سبق برقم (5676) كتاب: المرضى، باب: وضوء العائد للمريض. (¬2) انظر: "سنن الترمذي" (2091) كتاب: الفرائض، باب: ما جاء في تعليم الفرائض. وقال: هذا حديث فيه اضطراب، وروى أبو أُسامة هذا الحديث عن عوف عن رجلٍ عن سليمان بن جابر عن ابن مسعود عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، حَدَّثَنَا بذلك الحسين بن حريث أَخْبَرَنَا أبو أُسامة عن عوف بهذا بمعناه، ومحمد بن القاسم الأسدي قد ضعفه أحمد بن حنبل وغيره. ورواه النَّسائيُّ في "الكبرى" 4/ 63 (6355) كتاب: الفرائض، باب: الأمر بتعليم الفرائض. والحاكم 4/ 333 كتاب: الفرائض، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وله علة عن أبي بكر بن إسحاق عن بشر بن موسى عن هوذة بن حليفة عن عوف. ووافقه في تصحيحه الذهبي وقال: كذا رواه النضر بن شميل، وقال هوذة عن عوف عن رجلٍ عن سليمان بن جابر. وقد ضعفه الألباني في "ضعيف التّرمذي".

3 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا صدقة"

(تعلموا قبل الظانين). إذ قوله: (تعلموا) أي: العلم وهو شامل للفرائض، ويحتمل أنّ المراد: تعلموا الفرائض كما في الخبر السابق لشدة الاهتمام بها لكن قال شيخنا: هذا الأثر لم أظفر به موصولًا (¬1). 6724 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا". [انظر: 5143 - مسلم: 2563 - فتح 12/ 4] وهيب أي: ابن خالد. (ابْن طاوس) هو عبد الله. (فإن الظن أكذب الحديث) أي: أكثر كذبًا من سائر الأحاديث النفسانية إذ الظن ليس حديثًا، والمراد بالظن المحذر منه: ظن السوء بالناس لا ما يتعلّق بالأحكام كظن المجتهد. ومرَّ الحديث في كتاب: النكاح (¬2). 3 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" باب: قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: لا نورث، ما تركناه صدقة) هي خبر: (ما) أي: الّذي تركناه صدقة. 6725 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ فَاطِمَةَ وَالعَبَّاسَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ، أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَيْهِمَا مِنْ فَدَكَ، وَسَهْمَهُمَا مِنْ خَيْبَرَ. [انظر: 3092 - مسلم: 1759 - فتح 12/ 5] 6726 - فَقَال لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا نُورَثُ، مَا ¬

_ (¬1) "الفتح" 12/ 4. (¬2) سبق برقم (5143) كتاب: النِّكاح، باب: لا يخطب على خطبة أخيه.

تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا المَالِ" قَال أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَا أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهِ إلا صَنَعْتُهُ، قَال: فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ. [انظر: 3093 - مسلم: 1759 - فتح 12/ 5] (هشام) أي: ابن يوسف قاضي اليمامة. (معمر) أي: ابن راشد. (من فدك) بالصرف وعدمه، ومرَّ الحديث في الخمس (¬1). 6727 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ". [انظر: 4034 - مسلم: 1758 - فتح 12/ 6] 6728 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، ذَكَرَ لِي مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ فَقَال: انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، فَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ فَقَال: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ؟ قَال: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، ثُمَّ قَال: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ؟ قَال: نَعَمْ، قَال عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا، قَال أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ، فَقَال الرَّهْطُ: قَدْ قَال ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ، فَقَال: هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال ذَلِكَ؟ قَالا: قَدْ قَال ذَلِكَ. قَال عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَقَال عَزَّ وَجَلَّ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7]- إِلَى قَوْلِهِ - {قَدِيرٌ} [الحشر: 6] فَكَانَتْ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا المَالُ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ هَذَا المَالِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ بِذَاكَ ¬

_ (¬1) سبق رقم (3092) كتاب: فرض الخمس، باب: فرض الخمس.

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ قَال لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ، فَتَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبَضَهَا فَعَمِلَ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ وَلِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا مَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ. وَأَتَانِي هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا". [انظر: 2904 - مسلم: 1757 - فتح 12/ 6] (هل لك في عثمان) أي: في دخوله عليك رغبة. (أعطاكموه) أي: المال، وفي نسخة: "أعطاكموها" أي: الخالصة. (ما احتازها) من الحيازة أي: ما جمعها. (فأنا أكفيكماها) استشكل طلبهما الأرض بعد أخذهما لها على الشرط المذكور، وأجيب: بأنهما أعتقدا أنّ قوله: لا نورث مخصوص ببعض ما تخلفه، وأما مخاصمتهما فلم يكن في الميراث بل طلبا أن يقسم بينهما؛ ليستقل كلّ منهما بالتصرف فيما يصير إليه فمنعهما عمر؛ لأن القسم إنّما يقع في الأملاك، وربَّما تطاول الزّمان فيظن أنه ملكهما، قاله الكرماني (¬1)، ومرَّ الحديث في الخمس (¬2). 6729 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَئُونَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ". [انظر: 2776 - مسلم: 1760 - فتح 12/ 6] ¬

_ (¬1) "البخاريّ بشرح الكرماني" 23/ 158. (¬2) سبق برقم (3094) كتاب: فرض الخمس، باب: فرض الخمس.

4 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترك مالا فلأهله"

6730 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ، فَقَالتْ عَائِشَةُ: أَلَيْسَ قَدْ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ؟ ". [انظر: 4034 مسلم: 1758 - فتح 12/ 7] (إسماعيل.) أي: ابن أويس. (لا يقتسم ورثتي دينارًا) أي: ولا غيره سماهم ورثة مجازًا إذ لم يخلف ما يرثونه بقرينة قوله: (ما تركت) إلى آخره فالمعني: لا يقتسم الذين تركتهم ما خلفته بطريق الإرث بل يقتسم بينهم منافعه، لكنه قد يشكل بمنع عمر لهما من القسمة المعللة بما مَرَّ. (بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي) والسر في استثناء نفقة النِّساء ومؤونة العامل أنّ أزواجه - صلى الله عليه وسلم - لما اخترن الله ورسوله والدار الآخرة كان لا بد لهن من القوت، والعامل لما كان في صورة الأجير احتاج إلى ما يكفيه، قاله العلّامة التقي السبكي، ويؤخذ منه: أنّ المستثنى في الزوجات قوتهن فقط وظاهر أنّ حكمهن حكم العامل في أنّ المعتبر المؤنة الشاملة للقوت وغيره ولعلّه أعتبر في الزوجات القوت؛ لأنه الأصل لكونه يوميًّا، وفي العامل المؤنة لكونها لا تقدر باليوم غالبًا، وإلا فالمعتبر حقيقة ما قلنا، ومرَّ الحديث في الوصايا والخمس (¬1). 4 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ" (باب: قول النّبي - صلى الله عليه وسلم -: من ترك مالًا فلأهله أي: فهو لورثته. 6731 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2776) كتاب: الوصايا، باب: نفقة القيم للوقف. وبرقم (3096) كتاب: فرض الخمس، باب: نفقة نساء النَّبيّ.

5 - باب ميراث الولد من أبيه وأمه

أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ". [انظر: 2298 - مسلم: 1619 - فتح 12/ 9] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (ابْن شهاب) هو محمّد بن مسلم الزّهريُّ. (أبو سلمة) أي: ابن عبد الرّحمن بن عوف (فعلينا قضاؤه) ليس هذا من خصائصه بل يجري في غيره من ولاة الأمور لكن وجوب الوفاء إنّما هو من مال المصالح. 5 - بَابُ مِيرَاثِ الوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَقَال زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: "إِذَا تَرَكَ رَجُلٌ أَو امْرَأَةٌ بِنْتًا فَلَهَا النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ بُدِئَ بِمَنْ شَرِكَهُمْ فَيُؤْتَى فَرِيضَتَهُ، فَمَا بَقِيَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ". (باب: ميراث الولد من أبيه وأمه) أي: بيان ذلك. (بدئ بمن شركهم) أي: الذكر والإناث ممّن له فرض مسمى كالأب والزوج. 6732 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ". [6735، 6737، 6746 - مسلم: 1615 - فتح 12/ 11] (فهو لأولى رجل ذكر) فائدة ذِكْر (ذَكَر) بعد (رجل) في الخبر: التنبيه على أنّ الرَّجل هنا مقابل للمرأة لا للصبي وعلى سبب استحقاقه وهي الذكورة الّتي هي سبب العصوبة والترجيح في الإرث ولهذا جعل للذكر ضعف ما للأنثى. قال النووي: والأولى الأقرب لا الأحق وإلا لخلا عن الفائدة؛

6 - باب ميراث البنات

لأنا لا ندري من الأحق (¬1)، وقد بسطت الكلام على ذلك بعض البسط في "شرح الفصول الكبير". 6 - بَابُ مِيرَاثِ البَنَاتِ (باب: ميراث البنات) أي: بيانه. 6733 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَال: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: مَرِضْتُ بِمَكَّةَ مَرَضًا، فَأَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى المَوْتِ، فَأَتَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا، وَلَيْسَ يَرِثُنِي إلا ابْنَتِي، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَال: "لَا" قَال: قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَال: "لَا" قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَال: "الثُّلُثُ كَبِيرٌ، إِنَّكَ إِنْ تَرَكْتَ وَلَدَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إلا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آأُخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِي؟ فَقَال: "لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إلا ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً، وَلَعَلَّ أَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ" يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ، قَال سُفْيَانُ: "وَسَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ". [انظر: 56 - مسلم: 1628 - فتح 12/ 14] (الحميدي) هو عبد الله بن الزُّبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (فأشفيت) أي: فأشرفت. (إلا ابنتي) هي أم الحكم الكبرى (أخلف) أي: بمكة عن الهجرة وهو استفهام بحذف الهمزة. (ولعلَّ) في نسخة: "ولعلّك" واستعملت هنا كعسى. (لكن) في نسخة: "ولكن". (البائس) أي: شديد الفقر، ومرَّ الحديث في الجنائز وغيرها (¬2). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 11/ 53. (¬2) سبق برقم (1295) كتاب: الجنائز، باب: رثى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة. وبرقم (2742) كتاب: الوصايا، باب: أن يترك ورثته أغنياء.

7 - باب ميراث ابن الابن إذا لم يكن ابن

6734 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ شَيْبَانُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: أَتَانَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، بِاليَمَنِ مُعَلِّمًا وَأَمِيرًا، " فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَجُلٍ: تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَأُخْتَهُ، فَأَعْطَى الابْنَةَ النِّصْفَ وَالأُخْتَ النِّصْفَ". [6741 - فتح 12/ 15] (محمود): أي: ابن غيلان. (أبو النضر) بمعجمة هو هاشم التَّميميُّ. (عن أشعث) أي: ابن أبي الشعثاء. 7 - بَابُ مِيرَاثِ ابْنِ الابْنِ إِذَا لَمْ يَكُنِ ابْنٌ وَقَال زَيْدٌ: "وَلَدُ الأَبْنَاءِ بِمَنْزِلَةِ الوَلَدِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُمْ وَلَدٌ ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ، وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ، يَرِثُونَ كَمَا يَرِثُونَ، وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ، وَلَا يَرِثُ وَلَدُ الابْنِ مَعَ الابْنِ". (باب: ميراث ابن الابن إذا لم يكن ابن) أي: بيان ذلك. (زيد) أي: ابن ثابت. (إذا لم يكن دونهم) أي: بينهم وبين الميِّت. (ولد ذكر) لفظ: (ذكر) ساقط من نسخة. (ولا يرث ولد الابن مع الابن) تأكيد لسابقة. 6735 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ". [انظر: 6732 - مسلم: 1615 - فتح 12/ 16] (وهيب) أي: ابن خالد بن عجلان البصري. (ابْن طاوس) هو عبد الله، ومرَّ حديث الباب آنفًا. 8 - بَابُ مِيرَاثِ ابْنَةِ ابْنِ مَعَ ابنةٍ (باب: ميراث ابنة ابن مع ابنة) في نسخة: "مع بنت". 6736 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو قَيْسٍ، سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ

9 - باب ميراث الجد مع الأب والإخوة

شُرَحْبِيلَ، قَال: سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنْ بِنْتٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ، فَقَال: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَسَيُتَابِعُنِي، فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَال: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ، أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِلا بْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ" فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَال: لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الحَبْرُ فِيكُمْ. [6742 - فتح 12/ 17] (آدم) أي: ابن أبي إياس. (أبو قيس) هو عبد الرّحمن بن ثروان. (ما دام هذا الحبر فيكم) بفتح الحاء، وحكي كسرها، لغة: العالم بتحبير الكلام وتحسينه. 9 - بَابُ مِيرَاثِ الجَدِّ مَعَ الأَبِ وَالإِخْوَةِ وَقَال أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ: "الجَدُّ أَبٌ" وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26] {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} "وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَحَدًا خَالفَ أَبَا بَكْرٍ فِي زَمَانِهِ، وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "يَرِثُنِي ابْنُ ابْنِي دُونَ إِخْوَتِي، وَلَا أَرِثُ أَنَا ابْنَ ابْنِي؟ " وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدٍ، أَقَاويلُ مُخْتَلِفَةٌ. (باب: ميراث الجد مع الأب والإخوة) لم يصرِّح في الباب بما يطابق التّرجمة وحكم إرث. الجد أي: من قبل الأب [عند فقده حكم] (¬1) إرثه [إذا لم يكن للميت أخوة] (¬2) ومع الأخوة الأشقاء أو للأب أخذ الأكثر من المقاسمة أو ثلث الباقي أو سدس الجميع وأما ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) من (م).

الإخوة فلا يرثون معه، والكلام على ذلك قد استوفيناه في شرحي "الفصول" وغيره. (الجد: أب) أي: حكمه حكمه في الإرث إلا في مسائل كعدم إسقاطه الإخوة بخلاف الأب، وغير ذلك ممّا هو مذكور في كتب الفقه. (يرثني ..) إلى آخره في الجزء الأخير إنكار على عدم إرث الجد أي: فلم لا يرث وحده دون الإخوة كما في العكس؛ فهو رد على من قال بالشركة بينهما. 6737 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ". [انظر: 6732 - مسلم: 1615 - فتح 12/ 18] (وهيب) أي: ابن خالد. 6738 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: أَمَّا الَّذِي قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلًا لاتَّخَذْتُهُ، وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلامِ أَفْضَلُ، أَوْ قَال: خَيْرٌ، فَإِنَّهُ أَنْزَلَهُ أَبًا، أَوْ قَال: قَضَاهُ أَبًا". [انظر: 467 - فتح 12/ 19] (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (أَيّوب) أي: السختياني. (لاتخذته) أي: أبا بكر أي: لو كنت منقطعًا إلى غير الله تعالى لانقطعت إلى أبي بكر لكنه ممتنع. (ولكن إخوة الإسلام أفضل) استشكل بأن الخلة تستلزم إخوة الإسلام وتزيد عليها، وأجيب أنّ مودة الإسلام مع النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أفضل من مودته مع غيره. (فإنه) أي: أبا بكر. (أنزله) أي: الجد. (أبًا) أي: في استحقاق الميراث. (أو قال: قضاه أبًا) شك من الراوي أي: حكم بأنه كالأب في ذلك. وجملة: (فإنه) إلى آخره جواب أنها، وفي نسخة: "وإنه" بالواو عطف على الجواب

10 - باب ميراث الزوج مع الولد وغيره

المحذوف وهو فورثه مثلًا، ومر في المناقب (¬1) (أنزله) بلا فاء ولا واو، ومرَّ الحديث في الصّلاة وغيرها (¬2). 10 - بَابُ مِيرَاثِ الزَّوْجِ مَعَ الوَلَدِ وَغَيْرِهِ (باب: ميراث الزوج مع الولد وغيره) أي: بيان ذلك. 6739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ المَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ". [انظر: 2747 - فتح 12/ 23] (عن ورقاء) أي: ابن عمر بن كليب. (عن ابن أبي نجيح) هو عبد الله. (كان المال) أي: المخلف عن الميِّت. (للولد وللزوج الشرط) أي: النّصف عند عدم الولد وعدم ولد الولد. (والربع) أي: عند وجود أحدهما. 11 - بَابُ مِيرَاثِ المَرْأَةِ وَالزَّوْجِ مَعَ الوَلَدِ وَغَيْرِهِ (باب: ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره) أي: بيان ذلك. 6740 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَال: "قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لَحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إِنَّ المَرْأَةَ الَّتِي قَضَى لَهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3658) كتاب: فضائل الصّحابة، باب: قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذًا خليلًا". (¬2) سبق برقم (467) كتاب: الصّلاة، باب: الخوخة والممر في المسجد.

12 - باب: ميراث الأخوات مع البنات عصبة

بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ العَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا". [انظر: 5758 - مسلم: 1681 - فتح: 12/ 24]. (من بني لحيان) بكسر اللام وفتحها. 12 - بَابٌ: مِيرَاثُ الأَخَوَاتِ مَعَ البَنَاتِ عَصَبَةٌ (باب: ميراث الأخوات) أي: لغير أم. (مع البنات عصبة) بالرفع خبر مبتدإِ محذوف أي: هن عصبة أي: الأخوات، ويجوز النصب حال منهن. 6741 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَال: قَضَى فِينَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "النِّصْفُ لِلا بْنَةِ وَالنِّصْفُ لِلْأُخْتِ" ثُمَّ قَال سُلَيْمَانُ: قَضَى فِينَا، وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 6734 - مسلم: - فتح 12/ 24]. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن سليمان) أي: ابن مهران. (إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد خال إبراهيم. 6742 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: لَأَقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "للا بْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ الابْنِ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ". [انظر: 6736 - فتح: 12/ 24]. (عبد الرّحمن) أي: ابن مهدي. (سفيان) أي: الثّوريّ. (عن أبي قيس) هو عبد الله. (عن هذيل) أي: ابن شرحبيل. (عبد الله) ابن مسعود (لأقضين فيها) أي: في ابنة وابنة ابن وأخت كما مرَّ التصريح به في باب: ميراث ابنة ابن مع ابنة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6736) كتاب: الفرائض، باب: ميراث ابنة ابن مع ابنة.

13 - باب ميراث الأخوات والإخوة

13 - بَابُ مِيرَاثِ الأَخَوَاتِ وَالإِخْوَةِ (باب: ميراث الأخوات والإخوة) أي: بيان ذلك، وقدم الأخوات على الإخوة؛ للتصريح بهن في الحديث. 6743 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ نَضَحَ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا لِي أَخَوَاتٌ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الفَرَائِضِ". [انظر: 194 - مسلم: 1616 - فتح: 12/ 25]. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (نضح) أي: رش، ومرَّ الحديث في أول الفرائض (¬1). 14 - بَابُ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالةِ، إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ، وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ، وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176] (باب: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالةِ}) اقتصر في نسخة على هذا، وزاد بعده "الآية". ومرَّ الكلام على بيان الكلالة. 6744 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالةِ} [النساء: 176]. [انظر: 4364 - مسلم: 1618 - فتح: 12/ 26]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6723) كتاب: الفرائض، باب: قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثيَيْنِ}.

15 - باب ابني عم: أحدهما أخ للأم، والآخر زوج

(عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي إسحاق) هو عمرو السبيعي. (آخر آية نزلت) إلى آخره لا ينافي ذلك ما مر في البقرة أنّ أخر آية نزلت آية الربا؛ لأن كلًّا من الصحاببين ابن عبّاس هناك (¬1) والبراء هنا قال ذلك مظنة، ومرَّ الحديث في المغازي (¬2). 15 - بَابُ ابْنَيْ عَمٍّ: أَحَدُهُمَا أَخٌ لِلْأُمِّ، وَالآخَرُ زَوْجٌ وَقَال عَلِيٌّ: "لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأَخِ مِنَ الأُمِّ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ". (باب: ابني عم أحدهما أخ للأم) أي: بيان ذلك وقال (علّي ..) إلخ ما قاله هو ما عليه الجمهور. 6745 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَمَالُهُ لِمَوَالِي العَصَبَةِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا أَوْ ضَيَاعًا فَأَنَا وَلِيُّهُ، فَلِأُدْعَى لَهُ" الكَلُّ: العِيَالُ. [انظر: 2298 - مسلم: 1619 - فتح: 12/ 27]. (محمود) أي: ابن غيلان. (عبيد الله) أي: ابن موسى. (عن إسرائيل) أي: ابن يونس. (عن أبي حصين) هو عثمان بن عاصم. (لموالي العصبة) الإضافة فيه للبيان نحو: شجر الأراك. (ومن ترك كلًّا) أي: ثقلًا كالدين والعيال. (فلأدعى له) بلفظ أمر الغائب المجهول واللام مكسورة وتسكن مع الفاء والواو غالبًا، والأصل حذف الألف للجزم لكن أشبعت الفتحة هنا فثبتت الألف، فالمعني: فادعوني له أقوم بكله وضياعه. (الكل: العيال) ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4544) كتاب: التفسير، باب: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}. (¬2) سبق برقم (4364) كتاب: المغازي، باب: حج أبي بكر بالناس.

16 - باب ذوي الأرحام

6746 - حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا تَرَكَتِ الفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ". [انظر: 6732 - مسلم: 1615 - فتح 12/ 27]. (عن روح) أي: ابن القاسم، ومرَّ حديثه آنفًا. 16 - باب ذَوي الأَرْحَامِ. (باب: ذوي الأرحام) هم كلّ قريب ليس بذي سهم ولا عصبة، واختلف في توريثهم، والمشهور عند الشّافعيّة: أنهم يرثون بعد فقد القرابة الخاصة، وفي كيفية توريثهم مذهبان: أحدهما: وهو الأصح مذهب أهل التنزيل وهو أنّ ينزل كلّ منهم منزلة من يدلي به، والثّاني: مذهب أهل القرابة وهو تقديم الأقرب منهم إلى الميِّت ففي بنت بنت، وبنت بنت ابن المال على الأوّل منهما أرباعًا، وعلى الثّاني لبنت البنت لقربها إلى الميِّت، وقد بسطت الكلام على ذلك في شرحي "الفصول" وغيرهما. 6747 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ إِدْرِيسُ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) قَال: "كَانَ المُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ يَرِثُ الأَنْصَارِيُّ المُهَاجِرِيَّ دُونَ ذَوي رَحِمِهِ، لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] " قَال: "نَسَخَتْهَا: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) ". [انظر: 2292 - فتح: 12/ 29]. (إدريس) أي: ابن يزيد. (طلحة) أي: ابْن مصرف. ({وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}) أي: وراثًا. ({وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}) أي: والحلفاء الذين عاهدتموهم في الجاهلية على النصرة والإرث (يرث الأنصاري المهاجري) مَرَّ في سورة النِّساء يرث

17 - باب ميراث الملاعنة

المهاجري الأنصاري (¬1) إشارة إلى أنّ كلا منهما يرث الآخر. (نسختها: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬2) مرَّت في سورة النِّساء. أنّ الناسخ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا} والمنسوخ {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ} وهو عكس ما هنا، وأجيب: بأن فاعل نسختها آية {جَعَلْنَا} ({وَالَّذِينَ عَقَدَتْ}) نصب بأعني. 17 - باب مِيرَاثِ المُلَاعَنَةِ. (باب: ميراث الملاعنة) بفتح العين ويجوز كسرها، والمراد: بيان إلحاق الولد الّذي لاعنت عليه بها حتّى يتوارثا. 6748 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَجُلًا لاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ". [انظر: 4748 - مسلم: 1494 - فتح: 12/ 30]. (أنّ رجلًا) هو عويمر. (لاعن امرأته) هي خولة بنت قيس، ومرَّ الحديث في اللعان (¬3). 18 - بَابٌ: الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (باب: الولد للفراش) أي: لصاحبه. (حرة كانت أو أمة) أي: حرة كانت ذات الفراش، أو أمة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4580) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ ...} (¬2) هي قراءة ابن كثير، ونافع، وأبي عمرو، ابن عامر بالألف، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: "عقدت" بلا ألف، فمن قرأ بالألف، فالتقدير: والذي عاقدتهم أيمانكم، ومن حذف الألف، فالمعني: عقدت حلفهم أيمانكم. انظر: "زاد المسير" 2/ 118. (¬3) سبق برقم (5306) كتاب: الطّلاق، باب: إحلاف الملاعن.

19 - باب: الولاء لمن أعتق، وميراث اللقيط

6749 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: كَانَ عُتْبَةُ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ: أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامَ الفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ، فَقَال: ابْنُ أَخِي عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَال: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي، قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ" ثُمَّ قَال لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: "احْتَجِبِي مِنْهُ" لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. [انظر: 2053 - مسلم: 1457 - فتح: 12/ 32]. (عتبة) أي: ابْن أبي وقّاص. (فتساوقا) أي: تماشيا وتلازما، ومرَّ الحديث في البيوع والوصايا وغيرهما (¬1). 6750 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الوَلَدُ لِصَاحِبِ الفِرَاشِ". [6818 - مسلم: 1458 - فتح: 12/ 32]. (يحيى) أي: القطان. 19 - بَابٌ: الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَمِيرَاثُ اللَّقِيطِ وَقَال عُمَرُ: "اللَّقِيطُ حُرٌّ". (باب: الولاء لمن أعتق وميراث اللقيط) برفع (ميراث) بالعطف على ما قبله. (واللقيط) صغير أو منبوذ مجنون لا كافل له. 6751 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2053) كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات. وبرقم (2745) كتاب: الوصايا، باب: قول الموصي لوصيه: تعاهد ولدي. وبرقم (4303) كتاب: المغازي، باب: من شهد الفتح.

20 - باب ميراث السائبة

الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَرِيهَا، فَإِنَّ الوَلاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ" وَأُهْدِيَ لَهَا شَاةٌ، فَقَال: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ" قَال الحَكَمُ: "وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا" وَقَوْلُ الحَكَمِ مُرْسَلٌ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "رَأَيْتُهُ عَبْدًا". [انظر: 456 - مسلم: 1075، 1504 - فتح 12/ 39]. 6752 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [انظر: 2156 - مسلم: 1504 - فتح: 12/ 39]. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن الأسود) أي: ابن يزيد. (وأَهْدي لها) أي: لبريرة. (هو) أي: لحم الشاة، ومرَّ الحديث في الطّلاق وكفارات الأيمان (¬1). (وقول الحكم مرسل) أي: ليس بمسند إلى عائشة وهو من كلام البخاريّ، وقال ابن عبّاس: رأيته عبدًا هو أصح من كونه حرًّا. 20 - بَابُ مِيرَاثِ السَّائِبَةِ (باب: ميراث السائبة) أي: المهملة كالعبد يعتق على أن لا ولاء لأحد عليه، ولم يذكر حكم إرثه لكونه لم يتفق له حديث على شرطه، واكتفى عنه بقول عمر - رضي الله عنه -: هو حر؛ لأنه إذا كان حرًّا ورث من فرعه وزوجته وغيرهما، وولاؤه لبيت المال فيكون للمسلمين وكالبعير يترك لا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من الماء والكلإِ، والجمهور على كراهة ذلك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5279) كتاب: الطّلاق، باب: لا يكون بيع الأمة طلاقًا. وبرقم (6717) كتاب: كفارات الأيمان، باب: إذا أعتق الكفارة، لمن يكون ولاؤه.

21 - باب إثم من تبرأ من مواليه

6753 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "إِنَّ أَهْلَ الإِسْلامِ لَا يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّ أَهْلَ الجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ". [فتح: 12/ 40]. (سفيان) أي: الثّوريّ. (عن أبي قيس) هو عبد الرّحمن بن ثروان. (عن هزيل) أي: ابن شرحبيل. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. 6754 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ لِتُعْتِقَهَا، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاءَهَا، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ لِأُعْتِقَهَا، وَإِنَّ أَهْلَهَا يَشْتَرِطُونَ وَلاءَهَا، فَقَال: "أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" أَوْ قَال: "أَعْطَى الثَّمَنَ" قَال: فَاشْتَرَتْهَا فَأَعْتَقَتْهَا، قَال: وَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَقَالتْ: لَوْ أُعْطِيتُ كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ مَعَهُ قَال الأَسْوَدُ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا " قَوْلُ الأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُهُ عَبْدًا، أَصَحُّ. [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح: 12/ 40]. (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (أبو عوانة) أي: الوضاح اليشكري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (وخيرت) أي: بريرة لما عتقت بين فسخ نكاحها وإمضائه. (معه) أي: مع زوجها مغيث، ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 21 - بَابُ إِثْمِ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ مَوَالِيهِ (باب: إثم من تبرأ من مواليه) أي: بيان ذلك. 6755 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إلا كِتَابُ اللَّهِ غَيْرَ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قَال: فَأَخْرَجَهَا، فَإِذَا فِيهَا أَشْيَاءُ مِنَ الجِرَاحَاتِ وَأَسْنَانِ الإِبِلِ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (456) كتاب: الصّلاة، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر.

قَال: وَفِيهَا: "المَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ. وَمَنْ وَالى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ. وَذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ". [انظر: 111 - مسلم: 137 - فتح: 12/ 41]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (إلا كتاب الله) بالرفع والنصب. (غير هذه الصحيفة) حال أو استثناء آخر وحرف العطف مقدر كما في: "التحيات المباركات الصلوات" تقديره: والصلوات. (قال) أي: يزيد بن شريك. (ما بين عير) بفتح المهملة جبل بالمدينة (¬1). (إلى ثور) بفتح المثلثة قيل: أنه اسم جبل بها أيضًا لكن المشهور أنه بمكة، وقيل: الصّحيح أنّ بدله أحد، أي: ما بين عير إلى أحد (¬2) (صرف) أي: فرض. (ولا عدل)؟ أي: سنة، وقيل: بالعكس، وقيل: الصّرف: التوبة، والعدل الفدية. (وذمة المسلمين واحدة) أي: عهد كلّ منهم وأمانه للكافر صحيح؛ لأن المسلمين كنفس واحدة. (فمن أخفر مسلمًا) أي: نقض عهده، ومرَّ الحديث في الحجِّ (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 172. (¬2) رواه أحمد 5/ 450. والضياء في "المختارة" 9/ 458 (433) وذكره الهيثمي في "مجمعه" 3/ 303 (5857) كتاب: الحجِّ، باب: حرمة صيدها. وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" إلا أنه قال: ما بين عير وأحد حرام، ورجاله ثقات. والحديث ليس في المطبوع من "المعجم الكبير". (¬3) سبق برقم (1870) كتاب: فضائل المدينة، باب: حرم المدينة.

22 - باب إذا أسلم على يديه

6756 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ". [انظر: 2535 - مسلم: 137 - فتح: 12/ 42]. (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثّوريّ. (نهى النَّبيّ ..) إلخ أي: لأن الولاء لحمته كلحمة النسب فلا يقدر على نقله إلى غيره كالنسب. 22 - بَابُ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَكَانَ الحَسَنُ، "لَا يَرَى لَهُ ولايَةً" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" وَيُذْكَرُ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، رَفَعَهُ قَال: "هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ" وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ هَذَا الخَبَرِ. (باب: إذا أسلم على يديه) أي: "رجل" كما في نسخة، وفي أخرى: "الرَّجل" والمعنى: إذا أسلم رجل على يديه آخر (وكان الحسن) أي: البصري. (لا يرى له) أي: لمن أسلم على يديه غيره. (ولاية) بكسر الواو وفتحها، وفي نسخة: "وولاؤه" بالفتح والهمز والمد والهمز بدل الياء وما قاله مفهوم من قوله: (وقال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق) ومنه من ذكر: (ويذكر عن تميم) هو ابن أوس بن خارجة بن سواد اللخمي. (الداري) نسبة إلى بني الدَّار. (رفعه) بضمير النصب الراجع إلى حديث: (إذا أسلم على يديه) بقرينة التّرجمة وهو الّذي ذكره بعده بقوله: (وهو) أي: من أسلم على يديه غيره (أولى النَّاس بمحياه ومماته) ولكن اختلفوا في صحة هذا الخبر ولهذا ذكره البخاريّ في التعليق بصيغة التّمريض ومن صححه أوله بأنه أولى به في حياته بالنصرة وفي مماته بالغسل والصلاة عليه والدفن لا في ميراثه؛ لأن الولاء لمن أعتق.

23 - باب ما يرث النساء من الولاء

6757 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ: أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا، فَقَال أَهْلُهَا: نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاءَهَا لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكِ، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [انظر: 2156 - مسلم: 1504 - فتح: 12/ 45]. 6758 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ، فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلاءَهَا. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الوَلاءَ لِمَنْ أَعْطَى الوَرِقَ" قَالتْ: فَأَعْتَقْتُهَا. قَالتْ: فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا، فَقَالتْ: لَوْ أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا بِتُّ عِنْدَهُ، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَال: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا. [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح 12/ 45]. (محمّد) أي: ابن سلام، أو ابن يوسف البَّيْكَندي. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (الورق) بفتح الواو وكسر الراء أي: الفضة، والمراد: الثّمن. 23 - بَابُ مَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنَ الوَلاءِ (باب: ما يرث النِّساء من الولاء) من: بمعنى الباء كما في قوله تعالى: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45]، إذ الولاء لا يورث وإنّما يورث به. 6759 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَرَادَتْ عَائِشَةُ، أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، فَقَالتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ الوَلاءَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [انظر: 2156 - مسلم: 1504 - فتح: 12/ 47]. (همام) أي: ابن يحيى العوذي. 6760 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَلاءُ لِمَنْ أَعْطَى الوَرِقَ، وَوَلِيَ النِّعْمَةَ". [انظر: 456 - مسلم: 1504 - فتح 12/ 47].

24 - باب مولى القوم من أنفسهم، وابن الأخت منهم

(ابْن سلام) بتخفيف اللام على الأشهر، واسمه: محمّد. (وكيع) أي: ابْن الجراح. (عن سفيان) أي: الثّوريّ. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (الولاء لمن أعطى الورق وولي النعمة) المراد: الولاء لمن أعتق كما في الرِّواية السابقة سواء كان المعتق رجلًا أم امرأة، والحصر بالنسبة لولاء المباشرة وإلا هؤلاء السراية ثابت لغير المعتق، وقد بسطت الكلام على ذلك في شرحي "الفصول" وغيرهما. 24 - بَابُ مَوْلَى القَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَابْنُ الأُخْتِ مِنْهُمْ (باب: مولى القوم) أي: عتيقهم. (من أنفسهم) أي: في النسبة إليهم وإرثهم منه. (وابن الأخت منهم) أي: وابن أخت القوم منهم في النسبة إليهم وفي توارثهم توارث ذوي الأرحام على المختار عندنا، ومرَّ حديثًا الباب في مناقب قريش (¬1). 6761 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَقَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَوْلَى القَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ" أَوْ كَمَا قَال. [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 12/ 48]. 6762 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "ابْنُ أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُمْ - أَوْ: مِنْ أَنْفُسِهِمْ -". [انظر: 3146 - مسلم: 1051 - فتح: 12/ 48]. 25 - بَابُ مِيرَاثِ الأَسِيرِ قَال وَكَانَ شُرَيْحٌ، يُوَرِّثُ الأَسِيرَ فِي أَيْدِي العَدُوِّ، وَيَقُولُ: "هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِ" وَقَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: "أَجِزْ وَصِيَّةَ الأَسِيرِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3528) كتاب: المناقب، باب: ابن أخت القوم منهم ومولى القوم منهم.

26 - باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم

وَعَتَاقَهُ، وَمَا صَنَعَ فِي مَالِهِ، مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ دِينِهِ، فَإِنَّمَا هُوَ مَالُهُ يَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشَاءُ". (باب: ميراث الأسير) أي: المأسور في يد عدونا. (قال) أي: البخاريّ. (يورث الأسير) هو ما عليه الجمهور. (أجز) أمر من الإجازة. (وعتاقه) بفتح العين، وفي نسخة: "بعتاقته" بزيادة فوقية قبل الضمير. (ما يشاء) في نسخة: "ما شاء". 6763 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا". (أبوالوليد) هو هشام بن عبد الملك. (عن عدي) أي: ابن ثابت. (عن أبي حازم) هو سلمة الأشجعي، ومرَّ حديث الباب في الاستقراض (¬1). 26 - بَابٌ: لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلَا الكَافِرُ المُسْلِمَ وَإِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ المِيرَاثُ فَلَا مِيرَاثَ لَهُ. (باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم) أي: لانقطاع الموالاة بينهما. (وإذا أسلم قبل أن يقسم الميراث فلا ميراث له) لأن الاعتبار بوقت الميراث لا بوقت القسمة عند الجمهور. 6764 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلَا الكَافِرُ المُسْلِمَ". [انظر: 1588، 4283 - مسلم: 1351، 1614 - فتح: 12/ 50]. (لا يرث المسلم الكافر) وقيل: يرثه لخبر: "الإسلام يعلو ولا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2398) كتاب: في الاستقراض، باب: الصّلاة على من ترك دينًا.

يعلى عليه" (¬1) والجمهور على المنع وأجابوا عن الخبر: بأن معناه: فضل الإسلام، ولا يعرض فيه للإرث فلا يترك النص الصريح لذلك، ومرَّ الحديث في المغازي (¬2). ¬

_ (¬1) هذا الحديث مرفوع، وموقوف؛ فالموقوف: من قول ابن عبّاس، وهذا قد ذكره البخاريّ في صحيحه قبل حديث (1354) كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلّى عليه. تعليقًا، فقال ابن عبّاس: الإسلام يعلو ولا يعلى انتهى. وأما المرفوع فروي من حديث عمر بن الخطاب، ومن حديث عائذ بن عمرو المزني، ومن حديث معاذ بن جبل. فحديث عمر: رواه الطَّبرانيُّ في "الأوسط" 6/ 126 (5996) وفي "الصغير" 2/ 153 (948). والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 37 باب: ما جاء في شهادة الضب. مرفوعًا مطولًا بلفظ: "إن هذا الدين يعلو، ولا يعلى". وأما حديث عائذ بن عمر المزني: فأخرجه الروياني في "مسنده" 2/ 37 (783)، والدارقطني في "سننه" 3/ 252 كتاب: النِّكاح، باب: المهر مرفوعًا بلفظ: "الإسلام يعلو، ولا يعلى" انتهى. وقال الدارقطني: وعبد الله بن حشرج، وأبواه مجهولان، انتهى. وأما حديث معاذ: فرواه بحشل في "تاريخ واسط" 1/ 155، ترجمة: عمرو بن أبي حكيم مرفوعًا "الإيمان يعلو، ولا يعلى" انتهى. وقال الحافظ في "الفتح" رأيته موصولًا مرفوعًا من حديث غيره -أي: غير ابن عبّاس- أخرجه الدارقطني ومحمد بن هارون الروياني في "مسنده" من حديث عائذ بن عمر المزني بسند حسن، ورويناه في "فوائد أبي يعلى الخليل" من هذا الوجه "الفتح" 3/ 220. وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1268). (¬2) سبق برقم (4282) كتاب: المغازي، باب: أين ركز النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الراية.

27 - باب ميراث العبد النصراني، والمكاتب النصراني، وإثم من انتفى من ولده

وعلم منه أنّ الكفار يتوارثون وإن اختلفت ملتهم وهو كذلك؛ لأن الملل في البطلان كالملة الواحدة. 27 - بَابُ مِيرَاثِ العَبْدِ النَّصْرَانِيِّ، وَالمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ، وَإِثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ (باب: ميراث العبد النصراني ومكاتب النصراني، وإثم من انتفى من ولده) نسخ البخاريّ هنا مختلفة في ذكر الثّلاثة وبعضها وبالجملة لم يذكر لشيء منها حديثًا. 28 - بَابُ مَنِ ادَّعَى أَخًا أَو ابْنَ أَخٍ 6765 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلامٍ، فَقَال سَعْدٌ: هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ، وَقَال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: هَذَا أَخِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَبَهِهِ فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَال: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ" قَالتْ: فَلَمْ يَرَ سَوْدَةَ قَطُّ. [انظر: 2053 - مسلم: 1457 - فتح: 12/ 52]. (باب: من ادعا أخًا أو ابن أخ) أي: بيان حكم ذلك، وفي نسخة: "باب: إثم من انتفى من ولده ومن ادعى أخًا أو ابن أخ" ومرَّ حديث الباب في باب: الولد للفراش (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6749) كتاب: الفرائض، باب: الولد للفراش.

29 - باب من ادعى إلى غير أبيه

29 - بَابُ مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ (باب: من ادعى إلى غير أبيه) أي: بيان حكمه. 6766 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ، فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ". [انظر: 4326 - مسلم: 63 - فتح: 12/ 54]. 6767 - فَذَكَرْتُهُ لِأَبِي بَكْرَةَ، فَقَال: وَأَنَا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 4327 - مسلم: 63 - فتح: 12/ 54]. (خالد) أي: ابن مهران الحذاء. (عن أبي عثمان) هو عبد الرّحمن النهدي. (عن سعد) أي: ابن أبي وقّاص. (فالجنة عليه حرام) أي: إن استحل ذلك، أو محمول على الزجر والتغليظ؛ للتنفير منه. ومرَّ الحديث في غزوة حنين (¬1). 6768 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَهُوَ كُفْرٌ". [مسلم: 62 - فتح: 24/ 54]. (عمرو) أي: ابن الحارث. (وعراك) بكسر المهملة أي: ابن مالك الغفاري. (فهو كفر) في نسخة: "فقد كفر" أي: النعمة، أو إن استحل ذلك. 30 - بَابُ إِذَا ادَّعَتِ المَرْأَةُ ابْنًا (باب: إذا ادعت المرأة ابنا) أي: بيان حكم ذلك. 6769 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4326) كتاب: المغازي، باب: غزوة الطائف.

31 - باب القائف

الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالتْ لِصَاحِبَتِهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وَقَالتِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَال: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا، فَقَالتِ الصُّغْرَى: لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى. قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إلا يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إلا المُدْيَةَ". (فتحاكما) في نسخة: "فتحاكمتا". (فقضى به للكبرى) أي: لأنه كان في يدها ولا بينة للصغرى. (فقضى به للصغرى) أي: لجزعها الدال على عظم شفقتها ولم يعمل بإقرارها أنه للكبرى؛ لعلمه بالقرينة أنها لا تريد حقيقة الإقرار، قال النووي: ولعلّ الكبرى أقرت بعد ذلك به للصغرى، واستشكل نقض سليمان حكم أبيه داود، وأجيب: بأنهما حكما بالوحي وحكم سليمان كان ناسخًا، أو كان بالاجتهاد، وجاز النقض؛ لدليل أقوى (¬1). (والله إن) أي: ما. (المدية) بتثليث الميم، ومرَّ الحديث في أحاديث الأنبياء (¬2). 31 - باب القَائِفِ. (باب القائف) هو الّذي يعرف الشبه ويميز الأثر، والمراد: بيان حكمه. 6770 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُورًا، تَبْرُقُ أَسَارِيرُ ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" (12/ 18). (¬2) سبق برقم (3427) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)}.

وَجْهِهِ، فَقَال: "أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَقَال: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ". [انظر: 3555 - مسلم: 1459 - فتح: 12/ 56]. (تبرق) أي: تضيء. (أسارير وجهه) هي الخطوطِ الّتي في الجبهة وسبب سروره أنّ الجاهلية كانت تقدح في نسب أُسامة؛ لكونه أسود شديد السواد وزيد أبيض من القطن. (أن مجززًا) سمي به؛ لأنه كان يجز ناصية الأسير في زمن الجاهلية ويطلقه. (آنفا) بالمد والقصر أي: السّاعة (من بعض) في نسخة: "لمن بعض". 6771 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مَسْرُورٌ، فَقَال: "يَا عَائِشَةُ، أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا المُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ، قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَال: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ". [انظر: 3555 - مسلم: 1459 - فتح: 12/ 56]. (سفيان) أي: ابن عيينة.

86 - كتاب الحدود وما يحذر من الحدود

86 - كِتَابُ الحُدُودِ وَمَا يُحْذَرُ مِنَ الحُدُودِ

1 - باب ما يحذر من الحدود

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 86 - كِتَابُ الحُدُودِ وَمَا يُحْذَرُ مِنَ الحُدُودِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مؤخر في نسخة عن قوله: (كتاب الحدود، وما يحذر من الحدود) أي: من ارتكاب ما يوجبها. 1 - بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنَ الحُدُودِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الإِيمَانِ فِي الزِّنَا". (باب: لا يشرب الخَمْرِ) في نسخة: "باب: الزِّنا وشرب الخَمْرِ". (ينزع منه نور الإيمان في الزِّنا) هذا الأثر رواه الطّبريّ وغيره مرفوعًا (¬1). 6772 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ" وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، إلا النُّهْبَةَ. [انظر: 2475 - مسلم: 57 - فتح 12/ 58]. ¬

_ (¬1) انظر: "تهذيب الآثار" مسند ابن عبّاس، السَّفر الثّاني ص 612 - (908). والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" 1/ 492 (527) باب: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. من حديث أبي هريرة.

2 - باب ما جاء في ضرب شارب الخمر

(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) أي: إن استحل ذلك، أو محمول على الزجر والتغليظ للتنفير منه. (نهبة) بفتح النون مصدر، وبضمهما: المال المنهوب، ومرَّ الحديث في كتاب: المظالم (¬1). 2 - بَابُ مَا جَاءَ فِي ضَرْبِ شَارِبِ الخَمْرِ (باب: ما جاء في ضرب شارب الخمر) أي: من الأحاديث. 6773 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ضَرَبَ فِي الخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ". [انظر: 6776 - مسلم: 1706 - فتح: 12/ 63]. (هشام) أي: الدستوائي. 3 - بَابُ مَنْ أَمَرَ بِضَرْبِ الحَدِّ فِي البَيْتِ (باب: من أمر بضرب الحَد في البيت) قيد به ردًّا على من قال: لا يحد سرًّا. 6774 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، قَال: "جِيءَ بِالنُّعَيْمَانِ، أَوْ بِابْنِ النُّعَيْمَانِ، شَارِبًا، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ بِالْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ، قَال: فَضَرَبُوهُ، فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ بِالنِّعَالِ". [انظر: 2316 - فتح 12/ 64]. (عبد الوهّاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (عن أَيّوب) أي: السختياني. (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله، ومرَّ حديث الباب في الوكالة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2475) كتاب: المظالم، باب النهب بغير إذن صاحبه. (¬2) سبق برقم (2316) كتاب: الوكالة، باب: الوكالة في الوقف ونفقته.

4 - باب الضرب بالجريد والنعال

4 - بَابُ الضَّرْبِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ (باب: الضرب بالجريد والنعال) أي: في شرب الخَمْرِ. 6775 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِنُعَيْمَانَ، أَوْ بِابْنِ نُعَيْمَانَ، وَهُوَ سَكْرَانُ، فَشَقَّ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ مَنْ فِي البَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ، فَضَرَبُوهُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَكُنْتُ فِيمَنْ ضَرَبَهُ". [انظر: 2316 - فتح 12/ 65]. 6776 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ". [انظر: 6773 - مسلم: 1706 - فتح 12/ 66]. (مسلم) أي: ابن إبراهيم الفراهيدي. (هشام) أي: الدستوائي (قتادة) أي: ابن دعامة. 6777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ، قَال: "اضْرِبُوهُ" قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَال بَعْضُ القَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ، قَال: "لَا تَقُولُوا هَكَذَا، لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ". [6781 - فتح 12/ 66]. (برجل) يحتمل أنه النعيمان. (قد شرب) أي: خمرًا. (لا تعينوا عليه الشيطان) أي: لأن الشيطان يريد بتزيينه له المعصية أن يحصل له الخزي فإذا دعوا عليه به فكأنهم قد حصلوا مقصود الشيطان. 6778 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، سَمِعْتُ عُمَيْرَ بْنَ سَعِيدٍ النَّخَعِيَّ، قَال: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ فَيَمُوتَ، فَأَجِدَ فِي نَفْسِي، إلا

5 - باب ما يكره من لعن شارب الخمر، وإنه ليس بخارج من الملة

صَاحِبَ الخَمْرِ، فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ". [مسلم: 1707 - (م) - فتح 12/ 66]. (سفيان) أي: الثّوريّ. (أبو حصين) بفتح الحاء المهملة: هو عثمان بن عاصم الأسدي. (ما كنت لأقيم حدًّا على أحد فيموت) بنصبه عطف على أقيم (فأجد في نفسي) أي: فأحزن عليه. (إلا صاحب الخَمْرِ) استثناء منقطع. (لم يسنه) أي: لم يقدر في شرب الخَمْرِ حدًّا مضبوطًا وقد اتفقوا على أن من وجب عليه حد فجلده الإمام، أو جلاده الحد الشرعي فمات فلا دية فيه إلا في حد الخَمْرِ ففيه على ما تقدّم من أنه يُدِيه، عن الشّافعيّ: إن ضرب بغير السوط فلا ضمان، أو به ضمن قيل: الدية، وقيل: قدر التفاوت بين الجلد بالسوط وبغيره والدية في ذلك على عاقلة الإمام دون بيت المال. 6779 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الجُعَيْدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَال: كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ". [فتح 12/ 66]. (عن الجعيد) أي: ابن عبد الرّحمن. 5 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شَارِبِ الخَمْرِ، وَإِنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنَ المِلَّةِ (باب: ما يكره من لعن شارب الخَمْرِ، وإنه ليس بخارج من الملة) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6780 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا

عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَال رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ". [فتح 12/ 75]. (رجل) هو عمر. (لا تلعنوه) نَهَى عن لعنه؛ لأنه معين، فلا ينافي جواز لعن غيره (¬1). (فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله) (ما) موصولة وهمزة (أن) مفتوحة هو خبر الموصول أي: الّذي علمته (أنه) إلى آخره، والجملة جواب القسم أو (أنه) إلا آخره جواب القسم. (وما علمت) موصولة خبر مبتدإِ محذوف؛ أي: هو ما علمته منه، والجملة معترضة بين القسم وجوابه، وفي نسخة: "فوالله ما علمت إلا أنه" إلى آخره وهي أوضح من الأولى. 6781 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ. فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ". [انظر: 6777 - فتح 12/ 75]. ¬

_ (¬1) لعن رسول الله (شارب الخَمْرِ في حديث رواه التّرمذيّ (1295). كتاب: البيوع، باب: النّهي أنّ يتخذ الخَمْرِ. وقال: هذا حديث غريب من حديث أنس. وكلعنه (المخنثين من الرجال الّذي سبق برقم (5886) كتاب: اللباس، باب: إخراج المتشبهين بالنساء. ولعن - صلى الله عليه وسلم - الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله وهو حديث سبق برقم (5347) كتاب: الطّلاق، باب: مهر البغي والنِّكاح الفاسد.

6 - باب السارق حين يسرق

(ابْن الهاد) هو عبد الله بن شداد ابن الهاد. (بسكران) مرَّ أنه النعيمان، ومرَّ الحديث في باب: الضرب بالجريد والنعال (¬1). 6 - بَابُ السَّارِقِ حِينَ يَسْرِقُ (باب: السارق حين يسرق) أي: بيان حكمه. 6782 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ". [6809 - فتح 12/ 81]. (وهو مؤمن) أي: إن استحل ذلك، أو محمول على الزجر والتغليظ كما مَرَّ. ومرَّ الحديث في المظالم وغيرها (¬2). 7 - بَابُ لَعْنِ السَّارِقِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ (باب: لعن السارق إذا لم يسم) أي: لم يعين، والمراد: بيان ما جاء في ذلك. 6783 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ" قَال الأَعْمَشُ: "كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ بَيْضُ الحَدِيدِ، وَالحَبْلُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْهَا مَا يَسْوَى دَرَاهِمَ". [انظر: 6799 - مسلم: 1687 - فتح 12/ 81]. (أبا صالح) هو ذكوان الزيات. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6777) كتاب: الحدود، باب الضرب بالجريد والنعال. (¬2) سبق برقم (2475) كتاب: المظالم، باب: النهب بغير إذن صاحبه.

8 - باب: الحدود كفارة

(بيض الحديد) في نسخة: "بيضة الحديد" أي: الّتي تكون على رأس المقاتل. (أنه منها) أي: من الجبال. (ما يسوى دراهم) في نسخته: "ما يساوي دراهم" أي: ثلاثة، قال الكرماني: وغرض الأعمش أنه لا قطع في الشيء القليل، وإنّما يقطع بربع دينار (¬1)، وقيل: ليس هذا السياق موضع ذلك، بل البلاغة تأباه؛ لأنه لا يذم في العادة من خاطر بيده فيما له قدر، إنّما يذم من خاطر فيما لا قدر له فهو موضع تقليل لا تكثير، وليس المراد: بيان نصاب السّرقة، بل التنبيه على عظم ما جسر فيه وهو التعرض لإتلاف يده في مقابلة حقير من المال، أو أنه إذا سرق البيضة فلم يقطع جره إلى سرقة ما هو أكثر منه، فكانت سرقتها سبب قطعه، أو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك عند نزول الآية مجملة قبل بيان النصاب فيها. وفي الحديث: جواز لعن غير المعين من العصاة؛ لأنه لعن الجنس مطلقًا. 8 - بَابٌ: الحُدُودُ كَفَّارَةٌ (باب: الحدود كفارة) أي: لإثم مقتضيها. 6784 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ، فَقَال: "بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا - وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ كُلَّهَا - فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ". [انظر: 18 - مسلم: 1709 - فتح 12/ 84]. ¬

_ (¬1) "صحيح البخاريّ بشرح الكرماني" 23/ 186.

9 - باب: ظهر المؤمن حمى إلا في حد أو حق

(محمّد بن يوسف) هو الفريابي، أو البَّيْكَندي. (هذه الآية) أي: وهي قوله في الممتحنة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة: 12]. ومرَّ الحديث في كتاب: الإِيمان (¬1). 9 - بَابٌ: ظَهْرُ المُؤْمِنِ حِمًى إلا فِي حَدٍّ أَوْ حَقٍّ (باب: ظهر المومن حمى) أي: محمي محفوظ عن الإيذاء. (إلا في حد أو حق) أي: فلا تحفظ عن ذلك. 6785 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبِي: قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ: "أَلا، أَيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً" قَالُوا: أَلا شَهْرُنَا هَذَا، قَال: "أَلا، أَيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً" قَالُوا: أَلا بَلَدُنَا هَذَا، قَال: "أَلا، أَيُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً" قَالُوا: أَلا يَوْمُنَا هَذَا، قَال: "فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ إلا بِحَقِّهَا، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلا هَلْ بَلَّغْتُ" ثَلاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ: أَلا، نَعَمْ. قَال: "وَيْحَكُمْ، أَوْ وَيْلَكُمْ،، لَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [انظر: 1742 - مسلم: 66 - فتح 12/ 85]. (محمّد بن عبد الله) هو محمّد بن يحيى بن عبد الله الذهلي أو محمّد بن عبد الله بن أبي الثلج. (قال عبد الله) أي: ابن عمر. (ألا شهرنا هذا) أي: ذو الحجة. (بلدنا هذا) أي: مكّة. (يومنا هذا) أي: يوم النَّحر. (ويحكم) كلمة رحمة. (أو ويلكم) كلمة عذاب، والشك من الراوي، ومرَّ الحديث في الحجِّ (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (18) كتاب: الإيمان، باب: علامة الإيمان. (¬2) سبق برقم (1742) كتاب: الحجِّ، باب: الخطبة أيّام منى.

10 - باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله

10 - بَابُ إِقَامَةِ الحُدُودِ وَالانْتِقَامِ لِحُرُمَاتِ اللَّهِ (باب: إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6786 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَأْثَمْ، فَإِذَا كَانَ الإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا مِنْهُ، وَاللَّهِ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ قَطُّ، حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ". [انظر: 3560 - مسلم: 2327 - فتح 12/ 86]. (ما لم يكن إثم) في نسخة: (ما لم يأثم) قيل: كيف يخير بين ما فيه إثم وغيره؟ وأجيب: بأنه إن كان التخيير من الكفار فظاهر، أو من الله والمسلمين فمعناه: ما لم يؤد إلى إثم كالمجاهدة في العبادة الّتي تجر إلى الهلاك، ومرَّ الحديث في باب: مناقب قريش وغيره (¬1). 11 - بَابُ إِقَامَةِ الحُدُودِ عَلَى الشَّرِيفِ وَالوَضِيعِ (باب: إقامة الحدود على الشريف والوضيع) أي: على الرَّجل الوجيه المحترم عند النَّاس والحقير الّذي لا يبالى به يعني: لا يفرق بينهما فيترك الشريف ويحد الوضيع. 6787 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أُسَامَةَ كَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةٍ، فَقَال: "إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا يُقِيمُونَ الحَدَّ عَلَى الوَضِيعِ وَيَتْرُكُونَ الشَّرِيفَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ فَعَلَتْ ذَلِكَ لَقَطَعْتُ يَدَهَا". [انظر: 2648 - مسلم: 1688 - فتح 12/ 86]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3560) كتاب: المناقب، باب: صفة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وبرقم (6126) كتاب: الأدب، باب: قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - "يسروا ولا تعسروا".

12 - باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان

(في امرأة) أي: في الشفاعة في امرأة سرقت حليًّا، واسمها: فاطمة المخزومية. 12 - باب كَرَاهِيَةِ الشَّفَاعَةِ فِي الحَدِّ إِذَا رُفِعَ إِلَى السُّلْطَانِ (باب: كراهية الشفاعة في الحدّ إذا رفع إلى السلطان) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6788 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمُ المَرْأَةُ المَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إلا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ" ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا". [انظر: 2648 - مسلم: 1688 - فتح 12/ 87]. (أهمتهم) أي: صيرتهم ذوي هم. (وايم الله) مبتدأ وخبره محذوف. أي: قسمي ويميني، ومرَّ الحديث في كتاب: الأيمان. 13 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَفِي كَمْ يُقْطَعُ؟ وَقَطَعَ عَلِيٌّ، مِنَ الكَفِّ وَقَال قَتَادَةُ، فِي امْرَأَةٍ سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ شِمَالُهَا: "لَيْسَ إلا ذَلِكَ". (باب: قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وفي كم تقطع؟) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6789 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تُقْطَعُ اليَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا" تَابَعَهُ

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. [انظر: 6790، 6791 - مسلم: 1684 - فتح 12/ 96]. 6790 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ". [انظر: 6789 - مسلم: 1684 - فتح 12/ 96]. (تابعه) أي: إبراهيم. 6791 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَتْهُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُمْ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تُقْطَعُ اليَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ". [انظر: 6789 - مسلم: 1684 - فتح 12/ 96]. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (الحسين) أي: ابن ذكوان. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. 6792 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: "أَنَّ يَدَ السَّارِقِ لَمْ تُقْطَعْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا فِي ثَمَنِ مِجَنٍّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ" حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ. [انظر: 6793، 6794 - مسلم: 1685 - فتح 12/ 96]. (عبدة) أي: ابن سليمان. (عثمان) أي: ابن أبي شيبة. 6793 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "لَمْ تَكُنْ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي أَدْنَى مِنْ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذُو ثَمَنٍ" رَوَاهُ وَكِيعٌ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا. [انظر: 6792 - مسلم: 1685 - فتح 12/ 97]. رَوَاهُ وَكِيعٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا. (وابن إدريس) هو عبد الله الأَودي. 6794 - حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ،

أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "لَمْ تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ المِجَنِّ تُرْسٍ أَوْ حَجَفَةٍ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ". [انظر: 6792 - مسلم: 1685 - فتح 12/ 97]. 6795 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ". [انظر: 6796، 6797، 6798 - مسلم: 1686 - فتح 12/ 97]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (قيمته) أي: بدل قولهم: (ثمنه). 6796 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ". [انظر: 6795 - مسلم: 1686 - فتح 12/ 97]. (جويرية) أي: ابن أسماء الضُّبَعيُّ. 6797 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ". [انظر: 6795 - مسلم: 1686 - فتح 12/ 97]. 6798 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ سَارِقٍ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ" تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ قِيمَتُهُ. [انظر: 6795 - مسلم: 1686 - فتح 12/ 97]. (أبو ضمرة) هو أنس بن عياض. 6799 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ". [انظر: 6783 - مسلم: 1678 - فتح 12/ 97]. (عبد الواحد) أي: ابن زياد.

14 - باب توبة السارق

14 - بَابُ تَوْبَةِ السَّارِقِ (باب: توبة السارق) أي: بيان ما جاء فيها. 6800 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَطَعَ يَدَ امْرَأَةٍ" قَالتْ عَائِشَةُ: وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَابَتْ، وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا. [انظر: 2648 - مسلم: 1688 - فتح 12/ 108]. (ابْن وهب) هو عبد الله. (عن يونس) أي: ابن يزيد، ومرَّ حديثه في الشهادات (¬1). 6801 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ، فَقَال: "أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَطَهُورٌ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "إِذَا تَابَ السَّارِقُ بَعْدَ مَا قُطِعَ يَدُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَكُلُّ مَحْدُودٍ كَذَلِكَ إِذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ". [انظر: 18 - مسلم: 1709 - فتح 12/ 108]. (ولا تسرقوا) زاد في نسخة: "ولا تزنوا" (ببهتان) أي: بكذب (شيئًا) أي: غير الشرك، ومرَّ الحديث في الإيمان (¬2). (قال أبو عبد الله) إلخ ساقط من نسخة. (إذا تاب قبلت شهادته) في نسخة: "إذا تاب أصحابها قبلت شهادتهم". ¬

_ (¬1) سبق برقم (2648) كتاب: الشهادات، باب: شهادة القاذف. (¬2) سبق برقم (18) كتاب: الإيمان، باب: علامة الإيمان.

15 - باب المحاربين من أهل الكفر والردة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 15 - بَابُ المُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الكُفْرِ وَالرِّدَّةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33]. (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب: المحاربين من أهل الكفر والردة) أي: بيان ما جاء فيهم. (وقول الله) عطف على (المحاربين)، والواو ساقطة من نسخة، وهو مراده. ({إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ}) أي: أولياءه ({وَرَسُولَهُ}) أي: محمّد - صلى الله عليه وسلم -. ({وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ}) إلى آخره ساقط من نسخة، وزيد فيها قبله: "الآية". و (أو) في الآية للتنويع بمعنى: أن يقتلوا إن قتلوا أو يصلبوا مع ذلك إن قتلوا، أو أخذوا المال، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن اقتصروا على أخذ المال، أو ينفوا من الأرض إن أرعبوا ولم يأخذوا. 6802 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو قِلابَةَ الجَرْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ، فَأَسْلَمُوا، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ "فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا" فَفَعَلُوا فَصَحُّوا فَارْتَدُّوا وَقَتَلُوا رُعَاتَهَا، وَاسْتَاقُوا الإِبِلَ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ "فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا". [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 12/ 109]. (أبو قلابة) هو عبد الله بن زيد. (فاجتوا المدينة) أي: كرهوا الإقامة بها لما أصابهم من الجوى، وهو داء في الجوف إذا تطاول. (ثمّ لم يحسمهم) بكسر السين أي: لم

16 - باب "لم يحسم النبي صلى الله عليه وسلم المحاربين من أهل الردة حتى هلكوا"

يكو موضع القطع لينقطع الدّم، بل تركهم حتى ماتوا، ومرَّ الحديث في كتاب: الوضوء (¬1). 16 - بَابُ "لَمْ يَحْسِمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى هَلَكُوا" (باب: لم يحسم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - المحاربين من أهل الردة حتّى هلكوا) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6803 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قَطَعَ العُرَنِيِّينَ وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا". [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 12/ 110]. (الوليد) أي: ابن مسلم. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير، ومرَّ الحديث في المغازي وغيرها (¬2). 17 - بَابُ لَمْ يُسْقَ المُرْتَدُّونَ المُحَارِبُونَ حَتَّى مَاتُوا (باب: لم يسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6804 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ وُهَيْبٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا فِي الصُّفَّةِ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْغِنَا رِسْلًا، فَقَال: "مَا أَجِدُ لَكُمْ إلا أَنْ تَلْحَقُوا بِإِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ" فَأَتَوْهَا، فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّرِيخُ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِيَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (233) كتاب: الوضوء، باب: أبوال الإبل والدواب. (¬2) سبق برقم (4192) كتاب: المغازي، باب: قصة عكل وعرينة. وبرقم (4610) كتاب: التفسير، باب: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}.

18 - باب سمر النبي صلى الله عليه وسلم أعين المحاربين

بِهِمْ، فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ، فَكَحَلَهُمْ، وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَمَا حَسَمَهُمْ، ثُمَّ أُلْقُوا فِي الحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَمَا سُقُوا حَتَّى مَاتُوا قَال أَبُو قِلابَةَ: "سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ". [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 12/ 111]. (رسلًا) بكسر الراء أي: لينًا. (فما ترجل) بالجيم من الترجل: وهو الارتفاع. 18 - بَابُ سَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ المُحَارِبِينَ (باب: سمر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أعين المحاربين) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6805 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ، أَوْ قَال: عُرَيْنَةَ، وَلَا أَعْلَمُهُ إلا قَال: مِنْ عُكْلٍ، قَدِمُوا المَدِينَةَ "فَأَمَرَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا" فَشَرِبُوا حَتَّى إِذَا بَرِئُوا قَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُدْوَةً، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي إِثْرِهِمْ، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ "فَأَمَرَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، فَأُلْقُوا بِالحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ" قَال أَبُو قِلابَةَ: "هَؤُلاءِ قَوْمٌ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ". [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 12/ 112]. (حماد) أي: ابن زيد. 19 - بَابُ فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الفَوَاحِشَ (باب: فضل من ترك الفواحش) أي: بيان ما جاء فيه. 6806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسْجِدِ،

20 - باب إثم الزناة

وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا، قَال: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ". [انظر: 660 - مسلم: 1031 - فتح 12/ 112]. (ابْن سلام) بالتخفيف وفي نسخة: بالتشديد، ولفظ: (ابْن سلام) ساقط من نسخة. (سبعة) ذكرها مثال، وإلا فقد روى زيادة عليها، ومرَّ الحديث في الصّلاة، والزكاة والرقاق (¬1). 6807 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، ح وحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَوَكَّلَ لِي مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ". [انظر: 6474 - فتح 12/ 113]. (خليفة) أي: ابن خياط. (بالجنة) في نسخة: "الجنَّة" بحذف الباء. 20 - بَابُ إِثْمِ الزُّنَاةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]. (باب: إثم الزناة) أي: بيان ما جاء فيه. (وقول الله تعالى) بالجر عطف على (إثم) وذكر في ذلك آيتين والكلام عليها ظاهر. 6808 - أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَنَسٌ، قَال: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمُوهُ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ" وَإِمَّا قَال: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (660) كتاب: الأذان، باب: من جلس في المجسد ينتظر الصّلاة، وبرقم (1423) كتاب: الزَّكاة، باب: الصَّدقة باليمين. وبرقم (6479) كتاب: الرقاق، باب: البكاء من خشية الله.

الجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِلْخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ". [انظر: 80 - مسلم: 2671 - فتح 12/ 113]. (همام) أي: ابن يحيى. 6809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا الفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَزْنِي العَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ" قَال عِكْرِمَةُ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ يُنْزَعُ الإِيمَانُ مِنْهُ؟ قَال: "هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهَا، فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ". [انظر: 6782 فتح 12/ 114] 6810 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ". [انظر: 2475 - مسلم: 57 - فتح 12/ 114] (الفضيل) أي: ابن غزوان، ومرَّ الحديث في كتاب: الحدود (¬1). 6811 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، وَسُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَال: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: "أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ" قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: "أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ". [انظر: 4477 - مسلم: 86 - فتح 12/ 114]. قَال يَحْيَى: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي وَاصِلٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِثْلَهُ. قَال عَمْرٌو: فَذَكَرْتُهُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ حَدَّثَنَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَمَنْصُورٍ، وَوَاصِلٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَال: "دَعْهُ دَعْهُ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (6782) كتاب: الحدود، باب: السارق حين يسرق.

21 - باب رجم المحصن

(يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (سفيان) أي: الثوري. (منصور) أي: ابن المعتمر. (وسليمان) أي: ابن مهران. (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة. (عن أبي ميسرة) هو عمرو بن شرحبيل. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (من أجل) لفظ: (من) ساقط من نسخة بنصب (أجل) بنزع الخافض، واقتصر على الطعم؛ لأنه الغالب، ومرَّ الحديث في التفسير (¬1). (يحيى) أي: القطان. (واصل) أي: ابن حيان. (قال عمرو) أي: ابن علي الفلاس. (لعبد الرحمن) أي: ابن مهدي. (وكان) أي: عبد الرحمن. (عن سفيان) أي: الثوري. (قال) أي: عبد الرحمن. (دعه دعه) أي: اترك هذا الإسناد الذي ليس فيه ذكر أبي ميسرة بين أبي وائل وبين عبد الله بن مسعود، وأبو وائل وإن روى كثيرًا عن عبد الله لكن هذا الحديث لم يروه عنه وليس المراد بذلك الطعن عليه، بل ترجيح طريق الواسطة لموافقة للأكثرين، قاله الكرماني (¬2). 21 - بَابُ رَجْمِ المُحْصَنِ وَقَال الحَسَنُ: "مَنْ زَنَى بِأُخْتِهِ حَدُّهُ حَدُّ الزَّانِي". (باب: رجم المحصن) أي: إذا زنا وهو من جامع في نكاح صحيح. (حده حد الزاني) أي: كحد الزاني لغير أخته فإن كان محصنًا فحده الرجم وإلا فالجلد. وفي نسخة: "حد الزنا". ¬

_ (¬1) سبق برقم (4477) كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 23/ 201.

22 - باب: لا يرجم المجنون والمجنونة

6812 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، قَال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَجَمَ المَرْأَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَقَال: "قَدْ رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [فتح 12/ 117]. (حين رجم المرأة) هي شراحة الهمدانية. 6813 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى: "هَلْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْتُ: قَبْلَ سُورَةِ النُّورِ أَمْ بَعْدُ؟ قَال: لَا أَدْرِي". [انظر: 6840 - مسلم: 1702 - فتح 12/ 117]. (إسحاق) أي: ابن شاهين. (خالد) أي: ابن عبد الله الطحان. (عن الشيباني) هو سليمان أبو إسحاق. (قال: لا أدري) أي: أنه رجم قبل نزولها أم بعده لكن قام الدّليل على أنه رجم بعده؛ لأن نزولها كان في قصة الإفك سنة أربع، أو خمس، أو ست، والرجم كان بعد ذلك وقد حضره أبو هريرة، وإنَّما أسلم سنة سبع. 6814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمْ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَهُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ، وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ". [انظر: 5270 - مسلم: 1691 م - فتح 12/ 117]. (أنّ رجلًا من أسلم) هو ماعز بن مالك. (قد أحصن) بالبناء للمفعول. 22 - بَابٌ: لَا يُرْجَمُ المَجْنُونُ وَالمَجْنُونَةُ وَقَال عَلِيٌّ، لِعُمَرَ: "أَمَا عَلِمْتَ: أَنَّ القَلَمَ رُفِعَ عَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ".

23 - باب: للعاهر الحجر

(باب: لا يرجم المجنون والمجنونة) أي: إذا زنيا؛ لعدم تكليفهما. 6815 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَنَادَاهُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى رَدَّدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَبِكَ جُنُونٌ" قَال: لَا، قَال: "فَهَلْ أَحْصَنْتَ" قَال: نَعَمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ". [انظر: 5271 - مسلم: 1691 م - فتح 12/ 120]. (يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بكير. (فلما شهد) أي: أقر على نفسه. (أربع شهادات) كرر ذلك الإقرار للاستثبات والاحتياط في درء الحدّ بالشبه بقرينة قوله: (أبك جنون) لا للاشتراط لقوله في خبر العسيف "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" (¬1) حيث لم يقل: فإن اعترفت أربع مرات. 6816 - قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: "فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ هَرَبَ، فَأَدْرَكْنَاهُ بِالحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ". [انظر: 5270 - مسلم: 1691 - فتح 12/ 121]. (أذلقته الحجارة) بذال معجمة وقاف أي: بلغت منه الجهد. 23 - بَابٌ: لِلْعَاهِرِ الحَجَرُ (باب: للعاهر الحجر) أي: بيان ما جاء فيه. 6817 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2314) كتاب: الوكالة، باب: الوكالة في الحدود.

24 - باب الرجم في البلاط

عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اخْتَصَمَ سَعْدٌ وَابْنُ زَمْعَةَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ" زَادَ لَنَا قُتَيْبَةُ، عَنِ اللَّيْثِ: "وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ". [انظر: 2053 - مسلم: 1457 - فتح 12/ 127]. 6818 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ". [انظر: 6750 - مسلم: 1458 - فتح 12/ 127]. (زاد لنا) في نسخة: "زادنا". (وللعاهر الحجر) أي: وللزاني الحرمان، وقيل: الرَّجْم بالحجر، وعليه فمحله في المحصن، ومرَّ الحديث مرارًا (¬1). 24 - بَابُ الرَّجْمِ فِي البَلاطِ (باب: الرَّجْم في البلاط) بفتح الموحدة وكسرها: موضع معروف عند باب المسجد النبوي (كان مفروشًا في البلاط) وفي نسخة: "بالبلاط" بـ (باء) بدل (في). 6819 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ أَحْدَثَا جَمِيعًا، فَقَال لَهُمْ: "مَا تَجِدُونَ فِي كِتَابِكُمْ" قَالُوا: إِنَّ أَحْبَارَنَا أَحْدَثُوا تَحْمِيمَ الوَجْهِ وَالتَّجْبِيهَ، قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: ادْعُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالتَّوْرَاةِ، فَأُتِيَ بِهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَال لَهُ ابْنُ سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ تَحْتَ يَدِهِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَال ابْنُ عُمَرَ: فَرُجِمَا عِنْدَ البَلاطِ، فَرَأَيْتُ اليَهُودِيَّ أَجْنَأَ عَلَيْهَا. [انظر: 1329 - مسلم: 1699 - فتح 12/ 128]. (عن سليمان) أي: ابن بلال (قد أحدثا جميعًا) أي: فاحشة وهي الزنا. (أحبارنا) بمهملة أي: علماءنا. (أحدثوا) أي: ابتكروا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2053) كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات. وبرقم (2533) كتاب: العتق، باب: أم الولد.

25 - باب الرجم بالمصلى

(تحميم الوجه) أي: تسويده بالفحم. (والتجبية) بفوقية مفتوحة فجيم ساكنة فموحدة مكسورة: الإرْكاب مقلوبًا، وضبطه بعضهم بحاء مهملة ونون بدل الموحدة وفسره بأن يحمل الزانيان على بعير أو حمار مخالفًا بين وجهيهما. (أجنأ) بجيم وهمزة في آخره أي: أكب، وفي نسخة: بحاء مهملة وهو بمعنى الأوّل. 25 - بَابُ الرَّجْمِ بِالْمُصَلَّى (باب: الرَّجْم بالمصلّى) بفتح اللام أي: مصلَّى الجنائز. 6820 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ، جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، قَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبِكَ جُنُونٌ" قَال: لَا، قَال: "آحْصَنْتَ" قَال: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ. فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا، وَصَلَّى عَلَيْهِ لَمْ يَقُلْ يُونُسُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: "فَصَلَّى عَلَيْهِ". [انظر: 5270 - مسلم: 6911 - فتح 12/ 129]. (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزّاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد. (أن رجلًا من أسلم) هو ماعز. (أذلقته) بمعجمة أي: أقلقته. (وصلّى عليه) أي: في اليوم التالي ليجمع بينه وبين رواية: "لم يصل عليه" (¬1) أي: في اليوم الأوّل نبه عليه شيخنا (¬2). ¬

_ (¬1) أخرج هذه الرِّواية أبو داود (4430) كتاب: الحدود، باب: رجم ماعز بن مالك. والترمذي (1429) كتاب: الحدود، باب: ما جاء في درء الحدّ عن المعترف. والنَّسائيّ 4/ 62 كتاب: الجنائز، باب: ترك الصّلاة على المرجوم. وأحمد 3/ 323. (¬2) "الفتح" 12/ 131.

26 - باب: من أصاب ذنبا دون الحد، فأخبر الإمام، فلا عقوبة عليه بعد التوبة، إذا جاء مستفتيا

26 - بَابٌ: مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا دُونَ الحَدِّ، فَأَخْبَرَ الإِمَامَ، فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ، إِذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا قَال عَطَاءٌ: "لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ: "وَلَمْ يُعَاقِبِ الَّذِي جَامَعَ فِي رَمَضَانَ" وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ، صَاحِبَ الظَّبْيِ وَفِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 526] (باب: من أصاب ذنبًا دون الحدّ فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه بعد التوبة إذا جاء مستفتيا (أي: طالبًا جواب ذلك وفي نسخة: "مستعتبًا" من الاستعتاب: وهو طلب الرضى، وفي أخرى: "مستقيلًا" أي: طالبًا الإقالة. (ولم يعاقب) أي: النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (الّذي جامع في رمضان) أي: بل أعطاه قدر ما يكفر به. (ولم يعاقب عمر صاحب الظبي) هو قبيصة بن جابر حيث صاد ظبيًا وهو محرم ولم يعاقبه عمر بل أمره بالجزاء. (وفيه) أي: وفي معنى الحكم المذكور. (عن أبي عثمان) هو عبد الرّحمن بن مل النهدي. 6821 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ، فَاسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً" قَال: لَا، قَال: "هَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ" قَال: لَا، قَال: "فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا". [انظر: 1936 - مسلم: 1111 - فتح 12/ 131]. 6822 - وَقَال اللَّيْثُ: عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ، قَال: احْتَرَقْتُ، قَال: "مِمَّ ذَاكَ" قَال: وَقَعْتُ بِامْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَال لَهُ: "تَصَدَّقْ" قَال: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، فَجَلَسَ، وَأَتَاهُ إِنْسَانٌ يَسُوقُ حِمَارًا وَمَعَهُ طَعَامٌ - قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا أَدْرِي مَا هُوَ - إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "أَيْنَ

27 - باب إذا أقر بالحد ولم يبين هل للإمام أن يستر عليه؟

المُحْتَرِقُ" فَقَال: هَا أَنَا ذَا، قَال: "خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ" قَال: عَلَى أَحْوَجَ مِنِّي، مَا لِأَهْلِي طَعَامٌ؟ قَال: "فَكُلُوهُ". [انظر: 1935 - مسلم: 1112 - فتح: 12/ 132]. قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الحَدِيثُ الأَوَّلُ أَبْيَنُ، قَوْلُهُ: "أَطْعِمْ أَهْلَكَ". (إلى النَّبيّ) متعلّق بمحذوف صفة (طعام) أي: ومعه طعام أتى به إلى النَّبيّ (تصدق) فيه اختصار إذ هذه الكفارة مرتبة الإعتاق، ثمّ الصِّيام، ثمّ الإطعام. (قال أبو عبد الله) إلخ ساقط من نسخة، وأراد بالحديث الأوّل حديث أبي عثمان النهدي المذكور في باب: الصّلاة كفارة (¬1) فإنّه أبين للغرض ممّا ذكر في هذا الباب وقوله (قوله: أطعم أهلك) خبر مبتدإٍ محذوف، وظاهره: أنه بيان للحديث الأوّل المعزو لأبي عثمان، وفيه نظر إذ لم يذكر فيه هذا اللّفظ وإنّما ذكر عن غيره في حديث آخر مرَّ في باب: من أعان المعسر في الكفارة (¬2) وبالجملة في كلامه قلاقة، ومرَّ الحديث في كتاب: الصِّيام (¬3). 27 - بَابُ إِذَا أَقَرَّ بِالحَدِّ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ؟ (باب: إذا أقر بالحد ولم يبين، هل للإمام أن يستر عليه؟) جواب الاستفهام محذوف أي: نعم. 6823 - حَدَّثَنَا عَبْدُ القُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الكِلابِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ¬

_ (¬1) سبق برقم (526) كتاب مواقيت الصّلاة، باب: الصّلاة كفارة. (¬2) سبق برقم (6710) كتاب: كفارة الأيمان، باب: من أعان المعسر في الكفارة. (¬3) سبق برقم (1936) كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان.

28 - باب: هل يقول الإمام للمقر: لعلك لمست أو غمزت؟

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، قَال: وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ، قَال: وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ، قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ، قَال: "أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا" قَال: نَعَمْ، قَال: "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ، أَوْ قَال: حَدَّكَ". [مسلم: 2764 - فتح 12/ 133]. (رجل) هو أبواليسر بفتحتين: كعب بن عمرو. (ولم يسأله عنه) أي: لم يستفسره عنه إيثارًا للستر وتحرزًا عن التجسس المنهي عنه. 28 - بَابٌ: هَلْ يَقُولُ الإِمَامُ لِلْمُقِرِّ: لَعَلَّكَ لَمَسْتَ أَوْ غَمَزْتَ؟. (باب: هل يقول الإمام للمقر: لعلّك لمست أو غمزت) زاد في نسخة: "أو نظرت إليها" وجواب الاستفهام محذوف أي: نعم. 6824 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَال: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَهُ: "لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ" قَال: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "أَنِكْتَهَا". لَا يَكْنِي، قَال: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ. [مسلم: 1693 - فتح 12/ 135]. (لعلّك قبلت) إلى آخره فيه جواز تلقين المقر في الحدود ما يرفع عنه الحدّ والتصريح بما يستحي من التلفظ به للحاجة الملجئة لذلك. 29 - بَابُ سُؤَالِ الإِمَامِ المُقِرَّ: هَلْ أَحْصَنْتَ؟ (باب: سؤال الإمام المقر: هل أحصنت؟) أي: وطأت في نكاح صحيح. 6825 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ

30 - باب الاعتراف بالزنا

خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَنَادَاهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، يُرِيدُ نَفْسَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَجَاءَ لِشِقِّ وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَبِكَ جُنُونٌ" قَال: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال: "أَحْصَنْتَ" قَال: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ". [انظر: 5271 - مسلم: 1691 م- فتح 12/ 136]. 6826 - قَال ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا، قَال: فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ جَمَزَ، حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ. [انظر: 5270 - مسلم: 1691 م - فتح 12/ 136]. (جمز) أي: هرب. 30 - بَابُ الاعْتِرَافِ بِالزِّنَا (باب: الاعتراف بالزنا) أي: بيان ما جاء فيه. 6827، 6828 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: حَفِظْنَاهُ مِنْ فِي الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ، قَالا: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: أَنْشُدُكَ اللَّهَ إلا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ، وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ، فَقَال: اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي؟ قَال: "قُلْ" قَال: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي: أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ. فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، المِائَةُ شَاةٍ وَالخَادِمُ رَدٌّ، عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا" فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا قُلْتُ لِسُفْيَانَ: لَمْ يَقُلْ: فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ؟ فَقَال: "الشَّكُّ فِيهَا مِنَ الزُّهْرِيِّ، فَرُبَّمَا قُلْتُهَا، وَرُبَّمَا سَكَتُّ". [انظر: 2314، 2315 - مسلم: 1697، 6198 - فتح 12/ 136].

31 - باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت

(سفيان) أي: ابن عيينة. (أنشدك الله) أي: أسألك به ومعناه هنا: القسم كأنه قال: أقسمت عليك بالله (وائذن لي) أي: في التكلم، ومرَّ الحديث في الوكالة والشروط وغيرهما (¬1). (قلت لسفيان) القائل له: هو علي بن عبد الله. (قال) أي: سفيان. (أشك فيها) أي: في سماعي هذه الكلمة من الزّهريِّ. 6829 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال عُمَرُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ، حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ: لَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، أَلا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أَحْصَنَ، إِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الحَبَلُ أَو الاعْتِرَافُ - قَال سُفْيَانُ: كَذَا حَفِظْتُ - أَلا وَقَدْ "رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ". [انظر: 2462 - مسلم: 1691 - فتح 12/ 139]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (ألا وإن الرَّجْم حق) فيه المطابقة للترجمة. 31 - بَابُ رَجْمِ الحُبْلَى مِنَ الزِّنَا إِذَا أَحْصَنَتْ (باب: رجم الحبلى من الزِّنا إذا أحصنت) أي: وطئت في نكاح صحيح. 6830 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ المُهَاجِرِينَ، مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2314) كتاب: الوكالة، باب: الوكالة في الحدود. وبرقم (2724، 2725) كتاب: الشروط، باب: الشروط الّتي لا تحل في الحدود.

بِمِنًى، وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، إِذْ رَجَعَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَال: لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اليَوْمَ، فَقَال: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، هَلْ لَكَ فِي فُلانٍ؟ يَقُولُ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلانًا، فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إلا فَلْتَةً فَتَمَّتْ، فَغَضِبَ عُمَرُ، ثُمَّ قَال: إِنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ العَشِيَّةَ فِي النَّاسِ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ. قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ المَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأَنْ لَا يَعُوهَا، وَأَنْ لَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ المَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أَهْلُ العِلْمِ مَقَالتَكَ، وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا. فَقَال عُمَرُ: أَمَا وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فِي عُقْبِ ذِي الحَجَّةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، حَتَّى أَجِدَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا إِلَى رُكْنِ المِنْبَرِ، فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلًا، قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ: لَيَقُولَنَّ العَشِيَّةَ مَقَالةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ، فَأَنْكَرَ عَلَيَّ وَقَال: مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ، فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى المِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ المُؤَذِّنُونَ قَامَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا، لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي، فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعْقِلَهَا فَلَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَال بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ

زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الحَبَلُ أَو الاعْتِرَافُ، ثُمَّ إِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ: أَنْ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، أَوْ إِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ. أَلا ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ " ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا مِنْكُمْ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلانًا، فَلَا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ: إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ، أَلا وَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا، وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ، مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ فَلَا يُبَايَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلا، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الأَنْصَارَ خَالفُونَا، وَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَخَالفَ عَنَّا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا، وَاجْتَمَعَ المُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلاءِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ، لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلانِ صَالِحَانِ، فَذَكَرَا مَا تَمَالأَ عَلَيْهِ القَوْمُ، فَقَالا: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ؟ فَقُلْنَا: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلاءِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالا: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمْ، اقْضُوا أَمْرَكُمْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقُلْتُ: مَا لَهُ؟ قَالُوا: يُوعَكُ، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: أَمَّا بَعْدُ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الإِسْلامِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ رَهْطٌ، وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ، فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا، وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأَمْرِ. فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، وَكُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ مَقَالةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ، وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الحَدِّ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، قَال أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ، وَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْويرِي، إلا قَال فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا حَتَّى سَكَتَ، فَقَال: مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ، وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الأَمْرُ إلا لِهَذَا

الحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ العَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ، فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ، وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا، فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَال غَيْرَهَا، كَانَ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي، لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ، أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، اللَّهُمَّ إلا أَنْ تُسَوِّلَ إِلَيَّ نَفْسِي عِنْدَ المَوْتِ شَيْئًا لَا أَجِدُهُ الآنَ. فَقَال قَائِلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا جُذَيْلُهَا المُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا المُرَجَّبُ، مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. فَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ، حَتَّى فَرِقْتُ مِنَ الاخْتِلافِ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ المُهَاجِرُونَ ثُمَّ بَايَعَتْهُ الأَنْصَارُ. وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَال قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقُلْتُ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، قَال عُمَرُ: وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا القَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ: أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكُونُ فَسَادٌ، فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَلَا يُتَابَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلا. [انظر: 2462 - مسلم: 6191 - فتح 12/ 144] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (كنت أقرئ) أي: أعلم (لو رأيت رجلًا أتى أمير المؤمنين اليوم) أي: لرأيت عجبًا، فالجواب محذوف، أو كلمة (لو) للتمني فلا جواب لها. (فلتة) بفتح الفاء على المشهور أي: فجأة من غير نذير (أن تغصبوهم) بمعجمة فمهملة، وفي نسخة: "تغصبونهم" بثبوت النون على لغة. (عبد الرّحمن) أي: ابن عوف. (رعاع النَّاس) أي: جهلتهم وأراذلهم. (وغوغاءهم) بالمد أي: سفلتهم الذين يسارعون في الشر، وأصل غوغاء: صغار الجراد حين يبدو في الطيران. (حين يقوم في النَّاس) أي: للخطبة. (يطيرها) بكسر

التحتية المشددة. (عند كلّ مطير) بضم الميم وكسر الطاء من الإطارة أي: يحملها على غير وجهها. (وأن يعوها) أي: لا يعرفون المراد منها. (ولا يضعوها) في نسخة: "ولا يضعونها" بثبوت النون على لغة كما مرَّ. (فأمهل) بقطع الهمزة. (فتخلص) بضم اللام وبالرفع والنصب أي: تضل. (فلا أحل) بضم الهمزة من الإحلال. (فلم أنشب) أي: لم أمكث (ما عسيت أن يقول) قال الكرماني: القياس أن يقال: عسى أن يقول: فكأنه في معنى رجوت وتوقعت (¬1). (أنزل الله آية الرَّجْم) هي الشّيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة، لكن نسخت تلاوتها دون حكمها. (لا تطروني) بضم الفوقية أي: لا تبالغوا في مدحي بالباطل. (كذلك) أي: فلتة. (من تقطع الأعناق) أي: أعناق الإبل. (إليه) أي: من كثرة السير. (مثل أبي بكر) أي: في الفضل والتقدم لأنه سبق كلّ سابق فلذلك مضت بيعته على حال فجاة ووقاه الله تعالى شرها فلا يطمعن أحد في مثل ذلك، وإنّما كانت فلتة؛ لأنه لم يكن في أول الأمر جمع خواص الصّحابة ولا عوامهم. (تغرة) مصدر غررته إذا ألقيته في الغرر أي: مخافة. (أي: يقتلا) أي: المبايع والمبايع له. (وإنه قد كان من خبرنا) بموحدة مفتوحة بعد الخاء وفي نسخة: بتحتية بعدها يعني: أبا بكر. (أن الأنصار خالفونا) بفتح همزة (أن) خبر كان واسمها خبر ما بزيادة من، وفي نسخة: "إَّلا أنّ الأنصار"، قيل: بكسر همزة إلا وتشديد اللام بجعلها استثناء، وقيل: ¬

_ (¬1) "صحيح البخاريّ بشرح الكرماني" 13/ 223، 214.

بالفتح والتخفيف بجعلها افتتاحية. (بأسرهم) أي: بأجمعهم. (سقيفة بني ساعدة) أي: صفتهم. (وخالف عنا) ضمن خالف معنرل: أعرض أي: معرضًا عنا في الحضور والاجتماع لا الرأي والقلب. (رجلان صالحان). هما عويمر بن ساعدة، ومعن بن عدي الأنصاري. (ما تمالى) أي: أنفق. (متزمل) أي: متلفف بثوبه مختف. (يوعك) أي: محموم. (تشهد خطيبهم) هو ثابت بن قيس بن شماس. (وكتيبة الإسلام) أي: عظيمة الجيش. (رهط) أي: قليل بالنسبة إلى الأنصار. (دفت) أي: صارت. (دافة) أي: رفقة قليلة من مكّة إلينا من الفقر. (يختزلونا) أي: يقطعونا (وأن يحضنونا) بمهملة فمعجمة أي: يخرجونا يقال: حضنته عن الأمر إذا نحيته عنه واستبددت به دونه. (من الأمر) أي: من الإمارة. (فلما سكت) أي: خطيب الأنصار. (أردت) مقول عمر. (زورت) أي: هيأت وحسنت. (أداريء) أي: أدفع. (بعض الحدّ) أي: الحدة كالغضب. (أحلم مني) أي: أشد حلمًا مني، والحلم: هو الطمأنينة عند الغضب. (فبايعوا أيهما شئتم) قيل: كيف قال ذلك وقد جعله - صلى الله عليه وسلم - إمامًا في الصّلاة وهي عمدة الإسلام وأجيب: بأنه قاله تواضعًا وأدبًا وعلمًا بأن كلًّا منهما لا يرى نفسه أهلًا لذلك مع وجوده، وإنه لا يكون للمسلمين إلا إمام واحد. (أن تسول) أي: تزين. (قائل الأنصار) هو خباب بن المنذر، وفي نسخة: "قائل من الأنصار". (أنا جذيلها) بضم الجيم وفتح المعجمة من الجذل: وهو أصل الشجر، والمراد به هنا: الجزع الّذي يربط إليه الإبل الجربى وينضم إليه لتحتك به، والتصغير للتعظيم. (المحكك) وصف به الجزيل لأنه صار بالحك أملس يعني: أنا ممّن يستشفى به كما تستشفى

32 - باب البكران يجلدان وينفيان

الإبل الجربيا بهذا الاحتكاك، (وعذيقها) بالذال المعجمة والقاف مصدر عذق النخلة. (المرجب) اسم مفعول من رجبت النخلة ترجيبًا إذا دعمتها ببناء أو غيره خشية عليها لكرامتها ولطولها وكثرة حملها أن يقع أو ينكسر شيء من أغصانها أو يسقط شيء من أغصانها (اللغط) أي: الصوت. (فرقت) بكسر الراء؛ أي: خفت. (ونزونا) أي: وثبنا. ومطابقة الحديث للترجمة: في قوله: (والرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساء). 32 - بَابُ البِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ} قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: "رَأْفَةٌ: إِقَامَةُ الحُدُودِ. (باب: البكران) أي: من الرجال والنساء: وهما من لم يجامع في نكاح صحيح. (يجلدان وينفيان) أي: إذا زنيا. {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} إلخ سقط من نسخة. {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} إلخ ذكر فيها قبله (الآية). 6831 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، قَال: سَمِعْتُ " النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ: جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ". [انظر: 2314 - مسلم: 6198 - فتح 12/ 156] 6832 - قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، "غَرَّبَ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تِلْكَ السُّنَّةَ". [فتح 12/ 156]

33 - باب نفي أهل المعاصي والمخنثين

(عبد العزيز) أي: ابن سلمة. (جلد) بالنصب بنزع الخافض أي: يجلد. (وتغريب عام) أي: ولاء إلى مسافة القصر فأكثر. 6833 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ بِنَفْيِ عَامٍ، بِإِقَامَةِ الحَدِّ عَلَيْهِ". [انظر: 2315 - مسلم: 6971 - فتحت 12/ 156] (ولم يحصن) بالبناء للفاعل وللمفعول، ومرَّ الحديث في الشهادات (¬1). 33 - بَابُ نَفْيِ أَهْلِ المَعَاصِي وَالمُخَنَّثِينَ (باب: نفي أهل المعاصي) أي: وإن كانت المعصية صغيرة. (والمخنثين) بفتح النون أشهر من كسرها: وهم المتشبهون بالنساء في التكسر والتعطف. 6834 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَال: "أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ" وَأَخْرَجَ فُلانًا، وَأَخْرَجَ [عُمَرُ] فُلانًا. [انظر: 5885 - فتح 12/ 159]. (يحيى) أي: ابن أبي كثير. (وأخرج فلانًا) هو أنجشة العبد الحادي. (وأخرج عمر فلانًا) هو ماتع بفوقية، ولفظ: (عمر) ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2649) كتاب: الشهادات، باب: شهادة القاذف والسارق والزاني.

34 - باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبا عنه

34 - بَابُ مَنْ أَمَرَ غَيْرَ الإِمَامِ بِإِقَامَةِ الحَدِّ غَائِبًا عَنْهُ (باب: من أمر غير الإمام) الأوجه كما قال الكرماني: باب من أمره الإمام بإقامة الحدّ نائبًا عنه أي: عن الإمام (¬1). 6835، 6836 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَال: صَدَقَ، اقْضِ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِكِتَابِ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ بِمِائَةٍ مِنَ الغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ، فَزَعَمُوا أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الغَنَمُ وَالوَلِيدَةُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ، فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا" فَغَدَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. [انظر: 2314، 2315 - مسلم: 1697، 1698 - فتح 12/ 160] (ابْن أبي ذئب) هو محمّد بن عبد الرّحمن، ومرَّ حديث الباب في الوكالة وغيرها (¬2). 35 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا ¬

_ (¬1) " صحيح البخاريّ بشرح الكرماني" 23/ 221. (¬2) سبق برقم (2314) كتاب: الوكالة، باب: الوكالة في الحدود. وبرقم (6633) كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النساء: 25]. [فتح 12/ 161] (باب: قول الله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا}) إلخ ساقط من نسخة. قوله: {الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ...} إلخ وقال فيها قبله الآية. ولم يذكر البخاريّ في الباب حديثًا على نسخة ثبوت الآتي مع ترجمته اكتفاء بالآية. - باب إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ (باب: إذا زنت الأمة) ساقط من نسخة. 6837، 6838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ؟ قَال: "إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ" قَال ابْنُ شِهَابٍ: "لَا أَدْرِي بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَو الرَّابِعَةِ". [انظر: 2153، 2154 - مسلم: 1704 - فتح 12/ 162] (ولم تحصن) أي: الأمة جرى في ذكر هذا القيد على الغالب؛ لأن الحكم لا يختص بعدم إحصانها بل يجري مع إحصانها، كما صرَّح به في قوله: ({فَإذَا أُحْصِنَّ}) أو لأن الأمة المسئول عنها كانت غير محصنة، وقيل: الإحصان هنا بمعنى العفة عن الزِّنا. (ولو بضفير) أي: بشعر منسوج، أو بحبل مفتول فهو بمعنى مضفور، ومرَّ الحديث في البيع مرارًا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2152، 2153) كتاب: البيوع، باب: بيع العبد الزاني.

36 - باب لا يثرب على الأمة إذا زنت ولا تنفى

36 - بَابُ لَا يُثَرَّبُ عَلَى الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَا تُنْفَى (باب: لا يثرب على الأمة) بمثلثة أي: لا يعنفها ويوبخها (إذا زنت ولا تنفى) الجمهور على أنها تنفى كالعبد ولا يبالي بضرر السَّيِّد في عقوبات الجرائم بدليل أنه يقتل بردته ويحد بقذفه وإن تضار السَّيِّد. 6839 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ" تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2152 - مسلم: 1703 - فتح 12/ 165] (فليبعها) إنّما جاز له ذلك مع أنه لم يرتضه لنفسه لرجاء أنه قد يستعف عند المشتري، ومرَّ الحديث في البيع. (تابعه) أي: اللَّيث. 37 - ببَابُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِحْصَانِهِمْ، إِذَا زَنَوْا وَرُفِعُوا إِلَى الإِمَامِ (باب: أحكام أهل الذِّمَّة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إِلى الإمام) أي: بيان ذلك. 6840 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، عَنِ الرَّجْمِ فَقَال: "رَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" فَقُلْتُ: أَقَبْلَ النُّورِ أَمْ بَعْدَهُ؟ قَال: "لَا أَدْرِي" تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالمُحَارِبِيُّ، وَعَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ وَقَال بَعْضُهُمْ: المَائِدَةِ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. [انظر: 6813 - مسلم: 1702 - فتح 12/ 166] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (الشيباني) هو سليمان. (عن الرَّجْم) أي: عن حكمه. (أم بعده؟) في نسخة: "أم بعد". (تابعه) أي: عبد الواحد. (والمحاربي) هو عبد الرّحمن. (وقال بعضهم)

38 - باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا، عند الحاكم والناس، هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به؟

هو عبيدة. (المائدة) أي: بدل النور. (والأول) أي: القائل بأنها النور. (أصح) من الثّاني وهو القول: بأنها المائدة. 6841 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَال: إِنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ" فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَال لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، قَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى المَرْأَةِ، يَقِيهَا الحِجَارَةَ. [انظر: 1329 - مسلم: 1699 - فتح 12/ 166] (إن اليهود) إلى آخره مرَّ في علامات النبوة (¬1). 38 - بَابُ إِذَا رَمَى امْرَأَتَهُ أَو امْرَأَةَ غَيْرِهِ بِالزِّنَا، عِنْدَ الحَاكِمِ وَالنَّاسِ، هَلْ عَلَى الحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا فَيَسْأَلَهَا عَمَّا رُمِيَتْ بِهِ؟ 6842، 6843 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال أَحَدُهُمَا: اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَقَال الآخَرُ، وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ، قَال: "تَكَلَّمْ" قَال: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - قَال مَالِكٌ: وَالعَسِيفُ: الأَجِيرُ - فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3635) كتاب: المناقب، باب: قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}.

39 - باب من أدب أهله أو غيره دون السلطان

لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ" وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَأَمَرَ أُنَيْسًا الأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الآخَرِ: "فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا" فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. [انظر: 2315، 2314 - مسلم: 1697، 1698 - فتح 12/ 172] (باب: إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به؟) جواب الاستفهام محذوف أي: نعم، ومرَّ الحديث في باب: من أمر غير الإمام بإقامة الحدّ (¬1). 39 - بَابُ مَنْ أَدَّبَ أَهْلَهُ أَوْ غَيْرَهُ دُونَ السُّلْطَانِ وَقَال أَبُو سَعِيدٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا صَلَّى، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ" وَفَعَلَهُ أَبُو سَعِيدٍ. (باب: من أدب أهله أو غيره دون السلطان) أي: دون إذنه في ذلك. (أبو سعيد) أي: الخدري. 6844 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي" فَقَال: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَعَاتَبَنِي وَجَعَلَ يَطْعُنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي "وَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إلا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ". [انظر: 334 - مسلم: 367 - فتح 12/ 173] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (يطعن) بضم العين، ومرَّ الحديث في الطّهارة، والنِّكاح، والتفسير (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6835) كتاب: الحدود، باب: من أمر غير الإمام بإقامة الحدّ. (¬2) سبق برقم (334) أول كتاب: التَّيمُّم. و (5614) كتاب: النِّكاح، باب: استعارة الثِّياب للعروس. و (4583) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}.

40 - باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله

6845 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً، وَقَال: "حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلادَةٍ، فَبِي المَوْتُ، لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَوْجَعَنِي نَحْوَهُ". [انظر: 334 - مسلم: 367 - فتح 12/ 173] (عمرو) أي: ابن الحارث المصري. (فبي الموت) أي: فالموت ملتبس بي. والمطابقة للترجمة بالأهل تؤخذ من الحديث وبغيره من التعليق. (أوجعني) أي: لكزه إياي. (نحوه) أي: نحو الحديث المذكور. 40 - بَابُ مَنْ رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ (باب: من رأى مع امرأته رجلًا فقتله) لم يتبين حكمه وقد اختلف فيه، فالجمهور: على أن عليه القود ولا يسقط عنه في ظاهر الحق وان جاز له فيما بينه وبين الله. قتله إذا علم إحصانه وزناه. 6846 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتِبِ المُغِيرَةِ، عَنِ المُغِيرَةِ، قَال: قَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي". [7416 - مسلم: 1499 - فتح 12/ 174] (موسى) أي: ابن إسماعيل. (أبو عوانة) هو الوضاح اليشكري (عبد الملك) أي: ابن عمير. (عن وراد) هو كاتب المغيرة بن شعبة. (غير مصفح) بفتح الفاء وكسرها. (من غيرة سعد) الغيرة بفتح الغين قال ابن الأثير: الحمية والأنفة (¬1)، وقال الكرماني: المنع أن تمنع من التعلّق بأجنبي بنظر أو غيره، وغيرة الله منعه عن المعاصي (¬2)، ¬

_ (¬1) "النهاية في غريب الحديث" 3/ 401. (¬2) "صحيح البخاريّ بشرح الكرماني" 23/ 227.

41 - باب ما جاء في التعريض

ومرَّ الحديث في أواخر النِّكاح (¬1). 41 - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّعْرِيضِ (باب: ما جاء في التعريض) هو نوع من الكناية ضد التصريح ويعبر عنه بلفظ يفهم منه بقرائن غير مدلولة. 6847 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلامًا أَسْوَدَ، فَقَال: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ" قَال: نَعَمْ، قَال: "مَا أَلْوَانُهَا" قَال: حُمْرٌ، قَال: "هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ" قَال: نَعَمْ، قَال: "فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ" قَال: أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ، قَال: "فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ". [انظر: 5305 - مسلم: 1500 - فتح 12/ 175] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (جاء. أعرابي) هو ضمضم بن قتادة. (فيها) في نسخة: "هل فيها؟ ". (أورق) هو ما في لونه بياض إلى سواد من الورقة: وهو اللون الرمادي. (عرق) أي: أصل من النسب. ومرَّ الحديث في الطّلاق (¬2). 42 - بَابٌ: كَمُ التَّعْزِيرُ وَالأَدَبُ؟ (باب: كم التعزير والأدب؟) أي: كم قدرهما؟ والعطف في ذلك من عطف العام على الخاص إذ التعزير تأديب على معصية، والتأديب أعم من ذلك ومنه: تأديب المعلم، وتأديب الوالد ولده الصغير. 6848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي ¬

_ (¬1) ذكره البخاريّ معلقًا قبل حديث (5220) كتاب: النِّكاح، باب: الغيرة. (¬2) سبق برقم (5305) كتاب: الطّلاق، باب: إذا عرض بنفي الولد.

حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إلا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ". [6819 - 6850 - مسلم: 1708 - فتح 12/ 175] 6849 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ، عَمَّنْ، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا عُقُوبَةَ فَوْقَ عَشْرِ ضَرَبَاتٍ إلا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ". [انظر: 6848 - مسلم: 1708 - فتح 12/ 176] (عمن سمع النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) هو أبو بردة بن نيار على الراجح. 6850 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ بُكَيْرًا، حَدَّثَهُ قَال: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، إِذْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ، فَحَدَّثَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، فَقَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ الأَنْصَارِيَّ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ". [انظر: 6848 - مسلم: 1708 - فتح 12/ 176] 6851 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوصَالِ" فَقَال لَهُ رِجَالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوَاصِلُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّكُمْ مِثْلِي، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ" فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الوصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَال، فَقَال: "لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ" كَالْمُنَكِّلِ بِهِمْ حِينَ أَبَوْا تَابَعَهُ شُعَيْبٌ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1965 - مسلم: 1103 - فتح 12/ 176] (كالمنكل بهم) أي: كالمعاقب لهم، ومرَّ الحديث في الصوم (¬1). (تابعه) أي: عقيلًا. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (يضربون) بالبناء للمفعول. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1965) كتاب: الصوم، باب: التنكيل لمن أكثر الوصال.

43 - باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة

6852 - حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّهُمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزَافًا، أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ، حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ". [انظر: 2123 - مسلم: 1527 - فتح 12/ 176] (جزافًا) بتثليث الجيم، ومرَّ الحديث في البيوع (¬1). 6853 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ حَتَّى يُنْتَهَكَ مِنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ". [انظر: 3560 - مسلم: 2327 - فتح 12/ 176] (حتّى ينتهك) أي: يرتكب، ومرَّ الحديث في صفته - صلى الله عليه وسلم - (¬2). 43 - بَابُ مَنْ أَظْهَرَ الفَاحِشَةَ وَاللَّطْخَ وَالتُّهَمَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ (باب: من أظهر الفاحشة واللطخ) أي: الرمي بالشر. (والتهمة) بفتح الهاء وسكونها. (بغير بينة) العطف في ذلك من عطف الخاص على العام إن فسرت الفاحشة بما يعم الزِّنا وغيره. وجواب (من) محذوف أي: ما حكمه؟ 6854 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال الزُّهْرِيُّ: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: "شَهِدْتُ المُتَلاعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَقَال زَوْجُهَا: كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا " قَال: فَحَفِظْتُ ذَاكَ مِنَ الزُّهْرِيِّ: "إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَهُوَ. وَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: جَاءَتْ بِهِ لِلَّذِي يُكْرَهُ. [انظر: 423 - مسلم: 1492 - فتح 12/ 180] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2123) كتاب: البيوع، باب: ما ذكر في الأسواق. (¬2) سبق برقم (3560) كتاب: المناقب، باب: صفة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

(سفيان) أي: ابن عيينة. (إن جاءت به كذا وكذا) أي: أسود أعين ذا أليتين. (وحرة) بفتح المهملة دويبة كسام أبرص، وقبل: دوبية حمراء تلصق بالأرض، وقيل: كالوزغة تقع في الطّعام فتفسده، ومرَّ الحديث في الطّلاق (¬1). 6855 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُتَلاَعِنَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ هِىَ الَّتِى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا امْرَأَةً عَنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ». قَالَ لاَ، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ. [انظر: 5310 - مسلم: 1497 - فتح 12/ 180] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أعلنت) أي: بالسوء والفجور، ومرَّ الحديث في اللعان (¬2). 6856 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ذُكِرَ التَّلاعُنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا، فَقَال عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إلا لِقَوْلِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحْمِ، سَبِطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ آدَمَ خَدِلًا، كَثِيرَ اللَّحْمِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ بَيِّنْ" فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا، فَلاعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، فَقَال رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي المَجْلِسِ: هِيَ الَّتِي قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ" فَقَال: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلامِ السُّوءَ. [انظر: 5310 - مسلم: 1497 - فتح 12/ 180] (خدلا) بمعجمة مفتوحة فمهملة ساكنة أي: غليظ الساق، ومرَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5259) كتاب: الطّلاق، باب: من أجاز طلاق الثلاث. (¬2) سبق برقم (5308) كتاب: الطّلاق، باب: اللعان.

44 - باب رمي المحصنات

الحديث في النكاح وغيره مرارًا (¬1). 44 - بَابُ رَمْيِ المُحْصَنَاتِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 4، 5]. {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)} [النور: 23]. (باب: رمي المحصنات) أي: قذف العفيفات. ({وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}) إلى قوله: ({عَظِيمٌ}) وسقط من نسخة قوله: ({لُعِنُوا}) إلى آخره، وقال فيها قبله: (الآية). (وقول الله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}) إلى آخره ساقط من نسخة. 6857 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَال: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ". [انظر: 2766 - مسلم: 89 - فتح 12/ 181] (سليمان) أي: ابن بلال. (عن أبي الغيث) هو سالم مولى ابن مطيع. (السبع الموبقات) أي: المهلكات، والتقييد بالسبع مثال؛ إذ الموبقات لا تنحصر فيها إذ ورد منها: اليمين الفاجرة، وعقوق الوالدين، والإلحاد في الحرم، وشرب ¬

_ (¬1) سبق برقم (5310) كتاب: الطّلاق، باب: قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - "لو كنت راجمًا بغير بينة".

45 - باب قذف العبيد

الخَمْرِ، وقول الزور والغلول، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله وغير ذلك (والتولي) أي: الإعراض والفرار، (يوم الزحف) أي: القتال. (الغافلات) أي: عن ما نسب إليهن، ومرَّ الحديث في الوصايا والطب (¬1). 45 - بَابُ قَذْفِ العَبِيدِ (باب: قذف العبيد) أي: بيان حكمه. 6858 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ، وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَال، جُلِدَ يَوْمَ القِيَامَةِ، إلا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَال". [مسلم: 1660 - فتح 12/ 185] (عن ابن أبي نعيم) هو عبد الرّحمن. 46 - بَابٌ: هَلْ يَأْمُرُ الإِمَامُ رَجُلًا فَيَضْرِبُ الحَدَّ غَائِبًا عَنْهُ؟. وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ. 6859، 6060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، قَالا: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: أَنْشُدُكَ اللَّهَ إلا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ، وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ، فَقَال: صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْ" فَقَال: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا فِي أَهْلِ هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2766) كتاب: الوصايا، باب: قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا}. و (5764) كتاب: الطب، باب: الشرك والسحر من الموبقات.

مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ، فَقَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، المِائَةُ وَالخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَيَا أُنَيْسُ اغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَسَلْهَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا" فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. [انظر: 2315، 2314 - مسلم: 1697، 1698 - فتح 12/ 185] (باب: هل يأمر الإمام رجلًا فيضرب الحدّ غائبًا عنه؟) جواب الاستفهام محذوف أي: نعم، ومرَّ حديث الباب مرارًا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2314) كتاب: الوكالة، باب: الوكالة في الحدود. وبرقم (6633) كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «لَا يشْكر الله مَنْ لَا يشْكر النَّاسَ» الحمْدُ لله الذِي بِنِعْمَتِه تتمُ الصالحاتُ فإنَّ إِخْرَاج هَذَا الْكتاب بِهَذِهِ الصُّورَة فِي فَتْرَة وجيزة كَانَ ثمرةَ تعاونٍ مَعَ: "مَرْكَز الْفَلاح للبحوث العلمية" لصَاحبه الشَّيْخ خَالِد الرِّبَاط وَالَّذِي عاون فِي الإشراف على هَذَا الْكتاب، بمشاركة الْأُخوة: خَالِد بُكير، وعصام حمدي (فِي الْمُقَابلَة وَالتَّعْلِيق والمراجعات) نَادِي فكري، وَمُحَمّد رَمَضَان (فِي التَّخْرِيج وَالتَّعْلِيق) كَمَا قَامَ بمراجعة متن البُخَارِيّ وَضَبطه: الدكتور جُمُعَة فتحي، وَالْأَخ أَحْمد روبي فجزاهم الله خيرًا وكل من شَارك مَعَهم على مَا بذلوه من جهد وَعون، أسأَل الله أَن يَجْعله فِي ميزَان حسناتهم، إنَّهُ سميع مُجيب. سُلَيْمَان بن دريع العازمي الكويت هَاتِف: 009659532016

منْحَةُ البَارِي بِشَرْح صَحِيح البُخَارِي [10]

جَمِيع الحقُوق مَحفُوظَة الطَّبعَة الأولى 1426 - هـ - 2005 م مكتبة الرشد ناشرون المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض - شَارِع الْأَمِير عبد الله بن عبد الرَّحْمَن (طَرِيق الْحجاز) ص. ب: 17522 - الرياض: 11494 - هَاتِف: 4593451 - فاكس: 4573381 Email : [email protected] Website : www.rushd.com * فرع طَرِيق الْملك فَهد: الرياض - هَاتِف: 2051500 - فاكس: 2052301 * فرع مَكَّة المكرمة: هَاتِف: 5585401 - فاكس: 5583506 * فرع الْمَدِينَة المنورة: شَارِع أبي ذَر الْغِفَارِيّ - هَاتِف: 8340600 - فاكس: 8383427 * فرع جدة: ميدان الطائرة - هَاتِف: 6776331 - فاكس: 6776354 * فرع القصيم: بُرَيْدَة - طَرِيق الْمَدِينَة - هَاتِف: 3242214 - فاكس: 3241358 * فرع أَبِهَا: شَارِع الْملك فيصل - تلفاكس: 2317307 * فرع الدمام: شَارِع الْخزَّان - هَاتِف: 8150566 - فاكس: 8418473 وكلاؤنا فِي الْخَارِج * الْقَاهِرَة: مكتبة الرشد - هَاتِف: 2744605 * بيروت: دَار ابْن حزم هَاتِف: 701974 * الْمغرب: الدَّار الْبَيْضَاء - وراقة التَّوْفِيق - هَاتِف: 303162 - فاكس: 303167 * الْيمن: صنعاء - دَار الْآثَار - هَاتِف: 603756 * الْأُرْدُن: عمان - الدَّار الأثرية: 6584092 - جوال: 796841221 * الْبَحْرين: مكتبة الغرباء - هَاتِف: 957833 - 945733 * الإمارات: مكتبة دبي للتوزيع - هَاتِف: 43339998 - فاكس: 43337800 * سوريا: دَار البشائر: 231668 * قطر: مكتبة ابْن الْقيم - هَاتِف: 4863533

87 - كتاب الديات

87 - كِتَابُ الدِّيَاتِ

1 - [باب] قول الله تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} [النساء: 93]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 87 - كِتَابُ الدِّيَاتِ 1 - [باب] قَوْلِ الله تَعَالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93]. (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب: الديات) جمع دية وهي مصدر، وديتُ القتيل: أعطيت ديته. 6861 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَال: "أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" قَال: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: "ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ" قَال: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: "ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] الآيَةَ. [انظر: 4477 - مسلم: 86 - فتح 12/ 187] (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (قال عبد الله) أي: ابن مسعود. (قال رجل) هو عبد الله بن مسعود. (يطعم) في نسخة: (خشية أن يطعم). ({يَلْقَ أَثَامًا}) أي: عقوبة، وقال مجاهد هو واد في جهنم (¬1). 6862 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ، ¬

_ (¬1) رواه الطّبريّ في "التفسير" 9/ 417 (26250).

عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَنْ يَزَال المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا". [6863 - فتح 12/ 187] (علي) أي: ابن الجعد الجوهري لا ابن المديني. (لن يزال) في نسخة: "لا يزال" (في فسحة) أي: في سعة من (دينه) بكسر المهملة وسكون التحتية بعدها نون من الدين في نسخة: بذال معجمة مفتوحة، فنون ساكنة، فموحدة مكسورة. 6863 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: "إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ، الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ". [انظر: 6862 - فتح 12/ 187] (إسحاق) أي: ابن سعيد. (إن من ورطات الأمور) قيل: بسكون الراء وقال ابن مالك: صوابه التحريك كثمرة وثمرات جمع ورطة بسكونها: وهي ما يقع فيه الشخص ويعسر عليه نجاته. 6864 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ". [انظر: 6533 - مسلم: 1678 - فتح 12/ 187] (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. 6865 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ، حَدَّثَهُ: أَنَّ المِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الكِنْدِيَّ، حَلِيفَ بَنِي زُهْرَةَ، حَدَّثَهُ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَقِيتُ كَافِرًا فَاقْتَتَلْنَا، فَضَرَبَ يَدِي بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ، وَقَال: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ، آقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالهَا؟ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقْتُلْهُ" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ طَرَحَ إِحْدَى يَدَيَّ، ثُمَّ قَال ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا، آقْتُلُهُ؟ قَال: "لَا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَال". [انظر: 4019 - مسلم: 95 - فتح 12/ 187]

2 - باب قول الله تعالى: {ومن أحياها} [المائدة: 32]

6866 - وَقَال حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمِقْدَادِ: "إِذَا كَانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِي إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ فَقَتَلْتَهُ؟ فَكَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تُخْفِي إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ مِنْ قَبْلُ". [فتح 12/ 187] (إن لقيت) في نسخة: "إنِّي لقيت". (ثمّ لاذ بشجرة) أي: التجأ إليها. (قال: لا تقتله، فإن قتلته فإنّه بمنزلتك قبل أن تقتله) حاصله: أن الكافر مباح الدّم قبل الكلمة فإذا قالها صار معصومًا كالمسلم فإن قتله المسلم بعد ذلك صار دمه مباحًا بحق القصاص كالكافر بحق الدين فالتشبيه في إباحة الدّم لا في كونه كافرًا، ومرَّ الحديث في غزوة بدر (¬1). 2 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} [المائدة: 32] قَال ابن عَبَّاسٍ: مَنْ حَرَّمَ قَتْلَهَا إلا بِحَقِّ حَيِيَ النَّاسُ مِنْهُ جَمِيعًا. (باب: قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا}) زاد في نسخة: " {فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} " وأول الآية: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ}. 6867 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ إلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا". [انظر: 3335 - مسلم: 1677 - فتح 12/ 191] (قبيصة) أي: ابن عقبة. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن الأعمش) هو سليمان. (على ابن آدم الأوّل) هو قابيل وهو أول من ولده آدم كما قاله الثعلبي، ومرَّ الحديث في خلق آدم (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4019) كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا. (¬2) سبق برقم (3335) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته.

6868 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي: عَنْ أَبِيهِ: سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [انظر: 1742 - مسلم: 66 - فتح 12/ 191] (أبوالوليد) هو هشام، ومرَّ حديثه في العلم (¬1). 6869 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَال: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ: "اسْتَنْصِتِ النَّاسَ، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [انظر: 121 - مسلم: 65 - فتح 12/ 191] رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (أبا زرعة) هو هرم. (أبو بكرة) هو نفيع بن الحارث. 6870 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، - أَوْ قَال: - اليَمِينُ الغَمُوسُ. شَكَّ شُعْبَةُ وَقَال مُعَاذٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: "الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، أَوْ قَال: وَقَتْلُ النَّفْسِ". [انظر: 6675 - فتح -12/ 191] (عن فراس) أي: ابن يحيى الخارفي. (معاذ) أي: ابن معاذ العنبري. 6871 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الكَبَائِرُ". ح وحَدَّثَنَا عَمْرٌو وَهُوَ ابْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ، - أَوْ قَال: وَشَهَادَةُ الزُّورِ -". [انظر: 2653 - مسلم: 88 - فتح 12/ 191] ¬

_ (¬1) سبق برقم (121) كتاب: العلم، باب: الإنصات للعلماء.

(عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (عمرو) أي: ابن مرزوق، ومرَّ حديثه في الشهادات. 6872 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، حَدَّثَنَا أَبُو ظَبْيَانَ، قَال: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ قَال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ، قَال: فَصَبَّحْنَا القَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، قَال: وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، قَال: فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، قَال: فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، قَال: فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَقَال لِي: "يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَال لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ" قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا، قَال: "أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَال لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ" قَال: فَمَا زَال يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ. [انظر: 4269 - مسلم: 96 - فتح 12/ 191] (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (حصين) أي: ابن عبد الرّحمن الواسطي. (أبو ظبيان) بفتح المعجمة وكسرها هو حصين بن جندب المذحجي. (إلى الحرقة) بضم المهملة وفتح الراء: هي قبيلة. (رجلًا منهم) هو مرداس بن عمرو الفدكي. 6873 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "إِنِّي مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَلَا نَنْتَهِبَ، وَلَا نَعْصِيَ، بِالْجَنَّةِ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ". [انظر: 18 - مسلم: 709 - فتح 12/ 192] (يزيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن أبي الخير) هو مرثد. (الصنابحي) هو عبد الرّحمن بن عسيلة، ومرَّ حديثه في كتاب: الإيمان (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (18) كتاب: الإيمان، باب: علامة الإيمان حب الأنصار.

3 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم (178)} [البقرة: 178]

6874 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا". [7070 - مسلم: 98 - فتح 12/ 192] رَوَاهُ أَبُو مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (جويرية) أي: ابن أسماء. (من حمل علينا السلاح) أي: قاتلنا. (رواه) أي: الحديث. 6875 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَال: ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ، فَقَال: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ، قَال: ارْجِعْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا القَاتِلُ، فَمَا بَالُ المَقْتُولِ؟ قَال: "إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ". [انظر: 31 - مسلم: 2888 - فتح 12/ 192] (أَيّوب) أي: السختياني. (ويونس) أي: ابن عبيد. (هذا الرَّجل) هو علي بن أبي طالب في وقعة الجمل. (بسيفيهما) في نسخة: "بسيفهما" بالإفراد، ومرَّ الحديث في كتاب: الإيمان (¬1). 3 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} [البقرة: 178] [فتح 12/ 197]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (31) كتاب: الإيمان، باب: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}.

4 - باب سؤال القاتل حتى يقر، والإقرار في الحدود

[باب: قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}) إلى آخره، وفي نسخة: عقب " {فِي الْقَتْلَى}) الآية"، ولم يذكر في الباب حديثًا اكتفاءً بالآية، أو لأنه لم يجد حديثًا على شرطه. 4 - بَابُ سُؤَالِ القَاتِلِ حَتَّى يُقِرَّ، وَالإِقْرَارِ فِي الحُدُودِ (باب: سؤال القاتل حتى يقرَّ والإقرار في الحدود) أي: بيان ذلك. 6876 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا؟ أَفُلانٌ أَوْ فُلانٌ، حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَقَرَّ بِهِ، فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالحِجَارَةِ". [انظر: 2413 - مسلم: 1672 - فتح 12/ 198] (رض) أي: دق. (أفلان أو فلان؟) في نسخة: "أفلان أفلان؟ " بالهمزة فيهما وبحذف أو. ومرَّ الحديث في الإشخاص والوصايا (¬1). 5 - بَابُ إِذَا قَتَلَ بِحَجَرٍ أَوْ بِعَصًا (باب: إذا قتل بحجر أو بعصا) جواب (إذا) محذوف أي: يقتل بما قتل به. 6877 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: خَرَجَتْ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ بِالْمَدِينَةِ، قَال: فَرَمَاهَا يَهُودِيٌّ بِحَجَرٍ، قَال: فَجِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَا رَمَقٌ، فَقَال لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فُلانٌ قَتَلَكِ؟ " فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَأَعَادَ عَلَيْهَا، قَال: "فُلانٌ قَتَلَكِ؟ ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (2413) كتاب: الخصومات، باب: ما يذكر في الإشخاص. وبرقم (2746) كتاب: الوصايا، باب: إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازت.

6 - باب قول الله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون (45)} [المائدة: 45]

فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَقَال لَهَا فِي الثَّالِثَةِ: "فُلانٌ قَتَلَكِ؟ " فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا، فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلَهُ بَيْنَ الحَجَرَيْنِ. [انظر: 2413 - مسلم: 1672 - فتح 12/ 200] (محمّد) أي ابن عبد الله بن نمير أو ابن سلام. (أوضاح) جمع وضح: وهو حُلي فضة. (رمق) أي: بقية من الحياة. (فقتله بين الحجرين) أي: بعد اعترافه. 6 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)} [المائدة: 45]. (باب قول الله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى آخره سقط من نسخة ما زاد على {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}. 6878 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ". [مسلم: 1676 - فتح 12/ 201] (والمارق) أي الخارج، وفي نسخة: "والمفارق". (التارك للجماعة) صفة مؤكدة للمارق. 7 - بَابُ مَنْ أَقَادَ بِالحَجَرِ (باب: من أقاد بالحجر) أي: بيان حكمه. 6879 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا، فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ، فَجِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَا رَمَقٌ، فَقَال: "أَقَتَلَكِ فُلانٌ؟ " فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ لَا،

8 - باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين

ثُمَّ قَال الثَّانِيَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ لَا، ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ نَعَمْ، فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَجَرَيْنِ. [انظر: 2413 - مسلم: 1672 - فتح 12/ 204] (أن نعم) في نسخة: "أي: نعم". ومرَّ الحديث آنفًا. 8 - بَابُ مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ (باب: من قتل له قتيل فهو بخير الناظرين) أي: فولي القتيل مخير بين الدية والقصاص. 6880 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا" وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا حَرْبٌ، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، قَتَلَتْ خُزَاعَةُ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ، بِقَتِيلٍ لَهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ، أَلا وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، أَلا وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إلا مُنْشِدٌ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ " فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، يُقَالُ لَهُ أَبُو شَاهٍ، فَقَال: اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ" ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إلا الإِذْخِرَ، فَإِنَّمَا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إلا الإِذْخِرَ" وَتَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ شَيْبَانَ فِي الفِيلِ قَال بَعْضُهُمْ: عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ: "القَتْلَ" وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: "إِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ القَتِيلِ". [انظر: 112 - مسلم: 1355 - فتح 12/ 205] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (شيبان) أي: ابن عبد الرّحمن النحوي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير الطائي. (أنّ خزاعة) هي قبيلة مشهورة. (حرب) أي: ابن شداد (عن يحيى) أي: ابن كثير - (قتلت خزاعة رجلا) قاتله خراش بن أمية الخزاعي. (بقتيل) اسمه أحمر.

9 - باب من طلب دم امرئ بغير حق

(اكتب لي يا رسول الله) أي: الخطبة الّتي سمعتها منك. (رجل من قريش) هو العباس بن عبد المطلب. ومرَّ الحديث في كتاب: العلم والحج (¬1). (وتابعه) أي حرب بن شداد. (عبيد الله) أي ابن موسى. (عن شيبان) أي: ابن عبد الرّحمن. 6881 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ قِصَاصٌ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ، فَقَال اللَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ} [البقرة: 178] فِي القَتْلَى - إِلَى هَذِهِ الآيَةِ - {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] " قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "فَالعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي العَمْدِ" قَال: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] "أَنْ يَطْلُبَ بِمَعْرُوفٍ وَيُؤَدِّيَ بِإِحْسَانٍ". [انظر: 4498 - فتح 12/ 205] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (كانت في بني إسرائيل قصاص) أنث كانت باعتبار القصاص وهو المماثلة. 9 - بَابُ مَنْ طَلَبَ دَمَ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ (باب: من طلب دم امريء بغير حق) أي: بيان حكمه. 6882 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلامِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ". [فتح 12/ 210] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2413) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم. وسبق ذكر الإذخر من حديث ابن عبّاس برقم (1833) كتاب: جزاء الصَّيد، باب: لا ينفر صيد الحرم.

10 - باب العفو في الخطإ بعد الموت

(أبواليمان) هو الحكم بن نافع. (ملحد في الحرم) هو المائل عن الحق؛ أي: الظالم. (ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية) أي: طالب فيه طريق الجاهلية كالنياحة وضرب الخدود. (ليهريق دمه) بفتح الهاء وسكونها. 10 - بَابُ العَفْو فِي الخَطَإِ بَعْدَ المَوْتِ (باب: العفو في الخطأ بعد الموت) أي: بيان حكمه. 6883 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: "هُزِمَ المُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ" ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ يَعْنِي الوَاسِطِيَّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "صَرَخَ إِبْلِيسُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي النَّاسِ: يَا عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ، حَتَّى قَتَلُوا اليَمَانِ، فَقَال حُذَيْفَةُ: أَبِي أَبِي، فَقَتَلُوهُ. فَقَال حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَال: وَقَدْ كَانَ انْهَزَمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ حَتَّى لَحِقُوا بِالطَّائِفِ". [انظر، 3290 - فتح 12/ 211] (فروة) أي ابن أبي المغراء. (أبي أبي) أي: لا تقتلوه. ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬1). 11 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3290) كتاب بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده.

12 - باب إذا أقر بالقتل مرة قتل به

فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)} [النساء: 92]. [فتح 12/ 212] (باب: قول الله تعالى: ({وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلا خَطَأً}) إلى آخره سقط من نسخة. ما زاد على: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلا خَطَأً} ولم يذكر في الباب حديثًا اكتفاء بالآية، أو لأنه لم يجد حديثًا على شرطه. 12 - باب إِذَا أَقَرَّ بِالقَتْلِ مَرَّةً قُتِلَ بِهِ (باب) ساقط من نسخة. (إذا أقر بالقتل مرّة قتل به) أي: بذلك الإقرار. 6884 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: " أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا، أَفُلاَنٌ، أَفُلاَنٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِاليَهُودِيِّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالحِجَارَةِ " وَقَدْ قَالَ هَمَّامٌ: بِحَجَرَيْنِ. [انظر: 2413 - مسلم: 1672 - فتح 12/ 213] (إسحاق) أي: ابن منصور. (حبّان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة؛ أي: ابن هلال الباهلي. (همام) أي: ابن يحيى. ومرَّ الحديث في باب: من أقاد بالحجر (¬1). 13 - بَابُ قَتْلِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ (باب: قتل الرَّجل بالمرأة) أي: بيان ما جاء فيه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6877) كتاب: الديات، باب: إذا قتل بحجر أو بعصا.

14 - باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات

6885 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "قَتَلَ يَهُودِيًّا بِجَارِيَةٍ قَتَلَهَا عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا". [انظر: 2413 - مسلم: 1672 - فتح 12/ 213] (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. ومرَّ حديث الباب مرارًا (¬1). 14 - بَابُ القِصَاصِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الجِرَاحَاتِ وَقَال أَهْلُ العِلْمِ: يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ: "تُقَادُ المَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ، فِي كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَهَا مِنَ الجِرَاحِ" وَبِهِ قَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَأَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ وَجَرَحَتْ أُخْتُ الرُّبَيِّعِ إِنْسَانًا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "القِصَاصُ". [انظر: 2703] (باب: القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات) أي: بيان ذلك. (وقال أهل العلم) أي: جمهورهم. (وبه) أي: بما رواه عمر. (وإبراهيم) أي: النخعي. (وأبو الزِّناد) هو عبد الله بن ذكوان. (وجرحت أخت الربيع) صوب بعضهم حذف أخت؛ ليوافق ما مرَّ في البقرة (¬2)، وبعضهم قال: إنهما قضيتان. (القصاص) في نسخة: "كتاب الله القصاص". 6886 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُوسَى ¬

_ (¬1) سبق برقم (2413) كتاب: الخصومات، باب: ما يذكر في الإشخاص. وبرقم (2746) كتاب: الوصايا، باب: إذا أومأ المريض برأسه. (¬2) سبق برقم (4500) كتاب: التفسير، باب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ}.

15 - باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان

بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: لَدَدْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ، فَقَال: "لَا تُلِدُّونِي" فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَال: "لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْكُمْ إلا لُدَّ، غَيْرَ العَبَّاسِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ". [انظر: 4458 - مسلم: 2213 - فتح 12/ 214] (سفيان) أي: الثّوريّ. (لددنا النَّبيّ) أي: جعلنا في أحد شقي فمه دواء بغير اختياره. (لا يبقى أحد منكم إلا لد) أي: إلا يلد قصاصًا ومكافأة لفعلهم لتركهم امتثال نهيه عن ذلك، وفيه إشارة إلى مشروعية الاقتصاص من المرأة بما جنته على الرَّجل. ومرَّ الحديث في باب: مرض النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ووفاته (¬1). 15 - بَابُ مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ أَوْ اقْتَصَّ دُونَ السُّلْطَانِ (باب: من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان) أي: دون إذنه. 6887 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ الأَعْرَجَ، حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ [يَوْمَ القِيَامَةِ] ". [انظر: 238 - مسلم: 855 - فتح 12/ 215] (أبو اليمان) هو: الحكم بن نافع. 6888 - وَبِإِسْنَادِهِ: "لَو اطَّلَعَ فِي بَيْتِكَ أَحَدٌ، وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ، خَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ". [6902 - مسلم: 2158 - فتح 12/ 216] (وبإسناده) أي: الحديث. 6889 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ: أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَسَدَّدَ إِلَيْهِ مِشْقَصًا" فَقُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَال: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. [انظر: 6242 - مسلم: 2157 - فتح 12/ 216] ¬

_ (¬1) سبق برقم (4458) كتاب: المغازي، باب: مرض النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ووفاته.

16 - باب إذا مات في الزحام أو قتل

(أنّ رجلا) هو: الحكم بن أبي العاص. (مشقصا) بكسر الميم، وسكون المعجمة: النصل العريض، أو السهم الّذي فيه ذلك. 16 - بَابُ إِذَا مَاتَ فِي الزِّحَامِ أَوْ قُتِلَ (باب: إذا مات في الزحام أو قتل) أي: بالزحام، وحذف جواب (إذا) للخلاف فيه وسيأتي بيانه. 6890 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَال: هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ اليَمَانِ، فَقَال: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي " قَالتْ: "فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، قَال حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ" قَال عُرْوَةُ: "فَمَا زَالتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ". [انظر: 3290 - فتح 12/ 217] (بقية) أي: من خير، واختلف في حكم من ذكر فقيل: تجب ديته على جميع من حضر، وقيل: يجب في بيت المال، وقيل: دمه هدر، وقال الشّافعيّ: يقال لوليه: ادع على من شئت واحلف، فإن حلف استحقت الدية، وإن نكلت حلف المدعي عليه على النَّفْي وسقطت المطالبة. ومرَّ الحديث في غزوة أحد (¬1). 17 - بَابُ إِذَا قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً فَلاَ دِيَةَ لَهُ (باب: إذا قتل نفسه خطأ فلا دية له) وقيل: تجب على عاقلته. 6891 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَسْمِعْنَا يَا عَامِرُ مِنْ هُنَيْهَاتِكَ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4065) كتاب: المغازي، باب: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ}.

18 - باب إذا عض رجلا فوقعت ثناياه

فَحَدَا بِهِمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ السَّائِقُ" قَالُوا: عَامِرٌ، فَقَال: "رَحِمَهُ اللَّهُ" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَّا أَمْتَعْتَنَا بِهِ، فَأُصِيبَ صَبِيحَةَ لَيْلَتِهِ، فَقَال القَوْمُ: حَبِطَ: عَمَلُهُ، قَتَلَ نَفْسَهُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، فَقَال: "كَذَبَ مَنْ قَالهَا، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ اثْنَيْنِ، إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، وَأَيُّ قَتْلٍ يَزِيدُهُ عَلَيْهِ؟! ". [انظر: 2477 - مسلم: 1802 - فتح 12/ 218] (فقال رجل منهم) هو: أسيد بن حضير. (هلا أمتعتنا به؟) أي: بعامر أي: بحياته، قبل إسراع موته؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - ما قال مثل ذلك لأحد ولا استغفر لإنسان قط يخصه بالاستغفار عند القتال إلَّا استشهد. (لأجرين) أي: أجر الجهد في الطاعة، وأجر الجهاد في سبيل الله. ومرَّ الحديث في المغازي والأدب وغيرهما (¬1). 18 - بَابُ إِذَا عَضَّ رَجُلًا فَوَقَعَتْ ثَنَايَاهُ (باب: إذا عضَّ رجلًا فوقعت ثناياه) جواب (إذا) محذوف؛ أي: لا يلزمه شيء، وهو ما عليه الجمهور. 6892 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَال: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فَمِهِ، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الفَحْلُ؟ لَا دِيَةَ لَكَ". [مسلم: 1673 - فتح 12/ 219] (أن رجلًا) هو يعلى بن أميَّة (عض يد رجل) هو أجير يعلى. (من فيه) في نسخة: "من فيه". (ثنيتاه) في نسخة: "ثناياه". (لا دية لك) في نسخة: "لا دية له". ¬

_ (¬1) سبق برقم (4196) كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات القَرَدَ. وبرقم (6148) كتاب: الأدب، باب: ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه.

19 - باب {والسن بالسن} [المائدة: 45]

6893 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَال: "خَرَجْتُ فِي غَزْوَةٍ، فَعَضَّ رَجُلٌ فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَبْطَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 1848 - مسلم: 1674 - فتح 12/ 219] (أبو عاصم) هو الضَّحَّاك بن مخلد. (عن ابن جريج) هو عبد الملك. (عن عطاء) أي: ابن أبي رباح (في غزوة) أي: غزوة تبوك. ومرَّ الحديث في الإجارة وغيرها (¬1). 19 - باب {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45]. (باب: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} أي: يؤخذ بها. 6894 - حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ ابْنَةَ النَّضْرِ لَطَمَتْ جَارِيَةً فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِالقِصَاصِ". [انظر: 2703 - مسلم: 1675 - فتح 12/ 223] (الأنصاري) هو محمد بن عبد الله بن المثني البصري. (أن ابنة النضر) هي الرَّبيع. فكسرت ثنيتها، محل القصاص في كسرها إذا انضبط الكسر. 20 - باب دِيَةِ الأصَابع. 6895 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ" يَعْنِي الخِنْصَرَ وَالإِبْهَامَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ. [فتح 12/ 225] (باب: دية الأصابع) أي: بيان وجوبها. وحديث الباب ظاهر. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2265) كتاب: الإجارة، باب: الأجير في الغزو.

21 - باب إذا أصاب قوم من رجل، هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم؟

21 - بَابُ إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ، هَلْ يُعَاقِبُ أَوْ يَقْتَصُّ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ؟ وَقَال مُطَرِّفٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ، فَقَطَعَهُ عَلِيٌّ، ثُمَّ جَاءَا بِآخَرَ وَقَالا: أَخْطَأْنَا، فَأَبْطَلَ شَهَادَتَهُمَا، وَأُخِذَا بِدِيَةِ الأَوَّلِ، وَقَال: "لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا". (باب: إذا أصاب قوم من رجل) أي: أصابوه بسوء. (هل يعاقب) أي: كل منهم. (أو يقتص منهم كلهم) جواب الاستفهام محذوف؛ أي: عوقبوا إن كانت الإصابة تقتضي حدًّا، أو تعزيرًا وقوصصوا إن كانت تقتضي مماثلة. (مطرف) أي: ابن طريف. 6896 - وَقَال لِي ابْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ غُلامًا قُتِلَ غِيلَةً، فَقَال عُمَرُ: "لَو اشْتَرَكَ فِيهَا أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ" وَقَال مُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ: "إِنَّ أَرْبَعَةً قَتَلُوا صَبِيًّا"، فَقَال عُمَرُ: مِثْلَهُ وَأَقَادَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَلِيٌّ وَسُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ مِنْ لَطْمَةٍ وَأَقَادَ عُمَرُ، مِنْ ضَرْبَةٍ بِالدِّرَّةِ وَأَقَادَ عَلِيٌّ، مِنْ ثَلاثَةِ أَسْوَاطٍ وَاقْتَصَّ شُرَيْحٌ، مِنْ سَوْطٍ وَخُمُوشٍ. [فتح 12/ 227] (غيلة) بكسر المعجمة أي: سرًّا أو غفلة أو خديعة. (مثله) أي: مثل قوله: (لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم). 6897 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَالتْ عَائِشَةُ: لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ، وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: "لَا تَلُدُّونِي" قَال: فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ بِالدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَال: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي" قَال: قُلْنَا: كَرَاهِيَةٌ لِلدَّوَاءِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إلا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إلا العَبَّاسَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ". [انظر: 4458 - مسلم: 2213 - فتح 12/ 227] (سفيان) أي: الثوري. ومرَّ الحديث آنفًا.

22 - باب القسامة

22 - باب القَسَامَةِ. وَقَال الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ". [انظر: 2515، 2516] وَقَال ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: "لَمْ يُقِدْ بِهَا مُعَاويَةُ" وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ، وَكَانَ أَمَّرَهُ عَلَى البَصْرَةِ، فِي قَتِيلٍ وُجِدَ عِنْدَ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ السَّمَّانِينَ: "إِنْ وَجَدَ أَصْحَابُهُ بَيِّنَةً، وَإِلَّا فَلَا تَظْلِمُ النَّاسَ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُقْضَى فِيهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". (باب: القسامة) بفتح القاف: مأخوذة من القسم وهو اليمين، وفي نسخة: "كتاب القسامة". (بها) أي: بالقسامة. 6898 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ: - زَعَمَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ - سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقُوا فِيهَا، وَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلًا، وَقَالُوا لِلَّذِي وُجِدَ فِيهِمْ: قَدْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا، قَالُوا: مَا قَتَلْنَا وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا، فَانْطَلَقُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْطَلَقْنَا إِلَى خَيْبَرَ، فَوَجَدْنَا أَحَدَنَا قَتِيلًا، فَقَال: "الكُبْرَ الكُبْرَ" فَقَال لَهُمْ: "تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ" قَالُوا: مَا لَنَا بَيِّنَةٌ، قَال: "فَيَحْلِفُونَ" قَالُوا: لَا نَرْضَى بِأَيْمَانِ اليَهُودِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ، فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ. [انظر: 2702 - مسلم: 1669 - فتح 12/ 229] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (ووجدوا أحدهم قتيلا) هو عبد الله بن سهل. (الكبر الكبر) بضم الكاف وسكون الباء، وبالنصب على الإغراء، أي: قدموا الأكبر سنًّا في الكلام، وكرر ذلك للمبالغة. (فواده مائة) في نسخة: "بمائة". ومرَّ الحديث في الصلح (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2702) كتاب: الصلح، باب: الصلح مع المشركين.

6899 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ: حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ، مِنْ آلِ أَبِي قِلابَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو قِلابَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ أَبْرَزَ سَرِيرَهُ يَوْمًا لِلنَّاسِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، فَقَال: مَا تَقُولُونَ فِي القَسَامَةِ؟ قَال: نَقُولُ: القَسَامَةُ القَوَدُ بِهَا حَقٌّ، وَقَدْ أَقَادَتْ بِهَا الخُلَفَاءُ. قَال لِي: مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلابَةَ؟ وَنَصَبَنِي لِلنَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، عِنْدَكَ رُءُوسُ الأَجْنَادِ وَأَشْرَافُ العَرَبِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ قَدْ زَنَى، لَمْ يَرَوْهُ، أَكُنْتَ تَرْجُمُهُ؟ قَال: لَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِحِمْصَ أَنَّهُ سَرَقَ، أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ وَلَمْ يَرَوْهُ؟ قَال: لَا، قُلْتُ: فَوَاللَّهِ مَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا قَطُّ إلا فِي إِحْدَى ثَلاثِ خِصَالٍ: رَجُلٌ قَتَلَ بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ، أَوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ رَجُلٌ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَارْتَدَّ عَنِ الإِسْلامِ. فَقَال القَوْمُ: أَوَلَيْسَ قَدْ حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي السَّرَقِ، وَسَمَرَ الأَعْيُنَ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ؟ فَقُلْتُ: أَنَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ أَنَسٍ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ: أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً، قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلامِ، فَاسْتَوْخَمُوا الأَرْضَ فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَفَلا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ، فَتُصِيبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا" قَالُوا: بَلَى، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَطْرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُدْرِكُوا فَجِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا، قُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ، ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ، وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا. فَقَال عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ: وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ كَاليَوْمِ قَطُّ، فَقُلْتُ: أَتَرُدُّ عَلَيَّ حَدِيثِي يَا عَنْبَسَةُ؟ قَال: لَا، وَلَكِنْ جِئْتَ بِالحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ، وَاللَّهِ لَا يَزَالُ هَذَا الجُنْدُ بِخَيْرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ فِي هَذَا سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقُتِلَ،

فَخَرَجُوا بَعْدَهُ، فَإِذَا هُمْ بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَاحِبُنَا كَانَ تَحَدَّثَ مَعَنَا، فَخَرَجَ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَإِذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "بِمَنْ تَظُنُّونَ، أَوْ مَنْ تَرَوْنَ، قَتَلَهُ" قَالُوا: نَرَى أَنَّ اليَهُودَ قَتَلَتْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى اليَهُودِ فَدَعَاهُمْ، فَقَال: "آنْتُمْ قَتَلْتُمْ هَذَا؟ " قَالُوا: لَا، قَال: "أَتَرْضَوْنَ نَفْلَ خَمْسِينَ مِنَ اليَهُودِ مَا قَتَلُوهُ" فَقَالُوا: مَا يُبَالُونَ أَنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعِينَ، ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ، قَال: "أَفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ" قَالُوا: مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ، فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ، قُلْتُ: وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لَهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ اليَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ، فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ، فَأَخَذُوا اليَمَانِيَّ فَرَفَعُوهُ إِلَى عُمَرَ بِالْمَوْسِمِ، وَقَالُوا: قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقَال: إِنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ، فَقَال: يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ، قَال: فَأَقْسَمَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنَ الشَّأْمِ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ، فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ، فَدَفَعَهُ إِلَى أَخِي المَقْتُولِ، فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ، قَالُوا: فَانْطَلَقَا وَالخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ، أَخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي الجَبَلِ، فَانْهَجَمَ الغَارُ عَلَى الخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا، وَأَفْلَتَ القَرِينَانِ، وَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِي المَقْتُولِ، فَعَاشَ حَوْلًا ثُمَّ مَاتَ، قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَقَادَ رَجُلًا بِالقَسَامَةِ، ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ مَا صَنَعَ، فَأَمَرَ بِالخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا، فَمُحُوا مِنَ الدِّيوَانِ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّأْمِ. [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 12/ 230] (أبرز سريره) أي: الذي جرت عادة الخلفاء بالجلوس عليه. (ونصبني للناس) أي: أبرزني؛ لمناظرتهم. (رجل قتل بجريرة نفسه) بالبناء للفاعل؛ أي: بالذنب والخيانة؛ أي: ملتبسًا بما يجره لنفسه منهما أي: قتل غيره ظلمًا. (فقتل) بالبناء للمفعول؛ أي: قصاصًا. (في السرق) بفتحتين جمع سارق أو مصدر. (وسمر) بالتخفيف أي: كُحل.

(هذا الشَّيخ) أي: أبو قلابة. (يتشحط) بمعجمة فمهملتين: أي: يضطرب. (قالوا: نرى) بضم النون: أي: نظن. (قتلته) في نسخة: "قتله" بحذف التاء. (نفل خمسين) بفتح الفاء وسكونها والإضافة؛ أي: حلف خمسين يمينًا، وأصل النفل: الحلف والنفي يقال: نفلت الرجل فنفل؛ أي: حلفته فحلف ونفلت الرجل عن نسبه؛ أي: نفيته عنه، وسميت اليمين في القسامة نفلًا؛ لأنَّ القصاص ينفى بها. (ثم ينتفلون) أي: يحلفون (بأيمان خمسين) بالإضافة، والأصل في الدعاوى أن اليمين على المدعى عليه وخولف في ذلك في ذلك القسامة فهي على المدعي؛ لتعذر إقامة البينة على القتل فيها غالبًا. (فوداه من عنده) روي: أنه وداه من إبل الصدقة (¬1)، وجمع بينهما باحتمال أن يكون اشتراها من إبل الصدقة بمال دفعه من عنده. (خلعوا خليعًا له في الجاهلية) بخاء معجمة فيهما وكسر اللام في الثاني، فعيلًا بمعنى: مفعول يقال: تخالع القوم إذا نقضوا الحلف بينهم، وفي نسخة: بحاء مهملة، وفاء بدل العين، وقد كانت العرب يتعاهدون على النصرة، وأن يؤخذ كل منهم بالآخر، فإذا أرادوا أن يبرأوا من الذي حالفوه أظهروا ذلك للناس وسموا ذلك الفعل خلعًا، والمبرأ منه خليعًا فلا يؤخذون بجنايته، ولا يؤخذ بجنايتهم فكأنهم قد خلعوا اليمين التي كانت قد التمسوها معه. (فطرق) بالبناء للمفعول. (أهل بيت) أي: هجم عليهم، وعبر ببيت إشارة إلى أن الهجوم كان ليلًا، أخذًا له من بات يفعل كذا إذا فعله ليلًا. (بنخلة) هو موضع على ليلة من مكّة (¬2). (أخذتهم السماء) أي: ¬

_ (¬1) سبق برقم (6802) كتاب: الحدود، باب: المحاربين من أهل الكفر والردة. (¬2) انظر: "معجم البلدان" 5/ 277.

23 - باب من اطلع في بيت قوم ففقئوا عينه، فلا دية له

المطر. (فانهجم) أي: انهدم. (وأفلت) بالبناء للمفعول. (القرينان) هما: أخوا المقتول، والرجل الذي جعلوه مكان الرجل الشامي. (قلت) مقول أبي قلابة. (من الديوان) بفتح الدال وكسرها: الدفتر الذي يثبت فيه أسماء الجيش. (وسيرهم) أي: نفاهم. 23 - باب مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ، فَلَا دِيَةَ لَهُ (باب: من اطلع في بيت قوم ففقؤا عينه فلا دية له) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6900 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ حُجْرٍ فِي بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ، أَوْ بِمَشَاقِصَ، وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعُنَهُ". [انظر: 6242 - مسلم: 2157 - فتح 12/ 243] (أبواليمان) هو الحكم بن نافع. (أن رجلًا) قيل: هو الحكم بن أبي العاص بن أميَّة. (يختله) أي: يأتيه من حيث لا يراه. (ليطعنه) بضم العين وفتحها. 6901 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْتَظِرُنِي، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنَيْكَ". قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ قِبَلِ البَصَرِ". [انظر: 5924 - مسلم: 2156 - فتح 12/ 243] (في جحر في باب رسول الله) في نسخة: "من جحر من باب رسول الله"، و"الجحر" بضم الجيم: الشق. (من قبل البصر) في نسخة: "من قبل النظر". ومرَّ الحديث في الاستئذان (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6241) كتاب: الاستئذان، باب: الاستئذان من أهل البصر.

24 - باب العاقلة

6902 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ". [انظر 6888 - مسلم: 2158 - فتح 12/ 243] (سفيان) أي: ابن عيينة. (فحذفته) بمعجمتين أي: رميته. ومرَّ الحديث في بدء السلام. 24 - باب العَاقِلَةِ. (باب: العاقلة) أي: بيان حكمها وهي عصبة الجاني من حواشيه، سموا عاقلة؛ لعقلهم الإبل بفناء دار المستحق، ويقال: لتحملهم عن الجاني العقل؛ أي: الدية، ويقال: لمنعهم عنه والعقل: المنع ومنه سمي العقل عقلا؛ لمنعه من الفواحش. 6903 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، قَال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ، قَال: سَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي القُرْآنِ؟ وَقَال مَرَّةً: مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ؟ فَقَال: "وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، مَا عِنْدَنَا إلا مَا فِي القُرْآنِ، إلا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ، وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ" قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَال: "العَقْلُ، وَفِكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ". [انظر: 111 مسلم:. 1370 - فتح 12/ 246] (مطرف) أي: ابن طريف الكوفيِّ. (إلَّا فهمًا) الاستثناء منقطع؛ أي: لكن الفهم عندنا، أو حرف العطف مقدر؛ أي: وإلا فهمًا. (يعطي رجل) بالبناء للمفعول (في كتابه) أي: كتاب الله تعالى. (قال: العقل) أي: الدية، وممّا ديرها، وأصنافها. ومرَّ الحديث في باب: كتابة العلم (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (111) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم.

25 - باب جنين المرأة

25 - بَابُ جَنِينِ المَرْأَةِ (باب: جنين المرأة) أي: بيان حكمه. 6904 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ، رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِغُرَّةٍ، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ". [انظر: 5758 - مسلم: 1681 - فتح 12/ 246] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أن امرأتين) هما أم عفيف بنت مسروح، والأخرى: مليكة بنت عريمر. (عبد أو أمة) بدل من غرة، وروي بالإضافة البيانية. 6905 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ فِي إِمْلاصِ المَرْأَةِ، فَقَال المُغِيرَةُ: "قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغُرَّةِ، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ". [69076، 6908 م، 7371 - مسلم: 1683 - فتح 12/ 247] (في إملاص المرأة) هو بكسر الهمزة: إلقاء المرأة جنينها ميتًا، وهو لغة: الإزلاق. 6906 - [فَقَال: ائتِ مَن يَشهَدُ مَعَكَ]. فَشَهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ. [6908، 7318 - مسلم: 1683 - فتح 12/ 247] (فشهد محمد) أي: ذكر. 6907 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ نَشَدَ النَّاسَ: مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي السِّقْطِ؟ فَقَال المُغِيرَةُ: أَنَا سَمِعْتُهُ "قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ". [انظر: 6905 - مسلم: 1683 - فتح 12/ 247] عن هشام أي: ابن عروة. (في السقط) في نسخة: "فيه".

26 - باب جنين المرأة، وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد، لا على الولد

6908 - قَال: ائْتِ مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ عَلَى هَذَا. فَقَال مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا. [انظر: 6906 - مسلم: 1683 - فتح 12/ 247] 6908 - م- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ المُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ فِي إِمْلاصِ المَرْأَةِ، مِثْلَهُ. [انظر: 6905 - مسلم: 1683 - فتح 12/ 247] (محمد بن سابق) هو شيخ البُخاريّ، روي عنه بواسطة (زائدة) أي: ابن قدامة. (مثله) أي: مثل ما رواه وهيب. 26 - بَابُ جَنِينِ المَرْأَةِ، وَأَنَّ العَقْلَ عَلَى الوَالِدِ وَعَصَبَةِ الوَالِدِ، لَا عَلَى الوَلَدِ (باب: جنين المرأة وأن العقل) أي: الدية. (على الوالد) أي: والد الجاني. (وعصبة الوالد لا على الولد) وإن كان مع العصبة، وقوله: أن العقل على الوالد خلاف مذهب الشافعي، ومن ثَمَّ لم يذكر في حديثي الباب. 6909 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَضَى فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لَحْيَانَ بِغُرَّةٍ، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إِنَّ المَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ العَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا". [انظر: 5758 - مسلم: 1681 - فتح 12/ 252] 6910 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا

27 - باب من استعان عبدا أو صبيا

إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ، عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى أَنَّ دِيَةَ المَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا". [انظر: 5758 - مسلم: 1681 - فتح 12/ 252] (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي. 27 - بَابُ مَنِ اسْتَعَانَ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا وَيُذْكَرُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، بَعَثَتْ إِلَى مُعَلِّمِ الكُتَّابِ: "ابْعَثْ إِلَيَّ غِلْمَانًا يَنْفُشُونَ صُوفًا، وَلَا تَبْعَثْ إِلَيَّ حُرًّا". (باب: من استعان) في نسخة: "استعار" بالراء. (عبدًا أو صبيًّا) جواب (من) محذوف؛ أي: فهو جائز، ونصب العبد والصبي على النسخة الأولى بنزع الخافض. (ولا تبعث إلي حرًّا) أي: لأنَّ العادة لم تجر غالبًا بالرضا باستخدام الأحرار بخلاف العبيد. 6911 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَنَسًا غُلامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ، قَال: "فَخَدَمْتُهُ فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَوَاللَّهِ مَا قَال لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا؟ [انظر: 2768 - مسلم: 2309 - فتح 12/ 253] (حدثني عمرو) في نسخة: "حدَّثنا عمرو". (عن عبد العزيز) أي: ابن صهيب. (كيس) أي: عاقل. ووجه مطابقة الحديث للترجمة: من جهة أن الخدمة مستلزمة للاستعانة غالبًا. ومرَّ الحديث في الوصايا والمغازي (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2768) كتاب: الوصايا، باب: استخدام التَّيمم في السفر والحضر.

28 - باب: المعدن جبار والبئر جبار

28 - بَابٌ: المَعْدِنُ جُبَارٌ وَالبِئْرُ جُبَارٌ 6912 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "العَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ، وَالمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ". [انظر: 1499 - مسلم: 1710 - فتح 12/ 254] (باب: المعدن جبار والبئر جبار) أي: التالف بكل منهما هدر. ومرَّ حديث الباب في الزكاة (¬1). 29 - بَابٌ: العَجْمَاءُ جُبَارٌ وَقَال ابْنُ سِيرِينَ: "كَانُوا لَا يُضَمِّنُونَ مِنَ النَّفْحَةِ، وَيُضَمِّنُونَ مِنْ رَدِّ العِنَانِ" وَقَال حَمَّادٌ: "لَا تُضْمَنُ النَّفْحَةُ إلا أَنْ يَنْخُسَ إِنْسَانٌ الدَّابَّةَ" وَقَال شُرَيْحٌ: "لَا تُضْمَنُ مَا عَاقَبَتْ، أَنْ يَضْرِبَهَا فَتَضْرِبَ بِرِجْلِهَا" وَقَال الحَكَمُ، وَحَمَّادٌ: "إِذَا سَاقَ المُكَارِي حِمَارًا عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَتَخِرُّ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ" وَقَال الشَّعْبِيُّ: "إِذَا سَاقَ دَابَّةً فَأَتْعَبَهَا، فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ، وَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلًا لَمْ يَضْمَنْ". (باب: العجماء) أي: الدابة، سميت بذلك؛ لأنَّها لا تتكلم. (جبار) أي: التالف بها هدر عند عدم تقصير مالكها. (من النفخة) بفتح النون، وسكون الفاء بعدها مهملة؛ أي: الضربة الصادرة من الدابة برجلها. (من رد العنان) بكسر العين، وتخفيف النون: ما يوضع في فم الدابة، ليصرفها الراكب لما يريد. (إلَّا أن ينخس إنسان الدابة) بتثليث الخاء أي: يغزَّ مؤخرها، أو جنبها بعود أو نحوه فالضمان على الناخس، وإن كان هو الراكب. (لا ¬

_ (¬1) سبق برقم (1499) كتاب: الزكاة، باب: في الركاز الخمس.

30 - باب إثم من قتل ذميا بغير جرم

يضمن) بالبناء للمفعول. (ما عاقبت) أي: الدابة. إلَّا (أن يضربها فتضرب برجلها) المعنى: لا يضمن السائق والراكب ما أتلفه الدابة، إلَّا أن يعاقب ضاربها بأن يضربه بسبب ضربه لها فيضمن الضارب، وفي نسخة: حذف (إلا) وفي أخذ المراد منها تعسف. (الحكم) أي: ابن عتيبة. (حماد) أي: ابن أبي سليمان. (فتخر) أي: تسقط. (مترسلًا) أي: متسهلًا في السير. 6913 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "العَجْمَاءُ عَقْلُهَا جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ، وَالمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ". [انظر: 1499 - مسلم: 1710 - فتح 12/ 256] (مسلم) أي: ابن إبراهيم الأزدي. (عقلها) أي: ديتها. (والبئر) أي: الجائز حفرها. 30 - بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جُرْمٍ (باب: إثم من قتل ذميًّا بغير جرم) بضم الجيم، أي: بغير حق. 6914 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا". [انظر: 3166 - فتح 12/ 259] (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (الحسن) أي: ابن عمرو الفقيمي. (لم يرح) بفتح الراء وكسرها؛ أي: لم يشم. (يوجد) في نسخة: "ليوجد". من مسيرة أربعين عامًا، قد روي من مسيرة سبعين خريفًا (¬1)، ¬

_ (¬1) رواه التِّرمذيُّ (1403) كتاب: الديات، باب: ما جاء فيمن يقتل نفسًا معاهدة، وأبو يعلى 11/ 335 (6452)، والبيهقي 9/ 205 كتاب: الجزية، باب: لا يأخذ المسلمون من ثمار أهل الذمة، ولا أموالهم. وقال أبو عيسى: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في "صحيح التِّرمذيِّ".

31 - باب: لا يقتل المسلم بالكافر

ومن مسيرة عام (¬1)، ومن مسيرة خمسمائة عام (¬2)، ومن مسيرة ألف عام، وجمع بينهما بأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص وتتفاوت منازلهم ودرجاتهم، وباحتمال أن لا يكون العدد مقصودًا بل المقصود: المبالغة في التكثير. 31 - بَابٌ: لَا يُقْتَلُ المُسْلِمُ بِالكَافِرِ (باب: لا يقتل المسلم بالكافر) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6915 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، أَنَّ عَامِرًا، حَدَّثَهُمْ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَال: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: ح حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يُحَدِّثُ قَال: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ، قَال: سَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي القُرْآنِ؟، وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ مَرَّةً: مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ؟ فَقَال: "وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إلا مَا فِي القُرْآنِ إلا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ، وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ" قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَال: "العَقْلُ، وَفِكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ". [انظر: 111 مسلم:. 1370 - فتح 12/ 260] (زهير) أي: ابن معاوية الكوفيِّ. (أن عامرًا) أي: ابن شراحيل الشعبي. (عن أبي جحيفة) هو وهب بن عبد الله السوائي. ومرَّ حديث الباب في العلم والعاقلة (¬3). ¬

_ (¬1) رواه أحمد 5/ 51، وابن حبان 16/ 391 (7382) كتاب: إخباره (عن مناقب الصحابة، باب: وصف الجنة وأهلها. والبيهقي 8/ 133 كتاب: القسامة، باب: لا يرث القاتل. (¬2) رواه أحمد 5/ 50، والطبراني في "الأوسط" 1/ 137 (431) وقال لم يرو هذا الحديث عن شبيب بن شيبة إلَّا محمد بن سعيد القرشي. (¬3) سبق برقم (111) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم، وبرقم (6903) كتاب: الديات، باب: العاقلة.

32 - باب إذا لطم المسلم يهوديا عند الغضب

32 - بَابُ إِذَا لَطَمَ المُسْلِمُ يَهُودِيًّا عِنْدَ الغَضَبِ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2411] (باب: إذا ظلم المسلم يهوديًّا عند الغضب) جواب (إذا) محذوف؛ أي: لا قصاص عليه لظاهر الحديث. 6916 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ". [انظر: 2412 - مسلم: 2374 - فتح 12/ 263] (سفيان) أي: الثوري. (لا تخيروا بين الأنبياء) في الرواية الثَّانية: "لا تخيروني من بين الأنبياء" (¬1) أي: تخييرًا يوجب نقصًا، أو قال ذلك تواضعًا، أو قبل علمه بأنه أفضل. ابن عيينة. (أم جزى) في نسخة: "أم جوزي" بواو قبل الزاي. ومرَّ الحديث في الخصومات (¬2). 6917 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ لَطَمَ فِي وَجْهِي، قَال: "ادْعُوهُ". فَدَعَوْهُ، قَال: "لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِاليَهُودِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى البَشَرِ، قَال: قُلْتُ: وَعَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ، قَال: "لَا تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي، أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ". [انظر: 2412 - مسلم: 2374 - فتح 12/ 263] ¬

_ (¬1) سبقت برقم (4638) كتاب: التفسير، باب: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا}. (¬2) سبق برقم (2412) كتاب: الخصومات، باب: ما يذكر في الإشخاص، والملازمة.

88 - كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم

88 - كِتَابُ اسْتِتَابَةِ المُرْتَدِّينَ وَالمُعَانِدِينَ وَقِتَالِهِمْ

1 - [باب] إثم من أشرك بالله، وعقوبته في الدنيا والآخرة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 88 - كِتَابُ اسْتِتَابَةِ المُرْتَدِّينَ وَالمُعَانِدِينَ وَقِتَالِهِمْ 1 - [باب] إِثْمِ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ، وَعُقُوبَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ قَال اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]. (سفيان). (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). (كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم وإثم من أشرك بالله، وعقوبته في الدنيا والآخرة) في نسخة: "كتاب المرتدين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ باب: استتابة المرتدين) إلى آخره. 6918 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلا تَسْمَعُونَ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ: {إِنَّ الشِّرْكَ} [لقمان: 13] لَظُلْمٌ عَظِيمٌ". [انظر: 32 - مسلم: 124 - فتح 12/ 264] جرير) أي: ابن عبد الحميد الرازي. ({وَلَمْ يَلْبِسُوا}) أي: ولم يخلطوا. (إنه ليس بذلك) أي: بالظلم مطلقًا، بل المراد به: ظلم عظيم بدليل التنوين: وهو الشرك. ومرَّ الحديث في الإيمان (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (32) كتاب: الإيمان، باب: ظلم دون ظلم.

6919 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ، ح وحَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الجُرَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ - ثَلاثًا - أَوْ: قَوْلُ الزُّورِ " فَمَا زَال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. [انظر: 2654 - مسلم: 87 - فتح 12/ 264] (الجريري) هو جرير بن عبادة. (حتَّى قلنا: ليته سكت) قيل: كيف تمنوا سكوته وكلامه لا يمل؟ وأجيب: بأنهم إنما أرادوا استراحته، وقوله: (أكبر الكبائر الإشراك بالله) إلى آخره لا ينافي قوله: "القتل من أكبر الكبائر" (¬1) ونحوه؛ لأنَّ كلًّا منهما ورد في مكان يناسب حال الحاضرين. 6920 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الكَبَائِرُ؟ قَال: "الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ" قَال: ثُمَّ مَاذَا؟ قَال: "ثُمَّ عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ" قَال: ثُمَّ مَاذَا؟ قَال: "اليَمِينُ الغَمُوسُ" قُلْتُ: وَمَا اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قَال: "الَّذِي يَقْتَطِعُ مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ". [انظر: 6675 - فتح 12/ 264] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. (عن فراس) أي: ابن يَحْيَى. ومرَّ حديثه في الديات (¬2). 6921 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (6871) كتاب: الديات، باب: قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} بلفظ: "أكبر الكبائر: الإشراك بالله وقتل النفس .. ". (¬2) سبق برقم (6870) كتاب: الديات، باب: قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا}.

2 - باب حكم المرتد والمرتدة

الجَاهِلِيَّةِ؟ قَال: "مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلامِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ". [مسلم: 120 - فتح 12/ 265] (سفيان) أي: الثوري. ومرَّ حديثه في الإيمان (¬1). 2 - بَابُ حُكْمِ المُرْتَدِّ وَالمُرْتَدَّةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ: «تُقْتَلُ المُرْتَدَّةُ» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ} [آل عمران: 86 - 90]. وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عمران: 100] وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} [النساء: 137] وَقَالَ: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ} [المائدة: 54] وَقَالَ: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى ¬

_ (¬1) سبق برقم (41) كتاب: الإيمان، باب: حسن إسلام المرء.

قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ لَا جَرَمَ} [النحل: 106]- يَقُولُ: حَقًّا - {أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الخَاسِرُونَ} [النحل: 109]- إِلَى - {لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 165] {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217]. (باب: حكم المرتد والمرتدة) أي: بيانه. (واستتابتهم) أي: المرتد والمرتدة، جرى في جمعهما على القول بأن أقل الجمع اثنان، وهو مقدم في نسخة على ما قبله وهو أنسب. (وقول الله تعالى: ({كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا}) إلَّا آخره نزلت في رهط أسلموا ثم ارتدوا ولحقوا بمكة. وسقط من نسخة قوله: ({وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}) إلى آخره يزيد فيها قبله "إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} ". ({أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}) ضمن (أذلة) معنى العطف، فعَّداه بعلى؛ أي: عاطفين عليهم على وجه التذلل والتواضع. ({أَعِزَّةٍ}) أي: أشداء (ولكن) في نسخة قبله: "وقال" أي: الله: (يقول) أي: يعني: (حقًّا أنهم) إلى آخره. 6922 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَال: أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَال: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ، لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ" وَلَقَتَلْتُهُمْ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ". [انظر: 3017 - فتح 12/ 267] (بزنادقة) بفتح الزاي جمع زنديق بكسرها: وهو المبطن للكفر المظهر للإسلام. (من بدل دينه فاقتلوه) شامل للرجل والمرأة وهو ما عليه الجمهور، خلافًا لمن قال: أن المرتدة لا تقتل للنهي عن قتل النساء، وأجيب: بأن ابن عباس راوي الحديث قد قال: تقتل المرتدة،

بل في حديث معاذ بسند حسن كما قال شيخنا و: "أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه فإن عاد وإلَّا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها فإن عادت وإلا فاضرب عنقها" (¬1) وهو صريح في ذلك. 6923 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعِي رَجُلانِ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِي، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ، فَكِلاهُمَا سَأَلَ، فَقَال: "يَا أَبَا مُوسَى، أَوْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ " قَال: قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ العَمَلَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ، فَقَال: "لَنْ، أَوْ: لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى، أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، إِلَى اليَمَنِ " ثُمَّ اتَّبَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَلْقَى لَهُ وسَادَةً، قَال: انْزِلْ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قَال: مَا هَذَا؟ قَال: كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، قَال: اجْلِسْ، قَال: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرَا قِيَامَ اللَّيْلِ، فَقَال أَحَدُهُمَا: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي. [انظر: 2261 - مسلم: 1733 - فتح 12/ 268] (يَحْيَى) أي: ابن سعيد القطان. (حتَّى يقتل) بالبناء للمفعول. (قضاء الله ورسوله) بالرفع خبر مبتدإِ محذوف، ويجوز النصب بنزع الخافض؛ أي: بقضاء الله ورسوله: ومرَّ الحديث في الإجارة (¬2). ¬

_ (¬1) "الفتح" 12/ 272 وحديث معاذ: رواه الطّبرانيّ 20/ 53 - 54، وفي مسند الشاميين 4/ 372 (3586) وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 263 (10583) وقال: رواه الطّبرانيّ، وفيه: راو لم يسم، قال مكحول: عن ابن أبي طلحة اليعمري، وبقية رجاله ثقات. (¬2) سبق برقم (2261) كتاب: الإجارة، باب: استئجار الرجل الصالح.

3 - باب قتل من أبى قبول الفرائض، وما نسبوا إلى الردة

3 - بَابُ قَتْلِ مَنْ أَبَى قَبُولَ الفَرَائِضِ، وَمَا نُسِبُوا إِلَى الرِّدَّةِ (باب قتل من أبي قبول الفرائض، وما نسبوا إلى الردة) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6924 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، قَال عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَمَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالهُ وَنَفْسَهُ إلا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ؟! ". [انظر: 1399 - مسلم: 20 - فتح 12/ 275] 6925 - قَال أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَال عُمَرُ: "فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إلا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ". [انظر: 1400 - مسلم: 20 - فتح 12/ 275] (ما هو إلَّا أن) إلى آخره المستثنى منه محذوف؛ أي: ليس الأمر شيئًا، إلَّا علمي بأن أبا بكر محق. ومرَّ الحديث في الزكاة (¬1). 4 - بَابُ إِذَا عَرَّضَ الذِّمِّيُّ وَغَيْرُهُ بِسَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُصَرِّحْ، نَحْوَ قَوْلِهِ: السَّامُ عَلَيْكَ (باب: إذا عرض الذهبي أو غيره) أي: كالمعاهد. (بسب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: بتنقيصه، ولم يصرح تأكيدًا لفهمه من قوله: (عرض) (نحو قوله: السام عليك) في نسخة: "عليكم"، والسام: الموت كما مرَّ، قال شيخنا: واعترض بأن هذا اللفظ ليس فيه تعريض بالسب. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1400) كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة.

والجواب أنه أطلق التعريض على ما يخالف التصريح، ولم يرد بالتعريض المصطلح وهو أن يستعمل لفظًا في حقيقته يلوح به إلى معنى آخر يقصده (¬1)، انتهى. وجواب (إذا) محذوف؛ أي: لم يقتل، وإنما يقتل إذا صرح بالسب؛ ولهذا لم يقتل النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - من قال له: السام عليك (¬2). لعدم التصريح بذلك، أولمصلحة التأليف إذ ذاك. 6926 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: مَرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَعَلَيْكَ" فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ؟ قَال: السَّامُ عَلَيْكَ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا نَقْتُلُهُ؟ قَال: "لَا، إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكِتَابِ، فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ". [انظر: 6258 - مسلم: 2163 - فتح 12/ 280] (ما يقول) في نسخة: "ماذا يقول". 6927 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَال: "يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ" قُلْتُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَال: "قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ". [انظر: 2935 - مسلم: 2165 - فتح 12/ 280] (قلت: وعليكم) أي: وعليكم السام؛ أي: الموت أيضًا؛ أي: نحن وأنتم فيه سواء، أو الواو للاستئناف لا للعطف؛ أي: وعليكم ما تستحقونه من الذم. ومرَّ الحديث في باب: الرفق في الأمر كله (¬3). ¬

_ (¬1) "الفتح" 12/ 281. (¬2) سبق برقم (2935) كتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء على المشركين. (¬3) سبق برقم (6024) كتاب: الأدب، باب: الرفق في الأمر كله.

5 - باب

6928 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اليَهُودَ إِذَا سَلَّمُوا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنَّمَا يَقُولُونَ: سَامٌ عَلَيْكَ، فَقُلْ: عَلَيْكَ". [انظر: 6257 - مسلم: 2164 - فتح 12/ 280] (عن سفيان) أي: ابن عيينة. (فقل) المناسب أن يقول: فليقل بأمر الغائب، ولكن أتى به بصيغة الخطاب؛ مراعاة لعموم الخطاب في (أحدكم) لكل أحد. 5 - باب. (باب) بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه بل حذفه ابن بطال. 6929 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، فَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: "رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ". [انظر: 3477 - مسلم: 1792 - فتح 12/ 282] (عبد الله) أي: ابن مسعود. (يحكي نبيًّا) قيل: هو نوح. (اللهم اغفر لقومي) قد يقال: كيف دعا لهم مع قوله: {وَقَال نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26)} [نوح: 26] ويجاب: بأنه دعا لهم فيما يتعلق به، لا فيما يتعلق بالدين، أو في وقت كان يرجو فيه إسلامهم، وذاك في وقت يئس فيه منه. 6 - بَابُ قَتْلِ الخَوَارِجِ وَالمُلْحِدِينَ بَعْدَ إِقَامَةِ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115] وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ، وَقَال: "إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الكُفَّارِ، فَجَعَلُوهَا عَلَى المُؤْمِنِينَ".

(باب: قتل الخوارج) أي: الذين خرجوا عن الدين، وعلى عليّ أبي طالب في قصته مع معاوية. (والملحدين) أي: المائلين عن الحق إلى الباطل. (بعد إقامة الحجة عليهم) بإظهار بطلان دلائلهم. (وقول الله تعالى) عطف على قتل الخوارج. ({حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}) أي: ما أمر الله باتقائه واجتنابه. (يراهم) أي: الخوارج. 6930 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ: قَال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا، فَوَاللَّهِ لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الحَرْبَ خِدْعَةٌ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، لَا يُجَاوزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ". [انظر: 3611 - مسلم: 1066 - فتح: 12/ 283] (خيثمة) أي: ابن عبد الرحمن بن أبي ميسرة. (وإذا حدثتكم في ما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة) بتثليث الخاء أي: فيجوز فيه التورية والكناية والتعريض بخلاف الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم -. (في آخر الزمان) أي: آخر زمان خلافة النبوة، كما قاله شيخنا (¬1). (أحداث الأسنان) أي: شبان صغار، وفي نسخة: "حداث الأسنان". (سفهاء الأحلام) أي: عقولهم رديئة. (يقولون) أي: يحدثون. (من خير قول البرية) أي: النَّاس. وفيه قلب؛ أي: من قول خير البرية إن أريد بالخير النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فإن أريد به القرآن فلا قلب. ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 12/ 287.

(لا يجاوز) في نسخة: "لا يجوز". (حناجرهم) جمع حنجرة: وهي الحلقوم، أي: يؤمنون بالنطق لا بالقلب. ومرَّ الحديث في علامات النبوة، وفضائل القرآن (¬1). 6931 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَال: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، فَسَأَلاهُ عَنْ الحَرُورِيَّةِ: أَسَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: لَا أَدْرِي مَا الحَرُورِيَّةُ؟ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ - وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا - قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاتَكُمْ مَعَ صَلاتِهِمْ، يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوزُ حُلُوقَهُمْ، - أَوْ حَنَاجِرَهُمْ - يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى سَهْمِهِ، إِلَى نَصْلِهِ، إِلَى رِصَافِهِ، فَيَتَمَارَى فِي الفُوقَةِ، هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنَ الدَّمِ شَيْءٌ؟. [انظر: 3344 - مسلم: 1064 - فتح 12/ 283] (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثَّقفيُّ. (عن الحرورية) نسبة إلى حروراء قرية بالكوفة. (أسمعت النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: يذكرهم. (في هذه الأمة) أي: منها كما عبَّر في مسلم (¬2) (ولم يقل منها) أراد به ضبط الرواية، فلا ينافي من حيث المعنى جعل (في) بمعنى: من (إلى رصافه) بكسر الراء: هو العصب الذي يلوى فوق مدخل الفصل. (فيتمارى) أي: يشكُّ (في الفوقة) بضم الفاء: موضع الوتر من السهم. ومرَّ الحديث والذي بعده في علامات النبوة والأدب وغيرهما (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3611) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام. وبرقم (5057) كتاب: فضائل القرآن، باب: إثم من راءى بقراءة القرآن. (¬2) رواه مسلم برقم (1064) كتاب: الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم. (¬3) سبق برقم (6163) كتاب: الأدب، باب: ما جاء في قول الرجل: ويلك وبرقم (3610) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

7 - باب من ترك قتال الخوارج للتألف، وأن لا ينفر الناس عنه

6932 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي عُمَرُ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَذَكَرَ الحَرُورِيَّةَ، فَقَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ". [فتح 12/ 283] (ابن وهب) هو: عبد الله. (عمر) أي: ابن محمد. 7 - بَابُ مَنْ تَرَكَ قِتَال الخَوَارِجِ لِلتَّأَلُّفِ، وَأَنْ لَا يَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُ (باب: من ترك قتال) في نسخة: "باب: ترك قتال". (الخوارج للتآلف). (وأن لا ينفر) في نسخة: "ولئلا ينفر" (النَّاس عنه) أي: عن التارك والعطف للتفسير. 6933 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَال: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ، جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِي الخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ، فَقَال: اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَال: "وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ" قَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَال: "دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ فِي قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ، أَوْقَال: ثَدْيَيْهِ، مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ، أَوْقَال: مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ " قَال أَبُو سَعِيدٍ: أَشْهَدُ سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا، قَتَلَهُمْ، وَأَنَا مَعَهُ، جِيءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَنَزَلَتْ فِيهِ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58]. [انظر: 3344 - مسلم: 1064 - فتح 12/ 290] 6934 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو، قَال: قُلْتُ لِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فِي الخَوَارِجِ شَيْئًا؟ قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ، وَأَهْوَى بِيَدِهِ قِبَلَ العِرَاقِ: "يَخْرُجُ مِنْهُ قَوْمٌ

8 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان، دعوتهما واحدة"

يَقْرَءُونَ القُرْآنَ، لَا يُجَاوزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ". [مسلم: 1068 - فتح 12/ 290] (هشام) أي: ابن يوسف. (معمر) أي: ابن راشد. (قذذه) أي: ريشه. (نضيه) أي: عوده. (آيتهم) أي: علامتهم. (تدردر) بحذف إحدى التاءين: أي: تتدردر؛ أي: تتحرك. (على حين) في نسخة: "على خير". قيل: ولا مطابقة بين الحديث والترجمة؛ لأنَّ فيه القتل وفيها ترك القتال، ويجاب بأنه لا منافاة بينهما وقد يجتمعان. ومرَّ الحديث في علامات النبوة (¬1). 8 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ" (باب: قول النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -: لا تقوم الساعة حتَّى تقتتل فئتان دعوتهما واحدة) في نسخة: "دعواهما واحدة" وهي: أن يدعي كل منهما أنه على الحق، وصاحبه على الباطل بحسب اجتهادهما. 6935 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ، دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ". [انظر: 85 - مسلم: 157 - فتح 12/ 302] (عليّ) أي: ابن المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (أبو الزناد) هو عبد الله بن ذكوان. 9 - ببَابُ مَا جَاءَ فِي المُتَأَوِّلِينَ (باب: ما جاء في المتأولين) أي: بيان ما جاء من الأخبار في ¬

_ (¬1) سبق برقم (3610) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

حق المتأولين، ولا خلاف أم المتأول معذور بتأويله إن كان تأويله سائغًا. ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعنف عمر على فعله، كما سيأتي (¬1). 6936 - قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ القَارِيَّ، أَخْبَرَاهُ: أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ، فَكِدْتُ أُسَاورُهُ فِي الصَّلاةِ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ أَوْ بِرِدَائِي، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ؟ قَال: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ، فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَؤُهَا، فَانْطَلَقْتُ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الفُرْقَانِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ" فَقَرَأَ عَلَيْهِ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَؤُهَا، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَكَذَا أُنْزِلَتْ" ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ يَا عُمَرُ" فَقَرَأْتُ، فَقَال: "هَكَذَا أُنْزِلَتْ" ثُمَّ قَال: "إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ". [انظر: 2419 - مسلم: 818 - فتح 12/ 303] (يونس) أي: ابن يزيد. (القاري) بتشديد الياء. (أساوره) أي: أواثبه وأحمل عليه. ومرَّ الحديث في كتاب الإشخاص (¬2). ومطابقته للترجمة: من حيث أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يؤاخذ عمر بتكذيبه لهشام، ولا بكونه لببه بردائه. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (7550) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}. (¬2) سبق برقم (2419) كتاب: الخصومات، باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض.

6937 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} [الأنعام: 82] إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَال لُقْمَانُ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ} [لقمان: 13] لَظُلْمٌ عَظِيمٌ". [انظر: 32 - مسلم: 124 - فتح 12/ 303] (يَحْيَى) أي: ابن موسى. ومرَّ حديثه في أول كتاب: استتابة المرتدين (¬1). 6938 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَال: سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: غَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَجُلٌ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟ فَقَال رَجُلٌ مِنَّا: ذَلِكَ مُنَافِقٌ، لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تَقُولُوهُ: يَقُولُ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ " قَال: بَلَى، قَال: "فَإِنَّهُ لَا يُوَافَى عَبْدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِهِ، إلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ". [انظر: 424 - مسلم: 33 - فتح 12/ 303] (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (ألا تقولوه) بحذف النون على لغة، وفي نسخة: "ألا تقولونه" بإثباتها، وفي أخرى: "لا تقولوه" بحذف الهمزة وهي الأوجه، والقول هنا بمعنى الظن. (به) أي: بالتوحيد. 6939 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ فُلَانٍ، قَال: تَنَازَعَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحِبَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، فَقَال أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لِحِبَّانَ: لَقَدْ عَلِمْتُ مَا الَّذِي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ، يَعْنِي عَلِيًّا، قَال: مَا هُوَ لَا أَبَا لَكَ؟ قَال: شَيْءٌ سَمِعْتُهُ يَقُولُهُ، قَال: مَا هُوَ؟ قَال: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالزُّبَيْرَ وَأَبَا مَرْثَدٍ ¬

_ (¬1) سبق برقم (6918) كتاب: استتابة المرتدين، باب: إثم من أشرك بالله.

وَكُلُّنَا فَارِسٌ، قَال: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ حَاجٍ - قَال أَبُو سَلَمَةَ: هَكَذَا قَال أَبُو عَوَانَةَ: حَاجٍ - فَإِنَّ فِيهَا امْرَأَةً مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى المُشْرِكِينَ، فَأْتُونِي بِهَا " فَانْطَلَقْنَا عَلَى أَفْرَاسِنَا حَتَّى أَدْرَكْنَاهَا حَيْثُ قَال لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِمَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقُلْنَا: أَيْنَ الكِتَابُ الَّذِي مَعَكِ؟ قَالتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَأَنَخْنَا بِهَا بَعِيرَهَا، فَابْتَغَيْنَا فِي رَحْلِهَا فَمَا وَجَدْنَا شَيْئًا، فَقَال صَاحِبَايَ: مَا نَرَى مَعَهَا كِتَابًا، قَال: فَقُلْتُ: لَقَدْ عَلِمْنَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ حَلَفَ عَلِيٌّ: وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ، لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ، فَأَهْوَتِ إلى حُجْزَتِهَا، وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ، فَأَخْرَجَتِ الصَّحِيفَةَ، فَأَتَوْا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ، دَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا حَاطِبُ، مَا حَمَلكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ" قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي أَنْ لَا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ القَوْمِ يَدٌ يُدْفَعُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إلا لَهُ هُنَالِكَ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، قَال: "صَدَقَ، لَا تَقُولُوا لَهُ إلا خَيْرًا" قَال: فَعَادَ عُمَرُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ، دَعْنِي فَلِأَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَال: "أَوَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَمَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَقَال: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمُ الجَنَّةَ. فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ، فَقَال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. [انظر: 3007 - مسلم: 2494 - فتح 12/ 304] (أبو عوانة) أي: الوضاح. (عن حصين) بالتصغير أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (عن فلان) "هو سعد بن عبيدة" كما في نسخة. (لقد علمت الذي) في نسخة: "ما الذي". (جرأ) أي: أقدم. (لا أبا لك) شبهوه بالمضاف وإلا فالقياس: لا أب لك. (حاج) قيل: بحاء مهملة وجيم: موضع قريب من مكّة (¬1) والأصح كما قال البُخاريّ بعد ¬

_ (¬1) حاج: آخره جيم، ذات حاج: موضع بين المدينة والشام، وذو حاج: واد لغطفان. انظر: "معجم البلدان" 2/ 204.

في نسخة، والنووي بعد رده ذلك: أنه بخاءين معجمتين: موضع بين مكّة والمدينة بقرب المدينة (¬1). (إلى المشركين) أي: إلى أناس منهم: وهم سهيل بن عمرو العامري، وعكرمة بن أبي جهل المخزومي، وصفوان بن أميَّة الجمحي. (إلى حجزتها) أي: معقد إزارها (دعني فلأضرب) بالنصب، وهو في تأويل مصدر محذوف؛ أي: اتركني لأضرب عنقه فتركك لي من أجل الضرب، وبالرفع فتح اللام؛ أي: فوالله لأضرب، وبالجزم بزيادة الفاء على مذهب الأخفش واللام للأمر، ويجوز فتحها على لغة سليم، وتسكينها مع الفاء على لغة قريش، وأمر المتكلم نفسه باللام فصيح قليل الاستعمال ذكره ابن مالك في: "قوموا فلأصل لكم" (¬2) ذكر ذلك الكرماني (¬3). (فعاد عمر) أي: إلى كلامه الأول في حاطب. (فقد أوجبت لكم الجنة) المراد: الغفران لهم في الآخرة، وإلا فلو توجه على أحد منهم حد أو غيره أقيم عليه في الدنيا. (فاغرورقت عيناه) أي: عينا عمر، أي: امتلأتا بالدموع. (قال أبو عبد الله: خاخ) بمعجمتين أصح (ولكن قال أبو عوانة: حاج) بحاء وجيم، كما مرَّ. (وحاح بمهملتين تصحيف وهو موضع وهيثم) صوابه: "وهشيم" كما في نسخة. (يقول: خاخ) بمعجمتين. وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى هنا ساقط من نسخة. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 16/ 55. (¬2) سبق برقم (860) كتاب: الأذان، باب: وضوء الصبيان. (¬3) "البُخاريّ بشرح الكرماني" 24/ 59.

89 - كتاب الإكراه

89 - كِتَابُ الإِكْرَاهِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 89 - كِتَابُ الإِكْرَاهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106] وَقَال: {إلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]: "وَهِيَ تَقِيَّةٌ". وَقَال: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ} [النساء: 97]- إِلَى قَوْلِهِ - {عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43] وَقَال: {وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالولْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75]: "فَعَذَرَ اللَّهُ المُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ تَرْكِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالمُكْرَهُ لَا يَكُونُ إلا مُسْتَضْعَفًا، غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ" وَقَال الحَسَنُ: "التَّقِيَّةُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ، فِيمَنْ يُكْرِهُهُ اللُّصُوصُ فَيُطَلِّقُ: "لَيْسَ بِشَيْءٍ" وَبِهِ قَال ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَالشَّعْبِيُّ، وَالحَسَنُ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ". [انظر: 1] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب الإكراه) هو إلزام الغير بما لا يريده. ({إلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}). فيه جواز الكفر عند الإكراه بشرط الطمأنينة بالإيمان، ويجوز إن كان الأفضل الثبات على الإيمان، وإن أفضى إلى القتل. ({إلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}) أي: (تقية) كما أشار إليه بقوله. (وهي تقية) أي: حذر،

1 - باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر

والمعنى: إلَّا أن تخافوا على أنفسكم فلكم موالاتهم باللسان حذرًا من الهلاك، وهذا قبل عزة الإسلام، ويجري في بلد لا قوة له فيها. (التقية إلى يوم القيامة) أي: ثابتة إلى يومها، لا تختص بعهده - صلى الله عليه وسلم -. (ليس بشيء) أي: لا يقع طلاقه. 6940 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ أُسَامَةَ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاةِ: "اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَالوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ". [انظر: 804 - مسلم: 675 - فتح 12/ 311] (وطأتك) أي: عقوبتك. ومرَّ الحديث في سورة النساء والأدب وغيرهما (¬1). 1 - بَابُ مَنِ اخْتَارَ الضَّرْبَ وَالقَتْلَ وَالهَوَانَ عَلَى الكُفْرِ (باب: من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر) أي: على ارتكابه. 6941 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إلا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ". [انظر: 16 - مسلم: 43 - فتح 12/ 315] (ثلاث) أي: ثلاث خصال. ومرَّ الحديث في الإيمان (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4598) كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ}. وبرقم (6200) كتاب: الأدب، باب: تسمية الوليد. (¬2) سبق برقم (16) كتاب: الإيمان، باب: حلاوة الإيمان.

2 - باب في بيع المكره ونحوه، في الحق وغيره

6942 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعْتُ قَيْسًا، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ مُوثِقِي عَلَى الإِسْلامِ، وَلَوْ انْقَضَّ أُحُدٌ مِمَّا فَعَلْتُمْ بِعُثْمَانَ، كَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ". [انظر: 3862 - فتح 12/ 315] (عباد) بتشديد الموحدة؛ أي: ابن العوام الواسطيِّ. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (قيسًا) أي: ابن أبي حازم. (ولو انقض أحد) بالقاف؛ أي: الهدم. (كان محقوقًا) أي: جديرًا. 6943 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَال: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَال: "قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لَا يَخَافُ إلا اللَّهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ". [انظر: 3612 - فتح 12/ 315] (يَحْيَى) أي: القطان. (بالميشار) بكسر الميم وسكون التحيتة، وفي نسخة: بنون بدل الياء: الآلة التي ينشر بها الأخشاب. (ما دون لحمه وعظمه) أي: ما تحتهما أو عندهما. (هذا الأمر) أي: الإسلام. ومرَّ الحديث في علامات النبوة (¬1). 2 - بَابُ فِي بَيْعِ المُكْرَهِ وَنَحْوِهِ، فِي الحَقِّ وَغَيْرِهِ (باب: في بيع المكره ونحوه) كالمضطر. (في الحق) أي: المال. (وغيره) أو أراد بالحق الدين، وبغيره ما عداه من الأعيان التي تباع. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3612) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

3 - باب لا يجوز نكاح المكره

6944 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ" فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ المِدْرَاسِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَاهُمْ: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا" فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا القَاسِمِ، فَقَال: "ذَلِكَ أُرِيدُ" ثُمَّ قَالهَا الثَّانِيَةَ، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا القَاسِمِ، ثُمَّ قَال الثَّالِثَةَ، فَقَال: "اعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ". [انظر: 3167 - مسلم: 1765 - فتح 12/ 317] (بيت المدراس) بكسر الميم: موضع قراءتهم التوراة، فالإضافة بيانية كشجر آراك. (أن الأرض) في نسخة: "إنما الأرض". ومرَّ الحديث في الجزية (¬1). 3 - بَابُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ المُكْرَهِ {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33] (باب: لا يجوز نكاح المكره) أي: لا يحل ولا يصح. ({الْبِغَاءِ}) أي: الزنا، ({إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}) أي: تعففًا، والإكراه على البغاء إنما يتصور عند إرادة التعفف، فلا مفهوم للشرط. 6945 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ، ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ: أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ "فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحَهَا". [انظر: 5138 - فتح 12/ 318] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3167) كتاب: الجزية والموادعة، باب: إثم من قتل معاهدًا.

4 - باب إذا أكره حتى وهب عبدا أو باعه لم يجز

(فرد نكاحها) أي: لعدم إذنها في النكاح. ومرَّ الحديث في النكاح (¬1). 6946 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو هُوَ ذَكْوَانُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ؟ قَال: "نَعَمْ" قُلْتُ: فَإِنَّ البِكْرَ تُسْتَأْمَرُ فَتَسْتَحْيِي فَتَسْكُتُ؟ قَال: "سُكَاتُهَا إِذْنُهَا". [انظر: 5137 - مسلم: 1420 - فتح 12/ 319] (سفيان) أي: الثوري. (يستأمر النساء في أبضاعهن) أي: في نكاحهن، قال الجوهري: البضع بالضم: النكاح. (سكاتها) في نسخة: "سكوتها". ومرَّ الحديث في النكاح (¬2). 4 - بَابُ إِذَا أُكْرِهَ حَتَّى وَهَبَ عَبْدًا أَوْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "فَإِنْ نَذَرَ المُشْتَرِي فِيهِ نَذْرًا، فَهُوَ جَائِزٌ بِزَعْمِهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ دَبَّرَهُ". (باب: إذا أكره حتَّى وهب عبدًا أو باعه لم يجز) أي: لم يحل ولم يصح الهبة ولا البيع. (بعض النَّاس) قيل: هم الحنفية. (فيه) أي: في الذي اشتراه من المكره على بيعه. (فهو) أي: البيع مع الإكراه. (جائز بزعمه) أي: عنده. (وكذلك إن دبره) أي: العبد الذي اشتراه من المكره على بيعه، وغرض البُخاريّ: أنَّ بعض النَّاس ناقضوا أنفسهم، فإن بيع الإكراه إن كان صحيحًا صح من المشتري جميع التصرفات، ومنها النذر والتدبير وإلا فلا يصح شيء منها فتخصيص النذر والتدبير بالصحة تحكم. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5138) كتاب: النكاح، باب: إذا زوّج ابنته وهي كارهة. (¬2) سبق برقم (5137) كتاب: النكاح، باب: لا ينكح الأب غيره البكر والثيب إلَّا برضاها.

5 - باب من الإكراه

6947 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي" فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ قَال: فَسَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَبْدًا قِبْطِيًّا، مَاتَ عَامَ أَوَّلَ. [انظر: 2141 - مسلم: 997 - فتح 12/ 320] (أبوالنَّعمان) هو محمد بن الفضل. (أن رجلًا) هو أبو مدكور. (نعيم بن النحام) لفظ: (ابن) زائد. (عام أول) بصرف (أول) ومنع صرفه، والإضافة في ذلك من إضافة الموصوف لصفته وهو جائز عند الكوفبين مؤول عند البصريين بحذف مضاف؛ أي: عام زمن (أول) ومرَّ الحديث في العتق (¬1). 5 - بَابٌ مِنَ الإِكْرَاهِ كُرْهًا وَكَرْهًا وَاحِدٌ. (باب: من الإكراه) أي: (باب) في شيء من جملة ما ورد في أمر الإكراه. (كَرْهٌ وكُرْهٌ) بالضم والفتح. (واحد) أي: في المعنى. 6948 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: الشَّيْبَانِيُّ، وَحَدَّثَنِي عَطَاءٌ أَبُو الحَسَنِ السُّوَائِيُّ، وَلَا أَظُنُّهُ إلا ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19] الآيَةَ. قَال: "كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ: إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجْهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ". [انظر: 4579 - فتح 12/ 320] (إن شاء بعضهم تزوجها) إلى آخره من في تفسير سورة النساء (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2534) كتاب: العتق، باب: بيع المدَّبر. (¬2) سبق برقم (4579) كتاب: التفسير، باب: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}.

6 - باب إذا استكرهت المرأة على الزنا فلا حد عليها

6 - بَابُ إِذَا اسْتُكْرِهَتِ المَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33]. (باب: إذا استكرهت المرأة على الزنا فلا حد عليها) أي: لأنها مكرهة (في قوله) في نسخة: "لقوله" وهي أوضح. 6949 - وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ: أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ، أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الإِمَارَةِ وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ مِنَ الخُمُسِ، فَاسْتَكْرَهَهَا حَتَّى اقْتَضَّهَا، فَجَلَدَهُ عُمَرُ، الحَدَّ وَنَفَاهُ، وَلَمْ يَجْلِدِ الوَلِيدَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا" قَال الزُّهْرِيُّ: "فِي الأَمَةِ البِكْرِ يَفْتَرِعُهَا الحُرُّ: يُقِيمُ ذَلِكَ الحَكَمُ مِنَ الأَمَةِ العَذْرَاءِ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا وَيُجْلَدُ، وَلَيْسَ فِي الأَمَةِ الثَّيِّبِ فِي قَضَاءِ الأَئِمَّةِ غُرْمٌ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ الحَدُّ. [فتح 12/ 321] (ابنة) في نسخة: "بنت" (من رقيق الإمارة) أي: من مال الخليفة عمر - رضي الله عنه -. (وقع على وليدة) أي: زنا بها. (حتى أفتضها) أي: أزال بكارتها. (يفترعها) بالفاء: أي: يفتضها. (يقيم) أي: يقوم. (ذلك) أي: الاقتراع. (الحكم) بفتحتين: أي: الحاكم، والمعنى: أنه يأخذ من المفترع دية الافتراع بنسبة الأرش: وهو التفاوت بين كونها بكرًا أو ثيبًا. (ويجلد) أي: الحر للزنا. (وليس في الأمة الثيب. في قضاء الأئمة غرم) أي: على الحر لعدم الافتراع (ولكن عليه الحد) للزنا. 6950 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، دَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ المُلُوكِ، أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: أَنْ أَرْسِلْ إِلَيَّ بِهَا، فَأَرْسَلَ بِهَا، فَقَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالتْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ". [انظر: 2217 - مسلم: 2371 - فتح 12/ 321] (هاجر إبراهيم) أي: من العراق إلى الشام، أو من بيت المقدس إلى مصر. (دخل قرية) هي حران، وقيل: الأردن، وقيل: مصر. (بها)

7 - باب يمين الرجل لصاحبه: إنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوه

أي: بسارة. (توضأ) بحذف إحدى التاءين أي: تتوضأ. (فغط) أي: خنق وصرع. ومرَّ الحديث في أواخر البيوع، وفي أحاديث الأنبياء (¬1). ووجه مطابقته للترجمة: من حيث مطلق الإكراه؛ لأنَّ سارة إنما اختلت بالجبار إكراهًا. 7 - باب يَمِينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: إِنَّهُ أَخُوهُ إِذَا خَافَ عَلَيْهِ القَتْلَ أَوْ نَحْوَهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ يَخَافُ، فَإِنَّهُ يَذُبُّ عَنْهُ المَظَالِمَ، وَيُقَاتِلُ دُونَهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، فَإِنْ قَاتَلَ دُونَ المَظْلُومِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَا قِصَاصَ. وَإِنْ قِيلَ لَهُ: لَتَشْرَبَنَّ الخَمْرَ، أَوْ لَتَأْكُلَنَّ المَيْتَةَ، أَوْ لَتَبِيعَنَّ عَبْدَكَ، أَوْ تُقِرُّ بِدَيْنٍ، أَوْ تَهَبُ هِبَةً، وَتَحُلُّ عُقْدَةً، أَوْ لَنَقْتُلَنَّ أَبَاكَ أَوْ أَخَاكَ فِي الإِسْلامِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَسِعَهُ ذَلِكَ " لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ" وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: لَوْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ الخَمْرَ، أَوْ لَتَأْكُلَنَّ المَيْتَةَ، أَوْ لَنَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أَوْ أَبَاكَ، أَوْ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، لَمْ يَسَعْهُ، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُضْطَرٍّ. ثُمَّ نَاقَضَ فَقَال: إِنْ قِيلَ لَهُ: لَنَقْتُلَنَّ أَبَاكَ أَو ابْنَكَ، أَوْ لَتَبِيعَنَّ هَذَا العَبْدَ، أَوْ تُقِرُّ بِدَيْنٍ أَوْ تَهَبُ، يَلْزَمُهُ فِي القِيَاسِ، وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَنَقُولُ: البَيْعُ وَالهِبَةُ، وَكُلُّ عُقْدَةٍ فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ. فَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، وَغَيْرِهِ، بِغَيْرِ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَال إِبْرَاهِيمُ لِامْرَأَتِهِ: هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ. وَقَال النَّخَعِيُّ: "إِذَا كَانَ المُسْتَحْلِفُ ظَالِمًا فَنِيَّةُ الحَالِفِ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَنِيَّةُ المُسْتَحْلِفِ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (2217) كتاب: البيوع، باب: شراء المملوك من الحربي. وبرقم (3357) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}.

(باب: يمين الرجل لصاحبه: إنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوه) أي: لا حنث فيها. (دون المظلوم) أي: عنه (فإنّه) أي: الحالف. (يذب عنه) أي: عن المكره (فلا قود عليه ولا قصاص) كلطمة باليد [الثاني تأكيد] (¬1) (وسعه ذلك) أي: جاز له ذلك. (وقال بعض النَّاس) قيل: هم الحنفية. (ثم ناقض) أي: بعض النَّاس نفسه في ذلك حيث قال: قبل: (لم يسعه) وبعد (يلزمه في القياس) ثم قال: (ولكنا نستحسن ونقول: البيع والهبة، وكل عقد في ذلك باطل) فاستحسانه بطلان ذلك تناقض الأولى، ومن ثم قال البُخاريّ: (فرقوا بين كل ذي رحم محرم وغيره بغير كتاب ولا سنة) يعني: أن مذهب الحنفية في ذي الرحم بخلاف مذهبهم في الأجنبي، فلو قيل لرجل: لتقتلنَّ هذا الرجل الأجنبي أو لتبيعنَّ كذا ففعل لينجيه من القتل لزمه البيع، ولو قيل له ذلك. في ذي رحمه لم يلزمه ما عقده، والحاصل كما قال شيخنا: أن رأي أبي حنيفة اللزوم في الجميع قياسًا، لكن يستثني من له رحم استحسانًا، ورأي البُخاريّ أن لا فرق بين القريب والأجنبي في ذلك لحديث: "المسلم أخو المسلم" فإن المراد به أخوة الإسلام لا النسب (¬2)، ولذلك استشهد بقوله: (وقال النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - قال إبراهيم لامرأته: هذه أختي وذلك في الله) أي: في دينه، إذ المراد إخوة الإسلام كما من وإلا فنكاح الأخت كان حرامًا في ملة إبراهيم، وهذه الإخوة توجب حماية أخيه المسلم، والدفع عنه فلا يلزمه ما عقد من البيع ونحوه ووسعه الشرب والأكل ولا إثم عليه في ذلك، كما لو قيل له: لتفعلنَّ هذه الأشياء أو لنقتلنك وسعه إتيانها، ولا شيء عليه، ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) "الفتح" 12/ 324.

وإن كان مظلومًا؛ فنية المستحلف يتصور كون المستحلف مظلومًا بأن لا يكون له نية ويستحلفه المدعي عليه، والعبرة عند الشافعية في ذلك بنية الحاكم، كما هو مقرر في كتب الفقه. 6951 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ". [انظر: 2442 - مسلم: 2580 - فتح 12/ 323] (عن عقيل) أي: ابن خالد. (ولا يسلمه) بضم أوله؛ أي: لا يخدله. ومرَّ الحديث في كتاب: المظالم (¬1). 6952 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا" فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَال: "تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ". [انظر: 2443 - فتح 12/ 321] (هشيم) أي: ابن بشير. ومرَّ حديثه في المظالم (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2442) كتاب: المظالم، باب: لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه. (¬2) سبق برقم (2443) كتاب: المظالم، باب: أعن أخاك ظالمًا، أو مظلومًا.

90 - كتاب الحيل

90 - كِتَابُ الحِيَلِ

1 - باب في ترك الحيل، وأن لكل امرئ ما نوى في الأيمان وغيرها

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 90 - [كِتَابُ الحِيَلِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كتاب: الحيل) جمع حيلة: وهي ما يتوصل به إلى المراد بطريق خفي، وقوله:) كتاب الحيل) ساقط من نسخة. 1 - بَابٌ فِي تَرْكِ الحِيَلِ، وَأَنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فِي الأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا (باب: في ترك الحيل، وأن لكل امرئ ما نوى في الأيمان وغيرها) لفظ: (في) ساقط من نسخة. 6953 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَخْطُبُ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ". [انظر: 1 - مسلم: 1907 - فتح 12/ 327] (أبو النَّعمان) هو محمد بن الفضل. ومرَّ حديث الباب في أول الكتاب وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبرقم (5070) كتاب: النكاح، باب: من هاجر، أو عمل خيرًا.

2 - باب في الصلاة

2 - بَابٌ فِي الصَّلاةِ (باب: في الصلاة) أي: بيان دخول الحيلة فيها. 6954 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ". [انظر: 135 - مسلم: 225 - فتح 12/ 329] (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (معمر) أي: ابن راشد (عن همام) أي: ابن منبه. (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) مرَّ في الطهارة (¬1). قال الكرماني: وفيه رد على الحنفية حيث صححوا صلاة من أحدث في الجلسة الأخيرة؛ لأن التحلل عندهم يحصل بكل ما ينافي الصلاة، فهم متحيلون في صحة الصلاة مع وجود الحدث، ووجه الردِّ عليهم أن التحلل ركن كالتحريم لحديث: "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم" (¬2). 3 - بَابٌ فِي الزَّكَاةِ وَأَنْ لاَ يُفَرَّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلاَ يُجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ (باب: في الزكاة) أي: في بيان ترك الحيلة في إسقاطها. (وأن لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة) أي: خشية ¬

_ (¬1) سبق برقم (135) كتاب: الوضوء، باب: لا تقبل صلاة بغير طهور. (¬2) "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 24/ 74. والحديث رواه أبو داود (61) كتاب: الطهارة، باب: فرض الوضوء والترمذي (3) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، أحمد 1/ 123، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره.

وجوبها، أو كثرتها، فالمعطوف في الصدقة تفسير للمعطوف عليه المفسر بما مرَّ. 6955 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ". [انظر: 1448 - فتح 12/ 330] 6956 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ؟ فَقَال: "الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إلا أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا" فَقَال: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ قَال: "شَهْرَ رَمَضَانَ إلا أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا" قَال: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قَال: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَائِعَ الإِسْلامِ. قَال: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا. فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ: دَخَلَ الجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ " وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ بَعِيرٍ حِقَّتَانِ، فَإِنْ أَهْلَكَهَا مُتَعَمِّدًا، أَوْ وَهَبَهَا، أَو احْتَال فِيهَا فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ". [انظر: 46 - مسلم: 11 - فتح 12/ 330] (قتيبة) أي: ابن سعيد. (عن أبي سهيل) هو نافع بن مالك. (أن أعرابيًّا) هو ضمام بن ثعلبة. (وقال بعض الناس) قيل: هم الحنفية. (أهلكها) أي: كأن ذبحها. 6957 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، يَفِرُّ مِنْهُ صَاحِبُهُ، فَيَطْلُبُهُ وَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ، قَال: وَاللَّهِ لَنْ يَزَال يَطْلُبُهُ، حَتَّى يَبْسُطَ يَدَهُ فَيُلْقِمَهَا فَاهُ". [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح 12/ 330] (إسحاق) أي: ابن راهويه. (فيلقمها فاه) أي: يلقم صاحب المال يده فم الشجاع.

6958 - وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا مَا رَبُّ النَّعَمِ لَمْ يُعْطِ حَقَّهَا تُسَلَّطُ عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَتَخْبِطُ وَجْهَهُ بِأَخْفَافِهَا" وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "فِي رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ، فَخَافَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، فَبَاعَهَا بِإِبِلٍ مِثْلِهَا أَوْ بِغَنَمٍ أَوْ بِبَقَرٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ، فِرَارًا مِنَ الصَّدَقَةِ بِيَوْمٍ احْتِيَالًا، فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ. وَهُوَ يَقُولُ: إِنْ زَكَّى إِبِلَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الحَوْلُ بِيَوْمٍ أَوْ بِسِتَّةٍ جَازَتْ عَنْهُ. [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح 12/ 330] (إذا ما) لفظ: (ما) زائدة. 6959 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال: اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْضِهِ عَنْهَا". [مسلم: 1638] وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "إِذَا بَلَغَتِ الإِبِلُ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ وَهَبَهَا قَبْلَ الحَوْلِ أَوْ بَاعَهَا فِرَارًا وَاحْتِيَالًا لإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَتْلَفَهَا فَمَاتَ، فَلَا شَيْءَ فِي مَالِهِ". [انظر: 2761 - فتح 12/ 330] (فلا بأس عليه) في نسخة: "فلا شيء عليه" يعني: أن بعض الناس ناقض نفسه في ذلك، حيث قال أولًا: أنه لا شيء فيما أزاله عن ملكه قبل الحول، ثم قال ثانيا: إن زكى إبله قبل أن يحول الحول بيوم أو بسنة جازت عنه، أي: فإذا أجازت عنه قبل الحول فكيف يسقط عنه قبله، ورد التناقض بأن الحنفي لا يوجه الزكاة إلا بتمام الحول، ويجعل من قدمها كمن قدم دينا مؤجلًا، وأحاديث الباب أربعة مرَّ أولها (¬1) وثالثها (¬2) في الزكاة، وثانيها في الإيمان (¬3) ورابعها في الأيمان والنذور (¬4). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1448) كتاب: الزكاة، باب: العرض في الزكاة. (¬2) سبق برقم (1403) كتاب: الزكاة، باب: إثم مانع الزكاة. (¬3) سبق برقم (46) كتاب: الأيمان، باب: الزكاة من الإسلام. (¬4) سبق برقم (46) كتاب: الإيمان والنذور، باب: من مات وعليه نذر.

4 - باب [الحيلة في النكاح]

4 - بَابُ [الحِيلَةِ فِي النِّكَاحِ] (باب: الحيلة في النكاح) في نسخة: "باب" بحذف الترجمة، أي: بيان ترك الحيلة في النكاح بغير صداق. 6960 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى عَنِ الشِّغَارِ" قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا الشِّغَارُ؟ قَال: "يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ" وَقَال بَعْضُ النَّاسِ "إِنِ احْتَال حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَى الشِّغَارِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ" وَقَال فِي المُتْعَةِ: "النِّكَاحُ فَاسِدٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ". وَقَال بَعْضُهُمْ: "المُتْعَةُ وَالشِّغَارُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ". [انظر: 5112 - مسلم: 1415 - فتح 12/ 333] (قال: ينكح ابنة الرجل) إلى آخره بيان للشغار عرفًا، وأما أصله لغة: فمن شغر الكلب، إذا رفع رجله، ليبول كان العاقد يقول: لا ترفع رجل ابنتي، حتى أرفع رجل ابنتك، وقيل: من شغر البلد، إذا خلا كأنه سمي بذلك، لشغوره من الصداق. ومرَّ الحديث في النكاح (¬1). (وقال بعض الناس) قيل: هم الحنفية. (فإن احتال حتى تزوج على الشغار فهو جائز والشرط باطل) لكن النكاح يصح بمهر المثل عندهم، والجمهور على أن النكاح أيضًا باطل، لظاهر الحديث. (وقال) أي: بعض الناس. (في المتعة النكاح فاسد والشرط باطل) غايروا بينهما على قاعدتهما، من أن ما لم يشرع بأصله ووصفه باطل، وما شرع بأصله دون وصفه فاسد، إذ النكاح مشروع بأصله، وجعل البضع صداقًا وصف فيه، والجمهور على أن نكاح المتعة أيضًا باطل، وأنه لا فرق عندهم بين الفاسد والباطل. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5112) كتاب: النكاح، باب: الشغار.

5 - باب ما يكره من الاحتيال في البيوع، ولا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلإ

6961 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنِ الحَسَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ، ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا: أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ بَأْسًا، فَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ" وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "إِنِ احْتَال حَتَّى تَمَتَّعَ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ". وَقَال بَعْضُهُمْ: "النِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ". [انظر: 4216 - مسلم: 1407 - فتح 12/ 333] (عن أبيهما) هو محمد بن الحنفية. ومرَّ حديثه في النكاح (¬1). (وقال بعض الناس) إلى آخره عرف ذلك مما مرَّ. 5 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الاحْتِيَالِ فِي البُيُوعِ، وَلَا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الكَلَإِ (باب: ما يكره من الاحتيال في البيوع، ولا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ) بالهمز أي: العشب رطبًا كان أو يلبسًا، ولم يذكر للخبر الأول حديثًا، لكونه لم يجد حديثًا على شرطه أو لغير ذلك. 6962 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الكَلَإِ". [انظر: 2353 - مسلم: 1566 - فتح 12/ 335] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ) معناه: أن من ملك ماء بإجبار، وكان حوله كلأ ولا ماء ثَمَّ غيره، ولا يوصل إليه رعيه إلا إذا كانت المواشي ترد ذلك الماء، فنهى صاحب الماء أن يمنع فضله؛ لأنه إذا منعه منع رعي ذلك الكلأ، والكلأ لا يمنع لما فيه منعه من الإضرار ¬

_ (¬1) سبق برقم (5115) كتاب: النكاح، باب: نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة آخرًا.

6 - باب ما يكره من التناجش

بالناس. ومرَّ الحديث في كتاب: الشرب (¬1). 6 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَاجُشِ 6963 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى عَنِ النَّجْشِ". [انظر: 2142 - مسلم: 1516 - فتح 12/ 336] (باب: ما يكره) أي: كراهة تحريم. (من التناجش) المأخوذ من النجش: وهو أن يزيد في الثمن لا لرغبة بل ليخدع غيره. وهو ضرب من التحيل في تكثير الثمن. ومرَّ حديث الباب في البيوع (¬2). 7 - بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الخِدَاعِ فِي البُيُوعِ وَقَال أَيُّوبُ: "يُخَادِعُونَ اللَّهَ كَأَنَّمَا يُخَادِعُونَ آدَمِيًّا، لَوْ أَتَوُا الْأَمْرَ عِيَانًا كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ". (باب: ما ينهى من) في نسخة: "عن". (الخداع في البيوع) في نسخة: "في البيع". (وقال أيوب:) أي: السختياني. (لو أتوا الأمر عيانًا كان أهون عليَّ) أي: لو علموا بأن أخذ الزائد على الثمن مغابنة بلا تدليس لكان أسهل من التدليس؛ لأن الدين لم يجعل آلة له. 6964 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي البُيُوعِ، فَقَال: "إِذَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2353) كتاب: المساقاة، باب: من قال: إن صاحب الماء أحق بالماء. (¬2) سبق برقم (2142) كتاب: البيوع، باب: النجش، ومن قال: لا يجوز ذلك البيع.

8 - باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة، وأن لا يكمل لها صداقها

بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلابَةَ". [انظر: 2117 - مسلم: 1533 - فتح 12/ 336] (أن رجلًا) هو حبان بن منقذ. (لا خلابة) أي: خديعة في الدين. ومرَّ الحديث في البيوع (¬1). 8 - بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الِاحْتِيَالِ لِلْوَلِيِّ فِي اليَتِيمَةِ المَرْغُوبَةِ، وَأَنْ لاَ يُكَمِّلَ لَهَا صَدَاقَهَا (باب: ما ينهى) أي: عنه. (عن الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة) أي: التي يرغب وليها فيها. (وأن لا يكمل صداقها) أي: وما ينهى عنه من أنه لا يكمل صداقها. 6965 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: كَانَ عُرْوَةُ، يُحَدِّثُ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} قَالتْ: "هِيَ اليَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا، فَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إلا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: 127] فَذَكَرَ الحَدِيثَ. [انظر: 2494 - مسلم: 3018 - فتح 12/ 337] (بأدنى من سنة نسائها) أي: بأقل من مهر مثل أقاربها. ومر الحديث في التفسير والنكاح (¬2). 9 - بَابُ إِذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَزَعَمَ أَنَّهَا مَاتَتْ فَقُضِيَ بِقِيمَةِ الجَارِيَةِ المَيِّتَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا فَهِيَ لَهُ، وَيَرُدُّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2117) كتاب: البيوع، باب: ما يكره من الخداع في البيع. (¬2) سبق برقم (4573) كتاب: التفسير، باب: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}. وبرقم (5064) كتاب: النكاح، باب: الترغيب في النكاح.

10 - باب

القِيمَةَ وَلَا تَكُونُ القِيمَةُ ثَمَنًا. وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: الجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ، لِأَخْذِهِ القِيمَةَ. وَفِي هَذَا احْتِيَالٌ لِمَنِ اشْتَهَى جَارِيَةَ رَجُلٍ لَا يَبِيعُهَا، فَغَصَبَهَا، وَاعْتَلَّ بِأَنَّهَا مَاتَتْ، حَتَّى يَأْخُذَ رَبُّهَا قِيمَتَهَا، فَيَطِيبُ لِلْغَاصِبِ جَارِيَةَ غَيْرِهِ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمْوَالُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ" وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ". (باب: إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت، فقضى بقيمة الجارية الميتة، ثم وجدها صاحبها فهي له، وترد القيمة) إلى الغاضب. (ولا تكون القيمة ثمنًا) إذ ليس إعطاؤها بيعًا. (وقال بعض الناس) قيل: هم الحنفية. (الجارية للغاضب لأخذه القيمة) أي: عن الجارية. (فتطيب للغاصب) أي: فتحل. والجمهور على خلاف ما ذكر فهو باطل، واستدلَّ البخاري له بقوله: (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أموالكم عليكم حرام) أي: أموال بعضكم على بعض، كقولهم: بنو تميم قتلوا أنفسهم، أي: قتل بعضهم بعضًا. وبقوله: (ولكل غادر لواء يوم القيامة) والغاصب غادر. 6966 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ". [انظر: 3188 - مسلم: 1735 - فتح 12/ 338] (سفيان) أي: الثوري. 10 - باب. (باب) بلا ترجمة بل هو ساقط من نسخة. 6967 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إليَّ

11 - باب في النكاح

وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْو مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ". [انظر: 2458 - مسلم: 1713 - فتح 12/ 339] (عن سفيان) أي: الثوري. (إنما أنا بشر) الحصر فيه حصر بعض الصفات في الموصوف، فهو حصر في البشرية بالنسبة إلى الإطلاع على البواطن، فهو قصر قلب ردًّا على من زعم أن من كان رسولا يعلم الغيب. (وإنكم تختصمون) أي: "إليّ" كما في نسخة. (ألحن بحجته) أي: أفصح وأبين كلامًا. (وأقضي) في نسخة: "فأقصي" (على نحو ما أسمع) في نسخة: "على نحو مما أسمع". (فلا يأخذ) أي: "فلا يأخذه" كما في نسخة. (قطعة من النار) هو من المبالغة في التشبيه حيث جعل ما يتناوله المحكوم له بغير حق قطعة من النار. ومرَّ الحديث في المظالم والشهادات (¬1). وفيه: أن حكم الحاكم لا يحل ما حرمه الله ورسوله ولا يحرمه. 11 - باب فِي النِّكَاحِ. (باب: في النكاح) أي: بيان حكم شهادة الزور فيه. 6968 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَلَا الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ" فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَال: "إِذَا سَكَتَتْ" وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "إِنْ لَمْ تُسْتَأْذَنِ البِكْرُ وَلَمْ تَزَوَّجْ، فَاحْتَال رَجُلٌ، فَأَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (2142) كتاب: المظالم، باب: إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه. وبرقم (2680) كتاب: الشهادات، باب: من أقام البينة بعد اليمين.

أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا، فَأَثْبَتَ القَاضِي نِكَاحَهَا، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطَأَهَا، وَهُوَ تَزْويجٌ صَحِيحٌ. [انظر: 5136 - مسلم: 1419 - فتح 12/ 339] (هشام) أي: ابن أبي عبد الله سنبر الدستوائي. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (وقال بعض الناس) قيل: هم الحنفية. (ولم تزوج) بحذف إحدى التاءين، أي: ولم تتزوج، وفي نسخة: بالبناء للمفعول. (شاهدي زور) في نسخة: "شاهدين زورًا". (فلا بأس به أن يطاها وهو تزويج صحيح) أي: لأن مذهبهم: أن حكم القاضي ينفذ ظاهرًا وباطنًا، ورد ذلك بأن العلماء اتفقوا على أنه لا يحل له أكل مال غيره بمثل هذه الشهادة، ولا فرق بين أكل المال الحرام، ووطء الفرج الحرام. 6969 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ القَاسِمِ: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ وَلَدِ جَعْفَرٍ، تَخَوَّفَتْ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلِيُّهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى شَيْخَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَيْ جَارِيَةَ، قَالا: فَلَا تَخْشَيْنَ، فَإِنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِذَامٍ "أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ" قَال سُفْيَانُ: وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: عَنْ أَبِيهِ: "إِنَّ خَنْسَاءَ". [انظر: 5138 - فتح 12/ 339] (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن القاسم) أي: ابن محمد. (من ولد جعفر) قال الكرماني: هو جعفر الصادق (¬1)، وقال شيخنا مع نقله ذلك عنه: يغلب على الظن أنه ابن أبي طالب (¬2). (إن خنساء) هي بالمد. (بنت خذام) بمعجمتين. (ابني جارية) بالجيم وتحتية. 6970 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 83. (¬2) "الفتح" 12/ 340.

12 - باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر، وما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك

هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ" قَالُوا: كَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَال: "أَنْ تَسْكُتَ" وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "إِنِ احْتَال إِنْسَانٌ بِشَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى تَزْويجِ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ بِأَمْرِهَا، فَأَثْبَتَ القَاضِي نِكَاحَهَا إِيَّاهُ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا قَطُّ، فَإِنَّهُ يَسَعُهُ هَذَا النِّكَاحُ، وَلَا بَأْسَ بِالْمُقَامِ لَهُ مَعَهَا". [انظر: 5136 - مسلم: 1419 - فتح 12/ 340] (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن النحوي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (وقال بعض الناس) إلى آخره مر نظيره مع رده (¬1). 6971 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "البِكْرُ تُسْتَأْذَنُ" قُلْتُ: إِنَّ البِكْرَ تَسْتَحْيِي؟ قَال: "إِذْنُهَا صُمَاتُهَا" وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "إِنْ هَويَ رَجُلٌ جَارِيَةً يَتِيمَةً أَوْ بِكْرًا، فَأَبَتْ، فَاحْتَال فَجَاءَ بِشَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَأَدْرَكَتْ، فَرَضِيَتِ اليَتِيمَةُ، فَقَبِلَ القَاضِي شَهَادَةَ الزُّورِ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ بِبُطْلانِ ذَلِكَ، حَلَّ لَهُ الوَطْءُ". [انظر: 5137 - مسلم: 1420 - فتح 12/ 340] (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (وقال بعض الناس) إلى آخره مرَّ نظيره مع ردِّه أيضًا. 12 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ احْتِيَالِ المَرْأَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَالضَّرَائِرِ، وَمَا نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ (باب: ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر، وما نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك) أي: في حكم الاحتيال المذكور. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5136) كتاب: النكاح، باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها.

6972 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الحَلْوَاءَ، وَيُحِبُّ العَسَلَ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى العَصْرَ أَجَازَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةَ عَسَلٍ، فَسَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالنَّ لَهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ، قُلْتُ: إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَقُولِي لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ: لَا، فَقُولِي لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ الرِّيحُ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ، وَسَأَقُولُ ذَلِكِ: وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْدَةَ، قُلْتُ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ إلا هُوَ، لَقَدْ كِدْتُ أَنْ أُبَادِرَهُ بِالَّذِي قُلْتِ لِي وَإِنَّهُ لَعَلَى البَابِ، فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَال: "لَا" قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ قَال: "سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ" قُلْتُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فَقَالتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَال: "لَا حَاجَةَ لِي بِهِ" قَالتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، لَقَدْ حَرَمْنَاهُ، قَالتْ: قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي. [انظر: 4912 - مسلم: 1474 - فتح 12/ 342] (يحب الحلواء) بالمد والقصر. (ويحب العسل) أفرده مع دخوله فيما قبله؛ لشرفه. (أجاز على نسائه) أي: دخل عليهن. (فسقت) قيل: أي: حفصة، ويحتمل أن تكون المرأة المذكورة، وعليه يحتمل أن اسمها: زينب، لكن قال الكرماني: تقدم في كتاب: الطلاق أنها زينب، ثم قال: لعله شرب في بيتها فهما قضيتان (¬1). (لنحتالن له) قيل: كيف جاز لأزواجه - صلى الله عليه وسلم - الاحتيال؟ وأجيب: بأن ذلك من ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 85 - 86.

13 - باب ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون

مقتضيات الطبيعة للنساء، وقد عفا عنها. (أكلت مغافير) هو: صمغ كالعسل له رائحة كريهة. (جرست) بفتح الجيم، أي: رعت. (نحلة) أي: نحل العسل. (العرفط) هو شجر صمغه المغافير. (فرقًا) أي: خوفًا. ومرَّ الحديث في الأطعمة والأشربة وغيرهما (¬1). 13 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الاحْتِيَالِ فِي الفِرَارِ مِنَ الطَّاعُونِ (باب: ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون) هو وخز أعدئنا من الجن، وقال الكرماني: هو بثر مؤلم جدًّا يخرج في الآباط مع لهيب وخفقان وقيء ونحوه (¬2). 6973 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا جَاءَ بِسَرْغَ، بَلَغَهُ أَنَّ الوَبَاءَ وَقَعَ بِالشَّأْمِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ" فَرَجَعَ عُمَرُ مِنْ سَرْغَ. [انظر: 5729 - مسلم: 2219 - فتح: 12/ 344] وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا انْصَرَفَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. (سرغ) بسين مهملة، وغين معجمة مصروفًا، وغير مصروفٍ: قرية بطرف الشام [مما يلي الحجاز. وفي نسخةٍ: "بسرغ" بزيادة موحدة] (¬3) (¬4). (الوباء) بالمد والقصر المرض العام. (لا تقدموا) بفتح ¬

_ (¬1) سبق برقم (2142) كتاب: الأطعمة، باب: الحلواء والعسل. وبرقم (5599) كتاب: الأشربة، باب: الباذق. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 86. (¬3) من (م). (¬4) سرغ: هو أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك من منازل حاج الشام، =

14 - باب في الهبة والشفعة

أوله وثالثه، وحكمة النهي عنه عدم الافتتان فيظن القادم أن هلاكه كان من أجل قدومه، وإلا فالأجل لا يتقدم ولا يتأخر ولا يصيب الشخص إلا ما كتب الله عليه ومرَّ الحديث في الطب (¬1). 6974 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، يُحَدِّثُ سَعْدًا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الوَجَعَ فَقَال: "رِجْزٌ، أَوْ عَذَابٌ، عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الأُمَمِ، ثُمَّ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ، فَيَذْهَبُ المَرَّةَ وَيَأْتِي الأُخْرَى، فَمَنْ سَمِعَ [بِهِ] بِأَرْضٍ فَلَا يُقْدِمَنَّ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ بِأَرْضٍ وَقَعَ بِهَا فَلَا يَخْرُجْ فِرَارًا مِنْهُ". [انظر: 3473 - مسلم: 2218 - فتح 12/ 344] (الوجع) أي: الطاعون. ومرَّ الحديث في بني إسرائيل (¬2). 14 - بَابٌ فِي الهِبَةِ وَالشُّفْعَةِ وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "إِنْ وَهَبَ هِبَةً، أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى مَكَثَ عِنْدَهُ سِنِينَ، وَاحْتَال فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ الوَاهِبُ فِيهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. فَخَالفَ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الهِبَةِ، وَأَسْقَطَ الزَّكَاةَ. (باب: في الهبة والشفعة) أي: بيان كراهة الاحتيال في الرجوع عن الهبة وإسقاط الشفعة، (وقال بعض الناس) قيل: هم الحنفية. (حتى مكث) أي: الموهوب. (عنده) أي: عند الموهوب له. (واحتال) أي: ¬

_ = وهناك لقي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أمراء الأجناد، بينها وبين المدينة ثلاث عشرة مرحلة، افتتحها أبو عبيدة بن الجراح، وهي واليرموك والجابية والرمادة متصلة. انظر: "معجم ما استعجم" 3/ 735، و"معجم البلدان" 3/ 211 - 212. (¬1) سبق برقم (5729) كتاب: الطب، باب: ما يذكر في الطاعون. (¬2) سبق برقم (3473) كتاب: أحاديث الأنبياء.

الواهب. (في ذلك) بأن تواطأ مع الموهوب له ألا يتصرف. (ثم رجع الواهب فيها) أي: في الهبة. (فخالف) أي: بعض الناس. (الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الهبة) أي: في قوله: "العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" (وأسقط الزكاة) والجمهور على عدم إسقاطها. 6975 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ، لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ". [انظر: 2589 - مسلم: 1622 - فتح 12/ 345] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (سفيان) أي: الثوري. (ليس لنا مثل السوء) أي: لا ينبغي لنا أن نتصف بصفة ذميمة يشابهنا فيها أخس الحيوانات في أخس أحوالها. ومرَّ الحديث في الهبة (¬1)، وظاهره: تحريم الرجوع في الهبة بعد القبض، وهو محمول على هبة الأجنبي، لا ما وهبه لولده جمعًا بين حديث: (العائد في هبته) وحديث: "لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده" (¬2). 6976 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: إِنَّمَا "جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ" وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "الشُّفْعَةُ لِلْجِوَارِ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى مَا شَدَّدَهُ فَأَبْطَلَهُ، وَقَال: إِنِ اشْتَرَى دَارًا، فَخَافَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2589) كثاب: الهبة، باب: هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها. (¬2) رواه الترمذي (2132) كتاب: الولاء والهبة، باب: ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود (3539) أبواب الإجارة، باب: الرجوع في الهبة. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره.

أَنْ يَأْخُذَ الجَارُ بِالشُّفْعَةِ، فَاشْتَرَى سَهْمًا مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ، ثُمَّ اشْتَرَى البَاقِيَ، وَكَانَ لِلْجَارِ الشُّفْعَةُ فِي السَّهْمِ الأَوَّلِ، وَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي بَاقِي الدَّارِ، وَلَهُ أَنْ يَحْتَال فِي ذَلِكَ". [انظر: 2231 - مسلم: 1608 - فتح 12/ 345] (وصرفت الطرق) بتخفيف الراء وتشديدها، أي: بينت. ومرَّ الحديث في البيوع. (وقال بعض الناس) قيل: هم الحنفية. (ثم عمد) أي: بعض الناس. (إلى ما شدده) بالشين المعجمة، أي: من إثبات الشفعة للجار. (إذا اشترى دارًا) أي: أراد شراءها. (وكان) في نسخة: "كان" بحذف الواو. (وله أن يحتال في ذلك) يعني: وبما ذكر قد احتال على إسقاط شفعة الجار فناقض كلامه؛ لأنه احتج في شفعة الجار بحديث: "الجار أحق بصقبه" (¬1) ثم تحيل في إسقاطها بما يقتضي أن يكون الشريك أحق بالشفعة من الجار، لكن المذكور عند الحنفية: أن الحيلة المذكورة لأبي يوسف، فأما محمد بن الحسن فقال: يكره ذلك أشد الكراهة، لما فيه من الضرر. 6977 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ، قَال: جَاءَ المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِي، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى سَعْدٍ، فَقَال أَبُو رَافِعٍ، لِلْمِسْوَرِ: أَلا تَأْمُرُ هَذَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنِّي بَيْتِي الَّذِي فِي دَارِي؟ فَقَال: لَا أَزِيدُهُ عَلَى أَرْبَعِ مِائَةٍ، إِمَّا مُقَطَّعَةٍ وَإِمَّا مُنَجَّمَةٍ، قَال: أُعْطِيتُ خَمْسَ مِائَةٍ نَقْدًا فَمَنَعْتُهُ، وَلَوْلا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "الجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ" مَا بِعْتُكَهُ أَوْ قَال: مَا أَعْطَيْتُكَهُ قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ مَعْمَرًا، لَمْ يَقُلْ هَكَذَا، قَال: لَكِنَّهُ قَال لِي هَكَذَا وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الشُّفْعَةَ فَلَهُ أَنْ يَحْتَال حَتَّى يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، فَيَهَبَ البَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الدَّارَ وَيَحُدُّهَا، وَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ، وَيُعَوِّضُهُ المُشْتَرِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (2258) كتاب: الشفعة، باب: عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع.

أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا شُفْعَةٌ". [انظر: 2258 - فتح 12/ 345] (سفيان) أي: ابن عيينة. (بيتي الذي) بالإفراد، وفي نسخة: "بيتي اللذين" بالتثنية. (في داري) في نسخة: "في داره". (إما مقطعة وإما منجمة) في نسخة: "مقطعة أو منجمة" وكلا النسختين شكٌّ من الراوي، والمراد بالأربعمائة أنها مرحَّلة على نقدات متفرقة فالشك في اللفظ لا في المعنى. (الجار أحق بصقبه) أي: بقريبه بأن يتعهده ويتصدق عليه مثلًا، قيل: هو دليل لشفعة الجار وأجيب: بأنه لم يقل: أحق بشفعته، وهو متروك الظاهر؛ لأنه يستلزم أن يكون الجار أحق من الشريك. (لم يقل هكذا) أي: لم ينقله عن أبي رافع الصحابي، بل نقله من صحابي آخر قاله شيخنا (¬1) بعد ردِّه قول الكرماني في تفسيره ذلك: أنه لم يقل: إن الجار أحق بصقبه، بل قال: بالشفعة بأنه لم يجد لما قاله مستندًا (¬2). (قال) أي: سفيان. (لكنه) أي: إبراهيم بن ميسرة. (وقال بعض الناس) بل الجمهور. (إذا أراد أن يبيع) في نسخة: "أن يقطع" ورجحها القاضي عياض. (فيهب البائع) أي: المريد ذلك. (ويحدها) أي: الدار، أي: يصف حدودها التي تميزها وفي نسخة: "ونحوها" بدل (ويحدها) (ألف درهم) أي: مثلًا (فلا يكون للشفيع فيها شفعة) لأن الهبة ليست معاوضة فأشبهت الإرث. 6978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ: أَنَّ سَعْدًا سَاوَمَهُ بَيْتًا بِأَرْبَعِ مِائَةِ مِثْقَالٍ، فَقَال: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ" لَمَا أَعْطَيْتُكَ وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "إِنِ اشْتَرَى نَصِيبَ دَارٍ فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، وَهَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ ¬

_ (¬1) "الفتح" 12/ 347. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 89.

15 - باب احتيال العامل ليهدى له

يَمِينٌ. [انظر: 2258 - فتح 12/ 345] (سفيان) أي: الثوري. (أن سعدًا) أي ابن أبي وقاص. (لما أعطيتك) في نسخة: "لما أعطيتكه". (نصيب دار) أي: جزء منها ولا ينعقد بالنصيب، بل مثله الكل. (فأراد أن يبطل الشفعة) أي: شفعة الجوار (وهب لابنه الصغير ولا يكون عليه يمين) أي: في تحقق الهبة، وقيد بالابن الصغير دفعًا لليمين عن الوالد، إذ لو كان الموهوب له كبيرًا ابنا أو أجنبيًّا، لتوجه عليه اليمين؛ لأنه قابل الهبة، وفي ما قبلها القابل لها الوالد. 15 - بَابُ احْتِيَالِ العَامِلِ لِيُهْدَى لَهُ (باب: احتيال العامل ليهدى له) أي: بيان كراهة ذلك، والعامل هو: الذي يتولى أمور غيره في ماله وغيره. 6979 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ، قَال: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا" ثُمَّ خَطَبَنَا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أَفَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إلا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ " ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ، يَقُولُ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ" بَصْرَ عَيْنِي وَسَمْعَ أُذُنِي. [انظر: 925 - مسلم: 1832 - فتح 12/ 348] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن هشام) أي: ابن عروة. (عن أبي حميد) هو عبد الرحمن، أو المنذر.

(ابن اللتبية) بضم اللام وفتح الفوقية وسكونها وكسر الموحدة وتشديد التحتية، وقيل: بهمزة مضمومة بدل اللام واسمه: عبد الله واللتبية اسم أمه. (هدية) أي: لي. (له رغاء) أي: صوت. (تيعر) أي: تصوت. (بلغت) أي: قد بلغت. (بصر عيني وسمع أذني) بضم الموحدة وضم الصاد وفتح السين وكسر الميم بلفظ الماضي فيهما، أي: أبصرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناطقًا ورافعًا يديه، وسمعت كلامه فيكون من قول أبي حميد وصرح به في خبر وضبطه بعضهم بسكون الصاد والميم، على أنهما مصدران مضافان فيكون الأول: مفعول بلغت والثاني: معطوفًا عليه، فيكون ذلك من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومرَّ الحديث في الهبة وغيرها (¬1) قال شيخنا: ومطابقته للترجمة من حيث أن تملكه لما أهدي له، إنما كان لعلة كونه عاملا فأعتقد أن الذي أهدى له يستبد به دون أصحاب الحقوق التي عمل فيها، فبين له - صلى الله عليه وسلم - أن الحقوق التي عمل لأجلها هي السبب في الإهداء له، وأنه لو أقام في منزله لم يهد له شيء، فلا ينبغي له أن يستحلها بمجرد كونها وصلت إليه على طريق الهدية (¬2). 6980 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ" وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: "إِنِ اشْتَرَى دَارًا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَال حَتَّى يَشْتَرِيَ الدَّارَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَيَنْقُدَهُ تِسْعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ، وَتِسْعَ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَيَنْقُدَهُ دِينَارًا ¬

_ (¬1) "الفتح" 12/ 349. (¬2) سبق برقم (2597) كتاب: الهبة، باب: من لم يقبل الهدية لعلة. وبرقم (6636) كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبرقم (7174) كتاب: الأحكام، باب: هدايا العمال.

بِمَا بَقِيَ مِنَ العِشْرِينَ الأَلْفَ. فَإِنْ طَلَبَ الشَّفِيعُ أَخَذَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الدَّارِ. فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ رَجَعَ المُشْتَرِي عَلَى البَائِعِ بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ، وَهُوَ تِسْعَةُ آلافِ دِرْهَمٍ وَتِسْعُ مِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ، لِأَنَّ البَيْعَ حِينَ اسْتُحِقَّ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي الدِّينَارِ، فَإِنْ وَجَدَ بِهَذِهِ الدَّارِ عَيْبًا، وَلَمْ تُسْتَحَقَّ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَال فَأَجَازَ هَذَا الخِدَاعَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْعُ المُسْلِمِ، لَا دَاءَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غَائِلَةَ". [انظر: 2258 - فتح 12/ 348] (سفيان) أي: الثوري. (حدثنا أبو نعيم) إلى آخره. قال شيخنا: كذا وقع للأكثر هذا الحديث وما بعده متصلًا بباب: احتيال العامل وأظنه وقع هنا تقديم وتأخير فإن الحديث وما بعده يتعلق بباب الهبة والشفعة، فلما جعل الترجمة مشتركة جمع بين مسائلها، ومن ثمَّ قال الكرماني: إنه من تصرف النقلة. وقد وقع عند ابن بطال هنا باب بلا ترجمة، ثم ذكر الحديث وما بعده وعلى هذا فلا إشكال (¬1) (وقال بعض الناس) قيل: هم الحنفية: (إن اشترى دارًا) أي: أراد شراءها. (بعشرين ألف درهم) أي: مثلًا. (أن يحتال) أي: على إسقاط الشفعة. (وينقده دينارًا بما) أي: بمقابلة ما. (بقي من العشرين الألف). (فإن طلب الشفيع) أخذ الدار بالشفعة. (أخذها بعشرين ألف درهم) لأنها الثمن الذي وقع به العقد. وإلا فلا سبيل له على الدار بسقوط الشفعة، لامتناعه بذل الثمن الذي وقع به العقد. (فإن استحقت الدار) بأن ظهرت مستحقة لغير البائع. (رجع المشتري على البائع بما دفع إليه) أي: لا بما وقع به العقد. (لأن البيع) أي: المبيع. (حين استحق) بالبناء للمفعول. (انتقض الصرف في الدينار) أي: بطل صرف الدينار المصروف في مقابلة الدراهم الباقية؛ لأن ذلك كان مبنيًّا على شراء الدار فينفسخ بفسخ ¬

_ (¬1) "الفتح" 12/ 349. و"البخاري بشرح الكرماني" 24/ 92.

المبني عليه فليس له أن يرجع بما دفعه. قال الكرماني: النكتة في جعله الدينار في مقابلة عشرة آلاف ودرهم ولم يجعله في مقابلة العشرة آلاف فقط؛ لأن الثمن في الحقيقة عشرة آلاف بقرينة نقده هذا المقدار، فلو جعلت العشرة والدينار في مقابلة الثمن الحقيقي لزم الربا بخلاف ما إذا نقص درهما فإن الدينار في مقابلة ذلك الواحد والألف إلا واحدًا في مقابلة الألف إلا واحدًا بغير تفاضل (¬1) انتهى. وللنظر فيه مجال. (فإن وجد بهذه الدار عيبًا ولم تستحق فإنه يردها عليه بعشرين ألف) درهم في نسخة: "بعشرين ألفًا" أي: لأن البيع صحيح يعني: فناقض بعض الناس نفسه حيث قال في مسألة الاستحقاق: يرجع المشتري بما دفعه، وفي مسألة العيب: يرجع بالجميع. مع إن الإجماع على أن المشتري لا يرجع فيهما إلا بما دفع فكذلك الشفيع لا يشفع إلا بما دفعه إلى المشتري لا بما عقد. (قال:) أي: البخاري. (فأجاز) أي: بعض الناس. (لا داء) أي: لا مرض. (ولا خبثة) بكسر المعجمة، وسكون الموحدة، وفتح المثلثة، وأراد بها الحرام كما عبر عن الحلال بالطيب. قاله ابن الأثير (¬2). (ولا غائلة) أي: ولا ضياع بإباق أو غول. ومرَّ الحديث في البيوع (¬3). 6981 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ: أَنَّ أَبَا رَافِعٍ، سَاوَمَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ بَيْتًا بِأَرْبَعِ مِائَةِ مِثْقَالٍ، وَقَال: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ" مَا أَعْطَيْتُكَ. [انظر: 2258 - فتح 12/ 349] (يحيى) أي: القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 2/ 5. (¬3) سبق في كتاب: البيوع، باب: إذا بيَّن البيعان، ولم يكتما ونصحا.

91 - كتاب التعبير

91 - كِتَابُ التَّعْبِيرِ

1 - باب أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [91 - كِتَابُ التَّعْبِيرِ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كتاب التعبير) هو تفسير الرؤيا بما يؤول إليه أمرها، يقال: عبرت الرؤيا بالتخفيف إذا فسرتها، وعبرتها بالتشديد: للمبالغة في ذلك. 1 - بَابُ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ (وأول) في نسخة: "باب: أول" وفي أخرى: "باب: التعبير وأول ما بديء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة" أي: الحسنة الصادقة. 6982 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ: قَال الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، وَهُوَ التَّعَبُّدُ، اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ، فَقَال: اقْرَأْ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَال: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَال: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي

الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]- حَتَّى بَلَغَ - {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5] فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَال: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي" فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَال: "يَا خَدِيجَةُ، مَا لِي" وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وَقَال: "قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي" فَقَالتْ لَهُ: كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ، فَيَكْتُبُ بِالعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيِ ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَال وَرَقَةُ: ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى، فَقَال وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ" فَقَال وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إلا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا بَلَغَنَا، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَال لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. [انظر: 3 - مسلم: 160 - فتح 12/ 351] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ} [الأنعام: 96]: "ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ، وَضَوْءُ القَمَرِ بِاللَّيْلِ". (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (ما أنا بقارئ) أي: ما أحسن القراءة. (بوادره) جمع بادرة: وهي اللحمة بين العنق والمنكبين. (غدا) أي: ذهب. (منه) أي: من الخوف.

2 - باب رؤيا الصالحين

(مرارًا كي يتردى) أي: يسقط. (شواهق الجبال) أي: أعاليها. (جأشه) بالهمز أي: اضطراب قلبه. {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} في نسخة: "فلق الصبح". وقوله: (قال ابن عباس) إلى آخره ساقط من نسخة. ومرَّ الحديث في باب: بدء الوحي (¬1). 2 - باب رُؤْيَا الصَّالِحِينَ. وَقَوْلِهِ تَعَالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا}. [الفتح: 27] (باب: رؤيا الصالحين) هم: القائمون بحقوق الله وحقوق العباد. والمراد هنا: الذين يغلب عليهم الصدق. 6983 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ، مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ". [6994 - مسلم: 2264 - فتح 12/ 361] (جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) هذا هو المشهور، وذكر في مناسبته أنه - صلى الله عليه وسلم - أوحي إليه في المنام ستة أشهر، ثم في اليقظة بقية مدة حياته وهي ثلاث وعشرون سنة على الصحيح، ونسبتها إلى الوحي في المنام جزء من ستة وأربعين جزء، وخص النبوة بالذكر دون الرسالة لما في الرسالة من خصوصية التبليغ الذي لا يوجد في الرؤيا. قال الكرماني: وقوله من النبوة، أي: في حق الأنبياء دون ¬

_ (¬1) سبق برقم (3) كتاب: بدء الوحي.

3 - [باب] الرؤيا من الله

غيرهم، وقيل: معناه أن الرؤيا تأتي على موافقة النبوة لا أنها جزء باق من النبوة (¬1). 3 - [باب] الرُّؤيا مِنَ الله. (باب:) ساقط من نسخة (الرؤيا من الله) أي: بيان ما جاء فيها. 6984 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ". [انظر: 3292 - مسلم: 2261 - فتح 12/ 368] (زهير) أي: ابن معاوية. (الرؤيا من الله والحلم) بضم اللام وسكونها. (من الشيطان) وهو ما يراه النائم من الأمر الفظيع المهول، وأضافه إلى الشيطان، لكونه على هواه ومراده، أو لأنه الذي يخيل فيها ولا حقيقة لها في نفس الأمر، وإضافة الرؤيا إلى الله إضافة تشريف وتأدب، وإلا فكل من الرؤيا والحلم من الله؛ لأنه الفاعل الحقيقي مع أن الحلم يسمى رؤيا لخبر: "الرؤيا ثلاث" (¬2) فأطلق على كل رؤيا. 6985 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ". [فتح 12/ 369] (ابن الهاد) هو يزيد. (إذ رأى أحدكم رؤيا) إلى آخره يؤخذ منه مع ما يأتي في الباب ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 98. (¬2) سيأتي برقم (7017) كتاب: التبعير، باب: القيد في المنام.

4 - باب: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة

الآتي، أن آداب الرؤيا الصالحة ثلاثة حمدًا لله تعالى عليها، والاستبشار بها، وأن يحدث بها أي: من يحبه، وآداب الحلم أربعة: التعوذ بالله من شرها، ومن شر الشيطان، وأن يتفل عن شماله حين يستيقظ، وأن لا يحدث به أحدًا، (وليحدث بها) في نسخة: "وليتحدث بها". (فإنها لا تضره) في نسخة: "فإنها لن تضره". 4 - بَابٌ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ (باب: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) ساقط من نسخة. 6986 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، - وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، لَقِيتُهُ بِاليَمَامَةِ - عَنْ أَبِيهِ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْهُ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ شِمَالِهِ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ". [انظر: 3292 - مسلم: 2261 - فتح 12/ 373] وَعَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. (فإذا حلم) بفتح اللَّام. (فليتعوذ منه) أي: من الحلم، أو من الشيطان، أو من كل منهما. (فإنها) أي: الرؤيا المفهومة من حلم. قال شيخنا: وجه دخول هذا الحديث في هذا الباب، الإشارة إلى أن الرؤيا إنّما كانت جزءًا من أجزاء النبوة، لكونها من الله تعالى بخلاف التي من الشيطان فإنها ليست من أجزاء النبوة (¬1). (وليبصق عن شماله) أي: طردًا للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة، وتحقيرًا له. (وعن أبيه) أي: عن أبي عبد الله بن يحيى. 6987 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ ¬

_ (¬1) "الفتح" 12/ 374.

5 - باب المبشرات

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ". [مسلم: 2264 - فتح 12/ 373] 6988 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ". [7017 - مسلم: 2263 - فتح 12/ 373]. وَرَوَاهُ ثَابِتٌ، وَحُمَيْدٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَشُعَيْبٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 6989 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ". [فتح 12/ 373] (الدراوردي) هو عبد العزيز بن محمد. 5 - باب المُبَشِّرَاتِ. 6990 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلا المُبَشِّرَاتُ" قَالُوا: وَمَا المُبَشِّرَاتُ؟ قَال: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ". [فتح 12/ 375] (باب المبشرات) أي: من الرؤيا. وحديث الباب ظاهر. 6 - باب رُؤْيَا يُوسُفَ. وَقَوْلِهِ تَعَالى: {إِذْ قَال يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَال يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْويلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 4 - 6]. وَقَوْلِهِ تَعَالى: {يَاأَبَتِ هَذَا تَأْويلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ

7 - [باب] رؤيا إبراهيم لله

قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْو مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْويلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)} [يوسف: 100، 101]. فَاطِرٌ وَالبَدِيعُ وَالمُبْدِعُ وَالبَارِئُ وَالخَالِقُ وَاحِدٌ، مِنَ البَدْءِ: بَادِئَةٍ. [فتح 12/ 376] (باب رؤيا يوسف) زاد في نسخة: "ابن يعقوب" بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليهم وسلامه. {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} هو عدد إخوة يوسف. {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} هما أبواه، أو أبوه وخالته {عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ} أرد بهما الجد وأبا الجد {إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} عطف بيان لأبويك. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (فاطر والبديع والمبتدع والبارئ) في نسخة: "البادئ" بدال مهملة. (واحد) أي: الألفاظ الخمسة واحد في المعنى. وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة. 7 - [باب] رُؤْيَا إِبْرَاهِيمَ لله. وَقَوْلُهُ تَعَالى: قال مُجَاهِدٌ: "أَسْلَمَا: سَلَّمَا مَا أُمِرَا بِهِ، وَتَلَّهُ: وَضَعَ وَجْهَهُ بِالأَرْضِ". [فتح 12/ 377] (باب:) ساقط من نسخة. (رؤيا إبراهيم) لله أي: بيانها. {إِنِّي أَرَى} أي: إني رأيت ولم يذكر في الباب حديثًا، اكتفاءًا بالآيات المذكورة، أو لأنه لم يجد حديثًا على شرطه.

8 - باب التواطؤ على الرؤيا

8 - بَابُ التَّوَاطُؤِ عَلَى الرُّؤْيَا (باب: التواطئ على الرؤيا) أي: التوافق عليها. 6991 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أُنَاسًا أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، وَأَنَّ أُنَاسًا أُرُوا أَنَّهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "التَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ". [انظر: 1158 - مسلم: 1165 - فتح 12/ 379] (أروا) أي: في المنام. (وأن أناسًا) في نسخة: "وأن ناسًا". (التمسوها في السبع الأواخر). أخذ منه مطابقة الحديث للترجمة إذ السبع داخلة في العشر، فلما رأى قوم أنها في العشر، وآخرون أنها في السبع، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - بأنها في السبع، فكأنهما قد توافقا على السبع وإن اختلفا لفظاهما. 9 - بَابُ رُؤْيَا أَهْلِ السُّجُونِ وَالفَسَادِ وَالشِّرْكِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَال أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَال الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْويلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَال لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْويلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ

سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَال لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) وَقَال الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْويلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَال الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْويلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَال تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إلا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إلا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) وَقَال الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَال ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} [يوسف: 36 - 50]. {وَادَّكَرَ}: [يوسف: 45] افْتَعَلَ مِنْ ذَكَرَ، {أُمَّةً} [يوسف: 45] قَرْنٍ، وَتُقْرَأُ: أَمَهٍ: نِسْيَانٍ. وَقَال ابن عَبَّاسٍ: يَعْصِرُونَ الأَعْنَابَ وَالدُّهْنَ. تَحْصِنُونَ: تَحْرُسُونَ. (باب: رؤيا أهل السجون) جمع سجن بالكسر: وهو الحبس. (والفساد والشرك) في نسخة: بدل الأخير "والشراب" بضم

الشين وتشديد الراء جمع شارب، أو بفتحتين مخففًا، والمراد به: الشراب المسكر. لقوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} هما غلامان للملك أحدهما: خبازه، والآخر: ساقيه، واستدل بذلك من قال: الرؤيا الصادقة تكون للكافر أيضًا، لكن على معنى أن ما تبشر به يكون غرورًا من الشيطان، فينقص لذلك حظه وذكر في نسخة: ثلاثة عشر آية آخرها: " {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} " وفي أخرى: "لقوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} إلى قوله: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} ". {فَأَنْسَاهُ} أي: الساقي. {وَادَّكَرَ} أي: تذكر حاجة يوسف وهي قوله: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} (من ذكر) في نسخة: "من ذكرت". {أُمَّةً} أي: قرن. {تُحْصِنُونَ} أي: تحرسون. 6992 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، وَأَبَا عُبَيْدٍ، أَخْبَرَاهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ، ثُمَّ أَتَانِي الدَّاعِي لَأَجَبْتُهُ". [انظر: 3372 - مسلم: 151 - فتح 12/ 381] (عبد الله) أي: ابن محمد بن أسماء الضبعي. (جويرية) أي: ابن أسماء. (لأجبته) أي: مسرعًا. ومرَّ الحديث في التفسير وأحاديث الأنبياء (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3372) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قوله تعالى {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)}، و (4694) كتاب: التفسير، باب: قوله {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَال ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ}.

10 - باب من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام

10 - بَابُ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَنَامِ (باب: من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام) أي: بيان ما جاء في ذلك. 6993 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي اليَقَظَةِ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي". [انظر: 110 - مسلم: 2264 - فتح 12/ 383]. قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَال ابْنُ سِيرِينَ: "إِذَا رَآهُ فِي صُورَتِهِ". (فسيراني) أي: يوم القيامة. (في اليقظة). بفتح القاف أو المعنى: من رآني في المنام ولم يهاجر يوفقه الله للهجرة إلى المدينة فيراني في اليقظة. (ولا يتمثل الشيطان بي) هو كالتعليل لسابقه. (قال أبو عبد الله: قال ابن سيرين: إذا رآه في صورته) أي: قال: إنما تعتبر رؤيته - صلى الله عليه وسلم - إذا رآه الرائي في صورته التي كان عليها في حياته، وقضيته: أنه إذا رآه على غير صورته لم تكن رؤيا حقيقة، والمشهور: أنها حقيقة لكن إن رآه على صورته كان إدراكه لذاته، أو على غيرها كان إدراكه لمثاله، وتغير الهيئة إنما هو من جهة الرائي. وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة. 6994 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَخَيَّلُ بِي، وَرُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ". [انظر: 6983 - مسلم: 2264 - فتح 12/ 383] (من رآني في المنام فقد رآني) المغايرة بين الشرط والجزاء بأن يقدر، فأخبره بأن رؤيته حقّ لا أضغاث أحلام. 6995 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ،

11 - باب رؤيا الليل

وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَرَاءَى بِي". [انظر: 3292 - مسلم: 2261 - فتح 12/ 383] (لا يتراءى بي) براء، أي: يتصور لأنْ يصير مرئيًّا بصورتي وفي نسخة: بزاي ومعناه ظاهر. ومرَّ الحديث في الطب (¬1). 6996 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَال أَبُو سَلَمَةَ: قَال أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الحَقَّ" تَابَعَهُ يُونُسُ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ. [انظر: 3292 - مسلم: 2267 - فتح 12/ 383] (الزبيدي) هو محمد بن الوليد. (فقد رآني) في نسخة: "فقد رأى" (الحق) أي: فقد رآني رؤية صحيحة حقيقة لا رؤية أضغاث أحلام. (تابعه) أي: الزبيدي. 6997 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الحَقَّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَكَوَّنُنِي". [فتح 12/ 383] (لا يتكونني) أي: لا يتكون كونًا مثل كوني. 11 - باب رُؤْيَا اللَّيْلِ. رَوَاهُ سَمُرَةُ. [7047] (باب: رؤيا الليل) أي: بيان الرؤيا فيه. (رواه) أي: حديث رؤيا الليل. (سمرة) أي: ابن جندب. 6998 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ العِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5747) كتاب: الطب، باب: النفث في الرقية.

الطُّفَاويُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ البَارِحَةَ إِذْ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ حَتَّى وُضِعَتْ فِي يَدِي" قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَنْتَقِلُونَهَا. [انظر: 2977 - مسلم: 523 - فتح 12/ 390] (البارحة) اسم الليلة الماضية. (أعطيت مفاتيح الكلم) عبر عنها بعدُ، بجوامع الكلم، أي: لفظ قليل مفيد لمعان كثيرة، شبه بمفاتيح الخزائن التي هي آلة للوصول إلا مخزونات كثيرة. (ونصرت بالرعب) بالفزع يقذف في قلوب أعدائي. (حتى وضعت في يدي) أي: حقيقة، أو مجازًا فيكون كتابه عن وعد الله بما ذكر أنه يعطيه أمته. (تنتقلونها) بقاف من الانتقال من مكان إلى مكان، وفي نسخة: بفاء بدل القاف، أي: تغتنمونها، وفي أخرى: بمثلثة بدل ما ذكر، أي: تستخرجونها، كاستخراجهم خزائن كسرى وقيصر. 6999 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أُرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ، كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قَدْ رَجَّلَهَا، تَقْطُرُ مَاءً، مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ، أَعْوَرِ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: المَسِيحُ الدَّجَّالُ". [انظر: 3440 - مسلم: 169 - فتح 12/ 390] (آدم) بالمد أي: أسمر. من أدم الرجال بضم الهمز، من سمرهم. (له لمة) بكسر اللام: شعر يجاوز شحمة أذنه. (قد رجلها) أي: سرحها. (إذا أنا) في نسخة: (وإذا أنا). (قطط) أي: شديد جعودة الشعر. (طافية) بتحتية، أي: ذاهبة النور (فقيل المسيح الدجال) لا ينافي هذا

12 - باب الرؤيا بالنهار

ما ورد أن الدجال لا يدخل مكة (¬1)؛ لأن المراد لا يدخلها وقت خروجه وظهور شوكته كما مرَّ في باب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} (¬2). 7000 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنِّي أُرِيتُ اللَّيْلَةَ فِي المَنَامِ" وَسَاقَ الحَدِيثَ وَتَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَال الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَوْ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَال شُعَيْبٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مَعْمَرٌ: "لَا يُسْنِدُهُ حَتَّى كَانَ بَعْدُ". [7046 - مسلم: 2269 - فتح 12/ 390] (يحيى) أي: ابن عبد الله بن بكير (وتابعه) أي: الزهري. (حتى كان بعد) أي: بسنده. 12 - باب الرُّؤْيَا بِالنَّهَارِ. وَقَال ابْنُ عَوْنٍ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: رُؤْيَا النَّهَارِ مِثْلُ رُؤْيَا اللَّيْلِ. (باب: الرؤيا بالنهار) في نسخة: "باب رؤيا النهار" (ابن عوان) هو عبد الله. 7001 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ ¬

_ (¬1) رواه مسلم (2927) كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر ابن صياد. وأحمد 3/ 43. (¬2) سبق برقم (3440 - 3441) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا}.

13 - باب رؤيا النساء

بِنْتِ مِلْحَانَ وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. [انظر: 2788 - مسلم: 1912 - فتح 12/ 391] 7002 - قَالتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ: مِثْلَ المُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ " - شَكَّ إِسْحَاقُ - قَالتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ" كَمَا قَال فِي الأُولَى، قَالتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَال: "أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ" فَرَكِبَتِ البَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاويَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْرِ، فَهَلَكَتْ. [انظر: 2789 - مسلم: 1912 - فتح 12/ 391] (ثبج هذا البحر) أي: وسطه وهوله. ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1). 13 - بَابُ رُؤْيَا النِّسَاءِ (باب: رؤيا النساء) أي: بيان ما جاء فيها. 7003 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ أُمَّ العَلاءِ، امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا المُهَاجِرِينَ قُرْعَةً، قَالتْ: فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ" فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (2789) كتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء.

14 - باب: الحلم من الشيطان، فإذا حلم فليبصق عن يساره، وليستعذ بالله عز وجل

رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا هُوَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَهُ اليَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ، وَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَاذَا يُفْعَلُ بِي" فَقَالتْ: وَاللَّهِ لَا أُزَكِّي بَعْدَهُ أَحَدًا أَبَدًا. [انظر: 1243 - فتح 12/ 392] (أخبرته) أي: خارجة. (قرعة) أي: بالقرعة. (فطار لنا) أي: وقع في سهمنا. (فشهادتي عليك) أي: لك. (اليقين) أي: الموت. (ووالله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي) قاله قبل نزول آية {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]. 7004 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا، وَقَال: "مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِهِ" قَالتْ: وَأَحْزَنَنِي فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "ذَلِكَ عَمَلُهُ". [انظر: 1243 - فتح 12/ 392] (فقال: ذلك) بكسر الكاف، أي: اليقين (عمله) أي: فكما أن الماء الجاري غير منقطع لا ينقطع ثواب عمله. 14 - بَابٌ: الحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 7005 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ الأَنْصَارِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُرْسَانِهِ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمُ الحُلُمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، فَلَنْ يَضُرَّهُ". [انظر: 3292 - مسلم: 2261 - فتح 12/ 393] (باب الحلم من الشيطان) ساقط من نسخة للعلم به مما مرَّ ومرَّ حديث الباب في باب: من رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6995) كتاب: التعبير، باب: من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام.

15 - باب اللبن

15 - باب اللَّبَنِ. (باب: اللبن) أي: إذا رؤى في المنام بماذا يعبر. 7006 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ مِنْ أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي - يَعْنِي - عُمَرَ" قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "العِلْمَ". [انظر: 82 - مسلم: 2391 - فتح 12/ 393] (الري) بكسر الراء، وتشديد الياء: الاسم وبفتحها: المصدر. (قال: العلم) عبر عن اللبن بالعلم لاشتراكهما في كثرة النفع بهما، وكونهما سببي الصلاح؛ لأن اللبن أول ما يتناوله المولود من طعام الدنيا، وبه تقوم حاجته، والعلم أول كل عبادة، وبه حياة القلوب. ومرَّ الحديث في العلم (¬1). 16 - بَابُ إِذَا جَرَى اللَّبَنُ فِي أَطْرَافِهِ أَوْ أَظَافِيرِهِ (باب إذا جرى اللبن في أطرافه أو أظافيره) أي: إذا رأى ذلك يعبر بماذا؟ 7007 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ مِنْ أَطْرَافِي، فَأَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ" فَقَال مَنْ حَوْلَهُ: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "العِلْمَ". [انظر: 82 - مسلم: 2391 - فتح 12/ 394] (عن صالح) أي: ابن كيسان. ومرَّ حديث الباب آنفًا. ¬

_ (¬1) سبق برقم (82) كتاب: العلم، باب: فضل العلم.

17 - باب القميص في المنام

17 - باب القَمِيصِ فِي المَنَام. (باب: القميص) أي: رؤية لبسه (في المنام) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7008 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ" قَالُوا: مَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "الدِّينَ". [انظر: 23 - مسلم: 2390 - فتح 12/ 395] (قال: الدين) عبر القميص بالدين؛ لأنه يستر العورة، كما أن الدين يستر الأعمال السيئة. ومرَّ الحديث في العلم. 18 - بَابُ جَرِّ القَمِيصِ فِي المَنَامِ (باب: جر القميص في المنام) أي: بيان ما جاء فيه. 7009 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجْتَرُّهُ" قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "الدِّينَ". [انظر: 23 - مسلم: 2390 - فتح 12/ 395] (يجتره) أي: يجره ومرَّ الحديث آنفًا. 19 - بَابُ الخُضَرِ فِي المَنَامِ، وَالرَّوْضَةِ الخَضْرَاءِ (باب: الخضر في المنام) [أي: بيان ما جاء فيه، والخضر] (¬1) ¬

_ (¬1) من (م).

20 - باب كشف المرأة في المنام

بضم الخاء وفتح الضاد وسكونها جمع أخضر وفي نسخة: "الخضرة" (والروضة الخضراء) قال القيرواني: الروضة التي لا يعرف نبتها تعبر بالإسلام، لنضارتها وحسن بهجتها، وبكل مكان فاضل يطاع الله فيه، كقبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحلق الذكر، ومواضع الخير، وقبور الصالحين، وبالمصحف، وكتب العلم، والعالم ونحو ذلك. 7010 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَال: قَال قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ: كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عُمَرَ، فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا وَكَذَا، قَال: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّمَا عَمُودٌ وُضِعَ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فَنُصِبَ فِيهَا، وَفِي رَأْسِهَا عُرْوَةٌ، وَفِي أَسْفَلِهَا مِنْصَفٌ، وَالمِنْصَفُ الوَصِيفُ، فَقِيلَ: ارْقَهْ، فَرَقِيتُهُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَمُوتُ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ آخِذٌ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى". [انظر: 3813 - مسلم: 2484 - فتح 12/ 397] (منصف) بكسر الميم. (الوصيف) أي: الخادم. (فرقيت) بكسر القاف على الأفصح. (وهو آخذ بالعروة الوثقى) أي: عاقد لنفسه من الدين عقدًا وثيقًا لا تحله شبهة. ومرَّ الحديث في مناقب عبد الله بن سلام (¬1). 20 - بَابُ كَشْفِ المَرْأَةِ فِي المَنَامِ (باب: كشف المرأة في المنام) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7011 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (3813) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب عبد الله بن سلام.

21 - باب ثياب الحرير في المنام

إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ". [انظر: 3895 - مسلم: 2438 - فتح 12/ 399] (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (إذا رجل) هو جبريل جاء في صورة رجل. (يمضه) أي: ينفذه. ومرَّ الحديث في النكاح (¬1). 21 - بَابُ ثِيَابِ الحَرِيرِ فِي المَنَامِ (باب: ثياب الحرير في المنام) أي: بيان رؤيتها فيه. 7012 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُرِيتُكِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ مَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُ المَلَكَ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقُلْتُ لَهُ: اكْشِفْ، فَكَشَفَ فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ، ثُمَّ أُرِيتُكِ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقُلْتُ: اكْشِفْ، فَكَشَفَ، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ". [انظر: 3895 - مسلم: 2438 - فتح 12/ 399] (محمد) زاد في نسخة: "هو أبو كريم محمد بن العلاء". (فقلت له: اكشف) قضيته أن الكاشف هو الملك، ولا ينافيه ما مرَّ في الباب السابق، وفي النكاح أن الكاشف هو النبي؛ لأن نسبة الكشف إلى النبي ثَمَّ مباشرة وإلى الملك هنا سببية، أو لأن كلًّا منهما كشف شيئًا. 22 - باب المَفَاتِيحِ فِي اليَدِ. (باب: المفاتيح في اليد) أي: بيان رؤيتها في المنام، وتعبر بالمال والعز والسلطان والصلاح والعلم والحكمة. ومرَّ الحديث في الجهاد وغيره (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5078) كتاب: النكاح، باب: نكاح الأبكار. (¬2) سبق برقم (2977) كتاب: الجهاد، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "نصرت بالرعب مسيرة شهر" وبرقم (6998) كتاب: التعبير، باب: رؤيا الليل.

23 - باب التعليق بالعروة والحلقة

7013 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَبَلَغَنِي أَنَّ جَوَامِعَ الكَلِمِ: أَنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ الأُمُورَ الكَثِيرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُكْتَبُ فِي الكُتُبِ قَبْلَهُ، فِي الأَمْرِ الوَاحِدِ، وَالأَمْرَيْنِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ". [انظر: 2977 - مسلم: 523 - فتح 12/ 400] (قال محمد) في نسخة: "قال أبو عبد الله" أي: البخاري. 23 - بَابُ التَّعْلِيقِ بِالعُرْوَةِ وَالحَلْقَةِ (باب: التعليق بالعروة) الوثقى (والحلقة) أي: بيان من رأى ذلك في المنام. 7014 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، ح وحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، قَال: رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ، وَوَسَطَ الرَّوْضَةِ عَمُودٌ، فِي أَعْلَى العَمُودِ عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِي: ارْقَهْ، قُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ، فَأَتَانِي وَصِيفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِي فَرَقِيتُ، فَاسْتَمْسَكْتُ بِالعُرْوَةِ، فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا مُسْتَمْسِكٌ بِهَا، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "تِلْكَ الرَّوْضَةُ رَوْضَةُ الإِسْلامِ، وَذَلِكَ العَمُودُ عَمُودُ الإِسْلامِ، وَتِلْكَ العُرْوَةُ عُرْوَةُ الوُثْقَى، لَا تَزَالُ مُسْتَمْسِكًا بِالإِسْلامِ حَتَّى تَمُوتَ". [انظر: 3813 - مسلم: 2484 - فتح 12/ 401] (أزهر) أي: ابن أسعد السمان. (عن ابن عون) هو عبد الله. (خليفة) أي: ابن خياط بمعجمة فتحتية مشددة. (معاذ) أي: ابن معاذ العنبري. ومرَّ حديث الباب آنفًا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3813) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب عبد الله بن سلام. وبرقم (7010) كتاب: التعبير، باب: الخضر في المنام والروضة الخضراء.

24 - باب عمود الفسطاط تحت وسادته

24 - بَابُ عَمُودِ الفُسْطَاطِ تَحْتَ وِسَادَتِهِ [فتح 12/ 401] (باب): ساقط من نسخة: (عمود الفسطاط) أي: بيان من رآه. (تحت وسادته) في نسخة: "عند وسادته". والعمود معروف وفسره علماء التعبير بالدين، و (الفسطاط) بضم الفاء وكسرها وبطائين بينهما ألف، وقد تبدل الطاء الثانية سينًا مهملة وقد يبدلان بفوقيتين: وهو الخيمة العظيمة، وقال الكرماني: وهو السرادق. ولم يذكر البخاري للباب حديثًا (¬1) ولعله أشار بالترجمة كما قاله شيخنا إلى حديث: "بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب أحتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصرى فعمد به إلى الشام" رواه الإمام أحمد والطبراني بسند صحيح (¬2). 25 - بَابُ الإِسْتَبْرَقِ وَدُخُولِ الجَنَّةِ فِي المَنَامِ (باب: الإستبرق ودخول الجنة في المنام) أي: بيان رؤيتهما فيه. 7015 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ، لاَ أَهْوِي بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ. [انظر: 440 - مسلم: 2478 - فتح 12/ 403] ¬

_ (¬1) انظر: "صحيح البخاري بشرح الكرماني" 24/ 119. (¬2) "فتح الباري" 12/ 402. والحديث رواه: أحمد 5/ 198 - 199، والطبراني في "مسند الشاميين" 1/ 260 (449)، والحاكم 4/ 509 كتاب: الفتن والملاحم، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وقال الألباني: وقد وهما في قولهما: إنه على شرطهما، وإنما هو صحيح فقط؛ لأن في السند: يونس بن ميسرة بن حلبي ولم يخرج له الشيخان شيئًا وهو ثقة. "فضائل الشام" ص 6.

26 - باب القيد في المنام

(وهيب) أي: ابن خالد البصري. (لا أهوي) بضم الهمزة، كأعطي. 7016 - فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ، عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ، أَوْ قَال: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ". [انظر: 1122 - مسلم: 2478 - فتح 12/ 403] (أو قال إن عبد الله) شك من الراوي. ومرَّ الحديث في صلاة الليل (¬1). 26 - باب القَيْدِ فِي المَنَامِ. (باب: القيد في المنام) أي: بيان رؤيته فيه. 7017 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ عَوْفًا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ، رُؤْيَا المُؤْمِنِ وَرُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ" وَمَا كَانَ مِنَ النُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَكْذِبُ قَال مُحَمَّدٌ: - وَأَنَا أَقُولُ هَذِهِ - قَال: وَكَانَ يُقَالُ: "الرُّؤْيَا ثَلاثٌ: حَدِيثُ النَّفْسِ، وَتَخْويفُ الشَّيْطَانِ، وَبُشْرَى مِنَ اللَّهِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ " قَال: "وَكَانَ يُكْرَهُ الغُلُّ فِي النَّوْمِ، وَكَانَ يُعْجِبُهُمُ القَيْدُ، وَيُقَالُ: القَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ " وَرَوَى قَتَادَةُ، وَيُونُسُ، وَهِشَامٌ، وَأَبُو هِلالٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَدْرَجَهُ بَعْضُهُمْ كُلَّهُ فِي الحَدِيثِ، وَحَدِيثُ عَوْفٍ أَبْيَنُ وَقَال يُونُسُ: لَا أَحْسِبُهُ إلا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي القَيْدِ. قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "لَا تَكُونُ الأَغْلالُ إلا فِي الأَعْنَاقِ". [انظر: 6988 - مسلم: 2263 - فتح 12/ 404] (عوفا) أي: الأعرابي. (إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن) المراد باقتراب الزمان كما قال الخطابي في أحد قوليه: انتهاء مدته، إذا دنا قيام ¬

_ (¬1) سبق برقم (5078) كتاب: أبواب التهجد، باب: فضل قيام الليل.

الساعة (¬1). والحكمة في اختصاص ذلك بآخر الزمان أن المؤمن في ذلك الوقت يكون غريبًا كما في حديث مسلم: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبًا" (¬2) فيقل أنيس المؤمن ومعينه في ذلك الوقت فيكرم بالرؤيا الصادقة. والحاصل: أن العلم بأمور الديانة لما يذهب غالبه بذهاب غالب أهله وتعذرت النبوة في هذه الأمة عوضوا بالرؤى الصادقة، ليجدد لهم ما قد درس من العلم. (ورؤيا المؤمن) مبتدأ، أو عطف على المرفوع قبله بقرينة قوله بعد (وما كان من النبوة فإنه لا يكذب) سواء جعلت هذه الجملة مرفوعة، كما هو ظاهر إيرادها هنا، أم مدرجة من قول ابن سيرين كما صرَّح به بعضهم ويؤيده قول البخاري. (قال محمد) أي: ابن سيرين. (وأنا أقول هذه) أي: هذه الجملة بخلاف الجملة قبلها فإنها من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. (قال) أي: ابن سيرين. (وكان يقال) القائل هو أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (حديث النفس) هو ما كان في اليقظة في خيال الشخص فيرى ما يتعلق به عند المنام. (وتخويف الشيطان) هو الحلم، أي: المكروه منه. (وبشرى) أي: المبشرات وهي المحبوبات. (قال) أي: ابن سيرين. (وكان) أي: أبو هريرة. (يكره الغل) أي: لأنه من صفات أهل النار، وهو بضم الغين: الحديدة تجعل في العنق. (وكان) أي: الشأن. (يعجبهم) أي: المعبرين. (القيد) أي: رؤيته في المنام؛ لأنه يعبر بثبات الدين. كما ذكره بقوله: (ويقال) إلى آخره. (وروى قتادة) أي: ابن دعامة. (ويونس) أي: ابن عبيد. (وهشام) ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 4/ 2314 - 2315. (¬2) مسلم (145) كتاب: الإيمان، باب: بيان أن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا.

27 - باب العين الجارية في المنام

أي: ابن حسان. (وأبو هلال) هو محمد بن سليم أي: رووا الحديث. (عن ابن سيرين) إلى آخره. (وأدرجه بعضهم كله) أي: كل ما ذكر من لفظ: (الرؤيا ثلاث) إلى (في الدين) يعني: جعله بعضهم في الحديث مرفوعًا. (وحديث عوف أبين) أي: أظهر، حيث فصل المرفوع من الموقوف بقرينة قوله: (عن ابن سيرين) وأنا أقول هذه. (لا أحسبه) أي: الذي أدرجه بعضهم. (قال أبو عبد الله) إلا آخره ساقط من نسخة. 27 - باب العَيْنِ الجَارِيَةِ فِي المَنَامِ. (باب: العين الجارية في المنام) أي: بيان تأويل رؤيتها فيه. 7018 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ العَلاءِ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِمْ، بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: طَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِي السُّكْنَى، حِينَ اقْتَرَعَتْ الأَنْصَارُ عَلَى سُكْنَى المُهَاجِرِينَ، فَاشْتَكَى فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى تُوُفِّيَ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ فِي أَثْوَابِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، قَال: "وَمَا يُدْرِيكِ" قُلْتُ: لَا أَدْرِي وَاللَّهِ، قَال: "أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ اليَقِينُ، إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي - وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ - مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ" قَالتْ أُمُّ العَلاءِ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ، قَالتْ: وَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ فِي النَّوْمِ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال: "ذَاكِ عَمَلُهُ يَجْرِي لَهُ". [انظر: 1243 - فتح 12/ 410] (من نسائهم) أي: من نساء الأنصار. (والله ما أدري) إلى آخره قاله قبل نزول آية: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] كما مرَّ. ومرَّ الحديث في باب: رؤيا النساء وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (7003) كتاب التعبير، باب: رؤيا النساء. وبرقم (2687) كتاب: الشهادات، باب: القرعة في المشكلات.

28 - باب نزع الماء من البئر حتى يروى الناس

28 - بَابُ نَزْعِ المَاءِ مِنَ البِئْرِ حَتَّى يَرْوَى النَّاسُ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 3664] (باب: نزع الماء من البئر حتى يروى الناس) بفتح الواو. 7019 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَدَّثَهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَحَالتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ". [انظر: 3634 - مسلم: 2393 - فتح 12/ 412] (فاستحالت) أي: تحولت. (غربًا) أي: دلوًا عظيمًا. (عبقريًّا) أي: كاملًا حاذقًا في عمله. (من الناس يفري فريه) أي: يعمل عملًا جيدًا عجيبًا. (حتى ضرب الناس بعطن) أي: رويت إبلهم حتى بركت وأقامت في مكانها، فالعطن بفتح الطاء: ما يعد للشرب حول البئر من مبارك الإبل. ومرَّ الحديث في مناقب أبي بكر (¬1). 29 - بَابُ نَزْعِ الذَّنُوبِ وَالذَّنُوبَيْنِ مِنَ البِئْرِ بِضَعْفٍ (باب: نزع الذنوب والذنوبين من البئر بضعف) أي: مع ضعف. 7020 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رُؤْيَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، قَال: "رَأَيْتُ النَّاسَ اجْتَمَعُوا، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ قَامَ ابْنُ الخَطَّابِ، فَاسْتَحَالتْ غَرْبًا، فَمَا رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَفْرِي فَرْيَهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ". [انظر: 3634 - مسلم: 2393 - فتح 12/ 412] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3676) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي: "لو كنت متخذ خليلًا".

30 - باب الا ستراحة في المنام

(زهير) أي: ابن معاوية. (وفي نزعه ضعف) يريد ما ناله المسلمون في خلافة أبي بكر من أموال المشركين، وقيل: قصر مدته فلم يتفرغ لافتتاح الأمصار، وجباية الأموال. (والله يغفر له) ذكره لا لنقص فيه، وإنما هو كلام مدعم لكلام آخر. 7021 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ، وَعَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، فَنَزَعَ مِنْهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالتْ غَرْبًا، فَأَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ". [انظر: 3664 - مسلم: 2392 - فتح 12/ 414] (على قليب) أي: بئر لم تطو. 30 - بَابُ الا سْتِرَاحَةِ فِي المَنَامِ (باب: الاستراحة في المنام) أي: بيان ما جاء فيها. 7022 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ أَنِّي عَلَى حَوْضٍ أَسْقِي النَّاسَ، فَأَتَانِي أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ الدَّلْوَ مِنْ يَدِي لِيُرِيحَنِي، فَنَزَعَ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، فَأَتَى ابْنُ الخَطَّابِ فَأَخَذَ مِنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْزِعُ حَتَّى تَوَلَّى النَّاسُ، وَالحَوْضُ يَتَفَجَّرُ". [انظر: 3664 - مسلم: 2392 - فتح 12/ 415] (على حوض) في نسخة: "على حوضي". (يتفجر) أي: يتدفق منه الماء ويسيل. 31 - بَابُ القَصْرِ فِي المَنَامِ (باب: القصر في المنام) أي: بيان رؤيته فيه.

32 - باب الوضوء في المنام

7023 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، قُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا. قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ثُمَّ قَال: أَعَلَيْكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغَارُ؟ [انظر: 3242 - مسلم: 2395 - فتح 12/ 415] 7024 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَدْخُلَهُ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، إلا مَا أَعْلَمُ مِنْ غَيْرَتِكَ " قَال: وَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ [انظر: 3679 - مسلم: 2394 - فتح 12/ 415] (تتوضأ) أي: لتزداد حسنًا ونورًا لا لتزيل قذرًا لتنزه الجنة عنه. ومرَّ الحديث في مناقب عمر (¬1). 32 - باب الوُضُوءِ فِي المَنَامِ. (باب: الوضوء في المنام) أي: بيان ما جاء في رؤيته. [ومرَّ حديث الباب في أحاديث الأنبياء] (¬2). 7025 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا " فَبَكَى عُمَرُ وَقَال: عَلَيْكَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3242) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب. (¬2) من (م).

33 - باب الطواف بالكعبة في المنام

بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ؟ [انظر: 3242 - مسلم: 2395 - فتح 12/ 416] (بأبي أنت وأمي) أي: مفدي بهما. ومرَّ الحديث آنفًا. 33 - بَابُ الطَّوَافِ بِالكَعْبَةِ فِي المَنَامِ 7026 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، سَبْطُ الشَّعَرِ، بَيْنَ رَجُلَيْنِ، يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُ مَرْيَمَ، فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ " وَابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي المُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ. [انظر: 3440 - مسلم: 169، 171 - فتح 12/ 417] (باب: الطواف بالكعبة في المنام) أي: بيان ما جاء في رؤيته، ومرَّ حديث الباب في أحاديث الأنبياء (¬1). 34 - بَابُ إِذَا أَعْطَى فَضْلَهُ غَيْرَهُ فِي النَّوْمِ (باب: إذا أعطى فضله غيره في النوم) في نسخة: "بالمنام". 7027 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَجْرِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلَهُ عُمَرَ" قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "العِلْمُ". [انظر: 82 - مسلم: 2391 - فتح 12/ 417] (الري) بكسر الراء وتشديد الياء: ما يروى به، وقيل: هو اللبن ¬

_ (¬1) سبق برقم (3440) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ}.

35 - باب الأمن وذهاب الروع في المنام

وهو المراد هنا. ومرَّ حديث الباب في باب: اللبن (¬1). 35 - بَابُ الأَمْنِ وَذَهَابِ الرَّوْعِ فِي المَنَامِ (باب: الأمن وذهاب الروع فَي المنام) الروع بفتح الراء: الخوف، وبضمهما: النفس، والمراد هنا: الأول، فالعطف في الترجمة عطف تفسير. 7028 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَال: إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُصُّونَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَأَنَا غُلامٌ حَدِيثُ السِّنِّ، وَبَيْتِي المَسْجِدُ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَرَأَيْتَ مِثْلَ مَا يَرَى هَؤُلاءِ، فَلَمَّا اضْطَجَعْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ فِيَّ خَيْرًا فَأَرِنِي رُؤْيَا، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَنِي مَلَكَانِ، فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، يُقْبِلانِ بِي إِلَى جَهَنَّمَ، وَأَنَا بَيْنَهُمَا أَدْعُو اللَّهَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهَنَّمَ، ثُمَّ أُرَانِي لَقِيَنِي مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَقَال: لَنْ تُرَاعَ، نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ، لَوْ كُنْتَ تُكْثِرُ الصَّلاةَ. فَانْطَلَقُوا بِي حَتَّى وَقَفُوا بِي عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا هِيَ مَطْويَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ، لَهُ قُرُونٌ كَقَرْنِ البِئْرِ، بَيْنَ كُلِّ قَرْنَيْنِ مَلَكٌ بِيَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَأَرَى فِيهَا رِجَالًا مُعَلَّقِينَ بِالسَّلاسِلِ، رُءُوسُهُمْ أَسْفَلَهُمْ، عَرَفْتُ فِيهَا رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَانْصَرَفُوا بِي عَنْ ذَاتِ اليَمِينِ. [انظر: 440 - مسلم: 2478 - فتح 12/ 418] 7029 - فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ" فَقَال نَافِعٌ: "فَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ". [انظر: 1122 - مسلم: 2479 - فتح 12/ 418] ¬

_ (¬1) سبق برقم (7006) كتاب: التعبير، باب: اللبن.

36 - باب الأخذ على اليمين في النوم

(فلما اضطجعت) في نسخة: "ثم اضطجعت". (ليلة) في نسخة: "ذات ليلة". (مقمعة) بكسر أوله أي: سوط. (لن تراع) في نسخة: "لم ترع". (له) في نسخة: "لها" وهي أولى. 36 - بَابُ الأَخْذِ عَلَى اليَمِينِ فِي النَّوْمِ (باب: الأخذ على اليمين) في نسخة: "عن اليمين". (في النوم) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7030 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: كُنْتُ غُلامًا شَابًّا عَزَبًا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ أَبِيتُ فِي المَسْجِدِ، وَكَانَ مَنْ رَأَى مَنَامًا قَصَّهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لِي عِنْدكَ خَيْرٌ فَأَرِنِي مَنَامًا يُعَبِّرُهُ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِي، فَانْطَلَقَا بِي، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَال لِي: لَنْ تُرَاعَ، إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ. فَانْطَلَقَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْويَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُ بَعْضَهُمْ، فَأَخَذَا بِي ذَاتَ اليَمِينِ. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ. [انظر: 440 - مسلم: 2479 - فتح 12/ 419] (عزبًا) بفتحات من لا زوجة له. 7031 - فَزَعَمَتْ حَفْصَةُ، أَنَّهَا قَصَّتْهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ مِنَ اللَّيْلِ" قَال الزُّهْرِيُّ: "وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ مِنَ اللَّيْلِ". [انظر: 1122 - مسلم: 2479 - فتح 12/ 419] (لو كان يصلي من الليل) جواب (لو) محذوف يدل عليه ما قبله، لكن بمعنى لكان أزيد صلاحًا أو هي للتمني فلا جواب لها. ومرَّ الحديث آنفًا. 7032 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ

37 - باب القدح في النوم

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ" قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "العِلْمَ". [انظر: 82 - مسلم: 2391 - فتح 12/ 420] 37 - بَابُ القَدَحِ فِي النَّوْمِ (باب: القدح في النوم) أي: رؤيته فيه. ومرَّ حديث الباب مرارًا (¬1). 38 - بَابُ إِذَا طَارَ الشَّيْءُ فِي المَنَامِ (باب: إذا طار الشيء في المنام) جواب (إذا) محذوف أي: يعبر بحسب ما يليق به. 7033 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ، قَال: قَال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي ذَكَرَ. [انظر: 3620 - مسلم: 2273 - فتح 12/ 420] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (التي ذكر) أي: التي ذكرها ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 7034 - فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: ذُكِرَ لِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِي فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ" فَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ: "أَحَدُهُمَا العَنْسِيُّ الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِاليَمَنِ وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ". [انظر: 3621 - مسلم: 2274 - فتح 12/ 420] (ذكر لي) بالبناء للمفعول، ولا يضر جهله؛ لأنه صحابي ¬

_ (¬1) سبق برقم (82) كتاب: العلم، باب: فضل العلم. وبرقم (7006) كتاب: التعبير، باب: اللبن.

39 - باب إذا رأى بقرا تنحر

والصحابة كلهم عدول. (سوران) بضم أوله وكسره. (ففظعتهما) بكسر المعجمة، أي: استعظمت أمرهما. (فأذن لي) أي: أن انفخهما، ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 39 - بَابُ إِذَا رَأَى بَقَرًا تُنْحَرُ (باب: إذا رأى بقرًا تنحر) جواب (إذا) محذوف أي: يعبر بحسب ما يليق بها، فإن كانت سمينة فهي سنين رخاء، أو هزيلة فهي سنين قحط. 7035 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، - أُرَاهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَأَيْتُ فِي المَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا اليَمَامَةُ أَوْ هَجَرٌ، فَإِذَا هِيَ المَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا، وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ مِنَ الخَيْرِ، وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ بِهِ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ". [انظر: 3622 - مسلم: 2272 - فتح 12/ 421] (عن بُريد) أي: ابن عبد الله. (وهلي) بفتح الهاء وسكونها أي: وهمي. (أو هجر) في نسخة: "أو الهجر" بالتعريف وهي بفتحتين: قاعدة أرض البحرين، وقيل: بلد باليمن. (ورأيت فيها بقرًا) أي: تنحر كما في رواية. (فإذا هم) أي: البقر ذكر ضميرها باعتبار الخبر وهْمُ (المؤمنون) أي: الذين قتلوا. (يوم أحد) أي: فيه. (بعد يوم بدر) أي: الثانية، أي: ما جاء فيه من تثبيت قلوب المؤمنين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4373) كتاب: المغازي، باب: وفد بني حيفه، وحديث ثمامة بن أثال.

40 - باب النفخ في المنام

40 - بَابُ النَّفْخِ فِي المَنَامِ (باب: النفخ في المنام) أي: بيان ما جاء فيه. 7036 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَال: هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ". [انظر: 238 - مسلم 855 - فتح 12/ 423] (نحن الآخرون) أي: في الدنيا. (السابقون) أي: غيرنا في الآخرة. 7037 - وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُوتِيتُ خَزَائِنَ الأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ وَأَهَمَّانِي، فَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا: صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبَ اليَمَامَةِ". [انظر: 3621 - مسلم: 2274 - فتح 12/ 423] (فكبر عليّ) بضم الموحدة، أي: عظم أمرهما وشق عليَّ، ومرَّ الشطر الأول من الحديث في الجمعة والثاني أيضًا (¬1). 41 - بَابُ إِذَا رَأَى أَنَّهُ أَخْرَجَ الشَّيْءَ مِنْ كُورَةٍ، فَأَسْكَنَهُ مَوْضِعًا آخَرَ (باب: إذا رأى أنه أخرج شيء من كورة) بضم الكاف: الناحية، وفي نسخة: "من كوة" بفتح الكاف وضمها وتشديد الواو: ثقب في البيت. (فأسكنه) أي: وضع الشيء الذي أخرجه. (موضعًا آخر) وجواب (إذا) محذوف، أي: يعبر بحسب ما يليق بذلك الشيء. 7038 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَخِي عَبْدُ الحَمِيدِ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (876) كتاب: الجمعة، باب: فرض الجمعة. وبرقم (896) كتاب: الجمعة، باب: هل علي من لم يشهد الجمعة غسل.

42 - باب المرأة السوداء

سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَأَيْتُ كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ المَدِينَةِ، حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ - وَهِيَ الجُحْفَةُ - فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ المَدِينَةِ نُقِلَ إِلَيْهَا". [7039، 7040 - فتح 12/ 425] (ثائرة الرأس) بمثلثة أي: منتشرًا شعر رأسها. (حتى قامت) بمعنى: أقامت. (بمهيعة) بفتح الميم بوزن مقنعة. (وهي الجحفة)، قال شيخنا: وأظنه مدرجًا من قول موسى بن عقبة (¬1). 42 - باب المَرْأَةِ السَّوْدَاءِ. 7039 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فِي رُؤْيَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَدِينَةِ: "رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ المَدِينَةِ حَتَّى نَزَلَتْ بِمَهْيَعَةَ، فَتَأَوَّلْتُهَا أَنَّ وَبَاءَ المَدِينَةِ نُقِلَ إِلَى مَهْيَعَةَ" وَهِيَ الجُحْفَةُ". [انظر: 7038 - فتح 12/ 426] (باب: المرأة السوداء) أي: بيان رؤيتها في المنام. ومرَّ حديث الباب آنفًا. 43 - باب المَرْأَةِ الثَّائِرَةِ الرَّأْسِ. (باب: المرأة الثائرة الرأس) أي: المنتفش شعر رأسها. 7040 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ، خَرَجَتْ مِنَ المَدِينَةِ حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ، فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ المَدِينَةِ نُقِلَ إِلَى مَهْيَعَةَ" وَهِيَ الجُحْفَةُ". [انظر: 7038 - فتح 12/ 426] (سليمان) أي: ابن بلال. ¬

_ (¬1) "الفتح" 12/ 425 - 426.

44 - باب إذا هز سيفا في المنام

44 - بَابُ إِذَا هَزَّ سَيْفًا فِي المَنَامِ 7041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، - أُرَاهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "رَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى، فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الفَتْحِ، وَاجْتِمَاعِ المُؤْمِنِينَ". [انظر: 3622 - مسلم: 2272 - فتح 12/ 426] (باب: إذا هز سيفًا في المنام) جواب (إذا) محذوف أي: يعبر بما يليق به. ومرَّ حديث الباب في علامات النبوة (¬1). 45 - بَابُ مَنْ كَذَبَ فِي حُلُمِهِ (باب: من كذب في حلمه) بضم اللام وسكونها، أي: فيما يراه في منامه. 7042 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ، وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ" قَال سُفْيَانُ: وَصَلَهُ لَنا أَيُّوبُ، وَقَال قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَوْلَهُ: "مَنْ كَذَبَ فِي رُؤْيَاهُ" وَقَال شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ، سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ: قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: قَوْلَهُ: "مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، وَمَنْ تَحَلَّمَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ". حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: "مَنِ اسْتَمَعَ، وَمَنْ تَحَلَّمَ، وَمَنْ صَوَّرَ" نَحْوَهُ. تَابَعَهُ هِشَامٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ. [انظر: 2225 - مسلم: 2110 - فتح 12/ 427] ¬

_ (¬1) سبق برقم (3622) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

46 - باب إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها ولا يذكرها

(سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أيوب) أي: السختياني. (ولن يفعل) أي: ولن يقدر على فعل ذلك، وتكليفه بذلك كناية عن استمرار تعذيبه، ولا حجة فيه لمن جوز تكليف ما لا يطاق؛ لأن من ذكر ليس بدار تكليف. (الآنك) بهمزة ممدوة مفتوحة، ونون مضمومة: الرصاص المذاب. (قوله) أي: قول أبي هريرة وهو مفعول (حدثنا). (إسحاق) أي: ابن شاهين الواسطي. (خالد) أي: ابن عبد الله الطحان. (عن خالد) أي: الحذاء. (تابعه) أي: خالد الحذاء. (هشام) أي: ابن حسان. 7043 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ مِنْ أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ". [فتح 12/ 427] (من أفرى الفرى) بفتح الهمزة الأولى، وكسر الفاء والقصر في الثاني جمع فرية: وهي الكذبة العظيمة. 46 - بَابُ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلَا يُخْبِرْ بِهَا وَلَا يَذْكُرْهَا (باب: إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها ولا يذكرها) العطف للتفسير. 7044 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، يَقُولُ: لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: وَأَنَا كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ إلا مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلْيَتْفِلْ ثَلاثًا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ". [انظر: 3292 - مسلم: 2261 - فتح 12/ 430]

47 - باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب

(وليتفل) بضم الفاء وكسرها، أي: وليبصق. 7045 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الهَادِ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ" [فتح 12/ 430] (الدراوردي) هو عبد العزيز. (عن يزيد) أي: ابن الهاد. ومرَّ حديث الباب في باب: الرؤيا من الله (¬1). 47 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ (باب: من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب) أي: في تعبيرها. 7046 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي المَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا، فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ. فَقَال أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اعْبُرْهَا" قَال: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلامُ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ مِنَ العَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالقُرْآنُ، حَلاوَتُهُ تَنْطُفُ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ القُرْآنِ وَالمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (6985) كتاب: التعبير، باب: الرؤيا من الله.

48 - باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح

فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا" قَال: فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ، قَال: "لَا تُقْسِمْ". [انظر: 7000 - مسلم: 2269 - فتح 12/ 431] (ظلة) بضم المعجمة، أي: سحابة. (تنطف) بضم المهملة وكسرها، أي: تقطر. (يتكففون) أي: يأخذون بأكفهم. (فالمستكثر والمستقل) أي: فمنهم المستكثر، ومنهم المستقل. (وإذا سبب) أي: حبل. (لتدعني) أي: لتتركني. (ثم أخذ به) في نسخة: "ثم أخذه". (ثم يأخذ به رجل) إلى آخره الرجل الأول: أبو بكر، والثاني: عمر، والثالث: عثمان. فانقطع به ثم وصل له فيعلو به يعني: أن عثمان كاد ينقطع عن اللحاق بصاحبيه؛ لسبب ما وقع له من تلك القضايا التي أنكروها، فعبر عنها بانقطاع الحبل، ثم وقعت له الشهادة فاتصل فالتحق بهما (وأخطأت بعضًا) قيل: خطاؤه في التعبير؛ لكونه بحضوره - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكل الأمر إليه. (قال: لا تقسم) أي: قسمًا آخر. قال النووي: إنما لم يبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم أبي بكر؛ لأن إبرار القسم مخصوص بما إذا لم يكن هناك مفسدة ولا مشقة ظاهرة، قال: ولعل المفسدة في ذلك ما علمه من انقطاع السبب بعثمان وهو قتله وتلك الحروب والفتن المرتبة عليه فكره ذكرها خوف شيوعها (¬1). 48 - بَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ (باب: تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح) أي: بيان تعبيرها حينئذ؛ لحفظ صاحبها لها؛ لقرب عهده بها، ولحضور ذهن المعبر فيما يقوله ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 15/ 29.

7047 - حَدَّثَنِي مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا» قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: " فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، - قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: فَيَشُقُّ - " قَالَ: «ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: " قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ - قَالَ: فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ " قَالَ: «فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاَءِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا» قَالَ: قُلْتُ

لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَال: "فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا" قَال: "قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ " قَال: "قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَال: "فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ المَرْآةِ، كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا" قَال: "قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ " قَال: "قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَويلٌ، لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ ولْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ " قَال: "قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا مَا هَؤُلاءِ؟ " قَال: "قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَال: "فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلَا أَحْسَنَ" قَال: "قَالا لِي: ارْقَ فِيهَا " قَال: "فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ المَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاهَا، فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ" قَال: "قَالا لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ " قَال: "وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ المَحْضُ فِي البَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ" قَال: "قَالا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ " قَال: "فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيْضَاءِ" قَال: "قَالا لِي: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ " قَال: "قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ، قَالا: أَمَّا الآنَ فَلَا، وَأَنْتَ دَاخِلَهُ " قَال: "قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ " قَال: "قَالا لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الكَرِيهُ المَرْآةِ، الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّويلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا الولْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ " قَال: فَقَال بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلادُ المُشْرِكِينَ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَوْلادُ

المُشْرِكِينَ، وَأَمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ". [انظر: 845 - مسلم: 2275 - فتح 12/ 438] (عوف) أي: الأعرابي. (أبو رجاء) هو عمران العطاردي. (مما يكثر) زاد قبله في نسخة: "يعني". (من رؤيا) من بيانية أو زائدة. (ابتعثاني) في نسخة: "انبعثاني" بنون فموحدة. (فيثلغ) أي: فيشدخ. (فيتدهد) أي: ينحط من علو إلى سفل. (فيشرشر شدقه) أي: يقطعه (مثل التنور) أي: الذي يخبز فيه الخبز. (فإذا فيه) أي: في مثل التنور. (لغط) أي: صوت لا يفهم معناه. (لهب) أي: اشتعال النار. (ضوضوا) بلا همزة، وبهمز أي: ضجوا واستغاثوا. (يسبح) أي: يعوم. (ما يسبح) (ما) موصولة أي: السابح يسبح الذي يسبحه. (فيفغر له فاه) أي: يفتحه. (كريه المرآة) بفتح الميم أي: المنظر. (كأكره ما أنت راءٍ رجلًا مرآة) بالنصب بـ (راءٍ) أي: راءٍ رجلًا كريه المنظر. (يحشها) بمهملة فمعجمة مشددة، أي: يحركها ويوقدها. (روضة معتمة) بضم الميم وسكون المهملة بعدها فوقية أي: طويلة النبات. (من كل نور الربيع) بفتح النون، أي: زهر. (وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط) (ما) مقدرة فيه وأصل التركيب: وإذا خول الرجل ولدان ما رأيت ولدان قط أكثر منهم. (أرق فيها) أي: اصعد في الشجرة المفهومة من (الروضة). (شطر من خلقهم) أي: من هيئتهم. (المحض) بمهملة فمعجمة أي: اللبن الخالص. (فسما بصري) بفتح المهملة والميم المخففة، أي: نظر. (صعدًا) بضم المهملتين أي: مرتفعًا كثيرا. (مثل الربابة) بفتح الراء والموحدتين، أي: السحابة. (ذراني) بفتح المعجمة أي: اتركاني. (وأنت داخله) أي: في الآخرة.

(فيرفضه) أي: فيتركه. (الذي عند النار) في نسخة: "الذي عنده النار". (كان شطر منهم حسنًا) إعرابه ظاهر وفي نسخة: "كانوا" وعليها ففي تالييها ثلاث نسح: رفع (شطر) بدل من الضمير قبله، ونصب (حسنًا) خبر كان، وأفرد نظرًا إلى البدل، ورفعهما بالابتداء والخبر بجعل (كان) تامة، والجملة لحال، وإن كانت بلا واو، كقوله تعالى: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36] ونصب (شطرًا) بدل بعض من خبر (كان) المحذوف ورفع (حسنًا) خبر مبتدإٍ محذوف، أي: كانوا شطرين، شطرًا منه، حسن وشطر منهم قبيحًا، فيه النسخ السابقة ولا يخفى تقريره. ومرَّ الحديث في كتاب: الجنائز، ومرَّ في غيره أيضًا لكن مقطعًا (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1386) كتاب: الجنائز، وبرقم (485) كتاب: الأذان، باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلم.

92 - كتاب الفتن

92 - كِتَابُ الفِتَنِ

1 - [باب] ما جاء في قول الله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} [الأنفال: 25] وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من الفتن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 92 - كِتَابُ الفِتَنِ (كتاب الفتن) جمع فتنة: وهي المحنة والعذاب وكل مكروه (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مقدمة في نسخة علي سابقها. 92 - كِتَابُ الفِتَنِ 1 - [باب] مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَذِّرُ مِنَ الفِتَنِ. (باب) ساقط من نسخة. (ما جاء في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}) وعطف علي ما جاء قوله: (وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحذر من الفتن) أي: باب بيان كل منهما. 7048 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: قَالتْ أَسْمَاءُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَنَا عَلَى حَوْضِي أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ، فَيُؤْخَذُ بِنَاسٍ مِنْ دُونِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي، فَيُقَالُ: لَا تَدْرِي، مَشَوْا عَلَى القَهْقَرَى " قَال ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: "اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا، أَوْ نُفْتَنَ". [انظر: 6593 - مسلم: 2293 - فتح 13/ 3] (فيقول) أي: الله. (لا تدري) أي: ما أحدثوا بعدك؛ لأنهم (مشوا على القهقرى) أي: رجعوا رجوع القهقرى، الرجوع إلى خلف أي: ارتدوا عمَّا كانوا عليه (أو نفتن) عن ديننا.

2 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سترون بعدي أمورا تنكرونها"

7049 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ، حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاولَهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي، يَقُولُ: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ". [انظر: 6575 - مسلم: 2297 - فتح 13/ 3] (اختلجوا) بالبناء للمفعول أي: اقتطعوا. (دوني) أي: من عندي، ومرَّ الحديث في ذكر الحوض (¬1). 7050، 7051 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَال: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، فَمَنْ وَرَدَهُ شَرِبَ مِنْهُ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا، لَيَرِدُ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ" قَال أَبُو حَازِمٍ: فَسَمِعَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، - وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا، فَقَال: هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلًا، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَال: وَأَنَا - أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فِيهِ قَال: "إِنَّهُمْ مِنِّي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي". [انظر: 6583، 6584 - مسلم: 2290 - فتح 13/ 3] (من ورده شرب) في نسخة: "من يرد يشرب". (ما بدلوا) في نسخة: "ما أحدثوا". (سحقا سحقا) أي: بعدًا بعدًا. 2 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا" وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ". [انظر: 4330] (باب: قوله النبي - صلى الله عليه وسلم - سترون بعدي أمورا تنكرونها) أي: باب بيان ذلك. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6583) كتاب: الرقاق، باب: في الحوض.

7052 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، قَال: قَال لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا" قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ". [انظر: 3603 - مسلم: 1843 - فتح 13/ 5] (أثره) بفتح الهمزة والمثلثة أي: استئثارًا واختصاصًا بحظوظ دنيوية. (وسلوا الله حقكم) أي: أن يأخذ لكم حقكم. 7053 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنِ الجَعْدِ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً". [7054، 7143 - مسلم: 1849 - فتح 13/ 5] (شبرًا) أي: قدر شبر وهو كناية عن خروجه علي السلطان ولو بأدنى شيء. (عن الجعد) هو أبو عثمان الصيرفي. (عن أبي رجاء) هو عمران العطاردي. 7054 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إلا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً". [انظر: 7053 - مسلم: 1849 - فتح 13/ 5] (أبوالنعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. 7055 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَال: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَهُوَ مَرِيضٌ، قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ، سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ. [انظر: 18 - مسلم: 1709 - فتح 13/ 5] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس.

3 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء"

(أصلحك الله) أي: في جسمك. 7056 - فَقَال فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: "أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ". [7200 - مسلم: 1845 - فتح 13/ 5] (وأثرة) عطف علي السمع أي: وبايعنا على استئثار الأمر بحظوظهم واختصاصهم إياها بأنفسهم. (بواحًا) بفتح الموحدة والواو المخففة أي: ظاهرا باديًا. 7057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَعْمَلْتَ فُلانًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي؟ قَال: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي". [انظر: 3792 - مسلم: 1845 - فتح 13/ 5] (حتى تلقوني) أي: على الحوض، ومرَّ الحديث في فضائل الأنصار (¬1). 3 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء) زاد في نسخة: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" قبل باب، وفي أخرى: "من قريش". قيل: سفهاء وأغيلمة: تصغير غلمة جمع غلام، وواحد أغيلمة غليِّم بالتشديد. 7058 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي جَدِّي، قَال: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3792) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض".

4 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ويل للعرب من شر قد اقترب"

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، وَمَعَنَا مَرْوَانُ، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ المَصْدُوقَ يَقُولُ: "هَلَكَةُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ" فَقَال مَرْوَانُ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً. فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ: بَنِي فُلانٍ، وَبَنِي فُلانٍ، لَفَعَلْتُ. فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مُلِّكُوا بِالشَّأْمِ، فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَال لَنَا: عَسَى هَؤُلاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ؟ قُلْنَا: أَنْتَ أَعْلَمُ. [انظر: 3604 - مسلم: 2917 - فتح 13/ 9] (مروان) أي: ابن الحكم. (هلكة) بفتحتين بمعنى: الهلاك. (يدي) بالتثنية، وفي نسخة: "أيدي" بالجمع. (غلمة) بالنصب على الاختصاص. (لو شئت أن أقول: بني فلان وبني فلان لفعلت) كأنه كان يعرف أسماءهم وكان ذلك من الجواب الذي لم يثبته. (فكنت أخرج مع جدي) قائله: عمرو بن يحيى، ومرَّ الحديث في علامات النبوة (¬1). 4 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ويل العرب من شر قد اقترب) ويل: كلمة عذاب؛ أو واد في جهنم، وهي تقال لمن وقع في هلكة، قال شيخنا: وخصَّ العرب بالذكر؛ لأنهم أول من دخل الإسلام وللإنذار بأن الفتن إذا وقعت كان الهلاك أسرع إليهم (¬2). 7059 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ، أَنَّهَا قَالتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّوْمِ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (3604) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام. (¬2) "الفتح" 13/ 11.

5 - باب ظهور الفتن

وَعَقَدَ سُفْيَانُ تِسْعِينَ أَوْ مِائَةً قِيلَ: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَال: "نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ". [انظر: 3346 - مسلم: 2880 - فتح 13/ 11] (من ردم يأجوج ومأجوج) أي: من سدهما الذي بناه ذو القرنين. (وعقد سفيان) أي: ابن عيينة. (تسعين) بأن جعل طرف أصبعه السبابة اليمنى في أصلها وضمها ضمًا محكما بحيث انطوت عقدتاها. (أو مائة) بأن عقد التسعين، لكن بالخنصر اليسرى. (الختبث) أي: الزنا والفسوق والفجور. ومرَّ الحديث في علامات النبوة (¬1). 7060 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ المَدِينَةِ، فَقَال: "هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى" قَالُوا: لَا، قَال: "فَإِنِّي لَأَرَى الفِتَنَ تَقَعُ خِلال بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ القَطْرِ". [انظر:: 1878 - مسلم: 2885 - فتح 13/ 11] (أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرازق) أي: ابن همام. (على أطم) على حصن، أو قصر. (كوقع القطر) أي: "المطر" كما في نسخة. وفيما قاله إشارة إلى الحروب الجارية بينهم كقتل عثمان والقتال الواقع بالجمل وبصفين بسببه، ومرَّ الحديث في الحج والمظالم (¬2). 5 - بَابُ ظُهُورِ الفِتَنِ (باب: ظهور الفتن) أي: بيان ما جاء فيه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3598) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام. (¬2) سبق برقم (1878) كتاب: فضائل المدينة، باب: آطام المدينة. وبرقم (2467) كتاب: المظالم، باب: الغرفة والعلية المشرفة في السطوح.

7061 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ العَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّمَ هُوَ؟ قَال: "القَتْلُ القَتْلُ". [انظر: 85 - مسلم: 157 - فتح 13/ 13] وَقَال شُعَيْبٌ، وَيُونُسُ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي. (معمر) أي: ابن راشد. (عن سعيد) أي: ابن المسيب. (الزمان) في نسخة: "الزمن". (أيم) بفتحات وتشديد الياء، وأصله: أي ما، أي: أي شيء. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (ويونس) أي: ابن يزيد. (عن حميد) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. 7062، 7063 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَال: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي مُوسَى، فَقَالا: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لَأَيَّامًا، يَنْزِلُ فِيهَا الجَهْلُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا العِلْمُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الهَرْجُ" وَالهَرْجُ: القَتْلُ؟. [7064، 7065، 7066 - مسلم: 2672 - فتح 13/ 13] 7064 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، قَال: جَلَسَ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُومُوسَى فَتَحَدَّثَا: فَقَال أَبُو مُوسَى: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامًا، يُرْفَعُ فِيهَا العِلْمُ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الجَهْلُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الهَرْجُ" وَالهَرْجُ: القَتْلُ. [انظر: 7063 - مسلم: 2672 - فتح 13/ 13] 7065 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: - إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَال أَبُو مُوسَى: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، وَالهَرْجُ: بِلِسَانِ الحَبَشَةِ القَتْلُ. [انظر: 7063 - مسلم: 2672 - فتح 13/ 13] 7066 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ،

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَحْسِبُهُ رَفَعَهُ، قَال: "بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامُ الهَرْجِ، يَزُولُ فِيهَا العِلْمُ وَيَظْهَرُ فِيهَا الجَهْلُ" قَال أَبُو مُوسَى: "وَالهَرْجُ: القَتْلُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ". [انظر: 7062 - مسلم: 2672 - فتح 13/ 14] (محمد) أي: ابن بشار. (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (قال أبو موسى: والهرج: القتل بلسان الحبشية) قال القاضي عياض: هذا وَهْمٌ من بعض الرواة فإنها عربية صحيحة. 7067 - وَقَال أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ الأَشْعَرِيِّ، أَنَّهُ قَال لِعَبْدِ اللَّهِ: تَعْلَمُ الأَيَّامَ الَّتِي ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الهَرْجِ؟ نَحْوَهُ. قَال ابْنُ مَسْعُودٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكْهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ". [فتح 13/ 14] (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (هو) أي: الهرج. (عن عاصم) أي: ابن أبي النجود. (من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء) قيل: هم الكفار والمنافقون، (ومن) تبعيضية أو زائدة وهو الأوجه لخبر مسلم "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" (¬1)، ولا ينافيه خبر: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى تقوم الساعة" (¬2) لأن الغاية فيه كما قال شيخنا: محمولة علي وقت هبوب الريح الطيبة التي تقبض روح كل مؤمن ومسلم، فلا يبقى إلا الشرار فتهجم الساعة عليهم بغتة (¬3). ¬

_ (¬1) رواه مسلم (2949) كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: قرب الساعة. وابن ماجه (4039) كتاب: الفتن، باب: شدة الزمان. وأحمد 1/ 394. وابن حبان 15/ 264 (6850) كتاب: التاريخ، باب: إخباره (عما يكون). (¬2) سبق برقم (3640) كتاب: المناقب. (¬3) "الفتح" 13/ 19.

6 - باب: لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه

6 - بَابٌ: لَا يَأْتِي زَمَانٌ إلا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ (باب: لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَال: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَال: "اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إلا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ" سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح 13/ 19] (سفيان) أي: الثوري. (فشكونا إليه ما نلقى) في نسخة: "ما يلقون" وفي أخرى: "فشكوا إليه ما يلقون" وفيهما التفات. (الحجاج) أي: ابن يوسف الثقفي. (حتى تلقوا ربكم) أي: حتى تموتوا، والحديث محمول على الغالب إذ بعض الأزمنة قد تكون في الشر أقل من سابقه كزمن عمر بن عبد العزيز بعد زمن الحجاج، أو المراد بالتفضيل: تفضيل مجموع العصر على مجموع العصر فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة الأحياء وانقرضوا في عصر عمر، والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي خلوا منه لخبر: "خير القرون قرني" (¬1). 7069 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الحَارِثِ الفِرَاسِيَّةِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَزِعًا، يَقُولُ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الخَزَائِنِ، وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الفِتَنِ؟ مَنْ ¬

_ (¬1) سلف برقم (3651) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: "خير الناس قرني".

7 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حمل علينا السلاح فليس منا"

يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ - يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ لِكَيْ يُصَلِّينَ - رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ". [انظر: 115 - فتح 13/ 20] (أبو اليمان) هو الحكم بن نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو أبو بكر عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (فزعًا) بكسر الزاي أي: خائفًا. (سبحان الله ماذا أنزل الله) في نسخة: "أنزل من الخزائن" كخزائن فارس والروم، والاستفهام متضمن معنى التعجب. (من يوقظ) في نسخة: "أيقظوا". (رب كاسية في الدنيا) أي: بالثياب لوجود الغنى (عارية في الآخرة) من الثواب لعدم العمل في الدنيا، أو كاسية بالثياب الشفافة التي لا تستر العورة (عارية في الآخرة) جزاء على ذلك. ومرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬1). 7 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من حمل علينا السلاح فليس منا) أي: فليس تابعا سنتنا، أو المراد: من حمل السلاح علينا مستحلا لذلك فليس منا بل هو كافر. 7070 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا". [انظر: 6874 - مسلم: 98 - فتح 13/ 23] 7071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا". [مسلم: 100 - فتح 13/ 23] ¬

_ (¬1) سلف برقم (115) كتاب: العلم، باب: العلم والعظة بالليل.

(أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن بريد) بضم الموحدة أي: ابن عبد الله بن قيس 7072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلاحِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي، لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ". [مسلم: 2617 - فتح 13/ 23] (محمد) أي: ابن يحيى الذهلي. (عن عبد الرزاق) أي: ابن همام. (عن معمر) أي: ابن راشد. (عن همام) أي: ابن منبه. (لعل الشيطان ينزع في يده) بفتح التحتية وكسر الزاي وبمهملة أي: يقلعه من يده فيصيب به أخاه، أو يشد يده فيصيبه، وفي نسخة: "ينزغ" بغين معجمة أي: يطعن، أو يغوي. 7073 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: قُلْتُ لِعَمْرٍو: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ: سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ فِي المَسْجِدِ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا؟ ". [انظر: 451 - مسلم: 2614 - فتح 13/ 23] (سفيان) أي: ابن عيينة. (بنصالها) جمع نصل: وهو حديدة السهم، ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 7074 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلًا مَرَّ فِي المَسْجِدِ بِأَسْهُمٍ قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا، "فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا، لَا يَخْدِشُ مُسْلِمًا". [انظر: 451 - مسلم: 2614 - فتح 13/ 24] (أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. ومرَّ حديثه في أول الجراح. ¬

_ (¬1) سلف برقم (451) كتاب: الصلاة، باب: يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد.

8 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض"

7075 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا، أَوْ فِي سُوقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ، فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا، - أَوْ قَال: فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ -، أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ". [انظر: 452 - مسلم: 2615 - فتح 13/ 24] (ومعه نبل) أي: سهام عربية. (فليمسك على نصالها) ضمن (يمسك) معنى: الاستعلاء فعداه بعلى، ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 8 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" (باب: قوله النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) أي: لا تقتلوهم مستحلين قتلهم فتصيروا كفارًا. 7076 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ". [انظر: 48 - مسلم: 64 - فتح 13/ 26] (سباب المسلم فسوق) بأن يذكر فيه من العيوب ما ليس فيه وهو أشد من السبِّ. (وقتاله) أي: مقاتلته. (كفر) أي: إذا استحل ذلك، أو أراد بالكفر: التغليظ أي: أنه كالكافر في ارتكابه المعصية. 7077 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [انظر: 1742 - مسلم: 66 - فتح 13/ 26] (واقد) أي: ابن محمد. ¬

_ (¬1) سلف برقم (452) كتاب: الصلاة، باب: المرور في المسجد.

(لا ترجعوا) في نسخة: "لا ترجعون" بثبوت النون خبرًا. ومرَّ الحديث في أوائل الديَات (¬1). 7078 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، - وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَال: "أَلا تَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَال: "أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ" قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "أَيُّ بَلَدٍ هَذَا، أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الحَرَامِ" قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، وَأَبْشَارَكُمْ، عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلا هَلْ بَلَّغْتُ" قُلْنَا: نَعَمْ، قَال: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ لِمَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ" فَكَانَ كَذَلِكَ، قَال: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ حُرِّقَ ابْنُ الحَضْرَمِيِّ، حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَال: أَشْرِفُوا عَلَى أَبِي بَكْرَةَ، فَقَالُوا: هَذَا أَبُو بَكْرَةَ يَرَاكَ، قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَحَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ قَال: لَوْ دَخَلُوا عَلَيَّ مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ. [انظر: 67 - مسلم: 1679 - فتح 13/ 26] 7079 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَرْتَدُّوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [انظر: 1739 - فتح 13/ 26] 7080 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ، قَال: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ: "اسْتَنْصِتِ النَّاسَ" ثُمَّ قَال: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [انظر: 121 - مسلم: 65 - فتح 13/ 26] ¬

_ (¬1) سبق برقم (6867) كتاب: الديَات، باب: قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا}.

9 - باب تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم

(يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن أبي بكرة) هو نفيع بن الحارث. (وعن رجل آخر) هو حميد بن عبد الرحمن. (هو) أي: حميد. (وأبشاركم) [بفتح الهمزة جمع بشر] (¬1): وهو ظاهر الجلد (أوعى) أي: أحفظ. (ما بهشت) بفتح الموحدة والهاء وسكون المعجمة، وفي نسخة: بكسر الهاء. (بقصبة) أي: ما مددت يدي إليها وتناولتها لأدافع بها عني؛ لأني لا أرى قتال المسلمين فكيف أقاتلهم بسلاح؛ من بهش القوم بعضهم بعضا إذا توافوا للقتال، ومرَّ الحديث مع ما بعده في الحج (¬2). 9 - بَابُ تَكُونُ فِتْنَةٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ (باب: تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ح قَال إِبْرَاهِيمُ: وَحَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَكُونُ فِتَنٌ، القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْهَا مَلْجَأً، أَوْ مَعَاذًا، فَلْيَعُذْ بِهِ". [انظر: 3601 - مسلم: 2886 - فتح 13/ 29] 7082 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَكُونُ فِتَنٌ، القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سلف برقم (1741) كتاب: الحج، باب: الخطبة أيام منى.

10 - باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما

تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا، فَلْيَعُذْ بِهِ". [انظر: 3601 - مسلم: 2886 - فتح 13/ 30] (ستكون فتن) في نسخة: "فتنة". (القاعد فيها خير من القائم) إلى آخره المراد بالأفضلية في الخيرية: أن يكون المفضل أقل شرًّا من المفضل عليه إذ القاعد عن الفتنة أقل شرًّا من القائم لها، والقائم لها أقل شرًّا من الماشي لها، والماشي لها أقل شرًّا من الساعي في إثارتها. (من تشرف لها) أي: تعرض. (تستشرفه) أي: تهلكه. (ملجأ) أي: موضعًا يلتجأ إليه. (أو معاذًا) أي: موضع العوذ وهو بمعنى: ملجأ. 10 - بَابُ إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا (باب: إذا التقي المسلمان بسيفهما) أي: فكلاهما في النار. 7083 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ رَجُلٍ، لَمْ يُسَمِّهِ عَنِ الحَسَنِ، قَال: خَرَجْتُ بِسِلاحِي لَيَالِيَ الفِتْنَةِ، فَاسْتَقْبَلَنِي أَبُو بَكْرَةَ، فَقَال: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ نُصْرَةَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا تَوَاجَهَ المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلاهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ" قِيلَ: فَهَذَا القَاتِلُ، فَمَا بَالُ المَقْتُولِ؟ قَال: "إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ" قَال حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الحَدِيثَ لِأَيُّوبَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ يُحَدِّثَانِي بِهِ، فَقَالا: إِنَّمَا رَوَى هَذَا الحَدِيثَ: الحَسَنُ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، بِهَذَا. وَقَال مُؤَمَّلٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، وَهِشَامٌ، وَمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَرَوَاهُ بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَقَال غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ. [انظر:: 31 - مسلم: 2888 - فتح 13/ 31]

11 - باب: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟

(حماد) أي: ابن زيد بن درهم. (عن رجل لم يسمه) هو عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة. (ليالي الفتنة) أي: التي وقعت بين علي وعائشة. (سليمان) أي: ابن حرب الواشحي. (مؤمل) أي: ابن هشام اليشكري على ما قاله الكرماني (¬1)، أو ابن إسماعيل البصري على ما قاله شيخنا (¬2). 11 - بَابٌ: كَيْفَ الأَمْرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ؟. (باب: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟) أي: يجتمعون علي خليفة، والمعنى: إذا وقع اختلاف ولم يكن خليفة فكيف يفعل المسلمون؟. 7084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الحَضْرَمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الخَوْلانِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ، يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَال: "نَعَمْ" قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَال: "نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ" قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَال: "قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ" قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَال: "نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، قَال: "هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا" قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَال: "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ" قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَال: "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ". [انظر: 3606 - مسلم: 1847 - فتح 13/ 35] ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 160. (¬2) "فتح الباري" 13/ 33.

(ابن جابر) هو عبد الرحمن. (بهذا الخير) أي: الإسلام. (دخن) بفتح المهملة والمعجمة الدخان أي: ليس خيرًا خالصا بل فيه كدورة بمنزلة الدخان من النار، والمراد منه: أن لا تصفوا القلوب بعضها لبعض كما كانت عليه من الصفاء. (بغير هدى) في نسخة: "بغير هديي" بزيادة ياء الإضافة أي: بغير سنتي. (تعرف منهم وتنكر) أي: الخير والشر، قال القاضي عياض: المراد بالخير بعد الشر أيام عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - وبالذين تعرف منهم وتنكر: الأمراء بعد، فمنهم من تمسك بالسنة والعدل، ومنهم من يدعوا إلى البدعة ويعمل بالجور (¬1)، وقال الكرماني: بعد نقله ذلك: يحتمل أن يراد بالشر: زمن قتل عثمان، وبالخير بعده زمن خلافة علي - رضي الله عنه - (¬2) (والدخن) الخوارج ونحوهم، والشر بعده زمن الذين يعلنونه على المنابر. (دعاة على أبواب جهنم) أي: جماعة يدعون الناس إلى الضلالة ويصدنوهم عن الهدى. (من جلدتنا) أي: من أنفسنا وعشيرتنا. (ويتكلمون بألسنتنا) أي: هم من العرب، وقيل: من بني آدم، والمعنى: أنهم في الظاهر على ملتنا وفي الباطن مخالفونا، وجلدة الشيء: ظاهره وهي في الأصل غشاء البدن. (فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة) أي: تمسك بما يصبرك وتقوي به عزيمتك على اعتزالهم ولو بما لا يكاد يصح أن يكون متمسكا، وعض أصل الشجرة: كناية عن مكابدة المشقة، ومرَّ الحديث في علامات النبوة (¬3). ¬

_ (¬1) "إكمال المعلم" 6/ 255. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 162. (¬3) سلف برقم (3606) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.

12 - باب من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم

12 - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُكَثِّرَ سَوَادَ الفِتَنِ وَالظُّلْمِ (باب: من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم) أي: أهلهَما. 7085 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، وَغَيْرُهُ قَال: حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ، وَقَال اللَّيْثُ: عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَال: قُطِعَ عَلَى أَهْلِ المَدِينَةِ بَعْثٌ، فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ، - فَأَخْبَرْتُهُ فَنَهَانِي أَشَدَّ النَّهْيِ ثُمَّ - قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَنَّ أُنَاسًا مِنَ المُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ المُشْرِكِينَ، يُكَثِّرُونَ سَوَادَ المُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَأْتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97]. [انظر: 4596 - فتح 13/ 37] (حيوة) أي: ابن شريح. (أبو الأسود) هو محمد بن عبد الرحمن الأسدي. (قطع على أهل المدينة بعث) أي: أمر عليهم جيش للغزو ليقاتلوا أهل الشام. (فاكتتبت) بالبناء للمفعول. 13 - بَابُ إِذَا بَقِيَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ (باب: إذا بقي) أي: المسلم. (في حثالة من الناس) أي: في ناس رديئين، وجواب (إذا) محذوف أي: ماذا يصنع؟. 7086 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ: حَدَّثَنَا: «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ» وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: " يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى فِيهَا أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلًا أَمِينًا.

14 - باب التعرب في الفتنة

وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ " وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ، وَلَا أُبَالِي أَيُّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الإِسْلامُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا اليَوْمَ: فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إلا فُلانًا وَفُلانًا. [انظر: 6497 - مسلم: 143 - فتح 13/ 38] (سفيان) أي: الثوري. (في جذر قلوب الرجال) الجذر بفتح الجيم وكسرها وسكون المعجمة: الأصل. (ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة) يعني: أن الأمانة لهم بحسب الفطرة ثم تطرقوا الكسب من الشريعة. (مثل أثر الوكت) بفتح الواو وسكون الكاف وبمثناة أي: السواد. (مثل أثر المجل) بفتح الميم وسكون الجيم وفتحها أي: السقط الذي يحصل في اليد من العمل (فنفط) بكسر الفاء وذكر الضمير باعتبار العضو. (منتبرًا) أي: منتفخا، ومرَّ الحديث في الرقاق (¬1). 14 - بَابُ التَّعَرُّبِ فِي الفِتْنَةِ (باب: التعرب) بفتح العين المهملة وضم الراء المشددة أي: الإقامة بالبادية والتكلف في صيرورته أعرابيًّا، وفي نسخة: "التعزب" بزاي بدل الراء أي: البعد والاعتزال. (في الفتنة) أي: في زمنها. 7087 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الحَجَّاجِ فَقَال: يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، ارْتَدَدْتَ عَلَى عَقِبَيْكَ، تَعَرَّبْتَ؟ قَال: لَا، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَذِنَ لِي فِي البَدْو" وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَال: "لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ، وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً، وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلادًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا، حَتَّى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِلَيَالٍ، فَنَزَلَ المَدِينَةَ". [مسلم: 1862 - فتح 13/ 40] ¬

_ (¬1) سلف برقم (6497) كتاب: الرقاق، باب: رفع الأمانة.

15 - باب التعوذ من الفتن

(حاتم) أي: ابن إسماعيل الكوفي. (تعربت) أي: تكلفت في صيرورتك أعرابيًّا. (في البدو) أي: في الإقامة به (إلى الربذة) بذال معجمة: موضع بين مكة والمدينة (حتى أقبل) أي: أتى ولفظ: (أقبل) ساقط من نسخة. (فنزل) في نسخة: "نزل". 7088 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ". [انظر: 19 - فتح 13/ 40] (يوشك) أي: يقرب. (شعف الجبال) بمعجمة فمهملة مفتوحتين أي: رءوسها، ومرَّ الحديث في الإيمان (¬1). 15 - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الفِتَنِ (باب: التعوذ من الفتن) أي: بيان ما جاء فيه. 7089 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَصَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ المِنْبَرَ فَقَال: "لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إلا بَيَّنْتُ لَكُمْ" فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لافٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ، كَانَ إِذَا لاحَى يُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، فَقَال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ أَبِي؟ فَقَال: "أَبُوكَ حُذَافَةُ" ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَال: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الفِتَنِ. فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا رَأَيْتُ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ كَاليَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِي الجَنَّةُ وَالنَّارُ، حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الحَائِطِ" فَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ هَذَا الحَدِيثَ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]. [انظر: 934 - مسلم: 2359 - فتح 13/ 43]. ¬

_ (¬1) سلف برقم (19) كتاب: الإيمان، باب: من الدين الفرار من الفتن.

(هشام) أي: الدستوائي. (حتى أحفوه بالمسألة) أي: ألحوا في السؤال وبالغوا. (ذات يوم المنبر) في نسخة: "ذات يوم على المنبر". (رأسه) في نسخة: "لاث رأسه" وفي أخرى: "رأسه لاث" من اللوث (¬1): وهو الطي والجمع، ومنه: لثت (¬2) العمامة. (فأنشأ رجل) أي: بدأ بالكلام. (لاحى) أي: خاصم. (دون الحائط) أي: عنده. 7090 - وَقَال عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُمْ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا، وَقَال: "كُلُّ رَجُلٍ لافًّا رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي" وَقَال: "عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الفِتَنِ" أَوْ قَال: "أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَوْأَى الفِتَنِ". [انظر: 93 - مسلم: 2356 - فتح: 13/ 43]. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (كل رجل) مبتدأ. (لافا يبكي) بالنصب حال، وبالرفع صفة لـ (كل)، ويجوز الجر صفة لرجل (ويبكي) خبر المبتدإ. (عائذا بالله من سوء الفتن) بالنصب حال أو مصدر بمعنى عياذًا، ومقول القول محذوف أي: قال ذلك عائذًا إلخ. (أو قال: أعوذ بالله من سوء الفتن) شك من الراوي، وفي نسخة بدل (سوء) الموضعين: "شر". 7091 - وقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَمُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. وَقَال: "عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الفِتَنِ". [انظر: 93 - مسلم: 2359 - فتح: 13/ 44]. (معتمر) أي: ابن سلمان بن طرخان. ¬

_ (¬1) في (م): لاف رأسه، من اللف، وفي اليونينية: لاف رأسه. (¬2) في (م): لففت.

16 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الفتنة من قبل المشرق"

16 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الفِتْنَةُ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الفتنة من قبل المشرق) أي: تأتي من جهته؛ لأن أهله يومئذٍ أهل كفر. 7092 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَامَ إِلَى جَنْبِ المِنْبَرِ فَقَال: "الفِتْنَةُ هَا هُنَا الفِتْنَةُ هَا هُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ، - أَوْ قَال: قَرْنُ الشَّمْسِ -". [انظر: 3104 - مسلم: 2905 - فتح: 13/ 45]. 7093 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ المَشْرِقَ يَقُولُ: "أَلا إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ". [انظر: 3104 - مسلم: 2905 - فتح: 13/ 45]. (يطلع) بضم اللام. 7094 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ قَال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ فَأَظُنُّهُ قَال فِي الثَّالِثَةِ: "هُنَاكَ الزَّلازِلُ وَالفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ". [انظر: 1037 - فتح: 13/ 45]. (هناك الزلازل والفتن) أشار بهناك إلى نجد، ونجد من المشرق، ومرَّ الحديث في الاستسقاء (¬1). 7095 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَرَجَوْنَا أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا، قَال: فَبَادَرَنَا إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَال: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدِّثْنَا عَنِ القِتَالِ فِي ¬

_ (¬1) سلف برقم (1037) كتاب: الاستسقاء، باب: ما قيل في الزلازل والآيات.

17 - باب الفتنة التي تموج كموج البحر

الفِتْنَةِ، وَاللَّهُ يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39] فَقَال: هَلْ تَدْرِي مَا الفِتْنَةُ، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ؟ "إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُ المُشْرِكِينَ وَكَانَ الدُّخُولُ فِي دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى المُلْكِ". [انظر: 3130 - فتح: 13/ 45]. (خالد) أي: ابن عبد الله الطحان. (رجل) هو حكيم. (ثكلتك) بفتح المثلثة وكسر الكاف أي: عدمتك، ومرَّ الحديث في التفسير (¬1). 17 - بَابُ الفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ عِنْدَ الفِتَنِ، قَال امْرُؤُ القَيْسِ: الحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً ... تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا ... وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ ... مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ (باب: الفتنة التي تموج كموج البحر) أي: بيان ما جاء فيها. (قال امرؤ القيس) كذا في نسخة، والمحفوظ كما قال شيخنا: إن الأبيات المذكورة لعمرو بن معدي كرب الزبيدي وهي: (الحرب أول ما تكون فتية) برفع (أول) ونصب (فتية) أي: أول أحوالها إذا كانت فتية فـ (الحرب) مبتدأ و (أول) مبتدأ ثان، و (فيتة) حال سدت مسد الخبر، والجملة خبر الحرب، وبنصب (أول) ورفع (فتية) أي: الحرب في أول أحوالها فتية فـ (الحرب) مبتدأ و (أول) ظرف و (قتية) الخبر، وبرفعهما مبتدأ وخبر، والجملة: خبر عن الحرب، أو (أول) بدل من الحرب، ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3135) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}.

وبنصبهما على أن (أول) ظرف و (فتية) حال و (تسعى) خبر عن الحرب (¬1)، وقال الكرماني في ذلك: وجاز في أول وفتية نصبهما ورفعهما، ونصب الأول ورفع الثاني والعكس، و (كان) إما ناقصة، وإما تامة (¬2). انتهى، والمراد: أن الحرب تعرض لمن لم يجربها حتى يدخل فيها فتهلكه. (يسعى) أي: الحرب. (بزينتها) بكسر الزاي، وفي نسخة: "ببزتها" بموحدتين قبل الزاي، والبزة: اللباس الجيد. (حتى إذا اشتعلت) أي: هاجت. (وشب ضرامها) أي: ارتفع اشتعالها. (ولت عجوزا) جواب (إذا). (غير ذات حليل) بمهملة أي: لا يرغب أحد في تزويجها، ويروى بمعجمة أي: صاحب. (شمطاء) بالنصب صفة لعجوز ويجوز الرفع خبر مبتدإٍ محذوف والشمط: اختلاط الشعر الأبيض بالشعر الأسود. (ينكر) بالبناء للمفعول. (وتغيرت) أي: تبدلت بحسنها قبحًا. (مكروهة) حال من ضمير (تغيرت). (للشم والتقبيل) أي: لأنها حينئذٍ مظنة للبخر ووصفها به؛ للمبالغة في التنفير منها. 7096 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ، يَقُولُ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ، إِذْ قَال: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفِتْنَةِ؟ قَال: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ" قَال: لَيْسَ عَنْ هَذَا أَسْأَلُكَ، وَلَكِنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ، قَال: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، ¬

_ (¬1) انظر: "الفتح" 13/ 49. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 170.

إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَال عُمَرُ: أَيُكْسَرُ البَابُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَال: بَلْ يُكْسَرُ، قَال عُمَرُ: إِذًا لَا يُغْلَقَ أَبَدًا، قُلْتُ: أَجَلْ. قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ البَابَ؟ قَال: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً، وَذَلِكَ أَنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ: مَنِ البَابُ؟ فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَال: مَنِ البَابُ؟ قَال: عُمَرُ. [انظر: 525 - مسلم: 144 - فتح: 13/ 48]. (الأعمش) هو سليمان بن مهران. (شقيق) هو أبو وائل بن سلمة. (فتنة الرجل في أهله) أي: بالميل إلى ما لا يحل له. (وما له) أي: بأن يأخذه من غير حله ويصرفه في غير حله. (وولده) أي: بفرط محبته له. (وجاره) أي: بالحسد والمفاخرة. (ولكن التي تموج كموج البحر) أي: تضطرب كاضطرابه عند هيجانه، وهو كناية عن شدة المخاصمة وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة. (إذًا) أي: إن انكسر. (أجل) بالجيم أي: نعم. (ليس بالأغاليط) جمع أغلوطة: ما يغالط به، أي: حدثته حديثًا صدقًا من حديثه - صلى الله عليه وسلم - لا عن رأي واجتهاد. (مسروقًا) أي: الأجدع، ومرَّ الحديث في مواقيت الصلاة (¬1). 7097 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ المَدِينَةِ لِحَاجَتِهِ، وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الحَائِطَ جَلَسْتُ عَلَى بَابِهِ، وَقُلْتُ: لَأَكُونَنَّ اليَوْمَ بَوَّابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَأْمُرْنِي، فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَضَى حَاجَتَهُ، وَجَلَسَ عَلَى قُفِّ البِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ، فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَوَقَفَ فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ، قَال: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" فَدَخَلَ، فَجَاءَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَجَاءَ عُمَرُ ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (525) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الصلاة كفارة.

فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" فَجَاءَ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ فَدَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَامْتَلَأَ القُفُّ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجْلِسٌ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، مَعَهَا بَلاءٌ يُصِيبُهُ" فَدَخَلَ فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُمْ مَجْلِسًا، فَتَحَوَّلَ حَتَّى جَاءَ مُقَابِلَهُمْ عَلَى شَفَةِ البِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ دَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَجَعَلْتُ أَتَمَنَّى أَخًا لِي، وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَأْتِيَ قَال ابْنُ المُسَيِّبِ: "فَتَأَوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمْ، اجْتَمَعَتْ هَا هُنَا، وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ". [انظر: 3674 - مسلم: 2403 - فتح: 13/ 48]. (إلى حائط) أي: بستان أريس. (على قف البئر) في نسخة: "في قف البئر" أي: حافتها. (معها بلاء يصيبه) هو قتله في الدار، وإنما خصَّ عثمان بذكر البلاء مع أن عمر أيضًا قتل؛ لأن عمر لم يمتحن بمثل ما امتحن به عثمان من تسلط القوم الذين أرادوا منه أن ينخلع من الإمامة بسبب ما نسبوه إليه من الجور مع تنصله من ذلك واعتذاره من كل ما نسبوه إليه ثم هجمهم عليه داره وهتكهم ستر أهله فكان ذلك زيادة على قتله. (أخالي) هو أبو بردة عامر، أو أبو رهم. (فتأولت) في نسخة: "فأولت" أي: فسرت، ومرَّ الحديث في الفضائل (¬1). 7098 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، قَال: قِيلَ لِأُسَامَةَ: أَلا تُكَلِّمُ هَذَا؟ قَال: قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ، وَمَا أَنَا بِالَّذِي أَقُولُ لِرَجُلٍ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ: أَنْتَ خَيْرٌ، بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يُجَاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِي النَّارِ، فَيَطْحَنُ فِيهَا كَطَحْنِ الحِمَارِ بِرَحَاهُ، فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلانُ، أَلَسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3674) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذا خليلا".

18 - باب

أَفْعَلُهُ، وَأَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَأَفْعَلُهُ". [انظر: 3267 - مسلم: 2989 - فتح: 13/ 53]. (لأسامة) أي: ابن زيد. (ألا تكلم هذا) أي: عثمان مما (¬1) أنكر الناس عليه من تولية أقاربه وغير ذلك مما اشتهر. (قد كلمته ما) موصوفة، أو موصولة. (دون أن أفتح بابًا أكون أول من يفتحه) في نسخة: "أول من فتحه" بل كلمه علي سبيل المصلحة والأدب إذ الإعلان بالإنكار على الأئمة ربمَّا أدى إلى افتراق الكلمة. (أنت خير) أي: من غيرك. (فيطحن) بالبناء للفاعل. (كطحن الحمار) في نسخة: "كما يطحن الحمار". (فيطيف به أهل النار) بضم التحتية أي: فيجتمعون حوله. ومرَّ الحديث في صفة النار (¬2). 18 - باب. (باب) بلا ترجمة. 7099 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَال: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الجَمَلِ، لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَال: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً" [انظر: 4425 - فتح: 13/ 53]. (عوف) أي: الأعرابي. (أيام الجمل) أي: التي كانت بين علي وعائشة بالبصرة وسميت بذلك؛ لأن عائشة سارت فيها إلى البصرة لقتال علي على جمل اسمه عسكر اشتراه لها يعلى بن أمية من رجل من عرينة بمائتي دينار. (أن فارسًا) بالصرف على إرادة الحي، وفي نسخة: بمنع الصرف على إرادة القبيلة، وقال ابن مالك: إنه الصواب. (ملكوا ابنة كسرى) اسمها: ¬

_ (¬1) في (م): فيما. (¬2) سلف برقم (3267) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة النار وأنها مخلوقة.

بوران وكانت مدة ولايتها سنة وستة أشهر، ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 7100 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْيَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الأَسَدِيُّ، قَال: لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى البَصْرَةِ، بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، فَقَدِمَا عَلَيْنَا الكُوفَةَ، فَصَعِدَا المِنْبَرَ، فَكَانَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَوْقَ المِنْبَرِ فِي أَعْلاهُ، وَقَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنَ الحَسَنِ، فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ، فَسَمِعْتُ عَمَّارًا، يَقُولُ: "إِنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إِلَى البَصْرَةِ، وَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى ابْتَلاكُمْ، لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ". [انظر: 3772 - فتح: 13/ 53]. (ليعلم) أي: الله تعالى. (إياه) بنصبه بـ (تطيعون) أي: عليًّا. (أم هي) أي: عائشة، والقياس: أم إياها لكنه أقام (هي) مقام (إياها)؛ لأن الضمائر يقوم بعضها مقام بعض على رأي، ومراد عمار بما قاله: أن الصواب في تلك القصة كان مع علي، وأن عائشة مع ذلك لم تخرج عن الإسلام، ولا أن لا تكون زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة وكان ذلك يعد من إنصافه وشدة ورعه وتحريه قول الحق. - باب. (باب) بلا ترجمة بل ساقط من نسخة. 7101 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَامَ عَمَّارٌ، عَلَى مِنْبَرِ الكُوفَةِ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ، وَذَكَرَ مَسِيرَهَا، وَقَال: "إِنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا ابْتُلِيتُمْ". [انظر: 3772 - فتح: 13/ 53]. ¬

_ (¬1) سلف برقم (4425) كتاب: المغازي، باب: كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر.

(أبو نعيم) هو الفضل بن دكين. (ابن أبي غنية) هو عبد الملك بن حميد الكوفي. (عن الحكم) أي: ابن عتيبة. (مما ابتليتم) أي: امتحنتم بها. 7102، 7103، 7104 - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ المُحَبَّرِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، يَقُولُ: دَخَلَ أَبُو مُوسَى وَأَبُو مَسْعُودٍ عَلَى عَمَّارٍ، حَيْثُ بَعَثَهُ عَلِيٌّ إِلَى أَهْلِ الكُوفَةِ يَسْتَنْفِرُهُمْ، فَقَالا: مَا رَأَيْنَاكَ أَتَيْتَ أَمْرًا أَكْرَهَ عِنْدَنَا مِنْ إِسْرَاعِكَ فِي هَذَا الأَمْرِ مُنْذُ أَسْلَمْتَ؟ فَقَال عَمَّارٌ: "مَا رَأَيْتُ مِنْكُمَا مُنْذُ أَسْلَمْتُمَا أَمْرًا أَكْرَهَ عِنْدِي مِنْ إِبْطَائِكُمَا عَنْ هَذَا الأَمْرِ" وَكَسَاهُمَا حُلَّةً حُلَّةً، ثُمَّ رَاحُوا إِلَى المَسْجِدِ. [7105، 7106، 7107 - فتح: 13/ 53]. (عمرو) أي: ابن مرة. (ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرًا أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر) أي: لما في الإبطاء من مخالفة الإمام، وترك امتثال أمره. (وكساهما) أي: كسا أبو مسعود أبا موسى وعمارًا؛ لتصريحه في الرواية الآتية لذلك وإن كان ظاهر ما هنا أن عمارًا كسا الآخرين. 7105، 7106، 7107 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَعَمَّارٍ، فَقَال أَبُو مَسْعُودٍ: مَا مِنْ أَصْحَابِكَ أَحَدٌ إلا لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ فِيهِ غَيْرَكَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْكَ شَيْئًا مُنْذُ صَحِبْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيَبَ عِنْدِي مِنَ اسْتِسْرَاعِكَ فِي هَذَا الأَمْرِ، قَال عَمَّارٌ: "يَا أَبَا مَسْعُودٍ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْكَ وَلَا مِنْ صَاحِبِكَ هَذَا شَيْئًا مُنْذُ صَحِبْتُمَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيَبَ عِنْدِي مِنْ إِبْطَائِكُمَا فِي هَذَا الأَمْرِ" فَقَال أَبُو مَسْعُودٍ، وَكَانَ مُوسِرًا: يَا غُلامُ هَاتِ حُلَّتَيْنِ، فَأَعْطَى إِحْدَاهُمَا أَبَا مُوسَى وَالأُخْرَى عَمَّارًا، وَقَال: رُوحَا فِيهِ إِلَى الجُمُعَةِ. [انظر: 7102، 7103، 7104 - فتح: 13/ 54]. (عبدان) لقب عبد الله بن عثمان. (عن أبي حمزة) هو محمد بن

19 - باب إذا أنزل الله بقوم عذابا

ميمون السكري. (هات) بكسر الفوقية. (روحًا فيه) أي: ليرح كل منكما فيما أعطيته له. 19 - بَابُ إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا (باب: إذا أنزل الله بقوم عذابًا) جواب (إذا) محذوف يعلم من حديث الباب. 7108 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا، أَصَابَ العَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ". [مسلم: 2879 - فتح: 13/ 60]. (يونس) أي: ابن يزيد. (عن الزهري) هو محمد بن مسلم. (من كان فيهم) أي: ممن ليس هو على منهاجهم وإن كان صالحا. 20 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا لَسَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي: إن ابني هذا لسيد) في نسخة: "سيد". (ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين) هما فئة الحسن وفئة معاوية رضي الله عنهما. 7109 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ أَبُو مُوسَى، وَلَقِيتُهُ بِالكُوفَةِ وَجَاءَ إِلَى ابْنِ شُبْرُمَةَ، فَقَال: أَدْخِلْنِي عَلَى عِيسَى فَأَعِظَهُ، فَكَأَنَّ ابْنَ شُبْرُمَةَ خَافَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ، قَال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ، قَال: - لَمَّا سَارَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى مُعَاويَةَ بِالكَتَائِبِ، قَال عَمْرُو بْنُ العَاصِ لِمُعَاويَةَ: أَرَى كَتِيبَةً لَا تُوَلِّي حَتَّى تُدْبِرَ أُخْرَاهَا، قَال مُعَاويَةُ: مَنْ لِذَرَارِيِّ المُسْلِمِينَ؟ فَقَال: أَنَا، فَقَال عَبْدُ

اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ: نَلْقَاهُ فَنَقُولُ لَهُ الصُّلْحَ - قَال الحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ، قَال: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، جَاءَ الحَسَنُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ". [انظر: 2704 - فتح: 13/ 61]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (إسرائيل) أي: ابن موسى. (على عيسى) أي: ابن موسى بن محمد وكان أميرًا على الكوفة. (بالكتائب) بفوقية جمع كتيبة بمعنى مكتوبة: وهي طائفة من الجيش، وسميت بذلك؛ لأن أمير الجيش إذا رتبهم وجعل كل طائفة على حدة كتبهم في ديوانه. (من لذراري المسلمين؟) بمعجمة وبالتشديد والتخفيف أي: من يكفلهم إن قتل آباؤهم. (فقال: أنا) أي: أكفلهم، قال شيخنا: ظاهره: أن المجيب عمرو بن العاص، ولم أر في طرق الحديث ما يدل عليه، فإن كانت محفوظة فلعلها كانت أنى بتشديد النون المفتوحة قالها عمرو على سبيل الاستبعاد (¬1). (نلقاه) أي: معاوية أي: نجده. (فنقول له: الصلح) أي: نحن نطلب الصلح، ومرَّ الحديث في الصلح (¬2). 7110 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: قَال عَمْرٌو: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَّ حَرْمَلَةَ، مَوْلَى أُسَامَةَ أَخْبَرَهُ - قَال عَمْرٌو: قَدْ رَأَيْتُ حَرْمَلَةَ - قَال: أَرْسَلَنِي أُسَامَةُ إِلَى عَلِيٍّ وَقَال: إِنَّهُ سَيَسْأَلُكَ الآنَ فَيَقُولُ: مَا خَلَّفَ صَاحِبَكَ؟ فَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ: "لَوْ كُنْتَ فِي شِدْقِ الأَسَدِ لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِيهِ، وَلَكِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَرَهُ" فَلَمْ يُعْطِنِي شَيْئًا فَذَهَبْتُ إِلَى حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ، فَأَوْقَرُئوا لِي رَاحِلَتِي. [فتح: 13/ 61]. ¬

_ (¬1) "فتح الباري" 13/ 64. (¬2) سلف برقم (2704) كتاب: الصلح، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي رضي الله عنه: "ابني هذا سيد".

21 - باب إذا قال عند قوم شيئا، ثم خرج فقال بخلافه

(سفيان) أي: ابن عيينة. (عمرو) أي: دينار. (ما خلف صاحبك؟) أي: ما السبب في تخلفه عن مساعدتي؟. (فقل له) أي: لعلي. (لو كنت في شدق الأسد) بكسر المعجمة ويجوز فتحها. (لأحببت أن أكون معك فيه) كناية عن موافقته له في حالتي الحياة والموت (ولكن هذا) أي: قتال المسلمين (فلم يعطني شيئًا) فيه حذف أي: فذهبت إلى علي - رضي الله عنه - فبلغته ذلك فلم يعطني شيئًا ليتخلف مرسلي عن القتال معه. (فأوقروا) أي: حملوا. 21 - بَابُ إِذَا قَال عِنْدَ قَوْمٍ شَيْئًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَال بِخِلافِهِ (باب: إذا قال عند قوم شيئًا ثم خرج فقال بخلافه) أي: فهو ذو الوجهين. 7111 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ المَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاويَةَ، جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ، حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ، فَقَال: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ" وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ القِتَالُ، وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ، وَلَا بَايَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ، إلا كَانَتِ الفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ. [انظر: 3188 - مسلم: 1735 - فتح: 13/ 68]. (حشمه) أي: جماعته. (لواء) أي: راية. (بايعنا هذا الرجل) هو يزيد بن معاوية. (على بيع الله ورسوله) أي: على شرط ما أمر الله ورسوله به من البيعة. (إلا كانت) أي: الغدرة أو الخلعة. (الفيصل) أي: المقاطعة. (بيني وبينه) فيه: وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة، والمنع من الخروج عليه ولو جار، ومر الحديث في الجزية (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (3188) كتاب: الجزية والموادعة، باب: إثم الغادر للبر والفاجر.

7112 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، قَال: لَمَّا كَانَ ابْنُ زِيَادٍ وَمَرْوَانُ بِالشَّأْمِ، وَوَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، وَوَثَبَ القُرَّاءُ بِالْبَصْرَةِ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إِلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ فِي دَارِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ عُلِّيَّةٍ لَهُ مِنْ قَصَبٍ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَأَنْشَأَ أَبِي يَسْتَطْعِمُهُ الحَدِيثَ فَقَال: يَا أَبَا بَرْزَةَ، أَلا تَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ النَّاسُ؟ فَأَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ: "إِنِّي احْتَسَبْتُ عِنْدَ اللَّهِ أَنِّي أَصْبَحْتُ سَاخِطًا عَلَى أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ، إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ العَرَبِ، كُنْتُمْ عَلَى الحَالِ الَّذِي عَلِمْتُمْ مِنَ الذِّلَّةِ وَالقِلَّةِ وَالضَّلالةِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْقَذَكُمْ بِالإِسْلامِ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى بَلَغَ بِكُمْ مَا تَرَوْنَ، وَهَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي أَفْسَدَتْ بَيْنَكُمْ، إِنَّ ذَاكَ الَّذِي بِالشَّأْمِ، وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُ إلا عَلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّ هَؤُلاءِ الَّذِينَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُونَ إلا عَلَى الدُّنْيَا، وَإِنْ ذَاكَ الَّذِي بِمَكَّةَ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُ إلا عَلَى الدُّنْيَا" [7271 - فتح: 13/ 68]. (أبو شهاب) هو عبد ربه بن نافع الخياط. (عن أبي المنهال) هو سيار بن سلامة. (كان ابن زياد) هو عبد الله. (ومروان) أي: ابن الحكم. (ووثب القراء) هم الخوارج. (في ظل علية) بضم العين وكسرها وتشديد اللام مكسورة أي: غرفة. (يستطعمه الحديث) أي: يطلبه منه. (أحياء قريش) أي: قبائلهم. (إن ذاك الذي بالشام) يعني: مروان بن الحكم. (والله إن) أي: ما. (وإن ذاك الذي بمكة) يعني: عبد الله بن الزبير. وزاد في نسخة على ما ذكر فيه تكررا. ومطابقة الحديث للترجمة: من جهة أن الذين عاقبهم أبو برزة كانوا يظهرون أنهم يقاتلون لأجل القيام بأمر الدين ونصر الحق، وكانوا في الباطن إنما يقاتلون لأجل الدينا. 7113 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ، قَال: "إِنَّ المُنَافِقِينَ اليَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ وَاليَوْمَ يَجْهَرُونَ". [فتح 13/ 69].

22 - باب: لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور

(يسرون) أي: الكفر. (واليوم يجهرون) أي: به. ومطابقة الحديث لترجمة: ممن حيث إن جهرهم بالنفاق وشهر السلاح على الناس يخالف ما بذلوه من الطاعة حين بايعوا أولًا من خرجوا عليه آخرًا. 7114 - حَدَّثَنَا خَلَّادٌ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَال: "إِنَّمَا كَانَ النِّفَاقُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا اليَوْمَ فَإِنَّمَا هُوَ الكُفْرُ بَعْدَ الإِيمَانِ". [فتح 13/ 169]. (خلاد) أي: ابن يحيى بن صفوان السلمي. (مسعر) أي: كدام. (عن أبي الشعثاء) هو سليم بن أسود المحاربي. ومطابقة حديثه للترجمة: من جهة أن المنافق في هذه الأزمنة نطق بكلمة الإسلام ثم أظهر الكفر فصار مرتدا. 22 - بَابٌ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُغْبَطَ أَهْلُ القُبُورِ (باب: لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور) بالبناء للمفعول. 7115 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ". [انظر: 85 - مسلم 157 - فتح: 13/ 74]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (حتى يمر الرجل بقبر الرجل) ذكر الرجل جرى على الغالب، وإلا فغيره كذلك. (يا ليتني مكانه) تمنى ذلك؛ لما يصيبه من البلاء والشدة حتى يكون الموت الذي هو أعظم المصائب أهون على المرء فتمنى أهون المصيبتين في اعتقاده.

23 - باب تغيير الزمان حتى تعبد الأوثان

23 - بَابُ تَغْيِيرِ الزَّمَانِ حَتَّى تُعْبَدَ الأَوْثَانُ (باب: تغير الزمان) (حتى يعبدوا الأوثان) في نسخة: "حتى تعبد الأوثان". 7116 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: قَال سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الخَلَصَةِ" وَذُو الخَلَصَةِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الجَاهِلِيَّةِ". [مسلم: 2906 - فتح: 13/ 76]. (حتى تضطرب أليات) بفتح الهمزة واللام جمع إلية وهي العجيزة (نساء دوس) بفتح المهملة قبيلة أبي هريرة المشهورة. (على ذي الخلصة) بفتح المعجمة واللام، وحكي سكونها وضمها، ومرَّ الحديث في الجهاد. 7117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ، يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ". [انظر 3517 - مسلم: 2910 - فتح 13/ 76]. (سليمان) أي: ابن بلال. (عن ثور) أي: ابن زيد الديلمي. (عن أبي الغيث) هو سالم مولى عبد الله بن مطيع. (من قحطان) هي قبيلة من اليمن. (يسوق الناس بعصاه) يحتمل أن يكون حقيقة، وأن يكون مجازًا عن القهر، والمعنى: أن الناس ينقادون له كما ينقاد من يساق بالعصا، ومرَّ الحديث في مناقب قريش (¬1). ومطابقته للترجمة: من حيث إن سوق القحطاني الناس إنما هو في تغير الزمان وتبديل أحوال الإسلام؛ لأن هذا الرجل ليس من قريش الذين فيهم الخلافة فهو من فتن الزمان وتبديل الأحكام. ¬

_ (¬1) سلف برقم (3517) كتاب: المناقب، باب: ذكر قحطان.

24 - باب خروج النار

24 - بَابُ خُرُوجِ النَّارِ وَقَال أَنَسٌ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ". [انظر: 3329]. (باب: خروج النار) أي: بيان خروجها من أرض الحجاز. 7118 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى". [مسلم: 2902 - فتح: 13/ 78]. (تضيء) بضم الفوقية. (أعناق الإبل) أي: تجعل النار عليها ضوءا. (ببصرى) هي مدينة معروفة بالشام، وهي مدينة حوران بينها وبين دمشق نحو: ثلاث مراحل (¬1). 7119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَدِّهِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُوشِكُ الفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا"، قَال عُقْبَةُ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، إلا أَنَّهُ قَال: "يَحْسِرُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ". [مسلم 2894 - فتح: 13/ 78]. (يوشك) أي: يقرب. (الفرات) نهر مشهور بالعراق. (أن يحسر) بفتح التحتية وكسر السين المهملة أي: يكشف. (فلا يأخذ) بالجزم (منه شيئًا) أي: لئلا تنشأ الفتنة والقتال عليه. ¬

_ (¬1) انظر: "معجم البلدان"1/ 441 - 442.

25 - باب

25 - باب. (باب) بلا ترجمة، ساقط من نسخة. 7120 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا مَعْبَدٌ، سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "تَصَدَّقُوا فَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَمْشِي [الرَّجُلُ] بِصَدَقَتِهِ، فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا" قَال مُسَدَّدٌ: حَارِثَةُ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِأُمِّهِ. [مسلم: 1011 - فتح: 13/ 81]. (معبد) أي: ابن خالد القاص. (فلا يجد من يقبلها) أي: لكثرة الأموال وقلة الرغبات فيها للعلم بقرب قيام الساعة وقصر الآمال. ومرَّ الحديث في الزكاة (¬1). (حارثة أخو عبيد الله بن عمر لأمه) زاد في نسخة: "قاله أبو عبد الله" أي: البخاري. 7121 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَحَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ: وَهُوَ القَتْلُ، وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ المَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ لِي بِهِ، وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي البُنْيَانِ، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ، وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ - يَعْنِي آمَنُوا - أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا، فَلَا ¬

_ (¬1) سلف برقم (1411) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة قبل الرد.

26 - باب ذكر الدجال

يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْويَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا". [انظر 85 - مسلم: 157، 2954 - فتح: 13/ 81]. (حتى تقتتل فئتان) هما طائفتا علي ومعاوية. (دعواهما واحدة) لأن كلًّا منهما يدعى أنه على الحق. (وحتى يبعث دجالون) أي: يظهروا. (كلهم) أي: كل منهم. (يزعم أنه رسول الله) بخلاف الدجال الأكبر فإنه يزعم أنه إله. (ويتقارب الزمان) أي: أهله. (حتى يهم) بضم التحتية وكسر الهاء أي: يحزن، وبفتح التحتية وضم الهاء أي: يقصد. (رب المال) مفعول على الأول وفاعله: (من يقبل صدقته) وعكس ذلك على الثاني. (لا أرب له) أي: لا حاجة. (بلبن لقحته) اللقحة بكسر اللام: اللبون من النوق. (يليط حوضه) أي: يصلحه ويلصقه بالطين، يقال: لاط حبه قلبي يليط ليطا ويلوط ولوطًا ولوطة أي: لصق به وأصلحه. 26 - بَابُ ذِكْرِ الدَّجَّالِ (باب: ذكر الدجال) أي: الكذاب الذي يظهر آخر الزمان ويدعي الإلهية ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مخلوقاته ثم يعجزه الله بعد ثم يقتله عيسى لله. 7122 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي قَيْسٌ، قَال: قَال لِي المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مَا سَأَلْتُهُ، وَإِنَّهُ قَال لِي: "مَا يَضُرُّكَ مِنْهُ"، قُلْتُ: لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ مَعَهُ جَبَلَ خُبْزٍ، وَنَهَرَ مَاءٍ، قَال: "هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ". [مسلم 2152 - فتح 13/ 89]. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (قيس) أي: ابن أبي حازم (هو أهون على الله من ذلك) أي: من أن يجعله آية على إضلال المؤمنين.

7123 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال "أَعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ" [انظر: 3057 - مسلم: 169 - فتح: 13/ 90]. 7124 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَجِيءُ الدَّجَّالُ، حَتَّى يَنْزِلَ فِي نَاحِيَةِ المَدِينَةِ، ثُمَّ تَرْجُفُ المَدِينَةُ ثَلاثَ رَجَفَاتٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ". [انظر: 1881 - مسلم: 2943 - فتح: 13/ 90]. 7125 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَدْخُلُ المَدِينَةَ رُعْبُ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَلَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ". [انظر: 1879 - فتح 13/ 90]. 7126 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَدْخُلُ المَدِينَةَ رُعْبُ المَسِيحِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ" قَال وَقَال ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَدِمْتُ البَصْرَةَ فَقَال لِي أَبُو بَكْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. [انظر 1879 - فتح: 13/ 90]. (رعب المسيح) بضم الراء والعين وسكونها أي: فزعه. 7127 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّال فَقَال: "إِنِّي لَأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ، إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ". [انظر: 3057 - مسلم: 169 (سيأتي بعد حديث 2931) - فتح: 13/ 90]. (إبراهيم) أي: ابن سعد. (عن صالح) أي: ابن كيسان. 7128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ

سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يَنْطُفُ - أَوْ يُهَرَاقُ - رَأْسُهُ مَاءً، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ العَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ. [انظر: 3440 - مسلم: 169، 171 - فتح: 13/ 90]. (أو يهراق) شك من الراوي، ومر الحديث في التفسير. 7129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَسْتَعِيذُ فِي صَلاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ". [انظر: 3440 - مسلم: 587 - فتح: 13/ 90]. (يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال) فيه: تعليم لأمته، ومرَّ الحديث قبيل كتاب: الجمعة (¬1). 7130 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال فِي الدَّجَّالِ: "إِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا، فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ، وَمَاؤُهُ نَارٌ" قَال أَبُو مَسْعُودٍ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر - مسلم: 2934، 2935 - فتح: 13/ 90]. (عبد الملك) أي: ابن عمير. (عن ربعي) أي: ابن حراش، ومرَّ حديثه والذي بعده في ذكر الأنبياء (¬2). 7131 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إلا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، أَلا إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ" فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 7408 - مسلم: 2933: فتح 13/ 91]. ¬

_ (¬1) سلف برقم (832) كتاب: الأذان، باب: الدعاء قبل السلام. (¬2) سلف برقم (3450) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.

27 - باب: لا يدخل الدجال المدينة

(وإن بين عينيه مكتوب كافر) برفع (مكتوب) مبتدأ خبره: (بين عينيه) والجملة: خبر إن واسمها: ضمير الشأن، أو ضمير الدجال، و (كافر) خبر مبتدإِ محذوف، وفي نسخة: "مكتوبًا" بالنصب اسم إن، و (بين) عينيه متعلق به و (كافر) خبر إن. (فيه) أي: في الباب، ومرَّ الحديث في بدء الخلق. 27 - بَابٌ: لَا يَدْخُلُ الدَّجَّالُ المَدِينَةَ (باب: لا يدخل الدجال المدينة) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7132 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، قَال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا حَدِيثًا طَويلًا عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا يُحَدِّثُنَا بِهِ أَنَّهُ قَال: "يَأْتِي الدَّجَّالُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ المَدِينَةِ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي المَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ، وَهُوَ خَيْرُ النَّاسِ - أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ - فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا، ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي اليَوْمَ، فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ". [انظر 1882 - مسلم: 2938 - فتح: 13/ 101]. 7133 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المُجْمِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى أَنْقَابِ المَدِينَةِ مَلائِكَةٌ، لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ، وَلَا الدَّجَّالُ". [انظر: 1882 - مسلم 2938 - فتح 13/ 101]. 7134 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "المَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ، فَيَجِدُ المَلائِكَةَ يَحْرُسُونَهَا، فَلَا يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ" قَال: "وَلَا الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". [انظر: 1881 - مسلم: 2943 - فتح: 13/ 101].

28 - باب يأجوج ومأجوج

(نقاب المدينة) بكسر النون جمع نقب بفتحها: وهو طريق بين الجبلين، أو بقعة بعينها. (رجل) قيل: هو الخضر، ومرَّ الحديث في الحج (¬1) والحديثان بعده في الطب (¬2). 28 - بَابُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ (باب: يأجوج ومأجوج) هما قبيلتان من ولد يافث بن نوح. 7135 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَزِعًا يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعَيْهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا"، قَالتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَال: "نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخُبْثُ". [انظر 3346 - مسلم: 2880 - فتح: 13/ 106]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. ومرَّ الحديث في أوائل الفتن في باب: ويل للعرب من شر قد اقترب (¬3). 7136 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يُفْتَحُ الرَّدْمُ، رَدْمُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، مِثْلُ ¬

_ (¬1) سلف برقم (1882) كتاب: فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة. (¬2) سبقا برقم (5731) كتاب: الطب، باب: ما يذكر في الطاعون. (¬3) سلف برقم (7059) كتاب: الفتن، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "ويل للعرب من شر قد اقترب".

هَذِهِ وَعَقَدَ وُهَيْبٌ تِسْعِينَ". [انظر: 3347 - مسلم: 2881 - فتح: 13/ 106]. (وهيب) أي: ابن خالد، ومرَّ حديثه في كتاب: الأنبياء (¬1). ¬

_ (¬1) سلف برقم (3347) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قصة يأجوج ومأجوج.

93 - كتاب الأحكام

93 - كِتَابُ الأَحْكَامِ

1 - باب قول الله تعالى و {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 93 - كِتَابُ الأَحْكَامِ [1 - باب] قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى وَ {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب: الأحكام) جمع حكم: وهو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف اقتضاء، أو تخييرا كما بينته مع زيادة في: "شرح اللب". (قول الله تعالى) في نسخة: "باب: قول الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} " أي: الولاة. 7137 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي". [انظر: 2957 - مسلم: 1835 - فتح 13/ 111]. (عبدان) هو عبد الله بن عثمان، ومرَّ حديثه في المغازي (¬1). 7138 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا، وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". [انظر 893 - مسلم: 1829 - فتح: 13/ 111]. ¬

_ (¬1) سلف برقم (2957) كتاب: الجهاد والسير، باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به.

2 - باب: الأمراء من قريش

(إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. ومرَّ حديثه في الجمعة (¬1). 2 - بَابٌ: الأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ (باب: الأمراء من قريش) في نسخة: "الأَمر أمر قريش". 7139 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، يُحَدِّثُ: أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاويَةَ، وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يُحَدِّثُ: أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ، فَغَضِبَ، فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا تُوثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ، لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إلا كَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ، مَا أَقَامُوا الدِّينَ". [انظر: 3500 - فتح: 13/ 113] تَابَعَهُ نُعَيْمٌ، عَنْ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ. 7140 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: قَال ابْنُ عُمَرَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ". [انظر: 3501 - مسلم 1820 - فتح: 13/ 114]. (فإياكم والأماني) بتشديد الياء وتخفيفها جمع أمنية (إن هذا الأمر) أي: الخلافة. (في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله) أي: ألقاه. (ما أقاموا الدين) متعلق بقوله: (إن هذا الأمر في قريش) و (ما) مصدرية ظرفية أي: إن هذا الأمر في قريش مدة إقامتهم أمور الدين فإذا لم يقيموها خرج عنهم بتسلط غيرهم عليهم. (تابعه) أي: شعيب. (نعيم) أي: ابن حماد. ومرَّ حديثًا الباب في مناقب قريش (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (893) كتاب: الجمعة، باب: الجمعة في القرى والمدن. (¬2) سلف برقم (3500) كتاب: المناقب، باب: مناقب قريش.

3 - باب أجر من قضى بالحكمة

3 - بَابُ أَجْرِ مَنْ قَضَى بِالحِكْمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]. (باب: أجر من قضى بالحكمة) لفظ: (أجر) ساقط من نسخة. 7141 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَآخَرُ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا". [انظر: 73 - مسلم: 816 - فتح: 13/ 120]. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (إلا في اثنتين) أي: خصلتين. (حكمة) أي: علمًا، ومرَّ الحديث في العلم، وفي الزكاة (¬1). 4 - بَابُ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلْإِمَامِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً (باب: السمع والطاعة للإمام) أَي: واجبة له. (ما لم تكن) أي: طاعته. (معصية) إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. 7142 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ". [انظر: 693 - فتح 13/ 121]. (عن شعبة) أي: ابن الحجاج (وإن استعمل عليكم) بالبناء للمفعول، في نسخة: "وإن استعمل عليكم عبدًا حبشيا" بالبناء ¬

_ (¬1) سلف برقم (73) كتاب: العلم، باب: الاغتباط في العلم والحكمة. وبرقم (1409) كتاب: الزكاة، باب: إنفاق المال في حقه.

للفاعل، ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 7143 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الجَعْدِ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْويهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ، إلا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً". [انظر، 7053 - مسلم: 1849 - فتح: 13/ 121]. (حماد) أي: ابن زيد. (عن الجعد) هو أبو عثمان بن دينار اليشكري. (فكرهه) في نسخة: "يكرهه". (إلا مات ميتة جاهلية) بكسر الميم أي: كالميتة الجاهلية من حيث إنهم لا إمام لهم؛ لا أنه يكون كافرًا، ومرَّ الحديث في أوائل الفتن (¬2). 7144 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ". [انظر: 2955 - مسلم: 1839 - فتح: 13/ 121]. (عبيد الله) أي: ابن عمر العمري، ومرَّ حديثه في الجهاد (¬3). 7145 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ، وَقَال: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَال: قَدْ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا، وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا، ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا فَجَمَعُوا حَطَبًا، فَأَوْقَدُوا نَارًا، فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ، فَقَامَ يَنْظُرُ ¬

_ (¬1) سلف برقم (693) كتاب: الأذان، باب: إمامة العبد المولى. (¬2) سلف برقم (7053) كتاب: الفتن، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سترون بعدي أمور تنكرونها". (¬3) سلف برقم (2955) كتاب: الجهاد والسير، باب: السمع والطاعة للإمام.

5 - باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله

بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَال بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرَارًا مِنَ النَّارِ أَفَنَدْخُلُهَا؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ". [انظر: 4340 - مسلم: 1840 - فتح: 13/ 112]. (رجلا) هو عبد الله بن حذافة السهمي، ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 5 - بَابُ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الإِمَارَةَ أَعَانَهُ اللَّهُ 7146 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَال: قَال لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ". [انظر: 6622 - مسلم: 1652 - فتح: 13/ 123]. (باب: من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها) أي: "عليهما" كما في نسخة، ومرَّ حديث الباب في الأيمان (¬2). 6 - بَابُ مَنْ سَأَلَ الإِمَارَةَ وُكِلَ إِلَيْهَا 7147 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ، قَال: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ". [انظر: 6622 - مسلم: 1652 - فتح: 13/ 124]. (باب: من سأل الإمارة وكل إليها) ومرَّ حديث الباب في الأيمان. ¬

_ (¬1) سلف برقم (4340) كتاب: المغازي، باب: سرية عبد الله بن حذافة السهمي. (¬2) سلف برقم (3322) كتاب: الأيمان والنذور، باب: قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ}.

7 - باب ما يكره من الحرص على الإمارة

7 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الحِرْصِ عَلَى الإِمَارَةِ (باب: ما يكره من الحرص على الإمارة) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7148 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ القِيَامَةِ، فَنِعْمَ المُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ"، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الحَكَمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ. [فتح: 13/ 125]. (فنعم المرضعة) أي: الولاية؛ لأنها تدر عليه المنافع واللذات العاجلة. (وبئست الفاطمة) أي: عند انفصاله عنها بموت أو غيره فإنها تقطع عنه تلك اللذات والمنافع، وتبقي عليه السيرة والتبعة وألحقت، التاء في (بئست) دون (نعم)؛ لأن فاعلها مجازي التأنيث وكلا الأمرين فيه جائز وخصت بئس للتانيث دون (نعم)؛ لأن الإرضاع أحب الحالتين إلى النفس، والفطام أشقهما عليها والتأنيث أخفض الحالتين وتركه أشرف فآثر استعمال أشرف الحالتين مع الحالة المحبوبة واستعمل الحالة الأخرى مع الحالة الشاقة على النفس (عن أبي هريرة قوله) بالنصب أي: موقوفًا عليه، وبالجر أي: من قوله فهو على الأول جار، وعلى الثاني في محله. 7149 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَرَجُلانِ مِنْ قَوْمِي، فَقَال أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: أَمِّرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَال الآخَرُ مِثْلَهُ، فَقَال: "إِنَّا لَا نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَهُ، وَلَا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ". [انظر: 2261 - مسلم: 1733 - فتح: 13/ 125]. (ولا من حرص عليه) بفتح الراء.

8 - باب من استرعي رعية فلم ينصح

8 - بَابُ مَنِ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً فَلَمْ يَنْصَحْ (باب: من استرعي رعية فلم ينصح) ببناء (استرعي) للمفعول. 7150 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، عَنِ الحَسَنِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَال لَهُ مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إلا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ". [انظر: 7151 - مسلم: 143 - فتح: 13/ 15]. (أبو الأشهب) هو جعفر بن حبان. (فلم يحطها بضم المهملة وسكون الطاء أي: فلم يحفظها ولم يتعهد أمرها. (بنصيحة) بفتح النون وكسر المهملة وبتحتية وهاء تأنيث، وفي نسخة: "بالنصيحة" وفي أخرى "بنصحه" بضم النون وسكون المهملة وهاء الضمير (لم يجد رائحة الجنة) أي: إذا استحل ذلك، أولم يجدها مع الفائزين، أو خرج مخرج التغليظ. 7151 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، قَال: زَائِدَةُ ذَكَرَهُ: عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَال: أَتَيْنَا مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ نَعُودُهُ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، فَقَال لَهُ مَعْقِلٌ: أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ". [انظر: 7150 - مسلم: 142 - فتح: 13/ 127]. (زائدة) أي: ابن قدامة (هشام) ابن حسان، وحديثه ظاهر مما مرَّ. 9 - بَابُ مَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ (باب: من شاق) في نسخة: "من شق على الناس" (شق الله عليه) مجازاة له. 7152 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ طَرِيفٍ أَبِي تَمِيمَةَ، قَال: شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهُوَ يُوصِيهِمْ، فَقَالُوا: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ

10 - باب القضاء والفتيا في الطريق

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا؟ قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، قَال: وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ"، فَقَالُوا: أَوْصِنَا، فَقَال: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُحَال بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ، قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: "مَنْ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُنْدَبٌ، قَال: نَعَمْ جُنْدَبٌ". [انظر: 6499 - مسلم: 2987 - فتح: 13/ 128]. (خالد) أي: ابن عبد الله الطحان (عن الجريري) بالتصغير سعيد بن إياس (وهو) أي: صفوان. (بملء كفه) في نسخة: "ملء كفه" بحذف الموحدة. (من دم أهراقه) صبه بغير حقه. (قلت) يعني: قال الفربري. (قلت لأبي عبد الله) أي: البخاري. (جندب؟) أي: أهو جندب؟ (قال: نعم) أي: هو جندب، وقوله: (قلت) إلى آخره ساقط من نسخة. 10 - بَابُ القَضَاءِ وَالفُتْيَا فِي الطَّرِيقِ وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِي الطَّرِيقِ وَقَضَى الشَّعْبِيُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ. (باب: القضاء والفتيا في الطريق) أي: بيان جواز ذلك. (ابن يعمر) بفتح التحتية والميم. 7153 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَيْنَمَا أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجَانِ مِنَ المَسْجِدِ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ المَسْجِدِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ "، فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ، ثُمَّ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ، وَلَا صَلاةٍ، وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَال: "أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ". [انظر: 3688 - مسلم: 2639 - فتح: 13/ 131]. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عند سدة المسجد) بضم السين

11 - باب ما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له بواب

وفتح الدال المهملتين: المظلة على بابه لوقاية المطر والشمس، أو الباب أو عتبته، أو الساحة أمام بابه. (استكان) أي: خضع وذل وهو من باب: افتعل من السكون فألفه شاذة، وقيل: من باب أستفعل من السكون فألفه قياسية، ومعناه: انتقل من كون إلى كون كاستحال أي: انتقل من حال إلى حال، ومرَّ الحديث في الأدب (¬1). وفيه: جواز سكوت العالم عن جواب السائل إذا لم يعرف المسألة، أو كانت مما لم يحتج إليها أو خشي منها فتنة أو سوء تأويل. (ما أعددت) في نسخة: "ما عدَّدت" بتشديد الدال أي: ما هيّأت. ومطابقته للترجمة في قوله: (عند سدة المسجد). 11 - بَابُ مَا ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ (باب: ما ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له بواب) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7154 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، قَال سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ لِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ: تَعْرِفِينَ فُلانَةَ؟ قَالتْ: نَعَمْ، قَال: فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهَا وَهِيَ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَال: "اتَّقِي اللَّهَ، وَاصْبِرِي"، فَقَالتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ خِلْوٌ مِنْ مُصِيبَتِي، قَال: فَجَاوَزَهَا وَمَضَى، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ فَقَال: مَا قَال لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالتْ: مَا عَرَفْتُهُ؟ قَال: إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَجَاءَتْ إِلَى بَابِهِ فَلَمْ تَجِدْ عَلَيْهِ بَوَّابًا، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا عَرَفْتُكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ". [انظر: 1252 - مسلم: 926 - فتح: 13/ 132]. (إسحاق) أي: ابن منصور الكوسج. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. ¬

_ (¬1) سلف برقم (6171) كتاب: الأدب، باب: علامة الحب في الله - عزَّ وجلَّ -.

12 - باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه، دون الإمام الذي فوقه

(خلو) بكسر المعجمة. أي: خال. (فلم يجد عليه بوابًا) أي: إذ ذاك، أو بوابًا راتبًا، وإلا فقد كان له بواب حين جلس على القف، وحين جلس في مشربته لما حلف لا يدخل على نسائه شهرَا. (عند أول صدمة) في نسخة: "عند الصدمة الأولى" أي: عند فورة المصيبة وشدتها. ومرَّ الحديث في الجنائز (¬1). 12 - بَابُ الحَاكِمِ يَحْكُمُ بِالقَتْلِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ، دُونَ الإِمَامِ الَّذِي فَوْقَهُ (باب: الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه) أي: بغير إذنه اكتفاءً بإذنه العام في ذلك. 7155 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: "إِنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأَمِيرِ". [فتح: 13/ 133]. (حدثنا الأنصاري محمد) في نسخة: "حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري". (كان يكون) فائدة تكرير الكون: بيان الاستمرار والدوام. (صاحب الشرط) بضم المعجمة وفتح الراء وضمها جمع شرطة: وهم أعوان الأمير سموا بذلك؛ لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات والأشراط الأعلام، وصاحب الشرط كبيرهم. 7156 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ القَطَّانُ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ وَأَتْبَعَهُ بِمُعَاذٍ". [انظر: 2261 - مسلم: 1733 - فتحَ: 13/ 134]. ¬

_ (¬1) سلف برقم (1252) كتاب: الجنائز، باب: قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري.

13 - باب: هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان

(يحيى) أي: القطان. (عن قرة) أي: ابن خالد السدوسي. (بعثه) أي: إلا اليمن قاضيا، (بمعاذ) أي: ابن جبل، ومرَّ الحديث مطولًا في استتابة المرتدين (¬1). 7157 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، فَأَتَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى فَقَال: مَا لِهَذَا؟ قَال: أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، قَال: "لَا أَجْلِسُ حَتَّى أَقْتُلَهُ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 2261 - مسلم: 1733 - فتح: 13/ 134]. (خالد) أي: الحذاء. (قضاء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -) أي: هذا قضاؤهما. 13 - بَابٌ: هَلْ يَقْضِي القَاضِي أَوْ يُفْتِي وَهُوَ غَضْبَانُ (باب: هل يقضي الحاكم) في نسخة: "القاضي". (أو يفتي وهو غضبان؟) جواب الاستفهام محذوف أي: لا. 7158 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، قَال: كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ، وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ، بِأَنْ لَا تَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ". [مسلم: 1717 - فتح: 13/ 136]. (بسجستان) بكسر المهملة والجيم: إحدى مدن المعجم وهي خلف كرمان مسيرة مائة فرسخ (¬2). 7159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي ¬

_ (¬1) سلف برقم (6923)، كتاب: استتابة المرتدين، باب: حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم. (¬2) "معجم البلدان" 3/ 190 - 191.

خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي وَاللَّهِ لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاةِ الغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلانٍ، مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فِيهَا، قَال: فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ". [انظر: 90 - مسلم: 466 - فتح: 13/ 136]. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (فأيكم ما صلى) (ما) زائدة لتأكيد الإبهام في أي. (فليوجز) أي: فليخفف، ومرَّ الحديث في العلم (¬1). 7160 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الكَرْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَال: "لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا". [4908 - مسلم: 1471 - فتح: 13/ 136]. (الكرماني) بفتح الكاف على المشهور عند المحدثين، لكن أهلها يقولون بالكسر قاله الكرماني. (فتغيظ فيه) في نسخة: "فتغيظ عليه" قال الكرماني: وفائدة التأخير إلى الطهر الثاني: أن لا تكون الرجعة لغرض الطلاق فقط وأن تكون كالتوبة من معصيته وأن يطول مقامه معها فلعله يجامعها ويذهب ما في نفسه من سبب الطلاق فيمسكها (¬2)؛ ومرَّ الحديث في الطلاق (¬3). ¬

_ (¬1) سلف برقم (90) كتاب: العلم، باب: الغضب في الموعظة والتعليم، إذا رأى ما يكره. (¬2) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 205. (¬3) سلف برقم (5251) كتاب: الطلاق، باب: قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}.

14 - باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر الناس، إذا لم يخف الظنون والتهمة

14 - بَابُ مَنْ رَأَى لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ، إِذَا لَمْ يَخَفِ الظُّنُونَ وَالتُّهَمَةَ كَمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدٍ: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ" وَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَمْرًا مَشْهُورًا. [انظر: 2211]. (باب: من رأى للقاضي) في نسخة: "لحاكم". (أن يحكم بعلمه في أمر الناس إذا لم يخف الظنون والتهمة) بفتح الهاء. 7161 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ، مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا أَصْبَحَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ قَالتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ حَرَجٍ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالنَا؟ قَال لَهَا: "لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ مِنْ مَعْرُوفٍ". [انظر: 2211 - مسلم: 1714 - فتح: 13/ 138]. (أهل خباء) بالمد أي: أهل خيمة. (أن يذلوا) بفتح التحتية وكسر المعجمة. (مسيك) بكسر الميم وتشديد السين المهملة أي: بخيل جدا، ويجوز فتح الميم وتخفيف السين. ومرَّ الحديث في النفقات (¬1). 15 - بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الخَطِّ المَخْتُومِ، وَمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا يَضِيقُ عَلَيْهِمْ، وَكِتَابِ الحَاكِمِ إِلَى عَامِلِهِ وَالقَاضِي إِلَى القَاضِي وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: كِتَابُ الحَاكِمِ جَائِزٌ إلا فِي الحُدُودِ، ثُمَّ قَال: إِنْ كَانَ القَتْلُ خَطَأً فَهُوَ جَائِزٌ، لِأَنَّ هَذَا مَالٌ بِزَعْمِهِ، ¬

_ (¬1) سلف برقم (5359) كتاب: النفقات، باب: نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها.

وَإِنَّمَا صَارَ مَالًا بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ القَتْلُ، فَالخَطَأُ وَالعَمْدُ وَاحِدٌ وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَامِلِهِ فِي الجَارُودِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ فِي سِنٍّ كُسِرَتْ وَقَال إِبْرَاهِيمُ: كِتَابُ القَاضِي إِلَى القَاضِي جَائِزٌ إِذَا عَرَفَ الكِتَابَ وَالخَاتَمَ وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يُجِيزُ الكِتَابَ المَخْتُومَ بِمَا فِيهِ مِنَ القَاضِي وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ وَقَال مُعَاويَةُ بْنُ عَبْدِ الكَرِيمِ الثَّقَفِيُّ: شَهِدْتُ عَبْدَ المَلِكِ بْنَ يَعْلَى قَاضِيَ البَصْرَةِ، وَإِيَاسَ بْنَ مُعَاويَةَ، وَالحَسَنَ، وَثُمَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، وَبِلال بْنَ أَبِي بُرْدَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيَّ، وَعَامِرَ بْنَ عَبِيدَةَ، وَعَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ، يُجِيزُونَ كُتُبَ القُضَاةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ، فَإِنْ قَال: الَّذِي جِيءَ عَلَيْهِ بِالكِتَابِ: إِنَّهُ زُورٌ، قِيلَ لَهُ: اذْهَبْ فَالْتَمِسِ المَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَوَّلُ مَنْ سَأَلَ عَلَى كِتَابِ القَاضِي البَيِّنَةَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَال لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ: جِئْتُ بِكِتَابٍ مِنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَاضِي البَصْرَةِ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ البَيِّنَةَ: أَنَّ لِي عِنْدَ فُلانٍ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ بِالكُوفَةِ، وَجِئْتُ بِهِ القَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَجَازَهُ وَكَرِهَ الحَسَنُ، وَأَبُو قِلابَةَ: أَنْ يَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّةٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهَا، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ فِيهَا جَوْرًا وَقَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ خَيْبَرَ: "إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ" وَقَال الزُّهْرِيُّ، فِي الشَّهَادَةِ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: "إِنْ عَرَفْتَهَا فَاشْهَدْ، وَإِلَّا فَلَا تَشْهَدْ". (باب: الشهادة على الخط المختوم) أي: أنه خط فلان، وقيل: بالمختوم لأنه أقرب إلى عدم تزوير الخط، وفي نسخة: بدل (المختوم): "المحكوم" أي: به. (وما يجوز من ذلك) أي: من الشهادة

على الخط. (وما يضيق عليهم) يعني: على الشهود بأن يمنعوا من الشهادة به. (وكتاب الحاكم إلى عماله والقاضي إلى القاضي) هذا مع اللذين قبله عطف على الشهادة. (وقال بعض الناس) قيل: هم الحنفية. (كتاب الحاكم جائز إلا في الحدود) أي: فلا يجوز فيها (ثم) أي: ثم ناقض بعض الناس نفسه حيث قال: (إن كان القتل خطأ فهو) أي: كتاب الحاكم جائز. (لأن هذا) أي: قبل الخطا (مال بزعمه) أي: بزعم بعض الناس وإنما كان عنده مالا؛ لعدم القصاص فيه؛ لأن بدله المال، ثم بين البخاري وجه المناقضة بقوله: (وإنما صار) أي: قتل الخطأ (مالا بعد أن ثبت القتل) عند الحاكم، (فالخطأ والعمد) في أول الآمر حكمهما (واحد) لا تفاوت في كونهما حدا وكذا في العبد ربما يكون مآله المال كذا قدره الكرماني وغيره (¬1). وأجيب: بأن لا نسلم أن العمد والخطأ واحدة إذ مقتضى العبد القصاص، ومقتضى الخطأ عدمه ووجوب المال؛ لئلا يكون دم المقتول خطأ هدرًا. 7162 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ، قَالُوا: إِنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إلا مَخْتُومًا، " فَاتَّخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِهِ، وَنَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. [انظر: 65 - مسلم: 2092 - فتح: 13/ 141]. (إلى وبيصه) أي: لمعانه وبريقه، ومرَّ الحديث في بدء الوحي (¬2). ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 206. و "فتح الباري" 13/ 140. (¬2) سلف برقم (65) كتاب: العلم باب: ما يذكر في المناولة.

16 - باب: متى يستوجب الرجل القضاء؟

16 - بَابٌ: مَتَى يَسْتَوْجِبُ الرَّجُلُ القَضَاءَ؟ وَقَال الحَسَنُ: "أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الحُكَّامِ أَنْ لَا يَتَّبِعُوا الهَوَى، وَلَا يَخْشَوُا النَّاسَ، وَلَا يَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا، ثُمَّ قَرَأَ: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ، وَلَا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الحِسَابِ}، وَقَرَأَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ، فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ، وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، " {بِمَا اسْتُحْفِظُوا} [المائدة: 44]: اسْتُوْدِعُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ"، وَقَرَأَ: {وَدَاوُدَ، وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ القَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ، فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}، "فَحَمِدَ سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَلُمْ دَاوُدَ، وَلَوْلا مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ هَذَيْنِ لَرَأَيْتُ أَنَّ القُضَاةَ هَلَكُوا، فَإِنَّهُ أَثْنَى عَلَى هَذَا بِعِلْمِهِ وَعَذَرَ هَذَا بِاجْتِهَادِهِ" وَقَال مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ: قَال لَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: "خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ القَاضِي مِنْهُنَّ خَصْلَةً، كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ: أَنْ يَكُونَ فَهِمًا، حَلِيمًا، عَفِيفًا، صَلِيبًا، عَالِمًا، سَئُولًا عَنِ العِلْمِ. (باب: متى يستوجب الرجل القضاء؟) أي: متى يستحقه؟، والكلام عليه مستوفى في كتب الفقه وسيأتي هنا بعضه. {بِمَا اسْتُحْفِظُوا} استودعوا من كتاب الله) ساقط من نسخة. (وصمة) أي: عيب.

17 - باب رزق الحكام والعاملين عليها

17 - بَابُ رِزْقِ الحُكَّامِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَكَانَ شُرَيْحٌ القَاضِي يَأْخُذُ عَلَى القَضَاءِ أَجْرًا وَقَالتْ عَائِشَةُ: "يَأْكُلُ الوَصِيُّ بِقَدْرِ عُمَالتِهِ" وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ. (باب: رزق الحكام والعاملين عليها) أي: على الحكومات والصدقات. (وكان شريح القاضي يأخذ على القضاء أجرًا) أي: من بيت المال وعليه الجمهور فله إن لم يتعين للقضاء أن يأخذ منه وإن وجد كفايته وكفاية عياله ما يليق بحالهم؛ ليتفرغ للقضاء فإن تعين له ووجد كفايته وكفاية عياله لم يجز له أخذ شيء؛ لأنه يؤدي فرضًا تعين عليه وهو واجد للكفاية. (بقدر عمالته) بضم العين أي: بقدر أجرة عمله. 7163 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ، أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ العُزَّى، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فِي خِلافَتِهِ، فَقَال لَهُ عُمَرُ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِيَ مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا، فَإِذَا أُعْطِيتَ العُمَالةَ كَرِهْتَهَا، فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَال عُمَرُ: فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ، قُلْتُ: إِنَّ لِي أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا وَأَنَا بِخَيْرٍ، وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عُمَالتِي صَدَقَةً عَلَى المُسْلِمِينَ، قَال عُمَرُ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِي أَرَدْتَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي العَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا، فَقُلْتُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذْهُ، فَتَمَوَّلْهُ، وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَإِلَّا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ" [انظر: 1473 - مسلم: 1045 - فتح: 13/ 150]. 7164 - وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي العَطَاءَ، فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا، فَقُلْتُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذْهُ، فَتَمَوَّلْهُ، وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ

18 - باب من قضى ولاعن في المسجد

فَخُذْهُ، وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ". [انظر: 1473 - مسلم: 1045 - فتح: 13/ 150]. (غير مشرف) أي: غير طامع. (وإلا فلا تتبعه نفسك) أي: في طلبه. وفيه: أن أخذ ما جاء من غير سؤال أفضل من قوله. 18 - بَابُ مَنْ قَضَى وَلاعَنَ فِي المَسْجِدِ وَلاعَنَ عُمَرُ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَضَى شُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِي المَسْجِدِ وَقَضَى مَرْوَانُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِاليَمِينِ عِنْدَ المِنْبَرِ وَكَانَ الحَسَنُ، وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، يَقْضِيَانِ فِي الرَّحَبَةِ خَارِجًا مِنَ المَسْجِدِ. (باب: من قضى ولاعن في المسجد) تنازع في الظرف العاملان قبله وقوله: (ولاعن) أي: أمر باللعان مجازًا. (ولاعن عمر) أي: قضى بالتلاعن بين الزوجين. (عند المنبر) في نسخة: "على المنبر". (في الرحبة) بسكون المهملة وفتحها: الساحة والمكان المتسع، والمراد: المكان الكائن أمام باب المسجد، وحكمه حكم المسجد. 7165 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال الزُّهْرِيُّ: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: "شَهِدْتُ المُتَلاعِنَيْنِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا". [انظر: 423 - مسلم: 1492 - فتح: 13/ 154]. (سفيان) أي: ابن عيينة. 7166 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلٍ، أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ؟ "فَتَلاعَنَا فِي المَسْجِدِ" وَأَنَا شَاهِدٌ. [انظر: 423 - مسلم: 1492 - فتح: 13/ 154].

19 - باب من حكم في المسجد، حتى إذا أتى على حد أمر أن يخرج من المسجد فيقام

(أخي بني ساعدة) أي: واحد منهم. (يحيى) أي: ابن جعفر بن أعين البيكندي، أو هو ابن موسى بن عبد ربه. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (أن رجلا) هو عويمر، ومرَّ حديثًا الباب في اللعان (¬1). 19 - بَابُ مَنْ حَكَمَ فِي المَسْجِدِ، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حَدٍّ أَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ مِنَ المَسْجِدِ فَيُقَامَ وَقَال عُمَرُ: أَخْرِجَاهُ مِنَ المَسْجِدِ، [وضربه] وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوُهُ. 7167 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ فَنَادَاهُ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعًا قَال: "أَبِكَ جُنُونٌ؟ "، قَال: لَا، قَال: "اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ"، قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَال: "كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ بِالْمُصَلَّى"، رَوَاهُ يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجْمِ. [انظر: 5271 - مسلم: 1691 م- فتح: 13/ 156]. 7168 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي عَلَى نَحْو مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ". [انظر: 5271 - مسلم: 1691 م- فتح: 13/ 156]. (باب: من حكم في المسجد حتى إذا أتى على حد أمر أن يخرج) أي: من عليه الحد. (من المسجد فيقام) أي: عليه الحد خارج المسجد، ومرَّ حديث الباب في اللعان (¬2). ¬

_ (¬1) سلف برقم (5308) كتاب: الطلاق، باب: اللعان. (¬2) سلف برقم (5271) كتاب: الطلاق، باب: الطلاق في الإغلاق والكره.

20 - باب موعظة الإمام للخصوم

20 - بَابُ مَوْعِظَةِ الإِمَامِ لِلْخُصُومِ (باب: موعظة الإمام للخصوم) أَي: بيان ما جاء فيها. 7168 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي عَلَى نَحْو مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ". [انظر: 2458 - مسلم: 1713 - فتح: 13/ 157]. (ألحن) أي: أبلغ وأفطن، فهو من اللحن بالتحريك، قال أبو عبيد: اللحن بفتح الحاء: النطلاق، وبإسكانها: الخطا في القول، ومرَّ الحديث في الحيل (¬1). 21 - بَابُ الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الحَاكِمِ، فِي ولايَتِهِ القَضَاءَ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ، لِلْخَصْمِ وَقَال شُرَيْحٌ القَاضِي، وَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ الشَّهَادَةَ، فَقَال: "ائْتِ الأَمِيرَ حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ" وَقَال عِكْرِمَةُ: قَال عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا عَلَى حَدٍّ، زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ، وَأَنْتَ أَمِيرٌ؟ فَقَال: شَهَادَتُكَ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، قَال: صَدَقْتَ قَال عُمَرُ: "لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ بِيَدِي" وَأَقَرَّ مَاعِزٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالزِّنَا أَرْبَعًا، فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ وَقَال حَمَّادٌ: "إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً عِنْدَ الحَاكِمِ رُجِمَ" وَقَال الحَكَمُ "أَرْبَعًا". ¬

_ (¬1) سبق برقم (6967) كتاب: الحيل، باب: إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت.

(باب: الشهادة تكون عند الحاكم) بأن تحملها. (في ولايته القضاء) أي: في زمنها. (أو قبل ذلك) أي: قبل ولايته. (للخصم) متعلق بالشهادة، والمراد: أنه هل للحاكم أن يحكم بعلمه الحاصل له قبل ولايته أو بعدها؟ وفيه خلف، والمشهور عند الشافعية جوازه، وقيل: لا يجوز بل يشهد بما تحمله عند قاض آخر، كما سيأتي مع زيادة في كلامه. 7170 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ حُنَيْنٍ: "مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ"، فَقُمْتُ لِأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِي، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِي، فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سِلاحُ هَذَا القَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي، قَال: فَأَرْضِهِ مِنْهُ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: كَلَّا، لَا يُعْطِيهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللَّهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَال: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَدَّاهُ إِلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ، قَال لِي عَبْدُ اللَّهِ عَنِ اللَّيْثِ: فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدَّاهُ إِلَيَّ، " وَقَال أَهْلُ الحِجَازِ: الحَاكِمُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ شَهِدَ بِذَلِكَ فِي ولايَتِهِ أَوْ قَبْلَهَا، وَلَوْ أَقَرَّ خَصْمٌ عِنْدَهُ لِآخَرَ بِحَقٍّ فِي مَجْلِسِ القَضَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ حَتَّى يَدْعُوَ بِشَاهِدَيْنِ فَيُحْضِرَهُمَا إِقْرَارَهُ "، " وَقَال بَعْضُ أَهْلِ العِرَاقِ: مَا سَمِعَ أَوْ رَآهُ فِي مَجْلِسِ القَضَاءِ قَضَى بِهِ، وَمَا كَانَ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَقْضِ إلا بِشَاهِدَيْنِ "، " وَقَال آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلْ يَقْضِي بِهِ، لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَإِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَعْرِفَةُ الحَقِّ، فَعِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنَ الشَّهَادَةِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الأَمْوَالِ، وَلَا يَقْضِي فِي غَيْرِهَا"، وَقَال القَاسِمُ: "لَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يُمْضِيَ قَضَاءً بِعِلْمِهِ دُونَ عِلْمِ غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ عِلْمَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ فِيهِ تَعَرُّضًا لِتُهَمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ المُسْلِمِينَ، وَإِيقَاعًا لَهُمْ فِي الظُّنُونِ" وَقَدْ كَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظَّنَّ فَقَال: "إِنَّمَا هَذِهِ صَفِيَّةُ". [انظر: 2100 - مسلم: 1751 - فتح: 13/ 158].

(عن يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (كلا) كلمة ردع. (لا تعطه) بضم الفوقية. (اصيبغ) بضم الهمزة وفتح المهملة وبغين معجمة في آخره: نوع من الطير ونبات ضعيف كالثمام، وفي نسخة: "أضيبع" بمعجمة وبعين مهملة في آخره تصغير ضبع. (وتدع) بالرفع والنصب والجزم قاله الكرماني (¬1). (أسدًا من أسد الله) لما صغر القرشي وشبهه بالأضيبع عظم أبا قتادة بأنه أسد؛ لضعف أفتراس الأول بالنسبة إلى الثاني (خرافًا) بكسر المعجمة أي: بستانًا (تأثلته) أي: اتخذته أصل المال واقتنيته، ومرَّ الحديث في البيوع والخمس (¬2). (عبد الله) أي: ابن صالح (وقال أهل الحجاز) أي: مالك ومن تبعه، (وقال بعض أهل العراق) أي: أبو حنيفة ومن تبعه. 7171 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَلَمَّا رَجَعَتِ انْطَلَقَ مَعَهَا، فَمَرَّ بِهِ رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَعَاهُمَا، فَقَال: "إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ"، قَالا: سُبْحَانَ اللَّهِ، قَال: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ" رَوَاهُ شُعَيْبٌ، وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ يَعْنِي ابْنَ حُسَيْنٍ، عَنْ صَفِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2035 - مسلم: 2175 - فتح: 13/ 158]. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة (وابن مسافر) هو عبد الرحمن بن خالد. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 216. (¬2) سبق برقم (2100) كتاب: البيوع، باب: بيع السلاح في الفتنة وغيرها. وبرقم (3142) كتاب: فرض الخمس، باب: من لم يخمس الأسلاب.

22 - باب أمر الوالي إذا وجه أميرين إلى موضع: أن يتطاوعا ولا يتعاصيا

22 - بَابُ أَمْرِ الوَالِي إِذَا وَجَّهَ أَمِيرَيْنِ إِلَى مَوْضِعٍ: أَنْ يَتَطَاوَعَا وَلَا يَتَعَاصَيَا (باب: أمر الوالي إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا). بأن يعصي أحدهما الآخر؛ لأن ذلك يؤدي إلى الفساد، وقوله: (أن يتطاوعا) متعلق بأمر. 7172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا العَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبِي، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِي، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، إِلَى اليَمَنِ، فَقَال: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا" فَقَال لَهُ أَبُو مُوسَى إِنَّهُ يُصْنَعُ بِأَرْضِنَا البِتْعُ، فَقَال: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ"، وَقَال النَّضْرُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَوَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 2261 - مسلم: 1733 - فتح: 13/ 148]. (العقدي) هو عبد الملك بن عمرو بن قيس. (البتع) بكسر الموحدة: نبيذ العسل 23 - بَابُ إِجَابَةِ الحَاكِمِ الدَّعْوَةَ وَقَدْ أَجَابَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. (باب: إجابة الحاكم الدعوة) بفتح الدال أي: الوليمة وهي سنة وكذا الإجابة إليها إلا في وليمة العرس فواجبة عينًا عند الشافعية. 7173 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "فُكُّوا العَانِيَ وَأَجِيبُوا الدَّاعِيَ". [انظر: 3046 - فتح 13/ 163] (عن سفيان) أي: الثوري. (منصور) أي: ابن المعتمر. (فكوا العاني) أي: الأسير في أيدي الكفار، ومرَّ الحديث في الوليمة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5174) كتاب: النكاح، باب: حق إجابة الوليمة والدعوة.

24 - باب هدايا العمال

24 - بَابُ هَدَايَا العُمَّالِ (باب: هدايا العمال) أي: بيان ما جاء فيها. 7174 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، قَال: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ قَال: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ - قَال سُفْيَانُ أَيْضًا فَصَعِدَ المِنْبَرَ - فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَال: "مَا بَالُ العَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ"، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ" أَلا هَلْ بَلَّغْتُ " ثَلاثًا، قَال سُفْيَانُ: قَصَّهُ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ، وَزَادَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ قَال: سَمِعَ أُذُنَايَ، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنِي، وَسَلُوا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ سَمِعَهُ مَعِي، وَلَمْ يَقُلِ الزُّهْرِيُّ سَمِعَ أُذُنِي. [انظر: 925 - مسلم: 1832 - فتح: 13/ 164] خُوَارٌ: صَوْتٌ، "وَالجُؤَارُ مِنْ" تَجْأَرُونَ: "كَصَوْتِ البَقَرَةِ". (سفيان) أي: ابن عيينة، ومرَّ حديث الباب في الهبة وغيرها (¬1). 25 - بَابُ اسْتِقْضَاءِ المَوَالِي وَاسْتِعْمَالِهِمْ 7175 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّ نَافِعًا، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ قَال: "كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، وَأَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَزَيْدٌ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ". [انظر: 692 - فتح 13/ 167] ¬

_ (¬1) سبق برقم (925) كتاب: الجمعة، باب: من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد. وبرقم (2597) كتاب: الهبة، باب: من لم يقبل الهدية لعلة.

26 - باب العرفاء للناس

(باب: استقضاء الموالي واستعمالهم) أي: على البلاد، ومرَّ حديث الباب مختصرًا في باب: إمامة الموالي (¬1). 26 - بَابُ العُرَفَاءِ لِلنَّاسِ 7176، 7177 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال حِينَ أَذِنَ لَهُمُ المُسْلِمُونَ فِي عِتْقِ سَبْيِ هَوَازِنَ: "إِنِّي لَا أَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ"، فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. [انظر: 2307، 2308 - فتح 13/ 168] (باب: العرفاء للناس) جمع عريف: وهو الذي يتولى أمر سياسة الناس وحفظ أمورهم، وسمي بذلك؛ لأنه يقوم بأمورهم حتى يعرف بها من فوقه عند الحاجة لذلك، ومرَّ حديث الباب في المغازي (¬2). 27 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ثَنَاءِ السُّلْطَانِ، وَإِذَا خَرَجَ قَال غَيْرَ ذَلِكَ (باب: ما يكره من ثناء السلطان) أي: من ثناء أحد عليه بحضرته. (وإذا خرج قال غير ذلك) أي: من المساوئ. 7178 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال أُنَاسٌ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّا نَدْخُلُ عَلَى سُلْطَانِنَا، فَنَقُولُ لَهُمْ خِلافَ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ، قَال: "كُنَّا نَعُدُّهَا نِفَاقًا". [فتح 13/ 170] (نعدها) في نسخة: "نعد هذا". ¬

_ (¬1) سبق برقم (692) كتاب: الأذان، باب: إمامة العبد والمولى. (¬2) سبق برقم (4318) كتاب: المغازي، باب: قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ}.

28 - باب القضاء على الغائب

7179 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاءِ بِوَجْهٍ". [انظر: 3494 - مسلم: 2526 - فتح 13/ 170] (عن عراك) أي: ابن مالك. (إن أشر الناس ذو الوجهين) أي: لأن حاله حال المنافق؛ لتملقه بالباطل. 28 - بَابُ القَضَاءِ عَلَى الغَائِبِ (باب: القضاء على الغائب) أي: في غير عقوبة لله تعالى لا فيها؛ لأن حقه تعالى مبني على المسامحة بخلاف حق الآدمي. 7180 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ هِنْدًا قَالتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَأَحْتَاجُ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ، قَال: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ". [انظر: 2211 - مسلم: 1714 - فتح 13/ 171] (سفيان) أي: ابن عيينة. (أن هندا) أي: بنت عتبة بن أبي ربيعة. (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) ظاهره: أنه قضاء على الغائب. وبه تحصل مطابقة الحديث للترجمة، وبه استدل جمع على أنه قضاء على الغائب. قال النووي: لا يصح الاستدلال به؛ لأن القصة كانت بمكة وأبو سفيان فيها، وشرط القضاء على الغائب أن يكون غائبا عن البلد أو متسترًا لا يقدر عليه أو متعذرا، ولم يكن هذا الشرط في أبي سفيان موجودا فلا يكون قضاء على الغائب بل هو إفتاء (¬1)، ومرَّ الحديث مرارا (¬2). ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم بشرح النووي" 12/ 8. (¬2) سبق برقم (2211) كتاب: البيوع، باب: بيع الجمار وأكله. وبرقم (2460) كتاب: المظالم، باب: قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه.

29 - باب من قضي له بحق أخيه فلا يأخذه، فإن قضاء الحاكم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا

29 - بَابُ مَنْ قُضِيَ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّ قَضَاءَ الحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا يُحَرِّمُ حَلالًا (باب: من قضي له بحق أخيه) أي: وعرف بطلانه. (فلا يأخذه فإن قضاء الحاكم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا) وعبر بالأخ أي: في الدين؛ لأنه الغالب، وإلا فغيره مثله، أو المواد: الأخ في نبوة آدم فلا حاجة إلى التأويل. 7181 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَال: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا". [انظر: 2458 - مسلم: 1713 - فتح 13/ 172] (عن صالح) أي: ابن كيسان. (فإنما هي) أي: القضية. (فليأخذها أو ليتركها) قال شيخنا كغيره: الأمر فيه للتهديد لا للتخيير بل هو كقوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (¬1). ومرَّ الحديث في المظالم والشهادات (¬2). 7182 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الفَتْحِ ¬

_ (¬1) "الفتح" 13/ 174. (¬2) سبق برقم (2458) كتاب: المظالم، باب: إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه. وبرقم (2680) كتاب: الشهادات، باب: من أقام البينة بعد اليمين.

30 - باب الحكم في البئر ونحوها

أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَال ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَال: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، وَقَال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ" ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ"، ثُمَّ قَال لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: "احْتَجِبِي مِنْهُ" لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ تَعَالى. [انظر: 2053 - مسلم: 1457 - فتح 13/ 172] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس، ومرَّ حديثه في البيوع (¬1)، ومناسبته لسابقه أن الحكم بحسب الظاهر حيث حكم - صلى الله عليه وسلم - بالولد لعبد بن زمعة، ثم لما شبهه بعتبة أمر سودة أن تحتجب منه احتياطًا. 30 - بَابُ الحُكْمِ فِي البِئْرِ وَنَحْوهَا (باب: الحكم في البئر ونحوها) أي: كالحوض. 7183 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحْلِفُ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ مَالًا وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، إلا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] الآيَةَ، فَجَاءَ الأَشْعَثُ، وَعَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُهُمْ، فَقَال: فِيَّ نَزَلَتْ وَفِي رَجُلٍ خَاصَمْتُهُ فِي بِئْرٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ "، قُلْتُ: لَا، قَال: "فَلْيَحْلِفْ"، قُلْتُ: إِذًا يَحْلِفُ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 77] الآيَةَ. [اتظر: 3256 - مسلم: 138 - فتح 13/ 177] (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (سفيان) أي: الثوري. (عن منصور) أي: ابن المعتمر. (عبد الله) أي: ابن مسعود. 7184 - فَجَاءَ الأشَعَثُ وَعَبدُ اللهِ يحدِّثُهُم فَقَال: فيَّ نَزَلَت وَفِي رَجُلٍ خَاصَمتُهُ فِي بِئرٍ، فَقَال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألَكَ بَينَة؟ "،. قلت: لَا. قَال: "فَليَحلف". قلت: إِذا يَخلِفُ. فَنَزَلَت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 77] الآيَةَ. [انظر: 2357 - مسلم: 138 - فتح 13/ 178] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2053) كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات.

31 - باب القضاء في كثير المال وقليله

(وفي رجل) اسمه الجشيش بجيم أو حاء مهملة، أو معجمة مفتوحة في الكل وشينين معجمتين بينهما تحتية ساكنة، ومرَّ الحديث في الشرب (¬1). 31 - باب القَضَاءِ فِي كَثِيرِ المَالِ وَقَلِيلِهِ. وَقَال ابن عُيَيْنَةَ، عَنِ ابن شُبْرُمَةَ: القَضَاءُ فِي قَلِيلِ المَالِ وَكَثيرِهِ سَوَاءٌ. (باب: القضاء في كثير المال وقليله) زاد في نسخة: "سواء" وعليها فـ (القضاء سواء) مرفوعان مبتدأ وخبر و (باب) منون أو ساكن. 7185 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخبرَنَا شُعَيبٌ، عَنِ الزُّهرِيِّ، أَخبَرَنِي عُروَةُ بْنُ الزبَيْرِ، أَنَّ زَينَبَ بِنتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخبَرَتهُ، عن أُمها أُمِّ سَلمةَ قَالت: سَمِعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - جَلَبَةَ خِصَام عِنْدَ بَابِهِ، فَخَرَجَ عَلَيهم فَقَال: "إِنَّمَا أنا بَشرٌ، وَإِنهُ يَأتِينِي الخصمُ، فَلَعَل بَعضًا أَن يَكُونَ أَبلَغَ مِنْ بَعضٍ أَقضِي لَهُ بذَلِكَ وَأَحِسبُ أنَّهُ صَادقٌ، فَمَنْ قَضَيتُ لَهُ بِحَق مُسلِم فَإِنَّمَا هِيَ قِطعَةٌ مِنَ النَارِ، فَليَأخُذها أَوْ لِيَدعها". [انظر: 2458 - مسلم: 1713 - فتح 13/ 178] (جلبة خصام) بفتح الجيم واللام والموحدة أي: اختلاط الأصوات. (فخرج عليهم) في نسخة: "إليهم" ومرَّ الحديث مرارا (¬2). 32 - بَابُ بَيْعِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَضِيَاعَهُمْ وَقَدْ بَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [مُدَبَّرًا] مِنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ. (باب: بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم) جمع ضيعة: ¬

_ (¬1) سبق برقم (2357) كتاب: الشرب، باب: الخصومة في البئر والقضاء فيها. (¬2) سبق برقم (7181) كتاب: الأحكام، باب: من قُضي بحق أخيه.

33 - باب من لم يكترث بطعن من لا يعلم في الأمراء حديثا

وهي العقار من عطف الخاص على العام. (من نعيم بن النحام) لفظ: (ابن) ساقط من نسخة وهو الوجه. 7186 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَال: "بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَعْتَقَ غُلامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ، فَبَاعَهُ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِثَمَنِهِ إِلَيْهِ". [انظر: 2141 - مسلم: 997 - فتح 13/ 179] (ابن نمير) هو محمد بن عبد الله بن نمير. (عن عطاء) أي: ابن أبي رباح. (أن رجلا) هو أبو مذكور. (أعتق رجلا) اسمه: يعقوب. (عن دبر) بضم الدال والموحدة أي: علق عتقه بعد موقه، ومرَّ الحديث في البيوع (¬1). 33 - بَابُ مَنْ لَمْ يَكْتَرِثْ بِطَعْنِ مَنْ لَا يَعْلَمُ فِي الأُمَرَاءِ حَدِيثًا (باب: من لم يكترث) أي: لم يبال ولم يعتد. (بطعن من لا يعلم في الأمراء حديثًا) أي: كلامًا يعابون به فلو طعن بعلم اعتد به، أو بأمر محتمل رجع إلى رأي الإمام. 7187 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطُعِنَ فِي إِمَارَتِهِ، وَقَال: "إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمْرَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ". [انظر: 3730 - مسلم: 2426 - فتح 13/ 179] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2141) كتاب: البيوع، باب: بيع المزايدة.

34 - باب الألد الخصم

(بعثا) أي: جيشا. (إن كان لخليقا للإمرة) في نسخة: "للإمارة" أي: لجديرًا مستحقًا لها، ومرَّ الحديث في أواخر المغازي، في باب: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد (¬1). 34 - بَابُ الأَلَدِّ الخَصِمِ وَهْوَ الدائِمُ فِي الخُصُومَةِ. {لُدَّا} [مريم: 97] عُوجًا. 7188 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ". [انظر: 2457 - مسلم: 2668 - فتح 13/ 180] (باب الألد الخصم) بفتح المعجمة وكسر المهملة. (وهو الدائم في الخصومة) أي: أو الشديد فيها. {ولد} أي: (عوجَا)، وقال غيره أي: جدلون (¬2) في الخصومة، وفي نسخة: {أَلَدُّ}: أعوج". ومرَّ حديث الباب في المظالم والتفسير (¬3). 35 - بَابُ إِذَا قَضَى الحَاكِمُ بِجَوْرٍ، أَوْ خِلافِ أَهْلِ العِلْمِ فَهُوَ رَدٌّ (باب: إذا قضى الحاكم بجور أو خلف أهل العلم فهو رد) أي: مردود. 7189 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدًا ح وحَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (4250) كتاب: المغازي، باب: غزوة زيد بن حارثة. (¬2) في (م): جديرون. (¬3) سبق برقم (2457) كتاب: المظالم، باب: قول الله تعال: {وَهُوَ أَلدُّ الخصام}. وبرقم (4523) كتاب: التفسير، باب: {وهو ألدُّ الخصَامِ}.

36 - باب الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم

عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا، فَقَالُوا: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَأَمَرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ" مَرَّتَيْنِ. [انظر: 4339 - فتح 13/ 181] (محمود) أي: ابن غيلان. (إلى بني جذيمة) بفتح الجيم وكسر المعجمة: قبيلة من عبد قيس. (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد) أي: من قتله الذين قالوا: صبأنا قبل أن يستفسرهم عن مرادهم وإنما لم يعاقبه؛ لأنه حكم باجتهاده، ومرَّ الحديث في المغازي (¬1). 36 - بَابُ الإِمَامِ يَأْتِي قَوْمًا فَيُصْلِحُ بَيْنَهُمْ (باب: الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم) في نسخة: "ليصلح بينهم". 7190 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ المَدَنِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال: كَانَ قِتَالٌ بَيْنَ بَنِي عَمْرٍو، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَتَاهُمْ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا حَضَرَتْ صَلاةُ العَصْرِ، فَأَذَّنَ بِلالٌ وَأَقَامَ، وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ، وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلاةِ، فَشَقَّ النَّاسَ حَتَّى قَامَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَتَقَدَّمَ فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ، قَال: وَصَفَّحَ القَوْمُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاةِ لَمْ يَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْرُغَ، فَلَمَّا رَأَى التَّصْفِيحَ لَا يُمْسَكُ عَلَيْهِ التَفَتَ، فَرَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، أَنِ امْضِهْ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ هُنَيَّةً يَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ مَشَى القَهْقَرَى، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ تَقَدَّمَ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (4339) كتاب: المغازي، باب: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى نبي جذيمة.

37 - باب يستحب للكاتب أن يكون أمينا عاقلا

فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ، قَال: "يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ إِذْ أَوْمَأْتُ إِلَيْكَ أَنْ لَا تَكُونَ مَضَيْتَ؟ " قَال: لَمْ يَكُنْ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَؤُمَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال لِلْقَوْمِ: "إِذَا رَابَكُمْ أَمْرٌ، فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْيُصَفِّحِ النِّسَاءُ". [انظر: 684 - مسلم: 421 فتح 13/ 182] (فلما حضرت صلاة العصر فأذن بلال) فاء (فأذن) عاطفة على محذوف هو جواب لما أي: جاء. (وصفح القوم) أي: صفقوا. (أن أمضه) أي: امض في صلاتك. (يحمد الله) في نسخة: "فحمد الله" بفاء بدل الياء، ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 37 - بَابُ يُسْتَحَبُّ لِلْكَاتِبِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا عَاقِلًا (باب: ما يستحب للكاتب أن يكون أمينا) أي: في كتابته بعيدًا عن الطمع. (عاقلا) أي: غير مغفل؛ لئلا يخدع و (ما) مصدرية. 7191 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبُو ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَال: بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ لِمَقْتَلِ أَهْلِ اليَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: "إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَال: إِنَّ القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمَامَةِ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ فِي المَوَاطِنِ كُلِّهَا، فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ القُرْآنِ"، قُلْتُ: "كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ "، فَقَال عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَال زَيْدٌ: قَال أَبُو بَكْرٍ: "وَإِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، لَا نَتَّهِمُكَ قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ، فَاجْمَعْهُ"، قَال زَيْدٌ: فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا كَلَّفَنِي مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ، قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلانِ شَيْئًا لَمْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (684) كتاب: الأذان، باب: من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول.

يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال أَبُو بَكْرٍ: "هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ"، فَلَمْ يَزَلْ يَحُثُّ مُرَاجَعَتِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَيَا، فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ، أَجْمَعُهُ مِنَ العُسُبِ وَالرِّقَاعِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، فَوَجَدْتُ فِي آخِرِ سُورَةِ التَّوْبَةِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128]. إِلَى آخِرِهَا مَعَ خُزَيْمَةَ، أَوْ أَبِي خُزَيْمَةَ، فَأَلْحَقْتُهَا فِي سُورَتِهَا، وَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَيَاتَهُ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، قَال مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: "اللِّخَافُ: يَعْنِي الخَزَفَ". [انظر: 2807 - فتح 13/ 183] (استحر) أي: اشتد وكثر. (وإنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله) ذكر له أربع صفات مقتضية لخصوصيته بذلك: كونه شابا؛ لكونه أنشط لذلك، وكونه عاقلا؛ لكونه أوعى له، وكونه لا يتهم؛ لركون النفس إليه، وكونه كان كاتب الوحي؛ لكونه أكثر ممارسة له. (هو والله خير) استشكل بأنه كيف يكون خيرًا مما كان في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأجيب: بأن (خير) ليس بأفعل تفضيل هنا، ولو سلم فيكون ذلك خيرا من تركه في زمنهم. (من العسب) بضم المهملة جمع عسيب: وهو جريد النخل العريض المكشوط عنه الخوص. (والرقاع) جمع رقعة من جلد أو ورق. (واللخاف) بلام مشددة مكسورة وخاء معجمة جمع لخفة: وهي الحجر الأبيض أو الخزف كما ذكره بعد. (مع خزيمة) أي: ابن ثابت بن الفاكه. (أو أبي خزيمة) أي: ابن أويس بن يزيد وهو مشهور بكنيته، والشك من الراوي، والراجح: أن الذي وجد معه آخر سورة التوبة أبو خزيمة بخلاف آية الأحزاب: وهي {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ} [الأحزاب: 23]، فإنها إنما وجدت مع خزيمة، ورجح بعضهم أنه خزيمة في الموضعين، لكن آية التوبة

38 - باب كتاب الحاكم إلى عماله والقاضي إلى أمنائه

كانت عند النقل من العسب إلا المصحف، وآية الأحزاب عند النقل من الصحيفة إلى المصحف، ومرَّ الحديث في براءة وغيرها (¬1). 38 - بَابُ كِتَابِ الحَاكِمِ إِلَى عُمَّالِهِ وَالقَاضِي إِلَى أُمَنَائِهِ (باب: كتاب الحاكم إلَى عماله والقاضي إلى أضيافه) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7192 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي لَيْلَى، ح حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ، مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأُخْبِرَ مُحَيِّصَةُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ، فَأَتَى يَهُودَ فَقَال: أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ، قَالُوا: مَا قَتَلْنَاهُ وَاللَّهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ، وَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُحَيِّصَةَ: "كَبِّرْ كَبِّرْ" يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ"، فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ بِهِ، فَكُتِبَ مَا قَتَلْنَاهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: "أَتَحْلِفُونَ، وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ "، قَالُوا: لَا، قَال: "أَفَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟ "، قَالُوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتِ الدَّارَ، قَال سَهْلٌ: فَرَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ. [انظر: 2702 - مسلم: 1669 - فتح 13/ 184] (في فقير) بفاء فقاف أي: حفيرة (أو عين) أي: أو ماء في بئر أو ¬

_ (¬1) سبق برقم (4679) كتاب: التفسير، باب: قوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}.

39 - باب: هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلا وحده للنظر في الأمور؟

نحوه. (فكتب) في نسخة: "فكتبوا" ومرَّ الحديث في القسامة (¬1). 39 - بَابٌ: هَلْ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ رَجُلًا وَحْدَهُ لِلنَّظَرِ فِي الأُمُورِ؟ (باب: هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلا وحده للنظر) في نسخة: "ينظر" (في الأمور) وجواب الاستفهام محذوف أي: نعم. 7193، 7194 - 7193 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، قَالا: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَال: صَدَقَ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِاللَّهِ، فَقَال الأَعْرَابِيُّ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِي: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ، فَفَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الوَلِيدَةُ وَالغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ لِرَجُلٍ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا"، فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. [انظر: 2315، 2314 - مسلم: 1697، 1698 - فتح 13/ 185] (عسيفًا) أي: أجيرا، ومرَّ الحديث في الصلح، والأيمان وغيرهما (¬2). 40 - بَابُ تَرْجَمَةِ الحُكَّامِ، وَهَلْ يَجُوزُ تَرْجُمَانٌ وَاحِدٌ؟. (باب: ترجمة الحكام) في نسخة: "الحاكم" (وهل يجوز ترجمان واحد؟) بفتح الفوقية وضمها وجواب الاستفهام محذوف أي: يجوز عند البخاري وغيره مطلقا، وعند الشافعي وغيره إن عرف الحاكم لسان الخصم، وإلا فلا بدَّ من اثنين. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6868) كتاب: الديات، باب: القسامة. (¬2) سبق برقم (2696) كتاب: الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود. وبرقم (6634) كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -.

41 - باب محاسبة الإمام عماله

7195 - وَقَال خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ "أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ اليَهُودِ" حَتَّى كَتَبْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُتُبَهُ، وَأَقْرَأْتُهُ كُتُبَهُمْ، إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ وَقَال عُمَرُ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُثْمَانُ: "مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ؟ "، قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ: فَقُلْتُ: تُخْبِرُكَ بِصَاحِبِهَا الَّذِي صَنَعَ بِهَا وَقَال أَبُو جَمْرَةَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ " وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: لَا بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ. [فتح 13/ 185] (كتاب اليهود) أي: كتابتهم، وفي نسخة: "كتاب اليهودية" بياء النسبة. (وأقرأته) أي: وقراءته له. (قال عبد الرحمن) إلخ أي: قاله ترجمة. (أبو جمرة) بالجيم: نصر بن عمران الضبعي. (وقال بعض الناس) قيل: هم الحنفية، وقيل: الشافعية. (لا بد للحاكم من مترجمين) بكسر الميم، وفي نسخة: بفتحها وهو المعتمد كما قال شيخنا (¬1)، لكن محله عند الشافعية: إذا لم يعرف الحاكم لسان الخصم كما مرَّ. 7196 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ قَال لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، فَقَال لِلتُّرْجُمَانِ: "قُلْ لَهُ: إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ. [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح 13/ 186] (أن هرقل أرسل إليه ..) إلخ مرَّ أول الكتاب، وليس المراد منه الاستدلال بفعله مع كونه كافرا بل أن قول الترجمان كان يجري عند الأمم مجرى الخبر، أو أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا ما لم يرد ناسخ. 41 - بَابُ مُحَاسَبَةِ الإِمَامِ عُمَّالَهُ (باب: محاسبة الإمام عماله) أي: بيان ما جاء فيها. ¬

_ (¬1) "الفتح" 13/ 186.

42 - باب بطانة الإمام وأهل مشورته

7197 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَاسَبَهُ قَال: هَذَا الَّذِي لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ، وَبَيْتِ أُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا"، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَطَبَ النَّاسَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ رِجَالًا مِنْكُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ فَيَأْتِي أَحَدُكُمْ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ، وَبَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا، فَوَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا - قَال هِشَامٌ بِغَيْرِ حَقِّهِ - إلا جَاءَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، أَلا فَلَأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَعِيرٍ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٍ تَيْعَرُ "، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ" أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟ ". [انظر: 925 - مسلم: 1832 - فتح: 13/ 189] (محمد) أي: ابن سلام. (عبدة) أي: ابن سليمان. (فهلا جلس) في نسخة: "إلا جلس". (ألا فلا أعرفن) بلفظ النهي، ويروي: ألا فلأعن بلام القسم، ومرَّ حديث الباب في باب: هدايا العمال (¬1). 42 - بَابُ بِطَانَةِ الإِمَامِ وَأَهْلِ مَشُورَتِهِ الْبِطَانَةُ: الدُّخَلَاءُ. (باب: بطانة الإمام وأهل مشورته) العطف فيه من عطف الخاص على العام. (البطانة) أي: (الدخلاء) وهم المطلعون على السرائر. 7198 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (7174) كتاب: الأحكام، باب: هدايا العمال.

43 - باب: كيف يبايع الإمام الناس؟

اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ، إلا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالى"، وَقَال سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، بِهَذَا، وَعَنْ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ، وَمُوسَى، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، مِثْلَهُ، وَقَال شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَوْلَهُ، وَقَال الأَوْزَاعِيُّ، وَمُعَاويَةُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَوْلَهُ، وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي صَفْوَانُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 6611 - فتح: 13/ 189] (أصبغ) أي: ابن الفرج. (فالمعصوم من عصمه الله) في نسخة: "من عصم الله" بحذف الضمير أي: من نزغات الشيطان فلا يقبل بطانة الشر أبدًا، ومرَّ الحديث في القدر (¬1). (سليمان) أي: ابن بلال. (عن يحيى) أي: ابن سعيد الأنصاري. (وموسى) أي: ابن عقبة. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن بن عمرو (صفوان) أي: ابن سليم. 43 - بَابٌ: كَيْفَ يُبَايِعُ الإِمَامُ النَّاسَ؟ (باب كيف يبايع الإمام الناس) برفع (الإمام) ونصب (الناس) وفي نسخة: بالعكس. 7199 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الوَلِيدِ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَال: "بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي المَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ. [انظر: 18 - مسلم: 1709 - فتح: 13/ 192] ¬

_ (¬1) سبق برقم (6611) كتاب: القدر، باب: المعصوم من عصم الله.

7200 - وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ". [7056 - مسلم: 1709 - فتح: 13/ 192] (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (في المنشط والمكروه) بفتح ميميهما، وكلاهما مصدر ميمي بمعنى: المفعول، والمعنى: بايعنا على المحبوب والمكروه. 7201 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، وَالمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الخَنْدَقَ، فَقَال: "اللَّهُمَّ إِنَّ الخَيْرَ خَيْرُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ"، فَأَجَابُوا: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدًا [انظر: 2834 - مسلم: 1805 - فتح: 13/ 192] (حميد) أي: الطويل، ومرَّ حديثه مبسوطا في غزوة الخندق (¬1). 7202 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، يَقُولُ لَنَا: "فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ". [مسلم: 1867 - فتح: 13/ 193] (فيما استطعت) في نسخة: "ما استطعتم". 7203 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: شَهِدْتُ ابْنَ عُمَرَ حَيْثُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، قَال: "كَتَبَ إِنِّي أُقِرُّ بِالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا بِمِثْلِ ذَلِكَ". [7205، 7272 - فتح: 13/ 193] (عن سفيان) أي: الثوري. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4099) كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق.

7204 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَلَقَّنَنِي: "فِيمَا اسْتَطَعْتُ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [انظر: 57 - مسلم: 56 - فتح 13/ 193] (هشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (سيار) هو أبوالحكم العنزي. 7205 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَال: لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَبْدَ المَلِكِ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِلَى عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ "إِنِّي أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ". [انظر: 7203 - فتح: 13/ 193] 7206 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَال: قُلْتُ لِسَلَمَةَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ؟ قَال: "عَلَى المَوْتِ". [انظر: 2960 - مسلم: 1860 - فتح: 13/ 193] (حاتم) أي: ابن إسماعيل الكوفي. (عن يزيد) أي: ابن أبي عبيد، ومرَّ حديثه في الجهاد (¬1). 7207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا، فَقَال لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: "لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ عَلَى هَذَا الأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ"، فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ، فَمَال النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَال النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاورُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَصْبَحْنَا مِنْهَا فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ، قَال المِسْوَرُ: طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَضَرَبَ البَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَقَال: "أَرَاكَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2960) كتاب: الجهاد والسير، باب: البيعة في الحرب ألا يفرِّوا.

44 - باب من بايع مرتين

نَائِمًا فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِكَبِيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا"، فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ، فَشَاوَرَهُمَا، ثُمَّ دَعَانِي، فَقَال: "ادْعُ لِي عَلِيًّا"، فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا، ثُمَّ قَال: "ادْعُ لِي عُثْمَانَ"، فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا المُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ، وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ المِنْبَرِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ، يَا عَلِيُّ إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلَا تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا"، فَقَال: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ وَالمُسْلِمُونَ. [انظر: 1392 - فتح: 13/ 193] (أنافسكم) أي: أنازعكم. (على هذا الأمر) في نسخة: "من هذا الأمر" أي: من أجله. (بعد هجع من الليل) أي: بعد طائفة منه. (هذه الليلة) في نسخة: "هذه الثلاث" أي: الليالي، والاكتحال مجاز عن النوم (فشاورهما) في نسخة: "فسارهما". (يخشى من عليّ شيئًا) أي: من المخالفة الموجبة للفتنة. 44 - بَابُ مَنْ بَايَعَ مَرَّتَيْنِ (باب: من بايع مرتين) أي: للتأكيد. 7208 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَال: بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَقَال لِي: "يَا سَلَمَةُ أَلا تُبَايِعُ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَايَعْتُ فِي الأَوَّلِ، قَال: "وَفِي الثَّانِي". [انظر: 2960 - مسلم: 1860 - فتح: 13/ 199] (عن سلمة) أي: ابن الأكوع. (بايعت في الأول) في نسخة: "في الأولى" أي: الساعة الأولى.

45 - باب بيعة الأعراب

45 - بَابُ بَيْعَةِ الأَعْرَابِ (باب: بيعة الأعراب) أي: على الإسلام أو الجهاد. 7209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلامِ، فَأَصَابَهُ وَعْكٌ، فَقَال: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَال: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، فَخَرَجَ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المَدِينَةُ كَالكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا". [انظر: 1883 - مسلم: 1383 - فتح: 13/ 200] (أن أعرابيا) قيل: هو قيس بن أبي حازم. (تنفي خبثها) أي: رديئها (وتنصع) بضم الفوقية من أنصع: إذا أظهر ما في نفسه وبفتح التحتية من نصع إذا ظهر ما في نفسه. (طيبها) بكسر الطاء وهو منصوب على الأول مرفوع على الثاني، ومرَّ الحديث في أواخر الحج (¬1). 46 - بَابُ بَيْعَةِ الصَّغِيرِ 7210 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْهُ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ صَغِيرٌ" فَمَسَحَ رَأْسَهُ، وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ. [انظر: 2501 - فتح 13/ 200] (باب: بيعة الصغير) أي: بيان حكمها، ومرَّ الحديث في الشركة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1883) كتاب: فضائل المدينة، باب: المدينة تنفي الخبث. (¬2) سبق برقم (2501) كتاب: الشركة، باب: الشركة في الطعام وغيره.

47 - باب من بايع ثم استقال البيعة

47 - بَابُ مَنْ بَايَعَ ثُمَّ اسْتَقَال البَيْعَةَ 7211 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلامِ، فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى الأَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَال: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَال: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا المَدِينَةُ كَالكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا". [انظر: 1883 - مسلم: 1383 - فتح: 13/ 201] (باب: من بايع ثم استقال البيعة) أي: بيان ما جاء في ذلك، ومرَّ حديث الباب في آنفًا. 48 - بَابُ مَنْ بَايَعَ رَجُلًا لَا يُبَايِعُهُ إلا لِلدُّنْيَا (باب: من بايع رجلًا لا يبايعه إلا للدنيا) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7212 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إلا لِدُنْيَاهُ، إِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ يُبَايِعُ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ، فَأَخَذَهَا، وَلَمْ يُعْطَ بِهَا". [انظر: 2358 - مسلم: 108 - فتح: 13/ 201] (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان، ومرَّ حديثه في الشرب (¬1). 49 - بَابُ بَيْعَةِ النِّسَاءِ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 979] (باب: بيعة النساء) أي: بيان ما جاء فيها. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2358) كتاب: الشرب، باب: إثم من منع ابن السبيل من الماء.

7213 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، يَقُولُ: قَال لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسٍ: "تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ"، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ. [انظر: 18 - مسلم: 1709 - فتح: 13/ 203] (تفترونه) أي: تختلقونه، ومرَّ الحديث في كتاب: الإيمان (¬1). 7214 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالكَلامِ بِهَذِهِ الآيَةِ: {لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12]، قَالتْ: وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ إلا امْرَأَةً يَمْلِكُهَا. [انظر: 2713 - مسلم: 1866 - فتح: 13/ 203] (محمود) أي: ابن غيلان. (عبد الرزاق) أي: ابن همام. (إلا امرأة يملكها) أي: بنكاح، أو ملك يمين. 7215 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالتْ: "بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَأَ عَلَيْنَا: {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12]، وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا، فَقَالتْ: فُلانَةُ أَسْعَدَتْنِي، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَمَا وَفَتِ امْرَأَةٌ إلا أُمُّ سُلَيْمٍ، وَأُمُّ العَلاءِ، وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ، امْرَأَةُ مُعَاذٍ، أَو ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ، وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ. [انظر: 1306 - مسلم: 936 - فتح: 13/ 205] (فما وفت امرأة ..) إلخ مرَّ في الجنائز (¬2) (لكن) بلفظ: (فما وفَّت ¬

_ (¬1) سبق برقم (18) كتاب: الإيمان، باب: علامة الإيمان حب الأنصار. (¬2) سبق برقم (1306) كتاب: الجنائز، باب: ما ينهى من النوح والبكاء.

50 - باب من نكث بيعة

منا امرأة غير خمس نسوة أم سليم وأم العلاء وابنة أبي سبرة امرأة معاذ وامرأتان، أو ابنة أبي وامرأة معاذ وامرأة أخرى) وسكوته صلى الله عليه وسلم وعن نهي من قالت له وهي أم عطية. (أنا أريد أن أجزيها) أي: بالنياحة إما لأنه عرف أن ما عنته ليس من جنس النياحة المحرمة (¬1)، أو لأن ذلك كان من خصائصها. 50 - بَابُ مَنْ نَكَثَ بَيْعَةً وَقَوْلِهِ تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)} [الفتح: 10]. (باب: من نكث بيعة) أي: نقضها، وفي نسخة: "بيعته" (وقوله تعالى) عطف على (من نكث). {أَجْرًا عَظِيمًا} أي: الجنة. 7216 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا، قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: بَايِعْنِي عَلَى الإِسْلامِ، فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلامِ، ثُمَّ جَاءَ الغَدَ مَحْمُومًا، فَقَال: أَقِلْنِي، فَأَبَى، فَلَمَّا وَلَّى، قَال: "المَدِينَةُ كَالكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا". [انظر: 1883 - مسلم: 1383 - فتح: 13/ 205] (سفيان) أي: ابن عيينة. (الغد) في نسخة: "من الغد" ومرَّ الحديث آنفا (¬2). 51 - بَابُ الاسْتِخْلافِ (باب: الاستخلاف) أي: تعيين الخليفة عند موته خليفة بعده. 7217 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ ¬

_ (¬1) في (س): المحترمة، وما أثبتناه من (م). (¬2) سبق برقم (7211) كتاب: الأحكام، باب: من بايع ثم استقال البيعة.

سَعِيدٍ، سَمِعْتُ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، قَال: قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَارَأْسَاهْ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ"، فَقَالتْ عَائِشَةُ: وَا ثُكْلِيَاهْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ، لَظَلَلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ، لَقَدْ هَمَمْتُ - أَوْ أَرَدْتُ - أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ فَأَعْهَدَ، أَنْ يَقُولَ: القَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ، - أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى المُؤْمِنُونَ -". [انظر: 5666 - مسلم: 2387 - فتح: 13/ 205] (لو كان ذلك) أي: موتك. (واثكلياه) بضم المثلثة وسكون الكاف وكسر اللام، وفي نسخة: "واثكلاه" بحذف الياء. (بل أنا وارأساه) إضراب عن كلامها، أي: بل أضرب أنا عن حكاية وجع رأسك واشتغل بوجع رأسي إذ لا بأس بك فانت تعيشين بعدي، عرفه بالوحي. (أن يقول القائلون) أي: كراهية أن يقول أحد الخلافة لي أو لفلان. (أو يتمنى المتمنون) أي: ذلك. (يأبى الله ..) إلخ الشك فيه من الراوي، وهو شك في التقديم والتأخير، ومرَّ الحديث في الطب (¬1). 7218 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قِيلَ لِعُمَرَ أَلا تَسْتَخْلِفُ؟ قَال: "إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ فَقَال: "رَاغِبٌ رَاهِبٌ، وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْهَا كَفَافًا، لَا لِي وَلَا عَلَيَّ، لَا أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا وَلَا مَيِّتًا". [مسلم: 1823 - فتح: 13/ 205] (سفيان) أي: الثوري. (فقال) أي: عمرو هو (راغب) أي: في الثناء حسن رأيه. (راهب) ¬

_ (¬1) سبق برقم (5666) كتاب: المرضى، باب: ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع.

من إظهار ما بنفسه من الكراهة، وقيل: (راغب) في الخلافة (وراهب) منها فإن وليت الراغب خشيت أن لا يعان عليها، أو الراهب خشيت أن لا يقوم، ومن توسط حاله بين الحالين فجعلها لواحد من الستة كالمعين. 7219 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الآخِرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، وَذَلِكَ الغَدَ مِنْ يَوْمٍ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَشَهَّدَ وَأَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ، قَال: "كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَدْبُرَنَا، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ، فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالى قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ [بما] هَدَى اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَانِيَ اثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أَوْلَى المُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ"، وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ العَامَّةِ عَلَى المِنْبَرِ قَال الزُّهْرِيُّ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ: "اصْعَدِ المِنْبَرَ"، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ المِنْبَرَ، فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً. [7269 - فتح: 13/ 206] (حتى يدبرنا) بضم (¬1) التحتية، وسكون المهملة وضم الموحدة أي: يموت بعدنا كما نبه عليه بقوله: (يريد) إلخ. (نورا) أي: قرآنا. (فبايعوه) بكسر التحتية. 7220 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ، فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تُرِيدُ المَوْتَ، قَال: "إِنْ لَمْ تَجِدِينِي، فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ". [انظر: 3659 - مسلم: 2386 - فتح: 13/ 206] (إن لم تجديني فاتي أبا بكر) فيه: إشارة إلى أنه الخليفة بعده، ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (م): بفتح.

ومرَّ الحديث في فضل أبي بكر (¬1). 7221 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "لِوَفْدِ بُزَاخَةَ: تَتْبَعُونَ أَذْنَابَ الإِبِلِ، حَتَّى يُرِيَ اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُهَاجِرِينَ أَمْرًا يَعْذِرُونَكُمْ بِهِ. [فتح 13/ 206] (يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (عن سفيان) أي: الثوري. (لوفد بزاخة) إلى آخره وفدها من طيء، وأسد وغطفان قبائل كثيرة و (بزاخة) بموحدة مضمومة وزاي ومعجمة: موضع بالبحرين، أو ماء لتلك القبائل وذكر البخاري طرفًا من قصة بزاخة وهي: أن وفدها جاءوا إلى أبي بكر رضي الله عنه بعد وقعتها يسألونه الصلح فخيرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية فقالوا: عرفنا المجلية فما المخزية؟ فقال: تنزع منكم الحلقة والكراع ويغنم ما أصبنا منكم وتتركون ما أصبتم منا وتتركون أقوامًا يتبعون أذناب الإبل حتى يرى الله خليفة رسوله والمهاجرين أمرًا يعذرونكم به. والحلقة بسكون اللام: السلاح، وقيل: الدروع قاله ابن الأثير (¬2). - باب. (باب) بلا ترجمة وهو ساقط من نسخة. 7222، 7223 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا"، فَقَال كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا، فَقَال أَبِي: إِنَّهُ قَال: "كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ". [مسلم: 1821 - فتح: 13/ 211] (يكون اثنا عشر أميرا) إلى آخره إيضاحه ما رواه أبو داود عن ¬

_ (¬1) سبق برقم (3659) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذا خليلا". (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 427.

52 - باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة

جابر بن سمرة بلفظ: "لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة قال: فكبر الناس وضجوا" (¬1) فلعل هذا هو سبب خفاء الكلمة المذكورة على جابر ذكره شيخنا وأطال في بيانه (¬2). 52 - بَابُ إِخْرَاجِ الخُصُومِ وَأَهْلِ الرِّيَبِ مِنَ البُيُوتِ بَعْدَ المَعْرِفَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ. (باب: إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة) أي: بعد شهرتهم بذلك. 7224 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ يُحْتَطَبُ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ العِشَاءَ». [انظر: 644 - مسلم: 651 - فتح: 13/ 215] [قَال مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: قَال يُونُسُ قَال مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيمَانَ: قَال أَبُو عَبدِ اللَّهِ: مِرْمَاة مَا بَينَ ظِلْفِ الشَّاةِ مِنَ اللحم مِثلُ مِنسَاة وَمِيضَاة. الِميمُ مخفُوضَة]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أَويس. (يحطب) في نسخة: "يحطب" بسكون الحاء وفتح الطاء، وفي أخرى: "يحطب" بفتح الحاء وتشديد الطاء. (ثم أخالف إلى رجال) أي: آتيهم من خلفهم. (أو مرماتين) بتثنية مرماة. بكسر الميم وسيأتي تفسيرها في كلامه. (قال محمد بن يوسف) أي: الفربري. (قال أبو عبد الله) أي: البخاري، ومر الحديث ¬

_ (¬1) "سنن أبي داود" (4280) كتاب: المهدي. (¬2) "الفتح" 13/ 211.

53 - باب: هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه والزيارة ونحوه؟

في صلاة الجماعة والإشخاص (¬1). 53 - بَابٌ: هَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَ المُجْرِمِينَ وَأَهْلَ المَعْصِيَةِ مِنَ الكَلامِ مَعَهُ وَالزِّيَارَةِ وَنَحْوهِ؟ (باب: هل للإمام أن يمنع المجرمين) في نسخة: "أن يمنع المحبوس". (وأهل المعصية من الكلام والزيارة ونحوه؟) والعطف فيه عطف تفسير، أو من عطف العام على الخاص، وجواب الاستفهام محذوف أي: نعم. 7225 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَال: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَال: لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَذَكَرَ حَدِيثَهُ، "وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُسْلِمِينَ عَنْ كَلامِنَا، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا". [انظر: 2757 - مسلم: 2769 - فتح: 13/ 216] (وآذان) بالمد أي: أعلم، ومرَّ الحديث في غزوة تبوك (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (644) كتاب: الأذان، باب: وجوب صلاة الجماعة. وبرقم (2420) كتاب: الخصومات، باب: إخراج أهل المعاصي. (¬2) سبق برقم (4418) كتاب: المغازي، باب: حديث كعب بن مالك.

94 - كتاب التمني

94 - كِتَابُ التَّمَنِّي

1 - باب ما جاء في التمني، ومن تمنى الشهادة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [94 - كِتَابُ التَّمَنِّي] 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّمَنِّي، وَمَنْ تَمَنَّى الشَّهَادَةَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (كتاب التمني) هو أعم من الترجي؛ لأنه في الممكن وغيره، والترجي في الممكن فقط. ولفظ (كتاب التمني) ساقط من نسخة. (باب: ما جاء في التمني ومن تمنى الشهادة) أي: بيان ما جاء فيها، ولفظ: (باب) ساقط من نسخة. 7226 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي، وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ، مَا تَخَلَّفْتُ، لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ". [انظر: 36 - مسلم: 1876 - فتح: 13/ 217] (لولا أن رجالا يكرهون أن يتخلفوا بعدي) أي: عن الغزو لعجزهم. (لوددت) أي: لأحببت، ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1) (لا أقاتل) في نسخة: "أقاتل". ¬

_ (¬1) سبق برقم (2797) كتاب: الجهاد والسير، باب: تمني الشهادة.

2 - باب تمني الخير

7227 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ"، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُهُنَّ ثَلاثًا، أَشْهَدُ بِاللَّهِ. [انظر: 36 - مسلم: 1876 - فتح: 13/ 217] (أشهد بالله) أي: أنه (قال ذلك. 2 - بَابُ تَمَنِّي الخَيْرِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ لِي أُحُدٌ ذَهَبًا". (باب: تمني الخير) أي: بيان ما جاء فيه. (لو كان في أحد ذهبا) أي: لأحببت أن لا يأتي على ثلاث وعندي منه دينار. 7228 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَوْ كَانَ عِنْدِي أُحُدٌ ذَهَبًا، لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا يَأْتِيَ عَلَيَّ ثَلاثٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ - لَيْسَ شَيْءٌ أَرْصُدُهُ فِي دَيْنٍ عَلَيَّ - أَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهُ". [انظر: 2389 - مسلم: 991 - فتح: 13/ 217] (ليس شيء أرصده) بفتح الهمزة وضم الصاد، وبالضم والكسر. (في دين علي أجد من يقبله) قال الزركشي: في الكلام تقديم وتأخير اختل به الكلام، وأصله: وعندي منه دينار أجد من يقبله ليس شيء أرصده لدينٍ، ففصل بين الموصوف وهو (دينار) وصفته وهو قوله: (أجد) بالمستثنى. 3 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو استقبلت من أمري ما استدبرت) أي: ما استدبرته وجواب (لو) محذوف أي: ما سقت الهدي، كما يأتي. 7229 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،

حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الهَدْيَ، وَلَحَلَلْتُ مَعَ النَّاسِ حِينَ حَلُّوا". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 13/ 218] (ما سقت الهدي) يعني: ما قرنت، أو ما أفردت (ولحللت) يعني: تمتعت. 7230 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَبَّيْنَا بِالحَجِّ، وَقَدِمْنَا مَكَّةَ لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَأَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً وَنَحِلَّ، إلا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، قَال: وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِنَّا هَدْيٌ غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَلْحَةَ، وَجَاءَ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَنِ مَعَهُ الهَدْيُ، فَقَال: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى، وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ؟ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ لَحَلَلْتُ"، قَال: وَلَقِيَهُ سُرَاقَةُ وَهُوَ يَرْمِي جَمْرَةَ العَقَبَةِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَنَا هَذِهِ خَاصَّةً؟ قَال: "لَا، بَلْ لِأَبَدٍ"، قَال: وَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدِمَتْ مَعَهُ مَكَّةَ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَنْسُكَ المَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَطُوفُ، وَلَا تُصَلِّي، حَتَّى تَطْهُرَ، فَلَمَّا نَزَلُوا البَطْحَاءَ، قَالتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَأَنْطَلِقُ بِحَجَّةٍ؟ قَال: ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنْ يَنْطَلِقَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ عُمْرَةً فِي ذِي الحَجَّةِ بَعْدَ أَيَّامِ الحَجِّ. [انظر: 1557 - مسلم: 1216 - فتح: 13/ 218] (يزيد) أي: ابن زريع. (عن حبيب) أي: ابن أبي قريبة. (وأن نجعلها) أي: الحجة. (يقطر) أي: منيًّا، ومرَّ الحديث في الحج (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1557) كتاب: الحج، باب: من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -.

4 - باب قوله صلى الله عليه وسلم: "ليت كذا وكذا"

4 - بَابُ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْتَ كَذَا وَكَذَا" (باب: قوله (: ليت كذا وكذا" أي: بيان ذلك. 7231 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَال: قَالتْ عَائِشَةُ: أَرِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَال: "لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ" إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاحِ، قَال: "مَنْ هَذَا؟ "، قَال سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ أَحْرُسُكَ، فَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالتْ عَائِشَةُ: قَال بِلالٌ: "أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ" فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (أرق) أي: سهر. (فقال: ليت رجلا من أصحابي يحرسني الليلة) قاله قبل نزول قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] (غطيطه) أي: صوته ونفخه، ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1). (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (وحولي إذخر) أي: حشيش طيب الرائحة. (وجليل) هو الثمام بمثلثة مضمومة: وهو نبت ضعيف قصير لا يطول قاله ابن الأثير (¬2). 5 - بَابُ تَمَنِّي القُرْآنِ وَالعِلْمِ (باب: تمني القرآن) أي: قراءته. (والعلم) أَي: تحصيله. 7232 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (2885) كتاب: الجهاد والسير، باب: الحراسة في الغزو في سبيل الله. (¬2) "النهاية في غريب الحديث" 1/ 289. وعبارة ابن الأثير تقول: الجليل: الثمام واحدة جليلة وقيل: هو الثمام إذا عظم وجل. وليس فيها أنه نبات.

6 - باب ما يكره من التمني

صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحَاسُدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ فَيَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ " حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ بِهَذَا. [انظر: 5026 - فتح: 13/ 220] (اثنتين) أي: خصلتين. (آناء الليل والنهار) أي: ساعاتهما. (حدثنا قتيبة: حدثنا جرير بهذا) ساقط من نسخة. 6 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّمَنِّي {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)} [النساء: 32]. (باب: ما يكره من التمني) أي: بيان ما جاء في ذلك. {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} أي من جهة الدنيا أو الدين؟ لأن ذلك يؤدي إلا التحاسد والتباغض وذلك بأن تقول: ليت لي مال فلان أو علمه. 7233 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، قَال: قَال أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تَتَمَنَّوُا المَوْتَ" لَتَمَنَّيْتُ. [انظر: 5671 - مسلم: 2680 - فتح: 13/ 220] (أبوالأحوص) هو سلام بن سليم. (عن عاصم) ابن سليمان الأحول. 7234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَال: أَتَيْنَا خَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ نَعُودُهُ، وَقَدْ اكْتَوَى سَبْعًا فَقَال: "لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ"، لَدَعَوْتُ بِهِ. [انظر: 5672 - مسلم: 2681 - فتح: 13/ 220]

7 - باب قول الرجل لولا الله ما اهتدينا

(محمد) أي: ابن سلام بالتشديد والتخفيف (عبدة) أي: ابن سليمان. 7235 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ المَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ". [انظر: 390 - فتح: 13/ 220] (إما محسنًا) أي: إما أن يكون محسنا، ويقدر مثله في قوله: (وإما مسيئا) في نسخة: "إما محسن وإما مسيء" وقد بين - صلى الله عليه وسلم - ما المحسن والمسيء في أن لا يتمنى بأن في المحسن ازديادًا حسيًّا، وفي المسيء رجوعًا عن الشر، وكل منهما خير من تمني الموت، وإلى الأول أشار بقوله: (فلعله يزداد) وإلى الثاني بقوله: (فلعله يستعتب) أي: يسترضي الله بتوبته؛ ليزول عنه العتب. 7 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا (باب: قول الرجل: لولا الله ما اهتدينا) في نسخة: "باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو أنت ما اهتدينا). 7236 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الأَحْزَابِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، يَقُولُ: "لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا نَحْنُ، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، إِنَّ الأُلَى - وَرُبَّمَا قَال: المَلا - قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا أَبَيْنَا"، يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ. [انظر: 2836 - مسلم 1803 - فتح: 13/ 222] (عبدان) أي: ابن عثمان، ومرَّ حديث الباب في غزوة الخندق (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4104) كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق.

8 - باب كراهية تمني لقاء العدو

8 - بَابُ كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي لِقَاءِ العَدُوِّ وَرَوَاهُ الأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ [انظر: 3026] (باب: كراهية تمني لقاء العدو) أي: بيان ما جاء فيها. 7237 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ قَال: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى فَقَرَأْتُهُ، فَإِذَا فِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ". [انظر: 2818 - مسلم: 1741، 1742 - فتح: 13/ 223] (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن محمد. (وسلوا الله العافية) أي: من المكاره، ومرَّ حديث الباب في الجهاد (¬1). 9 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوْ وَقَوْلِهِ تَعَالى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} [هود: 80]. (باب: ما يجوز من اللو) بسكون الواو مخففة، ويروى بتشديدها. 7238 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَال: ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، المُتَلاعِنَيْنِ فَقَال: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ أَهِيَ الَّتِي قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ" قَال: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ. [انظر: 5310 - مسلم: 1497 - فتح: 13/ 224] (سفيان) أي: ابن عيينة. (لو كنت راجما امرأة من غير بينة) أي: لرجمتها، وفي نسخة: "عن غير بينة" وفي أخرى: "بغير بينة". (أعلنت) أي: أظهرت السوء في الإسلام. وفي الحديث: جواز استعمال لو وهو محمول كما قال النووي: ¬

_ (¬1) سبق برقم (3024) كتاب: الجهاد والسير، باب: لا تتمنوا لقاء العدو.

على من قال ذلك تأسفا على ما فاته من طاعة الله، أو ما هو متعذر عليه منه. وأن النهي في خبر النسائي وغيره: "فإن غلبك أمر فقل قدر الله وما شاء هو الله، وإياك واللو فإن اللو تفتح عمل الشيطان" (¬1) فمحمول على ما لا فائدة فيه مع أن النهي عن ذلك للتنزيه (¬2). 7239 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، قَال: أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعِشَاءِ، فَخَرَجَ عُمَرُ فَقَال: الصَّلاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَقَدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ يَقُولُ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي - أَوْ عَلَى النَّاسِ وَقَال سُفْيَانُ أَيْضًا عَلَى أُمَّتِي - لَأَمَرْتُهُمْ بِالصَّلاةِ هَذِهِ السَّاعَةَ"، قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الصَّلاةَ فَجَاءَ عُمَرُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَقَدَ النِّسَاءُ وَالولْدَانُ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَمْسَحُ المَاءَ عَنْ شِقِّهِ يَقُولُ: "إِنَّهُ لَلْوَقْتُ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي"، وَقَال عَمْرٌو، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَمَّا عَمْرٌو فَقَال: رَأْسُهُ يَقْطُرُ، وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ، يَمْسَحُ المَاءَ عَنْ شِقِّهِ، وَقَال عَمْرٌو: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي"، وَقَال ابْنُ جُرَيْجٍ: "إِنَّهُ لَلْوَقْتُ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي"، وَقَال إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟. [انظر: 571 - مسلم 642 - فتح: 13/ 224] (عليّ) أي: ابن عبد الله المديني. (سفيان) أي: ابن عينية. (يمسح الماء) أي: ماء الغسل. (إنه للوقت) أي: لوقت صلاة العشاء. (معن) أي: ابن عيسى القزاز. (عن عمرو) أي: ابن دينار. 7240 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ" [انظر: 887 - مسلم: 252 - فتح: 13/ 224] ¬

_ (¬1) "السنن الكبرى" 6/ 159 (10458). (¬2) "صحيح مسلم بشرح النووي" 8/ 156، 16/ 216.

(عن عبد الرحمن) أي: الأعرج. 7241 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: وَاصَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ الشَّهْرِ، وَوَاصَلَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَوْ مُدَّ بِيَ الشَّهْرُ لَوَاصَلْتُ وصَالًا يَدَعُ المُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ، إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ" تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُغِيرَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 1961 - مسلم: 1104 - فتح: 13/ 224] 7242 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوصَالِ"، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَال: "أَيُّكُمْ مِثْلِي، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ"، فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الهِلَال فَقَال: "لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ". [انظر: 1965 - مسلم: 1103 - فتح: 13/ 225] (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي. (حميد) أي: الطويل. (إني أظل يطعمني ربي ويسقيني) أي: طعامًا وشرابًا من الجنة، أو هو مجاز عن لازم الطعام والشراب وهو قوة الأكل والشارب، وعلى الأول إنما لم يكن مواصل؛ لأن المحضر من الجنة لا يجري عليه أحكام المكلفين. (تابعه) أي: حميدًا. 7243 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الجَدْرِ، أَمِنَ البَيْتِ هُوَ؟ قَال: "نَعَمْ"، قُلْتُ: فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي البَيْتِ؟ قَال: "إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ"، قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا، قَال: "فَعَلَ ذَاكِ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا، وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ، أَنْ أُدْخِلَ الجَدْرَ فِي البَيْتِ، وَأَنْ أَلْصِقْ بَابَهُ فِي الأَرْضِ". [انظر: 126 - مسلم: 1333 - فتح: 13/ 225]

(عن الجدر) بفتح الجيم وسكون المهملة أي: الحجر بكسر المهملة ويقال له: الحطيم. (فما لهم) في نسخة: "فما بالهم". (لولا أن قومك) إلى آخره جواب (لولا) محذوف أي: لفعلت. 7244 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا - أَوْ شِعْبًا - لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ، - أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ -". [انظر: 3779 - فتح 13/ 225]. 7245 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا" تَابَعَهُ أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي الشِّعْبِ. (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. وأحاديث الباب ثمانية. مرَّ أولها: في اللعان (¬1)، وثانيها: في الصلاة (¬2)، وثالثها: في الوضوء (¬3)، ورابعها وخامسها: في الصوم (¬4)، وسادسها: في الحج (¬5)، وسابعها وثامنها: في مناقب الأنصار (¬6). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5310) كتاب: الطلاق، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لو كنت راجما بغير بينة). (¬2) سبق برقم (571) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: النوم قبل العشاء. (¬3) سبق برقم (244) كتاب: الوضوء، باب: السواك. (¬4) سبق برقم (1961) كتاب: الصوم، باب: الوصال. (¬5) سبق برقم (1583) كتاب: الحج، باب: فضل مكة. (¬6) سبق برقم (3779) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار".

95 - كتاب أخبار الآحاد

95 - كِتَابُ أَخْبَارِ الآحَادِ

1 - باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [95 - كِتَابُ أَخْبَارِ الآحَادِ] 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الوَاحِدِ الصَّدُوقِ فِي الأَذَانِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]، «وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى»: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9]، «فَلَوِ اقْتَتَلَ رَجُلاَنِ دَخَلَ فِي مَعْنَى الآيَةِ»، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}، «وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ». (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقطة من نسخة، وقبلها في أخرى: "كتاب: خبر الواحد". (باب: ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام) (في الأذان) متعلق بـ (إجازة) وعطف (الأحكام) على ما قبلها من عطف العام على الخاص. (وقول الله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: 122] الآية) عطف على (ما جاء) أو على (إجازة) وساق في نسخة الآية بتمامها. (ويسمى الرجل) الأَوْلَى: ويسمي الواحد. (طائفة لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}

{اقْتَتَلُوا}) استدلاله بالآية على أن الطائفة تشمل الواحد، جازِ على القول بأن أقل الطائفة واحد، وإلا فقد قيل أيضًا: إن أقلها اثنان، وقيل: ثلاثة، وقيل: أربعة، وقيل: عشرة. (دخل) في نسخة: "دخلا" وهي أولى. 7246 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ، قَال: أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا - أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا - سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ، قَال: "ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، - وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لَا أَحْفَظُهَا، - وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ". [انظر: 628 - مسلم: 674: 674 - فتح 13/ 231]. (شبيه بفتحات جمع شاب، وهو ما كان دون الكهولية (رقيقًا) بقافين وفي نسخةٍ: بفاء ثم قاف (وقوله تعالى) عطف على (ما جاء أو على (إجازة)، وكذا قوله: (وكيف بعث النبي ...) إلى آخره. (إلى أهلنا) في نسخة: "إلى أهلينا". (أحفظها أو لا أحفظها) (أو) للتنويع لا للشك. (أكبركم) أي: في الفضل. 7247 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلالٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ قَال يُنَادِي - لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ الفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا - وَجَمَعَ يَحْيَى كَفَّيْهِ - حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا" وَمَدَّ يَحْيَى إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ. [انظر: 621 - مسلم 1093 - فتح 13/ 231]. 7248 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَال: "إِنَّ بِلالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ". [انظر: 617 - مسلم: 1092 - فتح 13/ 231]. (عن يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (ليرجع) من الرجع لا من الرجوع فهو متعد بمعنى: يرد. (قائمكم) بالنصب بـ (يرجع). (أن يقول) أي: يظهر، ففيه إطلاق القول على الفعل. (ومدَّ يحيى إصبعيه السبابتين) أي: حتى يصير الفجر مستطيلا منتشرًا في الأفق ممدودا من الطرفين: اليمين والشمال. 7249 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ: أَزِيدَ فِي الصَّلاةِ؟ قَال: "وَمَا ذَاكَ؟ "، قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ. [انظر: 401 - مسلم: 572 - فتح 13/ 231] 7250 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَال لَهُ ذُو اليَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَال: "أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ "، فَقَال النَّاسُ: نَعَمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ، ثُمَّ رَفَعَ. [انظر: 482 - مسلم: 573 - فتح 13/ 231]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عن محمد) أي: ابن سيرين. ومرَّ حديثه في: سجود السهو (¬1). 7251 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَال: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا"، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الكَعْبَةِ. [انظر: 403 - مسلم: 526 - فتح 13/ 232]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1228) كتاب: السهو، باب: من لم يتشهد في سجدتي السهو.

(إذ جاءه آتٍ) هو عباد بن بشر. ومَرَّ الحديث في أوائل الصلاة (¬1). 7252 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ البَرَاءِ، قَال: "لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144]، فَوُجِّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، وَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ العَصْرَ"، ثُمَّ خَرَجَ فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ قَدْ وُجِّهَ إِلَى الكَعْبَةِ، فَانْحَرَفُوا وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلاةِ العَصْرِ. [انظر: 40 - مسلم: 525 - فتح 13/ 232]. (يحيى) أي: ابن أبي موسى البلخي. (وكيع) أي: ابن الجراح. (وصلى معه رجل العصر) هو عباد بن بشر، ولا ينافي ذكرُه أن الصلاة صلاة العصر ما مرَّ قبله أنها صلاة الصبح (¬2)؛ لأن التحويل كان في صلاة العصر، وبلوغ الخبر إلى قباء في اليوم الثاني وقت صلاة الصبح (¬3). 7253 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِيَّ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ - وَهُوَ تَمْرٌ -"، فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَال: إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: يَا أَنَسُ، قُمْ إِلَى هَذِهِ الجِرَارِ فَاكْسِرْهَا، قَال أَنَسٌ: "فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسٍ لَنَا فَضَرَبْتُهَا بِأَسْفَلِهِ حَتَّى انْكَسَرَتْ". [انظر 2464 - مسلم: 1980 - فتح 13/ 232]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (403) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القبلة. (¬2) سبق برقم (7251) كتاب: أخبار الآحاد، باب: ما جاء في إجازة خبر الواحد. (¬3) سبق برقم (399) كتاب: الصلاة، باب: التوجه نحو القبلة حيث كان.

(من فضيخ) بمعجمتين: شراب يتخذ من البسر. (إلى مهراس) بكسر الميم. ومَرَّ الحديث في: أول الأشربة (¬1). 7254 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال لِأَهْلِ نَجْرَانَ: "لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ"، فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ. [انظر: 3745 - مسلم: 242 - فتح 13/ 232]. (عن صلة) أي: ابن زفر العبسي. ومَرَّ حديثه مع الذي بعده في: المناقب (¬2). 7255 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ" [انظر: 3744 - مسلم: 2419 - فتح 13/ 232]. (عن خالد) أي: ابن مهران الحذاء. 7256 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَال: "وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدْتُهُ أَتَيْتُهُ بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا غِبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدَهُ أَتَانِي بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 89 - مسلم: 1479 - فتح 13/ 232]. (وشهد) في نسخة: "وشهده". ومَرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬3). 7257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5580) كتاب: الأشربة، باب: الخمر من العنب. (¬2) سبق برقم (3745) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب أبي عبيدة. (¬3) سبق برقم (89) كتاب: العلم، باب: التناوب في العلم.

جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَال: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَال آخَرُونَ: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: "لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"، وَقَال لِلْآخَرِينَ: "لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ". [انظر: 4340 - مسلم: 1840 - فتح 13/ 233]. (عن زبيد أي) ابن الحارث اليامي. (وأمَّر عليهم رجلا) هو عبد الله بن حذافة السهمي. لو دخلوه لم يزالوا فيها إلى يوم القيامة) أي: لماتوا فيها ولم يخرجوا منها مدة الدنيا. ومَرَّ الحديث في كتاب: الأحكام (¬1). 7258، 7259 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَاهُ "أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 2314، 2315 - مسلم: 1697، 1698 - فتح 13/ 233]. 7260 - وحَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَال: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْ"، فَقَال: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، - وَالعَسِيفُ: الأَجِيرُ - فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ، وَأَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الوَلِيدَةُ وَالغَنَمُ فَرُدُّوهَا، وَأَمَّا ابْنُكَ فَعَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ - فَاغْدُ عَلَى ¬

_ (¬1) سبق برقم (7145) كتاب: الأحكام، باب: السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية.

2 - باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم الزبير طليعة وحده

امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. [انظر: 2315 - مسلم: 1697 - فتح 13/ 233] (على امرأة هذا) أي: إليها. ومَرَّ الحديث في كتاب: المحاربين وغيره (¬1). 2 - بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ طَلِيعَةً وَحْدَهُ (باب: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - الزبير طليعة وحده) هي من تبعث لتطلع على أحوال العدو. 7261 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ يَوْمَ الخَنْدَقِ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثَلاَثًا، فَقَالَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» قَالَ سُفْيَانُ: حَفِظْتُهُ مِنْ ابْنِ المُنْكَدِرِ، وَقَالَ لَهُ أَيُّوبُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، حَدِّثْهُمْ عَنْ جَابِرٍ، فَإِنَّ القَوْمَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ تُحَدِّثَهُمْ عَنْ جَابِرٍ، فَقَالَ: فِي ذَلِكَ المَجْلِسِ: سَمِعْتُ جَابِرًا - فَتَابَعَ بَيْنَ أَحَادِيثَ سَمِعْتُ جَابِرًا - قُلْتُ لِسُفْيَانَ: فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَقَالَ: كَذَا حَفِظْتُهُ مِنْهُ، كَمَا أَنَّكَ جَالِسٌ، يَوْمَ الخَنْدَقِ، قَالَ سُفْيَانُ هُوَ يَوْمٌ وَاحِدٌ، وَتَبَسَّمَ سُفْيَانُ. [انظر: 2846 - مسلم: 2415 - فتح 13/ 239]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (ندب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس) أي: دعاهم وطلبهم. (فانتدب الزبير) أي: أجابه. (حواريَّ) بفتح المهملة، أي: ناصريَّ. (فتابع) في نسخة "فتتابع". (بين أحاديث) في نسخة: "بين أربعة أحاديث" أي: ذكرها متتابعة فـ (بين) زائدة للتأكيد. (يوم قريظة) أي: بدل قوله: يوم الخندق. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2314، 2315) كتاب: الوكالة، باب: الوكالة في الحدود، و (6827، 6828) كتاب: الحدود، باب: الاعتراف بالزنى.

3 - باب قول الله تعالى: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} [الأحزاب: 53] «فإذا أذن له واحد جاز»

(حفظته منه كما أنك جالس يوم الخندق) بيَّن بقوله: (كما أنك جالس) أنه متيقن لحفظ ما ذكر كتيقنه جلوس المخاطب، ويوم الخندق متعلق بحفظته. ومرَّ الحديث في: الجهاد (¬1). 3 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] «فَإِذَا أَذِنَ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ» (باب: قول الله تعالى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} أي: بيان ذلك. (فإذا أذن له واحد جاز) لصدق الآية بالواحد. 7262 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ البَابِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» [انظر: 3674 - مسلم: 2403 - فتح 13/ 240]. 7263 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ: جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ "، فَقُلْتُ: قُلْ هَذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، «فَأَذِنَ لِي». [انظر: 89 - مسلم: 1479 - فتح 13/ 240]. (حماد) أي: "ابن زيد" كما في نسخة. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل النهدي. (دخل حائطًا) يعني: بستان أريس. (وأمرني بحفظ الباب) لا ينافيه ما مَرَّ في المناقب من قوله: (ولم يأمرني بحفظه) (¬2)؛ لأنه لم ¬

_ (¬1) سبق برقم (2846) كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل الطليعة. (¬2) سبق برقم (3674) كتاب: المناقب، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذ خليل".

4 - باب ما كان يبعث النبي صلى الله عليه وسلم من الأمراء والرسل واحدا بعد واحد

يأمره أولًا وأمره آخرًا ومَرَّ حديثًا الباب في: مناقب عمر (¬1). 4 - بَابُ مَا كَانَ يَبْعَثُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِحْيَةَ الكَلْبِيَّ بِكِتَابِهِ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ [انظر: 7] (باب: ما كان يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأمراء والرسل واحدا بعد واحد) أي: بيان ما جاء في ذلك. (وقال ابن عباس) إلى آخره ساقط من نسخة. 7264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ، يَدْفَعُهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى»، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ». [انظر: 64 - فتح 13/ 241]. (فأمره) أي: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حاملَ الكتاب وهو عبد الله بن حذافة، وبهذا مع ما نقله عن ابن عباس: قيل: علم أن المبعوث لعظيم بُصرى هو دحيه الكلبي، ولعظيم البحرين عبد الله بن حذافة. 7265 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ: «أَذِّنْ فِي قَوْمِكَ، أَوْ فِي النَّاسِ - يَوْمَ عَاشُورَاءَ - أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ». [انظر: 1924 - مسلم: 1135 - فتح 13/ 241]. (قال الرجل من أسلم) هو هند بن أسماء بن حارثة. ومَرَّ الحديث في: الصوم (¬2). ¬

_ (¬1) سبقا برقم (3693) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب. (¬2) سبق برقم (1924) كتاب: الصوم، باب: إذا نوى بالنهار صوما.

5 - باب وصاة النبي صلى الله عليه وسلم وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم

5 - بَابُ وَصَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُفُودَ العَرَبِ أَنْ يُبَلِّغُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ قَالهُ مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ. (باب: وصاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم) أي: بيان ما جاء فيها، والوصاة بفتح الواو وكسرها وبالقصر: الوصية. 7266 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَال: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُقْعِدُنِي عَلَى سَرِيرِهِ، فَقَال لِي: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ لَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنِ الوَفْدُ؟ "، قَالُوا: رَبِيعَةُ، قَال: "مَرْحَبًا بِالوَفْدِ - أَو القَوْمِ - غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارَ مُضَرَ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَدْخُلُ بِهِ الجَنَّةَ وَنُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، فَسَأَلُوا عَنِ الأَشْرِبَةِ، فَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، وَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، أَمَرَهُمْ: بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ، قَال: "هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ؟ "، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، - وَأَظُنُّ فِيهِ صِيَامُ رَمَضَانَ - وَتُؤْتُوا مِنَ المَغَانِمِ الخُمُسَ" وَنَهَاهُمْ عَنْ: الدُّبَّاءِ، وَالحَنْتَمِ، وَالمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ، وَرُبَّمَا قَال: "المُقَيَّرِ"، قَال: "احْفَظُوهُنَّ وَأَبْلِغُوهُنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ". [انظر 53 - مسلم: 17 - فتح 13/ 242]. (إسحاق) أي: ابن راهويه. (عن أبي جمرة) هو نصر بن عمران الضبعي. (مرحبا) بفتح الميم: من الرحب: وهو السعة. (وتؤتوا من المغانم الخمس) عدل به عن أسلوب أخواته للإشعار بأنه متجدد بخلاف تلك فإنها كانت ثابتة. ومرَّ الحديث في: الإيمان (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم كتاب: الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان.

6 - باب خبر المرأة الواحدة

6 - بَابُ خَبَرِ المَرْأَةِ الوَاحِدَةِ (باب: خبر المرأة الواحدة) أي: بيان قبوله. 7267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ تَوْبَةَ العَنْبَرِيِّ، قَال: قَال لِي الشَّعْبِيُّ أَرَأَيْتَ حَدِيثَ الحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَقَاعَدْتُ ابْنَ عُمَرَ قَرِيبًا، مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ هَذَا قَال: كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ سَعْدٌ، فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمٍ، فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ، فَأَمْسَكُوا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُوا أَو اطْعَمُوا، فَإِنَّهُ حَلالٌ - أَوْ قَال لَا بَأْسَ بِهِ شَكَّ فِيهِ - وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي" [مسلم: 1944 - فتح 13/ 243]. (عن توبة) بفتح الفوقية، أي: ابن كيسان. (أرأيت حديث الحسن) أي: البصري، والاستفهام للإنكار، وكان الشعبي ينكر على من يرسل الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إشارة إلى أن الحامل لفاعل ذلك طلب الإكثار من التحديث عنه، وإلا لكان يكتفي بما سمعه موصولا. (وقاعدت ابن عمر قريبا من سنتين أو سنة ونصف فلم أسمعه يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا) أي: غير هذا الحديث، وهو: كان ناس ... إلى آخره، وغرضه مما ذكره كما قال الكرماني: أن الحسن مع أنه تابعي يكثر الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني: جريء على الإقدام عليه، وابن عمر مع أنه صحابي مقلل محتاط محترز مهما أمكن له فقوله: (وقاعدت) إلى آخره استئناف لبيان تقليل ابن عمر في الحديث (¬1). (فنادتهم امرأة) هي ميمونة. (شكَّ فيه) الشاك توبة، والشك راجع إلى الأمرين قبله. ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 24/ 27.

96 - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

96 - كِتَابُ الاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 96 - كِتَابُ الاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة). (الاعتصام) من العصمة: وهي المنعة، والمراد به: التمسك بالكتاب والسنة. 7268 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَال: قَال رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَوْ أَنَّ عَلَيْنَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3]، لاتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا، فَقَال عُمَرُ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ" سَمِعَ سُفْيَانُ مِنْ مِسْعَرٍ، وَمِسْعَرٌ قَيْسًا، وَقَيْسٌ طَارِقًا". [انظر: 45 - مسلم: 3017 - فتح 13/ 245]. (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن مسعر) أي: ابن كدام. (قال رجل من اليهود) هو كعب الأحبار، أي: قال ما ذكر قبل إسلامه. (سمع سفيان ...) إلخ من كلام البخاري، وأشار به إلى أن العنعنة المذكورة أولًا محمولة على السماع لاطلاعه على سماع كل منهم من شيخه. ومَر الحديث في كتاب: الإيمان (¬1). 7269 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (45) كتاب: الإيمان، باب: زيادة الإيمان ونقصانه.

أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ، الغَدَ حِينَ بَايَعَ المُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ، وَاسْتَوَى عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَشَهَّدَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ فَقَال: "أَمَّا بَعْدُ، فَاخْتَارَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي عِنْدَهُ عَلَى الَّذِي عِنْدَكُمْ، وَهَذَا الكِتَابُ الَّذِي هَدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَكُمْ، فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا وَإِنَّمَا هَدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ". [انظر: 7219 - فتح 13/ 245]. (عقيل) أي: ابن خالد. ومَر حديثه في كتاب: الأحكام (¬1). 7270 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: ضَمَّنِي إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَال: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ". [انظر: 75 - مسلم: 2477 - فتح 13/ 245]. (الكتاب) أي: القرآن. ومرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬2). 7271 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَال: سَمِعْتُ عَوْفًا، أَنَّ أَبَا المِنْهَالِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ، قَال: "إِنَّ اللَّهَ يُغْنِيكُمْ - أَوْ نَعَشَكُمْ - بِالإِسْلامِ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "وَقَعَ هَاهُنَا يُغْنِيكُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ نَعَشَكُمْ يُنْظَرُ فِي أَصْلِ كِتَابِ الاعْتِصَامِ". [انظر: 7112 - فتح 13/ 245]. (معتمر) أي: ابن سليمان ابن طرخان. (عوفَا) أي: الأعرابي. "أن أبا المنهال) هو سيار بن سلامة. (يغنيكم) هو من الإغناء. (أو نعشكم) بنون فمهملة فمعجمة، أي: رفعكم. ومَرَّ الحديث في: الفتن (¬3). (قال أبو عبد الله) أي: البخاري (وقع هنا: يغنيكم، وإنما هو: نعشكم ينظر) أي: ذلك. (في أصل كتاب: الاعتصام) قال شيخنا فيه: إنه صنف كتاب: الاعتصام مفردًا وكتب منه ما يليق بشرطه في هذا الكتاب، كما صنع في كتاب "الأدب ¬

_ (¬1) سبق برقم (7219) كتاب: الأحكام، باب: الاستخلاف. (¬2) سبق برقم (75) كتاب: العلم، باب: قول النبي: "اللهم علمه الكتاب". (¬3) سبق برقم (7112) كتاب: الفتن، باب: إذا قال عند قوم شيئًا ثم خرج فقال خلافه.

1 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم بعثت بجوامع الكلم

المفرد" فلما رأى هذه اللفظة مغايرة لما عنده أنه الصواب أحال إلى مراجعة ذلك وكأنه كان في هذه الحالة غائبا عنه، فأمر بمراجعته والإصلاح منه (¬1). وقوله: (قال أبو عبد الله ...) إلى آخره ساقط من نسخة. 7272 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، " كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُبَايِعُهُ: وَأُقِرُّ لَكَ بِذَلِكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ. [انظر: 7203 - فتح 13/ 245]. (وأقر بذلك) في نسخة: "وأقر لك بذلك". ومَرَّ الحديث في آخر كتاب: الأحكام (¬2). 1 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: بعثت بجوامع الكلم) هي الكلمَات القليلة الجامعة للمعاني الكثيرة، وقيل: هي القرآن. 7273 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي"، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَلْغَثُونَهَا، أَوْ تَرْغَثُونَهَا، أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا. [انظر: 2977 - مسلم: 523 - فتح 13/ 247]. (بالرعب) أي: بالخوف. (وأنتم تلغثونها) بفوقية مفتوحة فلام ساكنة فمعجمة مكسورة فمثلثة: من اللغث، وهو طعام يخلط بالشعير. (أو ترغثونها) براء بدل اللام: من الرغث كناية عن سعة العيش. ¬

_ (¬1) "الفتح" 13/ 246. (¬2) سبق برقم (7203) كتاب: الأحكام، باب: بطانة الإمام وأهل مشورته.

2 - باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم

7274 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إلا أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ أُومِنَ، أَوْ آمَنَ، عَلَيْهِ البَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنِّي أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ" [انظر: - مسلم: - فتح 13 /]. (أمن) بالبناء للمفعوَل: من الأمن. (أو آمن) بالبناء للفاعل من الإيمان، والشك من الراوي. (عليه) أي: لأجله، وتنازع فيه العاملان قبله، وضمنا معنى الغلبة فعديا بعلى، وإلا فأولهما إنما يتعدى بمن والثاني بنفسه وقد يتعدى بالياء تغليبا. (وإنما كان الذي أوتيت) أي: من المعجزات وفي نسخة: "أوتيته" (وحيًا) قال شيخنا: معنى الحصر في قوله: (إنما كان الذي أوتيته وحيًا) أن القرآن أعظم المعجزات وأفيدها وأدومها؛ لاشتماله على الدعوة والحجة ودوام الانتفاع به إلى آخر الدهر، فلما كان لا شيء يقاربه فضلا عن أن يساويه كان ما عداه بالنسبة إليه كأن لم يقع (¬1). ومَرَّ الحديث في: فضائل القرآن (¬2). 2 - بَابُ الاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74] " قَال: أَيِمَّةً نَقْتَدِي بِمَنْ قَبْلَنَا، وَيَقْتَدِي بِنَا مَنْ بَعْدَنَا. وَقَال ابْنُ عَوْنٍ: "ثَلاثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلإِخْوَانِي: هَذِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَتَعَلَّمُوهَا وَيَسْأَلُوا عَنْهَا، وَالقُرْآنُ أَنْ يَتَفَهَّمُوهُ وَيَسْأَلُوا عَنْهُ، وَيَدَعُوا النَّاسَ إلا مِنْ خَيْرٍ. (باب: الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: بيان ما جاء فيه. (وقول الله) عطف على (الاقتداء) {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} قال) ¬

_ (¬1) "الفتح" 13/ 248. (¬2) سبق برقم (4981) كتاب: فضائل القرآن، باب: كيف نزل الوحي.

أي: (أئمة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا) أبهم قائل ذلك، وقد ثبت عند الطبري وغيره أنه مجاهد نبه عليه شيخنا (¬1). (هذه السنة) أي: الطريقة النبوية (أن يتعلموها) إلى آخره [قال شيخنا] (¬2) قال في السنة: (يتعلموها) وفي القرآن: (يتفهموه)؛ لأن الغالب على حال المسلم أن يتعلم القرآن في أول أمره فلا يحتاج إلى وصية بتعلمه؛ فلذا أوصى بفهم معناه بخلاف السنة (¬3). 7275 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَال: جَلَسْتُ إِلَى شَيْبَةَ فِي هَذَا المَسْجِدِ، قَال: جَلَسَ إِلَيَّ عُمَرُ فِي مَجْلِسِكَ هَذَا، فَقَال: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إلا قَسَمْتُهَا بَيْنَ المُسْلِمِينَ"، قُلْتُ: مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، قَال: "لِمَ؟ "، قُلْتُ: لَمْ يَفْعَلْهُ صَاحِبَاكَ، قَال: "هُمَا المَرْءَانِ يُقْتَدَى بِهِمَا". [انظر 1594 - فتح 13/ 249]. (عبد الرحمن) أي: ابن مهدي. (سفيان) أي: الثوري. (عن واصل) أي: ابن حيان. (فيها) أي: في الكعبة. (قال: لم) أي: لم لا أفعله. (قلت) بضم التاء. (لم يفعله صاحباك) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رضي الله عنه. (يقتدى بهما) بضم التحتية وفتح المهملة وفي نسخة: "نقتدي" بنون مفتوحة ومهملة مكسورة، فرجع عمر عما أراده اقتداء بصاحبيه. 7276 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَأَلْتُ الأَعْمَشَ، فَقَال: عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، وَنَزَلَ القُرْآنُ فَقَرَءُوا القُرْآنَ، وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ". [انظر: 6497 - مسلم: 143 - فتح 13/ 249]. ¬

_ (¬1) "الفتح" 13/ 251. وانظر: "تفسير الطبري" 9/ 425 (26564). وابن أبي حاتم في "تفسيره" 8/ 2742 (15488). (¬2) من (م). (¬3) "الفتح" 13/ 252.

(سفيان) أي: ابن عينية. (في جذر قلوب الرجال) أي: في أصلها وذكر (الرجال) جري على الغالب؛ إذ غيرهم مثلهم. ومَرَّ الحديث في الرقاق والفتن وغيرهما (¬1). 7277 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، سَمِعْتُ مُرَّةَ الهَمْدَانِيَّ، يَقُولُ: قَال عَبْدُ اللَّهِ: "إِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَإِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ، وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ". [انظر: 6098 - فتح 13/ 241]. (قال عبد الله) أي: ابن مسعود (وأحسن الهدي هدي محمد) بفتح الهاء وسكون المهملة فيهما، أي: السمت والطريقة، وفي نسخة: بالضم والفتح مقصورا: وهو ضد الضلالة. (محدثاتها) هي البدع المكروهة. ومرَّ الحديث في كتاب: الأدب (¬2). 7278 - , 7279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ". [انظر: 2314، 2315 - مسلم: 1697، 1698 - فتح 13/ 249]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عبيد الله) أي: ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود. ومرَّ حديثه في باب: العسيف وغيره (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6497) كتاب: الرقاق، باب: رفع الأمانة. و (7086) كتاب: الفتن، باب: إذا بقي في حثالة من الناس. (¬2) سبق برقم (6098) كتاب: الأدب، باب: في الهدي الصالح. (¬3) سبق برقم (2695، 2696) كتاب: الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود. وبرقم (2724 - 2725) كتاب: الشروط، باب: الشروط التي لا تحل في الحدود.

7280 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إلا مَنْ أَبَى"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَال: "مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى". [فتح 13/ 249] (فليح) أي: ابن سليمان المدني. (إلا مَنْ أبي) أي: امتنع من قبول الدعوة أو امتثال الأوامر كما أشار إليه بقوله: (قالوا: يا رسول الله ...) إلى آخره. 7281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، حَدَّثَنَا - أَوْ سَمِعْتُ - جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: "جَاءَتْ مَلائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَائِمٌ، فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا، فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا، فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ المَأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ المَأْدُبَةِ، فَقَالُوا: أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا، فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: فَالدَّارُ الجَنَّةُ، وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ " تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ جَابِرٍ، خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [فتح 13/ 249] (عبادة) بفتح العين المهملة وتخفيف الموحدة. (يزيد) أي: ابن هارون. (مأدبة) بضم المهملة وفتحها: الطعام يوضع ويدعى إليه الناس، وقيل: بالضم: الوليمة، وبالفتح: أدب الله الذي أدب به عباده وعليه

يتعين الضم هنا. (فقالوا: أولوها) أي: فسروا الحكاية. (ومحمد فرق) بتشديد الراء، وفي نسخة: بسكونها، وبتنوين القاف بمعنى: فارق. (بين الناس) أي: بين المؤمن والكافر والصالح والطالح. ومَرَّ الحديث في: الأدب. (تابعه) أي: محمد بن عبادة. (عن خالد) أي: ابن يزيد. 7282 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَال: "يَا مَعْشَرَ القُرَّاءِ اسْتَقِيمُوا فَقَدْ سَبَقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا، فَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا، لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلالًا بَعِيدًا". [فتح 13/ 250]. (سفيان) أي: الثوري. (عن همام) أي: ابن الحارث. (يا معشر القراء) يعني: العلماء. (سبقتم) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: بالبناء للفاعل. قال شيخنا: وهو المعتمد (¬1) (سبقا بعيدا) أي: ظاهرا ووصفه بالبعد؛ لأنه غاية شأو المتسابقين. (أخذتم يمينا وشمالا) أي: خالفتم الأمر وأخذتم غير طريق الاستقامة. (لقد) أي: والله لقد (ضللتم ضلالا بعيدا) أي: قويًّا. 7283 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَال: يَا قَوْمِ، إِنِّي رَأَيْتُ الجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ العُرْيَانُ، فَالنَّجَاءَ، فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَدْلَجُوا، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الحَقِّ". [انظر: 6482 - مسلم: 2283 - فتح 13/ 250]. ¬

_ (¬1) "الفتح" 13/ 257.

(أبو كريب) هو محمد بن العلاء. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. (عن بريد) أي: ابن عبد الله. (أنا النذير العريان) أي: المجرد من الثياب، وهو مثل يضرب لشدة الأمر، ودنو المحذور، وبراءة المحذر من التهمة، وأصله: أنه كانت عادتهم أن الرجل إذا رأى العدو وأراد إنذار قومه: يخلع ثوبه ويجعله على رأس خشبة ويصيح؟ إعلاما لقومه بالغارة ونحوها. (فالنجاء) أي: الإسراع وهو بالمد والقصر منصوب بأنه مفعول مطلق، ومرفوع على الابتداء والخبر محذوف، أي: مطلوب. (فأدلجوا) بهمزة قطع ودال ساكنة: من الإدلاج: وهو السير أول الليل وبهمزة وصل، ودال مشددة من الادِّلاج بتشديد الدال: وهو السير آخر الليل. (واجتاحهم) أي: استأصلهم، ومرَّ الحديث في: الرقاق (¬1). 7284 - ,7285 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، قَال عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وَقَدْ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَمَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالهُ وَنَفْسَهُ، إلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ"، فَقَال: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ، فَقَال عُمَرُ: "فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إلا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ"، قَال ابْنُ بُكَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنَاقًا وَهُوَ أَصَحُّ. [انظر: 1399، 1400 - مسلم: 20 - فتح 13/ 250]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6482) كتاب: الرفاق، باب: الانتهاء عن المعاصي.

(عقالا) بكسر المهملة: الحبل الذي يعقل به البعير. (وعبد الله) أي: ابن صالح. (وهو أصح) أي: من روايته عقالا. ومرَّ الحديث في: الزكاة (¬1). 7286 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ، كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، فَقَال عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي، هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَلَيْهِ؟ قَال: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاسْتَأْذَنَ لِعُيَيْنَةَ، فَلَمَّا دَخَلَ، قَال: يَا ابْنَ الخَطَّابِ، وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الجَزْلَ، وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ، حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ، فَقَال الحُرُّ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالى قَال لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ، "فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ". [انظر: 4642 - فتح 13/ 250]. (الجزل) بفتح الجيم وسكون الزاي، أي: الكثير. (وما تحكم) وفي نسخة: "ولا تحكم". ومَرَّ الحديث في: تفسير سورة الأعراف (¬2). 7287 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهَا قَالتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَالنَّاسُ قِيَامٌ، وَهِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا لِلنَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ، فَقَالتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ قَالتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ نَعَمْ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1399 - 1400) كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة. (¬2) سبق برقم (4642) كتاب: "التفسير"، باب: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}.

3 - باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه

فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَال: "مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَرَهُ إلا وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، فَأَمَّا المُؤْمِنُ - أَو المُسْلِمُ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ، فَأَجَبْنَاهُ وَآمَنَّا، فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا عَلِمْنَا أَنَّكَ مُوقِنٌ، وَأَمَّا المُنَافِقُ - أَو المُرْتَابُ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ". [انظر: 86 - مسلم: 905 - فتح 13/ 251] (أو المرتاب) أي: الشاك. (تفتنون) أي: تمتحنون. ومَرَّ الحديث في كتاب: العلم، والكسوف، وغيرهما (¬1). 7288 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ". [مسلم: 1337 م- فتح 13/ 251]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (ما تركتكم) أي: مدة تركي إياكم. (إنما هلك من كان قبلك بسؤالهم واختلافهم) في نسخة: "إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم". 3 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لاَ يَعْنِيهِ وَقَوْلُهُ تَعَالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (86) كتاب: العلم، باب: من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس. و (1061) كتاب: الكسوف، باب: قول الإمام في خطبة الكسوف: أما بعد. و (1235) كتاب: السهو، باب: الإشارة في الصلاة.

(باب: ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه) بفتح التحتية وضمها، أي: يهمه. 7289 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ أَعْظَمَ المُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ". [مسلم: 2358 - فتح 13/ 264]. (سعيد) أي: ابن أبي أيوب الخزاعي. (جرما) بضم الجيم) وسكون الراء، أي: إثما. 7290 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي المَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا لَيَالِيَ حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً، فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ، فَقَال: "مَا زَال بِكُمُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ، وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلا الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ". [انظر: 731 - مسلم: 264/ 13]. (إسحاق) أي: ابن منصور الكوسج. (عفاف) أي: ابن مسلم الصفار. (حجرة) بضم المهملة وسكون الجيم وبراء , وفي نسخة: بزاي بدل الراء. ومرَّ الحديث في كتاب الصلاة (¬1). 7291 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ المَسْأَلَةَ غَضِبَ وَقَال: "سَلُونِي"، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (731) كتاب: الأذان، باب: صلاة الليل.

مَنْ أَبِي؟ قَال: "أَبُوكَ حُذَافَةُ"، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبِي؟ فَقَال: "أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ"، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الغَضَبِ قَال: إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. [انظر: 92 - مسلم: 2360 - فتح 13/ 264]. (من الغضب) أي: من أثره. ومرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬1). 7292 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتِبِ المُغِيرَةِ، قَال: كَتَبَ مُعَاويَةُ إِلَى المُغِيرَةِ: اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ" وَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّهُ "كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَال، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ البَنَاتِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ". [انظر: 844 - مسلم: 593 - فتح 13/ 264]. (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (عبد الملك) أي: ابن عمير. (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم فيهما، أي: الحظ أو أبوالأب وبكسرها: الاجتهاد، أي: لا ينفعه ذلك، وإنما ينفعه عمله الصالح من حيث أنه علامة أو رحمة الله وفضله من حيث الأصالة والحقيقة، و (منك) بمعنى (عندك). (وكتب إليه) أي: إلى معاوية. (وعن كثرة السؤال) بفتح الكاف، وكسرها لغة رديىة. (ووأد البنات) أي: دفنهن أحياء كفعل الجاهلية. (ومنع) أي: ومنع الحقوق الواجبة. (وهات) بكسر التاء أي: الطلب بلا حاجة. ومرَّ الحديث في: الصلاة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (731) كتاب: العلم، باب: الغضب في الموعظة والتعليم. (¬2) سبق برقم (844) كتاب: الأذان، باب: الذكر بعد الصلاة.

7293 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَال: "نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ". [فتح 13/ 264]. (نهينا عن التكلف) أي: لما فيه من المشقة. 7294 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ عَلَى المِنْبَرِ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا أُمُورًا عِظَامًا، ثُمَّ قَال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إلا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا"، قَال أَنَسٌ: فَأَكْثَرَ النَّاسُ البُكَاءَ، وَأَكْثَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِي"، فَقَال أَنَسٌ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَال: أَيْنَ مَدْخَلِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "النَّارُ"، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَال: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "أَبُوكَ حُذَافَةُ"، قَال: ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِي سَلُونِي"، فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَال: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا، قَال: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَال عُمَرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا، فِي عُرْضِ هَذَا الحَائِطِ، وَأَنَا أُصَلِّي، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ". [انظر: 93 - مسلم: 2359 - فتح 13/ 265] (محمود) أي: ابن غيلان. (قال: النار) بالرفع , جواب (أبن) وإنما قال له ذلك؛ لأنه كان منافقًا , أو عرف رداءة خاتمة حالة. ومرَّ الحديث في: الصلاة (¬1). 7295 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَال: قَال رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ أَبِي؟ قَال: "أَبُوكَ فُلانٌ"، وَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} ¬

_ (¬1) سبق برقم (540) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت الظهر عند الزوال.

[المائدة: 101] الآيَةَ. [انظر: 93 - مسلم 2359 - فتح 13/ 265]. (أبوك فلان) أي: حذافة. ومرَّ الحديث في: تفسير سورة المائدة، وفي غيره (¬1). 7296 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ". [مسلم: 136 - فتح 13/ 265]. (شبابة) أي: ابن سوار بفتح المهملة وتشديد الواو. (ورقاء) أي: ابن عمرو. (فمن خلق الله؟) زاد في بدء الخلق: "فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" (¬2) أي: عن التفكر في هذا الخاطر. وفي مسلم: "فليقل: آمنت بالله" (¬3). 7297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ؟ وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ، لَا يُسْمِعُكُمْ مَا تَكْرَهُونَ، فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا أَبَا القَاسِمِ حَدِّثْنَا عَنِ الرُّوحِ، فَقَامَ سَاعَةً يَنْظُرُ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعِدَ الوَحْيُ، ثُمَّ قَال: " {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4621) كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى {آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}. و (6468) كتاب: الرقاق، باب: القصد والمداومة على العمل. (¬2) سبق برقم (3276) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده. (¬3) "صحيح مسلم" (1370) كتاب: الحج، باب: فضل المدينة، ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالبركة.

4 - باب الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم

أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]. [انظر: 125 - مسلم: 2794 - فتح 13/ 265]. (عن إبراهيم) أي: النخعي. (في حرث) أي: زرع. (لا يسمعكم) بالرفع والجزم. (حتى صعد الوحي) أي: حامله. ومَرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬1). 4 - بَابُ الاقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (باب: الاقتداء بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بيان حكمه. 7298 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: اتَّخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ" فَنَبَذَهُ، وَقَال: "إِنِّي لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا"، فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. [انظر: 5865 - مسلم: 2091 - فتح 13/ 274]. (سفيان) أي: الثوري. (فنبذ الناس خواتيمهم) أي: طروحها. ومرَّ الحديث في: اللباس (¬2). 5 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ وَالتَّنَازُعِ فِي العِلْمِ، وَالغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَالبِدَعِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلا الحَقَّ} [النساء: 171] (باب: ما يكره من التعمق) أي: التشديد. (والتنازع) أي: ¬

_ (¬1) سبق برقم (125) كىاب: العلم، باب: قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا}. (¬2) سبق برقم (5865) كتاب: اللباس، باب: خواتيم الذهب.

التجادل. (في العلم والغلو) أي: المبالغة (في الدين والبدع) أي: المذمومة. 7299 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تُوَاصِلُوا"، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَال: "إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي"، فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الوصَالِ، قَال: فَوَاصَلَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَيْنِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَال، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَأَخَّرَ الهِلالُ لَزِدْتُكُمْ" كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ. [انظر: 1965 - مسلم: 1103 - فتح 13/ 275]. (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (كالمنكل لهم) بتشديد الكاف، أي: كالمعذب لهم. 7300 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: خَطَبَنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَقَال: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ يُقْرَأُ إلا كِتَابُ اللَّهِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فَنَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ، وَإِذَا فِيهَا: "المَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا"، وَإِذَا فِيهِ: "ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا"، وَإِذَا فِيهَا: "مَنْ وَالى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا". [انظر: 111 - مسلم: 1370 - فتح 13/ 275]. (من آجر) بمد الهمزة أي: طوب مشوي. (المدينة حرم) أي: محرمة. (من عير) بفتح المهملة: جبل بالمدينة (¬1) (إلى كذا) أي: "إلى ¬

_ (¬1) والعير: الوتد. والطبل. والعظم الناتئ في وسط الكتف. والعير غير النصل: وهو الناتئ في وسطه، وعير القدم: الناتئ في ظهرها، وعير الورقة: الناتئ في وسطها. انظر: "معجم ما استجم" 3/ 984، "معجم البلدان" 4/ 171 - 172.

ثور" كما في "مسلم" (¬1). (صرفا) أي: فرضا. (ولا عدلا) أي: نفلًا أو بالعكس. (وإذا فيه) أي: في المكتوب في الصحيفة، وفي نسخة: "فيها" أي: في الصحيفة. (ذمة المسلمين واحدة) أي: أمانهم واحد. (فمن أخفر مسلمًا) أي: نقض عهده. ومَرَّ الحديث في: آخر الحج (¬2) قال الكرماني: ولعل مناسبته للترجمة مستفادة من قول علي رضي الله عنه: (ما عندنا من كتاب يقرأ ..) إلى آخره فإنه تبكيت من تنطع في الكلام وجاء بغير ما في الكتاب والسنة (¬3). 7301 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا تَرَخَّصَ فِيهِ، وَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَال: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً". [انظر: 6101 - مسلم: 2356 - فتح 13/ 276]. (مسلم) أي: ابن صبيح. (مسروق) أي: ابن الأجدع. (فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ترخص فيه) أي: سهَّل فيه كالإفطار في بعض الأيام والصوم في بعضها في غير رمضان والتزوج. (وتنزه عنه قوم) بأن سردوا الصوم واختاروا العزوبة. (إني أعلمهم) أشار به إلى القوة العلمية، (وأشدهم له خشية) أشار به إلى القوة العملية أي: يتوهمون أن رغبتهم عما فعلته أفضل لهم عند الله تعالى وليس كذلك إذ أنا أعلمهم بالأفضل وأولاهم بالعمل به. ومرَّ الحديث في الأدب. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (1370) كتاب: الحج، باب: فضل المدينة، ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالبركة. (¬2) سبق برقم (1870) كتاب: فضائل المدينة، باب: حرم المدينة. (¬3) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 25/ 46.

وفيه: بيان خلقه (والحث على الاقتداء به، والنهي عن التعمق، وذم] (¬1). وفيه التنزه عن المباح شكًّا في إباحته. 7302 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: كَادَ الخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ، أَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ التَّمِيمِيِّ الحَنْظَلِيِّ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الآخَرُ بِغَيْرِهِ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: إِنَّمَا أَرَدْتَ خِلافِي، فَقَال عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلافَكَ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إِلَى قَوْلِهِ {عَظِيمٌ} [الحجرات: 2 - 3]، قَال ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَانَ عُمَرُ بَعْدُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ، إِذَا حَدَّثَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ كَأَخِي السِّرَارِ لَمْ يُسْمِعْهُ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ. [انظر: 4367 - فتح 13/ 276]. (وكيع) أي: ابن الجراح. (أشار أحدهما) هو عمر. (وأشار الآخر) هو أبو بكر. (بغيره) هو القعقاع بن معبد. (بعد) أي: بعد نزول هذه الآية. (ولم يذكر ذلك عن أبيه يعني: أبا بكر) اعتراض بين (بعد) و (إذا) في قوله: (إذا حدث) ... إلخ، وفسر قوله: (عن أبيه) بقوله: (يعني: أبا بكر) مع أنه لم يكن أبًا لعبد الله بن الزبير حقيقة بل كان جده لأمه فهو مجاز. (كأخي السرار) بكسر المهملة، أي: كصاحب السرار، أي: لا يرفع صوته إذا حدثه بل يكلمه كلامًا مثل المسارة. (لم يسمعه) بضم التحتية. ومَرَّ الحديث في: تفسير سورة الحجرات (¬2). ¬

_ (¬1) من (م). (¬2) سبق برقم (4845) كتاب: "التفسير"، باب: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}.

7303 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أُمِّ المُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي مَرَضِهِ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ"، قَالتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ، فَقَال: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فَقَالتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ"، فَقَالتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح 13/ 276]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. ومرَّ حديثه في: الصلاة (¬1). 7304 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَال: جَاءَ عُوَيْمِرٌ العَجْلانِيُّ، إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، فَقَال: أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَيَقْتُلُهُ، أَتَقْتُلُونَهُ بِهِ، سَلْ لِي يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ، فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسَائِلَ، وَعَابَهَا، فَرَجَعَ عَاصِمٌ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ المَسَائِلَ، فَقَال عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لآتِيَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى القُرْآنَ خَلْفَ عَاصِمٍ، فَقَال لَهُ: "قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمْ قُرْآنًا" فَدَعَا بِهِمَا، فَتَقَدَّمَا، فَتَلاعَنَا، ثُمَّ قَال عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَفَارَقَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِرَاقِهَا، فَجَرَتِ السُّنَّةُ فِي المُتَلاعِنَيْنِ، وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْظُرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا مِثْلَ وَحَرَةٍ، فَلَا أُرَاهُ إلا قَدْ كَذَبَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ، فَلَا أَحْسِبُ إلا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا" فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الأَمْرِ المَكْرُوهِ. [انظر: 423 - مسلم: 1492 - فتح 13/ 276]. (آدم) أي: ابن أبي إياس. (وقد أنزل الله تعالى القرآن خلف عاصم) أي: بعد رجوعه. (وحرة) بفتحات: دويبة فوق العرسة حمراء، وقيل: دويبة حمراء تلزق ¬

_ (¬1) سبق برقم (679) كتاب: الأذان، باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة.

بالأرض كالوزغة تقع في الطعام فتفسده. (أسحم) أي: أسود. (أعين) أي: واسع العين. ومَرَّ الحديث في الخمس وغيره، وفي اللعان (¬1). 7305 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ النَّصْرِيُّ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ ذَلِكَ، فَدَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَال: انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا، فَقَال: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ، قَال: نَعَمْ، فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، فَقَال: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، فَأَذِنَ لَهُمَا، قَال العَبَّاسُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ الظَّالِمِ اسْتَبَّا، فَقَال الرَّهْطُ: - عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ -: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، فَقَال: اتَّئِدُوا، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ؟ قَال الرَّهْطُ: قَدْ قَال ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ فَقَال: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال ذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ، قَال عُمَرُ: فَإِنِّي مُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا المَالِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ} [الحشر: 6] الآيَةَ، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، وَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا المَالُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ: هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ قَال لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبَضَهَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (423) كتاب: الصلاة، باب: القضاء واللعان في المسجد. وبرقم (5308) كتاب: الطلاق، باب: اللعان، ومن طلق بعد اللعان.

أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ - وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ - تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا كَذَا، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكِ، وَأَتَانِي هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ، لَتَعْمَلانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا، وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي فِيهَا، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَال الرَّهْطُ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ، فَقَال: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ، قَال: أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا. [انظر: 2904 - مسلم: 1757 - فتح 13/ 277]. (النصري) بنون ومهملة، وقيل: بنون ومعجمة. (يرفأ) بالهمز ودونه. (الظالم) إنما ساغ للعباس أن يقول ذلك لعلي؛ لأنه كالوالد له وللوالد ما ليس لغيره، أو هي كلمة لا يراد بها حقيقتها. (استبا) استئناف لبيان المخاصمة أي: تخاشنا في الكلام وتكلما بغليظ القول كالمستبين. ومرَّ الحديث في: الخمس وغيره (¬1). و (أنتما) مبتدأ خبره: (تزعمان أن أبا بكر فيها كذا وكذا) أي: ليس محقا ولا فاعلا بالحق، قيل: كيف جاز لهما ذلك في حقه؟ ¬

_ (¬1) سبق برقم (3094) كتاب: فرض الخمس، باب: فرض الخمس. و (4033) كتاب: المغازي، باب: حديث بني النضير.

6 - باب إثم من آوى محدثا

وأجيب: بأنهما زعما ذلك باجتهادهما قبل وصول خبر: (لا تورث) إليهما. وبعد ذلك رجعا عنه، واعتقدا أنه محق. (والله يعلم) إلخ مقول (قال) ابن عمر رضي الله عنهما، وما بين المبتدأ وخبره اعتراض. 6 - بَابُ إِثْمِ مَنْ آوَى مُحْدِثًا رَوَاهُ عَلِيٌّ عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم -. [انظر: 1870] (باب: إثم من آوى محدثا) بكسر المهملة، أي: مبتدعا. 7306 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَال: قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ؟ قَال: "نَعَمْ، مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا، لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"، قَال عَاصِمٌ: فَأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ قَال: "أَوْ آوَى مُحْدِثًا". [انظر: 1867 - مسلم: 1366، 1367 - فتح 13/ 281]. (عبد الواحد) أي: ابن زياد العبدي. (عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. ومرَّ حديث الباب في الحج وغيره (¬1). 7 - بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْيِ وَتَكَلُّفِ القِيَاسِ {وَلَا تَقْفُ}: لَا تَقُلْ: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الاسراء: 36]. (باب: ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس) أي: الذي على غير أصل. ({وَلَا تَقْفُ}) أي: (لا تقل) وهو عطف على (ما يذكر). 7307 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَال: حَجَّ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ العِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1867) كتاب: فضائل المدينة، باب: حرم المدينة.

وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ العُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ، فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ، يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ"، فَحَدَّثْتُ بِهِ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو حَجَّ بَعْدُ فَقَالتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي انْطَلِقْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَاسْتَثْبِتْ لِي مِنْهُ الَّذِي حَدَّثْتَنِي عَنْهُ، فَجِئْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ كَنَحْو مَا حَدَّثَنِي، فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا فَعَجِبَتْ فَقَالتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ حَفِظَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. [انظر: 100 - مسلم: 2673 - فتح 13/ 282]. (وغيره) هو عبد الله بن لهيعة. (ولكن ينتزعه منهم) فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة. (مع قبض العلماء بعلمهم) قال الكرماني: أي: بقبض العلماء مع علمهم، ففيه نوع قلب في الحرفين أو يراد من لفظ: (بعلمهم) بكتبهم، بأن يمحى العلم من الدفاتر وتبقى (مع) على المصاحبة أو بمعنى: عند (¬1) (فعجبت) أي: من عبد الله من جهة أنه ما غير حرفا منه. ومَرَّ الحديث في كتاب: العلم (¬2). 7308 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، سَمِعْتُ الأَعْمَشَ، قَال: سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ، هَلْ شَهِدْتَ صِفِّينَ؟ قَال: نَعَمْ فَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، يَقُولُ ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَال: قَال سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ، وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ لَرَدَدْتُهُ، وَمَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا إِلَى أَمْرٍ يُفْظِعُنَا، إلا أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ، غَيْرَ هَذَا الأَمْرِ"، قَال: وَقَال أَبُو وَائِلٍ "شَهِدْتُ صِفِّينَ وَبِئْسَتْ صِفُّونَ". [انظر: 3181 - مسلم: 1785 - فتح 13/ 282]. (أبو حمزة) هو محمد بن ميمون السكري. (يفظعنا) [من أفظع] (¬3) أي: يوقعنا في أمر فظيع، أي: شديد ¬

_ (¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 25/ 54. (¬2) سبق برقم (100) كتاب: العلم، باب: كيف يقبض العلم؟ (¬3) من (م).

8 - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل مما لم ينزل عليه الوحي، فيقول: "لا أدري"

شنيع. (إلا أسهلن) أي: السيوف أي: أفضين (بنا إلى أمر) أي: سهل. (نعرفه غير هذا الأمر) أي: الذي نحن فيه من هذه المقاتلة في صفين فإنه لا يسهل بنا. (صفين) هي موضع بين الشام والعراق بشاطيء الفرات وقعت فيه المقاتلة بين علي ومعاوية (¬1). (وبىست صفوان) بالواو بدل الياء، أي: بىست المقاتلة التي وقعت فيها، والحاصل: أن في صفين لغتين إعرابها جمع المذكر السالم على ما قبل النون، والمشهور إعرابها على النون مع ثبوت الياء مطلقًا فيضم النون في الرفع، ويفتح في غيره. 8 - بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ مِمَّا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِ الوَحْيُ، فَيَقُولُ: "لَا أَدْرِي" أَوْ لَمْ يُجِبْ حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، وَلَمْ يَقُلْ بِرَأْيٍ وَلَا بِقِيَاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّوحِ فَسَكَتَ حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ. [انظر: 125] (باب: ما كان للنبي (يُسأل) أي: عنه. (مما لم ينزل عليه الوحي فيقول: لا أدي، أولم يجب حتى ينزل عليه الوحي، ولم يقل برأي ولا بقياس) أي: بيان ما جاء في ذلك. 7309 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ ابْنَ المُنْكَدِرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: مَرِضْتُ فَجَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، وَأَبُو بَكْرٍ، وَهُمَا مَاشِيَانِ فَأَتَانِي وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ ¬

_ (¬1) ويقال أيضًا: صفون، كما يقال: قنِّسرون وماردون، وقِنِّسرين وماردين. والأغلب على صفين التأنيث. انظر: "معجم ما استعجم" 3/ 837، "معجم البلدان" 3/ 414.

9 - باب تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الرجال والنساء مما علمه الله، ليس برأي ولا تمثيل

عَلَيَّ، فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، - وَرُبَّمَا قَال سُفْيَانُ فَقُلْتُ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ - كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي؟ - كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي؟ - قَال: فَمَا أَجَابَنِي بِشَيْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ: "آيَةُ المِيرَاثِ". [انظر: 194 - مسلم: 1616 - فتح 13/ 290]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (أغمي) أي: غُشي. ومرَّ الحديث في تفسير سورة النساء (¬1). 9 - بَابُ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، لَيْسَ بِرَأْيٍ وَلَا تَمْثِيلٍ (باب: تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل) جملة (ليس) حال لازمة. 7310 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَقَال: "اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا"، فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَال: "مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاثَةً، إلا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ"، فَقَالتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَو اثْنَيْنِ؟ قَال: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَال: "وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ". [انظر: 101 - مسلم: 2633 - فتح 13/ 292]. (من نفسك) أي: من أوقاتها. (اثنين) في نسخة: "أو اثنين". ومَرَّ الحديث في العلم (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4577) كتاب: "التفسير"، باب: قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}. (¬2) سبق برقم (101) كتاب: العلم، باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم.

10 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" يقاتلون وهم أهل العلم

10 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ" يُقَاتِلُونَ وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون" وهم أهل العلم) وفي نسخة: "وهم من أهل العلم". 7311 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ". [انظر: 3640 - مسلم: 1921 - فتح 13/ 293]. (حتى يأتيهم أمر الله) أي: قيام الساعة أي: قربه؛ فلا ينافي خبر مسلم: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" (¬1). (وهم ظاهرون) أي: غالبون على من خالفهم. 7312 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، قَال: سَمِعْتُ مُعَاويَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَخْطُبُ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ، وَلَنْ يَزَال أَمْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ مُسْتَقِيمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، أَوْ: حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ". [انظر: 71 - مسلم: 1037 - فتح 13/ 213]. (حميد) أي: ابن عبد الرحمن بن عوف. (أو حتى يأتي أمر الله) شك من الراوي. ومرَّ الحديث في العلم (¬2). 11 - بَابُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65] (باب: قول الله تعالى: ({أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا}) أي: فرقا، والمعنى: شيعا متفرقة مختلفة لا متفقة، وأول الآية: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}. ¬

_ (¬1) "صحيح مسلم" (2949) كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: قرب الساعة. (¬2) سبق برقم (71) كتاب: العلم، باب: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين.

12 - باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين، قد بين الله حكمهما، ليفهم السائل

7313 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65]، قَال: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ"، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] قَال: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ"، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65] قَال: "هَاتَانِ أَهْوَنُ، - أَوْ أَيْسَرُ -". [انظر: 4628 - فتح 13/ 295]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (قال: هاتان) أي: المحنتان، وهما الإلباس والإذاقة. ومرَّ الحديث في تفسير سورة الأنعام (¬1). 12 - بَابُ مَنْ شَبَّهَ أَصْلًا مَعْلُومًا بِأَصْلٍ مُبَيَّنٍ، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ حُكْمَهُمَا، لِيُفْهِمَ السَّائِلَ (باب: من شبه أصلا معلوما بأصل مبين قد بين الله). في نسخة: "رسول الله". (حكمهما ليفهم الساىل) أي: المراد. 7314 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلامًا أَسْوَدَ، وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ "، قَال: نَعَمْ، قَال: "فَمَا أَلْوَانُهَا؟ "، قَال: حُمْرٌ، قَال: "هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ "، قَال: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا، قَال: "فَأَنَّى تُرَى ذَلِكَ جَاءَهَا"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِرْقٌ نَزَعَهَا، قَال: "وَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نَزَعَهُ"، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الانْتِفَاءِ مِنْهُ. [انظر: 5305 - مسلم: 1500 - فتح 13/ 296]. (أن أعرابيا) هو ضمضم بن قتادة (من أورق) هو ما في لونه بياض ¬

_ (¬1) سبق برقم (4628) كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا}.

13 - باب ما جاء في اجتهاد القضاة بما أنزل الله تعالى

يميل إلى سواد. (فأنى ترى) أي: من أين ترى. ومَرَّ الحديث في اللعان (¬1). 7315 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ، أَفَأَحُجَّ عَنْهَا؟ قَال: "نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ "، قَالتْ: نَعَمْ، فَقَال: "اقْضُوا اللَّهَ الَّذِي لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ". [انظر: 1852 - فتح 13/ 296]. (عن أبي بشر) هو جعفر بن وحشية. ومرَّ حديثه في الحج (¬2). 13 - بَابُ مَا جَاءَ فِي اجْتِهَادِ القُضَاةِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] "وَمَدَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ الحِكْمَةِ حِينَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا، لَا يَتَكَلَّفُ مِنْ قِبَلِهِ، وَمُشَاوَرَةِ الخُلَفَاءِ وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ العِلْمِ. (باب: ما جاء في اجتهاد القضاء) في نسخة: "في اجتهاد القضاة" (بما أنزل الله تعالى) متعلق بالاجتهاد، والباء بمعنى في والاجتهاد لغة: المبالغة في الجهد، واصطلاحها: استفراغ الوسع في درك الأحكام الشرعية. (لا يتكلف) أي: النبي لصاحب الحكمة في مدحه. (من قبله) بكسر القاف وفتح الموحدة، وفي نسخة: "من قبل نفسه" وفي أخرى: "من قيله" بتحتية ساكنة بدل الموحدة، أي: من كلامه، وهو متعلق بـ (مدح) والضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم -. (ومشاورة الخلفاء وسؤالهم أهل العلم) بالجر عطف على (اجتهاد). ¬

_ (¬1) سبق برقم (5305) كتاب: الطلاق، باب: إذا عرَّض بنفي الولد. (¬2) سبق برقم (1852) كتاب: جزاء الصيد، باب: الحج والنذور عن الميت

14 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم"

7316 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَآخَرُ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا". [انظر: 73 - مسلم: 716 - فتح 13/ 298]. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (لا حسد) أي: لا غبطة. ومَرَّ الحديث في الأحكام (¬1). 7317 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَال: سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَنْ إِمْلاصِ المَرْأَةِ، هِيَ الَّتِي يُضْرَبُ بَطْنُهَا فَتُلْقِي جَنِينًا، فَقَال: أَيُّكُمْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ: أَنَا، فَقَال: مَا هُوَ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "فِيهِ غُرَّةٌ، عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ"، فَقَال: لَا تَبْرَحْ حَتَّى تَجِيئَنِي بِالْمَخْرَجِ فِيمَا قُلْتَ. [انظر: 6905 - مسلم: 1683 - فتح 13/ 298]. 7318 - فَخَرَجْتُ فَوَجَدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَجِئْتُ بِهِ، فَشَهِدَ مَعِي: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "فِيهِ غُرَّةٌ، عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ" تَابَعَهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ المُغِيرَةِ. [انظر: 6906 - مسلم: 1683 - فتح 13/ 298]. (محمد) أي: ابن سلام. (غرة) بالتنوين. (عبد أو أمة) عطف بيان. (تابعه) أي: هشام بن عروة. 14 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ" (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لتتبعن سنن من كان قبلكم) أي: طريقتهم. 7319 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي ¬

_ (¬1) سبق برقم (7141) كتاب: الأحكام، باب: أجر من قضى بالحكمة.

15 - باب إثم من دعا إلى ضلالة، أو سن سنة سيئة

هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ القُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ فَقَال: "وَمَنِ النَّاسُ إلا أُولَئِكَ". [فتح 13/ 300]. (ومن الناس إلا أولئك) الاستفهام للإنكار. 7320 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ، مِنَ اليَمَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ"، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَال: "فَمَنْ". [انظر: 3456 - مسلم: 2669 - فتح 13/ 300]. (أبو عمر) هو حفص بن ميسرة. (قال: فمن؟) أي: فمن هم غير أولئك؟ ومرَّ الحديث في ذكر بني إسرائيل (¬1). 15 - بَابُ إِثْمِ مَنْ دَعَا إِلَى ضَلالةٍ، أَوْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25] الآيَةَ. (باب: إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة) أي: بيان ما جاء فيهما. 7321 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا، إلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا - وَرُبَّمَا قَال سُفْيَانُ مِنْ دَمِهَا - لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ أَوَّلًا". [انظر: 3335 - مسلم: 1677 - فتح 13/ 302]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3456) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.

16 - باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم

(سفيان) أي: ابن عيينة. (كفل) أي: نصيب. ومَرَّ الحديث في خلق آدم (¬1). 16 - بَابُ مَا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَضَّ عَلَى اتِّفَاقِ أَهْلِ العِلْمِ وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الحَرَمَانِ مَكَّةُ، وَالمَدِينَةُ، وَمَا كَانَ بِهَا مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُهَاجِرِينَ، وَالأَنْصَارِ، وَمُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمِنْبَرِ وَالقَبْرِ. (باب: ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض) أي: حرض (على اتفاق أهل العلم وما اجتمع عليه الحرمان: مكة والمدينة) أي: أهلهما. (وما كان بها) أي: بالمدينة. (من مشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين والأنصار ومصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والمنبر والقبر) في نسخة: بدل قوله: (على اتفاق عليه) "من اتفاق عليه" فـ (على) على النسختين متعلقة بـ (حض)، و (من) على الثانية تنازع فيها (ذكر) و (حض). 7322 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَمِيِّ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلامِ، فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَجَاءَ الأَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَال: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَال: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا المَدِينَةُ كَالكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا". [انظر 1883 - مسلم: 1383 - فتح 13/ 303]. (السلمي) بفتحتين. (أن أعرابيا) قيل: اسمه: قيس بن أبي حازم. (وعك) بفتح الواو والعين وسكونها، أي: حُمَّي. ومرَّ الحديث في الأحكام (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (3335) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته. (¬2) سبق برقم (7209) كتاب: الأحكام، باب: بيعة الأعراب.

7323 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كُنْتُ أُقْرِئُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ، فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِمِنًى: لَوْ شَهِدْتَ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَتَاهُ رَجُلٌ قَال: إِنَّ فُلانًا يَقُولُ: لَوْ مَاتَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ لَبَايَعْنَا فُلانًا، فَقَال عُمَرُ: "لَأَقُومَنَّ العَشِيَّةَ، فَأُحَذِّرَ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ"، قُلْتُ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ المَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ، يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ، فَأَخَافُ أَنْ لَا يُنْزِلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَيُطِيرُ بِهَا كُلُّ مُطِيرٍ، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ المَدِينَةَ دَارَ الهِجْرَةِ وَدَارَ السُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَيَحْفَظُوا مَقَالتَكَ وَيُنْزِلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَقَال: "وَاللَّهِ لَأَقُومَنَّ بِهِ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ"، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ آيَةُ الرَّجْمِ". [انظر: 2462 - مسلم: 1691 - فتح 13/ 303]. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (لو شهدت أمير المؤمنين) جواب (لو) محذوف أي: لرأيت عجبًا، أو هي للتمني فلا جواب لها (أتاه رجل) حال، أي وقد أتاه رجل أو متعلق بمحذوف، أي: حين أتاه رجل. (الذين يريدون أن يغصبوهم) بفتح التحتية وسكون المعجمة وسكون المهملة، أي: يقصدون أمورًا ليست من وظيفتهم. ومَرَّ الحديث في كتاب: المحاربين وغيره (¬1). 7324 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ مِنْ كَتَّانٍ، فَتَمَخَّطَ، فَقَال: "بَخْ بَخْ، أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ فِي الكَتَّانِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، فَيَجِيءُ الجَائِي فَيَضَعْ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي، وَيُرَى أَنِّي مَجْنُونٌ، وَمَا بِي مِنْ جُنُونٍ مَا بِي إلا الجُوعُ". [فتح 13/ 303]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2462) كتاب: المظالم، باب: ما جاء في السقائف. و (3445) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ}.

(حماد) أي: ابن زيد. (عن محمد) أي: ابن سيرين. (ممشقان) بضم أوله وفتح ثانيه وثالثه المعجم مشددًا، أي: مصبوغان بالمشق بكسر الميم وفتحها، أي: الطين الأحمر. (فتمخط) أي: استنثر. (بخ بخ) بفتح الموحدة أكثر من ضمها وبمعجمة ساكنة مخففة ومشددة وبتنيونها كذلك: كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء. (وإني لآخرُّ فيما بين منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حجرة عائشة) هو الغرض من الحديث هنا. 7325 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، قَال: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَشَهِدْتَ العِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَال: نَعَمْ، وَلَوْلا مَنْزِلَتِي مِنْهُ، مَا شَهِدْتُهُ مِنَ الصِّغَرِ، "فَأَتَى العَلَمَ الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلَا إِقَامَةً، ثُمَّ أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ" فَجَعَلَ النِّسَاءُ يُشِرْنَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ، "فَأَمَرَ بِلالًا فَأَتَاهُنَّ"، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 98 - مسلم: 884 - فتح 13/ 303]. (أخبرنا سفيان) أي: الثوري. (يشرن) أي: يهوين. ومرَّ الحديث في صلاة العيدين (¬1). 7326 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً مَاشِيًا وَرَاكِبًا". [انظر: 1191 - مسلم: 1399 - فتح 13/ 303]. (حدثنا سفيان) أي: ابن عيينة. (ماشيًا) أي: مرة، (وراكبًا) أي: أخرى. ومرَّ الحديث في أواخر الصلاة (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (977) كتاب: العيدين، باب: العَلَم الذي بالمصلى. (¬2) سبق برقم (1193) كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: من أتى مسجد قباء كل سبت.

7327 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: "ادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي، وَلَا تَدْفِنِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي البَيْتِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُزَكَّى". [انظر: 1391 - فتح 13/ 304]. (فإني أكره أن أزكى) بالبناء للمفعول، أي: كرهت أن يظن أنها أفضل الصحابة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - صاحبيه حيث جعلت نفسها ثالثة الضجيعين. 7328 - وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ: ائْذَنِي لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ، فَقَالتْ: "إِي وَاللَّهِ"، قَال: وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ، قَالتْ: "لَا وَاللَّهِ، لَا أُوثِرُهُمْ بِأَحَدٍ أَبَدًا". [انظر: فتح 13/ 304]. (لا أوثرهم) أي: النبي وأبا بكر، وجمع الضمير بناء على أقل الجمع اثنان. 7329 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَال ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي العَصْرَ، فَيَأْتِي العَوَالِيَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ"، وَزَادَ اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ: وَبُعْدُ العَوَالِيَ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاثَةٌ. [انظر: 548 - مسلم: 621 - فتح 13/ 304]. 7330 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ الجُعَيْدِ، سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: "كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمُ اليَوْمَ، وَقَدْ زِيدَ فِيهِ". [انظر 1859 - فتح 13/ 304]. (الجعيد) بالتصغير: ابن عبد الرحمن بن أويس الكندي. (مدًّا وثلثا بمدِّكم اليوم) أي: المد العراقي، وفي نسخة: "مدا وثلث" وكأنه كتب على لغة ربيعة في الوقف. (وقد زيد فيه) أي: في الصاع في زمن عمر بن عبد العزيز حتى صار مدًّا وثلث مدٍّ من الأمداد العمرية والجملة حالية، ومَرَّ الحديث في كتاب: الكفارات (¬1). قال شيخنا: ومناسبته ¬

_ (¬1) سبق برقم (6712) كتاب: كفارات الأيمان، باب: صاع المدينة ومد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبكرته.

للترجمة: أن الصاع مما أجمع عليه أهل الحرمين بعد العهد النبوي واستمرّ فلما زاد بنو أمية فيه لم يتركوا اعتبار الصاع النبوي فيما ورد فيه التقدير بالصاع من زكاة الفطر وغيرها، بل استمروا على اعتباره في ذلك وإن استعملوا الصاع الزائد في شيء غير ما وقع فيه التقدير بالصاع (¬1). (سمع القاسم بن مالك الجعيد) ساقط من نسخة، وثبوته أحسن؛ لما فيه من بيان العنعنة في السند المذكور محمولة على السماع. 7331 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ" يَعْنِي أَهْلَ المَدِينَةِ. [انظر: 2130 - مسلم: 1368 - فتح 13/ 304]. (اللهم بارك لهم ...) إلى آخره مرَّ في الكفارات (¬2). 7332 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ تُوضَعُ الجَنَائِزُ عِنْدَ المَسْجِدِ". [انظر: 1329 - مسلم: 1699 - فتح 13/ 304]. (وامرأة) اسمها: بسرة. ومَرَّ الحديث في المحاربين (¬3). 7333 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ، فَقَال: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا" تَابَعَهُ سَهْلٌ، ¬

_ (¬1) "الفتح" 13/ 309. (¬2) سبق برقم (6714) كتاب: كفارات الأيمان، باب: صاع المدينة ومد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبركته. (¬3) سبق برقم (6819) كتاب: الحدود، باب: الرجم في البلاط. وبرقم (6841) كتاب: الحدود، باب: أحكام أهل الذمة وإحصانهم.

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُحُدٍ. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح 13/ 304]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عن عمرو) أي: ابن أبي عمرو ميسرة. (طلع له أحد) أي: بدا. ومَرَّ الحديث في الجهاد (¬1). (تابعه) أي: أنس بن مالك. 7334 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ: "أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ جِدَارِ المَسْجِدِ مِمَّا يَلِي القِبْلَةَ وَبَيْنَ المِنْبَرِ مَمَرُّ الشَّاةِ". [انظر: 496 - مسلم: 508 - فتح 13/ 304]. (أبو غسان) هو محمد بن مطرف. (ممر الشاه) أي: موضع مرورها. ومَرَّ الحديث في الصلاة (¬2). 7335 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي". [انظر: 1196 - مسلم: 1391 - فتح 13/ 304]. (ما بين بيتي) أي: قبري. ومَرَّ الحديث في كتاب: الحوض (¬3). 7336 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال "سَابَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الخَيْلِ، فَأُرْسِلَتِ الَّتِي ضُمِّرَتْ مِنْهَا، وَأَمَدُهَا إِلَى الحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ، وَالَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ أَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ" وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2893) كتاب: الجهاد والسير، باب: من غزا بصبي للخدمة. (¬2) سبق برقم (496) كتاب: الصلاة، باب: قَدْر كَمْ ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة. (¬3) سبق برقم (1196) كتاب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب: فضل ما بين القبر والمنبر.

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ح (¬1). [انظر: 420 - مسلم: 1870 - فتح 13/ 305]. (الحفياء) بمهملة: موضع بينه وبين المدينة خمسة أميال أو ستة (¬2). ومَرَّ الحديث في الصلاة (¬3). 7337 - وحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، وَابْنُ إِدْرِيسَ، وَابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 4619 - مسلم: 3032 - فتح 13/ 305]. (إسحاق) أي: ابن يونس. (سمعت عمر على منبر النبي - صلى الله عليه وسلم -) اقتصر عليه هنا؛ لأن المحتاج إليه هنا ذكر المنبر. ومَرَّ تمامه في كتاب: الأشربة، في باب: ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل (¬4). 7338 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، "سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ خَطَبَنَا عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [فتح 13/ 305]. 7339 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالتْ: قَدْ "كَانَ يُوضَعُ لِي وَلِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا المِرْكَنُ، فَنَشْرَعُ فِيهِ جَمِيعًا". [انظر: 250 - مسلم: 319 - فتح 13/ 305]. (عبد الأعلى) أي: ابن عبد الأعلى السامي. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل. (¬2) حفياء: بالفتح ثم السكون، وياء، وألف ممدودة: موضع قرب المدينة أجرى منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخيل في السباق، وبين الحفياء وثنية الوداع ستة أميال. انظر: "معجم ما استعجم" 2/ 458، و "معجم البلدان" 2/ 276. (¬3) سبق برقم (420) كتاب: الصلاة، باب: هل يقال: مسجد بني فلان. (¬4) سبق برقم (5588) كتاب: الأشربة، باب: ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل.

(هذا المركن) بكسر الميم: الإجانة التي يغسل فيها الثياب. ومَرَّ الحديث في كتاب: الغسل (¬1). 7340 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: "حَالفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ فِي دَارِي الَّتِي بِالْمَدِينَةِ. [انظر: 2294 - مسلم: 2529 - فتح 13/ 305]. 7341 - وَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ". [انظر: 1001 - مسلم: 677 - فتح 13/ 305]. (حالف النبي) أي: عاقد. ومَرَّ الحديث في الكفالة (¬2). 7342 - حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَال: قَدِمْتُ المَدِينَةَ فَلَقِيَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، فَقَال لِي: "انْطَلِقْ إِلَى المَنْزِلِ، فَأَسْقِيَكَ فِي قَدَحٍ شَرِبَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَسَقَانِي سَويقًا، وَأَطْعَمَنِي تَمْرًا، وَصَلَّيْتُ فِي مَسْجِدِهِ. [انظر: 3814 - فتح 13/ 305]. (انطلق إلى المنزل) أي: منزلي. ومَرَّ الحديث في المناقب (¬3). 7343 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ قَال: حَدَّثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، وَهُوَ بِالعَقِيقِ، أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ " وَقَال هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: "عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ". [انظر: 1534 - فتح 13/ 305]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (250) كتاب: الغسل، باب: غسل الرجل مع امرأته. (¬2) سبق برقم (2494) كتاب: الشركة، باب: شركة اليتيم وأهل الميراث. (¬3) سبق برقم (3814) كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب عبد الله بن سلام رضي الله عنه.

17 - باب قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء} [آل عمران: 128]

(وهو بالعقيق) هو واد بظاهر المدينة. ومَرَّ الحديث في الحج (¬1). (علي) أي: ابن المبارك. (عمرة في حجة) أي: مدرجة فيها. 7344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: وَقَّتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَرْنًا لِأَهْلِ نَجْدٍ، وَالجُحْفَةَ لِأَهْلِ الشَّأْمِ، وَذَا الحُلَيْفَةِ لِأَهْلِ المَدِينَةِ"، قَال: سَمِعْتُ هَذَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمُ"، وَذُكِرَ العِرَاقُ فَقَال: لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ. [انظر: 133 - مسلم: 1182 - فتح 13/ 305]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (وذكر العراق) بالبناء للمفعول. (فقال: لم يكن عراق يومئذ) أي: لم يكن أهل العراق في ذلك مسلمين حتى يؤقت لهم. ومَرَّ الحديث في الحج (¬2). 7345 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا الفُضَيْلُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ أُرِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. [انظر: 483 - مسلم: 1346 - فتح 13/ 306]. (الفضيل) أي: ابن سليمان. (معرسه) بضم الميم وتشديد الراء المفتوحة، أي منزله الذي كان فيه آخر الليل، مرَّ الحديث في الحج (¬3). 17 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] (باب: قول الله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} أي: من الخلق وإنما أمرهم بيدي. ¬

_ (¬1) سبق برقم (1534) كتاب: الحج، باب: قول النبي: "العقيق واد مبارك". (¬2) سبق برقم (1522) كتاب: الحج، باب: فرض مواقيت الحج والعمرة. (¬3) سبق برقم (1535) كتاب: الحج، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العقيق واد مبارك".

18 - باب قوله تعالى {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} [الكهف: 54]

7346 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ فِي صَلاةِ الفَجْرِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَال: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا، وَلَكَ الحَمْدُ فِي الأَخِيرَةِ"، ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ العَنْ فُلانًا وَفُلانًا"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128]. [انظر: 4069 - فتح 13/ 312]. (في الأخيرة) أي: في الركعة الأخيرة، وهذا من كلام ابن عمر. ومَرَّ الحديث في تفسير سورة ال عمران (¬1). 18 - بَابُ قَوْلِهِ تَعَالى {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] وَقَوْلِهِ تَعَالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46] (باب: قوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} بالنصب تمييز. 7347 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلامُ - بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لَهُمْ: "أَلا تُصَلُّونَ؟ "، فَقَال عَلِيٌّ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَال لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعَهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ، يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ: {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "يُقَالُ: مَا أَتَاكَ لَيْلًا فَهُوَ طَارِقٌ"، وَيُقَالُ {الطَّارِقُ} [الطارق: 2]: "النَّجْمُ"، وَ {الثَّاقِبُ} [الطارق: 3]: "المُضِيءُ"، يُقَالُ: "أَثْقِبْ نَارَكَ لِلْمُوقِدِ". [انظر: 1127 - مسلم: 775 - فتح 13/ 313]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4559) كتاب: التفسير، باب: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}.

19 - باب قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} [البقرة: 143] وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة، وهم أهل العلم

(عن إسحاق) أي: ابن راشد الجزري. ومَرَّ الحديث في الصلاة (¬1). (وهو مدبر) أي: مول ظهره، وفي نسخة: "وهو منصرف". (قال أبو عبد الله) أي: البخاري. (يقال: ما أتاك ليلا فهو طارق) ساقط من نسخة، وسقط من أخرى قوله: (يقال) فقط. (يقال: أثقب نارك للموقد) بكسر القاف فيهما، و (للموقد) متعلق بـ (يقال). 7348 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: بَيْنَا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ"، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ المِدْرَاسِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَاهُمْ فَقَال: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا"، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا القَاسِمِ، قَال: فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَلِكَ أُرِيدُ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا"، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا القَاسِمِ، فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَلِكَ أُرِيدُ"، ثُمَّ قَالهَا الثَّالِثَةَ، فَقَال: "اعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَنِّي (¬2) أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ". [انظر: 3467 - مسلم: 1765 - فتح 13/ 314]. (عن سعيد) أي: المقبري. ومَرَّ حديثه في الجزية (¬3). 19 - بَابُ قَوْلِهِ تَعَالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُزُومِ الجَمَاعَةِ، وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ (باب: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}) أي: خيارًا. (وما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بلزوم الجماعة وهم أهل العلم) عطف على (قوله تعالى). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1127) كتاب: التهجد، باب: تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب. (¬2) كذا في الأصل. (¬3) سبق برقم (3167) كتاب: الجزية والموادعة، باب: إخراج اليهود من جزيرة العرب.

20 - باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم، فأخطأ خلاف الرسول من غير علم، فحكمه مردود

7349 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، يَا رَبِّ، فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ شُهُودُكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَيُجَاءُ بِكُمْ، فَتَشْهَدُونَ"، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]- قَال: عَدْلًا - {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ، وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]، وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. [انظر: 3339 - فتح 13/ 316]. (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة. ومَرَّ الحديث في تفسير سورة البقرة (¬1). 20 - بَابُ إِذَا اجْتَهَدَ العَامِلُ أَو الحَاكِمُ، فَأَخْطَأَ خِلافَ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ". [انظر: 2697] (باب: إذا اجتهد العامل) أي: عامل الزكاة ونحوها، وفي نسخة: "إذا اجتهد العالم". (أو الحاكم فأخطأ خلاف الرسول) أي: مخالفا له. (من غير علم) أي: من غير تعمد المخالفة (فحكمه مردود) أي: لا يعمل به. 7350, 7351 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ عَبْدِ المَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، يُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (4487) كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}.

21 - باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ

سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، حَدَّثَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الأَنْصَارِيَّ، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ، فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ "، قَال: لَا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنَ الجَمْعِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ، أَوْ بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا، وَكَذَلِكَ المِيزَانُ". [انظر: 2201، 2202 - مسلم: 1593 - فتح 13/ 317]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (عن أخيه) هو أبو بكر. (أخا بني عدي) أي: واحد منهم، واسمه: سواد بن عزية بفتح المهملة وكسر الزاي. (بتمر جنيب) أي: أجود الثمار. (وكذلك الميزان) يعني: وكذلك كل ما يوزن يباع وزنا بوزن بلا تفاضل، ومَرَّ الحديث في البيوع (¬1). 21 - بَابُ أَجْرِ الحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ 7352 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ المُقْرِئُ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ العَاصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ"، قَال: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَقَال: هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَال عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُطَّلِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. [مسلم: 1716 - فتح 13/ 318]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2201، 2202) كتاب: البيوع، باب: إذا أراد بيع تمر بتمر خيبر منه.

22 - باب الحجة على من قال: إن أحكام النبي صلى الله عليه وسلم كانت ظاهرة، وما كان يغيب بعضهم من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم وأمور الإسلام

(باب: أجر الحاكم إذا أجتهد فأصاب أو أخطأ) أي: بيان ذلك، ومَرَّ حديث الباب في أواخر البيوع. وفيه: دلالة على أن الحق عند الله واحد وأن المجتهد يخطيء ويصيب. 22 - بَابُ الحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَال: إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ظَاهِرَةً، وَمَا كَانَ يَغِيبُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمُورِ الإِسْلامِ (باب: الحجة على من قال: إن أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت ظاهرة) أَي: للناس غالبًا. (وما كان) (ما) موصولة إن عطفت على (الحجة) ونافية إن عطفت على جملة: (إن أحكام النبي). (يغيب) بغين معجمة (بعضهم) أي: بعض الصحابة. (من) متعلقة بـ (يغيب). (مشاهد) في نسخة: "مشاهدة". (النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمور الإسلام) والغرض من الباب بيان ما ذكر. 7353 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَال: اسْتَأْذَنَ أَبُو مُوسَى عَلَى عُمَرَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَهُ مَشْغُولًا فَرَجَعَ، فَقَال عُمَرُ: أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، ائْذَنُوا لَهُ، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَال: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَال: "إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا"، قَال: فَأْتِنِي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ، فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالُوا: لَا يَشْهَدُ إلا أَصَاغِرُنَا، فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ فَقَال: "قَدْ كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا"، فَقَال عُمَرُ خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ. [انظر: 2062 - مسلم: 2153 - فتح 13/ 320]. (بهذا) أي: بالرجوع إذا أستأذنا ولم يؤذن لنا، ومَرَّ الحديث في الاستئذان (¬1). 7354 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الأَعْرَجِ، يَقُولُ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (6245) كتاب: الاستئذان، باب: التسليم والاستئذان ثلاثًا.

23 - باب من رأى ترك النكير من النبي صلى الله عليه وسلم حجة، لا من غير الرسول

أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَال: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ المَوْعِدُ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، وَكَانَ المُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَكَانَتِ الأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ القِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، وَقَال: "مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالتِي، ثُمَّ يَقْبِضْهُ، فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي" فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيَّ، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ. [انظر: 118 - مسلم: 2492 - فتح 13/ 321]. (عليُّ) أي: ابن عبد الله المديني. (سفيان) أي: ابن عيينة. (على رسول الله) على متعلقة بـ (يكثر) ولو علقت بالحديث كانت بمعنى: عن. (فلن ينسى) بإثبات الالف، وفي نسخة: "فلن ينس" بحذفها بالجزم على لغة، وفي أخرى: "فلم ينس" ومَرَّ الحديث في كتاب: العلم وغيره (¬1). 23 - بَابُ مَنْ رَأَى تَرْكَ النَّكِيرِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةً، لَا مِنْ غَيْرِ الرَّسُولِ (باب: من رأى ترك النكير من النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة) أي: لأنه لا يقر أحدا على باطل؛ ولأنه معصوم. (لا من غير الرسول) أي: لعدم عصمته؛ ولجواز أنه لم يتبين له وجه الصواب، ومحله: إذا لم يكن غير المنكر له من أهل الإجماع وإلا فهو حجة بناء على أن الإجماع السكوتي حجة. 7355 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَال: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (118) كتاب: العلم، باب: حفظ العلم. وبرقم (2047) كتاب: البيوع، باب: ما جاء في قول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}.

24 - باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، وكيف معنى الدلالة وتفسيرها؟

يَحْلِفُ بِاللَّهِ: أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ، قُلْتُ: تَحْلِفُ بِاللَّهِ؟ قَال: "إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [مسلم: 2929 - فتح 13/ 323]. (أن ابن الصائد) في نسخة: "أن ابن الصياد". (سمعت عمر يحلف على ذلك) أي: إما لسماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -أو لعلامات وقرائن، واستشكل ذلك بما مرَّ في الجناىز: أن عمر قال للنبي (في قصة ابن صياد: دعني أضرب عنقه فقال: "إن يكن هو فلن تسلط عليه" (¬1) وهو صريح في أنه تردد في أمره فلا يدل سكوته على إنكاره عند حلف عمر على أنه هو؟ وأجيب: بان التردد كان قبل أن يعلمه الله تعالى بأنه هو الدجال فلما أعلمه لم ينكر على عمر حلفه، وبأن العرب قد تخرج الكلام مجرى الشك وإن لم يكن في الخبر شك فيكون ذلك من تلطف النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر في صرفه عن قتله. 24 - بَابُ الأَحْكَامِ الَّتِي تُعْرَفُ بِالدَّلائِلِ، وَكَيْفَ مَعْنَى الدِّلالةِ وَتَفْسِيرُهَا؟ وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ الخَيْلِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ سُئِلَ عَنِ الحُمُرِ، فَدَلَّهُمْ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالى": {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الضَّبِّ فَقَال: "لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ" وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضَّبُّ، فَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ. (باب: الأَحكام التي تعرف بالدلائل) في نسخة: "بالدليل". (وكيف معنى الدلالة) بفتح الدال أشهر من ضمها وكسرها. (وتفسيرها) ¬

_ (¬1) سبق برقم (1354) كتاب: الجناىز، باب: إذا أسلم الصبي فمات.

بالرفع على معنى الدلالة. (أمر الخيل) أي: بأمر الخيل. 7356 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الخَيْلُ لِثَلاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ: فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَال لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ المَرْجِ أَو الرَّوْضَةِ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، وَهِيَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وزْرٌ "وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الحُمُرِ، قَال: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فِيهَا إلا هَذِهِ الآيَةَ الفَاذَّةَ الجَامِعَةَ" {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8] [انظر: 2371 - مسلم: 987 - فتح 13/ 329]. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (في مرج) بفتح الميم وسكون الراء أي: موضع كلإٍ. (طيلها) أي: حبلها المربوطة فيه. (فاستنت) أي: عدت. (شرفا أو شرفين) أي: شوطًا أو شوطين. (تغنيًا) بمعجمة أي: تستغني بها عن الناس. (وتعففًا) أي: عن الافتقار إليهم. (وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحمر) أي: هل لها حكم الخيل. (الفاذة) بمعجمة أي: المنفردة في معناها، ومرَّ الحديث في الجهاد (¬1). ومطابقته للجزء الثاني من الترجمة: من حيث إرشاد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الخاص وهو الحمر حكمه داخل تحت حكم العام وهو {فَمَنْ يَعْمَلْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (2860) كتاب: الجهاد والسير، باب: الخيل لثلاثة.

مِثْقًال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} فإن من ربطها في سبيل الله فهو عامل للخير يرى جزاءه خيرا، ومن ربطها فخرا ورياء فهو عامل للشر يرى جزاءه شرا. 7357 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَتْنِي أُمِّي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الحَيْضِ، كَيْفَ تَغْتَسِلُ مِنْهُ؟ قَال: "تَأْخُذِينَ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِينَ بِهَا"، قَالتْ: كَيْفَ أَتَوَضَّأُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَوَضَّئِي"، قَالتْ: كَيْفَ أَتَوَضَّأُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَوَضَّئِينَ بِهَا"، قَالتْ عَائِشَةُ: فَعَرَفْتُ الَّذِي يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَذَبْتُهَا إِلَيَّ فَعَلَّمْتُهَا. [انظر: 314 - مسلم: 332 - فتح 13/ 330]. (يحيى) أي: ابن جعفر البيكندي. (أن امرأة) هي أسماء بنت شكل. (فرصة) بتثليث الفاء: قطعة من قطن. (فتوضىين) في نسخة: "فتوضئي" ومرَّ الحديث في الطهارة (¬1). 7358 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ "أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، فَتَرَكَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُنَّ"، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَلَا أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ. [انظر: 2575 - مسلم 1947 - فتح 13/ 330]. (أبو عوانة) هو الوضاح. (أن أم حفيد) أسمها: هذيلة بالتصغير فيهما. (وأضبًّا) جمع: ضب، وفي نسخة: "وضبًّا". (كالمتقذر له) في ¬

_ (¬1) سبق برقم (315) كتاب: الحيض، باب: غسل الحيض.

نسخة: "لهنَّ". 7359 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ"، وَإِنَّهُ أُتِيَ بِبَدْرٍ، قَال ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي طَبَقًا، فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ عَنْهَا فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ البُقُولِ، فَقَال: "قَرِّبُوهَا"، فَقَرَّبُوهَا إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَال: "كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي"، وَقَال ابْنُ عُفَيْرٍ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ: بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ، وَأَبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُونُسَ قِصَّةَ القِدْرِ فَلَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوْ فِي الحَدِيثِ. [انظر: 845 - مسلم: 564 - فتح 13/ 330]. (وليقعد) في نسخة: "أو ليقعد". (فوجد لها ريحًا) أي: كريهة. ومَرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 7360 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَعَمِّي، قَالا: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ، فَقَالتْ: أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ أَجِدْكَ؟ قَال: "إِنْ لَمْ تَجِدِينِي، فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ" زَادَ لَنَا الحُمَيْدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ كَأَنَّهَا تَعْنِي المَوْتَ. [انظر: 3659 - مسلم: 2386 - فتح 13/ 330]. (كأنها تعني) أي: بقولها: إن لم أجدك. ومرَّ الحديث في مناقب أبي بكر (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (854) كتاب: الأذان، باب: ما جاء في الثوم النيئ، والبصل والكراث. (¬2) سبق برقم (3659) كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي: "لو كنت متخذا خليلا".

25 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء"

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 25 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ" (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تسالوا أهل الكتاب عن شيء) أي: مما يتعلق بالشريعة. 7361 - وَقَال أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ مُعَاويَةَ، يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ، وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ فَقَال: "إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلاءِ المُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الكَذِبَ". [فتح 13/ 333]. (وذكر) بالبناء لمفعول. (إن) مخففة من الثقيلة أي: إن كعبًا كان. (وإن كنا) أي: وإنَّ كنا فإن مخففة من الثقيلة أيضًا. (لنبلو) أي: لنختبر. (عليه) أي: على كعب. (الكذب) يعني: كان يخطى في بعض الأحيان ولم يرد أنه كذابًا. 7362 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلامِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ" وَقُولُوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ الآيَةَ. [انظر: 4485 - فتح 13/ 333]. (كان أهل الكتاب) أي: اليهود، ومرَّ الحديث في تفسير سورة البقرة (¬1). 7363 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4485) كتاب: التفسير، باب: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}.

26 - باب كراهية الخلاف

عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثُ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ بَدَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَغَيَّرُوهُ، وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الكِتَابَ، وَقَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا؟ أَلا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ؟ لَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. [انظر: 2685 - فتح 13/ 333]. (إبراهيم) أي: ابن سعد. (أحدث) أي: أقرب نزولا. (لم يشب) أي: لم يخلط بخلاف التوراة، ومرَّ الحديث في الشهادات (¬1). 26 - بَابُ كَرَاهِيَةِ الخِلافِ (باب: كراهية الخلاف) ساقط من نسخة. 7364 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَءُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ" قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "سَمِعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَلَّامًا". [انظر: 5060 - مسلم: 2667 - فتح 13/ 335]. (إسحاق) أي: ابن راهويه، ومرَّ حديثه في فضائل القرآن (¬2). 7365 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "اقْرَءُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هَارُونَ الأَعْوَرِ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ، عَنْ جُنْدَبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 5060 - مسلم: 2667 - فتح 13/ 336]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2685) كتاب: الشهادات، باب: لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها. (¬2) سبق برقم (5060) كتاب: فضائل القرآن، باب: "اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم".

27 - باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم على التحريم إلا ما تعرف إباحته، وكذلك أمره

(عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث. (همام) أي: ابن يحيى. 7366 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: لَمَّا حُضِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال، وَفِي البَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، قَال: "هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ"، قَال عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَال عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالاخْتِلافَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "قُومُوا عَنِّي"، قَال عُبَيْدُ اللَّهِ، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَال بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الكِتَابَ مِنَ اخْتِلافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ". [انظر: 114 - مسلم: 1637 - فتح 13/ 336]. (لما حضر النبي) بالبناء للمفعول أي: حضره الموت، ومَرَّ الحديث في العلم والمغازي (¬1). 27 - بَابُ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّحْرِيمِ إلا مَا تُعْرَفُ إِبَاحَتُهُ، وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ نَحْوَ قَوْلِهِ حِينَ أَحَلُّوا: "أَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ" وَقَال جَابِرٌ: "وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ". [انظر: 7367] وَقَالتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: "نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَازَةِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا". (باب: نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التحريم) في نسخة: "على التحريم" أي: محمول عليه. (إلا ما تعرف إباحته) أي: بقرينة الحال، أو بدلالة السياق. (وكذلك أمره) أي: حكم أمره كحكم المنهي عنه فتحرم مخالفته. (أصيبوا من النساء) أي: جامعوهن. (ولم يعزم) أي: لم ¬

_ (¬1) سبق برقم (114) كتاب: العلم، باب: كتابة العلم. وبرقم (4431 - 4432) كتاب: المغازي، - صلى الله عليه وسلم - باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته.

يوجب عليهم ذلك. 7367 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال عَطَاءٌ: قَال جَابِرٌ: قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ البُرْسَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ قَال: أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحَجِّ خَالِصًا لَيْسَ مَعَهُ عُمْرَةٌ، قَال عَطَاءٌ: قَال جَابِرٌ: فَقَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَحِلَّ، وَقَال: "أَحِلُّوا وَأَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ"، قَال عَطَاءٌ: قَال جَابِرٌ: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ، فَبَلَغَهُ أَنَّا نَقُولُ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إلا خَمْسٌ، أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا، فَنَأْتِي عَرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا المَذْيَ، قَال: وَيَقُولُ جَابِرٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَحَرَّكَهَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَصْدَقُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ، وَلَوْلا هَدْيِي لَحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ، فَحِلُّوا، فَلَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ"، فَحَلَلْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. [انظر: 1557 - مسلم: 1216 - فتح 13/ 337]. (ابن جريج) هو عبد الملك. (إلا خمس) أي: من الليالي. (وحركها) أي: أمالها إشارة إلى كيفية تقطر المني. (فحلوا) بكسر الحاء. 7368 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنِ الحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ المُزَنِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "صَلُّوا قَبْلَ صَلاةِ المَغْرِبِ"، قَال فِي الثَّالِثَةِ: "لِمَنْ شَاءَ"، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً. [انظر: 183 - فتح 13/ 337]. (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو. (عبد الله) أي: ابن مغفل. لئلا (يتخذها الناس سنة) أي: طريقة لازمة، أو سنة راتبة مؤكدة، ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1183) كتاب: التهجد، باب: الصلاة قبل المغرب.

28 - باب قول الله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم} [الشورى: 38]، {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: 159] "وأن المشاورة قبل العزم والتبين لقوله": {فإذا عزمت فتوكل على الله} [آل عمران: 159] "فإذا عزم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن لبشر التقدم على الله ورسوله"

28 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]، {وَشَاورْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] "وَأَنَّ المُشَاوَرَةَ قَبْلَ العَزْمِ وَالتَّبَيُّنِ لِقَوْلِهِ": {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159] "فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ التَّقَدُّمُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ" وَشَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي المُقَامِ وَالخُرُوجِ، فَرَأَوْا لَهُ الخُرُوجَ، فَلَمَّا لَبِسَ لَأْمَتَهُ وَعَزَمَ قَالُوا: أَقِمْ، فَلَمْ يَمِلْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ العَزْمِ، وَقَال: "لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لَأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ" وَشَاوَرَ عَلِيًّا، وَأُسَامَةَ فِيمَا رَمَى بِهِ أَهْلُ الإِفْكِ عَائِشَةَ فَسَمِعَ مِنْهُمَا حَتَّى نَزَلَ القُرْآنُ، فَجَلَدَ الرَّامِينَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ، وَلَكِنْ حَكَمَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَكَانَتِ الأَئِمَّةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَشِيرُونَ الأُمَنَاءَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي الأُمُورِ المُبَاحَةِ لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا، فَإِذَا وَضَحَ الكِتَابُ أَو السُّنَّةُ لَمْ يَتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيْرِهِ، اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَى أَبُو بَكْرٍ قِتَال مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ، فَقَال عُمَرُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ إلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ " فَقَال أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْدُ عُمَرُ. [انظر: 1399] فَلَمْ يَلْتَفِتْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَشُورَةٍ إِذْ كَانَ عِنْدَهُ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" [انظر: 3017] وَكَانَ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. [انظر: 4642]

(باب: قول الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}) أي: ذو شورى أي: مشورة. (والتبين) هو وضوح المقصود. (لأمَته) بالهمز وتركه أي: درعه (إلى مشورة) في نسخة: "إلى مشورته". 7369 - حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، وَابْنُ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حِينَ قَال لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، قَالتْ: وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْأَلُهُمَا وَهُوَ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ: فَأَشَارَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَال: لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. فَقَال: "هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟ "، قَالتْ: مَا رَأَيْتُ أَمْرًا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ عَلَى المِنْبَرِ فَقَال: "يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلا خَيْرًا" فَذَكَرَ بَرَاءَةَ عَائِشَةَ. وَقَال أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ. [انظر: 2593 - مسلم 2770 - فتح 13/ 339]. (الأويسي) هو عبد العزيز بن عبد الله. (عن صالح) أي: ابن كيسان. (حين استلبث الوحي) أي: أبطأ. (تصدقك) بالجزم جواب الأمر. (الداجن) أي: الشاة التي تألف البيوت. (من يعذرني) بكسر المعجمة. (من رجل بلغني أذاه) أي: من يقوم بعذري إن كافأته على قبيح فعله ولم يلمني، ومَرَّ الحديث في الشهادات والتفسير وغيرهما (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2637) كتاب: الشهادات، باب: إذا عدل الرجل أحدا فقال: لا نعلم إلا خيرًا. وبرقم (4757) كتاب: التفسير، باب: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ}. وبرقم (6662) كتاب: الأيمان والنذور، باب: قول الرجل: لَعمْر الله.

7370 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ الغَسَّانِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا تُشِيرُونَ عَلَيَّ فِي قَوْمٍ يَسُبُّونَ أَهْلِي، مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوءٍ قَطُّ "، وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا أُخْبِرَتْ عَائِشَةُ بِالأَمْرِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْطَلِقَ إِلَى أَهْلِي؟ فَأَذِنَ لَهَا، وَأَرْسَلَ مَعَهَا الغُلاَمَ، وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ. [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح 13/ 340]. (عن هشام) أي: ابن عروة. (أخبرت) بالبناء للمفعول. (وقال رجل) هو أبو أيوب خالد. (سبحانك ما يكون لنا) إلى آخره سبَّح تعجبا ممن يقول ذلك.

97 - كتاب التوحيد

97 - كِتَابُ التَّوْحِيدِ

1 - باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 97 - كِتَابُ التَّوْحِيدِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة. (كتاب: التوحيد) في نسخة: "كتاب: الرد على الجهمية" وزاد في أخرى بعد (كتاب: التوحيد): "والرد على الجهمية" و (التوحيد) مصدر وحدته أي: اعتقدته منفردًا بذاته وصفاته لا نظير له ولا شبيه، ومن ثم قال الجنيد: التوحيد إفراد القديم من المحدث بفتح الدال وهو مشتق من الحدوث الصادق بالحدوث الذاتي وهو كون الشيء مسبوقًا بغيره، والزماني وهو كونه مسبوقًا بالعدم، والإضافي وهو ما يكون وجوده أقل من وجوه أخر فيما مضى وهو تعالى منزه عنه بالمعاني الثلاثة، والجهمية بفتح الجيم وسكون الهاء: ينسبوب إلى جهم بن صفوان وهم القدرية، والخوارج، والرافضة رءوس المبتدعة. 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى (باب: ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى) في نسخة: "عزَّ وجلَّ". 7371 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ". [انظر 1395 - مسلم: 19 - فتح 13/ 347]. (أبو عاصم) هو الضحاك النبيل.

7372 - وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْو أَهْلِ اليَمَنِ قَال لَهُ: "إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالى، فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا صَلَّوْا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ". [انظر: 1395 - مسلم: 19 - فتح 13/ 347]. (كراىم أموال الناس) أي: خيار مواشيهم. 7373 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، وَالأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، سَمِعَا الأَسْوَدَ بْنَ هِلالٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ؟ "، قَال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ؟ "، قَال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ". [انظر: 2856 - مسلم: 30 - فتح 13/ 347]. (غندر) هو محمد بن جعفر. (أتدري ما حقهم عليه) أي: تفضلًا لا جوابًا، ومرَّ الحديث في الرقاق (¬1). 7374 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (6500) كتاب: الرقاق، باب: من جاهد بنفسه في طاعة الله.

2 - باب قول الله تبارك وتعالى: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: 110]

زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَخْبَرَنِي أَخِي قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 5013 - فتح 13/ 347]. (إسماعيل) أي: أبن أبي أويس. (يتقالها) أي: يعدها قليلة. ومرَّ الحديث في فضاىل القرآن (¬1). 7375 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلالٍ، أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتْ فِي حَجْرِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ "، فَسَأَلُوهُ، فَقَال: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ". [مسلم: 813 - فتح 13/ 347]. (محمد) أي: ابن يحيى الذهلي. (عمرو) أي: ابن الحارث. (أن أبا الرجال) هو محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، ومرَّ حديثه في الصلاة (¬2). 2 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَو ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى} [الإسراء: 110] (باب: قول الله تبارك وتعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَو ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}) أي بتشديد الياء هنا شرطية، والتنوين فيها عوض من المضاف إليه. (وما) زائدة لتأكيد ما في (أي) من الإبهام. ¬

_ (¬1) سبق برقم (5013) كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل: {قُل هُو اللهُ أَحَدٌ (1)}. (¬2) سبق برقم (774) كتاب: الأذان، باب: الجمع بين السورتين.

3 - باب قول الله تعالى: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} [الذاريات: 58]

7376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، وَأَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ". [انظر: 6013 - مسلم: 2319 - فتح 13/ 358]. (محمد) أي: ابن سلام. (أبو معاوية) هو محمد بن خازم، ومَرَّ حديثه في الأدب (¬1). 7377 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ، يَدْعُوهُ إِلَى ابْنِهَا فِي المَوْتِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْجِعْ إِلَيْهَا فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ"، فَأَعَادَتِ الرَّسُولَ أَنَّهَا قَدْ أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَدُفِعَ الصَّبِيُّ إِلَيْهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَال لَهُ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَال: "هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ". [انظر: 1284 - مسلم: 923 - 13/ 358]. (إذ جاء رسول الله إحدى بناته) هي زينب، ومَرَّ الحديث في الجنائز (¬2). 3 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ} [الذاريات: 58] (باب: قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)}) برفعه؛ صفة لـ (ذو). 7378 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَحَدٌ ¬

_ (¬1) سبق برقم (6013) كتاب: الأدب، باب: رحمة الناس والبهائم. (¬2) سبق برقم (1284) كتاب: الجنائز، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه).

4 - باب قول الله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا} [الجن: 26]، و {إن الله عنده علم الساعة} [لقمان: 34]، و {أنزله بعلمه} [النساء: 166]، {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} [فاطر: 11]، {إليه يرد علم الساعة} [فصلت: 47]

أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، يَدَّعُونَ لَهُ الوَلَدَ، ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ". [انظر: 6099 - مسلم: 2804 - فتح 13/ 360]. (عبدان) هو عبد الله بن عثمان. (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون. (ويرزقهم) أي: ما ينتفعون به من الأقوات وغيرها فتقابل السيىات بالحسنات، ومَرَّ الحديث في الأدب (¬1). 4 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {عَالِمُ الغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: 26]، وَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34]، وَ {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166]، {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إلا بِعِلْمِهِ} [فاطر: 11]، {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} [فصلت: 47] قَال يَحْيَى: {الظَّاهِرُ} [الحديد: 3]: "عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا"، {وَالبَاطِنُ} [الحديد: 3]: "عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا". (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)} إلى آخره ترجمه بخمس قطع من خمس آيات وهي ظاهرة من كلامه. وقوله: ({عِلْمُ السَّاعَةِ}) أي: علم وقتها. 7379 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَفَاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ، لَا يَعْلَمُهَا إلا اللَّهُ: لَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إلا اللَّهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إلا اللَّهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي المَطَرُ أَحَدٌ إلا اللَّهُ، وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إلا اللَّهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إلا اللَّهُ". [انظر: 1039 - فتح 13/ 136]. 7380 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (6099) كتاب: الأدب، باب: الصبر على الأذى.

5 - باب قول الله تعالى: {السلام المؤمن} [الحشر: 23]

عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ، فَقَدْ كَذَبَ، وَهُوَ يَقُولُ": {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، "وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الغَيْبَ، فَقَدْ كَذَبَ، وَهُوَ يَقُولُ": لَا يَعْلَمُ الغَيْبَ إلا اللَّهُ. [انظر: 3234 - مسلم: 177 - فتح 13/ 361]. (سفيان) أي: الثوري. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (فقد كذب) قالته عائشة اجتهادًا، وحديثا الباب مرَّ أولهما: في الاستسقاء (¬1)، وثانيهما: في التفسير (¬2). 5 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {السَّلامُ المُؤْمِنُ} [الحشر: 23] (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: {السَّلَامُ}) هو اسم من أسمائه تعالى كما سيأتي في الحديث. أي: ذو السلامة من النقائص. ({الْمُؤْمِنُ}) أي: المصدق رسله بخلق المعجزة لهم. 7381 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ، حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَقُولُ: السَّلامُ عَلَى اللَّهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلامُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ". [انظر: 831 - مسلم: 402 - فتح 13/ 365]. (زهير) أي: ابن معاوية. (مغيرة) أي: ابن المقسم. (عبد الله) أي: ابن مسعود، ومَر حديث الباب في الصلاة (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1039) كتاب: الاستسقاء، باب: لا يدري متى يجيء المطر إلا الله. (¬2) سبق برقم (4612) كتاب: التفسير، باب: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ}. و (4855) كتاب: التفسير، باب: سورة النجم. (¬3) سبق برقم (831) كتاب: الأذان، باب: التشهد في الآخرة.

6 - باب قول الله تعالى: {ملك الناس} [الناس: 2]

6 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: 2] فِيهِ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 4712] (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ (2)}) أي: بيان ما جاء فيه. (فيه) أي: في الباب. 7382 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَطْوي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ. وَقَال شُعَيْبٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مِثْلَهُ. [انظر: 4812 - مسلم: 2787 - فتح 13/ 367]. (بيمينه) أي: بقدرته، ومرَّ الحديث في الرقاق، في باب: يقبض الله الأرض (¬1). 7 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [إبراهيم: 4]، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180]، {وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} [المنافقون: 8]، وَمَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَقَال أَنَسٌ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَقُولُ جَهَنَّمُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ". [انظر: 4848] وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا " [انظر: 6573] قَال أَبُو سَعِيدٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ. وَقَال أَيُّوبُ: "وَعِزَّتِكَ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ". [انظر: 279]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6519) كتاب: الرقاق، باب: يقبض الله الأرض يوم القيامة.

(باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: ({وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}) إلى آخره ترجم بأربعة أشياء: ثلاثة منها قطع من آيات وهي ظاهرة من كلامه والعزة في قوله: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ} المنعة والقوة وجعلت في الآية لله ولرسوله وللمؤمنين، ولا يخفى أنها بالنسبة إليهم متفاوتة. (قط قط) بكسر الطاء مع التنوين وتركه، وبسكونها أي: حسبي حسبي وهذا طرف من حديث مَرَّ في تفسير سورة ق (¬1). (وقال أبو هريرة) إلى آخره، مرَّ في آخر كتاب: الرقاق (¬2). (لا غنى) بالقصر والمد، ومرَّ هذا في الغسل، وفي الأيمان والنذور (¬3). 7383 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ: "أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، الَّذِي لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ". [مسلم: 2177 - فتح 13/ 368]. 7384 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَزَالُ يُلْقَى فِي النَّارِ" ح وقَال لِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ مُعْتَمِرٍ سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَزَالُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ العَالمِينَ قَدَمَهُ، فَيَنْزَوي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ تَقُولُ: قَدْ، قَدْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلَا تَزَالُ الجَنَّةُ تَفْضُلُ، حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الجَنَّةِ". [انظر 4848 - مسلم 2848 - فتح 13/ 369]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4850) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}. (¬2) سبق برقم (6573) كتاب: الرقاق، باب: الصراط جسر جهنم. (¬3) سبق برقم (279) كتاب: الغسل، باب: من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة. ومعلقًا في كتاب: الأيمان والنذور، باب: الحلف بعزة الله.

8 - باب قول الله تعالى: {وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق}

(حرمي) أي: ابن عمارة. (يلقى في النار) أي: أهلها. (وتقول: هل من مزيد) إلى آخره كما يأتي في الحديث الآتي. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (قدقد) أي: بدل قط قط فيهما ما مَرَّ في تينك. 8 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالحَقِّ} (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: ({وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}) أي: بكلمته وهي كن، أو ملتبسا به لا بالباطل. 7385 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو مِنَ اللَّيْلِ: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، قَوْلُكَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ لِي غَيْرُكَ". حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا، وَقَال: "أَنْتَ الحَقُّ وَقَوْلُكَ الحَقُّ". (قبيصة) أي: ابن عقبة السوائي. (سفيان) أي: الثوري (عن سليمان) أي: ابن مسلم الأحول. (عن طاوس) أي: ابن كيسان، ومَرَّ حديث الباب في الصلاة، والدعوات (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1120) كتاب: التهجد، باب: التهجد بالليل. وبرقم (6317) كتاب: الدعوات، باب: الدعاء إذا انتبه بالليل.

9 - باب قول الله تعالى: {وكان الله سميعا بصيرا} [النساء: 134]

9 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134] وَقَال الأَعْمَشُ، عَنْ تَمِيمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]. (باب: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} غرضه: الرد على المعتزلة في قولهم: أن الله تعالى سميع بلا سمع بصير بلا بصر لاستحالة سميع وبصير بلا سمع وبصر كاستحالتهما بلا مسموع ولا مبصر. (عن تميم) أي: ابن سلمة. (وسع سمعه الأصوات) أي: أدركها. (فأنزل الله تعالى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ}) إلى آخره. كذا اختصر الحديث، وتمامه بعد (الأصوات) كما في "مسند أحمد": لقد جاءت المجادلة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلمه، في جانب البيت لا أسمع ما تقول فأنزل الله الآية (¬1). 7386 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا، فَقَال: "ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا"، ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ، فَقَال لِي: "يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، قُلْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ، - أَوْ قَال أَلا أَدُلُّكَ بِهِ -". [انظر: 2992 - مسلم: 2704 - فتح 13/ 372]. (عن أبي عثمان) أي: النهدي. (قال أربعوا) بفتح الموحدة وكسرها. 7387 - , 7388 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ¬

_ (¬1) "مسند أحمد" 6/ 46.

10 - باب قول الله تعالى: {قل هو القادر} [الأنعام: 65]

قَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي، قَال: "قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مِنْ عِنْدِكَ مَغْفِرَةً إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ". [انظر: 834 - مسلم: 2705 - فتح 13/ 372]. (به) أي: بباقي الحديث. (عمرو) أي: ابن الحارث. (عن يزيد) أي: ابن أبي حبيب. (عن أبي الخير) هو مرثد بن عبد الله، ومَرَّ حديثه والذي قبله في الدعوات (¬1). 7389 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ نَادَانِي قَال: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ". [انظر: 3231 - مسلم: 1795 - فتح 13/ 372]. (يونس) أي: ابن يزيد، ومَرَّ حديثه في بدء الخلق (¬2). 10 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {قُلْ هُوَ القَادِرُ} [الأنعام: 65] (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ}) أي: بالذات، وأمَّا غيره فإنما هو قادر في بعض الأحوال بإقدار الله تعالى له. 7390 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي المَوَالِي، قَال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ المُنْكَدِرِ، يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الحَسَنِ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَمِيُّ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ يَقُولُ: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (6326) كتاب: الدعوات، باب: الدعاء في الصلاة. (¬2) سبق برقم (3231) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين.

11 - باب مقلب القلوب

الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ - ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ - خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - قَال: أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَال: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ". [انظر: 1162 - فتح 13/ 375]. (في الأمور كلها) أي: من المباحات والمستحبات. (كما يعلم) في نسخة: "كما يعلمهم". (هذا الأمر) مرَّ في الدعوات: "أن هذا الأمر". ومَرَّ الحديث فيها (¬1). 11 - بَابُ مُقَلِّبِ القُلُوبِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: 110]. (باب) ساقط من نسخة. (مقلب القلوب) أي: بيان ما جاء فيه. 7391 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: أَكْثَرُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِفُ: "لَا وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ". [انظر: 6617 - فتح 13/ 377]. (لا ومقلب القلوب) أي: لا أفعل كذا، أو لا أقوله: وحق مقلب القلوب، ومَرَّ الحديث في القدر (¬2). 12 - بَابٌ: إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ اسْمٍ إلا وَاحِدًا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: {ذُو الجَلالِ} [الرحمن: 27] "العَظَمَةِ"، {البَرُّ} [البقرة: 177] "اللَّطِيفُ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (6382) كتاب: الدعوات، باب: الدعاء عند الاستخارة. (¬2) سبق برقم (6617) كتاب: القدر، باب: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}.

13 - باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها

(باب) ساقط من نسخة. (إن لله مائة اسم إلا واحدًا) أي: بيان ما جاء فيه. (ذو الجلال) (العظمة) أي: ذو العظمة. ({الْبَرُّ}) أي: (اللطيف). وقال غيره: أي: المحسن. 7392 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إلا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ". [انظر: 2736 - مسلم: 2677 - فتح 13/ 377]. {أَحْصَيْنَاهُ} [يس: 12]: حَفِظْنَاهُ. (مائة إلى واحدًا) في نسخة: "إلا واحدة" وفائدة ذلك التأكيد، ورفع توهم أن قبله تسعة وسبعون مثلًا. (أحصيناه) أي: (حفظناه) ومَرَّ الحديث في الشروط (¬1). 13 - بَابُ السُّؤَالِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالى وَالاسْتِعَاذَةِ بِهَا (باب: السؤال بأسماء الله والاستعاذة بها) غرضه: تصحيح القول بأن الاسم هو المسمى في الله تعالى فلذلك صح السؤال والاستعاذة باسمه تعالى كما صحَّ بذاته. 7393 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَقُلْ: "بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ"، تَابَعَهُ يَحْيَى، وَبِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَادَ زُهَيْرٌ، وَأَبُو ضَمْرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (2736) كتاب: الشروط، باب: ما يجوز من الاشتراط والثنْيَا في الإقرار.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 6320 - مسلم: 2714 - فتح 13/ 378]. (بصنفة ثوبه) بمهملة فنون مكسورة أي: بطرف ثوبه، ومَرَّ الحديث في الدعوات (¬1). ومطابقته للترجمة في: (باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه). (تابعه) أي: عبد العزيز. (يحيى) أي: ابن سعيد. (تابعه) أي: ابن عجلان. (والدراوردي) هو عبد العزيز بن محمد، والمراد بالتعاليق المذكورة: بيان الاختلاف على سعيد المقبري هل روى الحديث عن أبي هريرة بلا واسطة، أو بواسطة أبيه؟ ومتابعة محمد بن عبد الرحمن ساقطة من نسخة. 7394 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَال: "اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَأَمُوتُ"، وَإِذَا أَصْبَحَ قَال: "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ". [انظر: 6312 - فتح 13/ 378]. (مسلم) أي: ابن إبراهيم. 7395 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الحُرِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ، قَال: "بِاسْمِكَ نَمُوتُ وَنَحْيَا"، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَال: "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ". [انظر: 6325 - فتح 13/ 379]. (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. (منصور) أي: ابن المعتمر. 7396 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (6320) كتاب: الدعوات، باب: التعوذ والقراءة عند النوم.

إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، فَقَال: بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا". [انظر: 141 - مسلم: 1434 - فتح 13/ 379]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد، ومَرَّ حديثه في الوضوء، وفي النكاح (¬1). 7397 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: أُرْسِلُ كِلابِي المُعَلَّمَةَ؟ قَال: "إِذَا أَرْسَلْتَ كِلابَكَ المُعَلَّمَةَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَأَمْسَكْنَ فَكُلْ، وَإِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ فَكُلْ". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح 13/ 379]. (فضيل) أي: ابن عياض. (بالمعراض) هو خشبة في رأسها زج، ومَرَّ الحديث في الصيد (¬2). 7398 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، قَال: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَا هُنَا أَقْوَامًا حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِشِرْكٍ، يَأْتُونَا بِلُحْمَانٍ لَا نَدْرِي يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أَمْ لَا، قَال: "اذْكُرُوا أَنْتُمُ اسْمَ اللَّهِ، وَكُلُوا" تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَأُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ. [انظر: 2057 - فتح 13/ 379]. (بلحمان) بضم اللام: جمع لحم، ومرَّ الحديث في الذبائح (¬3). (تابعه) أي: أبا خالد. 7399 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ". [انظر: 5553 - مسلم: 1966 - فتح 13/ 379]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (141) كتاب: الوضوء، باب: التسمية على كل حال وعند الوقاع. وبرقم (5165) كتاب: النكاح، باب: ما يقول الرجل إذا أتى أهله. (¬2) سبق برقم (5475) كتاب: الذبائح والصيد، باب: التسمية على الصيد. (¬3) سبق برقم (5507) كتاب: الذبائح والصيد، باب: ذبيحة الأعراب ونحوهم.

(هشام) أي: الدستوائي. 7400 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدَبٍ، أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ صَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ فَقَال: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ". [انظر: 985 - مسلم: 1960 - فتح 13/ 379]. (فليذبح باسم الله) أي: ملتبسًا به، ومَرَّ الحديث في صلاة العيدين (¬1). 7401 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ". [فتح 13/ 279]. (ورقاء) أي: ابن عمر. (لا تحلفوا بآبائكم) أي: ولا بغيرهم من المخلوق، أي: لأن الحلف بشيء يقتضي تعظيمه؛ وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلح وأبيه إن صدق" (¬2) فليس قوله فيه: "وأبيه" حلفًا بل هو كلمة تجري على اللسان عمود الكلام. ومَرَّ الحديث في كتاب: الأيمان (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (985) كتاب: العيدين، باب: كلام الإمام والناس في خطبة العيد. (¬2) رواه مسلم (11) -9 - كتاب: الإيمان، باب: بيان الصلوات التي هي أحد أركان الاسلام. وأبو داود (392) كتاب: الصلاة، باب: فرض الصلاة (3252) كتاب: الأيمان والنذور، باب: في كراهية الحلف بالآباء. وابن خزيمة 1/ 158 (306) كتاب: الصلاة، باب: فرض الصلوات الخمس. (¬3) سبق برقم (6646) كتاب: الأيمان والنذور، باب: "لا تحلفوا بآبائكم".

14 - باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله

14 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الذَّاتِ وَالنُّعُوتِ وَأَسَامِي اللَّهِ وَقَال خُبَيْبٌ: "وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ فَذَكَرَ الذَّاتَ بِاسْمِهِ تَعَالى". (باب: ما يذكر في الذات) أي: في ذاته تعالى. (والنعوت) أي: نعوته، أي: صفاته. (وأسامي الله) جمع أسماء وهو جمع اسم، وغرضه بذكر الذات: جواز إطلاقها على الله واحتج له بقول خبيب: (وذلك في ذات الإله فذكر الذات باسمه تعالى) أي: ملتبسا به. وهو يدل على جواز ذلك من حيث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعه ولم ينكره. 7402 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَال: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةً"، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ، أَنَّ ابْنَةَ الحَارِثِ، أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ، قَال خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ: وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي، وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ، فَقَتَلَهُ ابْنُ الحَارِثِ، "فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ يَوْمَ أُصِيبُوا". [انظر: 3045 - فتح 13/ 381]. (مصرعي) أي: مطرحي على الأرض. (على أوصال شلو) بكسر المعجمة أي: جسد. (ممزع) أي: مقطع، ومَرَّ الحديث في الجهاد (¬1). 15 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3045) كتاب: الجهاد والسير، باب: هل يستأسر الرجل ومن لم يستأسر.

(باب: قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}) أي: ذاته، فالإضافة بيانية، وفيه: تقدير مضاف، أي: يحذركم عقابه، وقيل: إطلاق النفس عليه تعالى ممنوع، وإنما ذكرت في الآية الثانية في كلامه للمشاكلة، وعليه: فالمراد بالنفس في الأولى: نفس عباد الله كما قيل به. 7403 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللَّهِ". [انظر: 4634 - مسلم: 2760 - فتح 13/ 383]. (ما أحد أغير من الله) المراد بغيرته: لازم لازمها وهو العقوبة؛ إذ هي لازمة الغضب، وهو لازم الغيرة. ومرَّ الحديث في سورة الأنعام، وفي النكاح (¬1). 7404 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ وَهُوَ يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى العَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي". [انظر: 3194 - مسلم: 2751 - فتح 13/ 384]. (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون السكري. (كتب) أي: أمر الملك أو القلم أن يكتب. (وهو) أي: علم ما يكتب. (وضع) أي: موضوع. (إن رحمتي) تنازع فيه (كتب) و (يكتب) ومَرَّ الحديث في بدء الخلق (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4634) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}. وبرقم (5220) كتاب: النكاح، باب: الغيرة. (¬2) سبق برقم (3194) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}.

16 - باب قول الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88]

7405 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً". [انظر: 7505، 7537 - مسلم: 2675 - فتح 13/ 384]. (أنا عند ظن عبدي) أي: المؤمن. (بي) أي: إن ظن أني أعفو عنه عفوت عنه، وإن ظن أني أعاقبه عاقبته. (وأنا معه إذا ذكرني) أي: وأنا معه بالعلم حينىذ. (فإن ذكرني) أي: بالتنزيه والتقديس. (في نفسه) أي: سرًّا. (ذكرته) أي: بالثواب والرحمة. (في نفسي) أي: سرًّا. (وإن ذكرني في ملإٍ) أي: جماعة. (ذكرته في ملإ خير منهم) قيل: هم الملائكة المقربون، واحتج به على تفضيل الملائكة على البشر، وأجيب عن ذلك: باحتمال أن يكون المراد بالملإ الأعلى: الأنبياء والشهداء، أو ما يشمل الله تعالى معهم. (وإن تقرب إليَّ بشبر) في نسخة: "شبرًا". (هرولة) أي: إسراعًا، يعني من تقرب إليَّ بطاعة قليلة جازيته بمثوبة كثيرة. 16 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} [القصص: 88] (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ}) أي: قابل للهلاك. ({إلا وَجْهَهُ}) أي: إلا ذاته تعالى، وجرى في التعبير بالوجه عن الذات على عادة العرب في التعبير بالأشرف عن الجملة. 7406 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}

17 - باب قول الله تعالى: {ولتصنع على عيني} [طه: 39]، "تغذى"، وقوله جل ذكره: {تجري بأعيننا} [القمر: 14]

[الأنعام: 65]، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ"، فَقَال: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ"، قَال: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65]، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا أَيْسَرُ". [انظر: 4628 - فتح 13/ 388]. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (هذا أيسر) أي: لأنَّ الفتن بين المخلقوقين أهون من عذاب الله، ولفظ: (هذا) ساقط من نسخة، ومَرَّ الحديث في التفسير والاعتصام (¬1). 17 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39]، "تُغَذَّى"، وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}) أي: على رعايتي وحفظي، وفسر (تصنع) بقوله: (تغذى) بذال معجمة مفتوحة: من التغذية. (وقوله جل ذكره) بالجر والرفع؛ عطف على قول الله: ({بِأَعْيُنِنَا}) أي: بمرأى منا وهو حال من ضمير (تجري). 7407 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ - وَإِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّال أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ". [انظر: 3057 - مسلم: 169 - فتح 13/ 389]. 7408 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ إلا أَنْذَرَ قَوْمَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ". [انظر: 7131 - مسلم: 2933 - فتح 13/ 381]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4628) كتاب: التفسير، باب: قوله: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}. وبرقم (7313) كتاب: الاعتصام، باب: في قول الله تعالى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا}.

18 - باب قول الله: {هو الله الخالق البارئ المصور} [الحشر: 24]

(جويرية) أي: ابن أسماء. (أعور العين) من إضافة الصفة إلى الموصوف. (طافية) أي: ناتئة، ومَرَّ الحديث والذي بعده في الفتن (¬1). 18 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {هُوَ اللَّهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ} [الحشر: 24] (باب: قول الله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِىُ الْمُصَوِّرُ}) هو ما عليه التلاوة، وفي نسخة: " (وهو الخالق) " إلى آخره، و (الخالق) المقدر، و (الباريء) المنشيء المخترع، و (المصور): مبدع صور المخلوقات على وجوه تتميز بها عن غيرها من تقدير وتخطيط واختصاص بشكل ونحوها. 7409 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، فِي غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ أَنَّهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِهِنَّ، وَلَا يَحْمِلْنَ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ العَزْلِ، فَقَال: "مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"، وَقَال مُجَاهِدٌ، عَنْ قَزَعَةَ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ فَقَال قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إلا اللَّهُ خَالِقُهَا". [انظر: 2229 - مسلم: 1438 - فتح 13/ 390]. (إسحاق) أي: ابن راهويه. (عفان) أي: ابن مسلم الصفار. (وهيب) أي: ابن خالد، ومَرَّ الحديث في النكاح (¬2). 19 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}) تثنية يد بمعنى القدرة، أراد بما ذكره: قوله تعالى لإبليس ¬

_ (¬1) سبق برقم (7131) كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال. (¬2) سبق برقم (5210) كتاب: النكاح، باب: العزل.

لما أبي أن يسجد لآدم: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} امتثالا لأمري. 7410 - حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ فَضَالةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَجْمَعُ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَو اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ، أَمَا تَرَى النَّاسَ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكَ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطَايَاهُ الَّتِي أَصَابَهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى، عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ، وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، وَكَلِمَتَهُ وَرُوحَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَبْدًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ مُحَمَّدُ وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّي، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعْ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إلا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ،

وَوَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنَ الخَيْرِ ذَرَّةً". [انظر: 44 - مسلم: 193 - فتح 13/ 312]. (يجمع الله المؤمنين) أي: من الأمم الماضية. (يوم القيامة كذلك) بكاف في أوله أي: كالجمع الذي نحن عليه. قال شيخنا: وأظنه باللام، والإشارة إلى يوم القيامة، أو إلى ما بعدها (¬1). (شفع) بكسر الفاء المشددة: أمر من التشفيع، وفي نسخة: "اشفع" وفي أخرى: "تشفع". (لست هناك) المراد هنا (كم) بضمير الجمع ليناسب ما قبله وما بعده. (خطيئته التي أصاب) هي أكله الشجرة، وأما خطيئة غيره، فهي من نوح: سؤاله نجاة ولده من الغرق. ومن إبراهيم قوله: إني سقيم، وبل فعله كبيرهم وإنها أختي. ومن موسى: قتل النفس بغير حق، وفي ذلك دلالة علها وقوع الصغائر منهم. نقله ابن بطال عن أهل السنة (¬2). (ارفع محمد) أي: يا محمد. (قل يسمع) بتحتية، وفي نسخة: بفوقية. (فيحد لي حدا) أي: يعين لي قوما. (ذرة) بفتح المعجمة: واحدة الذر، وهو النمل الصغار. 7411 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَال: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَقَال: عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى المِيزَانُ، يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ". [انظر: 4684 - مسلم: 993 - فتح 13/ 393]. ¬

_ (¬1) "الفتح" 13/ 394. (¬2) "شرح ابن بطال" 10/ 440.

(شعيب) أي: ابن أبي حمزة. (ملأى) بفتح الميم وسكون اللام وبالهمز. (لا يغيضها) بتحتية، وفي نسخة: بفوقية أي: لا ينقصها. (سحاء) بفتح المهملة الأولى والثانية مشددة، وبالمد أي: دائمة السح أي: الصب والسيلان. (الليل والنهار) بالنصب على الظرفية. (لم يغض) بفتح التحتية وكسر المعجمة أي: لم ينقص. (وبيده الأخرى الميزان، يخفض ويرفع) أي: يخفض الميزان ويرفعه. قال الخطابي: الميزان هنا مثل، وإنما هو قسمته بين الخلائق: يبسط، الرزق على من يشاء ويضيقه على من يشاء كما يصنعه الوزان عند الوزن يرفع مرة ويخفض أخرى (¬1)، ومَرَّ الحديث في تفسير سورة هود (¬2). 7412 - حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَال: حَدَّثَنِي عَمِّي القَاسِمُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَال: "إِنَّ اللَّهَ يَقْبِضُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَرْضَ، وَتَكُونُ السَّمَوَاتُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ " رَوَاهُ سَعِيدٌ، عَنْ مَالِكٍ. [انظر: 3194 - مسلم: 2788 - فتح 13/ 393]. (وتكون السموات بيمينه) أي: مطويات، ومرَّ الحديث في تفسير سورة الزمر (¬3). (سعيد) أي: ابن داود. 7413 - وَقَال عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ: سَمِعْتُ سَالِمًا، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. ¬

_ (¬1) "أعلام الحديث" 3/ 1863. (¬2) سبق برقم (4684) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}. (¬3) سبق برقم (4812) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

وَقَال أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ". [انظر: 4812 - مسلم: 2787 - فتح 13/ 393]. (سالمًا) أي: ابن عبد الله. 7414 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، وَسُلَيْمَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالجِبَال عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالخَلائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ. "فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ"، ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]، قَال يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: وَزَادَ فِيهِ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ. [انظر: 4811 - مسلم: 2786 - فتح 13/ 393]. 7415 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، قَال: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ يَقُولُ: قَال عَبْدُ اللَّهِ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ فَقَال: يَا أَبَا القَاسِمِ، إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالخَلائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ أَنَا المَلِكُ، "فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ"، ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]. [انظر: 4811 - مسلم: 2786 - فتح 13/ 393]. (عن سفيان) أي: الثوري. (عن عبيدة) بالتكبير أي: السلماني. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. (وسليمان) أي: الأعمش. (فضحك رسعول الله (تعجبًا) أي: من قول اليهودي. (وتصديقا له) أي: فميا قاله مع أنه مؤول بحمل الأصابع على القدرة، ومرَّ الحديث في تفسير سورة الزمر (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (4811) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.

20 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا شخص أغير من الله"

20 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ" وَقَال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ: "لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ". (باب) ساقط من نسخة. (قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا شخص) في نسخة: "لا أحد". (أغير من الله) قيل: إطلاق الشخص على الله ممتنع؛ لأنه إنما يكون جسمًا مؤلفًا فلعلَّ ذكره هنا تصحيف من الراوي. 7416 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتِبِ المُغِيرَةِ عَنِ المُغِيرَةِ، قَال: قَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ العُذْرُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ المُبَشِّرِينَ وَالمُنْذِرِينَ، وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الجَنَّةَ". [انظر: 6846 - مسلم: 1499 - فتح 13/ 399]. (عن عبد الملك) أي: ابن عمير. (غير مصفح) بضم الميم وسكون الصاد وفتح الفاء وكسرها أي: غير ضارب بعرضه بل بحده. (ولا أحد) بالفتح والرفع. (أحب إليه) بالنصب على الأول وبالرفع على الثاني. (العذر) بالرفع فاعل (أحب) ومرَّ الحديث في كتاب: النكاح، وكتاب: المحاربين (¬1). ¬

_ (¬1) سبق قبل حديث (5220) كتاب: النكاح، باب: الغيرة. وبرقم (6846) كتاب: الحدود، باب: من رأى مع امرأته رجلا فقتله.

21 - باب {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله} [الأنعام: 19]

21 - بَابُ {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: 19] " فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالى نَفْسَهُ شَيْئًا، وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ شَيْئًا، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ"، وَقَال: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} [القصص: 88]. (باب) ساقط من نسخة. ({قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً}) ساقط أيضًا من نسخة. (وسمى الله تعالى نفسه شيىًا) أي: في قوله المذكور، وفي الآية الآتية. (قل الله) جواب الاستفهام أي: قل الله أكبر شهادة، و (أي: شيء) مبتدأ خبره: (أكبر) و (شهادة) تمييز. (وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن شيئًا) أي: في الحديث الآتي. (وقال: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ}) بيَّن به جوازَ إطلاق الشيء على الله تعالى؛ إذ الأصل في الاستثناء الاتصال، فالمستىنى داخل في المستثنى منه والشيء مساو للموجود. 7417 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ: "أَمَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟ "، قَال: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ سَمَّاهَا. [انظر: 2310 - مسلم: 1425 - فتح 13/ 402]. (عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار، ومرَّ حديثه في النكاح (¬1). 22 - بَابُ {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ} [هود: 7]، {وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ} [التوبة: 129] قَال أَبُو العَالِيَةِ: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29]: "ارْتَفَعَ"، {فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة: 29]: "خَلَقَهُنَّ" وَقَال مُجَاهِدٌ: {اسْتَوَى} [البقرة: 29]: "عَلا" {عَلَى العَرْشِ} [الأعراف: 54] وَقَال ابْنُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (5121) كتاب: النكاح، باب: عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح.

عَبَّاسٍ: {المَجِيدُ} [ق: 1]: "الكَرِيمُ"، وَ {الوَدُودُ} [البروج: 14]: "الحَبِيبُ"، يُقَالُ: "حَمِيدٌ مَجِيدٌ، كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ، مَحْمُودٌ مِنْ حَمِدَ". (باب: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}) أي: فوقه، قيل غرضه بذلك: دفع توهم من قال: إن العرش لم يزل مع الله تعالى محتجًا بخبر: "كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء". وهذا مذهب باطل إذ لا يلزم من ذلك أنه تعالى كالعرش حال على الماء، والإخبار في الآية إنما هو عن العرش فقط، وسيأتي لذلك بيان. (أبوالعالية) هو رفيع بن مهران الرياحي. ({اسْتَوَى}) أي: (ارتفع). (استوى) أي: على العرش. قال ابن بطال: وهذا صحيح وهو المذهب الحق وقول أهل السنة؛ لأن الله سبحانه وصف نفسه بالعلي (¬1). (يقال حميد مجيد) كأنه أي: كان حميدا مجيدًا، فعيل من ماجد يعني: بمعناه. (محمود)، من حميد، فيه قلب، وحذف عاطف أي: وحميد من محمود يعني بمعناه، وفي عبارته لف ونشر معكوس، والمعنى: كان مجيدا، فعيل بمعنى فاعل، وحميد بمعنى مفعول وبذلك عرف ما في عبارته من القلاقه، وإنما قال (كأنه) لاحتمال أن يكون مجيد بمعنى ممجد وحميد بمعنى حامد. 7418 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَال: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَال: إِنِّي عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَال: "اقْبَلُوا البُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ"، قَالُوا: بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَال: "اقْبَلُوا البُشْرَى يَا أَهْلَ اليَمَنِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ"، قَالُوا: قَبِلْنَا، جِئْنَاكَ ¬

_ (¬1) "شرح ابن بطال" 10/ 448.

لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ مَا كَانَ، قَال: "كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ"، ثُمَّ أَتَانِي رَجُلٌ، فَقَال: يَا عِمْرَانُ أَدْرِكْ نَاقَتَكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُهَا، فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ وَلَمْ أَقُمْ. [انظر: 3190 - فتح 13/ 403]. (عن أبي حمزة) هو محمد بن ميمون. (عن هذا الأمر) أي: عن ابتداء خلق العالم. (كان الله ولم يكن شيء) أي: من مخلوقاته قبله (وكان عرشه على الماء) كان في الموضعين بحسب حال مدخولها فالمراد بالأول: الأزلية والقدم، وبالثاني: الحدوث بعد العدم. فعطف (كان) الثانية على الأولى من باب الإخبار عن حصول الجملتين في الوجود وتفويض الترتيب إلى الذهن. فالواو فيه بمنزلة ثم (في الذكر) أي: في اللوح المحفوظ. (ينقطع دونها) أي: يحول بيني وبين رؤيتها، ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬1). 7419 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَلْأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ، وَعَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الفَيْضُ - أَوِ القَبْضُ - يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ». [انظر: 4684 - مسلم: 993 - فتح 13/ 403]. (بيده الأخرى الفيض) بفاء ومعجمة أي: فيض الإحسان بالعطاء، ومَرَّ الحديث آنفا. (أو القبض) بقاف ومعجمة و (أو) للتنويع لا للشك. 7420 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3190) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}.

عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اتَّقِ اللَّهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ"، قَال أَنَسٌ: لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ، قَال: فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ، وَعَنْ ثَابِتٍ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ} [الأحزاب: 37]، "نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ". [انظر: 4787 - فتح 13/ 304]. (أحمد) أي: ابن سيار المروزي، أو ابن النضر النيسابوري. (يشكو) أي: من أخلاق زوجته زينب بنت جحش. ({وَتَخْشَى النَّاسَ}) أي: قولهم: إنه نكح امرأة ابنه. 7421 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: "نَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَأَطْعَمَ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ خُبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ". [انظر: 4791 - مسلم: 1428 - فتح 13/ 404]. (وأطعم عليها) أي: على وليمتها. 7422 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي". [مسلم: 2751 - فتح 13/ 404]. (لما قضى الخلق) أي: أتم خلقهم وأنفذه. (فوق عرشه) صفة محذوف، أي: كتابًا، وقيل: (فوق) هنا بمعنى: دون، كما في قوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]. 7423 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي هِلالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ،

هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا نُنَبِّئُ النَّاسَ بِذَلِكَ؟ قَال: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ". [انظر: 2790 - فتح 13/ 404]. (ننبي) أي: نخبر. (أوسط الجنة وأعلى الجنة) أراد بالأوسط: الأعلى، فالعطف للتفسير، ومَرَّ الحديث في الجهاد (¬1). 7424 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَال: دَخَلْتُ المَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَال: "يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ؟ "، قَال: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "فَإِنَّهَا تَذْهَبُ تَسْتَأْذِنُ فِي السُّجُودِ فَيُؤْذَنُ لَهَا، وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، ثُمَّ قَرَأَ: ذَلِكَ مُسْتَقَرٌّ لَهَا " فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ. [انظر: 3199 - مسلم: 159 - فتح 13/ 404]. (في قراءة عبد الله) أي: ابن مسعود، ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬2). 7425 - حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، حَدَّثَهُ قَال: "أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ"، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128] حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ. [انظر: 2807 - فتح 13/ 404]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2790) كتاب: الجهاد والسير، باب: درجات المجاهدين في سبيل الله. (¬2) سبق برقم (3199) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة الشمس والقمر بحسبان.

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ بِهَذَا، وَقَال: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ. (موسى) أي: التبوذكي. (عن إبراهيم) أي: ابن سعد. (لم أجدها مع أحد غيره) أي: مكتوبة عند غيره، وإلا فهي موجودة عند غيره؛ إذ القرآن متواتر. (حتى خاتمة براءة) هي {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129] ومرَّ الحديث في تفسير سورة براءة (¬1). 7426 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: "لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ العَلِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ". [انظر: 6345 - مسلم: 2730 - فتح 13/ 404]. (عن سعيد) أي: ابن أبي عروة، ومرَّ حديثه في الدعوات (¬2). 7427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: " [النَّاسُ] يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ". [انظر: 2412 - مسلم: 2374 - فتح 13/ 405]. (سفيان) أي: الثوري. (يصعقون) في نسخة: "الناس يصعقون". 7428 - وَقَال المَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الفَضْلِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالعَرْشِ". [انظر: 2411 - مسلم 2373 - فتح 13/ 405]. (الماجشون) بتثليث الجيم هو عبد الله بن أبي سلمة، ومرَّ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4679) كتاب: التفسير، باب: قوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}. (¬2) سبق برقم (6345) كتاب: الدعوات، باب: الدعاء عند الكرب.

23 - باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه} [المعارج: 4]

الحديث في كتاب: الأنبياء (¬1). 23 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {تَعْرُجُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10] وَقَال أَبُو جَمْرَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال لِأَخِيهِ: اعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ، الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ وَقَال مُجَاهِدٌ: "العَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الكَلِمَ الطَّيِّبَ" يُقَالُ: {ذِي المَعَارِجِ} [المعارج: 3]: "المَلائِكَةُ تَعْرُجُ إِلَى اللَّهِ". (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}) أي: إلى عرشه، و ({الرُّوحُ}) قيل: هو جبريل (¬2). وقيل: هو خلق كخلق بني آدم (¬3)، وعن ابن عباس: أنه ملك له أحد عشرة ألف جناح وألف وجه يسبح الله إلى يوم القيامة (¬4). (أبو جمرة) بالجيم: نصر بن عمران الضبعي. 7429 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ: مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ العَصْرِ وَصَلاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ، فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ". [انظر: 555 - مسلم: 632 - فتح 13/ 415]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3408) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: وفاة موسى وذكره بعد. (¬2) رواه الطبري في: "التفسير" 12/ 415 (36137) عن الشعبي. (¬3) رواه الطبري في: "التفسير" 12/ 415 (36141) عن مجاهد. (¬4) رواه عبد الرزاق في: "التفسير" 1/ 329 (1918) عن ابن عباس، وأبو الشيخ في "العظمة" ص 194 (411) عن ابن عباس.

(إسماعيل) أي: ابن أبي أويس، ومَرَّ حديثه في: الصلاة (¬1). 7430 - وَقَال خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إلا الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ" وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إلا الطَّيِّبُ". [انظر: 1410 - مسلم: 1014 - فتح 13/ 415]. (سليمان) أي: ابن بلال. (بعدل تمرة) بكسر العين وفتحها أي: ما يعادلها في قيمتها. (يتقبلها) في نسخة: "يقبلها". (لصاحبه) أي: العدل، وفي نسخة: "لصحابها" أي: الثمرة. (فلوه) بفتح الفاء وضمها وتشديد الواو: الجحش والمهر إذا فطما. (حتى تكون) أي: الصدقة. 7431 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ عِنْدَ الكَرْبِ: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ". [انظر: 6345 - مسلم 2730 - فتح 13/ 415]. (أن نبي الله ..) إلخ مرَّ آنفا (¬2). 7432 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، أَوْ أَبِي نُعْمٍ، شَكَّ قَبِيصَةُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: بَعَثَ عَلِيٌّ وَهُوَ بِاليَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (555) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر. (¬2) سبق برقم (7426) كتاب: التوحيد، باب: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}.

24 - [باب] قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة (22) إلى ربها ناظرة (23)} [القيامة: 22 - 23]

بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الحَنْظَلِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي مُجَاشِعٍ، وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلاثَةَ العَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلابٍ وَبَيْنَ زَيْدِ الخَيْلِ الطَّائِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، فَتَغَيَّظَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ فَقَالُوا: يُعْطِيهِ صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ، وَيَدَعُنَا قَال: "إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ"، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، اتَّقِ اللَّهَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَنْ يُطِيعُ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُهُ، فَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَلَا تَأْمَنُونِي"، فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ قَتْلَهُ، أُرَاهُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ، فَمَنَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وَلَّى، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ، لَا يُجَاوزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ". [انظر: 3344 - مسلم 10644 - فتح: 13/ 415]. (قبيصة) أي: ابن عقبة. (رجل) هو ذو الخويصرة. (من ضئضي هذا) أي: من نسله. ومَرَّ الحديث في المغازي (¬1). 7433 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38]، قَالَ: «مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ العَرْشِ». [انظر: 3199 - مسلم: 159 - فتح: 13/ 416]. (وكيع) أي: ابن الجراح، ومَرَّ حديثه في بدء الخلق (¬2). 24 - [باب] قَوْلِ الله تَعَالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22 - 23]. (باب: قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}) أي: ناعمة من ¬

_ (¬1) سبق برقم (4351) كتاب: المغازي، باب: بعث علي بن أبي طالب. (¬2) سبق برقم (3199) كتاب: بدء الخلق، باب: صفة الشمس والقمر.

التنعيم، لا من النعومة. ({إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)}) أي: بلا كيفية، ولا جهة، ولا ثبوت مسافة. 7434 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، وَهُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَال: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ قَال: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلاةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَافْعَلُوا". [انظر: 554 - مسلم: 633 - فتح: 13/ 419]. 7435 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ اليَرْبُوعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا". [انظر: 554 - مسلم: 633 - فتح: 13/ 419]. (خالد) أي: الطحان. (وهشيم) أي: ابن بشير الواسطي. (عن إسماعيل) أي: ابن خالد. (عن قيس) أي: ابن أبي حازم. (عن جرير) أي: ابن عبد الله البجلي. (لا تضامون) بضم الفوقية وتخفيف الميم من الضيم: وهو الذل والتعب أي: لا يضيم بعضكم بعضا في الرؤية؛ بأن يدفعه عنه. فإن استطعتم إلا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا قال الكرماني: والتعقيب بالفاء يدل على أن رؤيته تعالى يرجى نيلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين الصبح، والعصرة وذلك لتعاقب الملائكة في وقتيهما، أو لأن وقت صلاة الصبح وقت لذيذ النوم، وصلاة العصر وقت الفراغ من الصناعات وإتمام الوظاىف، فالقيام فيهما أشق على النفس، ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). ¬

_ (¬1) سبق برقم (554) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر.

7436 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، قَال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَقَال: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ". [انظر: 554 - مسلم: 633 - فتح: 13/ 419]. (عن زائدة) أي: ابن قدامة. 7437 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ؟ "، قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ، لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ "، قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ"، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ القَمَرَ القَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا شَافِعُوهَا أَوْ مُنَافِقُوهَا - شَكَّ إِبْرَاهِيمُ -، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَنَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ، وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُهَا، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إلا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمِ السَّعْدَانَ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: "فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إلا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمُ المُوبَقُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ - أَو المُوثَقُ بِعَمَلِهِ -، وَمِنْهُمُ المُخَرْدَلُ، أَو المُجَازَى، أَوْ نَحْوُهُ، ثُمَّ يَتَجَلَّى، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ العِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ المَلائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ، مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ، مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ بِأَثَرِ السُّجُودِ، تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إلا أَثَرَ

السُّجُودِ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، قَدْ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ العِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مِنْهُمْ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ، هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَيَدْعُو اللَّهَ بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَهُ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ؟، فَيَقُولُ: لَا، وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، قَدِّمْنِي إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ أَبَدًا؟ وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، وَيَدْعُو اللَّهَ، حَتَّى يَقُولَ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِي مَا شَاءَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، انْفَهَقَتْ لَهُ الجَنَّةُ، فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الحَبْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِي الجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ؟ فَيَقُولُ: وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، لَا أَكُونَنَّ أَشْقَى خَلْقِكَ فَلَا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ مِنْهُ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ، قَال لَهُ: ادْخُلِ الجَنَّةَ، فَإِذَا دَخَلَهَا قَال اللَّهُ لَهُ: تَمَنَّهْ، فَسَأَلَ رَبَّهُ وَتَمَنَّى، حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ، يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ، قَال: اللَّهُ ذَلِكَ لَكَ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ". [انظر: 806 - مسلم: 182 - فتح: 13/ 419]. 7438 - قَال عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ، مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى قَال: "ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ"، قَال أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ: "وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ"، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ مَا حَفِظْتُ إلا قَوْلَهُ: "ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ"، قَال أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ

مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: "ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ" قَال أَبُو هُرَيْرَةَ فَذَلِكَ: الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّةَ. [انظر: 22 - مسلم: 183 - فتح: 13/ 420]. (بين ظهري جهنم) أي: على وسطها. (الموبق) بفتح الموحدة أي: الهالك. (ومنهم المخردل) بمعجمة ومهملة أي: المقطع (أو المجازى) أي: بعمله (أمتحشوا) بالبناء للمفعول: احترقوا. (قد قشبني) بفتح القاف، والشين المعجمة أي: أذاني. (وأحرقني ذكاؤها) بالمد والقصر أي: لهبها واشتعالها. (انفقهت) أي: انفتحت واتسعت. (من الحبرة) بفتح المهملة وسكون الموحدة أي: سعة العيش. (حتى يضحك الله منه) أي: يرضى عنه، ومرَّ الحديث في الرقاق، في باب: الصراط جسر جهنم (¬1). 7439 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَال: "هَلْ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا؟ "، قُلْنَا: لَا، قَال: "فَإِنَّكُمْ لَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ، إلا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا" ثُمَّ قَال: "يُنَادِي مُنَادٍ: لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ، حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ، فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ، لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلَا وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ: اشْرَبُوا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ، فَيُقَالُ: ¬

_ (¬1) سبق برقم (6573) كتاب: الرقاق، باب: الصراط جسر جهنم.

كَذَبْتُمْ، لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ، وَلَا وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ: اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ، حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ؟ فَيَقُولُونَ: فَارَقْنَاهُمْ، وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَيْهِ اليَوْمَ، وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي: لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا، قَال: فَيَأْتِيهِمُ الجَبَّارُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَلَا يُكَلِّمُهُ إلا الأَنْبِيَاءُ، فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ؟ فَيَقُولُونَ: السَّاقُ، فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ، فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ"، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الجَسْرُ؟ قَال: "مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ، وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ، تَكُونُ بِنَجْدٍ، يُقَالُ لَهَا: السَّعْدَانُ، المُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ، وَكَأَجَاويدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا، فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِي مُنَاشَدَةً فِي الحَقِّ، قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنَ المُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ، وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا، فِي إِخْوَانِهِمْ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا إِخْوَانُنَا، كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَال دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ، وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَال نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَال ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا " قَال أَبُو سَعِيدٍ: فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي فَاقْرَءُوا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40]، " فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالمَلائِكَةُ وَالمُؤْمِنُونَ، فَيَقُولُ الجَبَّارُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتِي، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدْ امْتُحِشُوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الجَنَّةِ، يُقَالُ لَهُ: مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيْهِ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، قَدْ

رَأَيْتُمُوهَا إِلَى جَانِبِ الصَّخْرَةِ، وَإِلَى جَانِبِ الشَّجَرَةِ، فَمَا كَانَ إِلَى الشَّمْسِ مِنْهَا كَانَ أَخْضَرَ، وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ كَانَ أَبْيَضَ، فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ، فَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمُ الخَوَاتِيمُ، فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فَيَقُولُ أَهْلُ الجَنَّةِ: هَؤُلاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ، أَدْخَلَهُمُ الجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: لَكُمْ مَا رَأَيْتُمْ وَمِثْلَهُ مَعَهُ". [انظر: 22 - مسلم: 183 - فتح: 13/ 420]. (ليذهب) بالجزم على الأمر. (وغبرات) بضم المعجمة وفتح الموحدة المشددة أي: بقايا وهو جمع غبر جمع غابر. (كأنها سراب) هو ما يتراءى في وسط النهار في الحر الشديد يلمع، كالماء. (ما يحبسكم) أي: ما يقعدكم عن الذهاب، وفي نسخة: "يجلسكم". (فارقناهم) أي: الناس. (ونحن أحوج منا إليه اليوم) أي: إلى كل منهم، وكان القياس: إليهم، فكل كل واحد منهم مفضل ومفضل عليه، لكن باعتبار زمانين أي: نحن فارقنا أقاربنا وأصحابنا ممن كانوا يحتاج إليهم في المعاش لزومًا لطاعتك ومقاطعة لأعداء الدين وغرضهم منه: التضرع إلى الله تعالى في كشف هذه الشدة؛ خوفًا من المصاحبة معهم في النار أي: كما لم يكونوا مصاحبين لهم في الدنيا لا يكونون مصاحبين لهم في الآخرة. (فيقولون: الساق) فسر بالشدة أي: يكشف عن شدة ذلك اليوم، وعن الأمر المهول فيه وهو مثل تضربه العرب؛ لشدة الأمر، كما يقال: قامت الحرب على ساق، وقيل: المراد به النور العظيم، وقيل: جمع من الملائكة، كما يقال: ساق من الناس، ورجل من جواد، وقيل: ساق يخلقها الله تعالى خارجه عن السوق المعتادة، وقيل الساق بمعنى: النفس أي: يتجلى لهم ذاته. (طبقا واحدا) أي: يصير كالصفيحة، فلا يقدر على السجود: (مدحضة) بفتح الميم وسكون الدال، وفتح الحاء المهملتين، وبمعجمة أي: مزلقة.

(مزلة) بفتح الميم، وكسر الزاي أي: موضع زلل الأقدام. (وحسكة) بفتحات: نبات مفروش في الأرض ذو شوك يتشبك فيه كل من مرَّ به، وربما اتخذ مثله من حديد. (مفلطحة) بضم الميم، وفتح الفاء، وسكون اللام وفتح الطاء والحاء المهملتين أي: واسعة الأعلى دقيقة الأسفل. (عقيفاء) بضم العين، وفتح القاف، والمد أي: معوجة. (كالطرف) بفتح الطاء، وسكون الراء أقي: كلمح البصر. (وكأجاويد) جمع أجواد، جمع جواد: وهو الفرس السابق الجيد (والركاب) بكسر الراء: الإبل. (ومكدوس) بمهملتين، وفي نسخة: "ومكدوش" بشين معجمة أي: مصروع. (مناشدة) أي: مطالبة. (للجبار) متعلق بمناشدة. (بأفواه الجنة) جمع فوهة بضم الفاء، وفتح الواو المشددة، على غير قياس أي: بأوائلها، ومرَّ الحديث في تفسير سورة النساء (¬1). 7440 - وَقَال حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يُحْبَسُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَو اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، قَال: فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، قَال: وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ: أَكْلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ: سُؤَالهُ رَبَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، قَال: فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ ثَلاثَ كَلِمَاتٍ كَذَبَهُنَّ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى: عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ، وَكَلَّمَهُ، وَقَرَّبَهُ نَجِيًّا، ¬

_ (¬1) سبق برقم (4581) كتاب: التفسير، باب: قوله {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ}.

قَال: فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ قَتْلَهُ النَّفْسَ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَرُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، قَال: فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، فَيَقُولُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ، قَال: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، - قَال قَتَادَةُ: وَسَمِعْتُهُ أَيْضًا يَقُولُ: فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ - ثُمَّ أَعُودُ الثَّانِيَةَ: فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ، قَال: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، قَال: ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأَخْرُجُ، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، - قَال قَتَادَةُ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ - ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ: فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، قَال: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، قَال: ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، - قَال قَتَادَةُ وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ - حَتَّى مَا يَبْقَى فِي النَّارِ إلا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ"، أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ، قَال: ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَال: "وَهَذَا المَقَامُ المَحْمُودُ الَّذِي وُعِدَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [انظر: 44 - مسلم: 193 - فتح: 13/ 422]. (حتى يهموا) أي: يحزنوا. (في داره) أي: في جنته التي اتخذها لأوليائه، ومرَّ الحديث آنفا. 7441 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي عَمِّي، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَى

الأَنْصَارِ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ وَقَال لَهُمْ: "اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنِّي عَلَى الحَوْضِ". [انظر: 3146 - مسلم: 1059 - فتح: 13/ 433]. (عمي) هو يعقوب بن إبراهيم، ومرَّ حديثه في أوائل الفتن (¬1). 7442 - حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَال: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الحَقُّ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الحَقُّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ، وَبِكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ"، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَال قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ، "قَيَّامُ"، وَقَال مُجَاهِدٌ: "القَيُّومُ القَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ"، وَقَرَأَ عُمَرُ، القَيَّامُ، "وَكِلاهُمَا مَدْحٌ". [انظر: 1120 - مسلم: 769 - فتح: 3/ 423]. (سفيان) أي: الثوري، ومرَّ حديثه في التهجد (¬2). (وكلاهما) أي: القيوم والقيام. (مدح) بمبالغة؛ لأنهما من صيغ المبالغة، ولا يستعملان في غير المدح، بخلاف القيم فإنه يستعمل في الذم أيضًا. 7443 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، وَلَا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ". [انظر: 1413 - مسلم: 1016 - فتح: 13/ 423]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (7057) كتاب: الفتن، باب: قول النبي: "سترون بعدي أمورا تنكرونها" من حديث أنس بن مالك عن أسيد بن حضير. (¬2) سبق برقم (1120) كتاب: التهجد، باب: التهجد بالليل.

(عن خيثمة) هو ابن عبد الرحمن الجعفي. (ترجمان) بفتح الفوقية وضمها مع ضم الجيم فيهما. (ولا حجاب) وفي نسخة: "ولاحاجب" مرَّ الحديث في الرقاق (¬1). 7444 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إلا رِدَاءُ الكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ". [انظر: 4878 - مسلم: 180 - فتح: 13/ 423]. (في جنة عدن) أي: جنة إقامة وهي إقامة وهي ظرف للقوم لا لله، لا يقال: الحديث مناف للترجمة؛ لإشعاره بأن رؤية الله تعالى غير واقعة، لأنا نقول: الغرض حاصل؛ لأن المعنى ما بين القوم وبين النظر إلى الله تعالى إلا رداء الكبر، فمفهومة بيان قرب النظر، إذ المعنى: إلَّا رداء الكبر فإنه تعالى يمن عليهم برفعه فيرونه، أو رداء الكبر لا يكون مانعا من الرؤية؛ لأن الرداء استعارة كني بها عن العظمة كما في خبر: "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري" (¬2). لا الثياب المحسوسة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6539) كتاب: الرقاق، باب: من نوقش الحساب عُذِّبَ. (¬2) رواه مسلم (2620) كتاب: البر والصلة، باب: تحريم الكبر. وأبو داود (4090) كتاب: اللباس، باب: ما جاء في الكبر. وابن ماجة (4174) كتاب: الزهد، باب: البراءة من الكبر، والتواضع. وأحمد 2/ 248. وابن حبان 2/ 35 (328) كتاب: البر والإحسان، باب: ما جاء في الطاعات. والطبراني في "الأوسط" 9/ 103 (9253) كلهم من حديث أبي هريرة.

7445 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ، وَجَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اقْتَطَعَ مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" قَال عَبْدُ اللَّهِ: ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 77] الآيَةَ. [انظر: 2356، 2357 - مسلم: 138 - فتح: 13/ 423]. (سفيان) أي: ابن عيينة، ومرَّ حديثه في الأيمان (¬1). 7446 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "ثَلاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ: اليَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ". [انظر: 2358 - مسلم: 108 - فتح: 13/ 423]. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (عن أبي صالح) هو ذكوان السمان، ومرَّ حديثه في الشرب (¬2). 7447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا: مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ، ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحَجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ "، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال: "أَلَيْسَ ذَا الحَجَّةِ؟ "، قُلْنَا: بَلَى، قَال: "أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ "، قُلْنَا: اللَّهُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (6659) كتاب: الأيمان والنذور، باب: عهد الله عزَّ وجلَّ. (¬2) سبق برقم (2358) كتاب: المساقاة، باب: إثم من منع ابن السبيل من الماء.

25 - باب ما جاء في قول الله تعالى: {إن رحمة الله قريب من المحسنين} [الأعراف: 56]

وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال: "أَلَيْسَ البَلْدَةَ؟ "، قُلْنَا: بَلَى، قَال: "فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ "، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَال: "أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ "، قُلْنَا: بَلَى، قَال: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ - قَال مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَال: وَأَعْرَاضَكُمْ - عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلا لِيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ، - فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ قَال: صَدَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَال: أَلا هَلْ بَلَّغْتُ أَلا هَلْ بَلَّغْتُ". [انظر: 67 - مسلم: 1679 - فتح: 13/ 424]. (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (عن أبي بكرة) هو نفيع. (قال محمد). أي: ابن سيرين، ومرَّ حديثه مرارا (¬1). 25 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]. (باب: ما جاء في قول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} ذكر ({قَرِيبٌ}) مع أنه خبر لمؤنث: لأنه بوزن فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث، أو؛ لأنه صفة موصوف محذوف أي: شيء قريب. ¬

_ (¬1) سبق برقم (67) كتاب: العلم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رب مبلغ أوعى من سامع". وبرقم (1741) كتاب: الحج، باب: الخطبة أيام منى. وبرقم (3197) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في سبع أرضين.

7448 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ، قَال: كَانَ ابْنٌ لِبَعْضِ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا، فَأَرْسَلَ "إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ"، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ فَأَقْسَمَتْ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُمْتُ مَعَهُ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَلَمَّا دَخَلْنَا نَاوَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبِيَّ وَنَفْسُهُ تَقَلْقَلُ فِي صَدْرِهِ - حَسِبْتُهُ قَال: كَأَنَّهَا شَنَّةٌ - فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ أَتَبْكِي، فَقَال: "إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ". [انظر: 1248 - مسلم: 923 - فتح: 13/ 434]. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. (عاصم) أي: الأحول. (يقضي) أي: يموت، والمراد أنه في النزع. (تقلقل) أي: تضطرب، ومرَّ الحديث في الجنائز، والطب، والنذور (¬1). 7449 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "اخْتَصَمَتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ إِلَى رَبّهِمَا، فَقَالتِ الجَنَّةُ: يَا رَبِّ، مَا لَهَا لَا يَدْخُلُهَا إلا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ، وَقَالتِ النَّارُ: - يَعْنِي - أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ، فَقَال اللَّهُ تَعَالى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي، وَقَال لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي، أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، قَال: فَأَمَّا الجَنَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ، فَيُلْقَوْنَ فِيهَا، فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، ثَلاثًا، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَمْتَلِئُ، وَيُرَدُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1284) كتاب: الجنائز، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه". وبرقم (5655) كتاب: المرضى، باب: عيادة الصبيان. وبرقم (6655) كتاب: الأيمان والنذور، باب: قول الله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}.

26 - باب قول الله تعالى: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا}

وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ". [انظر: 4849 - مسلم: 2846 - فتح 13/ 434]. (يعقوب) أي: ابن إبراهيم. (وسقطهم) هم الساقطون من أعين الناس. (قدمه) أي: من قدمه لها من أهل العذاب، ومرَّ الحديث في تفسير سورة ق (¬1). 7450 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ، بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، يُقَالُ لَهُمُ الجَهَنَّمِيُّونَ"، وَقَال هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 6559 - فتح: 13/ 434]. (هشام) أي: الدستوائي. (عن قتادة) أي: ابن دعامة. (سفع) بفتح المهملة وسكون الفاء أي: أثر تغير البشرة. (وقال همام) إلى آخره، مراده به أن العنعنة في السند السابق محمولة على السماع. 26 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا} (باب: قول الله تعالى: {إنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41] أي: كراهة أن تزولا. 7451 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: جَاءَ حَبْرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يَضَعُ السَّمَاءَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرْضَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالجِبَال عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالأَنْهَارَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ: أَنَا المَلِكُ، "فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال": {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]. [انظر: 4811 - مسلم: 2786 - فتح: 13/ 438]. (موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (عن عبد الله) أي: ابن مسعود. ¬

_ (¬1) سبق برقم (4849) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}.

27 - باب ما جاء في تخليق السموات والأرض وغيرها من الخلائق

(حبر) بفتح المهملة وكسرها، وسكون الموحدة أي: عالم من علماء اليهود، ومرَّ الحديث في باب قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (¬1). 27 - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَغَيْرِهَا مِنَ الخَلائِقِ وَهُوَ فِعْلُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالى وَأَمْرُهُ، فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ وَفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَكَلامِهِ، وَهُوَ الخَالِقُ المُكَوِّنُ، غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوينِهِ، فَهُوَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ". (باب: ما جاء في تخليق) في نسخة: "في خلق السموات والأرض لا (وغيرهما) في نسخة: "وغيرها". (من الخلائق) (وهو) أي: التخليق. (فعل الرب تبارك وتعالى وأمر فالرب بصفاته وفعله وأمره) زاد في نسخة: "وكلامه". (وهو الخالق المكون) بكسر الواو. (غير مخلوق) خبر الرب، وقوله: (وهو الخالق المكون) اعتراض. (ومكون) بفتح الواو. 7452 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ لَيْلَةً، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا، لِأَنْظُرَ كَيْفَ صَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ، "فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، أَوْ بَعْضُهُ، قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَرَأَ": {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ {لِأُولِي الأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]، "ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ، ثُمَّ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً"، ثُمَّ أَذَّنَ بِلالٌ بِالصَّلاةِ، "فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ". [انظر: 117 - مسلم: 763 - فتح: 13/ 438]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (7414) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}.

28 - باب قوله تعالى: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} [الصافات: 171]

(أو بعضه) في نسخة: "أو نصفه". (واستن) أي: استاك، ومرَّ الحديث في تفسير سورة آل عمران (¬1). 28 - بَابُ قَوْلِهِ تَعَالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ} [الصافات: 171] (باب: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)} الكلمة قوله: {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)}. 7453 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي". [انظر: 3194 - مسلم: 2751 - فتح 13/ 440]. 7454 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ: "أَنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَكْتُبُ: رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا". [انظر: 3208 - مسلم 2643 - فتح 13/ 440]. (حدثنا رسول الله) إلى آخره، مرَّ في بدء الخلق (¬2). 7455 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4569) كتاب: التفسير، باب: قوله {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية. (¬2) سبق برقم (3218) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة.

سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَا جِبْرِيلُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا"، فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَال: كَانَ هَذَا الجَوَابَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟. [انظر: 3218 - فتح: 13/ 440]. (قال) أي: عمرو، أو أبوه. (هذا كان الجواب لمحمد) في نسخة: "كان هذا الجواب لمحمد". 7456 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ اليَهُودِ، فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَسَأَلُوهُ، "فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى العَسِيبِ وَأَنَا خَلْفَهُ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقَال": {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لَا تَسْأَلُوهُ. [انظر: 125 - مسلم: 2794 - فتح: 13/ 440]. (يحيى) أي: ابن جعفر البيكندي، أو ابن موسى الختي. (في حرث) بمهملة وراء ساكنة ومثلثة أي: زرع، وفي نسخة: "خرب" بفتح المعجمة وكسر الراء وبموحدة ({قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}) أي: مما استأثر بعلمه، وعجزت الأوائل عن إدراك ماهيته بعد نفاد الأعمار الطويلة علي الخوض فيه، أشار بذلك إلى تعجيز العقل عن إدراك معرفة مخلوق مجاور له؛ ليدل علي أنه عن إدراك خالقه أعجز، ومرَّ الحديث في تفسير سورة الإسراء (¬1). 7457 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إلا الجِهَادُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4721) كتاب: التفسير، باب: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}.

29 - باب قول الله تعالى: {إنما قولنا لشيء} [النحل: 40]

فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَال مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ". [انظر: 36 - مسلم: 1876 - فتح: 13/ 441]. (تكفل الله) أي: أوجب على نفسه تفضلا منه فهو شبيه بالكفيل الذي يلتزم بالشيء، والمعنى: كأنه تعالى التزم بملابسة الشهادة إدخال الجنة، وبملابسة الرجع بالأجر والغنيمة، فالشهادة تدخل الجنة حالا، أو مع السابقين بغير حساب، وبالرجع يرجع بالأجر وحده، أو به مع الغنيمة فهي قضية مانعة خلو لا مانعة جمع، ومرَّ الحديث في الخمس (¬1). 7458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال الرَّجُلُ: يُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَال: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 123 - مسلم: 1904 - فتح: 13/ 441]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (جاء رجل) هو لاحق بن ضميرة، ومرَّ الحديث في الجهاد (¬2). 29 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ} [النحل: 40] (باب: قول الله تعالى: ({إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ}) زاد في نسخة: " {إِذَا أَرَدْنَاهُ} " أي: إيجاده وزاد في أخرى على ذلك: " {أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (3123) كتاب: فرض الخمس، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حلت لكم الغنائم". (¬2) سبق برقم (2810) كتاب: الجهاد والسير، باب: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا.

7459 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ". [انظر: 3640 - مسلم: 1921 - فتح: 13/ 442]. (عن إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (حتى يأتيهم أمر الله) أي: الساعة، أو علاماتها، ومرَّ الحديث في الاعتصام (¬1). 7460 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاويَةَ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، مَا يَضُرُّهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ وَلَا مَنْ خَالفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ"، فَقَال مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ، سَمِعْتُ مُعَاذًا، يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ، فَقَال مُعَاويَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ. [انظر: 71 - مسلم: 1037 - فتح: 13/ 442]. (الحميدي) هو عبد الله بن الزبير. (ابن جابر) هو عبد الرحمن، ومرَّ حديثه في علامات النبوة (¬2). 7461 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَال: "لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ القِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ". [انظر 3620 - مسلم: 2273 - فتح: 13/ 442]. (ولن تعدو) بفوقية. (أمر الله) أي: لن تجاوز حكمه (فيك). ومرَّ الحديث في المغازي (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (7312) كتاب: الاعتصام، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق". (¬2) سبق برقم (3641) كتاب: المناقب، باب: سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية. (¬3) سبق الحديث برقم (3473) كتاب: المغازي، باب: وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال.

30 - باب قول الله تعالى: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} [الكهف: 109]

7462 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَال: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ حَرْثِ المَدِينَةِ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَرْنَا عَلَى نَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ، فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَنَسْأَلَنَّهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَال: يَا أَبَا القَاسِمِ، مَا الرُّوحُ؟ "فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ"، فَقَال: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتُوا مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلًا)، قَال الأَعْمَشُ هَكَذَا فِي قِرَاءَتِنَا. [انظر: 125 - مسلم: 2794 - فتح: 13/ 442]. (عبد الواحد) أي: ابن زياد. {وَمَا أُوتِيتُمْ} إلى آخره في نسخة: "وما أوتيتم" وهي القراءة المشهورة، والخطاب لليهود؛ لأنهم قالوا قد أوتينا التوراة وفيها الحكمة، {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} ومرَّ الحديث آنفًا (¬1). 30 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {قُلْ لَوْ كَانَ البَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109] {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالمِينَ (54)} [الأعراف: 54]. 7463 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لَا ¬

_ (¬1) سلف برقم (7456) كتاب: التوحيد، باب: قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)}.

31 - [باب في المشيئة والإرادة {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} [التكوير: 29] وقول الله تعالى: {تؤتي الملك من تشاء} [آل عمران: 26]

يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ، أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ بِمَا نَال مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ". [انظر: 36 - مسلم: 1876 - فتح: 13/ 444]. (باب) ساقط من نسخة. (قول الله تعالى: ({قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)}) سقط من نسخة ({لَنَفِدَ الْبَحْرُ}) إلى آخره وزيد فيها بدله: "إلى آخر الآية" وترجم البخاري بثلاث آيات والكلام عليها مذكور في كتب التفسير، ومرَّ الحديث آنفا (¬1). 31 - [باب في المَشِيئَةِ وَالإِرَادةِ. {وَمَا تَشَاءُونَ إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير: 29] وَقَوْلِ اللهِ تَعَالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26]. [الكهف: 23 - 24]. {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56]. قَال سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ نَزَلَتْ في أَبِي طَالِبٍ. {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. (باب: في المشيئة والإرادة) غرضه إثبات المشيئة والإرادة لله تعالى، وأنهما مترادفان، وترجم البخاري بأربع آيات، والكلام عليها مذكور في كتب التفسير. (نزلت) أي: آية {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}. (باب) ساقط من نسخة. ({يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}) احتجت به المعتزلة على أنه تعالى لا يريد المعصية، وأجيب: ¬

_ (¬1) سلف برقم (7457) كتاب: التوحيد، باب: قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)}.

بأن معنى إرادة اليسر التخيير بين الصوم في السفر ومع المرض والإفطار بشرطه، وإرادة العسر المنفية: الإلزام بالصوم في السفر والمرض في جميع الحالات. 7464 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ فَاعْزِمُوا فِي الدُّعَاءِ، وَلاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ». [انظر 6338 - مسلم: 2678 - فتح: 13/ 445]. (لا مستكره له) أي: فإن قوله: (إن شئت) يوهم إنكار إعطائه علي غير المشيئة وليس بعد المشيئة إلا الإكراه والله تعالى لا مكره له، ومرَّ الحديث في كتاب: الدعوات (¬1). 7465 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي أَخِي عَبْدُ الحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، فَقَالَ لَهُمْ: «أَلاَ تُصَلُّونَ»، قَالَ عَلِيٌّ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ: {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]. [انظر: 1127 - مسلم: 775 - فتح: 13/ 446]. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (فقال لهم) جمع ضمير الاثنين؛ علي أن أقل الجمع اثنان، أو أراد بهما ومن معهما، ومرَّ الحديث في الاعتصام (¬2). ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (6338) كتاب: الدعوات، باب: ليعزم المسألة فإنه لا مكروه. (¬2) سلف الحديث برقم (7347) كتاب: الاعتصام، باب: قوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}.

7466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ يَفِيءُ وَرَقُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُكَفِّئُهَا، فَإِذَا سَكَنَتِ اعْتَدَلَتْ، وَكَذَلِكَ المُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بِالْبَلاءِ، وَمَثَلُ الكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ صَمَّاءَ (¬1) مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ". [انظر: 5644 - فتح: 13/ 446]. (خامة الزرع) هي الغضة الرطبة منه. (يفيء) أي: يتحول ويرجع. (تكفئها) بضم الفوقية أي: تقلبها، أو تميلها. (كمثل الأزرة) بفتح الهمزة، وسكون الراء: شجر الصنوبر، وقيل: بفتح الراء الشجر الصلب. (صماء) أي: (معتدلة) وقال الكرماني: الصماء الصلبة ليست مجوفة ولا رخوة (¬2)، ومرَّ الحديث في الطب (¬3). 7467 - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، يَقُولَ: "إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صَلاةِ العَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُعْطِيتُمُ القُرْآنَ، فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، قَال أَهْلُ التَّوْرَاةِ: رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَقَلُّ عَمَلًا وَأَكْثَرُ أَجْرًا؟ قَال: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالُوا: لَا، فَقَال: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ". [انظر 557 - فتح: 13/ 446]. ¬

_ (¬1) في الأصل: بالنصب، وفي (س) بالرفع. والصواب ما أثبتناه. (¬2) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 25/ 170. (¬3) سلف الحديث برقم (5644) كتاب: المرضى، باب: ما جاء في كفارة المرض.

(إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم) إلى آخره أي: نسبة زمانكم إلى زمانهم، كنسبة وقت العصر إلى تمام النهار (حتى انتصف النهار) (حتى) في المواضع الثلاثة بمعنى: إلى، ومرَّ الحديث في الصلاة (¬1). 7468 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ المُسْنَدِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَال: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ، فَقَال: "أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذَ بِهِ فِي الدُّنْيَا، فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ، فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ: إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ". [انظر: 18 - مسلم: 1709 - فتح 13/ 446]. (عن إدريس) هو عائذ الله الخولاني. (فأخذ) بالبناء للمفعول أي: عوقب، ومرَّ الحديث في كتاب: الإيمان (¬2). 7469 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ لَهُ سِتُّونَ امْرَأَةً، فَقَال: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي فَلْتَحْمِلْنَ كُلُّ امْرَأَةٍ، وَلْتَلِدْنَ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ، فَمَا وَلَدَتْ مِنْهُنَّ إلا امْرَأَةٌ وَلَدَتْ شِقَّ غُلامٍ"، قَال نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ سُلَيْمَانُ اسْتَثْنَى لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ، فَوَلَدَتْ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 2819 - مسلم: 1654 - فتح 13/ 446]. ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (557) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب. (¬2) سلف الحديث برقم (18) كتاب: الإيمان، باب: علامة الإيمان حبُّ الأنصار.

(عن محمد) أي: ابن سيرين، ومرَّ حديثه في كتاب: الأنبياء (¬1). 7470 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ فَقَال: "لَا بَأْسَ عَلَيْكَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، قَال: قَال الأَعْرَابِيُّ: طَهُورٌ بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ القُبُورَ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَنَعَمْ إِذًا". [انظر: 3616 - فتح: 13/ 447]. (محمد) أي: ابن عبد المجيد (لا بأس عليك طهور) أي: هذا المرض مطهر لك من الذنوب، ومرَّ الحديث في (علامات النبوة) (¬2). 7471 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، حِينَ نَامُوا عَنِ الصَّلاةِ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا حِينَ شَاءَ"، فَقَضَوْا حَوَائِجَهُمْ، وَتَوَضَّئُوا إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ، فَقَامَ فَصَلَّى. [انظر: 595 - مسلم: 681 - فتح: 13/ 447]. (حصين) أي: ابن عبد الرحمن السلمي. (حين ناموا عن الصلاة) أي: صلاة الصبح، ومرَّ الحديث مطولًا في كتاب: الصلاة (¬3). 7472 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَالأَعْرَجِ، ح وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَال: ¬

_ (¬1) سلف الحديث برقم (3424) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)}. (¬2) سلف الحديث برقم (3616) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة. (¬3) سلف الحديث برقم (595) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الأذان بعد ذهاب الوقت.

اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ، فَقَال المُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى العَالمِينَ فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ، فَقَال اليَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى العَالمِينَ، فَرَفَعَ المُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ اليَهُودِيَّ، فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، وَأَمْرِ المُسْلِمِ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ". [مسلم: 2373 - فتح: 13/ 447]. (إبراهيم) أي: ابن سعد. (إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (أخي) هو عبد الحميد. (عن سليمان) أي: ابن بلال. (استب رجل) هو أبو بكر، ومرَّ الحديث في الخصومات (¬1). 7473 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي عِيسَى، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ، فَيَجِدُ المَلائِكَةَ يَحْرُسُونَهَا فَلَا يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ، وَلَا الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" [انظر: 6304 - مسلم: 199 - فتح: 13/ 447]. (إن شاء الله) هو للتبرك لا للشك، ومرَّ الحديث في الفتن (¬2). (كان له ستون امرأة) لا ينافي ما مضى من سبعين وتسعين ونحوه (¬3) إذ ¬

_ (¬1) سلف برقم (2410) كتاب: الخصومات، باب: ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة بين المسلم واليهودي. (¬2) سبق برقم (7124) كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال. (¬3) رواية "سبعين" سبق برقم (3424) كتاب: الأنبياء، باب: قول الله تعالى {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)}. أما رواية "تسعين امرأة" سبقت برقم (6639) كتاب: الأيمان والنذور، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "وايم الله". وأما رواية "بمائة امرأة" سبقت برقم (6639) كتاب: النكاح، باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائي.

مفهوم العدد لا اعتبار له عند قوم. 7474 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ، فَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَخْتَبِيَ دَعْوَتِي، شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ". [انظر: 6304 - مسلم: 198، 199 - فتح: 13/ 447]. (أن أختبئ) أي: أن أدخر دعوتي أي: دعوة متحققة الإجابة، ومرَّ الحديث في آخر الدعوات (¬1). 7475 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ، فَنَزَعْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَنْزِعَ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ فَاسْتَحَالتْ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ حَوْلَهُ بِعَطَنٍ". [انظر: 3664 - مسلم: 2392 - فتح: 13/ 447]. (على قليب) أي: بئر. (غربا) أي: دلوًا عظيمة. (فلم أر عبقريا) أي: سيدًا. (يفري فريه) بكسر راء (فريه) وتشديد يائه، وفي نسخة: بسكون الراء وفتح الياء مخففة أي: يعمل عمله. (بعطن) بفتح المهملتين: الموضع الذي تساق إليه الإبل بعد السقي؛ للاستراحة، ومرًّ الحديث في المناقب وغيرها (¬2). 7476 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (63049) كتاب: الدعوات، باب: لكل نبي دعوة مستجابة. (¬2) سبق برقم (3634) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة. وبرقم (3682) كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب. وبرقم (7020) كتاب: التعبير، باب: نزع الذنوبين من البئر بصعب.

أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ السَّائِلُ - وَرُبَّمَا قَال جَاءَهُ السَّائِلُ - أَوْ صَاحِبُ الحَاجَةِ، قَال: "اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ". [انظر: 1432 - مسلم: 2627 - فتح: 13/ 448]. (عن بريد) أي: ابن عبد الله. (ما شاء الله) في نسخة: "ما يشاء" ومرَّ الحديث في الأدب (¬1). 7477 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ، وَليَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لَا مُكْرِهَ لَهُ". [انظر: 6339 - مسلم: 2679 - فتح: 13/ 448]. (يحيى) أي: ابن موسى الجعفي، أو أبو جعفر البلخي، ومرَّ حديثه آنفا (¬2). 7478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرٌو، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى أَهُوَ خَضِرٌ؟ فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِيُّ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَال: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ، قَال: نَعَمْ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "بَيْنَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ فَقَال مُوسَى: لَا، فَأُوحِيَ إِلَى مُوسَى، بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ مُوسَى يَتْبَعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَال فَتَى مُوسَى لِمُوسَى: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)، قَال ¬

_ (¬1) سبق برقم (6027) كتاب: الأدب، باب: تعاون المؤمنين بعضهم بعضا. (¬2) سبق برقم (6339) كتاب: الدعوات، باب: لتعزم المسألة فإنه لا مكر له.

مُوسَى: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)، فَوَجَدَا خَضِرًا، وَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ". [انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح: 13/ 448]. (الأوزاعي) هو عبد الرحمن. (تمارى) أي: تجادل. (في ملإِ بني إسرائيل) في نسخة: "في ملإِ من بني إسرائيل". ومر الحديث في كتاب: العلم (¬1). 7479 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَال، أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "نَنْزِلُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ يُرِيدُ المُحَصَّبَ". [انظر: 1589 - مسلم: 1314 - فتح: 13/ 448]. (تقاسموا على الكفر) أي: تحالفوا عليه، ومرَّ الحديث في الحج (¬2). 7480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَال: حَاصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَفْتَحْهَا، فَقَال: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، فَقَال المُسْلِمُونَ: نَقْفُلُ وَلَمْ نَفْتَحْ، قَال: "فَاغْدُوا عَلَى القِتَالِ"، فَغَدَوْا فَأَصَابَتْهُمْ جِرَاحَاتٌ، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، فَكَأَنَّ ذَلِكَ أَعْجَبَهُمْ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟. [انظر: 1589 - مسلم: 1314 - فتح: 13/ 448]. (عن أبي العباس) هو السائب بن فروخ. (قافلون) أي: راجعون، (فكان) بتشديد النون، ومرَّ الحديث في المغازي (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (74) كتاب: العلم، باب: ما ذكر في ذهاب موسى لله. (¬2) سبق برقم (1589) كتاب: الحج، باب: نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة. (¬3) سبق برقم (4325) كتاب: المغازي، باب: غزوة الطائف.

32 - باب قول الله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: 23] ولم يقل: ماذا خلق ربكم

32 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} [سبأ: 23] وَلَمْ يَقُلْ: مَاذَا خَلَقَ رَبُّكُمْ وَقَال جَلَّ ذِكْرُهُ: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] وَقَال مَسْرُوقٌ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: "إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ شَيْئًا، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَكَنَ الصَّوْتُ، عَرَفُوا أَنَّهُ الحَقُّ وَنَادَوْا": {مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ} [سبأ: 23] وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَحْشُرُ اللَّهُ العِبَادَ، فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا المَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ. (باب: قول الله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} أي: كشف الفزع عن قلوب الشافعين، والمشفوع لهم. {قَالُوا مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} أي: ذو العلو والكبرياء، وغرضه من ذكر الآية: إثبات كلام الله تعالى القائم بذاته بدليل أنه قال: ({مَاذَا قَال رَبُّكُمْ}) ولم يقل: ماذا خلق ربكم. فيه: رد لقول المعتزلة: إنه متكلم بمعنى خالق الكلام في اللوح المحفوظ مثلًا، وقال جل ذكره: ({مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بِإِذْنِهِ}) (من) استفهامية لفظًا، نافية معنى، ولذا دخل في خبرها (إلا). (مسروق) أي: ابن الأجدع. (ويذكر) بالبناء للمفعول. (يناديهم) أي: الله. (بصوت) أي: مخلوق غير قائم بذاته، أو يأمر تعالى من ينادي. (أنا الملك) أي: لا ملك إلا أنا. (انا الديان) أي: لا

مجازي إلا أنا، واستفادة الحصر من تعريف الخبر، وفي هذا اللفظ: الإشارة إلى الصفات السبعة: الحياة، والعلم، والإرادة، والقدرة، والسمع، والبصر؛ لتمكن المجازاة علي الكليات والجزئيات قاله الكرماني (¬1). 7481 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ قَال - عَلِيٌّ: وَقَال غَيْرُهُ: صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ - فَإِذَا ": {فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} [سبأ: 23]. قَال عَلِيٌّ، وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا، قَال سُفْيَانُ: قَال عَمْرٌو: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَال عَلِيٌّ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: قَال سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ: أَنَّهُ قَرَأَ: (فُرِّغَ)، قَال سُفْيَانُ: هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو، فَلَا أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لَا؟ قَال سُفْيَانُ: وَهِيَ قِرَاءَتُنَا. [انظر: 4701 - فتح 13/ 1453]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمرو) أي: ابن دينار. (خضعانا) قيل: هو مصدر، والأكثر علي أنه جمع خاضع، ونصبه على الحال أي: خاضعين طائعين. (علي صفوان) أي: حجر أملس. (قال علي) أي: ابن المديني. (وقال غيره) أي: غير سفيان. (صفوان) بفتح الفاء، وجملة: (وقال غيره ..) إلى آخره مقول عليّ. (ينفذهم) بضم التحتية، وكسر الفاء، وضم المعجمة من الإنفاذ أي: ¬

_ (¬1) انظر: "البخاري بشرح الكرماني" 25/ 180.

يوصلهم الله. (ذلك) أي: القول. وفي نسخة: بفتح التحتية وضم الفاء والمعجمة من النفوذ أي: ينفذ ذلك القول إليهم. (سفيان) أي: ابن عيينة. 7482 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ"، وَقَال صَاحِبٌ لَهُ: يُرِيدُ: أَنْ يَجْهَرَ بِهِ. [انظر: 5023 - مسلم: 792 - فتح: 13/ 453]. (ما أذن الله لشيء) أي: ما استمع له. (ما أذن للنبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: ما استمع له يقال: أذن أذنا بفتحتين أي: استمع، و (ما) الثانية مصدرية أي: كاستماعه له حين يتغنى بالقرآن وليس المراد باستماعه تعالى: الإصغاء إذ هو مستحيل عليه تعالى، بل هو كناية عن تقريبه النبي (حين يتغنى بالقرآن، وإجزال ثوابه. (يريد) أي: بالتغني. (أن يجهر به) في نسخة: "يجهر به" بحذف أن، ومرَّ الحديث في فضائل القرآن (¬1). 7483 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ". [انظر: 3348 - مسلم: 222 - فتح 13/ 453]. (بعثًا) أي: مبعوثا أي: طائفة شأنهم أن يبعثوا إلى النار، وتمامه كما مرَّ في كتاب: الأنبياء (¬2) "قال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين، قالوا: وأينا ذلك الواحد يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف". ¬

_ (¬1) سبق برقم (5023) كتاب: فضائل القرآن، باب: (... من لم يتغن بالقرآن). (¬2) سبق برقم (3348) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قصة يأجوج ومأجوج.

33 - باب كلام الرب مع جبريل، ونداء الله الملائكة

7484 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ". [انظر: 3348 - مسلم: 2434، 2435 - فتح 13/ 453]. (هشام) أي: ابن عروة. (في الجنة) في نسخة: "من الجنة" ومرَّ الحديث في المناقب (¬1). 33 - بَابُ كَلامِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ، وَنِدَاءِ اللَّهِ المَلائِكَةَ وَقَال مَعْمَرٌ: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القُرْآنَ} [النمل: 6]، أَيْ يُلْقَى عَلَيْكَ وَتَلَقَّاهُ أَنْتَ، أَيْ تَأْخُذُهُ عَنْهُمْ، وَمِثْلُهُ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37]. (باب: كلام الرب مع جبريل، ونداء الله الملائكة) أي: بيان ما جاء فيهما. (وقال معمر) أي: ابن المثنى. (أي تأخذه عنهم) القياس: عنه، وكانه جمعه باعتبار جبريل ومن معه والمعنى: أن جبريل يتلقى أي: يأخذ من الله تلقيًّا روحانيًّا، ويُلقى على محمد إلقاء جسمانيًّا. (ومثله) أي: مثل تلقي القرآن معنى: ({فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}) أي: أخذها عنه. 7485 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ". [انظر: 3209 - مسلم: 2637 - فتح: 13/ 461]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3816) كتاب: مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة.

34 - باب قول الله تعالى: {أنزله بعلمه والملائكة يشهدون} [النساء: 166]

(إسحاق) أي: ابن منصور. (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوراث، ومرَّ حديثه في بدء الخلق (¬1). 7486 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ العَصْرِ وَصَلاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ". [انظر: 555 - مسلم: 632 - فتح: 13/ 461]. (يتعاقبون) أي: يتناوبون في الصعود والنزول. ومر الحديث في الصلاة (¬2). 7487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنِ المَعْرُورِ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ، وَإِنْ زَنَى، قَال: وَإِنْ سَرَقَ، وَإِنْ زَنَى". [انظر: 1237 - مسلم: 94 - فتح: 13/ 461]. (غندر) هو محمد بن جعفر. (عن واصل) أي: الأحدب. (عن المعرور) أي: ابن سويد، ومرَّ حديثه في الرقاق (¬3). 34 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ} [النساء: 166] قَال مُجَاهِدٌ: {يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطلاق: 12] "بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالأَرْضِ السَّابِعَةِ". (باب: قول الله تعالى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} أي: لك بالنبوة. ¬

_ (¬1) سبق برقم (3209) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. (¬2) سبق برقم (555) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر. (¬3) سبق برقم (6443) كتاب: الرقاق، باب: المكثرون هم المقلون.

7488 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيُّ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا فُلانُ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إلا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ فِي لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ أَجْرًا". [انظر: 2818 - مسلم: 1742 - فتح: 13/ 462]. (في ليلتك) في نسخة: "من ليلتك" ومرَّ الحديث في الدعوات (¬1). 7489 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَحْزَابِ: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، وَزَلْزِلْ بِهِمْ". [انظر: 2818 - مسلم: 1742 - فتح: 13/ 462]. زَادَ الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (سفيان) أي: ابن عيينة، ومرَّ حديثه في الجهاد (¬2). 7490 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ} [الإسراء: 110] بِهَا، قَال: "أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ سَمِعَ المُشْرِكُونَ، فَسَبُّوا القُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَال اللَّهُ تَعَالى": {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]: "لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ حَتَّى يَسْمَعَ المُشْرِكُونَ"، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] "عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ"، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] "أَسْمِعْهُمْ وَلَا تَجْهَرْ، حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ القُرْآنَ". [انظر: 4722 - مسلم 446 - فتح: 13/ 463]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6311) كتاب: الدعوات، باب: إذا بات طاهرا. (¬2) سبق برقم (2933) كتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة.

35 - باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله} [الفتح: 15]

{وَلَا تُخَافِتْ} أي: لا تخفض صوتك، ومرَّ الحديث في تفسير سورة الإسراء (¬1). 35 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} [الفتح: 15] {لَقَوْلٌ فَصْلٌ} حَقٌّ {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)} بِاللَّعِبِ [الطارق: 13 - 14]. (باب: قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} أي: بيان ذلك. 7491 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَال اللَّهُ تَعَالى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ:، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ". [انظر: 4826 - مسلم: 2246 - فتح: 13/ 464]. (وأنا الدهر) أي: خالقه، ومرَّ الحديث في تفسير سورة الجاثية (¬2). 7492 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ". [انظر: 1894 - مسلم: 1151 - فتح: 13/ 464]. (ولخلوف فم الصائم) أي: رائحته، ومرَّ الحديث في الصوم (¬3). 7493 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (4722) كتاب: التفسير، باب: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}. (¬2) سبق برقم (4826) كتاب: التفسير، باب: {وَمَا يُهْلِكُنَا إلا الدَّهْرُ}. (¬3) سبق برقم (1894) كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: "بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَى رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَال: بَلَى، يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ". [انظر: 279 - فتح: 13/ 464]. (رجل جواد) أي: جماعة كثيرة منه، ومرَّ الحديث في الطهارة (¬1). 7494 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ". [انظر: 1145 - مسلم: 758 - فتح: 13/ 464]. (يتنزل ربنا) أي: ينزل ملك بأمره، ومرَّ الحديث في الدعوات (¬2). 7495 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ الأَعْرَجَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ". [انظر: 238 - مسلم: 855 - فتح: 13/ 464]. 7496 - وَبِهَذَا الإِسْنَادِ قَال اللَّهُ: "أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ". [انظر: 4684 - مسلم: 993 - فتح: 13/ 464]. 7497 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَال: "هَذِهِ خَدِيجَةُ أَتَتْكَ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ - أَوْ إِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ - فَأَقْرِئْهَا مِنْ رَبِّهَا السَّلامَ، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ، وَلَا نَصَبَ". [انظر: 3820 - مسلم: 2432 - فتح: 13/ 465]. (عن عمارة) أي: ابن القعقاع، ومرَّ حديثه في المناقب (¬3). 7498 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (279) كتاب: الغسل، باب: من اغتسل عريانا وحده في الخلوة. (¬2) سبق برقم (6321) كتاب: الدعوات، باب: الدعاء نصف الليل. (¬3) سبق برقم (3820) كتاب: مناقب الأنصار، باب: تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة.

مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ". [انظر: 3244 - مسلم: 2824 - فتح: 13/ 465]. (عبد الله) أي: ابن المبارك، ومرَّ حديثه في تفسيره سورة السجدة (¬1). 7499 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ، قَال: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الحَقُّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ". [انظر: 1120 - مسلم: 769 - فتح: 13/ 465]. (محمود) أي: ابن غيلان، ومرَّ الحديث في التهجد وغيره (¬2). 7500 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ، قَال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، قَال: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَال لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا، وَكُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً ¬

_ (¬1) سبق برقم (4779) كتاب: التفسير، باب: قوله: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}. (¬2) سبق برقم (11209) كتاب: التهجد، باب: التهجد بالليل. وبرقم (6317) كتاب: الدعوات، باب: الدعاء إذا انتبه بالليل.

مِنَ الحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثَنِي، عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: "وَلَكِنِّي وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِي بَرَاءَتِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى": {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ} العَشْرَ الآيَاتِ. [انظر: 2593 - مسلم: 277 - فتح 13/ 465]. (عن عائشة) أي: عن حديثها، ومرَّ مرارا (¬1). 7501 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا المُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "يَقُولُ اللَّهُ: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ". [مسلم: 128 - فتح: 13/ 465]. (من أجلي) أي: خوفا مني. 7502 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَال: مَهْ، قَالتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، فَقَال: أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَال: فَذَلِكِ لَكِ"، ثُمَّ قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] [انظر: 483 - مسلم: 2554 - فتح: 13/ 465]. 7503 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَال: مُطِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "قَال اللَّهُ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِي". [انظر: 846 - مسلم: 71 - فتح: 13/ 466]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (2593) كتاب: الهبة، باب: هبة المرأة لغير زوجها. وبرقم (2879) كتاب: الجهاد، باب: حمل الرجل امرأته في الغزو.

(سفيان) أي: ابن عيينة، ومرَّ حديثه في الاستسقاء (¬1). 7504 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال اللَّهُ: إِذَا أَحَبَّ عَبْدِي لِقَائِي أَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِي كَرِهْتُ لِقَاءَهُ". [انظر: 7405 - مسلم: 2675 - فتح: 13/ 466]. (إذا أحب عبدي لقائي) أي: الموت، ومرَّ الحديث في كتاب: الرقاق (¬2). 7505 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال اللَّهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي". [انظر: 4830 - مسلم: 2554 - فتح 13/ 465]. 7506 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "قَال رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ: فَإِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ وَاذْرُوا نِصْفَهُ فِي البَرِّ، وَنِصْفَهُ فِي البَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ العَالمِينَ، فَأَمَرَ اللَّهُ البَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ البَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، ثُمَّ قَال: لِمَ فَعَلْتَ؟ قَال: مِنْ خَشْيَتِكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ، فَغَفَرَ لَهُ". [انظر: - مسلم: - فتح: 13/ 466]. (عن أبي الزناد) هو عبد الله بن ذكوان، ومرَّ حديثه في كتاب: التوحيد. (أنت أعلم) حال، أو اعتراض، ومرَّ الحديث في ذكر بني إسرائيل (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (1038) كتاب: الاستسقاء، باب: قول الله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}. (¬2) سبق برقم (6507) كتاب: الرقائق، باب: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه. (¬3) سبق برقم (3481) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.

77507 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا - وَرُبَّمَا قَال أَذْنَبَ ذَنْبًا - فَقَال: رَبِّ أَذْنَبْتُ - وَرُبَّمَا قَال: أَصَبْتُ - فَاغْفِرْ لِي، فَقَال رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا، أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَال: رَبِّ أَذْنَبْتُ - أَوْ أَصَبْتُ - آخَرَ، فَاغْفِرْهُ؟ فَقَال: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا، وَرُبَّمَا قَال: أَصَابَ ذَنْبًا، قَال: قَال: رَبِّ أَصَبْتُ - أَوْ قَال أَذْنَبْتُ - آخَرَ، فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَال: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ". [مسلم: 2758 - فتح 13/ 466]. (إن عبدا) أي: فيمن سلف. (أعلم؟) بهمزة الاستفهام، وفتح العين فعل ماض. (فليعمل ما شاء) أي: ثم يستغفر الله منه تائبا. 7508 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الغَافِرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا فِيمَنْ سَلَفَ - أَوْ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، قَال: كَلِمَةً: يَعْنِي - أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا، فَلَمَّا حَضَرَتِ الوَفَاةُ، قَال لِبَنِيهِ: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ، قَال: فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ - أَوْ لَمْ يَبْتَئِزْ - عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا، وَإِنْ يَقْدِرِ اللَّهُ عَلَيْهِ يُعَذِّبْهُ، فَانْظُرُوا إِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا فَاسْحَقُونِي - أَوْ قَال: فَاسْحَكُونِي -، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ رِيحٍ عَاصِفٍ فَأَذْرُونِي فِيهَا، فَقَال: نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَبِّي، فَفَعَلُوا، ثُمَّ أَذْرَوْهُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، فَقَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُنْ، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ قَائِمٌ، قَال اللَّهُ: أَيْ عَبْدِي مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ؟ قَال: مَخَافَتُكَ، - أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ -، قَال: فَمَا تَلافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ عِنْدَهَا " وَقَال مَرَّةً أُخْرَى: "فَمَا تَلافَاهُ غَيْرُهَا"، فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عُثْمَانَ، فَقَال: سَمِعْتُ هَذَا مِنْ سَلْمَانَ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ: "أَذْرُونِي فِي البَحْرِ"، أَوْ كَمَا حَدَّثَ. [انظر: 3478 - مسلم: 2757 - فتح: 13/ 466].

36 - باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم

حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، وَقَال: "لَمْ يَبْتَئِرْ" وَقَال خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، وَقَال: "لَمْ يَبْتَئِزْ" فَسَّرَهُ قَتَادَةُ: لَمْ يَدَّخِرْ. (لم يبتئر) براء في آخره أي: لم يقدم. (أولم يبتئز) بزاي بدل الراء. (فأذروني) بمعجمة يقال: ذر الريح الشيء، وأذاره: أطاره. (أو فرق) بفتح الراء أي: خوف. (فما تلافاه) بفاء أي: فما تداركه. (أن رحمة) أي: بأن رحمة. (عندها) أي: عند مقالته، والمعنى: الذي تلافاه هو الرحمة، أو ما تلافاه إلا برحمته، فما موصولة، أو نافية، وكلمة الاستثناء محذوفة على رأي، ومرَّ الحديث في الرقاق وغيره (¬1). 36 - بَابُ كَلامِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ مَعَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ (باب: كلام الرب يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم) أي: بيان ما جاء فيه. 7509 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ شُفِّعْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ أَدْخِلِ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ فَيَدْخُلُونَ، ثُمَّ أَقُولُ أَدْخِلِ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى شَيْءٍ"، فَقَال أَنَسٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 44 - مسلم: 193 - فتح: 13/ 473]. (حميد) أي: الطويل. (شفعت) بالبناء للمفعول من التشفيع: وهو تفويض الشفاعة إليه. (أدخل) بفتح الهمزة، وكسر الخاء، من الإدخال. (كأني أنظر إلى أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: حيث يقلل عند قوله: (أدنى شيء). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6481) كتاب: الرقاق، باب: الخوف من الله. وبرقم (3478) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.

77510 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلالٍ العَنَزِيُّ، قَال: اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ البُنَانِيِّ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقُلْنَا لِثَابِتٍ: لَا تَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَقَال: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلاءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَقَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَأْتُونِي، فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لَا تَحْضُرُنِي الآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ - أَوْ خَرْدَلَةٍ - مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ، فَأَنْطَلِقُ، فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ " فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَوْ مَرَرْنَا بِالحَسَنِ وَهُوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ

بْنِ مَالِكٍ، فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ، فَقَال: هِيهْ فَحَدَّثْنَاهُ بِالحَدِيثِ، فَانْتَهَى إِلَى هَذَا المَوْضِعِ، فَقَال: هِيهْ، فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا، فَقَال: لَقَدْ حَدَّثَنِي وَهُوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا، قُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا فَضَحِكَ، وَقَال: خُلِقَ الإِنْسَانُ عَجُولًا مَا ذَكَرْتُهُ إلا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ، قَال: "ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي، وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَال لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ". [انظر 44 - مسلم: 193 - فتح: 13/ 473]. (اجتمعنا ناس) برفع (ناس) بيان للضمير. (عن شيء أول) أي: أسبق. (ماج الناس) أي: اضطربوا. (كليم الله) في نسخة: "كلم الله" بلفظ: الماضي. (فيقال: يا محمد) في نسخة بدل قوله: في المواضع الثلاثة" فيقول: يا محمد" ولفظ: (الخردلة) (والذرة) (والشعيرة) تمثيل. (هيه) بكسر الهاء من غير تنوين، وقد تنون كلمة استزادة أي: زيدوا من الحديث. (وهو جميع) أي: مجتمع أي: حين كان شابًّا مجتمع العقل. (من قال لا إلله إلا الله) أي: مع محمد رسول الله، ومرَّ الحديث في فضل السجود، والزكاة وغيرهما. في بعضها تام وبعضها مختصر (¬1). 7512 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إلا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إلا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إلا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إلا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ"، قَال الأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، مِثْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ: "وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ". [انظر: 6571 - مسلم: 186 - فتح: 13/ 474]. ¬

_ (¬1) سبق برقم (44) كتاب: الإيمان، باب: زيادة الإيمان ونقصانه.

(عن إسرائيل) أي: ابن موسى. (حبوًا) أي: زحفًا. (فكل ذلك) في نسخة: "كل ذلك" بدون فاء. (عشر مرارًا) في نسخة: "عشر مرات" ومرَّ الحديث في الرقاق (¬1). 7512 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إلا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إلا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إلا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إلا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ"، قَال الأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، مِثْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ: "وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ". [انظر 1413 - مسلم: 1016 - فتح: 13/ 474]. (أيمن منه ...) إلى آخره الأيمن: الميمنة، والأشأم: المشأمة، ومَرَّ الحديث في الرقاق (¬2) لا في الزكاة كما وقع لبعضهم. 7513 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ اليَهُودِ، فَقَال: إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالخَلائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ أَنَا المَلِكُ، "فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ، ثُمَّ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] إِلَى قَوْلِهِ {يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]. [انظر: 4811 - مسلم: 2786 - فتح: 13/ 474]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (والثرى) بمثلثة: التراب، ومرَّ الحديث في باب: قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (¬3). ¬

_ (¬1) سبق برقم (6571) كتاب: الرقاق، باب: صفة الجنة والنار. (¬2) سبق برقم (6539) كتاب: الرقاق، باب: من نوقش الحساب عُذِّبَ. (¬3) سبق برقم (7414) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}.

37 - باب قوله: {وكلم الله موسى تكليما} [النساء: 164]

7514 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ قَال: "يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَرِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ " وَقَال آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (كنفه) أي: ستره، ومرَّ الحديث في كتاب: المظالم (¬1). (شيبان) أي: ابن عبد الرحمن. 37 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] (باب: قول الله) في نسخة: "باب: ما جاء في قوله عزَّ وجلَّ" وفي أخرى: (باب قول {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}. غرضه من الآية أنها تدل علي أنه تعالى متكلم. 7515 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "احْتَجَّ آدَمُ، وَمُوسَى، فَقَال مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجْتَ ذُرِّيَّتَكَ مِنَ الجَنَّةِ، قَال آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاتِهِ، وَكَلامِهِ ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى. [انظر: 3409 - مسلم: 2652 - فتح: 13/ 447]. (فحج آدم موسى) أي: غلبه بالحجة، ومرَّ الحديث في بدء الخلق (¬2). ¬

_ (¬1) سبق برقم (2441) كتاب: المظالم، باب: قول الله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}. (¬2) سبق برقم (3309) كتاب: بدء الخلق، باب: خير مال المسلم غنمٌ يتبع بها شعف الجبال.

7516 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُجْمَعُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُونَ: لَو اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ المَلائِكَةَ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا، فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ فَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ". [انظر: 44 - مسلم 193 - فتح: 13/ 477]. (يجمع المؤمنون ..) إلى آخره هو قطعة من حديث الشفاعة، ومرَّ تامًّا في مواضع (¬1). 7517 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: "لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ، أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَال أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَال أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، فَقَال آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى، فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ، فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ، فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ، مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ - يَعْنِي عُرُوقَ حَلْقِهِ - ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَنْ هَذَا؟ فَقَال جِبْرِيلُ: قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَال: مَعِيَ مُحَمَّدٌ، قَال: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَال: نَعَمْ، قَالُوا: فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا، فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ، لَا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (44) كتاب: الإيمان، باب: زيادة الإيمان ونقصانه. وبرقم (4476) كتاب: "التفسير"، باب: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}.

اللَّهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ، فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ، فَقَال لَهُ جِبْرِيلُ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ، وَقَال: مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِابْنِي، نِعْمَ الابْنُ أَنْتَ، فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ، فَقَال: مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَال: هَذَا النِّيلُ وَالفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا، ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ، فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ، قَال: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟، قَال: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقَالتِ المَلائِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالتْ لَهُ الأُولَى مَنْ هَذَا، قَال جِبْرِيلُ: قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، قَالُوا: مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، وَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالتِ الأُولَى وَالثَّانِيَةُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الخَامِسَةِ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ، فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ، وَآخَرَ فِي الخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِتَفْضِيلِ كَلامِ اللَّهِ، فَقَال مُوسَى: رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ، ثُمَّ عَلا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إلا اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ المُنْتَهَى، وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ العِزَّةِ، فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ: خَمْسِينَ صَلاةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى، فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟ قَال: عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَال: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ: أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، فَعَلا بِهِ إِلَى الجَبَّارِ، فَقَال وَهُوَ مَكَانَهُ: يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فَإِنَّ أُمَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ هَذَا، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى، فَاحْتَبَسَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ

احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الخَمْسِ، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَوْمِي عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا فَتَرَكُوهُ، فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ، كُلَّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ، وَلَا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الخَامِسَةِ، فَقَال: يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا، فَقَال الجَبَّارُ: يَا مُحَمَّدُ، قَال: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَال: إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، كَمَا فَرَضْتُهُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الكِتَابِ، قَال: فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الكِتَابِ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى، فَقَال: كَيْفَ فَعَلْتَ؟ فَقَال: خَفَّفَ عَنَّا، أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، قَال مُوسَى: قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا، قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُوسَى، قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ، قَال: فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ قَال: وَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي مَسْجِدِ الحَرَامِ. [انظر: 357 - مسلم: 162 - فتح: 13/ 478]. (وهو نائم في المسجد الحرام) أي: عنده اثنان: حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب. (أيهم هو؟) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (فكانت تلك الليلة) بالنصب أي: فكانت تلك القصة، أو الرؤيا الواقعة تلك الليلة ما ذكر هنا. (إلى لبته) بفتح اللام أي: إلى موضع القلادة من صدره. (فيه تور من ذهب) بمثناة أي: إناء آخر. (فحشى به) أي: بما في التور. (عنصرهما) بضم العين والصاد وفتحها أي: أصلهما. (اذفر) بمعجمة أي: جيد الرائحة. (فأمتك أضعف أجسادا وقلوبًا وأبدانًا) البدن يفارق الجسم بأنه: ما دون الرأس والأطراف، والجسم ذلك كله. (ارجع إلى ربك فليخفف عنك) أيضًا، قيل: هذا بعد قوله تعالى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} لا يثبت لتواطؤ الروايات علي خلافه؛ ولأنه كيف يسوغ لموسى

38 - باب كلام الرب مع أهل الجنة

- عليه السلام - أن يأمره بالرجوع بعد أن يقول الله تعالى له ذلك. (قال: فاهبط) قائله: جبريل، وإن كان ظاهر السياق أنه موسى. (واستيقظ) في نسخة: "فاستيقظت". ففيه التفات، والمعنى: أنه استيقظ من نومة نامها بعد الإسراء، أو أنه أفاق مما كان فيه مما خامر باطنه من مشاهدة الملإِ الأعلى، ومَرَّ الحديث في الصلاة وبدء الخلق وغيرهما (¬1). 38 - بَابُ كَلامِ الرَّبِّ مَعَ أَهْلِ الجَنَّةِ (باب: كلام الرب مع أهل الجنة) أي: بيان ما جاء فيه. 7518 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَلا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا". [انظر: 6549 - مسلم: 2829، 2859 - فتح: 13/ 487]. (والخير في يديك) والشر أيضًا وإن كان بيده أي: بتقديره وإرادته، لكن اقتصر علي الخير تأدبا، ومَرَّ الحديث في الرقاق (¬2). 7519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (349) كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة في الإسراء. وبرقم (3207) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. وبرقم (3393) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله عزَّ وجلَّ {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا}. (¬2) سبق برقم (6549) كتاب: الرقاق، باب: صفة الجنة والنار.

39 - باب ذكر الله بالأمر، وذكر العباد بالدعاء، والتضرع والرسالة والإبلاغ

يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقَال لَهُ: أَوَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَال: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ، فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ، فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْويرُهُ أَمْثَال الجِبَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالى: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ"، فَقَال الأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَجِدُ هَذَا إلا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ. [انظر: 2348، 2348 - فتح: 13/ 487]. (فليح) أي: ابن سليمان. (أو لست فيما شئت؟) الهمزة للاستفهام أي: أما ترضى بما أنت فيه من النعم. (فتبادر الطرف) بالنصب. (نباته) بالرفع. (وتكويره) أي: جمعه في البذر. (لا يشبعك شيء) أي: لما صعب عليك من طلبك الزيادة، ومَرَّ الحديث في المزارعة (¬1). 39 - بَابُ ذِكْرِ اللَّهِ بِالأَمْرِ، وَذِكْرِ العِبَادِ بِالدُّعَاءِ، وَالتَّضَرُّعِ وَالرِّسَالةِ وَالإِبْلاغِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَال لِقَوْمِهِ: يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ، فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ، ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ، وَلَا تُنْظِرُونِ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إلا عَلَى اللَّهِ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ} [يونس: 72] " غُمَّةٌ: هَمٌّ وَضِيقٌ " قَال مُجَاهِدٌ: "اقْضُوا إِلَيَّ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ"، يُقَالُ: افْرُقْ اقْضِ وَقَال مُجَاهِدٌ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] " إِنْسَانٌ يَأْتِيهِ، فَيَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى يَأْتِيَهُ فَيَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ، وَحَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ حَيْثُ جَاءَهُ، النَّبَأُ العَظِيمُ: "القُرْآنُ"، {صَوَابًا} [النبأ: 38]: "حَقًّا فِي الدُّنْيَا، وَعَمَلٌ بِهِ". [فتح: 13/ 489] ¬

_ (¬1) سبق برقم (2348) كتاب: المزارعة، باب: كراء الأرض بالذهب والفضة.

(باب: ذكر الله) أي: عباده يكون (بالأمر) لهم والإنعام عليهم إذا أطاعوه، أو بعذابه إذا عصوه. (وذكر العباد) أي: له تعالى، يكون (بالدعاء والتضرع والرسالة). (والإبلاغ) في نسخة: "والبلاغ"، والمراد به: الإبلاع بأن يدعوه تعالى ويتضرعوا له، ويقروا برسالته لرسوله، ويبلغوها لخلقه. ثم احتج لذلك بقوله: (لقوله تعالى) إلى آخره والذكر يكون باللسان، كالحمد، والتسبيح، والتمجيد، وقراءة القرآن، وبالقلب، كالتفكر في الدلائل الدالة على ذاته وصفاته، وفي الجواب على الشبه العارضة في تلك الدلائل. ({إِنْ كَانَ كَبُرَ}) أي: عظم. ({عَلَيْكُمْ مَقَامِي}) أي: مكاني. ({غُمَّةً}) أي: (هم وضيق ({اقْضُوا إِلَيَّ}) أي: (ما في أنفسكم يقال: افرق) أي: (اقض) إشار إلى تفسير {فَافْرُقْ} في قوله: في سورة المائدة: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25] وإنما ذكرها هنا، لمناسبة قوله هنا: {ثُمَّ اقْضُوا} (إنسان) تفسير لأحد في قوله: {وَإِنْ أَحَدٌ} (يأتيه) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -. ({النَّبَإِ الْعَظِيمِ}) أي: القرآن أشار به إلى تفسير النبأ العظيم في سورة النبأ، وإنما ذكره هنا لمناسبة نبأ في قوله: ({وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ}) ({صَوَابًا}) أي: (حقا في الدنيا). أشار به إلى تفسير قوله في سورة النبأ: {إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَال صَوَابًا}. وإنما ذكرها هنا، لمناسبته للجزء الثاني من الترجمة: لأن تفسير الصواب بالحق يشمل ذكر العباد لله باللسان والقلب كما نبه عليه شيخنا (¬1). (وعمل به) فعل عطف على {أُذُنٌ} إذ المعنى: إلا من أذن له الرحمن وقال حقًّا وعمل به فإنه يؤذن له في القيامة بالتكلم. ¬

_ (¬1) "الفتح" 13/ 489.

40 - باب قول الله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادا} [البقرة: 22]

40 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ العَالمِينَ} [فصلت: 9]، وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68]، {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ، بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر: 66] وَقَال عِكْرِمَةُ: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106]، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ} [الزخرف: 87]، وَ {مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} "فَذَلِكَ إِيمَانُهُمْ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ" وَمَا ذُكِرَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ العِبَادِ وَأَكْسَابِهِمْ. لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2] وَقَال مُجَاهِدٌ: (مَا تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ إلا بِالحَقِّ): "بِالرِّسَالةِ وَالعَذَابِ" {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: 8]: "المُبَلِّغِينَ المُؤَدِّينَ مِنَ الرُّسُلِ"، {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف: 12]: "عِنْدَنَا"، {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} [الزمر: 33]: "القُرْآنُ" {وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33]: "المُؤْمِنُ يَقُولُ يَوْمَ القِيَامَةِ: هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتَنِي عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ. (باب: قول الله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} أي: أمثالا ذكر في الترجمة أربع آيات والكلام عليها مذكور في كتب التفسير. (وما جاء في خلق أفعال العباد ..) إلى آخره. عطف علي (قول الله) فهو من الترجمة. ({إلا بِالْحَقِّ}) أي: (بالرسالة والعذاب). {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} أي: (المبلغين)

41 - باب قول الله تعالى: {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم، ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون} [فصلت: 22]

إلى آخره. (وإنا له حافظون) في نسخة: "لحافظون" معنى الصدق: (القرآن). 7520 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَال: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهُوَ خَلَقَكَ"، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَال: "ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ"، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَال: "ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ". [انظر: 4477 - مسلم: 86 - فتح: 13/ 491]. (بحليلة جارك) أي: بمن يحل له وطؤها، ومَرَّ الحديث في الحدود (¬1). 41 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ، وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22] باب: قول الله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)} أي: ما كنتم تستترون بالحيطان والحجب عند ارتكابكم الفواحش من أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم؛ لأنكم لم توقنوا بالبعث، ولكن ظننتم عند استتاركم أن الله لا يعلم كثيرًا مما تعملون. 7521 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: "اجْتَمَعَ عِنْدَ البَيْتِ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ - أَوْ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ - كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، فَقَال أَحَدُهُمْ: أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَال الآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا، وَقَال ¬

_ (¬1) سبق برقم (6811) كتاب: الحدود، باب: إثم الزناة.

42 - باب قول الله تعالى: {كل يوم هو في شأن} [الرحمن: 29]

الآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} [فصلت: 22] " الآيَةَ. [انظر: 4861 - مسلم: 2775 - فتح: 13/ 495]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (عن أبي معمر) هو عبد الله بن سخبرة. (أو قرشيان) هما: صفوان وربيعة أبناء أمية بن خلف. (وثقفي) هو عبد ياليل بن عمرو بن عمير. (كثيرة شحم بطونهم قليلة فسط قلوبهم) بجر (شحم) (وفقه) بإضافتهما لتالييهما، وبرفعهما على الابتداء وتنوينهما ورفع تالييهما بدل اشتمال منها، أو الخبر (كثيرة) و (قليلة) مقدمان وتأنيثهما بتأويل الشحم: بالشحوم والفقه: بالفهوم قيل: أو اكتسابا من تأنيث المضاف إليه ورد بأن شرطه صلاحية قيام المضاف إليه مقام المضاف وهو منتف هنا. (إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا) أي: لأن نسبة المسموعات إلى الله تعالى على السواء، ومَرَّ الحديث في تفسير سورة فصلت (¬1). 42 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] و {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]، وَقَوْلِهِ تَعَالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] "وَأَنَّ حَدَثَهُ لَا يُشْبِهُ حَدَثَ المَخْلُوقِينَ" لِقَوْلِهِ تَعَالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11] وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ: أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلاةِ". ¬

_ (¬1) سبق برقم (4816) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ} الآية.

43 - باب قول الله تعالى: {لا تحرك به لسانك} [القيامة: 16]

(باب: قول الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} أي: كل وقت هو في شأن أي: يغفر ذنبا، ويكشف كربا، ويرفع قومًا، ويضع آخرين. ({وَمَا يَأْتِيهِمْ}) إلى آخره ترجم الباب بثلاث آيات. والكلام عليها مذكور في كتب التفسير. 7522 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ كُتُبِهِمْ، وَعِنْدَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، أَقْرَبُ الكُتُبِ عَهْدًا بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ؟ [انظر: 2685 - فتح: 13/ 496]. 7523 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، قَال: "يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ، مَحْضًا لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ: أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ بَدَّلُوا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَغَيَّرُوا، فَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الكُتُبَ، قَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِذَلِكَ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَوَلا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ؟ فَلَا وَاللَّهِ، مَا رَأَيْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. [انظر: 2685 - فتح: 13/ 496]. (لم يشب) بالبناء للمفعول أي: لم يخلط بغيره. 43 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16] وَفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَال اللَّهُ تَعَالى: أَنَا مَعَ عَبْدِي حَيْثُمَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ". (باب: قول الله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} (وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث) في نسخة: "حين" (ينزل عليه الوحي) أي: باب بيان ذلك.

44 - باب قول الله تعالى: {وأسروا قولكم أو اجهروا به، إنه عليم بذات الصدور، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} [الملك: 13، 14]

7524 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16]، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ" - فَقَال لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا، فَقَال سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا، فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17]، قَال: "جَمْعُهُ فِي صَدْرِكَ ثُمَّ تَقْرَؤُهُ"، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] قَال: "فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، قَال: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَقْرَأَهُ". [انظر: 5 - مسلم: 448 - فتح: 13/ 499]. ({قُرْآنَهُ}) أي: قراءته، كما بينته في الحديث، ومَرَّ الحديث في بدء الخلق. 44 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَو اجْهَرُوا بِهِ، إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ} [الملك: 13، 14] (يَتَخَافَتُونَ): يَتَسَارُّونَ. (باب: قول الله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَو اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} أي: بيان ذلك. ({يَتَخَافَتُونَ}) أي: (يتسارون) فيما بينهم، وذكره هنا مع أنه في سورة طه؛ لمناسبة قوله: {وَأَسِرُّوا}. 7525 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، قَال: "نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَهُ المُشْرِكُونَ، سَبُّوا القُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ

45 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا فعلت كما يفعل"

وَمَنْ جَاءَ بِهِ"، فَقَال اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} [الإسراء: 110]: أَيْ بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ المُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا القُرْآنَ: {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110]. [انظر: 4722 - مسلم: 446 - فتح: 13/ 500]. 7526 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: "نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] فِي الدُّعَاءِ". [انظر: 4723 - مسلم 447 - فتح: 13/ 501]. {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} أي: وسطًا، ومَرَّ الحديث في تفسير سورة الإسراء (¬1). 7527 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ"، وَزَادَ غَيْرُهُ: "يَجْهَرُ بِهِ". [فتح 13/ 501]. (إسحاق) أي: ابن منصور. (ليس منا) أي: من أهل سنتنا. ومَرَّ الحديث في فضائل القرآن (¬2). 45 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ القُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا فَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ" فَبَيَّنَ أَنَّ قِيَامَهُ بِالكِتَابِ هُوَ فِعْلُهُ"، وَقَال: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ}، وَقَال جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]. (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل ¬

_ (¬1) سبق برقم (4722) كتاب: التفسير، باب: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}. (¬2) سبق برقم (5023) كتاب: فضائل القرآن، باب: من لم يتغن بالقرآن.

46 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} [المائدة: 67]

النهار ورجل يقول: لو أتيت مثل هذا فعلت كما يفعل) أي: باب بيان ذلك، وقد أشار إليه بقوله (فبين الله) على لسان نبيه (أن قيامه بالكتاب هو فعله) ولفظ: (الله) ساقط من نسخة. ({وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ}) أي: لغاتكم. ({وَافْعَلُوا الْخَيْرَ}) شامل لقراءة القرآن والذكر والدعاء. 7528 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحَاسُدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ القُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ، فَيَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ". [انظر: 5025 - مسلم: 815 - فتح 13/ 502]. 7529 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال الزُّهْرِيُّ: عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ القُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ " سَمِعْتُ سُفْيَانَ مِرَارًا، لَمْ أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ الخَبَرَ، وَهُوَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ. [انظر: 5025 - مسلم: 815 - فتح 13/ 502]. (سفيان) أي: ابن عيينة. (سمعت سفيان) مقول علي بن المديني. (لم أسمعه يذكر الخبر) أي: لم يسمعه بلفظ أخبرنا، أو حدثنا، بل بلفظ: قال. (وهو من صحيح حديثه) أي: فلا قدح فيه بسبب ذلك، ومَرَّ حديثًا الباب في العلم (¬1). 46 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالتَهُ} [المائدة: 67] وَقَال الزُّهْرِيُّ: "مِنَ اللَّهِ الرِّسَالةُ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (73) كتاب: العلم، باب: الاغتباط في العلم والحكمة.

وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَلاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ" وَقَال اللَّهُ تَعَالى: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ} [الجن: 28]، وَقَال تَعَالى: (أُبْلِغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي) وَقَال كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: "حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105] وَقَالتْ عَائِشَةُ: "إِذَا أَعْجَبَكَ حُسْنُ عَمَلِ امْرِئٍ فَقُلْ: {اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105]: وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ أَحَدٌ " وَقَال مَعْمَرٌ: {ذَلِكَ الكِتَابُ} [البقرة: 2] "هَذَا القُرْآنُ" {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]: "بَيَانٌ وَدِلالةٌ"، كَقَوْلِهِ تَعَالى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة: 10]: "هَذَا حُكْمُ اللَّهِ" {لَا رَيْبَ} [البقرة: 2]: "لَا شَكَّ"، {تِلْكَ آيَاتُ} [البقرة: 252]: يَعْنِي هَذِهِ أَعْلامُ القُرْآنِ، وَمِثْلُهُ: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]: "يَعْنِي بِكُمْ" وَقَال أَنَسٌ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالهُ حَرَامًا إِلَى قَوْمِهِ، وَقَال: أَتُؤْمِنُونِي أُبَلِّغُ رِسَالةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ. [انظر: 4091] (باب: قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالتَهُ} هي قراءة نافع وابن عامر وشعبة، وقراءة الباقين: ({رِسَالتَهُ}) بالإفراد. (قال الزهري ...) إلى آخره معناه أنه لا بد في الرسالة من ثلاثة أمور: مرسل: ورسول وعليه التبليغ، ومرسل إليه وعليه القبول والتسليم. (وقال: {لَيَعْلَمُ} في نسخة: "وقال الله: {لَيَعْلَمُ} ". (وقالت عائشة رضي الله عنها: إذا أعجبك ..) إلى آخره أرادت بذلك أن أحدًا لا يستحسن عمل غيره، فإذا أعجبه ذلك يقول: {اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}. (ولا يستخفنك أحد) أي: بعمله فتسارع إلى مدحه وظن الخير به؛ لكن تتثبت حتى تراه

عاملا بما يرضاه الله ورسوله والمؤمنون. (معمر) هو أبو عبيدة بن المثنى اللغوي. (ومثله) أي: مثل ما مَرَّ من استعمال البعيد وإرادة القريب. {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} يعني: بكم إذ المخاطب أقرب من الغائب. (خاله) أي: خال أنس، وفي نسخة: "خالي" وهو أوضح. (أتؤمنوني؟) أي: أتجعلوني آمنا. (فجعل يحدثهم) أي: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 7530 - حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، قَال المُغِيرَةُ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِسَالةِ رَبِّنَا: "أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الجَنَّةِ" .. [انظر: 3159 - فتح 13/ 503] (من قتل منا) أي: الجهاد، ومَرَّ الحديث في الجزية (¬1). 7531 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا؟ وَقَال مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الوَحْيِ فَلَا تُصَدِّقْهُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالى يَقُولُ": {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالتَهُ} [المائدة: 67]. [انظر: 3234 - مسلم: 177 - فتح 13/ 503] (سفيان) أي: الثوري. (من حدثك أن محمدًا (كتم شيئًا؟) أي: من الوحي فلا تصدقه، كما سيأتي في الحديث الآتي. (وقال محمد) قال شيخنا: يحتمل أنه محمد بن يوسف الفريابي المذكور في الرواية ¬

_ (¬1) سبق برقم (3159) كتاب: الجزية، باب: الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب.

47 - باب قول الله تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها} [آل عمران: 93]

الأولى فيكون موصولا، أو غيره فيكون معلقًا (¬1). 7532 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَال: قَال عَبْدُ اللَّهِ: قَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَال: "أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ"، قَال: ثُمَّ أَيْ؟ قَال: "ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ"، قَال: ثُمَّ أَيْ؟ قَال: "أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالحَقِّ، وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ} [الفرقان: 69] الآيَةَ. [انظر: 4477 - مسلم: 86 - فتح 13/ 503]. (جرير) أي: ابن عبد الحميد. (قال رجل) هو ابن مسعود، ومَرَّ الحديث في الحدود وغيرها (¬2). 47 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا} [آل عمران: 93] وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا، وَأُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ، وَأُعْطِيتُمُ القُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ" وَقَال أَبُو رَزِينٍ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} [البقرة: 121]: "يَتَّبِعُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ"، يُقَالُ: {يُتْلَى} [النساء: 127]: "يُقْرَأُ، حَسَنُ التِّلاوَةِ: حَسَنُ القِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ"، {لَا يَمَسُّهُ} [الواقعة: 79]: "لَا يَجِدُ طَعْمَهُ وَنَفْعَهُ إلا مَنْ آمَنَ بِالقُرْآنِ، وَلَا يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إلا المُوقِنُ، لِقَوْلِهِ تَعَالى": {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا، كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ¬

_ (¬1) "الفتح" 13/ 506. (¬2) سبق برقم (6811) كتاب: الحدود، باب: إثم الزناة. و (7520) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: " {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}.

48 - باب وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عملا، وقال: "لا صلاة لمن

بِئْسَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ، وَاللَّهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة: 5] وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإِسْلامَ وَالإِيمَانَ وَالصَّلاةَ عَمَلًا، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلالٍ: "أَخْبِرْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلامِ"، قَال: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ إلا صَلَّيْتُ وَسُئِلَ أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَال: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ الجِهَادُ، ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ". (باب: قول الله تعالى: {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا}) (وقول النبي ..) إلي آخره عطف علي قول الله. (أبو رزين) هو مسعود بن مالك الأسدي. 7533 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صُلِّيَتِ العَصْرُ ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيتُمُ القُرْآنَ، فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَال أَهْلُ الكِتَابِ: هَؤُلاءِ أَقَلُّ مِنَّا عَمَلًا وَأَكْثَرُ أَجْرًا، قَال اللَّهُ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَال: فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ". [انظر: 557 - فتح 13/ 508]. (عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان. ومَرَّ حديثًا الباب في الصلاة غيرها (¬1). 48 - بَابُ وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ عَمَلًا، وَقَال: "لَا صَلاةَ لِمَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (557) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من أدرك ركعة من العصر. وبرقم (2268) كتاب: الإجارة، باب: الإجارة إلى نصف النهار.

49 - باب قول الله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا، إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا} [المعارج: 19 - 21]

لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ". [انظر: 756] (باب) بلا ترجمة. (وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - عملا) أي: كما بينه في الحديث الآتي. 75347534 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الوَلِيدِ، ح وَحَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَسَدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ العَوَّامِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ العَيْزَارِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَال: "الصَّلاةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [انظر: 527 - مسلم: 85 - فتح 13/ 510]. (سليمان) أي: ابن حرب، ومَرَّ حديث الباب في الصلاة والأدب وغيرهما (¬1). 49 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 19 - 21] هَلُوعًا: ضَجُورًا. (باب: قول الله تعالى:) أي: باب بيان ذلك، ومَرَّ حديث الباب في الخمس (¬2). 7535 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ، قَال: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالٌ فَأَعْطَى قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ، فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَتَبُوا، ¬

_ (¬1) سبق برقم (527) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها. وبرقم (5970) كتاب: الأدب، باب: البر والصلة. وبرقم (2782) كتاب: الجهاد، باب: فضل الجهاد والسير. (¬2) سبق برقم (3145) كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم.

50 - باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه

فَقَال: "إِنِّي أُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الجَزَعِ وَالهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الغِنَى وَالخَيْرِ" مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ، فَقَال عَمْرٌو: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْرَ النَّعَمِ. [انظر: 923 - فتح 13/ 511]. 50 - بَابُ ذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِوَايَتِهِ عَنْ رَبِّهِ (باب: ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وروياته عن ربه) أي: بدون واسطة جبريل. 7536 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ الهَرَويُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْويهِ عَنْ رَبِّهِ، قَال: "إِذَا تَقَرَّبَ العَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً". [فتح: 13/ 511] (هرولة) أي: مسرعًا، ومعني الحديث: من تقرب إليّ بطاعة قليلة جازيته بثواب كبير. 7537 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: رُبَّمَا ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِذَا تَقَرَّبَ العَبْدُ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، - أَوْ بُوعًا -". [انظر: 7405 - مسلم: 2675 - فتح 13/ 512]. وَقَال مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْويهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ. (التيمي) هو سليمان بن طرخان. (أو بوعًا) شك من الرواي. 7538 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْويهِ عَنْ رَبِّكُمْ، قَال: "لِكُلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ، وَالصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ". [انظر: 1894 - مسلم: 1151 - فتح 13/ 512]. (ولخلوف فم الصائم) بضم الخاء أي: تغير رائحة فمه. (أطيب

51 - باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله،

عند الله من ريح المسك) نسبة الأطيبية إلى الله تعالى مع أنه منزه عنها إنما هي علي سبيل الفرض، ومَرَّ الحديث في الصوم (¬1). 7539 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، ح وقَال لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْويهِ عَنْ رَبِّهِ، قَال: "لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى". وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ. [انظر: 3395 - مسلم: 2377 - فتح 13/ 512]. (سعيد) أي: ابن أبي عروبة. (لا ينبغي لأحد ..) إلي آخره أي: لا ينبغي لأحد أن يفضل نفسه على يونس، أو يفضلني عليه تفضيلًا يؤدي إلى تنقيصه. (ونسبه إلى أبيه) حال. 7540 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاويَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ، قَال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفَتْحِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ - أَوْ مِنْ سُورَةِ الفَتْحِ -" قَال: فَرَجَّعَ فِيهَا، قَال: ثُمَّ قَرَأَ مُعَاويَةُ: يَحْكِي قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ، وَقَال: لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ مُغَفَّلٍ، يَحْكِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِمُعَاويَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ؟ قَال: آآ آثَلاثَ مَرَّاتٍ. [انظر: 4281 - مسلم: 794 - فتح 13/ 512]. (شبابة) أي: ابن سوار. (فرجع فيها) بالتشديد أي: ردد بها صوته (آآآ) بهمزة مفتوحة بعدها ألف وهو محمول على إسباغ المد في محله، ومَرَّ الحديث في فضائل القرآن (¬2). 51 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (1894) كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم. (¬2) سبق برقم (5047) كتاب: فضائل القرآن، باب: الترجيع.

بالْعَرَبِيَّةِ وَغَيرِهَا. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالي: {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]. (باب: ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها) أي: من اللغات ولفظ: (وغيرها) الأولى ساقط من نسخة، وقوله: (بالعربية) في نسخة: بدله (بالعبرانية). 7541 - وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا تَرْجُمَانَهُ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ، عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ، وَ: {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] الآيَةَ. [انظر: 7 - مسلم: 1773 - فتح 13/ 516]. (وقال ابن عباس) إلى آخره مَرَّ في أوائل الكتاب (¬1). 7542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلامِ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ} [البقرة: 136] الآيَةَ. [انظر: 4485 - فتح 13/ 516]. (عن أبي سلمة) أي: ابن عبد الرحمن، ومَرَّ حديثه في تفسير سورة البقرة والاعتصام (¬2). 7543 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ¬

_ (¬1) سبق برقم (7) كتاب: بدء الوحي. (¬2) سبق برقم (4485) كتاب: التفسير، باب: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}. وبرقم (7362) كتاب: الاعتصام، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء".

52 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع الكرام البررة"

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ اليَهُودِ قَدْ زَنَيَا، فَقَال لِلْيَهُودِ: "مَا تَصْنَعُونَ بِهِمَا؟ "، قَالُوا: نُسَخِّمُ وُجُوهَهُمَا وَنُخْزِيهِمَا، قَال: {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]، فَجَاءُوا، فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ: يَا أَعْوَرُ، اقْرَأْ فَقَرَأَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، قَال: "ارْفَعْ يَدَكَ"، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهِ آيَةُ الرَّجْمِ تَلُوحُ، فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ عَلَيْهِمَا الرَّجْمَ، وَلَكِنَّا نُكَاتِمُهُ بَيْنَنَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، فَرَأَيْتُهُ يُجَانِئُ عَلَيْهَا الحِجَارَةَ. [انظر: 1329 - مسلم: 1699 - فتح: 13/ 516]. (وامرأة) اسمها: بسرة. (نسخم) بتشديد الخاء أي: نسود (ونخزيهما) أي: نفضحهما بأن نركبهما علي الحمار معكوسين، وندور بهما في الأسواق. (يجانيء عليها) أي: يدرأ عنها، ومَرَّ الحديث في علامات النبوة والمحاربين (¬1). 52 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المَاهِرُ بِالقُرْآنِ مَعَ الكِرَامِ البَرَرَةِ" وَ"زَيِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ". (باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الماهر بالقرآن مع الكرام البررة) وقوله: (وزينوا القرآن بأصواتكم) أي: بتحسينها. 7544 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ". [انظر: 5023 - مسلم: 792 - فتح 13/ 518]. (عن يزيد) أي: ابن هاد. 7545 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ¬

_ (¬1) سبق برقم (3635) كتاب: المناقب، باب: قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}. وبرقم (6819) كتاب: الحدود، باب: الرجم في البلاط.

أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، حِينَ قَال لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ، قَالتْ: "فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِي، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا. [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح 13/ 518]. (العشر الآيات) آخرها رؤف رحيم، ومرَّ الحديث في تفسير سورة النور (¬1). 7546 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أُرَاهُ قَال: سَمِعْتُ البَرَاءَ، قَال: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي العِشَاءِ: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ". [انظر: 767 - مسلم: 464 - فتح 13/ 518]. (مسعر) أي: ابن كدام، ومرَّ حديثه في الصلاة (¬2) 7547 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارِيًا بِمَكَّةَ، وَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، فَإِذَا سَمِعَ المُشْرِكُونَ سَبُّوا القُرْآنَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]. [انظر: 4722 - مسلم: 446 - فتح 13/ 518]. (هشيم) أي: ابن بشير، ومرَّ حديثه في التفسير وغيره (¬3) 7548 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4749) كتاب: التفسير، باب: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ}. (¬2) سبق برقم (767) كتاب: الأذان، باب: الجهر في العشاء. (¬3) سبق برقم (4722) كتاب: التفسير، باب: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}.

53 - باب قول الله تعالى: {فاقرءوا ما تيسر من القرآن} [المزمل: 20]

الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ لِلصَّلاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ: "لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ، وَلَا شَيْءٌ، إلا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ"، قَال أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [انظر: 609 - مسلم: 609 - فتح 13/ 518]. (اسمعيل) أي: ابن أبي أويس، ومرَّ حديثه في الصلاة (¬1). 7549 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ القُرْآنَ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ". [انظر: 297 - مسلم: 301 - فتح 13/ 518]. (قبيصة) أي: ابن عقبة السوائي (سفيان) أي: الثوري (منصور) أي ابن عبد الرحمن (عن أمه) هي صفية بنت شيبة، ومرَّ حديثها في الحيض (¬2). 53 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ} [المزمل: 20]. (باب قول الله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} في نسخة: " {مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ". 7550 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ القَارِيَّ، حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكِدْتُ أُسَاورُهُ فِي الصَّلاةِ، فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ ¬

_ (¬1) سبق برقم (609) كتاب: الأذان، باب: رفع الصوت بالنداء. (¬2) سبق برقم (297) كتاب: الحيض، باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض.

54 - باب قول الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} [القمر: 17]

أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَال: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: كَذَبْتَ، أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، فَقَال: "أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ"، فَقَرَأَ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ"، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ يَا عُمَرُ"، فَقَرَأْتُ الَّتِي أَقْرَأَنِي، فَقَال: "كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ". [انظر: 2419 - مسلم 8184 - فتح 13/ 520]. (أساوره) أي: أقاتله (فلببته بردائه) أي: جمعته عليه عند لبته. (أرسله) أي أطلقه، ومرَّ الحديث في الخصومات والفضائل وغيرهما (¬1). 54 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ" يُقَالُ مُيَسَّرٌ: مُهَيَّأٌ " وَقَال مُجَاهِدٌ: "يَسَّرْنَا القُرْآنَ بِلِسَانِكَ: هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ عَلَيْكَ " وَقَال مَطَرٌ الوَرَّاقُ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17]، قَال: "هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانَ عَلَيْهِ". (باب قول الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أي سهلناه للأذكار والاتعاظ. (فهل من مدكر) أي: متعظ يتعظ، وهو ساقط من نسخة. (يقال ميسر) أي (مهيأ) بالهمز في آخره. 7551 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، قَال يَزِيدُ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِمْرَانَ، قَال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِيمَا يَعْمَلُ العَامِلُونَ؟ قَال: "كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ". [انظر: 6596 - مسلم: 2649 - فتح 13/ 521]. (أبو معمر) هو عبد الله بن عمرو المقعد. (عبد الوارث) أي: ابن ¬

_ (¬1) سبق برقم (2419) كتاب: الخصومات، باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض، وبرقم (4992) كتاب: فضائل القرآن، باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف.

55 - باب قول الله تعالى: {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ} [البروج: 21، 22]

سعيد (يزيد) أي: ابن أبي يزيد. (فيما) في نسخة: "فيم" بحذف الألف وهو القياس، ومرَّ الحديث في القدر (¬1). 7552 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، سَمِعَا سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ، فَقَال: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الجَنَّةِ"، قَالُوا: أَلا نَتَّكِلُ؟ قَال: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ"، {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: 5] الآيَةَ. [انظر: 1362 - مسلم: 2647 - فتح 13/ 521]. (قالوا) مرَّ في كتاب التعبير أن القائل عمر (¬2) فهو القائل حقيقة ونسبة القول إلى من معه مجازًا لرضاهم بقوله، ومرَّ الحديث في الجنائز (¬3). 55 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21، 22] {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: 1] قَال قَتَادَةُ: "مَكْتُوبٌ"، {يَسْطُرُونَ} [القلم: 1]: "يَخُطُّونَ"، {فِي أُمِّ الكِتَابِ} [الزخرف: 4]: "جُمْلَةِ الكِتَابِ وَأَصْلِهِ"، {مَا يَلْفِظُ} [ق: 18]: "مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَيْءٍ إلا كُتِبَ عَلَيْهِ" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "يُكْتَبُ الخَيْرُ وَالشَّرُّ"، {يُحَرِّفُونَ} [النساء: 46]: "يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ ¬

_ (¬1) سبق برقم (6596) كتاب: القدر، باب: جف القلم على علم الله. (¬2) سبق في شرح (4945) كتاب: التفسير، باب: قوله: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)}. (¬3) سبق برقم (1362) كتاب: الجنائز، باب: موعظة المحدِّث عند القبر.

لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ، يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْويلِهِ" {دِرَاسَتُهُمْ} [الأنعام: 156]: "تِلاوَتُهُمْ"، {وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 12]: "حَافِظَةٌ"، {وَتَعِيَهَا} [الحاقة: 12]: "تَحْفَظُهَا"، {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} [الأنعام: 19]، "يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ" {وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]: "هَذَا القُرْآنُ فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ". (باب قول الله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21)}) أي: شريف عالي الطبقة في الكتب. ({فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}) من وصول الشياطين إليه وقوله ({وَالطُّورِ (1)}) هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى ({وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}) فسره بما بعده ({يَسْطُرُونَ}) أي في سورة ن معناه (يخطون) وإنما ذكره هنا لمناسبة مسطور ({فِي أُمِّ الْكِتَابِ}) معناه: (جملة الكتاب وأصله) برفع أصله عطف على جملة الكتاب ({مَا يَلْفِظُ}) أي: (ما يتكلم) وقوله: ({يُحَرِّفُونَ}) أي (يزيلون وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله) إلخ قال الشمس البرماوي: اعترض بعضهم بهذا فزعم أن في تحريف التوراة والإنجيل خلافًا في أنه في اللفظ والمعنى، أو في المعني فقط ومال إلى الثاني وجوز مطالعتهما وهذا قول باطل فلا خلاف أنهم حرفوا وبدلوا فالاشتغال بكتابتهما ونظرهما ممتنع إجماعًا وقد غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة وقال: "لو كان موسى حيًّا ما وسعه إلا اتباعي" (¬1) فلولا أنه معصية ما غضب منه قلت قد سبق في باب: كل يوم هو في ¬

_ (¬1) رواه أحمد 3/ 338 والبيهقي في "السنن" 2/ 10 - 11 كتاب: الصلاة، باب: لا تسمع دلالة مشرك لمن كان أعمى أو غير بصير بالقبلة. وأبو يعلى في "المسند" 4/ 102 (2135)، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 173 - 174 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والزار وفيه مجالد بن سعيد ضعفه أحمد ويحيى بن سعيد وغيرهما. وقال ابن حجر بعد أن ساق طرقه: وهذه جميع =

شأن بسنده عن ابن عباس أنه قال: "كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم وعندكم كتاب الله أقرب الكتب عهدًا بالله تقرءُونه محضًا لم يشب" (¬1) وهو كالصريح في أن غير هذا الكتاب من كتبهم قد شيب وأن النظر فيه منكر فلو كان التحريف في المعنى فقد لم ينكر ولا قال أنه لم يشب فيجب تأويل ما نقل عن ابن عباس هنا بلا سند انتهي. قال شيخنا بعد نقله ما نقله البرماوي عن بعضهم: والذي يظهر أن كراهية ذلك للتنزيه لا للتحريم والأولي التفرقة بين من لم يتمكن ويصر من الراسخين في الإيمان فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك وبين الراسخ فيجوز له ولا سيما عند الاحتياج إلي الرد على المخالف واستدل لذلك ثم قال وأما استدلاله للتحريم بما ورد من الغضب ودعوي أنه لو لم يكن معصية ما غضب منه فمعترض بأنه قد يغضب من فعل المكروه ومن فعل ما هو خلاف الأَوْلى إذا صدر ممن لا يليق منه ذلك كغضبه من تطويل معاذ صلاة الصبح بالقراءة (¬2) وقد يغضب ممن يقع منه تقصير في فهم الأمر الواضح مثل الذي سأل عن لقطة الإبل (¬3) انتهى (¬4). وهو أوجه قوله: ({دِرَاسَتِهِمْ}) أي في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ}. 7553 - وَقَال لِي خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ كِتَابًا ¬

_ = طرق هذا الحديث وهي وإن لم يكن فيها ما يحتج به لكن مجموعها يقتضي أن لها أصلًا، "الفتح" 13/ 525. (¬1) سبق برقم (7522) كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}. (¬2) سبق برقم (705) كتاب: الأذان، باب: من شكا إمامه إذا طوَّل. (¬3) سبق برقم (91) كتاب: العلم، باب: الغضب في الموعظة. (¬4) "الفتح" 13/ 525 - 526.

56 - باب قول الله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} [الصافات: 96]

عِنْدَهُ: غَلَبَتْ، أَوْ قَال سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ. [انظر: 3194 - مسلم: 2751 - فتح 13/ 522]. 7554 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ أَبَا رَافِعٍ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي، فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ". [انظر: 3194 - مسلم: 2751 - فتح 13/ 522]. (أو قال سبقت رحمتي غضبي) شك من الراوي، ومرَّ حديثًا الباب في كتاب: التوحيد (¬1). 56 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] وَيُقَالُ لِلْمُصَوِّرِينَ: "أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ" {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ، يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ، أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَالمِينَ} قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: "بَيَّنَ اللَّهُ الخَلْقَ مِنَ الأَمْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالى": {أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 54] وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإِيمَانَ عَمَلًا قَال أَبُو ذَرٍّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَال: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ" وَقَال: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] وَقَال وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ ¬

_ (¬1) سلفا برقم (7453) كتاب: التوحيد، باب: قوله تعالى {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا}.

لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ، إِنْ عَمِلْنَا بِهَا دَخَلْنَا الجَنَّةَ، فَأَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ وَالشَّهَادَةِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ "فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَمَلًا". (باب قول الله تعالى {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)}) ما مصدرية، أي: خلقكم وعملكم، وغرض البخاري: إثبات أن أقوال العباد وأفعالهم مخلوقة لله تعالي ({إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)}) أي مقدرًا مرتبًا علي مقتضى الحكمة (ويقال للمصورين: أَحيوا ما خلقتم) الأمر فيه للتعجيز ({ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}) استولى عليه. (يغشى الليل النهار) أي: يغطيه (بين الله الخلق من الأمر) أي فرق بينهما. 7555 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، وَالقَاسِمِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ زَهْدَمٍ، قَال: كَانَ بَيْنَ هَذَا الحَيِّ مِنْ جُرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإِخَاءٌ، فَكُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ، فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ كَأَنَّهُ مِنَ المَوَالِي، فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَقَال: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ فَحَلَفْتُ لَا آكُلُهُ، فَقَال: هَلُمَّ فَلْأُحَدِّثْكَ عَنْ ذَاكَ: إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، قَال: "وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ"، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَسَأَلَ عَنَّا، فَقَال: "أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ؟ "، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، ثُمَّ انْطَلَقْنَا قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ لَا يَحْمِلَنَا وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا؟ ثُمَّ حَمَلَنَا تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ وَاللَّهِ لَا نُفْلِحُ أَبَدًا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ: فَقَال: "لَسْتُ أَنَا أَحْمِلُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَتَحَلَّلْتُهَا". [انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح 13/ 527]. (عبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد الثقفي. (أيوب) أي

السجتياني. (عن زهدم) أي ابن مضرب. (ود) أي محبة (وإخاء) أي مؤاخاة (فقذرته) بكسر المعجمة أي: كرهته. (فلأحدثك) في نسخة: "فلأحدثنك" بنون التأكيد (بخمس ذود) بمعجمة ومهملة بعد واو ساكنة من الإبل ما بين الثنتين والتسعة، وقيل: ما بين الثلاث والعشرة. (غر) بضم المعجمة وتشديد الراء. (الذري) بضم المعجمة جمع ذروة، وذورة كل شيء: أعلاه، والإضافة فيه من إضافة الصفة إلى الموصوف أي ذوي الأسنمة الغر، أي: البيض (تغفلنا رسول الله) أي طلبنا غفلته وكنا سبب ذهوله، ومرَّ الحديث في المغازي والنذور وغيرهما (¬1). 7556 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ، قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: فَقَال: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ المُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّا لَا نَصِلُ إِلَيْكَ إلا فِي أَشْهُرٍ حُرُمٍ، فَمُرْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ إِنْ عَمِلْنَا بِهِ دَخَلْنَا الجَنَّةَ، وَنَدْعُو إِلَيْهَا مَنْ وَرَاءَنَا، قَال: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: آمُرُكُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ؟ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَتُعْطُوا مِنَ المَغْنَمِ الخُمُسَ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: لَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالظُّرُوفِ المُزَفَّتَةِ، وَالحَنْتَمَةِ". [انظر: 53 - مسلم: 17 - فتح 13/ 527]. (أبو عاصم) هو الضحاك النبيل (قلت لابن عباس) أي: حدثنا (إن عملنا) زاد في نسخة: "بهما" ومرَّ الحديث في الإيمان وغيره (¬2). 7557 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ ¬

_ (¬1) سبق برقم (4385) كتاب: المغازي، باب: قصة أهل نجران. و (6623) كتاب: الأيمان والنذور، باب: قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو}. (¬2) سبق برقم (53) كتاب: الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان.

57 - باب قراءة الفاجر والمنافق، وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم

مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ". [انظر: 2105 - مسلم: 2107 (96) - فتح 13/ 528]. 7558 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ". [انظر: 5951 - مسلم: 2108 - فتح 13/ 528]. 7559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ شَعِيرَةً". [انظر: 5953 - مسلم: 2111 - فتح 13/ 528]. (ابن فضيل) هو محمد. (عن عمارة) أي ابن القعقاع. (عن أبي زرعة) هو هرم. (ممن ذهب) أي: قصد. (أو شعيرة) هو من عطف الخاص على العام، أو شك من الراوي، ومرَّ الحديث في اللباس (¬1). 57 - بَابُ قِرَاءَةِ الفَاجِرِ وَالمُنَافِقِ، وَأَصْوَاتُهُمْ وَتِلاوَتُهُمْ لَا تُجَاوزُ حَنَاجِرَهُمْ (باب قراءة الفاجر والمنافق) والعطف فيه للتفسير إذ الفاجر هنا هو المنافق بقرينة جعله في حديث الباب قسيمًا للمؤمن (وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم) جمع حنجرة وهي الحلقوم. 7560 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الَّذِي لَا يَقْرَأُ كَالتَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا ¬

_ (¬1) سبق برقم (5953) كتاب: اللباس، باب: نقض الصور.

رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا". [انظر: 5020 - مسلم: 797 - فتح 13/ 535]. (همام) أي: ابن يحيى العوذي، ومرَّ حديثه في فضل القرآن (¬1). 7561 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، قَالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَال: "إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا، قَال: فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ، فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ". [انظر: 3210 - مسلم: 2228 - فتح 13/ 535]. (علي) أي: ابن عبد الله المديني. (هشام) أي: ابن يوسف الصنعاني. (عنبسة) أي: ابن خالد. (يونس) أي: ابن يزيد الإيلي. (عن الكهان) أي: عن حالهم، والكهان جمع كاهن: وهو الذي يدعي علم الغيب كالأخبار بما سيقع في الأرض مع الإسناد إلى سبب. (يخطفها) بفتح الطاء أشهر من كسرها، أي: يختلسها (الجن) مفرد الجان (فيقرقرها) أي: يرددها (في أذن وليه) هو الكاهن (فيه) أي: في المخطوف، ومرَّ الحديث في أواخر الطب (¬2). 7562 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، يُحَدِّثُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: ¬

_ (¬1) سبق برقم (5025) كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل القرآن على سائر الكلام. (¬2) سبق برقم (5762) كتاب: الطب، باب: الكهانة.

58 - باب قول الله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة}

"يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، وَيَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ"، قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ؟ قَال: "سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ - أَوْ قَال: التَّسْبِيدُ -". [فتح: 13/ 535]. (يقرءُون) في نسخة: "ويقرءُون" بزيادة واو (لا تجاوز تراقيهم) جمع ترقوة: وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعنق (ثم لا يعودون فيه) أي: في الدين (إلى فوقه) بضم الفاء: موضع السهم من الوتر (ما سيماهم) بالقصر والمد، أي: ما علا منهم. (التحليق) أي: إزالة الشعر. (أو قال التسبيد) هو بمعنى: التحليق، أو أبلغ منه، والمعنى: أنه كان في عهد الصحابة لا يحلقون رءوسهم إلا في النسك أو الحاجة، وأما هؤلاء فقد جعلوا الحلق شعارهم، ويحتمل: أن يراد به حلق الرأس أو اللحية وجميع شعورهم. 58 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ} [الأنبياء: 47]، وَأَنَّ أَعْمَال بَنِي آدَمَ وَقَوْلَهُمْ يُوزَنُ وَقَال مُجَاهِدٌ: "القُسْطَاسُ: العَدْلُ بِالرُّومِيَّةِ " وَيُقَالُ: "القِسْطُ: مَصْدَرُ المُقْسِطِ وَهُوَ العَادِلُ، وَأَمَّا القَاسِطُ فَهُوَ الجَائِرُ. (باب قول الله عزَّ وجلَّ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}) أي: فيه، ولفظ: (يوم القيامة) ساقط من نسخة و (الموازين) جمع ميزان ووصفها السقط وهو العدل؛ لأن المصدر يوصف به المفرد والمثنى والجمع بلفظ واحد، أي: نضع الموازين العادلات، أو ذوات القسط وهي وإن كانت ميزانًا واحدة لكن جمعت للتفخيم كقوله: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105)} وإنما هو رسول واحد، أو باعتبار العباد وأنواع

الموزونات والميزان كما قال أهل السنة: جسم محسوس بلسان وكفتين والله تعالى يجعل الأعمال والأقوال كالأعيان موزونة، أو توزن صحفها، وقيل: هو ميزان كميزان الشعر، وفائدته: إظهار العدل والمبالغة في الإنصاف قطعًا لأعذار العباد. (وأن أعمال بني آدم وقولهم يوزن) عطف على (قول الله) ولا ينافى عموم الوزن لأعمالهم وأقوالهم دخول قوم الجنة وآخرين النار بغير حساب لما مرَّ أن الوزن إنما هو لإظهار العدل والمبالغة في الإنصاف. (القسطاس) أي: (العدل بالرومية) أي بلغة أهل الروم، ففيه: وقوع المعرب في القرآن ولا ينافيه قوله تعالى: {أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} لندرة المعرب فيه، أو لأن وضع العرب وافق وضعهم (ويقال القسط مصدر المقسط) اعترض بأن مصدر المقسط الأقساط؛ لأنه رباعي، وأجيب: بأن ذلك في الجاري على فعله، والمراد: هنا إنما هو المصدر المحذوف الزوائد كالقدر مصدر قدرت فما حذف زوائده من مصدر المزيد رُدَّ إلى أصله (وهو) أي المقسط. 7563 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ". [انظر: 694 - مسلم: 2694 - فتح 13/ 537]. (أحمد بن إشكاب) بكسر الهمزة وفتحها وسكون المعجمة وبموحدة غير منصرف؛ لأنه عجمي، وقيل: منصرف لأنه عربي. (كلمتان) فيه إطلاق الكلمة على الكلام وهو مجاز ككلمة الشهادة (حبيبتان) أي: محبوبتان لقائلهما لهن قياس فعيل بمعنى مفعول: أن لا يدخل فيه تاء التأنيث، وأجيب: بأن ذلك كثير لا لازم، أو أن لزوم

ذلك حال الإفراد لا حال التثنية أو التأنيث؛ لمناسبة خفيفتان وثقيلتان فإن كلا منهما فعيل بمعنى فاعل، أو التاء لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية (إلى الرحمن) خصص به دون سائر الأسماء؛ لأن المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله تعالى على عباده حيث يجازي علي العمل القليل بالثواب الكثير. (خفيفتان) إلخ الإشارة بالخفة والثقل إلى قلة العمل وكثرة الثواب. وفي الحديث: من البديع السجع والمنهي عنه منه ما يراد به إبطال حق ونحوه كسجع الكهان، والمقابلة بين الخفيفة والثقيلة ويسمى الطباق (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) هما المخبر عنهما بأنهما (كلمتان خفيفتان) فهما مبتدأ و (كلمتان) خبر مقدم وما بينهما صفة للخبر وقدم الخبر لقصد تشويق السامع إلى المبتدأ كقول الشاعر: ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر وبعضهم جعل (كلمتان) مبتدأ و (سبحان الله) إلخ الخبر؛ لأن سبحان لازم الإضافة إلى مفرد فجرى مجرى الظروف وهي لا تقع إلا خبرًا، ورجحه شيخنا الكمال بن الهمام قال: لأنه مؤخر لفظًا والأصل عدم مخالفة وضع الشيء محله بلا موجب؛ ولأن سبحان الله إلخ محط الفائدة بنفسه بخلاف كلمتان فإنهما إنما يكونان محطًا لها بواسطة صفاتهما انتهى. وللنظر في بعضه مجال وسبحان مصدر لازم النصب بإضمار الفعل وهو علم على التسبيح علم جنس للمعنى، وإنما أضيف مع كونه علمًا بتقدير تنكيره ومعناه: التنزيه، أي: أنزه الله تعالى عما لا يليق به وقوله: (وبحمده) الواو فيه للحال، والتقدير: وأسبحه ملتبسًا

بحمدي له من أجل توفيقه لي للتسبيح ونحوه أو لعطف جملة على جملة، أي: أسبحه والتبس بحمده، وأشار بسبحان الله إلى صفاته السلبية المسماة بصفات الجلال، وبالحمد إلى صفاته الوجودية المسماة بصفات الإكرام كما قال تعالى: {ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} ورتبا على النظم الطبيعي وهو إثبات التخلية عن النقصان، ثم التحلية بالكمال، وأشار بتكرير التسبيح دون التحميد، إلى الاعتناء بشأنه أكثر من الاعتناء بشأن التحميد ولهذا ورد في القرآن بالمصدر وبالماضي وبالمضارع وبالأمر، ومرَّ الحديث في الدعوات والأيمان والنذور (¬1). وختم به كتابه كما افتتحه بذكر الوحي ثم بحديث النية أما افتتاحه بذينك فللتبرك بافتتاح الشريعة المحمدية ولقصد الإخلاص في الأعمال، وأما ختمه بما ذكر فلرجائه أن كتابه يكون من العمل الذي يوزن له يوم القيامة ويجازي به وأنه وضعه ميزانًا يرجع إليه وليجمع بين مقام الرجاء والخوف إذ معنى الرحمن يرجع إلى الإنعام، ومعنى العظيم يرجع إلى الخوف من هيبته تعالى. تم الشرح المبارك بحمد الله وعونه وحسن توفيقه. ¬

_ (¬1) سبق برقم (6406) كتاب: الدعوات، باب: فضل التسبيح. و (6682) كتاب: الأيمان والنذور، باب: إذا قال: والله لا أتكلم اليوم.

§1/1